لَيْلة وَليسَت أيْ لَيْلة
بواسطة
في 28-02-2015 عند 21:48 (1858 الزيارات)
ليلة كغيرها من الليالي ستكون عابرة , ستمضي بهدوء
[ليلة ساكنة] أو هذا ما خُيّل إلي...
ليلة , وما أطولها من ليلة!...
رقدتُ في سريري أتصفح هاتفي ,
نظرتُ لساعة الهاتف فوجدتُها قد تجاوزت الحادية عشر ليلاً ,
أقفلتُ هاتفي واتخذت جانبي اليمين مضجعي الأولي ,
قرأتُ المعوذات وأغمضتُ عيناي , أهيّئ ذاتي للنوم ,
ستُعارضني أحلام لأتحكم بها وسأتجاوزها ومن ثم سأغفو وأنام , أو هذا ما ظننتُه !...
إنها الثانية عشر الآن وعيناي لا تنام ,
فتحتُ هاتفي مجدداً وبدأت أتصفحه وجلّ ما يجول بداخلي:
"توقف , أنا لا أسمعك , اصمت , اهدئي"
إنها الواحدة الآن وبدأت أشعر بالنوم يستولي على جسدي ,
أغمضتُ عيناي بهدوء وغفوت دقائق معدودة ,
أُوقظتُ بفزع على أصوات كلابٍ نابحة وبُكاء أطفال ,
اقشعرّ بدني من أصواتهم وكأنهم في غرفتي يصرخون...
"أرجوكم دعوني أنام" ,
"لا تفزعوا النوم فبالكاد جاءني مُبكراً هذه الليلة" ,
"ما بالي أسمع أصواتاً بعيدة بوضوح" ,
"ما كان علي أخذ ذاك الدواء" ,
"مهلاً أصوات؟" ,
"أيعقل أنهم....؟!"...
أشعر بخدر في أطرافي والرؤيا خافتة جداً ,
بدأتُ أقرأ المعوذات مجدداً وها أنا أشعر بدفئ أنفاسي أسفل الغطاء ,
بدأتُ التسبيح وأغمضتُ عيناي مجدداً ,
ستتلاشى أصواتهم حتماً وتلاشت بعد وقت حقاً ,
فتحتُ عيناي ورفعتُ الغطاء عن وجهي ,
ظننتُ الأمر سينتهي هنا ولكنها ليلة وليست أي ليلة...
أطرافي دافئة جداً ,
تعرق شديد وزيادة اضطراب الرؤيا ,
صُداع فظيع وبُركان يشتعل بداخلي...
"يا إلهي متى ستنتهي هذه الليلة!" ,
"أشعر بدماغي يتمزق" ,
"هل سبب ما يحدث الآن هو ذاك الدواء حقاً؟"...
إلتفتُ للهاتف مجدداً لأعرف الساعة ,
إنها الثانية فجراً ,
ليلة...وما أطولها من ليلة!...
أرعبت رياح قوية دقات قلبي وسارعت في ضرباتها ,
وكأنني مستلقية في صحراء قاحلة ,
يضربني الهواء من جميع الاتجاهات ,
"لا بأس , إنها رياح وحسب" ,
وعدتُ لأسمع نباح الكلاب ونحيب الأطفال ,
للحظات خلتُ أنهم من العالم الآخر ,
وأنني بدأتُ ألحظ وجودهم الآن فقط ,
شعرتُ بنظرات أحدهم لي من الخلف ولكنني لم ألتفت !
"ما بالي أهذي؟" ,
"هل بدأتُ أفقد صوابي؟" ,
ليس في البيت غيري وأنا في احتياج لصوت يُهدئني ,
نبرة حنونة تطمئني ويد دافئة تُشعرني بالأمان ,
لكن ما من أحد في البيت ,
"مهلاً أنا وحدي في البيت؟..."
"وحدي في البيت؟؟..."
ثوان فقط أدركتُ بها الأمر ,
وحينها تهتُ في نوبة بكاء لا أتحكم بها...
لربما الدواء ليس السبب بما حدث ,
بل وأكاد أجزم أنها الوِحدة التي أعيشها مؤقتاً ,
هجرني الأمل في لقائهم تِلك الليلة ,
وللمرة الثانية في حياتي شعرتُ أنني جسد بلا رُوح...
أن تغفو في غرفتك في البيت الذي اعتدت أن يناما هُما بداخله أيضاً ,
أن تعود من العمل وتفتح باب البيت بالمفتاح بدلاً من طرق جرس الباب ليُفتح لك ,
أن تدخل البيت فتراه ساكناً ثم لا تسمع "يعطيك العافية" من أي منهما ,
أن تبدل ثيابك سريعاً كي تُباشر في اعداد طعام ستأكله دون مشاركة أحد ,
أن تجلس بالصالة وحيداً وتتخذ من التلفاز أنيساً لك ,
أن تتلفت إلى الجدران لعلها تتحدث إليك , تؤنس وحدتك المُوحشة تِلك ,
أن تعد الشاي لوحدك بعدما كنت تسألهما إن كان يرغبان باحتسائه أيضاً ,
أن تشتري المأكولات التي يحبانها وتأكلها وحدك ,
أن تزورك نوبات البكاء عسى أن تخفف عنك ولكنها تزيد الأمر سوءاً ,
أن....أن....وأن...
جميعها مشاعر وأحاسيس صعبة ,
أتمنى ألا يمر أحد بها ,
فهي في أحيان كثيرة قاتلة وإن لم تمت حقاً...