الصفحة رقم 2 من 2 البدايةالبداية 12
مشاهدة النتائج 21 الى 39 من 39
  1. #21
    - 14 -





    اردت ماتيلدا ان تكون انيقة امام جيردم , فسرحت شعرها وغسلت عيونها بالماء البارد , وانتعلت مشاية من المخمل , ثم اتجهت نحو غرفة جيروم .
    دقت على الباب ونادت عليه بهدوء , واخيراً عندما حاول بروك دفعها , دخلت بخجل , وعلى ضوء الشمعة التي بيدها , رأت السرير خالياً .
    وبهذا الوقت , كان بروك قد بدأ يفقد صبره , فأمسك اسفل قميص نومها بأسنانه وتقدمها نحو السلم ولم يتوقف الا امام الباب الخارجي واخذا ينظر الى ماتيلدا ويهز ذنبه , ففتحت ماتيلدا الباب , عند ئذ انطلق الكلب كالسهم , واختفى في الظلام , وكان الفجر على وشك البزوغ , ولم تجروء ماتيلدا على المغامرة في الظلام , فعادت الى غرفتها , لكنها لم تقفل الباب جيدا و في حال عاد جيردم او فانسيـا , اما بالنسبة للكلب , فبإمكانه انتظار الفجر في الخارج .

    صرخت فانسيـا عندما رماها جيردم على السرير , ورمي بكل ثقلة عليها , وضمها بعنف بحيث لم يكن بإمكانها المقاومة وبدأ بتقبيلها بهدوء على جفونها وخدودها وعنقها , وكانت عيونه تقدحان بلهيب مخيف , ثم اطبق فمه على فمها في قبلة طويلة حنونة ملحة , ففهمت فانسيـا انها تحبه , وانه اذا اعتدى عليها فهذا لن يكون رغماً عن اردتها .
    وعندما اصبح اكثر عنفاً , واكثر جرأة , لم تقاومة بل اغمضت عينيها وانتظرت الى ان رفع رأسه عنها وتمتمت.
    ((جيردم ان احبك )).
    لكن هذه الكلمات زادت من اندفاعه , فعادت وقالت له بهدوء حزين .
    (( جيردم , اذا كنت تحبني , سيكون هذا رائعاً , لكنك لا تشعر بشيء تجاهي , وانا لا اريد ان اكرهك للأبد)).
    تأملها جيروم بدهشة , ثم ابتسم بسخرية .
    (( لن تكرهيني ! ستكوني سعيدة ! وهذا مانتِ عليه الآن ! )).
    (( ليس هذا هو الامر , جيردم انه الانتقام , اليس كذالك ؟ انت لا ترغب بي , تريد فقط امرأة تشبع حاجتك , ولهذا السبب لن اتمكن من مسامحتك , ولا من مسامحة نفسي )).
    نظر جيردم في عيونها ولا حظ الدموع فيها , لكنها حبست هذه الدموع , فهي لم تكن تريد ان تثير الشفقته , بالبكاء , فهي لم تفعل له شيئاً , لكنها حاولت فقط ان تنقذ صديقتها من حبائله , وهي تتكلم عن الحب ! واي حب ؟ .
    لا حظ جيردم انها لا تخاطر بشيء , فنهض رغماً عنه , وسكب كأساً ثم عاد فوجدها لا تزال ترتجف والسرير يهتز بها , فأقسم لها انه لم يكن يريد اخافتها , وانه كان ضحية للكحول ولمزاجه السيء.
    ما ان انهى كلامه هذا , حتى اجهشت فانسيـا بالبكاء , فاقترب وضمها اليه بحنان كما فعل اول مرة وهو يهمس بأذنها بكلمات رقيقة جداً , وكان يشعر بانفعال قوي يكبر ويكبر حتى ليكاد يمزق قلبه اذا لم يعترف لها بما يشعر نحوها , لكنه كان يعرف ان اية كلمة لن تعبر شفتيه , انه لا يستطيع الزواج من فتاة فقيرة , رغم مشاعره القوية , كما وانه لا يمكنه ان يجعل من هذه المخلوقة البريئة عشيقتة له .
    وعندما هدأت , طلب منها ان ترتب ملابسها , وقال لها بأنه سيعيدها الى فندق ال ريزان .
    ((بإمكانك بعد كل هذا ان نعتقد بالمعجزات )) قال لها مازحاً .
    (( فقد تكون والدتي نجحت في الحفاظ على لسانها ! )).
    ما ان عادت ماتيلدا الى النوم حتى دخلت الخادمة وفتحت الستائر , واعلنت ان اليوم هو يوم خريفي جميل ومشمس .
    (( حسناً , يالهي انا لم انم جيداً , هل ايقظتِ الآنسة نوريس ؟ )).
    (( لا , ولكنني سأحمل لها فطورها وهذه الرسالة , تناولي فطورك الآن قبل ان يبرد )).
    (( اذا لم تجدي الآنسة نوريس في غرفتها , فتركي الرسالة معي , وسأعطيها لها فور عودتها )) قالت لها ماتيلدا بمكر , بعد دقائق عادت الخادمة .
    (( لقد خرجت , قد تكون اردت ان تغتسل الشمس الصباح لكي تنزه كلبها الصغير , سأترك هذه الرسالة معك )).
    وكانت ماتيلدا تموت من الفضول لمعرفة فحوى الرسالة , وما ان خرجت الخادمة , حتى فتحت الرسالة التي كانت موقعة من جيردم .
    (( لقد طلبوني لأمر طارئ , لا تقلقي , لقد رتبت كل شيء بحيث ان ديمتريا ستأتي لنجدتك , اعدك بذلك , وفكري بأميرك ! )) اعدت ماتيلدا قرأة هذه الرسالة الغريبة عدة مرات , وتركت فطورها يبرد , وكلما فكرت بهذا اللغز اكثر , كلما تعقد اكثر , ديتريا ؟ من تكون ياترى ؟ ولماذا ترافق فانسيـا الى لندن بدلاً منه ؟ يجب علي انا ان ارفق فانسيـا الى لندن , انه يتلاعب بنا نحن الاثنتين بكل بساطة .
    ثم اخذت افكارها اتجاهاً آخر , جيردم كان يلاحقها وكانت تجد لذة وتسلية في ان تكون محط الانظار و الانتباه , ولكنها كانت تشعر احياناً بأنه مهتم اكثر بفانسيـا واذا تأكدت من وجود علاقة بينهم فهي ستكرهه الى اللأبد , قطع افكارها دخول الخادمة مع بروك .
    (( هذا كلب الآنسة نوريس ! يبدو انه كان يركض طوال الليل ! )).
    (( ابعديه من هنا , انا لا اريده , انه متسخ , قولي لعامل الاسطبل ان يغسلة وان يعيد تضميد جرحه .... سلأهتم به فيما بعد )) ثم ترددت قليلاُ وسألت الخادمة .
    (( هل عاد السيد هاركورت او الآنسة نوريس ؟ )).
    (( اوه , هل هربا معاً ؟ )) سألتها الخادمة بدهشة , (( كنا نتساءل .... ولكن الآنسة نوريس تبدو متعقلة ! كيف استطاعت ان تترك كلبها ؟ فهي تحبه كثيراً و يا الهي انا ....))
    (( لا , لا هما لم يهربا معاً , كم انتِ غبية ! هذه الرسالة تشرح كل شيء , الآنسة نوريس خرجت في وقت مبكر لزيارة مربتها القديمة التي تسكن بالقرب من هنا , وتركت رسالة للسيد هاركورت , تشرح فيها كل شيء , ولقد ذهب هو للبحث عنها , لقد اخذت حصانه , وكما ترين حصانه ليس مطيعة مناسبة لفتاة )).
    ((آه )) واحمر وجه الخادمة (( انا آسفة , لقد اسأت الظن بصديقنك ولكن ...))
    (( هذا ليس مهماً , دعينا لا نتكلم فيه , ايمكنك مساعدتي في ارتداء ملابسي , بما ان صديقتي ليست هنا ؟ )).
    وبعد قليل كانت ماتيلدا قد ارتدت ملابسها , واصبحت جاهزة لمواجهة هذا اليوم وما يحمله من اسرار , فنزلت الى البهو على أمل ان تجد رسالة اخرى لها و لكنها لم تجد شيئاً , ولاحظت من عدم اهتمام احد بها , ان الخادمة قد نشرت الاشاعة في كل الفندق , لكنها في قرارة نفسها لم تقتنع بزيارة فانسيـا لمربيتها , ثم خرجت الى الاسطبل لتسأل مت ستكون العربة جاهزة لمتابعة السفر الى لندن , وقبلت ان تنتظر ساعه او ساعتين و ومهما كان قد حصل , فهي تريد متابعة السفر و فرسالة فانسيـا تلمح الى انها لن تتأخر كثيراً , ورسالة جيروم تلمح الى وجود انسانة لا تزال مجهولة حتى الآن ولم يظهر سوى بروك المتعب جداً والذي يبدو عليه انه ركض طويلاً.
    (( ولكن آنسة لقد رحلت العربة منذ ساعات طويلة ! ولست ادري اية ساعة بالتحديد و ولكن قبل طلوع الفجر وستمر عربة المسافرين بعد ساعة )).
    (( اعتقد ان فانسيـا خافت من تيرور , وان جيردم تبعها على جواده)).
    (( عفواً آنسة لكن السيد هاركورت هو الذي اخذ العربة وليست الآنسة فانسيـا )).
    ( آه .. في هذه الحالة , الآنسة نوريس اخذت تيرور كما كتبت لي , يالهي , اتمنى ان لا يكون قد حصل لها مكروه )).
    (( بالطبع لا , لأن الحصان الاسود لا يزال هنا )).
    (( ماذا ؟ )) سالته بدهشة (( ولكن من اذن ... ماذا ))
    بهذا الوقت دخلت عربة فخمة الى باحة الفندق , ثم اخرجت امرأة رأسها من النافذة , ولم تكن صغيرة السن , لكنها جميلة ومثيرة , ووجهها ذكر ماتيلدا بشخص ما.
    (( هاي , انت )).
    وكان صوتها حاد ولهجتها متسلطة تدل على شخص قد اعتاد اصدرا الاومر , فأسرع عامل الاسطبل ورفع قبعته .
    (( نعم سيدتي ؟ ))
    (( ابني ...هل عادر الفندق ؟ انه يدعى السيد هاركورت و ..... )).
    (( نعم سيدتي , لقد رحل مع آنسة شابة صديقة هذه الآنسة )).
    (( حسناً الى اين ذهبا ؟ )).
    شعرت بالاهمال ,لأن السيدة دميتريا لم تنظر اليها وهي منذ ان استيقظت هذا الصباح والجميع يهملها , كما وانها تواجه لغزاً يزداد كل احظة غموضاً و وهي تشعر برغبة للعراك مع احد ما .
    (( ابنك سيدتي , لم يترك اي خبر عندما رحل , لكنه بدون شك خطف صديقتي , اعتقد انهما متجهان نحو الحدود )).
    صرخت دمتريا بدهشة , ووضعت يدها على قلبها .
    (( خطف ؟ ابني اوه لا , لا بد انهما متحابان جداً و ...)).
    وما ان اكتشف انها وريثة وغنية جداً , لاحظ انه لن يستطيع العيش بدونها )) قاطعتها ماتيلدا باحتقار .
    (( انا لا يمكني ان اسمح ...))
    (( سيدتي , لا انا ولا انتِ يمكننا فعل اي شيء انا اريد مساعدة صديقتي , المسكينة البريئة الرفعية , فهي لا اهل لها , والوصي عليها سيكون غير قادر على مواجهة اخاديع شاب مثل السيد هاركورت ! )).
    (( ابني ..))
    (( انه يكبر ضحيته بخمسة عشرة عاماً تقريباً , وهو خبير بأمور النساء , والآن , اعذريني لأن صديقة يجب ان تصل لمرفقتي الى العاصمة )).
    ثم دخلت ماتيلدا الى الفندق وغاضبة , صعدت الى غرفتها , وحزمت حقائبها وعندما نزلت الى البهو , طلبت فنجان قهوة , وسألت صاحبة الفندق اذا كان احد قد سأل عنها .
    (( لا احد آنسة , ولكنك كنت تتكلمين مع السيدة في الباحة منذ قليل ....))
    (( هذه السيدة هاركورت , وانا انتظر ... سخصياً آخر )).
    (( من اذن , دمتريا هاركورت ؟ )) سألتها صاحبة الفندق باهتمام (( ولكن مابك آنسة ؟ ))





