PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : عــذراً, و لكــنـي لـم أعــد أريــدك !!



صفحة : [1] 2

فيرا
25-02-2011, 15:02
http://www.lakii.com/vb/smile/20_219.gif



الـــسلامـ عليكمــ و رحمــة الله و بركاتهـ ر=




صبــاحكم || مســاءكمـ ..فــل و عنبــر و يــاسمين




كيفــ حالكم\ن يا أحلى أعضاء؟!




ان شاء الله كلكم حماس xD



المهمز....



دي أول رواية لي هنا بالمنتدى...http://www.anikaos.com/0007-mint/kaos-mint22.gif



بدايةً...أنا أهوى الكتابة و أعشقها...بالإضافة للرسم و العزف ^^"



لكن الكتابة بالمقام الأول لدي http://www.anikaos.com/0007-mint/kaos-mint51.gif



و هذه الرواية كتبت منها 20 فصل و بكتب بالـ 21...أصبحت بمنتصفها الآن ^^



أنا هنزلها عليكم و أتمنى إنها تنال إعجابكم ر=

قبل ما انزلها...انا كنت نشرتها باكتر من منتدى

من ضمنهم منتدى خلاص راح و انتهى ××"

و انا لسه مش كملتها :d

و المنتدى التاني غلقها علشان بيعملوا بقانون التجزئة ...يعني الرواية اجزئها لاربع مواضيع ××"

و المنتدى التاالت منتظرني اكتب الفصل ال21 و ال22 :d

منتظرين من قبل الثورة :d

اسمي بهذه المنتديات Iris ^^



.....



نوع الرواية: دراما من الحياة...رومانس..أكشن...كوميديا بس مش جامدة يعني بسيطة ^^"



التأليف منذ رمضان..إلى الآن....لم أنتهي منها ر=



الله أعلم بعدد البارتات ^^"

( الى الآن 21 بارت )

القصة بالرد الجاي

فيرا
25-02-2011, 15:03
قبــل أن أبدأ...العقد الثاني = من 10 إلى 20 سنة...و العقد الثالث من 20 إلى 30 و الرابع من 30 إلى 40^^"

هذا لأنني سأستخدمها كثيراً ر=

....







مــدخــلـ ~>


* كلــمــا مررت بذلك المكـان رأيت وجــهـكِ يبــتـسم لـي


أقف بمــكاني أتنشق الهواء لأجد عبيـركِ عــالقــاً فــيّ


أغمض عيني لأعود للوراء بذاكرتــي...فـأسمع صوتكِ هـامساً بي


فيــخفق قلبي مــن جــديد


* أفتح عيني لأجدكِ واقفةً أمامي....تنظرين لي


أنظر بداخل عينيكِ لأجد إبتسامته..فأستدير للوراء لأجده قــادمـاً من بعيــد


فـأمد بيدي نحوكِ لأمسك بكِ....لتتلاشى صورتكِ في الأفق البعيد



..................


فــي إحــدى شوارع لنــدن الواسعة كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحاً....


وقف ذلك الشاب من بعيد ينظر إلى ذلك المقهى الواسع الذي كان في إحدى الأركان مطلاً


على الشارع....هنــا و بهذا المكان إجتمعا....و في نفس المكــان إفترقـا...


لقد فضلته عنه...و اختارته بدلاً منه....تركته لتذهب إليه....


و بعينيه الداكنتين شرد في الماضي البعيد...قفز إلى ذاكرته وجهها الباسم....


فرت من عينيه مزيجاً من الألم و الحزن تشكلت على هيئة قطرات متساقطة


فنزلت قطرات المطر لتبلل خصلات شعره....نفخ في يده من البرد


ثم وضعها بجيب معطفه الطويـل...ليخرج منه صورة ....شرد بها مطولاً....


ثم أعادها إلى جيبه...و دفن يديه بجيب معطفه...


ثم أطلق تنهيدة قصيرة تنم عن حزن عميق.....و بداخله شعر بألم و شجن


لا تزال ذكراها في نفسه...بل لا يزال يحبها إلى الآن....


لماذا لا ينساها بكل بساطة كما نسته ؟!...


لماذا ؟!...لماذا؟!...كلها أسئلة تدور بخلده....أسئلة ليست لها إجابات....


أطرق برأسه إلى الأسفل....ثم بحزن قال...


-ليت العالم توقف عند تلك اللحظة...


صمت قليلاً ثم أعقب...


- و لكن ليس كل شيء نتمناه ندركه....ربما كان من الأفضل ألا أراكِ منذ البداية....


أدار وجهه ثم مضى مبتعداً في صمت عن المكان......


......................



<~مخــرج


* و لكـــن كلمــا تــذكرت الماضي شعرت بذلك الألم يعود من جديد


ليـــتني لم أراكِ....ليتني لم أعرفكِ


ليتني......ظللت واقفاً من بعيد

فيرا
25-02-2011, 15:06
الفــصلـ الأولـــ


جلسا على الطاولة المطلة على الشارع..عندما أخذت تدق بقدميها على الأرض في ملل

و هي تنظر نحو كوبها الذي لم تمسه منذ أن طلبه لها...كانت السماء ملبدة بالغيوم في

ذلك اليوم الكئيب....و بعينين متسائلتين نظر لها ثم أمسك بيديها في حنان و لكنها

سرعان ما سحبتهما من بين يديه في قسوة....عندها تكلم قائلاً:

- لماذا؟!...لماذا تفعلين معي ذلك؟!....قولي لي ما الذي فعلته حتى تعاملينني هكذا؟!

بتملل أجابته: - لا أعرف....و لكن أنا لم أعدك بشيء

اتسعت عيناه ثم قال: - و لكن...ألا تحبينني؟!....هل صدر مني شيء يزعجك؟!

أدارت وجهها نحو الشارع ثم أردفت: - سوف أذهب الآن....و لن نتقابل بعد ذلك..

بانفعال شديد ضرب الطاولة بيده حتى وقعت الأكواب على الأرض محطمة تماماً مثل قلبه و هو يقول:

- و لم؟!....لم هذا الجفاء؟!...ما الذي غيرك؟!...

عندها نظرت بعينيه و بدون مبالاة نهضت واقفة من على مقعدها استعداداً للذهاب و هي تقول له كلمتها الأخيرة:

- عذراً....و لكني لم أعد أريدك

ثم مضت مبتعدة تاركةً إياه جالساً على تلك الطاولة بلا حراك....فقط أخذ يراقبها و هي

تمضي بعيداً...ففرت من عينيه تلك الدمعة الحبيسة و معها أطلقت السماء العنان للمطر

كي يبلل خصلات شعره...و جسده....و روحه.....






دقت ساعة الجامعة في صوتها العالي المميز الذي يدل على عظمة التاريخ....

و شموخ العلم....بالطبع كلكم أو أغلبكم تعرفون صوت ساعة الجامعة المميز...

تزاحم الطلاب هنا و هناك....منهم من يتكلم مع صديقه...و منهم من وقف مشدوهاً

لا يعلم ماذا يفعل؟...مؤكد أنه طالب بأول سنة.....و هناك فتيات جلسن على إحدى

الكراسي المنتشرة بالجامعة يثرثرن و يضحكن معاً...هناك من كان يبكي و هناك

من يضحك....هناك من يركض سعيداً...و هناك من يمشي بتوتر....

هناك من يحك رأسه....هناك من يتعرف على زميل....و هناك من يراقب الفتيات

....و إثنان أخران وقعا بالحب من أول نظرة...تزاحم هنا و هناك....

حسناً إنه أول يوم بالدراسة في جامعة برونيل....الآن صرتم تعرفون لماذا كل هذا التزاحم؟...

و لما كل هذه الجلبة؟......إنه إحساس و شعور اليوم الأول بالدراسة...

مؤكد أنكم تعرفون هذا الشعور....كل شخص في عالمه....كلهم مشغولون....

و هناك عند المدخل وقف ذلك الفتى مشدوهاً من ضخامة الجامعة و جمالها...

لم يصدق نفسه بأنه أخيراً أصبح طالباً جامعياً..و أنه لن يكون عليه الاستيقاظ باكراً

للذهاب إلى المدرسة مرة أخرى....

- إنها الحرية....أجل الحرية.....

هكذا صاح في فرح و نصر....كالطير السجين الذي تحرر أخيراً من سجنه....

ظل محدقاً بانبهار في حديقة الجامعة و تصاميم المباني داخلها....

- جميلة , أليس كذلك؟!

كانت تلك الكلمات آتية من خلفه...فاستدار ليجد ذلك الشاب واقفاً خلفه ينظر له

كانت ملامحه تبدو هادئة نوعاً ما...لا يبدو عليه أنه من ذلك الشباب الماكر....

سأله ذلك الشاب....

- أنت طالب في أول سنة, هل أنا محق؟!..

رفع الفتى حاجبيه بدهشة ثم أجابه....

- أجل, و لكن كيف عرفت؟...

ابتسم الشاب ثم أجابه...

- يبدو هذا واضحاً على وجهك, منبهراً بجمال الجامعة و كأنك تنظر لها للمرة الأولى...

نظر الفتى له بإعجاب...يبدو عليه الذكاء حقاً ...هكذا شعر...

قاطع شروده صوت الشاب و هو يقول...

- سوف أذهب الآن...أراك لاحقاً...

أوقفه الفتى متسائلاً....

- و لكنك لم تقل لي من أنت؟ و بأي سنة تدرس؟...

توقف الشاب ثم أجابه دون أن ينظر له....

- هيو...هذا اسمي...

ابتسم الفتى ثم قال...

- و أنا أدعى هاري....في أي كلية أنت؟..

أجابه هيو...

- هندسة

ابتهج هاري و صاح في سعادة....

- نحن معاً إذاً, ألست بالسنة الأولى؟

نظر هيو نحوه و قد فغر فاهه عن ابتسامة بدت مريرة...

- أجل....بالسنة الأولى...

فيرا
25-02-2011, 15:07
تساءل هاري في دهشة..

- لماذا تبدو حزيناً هكذا؟...هل أزعجتك في شيء؟

هز هيو برأسه نفياً ثم أردف....

- لا لم تزعجني...أنا على ما يرام...هل تريدني أن أرشدك إلى قاعة المحاضرات؟

أومأ هاري برأسه ثم مضيا الاثنان بطريقهما نحو القاعة....التي بدت مزدحمة بالطلاب

واسعة بالطموحات...و أيضاً جميلة مثل باقي تصاميم الجامعة....نظر هاري باندهاش

و فتح فمه في إعجاب شديد....لم يرى بحياته قاعة المحاضرات سوى بالأفلام...

و لكنه الآن يراها و يقف بها....التمعت عيناه في سعادة عندما شرد في طموحاته

و أماله الكبيرة....و لم يفق من الشرود إلا عندما سمع هيو يقول له...

- إذا ظللت واقفاً هكذا فلن نجد لنا مكاناً هنا..هيا تحرك..

ابتسم هاري له ثم شرعا بالبحث عن مقعدٍ لهما وسط الزحام.....

ها هي الدراسة قد بدأت بيومها الأول...و ها هو الأستاذ بدأ بالشرح لطلابه الذين

كان أغلبهم يغط بالنوم أو يثرثر مع صديقه و البعض الآخر لا يفقهون ما يتحدث عنه الأستاذ

و بآخر المدرج كان هاري يدون كل ما يقوله الأستاذ في جد و اجتهاد...أما هيو وضع بيده على فمه

ليتثاءب حينما دخلت عليهم تلك الفتاة الصهباء صاحبة الشعر المموج و الذي يصل إلى

الكتف..و العينان العسليتان...كانت بارعة الجمال...كانت ترتدي فستاناً أحمر قصيراً يصل

إلى الركبة و فوقه سترة قصيرة بيضاء اللون...و تدلى من رقبتها قلادة و بأخرها زهرة

وردية من الزمرد....كانت تحتضن دفترها و هي تنظر للأستاذ الذي قطع شرحه ليحدثها قائلاً

- ماذا تريدين؟!...هل أنتِ طالبة جديدة؟!....

أزاحت الفتاة بعضاً من خصلات شعرها الأصهب خلف أذنها الصغير و هي تجيب الأستاذ..

- أجل ...أنا آسفة للغاية...لقد تأخرت لأنني...

نظرت إلى الأسفل في خجل و هي تمط بشفتيها في رقةٍ قائلة...

- لأنني ضللت طريقي و أنا أبحث عن قاعة المحاضرات...إن الجامعة كبيرة جداً..

عندها علق الأستاذ ساخراً....

- حسناً بالمرة المقبلة احضري برفقة شخص كبير حتى لا تضلي الطريق مرة أخرى....

عندها شرع كل من بالقاعة في هيستريا من الضحك على تلك الفتاة التي احمرت أذناها

من الإحراج و تمنت لو أن الأرض تبتلعها الآن و لكن ليس كل ما نتمناه يتحقق....

كادت أن تبكي منهم إلى أن نهض ذلك الطالب صاحب الشعر العسلي واقفاً ليدافع عنها

قائلاً....

- و لماذا الضحك؟!...أنا أيضاً كدت أن أضِل مثلها و لكنني وجدت من يساعدني على الأقل أما هي فلا....أنا لا أجد أن ما قالته يضحك....

عندها توجه الأستاذ بنظره نحو ذلك الطالب قائلاً...

- اصمتوا رجاءً....حسناً لم تقل لي ما اسمك على الأقل قبل أن تقوم بدور المحامي؟!..

أجابه الطالب و هو ينظر للأسفل....

- هاري....هاري كيتون يا أستاذ...

عدل الأستاذ من نظارته ثم قال له...

- حسناً اجلس يا هاري سأسامحك هذه المرة...أظن أنه من الأفضل أن تنتبه لدراستك بدلاً من الدفاع عن الآخرين....

جلس هاري و هو يتذمر من قسوة الأستاذ....ثم عندما شرعت الفتاة بالجلوس على إحدى

المقاعد استوقفها الأستاذ سائلاً إياها...

- هل ستجلسين دونما أن تخبرينا عن اسمك؟!...

أجابته الفتاة عندما وقعت عينيها على ذلك الشاب الجالس بعيداً دون أن ينظر لأحد

و كأنه لا يعبأ بالموجودين....

- اسمي....روزالين بريكسون...يمكنك مناداتي بـ...روزا فقط

سخر الأستاذ منها و هو يقول...

- لماذا هل سأصادقك؟!...اجلسي يا فتاة و من الأفضل لكِ أن تنتبهي جيداً على الدراسة...هل فهمتِ؟!..

أومأت الفتاة بالإيجاب و لكن في الحقيقة لم تكن تسمع حرفاً واحداً مما قاله الأستاذ...بل

ظلت تحدق بذلك الشاب طويلاً....و هي تلعب بقلمها و بين الفينة و الأخرى كانت ترمقه بنظراتها

و لكنه لم يلحظ هذا....و كأنه بعالم آخر.....شارداً في اللاشيء....





في وسط الجليد قطعت تلك السيارة المكان بسرعة هائلة مبددةً الظلام بضوء كشفاتها

الأمامي...كانت الأجواء ساكنة سوى من صوت هدير محركاتها العالي....و بداخل تلك

السيارة جلس ذلك الشخص الذي بدا في العقد الخامس من عمره خلف المقود

كانت عيناه لا تنظران أمامه بل كانتا شاردتان فيما حدث له و هو يهمس في حزن:

- لقد خسرت كل شيء للتو....يالي من أحمق

ظل شارداً إلى أن استوقف سيارته و ترجـل منها...خطى بخطوات يائسة إلى الداخل

جلس على تلك الطاولة ثم طلب من النادل أن يحضر له زجاجة كبيرة الحجم...

انحنى النادل ثم لبى له طلبه....أخذ ذلك الرجل الذي بدا على ملامحه الحزن الشديد

يتأمل ذلك السائل الأحمـر الذي استقر بداخل الكوب هازّاً إياه بيديه ...ارتسمت على

شفتاه ابتسامة مريرة....ثم رفع بالكوب نحو فمه ليفرغ محتواه بداخله....وضع الكوب على

الطاولة ثم سكب المزيد و هو يهمس لنفسه: - لقد خسرت كل شيء...أليس كذلك يا جوزيف؟!

صمت قليلاً ليحتسي ما بقي من النبيذ ثم أكمل هامساً: - إنك غبي يا جوزيف..ماذا ستقول لعائلتك؟!...ماذا ستقول لزوجتك ؟!....هل ستخبرهم بأن كل ما يمتلكونه من مال قد ذهب هباءً؟!...

تنبه الرجل على أن الزجاجة قد فرغت...فأخذ يهزها راجياً منها أن تنزل المزيد و بصوتٍ ثمل

قال: - هيا أيتها الزجاجة البائسة....لا تنتهي أنتِ الأخرى مثلما انتهيت أنا.....

لاحظ النادل هذا الرجل المخمور فتوجه نحوه قائلاً...

- هل ستطلب شيئاً آخر يا سيدي ؟!....

نظر الرجل إليه بعينين ثملتين ثم قال له....

- لا لا يا بني...يبدو أنني تأخرت...سوف أذهب...

وضع الرجل بالمال على الطاولة ثم خرج من تلك الحانة الصغيرة و ركب سيارته ثم أدار

المحرك و قاد سيارته و هو ثمل لا يرى ما أمامه.....نزلت تلك الدمعة المحبوسة من عينيه

و هو يهذي في حزن... - لماذا لم أستمع لها عندما رفضت؟!....ليتني استمعت منذ البداية

...أغمض عينيه في حزن شديد و لم يشعر بعدها بالعالم من حوله إلا عندما فتح عينيه

ليجد نفسه داخل السيارة مقلوباً رأساً على عقب...حاول الخروج و لكن لا جدوى....

همس في حزن : - يبدو أنني سأفوت العشاء يا ماري...

ثم أغمض عينيه عندما دوى صوت انفجار

السيارة ليبدد سكون الليل الصامت.......

ــــــــــــــــــــ

فيرا
25-02-2011, 15:10
الفصــل الثــانــي

من بعيد جلست تلك الفتاة على إحدى المقاعد الخشبية تحت ظلال الأشجار المواربة

,أخذت تتصفح كتابها بعناية... حينما وقف أمامها ذلك الشاب و هو يبتسم ابتسامة عريضة:

- مرحباً يا آنسة روزالين, أرى أنكِ تجلسين بمفردك هل لي أن أنضم إليكِ ,هذا بعد إذنك؟!

رفعت روزالين عينيها من على الكتاب الذي بيدها ثم نظرت له و ابتسمت قائلة..

- أجل..أجل بالتأكيد لا مانع لدي...لقد نسيت أن أشكرك عندما دافعت عني يا...

صمتت قليلاً لتتذكر اسمه و لكنه بادرها قائلاً و هو بنفس الابتسامة:

- هاري...اسمي هاري....و لا داعي للشكر...لقد قمت بهذا لأنهم تمادوا بسخريتهم كثيراً خصوصاً هذا الأستاذ الذي يشبه رأسه حبة الفاصولياء الكبيرة...

نظر هاري نحو روزالين التي لم تتمالك نفسها من الضحك حتى كادت أن تسقط من على

المقعد فضحك معها هو الآخر و ظلا هكذا حتى صمتت فجأة حينما لمحته يمر أمامهما

لا ينظر تجاههما و لا زالت تلك النظرة تعلو قسمات وجهه....تمنت عندها أن تذهب إليه..أن تسأله

عن سر تلك النظرة.....تلك النظرة التي حركت قلبها من الداخل عندما التفت ليتقدم

نحوها حينها وقفت مرتبكة....هل لاحظها؟!...هل سيتكلم معها؟!...خفق قلبها

عندما اقترب أكثر و أكثر ....و لكن سرعان ما خاب أملها عندما وجدته يعطي هاري شيئاً

و يقول له: - تفضل...أظن أن هذا الدفتر يخصك...لقد وجدته في قاعة المحاضرات...

حكَّ هاري رأسه في خجل ثم قال:

- شكراً لك يا هيو...أظن أنني نسيته سهواً....

- هيو...هذا هو اسمه إذاً

هكذا همست و هي تبتسم في سرها....و لكن سرعان ما تلاشت تلك الابتسامة

عندما وجدته يذهب مبتعداً تاركاً إياها...عندها استوقفته قائلة:

- لماذا لا تجلس معنا يا هيو ؟!...

وقف هيو عن الحركة ثم دون أن ينظر لها قال:

- شكراً لكِ و لكنني لا أريد...أنا أفضل الجلوس مع نفسي.....

ثم عندما همَّ بالرحيل قالت له:

- و لكننا لم نتعرف بعد....أنا اسمي...

- روزالين بريكسون...

كانت هذه الإجابة صادرة من هيو و هو يرحل بعيداً تاركاً إياها في حيرة و دهشة من تصرفه

و من ردة فعله الغير مبالية....لاحظ هاري وجومها فتكلم ليلفت إنتباهها قائلاً :

- لا تحزني...هكذا هو منذ أن قابلته اليوم...و هو لا يحب التحدث كثيراً....

ازدادت الدهشة في عينيها كما ازدادت تعلقاً بمعرفته عن قرب...

- لابد و أن وراءه سراً خطير...لابد أن أعرفه

هذا ما همست به داخلها عندما سمعت هاري يسألها:

- هل أنتِ من لندن؟!...أقصد هل تقطنين بلندن؟!

هزّت رأسها نفياً قائلةً :

- لا...أنا من شيفيلد و لكنني أقطن حالياً مع صديقةٍ لي بشقة صغيرة في لندن...و ماذا عنك؟!...

وضع هاري بذراعيه خلف رأسه ثم أسند ظهره على المقعد و هو يقول:

- شيفيلد أظن أنها مدينة جميلة...

نظرت له بسخرية قائلة :

- و كيف علمت أنها جميلة؟!...

ابتسم بخبث قائلاً :

- لأنكِ منها...لذا مؤكد أنها جميلة مثلك...

لم يكد هاري يكمل كلامه حتى صاحت به روزالين في غضب:

- هييه توقف عن هذا!...أنا لا أحب التملق....

ابتسم هاري و هو يرفع بيده مهدئاً للوضع ثم قال بنبرة تأسف :

- أنا آسف...لا تغضبي مني....كنت أريد أن أمزح معكِ فقط...

نظرت له روزالين و علامات الغضب على وجهها ثم بدأت تدريجياً بالابتسام له و كأن شيئاً

لم يكن ثم أردفت قائلة :

- حسناً لقد سامحتك....فقط من أجل الأستاذ حبة الفاصولياء..

ثم شرعا بالضحك بعدها متناسيين ما حولهم.....


- لماذا يا جو ؟!...لماذا فعلت هذا؟!...


في ذلك البيت الكبير جلست تلك السيدة على الأريكة و هي تجفف دموعها الغزيرة...

ممسكةً بصورةٍ ما و مرتديةً تلك الملابس السوداء الكئيبة....كانت تتكلم بصوت مبحوح

قد خنقه البكاء:

- قلت له لا...و لكنه لم يستمع إلي....لماذا لم يستمع؟!....

صمتت قليلاً ثم أكملت و هي تجفف دموعها بمنديلها الأبيض الصغير:

- لو كان استمع إلي و لم يشاركه لكان الآن معنا...بيننا...حياً يرزق...

ربت ولدها, الذي كان جالساً بجوارها, عليها في حنان ثم قال مواسياً لها :

- لقد حدث ما حدث....لا تبكي يا أمي..أنا سأظل معكِ...و سأعمل منذ اليوم فصاعداً حتى أوفر لنا المال....

صمت قليلاً ثم قطب حاجبيه و شدد قبضة يده و هو يقول متوعداً :

- و سوف أنتقم منه....سأقتـ....

بادرته أمه صارخةً..:
- لا ... لا تقل هذا...إياك أن تفعل هذا يا ولدي....لا أريد أن أفقدك أنت الآخر...أرجوك يا بني لا تكن مثل والدك...استمع لي...

نظر الولد لأمه التي أجهشت بالبكاء المرير....البكاء على زوجها الذي مات....و البكاء عليه

و على حالهم.....فجذبها بين ذراعيه و ضمها إليه في حنان و هو يقول لها:

- لا تقلقي يا أمي....لا تقلقي....سأفعل ما تريدين.....سأظل معكِ و لن أجعلك تبكين مجدداً...أعدك بهذا يا أمي...

جففت الأم دموعها ثانيةً ثم قالت في حزن عميق:

- يبدو أننا سنضطر لبيع منزلنا و الإنتقال إلى بيت أصغر من هذا....

ثم صمتت بعدها و هي تنظر نظرة وداع لبيتهم الكبير....بيتهم الذي شهد أجمل أيام

حياتهم و أتعسها....بيتهم الذي ذاق معهم أفراحهم و أحزانهم....الذي فيما مضى كان مليئاً

بالحياة و الحب...أما الآن فقد بات كئيباً...مؤلماً لمن يراه....تألمت كثيراً كلما تذكرت ذلك ثم في

حزن دفين قالت: - لماذا يا جوزيف؟!

فيرا
25-02-2011, 15:16




بداخل شقتها الصغيرة, رمت تلك الفتاة بجسدها النحيل على سريرها الوردي الصغير

الذي يتوسط غرفة مدرجة بدرجات اللون الوردي و بجانب السرير على الأرض فرش بساطاً

من اللون البنفسجي و بالجانب الآخر من السرير كان هناك مكتباً صغيراً ذو لون أبيض

وضعت عليه مزهرية صغيرة تحوي زهرتين من التوليب الأحمر...و على الجدار علقت ساعة

ذات وجه قطة....و على النافذة البيضاء تدلى ستاراً وردي اللون بشكل جذاب...و في ركن

من أركان الغرفة, وقف دولاباً صغيراً له لون أبيض..... ثم احتضنت وسادتها قائلةً:

- سوف تكون لي....سوف أعرف ما وراء تلك النظرة...

باندهاش سألتها صديقتها التي كانت تجلس عند المكتب ترسم لوحةً ما:

- هل تحدثينني يا روزا؟!...و من تقصدينه بكلامك؟!...

لفتت روزالين برأسها نحو صديقتها قائلةً :

- أقصد الشاب الذي حدثتك عنه....

رفعت حاجبها الأيسر في تساؤل قائلة :

- أي واحد تقصدين؟...هل هو مارك؟!...أم ديريك؟!...أم توني؟!...أم توماس؟!..أم كين؟!...أم هاري؟!...أم....

بادرتها روزا في انفعال قائلة:

- هيو...هيو...إنه هيو....لماذا كلما أخبرتك عن شخص, تذكرين لي هذه القائمة الطويلة؟

ابتسمت الفتاة لها و هي تقول ساخرة :

- لأنكِ كل يوم تأتين لي بشخص جديد...و عقلي لم يعد يحتمل...لذا أسترجع الأسماء حتى لا تتذمري.....

انقلبت روزالين على ظهرها و هي تنظر للسقف قائلة:

- لا يا سالي, امحي كل هذه الأسماء من عقلك لأنني قد محوتها...لم يعد سوى هيو...هيو فقط لا غير...

وضعت سالي بيدها على رأسها حتى تهدئ من نفسها و هي تقول:

- قريباً سأصاب بجلطة بسببك....كل مرة تقولين لي بأنه آخر شخص و يتضح بأننا مازلنا ببداية القائمة....

هبت روزالين فجأة جالسةً و أخذت تقول:

- لا لا...صدقيني...إنه الشخص الوحيد الذي أحببته...صدقيني لن أحب بعده...

نظرت لها سالي بسخرية قائلةً:
- من أول نظرة ؟!..

- أجل....لقد خفق قلبي عندما رأيته..أظن أننا قد كتبنا لبعض...أظن أنه القدر....

كانت هذه من روزالين مدافعةً عن نفسها....انكبت بعدها سالي على لوحتها لتكمل رسمها و هي تقول:

- حسناً....سأصدقك هذه المرة....و لكن ماذا لو رأيتك تقعين بغرام شخص آخر ؟!

بحزم شددت روزالين قبضة يديها و هي تقول:

- صدقيني لن يحدث....إنني أحبه...و لكنني لا أعرف كيف سأصارحه؟!...

صمتت قليلاً ثم أنهت كلامها قائلةً:

- و لكنني متأكدة بأنه سيقع....حتماً سيقع...قريباً و أنا أشعر بهذا

فيرا
25-02-2011, 15:17
( ان شاء الله يكونوا نالوا اعجابكم الفصلين =) )

انتظروني بعد يومين كده ^^

Simon Adams
25-02-2011, 15:55
أنا الأولى ^^

بدأت في قراءة الفصصل الثاني للتو

:سعادة2:


فك الحجز xd

,,

السلآم عليكم و رحمة الله و بركاته

مرحباً تآكي :ضحكة:
أتمنى أن تكوني بخَير حَآل و بأحسَسَن مَزآجْ

الجزئين , تعريف بالأبطال :لقافة:

هيو ,, أحب الباردين:أوو:
لكن يا ترى هل في علاقة بينه و بين ذلك الشاب المواسي لأمه .. ابن جوزيف ؟ :موسوس:

هاري ,, لطيف :بكاء:

روزالين ,, تشبه فتاة أعرفها :ضحكة:
مارك , توني , توماس , ديريك :ضحكة:
ما هذا يا فتاة :جرح:

بانتظار البارتين القادمين :ضحكة:

في حفظ الله
,,

فيرا
25-02-2011, 16:34
فك الحجز xd

,,

السلآم عليكم و رحمة الله و بركاته

مرحباً تآكي :ضحكة:
أتمنى أن تكوني بخَير حَآل و بأحسَسَن مَزآجْ

الجزئين , تعريف بالأبطال :لقافة:

هيو ,, أحب الباردين:أوو:
لكن يا ترى هل في علاقة بينه و بين ذلك الشاب المواسي لأمه .. ابن جوزيف ؟ :موسوس:

هاري ,, لطيف :بكاء:

روزالين ,, تشبه فتاة أعرفها :ضحكة:
مارك , توني , توماس , ديريك :ضحكة:
ما هذا يا فتاة :جرح:

بانتظار البارتين القادمين :ضحكة:

في حفظ الله
,,



و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ر=

اهلاً سيموو ^^

الحمد لله انا بخير لرؤيتك ^^

بالنسبة لسؤالك عن هيو و هل له علاقة بالفتى اللي بيواسي امه , فهتعرفيه بالبارتين الجايين xDD

لكن بالفعل في رابط بينهم evil:

هاري فعلاً لطيف...و لكن وراء ابتسامته ستجدين الكثير من الخفايا, هتعرفيها بالقصة ^^

روزالين دي اكتر واحدة معقداني بعيشتي كككككك :d

ان شاء الله بعد يومين هنزل البارتين الجايين xDD

اشكركِ عزيزتي على مداخلتك الجميلة ^^

pịηk bŁσờđ
25-02-2011, 17:59
دووبـآأ...

يعني حنتظر لين يوصل البآرت الي وقفت عنده xd

المهــم..

يعطيكِ العآفيـة لأنك نزلتيهآأ هونـآأ..كنت خآيفة مآا أعرف النهآية لووول

بآنتظآرك

فيرا
25-02-2011, 20:30
دووبـآأ...

يعني حنتظر لين يوصل البآرت الي وقفت عنده xd

المهــم..

يعطيكِ العآفيـة لأنك نزلتيهآأ هونـآأ..كنت خآيفة مآا أعرف النهآية لووول

بآنتظآرك

اهلاً دوبتي القميلة :d

و انا بقول ايه النور ده طلع نوري؟ <-- اووووت عالغرور كككككك :d

بجد نورتي الصفحة يا بينكو ::سعادة::

متخافيش البارتات هتمر بسرعة البرق xDD

و كمان انا عايزاكم تعرفوا النهاية evil:

red vampire
25-02-2011, 22:48
راااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع
اسلوبة
ك مرة حلو
و القصة كثير جنان
انتضر البارت الجاي بفارغ الصبر

$فانيلا لوسي$
26-02-2011, 09:37
وااااااااو خيتو الله يخليكي كملي القصة مررررررره اسلوبك روعة

مدري كيف تجبين الكلمات البلاغيه هاذي قلبنا البلاغة ونقد ههههه بس اسن شي نقول البلاهة ونكد خخخخ

يسلمو على القصة الراااائعة بانتظار الفصل القادم

sarah missou
26-02-2011, 10:08
أعجبتني كثيرا لكن لدي ملاحظة






لدي صديقة والدتي كاتبة ودائما في كتابيتي تقول إحترمي ذكاء الكاتب نحن نعرف العقود وإن لم نكن كذلك فجعليني نتعلق في القصة حتى نبحث عن معناها حسن إلى اللقاء

✿Elissa
26-02-2011, 11:17
ووووووووووووو حبيتها كثييييييييييييييييير في الانتظار التكملة

فيرا
26-02-2011, 13:51
راااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااائع
اسلوبة
ك مرة حلو
و القصة كثير جنان
انتضر البارت الجاي بفارغ الصبر

أهلاً بكِ عزيزتي ^^

انتي هي الرائعه ^^

شكراً جزيلاً لكِ عزيزتي ر=

التكملة بكرة ان شاء الله ^^

فيرا
26-02-2011, 13:56
وااااااااو خيتو الله يخليكي كملي القصة مررررررره اسلوبك روعة

مدري كيف تجبين الكلمات البلاغيه هاذي قلبنا البلاغة ونقد ههههه بس اسن شي نقول البلاهة ونكد خخخخ

يسلمو على القصة الراااائعة بانتظار الفصل القادم

اهلاً بكِ عزيزتي ^^

انتِ اللي رااائعه =)

الكلمات البلاغية هذه جبتها من كثر قراءتي للقصص =)

احب لما اقرأ قصة احتفظ بالبلاغة و النحو =)

العفو عزيزتي و الشكر لكِ على كلامك الحلو :d

ان شاء الله التكملة بكره :)

فيرا
26-02-2011, 14:02
أعجبتني كثيرا لكن لدي ملاحظة






لدي صديقة والدتي كاتبة ودائما في كتابيتي تقول إحترمي ذكاء الكاتب نحن نعرف العقود وإن لم نكن كذلك فجعليني نتعلق في القصة حتى نبحث عن معناها حسن إلى اللقاء

اهلاً بكِ غاليتي =)

اسعدني حقاً ان القصه اعجبتكِ ^^

تقصدين احترم ذكاء القارئ صح؟

عزيزتي انا كتبت العقود قبل المقدمة حتى اسهل على القارئ , و هذا ليس خطأ ( لو قرأتِ اي قصة على سبيل المثال قصص ما وراء الطبيعة لاحمد خالد توفيق...ستجدينه عند اي كلمة صعبة عامل نجمة و مفسر معنى الكلمة اسفل الصفحة حتى يسهلها عالقارئ...) لذات انا لم افعل شيء خطأ =)

و شكراً لردك الجميل ر=

فيرا
26-02-2011, 14:04
ووووووووووووو حبيتها كثييييييييييييييييير في الانتظار التكملة

اهلاً بكِ يا قمر =)

انا سعيدة لانك حبيتيها ^^

التكملة بكرة ان شاء الله ^^

blue_ocean
26-02-2011, 22:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تاكي كنتاكي ، أخبارك؟
طبعا أنا ضغطي اترفع 21 مرة قبل كده
فتجنبا لرفعه 21 مرة تانية فأنتظار تنزيل الاجزاء الجديدة ^^
دمتي بحفظ الرحمن ^^

~ « ωоdїї
26-02-2011, 23:43
مراحححبَ يَ حلوة ,
وحشتينيَ أنتي وعيالكِ ذذول ,
خخخ و السحلية روزالينَ << .
يلاءء ننتظر البارت اللي وقفنا عنده ,


: )

سسعيدة بطرحكِ لها هونيي

فيرا
27-02-2011, 12:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تاكي كنتاكي ، أخبارك؟
طبعا أنا ضغطي اترفع 21 مرة قبل كده
فتجنبا لرفعه 21 مرة تانية فأنتظار تنزيل الاجزاء الجديدة ^^
دمتي بحفظ الرحمن ^^

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ر=

هههههههههههههههه سلامتك من الضغط يا جميل xDD

اومال انا اعمل ايه؟ و انا مضطرة اقرا القصة مليون مرة علشان مش يفوتني حاجة كككككككككك و بيرتفع ضغطي و انا بألفها ككككككك xDD

اوكيك يا عسل اول ما اوصل للبارتات الجديدة هبعت لك رسالة علشان تيجي xDD

فيرا
27-02-2011, 12:39
مراحححبَ يَ حلوة ,
وحشتينيَ أنتي وعيالكِ ذذول ,
خخخ و السحلية روزالينَ << .
يلاءء ننتظر البارت اللي وقفنا عنده ,


: )

سسعيدة بطرحكِ لها هونيي

مرااحب يا قمر =)

و انتي كمان وحشتيني ووحشتني ردودك الحلوة =)

اوكيه يا قمر ان شاء الله البارتات تمر بسرعه لحد ما وقفنا xDD

فيرا
27-02-2011, 12:40
الفــصــل الثــالــث


- لماذا يغادر هيو الجامعة قبل انتهاء المحاضرات؟!...أين يذهب كل يوم؟!...

وضع هاري بيديه على ذقنه مفكراً فيما قالته روزالين له...فعلاً أين يذهب هيو؟!...و لماذا

يضطر إلى المغادرة في النصف الأخير من الدراسة؟!...هل هناك ما يشغله بعد الجامعة ؟!

...أم أن هناك سبباً آخر ؟!...ترددت هذه الأسئلة بداخل عقل هاري...عندما قاطعته روزالين

قائلةً: - لماذا لا تدعو هيو إلى الجلوس معنا؟!..أظن أنه يستمع إليك..

أطلق هاري تنهيدة قصيرة ثم قال: - لا أظن...إنه لا يحب الجلوس مع أحد...بالكاد يجلس معي في المحاضرة..

رفعت روزالين حاجبها الأيسر في استغراب متسائلة: - و لم كل هذا التشاؤم؟!...إن صديقك هذا غريب حقاً

هز هاري بكتفيه ثم أضاف: - لا أحد يعلم, و لكن ربما هو هكذا منذ الصغر,لا يحب الاختلاط بأحد...

صمت قليلاً ثم أكمل: - لنغير الموضوع...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في عصر ذلك اليوم ... و بعد انتهاء المحاضرة الرابعة خرج جميع الطلبة إلى الساحة

...انتظاراً للمحاضرة التالية....و بالأعلى كانت تمسك بحقيبتها الوردية تتحدث مع

زميلاتها و هي تبتسم ثم توقفت فجأةً عن الحركة و هي تقول: - يا إلهي لقد نسيت كتابي بالداخل...حسناً اسبقنني أنتن و سوف ألحق بكن....

أومأت الفتيات لها ثم تركنها وحيدة....رجعت الفتاة أدراجها إلى القاعة الخاوية و ابتسمت

عندما وجدت أن كتابها لم يأخذه أحد...أمسكت به و وضعته داخل حقيبتها ثم خرجت من

القاعة و هي تتمتم بسخرية: - إن القاعة تبدو مرعبة و هي خاوية هكذا...أظن أنها تصلح لأفلام الرعب....

و عند السلم توقفت حينما سمعت صوتاً ما يتحرك خلفها....بجزع تسمرت في مكانها و

ازدادت نبضات قلبها توتراً ثم بحركة بطيئة نظرت إلى الخلف لتجد أن ما كان يتحرك مجرد

قطة صغيرة...مرت تلك القطة الصغيرة بجوارها راكضة على السلم بخطواتها السريعة

....أطلقت تنهيدة قصيرة تنم عن ارتياح شديد و هي تتمتم في سخرية : - يالكِ من قطة!...لقد أوقفتي الدم في عروقي حقاً

ثم عندما جاءت تنظر أمامها اختلت قدمها فاختل توازنها ... كادت أن تقع من فوق السلم

و لكن هناك يد امتدت و أحاطت بخصرها مانعةً إياها من السقوط....ثم جذبتها تلك اليد بعيداً عن السلم....

اتسعت حدقتا عينيها و شعرت بنبضات قلبه المستقرة فازدادت نبضات قلبها هي ثم سمعت صوته

المميز من خلفها يقول لها: - انتبهي بالمرة القادمة...لأنني لن أكون موجوداً بكل مرة تتعثرين فيها...

نظرت له الفتاة ثم بخجل قالت: - هـ...يو...شكراً لك لقد أنقذت حياتي...

وضع هيو يده داخل جيب بنطاله البني ثم قال: - لا تشكرينني...فأنا لم أفعل شيئاً يستحق الشكر

ثم مر بجوارها و نزل من على السلم فطار بعضاً من خصلات شعرها الأصهب بفعل الهواء

بينما وقفت مذهولة و مشدوهة من تلك الإجابة العقيمة و المباغتة....و بداخلها تساءلت:

- لماذا هو بذلك البرود؟!....

قاطع شرودها ذلك الفتى الذي صاح بصوت متسائل : - روزا هل أنتِ بخير؟!....ماذا تفعلين عندك؟!

نظرت نحوه ثم أردفت بتردد: - لا..لا شيء...أنا قادمة يا هاري...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- ما بكِ؟!...هل أنتِ على ما يرام؟!...

تنبهت روزالين من شرودها إلى هاري الذي كان جالساً بجوارها على المقعد في حديقة

الجامعة عندها نظرت إليه و هي تقول: - ما...ماذا؟!...هل كنت تكلمني يا هاري؟!

تنهد هاري ثم قال: - كما توقعت....عقلك ليس معكِ و لم تصغي لحرفاً مما قلته...

في خجل قالت له: - أنا آسفة حقاً....لقد شردت قليلاً...

وضع هاري بيده على كتف روزالين و هو يقول: - هل هناك شيء ما تودين إخباري به؟!...

ابتسمت له و هزت رأسها نفياً ثم قالت: - لا...ليس هناك شيء....فقط شردت قليلاً و...

قطعت كلامها مع هاري عندما رأته يتجه نحو باب الجامعة و يخرج منها...عندها وقفت

لتمشي وراءه و لكن سرعان ما أوقفها هاري الذي قال: - هييه ما بكِ؟!...أين ستذهبين يا فتاة؟!

أجابته روزالين : - سوف أذهب وراء هيو....سأتتبعه لأعرف أين يذهب?

و عندما أتت تذهب وجدت يد هاري أطبقت على معصمها بإحكام مانعةً إياها من الذهاب

...عندها نظرت له نظرة تساؤل و قبل أن تنطق أتتها الإجابة منه :

- أظن أن هذا يسمى تجسس...ليست هذه طريقة مناسبة لكي نعرف بها...و سيعتبر هذا فضولاً....لذا من الأفضل لنا ألا نتدخل في شؤونه الخاصة....

تعلق نظر روزالين على باب الجامعة في شغف ثم عادت لتنظر إلى هاري نظرة رجاء آخير قائلةً:

- و لكن....أرجوك يا هاري لا تكن قاسياً هكذا....أرجوك إن الفضول يعتريني...إنها فرصتنا....لكي نتتبعه...ألا يعتريك الفضول أنت الآخر؟!...

ابتسم هاري لها ثم قال: - و لكن ماذا لو اكتشف بأننا كنا نراقبه؟!...ماذا ستكون ردة فعله؟!

جلست بجواره مفكرةً فيما قاله ....و ماذا لو كان محق؟!...ماذا لو عرف أنها كانت

تتجسس عليه؟!...عندها لن ينظر إليها....بل من المحتمل أن يكرهها...و تضيع فرصتها في

نيل قلبه...عقدت ذراعيها على صدرها ثم قالت: - أظن أنك محق...يبدو أنني سأتخلى عن هذه الفكرة...

زفر هاري بارتياح و هو ينظر في ساعته ثم قال: - هكذا أفضل...حسناً يجب أن نذهب إلى القاعة الآن فرأس الفاصولياء على وشك البدء...

ضحكت روزالين ثم نهضا من على المقعد و توجها معاً نحو القاعة راكضين قبل البدء...ما

أحلى تلك الأيام...أيام الدراسة و الصداقة...و لكن هل تدوم ؟!..أظن أنه....

فيرا
27-02-2011, 12:41


و بداخل ذلك المنزل الصغير وقف ذلك الشاب يتأمل وجهه المبلل بالمرآة المعلقة فوق الحوض

و لكن يبدو أنه لم يكتفي بهذا البلل فقد قام بفتح الصنبور مرة أخرى تاركاً الماء ينساب

عليه حتى تبللت خصلات شعره البنية اللون و التصقت برقبته....ظل هكذا لنصف ساعة و

لم ينتهي إلا عندما سمع صوتها الحنون من خارج الحمام تقول له: - هل عدت من جامعتك يا بني؟!....

وضع الفتى المنشفة على رأسه و وجهه ثم أخذ يجففهما و هو يقول: - أجل يا أمي...و سوف أبدل ملابسي حتى أنزل بعد ساعة.....

خرج الشاب من الحمام و هو يزرر أزرار قميصه الأزرق ليجد والدته تنظر بحزن له و تتنهد

قائلة: - إلى متى سنظل هكذا؟!..إلى متى ستظل تعمل و لا تحضر محاضراتك؟!...أخشى عليك من الرسوب مرةً...

بادرها الإبن قائلاً و هو يبتسم : - لا تشغلي بالك يا والدتي...أنا أستطيع العمل و المذاكرة معاً....و سوف أجعلك تفتخرين بي....

ابتسمت له والدته عندما لثم جبينها ثم قالت له: - حسناً سوف أحضِّر لك الغداء حالاً يا هيو...فلقد طهوت لك الدجاج بالطريقة التي تفضلها...

نظر هيو في ساعته الفضية ثم قال: - لن أستطيع أن آكل يا أمي...فلم يتبقى لي سوى نصف ساعة فقط....

باستغراب تساءلت الأم: - و لكن إن عملك يبدأ من الساعة الخامسة عصراً....و نحن الآن الرابعة و النصف...فلم العجلة؟!...

ابتسم هيو ثم لثم يد والدته و هو يقول: - إن مكان عملي يبعد عن هنا بنصف ساعة...و أنتِ تعرفين أنني لا أحب التأخر...خاصةً و أن مدير عملي رجلٌ عصبي المزاج....

نظرت الأم بيأس نحو الأرض و هي تقول: - و لكنك يا ولدي لم تأكل شيئاً...

نظر لها هيو ثم بخبث قال مازحاً: - لا لقد أكلت في الصباح من يديكِ...ماذا يا أمي؟!.. هل تخافين علي لهذه الدرجة؟!..لم أعد طفلاً صغيراً

ضحكت الأم ثم وضعت بيدها على كتف ولدها و هي تهز برأسها قائلةً: - لا أصدق...لقد كبرت يا ولدي و صرت تشبهه كثيراً حتى في صوته....

بمكر قال هيو: - ماذا هل اشتقتِ إليه يا ماري؟!...يبدو أنكِ كنتِ تحبينه جداً...و أظن أنه أيضاً كان يكن لكِ هذه المشاعر...

صمت هيو عندما وجد تلك الدمعة تمردت من عيني والدته و تغير وجهها إلى الحزن...عندها تقدم نحو والدته و فتح ذراعيه

ضاماً إياها إلى صدره بحنان و هو يقول لها: - أنا آسف يا أمي...يبدو أنني تفوهت كثيراً....

بادرته والدته و هي تمسح عينيها من الدموع: - لا لا يا ولدي...أنا لا أبكي بسببك...فقط اشتقت إليه.....أنا بخير يا هيو لا تشغل بالك...

ابتسم هيو مودعاً إياها ثم اتجه نحو باب منزله و فتحه و قبل أن يخرج قال: - يبدو أنني سأتأخر اليوم عن المعتاد....لذا لا تقلقي علي...هل تريدين أن أحضر معي شيئاً في عودتي؟!..

أجابته الأم: - لا يا بني....أريد سلامتك فقط....

بعدها أغلق هيو الباب خلفه و نزل مبتعداً عن منزله....متجهاً إلى عمله في هذا

الوقت...هذا الوقت الذي يكون الجميع فيه بمنزله يتمتع...يكون هو بعيداً عن بيته في عمل

شاق...ما أصعب هذه الحياة!....و ما أشقاها!....و لكنها تستمر و تدور....أجل تدور!! ....



- أنا أحبه يا سالي...أجل أحبه....لابد و أنه يكن لي نفس المشاعر...أنا متأكدة

قالتها روزا و هي تقضم تلك التفاحة بأسنانها بينما جلست صديقتها على تلك الأريكة

البيضاء و هي تقلب قنوات التلفاز في تملل شديد ثم بالنهاية أغلقت التلفاز و تلفتت لروزالين التي

كانت ترمقها في حنق...عندها قالت سالي: - ماذا؟!...لماذا هذه النظرة على وجهك؟!

بغضب أردفت روزالين: - لأنه يبدو أنكِ لا تستمعين إلي...و يبدو أنني كنت أتكلم مع نفسي...

تثائبت سالي في ملل ثم أردفت: - لا بل كنت أسمعكِ...و لكنني حفظت كل ما تقولينه عن ظهر قلب...أليس هذا ما قلتيه لي عندما وقعتِ بغرام ماثيو في العام الماضي؟!...

بغضب قذفتها روزا بتلك الوسادة الوردية الصغيرة ثم قالت: - لم يكن ماثيو حباً حقيقياً...أما هيو فأنا أحبه...أجل أحبه...شعوري مختلف معه....

بسخرية وضعت سالي بيدها تحت ذقنها و تساءلت: - كيف يعني؟!...

أخذت روزا تتمشى أمامها جيئةً و إياباً و في هيام قالت:

- كلما رأيته أمامي يتملكني ذلك الإحساس الغريب...إحساس لا أستطيع أن أصفه...تتواتر ضربات قلبي...بل أشعر أن قلبي يتراقص عندما يداعب النسيم خصلات شعره البني...أما عيناه...ما أجملها...عندما أنظر لهما أشعر و كأنني أغرق في محيط ليس له بداية و لا نهاية...و يبدو أن بهما شيء غريب...شيء يجذب...ربما كان سحر.....و ربما السبب هو تلك النظرة التي فيهما...تلك النظرة الغامضة....أجل إنني أنصهر عندما يوجه بنظره نحوي....و كأنني قطعة جليد قد أصبحت ماءً...

جلست روزا بجانب سالي ثم أخذت تهزها بعنف و هي تقول: - أنا أحبه...هل تفهمين هذا؟!...أحبه و من أول نظرة....سوف أموت لو لم يبادلني نفس الشعور...أنا أريده لي...أجل إنه لي....

أخذت سالي تربت على صديقتها قائلة: - رويدكِ...رويدكِ يا فتاة....إذا رآكِ بهذا الشكل فسوف يبتعد عنكِ....لا تكوني حمقاء...أحبيه و لكن ليس بهذا الشكل..اتركيه يحبك هو...اتركيه يتخذ الخطوة الأولى....هكذا هم الأولاد يفضلون أنفسهم أولاً....

أخذت روزا تعض على أناملها ثم قالت: - هل أنتِ متأكدة؟!...ماذا لو تجاهلني؟!...ماذا لو لم يشعر بي مطلقاً؟!...ماذا لو....

بادرتها سالي قائلة: - لا تقلقي...لو كان يحبك فلسوف يصارحك بهذا....و إذا لم يفعل....

صمتت قليلاً لتفكر بينما نظرت روزا إليها في توتر قائلة: - ماذا لو لم يفعل؟!...كيف أجعله يحبني؟!...

ابتسمت سالي لها ثم فرقعت بأصابعها كمن وجد الحل و هي تقول:

- وجدتها...افعلي معه مثلما فعلتِ مع غيره....استخدمي طرقكِ المتعددة و التي استطعتِ أن توقعي بها غيره في غرامك....صدقيني ستنجح...

ثم صمتت قليلاً و نظرت لروزالين نظرة تشكك و هي تحرك بإصبعها في تحذير قائلة:

- و لكن روزا.....يجب أن يكون هذا الحب حقيقياً...أي أنني لن أساعد في هذا الأمر إذا اتضح أنه ....

لم تكمل سالي كلامها بسبب روزالين التي أمسكت بيدي صديقتها فجأة و نظرت لها نظرة رجاء قائلة:

- صدقيني يا سالي..هذه المرة أنا واقعة بالحب...هذه المرة حقيقية...أرجوكِ ساعديني..أرجوكِ..أرجوكِ..أر...

بادرتها سالي قائلة: - حسناً كفى...سوف أساعدك هذه المرة طالما أنكِ تحبينه

ابتسمت روزا لها ثم احتضنتها في سعادة و هي تقول: - شكراً لكِ يا أعز صديقة لدي بالعالم....

ثم ابتعدت عنها و هي تنظر نحو الساعة قائلة: - رباه إن الوقت تأخر كثيراً...سوف أذهب للنوم...فغداً يوم مليء بالمحاضرات و المتاعب...تصبحين على خير يا سالي

تركت صديقتها و توجهت نحو الغرفة ثم استلقت على سريرها الوردي في سلام و هي تهمس :

- هيــو أنـــت لــي ...

فيرا
27-02-2011, 12:45
الفصـــل الرابــع


- ماذا؟!...ماذا قلت؟!...أعِد هذا ثانيةً؟!....

قالتها روزالين و هي تقف مذهولة في وسط المقهى....و يبدو أنها تنبهت أن صوتها كان أعلى من المعتاد...و أن جميع من


جلس نظروا تجاهها في استغراب...فابتسمت في خجل عندما جذبها هاري الذي كان جالساً أمامها لتجلس قائلاً لها:


- اخفضي صوتك قليلاً يا روزا...

صمت قليلا و مال بجسده للأمام مرتكزا على ساعديه حتى لا يسمعه سواها ثم أكمل:


- أجل كل ما قلته لكِ حقيقي...لقد عرفت هذا من مكتب شؤون الطلبة....لقد أخبروني بأنه رسب بالسنة الماضية و يعيدها الآن....

هزت روزالين رأسها في ضيق قائلة: - ليس هذا يا ذكي,فلا يهمني إن رسب أو نجح...أنا أقصد اسمه...أنت قلت لي بأن اسمه هو هيو دنفر,أليس كذلك؟!

أومأ هاري برأسه قائلاً:- أجل اسمه هيو دنفر...و ماذا في ذلك؟!

اتسعت ابتسامتها و هي تقول:- ألا تفهم؟!...إنه هيو دنفر.....ألم تسمع باسم دنفر من قبل؟!....

أخذ هاري يحك خصلات شعره العسلي في تفكير عندها قاطعته روزا مكملة: - إنها عائلة دنفر....والده هو جوزيف دنفر ذلك الرجل صاحب شركة آرتيميس للاستيراد و التصدير

عندها كور هاري قبضة يده اليمنى و ضرب بها كفه الأيسر كمن تذكر شيئاً هاماً ثم قال:


- أجل أجل...أعرفه جيداً....إنه ذلك الرجل الذي مات في حادث سير على الطريق العام....لقد سمعت بأنه قد عقد شراكة بين شركته و شركة فالكون العالمية قبيل مماته....

فتحت روزا فمها في ذهول ثم همست بصوت غير مسموع: - إذاً هو ثري...لهذا السبب يخرج من الجامعة في النصف الأخير...حتى يدير شركة والده...

قطعت روزالين شرودها و استفاقت عندما سمعت هاري يقول و هو يرمقها بنظرة تساؤل:

- فيم ذهب عقلك؟!

عندها ابتسمت له في غموض و هي تقول: - لا شيء....أنا معك

صمتت لبرهة ثم قالت و هي تسند ذقنها إلى كفيها المتشابكين: - و لكن ألا تظن أن هيو لا يبدو عليه الثراء؟..أقصد أن تصرفاته الغامضة لا توحي بأنه ثري....

نهض هاري من على مقعده إستعداداً للمغادرة ثم أردف: - ربما هو من ذلك النوع المتواضع الذي لا يحب المال...حسناً يبدو أن الوقت تأخر...هل أوصلك إلى منزلك؟!

أومأت برأسها له و هي تقول: - حسناً لا مانع لدي...

ثم نهضت و هي تعلق حقيبتها الزهرية على كتفها الأيمن مبتسمةً له بابتسامة عذبة...في هذه اللحظة خفق قلب هاري


فجأة...شرد في عينيها طويلاً...تمنى حينها أن يخبرها....كم هي ساحرة....و كم هو.....

لاحظت روزالين هذا الشرود فقالت له: - هييه هاري...فيم شردت؟...

أفاق من شروده و هو يهز رأسه بارتباك قائلاً: - ماذا؟!...لا شيء...لا شيء

عقدت ذراعيها على صدرها ثم بسخرية أردفت : - ماذا؟!...هل سنظل واقفين بهذا المقهى كثيراً؟!...إن الظلام قد خيم و الضباب قد هبط

حك هاري أرنبة أنفه في خجل عندما لاحظ أنه قد أطال الشرود ثم قال معتذراً :

- آسف روزا....حسناً هيا بنا

أنهى كلماته ثم غادرا المقهى مبتعدين عنه في وسط الضباب...

فيرا
27-02-2011, 12:46


في إحدى شوارع لندن الواسعة كان الظلام قد حل فارضاً سيطرته بقوة....و قد نزل الستار الضبابي في حياء ليغطي المكان

....و أمام إحدى المباني الضخمة وقف شاباً و قد احتشدت نظرات الحقد بعينيه مشدداً قبضة يده في غل...بدا في أواخر

العقد الثاني من العمر....حقيقةً لم يعلم كم من الوقت مر عليه و هو بتلك الحالة ؟!....

أفاق من شروده ثم بخطوات واثقة دخل المبنى الكبير عازماً على إنهاء كل شيء.....و بالداخل وقف أمام فتاة تمتلك شعراً

أسود قصير ....كانت جالسة منكبة على مكتبها الأبيض و أمامها عدد لا بأس به من الأوراق و الملفات المتراكمة فوق بعضها

البعض...تركت الفتاة القلم من يدها حينما تنبهت للظل الساقط على الأوراق فرفعت برأسها لتجد شخصاً واقفاً أمامها و في

تساؤل قالت: - هل هناك شيء ما تريده يا سيدي؟!

في نظرات جادة قال لها: - أجل...أريد أن أدخل إلى مدير هذه الشركة

نظرت الفتاة في ساعة يدها الذهبية ثم قالت بضيق صدر: - الآن..إن الوقت متأخر جداً

ثم رفعت بنظرها نحوه لتكمل: - ممكن أن تأتي....

عندها وضع الشاب بيديه في عنف على الطاولة أمامها ثم قال في نفاذ صبر:

- إنه أمر لا يحتمل التأخير يا آنسة....


ثم أكمل كلامه ضاغطاً على الحروف: - أريد أن أدخل إليه حالاً , هل فهمتي هذا؟!..

في توتر و ارتباك قالت له : - ح..حسناً..اهدأ...سوف أخبره حالاً...و و لكن ما اسمك؟!

زفر الشاب في عمق ثم رفع بيديه عن الطاولة قائلاً: - قولي له هيو دنفر

اتسعت عينا الفتاة و تقلص بؤبؤهما و هي تقول: - دنفر؟!...هل تقرب للسيد جوزيف دنفر؟!

أغمض هيو عينيه في حزن و هو يتنهد في ضيق قائلاً: - أجل...فـأنـا ابنه الوحيد

ثم فتح عينيه و هو يقول : - حسناً, اخبريه الآن بأنني أود مقابلته

أومأت الفتاة برأسها ثم ضغطت على زر تلك الآلة بإصبعها ليصدر من خلالها ذلك الصوت الأجش قائلاً :


- ماذا هناك يا ريتا؟!...هل هناك إزعاج آخر؟!

بارتباك قالت : - لا يا سيدي...و لكن السيد هيو دنفر يود مقابلتك

صمت الصوت لبرهة من الزمن ليست بطويلة ثم عاود من جديد ليقول: - حسناً...دعيه يدخل

امتثلت ريتا لأوامر المدير ثم نهضت من خلف مكتبها و أحنت رأسها لهيو ثم قادته عبر رواق طويل أفضى بالنهاية إلى باباً

بني كبير عُلِق عليه لوحة ذات إطار ذهبي كُتِب بداخلها في خطٍ ذهبي مزخرف ~غرفــة المــدير~

...رفعت الفتاة بيدها و دقت على الباب الكبير بإنتظام ثم فتحته عندما أتاها الصوت الأجش من الداخل آمراً: - ادخل

دخل هيو إلى داخل المكتب الواسع أما هي فقد أحنت رأسها مستأذنةً بالخروج و أغلقت الباب خلفها تاركةً إياهم

بالداخل.....وقف هيو ينظر نحو ذلك الشخص ,الذي كان معطياً إياه ظهره, في حنق شديد و عدوانية...ظل واقفاً هكذا دون أن

يتكلم, إلى أن التفت له المدير و الذي بدا بالعقد الرابع من عمره بمقعده معطياً وجهه لهيو...كان ذو شعر رمادي مصففاً


على كلا الجانبين...بدين الجسد...ذو فم غليظ...أنف معقوف... عينان غائرتان و تحتهما ظهرت كتل من الدهون.......و بنظرة


التعالي رمق هيو من مقعده ثم قال :

- ماذا تريد أيها الفتى؟!..هل هناك خطب ما؟!

شدد هيو قبضة يده اليمنى في حنق و تصاعد الدم من رأسه...ها هو يقف أمام ذلك الوغد...ها هو ينظر لمن قتل والده....


إنها فرصته, و لم لا يستغلها...لم لا يقضي عليه و يحطم وجهه بقبضة يده....لقد تسبب في انهيار أحلامهم...و تفككهم...و


آلامهم....باستخفاف قال الرجل: - يبدو أنه ليس لديك شيء لتقوله....أنت....

بوغت الرجل بهيو الذي تهجم عليه و أمسك به من ربطة عنقه جاذباً إياه في عنف حتى شعر باختناق أنفاسه فقال لاهثاً و

هو يسعل:


-أ...رجـ...وك....دعـ..ني....سـ..أختـ..نق....أر..جـو ك....سأ...موت

في استياء صاح هيو و هو لا يزال يمسك به: - أدعك ؟!...و لماذا لم تدعه يعيش؟!...أنت لا تستحق الحياة....هل تفهم؟!...

بذعر قال الرجل طالباً الرحمة: - أرر...جوووك...لا..أريد...الموت...ماذا...تتـتـ..تري د؟!

بغضب شدد هيو على عنقه ثم صاح قائلاً: - أريد روحك....هذه الشركة لنا حق فيها...أيها الوغد أعد حقنا إلينا الآن, و إلا سحقتك بيدي....

أخذ الرجل يبعد هيو عنه بكلتا يديه من فوقه و لكن دون جدوى فقد كان أضعف منه....شعر الرجل بالخطر المحدق به...لو لم

يفعل شيئاً الآن فلسوف يخر صريعاً أمام ذلك الفتى...أخذ يفكر في هلع ماذا يفعل؟!...كيف يبعده؟!...و يبدو أنه وجد الحل...

لم يلحظ هيو يد الرجل و هي تمتد في السر لتضغط على الزر الأحمر القابع أسفل المكتب...ليدخل بعدها ثلاثة رجال ضخام

الجثة مرتديين بذلة سوداء فاحمة...مقتحمين المكان عليهم... نظر عندها هيو نحوهم و هو يجزّ على أسنانه ثم أعاد نظره

نحو الرجل في حنق و استياء قائلاً:


- أيها الضعيف...تباً لك...هل ستتحامى خلف مجموعة الثيران هذه؟!...هل تظن أنهم سيستطيعون حمايتك مني؟!...
لا و ألف لا....

في هذه الأثناء كان الرجل قد نظر نحو رجاله بنظرة ذات معنى..آمراً إياهم بالتدخل و إبعاده من فوقه...ثم بعد أن استعاد

أنفاسه نظر الرجل نحو هيو الذي أمسكه رجلان في عنف و باستخفاف قال له :


- من منا الضعيف الآن؟!..و أي حق تتكلم عنه؟!...أنا فعلت هذه الشركة بنفسي...والدك كان مديوناً لي...و تأخر كثيراً عن الدفع...لذا أخذت الشركة مقابل الدين...هل أنا مخطئ؟!

ثم بلهجة آمرة نظر لرجاله قائلاً: - ارموه بالشارع الذي أتى منه....

و بمجرد أن أنهى الرجل كلامه..أخذ الرجال يجرون هيو بعيداً عن المكتب...و لكنه أخذ يقاومهم ليتملص من قبضتهم و لكن


دون فائدة...و عندما وصلوا به نحو باب المكتب...رمقه هيو بنظرات عدوانية حاقدة و في غل جزّ على أسنانه متوعداً:

- سوف يأتي ذلك اليوم الذي ستندم فيه...و سوف يأتي ذلك اليوم الذي سأنتقم فيه...سوف تأتي إلي زاحفاً على رجليك و متوسلاً لي كي أرحمك...و لكنني لن أرحمك..أعدك بهذا...أعدك بأنه سيأتي قريباً...أقرب من خيالك...

أنهى هيو كلماته على صوت ذلك الرجل الذي أخذ يضحك ساخراً في استخفاف و استعلاء...بينما أمسكه الرجال و رموا به


خارج الشركة بالشارع دون رحمة ثم انهالوا عليه بالضرب في عنف و وحشية حتى تمزق قميصه و نزف بشدة...عندها تركوه


ليقع ساقطاً على بركة الوحل و ذهبوا بعيداً و هم يضحكون في خشونة...

نهض هيو من على الأرض و هو يتأوه ثم شدد قبضته اليسرى في غل بينما أمسكت يده اليمنى ذراعه اليسرى بسبب

الألم... و في حزن نظر نظرة أخيرة نحو اللافتة الكبيرة التي استقرت فوق المبنى الكبير في تحدٍ و التي كتب فوقها بخط

كبير ~ شــركــة فـــالـــكــون الـــعالمــية~ ثم تمتم ضاغطاً على حروفه: - لن تنجو بفعلتك طالما حييت


و مضى مبتعداً عن المكان في صمت...مقسماً على ألا تذق عينه النوم...و جسده الراحة...إلا بالانتقام.....



داخل الغرفــة الزهـريـة جلــست فتــاة على مقعدها الوثير أمام المرآة تتأمل قسمات وجهها بها...افتر ثغرها عن ابتسامة ثم


أمسكت بفرشــاتــها الوردية و أخذت تمشط خصلات شعرهاالأصهب في دلال و هي تنظر لصديقتها الممدة على السرير


خلفها عبر المرآة قائلة لها:- سالي!...هل تعتقدين أنني جميلة؟!


رفعت سالي حاجبيها في دهشة من ذلك السؤال ثم قالت: - أتسألينني؟!...


بسخرية أجابت الفتاة: - أجل, و هل هناك أحد غيرك بالغرفة؟!


عدلت سالي من وضعية نومها إلى الجلوس و هي تنظر لإنعكاس الفتاة بالمرآة قائلة لها:


- أجل أعلم, و لكن لِمَ طرحتي هذا السؤال الغريب فجأة؟!


لاحظت سالي تلك النظرة التي التمعت في عينيها...ثم سمعتها تقول:


- إذا كنت جميلة حقاً, فلماذا لم يحبني هيو؟!...لماذا لم يلحظ وجودي؟!


نهضت سالي من على سريرها ثم اقتربت منها حتى صارت خلفها...وضعت بيدها اليمنى على كتفها في حنان ثم قالت:


- ليس كل شيء بجمال الوجه يا روزا, فجمال الروح أيضاً مهم...و لكن من يعلم, فربما يكون واقع بحبك و لكنه من النوع الخجول الذي لا يعترف


ابتسمت روزالين ثم أرجعت خصلات شعرها للخلف و ربطته بشريطة خضراء على هيئة ذيل حصان....ثم نهضت من على


مقعدها و هي تقول : - أتمنى أن يأتي هيو غداً, فلقد اشتقت إليه ...لا أعرف لماذا تغيب هذا اليوم؟!


مررت سالي بأصابع يدها اليمنى خلال شعرها مبعدةً تلك الخصلات التي تمردت على جبينها للخلف ثم قالت:


- ربما هو مريض!


ضربت روزالين كتف صديقتها في مزاح ثم قالت : - ما هذا الكلام السيء, لا تقولي مثلها مجدداً..


ضحكت سالي و هي تقول بخبث: - ما كل هذا الخوف يا روزا؟!...ستصابين بنوبة قلبية إذا ظللتِ هكذا...


أعرضت روزالين وجهها عنها ثم اتجهت نحو الفراش و هي تقول مازحة:


- حسناً تصبحين على خير أيتها السخيفة


ابتسمت سالي لها ثم قالت ساخرة: - تصبحين على خير آنسة دنفر


و أطفأت ضوء المصباح ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها تاركة روزالين تغط في نوم عميق

فيرا
27-02-2011, 12:46


و بعد منتصف الليل جلست تلك السيدة على مقعدها الرمادي واضعةً بيدها اليمنى على صدرها في قلق ...كانت تنظر نحو


الساعة بين الفينة و الأخرى و هي تهمس: - ما الذي أخرك هكذا؟!...أين أنت؟!

ثم في تلك اللحظة...عندما دقت الساعة معلنةً عن الثالثة صباحاً...فـُتِح الباب لتجده واقفاً أمامها ...فانتفضت واقفة و هي


تقول بهلع: - هيووو!!

ثم هرعت نحوه لتسانده قبل أن يقع...كان متسخ الملابس...ممزق القميص...أما جسده فقد امتلأ بالكدمات...و سال الدم


من فمه و أنفه...بنبراتها المتسائلة قالت له و هي تجلسه على الأريكة الرمادية : - من الذي فعل بك هذا؟....و أين كنت؟!...هل تشاجرت مع أحد؟!

تأوه هيو فور جلوسه على الأريكة من شدة الألم و بالطبع لم تتلقى منه أية إجابة....تركته والدته ثم هرعت نحو


الحمام...وأحضرت معها منشفة مبللة بالماء...ثم جلست بجواره و أخذت تمسح على جبينه و وجهه بحنان حتى لا


تؤلمه....و بعينين متسائلتين نظرت له باحثةً عن الإجابة بين طيات عينيه...فشعرت بحزنه...و غضبه..و ألمه...يتصارعون


داخل روحه...فوضعت بيدها اليمنى على كتفه الأيسر و بصوتها الحنون قالت: - لا تحاول إخفاء مشاعرك يا بني...إذا أردت أن تبكي فابكي كما شئت...

عندها تفاجأت به يرتمي بين أحضانها...كمن يرمي بنفسه نحو الخلاص..كمن أثقلت عليه الحياة همومها....ابتسمت الأم و


أخذت تمسح على خصلات شعره الداكنة بحنان و هي تهدهد له بصوتها الحالم تلك التهويدة....

-ابتعد يا ألم عن طفلي الحبيب ...و اخرج البسمة من مأواها الدفين ....و امنح قلبه بهجة الربيع

ابتعدي يا غيوم الأحزان....و انصرفي عن الأذهان...و امنحي قلبه السلام...

ابتعد يا ألم عن طفلي الحبيب....ابتعد و لا تعاود الظهور من جديد

تلاشى الليل الحزين بعد أن غسله الصباح بضيائه....انجلى و معه همومه و أحزانه...معه عتمته و جفائه....ظلمته و غموضه


.....و لا زال صوتها الحالم يردد....و امنحي قلبه السلام...ابتعدي أيتها الألام...و حلقي بفضاء النسيان....

و لكن هل ستنجلي الغيوم عن السماء؟!...هل سيبتعد الألم عن الفؤاد؟!......

و هل...... سيحل الربيع في وداد؟!...

ـــــــــــــ

فيرا
27-02-2011, 12:48
انتظروني بعد بكره =)

و اتمنى البارتين يكونوا نالوا اعجابكم =)

$فانيلا لوسي$
27-02-2011, 23:58
يااااااااااااي اول وحدة ترد يس يس

البارتين وش اقولك رووووووووووووووووعة والله مررره ماشاءالله

اما روزالين خلاص هاذي البنت طار عقلها في ولد همو هم قد الدنيا ومو فاضي للكلام حقها

ياقلبي هاري احسو مره مسكين شكلو طايح في روزا ههههه والله مدري ليش بس حاسة انو روزا حتؤذي هاري :(

وهيو لالالا هذا يبغالو 10 سطور عشان اوصفلك هو وش حسيت فيه وانا اقرى القصة بكل اختصار (حياته هم وغم)

ويسلمووووووووووووو اتنمنى تكملي القصة من كل قلبي عشان انا احر من الجمر منتظرة البارتات الجاية

فيرا
28-02-2011, 13:02
يااااااااااااي اول وحدة ترد يس يس

البارتين وش اقولك رووووووووووووووووعة والله مررره ماشاءالله

اما روزالين خلاص هاذي البنت طار عقلها في ولد همو هم قد الدنيا ومو فاضي للكلام حقها

ياقلبي هاري احسو مره مسكين شكلو طايح في روزا ههههه والله مدري ليش بس حاسة انو روزا حتؤذي هاري :(

وهيو لالالا هذا يبغالو 10 سطور عشان اوصفلك هو وش حسيت فيه وانا اقرى القصة بكل اختصار (حياته هم وغم)

ويسلمووووووووووووو اتنمنى تكملي القصة من كل قلبي عشان انا احر من الجمر منتظرة البارتات الجاية

اهلاً يا قمر و الله منووورة =)

مبرووك لكِ الرد الأول xDD

انتِ اللي رووعة يا قمر و ربنا لا يحرمني من ذوقك ^^

روزالين دي حكايتها حكاية , لسه هتشوفي هتعمل ايه علشان تحصل على هيو ككككك xDD

و هاري فعلاً مسكين طايح فيها و هي حسبي الله عليها ><"

ان شاء الله بكرة هنزل التكملة لحد الفصل العاشر (=

ان شاء الله ينالوا اعجابك ^^

red vampire
28-02-2011, 18:43
الصراحة ابدعت في هاد البارت
قصتك تحفة راح اعطيك رأيي بالشخصيات
روزالين غبية لدرجة لا تصدق اكرهها
هيو بيجنن و بروردو يوصلني انا شخصيتو رائعة بمعنى الكلمة
هاري مجنونة هالولد بس يعجبني كثير عفوي بس اكره انو واقع بحب "المغرورة "
سالي ما اعرف شخصيتها تظهرلي حلوة
امو لهيو كثير متفاهمة
و الرجل الجشع هداك الي بالشركة مقرف مقزز اكرهو بشدة

✿Elissa
28-02-2011, 21:13
وااااااااااااااااااااااااااو اكثر من رووووووووووووعة ابداع والله
حبيت التكملة و في انتظار الباقي :ضحكة:

فيرا
01-03-2011, 11:36
الصراحة ابدعت في هاد البارت
قصتك تحفة راح اعطيك رأيي بالشخصيات
روزالين غبية لدرجة لا تصدق اكرهها
هيو بيجنن و بروردو يوصلني انا شخصيتو رائعة بمعنى الكلمة
هاري مجنونة هالولد بس يعجبني كثير عفوي بس اكره انو واقع بحب "المغرورة "
سالي ما اعرف شخصيتها تظهرلي حلوة
امو لهيو كثير متفاهمة
و الرجل الجشع هداك الي بالشركة مقرف مقزز اكرهو بشدة

اهلاً بكِ يا قمر منووورة ^^

بجد أخجلتيني بكلامك ...انا سعيدة لان القصة نالت اعجابك =)

روزالين فعلاً زي ما قلتي و ابصم بالعشرة ان كلامك صحيح ::جيد::

و لسه هتكرهيها اكتر من كده evil:

هيو يااااي عليه يجنن <-- اوووت××"

يب شخصيته باردة ( بس البرود ده وراه قلب طيب هيظهر خلال البارتات :d)

هاري حبي <-- هذه لبلو اوشن :d

يب بحب الولد ده من ساعة ما كتبته evil:

نعمل ايه بقى , صدق اللي قال ان مراية الحب عمياء xDD

سالي بتعرفي شخصيتها خلال البارتات بس هي طيبة و كويسة :)

ام هيو دي تجنن لوحدها من البارت السابع هتعرفي ليه؟ xDD

الرجل الجشع اكرهه انا كمان ان شاء الله يتفنجر قريب قولوا آمين :d

هنزل البارتات لحد العاشر ^^

نورتي يا قمر بردك النايسو ^^

فيرا
01-03-2011, 11:39
وااااااااااااااااااااااااااو اكثر من رووووووووووووعة ابداع والله
حبيت التكملة و في انتظار الباقي :ضحكة:

اهلاً يا سكر ر=

انا سعيدة لان التكملة اعجبتكِ و ان شاء الله الباقي =)

مشكورة يا قمر على الرد الكوول ^^

و التكملة هتنزل الآن ^^

فيرا
01-03-2011, 11:41
الفصـــل الخـــامــس



- لن أدعك تذهب...لن أترك يدك تفلت من يدي...سأطبق عليهما..سأتمسك بهذا الضوء
الضئيل من الأمل....ستقل عني أنانية...فلتقلها إذاً...




في مكان آخر...و زمن آخر ...جلست فتاة ذات شعر بلون الكراميل بالقرب من شاب بدا بأواخر العقد الثالث و أوائل الرابع من





العمر...نظرت نحو وجهه النائم و هي لا تزال ممسكة بيده...و قد بللت قطرات العرق جبينه و وجهه... في شرود أخذت تتأمل تقاسيم



وجهه الهادئة بعينين قد اتخذتا زهر البنفسج لوناً لهما....و بيدها الناعمة أزاحت خصلات شعره الشقراء التي تمردت في



حرية فوق جبينه بحنان بينما توردت وجنتيها و خفق قلبها مع دقات الساعة على الحائط... توقفت عن تمرير أصابعها في تلك الخصلات...



لتضعها على جبينه الحارق فيحترق قلبها قبل كفها....أخذت تكلم نفسها و تهذي في جنون:



- ما الذي تفعلينه هنا؟!...بل ما الذي أتى بكِ؟!...لماذا لم تعودي من حيث أتيتِ؟!....هل ظننتي أنه أحبك حقاً؟!...إنه ليس من حقك....و لكن؟!



أغمضت عينيها لتنهمر منهما تلك اللآلئ متدحرجةٍ على وجنتيها ساقطةً فوق جبينه...ثم بشفتين مرتجفتين أخذت تعاتب نفسها:



- ليس من حقك...هل فهمتي؟!...ليس من حقك....من تكوني حتى تتدخلي بحياته؟!



نظرت نحوه في عطف و لازالت تلك اللآلئ منهمرة ...ثم قالت: - فعلاً من أكون ؟!...لم يكن لي...و لن يكون...



ثم دفنت وجهها بين كفيها لتهمس لهما بدموعها...و تخبرهما عن أحزانها....



فقد أيقنت أنها مهما فعلت فلن........











أثار صمت الليل ذلك الصوت الناجم عن إيلاج المفتاح بفتحة الباب و لكن يبدو أن المفتاح لم يرضى الفتح و سقط على



الأرض محدثاً صوت الرنين العالي...عندها جثا ذلك الشاب على ركبتيه ليلتقط المفتاح عن الأرض و هو يتمتم ساخراً:



- أتعلم إن صوتك عالٍ جداً أيها المفتاح؟!....اصمت ستوقظ الجمـ....



صمت الشاب وقطع تمتمته عندما وجد باب البيت يفتح أمامه ليظهر رجلاً عجوز من خلف الباب و هو يفرك يديه بعينيه



متثائباً في كسل ثم قال: - ما الذي أخرك هكذا يا سيدي الصغير؟!...لقد قلق والدك عليك كثيراً...



نظر الشاب في ساعة يده ثم ابتسم قائلاً في استخفاف:



- لم؟!...إن الوقت ما زال مبكراً...و ثانيةً أنا لم أعد صغيراً لقد كبرت....



قطع الشاب كلامه ثم خطى بخطواته إلى داخل المنزل بينما أوصد الخادم الباب في حذر حتى لا يحدث ضجيجاً ثم



تلفت لذلك الشاب الذي خلع سترته الخضراء معطياً إياها له و بسخرية عاود الكلام مجدداً:



- حقيقةً أنا لا أعرف لماذا تعاملونني و كأنني طفل؟!...لقد كبرت و صرت بالجامعة ,ألا ترى هذا معي؟!...ماذا سيحدث لي لو تأخرت؟!...ثم أنني لم أتأخر ما زلنا بالحادية عشر مساءً...أي أنني لم أتأخر حتى أستحق كل هذا الذعر؟!...



ارتمى الشاب في أحضان أريكته البنية ممدداً بقدمه في استرخاء إلى الأمام بعدما تناول جهاز التحكم ليشعل التلفاز



عندها اقترب الخادم من الأريكة ليقف بجانبها قائلاً: - حسناً هل تريد العشاء يا سيد هاري؟!



تلقى الخادم الإجابة من هاري الذي لم يرفع عينه عن التلفاز: - أجل يا سايمون...فأنا سأموت من الجوع



انحنى سايمون تنفيذاً لرغبة سيده ثم قبل أن يذهب نظر له هاري و ابتسم قائلاً:- أنت الوحيد من يتفهمني بهذا المنزل يا سايمون...



ابتسم سايمون ثم ابتعد ذاهباً نحو المطبخ....أما هاري فقد أغلق التلفاز و هو يعدل وضعيته إلى الجلوس... ثم أعاد رأسه



إلى الخلف مسنداً إياها على الأريكة...مغمضاً عينيه....ثم ابتسم ابتسامة خافتة و هو يقول:



- وجدتكِ أخيراً يا زهرتي....و لكن كيف سأصارحكِ بأنني....





فيرا
01-03-2011, 11:42
عند الباحة الخلفية لمحته تلك الفتاة بعينيها العسليتين ممدداً على العشب الأخضر مسنداً رأسه إلى شجرة الصنوبر



الكبيرة....كان محدقاً بالسماء في شرود عندما اقتربت منه بخطوات لتقف أمامه....قطع الشاب شروده و نظر لها في لا



مبالاة قائلاً: - هل هناك شيء ما بي؟!...لماذا تنظرين نحوي هكذا؟!..



ابتسمت الفتاة في ارتباك ثم قالت له: - هل تسمح لي بالجلوس معك؟!



بسخرية قال لها: - و هل منعتك من الجلوس؟!...اجلسي كما تريدين....



جلست الفتاة أمامه على ركبتيها بعدما شعرت بالإحراج مما قاله...فوجدته قد عاود الشرود مجدداً بالسماء متجاهلاً إياها و



بالإضافة إلى هذا لاحظت تلك الكدمات التي ظهرت أسفل فمه و عند أنفه و بجانب عينه و ذراعه الذي ربط بقطعة من



القماش....عندها سألته في فضول قائلة بتردد : - هيو ...ما الذي أصابك؟!...هل تعرضت لحادثٍ ما؟!



نظر هيو لذراعه الأيسر في عدم اهتمام ثم أعاد النظر نحوها قائلاً و كأن تلك الإصابات ليست فيه:



- هل تقصدين هذا؟!...إنه مجرد حادث عادي لا أقل و لا أكثر....و لا يحتاج إلى السؤال...



نظرت الفتاة له في ذهول مما قاله...و بداخلها تساءلت...هل هو إنسان طبيعي؟!...



باغتته الفتاة قائلة: - لماذا تعاملني هكذا؟!...لماذا أنت بهذا البرود؟!...



عندها ابتسم هيو ابتسامة استخفاف رافعاً الجزء الأيسر من فمه ثم قال:



- و كيف تريدينني أن أعاملك إذاً؟!...و إذا كنتِ متضايقة مني بهذا الشكل,فلماذا جلستِ معي إذاً يا آنسة روزالين؟!...



شعرت روزالين بوجهها يتصبب عرقاً و بحرارة تصاعدت من رأسها بسبب الإحراج...لم تعرف كيف ترد عليه؟!...بل كيف



ستتعامل معه؟!...كيف ستجعله....؟!....استنشقت نفساً عميقاً ثم أردفت قائلة: - هيو...لم لا نُصـ....



صمتت روزالين حينما وجدته ينهض من على الأرض و يبدو أنه سيذهب متجاهلاً إياها...فبتساؤل قالت: - أين ستذهب؟!



دون أن ينظر إليها أجابها في لامبالاة:



- على ما أظن,هذا ليس من شأنك....



في غيظ نهضت روزالين و هي تعض على شفتيها حانقة ثم قالت: - لماذا تكرهني هكذا؟!..ماذا فعلت لك؟!



.. نزلت تلك الخصلات البنية على عيني هيو عندما نظر للأسفل فظنت روزالين أنها تمادت و أنها قد جرحته...اقتربت منه ثم



حينما كادت تقول: - هيو..أنا..آسـ...



فوجئت به يضحك ساخراً و يرفع بوجهه نحوها ليقول: - أكرهك؟!...و هل كنت أحبك حتى أكرهك؟!...



قطع كلامه ثم أخذ يضحك حتى تساقطت الدموع من عينيه مما أثار حنق روزالين أكثر و أكثر...فقررت أن تتركه و تبتعد و



لكنها قبل أن تبتعد مدت يدها نحوه بدفتر أزرق و ناولته إياه عندها قطع هيو ضحكاته ثم أخذ ينقل نظره نحو الدفتر و نحوها



في استغراب قائلاً: - ما هذا؟!



أجابته روزالين و هي تهم بالرحيل بصوت حزين متضايق مما فعله معها :



- إنه دفتري...سأعطيه لك حتى تنقل ما فاتك من محاضرات....



و قبل أن تذهب مبتعدة استوقفها هيو و هو يعيد إليها دفترها و ببرود قال:



- عذراً يا آنسة, و لكنني لا أحب أن آخذ شيئاً دون مقابل...



ثم أعرض بوجهه عنها لكي يبتعد تاركاً إياها....عندها صاحت به روزالين قائلة:



- لقد دفعت ثمنه يا هيو...لقد أنقذت حياتي من قبل و هذا هو المقابل....ما رأيك؟!



توقف هيو في مكانه..و انتظرت روزالين منه الإجابة....و يبدو أن الوقت طال كثيراً....فهرعت نحوه و وقفت أمامه و هي تبتسم



قائلة: - يبدو أنني انتصرت عليك....حسناً واحد مقابل لا شيء...



نظر لها في برود شديد و هي تبتسم ,فشعرت بغصة في حلقها جراء تلك النظرة....بالنهاية قبل منها الدفتر و أخذه ثم دس



بيده داخل جيب بنطاله الأسود....و قال و هو يبتعد تاركاً إياها:



- سوف أعيده لكِ قريباً....شكراً على ذلك



ثم مضى مبتعداً عن المكان....و من بعيد وقفت فتــاة ذات شعر مجــدل تراقب ما حدث في صمت من وراء الجدار....و



فور ابتعاد هيو عن المكان خرجت تلك الفتاة من مكمنها و بخطوات بطيئة أخذت تخطو فوق العشب دون إحداث صوت حتى



صارت خلف روزالين التي كانت شاردة بهيو و هو يذهب مبتعداً عن المكان...ثم بكفها الأيمن ضربت روزالين ,التي تفاجأت و



وقف شعر رأسها من الفزع , على ظهرها و هي تضحك في خبث قائلة:



- هل أخفتك يا روزا؟!.....



نظرت روزالين خلفها و الشرر يتطاير من عينيها بعدما عرفت صاحبة تلك المفاجأة ثم قالت ساخرة:



- ما هذه الحركات الصبيانية؟!....إنكِ لا تخيفين نملة يا عزيزتي....

فيرا
01-03-2011, 11:44
ابتسمت الفتاة في خبث و هي تقول: - أه حقاً...حسناً لماذا وقف شعرك إذاً؟!...


أشاحت روزالين برأسها عن عيني تلك الفتاة ثم قالت: - حسناً هذا لا يهم...المهم هو منذ متى و أنتِ هنا يا سالي؟!...


....سالي فتاة مرحة تمتلك قلباً طاهراً رقيقاً...تحب صديقتها كثيراً...إنها من ذلك النوع البشوش...و الذي تحبه من أول


نظرة...رغم أنها لا تمتلك جمال روزالين إلا أن لديها جمال روحي أكبر و ربما يفوق جمال وجه روزالين....شعرها دائماً مجدل


بشكل ضفيرة كبيرة يصل إلى خصرها و هو أشقر اللون مع خصلات بنية...و تمتلك عينين خضراوين يشبهان عين القط يعطياك طابعاً بمرحها الزائد و حسها الطفولي...


أرجعت الفتاة شعرها إلى الخلف و هي تقول:


- حسناً...أنا هنا منذ أن رأيتكِ تخرجين من قاعة المحاضرات....فتتبعتك في سر حتى وجدتكِ تجلسين معه....و ظللت مختبئة خلف ذلك الجدار البني...


قالتها و هي تشير نحو الجدار بسبابة يدها اليمنى....ثم أعادت نظرها نحو روزالين و هي تقول في لؤم :


- أرى أن عصفورك الصغير قد طار من بين يديكِ...


غضبت روزالين من سالي و قالت: - بل سيعود إلي مجدداً....سوف ترين أنه سيعود....


ابتسمت سالي ثم ربتت على صديقتها قائلة:


- هدئي من روعك عزيزتي...لقد أتيت اليوم من جامعتي مبكراً حتى أساعدك في ذلك الأمر....ألم أعدك بذلك؟!...


ابتسمت روزالين لها ثم قالت و هي تتلاعب بخصلات شعرها الأصهب :


- لقد قبل مني الدفتر....ربما تكون هذه هي البداية و أكون قد وضعت قدمي على أول الطريق...


وضعت سالي بإصبعها على فمها مفكرة ثم قالت:


- و لكن...ألا تلاحظين أنه بارد بعض الشيء؟!...أعني كيف أحببتِ هذا الشخص؟!...إنه يبدو متعجرفاً للغاية..غير ودود مطلقاً


وضعت روزالين بيدها اليمنى على قلبها ثم تنهدت في هيام قائلة:


- لا أعرف...و لكنني أحبه يا سالي....ربما هذا البرود هو ما جذبني إليه...و ربما غموضه....


عوجت سالي ناحية فمها اليسرى في سخرية ثم قالت:


- حسناً...سوف أعود للمنزل بما أنني لا فائدة مني اليوم...هل ستعودين معي أم ستنتظرين؟!...


هزت روزالين رأسها نفياً ثم قالت: - ليس عندي شيء اليوم...لقد تغيب الأستاذ اليوم...لذا سأعود معكِ....


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
01-03-2011, 11:47
بعد أن انتهت تلك المحاضرة المملة مبكراً....نهض ذلك الشاب صاحب الشعر البني الداكن من على مقعده ليترك تلك القاعة



و كأنه طير خرج من قفصه....أخذ يتمشى على غير هدى...لا يعلم إلى أين تقوده قدماه؟!...كان مبلبل المشاعر و



الوجدان....جلس في الباحة الخلفية ممدداً على الأعشاب الخضراء....ثم أسند رأسه لشجرة الصنوبر الكبيرة و أخذ ينظر



نحو السماء بعمق....تذكر وجه ذلك البدين و هو ينظر له ساخراً...تذكر ضحكاته المدوية....و تذكر كم الضربات و الصفعات و



الإهانات التي تلقاها....وضع بيده على وجهه ليتحسس الألم...ثم تذكر وجه والدته الحزين و دموعها التي تناثرت على



وجنتيها...فقطب حاجبيه في غضب و حنق...بل إنه شدد قبضته على العشب من شدة الغيظ....لقد شعر بإهانة لم يشعر



بها من قبل....زفر في ضيق ثم أرخى قبضته عن العشب و عاد يشرد بالسماء هامساً :



- أيعجبك هذا يا أبي؟!...لقد خلفت لي حملاً ثقيلاً من الهموم و الأحزان....



قطع الشاب مناجاته عندما شعر باقتراب أحدهم فهمس بداخله : - ترى من ذلك المتطفل الذي سيأتي الآن؟!...



أخفض الشاب رأسه عندما وجدها واقفة أمامه تنظر نحوه باستغراب شديد..فنظر لها ببرود شديد ثم صعقها بسؤاله قائلاً:



- هل هناك شيء ما بي؟!...لماذا تنظرين نحوي هكذا؟!..



ابتسمت له الفتاة في ارتباك ثم طلبت الانضمام إليه عندها سخر منها الشاب فور سماعه لطلبها و الذي بدا سخيفاً له...و



بداخله قال: - ألن تذهب تلك الفتاة أبداً؟!...لماذا لا تتركني و شأني؟!...



تجاهلها الشاب متعمداً و نظر نحو السماء مجدداً....شرد بهما و أطال الشرود....و لكنه أفاق على صوتها الذي قال في



هلع و فضول : - هيو ...ما الذي أصابك؟!...هل تعرضت لحادثٍ ما؟!



عندها نظر لها في لامبالاة و باغتها بإجابته الباردة :- إنه مجرد حادث عادي لا أقل و لا أكثر....و لا يحتاج إلى السؤال...



شعر بغضبها....شعر بحنقها....شعر بحرجها....تمنى من كل قلبه أن تذهب و تحل عن رأسه....تمنى لو تختفي من أمامه



هي و فضولها....و لكن يبدو أنها لم تستسلم بعد, فقد وجدها تفتح فمها لتتكلم سائلةً إياه في غضب...لماذا يعاملها بهذا



الشكل؟!...لماذا هو بهذا البرود؟!....عندها باغتها هيو في سخرية كي يوقف فضولها و كي يجعلها تبتعد عنه:



- و كيف تريدينني أن أعاملك إذاً؟!...و إذا كنتِ متضايقة مني بهذا الشكل,فلماذا جلستِ معي إذاً يا آنسة روزالين؟!...



ابتسم هيو عندما وجد أن ما قاله بدأ بالتأثير عليها...و بداخله قال: - يبدو أنها ستبتعد الآن...هذا أفضل...



و لكن يبدو أنه كان مخطئاً...فلم تتزحزح روزالين من مكانها إنشاً واحداً...بل ظلت أمامه جالسة...شعر هيو بالاختناق



منها....عندها هبّ واقفاً من مكانه كي يذهب مبتعداً عنها و لكنه توقف عندما سمعها تصيح به في غضب:



- لماذا تكرهني هكذا؟!...ماذا فعلت لك؟!..



شعر هيو برغبة جامحة في الضحك فور سماعه لهذا السؤال....لا يعرف حقاً لماذا سألت هي هذا السؤال بهذا الوقت



بالذات؟!....بل ما الذي تبادر إلى ذهنها حينما سألت هذا السؤال؟!....ألم تشعر بأنها ثقيلة؟!...لم يتمالك هيو نفسه و



شرع بالضحك عليها و هو يرفع بوجهه نحوها ساخراً منها و مجيباً إياها: - أكرهك؟!...و هل كنت أحبك حتى أكرهك؟!...



ثم عاود الضحك من جديد حتى انغلقت عينيه و نزلت الدموع من كثر الضحك...بحياته لم يضحك هيو بهذا الشكل....و يبدو



إن ذلك الموقف قد أثار حفيظتها و غضبها...لدرجة أنها قد اعتزمت الرحيل و لكنه فوجئ بها توجه نحوه دفتر أزرق اللون عليه



صورة لوحيد قرن خيالي...يبدو من منظر الدفتر أنه طفولي لدرجة لا توصف...استغرب هيو من ذلك الدفتر..ثم رفع بنظره

فيرا
01-03-2011, 11:47
تجاهها و سألها عن ماهيته؟!....فاتضح أنه دفترها و هي تريد منه أن يأخذه لنقل ما فاته....لم يقبل هيو ذلك الدفتر...و أعاده إليها قائلاً:



- لا آخذ شيء دون مقابل



ثم أعرض بوجهه عنها مبتعداً عن المكان تاركاً إياها في حيرة و لكنه توقف فور سماعها تقول:



- لقد دفعت ثمنه يا هيو...لقد أنقذت حياتي من قبل و هذا هو المقابل....ما رأيك؟!



يبدو أنها من ذلك النوع اللحوح....و يبدو أنه لن يتخلص منها....وجدها تهرع نحوه في مرح و تعطيه دفترها الأزرق الذي اضطر



لأخذه كي يتخلص من ذلك الإلحاح....نظر لها في برود شديد و هي تبتسم...لا يعرف لماذا تبتسم؟!...ماذا في هذه الحياة يجعلها تبتسم؟!...



دس هيو بيده داخل جيب بنطاله الأسود ثم أشاح بوجهه مجدداً...و شكرها و هو يبتعد عن المكان...تاركاً إياها بمفردها



...غير عابئاً بها....ذاهباً إلى منزله من أجل يوم من المتاعب....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





ابتعدت الفتاتان عن الحديقة و وصلتا نحو باب الجامعة و توقفتا في مكانهما عندما باغتهما ذلك الصوت قائلاً من خلفهم:



- روزالين!...أين ستذهبين؟!



استدارت الفتاتان لذلك الصوت ثم ضربت روزالين رأسها بيدها اليمنى قائلة:



- يا إلهي, لقد نسيت أمرك تماماً!!....آسفة هاري, لم أذهب معك إلى المكتبة العامة...حقاً آسفة....



ابتسم هاري ثم قال :



- لا تتأسفي...لقد أسعفك الحظ, فالمكتبة مغلقة اليوم للصيانة...و لكن أين كنتِ طوال هذا الوقت؟!..لقد بحثت عنكِ كثيراً و لم أجدك....



حينما أوشكت روزالين أن تجيبه ,صدر صوت سالي في تساؤل: - هذا هو هاري إذاً؟!...مرحباً يا هاري...



نظر هاري نحوها في تساؤل ثم نظر لروزالين بنفس النظرة فأجابته روزالين و هي تبتسم:



- أه لقد نسيت أن أعرفك عليها...إنها سالي التي أخبرتك عنها و التي أجلس معها بالشقة...



ابتسمت سالي ثم مدت يدها مصافحةً إياه و هي تقول: - سالي أبوت...معهد فنون جميلة..تشرفت بمعرفتك يا سيد هاري



ابتسم هاري و هو يقول: - لا بل الشرف لي...فنون جميلة!!..رائع, إذاً أنتِ تجيدين الرسم



حكّت سالي وجنتها في خجل ثم عندما شرعت بالكلام, ردت روزالين بدلاً عنها قائلة و هي تضحك:



- صدقني...سوف تشعر بالدوار و تطلب الرحمة فور رؤيتك لرسوماتها المضحكة...



ضحك هاري ثم قال: - و لكن يداها تخبراني بأنها مبدعة....و ذوقها بالملابس أيضاً يعكس حسها الفني....



نظرت له روزالين ثم وضعت بيديها على خصرها قائلة: - و منذ متى أصبحت خبيراً في الفنون؟!...



ابتسم هاري مهدئاً للوضع ثم قال: - حسناً..حسناً...هل أنتما قاصدتان مكانٍ ما؟!



أومأت روزالين برأسها قائلة : - أجل إلى المنزل.



بينما سالي نظرت في إحباط شديد جراء تلك السخرية اللاذعة التي نالتها من صديقتها روزا....نظر نحوهما هاري ثم أشار بيده نحو الشارع و هو يبتسم قائلاً:



- حسناً, هيا سأوصلكما إلى المنزل معي, هل لديكما مانع؟!



هزت روزالين رأسها ثم قالت : - حسناً, لا مانع لدي...



ثم مضوا معاً خارجين من تلك الجامعة و في نفس اللحظة مر هيو بجانبهم دون أن ينظر لهم...غير مبالياً بهم و لا بنظراتهم التي اخترقته متسائلة....ما الذي يجعله بهذا البرود؟!

فيرا
01-03-2011, 11:50
الفصـــل الســادس




غربت الشمس متوارية خلف المباني الشاهقة في خجل....ليسطع القمر في ثقة مضيئاً المكان بضوءه المنير



بــات المكان هادئاً من ضوضاء المدينة الصاخبة سوى من مواء الهررة التي أخذت تركض هنا و هناك متسارعة فوق حاويات



القمامة...و داخل مطعم جولدن هارت و الذي لم ينطبق اسمه على صاحبه, جلس الشاب ذو الشعر الداكن على إحدى



المقاعد الخشبية بعدما أنهى عمله الشاق من ترتيب طاولات و مقاعد و تنظيف أرضية و توصيل طلبات الطعام...كان التعب



قد نال منه و أنهكه, فمسح جبينه من العرق الذي تصبب منه بظهر يده ثم نظر نحو الساعة البيضاوية المعلقة على الجدار



ليجد أن الوقت قد تجاوز منتصف الليل فهمس بارتياح : - إذاً لقد انتهى عملي اليوم



نهض الشاب من على مقعده ثم نزع ملابس العمل من فوق ملابسه و لكنه فوجئ بصوت المدير الناشز يقول له:



- هيــو, لديــك طلبيــة!



وجه هيو نظره صوب المدير ثم قال: - و لكن يا سيدي لقد انتهى عملي...نحن الآن في الثانية صباحاً



ضرب المدير بيده اليمنى على الطاولة التي كانت أمام هيو في عنف ثم قال آمراً :



- لقد ذهب الجميع و ليس هنالك أحد غيرك يستطيع توصيل تلك الطلبية فماذا أفعل؟!....هل أوصلها بنفسي؟!



في نبرات ترجي قال هيو:



- و لكن هكذا سأتأخر عن والدتي..أرجوك أيها المدير إن أمي مريضة و أنا أحرص على إعطائها الدواء بنفسي...



تأفف المدير في ضيق ثم قال و هو يعقد ذراعيه على صدره و حاجبيه أيضاً:



- هيو, لو ذهبت إلى منزلك دون إيصال الطلبية فلا ترجع إلى هنا غداً لأنك سوف تكون حينها...



أكمل المدير صارخاً: - مطرووووود!!!



اتسعت عينا هيو من صوت المدير العالي ثم نظر بأسى نحو الأرض و أخذ يفكر...ماذا يفعل الآن؟!....شعر بأنه عاجز عن فعل



أي شيء...عاجز عن اتخاذ قراره...شعر بالإهانة في نظرات مديره التي ترمقه بين الحين و الآخر...و والدته,ماذا سيفعل



لها؟!..لو ذهب الآن إلى المنزل فهو مطرود و لن يستطع إيجاد عمل آخر, فكيف يجد عمل آخر في ظل هذه الظروف الصعبة؟!



فهو يعلم أن إيجاد العمل أصبح شيء نادر بهذا الزمن و صعب المنال, فلقد حصل على عمله هذا بصعوبة بالغة...و لو طرد من



هذا العمل فمن أين سيصرف على والدته و على نفسه؟!....و إذا لم يذهب لوالدته فكيف سيتأكد من أنها أخذت الدواء؟!..



أصبح هيو في حيرة من أمره...حيرة ما بعدها حيرة...شعر بأنه يغرق في عالم ليس له أول من آخر...



أفاق على صوت المدير و هو يقول: - أنت تضيع الوقت هكذا أيها الفتى



أغمض هيو عينيه الزرقاوين موافقاً ثم قال: - حسناً سوف أذهب بتلك الطلبية, ما هو العنوان؟!



فتح المدير بفمه لتظهر أسنانه البيضاء في ابتسامة عريضة ثم قال: - أنت هكذا فتاً مطيع يعرف مصلحته جيداً



تمتم هيو قائلاً في ضيق: - أجل..أجل



ناوله المدير ورقة عليها عنوان المنزل المراد إيصال الطلبية إليه ثم قال: - هيا انطلق يا هيو



أومأ هيو برأسه و أخذ الطلبية معه ثم وضع الخوذة على رأسه و ركب دراجة المطعم البخارية و انطلق قاصداً عنوان المنزل



المراد و هو يتمتم في استياء : - تباً لك يا باول!



قالها و هو ينطلق بأقصى سرعته ضاغطاً على المقود في عصبية شديدة فتطاير الجزء الأسفل من سترته الجلدية السوداء مع سرعة الريح....



ضغط هيو على مكابح الدراجة فجأة بشدة عندما لمح شخصاً بدا في العشرينيات من العمر مرمياً على الطريق كان مغشياً



عليه أو هذا ما تبدا له, فتوقفت الدراجة و استدارت نصف دورة منحرفةً عن الطريق نتيجة التوقف المفاجئ...



خلع هيو خوذته و وضعها على الدراجة ثم ترجل منها و اتجه مسرعاً نحو ذلك الشخص الممدد على الطريق ليرى ما به و هو يتمتم:



- يا إلهي, ما هذا؟!



جثا هيو على ركبتيه و مال بجسده إلى الأمام واضعاً بأذنه اليمنى على صدر الشاب الواقع ليتأكد من تنفسه و ضربات قلبه



و لكنه فوجئ بضربة قوية أتته من يد الشاب الواقع في معدته فتسبب بإيلام هيو الذي وضع بيده على معدته متقوساً على



نفسه متأوهاً من شدة الألم....بينما نهض الشاب مسرعاً نحو الدراجة التي انحرفت عن المسار ليركبها سارقاً



إياها...مبتعداً بها أمام ناظري هيو الذي اتسعت عيناه في ذهول قائلاً: - لا, أرجوك لا...انتظر!!



نهض هيو من على الأرض مرتكزاً على يده اليسرى ثم أخذ يلحق بالسارق الذي ابتعد بالدراجة داخل الأزقة و الطرقات و



المنعطفات في سرعة عالية حتى يضيع على هيو الطريق و بعدها اختفى الشاب و اختفت معه الدراجة عن الأنظار وسط

فيرا
01-03-2011, 11:51
الضباب الكثيف الذي هبط حاجباً للرؤية....تقطعت أنفاس هيو من الركض لأميال فتوقف و انحنى واضعاً بيديه على ركبتيه



لاهثاً...ثم انهار جاثياً على ركبتيه من الصدمة ضارباً الأرض بقبضة يده اليمنى قائلاً في حنق: - تباً...تباً..أي حظ عاثر هذا؟!



أخذ يفكر في ماذا سيقول لباول؟!...ماذا ستكون ردة فعله ؟!..أيقن بأنها حتماً ستكون ردة فعل قاسية و لكن يحتم عليه



ضميره أن يخبره الحقيقة....بالنهاية قرر الرجوع للمطعم سائراً على قدميه و إخبار المدير بكل ما حدث....




و بداخل المطعم اهتزت الجدران من صدى الصوت الناشز الذي صاح في غيظ و صدمة :



- ماذا قلت؟!...و أين كنت عندما حدث هذا؟!



أجابه هيو في أدب: - لقد أخبرتك مراراً بأنني لم أستطع اللحاق به...الضباب منعني



في انفعال صاح المدير: - تباً لك...لماذا توقفت له في البداية؟!



أجاب هيو متحاشياً غضب المدير: - لأنني كنت أظن أنه مصاب فوددت تقديم يد المساعدة له



جذب المدير هيو من سترته في عصبية ثم قال مزمجراً:



- أيها المغفل...لقد تسببت بهذه الكارثة بسبب طيبة قلبك الغبية مثلك



أخفض هيو برأسه شاعراً بالإهانة و الذل ثم قال: - آسف أيـ



صده المدير صائحاً بوجهه:



- آسف!! و ماذا سأجني من أسفك هذا؟!...هل سيعيد لي تلك الدراجة الثمينة؟!...اسمع أيها الفتى أنا أريدها حالاً أو تدفع لي ثمنها..



قال هيو في مرارة : - اخصمها من راتبي إذاً



صاح المدير ساخراً في استخفاف:



- راتبك!!..أي راتبٍ هذا؟!....إذاً لن تقبض راتبك لعشرات السنين تعويضاً لما حدث..و لكنني لن أصبر يا فتى...ثم ماذا عن الزبائن الذين طلبوا الوجبة؟!...ماذا سأقول لهم؟!



لم يجبه هيو الذي ظل واقفاً و قد بدا على وجهه الاحمرار الشديد من كلام المدير الجارح....و لكنه أخذ يفكر رغم هذا في



حل يرضي جميع الأطراف ثم قال : - سوف أبحث عن ذلك الوغد يا سيدي و أعيد إليك دراجتك



لم يتمالك المدير نفسه و أخذ يضحك ساخراً منه ثم قال:



- أجل.. أجل ستبحث عنه في وسط لندن الواسعة!!...هل جننت أيها الفتى؟!...أين ستجده يا ذكي؟!



حينما كاد هيو أن ينطق, دفعه المدير نحو الخارج في عنف قائلاً:



- من الأفضل لك أن تتصرف و تعيد لي دراجتي..أو تشتري غيرها..و لا تعد إلى هنا من دونها و إلا سجنتك....هل سمعتني؟!



ثم قبل أن ينصرف قال: - آه لا تظن نفسك ذكياً و تهرب...لأنني سوف أبلغ الشرطة عنك لو هربت..هل فهمت؟!



ثم رجع داخل المطعم و هو يتمتم بكلمات غير مسموعة تنم عن الضيق و الانفعال...بينما وقف هيو بالخارج مستاءً مما



حدث فقد كان يتوقع ردة فعله هذه على أية حال....تمتم هيو بعدها قائلاً: - معه حق, كيف سأجد ذلك السارق؟!



ضرب هيو رأسه بكف يده اليمنى و هو يهزها مخاطباً نفسه:



- ما هذه المصيبة التي وقعت بها يا هيو؟!..كيف ستتصرف؟!..لو لم تجد السارق فماذا سيحدث؟!..كيف ستشتري له دراجة أخرى؟!...و لو لم تشتري الدراجة له فلسوف تقضي حياتك بالسجن؟!..ماذا عن أمك؟!...يا إلهي أنا بورطة حقيقية!!



زفر هيو في استسلام و قرر العودة لمنزله...أطرق رأسه للأسفل ثم دس بيديه داخل جيبي بنطاله الأسود و غادر المكان



مبتعداً في خطوات يائسة نحو المنزل....و لكنه حث قدمه على التوقف فجأة عندما خطرت بباله فكرة شعر بأنها حله الوحيد



, بل هي شمعة الأمل المتبقية لديه....ثم قال في أمل: - سوف أذهب إليه, لابد أنه سيساعدني عندما يعلم بالأمر



أنهى هيو كلامه ثم توجه قاصداً المكان الذي وثق بأنه سيجد عنده الحل...

فيرا
01-03-2011, 11:52




في شارع داوننج الواسع أضيئت المصابيح على جانبي الطريق مما أعطى المكان رونقاً خاصاً تجذب من يراها و يهيم بها



العشاق حباً....و بعيداً عن دائرة الضوء قبع في وسط الظلام بيتاً كبيراً لحدٍ ما...افترشت أمامه مساحة خضراء لا بأس بها من



العشب و بجانب البيت وقفت شجرة كبيرة مظللة البيت بأوراقها و أفرعها المتشابكة....و بالجانب الآخر كانت هناك أرجوحة



مدرجةً ألوانها بين الأخضر و الأبيض...و أمام باب المنزل وقف شاب مرتدياً سترة جلدية سوداء و بنطالاً أسود من الجينز و



قميصاً قطنياً أبيض اللون....كانت يده اليسرى داخل جيب بنطاله و اليمنى كانت مترددة في الضغط على زر الجرس



الأحمر...و لكن بالنهاية قررت أن تتحرر من ذلك التردد و الخوف ثم ضغطت على الزر الأحمر بوضوح....



و من داخل البيت نزل رجل بدا بأواخر العقد الرابع من العمر على السلم و هو يتمتم متأففاً بضيق:



- ترى أي مزعج يدق الباب في هذا الوقت؟!



فتح الرجل الباب و من ثم اتسعت عيناه و هو ينظر للشاب الواقف أمامه في ذهول...مرت برهة من الوقت على حالهم هذه...



قرر الشاب أن يقطع هذا الصمت و الذهول قائلاً بتردد : - م..مر..مرحباً...



أغمض الرجل عينيه في استياء قائلاً بجفاء : - ماذا تريد أيها الفتى؟!



ابتسم الشاب ابتسامة واهنة ثم قال بأمل ضئيل : - ألن تدخلني إلى بيتك يا...خالي؟!



تأفف الخال في ضيق ثم قال في اقتضاب : - حسناً, ادخل



خطى الشاب داخل البيت بينما أغلق الرجل باب المنزل و دون أن ينظر نحوه قال:



- ماذا تريد يا هيو في مثل هذا الوقت المتأخر؟!



أطرق هيو برأسه لتنزل خصلات شعره على عينيه ثم قال : - ألن تنظر لي و أنت تكلمني؟!



لم يجبه الخال و ظل معطياً ظهره لهيو عندها تنهد هيو ثم قال: - إلى متى ستظل هكذا؟!..ألم يحن وقت الصفح بعد؟!



لاحظ هيو غضب خاله الذي ظهر على شكل دقات متتابعة من قدمه على الأرض...و عندما شرع هيو بالكلام, صاح خاله قائلاً:



- أصفح عنكم؟!...ألم تختاره بإرادتها دون أن تستمع إلينا؟!...ألم تهرب معه لتتزوجه بعيداً عن عائلتنا المحترمة و أنجبتك ؟!



وضع هيو, الذي كان واقفاً خلف خاله, بيده اليمنى على كتف خاله الأيمن ثم قال:



- إن هذا بات من الماضي, لماذا لا تطوي تلك الصفحات؟!...أمي بحاجةٍ إليك...نحن بحاجةٍ إليك



أبعد الخال يد هيو عنه ثم في تقزز قال:



- ابعد يدك عني...لقد نبذتها عائلتنا و تخلت عنها كما تخلت هي عنا من أجل جوزيف....جوزيف الذي ليس لديه عائلة أو نسب....لذا دع جوزيف ينفعها....



أغمض هيو عينيه في استياء ثم زفر في غضب و توجه نحو باب المنزل ليفتحه عندها صاح الخال قائلاً:



- هل جئت إلي اليوم بسبب والدتك؟!



توقف هيو و يده على مقبض الباب ثم دون أن ينظر نحو خاله قال: - لا, ليس هذا ما جاء بي...



في دهشة قال الخال: - إذاً ما الذي أتى بك؟!



أدار هيو مقبض الباب و فتحه ثم قال:



- أنت لا تعتبرني من عائلتك, و طالما أنا لست منها...فلن أزعجك بمشاكلي أكثر من هذا



ثم خرج من البيت صافقاً الباب خلفه....قاصداً منزله....و هو يلوم نفسه على تلك الزيارة....لقد ظن أنه سيجد الأمل عند



خاله.....و لكن ياللأسف, لم يكن ظنه بمحله....لقد تبرت العائلة من والدته بسبب حبها العارم لجوزيف..حتى أنها فضلته



على عائلتها و هربت معه ليتزوجا دون موافقة العائلة....و ها هو يدفع ابنهما الثمن....مطرقاً برأسه في حزن...مغمضاً بعينيه



في ألم... راكلاً الحجارة التي أمامه بقدمه في ضيق....قرر أن يعتمد على نفسه....سوف يحلها و سيستعيد تلك الدراجة مهما كان الثمن.....

فيرا
01-03-2011, 11:54





في السادسة صباحاً أشرقت شمس لندن لتتوسط كبد السماء بينما وصل خيط طفيف من أشعتها مخترقاً الضباب الكثيف..



و أمام المنزل وقف الشاب الذي بدا على وجهه الإرهاق الشديد يفتح الباب بمفتاحه الصغير و هو يتمتم:



- ياله من يوم!..ليتني لم أذهب إليه..



