PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : °•°•°• أئمة الهدى : الإمام إبن القيم °•°•°•



حــارث
11-08-2010, 12:34
http://img469.imageshack.us/img469/7614/018qw.gif

http://img7.imageshack.us/img7/2521/180jj.gif


رمضان كريم لكل رواد المنتدي

وكل عام وانتم بخير
http://i27.************/2ue0iev.jpg
اهدي هذا الموضوع لصديقي وعزيزي

سيد البرق lightning count (http://www.mexat.com/vb/member.php?u=503464)

اكتب لك امام الناس وتفهمني وحدك

شكراً علي وجودك :)

واعانك الله ~

http://i26.************/72dh6t.jpg

وانا اقرأ كتاب مدارج السالكين ذهلت بعبقريه الامام ابن القيم
وتشبعه بكل العلوم هو موسوعي الكلمه
عميق الفكر واسع الاطلاع ومهما حاولت حروفي وصفه فانها مقصره
هرعت الي ترجمه الكتاب كتبتها واضفت عليها بعضاً
مما قيل عنه واقدمه لكم كطبق رمضاني
اتمني ان يقسم الله لنا فيه الفائده والحكمه
http://i25.************/6t22yq.jpg


اسمه ونسبه:
هو أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زين الدين ، الزرعي، ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قيم الجوزية. والده:
أبو بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي، ثم الدمشقي، سمع عن الرشيد العامري وغيره، وحدث، وكان متعبدًا، قليل التكلف، مات في ذي الحجة سنة 723 هـ
أخوه زين الدين :
عبدالرحمن بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زين الدين الدمشقي الشهير بابن قيم الجوزية، أخو الشيخ شمس الدين. ولد سنة 693 هـ، وسمع عن أبي بكر بن أحمد بن عبدالدائم، وعيسى المطعم، والشهاب العابر وغيرهم، ومات سنة 769 هـ بدمشق.
ابنه عبدالله:
عبدالله بن محمد بن أبي بكر الحنبلي الدمشقي شرف الدين بن الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية. ولد سنة 723 هـ، وصلى بالقرآن سنة 731 هـ، واشتغل على أبيه وغيره، وكان مفرط الذكاء، درس المحرر في الفقه، والمحرر في الحديث، والكافيةالشافية، وسمع الكثير فأكثر على أصحاب ابن عبدالدائم وغيرهم، وصفه العماد بن كثير بالذهن الحاذق، وقال ابن رجب:كان أعجوبة زمانه، مات سنة 756 هـ.
ابنه إبراهيم :
إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن قيم الجوزية. ولد سنة 716 هـ،تفقه بأبيه، وشارك في العربية، وسمع، وقرأ، واشتغل بالعلم. ومن نوادره أنه وقع بينه وبين عماد الدين بن كثير منازعة في تدريس، فقال له ابن كثير: أنت تكرهني؛ لأنني أشعري، فقال له: لو كان من رأسك إلى قدمك شعر ما صدقك الناس في قولك أنك أشعري وشيخك ابن تيمية، توفي سنة 767 هـ.
ابن أخيه زين الدين :
عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي بكر بن أيوب، كان رجلاً حسنًا ، اقتنى كتبًا نفيسة ، وهي كتب عمه الشيخ شمس الدين محمد، توفي سنة 799 هـ
شهرته :
اشتهر الإمام محمد بن أبي بكر بين أهل العلم المتقدمين والمتأخرين بابن قيم الجوزية، ومنهم من يتجوز فيقول: ابن القيم، وهو الأكثر لدى المتأخرين.
وتكاد تتفق كتب التراجم على أن المشتهر هذا اللقب (قيم الجوزية) هو والد هذا الإمام: الشيخ أبو بكر بن أيوب الزرعي؛ إذ كان قيمًا على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن، فقيل له: (قيم الجوزية)، واشتهرت به ذريته وأحفادهم من بعد ذلك، فصار الواحد منهم يدعى بابن قيم الجوزية.
الزرعي:
نسبة لزرع (قرية من حوران)، وجاء في معجم البلدان زرا، قال الحافظ أبوالقاسم الدمشقي: علي بن الحسين أبو الحسن الجهني الزري الإمام، من أهل زرا التي تدعى اليوم زرع من حوران ، وقال في موضع آخر:بسر: بالضم: اسم قرية من أعمال حوران من أراضي دمشق بموضع يقال له اللحا، وهو صعب المسلك، إلى جانب زرة التي تسميها العامة زرع ويتضح من ذلك أن اسم القرية التي نسب إليها الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - في القديم (زرا) أو (زرة)، ثم سماه العامة زرع



http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:35
http://i28.************/34y6ypf.jpg
إن أول ما يلمسه المرء ويحسه - وبخاصة إذا كان ممن عَرَفَ ابن القَيِّم، وعاش مع تراثه الممتع النافع - أنه أمام عالم عامل، وداعية مخلص صادق، ومربٍ فاضل، أفنى عمره في محاربة كل شر ورذيلة، والدعوة إلى التخلق بكل خير وفضيلة.
فلم يكن ابن القَيِّم - رحمه الله - ممن يتكسبون بدعوتهم، أو يطلبون بها عرضاً زائلاً - كما كان حال البعض في عصره - وإنما كان صاحب رسالة سامية، عاش حياته مبلغاً لها ومنافحاً عنها.
فلا عجب إذن أن يكون على درجة عالية من الأخلاق الفاضلة، والخلال الحميدة، بشهادة كل من عايشه وسعد بصحبته، فقد كان (الغالب عليه الخير والأخلاق الصالحة) كما وصفه بذلك تلميذه ابن كثير رحمه الله
كما لا يفوت التنبيه على أن هذه الأسرة الطيبة التي نشأ ابن القَيِّم بين أحضانها، وما لقيه منها من رعاية وحسن توجيه - وخاصة والده الذين قدمنا طرفاً من سيرته العطرة - كان لها أكبر الأثر في تحلي ابن القَيِّم - رحمه الله - بجميل العادات، ومحاسن الأخلاق، كما سبق التنبيه على ذلك.
ويمكن أن نسجل بعض هذه الصفات التي كان متخلقاً بها،وذلك من خلال شهادة تلاميذه، وأصحابه ومن عرفوه، وكذا من خلال ما يظهر من مطالعة سيرته ومؤلفاته، فلعل ذلك يكون باعثاً على التحلي بمثل أخلاق هذا الإمام الفاضل.
فمن هذه الصفات:
1ـ حسن العشرة، وكثرة التودد إلى الناس والتَّحَبُّب إليهم، لاسيما أهل الفضل والصلاح منهم، فكان الحافظ ابن كثير - مثلاً - من (أحب الناس إليه) كما حكى هو كذلك.
2ـ كَفُّ الأذى عن الخلق، فكان - رحمه الله - "لا يحسد أحداً، ولا يؤذيه، ولا يستعيبه، ولا يحقد على أحد". كما قال ذلك أصحب الناس له: ابن كثير رحمه الله.
هكذا كان ابن القَيِّم متحبباً إلى الناس متجملاً معهم، كَافّاً أذاه عنهم؛ لأنه - رحمه الله - كان يعلم أن حسن الخلق هو: (طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى). فإنه قد نقل ذلك عن عبدالله بن المبارك رحمه الله، شارحاً به حسن الخلق وموضحاً معناه فرحم الله ابن القَيِّم: الذي عَلِمَ، فتخلق بهذا العلم وعمل به، ثم دعا إليه ونشره بين الناس.
3ـ شِدَّةُ محبته للعلم، وكتابته، ومطالعته. كما وصفه بذلك تلميذه ابن رجب رحمه الله.
وكيف لا يكون شديد الحب للعلم، شديد التعلق به، وهو القائل: "النَّهْمَةُ في العلم، وعدم الشبع منه من لوازم الإيمان، وأوصاف المؤمنين.
4ـ جِدُّهُ واجتهاده - رحمه الله - في تحصيل ما نذر نفسه لتحصيله من هذا العلم الشريف، وإنفاق أيام العمر وسِنِيِّه في ذلك، بحيث وصف بـ "كثرة الطلب ليلاً ونهاراً.
5ـ جرأته - رحمه الله - وصلابته في دين الله، وصدعه بالحق؛ فلم يكن يحابي أحداً فيما يعتقد أنه الحق، ولا يخشى في الله لومة لائم، مع ما سببه ذلك له من محن وإيذاء كما سيأتي. قال الإمام الشوكاني في وصفه إياه: "... صادعاً بالحق لا يحابي فيه أحداً.
6ـ تجرده - رحمه الله - في أبحاثه العلمية من كل هوًى نفسي، أو غرض ذاتي شخصي، وإنما كان يبتغي الوصول إلى الحق والصواب، ولو ظهر هذا الحق على لسان غيره.
فمن ذلك: أنه صوّب إثبات (الواو) في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم" ثم قال: "فهذا ما ظهر لي في هذه اللفظة، فمن وجد شيئاً فليلحقه بالهامش، فيشكر الله له، وعباده سعيه، فإن المقصود: الوصول إلى الصواب، فإذا ظهر وضع ما عداه تحت الأرجل.
7ـ تَوَاضُعُه وإنكاره لِذاتِهِ، واستصغاره لنفسه وعلمه، من ذلك: ما نجده في أكثر كتبه من تصريحه بقلة بضاعته في هذا الشأن، مع إسناده الصواب في ذلك إلى الله، وأن ذلك من فضله وتوفيقه، وإسناده الخطأ والنقص إلى نفسه.
هذا ما يقوله، مع ما عرف عنه من جودة تصانيفه، وكثرة إفاداته، وغزارة علمه رحمه الله.
-8 صَبْرُهُ - رحمه الله - على الأذى والْمِحَن والابتلاء في ذات الله سبحانه، دون جزع أو ضَجَر، فكم عانى من ألم السجن ومرارة الحبس، فكان يقابل كل ذلك صابراً محتسباً، بل "كان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ، فَفُتِح عليه من ذلك خير كثير..." كما يقول ابن رجب رحمه الله، فانقلبت بذلك محنته إلى منحة، وسجنه إلى خلوة للتعبد والمناجاة. وهذا - لا شك - دال على شجاعته رحمه الله، تلك الخصلة التي وصفها مرة بقوله: "الشجاعة: ثبات القلب عند النوازل. ولما كانت الشجاعة - بهذا المعنى - "خلقاً كريماً من أخلاق النفس، فقد كان - رحمه الله - متخلقاً بها متحلياً بفضائلها.
وأخيراً، فإنه ليس بغريب على مثل ابن القَيِّم - رحمه الله - أن يجمع بين هذه الأخلاق الفاضلة، ويتحلى بكل هذه الخلال الحميدة، ذلك أن "الأخلاق الفاضلة تتلازم وتتصاحب غالباً كما يقول ابن القَيِّم نفسه.
ومع ذلك، فإن ما ذكرناه هنا ما هو إلا طرف يسير مما يتحلى به هذا الإمام الفاضل، والمربي القدوة من أخلاق حسنة، ومن شاء أن يقف على المزيد من فضائله، ومكارم أخلاقه، ومحاسن طباعه: فعليه بمؤلفاته وكتبه، فإن ما رسمه فيها من منهج متكامل لما ينبغي أن يتخلق به المسلم الحق في دينه ودنياه، لم يكن إلا صورةً حقيقية، ومرآة صادقة لأخلاقه رحمه الله، فما من خلة حميدة أو خلق فاضل دعا إليه، إلا وهو متخلق به، عامل بمقتضاه كما تقدم بيان شيء من ذلك، وكما سيأتي في الكلام على زهده وعبادته رحمه الله.

