PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : المدونات الأسطورية : أرض التنانين ] عالم فانتازي خرافي [



دايسكي هيتاشي
19-03-2010, 12:00
السلام عليكم
بناءً على نصيحة أحد أصدقائي , أخبرني بأن انشر روايتي هنا
فها أنا ألبي رغبته و أضع أولي فصول روايتي ..
********

[center][size="4"]الفصل الأول : دايسكي


تثاءب ( دايسكي) على مهل وهوعلى فراشه أزرق اللون , فنهض و عدل من جلسته و أرح ظهره على وسادة قطنية و أخذ يغمض عينيه كأنه يحاول الأمساك بأذيال حلم رحل عنه , نال ضوء النهارالمنسل من بين فراغات النافذة إلى عينيه فتأوه , ثم أعتادت حدقتاه الوضع , فنظر من حوله , فوجد كل شئ فى حجرته كما هو , لم تلمسه يد أثناء نومه فوجد بعض كتب ( أحكام أيتورنا ) ملقية بأهمال متعمد على أرضية الحجرة , ثم تجد بعض الأكواب الفارغة تحت الطاولة وقد كستها طبقات عدة من الغبار تخبرك عن عدد السنين التى قضتها فى موضعها هذا دون أن تتحرك ساكناً و تنظر لك فى عناد واضح كأنها لا تنوى الرحيل من مكانها هذا , ناهيك عن تلك الجوارب التى تصاعدت الراوئح منها تشمئز منها الفئران , بالرغم من كل هذه القذارة إلا أنها كانت حجرة فاخرة جداً من حجرات قصرعظيم .
برقت عينا ( دايسكى ) الزرقاون لبرهة حينما شاهدت إنعكاسها على المرآة التى تحتل معظم الجانب الأيمن من حجرته ,, أغمض (دايسكي ) عيناه مرة أخرى ليتذكر ذلك الحلم الذى قضى ليله يعيشه كان يبدو كمن يحاول الحفاظ بقطرات الماء بين كفيه أو كالذى يريد تأمل الشمس دون أن يذهب بصره لاحت إبتسامة صغيرة على وجهه .. بلى لقد تذكر ذلك الحلم .. كان يحلم بأشياء غريبة و عجيبة .
كان أيضاَ يعرف أنه لم يرها قط أو قرأ أو سمع عنها شئ كانت مجهولة بالنسبة لعالمه وكان هذا ما يؤرقه .. كيف تأتى هذه الأشياء إلى أحلامه , يتذكر أول مرة حينما حلم بالكاد كان يحلم , فهذه الأشياء لم تربطها صلة بالأحلام اللهم أنها تأتيك أثناء النوم , كانت تشبه الرؤيا , كان يرى الأبواب العظيمة الست التى تحيط بالقرية التى لم تفتح نهائياَ قد فتحت على مصرعيها , و أن هناك ما يبدو بظلال ست أشخاص واقفين كلاً منهم أمام بوابة ثم يفعلون أمراً ما لايدرك كنهه , فيستيقظ من نومه شبه فزعاً ومدهوشاَ كثيراَ , كان هذا الحلم هو بمثابة القطرة الأولى لغيث الأحلام الذى غرق فيه بعد ذلك , فى البدء كان يعتقد أنها كوابيس تأتيه نتيجة لرهبته الأولى من القرية ولكنها كانت تعاوده بأستمرار و أماكن أخرى غريبة لم يرها فى قريتها التى يعلم كل سنتيمتر فيها , او حتى فى كتب أيتورنا , فقد كان العالم كله كما يعتقد هو و بقية أهل القرية أجمعين بأن أيتورنا هة العالم بأكمله وما من أحياء أخرين غيرهم , كانت كل هذه الأحلام غريبة جداَ ولكن الحلم الأكثر غرابة ورهبة فى نفس ( دايسكي) هو أنه كان أكبر سناً عما يبدو عليه و يرى نفسه يتسلل إلى القبور , ثم يقف أمام قبر معين وكان النقش عليه هو :


(( هنا يرقد جثمان العزيز ديسكي ))

توفى فى 16 نوفمبر 2007


حينما كانت تقع عيناه على كلمة توفى تنقبض عضلات قلبه و تكاد تقف من الفزع والهلع ,, أما ما كان يقلقه جداَ هو تاريخ وفاته يوم 16 نوفمبر 2007 أى بعد تسع سنوات فهو الأن فى السابعة من عمره بالأحرى طفل صغير ينبغى له أن يحيا كبقية الأطفال الأخرين و إلا تساوره هذه الكوابيس المزعجة منذ نعومة أظافره , لذلك بعقله الصغير توصل إلى شئ مهم جداً ألا وهو أن يدون هذه الأحلام فى مدونة خاصة لهذه الأحلام أو الرؤيا التى يراها , وكما يحدث فى كل صباح حينما يستيقظ من نومه , وقف ( دايسكي) من مجلسه وهو لم يفق بعد من النوم و إن كان ينبغى أن يكون يقظَ بسبب الكوابيس التى تساوره ولكنه كان قد تعود على ذلك فأصبح لا يفزع كثيراً , فإذ به يترنح قليلاً , ثم يعتدل فى وقفته و يمسك بكرسى خفيف الوزن يبعد عنه خطوتين و يحركه تجاه المكتب فيقف عليه تمهيداً لأن يقف على المكتب و من ثم يرفع الكرسى إلى سطح المكتب ليقف عليه , ثم حرك يديه إلى أعلى فحرك قطعة خشبية فى السقف تعلن عن وجود فراغ بالأعلى , يمسك الحائط بيديه اليسرى لتحافظ له توازنه حتى لا يسقط من هذا الأرتفاع بينما تنقب يديه اليمنى ذات اليمين وذات اليسار فى التجويف عن شئ ما و إذ بها تخرج بكتيب صغير يبدو نظيفاً على عكس مصدره يدون فيه أحلامه , عاد ( ديسكي) إلي فراشه بعد أن أعاد الكرسى إلى موضعه و جلس القرفصاء و أخذ يكتب تفاصيل حلمه الجديد بسرعة كأنه لا يعانى نسيان التفاصيل كباقى الخلق , ولا غرابة فى أنه يكتب فى هذه العمر الصغيرة فهو قد تعلم الكتابة وهو فى الخامسة من عمره وذلك أيضاَ ليس بالشئ المثير فقد خاب ظن الجميع به فأطفال قرية ( أيتورنا ) يتعلمون القراءة والكتابة وهم فى عامهم الرابع .. على أية حال هو لا يكترث لأيتورنا وقوانينها و توجيهاتها فى الغالب بل كان يتمرد أحياناَ على هذه القوانين والتوجيهات و كان هذا يثير أعصاب عائلته و يضعهم فى موقف يسخر منه البعض نظراَ لأن عائلته أحدى أعرق العائلات النبيلة بقرية ( أيتورنا ) عائلة (جيفانى ) ,, ففى قرية أيتورنا أربعة عائلات يطلق عليهم مسمى عائلة نبيلة وهم عائلات (بيدان ) و ( ميكلسون) و (فارم ) بالأضافة إلى عائلة ( دايسكي ) ,, و مفاهيم النبل فى قرية أيتورنا تتحدد بعدد القرون التى قضتها العائلة فى كنف ( قرية أيتورنا ) ,, ومدى خدمتهم و ؤلاءهم لها , وهناك أيضاَ العائلات الصغيرة المنضمة للقرية منذ قرنين أو ثلاثة وهم أسفل الهرم الأجتماعى . وكان كل هذا لا يثير ( دايسكي) فهو يرى أن مفهوم النبل فى ذلك الوضع مجرد هراء و شئ زائف , فقد كان يرى فى النبل فى أن يكون للفرد شئ مميز وفريد لا يمتلكه أحد غيره شئ يتمنى الجميع الحصول عليه ولكنهم مع رغبتهم الشديدة هذه لا يقدرون على أنتزاعه من صاحبه , كان هذا تفكير الصغير ( دايسكي ) عن النبل , ولم يكن يعرف أن هناك أصناف شتى من النبل فى هذا الكون سيقابل .
تجاوزت الساعة الحادية عشر صباحاَ بقليل , ستبدأ دراسة اليوم الجديد فى الثانية عشر , لم يكن يكترث للدراسة فقد سأم منها , يراها مملة و عقيمة وبالرغم من ذلك فهو مميز فيها جداَ فهو يرى فى ذلك أنه سيجعله نبيلاَ بعض الشئ .
أن تكون طفلاَ ومن عائلة نبيلة يكون معنى ذلك أن تكون طفلاَ مدللا َ ,, تأتى الخادمة برفق ومعها صينية تكتظ بالفطائر و كوب عملاق من العصير المنعش ,, ولكن ( دايسكي) يحب أن يشذ عن القاعدة دائماَ , فمرات نادرة ما تدخل مربيته ( سيدنى) لتوقظه وتجده نائم ..ها هى تفتح الباب فيلمحها ( دايسكي) ويقول مازحاَ : صدقينى لن تجدينى نائماَ
فأبتسمت ( سيدنى) و قالت مشاكسة : هذا ليس معناه أنني سأكف عن المحاولة
فأجاب (دايسكي) قبل أن يشرب العصير : سنرى . فقالت ( سيدنى) : حسناَ .. حسناَ هلم أفطر جيداَ لا أريد أن توبخنى سيدتى على نحافتك هذه .
فقال (دايسكي) بلهجته الطفولية : حسناً .. حسناً سألتهم كل ما يقع تحت يدى , وما حال والدتى اليوم؟
كانت سيدنى قد تعودت على سماع هذا السؤال يومياَ منذ أن جائت للعمل بهذا القصر و خصوصاَ بعد أن أصبحت مربية ديسكي فكانت تقول دوماَ دون صدق : بخير حال اليوم يا سيدى , تحسنت عن الأمس . كان ( دايسكي ) هو الأخر يعلم أن سيدنى لا تصدق فى قولها ولكنه كان يخدع شعوره بأن حال والدته يتحسن كل يوم , فبعد وفاة والده تدهورت صحة والدته نهائياَ حتى باتت لا تخرج من غرفتها إلا لماماَ خصوصاَ بعد أن نال منها مرض السرطان اللعين و بالرغم مما كانوا يملكوه من مال ونفوذ إلا أنه لا يوجد دواء لذلك المرض العضال فى قرية أيتورنا بمعنى أخر لا يوجد دواء فى العالم لداءها - هكذا خدعوا - تابع (دايسكي) سؤاله اليومى : والتؤام هل هم بخير حال ؟
ضحكت ( سيدنى) وقالت : أشقياء كدأبهم يا سيدى و جدك يجلس معهم الأن , و الآن تابع غذاءك و أرتدى ملابسك - أين وضعتها ؟! - تنظر حولها - تصيح قائلة : ياللهول .. ماهذا ؟ كيف يحدث ذلك و أنا هنا ؟ ما هذه القذارة ؟.. رباه , أكواب من العصر الحجرى غزتها الفطريات , تحركت بسرعة لتنظف الحجرة فأوقفها ( دايسكي) قائلاَ : لا لا تفعلى ذلك يا سيدنى , لا أريدك أن تنظفى الحجرة الأن
. حينما أعود سأجعلك تنظفيها ولكن لا تفعلى ذلك الأن . - ولكن أنظر سيدى .. ماذا لو جاءت سيدتى لترى ذلك ستطردنى على الفور . هكذا قالت سيدنى , فأبتسم ( دايسكي) بتهمكم وقال : صدقينى لن تفعل ذلك و الأن أرحلى فهناك أشياء لا أريد أن يلمسها أحد غيرى .
قالت (سيدنى ) : أمرك سيدى ,, ولكن دعنى أأخذ تلك الأكواب المتسخة , أنت تعلم أنا لا أقدر على رؤية القذارة أتركها هكذا . - فقال ( دايسكي) متأففاَ : حسناً خذيها و أرحلٍ
فتحركت سيدنى لتقوم بأمر سيدها واخذت خلسةَ جوارب متعفنة . فقال (دايسكي) : لقد رأيت ذلك.

دايسكي هيتاشي
19-03-2010, 12:02
***********
ترك (دايسكي) الطعام كما هو على الصينية مخالفاَ للوعد الذي أبرمه منذ قليل ل(سيدني) وأرتدي ملابسه بشئ من الإهمال , فهو لا يحب أن يكون كل شئ منظماَ ويسير وفقا للقواعد لذلك تجده دائماَ خارجاَ عن المألوف , ناهيك عن عدم تمشيطه لشعره نهائياَ وقد بات ذلك الأمر قاعدة لم يعد أحد يجادله فيه بالرغم من أن شعره لونه أحمر ناري وارثه عن جده يتألم مصففو الشعر لرؤيته بهذه الوضعية .. أنتهي (دايسكي) من ارتداء ملابسه وخرج من غرفته وأغلق الباب من خلفه , لم يكتف بذلك فحسب بل أنه أخرج مفتاح غرفته من بين جيوبه الثلاث وأحكم إغلاقها , فهو لا يأمن أحد على دخول غرفته
بالرغم من أن جميع من بالقصر أقسم على ألا يدخل غرفته دون علم مسبق منه إلا انه كان متشككاَ دوماَ .
عبر الردهة بخفة وعرج إلى حجرة أخويه التوأم , وكان التؤأم موضع عجب في نفس (دايسكي) .. هما أشياء بلا شك بالرغم من أنهم لم يتجاوزوا الثالثة من العمر ألا أنهم اقتنصوا بجدارة لقب أشقياء العائلة .. طرق الباب في نعومة , فلم يرد أحد فزاد من طرقه ,لم يرد احد أيضاَ , فأستغرب ( دايسكي) فمنذ دقائق قليلة أخبرته (سيدني) بأن جده في صحبتهما ,, فتح الباب بدون إذن , فوجد منظر غريب و مرعب في آن واحد , كان جده يقف أمام التوأمان اللذان بدا نائمين كملائكة فيوسا على عكس وصف (سيدنى) لحالهما , لم يكن ذلك الغريب , بل ما كان يفعله جده , فقد كان يبدو مظهره مرعبا على عكس طبيعته , كان يمسك عصا غريبة بالأحرى كانت ملتصقة به ويخرج منها دفقات صفراء مكونة دائرة تحيط بالتؤام ثم بدأت تتسلل إلى جسدهما وتختفي بمجرد أن تلامسهما, وما أن أنتهي الأمر حتى سقط الجد مرهقاً على أقرب المقاعد إليه , وبدا ينهج كأنه قد مارس مجهود بدني شاق وفجأة قفز فزعاً منتبهاَ لأول مرة لوجود (دايسكي) الذي غرق في بحر من الذكريات التي أكتسبها منذ أن أكتسب الوعي , يحاول أن يفهم ماذا حدث ؟.. ولكنه كان واثقاَ من أنه رأى شئ ما مثل هذا من قبل , شئ مختلف عما كان يصدر من التوأمين منذ ميلادهما , حاول الجد أن ينطق بكلمة , ولكن لم يسعفه (دايسكي) الذي تحدث بشرود : أهلاَ جدي ,, لقد جئت لأعطى التوأم هدية عيد الميلاد .. لقد تأخرت على المدرسة , سوف أعود سريعاَ .
بدا ( دايسكي ) مخدراً تماماً وهو يتحدث ولكنه كان يدرك شئ ما.. شئ ما واثق من أنه سيحدث .. سوف يموت يوم 16 نوفمبر 2007 , لأنه قد رأى ما حدث للتوأمان في أحد أحلامه ,, لابد وان يتحدث إلى جده حينما يعود .. هناك شئ غريب لا يدرك كنهه يشعر به .. شئ غامض
*************

تجاهل ( دايسكي ) الأمر ووضعه جانباً إلى أن يعود إليه فيما بعد , وهذا ليس بروداًَ , ولكن ببساطة لقد توصل (دايسكي) في سنه الصغيرة هذه أنه ما من شئ يستحق الشعور بالدهشة أو الاهتمام في هذا العالم لمدة طويلة ,قد تكون فلسفة متطرفة بعض الشئ ولكن (دايسكي) أمن بفلسفة (فيدا) المحظورة , ويعود هذا إلى أن ديسكي يشعر بالملل من كل شئ من حوله .. ملل لا يطاق , قابلته (مارى) عند بوابة القصر و أعطته حقيبته , فأخذها وعبر حديقة القصر متمهلاً .. كان يفكر كيف سيصل إلى المدرسة ؟! ... بلى , فهذه طريقته للقضاء على الملل ,, أيذهب إلى المدرسة من خلال الشارع الرئيسي , أم عن طريق نهر (العين الزرقاء) , أم من خلال أكثر الطرق خطورة , طريق منحدرات جبل (سوميلازا) , في النهاية أستقر على الطريق الأخير , ذلك الطريق الذي يخشى الجميع من السير من خلاله .قد تبدو جبال (سوميلازا) من بعيد فاتنة وساحرة تكسوها رقع بيضاء من الثلج مخالفة بذلك أبسط قواعد الطبيعة , ولكن هذه هي قرية ( أيتورنا) كل شئ فيها غريب ومثير إلى حد الملل , بالرغم من أن هذا الجبل يقع في منتصف القرية , ويبدو كالفم الذي يخرج منه لسانه و لسانه هو نهر (العين الزرقاء ),إلا أنه لا أحد يعرف مطلقاًَ من أين تأتى هذه المياه , و إن خمن البعض أن مصدرها باطن الأرض , ولكن هذه هي قرية ( أيتورنا) لا احد يعلم أسرارها إلا هي فقط .
كان جبل ( سوميلازا) منطقة محظورة جداً , ولا أحد يعلم السبب أو حاول اكتشافه , ولكن من يشغل باله بمعرفة السبب لتكون هذه المناطق محظورة عليهم , أقترب (دايسكي) من الكهف الوحيد بالجبل وكذلك اللافتة التي تقول (( محظور عليك أيها المواطن الأيتورنى القدوم إلى هنا , أيتورنا تراك فلا تخالفها )) .
منذ عام تقريباً أكتشف ( دايسكي) هذا الطريق للذهاب إلى المدرسة , وكذلك منذ عام أيضاً أدرك مدى كذب وتلفيق هذه اللافتة فهو مرات عدة سار على هذا الطريق ولم تستطع (أيتورنا) الإمساك به , و كان ذلك غريباً بالنسبة له , ف( أيتورنا) قليلاً ما تتركه و شأنه إذا خالف أي قانون من قوانينها خصوصاً بعد هجومه المستمر على قرية (أيتورنا) ..فجأة خرجت أضواء مبهرة من الكهف , كانت تضيئه كما تضئ القنابل ساحات الحروب , أو كالشهب التي تضئ ظلام السماء ,أرتجف ( دايسكي) وسريعاً ما تملكه الخوف , فهذه أول مرة يحدث معه شيئاً كهذا , قال لنفسه : ( تباً هل أحست بي قرية (أيتورنا), تباً لا أريد مشاكل معها الآن ) , ثم ركض بسرعة أوخذ يركض حتى عرق وتساقطت منه أمطار العرق على الطريق ,وما أن وصل إلى الممر الذي ينتهي عند المدرسة حتى توقف وأخذ يعبأ الهواء أطنانا, ولكنه ضحك عالياً لأنه نجا من هذا المأزق .. وهنا تساءل ديسكي لأول مرة لماذا جبل سوميلازا محظور ؟!..شعر بالفضول الشديد تجاه هذا الأمر وبدأ يفكر جدياً في القيام به .. ذلك الأمر الذي هبط على رأسه حينما رأى الكهف الموجود بجبل سوميلازا لأول مرة ألا وهو : ماذا لو أن كل الأماكن التي رآها في أحلامه هي تلك الأماكن المحظورة في قرية ( أيتورنا) التي لم يدخلها أحد قط من ساكني القرية على مر القرون الأيتورنية السابقة .. ماذا تخبي ؟ ما هي أسرارها ؟!
كان الفضول قد تملك منه أخيراً وعزم على اقتحام الأماكن المحظورة , ولكنه فقط ينتظر الوقت المناسب .
******
من البعيد القريب ظهر مبنى مدرسته الذي من ضخامته حجب رؤية ما خلفه , كانت هي المدرسة الوحيدة بقرية أيتورنا , و إذا نظر إليها مهندس معماري لقال أنها قلعة تعود إلى العصور الوسطي بأبراجها السابع الشاهقة وبواباته البالغة الضخامة التي لم تستعمل من قبل .
فجأة ظهرت (هانا) إمامه فكاد يسقط مغشياَ عليه حباً و فزعا, فهو منذ أن رآها سقط في حبها وحتى هذه اللحظة لم يستطع التحدث بتلقائية إمامها.. ذلك الشعور الذي يعرفه جيداً التلميذ حينما يقف إمام أستاذه , هو الذي يضعفه من الحديث معها ,, كانت هناك عوائق كثيرة لتقف في وجه ( دايسكي) إذا أعلن حبه و ارتباطه ب(هانا) فهي من عائلة (شيراز) وهي ليست بالعائلة النبيلة بل أنها تقع في الطبقة قبل الأخيرة في الهرم الإجتماعى الأيتورني , بالإضافة إلى أن أغلب أسرتها تعمل في أملاك عائلة ديسكي , والعائق الذي لا يعترف به ديكي مطلقاً هي أنها تكبره بثلاثة أعوام , وهذاسيجعل منه مغفلاً و أخرقاً إذا قام بذلك , وما سيلقيه من سخرية من جميع أترابه و موضع استنكار عائلته , بالرغم من كل هذه العوائق إلا أنه لم يضعه في الحسبان لأنه خارج عن المألوف , ولكنه متردد من أمرها هي..تابعها بمهل وهو يراقب خطواتها في ثوبها الفضي اللامع كأنها أحد آلهة(كديم) , توقفت فجأة عن الحركة , ففعل ديسكي المثل , ولكنها دارت ناحية ديسكي الذي بدا محموماً ويتصبب عرقاً .
قالت : أنت يا صغير ماذا تفعل ؟
لبرهة تناسى (دايسكي) من يحدث وعاودته غطرسته الأرستقراطية التي ورثها عن عائلته فقال و انفه في السماء : من هو الصغير يا فتاة . أنظرِ إلى شأنك ومع من تتحدثي .. ماذا هناك ؟ , تريدين إقناعي بأنني أغازلك , سيكون ذلك طفولياً فطريقنا واحد , هبِ إنني كنت أفعل ذلك – أي مغازلتك – ما الذي سيحدث ؟! هل هناك عقوبة في أحكام (أيتورنا) علي ما فعلته ؟ عاودي النظر في الأمر .. ما أنت إلا فتاة متحذلقة متعنتة تتعب الآخرين . بهتت ( هانا ) ولم تستطع الرد علي قول (دايسكي) الذي كان صاعقاً عليها فقد كانت تريد أن تمازح ذلك الأحمق الذي يتبعها كل يوم في أي مكان تذهب إليه حتى لو كان بيت (ديورنا) , فإذا بجينات عائلته تتملكه ويثور متغطرساً على كلمة (صغير) .. كم أنا حمقاء ! مالي أنا وأؤلئك الملاعين الصغار .. هكذا حدثت نفسها , ثم أدارت ظهرها ل(دايسكي) وتابعت السير في حنق وغضب مكظوم ,, بينما كان (دايسكي) يقف من خلفها وقد صار وجهه في تورد وجوه الموتى , و أخذ يلعن لسانه الذي تفوه بما لا ينبغي له التفوه ولكن صاح لسانه : انتظري , أنا لم أقصد قول ذلك ,, توقفي أرجوك .
فتوقفت ( هانا) ونظرت إلي (دايسكي ) في فضول غضب متصنع ممزوج بالفضول .. أخيراً جاء هذا المعتوه ليتحدث فقالت : ماذا هناك؟
فقال (دايسكي) : أنا أسف عن سلوكي هذا , أتسمح لي .
فأومأت هانا برأسها وصار الاثنان معاً إلى حيث القلعة
*****

دخل الاثنان معا إلى المدرسة و افترقا إلى أماكن حضورهما و دروسهما , ولكن كان حالهما مختلف فبدا كلاهما سعيداً وودت قلوبهما أن تقفز من مكانها , لقد كانوا على موعد.
كانت هناك ابتسامة صغيرة مرسومة على وجه (دايسكي) ولم تخفت لبرهة مما كان يوحى للآخرين أنه قد أصيب بالبلاهة , أو أنه صار أكثر حماة عن الأمس , وذهب البعض إلي أنه قد أصيب بالجنون , ولكن لو عرفوا مع من كان منذ قليل لصار الأمر واضح بلا برهان أو واضح كبتلات الأزهار للنحل .
صعد (دايسكي) الدرج ولكن ما أن وصل إلى نهايته حتى أقفل الطريق عليه , كان ولد ضخم البنية على عكس عمره الصغير فهو يشبه صغير الخرتيت وكان يتقمص دور الفتى المتنمر بإتقان
قال(دايسكي) بلهجة حازمة وقاطعة لا تخشى ذلك المتربص : أبتعد عن طريقي يا(دينيكس ) , وإلا ...... قاطعه ( دينيكس ) بلهجة ساخرة : و إلا ماذا ؟ هل ستشكوني إلى أباك .. أوه صحيح نسيت انه توفي , أم أن ما سمعته صحيح .. لقد أختفي أليس كذلك ؟تلاشى لم يعد له وجود .. شعر ديسكي بألف ضربة برق تهشم رأسه , شعر و كأن قلبه الذي اتخذ من الرقة والحب حياة له قد تهشم وتحول إلى ذرات وفوتونات , أو كطائر العنقاء الذي سقط صريعاً, ولكن لم يدم ذلك طويلاً , عاد الغضب إليه من جديد على هيئة عنقاء سوداء من رماد العنقاء الصريعة , و أمسك ب(دينيكس) بقوة لم يحلم بها من قبل , ورفعه إلى السقف وكأنه كيس معبأ بالهواء على عكس ما هو ظهر من أطنان من الشحم , فصعق (دينيكس) و اخذ يولول , ويحرك قدميه بعصبية كأنه بذلك سيستطيع الإفلات من قبضتا (دايسكي) الذي بدا في طور أخر لم ير من قبل , ولكن حدث أمر غر متوقع , بالرغم من أن مظهر (دايسكي) في هذه الحالة لا يوحى إلا بالثأر من هذه الإهانة وعيناه الحمروان كدماء (بيتادس) إلا أن هذه المشاعر اختفت فجأة وهدأت ثورات براكين قلبه وصدره , ولم يعد قادراً على حمل (دينيكس) أكثر , كان بالفعل خرتيت أو صغير الحيتان فسقط من قبضة ديسكي ولم يصدق ما حدث فقفز فرحاً بنجاته وجرى بعيداً عن ديسكي ثم صاح بعل صوته : (( أنت غريب الأطوار يا دايسكي ) – اللعنة هذا الشعور , هذه الدماء التي تجري في عروقي ,, عيناى , لماذا أشعر بأنني قد مررت بهذا من قبل.
كان ديسكي يحدث نفسه وهو يسير بدون أن ينتبه لطريقه , ملايين الأسئلة تطرح في ذهنه وتختفي وملايين أخر غيرها تطرح وتختفي ,كان تائهاَ بحر الأسئلة ولكنه كان يريد الإجابة عليها وبكل تفصيلة , كان يعرف من سيجيبه عليها .
- (( أنتبه )) لم يستطع ديسكي أن يمنع اصطدامه بمدرسه (فيدل) الذي نبه إلى ذلك , كان يسير بلا وعى فقال متأسفاً : أسف يا أستاذي لقد كنت .......
قاطعه المدرس قائلاً : لا داعي للتفسير , لقد وقع الأمر , هيا أسرع إلى الفصل , أنا لن أسمح لك بالدخول من بعدي
عاد (دايسكي) إلى طور المشاكسة وقال : ولكني سأرافقك يا أستاذ , سندخل معاً
لم يمنع الأستاذ( فيدل) من ظهور ابتسامة صغيرة على ثغره لسرعة بديهة (دايسكي) .. كان يراه أنجب تلاميذ المدرسة على الإطلاق , ومتحرر عن عائلته كثيراً وكان يتوقع منه أمور عظيمة
******************* [/size][/center]

