غناء في الشجرة
بواسطة
في 21-03-2019 عند 16:50 (848 الزيارات)
أخبرني ،، منذ متى وأنت تبحث عني ؟
أخبرني ،، كيف سمعت صوتي في تلك الليلة كثيفة الضباب
أبصرت البدر مرتعشا في البِركة الباردة ،،
وصدى البشر من البلدة المجاورة ،، وخلتك تبحث عني
خلتك وجدتني ،، ساكنة ألتقط النيلوفر من المستنقع
هل كنتَ أنت ؟
أم كان شخص آخر لم أعلم بوجوده في هذا العالم ❀
مع كلّ معنى ولحن جميل لذلك التغريد نادر المثيل ، كانت أغصان الشجرة تتمايل
وأوراقها المخضرّة تحتكّ ببعضها بخشخشة تتشاكس وعلى العناق تتحايل
نشيطة ومنتعشة تلك النسمات ، التي كانت ترفرف بالأغصان
مُندمِجة مع عذوبة الكلمات و نبرة الطائر حلو الألحان
هدوء وحبّ عميق ، كان يلفّ تلك الغابة ، ومن دون صوت خشخشة النبات لم يكن هناك أيّة أصوات !
سوى صوت مياه الغدير وذلك الطير ذي الصوت المثير
ومن قلب تلك الشجرة المعمّرة الجميلة !
كانت قد هتفت إحدى الأغصان ...
من الطبقة العريقة !
ذوات الصيت القديم ، والحسب الرفيع ، والخبرة الأصيلة العتيقة
هتفت وفي عروقها المهيب نيران طليقة
" أواه !
يالهذا الطرب !
الذي أخذ بلبّي وما أعطى بقدر ما سلب !
إنني منه لفي حيرة وإعجاب
فهذا الصنيع بلا شك ولا ارتياب
لا يصدر سوى من سليل للمجد عريق الأنساب ! "
لا تفرطي في البكاء ..
ها قد جاء الربيع بألوانه الباستيلية
تكون الأمطار قد ولّت وسنشتاق لقوس الأفُق
فلتنسج دموعك الفستقية العذبة ألوان الطيف الجميل ،،
على زرقة السماء الصافية ،،، وبلبل الربيع سيراقص قلبك ღ
لتمتدّ ذراع غصين نحيل بين الأغصان ، وهي تكفكف دمعها ، وفي ثغرها لهفة العطشان
و صاحت :
" أيا ويل روحي
من أرباب الدلال
أهل الرقّة والعنفوان ، والقصور الطوال !
و من سواهم يجيد نسج الكلام !
بهكذا عذوبة ، ورهافة في الحسّ والألحان !
ألا فلتغرّد أيها الطائر المحظوظ
فقد حقّت لكَ السعادة !
وروعة الصنيع والفعل الرفيع
لأمثالكم ، متكررة معتادة ! "
تلاشت المعاني كحبات الرمان المتناثرة
حمراء قانية .. كلون الشفق الممتزج في الأفق
ماذا أصاب هذا العالم المحمر ..؟!
إنه قلب الإنسان الذي تفجر
لتتردد صدى همسات السنجاب الوحيد ، من منزله في قلب الشجرة التي أطربها التغريد
" أنظروا إلى حال العارف اللبيب !
هذا المغرّد ذو الذكاء الفريد
والحال السعيد !
مدرك للحياة وخبير بما فيها
أواه على روحي التي يطربها ويؤذيها !! "
مثلك ،، وردة في الصحراء ✿
كانت عطشى ترجوا الماء
مثلك ،، غيمة في الفضاء
تاهت عن بعد الحياة
قلبي تناثر في الأجواء
وهو يصيح آ واها
ثم امتلأ بعلبة نور ✿
وبالضوء انهزم الديجور
لتطرب زهرة البذور ، وتتمايل بين الأوراق ..في حبور وسرور
" ليس بعريق ولا ثريّ
هذا صوت ثمين بهيّ
إنّه من طين الجمال !
لا يحتاج عما و خال
ولا تمنحه الحظ تلك الأموال !