فُتِح الباب على منزل خاوٍ فلم يكن هناك أحد جالس بالداخل, نظر بساعة يده و قال هامساً :



- يا إلهي!!..لقد تأخرت كثيراً, كيف سأذهب للمحاضرة اليوم و أنا أشعر بالنعاس؟!



أسند الشاب ظهره على باب المنزل مغلقاً إياه ثم أغمض عينيه التي احمرتا من السهر و هو يقول في ارتياح:



- ما أجمل العودة للمنزل!



فتح عينيه في قلق ثم توجه نحو الردهة الضيقة و فتح باب الغرفة الأخيرة ثم دخل إلى الداخل ليجدها نائمة على سريرها



في عمق...إقترب منها و وضع بيده على رأسها يتحسس حرارتها فوجدها طبيعية...ابتسم ثم أخذ يمسح على جبينها



بحنان....انحنى بجسده و طبع قبلة دافئة على جبينها عندها شعرت به ففتحت عينيها تدريجياً ثم تمتمت بصوت ناعس:



-هيو!!...كم الساعة الآن؟!



جلس هيو على السرير بجوارها ثم قال: - نحن الآن بالسادسة صباحاً يا أمي



اتسعت عينا الأم ثم قالت: - ما الذي أخرك هكذا يا هيو؟!...أين كنت؟!



أطرق هيو برأسه للأسفل في حزن عندما تذكر ما حدث معه...شعر بألمٍ ينبع من داخل صدره...يهز كيانه و وجدانه...احتار



هيو, أيقول لها؟!..أم لا يقول؟!...أيخبرها أم لا؟!...لو علمت بأنه ذهب لأخيها فماذا ستكون ردة فعلها حيال ذلك الأمر؟!...



لاحظت الأم شرود ابنها المطول....و لاحظت أن ابتسامته تلاشت...و أن بريق الألم لمع بعينيه....و الكآبة التي سيطرت على



روحه.....فقالت و هي تربت على رأسه بحنان: - ماذا بك يا ولدي؟!...ما الذي يشغل بالك؟!



- أمي, هل لازلتِ تحبين أبي؟!



خرجت تلك الكلمات المتسائلة...الحزينة...المتألمة من فم هيو الشارد واقعة على مسامع والدته التي ذهلت و اندهشت



جراء هذا السؤال الغريب....وضعت الأم بيدها على رأس هيو و أخذت تمسح بحنان عليه ثم ضمته إلى صدرها بحنان قائلة:



- بالطبع أحبه يا بني و مازلت, فلازال هواه يجري بالوريد...



رفع هيو بوجهه نحو أمه التي رسمت على شفتيها بسمة حنان ثم قال في تساؤل:



- ألستِ حزينة بسبب عائلتك؟!..ألم تندمي على هذا؟!



قطبت الأم حاجبيها ثم قالت:



- لا لم أندم بحياتي...لقد اتخذت القرار الصائب و لا يهمني أي شيء ,فجوزيف أصبح كل شيء بحياتي...كان هو عائلتي و هذا يكفيني....



هز هيو برأسه في استسلام ثم حينما جاء ينهض من جوارها مدت الأم بيدها في سرعة ممسكةً به ثم قالت:



- و لم كل هذه الأسئلة؟..ماذا حل بك؟!



أغمض هيو عينيه ثم قال و هو يخفض رأسه للأرض لتنزل خصلات شعره الداكنة حاجبةً عينيه: - لا شيء يا أمي....لا شيء



أفلت هيو يده من والدته ثم خرج من الغرفة في صمت كما دخل في صمت.....خالجها شعور غامر بأن هناك شيئاً ما يثقل



عاتقه...شيئاً ما يخفيه عنها و لا يود البوح به لها...شعرت بهذا من خلال نبراته الحزينة و نظراته المنكسرة....



- ترى أي ألمٍ تخفيه داخل قلبك يا هيو؟!



قالتها الأم في حزن و هي تضع بيدها اليمنى على قلبها و تنظر نحو الباب الذي خرج منه هيو.....

فيرا
01-03-2011, 11:54
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



دخل غرفته الصغيرة التي تدرجت بدرجات الأزرق و السماوي و قد قرر ألا يذهب اليوم للجامعة بسبب ما يشعر به من نعاس




و تعب...فقد كان يومه طويلاً للغاية و هو ليس على استعداد لتحمل المزيد من الإرهاق....خلع سترته الجلدية في ضيق ثم




طوح بها على سريره الأزرق الصغير...رمى بجسده على السرير ثم نظر لسقف الغرفة و هو يضع بيده اليمنى على جبينه و




اليسرى ممدودة بجانبه....زفر في ضيق عندما تذكر مدى سذاجته حينما سرقت منه الدراجة بهذه السهولة...أخذ يلوم نفسه




على ذلك....فكيف له أن ينخدع بهذه السهولة؟!.... قرر أن يدع التفكير لفيما بعد...تقلب على جانبه الأيمن و هو يتثاءب ثم




أغمض عينيه كي ينام ملأ جفنيه....و لكنه فتح بعينيه فجأةً لينظر إلى ذلك الدفتر الأزرق الذي كان ظاهراً بوضوح على مكتبه




الخشبي الواقع بالجانب الأيمن من سريره...و كأنما كان الدفتر يتحداه في صمت قائلاً له: - هلم و افتحني يا هيو...




مد هيو بيده و تناول الدفتر الأزرق من على المكتب....قرأ الاسم المكتوب على الدفتر من الخارج بعينيه :




- روزالين بريكسون




ثم فتح الدفتر و أخذ يقلب صفحاته و يقرأه بعينين ناعستين و هو لازال ممدداً على سريره يتمتم:




- يا إلهي, تغيبت ليوم واحد فقط و أخذنا كل هذه المحاضرات !!




هبّ هيو جالساً على سريره فجأة و اتسعت حدقتا العين بينما اهتز بؤبؤهما عندما رأى اسمه مكتوباً بتكرار بين طيات دفترها....



مرت عليه الدقائق و كأنها دهور و هو بهذه الحالة....لم يكن ما يشغله هو لماذا كتبت اسمه؟...بل لماذا اختارته هو دوناً عن



غيره؟...ماذا وجدت فيه كي...؟....و هل أرادته أن يأخذ الدفتر ليرى ذلك إذاً و ليس لخوفها على مصلحته؟



تمتم هيو قائلاً: - هل هي مجنونة؟!...



هز بعدها رأسه ليفيق ثم قال: - ما هذه المصيبة؟!...ألم تجد غيري كي تمارس ألاعيبها السخيفة عليه؟!



انفعل هيو و كاد أن يمزق صفحات الدفتر و لكنه توقف عن ذلك فهذا ليس بدفتره....



أغلق هيو الدفتر ثم طوحه على المكتب و هو يزفر في ضيق قائلاً: - سوف أعيده إليها غداً إن استطعت



ارتمى ثانيةً في أحضان سريره الوثير....لم يستطع إغلاق عينيه من بحر الأسئلة التي عصفت بداخله.....فأخذ يحدث نفسه:



- هل ستخبرها يا هيو عن ذلك الأمر؟!



قالها بتردد لتأتيه الإجابة من نفسه: - أجل سأواجهها...فتلك وقاحة



عاد ليكلم نفسه بتردد: - و..و لكن...لماذا لا تعطيها الدفتر و حسب؟!...تجاهل هذا الأمر كما تجاهلتها مراراً يا هيو...



توقف عن الكلام لبرهة مفكراً بما قالته نفسه ثم قال: - حسناً...لن أواجهها بهذا...و لكن لو فعلتها ثانيةً فسوف أوقفها عند حدها



أنهى هيو كلامه عندما شعر بالنوم يداعب أجفانه ,فأغمض عينيه التي أثقلهما السهر و التعب...ثم غفى مستغرقاً في نومٍ عميق...
__________________

فيرا
01-03-2011, 13:09
الفصــلـ الســابــع





في إحدى ليالي الشتاء الطويلة تساقطت قطع الثلج كالبلور المنثور, فاكتست الطرقات بطبقة جليدية تلألأت على أضواء




المصابيح الليلية....و بعيداً عن البرد القارس داخل قصر بانستر أضيئت الأنوار و انتشرت البهجة و تعالت الموسيقى مع




أصوات الكؤوس ليعم الاحتفال...و في وسط ذلك الاحتفال جلست في إحدى أركان القاعة فتاة قد اتخذت من سنابل القمح




لوناً لخصلات شعرها الذي جمعته بمشبك على شكل زهرة و جعلته ينسدل على كتفها الأيمن بينما تناثرت خصلات صغيرة




على جبينها و خصلة طويلة تدلت بالجانب الأيسر من وجهها....كانت ترتدي ثوب احتفال أبيض اللون يصل للأرض ذو أكمام




طويلة تصل للخصر الذي لف بشريط وردي اللون كوجنتيها بينما اعتلت زهرة حمراء اللون, كشفتيها ,صدر الثوب مزينةً إياه و




قد انتعلت حذاءً وردياً ذو كعب...بدت تلك الفتاة منزعجة من الشاب الذي جلس أمامها يتحدث معها و هو يبتسم ابتسامة




بلهاء...أخذت تدق بقدمها الرقيقة على الأرض و لكن مع ذلك لم يلحظ الشاب أنها متضايقة منه...بل زاد الأمر و أمسك بيدها




اليمنى التي كانت موضوعة أمامه على الطاولة الحمراء ثم ألبسها خاتماً ذو فص ماسي براق في إصبعها الخنصر...اتسعت




عينا الفتاة و هي تنظر للخاتم الذي دار متلألأً حول إصبعها في عدم تصديق ثم نظرت نحو الشاب قائلة: - ما هذا؟!




ابتسم الشاب بينما خفق قلبه في سعادة قائلاً: - إنه خاتم الخِطبة, ماذا ؟!...ألا يعجبك؟!




في دهشة بالغة قالت الفتاة: - خ..خِطبة!!...و لكن أنا....أنا




وضع الشاب بيده اليمنى فوق يديها بينما وضع يده اليسرى على فمها الصغير بلطف ليسكتها قائلاً و هو ينظر بأمل نحو المستقبل الوردي الذي فرشه بأحلامه :




- بعد أن تنهي دراستك سنتزوج ثم نسافر سوياً إلى أستراليا حيث أعمل, لنعيش هناك معاً للأبد




قطبت الفتاة حاجبيها في عدم رضا عما قاله الشاب ثم سحبت يديها من تحت يده قائلة:




- و لكن أنا لا أريد ذلك يا فرانك, ليست تلك رغبتي




رفع فرانك حاجبه الأيسر في استفسار قائلاً :




- ماذا تريدين إذاً ؟!




أجابته الفتاة و هي تبعد إحدى الخصلات عن عينيها قائلة:




- لطالما اعتبرتك مثل أخي لا أكثر...لماذا تصر على هذا؟!




قطب فرانك حاجبيه بعدما شعر بشعور من ذبح لتوه بسكين حاد قائلاً:




- أخاكِ؟!...ماري أنا ابن عمك الذي قررت عائلتنا أن نرتبط ببعضنا البعض منذ الصغر, هل تذكري هذا أم تراكِ نسيتِ؟!




ثم أكمل و هو يضع بساق على ساق مشعلاً لفافة تبغ ليدخنها في ضيق و باليد الأخرى أمسك بكأس النبيذ قائلاً:




- أنا لكِ و أنتِ لي...انتهى النقاش




و من بعيد بين الجموع الحاضر جلس شاب آخر يراقب بعينيه الرماديتين في صمت...لم يشعر فرانك و ماري أنهما كانا محط




أنظار ذلك الشاب..خاصةً ماري..فلم تلحظ نظراته الموجهة لها..نظرات إعجاب..إنبهار...و ربما أكثر...بعينين هائمتين لمع فيهما بريق




ساحر كان يتابع خطواتها, فكلما جلست أو نهضت..شربت أو أكلت...تكلمت أو صمتت...غضبت أو فرحت....تتبعتها عيناه و




ربما تحرك قلبه أيضاً معها...شعر بأن شيء ما يجذبه تجاهها...شعر بأنه يريد أن يمسك يديها مثل ذلك الجالس أمامها...أراد أن يتكلم معها...أن يسمع صوتها...




شعر و كأن القاعة قد أصبحت خاوية و ليس هنالك أحد سواهما...هو و هي فقط بالقاعة و ربما بالعالم.... ربما حسد ذلك




الجالس أمامها على ما يراه من جمال و عذوبة....اتسعت عيناه عندما رآه يلبسها ذلك الخاتم الماسي فكاد قلبه أن يتوقف




بل ينفجر...كاد أن يصاب بنوبة قلبية و هو لا يزال شاباً... و لكنه عاد للابتسام حينما رآها تنزع الخاتم من إصبعها و تضعه




بكفه, فاطمأن قلبه و هدأ باله...إذاً ليست له...أجل ليست له , فهتف بصوت منخفض: - أنت رحيم يا إلهي




لسوف يكلمها...لا لا سينتظر...نعم سينتظر اللحظة الملائمة..مشاعره تدفقت نحوها...نظره منصب عليها...لا يشعر بشيء




سوى قلبه الذي يخفق كلما رآها...تمنى أن يطول الليل أكثر و لا يأتي النهار ..... أسند ذقنه على ظهر يده اليمنى ثم




همس: - يا لهذا الجمال!...كالقمر بل أكثر




بينما اتسعت عينا فرانك البنيتان الذي أخذ ينظر للخاتم الصغير المستقر على كفه بعدما نزعته ماري من إصبعها و هي تقول:




- آسفة فرانك, أنا أحبك كأخي الكبير جون و ليس أكثر من هذا




تلألأت الدموع في مقلتي فرانك الذي شعر بغصة في قلبه و اختناق حاد في رأتيه بل انفجار في مشاعره....وضع بكأسه على الطاولة ثم قال راجياً :




- و لكن فكري قليلاً يا ماري, أرجوكِ




نهضت ماري من على مقعدها بعدما بان عليها الانزعاج أكثر و أكثر قائلة له حتى تنهي النقاش:




- أرجوك أنت يا فرانك كف عن مضايقتي و لا تتعب نفسك...سوف تجد من هي أفضل مني و جديرة بك

فيرا
01-03-2011, 13:10
و قبل أن يتكلم فرانك غادرت ماري القاعة إلى الخارج متوجهة نحو حديقة القصر الأمامية فقد بدا على ملامحها الانزعاج



الشديد...أرادت أن تخلو بنفسها..أن تفكر بمفردها...أن تضع حداً لهذا...همست في سرها:



- يا إلهي, ساعدني مما أنا فيه!!



أما الشاب فقد ابتسم عندما رآها تغادر القاعة متوجهة نحو الحديقة فنهض هو الآخر قائلاً:



- ربما تكون هذه هي الفرصة و لابد أن أغتنمها قبل فوات الأوان



لاحظ الرجل, الذي كان جالساً أمامه, نهوضه المفاجئ فقال و علامات الاستغراب بادية على وجهه و صوته:



- إلى أين؟!



أجابه الشاب و عيناه معلقة على الباب الذي خرجت منه الفتاة قائلاً:



- سأخرج لأتنشق الهواء قليلاً يا ماكس, فأنا أشعر بالاختناق هنا



حك ماكس جبينه براحة كفه اليمنى قائلاً:



- و لكن ماذا لو...



في عجلة قاطعه الشاب قائلاً : - سأعود بعد قليل, لا تقلق أنت يا ماكس



ثم غادر هو الآخر تاركاً ماكس في حيرة من هذا التصرف الغريب...متوجهاً نحو الحديقة....



و بوسط الحديقة التي اكتست أشجارها بغطاء أبيض اللون براق مثلما فرشت الحديقة بنفس الغطاء المتجمد ...جلست



ماري عند نافورة بيضاء اللون تساقطت داخل مياهها زهور صغيرة وردية... أخذت تلامسها بأناملها الصغيرة و هي شاردة في



صفحة الماء المترقرقة فانعكس وجهها اللطيف عليها...



ألقى القمر بضوءه الخافت على المكان مما أعطاه طابعاً رومانسياً ساحراً بينما خرجت صوت الموسيقى من الداخل و لكن



خافتاً و مريحاً ليس مزعجاً كما بالداخل مما جعل قلب ماري يتراقص مع النغمات فتحركت قدميها بخطوات متتابعة مع



الموسيقى ثم نهضت و أخذت تدور في خطوات راقصة و هي رافعة بيديها لترقص مع الهواء....و عند باب الحديقة وقف



الشاب يتأملها و هي ترقص في تناغم شديد بخطوات رقيقة مثلها و كأنها توحدت مع الموسيقى بل انصهرت معها داخل



بوتقة سحرية ... كانت كالفراشة وسط الزهور...كالنجمة وسط السماء...كالنسيم عندما يداعب العشب الصغير..كقطرات



الندى على ورق الشجر...تحرك قلبه معها ثم همس :



- ها هي فرصتك, ها هي أمامك...أنت و هي معاً دون أحد



صمت عن الهمس ثم تقدم نحوها بخطوات واثقة.....



بينما هي كانت مغمضة العينين تلف و تدور و ترقص, وقعت أرضاً إثر اصطدام حدث دون أن ترى ما أمامها..



فتحت بعينيها اللتين اصطبغتا بلون السماء الداكنة, لتجد يد ممدودة لها... أمسكت بتلك اليد و نهضت من على الأرض و



هي تنفض الجليد الذي تناثر على ثوبها.....ثم نظرت نحو من ساعدها قائلة:



- شكراً لك




كان شاباً بمقتبل العمر ربما بالعشرينيات من عمره ذو شعر بني داكن يصل للرقبة بينما تناثرت بعض الخصلات على عينيه



الرماديتين...كان مرتدياً حلة سوداء اللون و قميصاً أبيض فك زره الأول....



ابتسم الشاب لها ثم أزاح خصلات شعره البنية عن عينيه قائلاً:



- لا تشكرينني, فأنا من يجب أن يشكرك لأنك وافقتي على مساعدتي لكِ



ابتسمت ماري و قد اكتسبت بشرتها حمرة الخجل مما حدث....لقد شاهدها إذاً و هي ترقص, ترى ماذا يقول عنها الآن؟!...مؤكد أنه يحسبها مجنونة....



لاحظ الشاب ذلك الخجل الذي اعتراها فاقترب منها قائلاً:



- لقد أحببت رقصتكِ المتناغمة



بدهشة نظرت له ماري عندما أمسك بيدها قائلاً : - هل تسمحين لي برقصة معكِ؟!



حينها تصاعدت بالمكان نغمات رقيقة آتية من القاعة , بينما إزدادت النجوم تلألؤاً بالسماء... كما ازداد بريق عينيه الساحر و



هو ينظر لها منتظراً الاجابة.... ترددت ماري قليلاً ثم عندما سمعت تلك المعزوفة التي تحبها قالت:



- إنها السمفونية الواحدة و العشرون لموتسارت



- أنا أحبها!!



صدرت منهما بنفس الوقت ثم صمتا بعدها لتتكلم أعينهما المتقابلتان, فيزداد بريقهما أكثر و أكثر... ضحكت ماري و ضحك



الشاب من ذلك الموقف ثم قال: - يبدو أننا متوافقان إذاً



نظرت في خجل شديد متحاشية عينيه عندها سمعته يقول:



- حسناً, أتسمحين لي بتلك الرقصة الآن؟!



شعرت ماري بشيء ما يجذبها له...هل هي طريقة كلامه؟!...هل صوته؟!... هل نظراته؟!.... هل ابتسامته؟!.... لم تعرف ما



هو ذلك الشيء المميز ؟!.... و لكنها أحبت هذا الاحساس....

فيرا
01-03-2011, 13:11
أَمسكتْ يدهُ اليسرى بيدها اليمنى, فوضعت بيدها اليسرى على كتفه الأيمن بينما أحاط بيده اليمنى خصرها ثم شرعا



بالرقص معاً في خطوات متناسقة... متناسين ما حولهم.... شعر بقلبها الدافئ يتحرك من الداخل فخفق قلبه معها...



تطايرت خصلات شعرها التي تشبه سنابل القمح لتلامس وجهه ,فجذبته رائحتها المفعمة بالورد مما جعله يعتقد أنها



ليست بشرية بل هي حورية...أجل حورية لطيفة على وجه بشري.... لطالما اعتقد أن الحوريات رائحتهم كالزهور.... و لن



يندهش لو رآها تُظهِر أجنحتها الصغيرة الوردية و تحلق بالسماء.... أخذ قلبه يرقص فرحاً ,فها هو معها, ممسك بها بين



ذراعيه, شعر بأنه يمتلكها, إنها له, له وحده و لن يأخذها أحد منه, إنه يحبها !!, أجل يحبها و لم لا؟!, هل أحبها من النظرة



الأولى؟! , لا بل أحبها من قبل أن يراها... من قبل أن يسمعها.... من قبل أن يولد, إنه ذلك الحب الذي يأتي فجأة دون أن



تعلم, يطرق باب القلب دون أن تشعر, و تفتح له دون إرادتك, و تقع به مرغماً, و مع ذلك ترضى, أنت غريب أيها الحب!!,



ترى ما هو إحساسها؟! ..... هل تشعر بما يشعر هو به؟!.... و لم لا؟!....



شعر الشاب و كأنه امتلك العالم بما فيه... شعر الإثنان بأنهما يرتفعان عن الأرض محلقين وسط السحاب نحو عالم آخر...



عالم ليس به فرانك و لا جون و لا ماكس و لا تلك الماديات المزعجة... عالم ليس به أي شيء سواهما فقط... للأبد معاً....



فلتتدفق الأنهار, و لتركض الغزلان, و لتتراقص الأمواج عند الشطآن, و ليعزف الكمان لحن من أجمل الألحان, لا يهم طالما



هما معاً...لا يهم طالما هو إلى جوارها... ليتها تدوم تلك اللحظات السعيدة....إفتر ثغرها عن ابتسامة خلبت لبه فبادرها هو



الآخر بابتسامة... فقررت أن تقطع الصمت قائلة: - أنت راقص بارع



فأجابها الشاب: - و لكن لست مثلك



ابتسمت ماري أكثر لتظهر غمازاتها الرقيقة, فيدق قلبه أكثر و أكثر... و لكن لا تدوم اللحظات السعيدة للأبد ,فقد توقفا عن



الرقص حينما توقفت الموسيقى... شعر الشاب بالحزن بعدها... كان يريدها أن تستمر للأبد.... و لكن ليس كل شيء



يتحقق... تنهد الشاب من أعماق قلبه ثم قال:



- سعدت بمراقصتك يا آنسة



و حينما جاءت ماري لترد عليه, أتاها صوت أجش من بعيد يقول: - ماري, ألن تأتي؟!



شعرت ماري بالضيق ,فلم تكن تريد العودة لتلك القاعة الخانقة... إنها تحب الحرية و الهدوء بينما بالداخل ستجد الزيف و



التملق... لماذا لا يتركونها تفعل ما تحب؟!.... لماذا يريدونها أن تحضر تلك الاجتماعات و الحفلات السخيفة؟!... إنها تشعر



بأن كلهم يلبسون أقنعة زائفة.... أقنعة لا تنتزع.... أقنعة محت أرواحهم كما محت عقولهم.... المال هو ما يسيطر عليهم.....



لماذا يحبون المال؟!.....



أغمضت عينيها في استياء ثم قالت مجيبة ذلك الصوت: - أنا قادمة يا أبي



لقد انتهت لحظات السعادة... انتهت اللحظات السحرية.... و انقشعت مع الأحلام, لتعود إلى أرض الواقع من جديد....



انحنت ماري للشاب شاكرة إياه و هي ممسكة بطرف ثوبها لتنسدل خصلات شعرها على عينيها و تقع الزهرة الحمراء



على الجليد الأبيض.... عندها جثا الشاب و التقط الزهرة من على الأرض ثم ناولها إياها بعدما تنشق رائحتها ثم ابتسم قائلاً:



- يا لوقاحتي, لم أعرفك عن نفسي بعد!!



ابتسمت ماري له و هي تثبت الزهرة على ثوبها قائلة: - و لا أنا أيضاً



انحنى الشاب ثم نظر لها بعينين باسمتين قد انسدل عليهما خصلات شعره البنية قائلاً :



- جوزيف دنفر, و قد سعدت بمقابلتك



لقد عرفت اسم فارسها النبيل أخيراً... كانت تشعر بأنها أميرة معه في تلك اللحظة.... شعرت بأنها تعرفه منذ زمن طويل, بدا



هذا الأمر غريباً و لكن قلبها أخذ يخفق له... تراها وقعت بـ...؟!



ابتسمت له قائلة: - ماري بانستر, و أشكرك على ذلك الوقت الذي أمضيته معي



ثم عندما همت بالمغادرة قالت: - سيد جوزيف... أتمنى أن أراك ثانيةً



ابتسم جوزيف بابتسامة شفافة و هي تغادر مبتعدة عنه ثم همس: - و أنا كذلك, يا أميرتي



انتهى الحفل....انتهى اليوم....و انتهت الصخبة.....و لكن لم تنتهِ المشاعر الدفينة..... و لم ينتهِ....

فيرا
01-03-2011, 13:12



ما أجمل نسمات الربيع!....و ما أحلى رؤية زهورها و هي تنمو و تتفتح لتصبح أجمل!....

في صباح يوم مشرق من أيام الربيع...غردت العصافير على أغصان الشجر أنشودة السلام و طار الحمام الأبيض

محلقاً في السماء الزرقاء فارداً بأجنحته الصغيرة عبر الأفق اللامتناهي.... و بين زهور الأقحوان و الياسمين جلست على

البساط العشبي الذي افترش على الأرض فتاة لبست ثوباً أزرق كالسماء ذو أكمام قصيرة و أزرار بيضاء بينما أحيط خصرها

بحزام أبيض عريض....أخذت تلاعب الفراشات الملونة و الورود الحمراء بيديها و هي تشدو مع عصافير الكنارِ ...... بينما حمل

النسيم قبعتها القش لتستقر فوق العشب بجانبها .... التقطت الفتاة قبعتها من على الأرض فتطايرت خصلات

شعرها الذهبية متبعثرةً على جبينها و لمعت تحت أشعة الشمس.... ارتسمت ابتسامة على شفتيها الزهريتين.... كانت

ابتسامة ممزوجة بالفرح و السعادة.....بالصفاء و الحياة.....بينما خفق قلبها و لمعت عينيها ببريق خافت عندما تذكرته....

أزاحت الخصلات بعيداً عن عينيها الزرقاوين و هي تقول مخاطبة نفسها:


- ما بكِ يا فتاة؟!....لماذا قلبكِ يخفق بهذا الشكل؟!.....و لماذا صارت الحياة جميلة بهذا الشكل؟!....هل صارت السحب بيضاء أكثر من اللازم؟!....أم....هل صارت السماء أكثر صفاءً؟!....لم أعهدها بهذا الصفاء من قبل.....ما بكِ يا فتاة؟!....


توردت وجنتيها و أغمضت عينيها ثم وضعت يديها فوق صدرها ثم همست:

- إنه الحب, أنتِ تحبينه يا فتاة...أجل اعترفي بهذا.....أجل أنا....

قطعت شرودها لتعود إلى أرض الواقع من جديد على الصوت الذي صاح من بعيد:

- آنسة ماري, أين أنتِ يا آنستي ؟!

نهضت ماري من بين الأعشاب و الزهور و هي ترتب ثوبها و تزيل من عليه الأعشاب التي تعلقت به ثم قالت:

- أنا هنا يا مارثا تحت شجرة الصنوبر, ماذا تريدين؟!

أتاها صوت مارثا قائلاً: - إن والدك يريدك حالاً يا آنسة ماري بغرفة المكتب....

ظلت ماري تنظر باستغراب نحو القصر....ترى في أي شيء يريدها والدها؟!.... و ما هذا الشيء الهام الذي لم ينتظر إلى العشاء؟!

أفاقت من تفكيرها العميق ثم توجهت نحو القصر و هي لا تشعر بالاطمئنان......

فيرا
01-03-2011, 13:13
و بالداخل جلس رجل يبلغ الستين من العمر على مقعده الجلدي يكتب شيئاً ما على الورق الذي أمامه..... بينما وقف

شاب بلغ من العمر عشرين عاماً ذو شعر بني مائل إلى الحمرة قليلاً ينظر من خلال النافذة المطلة على الحديقة الخضراء

واضعاً بيده اليمنى داخل جيب بنطاله الأبيض و يده اليسرى أسندها على النافذة.....تكلم الشاب بصوت يملؤه التردد و التفكير:

- هل تعتقد بأنها ستوافق ؟!

رفع الرجل الجالس بنظارته من على عينيه ثم وضعها على المكتب أمامه و هو يقول:

- لا أعلم, و لكن حال أختك هذه الأيام لا يعجبني مطلقاً يا جون

حول جون الواقف بنظره من على النافذة لتتقابل عينيه المتسائلتين مع عيني الرجل الجالس ثم قال:

- ماذا تقصد يا أبي من كلامك؟!

وضع الوالد بمرفقيه على المكتب ثم أسند ذقنه على يديه المتشابكتين و قال بعدم ارتياح و شك:

- ألا تلاحظ شرودها الدائم و عدم خروجها من غرفتها إلا لتذهب إلى الحديقة؟!.....لقد أصبحت فترات جلوسها معنا قليلة...و دائماً أسمعها تخاطب نفسها بصوت خافت في الليل....جون أنا أشعر أن أختك ليست على ما يرام...لقد طرأ هذا التغيير منذ سنة....و لذا اتخذت هذا القرار الحاسم و الذي سيجعلني أطمئن عليها....

صمت الأب عن الكلام حينما سمع طرق خفيف على الباب...بعدها انفتح الباب ليجدها واقفة أمامه و علامات القلق بادية على

وجهها فقال: - ادخلي يا ماري, و اغلقي الباب خلفك

أومأت ماري برأسها ثم نفذت ما أمرت به و أغلقت الباب....بعدها نظرت نحو والدها في ارتياب لتجده يشير لها على المقعد

الذي أمام مكتبه , كي تجلس عليه.... اتجهت نحو المقعد ثم بدا القلق و الارتباك على ملامح وجهها عندما لمحت جون يرمقها

بنظرات غريبة و مريبة.....جلست ماري على مقعدها بينما اتخذ جون مقعداً بجوارها....مر الوقت و شعرت ماري بالارتياب أكثر و أكثر....

اختلج داخل قلبها الشك و ساورتها الأسئلة....ترى هل علم والدها بأمر جوزيف؟!....هل علم بأنها تقابله كل يوم؟!.....

ترى هل علم بأنها تحبه ؟!....تحبه!!....أجل تحبه, و ماذا في ذلك؟!...هل الحب جريمة؟!....ترددت تلك الكلمات الأخيرة بداخلها

في محاولة فاشلة لتهدئة قلبها الذي كان يتواثب من بين ضلوعها حتى كاد أن يقفز منها....وضعت بيدها على صدرها,

فلاحظ الأب الارتياب و الشرود البادي على ابنته فقرر أن يقطع الصمت قائلاً:

- ما بكِ يا ماري؟!... هل أنتِ معي؟!

رمشت ماري بعينيها بعدما أفاقت من شرودها ثم قالت في توتر:

- لا شيء...ما الأمر يا أبي؟!....فيم تريدني؟!

كان الشك قد اتخذ منها مأخذاً و تزايدت ضربات قلبها أكثر حتى يكاد البعيد أن يسمعها....تأكدت ماري من شكوكها عندما وجدت

البشاشة قد أطلت من عيني والدها الذي قال:

- ابشري يا ماري....لقد كلمني فرانك عنكِ بالأمس, و قد وافقت على ذلك...و تم تحديد موعد زفافك بالأحد القادم

نزلت تلك الكلمات على مسامع ماري كالصاعقة المدوية التي اقتلعتها من الداخل..... اتسعت عينيها في رعب بينما تواثب قلبها أكثر

.....ماذا هل وافق أبي على فرانك؟!.....هل سأتزوج فرانك؟!....و ماذا عن جوزيف؟!.....لقد تحدد يوم وفاتي إذاً ... أجل فبالنسبة

لها اليوم الذي ستتزوج به فرانك هو يوم مماتها.... كان هذا ما جال بخاطرها من أسئلة دون إجابات.... ماذا ستفعل؟!....

أرادت أن تتكلم و لكن لسانها عاجز عن التحرك...أرادت أن ترفض و لكنها ظلت فاقدة للنطق... لا تعي ما يحدث حولها....

وضعت بيدها على رأسها الذي دار ثم أغمضت عينيها في حزن مما سمعته و ما تسمعه من والدها عن فرانك و الزفاف.....

ألهذه الدرجة أصبحت كقطعة الأثاث, يبيعونني لمن يدفع أكثر؟!....هكذا دار بخلدها.....

فوجئ الأب و الأخ بماري التي نهضت من مكانها صارخة: - لا أريد الزواج بفرانك!!

اتسعت عيون الجميع و حدقوا بماري في دهشة ظلت لمدة من الزمن ثم مالبثت أن أزيحت بالأخ الذي قال مستفسراً:

- لا تريدين فرانك!!...تريدين من إذاً؟!

نظرت ماري نحو كفيها المتشابكين, متحاشية نظراتهم الغاضبة و المتسائلة و المتشككة ثم قالت بعد محاولة لجعل الكلام يخرج من فمها:

- لأنني...لأنني أحب شخصاً آخر غير فرانك

- ماذا؟!

قالها الأخ و هو يضرب بقبضة يده على المكتب في انفعال و غضب...أما الأب قال بعدما فهم كل شيء أخيراً و بعدما تأكدت ظنونه:

- لهذا السبب كنتِ تشردين طوال هذه السنة....لهذا السبب أصبحتِ قليلة الجلوس معنا.... لهذا السبب لا تنامين باكراً كعادتك.....و لهذا السبب تحبسين نفسك داخل الغرفة و لا تخرجين إلا إلى الحديقة.....لقد كبرتي و أصبحتِ تحبين, هذا رائع!

نظرت ماري لوالدها في دهشة و استغراب ثم فتحت فمها قائلة: - ألن تعارض يا أبي؟!

قطب الأب حاجبيه ثم قال: - يبدو أنني أسرفت في تدليلك يا فتاة.... لقد تحدد زفافك و انتهى النقاش

شعرت ماري بالظلم من ذلك القرار الجائر....كيف لهم أن يتخذوا قراراً مهماً في حياتها دون أن يسألوها رأيها؟!....

هل حياتهم أم حياتها؟!.... في انفعال صرخت ماري: - أنا أحب جوزيف و لن أتزوج غيره

عندها نهض جون من على مقعده و قد بدا الاستياء على وجهه و بعنف أمسك ماري من ذراعها ضاغطاً عليها بقبضة يده و

على أسنانه جز قائلاً:

- هذا ليس وقت المجادلة.... لقد قلنا ستتزوجين بفرانك, فهذا يعني أنكِ ستتزوجين به....انسي كل تلك التفاهات التي تملأ عقلك

دفع جون بأخته لتقع على مقعدها...فشعرت و كأنها قطعة من البلور تهاوت على الأرض لتتحطم متناثرة شظاياها... أو

كرماد ذرته الرياح و كأنه لم يوجد.... أو كشجرة قد اقتلعت من جذورها..... أو كقط قد ذبحه صديقه الحميم بيديه..... شعرت

بقلبها ينتزع من الداخل و يدهس عليه ليتحطم لمئة قطعة أمام عينيها..... لقد انتهى الأمر و لن ترى جوزيف....لن تصبح له!!...

و ماذا عن حبهما الذي ولد؟!..... سوف تفقده بعدما وجدته أخيراً.... لماذا الحياة بتلك القسوة؟!.... شعرت ماري بأنها خاوية

من الداخل حيث تمر بها الرياح لتؤلم صدرها..... نهضت من على مقعدها و مشت مترنحة , فلم تكن تقوى على الحراك.....

و بالفعل انهارت على سريرها الصغير, و فاضـت عينيها بالدموع التي تناثرت على وسادتها البيضاء لتبللها... ثم أخرجت من جيب

ثوبها صورة لشابٍ ما... أخذت تنظر لها و هي تبكي.... بينما تسللت للغرفة أشعة الشمس الذهبية التي انعكست على

وجهه الباسم ,فهمست في حزن بشفتين مرتجفتين: - جوزيف, ماذا أفعل؟!

سقطت الصورة من بين يديها لتقع بجوار ماري التي أغمضت عينيها مستسلمة لنوم عميق... هاربة مما حدث.... ربما تستيقظ ,

لتجد أن كل ما حصل لم يكن سوى حلم عابر أرق منامها السعيد.... حلم بليلة ربيع دافئة!!

ــــــــــــــــــــ

فيرا
01-03-2011, 13:15
الفصـــل الثـــامن




في دجى الليل الطويل تعانق ضوء القمر المنير مع ظلمته و تحت ضياؤه جلست بمفردها على أرجوحتها التي امتزجت ألوانها بين الأبيض و الأخضر ...



أخذت تتأرجح بهدوء بينما لمع الحزن داخل عينيها الزرقاوين, فحمل النسيم خصلات شعرها ليداعب بها وجنتيها ربما يخفف من ألامها....




بينما لمعت النجوم بالسماء متسائلة عن حالها و القمر نظر لعينيها الشاردتين, فرأى انعكاسه الفضي داخلهما..... لازالت تتأرجح و لازالت حزينة....



و لازال قلبها يتساءل.... ترى هل وصلت له رسالتي؟!.... ترى هل قرأها؟!.... ترى هل سيأتي؟!.... لقد أخبرني بأنه



سيكون هنا من أجلي دائماً... لقد أخبرني بأنه سيكون نجمتي اللامعة.... سيكون روحي المرشدة.... سيكون قلبي النابض....




تناثرت دمعة من عينيها لتطير مع النسيم و هي

تهمس: - ستأتي.... أنا واثقة من هذا




توقفت الأرجوحة عن التأرجح فجأةً و كأن أحداً ما حثها على ذلك.... بينما اتسعت عينيها و خفق قلبها عندما شعرت به خلفها يضع بيده على وجنتيها المبللة ماسحاً دموعها....





شعرت بروحه الهادئة.... شعرت بقلبه الذي أخذ ينبض هامساً باسمها.... إنه هو... أجل هو.... لقد أتى من أجلها, مثلما وعدها.... سمعته





يهمس في أذنها : - لقد أتيت يا أميرتي, اشتقت لكِ





قال الجملة الأخيرة عندما وقف أمامها و أمسك بيديها بين يديه و نظر بعينيها اللتين ابتسمتا من أجله.... شعرت بنسائم الربيع الدافئة تلامس وجهها في حنان....





بينما ظلا ينظران لبعضهما البعض.... أرادت أن تقول له كل شيء... أراد أن يطير معها نحو السماء.... أرادت أن تخبره بمشاعرها....





أراد أن يضعها بقلبه و يقفل عليها بمفتاح يضيع للأبد و لا يعود كي تظل له و بداخله, لا ينتزعها منه أحد.... فرحت السماء بلقاءهما فتساقطت من قلبها قطرات الندى لتقع على وجههم...






فتحت الفتاة بكفيها ليسقط الندى عليه ملامساً جلدها, فابتسمت بمرح و سعادة.... و لكن سرعان ما غلقت كفيها و





تلاشت ابتسامتها عن وجهها البريء, مما جعل الشاب ينزعج قلقاً....اقترب منها و رفع بوجهها لتلتقي عينيها الحزينة بعينيه, عندها تساءل قائلاً:





- ماذا هناك يا ماري؟!...لم تلك النظرة؟!





في حزن أطلقت السبيل لتنهيدة عميقة جعلته يقلق أكثر و أكثر.... ثم قالت:





- لقد تحدد موعد زفافي بفرانك في الأحد المقبل... و لا أعرف ماذا أفعل يا جوزيف؟!





اتسعت عينا جوزيف و اهتز بؤبؤهما بينما فتح فمه كردة فعل طبيعية لمن صدم بشدة....شعر بقلبه يقتلع من داخله... شعر بأن جسده





أصبح هش لدرجة أن الرياح تستطيع أن تقصمه.... و بصوت انخفضت نبراته من الصدمة قال :


- م...م..ماذا قلتِ؟!....و..و لكن هذا مستحيل...و هل وافقتي؟!




هزت ماري رأسها نفياً ثم تلألأت عينيها بالدموع و هي تقول: - و لكن لم يعر أحد قراري أي اهتمام...لقد اتخذوا القرار سواء وافقت أو لا...





أكملت كلامها بصوت خنقه الدموع: - لا أعرف ماذا أفعل؟!...لا أريد فرانك, فأنا لا أحبه....

فيرا
01-03-2011, 13:16
وضعت بيديها على وجهها ثم أجهشت ببكاء مرير.... بكاء على حظها السيء, فعندما وجدت الحب ستفقده ..... تمنت لو





اختفى العالم و ظلا هما الاثنان فقط على ظهر الكوكب.... بل على المجرة.... بل على الكون بأكمله..... تمنت لو كان كل هذا مجرد حلم بشع ستصحو منه قريباً....





شعر جوزيف بفؤاده ينفطر من رؤيتها بهذه الحالة المزرية.... وقعت دموعها على قلبه كوقع الرصاص.... اخترقته من الداخل لينهار كيانه...





لتهتز كل خلية بجسده و روحه.... و من دون أن يشعر وجد نفسه يجذبها من يديها ,اللتين كانتا على وجهها, ليضمها إلى صدره في حنان.....





بينما اتسعت عينا ماري و احمرت وجنتيها عندما سمعت نبضاته المتعالية عن قرب.... ها هي معه.... و لا يهم ما سيحدث.... فلينتهي العالم....





فلينهار الكون.... لا يهم طالما هي معه...طالما هي إلى جانبه..... و لأنه معها فلسوف يجتاز المخاطر و الصعاب..... و سيعبر الكون لأجلها....





و لو أمرته بأن ينتزع قلبه من صدره, فلسوف يفعلها دون تردد و يعطيه لها إثباتاً على حبه....وضع بيده اليمنى على رأسها برفق ثم خلخل أصابعه داخل





خصلات شعرها المنسدلة في حرية على كتفيها, فتصاعدت رائحة الزهور المنبعثة منها إليه.....امتزجت روحهما لتسمو مرتفعة بالأعالي....





لتطفو فوق السحاب....لتمتزج مع أنغام الليل الساحرة و لتلامس النجوم اللامعة....





مر الوقت عليهما و هما بتلك الحالة.... لم يكن يريد أن يفارقها....شعر بأن حبها هو ما يحييه... شعر بأنها يجب أن تكون له و





ليست لأحد آخر..... حتى لو اضطر لفعل المستحيل..... حتى لو كلفه ذلك حياته....





شعرت ماري بقلبها يتواثب من السعادة بينما اتسعت عينيها عندما سمعته يقول:





- ماري, هل تقبلين الزواج بي؟!





حينها مرت نسمات دافئة عبر المكان مداعبة أوراق الشجر الذي تراقص مع خصلات شعرهم في تناغم تام ... و عزفت طيور الليل سمفونية الحياة....





شعرت ماري بدفء يجتاح روحها ....ظلت تنظر له بعينين امتزجتا بلمعة النجوم و عذوبة السماء بينما حفرت تلك الابتسامة لنفسها طريقاً على شفتيها ,





فتفتحت وجنتيها كوردة حمراء نبتت وسط الجليد الأبيض....مر الوقت و جوزيف ينتظر منها الإجابة و حينما جاء ليعيد طلبه ثانيةً,





وضعت بيديها على يديه و أطبقت عليهما ثم




همست و هي تنظر خلال عينيه الرماديتين :



- أجل, أقبل





لم يصدق جوزيف ما سمعته أذناه...و ما رأته عيناه... هل حقاً وافقت؟!....هل هذا حلم أم تراه حقيقة؟!... مد بيده لتلامس أنامله الباردة وجنتيها الدافئتين,





فابتسم عندما علم أنها حقيقة و ليست خيال... أزاح بإصبعه الخصلة التي تمردت على عينيها ثم قال:





- غداً, سأكون لكِ...و ستكونين لي!

فيرا
01-03-2011, 13:22



في صباح يوم مشرق داخل قصر بانستر....حيث أزيحت الستائر الأرجوانية لتتدفق أشعة الشمس الذهبية إلى الداخل كاشفة عن تحف


أثرية و مزهريات بمختلف الأحجام و الألوان وضعت بداخلها زهور مختلفةً ألوانها و أنواعها....جلس الأب و ابنه على الأريكة البنفسجية

و بدا أنهما منهمكين بكتابة شيء ما و مراجعة أوراق كانت بين يديهم.... وضع الابن من يديه الأوراق على الطاولة ثم زفر و هو يفك زرين


من قميصه الأحمر القاني و باليد الأخرى أبعد خصلات شعره البنية المائلة للحمرة إلى الخلف قائلاً و هو يسند بظهره على الأريكة :

- لقد تعبت من مراجعة دعوات حفل الزفاف, سوف أستريح قليلاً


نظر له الأب ثم خلع نظارته و قال: - معك حق يا جون, و لكن يجب أن ننتهي منها اليوم و نرسلها بالغد...يجب ألا ننسى أحد من العائلة و الأصدقاء


نظر جون نحو الغرفة المغلقة التي كانت بأعلى السلم ثم قال: - هل ستظل مغلقة على نفسها الباب هكذا؟!...ألم تتعب من البكاء؟!..


تنهد الأب ثم قال: - مع مرور الوقت ستنسى و تعود لطبيعتها....ستعجبها أستراليا, أنا متأكد


رن جرس الباب فجأة قاطعاً عليهم حديثهم....نظر الأب لابنه ثم قال آمراً: - افتحي الباب يا مارثا

هرعت مارثا نحو باب القصر ثم فتحته لتجد أمامها شاباً بمقتبل العمر ذو شعر بني داكن يصل للرقبة و خصلات تمردت على عينيه الرماديتين

بينما ارتدى حلة سوداء اللون و ربطة عنق رمادية كعينيه تماماً....وقف مبتسماً ثم بلباقة قال:

- هل السيد بانستر موجود؟!...أود مقابلته


ابتسمت الخادمة ثم قالت: - أجل يا سيدي, و لكن أقول له من؟!

أجابها الشاب : - جوزيف دنفر


أومأت الخادمة ثم قالت: - انتظر قليلاً حتى أخبره

ظل الشاب واقفاً على الباب, أما الخادمة فقد هرعت نحو الأب قائلة: - سيدي هناك شخص يود مقابلتك


نظر الأب رافعاً بحاجبه الأيسر في استفسار قائلاً: - من يريدني بهذا الوقت؟!....هل هو فرانك؟!

هزت الخادمة رأسها نفياً ثم قالت: - إنه السيد جوزيف دنفر يا سيـ....

لم تكمل الخادمة كلامها عندما وجدت جون يضرب الطاولة بقبضة يده في عصبية شديدة لتنسدل خصلات شعره على عينيه الزرقاوين


ثم بعصبية قال: - تباً, ماذا يريد؟!


نظر الأب لجون قائلاً: - أليس هذا هو الفتى الذي تحبه أختك؟!

أومأ جون بضيق بينما أردفت الخادمة: - ماذا أقول له يا سيدي؟!

في ضيق أجابها جون: - بالطبع لا تدعيه يدخل, و اطرديه خارج القصر


- لا دعيه يدخل يا مارثا, فسوف أقابله

ذهبت مارثا لتدعو جوزيف إلى الدخول عندما نظر جون لأبيه في عدم فهم بينما اختلج الشك داخله... لماذا يريد والده أن يقابله؟!....

هل سيغير والده رأيه بشأن ارتباط ماري و فرانك؟!.... لاحظ الأب شرود ابنه فابتسم قائلاً: - ما بك؟!

أجاب جون في ارتياب: - لماذا وافقت على مقابلته؟!

وضع الأب نظارته على عينيه ثم أردف و هو يضع بساق على ساق: - أريد فقط أن أرى الشاب الذي فضلته أختك على فرانك...

قطعا كلامهما حينما دخل عليهما جوزيف الذي ابتسم لهما و انحنى بلباقة شديدة تحيةً لهم....عندها أشار له الأب أن

يجلس أمامهم على المقعد الصغير بينما رمقه جون من الأعلى للأسفل في احتقار شديد....

فيرا
01-03-2011, 13:24
ابتلع جوزيف ريقه بصعوبة فقد شعر أن البداية غير مبشرة و أنه سيواجه صعوبات بالغة لإقناعهم بطلبه..... و من الأعلى


وقفت ماري تراقب ما يحدث بعينين فرحتين بينما توردت وجنتيها و خفق قلبها عندما رأته ينظر لها بعينيه الرماديتين و


يبتسم لها بالسر ثم غمز لها دون أن يراه الوالد و جون.... أخذت ماري تدعو من قلبها أن يوافق والدها على جوزيف بينما ظلت تراقبهم من الأعلى بقلق و شغف....


شعر جوزيف بحرارة تسري في جسده...فلم يكن يعرف كيف يبدأ كلامه؟!.... أو كيف يشرح لهم الأمر؟!.... ابتسم في حرج شديد ثم قال :

- أنا أدعى جوزيف


- جوزيف دنفر, عرفنا هذا

كانت هذه من جون الذي عقد ذراعيه متأففاً.... شعر جوزيف بإهانة شديدة... إهانة لم يعتد عليها, كاد أن ينهض و يذهب من أمامهم....

و لكنه ظل جالساً رغم ذلك.....فقد كان يريد ماري بشدة و لن يذهب إلا و هي مخطوبة له...هذا لو لم يتزوجها.....أخذ جوزيف نفساً عميقاً


ثم أكمل متكلماً عن نفسه و وضعه المادي:

- حسناً, أنا بالسادسة و العشرين من عمري...ميسور الحال ,لدي شركة صغيرة اسمها آرتيميس, لازالت ببداية الطريق....و لكنها تعمل جيداً

أشعل الأب بلفافة تبغ ثم نفث عن دخان ملأ المكان مما جعل جوزيف يسعل واضعاً بمنديله الأبيض على فمه , عندها ضحك الأب قائلاً:

- أرى أنك لا تحب التدخين!!


أجابه جوزيف قائلاً: - و لا الشرب أيضاً

أردف الأب: - جميل...جميل....و لكنني لم أسمع بعائلة دنفر من قبل؟!

شبك جوزيف بيديه ثم نظر نحو الأرض قائلاً بنبرات حزينة: - و لن تسمع بها يا سيدي

رفع الأب بحاجبه الأيسر و اعتلى وجهه الإستفهام قائلاً: - ماذا تقصد؟!

زفر جوزيف في مرارة قائلاً: - لقد نشأت بملجأ للأيتام و لا أعرف عن عائلتي شيئاً ,سوى أنهم توفوا جميعاً

ذهل الأب و ذهل الأخ مما سمعوه....رمقه جون بنظرات احتقار مرة أخرى من الأعلى للأسفل ثم أدار وجهه حتى لا ينظر إليه....


مر الوقت بطيئاً كالسلحفاة حتى قرر الأب أن يقطعه قائلاً:


- حسناً...حسناً, و لكن لم هذه المقدمة العريضة؟!....ماذا تريد يا جوزيف بصراحة؟!


ارتبك جوزيف فأخرج بمنديله ليمسح وجهه ثم قال و هو يحاول لملمة حروفه:

- ح..حسناً, أنا يشرفني و يسعدني أن أطلب يد ابنتكم ماري

كاد جون أن يرد عليه بضيق و لكنه توقف عندما ضغط الأب بيده عليه ناظراً له بنظرة ذات معنى ثم نظر لجوزيف الذي كان منتظراً ردهم
و الذي فوجئ بالأب يقول:

- جميل...أنت تريد ماري إذاً؟!, و لكن ياللأسف, فلقد تمت خطبتها على ابن عمها و الزفاف يوم الأحد القادم أي بعد ثلاثة أيام

اتسعت عينا جوزيف ثم سقطت منه الحروف في صدمة و حزن: - إذاً...أنت لست....موافق!!

ابتسم الأب ثم قال في خبث: - و من قال هذا؟!....أنا أقول أنك أتيت متأخر...لذا, فلن أستطيع أن أمنحك يدها

اتسعت عينا ماري و هي ترى والدها يرفض طلب جوزيف أمام عينيها.... شعرت و كأن سكين حاد قد مزق نياط قلبها ....


كأن روحها تخرج من بين ضلوعها..... أخذت تهمس: - أرجوك وافق يا أبي...أرجوك لا تفعل هذا بي

و لكن لا فائدة من الرجاء و التمني, إنها الحقيقة لا محالة....لقد انتهى كل شيء و لم يعد أمامها سوى فرانك...لن ترى جوزيف بعد الآن....

شعرت بأنها غير قادة على الوقوف فجلست على السلم و أمسكت بقضبانه بينما نزلت من عينيها تلك الدموع و هي تراقب......


و بالأسفل قال جوزيف راجياً...متمسكاً بالضوء الضئيل من الأمل: - أرجوك راجع قرارك يا سيدي...أرجوك أنا أحب ماري


عندها أجاب الوالد بدون شعور أو إحساس: - تشرفت بمعرفتك يا سيد جوزيف, مارثا أري ضيفنا المخرج

نهض جوزيف ثم نظر في حزن تجاه ماري التي أخذت تهز برأسها و تبكي.... أغمض عينيه في حزن ثم التفت لكي يذهب و


لكنه توقف عندما سمع ماري تصرخ قائلة: - لااا...انتظر يا جوزيف

قطب الأب و جون حاجبيهما في ضيق عندما وجدوها تنزل من على السلم تقول: - أرجوك يا أبي وافق...أنا أريده

فيرا
01-03-2011, 13:24
عندها صفع جون أخته على وجهها ليردفها أرضاً....نظرت له ماري بينما وضعت بيدها اليمنى على خدها الأيمن الذي تورم
من إثر الصفعة لتسمع جون يقول لها بغضب:

- يالوقاحتك اللامتناهية!...كيف تجرأين على قول ذلك أمامنا؟!

نهضت ماري من على الأرض ثم قالت في إصرار شديد:


- أنا لا أريد فرانك.....لماذا لا تراعون مشاعري؟!....لماذا لا تستمعون إلى رغباتي؟!...هل المال أهم مني؟!


نهض الأب من على مقعده ثم كشر قائلاً: - ماري, هذا يكفي.... اصعدي إلى غرفتك حالاً

لم تستجب ماري لما قاله والدها بل أكملت باكيـة...متألمــة:

- أنتم لا تحبونني....ليت أمي لم تمت, فقد كانت ستستمع إلي!

جز جون على أسنانه في غيظ أما الأب تنبه لأن جوزيف يستمع إليهم فقال: - ماذا تنتظر يا سيد جوزيف؟!

هز جوزيف رأسه بمعنى لا شيء, ثم توجه نحو الباب و أدار المقبض لينفتح الباب المطل على الحديقة الواسعة...و حينما جاء ليخرج, تسمر في مكانه عندما احتضنته ماري من الخلف و طوقته بذراعيها حتى لا يذهب.....

شعر جوزيف بنبضات قلبها المتعالية و بدموعها التي بللت سترته السوداء من الخلف....وضع جوزيف بيديه على يديها الموضوعتين على صدره ثم حينما جاء ليتكلم سمعها
تهمس بصوتها الصغير:

- خذني معك يا جوزيف....لا تتركني هنا




أغمض جوزيف عينيه في حزن ثم قال و خصلات شعره تطاير: - سوف أنقذك يا أميرتي....أعدك بأنكِ ستكونين معي





ثم شدد على يديها و هو يقول: - قريباً...جداً





اشتعل غضب الوالد و الأخ مما حدث للتو.....و من دون تفاهم أمسك جون بذراع أخته مبعداً إياها في عنف عن جوزيف الذي






شعر و كأن جزءاً من قلبه قد انخلع منه و ابتعد عنه....سمعها تنادي باسمه صارخة و لكن ما الفائدة؟!....لن يستطيع فعل





شيء الآن.....ابتعد للخارج بينما سمعها تقول لهم: - ما عيبه؟!....أليس ما يهمكم هو المال؟!....جوزيف لديه المال....إذاً ما عيبه؟!





أغلق الباب خلفه و كان آخر شيء سمعه هو صوت والدها يجيبها : - لأنه مشرد , فليس لديه عائلة....و نحن لا نتشرف بمثل هذا النسب





أغمض جوزيف عينيه في حزن بينما تساقطت وريقات الشجر على رأسه بفعل النسيم..... فرت من عينيه دمعة و هو يقول:





- سأعود لكِ....أجل سأعود





ثم ابتعد عن المكان و معه أحزانه و جروحه....بينما انهارت ماري بالداخل على الأرض باكية و هي تسمع والدها يقول:





- كفي عن البكاء كالأطفال...يجب أن تستعدي لزفافك جيداً, فلم يبقى سوى القليل





صعدت ماري نحو غرفتها و بالداخل جثت منهارة على الأرض تبكي.....لقد تحطمت تماماً.... ما العمل؟!....لقد فشل جوزيف





بإقناع والدها..... و هي أيضاً فشلت..... لو كانت والدتها لا تزال حية , لكانت سترفض فرانك و تلبي لها رغبتها....و لكن ما





الجدوى؟!.....شعرت ماري بالنعاس يداعب أجفانها فتمتمت بحزن: - لقد قال أنه سيأتي....سوف أنتظرك يا جوزيف





ثم غفت في نوم عميق على الأرض الباردة.....و هي على أمل أن تلتقي به مجدداً.... على أمل أن يتغير كل شيء في المساء....

فيرا
01-03-2011, 13:26




استيقظت الفتاة على الصوت المميز لارتطام الصخر الصغير بزجاج النافذة....نهضت من على الأرض ثم نظرت على ملابسها لتجد أنها لاتزال بملابس الخروج....هزت برأسها حتى تفيق ثم فركت بعينيها و تمتمت في تثاؤب:

- ترى بأي يوم نحن؟!



أوقفت تمتمتها عندما سمعت صوت الارتطام مجدداً....فاتسعت عينيها و شعرت بالنشاط يدب في أوصالها حينما جال بخاطرها أنه قد أتى كما وعدها....فنهضت و هي تهتف:

- جوزيف!!...هل ممكن أن يكون هذا جوزيف؟!


هرعت نحو النافذة و فتحتها ثم أطلت برأسها منها و ابتسمت في سعادة عندما رأته واقفاً بالأسفل ينظر لها بعينيه الرماديتين...



ابتسم لها و قال: - لقد أتيت يا أميرتي, كما وعدتك....و لن أذهب إلا و أنتِ معي





نظرت له ماري باستغراب ثم قالت: - كيف؟!





أجابها جوزيف قائلاً: - سوف نهرب معاً و نتزوج بعيداً عن هنا....سنضعهم أمام الأمر الواقع





مطت ماري بشفتها السفلى في رقة ثم قالت بخوف: - و لكن....و لكن ماذا عن أبي؟!





أردف جوزيف قائلاً: - لقد عارض والدك على زواجنا...و أنا لن أسمح لفرانك بأخذك مني...لذا ,هذا هو الحل الأمثل





صمتا لبرهة من الزمن لم تتكلم فيها ماري التي أخذت تنظر نحو جوزيف مفكرة فيما قاله....ثم بعد تفكير عميق قالت:





- حسناً, و لكن كيف سأهرب معك؟!





- من هذه النافذة





- من هذه النافذة!!....كيف؟!





اتسعت عينا ماري عندما قالتها و هي تنظر للمسافة التي بين النافذة و الأرض....لم تكن مسافة كبيرة و لكنها لم تكن قصيرة كذلك....





ابتسم جوزيف عندها ثم فتح بذراعيه قائلاً: - سوف أتلقاكِ بين ذراعي يا أميرتي





ضحكت ماري و هي تقول: - لم أرى شخصاً مجنوناً في حياتي مثلك يا جوزيف!!





- ألسنا متوافقين يا عزيزتي؟!





قالها و هو ينظر لها في خبث, فاحمرت وجنتيها ثم قالت و هي تهم بإغلاق النافذة:





- حسناً, انتظرني بالأسفل ريثما أعد من نفسي....سوف أهرب من الباب الخلفي للقصر....





أومأ جوزيف برأسه و هو ينظر لزجاج النافذة يغلق و ماري تبتعد.....





و بالداخل جهزت ماري حقيبة صغيرة وضعت بها بعض من ملابسها....ثم بدلت ملابسها و ارتدت ثوباً أخضر كأوراق شجر





الربيع و على رأسها ارتدت قبعة خضراء مزينة بشرائط خضراء داكنة و بيضاء.....وضعت على المكتب ورقة بيضاء مطوية كتب





على خارجها..~ إلى أبــي العزيز... ~





نظرت نظرة أخيرة لغرفتها التي اختلطت بين اللونين البنفسجي و الزهري....ثم خرجت من غرفتها متسللة للخارج على أطراف قدميها





حتى لا تصدر صوتاً يوقظ الجميع.....وصلت نحو الباب الخلفي بعدما انتظرت دخول الخادمة للنوم و بحذر شديد فتحت الباب ثم قبل أن تخرج





نظرت نحو المنزل مرة أخرى و هي تضع بيدها على صدرها الذي أخذ يتعالى بالخفقان....




همست في حزن:




- ماذا أفعل يا أبي؟!....أنت لم تترك لي الخيار





قالتها ثم خرجت من الباب مبتعدة للخارج....هرعت بخطواتها نحو جوزيف الذي كان ينتظرها واقفاً عاقداً بذراعيه و هو يسند بظهره تحت شجرة الصنوبر....





و حينما رآها قادمة نحوه ابتسم لها ثم ضمها قائلاً: - الليلة سنكون معاً....لن تبتعدي عني ثانيةً يا أميرتي





ابتسمت ماري أما جوزيف قال: - هيا ,لنذهب من هنا قبل أن يكتشف الجميع أمرك






أومأت ماري برأسها ثم ذهب الإثنان مبتعدين عن القصر, ليعقدوا قرانهم إلى الأبد.....بينما لمعت النجوم بالسماء في تلك الليلة





و توهج القمر بضيائه أكثر من المعتاد.... و تراقصت أوراق الشجر مع نسمات الربيع الدافئة, فاليوم سيصبحان معاً للأبد....لن يفرقهما أحد....





مثلما تمنيا من قبل..... هو و هي فقط.... و لن يوجد فرانك....أو جون....أو أي شخص آخر.... فلتشتعل يا فرانك, فلن تحصل على ماري.....





فلتمت بغيظك يا جون, فلقد أصبحت ماري لجوزيف مهما فعلت..... فلتغردي يا طيور السماء, فقد انتصر الحب على المال... أجل إنه الحب...





إنه الحب الذي يجعلك ترى الأشياء أجمل.... إنه الحب وحده فقط يهزم كل شيء.....





أجل أيها الربيع انشد أجمل الأغاني ,فلقد أتى الحب.... أخيراً!!

فيرا
01-03-2011, 13:28
الفصــل التــاسع

بخطوات واثقة اتجهت نحو الباب....بيد غير مترددة طرقت عليه و باليد الأخرى أمسكت بصينية الطعام.....انتظرت مطولاً أن يفتح أحد لها....

و لكن لا صوت, لا حركة, لا شيء.....أعادت الطرق مرة أخرى بيدها بعدما قتلها الملل من الوقوف, و لكن لا إجابة....

شعرت بالقلق يسري في جسدها, و بذعر تساءلت: - لماذا لم تستيقظ؟!, ألا تسمع الطرق؟!....ترى ما بها؟!....

وضعت بيدها على الباب و بدأت بالطرق من جديد و لكن هذه المرة كان الطرق أشد من السابق.....بالنهاية أدارت مقبض الباب ,

لينفتح على غرفة خاوية....أجل خاوية, فلم يكن هناك أحد بالداخل .. السرير لازال مرتباً و كأن لم ينم عليه أحد بالأمس, و خزانة

الملابس مفتوحة على مصراعيها و لكن بعض الملابس اختفت من الداخل ..... وقعت الصينية من يدها و طاح ما بها من أطباق على

الأرض و اتسعت عينيها بينما انفتح فمها في ذهول قائلة: - آ..آنسة ماري!!...أين أنتِ؟!

خرجت من الغرفة مسرعة.....اتجهت نحو المكتب مقتحمةً إياه, و قبل أن ينطق أحد لينهرها على تلك الوقاحة, تكلمت قائلة في هلع:

- سيد بانستر, الآنسة ماري ليست بغرفتها....و ليست بالقصر

سقط قلم السيد بانستر من يده على الأرض بينما اتسعت عيناه في توجس....ثم نظر نحو جون الجالس أمامه ليبادله الآخر بنفس النظرة المتوجسة...

نهض الإثنان ثم خرجا من المكتب بسرعة متوجهين نحو غرفة ماري في ذعر و قلق ليتأكدوا بأم أعينهم مما قالته الخادمة لهم

......دفع جون باب الغرفة حتى كاد أن يتحطم بينما وضع السيد بانستر بيده على صدره ليسكت الألم الذي اعتراه فجأة حينما وجد

الغرفة خاوية و الخزانة مفتوحة......تكلم جون قائلاً: - أين ذهبت تلك الخرقـ.....!!

- اصمت, لا تتفوه على أختك بتلك الشتائم المشينة

كانت هذه من الأب الذي قالها في حدة مسكتاً جون في الحال, ثم نظر نحو الخادمة قائلاً:

- مارثا, اتركينا بمفردنا الآن

أومأت مارثا و انحنت ثم خرجت من الغرفة تاركة إياهم بالداخل يتضاربون الشكوك, و يتخبطون بالظنون,و يتساءلون عن إختفاء الآنسة الصغيرة.....

و بعد مرور وقت طويل من الصمت الثقيل, توجه الأب نحو المكتب الصغير حينما لمح ورقة بيضاء مطوية استقرت فوقه....تناولها بعدما

لمح كلمة ~ إلى أبــي العزيز....~ التي خطت فوقها , و التي جعلت قلبه يتضارب في توتر و خوف....هل خوف مما سيقرأه؟! أو تراه

خوف مما يعلمه؟!....خاف من أن تتحقق ظنونه, و تتأكد شكوكه....خاف من أن تكون تلك هي الرسالة التي ترعب النفوس و تبكي

القلوب.....الرسالة التي لطالما خشاها في يوم من الأيام.....

و بيد مرتجفة أفضى محتواها...ثم بعينين اهتز بؤبؤهما بعدما تقلصا, قرأ ما كتب.....ثم مالبث أن انتهى من القراءة حتى سقطت

الورقة منه على الأرض و تلاها جسده الذي لم يقوى على الصمود, فتهاوى و لكن جون لحقه قبل أن يكمل مسيرته نحو

الأرض ,سانداً إياه من السقوط قائلاً له بذعر:

- ماذا حل بك يا أبي؟!....أبي...أبي...أجبني

و لكن لا حياة لمن تنادي, فقد انعقد لسانه من الصدمة التي انتابته مما قرأه بالرسالة, و ظل محدقاً بالغرفة في عدم تصديق دون حركة.....

أجلسه جون على السرير ثم تناول الورقة من على الأرض ليقرأ ما كتب فيها و ليعرف ما الذي جعل والده بهذا الشكل؟!:

- أخي العزيز و أبي الأعز,
بقراءتكم لهذه الورقة أكون قد ارتبطت بجوزيف للأبد.....آسفة أبي و لكنك لم تترك لي الخيار, فأنا لا أحب فرانك و قلتها لكم مراراً و تكراراً....و لكنكم لم تعيروني انتباهكم, و لم تولوني اهتمامكم...و كل ما أقوله تضربون به عرض الحائط....لقد شعرت بالأمان مع جوزيف و بالحنان الذي افتقده معكم, لذا أنا أحبه و أقولها بأعلى صوتي أنا أحبه يا أبي و لن أحب أحد غيره....لقد مللت من كوني الفتاة المطيعة التي تنصاع للأوامر حتى و لو كانت على رقبتها....لذا, أقول لكم وداعاً....للأبد
أرجو أن تسامحونني....أتمنى أن تفكروا ملياً قبل أن تظلمونني.....لأنني أحبكم حتى بعدما فعلتم بي ما فعلتموه
ابنتكم المجروحة \ مــاري ~

قطب جون حاجبيه بينما كمش بيده على الورقة في عصبية و حقد شديدين حتى كادت أن تتمزق, ثم ضغط على أسنانه في غل قائلاً:

- إذاً لقد هربت معه....تباً لتلك الساقطة!!

صمت جون عن الكلام عندما رأى والده قد وضع بيده على رأسه , و اغرورقت عيناه بالدموع, فاقترب منه ثم جلس بجواره مربتاً على ظهره قائلاً له:

- أبي, أرجوك لا تبكِ....إنها لا تستحق تلك الدموع.....

زمجر الأخ مكشراً ثم قال ضاغطأً على يده و حروفه كذلك: - سوف أبحث عنهما...و سأقتلهما معاً بيدي

- لا....لا تفعل هذا!!

قالها الأب بعدما فاضت عيناه بالدموع الحزينة, ناظراً لولده...ممسكاً بيده في ترجي...ثم أكمل بصوت مرتعش قد خبأت قوته:

- لقد اختارته و هربت معه.....تخلت عن العائلة و الاسم من أجله....لذا, دعها و لا تلوث يديك بدماءهم....انساها كما نستنا....

قاطعه جون في تردد قائلاً: - و..و لكن يا أبي...

صمت جون عن الكلام عندما وجد والده قد نزلت دموعه أكثر و أكثر ثم بصوت مرتجف غير قادر على الكلام أكمل:

- ماري لم تعد واحدة منا....و لم تعد ابنتي بعد الآن

أنهى الأب كلامه عندما شعر برأسه سينفجر و قلبه يتزايد بضرباته , كلها ظواهر تشير إلى ارتفاع الضغط المعهود...وضع بيده على

رأسه ثم باليد الأخرى على قلبه مطلقاً تأويهة قذفت الرعب في قلب ابنه الذي قال مذعوراً:

- أ..أبي...أبي مابك؟!...أبي؟!...تعال معي, لنخرج من هذا المكان المشؤوم

أمسك الأب بيد ابنه لينهض من فوق السرير...و لكن لم يستطع.....نظر جون باستغراب نحو والده, ثم قال:

- ما بك يا أبي؟...هيا انهض!

حاول السيد بانستر النهوض....وضع بيديه على السرير ليعطي نفسه دفعة صغيرة حتى ينهض....واحد...إثنان...ثلاثة محاولات و

لكن لا فائدة, فكلما أتى لينهض..لم يستطع و كأن جسده ثقل على قدميه....

لماذا لا أنهض؟!...ماذا حل بقدمي؟!...ماذا حل بجسدي؟! .... بل ماذا حل بي؟!.... لماذا لا أستطيع تحريك أطرافي؟! ..... ماذا

حل بصوتي؟!.... لماذا لا يخرج الكلام؟!.... لماذا صار لساني ثقيلاً هكذا؟!....

دارت تلك الأسئلة داخل عقل الأب الذي نظر بعينين تلألأت بهما العبرات نحو ولده,فاتحاً بفمه في ذهول ..عندها بدأ الشك و الارتياب

يتغلغل لصدر جون الذي قال: - أبي...أرجوك أجبني....رد علي يا أبي!!

اتسعت عينا جون و عينا الأب عندما حاول محاولة فاشلة , فخرج منه الكلام غير واضح..أو لنقل أصوات لا حروف...أصوات تأوه مقطعة.

جثا جون ثم احتضن والده الذي أخذ يبكي على حاله التي وصل لها , لتبلل دموعه الساخنة قميص ابنه الأبيض, فحرقت جسده و

قلبه أيضاً.... قلبه الذي تألم لما حدث له...فقد أصبح والده قعيداً لا يتحرك, أخرس لا يتكلم....و لم يبق سوى العين تدمع

فيرا
01-03-2011, 13:29

في ظهيرة أحد الأيام الصيفية......وقفت سيدة ,بدت بأواخر العشرينيات من العمر مرتدية ثوباً عادياً بأكمام قصيرة ذو لون برتقالي

داكن رسمت عليه بعض النقاط البيضاء و على خصرها لف مئزراً لونه أبيض, بالمطبخ تدندن بصوتها الناعم و بين يديها بعض الخضر

التي أخذت تغسلها بعناية.

أغلقت الصنبور بعدما فرغت من الغسل ثم وضعت الخضر بالطبق و شرعت بنقلهم إلى الطاولة البيضاء التي احتلت منتصف المطبخ,

بينما تشبث بثنايا ثوبها طفل صغير لم يتم الخامسة بعد, ذو شعر بني داكن و عينين بلون السماء الليلية, أخذ يتبعها في كل مكان

تذهب إليه..إذا ذهبت نحو الثلاجة ذهب وراءها, و إذا توجهت نحو الموقد جاء خلفها, لم يتركها لثانية واحدة و كأنه جزء منها....أو جزء من ثوبها.

وضعت السيدة بالطبق على الطاولة ثم نظرت له بعينين حالمتين ,و قد أشعت من شفتيها ابتسامة دافئة عندما وجدته ممسكاً

بثوبها.....ربتت على رأسه بحنان ثم قالت:

- عزيزي الصغير هيو...اجلس هنا ريثما تعد ماما لك الغداء

و لكن يبدو أن كلامها طار في الهواء و تبخر, فلم يتركها هيو للحظة بل زاد تشبثاً بها بيده اليمنى بينما وضع إبهام يده اليسرى بفمه

و هو ينظر لها بنظرته الملائكية التي أشعت من عينيه متسائلاً....ماذا هناك؟!...هل فعلت شيئاً سيئاً؟!.....

ضحكت الأم جراء تلك النظرة البريئة ثم تمتمت : - يالك من طفل مشاكس...تماماً مثله

انحنت ثم رفعته بيديها من على الأرض لتحتضنه بقوة, فشعرت بملمسه الطري الناعم و قلبه الصغير الذي شرع يخفق كآلة كمان

عزفت لتوها أجمل سيمفونيات البراءة....خلخلت بأناملها داخل خصلات شعره الناعمة, ثم طبعت قبلة دافئة على وجنته الصغيرة,

لتجده قد أغمض عينيه و غفى على صدرها الحنون و كأن شيئاً لم يكن, فابتسمت ثم نقلته إلى الغرفة و وضعته بسريره الصغير في هدوء حتى لا يستيقظ .

وقفت قليلاً تتأمله ثم بالنهاية أطفأت النور و هي تقول: - أتمنى لك أحلام سعيدة يا صغيري .

تركت الغرفة بصمت ثم توجهت مسرعة نحو المطبخ , لتكمل ما تبقى من عمل بسعادة....

مر الوقت و دقت الساعة مشيرةً إلى الثالثة عصراً, و لازالت تنتظر عودته بفارغ الصبر....وضعت بيدها على قلبها متسائلة...

ترى لماذا لم يعد؟!.... لقد تأخر ساعة بـأكملها و هو لم يفعلها من قبل.... ترى ماذا حدث لك ؟!.... يا إلهي أرجعه إلي سالماً,

صمتت عن تساؤلاتها عندما وجدت باب المنزل ينفتح و يدخل منه الحبيب الذي طال انتظاره, و في لوعة المشتاق سألته :

- لماذا تأخرت يا جوزيف؟!...أين كنت كل هذا الوقت؟!

صمتت قليلاً قبل أن تكمل في هدوء و هي تضع بيدها على قلبها الخافق:

- لقد...لقد قلقت عليك

وضع جوزيف بحقيبته السوداء على المقعد الأزرق ثم أخذ يجول ببصره يميناً و يساراً كمن يبحث عن شيءٍ ما ,ثم تساءل قائلاً:

- أين هيو؟!....لا أرى له حساً بالبيت!!

ابتسمت ماري قائلة و هي تنظر نحو الغرفة: - لقد خلد إلى النوم بعدما تعب من اللحاق بي طوال اليوم

- جيد

قالها جوزيف بصوت يبعث الريبة في القلوب, و كأن هناك شيء يثقل كاهله .

نظرت ماري له في استغراب و دهشة ثم قالت: - هل هناك شيئاً ما يا جوزيف؟!

ابتسم لها ثم قال في استنكار حتى يبعد الشك عن قلبها ,و لكن صدرت الكلمات من بين شفتيه مترددة مثله:

- لا..لا شيء...لا تشغلي بالك

داهمتها الشكوك و هي تنظر في عينيه ,لتجده يبتسم في اضطراب, فـعصف بداخلها بحر من الأسئلة التي لا تلقى لها إجابات....

ما بال تلك الابتسامة المترددة؟!....و ما بال النظرة التي اعتلت عينيك يا جوزيف؟!....بل ما بال إجابتك و كلامك اليوم؟!....

أنا أعرفك أكثر من أي شيء, بل أحفظك أكثر من نفسي....أنت لست على ما يرام يا عزيزي....أجل, أنت تخفي شيئاً ما و لا تريد

لي أن أعرفه....ترى ماذا تخفي عني؟!....ترى....

توقفت ماري عن التفكير عندما قطع عليها جوزيف أفكارها و جذبها بيده ليضمها إليه..مربتاً على رأسها في حنان, كطفلة صغيرة تقف

بين ذراعي والدها.....و لكنها لا تزال تشعر بشيء ما....شيء ما يحاول أن يندثر في قلبه حتى لا يخرج....

حركت شفتيها لتتكلم و لكنها صمتت عندما سمعته يهمس بصوت متوتر : - أحبك

عادت للشرود مجدداً....و بصمت أخبرت قلبها....ماذا دهاك يا جوزيف؟!....أحبك و لكن!!...و لكنك اليوم لست طبيعياً.....

ران الصمت بينهم قبل أن تقطعه قائلة: - ألست جائعاً؟!...لقد جهزت الغداء لك

أبعد ذراعيه عنها, لينظر بعينيها مطولاً...و بداخل ردهات عقله ترددت أسئلة....هل أخبرها؟!....و لكن كيف؟!....لابد أن تعرف......

لا ,لا يا جوزيف إن قلبها رقيق كبتلات الزهور, فكيف ستكون ردة فعلها؟!....مؤكد أنها لن تتحمل....و لكن....

زفر في عمق ثم أغمض عينيه و هو يقول مجيباً إياها: - أ..أجل....أعديه ريثما أبدل ملابسي

نظرت له و هو يدخل لغرفته غالقاً إياها عليه, كمن يتهرب من شيءٍ ما...وقفت معقودٌ لسان حالها, لا تدري ماذا دهاه اليوم؟!...

لماذا يتصرف بهذا الشكل المريب؟!.... ابتلعت ريقها ثم حاولت بشتى الطرق إبعاد الوساوس التي أخذت تأكل في جنبات عقلها...

بالنهاية تنهدت و من ثم دخلت المطبخ لتعد الغداء لهما....

فيرا
01-03-2011, 13:29
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بغرفة الطعام... توسطت طاولة خشبية مستطيلة الشكل, ذات لون بني فاتح, المكان...بينما تراصت المقاعد الخشبية حولها في

شكل متناسق.... و بوسط الطاولة وضعت مزهرية صغيرة بداخلها وردتين إحداهما حمراء و الأخرى بيضاء, كانتا متعانقتين بشكل جذاب..

بينما وقفت الطاولة على بساط أحمر صغير فرش على أرض خشبية لامعة, و على إحدى الحوائط الأربعة علقت صورة لمنظر طبيعي

عن غابة بها أشجار و يقطع الطريق جدول مائي ملتوي....بينما تدلت من السقف ثريا بيضاء ذات شكل مبهر, و على الطاولة جلس

الزوجان في صمت, كلُ ينظر في الطبق الموضوع أمامه...بينما تطايرت النظرات الحائرة المستترة عبر أرجاء الغرفة, فـصار الجو

مشحوناً... حتى كادت الجدران أن تنطق, لتبدد السكون الذي غيم على المكان.

وضع جوزيف بملعقته في الطبق ثم أخذ يقلب حبات الأرز و يبدو أنه شرد مع التقليب, فتنبهت له ماري التي تساءلت مفيقةً إياه من

ذاك الشرود الدائم و مبددةً أيضاً الصمت الطويل: - جوزيف, هل أنت على مايرام؟!....ألا يعجبك الطعام؟!

نظر لها جوزيف ثم رمش بعينيه و أجابها و هو يحاول رسم الابتسامة التي تأبى الخروج و لكنها خرجت مصطنعةً بالنهاية:

- لا شيء عزيزتي, أنا بخير...

ثم وضع بالملعقة في فمه و ابتلع الطعام ثم أكمل بنفس الابتسامة: - طعامك شهي عزيزتي

ثم لاذ بالصمت بعدها, فحدجته بنظرة متشككة...و لسان حالها يقول ... يبدو أنه لا فائدة معه... إلى متى ستظل تخفي

عني؟!...إلى متى يا جوزيف, إلى متى؟! ....

نهضت ماري بعدما انتهيا من الغداء, ثم شرعت بلملمة الأطباق من على الطاولة...و بعد ذلك حملتها بيدها اليمنى, مارةً بجانب

مقعد جوزيف الذي أمسك بيدها اليسرى مانعاً إياها عن المغادرة.....

توقفت ماري و ظلت متسمرة في مكانها....شعرت بنبضات قلبه التي تردد صداها في الأنحاء, فازداد توترها....مر عليهما الوقت و

لايزال جوزيف متمسكاً بيدها....نظرت له ماري, لتجده منكساً رأسه للأسفل و خصلات شعره البنية منسدلة على عينيه كالستار

الذي حجب بريقهما, فبخوف تساءلت بعد أن هالها حالته تلك: - ج..جو...ماذا بك يا عزيزي؟!

وقعت الأطباق من يد ماري لترتطم بالأرض و تتكسر إلى كسور عديدة كقلبها....بينما شخص بصرها في عدم تصديق و تغلغلت

الدموع سطحهما الزجاجي و أحمر بياضهما و اهتز بؤبؤهما في محاولة للهروب الفاشل, بعد أن سمعت تلك الكلمات المؤلمة تخرج

من شفتيه الحزينتين, لتقع على مسامعها....تلك الكلمات التي حطمت فؤادها و أظلمت الدنيا بعينيها....لقد توفي أباها!!...كانت

هذه هي الكلمات التي أوصلتها لتك الحالة....الكلمات التي ظل جوزيف كاتماً لها , مانعاً إياها من الخروج..واضعاً لها حاجز حتى يحجبها عنها ,

لقد حاول التماسك و لكن يبدو أنه باء بالفشل الذريع, فلم يتمالك نفسه و لم يتمالك قلبه الكتمان أكثر من ذلك.....

و لكنه سرعان ما شعر بالندم على ما تفوه به, و بداخله تألم لحالها و تمنى أن يرجع الوقت حتى لا يخبرها, حتى يجعلها تنسى,

تمنى أن يمحو تلك الكلمات من داخل رأسها بيديه , و لكن لن ينفع هذا, لأنه والدها و يجب أن تعلم بأنه....قد توارى تحت التراب....

وضعت بيديها على وجهها ثم انخرطت في بكاء مرير يقطع الأكباد و يمزق الأفئاد بينما أخذت تلوم نفسها قائلة:

- أبي,أنا السبب في ذلك...أبي, سامحني...لا, هذا يعني أنني لن أراك ثانيةً...لا..أبي

نهض جوزيف من على مقعده ثم وقف أمامها لبرهة أبت الكلمات فيها أن تخرج منه, فقط أخذ ينظر لها متألماً لحالها....

وضع بيده اليمنى على كتفها الأيسر ثم قال في حنان: - ماري, سوف أصطحبكِ إلى القصر...حتى نقدم واجب العزاء

أبعدت ماري كفيها عن وجهها ثم نظرت له بعينين شحيحتين قد نالت منهما الدموع...

لم تنبث ببنت شفة و لكن ما قالته نظراتها الشاكرة كان كفيلاً بذلك..

فيرا
01-03-2011, 13:30



بداخل قصر بانستر كان السواد و الحزن يسيطران على الأجواء... فانحدرت الدموع و بكت القلوب و نزفت الأرواح على فراق السيد الكبير...


و بعد مضي الوقت انفضت القاعة المحتشدة, و مضى كل شخص لحال سبيله بعدما ذرفوا الكثير من الدموع المصطنعة رثاءً للابن


المنكوب و اسمعوه الكثير من كلمات المواساة من أمثال.. كان الله في عونك.. رحم الله والدك.. فليرقد في سلام...


كلها كلمات زائفة, متملقة, لم تعبر عن نواياهم الحقيقية و لا تمت للواقع بصلة...


و على الأريكة البنفسجية جلس جون المتشح بالسواد, دافناً برأسه بين كفيه.. حاجباً عينيه اللتين ترقرقت بهما الدموع, محاولاً


لملمة شتات نفسه و لكنه فشل...


و بجانبه الأيمن جلس شاب بدا بالثلاثين من العمر مرتدياً ملابس سوداء مثل الجميع, وضع بيده اليسرى عليه محاولاً التخفيف عنه


ثم بصوت فيه نبرة مواساة قال:


- تماسك يا جون, كلنا حزينين لفراقه و لكنك هكذا سوف تمرض


رفع جون برأسه ثم نظر في عيني الشاب البنيتين و بصوت حزين قال:


- إنها السبب... لقد مرض بسببها و مات بسببها


انسدلت خصلات شعره الفاحمة لتحجب الحزن و الألم الذي نبع من قلبه و سطع في عينيه فور سماعه لما قاله جون للتو, فشعر


الآخر بتلك الألام و بالصمت المفاجئ له فقال:


- فرانك, ما بك؟!...إياك, أن تقول لي أنك لازلت تحبها بعد فعلتها تلك..


هزت تلك الكلمات وجدان فرانك و يبدو أنها ألمت مشاعره التي نزفت من جديد... هل حقاً لازال يحبها؟!, هل لازال قلبه ينتظرها بعدما


تركته؟!... و لكن لماذا؟!...لماذا لا ينساها بسهولة؟!....


سيطر الشرود على فرانك و كأنه ذهب لعالم آخر, فلاحظ ذلك جون الذي تساءل قائلاً:


- فرانك, هل تسمعني؟!...فرانك...فر..!!


صمت جون عن الكلام بينما اتسعت الأعين في دهشة, محملقةً في ذهول عندما دخلت عليهم القاعة سيدة بدت بأواخر


العشرينيات من العمر , ارتدت ثوباً أسود كالليل و عقصت خصلات شعرها التي تشبه سنابل القمح عندما تسطع شمس الربيع


عليه, بينما لف الحزن وجهها الذي انطفأ نوره, و خفت بريق عينيها من الهم...


نهض فرانك فجأةً من على الأريكة بينما خفق قلبه ثم مرت برهة من الوقت عليهم قبل أن يقول و قد تهللت ملامحه ابتسامة حنين :


- م..ماري!!


هل هذه هي ماري حقاً؟!...هل أخيراً عادت بعد غياب دام سنين؟!... هل حقيقة ما تراه عيناي أم وهم؟!...هل أنتِ واقفة أمامي


من جديد؟! ,أم تراكِ حلم أنا أعيش بداخله؟!....


كان هذا ما دار بداخل عقله و قلبه عندما رآها تدخل من الباب و تقف أمامهم..أراد أن يضحك و يبكي...يفرح و يحزن...يهتف و يئن...


أراد أن يهرع نحوها... أن يخطفها و يهرب بها إلى أبعد مكان...بل إلى اللا مكان حتى يختفيان عن العالم...و يظل معها للأبد, كما أحبها للأبد...


لم يستطع تحاشي تلك الدمعة التي نزلت من عينيه..أتراها نزلت بسبب الاشتياق لمرآها؟!, أم لرؤيتها بعد كل تلك السنين؟!..أم


لأنها تركته؟!..


أفاق فرانك من شروده و غفلته عندما سمع جون يصيح في غضب و تهكم: - لماذا أتيتِ؟!...هل جئتِ لتشمتي فينا؟!


حاول فرانك التدخل و لكنه فوجئ بماري ترد عليه قائلة: - أراك قاسي القلب كما عهدتك...


باستهزاء و سخرية قال جون لها: - قاسي القلب!!...و ماذا تكونين أنتِ يا مرهفة المشاعر؟!


بانت علامات الضيق و الضجر على وجه ماري إزاء كلماته الجارحة, فقالت له و هي تحاول التهرب من الإحتكاك به:


- ليس هذا وقت الجدال يا جون, لنؤجله إلى وقتٍ لاحق


- بل هو وقته يا سيدة ماري...لأنه يجب أن تعلمي أنكِ أنتِ السبب


شعرت ماري بالألم جراء ما قاله جون ثم بصوت متأثر قالت: - كفى يا جون...


و لكن يبدو أن جون لم يكتفِ بذلك بل أكمل قائلاً: - لا لن أكف عن هذا...لقد واكب المرض أبي عندما قرأ رسالتكِ تلك..


قالها دون أن يأبه لفرانك و جوزيف اللذين وقفا متسمرين بلا حراك و متفاجئين من ذلك العراك و الذي بدا أنه سيشتد الآن...


نظرت ماري للأرض متحاشية نظراته ثم قالت في أسف: - و لكنني لم أفعل هذا من فراغ, لقد اضطررت لـ..


قاطعها جون في حدة: - اضطررتِ لماذا؟!..لتركنا هكذا و الهروب مع عشيقك دون أن تهتمي بما سيحدث لوالدك عندما يعلم بالأمر


- أرجوك يا جون توقـ


- الآن أتيتِ بعد أن تدهورت حالته و مات و هو ينطق باسمك و يحلم برؤيتك


شعر جوزيف بالدم يتصاعد في رأسه مما قاله جون, فلم يتمالك نفسه و أمسك جون من قميصه قائلاً له في غضب:


- إياك و أن تتفوه عن ماري بحرفٍ واحد و إلا قتلتك, أسمعتني؟!


يبدو أن الصراع أصبح على أشده الآن, لدرجة أن الطفل الصغير بدأ بالصراخ و النواح مما رآه من شجار لا ينتهي...


- توقفوا جميعاً عن هذا فوراً و في الحال !!


صمت الجميع فور سماعهم لتلك الكلمات الصادرة من فرانك الذي جثا يربت على الطفل الصغير و يمسح له دموعه بحنان شديد ثم


أخذ يرمقهم بنظرات عتاب قائلاً: - بالله عليكم, أهذا وقت يصلح للشجار؟!


سكت الطفل عن النواح بعدما شعر بالهدوء يعم القاعة ثم وقف فرانك قبل أن يكمل قائلاً:


- لو أردتم الشجار, فلتتشاجروا و لكن بعيداً عن الطفل الصغير الذي لا يحتمل أصواتكم العالية


احتدم الشجار بتدخل فرانك المفاجئ بينما انسكبت عبرات حزينة من عيني ماري التي احتضنها جوزيف و هو يحدج بنظرات عتاب و


غضب نحو جون, فشعر فرانك بحسرة و ألم يعتملان في قلبه الذي حسد جوزيف عندما رآه يحتضنها دون أن يأبه لهم...


كم تمنى أن يكون مكانه في ذلك الوقت, و لكن لا فائدة, فلقد أصبحت ماري زوجته الآن...


أراد أن يقتل ذلك الشعور بداخله و لكن لم يستطع, أراد أن يصرخ قائلاً (أحبك) و لكن لن يستطيع...


أفاق من شروده الطويل عندما سمع جون يقول في جفاء و غلظة: - لقد انتهى كل شيء يا ماري, و لم تعودي من تلك العائلة بعد الآن, لذا...


أشار بسبابته نحو الباب و بنفس الجفاء أكمل أمام ذهول الجميع : - اغربي عن وجهي..


اتسعت عينا ماري و فرانك بينما انفعل جوزيف جراء تلك الوقاحة ثم قال و هو يستدير حاملاً هيو من على الأرض:


- هيا بنا يا ماري, لنخرج بكرامتنا من هنا


أغمضت ماري عينيها ثم وافقته بإيماءة خفيفة من رأسها و استدارت بعد أن قالت في حزن و شجن:


- وداعاً يا جون, و لترقد في سلام يا أبي


تطايرت من عينيها دمعة لمحها فرانك الذي شعر بفؤاده يخرج منه , ليغادر معها... ها هو يقف مكتوفاً لا يستطيع فعل شيء سوى


تتبعها بنظراته و هي ترحل و تبتعد من جديد....


و قبل أن تخرج همس بصوت حزين غير مسموع :


- كلما نظرت إلى عينيكِ الدافئتين, تهرب الكلمات مني....و كلما سمعت صوتك, يتوقف قلبي
ليتكِ تعرفين حقيقة مشاعري....و ليتكِ تسمعين قلبي و هو يهمس ( أحبك)


لم يسمع أحد تلك الكلمات التي تلاشت بالهواء وسط ضجيج الصمت و بكاء جون..

فيرا
01-03-2011, 13:31
أفاقت الأم بعد شرود طويل في الذكريات و تقليب صفحات الماضي الحزين بداخل عقلها, لتجد أن الوقت مر عليها سريعاً و أصبحوا


بالمساء دون أن تشعر بذلك...


نهضت من على سريرها و هي تمسح الدموع من عينيها اللتين انتفختا من كثر ما بكت, ثم حاولت رسم ابتسامة سعيدة على


شفتيها حتى لا يقلق هيو عليها عندما تذهب إليه....


غادرت غرفتها بعدما رتبت من نفسها ثم توجهت نحو غرفة هيو و فتحتها, لتجده نائماً كالأطفال على السرير و سترته مرمية على


المقعد بإهمال..فخرجت منها ضحكة خفيفة و هي تقول:


- لا فائدة منك يا صغيري...ستظل مهملاً



التقطت السترة من على المقعد ثم علقتها بخزانته, و بعد ذلك نزعت حذاءه الأسود و القت به جانباً, ثم انحنت و لثمت جبينه في


حنان و قبل أن تغادر همست: - أتمنى لك أحلام سعيدة يا صغيري .


أطفأت النور ثم أغلقت الباب خلفها دون أن تحدث ضجيج و مضت في طريقها نحو المطبخ لترى ما وراءها من أعمال منزلية لا تنتهي..


و بصباح يوم جديد لم تظهر به شمس, ليس لأن الجو قد أصبح مغيماً و لكن بسبب نظرات الذهول و الدهشة التي صدرت من الفتاة


الصهباء روزا نحو هيو, بعدما أعاد لها دفترها الأزرق في جفاء...


صمت الإثنين و قبل أن يبتعد هيو عنها قالت في استغراب: - و لكن لماذا؟!...هل استطعت أن تنقل ما فاتك من دروس؟!


دون أن ينظر لها قال محاولاً تقصير المحادثة و إنهائها: - لا لم أنقل و لن أنقل .



- لماذا؟!...هل صدر مني شيء يزعجك؟!


لم يهتم هيو لسؤالها و مضى بطريقه تاركاً إياها, و لكنه توقف عندما تشبثت روزالين بذراعه فجأةً ثم قالت: - لماذا تهرب مني؟!


يبدو أنه لامناص منها و يبدو أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لإسكاتها...عاد بوجهه لها بعدما تصاعد الدم إلى رأسه و اعتلت ملامحه


غضب عارم ممزوج بالضيق ثم قبل أن تنطق بكلمة, صاح في وجهها بعد أن شعر بعدم الاحتمال:


- هل تريدين أن تعرفين لماذا؟!...حسناً, أيتها اللحوحة سوف أحقق لكِ مبتغاكِ


ثم سحب منها الدفتر و فتح صفحاته أمام عينيها و هو يقول في غيظ:


- أترين؟!..لهذا السبب أعدته إليكِ...


قذف بالدفتر نحوها في غضب قبل أن يكمل كلامه :


- أن تكتبي اسمي في صفحات دفترك دون أن يكون بيننا شيء, فهذه تعتبر وقاحة يا آنسة...


شعرت روزالين بالإحراج الشديد جراء ما سمعت, أطرقت بعدها رأسها في حزن ثم جثت لتلتقط دفترها الذي تهتك من على الأرض و


بنفس الوقت نزلت عبرة حزينة مؤلمة من بين عينيها, فتحت بعدها الطريق لمئات العبرات التي انسكبت على وجنتيها...



لمح ذلك هيو و يبدو أنه تأثر من بكائها الأليم , و يبدو أن ضميره عنفه على ما قاله للتو...


توجه نحوها ثم وقف أمامها و قبل أن ينطق بكلمة الأسف, فوجئ بهاري الذي أتى من بعيد نحوها يقول:


- روزالين, ما بكِ؟!..لماذا تبكين؟!


انحنى ليمسك بيديها و ساعدها على النهوض, بينما فاضت عينيه بحنان و اهتمام بالغ و هو يكمل:


- اخبريني, ماذا حدث لكِ؟!


تنبه هاري لوجود هيو, و يبدو أنه فهم سبب بكاء و حزن روزالين, فرمقه بنظرة تشكك قائلاً:


- ماذا فعلت لها يا هيو؟!


أطرق هيو برأسه نحو الأرض ثم قال في نبرات اعتذار:


- أنا آسف يا آنسة روزالين, أرجو أن تسامحيني على ما قلت!!


ثم ابتعد بعدها مغادراً المكان و تاركاً إياهم يحدجونه بنظرات استغراب و استفهام, حقيقةً لم يفهم هاري شيئاً..أما روزالين خرجت


منها ابتسامة رغماً عنها, لم يلمحها هاري الذي أخذ يقول: - هل عقله سليم هذا الـهيو ؟!

فيرا
01-03-2011, 13:31




و بداخل المنزل الصغير وقفت الأم تطهو طعام الغداء حتى عودة ولدها من جامعته, عندما رن جرس الباب في إلحاح...


تركت الأم ما بيدها ثم توجهت نحو الباب و فتحته لتجد أمامها رجلاً نحيف الجسد, قصير القامة, أشعث الشعر, كث الشوارب, غليظ


الفم, بدا بالخمسينيات من العمر...


في استغراب و دهشة قالت له: - مرحباً, هل هناك خطبُ ما يا سيدي؟!


في نظرات تعالي رمقها قائلاً بصوته الناشز: - أجل, أليس هذا هو منزل هيو دنفر؟!


أجابته قائلة: - أجل, هل تريد هيو بشيء؟!


قال في ضيق: - حسناً, أين هو ؟!


- بجامعته الآن, يمكنك أن تقول لي ماذا تريد منه و أنا سأخبره


صاح في وجهها قائلاً: - ماذا؟!...إذاً هو يتهرب مني؟!


في حيرة تساءلت الأم: - أنت لم تقل لي من أنت؟!


في فجاجة قال الرجل: - أنا مديره بالعمل يا امرأة


بدا الضيق و العصبية على ملامح الأم جراء تلك الوقاحة ,و الفظاظة ,و الفجاجة, و العجرفة, و أي صفة على شاكلتها..


حاولت أن تمسك أعصابها ثم أجابته بهدوء: - أهلاً بك أيها المدير, يمكنك أن تأتي في الليل عندما يكون هيو موجوداً


تأفف الرجل في حنق ثم أشعل لفافة التبغ و نفث دخانها الكثيف قبل أن يقول لها:


- اسمعي أيتها السيدة هذا الكلام جيداً, لأنني ليس لدي المزيد من الوقت حتى أضيعه عليكِ و على ولدكِ هذا..


كادت أن تحطم الأم رأسه بقبضتها و تقتله و تقلع عينه و تسلخ جلده و لكنها أمسكت نفسها رغم ذلك ,بينما اتسعت عينيها في


نفس الوقت و غار ماء وجهها عندما سمعته يقول:


- إن لم يعيد هيو إلي دراجتي البخارية التي سرقت منه خلال يومين, فلسوف أزج به في السجن إلى مدى الحياة..


بصق على الأرض بعدما أنهى كلماته التي جعلت قلبها ينقبض و رأسها يدور..


أغلقت الأم الباب بعد أن غادر الرجل الفظ, ثم وضعت بيدها على قلبها الذي أخذت نبضاته تتسارع و هي تقول:


- ما هذه المصيبة؟!..إذاً هذا ما كنت تخفيه عني يا هيو !!


جلست على المقعد بعدما شعرت بدوار خفيف ثم وضعت بيدها على رأسها و هي تبكي على ولدها الذي تورط في تلك المصيبة,


ماذا ستفعل له؟!, ليس لديها شيء لتبيعه سوى منزلها؟!, و لكن...


فتحت عينيها فجأةً عندما طرأ ببالها ذلك القرار المفاجئ... مسحت عينيها من الدموع في مئزرها ثم توجهت نحو غرفتها لتبدل


ملابسها و هي تقول: - يجب أن أذهب إليك, فأنت الحل الوحيد....


ثم حدقت بالفراغ قبل أن تقول: - أتمنى أن تساعدني يا جون!!


ـــــــــــــــــــ

فيرا
01-03-2011, 13:33
الفصـــل العــاشـر

- أرجوك ساعدني...أرجوك كن رحيماً..

قالتها سيدة بدت بالعقد الرابع من عمرها لرجلٍ كان واقفاً و ظهره لها ,بدا منزعجاً و عابساً منها أو بالأصح لا يحتمل وجودها الآن...

اقتربت منه السيدة حتى صارت خلفه مباشرةً ثم فجأةً أمسكت بيده بينما فاضت دموعها و هي تقول له راجية:

- أرجوك يا جون ساعده, سوف يضيع ولدي و يسجن إن لم نفعل له شيئاً..

أفلت جون يده من بين يديها في عنف ثم بانت علامات القسوة و عدم الرحمة على ملامحه و هو يقول لها:

- فليسجن إذاً, لا يهم

اتسعت عينا الأم و هي تنظر نحوه في عدم تصديق لما سمعته للتو, ألم يتغير و يلين قلبه رغم تلك السنين الطويلة؟!, هذا ما دار

داخلها حينما سمعته يكمل قائلاً: - أليس ذلك الفتى الذي تطلبين مني مساعدته هو ابن جوزيف؟!, فليساعده جوزيف إذاً

- لقد مات جوزيف, مات و تركنا وحيدين بهذا العالم...أرجوك يا جون لماذا لا تنسى الأمر برمته و تنسى الخلافات التي بيننا؟!

قالتها و هي تبكي صارخة عليه في حنق ممزوج بالألم و المعاناة قبل أن يصدمها قائلاً في لا مبالاة شديدة:

- أنا لست مسؤولاً عنكما, و أنتِ من وضع نفسك في تلك المشكلة, أنتِ من تزوجتِ من ذاك الحقير, لذا يجب أن تتحملي نتيجة أخطائك بمفردك.

- و لكنه ولدي يا جون...أرجوك ساعدني...لماذا لا تنظر إليه على إنه ابن أختك الوحيدة؟!...أرجوك يا أخي, أنا أعلم أنك تحمل قلباً رغم قسوتك....أرجوك افعل بي ما شئت...اقتلني إن أردت و لكن ساعده...

كانت قد اقتربت منه و تشبثت بقميصه من الخلف و هي تقول تلك الكلمات المؤلمة و تبكي حتى بللت دموعها قميصه الأبيض ثم

أكملت كلامها قائلة: - أتوسل إليك, سوف أعمل خادمةً عندك و لكن ساعده و انقذه من السجن...

توقفت قليلاً قبل أن تردف: - أرجوك يا جون ,هيو ليس له ذنب فيما حدث بالماضي..

صمتت و انتظرت جوابه مطولاً و يبدو أن أملها قد خاب حينما ظنت بأن تلك الدموع و تلك الكلمات يمكنها أن تحرك قلبه من مكمنه..

أو تزعزع مشاعره, فلقد قام جون بإبعادها عنه و دفعها حتى سقطت على الأرض أمام قدميه ثم في غلظة قلب و عدم شفقة

صاح بها قائلاً: - أتريدينني أن أساعد ابن ذلك الرجل الذي سرقكِ من فرانك, الذي مات و هو يحبك أكثر من أي شيء بهذا العالم...

اتسعت عينا ماري إثر الصدمة ثم قالت في ذهول: - فرانك...مات!!...متى؟!

أغمض جون عينيه حتى يمنع تلك الدمعة الحزينة من الانفلات و النزول ثم قال و هو يكبت نفسه و يتغلب على حزنه :

- أجل, لقد مات فرانك....بعد أن مكث سنة هنا بلندن حتى يواسيني في وفاة أبي, قرر السفر لاستراليا حتى يواصل عمله هناك, ثم...

صمت قليلاً ليبتلع حزنه قبل أن يكمل: - سقطت الطائرة التي كان بها, لتقع بالمحيط و تغرق...و يغرق هو معها

التفت لها و عينيه قد تصببت منهما الدموع التي لم يستطع كبحها أكثر ثم قال بغضب ممزوج بالحزن:

- و قبل أن يسافر , أوصاني بكِ...كان يريد مني أن أسامحكِ...

و قبل أن تتكلم ماري, صدها جون مكملاً في غضب:

- و لكنني لن أستطيع مسامحتك, أجل أنتِ السبب في موت الجميع...مات أبي ثم مات فرانك بسببك أيتها اللعينة..

نهضت ماري من على الأرض بعد جهد و هي تشعر بأن كل ذرة بجسدها تؤلمها من تلك السقطة و لكنها لم تكن مؤلمة كألم

مشاعرها و كرامتها التي أهينت , و لكنها سوف تفعل أي شيء من أجل هيو...

تلألأت الدموع في مقلتيها ثم بصوت خالطه النواح قالت: - أنا آسفة يا جون, أرجوك سامحني...أرجوك لنطوي الماضي..أر..

صمتت عن الكلام عندما رأته يفتح الباب أمامها ثم دون أن ينظر لها قال في جفاء:

- لقد انتهى النقاش, و ليس لدي المزيد من الوقت...

تركها بمفردها و اتجه نحو السلم ثم قبل أن يصعده رمى عليها كلماته الأخيرة:

- وداعاً, يا سيدة دنفر...

وقفت ماري بمفردها في البهو الفسيح, مجروحة, مصدومة ,و مذهولة...لم تعرف ماذا تفعل؟!, كيف ستنقذ ولدها الوحيد؟!, هل تبيع نفسها؟!...

هزت رأسها من تلك الفكرة ثم نظرت نحو الأرض في يأس بعد أن تحطمت معنوياتها تماماً ,و بالنهاية حثت قدميها على الخروج من

ذلك المكان و الذي بدا في نظرها كئيباً, مظلماً, و بغيض...

فيرا
01-03-2011, 13:33



عادت إلى منزلها بعدما واجهت يوماً عصيباً, محبطاً, و مخيباً للأمال, فلقد كانت تظن بأنها ستجد الحل لديه, و أنه لن يبخل عليها

بالمساعدة, لم تكن تظن بأنه لا يزال كما عهدته منذ زمن.....قاسٍ لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه.

و بالداخل كان هيو مستلقياً على الأريكة الرمادية و يبدو أنه قد غط في النوم من الانتظار, اقتربت منه والدته و قد آلمها قلبها

عندما رأته بهذا الشكل, نائم و هو لا يزال بملابس الخروج, و على الطاولة الصغيرة التي بجانب الأريكة وقعت عينيها على بعض

الأكياس المفتوحة لرقائق البطاطس المقلية, فهمست في حنان:

- آسفة يا صغيري, يبدو أنني تأخرت عليك كثيراً .

جثت على الأرض ثم خلخلت بأناملها في خصلات شعره الداكنة, لتزيح الخصلات التي تمردت على عينيه المغمضتين, فتساقطت

من عينيها الدموع رغماً عنها, لتنزل على جبينه و تبللها و توقظه من نومه كذلك..

فتح هيو عينيه الناعستين تدريجياً عندما شعر بشيءٍ ما دافئ يبلل جبينه, و قد أيقن أنها دموع والدته عندما رآها تبكي أمامه...

اعتدل في جلسته ثم بصوت ناعس امتزج مع التساؤل و الحيرة قال لها:

- أمي!!, ما الأمر؟!, لماذا تبكين؟!...و أين كنتِ؟!

تنبهت الأم بعد فترة من الشرود دامت لوهلة ثم تبددت على سؤال ولدها لها, فكفكفت دموعها بيديها ثم ابتسمت قائلة و هي تحاول أن تغير دفة الحديث:

- يبدو أنك جائع يا هيو الآن...إن الغداء جاهز, امهلني ثوانٍ حتى أعده لك.

قامت بعدها من على الأرض ثم اتجهت نحو المطبخ حتى تجهز له الغداء أمام ذهول هيو الذي استفاق أخيراً من نعاسه عندما

شعر بالارتباك و الحزن البادي على وجهها و كلامها الذي يخفي شيئاً ما خلف نبراته تلك..

ذهب هيو خلفها, ليجدها جالسة على أرضية المطبخ..دافنة بوجهها بين ساقيها المضمومتين و تبكي بحرقة في أحد الأركان,

فهرع نحوها بعدما شعر بالقلق على حالها تلك ثم جثا أمامها على إحدى ركبتيه و أخذ يهزها قبل أن يقول لها بصوت يخالطه

الحيرة و الخوف : - أمي, ماذا بكِ يا أمي؟!...أخبريني ما بكِ؟!!

رفعت بوجهها نحوه , ليرى عينيها التي غزتها الدموع, مما آلمه كثيراً و جعله يحتضنها بين ذراعيه, مربتاً عليها في حنان, قائلاً لها:

- لا تبكِ يا أمي, أرجوكِ أوقفي تلك الدموع التي تحرق قلبي و تؤلمني من الداخل...

أغمض عينيه بقوة ثم و من دون أن يدري انهمرت دموعه و دون أن يعي ما يقول, باح لها بما يؤرق منامه ليلاً و نهاراً :

- توقفي أرجوكِ, فأنا من يريد أن يبكي....أنا من يريد أن يذرف الدموع على حظي العاثر, فدوناً عن الجميع, سرقت مني دراجة المطعم...و...

صمت عن الكلام عندما تنبه أخيراً لفمه الذي ثرثر زيادة عن اللزوم, فابتعد عنها و نظر للجهة الأخرى بعدما أطرق رأسه للأرض و

نزلت خصلاته, لتحجب عينيه و نظراته الحزينة عنها..

و لكن سرعان ما رفع رأسه و ظهرت عينيه المتسعتين من الذهول عندما سمع والدته تقول له و هي تضع بيدها على كتفه:

- لست مضطراً لكبت مشاعرك و إخفاء أمر الدراجة عني يا هيو, فلقد عرفت كل شيء..

التفت لها ثم تبعثرت الكلمات من فمه و هو يقول لها: - و..و لكن..ك..كيف...كيف علمتِ؟!

ابتسمت له في هدوء ثم قالت حتى تطمئنه: - لا يهم ذلك, الأهم هو ألا تقلق, فأنا لن أدع مكروهاً يصيبك...

صمتت, لتكمل بداخل قلبها و هي تنظر في عينيه المضطربتين, حتى لو اضطررت لأن أدفع حياتي ثمناً لذلك...

نظر هيو نحو الأرض ثم أغمض عينيه و قبل أن يهم بمغادرة المطبخ أوقفته والدته بسؤالها:

- إلى أين ؟! , ألن تأكل يا هيو؟!

أجابها قائلاً: - لا أريد

ثم قبل أن يذهب قال لها: - أنا أشعر بالاختناق, سوف أخرج قليلاً..

في استغراب تساءلت: - ستخرج و أنت جائع!!

- أجل

- هل ستتأخر؟!

صمت قليلاً قبل أن يجيب : - لا أعرف

حقيقةً, لقد كان يشعر بأنه تائه في هذا العالم, و لم يعرف إلى أين سيذهب؟!, و إلى من يلجأ؟!, و لا ماذا سيفعل؟!..فقط أراد

الخروج من ذلك المنزل, أراد أن يستنشق الهواء الذي افتقده, أراد أن يكون وحيداً و بمفرده...

شعرت الأم بحزن ابنها الدفين, و باليأس الذي طغى على قلبه و ظهر في نبراته الآن, فهمست في حزن بعد أن غادر هيو المكان:

- هناك حل, مؤكد أن هناك حل...

ثم دست بيدها داخل جيبها, لتخرج صورة صغيرة, نظرت لها مطولاً بينما سقطت من عينيها عبرة حزينة تدحرجت على وجنتيها,

لتنزل على الصورة و هي تقول في ألم: - جوزيف, أنا أحتاج إليك!!

فيرا
01-03-2011, 13:34


غادر الصباح فراشه, ليحل الليل مكانه بنجومه المتلألأة في السماء و قمره الذي نظر حزيناً من علاه...

و بداخل البيت الكبير الذي اتخذ من العشب لوناً له, مدد هاري بداخل غرفته على أريكة خضراء اللون عليها بعض النقوش و

الزخارف المذهبة, بعدما طوح بحذاءه في أحد أركان الغرفة و خلع سترته, ليكون مصيرها على السرير مهملةً, كمصير الحذاء...

فك زرين من أزرار قميصه البني, ثم تناول علبة عصير برتقال و أدخل بها القشة و شرع بشربها عندما فتح التلفاز, ليشاهده و ينام

على صوت البرامج كعادته منذ الصغر...

أخذ يقلب القنوات في تملل شديد مما يعرضه التلفاز من برامج مملة مثله, إلى أن قرر أن يغلق التلفاز هذه المرة بعدما انزعج

كثيراً ,و لكنه توقف عندما سمع مذيعة تقول في إحدى القنوات:

- سوف ننتقل الآن للحفل الغنائي في روما, و الذي سيبدأ بأغنية ~ هذا ما أريد ! ~ للمغنية اللامعة كريستال و المغني الواعد رين...

انتقل البث لمسرح كان مضاءً ثم انطفأت أنواره تدريجياً, و عم الصمت المكان, ثم بدأت الموسيقى الهادئة في التصاعد...

انفتحت بعض الأضواء الخافتة على المسرح, ثم تسلطت بقعة ضوء على امرأة خرجت من الجانب الأيمن كانت ترتدي ثوباً أحمر

اللون من دون أكمام بينما انسدلت خصلات شعرها المموج, ذو اللون الأشقر المائل للبني, على الجانب الأيمن من كتفها و على

جبينها نزلت بعض الخصلات الشقراء الفاتحة المموجة, و تدلت من رقبتها قلادة صغيرة لنصف قلب, كانت ترتدي بالذراع الأيسر قفازاً

أبيض اللون , طويلاً يصل إلى فوق المرفق بقليل, بينما الذراع الأيمن كان خالياً و به أمسكت مكبر الصوت الفضي الصغير..

وقفت تبتسم للجمهور الذي أخذ بالتصفيق و الصياح و الهتاف لها قبل أن يصمتوا و ينخفض صياحهم تدريجياً عندما بدأت تغني

بصوتها العذب و هي تضع بيدها اليسرى على قلبها قائلة:

- عندما تجدني أنظر إليك من الأفق البعيد...
فمد لي يديك, ضمني إليك, فهذا ما أريد..
سوف نكون معاً...نمرح معاً...لن يفرقنا أحد من جديـــــد
أنت في قلبي, لا بل داخل روحي...
أجل, فحبــك صار بالوريد...
هيا تعال إلي , و ضمني إليك..
فهذا كل ما أريد...هذا كل ما أريد..

ثم أغمضت عينيها لتكرر و هي منسجمة مع اللحن: - هذا كل ما أريد!

