لا أعلم متى وكيف قادتني خطواتي إلى هذا المكان ، وكيف طاوعتني أناملي بعد لأْيٍ شديد على نسج موضوع جديد .. ؟
أين أنا يا أنا ؟؟؟ ما هذا الصمت المريب ؟ ما هذا الإحساس الغريب ؟ أهذا حلم أم أني في بلاد الأعاجيب ؟!!
المنتدى العام... بل جادة مكسات ..!!
صوبتُ بصري بإتقان تام على تلك الأقسام المهجورة ، ومواضيع شاخت قبل الأوان .. تداعبها سمفونية لأصوات تترجمها ردود شاحبة .. تزداد تموجات الأصوات علوّا وانخفاضا فأزداد ذوبانا في عمق ذاتي المهملة في هذا المكان .
أسماء ووجوه جديدة لم أفلح في تمييزها ، فعدت بحدة البرق إلى نفض الغبار عن صور غابرة في ذاكرة لم تستطع فصول الزمان أن تمحو أسماء أحبة سكنوا هذا المكان ..
وفجأة أحسست بأني تائه ، وأني في حالة بلغت الأوج في فرط التأثير والتأثر . حاولت جاهدا فض هذا الإحساس المباغت بالهروب بعيدا إلى المدينة الزرقاء ( فيسبوك ) ، لكن أبى هذا المكان وتلك الأصوات ، والأسماء والصور والذكريات ، إلا أن تجذبني وترغمني على إكمال الموضوع ..
هيه .. إنه مكانك .. إنه كيانك .. إنه مجلسك .. أتتذكر صولاتك وجولاتك .. وكلماتك وأشعارك .. وأصدقاءك وأحباءك ...؟؟
عدلتُ من جلستي ، وعاودت التأمل في الأفق الممتد على طول هذا القسم الذي يدعى بالجادة - لكن ذاكرتي تصر على أنه المنتدى العام - فارتسمت في مخيلتي صور أشباح شكلت نصف دائرة يطغى عليها لون ضبابي .
ها هو عيد الأضحى قد أوشك على الحلول ، وها هو أنس يطالعنا كعادته بموضوع " استعدادات الأعضاء لما قبل وبعد العيد " ... كيف كان خروفكم ؟ ... أذبحت هذا العيد ؟ ... ما هي عاداتكم ؟ ... أتحبون رأس الخروف ؟.......
ها هي العجوز نوري تتعالى ضحكاتها المجلجلة ما بين المنتدى العام ومنتدى المرح ، وتتآمر هي ولوليتا على صنع مكيدة بأحد الأعضاء أو المراقبين المشهورين .....
ها هي جنى تحلق عاليا بطيبة قلبها ، وتلك روزاليا تدافع عن قضية فلسطين ....
آآآخ رأسي ..ما هذا الألم ، وما تلك الصور التي يعرضها علي ؟؟!!!
تعود تلك الصور لتظهر من جديد ، وهذه المرة على شكل شريط سريع ...
خراط يضحك ...كانا سوان مبتهجة ...شباصه ثرمى تمرح ... هير سول تناقش ...
فتاة كرتونية ومواضيعها الجادة .. واثق الخطى يقول : إلى الملتقى ... مصطفى ( الجنرال ) يعد موضوعا مطولا ..
طبيب النيل يضحك ببراءة ... ويلدرم وولعه بالأدب والشعر .. وواعد وطيبته ... والحرف التاسع والعشرون وصراحته ... والقائد العظيم وصرامته ... وبلاك ليجند وعمق فكره ..
ها هي شلة المؤنجلزة تتسابق إلى خمارات مشبوهة تحت غطاء الليل ، فغدا عرس أدبي وثقافي هام ، في استراحة المنتدى العام ، يحضره نخبة من أهل الفكر والكلمة واللغة والبيان .
ها هي Lovely Phantom تعود سالمة غانمة إلى ديارها بعد رحلة مرض طويلة ، والكل يهنئها ، ويشاركها مشاعر الأخوة والمحبة بسلامتها ، ويحمدون المولى على عافيتها ...
آآآآآآآآخ .. ازداد ألم رأسي ، وأحسست بقشعريرة تتسلل إلى كل طرف من جسمي .. ألقيت برجلي إلى الأمام محاولا أن أبتعد عن هذه الصور .. فارتميت بكياني داخل مسبح عميق .. لكنه هو الآخر قرر أن يثير في رأسي المزيد من الصور والأسماء ..