فأنا بسرّه على علم جليّ
كيف لا
وهو بالحسن والجمال شبيهي
فهذا التغريد الهديل
والصوت الساحر العليل
بلا شكّ وبلا مراء ، نصيب مخلوق جميل
رباه ! .. مالذي تبصره هاتان العينان ؟
أَوَهَل هناك قيمة لما تراه !
شيء لا يراه القلب ♡
لا يعوّل عليه ...
وهنا تكلّمت العصفورة ، رافعة منقارها عن رضيعها في عشّها الآمن و سكنتها الموفورة
" يا أهلي ويا جيراني أهل الشجرة
أظنّكم لم تحسنوا الإنصات
ولم تتأمّلوا من غناءه أيّة كلمة !
وبدلا عن التخمين في كلّ تلك الحالات
ألم يكن من الأجدر سؤاله بلباقة حَذِرَة
حتى نعلم من أي منجم
خرجت علينا هذه الجوهرة
فأجاب الطير المغرّد في الحال ، وقد أعجبه من العصفورة المقال
أنا طير يتيم
كان لي ماضي حزين
لم أعش ولو ليومٍ
في قصر من نعيم
لون ريشي ، باهت
لم أكن يوما جميل
وفي سرب الطيور ..كنت مغمورا دائما
أعاني من حسبي الضئيل
فانتمائي ناقص ، ليس لي أب شهير
وفي حياتي لطالما ، ارتكب الخطأ الكثير
جاهل ، وغافل ، عاثر الحظّ ، للشفقة كنتُ مثير !
وذات يوم للسماء ، رفعت عيني في حياء
فإذا بالأفق كبير
وإذا بشعاع الشمس
عريض ، مفرط الضوء طويل !
وخلف الغيوم ، المزيد من الغيم الثقيل !
وفي كلّ ذاك البهاء ، رأيت كواكبا وفي المساء بدرا منير
فشعرتُ بالكلّ سعيد
ينعم في خير وفير..
وحينها سألت نفسي ، باحتيار وافتقار
قلتُ :
هل كان يحتاج البدر أبا له للافتخار ؟؟
الغيمة بلا ألوان
ولكنّها الماء تصبّ !
وها هي الشمس البديعة
هل شعاعها ذهب ؟؟
أيا ويحي ، أيا ويلي
أكنت أضيع في المهبّ !
فأسرعت بتحريك جناحي ، وأنا مشتاق مضطرب
وقلت يا ربّي
كيف يصير حالي
لو ظللت على حالي
وعن هذا الذنب لم أتب !
وحينما أدركت الحقيقة
انتفضت عن الغباء
فوجودي بين الخليقة
معجزة في الحياة
وإنني على البسيطة
رأيت كل ما حولي شفاء
كيف لا وكيف لا ؟
وكلّه هبة الإله ؟
فلقد صرت سعيدا
وكنت أشقى الأشقياء
ولقد صرت نبيلا
رفيع القدر بالذكاء
و لقد دُهشت بما لديّ
من براعة وابتدار
ومن هنا كان طريقي
نحو درب الازدهار
ثمّ عاد طيرنا الحبيب
يغرّد من جديد
وأهل الشجرة منصتون.. بصمت وذهول فريد
انتصر على نفسك ولنرى إلى أين ستصل
..
أنا أعلم أنك ستصل لذا لا تشغل نفسك بالعودة إليّ لتخبرني بالنتيجة
لأنك لن تجدني هنا ،،
أنا أيضا سأنطلق بأجنحتي التي لا تراها ..
فلدي الكثير لأفعله في هذا العالم
* ملاحظة من الطائر : تنتصر على " نفسك " ، عندما تأخذ بيدها بحنان ، إلى طريق السلام
طريق القوّة والإيمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- الكلمات التي كان يغنيها الطائر :
نشرتها من قبل في إحدى مواقع التواصل
وقد كُتبت في سنة 2016 تقريبا
2- ملاحظة الطائر : كانت إلهاما لي
من كلام قالته لي صديقتي وتعلمته منها