دعوة للتفكر و التامل ~
بواسطة
في 23-04-2012 عند 10:53 (1740 الزيارات)
قال تعالى
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران: 190-191).
و قال تعالى
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرعد:3].
التفكر و التأمل من أجمل العبادات التي تُشعرك بعظمة الخالق جل في علاه
تمر علينا الكثير من المواقف , و نرى الأرض و ما فيها من الجبال و الأشجار و البحار
و نرى السماء و ما فيها من الكواكب و النحوم و المجرات
ندرس عن الخلية الصغيرة التي لا تُرى بالعين المُجردة و ندرس تركيبها المُعقد و وظائفها الكثيرة
نرى احوال الناس و الوانهم و أشكالهم و طباعهم و اختلاف ألسنتهم
نرى الأشجار كيف تختلف في ألوانها و أشكالها و ثمارها , رغم ان كُل الأشجار يُسقى بماء واحد .
نقرأ و نسمع القرآن كُل يوم في الصلاة و غيرها
كُل هذه امور و غيرها تستوجب من الجميع التوقف عندها و التأمل فيها
أفضل التدبر هو التدبر و التفكر في كتاب الله
قال تعالى (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) سورة ص آية 29
القرآن هو أفضل الكتب و أبلغها و أجلها , فيجب ان يكون لنا وقفة في تدبره و التفكر فيه و في معانيه
و حينما نريد التحدث عن التدبر فإنه يجب علينا أن نتحدث عن قدوتنا في هذا الأمر
و هو النبي مُحمد صلى الله عليه و سلم
كان النبي عليه الصلاة و السلام ياخذ طعامه و شرابه و يذهب الى غار حراء و يقضي في الليالي ليتدبر و يتفكر في السماوات و الأرض و في مخلوقات الله
كان النبي عليه الصلاة و السلام قبل نزول الوحي غير مُطمئن لما يفعله قومه من شرك و عبادة للأصنام , فكان يذهب للغار و يتعبد الله هُناك و يتفكر في ملكوت السماوات و الأرض , خصوصا في شهر رمضان حيث كان يهجر اهله و ينفرد في غار حراء لتعبد الله و التفكر فيه
و قضى الله أن يكون نزول الوحي في مكان تعبده و تفكره عليه الصلاة و السلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا رأينا السماء و الفلك , فإن فيها الكثير من الدلائل على قدرة الله تعالى
الكواكب تسير حول الشمس , كلٌ يسير في مدار خاص به , لا أحد ينحرف عن مسارة فيصطدم بالآخر
و إذا أتينا للخلية التي لا تُرى بالعين المُجردة , فإن فيها أسرار عجيبة تكاد لا تقل عن أسرار الكون
كلُ شئ في الخلية محسوب بدقة عالية , الرايبوسوم له وظيفه مُعينة داخل الخلية لا أحد يتدخل في عمله و لا هو يتدخل في عمل أحد آخر , و لا يزيد في كمية البروتين التي يُنتجها و أيضا لا يُقلل فيها
الكروموسومات في النواة و كيفية انتقالها و انفصالها و من ثم تضاعفها , و كيف تحمل الجينات أو الصفات الوراثية
و الكثير من الوظائف المُتناهية في الدقة في الخلية و تكون بكميات كبيرة جدا (عدة ملايين)
كُل هذا يحدث في خلية صغيرة من بين مئات الخلايا التي لا تُرى بالعين المجردة !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من أفضل ما قرأت عن التبدر في الأدب
لله في الآفاق آيات لعل *** أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته *** عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا *** حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى *** من يا طبيب بطبه أرداكا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما *** عجزت فنون الطب : من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علة *** من بالمنايا ياصحيح دهاكا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة ***فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام *** بلا اصطدام : من يقود خطاكا؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا *** راع ومرعى : مالذي يرعاكا؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء *** لدى الولادة : مالذي أبكاكا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه *** فاسأله : من ذا بالسموم حشاكا؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو *** تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت ***شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بين *** دم وفرث مالذي صفاكا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا *** ميت فاسأله: من أحياكا؟
قل للهواء تحسه الايدى ويخفى *** عن عيون الناس من اخفاكا؟
قل للنبات يجف بعد تعهد *** ورعاية : من بالجفاف رماكا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو *** وحده فاسأله : من أرباكا؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا *** أنواره فاسأله : من أسراكا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد *** كلّ شيء مالذي أدناكا؟
قل للمرير من الثمار من الذي *** بالمر من دون الثمار غذاكا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى *** فاسأله : من يانخل شق نواكا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها *** فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً *** قمم السحاب فسله من أرساكا؟
واذا تــرى صخرا تفجر بالميـاه *** فسأله من بالماء شق صفاكا
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال *** جرى فسله : من الذي أجراكا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج *** طغى فسله: من الذي أطغاكا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا *** فاسأله : من ياليل حاك دجاكا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً *** فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟
ستجيب مافى الكون آياته *** عجبٌ عجاب لو ترى عيناكا
ربى لك الحمد العظيم لذاتك… حمدا… و ليس لواحد إلاك
يا مدرك الأبصار و الأبصار *** لا تدرى لَهُ و لِـكُنهِـه إدراكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني *** في كل شئ أستبين علاكا
يا مُنبِتَ الأزهار عاطرة الشذى
يا مجرى الأنهار عاذبة الندى *** ما خاب يوما من دعا و رجاك
يا أيها الإنسان مهلا *** ما الذي بالله جلّ جلاله أغراك ؟؟؟
القصيدة باداء الشيخ علي القرني