-
إليا أبو ماضي
الطين
نـسـي الـطـين ساعة أنه طين وكـسـى الـخـز جسمه فتباها
يـا أخـي لا تـمل بوجهك عني أنـت لـم تصنع الحريرالذي تلـ
أنـت لا تـأكـل النضار إذاجعـ أنـت فـي الـبـردة الموشاة مثلي
لـك فـي عـالـم الـنهار أماني ولـقـلـبـي كـمـا لقلبك أحلا
أأمـانـي كـلـهـا مـ iتـراب وأمـانـي كـلـهـا لـلتلاشي
لا فـهـذي و تـلك تأتي و iiتمضي أيـهـا الـمزدهي إذا مسك السقـ
وإذا راعـك الـحـبـيـب بهجر أنـت مـثـلي يبش وجهك للنعمى
أدمـوعـي خـل و دمـوعك شهد وابـتـسـامي السراب لا ريَّ فيه
فـلـك واحـد يـظـل كـلـيـنا قـمـر واحـد يـطـل عـلـينا
إن يـكـن مـشـرق لعينيك إنني الـنـجـوم الـتـي تـراها أراها
لـسـت أدنـى عـلى غناك إليها أنـت مـثـلـي من الثرى و إليه
كـنـتَ طـفـلا إذ كـنـتُ طفلا لـسـت أدري من أين جئت ولا ما
أفــتـدري إذن فـخـبـر و إلا ألـك الـقصر دونه الحرس الشا
فـامـنـع الـلـيل أن يمد رواقا وانـظـر الـنـور كيف يدخل لا
مـرقـد واحـد نـصـيـبـك منه ذدتـنـي عـنـه و العواصف تعدو
بـيـنـمـا الكلب واجد فيه مأوى فـسـمـعـت الحياة تضحك مني
ألـك الـروضـة الـجـميلة فيه فـازجـر الـريح أن تهز و تلوي
والـجـم الـماء في الغدير و مره إن طـيـر الأراك لـيـس يبالي
و الأزاهـيـر ليس تسخر من فقـ ألـك الـنـهـر إنه للنسيم الرطـ
وهو للشهب تستحم به في الصيـ تـدعـيـه فـهـل بأمرك يجري
كـان مـن قبل أن تجيء وتمضي ألـك الـحـقـل هذه النحل تجني
وأرى لـلـنـمـال مـلكا كبيرا أنـت في شرعها دخيل على الحقـ ii"
لـو ملكت الحقول في الأرض طرا أجـمـيـل مـا أنت أبها من لور
أم عـزيـز ولـلبعوضة في خديـ أم غـنـي هـيـهات تختال لولا
أم قـوي إذن مـر الـنوم إذ يغـ وامـنـع الـشيب أن يلم بفوديـ
أعـلـيـم فـمـالخيال الذي يطـ مـالـحـيـاة الـتي تبين و تخفى
أيـهـا الـطين لست أنقى و أسمى سـدت أو لـم تـسد فما أنت إل
إن قـصـرا سـمكته سوف يندك لا يـكـن لـلـخصام قلبك مأوى
أنـا أولـى بـالحب منك و أحرى حـقـيـر فـصـال تيها و عربد
و حـوى الـمـال كـيـسه فتمرد مـا أنـا فـحـمـة و لا أنت فرقد
ـبـس و الـلـؤلـؤ الـذيت تقلد ـت و لا تشرب الجمان المنضد
فـي كسائي الرديم تشقىوتسعد وروءى و الـظـلام فـوقك iiممتد
م حـسـان فـإنـه غـيرجلمد و أمـانـيـك كـلـها من عسجد
و أمـانـيـك لـلـخـلودالمؤكد كـذويـهـا و أي شـيء iiيـؤبد
م ألا تـشـتـكـي ألا iiتـتـنـهد و دعـتـك الـذكـرى ألاتتجود
و فـي حـالـة الـمـصيبة iiيكمد و بـكـائـي ذل و نـوحك iiسؤدد
وابـتـسـامـاتـك اللآليء iiالخرد حـار طـرفي فيه و طرفك iiأرمد
و عـلـى الكوخ و البناء iiالموطد لا أراه مـن كـوة الـكوخ iiأسود
حـيـن تـخـفـى و عندما iiتتوقد و أنـا مـع خصاصتي لست iiأبعد
فـلـماذا يا صاحبي التيه و iiالصد و تغدو حين أغدو شيخا كبيرا iiأدرد
كـنت أو ما أكون يا صاح في iiغد فـلـمـاذا تـظـن أنـك iiأوحـد
كـي و مـن حـوله الجدار iiالمشيد فـوقـه و الـضـبـاب أن iiيتلبد
يـطـلـب اذنـا فماله ليس iiيطرد أفـتـدري كـم فـيك للذر iiمرقد
فـي طـلابـي و الـجو أقتم iiأربد و طـعـامـا و لهرُّ كالكلب iiيُرفد
أتـرجـى و مـنـك تأبى و iiتجحد الـماء و الطير و الأزاهر و iiالند
شـجـر الـروض إنـه iiيـتأود لا يـصـفـق إلا و أنـت iiبمشهد
أنـت أصـغـيت أم أنا إن iiغرد ري ولا فـيـك لـلـغـنى iiتتودد
ب درب و لـلـعـصـافير iiمورد ف لـيـلا كـأنـمـا iiتـتـبـرد
فـي عـروق الأشـجار أو iiيتجعد و هو باق في الأرض للجزر و iiالمد
