Al-r7aLL

خبر محزن ..كاد أن يلقى الحرف الثالث عشر من الحروف الهجائية مصرعه .. بعد أن تجرع كمية من السم .. التي تشمل على حرف (س و م )
مما دعا الحروف الباقية أن تتقاتل ضد الحرفان .. وقد تحركت مجموعة من الحروف مكونة من ثلاثة حروف (ق , ت , ل ) لمحاسبة الحرفين (س ,م)
تدارك الأمر حكيم الحروف وقال توقفوا .. أنا الحاء حيث الحكمة عندي .. ولتذهبوا إلى الثاء فإنهُ الحل الوحيد , توجهت الحروف إلى هذا الحرف للنظر
في قضية الحرف الثالث عشر .. عندما وصلوا إليه قال لهم أنا الثاء ... أنا رمز الإباء.. أنا منتهى النداء .. دوائكم عندي وليس إي دواء ..
أنها الثورة .. أنها كلمة بدوني ليس لها أي مدلول أنا الثورة .. ولنثور ضد من تسلط علينا ..ولنثور على من تسبب بالخطر على الحرف الذي يمثلنا ..
أنهُ حرف الشين .. أنهُ رمزاً لنا حيث نحن الشعب ..بدونهِ لسنا أي شعب .. انطلق الجمع في قرية صغيرة جداً شوارعها ضيقة ..قرية أقل ما يقال
عنها أنها قذرة ..لا تجد فيها شيء صالح أبدا ..قرية يحكمها متسلط مستبد يظلم هذه الحروف ويجبرهم على التراص في مكان ضيق جداُ ..
لكن هيهات لم يبقى الحرف ذليلاً منذ أن خلق .. أنهُ ربيع الثورة الحرفية التي تمثل الحروف ...

أن هذه القرية الصغيرة والقذرة ..تمثل فكر أحد المتسلطين على الحرف ...الذي تجده يحشر الحروف في زاوية ضيقة جداً ...

حينها استبشر الشيخ الهرم من قول الثاء ومن فعل الحروف الأخرى .. وقال الهاء ,, هرمنا .. هرمنا من آجل هذه اللحظة التاريخية ..


مدخل ..

عندما ولِدَتْ لِلحرفِ صُورةٌ ولدَ الكتــــــابُ وعندما ولِدَ الكتابُ ولدتِ المدينـــــةُ وجاءتِ الطبـــــاعةُ

قالوا عن الحرف ..

يقول الشيخ أبو المواهب الشاذلي :

تأمل حروف الهجاء تجدها في حرف الألف تصوَّر . وعمَّ جميع المراتب لما تطوَّر .

الشيخ صدر الدين القونوي

يقول :

الحرف : هو عين العين الثابتة ، من حيث انفرادها ، حتى عن أحكامها

الشيخ عبد الكريم الجيلي

يقول : الحرف : هو الاسم والصفة الإلهية .

ويقول : الحروف : هي مرائي يظهر فيها معنى السر الإلهي ، لكن له في كل طور حكم مخصوص ومشهد منصوص ،

وأثر منفرد بنسبة محققه على أسلوب عجيب ونمط غريب .


الدكتور محمد مصطفى حلمي

يقول : الحروف كلها إنما هي عند ابن عربي : دلالات رمزية على حقائق وجودية .

يقول الشيخ أبو بكر الشبلي :

ما من حرف إلا وهو يسبح الله تعالى بلسان ويذكره بلغة ،

لكل لسان منها حروف ، ولكل حرف لسان ،

وهو سر الله تعالى في خلقه الذي به تقع زوائد الفهوم وزيادات الأذكار

أخشى وأنا اكتب الآن أن أكون متسلط على الحرف الحر .. الذي أصبح الآن رهيناً في يد أناس لا تقدر قدره ..
لذلك أصاب بخوف ووجس عندما اكتب ..

الحروف عندما تجتمع تمثل الكلمة .. وهي التي تمثل الفكر وتمثل عبقرية فكرية تختلف من شخص لآخر .. أن مجرد اجتماع عدة حروف تقلب الموازين ..

أنها عندما تجتمع تكون كلمة ... تلك الكلمة لن أوصفها إلا بما قد قال العجوز الراحل شــو .. حيث يقول :

(( استطاعت الإنسانية أن تحقق العظمة والجمال والحقيقة والمعرفة والفضيلة والحب الأزلي، فقط على الورق ))

يقولها العجوز شـو بسخرية .. إنما الورقة هي جُمل وعبارات .. وهي كلمات مُستساغة من احرف وإن الأحرف هي الأساس ..

