الامثال عند العرب،بحر ناء به كاهل التارخ،وفنّ نعمت به
العقول والنفوس،وهو قد رافق الفكر منذ نشأته.وتعهد الكلام على فطرته.فلم يعد يرى الانسان الحريص على
اثبات منطقه أفضل من مثلٍ سائرٍ ،يطلقه لدعم حجته.وبهذا تساوى في الحرص على ((المثل))،الانسان الهازل
والجادّ،والعالم والجاهل والكاتب والقارىء،والقائل والسامع، فأذا كلُّ حديث أو خطابٍ أو مقالٍ لابدّ له من
شاهد،يكون مثلا من الأمثلة الدائرة على ألسنة الناس عفواً وبدون تكلّف،بالفصيح طوراًوبالعافية اطواراً.
ولقد حظيت الامثال في أدبنا العربي، بالكثير من الاهتمام حتى كان لكل مثل قصة تارخ،
لابأس في ان يكون تاريخها موضوعاً ، أو نسبها مجهولاً ،فالمهم هو ((المثل))،وما أحلى الامثال في مواضعها،
وما أكرهها أن جاءت مائعةً تافهة.تحدث شهاب الدين
الاندلسي عن الامثال عند العرب فقال :
هي وشي الكلام،وجوهر اللفظ،وحلي المعاني التي، تخيّرها العرب ، وقدمها
العجم، ونطق بها كل زمان،ووردت على كل لسان،فهي
أبقى من الشعر،وأشرف منالخَطابة، ولم يسر شيْ مسيرهاولا عمّ عمومها،حتى قيل (أسْيَرُ من مثل)
مــا انـت الامثلُ سائر ***يعرفــه الجاهلُ والخابرُ
ولقد ضرب اللّه الامثال في كتابه العزيز، فقال في القران الكريم{وضرَبَ اللّهٌ مثلاً
رجلين} وقال{يا ايُّهَا الناس ضرُبُ مَثَلٌ فا ستمَعُوا له} وكذلك ضرب رسول اللُّه صلى اللّه عليه وسلم ،
وكان مما قال(لايلدغُ المؤمنُ من جحرٍ مرتين)وقال (أن من البيان لسحراً )
وقال ايضاً في الغلوَّ بالعبادة (ان المنبتّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى).
ولجأ الحكام والعلماء والادباء والشعراء والخطباء الى استعمل الامثال عند
الحاجة اليها، لما تستأثر به النفوس ، وتأثيرٍ في الحجة ، وم هؤلاء من ذهب كلامه أو شعره أو نثره ،
مثلاً سائراً بين الناس، ومنهم من نقله عن غيره،واستحضره
من ذاكرته،وقد يكون المثل،بيتاً من قصيدة، او صدراًمن بيت،أو جملة مأثورة،
أو حكاية مروية، فتضل دائرة على ألسنة الناس،ولا يمّلها السمع،ولا تبليها الاعوام.
فلو سمعنا انساناً يتحدث،وأستشهد بمثَله وقال(في بيِته يُؤتى الحَكَم).
ولو ذهبنا نتقصى تارخ هذا المثل، لرأيناه مروياً عن قصة عربية
موضوعة ،طويلة، خلاصتها ان الضبع والثعلب احتكما الى الضبَّ
في خلاف بينهما فقال لها(في بيته يُؤتى الحكم)فذهب مثلاً.
ولي تكملة ان شاء اللّه
المفضلات