.
.
.
التقت وئام أثناء عودتها للمنزل بوالدها ، وبزوج خالتها ...
ودخلت معهما ...
فسمع الثلاثة فورا أصواتا منفعلة قادمة من الداخل ...
لقد كانت إيمان تتشاجر مع دانا ...
إيمان بانفعال:أصفر فاقع يا دانا ؟؟ .. هل جننت ؟؟
دانا:ماذا بك ؟؟ ... إن اللون الأصفر هو الموضة الجديدة ..
إيمان:ومن قال لك بأني أحب الموضة؟ .. أبعدي هذه التنورة عني ...
دانا:أرجوك إيمان .. البسيها .. إنها جميلة ...
إيمان باشمئزاز:لو أنها على الأقل مزخرفة ... أو حتى لو وجدت دائرة صغيرة عليها لكنت وافقت ... ولكن أن تكون كلها باللون الأصفر .. محال .. أنا لن أرتدي هذا الشيء !
دانا:سترتدينها رغما عنك ....
تنهدت إيمان بضيق ... أختها عنيدة للغاية ...
قالت إيمان:أريد أن أقف فوق أعلى بناية في العالم !!
سألت دانا متظاهرة بالغباء:لماذا ؟
ردت إيمان:حتى أرمي بنفسي وأتخلص منك أيتها المزعجة....
قالت دانا ببرود لتغيظها:أوه .. يا إلهي .. سيكون ذلك فظيعا ... لا شك أنك ستشعرين بكثير من الألم !
هزت إيمان رأسها نفيا بيأس وهي تقول:يا إلهي !
سمعت الاثنتان صوت وئام والسيد عامر يضحكان عليهما ... أما رافع فكانت ابتسامة لطيفة تعلو وجهه ....
غادرت إيمان المكان فور رؤيتها لرافع...
ولحقها صوت دانا المرتفع حين قالت:سترتدين التنورة يعني سترتدينها !
ثم اقتربت منهم وقالت لوئام بتأنيب:أنت محامية فاشلة ... لماذا مواعيدك سيئة هكذا ؟؟
وئام:معذرة حضرة القاضية المحترمة دانا ... لن أكررها ثانية ...
دانا:حسنا .. لقد عفوت عنك .. اذهبي إلى غرفة الضيوف .. إن البقية في انتظارك ...
انصاعت وئام لأمر خالتها فانصرفت ..
وبعد ذلك ... وضعت دانا يديها على خصرها بنفاذ صبر وقالت:وأنتما لم تأخرتما ؟؟
أجابها رافع:لماذا تسألين ؟ .. كان لدينا عمل .. ولست أدري حتى لماذا جئنا إلى هنا ...
أوقفته قائلا:ممنوع الكلام ...
رفع رافع حاجبيه باستغراب .. فوضحت:لأنك متهم ...
ثم أضافت موجهة كلامها لعامر:خذ المتهم إلى غرفة الحجز أيها المحامي عامر ...
رافع ببلاهة:أنا لا أفهم شيئا ..
ابتسم عامر وقال:تعال معي فحسب ...
استعد كلاهما للذهاب ولكن دانا استوقفت عامر سريعا حين قالت:انتظر .. انتظر أيها المحامي عامر ... يجب أن نفتشك قبل أن تدخل ..
وجهت كلامها إلى رافع وأكملت كلامها:اذهب إلى المطبخ وابق هناك ولا تخرج .. مفهوم ؟؟
قال رافع في محاولة لمجاراة لعبتها التي لا يعرف أيا من قوانينها:مفهوم سيدي ...
ولكنه لم يستطع منع نفسه من السؤال:ولكن .. لماذا ترتدين هذه الملابس ؟؟؟
نظرت دانا إلى ملابسها لبرهة .. لقد كانت ترتدي عباءة سوداء طويلة ، منقوشة بزخارف حمراء على أطرافها ... شبيهة بتلك العباءات التي يرتديها القضاة ولكن بلمسات خفيفة من دانا...
دفعت دانا رافع بخفة وهي تقول:ستعرف لاحقا .. هيا اذهب ...
لم يستطع معارضتها أكثر ... فغادر من فوره ...