>> إلي اللقاء مع الفصل الثاني

meroni
19-03-2010, 13:05
مرحباااا
القصة مرررررررة روعه
استنى الفصل الثاني

دايسكي هيتاشي
19-03-2010, 16:42
مرحباااا
القصة مرررررررة روعه
استنى الفصل الثاني

اهلاً اختي
بإذن الله قريباً
:d

lPhantom_Devill
20-03-2010, 03:11
السلام عليكم

أخي أسلوبك رائع والواحد متحمس للرواية جدا بداية رائعة

عندي إستفسار بسيط

يعني إيه أيتورنا تنظر إليهم أليست مدينة؟ يعني كيف المدينة تراقب من يعيشون فيها؟

دايسكي هيتاشي
20-03-2010, 12:20
السلام عليكم

أخي أسلوبك رائع والواحد متحمس للرواية جدا بداية رائعة

عندي إستفسار بسيط

يعني إيه أيتورنا تنظر إليهم أليست مدينة؟ يعني كيف المدينة تراقب من يعيشون فيها؟

أهلاً أخي
سعيد برأيك حقاً :)
,
بالنسبة لأستفسارك
هي قرية فعلاً و شخص في نفس الوقت
لو لاحظت ستجدني حينما اشير إلي القرية أقول قريبة آيتورنا ,
ولكن حينما أتحدث عنها كشخص أقول آيتورنا فحسب .
آيتورنا هي صاحبة القرية وحاكمتها , وفي نفس الوقت جعلت من اسم القرية على اسمها :p

دايسكي هيتاشي
20-03-2010, 16:23
الفصل الثاني : الجد الذي يعرف الكثير


كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة مساءً , وبالرغم من ذلك كانت الشمس تبدو ساطعة في فراغ السماء اللامتناهي , أستيقظ (دايسكي) من إغفاءته , وقد لاحظ أن نور الشمس يغمر القرية حتى الآن فلم يندهش فهو قد تعود على ذلك منذ الصغر , يذكر في أحدى المرات تقريباَ منذ عامين حينما ظلت الشمس قابعة في كبد السماء لثلاث أيام وليال متتالية مخالفة بذلك كل نواميس الكون وكأنها لا تدور حول الشمس واقفة ثابتة , كانت لتشبه الالكترونات السالبة التي تدور حول النواة الموجبة ولكن لم يكن للالكترونات القدرة على الوقوف دون الانجذاب و الاندماج إلي النواة على عكس قرية(أيتورنا) , وكان هذا ما يميزها .. أنها رقية خورقية لا تتأثر بالقوانين – هكذا كانت تبدو لقاطنيها ولكن لا أحد يعلم- في تلك الآونة لم يكن هناك ملجأ لأهل قرية (أيتورنا) سوى ذلك المحيط العظيم الذي يحيط بالقرية فكانوا يقضون أغلب أوقاتهم على شواطئه للقضاء على لهيب الشمس الحارق .
مارس (دايسكي) عادته المحببة بعد الاستيقاظ من كل غفوة .. يغفل عينيه مرة وثانية , وفجأة نهض فزعاَ .. لقد تذكر كل شئ .. تذكر ذلك الموقف الغريب الذي حدث مع (دينيكس) وتذكر أيضا ما حدثً في صباح اليوم حينما توجه إلي حجرة التوأم ليمنحهم هدية عيد ميلادهم فرأى جده يمارس عمل غريب و مريب بالتوأمين.
نهض (دايسكي) و أرتدي ملابسه علي عجل وخرج من حجرته باحثاً في أرجاء القصر عن جده , أصطدم بخادمته (سيدني) فقالت : رويدك يا سيدي , ما الأمر ؟ أتبحث عن شئ قد ضاع منك ؟!
بدا (دايسكي) منزعجاَ , كان هذا ما ينقصه أن يعطله أحدهم فقال في حنق : أبحث عن جدي
فقالت (سيدني) : هكذا الأمر إذاَ , أن السيد (جيفاني) في الحديقة يقوم بتأملاته اليومية
قال (دايسكي) : آه .. يا لي من أحمق ,أنا أعرف أنه يفعل ذلك كل يوم . فقالت (سيدني) مشاكسة : لأنك تعجلت الأمر , ولم تفكر جيداً قال (دايسكي) بغضب : حسنا.. حسناً , أبتعدي عن طريقي . تعجبت (سيدني) من فعل (دايسكي) , فهو لا يقوم بذلك عادةَ , فهي مربيته , توترت ( سيدني) قليلاَ و تساءلت عن سبب معاملة دايسكي لها هكذا ,, هل فعلت شئ خاطئ ؟!
,, ولكنها سريعاً ما نبذت هذه الأفكار السيئة من تفكيرها وهدأت من روعها بأن (دايسكي) منزعج جداً , و استنتجت أن هذا الأمر يحيط بالسيد ( جيفاني) ,, إذاً مادام الأمر بعيداً عنها وعن عملها فهي لن تهتم بالأمر .
******
لاحظ ( دايسكي) جده يجلس في مكانه المعتاد على تلك الأريكة المريحة ذات اللون الليموني وتتناثر الورود و الأزهار اليانعة من أسفلها مطلقة مزيج من عطور الطبيعة تسمو بالروح بنما أشجار البرتقال و بقية أشجار الفاكهة الأخرى تظلل على الأريكة ملطفة من حدة الشمس , وتتنقل الفراشات بينهما في خفة ونشاط بينما تغرد البلابل أعزب الألحان , وفى منتصف هذا المشهد أندمج السيد (جيفاني)
فيه , فصار جزء من الوجود يتأثر به ويؤثر فيه يجلس متأملاً كل هذا الجمال من حوله ومن إمامه تمر مياه النهر الزرقاء .
كان يحظى بلحظات جميلة تمتع النفس وتثير الغبطة في أنفس من يراه , وبالرغم من رغبة (دايسكي) الشديدة في محادثته إلا أنه لم يشأ أن يوقظه من تأملاته, ولكن يبدو أن الجد قد لاحظ أخيراً وجود دايسكي فأشار إليه بأن ينضم إليه و يشاركه الحديث بالرغم من أن عيونه كان يشوبها شيئاً من الحذر فقال الجد بسخرية لاذعة : ها أنت متأنق كعادتك .
أدرك دايسكي أن جده يحاول كسر الجمود فيما بينهما بقوله الساخر , فهو لم يكن متأنق بتاتاً فحاول الابتسام وقال بنفس السخرة وهى أحدي الخصال التي ورثها عن هذا الجد : و أنت تحظى بفردوسك اليومي . فقهقه الجد وقال : إذاً كلاً منا يستمتع بيومه .. وعاود القهقهة مرة أخري ولكن بصوت عال عن السابق وهو يظن بأنه ألقى بأفضل دعاباته على الإطلاق .
وصمت و أخذ يتأمل وجه حفيده بحزن عميق وقال : لم أشأ مطلقاً أن تعرف هذه الأمور الآن , كنت سأخبرك بعد حين ولكنك اكتشفت الأمر و رأيتني أقوم بما أقوم .
قال دايسكي وقد خفق قلبه, فها هو جده سيخبره بكل شئ .. كل شئ يحيره في هذا العالم .. سيخبره عما يحدث له ولأخوته وعن قرية (أيتورنا) : ما هذه الأمور يا جدي ؟ ابتسم الجد وقال بإنهاك : يا ألهي .. هل أنت متشوق لذلك فعلاً يا بني ؟ لن أندهش .. فأنت شخص فريد في عائلتنا .. و الآن أتبعني أرجوك , ولا تتفوه بأي كلمة على الإطلاق .. مفهوم ؟..فأومأ دايسكي رأسه بالإيجاب ,, وكان يساوره شعور غريب كأنه على وشك اكتشاف شئ ما عظيم .. شئ ما سيجعله نبيل بالمعني الذي يريده .. أنه فريد كما يقول جده فبأي مقدار هو فريد ومختلف عن بقية العائلة .. هكذا تابع جده في صمت , بينما تشتعل في رأسه الآلاف من الأسئلة .
*******

عبر (دايسكي) شارع سوناتا الرئيسي برفقة جده في صمت , وما أن وصلا إلى نهاية الطريق حتى انعطفوا إلى اليسار وما أن فعلوا ذلك حتى انعدمت الحياة بغتة من على الدرب اللذان يسلكانه..
كان دايسكي يعلم إلى أين يوصل هذا الطريق فبخلاف الطريق الذي ذهب من خلاله صباحاً إلى المدرسة عبر ممرات جبل سوميلازا , فهذا الطريق يقود إلى جوفه مباشرةًً , و ود دايسكي أن يخبر جده عما حدث له صباحاً حينما رأى الكهف يصدر أضواءً , ولكنه كبح هذه الرغبة منفذاً طلب جده ألا وهو الصمت .
ظهر الكهف على بعد عدة أمتار وبدا دايسكي متوتراً ومتأهباً وكأنه يتوقع حدوث الأمر ثانيةً , وبدا يتمهل في خطواته حتى توقف تماماً , فلكزه جده برقة بأن يتابع ولا يخشى شئ , ولكن لم يكن دايسكي على ثقة بأي طريقة سيحميه جده ,كان تكهن دايسكي ما سيحدث صائباً , و ود هذه المرة أن يكون مخطئاً .. فها هو جده يخرج عن الطريق الممهد , و اتجه إلى تلك الأسلاك الشائكة التي تحيط بالجبل من كل الجهات لتمنع المتطفلين من الدخول ,, وفجأة حدث شئ مدهش – بالنسبة لدايسكي - .. لقد اختفت الأسلاك الشائكة ولم يعد لها وجود كأنه سحر .. كان (دايسكي) مشدوهاً بما حدث , فنظر له جده بأن يتبعه إلى الداخل , فد كان الجو ثقيلا و بارداً في هذه المنطقة رغم وجود الشمس القوي فيها .
فكر دايسكي في أن جده غريب الأطوار , أو مجنون ليفعل ذلك ..أنه يخرق قواعد ( أيتورنا) بالرغم من مكانته الاجتماعية في القرية , ليس هذا فحسب بل أنه على وشك اقتحام أحد الأماكن المحظورة في القرية, ولكن طريقة الجد في اكتشاف طريقه صوب الكهف تقول بأنه يفعل ذلك كثيراً , وأن هذه ليست المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك.
نسى (دايسكي) وجود عواقب ( أيتورنا) , فهو العدو رقم واحد لقوانينها كما يزعم فلما الرهبة , كما أنه عد العزم على فعل ذلك أجلاً أو عاجلاً .
هكذا تابع طريقه مع جده الغامض إلى جوف الجبل الصامت كشواهد القبور , الثقيل كالموت , اللغز كأقزام (فازا) .. أنهم في جوف سوميلازا
********
ً
بالرغم من قناعة دايسكي بأنه لا شئ في قرية (أيتورنا) سيحوز دهشته , فقد نبذ هذه الفكرة نهائياً من عقله حينما وقعت عيناه على جوف جبل سوميلازا , فعلى بعد عدة أمتار قليلة كان الحال يختلف تماماً ,, ففي خارج الكهف توجد قرية (أيتورنا) المملة , ولكن فور أن صعد هذه الدرجات الرخامية السبع حينما تجاوز مدخل الكهف , تبدل رأيه مائة وثمانون درجة , ما أن رأت عيناه محتويات جوف جبل سوميلازا حتى علم لماذا هذه المنطقة محرمة ,, لقد كان جوف الجبل مختلف تماماً عن نمط القرية المعتاد , كان شئ شاذ عنها بكل ما تحمله الكلمة من معني , كأنه قطعة من عالم أخر , عالم لا يمت بصلة لأيتورنا وقريتها, بمعني أخر كان عبارة عن قرية صغيرة داخل قرية أيتورنا ..كان الجوف ذاته بهو عظيم عال لا تتبين العين نهايته , وبالرغم من عدم وضوح نهايته أو سقفه فقد كانت هناك المئات من الثريات تضيئه – كانت تسبح في الهواء – بينما هناك العديد من الفتحات التي توصل إلي أماكن أخرى جديدة وبالتأكيد غريبة .
فتح دايسكي فاه وحدقتا عيناه متسعة على أخرها وهو يتأمل هذا المنظر , فعلي يمناه تناثرت تلال من الكتب قرأ بعض عناوينها فلم يفهم شئ منها عدا أمراً واحداً .. أن هذه الكتب ليست موجودة في مكتبة (أيتورنا) , ولا تمت عناوينها بصلة لقرية (أيتورنا) , بل أنه لا أحد يعرف عنها شئ باستثناء السيد (جيفاني) .
أخرج السيد (جيفاني) من أحد جيوبه عصا رفيعة سوداء اللون لها مقبض ذهبي , كانت مثل ما رآه دايسكي صباحا بل هي بعينها.. وطرق بها الهواء , فظهر كرسيان من لا مكان , فجلس السيد جيفاني على أحدهما بينما الأخر ينتظر دايسكي الذي لم يستوعب أي شئ على الإطلاق , بل أن عقله على وشك الانفجار , فنظر إلى جده ثم إلى العصا ثم عاد وتأمل جوف الجبل ..فشعر بأنه تائه لا يدري أي شئ فجلس على المقعد الشاغر الذي مل من انتظاره , ونظر إلى جده وصاح فيه أخيراًً بعد فترة صمت طويلة كأنه يريد التعويض عنها : ما هذا؟ كيف؟ لماذا؟
كان عقله الصغير مشتتاً لا يستوعب كل هذا ,, كان جده يراقبه بصمت ولكنه أخيراً بدأ في التحدث فقال : أخبرني يا دايسكي ماذا ترى ؟ .. لم يجاوبه دايسكي فما يراه واضحاً كوضوح الشمس نهارا أو ليلاً لا تفرق , ولكنه قال : جدي .. أنا لا أدرى أي شئ .. لا أفهم ماذا يجري هنا ؟ ما الذي يحدث لي ؟
أبتسم الجد ابتسامة صغيرة وقال : وهذا هو المتوقع منك , فأنت في سن صغيرة , ولم يكن ينبغي لك معرفة كل هذا , ولكنك رأيت كل شئ , ولم يكن في وسعي تجاهلك كل هذا الوقت وأنت تغرق في تساؤلات لن تجد لها إجابة ,, فأنا أعلم كل شئ عن أحلامك , وعن طاقتك التي تصدر عنك حينما تكون غاضباً وكان كل هذا خطير , فأنت أول فرد يتمكن من فعل هذا !
قال (دايسكي) : ماذا تقصد يا جدي ؟ فتنهد الجد وقال : أه يا صغيري , لم يكن ينبغي حدوث ذلك بتاتاً
قال (دايسكي) : دعك من هذا الألم يا جدي ولتخبرني بكل شئ .. ثم أنا لم أعد صغيراً أنا في السابعة .
فأبتسم الجد رغماً عنه وقال : حسناً .. حسناً أيها الكبير , أنا أعلم أن عقلك يكاد ينفجر , لذا سأجاوبك عن كل شئ ,, فسل ما تريده من أسئلة .
كان ذلك ما يريده (دايسكي) تماماً فبالرغم من مئات الأسئلة التي يود أن يجد إجابة لها إلا أن هناك سؤال واحد يرغب في معرفة إجابته بشدة فسأل جده : من نحن ؟!
عاودت تلك البسمة الحزينة ترتسم على وجه جده من جديد الذي قال : ًلقد أصبت .. أن هذا السؤال هو ما كان ينبغي أن يطرح أولاً .. من نحن ؟! ,, سؤال غريب فإذا سألته لأي فد سيخبرك بأنك أحد أفراد عائلة أل (جيفاني) النبيلة بالقرية , ولكن من نحن فعلاً .. نحن سحرة يا بني .. أنا ساحر و أنت كذلك ساحر.
صاح دايسكي مستغرباً : ساحر .. وماذا تعني هذه الكلمة ؟
قال الجد بشرود : هذه هي مأساة عائلة أل (جيفاني) أنهم سحرة ومع ذلك ينكرون هذه الحقيقة, بل أنهم كادوا في أحدي المرات أن يؤمنوا بكل ما تقوله (أيتورنا) .
قال (دايسكي) : أنا لم أفهم شئ .
فقال الجد متهكماً : بالطبع .. سوف أخبرك بكل شئ , ولكن قبل أن أخبرك عليك أن تفكر في شئ واحد فقط .
فقال (دايسكي) باهتمام : وما هو هذا الشئ ؟!
فقال الجد بغموض : أن تفك في أن قرية أيتورنا ليست العالم بأكمله.. هل هذا واضح ؟
فأجاب دايسكي : بالرغم من غرابة الطلب إلا أنني سأفعل ذلك مادمت سأحصل على الأجوبة .
فقال الجد : حسناً .. أنصت إلي جيداً .
وبدأ الجد يحكي.......................
*******

NANO Valente
20-03-2010, 16:25
ابداعععع والله انها حلوه مشاء الله عليك يسلموا على القصة الروعه

دايسكي هيتاشي
21-03-2010, 16:56
التكملة
\\\\\\\\\\\\\\\\\

لم يتصور (دايسكي) كل هذا , وتمني لو أن كل ما قاله جده لم يكن سوى قصة خيالية من محض خياله , ولكن كل ما قاله واقع صحيح و مؤلم ,, أنهم محكوم عليهم بالبقاء في هذه القرية إلى أن يموتوا .. ولكن كيف السبيل إلى الخروج منها .
هنا بدأ دايسكي في الحديث : جدي .. أنت تقول أن هذه القرية ليست هي العالم بأكمله وأن هناك ست ممالك في العالم هم : مملكة الجان ,ومملكة السحرة , و مملكة الكوزرس , ومملكة الأبيكتيسكي , ومملكة ارسيديجون , ومملكة نيلبو .
و أننا ننتمي لمملكة السحرة , و أن عائلتي جاءت إلى هنا لأنها من أقوى عائلات السحرة للقضاء على أيتورنا بناءً على طلب ملك الكوزرس , ولكننا فشلنا في ذلك وبقينا هنا نحاول أن نخفي هويتنا وأن نقول بأننا من البشر.
فأومأ الجد أي نعم .
قال (دايسكي)في حنق : هذا ليس عدلاً .. ليس عدلاً على الإطلاق , لم يكن ينبغي حدوث ذلك لنا.. كيف؟
تساءل الجد في فضول : لما حماستك المفرطة هذه ... أنت لم تكن تدرك أي مفهوم قد قلت .. لماذا ترغب بشدة الخروج من هنا ؟ فقال دايسكي : لأنني لا أريد أن أعيش وأموت هنا.
فقال الجد : هدأ من روعك بني .
فقام دايسكي من مجلسه , و أخذ يمشي ببطء بطول الرواق , ويأخذ شهيق عال -ويطرده بلا أدني شفقة – وعاد إلى حيث جده , فوجد صينية عليها مخبوزات وشاي , لم يسأل من أين جاء بها جده فأخذ يرتشف الشاي ببطء , فأنساب مفعول الشاي السحري في جسده فهدأ قليلاً وقال : حسناً جدي .. لماذا جئت بي إلى هنا ؟ لماذا لم تخبرني بكل هذا في البيت ؟!
فقال الجد وهو يخبط جبهته برفق بظهر يده : أخ – تذكرت – نسيت أن أخبرك بأن الأماكن المحظورة في هذه القرية ما هي إلا خدعة كبيرة من (أيتورنا) لأنها لا تستطيع رؤيتها في بلورتها السحرية , أو القدوم إلى هنا , لأن الأماكن المحظورة .. محظورة عليها فقط , فإذا خرقتها أفنت على الفور,, بمعني أخر نحن آمنين في حديثنا عن أيتورنا طالما كنا في أحد الأماكن المحظورة في القرية .
فقال دايسكي متعجباً : ولكن ما فعلته في حجرة أخويا أليس سحراً؟! فقال الجد : بلى ..ملاحظة جيدة منك يا دايسكي .. لقد أخبرتك أنه كان على أن أقوم بتعويذة لختم سحر التوأم لمنعه من الخروج و ظهوره , وهذا ما كان يحدث قبل ذلك .. أنت تذكر هذه الأمور العجيبة التي كانت تصدر عنهم !
فقال دايسكي : بلى ..بلى ,, ولكني أقصد أنك مارست السحر في أحد الأماكن التي تستطيع أيتورنا التجسس عليها ,, فكيف فعلت ذلك دون أن تلاحظك ؟ ابتسم الجد وقال : يبدو أنك نسيت سريعاً .. ألم أخبرك أننا سحرة ؟!.. وليس أي سحرة , بل أنت من عائلة أل ( جيفاني ) السحرية العريقة -,, لقد قمت بخداع أيتورنا باستخدام أحدي تعاويذي ,, فكيف يعقل بأن أحمل التوأم إلى هنا لأمارس السحر عليهم !.. ومن هنا تأتي المفارقة الغريبة .. أنك استطعت أن تماس السحر بالرغم من أنني قمت بتعويذة ختم السحر عليك وأنت في مثل عمرهم .. أنت فريد يا دايسكي , ولكني لن أندهش من ذلك , فقد استوعبت فكرة أن هناك عوالم أخرى لم تسمع بها من قبل ,وعقلك لم يطير بعد.
فضحك دايسكي وقال : لا تنخدع يا جدي , فأنا لا أستطيع أن أحمل رأسي بعد كل ما قلت .
ثم صمت دايسكي قليلاً وبدأت عيناه تتلألأ بالدموع , فلاحظ جده دموعه المتساقطة ,فقال : ماذا هناك يا ديسكي ؟ ما المحزن في الأمر ؟ فقال دايسكي من وراء دموعه : كنت أفكر فيما قاله (( دينيكس ) صباحاً وأغضبني , كان كلامه عن أبي .. جدي .. أخبرني بصدق هل مات والدي ؟ أم أنه قد تمكن من الهروب من هذه القرية الملعونة ؟!
تنهد الجد لبرهة ثم قال : أنظر بني .. أن أباك لم يمت , ولم يهرب من القرية .
لم يفهم دايسكي شيئاَ فتساءل : ماذا تقصد ؟
فقال الجد : لقد أخبرتك عن العالم الجديد .. أليس كذلك ؟!
فقال دايسكي : بلى .. لقد أخبرتني عنه .. أهو هناك ؟
فأومأ جده برأسه إيجاباً .
فأبتسم دايسكي وقال في مرح : ربما ألحقه وأراه ,, سيكون من الممتع أن نقضي أوقانا معاً هناك بعيداً عن هذه القرية اللعينة . فابتسم الجد في أسي وقال : بلى .. بلى , سيحدث ذلك يوماً ما , ولكني أريد أن أقضي معك وقتاً هنا .
فقال دايسكي : لماذا ألمح نبرة الحزن في كلامك ؟!.. ثم تابع في مرح : سوف نكون هناك جميعاً .
فقال الجد بغموض : ربما
فقال دايسكي بحذر : ماذا تعني ؟
فقال الجد : أنظر بني ,, هناك أناساً يقضون حياتهم كلها في أحد العالمين , ولا يستطيع الانتقال إلى الأخر .
فقال دايسكي : أنا لم أفهم شئ .
تنهد الجد وابتسم وهو يقول : ستجيبك الأيام عن هذا السؤال بشكل أفضل مني يا دايسكي .. لا تكون فضولي دوماً .. أترك الحياة تعلمك .
فقال دايسكي في عدم رضا : حسناً .. ولكن كيف سأتعلم أساسيات السحر ؟
فقال الجد : سأعلمك أنا يا دايسكي , سأعلمك هنا كل شئ عن أساليب عائلتنا في السحر .
قال دايسكي في حماس : هلا نبدأ الآن ؟
قهقه الجد عالياً وقال : لا .. ليس الآن يا دايسكي , هناك شئ مهم ينبغي أن نقوم به أولاً قبل أن أبدأ بتعلميك السحر.
فقال دايسكي بسرعة اللمت الأسطوري : بلى .. العصا .. عصا الساحر ..كيف سأحصل عليها ؟
فجاوبه الجد : لا تكن متسرعاً دوماً هكذا ,, أتبعني الآن سوف نقوم بكل هذه الأمور ,, هل مازلت يقظاً ؟!
فجاوبه دايسكي : وهل أبدو عكس ذلك ؟! بالتأكيد متيقظ .
فقال الجد : إذاً كن مستعداً لأنك ستقوم برحلتك الأولى خارج أيتورنا .
لم يصدق دايسكي أذنيه وقال بعدم تصديق : هل سنخرج من قرية أيتورنا ؟ ولكن كيف ؟
فقال الجد ببرود : أتبعني فقط يا دايسكي , ولا تكثر من الأسئلة , فسوف تحصل على الأجوبة فيما بعد .
تراجع دايسكي للخلف في عدم ثقة وقال : جدي أنت تعرف ما هو مكتوب على البوابات الست المحيطة بالقرية .
قال الجد بنفاذ صبر وهو يؤمن بأن أسئلة الأطفال لن تنتهي أبداً : بلى .. أنسيت من أخبرك بهذا ؟
فقال دايسكي : لا لم أنسى , ولكن ما يحدث الآن لأمر متناقض . فقال الجد : ماذا تقصد ؟
فقال دايسكي بشئ من التردد : أن الكتابة المنقوشة على البوابات الست بلغة الكوزرس التي أخذتها أيتورنا لغة لها
تقول
(( إذا أردت أن تخرج أيها القاطن
فأعلم أنه لا سبيل لك في العودة
إلا إذا لم تخرج من الأساس ))
.. كانت هذه العبارات منقوشة بالفعل على البوابات الست المحيطة بالقرية , ولكن لم يكن هناك أحد يعبأ بها فهم – أي أهل القرية – لا يعرفون معناها أساساً , أو إلى ماذا تشير ماعدا جد (دايسكي) فهو الوحيد الذي يعرف بالأمر وأخبر حفيده دايسكي به الآن .
تابع دايسكي كلامه : و أنت الآن تريد أن نخرج منها , فكيف نعود وهي تحذرنا من أنها لا عودة لنا إذا خرجنا , حتى لو خرجنا فكيف سنعثر عليها .. ألم تخبرني بأنها لا تمكث في مكان واحد على ظهر البسيطة لأكثر من يوم .
أختفي شعور الجد تجاه سؤال دايسكي , و أبتسم فخراً وقال : هذا ما كنت أتوقعه من حفيدي , ولكن انظر دايسكي جيداً للأمر .. هل تفهم السطر الأخير من التحذير جيداً .. ما معنى كل ذلك ؟
فقال دايسكي بعد أن قلب الأمر في عقله عدة مرات : هذا يعني أننا نستطيع العودة إلى القرية مادمنا لم نخرج منها .. ثم صاح معنفاً نفسه : ما هذا الكلام الغير المنطقي الذي أقوله .
ابتسم الجد مرة أخري وقال : كلامك صحيح يا دايسكي .
نظر دايسكي لجده وقال في دهشة : حقاً ,, ولكن كيف ؟
فقال الجد : لا تقلق يا بني ,, عائلة أل ( جيفاني ) لم تقضي
القرون الأيتورنية السابقة هباءً هنا ,, هناك طريقة عثرنا عليها للخروج من هنا بغير طريق البوابات الست .
فقال دايسكي مندهشاً : حقاً .
فقال الجد : هذا صحيح ,, و الآن أتبعني فالطريق أمامنا طويل
*******
نهاية الفصل الثاني

