blue_ocean
22-07-2011, 01:13
http://dc14.******.com/i/03193/myk7f4q6ca41.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحب بالكل ، بخير إن شاء الله يا رب
المهم القصة كانت اصلا مكتوبة لمسابقة الحلم الروائيو بما ان اتجنيت عليها فجاة تم التخلي عنها وقتها :ضحكة:
أتمنى تعجبكم و أكيد الصورة تصميم سيمون ربي يسعدها يا رب :o
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
عندما كنا في المرحلة الابتدائية قالوا لنا أن الدائرة مجموعة لا نهائية من النقاط ، والنقطة هي أصغر وحدات الأشكال الهندسية .
مثلها مثل الذرة أو الخلية كلها تسميات تشير إلى أصغر وحدات البناء ، ننظر نحن البشر لهذه المسميات نظرتنا العلمية ..
نركز على كبار الأمور و نتناسى أصغرها ، فمن كان يصدق أن مفهوم الدائرة التي ليس لها بداية أو نهاية أحد وقائع الأمور وإن قمت بإستئصال نقطة يخرج ما يحل محلها من حيث لا تدري فالدائرة يجب أن تكتمل وألا تتوقف لأي سبب كان ...
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
تهاويت على أحد مقاعد غرفة الانتظار لأدفن بعدها وجهي بين راحتي ، اللعنة على القلق الذي لا يتوقف عن غزو عقلي ويفرض عليه أسوء الأفكار فيفقدني سيطرتي على أعصابي التي أصبحت رخوة ، تنهدت بقوة عندما شعرت بيدين تطوقاني بحنان و قبلة دافئة طبعت على شعري الأسود ، سمعتها تقول بصوت هادئ يفيض منه الحب :
-لا تقلق يا بني .. ستكون زوجتك بخير و ستسعد بطفل جميل
تمتمت بضعف :
-أشعر وكأنه مر دهر يا أمي
جلست بجانبي و أمسكت يدي بحنان :
-كلا عزيزي .. فقط القلق يوهمك بذلك .. أظنك ستحظى بطفل مشاكس مثلك - صمتت لبرهة- لابد انه يقاوم الخروج للحياة فهو يعتبر رحم أمه أوسع وأفضل من العالم أجمع
حولت نظراتها المبتسمة إليّ ، وأكملت :
- وهذا رائع سيكون مقاتل لا يستسلم بسهولة
ابتسمت تلقائياً بشيء من السعادة لوجهها الطيب وحركت رأسي بدليل الموافقة ، تحركتْ باتجاه الباب وقالت قبل أن تخرج :
-سأذهب لشراء شيء تشربه و اتصل بهم لأعرف لم تأخروا ..
جثم الصمت على صدري وكرهته أكثر من أي وقت مضى في حياتي ، عاد القلق ليفرض وساوسه ويحتل تفكيري ، لم أعتد بعد على فكرة أني تزوجت و مسئول عن بيت وها أنا ذا سأصبح أباً ..
"أب" وقع أنغام الكلمة قوي في رأسي ، لتتخبط المشاعر في داخلي على غير هدى غير متأكدة من كنتها ، سبحان الله! كم هو جميل أن تكون أباً و يا لها من نعمة ، لكن ماذا إذا فشلت ؟! ماذا أن خيبت ظن طفلي بي يوما ؟! و ندى..... تتألم بقوة الآن و أنا لا أستطيع أن أفعل لها شيئا سوى أن أجلس مكتوف اليدين ، شعرت بتيارات من اليأس و الخوف تهز جسدي بقوة والدماء هربت لتحتبس بقلبي ، " الحيرة " ربما هذا أفضل تشبيه لحالي الآن .
دخل شخصان إلى الغرفة و بدخولهما كًًسرت لعنة الصمت و أفكاره السوداء عني ولو.. مؤقتا ، جلس شاب قريبا مني ، وإن حاولت تخمين عمره فهو ليس أصغر مني بالكثير ربما عامان ، وهنا رأيت الوضع المعكوس لوضعي ، فهو من يقوم بطمأنة والدته ، ويمكن أن ترى أن راحة البال قد سلبت منها ليتضاعف عمرها بيد القلق، ورغم دعم أبنها لها فالعجز يطل جليا من عينيها الزرقاوتين
"من يرى مصائب الناس تهن عليه مصائبه"
لا اعلم لما طافت هذه الجملة في عقلي الآن ، ربما لأن رؤيتهم تخفف عني قلقي ، أشحت نظري بعيدا عندما تصادمت مع عيناي الشاب المورثتان عن والدته ،شعرت بالحرج الشديد فليس من عادتي مراقبة الناس ، ظهرت أمي عند الباب لتنقذني ، ذهبت إليها مسرعاً ، تاركا صمت غرفة الانتظار ينفرد بغيري ..
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
خرج الشاب من الغرفة بسرعة ، يبدو وكأنه شعر بالحرج عندما أمسكته يراقبنا ،ألتوت شفتاي بمرارة وعدت لأربت على ظهر أمي
عاد قلبي يرتجف من الخوف على أبي ،هل سينجو هذه المرة أيضا؟! ، شعرت بالهلع و ازدادت ضربات قلبي قوة وسرعة
لا سيكون بخير ويتجاوز الأمر مثل كل مرة بإذن الله ، سنعود معاً للبيت و سيعود مجرى الحياة لطبيعتها "ولكن..."
تبا للكن سيكون بخير أنا لم أعهده سوى قوي ، لماذا يا قلبي لا تطمئن وتهدأ؟! ، لماذا تخونني وتنشر مشاعر القلق و النفي ؟!
هززت رأسي بقوة سيكون بخير ، فاليوم لم يسر بشكل طبيعي فقد استيقظت على نداء أمي لي بأن والدي تظهر عليه أعراض الأزمة القلبية مجدداً
الفزع و الألم في كلماتها جعلني اقفز من السرير قفزا ، وعندما دخلت غرفته ... لماذا شعرت أنه كان يتلو عليّ وصيته "فارس ، أعتني بأمك جيداً ،كن رجلاً يعتمد عليه" ..
ها هي ذا الدموع تهددني بالسقوط لا أعلم كيف استطعت نقله للمستشفى ؟! ، كل ما أدركه الآن أن قلبي يتضرع بالدعاء له
- فارس لا تبكي
أبكي؟؟! رفعت يدي لأمسح تلك الدمعات الهاربة لأرد بلطف على أمي :
-أنا لا أبكي يا أمي – صمت قليلا ثم رسمت شبح ابتسامة على شفتي لأطمئنها وأكملت - سيكون بخير لا تقلقي عليه
"منافق" يا لها من كلمة كبير فحواها ولكن حقا أشعر و أني أنافق نفسي قبل أن فعل ذلك مع أمي ، لكن ماذا أقول لها ؟
فتح الباب لتدخل أختى بسرعة ، جلست بجانب أمي و أخذت تنقل نظراتها بيننا برعب وفي النهاية استقرت عليّ :
-ماذا حدث يا فارس ؟
قلت بثبات :
-أنه في غرفة العناية المركزة
حسنا بما أن سنا هنا سأذهب أنا لأطمئن عليه ، فإن كانت الأخبار مفجعة فلا أريد لسواي أن يخبر أمي بأن زوجها الذي شاركته حياتها بكل ما فيها بأنه........ ، قطعت طريق أفكاري بحزم و وقفت قائلاً :
-سنا سأذهب لأطمئن على أبي أبقي هنا مع أمي
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
جلست بجانب ندى على السرير ، لم أتوقع أن أشعر يوماً بما أشعر به الآن ، وكأن قلبي سينفجر من السعادة لينشرها على كل سكان الأرض
من يصدق بأن هذا الصغير أحمر الوجه قادر على أثاره هذه المشاعر فيّ ، السعادة .. قررت مشاعري أن هذا ما يسكن داخلي ، لتجعل القلق والأوهام شيئان لا يستحقا الذكر ، نظرت لوجه زوجتي الشاحب و رغم التعب البادي عليها إلا أن عينيها العسليتان تتوهجان بحب لهذا الملاك الصغير .
نظرت لي وقالت بصوت لا يخطئ أحد في رصد ما يحمله من مشاعر :
-من قال أن السعادة تولد على يدي الألم كان حكيما جداُ
لا أعلم من قال هذه الجملة و لكنه مصيب بكل تاكيد
أبتسمت بخبث و أنا أقول :
-لا يهم من قالها فأنا لن أنسى عضك ليدي و نحن في الطريق إلى هنا
عاد اللون الأحمر ليغزو وجهها الأبيض الشاحب ، أعطتني طفلي الصغير وقالت وهي تداعب خداه
-هيا أعترف ألا يهون كل هذا التعب لأجله
بل ويهون أكثر من ذلك ، دخلت العائلتان إلى الغرفة بسعادة ، حولت نظري لصغيري لتنعكس صورته في عيناي الداكنتان شعرت بالدموع تفيض من عيناي بسخاء
"أنه طفلي الأول و يستحق قدوم العالم بأسره ليحتفل به وليس العائلتان "
تقدم الجدان مني فقمت بوضعه بهدوء في حضن أبي ، ليس هناك ما يمكنه إن يستوعب فرحتي هذه ، انه أفضل يوم يمكن أن أحظى به في حياتي كلها ..
سألني أبي وهو يدرس ما يظهر على صفحة وجهي المليء بتعابير السعادة والانتعاش :
- هل قمت بالتكبير في أذنه
هززت رأسي بالنفي فبادر عمي بالتكبير بأذن حفيده ، أخذت ذاكرتي تتساءل هل فعل أبي ذلك؟ ، أشعر بما أشعر به الآن؟ أتذكر عندما كان يلعب معي الكرة ، أيام وأيام من المشاكسة معه شعرت باختناق مشاعري فهربت من الغرفة طلبا للتهدئة وتركتهم و هم يتحاربون في معركة اختيار اسماً له
استندت على الحائط بالخارج عندما أطل ذلك الشاب الذي تركته في غرفة الانتظار ،كان يبكي هو الآخر ، ولكم اختلفت معاني الدموع الآن
فأنا أبكي لشده فرحي وهو لشدة حزنه ، أختلف المسمى ولكن كلها شدة في شيء ما .
توقف أمامي هو يزيل دموعه بقسوة ، نظرت له بشفقة ، شعرت أنه علي الكلام :
- البقاء لـ لله وحده
هز رأسه بهدوء ودس أحدى يديه في شعره البني ، حول نظره للغرفة التي تعالت منها الأصوات حاملة معها مختلف المشاعر الجياشة
مد يده لي لم ألبث أن احتويتها في يدي وقال بصوت مهزوز وشبح ابتسامه تلوح على شفتيه
-أتمنى أن أكون من أوائل من هنئوك بطفلك ، مبارك لك
خرجت هربا من اختناق الغرفة بالمشاعر فلماذا أشعر أن اختناقي أزداد أكثر
قلت بصوت مخنوق أجش:
-شكراً لك
أتى صوت من خلفي مناديا :
-فارس
نظر لها ليحرك رأسه بدليل انقطاع الأمل النهائي ، كم تمنيت لو أني لم أخرج من الغرفة ، أقترب منها ليحيط كتفيها بيده ويتمت وهما يسيران للغرفة الملعونة
-تماسكي سنا أمنا تحتاج لنا الآن فأرجوكِ تماسكي و لا تنهاري أختاه
من أين له هذه القدرة على التماسك؟ كان الله في عون أسرته ، كنت محقاً عندما قلت أن مواقفنا معكوسة كنا جميعاً معتقلي الانتظار
وكل منا أفرج عنه بشكل مختلف عن الآخر .. على ما أظن أن والده قد مات و أنا ولدي قد بعث للحياة .
أو ليس هذا قانون دائرة الحياة التي لا تتوقف مهما حدث .. وأن فقدت إحدى نقاطها كان هناك ما يظهر لسد الفراغ
تعالت صيحات الاحتجاج مجددا من غرفة طفلي لتخرجني من تأملاتي ، ربما كانت فكرة سيئة أن يحضر الكل الآن
دخلت الغرفة وأنا أقول :
-انتهى الأمر أنا والده وأنا من سيختار اسمه وهو فارس ..
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
دمتم بحفظ الرحمن ^^
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحب بالكل ، بخير إن شاء الله يا رب
المهم القصة كانت اصلا مكتوبة لمسابقة الحلم الروائيو بما ان اتجنيت عليها فجاة تم التخلي عنها وقتها :ضحكة:
أتمنى تعجبكم و أكيد الصورة تصميم سيمون ربي يسعدها يا رب :o
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
عندما كنا في المرحلة الابتدائية قالوا لنا أن الدائرة مجموعة لا نهائية من النقاط ، والنقطة هي أصغر وحدات الأشكال الهندسية .
مثلها مثل الذرة أو الخلية كلها تسميات تشير إلى أصغر وحدات البناء ، ننظر نحن البشر لهذه المسميات نظرتنا العلمية ..
نركز على كبار الأمور و نتناسى أصغرها ، فمن كان يصدق أن مفهوم الدائرة التي ليس لها بداية أو نهاية أحد وقائع الأمور وإن قمت بإستئصال نقطة يخرج ما يحل محلها من حيث لا تدري فالدائرة يجب أن تكتمل وألا تتوقف لأي سبب كان ...
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
تهاويت على أحد مقاعد غرفة الانتظار لأدفن بعدها وجهي بين راحتي ، اللعنة على القلق الذي لا يتوقف عن غزو عقلي ويفرض عليه أسوء الأفكار فيفقدني سيطرتي على أعصابي التي أصبحت رخوة ، تنهدت بقوة عندما شعرت بيدين تطوقاني بحنان و قبلة دافئة طبعت على شعري الأسود ، سمعتها تقول بصوت هادئ يفيض منه الحب :
-لا تقلق يا بني .. ستكون زوجتك بخير و ستسعد بطفل جميل
تمتمت بضعف :
-أشعر وكأنه مر دهر يا أمي
جلست بجانبي و أمسكت يدي بحنان :
-كلا عزيزي .. فقط القلق يوهمك بذلك .. أظنك ستحظى بطفل مشاكس مثلك - صمتت لبرهة- لابد انه يقاوم الخروج للحياة فهو يعتبر رحم أمه أوسع وأفضل من العالم أجمع
حولت نظراتها المبتسمة إليّ ، وأكملت :
- وهذا رائع سيكون مقاتل لا يستسلم بسهولة
ابتسمت تلقائياً بشيء من السعادة لوجهها الطيب وحركت رأسي بدليل الموافقة ، تحركتْ باتجاه الباب وقالت قبل أن تخرج :
-سأذهب لشراء شيء تشربه و اتصل بهم لأعرف لم تأخروا ..
جثم الصمت على صدري وكرهته أكثر من أي وقت مضى في حياتي ، عاد القلق ليفرض وساوسه ويحتل تفكيري ، لم أعتد بعد على فكرة أني تزوجت و مسئول عن بيت وها أنا ذا سأصبح أباً ..
"أب" وقع أنغام الكلمة قوي في رأسي ، لتتخبط المشاعر في داخلي على غير هدى غير متأكدة من كنتها ، سبحان الله! كم هو جميل أن تكون أباً و يا لها من نعمة ، لكن ماذا إذا فشلت ؟! ماذا أن خيبت ظن طفلي بي يوما ؟! و ندى..... تتألم بقوة الآن و أنا لا أستطيع أن أفعل لها شيئا سوى أن أجلس مكتوف اليدين ، شعرت بتيارات من اليأس و الخوف تهز جسدي بقوة والدماء هربت لتحتبس بقلبي ، " الحيرة " ربما هذا أفضل تشبيه لحالي الآن .
دخل شخصان إلى الغرفة و بدخولهما كًًسرت لعنة الصمت و أفكاره السوداء عني ولو.. مؤقتا ، جلس شاب قريبا مني ، وإن حاولت تخمين عمره فهو ليس أصغر مني بالكثير ربما عامان ، وهنا رأيت الوضع المعكوس لوضعي ، فهو من يقوم بطمأنة والدته ، ويمكن أن ترى أن راحة البال قد سلبت منها ليتضاعف عمرها بيد القلق، ورغم دعم أبنها لها فالعجز يطل جليا من عينيها الزرقاوتين
"من يرى مصائب الناس تهن عليه مصائبه"
لا اعلم لما طافت هذه الجملة في عقلي الآن ، ربما لأن رؤيتهم تخفف عني قلقي ، أشحت نظري بعيدا عندما تصادمت مع عيناي الشاب المورثتان عن والدته ،شعرت بالحرج الشديد فليس من عادتي مراقبة الناس ، ظهرت أمي عند الباب لتنقذني ، ذهبت إليها مسرعاً ، تاركا صمت غرفة الانتظار ينفرد بغيري ..
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
خرج الشاب من الغرفة بسرعة ، يبدو وكأنه شعر بالحرج عندما أمسكته يراقبنا ،ألتوت شفتاي بمرارة وعدت لأربت على ظهر أمي
عاد قلبي يرتجف من الخوف على أبي ،هل سينجو هذه المرة أيضا؟! ، شعرت بالهلع و ازدادت ضربات قلبي قوة وسرعة
لا سيكون بخير ويتجاوز الأمر مثل كل مرة بإذن الله ، سنعود معاً للبيت و سيعود مجرى الحياة لطبيعتها "ولكن..."
تبا للكن سيكون بخير أنا لم أعهده سوى قوي ، لماذا يا قلبي لا تطمئن وتهدأ؟! ، لماذا تخونني وتنشر مشاعر القلق و النفي ؟!
هززت رأسي بقوة سيكون بخير ، فاليوم لم يسر بشكل طبيعي فقد استيقظت على نداء أمي لي بأن والدي تظهر عليه أعراض الأزمة القلبية مجدداً
الفزع و الألم في كلماتها جعلني اقفز من السرير قفزا ، وعندما دخلت غرفته ... لماذا شعرت أنه كان يتلو عليّ وصيته "فارس ، أعتني بأمك جيداً ،كن رجلاً يعتمد عليه" ..
ها هي ذا الدموع تهددني بالسقوط لا أعلم كيف استطعت نقله للمستشفى ؟! ، كل ما أدركه الآن أن قلبي يتضرع بالدعاء له
- فارس لا تبكي
أبكي؟؟! رفعت يدي لأمسح تلك الدمعات الهاربة لأرد بلطف على أمي :
-أنا لا أبكي يا أمي – صمت قليلا ثم رسمت شبح ابتسامة على شفتي لأطمئنها وأكملت - سيكون بخير لا تقلقي عليه
"منافق" يا لها من كلمة كبير فحواها ولكن حقا أشعر و أني أنافق نفسي قبل أن فعل ذلك مع أمي ، لكن ماذا أقول لها ؟
فتح الباب لتدخل أختى بسرعة ، جلست بجانب أمي و أخذت تنقل نظراتها بيننا برعب وفي النهاية استقرت عليّ :
-ماذا حدث يا فارس ؟
قلت بثبات :
-أنه في غرفة العناية المركزة
حسنا بما أن سنا هنا سأذهب أنا لأطمئن عليه ، فإن كانت الأخبار مفجعة فلا أريد لسواي أن يخبر أمي بأن زوجها الذي شاركته حياتها بكل ما فيها بأنه........ ، قطعت طريق أفكاري بحزم و وقفت قائلاً :
-سنا سأذهب لأطمئن على أبي أبقي هنا مع أمي
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
جلست بجانب ندى على السرير ، لم أتوقع أن أشعر يوماً بما أشعر به الآن ، وكأن قلبي سينفجر من السعادة لينشرها على كل سكان الأرض
من يصدق بأن هذا الصغير أحمر الوجه قادر على أثاره هذه المشاعر فيّ ، السعادة .. قررت مشاعري أن هذا ما يسكن داخلي ، لتجعل القلق والأوهام شيئان لا يستحقا الذكر ، نظرت لوجه زوجتي الشاحب و رغم التعب البادي عليها إلا أن عينيها العسليتان تتوهجان بحب لهذا الملاك الصغير .
نظرت لي وقالت بصوت لا يخطئ أحد في رصد ما يحمله من مشاعر :
-من قال أن السعادة تولد على يدي الألم كان حكيما جداُ
لا أعلم من قال هذه الجملة و لكنه مصيب بكل تاكيد
أبتسمت بخبث و أنا أقول :
-لا يهم من قالها فأنا لن أنسى عضك ليدي و نحن في الطريق إلى هنا
عاد اللون الأحمر ليغزو وجهها الأبيض الشاحب ، أعطتني طفلي الصغير وقالت وهي تداعب خداه
-هيا أعترف ألا يهون كل هذا التعب لأجله
بل ويهون أكثر من ذلك ، دخلت العائلتان إلى الغرفة بسعادة ، حولت نظري لصغيري لتنعكس صورته في عيناي الداكنتان شعرت بالدموع تفيض من عيناي بسخاء
"أنه طفلي الأول و يستحق قدوم العالم بأسره ليحتفل به وليس العائلتان "
تقدم الجدان مني فقمت بوضعه بهدوء في حضن أبي ، ليس هناك ما يمكنه إن يستوعب فرحتي هذه ، انه أفضل يوم يمكن أن أحظى به في حياتي كلها ..
سألني أبي وهو يدرس ما يظهر على صفحة وجهي المليء بتعابير السعادة والانتعاش :
- هل قمت بالتكبير في أذنه
هززت رأسي بالنفي فبادر عمي بالتكبير بأذن حفيده ، أخذت ذاكرتي تتساءل هل فعل أبي ذلك؟ ، أشعر بما أشعر به الآن؟ أتذكر عندما كان يلعب معي الكرة ، أيام وأيام من المشاكسة معه شعرت باختناق مشاعري فهربت من الغرفة طلبا للتهدئة وتركتهم و هم يتحاربون في معركة اختيار اسماً له
استندت على الحائط بالخارج عندما أطل ذلك الشاب الذي تركته في غرفة الانتظار ،كان يبكي هو الآخر ، ولكم اختلفت معاني الدموع الآن
فأنا أبكي لشده فرحي وهو لشدة حزنه ، أختلف المسمى ولكن كلها شدة في شيء ما .
توقف أمامي هو يزيل دموعه بقسوة ، نظرت له بشفقة ، شعرت أنه علي الكلام :
- البقاء لـ لله وحده
هز رأسه بهدوء ودس أحدى يديه في شعره البني ، حول نظره للغرفة التي تعالت منها الأصوات حاملة معها مختلف المشاعر الجياشة
مد يده لي لم ألبث أن احتويتها في يدي وقال بصوت مهزوز وشبح ابتسامه تلوح على شفتيه
-أتمنى أن أكون من أوائل من هنئوك بطفلك ، مبارك لك
خرجت هربا من اختناق الغرفة بالمشاعر فلماذا أشعر أن اختناقي أزداد أكثر
قلت بصوت مخنوق أجش:
-شكراً لك
أتى صوت من خلفي مناديا :
-فارس
نظر لها ليحرك رأسه بدليل انقطاع الأمل النهائي ، كم تمنيت لو أني لم أخرج من الغرفة ، أقترب منها ليحيط كتفيها بيده ويتمت وهما يسيران للغرفة الملعونة
-تماسكي سنا أمنا تحتاج لنا الآن فأرجوكِ تماسكي و لا تنهاري أختاه
من أين له هذه القدرة على التماسك؟ كان الله في عون أسرته ، كنت محقاً عندما قلت أن مواقفنا معكوسة كنا جميعاً معتقلي الانتظار
وكل منا أفرج عنه بشكل مختلف عن الآخر .. على ما أظن أن والده قد مات و أنا ولدي قد بعث للحياة .
أو ليس هذا قانون دائرة الحياة التي لا تتوقف مهما حدث .. وأن فقدت إحدى نقاطها كان هناك ما يظهر لسد الفراغ
تعالت صيحات الاحتجاج مجددا من غرفة طفلي لتخرجني من تأملاتي ، ربما كانت فكرة سيئة أن يحضر الكل الآن
دخلت الغرفة وأنا أقول :
-انتهى الأمر أنا والده وأنا من سيختار اسمه وهو فارس ..
http://dc15.******.com/i/02336/iz39nv0b4bku.gif
دمتم بحفظ الرحمن ^^