الرجل الذي باع برج إيفل مرتين "فيكتور لوستيج" !
بواسطة
في 31-08-2017 عند 09:23 (669 الزيارات)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~
كثير من المحتالين الذين قد نصادفهم يومياً في حياتنا ،
لكن هناك محتالين من نوعٍ آخر ..
أشخاص لا يتكررون و احتلوا مكانهم في التاريخ
ضمن قائمة أذكى الأشخاص و أبرعهم في النصب و الاحتيال على مستوى عالمي ..
و بطل مقالنا هو أحد هؤلاء الأشخاص و الذي عرف بالرجل الذي باع برج إيفل مرتين ..
اسمه فيكتور لوستيج ولد في بوهيميا أو ما يعرف حالياً بجمهورية التشيك
في 4 يناير عام 1890 ، والده كان عمدة بلدة صغيرة تدعى هوستيني ،
برع منذ مراهقته بعمليات النصب التي كانت متواضعة في البداية ،
و في سن التسعة عشر كان يتهرب من الجامعة ليذهب و يقامر بلعبة البوكر و البلياردو ..
ترك دراسته و أخذ يمارس نشاطاته في الرحلات السياحية
على متن السفن المبحرة عبر المحيط الأطلسي بين أوروبا و أمريكا ،
و معظم ضحاياه كانوا من الأثرياء الذين يركبون في الدرجة الأولى
و الذين لا يتوقعون أن محدثهم اللبق ما هو إلا نصاب محترف و هم بنظره مجرد ضحايا سذَّج.
مما ساعد لوستيج على النصب - إلى جانب ذكائه الحاد و أفكاره الفريدة في الاحتيال -
امتلاكه لشكلٍ وسيم يوحي بالثقة ، كما أنه اهتم بأناقته و مظهره الخارجي ،
و أيضاً كان بارعاً و يتحدث 5 لغات ..
أطلق على نفسه أكثر من 47 اسماً مستعاراً و يمتلك العديد من جوازات السفر المزورة ~
جلس فيكتور لوستيج ذات يومٍ ربيعيٍّ يقرأ بعض الصحف ،
فلفتت نظره مقالة تتحدث عن مشاكل مدينة باريس بعد الخروج من الحرب ،
و من ضمنها إصلاح برج إيفل الذي كان آنذاك آيلاً للسقوط و التكاليف الباهظة لهذا العمل ،
مقالة قد لا يهتم لها الكثيرون، لكن مع محتال مثل لوستيج لن تمر هذه المقالة
مرور الكرام ، فالأسطر التي قرأها جعلت ذهنه يتفتَّق عن خطة ماكرة
تتطلب قلباً قوياً و ثقةً بالنفس و قدرةً على الإقناع ،
و جميع هذه الصفات متوفرة في صاحبنا الوسيم الذي قرر أن يبيع برج إيفل ..
فالبرج في ذلك الوقت لم يكن معلماً مهماً تتمسك به المدينة
كغيره من الكاتدرائيات و القصور ، و كان منظره بشعاً بعد الدمار الذي طاله
أثناء الحرب ، لذلك فإن الفكرة التي خطرت لـ لوستيج لم تكن مستحيلة الحدوث ..
و هكذا جمع فيكتور لوستيج ستةً من تجار المعادن في إحدى الفنادق رفيعة المستوى ،
و كان الدليل الذي يجعلهم يصدقونه موجوداً بحوزته ، و هو امتلاكه لبطاقة مزورة
تخوِّله التحدث بأسم الحكومة ..
جلس بينهم و قدَّم نفسه على أنه نائب المدير العام لوزارة البريد و التلغراف
و أخذ يتحدَّث بثقة و طلاقة عن مشروع إصلاح برج إيفل ،
و تردُّد الحكومة في الشروع بتنفيذه بسبب التكاليف الخيالية
التي تستلزم ترميم البرج و طلائه .
ثم أكمل دون أن يرف له جفن قائلاً : و لذلك قررت الحكومة هدمه و بيعه على شكل خردة ..
