مرت ربع ساعة على ما حصل في الأسفل ، ومن بعدها كان الجميع صامتا ، ولم ينطق أحد منهم بكلمة واحدة منذ أن صعد ويليام إلى غرفته ، لذلك قررت أن تسحب نفسها قليلا وتصعد إلى غرفة زوجها لتراه ، وهي تشعر بالرجفة مما قد يكون عليه حاله ، تخشى أن ينفجر فيها غاضبا لو نطقت بكلمة أو حتى نادته ، ومع ذلك يجب عليها أن تذهب لرؤيته ، ولكن حتى تكن صريحة مع نفسها ، فهي لم تتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد ، لدرجة أن يتم صفع زوجها أمامها وأمام أخوته من والده ، وكأنه لا يزال شابا مراهقا ارتكب خطأ ما ، ليس وكأنه شخص كبير ومسؤول متزوج ولديه ابن ، صعب عليها تقبل ذلك الموقف الذي رأته.
وقفت قريبا من باب الغرفة الذي كان مفتوحا قليلا ، والأنوار كانت مطفئة.
ابتلعت ريقها بصعوبة ، وقررت الدخول إلى الغرفة بهدوء من فتحة الباب الصغيرة ، فلم ترد أن تصدر صوتا ينبهه على وجودها ، حتى أنه من شدة خوفها بمجرد أن دخلت للغرفة اقتربت من خزانة الملابس التي كانت قريبة نوعا ما من الباب والتصقت بها.
بما أن الغرفة كانت مظلمة ، وليس هنالك سوى أضواء صادرة من خارج النوافذ ، وضوء الرواق الذي يتسلل من الباب المردود ، فقد كانت رؤيتها مشوشة قليلا ، ولكنها وجدت مكانه بسرعة ، حيث أنه كان يجلس على حافة إحدى النوافذ الطويلة ويرفع قدما واحدة إلى الحافة.
لم يكن ينظر للنافذة ، بل إلى هاتفه المتصل بالسماعات الخاصة به ، ويلعب بهاتفه إحدى الألعاب المعروفة بين الناس.
صوت الأغنية الهادئة والذي كان صادرا من السماعات يملؤ الغرفة ، وكان بإمكانها سماع الكلمات بوضوح تام ، فقد رفع الصوت للأخير
I've stood alone and i've fallen down
Your hands were there to pick me of the ground
Sometimes i cry cause i can't believe
Your love is big enough to cover me
ابتسمت ابتسامة صغيرة ، وانتبهت إلى الشيء الموضوع أمامه على حافة النافذة ، قارورة ماء إضافة إلى بخاخ الربو
لم يكن منتبها لها أبدا ، وهذا ما تفضله هي ، لأنها تعرف أنه سيفكر أنها تشفق عليه ، وهذا أكثر ما يكرهه ، لذلك من الأفضل له أن يبقى منسجما مع جوه ، بالتأكيد الأمر كان صعبا عليه تماما.
ورغم أن ملامحه غير واضحة بسبب الظلام الجزئي ، إلا أنها تكاد تجزم بأن وجهه لا يزال كما هو ، طبيعي ، وربما لو لم ترى ما حصل في الأسفل ، لأقسمت بأن شيئا لم يحصل له عندما ترى ملامحه المعتادة ، فقد ظل هو هكذا دائما.
عاشت معه سنتان اكتشفت خلالها شخصيته الكتومة ، إنها متأكدة بأنه يحمل على ظهره كما هائلا من المشاكل ، إلا أنه لم يكن يفصح عنها ، ربما لأنه لا يريد أن يثير قلق أحد عليه.
ولكن هل هذا عدل ؟ إنه يقلق على من يهمه أمرهم ، بينما هو لا يريد أن يقلق أحد عليه.
I wanna be lost in you
Like a ship in the night
I wanna get lost in you
Underneath your sky
انقطع صوت الموسيقى ، وحل مكانه صوت مرتفع من الهاتف يدل على ورود مكالمة هاتفية.
فصل ويليام السماعات وأجاب على الهاتف : مرحبا.
في تلك اللحظة انتبه على وجود جودي ، وظل يحدق بها لبضع ثوان ، ثم أشاح ببصره : أجل أجل ، اسمعك ، ماذا تريد ؟
قال المتصل : ماذا تريد ؟! بهذه البساطة تقولها ، وكأنك لا تعلم شيئا !
ويليام بقلة حيلة : أنا فعلا لا أعلم عن ماذا تتحدث.
قال المتحدث الذي لم يكن سوى أليكس : هل نسيت وعدك لي بأنك ستدعوني للعشاء اليوم على حسابك ؟
ويليام بضيق : أنت لماذا لا تنسى شيئا ؟
بخبث قال أليكس : هيا ، الوعد وعد.
ويليام : ماذا تريد أن تأكل إذا ؟
تظاهر أليكس بالتفكير : حسنا ، امممم ، ماذا أطلب منك ؟
بقلة صبر : يكفي ذلك واطلب بسرعة.
ضحك أليكس ضحكة صغيرة وقال : حسنا ، أي شيء على ذوقك سيكون جيدا.
بمزح بارد : إذا تناول طعامك في المنزل ، فهذا ما أفضله.
أليكس : بخيل.
ابتسم ويليام ابتسامة جانبية وقال : أين أنت الآن ؟ سآتي إليك ونقرر بعدها.
بعد أن أخبره أليكس بالمكان أغلق الخط ، فقام ويليام من عند النافذة ، ووضع هاتفه في جيبه مع البخاخ ، وأمسك بقارورة الماء في يده ، وقرر الخروج ، بما أنه جاهز ولا يحتاج لشيء ، حتى أنه يرتدي سترة تقيه من البرد.
أعاد مرة أخرى بصره لجودي التي لم تتزعزع من مكانها قيد أنملة ، فابتسم ابتسامة صغيرة لم تلاحظها وقال : سأخرج ، قد أعود متأخرا.
،*
المفضلات