الـشـهـد مـن زهره و لا iiتتردد قـد بـنـتـه بالكدح فيه و iiبالكد
ـل و لـص جـنـى عليها iiفأفسد لـم تـكـن من فراشة الحقل iiأسعد
دة ذات الـشـذى ولا أنـت iiأجود ـك قـوت و فـي يـديـك iiالمهند
دودة الـقـز بـالـحـبـاء iiالمبجد ـشـاك و الـليل عن جفونك iiيرتد
ك و مـر تلبث النضارة في iiالخد ـرق لـيـلا فـي أي دنـيا iiيولد
مـالـزمـان الـذي يذم و iiيحمد مـن تـراب تـدوس أو iiتـتوسد
حـيـوان مـسـيـر iiمـسـتعبد و ثـوبـا حـبـكـته سوف iiينقد
إن قـلـبـي لـلحب أصبح iiمعبد مـن كـسـاء يبلى و مال iiينفد
إليا أبو ماضي
-
ابتسم
قـال الـسـمـاء كـئيبة و تجهما ii" قـال الـصـبـا ولى فقلت له iiابتسم"
قـال الـتي كانت سمائي في الهوى ii" خـانـت عـهـودي بـعدما ملكتها ii"
قـلـت ابتسم و اطرب فلو قارنتها ii" قـال الـتـجـارة في صراع هائل ii"
أو غـادة مـسـلـولـة مـحتاجة ii" قـلـت ابـتسم ما أنت جالب دائها ii"
أيـكـون غيرك مجرما و تبيت في ii" قـال الـعدى حولي علت صيحاتهم ii"
قـلـت ابـتـسم لم يطلبوك بذمهم ii" قـال الـمـواسـم قد بدت أعلامها ii"
وعـلـي لـلأحـباب فرض لازم ii" قـلـت ابـتـسم يكفيك أنك لم تزل ii"
قـال الـلـيـالـي جرعتني علقما ii" فـلـعـل غـيـرك إن رآك مرنما ii"
أتـراك تـغـنـم بـالـتبرم درهما ii" يـا صـاح لا خطر على شفتيك أن ii"
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى ii" قـال الـبـشـاشة ليس تسعد كائنا ii"
قـلـت ابتسم ما دام بينك و الردى ii" " قـلـت ابتسم يكفي التجهم في iiالسما
" لـن يرجع الأسف الصبا iiالمتصرما " صـارت لـنفسي في الغرام iiجهنما
" قـلـبـي فـكيف أطيق أن iiأتبسما " قـضـيـت عـمـرك كـله iiمتألما
" مـثـل الـمـسافر كاد يقتله iiالظما " لـدم و تـنـفـث كـلما لهثت iiدما
" و شـفـائـهـا فإذا ابتسمت iiفربما " وجـل كـأك أنـت صرت iiالمجرما
" أأسـر و الأعـداء حولي في iiالحمى " لـو لـم تـكن منهم أجل و iiأعظما
" و تعرضت لي في الملابس و iiالدمى " لـكـن كـفـي لـيس تملك iiدرهما
" حـيـا و لـسـت من الأحبة iiمعدما " قـلـت ابتسم و لئن جرعت iiالعلقما
" طـرح الـكـآبـة جـانبا و iiترنما " أم أنـت تـخـسـر بالبشاشة iiمغنما
"* تـتـثـلـما و الوجه أن iiيتحطما " مـتـلاطـم و لـذا نـحب iiالأنجما
" يـأتـي إلـى الدنيا و يذهب iiمرغما " شـبـر فـإنـك بـعـد لن iiتتبسما
-
السجينة
رآها يـــحـــلُّ الفــجـــــــرُ عقد iiجفونها
ويُـــلــقـــي عــــلـيــها تــبـرهُ فـــيذوبُ
ويـــنـــفــض عـن أعطـــافها النورَ لؤلؤاً
مـــن الطـــلِّ ما ضُــمـت عليه iiجــيوبُ
فــعــالــجــها حـتى استوت في iiيمينه
وعــــــــاد إلى مـــغـــنــاه وهـو iiطروبُ
وشـــاء فأمــســت في الإناء iiسجــينةً
لتــشــبــع مــنـــها أعــيــنٌ iiوقـــلـــوبُ
فليـست تحيي الشمس عند iiشروقها
وليــست تحــيي الشمس حين iiتغيبُ
ومـــن عُـــصــبت عــيناه فالــوقت iiكله
لــــــديه وإن لاح الصـــبــاحُ iiغـــــــروبُ
لها الحـــجـرة الحسناءُ في القصر iiإنما
أحـــــــــب إلـــيـــها روضـــةٌ وكـــثــيبُ
وأجـــمـــل مــن نـور المـصابيح عندها
حُـــباحبُ تمــضـي في الدجى iiوتؤوبُ
وأحـلى من السقف المزخرف iiبالدمى
فـــضـــاءٌ تــشـــع الشهـبُ فيه iiرحيبُ
تــحـــنُ إلى مـــرأى الغـــدير وصـــوته
وتُـــحـــرم مــــنـــه ، والغـــديــر iiقريبُ
وكـــانــت قــلــيـل الطـل ينعش iiروحها
وكـــانــت بــمـيـسـور الشعـاع iiتـطيبُ
تمشى الضـنى فيها وأيار في iiالحمى