دايسكي هيتاشي
23-03-2010, 21:37
الفصل الثالث : خارج أيتورنا

كان منظر جبل (سوميلازر) من الخارج يبعث الرهبة في النفوس مع قمته التي لم يفكر أحد في الوصول إليها بتاتاً , كانت تبدو كحد السكين , بدا أخيراً قرص الشمس يتوارى خلف قمة الجبل الثلجية مذيبة القليل منها , مما زاد من رطوبة الليل , وبالرغم من أن المنطقة تبدو خالية من جنس مخلوق , إلا أنه هناك بالفعل أحياء في هذه الجبال ,, لقد كانوا في جوف جبل (سوميلازر) الذي يبدو من الداخل كأنه قرية أخرى منفصلة عن قرية (أيتورنا) , كان أحدهم شيخاً طاعناً في السن , و الأخر فتي لم يتجاوز الثامنة من العمر بعد.
تحرك العجوز إلى فتحة معينة من بين ست فتحات تطل علي سراديب تتوغل إلى أماكن مجهولة في الجبل , وتبعه الصغير مسرعاً .
سار الاثنان معاً بداخل الكهف المختار , وما أن توغلوا قليلاً حتى بدا الصغير يتجمد من الثلج على عكس الساعات السابقة , فطرق العجوز بإصبعيه فأضئ الكهف بواسطة مشاعل عتيقة جداً تبدو أنها تعود إلى العصور المظلمة , شعر الصبي بالدفء , وتابع المسير مع العجوز في صمت , وهو يتأمل جدران ذلك الكهف في فضول ورعب في آن واحد , بينما كانت نيران المشاعل تتراقص علي الجدران مما يتيح ل(دايسكي) رؤية الرسومات المنقوشة عليها , وجد رسمة فظيعة في وجهة نظره (( هياكل عظمية )) فأشاح بوجهه بعيداً عنها , وبالرغم من فضوله القاتل لمعرفة إلى ماذا تشير هذه الرسومات إلا أنه أصر الهدوء والسلامة , ولكن ذلك العجوز ضحك بصوت مجلجل حينما لمح نظرات الرعب المرتسمة على وجه (دايسكي) فقال : مالك يا دايسكي ! .. لما هذا الشحوب , و أنفاسك ثقيلة هكذا ؟!
فقال (دايسكي) بعصبية : وهل ما رأيته لا يدعو إلي الرعب .. بحق الجحيم أنها هياكل عظمية .
فقال العجوز مداعباً : وماذا في ذلك يا(دايسكي) , أنك سوف تري ما هو أسوا من الهياكل العظمية ,, وحينها ستبدو لك مجرد دعابة طريفة لما تواجهه بعد ذلك , وربما تندرت بعد ذلك من رهبتك إياها في الصغر .
بدا (دايسكي) مبهوتاً ومفزوعاً مما سمع , وخرجت الكلمات من حلقه متقطعة : أتعني أنني سوف أقابل ما هو أسوا من ذلك يا جدي ؟! قهقه الجد قهقهة عالية وقال : بلي .. بلى ولكن لا تخشي شئ طالما أنت معي .. أنت مازلت في بداية رؤيتك للعوالم الست ,, ثم تابع ممازحاً : و الآن هل أجد حفيدي (دايسكي) الذي أصابه الملل من كل شئ قد بدأ يشعر ببعض الإثارة .
فتح دايسكي فاهه وقال : نعم .. إثارة ممزوجة بالرعب .. ليتني اكتفيت بمشاكسة (أيتورنا) . قال الجد ناصحاً : لا يغريك أن تشاكس أيتورنا , فيوم تعلم انك قد تؤذي بمصالحها فهي لن تتهاون في القضاء عليك وقتلك .
فقال (دايسكي) : حسناً أنت تعلم أنني لن أفعل ذلك حفاظاً علي سرية مهمة عائلتنا . فقال الجد مؤيداً : قرار صائب منك .. لأجل مصلحة الجميع , توقف السيد (جيفاني) فجأة حينما وصلا إلى مجموعة من الأبواب ذات الألوان البديعة ظهرت على كلاً من جانبيهم , بالرغم من أنهم لم يصلوا إلى نهاية الكهف بعد , ثم توجه إلى باب معين ذي لون وردي وطرق عليه ثلاثة طرقات دقيقة ومتتالية ,, تسائل (دايسكي) في حيرة : ما هذه الأبواب يا جدي ؟ ,, وقبل أن يجيبه الجد فتح الباب الوردي وظهر من خلفه قزم أسطوري صغير لم تجاوز طوله رأس (دايسكي) , كان أنفه كبير بدرجة مزعجة لحد أن (دايسكي) كان يتجنب النظر إليه مباشرةً , وكانت عيناه واسعتان بها مسحة حمراء – يبدو أنه لم ينم جيداً أو في حاجة إلى النوم - , وكان يرتدي منامة ذهبية مزركشة رسمت عليها صور بديعة وكانت تتحرك !! , شدت المنامة العجيبة فضول دايسكي فأخذ يتفحصها بدقة بالرغم من أنه يجهل من أمامه , كان شكله يثير القئ في نفس دايسكي ناهيك عن أنه لا يدي من هذا الكائن , ولكنه شهر بالأمان طالما جده معه.
قال السيد جيفاني : مساء الخير يا سويك ,, كيف حالك؟
تمخط (سويك) بصورة عفوية في كم المنامة و أخذ يدعك عينيه ثم قال بلا مبالاة : لست بخير , لقد كنت على وشك النوم .ثم تنبه فجأة لوجود دايسكي وصرخ : من هذا ؟َ!
قال الجد بنبرة أشبه بالاعتذار : أوه .. بالضعف ذاكرت ,, نسيت أن أعرفك يا (دايسكي) هذا هو (سويك) قزم أسطوري ,, ثم وجه حديثه ل(سويك) قائلاً : وهذا حفيدي (دايسكي) يا (سويك).
أخذ سويك يتفحص دايسكي في اهتمام واضح وهمهم : أمممم .. هو يمتلك ذلك الشعر الذي ورثه عنك وعن (هيتاشي) , وذات الخصلة المعروفة ب ( أل جيفاني ) جميعاً , و الآن ماذا ترغب من (سويك) يا سيد (جيفاني) ؟! فقال السيد جيفاني بلهجة شبه رسمية : نظراً لأنك الشخص المتاح الوحيد لي الآن يا سويك – فقد وجدت بابك هو الوحيد المطلي باللون الوردي , يبدو أن كاييف و هنجلتون و أفريم و الآخرون في أجازة .- فهمهم (سويك) مؤيداً : بلي.. بلي كلهم في أجازة .. أنا المسئول الآن عن النقل ,, إلى أي مكان يا سيد جيفاني ؟
فقال السيد جيفاني : قرية (الطائر الأزرق)
فهمهم (سويك) : اسمحا لي .
فأومأ السيد (جيفاني) وقال : تفضل .
فأغلق (سويك) باب حجرته ليغير ملابسه ,, وتوقف (دايسكي) والسيد (جيفاني) ينتظراه في ممر الكهف و أخذ الأخير يدندن , وبدا (دايسكي) متردداً لأمر ما يشغل باله فقال : امم .. جدي ,, من هؤلاء ؟! – كان يشعر بالغباء وهو يسأل جده – فجاوبه جده : أنت الآن في منطقة الأقزام الأسطوريين , هذا الكهف يعتبر قريتهم وعالمهم الثاني ,, فهم يعملون هنا .
قال (دايسكي) وهو لا يستوعب ما سمعته أذنيه التي بدأت قريبة الشبه بسطح المريخ : ماذا تعني بقولك عالمهم الثاني ,, و أنهم يعملون هنا ؟ !
فقال الجد : أنظر دايسكي .. أن في هذا الجبل سراديب و أماكن لم أكتشفها بعد وكلها مجهول ,, وكل هذه الأمور وجدت حينما تم أنشاء قرية (أيتورنا ) .. أعتبرها أساليب ردع أيتورنا إذا ما فكرت في التمرد ,, وقد كان هؤلاء الأقزام من أوائل سكان هذه القرية , وخصوصاً في هذا الكهف من الجبل , وعملهم مقصور على أن يتولوا أمور الانتقال الخفية من داخل القرية و إلى خارجها .
فقال (دايسكي) مستنتجاً : أعتقد إذاً أن القرية تمردت وفشلت أساليب ردعها .
فأومأ الجد وقال : بلي , هذا صحيح لذلك ظل الأقزام عالقون هنا بطريقة ما ,, فأن الانتقال إلى خارج القرية لا يزيد عن 7 أيام ,, لذلك قلت أن هذا المكان بمثابة عالمهم الثاني .
فصرخ (دايسكي) لدرجة أن جده قفز عدة أقدام في الهواء فزعاً وقال : مهلاً ,, لقد اكتشفت شيئاً هاماً .. شئ أغفلتموه ,, لم تأخذوه في الحسبان ,, شئ يمكننا به تقويض أيتورنا .
أبتسم الجد وقال : وما هو ذلك الشئ ؟
قال (دايسكي) : بما أنه يمكننا الانتقال بين القرية وخارجها لمدة سبع أيام ,, فأن .. فأن ذلك يعني أنه من الممكن أن نحضر أتباع ملك الكوزرس إلى هنا ,, ومن ثم تنتهي مهام عائلتنا .. ثم تابع في لهفة : أليس ذلك صحيح يا جدي ؟! .
فقال الجد : بلي هذا صحيح جداً ,, ولكن للأسف حينما أنشئت هذه القرية كلن منشئوها أذكياء بدرجة مرعبة , فجعلوا من الانتقال من القرية و إلى خارجها يقتصر فقط على قاطني القرية وليس من هم بخارجها ,, أي أنه لا يمكن لأحد دخول القرية سوى من تسمح له أيتورنا بذلك,ولكن الشئ الجيد هو أن أيتورنا لا تعلم أي شئ مطلقاً عن الأقزام الأسطوريين ,, أو أننا نستطيع الانتقال إلى خارجها و الإفلات من قبضتها لفترة إذا لزم الأمر .كما قلت سابقاً طالما أنت في أحد الأماكن المحظورة , فأنت بمأمن عن شر (أيتورنا) ,, هل استوعبت الأمر ؟! . أبتسم(دايسكي) وقال : أخشي إلا أستوعب شئ بعد الآن فرأسي ثقيل جداً .
فتح الباب المقابل , وخرج (سويك) , كان يبدو على عكس ما سبق , فبحلته الصغيرة السوداء ذات ذنب يتدلى على الأرض يبدو وقوراً , ناهيك عن تمشيطه لشعره الذي لا يجدي نفعاً , وجد (دايسكي) نفسه ترغب في الضحك عالياً بسبب مظهر (سويك) المضحك , ولكنه بذل قصارى جهده لوأد هذه الرغبة الجامحة .
قال (سويك) بوقار : لو سمحت أتبعوني .
سار الجد و دايسكي خلف سويك ببطء , كانت هناك مجموعة من الأبواب المختلفة الألوان على الناحيتين اليمني و اليسرى ثم توقف (سويك) إمام باب أحمر قاني اللون و أخر أبيض وكان بينهما جدار صخري بارز ثم مد (سويك) ثم مد سويك كفه الصغير ووضعه في فجوة تتناسب مع مقاس يديه وتمتم : ( فلو) ,, فأختفي الجدار وتلاشى كأنه صنع من العدم , ثم تابع (سويك ) طريقه إلي الداخل ومن خلفه الجد و دايسكي , وكان وجه الجد جامداً وكأن هذا الأمر شئ روتيني قام به العديد من المرات لدرجة إنه لم يعد يثير شغفه وحماسته , بينما كان ( دايسكي ) على النقيض و كان يستمتع برؤية كل شئ تقريباً وود لو أخذ له صورة يحفظ بها.لم تكن حجرة بتاتاً , بل كان مكان فسيحاً و واسعاً لا توجد فيه قطعة أثاث واحدة كأن كالمرج وكان أغرب شئ في هذا المكان هي تلك البركة الطينية في المنتصف والتي تصدر فقاقيع بحدة , ثم تحرك (سويك) إلى الإمام حيث شاطئ البركة ثم نثر مسحوق فضي اللون على سطحها .
ابتسم الجد ابتسامة باردة وقال : أستعد يا دايسكي .
فقال (دايسكي) بدهشة : أستعد لماذا ؟!
- سوف نخوض البركة الطينية . قال ذلك الجد
أبتعد (دايسكي) خطوة للخلف وشعر بالامتعاض وقال : أرجوك لا تقل أن هذا صحيح .
فقال القزم الأسطوري وقد ظهرت ابتسامة خبيثة على وجهه : لقد قالها بالفعل وتابع ناصحاً : تذكر هذا الأمر جيداً ليس كل ما تراه العين حقيقة .
وما أن أنتهي القزم الأسطوري من عبارته حتى ظهر مفعول ذلك المسحوق الذي نتثره منذ برهة على سطح البركة الطينية الذي تبدل مظهرها إلى النقيض تماماً فإذ بها تتحول إلي بركة من الماء العذب .
قال الجد : تعال إلى هنا يا دايسكي ,فلتمسك بيدي جيداً .
فعل (دايسكي) ما طلبه منه جده , ثم سار ناحية المياه , وهتف الجد : ( الطائر الأزرق ) .
فخرجت من البركة موجة من المياه و ابتلعتهم ففوجئ دايسكي , ولكنه لم يشعر ببرودة الماء المتوقعة أو الابتلال بل بقوة تجذبه إلى الأسفل فزاد من إحكام قبضته الصغيرة على يد جده .
***********

دايسكي هيتاشي
23-03-2010, 21:40
***********
في منطقة بعيدة جداً ناحية الشمال , تبعد الآلاف الأميال عن موقع قرية ( أيتورنا ) الخفي الذي لا يعلمه أحداً سوي ( أيتورنا ) نفسها , و إذا تحقق المستحيل الرابع ووجده أحدا ما فسوف تختفي عن أنظاره – ظهر السيد ( جيفاني) و حفيده (دايسكي ) الذي بدا يشعر بالدوار و وأن الدنيا تدور من حوله , ولكن لن يستمر هذا الشعور طويلاً بعد أن لوح الجد بعصاه السحرية التي ظهرت فجأة من بين طيات ملابسه والتحمت بساعده بطريقة لا يعلم كنهها تمتم ( ستيم لار ) فشعر ( دايسكي ) باختفاء الدوار و الألم , وما أن أحس بأنه قد عاد إلى طبيعته حتى بدأ يكتشف المكان من حوله في حماسة فهو يعلم أنه في قرية سحرية بالأحرى قرية ( الطائر الأزرق ) , أخذت عيناه تتجول في المنطقة , كانت من بعيد تظهر مجموعة من البيوت الضخمة المتراصة بجوار بعضها البعض , بعضها مربع الشكل و الأخر مثلث و والعض شاذ لا يصطلح أن يطلق عليه أي مسمي , وعلى منطقة أخري ليست بعيدة عنهم فوق التل تراصت مجموعة من القصور العتيقة على أبعاد متفاوتة فيما بينهم و وفى الخلف عدة مزارع تخصهم , وكان هناك طريق يتلوى أسفلتي يمر بجوار القرية يتلوى كالثعبان و أخر يشقها , بينما كانت الحقول تبتلع الاثنين معاً , شعر (دايسكي) بخيبة أمل , فهذه تبدو مثل أي قرية عادية بل ليس هناك شئ مثير فيها قط .لمح الجد هذه النظرة التي عاودت (دايسكي ) من جديد فقال : تبدو خيبة الأمل على وجهك ,, لما كل هذا .
فقال (دايسكي) بصوت سقيم : لا تبدو أنها قرية سحرية على الإطلاق .
فقال الجد في إيضاح : بل على العكس , هي قرية سحرية شهيرة ,, ربما تجدها عادية وهذا طبيعي لأننا نحن السحرة وكل الأجناس الأخرى تحاول أن تكون مخفية عن الآخرين إلا أن البشر لا يوجد لهم حدود فهم في كل العالم تقريباً نظراً لأنهم لا يعلموا أي شئ مطلقاً عنا ,, كما أخبرتك هم يحسبوا أن عالم النبات كما هو نبات , وعالم الحيوان كما هو عالم الحيوان , ولكننا نعلم حقيقتهم , لذلك نحاول أن نكون خفيين عن عالم البشر , لأنهم لو علموا بوجودنا فيحيوا في خوف وترقب لأننا في وسعنا أبادتهم بالرغم من إنه من بينهم قد ينال بعض قدرات عوالمنا .
قال ( دايسكي ) بتلهف : كيف إذاَ ؟!
تهرب الجد من الإجابة قائلاً : سوف أخبرك فيما بعد ,, شئ أخير لا تتفاخر بجنسك في كل مكان تذهب إليه قد يأت هذا عليك بالمشاكل والمتاعب .
قال ( دايسكي ) : حسناً .. حسناً .
ثم عاد إلى الصمت من جديد , بينما كان يجول في تفكير ( دايسكي ) أشياء كثيرة , فمنذ بضعة ساعات أكتشف أن هناك عوالم أخري غير قرية ( أيتورنا ) و أجناس أخري غيرهم و أكتشف أنه أيضاً ينتمي لأحدهم .. انه ساحر كما قال جده , وكان أخطر اكتشاف له على الإطلاق أن والده لم يهرب من قرية ( أيتورنا ) , وهذا بديهي بعد أن علم إنه لا يمكن قضاء أكثر من سبع أيام خارج قرية ( أيتورنا ) بل انه مازال يحيا ولكن في العالم الجديد , كانت هذه الأفكار قد ملئت رأسه علي أخرها , عندها عاد يسأل جده من جديد لعله يكتشف معلومة لم يخبره جده بها : جدي ,, إذا مكان والدي مازال حياً وهو في العالم الجديد الآن .. لماذا لا يعود ؟ أعني لماذا لا تستطيع قرية أيتورنا استعادته ؟!
قال الجد بهدوء : كما قلت سابقاً .. أن بناء هذه قرية ( أيتورنا ) لعباقرة حقاً ,, ولكنهم غفلوا هذا الأمر وذلك أيضاً يضف إلي ميزان عبقريتهم , فهم لم يزودوا القرية بتعويذة تتبع الموتى , حتى لو فعلوا ذلك فأن ( أيتورنا ) لا تستطيع فعل ذلك لأن قوانين العالم الجديد تتعارض مع قوانين العالم الذي نعيش فيه , وبالعودة إلى عبقرية بناءَ القرية فهم قاموا بكسر تعويذة الإبقاء الإلزامي في القرية للأفراد بعد موتهم , ولكنهم أعطوا هؤلاء الأفراد ميزة أخرى , وهي أنهم لو أردوا العودة إلى القرية في زيارة يسمح لهم بذلك , ويصبح غير مرئي لأيتورنا ذاتها .. ثم تابع في زهو : كما قلت .. عباقرة .
فقال (دايسكي) بفرح : إذاً هذا يعني أن والدي يستطيع العودة إلينا .. صمت فجأة ثم صاح في حزن :ولكنه لم يفعل ذلك .
فقال الجد معللا : أنظر ( دايسكي ) , أن الأمر معقد بالنسبة له , أنت تعلم أن جميع قاطني قرية ( أيتورنا ) من البشر العاديين ,, فماذا سيحدث لو رأوا والدك ..سيكون ذلك بالنسبة لهم ميت يتحرك !!
فقال ( دايسكي ) : حسناً .. حسناً ,, ولكن مهلاً , حسبت أنني سمعت تعويذة تتبع الموتى فما هي ؟ - قال الجد باختصار : حتى نضمن ألا يعبث أحد بأجسادهم , فقد يستخدمهم السحرة الأشرار كدمي تنفذ أوامرهم .. تخيل جنود لا تموت !!
أرتعب ( دايسكي ) من الفكرة ولام نفسه على السؤال ولكنه ابتسم وقال : معك حق .
تعجب الجد وقال : ماذا ؟! - قال ( دايسكي ) : معك حق في إنه هناك ما هو أسوا من الهياكل العظمية .
ابتسم الجد لدعابة دايسكي وحدث نفسه لابد أن هذا الفتي سيصير أقوي بكثير مما أتوقع ,, بل أنه قد يصير أعظم ساحر في عالم السحرة .
مرت من إمامهم سيارة سوداء لامعة من ماركة (فورد) الشهيرة وتوقفت على بعد خطوات قليلة منهم , كانت هناك فتاة بشرية خلف عجلة القيادة , كانت فاتنة نوعاً ما وتبدو في التاسعة عشر من عمرها , وطولها يوازي ضعف طول ( دايسكي ) الصغير الذي كان ينظر لها مبهوراً فابتسمت له , وكانت النتيجة فورية فقد توردتا وجنتيه .
تحدثت الفتاة بصوتها العذب : أري أنكم ستسيرون لمسافة طويلة حيث القرية , فلما لا ترافقاني ,, بالمناسبة أنا ( إيميلي )
*********