    *********************************
    0


  2. ...

  3. #22
    يااااااااااااااااااااااااااااي
    يالله ابي التكممله قلبي


    ^_^


    شكرا لك


    1ea8652bca


    ........venus.........


    84617e0de1
    0

  4. #23
    الله يعافيك حسايف وشاكرة لك متابعتك


    وابشري اللحين اكملها......
    0

  5. #24
    -15 -




    *********************************





    ابتعدت ماتيلدا بسرعة , دون ان تلفت وراءها وصعدت الى غرفتها ثم رمت نفسها على السرير , واخذت تضرب بيديها بغضب على الوسادة ثم استلقت على ظهرها واخذت تضحك بجنون .
    (( ديمتريا هاركورت ! من الغريب ان ينادي جيردم والدته باسمها الصغير ! اذن كان يقصد والدته ! آه يالهي , هذه القصة تزداد تعقيداً , والآن يجب ان استقل العربة القادمة , وعندما سألتقي بجيردم هاركورت في هانوفر سكوير , سيكون لي معه حديث طويل .
    وكانت ماتيلدا قد بدأت تعتقد ان فانسيـا الآن في وضع مأساوي , لكنها لم تعرف بعد كيف اكتشف جيروم ان فانسيـا هي الآنسة باسكومب , ومن المؤكد ان فانسيـا ليست معجبة بجيروم ومع ذلك وقعت بين مخالبه .
    فكرت ماتيلدا كثيراً , لكنها لم تجد وسيلة لمساعدة صديقتها , فاذا لم يكن قد ... اذا كانت فانسيـا لا تزال عذراء ... فيمكن للقصة هذه ان تطمر وان يوجد لها حل , وقررت ان تخبر اللايدي ريمنغتون فور وصولها علها تستطيع انقاذ صديقتها .
    (( ماتيلدا .... اقصد الآنسة رندولف ...رحلت ؟ ولكن ... ولكني ... انا ... قلت لها ان تنتظر ... الى اين ذهبت ؟ هل هي .... هي ؟ )) تلعثمت فانسيـا وفقدت كل هدوئها .
    تبعها جيروم الى الفندق وامسك ذراعها .
    (( اهدئي ... اهدئييا ... آنسة نوريس لا تقلقي الآنسة رندولف واعية , ولن تصاب بأي مكروه )) ثم التفت نحو صاحبة الفندق واضاف (( لقد ذهبت الآنسة نوريس باكراً لزيارة قريبة لها ’ وذهبت انا لبحث عنها , وتركنا رسالة للآنسة رندولف نشرح لها فيها ...))
    (( نعم , نعم سيدي لقد انتظرت الآنسة رندولف قليلاً , ثم جاءت السيدة دمتريا هاركورت , بعد ان تكلمت معها , قررت الآنسة رندولف ان تستقل عربة المسافرين , رغم نصائحي لها ! واشك في ان تصل الى لندن قبل فترة بعد الظهر )).
    (( حسناً , الافضل اذاً . ان ننطلق فوراً )) .
    ما ان اصبحا في الخارج , حتى امسكت فانسيـا كم جاكيتته .
    (( لا تغضب , جيروم , يبدو ان والدتك والآنسة ماتيلدا لم يتناولا سوى بضعة كلمات , ولم يحصل اي شيء , اذا كانت قد علمت بالقصة , ستذهب معها الى لندن )).
    ((آه , انتِ لا تعرفينها ! ديمتريا تسافر ببطء وستصل تقريباً بنفس الوقت مع عربة المسافرين , هيا لنسأل صبي الاسطبل كما وانني اريد ان آخذ حصاني )).
    وجد عامل الاسطبل ينظف المكان , وكان يحترق من الفضول .
    (( آه , نعم , سيدي السيدة هاركورت كانت غاضبة ! ولم اكلمها , كنت مشغولاً , ولكني سمعت كل شيء )).
    (( حسناً , ماذا سمعت ؟ )).
    (( سمعت ان لديها ابن يقيم هنا , وانه هرب ليلة امس مع وريثة غنية ! ))
    (( يالهي )) صرخت فانسيـا (( وماذا اجابتها الآنسة الشابة ؟ الآنسة رندولف , الشقراء هل سافرت في عربة المسافرين ؟ )).
    (( ام انتبه , لكنني رأتيها تسرع غاضبة نحو الفندق )).
    (( ماذا سنفعل الآن , سيد هاركورت ؟ )) سألته فانسيـا وكان الصبي قد ابتعد , ثم التفت من جديد بذهول .
    ((سيد هاركور ؟ آه سيد انا كنت اعتقد ...))
    ((ولكن نعم , نعم الآن هيا اسرج لي جوادي الاسود وليكن جاهزاً بعد عشرة دقائق , ستستقل الآنسة نوريس العربة الصغيرة )).
    (( لا , انا احتاج لنصف ساعة , فأنا اشعر بالجوع , كما وانني بحاجة للرحة قليلاً)).
    عادا الى الداخل وطلبا القهوة , والفطور , جلست فانسيـا قرب النار ودعت جيردم للجلوس .
    (( تعالى جيردم , ولنتحدث بكل هذا فوراً , اعتقد انك تظن بأن ماتيلدا تشك بكل شيء ؟ )).
    (( لا , لكنها ستعرف حين وصولها الى هانوفر سكوير , فأنا اتكهن بما حصل , وصلت ديمتريا وعلمت ان ابنها خطف فتاة , لكنها لم تحدد هويتها وماتيلدا استنتجت انك انتِ التي اردت خطفها )).
    (( حسناً , هذا صحيح ))
    (( لا ’ انا ... اخيراً يجب ان نصل الى لندن قبل عربة المسافرين , وان نجد ماتيلدا قبل ان تلتقي بوالدتي العزيزة في هانوفر سكوير)).
    ( انا افهم . ويبدو لي كل شيء مبسطاً )).
    شرب جيردم قهوته ثم نهض ووقف امام النافذة .
    (( هيا , اسرعي ! فأنا لا ارى شيئاً بسيطاً في كل هذا ! )) .
    ((لا , لأن عقول الرجال اقل مرونة من عقول النساء , يجب علينا بالتأكيد ان ننزل ماتيلدا قبل وصول العربة الى لندن )).
    انتفض جيردم .
    ((ان ننزلها ؟ لعبة اولاد هذه ! ولكن كيف سنصل قبل وصولهم الى لندن ؟ هيا قولي ! )) .
    (( انها ستتوقف في ارض البور , واذا نحن ... واذا نحن اقنعناهم )).
    جلس جيردم بقربها وهزها بكتفيها , فتابعت اكل الكاتو وعيونها تشرق بمكر.
    (( ماذا تقولين ايتها الشيطانة ؟ ))
    بلعت فانسيـا لقمتها وقالت له مبتسمة .
    (( انها لذيذة جداً , جيردم , خذ لك قطعة منها ! حسناً سنهاجم العربة بكل بساطة )).
    وكان جيردم يمد يده نحو صحن الكاتو , فتجمدت يده مكانها .
    (( نهاجمها ؟هل انتِ مجنونة ؟ نضع اقنعة على وجوهنا ونحمل مسدسات , اليس كذالك ؟ ))
    (( لكن نعم , لا تزال معي ملابس ابن عمتي , فوق وبإمكاننا ان نضع اقنعة على وجوهنا ليس لدي مسدس ولكنني استطيع ان احمل عصاً تحت معطفي ولن ير احد شيئاً )).
    (( هذا جنون ! ولماذا نهاجم العربة ؟ حتى ولو نجحنا وانزلنا ماتيلدا , ماذا سنقول لها ؟ ))
    (( بإمكاننا ان نحجزها لقاء فدية , وهكذا لن تكون انت مجبراً على الزواج منها , وهكذا لن تتأثر هي , وانا متأكدة انها ستفضل التضحية بمبلغ محترم من المال )).
    نهض جيردم وقد عقد حاجبيه ثم ابتسم .
    (( هذه بالفعل اسوء اهانة سمعتها ! كيف ستعلمين ليتها البريئة الصغيرة , اذا لم تكن هذه اللعبة تعرضني للخطر وللشبهات ؟ فأنا اسمح لنفسي بأن اقول لك بأن عدداً كبيراً من السيدات سيجدن هذا مثيراً ! )).
    (( توقف عن المزاح , جيردم وكن جدياً , عندما تنجح العملية , ستكتشف الحقيقة لماتيلدا , واخيراً ليس الحقيقة الصحيحة , لكن القصة التي تخيلنها الآن , انا هربت لأنني اعتقدت انك ستعدني الى عمتي ... وعندما شككت بمحاولة الهرب , تتبعتني الى خارج الفندق ثم ركبت معي في العربة )).
    (( ثم تعطلت عجلت عربتنا , واضطررنا للجواء الى مزرعة قريبة بانتظار استبدال العجلة ... اذا صدقت ذلك , فأنها ستصدق كل شيء ! وماذا ايضاً ؟ )).
    (( سيد , انا لا يمكنني ان اعيش حياتك بدلاً عنك ! حاول اغرئها اذا كنت مصراً على الزواج منها ! وانا لن اسمح لك بخطفها , فلا تفكر بذلك , ولكن اذا تصرفت جيداً فلن اخبر احداً بما فعلناه هذه الليلة )).
    امسك جيردم بيديها , وساعدها في النهوض وهو يضحك.
    (( بما فعلناه هذه الليلة ! ليس لديك ماتروينه ! والآن هيا اسرعي بتغير ملابسك , وارتدي البنطلون وضعي القبعة وغطي نفسك بشالك , على امل ان لا يلاحظ احد انك فتاة , هيا ولا تتأخري و ...... فانسيـا ؟ ))
    (( نعم ؟))
    (( لقد تغيرتِ , لماذا انتِ مرحة هكذا وفجأة ؟ ))
    ( آه , اتريد حقاً معرفة السبب ؟ سأسرع )).
    لم تتأخر فانسيـا وعندما نزلت كان جيروم ينتظرها في الاسطبل
    (( اركبي فانسيـا , وهيا بنا نحو الارض البور )).
    (( هل احضرت مسدسيك جيردم ؟ ايمكنني ان احمل واحداً ؟ ))
    (( لا , لا يمكنك ارهن بأنك لم تحملي من قبل مسدساً بيديك , حاولي فقط ان تظللي محافظة على نفس المستوى , وعندما نصل الى الارض البور , ابحثي عن مجموعة اشجار حيث تختبئين بينها بانتظار وصول العربة , وانا من سيطلق النار اذا اضطر الامر وفوق رؤوس الجياد , اما انتِ فقد تقتلين احد الخيول )).
    (( لا ابداً , انا احب الجياد كثيراً )) اجابته وضحكا معاً وسارا معاً جنباً الى جنب باتجاه لندن وكأنهما اصدقاء منذ زمن بعيد .
    (( هذه هي ؟ )) سألته فانسيـا وقد رفعت الفولار على وجهها .
    (( نعم , انها هي اتبعيني ! )).
    واتجها بسرعة نحو العربة , وما ان رآهما الحوذي حتى شد على زمام جياده وصرخ ((هو )) ووجه نصائح سريعة للركاب.
    (( لا تتحركوا اخفضوا رؤوسكم ..)) لكنه لم ينجح الا في ازدياد توترهم .





