مشاهدة تغذيات RSS

Calife des Musulmans

اللغة العربية .. الشيخ محمد الغزالى

تقييم هذا المقال
(( أضرار تغيير الكتابة العربية : ومن أخبث المؤامرات لصرف المسلمين عن دينهم . الدعوة إلى تغيير الكتابة العربية .إما إلى الحروف اللاتينية . كما فعلت تركيا بعد ارتداد حكامها . وإما إلى حروف أخرى تحل مكان هذه الحروف التى عرفناها وعرفها آباؤنا وخطوا بها ألوف الألو ف
من المجلدات والرسائل . ولم ذلك ؟!

قال الخبثاء : للتفاوت القائم بين لغة النطق وطريقة الكتابة ! وهذا أقبح تعليل يمكن أن يذكره إنسان دارس للغات البشر . فإن التفاوت القائم بين ما يكتب وما ينطق هو أقل ما يكون فى العربية . وأسوأ ما يكون فى الإنجليزية والفرنسية . إن صيغ الأفعال الفرنسية وعددها ثمانية عشر فعلا تحمل كل صيغة منها
عددا من الحروف الميتة يبلغ الستة أحيانا . تكتب ولا تنطق . وتنتشر فى اللغة كلها كما تنتشر العثرات فى طريق ردىء .

وإلى جانب هذا فإن الحروف الساكنة تتجمع مثنى وثلاث فى أوائل الكلمات وأواخرها بصورة مزرية لا يمكن تعليلها . ولا يمكن أن يرتبط بها معنى محترم . أو غير محترم . وإثقالها للذهن فى علم الإملاء حقيقة لا شك فيها .

وبالرد كذلك فى هذه اللغة إغفال النطق بعلامات الجمع فى الأدوات والأسماء كما يطرد النطق بحروف كثيرة على غير ما تكتب به . ومع هذه المقابح فاللغة الفرنسية فى نظر البعض أيسر من اللغة العربية .

ويجب فى نظرهم أن نحول لغتنا لتتوافق لغة الكتابة مع ما ينطق . ولتتساوى اللغة العربية مع اللغات العظمى . ونحن لا ندرى ما يقال لهذا الجور . ولا ما يوصف به هذا التبجح !!

والغرض من هذا النشاط ظاهر . وهو فصل مسلمى اليوم عن تاريخهم الروحى والثقافى بعد إلقاء ستار كثيف على ماضيهم العلمى كله .
وفى هذا الميدان نفسه يعمل آخرون من ذوى الثقافة الإنجليزية لبلوغ هذا الغرض .
واللغة الإنجليزية من ناحية الكتابة والإملاء أحط من زميلتها الفرنسية ولولا قوة أهلها ما انتشرت .

ولكن التبشير الاستعمارى يغطى كل عيوبها . ويطيل الألسنة فى قدح لغتنا وذم
قواعدها وإهانة حروفها .
والغرض هو حفر فجوة غائرة بين ماضينا الإسلامى وحاضرنا .
أجل .. بيننا وبين ثقافة القرآن وروحه . استجابة لهجوم الغرب الأخير المفعم بالمفاتن والخوادع .
وهاك ما نشرته إحدى الصحف اليومية فى سلسلة حارة ملحة من الدعاية لتغيير الكتابة العربية :
قالت الصحيفة : " إن الدنيا تتطور . وهى تجرى تحاول أن تلحق بالمستقبل .
والمستقبل عبارة عن سرعة وصواريخ . سرعة على الأرض . وصواريخ تند فع إلى الشمس . سرعة حتى فى أسلوب العرض والقراءة والشراء ، اختزال لكل التفاصيل ، فالصيغة التلغرافية هى المفهومة المقررة الآن .
إننا نتسابق مع الزمن نحاول الجرى مع عقرب الثوانى قبل عقرب الدقائق
"

ونسأل أيها القارىء: ماذا بعد هذه الصيحات المفتعلة كلها ؟! فإذا الاقتراح الذى يرحب به الكاتب ويروج له : أن المجمع اللغوى يفكر فى اختصار لغة سيبويه !!

إن الدنيا تجرى وتلهث من شدة الجرى كما يقول الكاتب . فيجب أن نغير حروف اللغة العربية وحدها ، أما اللغتان الإنجليزية والفرنسية . وسائر اللغات الأخرى فإن الدنيا بالنسبة لها واقفة ، إنها لغات مقدسة القواعد . أو لعلها لغات سبقت الدنيا الجارية .