دايسكي هيتاشي
23-03-2010, 21:42
توقفت السيارة ذات الماركة العالمية بسلاسة إمام الشارع الرئيسي للقرية , و كان ( دايسكي)يجلس في مقعده وكان يود أن يستطيل من جلسته فسأل جده : أين بيتنا يا جدي ؟
فقال الجد : أه البيت .. تقصد القصر .. إنه هناك بأعلى التلة .
فعرضت ( إيميلي ) عليه أن توصلهم إلى أعلي فإمامها وقت طويل قبل لقاء خطيبها , ولكن رفض السيد ( جيفاني ) بلغة راقية مهذبة عرضها ,, ثم أخرج من بين جيوبه العديدة علبة صغيرة ذات ألوان ذهبية تتراقص برشاقة : اسمح لي أن أقدم لكِ هذه الهدية البسيطة عرفاناً بالجميل فترددت ( إيميلي ) كثيراً ,, ولكن وضع إصرار السيد ( جيفاني ) حداً لترددها فأخذتها على الفور وقالت بلهجة عذبة : شكراً لك .
ثم عادت إلى سيارتها ومن خلفها العجوز والحفيد يتابعان سيرهما ثم رحلت بعيداً , وفي طريقها فتحت العلبة الصغيرة , فصرخت انبهارا ودهشةً وتساءلت في عجب كيف يمكن أن توصل شخصاً ما ويمنحها خاتم الألماس لشكرها , لابد انه ثري , ولما لا ؟! فهو يملك قصر بأعلى التلة ,, ثم صاحت بعل صوتها : ( يا لحظي ) .
**************
تساءل ( دايسكي ) في فضول : ماذا أعطيتها يا جدي ؟ .
ابتسم الجد وقال : هدية .
قال ( دايسكي ) لنفسه : وكأني لم أري , ثم تابع بصوت مسموع : مادمت قد قلت أن لنا قص بأعلى التلة فلماذا نسير في القرية إذاً ؟!.
فأجابه الجد : ببساطة نحن ذاهبين إلى حانة ( فيزتسون ) .. لي موعد هام جدا ً هناك .
أستغرب ( دايسكي ) وقال : لقاء ,, لم أحسبك غادرت القرية !
لم يتمالك الجد نفسه فأخذ يقهقه بصوت عالي وقال من بين دموعه : عذراً يا ( دايسكي) ,, أعذرني ولكن فكر قليلاً ,, أنت الآن ستجعلني أسحب ثقتي بقدراتك .. فكر .. أن عائلة ( آل جيفاني ) من أشهر عائلات السحرة و أقواها على الإطلاق فكيف تقبل بمهمة تقضي عليها تماماً ,, لا لا , أن عائلة ( جيفاني ) تحيا في كلا المكانين , فأنا أستطيع المجئ إلى هنا يومياً وكذلك أنت والرجوع إلى القرية وقتما نريد .. أفهمت ؟!
قال ( دايسكي ) ببرود : بلي فهمت , و الآن أين تلك الحانة ؟! لقد تعبت كثيراً من السير .
ابتسم الجد وقال : تفضل .. إنها على يسارك .
ألتفت (دايسكي) إلى يساره فوجد حانة في غاية الروعة والجمال , كانت تتكون من دورين الأول للزبائن العاديين , بينما خصص الثاني لمن يريد المبيت , وكان المدخل أكثر إبهاراً .
كان المدخل عبارة عن تنينين عملاقين متقابلين وقد طلي أحدهما باللون الأبيض بينما كان الأخر باللون الأحمر القاني .
فلم يتمالك ( دايسكي ) نفسه وقال : يا الله .. روعة .. ألم يكن من الأفضل أن تسمي ( حانة التنينين ) بدلاً من حانة ( فيزتسون ) ؟
قال الجد : هذا ما كنت أتوقعه منك .. أنهما رمز عائلتنا !
فقال ( دايسكي ) في استفهام : رمز عائلتنا ؟!
فقال الجد : بلي ..أنهما رمز عائلتنا ,, وحينما قام العجوز ( فيزتسون ) بإنشاء هذه الحانة أمر بنقش رمز عائلة ( آل جيفاني ) تقديراً لجهودها للقرية .. لا تتعجب فهناك العيد من الحانات في القرية تقوم بنقش رموز عائلات السحرة الأخرى , ولكن حانة ( فيزتسون ) هي الأروع في القرية بلا رياء .
عبر الجد الحانة وتبعه (دايسكي ) الذي راوده شعور بالرهبة والزهو معاً حينما مر بالتنينين .لم تقل روعة الحانة في الداخل عن خارجها , بل كانت مفروشة بعناية ومصروف عليها ببذخ فقد زينت السقف العديد من الثريات الرائعة و بينما كانت توجد مدفأة في الركن الجنوبي من القاعة وقد أحتلت حجم كبير من الجدار والنيران تفرقع بداخلها في خفوت بينما كان يوجد بار رفيع يمتد بطول القاعة وفي المنتصف كانت هناك مساحة مخصصة للرقص , بينما كان ينبعث صوت موسيقي هادئ من أحد الأركان , و احتل الناس معظم الطاولات تقريباً , وكانت هناك فتاة مبهرجة تتجول بين الحاضرين لأخذ الطلبات , وكان هناك عامل كسول نوعاً ما يجلس خلف البار عيناه ناعستين و قليل الاهتمام بمظهره ويتحدث بصوت مبحوح لأحد زبائنه فلمح ( دايسكي ) والسيد ( جيفاني ) ولم يبد علي وجهه أي تعبير سوي أن حدقتا عيناه قد أتسعت قليلاً , اتجه ناحيته السيد ( جيفاني ) وقال : مساء الخير يا ( بيتر ) ,, هل من أحد ينتظرني ؟ .
قال ( بيتر ) بصوت مبحوحاً لا يكاد أن يسمع : مساء الخير يا سيد جيفاني , لم أرك منذ شهر على الأقل ,, تابع بصوت روبوتي : كالعادة ( بيير ) ينتظرك في الباحة الخلفية , أنت تعلم هو لا يحب الاختلاط مع الآخرين , بالإضافة إلى كثرة مرور البشريين بالقرية بسبب كأس العالم لكرة القدم ... بلهاء.
فقال السيد جيفاني بلباقة : شكراً بيتر ,, ابلغ السيد ( فيزتسون ) تحياتي .
لم يرد (بيتر) ولكنه أكتفي بإيماءة باردة .
ثم تحدث السيد ( جيفاني) إلى ( دايسكي ) قائلاً : اتبعني .
يبدو أن ( دايسكي ) قد آثار فضول ( بيتر ) الذي سأل السيد جيفاني عنه فجاوبه الأخير بأنه حفيده .
مشى السيد ( جيفاني ) إلى نهاية الحانة وفتح الباب على يمينه وعبره ومن خلفه ( دايسكي) .
وجد ( دايسكي) نفسه في حديقة مليئة بمختلف الأزهار وشتي الألوان , ثم صرخ بشدة وكاد يبكي , فقد وجد شيئاَ مرعباً إمامه .. رجل , ليس رجل بالتحديد , كان طويل طويل جداً , وضخم الجثة بدرجة مريعة .. لقد كان عملاقاً .
سد العملاق أذنيه بواسطة يديه علي إثر هذا الصراخ الغير متوقع , و تحرك بطريقة من فقد الإحساس بالتوازن , بينما حاول السيد ( جيفاني ) تهدئة حفيده الذي هدأ بعد مرور خمس دقائق , وكان السيد جفاني في قمة خجله فقال : عذراً يا بيير ,, إنه حفيدي , أنها أول مرة له في العالم السحري .
فقال بيير بإزعاج واضح : لا عليك يا جيفاني , ولكنه بحق يمتلك حنجرة قوية جداً.
فضحك جيفاني وقال : هذه أول مرة أكتشف فيها هذا .. إنه ( دايسكي ) ,, ثم وجه حديثه إلى ( دايسكي ) : إنه بيير من العمالقة ,, أحد قدامي أصدقائي , لا تقلق ولا تخاف من شئ طالما هو معك ,, وبالرغم من ذلك ظل ( دايسكي ) متشككاً في أمره .
أن هذه الأمور لصعبة عليه حقاً في أول يوم له في العالم السحري الذي لم تظهر نهايته بعد .
طال الحديث بين السيد ( جيفاني ) و العملاق ( بيير ) , ودخل الساقي ( بيتر ) عدة مرات يحمل أصناف مختلفة من الشراب والطعام , وكان يصر دوماً على أن يحضر ل( دايسكي ) مجموعة متنوعة من المثلجات والمرطبات بنكهات مختلفة كالفراولة والشكولاتة و الموز .. و أشياء أخري لم يراها من قبل ولكنها كانت تعجبه وتؤل في النهاية إلى معدته التي تضخمت بصورة مذهلة إلى ثلاثة أضعاف حجمها الأصلي , وغرق ( دايسكي ) في غفوات كثيرة , فهو بات ملولاً من الحديث الذي يدور بين جده و ( بيير ) و فقد كان في بادئ الأمر متحمساً لسماعه لأول حديث في حياته عن العالم السحري , وتنبهت حواسه حينما سمع كلمات غريبة جديدة على أذنه ك ( البساط الطائر ) ,, ( مبارزات السحرة ) والأعداد لمسابقة المبارز الأول,, والنبوءات السخيفة التي انتشرت في العالم .. كان كل هذا يثير انتباهه و ولكن بعد دقائق معدودة , وجد ( جده ) يسأل عن حال بعثة ( أل جيفاني ) الدراسية إلى معابد مصر القديمة و........و........ الخ .
في النهاية أدرك ( دايسكي ) أن كل هذه الأحاديث تدور بخصوص أعمال العائلة في مصر و وأن ( بيير ) مسئول بصورة ما على متابعتها .
فأستسلم ( دايسكي ) أخيراً للنوم و شعر بأن الرؤية من حوله تهتز كأنها صفحة نهر مياهه ساكنة ورميه طفل صغير بحجر صغير فتتكون الآلاف من الدوامات الصغيرة .. كان هذا حال ( دايسكي ) الصغير , وجاءه صوت من بعيد : هييه ( دايسكي ) .. أستيقظ ,, نحن علي وشك الرحيل .
فهمهم ( دايسكي ) بهمهمة غير مفهومة دون أن يرفع جفن : اممم... حس.. اااااااا
ثم سقط في بئر النوم من جديد و فتركه الجد نائماً وحمله وابتسم في حنان وقال : كان هذا أمر مفروغ منه ,, لقد كان يومه حافلاً .
فرد ( بيير ) : أتعلم ,, أنني لمنحته كل ثروتي لو أستمر على هذا المنوال ,, حفيدك هذا غريب , لو أي فرد أخر مكانه .. بلا شك لأصابه الجنون .. أعتقد أنه سيصير فريداً جداً .
همهم السيد جيفاني في أسي : بلي ,, بلي ,, سوف نري ماذا سيصيبه في السنيين القادمة !
فقال ( بيير ) : حسناً .. سوف أرحل الآن ,, أنت تعلم لدي ميعاد من جونسون . ثم اختفي
وبالمثل أختفي السيد ( جيفاني ) هو و حفيده تاركين الباحة خالية من خلفهما وقطات الندي تتجسد علي أوراق النباتات في الفجر الجديد ,بينما هناك بومة عسلية اللون تقف على فرع شجرة قريب من الأرض تحدق في لا شئ .
*************
نهاية الفصل الثالث

أريج الروح
24-03-2010, 03:52
مرحبا

دايسكي هيتاشي قصتك خيال فى خيال ،
بديع ،وصفك للمكان حلو ، وحال دايسكي ،انا باقول اكمل القصة

وانا انتظر

تقبل مرورى

تحياتى

The HBK
25-03-2010, 01:08
دايسكي مؤلفنا المبدع هنا يا مرحبا يا مرحبا :p

طبعا أنا مش محتاج أقولك أسلوب وصفك عاجبني قد إيه فعلا والله

التعليق النسيت أقوله لك هو نفس التعليق القاله lPhantom_Devill

أنا فهمت قصدك بعد كدا بس نصيحة إنك توضح النقطة دي في الفصل الأول

إن الحاكمة على نفس إسم القرية عشان الناس ما تتلخبطش

لا تنسى إنك إنت فاهم الموضوع بسهولة لأنك المألفه والحال مختلف بالنسبة للقارئ

يلا متابعك بإستمرار إن شاء الله

ولا تتكاسل مثلي :D

دايسكي هيتاشي
25-03-2010, 12:24
مرحبا

دايسكي هيتاشي قصتك خيال فى خيال ،
بديع ،وصفك للمكان حلو ، وحال دايسكي ،انا باقول اكمل القصة

وانا انتظر

تقبل مرورى

تحياتى

اهلا اختي
سعيد برأيك كثيراً

و أنا في انتظار متابعتك للرواية دائما :d
,,


دايسكي مؤلفنا المبدع هنا يا مرحبا يا مرحبا

طبعا أنا مش محتاج أقولك أسلوب وصفك عاجبني قد إيه فعلا والله

التعليق النسيت أقوله لك هو نفس التعليق القاله lphantom_devill

أنا فهمت قصدك بعد كدا بس نصيحة إنك توضح النقطة دي في الفصل الأول

إن الحاكمة على نفس إسم القرية عشان الناس ما تتلخبطش

لا تنسى إنك إنت فاهم الموضوع بسهولة لأنك المألفه والحال مختلف بالنسبة للقارئ

يلا متابعك بإستمرار إن شاء الله

ولا تتكاسل مثلي

كايتو باشا
اكيد انت عارف مين اللى جابني هنا
..
بصراحة أنا كنت متعمد الجزئية ديه
عايز القارئ يفكر معايا , و يبتسم في فخر أنه قد وجد لي نقطة وقعت فيها
كل ما هنالك
أنني أحببت أن احوز اهتمام القارئ معي من البداية
ض2
سعيد بمرورك أخي

NANO Valente
25-03-2010, 14:02
:eek::eek: مشاء الله عليك ابداع مره ابداع اسلوبك في الكلام اللغه العربيه مشاء الله ممتاز ورئع والقصه مرتبه وجميله وبعد احداثها مشوقه جدا مشاء الله يسلموا استمر بلكتابه والتاليف ::جيد::::جيد:: بهذهي الافكار ولاسلوب المتميز الله يعطيك الف عافيه ::جيد::::جيد::::جيد::

سايا5
25-03-2010, 14:12
حجز ..............القصصة طويلة سأقرأها ومن ثم ارد
سوري

L ! l y a n
25-03-2010, 14:32
" حجـــــــــ( ستتم القراءة ) ــــــــــــــز ... ^\*

L ! l y a n
25-03-2010, 16:42
السلام عليكم ....
قرأت الفصل الأول و ماشاء الله
كاتب مبدع بحق ..
و لكن عليك أن تنتبه للأخطاء المطبعية البسيطة ...
المعاني و اختيارك للكلمات و خيالك .. ما شاء الله ابداع ..
...

meroni
25-03-2010, 19:56
مرحبا
بصراحه انا ماقد قريت قصة خيالية من قبل بس
هذي القصة كانت الاروع
الوصف رائع
والفكرة رائعة
والكاتب هو الاروع
بأنتظار الفصل الرابع
مع تحياتي
meroni

دايسكي هيتاشي
26-03-2010, 13:16
:eek::eek: مشاء الله عليك ابداع مره ابداع اسلوبك في الكلام اللغه العربيه مشاء الله ممتاز ورئع والقصه مرتبه وجميله وبعد احداثها مشوقه جدا مشاء الله يسلموا استمر بلكتابه والتاليف ::جيد::::جيد:: بهذهي الافكار ولاسلوب المتميز الله يعطيك الف عافيه ::جيد::::جيد::::جيد::
أخجلني حقاً أطراءك أختي
يلا منتظرين ملاحظاتك ونقاشاتك :D



حجز ..............القصصة طويلة سأقرأها ومن ثم ارد
سوري
نحن في الانتظار :p

السلام عليكم ....
قرأت الفصل الأول و ماشاء الله
كاتب مبدع بحق ..
و لكن عليك أن تنتبه للأخطاء المطبعية البسيطة ...
المعاني و اختيارك للكلمات و خيالك .. ما شاء الله ابداع ..
...
سيتم الأخذ في الاعتبار تلك الاخطاء بإذن الله
في انتظار عوداتك


مرحبا
بصراحه انا ماقد قريت قصة خيالية من قبل بس
هذي القصة كانت الاروع
الوصف رائع
والفكرة رائعة
والكاتب هو الاروع
بأنتظار الفصل الرابع
مع تحياتي
meroni

ثانكس اختي على الأطراء
بإذن الله الفصل الرابع سيكون موجود قريبا جداً
سعيد بمرورك

كورابيكا-كاروتا
26-03-2010, 16:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف الحال اخي الكريم ؟

اهلا بك بمكسات ^^

ما شاء الله
رائع ما خطته اناملك صراحة
ابداع xابداع

رائع بالفعل
خصوصا الوصف
و اهتمامك بدقائق الامور

بالانتظار ^^

مَرْيَمْ .. !
26-03-2010, 18:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
كيف حالك أخي؟.. عساك بخير ^^

شكرا على الدعوة التي سعدت بها جدا، خاصة بعد قراءتي للأجزاء التي طرحتها..

بالنسبة لي، أحب جدا الكتابات التي تكون خالية من الأخطاء.. طبعا لا أقصد الإملائية فتلك قد تكون مطبعية، لكن أقصد النحوية..
فالكاتب الجيد يجب أن يكون عالما بالقواعد النحوية والبلاغية في لغته.. واللغة العربية ثرية بقواعدها ومصطلحاتها.. إضافة إلى أن هذه القواعد ليس صعبة..
تثاءب ( دايسكي) على مهل وهوعلى فراشه أزرق اللون , فنهض و عدل من جلسته
ثم نهض أو ونهض فالحدث ليس نتيجة مباشرة للتثاؤب، فيحتاج لفاصل زمني ونحوي بينهما..
لكنك استعملت الواو كثيرا فيما لحق.. لذا ”ثم“ هي التعويض الأمثل برأيي...
وغير هذه من بعض الأخطاء النحوية التي بإمكانك تفاديها من دون شك!!
و أخذ يغمض عينيه كأنه يحاول الإمساك بأذيال حلم رحل عنه
بصراحة أعجبني هذا التعبير جدا ^^..
بالرغم من كل هذه القذارة إلا أنها كانت حجرة فاخرة جداً من حجرات قصر عظيم .
ههههه... يا لهذا التناقض!!.. كحكم مسبق على ”دايسكي“ يظهر فعلا أنه شخص مهمل، ولا يهتم بالمظاهر.. لكن لسبب ما أحسست أنه مرح ^^.. ولم أعلم أنه صغير في السابعة فقط :موسوس:!! فهذا يفسر الإهمال..

عموما لديك أسلوب جميل.. ذكرك لأدق تفاصيل المشهد هو ما جعل لأسلوبك نكهة خاصة..
وأعجبني جدا توتر البداية، ثم انفراجها في ذات الوقت.. فقد اعتدنا كثيرا على البدايات الهادئة..
وكون قصتك بدأت بتوتر جراء أحلام ”دائسكي“، فاختفاء التوتر لدى دخول ”سدني“ جعل للبداية نكهة خاصة ^^
بالرغم من أنهم لم يتجاوزوا الثالثة من العمر ألا أنهم اقتنصوا بجدارة لقب أشقياء العائلة
أولا: أنهما لم يتجاوزا..
ثانيا: لماذا كل توأم يكونان شقيان في الصغر @@؟ <~ سؤال عابر فقط :لقافة:

شي آخر.. استنكرت أن يكون ”دايسكي“ صغيرا في بعض من الاحداث..
لكن ربما هذا نوع من التغيير عما سبق وقرأته..
أقصد صغير له روح وهموم راشد ^^

حسنا لأكون صريحة فأنا لم أقرأ الفصل الثالث بعد..
لكني سأقرؤه في أقرب فرصة بإذن الله...

صدقا.. كقصة، ففكرة هذه فريدة للغاية.. اعتمدت على مصطلحات نعرفها جميعا كـ“السحرة“..
لكن وظفتها بطريقة مختلفة عنا.. وهذا أكثر ما جذبني..
قرية يعتبرها سكانه العالم الوحيد! وأبواب ستة تحرسها...
إضافة إلى غرابة العوالم الأخرى (أحسست ذلك من أسمائها)...
لذا أظنني بصدد قراءة إحدى روائع الأفكار القصصية...
سأحاول أن أكون متابعة.. ^^“

أراك بخير.. :)
في أمان الله

سايا5
26-03-2010, 20:15
سابقا

حجز ..............القصصة طويلة سأقرأها ومن ثم ارد
سوري
القصة
خيال في خيال واسلووووووبك رائع
مشكوووووورة كتير على القصة

دايسكي هيتاشي
27-03-2010, 14:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف الحال اخي الكريم ؟

اهلا بك بمكسات ^^

ما شاء الله
رائع ما خطته اناملك صراحة
ابداع xابداع

رائع بالفعل
خصوصا الوصف
و اهتمامك بدقائق الامور

بالانتظار ^^
وعليكم السلام أختي
بخير حال والحمدلله
هلا بيك :p
سعيد بمرورك حقاً >> يبدو أنك قررت أن تقرأيها أخيراً مادامت نشرتها هنا :D



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
كيف حالك أخي؟.. عساك بخير ^^

شكرا على الدعوة التي سعدت بها جدا، خاصة بعد قراءتي للأجزاء التي طرحتها..

بالنسبة لي، أحب جدا الكتابات التي تكون خالية من الأخطاء.. طبعا لا أقصد الإملائية فتلك قد تكون مطبعية، لكن أقصد النحوية..
فالكاتب الجيد يجب أن يكون عالما بالقواعد النحوية والبلاغية في لغته.. واللغة العربية ثرية بقواعدها ومصطلحاتها.. إضافة إلى أن هذه القواعد ليس صعبة..
تثاءب ( دايسكي) على مهل وهوعلى فراشه أزرق اللون , فنهض و عدل من جلسته
ثم نهض أو ونهض فالحدث ليس نتيجة مباشرة للتثاؤب، فيحتاج لفاصل زمني ونحوي بينهما..
لكنك استعملت الواو كثيرا فيما لحق.. لذا ”ثم“ هي التعويض الأمثل برأيي...
وغير هذه من بعض الأخطاء النحوية التي بإمكانك تفاديها من دون شك!!
و أخذ يغمض عينيه كأنه يحاول الإمساك بأذيال حلم رحل عنه
بصراحة أعجبني هذا التعبير جدا ^^..
بالرغم من كل هذه القذارة إلا أنها كانت حجرة فاخرة جداً من حجرات قصر عظيم .
ههههه... يا لهذا التناقض!!.. كحكم مسبق على ”دايسكي“ يظهر فعلا أنه شخص مهمل، ولا يهتم بالمظاهر.. لكن لسبب ما أحسست أنه مرح ^^.. ولم أعلم أنه صغير في السابعة فقط :موسوس:!! فهذا يفسر الإهمال..

عموما لديك أسلوب جميل.. ذكرك لأدق تفاصيل المشهد هو ما جعل لأسلوبك نكهة خاصة..
وأعجبني جدا توتر البداية، ثم انفراجها في ذات الوقت.. فقد اعتدنا كثيرا على البدايات الهادئة..
وكون قصتك بدأت بتوتر جراء أحلام ”دائسكي“، فاختفاء التوتر لدى دخول ”سدني“ جعل للبداية نكهة خاصة ^^
بالرغم من أنهم لم يتجاوزوا الثالثة من العمر ألا أنهم اقتنصوا بجدارة لقب أشقياء العائلة
أولا: أنهما لم يتجاوزا..
ثانيا: لماذا كل توأم يكونان شقيان في الصغر @@؟ <~ سؤال عابر فقط :لقافة:

شي آخر.. استنكرت أن يكون ”دايسكي“ صغيرا في بعض من الاحداث..
لكن ربما هذا نوع من التغيير عما سبق وقرأته..
أقصد صغير له روح وهموم راشد ^^

حسنا لأكون صريحة فأنا لم أقرأ الفصل الثالث بعد..
لكني سأقرؤه في أقرب فرصة بإذن الله...

صدقا.. كقصة، ففكرة هذه فريدة للغاية.. اعتمدت على مصطلحات نعرفها جميعا كـ“السحرة“..
لكن وظفتها بطريقة مختلفة عنا.. وهذا أكثر ما جذبني..
قرية يعتبرها سكانه العالم الوحيد! وأبواب ستة تحرسها...
إضافة إلى غرابة العوالم الأخرى (أحسست ذلك من أسمائها)...
لذا أظنني بصدد قراءة إحدى روائع الأفكار القصصية...
سأحاول أن أكون متابعة.. ^^“

أراك بخير.. :)
في أمان الله

وعليكم السلام
,,
بالتأكيد ينبغي علي أي كاتب أن ينتبه إلي الأخطاء بنوعيها النحوية و الإملائية , ولكنني صدقاً أحاول قدر المستطاع تجنب الاخطاء النحوية "^^
كل تنبيهاتك تم أخذها في الإعتبار :رامبو:
,,
لماذا كل توأم أشقياء ؟؟
امممممم
ربما لأن الكتاب أتفقوا فيما بينهم على اثبات أن كل التوأم أشقياء .. كما جعلونا نعتقد أن الفامبيرز يكرهون الثوم ويقتلون بالوتد .. ياله من مخطط شرير:p



سابقا

القصة
خيال في خيال واسلووووووبك رائع
مشكوووووورة كتير على القصة

أهلين سايا
سعيد بمرورك و تعليقك علي الرواية
أتمني أن تعجبك إلي النهاية

دايسكي هيتاشي
27-03-2010, 15:02
الفصل الرابع : شجرة العصي السحرية

كان الوقت هو العصر ,, وكانت الشمس تتجه في رحلتها السرمدية نحو الغرب , بعد أن أحرقت الجلود بلهيبها في الظهيرة , ولكنها بدات لطيفة الآن , فأخذت تتابع مرحها فتنثر أشعتها في ربوع قرية (( الطائر الأزرق )) فصنعت من بناتها غطاء يلمس كل شئ إلا ذلك القصر العظيم في أعلى التلة , كانت تحيطه جدران من الأشجار العملاقة تحميه منها فأصرت علي أن تخترق هذا الجدار المكون من أجار الصفصاف والتوت , و زادت من جرعة أشعتها خصوصاً بعد أن لمحت شخصين واقفين في الفراندة .
على الجانب الأخر كان يجلس الشخصان في الفراندة العليا بقصر( أل جيفاني ) حول مائدة صغيرة وضع عليها كوبين من الشاي البارد , وبسكويت مغطي بالشكولاتة السائلة .. كان أحدهم هو السيد ( جيفاني ) بينما الأخر يدعي ( فرانك) كان قصير بعض الشئ , لم يتجاوز طوله ذقن السيد ( جيفاني) وكذلك كان ممتلئ ذو لحية نامية و وكان يدخن غليوناً ببراعة و كأنه ولد معه , ولكنه كان عجوز فهو يكبر السيد ( جيفاني ) بسبع سنوات .. لقد كان ابن عمه .
تحدث (فرانك ) : أهلاً ب(ابن العم ) , لم أراك منذ مدة طويلة , يبدو أن المهام على الفرع الكبير من العائلة كبيرة .
ابتسم ( جيفاني ) في أسي وقال : آه يا ابن العم ,, أنها ليست بالمهام مطلقاً ,, أنها لعنة على عائلتنا ,, لعنة لن تزول إلا بزاول عائلتنا و انقراضها .
قال ( فرانك ) معاتباً : لا تقل هذا يا رجل ,, لا تتحدث هكذا عن زوال عائلتنا , لن يعجب هذا الكلام ابن عمك ( ملكيادس ) .
ابتسم ( جيفاني ) حينما سمع اسم ابن عمه ( ملكيادس) طالما أضحكه كثيراً حينما يراه ,كان ( ملكيادس ) هو أكثر أفراد عائلة ( جيفاني ) فخراً بالانتماء لها , وكان ذلك يسبب له العديد من المشاكل و حينما قابل أحد أفراد عائلة ( بيترش) في حانة ( فيزتسون ) وترتب علي ذلك دخوله مبارزة مميتة , ولكنه نجا منها بعد أن فقد يده اليسرى .. ابتسم السيد ( جيفاني ) مرة أخرى وقال في أهتمام : وكيف حال ( ملكيادس ) الآن ؟!
فقال فرانك : بخير حال ,, طالما هو بعيداً عن مبارزاته السخيفة تلك .
فقال ( جيفاني ) في تخمين : إذاً هو لم يتوقف قط عن إعلانه تحديه لأي فرد يزعم أ ن( أل جيفاني ) ليسوا الأفضل بالرغم من فقدانه يده اليسري .
قال ( فرانك ) بنبرة يأس : هو كذلك , ولن يستسلم أبداً ,, أري أنه لن يموت في أي مكان من دون مبارزة .
فقال ( جيفاني ) : لا أتفق معك ,, فهو قوي بالفعل .
فقال ( فرانك) : هييه .. دعنا من ( ملكيادس ) الآن ,, وأخبرني كيف حال زوجة ابنك (ميراند ) ؟
فقال ( جيفاني ) في أسى : ليست بخير ,, أنت تعلم أنها مصابة بداء الحمي الزرقاء .
فصاح ( فرانك ) : فلتأخذ لها وصفة ( فيروبس ) السحرة ,, سوف تشفي على الفور .
فقال ( جيفاني ) : فكرت في هذا كثيراً , ولكن لم أستطع أن أعطيها الوصفة .
فقال ( فرانك ) في دهشة : كيف لا تستطيع ؟! أتقول أن ( جيفاني ) عبقري الوصفات لا يستطيع صنع وصفة بسيطة مثل هذه .. لا يعقل ..ألست أنت مبتكرها ؟!
فضحك ( جيفاني) بكاءً وقال : بلي .. بلي , ولكن أنت تنسي دوماً ,, لقد أخبرتك أنها لعنة ( آيتورنا ) على الفرع الكبير ,, أن ( آيتورنا ) تدرج الأدوية في عيادتها كيفما تشاء , ولا يوجد دواء للحمي الزرقاء هناك , فماذا لو أعطيت ( ميراندا ) الوصفة وشفيت بعدها ,, سيثير الأمر إنتباه ( آيتورنا) وستبدأ بالبحث وينكشف أمرنا ,, لأصدقك القول لقد ضعفت ذات مرة وقدمت الوصفة لميراندا ولكنها رفضت .. رفضت أن تشفي في سبيل عائلتها .
فقال (فرانك) في أسي : يا لها من أم
ثم صمتا قليلاً , وعاود (فرانك) الحديث : إذن .. ماذا ستفعل في هذه الفترة – ست أيام على ما أعتقد ؟! –
فجاوبه ( جيفاني ) : هم كذلك ست إيام , ولكني لا أنوي البقاء كل هذه المدة , سوف أرحل في الغد . فعلق ( فرانك ) مندهشاً : سريعاً هكذا .
فقال ( جيفاني) في جدية : بلي .. سوف أعيد ( دايسكي ) إلى القرية ,, وسأعود في الأسبوع المقبل .
قال ( فرانك ) في عدم تصديق : دايسكي !! .. دايسكي ابن هيتاشي هنا ..هل ما أسمعه صحيح ؟!
فقال ( جيفاني ) : بلي .. بلي ,, لقد أكتشف الأمر مبكراً ,, لقد رأني و أنا أقوم بختم التوأم أول أمس , فكان علي فعل ذلك .
فقال ( فرانك) : هو في السابعة من العمر , كيف تفعل ذلك ؟! ألا تدرك حجم المخاطر التي قد يتعرض لها ؟! فقال ( جيفاني ) : بلي ,, ولكن ينبغي على فعل ذلك ,, لقد أستطاع تجاوز تعويذة الختم ,, و أحياناً عند الغضب يقوم بأمور سحرية لا أرادياً وكأن طاقته السحرية وجدت منفذاً في ذلك الشعور لكي تخرج إلى العالم .
فقال ( فرانك ) غير مصدقاً : حقاً ما تقول .. تجاوز تعويذة الختم .
فقال جيفاني : بلي , لذلك .. بالإضافة إلي إنه لديه القدرة على التنبؤ بصورة واضحة , لذلك قررت أن أقوم بهذه الخطوة !
فتسأل ( فرانك ) في حذر : أي خطوة ؟ فقال ( جيفاني ) : أن أصطحبه إلي شجرة العائلة .. شجرة العصي السحرية ليأخذ عصاته ولأدربه .
قال ( فرانك ) : هذا جنون ,, لا ينبغي فعل ذلك إلا في عمر التاسعة .
فقال ( جيفاني ) مؤيداً : أعلم ذلك يا ابن العم ,, ولكن ( دايسكي ) سيكون قادراً على القيام بذلك .. سيصبح أقوي ساحر عرفه العالم .. أنا رأيت ذلك – ثم أضاف في غموض : ولكنه عليه أجتياز أصعب الأمور أولاً .
فقال ( فرانك) مستميتاً بدفاعه الأخير ليثني ( جيفاني ) عن القيام بهذه الخطوة : لا يعني هذا أيضاً إنه يقدر على فعل ذلك وهو في السابعة !! ينبغي أن ننتظر عامان على الأقل .
ابتسم ( جيفاني ) وقال : ألم أخبرك من قبل ؟! لقد رأيت ذلك .
فقال ( فرانك ) مستسلماً : حسناً ومتي تنوي فعل ذلك ؟
قال ( جيفاني ) : عند الغروب – إنه الوقت المفضل كما تعلم –
***********
في تلك الآونة كان ( دايسكي ) نائماً في أحدي الحجرات العديد ة بالقصر التي لا تقل فخامةً عن حجرته في قرية ( آيتورنا) حتى يخيل للرائي أن قصرهم بقرية ( آيتورنا) ما هو إلا نسخة مقلدة بإتقان عن قصرهم في العالم الخارجي .
مرت على ( دايسكي ) أكتر من أثني عشر ساعة ولم يستيقظ بعد , وعلى عكس ما كان يحدث في قصرهم لا أحد يجرؤ على دخول حجرته إلا بإذنه .. حدث العكس هنا , فقد فتح باب حجرته وتسلل إلى الداخل صبي و فتاة يبدوان في مثل عمر ( دايسكي ) .
همست الفتاة : أهو ذلك ابن عمنا ( دايسكي ) من الفرع الكبير الذي يعيش في تلك القرية الملعونة . عنفها الفتي : لا تتحدثي هكذا يا ( روز ) دوماً , ينبغي إلا يعرف أحد بهذه القرية قط سونا وملك الكوزرس . فقالت ( روز ) : أعلم ذلك يا ( فريد ) أن قرية ( آيتورنا) مجرد أسطورة في نظر الجميع ,, ولكننا نحن فقط نعلم إنها حقيقية .
فهمهم ( فريد ) : حسناً فلنوقظ ( دايسكي ) الآن .


قالت ( روز ) : لا ينبغي أن نفعل ذلك .. هذه وقاحة .
فقال ( فريد ) : لا تقلق ,, لقد نام بما فيه الكفاية , ثم إنه ينبغي أن يستيقظ الآن , أن جدنا ( جيفاني ) يريده بعد قليل .. صدقيني .
فتساءلت ( روز) في حيرة : تري لماذا جاء ( دايسكي ) في عمره هذا .. أليس من المفترض إنه لا يعلم شئ عن الأمور خارج قرية ( آيتورنا ) ؟!
هز ( فريد ) كتفيه وقال : لا أعرف , ولكنه هنا الآن , فلنوقظه ولنعرف ذلك منه .
وقبل أن تتفوه ( روز) بكلمة واحدة توجه ( فريد ) ناحية ( دايسكي ) الذي غير من وضعية نومه حالاً وأخذ يهزه قليلاً ويهتف بدون إزعاج : هيه .. هيه .. ( دايسكي ) .. أستيقظ حالاً .
بالرغم من أن ( فريد ) عمد ان خفض صوته وهز جسد ( دايسكي ) برقة إلا أن الأخير نهض من نومه فزعاً , فسقط ( فريد ) أرضاً من المفاجأة .
نظر ( دايسكي ) لمن حوله ,, وكاد أن يهجم عليهم , فهو لا يعرفهم , وكيف بحق السماء دخلوا إلي حجرته التي لم تستطع ( سيدني ) دخولها بهذه الطريقة منذ سنوات عدة .. لكن هناك شئ ما .. هذه ليست حجرته ,, رفع ( دايسكي ) يديه و أخذ يهز بهما وجهه ودعك بيمناه مؤخرة رأسه لعله يتذكر ما حدث !! .. بمرور دقيقة لا أكثر عادت أحداث يوم أمس تطفو من جديد في ذهنه , عندها تذكر كل شئ فهو الآن في قصر ( أل جيفاني ) بقرية الطائر الأزرق .. الآن وقد تذكر كل شئ تقريباً أخذ يفحص الوجهان اللذان يحدقان به , و أجهد ذاكرته لكى يعرف من هما ولكن دون جدوى ,, فتحدث أخيراً : من أنتم ؟ و أين جدي ؟
فقال ( فريد ) ممازحاً : حسبتك تريد قتلنا يا ( دايسكي ) بعد كل هذه الحركات الغريبة التي قمت بها ,, علي أية حال .. يبدو أنك لا تعرفنا – وهذا بديهي – أنا ( فريد ) وهذه ( روز) – مشيراً إليها – أبناء عمومتك .. وأنت كما نعلم ( دايسكي ) .
فتح ( دايسكي ) فاه دهشةً وقال : ا... و... ..ي - لم يكن الكلام مفهوماً , فتحدث ( دايسكي ) ثانيةً بعد أن لمح علامات عدم الفهم على وجههما : أنتم أولاد عمي .. كيف ؟! أنا ليس لدي أي أعمام ! فقال ( فريد ) : أوه ( دايسكي ) .. لابد أنك تمزح , أنت تعلم أن لديك عائلة هنا .. إذن من البديهي أن يكون لديك أقارب ,,- ونحن هنا- فلما الدهشة ,, على أية حال أنت لم تتعود بعد على هذا العالم بعيداً عن قرية ( آيتورنا) .. لهذا جئنا إليك لنسألك لماذا ؟!
فقال ( دايسكي ) في عدم فهم : لماذا ماذا ؟
فقالت ( روز) موضحة : لماذا جئت الآن إلي العالم .. لماذا خرجت من قرية ( آيتورنا) الآن؟!..كان من المفترض أن تحضر بعد عامين .
فهم ( دايسكي ) سر تساؤلهم وقال : لم أكن أعلم إنه ينبغي أن أحضر بعد عامين من الآن ,, ولكن على حسب ما فهمت , فأنا جئت لأخذ العصا السحرية الخاصة بي - هكذا أخبرني جدي –
فجأة وجد ( دايسكي ) وجها ( فريد ) و ( روز ) قد تغيرا نهائياً ,, فعيناهما ما لبثت و أن خرجت من محجريهما , وباتت وجوههم شاحبة , ناهيك عن تلك الأفواه المفتوحة على وسع قطرها , كان الأمر يبدو كما لو كان البله قد أصابهم .
فتساءل ( دايسكي ) في دهشة : ما الأمر ؟ ماذا يحدث ؟ هل قلت شئ غريب ؟!
زمجرت ( روز ) : كل ما تقوله ليس غريب فحسب بل جنون وغير منطقي على الأطلاق , لا يحق لأي من صغار السحرة أن يحوزوا العصا السحرية الخاصة بهم دون عامهم التاسع .
فتساءل ( دايسكي ) : هل هذا ما يشبه قانوناً ما .. قانون سحري ؟!
ضحكت ( روز ) ساخرة وقالت : قانون سحري ... لا .. أبداً .. إنه قانون غير مكتوب يعرفه الجميع , لا يجوز ذلك , لن تقدر علي أخذ عصاك .. إنها ستقتلك .. أن سن التاسعة لهو أفضل عمر ليسمح لنا بأخذ عصاتنا السحرية .
قال ( دايسكي ) : لم أفهم شئ .
علق ( فريد ) بلهجة لاذعة : هذا واضح .. ولكن الأمر بسيط جداً ,, إذا أخذت عصاك السحرية قبل التاسعة لقتلت بسبب هذه العملية لأنها خطيرة جداً ولن تتحملها , إما إذا أخذتها في التاسعة فلن تموت .. في أسوا الحالات قد تذهب إلي المشفى لمدة أسبوع وتعود بعدها .
فقال ( دايسكي ) وهو يفكر فيما قاله : سوف أسأل جدي عن ذلك ,, هل من الممكن أن تأخذوني ؟ فأنا لا أعرف مكانه .
فضحك ( فريد ) وقال : ألم تسألنا لماذا جئنا إلي هنا ؟

*****

دايسكي هيتاشي
27-03-2010, 15:10
******
كان السيد ( جيفاني ) يقف في الفراندة وحيداً عاقداً يديه خلف ظهره , وكان يتأمل سقوط الشمس ببطء في البحيرة القريبة من القصر , بينما في الأعلي يمارس القمر عمله الليلي مرة أخرى .
أستيقظ السيد ( جيفاني ) من تأملاته حينما ظهر أحفاده الثلاثة يتقدمون ناحيته , فنظر إلى ( دايسكي ) وسأله : هل نمت جيداً ؟ فجاوبه ( دايسكي ) : بلي .
وهنا سأله ( فريد ) : أحقاً ما يقوله ( دايسكي ) صحيح يا جدي ؟ هل ستأخذه إلى شجرة العصى السحرية , ليحصل على العصا الخاصة به .
فقال الجد بأختصار : بلي , هذا صحيح . فقال ( فريد ) في ذعر : ولكن ...ولكن يا جدي هذا مستحيل ,, ( دايسكي ) مازال صغير .. أنه في السابعة من عمره ,, لن يقدر على ذلك .. حتى أنا وكذلك ( روز ) بالرغم من أننا نكبره بعام كامل إلا أننا لن نستطيع فعل ذلك . فأبتسم الجد وقال: لا عليك يا ( فريد ) ,, هذا ليس قانون ألهي .. أنها قاعدة سخيفة يؤمن بها الكثيرون , ولكننا نحن آل ( جيفاني ) نستطيع خرقها .
فقالت ( روز ) في عدم تصديق : كيف ذلك ؟ .. سوف يموت ( دايسكي ) فور أن يمسك بعصاته . ابتسم الجد من جديد , فهو لا يريدأن يخبرهم بما يعرف حتى لا يشعران بالغيرة أو الحقد من ابن عمهم ( دايسكي ) وقال : ألا تصدقين أن آل ( جيفاني ) يقدرون على فعل ما عجز عنه بقية السحرة ؟ . فقالت ( روز ) : أنا لا أعنى ذلك ,ولكن هذا ... قاطعه الجد : يكفيني هذا , و الآن سأذهب مع ( دايسكي ) إلى حيث شجرة العصى السحرية , أنتم تعلموا القوانين , لا ينبغي لأياً منكم أن يأت معنا . فلوت ( روز ) وجهها و كانها تعبر عن رفضها التام لأصرار جدها على قتل ( دايسكي ) , بينما نظر ( فريد ) إلى (دايسكي ) وقال بصدق : أنا لا أعلم لماذا يصر جدنا على الأستمرار في ذلك الأمر , ولكن أن صح تخميني فهذا يعني أنك لن تكون ساحر عادى , أتمنى أن أراك من جديد .
لم يندهش السيد ( جيفاني ) مطلقاً من كلام ( فريد ) الذي كما هو واضح لا يتناسب مع عمره ,ولكنه يعلم جيداً أن ( فريد ) يحب أن يرى الجميع بخير , كما أن يفضل لو صار لديه غريم أو عدو فلكن من العائلة لأن هذا يدل على قوة عائلة ( آل جيفاني ) ,, بينما كان ( دايسكي ) في حالة من عدم التصديق لما سمعه , ولكنه أكتفي بأن يقول : بالتأكيد سأراك ثانيةً
**********
خرج السيد ( جيفاني ) من باب القصر , ومن خلفه حفيده ( دايسكي ) الذي أسرع من خطاه لملاحقة جده حتى أصبحا في مستوى أفقي واحد , كان الجد يدندن كعادته , ثم قطع دندنته لبرهة حتى يسمع ما يقوله حفيده . [ هيه .. جدي .. ماذا يحدث بالضبط ؟ ] تحدث دايسكي .
فقال الجد بإختصار شديد : نحن ذاهبون للحصول على عصاتك السحرية .
فقال ( دايسكي ) : أنا لا أقصد ذلك , بل عما أخبرني به أولاد عمي , عما سيحدث لي حينما أحصل على عصاتي السحرية .. سوف ..سوف أموت كما يقولون .
فهمهم الجد : آه ,, أنت تقصد ذلك إذاً ,, حسناً ( دايسكي ) .. ألم أخبرك بأنك ستصبح ساحر فريد وعظيم , بل أقوي السحرة . فقال ( دايسكي ) : نعم , أنت أخبرتني بذلك فعلاً .
فأبتسم الجد ليطمئن ( دايسكي ) : أليس هذا سبب كاف ليدحض مخاوفك ؟!
شعر ( دايسكي ) بالغباء وقال : بلي ..بلي , ثم أخذ يفكر : ماذا لو أن أجده أخطئ الظن , وهذا أحتمال وارد بنسبة كبيرة , فهو لا يعرف شئ عن السحر مطلقاً , فكيف يصبح نصف ما يقوله جده , بالتأكيد سيموت , ولكن هذا ليس مذكور في أحلامه , فهو لن يموت الآن , بل سيموت بعد مرور تسع سنوات .. إذاً هو سيصبح كما أخبره جده , ولكن إن حدث ذلك كيف سيموت هكذا في سن صغيرة ؟! , لم يحتمل ( دايسكي ) كل هذه الأفكار فصرخ : آآآآآآآآآآه .
فسأله جده بسرعة في خوف وذعر : ماذا هناك يا دايسكي ؟ ماذا جري لك ؟ هل أنت بخير ؟
جاوبه ( دايسكي ) وهو يبتسم إبتسامة بلهاء ليواري بها خجله : بخير حال يا جدي .. بخير حال , أذن أين هي هذه الشجرة ,, شجرة العصي السحرية ؟ فقال الجد : أنها هناك في نهاية الحديقة . فنظر ( دايسكي ) إلى الموضع الذي أشار إليه جده طويلاً , فلم يجد شيئاً , فحدق بتركيز مرة أخري لعله يري شئ خفي عنه , ولكن لا شئ , فقال بحيرة : أنا لا أري أي أشجار هناك , فهل تراها أنت ؟ ضحك الجد وقال : لا أراها أنا أيضاً يا (دايسكي )
فقال (دايسكي ) بحيرة أكثر من السابق : كيف إذن ؟ قال الجد : لأنها مخفية يا ( دايسكي ) .. مخفية حتى لا يعثر عليها أحد ,, و الآن لنتابع السير .
تحرك الجد خطوات سريعة للإمام حيث الرقعة الفارغة التي أشار إليها سابقاً , وأخرج عصاته السحرية من بين طيات ملابسه , وحركها بخفة وقال : [ آنا تيو ] .
فظهرت الشجرة بعد أن أزيل الحاجز الخفي الذي يمنع ظهورها , كانت شجرة متوسطة الطول , وكانت تبدو كالمظلة , أو شجرة من أشجار الزينة , وكانت عيدانها متوسطة الطول , و أوراقها رفيعة وصغيرة أشبه بأوراق شجر الصفصاف , لم يكن ( دايسكي ) يعرف اسم هذه الشجرة أو نوعها , ولكن عند هذه اللحظة تحدث الجد بجدية : أنظر ( دايسكي ) , هذه هي الشجرة السحرية الخاصة بعائلة آل ( جيفاني ) , قد تبدو بالنسبة لك شجرة عادية , ولكنها ليست عادية أبداً , فهذه التعويذة التي سمعتها [ آنا تيو ] ليست تعويذة لأظهار الأشياء المخفية عن الأعين , بل هي التعويذة الخاصة لكي تظهر هذه الشجرة , ولا أحد يعلمها سواء خمس أفراد و أنت أصبحت منهم الآن , ولقد تعمدت أن أقولها منطوقة لتعرفها , قد يبدو الأمر بالنسبة لك هين , وتتساءل لماذا لا يعرف كل أفراد العائلة هذه التعويذة , وهذا لأننا ببساطة لا نريد أن يعلمها الجميع , حتى لا يجبرهم خصومنا ويأتوا ليدمروا الشجرة السحرية الخاصة بنا ,, ولكن هذا مستحيل بالطبع ,, ليس لغرورنا أو شئ قريب منه , أو نزعم اننا نستطيع أن نهزم أي فرد , بل لأن لشجرتنا قدرة سحرية خارقة .. أنها تشعر بنا .. أي نحن أبناء و أحفاد أل ( جيفاني ) , فإذا شعرت بقدوم شخص ليس من العائلة فهي تنتقل على الفور من موقعها الخفي , ولا تظهر في ذات المكان ثانيةً , وتقوم بالبحث عن أفراد العائلة من جديد وتظهر لهم .
توقف الجد عن الشرح ثم نظر إلى ( دايسكي ) من جديد وقال : هل فهمت ما سمعته يا ( دايسكي ) جيداً . فقال ( دايسكي ) وقد شعر بخطورة هذه المعلومات بالنسبة إلى عائلته بالرغم من سنه الصغيرة : بلي , أفهمه جيداً يا جدي , ولكن لدي ملاحظة , لما هذه الأوراق ؟.. لقد لاحظت العصي السحرية للأشخاص في حانة ( فيزتسون ) ليلة أمس بلا أوراق ؟

دايسكي هيتاشي
27-03-2010, 15:12
ابتسم الجد لحفيده وقال : انظر دايسكي , كما أخبرتك سابقاً و أن عائلتنا أحد أقوي العائلات السحرية وخير دليل على ذلك هو شجرة العصي السحرية الخاصة بنا لها أوراق على عكس ما هو معروف عن أشجار العصي السحرية ,, قد لا ترى فائدة لهذه الأوراق كما ألمح من نظراتك , ولكن دعني أوضح لك خطأ تخمينك هذا , فهذه الأوراق تمنحك قوي سحرية كبيرة بالأضافة إلى قوة العصي السحرية الخاصة بك , وتزداد هذه القوة بزيادة عدد الأوراق المستخدمة .. أفهمت شئ ؟ فقال ( دايسكي ) وهو يشعر بالغباء الشديد على عكس ما عرف به من ذكاء : لا . لم يتضايق الجد من نفيه وتابع حديثه موضحاً : أنظريا ( دايسكي ) جيداً .. هذه هي عصاتي السحرية .. أليس كذلك ؟ . قال ( دايسكي ) : هذا واضح . فقام الجد بتشمير كم عباءته . فظهر ساعده وقال : أنظر إلى ساعدي جيداً يا ( دايسكي ) وأخبرني ماذا تري ؟ . نظر ( دايسكي ) إلي ساعد جده و رأي علامات كثيرة منتشرة على ساعد جده الأيمن , و كأنها قد طبعت عليه , وكان عددها كثير,
كانت هذه العلامات تشبه أوراق شجرة العصي السحرية إمامه , ولاحظ ( دايسكي ) شيئاً ما .. شئ أثار أنتباهه , فقد كانت هناك علامات لونها أحمر , وعلامات أخري لونها أخضر .
فسأل جده : ما هذه العلامات الحمراء , وتلك الأخري الخضراء ؟
فقال الجد مصححاً : ليست علامات يا ( دايسكي ) .. أنها الأوراق السحرية , بالنسبة للأوراق الحمراء , فهي تلك الأوراق التي أستطعت أن أستعمل قواها , ما الخضراء فهي تلك الأوراق التي لم أستعمل قواها بعد .. والآن هل فهمت كل شئ ؟ - فقال ( دايسكي ) وهو يدعك مؤخرة رأسه : امممم .. حسناً أعتقد أنني فهمت الأمر يا جدي .
فتنهد الجد وقال : حسناً ,, تبقي شئ واحد أخير . – فتساءل ( دايسكي ) في لهفة : وما هو هذا الشئ يا جدي ؟ - فقال الجد : ما هو رمز عائلتنا يا (دايسكي ) ؟
فقال ( دايسكي ) بصوت جاف : تنينين متقابلين , أحدهما أحمر , و الأخر أبيض.
فقال الجد : هذه هي ألوانهم في الرمز أم في الواقع , فهما تنين نافث للنار , وتنين نافث للجليد .
فتساءل ( دايسكي ) : ما أمرهما إذن ؟ - فقال الجد : هذا الرمز لم يأت من فراغ يا ( دايسكي ) .. أنه المخلوق السحري الخاص بعائلتنا , فهناك عائلات سحرية أخري يخدمها الجريفن أو العنقاء أو الأبراكسان أو أفعي الهيدرة أو الدببة أو النسور الاسطورية أو وحيد القرن أو البيجاسوس , وهكذا ,, أي لكل عائلة سحرية كائن سحري يمنحها قوته ويخدمها .. أن التنبن هو خادم عائلتنا . – فقال ( دايسكي ) في بلاهة : وماذا في هذا ؟
فقال الجد : يوم حصولك على عصاك السحرية , ستحصل على بيضة التنين الخاص بك , سوف تقفص البيضة في ساعتها فور أن تلمسها , سوف يكون رفيقك حتى الموت , وسيمنحك قوته .. سوف تصبحان فرداً واحداً . – فتساءل ( دايسكي ) في رعب : وهل سيرافقني إلى الأبد .. أعني أينما كنت .. أنا لا أرى التنين الخاص بك .
ضحك الجد وقال : آه .. حسناً يا دايسكي , بالتأكيد لن يرافقك في كل مكان , هذا مناف للعقل تماماً , فماذا لو خرجت إلي العمل أو المدرسة .. هل سيأتي معك ؟ بالطبع لا .. أنه يكون في عالمه الخاص , تستطيع أن تنادي عليه , فيأتي إليك مهما كان بعيداً عنك , فهو جزءً منك وأنت جزءً منه .. أنظر يا ( دايسكي ) جيداً – مشيراً إلى كتفه العاري – وأخبرني ماذا تري ؟
فوجد ( دايسكي ) وشم لتنين ناري ينفث النار , فقال سريعاً : أهذا تنينك ؟
ضحك الجد مرة أخري وقال : لا .. أنه الرمز الخاص بي , أي أنني مالك لتنين نافث للنار , ويظهر على كتفك حينما تفقس بيضة التنين الخاصة بك , ثم تابع مداعباً : أترغب في أن أنادب على التنين الخاص بي لتراه ؟ - فقال ( دايسكي ) بسرعة وهو يبتعد للخلف ثلاثة خطوات حذراً وكأنه يتوقع ظهور تنين جده : لا .. لا لست مستعداً له الآن .
فقال الجد : حسناً , الآن يا ( دايسكي ) , أريد أن أسألك سؤالاً أخيراً وبعدها سنشرع في الحصول على عصاتك . – فقال ( دايسكي ) : تفضل يا جدي ,, سل ما شئت
فقال الجد : لماذا تعتقد أن آل ( جيفاني ) من أقوي السحرة في رأيك ؟
صمت ( دايسكي ) قليلاً و أخذ يفكر , فهو فعلاً لاحظ أن جده لا يترك أي حديث معه إلا ويذكره بقوة عائلته , فأجاب في تردد : حسناً ,, أري أن عائلتنا قوية بفضل ثلاثة أشياء , أولها هو وريقات الشجرة السحرية التى تمنحنا قوة سحرية أضافية , ولا أحد غيرنا يمتلك مثل هذه القوة .
والثاني أن التنانين تمنحنا قوتها السحرية , فهي الكائن السحري الخاص بنا , وثالث شئ هو إداء الفرد للتعاويذ السحرية . ابتسم الجد وصفق بيديه وأخذ يردد : هذا متوقع .. هذا متوقع , ولكن أنت قلت السبب الثالث تحذلقاً يا ولد , ثم تابع في غموض : ولكن هناك سبب ثالث بالفعل لن أخبرك به الآن . فأندهش ( دايسكي ) ولكنه لم يعلق , فتنهد السيد جيفاني وقال : حسناً ( دايسكي ) , أن الأمر بسيط , فكل ما عليك فعله هو أن تقف أمام الشجرة وترفع يدك اليمني – أليست هي ما تستخدمها ؟- , وعندها سيتحرك الفرع الخاص بك ناحيتك فأمسك به , ثم ستحرر في يديك .
سمع ( دايسكي ) ما قاله جده , فتحرك إلى الإمام ليقف إمام شجرة العصي السحرية , ورفع يديه اليمني – فهي التي يستعملها غالباً – إلي أعلى , عندها جاء فرع من الناحية الاخرى للشجرة , وأرتمي في راحة اليد اليمني ل( دايسكي ) , فأحكم ( دايسكي ) قبضته الصغيرة عليه , فأنسلخ الفرع من الشجرة وبات في يديه , عند هذه اللحظة توقع ( دايسكي ) موته كما قال أبناء عمه , ولكن لم يحدث شئ على الأطلاق , حتى أن فرع الشجرة المفترض أن يكون عصاته السحرية لم يتحول إلى عصا سحرية بعد , فتحرك ناحية جده الذي بدا منتشياً وأخذ يصفق متخلياً عن وقاره المعهود وقال : عظيم .. عظيم .. لم تخب توقعاتي أبداً .. بني ستكون أقوي منى بمراحل كثيرة ذات يوم . فهز ( دايسكي ) كتفيه و قال في تساؤل : ولكن هي لم تتحول إلى عصا سحرية بعد , ولم تظهر بيضة التنين ؟ - فقال الجد : هذا صحيح , وهذا ليس خطأ منك كما تشعر , لأنه عليك أن تمارس التعويذة الأولية لك في حياتك ؟
فردد ( دايسكي ) دون فهم : التعويذة السحرية الأولية , ثم تابع في تعجب ودهشة : ومن دون عصا سحرية !! - قال الجد : أهدا يا ( دايسكي ) , أن الأمر ليس بالمستحيل , فهذه التعويذة ستؤديها بهذا الفرع الذي في يديك لكي يتحول إلى الشكل المعهود للعصي السحرية .
فقال ( دايسكي ) في شوق و لإثارة : وما هذه التعويذة يا جدي ؟ أخبرني بها .. أخبرني بها .
فقال الجد : أنها [ شيزومي ] . – فكرر ( دايسكي ) التعويذة من خلف جده : [ شيزامي ] - فصحح الجد : لا .. ليست هكذا يا دايسكي , أنها تنطق هكذا [ شي-زو-مي ] - فحاول ( دايسكي ) نطقها من جديد : شي...زو...مي
فقال الجد وقد أخذ شهيق كبير : هي هكذا , والآن عليك أن تكررها كثيراً في عقلك حتي تحفظها جيداً . فأبتسم ( دايسكي ) وقال : هيه جدي , لقد حفظتها بالفعل ,, أنت تنسي دوماً أنني أحفظ كل شئ من المرة الثانية ,- ثم تابع في زهو- : فلنقل حتى الآن .
فقال الجد في عجل وقد لاحظ سواد السماء يزداد : حسناً , فلتحرك هذا الفرع بخفة حركة نصف دائرية من أعلى إلى أسفل مرتين , وفي ذات الوقت تنطق بالتعويذة , وتنهي نطقها في نفس توقيت توقف حركة الفرع .. ليست معقدة على ما أظن . فأوما ( دايسكي ) رأسه بالإيجاب , وحرك فرع الشجرة كما أخبره جده ونطق بالتعويذة [ شيزومي ] , عندها حدثت أمور عجيبة ومدهشة بشكل سريع ومتلاحق , فما أن أنتهي من نطق التعويذة حتى خرجت دفقة بيضاء من طرف الفرع وأخذت تحوم حول الفرع من أوله إلى أخره , وكلما حامت حول الفرع حتى يتحول الجزء إلى شئ أشبه بالعصا السحرية , وكذلك كانت تتطاير الأوراق الكثيرة من الفرع ومن الشجرة أيضاً إلى ساعد ( دايسكي ) الأيمن وتتسلل أسفل ملابسه وتطبع عليه , وما أن أنتهت هذه العملية , حتى وجد ( دايسكي ) نفسه يمسك بعصا رفيعة طولها يقرب أثنتا عشر بوصة , شديدة السواد كسواد الفضاء البعيد , وكان لها مقبض دقيق ظهر عليه رمز العائلة [ التنينين المتقابلين ] , لم يتمالك ( دايسكي ) نفسه وقال : واو ,, رائع .. ثم بتر بقية جملته إذ حدث شئ أخر غير متوقع على الأطلاق , شئ لم يتمالك السيد ( جيفاني ) نفسه ووجد نفسه يشعر بالفزع والهلع و أيضاً بعض الغيرة والخوف من حفيده , لقد تحولت العصا السحرية وتحورت إلي طبقة رقيقة تغطي يد ( دايسكي ) كأنها قفاز , ثم عادت مرة أخري إلى شكل العصا السحرية , وهكذا دواليك . – فقال الجد : دايسكي ,, هل تستطيع التحكم فيها يا ( دايسكي ) , هل أنت من يجعلها تفعل ذلك , أم هي تحدث بغير أرادتك ؟ - أندهش ( دايسكي ) من لهجة جده وقال : في المرة الأولى فقط , ثم وجدت نفسي أتحكم بها بهذا الشكل الذي تراه .
فقال الجد بلهجة صارمة قاطعة : عدني يا ( دايسكي ) بإلا تفعل ذلك ثانية إلا حينما تكون الأول .
قال ( دايسكي ) في عدم فهم : لم أفهم قصدك يا جدي , لماذا يتوجب علي فعل هذا ؟

دايسكي هيتاشي
27-03-2010, 15:15
فقال الجد ونظراته مصوبة على ( دايسكي ) مباشرةً طلت منها نظرة خوف لوهلة : عدني يا ( دايسكي ) . – لم يجد ( دايسكي ) من بد إلا و أن أزعن لرغبة جده , فقال : أعدك يا جدي , بإلا أستخدم العصي بهذا الشكل إلا حينما أكون الأول .. والآن فسر لي الأمر
فقال الجد وهو يلتقط أنفاسه : بني ,, في العالم السحري كله , لا يوجد أحد يستطع أن يفعل ذلك بعصاته لقرون عديدة , لا أتذكرها من كثرتها , هذا الشكل لعصاك السحرية يمنحك ضعف القوة السحرية لها , يمنحك مرونة أكثر من شكلها العادي , فالعصا بشكلها العادي تكون ملتصقة بيدك , أما بهذه الطريقة تصبح جزء منك , مثل حيوانك السحري , تمنحك مرونة عالية في أداء التعاويذ , فهي تلبي تفكيرك في التعويذة قبل أن تنطقها .. وهذا خطر عليك عندما تكون ضعيف , قد تقتلك ,بالإضافة إلى سعي الناس للحصول على عصاتك , التى تكون في أغلب الأحوال لا تفيد كثيراً , إلا أنه في حالة عصاتك , ستمنحهم القدرة عل الأندماج بهم كليةَ .. أفهمت كلامي يا ( دايسكي ) , لا تخبر أحد مطلقاً بأن عصاتك لديها هذه القدرة .
شعر ( دايسكي ) بخطورة الأمر , فأوما برأسه وقال : فهمت يا جدي .
بدا الجد عصبياً برغم وعد ( دايسكي ) له , لأنه قبل حدوث هذا الأمر لاحظ عدد الوريقات التي منحتها له شجرة العصي السحرية , كانت تفوق عدد أوراقه بمراحل , لا ليس كذلك , بل أنها تفوق ما حصل عليه ( جيفاني ) مؤسس عائلتهم الأول , أن ( دايسكي) سيصبح أقوي مما توقع بكثير جداً وكان هذا سبب عصبيته وخوفه وقلقه على حفيده الصغير , وتساءل ( أى مستقبل يخبأه لك القدر يا صغيري ) .
فاق السيد ( جيفاني ) من تساؤلاته وحيرته وقال : لم ينتهي الأمر بعد يا ( دايسكي ) , ينبغي أن تقوم بتعويذة الأستدعاء لبيضة التنين . – فقال ( دايسكي ) بلهجة طفولية تذكر جده أنه مازال طفل وليس شاب : وأين هي هذه البيضة يا جدي ؟ - فقال الجد : لا أحد يعلم يا ( دايسكي ) , أين تكون بالفعل ,, ولكن البعض يزعم بأنها في أرض التنانين الأسطورية , ولكني لا أؤمن بذلك , فقد سألت التنين الخاص بي ذات يوم عن ذلك , فأخبرني بأنه لم يسمع بهذه الأرض من قبل , على أية حال أن بيضة التنين الخاصة بك ستظهر حينما تنطق بتعويذة الأستدعاء الخاصة بها .. أنها [ ديدليس ] .
كرر ( دايسكي ) التعويذة مرتين في عقله ثم صاح وهو يمسك بعصاه التى تحركت تلقائياً : [ ديدليس ] , فجأة حدث أمر خيالي , لقد ظهرت شمس صغيرة جداً تشع ضوء مبهر إمام جسد ( دايسكي ) تماماً , فغطت الحديقة بغطاء من النور , ثم بدأ يخفت إلى أن تلاشئ نهائياً , فظهرت بيضة تنين متوسطة الحجم , معلقة في الهواء , ثم سقطت بلا أنذار على أرض دون أن تتهشم .
كان ( دايسكي ) يعرف ما يتوجب عليه فعله الآن , فجلس على الأرض , وأثني ركبتيه ثم وضع كفه على جدار البيضة , فأنتابتها حركة مشتتة , ثم فقسمت , و تأوه ( دايسكي ) ألماً وصاح شاكياً جده : لقد عضني . – فأبتسم الجد وهو يتابع خروج طفل التنين من بيضته : وماذا في ذلك ؟ أنها من أجل التواصل الروحي بينكم – لا تخشي شئ سوف تندمل سريعاً .
خرج طفل تنين بديع من البيضة , لم يري ( دايسكي) تنيناً من قبل , كان يحملق بعيونه اللامعة في الشخصين اللذين يحدقا فيه , عرف أن أحدهم سيده , و خمن أن الأخر هو صديق سيده , الذي فتح فاه في دهشة وقال في عدم تصديق : لا .. لا , ثم جري ناحية ( دايسكي ) ونزع كم كتفه الأيسر , فوجد ( دايسكي ) رمز التنين وقد ظهر على كتفه دون أن يشعر به , كان على عكس رمز جده .. كان أبيض اللون .
كان الجد في داخله مذهول ومصعوق , فعلي حسب رؤياه لم يكن ينبغي أن يكون الأمر كذلك أبداً , فحاول أن يخفي هذه المشاعر بصياحه المتصنع : يا ألهي , أنه تنين نافث للجليد يا ( دايسكي ) . فقال ( دايسكي ) دون أكتراث : وماذا في ذلك يا جدي ؟ . هنا سمع ( دايسكي ) صوت غريب داخل رأسه , صوت عذب : هذا ليس أمر عادي يا ( دايسكي ) , القليل من أفراد عائلتكم يصبح مالكاً لتنين نافث للجليد . فسأل ( دايسكي ) : من أنت ؟
فقال الصوت : أنا ( تشارلي ) , رفيقك إلى الأبد , أنا التنين الخاص بك , الذي سأمنحك قوتي عند الحاجة لها . – سأل الجد دايسكي في فضول متصنع : هل يتحدث إليك ؟ - فقال ( دايسكي ) مدهوشاً : بلي .. بلي . فقال الجد : أخبره إذن أن يذهب ليحصل على قوته السحرية و ينمو . فقال ( دايسكي ) لتشارلي : هل سمعت ما قاله جدي ؟ - فقال التنين : نعم سمعته . فقال ( دايسكي ) : إذن فلتذهب لتحصل على قوتك يا رفيقي .. سوف نصبح الأقوي معاً .
فنظ له التنين وعيناه تدمعان فرحاً و قال : بالتأكيد يا ( دايسكي ) , ولكن تبقي شئ لتعرفه , حينما أكون بعيداً عنك وأنت في حاجة لي , ناديني وسوف أتي إليك على الفور .
فقال ( دايسكي ) : أعلم ذلك , و الآن فلتذهب .
طار التنين الصغير أعلى و أعلى في السماء حتى أختفي تماماً .
مسك السيد ( جيفاني ) بحفيده وقال : فلنرحل الآن , لم يعد هناك شئ لنفعله هنا .
ثم خرج الأثنان من حيز الشجرة السحرية , وردد تعويذة أخفاء الشجرة السحرية [ ريدوم ]
ومشيا الأثنان معاً إلي حيث القصر , بينما كان السيد ( جيفاني ) يجن بداخله ويحدث نفسه : تباً .. تباً , لم يكن ( دايسكي ) هو المقصود , كدت أقتله بحماقتي لولا أنه بالفعل مميز دون أن أدري , مميز بدرجة خطيرة .. تري ما الذي يخبأه لك القدر يا صغيري .

************
تم الفصل الرابع

HONEY SOUL
28-03-2010, 18:04
مرحباً..

كيف حالك أخي؟؟

لقد قرأت أولى فصول القصة .... ولم أستطع إكمالها...لطولها...

لن أضع ردي الواسع الآن إلا بعد أن أنتهي من قراءة الباقي حتى ألحق بالجميع .:eek:.:eek:

أتمنى منك أخي أن تقسم الفصول الطويلة إلى أجزاء ...


على فكرة لديك خيال خصب ورائع في قص القصص ::سعادة::
ليعودة بإذن الله ..

بالتوفيق..

✿ Bella ✿
29-03-2010, 11:27
السلام عليكم ورحمة الله

يعطيك العافية .. ابدعت بحق ..

ادخلتنا في جو جميل من عالم الفانتازي الخرافي " مثل ما تقول :d"

بالرغم اني لم أكمل قرأت الرواية ..واعتذر لانشغالاتي الدائمة :ميت:

لكن الدعوة لاترد ::جيد::

يعطيك العافية مرة ثانية .. و أطلق العنان لفرسك ::سعادة::

في امان الله ..|

كورابيكا-كاروتا
29-03-2010, 14:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال اخي الكريم ؟

اتمنى ان تكون بخير

احتاج لدقائق لاستيعاب ما قرأت
ما شاء الله فعلا خيال واسع

الحقيقة في بداية القصة لم اتخيل ان دايسكي بعمر السابعة
تخيلته بعمر السابعة عشر تقريبا
لا اعرف انت لم توضح هذا الامر ام اني سهوت عنه :confused:

شئ اخر
الاخطاء الطباعية :D هههههه انتبه عليها اخي
فهي تقلل من جودة القصة و لا تحتاج لاكثر من مراجعة
لذا شد حيلك

امممم شئ اخير
برأي الشئ الوحيد الذي نحتاجه القصة فعلا هي
ردود الافعال

لنرى هنا مثلا


فجأة حدث أمر خيالي , لقد ظهرت شمس صغيرة جداً تشع ضوء مبهر إمام جسد ( دايسكي ) تماماً , فغطت الحديقة بغطاء من النور , ثم بدأ يخفت إلى أن تلاشئ نهائياً , فظهرت بيضة تنين متوسطة الحجم , معلقة في الهواء , ثم سقطت بلا أنذار على أرض دون أن تتهشم .


الوصف 10/10 بدون منازع
لكن ردود الفعل
يعني ماذا كانت ردة فعل دايسكي الصغير لما يراه امامه ؟؟
مثلا شعر بالدهشة .. بالخوف .. بالفرح .. الخ ...
هذا طبعا عائد لك
لكنه حقا يعطي منظارا افضل للقصة و يجبر القارئ على التعمق اكثر

امممم


سعيد بمرورك حقاً >> يبدو أنك قررت أن تقرأيها أخيراً مادامت نشرتها هنا :D

هذه لم افهمها
عرضت قصتك في مكان اخر ؟

على اي حال

ننتظر البارت القادم

لا تتأخر

دايسكي هيتاشي
30-03-2010, 12:14
مرحباً..

كيف حالك أخي؟؟

لقد قرأت أولى فصول القصة .... ولم أستطع إكمالها...لطولها...

لن أضع ردي الواسع الآن إلا بعد أن أنتهي من قراءة الباقي حتى ألحق بالجميع .:eek:.:eek:

أتمنى منك أخي أن تقسم الفصول الطويلة إلى أجزاء ...


على فكرة لديك خيال خصب ورائع في قص القصص ::سعادة::
ليعودة بإذن الله ..

بالتوفيق..

أهليم أختي
الحمدلله بخير , و أنت كيف حالك ؟
حسناً .. أنا في انتظار عودتك
,,
بالنسبة لتقسيم الفصول .. انا أعرف أن الفصول لدي طويلة نوعاً ما "^^




السلام عليكم ورحمة الله

يعطيك العافية .. ابدعت بحق ..

ادخلتنا في جو جميل من عالم الفانتازي الخرافي " مثل ما تقول :d"

بالرغم اني لم أكمل قرأت الرواية ..واعتذر لانشغالاتي الدائمة :ميت:

لكن الدعوة لاترد ::جيد::

يعطيك العافية مرة ثانية .. و أطلق العنان لفرسك ::سعادة::

في امان الله ..|

أهلاً أختي بيلا
بالطبع يسعدني تلبيتك لدعوتي ..
وسننتظر زيارتك بكل تأكيد
:D


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف الحال اخي الكريم ؟

اتمنى ان تكون بخير

احتاج لدقائق لاستيعاب ما قرأت
ما شاء الله فعلا خيال واسع

الحقيقة في بداية القصة لم اتخيل ان دايسكي بعمر السابعة
تخيلته بعمر السابعة عشر تقريبا
لا اعرف انت لم توضح هذا الامر ام اني سهوت عنه :confused:

شئ اخر
الاخطاء الطباعية :D هههههه انتبه عليها اخي
فهي تقلل من جودة القصة و لا تحتاج لاكثر من مراجعة
لذا شد حيلك

امممم شئ اخير
برأي الشئ الوحيد الذي نحتاجه القصة فعلا هي
ردود الافعال

لنرى هنا مثلا



الوصف 10/10 بدون منازع
لكن ردود الفعل
يعني ماذا كانت ردة فعل دايسكي الصغير لما يراه امامه ؟؟
مثلا شعر بالدهشة .. بالخوف .. بالفرح .. الخ ...
هذا طبعا عائد لك
لكنه حقا يعطي منظارا افضل للقصة و يجبر القارئ على التعمق اكثر

امممم


لا تتأخر



أهلين أختي
أسعدني كثيراً نقدك هذا
بالنسبة للأخطاء المطبعية فهي بالتأكيد غير مقصودة .. لقد كتبت هذه الفصول منذ أكثر من عام ونصف عام تقريباً "^^
ردود الفعل لها عامل بالتأكيد , سترينها بكل تأكيد في الفصول اللاحقة :p
,,
البارت القادم راح يكون موجود لما الناس تطلبه :p
بس هيكون موجود تقريباً قريب :D
..
سعيد بمرورك

z1222
31-03-2010, 13:48
ممتاز اجبتني القصة جدا ^^

(مالي نفس اطول رد اعذرني-_-)

meroni
31-03-2010, 18:03
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بصراحة قصة رائعة ومبين انك تعبان عليها بالمره وخيالك شيء لا يوصف
المهم الله يعطيك العافيه على القصة الحلوة وبانتظار الجزء الخامس

دايسكي هيتاشي
01-04-2010, 21:37
ممتاز اجبتني القصة جدا ^^

(مالي نفس اطول رد اعذرني-_-)
عاتي ولا يهمك اخوي
في انتظار عودتك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بصراحة قصة رائعة ومبين انك تعبان عليها بالمره وخيالك شيء لا يوصف
المهم الله يعطيك العافيه على القصة الحلوة وبانتظار الجزء الخامس

يب والله معك حق يا اختي حتي الآن مر أكثر من عامين على بدايتي لكتابتها ولم انهيها بعد
بإذن الله الفصل الخامس سيكون متواجد يوم الجمعة - أي غداً - مساءً
سعيد بمرورك

دايسكي هيتاشي
02-04-2010, 15:51
الفصل الخامس : بداية التدريب

عاد ( دايسكي ) وجده إلى القصر عبر الحديقة التي أضيئت بأنوار لؤلؤية و نور القمر الشاحب يحاول أختراق الحصن المنيع لأوراق الاشجار , وفي داخل القصر لاحظ ( دايسكي ) ثلاثة أفراد يقفون في أنتظارهم ولا يحركا ساكناً , عرف أثنان منهم , لقد كانا ( فريد ) و ( روز ) , وقد كان الشخص الثالث هو ( فرانك ) - وهو في محل جد له – وما أن رأي ( فريد ) ( دايسكي ) حتى تهللت أسارير الأول وقال فرحاً : إذاً لقد فعلتها يا ( دايسكي ) ..أأحصلت على عصاتك السحرية ؟ .. أريني إياها . فأخرج ( دايسكي ) عصاته من بين طيات ملابسه وعرضها على ( فريد ) بينما كانت ( روز ) في حالة دهشة و أستنكار وفرح .. خليط عجيب , فقد كانت متأكدة مليون بالمائة أنه سيعود جثة هامدة , ولكن ها هو الآن يقف إمامها حياً بل ومبتسماً أيضاً وتعجبت : هل مازال بهذه البهجة ؟!! – بينما ( فرانك ) لم يخفي دهشته فأنتظر أن يطلق سحابة دخان من غليونه وصاح : رائع رائع كما هو متوقع – ولكنه لم يفسر ما هو المتوقع هذا - ولكن عاد ( فريد ) إلى حديثه الحماسي السابق من جديد وقال بتحد : داايسكي .. لا يعني أنك ستمارس السحر قبل مني أنك ستصير الأقوي .. فكن مستعد جيداً لي حينما أنضم لك . فلم يجد ( دايسكي ) إمامه سواء الابتسام وقال : بكل تأكيد يا ابن العم .. بكل تأكيد , فأنا لا أريد أن أهزم أيضاً .
وتحدث السيد ( جيفاني ) لأول مرة منذ دخوله بعد أن فاق من شروده وقال : حسناً يا أولاد , سأترك ( دايسكي ) معكم قليلاً قبل أن نذهب . ثم تركهم وتحرك ناحية الشرفة وتبعه من خلفه ( فرانك ) الذي لاحظ الشرود على ( جيفاني ) منذ البداية فقال في حذر : ما الأمر يا ( جيفاني ) ؟
تنهد السيد ( جيفاني ) لمدة دقيقة وتحرك حركة شبه معدومة عاقداً بها ذراعيه خلف ظهره موالياً إياه لجوف البهو للقصر ناظراً إلى أعلى حيث أختفي القمر ولم تنج أطيافه من دفاعات الأشجار, فسكت ( فرانك ) وعاد يشعل غليونه الذي دوماً ينطفئ ويشعلها بهذه الطريقة الطريفة , فنفث بعض سحب الدخان وهمهم مستحسناً مذاقها و وقف يدخن في صمت مندمج في صمت منتظر بدء السيد ( جيفاني ) بالحديث , ولكن مرت خمس دقائق دون أن ينبس السيد جيفاني فيها ببنت شفة , وعبرت مجموعة من العصافير مازلت ساهرة حتى هذه الآونة سياج الأشجار المنيع فأنصهرت ظلالها بظلال الأشجار, فلا تعرف كيف تفرق بين ظلالهما , ولكن إن شئنا الدقة فقد كانت ظلال الأشجار هي السائدة الآن على أرضية الحديقة .
في اللحظة التالية أخرج جيفاني غليون عتيق و وضع به بضعة طبقات من التبغ , بينما دارت عينا [ فرانك ] وشابه شعور قوي بالقلق , فلم يكن جيفاني يدخن كثيراً بل نادراً ما كان يدخن , فقال بنبرة خالطها الأعتذار على كسر حاجز الصمت : ما الأمر يا جيف ؟ ألم يحدث ما هو متوقع ؟ - حاول [ جيفاني ] أن يسيطر على عضلات فكه حتى لا تنفلت منه إبتسامة ساخرة مريرة , ولكنها خرجت فلاحظها [ فرانك ] فإنتابه قلق أكثر ولكن قال جيفاني : بلي يا فرانك .. حدثت عدة أمور لا أمر واحد ... أمور ليست جيدة على الأطلاق .
قال فرانك بذعر واضح : أية أمور ... ألم يري كهف تنينه .. هل رفضوا حينما رأوه أم ماذا ؟
قال [ جيفاني ] شارداً , وهو لا يشعر بمن حوله : ياللهول .. أي مصيبة كانت لتحدث لولا هذه المعجزة . شعر [ فرانك ] بأن الأمور ليست على ما يرام , فهز جسد [ جيفاني ] وقال : أستيقظ ولتخبرني ما الذي حدث بالتفصيل .. لا تكن في هذا الوضع ثانية يا جيفاني .. ألم تتحقق رؤياك ؟ كان [ جيفاني ] قد خرج عن السيطرة تماماً وأصبح قريب لوضعية الجنون و أخذ يثرثر : بلي ...بلي حدث ما كنا نتوقعه تماماً ,, ولكن كان هناك تغيير بسيط كان كافيلاً بأن يقلب الأمور رأساً على عقب .. لم يكن [ دايسكي ] هو المقصود بهذه الرؤية .. تخيل لولا لم يكن [ دايسكي ] يمتلك هذه القوة التي لا ندري مصدرها لمات و كنت أن من قاده إلى حتفه .. لقد بات مالكاً لتنين نافث للجليد يا [ فرانك ] ..جليد لا أحماض ..لم يكن هو المقصود بالنبوءة على الأطلاق .
صاح [ فرانك ] من هول ما سمعه , حتى أن النمل في أعشاشه أصابه الجزع من تلك الصيحة الهادرة : تباً .. إذن كيف نجا يا [ جيفاني ] ... كيف نجا [ دايسكي ] من المصير المعلوم لكل من يخالف ميعاد تفعيل العصا السحرية ؟ ضحك [ جيفاني ] وقال : ألم أخبرك ؟ لا أدري .. كل ما رأيته أنه صار يمتلك أقوي الأشياء على الأطلاق .. سيصير أقوي ساحر بلا شك .. فقط حتى يظهر التنين الأخر .. قبض [ فرانك ] على جسد [ جيفاني ] وهزه في عنف وقال : تماسك يا رجل .. أنسيت منزلتك ؟! .. هذا ليس بشئ يقارن مما واجهته سابقاً من أخطار .
حينها أمتقع وجه جيفاني وصار لونه أصفر كأصفرار لون رمال الصحراء عند الليل وأنكمش جسده وأرتجف وقال بصوت هامس : أنت لا تدري بماذا أشعر يا [ فرانك ] .. لقد تماديت كثيراً .. كنت على وشك قتل حفيدي وأنا جاهل مما كان سيحدث له .
قال [ فرانك ] بلهجة حانية مدعماً بيها [ جيفاني ] : ولكنه مازال حياً ,, لا داعي لهذا العذاب الذي تغرق نفسك فيه .
أخذ [ جيفاني ] شهيق كبير و أخرجه ببطء , ثم أشار في الهواء بعصاته فظهر كوب من الماء المثلج تكاثفت قطرات البخار على هيكله وجرعه جرعة واحدة , فشعر بتحسن قليلاً وقال : أها ..يبدو الأمر جيد .. مازال هناك فرد أخر في العائلة سيظهر وسيكون بمثل قوة [ دايسكي ]
قال [ فرانك ] : بلي ..بلي نبوءاتنا لا تكذب أبداً ... فقط علينا أن نبحث جيداً عن هذا الفرد .
قال [ جيفاني ] وهو ينظر إلى ساعته الذهبية : أعتقد أن آن الأوان للرحيل .. أراك الأسبوع القادم يا [ فرانك ] .. وداعاً . فقال [ فرانك ] وهو يخرج غليونه للمرة الثالثة في هذه الأمسية محاولاً أشعاله : وداعاً يا جيفاني .
فعاد [ جيفاني ] مرة أخرى للصالة , وطلب من أحد الخدم بأن يذهب ليحضر [ دايسكي ] وفي هذه الأثناء قام بإخفاء غليونه العتيق وكأنه بمثابة تهمة ينبغي التكتم عليها .
عاد [ دايسكي ] برفقة [ فريد ] و [ روز ] , ويبدو أنهما كان مستمتعين بوقتهم بينما لم تفارق نظرات الدهشة عينا [ روز ] , و [ فريد ] يبدو مزاجه متشتت بين الفرح لحصول فرد من العائلة على العصا في تلك السن , وحزنه على أنه لم يكن الأول في ذلك .
نظر لهما [ جيفاني ] نظرة عميقة ... نظرة جد تسعد برؤية الأحفاد وقال : أراكم الأسبوع المقبل , ثم مسك ذراع [ دايسكي ] اليسري و أبتسم أبتسامة أخيرة لأحفاده وهمس بتعويذته : سيسديو .
فـأختفي الأثنان عن الأنظار , وأختفت القاعة تماماً عن أعينهم وبدلاً منها عاد ليغرقا في ذات الدوامات الملونة تارة بالأصفر وتارة أخرى بالبرتقالي وثالثة بنفسج , وومضات ولمحات لأماكن يبدو أنها تقع في منتصف الطريق بين قرية [ الطائر الأزرق ] و قرية [ أيتورنا ] , وشعر [ دايسكي ] بأن جسده يحلق بسرعات خرافية لا يكاد جسده الهش تحملها , وشعر بأن جسده ينكمش تحت هذه السرعة , ولكنه عاد لحجمه الأساسي بعد أن هدأت السرعة تدريجياً كأنها عاصفة تحولت إلى نسمة هواء .. ثم توقفت تماماً عندها لم يتمالك [ دايسكي ] نفسه فسقط على أرضية جبل [ سوميلازر ] .. لقد عاد إلى [ أيتورنا ] ثانيةً .
*********
ما أن مر ثلاثة أيام على عودة [ دايسكي ] من رحلته القصيرة خارج آيتورنا حتى شعر بأنها لم تحدث بيد أن حياته صارت أكثر إملالاً عن ذي قبل , ونبهه جده على أن يكون أكثر حذراً و ألا يسمح لطاقته السحرية بالأنطلاق مجدداً , فشعر [ دايسكي ] بثقل كبير على كاهله من هذا الألتزام وخوفه من أن يكسره حتى أنه وضع عصاته بجوار دفتر مدوناته التي يكتب فيها الأحلام الغيبة التي تراوده والتي أنقطعت عنه بصورة غريبة منذ أن رجع إلى القرية , وشعر بالملل أكثر بعد مرور ما يزيد عن أسبوعين ولم يطلبه جده للتدريب , ولكن كان لهذه الرحلة أثر أخر جديد على حياته وعاداته , فهو لم يعد يستيقظ مبكراً كالسابق بل تجاوز ميعاد أستيقاظه بساعات عدة , حتى سيدني لاحظت تلك التغيرات التي طرأت على حياة [ دايسكي ] تلك الآونة وتعجبت وأخذت تتساءل في حيرة عما حدث و قد شاركها في ذلك معظم خدم القصر , و أتفقوا على أن هناك شئ ما , وهذا الشئ من وجهة نظرهم هو دخول [ هانا ] قريبة [ سيدني ] في حياة [ دايسكي ] الذي ما أنقطع عن مقابلتها يومياً , بل أحياناً كان يقابلها أكثر من مرة في اليوم , سواء كان في الحديقة العامة أو حتى في حديقة القصر , وبالرغم من وجود [ هانا ] في حياته فلم ينقص ذلك من شعوره بالملل , بل أزداد أكثر من قبل , ولك أن تتعجب لما يشعر بالملل برفقة أجمل فتيات المدرسة , ولكن صدقاً ستشعر بالملل حينما تعلم بوجود تلك العوالم الخفية وأنت محبوس في قريتك ولا تستطيع أرتيادها .
حتى أول أمس حينما شعر [ دايسكي ] بأن عقله يكاد ينفجر ويتحول إلى مئات الشظايا كشظايا كوب زجاجي تهشم بسبب ذلك الشعور الرهيب الذي خنق جسده وعقله – ذهب إلى جده ليسأله عن موعد تدريبه , فأخبره الأخير بدون أن يعيره أي انتباه , ولو حتى أن ينظر له , فشعر [ دايسكي ] بأنه في موقف الغير مرغوب فيه : ليس الآن يا [ دايسكي ] , فأنا مشغول بأشياء عدة لأجل تحضير تمارينك .
كانت لتتهلل أسارير [ دايسكي ] حينما يسمع هذا الخبر , ولكنه وأدها لأن جده قالها بلا أن يعير لوجوده انتباه فقال : أه حسناً .. ولكن الملل يقتلني يا جدي .
فكر الجد قليلاً و قال : حسناً .. هناك شئ أود أن تفعله لأجلي , وفي نفس الوقت فسوف يجتث أي شعور بالملل داخلك . أندهش [ دايسكي ] ولم يخفي أندهاشه حتى أن شعوره بتهشيم رأس جده لبروده الشديد قد أختفي فقال بنبرة تحمل اللهفة : وما هو هذا الشئ يا جدي ؟
قال الجد وهو يرشف رشفة كبيرة من كوب عصير وضع بجواره كان قد نسي أمره حينما أقتحم [ دايسكي ] حجرة مكتبه بعد أن كانت محرمة عليه في الأيام القليلة الماضية : أريد منك أن تجلس مع التوأم وتخبرهم بكل شئ رأيته وتعلمه عن العوالم الأخرى على هيئة حكايات توحي لهم بأنك أنت من تؤلفها , بالأضافة إلى أن هناك عدد صغير من الكتب عن العلوم السحرية أريد منك قرأتها حتى تكون على خلفية بها حينما أبدا بتدريبك . قال [ دايسكي ] : و أين هذه الكتب ؟ أهي في جبال سوميلازر ؟ - أجابه الجد وقد لاحت إبتسامة على محياه : لا تكن ساذجاً يا [ دايسكي ] ولما أضعه هناك !! .. لقد أرسلتها منذ قليل إلى حجرتك .. لقد طلبت من [ سيدني ] أن تفعل ذلك – خمنت أنك لن تغضب منها إذا فعلت ذلك – لم يحاول [ دايسكي ] إخفاء شعوره بالحنق عن سماعه من دخل حجرته دون إذنه وقال : ياااه .. أه .. بالتأكيد لن أغضب منه . ولكنه بالفعل كان يشعر بالغضب الذي سريعاً ما ذهب حينما طغي شعور بالسعادة والفرحة على قلبه لما سمع .
و قال الجد منبهاً ومذكراً دايسكي بما طلبه منه : ولا تنسي .. عليك أن تملي كل ما تعرفه على أخويك الصغيرين على هيئة حكايات .. هل فهمت ذلك ؟
قال [ دايسكي ] وهو يشعر بالحيرة ويحك مؤخرة رأسه : بلي .. ولكن لماذا .. لماذا على فعل ذلك ؟
قال الجد بأختصار : انظر يا [ دايسكي ] أن التوأم ليسوا مثلك .. لن يفهموا كل هذه الأمور في ليلة واحدة مثلك , ببساطة سيجنوا لو فعلنا ذلك , لذلك لابد من التمهيد لهم .. ينبغي أن نفتح عقولهم ..ينبغي أن نملئها بالخيال .. أن نقنعهم بأن الخيال ذات يوم قد يتحقق ويكون واقع .
- ولكن هذا لم يحدث معي ؟ هكذا قال [ دايسكي ] .
قال الجد وقد شعر بالقليل من الأزعاج : كان هذا سيحدث معك لو لم تكتشف الأمر بنفسك , على أية حال سأترككم لمدة أسبوع وفي خلال هذه المدة أريدك أن تنفذ كل ما أخبرتك به حرفياً , وحينما أعود سنشرع فى التدريب - ثم عاد إلى نشاطه السابق وبدأ يتصفح بضعة أوراق غير عابئاً ب [ دايسكي ] فعلم الأخير أن المحادثة قد أنتهت , ولكن شئ فقط أثار فضوله في هذه الحجرة ..شئ سيعود له بعد أن يذهب جده بعيداً حيث قرية [ الطائر الأزرق ] , فقال ببراءة وهو يرحل : حسناً وداعاً
******

دايسكي هيتاشي
02-04-2010, 15:56
*************
على عكس ما هو متوقع , فلم يسرع [ دايسكي ] إلى حجرته حيث تقع في الركن الشمالي للقصر , بل أنه دار حول أول منعطف وخرج من القصر , و أخذ يجلس في الحديقة الخلفية مترقباً رحيل جده .
كان الجو هو الأصيل والشمس الآن في أرقي أثوابها في دورتها اليومية , و تأمل [ دايسكي ] عبور طائر صفحة السماء الزرقاء , وفكر في كيفية طيرانه وتساءل هل بمقدور السحرة الطيران ؟!
أفترش الأرض ونظر بأعين شغوفة إلى السماء وتخيل أنه يطير في فراغها برفقة [ هانا ] وتبادله إبتسامة عذبة .. يا له من حلم جميل !!
ولكن فجأة تنبهت حواس [ دايسكي ] و أرهف السمع جيداً حتى تأكد من أن جده خرج من القصر في طريقه إلى جوف جبل سوميلازر الشامخ , فنهض من موضعه و ودع أحلامه الجميلة لبرهة وعقد العزم على أكتشاف ما يخفيه جده عن عينيه , فعاد إلى داخل القصر من جديد ولما تأكد من إنه لا أحد يراه تسلل خفية إلى حجرة جده .
كانت الحجرة كما هي لم تتغير فيها حركة أي شئ , فأخذ [ دايسكي ] يبحث بهمة و دأب عما يظن أن جده يخفيه عنه , تلك المكتبة العتيقة التي تقع خلف مقعد المكتب لا يوجد ما يثير فيها الريبة فهي كتب لا يري أن له حاجة لها , بالإضافة إلى إنه لم يفهم لغات معظم هذه الكتب , ولما تفحص أدراج المكتب جيداً وجد أن جده قد غفل عن إحكام إغلاقها قبل رحيله , وكان هذا من حسن حظه و فجأة خرج وميض لؤلؤي , كان هو ذلك الوميض الذي جعله يعود إلى هنا , فتح الدرج المنبعث من الوميض , فوجد عدة قنينات صغيرة جداً كل منها تحتوي على سائل يلمع ويومض ولكن الألوان تتباين فيما بينهم , فقنينة سائلها أبيض , وأخري سائلها أزرق , وثالثة سائلها بنفسجي وكان على كل منها وريقة صغيرة مكتوب عليه اسماء غريبة أول مرة يسمعها ويقرأها في حياته , فشعر بخيبة أمل قوية وهو يري نفسه قد فشل في العثور على شئ مثير , ولكن لما أعاد القنينات إلى مكانها لمح دفتر تدوين صغير ففتحه فوجد خط جده يملأ الصفحات التي كانت ذات يوم ناصعة البياض ولكنها إلا محشوة بالكثير من الكلام والهوامش , فألتقطها [ دايسكي ] كطفل عثر على حلوة وضمها إلى صدره , وقرر أن يصعد إلى حجرته بالأعلى لربما أفصحت له هذا الكتيب عما يخفيه جده عنه .
*******
أغلق ( دايسكي ) باب حجرته من خلفه بعناية وحرص شديدان و تسلق بطريقته المعتادة إلى السقف ليحضر عصاته السحرية , وتمتم بالتعويذة الوحيدة التي سمح له جده بأدائها في القرية والتي لا يتقن غيرها : بينو هيرا.
فقد أخبره جده أن هذه التعويذة تخفيه عن أعين أيتورنا وتمنعها من رؤية أي نشاط سحري وبالتالى يصبح بعيداً عن مراقبتها له .
قفز ( دايسكي) على السرير بفرحة طفولية وهو يكتنز دفتر جده ولا يشعر بالغضاضة بأنه على وشك تحطيم خصوصيات جده قائلاً لنفسه : هذا حق لك مادام أخفي عنك أشياء ولا يود أن يخبرك بها .. لا تشعر بالذنب .
ثم و لأول مرة لاحظ الكتب التي بعث بها جده إلى حجرته , كانت كلها كتب سحرية تعود إلى مدرسة طيبة السحرية وكأن شعارها العتيق (الأهرام و أبو الهول) مطبوعاً عليها , لم يكترث ( دايسكي ) لأمرها فقد ظن أنها ستبعث له بالملل مادامت كتب دراسية بالأضافة إلى أن جده أخبره أن هذه طريقة ليست قوية للتعلم , لذا أزاحها من جواره , وتمدد على بطنه على الفراش و رأسه تطل على أرضية الحجرة وعلى الأرض التي يصوب لها ناظرها فتح دفتر جده و أخذ يقرأ لمدة ربع ساعة من خلالها علم ( دايسكي ) أن جده بارع في صنع الوصفات ووصل في علومها إلى حد العبقرية و أن هذا الدفتر هو مجمل ما توصل له من إبتكار و إبداع الوصفات كانت طريقة صنعها معقدة جداً لما قرأها ( دايسكي ) وشعر بإن دماغه تلف و تدور بالرغم من سكونها الظاهري فلكي يصنع وصفة هناك معايير كثيرة تحكمه , فمثلاً عند صنع وصفة بسيطة فالأمر لا يحتاج عبقرية كثيراً ولكن أيضاً ليس أي أبله يكون قادراً على صنع الوصفات مادامت قد توفرت لها المواد الخام المكونة لها .. أنها تحتاج إلى صيغة وتلك الصيغة ليست صيغة كيميائية بل هي تأتي من الفن و الأحساس وهذا يعني أن عدد محدود من الموهبين قادرين على صنع الوصفات فالأحساس بالوصفة هو ألفياء صنع الوصفة .. مثلاً وصفة [ جنح الفراش ] لا تحتاج إلى الكثير من الفن و مكونتها قليلة بالتالي فأقل صانعي الوصفات موهبة قادرين على صنعها و هي وصفة خاصة بعلاج القطط , وكلما زادت تعقيد الوصفة و أهميتها تعددت مكوناتها وبالتالي فأن الأمر يحتاج إلى فن و عبقرية لأتمام نجاحها , كما أنها تحتاج إلى شروط خاصة لإدائها بشكل كامل , فمثلاً وصفة [ جيفيكس ] وهي وصفة مهمة حيث في مقدروها إيقاف مفعول أشد السموم فتكاً في العالم تتطلب طريقة تحضير معينة و سرية جداً و قلة قليلة تعد على الأصابع في مقدورهم تخليقها وبالتالي فأن سعرها مرتفع جداً .
شعر ( دايسكي ) بأن صنع الوصفات كافياً لأن يجعلهم أثرياء ولكنهم أثرياء بالفعل ولذلك ضحك و أخذ يقلب من جديد صفحات الدفتر بحثاً عن وصفات أخري , فوجد وصفة تخفي و أخري لتقمص أدوار أشخاص أخريين و وصفة للتحليق , ولما رأي الوصفة الأخيرة فرحاً كثيراً وصفق وشعر بالسعادة و أخذ يحلق فعلاً بيديه وهو يضحك – لقد أنساه هذا الدفتر قليلاً غضبه من جده وبدأ يستمتع في قراءته ولكنه فجأة توقف عند صفحة وصفة معينة كان اسماها [ دموع العنقاء ] كاد يتجاوزها لولا أنه لمح اسم هذه الوصفة لما كان يبحث في حجرة جده .. لقد كانت القنينة ذات اللون البنفسجي , لذلك أخذ يقرأ : المكونات : مسحوق فاسون السحري – قرن اللمت الأسطوري – ثلاثة وريقات من زهرة زيورا الزرقاء اللون – دموع طائر العنقاء – بلسم البحر – سائل المياه الوردية ]]
كانت طريقة صنعها من أكثر الطرائق تعقيداً رائها ( دايسكي ) منذ أن فتح هذا الدفتر , فطريقة تحضريها تلتزم عاماً كاملاً , ويتم إضافة كل مكون في يوم معين من السنة تحت شمس الأصيل , بالأضافة إلى أن تتغذي على ضوء القمر وهو في طور البدر ثلاثة أرباع العام , وكان ذلك شرط مستحيل ...... تجاوز دايسكي طريقة التحضير و أخذ ينظر إلي فوائدها حينها جحظت عيناه وشعر بغضب عارم يجتاح جسده و أغلق الدفتر في كراهية كأنه عدو يود سحقه , وعدل من جلسته و أخذ يصرخ بشدة [ اللعنة .. اللعنة اللعنة ] و اهتز جسده بعنف وكأن عمود من الكهرباء يسري في جسده , وطرق ( دايسكي ) جبهته عدة طرقات قوية و مسكها بكلتا يديه وفرد أصابع يديه ليحتويها من أنفجار قادم في الطريق , حتى حدث الأمر الذي كان يرهبه لقد سمح لقواه السحرية بالتسلل من داخله لتحيط بجسده الخارجي وتضغط عليه وتحركت عصاه السحرية من مكانها وطارت وحطت في راحة يديه واستقرت بها و أفلتت منها دفقة وردية اللون منها دون إذن صاحبها و أصطدمت بالحائط المقابل ل ( دايسكي ) فكادت تدمره لولا أن غشاء شفاف يحيط بالحجرة كلها ظهر فجأة من العدم كان هذا حاجز تعويذة [ بينو هيرا ] و فجأة وبدون سابق أنذار تحولت جميع علامات الأوراق المحيط بيديه وبجسمه كله إلى اللون الأحمر و أندفعت منه بغتة طاقة خارج جسده سحقت كل محتويات الغرفة من أثاث فاخر و كماليات بديعة كل ذلك سحق سحقاً و كأن أحدي أنفجارات الحروب قد طال هذه الغرفة ولكنه من حسن حظ ( دايسكي ) لم يتعدي حدود الغرفة بفضل دفاع تلك الغلالة الرقيقة المحيطة بالغرفة والتي بدأت دفاعاتها تخور وتتهاوي .. حينها سقط ( دايسكي ) على ركبتيه وشعر بألم شديد لقد تمزق جسده و سقط فاقداً الوعي !!
**************
جلس السيد ( جيفاني ) في ركن بعيد عن الأعين بحانة فيزتسون برفقة ( ملكيادس ) و هناك على المائدة بينهم كانت هناك العديد من الزجاجات تدل على أن جلستهم قد بدأت منذ مدة طويلة جداً , كان ( ملكيادس ) طيلة هذا الحديث يجلس مستمعاً لما يقوله ( جيفاني ) وعيناه تزداد أتساعاً وذهولاً كل فترة
- هذا غير معقول .. أبداً .. لم أكن أتوقع ( دايسكي ) .. أنت تعلم ( فريد ) كذلك . قال ذلك ملكيادس وهو يشعر بالاضطراب .
- وهذا ما يحيرني يا عزيزي ملكيادس ,, أنت تعلم أننا كنا ننتظر فرد واحد , ولكن يخرج الأمر عن توقعاتنا ويصبح أمامنا أثنان لا واحد .. لابد أن هناك أمر ما يتعلق بأمور القوي لا ندري كنهه , ولكنه بالتأكيد سيكون رهيب ,, جميع ما يحدث يدل على ذلك , ألم تلاحظ تحركات ( الأبيكتيسكي ) المتهورة هنا وهناك .. ولا يخفي عليك تصرفات ذلك اللعين
- أرجوك لا تذكرني به يا ( جيفاني ) .. أنا أعلم ذلك جيداً ,, جماعة دلفاي تعلم
- هممممممم .. أظن أن لكلاً من ( دايسكي ) و ( فريد ) دوراً هاماً في الأحداث القادم وبخاصة الأول فبأوراقه اللانهائية ووحشه النافث للجليد و قوته التي لا نعلم حدودها , سيتخطى ( فريد ) بالرغم من وحشه النافث للأحماض .. أشعر بالقشعريرة تسري في جسدي لو وقع بينهم صدام .
- معك حق , ستكون مبارزة شرسة بوجود أشرس التنانين على ما دار التاريخ وأكثرها سحقاً ... أرى أنها معضلة كبيرة ينبغي لنا أن نجد لها حل و بأسرع وقت .
صمت ( جيفاني ) قليلاً وتمتم ببطء : لقد قلته .. أنها جماعة دلفاى السحرية.
فهم ( ملكيادس ) بالاعتراض وقال : ولكن هذا سيكون خطيراً عليهم و هم في هذه السن الصغيرة , كما أن ( دايسكي ) لن يكون قادراً على الحضور بشكل تام .
فجاوبه السيد ( جيفاني ) وهو يسرح بعيداً : لا تشغل بالك .. سوف نتغلب على هذه المشكلة بالطرق القديمة .
عندها طلت نظرة فزع من ( ملكيادس ) على عكس عادته وقال باعتراض : ولكن ....
قطعه ( جيفاني ) في حزم : هذا هو الحل الوحيد وسوف نقوم به
**********
فاق ( دايسكي ) من إغماءته , ووجد نفسه نائم على السرير والكثير من الأربطة تحيط به كان لونها أبيض بصورة لم توجد من قبل , ونظر حوله فوجد أن حجرته كما هي قبل أن يدخلها منذ بضع ساعات و كأن الأنفجار الذي حدث ما هو إلا محض حلم , ولكن هذه الأربطة جعلته يتأكد أن كل ما حدث لم يكن حلم أبداً , وبجواره على الكيمود وضعت الكتب التى تمزقت بعناية , و تشكلت شظايا المرآة الكثيرة وعادت إلى طبيعتها , كل شئ كما هو من قبل , وتعجب من كل ذلك وتساءل عما حدث أثناء غيابه , فجأة فتح الباب وظهر ظل والدته والتي سريعاً ما أصبحت داخل الغرفة وهى تبتسم إبتسامة منهكة , فصاح ( دايسكي ) متعجباً : أماه !!
قالت الأم بحنان : ها أنت قد أستيقظت أخبرني بماذا تشعر الآن يا ( دايسكي ) ؟
قال دايسكي غير مصدقاً عيناه : بخير حال يا أماه ولكن أخبريني ماذا يحدث ؟ أين الخدم ؟ أين أخوتي ؟
قالت الأم وهي تبتسم : لقد صرفتهم يا عزيزى هذه الليلة برفقة أخوتك .
قال ( دايسكي ) بسرعة وبلهفة : عظيم , فهناك شئ أود أن أخبرك به
قالت الأم متصنعة الدهشة : ستخبرني من دمر حجرتك إذن ومن سبب لك هذه الجروح القاتلة ؟
حك ( دايسكي ) مؤخرة رأسه وقال : نعم سأخبرك بعد أن تسمعي حكايتي ... ولكن من فعل كل هذا .. من عالجني ؟!!
قالت الأم مشاكسة وليدها : سأخبرك حينما تنتهي من حكايتك يا ( دايسكي )
قال ( دايسكي ) : حسناً , لقد تسللت إلى حجرة جدي ........
أخذ يسرد كل ما حدث سابقاً ووالدته تنظر له نظرات صامتة حزينة ثم تابع : ولما وقعت عيناي على وصفة ( دموع العنقاء ) حدث كل ذلك .. شعرت بالغضب الشديد من جدي , وحدث ما حدث بجسدي و الحجرة .. ثم بكي وقال وسط دموعه : كيف يا أمي كيف ؟ كيف يكون جدي هو مبتكر هذه الوصفة وصانعها ولديه أحداها ولا يعالجك يا أمي .. لقد كتب بجوارها أنها وصفة لعلاجك ومع ذلك لم يمنحها لك .. أنا أشعر بالغضب من جدي و أود قتله .. طوال هذه السنوات وهو يمتلك العلاج ويتركني أتابع ضعفك و مرضك .. اللعنة عليه .
- لا تقل ذلك الكلام ثانيةً عزيزي ( دايسكي ) , أن جدك طيب رقيق القلب , ويشعر بالألم لذلك , فلا تغضب ولا تثور عليه يا عزيزي , فهو منحني إياها عدة مرات يا ( دايسكي ) ولكنني رفضت وكنت أرجعها له كل مرة .. و أخر مرة كانت ليلة أمس - قالت ذلك الأم .
- لماذا يا أماه ؟ لما ترفضي العلاج .. نحن نحتاجك يا أماه . قال ( دايسكي ) وعيناه مغرورقة بالدموع و كأنها شلالات تنهمر .
فأحتضنته والدته وأجابته : الأمر لا يتعلق بصحتي يا ( دايسكي ) بل بكم جميعاً فبعلاجي تصبحوا جميعاً في خطر .