http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:38
http://i32.************/ornuk1.jpg
تَقَدَّمَ - عند الكلام على أخلاقه وصفاته - ذكرُ طَرَفٍ من حاله في طلبه للعمل، وشدة محبته له، وجِدِّهِ واجتهاده في تحصيله ليلاً ونهاراً.
ولقد أثمر هذا الجهد المتواصل، وتلك المحبة الصادقة للعلم ودرسه، أطيب الثمار، فَنَبَغَ ابنُ القَيِّم - رحمه الله - في علوم عديدة، حَتَّى ذَاعَ صِيتُهُ، وفاق في ذلك أَقْرانَهُ وأهلَ عصره، ولم يُر في وَقْتِهِ مِثْلُهُ.
ولقد شهد له تلاميذه ومعاصروه - بل وبعض شيوخه - بطول الباع، وعلو الشأن، وبلوغ الغاية في شتى العلوم وسائر الفنون، فلنذكر طرفاً من شهادات هؤلاء الأئمة وثنائهم عليه، ليعرف بذلك قدره، ومدى تقدمه وعلو شأنه، فمن ذلك:
* قال القاضي برهان الدين الزُّرَعي"ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه.
* وقال شيخه المزي: "هو في هذا الزمان كابن خزيمة في زمانه.
وهذا القول من المزي - على جلالته - يطابق بشارة شيخه ابن تَيْمِيَّة له - لَمَّا رآه في المنام - بأنه في طبقة ابن خزيمة، وقد تقدم ذكر ذلك.
*وقال الحافظ الذهبي: "الفقيه، الإمام، المفتي، المتفنن، النحوي. وقال أيضاً: "عُني بالحديث متونه ورجاله، وكان يشتغل في الفقه ويجيد تقريره، وفي النحو وَيَدْرِيه، وفي الأصلين.
* وقال الصَّلاح الصَّفَدِي: "الإمام العلامة. وقال أيضاً: "اشتغل كثيراً وناظر، واجتهد، وأكبَّ على الطلب، وصَنَّف، وصار من الأئمة الكبار في: علم التفسير، والحديث، والأصول: فقهاً وكلاماً، والفروع،والعربية، ولم يخلف الشيخ العلامة تقي الدين ابن تَيْمِيَّة مثله.
* وقال أبو المحاسن الحسيني الدمشقي: "الشيخ، الإمام، العلامة، ذو الفنون... أفتى، ودرَّس، وناظر، وصنف، وأفاد.
* وقال الحافظ ابن كثير: "الإمام العلامة... سمع الحديث، واشتغل بالعلم، وبرع في علوم متعددة، لاسيما: علم التفسير، والحديث، والأصلين. ولَمَّا عاد الشيخ تقي الدين ابن تَيْمِيَّة من الديار المصرية في سنة(712هـ)، لازَمَه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علماً جمَّاً، مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريداً في بابه في فنون كثيرة… وبالجملة: كان قليل النظير في مجموعه وأموره وأحواله.
* وقال ابن رجب: "الفقيه، الأصولي، المفسر، النحوي، العارف... تفقه في المذهب، وبرع وأفتى... وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفاً بالتفسير لا يُجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى. والحديث ومعانيه، وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك. وبالفقه وأصوله، وبالعربية، وله فيها اليد الطولى، وبعلم الكلام، والنحو وغير ذلك، وكان عالماً بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم، له في كل فنٍّ من هذه الفنون اليد الطولى.
وقال أيضاً: "... ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرفَ بمعاني القرآن والسنة، وحقائق الإيمان منه، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
* وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: "أحد المحققين، عَلَمُ المصنفين، نادرة المفسرين. وقال أيضاً: "كان ذا فنون من العلوم - وخاصة التفسير والأصول - من المنطوق والمفهوم.
*وقال تقي الدين المقريزي: "برع في عدة علوم، ما بين: تفسير، وفقه، وعربية، وغير ذلك، ولزم شيخ الإسلام، وأخذ عنه علماً جَمًّا، فصار أحد أفراد الدنيا.
* وقال الحافظ ابن حجر: "كان جرئ الجنان، واسع العلم، عارفاً بالخلاف ومذاهب السلف. وقال أيضاً - في تقريظه لكتاب (الرد الوافر)-: "ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير: الشيخ شمس الدين ابن قَيِّم الجوزية، صاحب التصانيف النافعة السائرة، التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدلالة على عظم مَنْزلته.
* وقال ابن تَغْرِي بَرْدِي: "كان بارعاً في عدة علوم، ما بين: تفسير، وفقه، وعربية، ونحو، وحديث، وأصول، وفروع، ولزم الشيخ تقي الدين بن تيمية... وأخذ عنه علماً كثيراً، حتى صار أحد أفراد زمانه.
* وقال السخاوي: "العلامة، الحجة، المتقدم في: سعة العلم، ومعرفة الخلاف، وقوة الجنان....
*وقال السيوطي: "صنَّف، وناظر، واجتهد، وصار من الأئمة الكبار في التفسير، والحديث، والفروع، والأصلين، والعربية.
* وقال ابن العماد: "الفقيه الحنبلي- بل المجتهد المطلق - المفسر، النحو، الأصولي، المتكلم.
* وقال الشوكاني: "العلامة الكبير، المجتهد المطلق، المصنف المشهور... برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتَبَحَّر في معرفة مذاهب السلف.
*وقال الشَطِّيُّ: "الفقيه، الأصولي، المفسر، المحدث... ذو اليد الطولى، الآخذ من كل علم بالنصيب الأوفى... تَفَنَّن في علوم الإسلام، فكان إليه المنتهى في: التفسير، وأصول الدين، وكان في الحديث والاستنباط منه لا يُجَارى، وله اليد العليا في الفقه وأصوله، والعربية، وغير ذلك.
تلك هي أقوال هؤلاء الجهابذة، أئمة المسلمين، وأعلام الدين في الشهادة لابن القَيِّم، والثناء عليه، وبيان منزلته ودرجته في العلم، وتأكيد تقدمه وإمامته في سائر العلوم، وشتى الفنون.
وكثير من هؤلاء الأئمة قد عايشه وعرفه عن قرب، ومنهم من تتلمذ عليه وأخذ عنه، ولذلك فإن هذه الشهادات لها قيمة خاصة.
فإذا أضيف إلى ذلك: عِظَم مكانة هؤلاء الأئمة، وعلوِّ شأنهم، وذيوع صيتهم- كالذهبي، وابن كثير، وابن رجب، وابن حجر، والسيوطي، والشوكاني، وغيرهم - علمنا القيمة الحقيقية لهذه الأقوال، وتلك الشهادات، وأنها تُعَبِّر تعبيراً صادقاً عن المكانة الحقيقية التي تبوَّأها ابن القَيِّم - رحمه الله - بين أهل العلم وأئمته.
على أنه لو لم تكن أمامنا هذه الشهادت، وتلك الأقوال، فإننا - ومعنا كل منصف، متجرد من هوى التعصب على أئمة الهدى وبقية السلف - نستطيع أن نجزم بأن مكانة ابن القَيِّم - رحمه الله - هي هذه التي وضعوه فيها وأعلى؛ وذلك عند النظر في آثاره، والاغتراف من غزير فوائده، والعيش بصدق مع علومه النافعة، وتوجيهاته المخلصة في كل مبحث من مباحثه.
وعند التأمل في أقوال هؤلاء الأئمة نلاحظ:
أنه يصعب على الباحث أن يجزم بتفوق ابن القَيِّم -رحمه الله- في فن على حساب الفنون الأخرى، فقد اتفقت كلمتهم - أو كادت - على تفوقه في فنون كثيرة، وجمعه بين علوم عديدة، مع التقدم والمهارة وعلو الشأن في ذلك كله.
فلقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله -: مُحَدِّثاً، فقيهاً، أصولياً، مفسراً، نحوياً، لغوياً، أديباً... له في كل فن من هذه الفنون: القدح الْمُعلَّى، والرتبة الأعلى.
وإن كان ابن كثير - رحمه الله - يقدم من علومه: "التفسير، والحديث، والأصلين". ويوافقه ابن ناصر على "التفسير، والأصول".
قال الشيخ بكر أبو زيد: "وأما علومه التي تلقاها وبرع فيها: فهي تكاد تعم علوم الشريعة وعلوم الآلة، فقد دَرَسَ التوحيد، وعلم الكلام، والتفسير، والحديث، والفقه وأصوله، والفرائض، واللغة، والنحو، وغيرها... وبرع هو فيها وعلا كعبه وفاق الأقران، ويكفي في الدلالة على علو منزلته: أن يكون هو وشيخه - شيخ الإسلام - كفرسَي رِهَان.
وهذه الجامعية المدهشة في البراعة والطلب نجدها محل اتفاق مسجل لدى تلاميذه الكبار، ومن بعدهم من ثقات النقلة الأبرار.
وبعد، فهذه هي علوم ابن القَيِّم رحمه الله، وتلك هي فنونه، مع التقدم والتفوق وعلو الشأن في ذلك كله.
ولم يكن ابن القَيِّم - رحمه الله - لينال هذه الدرجة الرفيعة إلا بعون الله تعالى، ثم بِهِمَّة عالية، وجهد متواصل، وصبر وجلد، مع ما آتاه الله - عزوجل - من: فهم، وذكاء، وقوة حفظ، فأتاح له كل ذلك - بعد توفيق الله - الوصول إلى تلك الدرجة، واحتلال هذه الرتبة، فرحمه الله ونفع بعلومه، آمين.


http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:40
http://i32.************/wsjmts.jpg
إنَّ في حياة العلامة ابن القَيِّم وسلوكه جانباً آخر- غير ما سبق - وهو جانب: اجتهاده مع مولاه، وخوفه منه ورجائه إياه، وسعيه في تحصيل رضاه، واستعداده ليوم لقاه.
فإن من يقرأ مؤلفات ابن القَيِّم - رحمه الله تعالى - وبخاصة كتابه (مدارج السالكين) - يخرج بدلالة واضحة: على أن ابن القَيِّم –رحمه الله تعالى– كان لديه من عمارة قلبه باليقين بالله والافتقار والعبودية، والاضطرار، والإنابة إلى الله، الثروة الطائلة، والقدح الْمُعَلَّى في جَوِّ العلماء العاملين، الذين هم أهل الله وخاصته.
وأن لديه من الأشواق والمحبة التي أخذت بمجامع قلبه - لا على منهج المتصوفة الغلاة، بل على طريق السلف الصالح - ما عمر قلبه بالتعلق بالله في السِّر والعلن، ودوام ذِكْرِهِ، وأن العبادة حَلَّت منه محل الدواء والمعالجة، وترويض النفس.
فلقد عَمَرَ ابن القَيِّم - رحمه الله - ما بينه وبين الله سبحانه، بالاجتهاد في العبادات والطاعات، كما عَمَر ما بينه وبين الناس بحسن الخلق، والاتصاف بجميل العادات، فكان بذلك خير مثال للعلماء الصادقين، الذين جمعوا بين العلم والعمل.
نعم، لقد شَمَّر ابن القَيِّم - رحمه الله - عن ساعد الجد في العبادة ليلاً ونهاراً، حتى قال عنه أقرب الناس إليه، وأعرفهم به، وأصحبهم له - وهو الحافظ ابن كثير -: "ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه.
وفيما يلي طرفٌ مما حكاه بعض من شاهد أحواله في ذلك:
1ـ طول صلاته وقيامه بين يدي الله سبحانه، وطول ركوعه وسجوده: فقد وُصِفَ –رحمه الله - بطول الصلاة "إلى الغاية القصوى".
وكانت طريقته - رحمه الله - في الصلاة: أنه يطيلها جداً، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا يَنْزِع عن ذلك رحمه الله.
2ـ تهجده وقيامه الليل: فقد قال عنه ابن رجب رحمه الله: "كان ذا عبادة وتهجد.
وكيف بهذا العالم الرباني يغفل عن قيام الليل، أو يتوانى في ذلك، وقد علم أنه (وَقْتُ قَسْمِ الغَنَائم) ، فأسهر ليله، ووقف بين يدي مولاه والناس نيام حتى يكون يوم القيامة من الآمنين، وفي الموقف من المطمئنين؛ فإن من "سَبَّح الله ليلاً طويلاً،لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه، بل كان أخفَّ شيء عليه. كما يقول هو رحمه الله.
ويقرر - رحمه الله - أن في قيام الليل الكثير من الفوائد التي تعود على المسلم بالخير في صحته وبدنه؛ فإن قيام الليل "من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن والروح والقلب.
3ـ كثرة ابتهاله وتضرعه ودعائه: فقد وصفه ابن كثير - رحمه الله - بـ (كثير الابتهال). وقد وُصِفَ أيضاً بـ "الافتقار إلى الله، والانكسار له، والاطِّراح بين يديه على عتبة عبوديته بحيث لم يشاهد مثله في ذلك.
4ـ ملازمته - رحمه الله - لذكر الله واستغفاره: بحيث كان ذا (لَهَجٍ بالذكر... والإنابة والاستغفار).
ومما يذكر عنه في ذلك أيضاً: أنه كان إذا صلى الفجر يجلس مكانه يذكر الله - تعالى - حتى يتعالى النهار جداً، وكان إذا سُئِل عن ذلك يقول: هذه غَدْوَتِي، ولو لم أَتَغَدّ هذه الغدوة سقطت قواي. وقد ذكر هو - رحمه الله - عن شيخه ابن تَيْمِيَّة مثل ذلك فلا مانع أن يكون هذا الفعل ثابتاً عنهما رحمهما الله.
وحريّ بمثل ابن القَيِّم أن يحرص على الذكر، ويكثر منه ولا يفارقه، ويجد فيه راحة قلبه؛ وذلك أنه عرف منزلة ذكر الله وفوائده الجمة، حتى أخبر - رحمه الله - أن (في الذكر أكثر من مائة فائدة. ثم ساق من هذه الفوائد نيفاً وتسعين فائدة.
5ـ قراءة القرآن بالتدبر والتفكر: فقد كان - رحمه الله - لا يفتر عن ذلك حتى في أوقاته الحرجة، ويصف تلميذه ابن رجب - رحمه الله - حاله في السجن، فيقول: "وكان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر.
ولأجل ما كان عليه في ذلك من التدبر والتفكر في كتاب الله، فإن تلميذه ابن رجب لم ير "أعرف بمعاني القرآن... منه.
6ـ حرصه - رحمه الله - على أداء الحج مرات وكرات: فقد (حج مرات كثيرة، وجاور بمكة .
وفي أثناء مجاورته بمكة كان مشتغلاً بالعبادة لا يفتر، حتى إن أهل مكة كانوا "يذكرون عنه من شدة العبادة، وكثرة الطواف أمراً يُتَعَجَّب منه .
ويصف هو - رحمه الله - شيئاً من عبادته وخضوعه لربه أثناء مقامه بمكة، وذلك عند كلامه على تأليف كتابه (مفتاح دار السعادة) فيقول: "كان هذا من بعض النزل والتُّحف التي فتح الله بها علي حين انقطاعي إليه عند بيته، وإلقائي نفسي ببابه مسكيناً ذليلاً، وتعرضي لنفحاته في بيته وحوله بكرة وأصيلاً .
وكيف لا يكثر ابن القَيِّم من أداء الحج وهو يصف تلبية الحجيج بأنها (إجابة محب لدعوة حبيبه... وكلما أكثر العبد منها كان أحب إلى ربه وأحظى .
فلم يكن ابن القَيِّم في كثرة حجه، وزيارته لبيت الله الحرام، إلا مجيباً دعوة حبيبه ومولاه.
ومع كل هذا الذي كان عليه ابن القَيِّم - رحمه الله - من الجد في العبادة، وبلوغه في ذلك رتبة عَلِيّة، فقد كان يتهم نفسه بالتقصير في حق مولاه، ويشكو كثرة ذنوبه وخطاياه! وهذا من كمال تواضعه وشدة خوفه من الله.
وقد وصف شيئاً من ذلك في قصيدة له يُذَكِّر فيها نفسه، أولها:
بُنَيُّ أبي بكرٍ كثيرٌ ذُنُوبُهُ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ نَالَ مِنْ عِرْضِهِ إِثْمُ
بُنَيُّ أبي بكر جَهُولٌ بِنَفْسِهِ جَهُولٌ بِأَمْرِ الله، أَنَّى له العِلْمُ؟!
بُنَيُّ أبي بكر غدا مُتَصَدِّرَاً يُعَلِّمُ عِلْمَاً وَهُو لَيْسَ ُلهُ عِلْمُ
بُنَيُّ أبي بكر غَدَا مُتَمَنِّيَاً وِصَالَ الْمَعَالِي وَالذُّنُوبُ له هَمُّ
إلى آخر هذه القصيدة التي تبين خوفه ورجاءه وتضرعه لربه، مع ما كان عليه من الجد في العبادة رحمه الله.
ولعل مما يدل على زهده - رحمه الله - وتقلله من الدنيا، وعدم حرصه عليها ما ذكر في سبب تأليف كتابه (تحفة المودود)، وهو: أن الله - عزوجل - قد رزق ابنه إبراهيم مولوداً، ولم يكن عند والده - ابن القَيِّم - في ذلك الوقت ما يقدمه لولده من متاع الدنيا، فصنف هذا الكتاب وأعطاه إياه، وقال له: "أُتْحِفكُ بهذا الكتاب إذ لم يكن عندي شيء من الدنيا أعطيك .
فهكذا كان ابن القَيِّم - رحمه الله - في عبادته وزهده وخشوعه وانكساره وخوفه وإنابته إلى ربه سبحانه، كان في ذلك كله نِعْمَ القدوة، وأصدق المثلٍ للسائرين إلى ربهم والدار الآخرة، فرحم الله ابن القَيِّم رحمة واسعة، وطَيَّبَ ثراه، وجعل الجنة داره ومثواه، آمين.



