PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : نداء الأرض الضائعة "صحراء الممالك الأربعة" |[ القصة ]|



KannaSwan
28-06-2010, 17:24
.






السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


[ تنبيه !! ]

هذا الموضوع خاص بعرض فصول القصة فقط !
أي تعليقات أو نقاش بخصوصها ستتم في هذا الموضوع (http://mexat.com/vb/showthread.php?t=775536)
أشكر لكم تعاونكم =)


اللون الرمادي كناية عن تفكير الشخصية مع نفسها
اللون الضبابي كناية عن سطور ذكريات Flashback



.

KannaSwan
28-06-2010, 17:31
+ ||[ الـفـصـل الأول ]|| +



في حديقة ذلك القصر الكبير حطت بومة على غصن الشجرة التي كانت تطل على نافذة لغرفة مظلمة لا يرَ منها سوى ضوء شمعة خافت بجانب رجل منكب على كتاب يتصفحه بتأمل ..
رفع ذلك الرجل رأسه و تنهد مطولاً ثم ارتسمت ابتسامة مترددة على وجهه و قال: أعتقد أن الوقت المناسب قد اقترب ..
ظهر ظل خلفه لرجل آخر يقترب منه قائلاً بصوت هادئ عميق: العنقاء!! .. هل ستكون الأمور على ما يرام!؟
أجابه الرجل الجالس قائلاً: بعد كل هذا الوقت من العمل المضني في سبيل الحفاظ عليها .. لنرجو أن لا يعكر صفو مخططنا حدثٌ ما ..
نهض من مكانه و استدار معطياً ظهره للنافذة التي كانت أمامه, كان الليل المظلم قد أخفى ملامح الرجل الذي قال: غداً .. سننعم برؤية البدر!
رفرفت تلك البومة بجناحيها و طارت عالياً نحو السماء..
من بعيد خلف الأشجار وقف رجل ضخم الجثة مبتسماً بخبث و حدث نفسه .. الآمال العظيمة!! .. ليست الطريق إليها قصيرة .. لكنها .. ستكون يوماً في متناول اليد ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*



سرت قشعريرة في جسد تلك الفتاة التي كانت على وشك دخول منزلها فالتفتت خلفها لتفقد الهدوء الغريب الذي خيم على الحي ليلاً .. فالشوارع كانت خالية من المارة و البيوت بأنوارها الخافتة تضفي جواً من السكينة ..
رفعت "نيرا" رأسها إلى السماء و حاولت إمعان النظر كي تتمكن من مشاهدة النجوم لكن دون جدوى إذ أن الغيوم الكثيفة غطت السماء تماماً .. تنهدت على غير عادتها و شعرت بالطمأنينة و هي تبتسم بهدوء مع نفسها, ثم حولت وجهتها بتردد نحو باب المنزل ..
أمسكت بمقبض الباب و في الوقت الذي همت فيه بفتحه فوجئت بخروج أخيها الأكبر من المنزل الذي صاح مندهشاً: أووه "نيرا"! لقد فاجأتني فعلاً!!
ابتسمت "نيرا" بارتباك و قالت: المعذرة
جاء صوت امرأة عجوز من الداخل: "ماهر" هل عادت "نيرا" ؟
التفت "ماهر" برأسه و قال: أجل يا جدتي!!
جاء صوت آخر من الطابق العلوي لفتاة صغيرة تصيح: أخيراً! "نيرا"
تنهد "ماهر" و قام بإغلاق معطفه و هو يقول: لقد تأخرتِ كثيراً! – نظر إليها بتصيد مصطنع و أحنى ركبتيه للأسفل – أ كنت تدرسين كل ذاك الوقت حقاً ؟
أجابت "نيرا" بهدوء: الامتحانات قريبة جداً .. و أشعر أن الوقت ضيق جداً!
ابتسم "ماهر" لشقيقته بمودة و قال: حسناً إذاً أنا ذاهب الآن .. لم نجد الوقت الكافي للجلوس معاً بسبب هذه الامتحانات .. هل كل شئ على ما يرام معك؟
اومأت "نيرا" برأسها و قالت: لا تقلق!
نفخ "ماهر" في يديه بقوة ليحصل على كمية من الدفء ثم فرك يديه معاً و قال: أراك لاحقاً إذاً ..
عبر "ماهر" من أمام أخته فلوحت "نيرا" له مودعة ثم قالت متداركة: آه "ماهر"! انتظر – التفت "ماهر" نحوها مستفهما فتقدمت نحوه و حلت الوشاح الذي كان يطوق رقبتها و لفته حول رقبة "ماهر" – الجو بارد جداً! تستطيع استعارة وشاحي!
أبعدت "نيرا" يديها فعدل "ماهر" من وضعية الوشاح و ابتسم قائلاً: حسناً.. شكراً لك! – رفع طرف الوشاح لينظر إليه – الحمدلله!! ... وشاحك لا يبدو أنثوياً .. !
ضحكت "نيرا" ثم جاء صوت فتاة صغيرة تنادي من الداخل: "نيرا" !! "نيرا" !!
التفتت "نيرا" نحو المنزل فإذا بأختها الصغيرة "سمر" تمسك بقبضة الباب و تقفز في شوق لعودة أختها: لقد تأخرتِ كثيراً .. شعرت بالوحدة!
ابتسمت "نيرا" و اتجهت نحو "سمر" و هي تقول: آسفة جداً .. لكن "ماهر" كان موجوداً .. أ لم يلعب معك؟
أجابت "سمر" بسرعة: بلى و لكنه كان مملاً!!
صاح "ماهر" و هو يمسك بالبوابة الخارجية: و لن أعاود اللعب مرة ثانية! – لوح مودعاً –
صاحت "سمر": من قال أنني أرغب باللعب معك مرة ثانية!!؟
أمسكت "نيرا" بكتفي "سمر" و قالت: هيا هيا إلى الداخل! .. الجو بارد و أنت لا ترتدين ما يدفئك!
دخلت الفتاتين و أوصدت "نيرا" الباب خلفها ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*



- الحمدلله .. شكراً على العشاء جدتي!
نظرت الجدة إلى "نيرا" و قالت بقلق واضح: لم تنتاولي شيئاً عزيزتي ..
كانت "نيرا" قد نهضت لكنها توقفت عندما حدثتها جدتها فنظرت إلى طبقها الذي لم تتناول منه الكثير ثم قالت: أ .. كلا .. لا أشعر بالجوع كثيراً .. لقد أعطتني صديقتي بعض الكعك عندما كنت في منزلها ..
قطبت الجدة جبينها: كعك!؟ لكنه ليس مغذٍ بما فيه الكفاية! .. عليك أن لا تهملي وجباتك الأساسية .. سأحتفظ بطبقك و تناوليه متى شئتِ
اومأت "نيرا" برأسها مذعنة: حاضر
أدارت "نيرا" ظهرها مغادرة فقالت الجدة: بالمناسبة .. لقد اتصل الطبيب "كامل" كان يود محادثتك!
تسمرت "نيرا" في مكانها عندما ذكرت جدتها الطبيب فتابعت كلامها قائلة: لا عليك .. لست مثل "ماهر" .. أعلم انك تكرهين محادثته .. أخبرته بأن كل شئ على ما يرام !! .. – التفتت "نيرا" نحو جدتها – أ ليس كذلك؟ - ابتسمت جدتها –
ترددت "نيرا" في مكانها و هي تحدق بجدتها ثم اومأت برأسها ببطء و رفعت رأسها مبتسمة: بالتأكيد .. شكراً لك جدتي! .. أريد التركيز على دراستي دون منغصات .. كل شئ أفضل الآن .. تصبحين على خير ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*



أقفلت "نيرا" باب غرفتها و استندت عليه بهدوء .. ثم جالت بنظرها بتردد نحو غرفتها المظلمة كانت تعلم في قرارة نفسها أن كل شئ ليس أفضل من السابق! بل ربما ازداد سوءاً .. لكنها في داخلها سئمت كثرة معاودة الطبيب النفسي "كامل" ..
تقدمت بخطوات هادئة نحو نافذة غرفتها و فتحتها لتدخل نسمة هواء بارد .. ثم أطلت برأسها بهدوء و رفعت نظرها نحو السماء مرة ثانية .. مرت لحظات بسيطة حتى هبت رياح قوية جعلت شعر "نيرا" الأسود يتطاير على وجهها ..
أبعدت "نيرا" شعرها عن وجهها ثم لم تلبث أن شعرت بضوء القمر فرفعت رأسها للسماء مرة ثانية لتجده بازغاً و قد ابتعدت الغيوم عنه .. فاتسعت عيناها و حركت نظرها في السماء و كأنها تبحث عن شئ ما ..
توقفت فجأة بعد أن وجدت ضالتها .. فهاهي ترى أربع نجوم في كبد السماء مضيئة جداً و بشكل ملفت لمشاهدها ..
ظلت تحدق بها مطولاً دون أن يرتد لها طرف .. ثم تنهدت بعمق و أرخت جسدها على حافة النافذة و وضعت رأسها بين ذراعيها بهدوء و تغيرت نظراتها إلى التأمل العميق ..
لا يمكن أن أكون واهمة أبداً .. تلك النجوم .. حقيقة .. نعم .. حقيقة .. و لكن ..... صعبة التقبل ..
و تردد فجأة صوت في داخلها .. كاذبة .. كاذبة .. كاذبة ..
شهقت و رفعت رأسها بسرعة ملتفتتة خلفها بحثاً عن مصدر الصوت .. ثم ببطء حركت نظرها حول غرفتها كاملة .. و دارت في خلدها ذكريات مدرستها الابتدائية ..


[ تسأل المعلمة عن أسماء النجوم فيجيب الأطفال في سعادة نهضت "نيرا" لتسأل معلمتها قائلة: معلمة!! هناك نجوم لا أعرف اسمها و هي تظهر في النهار أيضاً عددها اربعة!!
نظرت المعلمة و التلاميذ إلى "نيرا" بتعجب فقالت المعلمة: عزيزتي ... لا توجد نجوم تظهر في النهار إلا نادراً ..
عارضت "نيرا": لكني أراها يوميا و هي واضحة .. أربع نجوم في اتجاه الشرق ..
- لا يمكن هذا ياعزيزتي .. فالنجوم
تحمست "نيرا" كثيراً فاتجهت نحو النافذة و أشارت للخارج: إنها هنا معلمة تعالي و انظري
ابتسمت المعلمة و اتجهت بناءاً على طلب "نيرا" فنظرت ثم سألت: حسناً أين هي؟؟
أشارت "نيرا" في سعادة: انظري .. إنــ .. ـهــ .. ــا !! – ثم سكتت فلم تعد تراها –
- لا بأس ياعزيزتي ربما كنت قد أخطأت .. – أدرات المعلمة ظهرها فصاحت "نيرا" –
- آنسة .. هاهي .. انظري
تنهدت المعلمة ونظرت لكن دون جدوى .. ]
لم أخطئ ! .. كنت على حق! .. لكني لم اعد افهم أين كانت الحقيقة! .. شيئاً فشيئاً .. وجدت نفسي انزوي بوحدة .. بعيداً عن الأصدقاء .. ثم ... عندما أصبح عقلي يعي أكثر .. اتجهت إلى البحث عن الحقيقة .. ما كانت تلك النجوم التي أراها مضيئة كل يوم و ليلة!؟ .. لم اجد الاجابة عند أحدهم! .. حتى في الكتب و مواقع الشبكة العنكبوتية .. لم اجد حلاً .. لم اجد تفسيراً .. هل عندما بحثت عن الإجابة كنت ابحث عنها لمعرفة اجابة على تساؤلاتي؟! .. أم لأني ... ؟! ..
أيتها الكاذبة! .. مخادعة! .. كاذبة .. كاذبة! ..
هكذا! .. فمن بعد ذلك اليوم .. من بعد ذاك اليوم!
من بعد ذاك اليوم بدأ من حول "نيرا" بمضايقتها و وصفها بالكاذبة !!
نهاية الذكريات ..
انهمرت دموع "نيرا" ثم تلوح في ذاكرتها صورة ضبابية لجدتها و هي تمسك بكلتا كتفيها قائلة و هي تهمس في أذن "نيرا" : "نيرا" عزيزتي .. هذا السيد يدعى "كامل" يود التعرف عليك .. هل تقبلين أن يسألك و يحادثك عن بعض أمورك؟
نظرت "نيرا" إلى ذلك الرجل الذي خطت التجاعيد وجهه بفعل تقدم العمر و الذي كانت تميزه ابتسامة دافئة فارتاحت لأمره .. كان في بادئ الأمر يتحدث معها حول أمور مختلفة .. لكن لم تلبث بعد عدة مقابلات أن اكتشفت أنه ليس سوى طبيب نفسي .. فجدتها و شقيقها "ماهر" كانا قلقين جداً حول وضعها و تشبثها بفكرة وجود نجوم وهمية !!
درست "نيرا" النجوم بعمق نوعاً ما بمساعدة الطبيب "كامل" الذي حاول إقناعها بالتدريس أنه لا وجود لما تتوهم .. لكنها لم تعد تقبل أي آراء تخصه بعد اكتشافها أنه طبيب .. و إنما أظهرت التقبل كي تتخلص منه بأسرع وقت .. و ذلك ما حصل! لكن حدس الطبيب لم يتعطل فهاهو يتصل بها من وقت لآخر للاطمئنان عليها!
تغلق "نيرا" نافذة غرفتها و تلقي بجسدها على السرير ثم تبتسم بسخرية مع نفسها
لم تلبث أن مرت لحظات حتى استسلمت للنوم متجاهلة أنها لم تبدل ملابسها بعد ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*



في منتصف الليل فتحت "نيرا" عينيها على صوت ناعم كان يدندن لحناً غريباً .. لم تستوعب الأمر بداية فنهضت من مكانها ببطء و هي تحدق بالنور الذي أضاء فجأة في زاوية غرفتها ..
أمالت رأسها للأمام و رفعت يدها على جبينها مبعدة شعرها المبعثر ثم أعادت نظرها إلى زاوية الغرفة و حدقت بنظرات نعسة .. فقد اعتادت هذا الوضع لما يزيد عن شهر تقريباً لكنها لم تعترف لأحد بذلك .. فإصرارها على استمرار حياتها طبيعية كان أقوى من أن تؤثر بها تلك الظواهر ! فمن كان ليصدق فتاة مثلها أنها تسمع صوت امرأة تدندن ليلاً بالإضافة إلى ذلك النور الأحمر الغريب الذي لم تعرف ماهيته !!
في بداية الأمر ظنت أنها تتوهم أو أن سمعها كان يخونها ليلاً بسبب بعض الضوضاء التي قد تصدر ممن حولها من الجيران .. لكن الوضع استمر حتى أدركت أن ما تراه حقيقة واقعة و ظاهرة لا تفسير لها ..
نهضت من سريرها بتثاقل و رفعت غطائها و أسندت وسادتها ثم جلست مستندة على السرير و غطت نفسها بلحافها و ظلت تحدق بالنور و هي تنصت إلى تلك الدندنة الهادئة ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
28-06-2010, 17:44
*~*~*~*~*~*~*~*~*


- صباح الخير !
التفتت الجدة نحو حفيدتها "نيرا" و قالت: أوه "نيرا" أنتِ متأخرة!
أجابت "نيرا" و هي تجلس على طاولة الافطار: لا بأس سأتمكن من الوصول في الوقت المناسب!
- لكن عليك أن توصلي "سمر" إلى مدرستها في طريقك ..
- حالاً ...
تناولت إفطارها على عجل و نهضت من مكانها سريعاً: "سمر" هيا بنا ... !
جاء صوت "سمر" من الأعلى: حاضر ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


- "نيرا" .... الانسان يتنفس الهواء بالرئتين ؟!
- أجل عزيزتي هذا صحيح ..
- و الأسماك لا تتنفس الهواء لكنها تملك خياشيم ؟!
- نعم .. فهي تتنفس الهواء المذاب في الماء .. انتبهي الإشارة حمراء ...
وقفت الفتاتان في مكانهما فسألت "سمر": لكن المعلمة قالت بالأمس أن الدلافين تتنفس الهواء!!
أحنت "نيرا" رأسها نحو شقيقتها: نعم .. الدلافين و الحيتان تتنفس الهواء .. لأن كليهما يملك رئة ...
"سمر" معترضة: لكنها أسماك !! كيف تعيش هكذا !!!
"نيرا": أ لا ترين الحوت و هو يخرج إلى سطح الماء كيف ينفث الهواء من الفوهة الموجودة فوق رأسها؟ - اومأت "سمر" برأسها – عندما يصعد الحوت إلى سطح الماء يتنفس الهواء ثم يعاود الغوص ثانية لفترة طويلة .. و هكذا
قالت "سمر": و الدلافين أيضاً هكذا صحيح؟ .. – لم تجب "نيرا" – أ ليس كذلك !؟! – رفعت "سمر" رأسها نحو شقيقتها – "نيرا" ؟
كانت "نيرا" تحدق بالجانب الآخر من الشارع دون حراك فهزت "سمر" يدها قائلة: هي!! "نيرا" ماذا هناك !!؟
التفتت "نيرا" فجأة نحو شقيقتها و علامات الصدمة تعلو وجهها: "سمر" ؟! .. آآ .. آسفة لم انتبه فقط .. كنت .. آه .. هيا بنا الإشارة خضراء ..
يبدو أنني لم احظَ بالقسط الكافي من النوم .. !
عبرت "نيرا" الشارع محاولة تجاهل المرأة ذات الملابس الغريبة لكنها توقفت عندما وصلت إليها في الجانب الآخر من الشارع ...
التفتت نحوها مستفهمة و تصلبت في مكانها عندما همست لها المرأة ببعض الكلمات .. أمسكت "سمر" يد شقيقتها بقلق: "نيرا" ؟! .. هل تشعرين بالإرهاق!؟
فتحت "نيرا" شفتيها بتردد و بالكاد خرجت الكلمات منها: ماذا تعنين بهذا!؟ ..
قلبت "سمر" النظر في الشارع محاولة التعرف على الشخص الذي تخاطبه "نيرا" لكنها لم تعثر على أحد
بقيت "نيرا" صامتة لفترة ثم حزمت أمرها و أحكمت إمساكها بيد "سمر" و جذبتها بسرعة: "سمر" هيا بنا إلى المدرسة بسرعة .. لا نريد أن نتأخر ..
تبعت "سمر" شقيقتها دون أن تفهم الذي حصل ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


مضى اليوم بطيئاً بالنسبة لـ"نيرا" فلا زالت كلمات تلك المرأة عالقة في رأسها منذ الصباح .. لم تستطع التركيز جيداً أثناء الدروس و لم تبدِ اهتماماً لأي من الأحاديث التي تجاذبتها صديقاتها ..
انتهى الدوام المدرسي فخرجت متجهة نحو منزلها لكنها توقفت عندما نادت عليها إحدى صديقاتها: هي "نيرا" أ لن تأتِ للدراسة معنا اليوم!؟
التفتت "نيرا" نحو صديقتها و هزت رأسها نافية ثم لوحت لها مودعة .. صاحت الفتاة: ليس عدلاً! من سيساعدنا في حل معضلات الرياضيات!!!؟
اعتذرت "نيرا" منها و تابعت طريقها إلى المنزل .. و ظلت طول الطريق شاردة الذهن .. تقودها قدماها إلى المنزل دون تفكير ..
تقدمت بخطوات متثاقلة عندما وصلت إلى منزلها و فتحت الباب بهدوء ..
انحنت لتخلع حذائها لكن استوقفها صوت جدتها و شقيقها من غرفة المعيشة يتحدثان بصوت منخفض
- هل ترى أنه من المناسب استشارة الطبيب "كامل" في هذا !!؟
- لا أدري حقيقة يا جدتي!! .. تصرفاتها الأخيرة تريبني .. بالرغم من أنها ..
- لكن لا تنسَ أن "سمر" هي من تكلمت .. هل علينا أن نأخذ كلامها على محمل الجد!!؟ ربما كانت "نيرا" مرهقة و حسب ...
- أياً كان ذلك أريد أن ..
تابع الاثنين حديثهما و لم تحبذ "نيرا" الاستماع إلى المزيد فقالت بصوت عالٍ: جدتي!! لقد عدت!!!
اقتربت نحو غرفة المعيشة و أطلت برأسها: جدتي!؟ أنتِ هنا! – ابتسمت – و "ماهر" أيضاً ..
صمت "ماهر" في حين ابتسمت الجدة قائلة: أهلاً بعودتك عزيزتي! كيف حالك!؟
اقتربت "نيرا" من جدتها و قبلتها بمودة: بخير شكراً لك .. – حولت نظرها نحو "ماهر" الذي اكتفى برفع كفه ملوحاً فلوحت له بدورها –
سألت جدتها: لم تذهبي برفقة صديقاتك اليوم!؟
أجابت "نيرا": أجل ... أشعر ببعض التوعك منذ الصباح .. أظن أنني لم آخذ القسط الكافي من النوم!
نهضت الجدة بتثاقل و قالت: سأجهز لك الغداء ليشعرك بالنشاط إذاً!!
رفعت "نيرا" يدها معترضة: كلا لستِ بحاجة لذلك جدتي .. سأذهب إلى غرفتي لارتاح قليلاً لن اتناول طعامي الأن ..
لم توافق الجدة على كلام "نيرا" إلا بعد إلحاح طويل ثم صعدت الثانية إلى الطابق العلوي و اتجهت نحو غرفة "سمر" مباشرة و فتحت الباب ببطء: "سمر" أنتِ هنا؟
أجابت "سمر" التي كانت ترسم على الأرض: نعم – دخلت "نيرا" فرمت "سمر" الأقلام من يدها و هرعت باتجاه أختها – هل تشعرين بتحسن!؟ قلقت عليك! – ألجمت "نيرا" عن الكلام – لقد أخبرتُ جدتي بما حدث اليوم و بدت هي الأخرى قلقة ...
قطبت "نيرا" حاجبيها و نظرت بحدة نحو أختها قائلة بتذمر: أجل شكراً لك!! أفسدتِ علي يومي!! – اقتربت "سمر" نحو "نيرا" فصاحت – ابتعدي عني!!
أوصدت "نيرا" الباب خلفها بقوة و اتجهت نحو غرفتها مباشرة لتغلق الباب خلفها .. ماهذا الذي يحدث!!!؟ - ألقت بحقيبتها على الأرض بقوة – مالذي يحصل لي!!؟ .... – تقدمت خطوة نحو سريرها لكنها تراجعت و رفعت كفها إلى جبينها – أكره التصرف بهذه الطريقة!!!! أردت أن اعيش حياة طبيعية بعيدة عن المشاكل!! لكني لم استطع التأقلم !! – أمسكت رأسها بكلتا يديها – أشعر بالصداع !!
حاولت أن تتحكم بخطواتها حتى لا تفقد الوعي لكنها لم تتمكن من ذلك فتداركت الأمر صائحة: جدتي!! جدتي!! – سقطت مغشياً عليها –



*~*~*~*~*~*~*~*~*


- "نيرا" !!! حبيبتي ! أنتِ بخير!!؟
كان الصوت خافتاً و الصورة ضبابية بالنسبة لـ"نيرا" إلى أن اتضحت لها الرؤية لترى وجه جدتها القلق فقالت بصوت مرهق: جـ .. جدتي!!؟
أمسكت بوجنة "نيرا" و قالت: هل أنت بخير!؟ لقد أغمي عليك ..
ضاقت عينا "نيرا" محاولة استرجاع ما حصل ... أجل .. آخر ما اذكر هو السواد الذي أحاط بي .. – رفعت كفها إلى جبينها - ... و الحرارة الرهيبة التي أصابت رأسي فجأة ...
نهضت من السرير ببطء: أنا ... أنا بخير ..
ناولتها جدتها كوباً: اشربي هذا .. خلطت لك العسل مع الماء ..
أمسكت "نيرا" الكوب و شربته على دفعات إلى أن انهته فنهضت جدتها و قالت: سأذهب لإبلاغ "ماهر" .. كان قلقاً بشأنك ...
خرجت الجدة من الغرفة مخلفة "نيرا" وراءها .. رفعت "نيرا" جسدها بتثاقل و جلست على طرف السرير و لم تلبث أن بدأت بسماع همس في غرفتها فالتفتت يميناً و يساراً بحثاً عن مصدر الصوت لكن لا أثر ..
نهضت من سريرها و اتجهت نحو الزاوية التي اعتادت على سماع الدندنة منها ليلاً لكن دون فائدة .. أدارت ظهرها بسرعة عندما شعرت بوجود أحدهم خلفها و صاحت: من هناك!!؟
قلبت النظر في الغرفة و لم تشعر بأي حركة ... لو بقيت وحدي للحظة سأصاب بالجنون!! .. اتجهت نحو الباب بخطوات سريعة و مدت يدها لفتحه لكنها فوجئت به يقفل أمامها .. حركت مقبض الباب بانفعال لكن الباب لم يفتح ..
ضربت على الباب بقوة و نادت: جدتي!!! "ماهر"!!!! – زادت قوة الضرب – "ماهر"!!! "جدتي"!!!! هيي!!!
- لا تفزعي !
صرخت "نيرا" بقوة عندما سمعت الصوت خلفها مباشرة فالتفتت بقوة لتجد المرأة تقف أمامها .. استندت "نيرا" على الباب و هي تشعر بالخوف من هذه المرأة المجهولة فقالت بصوت مرتجف: من .. من أنتِ !!؟ - صاحت – من تكونين !!!!؟
قالت المرأة بصوتها الخافت: هناك من يحتاجك ... نريدك بجانبنا أيتها العنقاء !!!
اتسعت حدقة عين "نيرا" في رعب و صرخت: لا تعيدي علي الكلام ذاته !!! لا تعيدي علي الكلام ذاته !!! – ضربت الباب – "ماهر" !!! "مـــــــاهر!!!!!!!!
صاحت عندما شعرت بيدين تكتفان ذراعيها و صرخت: اتركيني!!!!!! – صارعت بقوة إلى أن أفلتت من بين يديها لتسقط على الأرض –
عم المكان فجأة ضوء ساطع فرفعت "نيرا" يدها كي تغطي وجهها و هي تصرخ ... لكنها صمتت بعد أن سمعت صوت شخص يقول بنشوة منتصر: و أخيراً ها أنت تعودين .. أيتها العنقاء..
صاحت "نيرا" قائلة: مالذي يحدث؟! .... آآآآآآآه ....
ظل المكان مضيئاً لمدة و بعدها تلاشى الضوء و قامت "نيرا" بفتح عينيها بصعوبة ثم وقفت مشدوهة لم تستوعب ماتراه ...
كانت في هذه اللحظة تقف فوق جدار رفيع من الحجر و نظرت إلى الأسفل برعب ثم صرخت بأعلى صوتها مرعوبة ..
توقفت فجأة عندما أحست بالجلبة التي كانت تجري أسفل قدميها ..
رأت مجموعة من الحراس بملابس غريبة و هم يصيحون:
- أين هو؟
- لقد تسلل إلى باحة القصر .. الحقوا به ..
- ابحثوا عنه هيا .. بسرعة ..
- هــي .... هاهو هنا اتبعوني ..
ركض الجميع باتجاه واحد ... رفعت "نيرا" رأسها و فتحت عينيها بدهشة غير مصدقة لما تراه كانت تمتد أمام ناظرها مدينة واسعة بها مبانٍ بسيطة البناء و كأنها من العصور القديمة و يتوسطها قصر ضخم مبني على طريقة القصور العربية القديمة و كان يميزه ثلاث منارات مرتفعة ...
أين ... أين ... أنا؟ ... لا أصدق ماأراه؟ .... ماهذا المكان؟ .. ياإلهي!!!! ....جدتي!! "ماهر" .. – رفعت يديها إلى وجهه – أين اناااااااااااا؟!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


|[ نهاية الفصل الأول ]|

KannaSwan
30-06-2010, 13:09
+ ||[ الـفـصـل الـثـانـي ]|| +



لم تدرك "نيرا" الموقف الذي تعيشه في هذه اللحظة لهثت و هي تتنفس بصعوبة ثم شعرت بتسارع دقات قلبها في خوف .. مـ .. مالذي يحدث!!؟ ..
رفعت رأسها إلى السماء لترى قصراً ضخماً غطى خط الأفق أمامها .. فاتسعت عيناها في صدمة و هي تتمعن ما مثل أمام عينيها .. فقد كانت في هذه اللحظة تقف فوق جدار رفيع من الحجر و أمام بصرها امتدت مبانٍ قديمة
لم تستوعب هذه الصورة فنظرت إلى الأسفل برعب و شعرت بالدوار فجأة و لم تعد تسيطر على نفسها و تهاوت إلى الأسفل ..
تجمد الدم في عروقها و هي تشعر بجسدها يتهاوى بسرعة نحو الأرض .. ياإلهي!! ساعدني!!!
صاح أحدهم: انـــتـبــهــــي!!! – و هرع لالتقاط "نيرا" رافعاً يديه نحوها –
تلاشت سرعة سقوط "نيرا" فجأة و تباطأت كأنها طائر يحط بسلام على الأرض فتصلب ذلك الشاب في مكانه و اتسعت عيناه و شعر بتوقف الوقت و هو يرى تلك الفتاة الغريبة التي كانت تسقط من أعلى الجدار تحط على قدميها بهدوء أمامه ..
كانت "نيرا" في هذه اللحظة مغمضة عينيها و جسدها ينتفض بشدة .. أفاق ذلك الشاب فجأة من صدمته و صاح بصوت متردد: هي !!! هل أنتِ بخير !!!؟
لم تجب "نيرا" عليه لكنها فتحت عينيها ببطء فأمسك بيديها اللتين لا زالتا ترتعشان و قال: هل أنتِ بخير!؟ هل أصبت بأذى؟ ....
نظرت "نيرا" إلى ذلك الشاب بعينين تائهتين و حولت نظرها يميناً و يساراً فاستوعبت أنها تقف على الأرض فهزت رأسها نافية له – أي أنها لم تصب بأذى – فجثت ببطء على ركبتيها و هي تتنهد بعمق .. ثم رفعت يدها إلى وجهها لأن دموعها غلبتها هذه المرة ..
تنهد الشاب و قال: حمداً لله ! لم تصابي بأذى! أنت مجنونة كي تلقي بنفسك من الأعلى؟ .. ثم ... – نظر إلى "نيرا" بدهشة – تبدين غريبة!!! ...
كان الفتى يرتدي معطفاً واسعاً – لإخفاء هويته – .. ذا شعر أسود و عينين سوداويتين واسعتين .. و قد علت عليه سمات الدهشة ..
رفعت "نيرا" رأسها محدقة بالشاب و قالت و عيناها تلمعان بسبب الدموع: أين؟ ... أين أنا؟؟
رد الفتى و على وجهه ابتسامة سخرية: حيث نحن ...
أجابت "نيرا" بحدة: ليس هذا ماقصدته .. في أي مكان أنا الآن!؟ ..
تربع الفتى في جلسته و قال: جارية؟! .. ضللت الطريق؟! ..
لم تفهم "نيرا" شيئاً و رفعت يديها إلى وجنتيها .. يا إلهي لم اعد في بلدي!! .. أين أنا إذاً؟! .. و هذا الفتى!! .. مالذي يحدث لي فجأة !! أين .. .. .. صاحت "نيرا" بأعلى صوتها .. فقفز الفتى في وجهها مغلقاً فمها و قال: اصمتي أيتها الغبية أنا مطارد و إن اكتشفوا أمري فسوف .....
ظهر في آخر الممر رجلان و صاح أحدهما: هاهو هنا ! عثرتُ عليه !..
قال الفتى: تباً لقد اكتشفوا أمري – دون وعي يسحب "نيرا" معه من يدها –
صاحت "نيرا" التي كانت تتعثر في جريها: هي .. إلى أين تأخذني؟
التفت الفتى مصدوماً و صاح: ياإلهي .. !! لماذا تلحقين بي؟ - أفلت يد "نيرا" -

- ها؟ لا تكن أحمقاً أنت من سحبني !!!
- لا تتبعيني إذاً!!
- سوف يمسكون بي .. لا تتركني هنا!!
توقف الفتى فجأة و التفت بسرعة إلى "نيرا" ممسكاً بها و قبلها على جبينها بسرعة و أبعد وجهه فوراً .. أحمر وجه الاثنين و أعتذر الفتى فوراً من "نيرا": أنا آسف حقاً سامحيني فلم أجد خياراً آخر ..
صاحت "نيرا": تباً لك .. أيها الوقح .. كيف تجرؤ على فعل هذا؟
فتح الفتى عينيه دهشة: أنتِ متأكدة من أنك فتاة؟ ماهذه الألفاظ؟

- فلتذهب إلى الجحيم!! أنا ذاهبة .. سأسلم نفسي لأولئك الحراس, فهذا أفضل من البقاء معك .. أيها المنحرف ..
- منحرف؟ توقفي هنا!! هـــي!!!
اتجهت "نيرا" نحو الحراس لكنها تفاجأت من أنهم يتجاهلونها تماماً: هي .. أنا هنا!!! ألا ترون؟
بقي الحراس يلتفتون بحثاَ عنهما: ماهذا؟ أين اختفى الاثنان؟ هيا يارجال فلنذهب من هنا!!

- هي .. هي لحظة توقفوا!!!
ضحك الفتى و قال: لا جدوى من ذلك فهم لن يروك!!

- مـ .. ماذا تقول؟
- أجل .. هذا مايحدث بعد أن أقبل جبين أحدهم يختفي معي !! ..
حدقت "نيرا" بذراعها و و لوحت بها يمنة و يسرة: هذا جنون !! استطيع رؤية نفسي و رؤيتك أيضاً!!
أجاب: أجل لأن تأثيرها يحل على من هم حولنا من الناس فقط و ....
تصلب الفتى مكانه فجأة فتفاجأت "نيرا" و سمع صوت أحدهم من أعلى الجدار: أنت هنا إذاً!! .. لقد وجدتك أخيراً ... "آلاي" ...
رفع الاثنين نظرهما إلى الأعلى و قال "آلاي"بصدمة: "ناينوا"!!!
كان الشاب الذي يقف على الجدار شاباً طويلاً ذا شعر أسود و نظرة حادة جداً و يرتدي ملابس فضفاضة بشكل مرتب..
ابتسم "ناينوا" بسخرية و قال: ماهذه السهولة التي وجدتك بها!! .. أغلق فمك و لاتتكلم حتى لا أجدك .. ألم تتعلم؟
قالت "نيرا" بدهشة: من ... من هذا؟
التفت "آلاي" بسرعة نحو "نيرا" و صاح بسرعة: يا جارية!! تشبثي بي بسرعة!!
ردت "نيرا" بارتباك: ماذا؟ .. مـ ماذا هناك؟
تشبثت "نيرا" بذراع "آلاي" بقوة بناءاً على طلبه فانطلق محلقاً عالياً نحو السماء ثم انطلق بسرعة تجاه الأمام مبتعداً عن المدينة بعيداً .. صرخت "نيرا" بخوف: لاااااااااااااا .. توقف .. كيف؟ كيف تطير؟ انزلني لا أريد أن أطير.....

- اصمتي فأنا من يطير و ليس أنت ..!!!
- لكني أخاف الارتفاع ... انــــــزلنــــــــــي حـــــــالاً!!!
- توقفي عن الصراخ سننزل حالما نبتعد – التفت للوراء – أرجو أن لا يتبعنا "ناينوا" ..
أحكمت "نيرا" قبضتها على "آلاي" لكنها لم تلبث أن شعرت بالدوار فجأة و فقدت وعيها فصاح الفتى: هي!! أنتِ استيقظي حالاً !! ... ...... .... يا إلهي!!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


سطعت الشمس بقوة في وجه "نيرا" ففتحت عينيها بصعوبة .. رفعت جسدها بتثاقل فسقط معطفٌ كان يغطيها .. ما .. ماذا حدث؟! ... – قلبت نظرها في الصحراء الممتدة أمام بصرها- لم اعد في بلدي!! .. كيف ذلك؟! ...
أمسكت المعطف و هي تنظر إليه في دهشة ..
جاء صوت من فوق النخلة التي كانت تستند عليها: استيقظت أخيراً!! ..
رفعت رأسها في دهشة فإذا بذلك الفتى متعلق في أعلاها .. صمتت و لم تجبه فنزل إلى الأسفل قائلاً: غريب هو أمرك!! .. لا تعرفين أين أنت؟! .. و ملابسك هذه؟! ..
وقفت "نيرا" عندما وصل الفتى على الأرض و قالت: ماذا؟! ..
حدق إلى "نيرا" من أخمص قدميها حتى رأسها و تكتف بغير رضى .. كانت "نيرا" ترتدي بنطالاً و قميصاً قصير الكم بقياس جسدها ... وضعت "نيرا" ذراعيها على جسمها و قالت: هي كف عن التحديق بي!!! مالغريب فيها؟ إنها ملابس بسيطة و حسب!!

- حسناً .. أعتقد أنك من مدينة بعيدة و هذه الملابس لا تليق بالفتاة لدينا... الفتاة النبيلة تستر جسدها .. على عكس غير الأصيلات منهن .. لست جارية ها؟
رفع المعطف الذي كان يغطي "نيرا" و وضعه عليها .. قالت "نيرا" و هي تعدل من وضعيته: جارية !؟ .. ماذا تعني ؟! أنت من وضعه إذاً؟! ... – صمتت و نظرت إليه بعينين قلقتين –
نظر إليها الفتى بدوره و أدار ظهره مغادراً: لا تأبهي ..
ابتلعت "نيرا" ريقها: أين؟ .. أين نحن الآن!؟
التفت الفتى نحوها مندهشاً: مابك؟! .. – قابلها – منذ أن رأيتك و أنت تسألين عن مكانك؟! .. لقد كنا في مملكة هاورا .. هل أنت سبية؟! ..
قالت "نيرا" مندهشة: سبية؟! ...
حدق بها متعجباً و فرك رأسه بملل: جارية إذاً؟! .. من أين؟! ...
"نيرا" بدهشة: جـ .. جارية!! .. مـ .. ماذا تعني؟! ... انا لست من هنا و إنما من – ذكرت اسم بلدها – .. هل تعرفها؟! .. – نظرت إليه بأمل –
قطب الفتى حاجبيه في محاولة للتفكير لكنه قال: لا أعرف مكاناً بهذا الاسم!! .. إنه غريب!! – أمسك بذقنه – حسناً .. ماذا عن قبيلتك؟! .. أو من أي الصحارى أنت؟! ..
قالت "نيرا" بصوت مرتجف: لست من الصحراء!! .. – ضمت شفتيها –
... لا استطيع التواصل ... لا أمل؟ .. أنا وسط الصحراء! .. كيف وصلت إلى هنا حتى!؟ .. أين رمى بي القدر!؟ .. هل خلفت كل شئ ورائي هكذا؟! ... يا إلهي!!!.. لمَ أشعر أني فقدت كل شئ فجأة .. !!
انهمرت دموعها ثم جلست القرفصاء على الأرض و غطت وجهها و هي تبكي .. ظل الفتى واقفاً عند "نيرا" و لم يقل شيئاً و إنما ظل يحدق بها بعينين متأملتين ...
انتحبت "نيرا" و قالت بصوت باكِ: لماذا!؟ ... .... لماذا؟! ....
وضع الفتى كفه على رأس "نيرا" فرفعت رأسها و نظرت إليه بعينيها الدامعتين فابتسم لها بلطف ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- ماذااااااا تقـولـــيــــن!؟؟؟! ..
ضرب ذلك الشاب يديه على الطاولة فأخفت الفتاة وجهها خلف الكتاب الذي كانت تقرؤه و قالت بصوت خائف: مـ .. ماذا قلت؟! يا إلهي كيف فتحت فمي!!
صاح بها الشاب: أ تقولين أنه ذهب إلى هاورا فعلاً!!؟ .... هل هو أحمق؟! ...
"شانوران" شاب أشقر بعينين زرقاوين 20 عاماً .. قليل الصبر سرعان ما يثور .. يهتم لأمر الآخرين كثيراً لكن بطريقته الخاصة "الغضب" ..
أجابت شقيقته "جلنار": لـ .. لا أدري .. لقد
"جلنار" فتاة في الـ14 ذات وجه طفولي و شعر بني جداً و قد رفعته و لفته إلى الأعلى .. كثيرة الثرثرة .. مولعة بقراءة الكتب ..
دخلت فتاة الغرفة فجأة قائلة: هي "شانوران" ماهذه الجلبة؟! ...
التفت "شانوران" و نظر إلى "كيندة" التي دخلت للتو و قال: "كيندة" ماهذا!؟ .. أ تدرين؟! .. "آلاي" ...
لم يكمل "شانوران" جملته حيث أن "كيندة" نظرت بسرعة نحو "جلنار" التي أشاحت بوجهها تهرباً .. فصاح "شانوران": أنت أيضاً تعلمين بأمره!؟ ... كـ ... كيف تتسترين عليه؟! ..
صاحت "كيندة": لقد طلب مني ذلك!! .. و ما تراني فاعلة بشأنه؟! .. إنه عنيد في الأمور التي يقررها ..
كانت "كيندة" في الـ17 من العمر .. طويلة .. ذات عينين بنيتين و شعر أسود طويل انسدل على كتفيها حتى نهاية ظهرها .. هادئة جداً .. طيبة القلب ..
وضع "شانوران" يده على وجهه و قال: يا إلهي!! ... و ماذا سنفعل حيال عدم عودته؟ ..
ارتبكت "كيندة" و قالت: لا .. لا تقل هذا!! .. فقط تستر عليه حتى يعود .. لقد اخبر والدي أنه مغادر لفترة وجيزة!! .. أرجوك اخف الأمر .. أرجوك ...
زفر "شانوران" بغضب و قال و هو يتجه نحو الباب: لا دخل لي بما سيحصل!! .. ذلك الغبي!! هل يظن أنه سيفلت بفعلته هذه بتلك السهولة!!! ... فقط احذروا مقابلة "هايل" فإن علم بالأمر ..... – صمت – هــه!!! .. سيعلم به عاجلاً أو آجلاً أصلاً!! ...
خرج مخلفاً الفتاتين في المكتبة ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
30-06-2010, 13:25
*~*~*~*~*~*~*~*~*


تثاءب ذلك الفتى مطولاً و نظر إلى "نيرا" بعينين نعستين: حسناً؟! ... تقولين أنك انتقلت إلى هنا فجأة؟ ...
اومأت "نيرا" برأسها فتابع: و أنك كنت في مدينة مختلفة تماماً؟! .. و أنها عمرانية و لا أدري ماقلت عن تلك المخلوقات التي لديكم!! ..
اومأت "نيرا" برأسها فتابع: و أن أموراً غريبة كانت تحصل لك .. و أنك حللت هنا فوراً فوق جدار حصن هاورا!!؟ ...
اومأت "نيرا" برأسها فصاح بها: ما هذا الهراء!!؟ ..
صاحت "نيرا" بدورها: ها أنا ذا اخبرك بما حصل لي و تنكر قولي؟!...
وضع الفتى يده على رأسه و قال: لكن الأمر صعب التصديق!! ...
قالت "نيرا": و هل تظن أنني كنت لأصدق هذا الكلام لو لم يحدث لي شخصياً!!؟ هذا ماحدث فعلاً!! .. لقد قلت أنك تستطيع مساعدتي .. هل لديك حل؟! .. أ استطيع العودة؟! ..
أجابها مهدئاً: صدقيني سأبذل جهدي لإعادتك لنصل إلى مملكتي أولاً و سأطلب من أخي مساعدتك كما وعدتك ..
تساءلت "نيرا": مملكتك؟! ..
ابتسم مجيباً: أجل .. فلقد كنا في مملكة هاورا عندما تقابلنا .. سننطلق عائدين إلى سامرا .. موطني .. بالمناسبة لم اخبرك باسمي ... ادعى "آلاي" ...
قالت "نيرا" بتردد: و أنا "نيرا" .. تشرفنا ... – صمتت – لقد كنت مطارداً من قبل الجنود هناك!! .. هل كنت متسللاً؟! ...
ارتبك "آلاي" بابتسامة: تقريباً ... يمكنك قول هذا .. !! لكن الآن .. علينا العودة ..
التفت "آلاي" و هو ينظر نحو الأفق: كل ماعلينا هو انتظار حلول الظلام حينها قد تمر إحدى القوافل إلى سامرا و نتمكن عن طريقها من .....


*~*~*~*~*~*~*~*~*


صاحت "نيرا" بأعلى صوتها: تسرق جوااااااااداااً!!!!!!!!؟ ...
كان الظلام حالكاً و قد تشبثت "نيرا" بـ"آلاي" الذي انطلق مسرعاً بالجواد الذي سرقه من القافلة التي مرت للتو ...
صاح أحد الرجال من القافلة: سُرِقَ جوادكم أيها القوم!!! ....
التفت "آلاي" خلفه و ابتسم ابتسامة عريضة: ستبدأ المطاردة الآن!! .. – نظر أمامه بحماسة و ضرب الجواد بلجامه .. صاح بلهجة واثقة – لست ممن تستطيع اللحاق بهم يا هذا ... انطلق .. "نيرا" .. تشبثي بي!! ...
انطلق الجواد مسرعاً مخلفاً القافلة خلف غباره ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


ظل الجواد منطلقاً و لم يتمكن أي أحد من اللحاق بـ"نيرا" و "آلاي" الذي هدأ من سرعة الجواد ببطء إلى أن توقف و قال: واه!! .. يبدو أننا تمكنا أخيراً من الافلات!!! ... – ضحك بسعادة غامرة ثم التفت نحو "نيرا" – هل أنت بخير؟! ..
ردت "نيرا" بصوت متقطع: أعتقد هذا!! .... اووف!! .. كيف لك أن تسرق هذا الجواد هكذا!؟ .. ماذا لو تمكن أحدهم من اللحاق بنا؟! ...
ضحك "آلاي" و قال: لا تقلقي فأنا اعرف ما افعل ...
تنهدت "نيرا" و قالت: أشك في هذا ..
قال "آلاي" و قد حث الجواد على المضي في الطريق: علينا متابعة المسير الآن .. إن حالفنا الحظ فسنتمكن من الوصول بعد غد فجراً !! ...
صاحت "نيرا": ماذاااا!؟ .. كل هذا الطريق؟! ...
شرح "آلاي": طبعاً سيكون مسيرنا ليلاً فقط و إلا لكنا وصلنا أبكر ..
- مالذي يعطلك إذاً؟! ...
أجاب "آلاي" بعد لحظة صمت بهدوء: "ناينوا" .... ..
صمتت "نيرا" و لم تقل شيئاً فتابع الاثنين مسيرهما .. تحت نجوم السماء المظلمة ... رفعت "نيرا" رأسها للسماء و بقيت تحدق بها ثم استجمعت قواها و قالت: "آلاي"؟؟ ... ....
- هممممم؟
قالت بتردد: هل .... هل ترى تلك النجوم المضيئة في منتصف السماء؟؟
رفع رأسه للسماء فقال: نجم المملكة؟! .... أي نجمة ترين؟! .. الشرق؟! .. أم الغرب؟! .. الشمال أو الجنوب؟! .. أي نجمة منهم؟! ....
هزت "نيرا" رأسها و قالت: ليست نجمة واحدة!! ... إنها .. إنها أربعة تماماً ..
اوقف "آلاي" الجواد فجأة و التفت بوجه مصدوم و قال ببطء: تـ .. ترين ... ترين أربعة؟!
ارتبكت "نيرا" و أشاحت بنظرها قليلاً و قالت ببطء: أ .. أجل ..
ترجل "آلاي" من على الجواد و أشار بيده شرقاً نحو السماء: تلك النجوم ... في الأعلى .. لست ترين واحدة .. بل أربعاً!؟ .. أنت وثقة؟! ..
ابتلعت "نيرا" ريقها و اومأت برأسها و هي تنظر إلى "آلاي" بعينين مترددتين ..
نظر "آلاي" إلى "نيرا" بتشكك فسأل: أنت متأكدة من أنك لست من هنا؟؟ - صاح – "نيرا" أنت ترين اربع نجوم؟! ... مستحيل!! ...
قالت "نيرا" مستفهمة: ما .. مالمستحيل؟! ... "آلاي" تستطيع رؤيتها صحيح؟! ..
بقي "آلاي" يحدق بـ"نيرا" غير مصدقاً و بقي واجماً في مكانه ... لا يمكن!! .. لا يمكن لهذا أن يحدث!! .. هذه؟! .. آه ... !!؟
قالت "نيرا" بخوف: "آلاي"!؟ ...
أجابها "آلاي" بعد أن تنهد: أنا .. – حول نظره نحو السماء – استطع رؤية نجمة واحدة فقط ... تلك النجوم تخص الممالك الأربعة .. كاترا .. فوناروا .. هاورا – التي كنا فيها – و سامرا – موطني – لكن – نظر إلى "نيرا" – أن تتمكني من رؤية النجوم كلها!! ... – صمت قليلاً – أ تدرين؟! .. في الماضي كان أجدادنا يرون الأربع نجوم .. و و قيل أن مملكة كانت تعتبر القلب النابض في الصحراء لباقي الممالك الأربعة موجودة بينهمص .. لكن بعد سقوط المملكة بسبب يجهله الكثيرون .. نشبت الحروب .. و بعدها لم يعد أحدنا يرى سوى نجمة مملكته منذ بداية الحرب أي منذ أكثر من 70 عاماً .. إنها طويلة و مؤلمة .. لم نعد نجد الأمان الذي نبحث عنه .. كلٌ يوجس خيفة من غارات منتظرة .. لكن – حول نظره إلى السماء – قيل أنه بعد وصول العنقاء سيتمكن أحدهم من الحصول على السيف "سينارا" الذي سيتمكن من يمتلكه من توحيد الممالك جميعها ... عن طريق تكوين مملكة العهد الجديد بين تلك الممالك الأربعة ! .. – صمت قليلاً – لقد عمت الفوضى أراضينا .. الأمر لم يتعدَ محض اسطورة لم يتيقن أحد حقيقتها .. !
صمتت "نيرا" ثم قالت: لماذا استطيع رؤية اربع نجوم إذاً؟! ....
صمت "آلاي" و تنفس بعمق ثم قال بتردد: لا يتعدى الأمر هبة ... لا تفكري بالأمر كثيراً!! ...
قد لا يتعدى الأمر محض صدفة!! .. إنه ... لا يصدق فعلاً!! ... إن كان ماتقوله صحيحاً فعلي ان احترس أكثر!! .. يا إلهي!! أ لم تكن اسطورة و حسب !!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


غسلت "نيرا" وجهها و أحست بالانتعاش بعد عناء المسير الطويل ليلة البارحة .. التفتت نحو "آلاي" الذي كان مستلقياً تحت ظل نخلة شامخة قرب الواحة التي توقفوا عندها .. فاتجهت نحوه و قالت عندما وصلت إليه: "آلاي"!؟ ... هل سنبقى هنا طول النهار؟! ..
فتح "آلاي" عينيه ببطء و نظر إليها ثم قال بعد أن اغمضهما مرة ثانية: أجل .. فذلك أفضل لنا
جلست "نيرا" قائلة باعتراض: لكن ذلك سيؤخر وصولنا . ... و أنا ... أريد العودة!!! ..
تنهد "آلاي" و استلقى على جنبه الأيمن: أنا أيضاً أريد العودة!! .. لكن ما فائدة الوصول إلى هناك و نحن موتى!! .. أريد أن ارتاح يا امرأة هيا اتركيني!! ... إن كنت تشعرين بالجوع فقد سرقت بعض الطعام مع الحصان ..
اتسعت عينا "نيرا" و قالت بصدمة: سرقت طعاماً؟!!!! ..
أجاب "آلاي" بملل: يبدو أنك قليلة ملاحظة!! ...
جلس و اظهر هاتف "نيرا" المحمول من جيبه قائلاً و هو يلوح به: لا عجب أنك لم تنتبهي لأخذي هذا أيضاً!! ...
فتحت "نيرا" فمها في صدمة و قالت: مستحيل!!! ... مـ .. ما – هزت رأسها و صاحت – مالذي فعلته يا هذا!؟ ... هاته – مدت يدها نحوه بسرعة –
أبعده "آلاي" عنها بحركة سريعة و نهض و هو يحدق به: غريب!!! .. ترى ما يكون هذا!؟ .. – نظر إلى خلفية الشاشة – سبحان الله!! .. مالذي يفعله هؤلاء هنا؟! ...
.. يا إلهي!! .. إنها صورتي مع أختي... نهضت بسرعة و هي تصيح: اعطنيه!!
رفع "آلاي" يده بعيداً و قال و هو ينظر إلى "نيرا": يبدو أنك ساحرة كيف تمكنت من حبس أولاء الخلق هنا!؟ .. – نظر إلى الهاتف مرة ثانية و اتسعت عيناه – لحظة هذه أنت صحيح!؟
صاحت "نيرا": يكفي .. نفد صبري – جذبت "آلاي" من قميصه – أ تعطيني إياه ام ماذا؟! ..
ضحك "آلاي" و قال: بلى خذيه – أعطاها إياه – ... و لكن ... – جلست "نيرا" فجلس "آلاي" خلفها و هو يحدق بهاتفها – أخبريني مايكون هذا المخلوق!؟ ...
نظرت إليه "نيرا" بملل ثم حولت نظهرها إلى هاتفها لتتفحصه ... لا إرسال هنا!! .. كنت أظن أنني سأتمكن من التواصل معهم!! ... ليس غريباً!! .. – تنهدت بحزن و أغلقته –
وضعته في جيبها و نهضت من مكانها فقال "آلاي": ما هناك؟! ...
التفتت "نيرا" نحوه و قالت: فلنغادر لا عمل لنا هنا!!! ...
رفع "آلاي" يده متمطياً و قال بصوت متثائب: أنا متعب!! .. أريد أن ارتاح .. مسير الليل كان شاقاً ... – استلقى على جنبه معطياً ظهره لـ"نيرا" – لمَ لا ترتاحين أنت الأخرى!؟
صمتت "نيرا" و لم تقل شيئاً فأدارت ظهرها و استندت على جذع النخلة من الجانب الآخر..
قطع "آلاي" جو الصمت فجأة قائلاً: "نيرا" .. انتبهي من أي غريب يقترب .. لا تتحدثي مع أي شخص كان .. حسناً؟! .. لا تثقي بأحد غيري حتى نصل إلى مملكتي فقط هل سمعتي؟! ..
صمتت "نيرا" لوهلة لكنها أجابت "نيرا" ببطء: حسناً .....
.. الأمر لا يحتمل .. كيف لي أن اصل بهذه الطريقة هنا؟! .. – تنهدت و تأملت السماء – قبل انتقالي المفاجئ إلى هنا حدثتني تلك النجوم التي .. .. لم يكن أحد ليراها غيري .. – انكمشت على نفسها – حتى هذا الفتى ذكر أنه لا يستطيع رؤيتها .. إلا واحدة؟! .. على الأقل واحدة و لم يكذبني .. لكن ... – التفتت خلفها – إلى أي درجة يمكنني الوثوق به؟!! .. الأمر لا يتعدى اصطحابه لي فقط!! ... و لست أدري من أي نوع هو!! .. تسلل إلى تلك المملكة .. ما كان اسمها؟! هاورا؟ - تنهدت – ثم هرب بي إلى الصحراء و سرق!! ربما كان ابناً لأحد قطاع الطرق!! .. و لا ادري إلى أي مصيبة قد انتهي!!