قصة جميلة .. كان للحرف والكلمة والصحيفة ..نصيب الأسد ..

طرفة بن العبد شاعر جاهلي من الطبقة الاولى، كان هجاءً غير فاحش القول، تفيض الحكمة على لسانه،في أكثر شعره. ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد. اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره بقتله، لأبيات بلغ الملك أن طرفه هجاه بها، فقتله المكعبر بها.
كان، كما قال الزوزني، في حسب كريم وعدد كثير، وكان شاعرا جريئا على الشعر، وكانت أخته عند عبد عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس وكان عبد عمرو سيد أهل زمانه، وكان من أكرم الناس على عمرو بن هند الملك، فشكت أخت طرفة شيئاً من أمر زوجها إلى طرفة فعاب عبد عمرو وهجاه وكان من هجائه أياه أن
قال:
وَلا خَيرَ فيه غَيرَ أنَّ لَهُ غِنىً - وَأنَّ لَهُ كَشحاً إذا قامَ أهضَمضا
تَظَلّ نساءُ الحَيِّ يَعكُفنَ حَولَهُ - يَقُلنَ عَسيبٌ من سَرارَةَ مَلهَما

فبلغ ذلك عمرو بن هند الملك وما رواه فخرج يتصيد ومعه عبد عمرو فرمى حماراً فعقره فقال لعبد مرو: انزل فاذبحه،
فعالجه فأعياه فضحك الملك وقال. لقد أبصرك طرفة حيث يقول، وأنشد:
ولا خير فيه، وكان طرفة هجا قبل ذلك عمرو بن هند

فقال فيه:
فَلًَيتَ لَنا مكانَ المَلكِ عمرٍو- رَغوثاً حَولَ قبَّتِنَا تَخُورُ
مِنَ الزَّمِرَاتِ أسبَل قَادِمَاهَا- وَضرَّتُهَا مُرَكَّنةً دَرُورُ
لَعَمرُكَ إنَّ قَابُوسَ بنَ هِندٍ- لَيَخلِدُ مُلكَهُ نُوكُ كَثِيرُ
قَسَمتَ الدَّهرَ في زَمَنٍ رَخيٍّ- كَذَاكَ الحُكمُ يَقصِدُ أو يَجُورُ

فلما قال عمرو بن هند لعبد عمرو ما قال طرفة قال: أبيت اللعن! ما قال فيك أشدّ مما قال فيّ، فأنشده الأبيات فقال عمرو بن هند: أو قد بلغ من أمره أن يقول فيّ مثل هذا الشعر? فأمر عمرو فكتب إلى رجل من عبد القيس بالبحرين وهو المعلّى ليقتله، فقال له بعض جلسائه. إنك إن قتلت طرفة هجاك المتلمّس، رجل مسنّ مجرّب، وكان حليف طرفة وكان من بني ضبيعة. فأرسل عمرو إلى طرفة والمتلمّس فأتياه فكتب لهما إلى عامله بالبحرين ليقتلهما وأعطاهما هدية من عنده وحملهما وقال: قد كتبت لكما بحباء، فأقبلا حتى نزلا الحيرة، فقال المتلمّس لطرفة: تعلمن والله إن ارتياح عمرو لي ولك لأمر عندي مريب وإن انطلاقي بصحيفة لا أدري ما فيها? فقال طرفة: إنك لتسيء الظنّ، وما نخاف من صحيفة إن كان فيها الذي وعدنا وإلا رجعنا فلم نترك منه شيئاً? فأبى أن يجيبه إلى النظر فيها، ففكّ المتلمس ختمها ثم جاء إلى غلام من أهل الحيرة فقال له: أتقرأ يا غلام? فقال: نعم، فأعطاه الصحيفة فقرأها فقال الغلام: أنت المتلمس? قال. نعم، قال: النجاء فقد أمر بقتلك فأخذ الصحيفة فقذفها في البحيرة، ثم أنشأ يقول:
وألقَيتُهَا بالثَّنِي مِن جَنبِ كافرٍ- كَذلِكَ ألقي كُلَّ رَأي مُضَلَّلِ
رَضيتُ لهَا بالمَاءِ لمّا رَأيتُهَا- يَجُولُ بهَا التيَّارُ في كلِّ جَدوَلِ
فقال المتلمّس لطرفة: تعلمن والله أن الذي في كتابك مثل الذي في كتابي، فقال طرفة: لئن كان اجترأ عليك ما كان بالذي يجترىء عليّ، وأبى أن يطيعه؛ فسار المتلمّس من فوره ذلك حتى