http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:44
http://i47.************/2ikzevp.jpg
إن مما ينبغي على طالب العلم أن يرحل عن وطنه إلى البلاد الأخرى، طلباً للعلم، وبحثاً عن الاستزادة منه، ورغبة في التحصيل والسماع من علماء البلدان الأخرى لما لم يسمعه في بلده، وقد كان هذا هو دأب السَّلف من علماء هذه الأمة، كما هو مُدَوَّن في أخبارهم.
فالمقصود من الرحلة - كما قال الخطيب البغدادي رحمه الله - أمران:
"أحدهما: تحصيلُ علوِّ الإسناد، وقدم السماع. والثاني: لقاء الحفَّاظ، والمذاكرة لهم، والاستفادة منهم".
قال رحمه الله: "فإذا كان الأمران موجودين في بلده، ومعدومين في غيره: فلا فائدة في الرحلة، أو موجودين في كل منهما: فَلْيُحَصِّل حديث بلده، ثم يرحل .
أمَّا الأمر الأول - وهو طلب علو الإسناد - فإنه كان مقصوداً أيام كان الاعتماد في الرواية على المشافهة والسَّمَاع، لِمَا للعلوِّ - في هذه الحالة - من فوائد جَمَّة، أما وقد دُوِّنَت الدواوين، وجُمِعت الأحاديث النبوية فيها، فإن الحاجة إلى طلب العلوِّ لم تعد مُلِحَّة، بل صار القصد من السماع والرواية في الأزمنة المتأخرة هو الْحِرْصُ على بقاء سلسلة الإسناد في الأمة.
ولذلك، فإن ابن القَيِّم - رحمه الله - لم يكن بحاجة إلى الرحلة طلباً لعلو الإسناد؛ إذ إنه قد عاش في عصر استقرار المدوَّنات الحديثية.
إذن فالرِّحلة في حق ابن القَيِّم لحصول الأمر الآخر، وهو: لقاء الأئمة والعلماء، والاجتماع بهم، ومذاكَرَتُهُم العلم، والاستفادة مما عندهم؛ فلا شك أن الرحلة لأجل تحقيق هذا الغرض مُهِمَّة، ولا يعدمُ صاحبها الفائدة، ولكن شريطةَ أن يفتقدَ ذلك في بلده؛ فإنْ وَجَدَ ذلك في بلده، اشتغل بالتحصيل على شيوخ بلده أولاً، كما سبق في كلام الخطيب رحمه الله.
فماذا عن ارتحال ابن القَيِّم - رحمه الله - في طلب العلم؟
لم تسجل لنا المصادر التي ترجمته شيئاً عن رحلته وخروجه من بلده في طلب العلم، ولكن وُجِدَ ما يدل على خروج ابن القَيِّم - رحمه الله - من بلده وبخاصة إلى مصر؛ فقد ذكر - رحمه الله - في كتابه (هداية الحيارى) مناظرةً جرت له بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرِّيَاسَة. ومن ذلك أيضاً: ما أشار إليه الشيخ بكر أبو زيد من قول المقريزي: "وقدم القاهرة غير مرة .
ولكن لا سبيل إلى الجزم بأن ابن القَيِّم قد أَخَذَ عن أحدٍ من أهل العلم هناك في رحلاته تلك.
كما قد سُجِّلَتْ لابن القَيِّم رحلاتٌ وأسفارٌ داخلية، تَنَقَّلَ خلالها بين بعض مدن الشَّام، وبخاصة بيت المقدس، وقد تَقَدَّمَ كلام المقريزي فيما جرى لابن القَيِّم مع المقادسة في بيت المقدس.
ومن ذلك أيضاً: قوله - عند الكلام على من يولد من الناس مختوناً -: "وحدثني صاحبنا أبو عبد الله محمد بن عثمان الخليلي الْمُحَدِّث ببيتِ المقدس: أنه ولد كذلك... .
وسافر أيضاً إلى بَعْلَبَك؛ فقد قال مرة: "قال لي بعضُ أشياخنا في بعلبك .
كما أن ابن القَيِّم - إلى جانب تلك السفرات الماضي ذكرها - قد سَافَر للحجِّ مراراً، وجاور بمكة كما تقدَّم، وقد كان يقتنص فرصة وجودِهِ بالبيت الحرام، وفي رحاب الكعبة المشرفة، لإنجاز بعض الأعمال العلمية، كما سبقت الإشارة إلى تأليفه كتاب (مفتاح دار السعادة) في رحاب البيت الحرام.
قلت: وهي الآن داخلة في لبنان، وتمثل إحدى مدن سهل البقاع المشهور، وتبعد عن العاصمة "بيروت " حوالي ستين كيلو متراً تقريباً.
ولا يمتنع أيضاً: أن يكون سمع شيئاً، أو التقى بعض الشيوخ والعلماء في تلك الحَجَّات العديدة، فقد كان موسم الحج ملتقى لكثير من أهل العلم، من مختلف الأقطار وشتى البقاع، وقد سَجَّلَت لنا كتبُ التراجم الكثير من أقوال أهل العلم في ذكر ما سَمِعُوه أو أَسْمَعُوه في موسم الحج.
تلك بعضُ رحلات ابن القَيِّم وتنقلاته الداخلية، ولا يمتنع أن يكونَ قد سمع أو قرأ شيئاً على بعض الشيوخ في هذه الرحلات، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار: أن من شُيوخه من هو بعلبكي، ومنهم من هو مقدسي، كما مضى.
وقد تكون له رحلاتٌ أخرى لم تصل أخبارها إلى علمنا، فالله أعلم.
على أن عدمَ ارتحال ابن القَيِّم كثيراً، وقلة خروجِهِ من دمشق لطلب العلم ولقاءِ المشايخ في بلاد أخرى. له ما يسوِّغه؛ فالذي يظهر أن ابن القَيِّم - رحمه الله - قد وَجَدَ بُغْيَتَه، وحصَّل حاجته على شيوخ بلده "دمشق"، بحيث لم يحتج - مع ذلك - إلى البحث عن المزيد من الشيوخ خارج بلده.
فقد تَقَدَّم كيف غَدْتْ الشَّام - وبخاصة دمشق - حاضرةً علميةً، تموج بألوان النشاط العلمي، والمؤسسات التعليمية، مع وجود نُخْبَة من أَجِلَّةِ أهل العلم وجهابذته فيها آنذاك، الذين لا زالت آثارهم باقية تشهد بإمامتهم وطول باعهم، ووفور علمهم، الأمر الذي لم يجد ابن القَيِّم معه حاجة إلى الارتحال خارج بلده، كيف وقد كانت بلده محطَّ رِحَالِ أهل العلم وطلابه من شتى بقاع الدنيا؟!
ولعلَّ من أوضحِ الأمثلة على انشغال ابن القَيِّم - رحمه الله - بالتحصيلِ على شيوخ بلده، ما مضى من مَلازَمَتِهِ لشيخهِ ابن تَيْمِيَّة ستة عشر عاماً (712-728هـ)، وإيثاره صحبته إلى آخر حياته، فقد وجد في هذا الإمام العلاَّمة ما يشبعُ نَهْمَتَهُ، ويروي غُلَّتَه، وبخاصة إذا علمنا أن فترة ملازَمَتِهِ له تعدُّ أزهى فترات الطلب والتحصيل في حياة طالب العلم.
تلك هي أبرز المسوِّغات التي يمكن اعتبارها مانعاً من كثرة خروج ابن القَيِّم وارتحاله عن بلده.
فالذي تَحَصَّل عندنا: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - وإن لم تُسَجِّل لنا مصادر ترجمته شيئاً من رحلاته العلمية، إلا أن الْمُتَقَرِّرَ أنه قد سافر ورحل وتَغَرَّبَ عن وطنه وأهله، كما يدلُّ على ذلك تصريحه بتأليف بعض كتبه حال السفر والغربة عن الأهل والأصحاب، وأنه - رحمه الله - في خلال تلك الأسفار لم يكن ليقعد لحظة عن الاشتغال بالعلم سماعاً ومذاكرةً، وتأليفاً وتصنيفاً، فرحمه الله رحمةً واسعةً، وجزاه عمَّا قَدَّم للإسلام خيرَ الجزاء.



http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

ᵳ ἁ ᴙ ồ ṡ h ἁ
11-08-2010, 12:46
مشكووووور خيو ..
بارك الله فيك على هذه الجهود الرائعه ...

