مِـدَاد`
18-09-2010, 20:34
http://www.cotillons.fr/picts/ballons-publicitaires-decoration-ballon-3.jpg
ضِحكةٌ مُتطلقة.. !
سألتُ المدى : ما العيد؟ ! قال باسما : هو زهرة ٌلا تذبل.. ضوءٌ لا يخبو.. هو لحظة ٌيتجسد فيها التسامح طيفا يمر بين الناس ناثرا سحره الغامض الآسر، فيتصالح المتخاصمون منهم و كأن العداوة نفسها لم تكن... !
ثم صمت المدى برهة، خلته يتفكر خلالها في معنى العيد أكثر..؛ قاطعته في غير صبر : ثم ماذا؟ ! فأردف مؤكدا : هو نغمة ٌطربة.. سُلـَّمُهَا الموسيقي يتهادى بين درجات الفرح و الحبور.. إنه شعاعة ُ شمس تتخل دواخلنا فتشيع في ربوعها النور و الضياء.. والطهر؛ صمت مجددا ثم ختم كلامه أخيرا : يا هذه ! ما العيد إلا.. ضحكة ٌطِـفلية مرحة!
شكرت للمدى تلك المسميات الرقيقة، و امتننت له أكثر عندما تأملت مفاهيمه الرهيفة للعيد، فوجدته قد أجاد و أصاب فيما ذهب إليه حد الدقة المتناهية.. حسبما يشاع و أسمعه عن العيد من هنا و هنالك...
ودعت المدى الشاعر ثم مضيت أترقب العيد هذا العام.. أنتظر قدومه متلهفة لرؤيته.. أتراه سيكون -كما قال المدى و يقول الناس بطرائق أخرى- زهرة ًمتألقة الثغر فواحة العطر مزهوة و قد توجها الطل؟ أو لربما سيتبدى لي ملكا محلقا سوف لن يمر دون أن ألمح بين ثنايا أثوابه النيرة ذلك السحر... و لِمَا لا سينخفض إلى مستواي و يهمس في أذنِي مفشيا سره مثلما يفعل الشعاع النقي مُطلـَقُ الشفافية حين تتكشف لنا ألوانه السبع.. و هل يا ترى سيـُـسقط العيد الرسمية منذ أول لقاء "حقيقي" يجمعني و إياه، فيلاعبني من غير تكلف نظير طفل لم تسعه الدنيا و صخبَهُ المَرِح..؟ !
فلأدع عني تخمين موقف العيد حين سيجمعنا اللقاء و لأبدأ بتقصي حقيقته..
قد مر علي قبل الآن أربعٌ و ثلاثون عيدا، متناصفة ٌ هذه الأعياد بين عيدي الفطر و الأضحى، إلا أنه لم يسترعني فيهن -ولا لمرة- تحري حقيقة العيد و لا سبر أغوار كنهه.. و ها أنا ذي أرقب العيد الخامس و الثلاثين قادما من بعيد و قد عزمت على ذلك.. وأجدني مصرة -بحماس غير مسبوق- على لقائه و تأمله عن كثب.. ليصح فيما بعد أن أفخر بلقياه و أقول بملء فمي : قد تلاقيت والعيد.. ثم أضيف في نشوة مشوبة بكثير من الغبطة : و قد تحدثنا !
لما يحل ببيتي.. ماذا سيفعل.. كيف سيتحرك و كيف سيسكن...؟ ما الشيء الذي سيدفعه للتبسم و ما الزاوية التي ستدعوه للتأمل؟
أم أنه مرح عفوي الطبع بحيث لن يتحفظ عن الضحك بطلاقة في حضرتي؟ هل سيلوح لي زهرة أم ضوء.. أم شعاع؟ أم تراني سأسمعه فقط.. نغمة، أو ضحكة.. و ربما سيتهيأ لي في كل هذه الأشكال معا... من يدري؟
لكن.. لكن ماذا لو لم يأت أصلا؟ ! أليس هذا احتمالا قائما كاحتمال حضوره؟ أنا لم أسع وراء التعرف عليه قبلا، فهل يحدث و يبادر هو بالتعرف علي..؟ إذ أني اليوم أرغب في ملاقاته.. و بشدة !