KannaSwan
30-06-2010, 13:28
*~*~*~*~*~*~*~*~*


- "آلاي" .. "آلااااااااااي" !!
نهض "آلاي" فزعاً من صراخ "نيرا" صائحاً: "نيرا" ؟! – ركض تجاه الواحة – "نيرا" ماذا هناك؟! ..
ركض بسرعة نحوها فإذا به يقابلها تجري نحوه حتى وصلت إليه و أمسكت بكلتا ذراعيه فصاح: ماذا هناك؟! "نيرا" .. هل أنت بخير؟! ..
دهش "آلاي" من "نيرا" التي كان جسدها ينتفض بشدة و شفتاها ترتجفان في خوف .. فقال في قلق: "نيرا" .. هل أنت بخير؟! .. – التفت حوله – لا شئ مريب هنا!! ترى ما بالها!؟
أمسك كفيها محاولاً تهدئة حالها و قال بصوت أكثر وضوحاً: "نيرا" ... لا شئ يقلق هنا .. مابك؟! ..
أمسكت "نيرا" بكفيها و قربتهما منها فأفلت "آلاي" كفيها ثم حاولت استجماع الكلمات قائلة: مخلوق .. مخلوق غريب .. لقد ظهر خلفي فجأة عندما شاهدت انعكاسي في الواحة ..
حول نظره نحو الواحة ثم سأل مستفهما: مخلوق؟! .... – نظر خلف "نيرا" – لا شئ خلفك !!! ..
تنفست "نيرا" بصعوبة و قالت: إنه كذلك ..!!! لا استطيع رؤيته خلفي لكن ... لكن .. كلما نظرت إلى الواحة رأيت انعكاسه خلفي!!!!
اتسعت عينا "آلاي" و بقي صامتاً لفترة .. لا يمكن للأمر ان يكون!! .. أمسك بـ"نيرا" و حثها على الاقتراب من الواحة قائلاً: لا .. لا داعي للخوف .. تعالي نتأكد من الأمر معاً ..
هزت "نيرا" رأسها بعنف و قالت: لا .. لا .. "آلاي" .. أريد العودة إلى موطني .. لا أريد البقاء هنا!!!! ..
أحكم "آلاي" قبضته عليها و قال بحزم: "نيرا" .. اسمعي ما أقول!! .. لقد وعدتك بالعودة .. في أقرب وقت و في أقرب فرصة سانحة .. لكن الآن – ابتلع ريقه و لمعت عيناه في تلهف – أريد رؤية ذلك المخلوق الذي تحدثتِ عنه ..
نظرت "نيرا" إلى "آلاي" بعينين قلقتين و اومأت برأسها ببطء فحثها "آلاي" قائلاً: لا تقلقي .. لن يؤذيك ما رأيت .. أنا معك .. تقدمي ..
تقدمت "نيرا" بخطوات متثاقلة و انتصبت واقفة أمام الواحة متأملة انعكاسها الذي بدا فوقه طائرُ ضخم غريب الشكل بجناحين مفرودين هائلين .. أغمضت "نيرا" عينيها و أشاحت بوجهها قائلة بصوت مرعوب: إنه هنا .. "آلاي" ....
لم يجب "آلاي" على "نيرا" و بقي صامتاً غير مصدق لما يرى و قد بدأت يداه تنتفضان .. إنها هنا .. إنها هنا!! ... لا يمكن .. و أخيراً .... بعد كل تلك السنين !!!!! ... إنها حقيقة !!!! .. حقيقة لا محالة!!
لاحت في ذاكرة "آلاي" صور من الماضي ... لامرأة مستلقية على الأرض و قد غطى الدم وجهها و يقف مقابلها فتى يرتجف رعباً في حين كان صوت المرأة الهادئ يقول: لا تقلق صغيري .... أنت بخير الآن ...
صاحت "نيرا": "آلاي" ؟! ...
صدمت "نيرا" من "آلاي" الذي بدأت الدموع تنهمر من عينيه دون توقف .. سينتهي الكابوس!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


بعيداً في مملكة هاورا تثائب جندي يقف أمام أحد بوابات القصر الخارجية مطولاً فالتفت إليه زميله قائلاً: أ لا تكف عن التثاؤب!!! .. انتبه و إلا شاهدك أحدهم!! ماذا ستفعل حينها؟! ..
ابتسم الجندي المتثائب و قال لا مبالياً: لا تقلق سنحظى بشفاعة من الأميرة "ياسمين" حينها !!! ..
صدم زميله من قوله و قال: لا تقل هذا ببساطة!! .. حقاً الأميرة "ياسمين" طيبة جداً لكنها لن تكون متواجدة في البلاط الملكي في كل مرة تحدث فيها مشكلة!!! ...
أجابه: صحيح لم تأتِ اليوم!! ...
- و لا بالأمس حتى!! .. أحياناً يكون وجودها ضرورياً .. فلا يعلم أحدنا كيف سيتصرف الملك "ناينوا" .. إن تفكيره غريب في بعض المرات!!!
- أ ليس من المرعب أنها الوحيدة القادرة على قراءة ردود فعل شقيقها و إقناعه؟! ..
رفع الجندي بصره إلى السماء متململاً: ليست الوحيدة !! .. المستشار "باهر" و حتى القائد "أُبي" قادرين على ذلك!! ..
- بذكر المستشار "باهر" .. ... لم نحصل على نتيجة جراء ما قاله بخصوص العنقاء!!
نظر إليه زميله و قال: أصبت ... ربما سيشاور الملك "ناينوا" بالأمر هذا اليوم ... – حدق بالطيور المحلقة في السماء – هدوء هذه الأيام مرعب .. مرعب جداً .. و كأنه ينذر بالخطر ..
خلف خط الأفق بدأت الشمس تتوارى للمغيب ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل الثاني ]|

KannaSwan
01-07-2010, 14:06
+ ||[ الـفـصـل الـثـالـث ]|| +


بعد أن خيم الظلام انطلق جواد في تلك الصحراء الواسعة يمتطي صهوته كل من "آلاي" و "نيرا" الذي كان الصمت موضوعهما ..
كانت "نيرا" تفكر في قلق .. منذ أن شاهد "آلاي" ذلك الطائر لم ينطق بكلمة .. لا أدري مالذي حصل له!! .. الأمر يقلقني فعلاً!! .. ماكان ذلك يا ترى!؟ .. حتى ردة فعله .. لم تكن طبيعية .. مالذي دفعه للبكاء!؟ .. هل هو بخير ياترى!!؟ ..
قطعت "نيرا" جو الصمت قائلة بهدوء: "آلاي" ........ هل .. أنت بخير؟! ..
بقي "آلاي" صامتاً و ظلت "نيرا" تنتظر إجابة منه إلى أن اوقف الجواد فجأة .. فدهشت "نيرا" و سألت: مالخطب؟
لم يجب "آلاي" و ترجل عن الجواد و قال: لا تتحركي من مكانك ... "نيرا"....

- لمــ ...
لم تستطع "نيرا" متابعة كلامها فقد عرفت مالسبب و شهقت واضعة يدها على فمها .. فأمامها و خلف كثبان الرمال خرجت جماعة من قطاع الطرق و حاصرتهم بسرعة .. سأل "آلاي": من أرسلكم؟ ها؟
تمتم عشرتهم بضحكات بينما تقدم ضخم منهم و هو قائدهم قائلاً: لا يهم مادمنا قد وعدنا بمبلغ حسن ...
قال "آلاي" بحدة: لم أتوقع أن ينحط "ناينوا" إلى تلك الدرجة ...!!!
ضحك القائد: لا تتعب نفسك في التفكير قبل أجلك ياعزيزي .. فليس الملك "ناينوا" .. كل مانريده هو الفتاة و حسب.. تنحى جانباً .. كل مانريده هو تلك الفتاة !!!
اتسعت عينا "نيرا" .. أنا !!؟ ..
وقف "آلاي" في وضعية قتالية و قال: آسف ياصاح فلن أفعل هذا ...
ضحكت العصابة بأجمعها و قال أحدهم متقدماً: تحاول تحدي الزعيم أيها الطفل؟ ... أنت تحلم بالتأكيد!! أنا سأكون كفيلاً بك لوحدي..
هجم و هو يصرخ ... تصلبت "نيرا" في مكانها برعب ... رفع اللص سيفاً في وجه "آلاي" و صاحت "نيرا": "آلاي" انتبه!!!
رفع "آلاي" رأسه و قال: لن أكون حتى بحاجة لاستخدام قواي ضدكم ..- التفت بنظرة حادة –
ثم رفع قبضته اليمنى و انحنى للأسفل بينما تسرع اللص بمحاولة لطعنه من الأعلى و سدد "آلاي" قبضته بسرعة موجهة نحو ذقن اللص مسقطاً إياه...
صاح بعضهم: تباً لك أيها القذر..
تلفتت "نيرا" حولها بحثاً عن "آلاي" و صاح زعيمهم: أين اختفى ذلك الصغير؟ .. سحقاً له
صاحت "نيرا": "آلاي"!!!!
تصلب زعيم العصابة و بدأ ينتفض في مكانه عندما وجه سيفاً نحو نحره و ظهر "آلاي" من خلفه و قال: آسف ياصديق ..ليس لدي وقت للعب .. تتركنا في حالنا و إلا؟

- يازعيم!! إنه خلفك!!
رد الزعيم صائحاً: أعرف ذلك أيها الغبي .. – نظر الزعيم إلى زميله الملقى على الأرض و صدم لأنه لم يجد سيفه ملقىً معه – فكر في نفسه .. لايمكن أن يكون هذا الفتى قد حمله بهذه السرعة!!...

- حركة واحدة ويغرس هذا السيف في رقبتك ..
ابتسم الزعيم بخبث وقال: يالتصرفك الجبان حقاً ...آه صحيح!!...ألست شقيق "رازي"؟
فتح "آلاي" عيناه دهشة فتابع الزعيم قوله بسخرية و تهجم واضحين: أجل .. مباغتة من الخلف .. لا أحد يتقنها بقدر ما يتقنها ذلك المدعو "رازي"
كشر "آلاي" فجأة بغضب و صاح: سحقاً!! لاتأتي بذكر أخي على لسانك ..
رفع السيف عالياً و ضرب زعيم العصابة في كتفه .. الذي وقع على الأرض .. شهقت "نيرا" في رعب بينما كان "آلاي" يلهث بغضب وقال: إن ذكرت "رازي" مرة أخرى فلن أتساهل معك ..
كانت "نيرا" ترتجف في مكانها و لم تتمكن من قول شئ .. ثم نهض الزعيم ممسكاً بكتفه و هو يلهث و صاح: اهجموا على الفتاة يارجال!!!!!!!!
صاح "آلاي" بدوره: "نيرا" اهــــربي ...
ظهرت الكلمات بثقل من فم "نيرا": أيــ .. أين؟
هجم رجال العصابة فوراً على "نيرا" فلم يجد "آلاي" خياراً و اتجه مسرعاً نحوها و صاح: ختم "سامرا" .. تحركي .. رمال صحراء الشرق ..
اهتزت الأرض أسفل قدم الجميع وفقز "آلاي" محلقاً و مد يداه إلى "نيرا" و صاح: "نيرا" امسكي بيدي .. حالاً ..
رفعت "نيرا" يديها و تمسكت بـ"آلاي" الذي حملها و طار بها إلى الأعلى .. نظر الاثنان أسفلهما .. و صدمت "نيرا" عندما رأت الغبار قد علا المكان الذي لم يكف عن الاهتزاز وقالت في ذعر: مـ .. مالذي يحدث؟
رد "آلاي" بهدوء: لا عليك ... المهم أننا بخير .. أما هم .. فلن ينجو منهم أحد ..
دار "آلاي" و تابع طريقه و هو يطير و قال: اعذريني "نيرا" .. سنتابع طريقنا هكذا ..
أحنت "نيرا" رأسها و لم تعارض بعد رؤيتها تلك النظرة الجادة في عيني "آلاي" .. يبدو منزعجاً حقاً... ماهذه الأمور الغريبة التي تحصل لي هنا!!!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في الجانب الآخر من الصحراء .. كانت هناك قرية يسكن أهلها الخيام و قد حل الظلام و لم تبدُ غير نيرانهم التي كانت تنير لهم المكان .. دخلت امرأة إلى خيمة أحدهم .. يقف على كتفها صقر .. وكانت قد لفت جسمها بوشاح كبير و لثمت وجهها .. و قالت بعد أن أزاحت لثامها عن وجهها: وصلتني بعض الأخبار..
رفع الرجل الجالس رأسه فتابعت: لقد ظهرت العنقاء...
نظر إليها و قال: أين؟
أجابت: حسناً ... لقد كانت في مملكة "هاورا"... – سكتت و أشاحت بنظرها – أما الآن فهي .. – صمتت –
حثها الرجل قائلاً: تابعي...
جلست على الأرض و قالت: إنها في طريقها .. إلى مملكة "سامرا" ... مالذي ستفعله؟ - رمقته بنظرة قلق- ...."رازي"؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" عيناها دهشة و قالت: مذهل حقاً!!!! ..
لقد كان كل من "آلاي" و "نيرا" وسط مدينة تضج بالحركة و البشر .. ظلت "نيرا" واقفة تراقب حركة تلك الحيوية التي لم تجدها في الصحراء ..
كان "آلاي" يمشي برفقة "نيرا" التي كانت تسبقه في مشيها و هي تقول: مدهش!! .. ياااه .. المكان ممتلئ بالناس!! .. أين نحن الآن؟! .. – التفتت نحوه فوجدته محنٍ رأسه للأسفل و قد غطى رأسه بقبعة المعطف الذي اشتراه مؤخراً –
نظرت "نيرا" إليه بتشكك مستغربة من هدوئه الزائد .. ترى ماباله!؟ .. كان غريباً فعلاً بعد ذلك الحادث البارحة .. لكن منذ ان دخلنا هذه المدينة و هو منكمش على نفسه هكذا!! ..
الأمر غريب حتى .. لمَ اشتر معطفاً آخر لنفسه !؟ .. هل ليخفي هويته!؟ .. لا ادري هل هذا الأمر مقلق أم لا!! .. لكني بت اخشى تصرفاته الغريبة حقاُ !! ..
قلبت "نيرا" نظرها في شوارع و ممرات المدينة لتجد عدداً من المتسولين مستندين على الحائط و آخرين مستلقين بملابس رثة تحت الظل في الممرات .. تبدو مدينة فقيرة جداً ...
التفتت "نيرا" نحو "آلاي" و قالت محاولة استدراجه: "آلاي" !!!
تقدم نحوها بسرعة و رفع قبعة معطفها ليغطي رأسها هي الأخرى و قال هامساً: بكل هدوء و لا تذكري اسمي علناً ابداً مفهوم؟! ..
قلب "آلاي" نظره يميناً و يساراً بحركة سريعة .. ثم فكر .. هكذا تبدو أطراف المملكة إذاً!!! .. الفقر واضح عليها !! .. كيف لم ينتبه الملك للأمر!!!؟ .. كم ذلك مخزٍ حقاً!!! .. يجب أن نكون حذرين في مشينا هنا خاصة بعد أن فقدنا الجواد!! .. و بالطبع لن اتمكن من الطيران!! .. كل ما علينا فعله هو التحرك بهدوء و سرعة هنا حتى نصل إلى المكان المنشود ..
واصل "آلاي" تقدمه في حين كانت "نيرا" تتبعه ببطء و تلتفت يميناً و يساراً إلى ان جذب انتباهها بائع عجوز يجلس على الأرض و أمامه مجموعة من التحف القديمة فاتجهت نحوه بسرعة و صاحت في إعجاب شديد: واااااو .. إنها مدهشة .. سيدي !! .. هل هذه التحف قديمة!؟ .. من أي عصر هي يا ترى!؟ ..
نظر إليها العجوز مبتسماً و قال: كلا يا آنسة هذه من صنع يدي .. هل تعجبك!؟
ردت "نيرا" في حماس: حقاً!!!؟ .. هذا مذهل!! .. أنت ماهر فعلاً!!! ..
جلست القرفصاء و حملت إحدى الجرات الصغيرة قائلة و هي تتأملها: و هذه أيضاً!!؟ .. إنها رائعة جداً!! .. كم ثمنها!؟
قال العجوز: هذه الجرة أفضل مافي المجموعة هنا .. لديك عين للأفضل .. سيكون سعرها مختلفاً عن أسعار البقية .. لكن بما أنك أبديت إعجاباً شديداً بأعمالي فسأراعيك بثمنها .. ما رأيك!؟
حدقت "نيرا" به بتعجب .. يبدو أن الباعة من أي مكان كانوا يشتركون بهذا الأسلوب!! .. غير معقولين فعلاً!! ..
نهضت "نيرا" قائلة: آسفة غيرت رأيي .. أصلا لا مال لدي!! ..
صاح البائع متداركاً: مهلاً يا آنسة ..
تجاهلته "نيرا" و تقدمت في مشيها سريعاً ثم توقفت عندما وجدت نفسها وسط حشد من الناس .. آه! .. مالذي يحدث هنا يا ترى!؟ .. يبدو أن خطأ ما قد حصل .... – التفتت يميناً و يساراً ثم تغيرت تعابير وجهها إلى الصدمة و رفعت يديها و هي تشهق – لقد اضعته !!!! أين "آلاي" !!؟ ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


التفت "آلاي" خلفه و قال متسائلاً: "نيرا"!؟ ..
بقي يلتفت محاولاً إيجادها لكن دون جدوى فعاد أدراجه فوراً .. تلك الفتاة !! .. لا يمكن أن تكون قد ضلت الطريق!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


تابعت "نيرا" طريقها مرتبكة و هي تجول بنظرها متفحصة الجميع دون أن تجد لـ"آلاي" أثراً .. ياإلهي!!! أين يمكن أن يكون!؟ .. سأتابع طريقي بخط مستقيم علي اللحاق به !!! ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
01-07-2010, 14:13
*~*~*~*~*~*~*~*~*


"آلاي" يركض مسرعاً في الطريق متفادياً المارة .. لن تذهب بعيداً!! .. أنا متأكد!! .. اصطدم بأحدهم فصاح به: هي انتبه يا هذا!!! ..
تابع "آلاي" جريه و رد عليه ملتفتاً: آسف يا سيد لم أقصد!!! ..
التفت يميناً فلمحها في آخر الممر فانعطف متجهاً نحوها مباشرة و هو ينادي: هي "نيرا"!!!!!
أمسك بها من كتفها فالتفتت نحوه فإذا بها امرأة غريبة لا يعرفها .. أبعد "آلاي" يده بسرعة و قال مرتبكاً: آه المعذرة ظننتك شخصاً آخر ..
تجاهلته المرأة و هي ترمقه بنظرة احتقار و تابعت سيرها .. فرك "آلاي" رأسه و قال: أين اختفت!!!!؟
في هذه الأثناء عبرت "نيرا" الطريق دون أن تنتبه لوجود "آلاي" في الممر الذي كان على يسارها ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


التفتت "نيرا" و هي تبحث عن "آلاي" الذي لم تتمكن من إيجاده للآن .. ياإلهي أين اختفى!!؟ .. ظللت أسير في خط مستقيم لكن لا أثر له ...
التفتت نحو امرأتين كانتا تتحدثان معاً فتقدمت نحوهما و قالت بارتباك: المعذرة .. هل تسمحين لي يا سيدتي .. – نظرت إليها المرأة – هل شاهدت فتى يمر من هنا يرتدي معطفاً كهذا الذي علي؟! .. إنه بهذا الطول تقريباً – رفعت يدها إلى الأعلى –
هزت المرأة رأسها نافية فأرخت "نيرا" يدها محبطة ثم قالت: شكراً لك .. و آسفة لإزعاجك .. – تركتها و غادرت –
ظلت "نيرا" تسير في طريقها إلى ان وصلت إلى مكان كثر فيه زحام الناس فاضطرت لأن تنعطف لدخول إحد الممرات متابعة سيرها فيها .. ماذا سأفعل الآن!!!؟ .. لم اعثر عليه ..
ظلت "نيرا" تمشي في الطرقات لمدة إلى ان استوقفها صوت جاء من خلفها: لقد كنت بصحبة "آلاي" صحيح!؟ ..
التفتت "نيرا" بدهشة لترى شاباً يجلس على بساط قديم و قد اسند رأسه إلى الحائط .. لم تتمكن "نيرا" من تمييز ملامحه كونه محنٍ رأسه للأسفل و لم يبدُ وجهه بالكامل فقد لف رأسه بعمامة اخفت بعض ملامحه ..
ظلت "نيرا" صامتة لفترة و لم تنطق لكنها قالت بعد فترة: هل تعرف .. أين هو!؟ ..
نهض الشاب متثاقلاً و اتجه نحو "نيرا" ليقف أمامها وجهاً لوجه .. مبتسماً بثقة ..
رفعت "نيرا" رأسها و هي تحدق به .. من يكون هذا!!؟ .. يالطوله !!!!!! ..
بادلها ذلك الشاب النظرات ثم انحنى باحترام أمامها و هو يقول: سعيد برؤيتك سيدتي الفاضلة ..
اتسعت عينا "نيرا" و قالت: آه .. !
تابع كلامه قائلً: "آلاي" .. إنه موجود في ...
صاح أحدهم فجأة من خلفهما: هي "سينا" أين أنت!؟ .. السيد يناديك!!!
التفت "سينا" خلفه فجأة و غادر تاركاً "نيرا" لوحدها قائلاً: تباً!!! .. – تجاهل "نيرا" –
صدمت "نيرا" من ردة فعله فظلت في مكانها للحظة ثم استوعبت الأمر و صاحت: هي أنت!! .. انتظر .. توقف ..
انعطف "سينا" و قد دخل في أحد الممرات .. ركضت "نيرا" و هي تتبعه: هي لحظة!! .. أين أجده!!!؟
انعطفت "نيرا" خلفه ثم توقفت فجأة و علت على وجهها علامات الدهشة الشديدة فلم تجد لذلك الشاب أثراً في الممر .. لكنها سمعت صدى صوته يقول: تتبعي صيحات الناس ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


عاد "آلاي" أدراجه ليمشي في طريقه السابق و هو يتفحص الجميع باحثاً عن "نيرا" .. ظل يسير بخطى متسارعة و هو يلتفت يميناً و يساراً بقلق .. لكنه توقف فجأة و رفع رأسه إلى السماء ليجد شاباً ممسك بعمامته يقفز من أعلى البنايات نحوه في سرعة خاطفة إلى أن وصل إليه و هو يشير باصبعين إلى جبين "آلاي" ..
تمكن "سينا" من إزاحة معطف "آلاي" عن رأسه و ابتسم ابتسامة عريضة قائلاً بصوت عالٍ: هي يا شاب!! .. تبدو نبيلاً!! .. ترى من تكون؟! ..
اتسعت عينا "آلاي" من يكون هذا!؟ .. كيف له أن؟ .. و من هذا العلو !!!!!!!!!! .. – لاحت في ذاكرته صورة "نيرا" و هي تهبط من جدار هاورا بسلام "
ظل "سينا" يحدق به فأعاد "آلاي" غطاء رأسه بسرعة و قال بصوت حازم: أنت مخطئ .. هيا ابتعد!!
تراجع "سينا" لعدة خطوات إلى الخلف و انحنى نحو "آلاي" قائلاً بصوت جاد: لن تكون غيره بالتأكيد .. أنت هو .. الأمير "آلاي" !!!! ..
التفت جميع الناس فجأة نحوهما فتراجع "سينا" بخطوات رشيقة إلى الخلف في حين تجمع الناس حول "آلاي" ..
تعالت صيحات الناس في دهشة: لقد قال "آلاي"!!! ..

- إنه يعني الأمير "آلاي" و لا شك!!
- لا يمكن أ هذا هو؟!..
- الأمير!!!؟ .. مستحيل!!!
- مالذي يفعله في منطقتنا الفقيرة!! .. يا إلهي!!
تجمهر الناس حول "آلاي" صائحين غير مصدقين لما يحدث ..
قام أحد المتجمعين برفع الغطاء عن رأس "آلاي" فصاح الناس في دهشة: إنه هو!! .. ياإلهي!! ..

- أرجوك بارك لنا أرضنا!!!!
- إن الفقر يقضي علينا!!!!
حاول "آلاي" أن يخلص نفسه من ذلك الحصار لكن دون جدوى: دعوني اعبر!! .. هي كفى!! ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


هرولت "نيرا" بسرعة في الممرات محاولة إيجاد "آلاي" .... "تتبعي صيحات الناس" هذا ما قاله ذاك الشاب! لكن مالذي يعنيه!!؟ .. اتسعت عينا "نيرا" عندما سمعت جلبة فاتجهت بسرعة نحو مصدر الصوت .. لا يمكن ان يكون .... وصلت إلى الطريق العام و التفتت يميناً لترى حشداً من الناس تجمع في مكان واحد ..

- دعوني اعبر!! .. هي كفى!! ..
إنه صوت "آلاي" !! .. تقدمت "نيرا" نحو الحشد محاولة الاقتراب ... لكن دون جدوى فلم يسمح لها أحد بذلك ..
تقدمت مرة ثانية و هي تحاول: أرجو المعذرة سيدي .. هلا سمحت لي؟ ..
حاولت "نيرا" حشر نفسها في الحشد لكنها لم تستطع ذلك فسقطت على الأرض ..
آآآه .. ماهذا؟ لماذا يتجمع الناس هكذا حول "آلاي" ؟
كان الشاب – "سينا" – يراقب المشهد و هو مستلقٍ على سطح أحد المنازل فابتسم مع نفسه ... حسناً أيتها الآنسة .. مالذي ستفعلينه كي تصلي إليه؟! – تلألأت عيناه بلون مختلف –
نهضت "نيرا" و هي تنفض الغبار عن ملابسها و حاولت الوصول مجدداً لكنها هذه المرة صاحت قائلة: هي!! "آلاي" ....!! "آلاي" !!
دفع أحد المتجمهرين "نيرا" بقوة و صاح بها: اخرسي أيتها الوقحة!!
التفتت معه امرأة و قالت بصوت مشمئز: تنادي على الأمير باسم مجرد من الاحترام ..
رفعت "نيرا" بصرها نحوهم مستفهمة فالتفتت مجموعة أخرى و تعالت أصواتهم:

- هل فعلت ذلك حقاً؟!
- أوه يا إلهي!
- من تكون هذه الفتاة المتبجحة!!
- كيف تجرؤ!
- من تظن نفسها !!
انتفضت "نيرا" في مكانها عندما رأت تلك العيون الغاضبة تحدق بها .. ياإلهي! مالذي فعلته؟ لمَ غضب مني هؤلاء فجأة!!؟ .. آ ... "آلاي" ...
اندفع فردان للهجوم على "نيرا" و أحدهما يصرخ: لقنوها درساً ...
اتسعت عينا "نيرا" في رعب و رفعت كلتا يديها إلى رأسها منتفضة ..
ابتسم "سينا" بسعادة و قال: الآن ... أرني الطاقة التي تملكينها أيتها الآنسة الصغيرة .... – زاد لمعان عينيه –
تغيرت ملامح "نيرا" فجأة و انتصبت واقفة من فورها فسقط الرجلين الذين حاولا الهجوم عليها عند اندفاع ريح ابعدتهما عنها ..
عمت الضجة المكان فشعر "آلاي" بالفوضى المقابلة و صاح: هي! ماذا هناك!!؟
تطاير شعر "نيرا" بعد أن سقط غطاء رأسها و تغيرت ملامح عينيها إلى الشرود و هي تحدق أمامها ثم تمتمت بكلمات: نور من السماء سينبعث ساقطاً على رمال الذهب بعد حولٍ من الآن ينتصف القمر النجوم في المكان المنشود !!
تنحى الناس و هم مرعوبين جانباً عن "نيرا" بينما اتسعت عينا "آلاي" الذي تصبب عرقاً ... نـ .. "نيرا" ! مستحيل! ... ماهذا !!؟ ...
صاح الناس في رعب:

- هذه الفتاة! إنها مصابة بمس!
- ساحرة!
- ابتعدوا عنها
- يااااااااا !!
انتفض "آلاي" في مكانه .. لا يمكن !!
وثب "آلاي" بسرعة تجاه "نيرا" ليقف خلفها و يرفع كفه ليغطي عينيها .. ثم أحكم يده الأخرى على وسطها و همس: هي "نيرا" افيقي! .. أنا "آلاي" هنا !
فتحت "نيرا" فمها قائلة بسعادة بصوتها الهادئ: "آلاي" !!
قفز ليطير بها بعيداً عن الجميع ... الحل الوحيد الآن ... هو الفرار .... لقد علم الجميع بوجودي هنا! و الآن "نيرا" تأتي بمشكلة ...
ضحك "سينا" بصوت خافت: إنها البداية فقط!!
صاح أحدهم خلف "سينا": "سينـــا" !! تباً لك! .. تتمنى الطرد!؟ .. السيد يناديك!
تغيرت ملامح "سينا" إلى الملل و نهض مسرعاً ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
04-07-2010, 13:15
+ ||[ الـفـصـل الـرابـع ]|| +


في مملكة "هاورا"

- "ناينوا"..؟
رفع الملك "ناينوا" رأسه من الكتاب الذي كان يطالعه و رأى أمامه شقيقته "ياسمين" .. – شعر بني مموج و عينين عسليتين واسعتين –
قالت بعد ان جلست بجانبه: سمعت من "اُبَيْ" أنكم ألقيتم القبض على آخر جماعة للثوار ... و أنك ....
أغلق "ناينوا" الكتاب و نهض قائلاً: أصدرت حكماً بإعدامهم ...
فتحت "ياسمين" فمها لتتحدث لكنها سكتت و أشاحت بنظرها لليمين .. ثم قالت: أجل .. و لكنهم .. كانوا .. كانوا جزءاً من شعبك .. كيف تفرط بهم هكذا؟
أدار ظهره ليقابلها و قال: من يخون العرش لن يكون ابن مملكته!! .. و لا يستحق سوى الموت ..
صمتت "ياسمين" لمدة ثم قالت و قد أحنت رأسها: آسفة .. "ناينوا" لم أقصد إزعاجك ..
ابتسم "ناينوا" و قال: أعلم هذا .. أنت تتعاطفين معهم و حسب لكن هذه المجموعة كانت في لحظة ما ستقضي على شقيقك .. – التفت – أنا ذاهب .. اسمحي لي فلدي بعض الأعمال ..
هزت "ياسمين" رأسها موافقة ثم خرج "ناينوا" و اتجه نحو الصالة الملكية و صاح طالباً "أُبي".. دخل بعد فترة قصيرة شابُ في الـ21 جميل إلى حد جعل منه عدواً لكثير من الرجال .. لكن لا أحد ينكر أنه الفارس الأول في المبارزة و القتال بعد الملك "ناينوا" طبعاً.. انحنى الفارس و قال: أرسلت في طلبي؟ ..مولاي..؟
نظر إليه "ناينوا" بحدة ثم تنهد و قال: لن أكثر القول .. من الآن فصاعداً لا أخبار تصل إلى الأميرة "ياسمين" .. واضح؟
لم تتغير تعابير وجه "ابي" و بقيت جادة ثم قال: المعذرة يا مولاي..
ابتسم "ناينوا" و قال: أنت تعرف إلى أي درجة أثق فيها بك ..

- لست بحاجة لذكر هذا مولاي.. أنا خادمك المطيع ..
تململ بعض الجلوس من كلمات "ابي" و وصفها أحدهم هامساً إلى زمليه: إنه ينافق و حسب ..
نهض "ناينوا" من مكانه و نهض كل الجالسون معه و أعلن قائلاً: حدث تسلل الأمير "آلاي" ... كلكم علمتم به .. لا أريد أن اسمع عنه شيئاً بعد اليوم أو أن يصل خبره إلى فرد من أفراد الشعب ..... هل كلامي واضح؟؟
أذعن الجميع بالموافقة لكن المستشار "باهر" تقدم قائلاً: اسمح لي و لكن لا يمكننا غض النظر عما حدث يا مولاي ..
نظر "ناينوا" إلى "باهر" ذلك المستشار الذي طالما كان مخلصاً لوالده قبل وفاته .. أو بالأحرى قتله و عزله من السلطة .. كان "ناينوا" حينها في الـ19 من عمره استطاع بذكائه و مساعدة "باهر" في استعادة العرش دون منغصات تذكر و بكل سهولة .. لكن الأمر بعدها لم يكن سهلاً .. فتذبذب أبناء المملكة و عدم ثقتهم التامة بمقدرة "ناينوا" على الحكم بالإضافة إلى بعض الفقر الذي أصاب مناطق عديدة من المملكة .. جعلت كرسي الحكم هدفاً لكثير من الثوار ..
قال "ناينوا": أرجو أن تكون الصورة واضحة لك أيها المستشار .. أنا مدين لتلك المملكة – نظر إليه بحدة و حزم قوله – و علي رد ديني ...
وقف "باهر" أمام سيده دون كلام لمدة ثم قال: بالتأكيد أتفهمك يا مولاي.. لكن إن تكرر الأمر مرة أخرى فإننا لا نرغب بإعارته أذناً صماء !!!..و إلا أثار الفوضى ..

- لولا تسرب كلامك ذاك لما أتى .. كلنا حريص في الحصول على العنقاء .. – ضاقت عيناه في تشكك – مالذي حدث بشأنها؟ .. قلت أنك ستتمكن منها؟
- فليكن الكلام لاحقاً إذا سمحت لي سيادتكم ..
فتح "ناينوا" ذراعيه و قال معترضاً: لا .. كل من في المجلس محل ثقتي و لن أفعل ذلك .. نستطيع التحدث هنا ..

- اسمح لي بأن أقول أنني لم أحصل على شئ من وراء مافعلت .. – نظر إلى "أبي" –
و نظر "ناينوا" إلى "ابي" بدوره فقال "ابي" موافقاً: تمام الصحة يامولاي .. لكن على الرغم من ذلك فكل الاشارات تدل على وصولها إلى أرضنا .. إلى الآن لم نحصل على نتيجة ..
أحنى "ناينوا" رأسه بتفهم ثم قال: لا بأس ... أنا منصرف إذاً .. بعد رد الدين لسامرا .. لا أعتقد أننا بحاجة إلى التردد صحيح؟! ..
غادر الجميع الصالة و كان كل من المستشار و "ابي" يمشيان في الممر و قال المستشار متذمرأ: لقد كان ذلك تصرفاً متهوراً من قبل سيادته ..
نظر إليه "ابي" من طرف عينه و قال: أنت تعرف صراحة الملك الزائدة ثم ثقته لم تأتِ من فراغ – نظر إلى الأمام –
ابتسم "باهر" و قال: هاهي الأميرة "ياسمين" لا بد و أنها تود الاطمئنان عليك ..
رد "ابي" بهدوء: أجل .. تلك المسكينة ..

- يبدو أنها تكن لك الكثير ...
نظر "ابي" إليه و علق كأنما لم يكن لكلامه تأثير: لست أنا .. هي فقط .. لا تستحق أن يحصل لها هذا ..
ابتسم المستشار و أحنى رأسه قائلاً: هل ستكرهني بعد ما فعلته بك؟! ... – رقق صوته – عزيزي .. "أبي" – وضع كفه على كتف "ابي"–
نفى "أبي" كلام "باهر": كلا .. بالتاكيد لا!
غادر "باهر" بعد أن ابتسم لـ"أبي" ..
لوح "ابي" بيده لـ"ياسمين" التي ابتسمت في فرح و أسرعت المشي نحوه و قالت قبل أن تصل إليه: ألم يكن ذلك المستشار "باهر"؟؟ ...
أحنى "ابي" رأسه موافقاً و قال: أجل .. . لقد تذكر بعض الأعمال ..
ابتسمت قائلة: هكذا إذاً!! .. ماذا عنك أنت؟

- تقصدين "ناينوا"؟ – احمر وجهه مرتبكاً – المعذرة آنستي أقصد الملك "ناينوا" ..
ضحكت "ياسمين" و قالت: لا بأس بمناداته هكذا عندما تحدثني ... فأنتما صديقان حميمان .. – تغيرت نظراتها إلى الهدوء – كما أنه لا بأس بمناداتي بـ .. "ياسمين" فقط ..
نظر إليها "ابي" و ابتسم متابعاً: لقد طلب مني أن لا أخبرك بشئ مرة ثانية لا أكثر ...

- الحمدلله ... لقد كنت قلقة ... أحياناً لا استطيع توقع ما سيقدم عليه ...
نظر إليها "ابي" بلطف و أخرج من جيبه وردة و قال: لقد قطفت هذه الوردة هذا الصباح .. إنها جميلة جداً ... تفضلي ..
احمر وجه "ياسمين" و قالت في سعادة: شكراً لك ..... "ابي"..
ابتسم "أبي" و قد علت على وجهه مسحة حزن و قال: العفو ....... "ياسمين"


*~*~*~*~*~*~*~*~*


هبط "آلاي" على الأرض سريعاً .. لن يشك أحد بوجودنا هنا بعد ابتعادنا عن تلك المنطقة .. لم يبق القليل لوصولنا إلى القصر .... لكن – التفت إلى "نيرا" التي حدقت به مستفهمة فتغيرت تعابيره إلى الإحباط – "نيرا" لا تذكر شيئاً مما حصل! ... يالها من خسارة! ...
أمسك "آلاي" بيد "نيرا" و حثها على المسير: لا تتركي يدي مهما حصل واضح!؟ ...
اومأت "نيرا" برأسها و قالت: حسناً .... – صمتت لمدة – "آلاي" .. هل سنصل إلى بيتك قريباً؟ ...
أجاب "آلاي" و هو يتابع مسيره: أجل لا تقلقي ... لقد اقتربنا كثيراً.....
صمت الاثنين و تابعا مسيرهما لفترة التفت "آلاي" متشككاً و قال: "نيرا"؟؟
كانت "نيرا" تمشي ببطء و تتنفس بصعوبة و لم تجبه فقال بقلق: هل أنت بخير؟ "نيرا"؟
شعرت "نيرا" بالدوار و سقطت فجأة مغماً عليها و صاح "آلاي": هي ماذا بك؟ "نيرا"؟ تماسكي..
ارتبك "آلاي" و لم يعرف كيف يتصرف فحملها فوراً و أخذها جابناً ليبعدها عن الطريق فمدد "نيرا" على الأرض و نظر إليها بقلق ثم تصلب في مكانه و فتح عيناه دهشة ...!!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*




- "كيندة" ... "كيندة" .. أنت هنا؟
التفتت "كيندة" و رفعت خصلات شعرها إلى الخلف و أجابت: أنا هنا "جلنار" ... ماذا هناك؟؟
دخلت "جلنار" إلى غرفة شقيقتها التي كانت تجلس قرب نافذة غرفتها الأرضية تراقب الحديقة ..
قالت "جلنار" متذمرة: أنا أبحث عنك منذ مدة و أنت هنا... مالذي تفعلينه بالله عليك؟
ابتسمت "كيندة" و قالت: آسفة .. لم أقصد أن اقلقك بشأني .. فقط شعرت برغبة في البقاء لوحدي.. مالذي جاء بك؟
فتحت "جلنار" عينيها و التفتت يميناً و يساراً لتتأكد من أن لا أحد هنا و أغلقت الباب وراءها ثم قالت: نحن في مشكلة .. فقد سأل والدي عنه!!!
شهقت "كيندة" و قالت: ياإلهي !! و أنتِ ماذا قلتِ له؟
اقتربت من شقيقتها: لم يسألني أنا .. لقد سأل "شانوران" عنه و بالطبع لم يعرف أين هو و تضايق كثيراً ... أقصد "شانوران" إنه حاد الطباع كما تعلمين ..
سألت "كيندة" بقلق: و ماذا حصل؟
ارتبكت "جلنار" و استندت على الباب و أحنت رأسها و قالت ببطء: حسناً ... لقد ...
صاحت "كيندة": ماذا؟
أجابت "جلنار" بارتباك: لقد .. أعني أنه أرسل في طلبك....!! فقد تأخر كثيراً و والدي قلق بشأنه! ..
نهضت "كيندة" من مكانها و صاحت: ماذا؟؟؟
همست "جلنار" منبهة: اهدئي و إلا سمعنا أحد ...
اعترضت "كيندة" قائلة: لماذا أنا بالذات؟ لا أستطيع أن أكذب عليه......
قالت "جلنار" بابتسامة: تعرفين كم هو قريب منك فهو لا يثق إلا بك ... و قد خرج مطمئناً من تغطيتك له!!
احمر وجه "كيندة" و قالت: الأمر ليس كذلك ... ثكلته أمه .. ماذا سأفعل...؟؟ - تنهدت بعمق –
نظرت إليها "جلنار" بطرف عينها و قالت: حسناً .. أعتقد أنه لا مفر لك من مواجهة والدي! إنه ينتظرك في الحديقة الخضراء ..
صمتت "كيندة" و لم تجب ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


وضعت "جلنار" رأسها على الطاولة و تنهدت مطولاً .. لقد تأخرت "كيندة" كثيراً ! .. ترى هل ستتمكن من إقناع والدي بحجة ما؟! .. رفعت رأسها بسرعة ثم رفعت يديها إلى الأعلى لتتمطى ..
هبت رياح من الشرفة فجأة ففزعت "جلنار" التي تطايرت خصلات من شعرها على وجهها .. نهضت من مكانها باتجاه الشرفة و ظنت لوهلة أنها شاهدت خيالاً لشخص ما لكنها لم تتيقن الأمر ..
التفتت حولها فلم تلحظ سوى السكينة .. تقدمت نحو باب الشرفة و استنشقت الهواء ..
مشت بخطوات رشيقة في الغرفة الواسعة ثم دارت حول نفسها و هي تدندن.. توقفت فجأة و حدثت نفسها بصوت مرتفع: كم الأمر ممل !!
وقع نظرها على كتاب موجود على طاولة في زاوية الغرفة فتقدمت نحوه مباشرة و سحبته سريعاً لتقلب صفحاته بسرعة ..
التفتت خلفها و قلبت نظرها ببطء ثم عزمت أمرها و سحبت الكتاب معها لتخرج من الغرفة على عجل ..
أغلقت الباب مخلفة الغرفة الصامتة و النسيم يهب بهدوئه الخافت فيها .. تتطاير الستار الشفاف داخل الغرفة بفعل الهواء ..
و ببطء على سرير "كيندة" بدأ خيالين لشخصين بالظهور ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


تنهدت "كيندة" بعمق و هي تمشي في ممر القصر .. تذكرت محادثتها مع والدها ..

[ تأخره في العودة سيعود علينا بالمشاكل .. فلو انتشر الخبر و نحن لا نعلم وجهته الفعلية قد تتجه أصابع الاتهام إلى هاورا فوراً .. ]
أحنت "كيندة" رأسها بأسى و فكرت في نفسها .. عد بسرعة .. أرجوك ..
لاحت صورة من الماضي في مخيلتها لامرأة تصرخ: أميرتي العزيزة بسرعة ..
ثم صرخة لها و هي تنادي: "راااااازي" !!
هزت "كيندة" رأسها بقوة .. لا .. لا أريد مزيداً من الألم ..
ركضت سريعاً باتجاه غرفتها دون أن تعي أنها اصطدمت في طريقها بشقيقتها "جلنار" التي التفتت بدهشة: "كيندة" !؟ .. ماذا بك؟
دخلت "كيندة" غرفتها و دفعت الباب خلفها لتوصده ..
سمعت طرقاً من الجهة الأخرى فإذا بها "جلنار" تنادي: "كيندة" .. عزيزتي هل أنت بخير ؟! ..
رفعت "كيندة" رأسها و اتسعت عيناها في دهشة عندما شاهدت أحدهم موجوداً في غرفتها


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
04-07-2010, 13:20
*~*~*~*~*~*~*~*~*


صاحت "كيندة": "آلاي" !!!!!!!
تقدم "آلاي" نحوها سريعاً و هو يشير لها بأن تخفض صوتها
فتحت "جلنار" الباب سريعاً و هي تصيح: عاد "آلاي" !؟ ..
ركض "آلاي" سريعاً نحو "جلنار" و سحبها ليوصد الباب ثم قال: اهدأا .. لا أريد لأحد أن يعلم بوجودي بعد!
رفع يده و فرك رأسه قائلاً: آسف ..
حول نظره إلى "كيندة" التي ابتسمت بمودة: حمداً لله على سلامتك .. أصبتني بالهلع يا أخي! .. لقد سأل والدي عنك و بالكاد تمكنت من إقناعه من أنك بخير و ستعود قريباً ..
اومأ "آلاي" برأسها سريعاً كمن يحاول التهرب من الكلام الموجه له ثم قال بسرعة: "كيندة" !! أنا بحاجة إلى مساعدتك ! ..
اتجه نحو السرير فصاحت "كيندة" مصدومة: من ... من هذه؟
كانت "نيرا" مستلقية على سرير "كيندة" و هي غائبة عن الوعي
قال "آلاي": سأشرح الأمر لك لاحقاً ... ساعديها .. إنها مريضة..!!
"جلنار" في تساؤل: من أين أتيت بها؟؟
صاحت "كيندة": "آلاي" مالأمر....؟؟
وضع "آلاي" يداه على كتفي شقيقته و قال: أرجوك اعتني بها .. أنا ذاهب لمقابلة والدي الآن .. لا تقلقي .. ساعديها فقط!!

- ياإلهي!! ... حرارتها مرتفعة..!!
التفت "آلاي" إلى "نيرا" ثم نظر إلى "كيندة" تفهمت "كيندة" كلامه و قالت: اترك الأمر لي سأعتني بها ...
ضغط على كتف شقيقته و قال بحزم: عندما أقول أنه أنت من يعتني بها ... لا تسمحي لأحد غيرك أنت و "جلنار" من الاقتراب منها .. انتبهي .. سأخبرك بكل شئ لاحقاً .. فقط افعلي ماآمرك به...
أومأت "كيندة" برأسها في قلق و قالت: فهمت .. لا تقلق إذاً ..
ضغط "آلاي" على كتفي شقيقته: انتبهي أن لا يكتشف أحد وجودها! .. أنا أعني قولي!
أجابت "كيندة" بحزم بعد أن رأت النظرة الجادة في عيني "آلاي": دع الأمر لي..
ابتسم "آلاي" براحة و قال: شكراً لك ... لن أنسى لك هذا الجميل...!!!
قطبت "كيندة" جبينها و قالت في تذمر: حسناً .. حسناً .. أي جميل منهم تقصد؟ لم ترد جميل أي منهم...!!!
ابتسم "آلاي" متجاهلاً و قال: نعم .. شكراً لك ... – وغادر الغرفة –
صاحت "كيندة": هي "آلاي" ..!!
لم يجبها "آلاي" و صفق الباب وراءه .. كتفت "كيندة" يديها و قالت محدثة "جلنار": ذلك الـ"آلاي" .. ماذا نفعل؟

- هي "كيندة" تعالي و ساعديني إنها متعبة حقاً ..
تنهدت "كيندة" و اتجهت نحو السرير و هي تقول: حسناً .. فهمت .. "آلاي" ... لا يهتم بالنساء أبداً .. فمالذي فعله هذه المرة؟

- ربما اشتراها في الطريق ... وهي حامل الآن!!!
صدمت "كيندة" و صاحت بأختها: "جلنار" توقفي عن هذا...!! كوني جادة على الأقل..
اقتربت من "نيرا" و وضعت يدها على جبينها و قالت "جلنار": ها؟ كيف هي؟
أجابت "كيندة" ببطء: لا يمكن أن تكون حاملاً .. مستحيل!!
صاحت "جلنار": "كيندة" !!!! أين الجدية التي تحدثت عنها؟
استعادت "كيندة" رباطة جأشها و قالت: حسناً .. لا بأس!! فلنبدأ العمل .. "جلنار" أحضري بعض الملابس الخفيفة ... لا تدعي أحداً يلاحظك .. انتبهي!!
أومأت "جلنار" برأسها و انطلقت من فورها في حين نظرت "كيندة" إلى "نيرا" متسائلة .. ملابسها غريبة حقاً !! و لم تر مثلها.. لكن لا بد و أن هنالك أمرا محير ورائها .. قامت "كيندة" ببدء عملية معالجة "نيرا" بوضع كفها على جبين "نيرا" .. تنهدت "نيرا" و فتحت عيناها ببطء مستعيدة وعيها ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


رفع الملك رأسه عندما صاح الحارس معلناً وصول الأمير "آلاي" دخل "آلاي" و أغلق الباب خلفه .. نهض الملك من مكانه و أمر بإخلاء الصالة إلا منه و من ابنيه .. ثم قال بعد خروج حاشيته: "آلاي" ... أين اختفيت؟ ما كل هذا التأخير؟!!!
اقترب "آلاي" بين يدي والده و انحنى معتذراً: اطلب عفوك جلالة الملك... فلو أخبرتك بوجهتي لما سمحت لي ..
أجاب عليه معلقاً: لقد أثار غيابك الفوضى هنا ... تخلفك عن حضور الاجتماعات و مجلسي .. هذا كثير ..
أحنى "آلاي" رأسه أكثر: المعذرة اطلب عفوك مولاي .. لم أقصد أن اترك الأمر سراً و لكني اضطررت إلى هذا...
قلب الملك نظره في صالته و تنهد ثم قال: لا بأس بمناداتي بوالدي .. فلا أحد هنا ... توقف عن الرسميات "آلاي" ..
رفع "آلاي" رأسه و قال: آسف يا والدي..
قال والده: لقد غادرت دون استئذان مني .. و لا حتى من أحد أخويك..!! ماذا لو أصابك مكروه؟
نظر الأب إلى ابنيه "هايل" و "شانوران".. ففي حين كان "هايل" قليل الكلام كان "شانوران" حاد الطبع سريع الغضب و لم ينطق أي منهما بشئ أبداً .. تنهد ثم نظر إلى "آلاي" و قال: اسمعنا مالديك إذاً ..
أحنى "آلاي" رأسه و قال: لقد ذهبت إلى مملكة "هاورا" ..
ما إن اكمل "آلاي" كلماته حتى نهض "شانوران" صائحاً: كنت جاداً!!!؟ أنت أحمق لترمي بنفسك إلى التهلكة هناك؟ نحن في حرب ألا تعرف؟
نظر الملك في غضب إلى ابنه و نهره قائلاً: "شانوران" ...!! ماهذا الكلام؟ .. احترم مجلس والدك على الأقل ..
أحنى "شانوران" رأسه و قال: المعذرة .. – نظر إلى "آلاي" – رأيت مافعل .. سيثير الفوضى هكذا ..
رفع الملك كفه لإيقاف كلام "شانوران" ثم قال: حسناً "آلاي" ... و قصدك؟
أجاب "آلاي": كل ما قصدته من ذلك .. هو تحسس الأخبار فقط ... لقد وصلني كلامٌ بخصوص – تردد في القول قليلاً – اقتراب ظهور العنقاء هناك .. و إن حصل ذلك فعلاً .. سنفقد قوتنا ضد هاورا إذ أنهم سيحصلون سيف "سينارا" ....
جلس الملك و قال: أجل سمعت بذلك .. لكن أغلب الظن أنه مجرد هراء – ضحك باستهزاء – لا يصدق! .. العنقاء ليست سوى اسطورة ظهرت لتزرع الأمل في العقود الماضية و حسب!! نادى بها أحد المشعوذين التائبين من استخدام السحر الأسود .. ليست سوى محض أكاذيب لا غير .. يبدو أن معنويات هاورا في الحضيض .. لست تؤمن بوجودها "آلاي" .. ؟
أحنى رأسه و أجاب بهدوء: العفو مولاي .. لكن حدسي و كل جزء من جسدي يشعر بها .. و هو مادفعني للذهاب إلى هناك .. ظننت أنهم قد حصلوا عليها.. و كما يقال ... جميع المخطوطات الأثرية كانت تدل على ظهورها!!

- غالباً ما يندفع الشباب نحو هذه الخرافات دون تفكير .. – تنهد – حسناً و هل وجدت شيئاً؟
أشاح "آلاي" بنظره بعيداً و قال: لا ... لا شئ أبداً ..
نظر الملك إلى ابنه بتأمل: أ رأيت؟ .. لم تحصل على نتيجة!! انتبه يا بني .. لا أريد لك أن تتهور! .. أنت تعرف أن أحدنا لا يريد تكرار المأساة! .. لا نريد أن نضحي بأناس أبرياء!
نهض "شانوران" من فوره و قال: استأذنك بالخروج يا والدي....
أحنى الملك رأسه بالموافقة و غادر "شانوران" الصالة ... بينما كان "هايل" ينظر إلى "آلاي" بهدوء .. التفت الملك لـ"آلاي" و قال: في المرات القادمة لا مزيد من الخروج هكذا دون علم .. على الأقل تستشيرني أو "هايل" ... أو حتى "شانوران" ...
أذعن "آلاي" لكلمات والده و استأذن بالخروج و أذن له مغادرة الصالة الملكية .. التفت الملك لابنه "هايل" الذي كان صامتاً طوال الوقت و قال: مارأيك..؟
نظر "هايل" إلى والده و قال: لم أستطع الحصول منه على شئ
تنهد الأب و قال: لقد كان "آلاي" يكذب علي ... لم يطلعني على الحقيقة .. عندما لا ينظر إلي في عيني ... أعرف بأنه يخفي عني شيئاً...إنها عادته .... لم يصدقني القول ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" عينيها و رفعت يدها إلى جبينها .. شعرت ببعض التحسن فتنهدت ثم اتسعت عيناها و نهضت من فورها و صاحت: "آلاي"...؟؟
التفت إليها كل من "كيندة" و "جلنار" مندهشتين و قد كانتا جالستين عند النافذة فقالت "كيندة": استعدت وعيك إذاً؟
سألت "نيرا" في ذعر: من أنتما؟ ... – جالت عيناها المكان – أين أنا...؟ أين "آلاي" ؟!
ابتسمت "كيندة" بلطف و قالت: لا تقلقي يا عزيزتي .. أنتِ في القصر الآن و قد وكلنا "آلاي" بالاعتناء بك ..
اقتربت منها "جلنار" و قالت: أنت تثيرين الفضول حقاً ...!! من أين أنت؟ و ماسمك؟؟
سألت "نيرا" باستفهام: مالذي تعنينه بالقصر؟ .. أين ذهب "آلاي"؟
لاحظت "كيندة" القلق البادي على وجه "نيرا" .. لم تألف المكان! .. هل أخبرها "آلاي" بشيء يا ترى!؟ .. من أين أتى بها؟! ..
ابتسمت "كيندة" بلطف و قالت موجهة كلامها إلى "نيرا": أنتِ بأمان هنا الآن .. أنا "كيندة" شقيقة "آلاي" .. و هذه شقيقتي "جلنار" .. لقد أتي بك "آلاي" منذ فترة لأنك كنت متعبة و قد طلب منا الاعتناء بك .. هل تشعرين بتحسن؟! ..
اومأت "نيرا" برأسها بهدوء ثم قالت بعد صمت: شكراً لك ..
سألت "جلنار" بتلهف: أنت من سامرا!؟ ..
نظرت إليها "نيرا" بارتباك و هزت رأسها نافية ثم سألت: لا .. لست كذلك .. أ .. أين ذهب "آلاي"!؟ ..
أجابت "كيندة": ذهب لمقابلة والدي! ..
صمتت "نيرا" للحظة ثم قالت: أنا .. "نيرا" .. – أشاحت بوجهها قليلاً و تابعت بصوت متردد – هل أخبرك "آلاي" شيئاً عني؟! ..
هزت "كيندة" رأسها نافية في حين قالت "جلنار" : أخبرينا أنت !! الأمر غريب حقاً! .. بملابسك الغريبة تلك! من أين أنت!؟ ..
اطبقت "نيرا" شفتيها في قلق في حين حولت "كيندة" نظرها إلى "جلنار" و قالت: لا تزعجيها "جلنار" فهي متعبة ..
قالت "جلنار" بهدوء: أنا .. آسفة ..
"كيندة": لمَ لا تذهبين لقراءة كتابك إذاً؟!
أجابت "جلنار" بسرعة: أ تريدين أن تتخلصي مني؟! .. لقد اعتذرت و سأتوقف عن سؤالها!
تنهدت "نيرا" .. كم أشعر بالتعب حقاً ... أريد العودة حالاً .. إني افتقد الجميع ... وصلت إلى مكان لا أدري إن كنت سأعثر فيه على طريق عودتي! .. و تلك الأمور الغريبة التي تحصل معي ... أنا .. أنا .. دمعت عينا "نيرا" و انكبت على وجهها تبكي بحرارة ... أشعر بالوحشة الشديدة ... !
ارتبكت كل من "كيندة" و "جلنار" و قالت الأولى: "نيرا" عزيزتي! .. ماذا بك ؟! .. هل تشكين من شئ؟! ..
قالت "جلنار" و هي خارجة: لا تقلقي.. سأنادي على "آلاي" .. – حدثت نفسها – علي أجده سريعا
انتحبت "نيرا" بينما وضعت "كيندة" يدها على ظهر "نيرا" تربت عليها بهدوء ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


|[ نهاية الفصل الرابع ]|

KannaSwan
08-07-2010, 14:01
+ ||[ الـفـصـل الـخـامـس ]|| +


خرج "آلاي" من غرفته بعد ارتداء الملابس الرسمية .. و انطلق متجهاً للاطمئنان على حال "نيرا" .. و عندما عبر إحدى الممرات ظهرت فتاة من الخلف و صاحت: "آلاي"!!!
التفت "آلاي" ليرى شقيقته "مريم" تتجه نحوه بسرعة و تعانقه بشوق و قالت:سمعت من "شانوران" بأنك ذهبت إلى هاورا.. حمداً لله على سلامتك .. لقد قلقت عليك كثيراً ..
"مريم" الأخت الكبرى عمرها 24 سنة .. شعرها أسود لف إلى الأعلى بينما انسدلت خصلات طويلة منه على جانبي وجهها .. ذات ملامح هادئة و عينين توحي بالطمأنينة ..
ابتسم "آلاي" و أرخت "مريم" ذراعيها و قال: آسف لم أقصد أن أقلقك .. أنا بخير كما ترين ..
ضحكت "مريم" و قامت بمعانقته مرة أخرى في حين قال "آلاي": لا داعي للقلق فلم أعد طفلاً ..