حــارث
11-08-2010, 12:51
http://i29.************/34s07qh.jpg

إن مما ينبغي على طالب العلم أن يرحل عن وطنه إلى البلاد الأخرى، طلباً للعلم، وبحثاً عن الاستزادة منه، ورغبة في التحصيل والسماع من علماء البلدان الأخرى لما لم يسمعه في بلده، وقد كان هذا هو دأب السَّلف من علماء هذه الأمة، كما هو مُدَوَّن في أخبارهم.
فالمقصود من الرحلة - كما قال الخطيب البغدادي رحمه الله - أمران:
"أحدهما: تحصيلُ علوِّ الإسناد، وقدم السماع. والثاني: لقاء الحفَّاظ، والمذاكرة لهم، والاستفادة منهم".
قال رحمه الله: "فإذا كان الأمران موجودين في بلده، ومعدومين في غيره: فلا فائدة في الرحلة، أو موجودين في كل منهما: فَلْيُحَصِّل حديث بلده، ثم يرحل .
أمَّا الأمر الأول - وهو طلب علو الإسناد - فإنه كان مقصوداً أيام كان الاعتماد في الرواية على المشافهة والسَّمَاع، لِمَا للعلوِّ - في هذه الحالة - من فوائد جَمَّة، أما وقد دُوِّنَت الدواوين، وجُمِعت الأحاديث النبوية فيها، فإن الحاجة إلى طلب العلوِّ لم تعد مُلِحَّة، بل صار القصد من السماع والرواية في الأزمنة المتأخرة هو الْحِرْصُ على بقاء سلسلة الإسناد في الأمة.
ولذلك، فإن ابن القَيِّم - رحمه الله - لم يكن بحاجة إلى الرحلة طلباً لعلو الإسناد؛ إذ إنه قد عاش في عصر استقرار المدوَّنات الحديثية.
إذن فالرِّحلة في حق ابن القَيِّم لحصول الأمر الآخر، وهو: لقاء الأئمة والعلماء، والاجتماع بهم، ومذاكَرَتُهُم العلم، والاستفادة مما عندهم؛ فلا شك أن الرحلة لأجل تحقيق هذا الغرض مُهِمَّة، ولا يعدمُ صاحبها الفائدة، ولكن شريطةَ أن يفتقدَ ذلك في بلده؛ فإنْ وَجَدَ ذلك في بلده، اشتغل بالتحصيل على شيوخ بلده أولاً، كما سبق في كلام الخطيب رحمه الله.
فماذا عن ارتحال ابن القَيِّم - رحمه الله - في طلب العلم؟
لم تسجل لنا المصادر التي ترجمته شيئاً عن رحلته وخروجه من بلده في طلب العلم، ولكن وُجِدَ ما يدل على خروج ابن القَيِّم - رحمه الله - من بلده وبخاصة إلى مصر؛ فقد ذكر - رحمه الله - في كتابه (هداية الحيارى) مناظرةً جرت له بمصر مع أكبر من يشير إليه اليهود بالعلم والرِّيَاسَة. ومن ذلك أيضاً: ما أشار إليه الشيخ بكر أبو زيد من قول المقريزي: "وقدم القاهرة غير مرة .
ولكن لا سبيل إلى الجزم بأن ابن القَيِّم قد أَخَذَ عن أحدٍ من أهل العلم هناك في رحلاته تلك.
كما قد سُجِّلَتْ لابن القَيِّم رحلاتٌ وأسفارٌ داخلية، تَنَقَّلَ خلالها بين بعض مدن الشَّام، وبخاصة بيت المقدس، وقد تَقَدَّمَ كلام المقريزي فيما جرى لابن القَيِّم مع المقادسة في بيت المقدس.
ومن ذلك أيضاً: قوله - عند الكلام على من يولد من الناس مختوناً -: "وحدثني صاحبنا أبو عبد الله محمد بن عثمان الخليلي الْمُحَدِّث ببيتِ المقدس: أنه ولد كذلك... .
وسافر أيضاً إلى بَعْلَبَك؛ فقد قال مرة: "قال لي بعضُ أشياخنا في بعلبك .
كما أن ابن القَيِّم - إلى جانب تلك السفرات الماضي ذكرها - قد سَافَر للحجِّ مراراً، وجاور بمكة كما تقدَّم، وقد كان يقتنص فرصة وجودِهِ بالبيت الحرام، وفي رحاب الكعبة المشرفة، لإنجاز بعض الأعمال العلمية، كما سبقت الإشارة إلى تأليفه كتاب (مفتاح دار السعادة) في رحاب البيت الحرام.
قلت: وهي الآن داخلة في لبنان، وتمثل إحدى مدن سهل البقاع المشهور، وتبعد عن العاصمة "بيروت " حوالي ستين كيلو متراً تقريباً.
ولا يمتنع أيضاً: أن يكون سمع شيئاً، أو التقى بعض الشيوخ والعلماء في تلك الحَجَّات العديدة، فقد كان موسم الحج ملتقى لكثير من أهل العلم، من مختلف الأقطار وشتى البقاع، وقد سَجَّلَت لنا كتبُ التراجم الكثير من أقوال أهل العلم في ذكر ما سَمِعُوه أو أَسْمَعُوه في موسم الحج.
تلك بعضُ رحلات ابن القَيِّم وتنقلاته الداخلية، ولا يمتنع أن يكونَ قد سمع أو قرأ شيئاً على بعض الشيوخ في هذه الرحلات، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار: أن من شُيوخه من هو بعلبكي، ومنهم من هو مقدسي، كما مضى.
وقد تكون له رحلاتٌ أخرى لم تصل أخبارها إلى علمنا، فالله أعلم.
على أن عدمَ ارتحال ابن القَيِّم كثيراً، وقلة خروجِهِ من دمشق لطلب العلم ولقاءِ المشايخ في بلاد أخرى. له ما يسوِّغه؛ فالذي يظهر أن ابن القَيِّم - رحمه الله - قد وَجَدَ بُغْيَتَه، وحصَّل حاجته على شيوخ بلده "دمشق"، بحيث لم يحتج - مع ذلك - إلى البحث عن المزيد من الشيوخ خارج بلده.
فقد تَقَدَّم كيف غَدْتْ الشَّام - وبخاصة دمشق - حاضرةً علميةً، تموج بألوان النشاط العلمي، والمؤسسات التعليمية، مع وجود نُخْبَة من أَجِلَّةِ أهل العلم وجهابذته فيها آنذاك، الذين لا زالت آثارهم باقية تشهد بإمامتهم وطول باعهم، ووفور علمهم، الأمر الذي لم يجد ابن القَيِّم معه حاجة إلى الارتحال خارج بلده، كيف وقد كانت بلده محطَّ رِحَالِ أهل العلم وطلابه من شتى بقاع الدنيا؟!
ولعلَّ من أوضحِ الأمثلة على انشغال ابن القَيِّم - رحمه الله - بالتحصيلِ على شيوخ بلده، ما مضى من مَلازَمَتِهِ لشيخهِ ابن تَيْمِيَّة ستة عشر عاماً (712-728هـ)، وإيثاره صحبته إلى آخر حياته، فقد وجد في هذا الإمام العلاَّمة ما يشبعُ نَهْمَتَهُ، ويروي غُلَّتَه، وبخاصة إذا علمنا أن فترة ملازَمَتِهِ له تعدُّ أزهى فترات الطلب والتحصيل في حياة طالب العلم.
تلك هي أبرز المسوِّغات التي يمكن اعتبارها مانعاً من كثرة خروج ابن القَيِّم وارتحاله عن بلده.
فالذي تَحَصَّل عندنا: أن ابن القَيِّم - رحمه الله - وإن لم تُسَجِّل لنا مصادر ترجمته شيئاً من رحلاته العلمية، إلا أن الْمُتَقَرِّرَ أنه قد سافر ورحل وتَغَرَّبَ عن وطنه وأهله، كما يدلُّ على ذلك تصريحه بتأليف بعض كتبه حال السفر والغربة عن الأهل والأصحاب، وأنه - رحمه الله - في خلال تلك الأسفار لم يكن ليقعد لحظة عن الاشتغال بالعلم سماعاً ومذاكرةً، وتأليفاً وتصنيفاً، فرحمه الله رحمةً واسعةً، وجزاه عمَّا قَدَّم للإسلام خيرَ الجزاء.


http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:55
http://i27.************/303ik54.jpg

لقد تتلمذ ابن قيم الجوزية - رحمه الله- على عدد لا بأس به من كبار الأساتذة والمربين الذين عرفوا بغزارة العلم،وسعة الاطلاع، وعرفوا بالتقوى، والورع،والإخلاص .

ومن شيوخه الذين تتلمذ عليهم، وكان لهم أثر في تكوينه العلمي:

1- والده قيم الجوزية:
أبو بكر بن أيوب؛ حيث أخذ عنه شيخنا –رحمه الله- علم الفرائض وكان له فيه اليد الطولى، توفي سنة 723 هـ.

2- الشهاب العابر:
أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن النابلسي الحنبلي، فقيه وإمام وعالم. له مصنف كبير في علم التعبير سماه (البدر المنير)، توفي –رحمه الله- سنة 697 هـ أخذ عنه ابن القيم - رحمه الله- بعض أحكام المرائي، وأشار إليه في زاد المعاد قائ ً لا: وهذه كانت حال شيخنا هذا، ورسوخه في علم التعبير، وسمعت عليه عدة أجزاء ولم يتفق لي قراءة هذا العلم عليه؛ لصغر السن، واخترام المنية له.

3- أبو الفتح البعلبكي :
شمس الدين أبو عبدالله محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي، الفقيه الحنبلي،المحدث النحوي، اللغوي. قرأ العربية واللغة على ابن مالك، وصنف تصانيف،منها: شرح ألفية ابن مالك ، وكتاب الم ْ طلع على أبواب ال ? م ْ قنع. توفي سنة 709 هـ أخذ ابن القيم - رحمه الله- عنه العربية والفقه.

4- بنت جوهر:
فاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي، والدة الشيخ إبراهيم بن القرشية وإخوانه، روت الصحيح عن ابن الزبيدي مرات، وسمعت صحيح مسلم من ابن الحصيري (شيخ الحنفية)، وسمعت من ابن رواحة، وكانت دينة،متعبدة، صالحة وذكر ابن رجب أن ابن القيم سمع منها.توفيت - رحمها الله-سنة 711 هـ.

5- الصفي الهندي :
هو محمد بن عبدالرحيم بن محمد صفي الدين الهندي، الفقيه، الشافعي،الأصولي.صنف في أصول الدين (الفائق)، وفي أصول الفقه توفي سنة
715 هـ أخذ عنه ابن القيم - رحمه الله- الأصليين التوحيد، وأصول الفقه، وقرأ عليه أكثر الأربعين، والمحصل.

6- سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي،قاضي القضاة أبو الفضل، وكان مشهورًا بالعدل، بارعًا في الفقه، جيد التدريس، حدث بالكثير؛ ولم يزل على حاله إلى أن مات سنة 715 هـ. قرأ ابن القيم - رحمه الله- عليه المقنِع .

7- صدر الإسلام أبو الفداء :
إسماعيل بن يوسف بن مكتوم بن أحمد القيسي الدمشقي، كان فقيهًا بالمدارس،ومقرئًا بالزويزانية، توفي سنة 716 هـ، ذكره في شيوخ ابن القيم - رحمه الله- كل من الصفدي وابن حجر.

8- ابن عبدالدائم :
أبو بكر زين الدين أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي، كان ذا همة، وجلادة،وذكر، وعبادة، توفي سنة 718 هـ، وذكره في مشيخته الذين سمع منهم الصفدي وابن حجر.

9- المطعم :
شرف الدين عيسى بن عبدالرحمن بن معالي بن أحمد الصالحي المطعم في الأشجار ثم السمسار في العقار، توفي سنة 719 هـ، وقد أشار ابن حجر والصفدي بأنه ممن سمع منهم ابن القيم -رحمه الله-.

10 - شرف الدين بن تيمية :
عبدالله بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية الحراني، ثم الدمشقي،الحنبلي، الفقيه، الإمام، المتقن، أبو محمد، أخو الشيخ تقي الدين بن تيمية،برع في علوم كثيرة، منها: الفرائض، والحساب، وعلم الهيئة، وأصول الدين، وفي علوم العربية،وقد تصدى للتدريس، والإفادة؛ فانتفع به طلابه وسامعوه.أخذ عنه ابن القيم- رحمه الله- الفقه وأشار إليه في كثير من كتبه، ككتابه إعلام الموقعين في المخرج الثاني عشر من مخارج اليمين في الطلاق، وهو أنها يمين ولا كفارة فيها، إذ قال: هذا اختيار أبي محمد بن تيمية أخي شيخ الإسلام ، توفي سنة 727 هـ.

11 - شيخ الإسلام بن تيمية :
أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام، الحافظ، الحجة، تقي الدين أبو العباس بن تيمية الحراني، الدمشقي، الحنبلي، أشهر شيوخ ابن القيم - رحمه الله - وكانت ملازمته له منذ أن قدم ابن تيمية دمشق سنة 712 ه، حتى مات سنة 728 هـ ،- رحمه الله-، وقد أوضح الصفدي - رحمه الله- عن جملة وافرة من الكتب التي قرأها ابن القيم على ابن تيمية - رحمهم الله تعالى- فقال : قرأ عليه قطعة من (المحرر)لجده المجد، وقرأ عليه من (المحصول)، ومن كتاب(الأحكام)للسيف الآمدي، وقرأ عليه قطعة من (الأربعين)والمحصل، وقرأ عليه
كثيرًا من تصانيفه .

12 - المجد الحراني :
إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن الفراء الحراني، ثم الدمشقي، الفقيه الحنبلي، توفي سنة 729 هـ، أخذ عنه ابن قيم الجوزية - رحمه الله- الفقه؛ حيث قرأ عليه مختصر أبي القاسم الخرقي، والمقنع لابن قدامة، وأخذ عنه الفرائض بعد أن أخذها عن والده،وأخذ عنه الأصول، وقرأ عليه أكثر الروضة لابن قدامة .

13 - الكحال:
زين الدين أيوب بن نعمة النابلسي، ثم الدمشقي الكحال. توفي سنة 730 ه ذكره الصفدي في جماعة سمع منهم ابن قيم الجوزية - رحمه الله- .

14 - البدر بن جماعة :
شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي الشافعي،توفي سنة 733 هـ، ذكره الصفدي،في جماعة سمع منهم ابن قيم الجوزية - رحمه الله-.

15 - المِزي :
جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبدالرحمن، الإمام، العلامة، الحافظ، الدمشقي، المِزي. قال بعضهم: مشيخته نحو الألف. برع في فنون الحديث، وحدث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه الكبار والحفاظ. توفي سنة 742 هـ، وابن قيم الجوزية - رحمه الله- يعتمده وينقل عنه في كثير من كتبه، خاصة في الحديث ورجاله مشيرًا إليه بلفظ (شيخنا(


16 - ابن مفلح :
شمس الدين أبو عبدالله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، المقدسي، الحنبلي،المتوفى 763 هـ، قال ابن قيم الجوزية - رحمه الله- : "ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح" وكان ابن قيم الجوزية - رحمه الله- يراجعه في كثير من مسائله واختياراته.

http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 12:58
http://i29.************/27zyn2h.jpg

تَقَدَّم أن ابن القَيِّم - رحمه الله - كان صاحب رسالة سامية غالية، وأنه عاش حياته حاملاً أعباء تأدية هذه الرسالة على أتمِّ وجه.
فلا عجب إذن أن نجد ارتباطاً وثيقاً بين مهمة أداء هذه الرسالة والقيام بأعبائها من جهة، وبين الأعمال التي مارسها ابن القَيِّم والوظائف التي تقلدها من جهة ثانية؛ إذ إن هذه الوظائف هي مجال تنفيذ هذه المهمة، ووسيلة تحقيقها.
فقد كانت هذه الأعمال وتلك المناصب منحصرةً في دائرة تبليغ العلم ونشره لا تخرج عن ذلك بحالٍ؛ فقد عاش حياته - رحمه الله - متصدراً "للاشتغال ونشر العلم .
ويمكننا حصر الأعمال التي مارسها ابن القَيِّم رحمه الله، والوظائف التي كان يشغلها - في ضوء ما سَجَّلَتْهُ مصادرُ ترجمته - فيما يلي:
1- التدريس.
2- الإمامة.
3- الخطابة.
4- الإفتاء.
5- التأليف والتصنيف.


