كلما حاربت من اجلكِ احببتكِ اكثر ~ قصة قصيرة
بواسطة
في 04-07-2016 عند 09:04 (1102 الزيارات)
جلست في الحديقة متأملةً الزهور الملوّنة من حولها , وعلى شفتيها ابتسامة بريئة نقية , نظرت حولها بعيون لامعة حالمة وتعلّق نظرها على هذه القبة الذهبية الشامخة في السماء , ثم نظرت الى اشتباكات الجنود مع أهالي هذه المدينة المقدسة " القدس" , اهتزّت مشاعرها ورجف قلبها وهي ترى هذه الطفلة التي تشهد مصرع والديها تحدّق بصمت , فصدمة هذه المسكينة اكبر من ان تفهم وتدرك ما حدث .
تفجّرت ينابيع الذكريات فعادت بذاكرتها عندما عادت من المدرسة تزيّن شفتيها ابتسامة وردية , تقفز بمرح وخصلات شعرها الذهبية تلمع تحت اشعة الشمس والسعادة تختلج أحاسيسها , تريد ان تصل الى بيتها بأسرع وقت لتزف لوالدتها خبر نجاحها وحصولها على المرتبة الاولى في مدرستها .
وفجأة وقفت وقد شلّت الصدمة حركتها عندما وجدت الجنود يحوّطون بيتها من كل ناحية , ويقف والديها خارج البيت وايديهما مكبّلة بالاغلال , فذهت مسرعة نحو البيت وصرخت بهم قائلة : ماذا الان ايها الاوغاد ؟ ألا يكفيكم قتل كل هذه الارواح البريئة ؟ ألم تكتفوا بعد ؟ متى ستخرجون من ارضنا الطاهرة !؟
وقفت والدتها امامها تمنعها عما تفعل , لكنها لم تستجب لصراخ امها وتابعت الصراخ الى ان ضاق الجنود بها ذرعا
فرفع احدهم السلاح في وجه الصغيرة يريد قتلها , فزعت والدتها وقفزت امامها تريد حمايتها, فانطلقت الرصاصة لتخترق جسدها , وهنا تجمدت الدماء في عروق الصغيرة وسقطت مغشيا عليها من هول الصدمة .
فتحت عيونها الزرقاء الصغيرة على سقف الغرفة الابيض فأغمضت عينيها مجددا لتتذكر ما حدث , فوقفت فزِعة تريد الاطمئنان على والدتها , نظرت حولها لتجدها على السرير بجانبها فذهبت اليها تناديها : ماما ...ماما , استيقظي يا حبيبتي استيقظي , اعدك اني لن اعود الفتاة المشاكسة , سأطيعك دائما , انظري اليّ لقد نجحت في المدرسة انظري انظري ...
وقفت الصغيرة تبكي وتصرخ تحاول ايقاظ والدتها لكن لا فائدة , لقد ماتت امها , لقد فقدتها الى الابد , وهنا دخل والد الصغيرة على صراخها الذي ملأ ارجاء المشفى ووجدها جاثمة فوق جثة والدتها تبكي بقوة , احتضنها والدها وقال لها :اهدأي يا عزيزتي امك ماتت شهيدة عليك ان تفرحي لها , اهدأي اهدأي .
انتزعها من بحيرة ذكرياتها صوت ابنتها تقول : ماما , ماما , نظرت الى عيون ابنتها بلون العسل الصافي وشعرها البني اللامع المتناثر حولها
الصغيرة : ماما انا جائعة هيا نعود الى البيت .
الام : حسنا عزيزتي اذهبي والعبي مع الفراشات قليلا سنعود بعد قليل .
ارتسمت ابتسامة فرح وبراءة على وجه الطفلة وذهبت تجري وتلعب بسعادة , واتجهت نظرات الام مرة اخرى الى تلك القبة الذهبية وقالت تحدّث نفسها : كم اشتقت اليكِ يا امي الحبيبة , عندما كنت صغيرة لم ادرك معنى الوطن والانتماء اليه لكن الان انا اتذكر كلماتك جيدا "كلما حاربت من اجلكِ احببتك اكثر " .
كلما حاربت من أجلك... أحببتك أكثر
أي ترب غير هذا الترب من مسك وعنبر
أي أفق غير هذا الأفق في الدنيا معطر
كلما دافعت عن أرضك عود العمر يخضر
وجناحي يا «فلسطين» على القمة ينشر
*******
يا «فلسطين» أنظري شعبك في أروع منظر
بلظى الثورة والتشريد للعالم يثأر
لم يحرّر وطن إلا إذا الشعب تحرّر
كل إنسان له دار وأحلام ومزهر
وأنا الحامل تاريخ بلادي أتعثر
وعلى كل طريق لم أزل أشعث أغبر
وفي الختام اتمنى انها قد حازت على رضاكم ^^
والى اللقاء
وكل الشكر للمبدعة SANGUINE على التصاميم المبهرة
التعليقات