    *********************************
    0

  6. #25
    - 16 _





    *********************************






    عندما اطلق جيردم رصاصة في الهواء , جنت الخيول واخذت العربة تهتز بعنف فوق الطريق الوعرة , فوقعت سلة قصب مليئة بالدجاج على ركبتي الحارس الذي كان يدير بندقتيه القديمة نحو الفارسان , فوقعت بندقيته في حفرة , ثم نظر الحارس الى الفارسين وهو يتمنى ان لا يحل غضبهما عليه , وسرت الدجاجات كثيراً بحريتهن ورفرفت بجوانحهن وابتعدت بسرعة , نزلت فانسيـا عن فرسها واقتربت من العربة حيث تتعالى الصرخات , وكتمت رغبتها في الضحك وهي تنظر الى جيردم وهو يحاول السيطرة على حصانه ويهدد العربة بمسدسه .
    وما ان وصلت الى العربة , حتى نبح كلب صغير بفرح كبير ورمي بنفسه من العربة .. لكنه ظل عالقاً في الهواء .
    (( دعوا هذا الكلب ينزل من العربة ! )) صرخت فانسيـا وقد نسيت ان تجعل صوتها خشناً .
    (( حرروا هذا الكلب فوراً ! )) صرخ جيروم من وراءها .
    فحررت امرية تجلس بقربه حبل الكلب , فأسرع فرحاً واتجه نحو سيدته , فحملته بين ذراعيها وتركته يلمس الجزء الظاهر من وجهها .
    نزل جيردم عن حصانه وهو يحمل مسدسيه , ثم فتح باب العربة , ورأى بداخلها مزارع وزوجته و وبحار ورجل عجوز , ووجه الآنسة ماتيلدا رند ولف المتعالي .
    (( انت هناك ؟ هل الكلب لك ؟ )).
    هز الجميع الركاب رؤسهم بالنفي .
    (( انتِ الآنسة التي في الزواية ! هل هذا الكلب لك ؟ )).
    (( حسناً , لا اعتقد ان امتلاك كلب يعتبر جريمة ! )) اجابته ماتيلدا بجفاف .
    (( نعم , لكن هذا الكلب مسروق ! )) صرخت فانسيـا
    (( يجب ان تأتي الآنسة معنا لكي تبرري موقفك امام الشرطة )).
    لم تكن ماتيلدا غبية , لقد لا حظت استقبال بروك لهؤلاء اللصوص , ولاحظت الآن خصلة من شعر فانسيـا الاحمر .
    (( حسناً , ولكني اتمنى ان يكون لديكما سبب لذلك )) اجابت ماتيلدا مهددة .
    ثم نزلت من العربة , فأسرع جيردم ورفعها فوق حصانه , ثم ركب خلفها واشار الى فانسيا ان تفعل مثله , وبعد لحظات اختفوا عن الانظار , وهم يتجهون نحو الغابة الصغيرة
    (( حسناً ؟ )).
    وكانوا قد اصبحو بعيدين , ولم يعد بإمكان ماتيلدا الانتظار اكثر , فابتسم جيردم بمودة .
    (( حسناً ما تيلدا ! باختصار كان يجب علينا ان ننزلك من هذه العربة ...)) وروى لها قصتهما و هرب فانسيـا وكيف تبعها وكيف انكسر دولاب عربتهما ..
    (( وكنت قد تذكرت ان والدتي تنزل في فندق قريب فرجوتها ان تذهب الى فندق الذي تنزلين فيه لكي توصلك الى هانوفر سكوير , وانا لا افهم لماذا لم تفعل ! ))
    (( انها تلك الرسائل ! )) واحمر وجه ماتيلدا (( كان كل شيء غريباً , انا اخشى انني جعلت والدتك تعتقد انك خطفت فانسيـا المسكينة )).
    (( كيف استطعت ان تفعلي شيئاً مماثلاً ؟ )) سألها وقد تظاهر بالغضب (( وسمعة فانسيـا ؟ الحمدلله اننا لدينا مربية فانسيـا كشاهدة و كما وان فانسيـا لم تختفي في منتصف الليل )).
    (( تقريباً ! لكني لم انظر الى الساعة , لكن الظلام كان حالكاً , عندما ايقضني بروك بنباحة , ثم وجدت رسالة فانسيـا , وعندما احظرت لي الخادمة فطوري وجدت رسالتك , فازدادت شكوكي ...))
    (( لكنني لم اكتب لك رسالة ! ))
    (( لم تكن الرسالة لي , كانت الرسالة موجهة الى فانسيـا , لكنني قرأتها لأن فانسيـا كانت قد اختفت واعتقدت ان الرسالة قد تفيدني بعض الشيء , ولكن الرسالة المحت الى ان السيدة اسمها ديمتربا ستصل , وسترافق فانسيـا الى لندن , ماذا يعني كل هذا ؟ ))
    نظر جيردم الى فانسيـا بذهول .
    (( الافضل ان تقولي لها كل شيء )).
    اخفضت فانسيـا نظرها , ثم نظرت اليه بمكر .
    (( آه , جيردم هذا شيء محرج , ايجب ان اقوله ؟ ))
    وتساءلت ماذا لديها من افكار جديدة , يبدو انه يعتقد ان اية قصة اخرى ستكون افضل من لا شي , وخاصة من الحقيقة .
    (( طبعاً يجب ان تخبريها ! )).
    (( ان والدة جيردم تعرف معمدتي الآنسة هاريسون جيداً , وجيروم فكر بأنه من الانسب ان ترافقني السيدة هاركورت بدلا منه فبالنسبة لسمعته ...))
    (( وانا ؟ )) اعترضت ماتيلدا (( اذا كان يجب على السيدة هاركورت ان ترافقك الى معمدتي ماذا كان يجب علي انا ان افعل ؟ ان اصل برفقة جيردم ؟))
    (( هيا فانسيـا ! كنت من المؤكد سأطلب من احدى الفتيات الفندق مرافقتنا ))
    (( حسناً , اعذراني , ولكن اشراح لي لماذا ..))
    (( سأشرح لك , تعالي الى هنا قليلاً ))
    ابعدت فانسيـا صديقتها قليلاً وهمست بأذنها .
    (( كان يريد ان يكون وحيداً معك لبعض الوقت , ايتها الغبية ! كان يريد ان يسألك اذا كان لديه حظ ..))
    (( حظ ؟ )) سألتها ماتيلدا وقد ابتسمت (( آه )) فقط لو كنت اعرف ! انه يعجبني كثيراً , وانت تعلمين , واحب ان اتعرف عليه اكثر , واريد استغل موسمي الاول , ولكن في النهاية اذا كنا متفقين ..))
    (( اترين ؟ وتأكدي بأنني لن انطلق بأية كلمة )) طمأنتها فانسيـا (( ولكن سيكون بالنسبة له مهما جداً ان يعرف اذا كان لديه امل , واللآن يجب ان نتابع طريقنا كي لا نتأخر في الوصول الى لندن ))
    (( هكذا ؟ اثنان على ظهر جواد واحد ؟ وانت بملابس رجل ؟ )).
    عادت الفتاتان وانضمتا الى جيردم واطلعتها على مخاوف ماتيلدا .
    بإمكانها ان تأخذ الفرس , وانا سانتظر هنا الى ان تعودا ))
    اقترحت ماتيلدا بلطف لأن الغروب اصبح وشيكاً .
    ((لا , لا مجال لذلك , لدي حل آخر )) اجابها جيردم فاتفتت الفتاتان اليه بدهشة , فابتسم وصرخ .
    (( لا تنظر الي بعيني الخوف ! اسمعا لقد خطفت ماتيلدا في الطريق , اليس كذلك ؟ وسرقوا اموالها وتركوها , كما كنا سنفعل لو كنا لوصوصاً حقيقين )) فهزت الفتاتن رأسهما بتردد .
    (( اذن اقترح ان نتظر هنا الى ان يهبط الظلام , ثم نذهب الى لندن سيراً عبر الطرقات الصغيرة , يجب على ماتيلدا ان تركب معي , وسأتركها اما باب منزل عمي , فتدق على الباب وتصرخ بأعلى صوتها بأنها خطفت , وبأنهم سلبوها مالها , وبأنها تابعت طريقها سيراً ويجب ان توسخ ثوبها قليلاً ))
    (( نعم , هذه فكرة رئعة ! ويجب عليك ان تصابي بالاغماء )) قالت فانسيـا , ثم التفتت نحو جيروم وسألته