تعالت الموسيقى ثم تسلطت بقعة ضوء أخرى على شاب بدا بالعشرينيات من العمر , ذو شعر أسود وصل إلى منتصف

الرقبة ,نزلت منه خصلات على الجهة اليمنى من جبينه فقط , خرج من الجهة اليسرى من المسرح, و قد كان مرتدياً سترة جلدية

ذات لون أسود مفتوحة و بالداخل قميص أبيض فكت الأزرار الخمسة العلوية منه و بنطالاً أسود اللون كذلك, و على رقبته تدلت

قلادة حديدية مستطيلة الشكل, حفرت بداخلها اسمه, بينما لف على يده اليسرى سواراً حديدياً...

وقفت الفتيات يصرخن بالقرب من خشبة المسرح عندما ظهر: - رين, نحبك يا رين....ريـــــــــــن!!

عندها اقترب منهن , فصار وجهه الذي يحمل وسامة شديدة واضحاً بالشاشة, ثم جثا ليلتقط باقة الورد التي كانت تمد بها إحدى

الفتيات, و التي فقدت وعيها عندما ابتسم لها و شكرها...

نهض بعدها و أمسك بمكبر الصوت الخاص به و بدأ يغني هو الآخر , ليتضح أن صوته كان له القدر الكافي من الجمال أيضاً, قائلاً و

هو يمد بيده الأخرى التي لا تحمل المكبر نحو كريستال:

- سأمسك بكِ حبيبتي..
و سأشعل نار قلبي المؤججة في راحة يدكِ

وضع بيده على قلبه ثم أكمل: - اسمعي صوت قلبي النابض..لا يهمس سوى لكِ

بدأ الإثنين بالتحرك لقلب المسرح و تتبعتهما بقعتي الضوء و كأنها ملتصقة بهما...حتى اندمجتا, لتصبحا بقعة واحدة مسلطة فوقهما..

عندها نظر رين بعينيها و ابتسم مكملاً:

- انظري لعيني الهائمة...و انسي كل ما حولنا
قلبي لكِ...أجل لكِ
فـــأنتِ كل ما أريـــد!

صمت قليلاً ثم أبعد المكبر عنه, لتراه كريستال يحرك شفتيه دون صوت: - أحبـــــك

توردت وجنتيها ثم أكملت معه الغناء : - أنت ما أريد...أنت لي...أجل أنت ما أريــــد!

انتهت الأغنية على رين الذي وقف أمام كريستال و مد بيده لتلامس كفه كفها, عندها فتحت الأضواء و تعالت الصيحات و توالى التصفيق لهما...

نزل كلاً منهما عن المسرح و حولهما حراس الأمن, حتى يحميانهما من المضايقات و من تجمهر المعجبين و من أسئلة الصحافة و

الإذاعة و المقابلات المرهقة..

توقفت كريستال و التي بدا عليها الغضب و الاستياء الشديد أمام إحدى الصحفيات التي سألتها في فضول:

- سيدة كريستال, لقد سمعنا أن اليوم هو يوم ميلادك الخامس و الأربعين, فهل هذا الخبر صحيح؟!

عقدت كريستال كتفيها على صدرها في حركة عصبية ثم بازدراء أجابت و هي مغمضة عينيها:

- ما هذا الهراء؟!, لماذا الأخبار الصفراء تلك تلاحقني دائماً أينما ذهبت؟!

فتحت عينيها ثم التفتت للصحفية التي نظرت لها ببلاهة عندما قالت: - أيتها الآنسة, بالفعل اليوم هو يوم ميلادي, و لكنه الثلاثون!

صدرت ضحكة طفيفة من الفتاة, عندما شعرت بالخجل و الإحراج ثم قالت: - أنا آسفة حقاً سيدة كريستال, أرجو أن تسامحيني

رمقتها كريستال بنظرات احتقار و عتاب ثم قالت: - حسناً, لا تكرري الشائعات مثل الببغاوات ثانيةً, و تحققي من الخبر قبل طرحه

أخرجت الفتاة منديلاً لتمسح عرقها الذي تصبب للتو ثم قالت و هي تزدرد لعابها :

- حسناً, لقد سمعنا أنكِ و المغني الواعد رين على علاقة حب , هل هذا صحيح؟!

- أجل صحيح, فأنا و كريستال مخطوبين!!

قالها رين فجأةً قبل أن تجيب كريستال بالنفي, و هو يقف خلفها و يخلع سترته الجلدية ليضعها على كتفيها بحنان,

مما جعلها تتلعثم أمام الكاميرات و الصحافة و التلفاز و هي تقول:

- هاا..آه أجل أجل..نحن مخطـ...

فيرا
01-03-2011, 13:35
في هذه اللحظة, أغلق التلفاز فجأةً أمام نصب عيني هاري المتفاجئ, ثم و قبل أن يتساءل, أتته الإجابة عندما وجد جهاز التحكم

يقذف نحو التلفاز بحركة عصبية و سمع من وراءه شخص ما يقول بعصبية و انفعال:

- يالها من كاذبة, مدعية, حقيرة, تكذب بعمرها و تزور بحقيقتها أمام العالم

اتسعت عينا هاري و هو يقول : - أ...أبي!!, منذ متى و أنت هنا؟!

في حنق صاح الأب قائلاً: - هاري, لماذا تضيع وقتك بمشاهدة تلك التراهات؟!, ألم أحذرك من قبل, ألا تشاهد تلك السخيفة؟!

في تردد قال هاري: - و..و لكن , و لكنها أمي يا أبي!

لم يعي الأب ما يفعله, عندما وصل به الغضب لذروته, و تناول أقرب شيء إليه, وقد كانت مزهرية, ثم رمى بها على الأرض, لتتحطم

أمام عيني هاري الذي أغلقهما من الخوف, ليسمع والده يصيح به:

- لا تقل عنها أمك, إن والدتك ماتت منذ زمن, منذ أن تركتك و أنت رضيع لا تقوى على مكافحة الحياة..

- أبي!

- اصمت, و لا تقاطعني يا ولد!!

صمت هاري ليس خوفاً, و لكن من الذهول, عندما رأى والده قد ازدادت نوبة غضبه هذه المرة, حتى أنه صاح قائلاً:

- يبدو أنها أصبحت خرفة أكثر من السابق, لتقع بغرام شخص في مثل عمر ولدها....و تسميها أمك بعد كل هذا..

أطرق هاري برأسه نحو الأرض في حزن عندما سمع والده يقول له قبل أن يصفق الباب خلفه:

- لو رأيتك تشاهدها أو تنطق باسمها في هذا البيت ثانيةً, فلن أتوانى عن طردك بالشارع...الأفضل أن تهتم بدراستك..

الدراسة!!, و ماذا عن الحنان؟!, الحنان الذي افتقده؟!, ماذا عن كلمة أمي التي أحلم بها؟!, أمي, ترى كيف هو حضنكِ؟!, هل هو

دافئ حقاً؟!, كيف هي نبضات قلبكِ؟!, هل هي رقيقة و حانية ؟!, أم تراها أسطورة من الأساطير؟!...

كانت هذه الكلمات تتردد في عقل هاري الذي جثا على ركبتيه واضعاً بيده على الأرض, مشدداً بقبضته على السجادة, لتتساقط دموع ألامه المنهمرة على الأرض...

فيرا
01-03-2011, 13:35



في إحدى الشوارع المظلمة, حيث تأخر الوقت كثيراً , حتى بات المكان ساكناً سوى من حفيف الأشجار و صرير إحتكاك أجنحة

الصراصير الليلية ببعضها , كان هيو يمشي على غير هدى, داساً يديه في جيبي بنطاله الأسود, شارداً بعينيه فيما سوف يحدث له من بول لو لم يستعيد دراجته؟!

توقف قليلاً ثم ركل بقدمه الحصى التي أمامه, لتستقر بعيداً جداً...زفر بعدها في ضيق ثم قال:

- يا إلهي, ماذا سأفعل؟!, هل هذه هي النهاية؟!, ستضيع سنة أخرى من عمري بالسجن!

صمت هيو و اتسعت عينيه عندما لمح شخص ما آتٍ من بعيد, تعرّفه على الفور, فكيف له أن ينسى ذلك الوجه النحيل المدبب و

الشعر القصير المجعد و العينين الحادتين و الجسد الهزيل؟!, كيف لتلك الملامح الخبيثة أن تمحى من ذاكرته؟!, إن هيو ليس من

النوع الذي ينسى بسهولة وجهاً قد تسبب في إيذائه و تعريضه للمشاكل, و يبدو أن ذلك الشخص قد لمح هيو و تذكره هو الآخر,

فما كان منه سوى أن يطلق لساقيه العنان و يلوذ بالفرار أمام ناظري هيو , الذي ركض هو الآخر خلفه, فكيف يتركه ينفذ بجلده و يهرب بعدما وجده أخيراً؟!,

ظل الشاب يركض و هيو يلاحقه, فإذا دخل من زقاق..دخل هيو خلفه, و إذا انعطف في ممر...انعطف هيو وراءه, بعد مرور وقت

طويل من الركض المتواصل نظر خلفه, ليجد أن هيو لازال يتتبعه, فحث قدميه على الركض و هو يقول لاهثاً:

- عجيب, ألم يتعب هذا الشاب بعد؟!

و يبدو أن المطاف وصل لنهايته, و سقط الشاب على الأرض عندما تلقى ضربة من هيو الذي انقض عليه ثائراً في حنق و غيظ, فصاح الشاب قائلاً و متوسلاً:

- الرحمة أيها السيد, أرجوك توقف...

و لكن يبدو أن الكلمات لم تؤثر بهيو, الذي نسى نفسه و أخذ يوجه الركلات و الضربات له,ثم أخيراً قال:

- أين هي ؟!, أين الدراجة أيها اللص ؟!

في تردد قال اللص: - م..ماذا؟!, لا أعرف!!

لم يصدق هيو حرفاً واحداً مما قاله له , فجثم فوق صدره و أخذ يلكمه قائلاً في صياح:

- كاذب, كاذب..أنت كاذب, أنا أريد الدراجة حالاً, و إلا...

ضغط بيده على رقبة اللص الذي أخذ يلهث طالباً للهواء و يصرخ قائلاً:

- أرج..أرجوك...ت..توقف..س..سوف أموت...

شدد هيو بقبضته أكثر بينما جز على أسنانه في غضب و حنق قائلاً:

- لن أتركك تفلت من يدي, سأقتلك...فلن أخسر شيئاً, طالما سوف أسجن...

اتسعت عينا اللص ثم صاح باكياً: - أرجوك, لا تقتلني...ماذا عن مستقبلك ؟!

في سخرية أجابه هيو: - أي مستقبل؟!, لقد ضاع بالفعل...

بالنهاية صاح اللص قائلاً بعد أن خشى الموت , فقد أوشك على أن يلفظ أنفاسه الأخيرة :

- لقد بيعت الدراجة منذ أيام معدودة, فقد اشتراها شاب بمبلغ لا بأس به من المال...

رمقه هيو بنظرات فاحصة متشككة ثم قال: - أنت تكذب أيها الفتى

أخذ اللص يبكي أكثر في رعب ثم توسل قائلاً:

- أرجوك يا سيدي, إنها الحقيقة...أرجوك لا أريد الموت..صدقني إنها الحقيقة...

اتسعت عينا هيو من الصدمة, فلقد ضاعت الدراجة للأبد , و ضاع معها...سوف يسجن لا محالة, سيسجن مع اللصوص و

المجرمين, و عندما يخرج من السجن, سيعامله الجميع على أنه مجرم و سيظل طوال عمره هكذا, مجرم...

تراخت قبضة يده ,ليفلت منها اللص الذي أخذ يسعل و يعب الهواء في رئتيه, أما هيو فقد أخذ يضرب بقبضته اليمنى على الأرض في غضب و انفعال و هو يصيح:

- تباً, تباً...لقد ضاع كل شيء و انهارت أحلامي...

استنهز اللص فرصة انشغال هيو الذي لم يلحظه و في تسلل هرب من أمامه, تاركاً إياه يناجي أحزانه و ألامه...

تنبه هيو من شروده أخيراً, ليرى اللص يبتعد عنه داخل زقاق مظلم, فعلم أنه كاذب حقير, لم يقل الحقيقة, و إلا لماذا هرب, إذا كان صادقاً؟!

استجمع هيو شجاعته, ثم نهض من على الأرض, و في غضب شدد على قبضة يديه, ثم انطلق خلف اللص الهارب و الذي لم

يلحظه, فتطايرت خصلات شعره البنية و هو يتوعده بأقصى عقاب..

دخل هيو و اختفى داخل الزقاق المظلم...ترى هل سيستطيع أن يمسك به و يسترجع الدراجة؟!, أم.....

ـــــــــــــــــ

فيرا
01-03-2011, 13:36
انتظروني على السبت ان شاء الله =)

بنوته زي التوتة
01-03-2011, 17:43
قصتك رووعة .. ^_^
أنتظرك يا عسل

$فانيلا لوسي$
01-03-2011, 22:51
خيتوووووو^_^ واو واو واو

ابدااااااااااااااع في ابدااااااااااااااااع ماشاءالله والله تنفعي تصيري مؤلفة قصص

طريقة سرد القصة و الكلمات والوصف حسستيني انو قاعدة اتخيله قدامي

والله حزنتني ام هيو ماري مره مسكينة واخوها لاحول الله مرة مافي لو ذرة رحمة على اختو

بس الي سوتو مو قليل:p والله فرانك بعد واحد مسكين

جوزيف كنت احسبو واحد صايع ههههه عرفت شخصية بعد ماقريت البارتات الجديدة

ياويلي هيو السكين كل بارت في هم جديد يلا فيرا في عونو ههههههه

اما اما ام هاري طلعت شطانة مغنية وتكذب بعمرها و خطوبة بعد هلعمر لالالا

بس احس رين اصغر منها مدري ليش صح ولا غلط؟؟؟؟

والبارتات كتيرة وطويلة يسلمولي ادينك شكلك تعبتي يا قمر يلا لا تتعبي نفسك اوك

ومنتظرة الاحداث الجاية على احر من الجمر^_^

✿Elissa
04-03-2011, 21:35
واااااااااااو التكملة هااايلة ( اخذت مني ثلاثة ساعات قراءة هههههههه :ضحكة: )

اضن انني معجبة كثيييييرا بهيو ممكن رقمه خخخخخخخخ

يلا انتظر بفااااارغ الصبر ياريت يقدر يمسكه

alharmoudi
05-03-2011, 04:59
هاييي أنا متابعة جديدة
القصو روعة ننتظر التكملة
و مشكورة اختي العزيزة:d

فيرا
05-03-2011, 11:06
قصتك رووعة .. ^_^
أنتظرك يا عسل

انتي اروع يا قمر ر=

التكملة بعد الردود هضع خمس بارتات :d

فيرا
05-03-2011, 11:18
خيتوووووو^_^ واو واو واو



ابدااااااااااااااع في ابدااااااااااااااااع ماشاءالله والله تنفعي تصيري مؤلفة قصص


طريقة سرد القصة و الكلمات والوصف حسستيني انو قاعدة اتخيله قدامي



اهلاً بكِ عزيزتي :)


و الله بجد يعني ينفع اكتب قصص و انشرها <-- اوووت ××"


حلم حياتي اني اكتب قصص و تصدر بالعالم, كان حلمي اكون كاتبة :d


بجد انا سعيدة من كلامك الجميل ده ر=




والله حزنتني ام هيو ماري مره مسكينة واخوها لاحول الله مرة مافي لو ذرة رحمة على اختو


بس الي سوتو مو قليل:p والله فرانك بعد واحد مسكين



يب ماري مسكينة موووت اكتر شخصية بحبها هي و جوزيف بحب الثنائي المجنون ده


ماري و جوزيف قدع و قدعه كككككك :d


بحب لما يكون الحب مجنون <-- اووووت××"


اما الاخ فحدثي و لا حرج اكرهه هو و سيرته حتى لما كان شاب كارهاه نفسي اكفخه هو و ابوه كككك:d


فرانك يب مسكين جداً طلع بيحبها بس مش نال اللي بيتمناه T^T





جوزيف كنت احسبو واحد صايع ههههه عرفت شخصية بعد ماقريت البارتات الجديدة



هههههههه طيب الحمد لله ان حقيقته اتضحت انه كويس و ابن حلال كككككك :d


الا جوزيف, ده حبيب قلبي ككككك <-- اوووت××"




ياويلي هيو السكين كل بارت في هم جديد يلا فيرا في عونو ههههههه



ههههههههههه و لسه في هموم اكتر :d


بس ان شاء الله النهاية هتكون سعيدة متخافيش :d




اما اما ام هاري طلعت شطانة مغنية وتكذب بعمرها و خطوبة بعد هلعمر لالالا



طيب اقول نو كومنت و نترك المجال للبارتات الجاية تعرفنا على ام هاري كويس :d




بس احس رين اصغر منها مدري ليش صح ولا غلط؟؟؟؟



صح صح اصغر منها عليكِ نور ::جيد::




والبارتات كتيرة وطويلة يسلمولي ادينك شكلك تعبتي يا قمر يلا لا تتعبي نفسك اوك


ومنتظرة الاحداث الجاية على احر من الجمر^_^



المهم تنبسطوا :d


تعبكم راحة يا قمر ر=


التكملة بعد الردود هنزل خمس بارتات ^^


نورتي يا غالية ر=

فيرا
05-03-2011, 11:23
واااااااااااو التكملة هااايلة ( اخذت مني ثلاثة ساعات قراءة هههههههه :ضحكة: )


اضن انني معجبة كثيييييرا بهيو ممكن رقمه خخخخخخخخ


يلا انتظر بفااااارغ الصبر ياريت يقدر يمسكه

اهلاً و سهلاً بالجميلة :)

الحمد لله بجد فرحانة لان التكملة أعجبتكِ ^^

هيو شكل طابور المعجبات بيه كبر كككككك كل ما حد يشوفني يحجز هيو :d

التكملة بعد الردود ان شاء الله ^^

متخافيش ان شاء الله هيمسكه ر=

فيرا
05-03-2011, 11:25
هاييي أنا متابعة جديدة
القصو روعة ننتظر التكملة
و مشكورة اختي العزيزة:d

هايات يا قمر ^^

انتي اروع يا عسوولة ^^

يشرفني و يسعدني انك هتتابعيني ;)

عفواً عزيزتي و التكملة بعد الردود ان شاء الله :d

فيرا
05-03-2011, 11:28
الفــصل الحــادي عشــر



باسترخاء رمت بجسدها النحيل على سريرها الصغير, بعد يوم طويل من الدراسة و العناء, أمام ناظري صديقتها التي ظلت تحدجها


بنظرات الدهشة و فاهها مفتوحة حتى كادت الكلمات تسقط منها, رمشت بعينيها ثم أعادت السؤال على مسامع الفتاة


المسترخية, مرة أخرى قائلة و هي تعدد على أصابعها:


- حسناً, رمى بوجهك الدفتر, ثم صرخ في وجهك, أليس هذا ما فعله؟!


أومأت الفتاة برأسها في سعادة غامرة, عندها تساءلت الأخرى: - إذاً ما سر سعادتكِ هذه؟!, هل أنتِ مريضة أو ما شابه يا روزا؟!


وضعت روزالين بساعديها تحت رأسها بينما تناثرت خصلاتها الصهباء على الوسادة البيضاء, و هي تحدق في السقف قائلة بعد أن


أطلقت تنهيدة تنم عن هيام شديد:


- أجل, أنا سعيدة...لأنه اعتذر لي بالنهاية


جلست الفتاة على السرير بجوار صديقتها ثم وضعت بيدها على رأسها, تتحسس حرارتها, و هي تقول بصوت يحمل السخرية في نبراته:


- يبدو أنكِ تعانين من ارتفاع بدرجة الحرارة أيتها الفتاة, دعيني أ..


قاطعتها روزالين بعدما هبت جالسة في غضب من سخرية صديقتها قائلة:


- كُفي يا سالي عن طريقتك التي لا تحتمل تلك, لماذا تسخرين من كل شيء أقوله؟!


ضمت سالي شفتيها بينما أسندت رأسها على راحة كفها الأيسر و هي تقول: - أممم


, متظاهرةً بالتفكير العميق, ثم نظرت في عيني روزالين التي استشاطت غضباً بجوارها, قبل أن تقول لها بنفس السخرية:


- ربما لأنكِ لا تقولين أي شيء منطقي, فلا أعرف لماذا أنتِ فرحة بالاعتذار بهذا الشكل؟!, من الطبيعي أن يعتذر لكِ, لأن ما فعله كان خطأ


- إذاً أنتِ لا تفهمين أي شيء يا عزيزتي!


قالتها روزالين في تهكم شديد مما جعل سالي تتغير لهجتها من الساخرة المرحة إلى المنزعجة الغاضبة و هي تقول لها:


- أوه حسناً , أتمنى أن تشرحي لي جيداً يا آنسة واعية لكل شيء بالحياة


صدرت ضحكة طفيفة من روزالين جراء ما قالته سالي لها, ثم قالت: - حسناً,اهدأي, لأن شكلك يبدو مريعاً عندما تغضبين..


صمتت قليلاً قبل أن تكمل في هيام ثانيةً: - لقد اقترب من الوقوع يا سالي, أنا لمحت هذا في عينيه و لمسته في نبراته


في استغراب تساءلت: - كيف؟!, لم أفهم؟


في تملل و نفاذ صبر قالت روزالين: - لقد اعتذر لي لأنه لم يحتمل دموعي, آلمه قلبه من رؤيتي حزينة, إذاً هذا لا يدل سوى على شيء واحد..


- و ما هو ؟!


ابتسمت روزالين في مكر و خبث و هي تقول: - الحب, أجل لقد بدأ هيو يحبني يا سالي!


عم الصمت لبرهة من الزمن قبل أن تنهي سالي الكلام قائلة في شك: - حسناً, ربما كنتِ محقة...


أغلقت الأنوار ثم اتجهت نحو سريرها الوردي , لترمي بجسدها فوقه و تخلد في نوم عميق بعد أن قالت لها و هي تبتسم:


- لقد توغل الليل كثيراً, و أشعر بالنعاس, لذا تصبحين على خير يا روزا, و أحلام سعيدة لكِ


أغمضت روزالين عينيها بعد أن همست في سعادة: - تصبح على خير, يا أميري الوسيم





و بنفس الوقت كان أحدهم لا يزال ساهراً بالشارع, في هذا البرد القارس, متوارياً عن أعين اللص الذي دخل في إحدى المباني


المتهتكة بعدما ظن أنه قد ضلله خلال الأزقة, في صمت كان هيو واقفاً خلف الجدران في تخفي تام, فقط يطل بين الفينة و الأخرى


برأسه قليلاً, ثم يواري نفسه بعدها, منتظراً اللحظة التي يخرج فيها اللص اللعين من المبنى, لينقض عليه و يمسك به, و يوسعه ضرباً كذلك...


مر الوقت, و لازال هيو منتظراً, حتى بدأ الشك يتغلغل إلى نفسه و اعتقد أن اللص قد لمحه و هو يتسلل خلفه ,فدخل إلى هذا


المبنى حتى يهرب من الجهة الخلفية له, قطب هيو حاجبيه في ضيق بعد أن اعتزم على اقتحام المبنى حتى يلاحق ذلك الوغد,


ضغط على حروفه قائلاً: - لقد طفح الكيل, لن أدعه يهرب مني ثانيةً..


و عندما جاء ليخرج من خلف الجدران, رجع ثانيةً حينما رأى اللص يخرج من المبنى و معه الدراجة البخارية ذات اللون الأسود المميز,


يبدو أنه كان يسحبها إلى مكانٍ ما , في اطمئنان ممزوج بالدهشة همس هيو :


- إنها هي, أجل هي بلا شك...حمداً لك يا ربي, لم تباع الدراجة..


انتهز هيو اللحظة المناسبة, عندما ابتعد اللص قليلاً نحو الأمام, ليخرج من وراء الجدران حتى أصبح خلف اللص تماماً, ثم بحركة


فجائية مد بقدمه بين قدمي اللص, ليتعثر الآخر واقعاً على وجهه, عندها انقض هيو عليه في غيظ صائحاً:


- أيها اللص الكاذب, إلى أين تظن نفسك ذاهباً بالدراجة؟!


أخذ يلكمه في معدته و وجهه و أنفه, حتى سالت الدماء منها, فصرخ اللص من الألم, و حاول التملص منه و إبعاده و لكن دون


جدوى, فخطرت بباله فكرة خبيثة..


مد اللص بيده ثم قبض على بعض من التراب الموجود على الأرض, و فجأةً رمى بها في عيني هيو, الذي أغلقهما على الفور


عندما تألم من التراب, فاستنهز اللص الفرصة, لتنقلب الموازين إلى صالحه الآن, و عندها استطاع إبعاد هيو, ليجثم فوق صدره و


يركله و يلكمه بلا رحمة و بكل ما أوتي من قوة...


ظل اللص يضرب هيو حتى سالت الدماء من أنفه و من فمه, و تورمت عيناه, فصاح متأوهاً ثم أخذ يقاوم و يبعد اللص من فوقه, و


لكنه لم يستطع زحزحته إنشاً واحداً, فصاح اللص في سخرية: - من الأقوى الآن أيها الفتى؟!

فيرا
05-03-2011, 11:29
ظل الوضع هكذا, و يبدو أن اللص قد فقد عقله و قلبه أيضاً, فلم يبرح من مكانه, و لم يتوقف و يهرب, بل زاد بضرباته, و كأنه يريد



لهيو الموت, و يبدو أنها كانت هذه هي أمنيته بالفعل, فقد صاح قائلاً:



- لن أدعك تعيش, سأقتلك أيها الفتى, أنت من جنوت على نفسك عندما أتيت إلى منطقتي, فاصرخ كما شئت, لأنه لن يخلصك أحد من قبضتي..



اتسعت عينا هيو, ثم شعر بعظامه تسحق, و برئتيه تنفجران, فأخذ يسعل الدماء من فمه, لتختلط بالتراب, شعر بروحه تسحب



منه و قلبه الذي أوشك على التوقف, لم يعد يحتمل, أغمض عينيه تدريجياً, عندما شعر بالنعاس يدب في أوصاله..



لماذا أشعر بالنعاس الآن؟!, و لماذا أشعر أن الضوء يغمرني؟!, و لكن لا بأس..إنه شعور جميل, أشعر بأنني أخيراً...سأرتاح!!





فتح هاري عينيه بعد أن أعيته الدموع و جعلته ينام على الأرض, نظر بساعة يده و هو لا يزال ممدداً على الأرض, ليجد أن الوقت



تجاوز منتصف الليل بساعة, فتمتم قائلاً و هو يتثاءب: - لقد استغرقت كثيراً في النوم, لم أشعر بمرور الوقت!!



عدل وضعيته للجلوس, ثم أخفض رأسه و وضع بيده على جبهته, لتنسدل خصلات شعره العسلية على عينيه اللتين أغمضهما



في حزن عندما تذكر ما حدث, فأطلق بتنهيدة قصيرة تنم عن الضيق, ثم فتح بعينيه عندما شعر بأنه يريد تنشق الهواء, و الخروج



من ذلك المكان الذي أصبح كالقبر في نظره, أراد أن يبتعد عن هذه المشاكل, و أن ينساها قليلاً, فنهض من مكانه و بدل ملابسه



و نظر لساعته ثانيةً ثم قال: - حسناً, أعرف أن الوقت أصبح متأخراً و لكن لا ضير في ساعة من الخروج..



وضع هاتفه النقال ذو اللون الأزرق في الجيب الخلفي من بنطاله الجينز الأزرق بعد أن أوصل الهاتف بسماعات صغيرة وضعها في



أذنيه حتى يسمع الموسيقى أثناء خروجه, ثم ارتدى سترته البيضاء فوق قميصه البرتقالي الداكن, بعد ذلك فتح باب غرفته, ليجد



الخادم في وجهه و يبدو أنه كان سيطرق الباب قبل قليل, فتساءل هاري قائلاً: - سايمون!!, ما الأمر؟!



في وقار شديد أجاب سايمون: - سيد هاري, والدك ينتظرك على العشاء



في لامبالاة قال هاري: - أخبره ألا ينتظرني, و قل له أنني سأخرج



بنفس الوقار و لكن امتزجت بدهشة و استغراب قال سايمون: - ستخرج, الآن؟!



أومأ هاري برأسه بمعنى أجل, ثم قال: - هل لديك مانع؟!



أخفض سايمون عينيه بالأرض ثم قال: - كما تريد يا سيدي, و لكن اخبر والدك بنفسك



ابتسم هاري ثم قال في عتاب: - حسناً, سأخبره, و لكن ليس بعد أن تكف أنت عن مناداتي بسيدي



ابتسم سايمون ثانيةً ثم قال في احترام بالغ: - و لكنني مجرد خادم عندكم, فكيف لي أن...



قاطعه هاري قائلاً في حنان: - سايمون, أنت تعرف أنك بالنسبة إلي لست خادمي, و إنما أعتبرك صديقي الوحيد و ...



صمت قليلاً ليطرق برأسه للأسفل قبل أن يكمل في حزن: - و أبي الحنون كذلك...

فيرا
05-03-2011, 11:30
ربت سايمون على كتف هاري في حنان بعدما شعر بالحزن المتجلي في نبراته و الأسى الذي قد أطل من عينيه, ثم قال:



- و أنا كذلك, لطالما اعتبرتك ابني الذي لم أنجبه



ارتسمت ابتسامة طفيفة على شفتي هاري, ثم في مزاح قال: - أنت تؤخرني يا سايمون, هيا ابتعد



أفسح سايمون الطريق و هو يضحك, لهاري الذي توجه نحو السلم و نزل من عليه, حتى يخبر والده المنتظر عند السفرة بأمر



خروجه, فنظر سايمون في شفقة نحو هاري قائلاً: - مسكينُ أنت يا هاري, قلبك مليء بالحنان في بيت مليء بالقسوة



و بغرفة الطعام وقف هاري أمام والده الذي كان قد بدأ الأكل من دونه, فقال في تردد: - أبي, سوف أخرج قليلاً



توقف الأب عن الأكل ثم رمقه بنظرة جافة غير مبالية, و عاد بعدها للأكل بعد أن قال: - حسناً, كما تريد



قطب هاري حاجبيه في غضب, جراء ذلك الرد و تلك المعاملة, متى سيتغير والده؟!, لماذا يعامله دائماً بتلك الطريقة الغير



مبالية؟!, إنه لا يثور أبداً إلا عندما يرى أو يسمع صوت طليقته؟!, ما هذه الحياة؟!...



ضغط هاري بيده على طاولة الطعام و هو يقول: - هل أنت موافق على خروجي بهذا الوقت؟!



بنفس النبرة اللامبالية قال الأب: - أخبرتك أجل



عض هاري على شفتيه ثم قال في حنق: - ألن تمنعني من الخروج؟!



دون أن يحيد بنظره عن الطبق أجابه: - و لماذا أمنعك؟!



في تردد قال هاري: - ألست خائفاً؟!...ألم تعتقد أنني ممكن أن أهرب و لا أعود؟!



نظر له الأب بنظرات باردة, سقيمة, ثم قال بنفس البرود: - لا يهم, فأنت مثلها..



اتسعت عينا هاري من جواب والده عليه, رباه ما هذا الشعور؟!, ما هذا البرود؟!, ما هذه الكراهية؟!, لماذا لا يحبني؟!, ماذا فعلت



له؟!, إنه حتى لا يخاف علي؟!.. هذا ما طرأ داخل ذهنه و هو ينظر بعينين اهتزت بؤبؤهما و كادت أن تنفلت منه الدموع و لكنه



قاومها و قمعها بداخله, لن يبكي أمامه..أجل لن يبكي...ابتلع ريقه بصعوبة ثم قال في حزن:
- سوف أخرج يا...أبــي !!



لم يأبه الأب به و ظل يأكل, و كأن من خرج للتو ليس ولده بل هواء مر من جانبه...



أغمض هاري عينيه, و خرج من الباب بعدما انتظر مطولاً على أمل أن يوقفه والده, أو يمنعه, أو يصدر ردة فعل مهتمة, و لكن لا



فائدة, فلم يتحرك الأب من مكانه و لن يتحرك....

فيرا
05-03-2011, 11:32





في إحدى الشوارع الضيقة, كان هاري يتمشى واضعاً بيديه داخل جيبي بنطاله الجينز, و يبدو أنه شعر بالبرد, فأغلق سترته و




وضع القلنسوة على رأسه ثم عاد ليدس بيديه في جيبي البنطال مرة أخرى, أخذ هاري يخرج بخار الماء من فمه و هو يبتسم في




مرح كطفل صغير يلعب, كانت هذه عادته دائماً منذ الصغر, إنه يحب الشتاء كثيراً, بسبب بخار الماء الذي يتصاعد من فمه, و لكنه




توقف عندما رأى من بعيد شجار بين اثنين, أحدهما شخص نحيل الجسد ذو شعر مجعد يرتدي بنطالاً أخضر واسع و قميصاً أسود,




أما الآخر فلم يتبين منه سوى الشعر البني الداكن, و القميص الأبيض و البنطال الأسود, و كان الآخر واقعاً أسفل النحيل الذي أخذ




يركل و يلكم فيه بلا رحمة..




اقترب هاري شيئاً فشيئاً, حتى تبينت ملامح المسكين الذي يضرب في عنف, فاتسعت عينا هاري ثم همس قائلاً في ذعر و دهشة:




- م..مستحيل, هيو !!




لم يفهم هاري, لماذا يتشاجر ذاك النحيل مع هيو؟!, و لكنه شعر بأنه لابد أن يقدم يد العون له, فهيو زميله, و هو أول شخص




تعرفه بالجامعة, حتى لو كان مستاءً منه بسبب مضايقته لروزالين, و لكنه لازال زميله...




كور هاري قبضته ثم تسلل خلف الشخص الذي كان يضرب هيو, و فجأةً دون سابق إنذار, لكم الفتى في رأسه, ثم جذبه من فوق




هيو الذي يبدو أنه فقد وعيه و أعياه الضرب...




اتسعت عينا الفتى النحيل ثم قال في دهشة : - ما بك أيها الولد, لماذا تضربني؟!




في حنق و غضب تساءل هاري و هو ممسك به من قميصه: - هيه أنت, لماذا تضربه؟!, ماذا فعل لك؟!




في دهشة ممزوجة بسخرية أجاب: - و ما دخلك أنت؟!, هذا شجار بيني و بينه, فهيا ابتعد من هنا




- أوه, حسناً..إن لم تجيبني, فسوف أتصل بالشرطة حالاً




اتسعت عينا الفتى عندما سمع كلمة الشرطة, و تواثبت نبضات قلبه, و تصبب العرق من جبينه.. عندها ابتسم هاري في مكر قائلاً:




- ما بك؟!, لم أنت خائف؟!.. أوه, هل تخاف من الشرطة؟!




في غضب هز الفتى رأسه ثم قال كذباً: - لا, أنا لست خائف...




ثم في تلك اللحظة نبعت خطة خبيثة داخله, فأكمل قائلاً في خبث: - و لكن الشرطة لن تأخذني أنا, بل ستأخذه هو




ضيق هاري حدقتي عينيه لأنه لم يستوعب ما قاله الفتى جيداً, فقال: - ماذا تقصد؟!




ابتسم في داخله بمكر عندما شعر بأنه يسير على النحو الصحيح لخطته, فأعقب:




- إن ذلك الفتى أراد أن يأخذ دراجتي تلك مني بالقوة, و لكنني أخيراً كنت قد تمكنت منه, و كنت سأستعيدها, إلى أن أتيت أنت




اتسعت عينا هاري ثم في دهشة قال:




- مستحيل, هيو لا يفعل هذا, إن أخلاقه حميدة, إنه ليس من النوع الذي يسرق..أنت كاذب




في سخرية قال: - حسناً, على راحتك, و لكنني أقول الحقيقة...




أرخى هاري قبضة يده عن الفتى, ثم قال: - و لكن ما الذي يثبت لي أنك تقول الحقيقة؟!




ابتسم الفتى في مكر ثم قال: - حسناً , تعال سوف أريك رخصة القيادة, إنها موضوعة بسترتي المعلقة على الدراجة



في شك أومأ هاري برأسه, ثم سار بجانبه نحو الدراجة و لم يعرف المسكين أن هناك خطة خبيثة بداخل ذلك الشرير الذي لا



يهمه سوى نفسه, و الذي وقف أمام الدراجة و دس بيده داخل سترته السوداء, ليخرج منها بطاقة صغيرة أعطاها لهاري الذي



انشغل بقرائتها و الذي لم يلحظ الفتى و هو يرجع خلفه, و يخرج من جيب السترة مطواة صغيرة (سكين صغير), ليدفع بها نحو قلب



هاري من الخلف, و لكن انحرفت يده و أصاب هاري بذراعه بعدما تلقى ضربة على رأسه من الخلف, فسقطت البطاقة من يد هاري



الذي أمسك بذراعه النازف في ألم و التفت للوراء, ليجد الفتى واقعاً على الأرض, مغشياً عليه, و من خلفه هيو واقفاً يلهث من



التعب, و بجواره سقطت الصخرة من يده, فصاح قائلاً في دهشة: - ه..هيو!!

فيرا
05-03-2011, 11:33
ابتسم هيو, ثم أخذ يجر بقدميه نحو هاري الذي كان جاثياً على الأرض و ممسكاً بذراعه حتى يوقف النزيف, فتساءل قائلاً:



- هل أنت بخير, دعني أرى جرحك؟!



ابتسم هاري له, و أبعد يده عن ذراعه, لتتسع عينا هيو من رؤيته للدماء الغزيرة التي تدفقت من جرحه , تنهد هيو ثم قطع إحدى



أكمام قميصه الأبيض و أمسك بذراع هاري , ليلف حولها الكم, كضمادة طبية مؤقتة, و هو يقول:



- أشكرك على مساعدتي, لو لم تصل لكنت الآن جثة هامدة



تألم هاري و لكنه حاول أن يكتم ألمه و صراخه ثم قال في امتنان كبير :



- بل أنا من يجب أن يشكرك يا هيو, لو أنك لم تضربه من الخلف, لكنت الآن ميتاً..



ابتسم هيو ثم قال: - كف, عن الكلام, حتى أستطيع ربط الضمادة جيداً



ثم أكمل ساخراً: - و لو أنها لا تشبه الضمادة أبداً, و لكنها تكفي حتى تصل للبيت, و هناك تستطيع والدتك أن تطهر جرحك قبل أن يتلوث



تلاشت الابتسامة من شفتي هاري, عندما سمع تلك الكلمة من هيو, تلك الكلمة التي جعلته يشعر بألم حاد مزق نياط قلبه,



أمي؟!, و أين لي بها؟!, كان هذا ما تردد في ذهنه بذلك الوقت, عندها شعر هيو بصمت هاري المفاجئ فرفع بوجهه, ليلمح



شروده و حزنه, فقال في استغراب: - هاري!!, ماذا بك؟!



أفاق هاري من الشرود ثم رمش بعينيه و قال و هو يبتسم من جديد: - لا شيء, لا تشغل بالك



ثم نظر نحو الفتى الممدد على الأرض و باستغراب تساءل:



- حسناً, ماذا يحدث هنا؟!..لقد قال لي ذلك الفتى أنك كنت تحاول أخذ دراجته منه بالعنوة و القوة, فهل هذا صحيح؟!



تنهد هيو بعمق ثم قال في نبرات حاقدة على اللص:



- إن هذا الكاذب الذي أمامك, لهو سارق حقير ,وضيع, سرق مني دراجتي تلك التي تراها..عندما نزلت من عليها حتى أطمئن عليه, فقد كان يمثل الإصابة, و عندها باغتني بضربة و سرقها, و لم أره سوى اليوم, ليخبرني بأنه قد باعها, و عندما انشغلت عنه بالشرود, انتهز الفرصة و هرب من أمامي, فلحقته إلى هنا, و حدث ما حدث..



اتسعت عينا هاري جراء ما سمعه, ثم قال في تعجب: - ذلك الحقير, لقد كنت أشك في كلامه, فمظهره يوحي بالكذب



صمت قليلاً ثم قال بعد أن فكر جيداً: - حسناً, بما أنه الآن فاقدٌ للوعي, ما رأيك أن نتصل بالشرطة؟!



وضع هيو بيده على فمه مفكراً بما طرحه هاري, ثم قال: - حسناً, و لكن هاتفي ليس معي و...



قاطعه هاري و هو يخرج هاتفه الأزرق و يلوح به في مرح قائلاً: - لا تقلق, طالما أنا معك



ابتسم هيو, ثم ضغط هاري على الأرقام و بدأ الاتصال بالشرطة و إخبارهم عن المكان و عن الحادث, و بعد ذلك أغلق الهاتف و



أعاده لجيبه, بعد أن طمأنته الشرطة بأنها سوف تصل على وجه السرعة, فتنهد براحة قائلاً:



- ليس أمامنا سوى الانتظار و مراقبة ذلك اللـص...



شعر هاري برأسه يدور, و بدأ نظره يصاب بالتشويش, و اختلط السمع عليه, فلم يستطع تمييز و تبين صوت هيو الذي أخذ ينادي



عليه في قلق و هلع قائلاً: - هاري, هاري..هل أنت بخير؟!



أغمض هاري عينيه و بدأ جبينه يتصبب عرقاً, بينما أخذ يرتجف من البرد, ففهم هيو على الفور أن ما يحدث لصديقه, هو بسبب ذلك



الجرح, و إذا لم تسرع الشرطة فحياته سوف تصبح في خطر داهم...



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ



مر الوقت ببطء, و أصبحت حالة هاري خطيرة, فقد ازداد جسده بالإرتجاف, مما جعل هيو يقلق حياله أكثر, خاصةً بعدما وضع بيده



على رأسه و وجد حرارته قد ارتفعت, كيف سيتصرف بالأمر؟!, ماذا يفعل؟!, هل يترك اللص ينجو و يأخذ هاري لأقرب مشفى؟!, أم



يحرص على تسليم اللص للعدالة و ترك صديقه هكذا؟!...



لاحظ هيو أن هاري بدأ بالهذيان بكلمات غير مفهومة, ثم بدأت تتضح الكلمات أكثر...فقد كان يهذي قائلاً و دموعه تتساقط:



- أمي...أبي...لماذا؟!....أرجوكما لا تتركاني...لا أريد أن أكون وحيداً...أبي



زادت دهشة هيو مما سمعه, ثم مالبث أن رجح ذلك إلى ارتفاع درجة الحرارة و التي أثرت على رأسه, و لكنه سرعان ما أشرقت



في عينيه بصيص أمل , و أمسك بهاتف هاري الأزرق و هو يقول:



- مؤكد أن رقم هاتف المنزل مسجل لديه, سوف أتصل بهم و أخبرهم عن المكان, حتى يأتوا و يأخذونه



صمت قليلاً قبل أن يكمل: - أتمنى أن يصلوا سريعاً, و أن تصل الشرطة كذلك



ثم فتح الهاتف و شرع بالبحث عن رقم منزله, إلى أن وجده, فابتسم مطمئناً, و ضغط على زر الاتصال, و انتظر الإجابة بفارغ الصبر..

فيرا
05-03-2011, 11:34



و بالجانب الآخر, داخل البيت الكبير...رن الهاتف بشكل متواصل, مما جعل سايمون يستيقظ في فزع, و يخرج من غرفته بهلع و هو



يقول في قلق: - ترى من يتصل بنا في الرابعة فجراً؟!



شعر سايمون بقلبه يغور في صدره, و نفسه تحدثه بأن هاري ليس بخير, وصل للهاتف ثم بتردد و ارتعاش مد بيده ليلتقط السماعة



و هو يدعو الله أن يكون هاري بخير و أن تكون نفسه كاذبة, و بصوتٍ قلق أجاب: - مرحباً, من معي؟!



ليأتيه الصوت المتسائل من الطرف الآخر يقول: - مرحباً, هل أنت والد هاري كيتون؟!



كاد سايمون أن يقول أجل و لكنه قال: - لا, و لكنني خادمه



ثم عاد ليقول بصوتٍ متشكك خائف: - هل هناك شيء حدث لهاري؟!



ليأتيه الصوت من الجانب الآخر قاطعاً شكوكه..أو مؤكداً شكوكه:



- أجل, لقد تعرض هاري للطعن من قبل لص, و ها هو بجانبي و لكن حرارته ارتفعت, أخشى أن يحدث له شيء...أرجوك يا سيدي تعال بسرعة



اتسعت عينا سايمون مما سمعه, و كاد أن يغشى عليه, و ارتفع الأدرينالين لأقصى ذروته, مما جعل قلبه و عروقه ينبضان, فشعر



بألم حاد بجانبه الأيسر و شعر باختناق أنفاسه, مما جعل الطرف الآخر يقلق من تأخر رد سايمون عليه فقال:



- سيدي, هل أنت معي؟!, سيدي...



جاهد سايمون نفسه و التقط أنفاسه ثم قال: - قل لي يا بني, أين مكانكم بالتحديد؟!



أخبره هيو بمكانهم بالتحديد و برقم الشارع, ثم قال في رجاء: - أتمنى أن تصل سريعاً يا سيدي



شكره سايمون ثم أخبره بألا يبرح مكانه , و سوف يأتيه على وجه السرعة, قبل أن يغلق الهاتف معه...



وقف قليلاً في البهو مفكراً, ثم قال لنفسه: - يجب أن أخبر والده بالأمر...



صعد على السلم ثم وقف أمام غرفة نوم السيد الكبير و شرع بالدق عليها في انفعال و هلع, ليصحو الوالد من نومه و يفتح الباب



ثم في انزعاج و تعجب يصيح بالمسكين سايمون: - ماذا بك أيها العجوز؟!, هل أصبت بالجنون الآن؟!



لم يدع سايمون شعور الاستياء و الغضب و الحقد يسيطران عليه مما قاله سيده, لأن هناك شيء أهم, فهاري بخطر محدق الآن و



هذا ليس وقته, فقال بذعر:



- س..سيدي, إن السيد الصغير في خطر...لقد اتصل بي صديقه, و أخبرني بأنه قد تعرض للطعن من قبل لص...إنه الآن جريح بالشارع..



انتظر سايمون ردة فعل الأب, و لكنها جاءت مخيبة لأمله و محطمة لها كذلك, عندما رآه يقول في قسوة و عدم مبالاة:



- دائماً ما يسبب المشاكل لي, كوالدته...مؤكد أنه كان يفعل شيئاً سيئاً



قطب سايمون حاجبيه ثم قال: - ألن تذهب لإسعافه؟!



في جفاء أجاب: - اذهب أنت يا سايمون



في دهشة و تعجب قال سايمون: - و ماذا عنك أنت؟!, إنه ولدك...إن هاري في أوج حاجته إليك الآن



في ضيق و تأفف قال الأب: - أنا مشغول, ليس لدي وقت



أغمض سايمون عينيه في استياء ثم أومأ برأسه في انصياع للأوامر و قال: - كما تأمر سيدي



و ابتعد عن المكان نازلاً من على السلم, ليخرج من البيت و يهرع لنجدة هاري بالسيارة, أما الأب فقد أغلق غرفته عليه...ليكمل نومه!!

فيرا
05-03-2011, 11:35




فتح هاري عينيه, و كان أول شيء رآه هو سقف أبيض اللون به مصباح من النيون, فرمش بعينيه التي أزعجتهما الضوء الشديد, ثم



حاد برأسه على الجانب الأيمن له, ليجد نافذة صغيرة تدلى عليها ستار أبيض اللون, كلون الجدران, و لون كل شيء بهذه الغرفة



حتى السرير الذي يرقد فوقه!!



تنبه هاري بأنه في غرفة و ليس بالشارع, فشعر بالتفاجؤ و عندما أتى يهب جالساً, منعته تلك الأشياء المتصلة بأوردته, ففهم أنه



بالمشفى, و لكن من أتى به إلى هنا؟!, ماذا حصل للص؟!, هل أخذته الشرطة؟!, و هيو أين هو؟!...



لم يلحق هاري أن يكمل أسئلته, عندما وجد باب الغرفة يفتح, ليدخل شخصاً تعرفه على الفور من ملامحه المريحة و عينيه اللتين



تشعان بالحنان و الطيبة, فابتسم قائلاً: - سايمون, أنت هنا!!



ابتسم سايمون له ثم قال في سعادة ممزوجة بشعور الراحة: - حمداً لله على سلامتك يا بني



نظر هاري لذراعه ليجد ضمادة طبية و ليست كم هيو زميله, فابتسم عندما تذكر هيو و ما فعله معه, فقال: - و لكن أين هيو؟!



في تساؤل قال سايمون: - هيو!!...أتقصد ذلك الشاب ذو الشعر البني؟!



أومأ هاري برأسه, لتؤلمه عنقه, فأغمض عينيه من الألم قائلاً: - أوه, أجل...أين هو؟!



ابتسم سايمون ثم قال:



- إنه فتاً صالح, هو من اتصل بي و أخبرني عن حالتك...و هو من تبرع بدمه لك, بعدما علم أنك نفس زمرة دمه, ثم ظل واقفاً معي حتى يطمئن عليك, و عندما طمأنه الطبيب عن حالتك, ذهب إلى منزله...



ابتسم هاري ثم تمتم في شرود: - ربما كنت مخطئاً بالحكم عليك يا هيو, و يبدو أنك لست بارداً كما يوحي مظهرك



في تعجب قال سايمون: - ماذا؟!



ضحك هاري محاولاً تغيير الحديث و هو يقول: - لا شيء, لا شيء...لا تشغل بالك...و لكن ماذا عن اللص؟!



ابتسم سايمون قائلاً: - لقد أتت الشرطة و ألقت القبض عليه, و أعادت الدراجة إلى زميلك...



تنهد هاري في راحة ثم ابتسم في رضا تام, و لكن تلاشت ابتسامته عندما تذكر والده, فقال:
- أين أبي يا سايمون؟!



نزل السؤال على مسامع سايمون, ليجعله متذبذباً و متوتراً, فماذا يقول له؟!, هل يخبره بأن والده رفض نجدته؟!, و لكن ماذا



ستكون ردة فعل هاري؟!, بل ماذا سيحدث لنفسيته؟!, أم يكذب عليه و يخبره بأشياء لم تحدث؟!..



ابتسم سايمون ليخفي توتره ثم قال:



- لقد قلق والدك عليك كثيراً, و أراد أن يأتي معي..و لكنه كان مشغولاً بالعمل, فعرضت عليه أن أذهب أنا بالنيابة عنه, و لكنه لم يوافق بالبداية, و لكنني بالنهاية أقنعته و...



- كف عن الكذب يا سايمون...أنت لا تجيد ذلك صدقني



توقف سايمون على الفور بعد أن بوغت, لينظر إلى هاري الذي كان يبتسم ابتسامة مريرة, و عينيه لمعت بالدموع و التي حاول



هاري منعها من النزول ثم أكمل في سخرية: - إنه لا يأبه بي, و لا يهتم كذلك...



ربت سايمون عليه في حنان ثم قال محاولاً التخفيف عنه: - كيف ذلك يا بني؟!, هل هناك أب يكره ولده؟!



في حزن شديد أردف هاري, ليجعل سايمون مذهولاً, و لا يعرف ماذا يقول له؟! :



- أجل, إنه يكرهني, صدقني إنه لن يأتي و لن يشعر بالخوف علي....حتى لو رآني ممدداً على الأرض أمامه مقتولاً و الدماء تتصبب مني



أغمض هاري عينيه, لتنزل منهما دموعه الحارقة, فشعر سايمون بالحزن من أجله, لم يعرف ماذا يفعل من أجله؟!, و لكنه اكتفى



بالجلوس بجواره و ضمه إلى صدره في حنان, عله يهدأ..

فيرا
05-03-2011, 11:35






و عند مطعم جولدن هارت, و الذي لا يوحي بذلك الاسم مطلقاً, أدار هيو ظهره لمدير المطعم و هو يقول:



- حسناً, ها هي دراجتك أمامك, كما وعدتك....الآن, لن تراني بعد تلك اللحظة..لأنني مستقيل



اتسعت عينا المدير ثم في خبث الحرباء , تودد له قائلاً: - هيو, هل ستتركني بهذه السهولة؟!, لقد اعتدت عليك يا بني



في سخرية و تعجب قال هيو: - الآن أصبحت ابنك, منذ أيام كنت ستودعني بالسجن



في خبث قال المدير محاولاً جعل هيو يغير قراره بشأن الاستقالة:



- أرجوك سامحني يا هيو, لم أكن بوعيي, فأنت تعلم أنني تعبت على إنشاء المطعم و شراء الدراجات البخارية, و كل تلك المستلزمات...لذا, أتمنى أن تنسى كل شيء, و لنبدأ صفحة جديدة



أغمض هيو عينيه في عصبية ثم قال: - لا يعني لا..



- حسناً, و لكن من أين ستصرف على والدتك المريضة؟!...و على دراستك؟!



- سوف أبحث عن عمل آخر..



- أنت تعلم أن وجود عمل, لهو أمر صعب..خاصةً لشاب مثلك ليس لديه شهادة جامعية بعد..



صمت باول بعدما شعر بأن ما قاله قد أثر في هيو, الذي أخذ يفكر جيداً بما قاله, فعلاً ماذا لو لم يجد عمل آخر؟!, هل يغامر و يستقيل؟!, و لكن...



قال هيو بعد تفكير عميق دام للحظات: - حسناً, سوف أعمل معك...يبدو أنه لا مفر من ذلك



ابتسم باول عندما شعر بالانتصار, فقال: - هكذا هو هيو الذي أعرفه...



التفت هيو له ثم قال: - حسناً, هل يمكنني الانصراف الآن؟!, لقد تأخر الوقت كثيراً..و إذا لم أعد, فإن والدتي ستصاب بالقلق



أومأ باول له ثم قال: - حسناً, و لكن احرص على المجيء غداً, فكفانا تضييعاً للوقت



كاد هيو أن يخنقه و لكنه تمالك نفسه, فليس هذا وقته؟!, انحنى له, ثم تركه وذهب...



ـــــــــــــــــــــــــ

فيرا
05-03-2011, 11:38
الفصـــل الثــاني عشــر



يجلس بمفرده, كعادته...لماذا يفضل الوحدة دائماً؟!, و لماذا لا يشعر بي مطلقاً؟!, أم أنه يشعر بي و لكن يخفي ذلك في قلبه؟!...


أم تراني واهمة بكلمةٍ لن ينطقها و لن أراه يقولها لي..كلمةٍ لطالما حلمت بها, يبدو أنني فقط الواقعة في حبك يا هيو, و أنت لست هنا..


كانت روزالين شاردة في عالم آخر من التخمينات و التساؤلات, أو لنقل عالقة في أحلامها, تتساءل عن ماذا لو كانت ما قالته سالي صحيح؟!


, و أن تكون هي واقعة بحبٍ ليس له طرف سواها, هل يعقل هذا؟!, فكيف تحمل كل تلك المشاعر و هيو لا يشعر بها على الإطلاق؟!


...إنه أول شخص لا يلحظ وجودها, و ربما كان هذا هو سر تعلقها به..!!


شعرت روزالين برأسها سينفجر كبالون من المطاط قد نفخ لأقصى درجاته حتى لم يعد يحتمل, و قلبها أيضاً سيلقى نفس المصير.


تمنت أن تذهب إليه,و أن تخبره صراحةً و من أعماق قلبها أنها...تحبه..أجل, تحبه من أول مرة رأته فيها عينيها, بل من قبل أن


تعرفه, لقد حفر هيو نفسه داخل قلبها, و هي لا تستطيع محو ذلك, بل لا تريد أن تمحوه من قلبها و عقلها...


وضعت روزالين بيدها على رأسها الذي أخذ ينبض بشدة, و هي تخبر نفسها, يا إلهي, يبدو أنني سأفقد عقلي عما قريب...


و بجانبها لاحظ هاري شرودها الذي قد طال كثيراً, فشعر بأنها تجلس معه و لكن روحها و عقلها غائبين عنه...و قلبها كذلك!


فتنهد في حزن, و هو ينظر لها جلياً, كم تمنى أن تنتبه له, أن تفهم و تشعر بما يختلج داخله من مشاعر, هل يحبها؟!..أجل, بلا شك...


حتى أنها أصبحت الهاجس الوحيد في حياته, و الشغل الشاغل له, لدرجة أنه بات يحاول بث السعادة في قلبها, فقط ليرى


الابتسامة في عينيها, و ليخفق قلبه معها...كم تمنى أن يخبرها بحقيقة مشاعره تجاهها, و لكن!!


و فجأةً و من دون أن يدري, وجد هاري نفسه ينطق قائلاً في هيام لها و هو ينظر بشرود في عينيها : - أحبــك


,لتتنبه و تنظر له روزالين في دهشة قائلة: - ماذا قلت؟!


أفاق هاري من شروده عندما لاحظ دهشتها و فهم أنها لم تسمعه جيداً, فأجابها بإجابةٍ أخرى, ليواري ما قاله لها..قائلاً في تردد:


- لا شيء, لقد...لقد كنت أقول بأنكِ جميلة اليوم..فقط هذا ما قلته


ابتسمت روزالين ثم قالت في ثقة شديدة: - أعرف أنني جميلة, هذا ليس بشيءٍ جديد...


ثم وضعت بيدها في خصلات شعرها الصهباء, و أبعدتها في حركة غرور للخلف, فصمت هاري و ابتسم لها بينما أكملت عينيه


كلامه, لتقول لها, لا ليس هذا ما أردت قوله...بل أردت أن أخبرك الحقيقة, أردت أن تعلمي كم أنا أعشقك, و لكن ليس الآن.. أجل ليس الآن يا...حبيبتي...


و لكن تبدلت ملامحه إلى الحزن ثانيةً, عندما وجدها تلتفت برأسها للخلف, لكي تراه...و عينيها تنظران له بتلك النظرة الدافئة,


فتمنى حينها أن يكون مكانه, و أن تكون تلك النظرات له, فهمس عندما شعر بالحزن يأكل قلبه:


- لكم أحسدك يا هيو!


و يبدو أن الأستاذ قد تنبه على هاري و روزالين التي كانت جالسة بجواره في القاعة, فترك القلم من يده و رمقهم بنظرات غاضبة


ثم قال في ضيق و هو يشير لروزالين بإصبعه: - أنتِ أيتها الفتاة الصهباء


تنبهت روزالين على الأستاذ الذي أخذ ينظر نحوها في غيظ, فوقفت قائلة في تردد: - أتقصدني أنا ؟!


عدل الأستاذ من نظارته ثم قال في سخرية : - لا أقصد نفسي..أجل, أقصدكِ أنتِ يا آنسة...


في دهشة تساءلت روزالين: - خيراً , ماذا هناك؟!


في غضب صاح الأستاذ بها قائلاً: - ماذا هناك؟!...أ تتساءلين ماذا هناك؟!, أتسخرين مني أيتها الفتاة؟!


لم تفهم روزالين ما سر غضب و انزعاج الأستاذ لهذه الدرجة؟!, فتساءلت مرة أخرى باستغراب قائلة:


- هل فعلت شيئاً الآن يا أستاذ ماكفريد؟!


جز الأستاذ على أسنانه ثم هاج غاضباً:


- أنا أتعب نفسي بالشرح لكم, و أنتِ تنشغلين و تشردين في أحلامك, لماذا لستِ منتبهة إلى ما أقوله؟!


أطرقت رأسها للأسفل بعد أن شعرت بالإحراج و الخجل, عندها قال هاري مدافعاً عنها:


- أرجوك يا أستاذ لا تلومها, فأنا السبب بذلك


لفتت روزالين عينيها لهاري في حركة سريعة و كذلك الأستاذ, فشعر هاري بالضغط و التلعثم حيال نظراتهم المتسائلة و


المستفسرة, فأزاح ياقة قميصه عن عنقه قليلاً, لأنه لم يعرف ماذا يفسر لهم؟!, فلقد خرجت منه الكلمات في سرعة و من دون


أن يفكر..ابتلع هاري ريقه ثم أكمل: - لقد شغلتها بتلك المسألة, فلم أكن أفهمها جيداً, و يبدو أنها كانت تفكر بحلها


قطب الأستاذ حاجبيه, ثم قال في غضب: - و لماذا لم تسألني أنا مباشرةً؟!


تلعثم هاري و هو يجيب: - لأن..أأقصد أنه...من أجل...


ثم ضحك محاولاً أن يخفف من وطأة الأمر, فهو الآن بموقف لا يحسد عليه, ثم أكمل:


- أنا آسف يا أستاذ فاصـ....ماكفريد..لن أعيدها ثانيةً


ظل الأستاذ ينظر له في تجهم ثم بالنهاية أشار لهم بالجلوس, و تابع الشرح من جديد, أما روزالين فقد أخفضت صوتها حتى لا


ينتبه لها ماكفريد, و هي تسأل هاري في استغراب و تقول له لماذا ورط نفسه و كذب؟!, ليبتسم لها هاري ثم يقول:


- لا تشغلي بالك, و انتبهي للشرح...


ثم يلتفت للأمام و ينتبه للمحاضرة, بينما روزالين ظلت ترمقه بنظرات غريبة و متسائلة, و بنفسها قالت, هل فعل هذا من أجلها؟!

فيرا
05-03-2011, 11:38
مر الوقت و انتهت المحاضرة الطويلة, و خرج الأستاذ ماكفريد, ليتنهد الطلبة في ارتياح, و كأن جبلاً قد انزاح من فوق صدورهم للتو,


فخرج بعضاً من الطلبة كي يستنشقوا الهواء خارج القاعة, بينما ظل البعض الآخر جالسين, استعداداً للمحاضرة القادمة...


أما هيو فقد نهض من مكانه كعادته, ليخرج خارج القاعة, و لكنه توقف عندما سمع هاري يقول: - شكراً لك على ما فعلته لي


ابتسم هيو في سره ثم قال دون أن ينظر له: - لا داعي لشكري, فلو كنت مكاني لفعلت نفس الشيء معي, أليس كذلك؟!


- أجل, بالتأكيد


قالها هاري و هو يبتسم في امتنان, متتبعاً بعينيه هيو الذي ابتعد خارجاً من الباب, ثم أكمل هامساً:


- إن دماءك الآن تجري بعروقي, شكراً لك يا هيو


,بينما وقفت بجواره روزالين التي قالت متسائلة في فضول عارم:


- على ماذا كنت تشكره؟!


نظر لها هاري ثم قال: - لا تهتمي و لا تشغلي بالك...


ثم استطرد قائلاً و هو يمسك بيدها: - ما رأيك أن نخرج أيضاً إلى...


توقف عن الكلام عندما سمعها تقول و هي تنظر نحو الباب الذي خرج منه هيو: - سوف أذهب يا هاري, لا تنتظرني


,ففهم هاري على الفور أنها سوف تذهب خلفه و لكنه بالرغم من ذلك تساءل, ليؤكد ظنونه قائلاً: - إلى أين؟!


,ليأتيه ردها الذي كان يتوقعه مجيباً تساؤله: - أريد هيو في أمرٍ ما


لم تنتظر روزالين موافقة هاري, و تركت يده و ابتعدت عن عينيه اللتين ظلت تنظران نحوها في حزن شديد و يأس كذلك, فتنهد هاري ثم خرج هو الآخر...


و بالسطح كان هيو جالساً بمفرده ,شارداً بالسماء كعادته, يهمس لنفسه قائلاً بسخرية:


- ما أضعفك يا هيو, فلم تستطع أن تستقيل من عنده, و لم تستطع أن تسترد شركة والدك, بالفعل أنت ضعيف...و مثير للشفقة كذلك


,حينما دخلت عليه روزالين التي قطعت شروده, و التي أخذت تتفحصه بنظراتها, فقال لها في دهشة : - هل هناك شيئاً ما؟!


لم تجبه روزالين التي أخذت تقترب في خطوات مترددة نحوه, و قلبها يخفق في كل خطوة تخطوها نحوه, حتى توقفت أمامه عند


السور و ابتسمت له, فأردف هيو ساخراً: - ما بال تلك الابتسامة؟!, هل هناك شيئاً ما بوجهي؟!


في خجل و تردد قالت روزالين: - هـ..هيو, لماذا تجلس بمفردك؟!


زفر هيو في ضيق ثم نهض من مكانه قائلاً:


- هذا ليس من شأنك, فأظن أنني حر ,حتى أجلس بمفردي أو أجلس مع من أريد...أليس كذلك؟!


عضت روزالين على شفتيها في ألم و حزن ثم قالت : - أنا آسفة, و لكنني...


قاطعها هيو قائلاً و هو يدفع بها عن طريقه: - أتمنى أن تجدي شخصاً آخر لتزعجيه بتطفلك


و لكنه توقف عن السير عندما شعر بأنه قد جرحها, فالتفت ليعتذر لها قائلاً: - اسمعي أنا آسـ...


توقف عن الكلام و اتسعت عيناه في هلع ,عندما وجد جسدها يرجع نحو الخلف من إثر دفعته لها و سوف تسقط من فوق السور


, فاندفع نحوها و مد بيده قبل أن تسقط و جذبها نحوه, مبتعداً بها عن السور, ففتحت عينيها تدريجياً بعد أن شعرت بزوال الخطر و


بعد أن صمتت عن الصراخ كذلك, لتجد أن من أنقذها هو هيو, و أنها واقفة الآن بين ذراعيه, فخفق قلبها في شدة و توردت


وجنتيها, و تطايرت خصلات شعرهما في تناغم مع الهواء, هل يسمع أحدكم صوت الموسيقى؟!, أم أنه يهيأ لها هذا؟!, أم تراها


الطيور قد عزفت من أجلها أجمل مقطوعة عن الحب؟!...لوهلة, ظنت روزالين أن العالم قد اختفى, و أنها بمفردها معه, فابتسمت


و هي تنظر بعينيه, و تقول: - أشكرك يا هيو...


,ليجيبها هيو قائلاً في اعتذار: - لقد كان خطأي, أنا آسف...لم أكن بوعيي


و من بعيد عند باب السطح, كان واقفاً, يراقب بعينيه الحزينتين, المهمومتين, ما يحدث في صمت, فقط قلبه كان ينزف في ألم و


حسرة, و هو يشاهدها بين أحضانه, و لا يستطيع فعل شيء..سوى المراقبة


عندها فهم أنه مهما فعل , فسيظل مكانه بعيداً عن قلبها...و لن يأتي اليوم الذي قد تنظر فيه إليه...


شعر بغصةٍ في حلقه, فأغمض عينيه, ليكبح دموعه من الخروج , ثم وضع بيده على صدره و ضغط عليها بقوة عندما شعر بقلبه


يتمزق من الحزن و نفسه التي اجتاحتها الألام المعذبة, فالتفت و نزل مبتعداً عن المكان في صمت, كما جاء في صمت


,فعلى كل حال...سيظل يحبها و لكن...بصمت!!


و بسخرية ممزوجة بالألم همس لنفسه قائلاً: - يا لك من أحمقٍ كبير يا...هاري!

فيرا
05-03-2011, 11:39






و بالمساء جلست روزالين على الأريكة و هي تنظر, لسالي التي جلست تصغي لما حدث معها و مع هيو, و انتظرت منها أن تبدي


رأيها بالموضوع, فقالت سالي: - و لكن روزا, ماذا عن هاري؟!


في استغراب أجابت روزالين: - ماذا به هاري؟!, لم أفهم


حكت سالي ذقنها بيدها و هي تقول مفكرة: - لا أعلم و لكنني أشعر بأن هاري...


صمتت قليلاً ثم أعقبت: - يحمل في قلبه مشاعراً لكِ أو...


قاطعتها روزالين و هي تتنهد قائلة: - أعلم, أعلم..تقصدين أنه يحبني , أليس كذلك؟!


اتسعت عينا سالي ثم قالت في قلق:


- إذاً بما أنكِ تعلمين, لماذا تصرين على هيو؟!, لماذا لا تبادلين هاري بنفس المشاعر؟!


في نبرة شغف قالت: - لأنني أحب هيو, و ليس هاري


عندها نهضت سالي من جوارها و وقفت أمامها , لتقول في حزم:


- إذاً يجب أن تصارحي هاري بأنكِ تعتبرينه مجرد صديق, حتى لا يظل عالقاً بأوهامه...


رمقتها روزالين بنظرة فاحصة ثم أبعدت نظرها عنها و هي تقول: - لا, لن أخبره..دعيه يحبني


قطبت سالي حاجبيها, عندما سمعت ذلك الكلام القاسي من صديقتها, فقالت في تعجب:


- لماذا؟!


في خبث أجابت روزالين: - لأن هذا ما سيجعل هيو يشعر بالغيرة...و هكذا سيقع هيو في حبي


شعرت سالي بعدم الرضا و بالحنق من تلك الإجابة, و أيضاً شعرت بالشفقة نحو هاري المسكين فقالت:


- و لكن هذا ظلم, أنتِ هكذا تدمرينه و تحطمينه, عندما تستخدمينه كسلم...هذا منافٍ للأخلاق..


نهضت روزالين فجأةً من على الأريكة ثم عقدت ذراعيها في تهكم و قالت بغضب و عصبية:


- أنتِ ليس لكِ شأن..لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ


أغمضت سالي عينيها بعدما شعرت بالإهانة مما قالته لها روزالين, فبالأمس طلبت منها المساعدة, و اليوم تقول لها هذا الكلام, هل هذا هو الجزاء؟!...


التفتت سالي ثم فتحت باب الغرفة قبل أن تقول في حزن: - أجل, فمن أكون حتى أتدخل...أنا آسفة


ثم دخلت إلى الغرفة و تركت روزالين بمفردها في الصالة...و أغلقت على نفسها الباب و هي تقول بصوتٍ غير مسموع:


- إن ما تفعلينه, لهو الخطر بعينه...أخاف أن يأتي اليوم الذي يكتشف فيه أنه مجرد لعبة بين يديكِ...

فيرا
05-03-2011, 11:40






أشرقت شمس لندن مخترقةً أشعتها الضباب, لتغمر الكون بضيائها...إنها السابعة صباحاً, و الجميع قد استيقظ و كلهم نشاط,


ليبدأوا أعمالهم و مشاغلهم, فهكذا هي الحياة...


و بأحد الأزقة كانت الفتاة الصهباء ذات الوجه المستدير, و الذقن المستدق , تمشي بتؤدة و هي ترفع بحقيبتها البرتقالية


المتوسطة الحجم, على كتفها, كانت ترتدي ثوباً ذو لون برتقالي يصل إلى الركبة, و على الثوب وضعت معطفاً لونه بني فاتح يصل


إلى قدميها التي انتعلت بهما حذاءً لونه أبيض, و قد كانت تدندن بصوتها في سعادة و هيام, غير عابئة بالوقت, و لكنها توقفت


فجأةً عن السير عندما وصلت لنهاية الزقاق, و عندما ظهر شخص ما أمامها, ليسد عليها المخرج, كان شاباً ذو شعر أشقر مبعثر, كان يبدو عليه


التشرد, و أيضاً عدم الراحة التي انبعثت من ملامح وجهه و نظراته المتفحصة لها, فازدردت لعابها في خوف, ثم في توتر و حذر


أخذت تبتعد بظهرها للخلف , عندما شعرت بالخطر, لتصطدم بشخصٍ آخر جاء من خلفها, و ترتفع نبضات قلبها الخائفة, عندما


سمعت الشخص يقول من خلفها بصوتٍ ساخر و هو يمسك بمعصمها في قوة حتى كاد أن يعتصرها: - إلى أين أيتها الفتاة؟!


ثم تلتها ضحكة من كلا الجهتين...كانت ضحكات مرعبة, ترى ماذا يحدث؟!, و ماذا يريدون هؤلاء الصبية الآن؟!, يبدو أن نواياهام


سيئة و ليست طبيعية, فهل هناك إنسان طبيعي يتهجم على فتاة بالشارع, بذلك الوقت من الصباح؟!..


أخذت الفتاة تحاول التملص منهم, و التخلص كذلك, و لكن الفتى ذو الشعر الأشقر, أمسك بها, و حاول التهجم عليها, فتمزقت


أكمام معطفها, و انقطع سير الحقيبة, لتسقط على الأرض و تتناثر من داخلها كتبها و أقلامها, و دفترها الأزرق المرسوم عليه وحيد


القرن الخيالي, فشعرت و لأول مرة بالخطر المحدق, شعرت بضعفها, أمام براثنهم, هل ستضيع؟!, هل سينتهي أمرها دون أن تخبره أنها...؟!


نزلت دموعها الساخنة على وجنتيها, فشعرت بلسعات البرد على وجهها, ثم أخذت تصرخ:


- النجدة, لينقذني أحد


بينما تعالت ضحكاتهم الساخرة, قائلين في خبث: - اصرخي كما شئتِ, فسوف تأتين معنا


أخذوا يجرونها بقسوة و عنف, و لكنها أخذت تقاوم, و لازالت تصرخ حتى بح صوتها من الصراخ, و جفت عينيها من الدموع, و أصبحت


كالزهرة الذابلة, فخارت قواها, و لم تعد قادرة على المقاومة و النزاع كذلك, أغمضت عينيها و هي تدعوا من قلبها و تتمنى أن


يأتي أحد , لينجدها منهم, و يبدو أن الأماني تتحقق هذه الأيام, و كأن الجنية كانت بجوارها لتحقق بعصاها السحرية أمنيتها, فلم


تكن تتوقع أنه هو من بين كل الناس سوف ينقذها...فتحت عينيها, و هي تبتسم في راحة عندما وجدته يضربهم بقبضة يده, و


يتصارع معهم من أجلها, ثم شعرت بالفرحة أكثر عندما انتهى الشجار, و ابتعد الشيطانان الجبانان عن المكان, لينجوا بحياتهما...


ثم كاد قلبها أن يقفز من صدرها عندما وجدته يمد بيده نحوها و يقول لها في اهتمام شديد بعد أن أطلق تنهيدة قصيرة:


- هل أنتِ بخير ؟!, هل حدث لكِ شيء؟!


هزت برأسها بمعنى أجل ,ثم نهضت بمساعدته من على الأرض, و أخذت تنفض الغبار من على ثوبها الذي تمزقت أكمامه و أصبح


بالياً, فقالت ساخرة: - مسكينٌ هذا الثوب و منحوس , إنها أول مرة أرتديه فيها و يبدو أنها آخر مرة كذلك ...


شعرت بالحرارة تسري بجسدها عندما رأته يبتسم , و لكن قلقها العارم عليه غطى على تلك الحرارة عندما رأت الدماء و الكدمات


التي أصابت وجهه, فقالت له و هي تشير نحو المقهى: - هيو, اجلس على ذلك المقهى, حتى أستطيع أن أعالجك


رفض هيو و قال متحججاً: - أنا بخير لا تقلقي, سوف أتدبر أمري...يجب أن أذهب


و لكنها لم تدعه يذهب و قالت في إصرار : - أرجوك يا هيو, أنت ساعدتني كثيراً, و يجب أن أرد لك الجميل


يبدو أنه لا مفر منها, استسلم هيو بالنهاية و جلس معها على المقهى التي كانت تطل على الشارع, كانت فارغة نوعاً ما سوى


من بعض الزبائن الذين أخذوا يقرأون الجريدة في صمت و يرشفون الشاي بصمت, و هناك بالمقهى وضعت الفتاة بحقيبتها


البرتقالية على الطاولة الحمراء ثم أخرجت منها علبة صغيرة, كانت علبة اسعافات أولية, فنظر هيو لها بتعجب ثم قال:


- آنسة روزالين , لماذا تحملين الاسعافات بحقيبتك؟!


ابتسمت روزالين ثم قالت و هي تفتح الاسعافات و تخرج منها الضمادة و زجاجة المطهر الصغيرة و القطن الأبيض :


- لأن الحياة لا تخلو من المخاطر و الصراعات, ثانيةً لا تناديني آنسة...قل روزالين فقط


ثم قبل أن يتكلم هيو, وضعت روزالين بسبابتها على فمها و هي تقول: - صه, لا تتكلم...دعني أمسح دماءك الآن


سكبت قليلاً من المطهر على القطن ثم قربته من وجه هيو و هي تقول: - سوف يؤلمك قليلاً, و لكن تحمل


أخذت تمسح وجهه من الدماء , و بمنتصف انهماكها في ذلك, رفعت بوجهها لتلتقي أعينهما, فشعرت بقلبها يخفق, رباه ما هذا


الشعور؟!, لماذا لا تشعر بي يا هيو؟!, كان هذا ما دار بخلدها, و هي شاردة بعينيه, و لكنها تنبهت له, عندما وجدته هو أيضاً قد


شرد بعينيها, فارتعشت يديها, ليصحو هيو من شروده, و عندها لاحظ توترها, فأمسك بالقطنة منها و هو يقول:


- سوف أتولى الأمر


عندها شعرت و كأن الكهرباء سرت بجسدها ,عندما لمست يده يدها دون قصد, فقالت روزالين له و نبضات قلبها لا تتوقف عن التزايد


في خفقانها: - و و..و لكن...


قاطعها هيو قائلاً: - أستطيع أن أضمد جراحي...لا أحتاج للمساعدة


ارتسمت علامات التعجب و الدهشة على وجهها, فمنذ قليل كان لطيفاً معها, و يبدو أنه كان مستجيباً لها, و فجأةً أصبح شخصٌ آخر...يا للدهشة!


و لكنها لم تعلم, أنه هو الآخر كانت الحيرة و الدهشة, تنالان منه و تتصارعان بداخله, و لسان حاله يقول له, ماذا دهاك يا هيو؟!,


لماذا صرت لطيفاً هكذا؟!, أيعقل أنك....؟!


ابتلع ريقه ثم التفت مرة أخرى لجانبه, لتلتقي الأعين مجدداً, و لكن هذه المرة ظل هيو شارداً, محدقاً بها, لا يعرف ماذا أصابه؟!, و


ماذا حل به؟!, و ما هذا الشعور الغامض؟!, الشعور بأن الكهرباء قد أمسكت بجسده , و الحرارة قد ارتفعت لديه...


ابتسم و هو يغمض عينيه بعد أن طال الوقت, ثم همس بصوتٍ غير مسموع: - و لكنه شعورٌ جميل!

فيرا
05-03-2011, 11:41
الفصــل الثــالث عشر


لماذا يبدو اليوم أجمل من المعتاد؟!, و لماذا النجوم تلمع بشدة في السماء؟!, هل الطيور تشدو لي؟!, أم أنني حالمة؟!...


هل رأيت يا قلبي نظراته؟!, هل سمعت دقاته؟!, هل عشقتِ يا أذني صوته؟!, هل أحببته؟!..لا بل أنا مغرمةٌ به..


وضعت روزالين بالقلم بين شفتيها و هي شاردة في غرفتها, حتى أنها لم تسمع صوت صديقتها التي كانت تسألها إذا ما كانت


تود العشاء أم لا؟!, و قد كان دفترها مفتوحاً على صفحة خاوية, حيث أنها أرادت أن تكتب بها, و لكنها لم تعرف ماذا تكتب؟!, هل


تكتب له رسالة؟!, و لكن ماذا تكتب بها؟!, ماذا لو أحرجها ثانيةً؟!, ماذا لو كان شعورها خاطئ؟!...


هزت رأسها, رافضةً للفكرة الأخيرة, ثم اتسعت عينيها و استيقظت من شرودها الطويل, عندما وضعت سالي بيدها على الدفتر


أمامها و هي تنظر لها في استغراب و تعجب قائلة:


- روزا هل أنتِ على ما يرام؟!, فمنذ ساعات و أنتِ على تلك الحالة..جالسة على المكتب و فاتحة للدفتر و ممسكة بالقلم, و لكنكِ لم تكتبي شيئاً!!


نظرت لها روزالين ثم أمسكت بيديها و بدأت الدموع تترقرق في مقلتيها, فارتاعت صديقتها من ذلك, و قالت في جدية:


- ما الأمر؟!, هل فعل شيئاً لكِ؟!..أقصد هل أحرجكِ ثانيةً؟!


هزت روزالين رأسها نفياً, فسألتها سالي بتعجب: - إذاً لماذا تبكين؟!


- لأنني أحبه, و لست قادرة على البوح له, أريده أن يعلم بأنني أحبه, ماذا أفعل يا سالي؟!


قالتها روزالين و قد بدأت بالنواح, حتى أن سالي قد تأثرت بدموعها, فربتت عليها بحنان و قالت:


- كفي عن البكاء يا عزيزتي, أنا لا أعرف ماذا أفعل لكِ ؟!, و لكن ألم يساعدكِ كثيراً؟!, ألم تقولي لي أنه ظل شارداً بعينيكِ؟!, ألم يصر على إيصالك اليوم إلى المنزل بعد أن تعرضتِ للهجوم؟!


أومأت برأسها و هي تمسح دموعها بيديها, عندها ابتسمت سالي و هي تقول في هدوء:


- إذاً ربما هو يحبكِ حقاً, أنا أشعر بأنه سيعترف لكِ قريباً...


في يأس تنهدت روزالين ثم قالت: - هل هذا صحيح؟!, أم تراكِ تقولين هذا, لكي تريحي قلبي فقط؟!


في حنان ابتسمت سالي ثم قالت: - لا, أنتِ تعرفين أنني صريحة دائماً معكِ


أومأت روزالين برأسها ثم قالت: - أنا أشعر بالجوع, أين العشاء؟!






و في المنزل الصغير الذي قد طليت جدرانه بطلاءٍ أزرق فاتح, دقت الساعة مشيرة إلى الثالثة عصراً, بينما ظلت الأم تحدج ولدها بنظرات


مستفهمة, ثم أطلقت زفرة قصيرة قبل أن تقول: - يبدو أن الرجوع إلى المنزل مصاباً قد باتت عادة لديك يا هيو


ابتسم هيو لها, ثم قال و هو يزيح خصلات شعره التي تمردت على عينيه:


- تقولين هذا و كأنني سعيد بتلك الإصابات, أو أبحث عمن يضربني...إنها المصادفة يا أمي


في سخرية أومأت الأم برأسها ثم قالت: - أجل مصادفة


ثم استطردت قائلة : - و لكن هل المصادفات تحدث يومياً؟!, فمنذ يومين تشاجرت مع اللص الذي كاد أن يفتك بك, و اليوم تعود لي و ملابسك ممزقة و وجهك مصاب بكدمات, حقاً, لقد أصبحت أشعر بأنك تهوى المشاجرة يا ولدي!


ضحك هيو ثم نهض ليجلس بجوار والدته, و يمسك بيديها في حنان قائلاً: - لن أتشاجر بعد اليوم, هل أنتِ راضية الآن؟!


نظرت له في عتاب ثم قالت: - حسناً, و لكن على ماذا تشاجرت اليوم؟!


انسدلت خصلات شعره على عينيه عندما أطرق برأسه للأسفل, و ابتسم في غموض و شرود كذلك, ثم أجابها قائلاً في تردد:


- لـ..لقد كانت زميلتي تتعرض للمضايقة من قبل بعض الصبية, و..و قد وجدت نفسي أندفع لمساعدتها, و أقحم نفسي بشجارٍ عنيف, و...


صمت عن الكلام, فلم يعرف لماذا بدأ وجهه يتصبب عرقاً عندما تذكر الحادث؟!, بل لماذا يبتسم كالأبله هكذا دون سبب؟!, أم ترى


هناك سبب و هو لا يعرفه؟!, أراد أن يضحك, و بالفعل صدرت منه ضحكة طفيفة, حتى ظنت والدته أنه قد فقد عقله, فسألته باستغراب:


- هيو, هل أنت على ما يرام يا بني؟!


صمت عن الضحك ثم نظر في عيني والدته بعينين قد التمع فيهما بريق طفيف, بريق شعرت به والدته جيداً, و عرفته على الفور,


إنه ذلك البريق الذي قد رأته من قبل, البريق الذي افتقدته كثيراً و اشتاقت له, فهمست بشفتين حزينتين:


- جوزيف, اشتقت لك كثيراً


تنبه هيو لحزن والدته المفاجئ ,فتساءل قائلاً: - أمي ماذا بكِ؟!


مسحت الأم عينيها بمنديلها ثم ابتسمت محاولة إبعاد الحزن عن قلبها, و قالت: - حسناً, هل الفتاة بخير؟!


أومأ هيو برأسه ثم قال: - و حرصت على إيصالها للمنزل بأمان, حتى لا يتعرض لها أولئك الفتية ثانيةً, و لقد قررت ألا تحضر المحاضرات هذا اليوم, و أنا أيضاً لأنني شعرت ببعض التعب..


تنهدت الوالدة ثم نهضت بعد أن طبعت قبلة دافئة على رأس ولدها, و قالت: - حسناً, سوف أجهز لك الغداء قبل أن تنزل إلى عملك


لم يجبها هيو, لأنه قد عاود الشرود مجدداً, و الحيرة كذلك, و بداخل قلبه تساءل...لماذا؟!..

فيرا
05-03-2011, 11:42




- لماذا تجلس بمفردك يا بني؟!


قالها سايمون عندما دخل الغرفة, ليجد هاري جالساً على مقعده الخشبي, واضعاً برأسه على المكتب, و حالته مذرية, فخصلات


شعره كانت متناثرة, و لا يزال بملابس الخروج منذ أن عاد من الجامعة, و بجواره على الأرض تجمعت أكوام من الورق الأبيض


الممزق و المجعد, فجثا سايمون و التقط ورقة من تلك الأوراق و فتحها, ليجد أنها رسالة حزينة لم تكتمل بعد, و كلها قد كتب بداخلها..~ روزالين~


نهض سايمون ثم اقترب من هاري, و ربت عليه في حنان قائلاً:


- ماذا بك يا ولدي؟!, أنت اليوم تبدو حزيناً...قل لي يا هاري عما يحزنك, أفضي إلي عما يدور بصدرك


تنهد هاري في حرارة و حرقة بعد أن نظر لسايمون بعينين ذابلتين ثم عاود الشرود بعدها من جديد, عندها قال سايمون في حنان مستفسراً:


- يبدو أنها مشكلة عويصة, التي تجعلك تشرد هكذا و تحزن بذلك الشكل, هل الأمر له علاقة بفتاة؟!


أومأ هاري برأسه, ليقول سايمون مستنتجاً: - دعني أخمن, أن اسمها روزالين, أليس كذلك؟!


تنهد هاري مجدداً و هو يقول: - أجل


ابتسم سايمون و هو ينظر نحوه, و قلبه سعيد, فها هو يراه يكبر أمام عينيه, و أصبح يحب كذلك, قال بعد برهة من الصمت:


- إذاً أنت تحب يا هاري, أليس هذا ما يشغل بالك يا بني؟!


- أجل


قالها بصوتٍ حزين و مقهور, مما بعث القلق في قلب سايمون الذي قال مستغرباً: - إذاً لماذا أنت حزين؟!, هل أنت خائف من الحب؟!


هز هاري برأسه نفياً ثم قال ساخراً: - بل خائف من هيو


في تعجب أردف سايمون: - هيو!!, و لماذا تخاف منه؟!


لم يجبه هاري و آثر الصمت, بينما قلبه ظل يشتعل داخله, فلن يفهمه أحد, و لن يشعر به أحد, هذا ما تردد داخله حينما أغمض عينيه في حزن, و قال: - أريد أن أرتاح قليلاً


أومأ سايمون ثم تركه و خرج بعد أن ظل ينظر له في شفقة و هو يقول: - و لكن قبل أن أخرج, أريد أن أقول لك شيئاً يا بني, لا تستسلم, فأنت لست ضعيفاً


ثم أغلق الباب خلفه, ليقول هاري في سخرية مؤلمة, كطيرٍ جريح قد سقط من فوق عشه للتو:


- أجل, لن أستسلم..لن أستسلم و هي قد ضاعت مني بالفعل


ثم ضرب المكتب بقبضة يده و هو يصرخ بينما دمائه بدأت بالغليان : - تباً

فيرا
05-03-2011, 11:42




الحب, إنه أجمل شيء بالوجود, خاصةً لو كان الحب طاهراً, نقياً, يخلو من الشوائب و الضغائن و الأحقاد...الحب ليس مجرد تسلية, و


ليست مجرد كلمة تنطق بين اثنين, بل إنه أسمى من ذلك...فهو شعورٌ نبيل تشعر به داخلك, يسيطر عليك, و يجعلك ترى العالم قد


غدى أفضل, إنه ما يدفعك نحو الأمام و لا يجعلك تلتفت للخلف, إذا نبض قلبك فهذا يعني أنك تحب, و لكن ماذا عن روزالين؟!, هل


تشعر بذلك؟!...ربما أجل, و ربما....


و لكنها تبدو سعيدة, بل بقمة سعادتها, خاصةً عندما وقفت بمنتصف الطريق المظلم المار أمام منزلها, تحت المطر المنهمر, فتبللت


خصلاتها الصهباء و التصقت على جبهتها و رقبتها , بينما فتحت بكفيها لتنزل قطرات المطر بداخلهما , فرسمت على شفتيها


ابتسامة رقيقة , و بداخلها تكاد ترقص من الفرحة, عندما تذكرت ما حدث في الأونة الأخيرة, بينها و بينه, فقد شعرت بأنه قد اقترب


كثيراً, و بأن الحاجز البغيض قد شارف على التلاشي, فهمست بشفتين ورديتين بللتهما قطرات المطر:


- قريباً سيذوب جليد قلبك يا هيو


أغمضت عينيها عندما خفق قلبها, ثم فردت بذراعيها كجناحي طائر صغير و أخذت تدور و تدور تحت زخات المطر, غير عابئة بالزمان و


المكان, من يراها سيقول أنها حتماً مجنونة أو ما شابه, و لكن حقاً لم يهمها ذلك الأمر, المهم أنها تشعر بالسعادة تسري بداخلها..


و من بعيد أجبر قدميه على الوقوف, عندما رآها أمامه, حقيقةً لم يعرف ماذا دهاه؟!, و ماذا حدث بداخله ؟!, بل ماذا أصابه , ليجعله يقف كالصنم لا يتحرك؟!


و لماذا يشعر بتلك الكهرباء تسري بداخله من جديد؟!, و بالرغم من أن المطر قد بلله من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه, و لكنه لم


يشعر بالبرد مطلقاً, بل شعر بشيءٍ ما يتحرك بداخله, شيئاً كان ساكناً منذ زمن, توارى مع السنين و توقف مع متاعب الحياة, و


لكنه عاود العمل من جديد, و كأن الحياة قد دبت به, فوضع بيده على صدره , ليتحسس نبضاته جيداً, و هو ينظر نحوها بعينيه


الزرقاوين, بينما همس بصوتٍ خافت: - لماذا هي؟!, لماذا؟!


رسم ابتسامة عذبة على شفتيه, عندما رآها تدور بسعادة دون توقف تحت المطر المنهمر, كحمامة بيضاء أخذت ترفرف بجناحيها


في نشوة و مرح, كطفلة تلعب و تدور دون أن تعبأ بمن حولها...


أطال الشرود بها, فقد توقف العالم و توقف الوقت عندما رآها, فلكم أراد أن يدور معها هكذا!, و لكم حسدها على راحة بالها تلك!


و لكنه سرعان ما أفاق من شروده, و تبددت ابتسامته , و تغيرت ملامح وجهه إلى الفزع و الهلع, عندما اتسعت عيناه و تزايدت


ضربات قلبه و هو يرى سيارة حمراء أتت مبددةً الظلام بضوء كشفاتها الأمامية, و قد أسرعت نحوها, بينما هي لا تدري ماذا سوف


يصيبها إن ظلت واقفة بمكانها تدور؟!


و من دون أن يفكر وجد نفسه يركض نحوها, ليلحقها قبل أن تدهسها السيارة بين عجلاتها, يركض بكل ما أوتي من قوة, و لم


يسمح للمطر أن يعيقه, و لا لنفسه اللاهثة أن ترتاح قليلاً, فلن يضيع الوقت, و سيصل إليها, سينقذها...يجب عليه أن ينقذها,


هذا ما دار بداخله و هو يركض كالمجنون تجاهها, يركض و كأن حياته هي التي سوف تسلب منه لا حياتها...


لا زال المطر ينهمر و لكن هذه المرة أشتد كثيراً, لدرجة أنه أصبح يعيق تقدمه, و لكنه أخذ يقاوم بالرغم من ذلك, فهذا ليس وقت


التباطؤ, فإن لم يلحقها ستصبح النهاية...أما هي فلازالت تدور وسط الطريق, و لا تشعر بشيء سوى صوت دقات قلبها الخافق, و المطر الذي يبلل وجنتيها...


لقد كانت كمن يجابهه الموت و هو لا يدري, يقترب منه دون أن يشعر, فمن الصعب أن تجد نفسك محاصراً بالموت دون أن تعلم, و دون أن تعي...


الموت من أمامها و الحياة خلفها, فمن سيصل أولاً إليها؟!... أهي الحياة التي ستنجدها؟!, أم تراه الموت الذي سيأخذها؟!..


فتحت عينيها المذعورتين أخيراً, عندما تنبهت على صوت بوق السيارة العالي, يزمجر في غضب, فظلت متسمرة أمام السيارة,


بالضبط كمن يصاب بحالة تجمد عندما يرى الموت قد أقترب منه, إنها تلك الحالة البلهاء التي يصاب بها الجميع, أن تقف و لا تعرف ماذا تفعل؟!..


ارتفع بوق السيارة أكثر و أكثر, عندما وجدها السائق لم تبتعد من أمامه, و فجأةً و قبل أن تُدهس تحت إطارات العجلات, امتدت يد


من خلفها و أحاطتها, جاذبةً إياها عن الطريق, لتمر السيارة في سرعة أمام عينيها المذهولتين, و تتطاير خصلاتها الصهباء, بفعل


حركة الرياح, و يبدو أن السائق كان قد بلغ أوجه من التعصب و الإنزعاج بسببها عندما سمعت منه أفظع الشتائم عن الغباء..


تنبهت روزالين, للذراعين المحيطين بها, ثم أحست بأنفاسه الدافئة التي لفحت رقبتها من الخلف, و نبضات قلبه التي تصاعدت ,


فجعلت قلبها يخفق, و من حمرة الورد اصطبغت وجنتيها عندما شعرت أنه هو من أنقذها ثانيةً, كما أنقذها من قبل, و كما ينقذها


دائماً, أجل هو..إنها تعرف نبضاته جيداً, بل تحفظها عن ظهر قلب, و ازدادت فرحتها عندما سمعته يقول من خلفها بصوتٍ متهدج:


- آنسة روزالين, هل.....هل أنتِ بخير؟!


في خجل تساءلت قائلة: - هيو, أهذا أنت؟!


أبعد هيو ذراعيه عنها, عندما شعر بأنه قد أطال بالأمر, فتلفتت إليه روزالين ثم بامتنان قالت:


- أشكرك يا هيو, لقد أنقذت حياتي....


- ... مجدداً !!


قالتها بعد أن اقتربت منه و نظرت بخجل نحو الأرض, بينما ظل هيو محدقاً بها و يبدو أنه قد شرد مجدداً, و بنفسٍ حائرة تساءل من


جديد, ما الذي يحدث لي؟!, لماذا أضيع كلما نظرت إلى عينيكِ؟!, و لماذا أتألم كلما ابتعدت عنكِ؟!, بل لماذا ينبض قلبي كلما


سمعتكِ تنطقين باسمي....كما ينبض الآن و أنا واقفٌ معكِ؟!


تنبهت روزالين لشروده, و صمته الطويل, فرفعت برأسها, لتتقابل أعينهما من جديد, فتعانقت نظراتهما, و بداخلها تمنت أن تصيح في


ذلك الوقت بأعلى صوتها أمامه.... ( أحبـــك )


شعر هيو بتلك الحرارة تجتاحه مجدداً, فهرب بعينيه بعيداً عنها , ثم قال متلعثماً:


- سوف...أقصد الوقت متأخر..و الجو بارد, ستصابين بالزكام هكذا, يجب أن تذهبي إلى منزلك...


لقد أراد الهرب, أجل الهرب بعيداً عنها, جزءاً منه كان يقاومها, و لكن الجزء الآخر مستسلمٌ لها...إنه حائر, لا يعرف ماذا يريد؟!, و لا يفهم ماذا يحدث؟!


أمسكت روزالين بيده قبل أن يغادر المكان, مما جعله يتوقف, و قد تواثبت نبضاته, و من دون أن يعرف أو يفهم ماذا يفعل؟!, وجد


نفسه يطبق على يدها, فاتسعت عينيها في ذهول من ذلك, و ازدادت البسمة على شفتيها, و لكن ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى


ترك يدها, و هو يقول دون أن ينظر لها:


- تصبحين على خير, سوف أذهب...وداعاً


و قبل أن تتكلم هي, ابتعد عنها و غادر المكان, فسقطت يدها بجوارها, ثم نظرت بخيبة أمل نحو الأرض, و هي تقول:


- سيأتي اليوم الذي سوف أسمعك تقولها لي يا هيو....


صمتت لبرهة, قبل أن ترفع رأسها و تقول بعد ذلك بصوتٍ حالم:


- لقد أوشك الحاجز على الانهيار, و يوماً ما...ستأتي إلي و تقول لي ( أحبك ) ... ربما ليس الآن...ربما ليس اليوم, و لكنني سأنتظرك....مهما حدث!!


أنهت كلامها, ثم دخلت إلى البناية المطلة على الشارع, لتصعد إلى شقتها...في صمت الليل الأجوف !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
05-03-2011, 11:44
الفصـــل الــرابــع عشــر


صدر صوت صرير خافت, انفتح بعدها باب المنزل على وسعه, ليخطو بعدها بقدميه نحو الداخل, و هو ينظر في ساعة يده, ليجد أن


الوقت قد أصبح بالواحدة صباحاً, فهمس بصوتٍ منخفض: - جيد لم أتأخر اليوم كثيراً


أغلق الباب خلفه بخفة و حذر, ثم فجأةً عطس ثلاث عطسات متتالية, فأخرج منديله من جيب بنطاله الأسود, ليجده قد ابتل هو الآخر, مثله مثل


حال صاحبه, و ما هي إلا هنيهات من الزمن حتى انفتح النور, ليضيء المكان, و تتضح معالمه البسيطة, عن أريكة رمادية كبيرة و مقعدان


محاذيان لها بنفس اللون, و طاولة صغيرة بالمنتصف عليها مزهرية صغيرة بها زهرة حمراء من البلاستيك, و نافذة تقع فوق الأريكة


تدلت عليها ستارة بيضاء مطرزة بخيوط فضية, و جدران زرقاء فاتحة, و وسط الصالة وقفت سيدة قد غزا شعرها الذهبي الشيب,


فجعله كلون القطن الأبيض وسط حقلٍ من سنابل القمح, و ملامحها رقيقة رغم بعض التجاعيد التي قد اكتستها بسبب الحزن, و


تحت عينيها ظهرت بعض الخطوط المجعدة البسيطة ,كالتي بجانب فمها, و لكن رغم ذلك, لا تزال جميلة...كزهرةٍ مر عليها الوقت ,


فأصبحت ذابلة و لكنها لا تزال محتفظة برونقها الخاص...


كانت ترتدي ملابس نوم بيضاء طويلة , أخذت تنظر للشاب الواقف أمامها في دهشة ثم مالبثت أن قالت له بعد أن شهقت من منظره:


-هيو!, لماذا أنت مبللٌ هكذا يا ولدي؟!


ابتسم هيو لها ثم قال مجيباً إياها: - لأن الجو ممطر بالخارج يا أمي


- أجل أعلم, و لكن يبدو عليك أنك وقفت طويلاً تحت المطر


انتابت هيو حينها نوبة من العطس المتواصل مختلطةً بسعالٍ شديد, قبل أن يجيبها, فوضع بيده على فمه حتى يوقف ذلك, و لكن


يبدو أن السعال و العطس لا ينتهيان, و لوهلة ظنت والدته بأن روحه ستخرج منه, فهرعت نحوه ثم أمسكت بيده و هي تقول في إصرار:


- تعال معي, إلى غرفتك, فأنت في حالة سيئة


بصوتٍ مبحوح قال لها حتى يطمئنها:


- لا تشغلي بالك يا أمي, سوف أكون بخير...كوب واحد من الليمون, و سأكون على ما يرام


في قلق الأمومة البالغ قالت: - ستكون على ما يرام!, هل أنت تمزح؟!...إنك تسعل يا صغيري


في استغراب تساءل: - و ماذا في ذلك؟!, إنه مجرد زكام بسيط بسبب المطر


- لا, ليس بسيطاً...هيا إلى الداخل, حتى تبدل ملابسك المبتلة هذه بملابس جافة


- و لكن...


- ليس هنالك وقت للكن...هيو لا تجادلني


- أمي أنا لم أعد صغيراً


نظرت له بعينين دامعتين ثم قالت, و هي تضع بيدها على وجهه:


- لا, لم تكبر و لا زلت صغيري الحبيب, أنت من تبقى لي الآن, و لن أفقدك كما فقدته


فهم هيو مشاعرها على الفور, و فهم ما ترمي إليه... إنه ذلك الخوف الجميل الذي يصاحب أي أم عندما ترى طفلها يصاب بالمرض,


إنه ذلك الحنان العارم الذي يفيض به قلبها...


و في استسلام, تركها تأخذه إلى غرفته, و تعالجه و تهتم به في رعاية و عناية و حنان ,كطفلٍ صغير...


جعلته يمدد على سريره , ثم وضعت فوق رأسه قطعة مبللة بماء بارد, ذلك بعد أن جعلته يبتلع الدواء الخاص بالزكام, و يشرب أكواباً


من الليمون الدافئ, ثم بالنهاية أرخت رأسها على صدره مستسلمةً للنوم عندما نال منها التعب, و بعد أن اطمأنت عليه, و رأت


النوم يداعبه, فرسمت بسمة على شفتيها و قالت داعية:


- أرجوك يا إلهي, اشفي صغيري...و أطل لي بعمره...






عنـد إحدى المقاعد المتراصـة بالحـديقة الواســعة الملحــقة بجــامعة برونــيل, جلــس بجــوارها بعد أن جلست هي أولاً, و هي


تقول في تذمر و ضجر:


- هذا ظلم, لماذا الأستاذ ماكـفريد يعاملني بهذا السوء؟!, لماذا يتعمد دائماً أن يتشاجر معي؟!, هذا ما كان ينقصني...


ضحك الآخر من ردة فعلها تلك, حيث احمرت أذنيها و أنفها من الغضب, بينما نفخت خديها احتجاجاً عما حدث, فقال لها و هو يحاول


أن يكتم ضحكاته عندما رآها ترمقه بنظرات تطاير منهما الشرر:


- اهدأي يا روزا, إن الأستاذ فاصولياء, لهو طيب القلب و رقيق.. و لكنه فقط متحفظ قليلاً مع الفتيات


صاحت روزالين بغضب في وجهه : - حقاً, إذاً لماذا لم يفعل هذا مع الفتيات الأخريات؟!, و هل أنا الفتاة الوحيدة بالقاعة؟!


تغيرت ملامح المزاح إلى الجد و هو ينظر لها قائلاً في رصانة: - أتريدين الصدق أم الخداع؟!


- الصدق بالطبع!


قالتها روزالين في دهشة و استغراب, ليجيبها بنفس الوتيرة قائلاً و هو يحك أرنبة أنفه بسبابته:


- الحقيقة أنكِ دائمة الشرود, و لا تنتبهين لشرحه, لذا, هذا ما أزعجه بالفعل...


ثم أكمل بترجي قائلاً: - لو تقللين من شرودكِ هذا قليلاً فقط...


قاطعته روزالين قائلة: - هاري, لماذا لا تقل الحقيقة, بأن الأستاذ ماكـفريد شخصٌ ظالم بالفعل؟!


ثم قبل أن يتكلم هاري, أدارت وجهها للناحية الأخرى و هي تعقد ذراعيها على صدرها كعادتها عندما لا يعجبها الكلام, ثم أكملت في استياء:


- حسناً, لنغير الموضوع, لأنني لا أريد سماع سيرة هذا المتعجرف الأحمق...


ابتسم هاري, بينما خفق قلبه و هو ينظر لها و لكنها لم ترى ابتسامته لأنها لا تنظر له, فهو لا يقع في أي زاوية من نظرها...و يبدو


أنه لا يقع بأي زاوية من قلبها كذلك, و لكنه تذكر كلمات سايمون له , ( لا تستسلم), فحاول جاهداً أن يستجمع شجاعته, حاول أن


يغامر و يخبرها بحقيقة مشاعره نحوها, فصدرت منه نحنحة بسيطة, ليسترع انتباهها, ثم قال و هو يشبك أصابع كفيه عندما التفتت له روزالين فجأة:


- روزالين أنــا...


فقاطعته روزالين قائلة في تعجب و تساؤل ممزوجة بحيرة : - هاري , ألم ترى هيــو اليوم؟!


صمت هاري عن الكلام و ابتلعه, بينما شعر بألم ينشأ و يتغلغل داخل صدره, و ضعف يجتاح نفسه, و غيرة تتأجج بقلبه, فقال بنبرة


حزينة منكسرة: - لا , لم أره اليوم...يبدو أنه غائب


و بداخله أكمل, و أتمنى أن يكون غائب داخل قلبكِ أيضاً, لماذا لا تشعرين بي؟!, لماذا هيو؟!..


عندها تنبهت روزالين, لشروده المفاجئ , فقالت له متعجبة: - هاري, هل أنت بخير؟!


ابتسم لها بعدما أفاق, حتى لا يقلقها, ثم قال: - رجاءً انتظريني هنا للحظة قليلة


ثم نهض من جوارها, فتساءلت: - إلى أين؟!


ابتسم في غموض ثم قال: - قلت لكِ انتظري, عندما آتي ستعرفين جواب سؤالكِ


في دهشة أمام عينيها, ركض مبتعداً, و قد طرأت بداخله فكرة, ربما تنقذه و تجعلها تنتبه له و لو قليلاً, ربما جعلتها تبدل نظرتها له...


و بعد دقائق معدودة, و بينما كانت روزالين جالسة تتنهد في ملل واضعة بيدها على خدها, شعرت بشيءٍ ما رقيق, بارد, يلامس


وجنتها من الجهة الأخرى, فاتسعت عينيها في تفاجؤ مما حدث, ثم سمعت صوته, قبل أن تتساءل, يقول في مرح:


- ما رأيك بالمفاجأة؟!, أوليست جميلة؟!


أخذت روزالين تنقل نظراتها المندهشة بين الوردة الحمراء التي استقرت بين يديها, و بين وجهه المبتسم بسعادة, ثم قالت في


تعجب ممزوج بفرحة: - ما أجملها تلك الوردة!, هاري إنها مفاجأة جميلة , و لكن هل ذهبت لإحضارها لي؟!


جلس هاري بجوارها ثم قال و هو ينظر في عينيها بهيام واضح: - أجل, لأنها ذكرتني بكِ


ثم تعمق في نظراته أكثر, أراد أن يرى روحها, أن يلمس قلبها, و يفتحه, ليرى ماذا يدور بداخله؟!, هل تحبه؟!, هل ستنظر له في


يومٍ ما؟!, أم سيظل في الزاوية المهملة من عينيها و قلبها و وجدانها؟!..


في تساؤل قالت روزالين: - هاري, لقد كنت تود أن تقول لي شيئاً, فما هو؟!


تنهد هاري ثم قال و هو ينظر بجد و حنان نحوها: - أجل, كل ما كنت أريد قوله هو....


حاول جاهداً أن يوفق كلماته حتى لا تكون مبعثرة و مشتتة مثله, فأكمل و هو يزدرد لعابه بصعوبة:


- روزالين , أنا أ...


- روزالين نحن هنا, ألن تأتي معنا؟!


صدرت من بعض الفتيات اللواتي أخذن يلوحن بمرح لها من على بعد, حتى تأتي معهم, فابتسمت روزالين و هي تلوح لهن هي


الأخرى بيدها, ثم نهضت و هي تقول: - سآتي, انتظرنني


ثم قالت لهاري, و هي تبتعد دون أن تنظر له: - آسفة هاري, و لكنني وعدتهن أنني سأذهب معهن للتسوق, أراك فيما بعد


ثم ابتعدت عنه مع زميلاتها اللواتي أخذن يثرثرن معها, أما هو فقد بانت على وجهه علامات الغيظ و الإحباط معاً, ثم بخيبة أمل نظر


للأرض , فانسدلت خصلاته العسلية على عينيه, ثم قال: - أحبــكِ, هذا ما كنت أود قوله


تنشق الهواء بعمق, ثم أطلقه بغضب, قبل أن ينهض هو الآخر , ليخرج من الجامعة... و هو يشعر بأنه لن يأتي ذلك اليوم , الذي


سيخبرها فيه عن حبها المتربع داخل قلبه, مطلقــاً...

فيرا
05-03-2011, 11:45




لندن الحزينة, هذا ما يبدو لك من الوهلة الأولى, عندما ترى الغيوم قد غطت نور الشمس, فمنعت ضوءها من الوصول إلى الأرض, و


الجو قد بات مشبعاً برطوبة, لتجعله بارداً , سقيماً, كحال صاحبنا, الذي جلس بمفرده على العشب, أمام إحدى المقابر, التي وضع


أمامها باقة من الزهور البيضاء و الوردية, و يبدو أنه كان وحيداً, فلم يكن هناك أحد داخل المقابر, و لم يكن أحد بجواره ليواسي أحزانه..


و من بين عينيه الزرقاوين انفلتت عبرة حزينة, سقطت معها الثلوج من السماء, أجل لقد كان هذا أول يوم لسقوط الثلج , فقال بصوتٍ


حزين و ملتاع : - لقد مر عام على وفاتك, يا أبي


و بألم صرخ صرخةً مدوية, ترددت صداها في الأنحاء, صرخةً نشأت من داخل قلبه المكسور, ثم قال و هو يضع بيده على شاهد القبر صائحاً في غضب كمن يكلم أحد أمامه:


- لماذا يا أبي؟!, لماذا توفيت و تركتنا نعاني؟!, لماذا شاركت ذلك الوغد؟!, أنت السبب؟!, لكم أكرهك...أجل أكرهك


انهمرت دموعه أكثر, و انكب على وجهه أمام المقبرة , ثم أخذ يضرب بقبضة يده على الأرض في عنف, لتختلط دموعه بالتراب, ثم


بحزن قال نافياً: - لا, أنا لا أكرهك...بل أحبك يا أبي, و لكنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً


ثم أكمل في حنق: - بل أكره نفسي الضعيفة, المثيرة للشفقة....كم أنا ضعيفٌ من دونك يا أبي


حاول جاهداً النهوض من مكانه, ثم نفض الغبار عن ملابسه, نظر نظرةً أخيرة للقبر الذي كتب على شاهده الرخامي


~ فلترقد هذه الروح في سلام, جوزيف دنفـر ~


ثم بإصرار ضغط على قبضة يده و هو يقول في جد مضيقاً حدقتي عينيه ,بينما تطايرت خصلاته البنية بسبب الهواء:


- أعدك بأنني سأجعله يدفع الثمن, لن يهنأ لي بال, إلا عندما أراه راقداً...بالقبر المجاور لك


ثم التفت و غادر المكان, بعد أن دس يديه بجيبي بنطاله الأسود......






داخل القاعة الواسعة, المليئة بالطلاب و الطالبات, كان أحد الأساتذة يلقي محاضرة عن أنواع التربة و معالجتها, و يبدو أن المحاضرة


كانت مملة لبعضهم, و مهمة للبعض الآخر, و بعيداً عن ضجيج الشرح, حادت برأسها, لتنظر له بنظرات تنم عن سعادة و فضول مرة


أخرى, و لكن هذه المرة أعادت رأسها للأمام في سرعة, عندما وجدته قد لاحظ نظراتها المريبة هذه, و بجوارها نظر لها زميلها


بدهشة قائلاً بصوتٍ منخفض حتى لا يسمعه الأستاذ:


- روزا, ماذا هناك؟!


هزت روزالين رأسها بمعنى, لا شيء, ثم قالت: - لنتابع الشرح أفضل


ظل يحدجها بنظرات فاحصة, ثم أعاد رأسه , ليتابع الشرح, بينما بداخله كانت الحيرة تأكل قلبه, و هو يقول في سره:


- أحسبتِ أنني لم أرى نظراتكِ المتلهفة له, و الشوق الجارف في عينيكِ؟!...كنت مخطئ عندما, ظننتكِ ستنظرين لي, و لو لمرةٍ واحدة


و بعد مضي فترة قصيرة من الزمن, لفتت روزالين برأسها للخلف في حذر, ليخفق قلبها مجدداً, عندما وجدته, لازال ينظر نحوها


بعينين شاردتين, سرح بهما الخيال, لأبعد الحدود, ثم على شفتيه, التمعت بسمة شفافة عندما وجدها تنظر نحوه مجدداً...


أعادت رأسها في خجل, عندما رأت تلك الابتسامة ظهرت على محيّاه, و نظراته المنصبة عليها, فهمست قائلة و هي تبتسم:


- يبدو أن الجليد قد ذاب يا هيو


انتهت المحاضرة الطويلة, و تثاءب الكثير, بعد أن خرج الأستاذ, هتف أحدهم في مرح:


- العطلة الشتوية ستبدأ غداً, لن نأتي إلا بعد أسبوع


اتسعت عينا روزالين, ثم قالت في ذهول: - ماذا؟!, أسبوع؟!...و ..و كيف سأحتمل أن أبقى هذا الأسبوع بعيدةً عنه؟!


- عن من؟!


نظرت روزالين بفزع نحو من تكلم, ثم سرعان ما ابتسمت في توتر قائلة: - ماذا؟!,هاري؟!, لا لا شيء ...كنت أثرثر مع نفسي فقط


ظل ينظر نحوها في استغراب, ثم تنهد قائلاً: - حسناً, أتمنى لكِ أجازة سعيدة


ثم خرج من الباب بعد أن قالت له روزالين: - سألحقك, و لكن بعد أن أضع أغراضي بالحقيبة


يبدو أن الجميع قد غادر المكان, فبات خاوياً, و لم يبق سواها , هذا ما بدا لها, و بعد أن انتهت أخيراً من وضع أغراضها, ارتدت


معطفها ثم رفعت حقيبتها الحمراء, و همت بالخروج من المكان, و لكنها شعرت بيدٍ ما أطبقت على ذراعها, و قبل أن تصرخ, جذبتها


اليد نحو الداخل, قبل أن تخرج من الباب, ثم في ذهول, التقط عينيها بعينيه الزرقاوين, و بدهشة قالت: - هيو!!


ظلت تحملق في عينيه باستغراب يلفه التساؤل, فماذا دهاه؟!, إن هيو ليس من ذلك النوع الخبيث, هذا ما دار بداخلها حينما, وضع


هيو بيده على الجدار الذي تسند عليه بظهرها مانعاً إياها من المغادرة, ناظراً بعينيها في ود و شرود, بينما تواثب قلبه , و قبل أن


تتكلم, قال لها : - الآن عرفت لماذا ينتابني هذا الشعور؟!, الآن فقط فهمت كل شيء


قطبت حاجبيها متظاهرة بالاستغراب قائلة: - ماذا تقصد؟!