1- التَّدْرِيس:


سبقت الإشارة إلى أن انتشار المدارس في دمشق في عصر ابن القَيِّم وكثرتها، كان من أبرز مظاهر ازدهار الحركة العِلْمِيَّة آنذاك، وأنه كان يَتَقَلَّدُ وظيفة التدريس بهذه المدارس أكابرُ علماء الوقت، فكانت المدارس - بهذه المثابة - تُشْبِه الجامعاتِ العِلْمِيَّةَ في وقتنا الحاضر، بل إنَّ نظام الدراسة في كثير من جامعاتنا اليوم يشبه إلى حدٍّ كبير نظام الدراسة قديماً.
ولَمَّا كان ابن القَيِّم - رحمه الله - واحداً من جهابذة علماء ذلك العصر وأئمته المُقَدَّمين؛ فإنه قد شارك بجهده وعلمه في هذا الجانب المهم، ألا وهو التدريس.
وقد أشار بعض مترجميه إلى ممارسته هذه الوظيفة.
أما عن الأماكن التي درَّس بها، فقد أجمعت المصادر التي ذكرت ممارسته للتدريس على ذكر تدريسه بالمدرسة "الصدرية ، وقد سَبَقَ الكلام عليها.
ويُحَدِّد الحافظ ابن كثير تاريخ تَوَلِّيهِ التدريس بهذه المدرسة، فيقول: "وفي يوم الخميس سادس صفر - يعني سنة 743هـ - درَّس بالصَّدْرِيَّةِ صاحبنا الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب الزُّرَعِيّ .
ثم يشير - رحمه الله - إلى أن دَرْسَه كان حَافِلاً، حَضَرَهُ جمع من الفضلاء، فيقول: "وَحَضَر عنده الشيخ عِزُّ الدين بن الْمُنَجَّا - الذي نزل له عنها - وجماعة من الفضلاء .
وقد اسْتَمَرَّ - رحمه الله - في التَّدْرِيسِ بـ "الصدرية" حتى آخر حياته، يدلُّ على ذلك ما حَكَاهُ ابن كثير - رحمه الله - من أنه "في يوم الاثنين ثاني عشر شهر شعبان - يعني بعد وفاة ابن القَيِّم بشهر - ذكر الدَّرْسِ بالصدرية شرف الدين عبد الله بن الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن قيم الجوزية، عوضاً عن أبيه رحمه الله . وبذلك تكون مدة تدريسه بها قريباً من ثمان سنين.
ولكن هل كانت بداية ابن القَيِّم مع التدريس بِتَوَلِّيه الصدرية سنة 743هـ، وأنه لم يشتغل بالتدريس قبل هذا التاريخ؟
الظاهر - والله أعلم - أنه بدأ التدريس قبل ذلك؛ إذ يبعدُ أن يبقى مثل ابن القَيِّم إلى ما بعد الخمسين من عمره دون أن يمارس وظيفة التدريس، التي كان يمارسها من هو دون ابن القَيِّم بكثير، ولعل ما يؤكد صدق ذلك: ما ذكره السخاوي - رحمه الله -: من أن ابن القَيِّم - رحمه الله - قد "دَرَّسَ بأماكن . ولكنه لم يحدد هذه الأماكن.
وعلى كل حال، فإنَّ هذا ما وصل إلى علمنا من الأماكن التي درَّس فيها وتاريخ ذلك.


2- الإمَامَةُ:
إن وظيفة الإمامة لا يصلح لها كل أحد، بل لا بد أن يكون المتصدي لها عارفاً بالقراءة وأحكامها، مع أمور أخرى - في دينه وخُلُقِهِ - لابد من توافرها.
ولقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - "حَسَن القراءة" كما وصفه بذلك ابن كثير، مع ما كان عليه: من القراءة بالتدبر والتفكر، والعلم بمعاني ما يقرأ، والخشوع والخضوع والتذلل والإنابة لله - عزوجل - على النحو الذي مضى وصفه.
كل ذلك يجعل ابن القَيِّم مؤهلاً غاية التأهل لشغل منصب الإمامة، بل إن ذلك يجعله من أحق الناس بها.
وقد كان ابن القَيِّم -رحمه الله- متولياً إمامة المدرسة "الجوزية" - التي كان أبوه قَيِّمَهَا - كما ذكر ذلك عنه جماعة.

ويبدو أنه - رحمه الله - كان مشهوراً بذلك جداً، حتى إن بعض مترجميه يذكرونه بذلك في مقام التعريف به، فيقول الذهبي رحمه الله:"... أبو عبد الله، الدمشقي، إمام الجوزية . ويقول ابن كثير رحمه الله: "... إمام الجوزية، وابن قَيِّمها .
ولا تُعْرَفُ مُدَّةُ إمامته بـ "الجوزية"، إلا أن ابن رجب - رحمه الله - يقول: "أمَّ بالجوزية مدة طويلة .


3- الْخَطَابَةُ:
وإلى جانب التدريس والإمامة، فقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - مشتغلاً بالخطابة، فقد ذكر الحافظ ابن كثير في أحداث سنة 736هـ: أنه "في سَلْخِ رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشأه نجم الدين بن خليخان، تجاه باب كيسان من القبلة، وخطب فيه الشيخ الإمام العلامة شمس الدين ابن قَيِّم الجوزية .
ونقل النعيمي كلام ابن كثير هذا، ثم قال: "ورأيت بخط البرزالي في السنة المذكورة نحو ذلك، وزاد - يعني البرزالي -: وكان قد نودي ويعرف بالجامع "الخليخاني"، نسبة إلى بانيه، وباب كيسان: نقل ابن بدران عن ابن عساكر قوله: "ينسب إلى كيسان بن معاوية... وهو الآن مسدود". قال ابن بدران: "ولم يزل مسدوداً إلى عهدنا هذا". (منادمة الأطلال: ص 40).
أما عن الجامع، فيقول ابن بدران: "وقد أُدْخِل اليوم في بستان له، يقال له: بستان الأمير، ولم يبق من آثاره اليوم إلا بعض منارته، وقبرٌ إلى جانبها، وقد شاهدته... بدمشق سنة 1333هـ". (منادمة الأطلال: ص376).
في البلد لذلك، فحضر خَلْقٌ كثير من الأعيان وغيرهم .
وابن القَيِّم - رحمه الله - هو أول من خطب بهذا الجامع، كما هو ظاهر كلام ابن كثير الماضي، ونصَّ على ذلك ابن بدران، فقال: "وأول من خطب به: الإمام ابن القَيِّم . وذلك في سنة 736هـ تاريخ إقامة الجمعة في هذا الجامع.
ولا يمتنع - أيضاً - أن يكون ابن القَيِّم قد عَمِلَ بالخطابة قبل هذا التاريخ، والله أعلم.


4- الإِفْتَاءُ:
لا شكَّ أنَّ من كان مثل ابن القَيِّم: في سِعَةِ علمه، وعلوِّ شأنه في هذا العلم، وتَمَكُّنِه منه، وذيوعُ صِيته، مع الدِّيَانة والصِّيَانة؛ فإنه لابُدَّ أن يكون مقصوداً بالفتوى، وينتفعُ بِعِلْمِهِ القريبُ والبعيدُ.
فإذا انضمَّ إلى ذلك ما عَلِمْنَاه عن ابن القَيِّم من: رغبة قوية في نشر العلم وتبليغه، والصَّدْعِ بالحق وبيانه، والأخذ بيد الجاهل ليعلم أحكام دينه؛ فإن الانتصاب والتصدي للفتوى سيكون متأكَّداً فيه أكثر من غيره.
ولقد وصَفَ غير واحد من الأئمة ابن القَيِّم بأنه كان مشتغلاً بالفتوى، فقال الذهبي: "الإمام، المفتي، الْمُتَفَنِّن .
وقال الحسيني: "أفتى، ودرَّس... .
وقال ابن رجب: "تفقه في المذهب، وبرع، وأفتى .
وقال ابن تَغْرِي بَرْدي: "تصدى للإقراء والإفتاء سنين، وانتفع به الناس قاطبة .
ولقد كان - رحمه الله - فيما يُفتي به: صادعاً بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائمٍ، وقد تقدم ما جرى له من محنٍ وحبس بسبب بعض فتاويه، فرحمه الله وأجزل مثوبته.
كما كان رحمه الله - إلى جانب قيامه بأعباء الفتوى - كثيراً ما يعقد مناظرات بينه وبين خصوم السنة، وأعداء الإسلام - الذين كانوا كثيرين في عصره - فكان له معهم صَولاتٌ وجولاتٌ.
ولا شك أن الحاجة تدعو إلى مثل هذه المناظرات: لكبت المعاندين، ورد الخارجين إلى حظيرة أهل السنة، فإن ذلك: "يشبه الجهاد وقتال الكفار"، كما يقول ابن القَيِّم رحمه الله.
وقد ذكر غير واحد من مترجميه قيامه بمثل هذه المناظرات.
ومن المناظرات التي أشار إليها في كتبه: ما تقدم قريباً عند الكلام على رحلاته إلى مصر، وما جرى له من مناظرة مع رئيس اليهود هناك.
ولقد كان ابن القَيِّم - بما آتاه الله من قوة الحجة، ونور البصيرة، وسعة الفهم، وغزارة العلم، مع صدق القصد، والرغبة في نصرة الحق - كثيراً ما يقطع خصمه في المناظرة ويسكته، فنجده - مثلاً - في تلك المناظرة المذكورة يصف هذا الرئيس اليهوديّ، الْمُقَدَّم في قومه، بقوله: "فأمسك ولم يُحِرْ جواباً . أي لم يرد جواباً.


5- التأليف والتصنيف:
أما التأليف والتصنيف: فقد كان له فيه اليد الطولى، والصيت الذائع، والحلاوة الفائقة، والعبارة الرائقة، والفوائد الْجَمَّة، والقبول التام.
ولَمَّا كان جانب التأليف في حياة ابن القَيِّم على درجة كبيرة من الأهمية، فقد رأيت أن أرجئ الكلام عليه إلى حين الكلام على آثاره ومصنفاته؛ فإن محله هناك أنسب.
وبعد، فهذه أبرز أعمال ابن القَيِّم ونشاطاته في خدمة هذا العلم الشريف وتبليغه، وتلك مناصبه التي تقَلَّدها وشغلها في سبيل تحقيق هذا الهدف، فكان - في ذلك كله - نعم القدوة، فجزاه الله خيراً، ورحمه رحمة واسعة.

http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 13:04
http://i27.************/ftdaoo.jpg



أ- المدرسة الظاهرية: بناها الظاهر بيبرس عام ٦٧٠ هـ.


ب- المدرسة الجوزية: بناها محيي الدين بن الشيخ جمال الدين الفرج عبدالرحمن بن الجوزي ، وكان والد ابن القيم - رحمه الله - قيمًا عليها، يتولى إمامة الصلاة بها.


ج- المدرسة الصدرية: أنشأها صدر الدين بن منجا.