وبعد ذهابه ... التقت عينا دانا المتفحصتين بعيني عامر الهادئتين الواثقتين ...
وفجأة نادت بصوت مرتفع:ولاء ... وفاء ...
ثوان وكانت ابنتاها تقفان أمامها .. قائلتين معا:نعم سيدي ...
لقد كانت كلتاهما ترتديان ملابسا أشبه بملابس الشرطة ، وطبعا بقليل من لمسات دانا الأنثوية أصبحت أجمل ...
قالت لهما:فتشاه ... وإن عثرتما على ذلك العنصر .. فصادراه .. مفهوم ؟؟
ولاء ووفاء معا:مفهوم سيدي ....
وسارعت كلتاهما لتفتيش جيوب والدهما بحثا عن ذلك "العنصر المحظور"! ...
وبعد دقائق من البحث .. وقفتا وقفة عسكرية وقالتا معا:لا شيء ... سيدي ...
نظرت دانا بتردد إلى عامر وقالت:أشك في ذلك !
ابتسم عامر بطريقة جذابة ... ومد يده إلى جيب داخلي خفي في بذلته الرسمية ... وأخرج منه علبة سجائر ...
فدهشت دانا لذلك ، لقد كانت تبحث عنها وقد نسيت أمر ذلك الجيب...
وازدادت دهشتها حين رمى عامر العلبة بعيدا وتلك الابتسامة الهادئة لا تزال مرتسمة على وجهه ...
حدقت به بذهول للحظات ... ثم قالت:هل حقا ....... ؟؟
أجابها:أجل ...
دانا:ولكن كيف ...؟؟
عامر:قررت ....
دانا:إذن .........؟؟؟
عامر:نعم ... نهائيا ....
دانا:هل ...؟؟؟
عامر:أجل ...
دانا:متأكد أن ...؟؟؟
عامر:نعم ... ولكن ربما واحدة ....
تنهدت دانا بارتياح .. ثم عانقت زوجها وهي تقول بامتنان:أشكرك عزيزي ... أشكرك ...
راقبت ولاء ووفاء ما يحدث .. ثم نظرتا لبعضهما البعض باستغراب...
وفاء بغباء:هل فهمت شيئا مما قالاه؟؟
ولاء بنفس النبرة:أبدا .. وأنت ؟؟
هزت وفاء رأسها نفيا ....
...
...
في غرفة الضيوف الواسعة ... كان جميع أفراد العائلة باستثناء إيمان ورافع موجودين ...
لم تبد الغرفة وكأنها غرفة ضيوف .. فقد كانت أشبه بقاعة محكمة ولكن بشكل مصغر ...
وكل ذلك كان بتصميم من دانا ومعاونيها الصغار !
بمحاذاة الحائط الكبير في الغرفة .. استقرت طاولة كبيرة طويلة بعرضها ...
وإليها .. جلست ملك في المنتصف – أمامها على الطاولة مطرقة صغيرة- .. وعلى يمينها تامر ... وزين ...
وعلى يسارها إيمو ... وكان هناك مكان فارغ بجانبها ....
ارتدى أولئك الأربعة ملابسا شبيهة بملابس دانا ...
وسرعان ما جلست تلك الأخيرة بمكانها الفارغ بجانب ابنتها الكبرى ...
أما هادي .. فقد وقف منتصفا ما بين التوأمين وفاء وولاء...
وقد ارتدى ملابسا قريبة في مظهرها من ملابسهما... فهو الشرطي الثالث !
وكان الثلاثة واقفين قرب باب الغرفة ...
وبالنسبة لوئام .. فكانت تقف إلى جانب طاولة كانت إلى جهة اليمين من الطاولة الرئيسة الكبيرة ... وقبالتها .. يقف السيد عامر بجانب طاولة أخرى مشابهة ....
قالت دانا بنبرة رسمية:والآن ... فليحضر كلا المحاميين كلا المتهمين ...
عامر:حسنا ..
