السلام عليكم
كيفك يا أعضاء مكسات
هذه قصتي الجديده أتمنى تعجبكم
في البداية أريد أن أوضح نقطه هامه وهي :
ستقرأ في هذه القصة عن حضارة آشوزيا و هي ليست آشوريا فالأخيرة حضارة واقعيه بينما {آشوزيا} هي من خيال المؤلف ولا حقيقة تاريخيه لها.
الدم الأبيض
الفصل الأول { تضحية }
-1-
قبل 8000 سنة
... داخل ذلك الكهف الرطب في جوف الأرض الذي تنتشر المشاعل الخشبية على جنبيه معلقة إلى جدرانه و وسط دائرة من الرموز المنقوشة على الأرض في وسط الكهف ينتصب عمودان حديديان تتدلى منهما سلسلة تقيد يدي رجل أسمر طويل عاري الجذع تظهر على وجهه أمارات الشدة والصرامة وإلى يمينه ويساره يقف رجلان يرتديان ملابس تغطي كامل جسدهما من الرأس حتى أخمص القدمين مع رداء يغطي ثلثي وجهيهما, و أمامهم يقف رجل وقور تضفي له لحيته البيضاء مزيدا من الهيبة نظر العجوز للرجلين و أشار لهما برأسه فتنحيا للخلف ثم اقترب خطوة للأمام و تكلم مع الرجل المكبل بالسلاسل بصوت يشوبه الأسى و الحزن: زاريوس حامي إمبراطورية آشوزيا وفارس فرسانها.
رد زاريوس وقد أحنى رأسه احتراما : سيدي ايزيوس إمبراطور آشوزيا.
سكت ايزيوس لثوان قبل أن يقول: فلتعلم زاريوس أن هذا الأمر يحز في قلبي وسيكون له جرح لا تشفيه السنون...
فقاطعه زاريوس: سيدي الإمبراطور أنا مستعد لما هو أشد و أقسى من أجلك ومن أجل الإمبراطورية.
عندها دخل الكهف مسرع رجل يرتدي زي الفرسان ومعه سيدة بارعة الجمال تحمل رضيعا بيدها و عيناها محمرتان و أثر السهر والدموع باد عليها فلما وصلا عند ايزيوس جلست السيدة على ركبتها و قبلت يد ايزيوس فقال وهو يمسك يدها و يساعدها على النهوض: ابنتي رافيتا أنا من يجب أن يقبل يدك ويد زوجك الذي يضحي بكل شيء من أجلنا .
ثم مسح على رأس الطفل الصغير وهو يقول بابتسامة خالجتها الدموع : اغفر لي بني ستحيا يتيما بسبب هذا العجوز.
ثم تنحى قليلا فاقتربت رافيتا من زاريوس ولم تستطع أن تتكلم بل بدأت دموع عينيها تسيل وهي ترغم نفسها على الابتسام وقربت الطفل من زاريوس قائلة بصوت متحشرج بسبب البكاء: هل ترى بني... أبوك سيضحي بحياته من أجلك لذا عليك أن تكبر وتصبح فارسا عظيما كأبيك ...
لم تواصل كلامها فقال زاريوس : اهدئي رافيتا ... يجب أن تكوني قوية من أجل صغيرنا ...
ثم وجّه زاريوس نظره باتجاه الفارس الذي أحضر رافيتا وقال موصيا : أخي ... أرجوك اعتني بزوجتي وطفلي.
قال الفارس: لا تقلق أخي زاريوس... لا تقلق.
اقترب الفارس من رافيتا و همس" رافيتا هيا" لكن رافيتا ظلت ترمق زاريوس وهي تبكي حتى اضطر أخوه أن يمسكها من ذراعها ويساعدها على النهوض ومغادرة الكهف وقد علا بكاء طفلها الذي شعر رغم أيامه المعدودة أن تلك كانت آخر مرة سيرى أباه فيها.
حينها اقترب الرجلان على جانبي زاريوس وبيد كل منهما عصا حديدية نهايتها تحوي قرصا محمرا كالجمر فهي للتو رُفعت من النار و نظرا باتجاه ايزيوس فأشار لهما برأسه فبدأ الرجلان يرسمان بالنار على صدر و ظهر زاريوس الذي تحمل الألم بصمت وهو يفكر "فليكن ... ألم بسيط بعده الراحة النهائية لا يعلم الذين خانوا الإمبراطور أي مصير شنيع ينتظرهم سيتمنى أحدهم لو لم يولد فهو القادم من قعر الجحيم لا يعرف الرحمة س..."
لكن خواطر زاريوس قطعها أحد الرجلين عندما وضع العصا على عنقه وهو يتابع عمله فلما هدأت أنفاس زاريوس أشاح ايزيوس بوجهه ليداري دمعة عرفت طريقها لطرف عينه وقال بصوت خافت : وداعا... زاريوس.