إن الحديث عن مؤلفات ابن القَيِّم يمس أهم جانب من جوانب النشاط العلمي في حياة هذا الإمام العالم العلامة، وذلك لما تَمَيَّزَت به مؤلفاتهُ من جوانب كثيرة مشرقة، فقد كان له فيها "من حُسْنِ التَّصَرُّفِ، مع العُذُوبَةِ الزَّائِدَة، وحُسْنِ السِّيَاق، ما لا يَقْدِرُ عليه غَالِبُ الْمُصَنِّفِيْنَ، بحيث تَعْشَقُ الأفهامُ كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتُحِبُّهُ القلوب .
هذا إلى جانب الأهمية البالغة للموضوعات التي تناولها -رحمه الله- في مؤلفاته: من ترقيق للقلوب، ودعوة للعودة إلى صراط الله المستقيم ودينه الخالص، إلى غير ذلك من أهدافه السامية النبيلة التي احتوت عليها كُتُبُه.
ولأجل ذلك كله، كتب الله لمؤلفاته الذُّيُوعَ والانتشارَ، في سائر الأمصار والأقطار، واستمرار ذلك على مدى السنين والأعصار، مع محبة القلوب لها، وعِشْقِها لمطالعتها، بحيث لا ينفر منها إلا مقلد عصبي، أو مُبْتَدِع خُرَافِيٌّ.
ولعل خير ما يدل على مكانة مؤلفاته رحمه الله، ويؤكد أهميتها وانتشارها وكثرتها: تلك الشهادات التي سُجِّلَت بأقلام مترجميه، من معاصريه فمن بعدهم إلى أيامنا هذه، فمن تلك الأقوال:
1- قال أبو المحاسن الدمشقي: "ومصنفاته سائرة مشهورة .
2- وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وله من التصانيف - الكبار والصغار - شيءٌ كثير . وقال عند ترجمته لوالده: "وهو والد العلامة شمس الدين صاحب المصنفات الكثيرة النافعة الكافية .
3- وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: "وصنف تصانيف كثيرة جداً في أنواع العلم .
4- وقال زين الدين عبدالرحمن التفهني الحنفي (ت835هـ) في تقريظه لكتاب (الرد الوافر): "ابن قَيِّم الجوزية الذي سارت تصانيفه في الآفاق .
5- وقال ابن ناصر الدين الدمشقي: "له التصانيفُ الأنيقةُ، والتآليفُ التي في علوم الشريعة والحقيقة .
6- وقال المقريزي: "... وتصانيفه كثيرة .
7- وقال الحافظ ابن حجر: "وكلُّ تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف"7. وقال - أيضاً - في تقريظه لكتاب (الرد الوافر): "صاحب التصانيف النافعة السائرة، التي انتفع بها الموافق والمخالف"8.
8- وقال السخاوي: "... صاحب التصانيف السائرة .
9- ووصف الشوكاني مصنفاته بأنها: "التصانيف الحسنة المقبولة .
10- وقال الشطي: "صاحب التصانيف العديدة المشهورة شرقاً وغرباً، والتآليف المفيدة المقبولة عجماً وعرباً .
11- وقال الشيخ محمد بهجة البيطار: "صاحب الآثار الكثيرة الْمُحَرَّرَة .
تلك بعض أقوال الأئمة في الثناء على مصنفات ابن القَيِّم رحمه الله، والإشادة بها، وبيان عِظَمِ شأنها وكبير فائدتها.


http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 13:11
http://i25.************/2qsxz41.jpg

إن هذه الشهرة التي حققتها مصنفات ابن القَيِّم - بموجب شهادات أهل العلم التي سبق ذكرها- وهذه المكانة المرموقة التي تبوأتها، وهذا الثناء العاطر الذي نَالَتْهُ من الموافق والمخالف على السواء، إن ذلك كله لم يأت عفواً، وإنما كان نتيجة لخصائص وميزات اتسم بها منهجه - رحمه الله - في هذه المؤلفات، وجهدٍ جادٍّ مخلص في سبيل تحبيرها، وعناية فائقة في تحريرها.
ومن هذه الخصائص التي ظهرت لي ولم أقف على من نبّه على الكثير منها:
أولاً: التَّعَدُّدُ والتنوع الموضوعي في مؤلفاته:
لقد سبق الكلام على تضَلُّع ابن القَيِّم - رحمه الله - في فنون عديدة، وإتقانه علوم كثيرة، بحيث يصعبُ على الدارس أن يَحْكَمَ بتفوقه في جانب من العلوم دون بقيتها، فقد شُهِد له بالإمامة في كلِّ فنٍّ من هذه الفنون.
ولعلَّ هذا الشمول الذي تَمَيَّزَ به ابن القَيِّم في معارفه قد ظَهَرَ جَلِيًّا في المنهج التأليفي عنده، ولذلك فقد عَالَجَتْ مؤلفاته فنون متعددة، وعلوم كثيرة: من فقه، وتفسير، وتوحيد، ولغة، وغير ذلك، فلم يكن نشاطُهُ التأليفي قاصراً على فن واحد.
ثم إن هذا التعدد في الموضوعات والفنون عند ابن القَيِّم ربما كان سمة مُمَيَّزَةً للكتاب الواحد من كتبه، فكتاب (زاد المعاد) - على سبيل المثال - يعد موسوعة شاملة لفنون عديدة: من سيرة، وفقه، وحديث، وغير ذلك.
ومع ذلك، فإن الغالب على المصنف الواحد من مصنفات ابن القَيِّم رحمه الله: اتصافه بالوحدة الموضوعية، فنجد كتاب: (الصلاة)، و(الروح)، و(حادي الرواح)، و(الطرق الحكمية)، و( الصواعق المرسلة) وغيرها، نجدها يعالج كل منها موضوعاً واحداً، وقد يَرِدُ في أثناء الكتاب كلام خارجٌ عن الموضوع، فيكون ذلك من باب الاستطراد الذي يقتضيه المقام.
ثانياً: أهميَّةُ الموضوعات التي تَنَاوَلَهَا ابنُ القَيِّم بالتأليفِ، وَعِظَمُ قيمَتِهَا.
وقد كان ذلك نتيجةً حتميةً للأهداف التي نَذَر ابن القَيِّم نفسه لتحقيقها، والأوضاع التي عاش مجاهداً لتصحيح الخاطئ منها، فجاءت مؤلفاته - لأجل هذه الأهمية - لا غنى لطالب الحق عنها، ولا مناص للقلوب السليمة من مَحَبَّتِهَا.
فجاء كتابُهُ: (الصَّواعِقُ الْمُرْسَلة)، وكذا (اجتماع الجيوش الإسلامية) لتفنيد كثير من العقائد المنحرفة والمذاهب الفاسدة، وبيانِ المنهجِ الصحيح الذي كان عليه سلفُ هذه الأمة في باب العقائد.
وجاء كتابه: (حادي الأرواح) واصفاً الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين، مُشَوِّقاً لقارئه إلى السعي بجدٍّ لنيلها، والاجتهاد ليكون من أهلها.
وجاء كتاب: (الوابل الصيب) ليضع منهجاً متكاملاً للذكر والدعاء في حياة المسلم، الذي به حياة القلوب، وراحة النفوس.
وجاء كتابه: (الطُّرقُ الْحُكْمِيَّة) يُمَثِّلُ منهجاً فريداً للقاضي والحاكم فيما ينبغي مراعاته عند الحكم من القرائن والأَمَارَاتِ، وما يتعلق بذلك من الفِرَاسَة المَرْضِيَّة.
وهكذا بقية كتبه ومؤلفاته، ما منها كتابٌ إلا وهو يتناول من الموضوعات الْمُهِمَّة ما يحصل به سعادة العبد في دنياه وأُخْرَاه.
ثالثاً: وجود علاقة وثيقة بين الموضوعات التي تناولها بالتأليف، وبين أوضاع مجتمعه ومشاكل عصره.
فقد عاش ابن القَيِّم - كما مضى بيانه - متأثراً بأحداث عصره ومتيقظاً لواجبه تجاهها، ومن ثَمَّ جاءت أكثر مؤلفاته تعالج تلك المشاكل، وتضع الحلول لكثير من الأدواء الْمُسْتَحْكِمَة في المجتمع.
فلم يكن ابن القَيِّم - رحمه الله - وهو يُصَنِّفُ كُتُبَهُ يعيش بِمَعْزِلٍ عن أوضاع مجتمعه وقضاياه المهمة، مما جعل لكتبه أهمية خاصة بالنسبة لكثير من الناس.
رابعاً: اعتماده في الاستدلال لمسائله وقضاياه على الأدلة النَّقْلِيَّة من الكتاب والسنة.
فقد كان - رحمه الله - مُلْتَزماً ذلك في كل كتاباته، يستدل للمسألة التي يوردها من كتاب الله العزيز، ونصوص الحديث النبوي الصحيح، الذي "لا سبيل إلى مقابلته إلا بالسمع والطاعة، والإذعان والقبول، وليس لنا بعده الخيرة، وكل الخيرة في التسليم له والقول به، ولو خالفه مَنْ بَيْنَ المشرق والمغرب .
وقد مضى ذكر طرف من أقواله في وجوب اتباع نصوص الكتاب والسنة، والتحاكم إليهما دون ما سواهما.
خامساً: الاعتماد في الاستدلال على العقل الصريح إلى جانب النقل الصحيح.
فمع اعتماده - رحمه الله - في المقام الأول على نصوص الكتاب والسنة، فإنه لم ير مانعاً من الاعتماد على العقل الصحيح السوي، فإنه يرى "أن ما عُلِم بصريح العقل الذي لا يختلف فيه العقلاء، لا يُتَصور أن يعارضه الشرع البتة، ولا يأتي بخلافه .
ولذلك فإنه كثيراً ما يؤكد ضرورة الاستدلال بالعقل السويّ إلى جانب النقل، فيقول عند الاستدلال على أن الروح قائمة بذاتها: "ولا يمكن جواب هذه المسألة إلى على أصول أهل السنة، التي تظاهرت عليها أدلة القرآن، والسنة، والآثار، والاعتبار، والعقل .
وقال جواباً عن شُبَه القائلين بنفي الحكمة والتعليل: "الجواب الثاني عشر: أن يقال: العقل الصريح يقضي بأن من لا حِكْمَةَ لفعله، ولا غاية يَقْصِدُهَا به أَوْلَى بالنقصِ... .

سادساً: التَّدَرُّجَ في سِيَاقِ الأدلَّةِ النقلية، وتَرْتِيبُهَا حَسْبَ مَكَانَتِهَا وَأَهَمِّيَتِهَا:
فنجده - رحمه الله - في كثير من كتبه: يبدأ في الاستدلال للمسألة بسياق نصوص القرآن، ثم يُتْبِعها بنصوص السنة، ثم أقوال الصحابة، وهكذا.
ولعل أبرز مثالٍ على تطبيقه لهذا المنهج هو كتابه: (اجتماع الجيوش الإسلامية) ؛ فقد بناه كله على هذه الطريقة، فأخذ في الاستدلال على استواء الله سبحانه:
- بنصوص القرآن أولاً.
- ثم بالأحاديث الصحيحة الثابتة.
- ثم بأقوال الصحابة رضوان الله عليهم.
- ثم بأقوال التابعين.
- ثم بأقوال أتباع التابعين، إلى الأئمة الأربعة فمن بعدهم.
سابعاً: التَّحَرُّرُ في تَآلِيفِهِ مِن التَّبَعِيَّةِ لِمَذْهَبٍ أو رأيٍ مُعَيَّنٍ يخالفُ الكتاب والسنة.
ولعلَّ فيما تقدم من كلام على شدة تمسكه بالدليل، والدعوة إلى الاحتكام إليه دون غيره ما يؤكد هذا المعنى.
فابن القَيِّم وإن دَرَسَ المذهب الحنبلي وبَرَعَ فيه، إلا أنه لم يكن بالذي يَتَقَيَّدُ بمذهب إمامه على حساب الدليل، كيف وقد كان حَرْبَاً على التقليد والتعصب المذهبي؟
وقد أحسن الإمام الشوكاني - رحمه الله - وصفه بقوله: "وليس له على غير الدليل مُعَوَّلٌ في الغالب، وقد يميل نادراً إلى مذهب الذي نشأ عليه، ولكنه لا يَتَجَاسَر على الدفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة، كما يفعله غيره من الْمُتَمَذْهِبِيْنَ، بل لا بد له من مستند في ذلك، وغالب أبحاثه الإنصاف، والميل مع الدليل حيث مال، وعدم التعويل على القيل والقال .
ولقد حَذَّرَ هو - رحمه الله - من خطورة الفتوى وفق مذهب يعلم المفتي أن دليل غيره أرجح من مذهبه الذي أفتى به، وَعَدَّ ذلك خيانة لله ورسوله، وغِشَّاً في الدين، فقال - رحمه الله - عند ذكره فوائد وإرشادات للمفتين: "ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله سبحانه: أن يُفتي السائل بمذهبه الذي يُقَلِّدُه، وهو يعلم أن مذهب غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصح دليلاً... فيكون خائناً لله ورسوله وللسائل، وغاشاً له".
ثم يؤكد - رحمه الله - هذا المعنى مبيناً التزامه ذلك في نفسه، فيقول: "وكثيراً ما تَرِدُ المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده، فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول: هذا هو الصواب، وهو أولى أن يُؤْخَذَ به .
ومن تَصَفَّحَ كتب ابن القَيِّم وَجَدَ له جملةً من الاختيارات على غير مذهب الحنابلة، ومناقشته له في بعض القضايا، مُرَجِّحَاً غيره عليه بالدليل.
ثامناً: طولُ النَّفَسِ فيما يكتب، والتَّوَسُّعُ في استقصاء جوانب البحث واستيفاء مقاصده.
وهذه السِّمَة من أهمِّ ما يلفت النظر ويسترعي الانتباه في مؤلفات ابن القَيِّم، وذلك من تمام نصحه، وكمال حرصه على تبليغ الخير ما استطاع، فَيُبَالِغُ في البسط والبيان، وهو دالٌّ في الوقت نفسه على ما تقدم بيانه: من طول باعه في العلم، ورسوخ قدمه فيه، وعمق معرفته، وصبره في سبيل إيصال الفكرة، وتثبيت الحجة، وإقرار الصواب والحق.
ويُصَوِّرُ الحافظ ابن حجر هذه الميزة في مؤلفات ابن القَيِّم، فيقول: "وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف، وهو طويل النفس فيها، يَتَعَانَى الإيضاح جُهْدَهُ، ويسهب جداً .
وقال الإمام الشوكاني واصفاً ذلك: "وإذا استوعب الكلام في بحثٍ وَطَوَّلَ ذُيَولهُ أتى بما لم يأت به غيره .
ولنذكر مثالاً على ذلك: عند سياقه - رحمه الله - حَجَّة النبي صلى الله عليه وسلم، تكلم على صفة إحرامه صلى الله عليه وسلم، واختار القول بأنه صلى الله عليه وسلم أحرم قارناً، وأخذ في تقرير ذلك، وسياق الأدلة عليه، والرد على المخالفين وتفنيد حججهم، فاستغرق ذلك أربعين صفحة، ثم قال: "ولنرجع إلى سياق حجته صلى الله عليه وسلم... .
ولا أجدني محتاجاً إلى إيراد المزيد من الأمثلة في هذا الصدد؛ فإن ذلك كثير في مؤلفاته رحمه الله لا يكاد ينحصر.
تاسعاً: حُسْنُ الترتيبِ والتبويبِ والعَرْضِ للمعلومات التي يُضَمِّنُهَا كتبه وتواليفه:
تمتازُ مصنفاتُ ابن القَيِّم - رحمه الله - في الكثير الغالبِ - بحسن الترتيبِ والتقسيمِ للمادة التي تحتويها، الأمر الذي يجعلُ لمؤلفاته جَاذِبِيَّةً خاصةً، يشعر بها القارئ وهو يتنقل من باب إلى باب، ومن فصل إلى فصل.
وليُنظَرْ على سبيل المثال: كتابه (حادي الأرواح)، فقد قسمه إلى سبعين باباً، مرتباً إياها ترتيباً بديعاً، مع الترابط والتجانس بينها، بحيث يُسْلِمُكَ كل باب إلى الذي بعده في تسلسل ممتع، هذا عدا الفصول التي تشتمل عليها بعض الأبواب.
عاشراً: حلاوةُ الأسلوبِ، وجمالُ العبارةِ، وعذوبةُ الْمَنْطِقِ، وحسنُ البيان.
وهذه ميزة أخرى تُزَيِّن مؤلفات ابن القَيِّم، فتُبْهرُ العقول، وتأخذ بمجامع القلوب. ولعل ذلك هو ما عبَّر عنه الشوكاني - رحمه الله - بقوله: "وله من حسن التصرفِ، مع العذوبةِ الزائدة، وحسن السياق، ما لا يقدر عليه غالبُ الْمُصنِّفِين، بحيث تعشق الأفهام كلامه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب
وهذا الجمال الأخَّاذُ، وتلك العذوبة الزائدة إذا اجتمع إليهما: عُمْقُ الفكرة، ونبلُ الهدف، وصدق الرغبة في إيصال الخير للخلق، عُرِفَ سر هذا الْحُبِّ الْمُتَمَكِّنِ من القلوب لمؤلفاته رحمه الله.
حادي عشر: الاعتماد كثيراً على الأحداث والوقائع التاريخية، مع قوة الاستحضار لها، وبراعة الاستشهاد بها.
فلم يكن ابن القَيِّم - وهو يكتب - بمعزل عن وقائع التاريخ الإسلامي وأحداثه، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومَنْ بَعْدَهُم، بل كان يستحضر من ذلك الشيء الكثير، ويحشد منها القدر الكبير، تأييداً لفكرة، أو تأكيداً لمعنى يريد تقريره.