راقب وجوههم ليرى تأثير كلامه عليهم ، و عندما اطمأن أوضح لهم أن هذا القرار
سيُحدِث ضجةً كبيرةً لذا فإن العملية ستبقى سرية في الوضع الراهن ،
و قد تم اختيارهم بالذات لما يتمتعون به من سمعة طيبة و محترمة ،
و مهمته التي قدم من أجلها هي اختيار واحداً منهم للتعامل معه في هذه العملية ..
كان لوستيج متحدثاً ساحراً و له قدرة رهيبة في التأثير على مستمعيه
لذا أنصت إليه جميع التجار باهتمام بالغ و ليس ذلك فحسب بل صدقوه أيضاً ..
و لكي يضمن نجاح العملية أراد معرفة من هو الأكثر حماساً من بينهم
و الأكثر استعداداً للوقوع في الفخ لذلك أخذهم في جولة لمعاينة البرج ،
و لم يغفل عن إكساب موقفه المزيد من القوة ،
لذلك أقلهم إلى هناك بسيارة ليموزين كان قد استأجرها مسبقاً لهذه العملية.
أخذ لوستيج أثناء الجولة يسألهم عن عروضهم التي سيتقدمون بها
و التي على أساسها سيقع الاختيار على أحدهم ، و
في الواقع كان صاحبنا يعلم مسبقاً من سيختار و هو التاجر آندريه بويسون ،
فقد شعر أنه تاجر مغمور سال لعابه للفوز بصفقة برج إيفل التي
ستكسبه شهرةً لطالما حلم بها أمثاله ..
ظهرت أمام لوستيج عقبة قد تجعل عمليته تفشل ،
و هي زوجة بويسون التي عندما علمت بالمشروع لم ترق لها السرية
و الغموض اللذان يحيطان به و كذلك سرعة التنفيذ ،
فأفضت بشكوكها إلى زوجها الذي تردد هو الآخر ،
لكن لوستيج و بعد خبرةٍ طويلةٍ بالنصب و الاحتيال كان
يعرف كيف يتصرف مع العراقيل التي تواجهه ، فاجتمع بمفرده
مع التاجر آندريه و أخذ يلمح له أن مرتبه الذي يتقاضاه لا يكفي للعيش
ضمن المستوى الذي يريده ، لذلك هو يلجأ لوسائل كسب أخرى
و أنه يحتاج لنوعية خاصة من التعامل ..
فهم آندريه أن لوستيج ما هو إلا موظف فاسد يتقاضى الرشاوى
لذلك اطمأنَّ و عرف أن عرضه سيفوز إن سلمه بعض النقود على شكل رشوة ،
فهو يمتلك الخبرة للتعامل مع هكذا نماذج ،
و زالت عنه أية شكوك كانت قد ساورته من قبل ،
و بذلك انتصر ذكاء لوستيج على حدس المرأة !
تمت عملية النصب بنجاح فائق ،
و لم يحصل فيكتور لوسيتج على ثمن البرج فحسب ،
بل أيضاً حصل على ثمن الرشوة ،
و ما إن أصبحت النقود بحوزته حتى فر هارباً مستقلَّاً القطار المتجه إلى فيينا !
أما التاجر آندريه بويسون الذي سلم النقود بكل ثقة طمعاً بالمجد و الشهرة
اكتشف بعد فترةٍ قصيرةٍ أنه أكبر مغفل ، و خجل من نفسه و شعر بالذل و الإهانة ،
لذلك لم يتقدم ببلاغٍ للشرطة و آثر الصمت لكنه بالتأكيد تعلم
درساً قاسياً لن ينساه أبداً ..
بالنسبة للوستيج بسلام بعد أن ظن أن باريس كلها ستنهض للبحث عنه ،
الأمر الذي شجعه بعد شهرٍ فقط على العودة إليها
و تكرار سيناريو بيع برج إيفل بحذافيره.
فعلاً يستحق لقب اذكى المحتالين
والسلام عليكم زرحمة الله وبركاته~
التعليقات