بينما قلبها كاد يقفز من السعادة و هي تراه بذلك المنظر, و تسمعه يتكلم بتلك النبرة...لقد انهار الحاجز أخيراً, هذا ما فهمته من عينيه


, و بصوتٍ يخالطه الفرح قالت: - هيو, هل...


عندها وضع بيده على فمها مسكتاً إياها, ثم نظر في عينيها و هو يقول: - صه, لا تتكلمي....


ثم أكمل في هيام: - روزالين, أنا أحبـــكِ


اتسعت عينيها من الفرحة, لقد نطقها أخيراً, ثم في تلعثم قالت: - أنا..أقصد...متى حدث هذا؟!


ابتسم لها قائلاً: - منذ أن عرفت معنى الحب


تضرجت وجنتيها بحمرة الخجل بينما تلألأت عينيها و هي تنظر له بعدم تصديق, ثم أردفت:


- و ..و أنا أيضاً


و من بعيد وقف يراقب ما يحدث في حزن , بينما انسدلت خصلاته العسلية حاجبةً عينيه, اللتين نظرتا بألمٍ نحوهما, فأسند بيده على الباب ,ليمنع نفسه من السقوط,


إثر الصدمة التي تلقاها للتو, فها هو يراهم معاً, للمرة الثانية, و لكن....هذه المرة قد ضاعت منه بالفعل, و لم يعد هناك أي أمل


و بالحزن الذي يعتصر قلبه قال في داخله: - يبدو أنها ليست لك يا هاري...ستظل بعيدة, للأبد


أغمض عينيه ثم التفت , و ابتعد عن المكان, تاركاً إياهم خلفه....في صمت !


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
05-03-2011, 11:48
الفصــل الخــامس عشــر



الساعة الرابعة عصراً, دخلت المنزل و هي في أوج سعادتها, و الفرح يملأ عينيها, كانت تدندن بصوتٍ منخفض, ثم أغلقت الباب



خلفها بلطف, رمت بحقيبتها على الأريكة البيضاء, ثم خطت بخطوات رشيقة نحو الصالة, فرأتها صديقتها التي وقفت متعجبة و



مشدوهة من حالتها, فقالت: - روزا, هل أنتِ على ما يرام ؟!



عندها أمسكت روزالين بيد صديقتها في حركة فجائية, ثم أخذت تدور معها في سعادة, وسط الصالة, و هي تقول:



- اليوم هو أجمل يوم , بل أحلى يوم, بل أفضل يوم..إنه يوم تاريخي...يوم عظيم...جميل حقاً..أنا أعشق هذا اليوم يا سالي



شعرت سالي برأسها يلف من الدوران, فقالت و هي تغمض عينيها: - روزا, أرجوكِ فلنتوقف قليلاً, فسوف يغشى علي من الدوران



توقفت روزالين عن الدوران, و قالت و هي تضحك: - آسفة جدتي



أخذت سالي تلتقط أنفاسها, و هي تضع بيدها على رأسها, لتستعيد وعيها, بعدها ببرهة نظرت لروزالين, و هي تقول في تساؤل :



- حسناً, هلا شرحتِ لي, ما سر سعادتكِ اليوم؟!



ابتسمت روزالين ثم قالت و هي تدور حول نفسها: - لقد اعترف لي اليوم...لقد قال لي أنه يحبني



- هاري؟!



توقفت روزالين عن الدوران ثم التفتت لسالي التي كانت على وجهها علامات الاستفهام, فقالت في تعجب: - لا, أنا أقصد هيو



عندها قالت سالي في حيرة: - و لكن ماذا عن هاري؟!



في تساؤل قالت: - ماذا تقصدين؟!



- أقصد, ماذا كانت ردة فعله, عندما علم بأمركما؟!



عندها ضربت روزالين رأسها بكف يدها و هي تقول:



- لقد نسيت أمره تماماً, كنت طلبت منه أن ينتظرني خارج القاعة, و عندما خرجت لم أره



في قلق قالت سالي: - ترى هل شاهد ما حدث؟!, هل سمع هيو و هو يعترف لكِ, لذا رحل دون أن يخبركِ؟!



في عدم اهتمام قالت: - و ماذا في ذلك؟!, لماذا أنتِ قلقلة هكذا بأمره؟!



مطت سالي شفتها السفلى و هي تقول : - روزا إن هاري يحبكِ, و هذا واضح من معاملته لكِ, و من تلك الوردة الحمراء..



في لامبالاة قالت روزالين: - و لكنني لا أحبه



في تعجب قالت سالي: - إذاً , لماذا أخذتِ الوردة منه؟!



في تعالي و غرور قالت: - لأنها هدية لي, و طالما هي لي, إذاً من حقي أن آخذها



شعرت سالي بأن طريقة كلام صديقتها قد تبدلت كثيراً, فصمتت عن الكلام حتى لا ينقلب الحديث إلى شجار, ثم ابتسمت لها و



هي تقول مغيرةً الحديث: - حسناً دعينا من هاري, لأنني سعيدة كثيراً لأجلك , ألم أقل لكِ أنه سيعترف قريباً؟!



أومأت روزالين برأسها, ثم قالت في غرور: - على أية حال كنت أعرف أنه سيقع , و أن ذلك اليوم آتٍ لا محالة



نظرت سالي في عينيها و قد اختلج الشك قلبها و هي تقول: - روزالين, إياكِ و اللعب بمشاعره, أخاف أن يكون مصيره مثل سابقيه



حدجتها روزالين بنظرة غاضبة ثم قالت و قد تجهمت ملامح وجهها:



- و من قال لكِ أنني ألعب؟!, قلت لكِ مسبقاً أن هيو ليس كمن عرفتهم



في تشكك قالت سالي: - و لكن طريقتكِ في الكلام لا توحي بذلك, و أيضاً خفت أن يكون ذلك لعب لا أكثر



زفرت روزالين في قوة ثم باستياء و تهكم قالت و هي ترمقها بنظرات حادة:



- لا تقلقي, و أتمنى أن تكفي عن أداء دور الفتاة المرشدة التي تهتم بالآخرين, لأن هذا يزعجني...



اتسعت عينا سالي و هي تنظر لها بعدم فهم, هل هذه روزالين حقاً؟!, هل ما تسمعه منها حقيقة أم خيال؟!, أخذت ترمش



بعينيها مانعة العبرات من السقوط ثم قالت و هي تنظر نحو الأرض:



- آسفة روزالين, يبدو أنني تماديت كثيراً, و جرحتكِ, لم أقصد هذا حقاً, فقط كنت...



ابتلعت سالي كلامها و قالت: - لا شيء, حسناً سوف أدخل لغرفتي حتى أكمل دراستي



ثم استدارت و أغلقت الباب خلفها بعد أن دخلت, ثم أغمضت عينيها و هي تسند بظهرها على الباب, و تناثرت تلك اللآلئ



المتساقطة من عينيها على وجنتيها في ألم و حزن...

فيرا
05-03-2011, 11:48





تساقطت عبراته و هو يقول:



- لماذا تذهبين إليه؟!, لماذا أراكِ دائماً معه؟!, واقفة معه و تتحدثين إليه, حتى نظراتكِ له, قلبكِ أيضاً له, و أنا أقف مكتوف اليدين, لا أستطيع فعل شيء سوى المراقبة, أراكِ تبتعدين عني و أظل صامت, تقعين في حبه, و لا أتكلم... ماذا كنتِ تظنينني؟!



صمت قليلاً ثم اقترب من الحائط و هو يضع بيده عليه و يصرخ قائلاً:



- ماذا كنتِ تظنينني؟!, هااه؟!... أتحسبينني بلا قلب؟!, أم أتعتقدين أنني مصنوعاً من الحجر؟!, أم حسبتينني لا أشعر؟!... لا يا عزيزتي, أنا أيضاً مثله..أمتلك قلباً, لماذا لا تشعرين بي ؟!...لماذا ؟!...لماذا هو؟!...ماذا فعل لكِ لكي تقعين به؟!



هوى بقبضة يده على الحائط ,ضارباً إياه في حنق و ألم, صائحاً بينما دموعه تنهمر أكثر:



- لماذا؟!...أنا أحبكِ يا روزالين أيضاً, لماذا يا هيو؟!



و يبدو أنه تعب من البكاء , فانهار على ركبتيه و هو ينظر نحو الأرض في حسرة و يقول:



- أنا السبب, أنا الملام على هذا, لقد تركتكِ تضيعين مني...لو كنت أخبرتكِ منذ أول وهلة رأيتكِ فيها, لما حدث ما حدث...أجل أنا الغبي الوحيد هنا



قاطعه صوت باب الغرفة و هو ينفتح , ثم سمع صوته الحاني من خلفه يقول في ذعر: - سيد هاري, ماذا بك؟!



هرع سايمون نحوه, ثم أنهضه من على الأرض و هو يقول في قلق: - لقد, سمعت صوت صياحك, فارتبت كثيراً, خفت أن يكون حدث لك مكروه...



أطل سايمون في عينيه الباكية , فلمح اليأس الجارف و الحزن المتأجج في قلبه ,فقال في تساؤل:



- ماذا بك ؟!, لماذا تبكي؟!, هل هو والدك؟!



هز هاري برأسه نفياً, عندها تساءل سايمون ثانيةً بعد أن أجلسه على مقعده: - إذاً, ما سر حزنك؟!



أجاب هاري في اقتضاب: - لا شيء



لم يصدقه سايمون, فكيف ألا يكون هناك شيئاً, و هو يراه بتلك الحالة البائسة؟!, إنه يواري ألمه, و لا يريد أن يشاركه أحدٌ فيه, لماذا



يفضل الكتمان؟!, هذا ما دار بخلده عندما وضع بيده على كتفه مربتاً عليه في حنان ثم قال:



- لا تخفِ عني شيئاً, بُح بما يؤرقك لي



لم ينطق هاري بأي حرف, بل ظل ينظر نحو الجريدة التي أمامه, على المكتب, خاصةً على ذلك الخبر المكتوب بالخط العريض



~ حفل الفنانة اللامعة كريستال, مساء اليوم في إيطاليا ~



ظل شارداً بالخبر, و لم ينتبه على سايمون الذي كان ينادي عليه, كان يبدو عليه التفكير و الإنهماك, ثم فجأةً التفت لسايمون و هو يقول :



- إنه الحل الوحيد, سوف أكلمها



في تعجب و تساؤل قال سايمون: - تكلم من؟!




كاد هاري أن يتكلم بصوت مرتفع, و لكنه تدارك ذلك, فأخفض صوته ثم قال: - أقصد أتصل بأمي...



قطب سايمون حاجبيه في عدم رضا ثم قال: - لا يا هاري, أنا غير مؤيد لتلك الفكرة



في استغراب تساءل هاري: - لماذا؟!



أجاب سايمون: - ألم تسأل نفسك , ماذا سيحدث لو علم والدك بالأمر؟!



حك هاري جبهته ثم قال بعد تفكير : - راقب المكان يا سايمون من أجلي, و أخبرني إذا رأيت والدي قادم نحونا



كاد سايمون أن يعارض, و لكنه استسلم حالما رآى تلك النظرة المترجية في عيني هاري, فقد كان يرغب و بشدة أن يكلم والدته,



فتنهد و قال: - حسناً, كما تريد



ثم خرج و ظل واقفاً أمام الباب يراقب بعد أن أغلقه خلفه , تاركاً إياه بالداخل ينظر نحو هاتفه في تمعن و شغف, متردداً بالضغط على



الأزرار, ظل هكذا لمدة ليست بطويلة, و بالنهاية قرر الاتصال, فضغط باصبعه على الزر, ثم قرب الهاتف من أذنه, و هو يبتلع ريقه



بصعوبة, بينما شعر أن قلبه سيخرج منه, فها هو سيسمع صوتها يرد عليه, ها هي ستكلمه, أخيراً و بعد طول سنين, ترى هل



ستعرفه؟!, و كيف ستكون ردة فعلها؟!, و ما هو شعورها؟!, كانت هذه الأسئلة تعصف بذهن هاري الذي كاد أن يغلق السماعة و



لكنه توقف و ظل ينصت للرنين, على أمل أن تجيبه....

فيرا
05-03-2011, 11:51






جلست أمام مرآتها و التي زينت حوافها بمصابيح صغيرة معلقة, لتضيء وجهها الأبيض, فانعكست نظراتها الحادة و التي أخذت ترمق



بها انعكاس الشاب الجالس خلفها, ذو الشعر الأسود المبعثرة خصلاته بطريقة جذابة, و القميص الأحمر المفتوح, و البنطال الجينز الأسود,



و قد كان يبدو عليه الشرود, لكنه تنبه لتلك النظرات المتقدة من عينيها, فنظر بتعجب و هو يقول متسائلاً: - ماذا هناك؟!



أطلقت المرأة بزفرة عميقة تنم عن غيظ شديد, ثم تناولت أحمر الشفاه الموضوع أمامها على طاولة التزيين, و قالت و هي تضعه على فمها:



- أتسألني ماذا هناك؟!, ألم تفهم بعد؟!...كنت في غنى عن تلك الضجة الإعلامية, و لكن بسبب تهورك أمام الكاميرات و تسرعك في إعلان خطبتنا, بت و أصبحت أرهق يومياً بأسئلة الصحافة اللحوحة, و مقابلاتهم المرهقة, حتى الشائعات تلاحقني بسببك



نهض الشاب من على مقعده, ثم اتجه نحوها , حتى صار خلفها تماماً, عندها توقف عن الحركة, و وضع بيده على كتفها في حنان



ثم قال بعد أن تهللت ملامحه بسمة رقيقة و هو ينظر لانعكاسها المنزعج في المرآة:



- شيري, قلت لكِ لا تقلقي, طالما أنا بجواركِ, لذا, لا تدعي الشائعات السخيفة تزعجكِ...



عندها رفعت يده من على كتفها, بعصبية, ثم رفعت رأسها لتلتقي عينيها الغاضبة بعينيه المندهشة من تصرفها , ثم قالت:



- قلت لك مراراً, لا تناديني بذلك الاسم...اسمي هو كريستال و ليس شيري, أفهمت؟!



في تعجب قال الشاب: - و لكن كريستال هو اسم الشهرة يا عزيزتي, لماذا أنتِ متضايقة من اسم شيري؟!, رغم أنني أجد الاسم جذاباً مثلكِ, و فاتناً كذلك



عندها صاحت كريستال به : - هيه توقف عن ذلك, و لا تحاول تغيير الموضوع...



في استغراب قال الشاب: - و لكنني لا أغير الموضوع, و لا أفهم لماذا أنتِ منزعجة هكذا؟!



في غيظ نهضت كريستال من على المقعد, ثم اتجهت نحو الطاولة و هي تقول:



- لا تفهم لماذا أنا غاضبة؟!, حسناً سأجعلك تفهم حالاً



ثم أمسكت بمجلة كانت موضوعة على الطاولة, فتحتها على إحدى الصفحات ثم رفعتها أمام عيني الشاب و هي تقول في غضب:



- اقرأ المكتوب هنا, ( المغني الواعد رين يواعد جدته)..



ثم أنزلت المجلة من يدها, و هي تنظر له بينما تغلغلت الدموع سطح عينيها و ارتجفت شفتيها و هي تقول:



- أيعجبك هذا؟!, الآن أصبح الجميع ينظرون لي باحتقار...أصبحت مادة للسخرية, بسببك



تنهد رين بعد أن أغمض عينيه قليلاً, ثم أمسك بها جاذباً إياها بين ذراعيه, و احتضنها قائلاً في حنان:



- ألم أقل لكِ لا تستمعي لتلك الشائعات البغيضة من قبل؟!



أخذت تبكي و ترتجف بين ذراعيه و هي تقول: - الشائعات هي التي تلاحقني دائماً, حتى أن إحدى الفتيات قالت لي بأنك...



لم تكمل كلامها, فعلق رين قائلاً : - ماذا قالت لكِ؟!



نظرت كريستال في عينيه, لتتضح عيناها اللتان احمرتا من الدموع, ثم قالت : - أنك تلعب بي, و أن حبك لي مجرد تسلية, و...

فيرا
05-03-2011, 11:51
وضع رين بيده على فمها, ليسكتها, ثم قال و هو يتعمق بنظراته في عينيها: - و هل أنا كذلك؟!, هل صدقتيها؟!...ألستِ واثقة من حبي لكِ؟!



في تشكك قالت: - و لكن السن...



قاطعها رين قائلاً و هو يمسك بمرفقيها: - قلت لكِ أنا لست مثل أولئك الشباب, الذين يفكرون بذلك المنطق, أنا أحبكِ أنتِ و لا يهم العمر في ذلك...



تنهدت كريستال في عمق, و لكن قاطعها صوت رنين هاتفها, فقالت لرين و هي تمسح عينيها من الدموع:



- أرجوك أجب على الهاتف, فأنا متعبة



ابتسم لها, ثم قال: - حسناً, و لكن لا تبكِ مرة أخرى...أنا أحب أن أراكِ مبتسمة دائماً



اتجه رين نحو طاولة التزيين, بينما جلست كريستال على الأريكة تحتسي الماء البارد بعد أن سكبته لنفسها من الثلاجة, التقط رين الهاتف ثم قال:



- إنه رقم غريب, من لندن...و ليس مسجل لديكِ



في تعجب قالت كريستال: - لندن!!...ربما أحد أقاربي, أو معارفي...أجب عليه يا رين و قل له أنني مشغولة الآن, لأنني لست بمزاجٍ جيد



أومأ رين برأسه, ثم وضع بالهاتف على أذنه بعد أن ضغط على زر الرد , ثم قال في تساؤل:



- مرحباً, من معي؟!



ليأتيه صوت شاب من الطرف الآخر يقول في ارتباك و اندهاش: - م..مرحباً, هل...هل هذا هو هاتف أُمـ...أقصد الفنانة كريستال؟!



في تعجب أردف رين: - أجل, هو...



تنهد الصوت الآخر في راحة ثم قال: - حسناً, أريد أن أكلم أمي...



بانت معالم التعجب و الحيرة أكثر و أكثر على وجه رين, ثم قال و هو ينظر نحو كريستال في صدمة: - أمك؟!...أمك من ؟!



نظرت كريستال له في تعجب ثم قالت بعد فترة من الشرود: - من المتصل يا رين؟!



أجابها رين قائلاً: - إنه شخص يدّعي بأنه ابنك, اسمه هاري



أخذت كريستال تنظر في استغراب و دهشة و تساؤل ثم قالت: - هاري من؟!



نهضت من على الأريكة ثم قالت: - اعطني الهاتف, أما أنت اذهب و استعد للحفلة



أومأ رين ثم انصرف من أمامها, و أغلق الباب خلفه, بينما انسدلت خصلاته الفاحمة على عينيه و هو يقول في حزن:



- لماذا لا تثقين بي يا شيري؟!, لماذا لا تعرفين أن قلبي لن يمتلكه أحد...سواكِ

فيرا
05-03-2011, 11:52
أما بالداخل, وضعت كريستال بالهاتف على أذنها الصغيرة, ثم قالت في تساؤل : - من معي؟!

بالبداية لم يأتها صوت المتصل, و كأنه قد فقد النطق, أو أكل القط لسانه, فأعادت السؤال ثانيةً, و لكن لا فائدة, فظنت أنها مضايقة

أو معاكسة , أو شيء من هذا القبيل؟!, و كادت أن تغلق الهاتف, حتى سمعت صوت مكلمها أخيراً يقول في ارتباك و توتر:

- أم...أمي...أهذه أنتِ حقاً؟!

في اندهاش قالت: - من أنت؟!

أجابها الصوت بنفس الطريقة المتلعثمة: - إنه أنا...هاري

في سخرية أجابت: - أوه حقاً لقد عرفتك يا هاري...أهلاً بك

ثم أكملت في ضيق: - هاري من؟!

صمت الصوت فجأةً بعد ذلك السؤال, ثم بعد فترة قصيرة أجاب بنبرة مصدومة:

- مستحيل, ألم تعرفينني بعد...أمي, أنا هاري...هاري كيتون

اتسعت عينا كريستال من الفزع, و الصدمة القوية, و ظلت فاتحة لفاهها , لبرهة, قبل أن تقول :

- ه...هاري!!...أتقصد أنك ابن, ويليام؟!...ويليام كيتون؟!

أجابها الصوت في لهفة و حنين: - أجل , إنه أنا يا أمي...لكم أنا سعيدٌ لأنني أتكلم معكِ الآن, هل أنتِ سعيدة مثلي؟!

لم تجبه كريستال, لأنها ظلت شاردة, و تدفقت إلى ذاكرتها الماضي الأليم, الماضي الذي حاولت محوه , و التي جاهدت لأن

تنساه, و لكن يبدو أن الماضي لم ينساها كما نسيته, و عاد من جديد, يطاردها..

قفز إلى ذهنها, ذلك الوجه البارد ذو الملامح القاسية, و القلب الجاف, فتذكرت ما حدث منذ ثمانية عشر عاماً, عندما هربت من

القصر في إحدى ليالي الشتاء الباردة, و كيف أنها تركت ابنها و هربت من أجل مستقبلها الفني؟!...و لكن لم يكن بيدها حيلة, لقد

ضحك عليها و خدعها ويليام عندما وعدها بأنه سيجعل منها نجمة راقية في عالم الفن, و بكلامه المعسول وقعت في حبه, و

أقنعت نفسها بأنه هو الحل الأنسب لها, و بأن حياتها معه ستكون حافلة و مليئة بالحياة, و لم تكن تعلم المسكينة, أن ذلك الرجل

ما هو إلا كاذب و أناني, استغل حبها للفن و الغناء, حتى يتقرب منها و يتزوجها, و يحبسها داخل قصره, كعصفور سجين, لا

يستطيع الخروج من قفصه الذهبي , و إن أصرت على التنزه, يكون مصيرها الضرب و الجلد بالسوط, و الإهانة, كل هذا كان يحدث لسبب

واحد, إنه الغيرة, و عندما كانت تسأله عن سبب غيرته تلك, كان الجواب هو أنه لا يثق بها, و عندما طلبت الطلاق منه ذات مرة,

صفعها على وجهها حتى كاد أن يفتك بعينها اليمنى و أذنها كذلك...

شعرت كريستال, بتلك الجروح تؤلمها من جديد, الجروح و الندوب التي تسبب بها سوط ويليام, الذي كان ينهال كل ليلة على

جسدها, و بالرغم من أنها قد شفيت نسبياً الآن, و لكنها آلمتها عندما تذكرت ما حدث, فنزلت دموعها التي قد أغرقت عينيها, ثم

مالبثت أن استيقظت من شرودها على صوت هاري يقول في تساؤل: - أمي...ماذا بكِ؟!, هل أنتِ على ما يرام؟!

في صوتٍ بان التحدي في وتيرته قالت: - أنا بخير, و سأظل بخير...هل والدك هو من جعلك تتصل بي؟!

ثم أكملت في غضب: - ألم ننفصل منذ سنوات عديدة؟!, لقد ربحت القضية و انتهى كل شيء...لذا,...

قاطعها هاري قائلاً: - أمي, إن أبي لا يعلم أنني أتصل بكِ الآن...و لو علم سوف يطردني من المنزل

في تعجب قالت : - إذاً, لماذا تتصل بي؟!...

تغيرت نبرة هاري للحزن و هو يقول: - لأنني أحتاج إليكِ كثيراً...أمي, أنا أمر بمحنة شائكة...

قاطعته كريستال و هي تقول: - محنة؟!...إذاً, أنت تطلبني من أجل المال؟!

أجاب هاري سريعاً: - لا, لم أقصد ذلك...أمي أنا...

قاطعها صوت دقات منتظمة على الباب, فقالت لهاري: - لحظة واحدة, فهناك من يريد الدخول

صمت هاري, بينما اتجهت كريستال نحو الباب و فتحته, لتجد شخصاً طويلاً واقفاً أمامها في الأربعينيات من العمر, مرتدياً حلة سوداء

اللون, و نظارة على عينيه, يبدو أنه منسق ذلك الحفل ,ابتسم لها و هو يقول بعد أن رفع عينيه عن الورق الممسك به:

- سيدة كريستال, إن دورك اقترب , و لكن يبدو أنكِ لم تجهزي بعد!!

نظرت كريستال في الساعة المعلقة على الحائط, ثم نظرت بعدها للرجل و هي تقول:

- إن موعدي هو الساعة الحادية عشر مساءً, أي بعد ساعة, لذا, لماذا أنت متسرعٌ هكذا؟!

تنهد الرجل ثم قال لها: - لأن زيرو قد أنهى دوره سريعاً, يبدو أنه كان متعجلاً للغاية...

في تعجب و دهشة قالت: - زيرو...زيرو من؟!

- إنه زيس يا عزيزتي, ذلك المغني الواعد, صاحب أغنية الجانب المظلم من القمر..

التفتت كريستال بعينيها نحو من تكلم, لتجد رين واقفاً يرتب خصلات شعره السوداء, و يطوي أكمام قميصه الأبيض, بينما تدلت من

رقبته قلادة حديدية و سلاسل, فقال في تذمر: - كم أكره تلك السلاسل, لا أعلم لماذا يصر مدير الفرقة أن أرتديها؟!

في دهشة قالت كريستال: - رين, يبدو أنني الوحيدة التي لم تستعد بعد

أعادت خصلات شعرها خلف أذنها, ثم قالت في دلال: - لن أتأخر, انتظرني هنا...

و قبل أن تغلق قال رين, عندما لمح شاب بدا بالعشرينيات من العمر ذو شعر أسود, يتجه نحو الردهة المؤدية على باب الخروج الخلفي :

- سوف أنتظركِ عند الكواليس, لأنني أريد أن ألحق زيس قبل أن يذهب...

في استغراب و تساؤل قالت كريستال: - لماذا؟!, ماذا تريد من زيس؟!

ابتسم لها ثم قال و هو يبتعد : - سوف أعرض عليه أن يمثل معنا في ذلك الفيلم المرعب, إنه ممثل موهوب جداً, و محبوب أيضاً..

تنهدت كريستال, ثم أغلقت الباب, و يبدو أنها كانت قد نسيت أمر هاري الذي كان منتظراً على الهاتف, فوضعت بالهاتف على أذنها و هي تقول:

- هل ما زلت معي؟!

و لكن يبدو أن الخط انقطع, أو أن هاري قد أصابه الإحباط من الانتظار, و بالفعل كانت هذه هي الحقيقة, لقد ظل مطولاً ينادي عليها ,

و لكنها لم تسمعه, ففهم أنه عائق لها, و ثقيلاً عليها, فأغلق الهاتف و هو يقول: - يبدو أنني كنت مخطئاً عندما اتصلت...

ثم وضع الهاتف على المكتب, بعد أن ظل يراقبه, على أمل أن تتصل هي, و لكن يبدو أنها لم و لن تفعل ذلك, مما أكد لديه, أنها لم

تكن سعيدة بمكالمته لها, فوضع برأسه على المكتب, ثم أغمض عينيه و هو يقول:

- ليتني مت قبل هذا...أو ليتني لم أولد من الأساس

فيرا
05-03-2011, 11:53






ارتدت ثوبها الأسود اللامع, و الذي كان من دون أكمام, ثم وضعت بوشاحٍ أبيض شفاف على كتفيها, أخذت تتأمل وجهها بالمرآة , و

هي ترتب خصلاتها الشقراء الفاتحة, و يبدو أنها شردت في انعكاسها الذي بدا حزيناً للغاية, حقيقةً لم تعرف ما سر حزنها؟!, و لا ما

سر قلبها الذي أخذ يتحرك داخل صدرها؟!, كانت تبدو أنها مشتاقة لشيءٍ ما, ترى ما هو؟!, كانت تحاول إبعاد الأفكار عنها و التركيز

بشكل جيد على ما ستغنيه في الحفل, و لكن يبدو أن الأفكار لازالت تحاصرها, أغمضت عينيها الزمرديتين ثم فتحتهما فجأة, ثم مدت

بيدها و التقطت هاتفها, ظلت تتأمله لدقائق معدودة, و بداخلها تساءلت, ترى أية مشكلة كان يود إخباري بها؟!, ترددت في الإتصال

به كثيراً, و قد لمعت في عينيها مسحت الحزن و اليأس, ثم قالت : - لا فائدة, لن يرد على أية حال...

وضعت بالهاتف على الطاولة ثم أكملت تزيين وجهها, و لكنها توقفت عندما نزلت الدموع من عينيها و تساقطت على وجنتيها,

فتلطخت المساحيق على وجهها, حاولت جاهدة منع نفسها من البكاء, فوضعت بيدها على فمها, و لكنها لم تستطع, فجثت على

الأرض و هي تبكي, وضعت بيدها على صدرها, بينما شاهدت بعينيها الماضي و كأنه الأمس, عندما وقفت أمام باب المحكمة تبكي

و هي تنظر له و هو يحمل طفلها, و يسير مبتعداً عن عينيها, و كأن قلبها قد فارقها, لقد كان ثمن حريتها باهظاً جداً, ظلت بتلك

الحالة لمدة من الوقت, لم تشعر فيها بما حولها, رفعت بعدها عينيها فجأةً, لتجده جاثياً أمامها, ينظر نحوها باستغراب و ارتياع من

رؤية الدموع تغزو عينيها, فقال في تساؤل: - شيـ..كريستال, لماذا تبكين يا عزيزتي؟!, ما الأمر؟!, أهناك أحدٌ ضايقكِ؟!

ظلت محدقةً به بعينين زجاجيتين, في عدم استيعاب لما حولها, و كأنها عالقة بعالم آخر, أما هو فقد أخذ يهزها حتى تعود للواقع, و

لكن لا فائدة, نادى عليها كثيراً, و لكن لا إجابة, فتزعزعت أفكاره, و دب الرعب في نفسه, خاف أن يكون قد حدث لها مكروهاً, فاتجه

نحو الباب حتى يفتحه و ينادي طالباً للمساعدة, و لكنه توقف بمنتصف الطريق عندما سمعها تقول:

- أرجوك قل لهم أنني لن أغني هذه الليلة

استدار و على وجهه أعتى علامات الحيرة, ثم قال متعجباً: - كريستال, لقد تكلمتي أخيراً...و لكن, المدير سينزعج إذا...

قاطعته كريستال و هي تقول: - أرجوك يا رين, أنا متعبة و مرهقة جداً, أرجوك, لنؤجلها إلى الغد

في دهشة قال رين و هو ينظر خلال عينيها: - نؤجلها للغد!!...

ثم أكمل في قلق و هو يتجه نحوها: - كريستال, ما خطبكِ؟!, أنتِ لستِ بطبيعتكِ, هل...

قاطعته للمرة التالية و هي تقول في جد: - أرجوك يا رين, أنا أريد أن أكون بمفردي...

توقف رين عن متابعة السير, ثم أغمض عينيه عندما هربت هي بعينيها من نظراته, و قال بصوتٍ هادئ:

- حسناً, كما تريدين...سوف أغني بمفردي مكانك, و لا تشغلي بالك..

استدار معطياً إياها ظهره, ثم اتجه نحو الباب و أدار قبضته, ثم رسم شبح ابتسامة على شفتيه عندما سمعها تقول من خلفه:

- أشكرك يا رين, على ما تفعله لي...

ثم أغلق الباب خلفه و هو يقول: - لا داعِ للشكر...

فيرا
05-03-2011, 11:54








دخل إلى الغرفة بعد مضي الوقت, ليجده لازال جالساً ,و دافناً رأسه بين يديه على مكتبه الخشبي, فشعر بالحزن من رؤيته

بهذه الحال, تمنى أن يفعل له أي شيء, ليعيد الابتسام إلى شفتيه مرة أخرى, فاقترب منه ثم قال: - هل أحضر لك الطعام يا هاري؟!

نظر له هاري بعينين خاويتين ثم أعاد رأسه بين يديه ثانيةً و هو يقول: - لا أريد

قلق سايمون عليه فقال: - و لكنك لم تضع أي شيء في جوفك اليوم, هكذا سوف تموت

اندفعت ضحكة من أعماق هاري, اندهش لها سايمون, ثم قبل أن يتساءل سمعه يقول في سخرية :

- أتعلم أن الموت بسبب الجوع لهو أفضل من الموت بسبب الوحدة أو بسبب الإهمال أو لنقل بسبب المعاناة...

صمت قليلاً, ليكمل بنبرات باكية متألمة: - المعاناة , عندما تفقد كل شيء أمام عينيك و أنت واقف كالأبله لا تستطيع فعل أي شيء..

تنهد سايمون ثم قال و هو ينظر لهاتف هاري الموضوع على المكتب: - هل أجابت على اتصالك؟!

دون أن يرفع عينيه نحوه أجابه بصوت همهمة, ففهم سايمون أنها قد ردت عليه, فأكمل قائلاً:

- إذاً, هل سار الأمر على ما يرام؟!

لم يجبه هاري هذه المرة, عندها وضع سايمون بيده مربتاً عليه في حنان ثم قال: - لا تحزن يا بني, فرؤيتك هكذا تؤلمني

أغمض هاري عينيه ثم قال: - أرجوك دعني بمفردي الآن يا سايمون, سوف أخلد للنوم بعد قليل

لم يشأ سايمون أن يزعجه أكثر من ذلك, فأومأ له ثم همّ بالانصراف و لكنه توقف عندما سمع هاري يقول له:

- سايمون, أنا آسف لا تغضب مني, فقط أنا متعب..و أريد أن أجلس مع نفسي قليلاً, لذا, أرجوك لا تنزعج

ابتسم سايمون و هو يقول: - أفهمك جيداً يا بني...

ثم أغلق الباب خلفه و هو يقول: - تصبح على خير, و أتمنى لك أحلام سعيدة

زفر بعدها هاري في غضب, ثم نهض من على مقعده و هو يقول ساخراً: - من أين لي بالأحلام السعيدة؟!, فأنا لم أعد أحلم بتاتاً

اتجه نحو سريره حتى ينام, و لكنه توقف عندما سمع رنين جواله, ففغر فاهه عن ابتسامة مليئة بالأمل, و هو يقف أمام مكتبه ينظر

لجواله و التمعت عينيه بالسعادة عندما وجد أنها هي من تتصل به, لم يصدق نفسه, و ظن أنه في حلم, ربما كانت هذه هي

الأحلام السعيدة التي تمناها له سايمون, و بابهامه المتردد ضغط على زر الرد, ثم وضع الهاتف على أذنه , بينما ظل صامتاً, و

ازدادت ابتسامته عندما سمعها تتكلم قائلة بصوتٍ مرتجف, لمس الشوق في نبراته:

- ه..هاري, أهذا أنت؟!

لم يشأ الرد, فقط أراد أن يسمع صوتها الحنون يتكلم, عندها قالت في توتر: - هل ..هل أنت معي؟!

سمعته و هو يبتلع ريقه, ففهمت أنه هو الآخر متوتراً أكثر منها, أو أنه حزين مما حدث, فقالت في اعتذار: - هاري, أنا آسفة يا بني.. أرجوك سامحني, لقد انشغلت عنك و ...

صمتت عندما سمعته يتكلم قائلاً بصوتٍ يملؤه الشوق و الحنين: - أمي..أهذه أنتِ حقاً؟!, أم تراه حلمٌ يراودني؟!

مرت فترة من الصمت, قطعها هاري و هو يقول معاتباً: - لماذا تركتينا يا أمي؟!, لماذا هربتِ؟!, ألهذه الدرجة أنا رخيصٌ عندكِ

و يبدو أن الكلام قد أثر بها و جعلها تتفاجئ مما سمعته, ثم بصوتٍ حزين قالت: - أنت لا تفهم شيئاً, و لن تفهم...ويليام من قال لك هذا, أليس كذلك؟!

في تعجب أجاب هاري عندما شعر بأن هناك شيئاً ما تخفيه في كلامها: - أجل...

ثم بتساؤل أكمل: - أمي , أهناك سرٌ ما تخفونه عني؟!

عندها سقط الهاتف من يد هاري الذي اتسعت عينيه من الفزع عندما رأى باب الغرفة يصطدم بالحائط في عنف , إثر فتحه, فقال في

خوف مرتبكاً: - أ..أ...أبي!!

اقتحم الأب الغرفة, و هو يقول في غضب: - مع من تتحدث يا هاري؟!

في توتر و خوف قال: - لا..لا شيء...مع صديقي

عندها رمقه بنظرة فاحصة, متشككة ,غاضبة, جعلته يشعر بغصةٍ في حلقه, ثم تأكدت شكوكه بأن ولده يكذب عندما جاء ليتناول

الهاتف , فوجد هاري يمسك به قبله و هو يقول : - أتريد شيئاً ما يا أبي؟!

لم يجبه الأب, ثم انتزع الهاتف من يده في عنف و هو يقول: - لا تحاول الكذب علي يا فتى, لقد سمعتك و أنت تقول كلمة أمي

حاول هاري الدفاع عن نفسه و لكنه صمت عندما, وجد والده يصرخ في الهاتف قائلاً:

- أيتها اللعينة, ألم ننتهي منذ سنين؟!, لماذا تتصلين الآن؟!, ألم تنالي حريتكِ؟!

تفاجأت كريستال, أو لنقل شيري, عندما سمعت صوته القاسي و نبراته المتهكمة, فأثارت بها أحقاد الماضي و جعلتها تقول في انفعال:

- أيها اللئيم , الكاذب, أنت السبب في كل ما يحدث..لكم , أكرهك يا ويليام

حاول هاري أن ينهي الشجار الذي يحدث أمامه و لكن لا فائدة, فقد تجاهله والده كلياً, و أكمل كلامه في سخرية شديدة:

- تكرهينني, أوه حقاً, لقد نسيت أنكِ تعشقين من هم أصغر منكِ بالعمر

شعرت شيري بالإهانة من كلامه الجارح, فأغلقت الهاتف في وجهه و هي تقول بصوتٍ خالطه البكاء:

- لكم أتمنى أن أراك ميتاً أمامي...أيها الغبي

انفعل ويليام من كلامها الأخير, فرمى بالهاتف على الأرض و هو يقول: - يا لكِ من وقحة

التفت بعدها ,لهاري و هو يرمقه بنظرات حاقدة, ثم أمسك به من قميصه و قال له و هو يصر على أسنانه في غيظ:

- ألم أحذرك من والدتك قبل هذا؟!, لماذا تخالفني أيها الفتى؟!...

ثم دفع به ليسقط على الأرض أمامه, ثم قال متوعداً: - إن رأيتك تكلمها ثانيةً, فسوف أطردك خارج المنزل, هل فهمت؟!

فتح باب الغرفة ثم أكمل قائلاً دون أن ينظر لابنه الذي ظل يرمقه بنظرات متألمة: - يستحسن بك أن تستمع إلى كلامي

ثم أغلق الباب خلفه, و غادر المكان و هو يتمتم في غيظ بكلمات لم يميزها هاري و لم يفهم منها شيئاً....

أما بالطرف الآخر نظرت في حزن نحو الأرض, فانسدلت خصلاتها الشقراء على وجهها, بينما انسكب خليط من الألم و الأنين , نزل

من عينيها كدموعٍ حارقة, فعضت على شفتيها في غيظ و هي تقول:

- تباً لك يا ويليام...ليتني لم أقابلك, بل ليتني لم أعرفك..أين كان عقلي عندما وافقت عليك؟!

صمتت قليلاً ثم أكملت في يأس: - يبدو أنني لن أستطيع رؤيتك يا بني, و سأظل محرومة منك للأبد...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
05-03-2011, 11:55
نزلت البارتات من 11 الى 15 =)

انتظروني بعد بكرة للتكملة ان شاء الله ^^

✿Elissa
05-03-2011, 13:53
التكملة رووووووووووعة فور بزاف تجنننننننن
خبري البشعة روزالين اذا ما تركت هيو رح اقتلها هههههههههه :ضحكة:
و قولي لهيو اكوامارين قالتلك يا خائن ههههههههه :d
و قولي لهاري رح نتحالف و رح نوريهم خخخخخ

عن جد البارتروعة انتظر التكملة على احررررررررررر من الجمر بليز لا تتاخري علينا

فيرا
05-03-2011, 14:10
التكملة رووووووووووعة فور بزاف تجنننننننن

خبري البشعة روزالين اذا ما تركت هيو رح اقتلها هههههههههه :ضحكة:
و قولي لهيو اكوامارين قالتلك يا خائن ههههههههه :d
و قولي لهاري رح نتحالف و رح نوريهم خخخخخ


عن جد البارتروعة انتظر التكملة على احررررررررررر من الجمر بليز لا تتاخري علينا

اهلاً بالقمر ::سعادة::

انتي اللي رووووعة و تجنني يا سكر =)

بجد انا سعيدة لان التكملة اعجبتك و اتمنى ان باقي القصة تنال اعجابك ^.^

ههههههههه خلاص اخبرت روزالين بالموضوع ::جيد::, من غير ما توصيني انا ان شاء الله هكفخها كككككك :d

يؤ هيووو ده مسكين ههههههههههه , هي روزا السحلية اللي كانت السبب :d

و لا يهمك هنعمل كلنا تحالف مع هاري و ندور له على بنوتة حلوة ::جيد::

مشكووورة يا قمر على المشاركة الجميلة ^^

ان شاء الله التكملة بعد بكره :cool:

✿Elissa
05-03-2011, 14:20
بعد بكرة :بكاء:
ترا رح آخذ شهادة بالصبر خخخخخخخ
اوك رح انتظر يا قمر

فيرا
05-03-2011, 14:39
بعد بكرة :بكاء:
ترا رح آخذ شهادة بالصبر خخخخخخخ
اوك رح انتظر يا قمر

متخافيش الايام بتجري بسرعة ^^

فاضل يومين و انزل ر=

نورتي يا قمر ^^

فيرا
07-03-2011, 12:01
الفصـــل الســادس عشــر


من صمت الكلام , باحت عيناه لها بالكثير, و من الشوق تلألأت الدموع في مقلتيها, ربما لم يتكلما و لكن النظرات كانت كفيلة بذلك,


دامت اللحظات و كأنها الدهور , ثم أمسك بيديها تحت ظلال الأشجار الوارفة, فتهللت ملامحه ابتسامة الحنين و هو يقول لها بلهفة المشتاق:


- أخيراً انتهت العطلة, فلقد اشتقت إليكِ كثيراً, و لم أحتمل غيابك عني أكثـ..


صمت عن الكلام عندما أدرك أنه تفوه كثيراً, و أن حبيبته قد احمرت خجلاً أمامه, فأطرق برأسه للأسفل و هو يقول معتذراً:


- آسف, أنا لم أقصد التغـزل..لقد كنت...


قاطعته الفتاة و هي تضع بيدها على فمه لتسكته ثم نظرت في عينيه و هي تقول:


- هيو, أنا لم أنزعج..لأن هذا كان شعوري بالضبط, فلقد اشتقت إليك أنا أيضاً


أمسك هيو بيديها, ثم عاد للابتسام من جديد, فحرك الهواء خصلات شعرهما عندما أكملت روزالين في خجل:


- أتعلم, لطالما كنت معجبةٌ بك..أقصد كنت دائماً ما أراك حزيناً, منشغلاً, غير مبالٍ بما حولك, شارد في عالم آخر,و لطالما أردت أن أعرف فيما كنت تشرد؟!, و أين تذهب بعقلك؟!


دنت منه أكثر ,ثم قالت بصوتٍ حالم: - لطالما أردت أن أكون في عالمك, هيو...


في تساؤل أجاب: - ماذا هناك؟!


عندها تشبثت بذراعه ثم قالت: - خذني إلى عالمك, لنكون أنا و أنت فقط, معاً للأبد


شعرت روزالين بصمت هيو المفاجئ, فرفعت رأسها لترى ماذا دهاه؟!, فوجدته شارد البال, و لمعة الحزن لا تفارق عينيه الزرقاوين ,


فجعلتها داكنة أكثر من السابق, فقالت روزالين في حيرة علها تجذب انتباهه:


- ماذا حلَّ بك يا حبـ..أقصد يا هيو؟!, هل أزعجك كلامي؟!


أفاق هيو من شروده, ثم ابتسم حتى لا يقلقها, بينما بداخله كان يتألم, و يندب حظه العاثر, فماذا لو علمت بأنه غارق بالمشاكل؟!,


ماذا ستكون ردة فعلها حيال ذلك؟!, هل يخبرها بأن والده مات بسبب أنه خسر شركته في الدين؟!, أم أنه يصمت و لا يخبرها عن


تلك المشاكل؟!, فما هو ذنبها بأية حال, حتى يرهقها بمشاكله التي لا تنتهي؟!, و لكن..أليس من المفترض أن قلبه اختارها كحبيبة و


شريكة له؟!, إذاً يجب أن تعلم بكل ما يحدث له, و تشاركه أفراحه و أحزانه...كان هذا كل ما يدور بثنايا عقله عندما تنهد, و هو يقول


بعد أن رسم ملامح الجد و الإصرار على وجهه: - روزالين, أود أن أطلعكِ على شيء هام...


فنظرت حينها روزالين نحوه بتعجب, منتظرةً منه أن يخبرها بذلك الشيء, و عندما لم يتكلم, قالت له:


- هيو, ما الأمر؟!, لقد أقلقتني


شدد هيو على قبضة يده, عندما شعر بالتوتر, و بعلو نبضات قلبه, الذي يرفض أن يخبرها, و يرهقها بمشاكله العديدة, فهو


خائف من أن تتألم, أو تحزن, لإنه لا يريد سوى أن يراها سعيدة, و هذا هو أهم شيء بالنسبة إليه..


نظر هيو في عينيها بعد برهة, ثم أمسك بكتفيها, و ابتسم قائلاً: - ما أريد قوله هو...


ابتلع ريقه بصعوبة, ثم أكمل و قد خفق قلبه من اهتزاز بؤبؤي عينيها الجميلتين:


- إنني...أقصد...روزالين أنا أحبكِ, أنتِ غالية جداً على قلبي, لا أعرف ماذا فعلتِ بي؟!, لقد تعلقت بكِ كثيراً...


نظر في عينيها اللتين ظلتا محدقتان به في ذهول, ثم قال:


- روزالين, أريد أن أسمعها منكِ, قوليها لي...هيا, قولي لي أنكِ تحبينني كما أحبكِ


مطت روزالين شفتيها في خجل, و هي تهرب بعينيها بعيداً عن عينيه اللتين طوقتها بنظراته, بينما لازالت تسمع صوته و هو يقول لها في شغف:


- هيا لا تتردي, قولي أنكِ تحبينني...


استجمعت روزالين شجاعتها, ثم قالت في صوتٍ متقطع: - أنا...أنا..أحـ..بك


ثم أغلقت عينيها بقوة, و قد احمر وجهها من شدة الخجل, بينما تسارعت أنفاسها لتخرج من رئتيها, و قلبها زادت ضرباته, ثم فجأة


شعرت به يجذبها نحو صدره, ففتحت عينيها لتجد ذراعيه محيطان بها, فرفعت رأسها, لتلتقي عينيها بعينيه, فقالت:


- هيو


ابتسم لها هيو قائلاً: - ماذا ؟!


عندها قالت بصوتٍ رخيم: - أنت حبيبي


ثم أغمضت عينيها و أرخت برأسها على صدره بعد أن تنهدت براحة, تحت ظلال الأشجار الوارفة...و لكن ليس الجميع مرتاح هنا, فمن


خلف الشجرة البعيدة عنهم, خرج من مكانه بعد أن وقف يراقبهم بعينين حزينتين, و يعض على أنامله ندماً و حسرة..


نادمٌ لأنه لم يخبرها بحقيقة مشاعره, كلما سنحت له الفرصة, و حسرة لأنها ضاعت منه بالفعل, فها هو يراها تعترف له بحبها, و


تخبره بأنه حبيبها, لكم تعبت نفسه من ذلك, و لكم تمنى الراحة و لكن يبدو أنه لن يجدها, إنه ليس من ذلك النوع الذي يرتاح بسهولة..


احتقنت عينيه بالدموع, فانحدرت منهما دمعة ساخنة, على وجنتيه, علها تطفئ اللهيب المتأجج بقلبه, فزفر بغيظ و هو يهمس لنفسه معاتباً:


- أي أحمقٌ أنت يا هاري, كل ما تفعله هو الوقوف و المراقبة, لماذا ترهق نفسك؟!, إنها حتى لا تشعر بوجودك, لماذا تصر على مناداتها بحبيبتي؟!, لماذا لا تفيق من غفلتك؟!


و يبدو أن هاري قد تألم من معاتبته لنفسه, فقرر الابتعاد و الهرب عن المكان, و هذا ما فعله, عندما ركض مسرعاً و عائداً بخطاه إلى منزله الحزين....


في هذه الأثناء, فتحت روزالين عينيها بعد مضي الوقت, ثم رفعت رأسها و هي تنظر بعينين متأملتين نحو شيء ما, فتعجب هيو ثم لفت رأسه ليرى


إلى ماذا تنظر حبيبته؟!, فسمعها تقول بجواره في تعجب و هي ضامة بيديها إلى صدرها:


- ما أجمل تلك الزهرة!!, أتراها يا هيو, لقد تفتحت الآن, كطفلٍ صغير نهض من نومه للتو...


أخذ هيو ينقل نظراته بينها و بين الزهرة, ثم ابتسم لها و هو يضع بيده على كتفها قائلاً:


- انتظريني هنا يا حبيبتي


نظرت له روزالين باستغراب ثم قالت: - إلى أين؟


تقدم أمامها ثم أجابها قائلاً: - سوف أحضر لكِ تلك الزهرة


اتسعت عينا روزالين من المفاجأة ثم قالت بعد أن استوعبت الأمر:


- هل ستتسلق تلك الشجرة العملاقة, لتحضر لي الزهرة؟!


أومأ هيو برأسه إيجاباً لها, فقالت بنفس النبرات المندهشة: - هل هذا من أجلي؟!


ابتسم هيو و هو يقول: - أجل من أجلك...و لو طلبتِ قلبي, لانتزعته من أجلك


ثم تركها و تقدم نحو الشجرة الضخمة, أما روزالين وقفت تراقبه و هو يبدأ بالتسلق, و عينيها تتلألأ من السعادة, و قلبها


يرقص طرباً من الفرحة, و لكنها لم تلاحظ وجه هيو الذي بدت عليه أثار التعب للتو, و الدوار الذي أصابه, لأنها لم تعلم أن


هيو..مصاباً برهاب المرتفعات, و لكنها بعد فترة شعرت بأنه ليس على ما يرام عندما وصل للزهرة أخيراً, فقالت في توجس:


- هل أنت بخير عندك؟!


لم ينظر هيو نحوها حتى لا تشعر بالارتياب و القلق, ثم قال و هو يقاوم الارتفاع و الدوران:


- لا تقلقي علي, إن الوضع هين هنا


و لكن يبدو أن الوضع لم يكن هيناً البتة, فبعد أن قال هيو تلك الكلمات, انزلقت قدمه, و فقد توازنه, ثم سقط من فوره على الأرض, متأوهاً بشدة..


عندها هرعت روزالين نحوه, ثم جثت بجواره و أمسكته قائلة في هلع:


- يا إلهي, هيو ما الذي أصابك؟!..أجبني


ذهلت روزالين , و ألجمت الصمت عندما رأت هيو يرفع بيده و يمدها نحوها, ليعطيها الزهرة التي تمنت الحصول عليها,


نظرت نحوه بعينين متسعتين, فوجدته يبتسم لها رغم تألمه من إثر السقوط , ثم قال بأنفاسٍ متقطعة:


- إنها تـ..تشبهكِ كثيراً...


صمت عن الكلام, ليغمض عينيه من شدة الألم الذي انتابه, عندها خافت روزالين عليه فقالت له:


- بماذا تشعر؟!, أين هي اصابتك ؟!


دون أن يفتح هيو عينيه قال متألماً و هو يشير نحو قدمه:


- هنا أسفل قدمي, أشعر بأن عظامي تحطمت


ثم قال مازحاً لها : - يبدو أن نهايتي ستكون على يدك يا عزيزتي, أشعر بأنني سأموت


عندها صرخت روزالين فيه و دموعها تنتفض من عينيها قائلة :


- اصمت لا تقل مثل هذا الكلام السيء, لن يحدث لك شيء يا حبيبي


و في تلك اللحظة فتح هيو بعينيه فجأة, لتتقابل مع عينيها الدامعتين, فخفق قلبه, و للحظة نسي ألامه و أوجاعه, و هو يقول لها :


- هل أنا حبيبك؟!...حقاً, هل أنا حبيبك؟!


كانت السعادة تغمر عينيه, و قلبه لا يتوانى عن النبض, عندها نظرت روزالين للأرض في خجل, و مرت حينها نسيم بارد,


حرك خصلات شعرها, لتلتصق بوجنتيها, من إثر الدموع, ابتسم هيو و هو يبعد تلك الخصلات عن عينيها, ثم أمسك بيديها و هو يقول:


- الآن عرفت معنى السعادة...


نظرت روزالين له في اندهاش, ليفاجئها مكملاً و هو ينظر بعينيها جلياً: - إنه أنتِ يا حبيبتي


ضغط هيو بيده على يدها عندما شعر بالتعب, لتفيق هي من شرودها الجميل, و تقول في ذعر:


- هيو, سأستدعي الإسعاف من أجلك...يبدو أن حالتك خطيرة


لم يجبها هيو, لأنه قد أغمض عينيه مستسلماً للنوم , بينما تزايدت قطرات العرق على جبهته و وجهه, و لم يشعر بعدها بنفسه, و بما حدث....

فيرا
07-03-2011, 12:02








وقف قليلاً في بهو المنزل بعد أن عاد من الخارج للتو, كانت نظراته مشتتة, ضائعة, حائرة, و حزينة, كمن خرج لتوه من صدمة قاسية,


ظل بهذا الحال حتى سمع صوت خادمه المخلص يقول له في تساؤل:


- سيد هاري, ما الأمر؟!, لماذا تقف هكذا يا بني؟!


نظر هاري له, و قد بدا بعينيه فيض من الأحزان, مما جعل سايمون يقلق حياله أكثر, فقال و هو يضع بيده على كتفه:


- ماذا حدث لك؟!, لماذا أنت واجمٌ هكذا, و ملبد بالأحزان؟!


تجاهل هاري سؤاله ثم بصوتٍ قد تجلى الضعف في نبراته, تساءل: - أين أبي؟!


في تعجب رد سايمون عليه قائلاً: - إنه بالحديقة يتناول قدحاً من الشاي, و...


و قبل أن يكمل سايمون استفساره, اتجه هاري نحو الباب المؤدي إلى الحديقة, و هناك وجده جالساً كعادته, ممسكاً


بقدح الشاي, و محدقاً في اللاشيء, و بجواره عدد لا بأس به من الصحف, لكي يطلع عليها و هو يرشف الشاي..


عض هاري على شفتيه و هو يقف خلفه ينظر له, و لكن والده لا يشعر مطلقاً بوجوده, لكم تمنى أن يسأله لماذا؟!, لماذا


أنت تكرهني إلى هذا الحد؟!, و لكنه لم يستطع... أهو ضعف؟!, أم خوف...و إن كان خوفاً, هل منه أم عليه؟!..


أغمض هاري عينيه في وجع, ثم تكلم ليسترع انتباه والده: - أبي, لقد عدت من الجامعة


انتظر هاري أن يراه يلتفت له, كأي أب بالعالم, و ينهض من على مقعده و على شفتيه ابتسامة عذبة و حنونة, ثم


يضمه إلى صدره و يربت عليه, و لكن يا للخيبة, لقد كان مخطئاً في ظنونه, عندما اعتقد أن الأماني ممكن أن تتحقق, و


لكنه لم يستسلم, و اتجه نحو مقعده و وقف أمامه حتى يراه والده جيداً, ثم قال محتجاً:


- أبي, لماذا لا تجيبني؟!, لماذا لا تتحدث معي؟!


وضع الأب عندها بقدح الشاي من يده على الطاولة في حركة رتيبة و مملة, ثم رمقه بنظرة باردة و هو يقول في فتور:


- و ماذا تود مني أن أجيبك؟!, ماذا أفعل لك؟!


اتسعت عينا هاري عقب ذلك الرد الباهت, فقال و هو مصدوم:


- أ..ألن تسأل حتى عن حالي؟!, ألا تريد معرفة ما يحدث لي؟!


تنهد الأب ثم علق ساخراً:


- و لماذا أسأل و أنا أعلم أنك تعيش بأفضل حال, فأنت لست محتاجاً لشيء على ما أعتقد, فعندك أفضل الأطعمة و ترتاد أرقى الجامعات, و تلبس أحسن الثياب, و تحيا حياة مرفهة يحسدك عليها الجميع, فلماذا أسألك؟!


نهض الأب بعدها من على مقعده, ثم أزاح هاري جانباً بقسوة, و هو يقول ببرود:


- لا أريد سماع شيء, أنت تعطلني أيها الفتى


ثم ابتعد عن ناظري هاري الذي وقف مبهوتاً من تلك الإجابات العقيمة, و بداخله لا يصدق, أحقاً ما سمعه؟!, أم أن هذا حلم مزعج؟!


,فمنذ متى كانت السعادة في الطعام و الشراب و الملابس و المال, ماذا عن القلب؟!, عن الحب؟!, و ماذا عن راحة البال


و الطمأنينة؟!, ماذا عن الدفء؟!, و ماذا عني؟!, و عن الحنان الذي أفتقده؟!, لماذا الجميع ضدي؟!, لماذا الكل يتخلى


عني؟!, يا إلهي ما هو الذنب الذي ارتكبته في هذه الحياة حتى يحدث لي ما يحدث؟!, كان هذا ما يثور داخل قلب هاري


من أسئلة مؤلمة و حزينة, عندما أغمض عينيه في استياء مما حدث, قبل أن يصعد إلى غرفته, و يغلقها عليه بإحكام..


و بداخل الغرفة, فتح عينيه في ذهول, عندما رآها, واقفة تبتسم إليه و تمد بيدها نحوه, بينما تطايرت خصلات شعرها


الأصهب في تناغم, فحركت معها قلبه الحزين, فقال بصوت متهدج:


- ر...روزالين, هل هذه أنتِ حقاً؟!


التمعت الدموع في مقلتيه و هو يتجه نحوها, بينما تعالت نبضات قلبه, عندما دنا منها أكثر, ثم ضمها إليه, و لكن سرعان ما تبدلت


نظراته للحزن و الألم, عندما وجدها تلاشت في الهواء, من بين يديه, فضم نفسه و أغمض عينيه و هو يقول:


- يبدو أنك جننت يا هاري, لم تكن حقيقة...لماذا ترهق نفسك؟! ,إنها لا تحبك


ثم ارتمى بعدها على سريره, و للمرة الأولى يجهش ببكاء عالٍ, مرير, و حزين, كالطفل الذي فارق أحضان أمه الدافئة...


ــــــــــــــ

فيرا
07-03-2011, 12:04
الفصـــل الســابع عشــر



رسم على شفتيه ابتسامة و هو يجلس على المقعد المجاور لها, بعد أن وضع الحقائب في الرف العلوي, ثم رفع نظارته السوداء على رأسه و تنهد براحة...


نظر بعد ذلك نحوها, ليجدها شاردة البال, و كأنها تقطن في عالم آخر بعيد عن الواقع, فوضع بيده على يدها و هو يقول في حنان:


- شيري ماذا قلت لكِ عن الحزن؟!, أرجوكِ ابتسمي..لأنني لا أحب أن أراكِ حزينة هكذا.


نظرت له شيري و قد بدا الاستفزاز و الانزعاج على وجهها و هي تقول:


- و ماذا قلت أنا لك عن اسم شيري؟!, لقد أخبرتك سلفاً بأن تتوقف عن مناداتي بذلك الاسم..أرجوك يا رين لا تثر حنقي


تنهد رين في عمق, عندما شعر بأن محاولاته تبوء بالفشل معها, و هو يقول: - حسناً, كما تريدين..سأتوقف عن ذلك, طالما أنه يزعجكِ


ثم أطبق على يدها بيده و هو يقول: - سأفعل أي شيء, من أجل أن أرى ابتسامتك تنير وجهك من جديد


ثم تعمق بنظراته في عينيها علّه يعرف إجابته المنشودة, هل تحبه يا ترى كما يحبها؟!, أم أنه واهم و كل ما يشعر به محض خيال؟!


قاطع لحظات الصمت هذه, وقوف المضيفة الجميلة بملابسها الكحلية الأنيقة, و هي تبتسم لهم قائلة:


- تأكدوا من ربط أحزمة مقاعدكم جيداً, لأن الطائرة ستقلع بعد قليل...مع تمنياتي لكم برحلة سعيدة


أومأت كريستال لها, ثم بعد قليل سمعا صوت قائد الطائرة يقول في مكبر الصوت خاصته:


- ستقلع الطائرة الآن مغادرة مطار روما الدولي, لتهبط بمطار لندن الدولي...مع تمنياتنا لكم برحلة ممتعة


بعدها تأكد الجميع من ربط أحزمة الأمان, ثم أغمضت كريستال بعينيها و وضعت السماعات على أذنيها حتى تحجب أي


صوت عنها, ثم أرخت برأسها على المقعد الأبيض, أما رين فقد ظل ينظر نحوها و يتنهد في سره ثم أرخى برأسه هو الآخر


على المقعد, بعد أن أنزل نظارته السوداء على عينيه, ليحجب أي ضوء عنه, مستسلماً للنوم...

فيرا
07-03-2011, 12:04





فتح بعينيه تدريجياً, و هو غير مستوعب لما حدث, و غير مدرك للمكان الذي هو فيه الآن, فقط يشعر بأن قدمه أصبحت


مثقلة, و هذا يرجع للجبيرة الملتفة حولها, انتظر للحظات حتى تعتاد عينيه على الضوء, بينما ارسلت الشمس أشعتها من


النافذة المفتوحة, لتلقيها على الفتاة التي بدا عليها الإرهاق و التعب و هي مغمضة العينين و رأسها فوق جسده,فالتمعت خصلاتها الصهباء بفعل الضوء...


ابتسم عندما رآها لا تزال معه و لم تعد إلى بيتها, ثم وضع بيده على شعرها و أخذ يحرك خصلاتها برفق, و لكنه توقف عن


التحريك عندما رآها تفتح عينيها الساحرتين, و ببراءة تتساءل:


- هيو, هل أنت بخيرٍ الآن؟!


أومأ هيو لها إيجاباً, عندها ارتمت عليه و عانقته و هي تجهش بالبكاء قائلة:


- حمداً لك يا ربي, لقد خفت عليك كثيراً...لا تفعل ذلك ثانيةً, لقد كنت سأصاب بالجنون لو حدث لك مكروهاً


شعرت به و هو يضمها أكثر إليه و يربت عليها في حنان, ثم سمعت صوته الهادئ أخيراً يقول لها:


- لا تخافي...لأنني, سأظل معكِ, و بجواركِ...للأبد


ثم أبعد رأسها عنه, لينظر في عينيها الدامعتين, و بيده مسح ما تبقى من أثار الدموع على وجنتيها, ثم ابتسم و هو يقول لها:


- هيا يا روزا..ابتسمي من أجلي


عندها ضربت روزالين كتفه بخفة ثم قالت له معاتبة: - سأبتسم, عندما لا تتهور أنت


ضحك هيو جراء ما فعلته ثم قال متسائلاً:


- لماذا أنتِ قلقة هكذا, إنه مجرد كسر بسيط لا أكثر؟!


نظرت له روزالين في غيظ, ثم قالت و هي تعقد ذراعيها على صدرها: - لا تقل بسيطاً, هذا ليس هيناً بالنسبة إلي


ثم أكملت قائلة في إصرار: - عدني بألا تتهور ثانيةً


أطال هيو النظر في عينيها, و تمنى حينها أن يظل معها هكذا للأبد و لا يبعده أحد عنها, عندها شعرت روزالين بالخجل و أبعدت نظرها نحو النافذة و هي تقول في تهرب و اضطراب:


- إن الشمس ساطعة اليوم, أتعلم..


توقفت عن الكلام و تحركت مشاعرها, عندما أمسك بيدها و هو يقول لها:


- أعدك بذلك يا حبيبتي, و لكن عديني بأنكِ ستظلين معي إلى الأبد


لم تتكلم روزالين, و آثرت الصمت و هي تشعر للمرة التالية بأنفاسها تتلاحق, و نبضاتها تتسارع من أجله, ثم بعد فترة وجيزة من الصمت قالت و هي تنظر لساعة يدها:


- لقد تأخرت, يجب أن أذهب إلى البيت


لم يشأ هيو أن يترك يدها تفلت من بين يده, لقد أرادها أن تظل بجواره و عالقة معه للأبد, لقد شعر بأن قلبه يغادره, عندما رآها تبتعد و تخرج من الباب تاركة إياه بمفرده, وحيداً....

فيرا
07-03-2011, 12:05





- حسناً, ما رأيك بمنزلنا المتواضع؟!


ابتسمت كريستال و هي تجول المكان بنظراتها المنذهلة, ثم قالت و الابتسامة تعلو شفتيها الزهريتين :


- منزلكم رائع يا رين..إنه دافئ و مليء بالحياة, رغم أنه صغير


حك رين خصلات شعره الفاحمة و هو يطرق برأسه للأسفل, و يبتسم في خجل قائلاً:


- لقد باع والدي منزلنا السابق, و اشترى الحالي, بعد وفاة والدتي بشهور, لأنه اكتشف أن المنزل أصبح كبيراً و واسعاً على كلينا...فكما ترين نحن اثنين فقط, و بالكاد نستطيع إنجاز الأعمال المنزلية المتعبة..و...


صمت رين عن الكلام عندما رآى كريستال تقف مشدوهة أمام لوحة مرسومة لامرأة بارعة الجمال ذات شعر كستنائي


مموج يصل إلى أسفل كتفها, و على شفتيها ابتسامة جذابة و ساحرة, أما عينيها فكانت تحمل البراءة في نظراتها, نظر


رين في حزن شديد عندما سمعها تقول و هي مأخوذة من روعة اللوحة:


- رباه ما أجمل هذه اللوحة, من الفنان الذي رسمها؟!


في هدوء أجابها رين: - إنه أبي من رسمها, و تلك الفاتنة التي تجلس باللوحة هي...أمي


نزلت عبرة حزينة من مقلتيه عندما تذكر والدته, فالتفتت كريستال نحوه و ذهلت عندما رأته بتلك الحالة, فهذه المرة الأولى


التي ترى فيها دموع رين, لقد كان دائماً مبتسماً و مرحاً و كله حيوية تدفعك للضحك, و بداخلها أشفقت عليه و تدافعت


عواطفها نحوه, و لكن هل هي عواطف الأمومة يا ترى؟!, أم لأنها تحبه؟!..


اقتربت منه ثم وضعت بيدها على كتفه حتى تهدئه قليلاً, ثم قالت و هي تبتسم حتى تبعد الحزن عنه:


- ما هذه الدموع يا رين؟!..إن بكاءك سيزيد من عذاب روحها, لا تبكِ رجاءً..إن والدتك في مكان ما من السماء تراقبك الآن, و ستسعد إذا كنت سعيداً


نظر رين بعينيها قليلاً, بعد أن أوقف دموعه, و قد خلبت لبه نظراتها, و فتنته عينيها الرقيقتين, و دون أن يدرك , قال لها


بخفوت و هو يمسك بيديها: - هل تحبينني؟!


اتسعت عينا كريستال من الذهول, لم تعرف بماذا تجيبه؟!, أو ماذا عساها أن تقول, و أصبحت فجأة تشعر و كأنها تلميذٌ


فاشل و مرتبك, يواجه أصعب إختبار له, ازدردت لعابها بينما دقات قلبها خفقت و هي تقول متهربة من الإجابة و مغيرة دفة الحديث:


- أتعلم أنك تبدو مختلفاً جداً من دون تلك السلاسل و الأشياء التي ترتديها بالمسرح؟..إنك تبدو طبيعياً و أفضل من..


قاطعها رين و هو يصر على سؤاله: - أجيبينني رجاءً, هل تحبينني؟!


شعرت بأنها غير قادرة على الكلام أو حتى النظر بعينيه البراقتين, و انتابها الدوار, فوضعت بيدها على رأسها و أغمضت


عينيها, مما جعله يرتاع و يقول قلقاً و هو يمسك بها قبل أن تقع: - كريستال ماذا حلَّ بكِ؟!


أجابته كريستال بأنفاس لاهثة و متقطعة: - لا..أعرف...أريد أن أجلس...أشعر بالدوار..رأسي يؤلمني


أمسك رين بها و أسندها حتى المقعد الموجود بالشرفة, فجلست عليه و هي لا تزال ممسكة برأسها , فقال لها رين:


- سأحضر لكِ عصيراً بارداً في الحال


أومأت كريستال له دون أن تنطق بشيء, أما رين فقد ظل ينظر نحوها بقلق, ثم خرج بعدها من الشرفة و هو يلوم نفسه على ما فعل, قائلاً:


- يالك من غبي, هل هذا وقته حتى تسألها إذا ما كانت تحبك أو لا؟!..لن أسامح نفسي إن حدث لها شيء


بعد برهة من الزمن, وجدته واقفاً أمامها يمد لها بكأس من عصير الليمون, و على وجهه إبتسامة عريضة يقول في مرح:


- لقد صنعته خصيصاً لكِ, هيا تناوليه و ستشفى رأسك بعد قليل


ابتسمت له ثم مدت يدها و تناولت الكأس منه, و هي تشكره, ثم قالت بعد أن رشفت أول رشفة منه:


- إن مذاقه لذيذٌ حقاً


ثم أكملت مازحة: - سيكون لك مستقبل باهر في عالم الطهي


ضحك رين ثم ناولها مجلداً متوسط الحجم ذو لون بني غامق, أخذته كريستال من يديه و هي تنظر له باستغراب, فأجابها


قائلاً و هو يحك خصلاته الفاحمة في خجل:


- إنها صور للعائلة و لي..كنت أود أن أطلعكِ عليها


ابتسمت كريستال له ثم فتحت المجلد البني, و أخذت تقلب صفحاته بهدوء, و هي تبتسم من بعض الصور التي تظهر رين


و هو طفل, و صور أخرى أضحكتها من قلبها, و صور لوالدي رين, و صورة لوالدته و هي تلاعبه, فقفز الماضي إلى ذاكرتها


مجدداً, و سقطت من عينيها دمعة لم تستطع التغلب عليها, عندما شاهدت هاري و هو يغادر أحضانها للأبد, مبتعداً مع


طليقها الكريه, فشعرت بالجروح تؤلمها ثانيةً, و التهبت مشاعرها, فلكم أرادت أن تحتضنه مجدداً, و أن يعود طفلها إليها, و


تسمعه يقولها لها ( أحبكِ يا أمي), انتاب رين القلق مجدداً من رؤيتها بهذا الوضع, فقال لها متسائلاً:


- كريستال, ما الأمر؟!...لماذا تبكين؟!


أفاقت كريستال على كلماته, فرسمت ابتسامة على شفتيها حاولت أن تكون سعيدة و لكنها خرجت ابتسامة مشوهة ,


ثم مسحت عينيها و هي تقول: - لا شيء..لا تشغل بالك


ثم نظرت له و هي تقول في مزاح مجدداً: - يبدو أنك كنت طفل مشاغب


ابتسم رين لها, و لكن قلبه لازال حائراً و مشغولاً بحالتها الغريبة تلك, و في ذلك الوقت, سقطت من المجلد صورة صغيرة


لفتاة ذات بشرة شاحبة و شعر بني قصير يصل إلى أسفل عنقها, و تناثرت خصلات على عينيها البنيتين الواسعتين,


اللتين نظرتا في دلال بالصورة, فتساءلت كريستال باستغراب:


- من هذه الفتاة الجميلة ؟!


لم تتلقى أية إجابة لسؤالها, فقط الصمت هو من كان مسيطراً على المكان, نظرت بدهشة نحو رين الذي كان واقفاً خلفها,


لتجده شارداً في تلك الصورة, و قد تجهمت ملامحه, و أصبحت نظراته متألمة..


و كأن تلك الصورة , قد أيقظت كل جراح الماضي الذي حاول نسيانه, و بصوتٍ مرتعش قال:


- آليس...


بينما التمعت عينيه بالدموع, عندما تذكر وجهها البريء , أو هذا ما كان يظنه بها, و هي تضحك معه و تبتسم في وجهه


عندما كانا يتواعدان كل ليلة فوق سطح بناء المدرسة القديم, و قد كانت تخبره بأنه حبها الوحيد, و بأن قلبها لن يكون سوى له فقط..


لاحظت كريستال الغضب الذي تجلى في ملامح رين و يديه اللتين شدد قبضتهما في غل, فقالت بعد أن شعرت بالذعر:


- ماذا بك يا رين؟!, من هي آليس هذه؟!


أغمض رين عينيه و هو يجيب بعبارات مقتضبة: - إنها ماضٍ و انتهى الآن


ثم عندما جاء ليمسك بالكأس الخالي, حتى يذهب به إلى المطبخ, أطبقت كريستال بيدها على يده التي ارتعشت, ثم قالت في حنان:


- و لكن ما سر غضبك العجيب هذا؟!, أنت هكذا تقلقني...ألم نتفق على الصراحة؟!


عض رين على شفتيه ثم قال في حزن: - و لكن هناك أسرار يستحسن لها أن تظل في طي الكتمان...


ثم فلت يده من بين يديها و التفت ليخرج, راقبته كريستال بعينين شاردتين و هو يغادر مطرقاً برأسه في يأس, و كأنه


يحمل هموم العالم فوق رأسه, فتنهدت قائلة: - يبدو أنه لا يوجد أحد مرتاحاً في هذا العالم


و بالمطبخ وقف رين شارداً يكلم نفسه قائلاً,و قد ارتسم البؤس في عينيه:


- يبدو أن شبح ذكراكِ سيظل يطاردني مهما حييت...


و بداخله شاهد الماضي و كأنه يعود للحياة مجدداً, و ينهض من ثباته الطويل, مزيلاً ذرات الغبار من عليه, ليريه ذلك


المشهد المؤلم, عندما رآها بين أحضان صديقه العزيز, تخبره بأنها لم تحب أحداً سواه, و أن كل كلامها له لم يكن سوى...خداع


أخذ رين يضرب طاولة المطبخ بقبضة يده حتى أدماها و هو يردد:


- خائنة, خائنة..إنها مخادعة و غشاشة...


مسح دموعه المنهمرة و هو يقول:


- لن أسمح لنفسي بالضعف ثانيةً, و لن أسمح لكِ بالرجوع لذاكرتي مجدداً يا آليس


ــــــــــــــــــــ

فيرا
07-03-2011, 12:07
الفصــل الثــامن عشـــر



تنهدت و هي تنظر في ساعتها الذهبية بعد أن شعرت بتأخره كثيراً, فماذا يفعل عنده كل هذا الوقت يا ترى؟!, نهضت من على


المقعد ثم التفتت لتنظر هل هو موجودٌ بالصالة ؟!, و لكنها لم تجده, فشعرت بالقلق عليه, ثم بداخلها تساءلت, ماذا إن


حدث له شيء؟!, فلقد كانت تعابير وجهه لا تبعث على الطمأنينة, خاصةً عندما سألته عن تلك الفتاة صاحبة الشعر البني..


ترددت قليلاً قبل أن تذهب لترى ما الذي أخره؟!, و هي تقول لنفسها مفكرة:


- أوليس هذا فضولاً؟!, فهذا ليس بيتكِ حتى تتجولين فيه بحرية


كادت أن تجلس و لكن قلبها حثها على الذهاب قائلاً لها: - و لكن ماذا إن حدث له مكروه؟!, يجب أن تطمئني عليه..


تنفست الصعداء, ثم خرجت من الغرفة, لتبحث عنه و ترى أين هو؟!, ثم تذكرت أنه ذهب إلى المطبخ, فبحثت عن مكان


المطبخ و من حسن حظها أن المنزل صغيراً, و لن تحتاج لوقت طويل حتى تعثر عليه, و بالفعل وجدته...


و بداخل المطبخ الصغير, كان واقفاً شارد البال, سانداً بيده على حوض الأطباق, بينما انسدلت خصلاته الفاحمة على


عينيه اللتين أخذتا تتأملان الماء النازل من الصنبور المفتوح أمامه, عندما وقفت هي خلفه تراقبه بعينيها الزمرديتين


المتسائلتين, و المستغربتين من حالته تلك, و يبدو أن الفضول يغمرها لمعرفة من آليس هذه؟!..


اقتربت منه بضعة خطوات, حتى صارت خلفه مباشرةً, ثم بهدوء تساءلت قائلة: - رين, هل أنت على ما يرام؟!


تنبه الشاب, و الذي لم يكن سوى رين الحزين, على صوتها, فمسح الدموع بظاهر يده, قبيل أن يلتفت إليها و يرسم ابتسامة على شفتيه قائلاً:


- آسف, لتأخري عليكِ, يبدو أنني شردت و أنا لا أدري..يالي من أحمق


لم تنتبه كريستال لما قاله, لأنها كانت تنظر نحو يده اليمنى التي كانت تنزف دماً, بعينين متسعتين, و متفاجئتين, ثم بتساؤل قالت: - رين, ماذا حدث ليدك؟!


نظر رين نحو يده, ثم تذكر ما فعل, فقال على مضض: - لا شيء, إنه مجرد جرح بسيط, بسبب شظايا الزجاج الناجم عن الكأس المكسور


قالها و هو يشير نحو قطع الزجاج التي في حوض الأطباق, ثم أكمل قائلاً: - لقد انزلقت الكأس من يدي, و عندما جئت أجمع الكسور, جرحت يدي


قطبت كريستال حاجبيها, ثم اقتربت منه أكثر و أمسكت يده و هي تقول معاتبة:


- لماذا لم تنتبه؟!..حسناً, سوف أضمدها لك


سحب رين يده من بين يديها, و هو يقول في خجل: - شكراً لكِ, و لكنني أستطيع تضميدها بمفردي


ثم خرج من المطبخ, ليتجه نحو الحمام حتى يضمد جرحه بالاسعافات الأولية الموجودة هناك, فتح الخزانة المعلقة فوق الحوض,


ثم أخرج منه ضمادة و قطن و مطهر, ثم عندما أغلق الخزانة, لمح عينيها المنعكستين على المرآة تنظران نحوه ببراءة, فقال لها دون أن يلتفت:


- لا داعي للقلق, لقد قلت لكِ بأنه جرح بسيط, صدقيني


و لكنها لم تستمع إليه, بل دنت منه, ثم أمسكت يده و قالت في إصرار و حنان: - سأضمدها لك, فأنت لن تستطيع فعل ذلك بيدٍ واحدة


لم يقاومها, و تركها تضمد له جرح يده, و لكن يا ترى, هل ستستطيع أن تضمد جراح قلبه؟!, كان هذا هو السؤال الذي يلح


عليه عندما نظر نحوها, ليجدها منهمكة في معالجته, و بيديها الرقيقتين, سكبت بعضاً من المطهر على قطعة صغيرة من


القطن, ثم مسحت بها على جرحه حتى تطهره, فأغمض عينيه متأوهاً, بينما جز على نواجزه من الوجع, فقالت له:


- سوف يؤلمك قليلاً, و ستتحسن بعدها, لذا تحمل ذلك


بعد برهة فتح عينيه, ليجدها تلف الضمادة على يده, فارتسمت الابتسامة على شفتيه, و بعد أن انتهت رفعت برأسها, و


هي تبتسم له, فتقابلت عيناه بعينيها الجميلتين, مما جعل قلبه يخفق و هو ينظر فيهما, أما هي فقد شعرت بالخجل من


نظراته المتركزة عليها تلك, فهربت بعينيها بعيداً و هي تقول: - لقد انتهيت


تسارعت نبضات قلبها, و اتسعت عينيها ,عندما سمعته يقول بخفوت: - كريستال, هل تتزوجينني؟!


شعرت بأن رئتيها ستنفجران, من كثر ما تلاحقت أنفاسها اللاهثة, و شعرت بالوهن ثانيةً يدب في أوصالها, ثم بعد فترة


قليلة نظرت بعينيه غير مصدقة لما قاله, فأعاد طلبه ثانيةً و لكن هذه المرة بشجاعة قائلاً و هو يمسك بيدها:


- هل تقبلين الزواج بي؟!


مطت شفتيها في ألم و حسرة, ثم نظرت إلى يده الممسكة بها في حزن و أسى, و بعد تردد قالت:


- لن ينفع هذا يا رين..أنا لن أستطيع...لأنني..


صمتت قليلاً و هي تحاول جاهدة أن تهدئ من روعها و تمنع نفسها من البكاء, فسمعته يتساءل في دهشة قائلاً:


- لماذا؟!, لماذا يا شيري؟!, ألا تحبينني؟!


لم تكن ترد أن تخبره سبب رفضها, و لكنه ضغط عليها قائلاً: - اخبريني لماذا؟!...هل تحبين أحداً آخر؟!


أغمضت عينيها و الدموع تحرقهما, ثم قالت في حزن: - أنا أخفي عنك شيئاً..رين أنا...


تنهدت بحسرة ثم أكملت: - أنا لست في الثلاثين من عمري..لقد كنت أكذب عليك طوال هذه المدة, إنني أكبر من هذا..أنا...


وضع رين بيده على فمها مسكتاً إياها عن الكلام في الحال, فنظرت كريستال نحوه بعينين مستغربتين, عندما رأته يبتسم بهدوء قائلاً:


- أعرف هذا..أعرف عمركِ الحقيقي, لطالما عرفت, و لكنني أخبرتكِ مراراً..أنا أحبكِ كما أنتِ, و لا يهمني كم تبلغين؟!


اتسعت عينيها من تلك المفاجأة المريعة, فلقد كان رين يعرف بحقيقة عمرها طوال هذه المدة, و لم يخبرها أو يفاتحها أو


يواجهها بذلك, لماذا لم يخبرها من قبل؟!, و هل يعلم بشأن هاري كذلك يا ترى؟!, هذا ما تردد في عقلها و قلبها, عندما


أغمضت عينيها و هي تستمع إلى أنفاس رين الهادئة, بعد أن ضمها إلى صدره في حنان....

فيرا
07-03-2011, 12:07







كان الوقت متأخراً, عندما جلست الفتاة ذات الشعر الأشقر المجدل بعناية, على مقعدها الخشبي المرتفع وسط الصالة


الصغيرة, و أمامها لوحة بيضاء كبيرة, و بيدها فرشاة رسم, و باليد الأخرى أمسكت بحاملة الألوان, كان يبدو عليها الانهماك الشديد


و هي تحاول جاهدة رسم شيء ما, شيء مميز, و ليس له مثيل, هل ترسم لوحة من الطبيعة الخلابة؟!, و لكنها فكرة مكررة,


فالعديد من الفنانين رسموا الطبيعة, إذاً ماذا ترسم بلوحتها هذه؟!, حكت خصلاتها الملونة بيدها و هي تفكر, و لكنها


توقفت عن التفكير عندما رأت باب الشقة يفتح , لتدلف إلى الداخل فتاة بمقتبل عمرها , شعرها أصهب مموج , ترتدي


تنورة بيضاء و كنزة صوفية وردية اللون , كانت تدندن بصوتٍ منخفض في سعادة و نشوة, مما جعل الفتاة الأخرى تحدجها بنظرات استغراب قائلة:


- روزا أين كنتِ طوال هذا الوقت؟!..لقد قلقت عليكِ كثيراً


لم تعر روزا كلام صديقتها أي اهتمام, بل ابتسمت و هي تحتضنها في سعادة قائلة:


- أحبكِ يا أحلى و أجمل صديقة بالعالم...


فزادت الدهشة في عيني الفتاة, مما فعلته روزالين, ثم قالت لها: - ما سر هذا الحب يا ترى؟!, هل قابلتِ هيو اليوم؟!


سمعت روزالين و هي تهمس بهيام في أذنها: - أجل يا سالي إنه هيو


فتساءلت سالي قائلة: - إذاً, من أخركِ كل هذا الوقت, هو هيو


أومأت روزالين برأسها و هي تبتسم, فتحركت خصلاتها المموجة برقة على كتفيها, ثم قالت:


- لقد كنت مع حبيبي


قطبت سالي حاجبيها ثم قالت معاتبة لها: - و لكن هذا خطأ, لا يصح أن تتأخري كل هذا الوقت بالخارج, أتعلمين كم الساعة الآن؟!


انقشعت الابتسامة من على وجه روزالين إلى نظرات تأفف, ثم قالت بازدراء: - أنا حرة في نفسي, أدخل أو أخرج كما أريد, فأنتِ لستِ رقيبةً علي..هل فهمتِ هذا؟!


قالت الكلمة الأخيرة بتهكم و هي تعقد ذراعيها إلى صدرها, عندها نهضت سالي من على مقعدها الخشبي, ثم وقفت مواجهةً لها في إصرار و تحدي قائلة:


- لا يا روزالين, أنا صديقتكِ, و من واجبي أن أقدم النصح لكِ, و عندما أراكِ تخطأين يجب أن أنبهك...


في غضب صاحت روزالين قائلة: - و أنا لا أنتظر من شخص مثلكِ النصح, يكفي هذا, , و إلا تركت لكِ المنزل و ذهبت من هنا...


أغمضت سالي عينيها محاولةً التغلب على غضبها, ثم قالت : - أنا آسفة...يبدو أن النقاش معكِ لن يودي إلى نتيجة


زفرت روزالين في حنق, ثم أعادت خصلاتها التي تبعثرت على جبينها جراء العصبية, و هي تقول في تهكم ثانيةً:


- حسناً, هذا جيد...سوف أخلد للنوم لأن مزاجي قد تعكر بفضلك


و لكن قبل أن تدخل إلى غرفتها, سمعت سالي تقول لها: - لقد اتصل هاري اليوم ...


التفتت روزالين, لتجد سالي ترمقها بنظرات ذات معنى, فقالت لها: - و ماذا كان يريد؟!


بنفس النظرات أخبرتها سالي: - لقد كان يريد التحدث إليكِ, و لكنني أخبرته بأنكِ بالخارج


في لا مبالاة قالت لها روزالين: - و هل أخبرته بأنني كنت مع هيو؟!


هزت سالي رأسها بالنفي, فقالت روزالين بسخرية: - و لماذا لم تخبريه بالحقيقة؟!


رمقتها سالي بنظرات استنكار, ثم قالت: - و هل جننت حتى أخبره بذلك؟!, أتريدينني أن أزيد من تعاسته؟!


بنفس السخرية الممزوجة باللامبالاة قالت: - كان يجب أن تخبريه حتى يكف عن ملاحقتي


اتسعت عينا سالي, ثم بلوم قالت لها:


- هاري يحبك يا روزا, لقد لمست هذا في نبرات صوته,فقد كان حزيناً للغاية, أنا أشعر بذلك, لقد كان على وشك البكاء..إنني أشفق على حال هذا الفتى, و خفت أن أخبره بأنكِ مع هيو, خفت أن أجعله يتألم و...


صمتت سالي عندما وجدت روزالين ترمقها من أعلى لأسفل بنظرات مستفزة, فقالت لها و هي تقطب حاجبيها:


- لماذا تنظرين نحوي هكذا؟!


في سخرية أجابت: - أراكِ تهتمين بذلك الفتى, و تتكلمين عنه بأسلوب لم أعهده من قبل


شعرت سالي بالحرج, و تصاعدت الدماء إلى رأسها و خديها , و هي تقول:


- ماذا تقصدين بكلامك هذا؟!, لا يوجد شيء بيني و بينه, أنا فقط مشفقةً على حاله


اتجهت نحو غرفتها في عصبية ثم قبل أن تغلق الغرفة قالت:


- و إذا كان تدخلي سوف يوقعني في دائرة الاتهامات, فسوف لن أتدخل و لن أتكلم بشأنكم ثانيةً, الحق علي أنني أخبرتكِ من البداية


ثم صفقت الباب خلفها و لم تنتظر أي كلام من روزالين, التي وقفت ترمقها بنفس النظرات المتهكمة و الساخرة....

فيرا
07-03-2011, 12:08







جلس على مقعده الهزاز في الشرفة الصغيرة, و هو يرمق السماء الليلية ذات النجوم المضيئة, و انعكس القمر في عينيه


الحزينتين, كان يبدو عليه الشرود و التفكير العميق, و بداخله تألم كثيراً و هو يتذكر ما حدث, و تردد صوتها داخل عقله عندما قالت له:


- آسفة رين, و لكنني لا أصلح لك...أنا أرفض طلبك


عض على شفتيه بحسرة, و هو يقول لنفسه بسخرية ممزوجة بألم:


- يبدو أنك ستظل تعيساً يا رين, خانتك آليس و رفضتك شيري...ألهذه الدرجة أنا مكروه من الجميع؟!


استفاق من شروده و حزنه عندما سمع صوت باب الشرفة يفتح, ليدخل رجلاً في الخمسينيات من العمر


ذو شعر رمادي قصير, و وجه حالم و رقيق, كان يبتسم بهدوء و هو ينظر لرين, الذي بادره قائلاً:


- أبي, جئت في وقتك..أريد أن أتكلم معك قليلاً


جلس الأب على المقعد المجاور له, ثم بهدوء و حنان قال: - يبدو أن الأمر خطير للغاية, أرى هذا في وجهك العبوث


تنهد رين في عمق و هو يقول: - أشعر بالاختناق يا أبي..أريد أن أبكي إلى الأبد, إن قلبي مفطورٌ بشدة, أشعر و كأنه قد تمزق بالسكين


ارتسمت علامات الاستغراب على وجه الأب و هو يقول: - لماذا كل هذه التعاسة؟!, ماذا حدث لك يا بني؟!


أطرق رين برأسه , فانسدلت خصلاته السوداء, حاجبةً بريق عينيه الحزين, و دموعه كذلك عندما قال:


- كم أشتاق إلى أمي...لماذا لم تأخذني معها؟!


يبدو أن الأب انزعج من كلام ابنه القاسي, فقال له معاتباً: - ما هذا الكلام المتشائم؟!, أكنت تريد أن تذهب أنت الآخر و تتركني أتعذب لفراقكما؟!


في اعتذار قال رين بعد أن شعر بانزعاج أبيه: - أنا آسف يا أبي...و لكن هذا العالم قاسٍ للغاية


شعر رين بيد والده الحنونة و هو يضعها فوق يده, فمنحه الدفئ و الطمأنينة, ثم سمع صوته يقول بهدوء ثانيةً:


- أنا أشعر بك يا بني, و لكن هذه هي الحياة, يجب أن نحياها بحلوها و مرها


ثم تنهد و أكمل مستفسراً: - لم تقل لي ما سبب حزنك المفاجئ؟!


بعد فترة من الصمت و التردد أجاب رين: - لقد رفضتني شيري...


في تساؤل قال الأب: - شيري من؟!


أجاب رين في حزن: - كريستال..زميلتي بالغناء


اتسعت عينا الأب في ذهول, ثم قال بعد أن ألجمه الصمت: - أنت تمزح , أليس كذلك؟!


هز رين رأسه نافياً لسؤال أبيه, فقطب الأب حاجبيه قائلاً:


- هل جننت أيها الولد؟!, أتريد أن تتزوج بامرأة تكبرك بعشرات السنين؟!, إنها قرب عمر والدتك


في ضيق أجاب رين قائلاً: - أنا لا يهمني العمر يا أبي..أنا أحبها, فما دخل الحب بالسن؟!


بانزعاج و غضب قال الأب: - أنا أرفض هذا الزواج..


في سخرية قال رين: - لست في حاجة لقول ذلك, فلقد رفضتني هي....


انسكبت الدموع التي احتقنها لمدة طويلة, على وجنتيه و هو ينظر نحو أبيه قائلاً:


- يبدو أنني مرفوض من الجميع...


ثم نهض و غادر الشرفة, تاركاً والده, الذي أطرق برأسه في حزن من رؤيته لحال ابنه المزرية...


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
07-03-2011, 12:08
انتظروني بعد بكرة ان شاء الله =)

ŔŨқДĨ
07-03-2011, 17:44
القصة رائعة اختي أبدعتي

عذرا على التاخر في الرد بس كنت اكمل القرائة

بانتظار التكملة

✿Elissa
07-03-2011, 18:45
يسلام التكملة روووووووووووووووووعة وهائلة
شوو هيو رح يصير روميو
بس لو امسك ها السحلية روزالين من شعرها رح وريها <<~ جنون البقر خخخخخ
انتظر التكملـــــة بفارغ الصبر <<~ باي

✿Elissa
09-03-2011, 17:28
اين التكملـــــــــــة ؟
وعععععععععع

$فانيلا لوسي$
09-03-2011, 23:39
لااااااااااااااااااااااااا لاااااااااااااااااااااااا لااااااااااااااااااااا هيو صار يحبها للمفعوصه لالالالالالالا هيو طاح من عيني

بس خلي اول شي الفرفرة لبعدين

البارتات الجديدة ختيرررررررررر بس انو حظ هيو انقلب على المسكين هاري اهئ اهئ

والله كسر بخاطري مسكين

شكلي كنت غلطانة كريستال ولا شيري طلعت مسكييييييييييييينة مررررررررررره حزنت عليها هي وولدها مساكين

ورين ااااخ ياقلبي اااخ بالله تعال عندي انا انا صغيرة وحلوة و مستحيل ارفض طلب الزواج منك >>>crazy girl

وهذا اب هاري طلع ابو كلب هههههههههه

ورزالين معفنة عفنة عفنة والله اكرهها ره حقودة ما تستاهل هيو مرة

والله ايش فورت لن عرفت انو هيو يحبها لالالالا شوية وكنت راح انفجر :mad: انشاءالله يصير شي و يفرقهم عن بعض

ومشكوووووووووورة خيتو ع القصة الروة الاكثر من روعة وبأذن الله تصيرين مشهورة بكتابة القصص

انشاءالله تصيرين زي مؤلفة هاري بوتر واكتر كمان الله يسعدك^^

يلا انا منتظرة البارتات الجاية اوك بس لازم جمبي علبة منديل شكلو هاري وامو بيجيبولي جلطة من الحزن هههههههه

بس هاه عطيني خبر لمن تنزليه عشان ممكن انسى اوكي يلا سلامتك ^^

blue_ocean
11-03-2011, 00:23
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
احم احم تعتذر الآنسة تاكي كنتاكي (فيرا) لأنها راح تتاخر شوي بتنزيل البارت
لأنها مريضة و ما راح تقدر تدخل ، تعتذر منكم للتاخير
دمتم بحفظ الرحمن ^^

فيرا
12-03-2011, 16:53
القصة رائعة اختي أبدعتي

عذرا على التاخر في الرد بس كنت اكمل القرائة

بانتظار التكملة

اهلاً يا قمر منووورة ^^

لا يا قمر مش اتأخرتي و الا حاجة =)

براحتك يا سكر ^^

انا اللي بعتذر على تأخري بوضع البارتات ^^"

كنت مريضة شوية ^^

المهم نورتينا ر=

فيرا
12-03-2011, 17:01
يسلام التكملة روووووووووووووووووعة وهائلة
شوو هيو رح يصير روميو
بس لو امسك ها السحلية روزالين من شعرها رح وريها <<~ جنون البقر خخخخخ
انتظر التكملـــــة بفارغ الصبر <<~ باي

اهلاً يا قمر ^^

انتي اللي روووعه يا قمر, ربنا يخليكي يا رب ^^

و لسه هيبقى روميو اكتر من كده evil:

هههههههه انا نفسي احرق روزا بجاز و الله xDD
بس نعمل ايه بقى؟..مراية الحب عامية ككككك

منوورة يا قمر ر=


اين التكملـــــــــــة ؟
وعععععععععع

معليش يا قمر بس كنت تعبانة شوية ^^

هحط التكملة اليوم ان شاء الله ر=

فيرا
12-03-2011, 17:24
لااااااااااااااااااااااااا لاااااااااااااااااااااااا لااااااااااااااااااااا هيو صار يحبها للمفعوصه لالالالالالالا هيو طاح من عيني


بس خلي اول شي الفرفرة لبعدين


البارتات الجديدة ختيرررررررررر بس انو حظ هيو انقلب على المسكين هاري اهئ اهئ


والله كسر بخاطري مسكين


شكلي كنت غلطانة كريستال ولا شيري طلعت مسكييييييييييييينة مررررررررررره حزنت عليها هي وولدها مساكين


ورين ااااخ ياقلبي اااخ بالله تعال عندي انا انا صغيرة وحلوة و مستحيل ارفض طلب الزواج منك >>>crazy girl


وهذا اب هاري طلع ابو كلب هههههههههه


ورزالين معفنة عفنة عفنة والله اكرهها ره حقودة ما تستاهل هيو مرة


والله ايش فورت لن عرفت انو هيو يحبها لالالالا شوية وكنت راح انفجر :mad: انشاءالله يصير شي و يفرقهم عن بعض


ومشكوووووووووورة خيتو ع القصة الروة الاكثر من روعة وبأذن الله تصيرين مشهورة بكتابة القصص


انشاءالله تصيرين زي مؤلفة هاري بوتر واكتر كمان الله يسعدك^^


يلا انا منتظرة البارتات الجاية اوك بس لازم جمبي علبة منديل شكلو هاري وامو بيجيبولي جلطة من الحزن هههههههه


بس هاه عطيني خبر لمن تنزليه عشان ممكن انسى اوكي يلا سلامتك ^^

اهلاً يا قمر منوورة ر=

يب شفتي ازاي؟

هيو الوسيم بيحب سحالي كككككككك :d

يعني ارتفع ضغطك و احنا لسه بالبارت 18 اومال لو وصلتي لل 22 هيحصل لك ايه؟ :D

شكلي بوزع اقراص مهدئة عالاعضاء كككككككك :d

يب شفتي ازاي؟...طلعت شيري طيبة و انتوا ظلمتوها evil:

اما ابو هاري فعلاً اب معفن كككككككك, و هتتغاظي منه اوي بالبارتات الجاية evil:

بالنسبة لرين, خلاص انتي كده حجزتيه evil:

خلاص بقوله يسيب شيري و يروح ليكِ ::جيد::

العفوو يا قمر, ربنا يسمع منك ان شاء الله ر=

ياريت ابقى مؤلفة زي مؤلفة هاري بوتر كككككككك

+ اوكيك يا قمر اول ما انزل بارتات جديدة هبعت لك رسالة =)

مشكووورة يا عسل على المداخلة الجميلة ^^

فيرا
12-03-2011, 17:31
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
احم احم تعتذر الآنسة تاكي كنتاكي (فيرا) لأنها راح تتاخر شوي بتنزيل البارت
لأنها مريضة و ما راح تقدر تدخل ، تعتذر منكم للتاخير
دمتم بحفظ الرحمن ^^

اشكركِ بلووو على الابلاغ =)

جزاكِ الله خيراً عزيزتي =)

بنزل البارت 19 و 20 ( تقدري تردي عليهم, لان دولا اللي كانوا المفروض تردي عليهم بالمنتدى اللي فات قبل ما يتفنجر كككككك )

فيرا
12-03-2011, 17:35
الفصــل التـــاسع عشــر



فتح عينيه الزرقاوين تدريجياً, بعد أن استيقظ من نومه بسبب لمسات رقيقة كانت تداعب وجنتيه في حنان, فكان أول ما


قابلته عيناه هو سقف الغرفة الأبيض, و الذي يشعره بالراحة كلما حدق فيه, اعتدل بعد ذلك جالساً على فراشه, ثم تمطأ


و تثاءب حتى ينفض الكسل من عليه, ثم التفت ليمناه, ليجدها جالسة بجواره مبتسمة كما عهدها دائماً, و بصوتها الحنون قالت:


- أراك سعيداً اليوم...


ارتسمت ابتسامة مشرقة على شفتيه و هو يقول: - صباح الخير يا أمي


طلت ضحكة خفيفة من الأم و هي تقول: - بل قل مساء الخير يا أمي


قطب الشاب حاجبيه في اندهاش قائلاً: - ماذا؟!...كم الساعة الآن؟!


- إنها السابعة مساءً


- و لماذا لم توقظينني يا أمي؟!, ألا تعلمين أن ورائي عمل؟!


قالها الشاب و هو ينظر بلوم إلى والدته, ثم أكمل بعد أن شعر بمقدار الكارثة التي حلت عليه:


- ماذا أفعل الآن؟!, إن المدير صارم و أنتِ تعلمين هذا, إنها أول مرة أتغيب فيها عن عملي..


زفر بقوة , بعد أن أسند جبينه على يده مفكراً, لتنسدل خصلاته البنية عليها, و قد بدا الإحباط على وجهه ,فشعرت والدته بالأسف نحوه, و بصوتها الرقيق قالت:


- لقد أيقظتك مراراً, و لكنك لم تصحو إلا الآن, يبدو أنك كنت مرهقاً للغاية


رفع الشاب رأسه عندما شعر بأنه قد جرح والدته بغضبه و عصبيته تلك, ثم نظر نحوها قائلاً في اعتذار:


- آسف يا أمي, سامحيني أرجوكِ, لم أقصد أن أتكلم معكِ بذلك الأسلوب


ابتسمت الأم, ثم ربتت على شعر ولدها و هي تقول في حنان:


- لا تخف يا هيو, فأنا لست غاضبة منك


ثم تبدلت نظرتها إلى التساؤل و هي تقول: - و لكنني ألاحظ هذه الأيام, شرودك المستمر, و أيضاً أشعر أنك سعيد, أشعر بأن هنالك شيءٌ ما تود إخباري به


ابتسم هيو في خجل و هو يومأ برأسه إيجاباً, ففهمت الأم نظراته على الفور, و فهمت ما الذي يشغل ولدها الحبيب؟!..


- أنت تحب, أليس كذلك؟!


قالتها الأم و هي تنظر بسعادة نحو هيو, الذي لم يقل حرفاً, فقط اكتفى بالإيماء خجلاً, فأردفت الأم:


- من هي سعيدة الحظ تلك, التي شغلت قلبك ؟!


بصوتٍ هائم أجابها: - اسمها روزالين


ثم تنهد بعدها و هو يتذكر وجه روزالين الباسم اللطيف, فقالت الأم متسائلة عندما تذكرت أنها سمعت هذا الاسم من قبل:


- روزالين!!, أليست هذه هي الفتاة التي أنقذتها من مجموعة الشباب تلك؟!


أومأ هيو برأسه ثم قال و لازالت الابتسامة تعلو شفتيه: - أجل إنها زميلتي بالجامعة


- لقد تشوقت لرؤيتها


أخرج هيو من تحت وسادته صورة صغيرة, ثم ناولها لوالدته التي نظرت له في استغراب ثم نظرت للصورة التي كانت لفتاة


بمقتبل عمرها, ذات شعر أصهب مموج يصل إلى كتفيها, و عينان عسليتان, و فم دقيق, و أنف مستقيم صغير, شعرت الأم


بشيءٍ ما في نظراتها و ابتسامتها تلك, شيء غير مريح البتة, قطع هيو شرودها و هو يقول لها في هيام:


- ما رأيكِ فيها؟!, أليست جميلة؟!


رفعت عينيها من على الصورة و هي تبتسم ابتسامة غير مريحة, أقلقت هيو الذي نظر بتعجب لها قائلاً:


- أمي ماذا هناك؟!


تنهدت الأم ثم قالت في هدوء: - لا أعرف يا بني, و لكن...


وضعت بيدها على صدرها ثم قالت دون أن تنظر بعيني ابنها المركزتين عليها في قلق:


- هنالك شيء غير مريح في نظرات تلك الفتاة, ابتسامتها مصطنعة, و وجهها غير مريح, لقد شعرت بقلبي يتناقز عندما نظرت في عينيها, شعرت بالخوف و القلق يختلجان داخلي


رفعت وجهها, لتجد هيو لازال يرمقها بنظرات قلقة, و بؤبؤي عينيه يهتزان في محاولة لإيجاد تفسير داخل عقله, لما قالته والدته, فابتسمت الأم له و هي تربت عليه قائلة:


- انسى ما قلته لك, هذا مجرد شعور لا أكثر..فقط لا تتمادى في ذلك الحب, انتبه لنفسك يا صغيري


انهت كلامها, ثم عندما نهضت من جواره حتى تغادر الغرفة, أمسك هيو بيدها مانعاً إياها من الخروج, ثم قال لها أخيراً في ارتياب:


- أمي, هل تعلمين شيئاً عنها و تخفينه عني؟!


هزت الأم رأسها بالنفي, ثم قالت: - قلت لك انسى ما قلته, ربما أكون مخطئة


أفلت هيو يد والدته, بعد فترة قصيرة, ثم ظل يحدق نحو الباب الذي خرجت منه, و قلبه بدأ بالتوتر...ترى ماذا قصدت


والدته؟!, هل بالفعل لا تعلم شيئاً عن روزالين؟!, أم تراها تعرف و لكنها لا تود جرح ولدها؟!...


أمسك بصورتها, و قربها من عينيه اللتين أخذت تهتزان بشدة, ثم أخذ ينظر لها و لكن هذه المرة ليست نظرات هائمة, بل


نظرات حائرة, تائهة و ضائعة, لا تعلم ماذا يحدث؟!, تبحث عن إجابةٍ ما...إجابة لتساؤلات عديدة طرقت قلبه الصغير...

فيرا
12-03-2011, 17:36






مرت الأيام , و مع كل يوم يزداد الحب بين هيو و روزالين, و تزداد السعادة في قلبيهما, و الحزن في قلب آخرين, حتى جاء


ذلك اليوم, في إحدى أيام الشتاء البارد, لم تحضر روزالين الجامعة, بل الأسوء من ذلك أنها تغيبت لأسبوع و لم تخبر أحداً,


مما جعل قلب هيو يرتاب و يتساءل, ماذا حدث لها؟!, لقد كان خائفاً من أن تكون قد أصابها مكروهٌ ما, فشعر بالبرد يجتاج


جسده, من مجرد التفكير بذلك, و لكن كيف يعرف أخبارها؟!, إنها حتى لم ترد على اتصالاته, من يسأله عنها؟!, كل هذه


الأسئلة تصارعت داخل عقله, عندما لمحه جالساً على إحدى مقاعد الجامعة الخشبية تحت الشجرة الكبيرة, كان يتصفح


كتاباً صغيراً, و بأذنيه يضع سماعات هاتفه, فارتسمت ابتسامة أمل على شفتي هيو, و هو يحدث نفسه قائلاً:


- سوف أسأله عنها, حتماً إنه يعرف شيئاً ما...


رفع الشاب برأسه عندما لمح شخصاً مرتدياً بنطالاً أبيض اللون و قميصاً أزرق فاتح عليه معطفاً أبيض كذلك ,واقفاً أمامه


ينظر له و على شفتيه اعتلت ابتسامة عذبة, فأغلق كتابه الصغير, ثم أبعد السماعات عن أذنيه, و أعاد خصلات شعره العسلية التي


انسدلت بتمرد على عينيه الخضراوين للخلف, و قد حاول أن يخفف من حدة نظراته المنزعجة له, فلقد كان يشعر بالدماء تغلي بعروقه عندما وجده أمامه, ثم بتساؤل قال:


- أتود مني شيئاً يا هيو؟!


أومأ هيو برأسه إيجاباً, ثم بدأ كلامه قائلاً: - كيف حالك يا هاري ؟!


تنهد هاري ثم أجاب قائلاً: - بخير


ابتسم هيو له ثم أردف في توتر واضح: -بالحقيقة, كنت أود أن أسألك عن...


- عن ماذا؟!


- عن..روزالين...لقد غابت كثيراً, و أنا قلقٌ عليها, هل تعلم شيئاً عنها؟!


قالها هيو بارتباك ممزوج بالخجل, أما هاري فقد بانت علامات الضيق على وجهه, فهذا ما كان ينقصه, ألا يكفيه أنه يراهما


معاً, و الآن يأتي هيو ليسأله عنها, شعر و كأن ناراً قد اشتعلت بقلبه, فقال بلامبالاة مصطنعة:


- حقاً!!, أنا آسف يا هيو, فأنا لا أعلم أين اختفت الآنسة روزالين؟!


ثم أعاد نظره للكتاب متجاهلاً هيو, الذي أطرق برأسه في حزن قائلاً:


- يا للخسارة, لقد ظننتك تعلم أين هي؟!


في سخرية حزينة اعترض هاري قائلاً: - و لماذا أعلم؟!, هل قال لك أحدهم أنني وكيل أعمال روزالين؟!


شعر هيو بشيءٍ ما من كلمات هاري الساخرة تلك, فتساءل مندهشاً: - هاري, لماذا تتكلم معي بهذه الطريقة؟!


رمقه هاري بنظرات, شعر هيو بمدى الألم التي تحتويه, و أيضاً الحنق, ثم قال هاري مجيباً إياه بطريقته الساخرة:


- و ماذا بها طريقتي؟!, ألا تعجبك؟!


تنهد هيو محاولاً تجاهل ما قاله هاري, فيبدو أنه ليس على ما يرام الآن, فالتفت و قال قبل أن يبتعد:


- سوف أتكلم معك بوقتٍ لاحق, فيبدو أنك لست بوعيك


و قبل أن يغادر هيو, أمسك هاري يده جاذباً إياه له, مما جعل عينيه تتسعان كردة فعل طبيعية على ما حدث, ثم سمع هاري يقول متعصباً:


- و ماذا تقصد بكلامك هذا؟!, أتراني مجنوناً أو ما شابه؟!


لقد طفح الكيل, ماذا حدث لهاري يا ترى؟!, لماذا يتكلم معي بتلك الطريقة؟!, ماذا فعلت له؟!, كان هذا ما يدور داخل عقل


هيو الذي ظل محدقاً في هاري بتعجب و استغراب شديدين, ثم قال و هو يحاول التملص من قبضته:


- هاري, بالفعل أنت لست طبيعياً, لقد كنت أسألك عن روزالين, و لا أعرف لماذا حولت النقاش إلى شجار؟!


صرَّ هاري على أسنانه في غضب, عندما سمعه ينطق اسمها, ثم أمسك بقبة قميص هيو, و هو يقول:


- لا تكلمني بتلك الطريقة, التي تشعرني بالشفقة, أنا لا أحتاج لشفقة أحد, أسمعت؟!


صمت قليلاً, ثم أعقب: - و لا تسألني ثانيةً عن روزالين


زفر هيو بغضب, ثم أبعد يد هاري بالعنف عنه, و صفعه على وجهه بانفعال قائلاً:


- أتمنى أن تعود إلى رشدك أيها الفتى, لا أعرف ما الذي فعلته لك حتى تغضب هكذا؟!


ابتعد هيو عن ناظري هاري, الذي وضع بيده على وجهه و هو ينظر بحقد شديد نحوه, بينما بداخله كان يشعر بالانكسار


و التألم و الذنب مما حدث, فحقيقةً لم يكن يريد لذلك الشجار أن يحدث, و لم يعرف ماذا حدث له ليجعله يؤذي صديقه هكذا؟!,


يبدو أنها لعنة الحب...أو لعنة روزالين...

فيرا
12-03-2011, 17:37







وقفت أمام شاطئ البحر الذي أخذت أمواجه بالتسابق نحوها, كان يبدو ثائراً, كقلبها الحزين, ثم دست بيديها داخل


جيبي ثوبها الأسود القصير, فحركت الرياح خصلات شعرها الأصهب, ليلتصق بعضاً منه بوجهها بسبب تلك الدموع الصغيرة


التي انحدرت من عينيها المتلألأتين, و هي تتنهد في حسرة, كانت تبدو شاحبة الوجه, و كأنها عادت من الموت لتوها,


كانت الشمس موشكة على المغيب, مما أعطى السماء لوناً برتقالياً مميز, و رسمت ظلالاً على وجهها, و من الخلف لم


تنتبه الفتاة للشخص الذي كان واقفاً طوال هذا الوقت, مراقباً لها بعينين حالمتين, أو لنقل مشتاقة لرؤيتها, و لكن يبدو أنه


تألم عندما لمح تلك الدموع تنحدر على وجنتيها الشاحبتين, و ارتاع لرؤيتها متشحة بالسواد, فاقترب منها حتى صار خلفها


تماماً, ثم مد يده ليزيح خصلاتها الصهباء إلى خلف أذنها, فاتسعت عينا الفتاة, و خفق قلبها كمعزوفة رقيقة على آلة البيان,


و هي تهمس في حرارة: - هيو, هل أنت هنا؟!


سمعت أنفاسه خلفها, ففهمت أنه هو, و التفتت مواجهةً له بوجهها الذي بللته الدموع الحارقة, فأثار ذلك ريبة هيو, مما جعله يقطب جبينه متسائلاً:


- ماذا حدث لكِ يا حبيبتي؟!, لم كل هذه الدموع؟!, و أين كنتِ طوال هذه المدة؟!


حدق في عينيها الباكيتين , و هو يكمل:


- لقد خفت كثيراً, ظننت أنني قد فقدتكِ للأبد, و لكن عاد الأمل لي عندما قرأت رسالتك اليوم على هاتفي...


لم تنبث الفتاة ببنت شفة, فأمسك هيو يديها بحنان و هو يهمس: - اشتقت إليكِ يا روزالين, لا تغيبي عني ثانيةً


أغمضت روزالين عينيها, ثم خرج صوتها المبحوح بسبب البكاء, قائلاً:


- و أنا اشتقت إليك أكثر, و لكن ليس باليد حيلة


لم يفهم هيو, إلى ماذا ترمي حبيبته بكلامها ذلك, فتساءل قائلاً: - لم تخبريني أين كنتِ؟!


في حزن شديد أطرقت روزالين برأسها, و هي تقول له : - لقد سافرت إلى مدينتي, لأن أمي...


لم تستطع إكمال كلامها, أو تمالك نفسها حتى, فغطت فمها بيدها, ثم أخذت تبكي بكاءً حاراً, ففهم هيو على الفور, ما


تريد روزالين إخباره به, و فهم ما الذي يؤلم صدر حبيبته, و جعلها متشحة بالسواد و شاحبة كالموتى, فأطرق رأسه في حزن , ثم قال مواسياً لها:


- آسف حبيبتي, لا تبكي أرجوكِ, هكذا أنتِ تؤلمين صدري, أنا أعلم كم هو صعب أن تفقدي شخصاً عزيزاً عليكِ


صمت قليلاً, عندما تذكر والده, و الحادث الذي أودى بحياته و قلب حياتهم للجحيم, فانسكبت دمعة على وجنتيه, لمحتها روزالين, ثم أكمل قائلاً و هو يضغط بيده على يدها:


- و لكن يجب ألا نظل عالقين بالحزن للأبد, يجب أن نقاوم و لا نستسلم لتلك الدموع...


قاطعته روزالين بطلبها الغريب و المفاجئ, قائلة: - هيو, ضمني إليك


كانت دموعها تتساقط منحدرة على وجهها, و هي تنظر لعينيه, اللتين حدقتا باندهاش نحوها, ثم بعد برهة نزلت الشمس


و سقطت داخل أمواج البحر, ليحل الليل بنجومه التي توهجت في خجل, عندما ابتسم لها في حنان, و هو يضمها إليه بعد أن طبع قبلة صغيرة على جبينها البارد...


