PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : رواية السر والعوض



إبرا السوداني
19-01-2011, 08:59
اريد اضافة رابط للمشاركة السابقة لاني لم اتمكن من عرض الفصل الاول للرواية كاملا
هذا جزء من الفصل الاول وبعده رابط لتحميل الفصل الاول كاملا:
أتمني ان تنال هذه الرواية الجديدة من تاليفي الخاص اعجابكم واستحسانكم وشكرا!!!


رواية سودانية معاصرة


العَوَضْ و السِّر


أبوخويلد جعفر...... مايو 2010




1ـ سوق الجمعة
لقد جربت ذلك بنفسي وفهمته جيّداً بواقع التكرار-الذي يعلم الشُّطّار- فعرفت تماماً وبما لا يدع لدي شبهة تحرك شكوكي حول هذا الإنطباع الواقعي , والمدعم بالتجارب والشواهد الحقيقية الضاربة في عمق الحياة الشائكة, وفي مجرى قلبها النابض والمتدفق بالغرائب والمحن .. أن هذا المخلوق الذي يسمى الـ (بَنِ آدم) من الصعب أن تسترضيه أو تستميله لصالح نفسك, ومن الأصعب وبل والمستحيل أن تتقي شره أو تعيش معه في سلام حقيقي تأمن فيه كيده ومكره. هذا ما تحقق لي فهمه من الواقع مما جرى لي من مقالب ومطبّات خلال حركاتي وأسفاري في دروب هذه الحياة بخيرها وشرها وأنا من الذين يؤمنون بأن الحياة -بكل وجوهها التي تبديها لك- يوجد فيها الخير ويوجد فيها الشر. لكن إذا واجهتني بالسؤال أين سكة الخير لأسلكها؟ أو كيف أجوز هذا الشر الذي إعترضني؟ بكل تأكيد سوف لن تجد عندي جواباً شافياً ولا نصيحة كافية والسبب بحسب ما أرى هو وببساطة: لأنك لستَ أنا!.. وأنا ليس أنت...! ، إذا كانت عباراتي الأخيرة هذه غير مفهومة, فليس بمقدوري أن أشرحها أو ألفق حولها كلامًا - في سبيل أن يتضح لك المعنى- ربما يكون من شأنه أن يذهب بالذي أقصده من وراء تلك الجمل البسيطة , ورغم ذلك فلن أبخل على القارئ الوقور بشيء من الإشارة أو الدلالة لأقول له أنني ربما أدور فقط حول مثل سوداني, لن أقول فقط أنه أصيل.. بل أيضاً مثل نبيل وعميق ألا وهو ذلك المثل الذي يقول بلغتنا الدارجة الفصيحة "الطبيعة جبل" و(من خلَّ عادتُّو قلّت سعادْتُّو) ويوافقه مثل آخر لا يقل عنه أصالة وعمقاً: وأنا سمعته أو علمته من أمثال العرب – باللغة الأم – هذا المثل يقول "الطبع لص" حاولت جهدي أن أجد لهذا المثل الفصيح موضع في سلوك نفسي وتصرفاتها, أستطيع به الحكم بإنطباق هذا المثل عليها وبالتالي جريان أحكامه على جوهر سلوكها وإتجاه ميولها. وحتى أكون معك واضحاً وصريحاً أخي القارئ : فَشِلت..! لم ينطبق هذا المثل العربي القديم الفصيح على نفسي, ولأكون أكثر وضوحاً: لم أجده ينطبق على نفسي لا من قريب ولا من بعيد..! وبالطبع معناه واضح لا يخفى عليك وربما تجده ينطبق على نفسك تماماً أيها الصديق ,لا سيما وأنه يقابل المثل الذي يتداوله العامة كثيراً:( من عاشر قوماً أربعين يوماً صار مثلهم) وأنا أعرف أن هنالك