وجـــفـــت وسـربـال الـربـيـع iiقـشـيبُ
إســارك يا أخــت الــريــاحـــين iiمـفجعٌ
ومـــوتـــك يا بــنــت الــربــيــع iiرهــيبُ
-
فلنعش
لا تَسَــــــــلْ أين الهوى والكـــوثرُ
سَكَتَ الشــــــــــــادي وبُحَّ iiالوتـــرُ
فـــجــأةً ... وانـــقــــلب العُرسُ iiإلى
مَأتمٍ ...مــــاذا جـــــــرى؟ مـــا iiالخبرُ
ماجــتِ الــدنيا بمـــــن فيها ، iiكما
ماج نـــــهــــــــــــرٌ ثائرٌ iiمُنكــــــدرٌ
كُلهم مُســــــتَفسِـــــرٌ iiصَـــــاحـــبه
كلُّهم يُؤذيه من يَســــــتَفـــسِـــر
هَــمَــــسَ المــــوتُ بهــم iiهـــــمستهُ
إن هــمــــس المـــــوت ريحٌُ iiصَــــرصَرٌ
فـــــإذا الحــــيرةُ في iiأحــــــداقهم
كــيفـــما مالـــوا وأنى iiنــظــــــروا
عـــــلِموا ... يا ليتهــــم ما iiعَــــلِموا
أنَّ دنــــيا مــــن رؤىً iiتُحــــتَضَـــــــرُ
والذي أطــــــــربهــــم عن iiقُــــدرةٍ
بــــات لايقـــــوى ولا iiيــــــــقــــــتدرُ
يَبِسَ الضِّــحــــكُ على iiأفــــــــواههم
فهــو كالسُّخــــرِ وإن لم iiيسخــروا
وإذا الآسي ... يـــــــدٌ مخــــــــــذولةٌ
ومُــــحـــيا اليأسُ فـــيه iiأصـــفــــــرُ
شاع في الدنياالأسى حتى iiشكت
أرضُــها وطــــــــــــأتَهُ والجَــــــــــدرُ
فــــعــلى الأضواء مِنه iiفـــــــــــــترةٌ
وعــلى الألــــوان مِــــنه أثـــــــــــــــرُ
والقــــــناني صُــــــــورٌ iiباهِـــــــــتَةٌ
والأغــاني عَــــــالم iiمُـــــنــــــدثـــــرُ
ألهــــنا أُفـــــــلِت مــن iiأيديــــهـــمُ
والأمـــــاني ...؟ ..إنهــــا تــنـــتـحِرُ
-
فلسفة الحياة
أيـهـذا الـشاكي و ما بـك داء إن شـر الجناة في الأرض النفس
وتـرى الشوك في الوردة تعمى هـو عـبء عـلى الحيـاة ثقيل
والـذي نـفـسـه بغير جمـال لـيس أشقى ممن يرى العيش مرا
أحـكـم الـناس في الحياة أناس فـتـمـتـع بالصبح ما دمت فيه
وإذا مــا أظـل رأسـك هـم أدركـت كـنـهها طيور الروابي
مـا تـراها و الحقل ملك سواها تـتـغـنى و الصقر قد ملك الجو
تـتـغـنى و قد رأت بعضها يؤ تـتـغـنى و عمرها بعض عـام
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو وهـي طورا على الثرى واقعات
كـلـمـا أمسك الغصون سكـون فـإذا ذهَّـب الأصـيل الروابـي
فـاطـلب اللهو مثلما تطلب الأط وتـعـلـم حـب الطبيعـة منها
فـالـذي يـتـقـى العواذل يلقى أنـت لـلأرض أولا و أخـيـرا
لا خـلـود تـحـت السماء لحي كـل نـجـم إلـى الأفول ولكن
غـايـة الورد في الرياض ذبول وإذا مـا وجدت في الأرض ظلا
وتـوقـع إذا الـسـماء اكفهرت قـل لـقـوم يـستنزفون المآقي
مـا أتـيـنـا إلـى الحياة لنشقى كـل مـن يـجمع الهمـوم عليه
كـن هـزارا فـي عشه يتغنـى لا غـرابـا يطارد الدود في الأر
كن غديرا يسير في الأرض رقرا تـسـتحـم النجـوم فيه و يلقى
لا وعـاء يـقـيـد المـاء حتى كـن مـع الفجر نسمة توسع الأز
لا سـمـوما من السوافي اللواتي ومـع الـلـيل كوكبا يؤنس الغا
لا دجـى يـكـره الـعوالم و النا أيـهـذا الـشـاكي و ما بك داء
كـيـف تغدو إذا غدوت عليـلا تـتـوقـى قـبل الرحيل الرحيلا
أن تـرى فـوقـها الندى إكليلا مـن يـظن الحيـاة عبئاثقيلا
لا يـرى فـي الوجود شيئا iiجميلا ويـظـن الـلـذات فيه فضولا
عـلـلـوهـا فأحسنوا التعليـلا لا تـخـف أن يزول حتى iiيزولا
قـصـر البحث فيه كي لايطولا فـمـن الـعار أن تظل iiجهـولا
تـخـذت فـيـه مسرحا ومقيلا عـلـيـهـا والصائدون iiالسبيلا
خـذ حـيا و البعض يقضي قتيلا أفـتـبـكي وقد تعيش iiطويـلا