انصروا الله يمشي بثبات .. ياقوت وأواب يحرسان نور وهداية ... الأميرة شادن تحيط بها القوافي والكلمات ... وها هو SaLaZaR ما زال على عهد الصحبة والود ..وها هو دخان سجارة جوروماكي يتصاعد إلى الأجواء ما بين فلسفة التأمل وثقافة العطاء ..
صور ... صور ... صور .... صور ...... صور ...... صور .... صور ...
ذكريات ..ذكريات ..ذكريات ..ذكريات ..ذكريات ..ذكريات ..
أسماء بالعشرات والمئات تحاصر عقلي فتأسره ، وتباغث قلبي فتعصره .
هل رمى بي البحر في هذا المكان لما وجدني ميتا .. ؟ لماذا تمر هذه الصور من حولي مسرعة ضاحكة ، وأنا أجثو على ركبتي ، أتأمل مواضيع بدأت ترتسم في سماءها أبراج مليئة بالتجاعيد والانكسارات .. ؟
هل سأبقى طريح هذا المكان يا أنا .. وكلما أفقت من غيبوبتي أجد حبال الذكريات تشدني إلى الأرض .. ؟
مكسات ... مكسات .. مكسات ...
مكسات الأمل ..
مكسات الذكريات ..
مكسات الحب ..
أمل بغد أجمل عشناه في جنبات أقسامه الرحبة ..
ذكريات سرمدية محملة بحنين ينبض به قلب كل روح سكنت ها هنا ..
حب لصرح كسر الحدود فجمعنا متآخين مترابطين ، بالكلمة الطيبة ، والشعور الطيب ، والتفاعل الطيب .
يقولون أنك يا مكسات دخلت في غيبوبة ..
يقولون بأن مكانك في " دار العجزة الخاصة بالمنتديات " .. فالعصر عصر فيسبوك وواتس وسناب شات...
أو بالأحرى تُدفن في مقبرة الذكريات ، وتشيع جنازتك أشباح ما زالت تتجول في أزقتك الموحشة .. تتعالى غمغماتها مع زفيان الرياح .. فتتشكل أصوات مخيفة ومرعبة ...
فلم يعد قيس يعشق ليلى .. وفضّل عنترة الانستغرام على التغني بعبلة .. وما عاد جرير يهجو الفرزدق .. ولم تعد الخيل والليل والبيداء تعرف المتنبي ... وما عاد دمع أبي فراس عصيا ، وما عاد سيبويه مهتما بمناظرة الكسائي .... ولقد فتح أبو الفتح الإسكندري ( سوبر ماركت ) ولم يعد مهتما بالكدية ...
أقول :
صحيح أن دوام الحال من المحال ..
وأن العصر عصر منصات التواصل - اللاإجتماعي - ..
لكن ها أنا هنا بعد سنين وأعوام مضت .. أحن لهذا المكان .. وبقدرة قادر أجد نفسي أخط كلمات تخرج عن صوب بديهة ...
ها أنا أنظر إليكم يا جيل مكسات القديم فردا فردا .. واسما اسما .. فأراكم تقرأون كلامي هذا فتبتسمون حينا .. وتتأثرون أحايين أخرى ...
منا من شغل مناصب عليا .. ومنا من سافر إلى ديار المهجر ... منا من أصبح أبا .. ومنا من غرق في عمله أشد الغرق .. ومنا من لا نعلم أحيّ هو أم إلى جوار ربه انتقل ...
كانت علاقتنا ها هنا بسيطة لأقصى الحدود .. صورة رمزية لشخصية ( كرتونية - سينيمائية ... ) ثم مشاركة تطلعاتنا .. آمالنا .. أحلامنا ... أحزاننا وأفراحنا مع بعضنا البعض ...
قد يظن البعض أنها مثالية زائفة يختفي وراء قناعها إنسان كله خطايا وآثام ....
وإن يكن ... فمن يدر .. لعل سِحر هذا المكان الأخاذ وتآلف أعضائه الأفذاذ ، سيصلح ذرة في قلبه - بإذن الله - فيغدو قدوة لغيره ، ولنا أمثلة في كثير من الأسماء الرائعة ..
بكل صراحة ، أعترف بأن مكسات هو المكان الوحيد الذي يجعلني أكتب بمنتهى الحب ، ويجعل شهيتي في التعبير مفتوحة لأقصى الحدود ، وهذا ما لم أجده في أي مكان آخر .
أهو سحر هذا المكان ؟
أهي المعزّة التي أكنّها لإخوة وأصدقاء في هذا المكان ؟
أذّن الديك معلنا تباشير الصباح .. فسكتت الأشباح عن الكلام المباح ..
المفضلات