- لكنك تتصرف بتهور أحياناً و هذا ما أقلقني ..
تابع "آلاي" مشيه مع "مريم" و سألته: حسناً .. هل وجدت شيئاً؟
رد بهدوء: لا .. لا شئ يذكر ... كيف هو حال "جنان"؟
علت مسحة من الحزن وجه "مريم" و قالت: أنا حقاً لا أدري .. لكن و الحمدلله فإن حالها تحسن عن الأمس.. لقد انزعجت و تضايقت كثيراً كما تعلم ..
لم يرد "آلاي" على الفور لكنه نظر إلى الأمام ثم قال: أخشى بأننا قد استعجلنا في اتخاذ القرار ..
اومأت "مريم" برأسها ثم قالت: حسناً .. أنا ذاهبة إلى "توكي" الآن لقد أخبرته بأني سأسلم عليك و سأعود للخروج معه..

- أنتما مغادران؟
- أجل سنلحق بـ"شانوران" .. للتجول معاً ..
- هكذا إذاً ... انتبهي لنفسك ..
غادرت "مريم" شقيقها بابتسامة و لوح "آلاي" لها مودعاً .. ثم ظهر "هايل" في آخر الممر ماشياً مقابل "آلاي" .. ارتبك "آلاي" و تابع طريقه بهدوء إلى أن مر بجانب شقيقه محنياً رأسه للأسفل و تنهد بهدوء .. توقف "هايل" و التفت نحو شقيقه قائلاً: أين هي؟
جفل "آلاي" في مكانه و اتسعت عيناه و رد ببطء دون أن يلتفت: من؟
قال "هايل" مقترباً منه: تعرف من أقصد..!! – وضع كفه على كتف "آلاي" و انحنى نحو أذن "آلاي" هامساً – العنقاء!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


بادرت الشمس بالمغيب في مملكة سامرا ..
كانت "نيرا" تجلس على سرير "كيندة" بهدوء فبعد خروج "جلنار" بقليل لحقت بها "كيندة" لتترك "نيرا" ترتاح و لترى السبب الذي جعل "آلاي" يتأخر عن القدوم ..
تنهدت "نيرا" بعمق و حولت نظرها نحو الشرفة وقفت تتأمل ملابسها الفضفاضة التي ترتديها ثم تقدمت تمشي ببطء نحو الشرفة لترى أمامها حديقة خلابة و جملية جداً .. تعجبت و تسائلت عن ماهية هذا المكان .. حسناً .. إن هذا المكان أغرب من الخيال .. لابد و أني في حلم .. قلبت "نيرا" النظر في الخارج و فوجئت برؤية أحدهم .. لقد ظنت لأول وهلة أنها رأت خيالاً لكن الأمر اتضح لها لاحقاً ... لقد كانت فتاة ذات شعر أسود طويل جداً .. تابعت الفتاة مسيرها إلى أن اختفت عن انظار "نيرا" ..
التفتت "نيرا" فجأة نحو الباب إثر فتحه من قبل أحدهم .. و ترقبت الداخل فإذا به شاب ذا عينين رماديتين هادئتين بملامح باردة .. و وجه وسيم .. بقي الشاب واقفاً عند الباب ينظر بهدوء إلى تلك الفتاة ذات الوجه الشاحب و العينين الزرقاوين الواسعتين .. و شعرها الأسود منسدل حتى أسفل كتفيها بقليل ..
شعرت "نيرا" بالخوف و تراجعت إلى الخلف قائلة: من .. من أنت؟؟ ..
أغلق "هايل" الباب خلفه و استند عليه ثم قال بهدوء: هذه أنت إذاً !- راقبها بنظرات متفحصة –
بادلته "نيرا" النظرات بقلق و لم تجب فتابع : أنا شقيق "آلاي" الأكبر "هايل" ..
تذكرت "نيرا" كلام "آلاي"

[ صدقيني سأبذل جهدي لإعادتك لنصل إلى مملكتي أولاً و سأطلب من أخي مساعدتك أعدك! ]
تهلل وجهها فرحاً فهاهو شقيق "آلاي" الذي سيعيدها .. انطلقت نحوه بسرعة و هي فرحة و قالت بتلهف: ستعيدني إلى وطني؟ لقد قال "آلاي" ذلك .. أنت تستطيع أن تفعل هذا صحيح؟ أريد العودة إلى موطني .. أرجوك ساعدني !
اتسعت عينا "هايل" و تراجع بخطوة مترددة إلى الخلف ثم أحنى رأسه و قال: المعذرة .. أنا .. لا استطيع
نظرت "نيرا" إليه مستفهمة و قالت بصوت خافت: مـ .. ماذا تعني؟ ..
لم يجبها "هايل" و إنما بقي ينظر إليها فقالت: لا تستطيع مساعدتي؟ .. من سيعيدني إذاً؟ .. أريد العودة إلى موطني .. أخي .. "جدتي" .. و أختي الغالية !! .. لا يمكن ... إلى متى سأمكث هنا؟ - هزت "هايل" من ذراعيه – إلى متى؟ .. أرجوك .. أرجوك ساعدني – افلتت ذراعه ببطء و احنت رأسها و بدأت بالسعال فجأة –

- الأمر ليس بيدي ..
رفعت "نيرا" رأسها و نظرت إليه بدهشة فتابع: أمرك غريب .. لست من هنا .... و لكنك .. – يتذكر "هايل" كلام "آلاي" .. لا تخبرها شيئاً عن العنقاء .. أرجوك .. فلنعدها و حسب .. – لن تعودي إلى موطنك ...... هذا كل ماأستطيع قوله ...
حدقت "نيرا" بصدمة إليه ... إنه جاد !!! ... لكن .. أنا لا أريد أن ..
قالت "نيرا" بصوت مرعوب: كذب! .. لا أصدق .. !
فُتِحَ باب الغرفة بقوة و دخل "آلاي" و صاح: "هايل" ..
التفت "هايل" دون تعليق .. و توقف "آلاي" عن الكلام عندما وجهت عينا "هايل" كلاماً نحوه و لم يستطع توجيه أي كلام ضده شقيقه الأكبر أبداً .. أحنى رأسه و اتجه نحو "نيرا" و جلس مقابلها.. فقاطعه "هايل" قائلاً: لن أقول شيئاً .. لكن تذكر أن قول الحقيقة يقيك الحوادث القادمة .. – أدار"هايل" ظهره و غادر الغرفة –
نظر "آلاي" بقلق إلى "نيرا" التي كانت مصدومة و حاول استنطاقها: "نيرا"؟؟
قالت "نيرا" بصوت منتحب: كذب! .. مستحيل! .. أنا .. – حولت نظرها إلى "آلاي" بعينين تملؤهما الدموع – "آلاي" ! .. "آ .. لا ..
اشفق "آلاي" على حال "نيرا" فجذبها " إلى حضنه سريعاً و عانقها قائلاً: لا عليك مما قاله "هايل" .. لقد وعدتك بأن أعيدك إلى موطنك و أنا عند وعدي سأبذل جهدي صدقيني ..
دمعت عينا "نيرا" بألم و رفعت يدها ممسكة بقميص "آلاي" و بدأت بالبكاء بينما كان "آلاي" يهدؤها بلطف كما لو كان يعامل طفلاً ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


قالت "نيرا" بصوت خجل: أنا آسفة على تطفلي بهذه الطريقة ..
وضعت "كيندة" بعض الملابس على أحد الكراسي في غرفتها و قالت بابتسامة: لا عليك عزيزتي .. فكلنا معرضون لمثل هذه المواقف ..
احمر وجه "نيرا" و صمتت .. التفتت "كيندة" نحوها و قالت: اعتذر لأني تركتك وحيدة لفترة طويلة .. لكن "آلاي" لا يرغب لوالدي أن يعلم بوجودك .. – ضحكت بارتباك – حسناً .. على الأقل نستطيع نحن الأخوة أن نخفي الأمر لفترة قصيرة ..
نظرت إليها "نيرا" فاقتربت منها "كيندة": أ تشعرين بتحسن!؟ .. استطيع مساعدتك على تخفيف ألمك ..
قالت "نيرا": لا .. لا أشعر بألم ..
جلست "كيندة" بجانبها و قالت بلطف: لا تترددي في طلبي إن احتجت لشئ ..
نظرت "نيرا" إلى الأسفل: شـ .. شكراً لك ..
ابتسمت "كيندة" فقالت "نيرا": هل لي بسؤال؟! ..

- بالتأكيد .. تفضلي!
قالت "نيرا" بتردد وهي تنظر إلى "كيندة" بطرف عينها: في أي نوع من الأماكن نحن؟! ..
اتسعت عينا "كيندة" و قالت: أ لم يطلعك "آلاي" على شئ!؟ ..
هزت رأسها بارتباك و تابعت بخجل: كلا ... فقط أعرف أني في مملكة ما .. – حولت نظرها إلى "كيندة" بعينين راجيتين – أنا لست من هنا .. و المكان غريب علي! .. لذلك ..
أحنت "كيندة" رأسها بتفهم و قالت: لا عليك .. سأخبرك بكل ما تريدين .. لكن أولاً أريد منك أن لا تشعري بالوحدة .. – أمسكت بكفي "نيرا" – نحن هنا معك .. سنكون كالعائلة الواحدة إلى أن تتمكني من العودة إلى موطنك .. اتفقنا!؟ ..
اومأت "نيرا" برأسها فتابعت "كيندة": هذه المملكة .. – أفلتت يديها من "نيرا" و نهضت تمشي للأمام – تدعى – فردت ذراعيها – سامرا – التفتت نحو "نيرا" – إنها واحدة من أربع ممالك في الصحراء الشرقية و أيضاً – سحبت "نيرا" من ذراعها و قادتها إلى الشرفة ثم أشارت إلى نجم يسطع في السماء – تلك النجمة اللامعة في السماء .. هي نجم سامرا ..
حدقت "نيرا" بالنجوم الأربع التي تراها بشرود .. أي منها لسامرا!؟ ..
نظرت "كيندة" إلى "نيرا" و لاحظت شرودها فقالت محاولة تشجيعها: "نيرا" لا تفكري بالأمر كثيراً .. أ تريدين أن أعلمك تعويذة لسحب الوحدة؟! ..
تفاجأت "نيرا" عندما طوقتها "كيندة" بذراعيها و عانقتها بحرارة: انظري! .. نحن صديقتين الآن ..
أفلتتها "كيندة" و نظرت إليها قائلة: أنا معك! ..
عاودت "كيندة" لمعانقتها من جديد و قالت: لا داعي للشعور بالوحدة
ابتسمت "نيرا" بهدوء و قالت و هي تحيط "كيندة" بذراعيها: شكراً لك ... "كيندة" ....


*~*~*~*~*~*~*~*~*


صباحاً في مملكة "هاورا" ...
كان كل من "باهر" و "أبي" في إحدى الغرف .. في حين كان "أبي" يجلس على طاولة كان "باهر" يطل برأسه من النافذة التي اعتاد على الوقوف أمامها عندما يفكر ..
قال "أبي": مالذي قررت فعله سيدي؟ ...
رد "باهر" عليه قائلاً: حتى الآن لا شئ .. أنا بحاجة لمراجعة بعض الأشياء .. إن الحصول على العنقاء لن يكون سهلاً .. و لا سيما بعد هروبها إلى مملكة "سامرا" .. أنا بحاجة إليها .. إنه لأمر مزعج حقاً أن تفسد خطتي التي عملت عليها طويلاً على يد سامرا و في وقت مباغت جداً!!

- و بعد رفض الملك "ناينوا" بالهجوم ..
- أجل ... قد نكون بحاجة إلى أحدهم .. فإن استخدمت أياً من قواي السحرية فسيكتشف أمري بسهولة ..لكني لن أفف عند هذا الحد سأحادثه في الموضوع مرة ثانية !
اقترح "أبي": لمَ لا ترسل أحدهم للقيام بذلك؟!
أدار "باهر" نفسه و عاد ليطل من النافذة و قال: لربما أرسلت مبعوثاً ما ... – هز كتفيه – الأمر وارد!
قال "أبي" بعد برهة: اسمح لي بالكلام و .. لكن .. أ لا تخشَ عليها الخطر !؟
صمت "باهر" و لم يجب


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
08-07-2010, 14:05
*~*~*~*~*~*~*~*~*



- هي "كيندة"! ..
التفتت "كيندة" خلفها عندما همس لها "آلاي" منادياً فأجابت: "آلا .. ؟
رفع "آلاي" سبابته: هششش .. – التفت يمنة و يسرة ليتأكد من خلو المكان –
دهشت "كيندة" من فعل "آلاي" الذي تقدم نحوها و سحبها مدخلاً إياها معه في مكتبة القصر ..
قالت "كيندة" عندما أوصد "آلاي" الباب: ماذا هناك ؟! – تنهدت بملل – لا تقل أنك تريد معرفة أخبار "نيرا" و حسب؟! ..
نظر إليها "آلاي" بارتباك و قال: حسناً .. هذا ما كنت أريده بالضبط! ..
كتفت "كيندة" يديها: اها!؟ .. كان بإمكانك المرور بها للاطمئنان عليها ! لا حاجة لك بأن ....
قاطعها "آلاي": لكن إن انتبه أحدهم لي سيشك بالأمر! ..
نظرت إليها "كيندة" بتشكك: يشك بالأمر؟! .. أنت تدخل غرفة شقيقتك يا فتى! .. لن يتوقع أحدهم وجود شخص غريب هناك مادام الأمر سراً!!! ..
"آلاي": و هذا ماكنت أخشاه يا "كيندة" الأمر سر للآن! .. و لم اطلع والدي بالأمر بالإضافة أني طلبت من "هايل" كتمان أمرها! .. لا أدري ما علي فعله! .. – تنفس بعمق – كيف هي؟! ..
أجابت "كيندة" بابتسامة: إنها بخير .. نبهتها على عدم الخروج و إحداث أي صوت لأنك لست مستعداً لفتح موضوع وجودها ..
"آلاي": أتمنى أن لا يطول الأمر كثيراً .. أرجو من الله أن يسهل أمورنا ..
ابتسمت "كيندة" قائلة: آمين ..
جاء صوت من زاوية المكتبة: آمين ..
تبادل الأخوين الابتسام لكنهما تصلبا فجأة و التفتا يمينا فإذا بهما ينتبهان لوجود شخص يجلس على طاولة المكتب فصاحا معاً: "تـوكـي"!!!!!!!
أغلق "توكي" الكتاب الذي كان يطالعه و وضعه على الطاولة ثم نهض قائلاً: عذراً على تطفلي ..
"آلاي" بصدمة: لم يعد الأمر سراً ..
"توكي" شاب في الـ 24 من العمر .. بشعر كستنائي اللون و عينين سوداوين حادتين .. طويل القامة .. زوج "مريم" الشقيقة الكبرى ..
تقدم "توكي" نحوهما قائلاً: حسناً أيها الشابين هلا تفضلتما بتوضيح السر الذي تخبآنه عن جلالة الملك؟!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


عطست "نيرا" فجأة عندما هبت الرياح من شرفة "كيندة" ..
أغلقيها عندما تشعرين بالبرد ..
تذكرت كلام "كيندة" ذاك فنهضت من مكانها متجهة نحو الشرفة .. أمسكت بالباب لتغلقه لكنها انتبهت لوجود شئ ما بين الأشجار فاتجهت خارجة على الفور ..
تهلل وجهها و ابتسمت بسعادة و هي تراقب الصقر الواقف على الشجرة أمامها: ياااه ... ياله من طائر جميل جداً ..
ظلت تحدق في عيني الصقر الذي لم يحرك ساكناً ..
في الجانب الآخر من الصحراء و في خيمة مظلمة كان أحدهم يراقب وجه "نيرا" السعيد عن طريق بلورة ما بواسطة ذلك الصقر ..
علت ابتسامة وجه "رازي" و هو يراقب الفتاة باهتمام: هذه هي إذاً! .. يبدو أنه لا خطأ هذه المرة .. – حول نظره إلى المرأة على يمينه – لن يتكرر ما حدث سابقاً .. فلا داعي لكل هذا الخوف "ليلى" ..
تغيرت ملامح "ليلى" إلى القلق و قالت بهدوء: أتمنى ... هذا ..
حول "رازي" نظره إلى الشاب على يساره قائلاً: حسناً "غالب" .. ؟
ظل ذلك الفتى صامتاً يحدق بوجه "نيرا" .. دوام الابتسامة من المحال ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في مكان بعيد في الصحراء كانت عاصفة رملية تهب بقوة على أحد مخيمات مسافرين ..
دخل أحد الرجال إلى الخيمة سريعاً و قال: سيدي القائد "أبي"! .. إن ظلت العاصفة تهب لفترة أطول فلن نتمكن من سقي الجياد! .. إنها عطشى و بحاجة إلى الماء ..
كان "أبي" يجلس بهدوء على الأرض فقال شخص آخر: لا نزال في منتصف الطريق و الرحلة ستكون متعبة إلى سامرا! ..
قال آخر: أرجوك افعل شيئاً ..
نهض "أبي" و قال: لا بأس ..
رفع غطاء المعطف و وضعه على رأسه ثم اتجه خارجاً من الخيمة و تبعه أحد الرجال ..
أحكم "أبي" غطاء رأسه بسبب قوة هبوب العاصفة و راقب حال الخيل المربوطة خارج الخيام .. قطب جبينه .. أكره استخدام قواي ضد الطبيعة المقدرة لنا! ... – ضاقت عيناه – لكن ..
فتح عيناه على اتساعهما فلمعت إشارة ما في عينه اليمنى فإذا بالعاصفة تختفي من المكان فجأة ..
تهللت وجوه الجنود فرحاً و صاحوا في سعادة: الحمدلله !
تكلم "ابي" موضحاً: العاصفة متوقفة في نطاق تخييمنا فقط .. لقد وضعت حاجزاً يفصلنا و حسب .. لذلك لا تبتعدوا كثيراً .. – ابتسم بطلف – تستطيعون الآن سقي الخيول .. سنؤجل مسيرنا إلى الصباح كي تنالوا قسطاً أكبر من الراحة ..
علت الفرحة وجوه الكثيرين و صاحوا بتعبيرات شكر بينما أدار "أبي" ظهره للعودة إلى خيمته .. أرجو أن لا اندم على ما فعلت .. .... "باهر" مالذي تنوي فعله بتصرفك هذا؟! .. – دخل الخيمة – و كأنك تريد إعلان الحرب ؟! .. و مولاي "ناينوا" ؟!
لاحت في ذاكرته ابتسامة الملك "ناينوا" الباردة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في مملكة سامرا .. حينما يحين موعد الظهيرة .. تجتمع العائلة وحدها يومياً لمناقشة شتى الأمور .. دون المستشارين و غيرهم من كبار الشخصيات في المملكة للحصول على بعض الخصوصية بشكل أكبر ..
جلست "مريم" بجانب زوجها فقد كانت آخر الواصلين ثم حولت نظرها إلى والدها و قالت: لن تحضر "جنان" اليوم يا والدي ..
اومأ الملك برأسه ثم سألها: هل هي أحسن حالاً من السابق؟! ..
أجابت "مريم" ببعض التردد: لا أدري بالفعل .. فتراها يوماً بصحة جيدة و يوماً آخر تسوء حالتها فجأة .. أرجو أن تتحسن عما قريب ..
صمت الملك فحل الصمت المكان بأكمله ..
قطع "توكي" ذاك الصمت بصوته الهادئ: أعتقد أن لدى "آلاي" ما يود محادثتك به يا والدي ..
تحولت الأنظار فجأة نحو "آلاي" الذي فاجأه فعل "هايل"
تكلم الملك قائلاً: ماذا هناك "آلاي" ؟! ..
قال ""آلاي" بارتباك: كـ .. كلا ! .. لا شئ مهم ..
تحدث "توكي": مابالك ارتبكت "آلاي" ؟! .. أ لم تذكر لي بالأمس كيف هي أطراف المملكة !؟ ..
استوعب "آلاي" الأمر بارتباك واضح و قال متلعثماً: أ .. أجل .. كلامك صحيح ! ..
تنهدت "كيندة" بارتياح بينما حثه والده على الكلام فنهض "آلاي" من مكانه و وقف في منتصف الصالة و قال بأسلوب جاد: الأمر كما قال "توكي" .. فهو يتعلق بأطراف المملكة يا والدي .. إنها في حالة يرثى لها .. لقد فوجئت بالوضع الذي يعاني منه الناس هناك .. الفقر بادٍ عليهم و وضعهم المادي سيء جداً كما استشعرت .. لذلك .. أرى أننا بحاجة إلى تدعيم اقتصادنا أكثر خاصة في أطراف المملكة ..
عم الصمت المكان فقال "شانوران" بهدوء بعينين شاردتين: الأمر لم يكن كذلك قبل اندلاع حربنا الأخيرة ضد هاورا يا "آلاي" .. – التفت "آلاي" نحوه بسرعة –
تحدث والده قائلاً: كلام "شانوران" صحيح .. فدخلنا الاقتصادي لم يكن يوماً يكفي للمملكة بأسرها .. خاصة و أنه بعد سقوط كل من مملكتي كاترا و فوناروا لجأ بعض سكانها إلينا لذلك حصل بعض الاختلال في التوازن الاقتصادي لدينا ..
قال "آلاي" بعينين قلقتين: و الحل؟! ..
أجاب والده بهدوء: الأمر ليس بيدي .. لنأمل أن ينتعش الوضع لدينا ..
قال "آلاي" بصوت غير مسموع: لا يمكن .. لا بد أن تكون هنالك طريقة ما ... !
تحدث "توكي" قائلاً: اسمحوا لي مقاطعتي .. لكن إن وكلتم الأمر إلي سأحاول تخصيص إمدادات ما لأطراف المملكة ... أنا متأكد من أنني سأتمكن من تقليص الحالة التي يعاني منها الناس هناك ..
قال الملك موجهاً نظره إلى "توكي": هل لديك فكرة واضحة عما ستفعل إذاً؟! ..
أجاب "توكي": كلا جلالتك .. فالأمر بحاجة إلى نظرة مطولة .. و بدراسته جيداً سنتعاون على إيجاد حل ما على الأقل ..
استمر المجلس العائلي لفترة حتى همت "مريم" بالاستئذان إلا أن "هايل" قاطع نهوضها قائلاً: لمَ العجلة "مريم" ؟! .. هناك حديث يجب أن تحضريه ..
نظرت إليه "مريم" مستفهمة فهمس لها "هايل" مسلطاً نظره على "آلاي": "آلاي" ... أحضر معه فتاة ما ..
لم تستوعب "مريم" كلام "هايل" على الفور فاتسعت عيناها تدريجياً ثم صاحت بصدمة: هااااا ؟! ..
حول الجميع نظره إلى "مريم" التي كانت منحنية نحو "هايل" فقالت بارتباك و هي تستقيم واقفة: الـ .. المعذرة .. لم أقصد ذلك ..
أشاح "توكي" بنظره بنظرات تدل على الملل .. "هايل" يالك من ...
قال الملك مستفهما: ماذا هناك ؟ .. "مريم" ؟! ..
أحنت "مريم" رأسها و قالت: أنا آسفة .. لكن ..
حثها والدها على الحديث: حسناً ..
أجابت "مريم" بارتباك: الأمر ... يقول "هايل" .. أن ... – حولت نظرها إلى "آلاي" الذي كان يجلس مقابلها – "آلاي" .. أ صحيح أنك أحضرت معك فتاة ما ؟! ..
اتسعت عينا "آلاي" في صدمة بينما رفعت "كيندة" يدها إلى فمها ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


|[ نهاية الفصل الخامس ]|

KannaSwan
09-07-2010, 12:06
+ ||[ الـفـصـل الـسـادس ]|| +


كان "آلاي" يجلس على طرف أحد الشرفات المطلة على إحدى حدائق القصر و قد غطى وجهه بكلا كفيه .. إلى جانبه كانت تقف "كيندة" بصمت ..
قال "آلاي" بعد فترة دون أن يبعد كفيه عن وجهه: هي "كيندة" .. ماذا افعل الآن ؟! ..
لم تجب "كيندة" على الفور لكنها تنهدت بعمق و قالت و هي تنحني نحوه: حسناً "آلاي" .. أعتقد أن الأمر عائد لك و لها ..
أبعد "آلاي" كفيه ببطء و قال بعينين شاردتين: كيف لي أن اقول لها ذلك؟! .. أن والدي غاضب لوجودها دون علمه.. – أمسك برأسه – و أنه لا يسمح لها بدخول البلاط الملكي أبدا إلا عندما يقتنع بنفسه و يأذن لها ..
رفعت "كيندة" جسدها و قالت: إذاً لا حل آخر .. عليك أن تعتذر لوالدي و أن تقدمها لمجلس العائلة كـ ..
قاطعها "آلاي" سريعا و هو يلتفت نحوها: مستحـــيل!! .. لا تقوليها!! ..
رفعت "كيندة" كتفيها بلامبالاة: على الأقل تظاهر بأنكما كذلك حتى نستطيع إعادتها لموطنها .. أو – انحنت نحو "آلاي" بنظرات متصيدة – لا أظنك تفكر بالأمر جدياً ها "آلاي" ؟! ..
أبعد "آلاي" نظره عنها و قال متلعثماً: كـ .. كلا بالتأكيد .. فقط .. الأمر هذا لم يخطر ببـ .. ببالي .. لا أكثر ..
ابتسمت "كيندة" و هي تستقيم واقفة و قالت: حسناً إذاً .. كل ماعليك هو مصارحتها الآن .. لأنها تملك الحق في معرفة ما يدور حولها ! .. – تكتفت – أشعر بالأسى عندما اتذكر أنها لا تزال حبيسة الغرفة .. لابد و أنها تشعر بالوحدة و الملل ! ..
نهض "آلاي" واقفاً: لا عليك سأذهب إليها الآن ..
عندما استدار "آلاي" فوجئ بوجود "شانوران" أخاه يقف مستنداً على أحد أعمدة الشرفة .. التفتت "كيندة" بدورها و قالت: آه "شانوران" .. هذا أنت!؟ ..
لم يعط "شانوران" بالاً لكلمات "كيندة" و وجه كلامه فوراً نحو "آلاي": تفكر جدياً بالأمر ها؟! ..
أشاح "آلاي" بنظره و لم يجب بينما تابع "شانوران": أنت غريب بالفعل! .. ما بالك تجلب لنا المصائب واحدة بعد الأخرى!؟ ..
نظر إليه "آلاي" و تقدم ماشياً: لا شأن لك في هذا ! .. – مر بجانب "شانوران" –
قال "شانوران": "آلاي"!!!؟ .. هل تفهم معنى أن تدخل امرأة غريبة مثل تلك إلى مجلس العائلة!؟ .. – صاح بنفاذ صبر – هل ستتحمل عواقب تصرفاتك هذه !؟ .. – أشار إليه – أنت تتصرف بصبيانية واضحة! ..
نظر "آلاي" إلى "شانوران" بطرف عينه و قال ببرود: أعتقد أنك لا تملك الحق في توجيه هذا الكلام لي .. أنت بالذات يا "شانوران"!!!
فَهِمَ "شانوران" قصد "آلاي" بكلامه هذا فثارت ثائرته صائحاً: أيها الوقح! – انقض ليهجم عليه – كيف تجرؤ على قول هذا الكلام؟! ..
دخل الأخوين في شجار فصاحت "كيندة" محاولة إبعادهما: كلا! .. "شانوران" .. "آلاي"! .. توقفا حالاً!!! ..
بائت محاولات "كيندة" بالفشل فنادت: "هايل"! .. "توكي"! .. أي شخص فليأتِ إلى هنا بسرعة !!!!!
"آلاي" و هو يصارع: لا تملك الحق بالتدخل في شؤوني هل هذا واضح!؟ ..
"شانوران" بغضب: أنت الأحمق الذي يتصرف على هواه دون تفكير! .. ستندم على كلامك!!! ..
انتبه جنديان لصراخ "كيندة" فصاح أحدهما و هما يجريان نحوها: أميرة "كيندة" !!
صاح الآخر: ماذا هناك جلالتك؟! ..
لم تكن "كيندة" بحاجة إلى شرح الأمر ففور وصول الجنديين أمسكا كلاً من "شانوران" و "آلاي" و أبعداهما عن بعضهما البعض بقوة: سيدي الأمير توقف! ..

- اهدأا أرجوكما! .. اهدأا ..
قالت "كيندة" و هي تقف بينهما: "شانوران" .. "آلاي" كفى رجاءً !!! ..
صاح "شانوران" محاولاً تخليص نفسه: تباً لك !! .. أقسم أنك ستندم على كلامك ذاك! ..
صارع "آلاي" هو الآخر و صاح: حاول أن تفعل ذلك! ..
صاح أحد الجنديين: سيداي اهدأا !!! ..
جاء صوت من الجانب الآخر: ماذا هناك!؟!!! ..
أطبق الصمت على الجميع فجأة و التفتوا نحو مصدر الصوت .. اتسعت عينا "آلاي" و قال بهدوء: "هـ .. هايل"!!؟ ..
تقدم "هايل" نحوهم بينما أرخى الجنديين قبضتاهما على الشابين و قال: حسناً!؟ .. هلا شرح لي أحدكم ما يحدث!؟ ..
وجه نظره نحو الجميع ثم أمر بإشارة من يده أن يخلي الجنديين المكان فانحنيا و غادرا على الفور .. تقدم نحو إخوته عندما لم يرد أحدهم على سؤاله فتكتف قائلاً: هكذا إذاً !؟ ..
قال "شانوران" متذمراً: و هل نحن بحاجة لشرح الأمر!!؟ .. لابد و أنك قرأت أفكارنا ..
أجاب "هايل" بهدوء: و إن يكن! .. فبسردكما لي للأحداث ستعرفان حماقة تصرفكما ذاك .. – أدار ظهره مغادراً – إنه من الفداحة بمكان أن تتركا مجالاً لأحد الجنود ليرى هذا الجانب منكما! .. ضعا هذا في الحسبان .. !!
غادر "هايل" المكان بينما ظل الثلاثة في مكانهم فقالت "كيندة" بحزم بعد فترة: حسناً أيها الفتيان!! .. يبدو أنكما فهمتما ما أملاه عليكما أخانا الكبير! .. هيا – تقدمت بينهما – اعتذرا حالاً!!! ..
ارتبك كل من "شانوران" و "آلاي" للحظة فأعادت كلامها بإصرار: هيا!
قال "آلاي" بتردد و هو يبعد نظره عن "شانوران": "شـ .. شانوران" .. أنا آسف ..
نظر إليه "شانوران" للحظة ثم أدار ظهره مغادراً دون كلمة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


طرق "آلاي" باب غرفة "كيندة" ثم دخل و أوصد الباب خلفه قائلاً بهدوء: "نيرا" ؟! ..
أطلت "نيرا" بتردد من باب الشرفة ثم تهلل وجهها عندما رأت أن الداخل كان "آلاي" فاتجهت نحوه بسرعة و هي تقول: "آلاي" !! .. تعال .. تعال بسرعة .. – سحبت "آلاي" من يده – انظر .. طائر جميل في الخارج .. يأتي للوقوف على هذه الشجرة كثيراً !!
"آلاي" مستفهماً: طائر؟! ..
أجابت "نيرا" عندما وصلا الشرفة: أجل .. انظر هناك – أشارت بيدها بابتسامة تعلو وجهها ثم مالبثت الابتسامة أن تلاشت تدريجياً لتحل محلها علائم الدهشة – أين .. هو !؟ .. – قلبت نظرها في المكان –
قلب "آلاي" نظره في المكان هو الآخر ثم قال: يبدو أنه قد رحل ! ..
رفعت "نيرا" يدها و أبعدت خصلات شعرها قائلة: يبدو الأمر كذلك .. – حولت نظرها إلى "آلاي" مبتسمة – لقد كان طائراً جميلاً جداً !! ريشه بلون بني متدرج .. و عينين سوداوين واسعتين و منقاره كان معقوفاً أيضاً ..
قال "آلاي": اهاا! .. لابد و أنه كان صقراً !! ..
"نيرا": صقراً؟! .. – استرجعت معلوماتها لتتذكر ثم صاحت – صحيـح !!! ..
ابتسم "آلاي" و قال: يبدو أنها المرة الأولى التي تشاهدين فيها هذا الطائر أليس كذلك؟! ..
اومأت "نيرا" برأسها و قالت: أصبت .. كيف توقعت ذلك ؟! ..
ضحك "آلاي": لطالما أحاطت بك الغرابة .. و الأشياء المعتادة هنا تسليك على الفور ..
ضحكت "نيرا" بارتباك: لم اعتد هذه الأشياء في بلادي ..
توقف "آلاي" عن الضحك و حدق بالحديقة بهدوء ثم قال: "نيرا" .. هناك ما أود أن احدثك به ..
حولت "نيرا" نظرها نحو "آلاي" باستفهام فقال متردداً: حسناً .. لسبب أو لآخر .. – استصعب على "آلاي" أن يتكلم فتنهد و التفت نحو "نيرا" – "نيرا" .. تعرفين أن وعدتك بأن أعيدك إلى بلدك صحيح!؟ ..
ابتلعت "نيرا" ريقها و قالت بهدوء و هي تنظر في عيني "آلاي": أ .. أجل ..
"آلاي": حسناً .. و عليك أن تتأكدي .. أنني عند وعدي لك و لن أخلفه ..
قالت "نيرا" باستفهام يشوبه بعض الارتباك: "آلاي" .. لماذا تعيد هذا الكلام؟! ..
استجمع "آلاي" قواه و قال: .. والدي .. حسناً .. لسبب ما .. لا .. – تردد – لا يستطيع مقابلتك .. لذلك .. أريد منك أن تنتظري فترة أطول كي أحاول إقناعه بمساعدتك .. – لاحظ وجه "نيرا" –
صمتت "نيرا" لفترة و أحنت رأسها قائلة بهدوء: هكذا إذاً ..
فتح "آلاي" فمه ليتكلم لكن سرعان ما رفعت "نيرا" رأسها بابتسامة تعلو وجهها و قالت: لا تقلق .. استطيع الانتظار! ..
ابتسم لها "آلاي" بارتباك و قال: أنا آسف "نيرا" .. الأمر لم يكن بيدي ..
هزت "نيرا" رأسها نافية: لا عليك .. استطيع أن أقدر وضعك ..
ودع "آلاي" "نيرا" و خلفها في الغرفة مغادراً .. استندت "نيرا" على الحائط بعد خروج "آلاي" و أرخت جسدها تدريجياً حتى جلست على الأرض .. أجل .. علي أن لا أكون أنانية .. و إن كنت أرغب بالعودة لهذه الدرجة ..
في الخارج كان "آلاي" يمشي .. أنا متأكد من ذلك .. لقد قرأت ذلك للحظة في عينيها .. كانت هناك نظرة مهتزة لا تطيق الانتظار .. لكنها ... تذكر وجه "نيرا" المبتسم: لا تقلق .. استطيع الانتظار! ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" باب الغرفة التي كانت فيها و راقبت الممر فلم تجد أحداً فيه فقررت الخروج على الرغم من أنها كانت تشعر بالضيق بسبب مكوثها في الغرفة نفسها ليومين ! .. أغلقت الباب وراءها و مشت حتى وصلت إلى خارج الحديقة بخطوات سريعة .. إنها جميلة جداً .. لقد صبرت بما فيه الكفاية في تلك الغرفة .. أريد التحرر بعض الشئ .. – تحولت ملامحها إلى الحزن – أتمنى أن تمر الأمور على خير .. رفعت "نيرا" رأسها لتنظر إلى شجرة عالية إنها طويلة جداً !! – راقبتها بسعادة –

[ هناك من يحتاجك ... نريدك بجانبنا أيتها العنقاء !!! ]
شعرت "نيرا" فجأة بهذه الجملة ترتمي في ذهنها فهزت رأسها بعنف محاولة تذكرها لكن دون فائدة .. التفتت عندما سمعت صوت أحدهم ينادي: آنسة "نور" .. آنسة "نور" حبيبتي ... أين أنتِ؟
ظهرت امرأة أمام "نيرا" و قد علت علامات الدهشة على وجهها و سألت مستفهمة: المعذرة ياآنسة .. لم أرك هنا قبلاً..؟
ارتبكت "نيرا" للحظة ثم قالت: أنا؟..أ .. أجل ... لقد أتيت إلى هنا بصحبة "آلاي" ...
شهقت المرأة و قالت: الأمير "آلاي"؟! ..
تعجبت "نيرا" من كلامها و قالت: الأمير!؟
استدركت المرأة قائلة: آه تذكرت .. هل رأيتِ فتاة صغيرة تمر من هنا .. إنها الآنسة "نور" قد لا تعرفينها لكنها فتاة تملك ألطف وجه رأيته في حياتي كما أن البراءة تجسدت فيها إن أمكنني الإضافة .. شعرها أسود قصير إلى هنا ... – أشارت بيديها إلى كتفيها –
هزت "نيرا" رأسها نافية و قالت: لا .. لم أرَ أحداً أبداً ..

- لقد اختفت من عندي ... يا إلهي أين ذهبت؟..... – تابعت طريقها و كأنما لم تكن "نيرا" موجودة –
دهشت "نيرا" من تصرف تلك المرأة و تابعت طريقها لتتمشى .. المكان كبير جداً أرجو أن لا أتوه .. قالت تلك المرأة .. الأمير "آلاي" .. هل يعني هذا؟ .. توقفت "نيرا" في مكانها فجأة و رفعت يديها إلى وجهها الذي احمر أمير؟ .. إذاً فهو ابن الملك .. أم .. ؟ ماذا؟ أين هو؟..لم يطلعني على الحقيقة كاملة! .. كنت أظن أنني في أحد القصور صحيح لكن! .. أن يكون قصر الملك! .. ياإلهي علي مقابلته .. التفتت "نيرا" لترى وروداً جميلة في كامل تفتحها فانحنت للأسفل لتراها كم هي جميلة فعلاً .. ربما لو فكرت قليلاً فهذا المكان فهو ليس بذاك السوء .. و أيضاً .. وعدني "آلاي" بالعودة .. فلا يجب علي التصرف بتلك الأنانية .. ابتسمت "نيرا" و مسحت دمعتها ..
شهق أحدهم فجأة فالتفتت "نيرا" ثم نهضت من مكانها لتتجه نحو مصدر الصوت فسمعت صوتاً من خلف الشجيرات ... وقفت "نيرا" مكانها وصاحت: من هناك؟؟
أدرات رأسها ثم أحنت جسدها للأسفل و أشاحت مجموعة صغيرة من الشجيرات ليظهر من أسفلها جسد صغير خرج زاحفاً من الأسفل .. رفعت الفتاة الصغيرة رأسها وهاهي "نيرا" ترى امامها أظرف صغيرة رأتها في حياتها .. بقيت الصغيرة واقفة تنظر إلى "نيرا" .. ثم قالت: لن تخبري أحداً عني .. صحيح؟
فتحت "نيرا" فمها مطلقة صيحة إعجاب ثم أمسكت الطفلة و عانقتها قائلة: يالظرافتك!! بالتأكيد لن أخبر أحداً ..

KannaSwan
09-07-2010, 12:14
تركت "نيرا" الفتاة و سألتها: ما اسمك يا حبيبتي؟...
تغيرت تعابير "نيرا" و تأملت وجه الفتاة التي كانت تتوقع كلاماً من "نيرا" .. هذه العينان .. تشبه عينا ... أحدهم ... عينان رماديتان ... شقيق "آلاي"؟ .. أحنت الفتاة رأسها لليمين و قالت في لطف: أشبه والدي؟ ...
ابتسمت "نيرا" مرتبكة ... لا عجب و أنها ابنته إذاً!! .. قالت: أجل .. ما اسمك؟
أجابت الفتاة بتردد: "نور"...
ابتسمت "نيرا": اسم جميل! .. عزيزتي "نور" .. لمَ كنت مختبئة؟...
سألت "نور" في حماسة متجاهلة سؤال "نيرا": أختي .. هل تحدثت مع والدي؟ ..
أجابت "نيرا" بالموافقة و قالت: أجل حدثني ... ناديني "نيرا" ..
صاحت الصغيرة في حماس: حقاً؟؟ .. تحدثتِ معه؟ .. كان لطيفاً صح !؟
ارتبكت "نيرا" من سؤال الصغيرة الغريب فقالت مبتسمة: أجل .. كان لطيفاً جداً ... طبعاً لا استطيع إخبارها الحقيقة! ..
تهلل وجه "نور" فرحاً و قالت بسرعة: تعالي معي إذاً .. – جذبت "نيرا" من يدها – من هنا ..
دهشت "نيرا" من فعل "نور" فسألت باستفهام:ماذا هناك؟ ..
أجابت "نور" سريعاً: لا عليك تعالي معي فقط!!
لم تستطع "نيرا" معارضة الطفلة التي أخذت تلف و تدور حول القصر إلى أن وصلت إلى مكان اجتمعت فيه عدة نسوة .. و ظهرت منه تلك المرأة التي كانت تبحث عن "نور" سابقاً و صاحت: آنسة "نور" ها أنتِ هنا..أين ذهبت؟
لابد و أن هذه المرأة هي مربية "نور" الخاصة ..
وقفت "نور" و دفعت "نيرا" قائلة: اخبريهن ماقلته لي ..
دهشت "نيرا" من كلامها و لم تفهم قصدها فسألت: ماذا؟
التفتت إلى النسوة و قالت: لقد قالت "نيرا" أن والدي يتحدث معها ..
احمرت وجوه النسوة و قالت مربية "نور": آنستي مالذي تقولينه؟ ..
تابعت "نور": و أنه كان لطيفاً معها!!! – ضربت "نور" بقدمها الأرض عدة مرات – أنتن من كان يقول أن والدي لا يكلم أحداً و لم تصدقن أنه يحدثني حتى .. إنه يبتسم لي أيضاً

- آنسة "نور" لقد فهمت الأمر خطأ لم نكن نقصد ذلك .. لا أحد يقول هذا الكلام عن الأمير "هايل" .. هيا يا حبيبتي لا شك و أنك متضايقة قليلاً – مدت يدها للفتاة –
صمتت "نور" و أحنت رأسها في حزن ثم أفلتت يد "نيرا" و ركضت بعيداً .. لحقت بها مربيتها صائحة: آنسة "نور" ..
بقيت "نيرا" تراقب "نور" و هي تركض ثم قالت أحد النسوة موضحة: المعذرة آنستي لم نقصد أن تسبب الآنسة "نور" مثل هذه الفوضى .. إذاً – أحاط جميع النسوة بـ"نيرا" – أنت من سيتزوجها الأمير "آلاي"؟ ..
احمر وجه "نيرا" و قالت: كـ .. كلا لن يحدث هذا .. ما أسرع انتقال وجودي هنا لهذا الجمع ..

- آه .. لا بأس لن نخبر أحداُ
- إن الأمير "آلاي" فتى نبيل حقاً ...
- لا تقلقي بشأن الملك أيضاً .. أنا متأكدة من أنه سيوافق على مقابلتك قريباً!! ..
صاحت "نيرا" معترضة: كـ .. كفى ..!!! أنا هنا في إقامة قصيرة فقط!!
نظرت "نيرا" إليهن و هن يضحكن ثم سألت: مالذي دفع "نور" للتصرف هكذا؟ ..

- لا تأبهي لما فعلت إن لها تصرفات غريبة .. لقد خلفت وفاة والدتها منذ سنتين تقريباً فراغاً كبيراً في حياتها ....
- الأمير "هايل" والدها قليل الكلام ...
- ربما ضايقها هذا !!
- الصغيرات في هذه السن حساسات جداً ..
دهشت "نيرا" من هذا الكلام و اتسعت عيناها و هي تتذكر أختها الصغيرة فالتفتت منادية و هي تركض: "نور" ..
و لحقت بها لتبحث عنها .. تلك المسكينة .. لم تكن تفكر في أحد سوى والدها .. إنه يعني لها الكثير و لاشك .. عندما حدقت بها سابقاً .. خطر ببالها على الفور! .. و سألت عنه .. لا بد و أن كلام أولئك النسوة قد ضايقها .. "هايل" قليل الكلام إذاً .. لكن "نور" تنكر ذلك .. إنه يحدثها و يبتسم لها ...
صاحت "نيرا": "نـــــــور"
توقفت و فكرت قليلاً ثم اتجهت فوراً للمكان الذي ظهرت منه "نور" أول مرة .. وقفت أمام الشجيرات و سمعت "نيرا" صوت تنفس أحدهم .. إنها "نور" ولا شك .. أطلت "نيرا" برأسها للأسفل فلاحظت انقباض قدمين صغيرتين للداخل فنادت: "نور"؟
لم تجبها "نور" ياإلهي ماذا أفعل؟ .. لا أستطيع وعدها ببعض المثلجات كما أفعل مع أختي .. قالت "نيرا": "نور" حبيبتي لا تدعي كلام الآخرين يضايقك .. أنت تحبين والدك أليس كذلك؟ .. و تعرفين أنه لطيف.. أما ما سمعته من ذلك الكلام لم يكن حقيقة أبداً .. أتفهمينني عزيزتي؟
لم تجبها "نور" و بقيت صامته فقالت "نيرا": "نور"؟ ..
أجابت "نور" بصوت باكٍ: لماذا لا يبتسم أبي لأحد؟ .. الكل يقول أنه غير لطيف لأنه لا يبتسم في وجه أي شخص ..
صمتت "نيرا" للحظة ثم قالت بهدوء: هل يبتسم والدك لك؟ ...
ردت "نور" بصوت حزين: أجل
"نيرا": إذا فهو لطيف حقاً .. لقد ترك ابتسامته لأنها لك انت فقط .. أنت التي تحبينه .. و تعرفين بأنه لطيف ..
نشقت "نور" ثم بكت و نادتها "نيرا": تعالي إلى هنا حبيبتي .. – فردت "نيرا" ذراعيها –
جاءت "نور" و ارتمت في حضنها و بكت بحزن و هي تقول: أنا أحب أبي كثيراً .. لماذا يقولون عنه هذا الكلام؟ ..
هونت "نيرا" عنها بلطف: لا تبكِ عزيزتي .. اهدئي .. – صمتت للحظة – "نور" ؟!
رفعت "نور" رأسها لتنظر إلى "نيرا" و قامت "نيرا" بتقريب وجهها من "نور" و قالت: والدك .. عندما حدثني ... لقد ابتسم لي .. إنه لطيف مع الجميع ... أرأيت؟
ابتسمت "نور" في فرح و ضحكت ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


أفلت "آلاي" سهمه ليصيب الهدف في المنتصف تماماً .. ابتسم مع نفسه عندما تمكن من إصابة الهدف من منطقة بعيدة عما اعتاد عليه ..
جاء صوت من خلفه: أحسنت "آلاي" ..
التفت "آلاي" وراءه ليرى أخاه "أوس" الذي ابتسم له .. قال "آلاي" متعجباً: "أوس"!!! .. – لاحظ فتاة خلفه – و .. "مايا" أيضاً ! – ابتسمت "مايا" بخجل –
"أوس" و "مايا" توأمان في الـ 12 من العمر .. لون الشعر بني و العينين عسليتين
"أوس" فتى متحمس و نشيط دوماً لديه موهبة فذة في الرماية .. أما "مايا" على عكس شقيقها فهي فتاة هادئة جداً و كتومة ضئيلة الحجم مقارنة بشقيقها "أوس" .. نادرة الكلام ..
تقدم "أوس" قائلاً بفخر: حسناً .. حسناً .. ما رأيك لو جربتني "آلاي" ؟ ..
رمى "آلاي" بالقوس في يد "أوس" فوراً و قال: على الرحب و السعة !
سحب "أوس" سهماً ثم انتصب واقفاً و شد قوسه و اطلقه بسرعة ليستقر في الهدف تماماً ..
ابتسمت "مايا" في سعادة بينما صاح "آلاي" متحمساً: مذهل "أوس" ! .. أنت ممتاز بالفعل! .. تتحسن بسرعة مذهلة!
رفع "أوس" رأسه و قال: بالتأكيد! الأمر بغاية السهولة! .. – التفت "أوس" نحو شقيقته بابتسامة ثم تغيرت تعابير وجهه عندما لاحظ القلق بادٍ عليها فاتجه نحوها قائلاً بقلق – "مايا" أنت بخير؟
أحنت "مايا" رأسها و الارتباك يعلو ملامحها دون إجابة بينما حثها "أوس" على الكلام: "مايا" ..
تقدم "آلاي" متجهاً نحوهما لكنه توقف و التفت خلفه بسبب جلبة ما فرأى مجموعة من الحراس يركضون باضطراب نحو الصالة الملكية ..
حول "آلاي" وجهته نحوهم و صاح: ماذا هناك ؟!
توقف أحد الحراس و قال بصوت ينم عن الارتباك و القلق الشديدين: سيدي الأمير!! .. إنهم .. مبعوثون من مملكة هاورا!
اتسعت عينا "آلاي" و قال بصدمة: هاورا !!؟
تابع الحارس كلامه: يقودهم القائد "أبي" !! .. إنهم محملون بالهدايا أيضاً يا سيدي! نحن في طريقنا لإبلاغ جلالة الملك! .. – غادر "آلاي" –
.. مبعوثون من هاورا !؟ مالذي يريدونه!؟ .. لابد و أن الأمر متعلق بتسللي منذ أيام! .. هل سيأذن لهم ؟! بالتأكيد سيفعل! .. فهم رسل قبل كل شئ! .. – تسارعت ضربات قلبه و التفت نحو الممر و هو يتقدم خطوة – مالذي ينوون فعله ؟! ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
09-07-2010, 12:15
*~*~*~*~*~*~*~*~*


وقف مبعوثوا هاورا أمام الباب الخارجي لقلعة الملك الذي لم يلبث أن فُتح ليتقدم أحد حراس سامرا قائلاً: جلالته ملك سامرا موافق على استضافتكم – تنفس جنود هاورا المربكون الصعداء –
لكن راحتهم النفسية لم تدم حيث أن قيادتهم إلى البلاط الملكي تمت بمراقبة لصيقة محترسة من جنود سامرا ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*



كانت "نيرا" تمسك بيد "نور" و هما تمشيان معاً في أحد الممرات , رفعت "نور" رأسها إلى "نيرا" و سألت: "نيرا" .. – حولت "نيرا" نظرها إلى "نور" – إنها المرة التي أراك فيها هنا .. هل أتيت للعمل هنا حديثاً أم أنك لا تأتين إلى الجناح الشرقي عادة ؟! ..
ابتسمت "نيرا" و قالت: كلا يا عزيزتي .. لقد وصلت هنا حديثاً .. – قالت ببعض التردد – كما أني لا اعمل هنا أيضاً ..
"نور": إذاً أنت زائرة هنا؟! .. أتيت لرؤية أحد عماتي؟! .. – أفلتت يد "نيرا" و وقفت مقابلها – لابد و أنها عمتي "كيندة" صحيح!؟ .. – أمسكت بملابس "نيرا" – أنا متأكدة من أن هذه ملابس عمتي "كيندة" ..
ابتسمت "نيرا" بارتباك .. هناك أطفال بثرثرة "سمر" .. كنت أظن أن اختي هي المشكلة الوحيدة في العالم لكن أن تكون هذه الطفلة أيضاً .. هذا مبشرٌ بخير!
رفعت "نيرا" نظرها فجأة عندما لاحظت حشداً متجمعاً على طول الممر أمامها .. ثم التفت إلى يسارها عند عبور امرأتين تركضان نحو الحشد:

- هيا بسرعة!
- أجل لن نفوت الأمر هذه المرة! .. هيا
تسائلت "نور": مالأمر؟! ..
لحقت بهما امرأة أخرى و هي تقول: هي انتظراني! .. لحظة!
رفعت "نيرا" يدها قائلة: إذا سمحتِ .. ر .. رجاء!
التفتت المرأة الأخيرة نحوها و قالت مستفهمة: هل من خدمة؟! ..
سألت "نيرا": مالذي يحدث هناك!؟ ..
حول الجميع نظره عندما علت صيحات بعض النساء المتجمعات أمامهن ثم حولت المرأة نظرها إلى "نيرا" و قالت: آه! .. تقصدين التجمع ذاك ؟! .. – ابتسمت – حسناً! .. لقد وصل مبعوثون من هاورا لمقابلة الملك للتو ..
قطبت "نيرا" حاجبيها: هـ .. هاورا؟! ..
تابعت المرأة كلامها بعد أن أخفضت صوتها قليلاً: أنت جديدة هنا صحيح؟! .. حسناً! .. ليس هذا هو المهم! .. بل الأهم هو أن القائد "أبي" على رأس المبعوثين! ..
ازدادت حيرة "نيرا" أكثر: القائد .. "أبي" ؟! ..
اومأت المرأة برأسها ثم لوحت إلى "نيرا" مغادرة: اعذريني! .. لن افوت على نفسي متعة النظر إلى وجهه الجميل! ..
احمر وجه "نيرا" و تلعثمت: ها؟! ..