سـور الـوجـد والهوى ترتيلا تـلـقـط الـحب أو تجرالذيولا
صـفـقـت للغصون حتى تميلا وقـفـت فـوقها تناجيا لاصيلا
يـار عـنـد الـهجير ظلا ظليلا واتـرك الـقال للورى ولقيلا
كـل حـين في كل شخص عذولا كـنـت مـلكا أو كنت عبدا iiذليلا
فـلـمـاذا تـراود الـمستحيـلا آفـة الـنـجـم أن يخاف الأفولا
كـن حـكيما و اسبق إليه الذبولا فـتـفـيـأ بـه إلى أن يحـولا
مـطرا في السهول يحيي السهولا هـل شـفـيتم مع البكاء غليـلا
فـأريـحوا أهل العقولiiالعقـولا أخـذتـه الـهـموم أخذا وبيلا
ومـع الكبـل لا يبالي iiالكبـولا ض و بوما في الليل يبكي iiالطلولا
قـا فـيـسقي من جانبيه iiالحقولا كـل شـخص و كل شيء iiمثيلا
تـسـتـحـيل المياه فيه iiوحـولا هـار شـمـا وتـارة iiتـقـبيلا
تـمـلأ الأرض في الظلام iiعويلا بـات و الـنهر و الربا و iiالسهولا
س فـيُـلـقي على الجميع iiسدولا كـن جـميلا ترى الوجود iiجميلا
-
العيد
أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ
لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ iiمُكْفَهِرَّهْ كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ iiقطرَهْ
أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ iiزهرَهْ وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ
فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى iiوتكرَهْ وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ iiصُفْرَهْ
وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ iiجمرَهْ ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى iiمستمرَّهْ
قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ iiومضرَّهْ لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ iiأمرَهْ
حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ iiوكرَهْ فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ iiوحُفْرَهْ
فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ iiصدرَهْ وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ
كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ iiبُكْرَهْ فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ iiإبرَهْ
* * *
أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ
ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ iiالمُشْمَخِرَّهْ
تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ iiنُضْرَهْ وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً iiوخُضْرَهْ
وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ iiدُرَّهْ لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ
فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ iiذَرَّهْ أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ
أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ iiأُجْرَهْ لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ iiمُرَّهْ
إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ iiوقُدْرَهْ فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ iiصَخْرَهْ
سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ iiوغِرَّهْ إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ iiمَرَّهْ
-
المساء
السحب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمس تبدو خلفها صفـــراء عاصبة الجبين