    (( وانا جيردم ؟ )).
    (( انتِ ؟ آوه , سأوصلك الى فندق محترم تقضين ليلتك فيه , وغداً بإمكانك الذهاب الى اللايدي هاريسون )) عدم مبالاته هذه , جرحت مشاعر فانسيـا , واحست بمرارة , ولكنها الآن اصبحت تعرف جيردم أكثر , وهي تعرف انه يخفي مشاعره نحوها , ولكنها لا تعرف اذا كان يحبها كما تحبه . بدون شك لا , كيف يمكن خنق مشاعر عظيمة كالحب ؟ لكنه غير مبال ِ , لكنه يخادع .
    وعندما حل الظلام تابعوا سيرهم , وكانت فانسيـا متأكدة انه لن يفوت فرصته هذه , وانه سيحاول اغراء ماتيلدا , لكنه لحقيقة لم يكن سعيداً , وكان قد شعر بتغير كبير منذ ان التقى بفانسيـا , فتأمل رأس ماتيلدا الاشقر الذي يتكئ على كتفه , لكنه لم يشعر بأية رغبة فيها .
    واخيراً وصلوا الى هانوفر سكوير , فقفزت ماتيلدا ودقت على الباب , فانفتح الباب وطهر نور في الداخل فتكلمت ماتيلدا قليلاً ثم حملوها واقفلوا الباب من جديد , فابتسم الفارسان وابتعدا .
    (( حسناً , بقد نجحت اول خطة , ولاآن تعالي معي لكي تبدلي ملابسك وتعودي لطبيعتك )).
    وبعد دقائق وصلوا الى منزل جيردم فأدخلها الى غرفة باردة وطلب منها ان تشعل النار , ريثما يضع الجياد في الاسطبل .
    وعاد جيردم فوجدها قد اشعلت النار
    (( حسناً , غيري ملابسك , ولا تخافي , فأنا لن ...))
    ( اعرف ذلك )).
    رتدت فانسيـا ثوبها وسرحت شعرها , بدا عليها التعب الشديد.
    (( تبدين متعبة , اتريدين ان ترتاحي قليلاً قبل الذهاب الى اللايدي هاريسون ؟ ))
    (( لا , لا فلنذهب جيردم , قبل ...))
    فوضع جيروم الشال على كتفيها
    (( ولكن ماذا سيقولون عن حقائبك ؟ ))
    (( سيعرفون انني هربت )).
    وكانت خيبة فانسيـا كبيرة عندما وصلا الى منزل هاريسون ووجدا المنزل مظلماً .
    فصعد جيردم السلم وتفحص الباب دون ان يدق عليه , ثم عاد ونزل واخبرها بأنهم مسافرون .ولقترح عليها ان تنام الليلة في منزله , على ان يذهب هو الى ناديه.
    ( هل استطيع ذلك ؟ آه جيدرم )).
    (( بتأكيد اذا كنت ِ لا تخافين من الوحدة , واخشى انك مضطرة للعودة الى ملابس الرجل , فانسيـا فأن صاحبة المنزل تعلم انني استقبل احيانا اصدقاء واقارب , لكنها لن تقبل ان تقضي فتاة الليلة في شقتي )).
    ولحسن الحظ لم تكن صاحبة المنزل موجودة عندما دخلا المنزل .
    (( هيا فانسيـا ارتدي البنطلون , فقد يراك احد , فأنا ذاهب لإحضار بعض الطعام )).
    (( لا ضرورة لذلك , جيردم فأنا لست جائعة .. لست جائعة كثيراً ))
    (( بلى , انتِ جائعة وانا ايضاُ ,لن اتأخر , اسكبي لنفسك كأساً من النبيذ , ويوجد ايضاً علبة البسكويت )) جلست فانسيـا امام النار تنتظر عودته , ونام الكلب بقربها فأسندت رأسها على الكنبة , ونامت نوماً عميقاً
    (( هو لا , هاركورت , أأنت هنا ؟ )). ففتحت فانسيـا عينيها ببطء.
    (( هاي , هاي ! ماذا لدينا هنا ؟ طوني تعالى وانظر ))
    (( طفل احمر ! حسناً ياصبي ! ماذا تفعل هنا ؟ الديك لسان ؟ ))
    (( أ ....أنا ؟ )) ٍالت فانسيـا بدهشة عندما وجدت نفسها اما غريبين .
    ((نعم , انت ياصغيري ))
    (( انا ابن عم جيردم , وهذ الكلب لي ))
    ( واين جيردم ؟ عندما دخلنا ورأينا النور مضاء اعتقدنا انك لص )) قال الذي يدعى طوني (( ارى انك كنت تشرب كونياك اسكب لنا لو سمحت ! )) .
    فنهضت فانسيـا وسكبت لهما كأسين مليئين .
    ((هاي , كفى , اذا كنت تشرب هكذا , فليس من المدهش ان تنام وانت واقف , اضف بعض الماء الى كأسي )) قال اكبرهما.
    (( الماء ؟ ولكني لا اعرف اين المطبخ )).
    (( لا تعرف ؟ كم مضى على وجودك هنا )) سألها طوني واخذ يتأملها , فعادت وتذكرت انها صبي بين رجال .
    (( منذ ساعة , تقريباً .. انا اوليفر هاركورت , وانتما ...))
    (( انا ماثيو كولفر , وهذا كوني ماركام , كم عمرك , اثنا عشر عاماً ام اربعة عشرة ؟ )) .
    (( اربعة عشرة عاماً تقريباً )).
    احضر طوني ابريق الماء وقال لها (( اسكب قليلاً من كل كأس في كأس ثالث , لكي استطيع ان اضيف الماء ))
    (( والآن , فلنشرب نخب صحت اوليفر ! )) قال ماثيو ضاحكاً.
    شربت فانسيـا كأسها , وتلألأت عيونها بالدموع عندما رأت الشابين يتمددان على الكنبات.
    (( منذ متى خرج جيردم )) سألها ماثيو .
    (( ذهب منذ ساعة لإحضار شيء نأكله )).
    ((ولماذا لم يصطحبك معه الى النادي ؟ اعتقد انه كذب عليك , وذهب للقاء باتس كلارك , اوتلك الفاتنة ماجي كونكست , انه يطمع في الحصول على ثروة احدهما بناء على طلب والدته ))
    اردت فانسيـا ان تبدي رأيها , لكن صوتاً على الباب منعها .
    (( انك تشغل نفسك بأموري كالعادة طوني ؟ سأكون شاكراً لك كثيراً اذا لم تنشر هذه الاقاويل في كل البلاد )).
    قال له جيردم ثم دخل دون الى يلتفت نحو فانسيـا , ثم سكب لنفسه كأساً واخذ الثلاثة يمزحون ويثرثرون دون ان يعيروها اقل اهتمام , وكانت متعبة جداً لإاحست بالغضب الشديد , وقاطعت القصة التي كان يرويها ماثيو , وقالت بحدة .
    (( انا اريد ان انام ! ))
    (( لا تكلمني بهذه اللهجة )) صرخ جيردم (( انا اعرف انك متعب تمدد على هذه الكنبة ودعنا نشرب بسلام )).
    (( لكني ... ولكني اريد النوم في السرير , ايمكنني ان ادخل وارتاح ؟ ))
    ولمحت في عيون جيردم بريقاً غريباً , ومن الطبيعي كونها تمثل الآن دور الصبي , لا يمكنها ان تبادله النظر طويلاً , فاخفضت رأسها.
    فا قترب جيردم واحاط كتفيها بذرعبه بحركة اخوية , وقال لها (( نعم , ادخل ونم , فماثيو وطوني يعذرانك , لقد كان نهارك شاقاً ))
    الآن و لم يعد يهما الجوع , كل ماتريدة ان تنام نوماً عميقاً , فبحثت في الجوارير عن شيء ترتديه فوجدت قميصاً لجيردم , وشعرت بالرحة عندما خلعت ملابسها وغسلت وجهها ويديها وارتدت القميص , وبهذا الوقت سمعت جيردم يودع صديقيه ويقفل الباب , ثم دخل الى غرفة التي توجد فيها فانسيـا.
    (( جئت لأخبرك انني لن استطيع النوم في النادي ))
    (( لماذا ؟ )) سألته بتعالي (( فأنا لا اريد مشاركتك الفراش ! ))
    (( لأن ماثيو وطوني ذاهبان الى النادي , وليس من اللائق ان يعلما انني تركت صبياً وحيداً ينام في منزلي , كما وانني اعدك بأنني سأتجنبك قدر الامكان
    0