http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 13:13
تكلم مرة عن الشجاعة، والفرق بينها وبين القوة، وأن الشجاعة: ثبات القلب عند النوازل، وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان أشجع الأمة - بهذا المفهوم - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال - رحمه الله - في بيان ذلك: "ولو لم يكن إلا ثباتُ قَلْبِهِ يومَ الغار وليلتِهِ، وثباتُ قلبه يوم بدر وهو يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله كَفَاكَ مُنَاشَدَتُك ربك، فإنه منجز لك ما وَعَدَك، وثباتُ قلبه يوم أحد وقد صَرَخَ الشيطان في الناس بأن محمداً قد قُتِلَ... وثبات قلبه يوم الحديبية وقد قَلِقَ فارس الإسلام عمر بن الخطاب حتى إن الصديق لَيُثَبِّتُهُ، وَيُسَكِّنُهُ، وَيُطَيِّبُهُ،وثبات قلبه يوم حنين حين فرَّ الناس وهو لم يفر، وثبات قلبه حين النازلة التي اهتزت لها الدنيا أجمع، وكادت تزلزل لها الجبال، وعقرت لها أقدام الأبطال... وخرج الناس بها من دين الله أفواجاً... وطمع عدو الله أن يعيد الناس إلى عبادة الأصنام... فَشَمَّرَ الصديق رضي الله عنه من جده عن ساق غير خَوَّار... فَثَبَّتَ الله بذلك القلب - الذي لو وُزِنَ بِقُلوب الأمة لرجحها - جيوش الإسلام، وَأَذَلَّ بها المنافقين والمرتدين .
والأمثلة على استشهاده بالوقائع والحوادث الماضية - بهذا التسلسل الشيق، والعرض الممتع - كثيرة جداً بين ثنايا كتبه.
ثاني عشر: الاستعانةُ بالتجاربِ الخاصَّةِ، والخبرةِ الشخصية في دَعْمِ أَفْكَارِهِ، وتأييدِ آرائِهِ.
فقد كان ابن القَيِّم - رحمه الله - كثيراً ما يُسَجِّلُ تجاربه الخاصة وخبرته الشخصية في أثناء كتاباته، وذلك تأييداً لفكرة ما، وزيادة في إيضاحها، وتوفيراً لأكبر قَدْرٍ من اليقين لناظِرِهَا ومُطَالِعِهَا.
يقول - رحمه الله - عند كلامه على تَمَكُّنِ الأرواح الشيطانية من الأجسام في حالات معينة، وأنها تُدفَع بالأذكار، والأدعية، والابتهال الذي يستجلب من الأرواح الْمَلَكِيَّةِ مَا تَقْهَرُ به هذه الأرواح الخبيثة، قال: "وقد جَرَّبْنا نحن وغيرنا هذا مراراً لا يحصيها إلا الله، ورأينا لاستنزال هذه الأرواح الطيبة واستجلاب قُرْبِهَا تأثيراً عظيماً... .
وقال عند كلامه على الاستشفاء بماء زمزم: "وقد جَرَّبْتُ أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمرض، فبرأتُ بإذن الله .
ثالث عشر: التَّواضُعُ الجَمُّ، وهضمُ الذَّاتِ، وإسنادُ ما يُفْتَحُ به عليه من فوائد إلى فضلِ الله وتوفيقه وتأييده.
وقد مضى ذكر شيء من الأمثلة لذلك عند الكلام على أخلاقه، ويُلاحِظُ ذلك كل من يطالع كتبه.
رابع عشر: تَحَرِّي الدِّقَّةِ في النقل عن الآخرين، وبخاصة ما كان من ذلك مشافهة.
فنجده - رحمه الله - يحرص على توثيق هذا النقل بما لا يدع في نفس القارئ أدنى شك في صدق ناقله.
فيقول مرة: "ولقد أخبر بعض الصادقين... . وقال في مناسبة أخرى: "وحدثني صاحبنا أبو عبدالله محمد بن مساب السلاهي - وكان من خيار عبادالله، وكان يَتَحَرَّى الصدق - قال... .

خامس عشر: الحرصُ على تحرِيرِ القول في المسائلِ المختلف فيها، وبيان الراجحِ من ذلك.
فقد جرت عادة ابن القَيِّم - رحمه الله - في أكثر مؤلفاته: أن يَعْرِضَ آراءَ كلِّ فريقٍ في المسائل الْمُخْتَلفِ فيها، مع ذكر أدلة كل فريق، وتحليل ذلك كله ومناقشته، وبيان الراجح من المرجوح، والصواب من الخطأ. ويكون ترجيحه - رحمه الله - لما تدعمه الأدلة، وتؤيده البراهين.
يقول - رحمه الله - في مسألة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف تكون كالصلاة على إبراهيم عليه السلام، مع أن محمداً صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم؟ قال: "ونحن نذكر ما قاله الناس في هذا، وما فيه من صحيح وفاسد .
ويقول في مسألة الهوي إلى السجود - بعد أن ذكر أقوال الفريقين وأدلتهم -: "والراجح البداءة بالركبتين لوجوه... .
والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.
سادس عشر: التَّلَطُّفُ مع الْخَصْمِ، والحرصُ على إيصالِ الخير إليه، وحصولُ الهدايةِ والانتفاعِ له.
فقد عُلِمَ كثرة الخصوم ابن القَيِّم - رحمه الله - من أعداء السنة، والحاقدين على أهلها، ومع ذلك فإن ابن القَيِّم كان حريصاً في كتاباته على الأخذ بيد الضال منهم، وإرشاده إلى الطريق القويم والصراط المستقيم.
ويَوَضِّحُ - رحمه الله - هذا الحرص في مقدمة كتابه (شفاء العليل) فيقول: "فيا أيها المتأمل له، الواقف عليه: لك غُنْمُه وعلى مؤلفه غُرْمُه، ولك فائدته، وعليه عائدته، فلا تَعْجَل بإنكارِ ما لم يَتَقَدَّم لك أسبابُ معرفَتِهِ، ولا يَحْمِلَنَّكَ شنآنُ مؤلِفِهِ وأصحابه على أن تُحْرَمَ ما فيه من الفوائد التي لعلك لا تَظْفَرُ بها في كتاب، ولعلَّ أكبر من تُعَظِّمُهُ ماتوا بحسرتها، ولم يصلوا إلى معرفتها".
فانظر إلى حرصه - رحمه الله - على إيصال نور الهداية إلى مَبْغِضِه وإلى كل من لعله في نفسه شيء عليه.
ومن هذا أيضاً: ما تَقَدَّمَت الإشارة إليه من مناظراته لبعض أهل الكتاب، وما كان من دعوتهم في آخر هذه المناظرات إلى الدخول في الإسلام، دين الهداية والرشاد.
سابع عشر: دِقَّتُهُ - رحمه الله - في اختيار الأسماء والعناوين لكتبه، ومراعاة التطابق بين الاسم والمضمون.
وهذا يلاحظه كل من نظر كتبه وتأملها، وطابق بين اسمها وما بداخلها، مع تَفَنُّنِهِ - رحمه الله - في اقتناء هذه الأسماء: قوةً ورقةً، ترهيباً وترغيباً إلى غير ذلك.
فنجده يختار اسماً رقيقاً جميلاً عندما يريد الكلامَ عن الجنة ونعيمها، والترغيب فيها، وإثارة الشوق إليها، وشحذ الهمم للاستعداد لها، فيقول: (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح).
وقد نصَّ - رحمه الله - على مطابقة اسمه لمضمونه، فقال في مقدمته: "وسميته: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، فإنه اسم يطابق مُسَمَّاه، ولفظٌ وافق معناه . وقريب من ذلك: (روضة المحبين).
بينما نجد لَهْجَتَهُ تشتدُّ - وقد أعلنَ الحربَ على أتباع الفلاسِفَةِ والْمُتَكَلِّمِينَ، من أهلِ التأويل والتعطيل - فيختارُ لذلك عنواناً قوياً مُدَوِّيَاً، يُوحي بتوجيه ضربات موجعة إلى أعداء عقيدة السلف، فيقول: (الصَّواعِقُ الْمُرْسَلَة على الْجَهْمِيَّةِ والْمُعَطِّلَةِ)، ويقول أيضاً: (اجتماعُ الجيوش الإسلامية على غزوِ المعطلة والجهمية).
وهكذا نجد هذا التناسب بين الاسم والْمُسَمَّى هو الغالب على سائر كتبه، مع الجمال والبلاغة في غالب هذه الأسماء.
ثامن عشر: وقوعُ التِّكْرار في مؤلفاته.
يلاحظ الناظر في كتب ابن القَيِّم - رحمه الله - تكرار الكلام على الموضوع الواحد في أكثر من كتاب من كتبه، وقد يكون تكرار ذلك بلفظه وحروفه، وقد يكون بالمعنى دون الاتفاق في اللفظ والعبارة.
وستأتي عند دراسة الأحاديث التي تكلم عليها ابن القَيِّم - رحمه الله - أمثلة لذلك، فكان يُكَرِّرُ الكلام على الحديث في مناسبات عديدة، وكذا كان شأنه في كثير من القضايا الفقهية، والتفسيرية وغير ذلك.
يقول الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله: "انتقد بعض الكاتبين ظاهرة التكرار في مؤلفات ابن القَيِّم رحمه الله تعالى... ولكن عند الفحص الدقيق والنظر العميق يتبين للناظر أن هذا ليس من مواضع النقد ولا من مواطن العتب، بل هي ميزة هامة وظاهرة محمودة .
ثم ذكر - حفظه الله - قضية التكرار في الكتاب والسنة ومؤلفات سلف الأمة، وَحِكَمَ ذَلِكَ وَأَسْرَارَهُ وفوائِدَهُ.
وابن القَيِّم - رحمه الله - يلجأ للتكرار لأسباب عديدة وفوائد كثيرة، وعلى رأس هذه الأسباب وتلك الفوائد ما يلي:
1- خطورة الموضوع الذي يتناوله ابن القَيِّم، وأهميته البالغة، فتجده يكرر الكلام فيه كلما وجد لذلك مناسبة، ومن أمثلة القضايا التي كرر الكلام فيها لشعوره بأهميتها وعظيم خطرها:
- قضية تحريم سماع الغناء وأضرار هذا المرض الشيطاني.
- قضية الطلاق الثلاث بلفظ واحد.
- الحِيَل وأحكامها، وبيان الِمُحَرَّم منها.
إلى غير ذلك من القضايا التي كررها لأهميتها، وشدة الحاجة إليها.
2- وقد يقع التكرار منه استطراداً لفائدة عارضة؛ فقد كان الاستطراد من عادته رحمه الله، فَرُبَّمَا دَخَلَ في موضوع آخر غير موضوع البحث وتوسَّعَ في الكلام عليه جوداً منه بالعلم، وحرصاً على عدم تضييع الفائدة على القارئ والمتعلم.
3- وقد تدعوه الحاجة إلى ذكر موضوع كان قد ذكره في موضع آخر، فيُكَرِّرُهُ على سبيل الاختصار لِمَا أَفَاضَ فيه في ذلك الموضع، فنجده مرة يقول في كتابه (بدائع الفوائد) في مبحث له في الحب: "ولنقطع الكلام في هذه المسألة، فمن لم يشبع من هذه الكلمات، ففي كتاب (التحفة الْمَكِّيَّة) أضعاف ذلك".
ويقول - أيضاً - عند كلامه على الكيمياء في كتابه (مفتاح دار السعادة): "وقد ذَكَرْنَا بُطْلانَهَا وبيان فسادها من أربعين وجهاً في رسالة مفردة".
تلك أبرز العوامل التي قد تَحْمِلُه - رحمه الله - على التكرار لبعض الفوائد والمباحث، ولا شكَّ أن في ذلك التكرار - بهذه الصفة -
فوائد عديدة، أهمها: أن من لم يقف على ذلك البحث الْمُكَرَّرِ في كتاب لابن القَيِّم، فإنه لا يَفُوتُهُ في غيره من الكتب التي تكرر فيها.
وبعد، فهذه أبرز الخصائص وأهم السمات التي تميز بها أسلوب ابن القَيِّم - رحمه الله - ومنهجه في البحث والتأليف.


