حكمة القلوب
بواسطة
في 17-05-2012 عند 20:46 (3070 الزيارات)
رغم كثرة مواضيع أحاديثي و تنوعها إلا أنني لم أستطع حتى الآن إيجاد موضوع لأكتب عنه في مدونتي. حسنا ربما للطرف الآخر دور في هذا التنوع انعكس جليا في عجزي عن ايجاد موضوع أكتب عنه لوحدي.
هذه المقالة على سبيل المثال هي نتاج حوار سابق بيني و بين شخص أثير على قلبي يعرف نفسه تمام المعرفة.. حواري معه في تلك المرة كان التجسيد الحقيقي للفرق بين تحكيم العقل و تحكيم القلب.. بالتأكيد لم يميزنا الله سبحانه و تعالى عن غيرنا بنعمة العقل إلا لأهميتها في تحديد سير البشر و حكمهم على ظواهر الأمور لكنه أيضا رزقنا نعمة القلب تلك المضغة التي قال عنها نبينا صلى الله عليه و سلم "إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله".
هذا القلب أيضا جعله الدين أحد العوامل المساعدة في التفريق بين البر و الإثم كما ورد في صحيح مسلم "البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس". و ما ورد في مسند أحمد بن حنبل (عن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : "جئت تسأل عن البر و الإثم؟" قلت: نعم. قال: "استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك").
كياني الملكي هو أحد أكثر المحكمين لقلوبهم رغم اعتراض الكثير أن العاطفة مضللة لكن هذه العاطفة هي أساس تقارب الكثير من النفوس فكم من أخ لك لم تلده أمك الأشقاء و الخلصاء مرتبطين بالدم و هو أحد مخرجات القلب و كذلك اخوة الروح و الأحبة مرتبطين بأحد مخرجات القلب و هي العاطفة و لهذا أعرف بطائر المحبة الملكي.
كم من شخص مهما أظهر من معالم الصلاح و حسن الخلق الكثير و لكن تنفر منه النفس و كم من شخص بسيط كسب القلوب رغم عثراته و أخطاءه لماذا تنفر النفوس من الأول رغم إشارة القرائن على صلاحه و ترتاح للثاني رغم ما يظهر جليا من أخطاءه؟ إنه تلك المضغة إنه ذلك القلب الذي أبصر ما وراء القناع.
كم من ضحية مظلومة لم تجد من القرائن ما يدعمها سوى صدق لهجتها و هذا أمر تعجز حتى
أدق أجهزة كشف الكذب و علوم الفراسة عن مجاراة القلب فيه فهو ما يدخلنا إلى ما وراء الكلمات و كما قيل قديما أن الكلام الصادر من القلب يلج شغاف القلب الآخر بكل سرعة و بساطة.. لماذا تجرحنا بعض العبارات و الكلمات رغم لطفها؟ و لماذا لا نتأثر أحيانا حين توجه إلينا كلمات شديدة القسوة؟ أظن أن الجواب بات واضحا فقلب المؤمن هو دليله.
ذلك القلب الذي صدق بوجود خالق للكون مستحق للعبادة وحده بلا شريك ألا يستحق أن يكون دليلا؟ أليس مؤهلا ليكون الفارق بين المؤمن و المشرك؟.
نقطة أخيرة:
لا أنكر أهمية العقل في الحكم فهو الوسيلة المعتمدة في الحكم عالميا و على مر الأزمان لكني أشير إلى عدد المرات التي خدعنا فيها و لكن هذه طبيعة البشر فنحن سنعاشر الكثير و سنقابل الكثير.. سيخدعنا الكثير و يخذلنا الكثير.. لكننا رغم ذلك لن نستسلم و لن تنتهي حياتنا طالما مايزال لدينا قلب ينبض و أمل بغد أفضل يلوح في الأفق.