  7. #26
    )). 17 -

    ****************************************




    هذه الكلمات جرحت مشاعر فانسيـا في الصميم .
    (( لماذا تقول هذا ؟ الا اذا كان طوني محقاً , وانت لم تذهب لإحضار الطعام , بل لرؤية تلك الفاتنة ماجي او باتسي ..))
    (( وماذا يهمك انتِ من كل هذا ؟ )) صرخ جيردم غاضباً
    (( حسناً , ان تذهب لرؤية صديقاتك , فهذا يعني انك غير مهتم بي ! هيا ... اذهب وغازل كل الشقراوات اللوتي في لندن , وسترى انني لن اهتم! ولكنك اذا فعلت هذا فأنا لن احفظ لساني امام ماتيلدا ...))
    (( هكذا ؟ اتعتقدين انني لا ريدك , سأثبت لك العكس فوراً ! انك مثيرة جداً ! وانا لست قديساً يا الهي انكِ توترين اعصابي ! )).
    (( انا آسفة جيردم , لا افهم لماذا وكيف نطقت بهذه الكلمات ارجوك سامحني )).
    (( سنفترق بأسرع وقت ممكن . هذا افضل لنا , لأنه اذا كان يوجد اثنان لا يمكن لهما ان يتفقا , فهما بالتأكيد انا وانتِ , تصبحين على خير , ايتها الفتاة الصغيرة )) وخرج واغلق الباب وراءه .
    استيقظت ماتيلدا في اليوم الثاني , عندما فتحت الخادمة ستائر غرفة الضيوف , فابتسمت بفرح , واخيراً بدأ موسمها الاول .
    وفوراً خطرت صديقتها ببالها , لقد كان نهار الامس كالكابوس , منذ ان استيقضت الى ان تركها جيردم امام باب هذا المنزل , ولكن ماذا حصل لفانسيـا ؟ هل استقبلتها السيدة هاريسون , استقبالاً جيداً ؟ ام انها قابلتها بالاحتقار ؟ وفكرت ماتيلدا في ان تذهب هذا اليوم الى شارع جورج لأطمئنان على صديقتها.
    (( الطقس رائه اليوم , آنسة رندولف , لقد احضرت لك الفطور )).
    (( شكراً لك , ايمكنك ان تساعدين في ارتداء ملابسي ؟ )).
    (( بالطبع , آنستي , واللايدي ريمنغتون تريدك ان تزلي بسرعة , ولديها مفاجأة لك )).
    خافت ماتيلدا ان تكون المفاجأة تسبه حوادث نهار الأمس , لكنها طردت هذه المخاوف من رأسها بسرعة , انها الآن في منزل محترم و حيث البرنامج الزمني فيه مدروس بدقة لقد كانت الحرية قد اعجبتها خلال الايام الاخيرة , ولكن من الافضل العودة الآن الى الحياة الطبيعية .
    (( لقد طلبت سيدتي تحضير العربة لكي تصطحبك الى محلات الموضة , فأنتِ بحاجة لأشياء كثيرة , ريثما تصل حقائبك )).
    وكانت ماتيلدا على عكس فانسيـا , تأخذ وقتاً طويلاً في ارتداء ملابسها , وعندما نزلت كانت قد مضت ساعة من الوقت , وكانت كالاميرة في اناقتها وفي تسريحة شعرها .
    عندما دخلت الى الصالون , استقبلتها اللايدي بالابتسام .
    ((آه , هاهي ! اتمنى ان تكوني قد نمتً جيداً يا عزيزتي , لقد رويت لصديقتك الليلة المرعبة التي مررتِ بها امس , وكانت سعيدة جداً بنجاتك وبوصولك سالمة الى هنا , ولكن انتِ ترين الآن من جاء ايضاً لإقامة عندنا ! لقد وصلت في وقت مبكر صباح اليوم لكي تقيم عند اللايدي هاريسون , لكن اولاد هذه الاخيرة اصيبوا بالحصبة , وذهبت الى سوري , وكانت تعتقد ان ضيفتها لن تقبل دعوتها , وعندما التقى بها جيردم وهي تبكي في الشارع , اصطحبها الى هنا )).
    (( صباح الخير , عزيزتي ماثي , انا آسفة لأنني فرضت نفسي عليك , في اول يوم لك في لندن , لكني حقاً في وضع حزين )).
    (( فانسيـا , انا سعيدة جداً برؤيتك ! بالفعل ان ماحصل لك محزن ! واين كلبك الصغير ؟ )).
    (( آه... نعم لكنه لن يزعجك ابداً . اعدك بذلك , انه في المطبخ مع احد الخدم )).
    ظلت اللايدي ريمنغتون تتأمل الصديقتين وكانت امرأة كريمة ولطفية , وقالت لنفسها ان جيردم كان متأكداً من ان ماتيلدا سترحب بصديقتها , لكنها لاحظت ان ماتيلدا لم تكن سعيدة جداً بهذا الظهور المفاجئ , فقد يكون هناك شيء بينهما كمنافسة على قلب رجل.
    ولحين الحظ كانت ماتيالدا ايضاً طيبة القلب , واشفقت على فانسيـا , فرغم ثروتها هي يتيمة الأم والأب , وليس لها سوى عمة لا تحب سوى ولديها , ووصي يطمع بأملاكها ويريدها ان تصبح زوجة لأبنه . قبلت ماتيلدا صديقتها .
    (( فانسيـا المسكينة , انا لست متضايقة من بروك , وانا ايضاً احب الحيونات لكنه لا يرى غيرك انتِ , انتِ كل شيء بالنسبة له ! اذاً ماذا سنفعل هذا اليوم ؟ )).
    (( آه , ماتيلدا كم انتِ لطيفة , والسيد هاركورت كان لطيفاُ جداً , لقد اسرع الى سوري ليقابل معمدتي وليطلب منها العودة , لكي استطيع الذهاب الى الحفلات الرقصة ))
    ورغماً عنها اشرقت عيونها وهي تفكر بالملابس الجميلة هذه الفكرة لا تقاوم ! .
    (( سيكون ذلك رائعاً , ولكن ..))
    (( اذا كنتِ قلقة من اجل المال , فأنتِ محطئة , فأنا اعلم ان الوصي عليك يبخل عليك بالمال و ولكن عندما سيقول له والدي انه سلفك بعض املال فأنه سيضطر الى سداد هذا المبلغ بسرعة , ولاتنسي ان آل ولف وآل تالبوت هم اصدقاء قدامى )).
    صعدت الفتاتان الى غرفتهما , وظلت السيدة ريمنغتون تفكر , لقد شرح لها جيردم ان الآنسة نوريس من عائلة جيدة لكنها ليست ثرية , ومن النعروف ان فريدريك تالبوت رجل غني لكنه بخيل , ومن المحتمل ان تقع املاك آل باسكوب في يده بعد زواج مدبر .
    بالتأكيد يوجد سر في الآنسة نوريس هذه , ومن المؤكد ايضاً ان ماتيلدا لفظت تالبوت بدون قصد منها , وقالت اللايدي لنفسها بأن جيردم بعد عودته من سوري , سيتردد يومياً الى هانوفر سكوير , فهي نيته بالزواج من وريثة غنية , وقررت ان تعرف المزيد عن الآنسة نوريس هذه .
    كان اليومان التاليان من اجمل ايام حياة فانسيـا , ولم يلاحظ احد انها فانسيـا باسكومب.
    وفي المساء اليوم الثاني , عاد جيردم لينقل رسالة لفانسيـا من معمدتها.
    ودون ان تدري لماذا , اهتمت فانسيـا كثيراً بنفسها , ورشت شعرها , ورتدت فستاناً ازرق رائعاً , وعندما عادت الى الصالون وجدت جيردم بانتظارها فابتسمت له بدلال , عندما لا حظت دهشته .
    (( هذا لطف كبير منك ان تذهب بنفسك الى اللايدي هاريسون )) قالت له بصوت عال وهي تمد يدها نحوه , ثم همست بصوت منخفض (( اهذه افضل ام قميصك , يا عزيزي جيردم ؟ ))
    للحظة كاد ان يلتهمها بنظراته , وهو يرى كتفيها العاريين وعنقها الطويل ووجهها المشرق .
    (( افضلك بذلك القميص )) قال بصوت منخفض ثم رفع صوته واضاف (( اللايدي هاريسون ترسل لك اشواقها وتعدك بالعودة خلال ثمانية ايام )).
    (( آه , لا بأس ! الم تقل شيئاً عندما رأت بطاقتي ؟ )) كانت فانسيـأ تعرف الجواب , فاذا كشفت السيدة هاريسون سرها واخبرت جيردم بأنها الآنسة باسكومب , لظهر شيء على وجه جيردم , فتنهدت براحة , فهي لا تريد ان يحبها لأجل ثروتها واملاكها , لكن كم ستكون سعيدة اذا كان جيردم يجبها حقاً ! وتذكرت ذرعية حولها , وفمه العذب , واحست بارعشة .




