لا أستغرب بعد فترة من الزمن أن ننسى شيئا اسمه "الهدوء" فأنت تخلد للنوم طالبا الراحة والهدوء ، ولكنك تتفاجئ بانعدام المعنى الكامل له ، رغم أن النوم هو أعلى عتبات الهدوء ، إلا أنك لا تجد للهدوء سطوة ولا سيطرة ، يشاركك في راحتك وهدوءك أصوات المكيفات المزعجة وأصوات الفضائيات من بعيد ونغمات الجوال وبكاء الأطفال ولعلعة النساء وما أكثر لعلعتهن ....!
رغم انتشار الوعي لاسيما الديني منه ، إلا أن مستلزمات الهدوء من تأمل وتفكر وانعزال وخلوة مع النفس معاني قد تكون متعسرة نسبياً ، وإنني أتعجب في المنتديات من الطرح الدائم لها ، وهي بلا شك جميلة جدا ، ولكن أعتقد أن تطبيقها بشكل كامل متعسر تماما مالم يكن لديك مزرعة خالية ، أو صحراء قريبة تذهب إليها لأجل صفاء الرأس .. ولأجل استعادة نشاط النفس أيضا .
من خلال الاهتمام بأجواء الهدوء وتوابعه من تأمل وتفكر ، يتبين لنا قيمة الاهتمام بالعقل الذي يصب بالدرجة الأولى على فهم الدين بشموليته وفهم الحياة بجمالها التي تجعلك تساهم في عمارتها ، فأنت تحتاج للهدوء لأجل التأمل .. لأجل التفكر .. لأجل التدبر .. لأجل الخلوة بالنفس .. وهذه المعاني عظيمة النفع على النفس في تزكيتها وتنقيتها وتنميتها وتقويتها .. وعظيمة النفع على القلب في رقته وصفاءه وقوته ونشاطه وحيويته .. وعظيمة النفع على العقل في توسيع مداركه وإثراء الملكة الفكرية له .. إلى غير ذلك من المنافع لهذه المعاني الرائعة ...!
الحديث يقود بعضه بعضا .. فأنتم تشاهدون في هذا الزمن كثرة الأمراض والوساوس النفسية ، أمراضا لم نقرأها في كتب من سبقونا من العلماء والمفكرين ، لان حياتنا في هذا الزمن أصبحت مادية تقنية .. فجعلت من تلك المعاني المذكورة أعلاه معاني لا تكاد تعرف .. ومن وجهة نظري فإن الخلل الذي تسبب في هذه الأمراض النفسية - بعد تقدير الله - هو خلل روحي إيماني بالدرجة الأولى ، ولعل تلك المعاني هي أعظم علاج لكثير من الإمراض النفسية لانها جوانب إيمانية ونفسية وتربوية لابد للإنسان أن يحسب لها حسابها من وقته .. فآثار تلك المعاني على النفس شيء خيالي لايحس به إلا من جربه .. فحياتنا المادية التقنية جميلة في أريحيتها وبساطتها وقلة الجهد فيها وهذا من إيجابياتها .. ولكن لا يضعف اهتمامنا في تلافي سلبياتها ..
أخيرا ...
قال الله تعالى :
(( كتب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ))
(( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض .... )) الآية
بعد التعليق على مجمل الموضوع .. وبعد إدلاء إنتقاداتكم له .. أجيبوا على هذه الأسئلة :
1- ما نسبة الهدوء في حياتك الأسبوعية ؟!!
2- هل جربت الانعزال والخلوة مع النفس ؟!! وما أثرها النفسي عليك ؟!!
3- بما أنك مسلم ، وعملا بالآيتين الكريمتين .. مانصيب التدبر والتفكر في حياتك الاسبوعية ؟!!
المفضلات