من الناس -من البشر الناطقين وليس من الحيوانات البكم- من عاشر أناساً وعاش معهم بالسنين الطوال دون أن يغيِّر ذلك من طبعه شيئاً, أو يؤثر ولو قليلاً في سلوكه وأخلاقه. هذا بالفعل أمر واقع ومن المشاهد كثيراً, فقد تجد إنساناً لئيماً .. إضطرته الحياة سواء لظروف عمل أو لمصلحة ما ليعيش وسط أناس طيبين فضلاء , أو بخيلاً أجبرته الأيام أن يساكن أقواماً كرماء أسخياء, ولكي يعيش كل من هذا اللئيم وذلك البخيل في سلم مع هؤلاء القوم الذين يخالفونهم في الصفات والطباع, تجد كل منهما يحاول التشبه بسلوكهم حتى لا يبدون شاذين ومخالفين لهؤلاء الناس الذين إضطروا للعيش معهم, وحتى لا يصيروا بمرور الأيام – إذا استمروا بذلك الطبع المخالف والمُشاتِر – منبوذين وغير مرغوب فيهم, لهذا ترى اللئيم يتظاهر بالطيبة والرفق, والبخيل يتظاهر بالكرم والسخاء,وتراهم مستمرين كذلك على تلك الحال حتى إذا شاءت الظروف: وعاد كلٌ إلى موطنه الذي نشأ فيه وعُرف فيه بتلك الصفة والعادة, رجع اللئيم إلى سيرته الأولى لئيماً يتظاهر باللؤم, وعاد البخيل بخيلاً يأبى أن يخفي بخله وشحه, وكما يقولون (حليمة رجعت لي قديما) وما انطبع على الإنسان منذ الصغر يصعب عليه التخلص منه في الكبر ومن شبّ على شيءٍ شاب عليه, وغلب الطبع التطبع!.
لستُ مؤدباً ولا معلِّم أخلاق ولا محلل نفسي إنما قصدت بتلك المقدمة المملة – أرجو أن تعذرني أيها القارئ – أن ألفت إنتباهك إلى النظر دائماً إلى طبع الإنسان قبل الحكم عليه بفساد أو صلاح, إذ يجب ألا يخدعك مظهر الآدمي الجميل وما يتقمصه من ثياب تحجب وراءها جُبْن الغدر وتخفي خلفها شؤم الخيانة, تماماً كما يشير المثل (وراء السواهي دواهي) فإذا بدر لك من إنسان أمر قبيح ومشين فلا تستغرب..! فقد يكون هذا من طبعه وعادته, فهو مغلوب بطبعه على فعل القبيح , فلا يستطيع التستر بأي لباس – ولو كان زائفاً – للخير لأنه أصبح ضعيفاً أمام سطوة ما نشأ عليه من طباع شريرة , وأما إذا بدرت لك أفعال جميلة وأقوال رقيقة: فلا تأمن.. لأنها ربما جاءت وراء أقنعة الغش وحُجب الخداع.. وفي كل الأحوال -أيها القارئ النجيب- لا أمان ما دام بإمكان الإنسان أن يتلبس ويتقنع بثياب تتلون بسائر الألوان, وتتشكل بكافة الأشكال حتى يتسنى له خداع الغير بإخفاء طباعه القبيحة التي لا يقبلها الناس! لأن الطباع والخصال الجميلة يقبلها الناس بل ويحبونها, لذلك دائماً لا يتكلف صاحب الصفات الفاضلة مشقة إخفاءها ولا يبادر بتعريف الناس بها لأجل الافتخار وإظهار الأفضلية والتصدر, والجميل هو جميل لا يحتاج إلى تكلف لإبداء هذه الميزة!.. فصاحب الصفات الحسنة و(الطَبْع السَمِح) دائماً ما يذكرني بمثل تردده كثيرا "حبوبتي" -عليها رحمة الله- وهو يقول: ( السَمِحْ.. سَمِحْ ..! كان زَرَعوهُو عيش يِطْلَع قَمِحْ..!).