    ****************************************
    0

  8. #27
    - 18 -




    (( لقد ضحكت , فادركت اننا انك كتبت لها شيئاً عن مغامراتك المحترمة , انها امرة لطفيفة جميلة )).
    بهذا الوقت دخل خادم وهمس بعض الكلمات في اذن السيدة ريمنغتون اليت التفتت نحو ضيوفها الذين يستعدون لدخول غرفة الطعام .
    (( لحظة من فضلكم , ستضيف الخادمة صحناً الى المائدة , لقد وصلت ضيفة اخرى , جيردم لقد جاءت والدتك بعد سفر متعب , فانسيـا ماتيلدا , قدما احترمكما للسيدة ديمتريا هاركورت ! ))
    كانت ديمتريا قد اعدت نفسها جيداً لهذه اللحظة , فمنذ وصولها بعد الظهر الى لندن , لم تتفاجأ بالاشاعة حول ابنها واحدى الوريثات , ولم يهتم بها احد , ولم يطرح عليها احد اسئلة حول ابنها وحول تصرفاتها.
    واكتشفت بسرعة ان ابنها وصل الى لندن برفقة شابة , واخبرها عامل الاسطبل ان جيردم خطف وريثة غنية واصطحبها الى شقته حيث قضياليلة حب طويل , ثم رافقها الى منزل آل ريمنغتون .
    فغضبت كثيراً لأن ابنها اعاد الفتاة , فآل هاركورت يأخذون دائماً مايريدونه , ولا يجب ان يضعف ابنها اما توسلات امرأة , حتى ولو كانت اجمل نساء العالم !
    وفهمت بسرعة مذا ستفعل , ستذهب الى هانوفر سكوير في وقت يكون الجميع مجتمعين فيه , وستقول كل شيء , وهكذا سيضطر جيردم للزواج من هذه الفتاة الجميلة كانت ام بشعة , لطيفة ام فظة , المهم ان تزول هموم ابنها .
    والآم هي تواجههم جميعهم , وتنقلت عيونها بين المجتمعين , اخوها وزوجته الغبية , وابنها الطائش وآنستان تحيطان به وكلاهما جميلتان .
    وكانت دهشتها كبيرة عندما تعرفة على الفتاة الشقراء التي اهانتها في ذلك الفندق , اما الاخرى فهي فتاة رائعة و من النوع الذي يجعل الرجل يفقد صوابه ! وكان بين هذه المجموعة , صديق لجيردم ايضاً .
    (( اذن يابني ّ اجدك هنا مع جميلتك في منزل اخي ! ))
    وكانت الفتاتان قد انحنتا وسلمتا عليها , ومد اخوها يده ليرافقها الى غرفة الطعام , وفجأة عندما تكلمت ساد صمت مخيف , فالتفتت ديمتريا نحوهم وقالت :
    (( ان ابني , الذي افقده الحب صوابه , قد خطف هذه الفتاة واصطحبها الى مكان ما واغراها ! نعم اغرها ! لست ادري اية خدعة استعمل للحفاظ على هذا السر , ولكن واجبي يحتم علي البوح بالحقيقة , وانا اصر على ان يتزوج ولدي من هذه الفتاة الذي جلب لها العار , وارجوكم , لا تنسوا انه معذور لأنه تصرف بدافع الحب فقط ! ))
    ثم تقدمت وامسكت يد فانسيـا ويد ابنها وجمعتهما فشحب وجه فانسيـا وجحظت عيونها .
    (( اتنكر ذلك يابني ؟ اتجرؤء على ان تنكر انك خطفت هذه البرئية , وانك الحقت بها العار ؟ )) سألته والدته , وكانت تتوقع ان ينفجر غاضباً , لكنه ضحك كثيراً , فتراجعت والدته خطوة للوراء .
    (( اتجد هذا مضحكاً ! اتجروء على نفي خطفك لهذه البريئة ؟ )) فهز رأسة بسخرية ودون ان يترك يد فانسيـا .
    (( لا , ياولدتي العزيزة ,لا انا لانكر آه , يا لهي ! نعم لقد خطفت هذه الآنسة البرئية آه , لو تدرين ماذا فعلتِ ! )).
    (( ماذا فعلت ؟ ماذا تعني ؟ )).
    فعاد لضحك من جديد بشكل وقح , جعل والدته تتراجع للوراء وتضع يدها على قلبها .
    (( لقد حصل خطأ , يا امي ! هي تكون الآنسة نوريس , فتاة رائعة وعادية , هذه الآنسة رندولف الوريثة ! وبتدخلك هذا تضطريني للزواج من الآنسة نوريس , التي لا تملك ميرثاً , فقط من اجل انقاذ شرفها بعد اتهامك هذه بينما الوريثة الحقيقية ذهبت , ودون اي خوف منا ! ))
    اخذت ماتيلدا تنقل نظرها بنهما بحيرة كبيرة , ومدت يديها وكأنها تطلب ايضاحاً اكير , اما فانسيـا فبدت كأنها حجر لم تعد ترى شيئاً , وضحكات الرجل الذي تحبه تجرح اذنيها , صرخت ديمتريا ووقعت على الارض , واصيبت بنوبة هسترية فاجتمع الكل حولها ماعدا جيردم الذي لايزال يمسك بيد فانسيـا .
    (( لا تقلقوا من اجلها )) قال باحتقار (( لقد سبق لها وتعرضت كثيراً لمثل هذه الازمات , يوجد شيآن تكرهما كثيراً , ان يعارضها احد او لن يسخر منها , وهذا ماحصل لها الآن , فيغمى عليها لكي تدير الانتباه عن سخافتها وعن حيلها القذرة )).
    (( لا تتكلم هكذا عن والدتك )) اعترض السير توماس بحدة(( وافعل شيئاً ! اليس معها حبوب دواء ..؟ 9).
    (( بلى , لديها دائماً حبوب في جيبها )) ثم ترك يد فانسيـا الباردة وانحنى فوق والدته .
    (( يالهي , انها تفقدني عقلي )). واخرج علبة من جيبها ووضع حبة في فمها . ثم سقاها جرعة ماء ( انا اتكلم جدياً , سأتزوجك ايتها المسكينة , وستعيشين نادمة كل حياتك ! )).
    ثم نهض بعد ان هدأت حركات والدته , والتفت نحو السير توماس .
    (( سير توماس , ديمتريا هي اختك وانت بالتأكيد رأيتها في مثل هذه الحالة من قبل انداه لخادمك كي يأتوا ينقلوها الى السرير , واطلب من احدى الخادمات ان تبق بقربها , وغداً صباحاً ستكون بخير )).
    شدت اللايدي ريمنغتون على ذراع زوجها وقالت بصوت مرتجف .
    (( لم يسبق لي ان رأيت ديمتريا في مثل هذه الحالة ! لقد ارعبتني ! ))
    (( كان هذا يحصل لها دائماً )) قال السير توماس (( ولكنني كنت اعتقد ان هذا انتهى مع الزمن , عندما كانت صغيرة , اذا لمست احدى الفتياة لعبة من العابها او اذا خسرت في لعبة ما , كانت تتصرف هكذا , وكان الطبيب يقول ان هذا غنج وانانية , ولكنني اظن انها تخلت عن هذه التصرفات )).
    (( اخشى ان تكون فانسيـا مريضة )) قالت ماتيلدا بقلق (( لقد وضعت يدها على فمها وركضت نحو السلم ))
    التفت جيردم نحو السلم وقال بلهفة .
    (( سأرى ان كانت بخير )).
    (( لا يمكنك الصعود الى غرفتها ! )) اعترضت اللايدي ريمنغتون .
    (( لا . ياخالتي العزيزة , بما انه يجب علي الزواج منها لأنني اغريتها واصطحبتها الى منزلي حيث قضينا ليلة حب , فأنا لا ارى اي مانع كي اذهب لرؤيتها الآن لكي اوسيها واجفف دموعها , واعدك بأن لا ارمي نفسي فوقها ...))
    (( جيردم كفى ! )) صرخ السير توماس (( انا لا علم اذا كانت اتهامات والدتك صحيحة , ولكني اعلم ان هذه الفتة المسكينة يائسة , دعها بسلام , يابني ماريا ؟ )).
    (( نعم ؟))
    (( اصعدي واهتمي بضيفتك , خذي معك ماتيلدا وقولي لفانسيـا اننا لانصدق اية كلمة من كل هذا , وان جيردم سيتزوجها , وقولي لها .... يالهي , فأنت تعرفين كيف تواسينها ! ))
    (( اعلان وفاتي , طبعاً )) قال جيردم بحدة .
    (( قلت لك كفى ! يا لهي لم اكن اعتقد ان ابن اختي , قادر على تحطيم فتاة بريئة , مهما سبق لك ان فعلت و ...))
    فاقترب جيردم من السير توماس ..ووضع يده على كتفه.
    (( اقسم لك , بحياتي انها لاتزال طاهرة , وعفيفة ! كنت انوي ... يا الهي نعم , كنت انوي اغراءها ولكن ..))
    (( لا اريد معرفة شيء آخر , وانا سعيد بمعرفة هذا القدر , لأنني لم اكن اعتقد انك بهذه الاخلاق , والآن فليأتي الخدم لنقل والدتك )).
    حمل الخدم ديمتريا , فتأملها جيردم قليلأ , وهمس بأذن صديقه سولارز الذي كان شاهداً على هذا المشهد .
    (( لقد تحسنت حالها تماماً و لكنها تتابع لعب دورها , انظر الى جفونها التي تهتز , وهكذا سولرز , سيكون لديك قصة جميلة تتسلى برؤيتها في النادي غداً ! )).
    (( كلام شرف , هاركورت ولا اية كلمة ..... مهما حصل ... نحن اصدقاء منذ مدة طويلة )).
    (( اتمنى ان تتذكر ذلك والا ستجد رصاصة في بطنك ! مثل كل من يجروء على قول كلمة عن الآنسة نوريس , اما بالنسبة لوالدتي وبالنسبة لأغماءاتها , فبإمكانك ان تشيع ما شئت من الرويات في كل البلاد )).
    (( اذن انت تحبها ؟ ))
    (( احبها كثيراً , وانا لا ارغب الزواج من غيرها , ولكن الذي يزعجني .... وقوعي في الفخ ... ))
    (( لكن لا,اذا لم تكن قد ... اية .. حسناً فلا يوجد سبب يرغمك ))
    (( هذا ممكن .. آه لقد عادت خالتي فلنسألها عن حال المسكينة فانسيـا , اذاً خالتي ماريا ؟ اتريد رؤيتي ؟ هل هي متعبة جداً ؟ ))
    (( لا ليس كثيراً , حتى لو كانت متعبة فهي لن تظهر ذلك , وقالت بأنها لن تتزوجك ابداً , وانه يجب ان تبق حراً , وانها ستشرح كل شيْ في الصباح )).
    (( ولكن .. واكني اريد رؤيتها الآن ! هيا خالتي , لقد تلفظت بكلمات ندمت كثيراً عليها ولن اسامح نفسي اذا طلت فانسيـا على موقفها ! اقسم لك ...))
    (( دعها جيردم , انها بحاجة للتفكير وغداً صباحاً ..))
    (( فليذهب الغد الى الجحيم , اريد ان اعتذر منها الآن فوراً )).
    ثم ابعد خاله وزوجته وصعد السلم كالسهم ولم يتوقف الا في غرفة الضيوف الولى , فلم يجد احداً وعند خروجه منها اصطدم بماتيلدا التي كانت تخرج من الغرفة الثانية .
    (( هل هي بالدخل ؟ يجب لن اكلمها ! ))
    بدا الذهول على وجه ماتيلدا .
    (( لا يوجد احد هنا , كانت فانسيـا في الغرفة الاولى ,وكانت تقفل على نفسها بالمفتاح )).
    فامسكها جيردك وهزها بعنف .
    (( دعني جيردم , انا لست متيمة بك ! واذا لم تكن هنا , فلا بد انها نزلت )).
    (( كيف ؟ لقد كنا كلنا في المدخل و ... يا الهي سلم الخدم ؟ )).
    واسرع نحو سلم الخدم , ونزله راكضاً ودخل المطبخ وهو في قمة غضبه , فأكدت له احدى الخادمات ان فانسيـا خرجت منذ عشرة دقائق وهي تحمل كلبها , وقالت لها بأنها تريد ان تقوم بنزهة حول القصر .
    خرج جيردم مسرعاً , فوجد القصر خالياً , فبحث في الاسطبل , وفي المخزن وجاب الشوارع المحيطة وهو ينادي فانسيـا , بروك , ووزع قطعاً نقدية على كل الاولاد الذين التقى بهم لكي يبحثوا له عن فتاة ترتدي ثوباً ازرق وتحمل كلباً ابيضاً صغيراً.
    لم يجدها احد , وكأنها تبخرت , فعاد يبحث عنها في باحة القصر , وعندما دخل الاسطبل لاحظ ان حصانه تيرور لا يهتم بالتبن الذي في العلف , لأن التبن مغطى بثوب ازرق , وهذا يفسر سبب اختفاء فانسيـا , لقد بدلت ملابسها وتنكرت , وعندما اكتشف جيردم ثوبها كانت فانسيـا قد اصبحت بعيدة جداً.
    وصلت فانسيـا الى تقاطع طرق وهي تشعر بالكآبة واليأس الشديد , وكان بروك بركض بجانبها , وتساءلت فانسيـا الى اين تذهب وماذا تفعل حتى الصباح .
    وفجأة التقت برجل كبير يرتدي السواد ويبدو انه محترم جداً.
    (( يابنتي العزيزة , لا يجب عليك ان تجوبي الشوارع في مثل هذا الوقت المتأخر ! لا تخافي مني , فأنا خادم الله , واحب مساعدة الجميع , بإمكاني ان ارشدك الى فندق ممتاز حيث ..))
    وكانت فانسيـا متعبة ويائسة , فقبلت دعوة الرجل لكن بروك تجاهل لهجة الرجل اللطيفة , وملابسه المحترمة وتعلق بثوب سيدته وبدأ بالنباح .
    (( ان صاحبة هذا الفندق امرأة لطيفة جداً , وتحب العمل الانساني )) وتقدم الرجل خطوة نحو فانسيـا وهو يبتسم فوثقت به واعتبرته صادقاً
    (( اتسمحين لي بأن أقدم لك ذراعي , ياآنسة ؟ )).
    تدخل بروك بهذه اللحظة وامسك باسنانه بنطلون الرجل بعنف حتى مزقة , فتراجع الرجل وشتم الكلب بكلام جعل وجه فانسيـا يحمر من الخجل , وطلب منها ان تبعد كلبها عنه .