كانت ذراعيه تطوقانها, فمنحتها الدفئ العارم, أما قلبها فقد كان يتواثب داخل صدرها, ليطرق باب قلبه, و يحركه معه هو


الآخر, لقد كان الجو بارداً بحق, و ما زاد البرودة هو هطول المطر الغزير, الذي بللهما, من أعلى رأسيهما حتى أخمص قدميهما,


و لكنهما لم يشعران بتلك البرودة, أو بذلك البلل حتى, لأنهما معاً و سيظلان معاً...هذا ما كان داخل قلب هيو..


ـــــــــــــــــــــ

فيرا
12-03-2011, 17:40
الفصــل العشــرون


كان جالساً على أريكته الخضراء في غرفته الواسعة, وحيداً, و لم يبدل ملابسه حتى, منذ أن عاد من الخارج, مطرقاً

برأسه نحو الأرض المكسوة بسجادٍ بني اللون, و كل ما كان يفكر فيه, هي تلك الصفعة التي نالها على وجهه, و تصرفه

الفظ الذي عامله به اليوم, أخذ يفكر و يعاتب نفسه بقسوة قائلاً:

- كيف تكلمت معه بتلك الطريقة؟!, لطالما ساعدني هيو, فكيف تصرفت بهذا الشكل؟!

أغمض عينيه و هو يقول في حرقة: - ماذا حدث لك يا هاري؟!, أنت لم تعد كما كنت, أكل هذا بسببها؟!

عادت النيران تتأجج في قلبه عندما ظهر شبح ابتسامتها في مخيلته مجدداً, فشبك يديه ببعضهما, و قطب حاجبيه و هو يقول ضاغطاً على نفسه:

- لا يا هاري, إن هيو صديقك, لذا يجب أن تبتعد عنها...و في الحال

أسقط رأسه بين كفيه, و هو يهزها بعنف, فقد كان يصارع نفسه, محاولاً أن ينساها, و يمحوها من عقله, و لكن يبدو أنها

مسيطرة عليه بشكلٍ كبير, فكلما تخيل أنها ليست له, جز على أسنانه بعنف, حتى وصل به المطاف إلى أن يمسك بمزهريته الصغيرة

و يرميها على الأرض, فتحطمت إلى قطع صغيرة تناثرت بأرجاء الغرفة, و يبدو أن أحداً ما سمع صوت الكسر ذاك, و الذي تخلله صوت صرخات هاري المؤلمة,

فانفتح الباب بعدها مرتطماً بالحائط, بينما أتى الصوت العجوز الهلع, و الذي كان قلقاً للغاية مما حدث, قائلاً بتساؤل:

- سيد هاري, هل أنت بخير؟!

ثم هرع نحو هاري الذي عاد للجلوس على أريكته الخضراء, و منزوياً على نفسه, فقال بحنان و حيرة في نفس الوقت:

- ماذا حدث لك يا بني؟!, لماذا صرخت هكذا؟!

ثم نظر نحو الأرض, ليجد حطام المزهرية, و زهورها متبعثرة على السجاد, فقال متعجباً:

- يا إلهي, لقد تحطمت المزهرية !

- أنا من حطمها يا سايمون

قالها هاري و هو دافساً رأسه بين ركبتيه المضمومتين, ثم شدد بيديه عليهما, مما أثار حيرة و خوف سايمون العجوز أكثر, فوضع بيده ماسحاً على رأس هاري, ثم قال مستفسراً عن السبب:

- لماذا يا هاري؟!, ما الذي يؤرقك ؟!, هل نشب شجارٌ بينك و بين أبيك ؟!

لم يجبه هاري, و اكتفى بهز رأسه نافياً, فتساءل سايمون: - إذا لم يكن والدك, فمن جعلك غاضبٌ هكذا إذاً؟!

زفر هاري في حنق, ثم رفع رأسه, لتتسع عينا سايمون في ذهول, و ريبة من وجه هاري الشاحب, و عينيه الذابلتين, و لكن ما أرعبه حقاً, هي تلك الدموع التي كان يذرفها بشدة, فقال سايمون بذعر:

- ماذا بك يا هاري؟!, لماذا تبكي يا ولدي؟!

خرج صوت هاري ضعيفاً, و متحشرجاً, قائلاً, و قد اختلط كلامه بالعبرات الحزينة, ليحرق قلب سايمون:

- ماذا أفعل؟!, أنا أحبها, و لا أستطيع أن أكف عن حبها

تشبث بيد سايمون, ثم أكمل في ألم قائلاً: - أخبرني ماذا علي أن أفعل؟!, كيف أنساها؟!, إن نسيان اسمي لهو أسهل من نسيان حبها, إن الألام تمزقني يا سايمون, بل تقطع قلبي, أنا ضعيفٌ من دونها

نظر نحو الأرض, فتمردت على عينيه الخاويتين, خصلات شعره العسلية, و هو يقول: - و لكن, هيو صديقي, لا أريد أن أخسره أيضاً

صمت, ثم أخذ يهز برأسه و هو يقول: - ماذا علي أن أفعل؟!, ما العمل؟!

شعر سايمون, بمدى أوجاع هاري, و التي كان يختزنها داخل قلبه طول هذه المدة, لهذا السبب لم يعد يأكل, و لم يعد يضحك,

و لم تعد عينيه تبتسمان, و كأن سيلاً من النيران خرجت من أعماق هاري, لتدلف إلى قلب سايمون, الذي نظر بشفقة تجاهه,

ثم جلس بجواره على الأريكة, و ضمه إلى صدره الحنون, مربتاً عليه, و قائلاً له, علّهُ يخفف من وطأة الأمر:

- أتعلم لو سألتني عن رأيي بهذا الموضوع, لقلت لك اختر الصديق, لأن الصديق لا يعوض

و لكن يبدو أن كلامه لم يخفف من تلك الألام, بل زاد الطين بلة, فقد صاح هاري قائلاً:

- و لكنني أريدهما معاً, لا أريد أن أخسر هيو, و أريد روزالين...لا أستطيع العيش بدونها

- بل تستطيع, أنت قوي يا هاري, و مع الوقت ستستطيع فعلها

- اتركني بمفردي, لا أريد سماع شيء آخر

قالها هاري في غضب, بينما انتفخت أوداجه و احمرت عيناه و هو ينظر لسايمون, الذي نهض من جواره, و قال في أسف:

- كما تريد يا سيدي...كما تريد

اتجه نحو الباب, ثم انصرف مغادراً الغرفة, بعد أن وقف ينظر في حزن, متحسراً على هاري المسكين, و الذي لم يستطع أن

يفعل له أي شيء, قد يمحي هذا الألم من صدره, فقط تمنى من الله أن يزيل تلك الكآبة سريعاً, ليعود هاري كما كان...

فيرا
12-03-2011, 17:40



حل الليل بصمته المطبق, مسكتاً أي ضجيج, و بداخل المنزل الكبير الأخضر, الذي وقف شامخاً وسط السكون, كان يقطع

البهو الواسع بقدميه المنهكتين ذهاباً و إياباً, و على وجهه الذي امتلأ بالتجاعيد ارتسمت علامات الضيق و الكرب, وقف بعد

ذلك قليلاً , ثم أطرق برأسه التي غزتها الشيب مفكراً في كل ما حدث خلال هذه الأيام القصيرة, و كيف وصل الحال به

إلى هذه الدرجة القصوى من اليأس و الحزن؟!, لطالما كان يراه سعيداً رغم معاملة والده السقيمة له, و ابتعاد والدته عنه,

و بعد تفكير عميق, تنهد العجوز عندما توصل لقرار من وجهة نظره كان هو الحل الأمثل, و هو ينظر نحو الغرفة التي بالطابق

العلوي في أقصى اليسار, قائلاً في حزم: - لابد أن أخبره, يجب أن يعلم بكل ما يحدث, بل يجب أن يتصرف

اعتلى بعدها درجات السلم, و قلبه يتساءل مع كل خطوة يصعدها نحو الأعلى, ترى ماذا سيفعل عندما يعلم؟!, هل سيساعده؟!, و لكن ماذا لو رفض...كعادته؟!

أخذ يهز رأسه مزيحاً هذه الأفكار, ثم أردف بكل عزم: - مؤكد أنه سيتصرف في هذا الأمر, بل يجبأن يفعل شيئاً من أجله

وقف أمام الغرفة الكبيرة ذات الباب الأبيض, و يده لا تطاوعه على الدق, كان خائفاً من أن تُحبط عزيمته, و أن يحدث ما يخشاه,

و لكنه تحلى بالشجاعة, متناسياً مخاوفه من أجله, ثم رفع بيده المرتجفة و بدأ بالدق المنتظم على الباب, مرة و اثنتين و ثلاث,

و لكن لم يفتح أحد, أغمض العجوز عينيه الكهلتين و هو يتمتم بيأس: - يبدو أنه نائم, لا فائدة من الطرق إذاً

التفت بعدها, ثم عندما جاء ليغادر, سمع صوت الباب يفتح من خلفه, فتوقف بمكانه و على شفتيه المجعدتين ارتسمت بوادر الأمل,

عندما سمع صوته الأجش يقول مستفسراً بانزعاج: - ماذا هناك يا سايمون؟!

عاد سايمون ليلتفت إلى سيده, الذي كان يقف منزعجاً بالفعل و نظراته توحي بالضيق, فابتلع سايمون ريقه و هو يبتسم قائلاً بتوتر:

- في الحقيقة, كنت أود أن...

قاطعه ويليام, بعد أن ملل من تلكؤ سايمون, قائلاً بنفاذ صبر: - أنت ماذا؟!, أسرع لأنني أريد النوم, وراءي أعمال بالغد

تنحنح سايمون, ثم أخذ يحل ربطة عنقه قليلاً عن رقبته, عندما شعر بالحرارة تتصاعد من وجهه, بسبب الحرج, ثم بصوتٍ مرتبك قال:

- أنا آسف يا سيدي, و لكنه أمر هام, إنه بخصوص ابنك

تبدلت نظرات الأب إلى الاندهاش و التساؤل قائلاً: - هاري!!, و ماذا به هو الآخر؟!

أطرق سايمون برأسه إلى الأسفل في حزن و هو يقول: - حقاً لا أعرف كيف أبدأ أو ماذا عساني أن أقول لك؟!, و لكن...

صمت قليلاً, ليتنهد قبل أن يكمل: - بالأونة الأخيرة , لم يعد هاري يبتسم أو يضحك كعادته, لم يعد يأكل أو يشرب, لقد ذبلت عيناه و تغير كثيراً, و أنا أظن أن...

لم يكمل سايمون كلامه عندما سمع ويليام يعلق بسخرية محبطة: - و أنت تظن ماذا؟!, أتريدني أن أذهب لألاعبه قليلاً, أم أنشد له تهويدة حتى ينام كالأطفال؟!

قطب ويليام بعدها حاجبيه , ثم صاح بوجه سايمون في غضب: - يبدو أنك كبرت و أصبحت خرفاً, أتوقظني من نومي حتى تقول لي هذا الكلام, و لكن هذا ليس خطأك على أي حال, إنه ذلك المدلل الصغير المزعج, تماماً كوالدته الحمقاء

جز سايمون على نواجذه في انفعال, ثم قاطعه و هو يشدد على قبضة يده, قائلاً باستياء:

- و لكن هاري بالفعل في أزمة يا سيدي, إن لم تلحقه سوف تفقده, أرجوك, أنا أتوسل إليك و أناشدك بكل ما في الحياة من قيم, أن تنتبه و لو قليلاً لابنك, و إلا سيأتي اليوم الذي ستندم فيه على كل ما فعلته, و ستتمنى أن يعود الزمن و لو للحظات صغيرة, لتمضيها معه, أرجوك يا سيدي, لا ترمي ما أقوله خلف ظهرك

و يبدو أن تلك الكلمات ألجمت ويليام الصمت, و جعلته يحدق بسايمون منذهلاً من تلك الشجاعة التي حطت عليه فجأة,

أما سايمون فقد شعر بأن هناك أمل, و أن سيده قد تأثر و سيساعد هاري أخيراً, و لكن يبدو أن ظنه قد خاب عندما وجده

يدير ظهره له, ليدخل داخل غرفته, و هو يقول بلامبالاته المعهودة:

- بالفعل يبدو أنك أصبحت خرفاً, فكيف تجسر على الكلام هكذا بوجهي؟!

و قبل أن يغلق الباب, أوقفه سايمون للمرة الأخيرة قائلاً في عزم و إصرار:

- سيدي إن هاري واقعٌ بالحب, و لكنه من طرف واحد...

تسمر ويليام بمكانه, و لكنه لم يقل شيئاً, فأكمل سايمون مقترحاً, و بداخله يدعو الله أن يتقبل سيده كلامه:

- أنا أظن يا سيدي, أنك لو..أقول لو أعدت إلى هاري والدته, أو جعلته يراها, لربما أزاح ذلك الحزن من عن قلبه

لم يحتج سايمون الكثير من الوقت, ليرى جواب سيده, فقد أتت ردة فعله سريعاً, و رادعة كذلك, عندما ضرب الباب بقبضة يده و هو يصيح في حنق:

- هذا يكفي يا سايمون, إن تكلمت عن هذا الموضوع ثانيةً, فسوف أقوم بطردك إلى الخارج

ثم التفت إليه و قال متوعداً و هو يضغط على حروفه: - و أيضاً, إياك و أن تخبر هاري عن والدته, أسمعت؟!

ثم قبل أن يصفق الباب خلفه بشدة في وجه سايمون العجوز قال مستهزئاً:

- حب!!..هذا ما كان ينقصني

وقف سايمون مذهولاً و قد انعقد لسانه مما حدث للتو, أهذا معقول؟!, أبعد كل ما قاله سايمون لم تتزحزح مشاعر ذلك

الأب؟!, أي أبٍ هذا الذي يتوانى عن مساعدة ولده؟!, هل قلبه قُدّ من حجر؟!, حتى الحجر يتفتت من الماء, إنه غير

طبيعي , مسكينٌ أنت يا هاري, متى سيشعر بك والدك؟!, كان هذا ما يدور بخلد سايمون عندما نفث عن الاستياء و

الحزن الذي بداخله, عبر تنهيدة حارقة, كدمعته التي فرت للتو...

فيرا
12-03-2011, 17:42



كان يمشي بلا هوادة تحت زخات المطر المشتد, داسساً بيديه داخل جيبي بنطاله الجينز الأزرق ,و كل ما كان بداخله هو

الفراغ العميق الذي يشعر به يخنقه, و هالات الكآبة التي تحيط به من كل جانب...

توقف تلقائياً, عندما رآها من بعيد, واقفة بثوبها الأسود, و قطرات المطر المنهمرة تبللها, حتى التصقت خصلاتها برأسها, و

بللت ثوبها من أوله إلى آخره, كانت ترتجف من البرد, كعصفورٍ صغير سقط من عشه, و يبدو أنها كانت تنتظر شخصاً ما,

فابتسم بمرارة عندما علم هوية الشخص المنتظر, و لكن هاله رؤيتها ترتجف هكذا, فاتجه نحوها على الفور...

ظلت الفتاة واقفة بمكانها, تتلفت يميناً و يساراً, باحثةً بعينيها عن الشخص المنشود, و الذي تنتظره هنا تحت الشجرة

التي لطالما تواعدا عندها, و لكن يبدو أن الانتظار سيطول, فلم يأتي ذلك الشخص المنتظر بعد..

سمحت لتنهيدة قصيرة بأن تعبر من قلبها, ثم ضمت نفسها عندما شعرت بالبرد الشديد يعانقها, و لكن سرعان ما

ابتسمت فرحةً, عندما شعرت بأحدٍ ما يقف خلفها, و توردت وجنتيها عندما وجدت معطفاً بني اللون يوضع على كتفيها,

فالتفتت و هي تقول: - هيو أخيراً أتيـ...ت

التزمت الصمت إثر المفاجأة, فلم يكن ذلك الشخص هو هيو, بل كان شخصاً آخر, شخص لم تتوقع حضوره بهذا الوقت, و لم تكن تنتظر رؤيته..

من نظراتها له, فهم الشاب و تأكد أنها لم تكن تنتظره, فأطرق برأسه ,التي التصقت بها خصلاته العسلية بسبب المطر
,للأرض معتذراً على مباغتتها بتلك الطريقة قائلاً:

- آسف يا روزا, كان علي أن أنبهكِ لوجودي قبل أن أضع معطفي عليكِ

في عبارات مقتضبة أجابت روزالين: - شكراً هاري

حاول هاري الابتسام, و لكنه لم يستطع, فقال متسائلاً بتردد : - هل..تنتظرين أحداً ما هنا؟!

بسؤاله كان يريد أن يتأكد من صحة تخمينه, و لكم كان يود و يتمنى أن تثبت عكس توقعاته, و لكنها أحبطته بردها الذي بدا فيه قليلاً من العجرفة و كأنها لم تكن تريد رؤيته, قائلة:

- أوه, أجل لقد كنت أنتظر هيو...هل لديك مانع؟!

أغمض هاري عينيه, حتى يخفي الشجن المنعكس فيهما, و بداخله كان يود أن يصرخ فيها قائلاً, لماذا هيو؟!, لماذا لا

تشعرين بي؟!, أم أنكِ تشعرين و تهوين تعذيبي؟!, و لكنه اقتصر قائلاً لها في تساؤل:

- و هل ستنتظرينه حتى لو...تأخر؟!

لم يكن يقصد تأخره عن الموعد, بل كان سؤاله يحمل معنى آخر, كان يريد أن يعرف هل ستظل روزالين تحب هيو, حتى لو

تأخر, أم أنها ستتركه, و لكن للمرة التالية أحبطته قائلة بثقة, و يبدو أنها قد فهمت تلميح هاري لها:

- سأنتظره يا هاري...سأنتظره مهما طال العمر

زفر هاري, فتشكل بخار الماء أمامه, ثم فتح عينيه البائسة, لتلتقي بعينيها الساحرتين, فجعلته ينصهر قائلاً في ارتباك:

- ر..روزا...لقد علمت بأمر والدتكِ, و كم حزنت من أجلكِ, لقد قلقت عليكِ كثيراً, و...

- ماذا تريد يا هاري؟!...لماذا لا تتكلم بصراحة؟!

قالتها روزالين بانفعال و ضيق, مقاطعةً كلام هاري, الذي ألجمه الصمت, و بدا الارتباك على وجهه, و في نظرات عينيه,

فكيف يخبرها أنه يحبها؟!..بل إنه أكثر من ذلك..إنه يعشقها, و يتنفس هواها, و لكن قول ذلك بات صعباً الآن, بل إنه أصبح المستحيل ذاته, لأن هيو...سيظل عائقاً بطريقه..

ظلت روزالين تنظر له, بنظرات فاحصة, من الأعلى للأسفل و هي معقدة ذراعيها, منتظرةً منه الكلام, و لكن يبدو أن هاري سيظل صامتاً, فضحكت ساخرة, و هي تقول:

- يبدو أنه ليس لديك شيئاً, لتقوله

ثم خلعت معطفه من على كتفيها, و ناولته له بقسوة, قائلة: - أعتقد أن هذا لك

و لكن هاري لم يأخذ المعطف, بل دفعه بيده تجاهها, و هو يقول بكل حنان و براءة:

- لا بأس, يمكنكِ إرجاعه إلي غداً, ثم أنا لا أحتمل رؤيتكِ مبللة هكذا...هيا ارتديه, حتى لا تمرضين

و لكنها أصرت على عدم أخذ المعطف, و في هذه الأثناء, دق جوال روزالين, مقاطعاً حديثهما, فأخرجته من الحقيبة و نظرت به, لتتبدل نظرات عينيها, إلى الفرحة و هي تهتف قائلة بصوتٍ مسموع:

- إنها رسالة من هيو, يعتذر فيها عن التأخير, و يخبرني عن مكانه الذي ينتظرني فيه

أغلقت جوالها, و هي تقول: - يبدو أنني سأذهب...

نظرت له بنظرات ذات معنى , ثم قالت: - وداعاً هاري

فيرا
12-03-2011, 17:43
التفتت بجسدها, لكي تبتعد عنه, فشعر هاري بنياط قلبه يتمزق, و روحه تخرج منه, هل سيتركها تبتعد هكذا؟!, بعد أن قابلها

أخيراً, و من دون وعي, أطبقعلى معصمها, حتى لا تذهب بعيداً, فتوقفت روزالين و قد اتسعت عينيها كردة فعل على ما

حدث, أدارت وجهها ببطء للخلف, فوجدت هاري ينظر لها بنظرات تحمل الكثير من الكلام, و الألام, فقطبت حاجبيها,

مستنكرةً ما فعله هاري للتو, فبأي حق يمسكها بهذه الطريقة, كيف فعل ذلك؟!, و قبل أن تتكلم و تمطره بوابل من التوبيخ, قال هاري:

- روزالين أنا...

كانت دقات قلبه تتعالى بعنف, و لم يستطع الكتمان أكثر, لأنه سينفجر, بينما عينيها ظلتا مركزتين عليه في تعجب, ثم أكمل قائلاً بحرارة:

- أحبكِ

فتحت روزالين فمها, و سقطت كلماتها المندهشة منه قائلة: - ماذا؟!

لقد كانت تعلم روزالين بحب هاري لها, و لكنها لم تكن تظن أنه سيبوح به في يوم من الأيام, ظلا واقفين يتبادلان النظرات, الحائرة و الهائمة, الباردة و الحارة, ثم بالنهاية قالت روزالين و هي تحرر يدها بقسوة من بين يديه:

- آسفة هاري...و لكن قلبي ليس لك...

قالتها بنفس القسوة التي حررت بها يدها, و تركته مهزوزاً وسط الطريق, ينظر مشدوهاً, و حزيناً, يعصف الألم به, و يطرح

بمشاعره الأرض, لقد كانت كلماتها جارحة, و كأنها أخرجت قلبه لتدهسه بقدميها أمام عينيه, قاوم هاري الدموع, و هو يقول في ألم:

- لا ..توقفي يا دموعي..لا تبكي يا عيني..حتى لو طعن القلب

ثم أطرق برأسه للأسفل, ودس يديه بجيبي بنطاله الجينز الأزرق, و طوى الأرض تحت قدميه مبتعداً عن المكان...يمشي بلا هوادة...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
12-03-2011, 17:44
انتظروني بعد بكرة ان شاء الله انزل لكم آخر ما كتبت 21 و 22 =)

pịηk bŁσờđ
12-03-2011, 18:57
حجز...

~ « ωоdїї
12-03-2011, 21:07
( صصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصراخ )

حقيرةَ حقيرةَ البنتَ اللمعفنةَ هذذيَ ,
قوميناسايَ ع الألفاظ َ ,
بسَ جددد تقهررررررررررررر, : ‘ (

مسسسسسسسسسكين هاريَ ,
ليشَ يحب َ وحدة زيهاَ !!
أكرهها : @ : @

آخ بسَ , بارت َ يقههررر من جَد ! : @

:( أحيييييييييييك ع البارتَ المحرق لللأعصاب :(

$فانيلا لوسي$
13-03-2011, 12:15
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه حقيرة حقيرة
اولك شو هلقسوة شو معقولة تكوني بنت اولك البنت طيبة تهتم بمشاعر الناس تخفف عنهم
مو تزيد الطين بلة
وام هيو انقذي ابنك اولك ياحرمة السحلية راح تاكله بقشوره

اااااخ قلبي يا هاري يا قلبي عليك يالمسكين

اوك خيتو خلاص طلعت حرتي والله تقهر هالبنت افففف
البارتات ما يحتاج اقولك يسلموووووووو على البارتات الروعة
وانا بأنتظار البارت القادم^^

فيرا
16-03-2011, 13:19
حجز...

تيت يا قمر ق1

فيرا
16-03-2011, 13:22
( صصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصصراخ )

حقيرةَ حقيرةَ البنتَ اللمعفنةَ هذذيَ ,
قوميناسايَ ع الألفاظ َ ,
بسَ جددد تقهررررررررررررر, : ‘ (

مسسسسسسسسسكين هاريَ ,
ليشَ يحب َ وحدة زيهاَ !!
أكرهها : @ : @

آخ بسَ , بارت َ يقههررر من جَد ! : @

:( أحيييييييييييك ع البارتَ المحرق لللأعصاب :(

اهلاً سوزي :d

ههههههه و لسه الصراخ جاي اكتر من كده :d

و الله معاكي حق باللي بتقوليه...بس ان شاء الله هتفرج على هاري ;)

البارتين الجايين هو آخر شيء كتبته...و لسه بكتب بال23 ^^

منوورة سوزي بقوووة ::سعادة::

فيرا
16-03-2011, 13:28
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه حقيرة حقيرة

اولك شو هلقسوة شو معقولة تكوني بنت اولك البنت طيبة تهتم بمشاعر الناس تخفف عنهم
مو تزيد الطين بلة
وام هيو انقذي ابنك اولك ياحرمة السحلية راح تاكله بقشوره


اااااخ قلبي يا هاري يا قلبي عليك يالمسكين


اوك خيتو خلاص طلعت حرتي والله تقهر هالبنت افففف
البارتات ما يحتاج اقولك يسلموووووووو على البارتات الروعة
وانا بأنتظار البارت القادم^^

اهلاً فانيلا تشان :D

ههههههههه لا في بنات بهذه النوعية صدقيني...من النوع اللي يحطم اللي قدامه و مفكر الامر لعبة, ده النوع اللي متدلع بزيادة ::مغتاظ::

+ مين قال انها بنت...هي سحلية ككككككك :d

و تفتكري ان ام هيو مش حاولت...ابنها هو اللي عنيد ككك..خلاص وقع بحب السحالي :مذنب:

هاري المسكين ان شاء الله هتنعدل حاله بالبارتين اللي بنزلهم ::جيد::

هههههههه طلعي حرتك و لا يهمك انا بنتقم لكم منها ان شاء الله بس اصبروا :مكر:

و مشكووورة عالمداخلة الجميلة ^^

منووورة بقووة ;)

فيرا
16-03-2011, 13:29
الفصـــل الحـــادي و العشــرون


توالت الأيام بعد ذلك الاعتراف, الذي باح به هاري, و كل يوم يزيد البعد بين روزالين و بينه كثيراً, حتى أصبحت المساحة شاسعة,فكلما أراد أن يتكلم معها,

و كلما لمحها بالجامعة أو بأي مكان, و اتجه نحوها, تهرب هي من المكان, أو تتحجج و تعتذر بأي شيء,أجل لقد كانت تهرب منه, و لم تعد تريد أن تتكلم معه,

لتحطم قلب هاري المسكين أكثر, و توسع تلك الفجوة بداخل صدره,حتى سايمون لم يعد يعلم ماذا يفعل له؟!, فمحاولاته بجعل قلب السيد ويليام يلين, قد خابت و

فشلت, و كذلك محاولاته بالترفيه عن هاري, كان مصيرها مثل سابقيها...الفشل

و داخل جامعة برونيل, كان اليوم كأي يوم عادي, مليء بالمحاضرات المتعبة, و كذلك الصراعات الطلابية, و الضحكات الصادقة و النابعة من الأعماق بين الأصدقاء,

و تناهيد حالمة بين قلبين عاشقين, كلٌ في عالمه, و هكذا تمضي الحياة..

و بإحدى أركان الجامعة, كان يجلس وحيداً, منزوياً, مطبقاً الصمت, كان يلوم نفسه على ما حدث, و على لسانه الذي زل أمامها, و نطق تلك الكلمة التي أبعدتها,

لقد كان يظن أنه حالما يعترف لها بمشاعره, ستتبدل شعورها نحوه, أو قد تعيره بعض الانتباه, أو تراجع قراراتها على الأقل...

و لكن يبدو أن هذا محض خيال, و أن تلك الكلمة, بدلاً من أن تقربها منه, أبعدتها عنه...

ضرب بقبضة يده, الأرض المكسوة بالأعشاب الخضراء, في حزن, و يبدو أن اليأس تمكن منه, فجعله يقول:

- لا فائدة..لن تنظر لك روزا مجدداً, يالك من شخص تعس يا هاري

نهض هاري من على الأرض, بعد أن نظر لساعة يده, فأردف قائلاً: - مهما كان ,سوف أذهب إلى القاعة

لقد كان الوقت مبكراً على بدأ المحاضرة, و لكنه لم يعد يرغب بالجلوس في الحديقة, أراد أن ينزوي بالقاعة الخاوية, قبل مجيء الطلاب...

غادر هاري المكان, و صعد السلالم, وصولاً إلى القاعة التي بالطابق الرابع, و لكنه توقف بإحدى الطوابق, عندما لمحها قادمة,و يبدو أنها ضلت طريقها,

أو ربما هي المصادفة التي جعلتها تسير بهذا الطابق, و رغم السواد الذي تتشح به, إلا أنه أضفى عليها جمالاً, و جعلها فاتنة إلى حدٍ ما, شعر بسعادة غامرة,

عندما رآها, و كالطفل الذي وجد أمه, ذهب نحوها, و مع كل خطوة كان يتمنى ألا تتركه و تبتعد, مثلما تفعل كل مرة, توقف أمامها, عندما توقفت هي بدورها,

و نظرات الاستفهام تشعان من عينيها, ثم بصوتٍ متسائل قالت: - هاري, أهناك خطبٌ ما؟!

كان الرواق خاوياً, و لم يكن هناك أحد, فقط هي و هاري, الذي ابتسم ببشاشة, ثم قال بشوق:

- لقد اشتقت إليكِ كثيراً, لم أعد أحتمل ابتعادكِ عني

تغيرت نظراتها, إلى الضجر و قطبت حاجبيها قائلة: - ما هذا الذي تقوله؟!, أرجوك احترم نفسك أمامي

لم يعر هاري كلامها انتباهاً, و اقترب منها أكثر , ثم أمسك بيديها و نظر في عينيها, قائلاً:

- لماذا تبتعدين عني؟!, لماذا تفعلين بي ذلك؟!

صمت قليلاً, ثم همس بحرارة: - أحبكِ

كانت عينيه تحملان الكثير, و يبدو أن شوقه لها قد نال منه و جعله يجن, عندما أخذ يقترب أكثر, و هي تبتعد للخلف, حتى اصطدمت بالجدار, فنظرت له بخوف و هي تقول:

- ه..هاري...ماذا ستفعل؟!..استيقظ أيها المجنون

أخذ هاري يهز برأسه في أسف, ثم أشار نحو نفسه قائلاً بتساؤل و استغراب:

- مجنون؟!...أنا مجنون...مع كل ما فعلته معكِ, و بالنهاية أصبحت مجنوناً بنظركِ

لم تكن روزالين تستمع إليه, بل أخذت تدير رأسها يميناً و يساراً, باحثةً عن أحدٍ ما ينقذها من هنا, أما هاري فلم يصمت, بل أكمل قائلاً:

- أجل..أنا مجنونٌ بكِ..إن كان هذا سيرضيكِ..إن كان هذا سيجعلكِ لي...

حاولت روزالين, الإفلات منه, و الهرب, و لكن لم تستطع, لأنها كلما جاءت تهرب من جهة, تجد هاري قد وضع يده على الجدار مانعاً إياها من الهروب, حتى أصبحت

محاطة به, ثم نظرت في عينيه بذعر, عندما أمسك بوجهها, فقالت:

- هاري...ماذا..ماذا تريد؟!

همس هاري في أذنها: - سوف آخذ منكِ قبلة..

لتتأكد روزالين من أنه بالفعل قد جن جنونه, و فقد عقله, فصاحت فيه قائلة: - لن أسمح لك, ماذا دهاك أيها المجنون؟!, ابتعد عني

التمعت الدموع في عينيها, فقطب هاري حاجبيه و هو يقول في غيرة: - و ماذا لو طلبها هيو؟!...هل كنتِ ستسمحين له؟!

أخذت تبعده بيديها عنها, و لكنها لم تنجح, فتوسلت إليه قائلة و الدموع بدأت تحتشد في عينيها العسليتين:

- أرجوك يا هاري, أرجوك ابتعد..دعني أذهب

اقترب هاري أكثر, ضارباً بكلامها عرض الحائط, و هو يقول مجبراً إياها:

- قولي أنكِ تحبينني...هيا قوليها لي...ماذا يفرق هيو عني؟!

أغمضت روزالين عينيها بقوة, بينما فاض نهر الدموع و سال على وجنتيها في خطين مسترسلين, و الخوف قد نال من قلبها, و هي تشعر بأنفاسه تحرقها,

و لكن فجأةً شعرت بابتعاده عنها, ففتحت عينيها تدريجياً, لتجده, قد انهار جاثياً على ركبتيه, منكساً رأسه ,و خصلاته قد انسدلت على عينيه,

و قبل أن تتساءل ماذا حدث؟!, سمعته يقول لها في انفعال و حزن:

- ابتعدي هيا...اذهبي بعيداً عني...

خرجت كلماتها متقطعة و هي تقول: - م..ماذا..بك..يا هاري؟!

عندها صاح بها صارخاً: - قلت لكِ اذهبي...ابتعدي عن هذا المكان

ازدردت روزالين لعابها, ثم أطلقت العنان لساقيها, و بداخلها هناك مكان واحد, أو لنقل شخص واحد, ستنشد إليه, و تلجأ له,

أما هاري فقد أخذ يضرب الأرض بقبضة يده, مراراً, في غضب و حزن, قائلاً لنفسه بلوم و عتاب:

- ماذا دهاك يا هاري؟!, هذا ليس أنت...لقد كنت سترتكب خطأ فادح معها..كنت ستؤذيها, كيف سولت لك نفسك بفعل ذلك معها؟!, كيف جعلت دموعها الغالية تنزل..أنت مجرد شخصٌ وضيع

انحدرت الدموع من عينيه الحزينة, و هو يتساءل بنفسه, هل حقاً أنا وضيع؟!, هل أنا مجرم؟!, من أنا؟!, ماذا حدث لي؟!, لماذا تغيرت هكذا؟!...

شعر برأسه سينفجر من كثر الأسئلة التي عصفت بداخله, فنهض من على الأرض بصعوبة, ثم سار مترنحاً, سانداً بيده على الجدار, و لكنه لم يكمل سيره,

عندما أتته لكمة قوية في وجهه, باغتته و أوقعته أرضاً على الفور, رفع هاري برأسه و نظر بعينيه المتسعتين, نحو ذلك الشخص, و الذي لم يكن سوى...

- هيو!!...

قالها هاري متفاجئاً, و هو يمسح فمه من الدم بظاهر يده, عندها قطب هيو حاجبيه, و جذبه من قميصه بعنف, ثم كور قبضته و لكمه مرة أخرى, و هو يصيح قائلاً و قد

استعر الغضب داخله:

- أجل هيو...أيها الجبان

ثم ناوله لكمة أخرى, أطاحت به على الأرض ثانيةً, توالت بعدها لكمات و صفعات و ركلات, و لكن الغريب في الأمر أن هاري كان مستسلماً و لم يدافع عن نفسه

حتى, و بداخله كان يقول, إن هيو على حق, بالفعل أنا جبان, معه حق حتى لو قتلني, و لكن, كيف عرف هيو بما حدث؟!, هل شاهدنا أم...؟!

أتته الإجابة سريعاً, عندما لمح روزالين, واقفة تراقب من بعيد, بعينين فيها بعض التشفي, ففهم أنها ذهبت إليه, و أخبرته بما حدث...

قطع تفكيره, هيو, الذي جذبه ثانيةً, ثم دفع به نحو الجدار, و أمسكه من رقبته ضاغطاً عليه, حتى كاد هاري أن يختنق, ثم قال و هو يشدد على حروفه و يضغط على نواجذه, مهدداً له:

- أتعلم, إن وجدتك مسستها مجدداً بسوء, أو فكرت حتى بذلك, فلن أتوانى عن فعل أي شيء, حتى لو وصل الأمر بي لتفريغ رصاص العالم داخل قلبك

قالها و هو يشير نحو قلب هاري, ثم دفعه, ليسقط على الأرض, متوجعاً, و لكن ما جرحه حقاً, هي كلمات هيو له,

فلم يكن يصدق نفسه, أن هذا اليوم سيأتي...اليوم الذي سيصبح هيو فيه ضده...

راقبه هاري بعينين متأثرتين, و هو يلفها بذراعه مبتعدين عنه, تاركين إياه يتحسر, و يتجرع الألم وحده...

فيرا
16-03-2011, 13:30




فُتِحَ باب البيت الأخضر, على وسعه, ليظهر من خلف الباب, ذلك العجوز, ذو الوجه المريح و الحنون, سايمون, و نظرات الفزع و التساؤل بعينيه, عندما رآه واقفاً أمامه,

ينزف الدماء من أنفه و فمه, و الكدمات منتشرة في كل أنحاء وجهه, و جسده, أما ملابسه فكانت ممزقة, و كأنه خرج من حادث للتو, فتساءل في ذعر قائلاً:

- هاري, ماذا حدث؟!...من فعل بك ذلك؟!

أطرق هاري برأسه للأرض, ثم قال متجاهلاً أسئلة سايمون: - هل أبي موجود؟!

قالها في نبرات ذات معنى, كان يود رؤية والده, بل كان يريد أن يواجهه, إن بداخله أشياء كثيرة يود البوح بها, و قد حان الوقت, حان وقت الكلام, فإلى متى الصمت؟!
في اندهاش أجاب سايمون:

- أ..أجل, و لكنه م..مشغول بمكتبه

لم ينتظر هاري, سايمون حتى يكمل كلامه, و دلف إلى داخل البيت, و من ثم اتجه بإصرار نحو مكتب والده, و فتحه دون استئذان, ثم اقتحمه, وسط اندهاش الأب

الذي رفع عينيه من عن كومة الورق المكدس أمامه, و ظل يحدج هاري بنظرات مستفهمة, و كذلك مستاءة مما فعله, و قبل أن ينطق الأب, قال هاري و هو يلهث من التعب:

- أبي..أريد التكلم معك في أمرٍ هام

قطب الأب حاجبيه, و هو يبعد نظارته ذات الإطار المذهب, عن عينيه, ثم قال في استنكار:

- أولاً ما هذا التصرف الفظ, ألا تعرف شيئاً اسمه الاستئذان؟!, ما هذه الوقاحة؟!

أغمض هاري عينيه, ثم قال و هو يضغط على نفسه: - آسف يا أبي, و لكنني أريد التحدث معك بالحال

في ضيق زفر الأب قائلاً: - و هل هذا الأمر لا يستطيع الانتظار حتى الغد؟!

- لا , أستطيع الانتظار أكثر من ذلك...فلقد انتظرت طويلاً جداً

قالها و هو يشدد على قبضة يده, عندها رمقه الأب بنظرات فاحصة, ثم مالبث أن عاد ينظر للورق الذي أمامه و بدون مبالاة قال:

- فيما بعد, لأنني مشغول

انصعق هاري من تلك البرودة, و الاقتضاب الذي يعامله به والده, فاقترب نحو مكتبه و هو مصمم على التكلم الآن, ثم وضع بيديه على المكتب, أمام والده, الذي ضاق

صدره من ذلك التصرف, فرفع بعينيه الغاضبة, لتتقابل مع عيني هاري الصارمتين, و الذي قال له حانقاً:

- إلى متى ستظل مشغولاً عني؟!..إلى متى؟!

ظل الأب صامتاً و هو يرمق هاري بنفس النظرات الفاحصة, متشككاً في قواه العقلية, فأكمل هاري بتلك الكلمات الحارقة و المؤلمة:

- يجب أن تسمعني...يجب أن تهتم بي و لو قليلاً, لماذا لا تجلس معي؟!, و لماذا لا تربيني كما يربي الأباء أبناءهم؟!, لماذا لا تتفهمني؟!, لماذا لا تحتويني؟!, هل سألت نفسك و لو بيوم, عن حالي؟!, هل ساورك الشك في يوم إذا ما كنت ضائعاً و منحرفاً أو لا, أتعلم أن بتجاهلك ذلك كنت سأضيع, ظللت أبحث عن الحنان, و لم أجده بسببك, فلماذا أنت قاسٍ بهذا الشكل؟!

تشكلت الدموع في عيني هاري و تساقطت و هو يصرخ قائلاً: - لماذا؟!, ماذا فعلت لك لتعاملني بهذا الشكل؟!

اتسعت حدقتا الأب و صغر بؤبؤ عينيه, و هو ينظر لابنه الذي ظل يصرخ به, و هو ملبدٌ بالصمت و لا يعرف ماذا يقول له؟!, إنها صدمة مفاجئة بالنسبة له, إنها أول مرة

يتكلم فيها هاري معه بذلك الشكل, و يبدو أن الأب لم يستوعب ما حدث, و هذا ما ضاعف حزن هاري, الذي صمت عن صراخه, و نظر نحو الأرض قائلاً:

- يبدو أنه لا فائدة من الكلام...فأنت لن تشعر بي, مهما حدث

ثم خرج من المكتب مسرعاً, دون أن ينظر خلفه, ماراً بجوار سايمون, الذي وقف بالبهو, متسائلاً في ارتياب و قلق:

- هاري إلى أين ستذهب في هذا الجو يا بني؟!

باقتضاب أجاب هاري: - إلى اللامكان و بعيداً عن هذا الجحيم

انفطر قلب سايمون من تلك الكلمات الحزينة, و التي خرجت من فم هاري, فذهب وراءه و هو يقول متوسلاً:

- انتظر يا بني...لا تذهب أرجوك

و لكن هاري لم ينتظر, و رغم محاولات سايمون بإبقائه في البيت, فتح الباب و الغضب يعتصره, ثم غادر, و صفق الباب خلفه, لم يكن يعرف إلى أين وجهته؟!,

أو ماذا سيفعل بعد ذلك؟!, فقط أراد أن يبتعد بعيداً عن ذلك البيت المشحون بالتعاسة و البرودة..

كان يمشي بالبداية, بخطاً واسعة, ثم هرول بخطواته, حتى وصل للركض, عندما شعر بأن الشجن يسيطر على قلبه و روحه, كان الجو ممطراً حينها,

فبللت قطرات المطر خصلاته العسلية, و قميصه البرتقالي و بنطاله الأسود, و لكن هاري لم يعبأ بذلك, و واصل الركض, مغمضاً عينيه, لتنسكب دموعه الحارقة على وجنتيه, و تختلط بقطرات المطر..

لكم أراد هاري أن يزيل ماء المطر, حزن قلبه, و يخفف أوجاعه, و فجأةً اصطدم هاري بشخصٍ ما, و هو يركض دون هوادة, ففتح عينيه اللتين احمرتا من الدموع, ليقول باستغراب و دهشة:

- سالي!!

اتسعت عينا سالي, في دهشة, من رؤيتها لهاري بهذا المنظر المروع, و بداخلها كانت تعرف أن لذلك صلة بصديقتها العزيزة روزا, فشعرت بالضيق من أجله, و أخذتها الشفقة عليه, قائلة بتساؤل:

- هاري, ماذا تفعل هنا بهذا الوقت؟!

أخفض هاري رأسه, حتى لا ترى عينيه, ثم قال : - كنت أتمشى و حسب

و لكن بالطبع, من منظره, عرفت أنه لا يقول الحقيقة, و أنه يخفي شيئاً ما, و لكنها لم تستطع إجباره على الكلام, و لم ترد مضايقته أكثر, فابتسمت قائلة:

- حسناً, ما رأيك أن أتمشى معك قليلاً

أومأ هاري برأسه لها, كموافقة على طلبها, ثم قال: - سأوصلك إلى بيتك

أجابت سالي بصوتها المرح: - موافقة يا سيدي

نظر هاري لها باستغراب, ثم قال لها متسائلاً: - لماذا تقولين يا سيدي؟!

فقلدت سالي نبرات صوته و هي تقول مجيبة: - لأنك تتكلم بشكلٍ رسمي, و مبالغ فيه

ثم ضحكت و هي تقول: - أتعلم يا هاري, أجمل ما بالحياة هو أن تكون على طبيعتك

ابتسم هاري لها, ثم قال معلقاً: - أنتِ فتاة غريبة

ابتسمت سالي, و هي تقول بنفس المرح: - و لكنني لست أغرب منك, فأي عاقلٌ يسير بذلك الجو الممطر من دون مظلة, و كذلك ممزق الثياب...

نظر هاري لملابسه, فتذكر وجه هيو الغاضب, ليشعره بالاستياء من نفسه, فتقدم أمامها و هو يقول بعد أن زالت ابتسامته:

- هيا, لنذهب

شعرت سالي بالأسف نحوه, و لامت نفسها, على ما قالته, عندما ظنت أنها السبب في تلاشي فرحته, فقالت و هي تسير بجواره:

- آسفة يا هاري, لم أكن أقصد ما قلته...أرجوك لا تحزن مني

رد عليها هاري على مضض قائلاً: - لا تعتذري, أنا لست غاضباً منكِ

ظلا يسيران بجوار بعضهما, دون أن تصدر منهما أية كلمة, فقط نظرات مختلسة, خرجت من عيني سالي, نحو هاري الذي كان صامتاً كالقبر, و شارداً كذلك,

لتثير شفقتها أكثر, و بداخلها تمنت أن تمد له يد المساعدة, و لكن كيف؟!, لا تعلم...

توقفت سالي, ليتوقف هاري بدوره, مستفسراً عن السبب, فأجابته قائلة و هي تبتسم:

- لقد وصلنا يا هاري إلى البيت

تنهد هاري, ثم قال في حزن: - إذاً, لن أعطلكِ عن الذهاب, سررت بالتحدث إليكِ, و السير معكِ

فتحت سالي فمها متعجبة, ثم قالت: - يالغبائي, إنك تنزف و أنا لم أرى ذلك!

وضع هاري بيده على فمه, ثم رفعها لعينيه, ليرى دمائه, فقال بمرارة:

- لا بأس, لا يهم

و يبدو أن كلامه أزعجها للغاية, فجعلها تقول رادعةً إياه : - ماذا؟!, أنت مصاب و تقول لي لا يهم؟!

أمسكت بيده, ثم سحبته لداخل البناية, بعيداً عن المطر, و قالت: - اجلس على السلم, حتى أعالجك

نظر لها هاري بدهشة و استغراب, لكنه لم يتكلم, و استمع إليها, و جلس على السلم, أما هي فقالت له و هي تصعد السلم:

- انتظرني هنا, سأحضر الاسعافات من المنزل, و أنزل لك على الفور, إياك أن تذهب, و إلا بحثت عنك و قتلتك

راقبها هاري, و هي تصعد السلم بسرعة و حيوية, فخرجت ضحكة طفيفة منه, و هو يقول:

- يا لها من فتاة!

و بعد دقائق معدودة, وجدها هاري تنزل مسرعة إليه, و الابتسامة المشرقة لا تفارق شفتيها, كانت تشبه الأطفال لحدٍ كبير..

جلست بجواره على السلم, و هي تقول مازحة: - لا تكن متعباً, و لا تثرثر, حتى أستطيع معالجتك

فيرا
16-03-2011, 13:31
ابتسم هاري لها, ثم تركها تعالجه, كان يراقب حركاتها في صمت, عندما أخرجت القطن و بللته بالمطهر, ثم قربته من فمه, و أخذت تمسح الدماء التي كانت تسيل منه,

كانت منهمكة في عملها, ثم و دون قصد, التقت عينيها بعينيه, و كأن العالم توقف بتلك اللحظة, شعرت سالي بقلبها يخفق, من نظراته تلك, و بداخلها تساءلت,

لماذا لم تحبه روزا؟!, إنه وسيماً و جذاباً للغاية, بل رائعاً, لقد أسر قلبها, بخصلاته العسلية الملتصقة برأسه, و عينيه الخضراوين, و التي لمست فيهما حنان كبير,

انتبهت سالي لنظراتها المطولة له, فأدارت وجهها في خجل, ثم أكملت مسح الدماء, عندها وضع هاري بيده على يدها الممسكة بالقطن, فتواثب قلبها أكثر, ثم تناول القطن و هو يقول بخفوت:

- أشكركِ يا آنسة سالي, دعيني أكمل عنكِ

شعرت و كأن الكهرباء قد سرت بجسدها, و توردت وجنتيها و هي تقول في اضطراب:

- لا داعي للألقاب, يمكنك مناداتي بسالي فقط...

خرج صوته الهادئ و هو يقول لها مبتسماً: - كما تريدين, يا سالي

تنحنحت الفتاة و قد شعرت بالخجل يأكلها, ثم قالت في ارتباك: - هل يمكنني أن أسألك سؤالاً؟!, و لكن إذا كنت ستنزعج فلا تجيبني

بنفس الصوت الهادئ و المبتسم قال لها: - لا تخشي شيئاً, اسألي كما تريدين, فلن أنزعج منكِ مهما حدث

مطت سالي شفتها السفلى برقة, ثم رفعت عينيها المترددتين و هي تقول:

- لماذا كنت حزيناً و تركض تحت المطر؟!, هل لهذا علاقة بـ..بروزالين؟!

تجهمت ملامح وجهه عندما سمع اسمها, عندها قالت سالي عندما شعرت بالاستياء من نفسها:

- ألم أقل لك أنك ستنزعج؟!, يالي من حمقاء

- لا بأس, لم أنزعج...و لكنني لم أكن حزيناً بسببها, بل بسبب مشاكل عديدة لدي, مشاكل عائلية

- مشاكل عائلية؟!

قالتها سالي بتعجب ممزوج بالشفقة كذلك, فأومأ لها هاري برأسه قائلاً:

- لقد تشاجرت مع والدي, و تركت له المنزل

فقالت سالي مستفهمة: - و أين ستذهب؟!, هل لديك مكانٌ تبيت فيه؟!

هز هاري رأسه بالنفي, في يأس و حزن, فقالت سالي و قد شعرت بقلبها ينفطر عليه:

- إذاً, ماذا ستفعل؟!

- لا أعرف

- هل ستبيت بالشارع؟!

- لا أعرف

- يجب أن تعرف

قالتها و هي تصرخ عليه, فنظر لها, لتتصادم أعينهما مجدداً, و لكن هذه المرة, شعر هاري بإحساسٍ غريب, إحساس لم يشعر به مطلقاً من قبل,

يداعب قلبه و يدغدغه, أهو الحنان الذي يملأ عينيها؟!, أم الطفولة التي تعتلي وجهها؟!, و لكن لا بأس بذلك الشعور الجميل, إنه شعورٌ مريح, جعل قلبه يخفق مجدداً,

انتبها على نظراتهما المتركزة تلك, فأدار كلا الطرفين وجههما عن بعض, عندما شعرا بالخجل, ثم بنفس الوقت تكلما قائلين:

- آسف

- آسفة

صمتا بنفس الوقت, ثم ضحكا معاً, فقال هاري مازحاً: - لو رآنا أحد الآن سيظن أننا مجانين

فعلقت سالي قائلة في مزاح: - و هل هناك شيء أجمل من الجنون؟!

نهض هاري من على السلم, ثم قال مودعاً إياها: - أشكركِ يا سالي على ذلك الوقت الممتع, لقد سعدت كثيراً, و حان وقت المغادرة

و لكنها أمسكت يده, ليدق قلبه أكثر, فقالت له سالي بتساؤل و حيرة: - لم تقل لي أين ستذهب؟!

تنهد هاري بحرقة, فهو بالفعل لم يعد يعرف إلى أين ستكون وجهته؟!, و كذلك هو لا يريد أن يعود لوالده...

عاد هاري من شروده عندما سمعها تقول له:

- يجب أن تعود إلى منزلك يا هاري, لا تهرب من مشاكلك, إن الجبان فقط هو من يهرب

نظر في عينيها الجادتين مطولاً, ثم أخذ يفكر بعمق في كلامها ذلك...

فيرا
16-03-2011, 13:31




ازداد الليل في توغله, و الساعة الكبيرة التي احتلت البهو بوقوفها الشامخ, أخذت تدق معلنةً عن حلول منتصف الليل, بينما ظل هو واقفاً أمام باب المكتب, منذ أن رأى هاري يخرج منه مسرعاً دون أن يلتفت إليه, و علامات الحزن كانت على وجهه,

كان قلبه يدق بقلق عندما لم يعد هاري, و قد بات الوقت متأخراً, خاف من أن يكون قد أصابه مكروهاً, فزفر معبراً عن شعور الخوف الذي ينتابه, ثم قرر التحدث مع السيد ويليام, و هذا ما كان عندما دلف إلى داخل المكتب بعد أن استأذن منه في الدخول, ثم وقف أمامه و بادره قائلاً :

- سيدي إن هاري لم يعد بعد..أخشى أن يكون حدث له شيء ما

رفع السيد ويليام نظره من على الأوراق, لتصطدم نظراته الباردة مع نظرات سايمون الحنونة و المرتابة كذلك, ثم بلامبالاة قال:

- لا تقلق...إنه لم يعد صغيراً بعد الآن

اتسعت عينا سايمون من ردة الفعل الباردة هذه, ثم قطب بعدها حاجبيه استنكاراً و قال:

- ماذا تقصد؟!...هل ستتركه بالخارج هكذا؟!, ألن نذهب للبحث عنه؟!

رمقه السيد ويليام بنظرات من الأعلى للأسفل, ثم عاود النظر لأوراقه ثانيةً و هو يقول متجاهلاً كلام سايمون:

- أظن أنه هو من خرج بنفسه, و لست أنا من طرده...و كما خرج, سيأتي

وقعت تلك الكلمات على مسامع سايمون العجوز, كدوي الرصاص بالمعارك, هل ما يجري داخل عروق السيد ويليام دماء؟!, هذا ما كان بداخل عقله عندما وقف متبلماً أمامه و لا يعرف ماذا يقول له؟!, ليقاطعه السيد ويليام قائلاً في نبرات آمرة دون أن ينظر له:

- أريد أن أواصل عملي..لذا لا تقاطعني ثانيةً يا سايمون

أغمض سايمون عينيه, ثم خرج من المكتب, و بداخله كان يقول في حزن, ما هذا الأب الذي يكون هادئ البال و ابنه بالخارج و لا يعلم أين هو؟!...

فيرا
16-03-2011, 13:32




و في الجهة الأخرى, كان لايزال هاري واقفاً ينظر بعيني سالي, التي قطعت الصمت بابتسامتها الرقيقة, ثم قالت:

- هل عرفت ماذا ستفعل؟!

عاد هاري من شروده , ثم بيأس قال:

- لا أعرف ماذا علي أن أفعل؟!

صمت قليلاً, ثم ركل بقدمه حجارةً صغيرة أمامه, ثم قال و هو يدس بيديه داخل جيبي بنطاله:

- لن أستطيع العودة إلى منزلي ثانيةً, بل لا أريد العودة

صمت مجدداً, عندما قفز إلى ذاكرته, وجه والده اللامبالي و ردوده المقتضبة, و تصرفاته الباردة معه, فالتمعت عينيه بدمعة حزينة و هو يقول:

- إنه لا يحبني...لا يبالي بي...بل لا يريدني, فلماذا أعود إليه؟!

خرجت كلماته متألمة و حزينة, لتعتصر قلب سالي , التي قالت بتأثر:

- آسفة يا هاري...يبدو أنني جعلتك تتألم بدلاً من أن أساعدك

ابتسم و هو ينظر لها قائلاً في عتاب:

- ماذا قلت لكِ عن الاعتذار...لماذا تأخذين كل شيء عليكِ ؟!

فجأة تبدلت نظراته, لتتسع عينيه و هو يقول عندما تذكر سايمون:

- سوف اتصل بسايمون, مؤكد أنه قلق الآن علي

تساءلت سالي باستغراب :

- سايمون؟!

- إنه يعمل لدينا و لكنني أعتبره والدي الحقيقي

قالها هاري و هو يضع هاتفه النقال على أذنه, منتظراً من سايمون الإجابة, ليأتيه الصوت من الطرف الآخر مجيباً:

- مرحباً من معي؟!

ابتسم هاري و هو يجيبه قائلاً:

- إنه أنا هاري

و كأن تلك الكلمة فتحت الطريق لسيلاً من الدموع التي فاضت بها عيني سايمون, الذي أتى صوته الباكي معرباً عن قلقه:

- هاري, أين أنت يا بني؟!...هل أنت بخير؟!..هل حدث لك شيء؟!

أجابه هاري في هدوء حتى يطمئنه قائلاً:

- أنا بخير يا سايمون, لا تقلق علي...و هيا امسح دموعك و توقف عن البكاء

أما بداخله فقد كان يشعر بامتنان كبير لسايمون, على حنانه و عطفه الشديد, ثم قال في سره, ماذا كان سيحدث لي إذا لم يكن سايمون موجوداً بحياتي؟! , و على الطرف الآخر تعجب سايمون من صمت هاري المفاجئ, مما دفعه للتساؤل قائلاً:

- أهناك شيء تود إخباري به يا بني؟

أصدر هاري صوتاً بمعنى لا لم يحدث, ثم صمت ثانيةً, عندها تكلم سايمون بنوع من الاستفسار و القلق:

- ألن تأتي للمنزل يا هاري؟!

- لا لن آتي

- ماذا؟!..لن تأتي؟!..لماذا؟!

قالها سايمون في تعجب و جزع, ليجيبه هاري قائلاً في نبرات جادة و حازمة:

- لقد قررت أن أبتعد عنه يا سايمون...لا أريد العودة إلى ذلك الجحيم البارد مجدداً

تنهد سايمون في حرقة, ثم قال متسائلاً:

- إذاً, أين ستذهب؟!, و ماذا ستفعل؟!...

فاجأه ذلك السؤال, ليجعله صامتاً من جديد, تلفه الحيرة, فبالفعل لا يعلم إلى أين ستكون وجهته؟!, أو ماذا سيفعل؟!, إنه ضائعٌ بالفعل, فأطرق برأسه قليلاً للأسفل, ثم رفعها بعد وهلة, راسماً على شفتيه ابتسامة مريرة و هو يقول بعد أن طرقت رأسه فكرة:

- سوف أعتمد على نفسي

في تساؤل و حيرة قال سايمون:

- كيف؟!

- سوف أبحث عن أي عمل جانبي, لأساعد نفسي

اتسعت عينا سالي و هي تسمعه يقول ذلك الكلام, هل بالفعل هاري الذي كان يحيا حياة مرفهة نوعاً ما, سيعمل ؟!, هل بالفعل يستطيع أن يعمل؟!, هل سيحتمل؟!, أفاقت من تساؤلاتها على صوت هاري يقول:

- لا تنسى أن معي مبلغاً من المال, ادخرته من مصروفي, سوف أستأجر به غرفة بسيطة في أي حي, و سأعيش بها بعيداً عنه

يبدو أنه كان يجيب تساؤلات سايمون, عن كيف سيعيش و أين؟!, و يبدو أن سايمون لا يوافق القرار الذي اتخذه هاري الآن, مما جعل هاري يقول بنبرات راجية و جادة كذلك:

- أرجوك يا سايمون, لا تجبرني على المجيء..أرجوك اتركني أعتمد على نفسي, أم أنك لست واثقاً بقدراتي؟

صمت رهيب ساد المكان من كلا الجانبين, و بالنهاية جاء صوت سايمون في استسلام قائلاً:

- إذا كان ذلك سيريحك يا بني, فافعل ما تراه صحيحاً

ابتسم هاري و هو يقول في امتنان:

- شكراً لك يا سايمون, على كل ما تفعله معي

تنهد سايمون و هو يقول و قد حاول رسم ابتسامة على وجهه:

- انتبه لنفسك جيداً يا هاري, و سوف أكون بجانبك إن أردت مني أي شيء

أغمض هاري عينيه, بعد أن انتهت المكالمة و أغلق هاتفه, ثم أعاده إلى جيب بنطاله الخلفي, و أخذ يتنشق الهواء قليلاً, و كأنه لم يتنفس منذ سنين, بينما تمتم بسعادة قائلاً:

- ما أجمل أن يتنفس المرء هواءً مفعم بالحرية

كانت لاتزال سالي واقفة و فاهها مفتوحاً دهشةً مما دار بين هاري و سايمون, بينما قلبها مشفق على حال هاري, و بداخلها تقول, رغم مظهره السعيد و ابتسامته

المشرقة التي دائماً يظهر بها, إلا أن داخله حزين, يبدو أنه لا يوجد أحد مرتاح بهذا العالم, قاطع شرودها, صوت هاري الذي التفت لها و قال في تعجب:

- ماذا بكِ يا سالي؟!, هل هناك شيءٌ ما؟!

هزت سالي رأسها, ثم قالت متسائلة و هي تبتسم له:

- إذاً لقد قررت أن تعمل و تعتمد على نفسك

أومأ هاري لها, فأردفت قائلة:

- إذاً ماذا ستعمل؟!

مط هاري شفته السفلى, من ذلك السؤال المباغت, فهو بالفعل لا يعلم ماذا سيعمل؟!, أو أين؟!, لم يحسب حساباً لهذا,

أطرق برأسه للأسفل قليلاً, و هو يقول مفكراً و كذلك محتاراً:

- لا أعلم, و لكنني سأبحث عن عمل, و سأرضى بأي عمل

صمت قليلاً و هو يتذكر والده, و ما حدث معه, فشدد على قبضة يده و هو يقول في عزم و إصرار:

- بل يجب أن أجد عمل

ـــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
16-03-2011, 13:34
الفصــل الثــانــي و العشــرون


كان الوقت قد تعدى منتصف الليل بكثير ,عندما أغلقت باب الشقة الصغيرة خلفها, و دلفت إلى الداخل, ثم أسندت ظهرها على الباب, بينما أرجعت رأسها للخلف


و هي تغمض عينيها, عندما شعرت بالدماء تتدفق إلى وجنتيها, مع خفقان قلبها الذي لم يكف عن ذلك منذ أن كانت معه, و بداخلها كانت تسترجع ما دار بينهما اليوم,



و لكن لماذا تتذكر كلامهما معاً؟!, و لماذا لا تكف عن التفكير فيه؟!, و لماذا تثب عينيه إلى ذاكرتها؟!, و الأهم من ذلك لماذا تشعر بالحرارة تتدفق بجسدها عندما تتذكر اسمه فقط؟!...



فتحت عينيها, بعد أن شقت تنهيدة طريقها من صدرها نحو الخارج, وبداخلها كانت تريد أن تفعل شيئاً, لا تعرف ما هو بالتحديد؟!, و لكنها تريد أن تفعل أي شيء؟!,



إنه ذلك الشعور عندما تشعر بأن هناك كمية من الطاقة و الحيوية قد دبت بجسدك فجأةً, و لا تعرف ماذا تفعل؟!, فقط تريد أن تفرغها بأي شيء مهما كان,



ارتسمت ابتسامة مرحة على شفتيها عندما شعرت برغبة ملحة في الرسم, فدخلت إلى غرفتها, التي كانت تشبه إلى حد كبير السماء, فكل تلك الألوان الزرقاء و



السماوية و البيضاء توحيك بأنها ليست غرفة بل سماء مليئة بالسحب, كانت عكس غرفة صديقتها الوحيدة روزالين, و التي كانت ألوانها تعكس تماماً صفاتها,



حيث الألوان الوردية و الزهرية و البنفسجية , التي توحيك بالدلال الشديد, إنه ذلك النوع المدلل الأنيق الذي تشعر بالغثيان منه, دعونا نترك روزالين و شأنها الآن,



فهي كما يبدو نائمة, و تحلم بفارس أحلامها هيو, و لنبقى مع سالي التي جلست على كرسي مكتبها الخشبي الأبيض, و تناولت كراسة رسمها الكبيرة الحجم,



ثم فتحتها على صفحة بيضاء نظيفة تماماً, ثم أمسكت بقلمها الفحم, و لكنها ظلت تتأملها لساعات مفكرة, في شيءٍ ما ترسمه, حكت رأسها بأنامل يدها اليسرى,



علها تنشط الدورة الدموية و توقظ خلايا مخها, ليبعث لها بفكرةٍ ما, فكرة مبتكرة, و لكن يبدو أنه لا فائدة, فعقلها مشوش التفكير, أو لنقل أنها كلما جاءت لتفكر, تذكرت وجهه و عينيه,



أجل إنهما عيناه اللتان كلما ظهرا داخل ذاكرتها, يخفق قلبها, و تشعر بالارتباك, ما سرهما يا ترى؟!, هكذا تساءلت, و هي تمط بشفتها السفلى, محاولةً أن تعصر مخها,



من أجل العثور على موضوعٍ ترسمه, أغمضت عينيها لثوانٍ معدودة, ثم فتحتهما و شرعت برسم الخطوط على الصفحة البيضاء, بعد أن استسلمت و قررت ترك المجال ليدها ترسم,



دون أن تحدد شيء ما ترسمه, فربما رسمت روحها و أخرجت عملاً فنياً رائعاً, و خاصةً أن سالي دائماً ما تقول, أن مايرسم و يبدع هو الروح و الإحساس الصادق, و هذا هو منهجها بالحياة,



مرت ساعات طويلة, تسللت فيها خيوط الفجر المنيرة, عبر ستار نافذتها الأبيض الذي حركته نسمات الهواء البارد, ليتسلط نور الصباح على الصفحة التي لم تعد بيضاء بعد الآن,



لتتسع عينا سالي في ذهول, و يسقط قلمها الفحم, متدحرجاً على مكتبها الخشبي الأبيض, بينما سقطت الحروف من فاهها الذي كان متعجباً هو الآخر, قائلة:



- م..ما هذا؟!...كيف؟!



أمسكت سالي بكراسة رسمها, و قربت الرسمة من عينيها, هل حقاً ما أراه الآن أم أنه مجرد التباس و خداع بصر؟!, هذا ما قالته داخل عقلها, و هي تتفحص الرسمة



و تتأملها جلياً, و الدهشة ترسم بأقلامها خطوطاً على وجهها الأبيض, و تعكسان بريق عينيها الخضراوين, و اللذين كانا يهتزان, داخل محجريهما...



- إنني لا أتوهم, لقد رسمت هاري بالفعل...و لكن لماذا؟!



قالتها سالي, في محاولة لاستخراج سبب يفسر, لماذا ترى هاري مرسوماً بالفحم على ورقة الرسم؟!, بل كيف رسمته؟!, و لماذا هاري بالذات؟!...



- يبدو أنني كنت محقة عندما قلت أن الروح ترسم!!



هكذا أردفت في تعجب, قبل أن يتضرج وجهها, بدرجات الأحمر و الوردي, من مجرد أن طرأت بداخلها تلك الفكرة, أن روحها اختارت هاري دوناً عن أي أحد, لترسمه, و لكن لماذا؟!..

فيرا
16-03-2011, 13:35
هزت سالي برأسها, مبعدة وساوس أفكارها عنها, و هي تقول في يأس: - لا تشردي بعيداً أيتها البلهاء, فهاري لا يزال يحبها...



و فيما يبدو أن كلامها لنفسها, قد أثر بها و جعلها حزينة, فأسقطت رأسها بين راحتي يديها, مسندةً ساعديها على المكتب, بينما أغمضت عينيها, جراء التعب, و



السهر كذلك, فهي لم تنم منذ الأمس, و لكن يبدو أنه لا راحة لها أبداً, فقد استيقظت روزالين من نومها, و كانت قد اقتربت من غرفة سالي, التي سمعتها تنادي من



الخارج عليها, عندها فتحت عينيها سريعاً, و أول شيء قفز بداخلها, هي الرسمة التي رسمتها الآن لهاري, فماذا ستكون ردة فعل روزالين, إذا رأتها؟!, و بدون تفكير,



اقتطعت سالي الرسمة من كراستها, ثم طوتها بحرص, و خبأتها داخل حقيبتها البنية, و هي تقول في صوت حاولت إخفاء توتره, فخرج مرتعشاً:



- أنا هنا, يا روزا, يمكنكِ الدخول



دخلت روزالين الغرفة, لتجد سالي, جالسة أمام مكتبها, و كراس الرسم أمامها, و قلم الفحم بجواره, بينما هي تنظر لها نظرات فيما معناها, ماذا تريدين؟!, ابتسمت روزالين لها, و كأنها قرأت تعابير وجهها, فقالت:



- لقد كنت أتساءل أين كنتِ بالأمس؟!, لقد تأخرتِ كثيراً, و لم أشعر بكِ عندما جئتِ



ازدردت سالي لعابها, و هي تقول محاولةً أن تكون إجابتها مقنعة, فخرجت مرتبكة:



- لقد...ذهبت إلى المكتبة العامة, بعد أن خرجت من الجامعة, و قضيت معظم وقتي بالقراءة, ثم عندما خرجت, توقفت أمام حديقة, لأرسم زهرة عجبني لونها, و جذبني شكلها, و لهذا تأخرت بعودتي...بـ..بالأمس



صمتت سالي عن الكلام, و هي تقول بداخلها, عندما شعرت أن ما قالته للتو كان مفتعلاً, أحسنتِ أيتها الفتاة, إن هذا الكذب لا يقنع طفلاً بالثالثة من عمره, فهل منتظرة



من روزالين أن تصدقه؟!, بالفعل ستأخذين جائزة الفشل العالمي, و إذا كان للكذب جوائز, فسترسبين فيه, كانت سالي تتحاشى نظرات روزالين الفاحصة و التي



رمقتها من أعلى لأسفل, حتى كادت أن تصرخ و تقول كفى, عندها أصدرت روزالين صوتاً ,و هي تعقد ذراعيها أمام صدرها, فيما معناه أنها لا تكترث, وأن هذا لا يهم, ثم أولت ظهرها لها, و غادرت الغرفة..



تنفست سالي الصعداء, بعد أن خرجت روزالين, ثم قالت ساخرة من نفسها: - لقد كدتِ أن تكشفي نفسكِ أيتها الذكية



صمتت قليلاً, ثم أحنت رأسها لتتقابل عينيها مع يديها المتشابكتين, ثم قالت و قد ظهرت علامات التعجب عليها:



- و لكن لماذا لم تخبريها الحقيقة و تخبريها عن ...



- ....عن هاري؟!



نطقت اسمه بتردد و اضطراب, و بداخلها تتساءل, لماذا كلما جاءت لتنطق اسمه, شعرت بالارتباك؟!, لماذا لا تستطيع أن تنطق اسمه بسهولة؟!...



أطلقت زفرة قصيرة, ثم أردفت: - هل كنتِ تتجنبين مضايقتها بذكر اسمه؟!..أم...



ازدردت لعابها, عندما رفعت بوجهها, و عندما أدركت الإجابة, التي حاولت إنكارها, و لكن لم تنجح, الإجابة التي ربما أتت متأخرة قليلاً..



- أم لأنني أغار منها...لأنها لا تستحق حب هاري لها...لأنني...



أغمضت عينيها, ثم وضعت يدها على صدرها, عندما تسارعت نبضات قلبها, و في أحلامها رأته واقفاً بعيد, فمدت يدها و أخذت تجري نحوه, حتى تصل إليه, حتى تمسك يديه, حتى تقول له...أنا معك, و سأظل معك...

فيرا
16-03-2011, 13:36






إنه الصباح, و كأي صباحٍ عادي, كانت أشعة الشمس قد انتصرت على الغيوم أخيراً, فوصلت خيوطها الذهبية, إلى الأرض, و لكن هناك أماكن لا تصل فيها الشمس, و



لا حتى بصيص من ضوءها, مثل هذه الأماكن, قد تجدها في الأبنية التي قد توشك على السقوط, و موجودة في حارات ضيقة ,شعبية, و شوارع لا تدل على انتمائها لهذا القرن,



بل لا تدل على انتمائها لعالم البشر, إن كل شيء مهترئ فيها و بالٍ, مثلها كمثل الناس الذين يسكنون بها, ربما كما قالوا من قبل, الإنسان يتطبع بالبيئة المحيطة به,



أو البيئة هي التي تتبع صاحبها و تتطبع بطباعه, على كلٍ, نحن ليس هدفنا غير مبنى متوارٍ بعيد, داخل زقاق ضيق, هذا الزقاق لا يدل على الحضارة, حيث



القمامة تجدها مرمية على الأرض, و كذلك تجد بعض أولاد الشوارع يلعبون معاً, و لكن لعب عنيف بعض الشيء, والجدران مكتوبٌ عليها, كتابات عديدة, شوهت منظرها العام,



حتى البناية التي نقصدها, كانت مشوهة بتلك الكتابات على جدرانها و بوابتها الصدئة, إنها مثل تلك البنايات المهترئة ,التي تجدها بالأفلام الأجنبية, حيث تجد



المشردون والطوائف المتدنية من البشر مجتمعين فيها, و لكن ليس كل من يقطن بتلك البنايات و تلك الأماكن, لابد أن يكون من هذا النوع المشرد العدواني, فلكل قاعدة شواذ...



وبداخل تلك البناية, و بالتحديد داخل الشقة التي حملت الرقم عشرة, و التي لم تكن أفضل حالاً من البناية, من حيث المستوى, و من حيث صغر الحجم, فلقد كانت

الشقة ضيقة بحق, تكاد تستطيع أن تتنفس بها, أو تتحرك بداخلها, إنها من ذلك النوع من الشقق التي تكون عبارة عن غرفة واحدة صغيرة..



و على صوت طرقات شديدة كادت أن تخلع باب الشقة, بل تهدم البناية نفسها, استيقظ الشاب النائم , فزِعاً, على سريره الصغير, و الذي كان بنفس مستوى

الشقة, مهترئ و بالٍ, ثم بصوتٍ سيطر عليه النعاس أردف: - لقد استيقظت يا سايمون



تنبه الشاب, و الذي لم يكن سوى هاري, على أنه لم يعد بغرفته المريحة و منزله الواسع بعد الآن, فتنهد في حزن متمتماً:

- حتى لم يكلف نفسه عناء الاتصال بي, و الاطمئنان عليَّ


بالطبع كان يقصد والده, السيد ويليام, الذي لم يتحرك من مكانه, أو يقلق لأمر هاري, الذي ترك المنزل منذ شهور مضت, فقط سايمون هو من يتصل به و يسأل عنه, و عن حاله و يساعده في حياته الجديدة, عوضاً عن أبيه..


نهض هاري من على السرير, ثم اتجه بخطواتٍ مثقلة نحو الباب, ليفتحه, بعد أن بدا على وجهه الانزعاج من ذلك الطرق العالي, و هو يقول في شيء من الضيق:

- صبراً أيها الطارق, إن العالم لم ينتهِ بعد


فتح هاري الباب و هو ينظر للشخص الواقف أمامه, في شيء من التعجب و الذهول, ثم قال في شيء من الضيق:

- جايسون, ماذا دهاك يا رجل, لقد كدت أن تحطم الباب بطرقك الفظيع هذا؟!


لتأتيه الإجابة من جايسون, الذي كان يحمل وجهاً صارماً, و مفترساً كذلك, و الذي قال في نبرات توحيك بالويل:

- إننا اليوم في بداية الشهر, متى ستدفع الإيجار يا فتى؟!


كما يبدو الآن أمامكم, إن جايسون هو صاحب تلك البناية الوضيعة, و هو من ذلك النوع الضخم الجثة, الذي عندما تراه ترتاع و ترتجف خوفاً من نظراته النارية, و التي

توحيك بالخطر المحدق, أما قبضته فكفيلة بأن تسحق جمجمة أي شخص, فما بالكم بالباب المسكين, له شعر أشقر حليق, و وجهه أسمر قليلاً, عينيه ضيقتين و

أنفه ضخم, أما شفتيه فغليظتين, كطبقة صوته الغليظة, كان يقف مستنداً بذراعه إلى الباب, بينما أخذ يلوك العلك و هو يرمق هاري بنظراته الجامدة, منتظراً الرد و

الإيجار, عندها بانت علامات الارتباك و الاضطراب على هاري و هو يحك خصلات شعره العسلية و يقول:

- أوه أجل الإيجار, نعم صحيح إن اليوم هو بداية الشهر, لقد نسيت تماماً


قاطعه جايسون و هو يعقد حاجبيه, قائلاً في غلظة و سخرية: - أوه كلنا ننسى ذلك, من الجيد أنني ذكرتك



ثم مد بكفه الكبير و الذي كان أكبر من وجه هاري, أمامه بحركة تعني, أنا أنتظر المال, هيا ناولني إياه و إلا حطمت أنفك أيها الفتى..


نظر هاري لكف جايسون, ثم أعاد النظر إلى عينيه, التي كانت ترمقه بنظرات كسولة, و مع ذلك مميتة, فازدرد هاري لعابه و هو يقول بصوت مضطرب:

- آسف جايسون, و لكن أرجوك اصبر علي هذا الشهر, لأن المال الذي معي لا يكفي, و أنت تعلم أنني استلمت العمل منذ أسبوع, و...


قاطعه جايسون, بتأففه, و هو يقول: - حسناً, سوف أمهلك الوقت, فإنها أول مرة لا تدفع بها, لذا سأسامحك

زفر هاري بارتياح, ليقطع عليه جايسون تلك الراحة, و هو يقول متوعداً:

- و لكن إن تكرر هذا الحدث, فلسوف أرميك أنت و أشياءك بالشارع أيها الفتى, فلا تعتمد على طيبة قلبي و تسامحي كثيراً, هل سمعت؟!

أومأ هاري برأسه, بمعنى أجل, بينما بداخله, كان يقول, يا للهول..و هو يتخيل رأسه مهشماً بقبضة جايسون الحديدية..

كاد هاري أن يغلق الباب, و لكن جايسون منعه, عندما وضع يده في طريق الغلق, موقفاً الباب, فنظر له هاري نظرات مستفسرة, عندها ابتسم جايسون , ثم قال ساخراً:

- لقد نسيت أن أخبرك, أن حسناءك الشقراء التي دائماً تأتي لك, منتظرة بالأسفل في الشارع

رفع هاري حاجبيه في تفاجؤ, ثم قال مرتبكاً: - سالي!!

أشار جايسون بوجهه العريض, نحو النافذة, بمعنى اذهب و القي نظرة, ثم قال قبل أن يلتفت مغادراً المكان:

- إن أردت رأيي, عليك أن تسرع للذهاب, قبل أن يفصلونك عن العمل

فيرا
16-03-2011, 13:37
اتجه هاري نحو النافذة, و فتحها, ثم ألقى نظرة خاطفة على الشارع, فابتسم عندما وجدها واقفة بالأسفل, و الابتسامة المرحة قد أشرقت على شفتيها, بينما

أخذت تلوح له, عندما شاهدته, حتى ينزل, فأومأ لها, ثم أغلق النافذة, و ارتدى ملابس العمل, و التي كانت مكونة من زياً كحلي اللون, و اعتمر قبعة كحلية كذلك,

بينما علق على كتفه حقيبة ذات لون أسود, وقف أمام المرآة, حتى يرى إذا ما كان هناك خلل بملابسه أو مظهره, فابتسم عندما وجد أن كل شيء تمام و كل شيء

بمكانه الصحيح, تنهد قليلاً, ثم غادر الشقة, و البناية كذلك, و بالطبع لم ينسى أن يخرج دراجته معه من البيت..

ابتسمت سالي, عندما لمحته يخرج بدراجته من البناية المهترئة, فهرعت نحوه, ثم توقفت أمامه و هي تقول ببشاشة:

- صباح الخير يا هاري, أم تريدني أن أقول, صباح الخير يا حضرة الساعي


لم يعلق هاري, و اكتفى بالابتسام, بينما واصلت سالي كلامها قائلة و هي تمد بيدها نحو هاري, بعلبة صغيرة, علبة طعام أخرجتها من حقيبتها للتو:

- تفضل يا هاري, أتمنى أن يعجبك كعك الزنجبيل

توردت وجنتيها و نظرت للأرض و هي تكمل في خجل: - لقد صنعتها بنفسي

نظر هاري نحوها بامتنان, بعد أن تناول العلبة منها, ثم قال: - مؤكد أنها ستكون رائعة مثلك, طالما أنتِ من صنعها, حقيقةً لا أعرف كيف أشكركِ يا سالي, أنتِ تفعلين معي الكثير

شعرت سالي, بالحرارة تتصاعد من داخلها, و هي تقول بارتباك: - ما هذا الذي تقوله؟, لا تشكرني يا هاري, إنني لم أفعل شيئاً


نظر هاري بعينيها, ثم قال بخفوت: - بلى, يكفي أنكِ تسألين عني كل يوم, إنكِ حقاً ترفعين من معنوياتي دائماً


أحست سالي بشيء من الخجل, فتنحنحت, ثم قالت مغيرة دفة الحديث, و هي تنظر بساعة يدها: - حسناً يا هاري, يجب أن نسرع, حتى لا تتأخر على عملك


توقفت عن الكلام, لتنظر نحو هاري و قد بدا الاهتمام على وجهها, فتساءل هاري قائلاً: - ماذا هناك؟!

مطت سالي شفتها برقة, ثم قالت متسائلة: - هاري هل أنت مرتاح بعملك كساعٍ للبريد؟!

في مرح أجابها هاري: - بكل تأكيد, إنه عمل ممتع للغاية, أن أقود الدراجة و أتجول بها أنحاء لندن, لأكتشف أماكن و أشياء جديدة, أماكن لم أكن أراها من قبل, و أتعامل مع أشخاص, لم يسبق لي التعامل معهم, إنها مغامرة إن أردتِ رأيي

تنهدت سالي, ثم قالت في شيء من القلق: - و ماذا عن دراستك؟!, إنك هكذا تتغيب عن محاضراتك, فكيف ستنجح و خاصةً إن الهندسة صعبة بعض الشيء؟!

ارتسمت ابتسامة على شفتيّ هاري و هو يقول: - لا داعِ للقلق, فأنا أستطيع المذاكرة و العمل معاً

ثم نظر لها و هو يكمل بصوت مرح: - أم أنكِ لا ترين هذا؟!

أومأت له سالي, ثم قالت و هي تبتسم بعد أن زال قلقها: - حسناً هيا يا حضرة الساعي, سوف نتأخر

أومأ لها, ثم أمسك بدراجته, و لكن لم يركبها , بل أخذا يسيران بجوار بعضهما البعض, كانا يتجاذبان أطراف الحديث, عن كل شيء, تارةً يصمتون, و تارةً تجدهم

يضحكون معلقين على أي موقف يرونه بالطريق, ثم بمنتصف الطريق, عرض هاري عليها أن يجعلها تركب خلفه على الدراجة, حتى يسرعان لأن الوقت سيتأخر,

فأومات له سالي بمرح, ثم صعدت خلفه على الدراجة, عندها ابتسم هاري بخبث قائلاً:

- حسناً تمسكِ جيداً, آنستي, فأنا لا أضمن لكِ ماذا سيحدث؟!

ثم قبل أن تنطق, انطلق هاري بدراجته, فتطايرت خصلات سالي الشقراء, على وجنتيها, بسبب السرعة الجنونية التي يقود بها هاري, فقالت بنبرات راجية:

- خفف السرعة قليلاً


فرد عليها هاري بخبث: - ماذا هل خفتِ بهذه السرعة؟!, ثم إن هذا أخف شيء عندي

تصنعت سالي الغضب, ثم قالت له: - إن سرعتك ستجعلني أتقيأ, لذا, لا تلومني إن لوثت لك ملابس العمل


تبعتها ضحكة خبيثة, فقاطعها هاري قائلاً بنبرات مشاكسة: - إن الملابس و صاحبها تحت خدمتكِ آنستي


انفجر الإثنين في الضحك معاً, و في هذه اللحظة, كادت سالي أن تقع من على الدراجة, و لكن ردة فعلها جاءت سريعة, عندما أمسكت هاري و طوقته بذراعيها,

بينما تشبثت قبضة يديها بقميصه الأبيض من الأمام, متفاديةً السقوط, فارتدت رأسها للأمام لتلتصق بظهر هاري, الذي أفلت قلبه نبضتين, بينما شعر بشيءٍ ما

يعتمل داخله, شيء يتولد في روحه, التي شعر بها تتحرر و تطفو, فوق السحب, بل أعلى من ذلك, ازدرد هاري لعابه, و هو يتساءل في نفسه قائلاً, لماذا أشعر بهذا

الإحساس؟!, و لماذا معها؟!, لماذا قلبي يخفق؟!, ماذا دهاك يا هاري؟!, عد إلى رشدك أيها الفتى, ألم تكتفِ من تجربتك السابقة؟!, استيقظ هاري من شروده على صوت سالي التي صاحت قائلة في فزع:

- هاري انتبه!!

نهض هاري من على الأرض, ثم مد بيده نحو سالي التي كانت ترمقه بغيظ و عتاب بنفس الوقت, ثم صاحت به قائلة: - أرأيت نتيجة تهورك و سرعتك الجنونية أيها الفتى؟!

نفض هاري الغبار من عن ملابسه, بينما أخذت سالي ترتب خصلات شعرها التي تبعثرت على جبينها, بسبب السقطة الناتجة من اصطدام دراجة هاري بعمود النور,

الذي لم يره بسبب شروده المفاجئ, ابتسم هاري و هو يقول في نبرات اعتذار: - آسف يا سالي, لم انتبه على ذلك العمود, لو كنت رأيته لتجنبـ..


قاطعته سالي قائلة في نبرات تحذير: - قلت لك لا تتهور, و لا تقود بسرعة جنونية ثانيةً, لقد مر الأمر على ما يرام هذه المرة, و لا نعرف ماذا ممكن أن يحدث بالمرات القادمة؟!



ثم تبدلت ملامحها للقلق, و الجد, و الرجاء, و بصوتها الحنون قالت: - أرجوك يا هاري, يجب أن تكون حذراً, حتى لا تضيع حياتك بسبب التهور



قاطعها هاري, قائلاً بنبرات ساخرة و حزينة: - على كل حال , لن يهتم أحد إن ضاعت حياتي, لذا ليس هناك شيء أقلق بشأنه


أوجعت تلك الكلمات صدر سالي, و أحرقتها كذلك, بينما شعرت بقلبها ينفطر عليه, و دون أن تعي ما تقول, صاحت به و الدموع محتشدة في عينيها:

- و أين ذهبت أنا؟!, ألا تعلم أنني أخاف أن يحدث لك مكروهـ....ـــاً!!


قطعت صياحها على الفور, عندما أدركت أن لسانها قد فلت, و عندما وجدت هاري يصوب نظراته نحوها, نظراته التي كانت كلها ذهول, و تعجب, أو ربما تأثر, و بصوتٍ

به بعض الخفوت قال هاري: - سالي..


فقاطعته سالي قائلة, في تهرب: - سوف أتأخر عن الجامعة, هيا بسرعة, و أرجوك قد بحذر هذه المرة و لا تشرد


عدل هاري من قبعته, ثم ركب على الدراجة, و صعدت خلفه سالي, التي أخذت تلوم نفسها على ما قالته للتو, و بداخلها تقول, يا ترى ماذا يظن بي الآن؟!, أنتِ

غبية يا سالي, ستتبدل نظرته نحوك, أغمضت عينيها في حزن, بينما ابتعدت الدراجة مختفية, وسط الضباب, إلى حيث جامعة سالي...

فيرا
16-03-2011, 13:38





انعكس بريق عينيها ليظهر مدى شغفها, على الواجهة الزجاجية, لأحد المحلات, ثم بصوتٍ يملؤه صيحات الإعجاب و الرغبة قالت: - يا له من فستانٍ أحمر جميل!



أشارت بيدها نحو الفستان الأحمر المعروض بالواجهة, و أكملت: - انظر و كأنه يناديني لأشتريه


لم تصدر أي إجابة, فقط همهمة قصيرة, حينها لفت برأسها الأصهب نحو الشاب الواقف خلفها, و الذي لم يكن وجهه يحمل أي تعبير, فقالت له متعجبة:

- لماذا أنت صامتٌ هكذا يا هيو؟!, ألا يعجبك ذلك الفستان؟!


ابتسم هيو, و هو يدس بيديه في جيبي بنطاله, قائلاً: - لا يا عزيزتي, إنه جميل للغاية و سيغدو رائعاً عليكِ ,و لكنني لا أفقه بتلك الأمور النسائية..


صمت هيو, بينما أكمل بداخله, و كذلك أشعر بالحرج و أنا أقف أتأمل الفساتين, و لكنه عبر عنها بتنهيدة طويلة, قطعتها روزالين, التي احتضنت ذراعه قائلة في شيء من اللطف و التودد:

- لقد سمعت من صديقاتي ,عن مقهى ممتاز موجود في هذا المركز التجاري, بالطابق العلوي, ما رأيك بأن نصعد إليه؟!

نظرت في عينيه, ثم أكملت في رقة: - إنني أود أن أجلس معك, و أريد أن أحدثك بموضوع

ابتسم هيو, موافقاً إياها, و على الفور كانا قد صعدا الدرج نحو الطابق العلوي...

كان المقهى بالفعل رائعاً, يحوي طاولات بداخله و خارجه, و بالطبع الجزء الداخلي كان شاغراً, فلم يجد هيو و روزالين, إلا الطاولات التي تقع خارج المقهى, فجلسا

على طاولة, ذات فراش أحمر, متقابلين وجهاً إلى وجه, بعد أن طلبا كوبين من القهوة..

تصاعدت رائحة القهوة, مدغدغةً شعور هيو, الذي كان شارداً في اللاشيء, بينما كانت روزالين تنقر بأناملها على الطاولة, في شيء من التردد, و هي تنظر بعيني

هيو, الذي أفاق من شروده, مبتسماً لها, و نظراته المتسائلة, تقول, ماذا هناك؟!, ابتسمت روزالين بعد أن توقفت عن النقر, ثم مدت بيدها لتمسك بيد هيو

الموضوعة على الطاولة, و الذي أخذ ينقل نظراته بين يديها و بين عينيها, مستغرباً من ردة الفعل هذه, فقالت روزالين متسائلة: - هيو هل تحبني حقاً؟!

أمال هيو برأسه قليلاً, مستنكراً هذا السؤال, ثم أجاب قائلاً في تعجب: - ما هذا السؤال؟!, بربكِ ألم تعرفي بعد بشعوري نحوكِ؟!



تنهدت روزالين براحة, ثم قالت في دلال و هي تعيد خصلة إلى خلف أذنها, قد تمردت على وجنتها: - فقط كنت أتأكد من ذلك

فغر هيو فاهه في علامة استغراب, ثم قال متسائلاً: - صحيح لقد قلتِ لي أنكِ تودين التكلم معي بشأن موضوع ما, فما هو؟!

تبدلت نظرات روزالين للجدية, و هي تشبك أصابع يديها, و تضعها أمامها على الطاولة, بينما مالت بجسدها نحو الأمام, لتقول :

- لقد كنت ألاحظ منذ أن دخلت للجامعة, أنك لا تحضر بقية المحاضرات, و أنك دائماً ما تغادر الجامعة عصراً, لماذا؟!, هل هذا لأنك تعمل؟!

شعر هيو, بالارتباك, و الحيرة, عندما لم يعرف بماذا يجيبها؟!, هل يقول لها, أجل أعمل, و يخبرها الحقيقة؟!, أم يكذب و يقول لا, و لكن بماذا يعلل لها, سبب خروجه عصراً؟!, عندها قاطعته روزالين قائلة:

- أنا أعلم الحقيقة, أعلم أنك تعمل يا هيو...

لتتسع عيني هيو في ذهول, من تلك الكلمات التي وقعت على مسامعه, فازدرد لعابه, و هو يقول بارتياب و عدم تصديق: - ماذا؟!, تعرفين....

أغمض عينيه, ثم قال محاولاً التفسير: - اسمعي يا روزالين, لقد كنت أود أن أخبركِ و أقول لكِ هذا الأمر, و لكن...

قاطعته روزالين مجدداً, و هي تحضن يديه بين كفيها, ثم قالت في هدوء: - لا تقل شيئاً, بالطبع أعلم أنك تعمل و تدير شركة والدك الذي توفي بالعام الماضي...

اتسعت عينا هيو, من ذلك الكلام, و لكن جزءاً منه كان مرتاحاً, جميل إذاً هي لا تعلم الحقيقة, هذا ما دار بداخله, بينما كان يستمع إليها و هي تكمل كلامها بنبرات مواسية:

- مسكينٌ أنت يا هيو, إنه لحمل ثقيل يقع فوق عاتقك, أن تدرس و تدير شركة, بالفعل أمر متعب

صمتت قليلاً, ثم أمعنت النظر بعينيه, و قالت في دلال: - و لكنك على قدر هذه المسؤولية, أليس كذلك؟!

فيرا
16-03-2011, 13:38
تنهد هيو, بشيء من الراحة, ثم أومأ لها في معنى أجل, لتبتسم له ثانيةً, ثم تبعد يديها, و تكمل شرب كوبها..

و من بعيد, لمح هيو, شخص نحيل, قصير القامة, أشعث الشعر, و كث الشوارب ,بالخمسينيات من عمره, كان يصعد الدرج, نحو الطابق الذي هم فيه, إن ذلك الشخص لم يكن غريباً على هيو, و بالفعل تعرفه على الفور,

عندما بانت ملامحه الخبيثة, فقطب هيو حاجبيه, بينما ضغط على أسنانه قائلاً في ضيق:

- تباً, إنه باول...و هل هذا وقته؟!

ثم سرعان, ما شعر بالقلق و الارتياب ينتابانه, عندما طرأ بداخله, عما سيحدث, إذا رآه باول, و تعرفه؟!, عندها ستعلم روزالين بالحقيقة, و من دون تفكير, أمسك هيو بيد

روزالين, التي شعرت بالغرابة من ذلك, ساحباً إياها نحو الخارج, قبل أن يراهم باول, مدير المطعم الذي يعمل فيه هيو, و بعد أن وضع حساب القهوة على الطاولة, كانت روزالين, تتساءل في حيرة:

- هيو, ما بك؟!, لماذا أنت مسرع هكذا؟!

و لكن لم تأتها إجابة شافية من هيو, فقد كان منهمكاً في الإسراع نحو الخارج, عندها صاحت روزالين قائلة, عندما كادت أن تسقط من على الدرج:

- هيو, بالله عليك, ستتسبب بتعثري, أرجوك قل لي ماذا يحدث؟!

عندها أتتها الإجابة من هيو, الذي أردف قائلاً: - سأخبركِ بالخارج..

لم تفهم روزالين ما سبب الغرابة التي يفعلها هيو الآن؟!, فقط كل ما تعرفه أنه مرتبك و يريد أن يخرج من المكان..

وقف هيو يلهث من التعب, بعد أن خرجا من المركز التجاري, نحو الزقاق الضيق الذي يقع خلفه, بينما روزالين كانت تحملق فيه بدهشة, و بالنهاية تساءلت:

- ما هذه التصرفات المرعبة و الغريبة؟!, ماذا دهاك يا هيو؟!, لماذا أخرجتنا إلى هذا المكان؟!, هل هنالك شيء تخفيه عني؟!

ظلت روزالين تلح بأسئلتها التي لا تنتهي, بينما هيو أخذ يفكر ماذا يقول لها؟!, و فجأةً, قاطعها هيو, عندما طوقها بذراعيه, لتصمت عن الكلام, و يخفق قلبها, و يحمر

وجهها خجلاً, عندما سمعته يقول في صوت خافت:

- روزالين لا تتركيني, أنا أحبكِ كثيراً, لا أعرف ماذا فعلتِ بي حبيبتي؟!, و لكنني أحبكِ لدرجة الجنون, لدرجة تجعلني أشعر بالغيرة, من أي شخص ينظر لكِ, بل أنني أغار عليكِ من الهواء الذي يلامس وجهك, و من ذراعي التي تطوقانكِ

شعرت روزالين بضربات قلب هيو, التي أخذت بالتسارع, فحركت نبضاتها معه, بينما أسرتها أنفاسه التي شعرت بها تتدفق, و تتغلغل داخل أوردتها, و أضعفتها كلماته,

التي نطق بها, و كأنها سهاماً رشقت بقلبها, فجعلتها تشعر بالضعف, و القوة يختلجان داخلها, ما سر سحر كلماتك يا هيو؟!, هكذا أردفت بداخل قلبها الذي كان

ينبض بعنف, فسمعته يهمس بأذنيها: - عديني أن تكوني لي, للأبد, عديني يا حبيبتي بأنكِ لن تبتعدي عني مهما حدث

ثم شدد بيديه, عليها, عندها انسابت الكلمات منها قائلة: - أحبك هيو, أكثر من أي شيء بالعالم

شعر هيو بأنه يمتلك العالم بأسره, عندما لفت روزالين ذراعيها حوله, و أرخت برأسها, على صدره, لتستمع إلى نبضات قلبه التي لا تنطق سوى باسمها, بينما

توارت الشمس خجلةً خلف المباني, فصارت من شدة خجلها حمراء, بينما شعرا بروحيهما, تعلو و تطير مع الطيور الحائمة بالسماء, ثم تسقط بقعر المحيط مع

الأسماك, إنه الحب, يجعلك ترى العالم بمنظورٍ آخر, مختلف, و يجعل الأزهار تتفتح داخل روحك , لتعطرها بشذى رحيقها, و تلونها بأبهى الألوان الزاهية ,بل إنه يجعل

خلاياك تنسجم و تنصهر مع الكون, مكونةً كيان جميل و فريد, فيـا ليت الحب يدوم!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

فيرا
16-03-2011, 13:39
خلاص كده اكون نزلت لكم آخر بارتين انا كتبتهم ض1

بكتب بال 23 الآن...فدعواتكم لي =)

+ احتمال أتأخر..علشان بذاكر هذه الأيام =)

و يا رب يكونوا البارتين حلوين ق1

~ « ωоdїї
16-03-2011, 22:21
آخ بسسَ بردتيَ قلبيَ بهالبارتَ عن جدددددددددددد

يَ لبييييييييييييييييييه بسَ , أحييكَ ع أحلى بارتَ ,

أحسنَ شَي أن هاريَ بدا يحبَ ساليَ ثنائي رائعَ
مو روزالينَ السحليَة القبيحةَ الشينةَ !!! :@

:@ أكرههها
وهاريَ معليشَ يعنيَ كرهته !!
يوم ضربَ هاريض حرامَ علييهَ , مَ حسَ بمعاناةَ هاري : ‘ (
أتوقعَ أن في هذا المقهى بيفترقونَ أحسَ بيشوفهم صاحبَ المطعمَ ذاك َ ,
أو أنه بيقول لها أنه ما يديرَ شركتَه ,
وبتخليييه ها ها هايَ , أحسسنَ نفتَك منها الشريرةَ ,
ويَ رب أن هاريَ يقابلَ أمه
أهنيكَ ع البارتَ أنا سعيدةَ به جداً ! : *
بانتظاركِ والله يوفقكِ فِ امتحاناتِك

$فانيلا لوسي$
17-03-2011, 10:44
زي ما توقعت ابارتين رااااااااااااااااااااائعين جدا جدا واو استمتعت بالقرأة
والحمدلله البارت هذا ريحني عشان سالي وقلبها الحنون يا ناشيس عليها تجنن هاذي البنت
وعلى قولتك
روزالين مو بشر هادي سحليه اعوذبالله اففف منها ومن خشتها

بس هههههههههههههه وش راح تسوي لما تعرف انو هيو يشتغل نادل خخخخخخ راح تروح فيها خخخخخ

وهيو يوه يوه انعمى بحب السحليه لهاذي الدرجة لالالالا يا راجل بتعمل كذا ليه حرام عليك ده صحبك هاري

والله البارتين روووووووووووووووعة ويسلمو خيتو

وانشاءالله تخلصي البارت 23 بأسرع وقت والله متحمسة شو بدو يصير

لما السحليه تعرف الحقيقة ههههههههههه

SaJa Wi
22-05-2011, 21:56
حجز

~ « ωоdїї
23-05-2011, 10:46
:( وين البارتَ ,

فيرا
30-05-2011, 13:53
آخ بسسَ بردتيَ قلبيَ بهالبارتَ عن جدددددددددددد

يَ لبييييييييييييييييييه بسَ , أحييكَ ع أحلى بارتَ ,

أحسنَ شَي أن هاريَ بدا يحبَ ساليَ ثنائي رائعَ
مو روزالينَ السحليَة القبيحةَ الشينةَ !!! :@

:@ أكرههها
وهاريَ معليشَ يعنيَ كرهته !!
يوم ضربَ هاريض حرامَ علييهَ , مَ حسَ بمعاناةَ هاري : ‘ (
أتوقعَ أن في هذا المقهى بيفترقونَ أحسَ بيشوفهم صاحبَ المطعمَ ذاك َ ,
أو أنه بيقول لها أنه ما يديرَ شركتَه ,
وبتخليييه ها ها هايَ , أحسسنَ نفتَك منها الشريرةَ ,
ويَ رب أن هاريَ يقابلَ أمه
أهنيكَ ع البارتَ أنا سعيدةَ به جداً ! : *
بانتظاركِ والله يوفقكِ فِ امتحاناتِك

هههههههههههههههه و الله حاسة ان سحالي ضربت الرقم القياسي برفع الضغط ككككك xDD"

تخيلي كنت بستهبل و بدور بجوجل على سحالي ( بس كتبت كلمة سحالي بالسيرش ككككك ) تخيلي ايه اللي طلع؟

لقيت بارتات عذراً و لكني لم أعد أريدك كاااك و الله xDD"

اختي بتقول سحالي شهرت القصة ككككككككككك xDD"

خلاص طبعاً انتي شوفتي البارت بتاع الانفصال اللي لسه هنزله هنا xDD"

و الله أكتر شخص صعبان عليا بالقصة هي ام هيو =(

منوورة سوزي و جومينيه عالتأخير و الغياب الطويل ^^"





زي ما توقعت ابارتين رااااااااااااااااااااائعين جدا جدا واو استمتعت بالقرأة

والحمدلله البارت هذا ريحني عشان سالي وقلبها الحنون يا ناشيس عليها تجنن هاذي البنت
وعلى قولتك
روزالين مو بشر هادي سحليه اعوذبالله اففف منها ومن خشتها


بس هههههههههههههه وش راح تسوي لما تعرف انو هيو يشتغل نادل خخخخخخ راح تروح فيها خخخخخ


وهيو يوه يوه انعمى بحب السحليه لهاذي الدرجة لالالالا يا راجل بتعمل كذا ليه حرام عليك ده صحبك هاري


والله البارتين روووووووووووووووعة ويسلمو خيتو


وانشاءالله تخلصي البارت 23 بأسرع وقت والله متحمسة شو بدو يصير


لما السحليه تعرف الحقيقة ههههههههههه

هههههههههههههههه سحلية لما هتعرف هتنصدم + هتشوفي هتعمل ايه بالبارت 23 :evil:

بالنسبة لهاري و سالي هيعجبوكي اوي بالبارت الجاي xDD"

مشكووورة يا قمر عالرد الجميل و آسفة عالتأخير و الغياب الطويل ^^"


حجز

TYT ^^


:( وين البارتَ ,

خلاص هنزله ^__^

فيرا
30-05-2011, 13:57
الفصــــل الثــــالــث و العشـــرون




بزغ صوتها الأوبرالي العذب وسط صمت الجميع, من داخل المسرح الضخم, الذي كان محاطاً بأضواء ساطعة, مع بزوغ ضوء القمر الفضي, الذي غازل انعكاسه الجميل



صفحة مياه البركة الرقراقة,الموجودة بالحديقة الغنّاء, التي أمامه...



و بالداخل, وقفت على خشبة المسرح, و قد سُلِطت الأضواء عليها من جميع الاتجاهات, فلمع فستانها الكحلي, الذي كان بدون أكمام, بينما ضمت مكبر الصوت



الفضي خاصتها, بيديها الاثنتين, و كأنها تحتضن طفلها الحبيب, و من ثم أخذ صوتها يعلو بغناء راقٍ, و هي مغمضةٌ عينيها الرقيقتين, فتحركت خصلات شعرها



الشقراء و التي كانت تميل أكثر للون البني الفاتح , على كتفيها ,كان صوتها ساطعاً , كسطوع الشمس , و قد كانت كذلك منسجمةً بشكلٍ كبير على المسرح, و



الكل كان يلاحظ ذلك, بل إنهم أيضاً انسجموا , و فقدوا إحساسهم بالوقت,و الزمن معها, فلقد كان صوتها رائعاً بحق, يجعلك تسترخي في مكانك, و تهيم روحك عشقاً...



و من وراء الكواليس, وقف شابٌ بدا في ريعان شبابه, يراقبها بعينيه السماويتين, و لكن لونهما أصبح كالسماء الملبدة بالغيوم..غيوم حزينة بالطبع,



أما ملامحه الوسيمة, المرسومة بالقلم, فقد بدا التأثر عليها, بينما انسدلت خصلاته الفاحمة, على عينيه, عندما أنكس رأسه, للأسفل في ألم...



فتحت بعينيها الزمرديتين و اللتين, تلألأ بريقهما, أمام الجمهور, الذي أخذ يصفق بحرارة, منبهراً ,و انسابت منهم عبارات التشجيع و المدح, بعد أن أنهت غناءها



, فوضعت بيدها على صدرها, حتى تضبط أنفاسها, و هي تتأمل تلك الأعين المعجبة و المنبهرة بفنها ,ثم حيّت جمهورها بابتسامتها العذبة, و سطعت أضواء الكاميرات من كل حدب و كل صوب...



أسدل الستار المخملي الأحمر, بعد أن انتهى العرض, و لازال صوت التصفيق, يتردد صداه في الأنحاء, فجعلها تشعر بالبهجة, و لكن سرعان ما ذهب ذلك الشعور منها,



عندما دلفت إلى الداخل, و اصطدمت نظراتها المتسائلة ,بعينيه التعيستين, فتمتمت قائلة:


- ماذا هناك؟!



شقت ابتسامة مضطربة طريقها نحو شفتيه ,ثم أخذت تتغلغل نحو عينيه و لكنها فشلت, ثم تقدم نحوها بخطواتٍ بطيئة, حتى توقف أمامها مباشرةً, أما هي فقد كانت تراقب, تحركات عينيه, و نظراته لها, فتساءلت مجدداً, بعد أن استولى القلق عليها:



- ما خطبك؟!..أهناك شيءٌ ما تود قوله الآن؟!



عندها تكلم في ارتباك واضح و فاضح: - لقد كنتِ رائعة جداً اليوم, كنتِ متألقةً كنجمة عالية بالسماء...



ثم صمت بعدها, و بالطبع لم يكن ذلك ما يود قوله لها, فهتف بداخله,


" يالك من أحمق, لماذا لا تخبرها بما تريد و تُرِح نفسك؟!"



, أما هي فقد اعتلت الدهشة ملامحها و عينيها, اللتين رمقتاه باستغراب, و هي تقول بداخلها, هل هذا ما جعله ينتظرني فقط؟!,و لكنها لم تذهب من أمامه,



بل ظلت واقفة بمكانها, منتظرةً منه أن يتكلم, فلقد كانت تشعر, بأنه كان يريد قول شيئاً آخر, و كذلك مظهره البائس, قد جعل قلبها يغور داخل صدرها, و سبب ألماً في روحها, فتساءلت قائلة بحنان:



- ماذا بك..إنك لا تبدو بخير مطلقاً؟!



و لكن لا إجابة, فقط نظرات متشبثة و متعلقة بها, مما زاد قلقها, من حالته التي بدا أنها ازدادت سوءاً عن آخر مرة رأته فيها, فسألته ثانيةً, قائلة في وداد:



- لماذا لا تتكلم؟!...هل أصابك شيء سيء؟!



ثم اقتربت منه و مدت بيدها لتلامس خده في حنان, فشعرت بمدى ارتفاع حرارته, مما جعلها تقول بشيءٍ من الجزع:



- أوه يا إلهي...إن حرارتك مرتفعة, ما الذي جعلك تأتي و أنت بتلك الحال؟!, لماذا لم تسترح ببيتك؟!



- أحبكِ!!



همس بها الشاب, أخيراً, ليزيح الصمت من عليه و يوجهه نحوها, جاعلاً إياها تسكت عن الكلام, بينما ضغط بيده على يدها, حتى يمنعها من إبعادها, ثم أخذ يتفحص بنظراته تعابير وجهها...



أما هي فقد ظلت ترمقه بعينين متسعتين, و بداخل قلبها تقول..


"يا إلهي, ألم يتعب ذلك الفتى؟!.."



كانت عيناه تحملان الكثير من الشوق, أما عينيها, فتحملان الكثير من الألم, إن حبه يؤلمها, و يعذب روحها, و كأن ناراً قد أحرقت قلبها, فتنهدت بحرارة, ثم قررت



الذهاب من أمامه, و بالفعل انتزعت يدها بقسوة من تحت يده, ثم تقدمت نحو الردهة الضيقة, المؤدية إلى غرفتها, و لكن يبدو أن الشاب لم يستسلم بعد, فقد شعرت به يسير خلفها...



- إلى متى ستظل تتبعني؟!



قالتها بشيء من الحدة, عندما قطعت سيرها و وقفت فجائيةً, و لكنها لم تستدر له, كانت تريده أن يتركها بحالها, و لكن يبدو أنه لا جدوى, عندما سمعته يطرح العرض نفسه, الذي رفضته مراراً من قبل, قائلاً:



- هل تقبلين الزواج بي؟!



كان يقولها, بنبرات متقطعة و أنفاس متلاحقة, و بداخله, كان خائفاً, من أن تصدمه, و ترفضه, و هذا بالفعل ما حدث, عندما التفتت له, و رمقته بعينين صارمتين, ثم زجرته قائلة:



- لا..لا أقبل

فيرا
30-05-2011, 13:57
شعر الشاب, بقلبه يتمزق, بل بروحه تخرج, فقال و قد بدا الضعف في صوته, و الدموع كذلك:



- لماذا؟!...لماذا ذلك التغير يا شيري؟!...ألم نكن نحب بعضنا من قبل؟!, ما الذي غيركِ؟!



أكمل كلامه بصوتٍ مهزوز و هو يقترب منها ببطء, قائلاً:



- هل تفعلين معي ذلك, لأنكِ تعلمين كم أحبكِ؟!...أم لتختبري مقدار حبكِ عندي؟!



توقف في مكانه عندما وجدها تبتعد للخلف ,و صمت قليلاً, حتى يتغلب على الدموع التي غزت عينيه, ثم أكمل كلامه, و قد تبدلت نظراته إلى الشك:



- قولي لي...هل تحبين شخصاً آخر؟!



زفرت شيري, بعد أن ضاق صدرها من كلامه, و من إلحاحه, فقالت له و قد تصنعت القسوة في كلامها, حتى يكف عن ملاحقتها:



- لا أحب أحداً آخر..و لا أريد أن أحب..هل فهمت؟!...هذا يكفي يا رين..ابتعد عني, لا أريد أن أتزوج و لا أريد أن أسمع منك ذلك الطلب مجدداً



و كأن تلك الكلمات, طلقات من الرصاص, اخترقت قلب رين, الذي ظل واقفاً بمكانه, لا يتحرك, و يحاول استيعاب ما حدث للتو, بينما دلفت شيري داخل غرفتها,



و صفقتها بقوة, في وجهه, فأحدث صوتها, زلزالاً بقلبه, الذي كان ينزف من الحزن...



هل انتهى كل شيء؟!, هذا ما دار بداخله, و هو لا يزال واقفاً, متسمراً بمكانه, كان يريد أن يبكي, أن يصرخ, و يصيح, أن يهدم جبال العالم, و يجفف مياه الأنهار,



فإن ما بداخله, ليس مجرد شرخاً بسيطاً, بل فجوة, أخذت بالاتساع, منذ وفاة والدته الحبيبة, لتتبعها, خيانة حبيبته له, أو ما كان يعتقد أنها حبيبة,



و من ثم تأتي شيري ,لتكمل عليه, بابتعادها عنه, و رفضها له, و لكنه لن يفعل ذلك, لن يترك هذا الأمر, يذهب و ينتهي هكذا..



أفاق رين من شروده, و هو يشدد قبضتي يديه في غل, بعد أن حاكت الشكوك نسيجها, داخل قلبه, و عقله, فجعلته يقول في حنق:



- سوف أعلم كل شيء, و سأرى, من ذلك الوغد الذي تفضلينه عليّ؟!...و عندما أراه



صمت قليلاً, ليضغط أكثر على قبضتيه, ثم أكمل في انفعال, و هو يصرّ على أسنانه:



- سأحطمه بيدي هاتين




فيرا
30-05-2011, 13:58
تسللت أشعة الشمس, عبر ستائر الغرفة البيضاء, و انسابت على ذلك الوجه الأبيض, ليزداد إشراقاً, بينما انعكس بريقها في ذلك الحقل الأخضر الذي يفيض به عينيها الناعستين و اللتين فتحتهما ببطء, و كسل..



نهضت بعدها جالسة على سريرها , ثم لفتت رأسها الأشقر الصغير نحو النافذة, عندما سمعت تغريد العصافير, فارتسمت ابتسامة على محيّاها, ثم تثاءبت حتى تنفض ذلك الكسل المحيط بها, و تمتمت بعد ذلك بشيءٍ من الرضا:



- ياله من يومٍ مشرق جميل, و الأجمل أنه عطلة



فركت خصلات شعرها الأشقر, و هي تتثاءب مجدداً, ثم ألقت بنظرةٍ خاطفةٍ على المنبه الأزرق, الذي كان بجوارها على الطاولة الصغيرة الخشبية, لتجد أنها بالظهيرة, فتقارب حاجبيها ,صانعاً استفهاماً, بدا واضحاً في صوتها و هي تتساءل قائلة:



- لماذا لم توقظني روزالين مبكراً؟!



نزلت من على سريرها, ثم خطت بخطواتها نحو الغرفة المجاورة لها, توقفت أمام بابها الأبيض ثم دقت عليه بحذر, و انتظرت الإجابة, و لكن لا صوت يصدر من الداخل,



" غريب لماذا لا تجيب يا ترى؟!", هكذا هتفت بداخلها في استغراب, ثم فتحت الباب و ألقت نظرة على السرير الوردي, و لكنها وجدته مرتباً و ليس هناك أحد فوقه,



و الغرفة خاوية, فتعالت دهشتها أكثر, فأين تراها ذهبت؟!, ثم سرعان ما تلاشت تلك الدهشة و الحيرة, عندما تذكرت ما قالته لها روزالين بالأمس, فزفرت بارتياح و هي تقول بابتسامة تعبر عن اطمئنانها:



- يبدو أنها خرجت مع هيو مبكراً للموعد, يالها من فتاة متسرعة



أغلقت الباب, ثم دخلت المطبخ حتى تبحث عن أي شيءٍ تأكله, خرجت بعد فترة و هي ممسكة بيدها كوباً من الكاكاو الساخن الذي تعشق شربه في الصباح,



و دلفت إلى غرفتها, و هي تشعر بكمية كبيرة من الحيوية و النشاط, جلست على سريرها, و قد ذهبت في عالمٍ آخر بمخيلتها, و هي تحتسي الكاكاو,



فقد كانت تفكر بماذا ستفعل اليوم؟!, هل تخرج إلى المنتزه لتنشق الهواء, أم تجلس بالبيت و تشاهد التلفاز, فلربما عرض فيلماً جديداً و مشوقاً, راقت لها هذه



الفكرة, عندما عبرت عنها بابتسامة راضية, و لكنها سرعان ما غيرت رأيها , فهزت رأسها رافضةً , و هي تهتف بتذمر:



- إن التلفاز هذه الأيام ممل, و لا جديد فيه



تنهدت في ملل, عندما لم تعرف ماذا تفعل بهذه العطلة, و الأهم من ذلك أنها وحيدة الآن بالمنزل, و لا توجد روزالين لتتسامر معها,



أبعدت الكوب عن فمها, ثم أخذت تهزه بيدها في رفق, و هي تتأمل ما تبقى من ذلك السائل البني و هو يتحرك بداخله, فعبرت ابتسامة طريقها نحو الخارج, و



لحقتها ضحكة خفيفة, إثر تذكرها ليوم أمس الحافل, عندما سألت هاري عن ما هو أفضل شيء بالمستقبل في رأيه؟!, فأجابها بسخرية قائلاً:



- لن يكون هناك وجود لأستاذ فاصولياء و لا لجايسون الطماع!