دعني أقتصر على ذلك حتى لا أطيل الإسترسال في هذه المقدمة, والتي أعلم أن الكثيرين لا يريدونها, لرتابتها ولأنها تتكلم بلسان الناصح الذي يدعي أو يتوهم أنه خبر أسرار الحياة ومقالبها, وبالطبع من زعم أنه قد فهم الحياة بحيث يصبح بإمكانه التعايش مع كافة مشاكلها دون معاناة ، أو التحرز من بعض مفاجأتها دون التعرض لنكبات ومتاعب فقد كذب وجاهر بالكذب!.. والحياة نفسها تشهد...!!
كيف أبدأ هذه الحكوة القصيرة وكيف سأسطرها لك.. هذا ما أرى نفسي عاجزاً عن فعله أيها القارئ الكريم لكن على كل حال دعني أبدأ دون إكتراث ودون تحفظ!.
كان ذلك في نهايات الثمانينات وبداية التسعينات, وهذا التاريخ يبدو للبعض قريب جداً.. لكن بكل تأكيد هنالك -من الأفراخ الصغيرة التي لم ينبت ريشها بعد- من يضمه مع العصر الحجري. الأجيال صارت تتسابق ويلحق بعضها بعضاً بسرعة جنونية. وما تراه اليوم حديثاً وجديداً يصير غداً قديماً وغير مرغوب فيه!.
عندما توقفت عربة اللوري في منطقة من الخرطوم يقال لها (سوق الجُمعة) وهي تجاور السوق الشعبي, كان الوقت حينها يوافق العاشرة صباحاً – بتوقيت الثمانينات بالطبع – ومع أن طبيعة ذلك الوقت الصباحي تقتضي برودة الجو أو على الأقل إعتداله, إلا أنه مع شدة سطوع شمس الصيف الحارقة بدأت بشرتي في التعرق خصوصاً أعلى جبهتي ، وبدا لي جو الخرطوم حاراً (كاتماً) وقاتماً لولا بعض ما يتخلله - بين الفينة والأخرى – من تيارات هوائية محملة بالغبار والأتربة هي أشبه بالأعاصير, و قد أكملت ما ارتسم على شعري ووجهي وملابسي من لوحة ترابية شكّلها ما أثارته عربة اللوري من غبار وتراب على طول الطريق من (حلتنا) إلى العاصمة, وهو محمل بشحنة محصول (البصل) ليتم تسويقه في ذلك التوقيت والذي يصادف موسم رواجه وغلاء أسعاره.
ما زلت جالساً أعلى اللوري (مُحكّراً) على (التَندة) بملابسي الإفرنجية وشعري (الخُنْفُس) أراقب السوق من وراء نظارتي السوداء التي كنت أحبها, تأملته جيداً فإذا به لا يختلف عن سوق ود مدني كثيراً إلا أنه فقط كان يأخذ حيزاً أكبر و (بشرية) أكثر, رغم أنها المرة الأولى التي أقدم فيها إلى الخرطوم لوحدي.. إلا أنها لم تبهرني ولم أرى فيها ما يجعلني أندهش وأنبهر!. شيء وحيد لفت إنتباهي وأنا في أواخر العشرينات من عمري في ذلك الزمان, وهو منظر المباني العالية وكثرتها قي الأحياء وحول السوق, وتزاحم السيارات الصغيرة منها والكبيرة وتعدد ألوانها وأشكالها, والصخب والضجيج الشديد الذي تحدثه تلك الماكينات المتحركة الحديثة.
بينما كنت سارحاً مذهولاً في كيفية إنجاز مهمتي التي أتيت لأجلها, وبينما كان ذهني مشتتاً مع ذلك الكم الهائل من البشر وهي تجئ وتروح نحو ذلك السوق الصاخب وأنا ما زلت (خالفاً) إحدى رجلي فوق الأخرى أعلى (التندة) إذا بحاج عبد الفضيل:
- يا ود حاج إسماعيل إتْ ماك نازل ولا شنو..؟ أنزل يا أخي الناس كلها نزلت..!.
ثم صاح بي ابن عمِّي حمّاد:
- ياخي ما تنزل يا العوض خلينا نشوف لنا طريقة فطور ولّى أي حاجة نفك با ريقنا .... ولا عاجباك العِنْقيلة الفوق التندة دي!.... عليك الله شوفو الزول الجيعان في بطنو وعاوز يتمنضر..! انزل ياخي لا اْتأخِّرْنا...!