- أ تريدين إلقاء نظرة؟! ..
التفت كل من "نور" و "نيرا" نحو مصدر الصوت فإذا بها "جلنار" .. رفعت "جلنار" رأسها بابتسامة ثم تقدمت نحو "نيرا" و قالت: أنا "جلنار" .. أ تذكرين!؟ ..
قالت "نيرا" ببطء: شقيقة "آلاي"!؟
ابتسمت "جلنار" قائلة: أصبتِ – علت أصوات المتجمعين فسحبت "جلنار" يد "نيرا" و اتجهت تركض نحو الحشد – هيا بسرعة ! .. لدينا متسع من الوقت للمراقبة قبل وصولهم إلى الجناح الملكي! ..
ارتبكت "نيرا": آه ..!! لكن ..
صاحت "نور" التي خلفتاها ورائهما: "نيرا"! .. عمتي! ..
اقترب كل من "نيرا" و "جلنار", في حين كانت الأولى مرتبكة محتارة كانت الثانية ترفع رأسها محاولة معرفة موقع المبعوثين الحالي ..
اتسعت عينا "جلنار" و قالت بابتسامة: آه هنا! .. – أدخلت جسدها بين المتجمعات و هي تسحب "نيرا" – هيا بسرعة قبل أن يعبروا! .. إذا .. إذا سمحتِ! .. افسحي!
همهمت بعض النساء: أميرة "جلنا ...
قاطعتهم "جلنار": هشششش!! .. – رفعت الوشاح الذي كانت تلفه حول رقبتها و تلثمت , التفتت نحو "نيرا" – هل تستطيعين المتابعة!؟ ..
اومأت "نيرا" برأسها و دفعت بنفسها برفقة "جلنار" التي ابتسمت قائلة: حسناً ..
وصلت الفتاتين إلى مقدمة الصف بعد جهد جهيد .. انتصبت "جلنار" واقفة و التفتت يميناً ثم أمسكت "نيرا" من ذراعها قائلة: انظري .. هاهم قادمون! ... – جذبت "نيرا" و همست – ذلك الشاب في المقدمة الذي يرتدي المعطف الأخضر! ..
اتسعت عينا "نيرا": المعطف الأخضر؟! .. حسناً .. إنه اللون الطاغي على المبعوثين ..!
قالت "جلنار": اللون الأخضر هو رمز هاورا – نظرت إلى "نيرا" من طرف عينها –
صمتت "نيرا" و لم تجب و علقت النظر على المجموعة المتقدمة التي أحاطها جنود سامرا على الجانبين الأيمن و الأيسر ..
تعالت همسات الجميع عندما اقتربت المجموعة أكثر .. اتسعت عينا "نيرا" و هي تراقب "أبي" بنظرات متفحصة ..
أكره الاعتراف بهذا و لكن ... إنه .. إنه وسيم بالفعل ..
أمام "نيرا" عبر ذلك القائد .. بشعر أسود داعبت أطرافه رقبته .. و وجه كما لو كان لوحة فنية رسمت تفاصيلها بدقة ..
حول نظره بعينيه الهادئتين ذات اللون العسلي نحو "نيرا" و ابتسم .. هذه هي إذاً ... الطفلة المسكينة!
سرى الدم فجأة في وجه "نيرا" بينما تعالت صيحات من كان حولها ..
ظلت "نيرا" تراقب المبعوثين إلى أن غادروا المكان .. لا أعرف لماذا ينتابني شعور غريب حياله .. من يكون يا ترى ... !!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل السادس ]|

KannaSwan
10-07-2010, 13:13
+ ||[ الـفـصـل الـسـابـع ]|| +


ترجل "شانوران" من فرسه و مشى بخطوات مسرعة ليدخل القصر ..
أمسك أحد الحراس بلجام فرسه بينما تبعه آخر بسرعة و هو يقول: سيدي الأمير! ..
قاطع "شانوران" كلام الحارس: سمعت بالأمر! مبعوثون من هاورا ! هـه ! .. – نم وجهه عن تكشيرة غضب – لن نرَ منهم سوى المشاكل! .. عسى أن يطردهم مولاي بسرعة !
قال الحارس بتردد: لكن .. سيدي .. لقد .. و .. وافق جلالته على مقابلتهم ..
توقف "شانوران" بسرعة و صاح في وجه الحارس: ماذا !؟ .. – ارتبك الحارس بسرعة – أ تعي ما تقوله يا هذا !؟ .. هل وافق مولاي فعلاً!؟ ..
اومأ الحارس برأسه ببطء: حـ .. حصل ذلك! ..
أدار "شانوران" ظهره و جرى بسرعة نحو البلاط الملكي .. لا يمكنه فعل ذلك! .. لا يجب عليه مقابلتهم ! .. إنهم مجموعة من الخونة! ... يجب علينا منعهم ! .. لا مزيدَ من المعاهدات الواهية! ..
وصل "شانوران" أخيراً و فتح باب البلاط صائحاً: مولاي! ..
التفت الجميع نحو مصدر الصوت و تقدم "شانوران" بخطواته إلى الداخل لكنه توقف فجأة عندما رمقه "هايل" بنظرات جادة ..
تردد "شانوران" في الكلام فقال الملك: لا عليك .. "شانوران" ..
أجاب "شانوران" بانفعال بعد برهة: و .. و لكن .. أن تستقبل مبعوثين من هاورا! .. بعد كل الـ ..
قاطعه "توكي" قائلاً بصوت حازم: "شانوران" لمَ لا تهدأ قليلاً؟ .. فكر بالأمر!
حول "شانوران" نظره إلى "توكي" الذي كان يقف في الجانب الأيسر من البلاط بصحبة "آلاي" ثم قال: "توكي"!
ظل الاثنين يحدقان ببعضهما البعض في صمت إلى أن فهم "شانوران" مغزى تلك النظرات فانتصب في وقفته و انحنى نحو الملك معتذراً: اطلب عفوك مولاي .. – اومأ الملك برأسه و اتجه "شانوران" ليقف بين كل من "آلاي" و "توكي" –
تناقش "هايل" مع والده حول الأمر بينما همس "توكي" لـ "شانوران" معلقاً نظره على الملك: مالذي كنت تراه مناسباً "شانوران" ؟
حول "شانوران" نظره نحو "توكي" فتابع "توكي" كلامه: أ كنا لنمنع مبعوثي هاورا من الدخول إلينا ؟! .. حتى بعد نشوب الحرب بيننا؟ .. ترى مالذي سنستفيده نحن – سامرا – من المكابرة أو رفض الهدنة مثلاً!؟
اتسعت عينا "شانوران" و قال ببطء: مالذي تعنيه بكلامك ؟
كتف "توكي" يديه و قال بعينين هادئتين: "شانوران" .. إن وضع سامرا العسكري ليس جيداً على الإطلاق .. بالإضافة إلى تذبذب الوضع الاقتصادي فيها و هاورا تعرف ذلك دون شك ..
صاح جندي عند بوابة البلاط الضخمة: أعلن وصول مبعوثي مملكة هاورا برئاسة القائد "أُبي شمس الدين"
التفت الجميع نحو مصدر الصوت و عُلِقت الأنظار على الباب و هو يفتح على مصراعيه ليتقدم "أبي" بالدخول و هو محنٍ رأسه بكل وقار يليق بملك مملكة سامرا ..
وصل "أبي" و مثل أمام الملك لينحني قائلاً: جلالة ملك سامرا .. إنه لشرف لمملكتنا أن تحظى بموافقة مقابلتك ..
قال "توكي": أجل .. هاورا تعرف دون شك – تابع هامساً لـ"شانوران" – كفتهم هي الراجحة لذلك لا مجال لنا ..
رفع "أبي" رأسه نحو الملك و ابتسم ..
امتعض وجه "آلاي" ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


عم الهدوء البلاط الملكي في مملكة سامرا فبعد أن ألقى عليهم القائد "أبي" التحية الجم الملك عن رد التحية لبعض الوقت ..
أمعن "هايل" – الذي كان يقف بجانب عرش والده – النظر مطولاً في القائد "أبي" .. و على جانبي البلاط اصطف عدد من الوزراء و كبار شخصيات سامرا المهمين ..
على رأسهم الوزير "عاصم" و هو رجل أعمى كبير في السن يتكأ على عصا .. و بجانبه يقف ساعده الأيمن و هو شاب في الثلاثين من عمره بكل وقار ..
اومأ الملك برأسه و أجاب بصوته الرخيم: ارفع رأسك أيها القائد – رفع "أبي" رأسه – لا يخفى على أحد دهشة سيادتنا لزيارتكم المفاجأة و لو كنا نعلم ما وراءها لبطل عجبنا! .. لكننا نرحب بالرسل في أي وقت فنحن أهل ذمة .. حللتم أهلاً ..
أجاب "أبي" و هو ينهض: أنتم أهل الكرم يا مولاي .. نحن مبعوثٌ مَلكي يا سيدي .. أرسلنا الملك "ناينوا"..
أخرج رسالة مطوية و أمسكها بيده فانطلق أحد حراس الملك لتناولها من يد "أبي" و يسلمها ملك سامرا لكن "هايل" تقدم و نحى الحارس بإشارة من يده و اتجه بنفسه ليتسلم الرسالة من "أبي" ..
تعجب بعض الحاضرين من تقدم "هايل" الذي تسلم الرسالة بنفسه من "أبي" بكل هدوء ثم اتجه نحو والده – الملك – و ناوله المطوية ليفتحها و يقرأها ..
تمتم الملك و هو يفتح المطوية: بسم الله ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في مملكة هاورا قبل إرسال المبعوثين إلى سامرا ..

- بعد إذن مولاي!
التفت "ناينوا" عندما دخل الوزير إلى الشرفة الخاصة بالملك و قال: آه "باهر" – ابتسم عندما بان شخصٌ آخر خلفه – و "أبي" أيضاً؟ ..
انحنى "أبي" باحترام فقال "ناينوا": ادخلا – أدار ظهره و رفع رأسه ليعلق عينيه على النجوم – ما وراءك يا "باهر" ؟! .. لمَ اخترت هذا الوقت بالذات ؟! ..
أحنى "باهر" رأسه و قال: المعذرة على مجيئي في هذا الوقت المتأخر من الليل مولاي .. و لكن الأمر يتطلب ذلك ..
التفت "ناينوا" برأسه قليلاً: إذاً إلى صلب الموضوع فوراً ..
أجاب "باهر" بهدوء: أمرك .. – رفع رأسه – جلالتك .. العنقاء موجودة في مملكة سامرا ..
استدار "ناينوا" ليقابله وجهاً لوجه و قال: مالذي تعنيه "باهر" ؟! .. – ضحك بسخرية – العنقاء؟ .. في سامرا؟
أحنى رأسه و قال: إنها كذلك .. – تابع كلامه بعد لحظة صمت – لقد تمكنت من استدعاء العنقاء بطريقتي الخاصة .. و قد حلت في مملكتنا تماماً و لكن .. حدث ما لم يكن في الحسبان .. مولاي يعرف ما صادف أن حدث تلك الليلة ..
ضاقت عينا "ناينوا": أنت تقصد !؟ ..
اومأ برأسه: بالضبط يا مولاي .. لقد تسلل أمير من سامرا إلى مملكتنا سراً .. هناك تماماً .. عند حدود مملكتنا حيث كان جنودنا يطاردونه .. حلت العنقاء! ..
اتسعت عينا "ناينوا" للحظة و حل الصمت على المكان فانحنى "باهر": الأمر كما ترى فـ ..
قاطعه "نانينوا" بحزم: "باهر" !!
رفع "باهر" رأسه فتابع "ناينوا" بعد صمت: أنت تعي الكلام الذي تقول؟! .. – وجه نظره إليه – أنت تتهم مملكة بأكملها بهذه الطريقة!
انحنى "باهر" باحترام و قال: نحن سنرد الجميل يا مولاي .. بعدها تستطيع أن تريح ضميرك و تحصل على سينارا و تبدأ العهد الجديد!!
عم الصمت المكان فقال "أبي" متردداً: مـ .. مولاي ..
رفع "ناينوا" رأسه و علا وجهه ابتسامة غامضة: لا بأس إذاً .. أرسل مبعوثاً!! آخر مبعوثينا إلى سامرا .. و لنرسل لهم امتنانا للسنوات الماضية ..
"أبي" في نفسه .. آخر مبعوثين!
انحنى "باهر": أمرك مولاي ..
اتسعت ابتسامة "ناينوا" ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


رفع ملك سامرا رأسه بعد قراءته رسالة هاورا و قال معلقاً نظره على "أبي": هكذا إذاً ..
انحنى "أبي" و قال: الملك "ناينوا" يسألك بفائق الاحترام أن تقبل هداياه – تنحى ليتقدم الجنود خلفه بتقديم الهدايا –
اومأ ملك سامرا برأسه و قال: إنها بحق هدايا تليق بملك هاورا ..
أشاح "هايل" بنظره بعيداً .. إنه إعلان حرب مغلف بحسن نوايا – حول نظره إلى والده – مولاي سيحسن الرد دون شك ..
علق "آلاي" نظره على "هايل" و فهم من نظراته أنه تمكن من معرفة محتوى الرسالة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت "نيرا" تمشي في أحد ممرات القصر و هي في طريقها للعودة إلى غرفة "كيندة" بعد أن افترقت عن "جلنار" التي ذهبت مسرعة لتقصي الأخبار من شقيقتها الكبرى "مريم" ..
تذكرت "نيرا" ما حصل بينها و بين "جلنار" قبل أن تفترقا ..
"جلنار": متأكدة أنك تعرفين طريق العودة إلى غرفة "كيندة" !؟
ابتسمت "نيرا": أجل .. لا تلقِ بالاً ..
قالت "جلنار" بعد تردد: حـسنــاً .. – لوحت لـ"نيرا" – أراك لاحقاً إذاً – ركضت ثم حولت نظرها إلى "نيرا" – و انتبهي على أن لا يلاحظ أحد دخولك إياها ..
اومأت "نيرا" برأسها و هاهي تمشي في طريق عودتها .. حسناً .. أعتقد أني أمشي في الطريق الصحيح ..
تابعت "نيرا" مشيها مطولاً ثم اتخذت المسار الأيمن و تابعت مشيها ثم توقفت فجأة .. لا أذكر أن الغرفة بعيدة إلى هذه الدرجة ! .. كم مضى علي من الوقت و أنا ابحث عن الغرفة ! – التفت يميناً و يساراً لمحاولة معرفة المكان – لا أظن أنني مررت بهذا المكان مسبقاً !!! .. – أسرعت بخطاها – إلى أين وصلت يا ترى!!!؟ .. لا أحد هنا! .. – توقفت فجأة – حسناً .. أولاً علي أن لا ارتبك و إلا ضعت أكثر!
التفتت و قالت: سأعود أدراجي إذاً!! ..
سارت عائدة .. من ذا الأحمق الذي صمم قصراً بهذه الضخامة ؟ ..
جاء صوت من خلف "نيرا" صائحاً: أيتها الفتاة!! .. تعالي بسرعة ..
التفتت "نيرا" نحو مصدر الصوت فإذا بامرأة تحمل في يدها ملاءات كثيرة فقالت المرأة: تعالي ساعديني بسرعة! ..
ارتبكت "نيرا" للحظة ثم ركضت متجهة نحوها و هي تقول: حـ .. حالاً!! ..
رفعت "نيرا" بعض الملاءات فقالت المرأة: شكراً لك .. هيا بسرعة لنجهز جناح الضيافة ..
مشت المرأة فلحقت بها "نيرا" قائلة: جناح الضيافة!؟ ..
توقفت المرأة فجأة و حولت نظرها إلى "نيرا": آه! .. أنت جديدة!؟ - قربت وجهها من وجه "نيرا" متفحصة – لا بأس بك .. عسى أن تحسني العمل جيداً .. ما اسمك ؟
أجابت "نيرا": "نيرا" ..
قالت المرأة: جيد .. أنا ادعى "شادن" .. اتبعيني .. لقد صدرت الأوامر من جلالته باستضافة مبعوثي هاورا ...
سألت "نيرا" باستفهام: هـ .. هاورا!؟
إلا أن "شادن" لم تلقِ بالاً لتساؤل "نيرا" و تابعت مسيرها نحو وجهتها التي كان الطريق إليها أشبه بالمتاهة بالنسبة لـ"نيرا" ..
وصلت الاثنتين إلى القسم المنشود الذي كان يعج بالحركة .. فقد تكفل عدد كبير من النساء – الجواري – بترتيب المكان و تنظيفه و قامت أخريات بفتح الستار و تنظيف الشرفة الخارجية المطلة على الباحة الخلفية ..
توقفت "نيرا" في مكانها مشدوهة و هي تراقب فإذا باثنتين تتقدمان نحوها و تأخذان الملاءات: شكراً لك .. هذه الملاءات الخاصة بحراسهم صحيح ؟!
أجابت "شادن": أجل .. خذاها إلى غرفهن ..
أذعنت الفتاتين: حالاً ..
التفتت "شادن" نحو "نيرا" و قالت: اتبعيني سنقوم بتجهيز الأغطية لهذا السرير هنا ..
تقدمت "نيرا" نحوها بارتباك: حـ .. حاضر ..
ساعدت "نيرا" في ترتيب السرير و انهته في الوقت الذي صفقت فيه امرأة قائلة: جيد أحسنتن صنعاً .. كل شئ جاهز الآن ..
دخلت امرأة من الباب صائحة: القائد "أبي" قادم بصحبة الأميرين "توكي" و "آلاي" .. بسرعة قفن بالصف ..
صُدِمَت "نيرا" عندما سمعت اسم "آلاي" .. "آلاي" !!! .. يا إلهي! .. مالذي سيحصل لو رآني هنا!؟ .. لقد طلب مني أن لا أغادر المكان لأن .. لأن ..
اضطربت أفكار "نيرا" و هي تقف في صف مع الجواري فهاهي قد عادت لأرض الواقع بعد سلسلة من المساعدات اللاإرادية ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
10-07-2010, 13:19
- كل الشكر لجلالة الملك إذ سمح لمبعوثينا بالبقاء في مملكته لليلتين ..
نظر "توكي" إلى "أبي" الذي أدلى بكلامه و قال بهدوء: صحيح ..
مشى الثلاثة في طريقهم في صمت إلى أن قطعه "أبي" قائلاً: لقد مضى الكثير على آخر زيارة لمملكتكم! في تلك المرة كان الملك "ناينوا" لا يزال أميراً! ..
أطرق "توكي" برأسه و علق: لا أظن أن أي منا يسره جلب سيرة الماضي ..
اومأ "أبي" برأسه و قال بهدوء موافقاً: معك حق ..
لم يكن لـ"آلاي" دور في المحادثات التي كانت بين كل من "توكي" و "أبي" فقد كان تفكيره يحلق في عالم آخر .. يرسلون "أبي" على رأس المبعوثين! .. الأمر مريب بالطبع! .. أنا على يقين من أنهم يحاولون تقصي أثر العنقاء! .. فخبر تسللي إلى هاورا علمت به المملكة بأسرها! .. مبادرة سلام! .. عندما انظر إليها من زاوية أخرى بطريقة "ناينوا" أرى أنها مجرد رد دين و حسب! .. كل ما علينا فعله هو أن ننتبه أثناء وجودهم هنا ..
وصل الثلاثة إلى باب الجناح الذي فتح على مصراعيه و دخلوا بعد أن ألقيت عليهم التحية من قبل الجواري و الخدم الذين اصطفوا في صف ..
.. المهم أن تبقى "نيرا" بعيداً عن ناظره ! ففي حالة اكتشف احتمالية العنقاء فسوف ... اتسعت عينا "آلاي" فجأة عندما شاهد "نيرا" في منتصف الصف الأيسر و هي تنحني بارتباك .. "نـ .. "نيرا" !!!!!! .. بدا الارتباك واضحاً على وجه "آلاي" فنظر إلى "أبي" بطرف عينه .. تـ .. تباً .. أرجو أن لا ..
توقف "أبي" عن التقدم فالتفت "آلاي" نحوه ببطء فإذا به يرى "أبي" يبتسم بتأمل .. لا يمكن أن يكو قد .. أحنى "أبي" رأسه و تابع مسيره إلى الأمام و تبعه كل من "آلاي" و "توكي" ..
كان "آلاي" يدعو في نفسه مع كل خطوة يتقدمها أن لا يلاحظ "أبي" شيئاً في "نيرا" إلى أن وصل "أبي" في خطاه أمام "نيرا" تماماً فتوقف في لحظة شعر فيها "آلاي" بأن قلبه قد توقف عن الخفقان .. سنقع في كارثة لو تعرف عليها! .. رفع راية حرب في سبيل الحصول على العنقاء أمر هين! .. – تصبب "آلاي" عرقاً – يا إلهي! .. "نيرا" لا ترفعي رأسك كلا ..
قال "أبي" بصوته الهادئ: يا آنسة .. – انقبضت "نيرا" في مكانها و ظلت محنية رأسها في ارتباك أكثر و لم تجب - .. أنتِ .. جديدة هنا صحيح؟!
ازداد ارتباك "آلاي" كثيراً فشرع ليتقدم نحو "أبي" لكن "توكي" نحاه بإشارة من يده و ألقى عليه نظرة تنهاه عن التسرع فألجم "آلاي" عن الحركة ..
قالت "نيرا" بصوت متردد: أ .. أ .. أجل ..
ابتسم "أبي" قائلاً و هو يمد يديه نحو "نيرا" ليعدل وضعية انحنائها: حسناً .. هكذا تكونين في وضعية مماثلة للجميع .. انتبهي في المرات القادمة فأنتِ في خدمة مملكة سامرا ..
أجابت "نيرا" في ارتباك: حـ .. حاضر ..
اومأ "أبي" برأسه في رضا و مضى في طريقه ..
تنفس "آلاي" الصعداء و تبع "أبي" بصحبة "توكي" .. رفعت "نيرا" رأسها لتنظر إلى "آلاي" الذي عبر أمامها دون أن يلقي نظرة عليها ..
"آلاي" ؟ .. مابه ؟ .. لا يمكن! .. متأكدة من أنه لاحظ وجودي .. لقد .. لكن .. لماذا ؟ هل هو غاضب مني؟! .. لم أقصد أن ..
شعرت "نيرا" فجأة بانقباض في صدرها و أن دقات قلبها بدأت بالتسارع فانحنت بألم .. ما .. ما هذا!؟
وكزت "شادن" "نيرا" في خاصرتها و همست: انتبهي قليلاً .. لقد وضعتنا في موقف محرج .. لكن أن تتمكن من محادثة القائد "أبي" ! .. أنت محظو ...
وكزت المرأة التي تقف بجانب "شادن" في خاصرتها ناهرة: هششش ..
انتصبت "نيرا" في وقفتها على الفور و التفتت نحو البوابة ثم تقدمت نحوها لتخرج .. اعترضت جارية "نيرا" فأمسكتها من ذراعها و همست ناهية: توقفي لا تغادري!
لكن "نيرا" أبعدتها بسرعة و ضمت يدها إلى صدرها ..
انتبه "توكي" على الحركة التي حدثت خلفهم فالتفت لتفقد الأمر و التفت معه كل من "أبي" و "آلاي" ليروا "نيرا" تغادر المكان مسرعة ..
ارتبكت الجارية التي اعترضت طريق "نيرا" فتقدمت معتذرة على الفور و هي تنحني: المعذرة سيادتكم .. سأجلبها كي تعتذر فوراً ..
رفعت الجارية رأسها و همت باللحاق بـ"نيرا" لكن "آلاي" نهاها ليلحق بها بنفسه فالتفت مستأذناً نحو "أبي" ..
أسرع "آلاي" الخطى للحاق بـ"نيرا" في حين وقف "أبي" يراقبه و هو يغادر و قد علت وجهه ابتسامة .. بينما كان "توكي" يراقب الوضع بنظرات تنم عن الملل ... أ ليسَ اهتماماً واضحاً .. .. !؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت "نيرا" تسرع في خطواتها مبتعدة عن الجناح و هي تضغط على صدرها و تتنفس بصعوبة .. تباطأت حركتها فجأة و لم تعد قادرة على المضي في مسيرها فانحنت للأمام و هي تلهث ... يا .. يا إلهي .!! .. مالذي يحدث لي !!؟ ... – اشتد الألم عليها فوقعت على ركبتيها – فليساعدني .. أحد .. !!! – فتحت فمها على اتساعه محاولة ضبط نفسها لكن دون جدوى – لا يمكن .... – دمعت عيناها – .. لا أريد هذا ...
من خلف "نيرا" تسارعت خطوات و هي تتقدم نحوها فصاح صوت من خلفها: "نيرا"!!!! ..
صوت "آلاي" !! .. ابتسمت ابتسامة باهتة و هوت على الأرض فجأة ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتح "آلاي" الباب بسرعة لتدخل خلفه شقيقته "كيندة" التي قالت على عجل: أين هي!؟
أشار "آلآي" إلى السرير: إنها ممددة على سريري .. اسرعي !
تقدمت "كيندة" بسرعة نحو "نيرا" التي بدت شاحبة جداً و قالت بقلق: يا إلهي! .. إنها شاحبة ! .. – وضعت يديها على جبين "نيرا" لمعالجتها – مالذي حدث لها!؟ ..
أبعد "آلاي" يده بقوة و هو يتحرك في الغرفة مضطرباً: لا أدري! .. لحقت بها فإذا هي تسقط مغشياً عليها! لقد بدا وجهها مرهقاً جداً كما أنها تتصبب عرقاً!! هل ستكون بخير "كيندة" !؟
حولت "كيندة" نظرها إلى "نيرا" و قالت: أرجو أن تكون بخير! .. – انتبهت على وجود منشفة على جبين "نيرا" – منشفة !؟ .. – همت أن ترفعها فإذا بـ"آلاي" يمسك بيدها ليمنعها فالتفتت نحوه – "آلاي" ؟ سأبعد المنشفة عنها و حسب! ..
ارتبك "آلاي" و أبعد يده عن "كيندة" و هو يشيح بنظره ..
قطبت "كيندة" جبينها في تساؤل و أبعدت المنشفة عن رأس "نيرا" فاتسعت عيناها دهشة و انتفضت يديها ثم صاحت: يا .. يا إلهي! ...
التفتت نحو "آلاي" بصدمة: "آلاي" ! .. لا يمكن!! ..
صمت "آلاي" مشيحاً بنظره بعيداً دون أن يجيب ..
على الجانب الأيسر من جبين "نيرا" ظهرت شارة سوداء على هيئة خطوط غريبة الشكل ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل السابع ]|

KannaSwan
12-07-2010, 13:37
+ ||[ الـفـصـل الـثـامـن ]|| +



- "نيرا" !!!!!
.... أشعر و كأني أغوص عميقاً ... ماهذا المكان ؟

- نيرا" .. هل تسمعينني ؟ ..
.. أجل .. أخي!؟ .. أنا اسمعك جيداً .. هل هذا أنت حقاً ؟

- استيقظي! "نيرا" !!
جدتي؟... أ حان وقت المدرسة !؟ .. لا اشعر بالشمس .. الظلام يحيط بي في كل مكان ..
ظهر نور طفيف أمام "نيرا" مباشرة فأحنت رأسها قليلاً لترى ماهية النور الذي ازدادت إضاءته أكثر و أكثر
ماهذا ؟! ....
بدأ النور بالتشكل على هيئة طائر لم تكتمل صورته .. اتسعت عينا "نيرا" أكثر عندما ازداد النور .. و اتجه على الفور نحو فم "نيرا" التي أصيبت بالفزع و هي تشعر بجسم غريب يدخل جسدها .. لا .! لا أريد أن ابقى .. هنا .. اهتزت حدقتا عينيها في رعب ..

- "نيرا" !! .. "نيرا" !!!
فتحت "نيرا" عينيها لترى وجهي كل من جدتها و أخاها القلقين .. جدتي ! .. أخي !!
صاحا معاً: "نيرا" !! أخيراً !!
اتضحت الصورة أمام "نيرا" أكثر فالشخصين الذين كانا يناديان عليها لم يكونا سوى "آلاي" و "كيندة" ..
فتحت فمها و قالت بصوت متردد انهكه التعب: "آ ... آلاي" ... !
تهلل وجه "آلاي" عندما استجابت "نيرا" و قال في فرح: الحمدلله! .. كيف تشعرين !؟ ..
وضعت "كيندة" كفها على وجه "نيرا" و قالت بقلق: هل أنت بخير ؟! .. جسدك ساخن جداً ..
علقت "نيرا" نظرها على الاثنين و تسارعت أنفاسها التي حاولت أن تلتقطها دون جدوى ..
اتسعت عينا "كيندة" بقلق عندما رأت الدموع تسيل من عيني "نيرا" فصاحت بقلق: "نيرا" !! ما بك؟ أ تتألمين!؟ ..
قال "آلاي": "نيرا" ! ما بك ؟
غطت "نيرا" وجهها بكلا كفيها و نشقت ثم اجهشت بالبكاء .. نهضت "كيندة" و اقتربت من "نيرا" أكثر قائلة: نـ .. "نيرا" !!
لم يحرك "آلاي" ساكناً عندما رأى "نيرا" على هذه الحالة ..
ألحت "كيندة" في السؤال: "نيرا" .. أجيبي .. مابك!؟ ....
جاء صوت "نيرا" متقطعاً: .... لا ..... لا شئ ...
قالت "كيندة" معترضة: كلا! .. هناك شئ ما! ... تكلمي!
"نيرا": .... أنا .... أنا ..
تكلمت "كيندة" بسرعة ملحة: أجل .. ماذا هناك!!!؟ ... هيا ....
أجابت "نيرا" بصوت باكٍ: أريد .... أن أبقى .. وحدي .. و حسب .. أن أبقى ...
كان "آلاي" قد أحنى رأسه بينما علا وجه "كيندة" الأسى من رد "نيرا" و تمتمت: تبقين .... لوحدك ..
تابعت "نيرا" كلامها ببطء: لوحدي ...
التفتت "كيندة" نحو "آلاي" عندما شعرت به قد نهض من مكانه و اقترب من "نيرا" ببطء ... أمسك "آلاي" بذراعي "نيرا" بكلتا يديه و أبعدهما عن وجهها ليقابلها وجهاً لوجه ثم قال بصوت جاد: "نيرا" ..
كانت "نيرا" مغمضة عينيها فتابع "آلاي": "نيرا" ... افتحي عينيك ... – نشقت "نيرا" – انظري إلي! ...
فتحت "نيرا" عينيها ببطء و هي ترى وجه "آلاي" لكن ليس بوضوح بسبب الدموع التي ملأت عينيها فقال:هل تريدين أن أعيدك إلى موطنك ؟! ..
صمتت "نيرا" و لم تجب فأعاد سؤاله ملحاً: أ تريدين ذلك ؟! ..
سالت دمعة من عين "نيرا" و أومأت برأسها قائلة: نعم! ..
تردد "آلاي" في الكلام ثم علت مسحة لطيفة على وجهه و قال بهدوء: أنا آسف .. لا استطيع أن أفعل ذلك ...
اتسعت عينا "نيرا" و فتحت فمها بصدمة فقال "آلاي": أجل ... لا استطيع فعل ذلك ... إن كنت لوحدي .. – لمعت عينا "نيرا" بسبب دموعها – لذلك ..... لذلك أريد منك أن تساعديني في التقدم إلى الأمام للحصول على نتيجة .....
قالت "نيرا" بأسى: كيف ؟! ...... كـيف؟!
نظر "آلاي" إليها و قال: قوتي وحدها لن تكون كافية .... أريدك أن تكوني معي .... لنبذل جهداً معاً!
ظل الاثنين يحدقان ببعضهما البعض بصمت ثم قالت "نيرا": سأفعل ...
ابتسم "آلاي" فشد "نيرا" لمساعدتها على النهوض و قالت بتردد: سـ .. سأبذل جهدي!
هز "آلاي" رأسه ببطء و قال: أريد عزيمة أكثر !!
مسحت "نيرا" عينيها و اعتدلت في جلستها: مؤكد!! سأبذل جهدي !
قال "آلاي" بوجه بشوش: إذاً .. لن نتركك وحيدة هنا .. ستأتين برفقتي ..
اومأت "نيرا" برأسها مبتسمة بلطف فبادلها "آلاي" الابتسام ثم حول نظره نحو "كيندة": "كيندة" أريد منك أن ..
توقف "آلاي" عن الكلام عندما شاهد "كيندة" قد أدارت ظهرها لتبعد نظرها عن كل من "نيرا" و "آلاي"
قال "آلاي" متلعثماً بصدمة: كـ .. "كيندة" !؟
التفتت "كيندة" ببطء و قالت: آه ! .. هل انتهيتما؟ ... – أدارت نفسها لتقابلهما – آسفة لتطفلي ..
احمر وجه "نيرا" بينما أبعد "آلاي" يده بسرعة عن ذراعيها .. ابتسمت "كيندة" و قالت: حسناً .. كنت تريد شيئاً مني؟! ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*


خرج "آلاي" بصحبة "كيندة" .. كان الوقت حينها ليلاً و حاول قدر الإمكان الابتعاد عن الأماكن المعتادة كي لا يسمع حديثهما أحد .. التفتت "كيندة" نحو شقيقها و قالت: حسناً "آلاي" .. هل تخبرني بكل مالديك؟
رد"آلاي": حسناً .. لا استطيع الجزم بالأمر و لكن .. – نظر إليها بحذر – تلك الفتاة "نيرا" .. ليست سوى .. – سكت لمدة ثم خفض صوته – العنقاء ..
فتحت "كيندة" عيناها دهشة و قالت: أنت واثق من هذا؟ .. – نظرت بقلق – "آلاي" .. تلك الشارة على جبينها كانت ..
اومأ "آلاي" برأسه و قال: إنها كذلك .. أنا واثق من هذا ... لا خطأ فيما قلته ..
ظهرت "جلنار" من خلف "كيندة" و قالت في دهشة: "آلاي"؟ ....إذاً كما قال "هايل"..!!
نظر إليها "آلاي" مستنكراً: "جلنار"؟ .. كنت تتنصتين علينا؟..
- لا ... لم أقصد ذلك .. أنا آسفة فقد كنت أبحث عن "كيندة" ..
التفتت "كيندة" سائلة: ماذا هناك؟ ..
- مالذي قصدته بقولك "كما قال "هايل"...."؟
ارتبكت "جلنار" و شبكت أصابعها ثم قالت و قد أحنت رأسها: آسفة "آلاي" .. لكن لم أقصد مافعلت .. عندما كنت تمر قرب المكتبة و كلمك "هايل" ذلك اليوم ... – أشاحت بعينيها – حسناً .. لقد كنت فيها .. – أحمر وجهها –
غطى "آلاي" وجهه بيده و قال: و استخدمت قواك للرؤية من خلال الحائط و استمعت لما نقول ..
قالت "كيندة" ناهرة: "جلنار" !!؟
صاحت "جلنار": لكني كنت ألهو فقط .. لم أقصد ..
قال "آلاي" مهدئاً الوضع: حسناً لا بأس .. "جلنار" انتبهي!! إن انتشر الأمر .. فستحل بنا كارثة .. و لا نريد هجوماً من قبل هاورا بالتأكيد ..
تغيرت ملامح "كيندة" إلى الحزن: لا حاجة لذلك .. المسكينة "جنان" ..
قالت "جلنار" بحماس: إنها تتحسن .. فهاهي تخرج قليلاً منذ أيام ..
سألت "كيندة" "آلاي": حسناً "آلاي" ... كيف ستفاتح والدي بموضوعها!؟ أ لا تكفي مشكلة أنه لا يريد مقابلتها لأنها فتاة عادية فما بالك بالعنقاء !!؟..
صمت "آلاي" للحظات ثم قال: لا أدري للآن .. ربما أخفي حقيقة شكي بأنها العنقاء!؟ أ لا تذكرين المشاكل التي حلت بنا فيما مضى!!؟ إنه حتى لم يعد يؤمن بحقيقتها ..
عارضته "كيندة": "آلاي"!!! لا أظن ذلك حسناً! .. لمَ لا تخبره على انفراد على الأقل؟! ..
لم يجبها "آلاي و إنما نهض قائلاً: أنا ذاهب لأخذ قسط من الراحة .. لا تنسي "كيندة" أريد ان اصطحب "نيرا" صباحاً كي نتجول في أنحاء القصر .. لا أريد لها أن تبقى حبيسة كل هذا الوقت ..
اومأت "كيندة" برأسها و قالت: لا عليك .. سأقوم بتجهيز الملابس الملائمة لها ..
ابتسم "آلاي" ثم أدار ظهره ليغادر لكن "جلنار" قاطعته و قالت: "آلاي" .. هناك شئ ما ..
التفت إليها و أجاب: ماذا؟ ..
تابعت: الأمر متعلق بـ"نيرا" .. فإذا كانت حقاً هي العنقاء فإنها في خطر..
أجاب"آلاي" بهدوء: أعرف هذا ...!!
عارضته "جلنار": لا لم أقصد ذلك ... و لكن قرأت في كتاب "رشيد" أن ....
قاطع كل من "كيندة" و "آلاي" كلام "جلنار" صائحين: كتاب "رشيــــــد" !!!!!!!؟
ارتبكت "جلنار" و وضعت يدها على جبينها بندم: مرة ثانية يزل لساني!
قال "آلاي" صائحاً: "جلنار" !!!! .. كتاب "رشيد" يحوي بعض السحر المحظور!!! "رشيد" ذاته استخدم سحراً محظوراً ليعيش !
قالت "كيندة": و تمكنت من التسلل للحصول عليه!!!!!؟ .. من أين حصلت – ترددت – عليه !!؟ - سألت بتردد أكبر – هل هو "توكي" ؟! – اومأت "جلنار" برأسها ببطء – "جلنار" لم تقرأيه صحيح؟! ..
أشاحت بنظرها بهدوء ثم قالت متمتمة: لكن .. لكنه كتاب ممتاز .. أعني .. ساعدني كثيراً! فلن يجيب "هايل" على تساؤلاتي حتى! ..
تنهد "آلاي" بعمق و قال: هل علم "هايل" بالأمر؟! ..
هزت "جلنار" رأسها نافية فقالت "كيندة": أنت في أمان حتى الآن إذاً ..
تصلبت "جلنار" في مكانها فقال "آلاي": و الأمر الذي كنت تودين قوله؟! ..
قالت "جلنار" مستجيبة على الفور: آه! .. بخصوص الكتاب .. ففيه فصول كثيرة تخص العنقاء و ظهورها و ذُكِرّ فيه أن من يحمل العنقاء يمر بمرحلة لتكوينها الكلي في جسده .. و..
"كيندة" في محاولة استفهام: لكن كتاب "رشيد" فيه بعض الأخطاء "جلنار" ...
وافقها "آلاي": كلامها صحيح!!!
أجابت "جلنار": من أين لكم بصحة هذا الكلام !!؟ حسناً ... أليس هذا ماكنا نظنه ؟ ... و الآن ألم نكتشف أن تلك الفتاة تحمل العنقاء لديها؟
هز كلاهما رأسه موافقاً: لكن الأمر لا يزال يحتمل الخطأ!
تابعت دون مبالاة: جيد ..!! كان الجميع يعتقد أن العنقاء سيكون طائراَ فقط !! و هاهو كلام "رشيد" يؤكد في أن أحدهم يحملها لديه .. لذلك فعلينا تصديق كلامه الباقي .. في حين أخطأ باقي المنجمون في كلامهم و هكذا علينا اعتماد كلام "رشيد" ..
وافقها "آلاي" و "كيندة" فابتسمت "جلنار" في فرح لما رأت في نفسها خبرة فأكملت: حسناً .. و بناءاً على كلامه فإن هنالك مرحلة كي تتكون العنقاء كلياً في جسد حاملها .. – تغيرت تعابير وجهها – و عند بدء التكوين .. فإن ..
حثها "آلاي": ماذا هناك؟ ....
تمالكت "جلنار" نفسها و قالت: عند بدء التكوين فإن حاملها يمر بمرحلة مرضية لأنه لا يستطيع تحمل مثل هذا النوع من الطاقة الغريبة عن جسده .. و تظهر شارة على جبينه ...
قال "آلاي": أجل ... شارة العنقاء التي كنا نظن أن العنقاء نفسها ستكون حاملة إياها .. لقد رأيتها و قد ظهرت على جبين "نيرا" ..
أعربت "كيندة" بسرور: مع أن كلام "رشيد" لم يلق القبول .. إلا أننا صدقناه عندما رأيناها ها؟ .. هذا ماحصل مع "هايل" .. لقد قلت أنه تحدث معها؟! ..
قالت "جلنار": هي دعوني أكمل ما لدي .. فإذا كانت حالة حامل العنقاء مزرية و تعرض لأي ضغوط نفسية فإن ذلك سيؤثر سلباً في صحته و قد يؤدي إلى ...... – صمتت – قد تموت...
صدم كل من "آلاي" و "كيندة" و لم ينطقا بشئ ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
12-07-2010, 13:42
*~*~*~*~*~*~*~*~*


ارسلت الشمس أشعتها الذهبية على مملكة سامرا في صباح اليوم التالي ...
كانت "مايا" في غرفتها تجلس أمام طاولة الزينة و هي تمشط شعرها بهدوء تام .. ظلت تراقب شعرها بتمعن و هي تتابع تمشيط الجهة نفسها ..
طرق أحدهم الباب فجأة ليقطع حبل سرحانها فقالت بصوتها الهادئ: تفضل ..
فُتِحَ الباب ليطل من خلفه "أوس" برأسه قائلاً: صباح الخير "مايا" !! – ابتسم ببشاشة –
ابتسمت "مايا" و أجابت: صباح الخير .... "أوس" ..
دخل "أوس" الغرفة و أوصد الباب خلفه و مشى متقدماً نحو شقيقته و هو يقول: لقد تأخرت في الحضور لذلك أتيت بنفسي .. أ نسيت!؟ .. اليوم هو دورك ..
اتسعت عينا "مايا" في عدم استيعاب ثم علت مسحة خجل وجهها و قالت: آ ... آسفة ...
"أوس" و "مايا" يتبادلان الأيام في القدوم إلى غرفة بعضهما البعض للنهوض صباحاً .. و قد كان اليوم دور "مايا" للذهاب إلى "أوس" لكن لسبب ما لم تقم "مايا" بذلك ..
تقدم "أوس" نحو المكان الذي كانت تجلس فيه "مايا" و انتبه لوجود المشط على الطاولة ثم علت وجهه ابتسامة متصيدة: آهااااا ...
أحنت "مايا" رأسها بخجل فقال "أوس": هكذا إذاً .. عاودك السرحان مجدداً و أنت تمشطين شعرك أ ليس كذلك ؟! ...
ازداد ارتباك "مايا" فلاحظ "أوس" ذلك و ابتسم و هو يمسك بيدها ليساعدها على النهوض: حسناً .. هيا انهضي .. – نهضت "مايا" دون أن ترفع رأسها فتابع "أوس" كلامه كي يبعد عنها ارتباكها – لن استغرب ذلك .. فكل من يرى شعرك يراهن على أنه جذاب جداً ! ..
رفعت "مايا" رأسها و نظرت نحو "أوس" ببطء ثم ابتسمت بخجل عندما ابتسم لها ..
طرق باب الغرفة ثم فُتِحَ لتدخل "جلنار" بسرعة و تقول: هي "مايا" ! – انتبهت لوجود "أوس" – أوه "أوس" أيضاً!! .. صباح الخير !!
أجاب الاثنين في دهشة: صباح الخير! ...
قالت "جلنار" على عجل: هي "مايا" ... !! "كيندة" تطلبك ! .. إنها موجودة في غرفة "آلاي" اذهبي إليها هناك بسرعة ! ..
ازدادت حيرة التوأمين فأومأت "مايا" برأسها و أومأ "أوس" لا إرادياً بدوره
انتبهت "جلنار" عندما رأت إيماءة "أوس" فأشارت نحوه ناهرة: أنتَ لا!!! .. "كيندة" تريد "مايا" فقط !! .. هذا واضح! ...
خرجت "جلنار" و اوصدت الباب خلفها ثم فتحته فجأة و قالت: لقد نبهتك .. مفهوم! ... – أغلقت الباب بسرعة –


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- سأكون في انتظارك لحين تنتهين ...
مشت "مايا" في الممر الطويل لوحدها متذكرة كلام "أوس" قبل أن تغادره .. يجب أن لا اتأخر كثيراً .. فـ"أوس" ينتظر ..
ظلت تراقب تناسق خطواتها على البلاط المربع و هي تسير بهدوء إلى أن انتبهت أنها كانت تسرح في المربعات دون أن تعي إلى أين وصلت فرفعت نظرها ... لم أعد في المكان الصحيح !!!.. قلبت النظر فانتبهت لوجود صقرٍ استقر في نهاية الممر فاتسعت عيناها دهشة و اتجهت نحوه لتقترب بهدوء كي لا ينتبه لوجودها ..
كانت "مايا" تخطو إليه خطوة .. خطوة .. و بكل هدوء .. صقر هنا ..... صقر .. عندما اقتربت عند نهاية الممر انحنت على الأرض و زحفت نحوه ببطء على ركبتيها ..
عدلت "مايا" عن التقدم و ظلت تحدق بالصقر الذي لم يحرك ساكنا بابتسامة تعلو وجهها .. لكن فجأة حرك الطائر رأسه و أفرد جناحية ليطير مبتعداً بسرعة ..
رفعت "مايا" يديها و غطت وجهها في خوف ثم ابعدتهما عندما ابتعد الصقر و انتبهت لوجود شخص يقف إلى يسارها في الممر المؤدي إلى جناح الضيافة
حولت نظرها نحو الشخص الواقف و هي ترفع رأسها ببطء .. لم يكن ذلك الشخص مألوفاً بالنسبة لها .. لكنها تذكر أن وجهه لم يكن غريباً عنها ... كما أنها – و هي تحاول ضبط أفكارها – تذكر أن بالأمس تمت استضافة أناس من المملكة الأخرى .. هاورا ..
انحنى الشخص باحترام: صباح الخير جلالة الأميرة ..
لم تحرك "مايا" ساكنة من مكانها و إنما ظلت في وضعيتها و هي تعلق عينيها على عيني "أبي" بتأمل ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- أووه .. يا إلهي! .. تأخرت "مايا" كثيراً ..
عقدت "كيندة" يديها في نفاذ صبر و تابعت تذمرها: أين هي!؟ .. لقد طلبت من "جلنار" ان تستدعيها بسرعة!! ..
كانت "نيرا" جالسة تراقب "كيندة" التي راحت تجول المكان جيئة و ذهاباً إلى أن فُتِح الباب و أطلت منه "جلنار" و الابتسامة تعلو وجهها : هي! .. هل انتهيتم ؟! ..
قطبت "كيندة" جبينها و صاحت: كيف لنا فعل ذلك ؟! .. "مايا" لم تأتِ بعد! أ لم أطلب منك أن تأتي بسرعة؟
دخلت "جلنار" و أوصدت الباب وراءها و هي تقول باستغراب: بلى فعلتُ ذلك !! .. أ لم تأتِ ؟! .. – تقدمت إلى الداخل – هذا غريب! ..
قالت "نيرا": أ لا نستطيع المتابعة بدونها ؟!
أجابت "كيندة": بلى و لكن .. "مايا" ماهرة في تصفيف الشعر أكثر مني و من "جلنار" ..
"نيرا" و هي تلتفت نحو "جلنار": تصفيف الشعر ؟! ..
تقدمت "جلنار" بسرعة نحو "نيرا" و هي تحثها: لا عليك الآن .. لمَ لا تقومين بتبديل ملابسك إلى أن تصل "مايا" ..
تنهدت "كيندة": و إن تأخرت "مايا" سأقوم أنا بتصفيف شعرك ..
قالت "نيرا" بتردد: لكن .. لا داعي لذلك فقط اتركيه كما هو و...
قاطعتها "كيندة" و هي تحثها على تبديل ملابسها: هيااااا !!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


انحنى "أبي" باحترام و قال: صباح الخير .. سمو الأميرة .. - مد يده نحوها – اسمحي لي – ساعدها على النهوض من مكانها –
بقيت "مايا" تحدق به مطولاً بعينيها الواسعتين فقال "أبي": أ ليس الوقت مبكراً على نهوض سيادتك ؟!
صمتت "مايا" للحظة ثم فتحت فمها في تساؤل: أنتَ ... ؟!
أجاب "أبي" متداركاً: آه .. اصفحي لي جرأتي – انحنى – أنا "أبي" .. قائد الوحدة العسكرية في مملكة هاورا ..
قطبت "مايا" جبينها للحظة .. وحدة عسكرية .. جندي .. قائد .. حرب .. قتل .. شرير .. رفعت نظرها إلى "أبي" في تساؤل .. طاقته نقية لا توحي بنوايا شر ..
ابتسم "أبي" في وجهها فقالت بعد برهة: أنتَ .. لست .... شريراً .. صحيح ؟!
دُهِشَ "أبي" من سؤالها المفاجئ فضحك قائلاً: و لماذا أكون شريراً !؟ ..
علقت "مايا" عينيها عليه و قالت بجدية: أنت قائد عسكري .. و المسؤول عن الجنود وقت الحرب ..
تغيرت ملامح "أبي" إلى الهدوء فتابعت "مايا" محنية رأسها: أنت تستخدم القوة و تسمح للجنود بقتل الأبرياء من الناس في سبيل الانتصار أثناء حرب ما ..
صمتت ثم رفعت نظرها ببطء لترى ردة فعل "أبي" الذي ظل يحدق بها بهدوء محاولاً التغلغل في نفس الطفلة الصغيرة ليعرف ما يخبئه قلبها ..
هب فجأة نسيم صباحي تطاير على إثره شعر "مايا" فأحنت رأسها و هي تحاول إبعاد شعرها عن وجهها ثم رفعت رأسها و اتسعت عيناها عندما رأت ابتسامة تعلو وجه "أبي" الذي قال: سمو الأميرة .. هل تحبين مملكتك ؟! ..
صمتت "مايا" ثم اومأت برأسها ببطء فقال "أبي": أنا أيضاً أحب مملكتي كثيراً .. لكن .. افترضي يوماً أن مملكتك تعرضت لهجوم من قبل عدو ما .. و لم تمتلك مملكتك الوحدة العسكرية التي ستحمي شعب مملكتك و أحبائك من ردع ذاك الهجوم .. ماذا سيحصل !؟ .. القوة لا تعني الشر دوماً ..
تسارعت أنفاس "مايا" للحظة و قالت بارتباك بادٍ عليها: لكن .. لكن .. لو توقف الناس جميعاً عن وضع وحدات عسكرية و عاشوا بسلام لما احتاج أحدنا لهذه القوة ..
صمت "أبي" للحظة ثم قال بابتسامة: لو أن جميع الناس فكروا مثلك لكان العالم بسلام الآن .. لكن – تغيرت ملامحه إلى الشرود – النفس البشرية التي تطمع للحصول على كل شئ لإشباع ذاتها هي السبب ..
نظرت "مايا" إلى "أبي" بعينين تائهتين فلم يعد عقلها الصغير يستوعب تلك الأمور الصعبة و المعقدة .. تلك الأطماع و الأحقاد التي تحملها بعض النفوس البشرية و التي تسببت في ضياع أحلام الكثير من البشر ..
تنفست "مايا" بصعوبة فلاحظ "أبي" أنها متضايقة من أمر ما فقال بقلق: أنت بخير أيتها الأميرة ؟! .. – انحنى نحوها –
لم تجبه "مايا" و إنما ظلت على حالتها و هي تنظر إلى "أبي" بعينيها التائهتين ثم سالت الدموع من عينيها و قالت بصوت باك: والدتي .. والدتي .. لماذا قُتِلَت !؟ .. أ بسبب الأطماع فقط ؟! .. أ كانت .. ؟
لم تستطع متابعة كلامها فارتبك "أبي" كثيراً و حاول أن يهدئها لكن دون جدوى ..

- "مايا" !!!!
التفت "أبي" إلى مصدر الصوت فإذا بـ"آلاي" يركض نحوهما بسرعة و القلق بادٍ عليه .. وصل "آلاي" و انحنى بقلق نحو شقيقته الصغيرة و هو يقول: "مايا" عزيزتي .. ماذا هناك ؟! ..
نشقت "مايا" دون أن تجيب على "آلاي" فالتفت فوراً نحو "أبي" و قال بحدة: مالذي فعلته يا هذا !؟ ..
رفع "أبي" يديه و قال ببعض الارتباك: لا تتعجل سيادتك .. كنا نتحدث و حسب .. لكن الأميرة العزيزة أبدت حساسية زائدة ! ..
أجاب "آلاي" محاولاً تمالك نفسه: و بماذا تتحدث معها ؟! .. أ لا تفهم الوضع الذي نحن فيه ؟...
توقف "آلاي" عن الكلام فجأة فأحنى "أبي" رأسه و قال بجدية: أدرك الأمر بأكمله .. كلينا لا يريد إشعال مشكلة من محادثة مع أميرة صغيرة .. – انحنى بجسده نحو "مايا" – اعذريني أيتها الأميرة .. و اغفري لي جرأتي في الكلام معك ..
تمالكت "مايا" نفسها و رفعت عينها نحو "أبي" الذي ابتسم لها بلطف فمسحت عينيها و أمسكت بيد شقيقها قائلة: آسفة .. سيد "أبي" .. – رفعت رأسها نحو "آلاي" – أخي .. ما قاله السيد صحيح .. لا داعٍ للانفعال
أحكم "آلاي" يده على شقيقته و أدار ظهره مغادراً و هو يقول: حاول أن تدرك الأمر و تبتعد قدر الإمكان .. فلا تنقصنا المشاحنات ..
علق "أبي" عينيه على "آلاي" و أومأ برأسه ببطء ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


|[ نهاية الفصل الثامن ]|

KannaSwan
15-07-2010, 12:57
[ تنويه ]

لا أخفيكم أنني اتضايق كثيراً عندما لا أجد ردوداً على قصتي .. !
فهل هي سيئة للدرجة التي تمنعكم من قول ذلك ؟ أم أنكم تعجزون عن تسجيل قراءة و حسب !؟
أجل هذا ما أرجوه منكم كي لا أشعر أني اكتب للفراغ و حسب ..
إن كنتَ من المداومين على القراءة فرجاء سجل رداً في موضوع النقاش (+ ||[ الـفـصـل الـتـاسـع ]|| +) بـ تسجيل قراءة فقط !
لا أريد أكثر من هذا ! حتى لو كنتَ زائراً أتمنى أن تسجل إن أمكن !

شكراً لتعاونكم ^_^

_____________________


+ ||[ الـفـصـل الـتـاسـع ]|| +



- هل انتهيت ؟! .... "كيندة" ؟!
قالت "كيندة" و هي تعدل بعض خصلات شعر "نيرا": أجل .. على وشك .. – أبعدت يديها – رائع .. – التفتت إلى "جلنار" – ما رأيك "جلنار" !؟ ..
تقدمت "جلنار" للنظر في وجه "نيرا" فقالت بإعجاب: مذهل "كيندة" ! .. تصفيفك للشعر بدأ يتحسن كثيراً!! .. "نيرا" تبدين جميلة ..
قالت "كيندة" بفخر: أ رأيت!؟ .. عندما أبذل جهدي في أمر استطيع إتقانه بسهولة !!
أمسكت "كيندة" بيدي "نيرا" و قالت و هي تحثها على النهوض: هيا "نيرا" .. تعالي و انظري إلى نفسك في المرآة ..
نهضت "نيرا" معها و تقدمت لتفحص مظهرها في المرآة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان "آلاي" يمشي برفقة "مايا" و هو يمسك بيدها بهدوء .. نظر "آلاي" إلى "مايا" بطرف عينه للحظة ثم حول نظره إلى الأمام و هو يقول: حسناً "مايا" ..
انقبضت يد "مايا" بشكل ملحوظ فقال "آلاي": لا عليك إذاً .. لا حاجة لأن تذكري شيئاً .. و لكن – افلت يدها و قابلها وجهاً لوجه و هو منحنٍ نحوها – أريد منك أن لا تفكري في الأمر كثيراً .. لا أريدك أن تلقِ بالاً لكل قول تسمعيه .. فكل الأمور تحتمل الخطأ ..
لم تنطق "مايا" بشئ و إنما أشاحت بنظرها فتنهد "آلاي" و قال بصوت حنون: عزيزتي "مايا" لا أحب رؤيتك هكذا .. لم يكن الوجه الحزين جزءاً منك أبداً .. – نظرت إليه "مايا" بتردد فأظهر ابتسامة خفيفة على شفتيه – اتضايق عندما أراك متضايقة لأني أحبك كثيراً .. أنت لا تحبين لأحد أن يحزن بسببك .. صحيح؟!
أبعدت "مايا" نظرها عنه ببطء ثم عاودت النظر إليه و قالت: آ .. آسفة .. "آلاي" .. – ابتسم "آلاي" – لكني المخطئـ ..
أمسك "آلاي" بـ"مايا" بكلتا يديه و رفعها إلى الأعلى قائلاً: و من منا لا يخطئ؟! .. كلنا بشر نخطئ و نصيب .. لكن تكمن القوة في أن نكتشف خطأنا و لا نعيده .. و أنا واثق من أنك لن تكرري هذا الأمر مرة ثانية ..
اومأت "مايا" برأسها و صمتت للحظة ثم قالت بخجل: آ .. "آلاي" .. ؟ .. لم اعد صغيرة هلا .. انزلتني ؟!
اتسعت عينا "آلاي" و قال: ها!؟ .. – ابتسم – صحيح لم تعودي صغيرة – دار بها دورة كاملة – و لكنك لا تزالين ضئيلة كما لو كنتِ طفلة ! .. أتساءل ما إذا كنت عصفوراً قد يحلق ذات يوم ..
ارتبكت "مايا" و احمر وجهها بوضوح بينما ضحك "آلاي" على ردة فعلها و هو ينزلها على الأرض ..
قال "آلاي" : أ نذهب إلى "كيندة" ؟! .. لقد وعدتها بالقدوم مبكراً ..
توقفت "مايا" في مكانها فجأة و تذكرت أنها كانت في طريقها إلى "كيندة" من الأساس فأومأت برأسها بهدوء
مشى الاثنين معاً إلى أن وصلا إلى باب غرفة "كيندة" .. همَّ "آلاي" بفتح الباب لكنه فوجئ به يفتح فجأة ليخرج من الغرفة أحدهم بسرعة و يصطدم به خلال ثوانٍ ..
تراجع "آلاي" خطوات عديدة إثر الاصطدام بينما سقطت "نيرا" على الأرض و هي تمسك برأسها ..
صاح "آلاي" بصدمة : "نيرا" !!؟ .. مالخطب !؟
خرجت "جلنار" من الغرفة و تبعتها "كيندة" التي نادت بقلق: نـ .. "نيرا" !!
رفعت "نيرا" رأسها ببطء و نظرت إلى "آلاي" الذي اتجه نحوها قائلاً: هل أنتِ بخير!؟ .. – نهضت "نيرا" بمفردها ثم أمسك ""آلاي" بيدها –
صمتت "نيرا" و لم تنطق بينما حول ""آلاي" نظره إلى "كيندة" لتشرح له الأمر فرفعت "كيندة" كتفيها و قالت: أردنا منها تفحص مظهرها في المرآة و لكن ما إن اقتربت منها – نظرت إلى "نيرا" – حتى هربت فزعة مبتعدة ..
اتسعت عينا "آلاي" في دهشة و حول نظره إلى "نيرا" منتظراً منها تفسيراً أكثر وضوحاً لكن "نيرا" أمسكت بذراعيه بكلتا يديها و أحنت رأسها دون أن تنطق بشئ ..
شعر "آلاي" بيدي "نيرا" تنتفضان بشدة فقال و هو يرفع يده و يمسك بكتفها: لا عليك – نظر إلى "كيندة" – نحن ذاهبان "كيندة" .. شكراً لك ..
اتسعت عينا "كيندة" و قالت ببطء: لا شكر على ... واجب ..
أدار "آلاي" ظهره و مشى مغادراً بصحبة "نيرا" .. تقدمت "جلنار" لتقف بجانب "كيندة" بينما ظلت "مايا" تراقب شقيقها و هو يسير برفقة "نيرا" بهدوء .. أ هذه الفتاة ؟!!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في إحدى غرف القصر كان الوزير "عاصم" يجلس على كرسي و هو يمسك بعصاه بكلتا يديه .. ثم قال و كأنه يحدث نفسه: الجو متقلب هذه الأيام .. لم يعد بمقدوري التنبؤ بالجو مستخدماً حدسي كما في السابق! – ضحك بسخرية – أظن أنها آثار التقدم في العمر ..
خلف الوزير "عاصم" ظهر مساعده الشاب "ثابت" فتابع كلامه: هل تشعر بشئ مختلف "ثابت"؟ أم أنني واهم و حسب؟
أحنى "ثابت" رأسه باحترام قائلاً: كلا يا سيدي لستَ واهماً .. فلم يعد الجو كما كان عليه في السابق .. إن سمحت لي بالقول فسماء البارحة دلت تماماً على أن جو اليوم سيكون صحواً و لم تنبئ أبداً بأجواء غائمة .. لكن خابت توقعاتي!
كان "ثابت" يتكلم بكل وقار و هو يخاطب الوزير "عاصم" و كان حريصاً أشد الحرص على الانحناء باحترام أمام هذا الشيخ الكبير بالرغم من كونه ضريراً!!
نهض الوزير "عاصم" من مكانه قائلاً: أشعر برغبة في المشي خارجاً .. يراودني إحساس قوي جداً تجاه أمر ما .. لا أزال أجهله .. !


