زائرٌ في كلّ ليلة !
بواسطة
في 08-02-2019 عند 18:31 (576 الزيارات)
.
.
.
.
.
.
سواء كان القمر مكتمل أو هلالاً ، وحتى عندما يكون منتصفاً تماماً أو يكاد لا يظهر إطلاقاً في السماء
في كلّ تلك الليالي القاتمة المنيرة !
كان يطرق على النافذة ، وما أن أهب ساحبة الستارة حتى أراه جالسا على جدار فناء المنزل القصير
يحرّك ساقيه بعبث وكذلك حاجبيه بطريقة أولئك الناس ذوي الظلّ الخفيف !
ولكن هذه الدعابة كانت مخيفة بالنسبة لي في الأيّام الأولى
لتأتي الأيّام التالية وقد كنت مستعدة إلى جنب الستارة
أنتظر تلك الطرقات حتى أسحب الستارة بسرعة وأراه وهو يطرق على النافذة
ولكن في كلّ مرة ومهما أسرعت أجده جالسا أمام النافذة على طرف الجدار
يحرّك ساقيه ، وأحيانا حاجبيه عندما يريد لفت نظري
بعد أيّام بل شهور كثيرة ، استقرّ الاعتياد على الأمر في نفسي
حتى خرجت ذلك اليوم ، خرجت لأقابله حيث يجلس على ذلك الجدار
كان صوته رقيق عندما قال
" لا أفهم سبب حيرتك واهتمامك الزائد "
قمت بمطّ شفتي وأنا أجيبه متذمرة
" إيّاك وهذه التلميحات ! إن حيرتي واهتمامي سببها شيء واحد فقط "
رفع ذاك الشخص حاجبيه كما لو كان يجاملني ويسخر ، ولكنني أكملت كلامي بفضول كبير
" مالذي يجعلك تظهر في الليل فقط !
هل أنت مجرم متخفّي !
هل تكشف الشمس جرمك وتسلّمك للسلطات ! "
أجاب ذاك الشخص ضاحكا " مسكينة أنتِ ، ربّما لست متسكعا كما تظنين !
ربّما أنشغل في وظيفتي وأعمالي في النهار
هل عليّ أن أحدّق في نافذة غرفتك في كل أوقات النهار ! "
وعندما نفيت برأسي بإصرار وقرأ في عينيّ اليقين ، ضحك ذاك الشخص مجددا
" إذا فأنتِ تتحرّين عنّي ! "
نطقت بتوتر أدافع عن نفسي " كلا بل .."
لكنه قاطعني بهدوء
" بل نعم نعم ! في الأساس هذا الاهتمام اللطيف نقطة لصالحي "
بإصرار نطقت مجددا " قلتُ ..."
ولكنه قاطعني مجددا " إن أردتِ معرفة الأمر ستصمتين ! وإلا سأغيّر رأيي وأصمت أنا .."
وحينها وجدت نفسي صامتة بانتباه كبير بينما نطق ذاك الشخص الليليّ المجهول
" لو خرجتُ نهارا لن تلاحقني السلطات ! ولكن الشمس ستجعل جلدي يتآكل ! "
وحينما سمعت جملته تلك ، طفقت ضربات قلبي تخفق بقوّة
وأنا أتأكّد من شكوكي نحوه ومخاوفي التي لطالما طردتها من رأسي البريء
" قبل أن تهربي يا فتاتي هل تعلمين صعوبة الأمر عندما يتطاير الهيموجلوبين من جسدك
وتعجز عن تعويضه فقط لأنّك لا تحبّ الدماء ! "
كنت أرتعش ملتصقة بجدار بيتنا بينما كان جالسا في مكانه بملل وهدوء يكمل كلامه بأناقة
" لهذا السبب ترينني هزيلا ومرهقا هكذا ..انتظرت على الباب طويلا بأدب ألا تقدّم فتاة طيّبة مثلك أي مساعدة ! "
وهنا هتفت من بين دموعي التي كانت تترقرق على خديّ
" نعم ، نعم ، لديّ أقراصٌ كثيرة ، أقراص تعوّض الهيموجلوبين ! "
وهنا ضرب ذاك الشخص رأسه بأسى
" نعم تلك الأقراص ، لتعاستي نفدت من الصيدلية المجاورة منذ ذلك اليوم ! "
قطّبت حاجبيّ متسائلة " أيّ يوم ؟ "
" في اليوم الذي طرقت فيه نافذة غرفتك أوّل مرة ..
كنت في طريقي إلى صيدلية أخرى ولكنّني اخترت التوقّف عند نافذة غرفتك
في كلّ مرة أشعر بأنّ ذلك أكثر نفعاً بالنسبة لي من البحث عن أقراصي في الصيدلية ! "
حرّك شريط الأقراص بين أنامله ناطقا بحاجبين مائلين
" يقول العلماء إنني مصاب بالبورفيريا ! ،
لا أعلم إن كان يشكلّ فرقا لو قلت أنني مصاص دماء "
البورفيريا
مرض نادر جداً وينتج عن مشكلة في عمل الإنزيمات الخاصة بتحويل مادة الهيموجلوبين إلى مادة االبورفيرين في الدم
وهي المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى مختلف أعضاء الجسم.
فينتج عن ذلك نقص مادة الهيموجلوبين، وتراكم مادة البورفيرين
التي تؤدى إلى تقرحات وتآكل في الجلد إذا تعرض الإنسان إلى ضوء الشمس !
وأيضا حدوث تقلص في عضلات الفم والشفاه، مما يؤدي إلى ظهور الأنياب بشكل أكبر من الطبيعي
وكذلك الحساسية من الثوم، لأن الثوم يحفز إنتاج مادة الهيموجلوبين، مما يزيد من حدة أعراض المرض.
ولهذا السبب مريض البورفيريا يحتاج إلى مادة الهيموجلوبين التي يستطيع أن يحصل عليها
من مص أو شرب الدماء الطازجة لتعويض هذا النقص في مادة الهيموجلوبين !!
هل هذا معقول هل هذا حقيقي ؟
لا أعرف حقّا يبدو غريبا بالنسبة لي ><
ما رأيكم أنتم ؟؟؟