مارلون براندو , رجلُ ذو موقفٍ نبيل .
بواسطة
في 26-09-2014 عند 23:05 (1597 الزيارات)
مارلون براندو , رجلُ ذو موقفٍ نبيل .
[ العراب , صدقُ التقمص ]
مبدعٌ من نوعٍ فريد , ذو رؤية فنية عميقة , على شواطئِ عينيه تولد أشجارُ التحدي , و من تعابيره ترتفع أغنيات الكفاح , يخلعُ معطف التقليدية بعيدًا ويضعٌ قدمًا على فوّهة الألم و أخرى في شرايين المستقبل .. ليحملَ شعلة الابداع و الأداء الواقعي , مارلون براندو " عراب السينما " , وُلدَ في زاوية معتمة , لأبويين يعانيان من مشاكل عائلية و أخرى في ادمان الخمر , والده الذي كان يوبخه على أي حدث , ويلقِ عليه التهم و التذمرات , والدته ممثلة مغمورة , كانت تقيم الدروس التمثيلية حينها , ومن ثمّ تلاشت خلفَ العدم و الظلال و فضلت الشرب و السهر في أماكن ليلية .. وبرغم أنها كانت ذا حظّ قليل إلا أنها أورثت " براندو " حبّ السينما ووضعت كُل أحلامها في قلبه , و الذي صعدَ بها إلى فضاءِ هوليود عبر سحابةِ الأداء المتقن و الصدق .. لم تحتوهِ تلكَ المدارس التي دخلها , وكما كان يقول له والده بأن يشقَ طريقهٌ بنفسه , توجّه للعمل كـمشغل مصعد في أحد الأسواق , وما أن تحسست أقدامه طريقَ السينما و الفن لم يفارق ذاكرتها منذ ذلك الحين , كان هذا في نهاية الأربعينات , قدّم فيلمه الأول the men , و رغم النجاح الذي حققه , إلا أن العام التالي كان مختلفًا ؛ إذ رٌشح للأوسكار عن فيلمه الآخر و تلاها بعدّة ترشيحات و حصد أوسكاره الأول عام 1955 , يكاد أن يكون الممثل الهوليودي الوحيد الذي رُشح لأربع أوسكارات متتالية , ولا يلامسُ أطراف تلكَ المعجزة إلا آل باتشينو .. تخبطَ قليلًا في الستينات , وسارَ عبر الدروب الوعرة و الأفلام التجارية , لكن ما أن وجدَ نافذةً يطلّ منها إلى نصٍ يشبع غروره كممثل وافقَ بمبلغٍ لا يكاد يذكر مقارنة بأعماله الفاخرة , كان فيلم العراب .. الذي وضعَ فيه جلَ اهتمامه , ونظرته السينمائية المبتكرة و التي كانت مدرسة بحد ذاتها , كان ظهوره قليلًا .. لكن ما أن يظهر حتى تجد نفسك مشدوهًا بهذا الحضور العظيم و الصوت ذي الرهبة .. ولأن أداؤه صادق , كانَ على المشاهد أن يحرس نفسه وبقايا شخصيته من التأثر به , خاصةً في الافتتاحية المرعبة و المعتقة بالحوارات العميقة , في حين أنها لم تتجاوز الست دقائق " أنا أؤمن بأمريكا , أمريكا صنعت ثروتي .. إلى آخر الحوار .. " لم يتوقف هنا قدّم أفلامًا ماتعة .. أشهرها " Apocalypse Now " و " the score "
[ الأوسكار , موقف ]
رجلٌ ذو موقفٍ نبيل , تجلى ذلك في مواقفه الصادقة للقضية العربية و الفلسطينية , و في وعيه المضيء , و روحهِ الطيّبة , وفي تفهمه للعذابات الانسانية , و الحروب التي اجتاحت الدول البريئة , دفعَ النوافذ و صرخ عاليًا و ردد الرفض لما فعله البيض للهنود , وفي حفل توزيع جوائز الاوسكار عام 1972 , تركَ امرأة من الهنودِ الحمر تصعد المنصة , وتقول أمام الملأ أن براندو يرفض الجائزة احتجاجا على ما يحدث بحقهم ..
[ تلويحةُ اللقاء الأول ]
لم أكن أهتم بمارلون براندو قدر اهتمامي بآل باتشينو و جاك نيكلسون , أذكرُ جيدًا أنني و ما أن بلغت الخامس عشر من العمر حتى امتلكت جهاز " الدش " يومها عرضَ الجزءَ الأول من " العراب " هذي السلسلة العبقرية , ولأنني انشغلت وقتها بمبارةٍ كُنت أحد لاعبيها الأساسين , وضعتُ جهاز الفيديو في وضعية التسجيل وخرجت , وحينَ عدتُ منتصرًا في المبارة لم أجد شيئًا تم تسجيله , فقط أول 10 دقائق , ومقطوعة البدء للفيلم .. فالكهرباء ساعتها كان يتربصُ بأحلامي البريئة وخيالاتي السينمائية , كانت رهبة مارلون براندو أو الدون فيتو كورليوني محرضة للبحث و السفر لأجل اكمال هذا الفيلم , من محل فيديو إلى آخر و الأبواب تَصفِقُ بي و ترفضني أن أكمل مشاهدته , وحينما تجاوزت السابعة عشر و جدته في ركنٍ شرقي , نعم في محلٍ لبيع الأغاني الشرقية , مددت يدي لشرائه , فسبقني البائع وقال : ليس للبيع , حاولت اقناعه بأي مبلغ و في الأخير وافق .. كانت فرحةً و لحظة أشد من أي وقتٍ مضى , مارلون براندو - آل باتشينو .. يااااااااه .. ليلة عظمية .. ومن يومها شاهدت معظم أعماله القديمة و ما قدّمه في أواخر حياته the score مع روبيرت دينيرو و ادوارد نورتن .. ولأنني لا أنسَ دون فيتو كرليوني , وضعت صورةً كبيرة في زوايا غرفتي تحمله ؛ علّني أعطيهِ قليلًا مما أغدقنا به .. !
مدونتي :
http://mohannad91.wordpress.com