أفاقت سالي من شرودها, عندما خفق قلبها, لذكرى هاري, فشعرت بشيءٍ من الخجل, فقالت محاولةً إبعاد ذلك الشعور عنها:



- استيقظي يا فتاة من تلك الأحلام الوردية...



و لكن يبدو أنه لا جدوى, فمشاعرها أصبحت أقوى, بالكاد تستطيع أن تسيطر عليها, و في كل مرة تراه فيها, تود أن تعترف له بالحقيقة, و لكنها تخجل, و تصمت,



أو يصيب كلامها التردد, و بداخلها تتساءل, ألا يلاحظ هاري أي شيء؟!, ألا يفهم مشاعرها؟!



زفرت بحرقة, عندما شعرت بالإحباط يتمكن منها, مما جعلها تقول بنغمة اليأس المعهودة:



- يبدو أن العالم سينتهي, و هاري لا يدري شيئاً عن مشاعري تجاهه



رفعت برأسها للأعلى قليلاً, ثم تعلقت نظراتها الشغوفة على المكتب الخشبي, أو بالأصح على ما يوجد فوقه, فاتجهت بخطواتٍ مترددة نحوه, ثم مدت بيدها,



و تناولت حقيبتها البنية, ثم نظرت بداخلها, لتتبدل تعابير وجهها, من الشغف إلى الذهول و الدهشة, و هي تصيح قائلة في جزع:



- أين؟!...أين هي؟!, لقد كنت أضعها داخل حقيبتي...أين الرسمة؟!



أفضت سالي بمحتويات حقيبتها, بانفعال فوق المكتب, و أخذت تبحث بيدٍ قلقة, و ضربات قلبها تتزايد, عندما لم تجد ضالتها, فقالت بشيءٍ من الحزن, بينما التمعت الدموع في بحر عينيها:



- لقد ضاعت الرسمة...و لكن كيف؟!, هل وقعت مني؟!...



جثت على الأرض أمام مكتبها, و هي تشعر بالمرض و اليأس و التحطم, من ضياع الرسمة, فانهمرت دموعها الساخنة على وجنتيها...




فيرا
30-05-2011, 13:59
- على كل حال , لن يهتم أحد إن ضاعت حياتي, لذا ليس هناك شيء أقلق بشأنه


- و أين ذهبت أنا؟!, ألا تعلم أنني أخاف أن يحدث لك مكروهـ....ـــاً!!




كانت الشمس قد شارفت على الغروب , و هو مستلقٍ على سريره المهترئ بعد يومٍ حافلٍ من العمل, واضعاً يديه تحت رأسه, بينما عينيه كانتا شاردتين في


سقف الغرفة , عندما ترددت تلك الكلمات مرارً بداخله, حينها شعر بالحيرة تطرق باب قلبه, لتطرح عليه ذلك السؤال مجدداً, ماذا كانت تقصد بكلامها؟!, و لماذا بات مؤخراً يفكر في تلك الكلمات بهذا الشكل؟!..


أطلق زفرة قصيرة, عندما لم يعرف جواباً لأسئلته, ثم أطبق جفنيه المرهقين, محاولاً أن ينام بشتى الطرق و لكنه لم يستطع, فبجانب تلك الشقة السيئة التي يقطن بها,


و إزعاج بعض المتشردين ,أسفل النافذة, بالشارع, لا تزال تلك الكلمات تشكل أسئلة بداخل عقله, لتجعل النوم يطير من عينيه, أو ربما هي من تشغل باله..


جلس على سريره, ثم أخذ ينظر نحو وسادته البيضاء لبضع دقائق قبل أن يرفعها, و يتناول الورقة البيضاء المطوية, التي كانت مخبئة تحتها، فتحها ببطء وظل يتأمل الوجه المرسوم بعناية ودقة فائقتين ..


ظهر شبح ابتسامة على وجهه وهو يتذكر مقابلته لسالي عن طريق الصدفة، عندما شاهدها شعر بالتفاؤل والغبطة، و دعاها على الفور لشرب كوبٍ من القهوة، أو بعض العصير إن أرادت ..


نظر إليها بوجهه البشوش، كانا يتبادلان أحاديث عادية عندما دق جرس هاتفها المحمول، فأسرعت بالتقاطه من حقيبتها ثم نظرت إلى اسم المتصل وعندها تكلمت بأدبٍ جم :


- سأجيب هاتفي، بعد إذنك ..


أومأ هاري بالإيجاب و ابتسامته لم تفارق مُحياه، رغم مايشعر به من أسى و حزن جراء الأحداث القاسية التي آلمته في الأيام الأخيرة ..


و بينما هو يتأمل سالي, التي ابتعدت, لمح شيئاً يسقط من حقيبتها الموضوعة على الطاولة بشكلٍ مائل ..


نظر إلى الأرضية فرأي ورقة بيضاء كبيرة، قد طُويت بعناية إلى نصفين، بدا أنها تشغل حيزاً كبيراً من حقيبتها ,و لذا أسرع بالتقاطها قبل أن تتسخ، و قبل أن يعيدها إلى الحقيبة تحرك الهواء مما جعلَ الورقة تنفتح, لتظهر رسماً جميلاً بالقلم الرصاص ..


الأمر الذي زاد من فضول هاري، وجعله يفتح الورقة و يتأملها، وعندها اتسعت ملامح الدهشة على وجهه بشكل مفاجيء، ومن بعيد لمح سالي قادمة باتجاهه فعمد إلى إخفاء الورقة بسرعة خلف ظهره و حاول الابتسام من جديد ..


نعم، هذا ماحدث في الصباح، عاد يتساءل في قرارة نفسه .. لماذا أنا؟! ,لماذا قالت سالي هذا الكلام؟! ولماذا تحمل في حقيبتها تلك الرسمة؟! ,أصبح يفكر بجدية عن سبب رسم سالي لوجهه بالتحديد، ولكنه سمع فجأة طرقاً على باب شقته مما جعله يفيق من شروده ..


"هل كنتُ أحلم؟" .. عاود الطرق مرة أخرى، فعاد هاري يتساءل .. "هل هي سالي؟"


توجه من فوره نحو الباب بعد أن أعاد الرسم إلى مكانه أسفل وسادته .. وفتحه ليفاجأ بـأن صاحب ذلك الطرق لم يكن سوى....سايمون!! ..


نظر هاري إليه باستغراب، وقبل أن ينطق بأي كلمة أفسح المجال لسايمون دعوة منه إلى الدخول، فدلف إلى الداخل وهو يتأمل المكان جيداً ثم قال بنبرة حنونة و هو يجلس على طرف السرير :


- أرى بأنك تتدبر أمورك جيداً .


رفع هاري حاجبيه و هز كتفيه بلا مبالاة، ثم سحب كرسياً خشبياً قديماً وجلس أمام سايمون و هو يقول :


- كيف تتدبر أمورك أنت يا سايمون، تـعلم بأنني أشتاق إليك كثيراً، صحيح؟


ابتسم سايمون تلك الابتسامة الودودة وقال و هو يربت على كتف هاري الجالس أمامه مباشرة :


- صحيح ..


حول هاري أنظاره بعيداً، يحاول عدم سماع الضوضاء الصادرة من الحارة الضيقة التي تعج بالناس ثم سأله سؤالاً مباغتاً :


- كيف حال أبي؟ هل هو سعيدٌ جداً ..؟!


ظهر الارتباك على وجه سايمون الذي سرعان ماحاول إخفاءه ببعض الكلمات الاندفاعيـّة ، فتكلم قائلاً :


- هذا هو ماجئتُ من أجله، إن والدك أرسلني إليك حتى أعيدك، فهو مشتاقٌ إليك كثيراً ..


ظهر الامتعاض على وجه هاري، ولكن سايمون تابع و هو يتجاهل ذلك التعبير :


- إنه حزينٌ للغاية، فهو لم يأكل جيداً منذ أن تركت المنزل و ...


قاطعه هاري بصلافة و هو ينهض من على الكرسي ويتوجه نحو النافذة :


- لماذا لا تقول الحقيقة؟ هل الكذب سيجلبُ حلاً للمشكلة؟ لا يمكن أن يكون أبي قد أرسلك لتعيدني، فهو يعلم بأنني لن أعود .. كان يمكنه فعل ذلك بنفسه، أو حتى الاتصال بي فهذا لن يكلفه سوى خمسُ دقائق ..فقط...


عندها شعر بالاختناق الشديد، و أراد أن يستنشق قليلاً من الهواء، فدفع النافذة بعصبية ,لتنفتح على مصراعيها، ولكن بدلاً من ذلك , تدفق الدخان و روائح القمامة العفنة إلى داخل الغرفة ..


أغلق هاري النافذة على الفور ,و هو يشعر بضيقٍ شديد ,مما دفع سايمون إلى تغيير الموضوع قائلاً :


- أوتعلم؟ لقد سمعت بأن والدتك "كريستال" هنا، في لندن .


التفت هاري إلى سايمون وعلامات الإحباط ترتسم على قسمات وجهه، و تكلم بلا مبالاة و هو يرتمي على الكرسي الخشبي مجدداً :


- إذاً ماذا؟! .. هذا لم يعد يهمني بشيء, على الإطلاق...


تعجب سايمون و قال بنبرة متسائلة :


- ألن تذهب إليها ..؟! ربما يمكنها مساعدتك!


ابتسم هاري بمرارة، و قال محاولاً تهدئة سايمون :


- لا تقلق يا سايمون، لقد أصبحتُ رجلاً، و أستطيع الاعتماد على نفسي ..


لم يستطع سايمون قول أي شيء، شعر بالأسى من أجل هاري الذي تربى بذلك الشكل المؤسف، حيث أنه لم يذق للسعادة أي معنى بعيداً عن رعاية والديه، ولهذا وصّاه على الاهتمام بنفسه و طلب المساعدة حالما يحتاج لها، ثم انصرف بعد أن ودعه .



فيرا
30-05-2011, 14:02
مرّت الأيام ثقيلة للغاية، و هو الآن يتثاءب في سريره الصغير و ينظر إلى الساعة التي تجاوزت التاسعة بقليل، اليوم هو يوم الإجازة، لهذا هو يفكر فيم سيفعله اليوم؟!، تصفح قائمة الاسماء في هاتفه المحمول وسرعان ماشاهد اسم سالي وسط الاسماء الأخرى ..


كان لهذا الاسم وقعاً غريباً ، أشبه بالحلم الجميل .. بدون وعي منه، ضغط على زر الاتصال .. و لكنه استيقظ من شروده على صوتها المرح و هو يجيب:


- صباح الخير، هاري ..


وضع الهاتف فوق اذنه و انتفض من سريره جالساً، أراد أن يسمع تلك الجملة مجدداً ,و لكنه لم يستطع أن يطلب منها ذلك الطلب، في الجهة المقابلة ظنت سالي أنه لم يسمعها بعد فأعادتها :


- هاري؟ صباح الخير ..


لقد استيقظ بكامل نشاطه، و ها هي قواه تخور فجأة، بل إنه بشكلٍ ما يسمع نبضات قلبه التي تخفق بسرعة ، توقفت الكلمات عند عتبات شفتيه معلنةً العصيان ..


- هاري؟


كان صوت سالي اللطيف يتردد عبر الأثير ، و عندها نطق هاري أخيراً :


- صباح الخير ... سالي,كيف حالكِ؟ لم أسمع صوتكِ مُنذ زمن ..


ابتسمت سالي بخجل و هي تنظر إلى لوحتها الجديدة التي تحوي السماء و المروج الخضراء ، قائلة :


- أنا بخير، كيف تسير أمورك؟ ..


- كل شيءٍ على مايرام ..


حلت فترة صمتٍ طويلة، كانت سالي تريد أن تتكلم، أرادت أن تقول شيئاً ,لكن الخجل و الارتباك قيدا فمها .. هاري أيضاً .. أراد أن يتكلم و لكن شفتاه نطقت ,بجملة عفوية :


- هل يمكن أن نتقابل اليوم؟


زاد خجلها ,و لكن تلك الكلمات جعلتها سعيدة للغاية ,فقد تكلم هاري بلسان حالها، وطلب ما أرادت أن تطلبه , فرددت داخل قلبها


" ألم تعلم كم اشتقت إليك ..؟ "


و لكنها همست عبر الهاتف :


- بالتأكيد، و لكن أين تحب أن نلتقي؟


نهض هاري من فوق سريره و تحرك بنشاط، كان عقله يعمل بسرعة, لكي يجد المكان المناسب، و لكن إحدى الحدائق سيطرت على تفكيره بالكامل، و عندها تكلم على الفور :


- ما رأيكِ بكنسينغتون ..؟


ابتسمت سالي ابتسامة سعيدة، نابعة من قلبها، ثم وافقت على اقتراحه, و بعد أن أنهت مكالمتها مع هاري، توجهت إلى مرآتها وتزينت ،


أرادت أن تقابله بأفضل زينة .. تركت شعرها الأشقر منسدلاً ، بعد أن جمعته خلف ظهرها برباطٍ حريري أبيض ..


ارتدت فستاناً من الكتان الأبيض المليء بالزهور الوردية ، يصل إلى أسفل الركبتين بقليل، و انتعلت حذاءاً أسود طويل الرقبة , ثم ارتدت معطفها الرمادي الأنيق الذي يجابه طوله طول الفستان تقريباً، ثم حملت حقيبتها و لوحة، وبعض الألوان ..


توجهت نحو حديقة كنسينغتون بكامل نشاطها، سوف تتحجج بأنها أخذت تلك الألوان و تلك اللوحة الصغيرة, لترسم مناظر كنسينغتون الخلابة، و لكنها في الحقيقة أرادت أن ترسم شيئاً واحداً فقط ..


هو .. فتى أحلامها، أول شاب يخفق له قلبها، و تقع في شباكه، طوال الطريقِ كانت شاردة الذهن، لا تفكر سوى به ..


هو أيضاً، ارتدى أجمل الثياب التي يقتنيها، قميصاً أبيض اللون ذو أكمام طويلة، وفوقه معطف من الصوف الأحمر الداكن المشغول باليد، بدون أكمام، ذو أزرار سوداء عريضة، وبنطالاً أنيقاً من القطن الصناعي الأسود..

فيرا
30-05-2011, 14:02
وصلت سالي إلى ممر مليء بالأشجار، كان المكان مذهلاً للغاية، فجسلت على إحدى المقاعد ,و وضعت لوحتها الصغيرة و بدأت بدمج اللون الأزرق مع الأبيض, ثم بدأت بصبغه على اللوحة ..


سمعت هاتفها المحمول ، كان هذا هاري، أجابت على الفور ثم وصفت له المكان، عندما وصل إليها، كانت تكمل صبغ بقية السماء التي ترسمها ..


اقترب من خلفها و راقبها ,وهي منشغلة، فاتسعت ابتسامته ، كان ينظر إليها بإعجابٍ شديد، وسرعان ما اقترب من خلف ظهرها، ثم وضع يده على عينيها و همس برقة قرب أذنيها :


- من أنا؟


تركت سالي فرشاة الألوان تسقط أرضاً، و خرجت منها ضحكة رائعة ثم وضعت كفيها فوق كفيه و هتفت بسعادة :


- هل أنت عُطيل؟!


كانت تعلم يقيناً بأنه هاري، ولكنها أرادت مجاراته في اللعبة، هو أيضاً ضحك بسعادة و لم يزحزح كفيه من فوق عينيها و اكتفى بالقول :


- إجابة غير صحيحة ..!


مما دفعها لإزاحة كفيه ,و الالتفات ناحيته, و على وجهها ابتسامة جميلة، تلاقت الأعين البراقة, للحظات , و لكن سرعان ما شعرت بالخجل, و صرفت نظرها بعيداً، بينما حاول هاري تخفيف حدة الموقف بسؤاله :


- ماذا ترسمين ؟!


انحنت ,لتلتقط الفرشاة ,عندما تصادف انحناءه بنفس الوقت، فاصطدمت أصابعهما ,أبعد هاري يده باسماً ,بعد أن شعر برعشة تسري بها, و عندما أمسكت سالي بفرشاتها ,نظرت إليه و قالت :


- المناظر في كنسينغتون رائعة، لذا .. فكرتُ بأن أرسمك .. آ .. أعني، أرسم منظراً يعجبني ..


شعرت سالي بالارتباك و التوتر, فحاولت إخفائها بابتسامة جميلة شقت طريقها عبر شفتيها, أما هاري فقد جلس بجوراها يتأمل الرسم، كانت تنظر إلى وجهه


بين حينٍ وآخر، أصبحت شغوفة بالنظر إلى ملامحه و ابتسامته، فارتفعت نظراته إليها ,ثم قال و هو يقرب مسافة الجلوس بينهما :


- هل أستطيع استخدامها؟


أشار إلى الفرشاة، فانتبهت سالي على مطلبه و قالت وهي تعطيها له :


- بالتأكيد ..


استطرد هاري :


- لكني لا أعرف كيف أرسُم، لطالما كنت فاشلاً في حصة الرسم .


ضحكت سالي على كلماته، وبدأ هاري بتجربة الفرشاة ,واضعاً بعض الخطوط العشوائية في اللوحة، بعد أن يأس من اتقانها, نظر إلى سالي و قال :


- بدلاً من السخرية و الضحك، علميني !...


أومأت سالي بالنفي، كانت تريد إثارته و حسب، و لكنه وضع الفرشاة على أنفها, فصبغه باللون الأزرق .. صرخت سالي بصراخ ممزوج بالضحك :


- ماذا تفعل؟! .. أيها اللئيم! اعطني هذه ..


فردت ذراعها في الهواء ,لتأخذ الفرشاة ,و لكن هاري هاجمها, فصبغ أصابعها، استمرا بالضحك ، كان هذا ممتعاً جداً لهما، و لهذا أخرجت سالي فرشاة أخرى أكبر حجماً, و وضعت فوقها بعض اللون الأحمر ، مما دفع هاري للركض مبتعداً..


و لكنها لم تستسلم، لحقت به بسرعة ,و استطاعت صبغ إحدى وجنتيه باللون الأحمر، كادت أن تسقط أرضاً من فرط الضحك و صاحت من وسط ضحكاتها :


- تبدو مثل المهرج !


لعبا كثيراً حتى اتسخت ملابسهما، وجهيهما ,و كفوفهما أيضاً .. شعرا بالقليل من الإنهاك, فارتمت سالي على المقعد ,بينما تكلم هاري قائلاً :


- ما رأيك أن نذهب لتناول الغداء؟!


وقفت سالي و أمسكت بذراعه, بدون أية كلمة و أجلسته بجوارها على المقعد ثم قالت :


- لا بأس، فلنبق معاً لفترة، هذا المكان خالٍ من الناس و مريح .


معاً .. هل قالت معاً؟! ,يالها من كلمة رائعة مليئة بالمشاعر، لم يستطع هاري أن يزحزح نظراته التي تعلقت بوجهها ..


كان الصمت غريباً بعد كل هذا الكم من الصراخ واللعب، نظرت إليه سالي و التقت الأعين مرة أخرى، لكن كانت تلك المرة مختلفة، لم تشعر سالي بالخجل و التوتر،


أرادت أن تسبح في بحر عينيه ، أما هاري فقد شعر بأن سالي هي الشيء المفقود في حياته ، الشيء الذي طالما تطلع إليه, باحثاً عنه، الفتاة التي طالما احتاج إليها بجواره ..


شعر بالحنان الغامر و الأمان التام و هي تنظر بداخل عينيه، أرادا أن يستمر هذا للأبد ..


تحركت شفتا هاري, لينطق بخفوت و بشكلٍ مفاجيء :


- سالي ، أود أن أقول لكِ شيئاً ما ..


على الرغم من أهمية ما سيقوله هاري .. لم تزحزح سالي عينيها عن عينيه ، لقد أحبته كثيراً .. أحبت وجوده معها، و وجودها معه ..


كل دقيقة تمر بجانبه لا تكاد تذكر، القلب يخفق, و الأعين ترتجف, و الأذن بتشوقٍ تنصت.. الوقت يركض مثل الخيل .. النهار يصبح ليل ..


- أنا أحــبُـكِ


و كأنما توقف الزمن بعد أن نطقها هاري، كان يشعر بقلبه و كأنما يمزق أضلاعه و يخرج من فرط دقاته, لقد عنى تلك الكلمة بكل جوارحه، عناها بكل ما تحتملها من معانٍ و مسؤوليات .. أراد أن تكون سالي ملكاً له وحده ..


أما هي فقد شعرت بأنها تدور في دوامة من السعادة، اختلجت عينيها بالدموع، توقفت أنفاسها عن الخروج و احتبست داخل صدرها، و لم تشعر سوى بأنها تعانقه ..


ارتمت على صدره و لفت ذراعيها حول رقبته ,لتنزل قطرات من دموعها على معطفه الأحمر الداكن، لطالما كانت شغوفة به، و لكنها لم تتخيل بأنه سيخبرها بتلك الكلمة في يومٍ ما .


تكلمت سالي و دموع السعادة تعتصرها :


- أنا أيضاً أحبُك يا هاري .



فيرا
30-05-2011, 14:04
زالت أشعة الشمس عن الأفق، حيثُ جلس على سريره الصغير، و هو يضع السماعات في أذنيه، يستمع إلى معزوفة العنقاء، و عليها، بدأ الصوت الجهوري الشجي بالظهور، ممتداً و منخفضاً و مسيطراً على قلبه و عقله ..


لا يستطيع إلا أن يسمع صوتها، هذا مايقدر عليه .. و مع ذلك، يشتاق إليها كثيراً ,و بالرغم من المسافة القليلة التي تفصل بينهما، لا يدرك كم يريد رؤيتها، أن ينظر إلى عينيها , أن... يرتمي على صدرها .


لطالما تمنى أن يستيقظ من النوم ,فيجدها تناديه و هي تعد فطوراً بسيطاً ، لطالما كان أكبر أحلامه أن تأتي إلى حفل تخرجه، أو تبارك له نجاحه .. أو حتى ...


تسللت دمعة حارة من عينيه و لكنه مسحها بسرعة و كأنما لا يريد أن يعرف بأنه سيبدأ في البكاء، لأنه حالما يبدأ .. لن يستطيع التوقف لالتقاط نفسٍ واحد ..


كان مشوشاً، و حائراً .. تعصفُ الأفكار برأسه ، ولا يقوى على التفكير في أي شيء أراد أن يراها لكي يسألها فقط


" لماذا؟ لماذا تركتني يا أمي؟؟!"


، مرت الكثير من الأيام منذ اعترافه بالحب لـسالي، التي أصبحت كل شيء بالنسبة له ، الماضي و الحاضر والمستقبل و الأمنيات ..


كل يوم يتصل بها قبل النوم، يتحدث إليها و يطمئن لسماع صوتها، ويبتسم عند سماع ضحكتها الجميلة، يشعر بأن هناك شخصٌ يحبه، لأنه هاري .. فقط هاري ,بمميزاته .. وبعيوبه ..


ليس من أجل والده، ليس من أجل شكله .. ليس من أجل أمواله و قصره .. إنها ملاكه الطاهر الجميل، التي لم تحب في حياتها سواه ..


خلع سماعات أذنيه، و التقط هاتفه المحمول, و ابتسامة جميلة ترتسم على وجهه، ملأ الحماس قلبه رغم اليوم الشاق ,و رغم التعب النفسي الذي حل به عندما تذكر والدته الغائبة, و تكلم عندما سمع صوتها :


- مرحباً سالي ، لقد اشتقتُ إليك كثيراً ..


كانت سالي قد خرجت للتو من أخذ حمام دافيء وأجابت بصوتٍ مليء بالانتعاش :


- حبيبي .. كيف حالك؟


تدفقت الدماء بسرعة إثر ضربات قلبه المتسارعة, فانخفضت وتيرة صوته و هو يقول :


- بأحسنِ حال .. مادمتِ إلى جانبي .


جلست سالي على سريرها, و تضرجت وجنتيها بحمرة الخجل، و همست :


- أنا أيضاً اشتقتُ لك .. متى ستكون إجازتك؟!


- في الغد .. سوف تختارين المكان تلك المرة ...


تلكأت سالي كثيراً، فهي لا تعرف الأماكن الجيّدة لأنها لم تعش في لندن سوى من أجل الجامعة، أرادت من هاري أن يختار المكان لأنه يعرف المنتزهات أكثر منها، و لكنها لم تستطع قول ذلك و اكتفت بالهمس اللطيف :


- حسناً ، سوف أفكر بالمكان و أخبرك .. انتظر رسالة مني .


- أحُبك سالي .


- أنا أيضاً أحبك هاري .


بعد أن أغلقت هاتفها المحمول، توجهت تنظر إلى مرآتها بوجهها المتورد، و ابتسامتها الخجولة .. كانت تفكر في هاري .. هاري فقط ، لاغير ..


أرادت أن تفرد ذراعيها في الهواء و تحلق مثل العصافير السعيدة، أرادت أن تقف في الشرفة و تصرخ لكل المارة في الشارع .. أنا أحب هاري، ذلك الشاب الذي لا يوجد له مثيلٌ في الكون ..الشاب الذي أحببته من كل قلبي، و أحبني من كل قلبه ..


تذكرت أمر المنتزه الذي ستتوجه إليه برفقة هاري , فخرجت إلى الصالة و هي تبحث عن دليل الأماكن السياحية الخاص بـروزالين...


فتشت تحت وسائد الأريكة الصغيرة، تحت الهاتف المنزلي، خلف بعض الكتب في تلك المكتبة الخشبية القصيرة التي تسوعب التلفاز فوقها ..


لكن بحثها باء بالفشل، مما دفعها للتوجه بتلقائية نحو غرفة روزالين، فطرقت الباب بخفة و قالت :


- روزا، هل أنتِ مستيقظة ..؟


كانت تسمعها تدندن بلحنٍ مرح، قطعته و أجابت من خلف الباب :


- ماذا؟ ادخلي ..


فتحت سالي الباب بهدوء ,و أدخلت رأسها, فشاهدت روزالين تجلس على الكرسي و هي تضع دهاناً مرطباً على بشرتها، و عندها ابتسمت سالي و قالت :


- هل أطلب منكِ خدمة صغيرة؟


أجابت روزالين و هي تضع رجلاً فوق الأخرى :


- ماذا؟ لن تطلبي مني غسيل الأطباق، فأنا مشغولة كما ترين، كما أنني سأذهب غداً ,لمقابلة حبيبي هيو .. آه كم اشتقتُ إلى رؤيته و ضمه إلى صدري ..


ازدردت سالي لعابها و قالت مع تلك الابتسامة البشوشة التي لم تختفي للحظة واحدة :


- ليس كذلك، دليني فقط على منتزه جيّد أو مطعم يصلحُ للمقابلات الشخصية ..


ضحكت روزالين ضحكة رنانة , ثم اعتدلت في جلستها ,و هي تقول ساخرة :


- ما الأمر؟ هل طلبت منك والدتكِ أن تقابلي العريس الجديد ..؟


تجهمت سالي قليلاً ، و لكنها شاهدت الدليل السياحي فوق مذكرات روزالين، فدلفت إلى الغرفة و أخذته على عجلٍ و هي تقول :


- ليس كذلك، فأمي لن تجبرني على الزواج ... سأستعير هذا ,الليلة و حسب .


ركضت سالي إلى غرفتها قبل أن تعترض روزالين على أخذها للكتاب, و سهرت طوال الليل تتصفحه بلا تعب و لا كلل، حتى عثرت على المطعم المناسب ..


ركضت بحماس نحو هاتفها، كانت الساعة تشير إلى الثالثةِ صباحاً، و لهذا كتبت الرسالة على عجل


" حبيبي هاري، سألتقي بك في مطعم جوزيف، سلون ستريت ...عند الواحدة ظهراً .... أحبُك "

فيرا
30-05-2011, 14:05
عند الساعة الثانية عشرة و النصف، كانت سالي تدلف إلى المطعم في كامل أناقتها، و هي ترتدي قميصاً من الحرير الأزرق ذو أزرارٍ بيضاء ,و ياقة من الدانتيل الأبيض العريض، و تنورة حريرية بيضاء فوق الركبة بقليل ..


لم تنتعل بقدميها حذاءاً عالياً و لكن اكتفت بنعلٍ أرضي أبيض اللون و بسيط، به بعض الأربطة من الأمام , كانت تبدو رائعة مع شعرها الأشقر المنسدل, و كأنها أميرة دخلت المطعم للتو، فرنت نحوها الأنظار و اقترب أحد المضيفين, قائلاً بتلك اللهجة الانجليزية العريقة :


- مرحباً آنستي، إذا كنتِ ترغبين بأي طلب فقط اطلبيه مني .


ابتسمت سالي بلطف و قالت :


- أريدُ أن أحجز طاولة لشخصين .


أومأ المضيف بالايجاب و أشار إليها بتهذيب كي تتبعه، وعندما وصلا إلى الطاولة سألها عن ضيفها, فأخبرته أنه شاب بأواخر العقد الثاني من العمر, يدعى هاري وسوف يصلُ عند الواحدة ظهراً .


وصل هاري إلى مطعم جوزيف في تمام الثانية عشرة و خمسٌ و أربعون دقيقة، كان يرتدي بزة رسمية أنيقة مثل لون القهوة المحروقة، تحتها قميصٌ أبيض، و ربطة عنق مخططة باللونين الرمادي و السكري ,و حذاءاً جلدياً من اللون البني الداكن.


استقبله المضيف و سأله عن اسمه، ثم قاده إلى الطاولة حيثُ تجلسُ سالي ,التي كانت تشربُ كوباً من الشاي الأخضر في انتظاره .


ابتسم هاري و رفع حاجبيه انبهاراً بجمالها, تصافحا، ثم جلس أمامها و الابتسامة لم تفارق شفتيه فقط كان يفكر " لم ألحظ بأنها جميلة للغاية من قبل .."


، أما هي فلم تستطع تحويل نظرها عنه، و على الرغم من جمال طلته و أناقته و حرصه على الظهور أمامها بذلك المظهر الجميل ,رغم تلك الظروف التي تحيط به , إلا أنها لاحظت تلك النظرة المنكسرة في عينيه ..


حاولت الابتسام عندما شعر هاري بتوترها، مما زاد من ذلك الخفوت داخل عينيه ,فجذب كفيها و طوقهما بين كفيه في دفء و حنان، ثم تساءل قائلاً :


- تبدين مرهقة للغاية .. هل أنتِ على مايرام؟!


نظرت في عينيه، و تكلمت بلطفٍ بالغ ، خرجت كلماتها صريحة، مهتمة، حنونة مثل نسمة رقيقة :


- ليس عليك أن تقلق بشأني، لقد شعرتُ بأنك متعب ,عندما رأيت عينيك في أول لمحة، و هذا ما جعلني حزينة بعض الشيء ..


شدّ هاري قبضتيه على كفي سالي الناعمين، ثم همس و هو يقرب وجهه منها :


- ليس عليك القلق علي يا أميرتي، فأنا بطل .


ابتسمت ابتسامة عفوية و تمتمت : - نعم .. بطلي .


ابتعد هاري ثم أفلت يدي سالي و الابتسامة لم تُفارق شفتيه، حول نظراته بصعوبة إلى أحد المضيفين, ثم استدعاه ,ليختارا الغداء لهذا اليوم، و تعقيباً على المكان ,قال هاري و هو يمسك بالقائمة و يتطلع إليها :


- يبدو ذلك المطعمُ رائعاً، لم آتي إلى هنا من قبل .


كانت هناك شاشات التلفاز التي تملأ جدران المطعم، يميناً ويساراً، حتى يتسنى للضيوف مشاهدة القنوات ، و بالقرب من طاولة هاري و سالي، تردد صوتها عبر الشاشة المجاورة ,ليخترق مسامع هاري و كأنما صاعقة دوت بداخل رأسه ..


تكلمت سالي و لكنه لم يسمع ماذا قالت؟!، كانت عينيه تحدق في الفراغ، ثم رفعهما بتعب بالغ إلى الشاشة التي تقبع في أعلى اليمين ،


كانت تقف على المسرح، مغمضة العينين مرهفة المشاعر، بعدها أبعد هاري عينيه عن الشاشة و الدموع تحتبس بداخلهما، لقد كان هذا آخر ما يتوقعه ، أن يشاهد والدته في هكذا مكان .. و في مثل تلك الظروف !

فيرا
30-05-2011, 14:06
سقطت القائمة من بين يديه على الطاولة، و نكس رأسه حتى تخفي مقدمة شعره تلك العينان المليئتان بالدموع الحارة، لقد تعود في الأيام الماضية على أن يحبسها بكل ما أوتي من قوة ..


فما عساهُ أن يفعل الآن .. إنه لا يريد أن يفسد يوم سالي بسبب الكآبة التي تسيطرُ على حياته، استنشق المزيد من الهواء و حبسه بالداخل علّه يستطيع التخفيف من حدة توتره ..


ولكن هذا لم يخفى على سالي، فقد لاحظت ذلك بوضوحٍ جلي، و أدركت أنه يخفي شيئاً ما عنها، و لكنه ظل يحدق إلى تلك الشاشة خلفها، مما جعلها تلتفت لإلقاء نظرة ،


عندها شاهدت المغنية الشهيرة كريستال، و لم تعرف سر حزن هاري, هل هي تلك المرأة، أم أن تطلعه للشاشة كان مجرّد عذر لكي يخفي تعبه؟


...دفعها هذا للمبادرة قائلة :


- هاري .. لماذا لا تفتح لي قلبك، أولست تحبني؟


كانت تلك الكلمات بمثابة النار التي أذابت الجليد الذي يغلف هاري، فرفع رأسه ببطء و نظر إليها متحدثاً بنفس أسلوبها :


- أو ماعساي أقول؟ أريد أن أبعدك عن كل ما يؤذيك .. لدّي هدفٌ بسيط لهذا اليوم .. أردتُ جعل يومكِ رائعاً، أهذا هدف صعبٌ للغاية ؟!


عادت سالي تنظر إلى عينيه و قالت بصوتٍ يكبت الدموع :


- هل تظن بأنني سأكون سعيدة و أنا أشعر بذلك الكم الهائل من القلق و الحزن يشعان منك؟ ألا يمكنك أن تعتبرني نصفك الآخر؟ و تشاركني همومك؟! هذا سيجعل كلانا نشعرُ بالراحة ..


لم تستطع منع دموعها من النزول، و تقارب حاجبا هاري الذي أشفق عليها , و هو يلوم نفسه بداخله..


" كل هذا حدث بسببي! لأنني لم أستطع إخفاء توتري مثل الأطفال الصغار "


همست سالي و هي تمسح دموعها بمنديلها الخاص :


- توقف عن لوم نفسك، فقط شاركني .. ربما إن كانت هناك مشكلة نستطيع إيجاد حلّها سوياً، لكن لا تتحمل كل شيء بمفردك .


استسلم هاري لطلب حبيبته ، و بعد أن تناولا الغداء سارا في الشارع الهاديء ,متشابكا الأيدي, عندما أخبرها هاري عن مشكلته مع والده القاسي ، و أمه الجاحدة التي ألقت به و هو طفل رضيع ,و ذهبت لكي تحصل على الشهرة و الرفعة غيرُ مبالية به .


كانت سالي تستمع إليه بكل جوارحها، فتنهد هاري قبل أن يختم كلامه :


- أخبرني سايمون بأنها هنا، في لندن .. خلال جولة موسيقية حول العالم .


احتضنت ذراعه بشكلٍ مفاجىء ، و قد كانت الدموع تسيلُ على خديها، إنها لا تحتملُ رؤيته يتألم بهذا الشكل، لهذا تكلمت قائلة و هي تحاول منعه من النظر إلى وجهها الباكي :


- أنا لا أعتقد بأن هناك أمٌ يمكنها أن تتخلى عن طفلها بتلك البساطة .. أظن أن عليك أن تقابلها .


كان هاري يعرف من خلال نبرات صوتها المرتجفة بأنها تبكي، كان يقف مثل المشلول متعجباً من رد سالي، التي توقع بأنها ستقول


" لا تأبه لها، لا تذهب إليها"


ولكنها بدلاً من ذلك تحثُه على الذهاب بكل بساطة، وظل يردد بشكلٍ لا واعِ :


- لماذا؟ لماذا يا سـالي؟! ماذا سيحدث إن ذهبتُ و لم تتقبلني؟! سيجعلني هذا مقهوراً لما تبقى من حياتي ..


تركت سالي ذراعه و التفت, لتواجهه ثم تعانقه، لفت ذراعها حول رقبته، أسندت رأسها على كتفه و هي تحاول أن تظل قوية و أن تسانده :


- لكن، أنت بطلي، سوف تواجه هذا الأمر أنا متأكدة من هذا، و لكن لا تنس في أي لحظة بأنني لن أتخلى عنك أبداً .


أحاط هاري ذراعيه حولها و ضمها بقوة أكبر، تمنى أن يدخلها بداخل صدره، و يحميها خلف ضلوعه و يغني لها بقلبه ..


ستظل سالي النعمة التي بدلت حياته من العشوائية و عدم الإحساس بالأمان إلى السكينة، أعطته القوة الخارقة التي يستطيع أن يواجه بها أي شخصٍ كان .. حتى و لو كانت والدته الجاحدة .


" سالي .. أنتِ روحــــي، إذا فارقتيني، سوف أنتهي. "



فيرا
30-05-2011, 14:06
يسيرُ خطوة للأمام، ثم يرجع عشر خطواتٍ للخلف، كان هذا حالُ هاري الذي وقف أمام المبنى, الذي يضمُ المسرح ,الذي تقام فيه حفلة والدته الموسيقية، مع ذلك الشاب رين, الذي تنتشر حولهما الشائعات بأنهما حبيبان .


حاول أن يتجاهل الأمر، و نظر إلى النشرات الإعلانية الكبيرة المعلقة على جدران المسرح، حيث تضم صورة والدته الجميلة, بجانبها رين الوسيم، و كتب تحتهما بخطٍ إعلاني


" جولة العنقاء الموسيقية " ..


توجه إلى الحجرات الداخلية، و لكن رجال الأمن منعوه من الدخول ظناً منهم بأنه أحدُ المعجبين, فتسلل من البوابة الخلفية خلسة، و جلس على المقاعد المخصصة للعاملين خلف الكواليس ..


كان يسمع صوت والدته يتردد في جنبات المكان مع صدى جميل، الحركة كثيرة، العاملون يدخلون و يخرجون من المكان و هم يسحبون علاقات الملابس البعض يوزع علب العشاء للآخرين ..


كان هاري يتأمل كل تلك الحركة بنوعٍ من الهدوء الظاهري ، و لكن داخله كان يغلي , فتصبب من جبينه العرق على الرغم من برودة الجو و هو يفكر كيف سيتحدث مع والدته؟! ماذا سيخبرُها؟! ماذا سيقول؟! هل ستسمح له بالكلام ، هل ستعرفه أم لا ...؟


انتهى الحفل، و بدأ عدد العاملين بالخفوت شيئاً فشيئاً، و عندها شاهد والدته تخرج من بين الستائر الزرقاء الداكنة، و تتوجه مع بعض المرافقين إلى الداخل سالكة ممراً طويلاً ..


تبعهم هاري بشيء من الخوف و الترقب، بعد أن دخلت كريستال بفترة إلى غرفتها، انصرف المرافقين، و أصبح المكان ساكناً ...هادئاً ..


وقف هاري في الممر و عينيه لا تتحركان من فوق باب والدته الأبيض، حتى خُيِّلَ إليه بأن يفتح عدة مرات حيث يظل ساكناً في مكانه ..


بعد أن يأس هاري من خروجها، انفتح الباب بشيء من الثقة، و خرجت والدته و هي ترتدي معطفاً داكناً و تحمل حقيبتها اليدوية استعداداً للمغادرة من المسرح و على وجهها نظارة شمسية عريضة, لتخفي ملامحها .


رمقت هاري بنظرة ثم استمرت في طريقها و كأنها لم تر شيئاً، فشعر بزلزالٍ يهز قلبه و احشاءه حتى أنه لم يستطع الحراك و ظل يحدق إلى الأرض بجمود تام ..


و لكنها توقفت على بُعد خطوات ثم التفتت، و خلعت نظارتها الشمسية، لتدقق في وجهه قليلاً, ثم تسأله بنوعٍ من الشك :


- من أنت ..؟ هل تقابلنا في مكانٍ ما .


كانت الحمم قد انفجرت داخل صدره، أراد أن يصرخ " أمي" ، أراد أن يركض إليها و يعانقها حتى و لو للحظة واحدة , و لكنه رفع عينيه إليها في لحظات مرّت و كأنها سنوات!!


" لماذا نظري أصبح مشوشاً؟! لماذا لا أستطيع مجابهة عينيها؟! .. لماذا أرى القمر من النافذة أصفر اللون؟! لماذا أشعر بالحرارة رغم الجليد الذي يغطي طرقات الشارع السوداء ..؟! لماذا لا يوجد إجابات على أسئلتي ..؟! لماذا ..؟! "


لم تستطع كريستال التحرك، و شعرت برجفة في أوصالها، لأن هذا الوجه .. هذا الوجه الذي مازال يحمل معالم الطفولة .. الوجه الذي لطالما حلمت به ، تمنت النظر إليه كل لحظة و كل دقيقة و كل ثانية،


ذلك الوجه الذي تمنت تقبيله كل صباح .. و ذلك الشاب الجميل الذي أصبح عليه هاري الآن كان هو ما تتخيله عندما يكبر ..


مشت بخطوات سريعة تقترب من هاري, الذي كاد قلبه أن يتوقف ، وقفت أمامه, ليستنشق رائحة عطرها الأخاذ، ثم أمسكت وجهه, بكفيها اللذان يغطيهما قفازين من الصوف الرمادي الداكن،


رفعت وجهه المنكس, و تطلعت بشغفٍ داخل عينيه ، كانت تتأمل كل تفاصيل وجهه, و كأنما أرادت أن تشبع منها بعد أن حُرمت كل تلك السنين المنصرمة، كانت الدموع تنهمر من عينيها و همست بصوتٍ مرتجف مليء بالسعادة :


- هاري .. ابني هاري .


تعانقا بحرارة و همس هاري و دموعه تغرق وجنتيه :


- أمــي، لقد اشتقتُ إليك لحدِ الجنون .


مر بعضُ العاملين من أمام الممر مما جعل كريستال غير مرتاحة، فجذبته من ذراعه عائدة إلى غرفتها، أعادت تشغيل الأضواء و جلست بجوار طفلها على الأريكة و هي تتأمل ملامحه بحنان، و تمسح على وجهه برقة ..


كانت دموعها تواصل الانهمار ,حتى أن عينيها تورمتا ,و هي غيرُ قادرة على إيقاف ذلك السيل الجارف من الحب و الاشتياق .


في تلك الأثناء، كان رين قد خرج من غرفته التي كانت في الممر المقابل لممر كريستال، شاهد الضوء من أسفل عتبة الغرفة ، و لهذا عرف بأنها لم تعد إلى منزلها بعد ..


فتمتم قائلاً: - سأوصلها على طريقي ..


مشى رين نحو الغرفة و عندها سمع صوتها تخاطب شخصاً ما بنبرة مرتفعة :


- عزيزي، سوف أخبركُ بكل شيء بعيداً عن هذا المكان ، دعنا نتقابل غداً في مطعم فندق مالينيوم الذي أقطنُ فيه حالياً، ما رأيك؟


سمع صوت شابٍ يجيب عليها :


- حسناً ، و لكن، في أي وقت ..؟


- سيكون جدولي خالياً عند الخامسة مساءً .


ابتعد رين بسرعة من أمام البوابة، و اتجه إلى سيارته في الطابق الأرضي و هو يرغي و يزبد من القهر


- أهكذا إذاً يا شيري؟! كنتُ أعلم بأنكِ تخفين شيئاً ..لديكِ حبيب، هذا ما جعلكِ تقومين برفضي بكلِ بساطة بعد أن عاملتك كالأميرة و أحببتك من كل قلبي ، لكن أنا لن أترك ذلك الوغد .. سألقنه درساً


صمت قليلاً ثم أكمل بعصبية:


- و سألقنك أنتِ يضاً درساً لن تنسينه ما حييتِ .. فكيف تجرؤين على خيانتي بتلك الطريقة ؟!..



فيرا
30-05-2011, 14:07
في اليوم التالي ارتدى هاري ثيابه المفضلة، حلّة سوداء أنيقة مع ربطة عنق حمراء، و توجه إلى فندق مالينيوم، في المطعم الخاص بالفندق ، و هناك رأى والدته تجلس متأنقة و هي تضع رجلاً فوق الأخرى, مرتدية فستاناً من الحرير الأسود، ذو أكمام طويلة شفافة ..



كان سعيداً للغاية بمقابلة والدته للمرة الثانية، أما هي فقد استقبلته بابتسامة عذبة، و رحبت به أجمل ترحيب ,ثم دعته للجلوس , و بعد أن تناولا بعض الحلويات و كوبان من القهوة الغنية .. تبادلا حديثاً عادياً عن سير الحفلة الموسيقية الخاصة بها و مدى نجاحها،


عندها شعر هاري بأنه بحاجة للسؤال ، عن أمرٍ يؤرقه منذ بدأ يعقل ما يجري حوله في تلك الدُنيا ، تردد قليلاً قبل أن يتساءل :


- أمي، هل يمكنني أن أعرف ..


نظرت إليه كريستال باهتمامٍ بالغ، و ابتسمت ابتسامة مشجعة دفعته, لإكمال سؤاله على الفور :


- لماذا تركتني أنا و أبــي ..؟


تنهدت كريستال و صرفت أنظارها المتألمة بعيداً عن وجهه, ثم قالت و هي تحرك كوب القهوة الفارغ على الطاولة بتوتر :


- هل تعتقد أنني تركتُك بإرادتي؟ لو كنت أستطيع، لاختطفتك من ويليام، و طرت بك خلف النجوم .. لو كنت أقدر على ذلك الرجل الوحشي لاختبأت بك بين القباب، وخلف الظلال ..


دمعت عينيها و الأحداث تمرُ أمام عينيها بسرعة, كشريطٍ سنيمائي :


- لقد تعرضتُ لأسوأ معاملة بسبب والدك، كان يضربني و يمزق شعري على أتفه الأسباب، تركت الغناء من أجلك، لكي أتفرغ لتربيتك .. حاولت أن أكون أماً صالحة، و لكنه لم يعطني الفرصة, لأثبتَ وجودي في حياتك .. استيقظت على ليلة و أنا هاربة من المنزل و كأن شبحاً يطاردني ..


كان هاري يمسك دموعه بصعوبة، فقد تفاجأ من كلام والدته، التي ظن بسبب كلام أبيه، بأنها تخلت عنه لكي تحقق حلمها في أن تصبح مغنية مشهورة، استطردت كريستال و هي تقول :


- بعد أن ركضت بين محاكم لندن لشهور، استطاع ويليام بسلطته القوية و واسطاته المتعددة ,أن يربح القضية بحق الحضانة، بعد أن اتهمني بالخيانة و التزوير و حطم سمعتي، جعلني فقدانك أهرب إلى أمريكا حتى أستطيع استعادة كياني الذي تحطم بالكامل ..


تسللت الدموع من عينيها، و لكن بسبب قوتها ، التي ورثها هاري منها، مسحتها على الفور ثم تطلعت إلى وجه هاري, الذي كان يكبت الدموع بداخله ..


لقد فهمَ الكثير من الأمور، و لكنه أراد أن يسأل سؤالاً أخيراً ، تطلع بداخل عيني والدته الجميلتين و تساءل بنبرة منفعلة :


- لكن، أمي .. خلال تلك السنوات، لم تأتِ مرة واحدة لزيارتي أو لرؤيتي .. لماذا يا أماه؟ ألاتعلمين بأنني كنت أحتاج إليك و أطلبك كثيراً ..؟


هدأت كريستال ذلك الانفعال بعد أن لمست يديه، شدت على كفيه بقبضتيها، و قالت بثبات :


- لقد حُرمت من حياتي حتى لا أراك، كل مايمكنني قوله، أن والدك استطاع أن يهددني جيداً و يبعدك عني بكافة الوسائل، لا تعلم كم بكيت من الليالي و أنا أراك متوجهاً إلى المدرسة و لا أستطيع ضمّكَ إلى صدري ..


أمسك هاري بكفي والدته وقال و هو يبتسم بعد أن تسللت دمعه صغيرة, لتشق طريقه على وجهه ثم تسقط و تتلاشى :


- لا تعلمين كم أنا مشتاقٌ إليكِ ..


منذ أن بدأ ذلك اللقاء، كان رين يراقب من بهو الفندق، هؤلاء الاثنان، مع تلك المشاعر المختلطة بينهما، ولكن الغضب دبّ في أوصاله عندما شاهد كريستال تمسك بيده، و يبادلها الحديث و يمسك هو أيضاً بيديها و يشد عليهما ..


أصابته نوبة الغيرة العمياء مما جعله يفقد صوابه و يتوجه إلى الطاولة و بشكل مباغت يمسك بربطة عنق هاري ثم يسحبه بكل قوته ويصرخ :


- كيف تجرؤ!


وجه رين لكمة قوية بعدها, إلى وجهه, فأسقطته, على طاولة أخرى ,لتسقط و تتحطم النثريات الزجاجية، فوقفت كريستال مذهولة ، و تعالت الصرخات من رواد الفندق و المطعم، عندما هم هاري بالوقوف, ليتدارك الأمر, و لكن رين لم يعطه الفرصة ,و انهال عليه بلكماتٍ أخرى ..


وقف هاري و دفع رين للخلف بكل ما يملك من قوة و هو يشعر بالأذى و الغيظ! جعله ذلك يتساءل " مالذي فعلتُه لذلك المغرور الأحمق؟! "


اقترب رين و هاري من بعضهما في نفس الدقيقة و تشابكا الأيدي محاولاً كل واحد الإسقاط بخصمه، أمسكت كريستال بذراع رين, و هي تبعده و تصرخ بصوتٍ مبحوح و الدموع تنهمر على وجهها :


- رين، توقف أرجوك .. لا تسئ الفهم إن ماتفعله خطأ كبير ..


يركل هاري معدة رين بركبته و يسقطه أرضاً، و لكن الأخير يعود ,لضرب هاري غير مبالٍ بكلامها، إنه لم يعد يسمع في زوبعة الغضب و حمم الانفعال !


وقفت كريستال ,لتحول بينه و بين هاري ، و لكن رين دفعها بقوة بعيداً ، فسقطت و ارتطمت رأسها بحافة الطاولة و تدفقت الدماء من جبهتها ..


ترك هاري كل شيء و اندفع يمد ذراعيه نحو والدته وهو يهتف بجزع :


- لا! لا ... !!


و لكن رين أمسك به من الخلف و رماه بأقصى قوة في الجانب الآخر, ليسقط هاري على بعض الزجاجات و الكؤوس ,فتتحطم جميعها ..


و بسرعة جلس رين بجانب كريستال و هو يحاول مساعدتها و لكنها ضربت يده بعيداً و صرخت باكية :


- كيف تجرؤ على ضرب ابني بتلك الطريقة! إنه ابني! هل تفهم ذلك؟! أم أنك أصبحت أعمى وأصم!


تجددت القوة داخل قلب هاري ,عندما سمعها تصرخ بتلك الحقيقة أمام رين، و كل المتفرجين، تصرخ بها مفتخرة و معتزة، بعد أن دافعت عنه بشراسة، وقف على قدميه و اتجه نحوها ثم ساعدها على الوقوف بين نظرات رين المصدومة ..


استندت كريستال على كتف هاري بتعب, و هي تضع منديلها على جبهتها النازفة ثم همست لرين :


- رين، هذا يكفي!! لن تتم الأمور بتلك الطريقة .. دعنا نظل قريبان من بعضنا بدون تلك الأفكار التي تشوه حجم الصداقة و العمل بيننا ..




أمسك هاري بوالدته جيداً ثم خرجا من المطعم بهدوء .



فيرا
30-05-2011, 14:08
قاربت الشمسُ على الزوال، و خرجت روزالين عائدة إلى المنزل بعد يومٍ شاق من الدراسة, لتفاجأ بجاين ,زميلتها في القسم , تلحق بها و تسير بمحاذاتها، ثم تسلم عليها بشكلٍ ودود ..


بعد فترة قصيرة من السير متجاورتين، تكلمت جاين قائلة و هي تشيرُ إلى مطعم كبير على زاوية الشارع و تبتسم بخبث :


- لقد رأيت حبيبكِ هيو يعملُ هنا بالأمس ..


توقفت روزالين عن السير و حدقت إلى ذلك المطعم ذو الثلاث نُجوم، و إلى اللوحة التي علقت فوقه و المكتوب عليها


" مطعم جولدن هارت "


ثم قالت بشيء من الدهشة و الانفعال وهي تهزُّ رأسها نفياً :


- ماذا؟ بالتأكيد أنتِ مخطئة ، لايمكن أن يعمل هيو في مكانٍ منحطٍ كهذا ..


نظرت جاين إلى بوابة المطعم و هي تعضُّ شفتها السفلى في إصرار عجيب و هي تشير و تقول :


- انتظري و سوف ترينه بنفسك يخرجُ من هناك، و هو يرتدي زيَّ موصلي الوجبات .. عند السابعة تماماً.


وقفت الفتاتان مترقبتان أمام البوابة، حيث حل الظلام و اختفت الشمس بالكامل، و لهذا نظرت روزالين ساخرة و هي تتأمل ساعتها التي تعدت السابعة و خمسُ دقائق و قالت بنبرة منتصرة :


- يالكِ من واهمة! لقد أخبرتكُ بأن هيو لا يعمل هنا .. لقد أصابكِ سحر التخيل عزيزتي!


ابتسمت جاين بانتصار أكبر و هي تقول مشيرةً خلفها :


- هـاكِ!


ثم انصرفت تاركة روزالين تنظر بحيرة و الصدمة والذهول يملئان قسماتِ وجهها, و هي ترى هيو بشحمهِ و لحمهِ, يخرج من الداخل,و هو يرتدي زي المطعم و معه علبة ليوصلها ..


سقطت حقبيتها على الأرض محدثة صوتاً، لم تعد روزالين تتمالك نفسها من هول الصدمة، عندها رفع هيو رأسه, ليشاهدها تقبع أمامه و التساؤلات تملؤ وجهها, مما جعله يتجمد في مكانه و هو يشعرُ بالتوتر و الارتباك ...


مرت اللحظات ثقيلة كأنها أعوام و سنون, و عندها تحررت روزالين من الشلل الذي أصابها و هي تهمس بتردد بالغ:


- هـيـ ... ــو ...؟


ترك هيو العلبة ,لتسقط من بين يديه و تقدم نحوها ,محاولاً التحدث و قال بارتباك :


- روزا، الموقف ... معقدٌ للغاية ..


تراجعت روزالين بظهرها وهي تهزُ رأسها نفياً ، بينما وضعت بيديها على أذنيها حاجبةً صوته, و لكن هيو يقترب أكثر و يعاود المحاولة :


- دعيني أشرحُ لكِ ..


و لكنها لم تعطه الفرصة، و التقطت حقيبتها , ثم أسرعت راكضة و كأنها تهرب من لصٍ شرير يريد قتلها، تركض و هي تحبس دموعها ..


" لقد كذِب علي ..خدعــني .. لماذا لم تخبرني بالحقيقة يا هيو! ماذا تظنني أنا لستُ بلهاء .."


نظر هيو إليها و هي تبتعد , فسيطر عليه الحزن الشديد و الاكتئاب، فهو لا يريد خسارة الفتاة الوحيدة التي أحبها ، الفتاة التي غيرته ، جعلتهُ إنساناً أفضل ..


عاد إلى المنزل مثقلاً بالهموم، ثم دخل إلى غرفته و ارتمى على سريره بصمت .


أيضاً وصلت روزالين إلى المنزل ، و صفعت حقيبتها بالجدار و هي تصرخ مثل المجنونة و بدأت بتكسير الآنية الفخارية و التحف و هي تصيح :


- كاذب! يالك من حقير و غشاش يا هيو ... أكرهك ..


و بعد أن هدأت قليلاً، بدأت بالبحث عن سالي، نادتها بصوتٍ عالٍ كالصراخ و لكن سالي لم تجبها، عندها دخلت إلى غرفتها للبحث ,فوجدت المصابيح مطفأة .


فتحت المصابيح لكي تتأكد بأنها ليست موجودة، و قبل أن تخرج, لمحت شيئاً جعلها تتجمد في مكانها ,ثم عاودت النظر مرة تلو الأخرى لكي تتأكد!!


شعرت بنار الغيرة تحرق قلبها فور رؤيتها, لصورة هاري التي رسمتها سالي و يبدو بأنها لم تكملها بعد!!, فقدت عقلها و بدأت تفتش في أشيائها ,لتكتشف عمق الصلة بين سالي و هاري ,فهي تكتب عن حبهما في مذكراتها و تحتفظ بصورة شخصية له ..

فيرا
30-05-2011, 14:09
عادت سالي إلى المنزل، و السعادة مرسومة على ملامحها، و عندما دلفت إلى الصالة فوجئت بروزالين تجلس على أحد الأرائك الفردية متناثرة الشعر ،


أفزعها قليلاً هذا المنظر, و مالبثت أن وضعت حقيبتها على إحدى الطاولات الزجاجية, ثم جلست و خلعت حذائها , و سألتها عن حالها و حال هيُو و لكن روزالين أجابت ببرود و هي توجه نظرات الحقد إلى سالي الغير منتبهة:


- سوف أترك هيو!


توقفت سالي عن ماتفعله، و رفعت عينيها المشدوهتين ,ثم تساءلت و الصدمة تملأ نبراتها :


- تتركينه؟! لماذا؟!


صرخت روزالين , فتناثرت خصلات شعرها و تبعثرت من الغضب :


- الكاذب! لقد خدعني! لم يخبرني عن حقيقة عمله، لأصدم اليوم بأنه يعمل موصل وجبات في مطعم حقير!


وقفت سالي ثم اتجهت نحو روزالين ,ثم جلست إلى جوارها و ربتت عليها بحنان قائلة :


- ربما لم يكن يريد أن يزعجك بشؤونه .. ألستِ تحبينه؟! فقط تغاضي عن الأمر و سامحيه ..


تضرب روزالين يد سالي و تبعدها عن كتفها ثم تقف و تجول الردهة و هي تقول بتعجرف محركة يدها في الهواء :


- لا! أنا لن أقبل بهذا! لماذا أحبُ شخصاً مثله بهذا المستوى الوضيع! أنا من عائلة راقية ..


تجلّى الامتعاض على وجه سالي التي أشفقت على هيو، و عندها تكلمت بانفعال ممزوج بالأسى :


- كنتُ أعرف بأن هذا ما سيحصل! لقد سعيت خلفه و الآن سوف تتركينه مثل من سبقوه ! أليس عندك قلب ..؟! لا أظن بأنك أحببتيه حقاً ، لقد كانت مجرّد مظاهر! لقد أخبرتك من قبل بأن الحب ليس لعبة!! لكنك مازلت تمارسينها و تلعبينها بتلك الطريقة مراراً و تكراراً .. ألم تملي بالله عليكِ ..؟!


نظرت لها روزالين بحدّة و هي تجز على أسنانها من القهر، ثم ترمقها بنظراتٍ ذات مغزى و تصدّها بالقول :


- أنت؟! من سمح لك بأن تعظينني بهذا الشكل !.. ثم .. أين كنتِ طوال هذا الوقت ؟! لقد عدتِ متأخرة للغاية!


شعرت سالي بالارتباك ، توقفت ,لتفكر في حجة مقنعة بينما لا يزالُ جبينها مقطباً و منفعلاً، فخرج صوتها هامساً غير مقنع، فهي من النوع الذي لا يستطيع أن يكذب :


- لقد كنتُ في المكتبة من أجل إجراء البحـ ...


- كاذبة! لقد كنتِ مع هاري! أليس كذلك؟


بعد تلك المقاطعة المفاجأة من روزالين، صمتت سالي و هي تنظر إلى أظافرها بتوتر ، و عندها استطردت روزالين بصوتٍ مرتفع :


- أيُ صديقة أنتِ!! لقد قمتِ بخيانتي .. تخرجين مع الشخص الذي يحبني ؟! و تكتبين له الأشعار الغرامية .. ثم ترسمين وجهه بكل مكان!! هذا لا يصدق ..


ترفع سالي رأسها و هي تحاول استيعاب الصدمات التي تتلقاها من روزالين, صديقتها الوحيدة، و بدأت تفهم للتو أنها دخلت إلى غرفتها و فتشت أغراضها في أثناء غيابها عن المنزل ، دفعها هذا للقول و هي تدافع عبراتها :


- لكن! كيف تسمحين لنفسك بدخول غرفتي و التنقيب في أغراضي بتلك الطريقة، هذا ليس من حقك .. هل فعلت هذا معك يوماً ما؟!


تنفجر روزالين ضاحكة، بشيء من الخيلاء و تنظر لسالي من أعلى رأسها لأخمص قدميها ثم تقول :


- أنتِ مجرّد فتاة حمقاء! لطالما كان لي العاشقون بينما لم تحصلي على واحد! و هذا ما يصيبني بالذعر، فتاة قبيحة و بلهاء مثلك تحاول سرقة المعجبين الخاصين بي!


تقترب منها ثم تقول بنبرة وعيد :


- من الأفضل لكِ أن تبتعدي عن هاري حتى لا يتحطم قلبكِ الزجاجي إلى أشلاء! بنظرة واحدة مني أستطيع استعادته! إنه يعشقني أنا! ألا تدركين كم يحبني؟!


زلزلت تلك الكلمات أعماق سالي، و انهارت على الأريكة تبكي بصمت، بينما اندفعت روزالين إلى غرفتها و ارتمت على سريرها و هي تفكر فيما ستفعله!




فيرا
30-05-2011, 14:10
جلسا على الطاولة المطلة على الشارع..عندما أخذت تدق بقدميها على الأرض في ملل ,و هي تنظر نحو كوبها الذي لم تمسه منذ أن طلبه لها...



كانت السماء ملبدة بالغيوم في ذلك اليوم الكئيب....و بعينين متسائلتين نظر لها هيو ثم أمسك بيديها في حنان و لكنها سرعان ما سحبتهما من بين يديه في قسوة....عندها تكلم قائلاً:


- لقد أخفيت عنك سر عملي لأنني أنتظر الفرصة التي سأحسن بها وضعي ..


تطلعت إليه بجفاء و زفرت بضيق :


- ماذا عن شركة والدك؟!


نظر إليها هيو غير مصدقاً لما يسمعه، إنها تقلب عليه الذكريات البائسة و معاناته الطويلة منذ وفاة والده:


- لماذا؟!...لماذا تفعلين معي ذلك؟!....قولي لي ما الذي فعلته حتى تعاملينني هكذا؟!


بتملل أجابته: - لا أعرف....و لكن أنا لم أعدك بشيء!!


اتسعت عيناه ثم قال: - و لكن...ألا تحبينني؟!....هل صدر مني شيء يزعجك؟!


أدارت وجهها نحو الشارع ثم أردفت: - سوف أذهب الآن....و لن نتقابل بعد ذلك ..


بانفعال شديد ضرب الطاولة بيده حتى وقعت الأكواب على الأرض محطمة تماماً مثل قلبه و هو يقول :


- و لم؟!....لم هذا الجفاء؟!...ما الذي غيرك؟!...


عندها نظرت بعينيه و بدون مبالاة نهضت واقفة من على مقعدها استعداداً للذهاب و هي تقول له كلمتها الأخيرة :


- عذراً....و لكني لم أعد أريدك!


ثم مضت مبتعدة تاركةً إياه جالساً على تلك الطاولة بلا حراك....فقط أخذ يراقبها و هي تمضي بعيداً...ففرت من عينيه تلك الدمعة الحبيسة و معها أطلقت السماء العنان للمطر ,كي يبلل خصلات شعره...و جسده....و روحه.....


غابت الشمسُ عن الأفق، و هو يجلس بلا حراك .. لم يشعر بالوقت الذي يمضي ببطء شديد ,إنه فقط يشعر بفؤاده يتمزق إلى قطعٍ صغيرة ..


" أحبها! لم أحب في حياتي سواها .. لم أذق طعم السعادة سوى معها .. تمنيتُها أكثر من أي شيء في حياتي، جعلتني أنسى آلامي و لو لفترة قليلة .. لماذا؟! لماذا تركتني ببساطة! لماذا أوجعتني بتلك الكلمات .. "

فيرا
30-05-2011, 14:10
كانت الأمطار تنهمر بقسوة مثل السياط التي تضرب جسده و كأنما تعاقبه على ذنبٍ فظيع ..


سار ببطء إلى المنزل، لقد تأخر الوقت .. تأخر كثيراً .. ربما قلقت عليه والدته الحبيبة ..


فتح الباب, بمفتاحه الخاص، و أسرع بالدخول، كان المنزل, بارداً, مظلماً على غير العادة و كأنها غيرُ موجودة، إنه يشتاق إلى حضنها كثيراً، ذلك الصدر الحنون, الذي يحمل متاعبه و يخفف من همومه و أعباءه ..


ارتفع صوته منادياً و هو يدير مفتاح الضوء الخاص بالردهة :


- مساء الخير يا أمي، أنا هنا .. لقد عدت .


لكن الصمت كان حليفه، انتابه بعض القلق، و لكنه اتجه إلى غرفته و أخذ حماماً ,ثم بدل ثيابه بسرعة و اتجه إلى المطبخ ..


كان كل شيءٍ ساكناً، حتى الغداء لم يعد!, و لهذا أسرع إلى غرفتها و طرق الباب محاولاً أن يتمالك نفسه:


- أمي، هل أنتِ مستيقظة ..؟!


لم يسمع رداً، فأيقن بأنها مريضة، و على الفور فتح الباب و ركض نحو السرير الذي ترقد عليه والدته, و حركها بلطف قائلاً :


- أمي، هل أنتِ بخير؟! لست على ما يرام ..؟ هاه!


وضع يده على جبينها ,و لكن الكهرباء سرت في جسده, عندما شعر بتلك البرودة! برودة الثلج، فاندفع للخلف ساقطاً على الأرض و هو ينظر إلى والدته الجامدة بلا حراك ..!


أضاء النور بجانب السرير و بدأ يحركها بعنف ،و يصرخ .. بُح صوته من أثر الصراخ، لكن والدته الآن تنام أمامه جسداً، بلا روح .. لقد رحلت ماري .


لم يرد هيو تصديق ذلك، لم يستطع عقله استيعاب الأمر .. لم يقتنع بأنها ميتة ، ضرب صدرها ، تشبث بثيابها و انهمرت دموعه ساخنة و غزيرة ، اختفى صوته و تلاشت كلماته بين دموعه و شهقاته ..


- أمي! لا تتركيني ..!


ظل يردد تلك الجملة بأسى ، حتى انتصف الليل ..


أصبح مزرياً، و هو يجلس مترنحاً بجانب سرير أمّه ,لا يقوَ على الحراك، لا يستطيع حتى موازنة رأسه فوق كتفيه!!, يشعر بأنه أصبح ثقيلاً للغاية ..


عيناه الجميلتان أصبحت مخيفتان ذابلتان.. يغطيهما خصلات شعره البنية، و أصبح وجهه متيبساً إثر جفاف الدموع على بشرته ..


كان يفكر كيف يمكنه أن يعيش بدونها؟!, كيف يستيقظ كل صباح و لا يراها أمامه؟!, فوقف بصعوبة بالغة و هو يتمالك نفسه ، مشى بخطوات زاحفة إلى الخارج و هو يجرّ قدميه جراً، فتح الباب الخاص بمكتب والده ..


إنه نظيف، معطّر .. كما لو أن والده تركه منذ دقائق، لقد كانت تنظفه كل يوم و ترش فيه العطور و هي تتذكر والده مع ابتسامة !!, لكنه لا يستطيع أن يكون مثلها ..


لقد عاشت على أمل هيو , و لكن هيو على أي أمل سيكافح للبقاء؟!...


فتح أحد أدراج والده و استل مسدساً مخفياً في سقف الدرج، كان يعرف مكانه جيداً ..


عاد بنفس الخطوات, ليجلس على السرير بجانب والدته , كان مذبذب الفكر و الوجدان, ضائع...حائر...لا يشعر سوى بالألم...


نظر إليها نظرات حزينة, و متوجعة, ثم قال بشفتين مرتجفتين:


- لا يمكنني العيش بعالمٍ أنتِ لستِ فيه...لا يمكنني أن أحتمل فراقكِ...لذا, سآتي إليكِ


انطفأت اللمعة بداخل عينيه، أصبح السواد يلف المكان عندما رفع هيو المسدس بيده اليمنى مصوباً فوهته إلى رأسه مباشرة, وضع إصبعه المرتجف على الزناد, ثم أغمض عينيه بعد أن قال:


- أنا قادمٌ أمي...


انطفأ النور بالمنزل , و لم تعد الرؤية ممكنة, ثم دوى صوت الرصاصة, بعدها, مخترقاً جدار الصمت .... ليحل من بعدها السكون !!


ـــــــــــــــــــــــــ

فيرا
30-05-2011, 14:11
انتظروني بالبارت 24 قريباً + توقعاتكم :evil: ?

و في شخصيات بتظهر بالبارت الجاي xDD"

SaJa Wi
30-05-2011, 17:29
حجز

بااااااااااااك

بارت محترم ويشبع الفضل

لكن

دقيقة صمت لروح ماري :نوم: :بكاء:

يعني من بين كل الايام مالقيت الا هاليوم الاسود :d

هيو مهما سوا انا حزينة جدا عليه يعني حبيبته نذلة:mad: بكل ماتحمله الكلمة من معنى :(

وامه انتقلت الى رحمه الله :بكاء:

وماعنده اصحاب :بكاء:

مادري اتوقع يكون في احد بيوقفه او اصابته ماراح تكون في مقتل :ميت:

تصدقي جا في بالي خاله لانو اري مشغول بأمه المتصابيه :d


بالنسبة للقصة روعة روعة :p:p:p

وتجنن كل شي جميل فيها منجد ::جيد::

ابد اااااااااااااع ::سعادة::

الاسلوب والشخصيات

قصة متكاملة بدون مجاملة :) ومليئة بالمعاني والعواطف :بكاء: +:( +:)

وانا حاطتها في مفضلتي من كتر اعجابي بها ::جيد::

بانتظار الفصل القادم على احر من الجمر

في امان الله

ŔŨқДĨ
30-05-2011, 17:51
حجز

لؤلؤة الاناقة
02-06-2011, 07:09
القصة روووعة ومن الاخر
بس الشريرة روزا (يا بتمسكوني يا بنفلت عليها ):مكر:
بس عشان تحس باشي بسيييييييط من المر اللي اعطته ل(سالي,هاري,هيو):mad:
والقصة عنجد حلوة::جيد::
باي:)

Яūń
02-06-2011, 07:13
قصه حلللللوه يعطيك العافيه

لؤلؤة الاناقة
21-06-2011, 15:49
وين البااااااااااااااارت

فيرا
28-06-2011, 00:18
حجز

بااااااااااااك

بارت محترم ويشبع الفضل

ولكم باكوووو يا قمر ^^

الحمد لله, ريحتي قلبي, اهم شيء تشبعوا xDD"



لكن

دقيقة صمت لروح ماري :نوم: :بكاء:

يعني من بين كل الايام مالقيت الا هاليوم الاسود :d

ههههههههههههه تخيلي ماتت باليوم اللي ابنها جاي مصدوم فيه , مسكين يا هيو :d


هيو مهما سوا انا حزينة جدا عليه يعني حبيبته نذلة:mad: بكل ماتحمله الكلمة من معنى :(

وامه انتقلت الى رحمه الله :بكاء:

وماعنده اصحاب :بكاء:

مادري اتوقع يكون في احد بيوقفه او اصابته ماراح تكون في مقتل :ميت:

تصدقي جا في بالي خاله لانو اري مشغول بأمه المتصابيه :d


هههههههههه لا ما هي ام هاري عقلت و بقت كويسة كاااك :d

لا كله الا خال هيو ده مش عنده دم اصلاً كككككك

بالنسبة لهيو بيتنقذ او لا بتعرفي من خلال البارتات ^^

خلاص هانت كلها كام بارت صغير و ينتهي الحكاية و تعرفوا هيو عايش و الا ميت :evil:


بالنسبة للقصة روعة روعة :p:p:p

وتجنن كل شي جميل فيها منجد ::جيد::

ابد اااااااااااااع ::سعادة::

الاسلوب والشخصيات

قصة متكاملة بدون مجاملة :) ومليئة بالمعاني والعواطف :بكاء: +:( +:)

وانا حاطتها في مفضلتي من كتر اعجابي بها ::جيد::

الله يكرمك و يسعد قلبك يا رب عالكلام الجميل ده ^^

بجد يسعدني انك بتتابعيني و انك وضعتي قصتي المتواضعه بمفضلتك ^^



بانتظار الفصل القادم على احر من الجمر

في امان الله

البارت بعد قليل ^^

و مشكووورة على الرد النايسو ^^

في رعاية الله ر=


حجز

بانتظار عودتك =)


القصة روووعة ومن الاخر
بس الشريرة روزا (يا بتمسكوني يا بنفلت عليها ):مكر:
بس عشان تحس باشي بسيييييييط من المر اللي اعطته ل(سالي,هاري,هيو):mad:
والقصة عنجد حلوة::جيد::
باي:)

اهلاً يا قمر منوووورة ^^

و لسه روزا بتتعاقب لا تقلقي ههههههه

متخافيش انا باخد لك حقك و انتقم لك منها ^^

مشكووورة يا قمر على الرد الجميل ^^



قصه حلللللوه يعطيك العافيه

الله يعافيكِ يا قمر اريجاتووو ^^


وين البااااااااااااااارت

جومينيه عالتأخير, البارت بعد الردود ^^

فيرا
28-06-2011, 00:20
كح قبل ما نبدأ, في شخصيات بتنضم جديدة, بس متخافوش دي لها صلة بالقصة ^__^, خلال البارتات بتعرفوا مدى الصلة


الفصـــل الــرابــع و العشـــرون



بحر من الصمت , خيم على تلك الحديقة, التي شهدت حبهما, لتشهد الآن حيرته و حزنها, تشابكت أنامله مع أناملها الرقيقة, عندما نهض من جوارها, ليجثو أمامها ,

بينما تركزَّت عيناه عليها, ثم أخذ يتفرس في ملامحها جيداً, حتى يعرف ضالته ,كان يريد أن يعرف ما سر كآبتها اليوم؟!, و ما سر حزنها المفاجئ يا ترى؟!, أما هي فقد كانت تحاول تجنب النظر إلى عينيه مباشرةً,

عندها تجولت نسمات رقيقة بالمكان, فحركت بعضاً من خصلاتها الشقراء على تلك الأعين الخضراء ,التي أوحت بالحزن الشديد, فتساءل بعد أن ازدادت حيرته:

- ماذا بكِ ؟!, لمَ كل هذا الحزن و الشرود؟!

- لا شيء...لا تشغل بالك..أنا بخير

كانت كلماتها المتقطعة تلك, تزيد من قلقه, بل إنها أكدت له أنها ليست بخير مطلقاً, و أن هناك شيئاً ما هي تخفيه عنه, و لا تود البوح به, و لكن لماذا؟!, هل الأمر خطير لتلك الدرجة؟!...

ما الذي يشغل بال سالي؟!, ما الذي يؤرق تفكيرها و يزيد من حزنها؟!...هذا هو ما دار بخلد هاري, الذي لم يبعد عينيه عنها للحظة واحدة, و ظل جاثياً أمامها,

و ممسكاً بيديها الباردتين, حتى يدفئهما بحنانه, و هو يتساءل مجدداً:

- لا, بل هناك شيءٌ يشغلكِ, أمرٌ لا تريدين أن تخبريني به.... هذا ما أراه بداخل عينيكِ حبيبتي,هذا ما تهمس به أنفاسك, و أسمعه من نبضات قلبكِ, لماذا لا تريدين البوح؟!, ألستُ حبيبكِ؟!, هيا أخبريني, سأساعدكِ و سأظل معكِ حتى لو كانت نهايةُ العالم....

أبعدت سالي خصلاتها عن عينيها, ثم تنهدت و هي تفكر ماذا عساها أن تقول؟!, كان ما يؤرقها حقاً, و يرهق تفكيرها, هو ما قالته روزالين لها بالأمس, لازال صوتها

يتردد صداه, داخل عقلها ,و يهز أوتار قلبها, ذلك الصوت الساخط, الغاضب, الساخر, تلك الكلمات اللاذعة, كانت بمثابة النار التي سرت بالهشيم و أحرقته...

كانت تنظر له بعينيها, بينما بالواقع مشغولة بألف سؤالٍ, حاك نسيجه حول ثنايا عقلها " هل بالفعل هاري يحبني؟!, أم أنه أحبني ,لينساها و ينسى آلامه؟!, و هل حقاً ما قالته؟!, هل بنظرةٍ منها ستجعلهُ ينساني؟!"

كانت الدموع قد بدأت تتلألأ في مقلتيها, ليلاحظها هاري, الذي شعر بتشتتها, و بأنها ليست معه, بل بعالمٍ آخر, و مع أول دمعةٍ سقطت من عينيها, أفصحت سالي عن ما تكتمه داخل قلبها قائلة, و هي تضغط بأصابعها على يديه:

- هل تحبني حقاً يا هاري؟!, و هل أنت سعيدٌ معي؟!

قطب هاري حاجبيه دهشةً, و استفهاماً, من ذلك السؤال الغريب, المتشكك, الذي نطقت به شفتاها المرتجفتان, لتزيده حيرةً و انذهالاً

" هل بعد كل تلك المشاعر و كل تلك النبضات التي ينبض بها قلبي, لازلتِ تسألين عن حبي لكِ؟!, ألا تشعرين بما يختلج بداخلي نحوكِ؟!"

و لكن ما الذي جعلها تتساءل هذا السؤال؟!, كان هذا ما طرأ بداخله, و أكد له أن هناك من يحاول الإيقاع بينهم, و إلا ما كانت قد سألت هذا السؤال ,أو تأثرت بذلك المنظر...

ظلت سالي ترمقه بنظراتٍ متفحصة, منتظرةً منه الإجابة, و قلبها الصغير ينبض, من شدة إنفعالها, كانت خائفة من أن يكون ما قالته روزالين صحيحاً, و لكن جاءت

كلماته الرقيقة ,لتقطع شكوكها و مخاوفها, قائلاً و قد ارتسمت ابتسامة على شفتيه, كما لمستها في عينيه, بينما أمسك بيدها ليضعها فوق صدره:

- انظري داخل قلبي, فلن تجدي أحداً سواكِ جالساً و متربعاً على عرشه, انصتي إلى دقاته, لتسمعيه يهمس باسمكِ....أنتِ فقط هي حبيبتي...أنتِ فقط و لا أحد سواكِ....سالي....

صمت قليلاً, لينظر بداخل عينيها, ثم مسح بيده الدموع من على وجنتيها, ثم همس بخفوت:

- أنتِ روحي....معكِ أشعر بأنني إنسان

كانت هذه الكلمات بمثابة طوق النجاة, الذي أنقذها من الغرق في بحر الشكوك و الضياع, انتعشت روحها, خفق قلبها, و من ثم تبدل الحزن إلى ابتسامة ثقة فردت نفسها على شفتيها, بعد أن تنهدت براحة...

و لكن ليس الكل مرتاحاً هنا, فمنذ أن خرجت سالي باكراً ,من المنزل, حتى وصلت إلى حديقة كنسينغتون, كانت روزالين تسير خلفها و تتبعها كظلها, و في السر

وقفت تراقب ما يحدث, و الحقد ينمو بداخلها أكثر , و هي تراهما معاً بذلك الانسجام و الهيام, عضت على شفتيها و هي تحاول كظم غيظها, و لكن نار الغيرة أكلت قلبها, فرددت بصوتٍ منخفض و هي تجز على أسنانها:

- كيف تجروء تلك التافهة على سرقته مني؟!, كيف تجروء على إمساك يديه بهذا الشكل؟!

تفاقمت النيران بداخلها, عندما وجدته يمسح دموعها بيده في حنان, فقررت أن تذهب إليهم و توقف كل ذلك, حتى تريها مقدار حجمها, و أن هاري لا يحب أحداً سواها!!


فيرا
28-06-2011, 00:21
طار طائرٌ في الأفق البعيد, محلقاً نحو القرص الأحمر, يود أن يلحقه قبل أن يتلاشى خلف المباني و يختفي, فرفرف كثيراً بأجنحته البيضاء, مندفعاً نحو الأمام, حتى يلقي الوداع على محبوبته قبل أن تغيب..

في تلك الأثناء, نهض هاري من أمام سالي, التي تبسم ثغرها, بعد أن اطمأن فؤادها, عندما استرعت انتباهه, زهرة سوسن زرقاء, كانت تهتز مع نسمات الهواء,

بينما سقوط أشعة المغيب على بتلاتها, أضفى عليها رونقاً خاصاً, يبهج النفس...

اتجه نحوها, بينما استغربت سالي مما يفعله, فنادته قائلة بتساؤل:

- إلى أين أنت ذاهب؟!

- سوف تعرفين بعد قليل

أجابها بمرح, و بعدها انحنى على الأرض, و اقتطف الزهرة التي بدت مميزة بنظره ,من وسط الحديقة, ثم عاد إليها بها, و جلس بجوارها, و أوتار قلبه تعزف لحناً يعرفه جيداً,

إنه لحن العشق, عندما مد بيده, مقدماً لها زهرة السوسن الزرقاء, و قد ارتسمت ابتسامة عذبة على محياه, بينما سقطت بعضاً من خصلاته العسلية على عينيه اللتين لمع بريقهما, و هو يقول:

- تفضلي يا أميرتي...إنها مناسبة لكِ تماماً, لأنها مميزة مثلكِ

تضرجت وجنتيها بحمرة الخجل, و هي تأخذ الزهرة من يده, ثم فلت قلبها نبضتين, عندما ضم يدها بين يديه, و نظر في عينيها هامساً بخفوت:

- لن أدع هاتين اليدين يذهبان, سأظل أدفئهما للأبد

لم تستطع سالي قول شيءٍ له, فقط اكتفت بوضع يدها الأخرى فوق يده, ثم بادرته الابتسام, و لكن كما حطت السعادة بجناحيها عليهم, طارت مع الريح...

- روزاليــن !!

غمر الاندهاش و التعجب المكان, عندما فوجئوا بروزالين تقف أمامهم, عاقدةً ذراعيها أمام صدرها,و قد تسلق الغضب ملامح وجهها, فأكملت سالي تساؤلها, و قلبها

ينبض من فرط الانفعال, عندما شعرت أن روزالين كانت تتبعها:

- كيف عرفتِ أنني هنا؟!

انطلقت سهاماً نارية من تلك الأعين العسلية الحاقدة, و التي تأجج الغضب بداخلها, فرشقت في قلب سالي, التي أطبقت فمها, لتصمت, عندما شعرت بمدى الحنق الذي يجتاحها, عندها تساءل هاري قائلاً:

- هل هناك شيئاً ما تريدينه يا روزالين؟

تقدمت روزالين بضع خطواتٍ نحوه, ثم توقفت و قالت له بتعالٍ و عجرفة, متجاهلةً تلك التي تجلس بجواره:

- هاري هيا تعال معي لنذهب من هنا

أجابها باقتضاب:

- و لِــمَ آتي معكِ؟!

قطبت روزالين حاجبيها, و هي تضع بيديها على خصرها, قائلة بانفعال:

- لأنني أريدك أن تأتي معي حالاً, و تتركها فوراً

رمقها هاري من أعلى رأسها لأخمص قدميها, ثم أشاح ناظريه عنها, بعد أن قال بلامبالاة لها:

- و أنا لا أريد أن أذهب معكِ, و إذا أردتِ أن تخبريني بشيء فلتخبريني به هنا

صمت بعدها, واضعاً ساقاً فوق ساق, متجاهلاً روزالين, التي استشاطت غضباً, مما جعل قلب سالي يرق لحالها, فقالت محاولة تهدئة الموقف:

- ربما هي تريد أن تخبرك بشيء خاص, لذا...

قاطعها هاري قائلاً بصرامة و حزم:

- لا يا سالي, لن أذهب معها

و يبدو أن تلك الكلمات جعلت روزالين تصل إلى ذروة الحنق و الجنون في آنٍ واحد, فصاحت قائلة دون أن تراعي مشاعر سالي:

- و من طلب منكِ أن تتدخلي في شؤوننا, إن تلك الحيل الرخيصة لا تنطلي علي أبداً, إنكِ أفعى خبيثة, جعلتيه يعاملني بتلك الطريقة و ينسى أنه كان يحبني و يريدني أنـا

صمتت روزالين عندما تلاحقت أنفاسها من الصياح و العصبية, أما سالي فقد كست نظرة الحزن عينيها, فأخفضت رأسها و هي تشعر بتألم, من كلماتها التي كانت

كنصل سكين حاد مزق قلبها, عندها قطب هاري حاجبيه احتجاجاً على ما فعلته روزالين, فنهض من على مقعده, عندها ابتسمت و قالت بخيلاء:

- أرأيتِ, لقد عاد إلي, و ترككِ, إنكِ حقاً مثيرة للشفقة, أنتِ مجرد حـ.....

قطعتها تلك الصفعة القوية, التي وجَّهها هاري لها, فتطايرت إثرها خصلاتها الصهباء, و احمر وجهها, بينما اتسعت عيناها كردة فعل على ما حدث, لقد ضربها هاري و أمام

من؟!, أمام سالي!!, سالي التي طالما اعتبرتها كوصيفةٍ لها, تعاملها بازدراء كما يحلو لها, الآن هي تقف مصفوعةً أمامها, لا تقوَ على رفع عينيها فيها...

ظلت روزالين واقفة, و عينيها لا تستوعبان ما حدث, مطبقة للصمت, و هي تسمع هاري يقول لها بانفعال:

- أنا لا أسمح لكِ أن تقولِ ذلك الكلام عليها, إياكِ أن تفعلي ذلك مجدداً هل هذا مفهوم؟!

ثم أمسك بيد سالي, حتى يبتعد عن المكان, تاركين إياها في حالة من اللاوعي, و عدم الإدراك, فتتابعت ضربات قلبها, مصدعة وجدانها, و كيانها الذي اهتز, و نزل من أعلى عرشه, ليدهسه هاري بقدميه...

- آســف روزاليــن, و لكــن قلبــي ليــس لكِ

كانت تلك هي آخر كلمة سمعتها منه, و كأن الأيام تعيد نفسها, الآن هاري يرفض حبها كما رفضته هي, فكما تدين تدان, يالسخرية الحياة!

اختبأت الشمس و توارت عن الأفق, فساد الظلام و حل الليل, و أضيئت المصابيح على جانبي الطريق, عندما سقطت روزالين على ركبتيها, منهارةً, فانعكس بريق النجوم المتلألأة بعينيها الشاردتين, و هي تسمع خطواتهم تبتعد عنها....


فيرا
28-06-2011, 00:23
أحياناً قد يلجأ الإنسان لإيذاء نفسه و تعريضها للخطر الخارجي, محاولةً للتحرر من ألم الحزن الداخلي, و أحياناً قد يضعف و يضطر للانتحار, عندما لا يحتمل شدة الألم, و

البعض منهم قد يحاول النسيان هرباً من الأحزان , الآلام و الأوجاع بشتى الطرق, و قد يظنوا بأن الجرح الذي شوه قلوبهم بسبب التحطم, قد اندمل, و أنهم بالفعل

نسوا, و لكنهم لا يعلمون أن علاج ذلك الجرح هو نفسه الشيء الذي حطمه, إنه...الحب!!

رغم الصخب الذي يعم الأجواء و التوتر الذي أصابها , عندما أخذت تراقب المارة من نافذة السيارة السوداء الفارهة, بعينين كلهما ترقب و انتظار, ربما شغف كذلك, إلا أنها

لم تسمح لذلك التوتر بالظهور على سطح وجهها, فقد استطاعت أن تتمالك نفسها, و أن تضبط أعصابها جيداً, فهي مدربة على ذلك, و هذه هي طبيعة عملها, لا تسمح لها

بالتوتر أو الانفعالات, عليها أن تبقى صامتة, لا تتكلم إلا عندما يؤذن لها, و أن ترسم الجد على ملامحها الطفولية تلك, حقيقةً هي بالكاد تستطيع أن تتقن ذلك, و لكن بالصمت, فهي خبيرة للغاية...

تراجعت عن النافذة, عندما شعرت بالتعب, ثم نظرت بساعتها في قلق و هي تقول:

- ما الذي أخره هكذا؟!, ألم تصل طائرته بعد؟!

- ربما يا آنسة سوِين, و لكن لا داعي للقلق, فإنها ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها السيد هارتيل

رفعت الفتاة التي تجلس في المقعد الخلفي من السيارة, برأسها, بعد أن تنبهت على ذلك الصوت العجوز, الوقور, الآتي من خلف المقود, فقالت بتساؤل و هي تنظر لانعكاس عينيه الهادئتين:

- سيد مارك, أرجوك أخبرني المزيد عن السيد هارتيل, فأنا كما تعلم لم يمضي على عملي معه سوى سنة واحدة فقط

كانت تتطلع بشوقٍ كبير و فضول أكبر إلى إجابة ذلك العجوز مارك, فهو يعمل لديه منذ زمن, و مؤكد أنه يعرف عنه الكثير, و ربما أخبرها عن حكايا مشوقة, في الواقع هي

لا تعلم ما الذي أجبرها على ذلك السؤال أو دفعها إلى ذلك الفضول؟!, هل هذا بسبب العمل أم تراه سبباً آخر؟!, و لكنها تعلم شيئاً واحداً, أن السيد هارتيل رجلٌ طيب, و لكن بأعماق قلبها, طالما شعرت بأنه يخفي سراً ما..

ابتسم السيد مارك, ليفصح عن شفاهٍ مشققة و وجهٍ مليءٍ بالتجاعيد, و هو ينظر لانعكاس عينيها البريئتين في المرآة, و كل ذلك البنفسج الحنون الذي يفيض منهما, مما جعله يجيب عليها بطيبة قلب, و قد صاحبت إجابته تنهيدة قصيرة:

- إنه شاب طموح لأبعد الحدود, بدأ من الصفر في أمريكا, و استطاع هناك أن يبني ثروته و شركته, فكما يقولون إنها بلد الأحلام, و سرعان ما توسعت شركاته, حتى جعل مقرها الأصلي هنا, بلندن...

شعرت الفتاة بالخيبة, فهذا ليس مبتغاها, إنها تعلم كل ذلك الكلام الرائع عن مدى روعة السيد هارتيل و ذكائه و عقليته التخطيطية الفذة, و لكنها تود سماع المزيد عنه شخصياً, عن حياته التي لا تعرفها, عن من يكون السيد هارتيل؟!...

ابتسمت الفتاة و هي تزيح خصلات شعرها التي كانت بلون الكراميل, من على عينيها, ثم أعقبت على كلام السيد مارك قائلة بشيءٍ من الود:

- جميل, جميل...يبدو أنه شخصٌ رائع بالفعل, و لكن....

نظرت إلى يديها المتشابكتين, و قد تخلل نظراتها الخجل, و هي تقول :

- و لكن لماذا لم يرتبط السيد هارتيل إلى الآن؟!, أعني أنه شخص رائع , لطيف, و طيب القلب, ألم تقع بحبه أية فتاة؟!

- ربما لم يلتقِ بعد بالفتاة المناسبة

أجابها السيد مارك, و هو لا يزال مبتسماً, ابتسامته الهادئة, فأومأت برأسها موافقةً على كلامه, ثم قالت بعد فترة لاذت بالصمت, و التفكير فيها:

- ربما!!

عادت بعدها لتراقب المارة, و المشاة الذين يخرجون من تلك البوابة الزجاجية الكبيرة, و التي تمركزت فوقها كلمة "خروج ", إنها بالتأكيد بوابة المطار الرئيسية, و التي ينتظرون أمامها منذ ساعة تقريباً...

قطعت نظرات الفرحة جو الملل, الذي كان قد بدأ يزحف عليها, عندما أبصرته أخيراً, يخرج من تلك البوابة, التي ظنت أنها ستنطق من كثر تعلق عينيها بها, و هو يجر حقيبة سفره!!

فيرا
28-06-2011, 00:23
توقف ذلك الشاب, الهادئ, و الذي بدا بالثلاثينيات من العمر, أمام بوابة الخروج, و قد خطفت ملامحه الوسيمة نظرات الإعجاب من حوله, رفع نظارته السوداء, من على عينيه, التي شعت بالثقة, ثم أخذ يتنشق الهواء المفعم بالرطوبة, و هو يتمتم بسعادة:

- و أخيراً عدت إليكِ يا لندن

تراقصت خصلاته الشقراء مع تيارات الهواء التي اشتدت قليلاً, مما جعله يرتدي معطفه البني الطويل, و هو يعلق ساخراً من نفسه:

- يبدو أنني قد نسيت أن طقس بريطانيا أكثر برودة و رطوبة من فلوريدا

ابتسم الشاب عندما شاهدها تخرج من السيارة السوداء الفارهة, ثم وقفت أمامه, لتحييه و ترحب بعودته سالماً, مع ابتسامة صغيرة, مشرقة ,ارتسمت على شفتيها,

كانت ترتدي تنورة كحلية اللون تصل إلى ركبتها, و قميصاً أبيض اللون بأزرارٍ صغيرة, و فوقه معطفاً كحلياً طويلاً من الصوف , بدت بتلك الملابس الرسمية أكبر من عمرها الحقيقي, الذي لم يتعدى الواحدة و العشرين بعد, تكلمت الفتاة بصوتٍ مليء بالبهجة:

- مرحباً بعودتك يا سيد ليو...أ..أقصد يا سيد هارتيل

تلعثمت الفتاة و شعرت بالحنق من حماقتها تلك, و لكنه سرعان ما هدّأ من روعها و أزاح ذلك الجو المشحون بالارتباك, و هو يقول بهدوء, متبسماً:

- لا بأس يمكنكِ مناداتي, بسيد ليونارد يا إيفلين

تلك الابتسامة قد بعثت بقلبها الراحة, رغم أنها كانت عادية, مجرد ابتسامة عابرة, و لكن تأثيرها كان عميقاً بداخلها, لدرجة أنستها نفسها, فجعلتها تقف شاردة, حائرة

داخل عينيه, و لكنها سرعان ما أفاقت من ذلك الشرود, عندما طرق قلبها ذلك الصوت الحالم, الذي تساءل مستغرباً:

- هل أنتِ بخير؟!, هل هناك شيءٌ ما يزعجك؟!

هزت برأسها نفياً, و هي تبتسم, ثم أردفت و هي تتناول حقيبة سفره, لتناولها إلى مارك:

- دعنا نذهب من هنا, فأنت على ما يبدو مرهقاً من السفر

أومأ لها برأسه, ثم صعد الجميع إلى السيارة, التي انطلقت في طريقها مغادرةً المطار, و بالداخل, جلست إيفلين في المقعد الخلفي بجوار السيد هارتيل, الذي أراح ظهره على المقعد, في استرخاء تام, و هو يتساءل بمرح قائلاً:

- ما هي آخر الأخبار؟!, أتمنى أن تكونوا قد حظيتم بإجازة ممتعة في أثناء سفري

تكلم السيد مارك مازحاً و هو يقود: - لا بأس بهذه الإجازة, و لكنها كانت مملة من دونك

أما إيفلين, فقد كانت تعابير ملامحها الجادة, تدل على أن هناك شيء ما تود أن تخبره به, و بالفعل هذا ما كان, عندما تنحنحت قليلاً, حتى ينتبه إليها, ثم باشرت تقول:

- إن السيد جيمس لامونت صاحب شركة لامونت للسيارات, يود , بل يرغب أن يمضي عقد شراكة مع مجموعة شركاتك

لفت السيد هارتيل رأسه لها, عندما سمع ذلك الاسم, ثم قال باهتمام:

- متى هذا الكلام؟!

- كان ذلك خلال الشهور التي أمضيتها في فلوريدا

- و ما رأيكِ؟!

تساءل السيد هارتيل باهتمام, منتظراً رأيها, عندها أتته إجابتها, التي كانت تحوي دعم و تأييد و احتفاء كذلك بذلك العرض:

- إنها فرصة ذهبية يا سيدي, أنت تعلم أن شركة لامونت ذات صيت هائل, ببريطانيا ,لذا أرى أنه من الحكمة و العقل أن نشاركه, لنتوسع أكثر هنا

صمتت إيفلين عن الكلام, ثم نظرت بعينيه, لتلمس ردة فعله و إجابته, عندما سحب نفساً عميقاً, احتبسه بداخله, ثم أخرجه بهدوء, مفكراً بروية في رأيها, ثم قال بعد أن أعاد رأسه إلى الأمام و أراحها على المقعد ثانيةً:

- معكِ حق, سوف أتحدث معه و أرى, ما يمكننا فعله, و لكن ليس اليوم فأنا متعب

صمت عن الكلام, ثم أغمض عينيه من الإرهاق , ابتسمت إيفلين, عندما وجدته قد استمع إلى رأيها, ثم ألقت نظرة خاطفة على وجهه, لتجده قد غفا, فهمست بصوتٍ منخفض لا يكاد أن يسمع:

- أتمنى لك التوفيق يا سيد...ليونارد

رغم ثقته الكبيرة بنفسه, و لكن شكله و هو نائم كان أشبه بطفلٍ صغير, كان هذا ما خطر بداخلها, عندما توردت وجنتيها, و خفق قلبها, و هي لا تزال تتأمل بوجهه

الوسيم, الذي سقطت عليه خصلاته الشقراء, حاجبةً عينيه المغمضتين, و لا تزال السيارة مستمرة بالسير إلى المنزل....





ـــــــــــــــــــــــــــــ

SaJa Wi
28-06-2011, 08:26
حجز^^

SERO
30-06-2011, 03:19
السلام عليكم
ما شاء الله تبارك الله
أنتي رائعة بل وأكثر من رااائعة
أنا حقا حقا معجبة بروايتك ..أسلوبك أفكارك ..
ماشاء الله تبارك الله
أكثر واحد حبيته ...
هيو :: آآخ يا قلبي عليه حزني يوم ما راح عند امه وهو مضروب ونفسو يبكي ...وأمه قاعدة تهدهد له :بكاء:
ستظل هذه الشخصية محفورة في عقلي ولن أنساها إن شاء الله ^^
روزالين :: صح منرفزتني بخداعها وشرها ..لكن يمكن تغير روحها الخبيثة لروح طيبة ..ربما فالحب ..وما أدراك ما الحب ...قد يتغير الخبيث للطيب من أجل الحب وقد يتغير الطيب للخبيث من أجل الحب
عندي أمل إنها تصير طيبة وإذا صارت فأتمناها لهيو ..لأنها حسيتها إنها تحبه منجد ..
هاري :: طيوب وحبوب بس غبي لمن حبها ...لأنه لا يبدو عليها الاهتمام به ..
سالي :: شكلها طيوبه
ترا أنا لسه في الفصل الخامس ..وإن شاء الله النهاية حلوة
لأني حأندم على قراءتي للرواية إذا كانت نهايتها مو حلوة ..<<<< لا أطيق النهايات الكئيبة والمحزنة

ههههه شكلي طولت في الكلام
يالله عقبال ما إن شاء الله نقرا الفصل الأخير مبسوطين ^^

والسلام عليكم

لؤلؤة الاناقة
03-07-2011, 07:51
ياااااااااااااااي
ما تاخرت
احم احم
البارت هااااااااااااااااااااااااااااااااااااااايل
واحلا اشي لما روز اخدت (كف)
بتستاهل
وهاري لازم ياخد مكافاة كبييييييييييييرة جدددا
اطلب طلب؟
عادي لو انا اعطيتها كمان واحد بس على الجهة التانية
حرام يعني يكون جهة حمرا والتانية لا
ببين انها حاطة (بودرة خدود)
وحبيت (ايفيلين)كتير
شكلها امورة
بانتظارك
وسوري على الرد الطويل

فيرا
11-07-2011, 21:37
حجز^^

بانتظارك ر=



السلام عليكم
ما شاء الله تبارك الله
أنتي رائعة بل وأكثر من رااائعة
أنا حقا حقا معجبة بروايتك ..أسلوبك أفكارك ..
ماشاء الله تبارك الله

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ^^اهلاً بكِ عزيزتي منووورة :)

يا رب يخليكي و يسعدك آمين ^^

و أتمنى إن الرواية تنال إعجابك لنهايتها ::سعادة::

أ
كثر واحد حبيته ...
هيو :: آآخ يا قلبي عليه حزني يوم ما راح عند امه وهو مضروب ونفسو يبكي ...وأمه قاعدة تهدهد له :بكاء:
ستظل هذه الشخصية محفورة في عقلي ولن أنساها إن شاء الله ^^

:( هيو مسكين و أمه الله يرحمها :بكاء:
كله من روزالين :(



روزالين :: صح منرفزتني بخداعها وشرها ..لكن يمكن تغير روحها الخبيثة لروح طيبة ..ربما فالحب ..وما أدراك ما الحب ...قد يتغير الخبيث للطيب من أجل الحب وقد يتغير الطيب للخبيث من أجل الحب
عندي أمل إنها تصير طيبة وإذا صارت فأتمناها لهيو ..لأنها حسيتها إنها تحبه منجد ..

روزالين المفروض شخصية بتحب تتلاعب بقلوب عشاقها, لكن هل هي بالفعل حبت هيو؟!
أم إنها أحبت نفسها فقط؟!



هاري :: طيوب وحبوب بس غبي لمن حبها ...لأنه لا يبدو عليها الاهتمام به ..

لكن الحمد لله فاق من غبائه و حب سالي, عقبال هيو xDD"


سالي :: شكلها طيوبه
ترا أنا لسه في الفصل الخامس ..وإن شاء الله النهاية حلوة
لأني حأندم على قراءتي للرواية إذا كانت نهايتها مو حلوة ..<<<< لا أطيق النهايات الكئيبة والمحزنة

يب سالي طيبة جداً, و بتشوفي بيحصل لها ايه خلال الرواية :(

ياااه انتي بالفصل الخامس xDD"

متخافيش انا وعدت الجميع بان النهاية بتكون سعيدة مش حزينة, لكن القصة جواها صدمات و حزن, بس النهاية هتبقى هابي :d


ههههه شكلي طولت في الكلام
يالله عقبال ما إن شاء الله نقرا الفصل الأخير مبسوطين ^^

والسلام عليكم




بالعكس انا حبيت ردك و الله و قرأته كتيررر ق1

ان شاء الله يا رب, و ان شاء الله تنال اعجابك القصة ^^

أعلم انها طويلة لكن الأحداث جواها كتيرة , بس ان شاء الله بتخلص قريب :)

أسعدني ردك كثيراً ر=


ياااااااااااااااي
ما تاخرت
احم احم
البارت هااااااااااااااااااااااااااااااااااااااايل
واحلا اشي لما روز اخدت (كف)
بتستاهل
وهاري لازم ياخد مكافاة كبييييييييييييرة جدددا
اطلب طلب؟
عادي لو انا اعطيتها كمان واحد بس على الجهة التانية
حرام يعني يكون جهة حمرا والتانية لا
ببين انها حاطة (بودرة خدود)
وحبيت (ايفيلين)كتير
شكلها امورة
بانتظارك
وسوري على الرد الطويل

يا أهلاً بكِ يا قمر ^^

ههههههههه بالفعل هاري المفروض اعطيه جايزة نوبل كاااك xDD"

يا سلاام تعالي اعطيها كفين كمان مش كف xDD"

يب ايفلين طيوووبة و ليونارد عسووول <~ بتغازل ليونارد :d

لا تتأسفي بالعكس انا بحب الردود الطويلة ^^

مشكورة يا عسل عالرد الجميل ر=

فيرا
11-07-2011, 21:47
الفصــل الخــامــس و العشــرون


الساعة الآن الواحدة بعد منتصف الليل, و قطرات المطر الغزير ترتطم بالواجهة الزجاجية لشرفته, المطلة على معالم لنـدن, عندما كان واقفاً يتأمل كل تلك الحركة, و الأضواء

المشعة التي سطعت بوجهه من لوحات الإعلانات بالشارع, بعينين شاردتين ,سانداً بيده اليمنى على النافذة, و اليسرى قد دسها داخل جيب بنطاله الأسود...

كان ملمس الزجاج بارداً, و لكنه لم يأبه لذلك, أو ربما لم يكن يشعر بتلك البرودة تسري داخل جسده, لم تكن هناك أي ابتسامة منبثقة على شفتيه, و كذلك لم يكن

هناك أي حزن يشع من عينيه الزرقاوين, التعبير الأصح لحالته, هو الخواء الذي عبر عنه بتنهيدة طويلة, فتشكل بخار الماء الذي خرج من فمه على النافذة, بينما تبعثرت تلك الخصلات الشقراء على جبينه, عندما أطرق برأسه للأسفل...

- ليونارد هارتيل, مؤسس مجموعة شركات "برايت" العالمية لتصنيع السيارات, بدأ من الصفر بأمريكا, بمحطة غاز صغيرة, و من ثم خلال عشر سنوات أو أكثر, استطاع أن يصنع كل ذلك النجاح المتألق, و أصبح محط إعجاب الكثيرين, من حيث الاعتماد على النفس, و الذكاء بالتسويق, و الإرادة و العزيمة...

- جميل, إنه رجلٌ عصامي إذن..بنى نفسه بنفسه, و لم يعتمد على أحد, أحب ذلك النوع من الرجال

- و لكن يا سيدي, أليس من الحكمة أن نتمهل في تلك الشراكة قليلاً, أعني أننا لا نعرف كل شيء عن السيد ليونارد بعد

حل الصمت داخل المكتب الواسع, عندما مال ذلك الرجل البدين بجسده نحو الأمام, سانداً ذقنه بيديه فوق مكتبه الأبنوسي, مفكراً بعمق في ما قالته الفتاة

الجالسة أمامه, صاحبة الشعر الأسود, و العينان الزرقاوان, و الوجه الشاحب, كان يلقي إليها بنظرات بين الحين و الآخر, و بداخله يتساءل,

" هل نتمهل أم لا؟!, ماذا لو كانت صائبة؟!"

ثم يعود يجادل قراره, كمن يسبح عكس التيار, و هو يقول بقرارة نفسه

" و لكنها فرصة لابد أن تغتنمها يا جيمس, إنها فرصة العمر, لو شاركت ليونارد, فسوف يحل عليك و على شركتك الرخاء"

علمت الفتاة أن مديرها واقعاً في حيرةٍ من أمره, من تلك الهمهمات المتقاربة التي تصدر منه و هو صامت و شارد باللاشيء, و لكنها لا تعلم ماذا عساها أن تفعل؟!,

إنه صعب الميراس و لا يستمع إلا لنفسه فقط, و لكنه صاحب عقلية فذة لا تقل أهمية عن عقلية ليونارد, استطاع أن يتقدم بشركته نحو القمة خلال كل تلك السنوات, و لكنه تراجع في السوق منذ سنتين, لذا, هو بحاجةٍ إلى شركات برايت..

عضت الفتاة إبهامها و هي تعصر تفكيرها, حتى بوغتت بذلك المدير البدين يقول بحزم, و قد حسم أمره:

- سوف أقابل ليونارد هارتيل, و سأعقد معه الشراكة..إنها صفقة مربحة, و يجب أن ألقي الحجر أولاً و أتخذ الخطوة الأولى

تنهدت الفتاة بعدها مستسلمةً لإرادته, فهي مهما حاولت لن تستطيع تغيير ما بداخل جمجمته ,ثم أومأت برأسها و هي تقول:

- كما تريد يا سيدي

نهضت بعدها من على مقعدها, عندها ابتسم جيمس بحماس, و هو ينظر لها, آمراً قبل أن تذهب :

- ريـتــا, حددي لي موعداً مع السيد ليونارد

أومأت ريتا, ثم أغلقت الباب البني الكبير خلفها, و انصرفت تاركةً إياه بالداخل, يتلاعب بقلمه الفضي, الذي التمع بين يده, و هو يهمس لنفسه:

- سنرى على من سيعود هذا بفائدة في النهاية!

فيرا
11-07-2011, 21:49
جيمس لامونت, رجل يبلغ الخمسينيات من العمر, من يراه يرتعب من عينيه الغائرتين وسط كتل الدهون, وجهه منتفخ, أصلع الرأس, ما عدا بعض الشعر الأبيض

الخفيف الذي اصطف على جانبي رأسه, ضخم الجثة, و لكن لديه دهاء الثعالب, و من ينكر ذكائه حتماً سيتحسر ..

تراجعت شركته بالأونة الأخيرة, عندما أصاب السوق الكساد, هناك شركات استطاعت تحصين نفسها, و لكن هناك شركات كان مصيرها السقوط بالهاوية,

لامونت شركة اقتربت من حافة الهاوية كثيراً, بل شارفت على السقوط فيها, و لكن صاحبها قد وجد أخيراً حبل النجاة الذي سيتمسك به, ليعود ناهضاً على قدميه من جديد, إنه.....



كانت الشمس قد أوشكت على الغروب, عندما جال ببصره في المكان, ناظراً باستنكار , و قد بدا الاشمئزاز جلياً على محياه و هو يقول ممتعضاً :

- ألم تجد غير ذلك المكان, لنتقابل به؟!

- لأنني لا أحب الرسميات, و أحب أن أكون على طبيعتي, و لا أميل لتلك المظاهر المبهرجة

التفت الرجل البدين صاحب الرأس الأصلع, الذي التمع من الضوء الساقط بالمكان, ليرمق ذلك الشاب, ذو الشعر الأشقر, الذي جلس أمامه مبتسماً بهدوء و ثقة, واضعاً بساقٍ فوق ساق, عاقداً ذراعيه, إلى صدره, ليسمعه يكمل كلامه:

- ثم ما عيب المكان؟!, إنه مطعم كأي مطعم

زفر الرجل, و هو يحاول أن يبتلع ذلك الكلام, رمقه بنظرة, ثم تلفت يمنةً و يسرةً, بعدها فتح حقيبته السمراء, التي وضعها أمامه على الطاولة, و بعد برهة أخرج مجموعة من الأوراق,ثم قال على مضض :

- حسناً, هيا لنوقع عقد الشراكة بيننا

مد بالأوراق نحو الشاب, الذي غير وضعيته من الاسترخاء إلى الانتباه, عندما تناولها منه, ثم ارتدى نظارته, و بدأ بقراءة العقد بصمت.

بعد فترة وجيزة من الزمن, تمعن فيها الشاب بقراءة العقد جيداً, رفع ببصره نحو الرجل, الذي كشفت أسنانه عن ابتسامة, تحمل الكثير من التساؤلات, عندما اصطدمت عيناه بتلك العينين, التي حملت غموض البحر في لونهما الأزرق, فتساءل بارتباك:

- أهناك شيئاً ما غير واضح بالعقد يا سيد ليونارد؟!

وضع ليونارد الأوراق على الطاولة أمامه, ثم أرجع ظهره إلى الخلف على الكرسي مسترخياً, و مضيقاً حدقتي عينيه و هو يقول:

- لا شيء, و لكنني أود إضافة شرط داخل العقد

قطب جيمس حاجبيه دهشةً, و هو يتساءل:

- و ما هو هذا الشرط؟!

- إذا نقض أحد الطرفين الشراكة, فعليه أن يدفع غرامة قدرها خمسمائة ألف جنيهاً

أجفل جيمس عندما سمع ذلك الشرط المفاجئ و المفجع بنفس الوقت, ثم كشر عن أنيابه و ضيق عينيه, قائلاً باعتراض:

- إنه مبلغٌ هائل جداً, لا أقدر عليه, لذا أنا لا أوافق

هز المكان صدى ضربة تلقتها طاولة الطعام من قبضة يد جيمس, لينتبه جميع من بالمطعم و يلتفتون بأنظارهم إليه, عندها رفع ليونارد حاجبه الأيسر, و هو يقول متسائلاً:

- و لم؟, إنه ليس بالمبلغ الكبير

تلفت جيمس مجدداً, يميناً و يساراً, ليرى تلك الأعين التي تنظر إليهم بفضول, فأجابه بصوتٍ منخفض الوتيرة, و لكن تجلى الغضب فيها:

- و من أين لي بذلك المبلغ؟!

ببرود رد عليه ليونارد قائلاً و هو لا يزال عاقداً ذراعيه:

- و ما الذي يجعلك تظن بأنك أنت من سيدفع ذلك المبلغ؟!, أظن أنني قلت بأن من سينقض هو من سيدفع تلك الغرامة , فهل كنت تنوي أن تنقض الشراكة يا جيمس؟!

ازدرد جيمس لعابه, و هو يحاول تقبل الأمر, عندها ضغط ليونارد عليه قائلاً:

- على العموم إن كنت لا تقبل ذلك الشرط, فنحن الآن على البر, و لم نوقع على العقد بعد, تستطيع الانسحاب بهدوء, و للعلم هناك مئات الشركات تتمنى أن تشاركني

أخرج الرجل منديله من جيب سترته, ثم أخذ يمسح بها وجهه في ارتباك, عندما تصبب العرق من جبينه رغم برودة الجو, قائلاً بتلعثم, عندما رأى ليونارد يهم بالنهوض:

- لا لا, تمهل قليلاً يا سيد ليونارد, أنا لم أقل أنني لا أريد الشراكة معك, و لكن..

- ليس هنالك وقتٌ للكن يا عزيزي

كان ليونارد يرمقه بنظرات ثابتة و ثاقبة, منتظراً رده, الذي جاء قائلاً بـرضوخ:

- حسناً موافق

تنهد جيمس متمماً كلامه و هو ينظر لأوراق العقد:

- هل سنوقع الآن؟!