والبحر ساجٍ صامــتٌ فيه خشــوع الزاهدين
لكنما عـيناك باهتتان في الأفق البعيــــــد
سلمى ...بماذا تفكرين؟
سلمى ...بماذا تحلمين؟
أرأيت أحلام الطفــــولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشـــباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجــاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنما أظلالها في ناظريك
تنم، ياسلمى، عليــك
إني أراك كســــائحٍ في القفر ضل عن الطريق
يرجو صديقاً في الفـلاة، وأين في القفـر الصديق
يهوى البروق وضوءها، ويـخاف تـخدعهُ البروق
بلْ أنت أعـظم حيرة من فــــارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتــــصار
ولا يطيق الانــــكسار
هذي الهواجـس لم تكن مرســـومة في مقلتيك
فلقـد رأيـتـك في الضحى ورأيته في وجـنتيك
لكن وجدتُك في المساء وضـعت رأسك في يديك
وجلست في عينيك ألغازٌ، وفي النفــس اكتئاب
مــثل اكتئاب العاشقين
سـلمى ...بماذا تفكرين
بالأرض كيف هوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمروج الخُضرِ ســاد الصمت في جنباتها؟
أم بالعصافـير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟
أم بالمـــــــسا؟
إن المســــــــا يخـفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
الشـوكُ مــــــــــــثلُ الياسمين
لا فـرق عـند الليل بين النهـــر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطــــــــروب كأدمع المتوجع
المتوجعِ إن الجــــــمالَ يغــــــيبُ مــــــثل القبح تحت البرقعِ
لـكن لماذا تجـــــــزعـــين على النهار وللدجى
أحــــــــلامه ورغائبه
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ستر البلاد سهـــولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج ولا المياة خـــريرها
كلا، ولا منعَ النســـائم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الوَرَقِ الحفيفُ وفي الصَّبَا أنفاسُها
والعـــــــندليب صداحُه
لا ظفــــــــرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واسـتنشـقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشهـب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قـبل أن يأتي زمان كالضباب أو الدخان
لا تبصرين به الغـدير
ولا يلـــذُّ لك الخريرْ
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إن التأمل في الحـــياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة والأسى واسـترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهللاً
فيه البشـــاشة والبهاءْ
ليكن كــذلك في المساءْ
-
الطلاسم
جئتُ لا أعلم من أين ولكني أتيتُ
ولقد أبصرت أمامي طريقا فمشيتُ
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيتُ
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجودْ
هل أنا حرٌ طليقٌ أم أسيرٌ في قيودْ
هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنني أدري ولكن
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحتُ إنسانا سويا
أتراني كنت محواً أم تراني كنت شيئا
ألهذا اللغز حل أم سيبقى أبديا
لست أدري، ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر مِنكا
هل صحيح مارواه بعضهم عنِّي وعنكا
أم ترى مازعموا زورا وبهتانا وإفكا
ضحِكَتْ أمواجُه مني وقالت
لست أدري
أيها البحر أتدي كم مضت ألفٌ عليكا
وهل الشاطيء يدري أنه جاث لديكا
وهل الأنهارُ تدري أنها منك إليكا
ماالذي الأمواج قالت حين ثارت
لست أدري!