ألم أقل أن علي التوقف عن التخمين ؟! إنه يسبب لي هلوسة مجنونة و يحملني على تخيل خيارات مرعبة.. كأن يذهب العيد إلى الجميع فيصل إلى بيتي و... يتوقف... معرضا عن زيارتي !! و أنا التي انتظرته أكثر من الجميع.. هذه المرة على الأقل !!!
لا، مستحيل، لم أجد في خلال أبحاثي من يصف العيد بالشر و اللؤم، أو يقذفه بالترفع و الخيلاء.. لا لن تسعه سمعته لفعل ذلك.. قرأت في الكتب الشعرية أن العيد للجميع... حتى المشرد في أقصى زقاق منسي ! المهم أن تنوي لقاءه و تتقصى أثره إثر مروره... هذه هي الخطوة الأهم.. لمن يرغب في لقاء العيد !
يوما إثر يوم.. وجدت أن الانتظار قد تسلى مجددا بقتل حماسي و التنكيل به..؛ و على غير ما توقعته من حدوث المفارقة في طقوس استقبال الضيف الجليل هذا العام.. لم يطرأ أدنى تغيير في تصرفاتي و لم يحصل و أن تحققت حركة تجعلني ألمس ذلك الفرق...
ففي ليلة العيد التي يحسب الناس لها ألف حساب.. لم أنم جيدا...؛ لم يكن السبب إلى ذلك شوقا جارفا للعيد... لكني سهرت كثيرا وحسب.. كما أجهدت تفكيري في مقال لم يكتب له الاكتمال على الوجه الأكمل ! إذ مرت علي الليلة السابقة ساهرة أيضا.. فلم يفارقني الصداع طيلة اليوم التالي... و من الطبيعي أن يكون سبب كل هذه المصائب، هو التوأم العزيز يوسف، بمهماته الخرقاء التي يوكلها إلي !!
تبا ! ألم تراودني فكرة مجيء العيد لملاقاتي و عيناي ما تزالان فراشا هانئا للنعاس !! سيضحك علي العيد في أحسن أحواله إن كان طيبا.. و سيشيح عني مغادرا يتهمني بتجاهل أهمية لقائه في حال غدا شريرا كبقية الناس !! فلنتفاءل خيرا.. لنجدَه !
مثلما تملي عليها عادتها و تصرفاتنا... صحوت على صوت أمي و هي تتذمر... كأي عيد :
- ألا تفرق بالنسبة لكن الأيام العادية والعيد؟ هيا إلى التنظيف.. قبل أن يخرج المصلون من المسجد !
صرخت أمي في و في أختي الأخريتين !! كل عيد... لا بد من ابتداء تباشير الصبيحة بزمجرة من هذا النوع.. بذات الصيغة والنبرة.. و في نفس الوقت.. و كأنها الإعلان الرسمي عن قدومه.. ذلك العيد!!
الحق علينا بالفعل... إن كنت أنا لهوت بإعداد ذلك المقال فإن يوسف لم يختلف عني في شيء.. إذ شغل هو الآخر بمسابقة في الرسم... هه ! و كأننا نتوهم أنفسنا في سياق يومياتنا المجنونة.. !! فلا تغيير -ولو بسيطا- في جدول العمل ! و كأن مناسبة الغد لا تتطلب اعتبارات استثنائية.. كعطلة قصيرة في أسوأ الأحوال.. !! يا لغرابتنا اللامبالية!!
ألحت علينا أمي بالصراخ فنهضت من فراشي متكاسلة و النوم لم يزل مسيطرا على تفكيري و عيني و أطرافي و كل شيء في.. فخرجت من الغرفة و اتجهت رأسا إلى غرفة والدي حيث يحلو لي استكمال غفواتي الحلوة ..في هدوء... إذ أني أبتعد عن ناظري أمي -لبعض الوقت- في تلك الغرفة.. في الطريق إلى هناك وجدت أبي عند المرآة يمسح وجهه بالمسك متهيئا للتوجه نحو الصلاة... فتوقفت... و لم يستوقفني سوى أول مشهد.. تحكي تفاصيله المعطرة عن العيد...
