الوجودية . رجعية مريضة . الحلقة الاولى
الوجودية
المدرسة الوجودية ، أتجاه فلسفي معاصر ترعرع في بيئة الحضارة الغربية الحديثة وهذا الاتجاه وليد شرعي لهذه الحضارة ،يعكس ما تعنيه من تقلبات وامراض اخذت تاكل وتنخر اساسها لتحولها الى انقاض ورميم .
اخي المسلم اختي المسلمة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
نريد ان نتفهم السمات الحضارية لهذه المدرسة لننتهي الى فهم معمق وسليم لموقع هذا الاتجاه في سياق الحضارة المادية المعاصرة .
الوجودية من مواليد القرن العشرين ، أنجبها المجتمع الرأسمالي الحر ، الذي تحكمه ما يسمى ب ( المثل الديمقراطية )جاءت لتؤكد حرية الانسان وفرديته ، حتى اضحت هذه التاكيدات اهم السمات المدرسة لهذا الاتجاه .
بل سوف نجد فيما يأتي من البحث ان الجوانب الفلسفية البحتة للمدرسة الوجودية تتمحور حول نقطة مركزية وهية دراسة _ الوجود الفردي المعين _ومن هنا فمقولة ان ( الوجودية انسانية ) انما نفهمها في من هذه الزاوية . وهية زاوية الاهتمام العميق الذي ابرزته هذه المدرسة بيأس الانسان وقلقه ومعاناته .
اخي المسلم اختي المسلمة .
اذا اردت ان تفسر الوجودية كظاهرة عقلية فقد يتاح لك ارجاعها الى كونها رد فعل يتناقض الاتجاهات الفكرية التي اولت كامل اهتماماتها للمجتمع والغت ملاحظة الفرد في تفكيرها وبرنامجها .
ولكن ، كيف نفسر نشوء هذه المدرسة بوصفها تياراً اجتماعياً تناول مشكلة الانسان ؟
نستطيع الاجابة عن هذا التساؤل اذا ما وضعنا الوجودية بجنب الظواهر الاخرى التي انتجتها حضارة هذا القرن .
ضع الوجودية بجانب حركات ( الهيبيز) ونزعات الرفض والتمرد وادب الا معقول ،وصفها من الظواهر الاخرى التي تكسح قطاعات من العالم الغربي المعاصر.
ضع الوجودية الى جنب هذه الظواهر يمكنك حينئذ ان ترى الانسان الغربي وهو يعاني مللاً عميقاً من مأسي معطيات حضارته المادية التي لم يستطيع ان تقدم له الحل الذي يبحث عنه ، ونرى صانع المدنية الحديثة وهو يتردى في مهاوي اليأس والضياع ليبحث عم طريق يحقق خلاله انسانيته .
وببثيرة تاريخية ترى انسان اوربا قد تمرد على رجال دينه ، لانهم لم يحملوا رسالة زمانه ، فشمر عن ساعديه ليبنى صرح مدينته الحديثة .
وبعد ان كرس كل طاقاته في طريق بناء هذه المدينة التفت ليجني ثمرة اتعابه فلم يجد في هذه المدينة بكل ما فيها من اشكال التقدم التقني وما يصبو اليه .
لم يعثر على التوازن والاستقرار ، ولم يجد العدالة والانصاف ،وعم بحثه الاكيد عم هذه الاحلام العزيزة بين شتى وسائل الترفيه والتسلية التي تغنى في صنعها وتطويرها ورغم ثقته العميقة بمنجزات المدينة الحديثة .
لم يعثرولن يعثر لان حضارة القرن العشرين ....مدنية وتقنية اخذت تحرق الانسان وتتأمر على كرامته .هنا _ لم يجد انسان العالم الغربي بدأ من الرفض والتمرد .
فاخذ يدرك بعد كل اشكال التحذير التي مارسها للعيش في ظل مدينة القرن العشرين ، أخذ يدرك أن ساعة الصفر قد حانت للتمرد على هذا المارد المتجبر ، فكانت الفلسفة الوجودية بما تعكسه من يأس وتمزق وضياع أصداء لازمة الانسان الاوربي المعاصر ، ووجهاً من وجوه الرفق المتعددة التي أفرزتها تناقضات الحضارة المادية المعاصرة .
الوجوديون يبحثون عن حرية الانسان ويؤكدون مشروعيتها واصالتها بصرامة وحزم فلسفي وسياسي ، كيف نفهم ذلك ، وهم يعيشون في ظل الحياة الديمقراطية الحرة ؟
حقاً ، ان الحرية عدم في المجتمع الرأسمالي الغربي رغم الشعارات البراقة المزيفة التي تزوج لها الدوائر المستفيدة من الاحتكار الرأسمالي والاستغلالي الطبقي البشع الذي يسود العالم الغربي بأسره .
الحرية تقبر في داخل الذاتالانسانية في ظل التربية الغربية عموماً ، لانها تربية تسعى حثيثاً لتمزيق ارادة الانسان تسد الطرق امام استخدام اختيارته فأين هي الحرية ؟
والانسان الغربي حينما يتعامل مع نفسه يجد ظريقاً واحداً ترسمه له بيئته الانفتاح .
اين الحرية ؟ في ظل الاحتكار الرأسمالي للعامل اختياروهو يخضع لصنوف الضغط الاقتصادي ؟ ! أين هية الحرية ؟ والاصوات الانتخابية تسرق وتزور من الصناديق ، اين هية الحرية ؟ وكرامة الانسان تسحق بشكل مروع ومخيف بل الوجود الانساني المقدس يتحول الى عدم وفناء بصورة جماعية .
حقاً ان الوجودية صوت حق في طريق المطالبة بحرية الانسان الغربي وهو يبحث بقلق ويأس عن ذاته التي تمزقها الاحتكارات ، وتهددها اليه الحضارة الحديثة بالفناء والدمار .
ولكن _ اكانت الوجودية قادرة على تقديم التفسير لازمة الحرية والانسان في العالم الغربي ؟
اكانت الوجودية قادرة على تقديم البديل والعلاج ؟
نلتقي بكم في الحلقة القادمة