-2-
انتهى السيد ماكبث من محاضرته فبدأ الطلبة بالمغادرة وكانت إحدى الطالبات الجالسات في طرف القاعة تسرع بلملمة أشيائها فاقترب منها شاب أبيض طويل له شعر أشقر يرتدي قميصا و بنطالا أبيضين وقال وهو يبتسم : إيكاترينا هل أنت مستعجلة لهذا الحد؟!!– ازداد اتساع ابتسامته وهو يضيف – أمتلهفة على رؤيته لهذا الحد؟!.
قالت دون أن تنظر له : رؤيتهما, أجل لابد أنهما بانتظاري.
ضحك ضحكة خفيفة وقال وهو يناولها كتابا: أنت تبالغين جدا، حتى إنهما ليسا...
قاطعته بعصبية وهي تشير بإصبعها نحوه متوعدة: شارتر أنا أحذرك، إن أتممت تلك الجملة سترى ما لا يرضيك.
ابتعد للخلف خطوتين كي يفسح لها المجال لترحل وهو يقول : اهدئي، لن أكمل شيئا.
غادرت القاعة مسرعة حتى أنها اصطدمت بشاب- ضخم مفتول العضلات له شعر أسود يتدلى على كتفيه و بشرته مسمرة- ورحلت دون أن تتكلم فقال الشاب وهو ينظر باستغراب : هل ألم بها شيء؟
قال شارتر رافعا كتفيه : كالعادة سيلفر إنها مسرعة من أجلهما.
قال سيلفر وهو يهز رأسه في حكمه: إنهما تحبهما حقا ، حتى إنها لا تحضر الحفلات و ... تخيل أن فتاة في جمالها ليس لديها أي أصدقاء ولا حتى من الفتيات.
قال شارتر : قامة فارعة وشعر أسود فاحم طويل وعينان سوداوان وبشرة بيضاء ، تلك الفتاة جميلة بشكل... بشكل مخيف.
قال سيلفر بلهجة حالمة وهو ينظر في الأفق : ألا تذكرك بالساحرات الجميلات في القصص؟!
رد شارتر بازدراء: إن ذلك التافه يتملكها تماما.
نظر سيلفر لشارتر بزاوية عينة ولم يقل شيئا فهمّ شارتر بالرحيل لكنه تذكر أمرا فالتفت لسيلفر ثم قال:أريد أن أنسخ ملاحظاتك.
سيلفر بتعجب : عن إيكاترينا ؟!! ألا ترى أنك تبالغ...
شارتر غاضبا : بل عن المحاضرة أيها الساذج التافه... لمَ تكتب ملاحظات عن إيكاترينا أصلا؟!!
أخرج سيلفر الملاحظات من حقيبته وهو يقول : بالنسبة لإيكاترينا ذاك أمر يخص حبي لدراسة النفسيات المختلفة للبشر ، أما بالنسبة للمحاضرة ألا تنوي بذل جهدٍ شخصي أبد؟.
مد سيلفر مجموعة أوراق أخذها شارتر بعصبية وبدأ يتصفحها بسرعة وهو يقول : لمَ قد أبذل جهدا وأهتم لمعرفة السبب وراء سقوط الإمبراطورية الآشوزية؟.
قال سيلفر وهو يحك ذقنه مفكرا : ألا ترى الأمر مثيرا وغريبا؟ ، تلك الإمبراطورية كانت تحتل آسيا و أوربا و شمال إفريقيا وشمال شرق أمريكا الجنوبية ! كانت تشغل ثلاثة أرباع الخريطة!!
قال شارتر بلا مبالاة : هذا غير مهم فقد ماتوا جميعا وانتهى الأمر.
قال سيلفر بحماس: ذلك هو المثير ، لقد ماتوا جميعا! ثلاثة أرباع الخريطة ماتوا من دون أن يكون هناك كارثة كونية مسجله أعني أن أحدا لم يعش ليحكي ، حتى مئات السجلات والمذكرات التي وجدها الباحثون عن الآثار لم تذكر سبب هلاكهم.
رد شارتر وهو يقلب الملاحظات ومن دون أي اهتمام : ربما ماتوا بوباء و...
قال سيلفر وقد نفذ صبره : لا يمكن أن تكون غبيا إلى هذا الحد! لقد مات ما يزيد عن ثلاثة مليار إنسان في ظرف سنة!! لو كان هذا وباء لمات الناس جميعا وانتهت الحياة.
همهم شارتر ولم يعلق بينما تابع سيلفر: الأمر مخيف خاصة بعد اكتشاف ذلك الكهف.
تنهد شارتر بنفاذ صبر : ما بال ذلك الكهف؟.
سيلفر : ليس الكهف بل ما يحويه.
رد شارتر دون اهتمام : هممم!؟ .
قال سيلفر وقد استعاد حماسه : تمثال حجري عملاق بحجم منزل من طابقين ، إنه الشيء الوحيد الباقي من حضارة آشوزيا!! .
همهم شارتر وهو يغادر القاعة ولم يعلق بشيء بينما بقي سيلفر ينظر أمامه بشرود وهو يتمم لنفسه: الأثر الوحيد... الوحيد.
المفضلات