أتى الشام فقال في ذلك:
مَن مُبلغُ الشُّعرَاءِ عَن أخوَيهمُ - نَبَأ فتَصدقهم بذاكَ الأنفُسُ
أودى الذي عَلِقَ الصَّحيفَة منهُما - ونَجَا حِذارَ حَيَاتِهِ المتلمِّسُ
ألقَى صَحِفَتَهُ وَنَجَّت كُورَهُ - وَجنَا مُحَمَّرَةُ المَنَاسِمِ عِرمِسُ
عَيرَانَةٌ طَبَخَ الهَواجِرُ لَحمَها - فَكَأنَّ نُقبَتَها أدِيمٌ أملَسُ
وخرج طرفة حتى أتى صاحب البحرين بكتابه، فقال له صاحب البحرين: إنك في حسب كريم وبيني وبين أهلك إخاء قديم وقد أمرتُ بقتلك فاهرب إذا خرجت من عندي فإن كتابك إن قرأ لم أجد بدّا من أن أقتلك، فأبى طرفة أن يفعله، فجعل شبان عبدالقيس يدعونه ويسقونه الخمر حتى قُتل.

طرفة أيها المسكين لقد لقيت حتفك بسب كلمات مجتمعة في صحيفة .. وإنما هي مجرد حروف ..


كيف لنا أن نعطي الحرف حقــهُ ..

قد يستغرب البعض عندما أقول أن للحرف حق .. وهذا للأسف قد ضاق في مجال فكري معين ... تندرج تحته أيديولوجيات مختلفة ...

بينما لو تأملنا هذا الحرف لوجدنا أن لهُ مقومات .. وهذه المقومات لم تظهر إلا في هذا الزمن حيث كثر المتنطعون بالكلام والحروف ...

الفكر ..

الفكر هو ذلك المصنع الكبير الذي ينتج الكلمات من لبنة واحدة لا تتغير مع أي فكر كان وهي الحروف ..

الفكر هو نمذجه الإنسان للعالم الذي يعيش فيه و تندرج تحتها الكثير والكثير من السلوكيات المختلفة ..

حيث يصنع الإنسان هذه الخلطة السحرية وفق تجارب معينة قد عايشها واقتنع بها ثم مع مرور الأيام ..

أصبح هذا الفكر هو فكر معين لشخص معين ..

ولكن هنا في هذا العالم الفسيح تختلف التجارب ويختلف المفكرون وتكثر الإيديولوجيات بين الناس ..

لذلك تجد أن الكثير من الناس ينساقون وراء إيديولوجيات معينه قد قيست من شخصيات لها تأثير ..

على البشرية ..

ولكن خير فكراً قد اتخذه البشرية هو الفكر الإسلامي الصحيح الذي لم يشوبه الخلل ولا الخطأ ..

من المنطلق هذا تنوع المفكرون الإسلاميين وأصبحوا مثل نجوم السماء في الليلة الظلماء ..

وجميعهم تربطهم المبادئ الإسلامية الصحيحة ولكن الاختلاف في جوانب معينه قد قيست ..

على فكر أولئك المفكرين ...

ولكن اغلبنا في طور تكوين فكرهـ الخاص الذي يمثله ولا يمثل غيره .. وهو تحت مبادئ صحيحة .

لكن الخلل هنا أن نجد البعض قد خالط فكرهـ الإسلامي مع فكر ليبرالي مثلاً ..

حينها تلك ستسحب تلك .. واقصد الفكر الإسلامي والليبرالي ويصبح الإنسان مشتت الفكر ..

ينسج فكره وكلامه على ورقه بيضاء وهو متناقض ..

لذلك ليس من مقومات الحرف أن تكون مشتت الفكر .. بل كن أنت نفسك فكرك قلمك دون تشتت ..





عزيزي القارىء عندما ننطوي إلى انفسنا نجد أن الحرف هو الرفيق الذي لايشقيك .. عندما ترسمه على ورقة فإننا نصور ما نملكه من ثقافه عن طريقة ..

لذلك .. اشعر بأن للحرف كيان متجسد .. يفرح عندما نكتبهُ بالخير أو نكتبهُ ونحن نمتلك خزينة ثقافية أو فكر نظيف ..

عزيزي الحرف اعتذر لك إن كنت متسلط عليك ..فأني اجد من يحشرك بزاوية ضيقه .. أو يستعملك لأخراج فكر خبيث من مخيلته الضحله ...

إن كنت ترى أنك ترى فلا بأس أن ترى فأني أرى ما قد أرى لذلك إن رأيتَ ما أرى فأعلم أنهُ هذا ما أرى ..