أومأ ليونارد, ثم أخرج قلمه الأحمر من جيب معطفه, ضغط عليه, ثم بدأ الطرفان بالتوقيع, بعدها أخذ كلاً منهما نسخةً من العقد, محتفظاً بها في حقيبته, و هكذا انتهى الأمر و عقدت الشراكة بينهما..

مد جيمس بيده مصافحاً ليونارد بحفاوة, ثم قال :

- مبارك علينا الشراكة, الآن يجب أن نحتفل

أزاح ليونارد المقعد للخلف, ثم نهض و هو يبتسم ابتسامة باهتة, قائلاً:

- بوقتٍ آخر, أنا لا أحب السهر كثيراً, أتمنى لك ليلة سعيدة

بانت علامات الاستغراب على وجه جيمس, الذي رمقه و هو ينصرف من المطعم مبتعداً, بعد أن انحنى له بأدب, ليبقى وحيداً, قائلاً بتعجب:

- ياله من شابٍ مستقيم!

و خارج ذلك المطعم, وقف من على بعد, يرمقه بنظرات لا تحمل أي شيء في بريقها, نظرات غير مفهومة, باردةً أم حارة, مظلمةً أم مشرقة..

جذب معطفه عليه, ملتمساً الدفء, ثم مضى مبتعداً بطريقه, و بخار الماء يتصاعد من فمه تحت ستار الليل الأسود..


فيرا
11-07-2011, 21:50
تساقطت قطرات المطر, ثم بدأت بالانهمار, لتبلل ذلك الشاب الذي سار وحيداً بالشارع المظلم, كان الهدوء هو سيد المكان, لا صوت, لا حركة, سوى حفيف الشجر و صوت المطر..

بخطواتٍ بطيئة, شاردة, كان يسير و هو يدس بيديه داخل جيبي معطفه, و خصلاته الشقراء التصقت برأسه من التبلل, عيناه الداكنتان تنظران بلا وعي أمامه, بينما

كان باله مشغولاً بالكثير من الأفكار, حتى صحى من شروده العميق, و كأن هناك يداً انتشلته من وسط زخم أفكاره, و من عالمه المظلم, عندما مر شخصٌ ما بجواره..

تواترت نبضات قلبه, تلك الرائحة, هذا الشخص, شعر بأنه يعرفه جيداً, أو رآه في مكانٍ ما من قبل, عندها أجبر قدميه على التوقف, ثم التفت لا إرادياً للخلف, و لكنه

لم يتمكن من رؤيته جيداً, فقط كل ما رآه, شبحاً أسود يسير بالظلام, مرتدياً معطفاً طويلاً, لا يعرف لماذا تهافت عليه ذلك الإحساس, بأنه يريد أن يلحق به, و يتحدث إليه؟!, و بالفعل كان سيتجه نحوه, حتى أفاق على صوت هاتفه النقال, و هو يدوي مصدعاً جدار الصمت..

رمش الشاب بعينيه, ثم تنهد و أخرج الهاتف من جيبه, نظر ملياً بالمتصل, ثم أجاب :

- ماذا هناك؟!

ليأتيه ذلك الصوت الأنثوي من الطرف الآخر قائلاً :

- سيد هارتيل, لقد أحضرنا لك كشف حسابات الشركة, إنه جاهزٌ بمكتبك

نظر ليونارد خلفه مجدداً, ليجد أن ذلك الشخص قد اختفى عن نظره تماماً, فتنهد بيأس, ثم تمتم :

- حسناً إيفلين أنا قادم

أغلق هاتفه, ثم وضعه بجيب معطفه الكحلي, و أكمل سيره نحو الشركة بخطواتٍ واثقة...


فيرا
11-07-2011, 21:51
جلس داخل مكتبه, بعد أن خلع معطفه المبتل و وضعه على المشجب, أعاد خصلاته إلى الخلف, ثم بدأ بفتح تلك الملفات الموضوعة أمامه, و التي كتب عليها بخطٍ عريض أسود ( حسابات شركات برايت )..

بالبداية أخذ يقلب الصفحات بحماس, ثم بعد فترة قصيرة شعر بأن النعاس يغلبه, و بالوهن ينتشر داخل جسده المنهك, ثم بدأ بعدها بالسعال..

- يبدو أنني أصبت بالبرد, هذا سيء

تمتم ليونارد بسره, عندما قاطعه ذلك الدق المنتظم على الباب الخشبي, عندها هتف بصوتٍ مبحوح :

- تفضل!

انفتح الباب, لتظهر تلك الفتاة التي تنحنحت بخجل, لتسترعي انتباهه, عندها ترك ما بيده و نظر نحوها قائلاً باندهاش:

- إيفلين!

نظر بساعته, ثم قطب حاجبيه قائلاً بتعجب :

- ماذا تفعلين بهذا الوقت؟!, أليس من الجدير بكِ أن تكوني بمنزلكِ الآن؟!

ابتسمت إيفلين و هي تنظر ليديها المتشابكتين, قائلة بتلعثم:

- لقد..أ..أقصد أردت المساعدة, فقد ظننت أنك ربما ستكون بحاجتي

أزاحت ابتسامة ليونارد ذلك الجو المشحون بالتوتر و الخجل, ثم قال بلطف:

- أشكركِ إيفلين على ذلك الاهتمام, سوف أنهي تلك الحسابات سريعاً, و أصطحبكِ إلى المنزل

شعرت الفتاة بأن الجو ازداد حرارة رغم ذلك البرد القارس, عندما احمرت وجنتاها, و هي تقول بتردد :

- شكراً لك يا سيدي, و لكن يمكنني السير لمنزلي, إنه قريب, سوف أذهب الآن, مع السلامة

استدارت الفتاة و هي لا تعلم لماذا ردت عليه بذلك الشكل؟!, لماذا لم توافق؟!, هل هو عدم ثقة؟!, أم هو خوف؟!, أم أنه....

تسمرت بمكانها, بينما أخذت نبضات قلبها بالعلو, عندما شعرت بتلك اليد الدافئة تطبق على معصمها, ثم سمعت صوته من خلفها يقول بحزم :

- سوف أصطحبكِ إلى المنزل, إن الوقت متأخر على فتاةٍ مثلكِ, لكي تسيري بمفردكِ

لفتت رأسها للخلف, لتجده ينظر إليها بتلك الأعين التي تحمل الإصرار و التصميم في نظراتها, تبدلت ملامحها المذهولة إلى مبتسمة, و هي تومئ برأسها موافقةً على عرضه...

جلس ليونارد, و أمامه جلست إيفلين, و بينما أخذ هو يراجع الحسابات, أخذت هي تراقبه في صمت, ذلك الوجه المنهمك بالعمل, و تلك الملامح الحنونة, شعرت بأنها

تخفي شيئاً ما ورائها, لماذا ذلك الحزن الأبدي يلمع ببريق عينيه المبتسمتين؟!, لماذا هالة الشرود تسيطر على عالمه؟!, فيم يفكر؟!, كانت هذه هي تساؤلاتها التي

نبعت بأعماقها, و هي ترمقه بعينين فاحصتين, و كأنها تريد سبر غوره, بل تريد ذلك بالفعل, إنه بالنسبة إليها, كقطع الأحجية المبعثرة, التي تحتاج إلى التجميع, لتكتمل الصورة, و لكن عن أي صورةٍ ستكشف؟!..

شعر ليونارد بأن هناك نظرات تخترقه, فرفع برأسه, لتصطدم عينيه بعينيها الشاردة, لتتفاجئ و تصحو من عالم تساؤلاتها ذلك, و كأن كهرباء لمستها, فقالت بارتباك و هي تغض ببصرها :

- آسفة لقد شردت قليلاً

" يالكِ من غبية يا إيفلين!, ماذا سيقول الآن عنكِ؟! "

كان هذا ما تردد بداخلها, و هي تعتصر منديلها الورقي بيديها, كانت تتمنى أن تنشق الأرض و تبتلعها, أما هو فقد شعر بأن هناك أمراً ما يحيرها و يؤرق بالها, فقال باهتمام تاركاً تلك الأوراق و ذلك القلم :

- هل هناك شيء ما تودين إخباري به؟!, أشعر بأنكِ لستِ على ما يرام

هزت رأسها نفياً, و إنكاراً, لإبعاد الشك عنها, قائلة بتلعثم:

- لا لا ليس هنالك أي شيء, فقط شردت

ثم ضحكت حتى تخفي توترها, مما جعل الشك يزداد بقلبه, فقال مُلِحّاً :

- بلى هناك شيء, إن عينيكِ تفضحانكِ

صمت قليلاً, ثم خفف لهجته, قائلاً بهدوء و حنان:

- أنتِ تعلمين أن والدكِ كان يساعدني دائماً, لذا, اعتبريني مثله, و افصحي عما يؤرقكِ

فيرا
11-07-2011, 21:52
صدمت إيفلين للتو, و كأنه أطلق النار بصدرها, و أوقع فوق رأسها تلالاً من الأحجار الثقيلة, فبدأت تفكر بذهول

"ما هذا الكلام؟!, كيف يفكر ذلك الرجل؟!, لماذا يصر على أنه كبير, إنه لم يتجاوز الثانية و الثلاثين من عمره بعد, لماذا يريدني أن أعتبره أبي؟!, لماذا لماذا؟!"

لاحظ ليونارد تلك النظرات المصدومة, التي حدقت بالفراغ, فزاد الطين بلة و قال :

- ألا يعجبكِ أن أكون مثل والدكِ؟!, هل أنا أكبر؟!, إذاً اعتبريني جدكِ

هزت إيفلين رأسها أكثر, و قالت بانفعال قبل أن يكمل إلى جدها الأكبر :

- لا أنت أصغر من ذلك, ما هذا الكلام؟!

قطب ليونارد حاجبيه, ثم قال ضاحكاً بلؤم و هو يرجع ظهره إلى مقعده الجلدي الأسود :

- حسناً, اعتبريني أخاكِ, بما أنني أصغر

غلى الدم في عروقها بعد سماعها تلك الجملة, ثم كورت قبضة يدها, كانت تود أن تلكمه بأنفه, و لكنها تمالكت نفسها, و قالت بمكر رداً عليه :

- أتعلم ؟!

نظر لها بتساؤل, منتظراً ما ستقوله, عندها أكملت كلامها, لتصدمه :

- إن هيئتك تذكرني بجدي بالفعل, حتى أنني بدأت أرى بضع شعراتٍ بيضاء في رأسك

ذهل ليونارد مما قالته, فالتفت سريعاً للمرآة التي بجواره, متفحصاً رأسه, عندها أكملت إيفلين بخباثة و هي تكتم ضحكاتها :

- حتى التجاعيد بدأت تظهر عليك


أعاد نظره إليها, عندها طفقت بالضحك الشديد, و هي تقول :

- ماذا, ألا يعجبك أن تكون جدي؟!, أليس هذا ما تريد؟!

ابتسم ليونارد و هو يراها قد انخرطت في ضحكاتها, و كأنها طفلة صغيرة, تلهو غير عابئة بمن حولها, لقد استطاعت أن تدير الموضوع في صالحها, فهمس بصوتٍ غير مسموع:

- يالها من فتاة!!

توقفت إيفلين عن الضحك, عندما رأته يحدق بها, و على وجهه تلك الابتسامة الدافئة التي تأسرها دائماً و تجعلها تنصهر, فجأةً توترت ملامح وجهها, عندما أدركت ذلك بداخلها, إنها مفتونة به, و كأن قلبها يحتضر, تسارعت نبضاته, فأطرقت برأسها للأسفل و هي تغير الموضوع قائلة :

- هل تقابلت مع السيد جيمس؟!

لم تصدر أي إجابة لسؤالها, عندها ظنت أنه لم يسمعها جيداً, فأعادت السؤال مجدداً, لتأتيها إجابة مقتضبة :

- أجل

رفعت برأسها لترى ملامح ليونارد التي تبدلت, فقد تلاشت الابتسامة, و أصبح مظهره جدياً للغاية, و كأنه قد كبر عشرات السنين , أمالت برأسها متسائلة:

- ما الأمر؟!, ألم تنجح الصفقة؟!

كانت عينا ليونارد لا تنظران نحوها, بل إلى الفراغ, و هو يضغط على كوب الماء خاصته, متمتماً :

- بلى نجحت

- إذاً, لماذا ذلك التعبير المحبط؟!

- لا شيء

قالها بهدوء مقيت, ثم صمت بعدها, و انغمس في قراءة تلك الملفات ثانيةً, أما هي فلم تفهم شيئاً من تعابير وجهه, سوى أنه لم يكن يريد تلك الشراكة, و بداخلها تساءلت و هي تراقب حركاته

" إذاً لماذا عقد معه الصفقة من البداية؟!, هل هناك من يضغط عليه؟!, أم لأنني السبب, أجل أنا ..."

لقد فكرت بذلك لأنها, هي من أخبره بأن تلك فرصة ذهبية لا تعوض, لو لم تخبره بذلك لما أصبح بهذا الشكل, و لكن لماذا يهتم السيد ليونارد لرغبتها؟!, هذا ما يدور بخاطرها و ما تعتقده, فتمتمت بصوتٍ منخفض يكاد لا يسمع :

- ماذا أعني لك ؟!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





كح بتأخر بالبارت 26 لأني مسافرة يوم السبت, بس عالعموم بحاول اكتب فيه بكره يمكن الحق انزله قبل ما أسافر, عالعموم انا بسافر اسبوع او اتنين و ارجع و احتمال يكون اسبوع واحد فقط

لؤلؤة الاناقة
11-07-2011, 22:22
اول مرة في هذه القصة
اول رد
هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ه
احم
نرجع للموضوع
مع اني كنت اتمنى يبين هيو
بس يلا,عنصر تشويق
بالنسبة لشخصيات الفصل هاد
ايفيلين:كيووووووووووووووووووووووووووووووووت
ليونارد:بيشبه هيو بغموضه,بس بيعرف يبتسم,هيو خربانة بطاريته
جيمس:ما حبيته ابدا,شكله ناوي على الشر,حتى شكله "ايوووووووووووو"
"كح بتأخر بالبارت 26 لأني مسافرة يوم السبت, بس عالعموم بحاول اكتب فيه بكره يمكن الحق انزله قبل ما أسافر, عالعموم انا بسافر اسبوع او اتنين و ارجع و احتمال يكون اسبوع واحد فقط"
بانتظارك

شــــهــد
11-07-2011, 22:34
ححححححححححححححححححححجز

شــــهــد
11-07-2011, 23:01
ححححححححححححححححححححجز

باككككككك ايرووسسسس

< كم ششهر مر ع اخر تعليق لي ع روايتكك ؟؟ وحششتيني ي بنت

بارتت ججميل جداَ تمنيت لو لم ينتهي ابدا
اعدت قرائته ثلاث مرآت

حسنا لنبدأ التعليقااات المعتاددة


جيمس لامونت, رجل يبلغ الخمسينيات من العمر

من تصرفاتهه ع بالي ف الثلاثين ههه انصدممت :مندهش:


ليونارد هارتيل

ه الاسم كان ف رواية نسيتها بس اول روايةة قريتها تقريب وربي للحلين فاكرة احداثهههههها < اتوقع تفتكيرها صصح كنتي معي يوم قريتها



- بوقتٍ آخر, أنا لا أحب السهر كثيراً, أتمنى لك ليلة سعيدة


تعجججبني ي واد



تساقطت قطرات المطر, ثم بدأت بالانهمار, لتبلل ذلك الشاب الذي سار وحيداً بالشارع المظلم, كان الهدوء هو سيد المكان, لا صوت, لا حركة, سوى حفيف الشجر و صوت المطر..

بخطواتٍ بطيئة, شاردة, كان يسير و هو يدس بيديه داخل جيبي معطفه, و خصلاته الشقراء التصقت برأسه من التبلل, عيناه الداكنتان تنظران بلا وعي أمامه, بينما


وصف خنفشششاري

غومينات اريسسسوه وربي وقتي مممره ضيق كان نفسي ارد بشكل اططول

تروحي وترججعي بالسلامة ان ششاء الله

حنا بنتضارك وماله دداعي تضغطي على نفسك

فيرا
15-07-2011, 01:19
بس جاية اصحح كلمة , كتبتها خطأ من دون قصد ^^"

إنه صعب الميراس و لا يستمع إلا لنفسه فقط

<~ صعب المراس و ليس الميراس <~ اضفت الياء دون قصد مع اني راجعت البارت مليون مرة قبل نشره و لم ارى ذلك الخطأ غير الآن ^^"

عذراً

$فانيلا لوسي$
17-07-2011, 23:22
يا بنت نزلتي 3 بارتات وانا ماادري !!ليه ما علمتيني><

"ليش" ><

المهمز أني كشفتك و لقيت التكمل و قريتها حبة حبة :p

زي ما قلتي هاري و سالي اروووعة كابول>ثنائي

و روزالين ههههههههههههههههه البنت مصدوووومة ع الاخر

بس من جدها تتركو كذا؟!=

كيف تتركو و تسيبو لهيو هيييك ؟؟!!~ بس هههههههههههههه الصفعة من هاري احلى شي حسيت انا الي ضربتها ككككككك ^^

و لكن هيو ::لالالالالا هذا شي ثااااني

ككيف ليه و متى ليش ينتحر لالالالاااااا اتمنى يكون مو حقيقة يارب

بس من جد من بقى له في العالم الدعم الوحيد الي هي ماماتو ماتت >>الله يرحمها

و السحليه تركته بعد ما عرفت الحقيقة = اولي شو بقي له

مسكييييييييين

بس الشخصيات الجديد كثير حبيتها و اولهم ليوناردهارتيل >>احسه هاندسوووووم جدا

بس في حزن وراه يا ترى في علاقة بينه و بين هيو؟؟!! امكن فيرا عندها الجواب^^

منتظررررررتك يا عسل والمرة الجاية تقوليلي اذا كملتي ولا لا موافقة؟!!

يلا انيوووووون^^

فيرا
06-09-2011, 00:14
اول مرة في هذه القصة
اول رد
هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ه
احم
نرجع للموضوع
مع اني كنت اتمنى يبين هيو
بس يلا,عنصر تشويق
بالنسبة لشخصيات الفصل هاد
ايفيلين:كيووووووووووووووووووووووووووووووووت
ليونارد:بيشبه هيو بغموضه,بس بيعرف يبتسم,هيو خربانة بطاريته
جيمس:ما حبيته ابدا,شكله ناوي على الشر,حتى شكله "ايوووووووووووو"
"كح بتأخر بالبارت 26 لأني مسافرة يوم السبت, بس عالعموم بحاول اكتب فيه بكره يمكن الحق انزله قبل ما أسافر, عالعموم انا بسافر اسبوع او اتنين و ارجع و احتمال يكون اسبوع واحد فقط"
بانتظارك

هههههههههههه مبروووك الرد الأول ^^
بالنسبة لهيو زي ما قلت قبل كده كتبت انه ضرب نفسه بالرصاص بس لم أقل هل مات ام لا؟ :evil:
بس ربما قد يظهر, على العموم سنركز قليلاً على ليونارد و ايفلين و هذا لسبب بداخلي, سينكشف الستار عن غموضه عندما يحين وقته :d
ههههههههه حلوة بطاريته خربانة كككككك xDD"
بالفعل ليونارد متفتح عن هيو بكتيررر و بيضحك و متفائل , بس بيخفي هو كمان سر :evil:
البارت بنزله الآن ^^


ححححححححححححححححححححجز

باككككككك ايرووسسسس

< كم ششهر مر ع اخر تعليق لي ع روايتكك ؟؟ وحششتيني ي بنت

بارتت ججميل جداَ تمنيت لو لم ينتهي ابدا
اعدت قرائته ثلاث مرآت

حسنا لنبدأ التعليقااات المعتاددة



من تصرفاتهه ع بالي ف الثلاثين ههه انصدممت :مندهش:



ه الاسم كان ف رواية نسيتها بس اول روايةة قريتها تقريب وربي للحلين فاكرة احداثهههههها < اتوقع تفتكيرها صصح كنتي معي يوم قريتها




تعجججبني ي واد




وصف خنفشششاري

غومينات اريسسسوه وربي وقتي مممره ضيق كان نفسي ارد بشكل اططول

تروحي وترججعي بالسلامة ان ششاء الله

حنا بنتضارك وماله دداعي تضغطي على نفسك


اهلاً يا قمر منووورة ^^

انتي وحشتيني اكتررر :d

يااااا زمااان عنك آخر رد لكِ كان بالشتا xDD"

لا جيمس كبير عن التلاتينات ××"

يب انا اخدت اسم ليونارد من قصة فايث بتاعت انت مجرد خادم ^^, كنت استأذنتها و قلت باخد الاسم لأني حبيت ليونارد :$

دوايتاشيماشته يا قمر ^^
سعيدة بردك و الله و برؤيتك من جديد ^^

ان شاء الله احاول اخلص الرواية لانها بجد عملت لي عقدة كككككك xDD"


يا بنت نزلتي 3 بارتات وانا ماادري !!ليه ما علمتيني><

"ليش" ><

المهمز أني كشفتك و لقيت التكمل و قريتها حبة حبة :p

زي ما قلتي هاري و سالي اروووعة كابول>ثنائي

و روزالين ههههههههههههههههه البنت مصدوووومة ع الاخر

بس من جدها تتركو كذا؟!=

كيف تتركو و تسيبو لهيو هيييك ؟؟!!~ بس هههههههههههههه الصفعة من هاري احلى شي حسيت انا الي ضربتها ككككككك ^^

و لكن هيو ::لالالالالا هذا شي ثااااني

ككيف ليه و متى ليش ينتحر لالالالاااااا اتمنى يكون مو حقيقة يارب

بس من جد من بقى له في العالم الدعم الوحيد الي هي ماماتو ماتت >>الله يرحمها

و السحليه تركته بعد ما عرفت الحقيقة = اولي شو بقي له

مسكييييييييين

بس الشخصيات الجديد كثير حبيتها و اولهم ليوناردهارتيل >>احسه هاندسوووووم جدا

بس في حزن وراه يا ترى في علاقة بينه و بين هيو؟؟!! امكن فيرا عندها الجواب^^

منتظررررررتك يا عسل والمرة الجاية تقوليلي اذا كملتي ولا لا موافقة؟!!

يلا انيوووووون^^

اهلاااً يا قمر و الله وحشتني ردودك العسل دي ^^

جومينيه يا قمر , خلاص بعد كده ببعت لك اول ما انزل بارت :)

يب روزالين دي انسانة سحلية فالمتوقع منها انها تترك هيو بلحظة ضعفه :(

بالنسبة لهيوو لن أقول اذا عايش او ميت, بس ربما يكون عايش كككككك xDD"

اما عن العلاقة بين هيو ليونارد فهو احتمال يوجد علاقة...لكن ليونارد مهم للغاية =)
يب هو هاندسوم :$ شخصيتي المفضلة ق1

اريجاتوو عالرد الجميل يا قمر , اوكيه بقولك لما انزل البارت :d

فيرا
06-09-2011, 00:20
بينكو كانت ردت عليا بمندى آخر بس انقفل فانا من ردها فاكرة انها كانت سألتني عن مين الشخص الغامض اللي مر بجوار ليونارد و هل ممكن يكون هيو ؟ :d

بقولك يا بينكو عجبني ردك أوي أوي و الله كان نفسي أرد عليكِ هناك :") بس برد هنا ق1
بالنسبة للأخ هيو فهو إلى الآن لم يظهر :44:
أو ربما ظهر بس بشكل غير مباشر :44:
أما بالنسبة للشخص اللي مر بجوار ليونارد فهو ربما كان هيو و ربما كان شخص آخر :44:
لكن ما قيل مباشرةً إن هيو ضرب نفسه برصاصة, لم أقل هل مات أو لسه؟ ش1
و حاسة بالنهاية ان الطماطم هتتحدف عليا كاااك

فيرا
06-09-2011, 00:23
قبل ما أبدأ يا جماعة البارت 6 صفحات, أدري إنه قليل لكن اعذروني فكنت مشغولة للغاية =)
بس ركزوا بالبارت ده كويس :d

----

الفصــل الســادس و العشــرون

إيفلين سوِين, إنها من ذلك النوع من الفتيات اللواتي يحركن أيديهن عندما يتكلمن, و دائماً ما ترى المنديل الورقي رفيق يدها الحميم, تبرمه عندما تتوتر أو تخجل, و لكن عندما تكره الشخص الذي أمامها أو تتضايق منه, فإنها...تقطعه!

حسناً, هذا بات واضحاً الآن, من منظر منديلها المفتت الذي قد ملأ يديها, نستطيع أن نجزم بأنها لا تطيق ذلك الشاب الشاحب, طويل القامة, الذي لم يتوانى عن الثرثرة و الإزعاج للحظةٍ واحدة, منذ أن دق جرس منزلها حتى الآن.

بالنسبة لها كل ما يتحدث به هو شيء مثير للغثيان لا للاهتمام, مما جعلها تنفجر و تخرج من هدوءها المعتاد لتصيح بوجهه:

- روي كفى, أنا لم أفهم ماذا تريد مني الآن؟!, و ما علاقتي أنا بزميلتك بالعمل و بعملك من الأساس؟!

- ماذا بكِ يا عزيزتي؟!, لماذا أنتِ متضايقة هكذا؟!, و من ثم كيف لا يكون لكِ علاقة, ألستِ ابنة خالي, إذاً يجب أن تطّلعي على كل كبيرة و صغيرة في حياتي

قالها روي و هو يرسم تلك الابتسامة السمجة على شفتيه حتى بانت أسنانه البيضاء اللامعة, مما جعل إيفلين تزداد غثياناً و اشمئزازاً, ثم بعدها أشاحت بناظريها بعيداً عنه حتى لا تفقد صوابها و تنفعل عليه, و لكنه لم يتوقف بل زاد الطين بلة عندما أكمل حديثه معها بإسلوب رومانسي ممل:

- ثم ألسنا مخطوبين يا عزيزتي؟!

هذا بعد أن جلس بجوارها على الأريكة الزرقاء المزركشة, و وضع بيده على كتفها بينما لم تكن هي معطية وجهها له, ظناً منه أن تلك المحاولة ستجعلها تغير رأيها به, و لكنها بدلاً من ذلك أبعدت يده بالقوة من عليها و من ثم نظرت له بعينين حادتين و ثاقبتين قائلة و هي تضغط على حروفها غيظاً:

- قلت لك كفى يا روي , أنا لم أوافق على تلك الخطبة بعد, ثم لماذا أنت مزعج هكذا؟!

روي إنه من ذلك النوع السخيف من الرجال, الذي يطلق الطرفة أو الدعابة السخيفة و يضحك عليها ظناً منه أنه مرح و صاحب ظل خفيف, بينما بالواقع هو أثقل ظل بالعالم, هذا من وجهة نظر قريبته إيفلين, التي لا تعلم ماذا تجد الفتيات فيه ليلاحقونه و يقعون بغرامه؟!

لديه شعر نحاسي يصل إلى رقبته, و قد انسدلت بضع خصلاتٍ على عينه اليمنى ذات اللون الرمادي, من يرى تلك العينين يشعر بمدى مكر ذلك الشاب و خبثه, إنه ليس من ذلك النوع الهين, بل إنه خطير.

هذا ما يحدثها به قلبها في كل مرة تنظر بها إلى عينيه!

أخذ ينظر إليها بنظرات لها معنى, نظرات هي تفهمها جيداً و تفهم مبتغاها, فصدته عن الكلام قائلة :

- لا تبدأ بالحديث عن ذلك الاتفاق الذي أبرمه والدك مع والدي, لقد كانا يمزحان و قد كنا صغاراً حينها لا نفقه أي شيء, لذا أرجوك لا تذكرني بكل مرة تأتي فيها إلي بذلك ,لأنني ببساطة مللت

- و لكن هذا لم يكن مزاحاً عزيزتي, لقد أصبحت خطيبك و انتهينا

قالها روي بسماجة زادت من معدل اللزوجة في الجو, مما جعلها تنهض من على الأريكة و تتجه مقطبة الجبين نحو باب منزلها الأبيض و تفتحه, ثم تعقد ذراعيها على صدرها دون أن تنظر له قائلة بلهجة شديدة:

- روي أريد أن أنام الآن

كان كلامها لاذعاً و يحمل الطرد في معناه, قد يكون جارحاً لأي شخص آخر أما روي فهو كالحجر لا يؤثر به أي كلام أو أي شيء, إن لزوجته و فظاظته كفيلان بأن يحبطا و يفشلا أي مخطط لإزعاجه.

ابتسم لها بعد أن نهض هو الآخر, وقف عند الباب ناظراً إليها بينما هي أشاحت مجدداً بناظريها بعيداً عنه, ثم قال قبل أن يخرج:

- آسف إن كنت أزعجتكِ...و لكن في يومٍ ما ستأتين إلي لتبلغينني بأنكِ موافقة على الزواج و ليس الخطبة...سأنتظر ذلك اليوم يا إيفي

كشرت عن أنيابها أكثر, فلم تعد تحتمل ذلك الكلام, فلفتت رأسها لتواجهه و توبخه على ما قال, قائلة بحدة:

- ما هذا الهراء الذي.....

توقفت عن الكلام عندما لم تجده, فقد كان أسرع منها و غادر المكان على الفور..

حسناً إن ذلك الروي مقزز, لعوب, سمج, يعرف كيف يرفع ضغط أي شخص, يستطيع أن يتفادى التوبيخ, و الأهم من ذلك أنه يتحداها في الفوز بقلبها..

قلبها المعلق بشخص آخر, شخص لا يشعر بها أو ربما هو يشعر و لكنه يخفي..

لطالما شغل ليونارد بالها و عالمها الصغير

في ماذا يفكر؟!

ما الذي يشغل باله؟!

أين يشرد بخياله؟!

هل هو كما يظهر دائماً سعيد و مرتاح البال, أم أن ذلك الوجه المبتسم يحمل خلفه سراً غامضاً؟!

هكذا سرحت إيفلين بخيالها بعيداً جداً, لتذهب عند فارس أحلامها الوحيد و تطوقه, أثناء إغلاقها لباب شقتها , ثم أسندت بظهرها عليه و تنهدت من أعماق قلبها...


فيرا
06-09-2011, 00:25
مكتب واسع أبيض أنيق معلق به لوحتين فنيتين كتلك اللوحات التي ترسم للطبيعة الغناء و المناظر الريفية الخلابة, ربما كانت لدافنشي أو فان جوخ , لا يهم المهم أن من وحي تلك اللوحات و ذلك المكتب تستطيع الحكم على أن صاحبها ذو حس فني و راقٍ..

تسللت أشعة الشمس الحنونة من وراء الستائر البيضاء المتحركة لتلقي بضوءها المبهر عليه حيث كان يجلس خلف المكتب منهمكاً بعمله, يراجع تلك الأوراق و الملفات أمامه..

أعاد تلك الخصلات الشقراء, التي تمردت على عينيه الزرقاوين, إلى الخلف و هو يتمتم:

- استيراد قطع غيار من الخارج لصنع سيارات حديثة الطراز بشركة لامونت

صمت قليلاً ثم ابتسم برضا تام و هو يرفع حاجبيه قليلاً متمماً كلامه المبهم:

- حسناً هذا رائع, يبدو أننا قد دخلنا بمرحلة الجد الآن

اعتدل في جلسته و أرجع ظهره للخلف, فوقعت عيناه عليها عندما رفع وجهه,
كانت شاردة و لكن ليس بالعمل, ربما هي ممسكة بالأوراق في يديها و ربما هي تنظر إليها بعينيها و لكن عقلها كان مشغولاً بشيء آخر, بعيد كل البعد عن العمل, هذا ما شعر به عندما رآها على تلك الحال و قد جلس نصف ساعة ينادي باسمها, حتى أفاقت من الشرود...

رفعت برأسها للأعلى عندما بوغتت بصوته الذي قطع عليها حبال أفكارها و الدوامة التي كانت بها, فتلاقت عيناها بعينيه, كانت ستبتسم و لكن بدلاً من ذلك تجلى الارتباك على وجهها..

لماذا تشعر بالخجل كلما اقتربت منه؟!

لماذا قلبها يدق بذلك العلو الآن؟!

هل هما العينان أم ذلك الحنان الذي غلف نبرة صوته و هو يسألها عما بها؟!

أين يكمن السر يا ترى؟!

" اصمت يا قلبي لا تفضحني أرجوك, أفيقي يا فتاة فهذا ليس وقته"

- لا لا شيء يا سيد هارتيل

جاء ردها المتأخر متلعثماً و هي تضع بيدها على قلبها حتى تهدأ من نبضاته, ثم أكملت و هي تضع مزيداً من الملفات أمامه على المكتب:

- لقد راجعتهم و هي تنتظر فقط توقيعك, هل تود مني القيام بشيء آخر؟!

نظر لتلك الملفات ثم إليها و ابتسم قائلاً بشيءٍ من اللطف :

- شكراً إيفلين لقد أتعبتكِ معي

- لا بأس سيدي أنا لم أتعب, فهذا عملي و أنا أحبه

قالتها و هي مغمضة العينين و مبتسمة بتلك الابتسامة المرحة كعادتها دائماً, و لكن خلف قناع المرح هذا كانت هناك حيرة تساورها و تلالاً من المشاكل فوق رأسها..

لم يكن ليونارد بذلك الشخص السهل الذي يقتنع بما يراه أمامه, بل إنه دائماً يرى ما خلف القناع, إنه يستطيع أن يقرأ عينيها جيداً و هما تخبرانه بأنها بمشكلةٍ ما و لا تعرف كيف تتصرف؟!

كانت ستهم بالانصراف لولا أنه استوقفها طارحاً نفس السؤال و لكن هذه المرة بجدية شديدة:

- إيفلين ما الأمر؟! هل هناك شيءٌ ما يزعجك؟!

أخفضت رأسها للأسفل هرباً من تلك العين التي حاصرتها بنظرات متفحصة و ثابتة, لتسمعه يقول بهدوء:

- هل ذلك الشيء الذي يزعجك موجودٌ بي؟! أم أنه مرتبط بالعمل؟!

رفعت عينيها لتجده قد وضع بيديه أمامه على المكتب مميلاً بجسده إلى الأمام و نظراته لا تزال مركزةً عليها, كم تمنت أن تختفي وقتها أو أن تنشق الأرض لتبتلعها..

عضت على شفتها السفلى فماذا عساها أن تخبره؟! هل تقول له أنها مجبرةٌ على تلك الخطبة لأنها وحيدة؟!..

أجل وحيدة, فمنذ وفاة عائلتها و هي تقطن بمفردها و ليس لديها أية أقارب سوى ابن عمتها روي و أبيه اللذين يهتمان بها و يسألان عن حالها..

و لكن بالمقابل يريد أن يستحوذ عليها لنفسه, إنه حب امتلاك لا أقل و لا أكثر..

أطرقت مجدداً برأسها للأسفل بينما ليونارد كان منتظراً إجابتها التي أتته مترددة على شفتيها بصوتٍ بائس:

- إنها مجرد مشاكل عائلية بسيطة و سوف تحل

قطب حاجبيه فور سماعه لذلك الكلام, فقد علم أن الأمر أكبر من ذلك و أنها لازالت تخفي عنه, مما جعله يتساءل بقلق:

- هل أستطيع أن أساعدكِ بأي شيء؟!, ألا تعلمين أن أباكِ قبل أن يموت قد أوصاني بكِ, لذا أنتِ من عائلتي الآن, ما هي تلك المشاكل العائلية؟!, هل أنتِ بضيقة مالية؟!, هل تورطتِ بشيء ؟!, هل...

قاطعته سريعاً قبل أن يكمل ظنونه و شكوكه قائلة :

- لا يا سيدي إن كل ما في الأمر هو...

توقفت قليلاً و قد بدأت تعتصر منديلها الورقي مجدداً, ثم أردفت بحزن خرج من أعماق قلبها المنكسر:

- هو أن روي ابن عمتي يريد خطبتي

اتسعت دائرة العين اندهاشاً, فهل هذا هو سبب كل ذلك الحزن؟!, برأيه أن الأمر لم يكن يستحق كل ذلك السواد و الشجن, فقال مبتسماً بعد أن تنهد :

- من نبرة صوتكِ أظن أنكِ لا تريدين تلك الخطبة, أليس كذلك؟!

أومأت برأسها و هي لا تزال متجهمة الوجه, عندها أردف ليونارد ببساطة و لم تفارق الابتسامة شفتيه:

- أين المشكلة إذن؟!, تستطيعين أن ترفضي طلب الخطبة بما أنكِ لا تحبينه

ارتسمت ابتسامة سخرية على ملامحها الحزينة, ثم ردت بمرارة:

- إنني لا يحق لي أن أرفض أو أقبل حتى, الخطبة أمر مفروضٌ علي, لن يتوانى روي عن إزعاجي حتى أنهار و أقع بقبضته

كانت تلك الكلمات وقعها غريب على مسامعه, فكيف يكون الحب فرضاً؟!, هل لأن والديها قد توفيا يعاملانها بتلك القسوة؟!, يفرضان عليها ما لا تريده و ترغب به...

طال الصمت و طال معه التفكير, ليقطعه ليونارد بعد أن عاد من شروده قائلاً بحكمة:

- ربما روي يحبكِ, جربي أن تتحدثي معه, ربما إن تكلمتي معه قليلاً ستتغير أفكاركِ عنه, امنحيه فرصة و لا تصديه هكذا

تقارب حاجبيها من ذلك الكلام, بعدما انصدمت و خاب أملها فيه, فهو آخر شخص كانت تتوقع أن تسمع منه ذلك الكلام, ثم صرخت و قد حلّقت دموعها من عينيها التي فاضت بها بعد أن طفح كيلها:

- لا, إن روي لا يحبني أنا أعرف ذلك, إنه يريد أن يمتلكني فقط, منذ الصغر و هو يحب أن يستحوذ على كل شيء لنفسه, كان طفلاً أنانياً و الآن أصبح رجلاً أنانياً ,جشعاً و سمج...

توقفت قليلاً عن الكلام لتأخذ أنفاسها ثم أكملت أمام ناظري ليونارد المصدومين من ردة الفعل تلك:

- إنه آخر شخص قد يعرف شيئاً عن المشاعر و عن الحب كيف يبدو؟!

أنهت كلامها بجلوسها على المقعد بعد أن تعبت و بعد أن أشار لها ليونارد بالجلوس, ثم أخذت تجفف دموعها بينما راح هو يفكر بما قالته بجدية..

لم يمضِ الكثير على تفكيره, حتى قال بحزم:

- حسناً اهدأي و أخبريني ما اسمه مجدداً؟!

رمقته باستغراب لفترة ثم أجابته بعد أن رأته يبتسم لها :

- روي بانستـــر

سقطت لوحة من إحدى اللوحتين المعلقتين بالغرفة بنفس وقت إجابتها له, مما جعله يقطب حاجبيه و هو ينظر للوحة, ثم قال غاضباً:

- ماذا؟! لا, لقد اختربت

نهض من على مقعده متجهاً إلى اللوحة المكسورة ثم أكمل بحنق بعدما تصاعدت الدماء إلى رأسه:

- لماذا لا يهتم العمال بأعمالهم جيداً؟!, رباه لماذا أجد الإهمال و التكاسل بكل مكان أذهب إليه؟!

تلألأت نظرات الاستغراب بعيني إيفلين, فهل هذا سبب يدعوه للغضب بذلك الشكل؟!, ثم حاولت التخفيف من حدة توتره و غضبه قائلة:

- لا تحزن يا سيدي, سوف أستدعي من ينظف المكان لأجلك

استدار لها ثم ارتسمت ابتسامة على شفتيه قائلاً:

- لا عليكِ يا إيفلين, حسناً يمكنكِ الذهاب الآن و سوف أستدعيكِ إن احتجت لكِ

أومأت برأسها و لكن القلق قد ضرب وتر قلبها , و قبل أن تستأذن قالت بتساؤل:

- لم تخبرني ماذا تريد من روي؟!

أجابها بلامبالاة بعد أن جلس على مقعده و ارتدى نظارته حتى يقرأ الملفات:

- لا شيء, فقط سأقابله لأتفاهم معه و أجعله يتراجع عن خطبتكِ بما أنكِ لا تريدينه

- لا!!

فاجأته بذلك الحزم و تلك الشدة التي أظهرها صوتها قبل عينيها, فنظر إليها مندهشاً ثم قال:

- ألم تكوني رافضة لتلك الخطبة؟!

أغمضت عينيها ثم أطرقت رأسها للأسفل و قالت بهدوء:

- شكراً لك يا سيدي و لكنني أفضل أن أحل مشاكلي بنفسي

حل الصمت بالمكان حتى قطعه قائلاً :

- حسناً, كما تشائين

ارتسمت بسمة صغيرة على شفتيها بعد أن فتحت عينيها, ثم استأذنت و خرجت تاركةً إياه كما هو جالساً خلف مكتبه, و ما إن أغلقت الباب خلفها حتى عاد ليونارد للعمل..

شرد قليلاً مفكراً بشيءٍ ما, و قد أخذ يحك فمه و ذقنه بإصبعيه السبابة و الإبهام, عيناه الداكنتان كانتا مثبتتان على إحدى الملفات بينما يده الأخرى كانت تطرق أصابعها على المكتب, حتى قطع تفكيره عندما تناول سماعة الهاتف الأبيض الذي أمامه, طلب رقماً ثم انتظر قليلاً حتى أتاه صوت وقور من الطرف الآخر قائلاً باحترام بالغ:

- مرحباً سيد هارتيل, هل أستطيع أن أخدمك بشيء ؟!

لاحت ظلال ابتسامة على وجه ليونارد, لم تكن من ذلك النوع الحنون أو المريح, بل إنها ابتسامة لا تليق به مطلقاً, إنها ابتسامة ماكرة!!

فيرا
06-09-2011, 00:26
جلست إيفلين على مقعدها و هي تتنهد قائلة:

- حسناً لا بأس بقليلٍ من الراحة, سوف أجلب شيئاً لأشربه و...

لم تكد تكمل كلامها حتى تركزت عينيها البنفسجيتين على مجموعة من الأوراق لا تزال موضوعة أمامها, قطبت حاجبيها باستنكار ثم قالت:

- ماذا؟! كيف نسيتها؟!

ضغطت على يديها ثم قالت بعصبية موبخة نفسها:

- يالكِ من مهملة يا إيفلين

زفرت بحنق ثم جمعتها بملف أصفر اللون, اتجهت نحو باب مكتبه لتعطيه ذلك الملف, أخذت ترتب خصلات شعرها بيدها التي لا تمسك شيئاً قبل أن تدخل عليه, ثم بعدها رفعت يدها حتى تطرق على الباب و لكنها توقفت بمنتصف الطريق عندما سمعته يتحدث, بالبداية تعجبت إيفلين فهي على ما تذكر قد تركته وحيداً و لم يدخل أمامها أي شخص, فمع من يتكلم؟!...

و لكنها اكتشفت أنه يتحدث بالهاتف مع شخصٍ ما, و لكن ما جعلها تشعر بالارتياب هو ما سمعته من حديث متناثر في إطار تلك المكالمة الغامضة و العجيبة, اقتربت أكثر من الباب لتسمع جيداً ماهية تلك المكالمة, و لتسمعه يقول بصوتٍ بان الغموض في نبراته:

- لقد جاء دوركم الآن, أريدكم أن تحطموه بكل جهدكم

أصابها الذهول و اتسعت عيناها من ذلك الكلام, فمن ذلك الشخص الذي يريد تحطيمه يا ترى؟!, مع من يتحدث هو بالأساس و لماذا لم يطلب منها أن تتصل هي بهم؟!, أليست هي مساعدته التي ترتب له كل شيء؟!

شعرت إيفلين بأن هناك سر ما و مؤامرة تحاك داخل تلك الغرفة الآن, هل يعقل أن يكون قد أخذ روي على محمل الجد؟!, هل سيتخلص منه من أجلها؟!

تأكدت شكوكها عندما سمعته يكمل بنبرة لم تكن تسمعها بصوته من قبل, نبرة لم تفكر يوماً بأن ذلك الرجل الحنون يمتلكها:

- أريده أن يتدمر كلياً, أن ينزل إلى القاع و يبقى به للأبد...هل سمعتني؟!

صمت قليلاً ثم شدد على حروفه بغيظ:

- للأبد...

تراجعت للخلف و هي لا تصدق أن أذنيها سمعت ذلك الكلام, كانت أنفاسها تتلاحق و قلبها لا يكف عن الخفق رعباً, و هي تفكر بأن سيدها اللطيف يود ارتكاب جريمة بروي كما تعتقد, أجل إنها جريمة, كل الكلام الذي سمعته يعبر عن ذلك, و بداخلها يتردد صدى صوته و هو يقول بغيظ " للأبد" مختلطاً بتفكيرها

لماذا يريد أن يقحم نفسه بورطة؟!

لماذا يريد أن يفتح بوابة الجحيم عليه؟!

ماذا سيجني إن دمر شخصاً ما؟!

إنه ليس ليونارد؟! أجل ليس هو؟!

ربما قد سيطر عليه الشيطان, أو ربما....

كانت قد وصلت إلى مقعدها فتهاوت عليه جالسة, و لم تشعر بنفسها إلا و دموعها تتساقط و هي تكمل أفكارها بصوتٍ منخفض:

- أو ربما كنت مخطئة و كان كذلك من البداية!!

_______________

pịηk bŁσờđ
06-09-2011, 15:30
الســلام عــليكم ورحمــة الله وبركـاتــه..

كيفك؟ تمــام إن شا الله

إحــم، كويس أنقذتي نفسك من مخالبـي ونزلتي البارت :ضحكة:

هههه عجبك ردي..سو كوول، مو متذكرته بس كان فيه تحشيش xd
طيب بانتظر الأخ هيوو لو بيظهر @@ مدري أحس مخططة لشي إجرآامــي الله يستر ..

يمكن أحذفك بطماطم وبصل وأي شي تبيه :ضحكة:

البــارت كــان كثير حـلوو، عجبتنــي البداية، وعجبني وصفك لإفلين، أحسها وحده هبلـة هع
مسكينـة كسرت خاطري لما قالت ليو عن مشكلتها وما تفاعل معها، يعني هي تحبه وبعدين هوآا يقلها كلام مثل هذا
أحس تحطييــم :غياب:

النهاية صدمتنــي @@ شو يقصــد ليــو، طلع شرير فجأة :ضحكة: أو مجرد فخ من الأشد شرا الأنسـة فييرآأ ..

عندي إحساس إنه إيف فهمت غلط :لقافة:

وحشتني روز ونرفزتهـآأ xd ووحشتني سالي..وهاري..متى يرجعوا ؟؟

انتظــر البـارت القــادم حبــو، لا تتأخــري :مذنب:

تقبلي مروري

فيرا
12-09-2011, 21:08
[center]الســلام عــليكم ورحمــة الله وبركـاتــه..

كيفك؟ تمــام إن شا الله

إحــم، كويس أنقذتي نفسك من مخالبـي ونزلتي البارت :ضحكة:


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته =)

الحمد لله تمام و انتي؟ ق1

ههههههههههه و بنقذ نفسي اليوم لمدة شهر إلى الامام من مخالب الجميع لاني لاول مرة بالتاريخ اكتب البارت بسرعة ككككككك :d


هههه عجبك ردي..سو كوول، مو متذكرته بس كان فيه تحشيش xd
طيب بانتظر الأخ هيوو لو بيظهر @@ مدري أحس مخططة لشي إجرآامــي الله يستر ..

يمكن أحذفك بطماطم وبصل وأي شي تبيه :ضحكة:

يب فاكرة ردك و حفظته بقلبي :p

كك هيووو بيظهر سيرته بالبارتات الجاية ان شاء الله xDD"
بس ليس الآن, و لكن قد اقترب هيو كثيراً ش1
على فكرة بحب الطماطم :44: <~ بترفع الضغط كككككك ض1


البــارت كــان كثير حـلوو، عجبتنــي البداية، وعجبني وصفك لإفلين، أحسها وحده هبلـة هع
مسكينـة كسرت خاطري لما قالت ليو عن مشكلتها وما تفاعل معها، يعني هي تحبه وبعدين هوآا يقلها كلام مثل هذا
أحس تحطييــم :غياب:

انتي الأحلى يا عسل ;) و سعيدة لان البارت أعجبك :$

هههههههه إيفلين حطيت فيها بعض من شخصيتي كككككك يعني سرعة الانفعال و تناسي الإساءة بسرعة و حب الضحك xDD"

اه و الله تحطيم × تحطيم بس اصبري و بنشوف بعد كده هل ستستطيع ايفي تليين قلب ليو :44: ؟


النهاية صدمتنــي @@ شو يقصــد ليــو، طلع شرير فجأة :ضحكة: أو مجرد فخ من الأشد شرا الأنسـة فييرآأ ..


ش1 ش1 ش1 نو كومنت, بترك البارتات تفسر كل شيء xDD"



عندي إحساس إنه إيف فهمت غلط :لقافة:

هههههههههههههه ربما آه و ربما لا ككككككك :d


وحشتني روز ونرفزتهـآأ xd ووحشتني سالي..وهاري..متى يرجعوا ؟؟

انتظــر البـارت القــادم حبــو، لا تتأخــري :مذنب:

تقبلي مروري





اول واحدة تقول ان روز وحشتها كككككك لا تقلقي هي جاية بالسكة و بتعود لرفع الضغط

بس حالياً الاخ روي ممسك رئاسة مقر رافعين الضغط الدولي مكانها مؤقتاً كككككك xDD"

البارت جاي بالسكة الآن ق1


صحيح صحيح ألم يذكرك اسم روي بانستر بأحدٍ ما ؟ o.O"

فيرا
12-09-2011, 21:17
I know I know I'am very fast kak xDD"

البارت انكتب بـ5 أيام فقط :d

يلا اترككم معاه :p





الفصــل الســابع و العشــرون

تمشي هنا و هناك بخطوات سريعة متوترة فتتطاير معها تنورتها الكحلية ,ثم تعود للجلوس مجدداً و لكنها إما تدق بأناملها على مكتبها أو تشد بطرف قميصها الأبيض و كلا الحالتين يعبران عن مدى قلقها و خوفها من أمرٍ ما..

لفت دورتين كاملتين حول مكتبها ثم عادت لتكرر الحركات السابقة من جديد, هذا كان حال الفتاة الشاحبة التي تساقطت خصلات شعرها الأسود القصير على وجهها عندما أطرقت برأسها للأسفل و دسّتهُ بين كفيها مفكرةً بصوتٍ منخفض:

- يا إلهي إنها كارثة بجميع المقاييس, ماذا أقول له؟!, ماذا أخبره؟!, ربما يكون وقع الخبر شديداً عليه!

أخذت تهز برأسها ,محاولةً نفض الخوف من وجدانها ,و هي تنظر بعينيها عبر الرواق الطويل و تفكر بقرارة نفسها هل تدخل أم لا؟!, حتى بالنهاية حسمت أمرها و حملت بيديها تلك الملفات الخضراء متجهةً إلى مكتبه..

نزل ريقها بصعوبة في حلقها ليُهدِّئ من توترها قليلاً قبل أن تدق على الباب البني الكبير, و تسمع صوته الأجش من الداخل يقول:

- ادخلي يا ريتا!

فتدفع الباب بحرص شديد, و تتجه نحو مقعده الأسود بخطواتٍ بطيئة, بينما عينيها تتجنبان النظر إليه مباشرةً, ثم تقف أمامه و تحاول أن تتجنب شرارة غضبه عندما ينتهي من قراءة كشوف حسابات هذا الشهر, و يعلم أنهم قد خسروا كثيراً جداً, و بالفعل حدث ما خشيته الفتاة بالحرف الواحد..

أغلق المدير الملفات بعنف, و قد حطمت صرخات مكتبه ضجيج الصمت عندما ضربها بقبضته, و صاح قائلاً بوجه المسكينة التي ارتعدت فرائصها:

- ما هذا الهراء؟! كيف حدث ذلك؟!

صمت قليلاً و أخذ يراجع الحسابات و كأن ما أمامه معجماً و طلاسم لا أرقام و حسابات, ثم أخذ يحك بيده مقدمة رأسه التي كادت أن تنفجر من الضغط و هو يقول بعصبية:

- هناك أمرٌ ما غير طبيعي؟!, كيف خسرنا كل تلك المبالغ في هذه المدة الصغيرة؟!, لم تحدث لي من قبل؟!

- لم يشترِ الكثير سياراتنا, ربما هذا بسبب تلك الشركات التي نزلت منافسةً لنا و يبدو أنهم هزمونا

قالتها ريتا بجدية تامة و هي تنظر له مباشرةً, محاولةً التوضيح له, ثم أكملت بعد برهة من التفكير:

- ربما هناك من يريد أن يجعلك تخسر يا سيدي, أو هناك من في صالحه خسارتك!

هدأ الانفعال رويداً رويداً عندما بدأ يفكر بوجهة نظرها, ثم تساءل بنبرات متعجبة و هو يرخي من ربطة عنقه قليلاً بعد أن شعر بالاختناق:

- و من تظنين أنه حاقد علي بهذه الطريقة؟!, إن أغلب من بالسوق أصدقائي, من سيهتم إن خسرت أو ربحت؟!

عضت ريتا على شفتيها و هي تحاول عصر تفكيرها و لكنها لم تتوصل لطرف الخيط الذي سيقودها لحل ذلك اللغز, فقالت :

- الأهم هو الآن ماذا سنفعل حيال هذه الخسارة؟!

تنهد المدير بقوة واضعاً بيده على فمه, ثم قال :

- حسناً لنحاول تصنيع سيارات أحدث من تلك التي نزلت الأسواق, و لكن لن نرفع أسعارها هذه المرة...

صمت قليلاً ثم لمعت ظلال ابتسامة خبيثة على شفتيه بينما برقت عينيه و هو يكمل:

- سنرفع الأسعار تدريجياً بعد أن نكسب ثقة الزبائن, و نجعلهم يعتادون علينا و يرتاحون معنا أكثر

أفاق من شروده و تخيلاته المستقبلية, ثم نظر نحوها و هو يسألها:

- ما رأيك؟!

هزت رأسها معارضة ثم باغتته بردٍ خيب و حطم آماله:

- ليس لدينا مالاً يكفي بالخزانة لصنع المزيد من السيارات مستقبلاً, لقد خسرنا كثيراً يا سيدي

اتسعت عيناه بعد أن تلقى تلك الصدمة, ثم ما لبث أن عاد لطبيعته و عاد حب الاستغلال يسيطر على أفكاره من جديد ليقول:

- حسناً لقد قررت أن نقوم بالفكرة , و لكن هذه المرة لن نصرف نحن أي مبلغ عليها

رفعت ريتا حاجبيها بتساؤل عندما لم تفهم ما يقصده مديرها من أحاجي و ألغاز, و يبدو أنه قد لاحظ تلك النظرة البلهاء التي سيطرت على عينيها, فقال بضيق مفسراً:

- سوف يقوم شريكنا السيد هارتيل بتمويلنا بمبلغ مادي, و بعد أن نبيع بالسوق و نكسب الأرباح سنسددها له , ما رأيكِ؟

صاحت الفتاة بذعر قائلة بعد أن فهمت مقصده :

- أتقصد بأنك ستستلف منه؟!, أوليس ذلك خطيراً؟

رمقها المدير بنظرة فاحصة, حتى تكمل ما تريد قوله, فأعقبت مفسرة قلقها و هي تضع بيدها على قلبها:

- أعني أننا لا نعرف المزيد عنه لكي نستلف منه, لا أعرف و لكنني أشعر بقلق زائد حيال الموضوع

صمتت عندما أمسك بقلمه و أخذ يتلاعب به ,ففهمت جيداً من تلك الحركة أنه لن يستمع إليها مهما حصل و أنه سينفذ ما يفكر به, أومأت برأسها ثم قالت مستأذنة:

- حسناً سيدي افعل ما تشاء, هل تسمح لي بالذهاب؟!

خرجت من المكتب و أغلقت الباب خلفها بعد أن أشار لها بيده موافقاً, أما هو فقد جلس يعيد حساباته مرةً أخرى...


فيرا
12-09-2011, 21:18
تحت ظلال الأشجار الوارفة جلسا معاً جنباً إلى جنب يستمعان لحفيفها , و لتغريد العصافير التي أخذت تتنقل بين غصن و آخر في حيوية و نشاط , و كأنها ترسم لوحةً معبرة عن الحرية و الاستقلال تحت سقف السماء الزرقاء.

نزلت أشعة الشمس لتكتمل اللوحة بهاءً و ضياء, كاسرةً بدفئها ضباب المخاوف و ظلام الفساد, مانحةً للنفس ذلك الصفاء الأبدي الجميل,

فيدق قلبه و قلبها عندما تتلامس أصابعهما و تتحول إلى تشابك الأيدي لتتعالى معه النبضات و كأن هناك موسيقار بداخل قلبيهما يضرب على تلك الأوتار بألحان شفافة عذبة تتناسب مع عذوبة هذه المشاعر و تلك الأحاسيس الدافئة.

كل شيء حولهما أخضر يفيض بالراحة و الجمال, العالم أصبح أكثر جمالاً و هو معها, أكثر دفئاً و هو ممسكٌ بها, همس بعد صمتٍ دام طويلاً و شوقٍ زاد غيابه:

- لا تبتعدي عني, ظلي معي و بقربي دائماً

فاضت عينيه بكل الحب و الحنان و هو ينظر بعينيها اللتين أبعدتهما بخجلٍ عنه, عينيها اللتين تحملان لون العسل الصافي و تعكسان مدى شفافيتها, رقتها و جمالها..

قلبه لا يزال خافقاً و هو يكمل الهمس بتساؤل أكبر:

- هل تحبينني كما أحبكِ؟!

مطت شفتيها كعادتها دائماً, ثم نهضت من جواره لتقف و ترفرف خصلات شعرها و فستانها الزهري مع نسيم الهواء الرقيق الذي داعبها, و لكنها ظلت صامتة لا تتكلم..

زادت دهشته و استفهامه, هل هي لا تحبه بعد كل ذلك؟!, لماذا لا تجيب؟!, فتساءل مجدداً:

- هل تكرهينني؟!, هل فعلت شيئاً ضايقكِ؟!

و لكن لا صوت, فقط ظل شعرها يرفرف مع الهواء ليرفرف قلبه معها, و يحرك عبيرها مشاعره التي ظلت غافية من سنين, فنهض من على ذلك العشب الأخضر و ظل واقفاً خلفها يحدجها بنظراتٍ تملؤها الحنين..

امتدت يده لتصل إليها و تهبط بسلامٍ فوق كتفها, ثم تساءل بحنان:

- فيم تفكرين؟! هل أنا من يشغل بالكِ؟!, ليتني أكون كذلك

تنهد بحرارة لفحت رقبتها, فالتفتت إليه و بعينيها لاح الوجل و سيطر الذعر عليها, ليعكر تقطيب الحاجبين صفاء جبينها الأبيض, فتساءل الشاب باستغراب:

- ماذا هناك؟!

أمسك بيديها عندما ازداد التقطيب أكثر و ازدادت نظرات الانزعاج بعينيها أكثر, ثم أردف بلطف:

- لا تقلقي أنا معكِ, سأظل معكِ

و لكن يبدو أن ذلك لم يجعل خوفها يسكن, بل زاد الأمر سوءاً, فسحبت يدها من بين يديه و أخذت تبتعد للخلف أمام ناظريه المشدوهين, حتى تحرك هو الآخر خطوتين للأمام متسائلاً:

- ما الأمر؟!, هل تألمتي من قبضتي ؟!, أنا آسف

أخذ الشاب يعتذر و كأنها نهاية العالم, بينما هي أخذت تبتعد عنه شيئاً فشيئاً, كلما اقترب منها و أوشك على الإمساك بها تعود هي للوراء ألف خطوة, ظل الوضع هكذا حتى وشكت الشمس على المغيب, و اصطبغت السماء بلونٍ برتقالي حزين بعد أن كانت باسمة..

- لماذا تبتعدين عني؟!, توقفي أرجوكِ

كان هذا ما يردده قلبه قبل لسانه, شعر بالبرودة تجتاحه و تتسلل داخل أنسجته, تجمد أفكاره و تشل من حركة قلبه, دمعت عيناه و لكنها لم تنهمر و هو ينادي:

- توقفي, لا تذهبي

تحولت المناداة إلى صياح ثم صراخ, تعالى معها صوت قلبه ليعكر صفو المكان, فحل الظلام و طارت العصافير مبتعدةً عن تلك الأرض التي أصبحت قاحلة فجأةً, و لم يعد هناك ورقٌ

أخضر مزهر على الشجر, و تعالى نعيق الغربان المزعج طاغياً على صوته, ليتحول كل شيء إلى كابوسٍ مخيف يؤرق حلمه الوردي, تعجب الشاب مما يحدث أمامه, فكل شيءٍ يتبدل من حوله, كل شيءٍ يبتعد عنه و يتركه لماذا؟!

أخذ يحث قدميه على الركض أكثر عندما غرق المكان بظلامٍ دامس, و لمعت تلك الأعين الحمراء الشيطانية من جميع الجهات حوله, و لكنه لم يعرها انتباهاً, بل أصرَّ على الوصول إليها قبل أن تبتعد عن عينيه..

تعبت قدماه و لازال يكمل, لامته نفسه و لازال يواصل, كل شيءٍ يقول له عد من حيث أتيت و لكنه مصمم على الذهاب إليها, حتى توقفت الفتاة عند إحدى الأركان المظلمة...

لم يكن هناك قمر لينير دربه, و لا نجمة تلمع بالسماء تهديه إلى الصواب, و لكن قلبه يراها ,يعرف أنها هناك واقفة تنتظره, تريده هو و لا تريد سواه, توقف أمامها و نظر مجدداً بعينيها و لكن هذه المرة أحس بأن هناك شيئاً ما قد اختلف في نظراتها, لم تعد نفسها أجل لم تعد!

- لماذا تهربين مني؟!, ألا تريدينني؟!

قالها بلومٍ و عتاب ممتزجةً بحزنٍ شديد يحمل الشفقة, تمنى أن يسمعها مجدداً منها, أن تصرخ و تقولها " أحبك" و لكنها لم تفتح شفتيها و كأن الصمت احتواها,

و عندما جاء ليمسك بيدها حتى يعودا أدراجهما رآها تغمض عينيها, ثم تطرق برأسها إلى الأرض, زادت الدهشة و الحيرة, فلماذا تفعل ذلك؟!, هل هي ترفضه أم ماذا؟!

تساءل بجزع: - ماذا بكِ؟!, هل أنتِ بخير؟!

لم تجبه بشيء و كأنها تؤثر الصمت عليه, فتح فمه ليسأل من جديد, و لكن انقلب السؤال لخوف و رعب و عجب يزلزلان وجدانه عندما وجدها تتلاشى أمامه, أخذ يهز برأسه غير مصدقٍ ما يراه, صاح مذعوراً:

- لا , لا تذهبي...انتظري لا!!

ضرب البرق المكان بضوءٍ يخطف الأبصار و دوى بعدها هزيم الرعد, انهمر المطر الغزير ليجلده بقسوة و عنف , فتردد صوت دموعه الساقطة عبر الظلام مع صرخاته,

و هو يتأمل الجدار المتبقي و الذي كانت هي تحتل مكانه من لحظات, لم يعد هناك أي أحدٍ معه فقد تلاشت و اختفت, ظل وحيداً و سيظل! ,هذا ما يسيطر على تفكيره و مشاعره, فسقط جاثياً على ركبتيه يضرب الأرض بقبضته..

انتفض ليونارد من على سريره و قد تصبب العرق من جبينه حتى ابتلت وسادته و منامته, تسارعت أنفاسه من الرعب و اتسع بؤبؤا عينيه اللذان تحركا بسرعة غريبة, مع ازدياد نبض قلبه..

وضع بيده على رأسه عندما شعر بأن عِرقه ينبض بشدة مولداً ألم فظيع, و بأن كل جزء بجسده سينفجر, ما كل هذا الضغط؟!, أخذت أنفاسه المتسارعة تقل حتى هدأت, ثم تمتم ساخراً بعد أن تنهد:

- لقد كان مجرد حلماً ! ماذا دهاك يا رجل؟! هيا توقف عن ذلك الخوف, لقد غلبت الأطفال

دقات ساعة المنبه بجواره صدحت بعلوٍ و ارتفاع مفتتةً ذلك الجو الهادئ, فالتفت ليرى أن الوقت قد شارف على الرابعة صباحاً, انقلب الجو المشحون بالخوف و الارتياب لابتسامة

ثم ضحكة ثم قهقهات, كان يضحك على وجهه المرعوب عندما أفاق من ذلك الحلم العجيب, ثم تمتم بتعجب:

- و لكن هذا غريب إنها أول مرة يراودني بها حلم, فلم أحلم منذ سنين طويلة

أخذ يهز برأسه و يفرك عينيه حتى ينفض آثار النوم من عليه, قائلاً بصوتٍ يملؤه النشاط:

- حسناً لا وقت للنوم الآن, سوف أستعد للعمل..

تمطى قليلاً, ثم تثاءب و نهض من على سريره فسقطت أمامه صورةٌ على الأرض عندما رفع الغطاء من فوقه, بانت ملامح الاستغراب عليه عندما رآها مقلوبة على ظهرها,

فجثى على الأرض و التقطها, ثم رفعها أمام ناظريه لتتبدل إلى نظرات مستكينة و من ثم أغمض عينيه و زفر بقوة واضعاً الصورة تحت وسادته كما كان مكانها من سنين,

في هذه الأثناء دق جرس هاتفه النقال ليعيده إلى أرض الواقع بعد أن شرد باللاشيء, اتجه نحو مكتبه الصغير ثم رفع الهاتف إلى أذنه بعد أن ضغط زر الإجابة, ليأتيه ذلك الصوت الوقور مجدداً, قائلاً بنبرات هادئة:

- سيد هارتيل, لقد تم كل شيء كما أردت

أغمض ليونارد عينيه بعد أن ارتسم الجد على ملامحه ثم قال بهدوءٍ يواتي هدوء المتصل و يكاد أن يغلبه:

- إذاً لقد اكتملت الخطوة الأولى, و لم يبق إلا القليل

أغلق الهاتف و أعاده إلى مكانه, ثم اتجه بخطواته نحو النافذة الزجاجية, لتنعكس تلك الأضواء البراقة على وجهه راسمةً ظلالاً مخيفة و مزيحةً الستار عن نصف ابتسامة غامضة سرعان ما تحولت إلى ضحكات ساخرة!!


فيرا
12-09-2011, 21:19
ظلت تصعد على درجات سلم المشفى بقصوى جنونية, و عينيها لا تصدقان ذلك الخبر, كانت تريد التأكد بنفسها مما حصل, لقد أخبروها بأنه بالطابق الثالث و لكنها شعرت بأن المسافة كبيرة للغاية, و تساءلت بداخلها

" لماذا لا ينتهي السلم؟!, ألم أصل للطابق بعد؟!"

دائماً ما كانت تزعجها رائحة المطهرات و الأدوية التي تعج بها المستشفيات و ربما كانت هذه هي إحدى أسباب كراهيتها الشديدة لذلك المكان,

فمنذ الصغر كانت ترفض الذهاب إلى أي طبيب أو مشفى, و لكن هذه المرة لابد أن تضغط على نفسها, لابد أن تفهم ما حدث له؟!..

توقفت أمام إحدى الغرف البيضاء, ثم تمعنت بعينيها تلك اللوحة الصغيرة التي تحمل رقم "ثلاثمائة و سبع", و تساءلت نظراتها " هل وصلت أخيراً؟!"

انتظرت قليلاً حتى تلتقط أنفاسها بعد كل ذلك الجري, ثم دقت على الباب و دلفت إلى الداخل, كانت مشيتها بطيئة, مترددة و هي تقترب نحو السرير الأبيض بحذرٍ و كأن من يستلقي فوقه وحش كاسر سيهاجمها بعد قليل..

أخذت تتأمله بعينين متسعتين, هلعتين ربما! ثم تمتمت بصوتٍ منخفض و هي تضع بيدها على فاهها حتى تكتم شهقاتها:

- يا إلهي! لقد كان الخبر صحيحاً!! مستحيل لا يمكن!

لم تكن تتخيل بأنها ستراه بهذا الشكل في يومٍ من الأيام! ممدداً و غير قادرٍ على الحركة, و قدماه المكسورتان مجبرتان و نفس الحال بيده اليسرى,

أما رأسه فقد التفت حولها عصابة من الشاش الأبيض حتى أنها قد غطت خصلات شعره النحاسي الذي لطالما اغترَّ به و عشقه و اهتم به أكثر من أي شيء بالعالم,

نعم لقد كان ذلك الشاب مغروراً بدرجة كبيرة و ربما مفتوناً بوسامته كذلك, و رغم أنه تحت تأثير المخدر إلا أن السماجة لا زالت ترتسم على ملامحه, و لكنه لا يستحق ما حصل له!

هذا ما فكرت به الفتاة و تردد بداخلها, و هي تتذكر ما حدث منذ يومين من حيث تلك المكالمة الغامضة و تصرفات سيدها المريبة من بعد أن عرف بمشكلتها و طلب منها أن تخبره باسمه,

ظل صدى صوته الذي حمل الانتقام بنبراته يتردد بثنايا عقلها و هي تسترجع تلك الذكرى بداخلها, فتدمع عينيها و تتساقط على وجنتيها و هي تهمس:

- مستحيل أن يفعل السيد ليونارد ذلك! مستحيل! مؤكد أن هناك أمرٌ ما, ربما أكون مخطئة, ربما ليس هو

كانت تحاول تبرير ما فعله, و تصارع نفسها من أجل تبرئته أمام عينيها و قلبها, و لكنها تعود تنظر بوجه روي السمج فتزداد تعاستها, و هي تتساءل لماذا فعل ذلك به؟!

ربما كان هذا ما تمنته يوماً, أن تراه ممدداً, طريح الفراش, و ربما مشنوقاً وسط ميدان عام, و لكنها لم تكن تريد أن يصدر ذلك من أكثر شخص تحترمه, توقره, و ...تحبه!

مرت ساعتان على حالة الصدمة تلك, حتى سمعته يتأوه و يئن من الألم في فراشه, فعرفت أن المخدر قد زال تأثيره, جلست عند يمناه و أخذت تنادي عليه بصوتٍ يحمل رائحة البكاء:

- روي, هل تسمعني؟!, روي!

فقط همهمات متقطعة و صوت أنفاسه هو ما يخبرها أنه في وعيه و لكنه متعب, فأكملت تساؤلها:

- هل أنت بخير الآن؟!, هل تتألم كثيراً؟!

لم يعتد هذا الآخر على طعم الألم, و لذلك قد جز على أسنانه و ارتفع صوت تأوهه عندما لفت رأسه ليراها, و لكن ذلك لم يمنعه من الكلام بصوتٍ متقطع سعيد:

- إيفلين, أنتِ هنا؟!, هل جئتِ من أجلي؟!

صمت قليلاً مغلقاً عينيه من الألم ثم أكمل متبسماً و بغرور واضح:

- ألم أخبركِ بأنه سيأتي اليوم الذي ستأتين فيه بنفسكِ إلي, لم تستطيعي الابتعاد عني

فتح عينيه ليجد ملامحها قد تبدلت من الشفقة إلى الانزعاج, لو كان مسموحاً لها ضرب المريض لضربته و أكملت عليه حتى تقتله, و لكنها تمالكت أعصابها و قالت بابتسام مصطنع محاولة تغيير دفة الحديث:

- دعنا من ذلك الآن يا ابن عمتي, و أخبرني ماذا حدث لك بالضبط؟! كل ما قيل لي أنك قد أصبت بحادث سيارة!! و لكنني تساءلت كيف؟! أنا أعرف أنك ممتاز بالقيادة, كيف حدث ذلك أخبرني التفاصيل رجاءً؟!

فاجأها عندما أمسك يدها بيده السليمة, ثم غاظها أكثر عندما قال بتبجح:

- هل كنتِ تبكين علي؟! هل خفتِ أن يموت زوجكِ المستقبلي و تصبحين أرملة من الآن؟!

قال ذلك عندما لاحظ آثار الدموع الجافة كخطين مسترسلين على وجنتيها, أما هي فقد سحبت يدها , ثم قالت محاولةً كظم غيظها:

- أرجوك لا تغير الموضوع و أخبرني ماذا حدث؟!

تنهد قليلاً ثم نظر نحو السقف و قد تقارب حاجبيه محاولاً تذكر ما حصل, ثم بعد فترة من الزمن, كانت إيفلين قد استسلمت فيها لليأس بأنه سيجيبها, راح يسرد تفاصيل الحادث بشرود:

- كنت عائداً من محطة الإذاعة, من نفس الطريق التي أعود منها دائماً, و لكن بسبب تأخري بالعمل, اضطررت أن أقود ليلاً و الأسوأ من ذلك هو هبوط الستار الضبابي الكثيف, ثم...

قطع كلامه فجائيةً, محاولاً تذكر بقية التفاصيل, أما إيفلين فقد أخذت تتساءل بفضول:

- ثم ماذا؟!, أكمل!!

تنشق الهواء ثم زفره بقوة عندما أرهقه التفكير و استرجاع الحادث بعقله, مكملاً :

- لا أتذكر ما حدث بالضبط, و لكن أعتقد أن سبب انحرافي عن الطريق هو ضوء سيارة أخرى قد انعكست بمرآة سيارتي فجعلتني أغمض عيني متألماً, و لم أفق إلا الآن

أنهى روي كلامه ثم أعاد النظر إلى وجهها المندهش, فتعجب قائلاً:

- إنه مجرد حادث بسيط, لِمَ أرى ذلك التعبير على وجهك؟!

ثم مالبث أن عاد للمغازلة مجدداً :

- أم أن قلبك بات يخاف علي؟!, لا تقلقي عزيزتي فلن تتخلصي مني بتلك السهولة

أفاقت من شرودها على تلك الكلمات البغيضة التي جعلتها تقف و تنهره قائلة :

- روي, أرجوك لا تبدأ من جديد

أبعدت بعض خصلاتها البنية من فوق عينيها ثم أدارت ظهرها و قالت:

- حسناً لقد تأخرت عن العمل, يجب أن أذهب الآن, و لكنني سأعود ثانيةً

ثم قبل أن تغادر المكان توقفت عندما تذكرت شيئاً هاماً ,فقالت بتساؤل:

- و لكن أين والدك؟! هل عَلِمَ أنك هنا؟!

أجابها روي بمرح:

- أجل لا تقلقي, سوف يأتي غداً بعد أن يعود من سفره

هزت إيفلين رأسها ثم تركته و ذهبت, و بداخلها شيء واحد فقط...يجب أن تصارح ليونارد! يجب أن تسأله لماذا فعل ذلك؟! و يجب عليها أن توقفه قبل أن يقع بالخطر, فهو لا يعرف روي و لا يعرف من أي الأنواع هو والده!!

______________________

لؤلؤة الاناقة
13-09-2011, 11:16
حجز الاولى::سعادة::

$فانيلا لوسي$
14-09-2011, 16:12
واااااو
وااااو
ابداع كالعادة فيرا
شكرا لك على تبليغي
لم انتبه للرسالة الماضية ""
لا اصدق حتى الان
حقا هل اعتقادات ايفلين صحيحة ؟!!
هل فعل ليوناردو هذا!!~
نو وي نو وي
لا اصدق
و لكن!!
لأكن صريحة لا اعتقد ذلك بالفعل
فربما سيد هارتيل يخ لشيئا ما اااخ
لقد احببت شخصيته اكثر في هذه البارتات
اتمنى ان نكتشف السر سريعا ""
روي ايضا انضم في قائمتي
قائمة الذين يعجبونني^^
اه اه اه
هيوووووو اين انت
و هاري و سالي اين انتم يا رفاااق؟!!
و السحلية ؟؟
صحيح بأنها مخادعة و لكنها تضفي لمحة مذهلة للقصة
اتمنى ان تعود
ولكن شيئا ما يخبرني بأن
لها صلة بالسيد هارتيل
هذا اعتقادي ^^
عزيزتي فيرا ابدعتي كالعادة دائما في البارتات "
اتمنى لم مستقبلا باهرا جدا جدا بأذن الله
لا تتاخري في كتابة البارت الجديد حسنا باااي

pịηk bŁσờđ
14-09-2011, 19:15
السـلام عــليكم ورحمــة الله وبركـاتــه..

إحــم..كيفك حبوو ؟؟ تمــام إن شا الله

سوري تأخرت بالرد..بس عارفة شغل المدرسة -__-"

بارت كيووووت، ولو ما كان فيه أحداث كثيرة هااع

روي ينرررررررفز أكثر شي..بس ما فهمت قصدك لما قلتي يذكرني بأحد XD
يمكن سحلية :غول:

ليو ليو..@@ لشــو يخطط هالإنـسـان :أوو: معقول يكون له علاقة بالي صار في روي..
ما أتوقع..بس روي يستاهل مووهههههـأآ..عقبال سحلية XD

ما سر حلـم ليوو والصورة..معقول يكون حب وحده من قبل وتعقد..ولا يحب إبف :cool:

والله مو عارفة أقول إيه..

بس البارت كان حلوو كالعـادة..

إحــم، خليكِ داايمـا شاطرة كدا واكتبي بسرعة < أووت كككك

يلا بانتظار البارت القادم..ما تتأخري..

تقبلي مروري ~

فيرا
24-10-2011, 00:07
واااااو
وااااو
ابداع كالعادة فيرا
شكرا لك على تبليغي
لم انتبه للرسالة الماضية ""
لا اصدق حتى الان
حقا هل اعتقادات ايفلين صحيحة ؟!!
هل فعل ليوناردو هذا!!~
نو وي نو وي
لا اصدق
و لكن!!
لأكن صريحة لا اعتقد ذلك بالفعل
فربما سيد هارتيل يخ لشيئا ما اااخ
لقد احببت شخصيته اكثر في هذه البارتات
اتمنى ان نكتشف السر سريعا ""
روي ايضا انضم في قائمتي
قائمة الذين يعجبونني^^
اه اه اه
هيوووووو اين انت
و هاري و سالي اين انتم يا رفاااق؟!!
و السحلية ؟؟
صحيح بأنها مخادعة و لكنها تضفي لمحة مذهلة للقصة
اتمنى ان تعود
ولكن شيئا ما يخبرني بأن
لها صلة بالسيد هارتيل
هذا اعتقادي ^^
عزيزتي فيرا ابدعتي كالعادة دائما في البارتات "
اتمنى لم مستقبلا باهرا جدا جدا بأذن الله
لا تتاخري في كتابة البارت الجديد حسنا باااي

اهلاً بكِ عزيزتي صدقاً اشتقت لتعليقاتك الجميلة ^^

هههه عادي و لا يهمك يا قمر ر=

بالنسبة لليونارد فهنشوف هو فعلاً عمل كده او لا بالبارت الجاي ده ^^

ايه روي انضم لقائمة المعجبين @@" ده انا فكرت الناس هتكرهه xD"

طيب بنشوف رأيك بيضل ثابت لما تشوفي البارتات الجاية و الا بيتغير :مكر:

هيو بيقولك هو و هاري و سالي جايين ان شاء الله ككك <~ بقول برااا xDD"

السحلية وحشتك @@" من عيوني بجيب لك السحلية بس مش بهذا البارت ككك

بس متخافيش هي بالفعل راجعة و بقوة :مكر:

أشكركِ عزيزتي على التعليق الجميل و ان شاء الله البارت بنزله ^^

فيرا
24-10-2011, 00:14
السـلام عــليكم ورحمــة الله وبركـاتــه..

إحــم..كيفك حبوو ؟؟ تمــام إن شا الله

سوري تأخرت بالرد..بس عارفة شغل المدرسة -__-"

بارت كيووووت، ولو ما كان فيه أحداث كثيرة هااع

روي ينرررررررفز أكثر شي..بس ما فهمت قصدك لما قلتي يذكرني بأحد XD
يمكن سحلية :غول:

ليو ليو..@@ لشــو يخطط هالإنـسـان :أوو: معقول يكون له علاقة بالي صار في روي..
ما أتوقع..بس روي يستاهل مووهههههـأآ..عقبال سحلية XD

ما سر حلـم ليوو والصورة..معقول يكون حب وحده من قبل وتعقد..ولا يحب إبف :cool:

والله مو عارفة أقول إيه..

بس البارت كان حلوو كالعـادة..

إحــم، خليكِ داايمـا شاطرة كدا واكتبي بسرعة < أووت كككك

يلا بانتظار البارت القادم..ما تتأخري..

تقبلي مروري ~


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ر=
الحمد لله تمام بس تغير الجو و انقلابه سبب لي زكام شديد عبرت عنه رمزيتي كااك :d

ههههه عادي يا قمر و لا يهمك اتأخري براحتك و ربنا يوفقك بالمدرسة ^^

اصبري الاحداث بتبدأ تسخن و قرب وقت ظهور السحلية مواهاهاهاهاااا

روي أنا كمان أكره الانسان ده يب كنت اقصد انه شبيه لسحالي تخيلي بقى لما تظهر سحالي و تجتمع مع روي بتسبب ازمات نفسية للاعضاء و ارتفاع ضغط بلو اوشن ككك xDD"

ليو بيخطط لحاجات كتيرة :ضحكة: بتعرفي بالبارت الجاي هل هو بريء من اللي عمله بروي و الا لاء؟ :مكر:

سر الحلم كله بيتفسر ان شاء الله قريباً <~ حاسة اني هتحدف بالطماطم كااك xDD"
جومينيه لاني اتأخرت بس مريت بظروف فقدت فيها قدرتي عالكتابة و التعبير و حسيت ان افكاري مسلسلة بقيود و مقموعة =(

لذلك اتأخرت T__T

بس ان شاء الله مش تتكرر تاني ^^

أشكرك يا قمر على المشاركة الجميلة بجد مش عارفة اقولك ايه غير الله يسعدك زي ما بتسعديني و بتشجعيني ديماً :ضحكة:

فيرا
24-10-2011, 00:16
أشكر جميع من دخل و قرأ و علق بتعليقاتٍ جميلة أسعدتني كثيراً و أشكر كذلك من قرأ سواء عضو أو ضيف و أعتذر بشدة عن تأخري بوضع الفصل ^^"

الفصــل الثــامــن و العشــرون


سماء زرقاء ذات سحب بيضاء متجمعة و نسمات هواء خفيفة تحمل أوراق الشجر المتساقطة لتبعثرها فوق جداول المياه الرقراقة! ربما كان اليوم هادئاً على غير العادة و ربما لا يمت لجو لندن بصلة, و لكن هذا هو الواقع و هذه هي الحقيقة إن كل شيءٍ ساكن كسكون المياه!

و ربما كان الطقس لا يعكس ما يحدث بداخل ذلك المبنى الشاهق و الذي حمل اسم
" برايت "

و بالتحديد داخل المكتب الأنيق الواسع حيث بات الجو مشحوناً بالارتباك و الأحاديث المطولة و ربما صفقات و عروض كذلك !

و على إحدى المقاعد الفاخرة حيث جلس ذلك الرجل البدين, حسناً لن أعيد وصفه مجدداً فقد عرفتم من أقصد بالتأكيد, أليس كذلك؟!

نعم إنه جيمس لامونت بضخامة جثته و قد راح يمسح جبينه من العرق الذي تصببه كثيراً رغم برودة الجو, كان الارتباك يطل من عينيه الغائرتين وسط كتله الدهنية و هو يبتسم بتلك الابتسامة الصفراء المتوترة قائلاً:

- حسناً, ما رأيك يا سيد هارتيل فيما قلته للتو؟! أظن أنه عرض لا يفوت!

تنحنح قليلاً عندما وجد هارتيل غير مبالٍ به و قد أخذ يراجع ذلك الملف الذي أعطاه إياه منذ وصوله, فناداه بصوتٍ أعلى بتشكك:

- سيد ليونارد! هل سمعتني يا ترى؟!

رفع الآخر عينيه من على الأوراق عندما تنبه له ,ليرمقه بنظرات خالية من أية تعابير لا تدل هل هو موافق و مرحب بتلك الفكرة أم أنه معارض؟! ثم تساءل بنبرات تكافئ نظراته:

- كم مبلغاً ستحتاج لفعل ذلك؟!

ربما قد مر على جيمس حالات معقدة و صعبة و ماكرة بالسوق و لكنها المرة الأولى التي يعجز فيها عن فهم الشخص الذي أمامه, حسناً إن ذلك الليونارد لغز معقد و محير , إنه صنف من البشر يصعب على أمثاله فهمه!

زادت ابتسامة ذلك العجوز فازدادت نظرات الآخر بروداً و هو ينتظر إجابته, فتنهد بيأس قائلاً:

- حسناً هل أعتبر هذه موافقة أم ماذا؟!

انتظر أن يجيبه و لكن ليونارد ظل يرمقه بنفس النظرات الثابتة و التي جعلته يشعر بغصةٍ في حلقه, فتنحنح مجدداً قائلاً بتردد:

- على كل حال إن المبلغ ليس كبيراً, مليون جنيهاً فقط

ظلت تلك النظرات المتطايرة تضغط عليه لتجعله يشعر بالحرارة أكثر, تمنى أن يبعد ذلك الشاب عينيه عنه و لو لثوانٍ فقط !فراح يتأمل قدح الشاي الذي أمامه بانتظار الرد حتى كاد أن ينفجر الزجاج و تتناثر شظاياه بالمكان , أما الآخر فقد أمسك بقلمه الخاص و راح يضغط عليه مصدراً صوت تكتكة مزعجة قد زادت من التوتر النفسي لدى جيمس, مما جعله يمسك بكوب الماء ليجترعه على أمل أن يسمع الموافقة و لكن يبدو أن الأمر ليس هيناً كما توقع!

مر بعض الوقت و لازال الآخر يتلاعب بالضغط على قلمه, فنظر بساعته ثم طرح السؤال مجدداً قاطعاً السكون بإلحاحه:

- لم تقل لي ما رأيك؟!

صمت منذهلاً عندما فوجئ به يمد بالإيصال نحوه, فتناوله و هو لا يصدق نفسه عندما قرأ القيمة المكتوبة به, فقال مبهوتاً:

- و لكنني طلبت مليوناً فقط, لماذا كل ذلك المال؟!

دون أن ينظر له أجاب باقتضاب:

- ربما احتجت أكثر من مليون, اعتبره مبلغاً للطوارئ

انفرجت أساريره و لمعت عيناه عندما أخذ يحدق بالإيصال الذي بيده, ثم بنبراتٍ تملؤها الامتنان قال:

- لا أعرف كيف أعرب لك عما بداخلي و لكن أشكرك سيد هارتيل على كرمك الزائد هذا, و أعدك بأنني سأسدد المبلغ قريباً

دسه في جيب معطفه الرمادي ثم نهض من على المقعد لكي يغادر بعد أن أنهى حديثه معه, و لكن استوقفته تلك الكلمات التي سمعه ينطق بها:

- لا تشغل بالك بالسداد الآن, فهنالك وقتٌ طويل... طالما أنت حي!

ربما قد توهم أنه سمعه ينطق تلك الكلمات بنبرات غامضة بثت جواً من الرعب! و لكن عيناه لا تخدعانه عندما شاهده يرمقه بعينين حادتين و يبتسم للمرة الأولى و هو يسند ذقنه فوق يديه المتشابكتين و لكنها ابتسامة باهتة لم ترحه على الإطلاق!

على أية حال أقنع نفسه بأنه يتخيل و أن ذلك ربما من تأثير المكان عليه! ثم استأذن بالانصراف و خرج من المكتب مغادراً المبنى بأكمله!

ليس هنالك وقت ليضيعه في التشكك بليونارد أو طرح الأسئلة بشأن " لماذا ذلك الكرم المفاجئ؟!" المهم الآن هو أن يخطط جيداً لتسويقٍ أفضل كي يربح أضعافاً مضاعفة و يسدد ذلك الدين!

فلطالما كره الديون...كثيراً جداً !!

انطلق بسيارته الفارهة قاطعاً الطريق نحو شركته في رضا تام, ربما لم يلحظ نظرات ليونارد الغريبة التي رمقه بها! أو ربما لم يُلقِ لذلك بالاً ,فلماذا سيعكر صفو مزاجه الآن بتلك الأمور؟! ,لينظر كما يريد فلن يعلق على ذلك الأمر التافه! إنه شاب غريب الأطوار و انتهى!!


فيرا
24-10-2011, 00:16
كانت تطوي الأرض تحت قدميها, حيناً تمشي على عجل... و تبطئ حيناً, لم تكن سرعتها مستقرة كقلبها تماماً, فهو أوقاتً يثور و أوقاتً يصمت!

أخذت تراقب ظلها بعينين شاردتين مفكرةً بما ستقوله أمامه؟! و ما هي ردة فعله؟! و هل شكوكها صحيحة أم لا؟!

تمنت أن تكون مخطئة و أن تكون شكوكها بغير محلها على أن تهتز و تتشوه صورته أمامها, فلطالما كانت تنظر له كفارس أحلامها و بطلها الوحيد, و لكم أتت عليها ليالٍ قد تمنت بها أن يعلم بتلك الحقيقة!

هاهي الدمعة تتلألأ على سطح عينيها تريد أن تسقط و لكنها تطبق جفنيها بقوة مانعةً إياها من الانفلات, ثم تكمل سيرها بخطى ثابتة..

عقلها المزدحم بتلك الأفكار المتذبذبة جعلها لا تسمع تلك الأصوات الصاخبة حولها, و كذلك لم تشعر بأنها قد دخلت البناية الشاهقة و استقلت المصعد صعوداً للطابق العلوي!..و أنها الآن واقفة أمام الباب الأبيض و الذي سيفضي بها إلى مكتبه!

رمشت مذهولة بأهدابها كثيراً و هي تفكر متى وصلت؟! و كيف؟! ثم رفعت بيدها لتطرق بابه كي تدخل و لكنها توقفت بمنتصف الطريق و ظلت معلقة ...تائهة ما بين تلك الأفكار التي داهمتها و تلك المشاعر التي راحت تتخبط بداخلها!

" كيف سأواجهه؟! "

أطرقت برأسها للأسفل و راحت عيناها تهتزان عندما أخذت تفكر فيما ستبدأ به كلامها معه؟! هل تبدأه بسؤالها عن لماذا فعل ما فعل مع روي؟! أم تخبره فقط عن الحادث؟!

استنشقت بعض الهواء البارد ثم حاولت البحث عن بعض الشجاعة بداخلها... و تردد صدى طرقها ليزيل السكون!

جالساً مرتكزاً بإحدى ساعديه إلى المكتب و باليد الأخرى قد أطبق على صورة صغيرة كان ينظر إليها و بعينيه مزيجاً من الألم و الحنان..الحب و الكراهية...هذا ما رأته عليه من تشتت عندما دلفت إلى الداخل و وقفت على بعد خطواتٍ منه!

يبدو و كأنه معها بنفس الغرفة و لكنه بالحقيقة كان بعالمٍ آخر..بعيداً كل البعد عن الواقع! لم يسبق لها أن رأته بتلك الحال العجيبة, لم ترى عينيه تهتزان بذلك الشكل من قبل؟! لم تسمعه يتنهد بتلك الحرارة إلا الآن؟!

تحركت للأمام بضع خطوات و لكن يبدو أنه لم ينتبه لوجودها معه! مما جعلها تشعر بغصة كبيرة داخل روحها و بداخلها قفزت تلك الأسئلة الفضولية

" ما هذه الصورة التي بحوزته؟! و لمن؟!...و لماذا يبدو مشتتاً بهذا الشكل؟! "

تنحنحت قليلاً و عندما لم يسمعها سعلت و هي تضع بيدها على فمها ثم قالت بتهذيب لتسترعِ انتباهه:

- سيد ليونارد!

لماذا خفق قلبها بهذا الشكل؟! و لماذا انصهرت روحها عندما رفع ببصره نحوها ليرمقها بانذهال؟! و ما بال تلك الحرارة التي طغت فجأةً عليها! و تلك الرعشة التي سرت بجسدها عندما قال بعدم استيعاب:

- إيفلين!..منذ متى و أنتِ هنا؟!

لكم عشقت حروف اسمها و تمنت لو تسمعه ينطقها مجدداً! و إلى الآن لا تعلم لماذا تريد أن تبكي كلما رأته؟! و لم كلما نظرت داخل عينيه الحائرتين شعرت بالضياع؟!...
ارتبكت و هي تجيب تساؤله :

- منذ دقائق معدودة.

صمتت قليلاً عندما لم تعرف ماذا تقول؟! هل هو فقدان ذاكرة؟! أم أن كلماتها قد هربت منها كالعادة؟! أشاحت ببصرها عنه ثم قالت معتذرة:

- آسفة سيدي سوف أذهب الآن!

همت بالانصراف و هي توبخ نفسها على ذلك التصرف الأحمق! لماذا كلما جاءت تتكلم معه تزداد حماقتها؟! لماذا لا تتصرف بطبيعتها معه و حسب؟! لماذا تتغير نبرات صوتها عندما تكون أمامه؟! و لماذا قلبها يدق بذلك العنف محدثاً ضجيجاً عندما يكون هو بالجوار؟!

لم يرق له رؤيتها بهذا الشكل و أحس بأنها كانت تريد شيئاً ما منه و قد آثرت الصمت و الانسحاب! ظن أنها قد خافت أو ارتعبت من سؤاله المباغت لها! شعر بأنها ربما قد تضايقت من ذلك, فنادى عليها حتى تقف و بالفعل أوقفت إيفلين سيرها و لكنها لم تنظر له!

وضع تلك الصورة جانباً فوق مكتبه و أخفاها تحت كومة من الأوراق ثم اتجه نحوها و وقف خلفها مباشرةً و هو يتساءل:

- إيفلين..ماذا بكِ؟! لماذا ستذهبين بتلك السرعة؟! هل هناك شيء ما يزعجكِ؟!

بعد فترة أرهقها الصمت تلفتت لتواجهه بعينين مترددتين و ابتسامة قد سرقتها لتخفي ما بداخلها, و لكن حالما اصطدمت نظراته مع نظراتها تلاشت كل تلك الشجاعة التي ادخرتها لمواجهته و شعرت بتلك الأحاسيس تعود لتنبع بداخلها من جديد!

تحرك قلبها حينما اقترب منها فابتعدت متراجعة للخلف و عندما لاحظ ذلك توقف على مقربةٍ منها متعجباً و متسائلاً كذلك:

- هل أنتِ خائفة مني؟!

" لماذا لا يفهمني؟! لماذا لا يشعر بي مطلقاً؟!..ماذا أفعل كي أخبره أنني؟!..."

أخذت تنظر بجوارها هاربةً من عينيه اللتين طوقتاها فتسارعت أنفاسها ثائرةً بداخلها...علمت أنها لو جست رأسها الآن لوجدتها متقدة مثلها!

هزت رأسها نفياً ثم حاولت أن تستعيد رباطة جأشها من جديد و بداخلها قد عزمت على أن تخبره الحقيقة مهما كانت فقالت:

- فقط كنت أود إخبارك بأن قريبي روي الذي حدثتك عنه مسبقاً قد... تعرض لحادث بسيارته

رفعت برأسها لكي ترى ما هي ردة فعله على ذلك الخبر؟! فوجدت علامات التأثر قد اكتست ملامحه ثم قال متفاجئاً و مواسياً :

- ماذا؟! متى حدث هذا؟! تمنياتي له بالشفاء العاجل..

صمت قليلاً ثم ابتسم قائلاً حتى يخفف عنها :

- هذا ما كان يشغل بالكِ إذن!.. يبدو أنكِ تحبينه بعد كل ذلك!

عبس وجهها و قطبت حاجبيها حينما سمعت ذلك الكلام منه, فأجابته بنفي حاد :

- لا...إن الأمر ليس هكذا!

بانت علامات الدهشة على وجهه فاعتذر قائلاً :

- آسف لم أقصد أن...

قطع كلامه محاولاً صرف الموضوع فقال بعد برهة:

- كيف حدث ذلك الحادث له؟! هل هو حديث بالقيادة؟! ما الذي حدث بالضبط؟!

ثم أشار لها لكي تجلس على الأريكة البيضاء و جلس هو أيضاً بجوارها مستمعاً لما راحت تخبره به :

- لا يا سيدي إنه ماهر بالقيادة, و إنما ما حدث له هو بفعل فاعل...يبدو أن أحداً ما يريد الانتقام منه! لأنه أخبرني بأن سبب الحادث هو انعكاس ضوء سيارة أخرى كانت تتبعه!

- هذا غريب! من يا ترى يكره قريبك إلى هذا الحد؟!

هكذا أردف ليونارد و هو ينظر باستفهام نحوها, أما هي فقد حاولت ضبط أعصابها و بداخلها تتساءل محتارةً في أمره

" لماذا لا يبدو عليه الارتباك أو التوتر؟! هل أعصابه مصنوعة من الحديد؟! لماذا لا يعترف و يريحني؟! "

و لكن قلبها يعود ليجادل عقلها مستلماً زمام الأمور

" لا..لابد أنني مخطئة..أشعر بأنه بريء من ذلك..ربما كان بالنهاية مجرد حادث عابر و ليس متعمداً"

لاحظ ليونارد ذلك الصراع الذي بانت آثاره في عينيها الشاردتين, فرجح أنها قلقة على ابن عمتها ذاك و أنها لن تستطيع العمل اليوم بهذا الشكل..فتنحنح قائلاً بلطف:

- تستطيعين أن تأخذي اليوم كإجازة من العمل يا إيفلين.

استيقظت من أفكارها المبلبلة و هي تنظر له فاغرةً فاهاً و كأنه كان يتكلم بالألغاز أمامها, فأومأ لها مؤكداً عرضه ثم أكمل مبتسماً:

- الآن هو بحاجةٍ إليكِ..لذا, اذهبي و اجلسي معه.

ساعدها على النهوض من مكانها و هي لا تزال تحت تأثير الدهشة, لا تعرف ماذا عساها أن تفعل ؟! لماذا لا تستطيع أن تقولها بكل صراحة؟!

وصلت نحو الباب و سمعته يقول من خلفها :

- أتودين أن أوصلكِ إلى المشفى؟!

هزت رأسها قائلة بشرود : - لا ..شكراً لك!

لم تكن تعي ما تقوله, كان عقلها منشغلاً و يحثها على الرجوع إليه و مجابهته..قلبها كذلك يدفعها دفعاً لإخباره, فباتت الحركة عسيرة عليها! حتى توقفت بمكانها و التفتت إليه مجدداً لتتقابل عيناها بنظراته المتسائلة, ثم عندما جاء ليصرح عن سؤال عينيه أجابته هي على الفور مباشرةً و بكل صراحة :

- سيد ليونارد أنا أعرف الفاعل...أنا أعرف كل شيء!

لم يفتح فاهه ليتكلم فقد ألجمته ردة فعلها الغريبة تلك الصمت , و لكنه نظر إليها ليحثها على المتابعة دون تردد فقالت بانفعال و هي تغمض عينيها و تطرق برأسها :

- إن الفاعل ...إن الفاعل ...هو أنت يا سيدي!...أجل إنه أنت!

خرجت كلماتها متسارعة مع أنفاسها المتلاحقة و لم ترد أن تفتح عينيها لترى ما هي ردة فعله على ما يسمع من اتهام صريح و مباشر, و أصرت أن تكمل كلامها و لكنه خالطه بعض البكاء:

- لقد سمعتك منذ يومين و أنت تصدر أمراً لأحدهم بأن يحطمه..هذا بعد أن أخبرتك بأمر روي.

صمتت قليلاً ثم رفعت بعينيها إليه ليرى تلك الدموع التي قد احتشدت في مقلتيها لتنحدر و بصوتٍ قد تغلغله الأسى راحت تتساءل و تلومه :

- لماذا؟!..لماذا فعلت ذلك؟!

كانت علامات الصدمة قد اكتسحت نظراته و ملامحه, فأشار بسبابته إلى نفسه بعد فترة ليست بالقصيرة قائلاً باستغراب:

- أنا!...هل تقصدينني بهذا الكلام؟!

عندما تداركت ما تفوهت به من اتهامات و كلمات قد حملت التجريح في مضمونها, شعرت بتأنيب الضمير يجتاحها خاصةً عندما رأته ينظر إليها منتظراً الجواب, فقالت بنبرات الاعتذار مجدداً و هي تخفض رأسها :

- آسفة سيدي..حقاً لا أعرف كيف جرؤت على التحدث إليك بهذا الشكل و لكن؟!

عضت على شفتها السفلى من الاضطراب ثم أكملت و هي ترفع ببصرها لتنظر إليه بعينين دامعتين :

- و لكنني لم أفعل ذلك و لم أقل ذلك إلا لأنني...لأنني...

أخذت تردد كلمة لأنني كثيراً و لم تعرف ماذا تقول له؟! حتى أنهت جملتها قائلة :

- لأنني خفت عليك و لم أكن أريدك أن تتورط بتلك المشاكل !

لم يكن هذا بالطبع ما أرادت قوله, ربما نطقت بنصف الحقيقة فقط..و لكن النصف الآخر فضّلت الاحتفاظ به داخل قلبها على أن تخبره بأنها...تعشقه!

تنهد بعمق و هو يحك جبهته ثم قال بعد أن حاول استيعاب الأمر جيداً, و بعد أن فهم أنها قد سمعت ذلك الحديث الخاص الذي أجراه بالهاتف منذ أيام قليلة :

- لا أعرف ماذا أقول لكِ؟! و لكن أريدكِ أن تعلمي شيئاً واحداً فقط...أنا لم أمس قريبكِ هذا بسوء و لا أعرف ما هو شكله أصلاً؟! كل ما أعرفه أنه يدعى روي و أنه ابن عمتكِ و أنه يود خطبتكِ...لا أقل و لا أكثر!


لكم أراحها كلامه كثيراً و أزاح ذلك الثقل عن كاهلها فتنفست الصعداء, و لكن مالبثت أن عادت للتشكك من جديد فإذا لم يكن روي المقصود بذلك الحديث..إذاً من الشخص الذي يريد تحطيمه؟!

كان ينظر إليها عندما أوشكت أن تسأله عمّن يريد أن يحطم و لكنها غيرت كلامها قائلة بتردد :

- إذاً ...ليس أنت من تسبب بذلك له؟!..حمداً لله

ابتسم لها و هو يومئ برأسه أما هي فقد اكتفت بكلماته و لابد أن تذهب قبل أن تقحم نفسها بما ليس من شأنها و لكن كم أكل الفضول قلبها و هي تتساءل

" من ذلك الشخص الذي يقصده؟! من ذلك الشخص الذي يكن له ليونارد الكره و الحقد الشديدين؟! "

انحنت له بتهذيب ثم استأذنت منه لتنصرف, بعدها اتجهت نحو الباب و فتحته و لكن قبل أن تخرج توقفت بمكانها و تواثبت نبضات قلبها عندما شعرت بيده تطبق على معصمها مع صوته الحالم الذي تخللته نبرات جادة ليخترق صدرها:

- انتظري يا إيفلين سأذهب معكِ لزيارته!

ازدردت الرمق سريعاً حتى يكف قلبها عن ذلك الخفق ثم التفتت إليه و هي تبتسم محاولةً إخفاء ارتباكها أمامه مفكرةً بعمق أتقبل أم لا؟! و لكن إن رفضت ستكون وقاحة منها!

- لن أدعكِ...تذهبين بمفردكِ!

هكذا أتم ليونارد كلامه و قد ابتداه بعطفٍ لينهيه بخفوتٍ! لم يعرف ماذا حدث له عندما تقابلت عيناه مع عينيها فجعلته يشعر بارتجافٍ داخل قلبه و روحه فبات واضحاً على ملامح وجهه أنه تائه بعالمٍ آخر!, حتى إيفلين قد لمحت ذلك فصرفت عينيها بعيداً عنه خجلةً عندما ظلت نظراته متركزة عليها, ثم قالت باستسلام و قد ارتعش صوتها:

- كما تريد يا سيدي!


فيرا
24-10-2011, 00:17
بعض البشر قد قـُدت قلوبهم من الحجر فلم يعد لديهم إحساس أو ربما قد انقطع وريد المشاعر عندهم ليظهر ذلك على ملامحهم الصارمة و أعينهم الحادة و طباعهم الباردة فتخلو وجوههم من أية انفعالات!

مثل والد روي الذي ظل جالساً على مقعده و قد وضع ساقاً فوق ساق بارستقراطية كبيرة و كبرياء مقيتة..إنه يمثل الطابع الإنجليزي بحذافيره لدرجة أنه يصلح لأن توضع صورته بالقاموس للتعريف عن معنى عدم الإحساس و الجمود!

أغلق التلفاز بجهاز التحكم عندما سمع صوت الطرق المنتظم على الباب, ثم تبادل النظرات مع روي الذي كان ممدداً كمومياء فرعونية قد لفت بشرائط فغمغم باستياء:

- أتساءل من ذلك المزعج الذي يطرق؟! ألا يعلمون بأن المريض لابد أن يرتاح؟!

- ربما كانت إيفلين يا أبي!

هكذا علق على والده بصوتٍ منهك القوى, فأومأ الأب موافقاً و لم يتزحزح من مكانه ليفتح و بعينيه استقرت نظرات الاستعلاء و التكبر!

صدر صوت إدارة المقبض ثم انفتح الباب بعدها لتظهر أمامهم فتاة ذات شعر قصير يصل إلى كتفيها لونه كلون الكراميل , و قد جمعته بمشبكٍ للخلف بينما تدلت بعض الخصلات على عينيها الحالمتين.

خلعت معطفها الأزرق و طوته على ذراعها عندما شعرت بأن الغرفة دافئة عن الخارج, و ابتسمت فور ما وقعت عينيها على ذلك الوجه الجامد و الذي لم يؤثر به كبر السن مطلقاً سوى فقط بعض الخطوط المجعدة و التي انتشرت تحت العينين و على جانبي الفم, كانت الصرامة تطل من عينيه و هو يرمقها بثبات مما أجبرها على الكلام قائلة بارتباك:

- مرحباً عمي! متى وصلت من سفرك؟!

أخذ يتفحصها من أعلى رأسها لأخمص قدميها ثم ضيق عينيه و هو يجيبها بنبراتٍ مقتضبة شعرت بالصقيع يتخللها :

- مساء الأمس! و عندما أتيت لم أجد أحداً جالساً ليهتم به!

نظرت له باعتذار ثم أطرقت برأسها و هي تقول :

- آسفة عمي و لكنني كنت مشغولة بالعمل!

- حسناً, لا يهم!

قالها ببرود و لامبالاة شديدين جعلتها تشعر بالإحباط على الفور فابتسمت على مضض و هي تحاول صرف ذلك الجو الكئيب الذي غلف الغرفة. تخلل صوت طرق منتظم آخر عبر الهواء مشتتاً انتباه الجميع لتلتفت إيفلين و على وجهها علامات الدهشة عندما تذكرت أنها قد نسيته بالخارج و لم تخبرهم عنه حتى, فسخرت من نفسها و هي تضع بيدها على فاهها

" يالكِ من فتاة لقد نسيتِ أمره تماماً !"

اتجهت أنظار الجميع نحو الباب, حتى والد روي اللامبالي قد رفع رأسه لينظر من الطارق رغم نظرات عينيه التي كانت تشبه نظرات الأسد الكسول. تنحنح عندما وجد الجميع يحدق به و كأنه مخلوق غريب قادم من المريخ! أمسك بباقة الزهور جيداً ثم أومأ برأسه تحيةً لهم فانسدلت خصلاته الشقراء على عينيه و هو يقول بأدب جم:

- مساء الخير جميعاً!

- أهلاً سيد هارتيل تفضل!

بالطبع لم يرد عليه أحد سواها فقد كان روي يرمقه بنظرات الفضول و الغرابة أما والده فهو عجوز متعالٍ لذا لم يكلف نفسه عناء الرد. تناولت منه الباقة و هي تشير له بيدها مرحبة كي يخطو للداخل ثم قالت و على شفتيها تلك الابتسامة الرقيقة:

- شكراً لك يا سيدي و اعذرني لأنني جعلتك تنتظر كل ذلك الوقت

تلفتت خلفها عندما استرع انتباهها ذلك السعال البسيط ليخرجها من حالة الشرود التي كانت ستدخل بها, ففهمت أنه يتساءل عن كنه ذلك الشخص؟! لذلك ابتسمت و هي تعرفهم عليه قائلة:

- إنه السيد ليونارد هارتيل يا عمي..صاحب شركة برايت التي أعمل بها و التي كان والدي يعمل بها.

أعادت نظرها بعدها إليه لتعرفه عليهم قائلة و هي تشير نحو السرير الأبيض القابع وسط الغرفة:

- و هذا الشاب هو روي ابن عمتي.

ليرمقه روي بتلك النظرات النارية و التي حملة شعلة الغيرة في مضمونها عندما رآها تتكلم عنه بذلك الحماس فقال بامتعاض:

- تشرفنا!

لكم أرادت أن تحطم أنفه و لكنها ابتسمت بدلاً من ذلك و هي تحاول تجاهله مواصلة كلامها قائلة و هي تشير إلى والده الجالس على المقعد الأبيض و قد كان واضحاً أنه مزهواً بنفسه :

- السيد جون بانستر زوج عمتي و والد روي!

لوهلة اصطدمت عيناه الجامدة بعينيه الزرقاوتين عندما رفع أنفه في شموخ مستعلي ليجد نفسه يتساءل بصوتٍ رتيب و كسول :

- هل رأيتك من قبل؟!

ربما كانت نبراته غير مبالية بعض الشيء و لكن رغم ذلك قد حمل السؤال نوعاً من الاهتمام حتى و إن كان شحيحاً! أخذ ينظر له منتظراً إجابته و هو لا يعرف لماذا وجه له ذلك السؤال؟! و لكن بأعماقه كان يشعر بأنه قد رآه في مكانٍ ما من قبل و لكنه لا يتذكر؟ فرجح ذلك لكبر السن! ابتسم له ليونارد ثم أجابه بثقة دون أن يبعد عينيه عنه:

- لا أظن أننا قد تقابلنا قبل الآن يا سيد بانستر!

تعالت الدهشة بعيني إيفلين و روي و هما يسمعان ذلك التساؤل الذي طرحه للتو فعلق الآخر قائلاً و قد كان يقصد الاستهزاء :

- بالطبع لم نره قبل الآن يا أبي, فمن أين لنا أن نسمع باسمه؟!

تضايقت إيفلين كثيراً من تصرف قريبها و احمر وجهها من الحرج فنظرت له بعدوانية جعلته يبتلع لسانه بداخله ثم زجرته هامسة :

- هذا يكفي يا روي!

أجفلت عندما سمعت صوته يتساءل مجدداً و مجادلاً إجابة ليونارد عندما لم يقتنع بها:

- و لكنني أشعر بأنني رأيتك من قبل!

كان يحك ذقنه مفكراً, إنها أول مرة تراه يستغرق بالتفكير هكذا و لكن بنفس الوقت قد استغربت و تساءلت " هل يمكن أن يكون ذلك صحيحاً؟! و لكن أين رآه؟! "

- ربما سمعت عني أو رأيتني بإحدى الصحف!

هكذا جاءت إجابته البسيطة قاطعةً تفكيره و تفكيرها لتقتنع بذلك عندما ابتسمت مؤيدة لما قال..ربما هي فقط من كان مقتنعاً أما السيد جون فلم يعلق عليه و لم توحِ نظراته إن كان قد اقتنع أم لا ,فقط نهض من مقعده أخيراً ثم وضع قبعته السوداء فوق رأسه و تناول معطفه من على المشجب قائلاً :

- سوف أذهب إلى البيت..اهتمي به جيداً يا إيفلين

لم يكن ينظر إليهم بل كانت نظراته منصبة على ليونارد الذي بادل كل تلك النظرات المتشككة بابتسامة...ربما لم تعني شيئاً و ربما قد عنت الكثير! و عندما وصل نحو الباب توقف ليلتفت إليه متسائلاً:

- قلت لي ما اسمك؟!

- ليونارد هارتيل يا سيد جون!

قالها بثقة كبيرة و على شفتيه لازالت تلك الابتسامة مرسومة و لم تبرح مكانها... تنشق جون الهواء ثم زفر و لم يعلق بعد ذلك متجاهلاً الأمر برمته, ثم أغلق الباب خلفه بعد أن خرج!

بعد فترة وجيزة عاد لينظر إلى روي و الذي لم تغادر الكراهية و الاستفزاز نظراته مطلقاً, فانحنى له ثم قال بهدوء :

- أتمنى لك الشفاء العاجل!

رفع رأسه لينظر إليها قائلاً بلطف :

- سوف أذهب أنا الآن, و يمكنكِ البقاء معه فلا تشغلي بالاً بالعمل.

لمعت أسنان روي من الابتسامة عندما وجده يخطو بقدمه نحو الباب ليخرج, كان فرحاً لأنه سيغادر و يتركهما معاً فزفر بارتياح متمتماً بصوتٍ منخفض:

- أف أخيراً !

و لكن لم تكتمل فرحته الغامرة عندما فوجئ بها قد وقفت و هتفت باضطراب :

- سيد ليونارد!

توقفت قدماه عن السير عندما سمع صوتها يهتف باسمه فشعر بأنها تريد شيئاً ما منه, التفت ليواجه عينيها اللتين أخذتا تهتزان بشغفٍ ربما أو ارتباك! كانت تود أن تخبره بالكثير و لكنها ظلت صامتة تنظر إليه بنظراتٍ تمنت فيها ألا يتركها و يذهب, لا تعرف لماذا طرأ عليها ذلك الشعور المفاجئ و الغريب؟!

التعلق هذا هو شعورها, أجل لقد أحست بالحزن يجتاحها عندما رأته سيذهب من أمامها و يبتعد, إنها تريده أن يكون معها دائماً و لذلك هتفت لا إرادياً باسمه! أما هو فقد شعر بقلبه يتحرك بداخله و بالدفء يسري بعروقه من تلك النظرات المشعة من عينيها فلم يدرِ بنفسه إلا و هو يجيب متسائلاً بخفوت :

- هل هناك شيء ما؟!

توردت وجنتيها من نظرات عينيه التي ظلت متعلقة بها في اهتمام, و بداخلها لم تعرف ماذا تقول له لذا اخترعت أية إجابة و أخبرته بنبراتٍ مضطربة:

- لا شيء, فقط كنت أود أن أقول لك...شكراً

صمتت قليلاً لتُلبِس ملامحها بعض الجد و تتأكد من أن ذلك ما تريد! فقالت من جديد و قد كانت تعني ما قالته:

- أجل شكراً لك على كل شيء!

و كأنها كانت تود أن تتأكد من امتنانها له, حسناً على أية حال لم يكن ما قالته كذباً أو تلفيق بالرغم من أنها كانت تود قول شيء أو أشياء أخرى له.. و لكنها اكتفت بالشكر و الابتسام!

