بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق الأرض والسماء، واهب ما شاء لمن يشاء، القائل في أحسن كتاب {اقرأ بسم ربك الذي خلق} فله الحمد على ما أعطى وزرق، ما شمس أشرقت وقمر اتسق
والصلاة والسلام على خير معلم الناس الخير محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه، في كل لمحة ونفس عدد علم الله
أما بعد، فإن الكتاب خير رفيق يتخذه المرء في أوقاته، وأطيب جليس لك بعبيره نفحاته
أعز مكان في الدنيا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
هو مضيء دروب الفِكَر، فيه تجارب البشر.
قال الجاحظ: نعم الجليس والعدة، ونعم الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفة ببلاد الغربة.
والكتاب وعاء ملئ علمًا، وظرف حشي ظرفًا... وإن شئت ضحكت من نوادره، وإن شئت عجبت من غرائبه، وإن شئت ألهتك طرائفه، وإن شئت أشجتك مواعظه.
والكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك... ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق، ولا يحتال لك بالكذب. ا.هـ
ولا أطيل عليكم بذكر أقوال العلماء والعقلاء في أهمية القراءة ونفعها، لكن أحيلكم إلى مرجعين لطيفين للشيخ البحاثة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله وأعلى في الجنة منزله، الأول قيمة الزمن عند العلماء، والثاني صفحات من صبر العلماء.
فقد جميع فيهما فأوعى، حتى بلغت الغاية في بابها، مع أنه يدعو لمزيد من التآليف في هذا الباب.
أعود فأقول: ولو أنفق الإنسان ماله على الكتب النافعة فلم يبق ولم يذر، لما عاتبه أحد على إنفاقه ماله في العلم، كيف وهو أوجب واجب على المسلم {فاعلم أنه لا إله إلا الله}
وأفضل ما يتقرب بها المسلم بعد فرائضه إلى الله،قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ورضي عنه: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. فقيل له: وكيف تصح النية يا أبا عبد الله؟ قال: ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.
قال الإمام برهان الدين الزرنوجي الحنفي رحمه الله: اعلم بأنه لا يفترض على كل مسلم ومسلمة طلب العلم، وإنما يفترض طلب علم الحال... وشرف العلم لا يخفى على أحد، إذ هة المختص بالإنسانية، لأن جميع الخصال سوى العلم يشترك فيها الإنسان وسائر الحيوان كالشجاعة.
وبه [أي بالعلم] أظهر الله تعالى فضل آدم عليه السلام على الملائكة وأمرهم بالسجود له. ا.هـ
تعلم فإن العلم زين لأهله
وفضل وعنوان لكل المحامدِ
وكن مستفيدا كل يوم زيادة
من العلم واسبح في بحار الفوائد
ولا أطيل بذكر فضائل العلم وآدابه، فقد أكثر العلماء من التصنيف فيه واستقصوا ما ورد في فضله من آيات وأحاديث وآثار.
ككتاب الجامع لبيان العلم وفضله للحافظ ابن عبد البر، وكتاب تعليم المتعلم للبرهان الزرنوجي، والتبيان للإمام النووي، وغيرها كثير.
وأعظم سبيل للعلم الكتب وقراءتها، خاصة في ظل هذه الظروف التي نحن فيها، وضعف الهمم عن العكوف عند العلماء العاملين وثني الركب في مجالسهم، وتثاقل الناس عن التحصيل لانشغالهم بطلب المعاش.
لهذا أقدم لكم هذا الدليل ليكون شاملًا لما يصبو إليه المسلم من العلم ويتمناه، وقد جمعت فيه من علوم الشريعة ما لا ينبغي لمسلم أن يجهله وهو ما اصطلح عليه العلماء بـ المعلوم من الدين بالضرورة أو الضروري من علوم الدين أو فرض عين العلم على المكلف، كلها اصطلاحات على ما لا ينبغي للمسلم أن يجهله من أمر دينه في يومه وليلته.
وهو ما جمعه أصل الأصول حديث سيدنا جبريل عليه السلام
فـ الإسلام وحدوده وأفعاله اعتني به في علم اصطلح عليه فيما بعد بالفقه
والإيمان وأركانه اعتني بها في علم العقيدة
والإحسان والرقي في درجاته اعتني به في علم الأخلاق والتزكية
فهذه أصول الإسلام الكبرى، وعلومه الأمات، فما سواها وسيلة إليها كأصول الفقه والحديث ومصطلحه والتفسير وعلوم القرآن، أو فرع عنه كالقواعد الفقهية وعلم مقالات الإسلاميين والوعظ والتذكير.
ورتبته على ستة علوم، كل علم فيه ثلاثة كتب، قد تقل أو تكثر، يجعلها المرء عمدة مكتبته، ثم روافد لها يستزيد المسلم منها ويستقي حتى يروي ظمأ علمه.
وهذه هي العلوم
- العقيدة [الإيمان]
- الفقه [الإسلام]
- الأخلاق والرقائق [الإحسان]
- التفسير
- الحديث
- اللغة
فهذه أصول علوم الشريعة التي لا ينبغي لمسلم أن يعوزه شيء من ضروريها، وها أنا أشرع في المقصود باسم الله الواحد المعبود.
كُتب هذا الموضوع على ضوء تجربة كاتبه، وما فيه من هنّات فهي منه لا من غيره من مشايخه وممن أشار عليه، فكل نفس بما كتبت رهينة.
المفضلات