آوسكـآريآت 2 : مـو MoMo مـو
بواسطة
في 17-07-2011 عند 13:13 (2926 الزيارات)
رغبة منى في إثرائي معرفياً - و أتسنع - قررت أن أهجم على مكتبتي الخاصة الصغيرة و أكمل ما أهملته من كتب وروايات
- بسبب الدراسة أو الملل أو مشاغلي الحياتية ..
الزبده : إني قررت عطلتي تكون هالمره غير ومختلفه على الصعيد الثقافي والمعرفي --> آووخسسس~ يا شكسبير
فـ كانت النتجية أن انتهيت برواية ( مومو ) لـ (ميخائيل انده) بين يدى ..
يقص علينا الروائي الألماني حكاية إسطورية خلآبة, يمازج فيها الواقع بالخيال بعينٍ حريصة على المستقبل الذي من المفترض أن نسلمه للجيل الناشئ بأكبر قدر من النقاء والشفافية و فضليات الأعمال و بأٌقل قدر من التلوث البيئي والاخلاقي - إن جاز لي التعبير.. فـ أشرقت صفحاته بنور نصيحةٍ رقيق .. لا يسبر غوره إلا من طغت مرارة المادية على حياته واستوطنت فمه و مآله ..
مومو فتاة صغيرة يتيمة ساقتها الأقدار لـ أطلال مسرح بيضاوي قديم في مدينة صغيرة بعد أن هربت من الميتم وتعاطف معها الناس الطيبون هناك و جمعوا لها بقايا أثاث قديم زينوا به الغرفة الصغيرة المهجورة في ذاك المسرح لتمكث فيها, فيسهل عليهم بذلك التناوب على رعايتها جميعا.
مايميز مومو أنها كانت طفلة إستثنائية قادرة على بعث الراحة على الجميع وحل مشاكلهم من دون حتى أن تتكلم لأنها تمتلك موهبة استثنائية خُصت بها : موهبة الإصغاء !! << الشغله المفقودة هالأيام
كانت تصغي للجميع بعينيها الكبيرتين بإنتباه شديد و بتعاطف لانظير له,مما زاد من محبة الناس لها فتقاطروا لزيارتها محملين بما تجود به أنفسهم من طعام بود و حب عظيمين لها مع فقرهم غير آبهين بثيابها القصيرة الرثة المغطاة بمعطف رجالي مهلهل كبير و بـ شعرها الأشعث وهيئتها القذرة, فـ مومو أجمل و ألطف من رأت أعينهم,فمن يأبه بأي شكل ومنظر بدت !!
وكان : جيجي المرشد السياحي ذو الخيال القصصي الخصب والذي تربطه علاقة خاصة بـ مومو ويخصها بحكايات لها فقط وعنهما فقط, و بيبو الكناس العجوز أقرب أصدقاؤها إليها .. وكانت سعيدة مع الجميع و تخترع الألعاب مع الأطفال الذين يأتون يوميا للعب معها..فالمسرح القديم لم يخلو أبدا من البشر ..لكن سعادتها لم تدوم,فقد ظهر : الرجال الرماديون
ببدلات رمادية اللون و قبعات مدورة ورؤوس صلعاء وسيجارة رمادية,مشاعرهم كملامحهم باردة كالثلج, مخيفة كليلة مظلمة شديدة الأمطار والعواصف .. قلبوا المدينة الصغيرة والناس الطيبين الى آلآت انسانية لاهم لها الا السعي الحثيث للإقتصاد في الوقت ..ففقد الناس انسانيتهم ومضوا في لهاث محموم نحو توفير الوقت ولم يعد لديهم وقت حتى للإبتسام والسؤال عن بعضهم البعض ,, هجروا قلوبهم النقية,وهجروا مومو فلم يعد أحد يأتي للمسرح القديم..
مومو الوحيدة التي تنبهت للرجال الرماديين الذين يسرقون وقت الناس بحجة توفيره ويضعونه في مخازن كبيرة عليها أقفال رقمية تحت الأرض,و هي الوحيدة القادرة على إرجاع الناس لما كانوا عليه, واسترجاع أصدقائها .ورغم أنها كانت مستهدفه من قبلهم و خطيرة - ببراءتها - على مخططاتهم للحد الذي جعلهم يبحثون عنها لإيذائها .. لم تجبن وقررت التعاون مع السيد الذي يمنح الوقت : الموسيقار أورا - الذي يسكن في ( بيت - اللامكان) في حارة(لم تكن أبدا)مع السلحفاة (كاسيوبايا )التي تحدس الزمن بنصف ساعه ..
فـ هزمت الرجال الرماديين وارجعت ساعات الزمن لأصحابها فتحرر الناس من عبء اقتصاد الوقت ومن الرماديين للأبد ..
مع أن الرواية تعتبر للناشئين, إلا أنها تسحر ألباب الكبار أيضا و تخاطب الاثنين معا, فـ (انده)من القلائل الذين يؤمنون بإرتباط أدب الكبار والصغار ببعضهما البعض و يعملون بهذا المنظور ..
بودي لو يقرأ الجميع هذه الرواية ويستمتعوا بخيال المؤلف الخصب والعقلاني معا .. فهذه الرواية تلفت إنتباهنا جميعا للوقت الذي نضيعه في ملاحقتنا للزمن فيضيع زمننا بذلك .. فـ نفقد ارواحنا وانسانيتنا في سجن خوفنا من المستقبل ويستحيل بذلك عالمنا الآني باردا رماديا غير صالح للعيش حتى للصغار منا ..
الرواية مؤثرة جدا لدرجة تدمع لها العين و لا أبالغ إذا قلت أنه يعتبر : ضرب من المستحيل ألا تستمتع وتتأثر بها,خصوصاً نشأة : أزهار الساعات والوقت الذي قضته مومو في بيت السيد (آورا)..بحق أجمل مافي الرواية قاطبة ..
أتمنى أن تلقوا عليها نظرة .. ولو حتى نظرة اختلاس ,
وتكتشفوا السحر الذي ركنته منذ شهور على رف مكتبتي ولم أنتبه له إلا في هذه العطلة ..
و عطلة سعيدة للجميع ..
أتمنى أن ألقاكم في كتاب آخر