إنى لأستغرب الصفاقة التى كست هذه الوجوه ، وإنه ليسرنا أن ينتصب أديب العربية العظيم الأستاذ " عباس محمود العقاد " ليحارب هذه النزعة الخبيثة . سواء وهى تهاجم قواعد اللغة . أموهى تهاجم قواعد الكتابة ، فردَ على الدكتور طه حسين وأمثاله تحت عنوان : " الاباحية اللغوية " : " إن مسألة اللغة الفصحى سيطول الخوض فيها مادام أعداؤها يحسبون أنهم يملكون القضاء عليها . وأننا نطلب منهم الرحمة بها والإبقاء على حياتها .
ولكننا نعتقد أن اللغة التى تطلب الرحمة من أعدائها ضائعة قبل أن يضيعها أولئك الأعداء كما نعتقد أن محاربة الفصحى لا تأتى من أناس يخلصون فى البحث عن لغة أيسر منها وأحق بالبقاء ! وإنما يحارب الفصحى من يريدون محو هذه اللغة لمحو جميع المعالم التى ترتبط بها فى العقيدة والأخلاق وتراث الفكر والثقافة ، ودون ذلك تتحطم معاول الهدم فى أيدى الجبابرة العتاة .

فما بالك بمعاول الهدم فى أيدى العجاف المهازيل ؟! اللغة الفصحى باقية ما بقيت الحاجة إلى لغة عامة مشتركة بين بلاد كثيرة وأزمنة متلاحقة . ولن تستغنى
اللغة العامة عن قواعد متفق عليها . لأن اللغة المرتجلة بلا قاعدة ربما صلحت لوقتها ومكانها . ولا تصلح لجميع الأوقات وجميع الأمكنة .

ماذا حدث فى اللغات الأوروبية الدارجة بعد إهمال اللاتينية ؟ لم تذهب القواعد النحوية والصرفية . بل قامت فى اللغات الفرنسية والإيطالية والإسبانية الحديثة قواعد مطردة أصعب على المتعلم من القواعد اللاتينية .
فالذين يريدون محو الفصحى لا يخلصون حين يزعمون أنهم يطلبون الخلاص من القواعد التى
يصعب على المتعلمين أن يتقنوها ويلتزموها .
فإن القواعد المهروب منها آتية لا محالة بعد استقرار اللهجة الدارجة على حال من الأحوال .
وإنما يطلبون محو ` اللغة الفصحى ` لأنها قوام ثقافة كاملة هى المقصودة بالهدم والإلغاء .
أما رسوم الحروف باللغة العربية فالبحث فيها سهل واضح لا يتسع فيه مجال الخلاف . إلا أن المختلفين ينسون طبيعة اللغة العربية . ويغيب عنهم أنها لغة اشتقاق وليست لغة ` نحت ` كاللغة اللاتينية وأخواتها . فلا سبيل إلى كتابة لغات الاشتقاق ولغات النحت بطريقة واحدة فى الرسم على الإطلاق .
"

وهذا دفاع جيد . ونداء إلى العقل له خطره عند من يفكرون بعقولهم ، أما إذا كان الهجوم على اللغة العربية يستهدف مأرب خاصة . ويخدم أهواء كامنة ويراد منه الإتيان على قواعد الإسلام . فإن الإقناع لا مكان له مع هؤلاء .

إن إماتة اللغة العربية تستتبع حتما موت الإسلام . إذ إن القرآن العربى سيتحولإلى أثر يوضع فى المتاحف . والرسول العربى سيدفن تراثه من سنة وسيرة دفنا لا نشور منه إلا أن يكون هو اية لبعض الدارسين . والاستعمار دائب على بلوغ ذلك الهدف .

وقد أفلح فى خلق جيل يتقن قواعد اللغات كلها إلا اللغة العربية وحدها . فهو يجهلها . ولا يستحى أبدا من إعلان هذا الجهل !!

فإذا ذهبت قواعد البلاغة . ثم قواعد النحو والصرف . ثم قواعد الكتابة آخر الأمر . فإن هذا التدرج منته إلى مستقره . وهو ذهاب اللغة نفسها . وذهاب الإسلام معها .
إن المسلمين من شتى الأجناس يقدسون اللغة العربية ! الهندى والصينى والتركى يرون بقاء هذه اللغة فريضة دينية . ويقدمونها على لغاتهم الأولى ، لأن هذه اللغة العربية لسان الوحى ورباط الروح . وآصرة العقيدة المشتركة ، وأى تهوين فيها فهو تفريط مخوف العقبى .
بل إن الاستعمار يحارب ` القومية العربية ` مدفوعا بضغينته على الإسلام، فإن هذه القومية سواء كانت تجديدا لنعرة جاهلية . أم تمشيا من أساليب الحياة المستحدثة فإنها فى نظر الاستعمار قد تضمن الخلود للغة التى يحاربها من قرن ، وإذا خلدت هذه اللغة فإن التراث الأدبى للإسلام سيتاح له حياة جديدة . وذلك ما يكرهه أشد الكراهية ويريد إسدال آلاف من الحجب عليه . حتى لا تقع عليه عين ولا يستنير به قلب .

