( بل الإنسان على نفسه بصيرة , ولو ألقى معاذيره )
بواسطة
في 22-04-2012 عند 18:01 (2293 الزيارات)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
هيّا يا بنيتي , أعدي اللبن , و اخلطيه بالماء , وخذيه إلى السوق , كي نبيعهُ بربحٍ أكبر .
عباراتٌ رددتُها كثيراً , بعدما حفظتها , في الصف الرابع الإبتدائي
في هذه القصةِ البسيطة عن عمر بن الخطاب , و تجوالهِ في مدينته , ليتفقد احوالها
عبرٌ كثيرة , و مع أنني لم أُدرك ذلك و قتها , ولم أفهم لماذا اعترضت البنت على أمها قائلة : ( إذا لم يكن عمر يرانا فالله تعالى يرانا ) , حيثُ أنني لم أُدرك وقتها أن خلط اللبن بالماءِ غش , ولم تخبرني المعلمة بذلك , و الآن بعد سنوات , أربط هذه القصةَ بالرقابة الذاتية , فأيُّ حبّ لله , ورهبةِ منه , وخجلٍ منه , في قلب هذه الفتاة , و أي حكمةٍ في هذا الجواب , رغم تعرضها للفقر والجوع , رغم أوامر أمها , رغم أنها صغيرةٌ في السن , إلا أنها اعترضت , لأنها علمت بأن الله يراها ..
.
.عبادة الله يجبُ أن تكون بين خوفِ و رجاء ,
خوفٌ من عذابه و رجاءٌ لرحمته , خوفٌ ورجاء
ولكن أذلك كافٍ ليكون رادعاً لنا عن فعل المعاصي ؟
, الجوابُ هو لا , الخوف والرجاء ليسا كافيين ,
فأعظم ما يُعبدُ به الله هو الحب , استشعار حب الله ,
حب الله هو الأساس , نحبه ثم نخافه ونرجوه , و هل يعصي من يحب حبيبه ؟
تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
.
.
بتعزيز حبنا لله , سنكون لنفسنا درعاً منيعة , سنتقي المعاصي , لأننا بحبنا له ,
سنحب ما يحب و نكره ما يكره , و لاختصار كل ما قلته أستطيع أن أقول :
( حبُّ الله هو الوسيلة لتحقيق الرقابة الذاتية )
كيف نعزز حب الله :
لعل من أهم أسباب حب الله معرفة أسمائه و صفاته , قراءتها و إستيعابُها , استشعار عظمته , مقدار رحمته بنا وحبه لنا , قراءة كلماتها وفهمها و تفسيرها .
أما بالنسبة لأطفالنا ,
فمن أكبر الأخطاء تخويف الأطفال من الله منذ صغرهم , و منعهم مما هو محرم دون توضيح ذلك لهم , يجب زرع حب الله في قلوب أطفلنا , يجب إشعارهم بعظمة ما يقومون إذا صلوا , و مكافأتهم , يجب توضوح أسباب المنع , و توضيح الحكمة من التحريم .
الأطفال ليسوا بلا عقل , ليسوا ( بشراً ) مع وقف التنفيذ , لعل أكبر دليل على ذلك
قصة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع الحسن ابن علي -رضي الله عنه - ,
حين مد يده ليأكل تمراً من تمر الصدقات , فقال له الرسول
-صلى الله عليه وسلم - : ( كخ كخ , ألا تعلم أننا لا نأكل من الصدقة )
, هنا وضح الرسول صلى الله عليه وسلم للطفل سبب منعه من أكل التمرة , وربى بذلك فيه الشعور بالمسؤولية , الشعور بالثقة , بحيث لم يهمشه , لم يأخذ التمرة من يده ويضعها في مكانٍ بعيد لألا يأكلها , لو فعل ذلك لشعر الطفل بالمنع دون مبرر , ولو عومل دوماً - بالمنع دون مبررات واضحة , ربما يفعل الطفل الخطأ فقط ليري أهله أنه يستطيع فعلها , لإقناع الطفل , يجب أن نخاطب قلبه وعقله معاً , بالحب و الشرح , ليقتنع نزرع فيه منذ الطفولة حب الله له وحبنا له خوفنا عليه , ثم بعدها نوضح له الأسباب و نحاول إقناعه , ولو ربي منذ الطفولة على حب الله و الحياء منه , فإن نفسهُ ستكون رقيبة عليه تلقائياً و سيكون وقوعه في الذنوب قليلاً - بإذن الله - .
هفوات :
إن وقعتَ في ذنب , فلا تبرر لنفسك , لا تبحث عن أحاديث ضعيفة , أقوال قليلة , ثم تبرر لنفسك خطأك , فذلك اكبر من الخطء ذاته , ربما من أكثر ما نقع فيه أننا نبحثُ عن باب لما نفعل , أننا نحاول أن نبرر , و نتوسع في تفكيرنا ونخرج ما فعلناه من نطاق الحرام بمزاجنا , وبذلك نتخلص من شعورنا بالسوء , ويتوقف ضميرنا عن العمل , و تتوقف رقابتنا .
فمثلاً لا شيء يسمى كذبةً بيضاء فالكذب كذبٌ مهما كان .
أظن أنني بهذا إنتهيت
القراءة والبحثُ في الموضوع كان مفيداً و جميلاً جداً
أنصح بمشاهدة هذه الحلقة
من حجر الزاوية للشيخ الكبير سلمان العودة
.
.
.
.
كما أود أن أُنهي كلامي بحديث الرسول صلى الله عليه و سلم
( أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ )
.
.
أوصيكم و نفسي , بالحياء من الله الذي وهبنا كل هذه النعم
, ذو الرحمة الواسعة سبحانه , خلقنا ورزقنا ,
و فتح لنا باب التوبة واسعاً كبيراً , فالجدير بنا , ألا نعصيه سبحانه ..
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
الموضوع مشارك في مسابقة مدونة مكسات ..