الشيء الذي لا يتوقف
بواسطة
في 30-11-2018 عند 05:56 (620 الزيارات)
ماذا سيتغير لو ..تحرّك بناني ضاغطا على إحدى أزرار لوحة المفاتيح !
فكرت بذلك وأنا أتأمل أصابعي الممتدة أمامي ، تفترش الأحرف والأرقام
لقد تغير شيء بها ، كانت أكثر نحولا ، وأكثر طراوة ، ولكن في نظري
أرى شيء أكثر بكثير
رمشت بعيني ، ومخيّلتي ترجع لي منظر أصابعي التي لا تفارق لوحة المفاتيح
كما كانت قبل سنين وسنين ، وكيف تبدو الآن
رمشت بعينيّ مجددا
كان شيء ما يركض ويتحرك دون توقف
قطبت حاجبيّ أتأكد من ثبات الواقع
وحينها قررت أن أضغط على الأزرار
وحينما تحركت أناملي بانسيابية على لوحة المفاتيح
كما لو كان كل شيء كما هو..
شعرت بهوّة في قلبي
شعرت بها في الوقت الذي انطلقت فيه أناملي تعزف على الأحرف مع إيقاع نغمات البيانو
السريع الحزين
" عندما قررت أن أكتب إليك ...وأغراني شيء ما باختيار الحرف الأول للبدء في الكتابة
شعرت بشيء مألوف مخيف ..
كل شيء كما هو يا صديقتي ، رأيت الزمن يركض غروبا تلو شروق وأنا جالسة على كرسيّ الخشبي
أتأمل ذلك من النافذة ، ومع كل ظلال أرى نفسي ، راكضة ولاهثة
أسبق وشعرتِ بشيء كهذا ؟
أعرف أنك تتساءلين كعادتك عن أي "هذا " أتحدث وأنك تقولين إنني لم أتغير
وإنني في الوقت ذاته أتقاسم هذه الفكرة معك ، فأنت لم تتغيري بتسرعك واتهامي ..
أتضحكين الآن ؟
أسبق وشعرت بأن الوحيد الذي يخبرك بمضي الزمن والوقت
هو خطوط جميلة ارتسمت علينا ؟
لما لا نحبها يا صديقتي ؟
أ لأنها رسالة مشفّرة تخبرنا أنه قد حان الوقت لإفساح المجال ...لأرواح أخرى
لأن حلقة الدوران التي كنا بها ، قد باتت تضيق !
ومن عليه التراجع لإفساح الطريق
هو من أرسل له القدر رسالة في كفّيه ومهجته ...
ولكن أخبريني يا صديقتي
لمّ أشعر أن روحي لا تزال كما هي ؟
لمَ أشعر بالغصة بسبب وقوفي على الطرف هنا
وسرعة التعب والإعياء في جسدي !
ألا يفترض بنا ، أقولها بقوة ولا تحزني
ألا يفترض بنا أن نكون في ختام حلقة الدوران ، ألا يفترض أن نشعر بالرضا في ختام دورتنا
حتى نرقد وننتهي بسلام ! "
مررت يدي على إحدى خطوطي الجميلة ، رسائل القدر البديعة
التي خطّت لي أوسمة الشرف والتكريم وكلمات المديح والثناء الكريم
كانت مثل غمزات ابتسامة لطيفة
تأملت نفسي أبتسم بحنان ، أمام مرآتي الخشبية
لم أشعر بالأسى على وجهي الشاب الصبوح
لأن ذلك الشيء لم يفارقني ...
وإن كنت جيدة فسيعود لي بصورته السابقة يوما ما ..
كنت قد سألتها
ألا يفترض بنا أن نشعر بالرضا في ختام دورتنا وحلقتنا ؟
لقد كانت محقة في جوابها
لا يمكننا أن نشعر بالرضا أبدا لو ظننا أنه ختام حقا
لأنه وبربّنا ..كيف يمكن أن تنتهي دائرة !
ابتسمت مجددا
وأنا أرفع حاجبيّ محدثة نفسي وأهمّ بالنهوض عن كرسيِّ الخشبي
" إنها الحياة ..الشيء الذي لا يتوقف "