    ****************************************
    0

  9. #28

    COLOR="DarkSlateBlue"]- 19 - والاخير

    [





    (( اعتقد انه لا يحبك )) قالت له فانسيـا , وبدأت تتساءل اذا كان هذا الرجل حقاً لطيفاُ ويحب الخير .
    ضحك الرجل قليلاً رغماً عنه .
    (( كل الحيونات هكذا , واخشى ان يكون كلبك الصغير هذا لا يحب رجال الكنيسة )).
    (( آه , انت كاهن ؟ بهذه الحالة انا اشكرك , بروك تعقل ! ))
    لكن بروك كان ذكياً , ويعرف متى يجب ان يطيع ومتى يجب ان لا يطيع , فعاد وتعلق بثوب سيدته واخذ بالنباح , وما ان اقترب الغريب من فانسيـا , حتى هاجمه الكلب , فحاول الذي يدعي انه كاهن ان يهرب منه , لكن بروك مزق بنطلونه ولم يتركه الا بعد ان سالت الدماء من يديه , فهرب الرجل.
    بهذا الوقت اقترب رجلان من الحمالين يحملان زبوناً عائداً من السهرة , لإاسرعا , وانزلا الكرسي الذي يجلس عليها الرجل واشفقا على فانسيـا.
    (( ماذا يجري هنا آنسة ؟ هل حاول التعرض اليك ؟ ))
    (( اخشى ان يكون العكس صحيحاً , انه كاهن وعرض علي ان يوصلني الى فندق محترم انام فيه , لكن كلبي هاجمة , وانا متعبة جداً )).
    ((كاهن ؟ هو كاهن ؟ هيا ذان انه شارلي بوبارلار , ويجب ان تشكري هذا الكلب كثيراً , والفندق المحترم الذي كلمك عنه هو ..))
    انحنى الرجل من الكرسي واراد ان يتكلم عندما رأت فجأة وجهاً اليفاً , وتذكر انه سمع هذا الصوت .
    (( آه طوني !!! يا الهي , هذا انت ! ايمكنك مساعدتي ؟ انا يائسة , لأن هذا الرجل لم يكن كاهناً كما ادعى و ... كان يجب ان اشك به عندما شتم الكلب ببذاءة ! لقد هربت ..))
    جحضت عيون طوني , ثم بدأ بالضحك .
    (( يالهي , انه ابن عم جيردم ! مثلاً ! .... ياله من شيطان ....))
    (( آه سيد الديك منزل وولدة محترمة بإمكانها ان تشفق علي لليلة واحدة ؟ لست ادري مذا افعل ! )).
    نزل طوني من الكرسي , واعطى النقود للحمالين .
    (( الافضل ان تأتي معي , لا تخافي ... فأنا لست معتاداً على خداع اصدقائي ,بجعل الفتيات تتنكرن بزي الرجال , ومن ثم اغري بهن وارميهن في الشارع )).
    (( جيردم لم يفعل ذلك ! هو وجدني في لباسي ذلك و .. وسمح لي فقط بأن اقضي الليلة عنده , بانتظار ان اتمكن من الذهاب الى معمدتي )).
    ((آه , حسناً ..))
    فتح طوني باب منزله , وادخلها الى غرفة واسعة مريحة (( والى اين كنتِ تريدين الذهاب ؟ ))
    (( الى ... الى منزلي , ولن اهرب مرة ثانية )).
    وكانت فانسيـا صادقة هذه المرة , لقد هربت على أمل ان تعيش مغامرة رائعة , وضحكت وبكت , ولكن قلبها محطم وكل ماتريده هو ان تبتعد لكي تنسى ولكي تخفي همومها عن عيون الناس .
    (( واين تسكنين ؟ ))
    (( في الشمال , واعرف اية عربة استقل , ولكني لا اعرف موعيدها آه , سيد اعدك بأن اعيد لك المال اذا اعطيتني ما ادفعة من تكاليف سفري , اعدك بذلك ولن انسى طيبتك ابداً )).
    (( نعم , بلتأكيد , سأعطيك ماتحتاجين اليه , ولكني اريد معرفة لماذا ترحلين عن معمدتك , اتمنى ان لا تكوني قد ارتكبتِ حماقات )).
    (( اوه , لا ! ولكن والدة جيردم علمت بأنني قضيت ليلة عنده , وجاءت وتكلمت عني باشياء ليست صحيحية وامرت جيردم ان يتزوجني فوراً )).
    نظر طوني اليها بدهشة , وتأمل ثوبها الرث الذي كانت قد استعارته من احدى الخادمات .
    (( ديمتريا قالت هذا ؟ هل انتِ متأكدة ؟ )).
    (( انا اعلم بماذا تفكر انت , لكنها اعتقدت انني الآنسة رندولف , الوريثة الغنية , وكنت اقف بين جيردم وماتيلدا , فاعتقدت انني ... ))
    (( آه نعم , فهمت )) وضخك طوني (( اردت ان تفرض هذا الزواج وارتكبت خطاً كبيراً , يالها من ... ولكني اعتقد ان جيردم اخبرها الحقيقة ))
    (( لست ادري , لأنها وقعت فوراً واغمي عليها , فانشغل الجميع بها , فهربت انا بسرعة دون ان ينتبهوا لي )).
    (نعم , انا لن اقدم لك سريري , لأني لا اريد ان اتسبب بفضائح ولكن بإمكانك النوم على الكنبة , سأوقضك في الخامسة صباحاً , لا تخلعي ملابسك ! سنعلم غداً متى تنطلق اول عربة متجهة نحو الشمال )).
    كان الطقس جميلاً في شهر ايار هذا , والحدائق مليئة بالازهار , وكانت ماتيلدا تتنزه في الميدان وهي بكامل اناقتها , وهي تعلم انها جميلة وفاتنة ..
    وكان جيردم يمشي بجانبها , والحزن باد على وجهه , لقد نجح في اقناع الجميع انه لم يغر الآنسة توريس وانه تصرف معها كرجل نبيل .
    وكان والد ماتيلدا قد زارها في هانوفر سكوير , واعجب كثيراً بالسيد هاركورت المهذب الحيوي الذي لا يهتم سوى بمزرعته , وبسداد ديون عائلته , ولاحظ والد ديمتريا ان جيردم معجب بابنته .
    لكن ماتيلدا ادركت ان جيردم يلاحقها ويتبعها دائماً فقط من اجل ان يكلمها عن فانسيـا , وكانت ماتيلدا قد علمت ان صديقتها اصبحت في منزلها , لأنها استلمت منها رسالة مختصرة , بعد ثلاثة ايام من رحيلها , وقالت لها فيها (( انا في منزلي , لاتقولي شيئاً فانسيـا ))
    لم تقل ماتيلدا شيئاً , لكنها كانت تقاوم كثيراً عندما ترى عيون جيردم الحزينة .
    وهو الآن يسير الى جانبها , لكنه اصبح عبارة عن جسد بلا روح , فكره بعيداً جداً , وكان عندما تكلمه يجيبها بأدب لكن بإيجاز .
    (( انه نهار جميل , سيد هاركورت نعم , باطبع ولكني اعتقد انها ستمطر هذا المساء )).
    تابعت ماتيلدا حديثه وكأنها تحدث نفسها , وتمنت ان يبتسم جيردم , لكنه لم يفعل .
    0