http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 13:15
http://i31.************/1437li.jpg


صنف ابن قيم الجوزية - رحمه الله- تصانيف كثيرة جدًا في أنواع العلوم، وكان شديد المحبة للعلم، قال ابن كثير - رحمه الله- "... وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير، وكتب بخطه الحسن شيئًا كثيرًا، واقتنى من الكتب مالا يتهيأ لغيره...".
وقد تتبع الشيخ بكر أبو زيد أسماء مؤلفات ابن قيم الجوزية - رحمه الله- من ثنايا كتبه ومن غيرها، فبلغت ( ٩٨ كتابًا)، ووضع لها ثبتًا ذكر فيه أسماءها وعرف بها.وسأكتفي بذكر ما وصلنا من مؤلفاته المطبوعة - رحمه الله- وهي كما يلي :
- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية .
- أحكام أهل الذمة .
- أسماء مؤلفات ابن تيمية .
- إعلام الموقعين عن رب العالمين .
- إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان .
- بدائع الفوائد .
- بطلان الكيمياء من أربعين وجهًا .
- التبيان في أقسام القرآن، ومنهم من ذكره باسم أقسام القرآن.
- تحفة المودود بأحكام المولود .
- تهذيب مختصر سنن أبي داود .
- جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام .
- جواب في صيغ الحمد .
- الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي .
- حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح .
- حكم تارك الصلاة .
- الرسالة التبوكية، وطبعت بعنوان تحفة الأحباب في تفسير قوله تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) كما طبعت بعنوان: زاد المهاجر إلى ربه .
- رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه.
- الروح .
- زاد المعاد في هدي خير العباد .
- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل .
- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة .
- طريق الهجرتين وباب السعادتين .
- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية.
- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين .
- الفوائد .
- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية .
- الكلام في مسألة السماع .
- الكلم الطيب والعمل الصالح، طبع باسم (الوابل الطيب من الكلم الطيب).
- مدارج السالكين بين منازل (إياك نعبد وإياك نستعين) .
- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة .
- المنار المنيف في الصحيح والضعيف .
- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى .

http://dc10.******.com/i/01537/sm4z5z76gqz5.png

حــارث
11-08-2010, 13:20
http://i28.************/5b93jb.jpg

فابن القيم ليس هو ابن الجوزي وكل منهما من أكابر العلماء، فابن الجوزي هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي نسبة إلى فرضة نهر البصرة، قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية: الشيخ الحافظ الواعظ جمال الدين أبو الفرج المشهور بابن الجوزي القرشي التيمي البغدادي الحنبلي أحد أفراد العلماء برز في علوم كثيرة وانفرد بها عن غيره وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف وكتب بيده نحواً من مائتي مجلدة وتفرد بفن الوعظ الذي لم يسبق إليه ولا يلحق شأوه فيه وفي طريقته وشكله وفي فصاحته وبلاغته وعذوبته وحلاوة ترصيعه ونفوذ وعظه وغوصه على المعاني البديعة وتقريبه الأشياء الغريبة فيما يشاهد من الأمور الحسية بعبارة وجيزة سريعة الفهم والإدراك بحيث يجمع المعاني الكثيرة في الكلمة اليسيرة هذا وله في العلوم كلها اليد الطولى والمشاركات في سائر أنواعها من التفسير والحديث والتاريخ والحساب والنظر في النجوم والطب والفقه وغير ذلك من اللغة والنحو وله من المصنفات في ذلك ما يضيق هذا المكان عن تعدادها وحصر أفرادها منها كتابه في التفسير المشهور بزاد المسير وله تفسير أبسط منه، ولكنه ليس بمشهور وله جامع المسانيد استوعب به غالب مسند أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وله كتاب المنتظم في تواريخ الأمم من العرب والعجم في عشرين مجلداً قد أوردنا في كتابنا هذا كثيراً منه من حوادثه وتراجمه.

http://i32.************/sytox0.jpg

وبعد هذه الحياة الحافلة بالجهاد المتصل لنشر منهج السلف، ومحاربة كثير من الانحرافات التي ابتدعها الخلف، وما لقيه من محن في سبيل ذلك، وبعد أن كَمُلَ له من العمر ستون سنة، توفي هذا الإمام العالم العلامة، وذلك في ليلة الخميس، ثالث عشر من شهر رجب، من سنة إحدى وخمسين وسبعمائة (751هـ) وقت أذان العشاء.
ووقع عند ابن رجب: (ثالث عشرين رجب). ولعله تصحيف طباعي، فتكون كلمة (من) تصحفت إلى (ين)؟ وذلك لاتفاق المصادر على ما قدمناه من أنه كان في ثالث عشر؛ ولأن ابن رجب من تلاميذ ابن القَيِّم المقَرَّبين، فيبعد أن يخفى عليه يوم وفاته.
ووقع في (البدر الطالع) أنه كان في (ثالث شهر رجب)، وهذا خطأ أيضاً.
وقد صُلِّيَ عليه - رحمه الله - من الغد عقب صلاة الظهر بالجامع الأموي، ثم بجامع جَرَّاح.
ولأن ابن القَيِّم - رحمه الله - كان قائماً لله بالحق، صادقاً في النصح للخلق فقد "كانت جنازته حافلة رحمه الله، شهدها القضاة والأعيان والصالحون، من الخاصة والعامة، وتزاحم الناس على حمل نعشه .
فقد "شَيَّعَه - رحمه الله - خلق كثير ، "وكانت جنازته مشهودة ،"وحافلة جداً"7.
نعم لقد كانت جنازته حافلة عامرة، شهدها كثير من الخلق، كما كانت جنازة شيخه رحمه الله، التي لم يتخلف عنها من أهل دمشق سوى ثلاثة نفر، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: "قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز . كانت هذه جنازته - رحمه الله - مع ما كان له في قلوب الكثيرين من العداوات، ومع ما حِيَكَ ضده من المؤامرات.
وَدُفِنَ - رحمه الله - عند والدته بمقابر الباب الصغير.
وقد رُؤِيَتْ له بعد موته "منامات كثيرة حسنة .
وكان هو - رحمه الله - "قد رأى قبل موته بمدة الشيخ تقي الدين - رحمه الله - في النوم، وسأله عن منزلته؟ فأشار إلى علوها فوق بعض الأكابر، ثم قال له: وأنت كدت تلحق بنا، ولكن أنت الآن في طبقة ابن خزيمة رحمه الله .
فَرَحِم الله ابن القَيِّم رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً، وأسكنه فسيح جناته، آمين.

هذا واتمني ان يكوناقتداءنا بابن القيم
سلوكياً ومعرفياً


وبالله التوفيق :)

Mr. Lelouch
11-08-2010, 17:12
حجز

أول رد :)

Hamyuts Meseta
11-08-2010, 20:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيرة راائعة لعالم جليل

استمتعتـ بقرااءة السيرة وماتحويه من معلوماتـ قيمة عن ابن القيم


فابن القيم ليس هو ابن الجوزي وكل منهما من أكابر العلماء

كنتـ أحسبهم شخص واحد


فَرَحِم الله ابن القَيِّم رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام وأهله خيراً، وأسكنه فسيح جناته، آمين.

اللهم آميـــــن

جزاااكـ الله كل خير أخوي على الطرح القيم

في انتظـار جديدكـ

ورمضان كريم

دمتـ موفق

ايلوويز
05-09-2010, 12:39
فقعت عيوني وانا بقرأ
الله يرجعلنا امجانا العريقة من جديد على يد مثل هؤلاء من العلماء الاجلاء

orochimaru5050
05-09-2010, 12:39
إذا لهذا طال غيابك لقد كنت تحضر لهذا الموضوع في الخفاء.

لقد قرأت الجزء الخاص بأسفاره و رحلاته و انوي قراءه الجزء الخاص بمنهجه في الكتابة

شكرا علي المجهود المميز

кα®εzмa
05-09-2010, 17:50
التَّواضُعُ الجَمُّ، وهضمُ الذَّاتِ، وإسنادُ ما يُفْتَحُ به عليه من فوائد إلى فضلِ الله وتوفيقه وتأييده.

لاغرابة في ذلك

فالانسان كالشجرة كلما ازداد من العلم كلما ازداد انحناءً وتواضع

للأمانة أنا من اشد المعجبين بكتابته

وأذكر في مرة من المرات قرأت له جملة أثرت فيّ وبشدة

(( من لم يعذب شيطانه في هذه الدار الدنيا بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته , عذبه شيطانه في الآخره بعذاب النار

فلا بد لكل أحد ان يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه ))

عبارة لو تأمل فيها الانسان جيدآ ... لأعاد حساباته ووقف وقفة صداقة مع نفسه

اعتقد بأن ( ابن القيّم) له نصيب كبير من اسمه :)

مايسترو، ---> موضوع قيّم ..... جُزيتَ خيرآ


+

تقييم

تغير الدنيا عظة
10-09-2010, 21:28
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوعك عن احب العلماء الي
ولم اعلم ان ابن كثير وابن رجب اللذين يعتبران من كبار العلماء هم تلاميذه

كتابته تبحرك سريعا معه وممتعه جدا


"ولو لم يكن للشيخ تقي الدين من المناقب إلا تلميذه الشهير: الشيخ شمس الدين ابن قَيِّم الجوزية، صاحب التصانيف النافعة السائرة، التي انتفع بها الموافق والمخالف، لكان غاية في الدلالة على عظم مَنْزلته.
ما احسن ماقلت
رحمكم الله ابن كثير ,ابن تيميه,ابن القيم

الرد الخامس والسابع في موضوعك بهما المحتوى نفسه


فابن القيم ليس هو ابن الجوزي
كنت اظنهما واحد الى ان قرأت عن ابن القيم انه يقول وقد كتب عنه الشيخ ابن الجوزي فبان عندي الأمر

اذكر من كلامه ان لم تخني الذاكره
معية الله الخاصه (ان الله مع الصابرين )(...و اعلموا ان الله مع المتقين }وغيرها
معية الله الخاصه متعتها والأنس بها اكبر من

كل متعه نزلت على وجه الأرض من لدن آدم عليه السلام الى ان يرث الله الأرض ومن عليها
ان امد الله بعمرك واستمتعت بجميعها


ـ قراءة القرآن بالتدبر والتفكر: فقد كان - رحمه الله - لا يفتر عن ذلك حتى في أوقاته الحرجة، ويصف تلميذه ابن رجب - رحمه الله - حاله في السجن
وقال في الداء والدواء حتى اني لأمرض في مكه ولا اجد الدواء فأسترقي بالقرآن فأجد الأثر العجيب


وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: "قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز . كانت هذه جنازته - رحمه الله - مع ما كان له في قلوب الكثيرين من العداوات، ومع ما حِيَكَ ضده من المؤامرات.
ما احسن ماقاله رحمه الله

حقا عالم يندر وجود مثله في التاريخ

اخي موضوعك عيباه الطول واللون الواحد ^^

جزاك الله خير
ونفع الله بك

وامتعنا بمثل هذه المواضيع اخيه

railn
11-09-2010, 07:09
شكرا على الموضوع ............................................

John hunter
11-09-2010, 10:08
لم أقرأ له سوي كتابين او ثلاثة فقط وأشعر بالحسرة لذلك :ميت:..

والأسوا من ذلك أني لا املك الوقت الكافي للقراءة له في الايام القادمة ..!

إمام لم أر له مثيلا في كلامه وأسلوبه وقوته وحجته رضي الله عنه ..

ڤھـ ٵ ږ ๛
11-09-2010, 10:54
احب هالشيخ احبه احبه احبه

احبه احبه احبه احبه احبه احبه

رحمه الله رحمة واسسسسسسسسسسعه