ابتسم هو الآخر عندما وجد نظرات الامتنان تملأ عينيها فأومأ لها ثم ودعها و انصرف بعد ذلك تاركاً إياهم معاً!

راقب روي كل ما دار أمامه بعين الغيرة و الحقد, فها هي حبيبته يراها تعامل ذلك الغريب بكل ذلك الاحترام و الشغف و الإعجاب قد ملأ عينيها و طغى على نبراتها و إحساسها, تمنى لو أن تدير له بالاً مثلما تفعل مع ليونارد و لهذا عندما وجده قد رحل أطلق زفرة طويلة عبرت عن ضيق صدره ثم قال بفظاظة:

- هذا أفضل!


فيرا
24-10-2011, 00:18
زالت الشمس عن الأفق لتفصح المجال لتلك الحسناء الفضية كي تشع ببريقها الساحر وسط سماء حالكة السواد, إنه الليل و قد هبط بأجنحته ليفرض سيطرته على المكان قائلاً أنا الأجمل بسكوني و صمتي!

في هذا الوقت أغلب البشر يخلد للنوم و البعض قد يدثر بوشاحه أو معطفه ملتمساً الدفء و بجواره قدحاً دافئاً من الشاي ليحتسيه ببطء و انسجام مع نغمات الموسيقى الكلاسيكية أو مع تصفح رواية من روايات شكسبير الرومانسية أو ربما يفكر بتلك الألغاز المتشابكة في قصص شارلوك هولمز البوليسية..أما هو فقد وقف يتأمل كعادته أضواء الإعلانات التي راحت تضوي بصخب و اللاشيء هو ما انعكس من تعبير عينيه!

مرت فترة قصيرة أطلق بعدها تنهيدة ثم اتجه نحو الحمام كي يغسل وجهه عندما أحس ببعض الإرهاق و التعب! فرك عينيه و هو يقف أمام الحوض و قد تخلل خرير الماء المنسكب من الصنبور المفتوح عبر أذنيه ليجعله شارداً و هو يرمق وجهه المبلل في المرآة.. أزاح بعض الخصلات الشقراء من على جبهته إلى الخلف لتظهر تلك الندبة الصغيرة و التي كانت متوارية في الجزء الأيمن منها! تحسسها بأصابعه و قد تبدلت نظراته من الخواء إلى الحزن و الألم! تلألأت بعينيه بعض الدموع فأغلقهما على الفور ثم ضرب الحوض بقبضته و هو يغمغم :

- تباً..لماذا لا تريد تلك الذكريات أن تتلاشى؟! لماذا؟!

شعر بأن هناك وحشاً مكبلاً بداخله يزأر لكي يطلق عنانه..يريد أن يخرج و يتحرر من تلك الأغلفة التي غلفته, فتمنى أن يصرخ حتى الموت لأنه لم يعد يستطيع منع نفسه أكثر!

خرج من الحمام بعد أن ارتدى منامته الزرقاء و قد أخذ يفتش بجنون في كل ركن من أركان بيته, فتبعثرت كتبه و أوراقه و أشياءه على الأرض و هو يصرخ و يجز على أسنانه بغضب:

- أين هي؟! أين؟!

توقف عن ذلك الجنون عندما تعلقت أنظاره بتلك الصورة الصغيرة و التي كانت مقلوبة و واقعة بجوار معطفه الرمادي على الأرض. أخذ يلتقط أنفاسه الثائرة و هو يرمقها بنظرات نارية ثم انحنى يلتقطها و قد بدا أنه وجد ضالته أخيراً!

رفعها إلى بصره و تأملها لثوانٍ جعلت جبينه يقطب أكثر فهمس بصوتٍ بان التحدي فيه:

- سوف أتخلص منكِ...سترين أنني أستطيع فعل ذلك!

في ثورة عصبيته أمسك بالصورة و قد همّ ليصب جام غضبه عليها و يمزقها بكلتا يديه و لكنه أوقف نفسه قبل فعلها و كأن تلك النيران قد خمدت فجأةً فتبدلت نظرته إلى الانذهال و الاستغراب و كأنه قد فاق الآن فهمس بعتاب:

- لا ,ماذا ستفعل؟! هل كنت ستمزقها؟! هل كنت ستحرمني منها ؟! لا لا تفعل ذلك! توقف لا!

انهار جاثياً على ركبتيه وسط تلك الفوضى العارمة ثم أخذ ينظر للصورة التي احتضنها بين كفيه و كأنه يخفيها عن أعين الناس, بعينين قد لمع الحنين و الاشتياق فيهما فاهتز بؤبؤهما و هو يضمها إلى صدره مكملاً بصوتٍ هامس يشوبه الدمع و العتاب:

- لا لن أستطيع..لن أفعل ذلك! سامحيني أرجوكِ!

مدد على الأرض عندما شعر بالتعب يسيطر عليه و لم يتجه إلى سريره! ثم اعتصر الصورة بين أحضانه أكثر و لو استطاع أن يدخلها إلى قلبه فسيفعل! همس باشتياق قبل أن يغلق عينيه و يغفو :

- لن أبعدكِ عني أبداً...أبداً!

___________________

فيرا
24-10-2011, 00:19
بانتظار رأيكم ^^ لا أعرف حاسة إن البارت مش قد المقام ^^"
أرجو أن تسامحوني فيه ^^"

و أريد أن أعرف ما رأيكم بالأحداث؟ =\
و يا ترى صورة مين دي؟ :مكر:
يلا يا جماعه فكروا xDD

CALM FEMALE
24-10-2011, 03:12
السلام عليكم:)
كيفك يا آنسه فيرا ... انشالله تمااام ;)
واخيراااا قدرت اسجل في الموقع عشان ارد على روايتك الاكثر من رااااائعه :p
ماشاءالله عليك ... اسلوبك يدل على انك انسانه فنًااانه بمعنى الكلمه
وعندك مخيله واسعه ... وطريقة وصفك محسستني اني عايشه معاهم في الاحداث
في كلام كثييير نفسي اقوله لك بس ماني عارفه اعبر لك ...لكن روايتك جدااا جدااا رااائعه ومن افضل الروايات الي قرأتها واتمنى انك تستمري على هالمنوال::جيد::
وبالنسبه للبارت رووووعه ::جيد::::جيد::
وخليني اتفلسف عليك شوي <<<< تراني احب الفلسفه:d
انا اتوقع انو ليونارد هوه نفسه هيو :rolleyes:وشريكه هوه نفس الرجال الي خدع ابوه وقتله فهيو الان يبغى ينتقم منه ويرد له الصاع صاعين:مكر: وجون بانستر هوه خاله عشان كذا قاله انو شكله مالوف وقد شافو قبل كذا:confused: صح ولا لا :d
ويمكن فلسفتي في النهايه تطلع غلط :D
عمومااا لاتطولين علينا انتظ البارت بفارغ اصبر::سعادة::SEE YAAA

CALM FEMALE
24-10-2011, 03:19
السلام عليكم:)
كيفك يا آنسه فيرا ... انشالله تمااام ;)
واخيراااا قدرت اسجل في الموقع عشان ارد على روايتك الاكثر من رااااائعه :p
ماشاءالله عليك ... اسلوبك يدل على انك انسانه فنًااانه بمعنى الكلمه
وعندك مخيله واسعه ... وطريقة وصفك محسستني اني عايشه معاهم في الاحداث
في كلام كثييير نفسي اقوله لك بس ماني عارفه اعبر لك ...لكن روايتك جدااا جدااا رااائعه ومن افضل الروايات الي قرأتها واتمنى انك تستمري على هالمنوال::جيد::
وبالنسبه للبارت رووووعه ::جيد::::جيد::
وخليني اتفلسف عليك شوي <<<< تراني احب الفلسفه:d
انا اتوقع انو ليونارد هوه نفسه هيو :rolleyes:وشريكه هوه نفس الرجال الي خدع ابوه وقتله فهيو الان يبغى ينتقم منه ويرد له الصاع صاعين:مكر: وجون بانستر هوه خاله عشان كذا قاله انو شكله مالوف وقد شافو قبل كذا:confused: صح ولا لا :d
ويمكن فلسفتي في النهايه تطلع غلط :D
عمومااا لاتطولين علينا انتظ البارت بفارغ اصبر::سعادة::SEE YAAA

pịηk bŁσờđ
27-10-2011, 23:12
السلام عـليكم ورحمـة الله وبركاتــه

أخيرًا قدرت اقرأ @@

سامحيني حبي مقصـرة معـك :7:

كح ندخل في المهم ما أقدر أمسك نفسي..

لحظة لحظة وأنا بقرأ استوعبت شي..كأنه جون ظهر من قبل وكان له علاقة بهيو، ولا أنا بهلوس @@ < أووووووت
يلهوييييييي، هل هذا الشي الزي سيجمع بين الشخصيات :eek: < نو كومنت كككك

وليو، مسكين حسيت عند انفصـام..صعب عليآأ أوي..شويآأ طيب شويآأ شرير..ما يرسي على بر ككك..

بس هالصورة لمــين..معقول لوحـدة نعرفهــا...
موش عارفـة في كثير بنات ..:ضحكة:

بس مو معقول تكون لإيف هل يمكن زآالك ..@@
أو تكون لوحدة من البنات ، أو ...

موش عارفــة أحس حست..

البارت كان جميل جدًا ألبيي، بالعكس حبيته كثير، وأحس أسلوبك كل ماله يزيد حلآأوهـ..

وصفك في البدآأية كثيييير يعجبني..ما شا الله عـليكِ..

وآصـلي حبي، متحمسسسـة للبآرت الجديد..لا تتأخري، وشدي حيلك في تكملتها :ضحكة:

$فانيلا لوسي$
28-10-2011, 06:59
سلآآآم يا زهرتي الجميلة فيراآآ...
كيف حآلك ؟! بخير^^
آآآه البارتات راااائعة جدا جدا
ااه متشوووقة للقادم ولكن أعتقد بأنك ستتأخرين كالعادة)=
ولكن اشعر بأن تأخرك هذا يخبئ لنا الكثير ^^
المهمززز
روي ...لاااه اكره إزآآآي حاسه انه قمر
يالهويييي
و ليو يا قلبي ><
عليييه انا بقولك مين الصورة
[ روزالين-سالي]
وحدة منهم قولي ليش ؟!!
اولا سالي
لما قال هارتيل في الهاتف انو يحطمون ذاك الشخص
امكن يكون هاري وهو ما يبغى تكون البنت الي يحبها مع واحد ثاني صح!!
ثانيا روزالين
مدري احس بان تم ظلمها كثيرا ><
لانها اعتقدت بأن هيو ثري
و اكتشفت غير ذلك ...
ربما يكون من حظها ان تكون هي الفتاة في الصورة
بس احتمااال كبير تكون سآلي
ياااااه تحليلاتي العبقرية حمستني اوي للبارت الجااااي
الله يخليكي لنا يا فيرا(=
استمري في الابداع يا عسل
باااي باي

CALM FEMALE
23-11-2011, 08:36
السلام عليكم

كيفك يا انسه فيرا ؟!!
ان شاء الله تماااموو
انا بدي اطلبك طلب ...

يااريت تنزلين الباارت قريب
انا عارفه انو طلب اناني ,, بس ايش اسوي
والله روايتك تجنن ,, تخلي الواحد ينسطل
وكماان اشتقت لليوناارد(هيو) حبيب قلبي جعل ربي ياخذ هذيك الي ماتتسمى << من كثر كرهي لها نسيت اسمها

ما ادري ليش هو معقد حاله عشانها
والله ماتستاهل هذا كله
الحين عنده ايفلين .. يا لبى قلبها هالبنت
عاجبتني كثيير
اتمنى انها تكون قادره جعل ليونارد ينسى روزالين
ويقع في حبها .. لان شكلها فعلا تحبه وتقدره ..
ياااارب تنزلين البارت في اقرب وقت
اتمنى اني ماطولت عليك ...

CALM FEMALE
29-11-2011, 16:04
بليييييز يا فيراااا
كملييي
تعبت وانا انتظر :(
والله روااايتك تجنن::جيد::

فيرا
24-03-2012, 22:17
Calm Female

أهلاً بكِ عزيزتي كمتابعة للرواية يشرفني و يسعدني كثيراً متابعتك الجميلة و استنتاجاتك الرائعة :أوو:
و أعتذر بشدة عن تأخري لكن حصلت لي مشاكل كتيرة لا أحب أن أذكرها فقط دعواتك لي 3>
حقاً كنت سأتوقف عن التكملة و لكن أشكر أصدقائي الذين وقفوا بجواري و ساندوني خاصةً أختي الوسطى و IRuMI المبدع لولا الله ثم لولاهم لكانت الرواية ستتوقف نهائياً
لن أتأخر مجدداً إن شاء الله و سأحاول أنهي القصة خلال بضعة أسابيع إن شاء الله =)

Pink Blood

شكراً لكِ عزيزتي على المتابعه و المسانده ..حقاً سعيدة لأنكِ تتابعيها و سعدت أكثر عندما طلبتي مني إكماله =)
كلماتي لن تعبر عما بداخلي و لكن حقاً أنا بقمة السعادة ر=

بالنسبة لسؤالك أيوة جون كان خال هيو ش1 أيوة انتي تعتبري وصلتي لنقطة مهمة و يعتبر همزة وصل بالقصة ش1

يا شيخة يعني الصورة لو كانت لإيفلين كان اتعصب عليها كده؟ كاك xD

فانيلا لوسي

أهلاً بكِ عزيزتي سعيدة لأن البارت أعجبك و أعتذر حقاً على تقصيري و غيابي =$
أيوة هو روي زي القمر لكن تصرفاته تجلط الدم ش1 بتشوفي xDD
هي فعلاً اللي بالصورة واحده من الاتنين اللي انتي قلتيهم ش1
روزالين تم ظلمها @,@" روزالين @.@ سحالي xDD
على العموم عجبتني استنتاجاتك ق1

فيرا
24-03-2012, 22:20
الفصــل التاسع و العشــرون


تسلل ذلك الضوء محطماً قيود الظلام ليسطع ذلك القرص المتوهج الكبير مبدلاً الليل إلى نهار مشرق و معلناً بإشراقه يوماً جديداً..
و على زقزقة العصافير فتح عينيه الناعستين تدريجياً ليكتشف أنه كان نائماً منذ الأمس على الأرض الرطبة..
و كان أول ما قابل نظره هو ذلك السقف الأبيض فأخذ يتأمله قليلاً ثم لفت رأسه للجهة الأخرى ليرى أشعة الشمس تتسلل عبر الستار الذي حركه الهواء بخفوت و دلال فأغمض عينيه عندما أزعجهما الضوء و لكن مالبث أن فتحهما مجدداً عندما عبر ذلك الصوت الأثير ليخترق طبلتي أذنيه فنهض من رقدته و مشى متثاقلاً نحو الهاتف ليجيب ذلك المتصل و الذي باشر قائلاً :

- صباح الخير سيد هارتيل، أعتذر إن كنت أزعجتك في مثل هذا الوقت المبكر!

زفر ليونارد و هو يحك خصلاته الشقراء فتبعثرت أكثر ثم أجاب بصوتٍ يثقله التعب و يلفه التعجب:

- ما الأمر يا كارل؟! هل هناك شيء هام؟!

- أحببت فقط أن أعلمك بأن ما أردته قد تم تنفيذه يا سيدي، فلقد خسر الهدف أمام شركاتنا و وصل لقمة اليأس و الإحباط ..
حتى إنه الآن يفكر كيف سيعوض خسارته الفادحة؟!

- حسناً هذا جيد، أحسنتم...و ما المطلوب مني؟!

صمت كارل قليلاً قبل أن يجيب بتردد:

- أعتقد أننا نفذنا ما أردته يا سيدي...لقد وصل لحالة الإفلاس

زفر ليونارد ثم أغمض عينيه و كزّ على أسنانه قائلاً بلهجة حادة :

- لقد قلت أريده أن يتدمر...و أنا أعني ما أقول!

ازدرد الآخر لعابه ثم قال متسائلاً بتردد:

- و لكن يا سيدي كيف؟! أقصد أنه أصبح بحالة بائسة مادياً...ماذا نفعل أكثر من ذلك؟!

- لا تسألني كيف؟! قلت أريده أن يتدمر...لا بل أن يتلاشى تماماً كما يتلاشى الرماد..!

صاح بها ليونارد و هو يضغط على حروفه بغيظ و انفعال معتصراً السماعة بقبضته ثم أغلق بعدها الهاتف قبل أن يزيد الطرف الآخر أي كلمة و بعدها
اتجه نحو الحمام ثم فتح الصنبور بعصبية و أخذ يتمتم في حنق و هو يتأمل وجهه الشاحب بالمرآة :

- يجب أن أجعلك تدفع الثمن..!

أخذ يغسل وجهه بالماء ثم توقف عندما تخلل ذلك الخرير صوتاً ما كان مدفوناً و قد لاح من الأعماق ليوقظه مردداً داخل أذنيه و قلبه

" لا تفعل هذا! لا أريد أن أفقدك!"

هل هو الضمير يا ترى؟!..لا ،إنه صوت يعرفه جيداً...صوت لطالما أثّر به و لطالما كان يملأ قلبه دفئاً و حناناً..!

أخذ يتأمل وجهه مجدداً،ذلك الوجه الذي اكتساه الحزن و زحف الزمن عليه ، بعدها أغمض عينيه قائلاً بسخرية مريرة مخاطباً ذلك الصوت الحنون داخل عقله:

- آسف و لكن لم يعد هنالك شيء لكي أعيش من أجله..فلقد رحلتي و تركتيني وحيداً..!

اعتصر المنشفة بقبضة يده علّها تسكت من لهيب جروحه التي سكنت روحه و لكن لا فائدة، فقلبه الآن يشتعل بنارٍ كانت مقيدة منذ زمن و الآن لا يوجد من يوقفها، إنها تكبر و تزداد و سوف تبتلع كل من يقف أمامها..!



صدى صوت ضربة ناجمة من قبضته القوية هوَت فوق مكتبه الأبنوسي هو ما حطم حواجز الصمت داخل الغرفة الواسعة ليأتي بعدها صوتها المتسائل و الذي من نبراته تستشعر بأن هناك كارثة قد حلّت بهم , ليقول:

- سيدي ما العمل؟! إنها المرة الرابعة على التوالي التي نخسر فيها أمام منافسينا, هل هناك نحسٌ ما قد أصابنا أم ماذا؟!

تنهد ذلك السيد و هو جالس على مقعده الأسود و قد بدا الضغط الرهيب على ملامحه و الإرهاق كذلك فأرخى ربطة عنقه قليلاً ثم تمتم مفكراً و هو يلعب بقلمه الفضي:

- لا يوجد أمامنا حل سوى شركة برايت!

- لا تقل لي أنك تنوي الاقتراض من السيد هارتيل مجدداً!

صاحت بها الفتاة التي نهضت من مكانها فجأة و كأن الكهرباء قد صعقتها ثم سرعان ما تنحنحت خجلةً عندما وجدته ينظر نحوها بدهشة فشعرت بأنها قد تكلمت بوقاحة لذلك قالت مفسرة سر ذعرها:

- أقصد بأن الدين سيتراكم و سيصبح أكبر من السابق و أنا لا أعلم كيف سنسدد كل تلك المبالغ الطائلة؟!

نهض من مقعده ثم أخذ يتمشى ذهاباً و إياباً أمامها مطرقاً برأسه و مفكراً بكلامها و لكنه توقف بمنتصف الغرفة ثم عقد ذراعيه خلف ظهره قائلاً بعد أن عبر عن يأسه بزفرة:

- ليس هنالك حل آخر يا ريتا

- و لكن يا سيد جيمس...

قاطعها قائلاً على الفور قبل أن يسمع تتمة كلامها:

- لنأمل فقط أن يوافق السيد ليونارد على مساعدتنا هذه المرة..!

علت الدهشة ملامح ريتا و هي تراه يضع معطفه عليه فتساءلت:

- إلى أين يا سيدي؟!

- إلى شركة برايت أكيد!

قالها و هو يخرج من باب المكتب أمام عينيها المشدوهتين و لم ينتظر سماع أي نصيحة أخرى منها..!
هكذا هو دائماً..لا يحب الإنصات لنصائح الآخرين بالطبع لأنه يعتقد أن رأيه هو الصواب دائماً و أن أولئك الآخرين لا يفقهون أي شيء..!



ها هو ذا الرجل البدين جيمس لامونت يجلس قبالة إيفيلين وهو ينقر على المكتب بأصابع يده اليمنى في توتر جليّ قبل أن يتساءل وهو يحملق في وجهها متفرساً :

- ألم ينتهي اجتماع السيد هارتيل حتى الآن ؟

رفعت إيفلين نظراتها في وجه ذلك الرجل القبيح و هي لاتعرف كيف تجيب وقاحته؟! ، فهو يأتي في وقت العمل بدون أن يهاتفهم أو حتى يأخذ موعداً!

قلبت شفتها و هي تجيب باقتضاب :

- إنه خطؤك سيد لامونت، فأنت لم تحدد موعداً مع مكتبي .

تأفف بضجر ثم قال بحدّة :

- إذاً أحضري لي كوباً من القهوة الثقيلة ليعدل مزاجي .

زفرت بضجر وذهبت لتحضر كوب القهوة و هي تتساءل في نفسها عن عدم تقبُّلها لرئيس شركة لامونت الضخمة، ولكنها عرفت الآن بعد أن احتكت به احتكاكاً مباشراً و حمدت الله على نعمة العمل مع ليونارد ذو الوجه الصبوح و الأخلاق الحميدة ..

أنهى السيد هارتيل اجتماعه الأخير مع إحدى الشركات الداعمة و بدأ الموظفون في الانصراف ، أرخى من ربطة عنقه قليلاً و استرخى على كرسيه و هو يطلق آهة خافتة من بين شفتيه لكي يحصل على بعض الاسترخاء جرّاء العمل المرهق ..

و لكنه لم يلبث أن يرتاح قليلاً حتى دلفت إيفلين إلى مكتبه و هي تحمل ملفاً يحوي الكثير من الأوراق، اعتدل في جلسته و نظر لها بعينين متسائلتين فقالت بتوتر :

- إنه جيمس لامونت، ينتظر منذ ساعتين بإصرار شديد على الاجتماع بك.

لاحظ ليونارد ذلك الضغط على إيفلين فعلم بما كان يفعله السيد لامونت ، باختصار.. إنه شخصية ثقيلة لاتطاق،
ابتسم لها ابتسامة مفعمة بالراحة لكي يخفف عنها العبء و قال:

- لا بأس .. دعيه يدخل .

خفق قلبها لتلك الابتسامة، فبادلته بالمثل و هي توميء بالإيجاب و تنصرف ببطء شاردة في جاذبيته و عنفوانه، فبالرغم من الضغط الذي يتعرض له من العمل، إلا أنه ابتسم في وجهها بلطف ..

اعتدل ليونارد في جلسته متأهباً على الرغم مما يشعر به من تعب و إرهاق، أمسك بقلمه و ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه بينما اضيّقت عيناه و هو يهمس لنفسه :

- أرني إلى أي قعرٍ وصلت يا لامونت!

و بالفعل، دخل جيمس متلهفاً و هو يلقي التحية على هارتيل ثم جلس إلى أقرب كرسي على طاولة الاجتماع
و هو يقول بابتسامة واسعة :

- مساء الخير، تبدو رائعاً سيد هارتيل.

حدجه ليونارد بنظرات جامدة و دخل في صلب الموضوع مباشرة و هو يسأله :

- ما أخبار الصفقات..؟ هل تجري أمورها بسلاسة ..؟

لوّح جيمس بيده أمامه و قال بكل ثقة :

- نجاحاً منقطع النظير .

ارتسم شبح ابتسامة فوق شفتي ليونارد ، الذي بدأ يعبث بقلمه بصمت ،ليرمقه الآخر و الحسرة تملؤ قلبه قبل أن يقول :

- لكن بسبب هذا النجاح، أنا أحتاج للمزيد من الدعم،
صدقني بعد هذا التعاون ستصبح شركتينا على قمة شركات السيارات في السوق .

رفع ليونارد ناظريه عن قلمه بصعوبة ليحدق إلى وجه جيمس الذي لاحت به ملامح الكذب و النفاق فأصبح مسوّداً كئيباً ..
و لهذا ضرب الوتر الحساس و هو يقول بهدوء :

- لكنني سمعت عكس هذا الكلام من بعض العاملين في السوق الحرة .

- و هل تصدق الإشاعات! إنهم يريدون تحطيم نجاحنا بأية طريقة ..

قالها لامونت مندفعاً ثم أخرج من جيبه ورقة مصرفية و وضعها أمام ليونارد الذي بدأ يحك ذقنه و هو يتظاهر بالتفكير في الأمر ..
و لكن الآخر لم يترك له فرصة و حثّهُ للتوقيع على المبلغ المكتوب و هو يقول باسماً :

- سأعيد لك هذا المبلغ أضعافاً مضاعفّة ..!

أمسك ليونارد بقلمه و وضعه على العقد و لكنه توقف عندما سمع طرقاً على الباب ثم رفع رأسه ليرى إيفلين تدخل إلى المكتب وهي تقول معتذرة :

- آسفة سيد هارتيل على تلك المقاطعة، و لكن هنالك مكالمة عاجلة من الوكيل الأمريكي .

ابتسم لها قائلاً :

- إذاً حولي المكالمة لي .

انصرفت إيفلين و أغلقت خلفها الباب بينما علّق جيمس قائلاً :

- يالها من موظفة نشيطة! ، لكن .. لم تسمح لها بالتدخل في كل أمورك بتلك الطريقة؟

رن جرس الهاتف بجانب ليونارد فتجاهل كلمات جيمس و ألقى بالقلم ثم تحدث إلى وكيل شركة برايت في أمريكا ..
كانت محادثته مقتضبة و طلب منه الاتصال فيم بعد بينما كان لامونت يتحرّق شوقاً لسماع المزيد من المكالمة و لكن ليونارد أخبر وكيله بأنه في اجتماع هام و أغلق الخط على الفور .

أعاد ليو السماعة إلى مكانها بهدوء و لامونت يراقبه بحرص بينما يمسك بالعقد و يوقعه بسرعة وسلاسة ،
التقط جيمس حسابه بحماس شديد و قال وهو يقف مغادراً :

- شكراً لتعاونك سيد هارتيل، بالتأكيد سيكون هذا من أنجح التعاقدات بين شركتينا .

خرج لامونت مهرولاً و هو يقبض على الورقة بكلتا يديه و كأنه حصل على كنز، أما ليونارد فقد تتبعه بنظرات حاقدة
و أنفاسه تحتبس داخل صدره بغضب ..

في الخارج كانت إيفلين تمارس عملها بجدية تامة حين نظر إليها جيمس و قال بتهكم واضح :

- كانت القهوة جميلة كرائحتك ..

رفعت عينيها تنظر إليه بغلٍّ واضح ، و هي تتساءل في قرارة نفسها
" ماذا يريد هذا الرجل؟ ولماذا لا يرحل و حسب ..؟ ألا يكفيه استفزازاً و تعطيلاً لعملي منذ فترة طويلة؟!"

أطلق ضحكة عالية ثم اقترب منها محاولاً مغازلتها و اجتذاب جانبها إليه :

- إذا طردك ليونارد يوماً ما بإمكانك أن تعملي لدي ، فسوف أكافئك و أغدق عليك الحب ..

- ما الأمر يا لامونت ..؟ ألم تنصرف بعد!

كان هذا صوت فارسها الذي أنقذها من براثن ذلك الرجل الدميم، نظرت إلى ليونارد، الذي كان يقف على باب غرفة الاجتماعات واضعاً يديه داخل جيبيه، نظرات مستجدية لإنقاذها فبدأ جيمس يقول موضحاً :

- ليسَ كأني أحاول سرقة المعلومات منها ، و لكنها امرأة جميلة للغاية .

تكلم ليونارد بحدّة و الغضب يعتري ملامحه :

- أظن بأن هذا ليس من شأنك، إن كانت جميلة أو لا فهذا لا يعنيك على الإطلاق!

خفق قلبها و هي تراقبه و هو يدافع عنها بحرارة، كانت عينيه تتقدان بالشرر و جبينه المقطب يجعله أكثر جاذبية و وسامة في نظرها،
اعتذر جيمس لامونت و قال بحنكة رجل عجوز :

- لمَ أنت غاضب هكذا؟ و كأنها حبيبتك ..!

انصرف بعدها، بينما وقف ليونارد مشدوهاً و هو يحدق في الفراغ أمامه و يزدرد لعابه ، بدا لإيفلين مثل الطفل التائه حتى أنها تمنت أن تأخذه بين ذراعيها لتهدىء من غضبه ..

سرى في جسدها إحساس جميل و لم تدرك كم مر من الوقت و هي تراقب ليو البريء و تحملق في وجهه الذي يعجبها كثيراً بلا أي خجل أو توتر ... حتى تقابلت عيناهما للحظات فأفاقت من شرودها و هي تحول عينيها بعيداً و تقول :

- هل تريد مني أي شيء آخر قبل أن أنصرف ..؟

استند ليونارد بظهره على الجدار و كأنه يقف بصعوبة ثم حرك رأسه نفياً و ابتسم ابتسامة مقتضبة ، فشعرت إيفلين بأن هناك خطب ما !، تساءلت ما إن كان مريضاً ..؟ فقد خبت طاقته بشكل مفاجيء!

تساءلت بقلق و هي تقترب منه قليلاً :

- هل أنت بخير سيدي؟

لكنه و ياللعجب لم يرد على سؤالها بل اندفع يسألها :

- هل ستذهبين إلى المستشفى ..؟

- نعم .

أومأ بالإيجاب ثم اعتدل بالوقوف بعد برهة من الراحة واضعاً يده في جيبه و انصرف عائداً إلى غرفة الاجتماعات و هو يتمتم :

- إذاً انصرفي اليوم و شكراً لعملك الجاد .

دارت بها الأرض و ماجت، كيف يمكن لهذا الشخص البارد أن يكون ليونارد الذي كان يدافع عنها أمام جيمس لامونت ..؟
حتى إنها المرة الأولى التي يودعها فيها بتلك الكلمات الرسمية الباردة!

انصرفت مسرعة و هي تكبت الدموع في عينيها ، و حاولت أن تُعزي نفسها بأنه مرهق بسبب العمل و لا شيء أكثر .

__________________

لؤلؤة الاناقة
25-03-2012, 20:43
حجز.

لؤلؤة الاناقة
26-03-2012, 20:46
السلام عليكم
كيف الحال؟؟
أعتذر بشدة عن تأخري في الرد


كما عودتنا
الفصل أكثر من مذهل
بل لا أجد ما أصفه به

مسكينة ايفيلين
أصبحت أشفق عليها كثيراً مؤخراً
ألا يكفيها عدم انتباه ليو لها
ليأتي هذا المخلوق الذي يسمونه "جيمس"
فقط لو أنني بقربها
لقتلته شرّ قتلة

أما بالنسبة ل(ليونارد)
فأنا مع Calm Female بشأن كونه "هيو"
فهو حسب ما أعتقد هيو مستقبلاً
وتلك الصورة هي فقط صورة روزالين لاأكثر

جيمس هذا أشعر بأن كان هناك دور له في هذه الرواية سابقاَ
هل هذا صحيح؟؟


كم كنت أتمنى موت روي في حادث السير ذاك
ثم يتبعه والده بسكتة قلبية"من هول الصدمة"
مع أنه عديم الإحساس
إلا أن زمن المعجزات قد عاد



أكرر اعتذاري
دمت مبدعة
سلام

Miss saw
31-03-2012, 15:12
حجز للقرآءة , قد يطوول فكّهـ لكن لي عودة اكيدة , فأنتضريني :تدخين:

فيرا
02-04-2012, 18:01
السلام عليكم
كيف الحال؟؟
أعتذر بشدة عن تأخري في الرد


كما عودتنا
الفصل أكثر من مذهل
بل لا أجد ما أصفه به

مسكينة ايفيلين
أصبحت أشفق عليها كثيراً مؤخراً
ألا يكفيها عدم انتباه ليو لها
ليأتي هذا المخلوق الذي يسمونه "جيمس"
فقط لو أنني بقربها
لقتلته شرّ قتلة

أما بالنسبة ل(ليونارد)
فأنا مع Calm Female بشأن كونه "هيو"
فهو حسب ما أعتقد هيو مستقبلاً
وتلك الصورة هي فقط صورة روزالين لاأكثر

جيمس هذا أشعر بأن كان هناك دور له في هذه الرواية سابقاَ
هل هذا صحيح؟؟


كم كنت أتمنى موت روي في حادث السير ذاك
ثم يتبعه والده بسكتة قلبية"من هول الصدمة"
مع أنه عديم الإحساس
إلا أن زمن المعجزات قد عاد



أكرر اعتذاري
دمت مبدعة
سلام

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته =)

الحمد لله تمام ^^

و لا يهمك يا عسل أنا كمان بعتذر بشدة لتأخري و غيابي الكتير و المتكرر ^^"

و الله هتكسبي في الجماهير معروف لما تقتلي جيمس كاك xDD

و لسه هتصعب عليكي بالبارت الجاي ده =(

فعلاً جيمس كان له دور مسبق بالرواية ..فقط محتاجة إنك تركزي بالبارتات ^^

و لكن كله سيتضح بالبارت 31 و 32 و 33 هذه البارتات هتكشف كل حاجة xD
يعني خلاص مش فاضل غير القليل :evil:

ههههههههههه ياريت والله روي و ابوه يموتوا بس لازم الناس الغلسة تفضل كاك xD

شكراً عالرد الجميل =$



حجز للقرآءة , قد يطوول فكّهـ لكن لي عودة اكيدة , فأنتضريني :تدخين:

بانتظار عودتك يا عسل و يا رب أسلوبي ينال إعجابك ^^"

فيرا
02-04-2012, 18:04
الفصــل الثــلاثــون


كان سير العمل يتسارع ، شركة برايت تصعد إلى القمة بينما شركة لامونت لا تملك أي وكلاء لها في السوق و هاهي تخسرهم الواحد تلو الآخر ..!

فوق مكتبه الأبنوسي مزق جيمس الأوراق أمامه بعصبية وقد احمرَّ وجهه حتى أصبح كاليقطين الناضج من شدة الغضب و صرخ في مساعدته ريتا :

- لا يمكن! هذا غير ممكن .. أنا لن أُعلن إفلاس شركتي مهما حدث!

التصقت ريتا بـِركن من أركان المكتب خائفة و هي تدعو في قلبها أن يتوقف السيد لامونت عن الصراخ بتلك الطريقة الوحشية،
فهو ليس خطؤها على أي حال .

وصلت تلك الأنباء السارة إلى ليونارد الذي كان يجلس بهدوء على مكتبه ، لتتسع ابتسامته و هو يقول قبل أن يغلق الخط :

- أحسنت كارل، الآن أرسل لي نسخة من الوثيقة التي تطالبه بدفع ديونه لشركة برايت و حدد التاريخ قريباً جداً ..

وضع هاتفه على المكتب و هو يحدق له بشرود ثم نظر إلى شاشة حاسبه الآلي و همس بشماتة
و هو يستند بخده على كف يده و يتنهد :

- لقد اقتربت نهايتك يا لامونت .

وصل البريد الإلكتروني الذي يحوي نسخة من وثيقة من المحكمة للإسراع بسداد الديون إلى شركة برايت فهمس ليو داخل نفسه و عيناه تلمع
" أحسنت يا كارل .. أنت سريع كما توقعت .. "

بعدها أعطى الأمر بطباعة الورقة ثم ضغط على زر الاستدعاء و قال :

- إيفيلين ، تعالي على الفور .

دخلت إلى مكتبه و تساءلت :

- نعم سيد هارتيل ..؟

لاحظ ليونارد تلك اللهجة الرسمية التي تتحدث بها إيفلين أمامه و تلك التعبيرات الجامدة التي غلفت وجهها و كأنها ليست إيفلين التي عهدها! لذلك تعمد النظر إلى عينيها مباشرة لاستشفاف ما يحدث معها بالضبط ثم تساءل بحيرة :

- هل أنتِ بخير؟

- نعم ..

إجابة مقتضبة للغاية و عينان تحدقان للفراغ متلاشية الاحتكاك بنظرات ليو الحارة!، أما هو فقد أمسك بالورقة و وضع عليها ختم شركة برايت و هو يتساءل :

- و كيف حال خطيبكِ ..؟

سرت القشعريرة في جسدها فور سماعها لذلك السؤال ، شدت على قبضتها و هي تشعر بالغضب من ليونارد،
فكم مرة أخبرته بأنه ليس خطيبها!كم مرة صرحت له بأنه يزعجها .. لأنها تكرهه من قلبها،
كيف يرمي بتلك الأسئلة غير مبالٍ لمشاعرها ..؟

احتقنت الدموع في مقلتيها و هي تقول بحزم :

- ليس خطيبي ، إنه ابن عمتي فحسب .

بتلك الطريقة استطاع ليونارد إجبارها على النظر في عينيه، و كما توقع .. فهي ليست بأحسن حال،
وضع الورقة أمامها و تجاهل كلماتها و هو يقول :

- أريدكِ أن تأخذي تلك الوثيقة إلى شركة لامونت .

- أنا ..؟

نظر إلى كمية الأعمال المتراكمة على المكتب أمامه و أمسك رأسه بتعب و الصداع يعتصرها ثم أجاب معتذراً :

- أنا آسف إيفلين أعلم بأنكِ تكرهين جيمس لامونت ، و لكن الأعمال متراكمة كما أنه لا يمكنني الذهاب بنفسي ،
و الموظفون منشغلون بتوثيق التوكيلات .

اقتربت و أمسكت الورقة بإحكام ثم قالت بثقة و هي ترسم تلك الابتسامة العفوية على شفتيها :

- لا بأس سيد هارتيل، لا تخش شيئاً فلا أحد يمكنه المساس بي .

ابتسم لها ليونارد و همس :

- أعلم ذلك و إلا لما كلفتك بتلك المهمة الصعبة .

تواترت ضربات قلبها و اكتست وجنتيها حمرة الخجل لهذا أومأت له مستأذنة ثم انصرفت مسرعة في الحال قبل أن يلاحظ ذلك و لم تنطق بشيء!




السيارات متراصة و أصوات الأبواق تزعج السكان بسبب ارتفاعها ، نظرت إيفلين من نافذة السيارة و قد بدت نظرات الاستعجال داخل عينيها ثم خاطبت مارك قائلة :

- يجب أن أصل إلى شركة لامونت في الموعد المحدد !

ضرب مارك على مقود السيارة و قال بضجر :

- و لكن آنستي أنا لا أملك جناحين لكي أطير بك إلى هناك! انظري بنفسك إلى تلك الدودة الحلزونية .

- إذاً سأنزل هنا .


لم يكد ينطق مارك معترضاً حتى فتحت الباب و ركضت تهرول حتى مقر الشركة، يجب أن تنجح من أجله حتى لا يخيب ظنه بها ..
لقد اختارها ليونارد عوضاً عن كل الرجال في الشركة لأنه يعرف جيداً مدى قوتها و تأثيرها ..

نظرت في ساعة معصمها و هي تدلف من باب الشركة مسرعة ، ركبت المصعد و أخرجت مشطاً من حقيبتها لكي تنظم شعرها المبعثر على جبينها ..

و في الموعد المحدد كانت إيفلين تقف بأناقتها و جمالها المعهودين أمام ذلك اللزج البدين جيمس لامونت و هي ترمقه بجمود ..
ثم أخرجت من حقيبتها مظروفاً يحوي الوثيقة و هي تقول بلهجة خالية من أي تعبير :

- سيد لامونت ، أتمنى أن تنظر في هذه الوثقية أولاً ، فأمامك بضعة أيام حتى تصلك النسخة الأصلية من المحكمة و عندها ستغلق أبواب شركتك بالشمع الأحمر .

قالت كلماتها ثم استأذنت مغادرة ، فمزق لامونت المظروف بعصبية و قرأ محتويات الورقة قبل أن يزفر بغضب و هو يشعر بأن الكون يضيق عليه شيئاً فشيئاً حتى يكاد يسحقه ..

استدعى على الفور بعضاً من رجاله و هو يشير إليهم و الغضب المحتقن داخل عينيه يتفتق من حروفه :

- تلك الحقيرة التي تعمل مع ليونارد! يبدو بأنها مهمة للغاية عند رفيقنا حتى يرسلها لتهديدي بتك الطريقة !
اقبضوا عليها عندما تختفي من مقر الشركة و أحضروها إلى المخازن ! يجب أن ألقنهم درساً!

تعقبت كلماته زمجرة و صرخ آمراً :

- أسرعوا و إلا قتلتكم!

وصل مارك بسيارته إلى مقر شركة لامونت و قام بمهاتفة إيفلين و هو يقول :

- آنسة سوِين أنا أمام مقر الشركة بانتظارك .

سمع صوتها يتردد خلال السماعة :

- حسناً هل يمكنك أن تأتي إلى البوابة الثامنة ..؟ فالليل قد هبط و لا أريد أن أدور حول المبنى .

- حسناً آنستي بضع دقائق و سأكون عندك .

الهدوء يعم المكان لدرجة أنك لو رميت إبرة على الأرض ستسمع صوتها ، و بعض المصابيح كان يرتعش ضوءها لذلك ضمّت إيفلين حقيبتها إلى صدرها ثم سارت حتى البوابة الثامنة سيراً هادئاً و هي تحاول الاسترخاء بعد أن أتمت مهمتها بنجاح، لتتفاجأ بسيارة سوداء مظللة النوافذ تعترض طريقها !!

كان الشارع الجانبي خالياً من السيارات و المارة عندما خرج أمامها رجال يتشحون بالسواد ضخام الجثة، طوال القامة، كثيروا العدد .. !
أمسك بها اثنان بينما بدأت في الصراخ و محاولة الإفلات منهم و لكن جسدها الصغير لم يستطع المقاومة و مجابهة هؤلاء الرجال ..!
فانتهى بها الأمر معهم بداخل السيارة و هي توجه لهم الشتائم و تصرخ حتى يتركوها تذهب..!


في ذلك الوقت ، جلس ليونارد على طاولة الاجتماعات و هو يقيد بعض التوكيلات ، كان منشغلاً و لكنه لم يستطع نسيان إيفلين التي تأخرت كثيراً!!!

حدّقَ في ساعة الحائط الضخمة بعينين مرهقتين ، كانت تشير إلى الثامنة مساءً .

- أين ذهبتِ يا إيفلين منذ الثانية ظهراً !؟


التقط هاتفه على عجل و اتصل برقمها، عدة مرات متتالية قبل أن ترفع السماعة ، و لكن ياللعجب لم يأته صوتها بل وجد نفسه يسمع صوت السائق مارك و هو يقول بجزع :

- سيدي ..!

ازدرد ليونارد لعابه و همس مشدوهاً و كلماته تتقطع :

- مـ .. مارك ..؟! أين إيفيلين ..؟

أجاب السائق و الحسرة تملؤ كلماته :

- سيدي! لقد جئت لآخذها من أمام شركة لامونت و لكن بدلاً من ذلك وجدت هاتفها ملقى على الأرض، ولا أثر لها ..
إنني أنتظرها منذ فترة طويلة .

انتفض واقفاً فاصطدمت رجليه بالطاولة مما جعله يصدر آهة متألمة قبل أن يهتف بقلق بالغ :

- مارك! ابحث عنها بداخل الشركة قبل أن تغلق أبوابها .. !

فيرا
02-04-2012, 18:05


ها هو المكان نفسه ، و لكنه خانق مثل مقبرة عتيقة .. الساعة تشير إلى منتصف الليل و ليونارد لم يغادر بعد و أخذ يذرع غرفة الاجتماعات جيئة و ذهاباً و هو ينتظر اتصال كارل ، بينما يمسك بهاتف إيفيلين الصغير و يشد عليه بقوة حتى كاد أن يحطمه ..

في المقابل جلس مارك مهموماً و هو يراقب سيده يستشيط قهراً و غيظاً و القلق يفتك به أكثر من التعب و الإرهاق و قلة النوم !

ارتفع رنين هاتف ليونارد فأسرع بالتقاطه بلهفة عارمة ليسمع صوت كارل و هو يقول :

- لقد تم محوّ كاميرات المراقبة الخاصة بشركة لامونت قبل انصراف الموظفين .

- إذاً ..؟!

- لاشك في هذا، يبدو أن لامونت وراء الأمر برمته .

صرخ ليونارد بنفاذ صبر :

- تعقب هاتف ذلك الوضيع لامونت ! هل فهمت؟!

أقفل كارل السماعة بعد أن وافق على طلب ليونارد، أما هذا الأخير فقد قام برمي هاتفه على الأرض بعصبية ليتناثر إلى قطع ..!

وقف مارك ثم انحنى يلملم أجزاء الهاتف المحمول و هو يقول بهدوء :

- إذا بقيت عصبياً على هذا الحال فلن تستطيع العثور عليها، يجب أن تتحلى بالصبر و الهدوء كما عرفتك منذ أعوام ..

عض ليونارد على شفته السفلى و احتقنت عيناه ثم تهاوى على أحد الكراسي الجلدية بتعب و هو يمسك برأسه الذي تدلت خصلاته الشقراء فوق عينيه و همس بأسى :

- أنا السبب في كل ما تعرضت له إيفيلين ، لم يكن على فتاة وحيدة أن تذهب إلى ذلك الذئب العجوز بمفردها .

أعاد مارك تركيب الهاتف المحمول و فتحه و لكنه لم يعمل فقال مندهشاً :

- يبدو بأنه معطل!

همس ليونارد بتعب أكبر :

- هذا ما كان ينقصني ..

ولكن لأجل استقبال مكالمات كارل، اضطر ليونارد لأن يستعير هاتف إيفلين ..
استمر طوال الليل ساهراً يجرع أكواب القهوة الواحدة تلو الأخرى و هو يدق الأرض بقدميه في قلق و يتمتم :

- لن تفلت بفعلتك يا لامونت ، سأريك من أنا ، و كيف تعبث معي بتلك الطريقة؟ !

و مع أول إشراقات الصباح، بدأ كارل يتتبع هاتف لامونت الذي توجه إلى المخازن بدلاً من مقر الشركة الأصلية ، و عندها قام بمهاتفة ليونارد ليعطيه الخبر اليقين :

- إنها محجوزة في مخازن شركة لامونت .

- علم .


أغلق ليو هاتف إيفيلن ثم وضعه في جيبه، أخذ يغسل وجهه بالمياه الباردة و هو يحاول أن يبدو في كامل نشاطه المعهود و لكن الهالات السوداء التي ارتسمت حول عينيه الزرقاوتين أبت الاختفاء بتلك السهولة ..

أغلق الصنبور و انتزع المنشفة ثم جفف وجهه و ألقى بها ليخرج مسرعاً ، و رأساً إلى مخازن شركة لامونت !




دخل جيمس إلى المخزن متباهياً و هو يرمق إيفلين المكبلة منذ ساعات الليل الأولى إلى كرسي خشبي في ذلك المكان المغبر البارد .
تأمل قيودها و فمها المكمم بنشوة و ابتسامة خبيثة تعلو وجهه القبيح، ثم اقترب منها و أزاح خصلات شعرها و هو يقول بتعالٍ :

- هل تملكين الجرأة الآن ..؟

أصدر صوت قهقهة عالية بينما رمقته إيفلين بغضب و احتقار و هي تحاول فك قيودها بأية طريقة ، حتى إن معصميها جُرِحا و نزفا من المحاولات المتكررة و التي باءت جميعها بالفشل ..

و ها هي دموعها تحتشد بداخل عينيها و هي تتذكر وجه ليونارد، و تتساءل داخل قلبها

" .. أين أنت؟! لكم أتمنى أن أرى وجهك و لو لمرة واحدة .. لكي أخبرك بالحقيقة التي أخفيها عنك..
بأن قلبي لم و لن يعشق أحداً سواك.. "

عاد جيمس يرمقها بنظرات الاستخفاف و هو يحك جبينه العريض المليء بالتجاعيد و يقول ساخراً و مقاطعاً لأفكارها:

- لايبدو بأنك مهمّة لدى ذلك الشاب الطموح هارتيل! و أنا الذي ظننت بأنه أكثر ذكاءً و سيفهم رسالتي الواضحة!
لكنه بدلاً من ذلك أمضى الليل هانئاً في فراشه و لم يتصل بي حتى الآن!

انحنى ليصبح في مواجهتها و فوجيء برؤية دموعها تنهمر على خديها و تبلل كمامة فمها، فأزاحها بعنف لتصيح متألمة قبل أن تصرخ في وجهه :

- أيُّها الوضيع! لن تكسبَ أي شيء من تهديد السيد هارتيل بهذا الشكل! سوف تطولك طائلة القانون و ستحاسب على جرائمك!

تحسس ذقنها بشغف فأبعدت رأسها و هي تخلخل رباط يديها بقوة أكبر غير مبالية بالجروح و الدماء التي نزفتها معصميها !

تكلم لامونت بغضب و هو يبعد يده عنها :

- أتجرؤين على أن تتحدثي بتلك القوة و أنتِ مُعرّضة للموت على يدي أيتها الوقحة؟!

صفعها على وجهها بقسوة و صلافة فتناثرت دموعها و صرخت مستنجدة دون وعيّ :

- ليـــو ! ليو .. !


__________

لؤلؤة الاناقة
02-04-2012, 18:11
السلام عليكم.
بداية أود شكرك على هذا الفصل الرائع بحق
لكن أريد أن أسألك سؤالاً
من أين لك بكل هذا الشر؟؟!

ألم تجدي سوى إيفيلين لتضيعها بين يدي هذا المخلوق!!


احم
بالنسبة لهذا الشيء الذي يدعى "لامونت"
أعتقد أنه هو نفس المخلوق الذي تسبب بخسارة شركة دنفر
وهو السبب الرئيسي لوفاة والد هيو
لأنه وحسبما أذكر،ريتا كان اسم سكرتيرة ذلك الشيء الآخر أيضاً<<جنون فترة الامتحاناتxd


ليو :لا تعليق...


ايفيلين:أشعر بأن هناك سحابة تمطر مصائب فوق رأسها فقط=="
بالفعل مسكينة
أعانها الله على مصائبها
وعليكxd


بانتظار الفصول القادمة
سلام

$فانيلا لوسي$
05-04-2012, 01:26
هلوووووو~
اهلين بالأميرة فيرا كتير وحشتينآ^^
و عدتي طبعا بتحفك الراائعة واه كتابتك مذهلة وصفك "
و الشخصيات الفذة ..رائعة و انا لا اجاملك "
السيد هارتيل يزداد حبي له بارت بعد بارت ...
حقا هذا الرجل الذي يدعة بجيمس لامونت آآه منه
كيف يجرأ بس برضو؟؟ ليو ليه يكرهوا لجيمس ؟عشانو حقير ولا سوى شي في الماضي؟؟
و لما قال: هل هي حبيبتك؟ ..كأنه تذكر شي ياآآآه
يعني اكيد سالي هي البنت اوباااا على التحليلات العبقرية ديه^^
ايفلين اذا اعترفت اعتقد انو لليو راح يرفض طبعا مو بفضاضة عشانو جنتل مآن ~
لانه بآآين انه مجنووون بوحدة من ماضيه []
بس في هذا البارت اظهر الكثير من الاهتمام لإيفلين >>غيرانه كتيير
يا حبي لهاذي القصة و لألك كمان فيرا ^^
اراك بأنتظارك بشوق كبييييييير و يارب نمر على هاري و سالي و السحلية روزالين و ..اهئ اهئ هيوووو~
باااااي باي

Mr.Fuad
05-04-2012, 18:02
متابع جديد .. يتابع العمل الفني الرأأئع ..
مثل العاده .. بارت قصيرا ومميز .. !


أشوف القصة بدأت تأخذ منهج غريب ! ..

فيرا
13-04-2012, 18:24
لؤلؤة الأناقة

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ^^

هههههههههه يا عزيزتي أنا الشر نفسه << برااا xD

أيوة علشان ليونارد يروح ينقذها من بين ايدين جيمس

جميلة استنتاجات يا عسل ...فعلاً قربتي توصلي للحقيقة xD

و كمان البارت ده و البارت اللي بعده خلاص هينكشف كل حاجة xP

ههههههههههه الله يعين كل اللي بالرواية عليا كاك xD

مشكورة على الرد الجميل ^^

--

فانيلا لوسي

أهلاااااً من زمان عنك و الله ^^

انتي وحشتيني اكتر و الكل وحشني هنا 3>

السيد هارتيل انا كمان بحبه يوم ورا يوم << هتغني xD

ليو بيكره جيمس عشان حاجااات كتيرة هتنكشف بالبارت ده و البارت اللي وراه xD

برضوا لسه مصممة انها سالي كاك xD

شكلك هتغيري من ايفلين بالبارت ده :evil:

جميلة استنتاجاتك يا عسل 3>

و يا حبي لردودك الجميلة و الله =$

السحلية روزالين جاية بالبارت 32 xD يعني الاسبوع الجاي ش1

و هاري ان شاء الله و سالي بييجي ذكرهم xDD

مشكورة يا عسل عالرد الخطرطر ده و ربي ما يحرمني منك =$

---

Mr. Fuad

أهلاً بك أخي ..يشرفني و يسعدني أن تصبح من متابعيني ^^
بالفعل أخدت منحنى غريب و لكن بالبارت ده و البارت 32 سيتضح كل شيء و ستعود لطريقها من جديد xD
شكراً لك أخي عالرد الجميل ^^

فيرا
13-04-2012, 18:26
الفصــل الحـادي و الثــلاثــون



توقفت سيارة سوداء بين الأشجار التي تقبع أمام مخازن لامونت الضخمة و هي تصدر صريراً عالياً ينم عن أن قائدها شاب متهور ، غاضب و عنيد!

كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً حينما كان يتأكد بأن المخزن خالٍ من البشر، ثم بقامته الرياضية النحيلة و جسده القوي استطاع بسرعة غير معهودة أن يتسلق متسللاً السور للداخل ..

راقب الحراس الذين يحمون البوابة و هم يركضون ليتأكدوا من صوت مكابح السيارة، فقفز إلى الأرض و ركض نحو إحدى البوابات الضخمة ، كانت جميعها مغلقة لذا لم يجد بداً من الدخول عبر فتحة التهوئة، جرحت يده بسبب السلك الشائك الذي يحيط بالفتحة و لكنه لم يبالِ بذلك ..

زحف على بطنه بداخل المواسير حتى وصل إلى بؤرة تقبع وسط المخازن، و عندها قام بضرب الشبك الحديدي بقدمه بكل مايحمله من غضب و غيظ ليطير مخلوعاً من مكانه!

أخرج رأسه مستطلعاً فشاهد إيفلين تجلس على كرسي منحنية الرأس، مبعثرة الشعر و الحبال تكبل يديها و قدميها بشكل مستفز ..

نزل من الفتحة و سار باتجاهها غير مبالٍ لأي شيء آخر، أسرع بخطواته ثم هرول راكضاً و جثا على ركبتيه أمامها فرآها مغمضة العينين ، جن جنونه و بدأ يحركها و صوته يتصاعد مرتعباً :

- إيفلين! .. إيفلين أجيبي !

" هل هذا صوت ليو .. ؟ هل هو حقاً أم تراني أحلم..؟ هل وصل إلي بتلك السرعة ..؟ "

فتحت عينيها تدريجياً و ببطء لتراه أمامها تماماً .. فهمست و شفتيها ملتصقتان إثر العطش :

- ليو ..

كانت تلك المرة الأولى التي تهمس فيها إيفلين باسمه مختصراً، مجرداً ..! ،
مسح ليونارد بحنان على شعرها و قال مشجعاً :

- إيفلين هل أنتِ بخير ..؟

- نعم .

بدأ بفك وثاق يديها برفق و شعر بالأسى من أجل تلك الجروح ليزداد غضبه من جيمس أضعافاً مضاعفة!
بعدها وقفت إيفيلين و ليونارد يمسك بيدها ثم يسألها بصوته الحنون :

- هل تستطيعين السير..؟ أم أحملك ..؟

تضرج وجهها بحمرة الخجل و لم تستطع رفع عينيها في وجهه و هي تجيب بارتباك :

- أ..أستطيع السير بالطبع ..

لطالما أمسك ليو بمعصمها و لكنه تلك المرة أمسك كفها برفق و لين خائفاً من أن يؤلمها أكثر، و سارا متجاورين ببطء و كأنهما حبيبان ، تمنت لو تستطيع التشبث بذراعه، أو أن ترتمي في حضنه و تخبره بما يختلج داخل صدرها و لكنها مشت بجوراه صامتة و هي تتأمل أصابعهما المتشابكة و كأنها تعيش حلماً لطيفاً ..
إلا أن ذلك الحلم الوردي تبدد على صوت جيمس لامونت المرتفع و هو يتكلم قائلاً باستفزاز :

- إلى أين تأخذ رهينتي يا سيد هارتيل؟

التفت ليونارد ينظر إلى جيمس بثبات ، و لكن الأخير رفع فوهة مسدسه و قد التفَّ حوله بعض الرجال الأقوياء يدعمونه بالسلاح و القوة ..

- لقد تحليت بالشجاعة لتأتي إلى هنا وحدك! الوداع أنت و دينك أيها الساذج!

تصارعت نبضات إيفلين عندما أحست بالخوف عليه، فلم تشعر بنفسها و هي تسحب يدها من بين أصابعه المحكمة ثم تقف أمامه فاتحةً ذراعيها بإصرار " لا، لن أسمح لأي أحد أن يؤذيك.."
قائلة بصوتٍ مرتجف :

- إياك .. ثم إياك أن تجرؤ على المساس به .

راقبها ليو و الصدمة تعلو ملامحه حتى أنه لم يستطع الحراك لثوانٍ متتالية من إثر الدهشة! ذخر جيمس مسدسه بحركة سريعة و ضحك ساخراً و هو يقول :

- إذاً تريدين الموت أولاً ..؟

أمسك ليو بذراعيها و أبعدها خلفه ثم رمق جيمس لامونت بنظراتٍ باردة، مليئة بالتحدي ، بينما كان الآخر يصوّب مسدسه نحوهما تساءل و هو يرفع حاجبيه بانتصار :

- ألست خائفاً ..؟ سأقتلكما !

لترتسم تلك الابتسامة الساخرة، الواثقة على شفتي ليونارد الذي همس و القوة تعلو في نبرته الحادة مهدداً :

- إذا لم أرجع إلى منزلي بعد ساعة من الآن، فإن شخص ما سيسلم إيصالات الديون ، و تعقب مكالماتك مع تابعيك إلى المخزن ، و من ثم سيقدم البلاغ على قاتلي جيمس لامونت إلى الشرطة ، أؤكد لك بأن نهايتك ستعقب موتي بساعات قليلة..!

ملامح الفشل و الإحباط أحاطت بـ لامونت لتطبق عليه و تفتك به! فما عساه أن يفعل مع ذلك الشاب الذكي؟ إنه متورط في دين يفوق الأربعة ملايين جنيه! و الأكبر من هذا ... كل صفقاته فشلت! و الموكلون سحبوا توكيلاتهم! ، لم يتبق سوى إعلان إفلاس الشركة!!

شركة لامونت العظيمة التي لم تخسر على مدار خمسة عشر عاماً! كيف تستنزف أموالها بتلك السرعة المتناهية؟!

أخفض جيمس سلاحه مستسلماً و جثا على ركبتيه و جبينه يتصبب عرقاً ، بدا الحزن عليه و تجلت الحاجة في وجهه المسن، و بدأ يتكلم بنبرة متوسلة :

- أعترف حقاً بأنك شاب ذكي، ليونارد هارتيل، لم أنت مستعجل على سداد الديون بتلك السرعة؟!، تمهل فقط و أعطني بعض الوقت ..

أجاب ليونارد ببرود ليصده :

- السوق في كساد و أنا أحتاج الأموال التي أعرتها لك! أليس هذا من حقي؟

دمعت عينا جيمس لامونت و وقف مقترباً منه و هو يتحدث بانكسار و استجداء :

- اعتبرني في مقام والدك و أمـ .. أمهلني بعض الوقت ..

ابتسم ليو بقسوة و الجليد يكسو ملامحه :

- لا يمكن .

حاول جيمس لامونت استعطاف ليو أكثر و هو يتحدث بلطف :

- أليست هناك أي طريقة أخرى يمكنك بها إيقاف المحاكمات ..؟

ماتزال الابتسامة القاسية ترتسم على شفتي ليونارد الذي قال بشكل غير متوقع :

- بلى! هناك طريقة ..

لمعت عيناه ببريق السعادة و أخرج منديله ليجفف عرقه عن جبهته و رقبته ثم يتساءل و الحماس يعود إلى طريقة كلامه :

- و ماهي أخبرني ..؟

التفت ليونارد ينظر إلى إيفلين بنظرات ذات مغزى، ربت على ذراعها ثم أسرع قائلاً :

- ألا يجدر بك أن تطلق سراحها أولاً ..؟

لم ينتظر إجابته، و تحدث معها بصوت خافت و هو يقول :

- ستجدين سيارتي تحت الأشجار أمام المخزن، ابقي بداخلها و لا تتحركي حتى أخرج إليكِ ،
هل هذا مفهوم ..؟

لم تستطع إيفلين معارضة طلبه، فأخذت مفاتيح السيارة التي سلمها لها و أومأت بالإيجاب و الفضول يمزقها ..

" لم تصرف ليونارد على هذا النحو؟ ما الذي بصدد إخفاءه ياترى ..؟ "

اتجهت نحو البوابة و ليو يراقبها جيداً ، ثم قام أحد أتباع جيمس بفتح البوابة لها لتنصرف و يبقى ليونارد هارتيل في مواجهة جيمس لامونت الذي تحدث :

- حسناً هل ارتحت الآن ..قل لي ما الطريقة الأخرى؟

ليفجر ليو القنبلة الموقوتة في وجهه و هو يقول بكلماتٍ مليئة بالثقة :

- شركتك مقابل الدين .

صمت منذهلاً و كأن صاعقة أصابته في مقتل! و كأنما لم يستوعب ما قال خصمه للتو!!
حدق أمامه بشرود قبل أن يصرخ محتداً و وجهه يحتقن غضباً :

- لا بالطبع !! هذا مستحيل!! أن تأخذ شركتي مقابل الدين فهذا أسلوب قذر! و ظلم و ابتزاز !!

لم يستطع ليونارد كبت ضحكته الفجائية التي استرعت انتباه جيمس ليقول بعدها باستغراب ساخر :

- ظلم ..؟!

عاد يضحك بملء شدقيه و هو يسير باتجاه جيمس ثم يتابع كلماته المذخرة بالسخرية و التهكم الواضح :

- ظننت بأنك أول شخص تؤيد تلك الأساليب القذرة !

كان قريباً بما فيه الكفاية ليضع كفه و يضغط على كتف لامونت القصير و هو ينحني إلى مستوى أذنه و يهمس بتشفٍ و غلٍ بعيداً عن آذان تابعيه :

- فكما تدين تدان يا سيد لامونت !

أبعد يده و قام بنفضها في الهواء و كأنها تلوثت بسبب كتف لامونت ، ابتعد و هو يضع يديه في جيبيه ثم قال قبل أن ينصرف :

- سأذهب الآن و أدعك تفكر ملياً في ذلك العرض ، إلا إن كنت تعشق قضاء لياليك بالسجن ..!

بعدها خرج تاركاً جيمس خلفه في حالة انهيار عصبي و عدم استيعاب!

فيرا
13-04-2012, 18:27


وصلت إيفلين إلى السيارة و هي تقبض على المفاتيح و لكنها فوجئت بـ مارك يقف أمامها منتظراً و القلق يعتصره ، و عندما شاهدها تهللت أساريره و اقترب منها و هو يتساءل بلهفة :

- كيف حالك آنستي ..؟ هل أنتِ بخير ..؟!

لم يكن مظهرها يوحي بأنها بخير على الإطلاق، فالدماء الجافّة تغطي معصميها و القليل من تنورتها البيضاء القصيرة، أما معطفها الأزرق فقد كان متسخاً و شعرها في حالة من الفوضى ..!

و لكن مع هذا أومأت له بالإيجاب و هي تبتسم في وجه مارك ثم تقول و هي تلقي نظرة على المبنى خلفها فتترقرق الدموع من مقلتيها :

- أنا قلقة عليه .

هدأها مارك بابتسامته المطمئنة و التقط منها مفاتيح السيارة ثم ساعدها على الجلوس بالداخل و هو يقول :

- لا تقلقي عليه فهو يعرف ما يفعله .

و بالفعل ، لم يمضِ الكثير من الوقت حتى شاهداه يخرج بكل ثقة و هو يضع يديه في جيبيه و كما أن المثل انطبق عليه " واثق الخطى يمشي ملكاً .. "

جلس إلى جوار إيفلين التي حاصرته بنظراتها القلقة و لم تلبث أن تساءلت :

- إلى ماذا توصلت مع جيمس لامونت ..؟

- لا تقلقي ، كل شيء سيكون بخير ..

لم تجعلها كلماته المقتضبة تشعر بالاطمئنان، فقد كانت عيناه تخبرانها بعكس هذا .. و كأن مصيبة قد حدثت،
و لكنها تحلت بالصمت فتحدث ليو مخاطباً مارك :

- دعنا نوصل الآنسة إيفلين إلى بيتها يا مارك .

- حاضر سيدي .

عادت تنظر إلى وجهه و هي تشعر بالضعف الشديد، ظلت تفرك أصابعها بتوتر عوضاً عن المنديل فلاحظ ليونارد ذلك و أمسك يدها ليبعدها عن بعضها ثم يقول بابتسامة جميلة :

- توقفي عن القلق و استرخي حتى نصل إلى بيتك .

مع اهتزازات السيارة التي تشبه التهويدة ، و مع وجه ليو اللطيف ، الذي اتسخ أنفه و تبعثر شعره الأشقر في محاولة لإنقاذها .. بدا مثل الفارس الذي سكن أحلامها منذ كانت طفلة صغيرة ..

و غطت إيفلين في نوم عميق ثم مالت رأسها بشكل طبيعي لتستقر على كتف ليو، الذي ارتفعت ضربات قلبه بشكلِ مفاجيء ، و احتبست أنفاسه قبل أن ينظر إلى وجهها النائم نظرة طويلة ثم يهمس بخفوت :

- لن أدع مكروهاً يصيبك بعد الآن ..

لم يعرف ليو لم ينظر إليها هكذا؟!، و لم يخبرها بهذا الكلام ...؟ كيف استطاع أن ينطق تلك الكلمات التي تُحمله مسؤوليتها كاملة .. و لم ..؟ أسئلة كثيرة لم يستطع إجابتها ، و لهذا استسلم للنوم الذي حرم منه منذ الأمس لتميل رأسه مستندة فوق رأسها ..

و يبتسم مارك و هو يرى ذلك المشهد اللطيف في مرآة سيارته العاكسة ، ثم يبطىء من السرعة ليحظيا بقليل من النوم الهانيء و هما مقتربان للغاية .

_____________

همممم يا ترى في حد اكتشف حاجة بالبارت ده؟
حاجة كده او كده..البارت ده فاضح نفسه و عايزاكم تقولوا لي كل اكتشافاتكم يا قوم لأن كل شيء بيظهر بالبارت اللي بعده يعني عايزين نشوف مين عرف يستنتج و مين قدر يحلل

لؤلؤة الاناقة
14-04-2012, 12:53
حجز

ωinly
14-04-2012, 17:04
حجز~حتى قرآءة القصة كاملة~انتظريني:playful:

heero0.1
21-04-2012, 21:34
حجز

heero0.1
22-04-2012, 17:23
بآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآك

القصة رائعة اعجبتني وتنمي عن موهبة عضيمة أنت فعلا مبدعة
حبيت وايد ان روز مو البطلة عشان من اول ظهورها وانا كارهتنها ..
حبيت هيو << ليوناردو اوه بطلي
حبيت وايد القصة وباقي شخصياتها
لن استطيع التعليق على باقي الشخصيات لاني عندي امتحان انتظر التكملة بفارغ الصبر

Mr.Fuad
24-04-2012, 22:56
.. الغموض .. يبدأ يختفي ..
الخيوط بدأت تفككت ..
يبدأ أن ليو هو نفسه هو هيو .. ! الفرق الوحيد هو الـ ل هيو .. ليو .. ^^َ
الجرح .. الصوره .. نقاشه الأخير مع جيمس لامونت .. هو اللي أخذ شركة أبيه وتسبب في موته .. !!
كما تدين ندأن .. ^^ً
.. لا أنكر أعجابي بالبارت الأخير رغم قصره الشديده .. أتمني بالمره القادمه بارت أطوووول .. ^^
السؤال الوحيد اللي يطرح في بالي ..
أأين روزالين .. متى سوف تظهر .. !!
.. أأأكرها .. تخليت عن هيو في أشد أوقاته .. لسبب تافه ..عمله .. !!
صحيح الغلط عليه .. لكان .. !! موته أمه .. تخليت عنه روزالين .. الانتحار .. نجا .. أسس نفسه في أمريكا .. رجع .. انتقام .. تحقق .. باقي روزالين .. ^^َ
شرحت نصف القصة في كم كلمه .. ^,^
بأنتظار البارت الجديد ..

فيرا
25-04-2012, 20:00
بآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآك

القصة رائعة اعجبتني وتنمي عن موهبة عضيمة أنت فعلا مبدعة
حبيت وايد ان روز مو البطلة عشان من اول ظهورها وانا كارهتنها ..
حبيت هيو << ليوناردو اوه بطلي
حبيت وايد القصة وباقي شخصياتها
لن استطيع التعليق على باقي الشخصيات لاني عندي امتحان انتظر التكملة بفارغ الصبر

ولكمووو يا عسل =$

انتي اللي كلامك رووووعه و الله ...بجد أخجلتيني :$

هههههههههههههه لا الحمد لله انا عارفه بان الناس هتكره روزالين عشان كده خفيتها شوية بالبارتات و بتظهر البارت الجاي ده

هههههههههههه ما شاء الله عليكي جيبتي الاستنتاج الصحيح هيو هو ليو ...بيظهر ده بالبارت اللي بينزل حالاً xD

ربي يوفقك باختباراتك يا رب و منوووورة القصة 3>



.. الغموض .. يبدأ يختفي ..
الخيوط بدأت تفككت ..
يبدأ أن ليو هو نفسه هو هيو .. ! الفرق الوحيد هو الـ ل هيو .. ليو .. ^^َ
الجرح .. الصوره .. نقاشه الأخير مع جيمس لامونت .. هو اللي أخذ شركة أبيه وتسبب في موته .. !!
كما تدين ندأن .. ^^ً
.. لا أنكر أعجابي بالبارت الأخير رغم قصره الشديده .. أتمني بالمره القادمه بارت أطوووول .. ^^
السؤال الوحيد اللي يطرح في بالي ..
أأين روزالين .. متى سوف تظهر .. !!
.. أأأكرها .. تخليت عن هيو في أشد أوقاته .. لسبب تافه ..عمله .. !!
صحيح الغلط عليه .. لكان .. !! موته أمه .. تخليت عنه روزالين .. الانتحار .. نجا .. أسس نفسه في أمريكا .. رجع .. انتقام .. تحقق .. باقي روزالين .. ^^َ
شرحت نصف القصة في كم كلمه .. ^,^
بأنتظار البارت الجديد ..

بالفعل بدأ يتفكك و بيظهر كل شيء بهذا البارت الجديد

بالفعل اختصارك للقصة بتلك الكلمات صحيح ما شاء الله عليك أخي xD

روزالين بتظهر تاني بالبارت اللي جاي :evil:

مشكور اخي على المشاركة الجميلة و التواجد الاجمل =)

---

بانتظار اللي عاملين حجز ^^

فيرا
25-04-2012, 20:03
الفصــل الثــانــي و الثــلاثــون


ها هي شمس اليوم تغرب ببطء لتختبىء خلف الأبنية المرتفعة و يغرب معها آخر أمل لجيمس لامونت باستعادة الشركة بعد أن توسل لكل من يعرفهم من الوكلاء و الداعمين و الممولين بلا فائدة! فلا أحد يرغب بخسارة أمواله في محاولة – بائسة – لاستعادة شركة على وشك الإفلاس!

ترك النافذة و توجه إلى مكتبه و هو لا يقو على السير، فالغضب المتواصل و الحقد الشديد يمنعانه من استعادة قوته التي فقدت ظهر هذا اليوم و هو يتذكر وجه ليونارد هارتيل و ابتسامته الشامتة!
صرخ بأعلى صوته و ضرب مكتبه بقبضة يده و هو يرتجف فارتعبت ريتا و هي تحملق له بيأس عارم ،أما هو فقد كان كبرياؤه و عناده يجعلناه غير راضٍ عن صفقة هارتيل ! و تمتم لنفسه :

- لن أقع في تلك اللعبة! أنا لست غبياً مثل جوزيف .. لن يحصل لي مثله! كلا ..

اقتربت ريتا و هي ترى رب عملها على وشك أن يفقد عقله ، جلست أمامه بقليل من الخوف ثم قالت متوجسة :

- إذاً ماذا ستفعل ..؟ أنت لم تستمع إلى نصيحتي فقد أخبرتك من قبل أن الاقتراض من هارتيل بتلك الطريقة لن يجلب لنا سوى الندم ..

تنهدت بضيق أما هو فقد نظر لها نظرات حائرة قبل أن يتساءل :

- إذاً ما الحل برأيك ..؟

- ليس أمامك أي حل سوى أن تعطيه الشركة! فنحن عاجزون عن سداد الديون بالكامل !

وقف جيمس و كأنه استرد طاقته بالكامل ثم صرخ و الشرر يتأجج في مقلتيه:

- هل جننتِ أهذا هو الحل برأيك؟!

اتسعت عينا ريتا مذعورتان و هي تراه يضرب كل الآنية الفخارية و يسقط الملفات بضربات عصبية متتالية فأسرعت بالهرب من المكان أما هو فقد بقي على هذا الحال لفترة وجيزة قبل أن يسقط على ركبتيه هاتفاً :

- تباً لك ..! تباً ..!

وصل بلاغ السيد هارتيل عن محاولة اختطاف متعمدة من قبل السيد لامونت، لتنضم إلى قائمة الأسباب التي جعلت سيارات الشرطة تحيط بشركته و توجههم للقبض عليه !!

لم يعد لدى لامونت أتباع، فالجميع تخلّى عنه .. أيضاً الكثير من الموظفين قدموا استقالاتهم و تركوا الشركة بسبب تصرفاته الخرقاء معهم و تأخير رواتبهم ..! و مؤخراً انصرفت ريتا التي كانت بمثابة ذراعه الأيمن بغير رجعة ...

و ها هو يسمع أبواق سيارات الشرطة و هي تحيط بمكتبه، بعد أن تجاهل الاستدعاءات المقدمة خلال الأيام الفائتة .. أسرع بالخروج من البوابة الخلفية و ركب سيارته متجهاً إلى مكان مجهول لا يعرفه أحد!

شد بيديه على مقود سيارته و هو حزين ، محبط و غاضب، فكيف يصل به الحال إلى أن يهرب تاركاً بيته و شركته التي تعب في تأسيسها ..
كيف يصبح مثل المجرمين الذين تبحث عنهم الشرطة في كل مكان! بالأحرى ، إلى أين سيذهب بعد أن ضاعت كل آماله و أحلامه التي فعل من أجل أن تتحقق كل ما هو سيء و رخيص !!

و بالفعل ها هو يتذكر وجه ليونارد هارتيل مرة أخرى و ابتسامته الشامتة و نظراته تحاصره ثم يهمس بكلمات مليئة بالكراهية :

- لن أدعك تأخذ شركتي بكل بساطة يا هارتيل!

تبدأ السماء بالزمجرة ، و يغيم الجو تماماً بعد أن اختفت الشمس خلف السحب الداكنة الممتلئة بالمياه، و بعد أن برقت و رعدت في أوقات متقاربة شاهد جيمس قطرات الماء على زجاج سيارته الأمامي فشغّل المساحات الأمامية و همس بعصبية :

- هذا ما كان ينقصني!

و بين تلك الأصوات المختلطة شعر بشعور غريب! و كأن الموت الأسود يحيط به و بسيارته .. حاول طرد تلك الأحاسيس و لكنه مالبث أن سمع صوتاً غريباً يتردد داخل ثنايا عقله ..صوتاً يحمل رائحة الماضي داخل حروفه المتوعدة
" سوف يأتي ذلك اليوم الذي ستندم فيه...و سوف يأتي ذلك اليوم الذي سأنتقم فيه...
سوف تأتي إلي زاحفاً على رجليك و متوسلاً لي كي أرحمك...و لكنني لن أرحمك..أعدك بهذا...
أعدك بأنه سيأتي قريباً...أقرب من خيالك! "

تسارعت نبضات قلبه، و تصبب العرق على جبينه و هو يشعر بخوف شديد عندما تذكر تلك الكلمات .. سرح بعيداً عن المكان و هو يتذكر صاحبها ...! كيف يعقل ، أن يتذكر هذا الكلام فجأة بعد أن جاهد وقتاً طويلاً لنسيانه .. تمتم لنفسه و عيناه تتسعان ذاهلتين :

- هل يمكن أن يكون هو ...!

و في غمرة تفكيره لم ينتبه إلى سيارته التي كانت تنزلق بشكل خطير على الطريق إلا في وقت متأخر..جداً ، حاول إبطاء سرعته و المحافظة على توازن السيارة و لكن بسبب المطر انزلقت العجلات على الإسفلت، و انحرفت لترتطم بجانب أحد الأرصفة، بسبب توتره الشديد ضغط على المكابح بقوة لتنقلب السيارة عدة مرات رأساً على عقب ..!


أغلق سماعة هاتفه المحمول و وضعه فوق مكتبه بإهمال ، و قبل أن يباشر عمله طرقت إيفلين على الباب ثم دخلت و هي تقول :

- وصلني الآن خبر هام ..

أحاطها بنظرات اهتمام بالغ و هي تقول :

- لقد توفي جيمس لامونت إثر انقلاب سيارته على الطريق العام .

في الخارج ، كان المطر لا يزال يرتمي بقوة على أعتاب النافذة محدثاً ضجيجاً محبباً، تنهد ليونارد محاولاً إخفاء أي مشاعر أو أحاسيس يمكن أن تظهر على وجهه و هو يسمعها تتابع :

- لقد أصبحت شركة جيمس لامونت ملكاً لك، ما عليك سوى توقيع تلك الأوراق ..

همس ليونارد و نظراتٍ غريبة تعلو محيّاه :

- أخيراً !

فيرا
25-04-2012, 20:04


دقت ساعة بيج بين في تمام السادسة صباحاً، الجو معبّق بالضباب البارد و درجة الحرارة تحت الصفر، هكذا هي لندن في الشتاء ، باردة هادئة .. لا تكاد ترى أحداً يمشي في أزقتها الضيقة في ذلك الوقت المبكر ..

وقف ذلك الشاب ذو القامة الطويلة من بعيد يراقب إحدى المقاهي القديمة، عيناه الداكنتان تحملان الكثير من الألم و الحزن العميق ..

تنهد بأسى و هو يشرد في ذكريات الماضي السعيد، يتخيّل طيفها واقفاً هناك، تركض نحوه بشوق أو تبتسم له بدلال ، و كأن ذلك حدث بالأمس و لم تمر كل تلك السنين .. زفر ليخرج الهواء الساخن من رئتيه محدثاً سحابة من الدخان خارج فمه ما لبثت أن تشتتت بين الرياح الباردة التي أخذت تحرك خصلات شعره بعنف ..

دس يديه في جيبيه ليحصل على الدفء و لكن كفه اصطدم بتلك الصورة التي لم تفارق جيبه أبداً ، أخرجها ببطء و هو يعلم جيداً إلى ماذا سينظر ؟.. تأمل وجهها في الصورة التي اهترأت بفعل الزمن ..

كادت دموعه أن تنزل و لكنها توقفت على حاجز رموشه ، و تجمعت في قطرة صغيرة مسحها بسرعة قبل أن تنساب على وجنته ، تساءل و الألم يعتصر فؤاده
" لم لا أستطيع أن أنساها كما نستني ..؟ لماذا .."

رن هاتفه المحمول لينتفض في مكانه، أعاد الصورة إلى جيبه و أخرج هاتفه ليرى من المتصل و تساءل يتمتم لنفسه :

- كم مر من الوقت و أنا واقفٌ هنا ..؟

أصبحت الساعة تشير إلى السابعة و النصف، و لهذا همَّ بالعودة و التفت مسرعاً عندما شعر بتأخره عن عمله و لكنه اصطدم بفتاة ما ..

تجمّد في مكانه و جسده يرتجف، أما هي فقد عادت إليه و العصبية على ملامحها ، و كادت أن تختلق معه شجاراً لولا رؤيتها لوجهه !!

اتسعت عينيها بذهول و هي تحملق فيه بعد أن تفتت كل غضبها و طار مع الريح .. ! نظر إلى وجهها و جسده لا يقو على الحراك ..

اقتربت منه أكثر و تساءلت بذهول بعد أن ابتلعت لعابها إثر الصدمة الكبيرة :

- هيو!

احتقنت عيناه بالدموع فأصبحت حمراء كالدم لمحاولته حبسها بالداخل، صوته .. الذي امتزج بالحنين و الألم نطق أخيراً مع بحة غامضة :

- روزالين ..

لم يصدق مايجري معه! هل هو في حلم ..؟ أم إنها أمامه فعلاً بعد مضي عشرة أعوام كاملة .. بدت لطيفة ، أنيقة .. كما كانت دائماً لم تتغير أبداً سوى شعرها الذي أصبح قصيراً بعض الشيء ..

خفق قلبه و اشتعلت دقاته حتى كادت تخرج من صدره .. حاول التقاط أنفاسه و استعادة هدوءها و لكن بلا فائدة ، أعادت روزالين شعرها للخلف و تنحنحت ثم رمشت بعينيها قليلاً محاولة استيعاب الأمر .. فها هو هيو صديقها القديم يقف أمامها عند ذلك المقهى الذي افترقا عنده منذ سنوات ..

لم يتغير كثيراً ، ما زال كما هو .. نفس الملامح الهادئه اللطيفة .. مع تسريحة مختلفة و لون شعرٍ أشقر .. سمعت رنين هاتفه الذي جعله ينتفض مرة أخرى ، حدق إليه فشاهد اسم إيفلين ..

لن تتوقف إيفلين عن الاتصال حتى تطمئن بأن تأخر السيد ليونارد لأمر طارىء لا علاقة له بصحته، و أنه بخير .. فالساعة اقتربت من الثامنة و لا يجيب هاتفه ، كان هيو يعرف ذلك جيداً لذا رفع سماعة الهاتف و همس بينما عيناه لا تفارقان وجه روزالين :

- سوف أتأخر قليلاً ..

أغلق هاتفه على الفور ، و عاد ينظر إلى روزالين التي بادرت قائلة :

- ألا تريد احتساء كوب قهوة معي ..؟

أومأ بالإيجاب ليتوجها متجاورين نحو المقهى ثم يجلسا متواجهين ، ابتسمت روزالين ابتسامة رقيقة لتظهر أسنانها البيضاء و قالت بمرح محاولة تحريك الجو بينهما :

- لم تتغير أبداً ، و لكن ماهذا الشعر الأشقر .. أكاد لا أعرفك ..!

ظهرت ابتسامة مغتصبة على شفتيه ما لبثت أن اختفت و هو يومئ بالإيجاب، فتابعت روزالين بطرافة زائدة :

- لكن لا تقلق، تبدو كالمشاهير ، و أيضاً معطفك أنيقٌ جداً ..

لطالما كانت روزالين فتاة سطحية، حتى بعد عشرة أعوام ما زالت تفكر بتلك الطريقة! و لكن هيو لم يبالِ بذلك فقد كان يشعر بالسعادة لأنها تتكلم أمامه بحريّة كما كانا معاً دائماً ..

وصلت القهوة الداكنة ، و انبعثت رائحتها المميزة لذلك المقهى و هي تعيد لهما الذكريات، فتساءلت بعد فترة صمت قصيرة :

- لكن ماذا حدث ..؟ أخبروني بأنك انتحرت .. و أخبرني البعض بأنك اختفيت ، و لم أعلم الحقيقة حتى الآن ..!

ترك قدح القهوة يستقر في الصحن الصغير أمامه، و بشكل لا إرادي تحسس الندبة على الجهة اليمنى من جبهته و هو يتذكر ذلك اليوم المشؤوم عندما عاد إلى منزله تعيساً ، ليجد أمه قد ماتت على سرير بارد .. همس بسخرية و الألم يفتت فؤاده :

- يبدو .. بأن وقت موتي لم يحن بعد .

كانت المشاهد تتدافع إلى ذاكرته، و هو يمسك بمسدس والده و يرتمي بجانب أمه، ثم يصوب على رأسه .. و لكن يده التي ارتجفت جعلت الرصاصة تنحرف لتجرح رأسه و تستقر بالجدار الجانبي ..

هكذا ظل جسده يرتجف .. لأنه لا يريد أن يموت! مازال أمامه أشياء لكي يفعلها .. و أشخاصٌ لينتقم منهم ..

حاول هيو الخروج من دوامة ذكرياته الكئيبة فنظر إلى وجهها نظرة ساحرة ثم قال بعد رشفة من القهوة الساخنة :

- أنتِ أيضاً لم تتغيري، مازلتِ فاتنة ! إذاً كيف تجري الحياة معك ..؟

جعلها ذلك الإطراء تصاب بالقليل من الارتباك فعضت على شفتها السفلى بخجل و رفعت قدحها بكلتا يديها لتستمد الدفء من سخونته ثم تقول :

- الحياة مملة و رتيبة ..

- ماذا عن هاري ..؟

تغيرت ملامح وجهها و كأنه صب الزيت على النار! أبعدت عينيها بسبب نظرات العصبية و الكراهية التي انبعثت منهما ثم أجابت بحنق و الحدة تغلف نبرات صوتها :

- هاري! لماذا تتذكر ذلك الشخص المخادع الكاذب!! إنه حقاً شخص خائن و غشاش ..

- لم تقولين هذا ..؟


أظهرت وجهاً حزينا ثم حاولت تخفيض حدتها لاجتذاب التعاطف و هي تقول :

- لقد أوهمني بأنه يحبني ... و بعد هذا تركني و ذهب إلى الخائنة الأخرى ، سالي .. فقد فعلت المستحيل حتى تفرق بيننا ..

تعجّب هيو كثيراً، فمن خلال معرفته بـ هاري، لم يكن أبداً ذلك الشخص المخادع الكاذب، بل إن براءة الأطفال تسري في شخصيته و كأنه لم يكبر أبداً ..
تكلم باستغراب :

- و لكن هذا غريب فـ هاري ليس من هذا النوع من الشبان .

عادت العصبية إلى كلماتها و تركت قدح القهوة و هي تقول بغضب :

- أرجوك يكفينا كلاماً عن هذا الأمر ، فتلك الذكريات بغيضة بالنسبة لي .

تحلّى هيو بالصمت و هو يرتشف آخر ما تبقى في قدحه ، و لكن روزالين شعرت بأن الأجواء الصامتة عادت بينهما فحاولت أن تبتسم و هي تسأله :

- ماذا تعمل الآن يا هيو ..؟

ترك ما بيده و أخرج بطاقة من جيبه بهدوء، ثم سلمها إليها و هو يقول :

- خلال السنوات الماضية كنت أعمل في أمريكا، و استطعت من خلالها أن أبدأ من الصفر و أنجح في تأسيس شركات برايت قبل أن أعود إلى إنجلترا في مطلع هذا العام .

لمعت عينيها و هي تتأمل البطاقة الأنيقة بانبهار و إعجاب ثم تهمس :

- برايت!!!

لم تستطع منع نظراتها المعجبة من التوقف عن النظر إلى وجه هيو، فقد بدا ذلك واضحاً من طريقته التي اختلفت و الثياب الفاخرة التي يرتديها ، لقد أصبح شخصاً شهيراً و ثرياً يتردد اسمه الجديد على كل لسان ..
" ليونارد هارتيل .. "

هكذا كان حلم حياتها ، الارتباط بشابٍ غني و وسيم .. ابتسمت روزالين في وجه هيو و قالت مداعبة :

- هل علي أن أناديك ليو ..؟ أم هيو ..؟

ظهرت ابتسامة على شفتيه قبل أن يقول :

- بالطبع هيو ، فقد اعتدت على أن تناديني بهذا الاسم ..

دارت في خلدها الكثير من الأفكار .. لم تستطع سؤاله عنها دفعة واحدة!! و لكنها حاولت أن تعرف ما إن كان مرتبطاً .. أو إنه .. ما زال يحبها ، هل لديها أي أمل في استرجاعه و الاستيلاء عليه !!

لم تكد تسأله حتى عاد هاتفه المحمول إلى الرنين ، تلك المرة لم تكن إيفلين .. بل كان أحد وكلاء شركة برايت في أمريكا و لهذا استأذن من روزالين لكي ينصرف ..

وقف أمام الطاولة فوقفت قريبة منه و قالت بوجه حالم :

- أريد أن أراك مرة أخرى يا هيو ..

- بالتأكيد ..


لم يكمل جملته لأنها اقتربت منه و هي تلمس كتفه ، كان هناك خيط متشابك فوق الصوف الفاخر الذي صنعه منه معطفه فأبعدته و ألقت به بعيداً .. و لكنها كانت قريبة للغاية حتى إنها شعرت بأنفاسه الساخنة .. فعلت ذلك متعمدة لكي تجذبه بأية طريقة ..
رمش بعينيه محاولاً إزالة التوتر الذي أحاط به فجأة و هو يقول :

- سنلتقي قريباً ، و أيضاً إن أردتِ زيارتي في الشركة .. فسيكون هذا شرفاً لي .

ابتعدت قليلاً ثم قالت و هي تلوح بالبطاقة ثم تضعها في جيب قميصها :

- صحيح! فأنت ملكي الآن !

جعلته تلك الجملة يهتز ، و لكنه حاول الحفاظ على رباطة جأشه .. و ابتسم ابتسامة هادئة ثم ودعها و انصرف ، بينما نظرت إلى ظهره و هي تخطط من جديد و تتساءل
" ما بال ردة الفعل الباهتة تلك ..؟ هل يمكن أن يكون مرتبطاً بالفعل .... "

عضت على شفتها السفلى بغضب و ضربت قدمها في الأرض، و لكنها سرعان ما هدأت و هي تخرج البطاقة من جيبها و تقول هامسة و قد لمعت عينيها بابتسامة :

- سأعيدك لي بأية طريقة ... حبيبي هيو .


_________________






بانتظار التعليقات :biggrin-new:

heero0.1
26-04-2012, 22:53
حجز

heero0.1
26-04-2012, 23:26
ياخي يوم قلت انها سخيفة وبايخة ما تنتطاق ما جذبت ولصقة بعد
علطول المخ اشتغل عشان تردة وها الهيو لو ردلها بفصل راسه عن رقبته> يا الهبلة معروه انه ما راح يردلها..
وبعدين لا تيبي طاري سالي على لسانج.. اذا هي خاينة انت شو.. وبعدين هي احلى عنج من متى الصهباء اجمل من الشقراء<< لروزالين وليج يا كاتبتنا المبدعة
البارت خطير بس قصير:beaten:

**aiko**
27-04-2012, 14:54
مرحبا ^^

انا متابعة للرواية من زمان بس خلف الكواليس هه...الرواية هذي من أروع ما قرأت...استغربت الانتقال المفاجئ لشخصية ليوناردو بس هلأ فهمت انو نفسه هيو

كمان حابة أعبر من مشاعري الحقودة للأخت روزا ...يختييي ما أثقل دمها ..ورجينا شطارتك وخلي نهايتها مأساوية خليني أضحك واتشفى فيها هع هع

كتير حبيتها ايفلين .. وبتمنى بالأخر يكون يحبها ليو ...ولو سمحتي زيدي جرعة الرومنس شوي ههههههههه....

عفكرا انا متابعة في النيبو كمان^^

مستنيينك ولا تتأخري

Mr.Fuad
29-04-2012, 14:48
هيو يا هيو ..
من المؤكد أنك الأن في قمة الفرح .. تحقق أنتقامك .. وانتهت بلقاء بحب حياتك روزالين .. ~~
روزالين >> كم أكرهها .. لا أدري .. لكاني بين الكره والاعجاب بها ..
إيفلين >> صار الحين مثلث حب .. ككك ..
من اللي رأح يحظى بـ قلب هيو .. أظن رأح نشوف الاجابه في البارت القادم ..
أتمني من كل قلبي .. أنكي يا أختي ما تجيبي سالفة سالي و هاري ..
ما أحبهم .. أكرههم .. وربي .. ~~

..

عموما .. البارت مثل العاده .. مثير ورائع وقصيراً ..
خصوصا الوصف .. مثير للاعجاب .. ^^َ
بأنتظار البارت القادم

S H I U Z O
01-05-2012, 16:10
السسلـأمم عليكمم
البارت رائئع
بـأنتظاار التكمللهـ
^^

ωinly
01-05-2012, 19:24
حجز~حتى قرآءة القصة كاملة~انتظريني:playful:


السلآم عليكم~
كيفك؟؟:barbershop_quartet_
قصتك جميلة وروووعة جدا ~أحداثها وشخصياتها~خآصة هيو ورحمة حآآله:frown:
وووصصفك دقيق يجعلني أتخيل مايحدث ~^^
وأكرره ذي الروزالين أما سالي و هاري ثنائيان لطيفان وكم اشتقت لوجودهم بالقصة~
هيو هو ليو مآآأصدق صدمة..بس أظني قد فكرت أن يكون هو بس مو مرة~
يعني كبر وغير شكله واسمه ماتوقعتها منه~والمفاجئة جون هو ابو روي عشان كذا اسم عائلته حسيته مر علي بالقصة~
وايفلين شخصية لطيفة أتمنى تكون من نصيب هيو فهي افضل من تلك الحربآء~ع العموم متشوقة للبآرت الجآي~^^
سووري ع التأخير بس القراءة أخذت وقت^^"~
ودي لك~
:soap:

فيرا
03-05-2012, 17:32
ياخي يوم قلت انها سخيفة وبايخة ما تنتطاق ما جذبت ولصقة بعد
علطول المخ اشتغل عشان تردة وها الهيو لو ردلها بفصل راسه عن رقبته> يا الهبلة معروه انه ما راح يردلها..
وبعدين لا تيبي طاري سالي على لسانج.. اذا هي خاينة انت شو.. وبعدين هي احلى عنج من متى الصهباء اجمل من الشقراء<< لروزالين وليج يا كاتبتنا المبدعة
البارت خطير بس قصير:beaten:

ههههههههههههههه ايوة هي فعلاً سخيفة و بايخة و لصقة و لسه هتعمل اكتر من كده xDD
ههههههههههه اختي بتقول هترجع بالزمن لليوم اللي كان هينتحر فيه هيو و تخلي ايده مش تهتز عشان الرصاصة تقتله ده لو رجع لروزالين و قالت عشان خاطر ايفلين ممكن تجيب روزالين بين هيو و الرصاصة و روزالين تموت xDD
مشكورة يا عسل على المشاركة الجميلة ^__^


مرحبا ^^

انا متابعة للرواية من زمان بس خلف الكواليس هه...الرواية هذي من أروع ما قرأت...استغربت الانتقال المفاجئ لشخصية ليوناردو بس هلأ فهمت انو نفسه هيو

كمان حابة أعبر من مشاعري الحقودة للأخت روزا ...يختييي ما أثقل دمها ..ورجينا شطارتك وخلي نهايتها مأساوية خليني أضحك واتشفى فيها هع هع

كتير حبيتها ايفلين .. وبتمنى بالأخر يكون يحبها ليو ...ولو سمحتي زيدي جرعة الرومنس شوي ههههههههه....

عفكرا انا متابعة في النيبو كمان^^

مستنيينك ولا تتأخري

أهلاً بيكِ منورة :peaceful:

يب يب اعرفك من ايام النيبو القديم كمان 3>
الله يسعدك يا رب اخجلتيني و الله :$
ايوة انا كان نفسي حد يستنتج ان ليونارد هو هيو عشان كده خليت مظاهر الحقد تبان عليه ضد جيمس لامونت حتى لامونت ده كان جه قبل كده ببارت قديم لما كان لسه هيو شاب هو الرجل البدين صاحب الشركة اللي خدع جوزيف و اللي طرد هيو شر طرده .. حتى كمان لمحت انه هيو من خلال مواقف كتيرة زي جون خاله مثلاً اللي اتشكك في انه شاف وجهه قبل كده ، و الحلم اللي شاف فيه روزالين بس انا مش قلت انها روزالين صراحةً بس وصف البنت كان نفس وصف روزالين xD
بالنسبة لنهايتها فاطمأني هخليكِ تضحكي و تشفى غليلك منها كمان xDD بس لسه الاول روزالين هتعمل فظايعها مع ايفلين xDD
ازود الرومانس اكتر من كده xDD اوك حاضر بس ربنا يستر كك xD
مشكورة عالرد الجميل =$



هيو يا هيو ..
من المؤكد أنك الأن في قمة الفرح .. تحقق أنتقامك .. وانتهت بلقاء بحب حياتك روزالين .. ~~
روزالين >> كم أكرهها .. لا أدري .. لكاني بين الكره والاعجاب بها ..
إيفلين >> صار الحين مثلث حب .. ككك ..
من اللي رأح يحظى بـ قلب هيو .. أظن رأح نشوف الاجابه في البارت القادم ..
أتمني من كل قلبي .. أنكي يا أختي ما تجيبي سالفة سالي و هاري ..
ما أحبهم .. أكرههم .. وربي .. ~~

..

عموما .. البارت مثل العاده .. مثير ورائع وقصيراً ..
خصوصا الوصف .. مثير للاعجاب .. ^^َ
بأنتظار البارت القادم

ايوة هو فعلاً مثلث حب و هيكون مليان بصراعات عنيفة طبعاً لأن روزالين أحد الأضلاع هتحاول بكل جهدها تنتصر xDD
هخلي البارت الجاي يحكي أحسن عشان هيبدأ فيه المنافسة هههههههه xDD
تصدق انت اول واحد يكره سالي و هاري ... الكل دايماً كاره روزالين و احياناً يكرهوا هيو لكن هاري عمري ما شوفت غير دلوقتي أما سالي كانت في واحده بمنتدى اخر بتكرهها xDD
على العموم هو ذكرهم لو جه هيبقى بسيط لأنهم بالبارتات السابقة كانوا اخدوا حقهم كتير لما ذكرت قصة كريستال والدة هاري و صراع هاري مع ابوه و حبه اللي من طرف واحد مع روزالين و المأساة بتاعته و انتهائه بحبه لسالي...اختي بتقول ان هاري و سالي اخدوا حقهم و كفاية لكن لو اتذكروا فهيكون لذكرهم لزمة بالبارت و ضرورة عشان ادعاء روزالين و اتهامها ليهم بالخيانة ^^

أشكرك أخي و ابشر البارت الجاي طويل مش قصير ^^


السسلـأمم عليكمم
البارت رائئع
بـأنتظاار التكمللهـ
^^

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ^^

اشكرك عزيزتي و منوورة =)

ان شاء الله البارت الجديد بعد قليل ^^



السلآم عليكم~
كيفك؟؟:barbershop_quartet_
قصتك جميلة وروووعة جدا ~أحداثها وشخصياتها~خآصة هيو ورحمة حآآله:frown:
وووصصفك دقيق يجعلني أتخيل مايحدث ~^^
وأكرره ذي الروزالين أما سالي و هاري ثنائيان لطيفان وكم اشتقت لوجودهم بالقصة~
هيو هو ليو مآآأصدق صدمة..بس أظني قد فكرت أن يكون هو بس مو مرة~
يعني كبر وغير شكله واسمه ماتوقعتها منه~والمفاجئة جون هو ابو روي عشان كذا اسم عائلته حسيته مر علي بالقصة~
وايفلين شخصية لطيفة أتمنى تكون من نصيب هيو فهي افضل من تلك الحربآء~ع العموم متشوقة للبآرت الجآي~^^
سووري ع التأخير بس القراءة أخذت وقت^^"~
ودي لك~
:soap:

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ^^

ولكموو =)

الحمد لله تمام ^^

أشكرك عزيزتي عالمشاركة الطيفة و منوورة ^^

ههههههه ايوة هيو هو ليو بالظبط xDD و روي كده يبقى قريب ليونارد " هيو " يبقى ابن خاله و طبعاً روي ميعرفش xDD

و لسه بتكرهي روزالين اكتر .. بما انها عادت فهترجع ريمة لعادتها القديمة كاك xDD

و لا يهمك يا عسل خدي وقتك بالقراءة ^__^ و سعيدة بمشاركتك و متابعتك =)

فيرا
03-05-2012, 17:34
الفصــل الثــالــث و الثــلاثــون


انتهت الاجتماعات الخارجية و ها هو يعود قبيل الغروب إلى منزله يجرُ قدميه بصعوبة بالغة و كأن سهماً أصاب قلبه في الصميم ..

خلع ملابسه و ألقاها بإهمال على غير العادة، ثم توجه ليأخذ حماماً علّه يفيق من هذا الكابوس الذي يجثم على صدره ، تخللت المياه الباردة شعره و نزلت على جسده و لكنها لم تصل إلى قلبه لكي تطفىء الحمم المتقدة ..

ترك المياه تغمره و هو يهمس :

- روزالين .. لماذا لا أستطيع نسيانك ؟!

ضرب الجدار بيده عدة مرات ، قواه الخائرة تجعله غير قادر على التفكير في أي شيء آخر عداها .. خرج ببطء و ارتدى ملابسه ثم ارتمى على الأريكة و هو يتحدث إلى نفسه :

- لماذا .. مازلتُ .. أحبكِ ..

خرجت أنفاسه ساخنة و الذكريات تتضارب بداخل عقله ، ابتسامتها .. حديثها .. و حتى عصبيتها ، كل شيء أصبح يتدافع أمامه و يصيبه في قلبه كما لو أن الشوك ينغرز فيه كل مرة ..
ارتفعت حرارته بشكلٍ مفاجىء و التقط هاتفه ليضغط على اسم إيفلين بلا وعي منه ..
لأنه لم ياتِ إلى الشركة، فقد توجه إلى مكتب الوكيل الأمريكي و أيضاً ، في الصباح همس لها باقتضاب بأنه سيتأخر، لهذا بقيت إيفلين قلقة حتى وقتٍ متأخر ، و ما إن شاهدت رقمه يتصل بها بعد انتهاء الدوام الرسمي حتى انتفضت من فوق سريرها و أسرعت بالإجابة عليه بدون تفكير :

- سيد ليونارد ..؟

سمعت صوته يتردد مرهقاً خافتاً و ضعيفاً بشكلٍ لا يصدق :

- إ..إيفلين .. أريد أن أحدثك بأمرٍ ما ..

قبضت على ملابسها و الخوف قد نال مبتغاهُ منها و تسلط عليها لتقول على الفور :

- بالتأكيد .. أياً كان ذلك الأمر سأستمع لك حتى النهاية ..

لم تسمع منه أية إجابة و لهذا ارتجفت في مكانها بقلق و هي تتساءل في قرارة نفسها عن ما حلَّ به ..؟ هل هو مريض .. ؟ إنها لم تسمع صوته بهذا الوهن من قبل!! لينقطع حبل أفكارها عند سماعها صوت اصطدام ،
ليسيطر عليها الذعر و يجعلها تهتف :

- سيد ليونارد ..؟!

لم تتلق أي رد فصرخت مجدداً و لكن الصمت كان حليفها، نظرت إلى هاتفها و القلق يعتصر قلبها !! لم تستطع انتظار لحظة واحدة .. إنها حتى لم تنتظر أن تغيّر ملابس البيت، قميص أخضر بأكمام طويلة و بنطال أخضر مطرز بالأبيض، واسع و قصير يصل إلى منتصف ساقيها النحيلتين ..

ركضت في الشارع و هي تحمل هاتفها الذي لا يزال مفتوحاً في مكالمة مع ليونارد، بكل سرعتها ركضت و تحمّلت فوق طاقتها ، لم تقف لترتاح أو تلتقط أنفاسها رغم أن جانبها بدأ يؤلمها .. ركضت مثل المجنونة التي ستفقد شيئاً ثميناً إن لم تصل في الوقت المناسب ..

دخلت من الباب الرئيسي للمبنى الشاهق ثم صعدت الطوابق حتى وصلت إلى باب منزله الأنيق .. ضربت الجرس عدة مرات متتالية و لكنه لم يفتح ، فبدأت تطرق بيدها تارة و تركل بقدمها ، ثم الجرس و قدمها معاً .. لم تتوقف حتى سمعت صوت خطواته من الداخل يقترب نحو الباب ..

توقفت تنظر محبوسة الأنفاس، و عندها فتح ليو لتراه يقف أمامها بشكلٍ مزري .. فأزرار قميصه الشتوي لم تكن مغلقة ، و شعره الأشقر مبعثر و كأنه تبلل و جفَّ بوضع غريب ..! كما أنه غير قادر على الوقوف فوجهه أحمر و جسده يترنح ..!

دخلت مسرعة و همست بذعر و هي تتحقق من جسده بعينيها لتبحث عن أية إصابات :

- سيد ليونارد! هل أنت بخير ..؟! ما الذي حلَّ بك؟؟!

لم يرفع عينيه في وجهها ، فقط استند على الجدار و هو يتنفس بصعوبة فأغلقت الباب خلفهما ، و لكنها فوجئت به يترنح مجدداً و كأنه سيسقط فتركت هاتفها يقع أرضاً و أمسكت به بكل قوتها لتجبره على الوقوف و هي تهمس بخفوت :

- سيد ليونارد ..!

سار معها بضع خطوات .. إنها المرة الأولى التي تدخل فيها إلى منزله فهي خجلة و متوترة ، و أيضاً خائفة عليه .. سألته :

- أين هي غرفة الـ ..

لم تتم جملتها و احتبست الكلمات في حلقها و هو يمسك بها و يطوقها بذراعيه القويتين ثم يضمها إلى صدره و يشدُ عليها حتى لا تفلت من بين يديه ..!!

اتسعت عيناها بذهول ثم احمرت وجنتاها و هي تشعر بالخجل الشديد ، فقد ارتمى بثقله عليها و هو يضمها بتلك الطريقة ..! إنها لم تشعر بمثل هذا الشعور من قبل، شعور و كأنها تحلّق في عالم الأحلام بعيداً للغاية .. وحيدين معاً و قريبين من بعضهما البعض ..
خرجت كلماتها متعثرة :

- سيـ .. سيدي ، ليو ..

شعرت بوجهه الساخن على رقبتها، جعلها ذلك تتضرج بحمرة الخجل، و حاولت أن تبعده و لكنه شدَّ عليها أكثر و هو يهمس :

- أنا .. أحبُكِ .. لازلتُ .. أحبُكِ .

تلك المرة، كان قلبها سينفجر و هو يضرب بعنف، فهمست و هي لا تصدق ما تسمعه من شفتيه :

- أ..أجل و لكن ..

- لا تتركيني مجدداً .. روزالين .

اعترتها الصدمة و هي تسمع الاسم، فـلم تكن "هي" المقصودة .. لطالما شعرت بأنه مشغول البال ، لطالما تساءلت لماذا لم يحب السيد ليونارد إلى الآن؟! و لطالما باغتها ذلك الإحساس بأن هناك فتاة تسكن قلبه و لكنها كانت تقنع نفسها بأنها مجرد أحاسيس كاذبة لا أقل و لا أكثر حتى لا يؤلمها قلبها!

خفّت قبضته من حولها و اختل توازنه .. حاولت الإمساك به و لكنها لم تستطع تحمل وزنه فسقط و سقطت فوقه ثم ابتعدت لتجلس إلى جانبه و هي ماتزال في حيرة و صدمة بالغة ..

همست له و عيناها مغرورقتان بالدموع :

- من هي روزالين ..؟

لم تكد تنهي سؤالها حتى تفاجأت بتلك الصورة المُطبقة عليها يده و كأنها كنزٌ ثمين!، مدت يدها و سحبتها منه لترى ما كنهها و لماذا هو متمسك بها ؟! لتتفاجأ بأنها لم تكن سوى صورة صغيرة مهترئة و كأنه قد مر عليها زمن طويل و بداخلها فتاة تبدو بمقتبل العمر ربما بالعشرين أو أقل..ذات شعر طويل و أصهب و عينان عسليتان ذات أهداب كثيفة..لقد كانت و الحق يقال فاتنة بحق..و لهذا تساءلت إيفلين بداخلها " لماذا يحتفظ ليونارد بصورة تلك الفتاة؟!"
و لكنها سرعان ما عرفت الإجابة عندما تذكرت ما سمعته منه منذ قليل، و لهذا همست بتعاسة أكبر:

- هل هذه هي روزالين؟!

شعرت بالحزن يجتاحها أكثر و الألم يفتت ضلوعها، فلقد ظنت أنه يهتم لأمرها و لكنها تعود تخبر نفسها بأن كل ما شعرت به كان مجرد وهم اختلقه عقلها و قلبها..ربما طيبته الزائدة و حنانه هما ما جعلتاها تشعر بأنه من الممكن أن يحبها .. و ربما وجدت فيه طوق النجاة الذي سينقذها من " روي " !

أعادت الصورة بعدها إلى جيبه ثم جلست بقربه و أمسكت بيده في حنان و من دون أن تشعر تدافعت تلك الكلمات من بين شفتيها المرتجفتين:

- لن أدعك تذهب...لن أترك يدك تفلت من يدي...سأطبق عليهما و سأتمسك بهذا الضوء الضئيل من الأمل!
ستقول عني أنانية...فلتقلها إذاً!

ظلَّت تنظر نحو وجهه النائم و هي لا تزال ممسكة بيده و قد بللت قطرات العرق جبينه و وجهه!
و في شرود راحت تتأمل تقاسيم وجهه الهادئة بعينين التمع الدمع فوق سطحهما الزجاجي، و بيدها الناعمة أزاحت خصلات شعره الأشقر التي تمرّدت بحرية فوق جبينه ، فخفق قلبها مع دقات الساعة على الحائط و التي أعلنت عن انتصاف الليل!

توقفت عن تمرير أصابعها في تلك الخصلات لتضعها فوق جبينه الحارق ليحترق قلبها قبل كفها، أخذت تحدث نفسها و تهذي في جنون :

- ما الذي تفعلينه هنا؟! .. بل ما الذي أتى بكِ؟! لماذا لم تعودي من حيث أتيتِ؟! ..
هل ظننتِ أنه أحبك حقاً؟! إنه ليس من حقك .. و لكن؟!

أغمضت عينيها بعنف لتنهمر منهما تلك اللآلىء متدحرجةً على وجنتيها ساقطة فوق جبينه ثم بشفتين مرتجفتين أخذت تعاتب نفسها بقسوة :

- ليس من حقك .. هل فهمتِ؟! .. ليس من حقك .. فمن تكونين حتى تتدخلي بحياته؟!

نظرت نحوه في عطف و لا زالت تلك اللآلىء منهمرة ثم أجابت نفسها :

- فعلاً من أكون ؟! .. لم يكن لي .. و لن يكون!

أطرقت رأسها لتنسدل خصلات شعرها القصير مخفيّةً ملامحها الحزينة ثم دفنت وجهها بين كفيها لتهمس لهما بدموعها و تخبرهما عن أحزانها فقد أيقنت أنها مهما فعلت فلن يغيّر ذلك شيئاً .. ليونارد يحب امرأة أخرى و قلبه مشبب بها كما تخبرها حالته الآن .. إذاً فليس هنالك أي أملٍ لها..لقد كان حبها من طرفٍ واحد و انتهى الأمر..!
هكذا أغلقت باب أفكارها و قتلت بداخلها أي فرصة للتفكير فيه، ستحاول جاهدةً التأقلم مع الوضع و نسيانه .. أجل نسيانه لتستمر بالعيش..!

مسحت دموعها بيديها ثم أخذت تفكر ماذا تفعل الآن؟! إن حالته خطيرة و لن تتركه هكذا حرارته مرتفعة و يهذي!
نهضت من مكانها ثم أخذت تبحث عن الحمام حتى وجدته!.. و بعد فترة قصيرة عادت و معها قطعة قماش مبللة وضعتها فوق جبهته الحارقة ثم أخذت هاتفها الصغير و اتصلت على رقم مارك، و عندما سمعت صوته يجيبها من الطرف الآخر أخبرته ذلك الخبر المفاجىء و المفجع بنبرات جادة و قلقة :

- مارك رجاءً أحضر الطبيب و تعال إلى منزل السيد ليونارد في الحال لأنه مريض و أنا لا أعلم ماذا به؟!

أغلقت هاتفها و وضعته جانباً بعد أن تلقت الإجابة بالموافقة ثم جلست تكرر محاولاتها في خفض حرارته و التي يبدو أنها ساءت..!

وصل مارك أخيراً و معه الطبيب و لهذا اتصل على هاتفها لكي تفتح لهما باب المنزل، و بعد أن دخلا وجدا ليونارد ممدداً فوق الأرض يهذي بكلمات غير مفهومة و تأوهات تخرج من بين شفتيه و لهذا قام مارك و الطبيب بحمله إلى غرفته كي يكشف عليه بالداخل..

وقفت إيفلين بجوار مارك ثم سرعان ما استأذنت منه بالانصراف و لكنه شعر بأن هناك شيء ما يزعجها، شعر بأن نبراتها حزينة فقد بان ذلك في عينيها الحمراوتين و لهذا أوقفها متسائلاً بحنان :

- هل هناك شيء يضايقكِ يا آنستي؟!

التفتت إليه ثم قالت بصوتٍ مبحوح : - لا ، لا شيء فقط أنا..

نظرت إلى الأرض كي لا يرى عينيها التي اهتزت بتأثر ثم أكملت كلامها قائلة بنبرات خالية من التعبير :

- مرهقة بعض الشيء لأنني لم أنم جيداً.

بالطبع لم يشعر بصدق ما أخبرته به و لكنه لم يشأ أن يزعجها أكثر، و كذلك لم يطاوعه قلبه بأن يتركها تذهب إلى بيتها بمفردها في هكذا وقت .. و لهذا عرض عليها بأن يوصلها و لكنها رفضت قائلة :

- أرجوك ابقَ مع السيد ليونارد فهو يحتاجك معه،
أما أنا فأستطيع الاعتناء بنفسي جيداً و كذلك منزلي على بعد شارعين منه أي أنه قريب لذلك لا داعٍ للقلق.

ابتسمت له كي تزيح ذلك الجو الكئيب .. و لكي تجعله يطمئن ثم انصرفت بعدها و بداخلها تعاسة تصاحبها ألم .. فلقد اتضح كل شيء لها بهذا اليوم .. لقد عرفت أخيراً أنها مجرد .. "ساذجة!"