  10. #29
    فتوقفت عن السير , ضربت الارض برجلها , وقد فقدت صبرها .
    ((جبردم , اريدك ان تعيدني الى المنزل , ارجوك واريد ان تتوقف عن زيارتي ! هذه الصدقة عبارة عن خداع , انك تبعد عني كل المعجبين بي بزيارتك المتكررة , لكني لا اهمك ابداً , وانا اتمنى ان اتزوج برجل يعتبرني جميلة ويشاركني , افراحي واحزاني , انت لا تفكر سوى بمالي , لكي تعيد الازهار الى مزرعتك , كما وانك لا تفكر سوى بصديقتي فانسيـا التي الحقت العار بها )).
    وقف جيردم واخذ يتأملها.
    (( انتِ محقة , ماتيلدا ,لا اريد ان الاحقك , ولا اريد ان اتسبب بإيلامك , كل ماريده من الحياة , ان اجد فانسيـا , اذا لم اجدها , فأنا سأموت من الأس )) وابتعد عنها بخطى واسعة .
    ((اذا كنت مهتماً جداً بفانسيـا , فماذا تنتظر لكي تبحث عنها ؟ )) صرخت ماتيلدا وركضت لكي تلحق به.
    ((صدقين , لقد حاولت فأنا اعلم انها تقيم في الشمال الغربي , وقد لا تكون بعيدة عن مزرعتي , وانا اعلم انها تسمى فانسيـا نوريس , وان لديها كلب ابيض اسمه بروك , لقد كتبت الى كل اصدقائي , وجيراني وعدت الى مزرعتي , وسألت كل من وجدته في طريقي , وبحثت في كل المدارس الدخلية , لأنني علمت انها كانت معك في هاروغرات , لكني لم اجد لها اي اثر , وكأنها لم تكن موجودة اصلاً ! )).
    ((واذا وجدتها ؟ ماذ ستفعل ؟ بامكاني مساعدتك , اذا ..))
    وكانا قد خرجا من الميدان واصبحا على الرصيف الذي يعج بالمارة , فتوقف جيردم من جديد وامسك يدي ماتيلدا وضغط عليها بقوة .
    (( انتِ تعلمين اين هي ؟ ماتيلدا , انا .... انا ...))
    (( نعم اعلم , ولكنني اجهل نواياك , فهي قد تكون نسيت الآن , والافضل لها ان تبق بسلام )).
    ورأت في عيون جيردم بريقاً لم تراه منذ اسابيع طويلة .
    سأشفيها بسرعة ! يكفي ان اضمها بين ذراعي ..))
    (( جيردم ! اسمعني اذا قلت لك انها ابنة مدير مزرعة كبيرة , وانها تربت في منزل صاحب القصر كي تكون رفيقة لأبنته , اترغب ايضاً بإيجادها ؟ )).
    ((نعم ! )).
    (( حسناً , بهذه الحالة ... آه يالهي ... اتاءل اذا كان يجب علي ....))
    ((ماتيلدا ارجوك , اذا بقيت على عنادك فأنني ...))
    ((حسناً , ولكن يجب ان تتصرف معها جيداً )).
    ((ولكن نعم ! قولي لي اين هي ! ))
    (( في بسكومب هال , قرب سد تريوره )).
    فأمسكت ماتيلدا بذراعه .
    (( اوه , لا ! لا يمكنك ان تتركني هنا في نصف الشارع اعدني اولاً الى هانوفر سكوير ! )).
    كانت فانسيـا تتنزه في الحديقة وبروك يقفز خلفها , واذا سألها احد عما تفعل , كانت ستجيبه بأنها تنزه كلبها , لكنها للحقيقة كانت تحاول ان تمضي وقتها , كما تفعل كل يوم , وكانت تحاول ان لا تفكر بجيردم , لكنها لا تستطيع , وكثيراً مافكرت بماتيلدا التي تقضي موسمها في حفلات ونزهات بين خطابها الكثيرين .
    وكان الطقس جميلاً , فاتجهت فانسيـا نحو المنزل لكن بروك كان يؤخرها في وقوفه كل قليل لكي يشم كل شيء في طريقه .
    وابعدت الازهار البنفسجية عن ثوبها وتأملته قليلاً لقد اصبحت نحيفة جداً , لأنها لا تنام جيداً , ولأنها فقدت كل شهية للطعام .
    عندما سأنساه سأشتري ملابس جديدة , وسأهتم بزينتي اكثر , والسيد تالبوت سيعطيني المال الكافي , وسأعود لتناول الطعام كالعادة .
    لم تكن تجروء على لفظ اسم جيردم حتى بينها وبين نفسها , وعندما اقتربت من القصر, سمعت وقع حوافر جواد يقترب فالتفتت الى الخلف ورأت رجلاً على حصانه الاسود يتجه نحوها و وللحظة توقف قلبها في صدرها و لكنها هزت رأسها وتابعت سيرها , انها ليست المرة الاولى التي تتوهم فيها انها تراه , ولكنه لم يكن سوى سراب .
    توقف الحصان بقربها , وقفز الفارس الى الارض وامسكها وضمها اليه حتى كاد ان يخنقها , تركته فانسيـا , واغمضت عينيها , ولم تجروء على تصديق ماتراه ...
    (( حبيبتي ! )) واخذ يقبلها بحنان على جبينها , وعلى طرف انفها , وترددت شفاهه على شفتيها , عندئذ عقدت فانسيـا يديها حول عنقه , وضمته ايضاً وسالت الدموع على وجهها .
    وعندما ابعدها قليلاً شعرت بالبرد , فهزت رأسها وكأنها تريد ان تتحقق مما هي فيه .
    (( جيردم ؟ هل جئت من اجلي ؟ أأنا حقاً من تريد ؟ )).
    فضمها اليه من جديد.
    (( حبيبتي , ماذا حصل لك ؟ ماذا فعلو بك ؟ انتِ نحيفة جداً , لقد ضعفتِ كثيراً ! ووجهك شاحب جداً ! )).
    ثم طبع قبلة على شعرها , وابعدها قليلاً وتأمل وجهها .
    (( سأقتل اول~ك الذين عذبوك هكذا )).
    (( لم يفعل احد بي شيئاً , لم اكن آكل شيئاً تقريباً , ولكن لماذا عدت الآن , جيردم ؟ لماذا لم تأتِ من قبل ؟ ))
    (( لأنني لم اكن اعلم اين تختبئين ! لقد بحثت عنك في كل مكان , ولكني لم اجد اي اثر لك واخيراً اشفقت ماتيلدا علي واعترفت لي بمكانك وبأنك ابنة مدير مزرعة باسكومب هال )).
    ((ما ... ماذا ؟ )).
    ((نعم , لقد اخبرتني , واعتقدت انني سأغير رأي ’ لكنك انتِ , فانسيـا ياحبيبتي الامرأة الوحيدة التي ارغب بالزواج منها ! فانسيـا , اتقبلين الزواج مني ؟ )) اشرقت عيون فانسيـا وعادت من جديد الفتاة المرحة الماكرة التي يعبدها .....
    (( نعم , احب ان اكون زوجتك , جيردم ولكني اعتقد ان الوصي علي لن يسمح بذلك ))
    (( سأقنعه ! سأروي له انني امللك ارضي كثيرة ...))
    (( لن ينفع ذلك , ياعزيزي , سيقول بأنك تريد الزواج مني من اجل ثروتي ))
    (( ثروتك ؟ لكنك لا تملكين اي ثروة ! وانا ايضاً لكننا لسنا بحاجة لشيْ , وهذا ليس مهماً , هيا خذيني اليه وانا سأكلمه )).
    (( انك تضيع وقتك , جيردم سيقول سيد هاركورت , انت تطمع بثروة الآنسة باسكومب , وانا اريدها زوجةلأبني )).
    (( الآنسة ... ولكنك الآنسة نوريس ؟ ))
    وتوقف وتأملها بذهول , فزت رأسها واشرقت عيونها.
    (( لا , لقد كذبت عليك , ياحبيبي , انا فانسيـا باسكومب وكل هذا ملكاً لي )) واشارت نحوا القصر والحدائق والمزرعة (( كل هذا واكثر منه بكثير , من المؤكد انك سمعت الكثير عن ثروة , بسكومب جيردم ؟ ))
    فهز رأسة تغيرت ملامحه , فتوقفت فانسيـا عن المزاح , ورفعت يديها وداعبت وجهه بحنان .
    (( اتفعلين هذا ؟ اتقبلين بأن تتخطي التقاليد وتجتازي الحدود معي ؟ سيقول الجميع انني كنت اطمع بثروتك ...)) فرمت نفسها بين ذرعيه , وقبلته بشوق كبير, وصرخت (( لا يهمني ! لا يهمني من كل هذا العالم الا انت ! آه جيردم , تعالى لنهرب معاً ! الآن فوراً )).
    ظهرت امرأة شقراء امام باحة القصر , واخذت تنظر اليهما بذهول .
    ابتعد جيردم عن فانسيـا قليلاُ.
    (( هل هذه عمتك ؟ ايجب ان اكلمها ؟ )).
    وقفت فانسيـا على رؤوس اصابع قدميها وقبلته الى ان سكت واستجاب لعناقها بكل شوق الاسابيع الماضية .
    ((اانتِ جادة فيما تقولين ؟ اذن هيا بنا ! هوب ! )).
    ورفعها فوق جواده وركب خلفها .
    (( جيردم و احضر بروك ايضاً )).
    فانحنى وحمل الكلب ووضعه بين ذراعيها , ثم انطلق تيرور بسرعة غير مبالِ بحمولته المزدوجة .
    وعندما ابتعدا , تنهدت فانسيـا واسندت رأسها على كتفه , وبعد صمت قصير قالت له فانسيـا.
    (( نعم , كانت تلك السيدة عمتي )).
    (( حقاً ؟ اتساءل ماذا ستفعل الآن ...))
    (( وانا ايضاً , لكني لست مهتمه )) وتنهدت بسعادة كبيرة.
    (( وانا ايضاً ! )) ثم تبادلا قبلة حب طويلة .
    وتابع الحصان الاسود طريقة نحو الحدود .







    تمت والحمدلله[/color]
    0

  11. #30
    كشرررررررررررررررررررررررررررررررررا
    يوه
    شكرررررررررررررررررررررررررا



    انشالله اتمتع بقرائتها


    ^_^
    0

  12. #31
    0

  13. #32
    الروااااااااية بجد مررة حلوة

    اللله يعطيك ألف عافية على مجهودك

    ونستنى جديدك خيتو

    مع تحياتي
    0

  14. #33
    مشكورة اختي وتسلمين على هل المجهود الرررررررررررررررائع
    0

  15. #34
    0

  16. #35
    0

  17. #36
    0

  18. #37
    0

  19. #38
    مشكوووووووووووووورا الغاليه روايه مرررررررره حلوه
    0

  20. #39
    0

الصفحة رقم 2 من 2 البدايةالبداية 12

بيانات عن الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)

المفضلات

collapse_40b قوانين المشاركة

  • غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
  • غير مصرّح بالرد على المواضيع
  • غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
  • غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
  •  

مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter