PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : *لــذة انتقامــي....!*لمســابقة"الحلم الروائــي"



همس الهداية
07-03-2011, 15:11
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1410942&d=1299508289
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1410941&d=1299508289

"ليس كل ما يتمناه المرء يدركه"نتوقف أمام هذه العبارة عندما تقف أمامنا عقبات الحياة

تحولُ بيننا وبين ما نتمناه سواء كان خيراً أم شراً

كلما يشغلُنا أننا لا نستطيع العيش بدونه ولو لحظة،ولكن يمر بنا الزمن وتأتينا هذه العبارة ...

لا أعلم هل هي تصبيراً لنا حتى نستطيع مواصلة العيش أم تعبيراً عن عجزنا؟

قد يكون ما نتمناه انتقاماً وكرها من أناس أخذوا أغلى ما لدينا أخمدوا بأيديهم نور أعيننا، وأزالوا بسمة وجوهنا،

غيروا معالم قلوبنا بعد ما كان يغشاها الحب والصفاء أصبحت مرتعاً لظلام الإنتقام...

لكن هناك من يتغمده ربه برحمته فيثلج صدره بالرضا بقضائه وقدره،

ومنا من ينساب شيئاً فشيئاً كالعاصفة تبدأ نسيماً عليلاً، ثم تنمو لتصبح ريح صرصر تدمر كل شيء يقف أمامها

إلى أن تنثر نفسها أشلاء.
●●●●●●●
أمي انظري إلى الأرنب فقد تغلب على الثعلب، صنع تمثالاً على شاكلته ووضعه على بعد من جحره،

حتى يظن الثعلب أنه هو، فيقفز عليه ويسقط في الحفرة التي نصبت تحته

قالت الأم : وهل سيُخدع الثعلب؟

فقال: نعم خُدع وسقط وأنقذ الأرنب صغاره.

قالت: أتمنى ألا يعود الثعلب الليلة القادمة فينغص فرحة أرنبنا.

قال: سيأتي أرنبنا الذكي بخطة جميلة، وهذا ما ننتظره الحلقة القادمة.

قالت: هيا إلى النوم الأن حتى تستيقظ مبكرا.

قال:حسناً أمي ،وقبّل الطفل أمه وأسرع إلى غرفة أبيه وأحضر كرسياً وصعد عليه ليقبّله،

أسعد ذلك الأب فاحتضنه ورد عليه قبلته وزاد.
●●●●●●●
بدا أحمد منذ صغره ذكياً يتعلم من كل شيء حوله، يحب أباه كثيراً ...

كان تعلقه به كبيراً إلى درجة تثير غيرة الأم، التي لم تكن تعلم أن هذان الإثنان سيفرقها القدر قريباً

وهما الآن يعوضان ما سيمران به لاحقاً, كلما نظرالطفل إلى أبيه تمنى أن يصبح مثله ليساعده

على تحقيق بحثه،وكان هذا نفس حُلم الأب،في أن يكمل صغيره المشوار.

كانت الأم تهتم به كثيراً تشاركه كل شيء حتى تستطيع توجيهه وتقويم سلوكه،

تشاركه ما يحب سماعه من مسلسلات الأطفال

كي لا يغدو فريسة للإعلام، يزرع فيه ما يضر ولا ينفع.
●●●●●●●
أمي هيا لنشاهد حلقة اليوم لنرى ما يفعله أرنبنا مع الثعلب المكّار؟

قالت: إذهب وسأحضر لك كعكك المفضل لتتناوله أثناء ذلك.

قال : ستكون حلقة ممتعة اليوم.

قالت: كم تبدو متحمساً لها.

وعندما بدأت الحلقة عاش أحمد فيها كأنه جزء منها يفرح ويضحك مما يفعله الأرنب في الثعلب،

ولكن الموازين قلبت اليوم وكأن القدر يريد أن يُعلم أحمد شيئاً

،فقد خرج أحد الأرانب الصغار على غفلة من والده رغم تحذيره لهم، فبادره الثعلب بالانقضاض

وخطفه وجرى .. نظر بتهكم إلى الأرنب وقال"من يضحك أخيراً يضحك كثيراً"

لم يتحرك الأرنب الكبير قيد أنملة، إكتفى بترك العنان لدموعه لتغرق عيناه في بحرها وهو يشاهد

صغيره بين أنياب الثعلب، قال لأبنائه في حزن :لماذا لا تستمعون إلي؟ وخنقت الدموع بقية كلماته ..

وقف أحمد منفعلاً وقال:لماذا؟ .. لماذا لا يذهب خلف الثعلب وينتقم منه؟

كم أكره جبنه وضعفه هذا ،كان لابد أن يقتله كما قتل ابنه.

احتضنته الأم وقالت له: ليس الإنتقام هو الحل دائماً، فإن ذهب وراءه سيقتله كما قتل ابنه ..

فهو لا يملك خطة للدفاع عن نفسه وعن أبنائه

قال:لا تبرري موقفه يا أمي هذا جبن منه وضعف.

قالت: لا بل تعقلاً منه وحكمة، فالحياة نعمة منّ الله علينا بها، فكيف ندع ظلام الإنتقام يأخذها منا؟

هيا إلى النوم الآن

قالـ :حاضر يا أمي .

وفعل ما اعتاد على فعله كل ليلة

توجه أحمد إلى غرفته مع مشاعر متضاربه بين موقفه من الأرنب وكلام أمه،

هل يسكن إلى كلام أمه ؟أم إلى لذة الإنتقام ونشوته العارمة؟
●●●●●●●
كان هذا منذ خمس سنوات ،قضاها أحمد بين دفء أمه وأبيه، ينقشوا بسلوكهم

في صفحات قلبه الأبيض عبير الحب والصفاء .. لا مكان فيه للكره أو الإنتقام بابه العفو والتسامح ،

تمنوا أن يسابق نموه الزمن ليراه أباه بجواره في مشفاه، يداوي ببسمته ورقته قلب المريض

قبل جسده، يحلم أن يتم معه بحثه ليبزغ إلى الدنيا فيمسح الدمعة،

ويرى البسمة على وجه كل طفل مريض،وضع الأب البذرة في قلب ابنه وتركها تنبت شيئاً فشيئاً،

لتزيد من شغفه بوالده

يتمنى أن يرتدي سترته البيضاء، أن يقف بجواره فيعكس الضوء النابع منه شعاع الأمل في كل قلب كسير.

رن جرس الهاتف فردت الأم:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أين أحمد الآن ؟، لا تخبريني أنه بالمكتبة فنحن في العطله

ضحكت وقالت :بل هو كما قلت

قال: ألا يمل من الكتب أبداً؟ ،أخبريه أن النتيجة ظهرت وسنذهب إلى المدرسة لإحضارها الساعة العاشرة.

قالت :بإذن الله تعالى

حضر أحمد من المكتبة وأخبرته أمه،فذهب إلى المدرسة مع محمود، والكعادة حصلا على المراكز الأولى،

فرحا بنجاحيهما، وذهبا إلى بيت أحمد ليبشرا والدته بالنتيجة.
●●●●●●●
بعد عودة محمود إلى منزله، خلا أحمد بنفسه في

معمل أبيه أمام حاسبه تتراقص في عينه دمعة فرح بالتفوق يخالطها دموع حزن لفراق أبيه الحنون.

وعاد بخاطره إلى تلك الليلة التي لم تمحى من ذاكرته أبداً، كان

قد أكمل أباه فيها بحثه في موضوع سرطان الدم عند الأطفال وكيفية علاجه،

كان الفرح يغمر كل الدنيا حوله، وفي الساعة العاشرة مساءاً من نفس الليلة تلقى والده مكالمة من شخص ما، أيقظ القدر

أحمد ليستمع إلى جانب من فحواها، فتكون شرارة اللهب فيما بعد في قلب الصغير،لم يعرف فيها الطرف الأخر لكن كل ما

سمعه هو رد أباه المنفعل: لا أوافق أبداً على بيع البحث لأي جهة خاصة كانت أو دولة أجنبية، مهما عُرض علي من مال،

بل سيظل ملكا للدولة يستفيد منه الفقير والغني، ولا تحتكره أي جهة مهما كانت.

ثم أغلق الهاتف،دخل أحمد عليه وسأله: من هذا يا أبي؟ فرد عليه بأسى:

هذا إنسان باع دينه وقلبه من أجل المال، ولكن ما الذي أيقظك أنت في هذا الوقت المتأخر؟

قال: أحسست بالعطش فقط.

هدأ الأب وقال له: ما وصلت إليه الآن ليس بجهدي فقط ولكنه أيضاً بتوفيق منًّ الله علي به، وما كنت لأصل إليه لولا ذلك،

وسأترك تنفيذه يوماً عليك، فاتق الله فيه واجعله للفقير قبل الغني،

وإياك أن يغشى ظلام الدنيا قلبك،فبسمة الطفل المريض أمامك لا تقدر بثمن.

رد أحمد ببسمة قائلاً: لا تقل هذا .. بل أنت من سيكمله معي بأمر الله تعالى.
●●●●●●●

همس الهداية
07-03-2011, 15:14
نطق لسان الابن بها وكأنه في العشرين من عمره ،فقبًّل أباه وقال: سأذهب إلى النوم الأن هيا أنت أيضا لتسترح.

اذهب أنت وسألحق بك بعد حفظ الملف ونسخه.

ذهب أحمد إلى غرفته وترك أباه الذي نسخ الملف وحذفه من الجهاز، ثم قام بكتابة رسالة إلى زوجته يخبرها فيها بمكان

الملف، وكأنه يعلم أنها ستقرأها بعد رحيله

رنّ الهاتف مرة أخرى ولكن هذه المرة خرج الأب مسرعا ولحق أحمد به صارخاً : إلى أين تذهب الآن يا أبي؟

رد عليه:اتصل عمك ... مرضت جدتك فجأة لا تقلق وأخبر والدتك بذلك.

أغلق أحمد الباب وقلبه يرجف وكأن يداً ما تنتزعه من جوفه، وهو لا يدرك السبب،هل سيخبر أمه؟

كلا ... لن يقلقها دون داع، سينتظر حتى تعود من نوبتها الليلية في المشفى

مضت الدقائق وهو اقف خلف الباب لا يتحرك

بدت كأنها ساعات طويلة...أمضى الوقت يصارع النوم حتى لا يغلبه ..
●●●●●●●
طق .. طق ..طق

طرقات قوية على الباب تحمل معها خبر كالصاعقة

اصطدمت سيارة أبيه بسيارة كبيرة ونُقل إلى المشفى،جفل الطفل من هول، كان كوقع الصقيع على الجمر


لم تكن أمه بجواره لتخفف من صدمته، أسرع يسابق دقات قلبه إلى وصل إلى مكان أبيه

كان في غرفة العناية المركزة، وكانت أمه هناك تسكب دموعها بجواره

أما هو فقد وقف صامتا كأسد يزأر ولكن زئيره لم يتجاوز صدره

جفت دموعه لينزف قلبه دما، تذكر كلمات أبيه الأخيرة له، وسأل نفسه هل كان يعلم بما سيحدث؟..هل هناك مؤامرة دبرت له؟

ومع أذان الفجر أعلن القلب توقفه عن العمل، لتفارق هذه الروح المحبة جسدها ..

تاركة ورائها دنيا زائفة تبرق كالماس رغم أنها من زجاج ...

عند الركون إليها تتكسر إلى شظايا حادة الحواف تجرح قلوب من ائتمنها.

استرجعت الأم ربها وتصبّرت أمام ولدها حتى لا يغشى قلبه ظلام اليأس
●●●●●●●
عادا للمنزل وتركا إكمال اجراءات الخروج من المشفى لأعمامه.

لم ينطق أحمد بكلمة واحدة، تتضارب الأفكار في رأسه كتضارب الأمواج الهائجة للشاطئ،

إما أن يتحرك من أمامها أو يستمع لها ويجيب عليها ولكن هيهات.

ما إن وصلا حتى وجدا المنزل مقلوبا على عاقبه،

وكانت هناك رسالة تهديد تبلغ الأم بعدم إبلاغ الشرطة حفاظاً على حياة ولدها،والحفاظ على الملف حتى استلامه منها.

تيقنت الأم ساعتها أن الحادث كان مدبراً، لكنها لم تكن تعلم مكان الملف أصلاً حتى تحافظ عليه.

أمسكت الهاتف بسرعة لتتصل بالشرطة

أسرع أحمد وأمسك منها الهاتف وقال:لا تتصلي بالشرطة وحافظي على الملف لكن ليس لهم

بل لي ،سأكون أنا من يأخذ بثأره ويحقق حلمه.

وهنا انفجر الطفل في البكاء كانت دموعه كفيضان النهر يجرف ما أمامه،

احتضنته أمه وأحست لأول مرة بهواء بارد يتخلل جسدها النحيل

مسحت بيدها الحانية دموعه وقالت: إنتقامك له هو تحقيقك لحلمه يا بني،هذا ما ينتظره منك في قبره.

رد أحمد بانفعال: بل سأنتقم له لي، وسأذيق صاحب هذه المكالمة الاخيرة ما ذقته من حرقة، أو

سأجعل ولده يتجرع من نفس الكأس المُر الذي استقيته.
●●●●●●●
لم تعقب الأم على كلامه فهي تعلم ما يمر به وتركته حتى لا يضيق عليه صدره.

مرت أربع سنوات قضاها أحمد في ضياع بين الإنتقام لوالده وبين ما تربى عليه من العفو والتسامح.

عاش وحيداً حبيساً لهمه لا يحدث أحداً به .. يشغل نفسه بالمكتبة والقراءة حتى تعرف على صديقه محمود منذ سنتين.

كان محمود شخصية تخفي همها وراء مرحها أحبه أحمد كثيراً، كانا متلازمين دائما أصبحا كوجهين العملة الواحدة ..

كان والد محمود طبيباً أيضا في نفس مجال تخصص والد أحمد .. ولم يكن يسمح لولده من قبل بتكوين الصدقات مع أحد ..

ولكن حين أخبره بأحمد وافق فوراً ودون مبرر،

دُهش محمود لكنه لم يُعرالموضوع أي اهتمام، فقد كان فرحاً بصديقه الذي أخرجه من قفص أبيه

لا أحد يهتم أو يفكر فيه كل ما يهم والده المال، على الرغم من كونه طبيب إلا أنه لا يعتبر المهنة مصدراً للمال و اللقب فقط.

كان أحمد هو البلسم الشافي الذي يضحكه من قلبه، فهو الحضن الدافئ له

والماء البارد الذي يطفئ حرارة الشوق لحضن والديه.

يضحك معه، يلعب معه،يحزن معه حتى في يوم النجاح يذهب إلى بيته أولاً ليشعر بفرحة النجاح حقاً معه ومع والدته.

فقد حرم في بيته من كل هذا، فحتى كلمة مبارك لا تقال إلا كما تُنتزع الشوكة من الصوف.
●●●●●●●
رنّ الهاتف فرد احمد :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال:وعليكم السلام هل أنت مشغول الليلة؟

قال أحمد: لا.

قال:إذن سأعزم نفسي عندك الليلة للاحتفال بالنجاح، ما رأيك؟

فرد عليه:أهلاً بك دوماً في منزلك.

فقال:لا انتظر الترحيب منك سأحضر حتى لو رفضت ، ثم ضحك وهو يكمل: تراني في المساء، السلام عليكم.

وضع أحمد السماعة وتوجه إلى غرفة أبيه فشد انتباهه سيارة لعبة أحضرها له والده، وسأل نفسه:

من الذي أحضرها إلى هنا؟

أخذها وكعادته لم يترك شيئ إلا وفك أجزائه، فكانت الدهشة عندما وجد بداخلها ورقة مطوية قرأ فحواها واندفع ينادي لأمه:

أمي ...أمي

أسرع إلى المطبخ قال: أمي عرفت مكان الملف

ردت الأم باستغراب ودهشة: أين وكيف؟

قال: في جوف لعبة السيارة..

فرحا كثيرا بهذا الخبر، فها قد وجد أحمد بُغيته ليس عليه الآن إلا إكمال دراسته وتحقيق أمنية والده.

أمي:حدثيني أكثر عن البحث وهل كان أحد يعلم به غير أبي؟

همس الهداية
07-03-2011, 15:15
قالت:نعم كان يعلم به زميل له، سرب لشركة أدوية أجنبية معلومات عن البحث، والتي

عرضت على والدك شرائه لكنه رفض وقرر أن يسلمه إلى معهد البحوث

قال:من زميله هذا هل تعرفيه؟وهل تعتقدين أنه له يد في الحادث؟

قالت: يعلم الله يا بني ولكن الوفاة لم تكن مجرد حادث

فرد :سأنتقم وأخذ بثأره وأحقق حُلمه.

قالت: بني هل تذكر قصة الأرنب والثعلب؟ الإنتقام ليس حلا أبدا بل سيفتح عليك دائرة لا بداية لها أو نهاية، واعلم أن الله

يمهل الظالم ولا يهمله، وسيذيقه من نفس كأسه، أمّا أنت فالتزم ما أمرك الله به من عفو وتسامح وخصوصاً عند المقدرة.

قال:لا أطيق يا أمي فلهب ناري لا يطفئه إلا ثلج الإنتقام.

ضمته إلى صدرها :بني ما زلت في الخامسة عشرة من عمرك وتحمل كل هذا عليك بصالح العمل

لتكون أنت النور الذي يزرع البسمة وليس الدمعة

وسينتقم لك الله .. عليك بتحقيق الحلم ليسعد أباك في قبره.

قال:أتمنى أن أكون مثلك ادعي الله أن يُبرد قلبي بالرضا بقدره .
●●●●●●●
طُرق الباب ففتحت الأم وابتسمت فقد كان القادم هو محمود رحبت به ودعنه للدخول قائلة له:

أحمد بانتظارك في غرفته.فرد بصوته المرح:لاتقولي بأنه يقرأ، ألا يكل أو يملّ ..

توجه إلى الغرفة وقفز على ظهره، كالطفل ضحك أحمد وقال:ستبقى هكذا دائما.

قال:ماذا أخذت منها أنت؟، أخبرني فأنا سأعيش حياتي.

احتفلا الصديقان بتلك الليلة على أوتار من الحب شموعهما ضوء القمر

قال محمود لأحمد بصوت مهتز:أحمد هل ستظل صديقي؟

فالتفت إليه وقال:وهل لديك شكٌ في هذا؟

ثم استطرد بعد تردد: محمود لم أخبرك من قبل ما أفيه في صدري، لقد مات أبي مقتولاً بسبب غدر أحد زملائه به، أخبر

أحدى الشركات الأجنبية بموضوع بحثه وعرضت عليه شرائه لكنه رفض، فدبرت له الشركاً حادثة قضى نحبه إثر ذلك.

تعجب محمود فهذه أول مرة يحدثه أحمد عن الأمر:وهل تعرف هذا الرجل؟

قال: لا ولكني سانتقم منه وسأجعل ولده يذوق ما ذقت.

فنظر إليه برفقٍ وحنان وقال: وما رأي أمك ؟

تنهد أحمد ورد عليه: أمي لا توافقني على الإنتقام بل تحثني على العفو ، هي ترى بأن دائرة الكره لا نهاية لها.

تنهد محمود وقال :كثير من الأباء أحياء لكن هُم في عداد الموتى في تعاملهم مع أولادهم

فلا أتذكر أني عرفت حضن أبي يوماً، وحتى دفء حضن أمي بات منسياً

ترقرقت الدموع في عينيه وهو يكمل:

أحمد ما زلت صغيراً فلا تجعل قلبك يقسو فتقسو على نفسك قبل كل الناس،

فقد رباك أباك على الحب والعفوفحقق أمنيته .. واياك

أن يغشى الظلام قلبك وأعلم أن أمك بانتظار اليوم الذي تراك فيه بالرداء الأبيض،

فارضى بما قسمه الله لك واحتسب للوالد أجر الشهادة عنده تعالى.

فولد هذا الرجل لا ذنب له، وعند الإنتقام سينتقم هو الأخر وعندها لا يقف فيضان الكره أبداً

أحمد ساكون دائما معك بامر الله لا تفرق بيننا الدنيا مهما جرى أعاهدك على هذا وقبض على يد أحمد.
●●●●●●●
كل يوم يمر عليهما تزداد العلاقة بينهما حتى وصل الأمر إلى مبيت محمود عند أحمد بالبيت وأباه سمح له بذلك

إندهش محمود من موافقة أبيه، لكن خطر بباله أن أباه لا يريد ازعاجا منه، فقد كان يجهل ما يفكر به والده.

بعد العودة من المدرسة طلب محمود من أحمد أن يسبقه إلى البيت فهو سيذهب

لإحضار ملابس من بيته وضربه على ظهره بكفه مازحاً وضحك و وهو يركض مبتعداً

نظر أحمد إليه وضحك ثم مضى إلى البيت.

جهز محمود ملابسه ولكنه تفاجأ حين سمع صوت أبيه ينادي عليه فاتجه له بخطى متثاقلة يتقدم ويتأخر حتى

وصل إلى مكتبه قال له:ما أخبار صديقك أحمد وكيف حاله؟

تعجب محمود من السؤال فهو لا يسأله عن نفسه يسأله عن صديقه؟فرد :بخير والحمد لله

قال:هل حدثك من قبل عن أبيه أو أي شيئ؟زادت دهشته فمن أين يعرف والد أحمد لم ينطق أمسكت الدهشة لسانه

واستمر أبوه في الحديث: لقد كان والده يقوم ببحث ما، وقد أخفى الملف عن الجميع وأظنه أخبر ولده بمكانه، لذا أريد منك

معرفة مكان الملف فأنت الأن صديقه المقرب ولا يعقل أن يخفيه عنك.
●●●●●●●
رد محمود بصوت كالغريق لا يجد النفس يحاول أن يكذب ما تسمعه أذنه: لهذا وافقت على صداقتي به،

هل كنت هذا الرجل الذي أخبر عن الشركة عن والده؟

فرد عليه ببرود: نعم ولكني نصحته فلم يستمع أو يتعاون معي

كان محمود يستمع إلى كلام أبيه وتتراقص أمامه صورة أحمد في تلك الليلة عندما أخبره أنه سينتقم من هذا الرجل،

وسيجعل إبنه يشرب من نفس الكأس، لكنه لم يكن يعلم أنه هو هذا الولد الذي أشقاه أبوه بأفعاله،

لم يكن خائفاً من أحمد بل خائفاً على بسمة صديقه وثقته فيه

ثار الولد على أبيه كالبركان وانفجر بصوت عال: كل هذا من أجل المال ..

بعت كل شيئ حتى نفسك أصبح جسدك قبرا لقلبك لا يشعر بأي حنان ما ذنب أحمد؟ ما ذنبي أنا؟

فقد كان ضحكتي ،بسمتي، دمعتي، الدفء الذي ألجأ إليه من برودة قلبك،

كان شمسي في نهارك البارد، وبدري في ليلك المظلم

انفجر في البكاء كشلال من الماء ، كيف أكلمه كيف أنظر إليه بعد الآن؟ ..

ماذا أفعل مع عهده لي؟، لن أخون صديقي لأي سبب وافعل ما يحلو لك

وخرج مسرعاً إلى الباب لكن استوقفه صوت أبيه يقول له بسخرية: إذن سيشرب من كأس أبيه وضحك بصوت عال...


●●●●●●●

همس الهداية
07-03-2011, 15:16
خرج محمود هائما على وجهه ضاقت وأظلمت عليه الدنيا كالطائر الشريد الذي انكسر جناحه تتقاذفه الريح

من كل حدبٍ وصوب،كان أحمد دفء شتائه ونور ظلامه،ونسيم صيفه،وشمس نهاره ،أين يذهب ؟

وأين يتجه الأن؟هل يخبر أحمد بالحقيقة؟ولكن هل سيصدق حبه له بعد ذلك؟

ظن محمود أن أحمد لا يعرف الحقيقة بعد، لم يكن يعلم بأن حوارهما وصل إلى مسامع أحمد

حال اقترابه من الباب ليرى سبب تأخر صديقه

لم يملك أحمد نفسه، فعاد مسرعا إلى أمه كأنه في دوامة ماء لا يجد النفس ولا يدري لها بداية أو نهاية.


●●●●●●●

إرتمى في حضن أمه والدموع تنساب من عينيه صامتاً لا يتكلم .. تعجبت الأم ..

هو لم يفعل هذا عند موت أبيه،ماذا حدث له؟ فسألته:هل محمود بخير أجبني ماذا حدث؟

الرجل الذي أخبر الشركه وشارك في موت أبي والد محمود! ضمته أمه وانتظرت حتى هدأ:وكيف عرفت بهذا؟

سمعت ما دار بينهما حين وصلت الى بيته ..

بُني محمود صديقك الوحيد أنت الذي تعلم مقدار حبه لك ما كذب عليك قط، ولن يخونك أبداً مهما حدث،

إياك أن تأكلك نار الإنتقام، وتأكل صديقك .. بيدك أنت وحدك اجعلها رماداً تنبت فيه زهور الحب.

أمي
وأخذ يبكي بحرقة ... .

قالت له: إذهب الأن وابحث عن صديقك فهو الآن تتقاذفه أمواج ما سمع، وإياك أن تخبره بشئ

حتى أكون أنا من أخبره في الوقت المناسب.

●●●●●●●


خرج أحمد يبحث عن محمود فوجده جالساً فعانقه من الخلف

أين كنت قلقتُ عليك؟

رد عليه: هيا إلى البيت فالجو بارد

أمسك محمود يده ولم يستطع حبس دموعه،لكن أحمد لم يسأله لماذا؟ وعادا إلى البيت،

قرر محمود أن يخبر والدة أحمد بما حدث، و ألا يعود إلى منزله مرة أخرى، سيبحث عن عمل لتوفير المال اللازم لدراسته.

أخبر محمود والدة أحمد بما حدث فقالت له:انسى ما قلته لي فقد كان ما حدث قدر الله أولاً وآخراً وأنت لا ذنب لك ،

واحفظ عهدك مع أحمد في تحقيق حلمه ولا تخبره، فسأفعل ذلك أنا في الوقت المناسب.

●●●●●●●


كانت أماً حكيمة استطاعت أن تجعل من محمود أخا لأحمد، فهي تعلم أن الإنتقام لم يكن يوماً حلاً لشيء ..

امتصت مشاعر الإنتقام من قلب ولدها

وأيضا مشاعر اليأس من قلب محمود لتُحيل الظلام إلى نور وأمل.

أنهيا الإثنان مرحلة الثانوية والتحقا بالجامعة معاً لدراسة الطب،وقرر أحمد أن يعمل هو أيضا فتعرفا على أستاذ لهما في

الجامعة .. عرض عليهما الأخير العمل بشركة أدوية منها لزيادة مداركهما عن الأدوية،

ومنها لتوفير المال اللازم لهما،فوافقا وفرحا بشدة واستلما العمل.....

كانت الأيام وما يجمع بين الصديقين كفيل بإخماد نار الإنتقام واليأس في قلبيهما.

أريد من الجميع أن يبتسم ، فأي لذة انتقام تساوي هذه اللحظة

لقد أصبح له أخاً، وحُرم قاتل والده من احساس الأبوة

أبي الأن أشعر حقا بلذة انتقامي أنا.......



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1410940&d=1299508289

mas1king
07-03-2011, 15:26
حجز

شريد الفكر
07-03-2011, 16:48
:d

النظرة الثاقبة
08-03-2011, 13:52
القصة جميلة وفكرتها كذلك
الأسلوب مثير
فالانتقام ليس منه إلا الندم
وماأجمل أن نتحلى بالسمة العفوية ألا وهي ( الندم)
لذا حال الحادث ومعرفة أمر ما يجب ترك الغضب يهدأ حتى نتصرف بحكمة
دمتم بود

LAST PRINCE
08-03-2011, 14:30
مكاني :تدخين:

همس الهداية
08-03-2011, 15:38
حجز
كالعاده;)

همس الهداية
08-03-2011, 15:42
القصة جميلة وفكرتها كذلك
الأسلوب مثير
فالانتقام ليس منه إلا الندم
وماأجمل أن نتحلى بالسمة العفوية ألا وهي ( الندم)
لذا حال الحادث ومعرفة أمر ما يجب ترك الغضب يهدأ حتى نتصرف بحكمة
دمتم بود
بالعكس ما زادها جمالا هذا الضوء المنير
بالرغم من اني لا اعرفك ولكن سمعت عنك
كانت كلماتك تاجا وشهادة اعتز بها حقا
وليس مثل من يحجزون:d
انرتي صفحتي بهذه النظرة;)

العقد الذهبي
08-03-2011, 15:46
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة دخلت قلبي بمعناها الرائع واسلوبها الراقي
ابدعت عزيزتي بماكتبت اتمنى ان يعلم كل انسان ان الانتقام يؤدي لندم وحزن اكبر
وهذا مابينته لنا قصتك
اتمنى ان نرى ونقرا المزيد من ابداعاتك
سلمت يداك
تحياتي

ice_blue_eyes
08-03-2011, 18:30
الـسلام علـيكم ورحمـة الله وبركـاته

وليـس بـهين ما خطته اناملك !!
معـاني سامية تجسدت في إطار راقـي ،،
فكـرة إنـسانية وتجسيد مبـهر !
بـارك الله فيك وأهنئك على أسلوب وصفك الجميل جداً ^^

Keep up the Good Work

همس الهداية
09-03-2011, 14:25
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة دخلت قلبي بمعناها الرائع واسلوبها الراقي
ابدعت عزيزتي بماكتبت اتمنى ان يعلم كل انسان ان الانتقام يؤدي لندم وحزن اكبر
وهذا مابينته لنا قصتك
اتمنى ان نرى ونقرا المزيد من ابداعاتك
سلمت يداك
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اختي وبارك فيك
ومليون مبروك على النجاح::سعادة::

العقد الذهبي
10-03-2011, 16:08
نسييييييييييييييييييت:d
تم التقييم بممتاز ::جيد::

خيال ماطر
10-03-2011, 17:32
لم ينطق أحمد بكلمة واحدة، تتضارب الأفكار في رأسه كتضارب الأمواج الهائجة للشاطئ،
كان شمسي في نهارك البارد، وبدري في ليلك المظلم..
بصراحة اسلوب جميل في الكتابة ،ولقد عجبت بعض عباراتك التي سردتيها في القصة...
كما ان فكرتها جميلة..
وعندي انتقاد بسيط عليك ،هو ان احمد ومحمود ظهرا لي في بعض مواقف كفتاتين اقرب من انهما ولدين من حيث التصرفات..
استمري في ابداعك اختي ..
موفقة ..
::جيد::

همس الهداية
11-03-2011, 14:10
الـسلام علـيكم ورحمـة الله وبركـاته

وليـس بـهين ما خطته اناملك !!
معـاني سامية تجسدت في إطار راقـي ،،
فكـرة إنـسانية وتجسيد مبـهر !
بـارك الله فيك وأهنئك على أسلوب وصفك الجميل جداً ^^

Keep up the Good Work
بل انار موضوعي كلماتك الراقيه
جزااااااك الله خيرا::جيد::

LAST PRINCE
15-04-2011, 01:14
مكاني :تدخين:




قصةٌ رائعة ،
وأسلوبٌ سردي جميل ^ــ^

فقط عندي مُلاحظة /

رد أحمد بانفعال: بل سأنتقم له لي، وسأذيق صاحب هذه المكالمة الاخيرة ما ذقته من حرقة، أو

سأجعل ولده يتجرع من نفس الكأس المُر الذي استقيته.
لا أتوَقعُ بأنَ طفلاً صغيراً قد يتفوه بمثل هذا الكلام ، فهو رغم مرارتِ الأسى مُجردَ طفل .. لم يعرف بعد من مشاعر الأحقادِ والكره أي شيء :جيد:

وأيضاً .. تسلسل الأحداث في القصة رائِعٌ جداً ، ولكن ..
حتى وصلتِ إلى نهايتها كانت الخاتِمةُ غيرَ مُناسبةٍ البتّة ، فلو كُنتِ ربطتي بعض الأحداثِ ببعضها وأطلتِ قليلاً لربما تناسقت القصةُ كاملةً .


دمتِ بحفظ الله ورعايته ~