على طيب رائحة المسك في أنوف الناس.. إلا أني أجدها عند المرآة ثاني إعلان مقيت عن قدوم العيد.. رائحة المسك.. التي أكرهها !! لولا أن ابتسامة أبي - التي ليس لجمالها الطفولي مثيل يضارعها بهاء في كل الوجود- كفيلة بأن تنسيني العطر وحساسيتي المفرطة منه.. سرعان ما شرع أبي المشاغب في حديثه الهازئ المعتاد.. و لا أمتع إليه من الهزء بي و بساعات نومي الغالية ! توجه إلي بكلامه ذي النبرة الساخرة في شغب : - كوثر مستيقظة؟ لا أصدق.. كيف يحصل هذا؟
لاحت ضحكتي من خلف جلاميد النوم التي تحول بيني و بينه.. و بين كل شيء... ثم قبلت يده سريعا و لم أشعر بقدمي الخدرتين إلا و هما تقودانني إلى غرفته حيث يقبع النوم الهانئ متربعا على تلك الوسائد الكبيرة المغرية.. كلما ارتميت في حضنها تعانقني بدفء و لا أشعر بها إلا و هي ترمي إنهاكي بعيدا... بعيدا جدا.. ترى لما يخيل إلي أنها تشبه العيد؟ !
و عند منتصف طريقي نحو النوم تناهت سخرية والدي -بصوته المشاكس- إلى سمعي مجددا : - هه ! ها قد عادت إلى النوم.. شخص يستيقظ من نوم طويل ليرتاح منه بغفوة أطول ! لتعلق أمي بتمتمات ساخطة لم أجرأ على فك شفرتها...
ابتسمت من خلف سحائب الأحلام اللاهية بعقلي في هذه اللحظات... ثم استرسلت في غفوة ساحرة استعذبتها لما تخطرت إلى أجفاني على وقع التهليل و التكبير.. لقد نسي ذلك.. لقد نسي المدى هذا المفهوم الآخر للعيد...
هو همسة روحية الأنفاس ترفرف في الأجواء بأجنحة من نقاء ناصع.. و ما أحلاها و أعذب لحنها لما ترنق على مشارف نافذتي لتتسلل إلى مسامعي الخاشعة.. فيخفق لها قلبي سرورا.. و تأنس بها جوارحي أنسا لست أستطعم ما هو أطيب منه و لا ألذ...
يتبع...
ضِحكةٌ مُتطلقة.. !
سألتُ المدى : ما العيد؟ ! قال باسما : هو زهرة ٌلا تذبل.. ضوءٌ لا يخبو.. هو لحظة ٌيتجسد فيها التسامح طيفا يمر بين الناس ناثرا سحره الغامض الآسر، فيتصالح المتخاصمون منهم و كأن العداوة نفسها لم تكن... !
ثم صمت المدى برهة، خلته يتفكر خلالها في معنى العيد أكثر..؛ قاطعته في غير صبر : ثم ماذا؟ ! فأردف مؤكدا : هو نغمة ٌطربة.. سُلـَّمُهَا الموسيقي يتهادى بين درجات الفرح و الحبور.. إنه شعاعة ُ شمس تتخل دواخلنا فتشيع في ربوعها النور و الضياء.. والطهر؛ صمت مجددا ثم ختم كلامه أخيرا : يا هذه ! ما العيد إلا.. ضحكة ٌطِـفلية مرحة!
شكرت للمدى تلك المسميات الرقيقة، و امتننت له أكثر عندما تأملت مفاهيمه الرهيفة للعيد، فوجدته قد أجاد و أصاب فيما ذهب إليه حد الدقة المتناهية.. حسبما يشاع و أسمعه عن العيد من هنا و هنالك...
ودعت المدى الشاعر ثم مضيت أترقب العيد هذا العام.. أنتظر قدومه متلهفة لرؤيته.. أتراه سيكون -كما قال المدى و يقول الناس بطرائق أخرى- زهرة ًمتألقة الثغر فواحة العطر مزهوة و قد توجها الطل؟ أو لربما سيتبدى لي ملكا محلقا سوف لن يمر دون أن ألمح بين ثنايا أثوابه النيرة ذلك السحر... و لِمَا لا سينخفض إلى مستواي و يهمس في أذنِي مفشيا سره مثلما يفعل الشعاع النقي مُطلـَقُ الشفافية حين تتكشف لنا ألوانه السبع.. و هل يا ترى سيـُـسقط العيد الرسمية منذ أول لقاء "حقيقي" يجمعني و إياه، فيلاعبني من غير تكلف نظير طفل لم تسعه الدنيا و صخبَهُ المَرِح..؟ !