كم فتاةٍ مثل ليلى وفتىً كابن الملوّحْ
أنفقا الساعات في الشاطئ؛ تشكو وهو يشرحْ
كلّما حدَّثتَ أصغتْ وإذا قالت ترنّح
أحفيف الموج سر ضيعاه؟
لست أدري
إن في صدري يا بحرُ لأسراراً عجابا
نزل السِّتر عليها وأنا كُنت الحِجابا
ولِذا أزدادُ بُعداً كلّما ازددتُ اقترابا
وأُراني كلمّا أوشكت أدري
لست أدري!
فيك مثلي أيها الجبّارُ أصداف ورملُ
إنّما أنت بلا ظلِّ ولي في الأرض ظلُ
إنما أنت بلا عقل ولي يا بحرُ عقلُ
فلماذا يا ترى أمضي وتبقى؟
لست أدري!
-
قال السماء كئيبة وتجهما
قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء
قال الليالي جرعتني علقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
أتراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما
يا صاح لا خطر على شفتيك
أن تتلثما والوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك
والدجى متلاطم وكذا نحب الأنجما
قال البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت ابتسم ما دام بينك
والردى شبر فإنك بعد لن تتبسما
-
العيون السود
ليت الـذي خلـق العيـون السـوداخلـق القلـوب الخافقـات حـديـدا
لـولا نواعسهـا ولـولا سحـرهـامـا ود مالـك قلبـه لـو صـيـدا
عَـوذْ فـؤادك مـن نبـال لحاضهـاأو متْ كمـا شـاء الغـرام شهيـدا
إن أنت أبصرت الجمـال ولـم تهـمكنت امرءاً خشـن الطبـاع ، بليـدا
وإذا طلبـت مـع الصبـابـة لــذةًفلقـد طلبـت الضائـع المـوجـودا
يـا ويـح قلبـي إنـه فـي جانبـيوأضنـه نائـي الـمـزار بعـيـدا
مستوفـزٌ شـوقـاً إلــى أحبـابـهالمـرء يكـره أن يعيـش وحـيـدا
بـرأ الإلـه لـه الضلـوع وقـايـةًوأرتـه شقوتـه الضلـوع قـيـودا
فإذا هفـا بـرق المنـى وهفـا لـههاجـت دفائنـه علـيـه رعــودا
جشَّمتُـهُ صبـراً فلمـا لـم يـطـقْجشمتـه التصـويـب والتصعـيـدا
لو أستطيـع وقيتـه بطـش الهـوىولو استطاع سـلا الهـوى محمـودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشانـاراً وصـار لهـا الفـؤاد وقـودا
والحبٌ صـوتٌ ، فهـو أنـةُ نائـحٍطـوراً وآونــة يـكـون نشـيـدا
يهـب البواغـم ألسـنـاً صـداحـةفـإذا تجـنـى أسـكـت الغـريـدا
ما لي أكلف مهجتـي كتـم الأسـىإن طال عهد الجرح صـار صديـدا
ويلـذُّ نفسـي أن تـكـون شقـيـةًويلـذ قلبـي أن يـكـون عمـيـدا
إن كنت تدري مـا الغـرام فداونـيأو ، لا فخـل الـعـذل والتفنـيـدا