وهاك جملة من التعريفات للقومية العربية أو الوحدة العربية تدرك منها قيمة اللغة فى حفظ الأمة . وصيانة ثروتها وتاريخها .
ومنها يستبين لك أن اللغات عموما ليست فقط أداة تعبير أو وسيلة تفاهم بين
أصحابها ولكنها أساس تجمع عقلى وعاطفى بعيد الآماد ، وأن اللغة العربية خاصة بناء أمة . وقوام دين . وضمان حياة . وأن تقويم الألسنة بها ذريعة إلى حفظ الوحى الأعلى . وتنقيل عقائده بن شتى الأجياد وعلى كل الدهور. ونحن نستعرض هذه التعريفات . مرجئين إبداء الرأى فى النزعة الموحية بها إلى موضع آخر من كتابنا .
وإنما نثبت هذه التعريفات لإبراز قيمة اللغة فى حياة الأمة . وبيان ما ينشأ عن اضمحلال اللغة من هبوط الجماعة . وذهاب ريحها .
مقومات القومية العربية : مقومات الوحدة العربية كثيرة ومتشعبة ويختلف الكتاب فى تحديدها .
فهى عند ` ساطع الحصرى ` تنحصر فى :
1 - الاشتراك فى اللغة
2 - الاشتراك فى التاريخ
3 - الاعتقاد بوحدة الأصل أو النشأة
4 - التشابه فى العواطف والعوائد . والتماثل فى ذكريات الماضى . ونزعات الحال . وآمال الاستقبال
5 - ويضاف إليها الدين فى بعض الأحيان

وهى عند ` بيير كيلر` : الاشتراك فى التقاليد . والجنس . والدين . والثقافة . واللغة.

وهى عند الدكتورة ` نجلاء عز الدين ` :
الوحدة الجغرافية . واللغة . والتراث العربى .
وهى عند ` حازم زكى نسيبه ` : اللغة . والجنس . والتقاليد . والتاريخ . والآمال المشتركة . والدين .
وهى عند الدكتور ` أحمد موسى ` : اللغة . والثقافة . والدين . والحذر من الاستعمار.
وهى عند الأستاذ ` جب ` :
الدين . والتاريخ . واللغة . الثقافة .

* هذا ويمكن حصر هذه العوامل بصفة عامة فى اللغة والدين . والتاريخ المشترك . والجوار الجغرافى المشترك . ووحدة الأصل “الجنس” والثقافة المشتركة . والتكامل الاقتصادى . والخطر المشترك . ووحدة العادات والتقاليد والنظرة إلى الحياة . ويكاد يجمع الكتاب على أن أول هذه العوامل أو أكثرها أهمية هو اللغة.

ولكن ما هى اللغة ؟ اللغة كما يعرفها ` أوتو جسبرسن ` عبارة عن ` وسيلة للتعبير عن أفكار الأفراد `
وهى أيضا ` وسيلة للتفاهم وأداة تساعد على الوعى وتسجيل الأفكار `

وليست لغة شعب من الشعوب مجرد وسيلة يتخاطب بها ذلك الشعب . بل إنها تصبح بعد
زمن الوسيلة التى يعبر بها من يتكلمونها عن روحهم .

ويقول المعارضون: " إن لغة الشعوب العربية غير واحدة يعنون تباين اللهجات " ولكن هناك فرق واضح بين اللغة واللهجة . فاللغة الفصحى واحدة فى الدول العربية كافة ، أما اللهجة العربية فتختلف من دولة إلى أخرى كما تختلف داخل الدولة
الواحدة ، وهذا الاختلاف فى اللهجة موجود فى لغات الأمم جميعا بدرجة لا تزيد عنها الأمة العربية ، وفوق ذلك نجد أن اللغة الفصحى هى الرابطة الحية للعرب وهى اللغة المستخدمة فى المدارس والصحافة والإذاعة ودور الحكومة .. إلخ .
واللغة العربية هى لسان الإسلام . وقد ظهرت كاملة فى القرآن الكريم الذى حفظها وأحياها . ))


كتاب " مع الله " للشيخ محمد الغزالى

أرسل "اللغة العربية .. الشيخ محمد الغزالى" إلى Facebook أرسل "اللغة العربية .. الشيخ محمد الغزالى" إلى del.icio.us أرسل "اللغة العربية .. الشيخ محمد الغزالى" إلى StumbleUpon أرسل "اللغة العربية .. الشيخ محمد الغزالى" إلى Google

الكلمات الدلالية (Tags): غير محدد تعديل الدالاّت
التصنيفات
غير مصنف

التعليقات


مكسات على ايفون  مكسات على اندرويد  Rss  Facebook  Twitter