فلأدع عني تخمين موقف العيد حين سيجمعنا اللقاء و لأبدأ بتقصي حقيقته..
قد مر علي قبل الآن أربعٌ و ثلاثون عيدا، متناصفة ٌ هذه الأعياد بين عيدي الفطر و الأضحى، إلا أنه لم يسترعني فيهن -ولا لمرة- تحري حقيقة العيد و لا سبر أغوار كنهه.. و ها أنا ذي أرقب العيد الخامس و الثلاثين قادما من بعيد و قد عزمت على ذلك.. وأجدني مصرة -بحماس غير مسبوق- على لقائه و تأمله عن كثب.. ليصح فيما بعد أن أفخر بلقياه و أقول بملء فمي : قد تلاقيت والعيد.. ثم أضيف في نشوة مشوبة بكثير من الغبطة : و قد تحدثنا !
لما يحل ببيتي.. ماذا سيفعل.. كيف سيتحرك و كيف سيسكن...؟ ما الشيء الذي سيدفعه للتبسم و ما الزاوية التي ستدعوه للتأمل؟
أم أنه مرح عفوي الطبع بحيث لن يتحفظ عن الضحك بطلاقة في حضرتي؟ هل سيلوح لي زهرة أم ضوء.. أم شعاع؟ أم تراني سأسمعه فقط.. نغمة، أو ضحكة.. و ربما سيتهيأ لي في كل هذه الأشكال معا... من يدري؟
لكن.. لكن ماذا لو لم يأت أصلا؟ ! أليس هذا احتمالا قائما كاحتمال حضوره؟ أنا لم أسع وراء التعرف عليه قبلا، فهل يحدث و يبادر هو بالتعرف علي..؟ إذ أني اليوم أرغب في ملاقاته.. و بشدة !
ألم أقل أن علي التوقف عن التخمين ؟! إنه يسبب لي هلوسة مجنونة و يحملني على تخيل خيارات مرعبة.. كأن يذهب العيد إلى الجميع فيصل إلى بيتي و... يتوقف... معرضا عن زيارتي !! و أنا التي انتظرته أكثر من الجميع.. هذه المرة على الأقل !!!
لا، مستحيل، لم أجد في خلال أبحاثي من يصف العيد بالشر و اللؤم، أو يقذفه بالترفع و الخيلاء.. لا لن تسعه سمعته لفعل ذلك.. قرأت في الكتب الشعرية أن العيد للجميع... حتى المشرد في أقصى زقاق منسي ! المهم أن تنوي لقاءه و تتقصى أثره إثر مروره... هذه هي الخطوة الأهم.. لمن يرغب في لقاء العيد !
يوما إثر يوم.. وجدت أن الانتظار قد تسلى مجددا بقتل حماسي و التنكيل به..؛ و على غير ما توقعته من حدوث المفارقة في طقوس استقبال الضيف الجليل هذا العام.. لم يطرأ أدنى تغيير في تصرفاتي و لم يحصل و أن تحققت حركة تجعلني ألمس ذلك الفرق...
ففي ليلة العيد التي يحسب الناس لها ألف حساب.. لم أنم جيدا...؛ لم يكن السبب إلى ذلك شوقا جارفا للعيد... لكني سهرت كثيرا وحسب.. كما أجهدت تفكيري في مقال لم يكتب له الاكتمال على الوجه الأكمل ! إذ مرت علي الليلة السابقة ساهرة أيضا.. فلم يفارقني الصداع طيلة اليوم التالي... و من الطبيعي أن يكون سبب كل هذه المصائب، هو التوأم العزيز يوسف، بمهماته الخرقاء التي يوكلها إلي !!
تبا ! ألم تراودني فكرة مجيء العيد لملاقاتي و عيناي ما تزالان فراشا هانئا للنعاس !! سيضحك علي العيد في أحسن أحواله إن كان طيبا.. و سيشيح عني مغادرا يتهمني بتجاهل أهمية لقائه في حال غدا شريرا كبقية الناس !! فلنتفاءل خيرا.. لنجدَه !
