-
نصيحة للجحش
كنا نتكلم أنا وصديقي عن جحود الأبناء للآباء
وأنهم لا يدركون إلا حين يخوضون عباب الحياة وبعد فوات الوقت أن الآباء أبطال
فحكى لي هذا الصديق حكاية الحمار وابنه الجحش
أعجبتني الحكاية فوعدت صديقي أن أجعلها موضوعا لقصيدتي التالية.
نَصِيحَةٌ للْجَحْشِ
:::::::::::::::::::::
فِي مَقْلَعٍ لِلْمَلْحِ
مُدِرٌ جَزِيْلُ الرِّبْحِ
يَعْمَلُ شَيْخٌ لِكَسْبٍ مُرِيْحِ
عَاشَ بِذَا مِنَ الزَّمَنْ رِدْحَ
يَأْتِي بَعْدَ كُلِّ صُبْحِ
يَحَفِرْ فِيْ مَقْلَعِ الْمِلْحِ
لَهُ حِمَارٌ وَاهِنٌ كَالْشَّبَحِ
بِظَهْرِهْ كَثِيْرُ جُرْحٍ مُتَقَيِّحِ
يَصْحَبْهُمْ جُحَيْشٌ لَا يَكْدَحُ
يَلْعَبْ وَيَلْهُوْ وَيَمرح
*****يَشْدُو: يَامَلِيْحُ يَامِلْحُ
*****هُنَا الْعُشْبُ يَفُوْحُ
*****مُشَهٍ هَاذَا الْقَمْحُ
*****وَتَنْتَعِشُ هُنَا الرُّوحُ
ظَنُّ أَنَّ أَبَاهُ بِهَا فَرِحُ
:::::::::::::::::::::::::::
وَفِي آخِرِ يَوْمِ الكَدْحِ
يَحْمِلُ الحِمَارُ ثُقْلاً فَادِحَا
يَئِنُّ تَحْتَ جَبَلٍ يَرْزَحُ
هَاجِياً الشَّيْخَ وَالْمِلْحَ
***** وَيْلَ هَذَا الشَّيْخِ لَهُ الوَيْحُ
***** الثُّقْلُ فَوْقِيْ وَلَهُ الرِّبْحُ
*****وَلَا يَجُودْ, إِلَّا بِحَبَّاتِ قَمْحِ
*****نَهِيْقِي بِشَكْوَايَ لَا يُفْصِحُ
*****وَيْلٌ لَهُ شُحُّهُ قَبِيْحُ
*****لَوْ مَلَأْ لِي مِخْلَاةَ الْقَمْحِ
*****لِظُلْمِ الْبَخِيلِ أُبِيحُ
*****لِكَيْ جُحَيْشِي يَسْتَرِيحَ
:::::::::::::::::::::
وَالجَحْشُ بِأُغْنِيَّتِهِ يَصْدَحُ
***يَشْدُو: يَامَلِيْحُ يَامِلْحُ
*****هُنَا الْعُشْبُ يَفُوْحُ
*****مُشَهٍ هَاذَا الْقَمْحُ
*****وَتَنْتَعِشُ هُنَا الرُّوحُ
ظَنُّ أَنَّ أَبَاهُ بِهَا فَرِحُ
:::::::::::::::::::::::::::
فِي يَوْمِ غَيْرِ الكَدْحِ
الجَحْشُ عَلَى أَبِيهِ يُلِحُّ
لِلذَّهَابِ لِمَقْلَعِ الْمِلْحِ
حَيْثُ اللَّعِبُ وَالِمَرَحُ
فَيَرْفُضُ الحِمَارُ وَلَا يُصَرِّحُ
لِابْنِهِ أَنَّهُ يَكْرَهُ الْمِلْحَ
فَمَا جَنَى مِنَ الْمِلْحِ
إِلَّا ضَرْبَ الشَّيْخِ الْمُبْرِحِ
::::::::::::::::::::::
كَيْفَ لَهُ أَنْ يَشْرَحَ
لِجُحَيْشِهِ المُنْشَرِحِ
أَنَّ بِالْذُّنْيَا مَسْرَحْ
بَهَا أَقْرَاحٌ وقَلَّمَا فَرْحُ
بِالصِّبَا نَمْرَحْ وَبَعْدَهُ نَتْرَحْ
وَأنَّ الحْيَاةَ مَسْبَحْ
تَنَاجَزْ بِهِ الْمَاهِرْ وَالْكَسِحْ
يَغْرَقْ, أَوْ يُحْسِنُ السَّبْحَ
كُلُّ لَهْ, مَا قُدِّرَ بِاللَّوْحِ
::::::::::::::
وَذَاتَ يَوْمٍ بعْدَ الصُّبْحِ
رَاحُوا كَالعَادَهْ, لِمَقْلَعِ المِلْحِ
كَانَ بِرِجْلِ الحِمَارِ جُرْحُ
فَلَمْ يَجِدْ الشَّيْخُ مَنْ مَنْدَحْ
إِلَّا تَحْمِيْلِ الْجُحَيْشِ الْمِلْحْ
فَأَنَّ الجَحْشُ شَاكِياً يَصِيحُ
*****وَيْلِي مَا ذَا الْقُبْحُ
*****هَاذَا الْشَّيْخُ لَا يَمْزَحُ
*****صَوْتُهْ لِجِلْدِي يَجْرَحُ
*****وَأَبِيْ صَامِتٌ لَا يرْشَحُ
*****لَعَنَ اللَّهُ مَقْلَعَ المِلْحِ
*****وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمِلْحِ
وَمَضَى بِحَمْلِهْ, يَتَرَنَّحُ
يَكَادُ ظَهْرُهُ أَنْ يتَقَرَّحَ
::::::::::::::::::::::::
يَا جَحْشُ مَضَتْ أَيَّامُ المِرَحِ
الخِبْرَةُ لَكَ خَيْرُ نَاصِحِ
لِتَفْهَمَ الفَهْمَ الصَّحِيْحَ
بِأَنَّ الحْيَاةَ أَفْرَاحٌ وَأَتْرَاحُ
هَاذَا وَالِدُكْ, بَطَلٌ صَرِيحُ
حُقَّ لَهُ تِمْثَالٌ وَضَرِيحُ
حَمَلَ عَنْكَ بِصُغْرِكَ الكَدْحَ
كُنْ شَاكِراً لَهْ, تُكِيلُ المَدْحَ
إِنَّ فَضْلَهُ وَإِنْ تَجْحَدْ وَاضِحُ
كَمْ صَدَّ عَنْكَ نِيرَاناً تَلْفَحُ
كَانَ بِجُدْرِ الْعَوَائِقِ يَنْطَحُ
يَخْرُقُهَا لِطَرِيْقِكَ يُفْسِحُ
يَرَى نَجَاحَهُ فِيْ أَنْ تَنْجَحَ
الْآنَ كُلُّ الْمُنَى والْمَطْمَحُ
بِرٌ وَدَعْوَةَ إِبْنٍ صَالِحِ
لأبيْك بِأُخْرَاهُ بهاً يُفْلِحُ
:::::::::::::::::::::
02/06/2018