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في ذلك الممر الذي كان ينتصف حديقتين من الجانبين مشى "آلاي" برفقة "نيرا" و قال: هذه الحديقة من أجمل حدائق القصر .. متأكد من أنها حازت على إعجابك! ها .. ما رأيك بها؟
قلبت "نيرا" النظر في الحديقة الواسعة و اومأت برأسها قائلة: إنها جميلة فعلاً .. هل تتنزهون هنا دوماً؟
أجاب "آلاي": ليس دوماً .. أكثر من يفضلها "مريم" كانت تحب اللعب فيها كثيراً بصحبة "جنان" عندما كانتا صغيرتين .. لكن الآن تفضل التنزه بهدوء و حسب ..
سألت "نيرا": أختاك؟
نظر إليها "آلاي" و ابتسم مرتبكاً: نعم .. لم أعرفك على جميع إخوتي بعد .. لا عليك .. سأعرفك عليهم جميعاً في الوقت المناسب ..
ابتسمت "نيرا" ابتسامة باهتة ثم صمتت معلقة نظرها أمامها فقال "آلاي" بعد برهة عندما لاحظ صمت "نيرا": أ ... "نيرا" .. مالذي أفزعك لدى "كيندة" ؟
أجابت "نيرا" بتردد: إنه .. ذاك .. مرة أخرى ... انعكست صورته في المرآة .. كان خلفي ..
قطب "آلاي" جبينه محاولاً الاستيعاب ثم قال بهدوء: أ تقصدين الطائر الذي شاهدته سابقاً في الواحة؟
انتفضت يدا "نيرا" و سألت ببطء: "آ .... "آلاي" ... أنتَ .. تصدقني؟ - نظر "آلاي" إلى "نيرا" – أنت تصدقني .. بأن تلك النجوم موجودة صح؟ - حولت نظرها لتقابل "آلاي" وجهاً لوجه – و تصدق أيضاً أني أرى ذاك الطائر أيضاً .... أ ليس كذلك؟
حلت لحظة من الصمت قطعها "آلاي" بإجابته: بالتأكيد .. مالذي يدفعني لتكذيبك؟ و مالذي يدفعك إلى الكذب أصلاً؟ .. أنا أصدقك .. هناك أمورٌ غريبة قد تصادفنا لكننا نجهل ماهيتها في بادئ الأمر لكن مع مرور الوقت نستطيع كشف لبسها علينا .. – أمسك بيدي "نيرا" – اسمعيني "نيرا" قد نواجه أشياء لا نقبلها و لا نريد لها أن تحصل .. لكنها أمر واقع و لا شك .. فلا نستطيع تغيير تلك الحقيقة .. لكننا نستطيع بقوة إرادتنا و عزمنا أن نقلبها لصالحنا .. فلنواجه تلك الصعوبات .. معاً ..
ابتسمت "نيرا" بهدوء و قالت: حسناً – علقت عينيها على "آلاي" – شكراً لك ... "آلاي" .. !
بادلها "آلاي" الابتسام ثم ما لبثت تعابير وجهه أن تغيرت فأدار رأسه ملتفتاً للأمام .. التفتت "نيرا" بدورها نحو الجهة التي التفت "آلاي" نحوها فلاحظت وجود شخصين قادمين .. كان الأول رجلاً في متوسط العمر عريض المنكبين و الثاني رجل عجوز يمشي متكأً على عصا ..
صمت "آلاي" و هو يراقب اقترابهما نحوهما ثم حزم أمره و أخذ نفساً عميقاً .. و التفت نحو "نيرا": "نيرا" تابعي مسيرك بصمت ..
أومأت "نيرا" برأسها فمد "آلاي" يده ممسكاً بيد "نيرا" و تابعا المسير إلى أن وصلا في مواجهة المستشار و مساعده ..
أحنى "آلاي" رأسه محيياً عندما تقابلت عيناه مع "ثابت": صباح الخير ..
رد "ثابت" التحية بإيماءة من رأسه بينما تكلم المستشار قائلاً: صباح الخير سيدي الأمير .. – لم يزد كلاماً فتابع "آلاي" مسيره مبتعداً – صباح جميل لتتمشى فيه مع آنسة شابة .. أ لن تعرفني عليها!!؟ ..
توقف "آلاي" في مكانه محولاً نظره نحو المستشار ثم حول نظره إلى "نيرا" التي علقت نظرها على المستشار هي الأخرى ..
اتبسم "آلاي" في ارتباك ثم قال: المعذرة .. ماذا أقول له بالضبط .. لم أقصد أن أكون فظاً ..
حول نظره إلى "نيرا" التي لاحظت الارتباك البادي على وجهه فقال: آسف .. اسمح لي أن أعرفك بها .. اسمها الآنسة "نيرا" أتت لطلب المساعدة في أمر يخصها فآثرت إبقائها في القصر لحين قضاء حاجتها .. – التفت نحو "نيرا" – آنسة "نيرا" هذا هو المستشار "عاصم" لابد و أنك سمعتِ عنه دون شك .. و هذا الرجل الآخر برفقته هو السيد "ثابت" ساعده الأيمن ..
اومأت "نيرا" برأسها و انحنت قائلة: تشرفت بمعرفتك سيدي المستشار ..
أومأ المستشار برأسه و قال: آمل أن تحصلي على ما ترتئين بكل يسر و سهولة ..
"نيرا": شكراً لك ..
تنحنح المستشار ثم قال و هو يمد يده: هلا اقتربت مني يا ابنتي !؟ ..
أثار هذا الطلب دهشة "نيرا" فنظرت إلى "آلاي" الذي ابتلع ريقه و أومأ برأسه لـ"نيرا" هامساً: إنه ضرير
اتسعت عينا "نيرا" في محاولة لاستيعاب الأمر ثم حولت نظرها إلى العجوز الذي يقف أمامها و تقدمت نحوه ببطء فقال عندما شعر باقترابها: ناوليني يدك رجاءً ..
رفعت "نيرا" يدها و أمسكت بيد العجوز الهزيلة التي بدأت تتحسس كفها بهدوء .. صمت المستشار للحظة ثم قال: لا تبدين من هنا ..
أجابت "نيرا" بتردد: أجل .. لست من هنا .. – صمتت و عندما لم تلقَ رداً تابعت – أتيت من بلدة بعيدة ..
قال المستشار: آه .. هناك من يطاردك صحيح .. !؟
"نيرا": تـ .. تقريباً ..
المستشار: لا داعِ للتحفظ .. يبدو الأمر واضحاً .. – صمت قليلاً – انتبهي يا ابنتي كفك تخبرني بأنك ستواجهين المشاكل .. فليصبرك الله إن شاء بإذنه ..
حدقت "نيرا" بالعجوز لتعلم إن كان جاداً أم لا .. ففي العادة لا تؤمن بهذه التنبؤات خاصة المتشائمة منها لكنها نوعاً ما أحست بشعور غريب يخالجها و هي تتذكر الأحداث التي حصلت معها مؤخراً .. فما كان منها إلا أن اومأت برأسها بهدوء و قالت: شكراً لك ..
هز "ثابت" كتفه بسخرية من رد "نيرا" و قال بعد أن أفلتت "نيرا" يدها من المستشار: متى وصلتِ إلى القصر؟
نظرت "نيرا" إليه و قالت: منذ خمسة أيام تقريباً ..
أجاب "ثابت": آه .. تماماً مع بدأ تقلب الجو !! ..
حدقت "نيرا" به ثم قالت: ماذا تقصد !؟
"ثابت": أ لم يقل سيادة المستشار أن كفك توحي بالمشاكل ؟
اومأت "نيرا" برأسها و قالت و هي تنكر: لكن ليس بالضرورة أن يكون كما يقول!
تقدم "آلاي" نحو "نيرا": "نيرا"!! – أمسك بكفها و نظر إليها هامساً – اظهري بعض الاحترام !!

KannaSwan
15-07-2010, 14:10
صمتت "نيرا" للحظة ثم حولت نظرها إلى المستشار: آسفة لم أقصد الإساءة .. و لكن – نظرت إلى "ثابت" لفترة ثم قالت – شكراً لك سيدي .. سانتبه على نفسي جيداً ..
انحنت باحترام و قالت: بإذنك .. – مضت في طريقها فلحق بها "آلاي" و قد استأذن من المستشار و "ثابت" –
مشى الاثنين بمحاذاة بعضهما البعض لفترة عمها الصمت ثم قال "آلاي": حسناً ... ربما هنالك ما تودين قوله؟!
لم تجب "نيرا" من فورها فقالت بعد برهة: إنه ... لا يعجبني ..
رفع "آلاي" يده إلى وجهه متململاً: لا تقولي هذا ..
أجابت "نيرا" بحدة: لكنه كان كذلك .... "آلاي" قد اكون وقحة في قولي لكنه أعطاني انطباعاً سيئاً جداً !!
"آلاي" معترضاً: أوافقك ان للانطباع الأول دور كبير في تكوين صورة حول الشخص و لكن هذا لا يعني أن تتعجلي في الحكم فأنتِ لم تشاهديه حقيقة .. فلهذا الرجل مكانته الخاصة ضمن البلاط الملكي و المملكة تعتمد عليه في الكثير من أمورها ..
"نيرا": أنتَ جاد !!!؟ .. تعتمدون عليه!!؟ .. لكنه لا يبدو كشخص مؤهل أبداً .. أ رأيتَ تلك النظرة الساخرة التي وجهها إلي !!؟
"آلاي": كلا لم الحظ أمراً كهذا مطلقاً .. ثم من قال لكِ أنه يبصر أصلاً .. ذلك الرجل ضرير !!
"نيرا" بدهشة: هو ضرير أيضاً !؟!
توقف "آلاي" عن المشي و قطب حاجبيه باستفهام: ماذا تعنين!!؟ – صمت للحظة – "نيرا" عمن تتحدثين بالضبط!؟ السيد "عاصم" ؟!

- "ثابت" !!!
حدق الاثنين ببعضهما ثم تنهدا و حل الصمت عليهما لكن ضحكة خافتة أفلتت من "نيرا" فابتسم "آلاي": حسناً آظن أنني أوافقك بعض الشئ !!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


دفعت "جلنار" باب المكتبة الضخم و فتحته ببطء .. أطلت برأسها ثم شرعت بالدخول و على وجهها ابتسامة رضا فقد أحبت أن تدخل للمكتبة ظهراً في الوقت الذي لايوجد فيها أحد ..
اتجهت من فورها نحو الرف المتواجد في آخر زاوية المكتبة ثم رفعت يدها و هي تعيد الكتاب في مكانه .. حسناً ... – ابتسمت في سعادة – الآن لنبحث عن الكتاب الثاني لهذه السلسة ...
قلبت "جلنار" النظر و هي تبحث عن الكتاب المنشود ...

- ستجدينه في أقصى اليمين ..
حولت "جلنار" نظرها إلى هناك على الفور فتهلل وجهها و صاحت: أجل صحيح!
تناولت الكتاب و ابتسمت لكن فجأة تغيرت تعابير وجهها إلى الرعب و التفتت بسرعة صائحة: من هنا؟
على طاولة المكتب خلفها وجدت شاباً يجلس عليها و قد مد ساقيه على الطاولة و هو محاط بكم من الكتب .. رفع يده ملوحاً: المعذرة لم اقصد اخافتك ..
تنهدت "جلنار" بارتياح قائلة: "توكي" حقاً أرعبتني .. الحمدلله!! .. خفت من أن تكون ...
قلب صفحة من الكتاب الذي يطالعه و قال بهدوء: "هايل" ؟!
ضحكت "جلنار" بارتباك و قالت: تقريباً !!
تقدمت نحو "توكي" ببطء إلى أن وصلت إليه بهدوء و بقيت تحدق به .. رفع "توكي" نظره فقالت "جلنار" بابتسامة مرتبكة: لن ... لن تخبر أحداً صحيح ؟
أحنى "توكي" رأسه مغلقاً كتابه و عدل من وضعية جلوسه ثم شرع يبحث عن كتاب ما بين أكوام الكتب التي تحيط إلى أن وجد كتاباً رماه على الطاولة تجاه "جلنار" قائلاً: كي تتضح لك الأمور بشكل أفضل اقرأي هذا .. ستجدين فيه دليلاً للمصطلحات ..
مدت "جلنار" يدها نحو الكتاب و رفعته إليها ثم قلبته لترى العنوان متمتمة: هاا ..
استطرد "توكي" في كلامه: توقعت إقدامك على هذا الفعل ! .. عندما لاحظت اختفاء الجزء الأول من الكتاب ظننت أن "هايل" هو من أخذه ..
ابتسمت "جلنار" قائلة: لم اكن لأجرؤ على قرائته لو لم يتحدث عنه "هايل" ذاك المساء ...
ابتسم "توكي" بهدوء ثم قال: لكنه لم يقصد القيام بعرض دعائي له! .. – نهض من مكانه متجهاً نحو النافذة – النجوم تنذر بالخطر ...!!
عقدت "جلنار" حاجبيها ..لا يزال الوقت ظهراً ...
قالت "جلنار" برجاء: "توكي" ... رجاءً لا تخبر أحداً ما اقرأ ..... خصوصاً "مريم" ..
أجابها بهدوء: لا تقلقي لن يحدث ذلك ....
التفت نحوها قائلاً: هل تعين ما تقرأين؟
ابتسمت "جلنار" بتحد و قالت: بالتأكيد .. زمن الكتب المحظورة انتهى ..
أحنى "توكي" رأسه مبتسماً ثم رفعه قائلاً: خطأ .. لا تفكري هكذا .. فالكتاب يبقى كتاباً و إن كان محظوراً .. حتى الكتب التي تحوي السحر المحظور لا امانع من قرائتها البتة على ان لا يتم استعمالها مطلقاً .. فهي تظل علماً و إن كانت محظورة ... ففي حال واجهتك من قبل سحرة الظلام في الصحراء مالذي ستضطرين لفعله ضدهم؟ تظلين مكتوفة اليدين؟ بل ابحثي عن حل مضاد ...
التفت "توكي" نحو "جلنار" التي كانت تنتفض قائلة: تـ .. "توكي" .. كلامك مخيف حقاً ... – ابتلعت ريقها و نظرت إليه – لكن .. تلك الكتب ... كتب السحر المحظور ... ألم .. ألم يتم حرقها فيما مضى؟
ابتسم لها "توكي" ابتسامة غامضة ....


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في هذا الوقت كانت "نيرا" في غرفة "كيندة" تجلس وحيدة بعد أن تركها "آلاي" صباحاً ..
أخذت تقلب نظرها في الغرفة .. إنها كبيرة جداً .. أظنها أكبر من غرفتي بخمس أو ست مرات على الأقل!!
تنهض من مكانها و تسير نحو الشرفة لتستنشق بعض الهواء .. وقفت في مكانها و رفعت يديها تتمطى .. الجو جميل هنا فعلاً ... أظنني بدأت اتأقلم بعض الشئ ... – نظرت إلى السماء الزرقاء و ابتسمت – كل ذلك بفضل "آلاي" .... آه ... لم اسأله عن "نور" الصغيرة !! .. أريد رؤيتها ...
التفت يميناً و يساراً ثم تقرر النزول من على الشرفة للبحث عنها ... عندما مشت "نيرا" بالأمس كانت الممرات شبه فارغة من الحراس أما اليوم فقد ملأ الحراس القصر!! دهشت "نيرا" من هذا الأمر .. و لم تعرف مايحدث لكنها استطاعت أن تلتقط بعض الكلمات من بعضهم:

- ألم تعثروا عليها بعد؟
و تصيح جارية: ياإلهي ماذا سنفعل لو علم الملك بهذا؟ .. أميرة "جنان" أين أنت؟
رد عليها الآخر: كيف غفلتم عنها؟ .. إنها متعبة!!
استندت "نيرا" على الحائط عندما مرت أمامها جماعة من الحراس .. "جنان" من تكون هذه؟ .. إنها أميرة .. هل هي ابنة الملك؟؟
تترك "نيرا" الممر لتتجه نحو الحديقة الأمامية دون أن تعي وجهتها بالضبط .. ثم انعطفت في إحدى ممراتها فيسحبها أحدهم من ذراعها لتسقط في يده بين الأشجار الكثيفة ..
صاحت "نيرا" من المفاجأة .. لكنها صمتت بعد أن أشارت لها الفتاة التي سحبتها بالسكوت .. أومأت "نيرا" برأسها.. إنها الفتاة التي رأيتها سابقاً في الحديقة .. ذات الوجه الحزين!! – تمعنت الفتاة – إنها جميلة جداً...!!!
التفتت الفتاة يميناً و يساراً و قالت: ستأتين معي!!
صدمت "نيرا" من سرعة دخولها في الموضوع و قالت: إلى أين؟ أنا لا أعرف شيئاً عن هذا المكان أبداً....
رفعت "جنان" يدها بلا مبالاة: لا عليك .. أنا أعرف طريقي جيداً .. بالمناسبة من أنت؟؟ و من أين أتيت؟ إنها المرة الأولى التي أراك فيها هنا!!! يالهذا الوجه الشاحب!!
ارتبكت "نيرا" ثم قالت: أنا؟ .. . اسمي "نيرا" تشرفت بمعرفتك.. ماذا عنك أنت؟
نهضت و قالت بقليل كبر: أنا الأميرة "جنان" .. طبعاً تتشرفين بمعرفتي!! .. من أين أتيت؟
ارتبكت "نيرا" من طريقة كلامها ثم قالت: حسناً إنه مكان بعيد .. لكن بطريقة ما وجدني "آلاي" في مملكة "هاورا" ..
شدت الكلمة الأخيرة انتباه "جنان" فقالت و هي تجلس: قلتِ "هاورا"؟؟ .. ها؟ .. هل قابلت الملك "ناينوا"؟؟ أم ؟؟ - تمعن النظر إلى "نيرا" – لا يبدو لي أنك من سلالة نبيلة – تقول بإحباط – لا يمكن أن تكوني قد قابلته إذاً..ستأتين معي و كفى!!

- حسناً و لكن .. إلى أين؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- حسناً "نيرا" عليك الآن أن تسألي ذلك الرجل و حسب!!
كانت كل من "نيرا" و "جنان" قد خرجتا من القصر و دخلتا للمدينة المكتظة بالحركة و قد لفتا نفسيهما بمعاطف تخفي هويتهما .. و تقفان الآن مستندتان على جدار يقابل أحد المتاجر..
قالت "نيرا" في ارتباك: مــ .. ماذا أقول؟ ..
رفعت "جنان" كتفيها قائلة: انظري إليه يبدو ثرياً و لابد أن لديه قافلة تغادر المكان قريباً..!!
ألقت "نيرا" نظرة على الرجل و لم ترتح لمظهره فقالت: مالذي يجعلك واثقة هكذا!!؟ أنا لا أرى ذلك يبدو مرعباً .. أريد العودة .. سيغضب "آلاي" إن علم أني غادرت دون إذنـ ..
تكتفت "جنان" و قالت بنفاذ صبر: ماذا؟! .. ولمَ عليه أن يهتم؟ حسناً يا آنسة – تلتفت – سأذهب لسؤال ذلك الرجل الذي خرج من المتجر .. مارأيك؟
لم تستطع "نيرا" الاعتراض فقد ركضت "جنان" تجاهه فوراً فلحقت بها بدورها وقفت "جنان" امام الرجل و قالت: المعذرة سيدي...
رفع الرجل نظره فتابعت قائلة: نريد المغادرة إلى الغرب .. هل لديك قافلة تنقلنا إلى هناك؟ ..
دقق الرجل النظر إليها و إلى "نيرا" التي اقتربت من "جنان" فقال: لا .. و لكن .. هناك رجل أعرفه قد يساعدكما .. أنتما فقط أم أن هناك من معكم؟
تهلل وجه "جنان" و قالت في حماسة: أجل نحن فقط .. أين نجده؟
ابتسم الرجل و قال: اتبعاني و حسب ..
أمام المتجر رفع شاب رأسه عندما سمع ماجرى بين الفتاتين و الرجل و حدث نفسه بعد أن رفع عمامة رأسه محدقاً نحوهم.. هل هما غبيتان؟؟ ..
لحقت كل من "نيرا" و "جنان" الرجل و أخذ يلف بهما في الطرق إلى أن وصل إلى مكان في أحد الممرات الضيقة .. امسكت "جنان" بذراع "نيرا" و قالت: أنا خائفة!!
ابتلعت "نيرا" ريقها و لم تقل شيئاً .. يساورني شعور سئ ..
وقف الرجل مكانه و قال: انتظراني هنا رجاءاً .. – دخل إلى أحد المنازل –
التفتت "نيرا" إلى "جنان" و قالت: "جنان" دعينا نذهب من هنا .. أشعر بأنه يكذب علينا ..
اعترضت "جنان": لا تكوني حمقاء!! سيأتي بعد قليل و معه الخبر اليقين .. انتظري و سترين ..
خرج الرجل من المنزل و معه رجلان آخران أحدهما ضخم و الآخر طويل و نظرا إلى "نيرا" و "جنان" فقال الرجل: مارأيكما؟ سيدران عليكما أرباحاً .. تستطيعان اصطحابهما معكما إلى الغرب و انا واثق من أنهم سيدفعون لكما مبلغاً لا بأس به...
ابتسم الرجلان و أعطى الضخم مالاً للرجل في حين تقدم الطويل نحو "جنان" التي بدت عاجزة عن الحركة و قال: لا تقلقي يا آنسة .. – رفع غطاء رأس "جنان" – آه..هذا مانريده .. ستكونين غالية الثمن ياعزيزتي!! .. – أمسكها من وجنتها –
صاحت "جنان" من فورها و صفعته بقوة: يالوقاحتك يا هذا كيف تجرؤ!!!؟
اتجهت مختبأة نحو "نيرا": "نيرا" افعلي شيئاً ..
صاحت "نيرا": ماذا؟ .. ماذا افعل!!؟
أمسكت "جنان" كتفي "نيرا": أي شئ .. لم اخترك عبثاً ..
"نيرا": انت من أحضرنا هنا ياآنسة !!
"جنان": و انت من وافق على مرافقتي ..
"نيرا": الأمر ليس كذلك فقد أجبرتني على فعل مالاأريد ..!!
"جنان": لو خرجت من القصر لوحدي لكنت في مصيبة !!
"نيرا": و ماذا تسمين الوضع الذي نحن فيه الآن؟ - التفتت "نيرا" بحدة نحو الرجل الذي جلبهما إلى هنا – و أنت ألم تعدنا بالذهاب؟
أدار الرجل ظهره مغادراً و هو يقول: أنا لم أخلف وعدي هما من سيتكفلان بذلك ..
قال الرجل الضخم و هو ماشٍ نحوهم: أتيتما من القصر؟
التفتت الفتاتان في خوف و لم تقولا شيئاً
"نيرا" في نفسها .. يا إلهي إن علما أن هذه الفتاة ليست سوى الأميرة "جنان" فسنقع في مشكلة ..كيف سأتصرف الآن .. فكري "نيرا" ..
قالت "نيرا" في توتر: لقد .. لقد هربنا من هناك .. لم نكن سوى .. – تحاول تذكر الاسم – سوى جاريتين لكننا هربنا ..
صاحت "جنان": أنا جارية أيتها الصعلوكة؟!! كيف تجرؤين على قول هذا؟
تصببت "نيرا" عرقاً و لم تعرف ماتقوله فسأل الرجل بعد أن أمسك "نيرا" من ذراعها: ما اسمك يا فتاة؟ ..
لم تجبه "نيرا" .. في حين صرخت "جنان" و ركضت لتهرب إلا أن ذلك الضخم لحق بها و أمسكها فصرخت بأعلى صوتها ..

KannaSwan
15-07-2010, 14:18
صاحت "نيرا" و هي تصارع لتفلت من قبضة الرجل: دعنا نذهب..
ياإلهي .. ماذا سأفعل؟ .. "آلاي" .. كيف سأقابله ثانية؟ .. و شقيقته كيف سأحميها؟.. تباً .. لماذا أقع في المشاكل هكذا!!؟
ظهر خيال أحدهم في آخر الممر و صاح: هي أنتما .. دعوا الفتاتين و شأنهما ..
صاحت "جنان": ساعدنا يا سيد أرجوك .. هذان الرجلان يحاولان بيعنا .. !!
شعرت "نيرا" بالسعادة عندما رأت أن هناك من سينقذهما من هذه الورطة .. اقترب الشاب ليتضح أمام الجميع .. كان فتى طويلاً ذا شعر لأسفل الرقبة يرتدي عمامة على رأسه و حمل على ظهره كيساً كبيراً ..
"نيرا" في نفسها .. كأنني رأيت هذا الشاب من قبل !!
صاح الضخم: مالذي تريده أيها الفتى؟ ..
رفع الفتى عمامته بإصبعه و ابتسم ببشاشة و قال و هو يتقدم ماشياً: عار على رجلين مثلكما التعرض لفتاتين بهذه القسوة ..
صاح به الرجل: اغرب من هنا قبل أن أوسعك ضرباً ..
قال الشاب محاولاً تهدئة الوضع: هي هي على مهلك يارجل.. لا عليك .. – وضع الكيس الثقيل على الأرض و رفع رأسه بابتسامة ثقة – حسناً إلى العمل ..
استعد الضخم لمقاتلته فقال الشاب بابتسامة عريضة: بكم تبيعانهما لي؟
صدمت "نيرا" و "جنان" منه فصاحت "جنان": أيها الأحمق كيف تفعل هذا بنا؟

- مالذي تعنيه بهذا؟ ..
- تحاول أن تسخر منا؟ ..
فتح الشاب الكيس قائلاً: أنا لا أمزح ..
شعت القطع الذهبية من الكيس و دهشت "نيرا" لأمره .. من أين له بهذا المال؟ ملابسه لا توحي بالثراء أبداً..
تقدم الرجلان بسرعة نحو الكيس في حين جرى الشاب بسرعة نحو "جنان" و سحبها من يدها و اتجه نحو "نيرا" ساحباً إياها من يدها أيضاً قائلاً: بسرعة!!
صرخت "جنان" في حين صاحت "نيرا" قائلة: مــــاذا هناك؟
صاح الشاب: اخرسا .. اركضا و حسب ..
ركض الجميع بأقصى سرعة للخلاص في حين قال الشاب: كيس النقود .. إنه مزيف ..لقد ملأته بالشعير أسفل قطع مزيفة .. إن اكتشفا ذلك سيلحقان بنا ..
أخذ الشاب يلف و يدور بهما في الممرات و يلتفت خلفه حيناً ليرى إن كان هناك من يتقفى أثرهم
قالت "نيرا" و الفرحة تعلو محياها: أنت الشاب الذي قابلته سابقاً ؟! .. – أدار رأسه نحوها – أنت تذكرني صحيح ؟! .. عندما ضللت طريقي و أنت ..
أجاب الشاب: أجل .. اذكرك جيداً لا حاجة للتفاصيل!! .. – أدار رأسه للأمام و تابع الجري – استطيع تمييزك و لو كنتِ بين ملايين !!!
وصل الثلاثة إلى منزل مهترئ أدخلهما الشاب فيه و قال: ابقيا هنا .. لا تغادرا مهما حدث! سأعود إلى هنا بعد قليل فلا تبرحا هذا المكان ..
هزت "نيرا" رأسها موافقة و قالت: شكراً جزيلاً لك .. لو لم تكن هناك لكنا في ورطة حقيقية!!
أمسك الشاب بالباب ليغلقه و قال: لا شكر على واجب انتظراني لا تغادرا .. مفهوم ؟!..
استندت "جنان" على الحائط تلهث بتعب بينما أغلقت "نيرا" الباب و أخذت تقلب النظر في المنزل إنه مهترئ جداً .. و قديم أيضاً .. اتساءل إن كان مهجوراً ..
التفتت "نيرا" عندما سمعت أحدهم ينادي بصوت يئن: "سينا"؟ .. – سعال – أهذا أنت؟
نظرت "نيرا" إلى "جنان" التي لم تبد اهتماماً فتركتها و اتجهت نحو مصدر الصوت و دخلت إلى غرفة استلقت فيها امرأة على الأرض .. وقفت "نيرا" عند الباب و التفتت المرأة بوجه متعب و قالت: من .. من أنت؟
قالت "نيرا" معتذرة: آسفة سيدتي .. لقد دخلنا منزلك هرباً من أحدهم ..

- لقد سمعت صوت ابني "سينا" .. ألم يكن هنا؟
اقتربت "نيرا" من المرأة و قالت: ذلك االشاب ابنك إذاً .. – جلست بقربها – شكراً له .. فقد ساعدنا من الوقوع في يد أحدهم ..
ابتسمت المرأة و أغمضت عينيها و هي تتنهد: هكذا إذاً .. و أحضرك إلى هنا؟ ..
اومأت "نيرا" برأسها: أجل .. أنا و معي صديقة لي لكنها متعبة تستريح هناك ..
دخلت "جنان" الغرفة و قالت: ماهذا؟ .. لماذا يغادر ذلك الأحمق و يتركنا هنا؟ .. انظري كم هو مهترئ هذا المنزل .. – لمست الجدار و أبعدت يدها صائحة – يااااه ..
نهضت "نيرا" و قالت بحدة: "جنان" .. توقفي عن هذا .. على الأقل كوني ممتنة لما فعل!!
ردت "جنان" بغضب: اخرسي لست سوى فتاة من العامة كيف تجرؤين على الصراخ في وجهي؟!
وقفت "نيرا" منتصبة و صاحت: يحق لي ذلك عندما تتمادين .. مابالك لا تبالين !؟!
نهضت الأم في تثاقل و قالت: سامحيني يابنتي فالأمر ليس بيدي .. منزلنا لا يليق بك .. اعذريني – سعلت بتتابع –
انحنت "نيرا" نحو والدة "سينا" و قالت في قلق: سيدتي .. ارتاحي لا تتعبي نفسك ..
رفعت "جنان" رأسها و قالت في وقاحة: و تقولين سيدتي لها أيضاً .. هيا انهضي أنا مغادرة ..
نهضت "نيرا" في غضب و صاحت: "جــــنــــان"...
مشت "جنان" لتغادر فقالت "نيرا": أنا لن أتحرك من هنا ..
تابعت "جنان" طريقها: لا يهم سأذهب وحدي ..
صاحت "نيرا": "جنان" تعقلي ..
غادرت "جنان" المكان و بقيت "نيرا" واقفة مكانها و أحنت رأسها في حزن ثم التفتت نحو والدة "سينا" و قالت: أنا آسفة سيدتي لم تقصد "جنان" ماقالته إنها غاضبة و حسب ..
ابتسمت المرأة و قالت: لا عليك يابنتي .. إنها الأميرة "جنان" أليس كذلك؟ .. لا عجب و أن المكان لم يعجبها..
فتحت "نيرا" عيناها دهشة و قالت: أنت تعرفينها؟

- لا .. لكن توقعت ذلك من كلامها فقط..
صمتت "نيرا" و لم تقل شيئاً و مرت لحظة من الصمت التام و قطعته المرأة بقولها: اتبعيها يابنتي ..
رفعت "نيرا" رأسها في دهشة: هاه؟

- اذهبي وراءها أنا قلقة عليها ..
- لكني وعدت "سينا" بالبقاء ..
- لا تقلقي .. سأشرح له الأمر
أدارت "نيرا" ظهرها لتغادر لكنها ترددت و قالت: ماذا عنك أنت هل ستكونين بخير؟
ابتسمت المرأة و قالت: لا تقلقي .. سأكون بخير لقد اعتدت على هذا سيعود "سينا" بعد قليل لا تأبهي لأمري ..
ترددت "نيرا" في مكانها ثم قالت: أعدك بالعودة ..
مضت و ودعت المرأة: إلى اللقاء سيدتي .. انتبهي لنفسك ..
خرجت "نيرا" من المنزل و هي تركض التفتت يميناً و يساراً و لم تجد لـ"جنان" أثراً فركضت و هي تصيح: "جنان" أين أنت؟ .. "جـــنــ ...
سكتت "نيرا" .. ياإلهي .. لا يجب علي مناداتها باسمها ربما عرف أحدهم هويتها .. تباً لها أين ذهبت؟ .. تلك الفتاة!!
ركضت "نيرا" محاولة العثور عليها في أي مكان .. أخذت تلف و تدور في الطرقات دون جدوى و أحست بالخوف الشديد .. وقفت في مكانها قليلاً .. أين تكون قد ذهبت؟ ..

[ سنذهب معاً إلى قرية مجاورة .. أريد شراء حاجة دون علم أحد .. هل تبقينه سراً؟ ]
تذكرت "نيرا" ما قالته لها "جنان" قبل مغادرتهما.. ماهذه القرية التي أرادت الذهاب إليها؟؟ .. ثم لم تبق الأمر سراً؟ .. و أنا كنت حمقاء عندما وافقت على كلامها!! يالغبائي ... أين أجدها – جرت بحثاً عنها – حسناً .. لنرى .. تلك الفتاة كانت ساذجة بكل معنى الكلمة .. و شخص بهذه الصفة .. أين سيتجه؟ .. أو على الأقل لو كنت مكانها إلى أين كنت سأذهب؟ .. آآه!! ربما عادت إلى هناك .. – ركضت "نيرا" للعودة إلى المتجر الذي كانتا تقفان أمامه لكنها توقفت فجأة في مكانها و تغيرت تعابير وجهها إلى الارتباك – ياإلهي ... أين أنا؟ .. ضللت الطريق!!!
بقيت "نيرا" تقلب النظر في مكانها ثم اتجهت نحو فتاة صغيرة تحمل جرة من الماء فوق رأسها .. استوقفتها و سألتها عن مكان ذلك المتجر عن طريق وصفها له ..
ظهر أحدهم على يمين "نيرا" قائلاً: ها أنت هنا..!! لقد وجدتك ..
التفتت "نيرا" في رعب إلى ذلك الشخص الذي تحدث فإذا به الرجل الضخم السابق .. ابتسم الرجل بخبث: هل تظنين أننا دفعنا ذلك المال عبثاً؟
ارتعشت "نيرا" في مكانها و صاحت بأعلى صوتها مد الرجل يده نحوها فتمالكت "نيرا" نفسها و تصرفت بسرعة لتجري بعيداً .. أمسك الرجل بطرف معطف "نيرا" التي جرت و خلعته سريعاً كي تفلت من يده..
أمسك الضخم بالمعطف في يده ثم صاح و هو يلحق بـ"نيرا": هي توقفي .. لن يذهب مالي سدى !! .. توقفي يا هذه !!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان "سينا" يمشي في أحد الطرقات و هو يحمل بيديه جرة كبيرة يملؤها شراب .. ثم التفت إثر شعوره بحركة في نهاية الطريق فإذا به يبصر "نيرا" تهرب من الرجل الضخم ..
اتسعت عيناه في صدمة و رمى الجرة بعيداً .. تلك الغبية إلى أين تريد أن تصل!!!؟ .. أ لم أخبرها بأن تبقى!!؟ .. أ لا تعي خطورة خروجها !!؟
ركض لمساعدة "نيرا" ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


صاحت "نيرا": لااااااااااااااااااااااااااا .. "آلااااااااااااي" …
تابعت "نيرا" هربها دون أن تعلم وجهتها إلى انعطفت يميناً و ركضت في ذلك الممر الضيق الذي انتهى بطريق مسدود .. توقفت "نيرا" مكانها و التفتت يميناً و يساراً علها تجد مخرجاً من المأزق الذي وقعت فيه .. أحست فجأة بحركة خلفها فشهقت و التفتت لترى الرجل الذي كان يركض خلفها قد اقترب منها و قال: لن تهربي مني بعد الآن .. ستندمين حالما أمسك بك!
توقف الرجل يلتقط أنفاسه و بقيت "نيرا" مكانها تتنفس بصعوبة و بدت خائفة جداً .. اقترب الرجل منها ماشياً بخطوات بطيئة و قال: هيا تعالي معي .. سنغادر صباح الغد .. و تأكدي من أنك لن تهربي مني ثاينة.. – ضحك –
أخذت أنفاس "نيرا" بالتسارع .. و نبض قلبها بقوة من الخوف .. ياإلهي .. ماذا أفعل؟ .. أين سأهرب منه؟ .. هذه المرة .. لن يساعدني أحد .. كيف أتخلص من الأمر..؟ - أمسكت بصدرها و هي تحاول ضبط نفسها المتسارع – أرجوك .. ساعدني .. فليساعدني أحدهم!!
تصلبت "نيرا" في مكانها فجأة و نبض قلبها بقوة مرة بعد الأخرى .. و شعرت بالألم الشديد فرفعت يدها و أمسكت جسدها في ألم .. تثاقلت قدماها عن حملها فجثت ببطء على الأرض في حين تقدم الرجل منها و مد يده لها لكنها صاحت في ذعر: لا .. توقف .. ابتعد!!!
ملئ المكان شعاع أبيض ساطع و صرخ الرجل بأعلى صوته .. وصل "سينا" في هذه اللحظة و صاح: يا فتاة !!! – توقف مكانه و اتسعت عيناه في صدمة –
وقعت "نيرا" فاقدة الوعي .. بينما تصلب "سينا" في مكانه مشدوهاً ..
إنها بالفعل ... إنها بالفعل قوة العنقاء ! .. العنقاء تسكنها حقاً !!
كان الرجل الذي قد طارد "نيرا" جثة هامدة على الأرض و قد سالت الدماء حول جسده!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" عينيها و وضحت لها الرؤية بعد مدة .. ثم نهضت بتثاقل و التفتت .. فتحت عينيها في رعب و رفعت يدها إلى فمها و شهقت ثم تراجعت إلى الوراء ببطء عاجزة عن الكلام تماماً .. و بدأت ساقاها بالارتعاش ..
أفاق "سينا" من حالة الذهول التي أصابته و ركض بسرعة متجهاً نحو "نيرا" صائحاً: أنتِ!! .. أ لم آمرك بالبقاء في المنزل!!؟ .. لمَ هربت!؟ - وصل إلى "نيرا" و أمسك بكتفيها –
حولت "نيرا" نظرها نحوه في رعب و هي ترتجف .. صُدِم "سينا" من نظرة عينيها .. لا .. لا تنظري إلي هكذا .. لستُ .. هز كتفي "نيرا" و صاح: كفي عن هذا !! .. لا تنظري إلي هكذا !! .. لم افعل ذلك ! .. أنا لم ... – توقف فجأة و لم يتابع كلامه – لا يمكن ! .. لا يمكن أن أخبرها أنها السبب في ذلك ..
قالت "نيرا" و شفتاها ترتعشان: أنا .. أنا .. أصدقك .. – تنفست بصعوبة و سالت دمعة من عينها – أنا السبب ..
تصلب "سينا" في مكانه و لم ينطق .. امتلأت عيني "نيرا" بالدموع و لم تلبث أن انهمرت و هي تقول بصوت مرتجف: لكني لم اقصد .. لم اقصد أن .. – ضاع صوتها خلف بكاءها –
حدق "سينا" بـ"نيرا" و هو عاجزٌ عن قول شئ لتهدئتها ثم تحولت عيناه إلى التأمل و قال: لا تقلقي .. ستنسين كل شئ خلال لحظات ..
طوق "نيرا" بذراع و امسك رأسها بيده الأخرى ثم قرب نفسه منها و قبلها بين عينيها قبلة طويلة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
17-07-2010, 14:53
+ ||[ الـفـصـل الـعـاشـر ]|| +



- أيها المغفل!
وقع "سينا" على الأرض إثر تلقيه ضربة على وجهه ..
ركضت "نيرا" نحو "سينا" صائحة: يا إلهي!! هل أنت بخير ؟!
صاح الرجل – و الذي كان سيد "سينا" في المتجر – : سحقاً لك .. أي إهمال يجعلك تسقط الجرة من يديك !؟ .. تلك كانت تحوي افخر أنواع الشراب المستوردة من الغرب! .. أ تظن نفسك قادراً على دفع ثمنها !!؟
مسح "سينا" وجهه: المعذرة سيدي .. لقد كان ..
قاطعه سيده صائحاً: اخرس .. لم يعد في وسعي تحمل تسكعك بعيداً عن العمل .. هه! تولي هارباً و تعود لي بصحبة امرأة !!؟ .. أ تعتقد أني سأسامحك الآن ؟! أنت مطرود !
صمت "سينا" محنياً رأسه و لم يجب بينما نهضت "نيرا" بسرعة معترضة: لحظة يا سيدي .. لكنه لم يقصد ذلك .. كل ذلك كان خطأي أنا .. فقد ساعدني عندما وقعت في مشكـ ..
قاطعها سيد المتجر: لا علاقة لي بتفاهاتكما .. "سينا" يعمل لي أنا مقابل أجر و ليس يعمل لك أنت ..
صاحت "نيرا": ماهذا الذي تتفوه به .. إنه ..
نهض "سينا" و أمسك بكتف "نيرا": كفى .. لا داعي للمزيد فلن يكون ذا فائدة .. – انحنى لسيده – هيا نغادر ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت الشمس توشك على المغيب الآن .. رفع "سينا" نظره و تنهد و هو جالس على الأرض مستنداً على جدار أحد المنازل .. بينما كانت "نيرا" محنية رأسها و هي تقف بجانب "سينا" بهدوء ..
نهض من مكانه الذي كان جالساً فيه .. و قد علت على وجهه آثار ضرب .. تنهد بعمق ثم قال: هيا بنا ..
مشى "سينا" في طريقه و تبعته "نيرا" بخطوات بطيئة ثم قالت بهدوء: سـ "سينا" هو اسمك صحيح؟! .. أ متأكد من أنك ستكون على ما يرام ؟! ..
توقف "سينا" عن المشي و التفت برأسه لينظر إليها من طرف عينه: ماذا !؟ ..
ارتبكت "نيرا" قليلاً و قالت: أعني .. لقد طردك سيدك من العمل .. و أنت في أشد الحالة له كي تعيل والدتك المريضة ..
أجاب "سينا": أ ظننت لوهلة أني فعلت ذلك لأجلك فقط ؟! .. لقد قمت بمساعدتك لأن الخيار كان بيدي .. و ليس لأنه علي فعل ذلك ..
صمتت "نيرا" و أحنت رأسها: أجل .. آسفة .. لم أقصد أن ..
تابع "سينا" مسيره: انسي الأمر .. علينا أن نجد صاحبتك الآن ..
تبعته "نيرا" في هدوء مطرقة برأسها .. إلى أن وصلوا إلى الطريق العام ..
مشى "سينا" متقدماً "نيرا" و هو يراقب الطريق بهدوء .. جيد !! لم تعد تذكر الحادثة الآن ..
توقف كل من "نيرا" و "سينا" عندما فوجئا بالجنود قد ملؤا المكان و لمح "سينا" من بينهم الأمير "آلاي" و قد بدا قلقاً جداً و هناك شخص آخر بصحبته .. لقد كانت الأمير "جنان" ..
"سينا" في نفسه .. عثر عليها إذاً !! ..
التفت نحو "نيرا" التي ابتهجت و صاحت: "آلاي" !!!
انتبه "آلاي" على وجود "نيرا" فصاح بدوره: "نيرا" ..
ركضت "نيرا" نحوه و أمسكها "آلاي" من ذراعيها في سعادة: أين كنت؟ لقد قلقت عليك كثيراً ..
مشى "سينا" مغادراً فقالت "نيرا": آسفة لم أقصد و لكن – التفتت وصاحت – "سينا" إلى أين أنت ذاهب؟
لم يلتفت "سينا" و قال: أنا عائد الآن .. تستطيعين أنت العودة أيضاً ...
تركت "نيرا" "آلاي" و اتجهت نحو "سينا" و قالت: "سينا" شكراً لك .. لو لم نقابلك لكنا في مأزق حقيقي ..
لم يلتفت "سينا" و قال: العفو .. كان يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك ..
ابتسمت "نيرا" و قالت: أجل .. لكنك .. اخترت فعل ذلك .. الأمر مختلف ..
اتجهت نحوه و وقفت أمامه مرة أخرى: ثق بي .. أريد أن أزور والدتك مرة أخرى .. لقد سعدت كثيراً بالحديث معها .. أنا متأكدة من أنك ستتمكن من إعالتها عما قريب ..
بقي "سينا" واقفاً في مكانه مشيحاً بوجه ثم حول نظره نحو "نيرا" ليقول: أثق بك .. كلماتك هذه لن تكون شيئاً مقارنة بالخدمة التي ستسدينها لي مستقبلاً – ابتسم ابتسامة غامضة –
اتسعت عينا "نيرا" للحظة ثم ابتسمت و اومأت برأسها ..
غادر "سينا" راكضاً فلوحت مودعة و قالت: بلغ تحياتي لوالدتك .. سأزورها قريباً .. اعتنِ بها جيداً
تقدم "آلاي" ليقف بجانب "نيرا" و قال: أنعود الآن؟
كانت "نيرا" في هذه اللحظة تبتسم و قد ملأت الدموع عيناها و قالت بصوت باكٍ: لم أقف على قدمي لوحدي كمافعل .. منذ أن أتيت إلى هنا و أنا أعتمد على الجميع .. الكل يتفضل علي أما أنا .. ماذا فعلت؟ .. أنا آسفة – مسحت دموعها – يالي من حمقاء ..
مشت "نيرا" مع "آلاي" لينضما إلى جماعة الجنود التي كانت تقف خلفهم للعودة إلى القصر ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


نظرت "نيرا" إلى "آلاي" و قالت: حسناً .. لم أقصد ذلك لكن .. "جنان" كانت مصرة على الذهاب و لم اتمكن من معارضة إلحاحها ..
صاح "آلاي": هل أنت غبية؟ .. ماكان عليك فعل ذلك .. الحمدلله أن ذلك الفتى قد ساعدكما و إلا كنتما في خبر كان ..
أحنت "نيرا" رأسها بأسى: أعرف هذا و لكن ..
قاطعها "آلاي": من دون لكن .. من الآن و صاعداً لن تقدمي على فعل شئ دون إخباري ..

- لكن "جنان" كانت ستذهب إلى قرية مجاورة و حسب!!
- و هل مملكة "هاورا" قرية مجاورة؟ .. لقد كذبت عليك !!
صدمت "نيرا" و قالت: كذبت؟ .. هل كانت تريد الذهاب إلى هاورا فعلاً؟؟
جلس "آلاي" على الكرسي و قال: أجل .. – نظر إلى اليمين – يالها من غبية ..!! لا تريد أن تفهم أن الأمر لم يعد لعبة .. نحن في حرب .. !! أ لا تكفي الجلبة التي حصلت في القصر بعد اختفاءها!!! كل الأيدي اتجهت نحو وفد هاورا!!! ياإلهي!!
سألت "نيرا" بتردد: ولكن .. مالذي يدفعها للذهاب إلى هناك؟ .. أنتم في حرب كما تقول..
نظر "آلاي" إلى "نيرا" ثم قال: الأمر ليس سراً .. لقد كانت "جنان" مخطوبة للملك "ناينوا" في السابق..
فتحت "نيرا" فمها دهشة و قالت: "جنان"؟ .. كانت ستتزوج من الملك "ناينوا"؟ ذلك الرجل؟
استرجعت "نيرا" ذاكرتها لأول يوم وصلت فيه إلى الصحراء ..

[ رفع الاثنين نظرهما إلى الأعلى و قال "آلاي"بصدمة: "ناينوا"!!!
كان الشاب الذي يقف على الجدار شاباً طويلاً ذا شعر أسود و نظرة حادة جداً و يرتدي ملابس فضفاضة بشكل مرتب..
ابتسم "ناينوا" بسخرية و قال: ماهذه السهولة التي وجدتك بها!! .. أغلق فمك و لاتتكلم حتى لا أجدك .. ألم تتعلم؟
قالت "نيرا" بدهشة: من ... من هذا؟
التفت "آلاي" بسرعة نحو "نيرا" و صاح بسرعة: يا جارية!! تشبثي بي بسرعة!!
ردت "نيرا" بارتباك: ماذا؟ .. مـ ماذا هناك؟
تشبثت "نيرا" بذراع "آلاي" بقوة بناءاً على طلبه فانطلق محلقاً عالياً نحو السماء ]
وضع "آلاي" يده على خده و قال: أجل ذلك الرجل ..
هزت "نيرا" رأسها موافقة: لا استطيع تصور ذلك!! .. صحيح .. لهذا السبب كان يعرفك إذاً !! لكنه حاول الإمساك بك ..
رفع "آلاي" رأسه و قال: لا .. لم يكن يحاول الإمساك بي .. عندما فكرت بالأمر لاحقاً .. اكتشفت أنه كان يريني أنه أفضل مني ..

- هاااه؟
- الشخص الوحيد الذي أرغب في التغلب عليه هو .. "ناينوا" نفسه ..
بدا "آلاي" يائساً بعض الشئ فقالت "نيرا": مابك؟
تنهد "آلاي" و قال: في كل مرة أقابل فيها "ناينوا" أتحاشى مواجهته .. لا استطيع التغلب عليه .. و هاهو يثبت لي آخر مرة قدرته على مواجهتي ..
ابتسمت "نيرا" بتصيد: آه .. هل تشعر بالغيرة!؟ .. "جنان" دون شك عزيزة عليك إذاً!!
صاح "آلاي": كلا!! ليس كذلك !! أقصد بلى "جنان" عزيزة علي بالتأكيد لكنه ليس سبباً للشعور بالغيرة!
تقدمت "نيرا" نحوه و نقرت جبينه بإصبعها و قالت: لم كل هذا الإحباط إذاً؟ أنت لم تجرب الأمر بنفسك صحيح؟ .. و في بادئ الأمر لا بأس بالهرب .. تماماً كما لو كنت ترغب بحل مسألة رياضية طويلة و صعبة .. تتركها دون محاولة للحل .. إلى أن يأتي يوم الامتحان و حينها تضطر أن تواجه الحقيقة و تحلها بكل ماتملك من قدرات رياضية في عقلك .. و مع الوقت ستتمكن بالتأكيد من مواجهته و التغلب عليه .. – ضحكت – إن كنت مصراً على ذلك حقاً!!
نظر "آلاي" إلى "نيرا" بدهشة و قال: "نيرا"!! مالذي تعنينه بمسألة رياضية؟
ارتبكت "نيرا" و تذكرت أن الرياضيات ليست بهذا التوسع لديهم و قالت: ها؟ ..
ابتسم "آلاي" و قال: لا بأس بهذا فقد فهمت مضمون ماترمين إليه..!!
ضحكت "نيرا" و قالت: آسفة لم أقصد ذلك .. الرياضيات عبارة عن مسائل حسابية ..

- أعتقد أني بدأت بفهم الأمر قليلاً... – ابتسم مطولاً – أنتِ من يخفف عني الآن ها!!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت "مريم" تحدث شقيقتها "جنان" و هما جالستان في إحدى شرفات القصر .. فقالت: "جنان" .. إن المرء لا يكاد يصدق مافعلت!! .. هل فقدت عقلك؟ .. ماذا لو حصل لك مكروه؟
ردت "جنان" بلامبالاة: و مالذي يهمك أنت؟ .. لقد اخترت تلك الفتاة لتحميني لكنها كانت غبية!!

- أي فتاة؟ ..
- تلك التي تدعى "نيرا" .. لقد كانت طاقتها هائلة فوق ماتتصورين لذلك صحبتها معي..
دهشت "مريم" و نظرت إلى زوجها "توكي" الذي رفع رأسه من الكتاب الذي كان يقرؤه ثم أعاد نظره إلى كتابه دون تعليق فقالت "مريم": "جنان" تلك الفتاة التي تتحدثين عنها .. تقصدين التي أتت برفقة "آلاي" صحيح؟! تلك الفتاة لم يتم السماح لها بمقابلة والدي أصلاً فهو متضايق لأمرها!!
أجابت "جنان" بتهكم: و لمَ يعنيني هذا الأمر!!؟
تنهدت "مريم" و قالت: ماذا لو ظن والدي انها قامت بخطفك!! من السهل جداً توجيه التهم إلى الآخرين هذه الأيام!! و يكفي أن وفد هاورا مع القائد "أبي" كانوا في موقف حرج و السبب أنتِ!!
ظهرت "جلنار" من خلف الكرسي الذي يجلس عليه "توكي" و قالت: "جنان"!! لقد قلقنا عليك كثيراً ..
تذمرت "جنان" و قالت: لا ينقصني غيرك..
صاحت "جلنار": ماهذا؟ أهذا جزائي لأني قلقت عليك؟ ..
نهض "توكي" من كرسيه و أعطى كتابه لـ"جلنار" قائلاً: اقرئيه سيعجبك كثيراً! – تابع مشيه متعدياً "جلنار" –
تهلل وجه "جلنار" فرحاً و التفتت إليه: حقاً يمكنني ذلك؟ .. شكراً لك "توكي" ..
رفع "توكي" يده و غادر المكان في حين قالت "مريم": حسناً "جنان" .. لم يخبرني "آلاي" بتفاصيل ماحدث؟ .. إلى أين كنت تريدين الذهاب بالتحديد؟
ردت "جنان" و قالت: .... إلى حيث "ناينوا"...
التفتت "جلنار" و صاحت مع "مريم": هــاورا؟؟؟
صاحت "جنان": و أين سيكون "ناينوا" إذاً؟ .. طبعاً إلى هاورا...!!
تنهدت "مريم" و قالت: "جنان" .. لا يمكن أن تكوني قد فكرت بهذا..
صاحت "جلنار": و هل علم والدي بالأمر؟ ..
صاحت "جنان" بدورها: الأخبار لا تصل إليه إلا بسببك .. اغلقي فمك مفهوم!!..
رفعت "جلنار" يدها إلى فمها: ليس عن قصد .. لساني يزل غالباً .. صدقيني..
نظرت "مريم" إلى "جلنار" و شرحت: شكراً لـ"آلاي" فهو من تكفل بتغطية الأمر قال أنك رغبتِ بالخروج و حسب – نظرت إلى "جنان" – عليك شكره و الاعتذار إليه..
أشاحت "جنان" بنظرها: لم علي ذلك؟ .. لقد أفسد علي ذهابي..
"جلنار": "جنان" ..

