PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : أربع سنوات فقط .



أوزانْ..!
09-09-2010, 20:13
http://www.henrylim.org/Time.jpg

إرادة ما تدفعني للتذكر, مَر الآن الخريفُ الخامس, بعد كل شيء تكونُ الذكريات سلوى أحيانًا تقتلُ القلوب في عقرِ دارها, و أمام ملاين من الحشود لا ينبتون ببنت شفه, ولا يتحركون قيدَ أُملة , هذه هيّ الحقيقة هم يتشاركونَ نفس المصير , العيشُ على قلبيَّ ....ذكرياتي , على مبادئي التي توصم دومًا بالعظيمة لتزرع مطردًا عِملاقًا في جوفِ وتيني, و تنزع السعادة من أوكسجين أيامي, لتحقنني بمزيد من مضادات الألم لأنهُ حتى الألم ترف هذه الأيام!! .
عادةً لا أتذكر كيفَ كان اللقاء الأول, ولا أين , وكيفَ تزرع المودة فيَّ للأشياء بكل تلك البساطة, إنَّ ما يبقى هوَ ذكرى الفراق الذي يتسلل منذُ جزء الثانية الأول في مواعدينا , يزرع بذوره هنا وهناك , حتى إذ ما أمطرت قلوبنا, و أصتصلحت للزراعة, نبتت الأشواك تحولُ حتى الذكريات إلى مخروقاتٍ لا تستحق البيع في أردئ متاجر شراء الخردة!, وحتى إذا ما بحثتنا عن زاوية تحمينا شر هذا الصقيع, لم نجدها إلاّ حياة بالشوك, و الحيرة, والقلق , كل تلك المشاعر , كل تلك التساؤلات, وكل تِلك المثاليات التي نسمعها من أصدقائنا, وأحبائنا, و عوائلنا التي تثبت وبشكلٍ ما أن الحياة مُستمرة, و أنَّ هنالك بالتأكيد ما يستحق العيش لأجلها , وأن محطات هذه الحياة مؤلمة, يجعلني أرى أناس محنطين يتعاملونَ مع الأيام برتابة , بروتين مُمل , أرى فيهم ألات لا أكثر ولا أقل
حتى الحب , والوفاء , صبحا ضمن مُعادة الآلة غير المُنتجة – فالموت يأتي , والحياة تنسحب من شقٍ في الباب مع خيطِ النور حينَ تغربُ الشمس, تغيرُ لونها كحرباء, وتجعل منها حالتها النفسية المتأزمة مسرحًا للمعارك الأزلية للتعصب, و للموت بشكلهِ الآخر , إنهُ الإنعزال , حيثُ ألم الوحدة الخالد الذي يجعل من الإنسان مومياءاً يؤدي الأعمال اليومية, يوقع في دفترِ الحضور, يوقع عنه في دفترِ الغياب , في كلِ لحظةٍ تمضي بهِ يذبل أكثر من ذي قبل, يعيش حيثُ العتمة جزء من الضوءِ , وحيثُ اللقمة جزء من كائن يقاسمه ذاتَ المصير!!! .
أربع سنوات فقط.
لم يتغير أيُّ شيء ما زلتُ محملاً بكتلِ الأوجاع الصلبة, والتي أستأجرتُ في ذاتِ اليوم قبل الربيع الرابع من يفتتها لأتفاجئ أنهُ الآن جزءُّ من كيانها, أهيَّ سخريةُ الحلم ؟ أبت إلاّ البطشَ بي؟ أم هوَ دوري في الحياة كحاوٍ لألام العالمين ؟ - أنختارُ الفراق إمعانًا في الحاجة إلى وحدتنا الأزلية ؟ , أؤمن الإنسان كائن وحيد حينما تكونُ صفته الأكثر إجتماعية, هوَ كذلك, فالقلبُ موصد بالأقفال, والنوايا في سراديب مظلمة لا يصلها الضوء, و الحب وكل تلك القيم لم تعد تكفي لتنزع الوحدة من هذا الكيان, إنهُ الخط الفاصل بينَ الطفولة والشيخوخة!!, هنا لعبة من قطن, وهنا تجاعيدُ فيها عطش للحياة, فيها ألمُ الإدراك,وصوتُ لكلِ الأمنيات المتبخرة.لا أصومُ عن الآلام لحظة كيفَ إن فعلت تكونُ صدور العالمين ؟ أتحوي ألامهم ؟ و ما يحلُ بالموت الذي أستوطن العقل والفؤاد , ما يحلُ بهذا الضيفِ إن صمت, وكيفَ ستشرق الأمال في اللحظة القادمة. ما زلتُ ذاك المشتاق, بكل حرقته, بكل الوجوه الحزينة في داخلي, بكل ذاك الحُب الفسيح لا حد لنهايته, وبكل ذاك النقاء الذي أغرقُ به كل أشيائيّ في كل لحظة تأتي, لتتحول إلى كائنات تتنفس بالخياشيم برهة, بالأنوفِ أخرى, الأشياء البشرية هيّ كذلك أكثر عندما تبتعد عن بشريتها ! , هذا هو وجع القرن الواحد والعشرين, وهذا الحُب الذي لن يكفي للعيش حتى الثانية القادمة ! , وهذه إرادة تشتهي الوداع في لقاءٍ لا تنساهُ الذاكرة لتشقى