ضحكت على نفسي وضحكت على (جماعتي) الذين أتيت معهم لأنهم طوال إقامتهم في كرش الفيل هذه إلى حين بيع محصولهم, فهم تحت ضيافة: "تاكُل من جيبك" تلك الضيافة التي لا يحبها أهلي الكرماء (الزينين). بكل هدوء أخرجت منديلي الأبيض "المشجر المطرز" وجعلت أمسح على وجهي وخلف عنقي لأزيل عنها ما علق بها من الغبار والأتربة التي إختلطت بالعرق, وجعلت أنفض قميصي و(بنطلوني) لإحررهما مما لصق بهما وعلق من أوساخ وأدران. نسيت أن أخبرك ..! فقد كنت أرتدي قميصاً أنيقاً-آخر موضة- يطلق عليه في ذلك الوقت (تَحْرِمْني) وبنطلون (شارلستون). آخر أناقة وقيافة!. ثم أخرجت من حقيبتي الصغيرة "خُلالاً" خشبياً وجعلت أنفش و(أسرِّح) شعري (الخُنْفُس) الذي كان مشبعاً بالغبار والأتربة, بعدها أخرجت قارورة صغيرة من العطر – لم تكن من النوع البخاخ – عندما تزيل غطاءها الخارجي تجد فمها مغطي بغلاف بلاستيكي به ثقب دقيق ، جعلت أنفض القارورة بيمناي على كفي اليسرى, وتعطرت جيداً ثم حملت حقيبتي على كتفي وهبطت بهدوء من أعلى اللوري ليطأ حذائي "الدبّابة" الأنيق قذارات سوق العاصمة. في حقيقة الأمر ربما تكون جميع القاذورات مقبولة حول أي سوق شعبي عام, أما الفضلات الآدمية وما يخلفه الآدمي في نهاية معالجته وهضمه لما يشرب أو يأكل ليتخلص منه في آخر الأمر في إحدى نواحي السوق, فغاية التخلف وغاية اللامبالاة وعدم المراعاة لحقوق الآخرين!......
يقولون أن الأوروبيين وطاغوتهم الأكبر أمريكا, قد صنفوا دول العالم إلى مراتب ودرجات حسب ما يحلو لهم: ومن المعروف أنهم قد صنفونا ضمن دول العالم الثالث-أنا حقيقة متشكك هل فعلاً العالم الثالث أم الخامس أم درجة أخري أكثر تأخراً لست متأكداً- لكن للحق والحقيقة إذا رأى أحد المعتمدين من المسئولين المصنِّفين لدرجات رقي الأمم وتحضرها, تلك القذارات المرصوصة من الفضلات البشرية, حول السياج الذي يحيط بالسوق, وهي كثيرة ومتنوعة, فهناك النفايا الطازجة الرطبة, تتخللها بعض النفايا اليابسة المسودة! لكن الجميع يشترك في فظاعة المنظر ونتانة الرائحة!.. فأبو (الدَرْدَاق) البعض يناديه بـ: (أبوالدَرْدوق) تلك الحشرة المثابرة الموكلة غريزياً بتنظيف وجه الأرض من الفضلات الحيوانية وأخذها بعيداً إلى مكان لاتراه الشمس, و(دَرْدَقة) جميع الأوساخ التي تلفظها الحيوانات بعد هضم الطعام وعلى وجه الخصوص تلك النفايا النتنة التي يلفظها الآدمي كنتيجة طبيعية لما ينتج أخيراً بعد هضمه واستفادته لما يتناوله من الأكل والشراب. فأبو الدرداق-والذي وهب نفسه وحياته لتلك المهنة الوضيعة القذرة- يبدو أنه قد عجز عن تنظيف هذه المنطقة القذرة من ال
وهذا الرابط لتحميل الفصل الاول للرواية كاملا:
http://www.4shared.com/document/rGood91j/___online.html
وهذا الرابط
http://ifile.it/bm90tdy