KannaSwan
17-07-2010, 15:05
أغمضت "مريم" عينيها ثم قالت بهدوء: "جنان" اسمعيني .. – فتحت عينيها – لنفرض قليلاً أنك وصلتِ إلى هاورا .. كيف تتوقعين من "ناينوا" استقبالك؟
صمتت "جنان" لمدة ثم قالت: ألست خطيبته؟ .. ثم هو يحبني كما تعلمين..

- كان هذا في السابق "جنان" أما الآن فالأمر مختلف... و نحن لا نعرف ثقة إن كان مايزال يكن لك تلك المشاعر التي لم نعرف حقيقتها أصلاً ..
عقبت "جلنار": أنت تعرفين أنه من الصعب معرفة مايخفيه "ناينوا" .. حتى رجاله قالوا ذلك ذات مرة ..
سكتت "جنان" لمدة و تذكرت "ناينوا" لم يكن ليبوح لها بشئ أبداً .. كان يبتسم لها و حسب و يحدثها بأمور عادية .. لم يكن يحدثها على أنها الملكة المستقبلية لهاورا .. كانت فقط كأي فتاة في نظره .. لم يعترف لي حتى بمشاعره نحوي .. لكن .. لكن ..
انهمرت الدموع من عيني "جنان" و بدأت بالبكاء: لقد كنت سعيدة معه .. أجل كنت سعيدة .. أنا أحبه .. أحبه كثيراً لماذا فعل هذا بي؟
لم تستطع "جنان" متابعة كلامها فنهضت "مريم" إليها و عانقتها في حين أحنت "جلنار" رأسها في حزن .. و صاحت "جنان": لماذا يحدث هذا الآن؟ .. لماذا نشبت الحرب بيننا؟ .. لماذا؟.. لماذا؟..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


نظر "هايل" إلى ابنته التي كانت تلعب بدميتها بكل براءة فابتسم لنفسه .. و دخل "شانوران" فجأة للغرفة فتغيرت تعابير "هايل" بسرعة فقال "شانوران": الأمر لا يصدق "هايل" .. إن فرسي مريضة منذ الصباح و لم نعرف السبب حتى الآن...!! – فرك "شانوران" رأسه –
نظرت إليه "نور" و قال "هايل": لا تقلق سيكون الأمر على مايرام ..
رد "شانوران" بحدة: هذا ماتقوله دائماً .. في آخر مرة منذ سنتين ماتت إحدى خيولي
قالت "نور" بهدوء: ماتزال تذكر الأمر ياعمي..

- أجل لقد كان واحداً من أفضل خيولي.. و .. – صمت عندما رأى "نور" قد عادت إلى لعبها دون اهتمام –
استند "شانوران" على الحائط و قال: لن اشعر بالراحة حتى تعافى فرسي .. إنها من أنقى السلالات التي أملكها .. – تنهد – بالمناسبة هل سمعت بخروج "جنان"؟ .. – نظر إليه "هايل" – لم أعرف ما كانت ترمي إليه .. لكنها كانت تقصد إحدى القرى كما سمعت .. كم هي غبية كيف تخرج دون حرس؟ ..

- كانت تقصد هاورا ..
نظر إليه "شانوران" محاولاً استيعاب الأمر ثم فتح فمه و صرخ: هاورا؟ لدينا غبي آخر أيضاً .. كيف تفكر بهذا الأمر؟؟..
جرت "نور" نحو والدها في خوف و أمسكت به و نظر "هايل" إلى "شانوران" بحدة فقال: آسف لم أقصد الصراخ .. "نور" أنا آسف ..
جلست "نور" على الأرض و قالت: لا .. لم أخف .. "نيني" هي من كانت خائفة – رفعت دميتها –
نظر إليها "شانوران" بصدمة و قال: أجل "نيني" كانت الخائفة .. أنت شجاعة حقاً ..
ابتسمت "نور" في سعادة فقال "شانوران": أنا خارج .. سيكون موعد العشاء قريباً .. كما أنني اتوق إلى الغد كثيراً .. فلن نرَ وجه هاورا في مملكتنا بعد الآن ....!
خرج "شانوران" مخلفاً أخاه و ابنته في الغرفة .. تابعت "نور" لعبها بينما شرد "هايل" بذهنه بعيداً بعد سماع جملة "شانوران" الأخيرة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان ضوء القمر يتخلل نافذة الغرفة التي يقطن فيها القائد "أبي" .. ليلة هادئة تداعب نسماتها ستار النافذة المفتوحة ..
مقابل النافذة جلس "أبي" يتأمل السكون و قد وضع ساقاً فوق الآخرى و أسند وجهه على كفه .. بقي على هذه الوضعية لفترة ثم حرك أصابعه بحركة تنم عن التفكير العميق ...
خارج الغرفة وقف اثنين من الحراس لمراقبة أي تحركات غريبة و لم يلبثا أن سمعا صوتاً غريباً في الداخل .. انتصب الحارسان بتأهب و احتاجا بعض الوقت لمعرفة ما يتوجب عليهما فعله أمام القائد "أبي" فتقدم أحدهما متردداً و ببطء قال: سيدي القائد!!؟ .. هل كل شئء على ما يرام ؟! – مرت لحظة دون إجابة فنظر إلى زميله بقلق فأشار إليه – سيدي القائد!!؟ .. – ببطء مد يده نحو الباب – عذراً على التطفل و لكن ..
فتح الباب و أطل برأسه برفقة زميله .. جالت عيناهما في الغرفة إلى أن لمحا "أبي" جالساً في مكانه فقال: هل كل شئ على ما يرام !!؟
التفت "أبي" و أشار إليهما أن الأمور بخير فأومآ برأسهما و أوصدا الباب متنهدين بارتياح ..
علت ابتسامة شفتي "أبي" و خرج من الغرفة مخلفاً خياله جالساً على الكرسي في موضعه ...


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت "نيرا" في غرفة "كيندة" كالعادة .. لكن "كيندة" لم تكن موجودة و إنما كانت "جلنار" تجلس برفقتها تقرأ كتاباً بنهم ..
ترددت "نيرا" في مقاطعة "جلنار" لكنها حزمت أمرها و قالت: عذراً ... جـ .. "جلنار" ... هل لي بـ ...
رفعت "جلنار" رأسها من كتابها و قالت: ماذا هناك؟! ..
نهضت "نيرا" من مكانها و مشت في الغرفة: كيف حال "جنان" ؟!
قطبت "جلنار" جبينها و أغلقت كتابها قائلة: إنها بخير !!!! أ هذا ما كنت ستسألين عنه فقط !؟ ..
أشاحت "نيرا" بنظرها مترددة عندما شعرت أنها ضايقت "جلنار" بسؤالها: أعني أنها كانت تريد الذهاب إلى هاورا و لم تتمكن من ذلك ..
أجابت "جلنار": معك حق .. لكن لا تزعجي نفسك بمثل هذا فالأمر لا يستحق الكثير .. ستنسى الأمر بمرور الوقت ..
صمتت "نيرا" و اتجهت نحو الشرفة بهدوء ظلت تحدق بالحديقة التي تطل عليها بتأمل و قلبت النظر ببطء في المكان الذي تشابكت فيه الأشجار بحفيفها الهادئ .. رفعت نظرها إلى السماء لترَ النجوم بمحاذاة البدر ... لم أحظَ بجلسة هادئة كهذه منذ زمن ...
أغمضت عينيها و حلقت بعيداً جداً إلى موطنها .. حركة جدتها في المطبخ و هي تعد العشاء و رائحة الطعام اللذيذ الذي تطهوه .. صوت الباب و هو يفتح يتبعه صوت شقيقها مسلماً .. جري "سمر" الصغيرة بسعادة نحو شقيقها و صياحها الفرح .. نزول "نيرا" من الدرج لتجد "ماهر" يبتسم لها ..

- "نيرا" ...
فزعت "نيرا" من صوت "جلنار" الذي قطع عليها شريط تفكيرها فاعتذرت الثانية من فورها: آسفة .. أرجو المعذرة .. لم أقصد أن أرعبك ..
نظرت "نيرا" إليها و قالت: كلا لا عليك .. كل ما في الأمر أني سرحت قليلاً ..
اومأت "جلنار" برأسها متفهمة ثم قالت: أنا مغادرة الآن .. هل ستكونين بخير حتى تعود "كيندة" ؟!
اومأت "نيرا" برأسها و قالت: أجل لا بأس عليك .. آسفة لتعطيلك .. – ابتسمت – لستِ بحاجة لأن تشغلي نفسك معي ..

- حسناً إذاً ... أراك غداً ... تصبحين على خير ...
- تصبحين على خير ..
أدارت "جلنار" ظهرها لكنها عدلت عن ذلك و قالت: صحيح "نيرا" .... لا تقلقي بشأن والدي .. قد يكون متضايقاً الآن بسبب ما فعله "آلاي" .. لكنه مع الوقت سيسامحه و يوافق على مقابلتك ..
تهللت أسارير "نيرا" و قالت: سأستطيع المغادرة إلى موطني بعدها ؟
ترددت "جلنار" في الإجابة: نـ .. نعم .. سنبذل ما في وسعنا – ابتسمت – أراك بخير ...
غادرت الغرفة مخلفة "نيرا" لوحدها مع هدوء الليل ..
تأملت "نيرا" الحديقة بهدوء .. أخذت نفساً عميقاً جداً و أغمضت عينيها ... لا أدري كم من الأيام مضى على وجودي هنا بالضبط ... نوعاً ما .... في قرارة نفسي .. أشعر بالارتياح ... بالفعل اشتاق لموطني كثيراً و لكن – فتحت عينيها – لكن ... لم أعد مقيدة كما كنت هناك! لم أكن ادرك حقاً كيفية العيش بين الحلم و الواقع! – تقدمت نحو طرف الشرفة لتجلس عليها – لكن هنا ... ما كنت أراه حلماً هناك يتحول إلى حقيقة هنا ... قد يكون الوضع مجنوناً لكن التقبل الذي ألقاه هنا أكبر بكثير مما عليه هناك .. أظن أنني بدأت استعيد بعضاً من الثقة التي فقدتها في نفسي ... على كل حال .. لا أظنني سأجد تفسيراً مناسباً للغز وجودي هنا !! ..

[ هناك من يحتاجك ... نريدك بجانبنا أيتها العنقاء !!! ]
نعم!! تلك كانت الجملة التي قالتها تلك المرأة .. عندما استرجع ذاكرتي قليلاً ... أجد أن "ألاي" لم يكن أول من أتى بسيرة العنقاء !! .. لكن .. مالذي قاله بالضبط عنها !!؟

[ قيل أنه بعد وصول العنقاء سيتمكن أحدهم من الحصول على السيف "سينارا" الذي سيتمكن من يمتلكه من توحيد الممالك جميعها ... عن طريق تكوين مملكة العهد الجديد بين تلك الممالك الأربعة ! .. ]
قطبت جبينها و بذلت جهداً في ربط الموضوع معها ثم اتسعت عينيها فجأة .. لا بد!! لا بد أن في الأمر خطأ ما !! ... نزلت إلى الأرض و مشت جيئة و ذهاباً بكل اضطراب ... لست بحاجة إلى فعل شيء هنا!! كل ما علي هو العودة فقط .. !!! أجل العودة !! و .. توقفت عن الحركة و ظلت تراقب العشب أسفل قدميها لفترة ثم لاحظت وجود زهرة صغيرة نبتت بمحاذاة الشرفة تماماً فانحنت لتراقبها عن كثب .. ابتسمت مع نفسها و تخيلت نفسها محل هذه الزهرة التي تنمو في مكان مختلف .. أفلتت ضحكة من بين شفتيها و قالت بصوت مسموع: نعم أنا في مكان مختلف .. لكنني لن ازهر هنا ...... – حلت لحظة من الصمت –

- هذا مؤسف حقاً .... !
نهضت "نيرا" بسرعة من مكانها فزعة و التفتت نحو مصدر الصوت فإذا بها تبصر ظلاً يقترب منها خلف الأشجار فصاحت و هي تستند على الشرفة: من ... من هناك !!؟
اقترب الشخص المجهول نحو "نيرا" إلى أن بان وجهه شيئاً فشيئاً تحت ضوء القمر .. حدقت "نيرا" في وجهه المبتسم و قالت: أنتَ ..... أنتَ ...
انحنى "أبي" مبدياً الاحترام الفائق و قال: اطلب عفوك آنستي .. – رفع نظره نحوها – أنا القائد "أبي" من مملكة هاورا .. أنا هنا لمقابلتك ..
علقت "نيرا" نظرها عليه مستفهمة دون أن تأتِ ببنت شفة ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل العاشر ]|

KannaSwan
19-07-2010, 14:16
+ ||[ الـفـصـل الـحـادي عـشـر ]|| +



حدقت "نيرا" بـ"أبي" بكل صمت و هي تراقب تعابير وجهه محاولة التكهن عما يخبأه خلف تلك الابتسامة الغريبة .. !
بقي "أبي" في مكانه صامتاً يراقب "نيرا" بكل تأمل .. ثم ابتسم مطولاً و قال: عرفتُ بوجودك هنا! – صمت قليلاً – لستِ تعملين في القصر .. .. صحيح !!؟
ترددت "نيرا" في الإجابة: لـ .. لـ .. مالذي تريد بالضبط .. !!؟
أجاب "أبي": مالذي أريد بالضبط !!؟ .. إني لاتسائل فعلاً !! – تقدم خطوة نحوها و ابتسم – لقد مضى وقتٌ طويل جداً !! – أحنى رأسه للحظة ثم رفعه و قد علق عينيه على عيني "نيرا" – هل تؤمنين بالمستحيل يا آنستي .. ؟
قطبت "نيرا" جبينها ثم أشاحت بنظرها بعيداً عن نظرات "أبي" التي كانت تشعر أنها تقرأ ما بداخلها كلياً .. ابتلعت ريقها ثم حولت نظرها نحوه ثانية: نـ .. نوعاً ما .. نعم !
رفع نظره إلى السماء: لقد وجدتُ نفسي ذات يوم ... شخصاً مختلفاً بين ليلة و ضحاها .. لم أدرك يقيناً الهدف الذي كنت أصبو إليه في الماضي .. و حتى هذه اللحظة – نظر إليها – لكن الآن أشعر برغبة عارمة في تحقيق المستحيل .. !
حاولت "نيرا" التماشي مع الموضوع فقالت: حسناً ... و ما السبب الحقيقي خلف هذه الرغبة !!؟ - هزت رأسها باستفهام –
صمت "أبي" للحظة عندما هبت رياح قوية جعلت شعر "نيرا" يتطاير. أحنت رأسها لتبعده عنه وجهها ثم رفعت نظرها و فوجئت عندما رأت "أبي" يقف أمامها تماماً ليقول: أنتِ !
ظلت "نيرا" في مكانها تراقب تعابير "أبي" محاولة بشتى الوسائل تفسير ما يقول لكن دون جدوى .. حركت عينيها يمنة و يسرة بطريقة لا إرادية ثم بدأت تتنفس بعمق ..
قال "أبي": هل ... ترين هذه !!؟
نظرت "نيرا" إليه فوراً و هي تلاحظ اللمعان في عينه اليمنى ثم تدريجياً ارتسمت خطوط سوداء بدأت بالظهور من عينه واصلت طريقها حتى أسفل خده الأيمن ..
اتسعت حدقتا "نيرا" ببطء ثم تغيرت تعابير وجهها إلى الشرود و ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها فجأة مما جعل "أبي" يفاجئ بردة فعلها ..
رفعت "نيرا" يديها فجأة نحو "أبي" و أمسكت بوجهه بكلتا يديها و قالت بصوت ينم عن الفرح: أخيراً ... أخيراً وجدتك ! حارِسَ هاورا المختار!
حدق "أبي" فيها غير مستوعبٍ لما يحصل .. ماذا !!!؟ ... إنها ... ما معنى هذا !!؟
استعادت "نيرا" حسها و عادت تعابير وجهها طبيعية .. فنظر إليها "أبي" .. مالذي حدث !!؟
أبعدت يديها فجأة عن "أبي" و أمسكت رأسها .. رأسي !!! ... مالذي حل بي يا ترى !!؟ لم استطع التحكم في نفسي أبداً !! .. و ...
تصلبت "نيرا" في مكانها و انهمرت الدموع من عينيها فجأة فأمسكت بوجهها مندهشة من هذا الفعل اللاإرادي .. اتسعت عينا "أبي" في دهشة و حدق بـ"نيرا" التي كانت تحاول مسح دموعها دون فائدة ..
قالت "نيرا" منفعلة: ما ... مالذي يحدث !!؟ - تغيرت تعابير وجهها إلى الحزن – دموعي لا تتوقف!! أشعر بالحزن فجأة !! هناك شيء ما !! .. ما .. مالذي يحدث!!؟ - أجهشت بالبكاء –
ظل "أبي" جاثماً في مكانه دون حراك .. كانت تعابير وجهه تدل على أنه لا يدرك ما يحصل أمامه .. ما الذي حدث !!!؟ مالذي يدفعها للـ .. – رفع يده نحو وجهه فجأة عندما شعر بدمعة تسقط من عينيه اليمنى – ها !!؟ .. أنا !!؟ - سالت الدموع من كلتا عينيه دون توقف – مالذي يحدث بحق الله !!!؟ ما هذا الحزن الذي حل علي!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


أسند "سينا" رأسه على جدار منزله و رفع رأسه إلى السماء متأملاً .. ليسَ الآن ... !! ليس الآن "كاونور" !!! – دمعت عيناه في حزن – لماذا !!!؟ ... .. لماذا تسقط مملكة كاترا !!!؟ .. – تغيرت تعابيره إلى الحزن – كم الأمر مؤلم!! و كأنني فقدت عضواً من جسدي !! – غطى وجهه بكلتا كفيه و استسلم للبكاء –


*~*~*~*~*~*~*~*~*


أصبحت في حال يرثى لها حقاً!! لم أعد أدرك الطريق التي أريد أن اسلكها حقاً!!
تنهد "آلاي" مطولاً و التفت نحو الكرسي الشاغر في غرفته .. ضحك بسخرية .. أنا لا أريد توريطها! و لكن إن كان هذا الواقع فعلاً فـ .. – مسح عينيه – لم اعد أرَ جيداً .. – فرك عينيه عندما سالت الدموع - .. هاا !!؟ ما هذا !!؟ - جلس على الآرض و هو يمسح دموعه دون جدوى –


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان صباحاً غريباً جداً .. كان صباحاً لم يجد فيه طعماً لخيوط الشمس الذهبية .. تلبدت الغيوم في سماء مملكة سامرا كما لم يكن من قبل .. كان صباحاً مظلماً يوحي بوحشة مستقبل لن تطفئه أمطار الحاضر ..
التفتت "نيرا" نحو مصدر الضحكات التي علت خارج الغرفة .. و لوهلة خُيِّلَ إليها أنها تسمع ضحكات شقيقتها الصغرى ... سمر !!!؟ ..
بهذا الفكر نهضت من مكانها و اتجهت نحو الباب لتفتحه بتردد واضح .. أطلت برأسها عندما شعرت باقتراب الضحكات أكثر .. ثم فتحت الباب على اتساعه فور رؤيتها لـ"نور" الصغيرة و هي تجري في الممر ضاحكة بأعلى صوتها ..
دهشت "نيرا" من حال "نور" الغريبة و نادت: هي!! "نور" !!
توقفت "نور" عن الجري فجأة و أدارت ظهرها لترى "نيرا" عند باب الغرفة فصاحت فوراً: "نيرا" !!! – ركضت نحوها بسرعة – أخيراً أراك !! أين كنتِ طوال هذا الوقت !!؟
أوصدت "نيرا" الباب خلفها و أمسكت بكف "نور": اشتقت إليك .. ! كنتُ هنا طوال الوقت ! لم اغادر الغرفة أبداً !! مالذي تفعلينه هنا !!؟
انحنت "نور" لتستكشف الممر خلفها و قالت: إنها تلحق بي مرة ثانية !!
التفتت "نيرا" بدورها قائلة: تقصدين المربية !!؟
سحبت "نيرا" معها و قالت: تعالي بسرعة !! إنها تمطر و أنا أريد الذهاب إلى مكاني السري !! بسرعة !!
تبعتها "نيرا" بإذعان: مكانك السري !!!!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في أحد غرف القصر الواسعة كان الملك يجلس برفقة ابنته "مريم" التي كانت تمر به كل صباح لإلقاء تحية خاصة ..
ابتسمت "مريم" بارتباك و قالت: لا أعني بهذا طبعاً أن أغير من رأيك يا والدي ... فكل ما أريده هو أن تحاول فقط .. .. لم أعد افهم حقيقة تصرفات "آلاي" لهذا تمنيت أن أرى بعض التقبل من جانبك ...
حدق الملك بالنافذة في صمت ثم قال: هل تمكنتِ من مقابلتها!؟
أحنت رأسها: كـ .... كلا .. و لكن "جنان" ... لقد اصطحبتها "جنان" معها بالأمس ...
نظر إليها والدها بانتباه فتابعت: أ ... أ تدري ما قالت!؟ - عدل من وضعية جلوسه باهتمام واضح – قالت أنها تملك طاقة هائلة جداً لم تجد لها تفسيراً .. لذلك اختارتها كي تكون حارساً شخصياً لها .. !
رفعت "مريم" نظرها نحو والدها محاولة قراءة ردة فعله لكن دون فائدة .. فمن كان ليقرأ ردة فعل دبلوماسي حنكته السنين .. اومأ برأسه ببطء: حسناً ... هذا مثير نوعاً ما !!
طُرِقَ الباب فجأة و جاء صوت جندي من خلفه: جلالة الملك استميحك عذراً ..

- تفضل !
فتح الجندي الباب و انحنى معتذراً: اطلب عفوك مولاي على المقاطعة .. المستشار "عاصم" يود مقابلة جلالتك ..
نهضت "مريم" من مكانها و استأذنت بالمغادرة في حين دخل المستشار "عاصم" و برفقته ساعده الأيمن ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" عينيها دهشة و هي تشاهد "نور" تقفز بفرح: هذا هو مكانك السري إذاً !!؟
تعالت ضحكات "نور": أجل – دارت حول نفسها و قد فردت ذراعيها تحت المطر – لا تخبري أحداً !!
قلبت "نيرا" نظرها في المكان جيداً .. فبعد أن تغلغلت مع "نور" بين أشجار و نخل الحديقة الموجودة خلف باحة القصر وجدت نفسها وسط ساحة افترشها بلاط رمادي على الأرض .. رفعت رأسها لتجد أوراق النخل و قد تشابكت مع بعضها البعض لتكون أشبه ما يكون إلى السقف ..
أثار صوت المطر الساقط على الأورق السكينة في نفس "نيرا" فأغمضت عينيها بهدوء لتستمع إليه بكل حواسها ..

- "نيرا" .. !! – فتحت "نيرا" عينيها متفاجئة – تعالي معي !! انظري إلى المطر كيف يتخلل الأوراق و يتساقط هنا .. – صاحت في فرح – تكونت بركة صغيرة من الماء هناك – ركضت نحوها سريعاً لتقفز عليها –
ابتسمت "نيرا" و هي تراقب "نور" الفرحة ..



*~*~*~*~*~*~*~*~*


عقد الملك كفيه و قربهما من وجهه متأملاً بعمق ..
رفع المستشار "عاصم" رأسه في انتظار الرد ثم قال: لا أريد عجلة في الحكم عليها .. و لكن نحن بحاجة إلى تفسير أكثر حول وجودها بيننا ... و لا حل أمامنا سوى مواجهتها بالحقيقة ..
تنهد الملك و رفع رأسه ليسنده على الكرسي: حسناً "عاصم" .. و مالذي رأيته فيها بالضبط !؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


تقدمت "نيرا" بخطوات إلى وسط الساحة و رفعت يديها إلى الأعلى لتشعر بقطرات المطر المتساقطة ..
نادت "نور" عليها: افعلي هكذا – فردت "نور" ذراعيها على اتساعهما –
نظرت إليها "نيرا" و فردت ذراعيها قائلة: هكذا ؟
اومأت "نور": نعم !!! والدي يقول أن زخات المطر تشعر المرء بالسعادة و أنها تطهر نفسه من الحزن!
الحزن .... !!؟
فردت "نيرا" ذراعيها أكثر و رفعت رأسها إلى السماء ... نعم .... ! لم اشأ التفكير بما حصل معي بالأمس ...! لقد كانت ليلة صعبة جداً ... ! و لكن .. أنا ... !


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- إنها الحرب يا سيدي .. !
صمت الملك مطولاً بعد جملة المستشار هذه و خيم صوت المطر على المكان ..
جرت تلك الأقدام سريعاً باتجاه بوابة الملك و فُتِحت فجأة قاطعة جو الصمت: مولاي !!! أخبار سيئة!! لا أثر لمبعوثي مملكة هاورا !!!!
نهض الملك من مكانه مستفهماً فتابع أحد الجنود: لم يعثر عليهم أحد من الحراس !!! لقد اختفوا دون سابق إنذار!!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
19-07-2010, 14:26
*~*~*~*~*~*~*~*~*


أمسك "شانوران" بسكينه الصغيرة و أخذ يقلب القطعة الخشبية التي بدا شكلها كحصان صغير لم يكتمل نحته بين أصابعه ..
كان الوقت قد اقترب من الظهيرة و لا تزال الغيوم متلبدة في السماء إلا أن هطول المطر قد توقف منذ مدة ..
لا أثر لهم إذًا ... لم أكن لأتوقع حدوث ذلك ...
حرك سكينه في القطعة الخشبية و بدأ بنحتها و قد علت على وجهه علامات الشرود الواضحة ... قرب القطعة من وجهه و تأمل مدى دقتها ثم نفخ بقوة على طرفها ..
- آآآآآآآآآه !!! لم يتبقَ لك الكثير !! ستنهيه الآن !!؟ لم أعد أطيق صبراً أريد اللعب بها .. !
رفع رأسه مصدوماً ليفاجأ بوجود "نور" تراقب القطعة على مقربة منه: نـ .. "نور" !!؟
قفزت بحماس: كان الباب مفتوحاً قليلاً و عندما أطللت برأسي لم تكترث بي حتى بعد أن طرقت الباب لذلك اقتربت منك بهدوء و دخلت برفقتها ثم ...
رفع "شانوران" يده محاولاً إسكات ثرثرة الصغيرة: حسناً يا صغيرة! هذا لا يعني أبداً أن تدخلي قبل أن يأذن لكِ لو علِم والدك بـ - وضع القطعة بحرص على الطاولة و عقد حاجبيه – هل .. قلتِ برفقتها !!؟
رفع رأسه نحو الباب ليجد "نيرا" واقفة في الخارج و هي تمسك بمقبض الباب مكتفية بالمراقبة من الخارج فقط .. قالت متداركة: أ .. أنا آسفة لكن "نور" الصغيرة لم تكف عن مناداتك و أنتَ منهمك في الـ ...
رفع يده قائلاً: لا بأس .. تستطيعين المغادرة الآن .. دعي "نور" هنا و عندما نهم بالخروج سأنادي عليك ..
اومأت "نيرا" برأسها ببطء و هي تعلق النظر على "شانوران" غير مستوعبة فضحكت "نور" سريعاً: عمي ... !!! هذه الفتاة ليست خادمة !!! إنها ... – حاولت أن تمنع ضحكها – إنها ضيفة جاءت برفقة عمي "آلاي" !! – التفتت نحو "نيرا" – صحيح !!؟
حدق "شانوران" بنظره سريعاً نحو "نيرا" مما أفزعها نوعاً ما فقالت متلعثمة: آ .. آسفة لتـ .. لتطفلي!! سـ .. سأغادر حالاً ... !
همت بالمغادرة لكن "شانوران" قاطعها قائلاً: انتظري – توقفت في مكانها بتردد – هل لي أن اسألك مالذي تريدينه من "آلاي" بالضبط !!؟
أحنت رأسها و قالت بعد برهة: أنا .. أنا فعلاً لا أعرف .. لم أجلب له سوى المشاكل هنا .. و ..
استند "شانوران" على كرسيه و قال بحزم: هذا جيد جداً .. !! مادمتِ تدركين أنك تجلبين المشاكل لمَ لا تغادرين القصر و نمنع المصائب المستقبلية التي قد يتحملها غيرك .. !!؟
انعقد لسان "نيرا" عن الرد فقالت "نور" معاتبة: عمي !! لا تكن فظاً ... !!
انحنت "نيرا" قائلة بارتباك: أنتَ على حق .. ! لا أرى سبباً يرغمني للبقاء هنا !!
التفتت "نور" نحوها: كلا .. لا تقولي هذا !! صدقيني إنه لا يقصد الإساءة .. – التفتت نحو "شانوران" – سوف يعتذر لكِ الآن و تصبحان أصدقاء .. – هزت رأسها و هي تشير إلى "نيرا" – هيا اعتذر لها الآن ..
تلعثم "شانوران" و هو ينظر بنفاد صبر إلى الصغيرة التي استفزته: ا .. اعتذر ... !؟
اومأت برأسها متابعة: أجل .. و إلا سأخبر والدي أنني اتعلم الفظاظة منك دوماً ... – أمسكت بذراع "شانوران" و قالت بحماس – هيا .. أريد رؤيتك و أنتَ تقول ... "أنا آسف" لمرة واحدة فقط .. !! ارجوك .. !
هل هي جادة أم أن الموقف مجرد لعبة .... !؟
قاطعتها "نيرا" بقولها: "نور" ... توقفي عن هذا .. ! ليسَ بحاجة للاعتذار أبداً ... !

- آآآآه "نيرا" !! ها أنتِ ذا هنا ..... !!؟
جاء صوت "كيندة" من الخارج فالتفتت "نيرا" سريعاً نحو مصدر الصوت: ... "كيندة" !!؟
اقترب صوت "كيندة" من الغرفة و قالت ببهجة: لقد وافق والدي على مقابلتك .... !! لمَ لا ..
ظهرت "كيندة" عند طرف الباب و أمسكت بيد "نيرا" ثم نظرت بدهشة نحو "شانوران": "شانوران" ... !!؟ أنتَ هنا!؟ و "نور" أيضاً ... !؟ - قالت على عجل – آسفة و لكن سأصطحب "نيرا" معاً كي تستعد لمقابلة والدي – سحبت "نيرا" معها سريعاً و ابتعد صوتها خارج الغرفة – "نيرا" .. !!!؟ لا تقولي أنكِ مشيت تحت المطر !! مظهرك يوحي بذلك بالرغم من أن شعرك جاف تماماً !! يا إلهي !!
ابتعد صوت "كيندة" أكثر و حل الصمت على "شانوران" و "نور" فقال الأول: حسناً بعد أن انهي دمية الحصان سأعطيك إياها و ... – دقق النظر إلى وجه الصغيرة السعيد – "نور" ؟ هل كنتِ تحت المطر أنتِ الأخرى!!؟ تبدين ... تبدين ...
ابتسمت "نور" ابتسامة عريضة و قفزت بخطوات راقصة في الغرفة: أجل ... كنتَ تحت المطر برفقة "نيرا" !! قضينا وقتاً ممتعاً جداً ... – دارت حول نفسها و هي تضحك – أنتَ سيء الملاحظة ... لكنك مسلٍ جداً .. عمي ... – تابعت ضحكها –
حدق بها "شانوران" بعد أن تحولت نظراته إلى الملل ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- هل انتهيتن ؟!
ردت امرأة من خلف الستار على "كيندة": على وشك ذلك مولاتي..
قالت أخرى: لن تصدقي ذلك .. تبدو رائعة جداً !!
صاحت "نيرا": لست كذلك...
فتحت امرأة الستار و قالت: لقد انتهينا .. انظري ..
ظهرت "نيرا" من خلف الستار و قد ارتدت ملابساً ملكية أظهرتها بشكل مختلف و جميل .. صاحت "كيندة" في دهشة: رائع!!!! "نيرا" تبدين رائعة حقاً!! كما لو كنت منا تماماً!!!
احمر وجه "نيرا" من المديح و قالت: شكراً لك "كيندة" .. – نظرت بقلق إليها – هل علي أن أقابل الملك رسمياً هكذا؟!
ضحكت "كيندة" و قالت: لا تقلقي أبداً .. فوالدي طيب جداً ..
دخلت "جلنار" الغرفة و قالت: أجل لا تدعي نقر كلمة الملك تخيفك .. إنه لطيف مثل "هايل"..!!
صدمت "نيرا" ذلك الرجل!! .. إنه فظ عندما عاملني .. – تذكرت "نور" – أم أن؟ ... ماسمعته من "نور" عكس ماتخيلت ربما علي الاسترخاء ... أجل ... الاسترخاء تماماً لكن .... مالذي غير رأيه فجأة عني!! وهو الملك!! الملك...ملك سامرا كلها !! الكل يهابه و يحترمه ... استرخي "نيرا" استرخي – تنهدت "نيرا" ثم تهاوت ببطء لتجلس على الأرض –
صاح كل من "كيندة" و "جلنار": "نيرا"
قالت "كيندة" مهدئة: تماسكي !! لا تقلقي ..
أضافت "جلنار": أجل!! استرخي و حسب!!
"نيرا": هذا ما أحاول فعله ..!! – تنهدت بعمق –
خرجت الفتيات بعدها من الغرفة و هاهن في طريقهن إلى الصالة الملكية قالت "كيندة": هل سمعتِ بإختفاء مبعوثي هاورا هذا الصباح !!؟
التفتت "نيرا" نحو "كيندة": تقولين اختفاء !!؟ ..
اومأت "كيندة" برأسها: أجل ... ! كان يفترض بهم أن يبقوا لليلة أخرى لكن فوجىء الحراس باختفائهم هذا الصباح فجأة و دون سابق إنذار ... !
سألت "جلنار": هل سمعتِ شيئاً عما قرره والدي حيال اختفائهم !!؟
هزت "كيندة" رأسها نافية: ليس يقيناً لكني سمعت من "شانوران" أن مولاي سيرسل بعض العيون لتقفي أثرهم لأن "هايل" صرح بعدم وجودهم في نطاق مملكتنا ..
صمتت "نيرا" ... هذا غريب حقاً .. ! لقد كان القائد "أبي" معي ليلة الأمس ... ! إلى أن غادرني بعد أن ...
تذكرت بكاءهما الغريب ..
نظرت "كيندة" إلى "نيرا" بقلق و قالت: هل تشكين من شيء الآن؟! بالأمس بدوت متعبة عندما عدتُ إلى الغرفة !!؟
التفتت إليها "نيرا" و قالت: لا عليك .. شعرت بتحسن بعد أن قدمتِ يد العلاج .. شكراً لك فقد ساعدتني كثيراً !!
ابتسمت "كيندة": الحمدلله!!
صاحت "جلنار": لماذا !!؟ هل اشتكت من شيء بالأمس !!؟
أجابت "كيندة": لقد كانت منهكة القوى تماماً ... عندما عدت بالأمس وجدتها مستلقية على السرير و هي تتنفس بصعوبة !
قاطعتها "نيرا": لكن كل الشكر لـ "كيندة" !! لقد جاءت في الوقت المناسب تماماً !! – شردت بذهنها لما حدث في ليلة الأمس –
قالت "جلنار": الحمدلله !! "كيندة" بارعة في معالجة المرضى ...
رفعت "نيرا" رأسها و قالت: الأمر غريب حقاً!! فلديكم قدرات عجيبة جداً .. "آلاي" يطير و أنت تعالجين و ....
أضافت "كيندة": ألم تتعرفي على قدرات "جلنار"؟
التفتت إليها "نيرا" و قالت: ماهي؟ ..
ارتبكت "جلنار" و قالت بيأس: ليست مميزة كما مع باقي إخوتي ... لا عظمة في الرؤية خلال الجدران أو غيرها...
صاحت "نيرا": مدهش حقاً...
"كيندة": أغلبنا ولد و معه قوى مختلفة .. الأمر لا ينحصر لدينا فقط بل هنالك الكثير من لديه مثلها !
صمتت "نيرا" للحظة و تذكرت ماحدث معها عندما كانوا في الطريق إلى سامرا: لقد استخدم "آلاي" أسلوباً غريباً عندما تعرضنا لهجوم بعض من قطاع الطرق و نحن في طريقنا إلى هنا ... – صمتت لتتذكر – ختم على ماأعتقد!!
شهق كل من "كيندة" و "جلنار" و قالتا: استخدم الختم... !!!!!؟
نظرت "نيرا" إليهما بريبة و قالت: أجل مالمشكلة؟
قالت "كيندة":ماكان عليه فعل ذلك!! إن علم والدي بالأمر فسيغضب منه...!!
سألت "نيرا" باستنكار: لماذا؟ ..
ردت "جلنار" موضحة: من الخطورة بمكان استخدام الختم في أمور تافهة مثل مواجهة قطاع الطرق ... عدا أنك ستفقد قواك السحرية لـ3 أيام بعد يوم من استخدامه .. فقد وضع نفسه في خطر محتم ... إن الحصول على ختم إحدى الممالك أمر صعب فإن علم أحدهم باستخدامه فسينتهز الفرصة للحصول عليه بعد ضعف القوى السحرية في آلايام التالية!!
فكرت "نيرا" لهذا السبب فقد "آلاي" توازنه في اليوم التالي و هوينا على الأرض معاً ظننته متعباً و لكنه كابر و قال أننا سنمشي بناءاً على رغبتي...!!
ضحكت "كيندة": تعرفين أن "آلاي" ليس ضعيفاً و لن يتمكن أي شخص من الحصول على ختمه بسهولة..
ارتبكت "نيرا" ولم تفهم و قالت: حسناً .. و مالمهم في هذا الختم؟
ردت "جلنار": صحيح "نيرا" أنت لا تعلمين شيئاً عن هذا ... فلكل مملكة ختم خاص تتوارثه أسرة نبيلة .. غالباً ما تكون الأسرة الحاكمة لكن ليس بالضرورة .. و قد تسلمه "آلاي" بعد أن .. حسناً .. لا أدري لماذا اختاره بالذات .. المهم أن صاحب الختم سيمتلك قوى لن يتمكن الآخرون من الحصول عليها لكن ضريبة استخدامه آلايام الثلاث دون قوى كما علمت .. و يستطيع مالكه تسليمه إلى من يريد من بعده أعني أنه لا يتوجب عليه أن يعطيه لأحد أبنائه ..
أضافت "كيندة": أجل .. ففي مملكة "هاورا" ليس "ناينوا" هو مالك الختم .. بل القائد "أبي" الذي جاء على رأس المبعوثين .. !
اومأت "نيرا" و قالت "جلنار": الحمدلله أن مالكه ليس "ناينوا" .. يكفي مايمتلكه ذاك الملك من قوى جنونية!!
قالت "نيرا" ببطء: أعتقد أنني قد فهمت الأمر.... قليلاً .. هل هي على وجه "آلاي" أيضاً ؟!
"كيندة": أوه كلا! بل شارة تجدينها في كفه آلايمن .. – نظرت إلى الأمام – آه هاهو "آلاي" قادم ..
وصل "آلاي" إليهن و حياهن قائلاً: صباح الخير .. أنت مستعدة "نيرا"؟
أومأت "نيرا" برأسها موافقة ثم قالت "كيندة": حسناً نترككما معاً .. أنا ذاهبة مع "جلنار" أريد رؤية "مريم" قليلاً .. – نظرت إلى أختها – هيا "جلنار" تعالي معي ..

- لماذا؟؟؟
- دون اعتراض هيا..
جذبت "جلنار" من ذراعها و ذهبت معها .. التفت "آلاي" إلى "نيرا" و قال: كيف حالك إذاً؟
ردت "نيرا": بخير شكراً لك – ابتسمت "نيرا" – "آلاي" !!؟ - نظر إليها "آلاي" مستفهما فترددت قليلاً – أ .. هناك .. ما أود محادثتك به .. و لكن ..
رد "آلاي" مبتسماً: هكذا إذاً .. حسناً .. ماذا هناك ؟!
ارتبكت "نيرا" و قالت: كلا .. ليس الآن .. لكن بعد مقابلة – علقت نظرها عليه – والدك .. حسناً ؟!
أدار ظهر و رفع يده: حسناً إذاً كما تشائين!! أنذهب لمقابلة والدي الآن !!؟
اومأت "نيرا" برأسها .. لم يعلق كثيراً!! - مشت خلفه و ابتسمت في سعادة – إن مصاحبته تشعرني بالاطمئنان .. لكن هنالك ما يخفيه اليوم ... يبدو أنه منشغل بأمر ما .. أو ربما ..
تقدمت نحوه و بتردد مدت يدها نحوه و أمسكت بيده .. التفت "آلاي" نحوها فنظرت إليه بابتسامة
توقفت "كيندة" عن المشي فجأة فالتفتت نحوها "جلنار": همم !؟ ماذا هناك !!؟
أدارت "كيندة" ظهرها و حدقت بـ "نيرا" التي مشت بمحاذاة "آلاي" ثم اتسعت عيناها ... "نيرا" !!؟ مالذي كانت تعنيه بـأن الشارة موجودة على وجه "آلاي" أيضاً !!!؟ .. .. لا يمكن أن !!

KannaSwan
19-07-2010, 14:34
وصل كل من "نيرا" و "آلاي" إلى بوابة ضخمة فتحت من قبل حارسين و أعلن وصول الأمير "آلاي" مع ....
الأميرة "نيرا"؟؟؟ من أين أصبحت هكذا؟؟
دخلت "نيرا" و هي تنتفض بشدة فقد أصابها الخوف الشديد .. تفحصت الصالة الفسيحة جداً و قد ملأها الكثير من الناس مما زاد قلقها.. مشت بمحاذاة "آلاي" إلى أن وصلا أمام الملك ..
رفعت "نيرا" رأسها و فتحت عيناها على اتساعها فقد رأت أمامها صورة ملك سمح الوجه و لطيف المحيا .. ذا وجه بشوش و جسم شبه ممتلئ ..
بقيت "نيرا" في مكانها صامتة فهمس لها "آلاي": عرفي بنفسك أولاً ..
ردت "نيرا" في ارتباك: أدعى "نيرا" أتيت من بلد بعيد – شعرت ببعض الطمأنينة فتشجعت – إنه لشرف كبير لي مولاي – انحنت – أن أحصل على فرصة للقاء كبير مثلك .. لقد أعنتموني في محنتي و فتحتم لي باباً من الأمل .. إني ممتنة لكم كثيراً و لسيادتكم بهذا الخير ..
دهش الملك و جميع الحاضرين من كلام "نيرا" الذي دل على نبل أخلاقها لم أخطئ في شئ هكذا كان يخاطب الملوك في أفلام السينما!!!
قال الملك: ارفعي رأسك ...
رفعت "نيرا" رأسها ببطء فقال: إن لقاءك يشرفني أنا أيضاً .. ان أعرف فتاة في مثل هذه الأخلاق .. وجودك هنا بيننا يسعدنا و ستكرمين كأفضل ضيف لدينا...
سعدت "نيرا" كثيراً و قالت: انا عاجزة عن شكرك حقاً يا مولاي هذا كثير علي!! .. أخشى من أنني لن أتمكن من رد الجميل..

- لا بأس عليك .. أخبرني "آلاي" من انك لا تستطيعين العودة إلى بلادك في الوقت الحالي
نظرت إليه "نيرا" و قالت: أجل يا مولاي هذا صحيح .. و اسمح لي أن أوضح من أنني لست من هذه المناطق أصلاً ..

- ماذا تعنين؟
- لقد أتيت من بلاد بعيدة جداً – سكتت "نيرا" ثم فكرت من أنه ليس من المعقول قول أنها من عالم آخر – مختلفة كثيراً في حضارتها عنكم و أنا أجد صعوبة في العودة .. أرجو أن أبقى في رعايتكم لبعض الـ .. و ..قـ ت
نبض قلب "نيرا" بقوة و لم تستطع الكلام .. و أخذت النبضات تتوالى عليها فجأة فلم تستطع الاحتمال و جثت على قدميها و هي تلهث انحنى "آلاي" في قلق و قال: "نيرا" هل أنت بخير؟
لم تجبه "نيرا" و أمسكت بصدرها بقوة و تململ الحضور و نهضت "كيندة" في خوف و صاحت "جلنار": "نيرا"....!!!
نهض الملك قائلاً: ماخطبها؟؟
أمسكت "نيرا" بذراع "آلاي" بقوة و همست بصعوبة: "آ..لاي" ..
قرب "آلاي" رأسه من "نيرا" و قال: ماذا؟ .. "نيرا" مابك؟

- هناك شئ .. ما ... بداخلي .. سـ...اعدني ..
لم تكمل "نيرا" جملتها حتى سقطت بين ذراعي "آلاي" الذي صاح: "نيرا" تماسكي...


*~*~*~*~*~*~*~*~*


في المكان الذي ملأته الخيام ابتسمت امرأة وهي تحدق بالأفق الصحراوي و قالت: إننا في تطور .. و أخيراً ها نحن نقترب ..
ظهر خلفها رجل و قال: أرى أن الأخبار تصلك جيداً "ليلى" ..
أدارت المرأة ظهرها و قالت: "رازي"؟؟ .. لم انتبه لوجودك .. – طار الصقر الذي كان على ذراعها – إننا نقترب من العنقاء ياعزيزي ..
بقي "رازي" يحدق بها لمدة ثم ابتسم و اقترب منها و عانقها بلطف و قال: شكراً لك .. لم آسف لحظة على مافعلت سابقاً ..
- أنا آسفة "رازي" ... للحظات أشعر بأنه ماكان علينا فعل هذا ..
أفلت "رازي" زوجته و قال: لا عليك .. أنا أسعد هكذا.. علينا التحرك إذاً .. – أدار ظهره مغادراً – سنرحل بعد يومين من اليوم ..
ابتسمت "ليلى" و قالت: حسناً
.. سأتبعك للأبد .. لن أنسى فضلك علي ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


فتحت "نيرا" عينيها ببطء لتجد نفسها تقف في مكان غلبت عليه الظلمة .. كان الظلام حالكاً جداً و لم تستطع رؤية أحد سوى شخص يقف أمامها تبين لها بعد لحظة أنه شقيقها "ماهر" فنادت عليه لكنه لم يجبها و اكتفى بأن أدار ظهره و غادر ماشياً .. دون كلام .. صاحت "نيرا": "مــاهر" !! توقف !! – صمتت و اغرورقت عيناها بالدموع – "ماهر" !!! أخبرني !!! لمَ أنا هنا !!؟ ... مالذي يحدث معي بالضبط !!!؟ - انتحبت – أرجوكم !! فليرد علي أحد !!

- "نيرا" !!!
- "نيرا" !!!
رفعت "نيرا" رأسها ببطء و مسحت الدموع المتناثرة على وجهها لترى زوجين يقفان أمامها بابتسامة تعلو محياهما قال الرجل: لقد حان دورك !!
أحنت المرأة رأسها و هي تبتسم بلطف: ضحينا بالكثير ... كي تري النور ذات يوم !
مسحت "نيرا" الدموع التي سالت على وجهها: من .... . . .. من تكونان !!؟
نظر الزوجين إلى بعضهما البعض و ابتسما ثم حولا نظرهما إلى "نيرا" و فتح الرجل فمه بكلمات لم تسمع فاتسعت عينا "نيرا" .. ها !؟
نبض قلب "نيرا" بشدة عندما سمعت صوت نداء:

- "نيرا"؟..
- "نيرا"؟..
فتحت "نيرا" عينيها ببطء و تمتمت: لـ يـ ... ــا ن .. ... ؟ - سالت دمعة من عينها اليمنى -
نهضت من مكانها فجأة و عقدت يديها على بعضهما البعض و شفتاها تنتفضان .. أما "آلاي" فقد كان جالساً على الأرض بجانبها و هي جالسة على كرسي طويل قالت "كيندة": "نيرا"؟ الحمدلله استعدت وعيك..
لم ترد "نيرا" و أحكمت قبضتها على نفسها و هي ترتعش .. نظر إليها "آلاي" بقلق ثم قال: "كيندة" ...
ردت "كيندة" بسرعة: نعم ...
تنهد "آلاي" و قال: أريد أن أحدث "نيرا" بخصوص موضوع ... لوحدنا ..
أومأت "كيندة" برأسها متفهمة و قالت: فهمت .. – خرجت مغادرة الغرفة –
التفتت "نيرا" إلى "آلاي" و قالت بصوت منتفض: "آلاي" .. أنتَ ..... أنتَ تعرف ما أمر به !!؟ ... هلا اخبرتني !؟ - دمعت عيناها – ما حقيقة العنقاء بالضبط !!؟ ... و كيف وصلت إلى هنا !!؟ ... لماذا أنا بالذات !!!؟
نهض "آلاي" و جلس بجانب "نيرا" ثم أمسك بيديها قائلاً: "نيرا" .. هل تثقين بي؟ ..
هزت "نيرا" رأسها بأن نعم فقال "آلاي": انصتي جيداً لما سأقول و افهميه جيداً .. – سكت لمدة و أشاح بنظره ثم عاد و تنهد – "نيرا" ... أنت العنقاء التي يبحث عنها الجميع و السبيل الوحيد للحصول على سيف "سينارا" ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان الملك يمشي جيئة و ذهاباً في صالته التي يحيط بها جميع أبنائه و مستشاره برفقة ساعد الأيمن دخلت "كيندة" الصالة و نظر إليها والدها و سأل: هل الفتاة بخير؟
رفعت "كيندة" رأسها و أومأت قائلة: أجل لقد استعادت وعيها ..
تنهد الملك في ارتياح و قال: الحمدلله ... – سكت لمدة – تلك الفتاة ليست عادية .. فيها شئ أريد معرفته .. لست أسعى للتوقف عند هذا الحد و حسب .. ماذا عن "آلاي"؟!

- إنه معها ...
جلس الأب على عرشه و قال: حسناً قد لا امانع أبداً لو تزوجها "آلاي" .. – التفت إلى "شانوران" – ماذا عنك أنت؟ أ لم تفكر بالأمر بعد !!؟ ..
رد "شانوران" بحدة: أنا لن أتزوج أبداً...
ضحكت أخواته و ضحك الأب قائلاً: هذا مايقوله الكثير .. لن نجبرك على شئ!!
قطب "شانوران" جبينه بحنق و اتجهت "كيندة" لتجلس بجانب شقيقتها "جلنار" و همست لها "جلنار": كيف هي؟ ..

- إنها بخير لا تقلقي .. – أحنت رأسها – "آلاي" معها .. ربما سيخبرها عن ما بها ..
فتحت "جلنار" عينيها و قالت في تساؤل: هل ترين أن ذلك مناسبٌ حقاً؟

- لا أدري فعلاً .. لكن لو رأيتي وجهها و جسدها المنتفض لما تحملت ذلك
انتفضت يدا "كيندة" و شبكتها معاً و قالت: أتمنى أن يدرك "آلاي" مايفعل ..
بقي الجميع صامتاً لمدة ثم سمعوا صوت "نيرا" و هي تصيح: "آلاي" ... لا ..
دهش كل من كان في الصالة و تململ بعضهم ثم فُتح الباب و دخل منه "آلاي" و هو يمسك "نيرا" من ذراعها..
كانت "نيرا" تحاول بكل ما تملك من قوة أن تفلت من يد "آلاي" دون جدوى: تـ ... توقف !! لا ... يكفي !!!
نهض الملك من مكانه فوراً و صاح ناهراً: "آلاي" ماهذا؟
وقف "آلاي" مكانه و قال: المعذرة .. لكن لدي ماأقوله ... – التفت ليرى جميع من بالصالة و صمت للحظة كي يلتقط أنفاسه – فليسمع الجميع ..
التفت إلى "نيرا" التي بدت خائفة و وضع كفه على جبينها الذي سطع منه ضوء و صاح الجمع في دهشة ثم أفلت كفه و قال: هذه الفتاة .. هي ماكنا ننتظر .. إنها العنقاء ياوالدي ..
ظهرت شارة العنقاء على جبين "نيرا" فأطلق من في الصالة صيحات صدمة و صاحت "نيرا": "آلاي" توقف .. لست كذلك ..
قال الملك بصدمة: "آلاي" .. ياإلهي!!
وقف "شانوران" صائحاً: و مالذي تريده في النهاية؟ ..
التفت "آلاي" في حدة نحو "شانوران" ثم نظر إلى والده و صاح: أنا أعلن هذا للجميع كي يعلموا و يعوا ماسأفعل ..
رفع "آلاي" كفه الأيمن و أمسك بجبينه لتظهر شارة الختم عليه و صاح: ها أنا أصرح للجميع بأنني .. أنا .. "آلاي" .. سليل عائلة "تاوراي" .. صاحب ختم صحراء الشرق .. أقسم أمامكم بحماية العنقاء من كل شئ و أنها تحت عهدتي .. ماحييت..
قال الملك ببطء: "آ...آلاي" ..!!
اتسعت عينا "نيرا" و شردت بعيداً و هي تتمتم محدقة بـ "آلاي" : حـ .... حارس ... حارس سامرا المختار !!


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل الحادي عشر ]|

KannaSwan
30-07-2010, 17:18
+ ||[ الـفـصـل الـثـانـي عـشـر ]|| +


خلع "آلاي" وشاحه و مشى ليرمي به على كرسي غرفته, تقدم نحو سريره متنهداً بعمق .. أحياناً يتبادر إلى ذهني هذا السؤال ... هل حقاً كنت أهلاً لامتلاك الختم؟ .. ماذا لو كان "رازي" هنا !!؟ هل كان ليتصرف بهذه الطريقة .. ؟ – رمى بجسده على السرير – لماذا فعلت كل هذا؟ .. عندما قابلت "نيرا" أول مرة .. كانت فتاة عادية بالنسبة لي ... – تنهد و استلقى على جنبه الأيمن – ثم رأيت في عينيها شيئاً غريباً ذكرني نوعاً ما بنفسي..!! ماحقيقة شعوري نحوها؟ .. أنا اهتم لها حقاً .. لكن .. مالذي يدفعني بالفعل إلى حمايتها !!؟ .. هل لأنني اسعى وراء السلام !!؟ أم لأنني !؟
خارج الغرفة..

- هل هو بخير؟! .. أيبكي؟
- "كيندة" لا تكوني غبية!! إنه مستلق على سريره و حسب.. ربما يفكر فقط!! أنت كثيرة القلق...
التفتت "جلنار" إلى أختها و قالت: لمَ لا نتركه وحيداً لـ ..
لم تكمل "جلنار" كلامها و غطت فمها بيدها بسرعة .. التفتت "كيندة" بدهشة لترى "شانوران" خلفها و قد بدا غاضباً: مالذي تفعلانه هنا؟ ..
ردت "كيندة" في ارتباك: لا .. لا شئ لقد أردنا الاطمئنان على "آلاي" فقط!!

- هيا غادرا المكان إذاً .. فـ"آلاي" ليس بحاجة لأحد
أذعنت كل من "كيندة" و "جلنار" للأوامر و مضتا في طريقهما, لكن "جلنار" التفتت إلى أخيها لتجده واقفاً في مكانه, فقالت مكتفة ذراعيها: مالذي تفعله أنت أيضاً؟!
نظرت إليه "كيندة" و قالت بهدوء: هل تريد محادثة "آلاي"؟
احمر وجه "شانوران" و صاح: لا دخل لكما في شؤوني اذهبا حالاً!!
تقدمت "جلنار" نحوه بخطوات واسعة: هي! هي! حسناً نستطيع أن نفهم أنك تهتم لأمر "آلاي", لكن هذا لا يعطيك الحق في إصدار الأوامر علينا متى شئت ...
نفد صبر "شانوران" و قال: حسناً يا آنسة !! هلا تفضلت بالغروب عن وجهي للحظة !!!؟
فتح "آلاي" الباب بسرعة و فوجئ لوجود "شانوران" فقال متذمراً: أنت من كان يصرخ؟ .. كان علي معرفة ذلك مسبقاً!!
حاول "شانوران كبح غضبه: ماذا تعني؟ ها؟
رد "آلاي" عليه بسخرية: و من يصرخ كثيراً هنا غيرك؟

- تحاول إهانتي؟
- لم أقل سوى الحقيقة !!
- اخرس أيها الأحمق..
- أنت الأحمق..
دخل كلاهما في شجار لا متناهي فتنهدت "كيندة" و قالت: إنه بخير لا داعي للقلق إذن .. – نظرت إليهما بحدة
– توقفا عن الشجار حالاً ... هيا لا داعي لكل هذه الحساسية .. لا نريد مشاكل !!
قالت "جلنار" في حماسة: هيا "آلاي" انتصر عليه لقنه درساً..