كم ذاكرة تستطيع أن تستوعب كل تلك التفاصيل؟ بالتأكيد ذاكرة واحدة لا تكفي للعيش, كم من تبخر يصيب أجسادنا لنوقن أننا كائنات مائية ؟ - بالتأكيد أن تعرفنا حزن الماء, يدُ الماء تشلُ حضرة الليل يتأخر في طبورِ الإنتظار, وضجيج صامت على باب القطار, تذاكر تلتصقُ في حذاء سمين أضاعَ الطريق, وسكة تشتاقُ للقاء طرفها الآخر, يا إلهي كم نحتاج من السنوات لنفهم حاجتنا لفهمنا؟, كم نحتاج من السنوات لنشتاقنا؟, هل ستنبذنا أروحنا حين إذ ؟ , أم إن الأوان فات لنتسائل؟ أنفذَ الجواب؟ أم نفذنا مِنه؟, هكذا تمرُ السنوات لا نكتشف أنا هرمنا إلا في الوقت بدل الضائع, يؤلمنا ذلك فلا نحسُ بالأشياء تهرم من حولنا, ننطوي كما تنطوي أجسادنا عن البسيطة,لا تثمر, ربما أثمرت,لتولد السخرية من حزن الأخرين, إنها أنانية عابثة على التناقض,قلق من الواقع يحملُ إلى الإستهانة بأي واقعٍ آخر, وهكذا لا يفهمُ الإنسان بني جنسه, لا يُقدر مشاعرهم, لا يُحس بكم المعاناة الكبير الذي يَحملونه في قلوبهم, إن تجاهل ألم الأخرين جريمة, و الإستخفاف بها من أعظم الجرائم على مرِ التاريخ,وهذا ما يحدث يخلف وراءه ملاين من المنكسرين – مصدومين من الحياة, مصدومين من كم القسوة الهائل الذي يُهشم قاعدة أحلامهم لِتخرَ ركامًا, لا يُعرف له أي هوية بعد ذَلك,و لتتحول أيامهم إلى ورقة خريف تتلاعبُ به الرياح, تغيرُ خريطة جسده الشمس !, و تتحولُ عيناه إلى الرؤية بالأسود والأبيض.أحيانًا لا يتغير شيء ينتقم المتألم من الألم ليسببه لغيره,و أبقى بكل تلك الحيرة تطحنُ ضلوعي بالأسئلة , بالوجع مهما كانت أسبابه, الوقتُ يمضي سريعًا و ذاكرتي مُتصلبة تعيد ذات المشهد لألاف المرات,أهيّ لهفة؟ أم هوَ الوفاء لم أعد أدري تختلط المفاهيم والمبادئ فلا تكونُ إلا طُلسم عجيب لا يقرأهُ أي عراف, ولا يعرفهُ أي ساحر, هكذا تمضي السنوات تُحملني خلاصات الألام لتسكن روحي لغة – وأبجدية خالدة تعجزُ الحضارات على وئدها, و ها أنا أكتب لا أدري متى أنتهي من القلم, وكيف هو منته مني, لم أعد أعرف كيف سيولد السطر في اللحظة القادمة, وعلي أي المبادئ يصمد في وجه حروفي,لأن خلاصة كهذه تولد في داخلي تبعثُ بالهدوء ليكسوني سكينة و وقارا يناسبُ شكل حزني, كم يعرفُ قدري منذُ أول الحزينين. أؤمن لكل حزنٍ إشراقته,في تعامل الإنسان مع أشياءه , مع أشيائهم- في فهمه كم هذه الدنيا دنيئة ليتقاتل مع من تجمعه بإياهم عقيدة,لغة,دم,ومشاعر إنها أشياءُ تفهم لكن بعد أن تأخذ من قلوبنا الربيع,ومن أحلامنا أمنياتنا, هي تستهلكنا قبل أن نُحس أن أيامنا باتت معدودة, و أن أقدامنا لم تعد تعانق هذه الطريق, لكنها ترحل إلى حيثُ عالم آخر, نعرفُ فيه كيف كنا نحنُ حقًا, وكيف هو مفهوم حزني الذي تربع على عرش التفاصيل كثيرًا فَمت.
أتى الصباحُ على غير الموعد, لم يجد عبق للمتسامرينَ على ولادة ضوءه
لم يَجد أرق الحزن في عيني المحيط- ينخرُ جذع الورود
يُذيب كل الحواجز,يصنعُ من الأحلام دواء لوجع الحياة
ينقل الأجساد لوجع الموت قَبل الموت...
تتضائلُ الأشياء- تضمحلُ طرقات المدينة في صوت أبواقها
و في موسيقى ضجيجها مكتسحًا العقل مُعادلة آخرى ...
لا تعرفُ سيدها.