مثلما تملي عليها عادتها و تصرفاتنا... صحوت على صوت أمي و هي تتذمر... كأي عيد :
- ألا تفرق بالنسبة لكن الأيام العادية والعيد؟ هيا إلى التنظيف.. قبل أن يخرج المصلون من المسجد !
صرخت أمي في و في أختي الأخريتين !! كل عيد... لا بد من ابتداء تباشير الصبيحة بزمجرة من هذا النوع.. بذات الصيغة والنبرة.. و في نفس الوقت.. و كأنها الإعلان الرسمي عن قدومه.. ذلك العيد!!
الحق علينا بالفعل... إن كنت أنا لهوت بإعداد ذلك المقال فإن يوسف لم يختلف عني في شيء.. إذ شغل هو الآخر بمسابقة في الرسم... هه ! و كأننا نتوهم أنفسنا في سياق يومياتنا المجنونة.. !! فلا تغيير -ولو بسيطا- في جدول العمل ! و كأن مناسبة الغد لا تتطلب اعتبارات استثنائية.. كعطلة قصيرة في أسوأ الأحوال.. !! يا لغرابتنا اللامبالية!!
ألحت علينا أمي بالصراخ فنهضت من فراشي متكاسلة و النوم لم يزل مسيطرا على تفكيري و عيني و أطرافي و كل شيء في.. فخرجت من الغرفة و اتجهت رأسا إلى غرفة والدي حيث يحلو لي استكمال غفواتي الحلوة ..في هدوء... إذ أني أبتعد عن ناظري أمي -لبعض الوقت- في تلك الغرفة.. في الطريق إلى هناك وجدت أبي عند المرآة يمسح وجهه بالمسك متهيئا للتوجه نحو الصلاة... فتوقفت... و لم يستوقفني سوى أول مشهد.. تحكي تفاصيله المعطرة عن العيد...
على طيب رائحة المسك في أنوف الناس.. إلا أني أجدها عند المرآة ثاني إعلان مقيت عن قدوم العيد.. رائحة المسك.. التي أكرهها !! لولا أن ابتسامة أبي - التي ليس لجمالها الطفولي مثيل يضارعها بهاء في كل الوجود- كفيلة بأن تنسيني العطر وحساسيتي المفرطة منه.. سرعان ما شرع أبي المشاغب في حديثه الهازئ المعتاد.. و لا أمتع إليه من الهزء بي و بساعات نومي الغالية ! توجه إلي بكلامه ذي النبرة الساخرة في شغب : - كوثر مستيقظة؟ لا أصدق.. كيف يحصل هذا؟
لاحت ضحكتي من خلف جلاميد النوم التي تحول بيني و بينه.. و بين كل شيء... ثم قبلت يده سريعا و لم أشعر بقدمي الخدرتين إلا و هما تقودانني إلى غرفته حيث يقبع النوم الهانئ متربعا على تلك الوسائد الكبيرة المغرية.. كلما ارتميت في حضنها تعانقني بدفء و لا أشعر بها إلا و هي ترمي إنهاكي بعيدا... بعيدا جدا.. ترى لما يخيل إلي أنها تشبه العيد؟ !
و عند منتصف طريقي نحو النوم تناهت سخرية والدي -بصوته المشاكس- إلى سمعي مجددا : - هه ! ها قد عادت إلى النوم.. شخص يستيقظ من نوم طويل ليرتاح منه بغفوة أطول ! لتعلق أمي بتمتمات ساخطة لم أجرأ على فك شفرتها...
ابتسمت من خلف سحائب الأحلام اللاهية بعقلي في هذه اللحظات... ثم استرسلت في غفوة ساحرة استعذبتها لما تخطرت إلى أجفاني على وقع التهليل و التكبير.. لقد نسي ذلك.. لقد نسي المدى هذا المفهوم الآخر للعيد...
هو همسة روحية الأنفاس ترفرف في الأجواء بأجنحة من نقاء ناصع.. و ما أحلاها و أعذب لحنها لما ترنق على مشارف نافذتي لتتسلل إلى مسامعي الخاشعة.. فيخفق لها قلبي سرورا.. و تأنس بها جوارحي أنسا لست أستطعم ما هو أطيب منه و لا ألذ...
يتبع...