- "جلنار" توقفي!!
ظهر فتى و فتاة خلف "كيندة" و "جلنار", بادر الفتى الكلام قائلاً: "شانوران" و "آلاي" يتقدان حماسة!!
التفتت "كيندة" – فيما كانت "جلنار" تشجع – و قالت: "أوس" !! "مايا" !! ها أنتما هنا؟
"مايا" بصوتها الرقيق: هل "آلاي" بخير؟؟ لقد جئنا للاطمئنان عليه...
توقف كل من "شانوران" و "آلاي" عن الشجار عندما انتبها لوجود "أوس" و "مايا", نظر "آلاي" إلى "مايا" التي ابتسمت له فاحمر وجهه ..
قال "آلاي" في ارتباك: "مــ مـايا"..!! – نظر إلى الجميع – مالذي تفعلونه كلكم هنا؟
تنهدت "كيندة" و قالت بابتسامة: لقد أتينا للاطمئنان عليك ... "آلاي" ..
نظر "آلاي" إليهم جميعا ثم و علا وجهه الخجل الواضح .. ابتسم الجميع و أدار "شانوران" ظهر قائلاً: هـــه .. غباء!!!
قالت "جلنار": لو سددت له لكمة من الجهة اليمنى لكنت انتصرت!!
رفع "شانوران" يده: "جلنار" أنا اسمعك !! لم اغادر بعد هل تعلمين !!؟
قالت "مايا" بقلق: هل أنت بخير؟؟ "آلآي"؟؟
أضاف "أوس": لقد تهورت كثيراً و أقلقتنا..
رفع "آلاي" رأسه و ابتسم قائلاً: أجل ... شكرا لكم جميعاً!!!
التفت "شانوران" نحو "آلاي" و قال بجدية: حسناً "آلاي" .... – نظر "آلاي" إليه – مالذي تنوي فعله الآن !!؟ .. أنت تدرك خطورة أن تصرح بمثل هذا أ ليس كذلك !!؟
أجاب "آلاي": أنتَ على حق "شانوران" ... حالياً لا املك صورة واضحة عما أريد فعله و لكن .. هلا تناقشنا في هذا الموضوع في وقت لاحق !!؟ .. لا أريد أن نتحدث حوله علناً !!
تحولت نظرات "شانوران" إلى الملل و قال متذمراً: لكنك فضحت أمرها أمام العلن و انتهى الأمر .. مالذي يجعلك متحفظاً الآن ... !؟
احمر وجه "آلاي" فتململ "شانوران": حسناً .. حسناً .. الأمر كما تريد .. أنا ذاهب – أدار ظهره و غادرهم –
قالت "كيندة" مشجعة: لا عليك "آلاي" .. نستطيع حماية "نيرا" معك !!
كان "شانوران" ينعطف عند زاوية آخر الممر و هو محنٍ رأسه, ثم رفعه ليرى "هايل" يمشي أمامه مغادراً .. "هايل"؟... حتى أنت؟؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


جلست "نيرا" على الأرض, و قد خبأت وجهها خلف ذراعيها اللتين اسندتهما على عتبة شرفة غرفتها, و هي تتأمل المكان بشرود تام .. تذكرت "نيرا" كلمات "آلاي" فتنهدت بعمق .. العنقاء !!!؟ ياله من أمر غريب !! كيف أكون العنقاء؟ .. لم أنا بالذات؟ .. الكل ينتظر مني حصوله على السيف !! .. و من ثم؟ .. السلام؟ ..
تتذكر محادثتها مع "آلاي" ..

[ - غاية الجميع الحصول على السيف!! .. و ستصبحين مطاردة من الآن و صاعداً !!
- لكني لا أعرف شيئاً!!
- لا أحد منا يعرف هذا .. لكن لا أحد منا يضمن أن يستخدمك لغايته الخاصة ..
- حتى والدك؟؟!!
- لا أدري حقاً لكنه بالتأكيد لن يفعل شيئاً حيال ذلك في هذه اللحظة.. علينا إخباره ]
على ما اذكر قال "آلاي" أن الحرب قد بدأت منذ عدة عقود و أن الحل لتوحيدها هو ظهور العنقاء حاملة السيف معها عندها سينتهي كل شيء .... ربما لو انهيت مهمتي سأتمكن من العودة .. هل يمكن هذا !!؟ ... لكن ... لكن كيف !!؟ - اتسعت عيناها – أ ...... "أبي" !!!! لابد و أنه يعرف شيئاً !!!! – عبست – لكن ما فائدة هذا الآن و قد غادر !!!؟ و لن يوافق "آلاي" بالطبع على الذهاب لهاورا !! ... أجل .. هاورا حيث حللت هناك أول مرة!! ... تنهدت بعمق و رفعت رأسها إلى السماء المجردة من السحب .. هل يمكن أن يكون سبب قدومي إلى هنا ..... هو أن أحداً من هاورا قام بذلك ... !؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


خرج "شانوران" من الغرفة و أغلق الباب خلفه, مشى إلى أن خرج إلى الحديقة ... رفع رأسه للسماء ثم تنهد و تابع مسيره إلى أن لمح فتاة واقفة تتأمل السماء, اقترب ليعرف هويتها فإذا بها "نيرا" .. تململ مع نفسه هذه الفتاة!! .. أميرة "آلاي" .. هه .. التفتت "نيرا" عندما لاحظت وجود "شانوران" فابتسمت و قالت: مرحباً ..
ارتبك "شانوران" ثم قال: .. أجل .. مرحباً – رفع يده محيياً –

- أنت شقيق "آلاي" صحيح؟ لقد تقابلنا ظهر اليوم و لكن .. لم اتشرف بعد بمعرفة اسمك .. أنا ادعى "نيرا" ماذا عنك؟
نظر إليها "شانوران" بتشكك افزع "نيرا" ثم تنهد و قال: "شانوران" ..
تنهدت "نيرا" بارتياح ثم ابتسمت قائلة: "شانوران" .. اسم جميل .. آسفة لما حدث سابقاً عندما قابلت الملك ..

- آه.. تلك الحادثة؟
اتسعت عينا "نيرا": كنت هناك صحيح؟ ..
رفع يده و فرك رأسه: أجل كنت هناك... بالإضافة إلى جميع إخوتي ..
صاحت "نيرا": ياإلهي .. لقد كان ذلك محرجاً حقاً ..

- لم يبالِ أحد بما حصل .. لا داعي لذلك ..
نظرت "نيرا" إليه بدهشة فارتبك و قال: أقصد أن الحادثة لم تضايق أحداً ..
حدث "شانوران" نفسه ماهذا؟ ألا تفهم بسهولة؟ ..
صمت "شانوران" و لم يقل شيئاً في حين رفعت "نيرا" رأسها للسماء و قالت: النجوم هنا جميلة جداً .. و هي تملأ السماء ..
نظر إليها "شانوران" بطرف عينه فتابعت: في بلادي لم نكن نرى النجوم كثيرة في الليل .. فقد كان نور الأضواء لدينا يحجبها ..
قال "شانوران": ماسم بلادك؟
ذكرت "نيرا" اسم بلادها لا شعورياً ثم تغيرت تعابيرها إلى الصدمة و سدت فمها
نظر إليها "شانوران" في تعجب و قال: أنا لم اسمع بها أبداً .. أين تقع؟
ارتبكت "نيرا" في بادئ الأمر ثم تنهدت و قالت: إنها ليست قريبة من هنا.. و لا أدري أصلاً كيف أتيت إلى هنا..!!

- لا تعرفين؟ ..
ابتسمت "نيرا" و قالت: أجل .. لو أخبرتك عن فوارق بلادينا لضحكت علي و قلت أني مجنونة كم أحب كل اللحظات التي كنت أقضيها مع شقيقتي الصغرى "سمر" .. لم نكن نمل البقاء معاً أبداً ..
فكر "شانوران" في نفسه .. العنقاء جائت من مكان آخر .. ؟! كيف ذلك .. ؟!
تابعت "نيرا": حسناً "شانوران" ماذا عنك أنت؟ .. ماهو الشئ الذي يمتعك؟ ..
نظر إليها "شانوران" و قال: الخيل.. أحب امتطائها كثيراً ..

- حقاً؟ .. كم هذا رائع!!! لم أتعلم ركوب الخيل أبداً .. يبدو أن الجميع هنا يتقنه.. لقد سخر مني "آلاي" عندما أخبرته بأنني لا أعرف ذلك ..
لم يجبها "شانوران" فقالت: كنت اتابع بعضاً من سباقات الخيل و أتحمس معهم أيضاً .. و كان بودي لو أحس بشعور ممتطيها.. ها؟.. كيف يكون شعورك عند امتطائها؟
تحمس "شانوران" للحديث و قال: أجل .. إن امتطاء الخيل وحده يشعرك بالحرية .. خاصة عندما تركض بأقصى سرعتك .. تشعر و كأنك تركض إلى اللانهاية .. و يصحبك في مسيرك هذا صديق عزيز عليك .. فرسك طبعاً .. يجب أن توطد معه علاقة وثيقة .. إن الخيول الأصيلة لا تخيب فارسها لذلك احبها كثيراً .. إنها من أغلى ماأملك ..

- هذا جميل حقاً .. لو كنت استطيع امتطاء الخيل لكان الأمر ممتعاً جداً .. هل استطيع رؤيتها لاحقا؟؟ً ..
- بالتأكيد ..
فرحت "نيرا" كثيراً .. وعمت بعد ذلك لحظة من الصمت, فرفع "شانوران" رأسه للسماء ثم قال: مالنجمة التي ترينها إذاً ... !؟

- تقصد نجوم الممالك؟ أراها جميعاً .. لقد كنت أراها حتى في بلادي .. لقد أخبرني "آلاي" بأمرها سابقاً .. إنها جميلة جداً بالرغم من أنها كانت سبباً لحزني .. عندما أخبرت الجميع عن رؤيتي لها .. لم يصدقني أحد .. و بعضهم وصفني بالكاذبة أيضاً .. لذلك لم أخبر أحداً عنها لاحقاً ..
لم يعلق "شانوران" و بقي الاثنين صامتين لمدة فسألت "نيرا": كم عدد إخوتك؟ .. لقد عرفت منهم "كيندة" .. "جلنار" .. و "جنان" .. بالإضافة إليك .. و "آلاي" طبعاً .. أجل .. هناك "هايل" شقيقك الأكبر .. ياإلهي أنتم كثيرون حقاً .. لا أظن أن هناك المزيد أليس كذلك؟
إنها تتكلم كثيراً .. قال "شانوران": لا هؤلاء نحن فقط ..
نظرت إليه "نيرا" ثم قالت: لكن .. هناك شخص آخر .. لم أره و لكن تحدث شخص ما عنه عندما كنت قادمة مع "آلاي" .. كان اسمه "رازي" إن لم تخني الذاكرة ..
فتح "شانوران" عينيه في صدمة و تمالك نفسه و قال: أجل "رازي" .. لكنه لم يعد هنا..

- أين هو إذاً؟؟
صاح "شانوران": ليس من شانك .. واضح؟ .. – أدار ظهره مغادراُ –
صاحت "نيرا" محاولة اللحاق به: "شانوران" ... أنا آسفة لم أقصد إزعاجك ..
رد "شانوران" صائحاً: دعيني و شأني و لاتلحقي بي فهمتِ؟
وقفت "نيرا" في مكانها و لم تلحق به ماهذا الشقيق الذي يغضب الجميع عند ذكره؟ .. ياإلهي يبدو و أنني ارتكبت خطأً ..
طرق أحدهم الباب فجأة و جاء صوت "كيندة" من خلفه: "نيرا" سنتناول العشاء بعد قليل ..
اتجهت "نيرا" نحو الباب و قالت: أنا قادمة حالاً ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
30-07-2010, 17:24
*~*~*~*~*~*~*~*~*


بعد انتهاء العشاء كان الجميع يجلس في الصالة الملكية .. جلست "نيرا" بجانب "آلاي" .. و قد سعدت بترحيب الملك بها و اهتمامه بصحتها عندما قدمت لكنها لم ترتح لوجود المستشار "عاصم" برفقة ساعده الأيمن الذي لم ينفك عن تعليق نظره عليها .. حاولت "نيرا" تجاهل نظراته و التفتت لتراقب الحضور و رأت "جنان" من بينهم بالإضافة إلى امرأة تجلس بجانبها كانت لها عينين جميلتين واسعتين و ابتسامة مميزة تظهر خلفها صف أسنانها البيضاء .. و بجانبها كان يجلس رجل في منتصف العمر يحرك يده كثيراً عندما يتحدث معها أو مع "شانوران" سألت "نيرا" "آلاي": "آلاي"..؟
قرب "آلاي" رأسه من "نيرا" فقالت هامسة: من تلك المرأة التي تجلس بقرب الملك؟ ..

- آه تلك؟ .. إنها شقيقتي الكبرى "مريم" .. لم تقابليها شخصياً .. أجل .. و ذلك الرجل الذي بجانبها هو زوجها "توكي" ..
- شقيقتك الكبرى؟ ..
- أجل و ذلك الأشقر بجانب "توكي" هو "شانوران" أخي يكبرني بسنتين ..
التفت "آلاي" مشيراً: صحيح.. لم اخبرك شيئاً عن إخوتي .. انظري هناك .. الفتى و الفتاة الذين يجلسان أمامنا مباشرة بجانب "كيندة" .. إنهما شقيقاي التوأم "أوس" و "مايا" .. آه و هناك ..
بقيت "نيرا" صامتة من هول الصدمة و بالكاد خرجت الكلمات من فمها: هؤ .. هؤلاء جميعاً إخوتك؟ .. ياإلهي ..
قال "آلاي" في دهشة: هه؟ .. لماذا؟ .. هل ظننت أننا أقل من ذلك؟ ..
لايمكن لقد أخبرني "شانوران" أنه .. "شانوران" التفتت "نيرا" بحدة تجاه "شانوران" الذي رفع يده متثائباً .. لقد سخر مني .. انتظر حتى أضع يدي حول عنقك .. أيها الـ ..
نظرت "نيرا" إلى "آلاي" الذي كان ينتظر ردها فقالت: حسناً .. لقد فوجئت حقاً بعددكم أنتم كثيرون جداً!!

- آه نحن؟ .. أجل كثيرون .. ماذا عنك أنت؟ ..
أشاحت "نيرا" بنظرها بعيداً و قالت: نحن ... نحن 3 فقط .. "ماهر" و أنا و شقيقتي الصغرى "سمر" و هي في عمر "نور" ... ماذا عن والدتكم !؟
صمت "آلاي" للحظة و تغيرت تعابير وجهه إلى الشرود ثم تنهد بعمق و قال: لقد .. لقد توفيت .. بالإضافة إلى والدة "شانوران" ....
اتسعت عينا "نيرا" في تساؤل: والدة "شانوران" ... ؟
دخل أحد الحراس الصالة فجأة و هو يركض صائحاً: اطلب عفوك يامولاي .. لكن امرأة خارج القصر تصر على مقابلتك .. إنها عرافة ..
نهضت "نيرا" من مكانها بسرعة .. و التفتت بخوف لترى المرأة تقف خلفها, نهض "آلاي" من مكانه فوراً و صاح: مولاي إنها هنا ..
التفت الجميع لينظر إلى تلك المرأة التي كانت ترتدي معطفاً فضفاضاً جداً و لم يبد من وجهها غير ابتسامة واثقة ..
مشت المرأة بخفة حتى مثلت أمام الملك و انحنت قائلة: المعذرة جلالة الملك لم اقصد الدخول بهذه الطريقة لكن الجنود لم يسمحوا لي .. لقد أتيتك في أمر مهم ..
قال الملك: حسناً .. لنرى ما المهم الذي أتيت به .. كما تدعين ..

- أجل .. إنها أشياء رأيت بها مستقبل هذه المملكة .. و أحببت أن أكون أول المبشرين ..
نهض "هايل" من مكانه مغادراً فأمسكت "نيرا" بـ"آلاي" من طرف ثوبه و قالت: "آلاي" يساورني شعور سئ حيالها .. دعنا نغادر ..

- لا عليك .. لا تبالي لأمرها .. قراءة المستقبل ليس سوى دجل .. لكن الأمر ممتع في بعض الأحيان ....
أفلتت "نيرا" "آلاي" ببطء, و نظرت بقلق تجاه تلك المرأة التي كانت تزيح غطاء رأسها مبتسمة ..
التفت الجميع ليرى مالدى العرافة فاتسعت ابتسامتها, و انحنت على الأرض لتخرج ثلاثة عصي وضعتها بتشكيلة المثلث, فأنارت بشعاع صنع قمة لها ..
انتفضت "نيرا" في مكانها و أحكمت قبضتها على نفسها و قالت بصوت يرجف: "آلاي" أريد الخروج من هنا أرجوك ..
التفت إليها "آلاي" بقلق و قال: "نيرا" .. لا عليك .. لا تخافي هل هذه أول مرة ترين فيها هذا؟
تشبثت "نيرا" بـ"آلاي" و قالت كطفل يتوسل: أرجوك .. "آلاي" ..
هز "آلاي" رأسه موافقاً فأمسك بها و نهض معها, التفتت العرافة نحوهم بسرعة و قالت: .. لا .. لن يغادر أحد الصالة بعد بدأي عملي .. هذا ضروري..
تنهد "آلاي" و همس لـ"نيرا": "نيرا" .. أرجو أن تتحملي الأمر قليلاً فلن يطول بها الأمر هنا..
لم تعارض "نيرا" كلامه و اومات برأسها ببطء فجلس بجانبها ممسكاً بيدها ..
بدأت العرافة بعملها و ظهرت فوق قمة الهرم المتشكل صورة وهمية لمملكة سامرا تحيطها الخيرات من كل مكان فقالت العرافة: أمامي يا مولاي أرى مستقبل المملكة العظيمة سامرا .. هي من سيتبقى من بين كل الممالك الشرقية بعد سقوط مملكة هاورا ..
نهضت "جنان" و صاحت: ستسقط هاورا؟ لا يمكن ..
نهرها الملك قائلاً: "جنان" .. هذا يكفي .. الزمي الصمت ..
وقفت "مريم" و قالت: "جنان" اهدأي .. هيا اجلسي ياعزيزتي .. سنتحدث في هذا لاحقاً ..
عبست "جنان" و أذعنت للأوامر و جلست بقرب أختها دون كلام ..
مـ .. ماهذا؟ .. تلك العرافة .. أنا لا أرى شيئاً من ما تفعل .. لاوجود لشئ أمامي أبداً .. هل هي كاذبة؟ .. ثم .. لماذا أشعر بأن أحدهم يقيد حركتي؟...
شعرت "نيرا" بضيق في النفس و أمسكت بصدرها و هي تحاول التنفس بصعوبة .. حتى "آلاي" لم ينتبه لما بها .. و لم يبد اهتماما ًأصلاً .. ربما لم يلحظ ذلك هذا مافكرت فيه "نيرا" ..
توقفت العرافة عن عملها ثم قالت: .. هذا مارأيته يامولاي و رأيتموه أنتم أيضاً .. لكن – التفتت إلى "نيرا" و بقيت تحدق بها – إن وجود العنقاء بينكم سيسبب لكم الكثير من المتاعب فلاتدعوها هنا بعد الآن .. فوضع سامرا الحالي لا يسمح أبداً بتحمل العواقب الوخيمة التي ستحملها العنقاء .. و لن يتحقق السلام فيها إلا بعد ..
نهض "آلاي" قائلاً: هذا هراء .. كلنا يعلم أن العنقاء هي السبيل إلى الخلاص من أزمتنا هذه ..
ابتسمت العرافة و قالت: لا تتعجل الأمور يابني .. إذا لم تتخلصوا منها هذه الليلة فستحل عليكم المأساة ..
تعالت همسات المتواجدين و اتجهت عيونهم نحو "نيرا" التي أحنت برأسها للأسفل ..
التفت "آلاي" بغضب و قال: مولاي... أنا لن أفعل ذلك .. أرفض هذا ..
رفع الملك يده و قال: كفى .. سنتشاور في الأمر بعد قليل .. – التفت نحو العرافة – شكرا لمجيئك ستجازين ماصنعت ..
انحنت العرافة و قالت: شكراً لك يا مولاي .. لولا خيرك على مملكتنا لما وصلت بنا الأمور إلى هذا العز ..
دخل أحد الحرس الذي قاد العرافة إلى طريق الخروج و ما إن خرجت من الباب حتى شعرت "نيرا" بالاطمئنان فتنهدت بارتياح .. مد "آلاي" يده و قال: انهضي "نيرا" .. هيا بنا ..
أمسكت "نيرا" بيد "آلاي" و نهضت فقال الملك: "آلاي" .. لا تقلق بشأن ماقالته تلك المرأة .. – نظر إلى "نيرا" –
نهض أحد الحضور و قال: مولاي!!.. أنت تسمح لها بالبقاء!!! .. ستحل المصيبة بسببها ..
صاح الملك قائلاً: لن يحل بنا إلا ماكتبه الله لنا .. فليكن ذلك في حسبانكم .. أي كلام آخر عن طرد العنقاء مرفوض هذا واضح ؟! ...
داعب المستشار "عاصم" لحيته البيضاء و هو يفكر بعمق بينما نظر إليه "ثابت" و كأنه فهم أمراً يوشك أن يكون قريباً ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
30-07-2010, 17:30
*~*~*~*~*~*~*~*~*


كانت "نيرا" تطل من شرفة غرفتها على الخارج برفقة "آلاي" الذي كان جالساً على عتبة الشرفة و قال: لقد كان ذلك رهيباً حقاً ..
أحنت "نيرا" رأسها و قالت: يبدو أنني لا اسبب سوى المشاكل هنا ..
خفف "آلاي" عنها قائلاً: لا تبالِ بما قالته تلك المرأة .. لم تكن تتفوه إلا بالأكاذيب .. هذه عادة العرافين دائماً .. يخبروك بما يرضوك به فقط .. ماذا عنكِ أنتِ ؟! .. هل أنتِ مرتاحة في هذه الغرفة الجديدة ؟! دائماً ما أراك تطلين من الشرفة يبدو أنك مغرمة بالتأمل خارجاً !!
ابتسمت: إن والدك يكرمني أكثر مما استحق "آلاي" .. لا أعرف كيف أشكره أبداً ..

- حسناً ... والدي ليس من النوع الذي يصدق كلام العرافين .. لكن توخياً للمشاكل التي قد يسببونها يسمع مايقولونه ..
- أي نوع من المشاكل؟ .. هل لديهم قوى أيضاً؟
التفت "آلاي" لينظر للخارج و قال: لم يتيقن أحد منا بذلك لكن .. هناك الكثير من الناس الذين يؤمنون بوجود المشعوذين في الصحراء .. و هؤلاء أناس لهم قوى خاصة يصعب على أي شخص عادي التغلب عليهم .. – ابتسم – و يقال أن العرافين يعملون لحسابهم ..
دهشت "نيرا" من كلام "آلاي": هكذا إذاً ..

- أعتقد أنك تعرفين كيفية تشبث الناس بهذا النوع من العقائد و الأفكار
- أجل .. استطيع تخيل الأمر..
وقف "آلاي" و قال: حسناً إذاً لقد تاخر الوقت قليلاً .. أنا ذاهب .. كل ماعليك فعله هو أن ترتاحي الآن .. و لا تعيري اهتماما لما قيل ..
ابتسمت "نيرا" و قالت: حسناً .. تصبح على خير "آلاي" .. شكراً لك ..
قال "آلاي" متداركاً: صحيح .. كدت أنسى !! .. – نظرت إليه "نيرا" مستفهمة – كنتِ تودين التحدث معي بأمر ما هذا المساء !؟
فتحت "نيرا" فمها قائلة: آه تذكرت .. ! – هزت رأسها – أردت فقط معرفة حقيقة ما يدور حولي ... فالكثير من التساؤلات دارت في ذهني بسبب الأحداث التي حصلت معي مؤخراً ... لكني تفهمت الأمر بعد ما حصل عند مقابلتي للملك ...
ابتسم "آلاي" بارتباك و قال: هكذا إذاً .. أنا آسف .. أخفيت الأمر عنكِ .. لكن ذلك كان لعدم تيقني بحقيقة الأمر ... حسناً ... لن انكر إن قلتُ أنني غير موقن بما علينا فعله حقاً ! .. فوالدي أصلاً لم يكن يؤمن بوجود العنقاء لأسبابه الخاصة .. قد يكون من الصعب تقبل الأمر لكني في صدد التحدث مع "توكي" في الأمر .. الآن و قد عرف الجميع حقيقتك لن اتردد في استشارة أي منهم ..

- "توكي" .. ؟!
- أجل ! .. زوج شقيقتي .. إنه شخص واعٍ جداً و لا شك أنه يملك خبرة كافية في الأمور التي تتعلق بالعنقاء ! ربما تمكن من إعادتك إلى موطنك بطريقة ما .. ! لا تقلقي بشأن ذلك! أنا مستعد للمخاطرة لأخذك إلى هاورا إن استدعى الأمر حتى !
- أشعر بالرهبة حقاً ... ! – ابتسمت –
ابتسم "آلاي" بدوره و مشى قائلاً: ارتاحي الآن .. لا تقلقي بشأن أي من ذلك ... امممم .. هل من شيء آخر !؟ - أجابت "نيرا" بالنفي فقال - تصبحين على خير إذاً ..

- تصبح على خير ... ليلة سعيدة .. !
مشى "آلاي" مغادراً إلى أن وصل إلى الباب ثم توقف و بدا الارتباك على وجهه و قال بهدوء: "نيرا"؟ .. لو أخبرتك بأني .. بأني .. أقصد لو طلبت منك أن تبقي مـ معــ ..ـي؟ هنا فهل ... فهل .. ؟ .. "نيرا"؟ - التفت باندهاش – "نيرا"؟ .. هل تسمعيني؟
لم ترد "نيرا" عليه فنادى بقلق: "نيرا"؟؟ ..
اتجه فوراً نحو الشرفة و تصلب في مكانه عندما لم يجد أثراً لـ"نيرا" هناك فركض نحو عتبة الشرفة و صاح: "نيرا" ... "نيرا" .. أين أنت؟؟ "نيرا" هل تسمعيني؟ "نيرا" "نيرا".. !!
احتار "آلاي" في مكانه و تسائل أين تكون قد ذهبت؟ لقد تركتها للحظات فقط .. تذكر كلام العرافة

[ وجود العنقاء بينكم سيسبب لكم الكثير من المتاعب فلاتدعوها هنا بعد الآن ]
.. مالذي دفعها لقول ذلك؟ .. و لمَ تسبب المتاعب أصلاً ... !!؟ أرجو أن لا تكون "نيرا" قد وقعت في مكروه..!! ياإلهي .. التفت "آلاي" مغادراً و اتجه راكضاً نحو الباب .. "آلاي" .. اهدأ لا يمكن أن تكون غادرت المكان بهذه السرعة .. لحظة .. لحظة .. حسناً .. صاح "آلاي": "كـيـنـدة"... – ركض تجاه غرفة "كيندة" التي كانت تقف عند بابها و معها "جنان" – "كيندة" ..
التفتت "كيندة" و "جنان" فقالت "كيندة": "آلاي" ماذا هناك؟ .. هل أنت بخير؟ ..
لهث "آلاي" ثم قال: "نيرا" .. هل رأيت "نيرا"؟ ..
ردت "كيندة" في تساؤل: لا .. لماذا؟ .. ألم تكن معها؟ ..

- بلى ... و لكنها اختفت فجأة دون سابق إنذار .. و لا أعلم شئ عنها!!
قالت "جنان": إذا لم يكن شعوري خاطئاً .. فقد أحسست بوجود طاقة غريبة قبل قليل لمدة قصيرة عند الغرفة الشمالية ..
أمسك "آلاي" بكتفي "جنان" و قال: غرفة "نيرا" هي الغرفة الشمالية .. مانوع الطاقة تلك؟ ..

- حسناً .. لقد كانت طاقة تطابق طاقة تلك العرافة التي جاءت منذ قليل و ..
فتح "آلاي" باب غرفة "كيندة" بسرعة و ركض نحو نافذتها التي قفز منها في حين صاحت "كيندة": لااااااااا ... "آلاي" توقف سوف .... – جذبته من ملابسه مما أفقده توازنه ليقع على الأرض فوراً –
لم تتمكن "كيندة" من إكمال كلماتها و وقع "آلاي" من نافذة غرفتها على الأرض .. ركضت "كيندة" تجاه النافذة و أطلت منها و قالت: "آلاي" .. هل أنت بخير؟ ..
كان "آلاي" ملقى على الأرض فصاحت: أنا قادمة حالاً ..
ركضت "كيندة" إلى أن خرجت لتصل إلى "آلاي" الذي نهض راكضاً فصاحت: "آلاي" انتظر

- لا تحاولي إيقافه .. لقد كلمته لكنه لم يصغ إلي!!
رفعت "كيندة" رأسها للأعلى فتابعت: أرجو أن يجدها فلم أعد أشعر بطاقة "نيرا" ..
اتسعت عينا "كيندة" و قالت: ماذا تعنين؟ ..

- قد تكون فاقدة للوعي و حسب لا تتعجلي الأمور ..
شبكت "كيندة" يديها ثم حزمت أمرها و ركضت خلف أخيها صائحة: "آلااااي" ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل الثاني عشر ]|

KannaSwan
04-08-2010, 15:04
+ ||[ الـفـصـل الـثـالـث عـشـر ]|| +


فتحت "نيرا" عينيها فجأة لتجد نفسها في مكان غريب لم تعهده .. شعرت بالرعب و حاولت الصراخ لكنها لم تتمكن من ذلك .. صوتي !!! اختفى !!! تسارعت دقات قلبها في خوف و هي تقلب النظر في تلك الغرفة المظلمة .. حاولت النهوض و تحريك يدها لكنها لم تتمكن من ذلك أيضا!!ً .. لم تستطع فعل شيء و بدأت تنتفض .. مالذي حدث لي؟ .. أين انا؟؟ .. إنني خائفة جداً و المكان بارد .. ياإلهي .. فتح باب الغرفة التي كانت فيها "نيرا" .. فإذا بالعرافة نفسها تدخل ..
نظرت العرافة إلى "نيرا" و علت وجهها ابتسامة خبيثة و قالت: لقد أفقت أخيراً ..
تراجعت "نيرا" إلى الجدار مستندة عليه في خوف .. مالذي تريده مني هذه المرأة؟ .. لم تحتجزني لديها؟ ..
اقتربت العرافة ببطء من "نيرا" و هي تقول: حبيبتي الكل بحاجة إليك ألم تفهمي بعد؟ ثم من الخطر بمكان أن توقظي العنقاء قبل إنهاء مهامنا الخاصة !! .. ذلك الملك الغبي رفض إخراجك من القصر لقد وضع نفسه في موقف حرج جداً .. طبعاً لن يغير من الواقع شيئاً فنهاية سامرا ستكون قريبة لا محالة, أوه! تتساءلين كيف خمنتُ نواياه!؟ .. ببساطة هذا ماسمعه صديقي العزيز – نظرت إلى الأسفل – أليس كذلك؟ ..
ظهر جرذ أسفل قدمي العرافة, و تسلق جسدها إلى ان وصل ليقف على كتفها فربتت على رأسه ..
فزعت "نيرا" كثيراً و تصلبت في مكانها .. نظرت إليها العرافة و قالت: ماذا؟ ألا يعجبك صديقي؟ ..
جفلت "نيرا" و حاولت الصراخ و الحركة لكنها لم تستطع على الرغم من أن شيئاً لم يكن يقيدها .. ضحكت العرافة بسخرية و قالت: هل تريدين منه أن يداعبك؟ .. – نظرت إلى الجرذ –
لم يلبث الجرذ أن قفز على "نيرا" التي لم تحرك ساكنه غير ارتعاشها المستمر, حاولت أن تتماسك لكن الرعب كان واضحاً على وجهها, اغرورقت عيناها بالدموع.. "آلاي" ... أين أنت؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- "نيرا" .. "نيرا" ..
كان "آلاي" يركض بين بيوت الحي و يصيح منادياً، في حين كانت "كيندة" تلحق به و هي تصيح: "آلاي" .. لا يمكنك ذلك .. توقف ..
لم يصغ إليها "آلاي", فركضت بسرعة و حذبته من ملابسه ناهرة: "آلاي" تعقل .. استمع إلي!!
توقف "آلاي" في مكانه, و ظلت "كيندة" تقف خلفه، احنى رأسه و قال بهدوء: ماذا؟ .. – صاح – مالذي تريدينه مني؟
فوجئت "كيندة" برده فأفلتت يدها منه ببطء ثم قالت: "آلاي"؟ ..
هز "آلاي" رأسه و قال: أنا آسف .. لا يمكن لهذا أن يحدث!! .. كيف تفلت مني هكذا؟ .. تباً – ضرب الحائط بكلتا قبضتيه – لقد وعدت بحمايتها .. وعدت بذلك .. – نزل تدريجياً على الأرض – أنا عاجز تماماً .. لا أعرف أين أجدها!!؟ .. تلك الغبية في كل مرة تشكرني على شئ أفعله لها .. و مالذي يستحق الشكر؟ – قال بألم – "نيرا" .. !!

- "آلاي" .... انا .. – أحنت رأسها في أسىً و لم تقل شيئاً –
ظهر ظل لشخص خلف "كيندة" فالتفتت و التفت معها "آلاي" بدوره: هذا أنت إذن ... – ابتسم – مولاي الأمير ... "آلاي"


*~*~*~*~*~*~*~*~*


قربت العرافة وجهها من وجه "نيرا" و قالت: حسناً .. ياعزيزتي .. لنرى ماتريدين قوله ..
حركت اصبعها بطريقة ما, و شعرت "نيرا" أنها لم تعد مقيدة بعد الآن، ففتحت فمها لتصرخ لكن صراخها لم يكن عالٍ جداً .. رفعت العرافة جسدها و قالت: الصراخ لن يجدي نفعاً .. هل تظنين أني سأسمح لك بذلك؟ ..
قالت "نيرا" و هي تلهث: مالذي تريدينه مني؟ ..
ردت ضاحكة: يالسؤالك الغبي!! .. – جلست القرفصاء لتقابلها و داعبت وجنة "نيرا" – نحن نريد القوة ياعزيزتي .. القوة ..

- لكني لا أعرف شيئاً .. أبداً .. خلي عني ...
وقفت و قالت: لكن هنالك شخص يعرف تماماً ما يفعل .. – تذمرت – بالرغم من أنه اخطأ اختياري، لقد أرسلني مستشار مملكة هاورا – ابتسمت –
اتسعت عينا "نيرا": مستشار هاورا !!!...
تابعت: لكن المسكين .. لا يعرف بأنني لن أسلمك إلا لسيدي الذي أطيع .. سيدي .. "كاونور"
قالت "نيرا" في خوف: ما ... مالذي تعنينه بكلامك ... !!؟ - رفعت نظرها إلى العرافة التي اتسعت ابتسامتها أكثر فارتعشت "نيرا" في مكانها – لماذا تخبريني بهذا؟ .. لماذا؟ ..
اخرجت العرافة من جيبها زجاجة صغيرة نصف مملؤة بسائل، و قالت و هي تقترب من "نيرا": لأنك – ابتسمت – لن تذكري منه شيئاً بعد الآن .. أبداً ..
حاولت "نيرا" التراجع إلى الوراء لكن عبثاً حاولت، فأخذت العرافة تقترب شيئاً فشيئاً و قد فتحت الزجاجة التي كانت تحملها ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


صاح "آلاي": أنت واثق مما تفعل؟
رد عليه "سينا" الذي كان يركض أمامه: أجل .. لا شك في ذلك!!
قالت "كيندة": يجب أن نسرع .. انا قلقة بشأنها ..
توقف "سينا" عن الركض فجأة فاصطدم به "آلاي"، و وقفت "كيندة" مباشرة متحاشية الاصطدام بهما فقال "سينا": إنها هنا .. – التفت و نظر إلى قطعة أرضٍ جرداء خالية من المباني –
أشار "آلاي" نحو الساحة الخالية بضجر: كيف تكون هنا؟ .. لا شيء موجود أصلاً ...!!
رفع "سينا" ذراعه و قال: لا تحركا ساكنين .. هذا الأمر سهل كل ماعلي هو أن ...
تقدم و أخذ يتحسس الهواء بيده ثم أحكم قبضته و قال: هنا!! – سحب شيئاً بدا لـ"كيندة" خيطاً فضياً رفيعا –
ماإن أنهى "سينا" سحبه حتى ظهر لهم بناء حجري .. دهش كل من "آلاي" و "كيندة" فقال مفسراً: إنها حيلة بسيطة جداً .. لقد تعلمت فك هذا النوع و غيره الكثير ..
ركض "آلاي" نحو الباب و فتحه صائحاً: "نيرا" ..
لحق به كل من "سينا" و "كيندة"، وقف "آلاي" في مكانه مشدوهاً، في حين اقترب منه "سينا" الذي اتسعت عيناه و تصبب وجهه عرقاً، سألت "كيندة": "آلاي" .. مالأمر؟ .. – ركضت نحو الباب و ماإن رأت أمامها حتى صرخت بأعلى صوتها –
كانت جثة "نيرا" ممدة على الأرض و هي محاطة بالدم .. انتفضت ساقا "آلاي" و حاول ضبط حركته و هي يتقدم نحوها: "نيرا" .. "نيرا" ..
عادت "كيندة" أدراجها إلى الخلف ببطء، انحنى "آلاي" نحو الجسد الممدد و هو يصيح: "نيرا"!!! .. لا .. لا يمكن ...
وقف "سينا" في مكانه غير مصدق لما يرى, ثم اتسعت عيناه فجأة و صاح و هو يركض نحو "آلاي": مولاااي .. ابتعد ...
قفز نحو "آلاي" الذي رفع رأسه ليفاجئ بسقوط صخرة كبيرة من الأعلى، كانت تستهدفه تماماً .. تمكن "سينا" من ابعاده عن الخطر بسرعة في حين صاحت "كيندة": "آلاااي" ...!!
ركضت "كيندة" تجاه شقيقها و "سينا"، و هي تصيح بقلق خلف الغبار الذي أعاق رؤيتها: "آلاي"!! "سينا"!!
اتضحت الرؤية لـ"كيندة" ببطء فتهللت أساريرها، و هي تراهما ينهضان: هل أنتما بخير؟
انتضفت "كيندة" في مكانها للحظة و أطلقت صيحة خافتة، أمسكت برأسها و أحنت جسدها إلى الأسفل و كأنها تحاول مصارعة شيء ما, رفعت رأسها بسرعة .. ثم تقدمت فجأة تجاه "آلاي"، و مدت يدها نحوه لتحكم قبضتها على عنقه بقوة ..
فوجئ "آلاي" من فعل شقيقته و حاول استجماع الكلمات: كـ ... "كيندة"!! ما ... لماذا !!؟ - حاول إبعاد يديها لكنه لم يفلح بسبب إحكام قبضتها –
قالت "كيندة" بصوت مرتجف: "آلاي" ... لا ... لا استطيع التحكم بنفسي .. ماذا أفعل؟ ..
حاول "آلاي" الكلام لكن وضعه لم يسمح له بذلك، فأخذ يحاول التخلص منها بأي طريقة لكن دون جدوى ..
لم تتمالك "كيندة" نفسها و شرعت بالبكاء، وقالت بخوف: "آلاي" .. ماذا أفعل؟ .. إني أضغط على رقبتك .. قد تختنق .. "آ..لا...ي" .. – انتحبت –
تقدم "سينا" فجأة و أمسك برقبة "كيندة" أيضاً، علت وجهه ملامح جادة، ضغط بقوة على رقبتها ففتحت "كيندة" فمها محاولة ضبط تنفسها ..
حاول "آلاي" الكلام قائلاً: لا .. تــ .. و ..قـف ..
قال "سينا" بجدية: أمامك خيارين .. أن تقتل على يدها .. أو أقضي عليها و تنجو؟ .. – ضاقت عيناه بحدة – أنا عن نفسي أفضل التخلص منها .. فلن أجد صعوبة في كسر هذه الرقبة الهشة.. و إلا مارأيك؟ .. تلك المرأة تتحكم بها و لن تتركها حتى تسقطك صريعاً ... ماذا قلت؟ ..
انهمرت دموع "كيندة" إلى أن وصلت إلى يدي "سينا" اللتين أحكمتا قبضتهما عليها، و قالت ببطء: لك ... هــ ... ذ ...ا
ضغط "سينا" على عنق "كيندة" التي بدت عليها علامات الاختناق، في حين حاول "آلاي" الصراخ قائلاً: لا ااا اا ...اا.. اا – فكر "آلاي" – تباً لو استخدم الختم فقط!!! ...
صرخ "آلاي" بأعلى صوته فصاح "سينا" به: توقف !! إياك و استخدام الختم أيها الغبي !!!
أفلتت "كيندة" فجأة قبضتها من عنق "آلاي"، و سقط ذراعها مرتخياً ... أفلت "سينا" يده بدوره ليسقط كل من "كيندة" و "آلاي" على الأرض و هما يتنفسان بصعوبة ..
التفت "سينا" فجأة تجاه زاوية الغرفة ثم ركض بسرعة تجاهها، و رفع ساقه للأعلى و ركل الفراغ، الذي ظهرت منه العرافة و قد سقطت على الأرض بفعل ركلته ..
نهضت العرافة و هي تمسك بخدها بألم و قالت: سحقاً لك .. كيف تجرؤ؟ ..
تقدم "سينا" بخطوات بطيئة نحوها و قال: أين هي؟ ..
وقفت العرافة و صاحت: اطلب أمنية غير هذه أيها الوغد .. !
وصل "سينا" إلى العرافة ليقف أمامها و قال: أنا آسف لكن .. – رفع رأسه و ابتسم – سأضطر للتخلص منك إذن ..
ضحكت العرافة بصوتٍ عالٍ و قالت: من تظن نفسك ها؟ .. سوف تندم – تصلبت العرافة في مكانها فجأة و اتسعت عيناها في صدمة –
فقال "سينا": أجل .. أنا هو ..
كشرت العرافة و قالت: أيها الخائن ...!!! لا يمكن .. – حاولت التحرك و المقاومة لكنها لم تستطع –
سأل "سينا" بعد أن طوق عنقها بيده: من أرسلك ها؟ .. هل هو؟ ..
تصببت العرافة عرقاً و اتسعت عيناها أكثر ثم صاحت: لاااا ... لا .. ا..ا..ا.. – انقطع صوتها تدريجياً –
أفلت "سينا" يده و تراجع خطوتين بعد أن سقطت العرافة صريعة على الأرض ..
التفت إلى "آلاي" الذي وقف مذهولاً، بينما كانت "كيندة" جالسة على الأرض، قال "آلاي": "سينا" .. مالذي حدث؟
أحنى "سينا" رأسه لليمين و قال: لم أكن أنا من فعل ذلك ..
... "كاونور" أيها القذر لم أتوخ الحذر .. كاد يقتلني ...
نهضت "كيندة" بمساعدة "آلاي" و قالت: هل أنت بخير "سينا"؟ ..
نظر "سينا" إلى "كيندة" و قال: أجل .. لا تقلقي علي .. أنا آسف لما حصل لم أكن أعني قتلك .. كل مافي الأمر أن تلك العرافة كانت تتحكم بك .. و عندما هجمت عليك كنت اهجم عليها أيضاً لأضيق عليها حتى تظهر ..
فتحت "كيندة" عينيها ثم ابتسمت بلطف و قالت: أجل ..
قال "آلاي" بسرعة: حسناً .. أين نجد "نيرا" الآن؟ ...
فرك "سينا" رأسه وقال: أعتقد أنها قريبة من هنا .. لو بحثنا في هذا المكان فقط~ ..
تحرك "سينا" نحو أحد الأبواب و فتحه في حين تقدم "آلاي" راكضاً و قال: هل هي .. هـ .. نــا؟ - تهلل وجهه و صاح – "نيرا" ...!!!
كانت "نيرا" تجلس على الأرض و رفعت رأسها عندما رأتهم قائلة: إه ..
ركض "آلاي" نحوها و أمسكها من كتفيها و صاح: "نيرا" هل أنت بخير؟ .. هل آذتك تلك المرأة؟ .. "نيرا" .. أجيبي ..
التفت "آلاي" لـ"سينا" عندما قال: لا فائدة يامولاي ..
أعاد "آلاي" نظره إلى "نيرا" التي قالت بعينين تائهتين: من أنت يا سيد؟ ..
صاحت "كيندة": لا يمكن !!!
صدم "آلاي" من ردة فعل "نيرا" و أفلت يديه تدريجيا،ً أحنى رأسه ثم أحكم قبضته على كتفي "نيرا" من جديد و هزها صائحاً: "نيرا" .. "نيرا" .. هذا أنا "آلاي" .. هل نسيتني؟ .. "آلاي" .. ألا تتذكرين؟ .. كفي عن المزاح .. – قال برجاء – "نيرا" ......
اتسعت عينا "نيرا" في رعب، في حين تقدم "سينا" بسرعة ليبعد "نيرا" عن "آلاي" الذي مد يده بأسى، قائلاً ببطء: مستحيل!!
رد "سينا": توقف عن هذا .. أنت تؤذيها هكذا!! .. لابد و أنه من عمل تلك المرأة ..
شبكت "نيرا" يديها و هي تنتفض، نظرت إلى "آلاي" برعب ثم حولت نظرها إلى "كيندة" التي كانت واقفة مشدوهة ..
... مالذي يحصل لي؟ .. من هؤلاء؟ .. لماذا؟ ..لماذا ينظرون إلي هكذا؟ ..


*~*~*~*

KannaSwan
04-08-2010, 15:11
*~*~*~*~*~*~*~*~*


توقفت مجموعة من الفرسان تمتطي الخيل و هم يراقبون الأفق بكل حواسهم .. غطى كل فارس منهم رأسه برداء لإخفاء هويته، مما يخيل للناظر لهم لأول وهلة أنهم لا يتعدون أن يكونوا قطاع طرق .. رفع متقدمهم رأسه و قال: سامرا في الأفق !! .. ها أنا أعود إليها من جديد ...
تقدم فارس ليقف بمحاذاته و قال: سيدي .. هل سيكون كل شيء على ما يرام؟ ..

- أجل .. لا تقلق .. سنصل إلى سامرا غداً صباحاً ... لنبدأ الهجوم في وقت مبكر .. ! استعدوا يا رجال .. !
كانت "ليلى" في مؤخرة الجمع الذي تكون من 10 فرسان، و قد رفعت ذراعها التي ارتكز عليها صقرها .. بدت ملامح القلق واضحة على وجهها و هي تراقب ظهر "رازي" بتأمل .. حولت نظرها بتردد نحو الصقر و قالت هامسة: انطلق الآن إلى سامرا .. – رفعت ذراعها إلى الأعلى، و فرد الصقر جناحيه محلقاً نحو السماء –
علق "رازي" نظره على الصقر .. أجل ... كل شيء سيكون على مايرام .... و وفق .. الخطة ..!!


*~*~*~*~*~*~*~*~*


توقف "آلاي" و التفت نحو "سينا" عندما شعر بأنه لم يعد يلحق بهم، نظر إليه ليراه يراقب بوابة القصر الرئيسيةـ فسأله مستفهماً: "سينا" ..؟
انحنى "سينا" بوقار: أنا آسف يا مولاي و لكني مضطر للمغادرة الآن ..
نظر "آلاي" إلى وجه "سينا" الحزين و قال: حسناً .. لكن قبل ذلك أريد أن أعرف ماكانت تقصده تلك العرافة بكلامها؟ .. عن – نظر بتشكك – كونك خائن!!
تصلب "سينا" في مكانه للحظة ثم تغيرت تعابير وجهه للجديةـ و نظر إلى "آلاي" متأملاً، فهِمَ "آلاي" مغزى نظراته و التفت نحو شقيقته "كيندة" قائلاً: "كيندة" اصطحبي "نيرا" إلى الداخل .. سألحق بكما بعد قليل ..
اومأت "كيندة" برأسها و قالت: حاضر .. – نظرت إلى "سينا" – شكراً لك "سينا" أراك لاحقاً.. – لوح لها "سينا" و غادرت المكان –
نظر "آلاي" إلى "سينا"، و لاحظ النظرة الخبيثة التي علت وجهه فجأة، عقد "آلاي" حاجبيه في حين أحنى "سينا" رأسه لليمين قليلاً و قال: حسناً .. لا استطيع إخفاء الأمر أكثر من هذا ..
أغمض عينيه و خلع عمامة رأسه، أبعد شعره للخلف ثم فتح عينيه و قد تغير لونهما إلى الأصفر .. اتسعت عينا "آلاي" و لاحت صورة في ذاكرته لهذا الوجه و قد غطته بقع الدم فكشر بغضب و هجم عليه و جذبه من قميصه صائحاً: أيها القاتل .. هذا أنت .. أنت ..!! كيف لم انتبه لأمرك!!؟ .. مالذي أتى بك مرة أخرى!!؟ مالذي تريده ثانية؟ .. من تستهدف هذه المرة؟ ..
كانت يدا "آلاي" تنتفضان بشدة و قد بدا الغضب واضحاً في عينيه .. رفع "سينا" يديه ليبعد يدي "آلاي" و قال و هو يصارع: أجل .. هذا أنا .. – أفلت يدي "آلاي" بقوة – الأمر لم يعد كما كان سابقاً .. سامرا باتت في الحضيض و اكتشف ذلك الرجل مكاني، لن ترى وجهي مرة ثانية هنا .. قد أخذلكم و اتصرف لوحدي إن تعرضت حياتي للخطر بسببكم!! .. – رفع "سينا" ذراعه – لكن قبل أن أنسى أرغب بأن أريك هذا .. قد تحتاج أن تعرف أنني – شمر عن ساعده الذي تمثلت فيه خطوط سوداء بطوله – أحمل ختم فوناروا منذ سقوطها ... ..
اتسعت عينا "آلاي" ببطء: الختم !!؟ .. كيف وصل إليك !!!؟ لستَ من فوناروا صحيح !!!؟
أرخى "سينا" ذراعه و أسدل كمه: منذ سنوات .. قبل الهجوم على مملكتكم ... ربما كنتُ عدواً فيما مضى و ربما لا أزال كذلك ... – رفع نظره إليه – لكن الآن ... هنالك ما تغير في نفسي و أريد تنفيذه مهما كان .. أراك إلى ذلك الحين ...
لم يجبه "آلاي" لكنه صاح بعد أن أدار "سينا" ظهره مغادراً: لا يهمني إن كنت تغيرت أم لا .. – مد يده مشيراً إلى "سينا" – فقط ابتعد عنا و اتركنا بسلام إن وقعت عيناي عليك مرة ثانية سوف تندم صدقني!! ..
التفت "سينا" بطرف عينه و قال: يالنبلك .. أنت تطلق سراحي هذه المرة؟ .. هل هذا يعني .. .. أنني مدين لك؟ .. – ابتسم بسخرية –

- سحقاً لك ..
هجم على "سينا" و دخل الاثنين في صراع بلكمات و ركلات لا نهائية .. إلى أن قام "سينا" بركل "آلاي" في بطنه و إبعاده عنه .. أمسك "آلاي" بمعدته متألماً و نظر إلى "سينا" في غضب .. نهض "سينا" و مسح وجهه قائلاً: الوقت غير مناسب للقتال أبداً .. في هذه اللحظة أدركت فعلاً أنك لا تستطيع فعل شئ دون الختم ..

- أنت .!!!
تابع "سينا" كلامه: لقد كان مافعله "رازي" هو الصواب فعلاً .. – تقدم نحو "آلاي" و جذبه ليقابله وجهاً لوجه – إذا لم تتمكن من فعل شئ حيال قوتك فلا تحلم بمواجهة أحدهم .. – ابتسم – تغلب على ضعفك و اطلق العنان لعزيمتك أكثر .. استغل مواهبك جيداً .. فليس من السهل عليك إبعاد الخطر عن "نيرا" مرة ثانية .. فلتكن اهلاً لما أعطاك "رازي" هل فهمت؟ .. مملكتكم لن تنجو من المطامع...!! و الآن بعد سقوط مملكة كاترا أصبحتم الهدف التالي و لا تعتقد أبداً أنكم ستفلحون مرة ثانية أمامه و أنتم على هذه الحال – أفلت "آلاي" الذي سقط على الأرض و لم ينطق بشئ و التفت مغادراً –
ظل "آلاي" في مكانه مشدوهاً: مملكة كاترا ...... .. سقطت !!!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- لم لا تهدأ؟ .. "شانوران"؟!
رد "شانوران" صائحاً: و من أين لي أن اهدأ .. ها؟ .. لقد مللت الأمر تماماً .. والدي يظن أنني لست أهلاً للمشورة .. لمَ يطلب مني حضور مجلس المستشارين إذاً؟ .. و ما هذا القرار الذي اتخذوه بحق الله !!؟ و "هايل" موافق عليه .... !!؟ هل تظن أن "آلاي" سيسكت حيال ذلك ... !! ثم أ لا تعد ضيفة !!؟ كيف لنا أن نعاملها بهذه الطريقة .... !؟
صمت "توكي" و قد شبك أصابعه في صبر حتى ينتهي "شانوران" من ثورته فتابع "شانوران" متململاً: .. لم يعد والدي يصغي لما أقول و يرى أنني المندفع دائماً .. لو كان الأمر بيدي لكنت عزلت نفسي من كل شئ و ارتحت من جميع الأعباء تماماً كما فعل "هايل" ..- استند على نخلة الحديقة –
- "هايل" لم يفعل ذلك لكونه يريد الخلاص فقط..!!
نظر إليه "شانوران" فاقترب منه "توكي" قائلاً: أنت تعرف وضع "هايل" .. إنه من أقوى فرسان سامرا لولا تلك الحادثة منذ 3 سنين .. – اسند يده على جذع النخلة ليقابل "شانوران" وجهاً لوجه –
أشاح "شانوران" بنظره غاضباً ثم قال "توكي": حسناً يا "شانوران" أن تطلب من والدك قتل أولئك الذين طالبوا بسجن العنقاء .. إن الأمر ..
قاطعه "شانوران" صائحاً: و مالخطأ في ذلك؟ .. إن معارضتهم الشديدة لمولاي تفوق التصور .. و إذا استدعى الأمر أن يقوموا بثورة ضده فلن يتوانوا عن ذلك ظناً منهم أنه في مصلحة مملكتنا .. إن بقاءهم فقط في المجلس يشعرني بالقشعريرة .. – قال بنظرات حادة – كم أكره تلك الوجوه .. أ لم ترَ كيف أثر إلحاحهم فيه ليدفعوه لاتخاذ قرار كذلك .. !!؟
أبعد "توكي" نفسه و أحنى رأسه قليلاً مغمضاً عينيه في صبر و قال: حسناً "شانوران" .. إن لك عقلاً تستطيع به أن تميز بين الخطأ و الصواب .. و مولاي لا يريد أن يتخلص من بطانته لثقته بهم .. و هو بالتأكيد سيتفهم الأمر بأنهم أرادوا مصلحة المملكة .. ليس من الواجب أن يرتكز الكل على رأي واحد .. المهم هو الاتفاق على ماهو صواب .. قد لا ترى القرار صائباً .. لكننا دائماً نحاول الاتفاق قدر الإمكان على ما يصب في مصلحة سامرا .. لا تنسى هذا !
نظر "شانوران" إليه بحدة ثم تقدم مبعداً "توكي" بقوة، و مشى في طريقه مغادراً: شكراً على نصيحتك "توكي" ماكان علي الإفصاح بهذا منذ البداية أصلاً ..!! – نظر إلى "توكي" بطرف عينه ساخراً – لن ارضخ للأمر .. ! و لتكن تلك مهمتك .. !
صاح "توكي": "شـانـوران"!! .. لا تسئ استخدام هبتك ..
زفر "شانوران" فصاح "توكي": تـعـقـل!! "شـانـوران" .. !!