بينما تذمرت وئام قائلا:ولكن ... لماذا؟؟
أمسكت طرف قميصها الزهري وأكملت تذمرها:لماذا علي أن أرتدي بذلة رسمية كالرجال ؟؟ .. ألا يوجد محامون فتيات في هذا العالم يا خالتي ؟؟
دانا:هذه ليست بذلة للرجال يا وئام ... لقد اشتريتها خصيصا لك ... إن بنات العائلات الحاكمة في أوروبا يرتدين مثلها ...
وئام بسخرية:وكأنني سأصدق ذلك!
دانا:هيا وئام ... إن لونها جميل على الأقل ...
وئام:حسنا .. حسنا ...
ولكنها أضافت بعد برهة:لحظة قليلا ... أنا لا أعرف شيئا عن المحاماة !
دانا:ارتجلي يا فتاة .. ثم لا تضيعي الوقت .. هيا اذهبي مع عامر ...
هزت وئام رأسها إيجابا ...
وغادرت الغرفة مع السيد عامر .. يتبعهما عناصر الشرطة الثلاث – هادي وولاء ووفاء -
وبعد دقائق قليلة من الانتظار...
دخلت وئام ومعها أمها إيمان ... وسرعان ما تذمرت تلك الأخيرة قائلة:ما الذي فعلتموه بالغرفة ؟؟ ... ألن أعرف إلام تخططون ؟؟
قال زين بجدية غير ملائمة له:فلتسكت المتهمة وإلا فإنها ستعاقب!
سكتت إيمان على مضض وقررت أن تمضي في اللعبة لأنها كالدمية تماما.. لا تستطيع شيئا...
قادتها وئام إلى مكانها الذي يفترض بها الجلوس فيه ...
وبعد ذلك بثوان وصل كل من عامر ورافع الذي دهش للأجواء الغريبة السائدة ...
رافع:ما الــــ ...
توقف عن الحديث بإشارة من عامر ... ثم جلس بمكانه المخصص قبالة إيمان ..
فالتقت نظراتهما الهادئة معا ... ويا له من لقاء !!
لقاء غامض يحكي قصصا وروايات في بحور الأعين تلك !
أمسكت ملك المطرقة الصغيرة وطرقت الطاولة بها ...
فردعتها إيمو هامسة:ليس الآن يا ملك !
أومأت ملك بنعم .. ثم تركت المطرقة في وسط ضحكات الجميع الذين حاولوا إخفاء ذلك عبثا !
نهض تامر ليؤدي دوره ..
وقف في منتصف الغرفة وقال:إننا .... نجتمع هنا لإقامة محكمة عادلة في قضية الزوجين المتشاجرين رافع وإيمان ... ومن دون أي إطالة في الكلام ... فلتبدأ المحامية وئام بالدفاع عن المتهمة إيمان ...
عاد تامر إلى مكانه .. ووقفت وئام بالوسط مرتبكة .. لا تعرف ماذا تقول ..
وئام:أمي ...
أكملت بارتباك بعدما رمقتها دانا بتأنيب و حدة:أقصد المتهمة إيمان ... كانت .... يعني هي .. غضبت من المتهم رافع .. و.......
شعر المتواجدون بالملل ... وأكثرهم ضجرا كانت دانا التي سرعان ما نهضت ودفعت بوئام لتجلس مكانها ...
دانا:سيدة ملك ... يا حضرة رئيسة لجنة القضاة ... أتسمحين لي بأخذ مكان وئام ؟؟؟
نظرت ملك بغباء نحوها ...فحدّت دانا من نظرات عينيها لتخيفها وهذا ما حصل فعلا ...
فقد قالت ملك بارتباك:نعم .. أسمح ... لك ...
قالت دانا بثقة:اسمحوا لي أن أكون البادئة في الدفاع عن المتهمة إيمان ...
نهض رافع مقاطعا وقال:بل اسمحي لي أنا في المدافعة عن نفسي أولا ...
لم تمانع دانا .. فذلك سيسهل المهمة أكثر ...
أما إيمان .. فقد استغربت بعض الشيء ... ولكنها فضلت السكوت على الاعتراض والتصرف بطريقة لا عقلانية ...
جلست دانا على أحد الكراسي ...
وترقبت والجميع ما سيقوله رافع...
المفضلات