[ صاح "شانوران": أنا من أشد المعارضين لهذا .... !!!! مالذي ستقوله عنا الممالك الأخرى .. .!!؟ و بأي حال ستفسر هذا التصرف ... . !؟
فتح "توكي" عينيه ببطء: أي ممالك تقصد ... ؟! لم يتبقَ سوى نحن و هاورا و وضعنا لم يعد كما كان في السابق ... لذا أوافق مولاي على قراره ... !
أضاف المستشار "عاصم": يؤسفني بالفعل اتخاذ قرار كهذا .. ! لكنه أفضل من رميها خارجاً ... ! سوف تحبس هناك حتى يتم النظر في أمرها ... فلا أحد يعرف متى يبدأ هجوم هاورا علينا في أي لحظة .... !! ]
مشى "شانوران" بخطوات سريعة ... تباً !! تباً !! ... لم يكن اجتماع هذا الصباح موفقاً أبداً !!! هل جمعنا المستشار لقول هذا الهراء !؟ ... و مولاي لم يعد حذراً في اتخاذ القرارت بعد علمه بسقوط كاترا !!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


تنهد "آلاي" بعمق فنظرت إليه "كيندة" وقالت بقلق: "آلاي" ؟؟ .. هل أنت بخير؟ ..
رفع "آلاي" رأسه وقال بشرود: إه؟؟..

- منذ قدومك و أنت شارد الذهن.. هل أزعجك "سينا" بشئ ما؟ ..
- لا .. لا أبداً .. لا شئ .. ماذا عن "نيرا" ..؟
نظرت "كيندة" إلى "نيرا" التي كانت تقف في الشرفة، ثم التفتت نحو "كيندة" و "آلاي" و رمقتهما بنظرات شاردة
نظر إليها "آلاي" بأسى ثم نهض و قال: لا بأس عليك .. – نظر إلى "نيرا" – "نيرا" ..
التفتت "نيرا" إليه فتابع كلامه قائلاً: أتأتين معي قليلاً؟ ..
اومأت "نيرا" برأسها موافقة و تقدمت نحوه و هي تمد يدها مبتسمة .. علت مسحة من الحزن وجه "آلاي" فمد يده و أمسك بها .. يبدو أنها لم تنسَ حبها للوقوف في الشرفة ...
نهضت "كيندة" قائلة: "آلاي"؟ .. إلى أين؟ ..
- "هـايـل" ..
خرج مع "نيرا" دون أن يزيد كلمة على ماقاله ..
أحنت "كيندة" رأسها بأسى .. آسفة "آلاي" لم استطع مساعدتك ..
عندما كان "آلاي" يمشي و هو ممسك بيد "نيرا" .. كان يفكر ..
ماذا سأفعل الآن؟ .. كيف ستتمكن من استعادة ذاكرتها؟ .. إنها لا تذكر شيئاً إطلاقاً!! .. لم تخبرنا بشئ أبداً.. و إذا لم تتمكن من استعادة ذاكرتها .. مالذي سيحدث؟ .. كيف نحصل على "سينارا"؟ .. و من أين لنا بالعنقاء حتى!! .. آآآآآه .. لا يهمني ذلك .. لم يعد الأمر يهمني .. أنا أريد "نيرا" السابقة و حسب .. كيف أعيدها؟ .. اوووووه ..
قالت "نيرا": آ .. "آلاي"؟
أفلت "آلاي" يدها بسرعة و التفت و قد أمسك بكتفيها قائلاً بسرعة: ماذا؟ .. ماذا؟ .. هل تذكرت شيئاً ..
أمسكت "نيرا" بيدها و قالت بصوت هادئ: آ .. آسفة .. لم اذكر شيئاً الأمر فقط .. – أشاحت بنظرها و احمر وجهها – كنت تضغط على يدي بقوة ..
رد "آلاي" بسرعة: آسف .. لم أقصد هذا .. "نيرا" .. أنا .. – أغلق فمه و لم يقل شيئاً –
تابع الاثنين مشيهما ثم توقف "آلاي" و قال: "نيرا" .. هل تعرفين من أنت؟ .. و من أين؟
ردت "نيرا" بهدوء: لا .. لكني أشعر أني لست من هنا!!
التفت "آلاي" و قال: لو أخبرتك أنا عن نفسك فهل ستصدقيني؟؟
ابتسمت "نيرا" بلطف و قالت: بالطبع!!
نظر إليها "آلاي" باستفهام فتابعت: مع انك أرعبتني حقاً في أول لقاء .. إلا أنني أشعر بالدفء و الثقة بالنفس حين أكون بجانبك ..
تغيرت نظرات "آلاي" إلى الشرود و رفع يده إلى وجه "نيرا"، و داعب خصلات شعرها ثم وضع كفه على وجنتها، و نظر إليها في حين قالت "نيرا": "آلاي"؟ ..
أبعد "آلاي" يده ثم طوقها بذراعيه و ضمها إليه .... و قال بصوت حزين: "نيرا" ... سامحيني .. أنا السبب فيما حصل لك .. أرجوك .. تذكري .. تذكري .. تؤلمني رؤيتك هكذا!!
اتسعت عينا "نيرا" و سالت منها الدموع..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
04-08-2010, 15:21
*~*~*~*~*~*~*~*~*


ركضت "جلنار" بسرعة متجهة إلى غرفة "نيرا" و فتحت الباب على الفور صائحة: "نيرا" !!!!!!!؟
توقفت و هي تقلب النظر في الغرفة التي لم تجد أثراً لأحد فيها ... ياإلهي !! أين ساجدها !!؟ .. ربما ... غرفة "كيندة" ... !!؟ ركضت سريعاً غير مكترثة بالباب الذي لم تغلقه ... علي أن أجدها بسرعة !! و "آلاي" أيضاً !! الوضع حرج جداً !!! تماسكت عندما أوشكت على التعثر بفعل جريها السريع ... يجب أن يعلم "آلاي" بالأمر قبل أن يتحركوا !! ... توقفت مكانها فجأة عندما شعرت بجلبة في الجانب الآخر من القصر .. لا يمكن أن يكون ... !!
غيرت وجهتها لتركض فوراً نحو مصدر الصوت .. أرجو أن لا يكون !!! أرجوك يا الله !!! – اخذت أقرب منعطف – لا أريد رؤية ذلك !! .. لا أريد أن – تصلبت في مكانها – اتأخر ... ! – اتسعت عيناها – يا إلهي !!
حدقت بالمشهد الماثل أمامها ثم صاحت متداركة: "آلاي" !!!! كلا ... !!
أمسكها أحدهم من كتفها فالتفتت نحو ذلك الشخص


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- لا يمكنكم فعل ذلك !!! أرفض هذا !!!
حاول "آلاي" الإفلات من قبضة الجنود الذين أحكموا وثاقه: توقفوا حالاً ... !! – صاح – "توكي" ما هذا الهراء !!!؟ ... لا يمكن لمولاي أن يوافق على قرار كهذا !!! – زمجر غاضباً – لا يمكن !!!
أعرض "توكي" عنه بصمت بينما رمقه "ثابت" بنظرة حادة: يزعجني قول ذلك لكن حدث أن أصدر مولاي قراره !!! و الآن .. هلا سمحتَ لنا بإتمام مهمتنا دون منغصات .. !؟ فلن تجدي محاولاتك نفعاً !!
صارع "آلاي" محاولاً الإفلات: كلا ... لن يحدث .... ! سوف – حول نظره إلى "نيرا" التي أحكم الجنود وثاقها و غطوا فمها بلثام يمنعها من الكلام – "نيرا" ... !
كانت "نيرا" فزعة جداً و هي تحدق بـ"آلاي" .. ساعدني .. !! .. أرجوك !!
صاح "آلاي": لن اوافق على هذا !!! فكوا وثاقي!! أريد مقابلة مولاي حالاً!!!
قال "توكي" بحزم: "آلاي" !!! لقد اتخذ مولاي قراراً لن يتراجع عنه !!! و عليك التصرف وفقاً لما يأمر!!
تردد "آلاي" في الإجابة و نم وجهه عن تكشيرة غضب، فعقب "ثابت" على كلام "توكي" ببرود: و الآن هلا جعلتنا نقودها إلى زنزانة الـ ....
اتسعت عينا "آلاي" و حاول كتم تكشيرة الغضب التي بدت على وجهه، و صاح محاولاً ضبط أعصابه: ما – مالذي تعنيه !!!!؟ ... مستحيل !!!! لن ارضخ لأمر كهذا مهما كان ....
صاح الجنود و هم يحاولون إحكام قبضتهم عليه في حين صاح: ابتعدوا عني!! إني آمركم بالابتعاد!! فكوا وثاقي أيهالـ ....

[ .. في هذه اللحظة أدركت فعلاً أنك لا تستطيع فعل شئ دون الختم .. ]
تذكر "آلاي" الكلمات التي قالها له "سينا" و انتفض في مكانه غاضباً ... تباً!! ماذا يعني الختم إن وقفت مكتوف اليدين حيال ما يحصل لـ"نيرا" و هي تبتعد عني هكذا !!!؟ ... سوف ... سوف ..
أخذ "آلاي" نفساً عميقاً و صاح: ختم سامرا ....
بدت علامات الارتباك على الجميع سريعاً فصاح بعض الجنود باضطراب:

- مولاي !!
- سيدي ماذا نفعل !؟
قال "توكي" متداركاً: "آلاي" !!! توقف عن ذلك !!
جاء صوت "جلنار" من الخلف: "آلاي" !! كلا ..... !!

- هذا يكفي ... !!
أطبق الصمت على المكان فجاة ليلتفت الجميع نحو مصدر الصوت فأبصروا "هايل" يقف بالقرب من "جلنار": "آلاي" ... ! تعقل أكثر! لم أعهدك بهذا الضعف !! فكر بمنطقية قليلاً!
أرخى "آلاي" جسده و لهث بسرعة ملحوظة: "هايل" ... !
تقدم "هايل" نحوهم: بدلاً من أن تكون عوناً لهذه الفتاة تخرج عن طورك !!؟ و في الوقت الذي تحتاج أن تكون فيه أهدأ ما يمكن!! لا تعقد الأمور أكثر مما هي عليه !!
قال "آلاي" ببطء: و ... و لكن ....
وقف "هايل" مقابله و رفع يده مشيراً للجنود بإفلات قبضتهم منه .. اومأ بعضهم في حين تردد الآخر و هو يفلت ذراعه من "آلاي" الذي تحرر من أيديهم ..

- و الآن .. ستطمئن الفتاة بأن كل شيء سيكون على ما يرام حتى يحين الموعد المناسب .. !
نظر "آلاي" إلى "نيرا" بتردد ثم حول نظره إلى "هايل" و قال بتذمر: و هل ترى أن وضعها هذا مطمئن!!؟ انظر لحالها ... !! كيف يقدم مولاي على أمرٍ كهذا و قد وعدَ بإكرامها كأفضل ضيف .. !؟
نظر إليه "هايل" بحدة: حسناً ... !؟ - حول نظره نحو الجنود الذين أحكموا وثاق "نيرا – خذوها من هنا – حول نظره إلى "توكي" و "ثابت" – تابعا مهمتكما ... عذراً على المقاطعة ...
اومأ الاثنين برأسهما و هم الجنود بالمغادرة فصاح "آلاي": كلا ... لا يمكنكم فعل ذلك .. ! توقفوا حالاً !!!
هم "آلاي" باللحاق بهم لكن توقف فجأة عندما صاح به "هايل": "آلاي" ... !! قف مكانك!! لن اسمح لك بالتقدم أكثر!!!
حول "آلاي" نظره نحو "هايل" مباشرة و صاح: "هايل" !!! مالذي تفكر فيه!!؟ .. لماذا نتركهم يأخذونها هكذا!!؟ - لم يجب عليه "هايل" و إنما اكتفى بالنظر إليه بنظرات ذات مغزى فالتفت سريعاً نحو الجنود المغادرين و صاح – "نيرا" !!! أعد بإخراجك فوراً!! لا تقلقي!!! لن اتأخر سوف .... ! – تردد في الكلام – سوف اخلصك سريعاً ...
ابتعدت "نيرا" عن الأنظار في حين بقيت "جلنار" واقفة خلف كل من "هايل" و "آلاي" بصمت و قد علت ملامح الحزن وجهها .. لماذا !؟ ... لماذا زنزانة الانعدام بالذات !؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


استند "شانوران" على زجاج نافذة غرفته الكبيرة، و راقب الخارج بنظرات شاردة و هو يقلب دمية الحصان التي أكملها بين يديه ..
لا اطيق هذا .. ! أبداً !
قذف بالدمية بعيداً و تحسس النافذة بيده ثم رفع جسده بتثاقل و انتصب واقفاً ليقابل النافذة وجهاً لوجه .. لست مرتاحاً بشأنه البتة ... هنالك شيء غريب ... جداً ... !
قطب جبينه فجأة عندما راقب انعكاس صورته على النافذة .. أبعد رأسه سريعاً و ضرب زجاج النافذة بجبينه بقوة كانت كفيلة بتحطيمه ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل الثالث عشر ]|

ستتم إضافة اسئلة حول الفصل في موضوع النقاش (http://mexat.com/vb/showthread.php?p=23105403#post23105403)"يرجى الإجابة عليها"

KannaSwan
10-08-2010, 12:58
+ ||[ الـفـصـل الـرابـع عـشـر ]|| +




... ها !؟ .. أين أنا ؟! – فتح "آلاي" عينيه ببطء – ما هذا الشعور الغريب الذي أحس به الآن .. ؟! – حول نظره يميناً و يساراً ببطء – لقد ... – اتعست عيناه عندما لاحظ وجود "هايل" واقفاً في الأسفل – هـ .. "هايل" .. و ... .. – ضاقت عيناه محاولاً التركيز لمعرفة الفتاة التي كانت تقف بجانبهما – "كيندة" ... ؟! إنها .... تبكي ... – لم يستطع مقاومة انسدال جفونه – لماذا .. يا ترى .. ؟ - استسلم و أغمض عينيه – أ هكذا تبدو .... ؟!
رفعت "كيندة" يدها إلى فمها و لمعت عيناها بسبب الدموع ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


مساءً و قبل تلك اللحظات ..

- هذه المعاملة مرفوضة تماماً .. لا اهتم ما إذا كانت العنقاء بحق!! أ ليست مجرد فتاة فقط !!؟ ما هذا بحق الله !!؟
ضرب "آلاي" الطاولة معترضاً بينما نظر إليه "هايل" بطرف عينه: لمولاي أسبابه الخاصة .. فوجودها في زنزانة الانعدام لا يعني أنها مجرمة أو مطلوبة للعدالة! كل ما نريده هو إيقاف قواها و حجبها عن الأعداء حتى إشعار آخر ..
عض "آلاي" على شفته محاولاً إيقاف الارتعاش الذي حل به، فتابع "هايل": نعم .. أوافقك الرأي بأنه عمل غير إنساني .. لكنها ... لكنها
عَدَلَ "هايل" عن متابعة كلامه فقال "آلاي" بغضب: ليست إنساناً ... ؟! ها!!؟ أ هذا ما ترمي إليه ... !؟
هز "هايل" رأسه نافراً: كلا .. كلا!!
تحولت تعابير "آلاي" إلى الحزن و قال: و لكن .. "هايل" .. تلك الفتاة .. إنها .. لا ..
قاطعه "هايل": لا تتذكر شيئاً .. !؟ أهذا ما تود قوله !!؟ أم أن علي تذكيرك بما حصل معك؟ و من قام بذلك بها؟ - تنهد بعمق و نظر لـ"آلاي" وجهاً لوجه – كانت العرافة, صحيح ... !!؟ – أشاح "آلاي" بوجهه – و أنتَ لم تتمكن من حمايتها كما يفترض أن تفعل .. و لو أنها وقعت في يد تلك المرأة لكانت في مكان آخر – أغلق "آلاي" عينيه بنفاد صبر – أو استعانت بمشعوذ ما !! لكن شخصاً آخر تقدم لمساعدتك و صادف أن يكون حاملاً لختم فوناروا !!
هز "آلاي" رأسه و رفع يده بإشارة اكتفاء: "هايل" .. أرجوك .. هذا يكفي!!
قال "هايل" بحزم: و لكنه الواقع "آلاي" .. !! الأمر ليس لعبة و لن تتمكن من مساعدتها لأنك تريد مد يد العون و حسب!! لستَ صغيراً و أنتَ تعي المسؤولية الواقعة على عاتقك !!
نظر إليه "آلاي" بتردد و قال: لكن ... "نيرا" ... إنها ..
مشى "هايل" نحو رف الكتب و تابع: عندما رأيتها لأول وهلة .. رأيت "شيا" فيها .. لكني أرى أنها أقوى منها بكثير .. – أخرج كتاباً من الرف و نظر إليه من طرف عينه – إن لتلك الفتاة "نيرا" إرادة قوية جداً .. و إلا لما كانت هي نفسها العنقاء .. استطعت قراءة أفكارها قبل قيادتها إلى الزنزانة .. و لم أصدق أنها فتاة دون ذكريات .. !!
كان "هايل" في هذه اللحظة قد فتح الكتاب و بدأ بتصفحه عشوائياً ..
صمت "آلاي" للحظة ثم استأذنه خارجاً من الغرفة: حسناً .. شكراً لكَ "هايل" .. سأتخذ القرار المناسب! أراكَ لاحقاً .. !
كان "هايل" يتأمل الكتاب بشرود متذكراً الماضي ..

[ كانت زوجته "شيا" من إحدى ممالك الشمال البعيدة و التي تبعد الكثير عن سامرا .. امرأة جميلة جداً .. دائمة الابتسام و تشبه "نيرا" إلى حد كبير ..!!
قالت "شيا": "هايل" .. عزيزي .. أريد العودة لزيارة بلادي .. لقد اشتقت إليها كثيراً ..
يرد "هايل": سأحدث مولاي بالأمر .. أنت تعرفين أن الذهاب إلى هناك يستغرق وقتاً طويلاً..
ضحكت "شيا" و قربت وجهها من وجهه و قالت بهدوء: أجل تلك المسافة التي لم اكترث بعبورها .. – ابتسمت – من أجلك ..
ابتسم "هايل" لها ..
يجيب الملك: لا ... الأمر صعب في هذه الفترة خاصة .. إن الوصول إلى الشمال يستغرق الكثير و لن نستطيع ضمان وصولها بأمان .. تعرف أن الشمال كثيرة العصابات .. و للأسف حالياً .. يمكنني القول أننا لا نملك العدد الكافي من الفرسان الأشداء ..!! يجب أن تصارحها بالأمر "هايل" و تخبرها بأنها قد لاتعود إلى بلادها كي لا تعلق هذه الآمال .. إلى أن يتحسن الوضع ..
نظر "هايل" بشرود إلى والده و قال مذعناً: أمرك .. يا مولاي ..
"شيا": مالذي قاله لك مولاي يا "هايل" .. ؟
رد "هايل": لا تقلقي .. قال أنه سيفكر في الأمر ..
مر على كلام "هايل" مع والده أكثر من سنة و هو يحاول الحصول على نتيجة .. و حاول قصارى جهده أن يعلق "ِشيا" على خيط من الأمل و لو كان قصيراً .. فكان يجيبها بـ: "قريباً" .. "قريباً لا تقلقي" .. "ستتيسر الأمور نحو الأفضل" ..
ساءت أحوال "شيا" و بدأ المرض يتسلل إليها .. إلى أن أطلقت "نور" صيحتها الأولى في هذه الحياة ..

- الحمدلله على سلامتك ياعزيزتي .. انظري إليها كم هي جميلة!! ..
كان "هايل" يحمل "نور" بين ذراعيه في حين كانت "شيا" مستلقية على السرير بنظرات شاردة و هي تتمتم: أريد العودة إلى موطني .. لقد اشتقت إليهم كثيراً .. أريد العودة
لقد تعب "هايل" .. و وصل إلى أقصى درجات احتماله .. فلم تكن أفكار "ِشيا" تفارقه أبداً كلما رآها وجد استفهامات عن زيارتها لموطنها .. و لم يتمكن من إيجاد حل للخلاص من هذه المشكلة .. إلى أن أتى يوم "شيا" الأخير .. بعد سنتين من ولادة ابنتهما الوحيدة تدهورت صحتها فجأة ..!!
كانت الشمس تغرب في ذلك اليوم البارد .. و كانت "شيا" مستلقية على فراشها و"هايل" جالس بجانبها فقالت: أريد العودة إلى موطني "هايل" .. لقد تعبت كثيراً ..
أمسك "هايل" بكلتا يديها و قال: لا تقلقي "ِشيا" أنا واثق من إمكانية إيصالك إلى هناك .. فقط لا تيأسي و تحملي الأمر قليلاً .. سأحاول محادثة مولاي مرة أخرى ..
نهض من مكانه مغادراً فقالت "شيا" عندما وصل إلى الباب: أنا آسفة "هايل" لم أكن يوماً أهلاً لك.. كم أحبك!!
التفت "هايل" بسرعة و قال:"شيا"؟ ..
أسدلت "شيا" جفونها و كانت تلك آخر كلمات نطقت بها .. و لكن .. بالنسبة لـ"هايل" فالأمر لم ينته .. فظل يستمع إلى فكرها الذي لم يكن سوى أنين للعودة للوطن الذي أحبته و الذي لم تره منذ زمن ... ]
أغلق "هايل" كتابه بقوة و فرك جبينه .. أين الصواب يا ترى .. !؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*


خرج "آلاي" – و قد أوشكت الشمس على المغيب – ليمشي في الممر بخطوات متهاوية .. أين الصواب .. !؟ هل كان "هايل" على حق فيمَ قاله !؟ .. أم أن هذا الوضع خطأ من الأساس .. ! ما الذي يدفع والدي إلى هذا الفعل !!؟ و من كان صاحب هذه الفكرة!؟ .. ألا يعلم بوضعي ؟! ألم يكترث لأمر "نيرا" ؟! لماذا يتخذ قراراً كهذا بعد أن وافق على استضافتها ؟! .. – رفع نظره ليجد "كيندة" أمامه – هل لأنها .... ؟ .. ماهذا ؟ لمَ أرى العالم مظلماً فجأة .. ؟ علي تخليصها فوراً ... أجل ... فوراً .. – تنفس بعمق و علت وجهه ملامح جادة –


*~*~*~*~*~*~*~*~*


من بين تلك العتمة فتحت "نيرا" عينيها و لمعت شارة العنقاء على الجانب الأيمن من جبينها


*~*~*~*~*~*~*~*~*


تردد صوت في عقل "آلاي" فأمسك برأسه متألماً ..
صاحت "كيندة": "آلاي" !! يا إلهي .. !!
أمسكت "كيندة" بكتفي "آلاي" الذي بدت عليه ملامح الشرود الواضحة: هل أنتَ بخير !!؟ ..
قال "آلاي" بصوت خافت متردد: لا .. لستُ بخير ... أنا ..
علت ملامح قلقة على وجه "كيندة"، فوقفت بمحاذاة أخيها و مدت ذراعها لإمساك كتفه، و هي تحاول مساعدته على الوقوف منتصباً: لا تقلق .. كل شئ سيكون على ما يرام – أمسكت كفه بيدها الأخرى – أجل – رفعت كفه و اتسعت عيناها عندما لاحظت لمعان الختم في كفه اليمنى –
أرخت يدها و قالت بقلق: آ ... "آلاي" ... !؟ - صدمتها ملامح "آلاي" الشاردة –
تمتم "آلاي": إنها ... تناديني ... تناديني ... – أبعد يد "كيندة" و انطلق في طريقه –
صاحت "كيندة": "آلاي" !! توقف !! – ركضت "خلفه و أحكمت قبضتها على كفه – انتظر .. هي!!! "آلاي"!! – قابلته وجهاً لوجه – هل أنتَ بخير .. ؟! هل تسمعني .. ؟

- يجب أن .. يجب أن نجتمع في المكان المنشود ... ! نحن سوف ..
فزعت "كيندة" من تصرف "آلاي"، فارتعشت يداها و هي تحدق به بعينين وجلتين .. "آلاي" !! عيناه ... عيناه لا تنظران إلي!!
نادت متلعثمة: "آ ... "آلاي" !!
أزاحها "آلاي" عن طريقه و مضى متمتماً: نعم ... ... إلى ..... إلى هاورا أولاً !
توقفت "كيندة" في مكانها دون حراك و هي تراقب "آلاي" يبتعد عنها .. لا .. لا أقوى على الحراك!! ما الذي حدث له .. !؟ .. "آلاي" ... لا يمكن أن ..
رفعت يدها و همت باللحاق به لكنها توقف فجأة عندما سمعت صياحاً في الجانب الآخر من الممر .. جرت بسرعة باتجاه مصدر الصوت لتفاجأ بجاريتين تقفان بالقرب من "شانوران" بفزع ..
فتحت عينيها على اتساعهما و صاحت بخوف: شـ .. "شانوران" !! – ركضت نحوه بسرعة – ما الذي فعلته!!؟
صاحت جارية: أميرة "كيندة" !! لا أدري مالسبب لكنه رفض مساعدة أي منا .. !
وقف "شانوران" مقابل "كيندة" قائلاً: لا تأبهي لأمرهما ... هل تقومين بمعالجتي ... !؟
رفعت "كيندة" نفسها محاولة الاقتراب من وجه "شانوران"، و هي تحدق بالجرح الذي أصاب رأسه .. ثم نظرت بقلق إلى الدماء التي كانت تسيل من جبينه، حتى غطت نصف وجهه الأيمن تقريباً : كم هذا مخيف !! – انحنت و هي تمسك بيده – اجلس هنا حالاً .. ! سوف ..
قاطعها "شانوران": كلا ليس هنا – أمسكها من يدها و رفعها لتنتصب واقفة – لنذهب إلى غرفتك !
اعترضت "كيندة": و لكنك تنزف بغزارة و ..
سحبها "شانوران" غير مكترث لاعتراضها: في غرفتك!
اذعنت "كيندة" و مشت و هو يقودها خلفها .. التفتت نحو الجاريتين و قالت: شكراً لكما .. لا تقلقا سأتكفل بأمره .. !
حولت نظرها نحو "شانوران"، و هي تراقب ظهره .. "آلاي" ... و الآن "شانوران" ... ما الذي يحدث!!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
10-08-2010, 13:10
*~*~*~*~*~*~*~*~*


سعل المستشار "عاصم" بقوة ثم نادى: "ثابت" .. !!
تقدم "ثابت" نحوه و انتصب واقفاً بكل احترام فتابع المستشار: هل تأكدتَ من أن الزنزانة محصنة جيداً .. ؟!
أومأ "ثابت" برأسه و قال: أجل سيدي .. إنها المرة الثالثة التي يسألني فيها هذا السؤال !!
صمت المستشار لفترة ثم قال: نعم .. استطيع الإحساس بتساؤلاتك "ثابت" .. – انحنى "ثابت" معتذراً – لكني أشعر بشؤم كبير جداً .. إنه يقترب .. و لا نعرف حقيقته للأسف .. اذهب و تفقد الزنزانة و شدد الحراسة عليها جيداً .. و اطلب من جميع الجنود أن يتأهبوا لأي ظرف طارئ ..
انحنى "ثابت" و قال: أمرك سيدي ..
هم "ثابت" بالمضي في طريقه لكن "عاصماً" استوقفه متسائلاً: هل لا يزال مولاي في البلاط ؟!
أجاب "ثابت" مديراً رأسه نحو "عاصم": أظن ذلك سيدي! لقد قال أنه يريد البقاء وحيداً عند المساء !!
قطب "عاصم" جبينه: هكذا إذن! يرغب ببعض الخلوة مع نفسه !! سأضطر لمقابلته غداً صباحاً!! امضي في طريقك "ثابت"

- حاضر سيدي ..
خرج "ثابت" مخلفاً المستشار وحيداً في غرفته، و هو يفكر بعمق.


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- هنالك ما تخفيه عني ... صحيح .. ؟
حول "توكي" نظره نحو زوجته "مريم" التي جلست على الكرسي بمحاذاته، ثم أعاد نظره في الكتاب الذي كان يقرؤه بنظرات تنم عن الملل: أبداً ... !
قالت "مريم" بإصرار: أعرف ذلك .. لمَ لا تخبرني .. ؟!
تنهد "توكي" دون أن ينظر إلى زوجته: لا شيء يستحق الذكر ... ! – قلب صفحة –
قطبت "مريم" جبينها و مدت يدها لسحب الكتاب قائلة: انظر إلي عندما اتكلم معك !!
احكم "توكي" قبضته على الكتاب بينما حاولت "مريم" سحبه منه بكل قوتها: "توكي" !!!
قال "توكي" و هو يرفض تسليم الكتاب لقبضتها: لا تحاولي ..
ظل الاثنين يتجاذبان الكتاب دون أن تتمكن "مريم" من سحبه: هيا .. "توكي" ... كف عن هذا !!
أفلتت ابتسامة من شفتي "توكي" و قال: اجبريني على ذلك بنفسك ..
احمر وجه "مريم": أنتَ تسخر مني!! صدقني سيتمزق كتابك إن لم تسلمني إياه .. !
أفلت "توكي" الكتاب فجأة فاختل توازن "مريم"، لكنه تدارك الموقف سريعاً و وضع يده خلف ظهرها كي يحميها من السقوط ..
احتضنت "مريم" الكتاب بين ذراعيها و أحنت رأسها فقال "توكي": أنتِ بخير .. !؟ - ابتسم – عزمك القوي على فعل ما تريدين يثير في نفسي السعادة .. !
ظلت "مريم" محنية رأسها دون رد، فاقترب منها ليطبع قبلة مودة على وجنتها، اتعست عيناه فجأة و قال بقلق: "مريم" – لاحظ انتفاض كتفيها – ماذا بك .. ؟!
كانت الدموع تنهمر من عيني "مريم" دون توقف، فقالت بصوت متحشرج: "توكي" ... أنا ... أنا – رفعت رأسها لتقابله وجهاً لوجه –
لم تتمكن من متابعة كلامها بسبب بكائها، فرفعت يدها لتمسح عينها و هي تنشق ..
نظر إليها "توكي" بقلق و قال: "مريم" .. هنالك ما تخفينه عني أليس كذلك .. ؟! .. أخبريني ما الذي يشغلك!!؟
رمت الكتاب في حضن "توكي" الذي التقطه بارتباك، و قالت و هي تقف: دع هذا الكتاب يجيبك!!!
أدارت ظهرها و هي غير قادرة على كبح بكائها .. نهض "توكي" و رمى بالكتاب على الكرسي قائلاً: لا تكوني غبية! لن يجيبني الكتاب طبعاً !!
اختلطت ضحكة مع بكاء "مريم" و قالت بسخرية: جيد .. يالكَ من ذكي! – رفعت كتفيها و عقدت ذراعيها دون أن تلتفت إلى "توكي" –
أحنى "توكي" رأسه بهدوء، و حل الصمت على الاثنين لوهلة كانت دهراً بالنسبة لهما، إلى أن رفع "توكي" رأسه و قال: "مريم" .... أنا آسف جداً .. – عضت "مريم" على شفتها محاولة كبح الارتعاش الذي أصابها – أجل اعتذر عما سببته لكِ .. سامحيني ..
تنهدت "مريم" و أدارت ظهرها لتقابله وجهاً لوجه: "توكي" – حاولت التحكم ببكائها – أعرف أنكَ لم تقصد ذلك و لكن انشغالك المتواصل و مداومتك الدائمة لا تشعرني بالاستقرار في داخلي ..
تذمر "توكي": ليس مرة ثانية .. !
فتحت "مريم" فمها بصدمة و صاحت: تقول مرة ثانية !!!؟ يا إلهي!! ماذنبي أنا إن كنتُ أريد بعض الاهتمام!!؟ أخبرني متى كانت المرة الأخيرة التي تصارح فيها كلينا عن حقيقة ما يجول في نفسه!!؟
قطب "توكي" جبينه و قال: في الحقيقة .. أنا .. – رفع ذراعيه في حيرة – كنت فقط ..
رفعت "مريم" يدها لتمسك بجبينها: أجل .. أهناك ما تريد قوله الآن .. !؟ بعد كل هذا !؟
مد "توكي" يده نحوها و قال: "مريم" لا تقولي هذا .. أنتِ تعلمين أن ..
ابتعدت "مريم" عنه خطوة و قالت: أريد البقاء لوحدي ... – أدارت ظهرها ماشية – أجل .. أريد أن أحظى ببعض الخلوة قليلاً ..
اتجهت نحو الغرفة الداخلية و استلقت بجانبها الأيمن على السرير، و هي تعقد كفيها و تمسح دموعها بين الحين و الآخر ..
أعطت الستائر المسدلة في الغرفة جواً من الظلمة، و اختلط الصمت المطبق مع تنفس "مريم" المتواصل .. تقدم "توكي" ببطىء مطلاً على "مريم" ليجدها قد استلقت مديرة ظهرها له، ثم عاد أدراجه دون أن تبدو عليه ملامح معينة ..
سمعت "مريم" صوت الباب الذي أغلقه "توكي" خلفه، فرفعت يدها إلى فمها و لمعت عيناها لتستسلم للبكاء ثانية، و هي تمسك بطنها بيد و تمسح عينيها باليد الأخرى .. يالي من حمقاء ... !
أوصد "توكي" الباب خلفه و استند عليه محنياً رأسه للأسفل .. يالي من أحمق!! لمَ لا انتبه على أمرها في كل مرة انشغل فيها بأمر ما!!! ... لكن آسف يا "مريم" ... هذه المرة انشغلت بأمر كبير جداً ... ! سامحيني يا عزيزتي ... !
رفع رأسه ببطء و حدق بالسماء كأنما يراقب شيئاً ما .. ساوره شعور غريب فجأة .. فحزم أمره و مضى في طريقه متجهاً إلى مكان معين ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- هل أنتَ واثق من كلامك هذا !؟
اومأ الحارس لزميله الذي وقف بجانبه: أجل .. تلك الفتاة هي العنقاء بالفعل .. ! – التفت الاثنين ليشاهدا "نيرا" التي كانت معلقة وسط زنزانة زجاجية ضخمة زرقاء اللون – يقال أنها تشكل خطراً على مملكتنا! و أن الملك "ناينوا" قد يهجم علينا في أي لحظة بعد أن علِمَ بوجودها في ..
قاطعه الآخر: ما هذا الهراء!؟ لمَ تهجم علينا هاورا بعد أن أرسلت وفد مصالحة .. !!؟
همس مجيباً: هل أنت أبله!؟ .. كيف تسميهم وفد مصالحة و قد اختفوا دون سابق إنذار ؟! .. إنهم يخططون لأمر ما دون شك ... !

- أنتما !!
انتصب الحارسين في وقفتهما، و فوجئا بـ"ثابت" قد دخل إلى الزنزانة المظلمة التي كانا فيها، بان وجه "ثابت" شيئاً فشيئاً و هو يقترب منهما ثم قال: هل أذكركما بالواجب الذي كلفتما به .. !؟
بدا الارتباك واضحاً على الحارسين فتابع "ثابت" كلامه: واجبكما هو أن تمنعا اقتراب أي شخص غريب من هذه الزنزانة! .. و الأفضل أن تبقيا أعينكما مفتوحة لأي حركة غريبة قد تصدر ! لم تشعرا حتى بدخولي إلى هنا !

- عـ .. عذراً يا سيدي !! ..
اومأ "ثابت" برأسها و قال مديراً ظهره: لا مجال للخطأ هنا! أي تصرف غير مسؤول سيعرضكما للعقوبة! لا تظنا أبداً أن وجود حراس في الخارج غيركما، سيردع دخيلاً من الإقدام على اقتحام المكان!

- حاضر سيدي!! عُلِمَ الأمر !!
غادر "ثابت" المكان مخلفاً الحارسين في مكانهما، و قد أطبق الصمت كلياً عليهما، تنفس أحدهما بعمق و أدار نظره مترقباً لأي حركة غريبة ..
في تلك الأثناء كان "ثابت" قد اقترب من الخروج من الزنزانة، رفع رأسه منتبهاً فجأة عندما شعر بحركة غريبة، و جال بنظره يميناً و يساراً، تقدم بخطوات حذرة نحو البوابة الكبيرة، و التي بدا منها لون أشعة الشمس البرتقالية داخل الممر المظلم الذي يقف فيه.
ضبط تنفسه المتسارع و استند على الجدار ليرقب المكان بحذر، اتسعت عيناه فجأة عندما سمع صراخ أحدهم عند البوابة، تأهب و أمسك بسيفه الذي كان معلقاً في حزام لفه حول وسطه.
سمع صوت سقوط على الأرض ثم تلته صرخة ثانية، همَّ بالجري نحو البوابة لكنه تصلب في مكانه فجأة، عندما شعر بوقوف أحدهم خلفه.
التفت نحو الشخص الذي باغته من الخلف, و بدت عليه ملامح الصدمة.


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- حقيقة ما الذي حدث ... !؟
أغمض "شانوران" عينيه عندما وضعت "كيندة" كفيها على جبينه لتبدأ معالجته ثم قال: لا شيء مهم .. حادث بسيط !!
تنهدت "كيندة" بعمق و قالت: أعرف أنك لا تصدقني القول .. لكن انتبه في المرات القادمة .. – عقدت حاجبيها – لأني لن اتكفل بأمرك مرة ثانية و أفضحك أمام الملأ ...
أجابها "شانوران" بهدوء: حاضر .. آسف ..
فتحت "كيندة" عينيها دهشة و قالت بقلق: هل أنتَ بخير ... ؟! .. تبدو محبطاً .. !
علقت عينيها عليه لكنه لم يزد على كلامه شيئاً .. أنهت عملية علاجه بعد القليل من الوقت ثم قالت: ها قد انتهيت .. – نهضت – لن تجدَ للألم أثراً بعد الآن ... – ابتسمت –
ظل "شانوران" في مكانه جالساً محنياً رأسه ثم قال بعد أن تنهد مطولاً: شكراً لكِ "كيندة" .. – نهض و هم بالمغادرة –
تدراكته "كيندة" قائلة: لمَ لا تبقى في غرفتي بعض الوقت ... ؟! – حركت كفيها و وضعتهما خلف ظهرها – لم تطل علي في غرفتي منذ فترة طويلة .. ! لمَ لا تعدها دعوة مني هذه المرة .. ؟! ماذا قلت .. ؟!
قال "شانوران" دون أن يلتفت نحو "كيندة": آسف "كيندة" ... لتكن في المرة القادمة .. حسناً ..
ذبلت التعابير من وجه "كيندة" و اومأت برأسها قائلة: حسناً .. في المرة القادمة .. – تقدم "شانوران" ماشياً – و إن احتجت لشيء لا تردد في القدوم إلي ...
وصل "شانوران" إلى الباب و مد يده نحو قبضته ثم قال بتردد: "كيندة" ... هل بمقدورك معالجة الألم فعلاً .. ؟!
اتسعت عينا "كيندة" للحظة ثم ابتسمت و قالت: بالطبع!! ... أ لم يكن علاجي كافياً لك .. ؟!
أفلتت ضحكة خافتة من "شانوران": لقد كان كافياً و أكثر .. شكراً جزيلاً لكِ ..
لوحت "كيندة" بيدها و قالت: لا عليك ..
خرج "شانوران" من غرفة "كيندة" و مضى في طريقه على غير هدى ..

[ لن تجدَ للألم أثراً بعد الآن ... ]
ابتسم "شانوران" بسخرية و هو يتذكر كلمات "كيندة" .. ليسَ خطأك أبداً .. أنا من يستحق أن يكون أضحوكة .. ! – علق نظرة على الطريق أمامه – لن اتحمل البقاء هنا أكثر ... !


*~*~*~*~*~*~*~*~*


مشى "توكي" بخطوات سريعة و اتجه فوراً إلى موقع الزنزانة الموجودة في الجزء الخلفي من القصر، توقف في مكانه للحظة عندما لاحظ الهدوء الغريب عند البوابة الخارجية، ثم عزم أمره و ركض بسرعة، لكنه لم يلبث أن توقف عندما فوجىء بالحراس و هم ممدون على الأرض.
تصلب في مكانه للحظة .. لا يمكن أن يكون .. !!؟ .. مشى بخطوات حذرة و هو يراقب الأجساد الممدة ثم توقف فجأة و حدق بشخص بدا مألوفاً .. ثـ ... "ثابت" !!!
اتجه إليه بسرعة و انحنى نحوه منادياً: "ثابت" !! هي "ثابت" !! هل أنت بخير .. !؟ - رفعه ببطء و هزه – "ثابت" !!
سعل "ثابت" بقوة و علق نظراته التائهة على "توكي" الذي صاح به: من الذي فعل هذا .. !!؟
حرك "ثابت" شفتيه محاولاً الكلام، لكن دون فائدة، أغمض عينيه و فقد الوعي من جديد.
مدده "توكي" على الأرض بعد أن تأكد أنه لا يزال على قيد الحياة ثم نهض من مكانه و ركض ليتدارك الموقف.


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
10-08-2010, 13:20
*~*~*~*~*~*~*~*~*


داخل الزنزانة التي كانت تقطن فيها "نيرا"، انتصب الحارسان ممتثلان للأوامر الملكية التي أكد عليها السيد "ثابت"، قال أحدهما بهدوء: الشمس توشك على المغيب !
لم يرد عليه الآخر و اكتفى بأن حول نظره إلى النوافذ الضيقة الموجودة في الأعلى، أغمض عينيه و أطلق تنهيدة مطولة، ثم التفت و رفع رأسه ليراقب "نيرا".
أعاد نظره للأمام للحظة، ثم ما لبث أن التفت مرة ثانية و اتسعت عيناه فصاح بصاحبه: هي!! انظر .. انظر إليها !!!
أدار الآخر ظهره: ماذا !!؟ - رفع رأسه و اتسعت عيناه فجأة – ما ... مالذي يحدث لها !!؟
كانت "نيرا" تتنفس وسط السائل السحري الذي ملأ الزجاجة، و هي تنظر للأسفل بنظرات شاردة، و قد علت وجهها ابتسامة واسعة.
قال الأول: ألا يفترض بها أن تغط في السبات بعد كل هذا الوقت .. !!؟ من المفترض أن يبدأ مفعول الزنزانة بعد حبسها بقليل !!!
ابتلع الثاني ريقه: لا يمكن !! هل العنقاء بهذه القوة .. !!؟ - تقدم خطوة – علينا أن نبلغ السيد "ثابت" بالأمر حالاً .. !
اتجه راكضاً نحو الباب و صاح بصاحبه: راقبها هنا!! .. لن اتأ ... – توقف في مكانه و انتفض بصدمة – مـ .... مولاي !!!؟
كان "آلاي" يقف عند باب الزنزانة و قد أحنى رأسه بهدوء، بدا مظهره غريباً جداً بملابسه و سيفه الملطخين بالدماء، تأهب الحارسان و قد بدا الاضطراب واضحاً عليهما .. هل .. هل سنضطر إلى ردع الأمير .. !!؟ ما الذي يتوجب علينا فعله .. !!؟
انتفض الحارس الآخر .. كيف .. كيف تمكن من تجاوز الحراس الآخرين .. !! كلهم أكفاء .. – اتسعت عيناه عندما رفع "آلاي" رأسه لتبدو على وجهه بقع دماء متناثرة – هل قضى عليهم بالفعل .. !!!!؟

ابتسم "آلاي" و هو يعلق نظره على "نيرا" و تمتم: أخيراً هنا .. ! – تقدم بخطوات بطيئة –
لم يقوى الحارسان على الحراك، و تنحى الأول عن طريق "آلاي" دون كلام، أحكم الثاني قبضته على سيفه عندما اقترب منه "آلاي" و قال: مولاي!! لا يمكنك الاقتراب من هنا!!
حدق "آلاي" به بنظرات حازمة، و رفع سيفه ليوجه نحوه ضربة قوية، كانت كفيلة بإسقاطه أرضاً.
صرخ الحارس بزميله و ركض نحوه ليبعده عن طريق "آلاي": ابتعد عنه!! لا تقترب!! – أمسك به من كتفيه و سحبه بعد أن أصيب في كتفه إصابة بليغة –
راقب "آلاي" الحارسين و هما يتراجعان ثم حول نظره نحو "نيرا"، و اقترب أكثر من زنزانتها، رفع رأسه و ألقى بسيفه على الأرض، تحسس الزجاج بيديه محاولاً معرفة الطريقة لإخراجها، تحرك من مكانه و هو يتفحص الزنزانة بدقة أكثر، لكنه لم يعثر على الطريقة لتخليص "نيرا" من مكانها.
لمعت الشارة على جبين "نيرا" فأمسك برأسه متألماً .. سأخلصك!! سأخلصك من هنا فوراً !! .. أدار ظهره ليرى الحارسين في مكانهما ثم انحنى ليحمل سيفه من على الأرض ..
تصلب الحارسان في مكانهما عندما تقدم "آلاي" نحوهما، و اقترب منهما بخطوات حذرة، رفع الحارس سيفه ليمنع "آلاي" من الاقتراب من زميله المصاب، ثم صاح به: مولاي!! أرجوك توقف!!
رفع "آلاي" سيفه و هم بالهجوم في حين أحكم الحارس قبضته على سلاحه، و هو يتصبب عرقاً.
تصلب "آلاي" في مكانه فجأة و لم يستطع أن يحرك ساكناً، نم وجهه عن تكشيرة غضب و هو يحاول المصارعة للتحرك من مكانه، حرك نظره ثم اتسعت عيناه عندما لاحظ وجود أحدهم عند الباب، أسدلت "نيرا" جفونها و اختفت الشارة من جبينها.
رفع "توكي" رأسه و علق نظره على "نيرا" .. أنهكت قواها تماماً!! علي ملاحظة هذا ! حول نظره إلى "آلاي" الذي تجمد في مكانه بفعل التعويذة التي استخدمها.
قال "توكي": "آلاي" !! هل تعي ما فعلت !!؟ - تقدم نحوه خطوتين ثم توقف و لاحظ النظرة الغريبة في عيني "آلاي" – لا يمكن!! هل أدرك ما حصل؟ أم أنه قام بذلك بملء إرادته .. !؟ - عقد حاجبيه و تذكر شيئاً – أجل .. أجل .. كيف نسيت أمراً كهذا .. علي التأكد منه لاحقاً .. – انقطع حبل أفكاره حين شعر بأنفاس "آلاي" و هو يحاول التخلص من القيد –

صاح به "توكي": لن تتمكن من التخلص من هذا القيد مهما فعلت! إنها هبة خاصة بقبيلة "كودورا" و الآن أخبرني – بدت عليه نظرة حازمة – و أجب علي أيها الحارس المختار ما هي غايتك .. !؟ - لم يجب عليه "آلاي" فأعاد عليه بإصرار – إني اسألك ... ما هي غايتك !!!؟
حول الحارسان نظرهما إلى "توكي" بخوف ثم أعادا النظر إلى "آلاي"، صاح بهما "توكي" اخرجا من هنا فوراً طالما تملكان الفرصة لذلك .. – اومأ الحارسان برأسهما و نهض الأول و هو يساعد زميله المصاب – هيا !!
غادر الحارسان المكان فعلق "توكي" نظره على "آلاي" و حثه على الإجابة، فأجاب بصوت عميق: أخلص مولاتي .. و هل وجدتُ لغيرِ هذا ... !؟
ابتلع "توكي" ريقه .. إنه يستجيب بالفعل .. ! تابع كلامه: لكن .. هل تدرك أنك قتلتَ أناساً أبرياء في سبيل ذلك .. ؟!
أجاب "آلاي" بلامبالاة: أجل .. كل شيء يهون في سبيلها .. ! و لن اسمح لأحد – استجمع قواه – باعتراض طريقي – حرك ذراعيه شيئاً فشيئاً – بعد أن أُمْلَتْ علي الأوامر .. سنغادر المكان فوراً إلى هاورا !! لقد ملت مولاتي البقاء هنا! و سألبي رغبتها في العودة إلى موطنها !!
اتسعت عينا "توكي" و شعر بالارتباك لكنه تدارك الأمر، و عقد كفيه شابكاً أصابعه بوضعية معينة و قال: لن أسمح لك بالحركة – قيد حركة "آلاي" من جديد –
انتصب "توكي" في وقفته بعد أن اطمئن لوضع "آلاي"، ثم كور كفيه واحداً أمام الآخر و نفخ فيهما بهدوء، أما "آلاي" فكانت النظرة المصارِعة تتلاشى من وجهه شيئاً فشيئاً ليسدل جفونه، و يسقط على الأرض مغشياً عليه.
ارتسمت ابتسامة انتصار على شفتي "توكي" و قال: آسف يا "آلاي" .. و لكن ... لن اسمح لأحد أن – رفع ذراعه تجاه النافذة ليحط عليها صقر "ليلى" – يفسد علينا ما نصبو إليه ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*


بعد أن حل الظلام تماماً على مملكة سامرا ..
جلست "مريم" على كرسي في المكتبة التي اعتاد "توكي" الجلوس فيها، منتظرة عله يأتي إليها في أي لحظة، قلبت النظر في المكتبة و هي تراقب الرفوف التي ملأت المكان عن آخره، تنهدت و أرخت جسدها على الكرسي و علقت نظرها على كومة الكتب الموجودة على الطاولة.
استفزها المنظر فنهضت بفضول .. إنها له دون شك .. مدت يدها نحو أقرب كتاب أمامها و بدأت بتقليب صفحاته بهدوء.
استوقفتها بعض الكلمات فأمعنت النظر .. أليست هذه ؟ .. ما هذا الكتاب؟ اتسعت عيناها و قلبت الكتاب لرؤية العنوان .. الحقيقة القادمة "العنقاء" .. منذ متى و نحن نملك هذا النوع من الكتب .. ؟! عادت لتفتح الصفحة التي توقفت عندها .. ما هذا الكلام .. !؟ تتبعت الكلام و هي تقرأ ثم اتسعت عيناها تدريجياً .. هل ما كُتِبَ حقيقة .. ؟!
أغلقت الكتاب بقوة عندما شعرت بدخول مفاجئ من قبل شخص ما، التفتت بسرعة ناحية الباب لتجد "كيندة" تلهث بقوة و قد ملأ الحزن وجهها.
صاحت "كيندة" و هي تحاول ضبط أنفاسها: "مريم" !! أنتِ هنا !!! .. "آلاي" .. "آلاي" .. لقد – انهمرت الدموع من عينيها و انتحبت – لقد ... لقد قتل الحراس .. .. محاولاً إنقاذ "نيرا" !!
تجمدت "مريم" في مكانها دون أن تأتي ببنت شفة ..

[ يمثل كل صاحب ختم مركزاً ثابتاً للعنقاء، فهو الحارس الذي اختارته مملكته ليحمل على عاتقه واجب المسؤولية الكبرى، و لا توجد مسؤولية أكبر من أن يكون خادماً و حارساً مطيعاً للعنقاء المنتظرة، و التي ستكون قادرة على حكم تصرفاتهم لما فيه مصلحتها ]
أفلتت "مريم" الكتاب من يدها ليسقط على الأرض، بينما أحنت "كيندة" رأسها و مسحت دموعها بألم: أنا ... أنا المخطئة .. ! – حاولت ضبط أنفاسها – ما كان علي ... أن اتركه .... وحيداً ... أوه !! ....... لماذا ... !!؟


*~*~*~*~*~*~*~*~*



- هل أنتَ بخير يا سيدي ... ؟!
رفع الرجل المسن رأسه ليرى أمامه "آلاي" الصغير فابتسم مبرزاً تجاعيد عينيه التي خطها الزمن: مولاي الصغير .. أهلاً و سهلاً بك ..
ابتسم "آلاي" قائلاً: هل كل شيء على ما يرام لديك ... ؟! – رفع يديه بحماسة – استطيع مساعدتك إن احتجت ..
ضحك العجوز بينما رفع "آلاي" رأسه و هو ينظر إليه ينهض من مكانه: لو أن الأمور تنتهي بهذه البساطة لما تعبنا أبداً ..
عقد "آلاي" حاجبيه للحظة غير مستوعب ثم قال و علت وجهه نظرة إصرار: استطيع تخفيف العبء عنك ..
حك العجوز ذقنه بتأمل: حسناً ... لنرى ما لدينا .. – جال بنظره المكان مفكراً – آه .. هناك .. هل تستطيع مساعدتي على جلب الماء من البئر .. ؟! لقد كبرت في السن و لم اعد قادراً على حمل الدلاء بقوتي الحالية..
حول "آلاي" نظره فوراً تجاه البئر الموجودة بعيداً عن المنزل بعض الشيء و قال بحماسة: بالتأكيد .. لا تقلق .. ارتح هنا و سأعود حالاً ...
جرى نحو الدلوين المعلقين على طرفي عصا و حملهما فوراً ليتجه نحو البئرة بسرعة .. انتبه الحارسان اللذان كانا على مقربة من منزل العجوز على جري "آلاي" المفاجئ فركضا خلفه مباشرة: مولاي .. مولاي الأمير !
وصل "آلاي" إلى البئر و شرع بسحب الدلو منه بعد أن ألقاه فيه .. صاح الحارس: مـ .. مولاي .. ! – تقدم نحوه – دعني اساعدك في الـ ..
أبعد "آلاي" يد الحاس و قال ناهراً: ابعد يدك .. سأتولى الأمر .. – أفلت الدلو من يد "آلاي" ليقع مرة ثانية في البئر فأطل برأسه متذمراً – هل رأيت ما فعلت .. !!؟ .. – سحبه مرة ثانية – .. دعني و شأني الآن ..
ابتسم العجوز في مكانه و هو يراقب "آلاي" يحمل عصا الدلوين على كتفه محاولاً أن لا يختل توازنه .. لكنه مالبث أن سقط على الأرض ليبتل بماء أحد الدلوين فصاح متذمراً: يا إلهي .. – انتبه على مراقبة العجوز له فنهض من فوره – لا عليك .. – حمل العصا بيديه – سأعود حالاً ..
ركض سريعاً نحو االبئر ثانية بينما زاد ارتباك الحارسين أكثر ..

[ لكنه الواقع "آلاي" .. !! الأمر ليس لعبة و لن تتمكن من مساعدتها لأنك تريد مد يد العون و حسب!! لستَ صغيراً و أنتَ تعي المسؤولية الواقعة على عاتقك !! ]
سالت دمعة من عين "آلاي" و هو يتذكر ماضيه ..
... ها !؟ .. أين أنا ؟! – فتح عينيه ببطء – ما هذا الشعور الغريب الذي أحس به الآن .. ؟! – حول نظره يميناً و يساراً ببطء – لقد ... – اتعست عيناه عندما لاحظ وجود "هايل" في الأسفل – هـ .. "هايل" .. و ... .. – ضاقت عيناه محاولاً التركيز لمعرفة الفتاة التي كانت تقف بجانبه – "كيندة" ... ؟! إنها .... تبكي ... – لم يستطع مقاومة انسدال جفونه – لماذا .. يا ترى .. ؟ - استسلم و أغمض عينيه – أ هكذا تبدو .... ؟!
رفعت "كيندة" يدها إلى فمها و لمعت عينيها بسبب الدموع و هي تشاهد أخاها معلقاً وسط زنزانة زجاجية زرقاء اللون مملؤة عن آخرها بسائل سحري ..
صاحت و هي تلتفت نحو "هايل": "هايل" ... !
أدار "هايل" ظهره مغادراً دون أن ينطق بشيء في حين ظلت "كيندة" في مكانها و قد تسارعت أنفاسها.


*~*~*~*~*~*~*~*~*

KannaSwan
10-08-2010, 13:21
*~*~*~*~*~*~*~*~*


كان "رازي" على فرسه يترقب لحظة اكتمال الشروق مع فرسانه الذين بدوا نافذي الصبر يترقبون لحظة الصفر .. تقدم أحد الفرسان خطوة بفرسه فابتسم "رازي" و رفع يده منطلقاً مع جماعته التي علت عليهم ملامح تقول: أخيراً .. !!
في أحياء سامرا كان كل العاملين يقومون بفتح محلاتهم لبدء يوم جديد بينما يحيي آخرون بعضهم البعض .. إلى أن صاح أحد الأشخاص و هو راكض: لــصــــوص ... لــصــــوص!! .. إنهم قطاع طرق!! .. قادمون نحونا ... اهــــربـــوا ..!!!
هرب البعض إلى ملاذ في حين بقي جمع في مكانه مشدوهاً يراقب الغبار الذي غطى الأفق .. و الذي مالبث أن ظهر من بينه جمع من الفرسان ..
عبر "رازي" و جماعته المكان بسرعة البرق و صاح "رازي" منبهاً فرسانه: اعيد عليكم كلامي ... لا تؤذوا أحداً و لا تسرقوا شيئاً .. عندما نصل إلى القصر تصرفوا كما تشاؤون .. هدفنا الوحيد هو الحصول على العنقاء بأي طريقة .. واضح؟ ..


*~*~*~*~*~*~*~*~*

|[ نهاية الفصل الرابع عشر ]|


اسئلة الفصل في موضوع النقاش [ من هنا (http://mexat.com/vb/showthread.php?p=23232742&posted=1#post23232742) ]