دايسكي هيتاشي
02-04-2010, 15:59
تساءل ( دايسكي ) في دهشة : خطر !! وممن ؟!!
قالت الأم : ألم تنتبه يا ( دايسكي ) إلى أنه لو تم علاجي من هذا المرض بهذه الوصفة فسوف تنتبه ( آيتورنا ) لذلك وبخاصة أنه لا يوجد علاج لحالتي هذه داخل القرية .. حينها ستكتشف أننا نتصل بالعالم الخارجي وأننا ليس من الأبيكتيسكي كما تظن وتعلم أننا من أحد الأجناس الأخرى وحينها ستفشل مهمة عائلتنا يا عزيزي .
قال ( دايسكي ) محاولاً التغلب على ألم جروحه : تباً لأيتورنا .. تباً لها .
قالت الأم بعطف : حان الوقت لتستريح الآن .
قال ( دايسكي ) : حسناً سأفعل , ولكنك لم تخبريني من عالجني ومن أصلح حجرتي .
أبتسمت والدته وهي تخرج من غرفته وتقول : خمن !!
*********

مر الأسبوع بسرعة البرق تعافي ( دايسكي ) من كل جروحه الغائرة في ظرف يومين بفضل مساعدة أمه العلاجية فقد كانت ساحرة معالجة ولما أكتشف ( دايسكي ) ذلك علم كم التضحيات التي تقدمها أمه لأجل بقائهم , فكان يتشوق لرجوع جده من العالم الخارجي ويبدأ التريب ليدمر ( آيتورنا ) .. كان أكثر فردين بداخل القصر يشعران بمرور الوقت بسرعة البرق هما ( هانسن ) و( جوباس ) التوأم الشقي , فقد بدأ ( دايسكي ) بتنفيذ ما طلبه جده منه , فأخذ يقص عليهم الكثير من الحكايات عن ممالك السحرة والجان والكوزرس و النيلبو و الأبيكتيسكي و الأرسيديجون و الأجناس الأخرى الغريبة كالأقزام و المستذئبين ومصاصي الدماء والعمالقة , كما حكي لهم عن الوحوش السحرية , كانت الفرحة والسعادة تغمرهم حينما يسمعوا كل هذه الحكايات من ( دايسكي ) و أندهشوا من سعة خيال ( دايسكي ) ليخبرهم بأكثر من حكاية يومياً و كأنه يقرأ من كتاب وكانت أكثر أمانيهم أن يكون كل هذا حقيقي, فمثلاً ( هانسن ) يريد أن يطير حول العالم على ظهر تنين , بينما ( جوباس ) يريد أن يمتطي ( اللمت الأسطورى ) بدلاً من حصانه الأبيض , كما يرغب في أن تكون له عصا سحرية , كما أنهم أحبوا حكاية( يوميات ساحر طائش ), و(الساحر الذي ذهب إلى العالم السفلي و عاد ) و قد تعجب ( دايسكي ) كثيراً من الحكاية الأخيرة بنفس مقدار تعجب التوأم , لذلك حفر اسم صاحب الكتاب في ذهنه ولم ينساه طوال حياته .
عند ظهيرة يوم الثلاثاء قابل ( دايسكي ) جده عند مدخل القصر فلم يشعر بالغضب ناحيته بل شعر بالشفقة وأنعدام الحيلة ناحيته , ولكنه لاحظ أن جده ليس على ما يرام مطلقاً ..بل أن هناك حروق كثيرة ظهرت بشدة على يديه بالرغم من محاولاته لأخفاءها , وبدا الأعياء والتعب واضحاً على وجهه وكان يتنفس بصعوبة .
فتساءل ( دايسكي ) في جزع : ما الأمر يا جدي ؟ هل أنت بخير ؟
ابتسم الجد في تهكم وقال ساخراً : وهل أن أبدو كذلك ؟!
فعاود ( دايسكي ) سؤاله : ما الذي حدث لك ؟
فتهرب الجد من الأجابة وقال : لا داعي للقلق يا ( دايسكي ) سوف أشفي على الفور , ولكن أمهلني إلى الغد لنبدأ التدريب .
فقال ( دايسكي ) مغلوباً على أمره دون أن يكتشف سر جراح جده : حسناً يا جدي .. فلترتاح الآن و سأذهب أنا إلى المدرسة .
أهتز جسد الجد حينما أصدر قهقهة عالية وقال : لا توصينني بذلك . .وداعاً عزيزي .
- وداعاً جدي .
**********
في صباح اليوم التالي , قرر ( دايسكي ) الذهاب إلى حجرة جده ليطمئن على حاله , فهو لم يراه منذ أنا عاد من المدرسة يوم أمس , ولكن ما أن تجاوز الدهليز الذي تطل عليه حجرته حتى قطع التوأم عليه الطريق وكبلاه بقبضاتهم الصغيرة وحاولوا منعه من الحركة , فتجاوب ( دايسكي ) مع مزاحهم حتى سقط على الأرض ثلاثتهم . فقال ( دايسكي ) بإزعاج مصطنع : ما الأمر يا أشقياء ؟
فرد عليه الأثنان في عين الوقت : أنت لم تجلس معناً أمس , لم تسرد لنا أي أحدوتة .. نحن غاضبان منك .
قال ( دايسكي ) : أسف يا أخوتي , ولك حينما أعود سأحكي لكم أكثر من أحدوتة .. هل أنتم موافقان ؟
قال ( هانسن ) وعيناه تلتمع شغفاً : حقاً .. هل ما تقوله صحيح أخي ( دايسكي ) ؟ , بينما قال ا( جوباس ) في سرعة ولهفة : متي ستعود ؟ .
فقال ( دايسكي ) بلهجة حازمة أمرة ولكنها مصطنعة : ليلاً .. والآن أتركاني .
ثم أبعدهم عنه و قال بلهجة معاتبة ساخرة : أهذا جزائي ؟ ! فأحمر وجههما خجلاً وقالا : أسفان , ثم تابعا في حزم : نراك ليلاً و إلا.......
فقال ( دايسكي ) مشاكساً : وإلا ماذا ؟! ستقتلونني !! ولكم من سيحكي لكم قصصاً من بعدي !!
وهكذا تركهم ضاحكاً و تابع سيره إلى حجرة جده ولكنه لم يعثر عليه هناك , لذلك عاد إلى حجرته خائباً الظن و عزم على أنه سيبحث عنه فور أن يعود من مدرسته ولكنه حينما عاد إلى حجرته ليأخذ حقيبته , وجد مظروف من جده يخبره عن موعد التدريب و مكانه , لذا أخذ ( دايسكي ) حقيبته التي كانت مختلفة عن الأيام السابقة , فهي لم تحتوي على الكتب الدراسية بل كانت مملؤة بالكتب التي منحها له جده منذ أسبوع بالإضافة إلى عصاته السحرية ولكنه وضع الأخيرة في جيبه , ثم خرج من حجرته ومن القصر برمته أخذاً طريق جبل سوميلازر إلى مدرسته ولكنه لم يتابع إلى مدرسته بل أنعطف عند ذلك المنعطف و أخذ الطريق يصعد به إلى فتحة الكهف التي دخلها سابقاً برفقة جده .
وخلال خمس دقائق وصل ( دايسكي ) إلى مدخل الكهف وبالداخل وجد جده في انتظاره , والذي قال بلهجة سريعة : هل أحضرت كل شئ معك ؟
فلوح ( دايسكي ) بعصاته , وفتح حقيبته كاشفاً عن كتب علوم السحر . فصاح الجد في حماسة : حسناً .. كل شئ جاهز ,, فلتتبعني .
فتحركا ناحية أحدي الانفاق العديدة بالقاعة وغاص فيه والظلمة من حولهما كمكوك قرر عبور ثقب أسود .
ثم فجأة اقتحم الضوء عيونهم فأغمض ( دايسكي ) عينيه عدة مرات قبل أن يعتاد الضوء , فوجد نفسه في وادي صغير يختبئ بداخل هذا الجبل , طالما أدهشه هذا الجبل فهو يبدو صغير بالخارج بينما بالداخل يري إنه لا أول له ولا أخر , كانت الحشائش الخضراء تغطي أرض الوادي الصغير على ضفتي نهر العين الزرقاء الذي يقطع الجبل .
هز السيد ( جيفاني ) رأسه في استحسان على دقة اختياره للمكان وقال : عظيم ,, و الآن أجلس يا ( دايسكي ) . أريدك أن تنصت لما سأقوله لك جيداً . فجلس ( دايسكي ) القرفصاء على المرج وهو ينظر لأعلى في فضول وحماس وهو يتابع خطوات جده الذي شرع في الحديث : أن التدريب شئ أساسي وجوهري في حياة أي ساحر أو أي جنس أخر , فبدون التدريب ستتراخى قواك السحرية و تضمر من عدم التدريب واستخدامها , وفي الوقت الذي ستحتاج فيه إلى هذه القوة , ستجيبك بطء شديد ولن تكون لها فعالية كبيرة وكذلك وحشك إذا وجدك لا تتدرب ستفقد ولائه و يبتعد عنك ولكنه بالطبع لن يخرج عن العائلة بل سيعود إلى كهفه ولا يخرج إلى أن يستدعيه فرد جديد من العائلة . وعلى العكس إذا تدربت جيداً فإن القوة السحرية بداخلك سيرتفع مستواها معك ولاحظ أن للقوة السحرية ثلاثة مستويات , مستوي منخفض , مستوي جيد , مستوي عبقري , والمستوي الأخير قلة قليلة ما تجاوزته ولم يستطعوا الوصول إلى نهايته , ولكنهم كانوا أقوياء جداً عند هذا المستوي إذ كان بمقدورهم التحكم في كمية الطاقة السحرية و خروجها من الجسد .. وهذا يعطيك قوة رهيبة , ولكن أنت تعرف القانون الشهير لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الأتجاه , فإن لم توجد قوة أخرى تردع هذه القوة فببساطة سيتحطم جسدك وينهار , ومن هنا تأتي قوة الوحش الذي برفقتك ..هو يعطيك القوة اللازمة للسيطرة على قوتك , وليس معناه أنك أنت المحدد الرئيسي لقوتك بل الوحش يعطيك قوة أيضاً تتناسب مع قوتك , تخيل ساحر في المستوي الضعيف طاقته محاطة بطاقة وحشه , ثم بعد مرور خمس سنوات مثلاً دخل المستوي المتوسط بالتالي الوحش زاد من منحه قوته وهذا يفسر لنا شئ أن الوحوش أقوى منا بكثير جداً ولكن كيف تزيد من قوتنا ؟ حينما تري أننا نستحق قوة أكبر ولكنها لن تؤدي إلى قتلنا تزيد من جرعة قوتها الوحشية حينما تتأكد من أن قوتنا السحرية قادرة على تضادها وهكذا .. كل فترة تجرب معنا هذه التجربة و مقدار القوة الوحشية التي أستطعت تضادها تمنحك إياها .
شئ أخر قبل أن نشرع في التدريب , هناك ثلاثة طرق متبعة لتعليم السحر هي : الطريقة الأولي : أن تتعلم على يد أحد أفراد عائلتك , الطريقة الثانية : أن تتعلم على يد الوحش الخاص بك وهو التنين – لاحظ أن سلالة التنين الخاص بنا محدودة لذا أحياناً ما يتشارك بضعة أفراد في تنين واحد , ولكنك لديك تنينك الخاص وهو سيعلمك بنفسه ,, الطريقة الثالثة : وهى تعتبر مثل الطريقة الأولى إلا أنها تختلف من ناحية تلقي التعليم , أفترض معي أن هناك شخص ما من عائلتنا تزوج من شخص أخر من خارج عائلتنا أو من خارج جنسنا , هذا يعني إندماج وانصهار بين السحرة أو الأجناس – و لشرح ذلك له حديث يطول ولكن دعنا في الفكرة الرئيسية , هنا يجمع بين قوي الجنسين في أفضل الحالات أو قوي أحدي الجنسين ولكنه يتلق يحافظ على بعض التعاليم من الناحية التي لم تنتسب لها قوته , إما لو كان الأمر بين أبناء الجنس الواحد فيصبح حالهم كعائلة واحدة ويكونوا بينهم جماعة تعلم ابنائهم الأسلوبين معاً ليصيروا أقوي من الأخريين .

دايسكي هيتاشي
02-04-2010, 16:01
صمت الجد لبرهة فعلم ( دايسكي ) أنه ينبغي عليه الحديث فقال : همممم .. حسناً لا أكذب عليك و أقول أنني فهمت كل ما قلت ولكنني أستوعبت قدر يجعلني أميز بينهم , ولكن هناك شئ ما يثير حيرتي !
فقال الجد وهو ينظر إلى حفيده مبتسماً : وما هو ذلك الشئ الذي يثير حيرتك ؟
قال ( دايسكي ) : يبدو الأمر مستحيل .. أعني الطريقة الثالثة .. أنها مستحيلة , لقد قرأت ذلك في أحدي الكتب التي أعطيتني إياها .. أن الوحوش لا تمنح علومها و أسرارها إلا لتابعيها فقط , أعني أنا مثلاً ولدت لفردين من نفس العائلة فهذا يعني أنني سأكون تابع لوحش العائلة , أما لو تزوج والدي واحدة من خارج العائلة فأنني سأحصل على وحشين وهذا هو المستحيل .. أننا لا نستطيع مجاراة طاقة أكثر من وحش في نفس الوقت .
ابتسم الجد وقال : كلامك شبه صحيح يا ( دايسكي ) , ولكن لما افترضت انك ستحصل على طاقتي الوحشي في نفس الوقت , ألم يخطر في بالك أنه يمكن لوحش منه يزودك بالطاقة و الأخر يقوم بتدريبك على أداء التعاويذ بجوار الوحش الأخر , هذا يعني أنك ستزيد من عدد التعاويذ التي تؤديها . . هل فهمت ما أعنيه ؟
حك ( دايسكي ) مؤخرة رأسه وقال : أه.. تقريباً, ولكن لم أسمع بعائلة فعلت ذلك على مر التاريخ .. إننا نكره الأختلاط .
ضحك الجد وقال : بلي بلي معك حق , و الآن أود أن ألفت نظرك لشئ أخير يا عزيزي , لا تحسب أن التعاويذ الموجودة بالكتب يمكنك أداءها مادمت تملك الطاقة الكافية لها .
قال ( دايسكي ) : همممم .. حسناً ولكنني أتساءل أليس التعاويذ الخاصة هي سر كل عائلة ولا يمكن لأي فرد إدائها مادام لم يتعلمها من أحد أفراد العائلة أو حتى وحشها ...إذا كيف توجد كتب تعاويذ ؟!
قال الجد : سؤال وجيه يا دايسكي .. أنها مجرد تعاويذ عامة غير قتالية و غير خاصة وشئ أخير هي مبتكرة للجميع .. فلتقل أنها تعاويذ أساسية .. لذلك توجد المدارس السحرية لهذا الغرض .
قال ( دايسكي ) في دهاء : إذا هناك أربعة طرق لتعلم السحر لا ثلاثة
ضحك الجد وقال : إذا كنت تحسب الأخيرة طريقة , فهم أربعة إذن .
قال ( دايسكي ) في حماس : إذاً أنا سأتدرب بطريقتين ..هذا عظيم
قال الجد : بل ثلاثة يا ( دايسكي ) ثلاثة طرق يمكنك التدرب بها .
فأستغرب ( دايسكي ) وقال : ثلاثة !!
قال الجد : بلي , فعائلتنا عائلة مختلطة .. أن عائلتي ( جيفاني ) و ( المنسي ) قاموا بالأندماج وكونا جماعة دلفاي السحرية .
شهق ( دايسكي ) من المفاجأة , فهو وللمرة الثانية أدرك وبشكل أكثر وضوحاً مدي قوة عائلته , لأن أي فرد في عائلته يستطيع تعلم السحر بواسطة ثلاثة طرق بينما أي فرد أخر يتعلم أداء التعاويذ بطريقتين فقط .
فسأل ( دايسكي ) جده بخفوت : وما هو وحش عائلة المنسي ؟
قال الجد : أنها العنقاء الأسطورية , ولكن لا تقلق في فى معظم الأحوال مساوية لقوة التنين ولكنني أستثنيك أنت و فريد من ذلك فالتنينان الخاصان بكما يستطيعا التغلب عليها .
فصاح ( دايسكي ) مضطرباً : فريد !!!!
قال الجد : بلي .. لقد أثبت هو الأخر إنه يشبهك و أصبح تابع لتنين هو الأخر ..تنين نافث للأحماض .. أنه أول فرد في عائلتنا يحصل على تنين من هذا النوع .
شعر ( دايسكي ) بالغيرة لبرهة وقال نافث للأحماض , ولكن هذا ليس في عائلتنا قط .
قال الجد بإيجاز : معك حق يا ( دايسكي ) و لكن لقد حدث الأمر .
شعر ( دايسكي ) بأن جده يخفي عليه قدر من المعلومات , فشعر بالغضب قليلاً .
وبعين متمرسة لاحظ ( جيفاني ) اضطراب ( دايسكي ) فقال في محاولة لتهدئته : دايسكي .. أنت أيضاً تملك تنين فريد , بالاضافة إلى الأوراق التي منحتك إياها شجرة العصي السحرية , تفوق عدد أوراق ( فريد ) بكثير بل هي تفوقني .. أنظر .
فكشف ( جيفاني ) عن ذراعيه ليؤكد كلامه – ثم تابع : انظر العدد الذي لديك على ذراعيك انه ضخم جداً
ابتسم ( دايسكي ) في نفسه فهو يدرك أنه يمتلك عدد كبير من هذه الأوراق فهي تغطي جسده بأكمله فحسب أن جده لا يعلم بهذا الأمر فأخفي ابتسامته .
وقال الجد في تعنيف غلبه تابع كوميدي : أنتم أيها الأولاد .. لا تنسي إنه ابن عمك . وتابع بجدية : بالاضافة إلى أنكما عما قريب ستصبحان رفيقان مدي الحياة , و الآن هلم لنتدرب – قالها الجد بسرعة حتى أن ( دايسكي ) لم يكن في مقدوره السؤال عن غموض الجزئية الأخيرة , ولكنه رجح إنها مجد عواطف حارة من جده .
قال ( دايسكي ) بحماسة ولهفة تليق بطفولته : بماذا سنبدأ ؟
فجاوبه الجد : سنبدأ بإداء تعويذة كرة النار , ولكنها بالنسبة لك ستكون كرة الثلج نظراً لأنك تملك تنين نافث للجليد و أنا أملك تنين نافث للنار .
كاد ( دايسكي ) يقفز فرحاً و قال متلهفاً : كيف أؤديها ؟
قال الجد : سأخبرك بكل شئ .. لا تتعجل .. الآن أريدك أن تشعر بقوتك السحرية
قال ( دايسكي ) متسائلاً : وكيف يفترض بي أن أشعر بها ؟
قال الجد : أتذكر ذلك الشعور حينما رفعت ( دينيكس ) في الهواء ؟!
كان سؤاله صاعقاً , فقال دايسكي : أه ..بلي .. أتذكره ..
قال الجد و قد شعر بتغير نبرة صوت ( دايسكي ) فقال : ما الأمر يا ( دايسكي ) ؟
قال دايسكي متوتراً : لقد خرجت مني قوتي مرتين فهل .فهل هذا يعني أنني أمتلك قوة تؤهلني للمستوي العبقري ام ماذا ؟
قال ( الجد ) : حسناً يا دايسكي أنا لا أنكر أنك قوي جداً و أنك ذات يوم ستصل إلى المستوي العبقري أما الآن فليس بسبب خروج طاقتك السحرية مرتين عن غير قصد ترى أنك مؤهل لأن تصل إلى هذا المستوي في هذه السن الصغيرة , لو فكرت في ذلك سأقول عليك مغرور .
ضحك ( دايسكي ) وقال وهو يحاول انكار التهمة المنسوبة إليه : لا أبداً . ثم تابع ممازحاً : ربما بعد عامين من الآن
فضحك الجد وقال : حسناً فلنتابع تدريبنا
صاح دايسكي : بلي
الجد : حسناً حاول أن تستجمع هذه الطاقة بداخلك .
حاول ( دايسكي ) أن يستجمع قواه كما في المرة السابقة فلم يحدث شئ , حاول مرة أخري ولكن أيضاً لا شئ , و محاولة ثالثة فلم يختلف مصيرها عن مصير سابقيها .
شعر ( دايسكي ) باليأس وقال بعد المحاولة العاشرة وتكاد الدموع تفر من عينيه : لا شئ .. لا شئ
حينما أنتبه الحد لذلك خبط جبهته بظهر يده اليسرى وقال لنفسه : يا لغبائي .
أندهش ( دايسكي ) من فعل جده ولم يفهمه جيداً ولكنه بدا له كمن تذكر شئ مهم , فصاح في ( دايسكي ) : لقد نسيت أن أزيل أخر الأختام السحرية من على طاقتك , ثم تابع موارياً خجله : ذكرني بأن أعد وصفة حينما نعود إلى القصر لصنع ذاكرة جديدة لي , ثم نقر بعصاته السوداء على جبهة دايسكي وتمتم : تورليز بلايجو .
لم يتغير شئ في الظاهر , ولكن شعر ( دايسكي ) بتدفق القوة في عروقه وعظامه حتى كادت تخرج من مسمات جسده كما حدث سابقاً ولكنها لم تفعل .
قال الجد : حسناً , تذكر ما قلته لك , حاول أن تجمع قدر كبير من الطاقة .. هل تشعر بها تتجول في جسدك .. عظيم .. الآن وجه مسارها ناحية عصاك السحرية مع مجرى الدم ..هيا الأمر سهل ليس بهذه الصعوبة .. والآن وقد أصبحت مستعداً وقد حدث الأرتباط بينك وبين العصي ..- لا لابد أن تنشط العصا الأول يا ( دايسكي ) .. نعم هذا أفضل الآن ..هذا جيد , فلتمتم بالتعويذة الآن .. أنها [ فيلكاى كونجيلمينتو ]
حاول ( دايسكي ) أن يجمع بين قوته والحفاظ عليها مع التركيز وصاح بصوت عال : فيلكاى كونجيلمينتو
خرجت كرة صغيرة جداً في حجم البلي من مقدمة عصاته وأخذت تحلق في الفراغ وتسير بسرعة إلى أسفل المرج ويتسع قطرها بطريقة مزعجة وكلما لامست شئ حتى تحول هذا الشئ إلى لوح من الثلج وتجمد في مكانه .
صفق الجد بيديه وقال : رائع .. رائع .. ليس سيئاً على الأطلاق .. تذكر يا ( دايسكي ) كلما كانت قوتك السحرية كبيرة كلما أزادات قوة أداء التعويذة .. أن أي تعويذة بسيطة قد تكون مميتة مادامت قوية .
وحرك بعصاته الهواء فخرجت منها كرة لهب عظيمة أذابت كل الثلج من علي المرج ولكنها لم تمس به .
ثم غمز لدايسكي وقال : فلنعود إلى البيت .. ألم تشعر بالجوع ؟
نظر له دايسكي في امتنان وقال :بلي .. ولكن متى تدريبنا القادم ؟!
************

نهاية الفصل الخامس :رامبو:

z1222
02-04-2010, 19:22
حجز لكم سنة ××

دايسكي هيتاشي
04-04-2010, 16:42
حجز لكم سنة ××

ههههههههههههههههههههههه
في انتظارك اخي
,,
وين الردود يا شباب
هربتوا ولا ايه :d

lPhantom_Devill
05-04-2010, 09:53
أهلا أخي الكريم أنا آسف على التأخير أنا دخولي متقطع في مكسات

لي عودة إن شاء الله


دايسكي مؤلفنا المبدع هنا يا مرحبا يا مرحبا :p

طبعا أنا مش محتاج أقولك أسلوب وصفك عاجبني قد إيه فعلا والله

التعليق النسيت أقوله لك هو نفس التعليق القاله lphantom_devill

أنا فهمت قصدك بعد كدا بس نصيحة إنك توضح النقطة دي في الفصل الأول

إن الحاكمة على نفس إسم القرية عشان الناس ما تتلخبطش

لا تنسى إنك إنت فاهم الموضوع بسهولة لأنك المألفه والحال مختلف بالنسبة للقارئ

يلا متابعك بإستمرار إن شاء الله

ولا تتكاسل مثلي :d

أوووووه أهلا بعودة النجم إلى قسم القصص ننتظرك منذ زمن يا رجل

دايسكي هيتاشي
07-04-2010, 08:27
أهلا أخي الكريم أنا آسف على التأخير أنا دخولي متقطع في مكسات

لي عودة إن شاء الله



في انتظار عودتك اخي :p

meroni
08-04-2010, 20:28
السلام عليكم ورحمه الله
الجزء هذا أكثر الاجزاء تعقيد قعدت اكثر من ساعة ونص اقرأ فيه بس بصراحه
الوصف جداً دقيق
دايسكي أشكر لك مجهودك المظني
بأنتظار الجزء السادس


تحياتي لك

meroni

دايسكي هيتاشي
11-04-2010, 19:06
السلام عليكم ورحمه الله
الجزء هذا أكثر الاجزاء تعقيد قعدت اكثر من ساعة ونص اقرأ فيه بس بصراحه
الوصف جداً دقيق
دايسكي أشكر لك مجهودك المظني
بأنتظار الجزء السادس


تحياتي لك

meroni

أهللا اختي ميروني - هكذا تكتب صحيح ؟! -
كنت قد فقدت الأمل في وصول أحد إلي هذه المحطة ولكنك تثبتين خطأي الآن :P
,,
ساعة ونص ؟!!!!eek!!!EEK!
,,
سعيد بمرورك أختي و أن وددت معرفة رأيك بتطور الاحداث
,,
الفصل القادم سيكون قريباً جداً , ولكن هل من متابع :p

كورابيكا-كاروتا
12-04-2010, 13:20
الفصل القادم سيكون قريباً جداً , ولكن هل من متابع :p

هناك متابعين اخي
لكن الوقت هو الغير موجود ><

لي عودة باذن الله

دايسكي هيتاشي
14-04-2010, 18:42
هناك متابعين اخي
لكن الوقت هو الغير موجود ><

لي عودة باذن الله

ولا يهمك اختي
..
حسناً أخر كلام .. الفصل القادم سيكون موجود غداً :d

دايسكي هيتاشي
15-04-2010, 17:23
6\معركة مميتة \ الفقيد
في مكان ما غير معلوم , كانت البراري والحشائش هي العنصر السائد فيه تماماً وتعلو وتهبط في عدة مواضع , وكان الوقت ليلاَ فغمرت المنطقة بنور القمر الشاحب , وفي منتصف هذا المكان الغريب , كان هناك بناء أبيض اللون , وارتفاعه شاهق جداً و كان بلا أبواب , لم يكن هناك مدخل يجعلك تنفذ إلى الداخل , كان مهيب ويبعث الرهبة في النفس , بداخله لم يكن هناك جنس مخلوق , بالأحرى لم تطأ قدم هذا المكان منذ قرون عديدة ومع ذلك فكان لامعاً ونظيفاً ولا توجد ذرة غبار في أي موضع به .
فجأة تصاعدت ست فرقعات خافتة من لا مكان بالقاعة الكبرى لهذا البرج على إثرها ظهر ست أفراد , كلهم ملثمين وكأنهم يحاولون إخفاء هويتهم عن الآخرين
- الأول : لقد ظهرت علامات المنبوذون
- الثاني : لا لا أظن ذلك
- الثالث : لا بل هم فعلاً ظهروا .. لقد رأيت أحدي العلامات أنا أيضاً
- الخامس : لو ظهروا هذه ستكون مشكلة
- الرابع : هييييييه أنتم , لا تتجادلوا , إن كانت هناك بادرة شك بظهورهم فينبغي علينا التحرك بأقصى سرعة من الآن .
- السادس : حسناً أظن أن لدي بضعة أمور سأصنعها بخصوص هذا الأمر
- الأول منبهاً : إياك ومخالفة القواعد و إلا فقدنا عروشنا
- السادس : لا تقلق أنا لست بهذا الغباء الذي يجعلني أوضح نفسي للبيكتسو
- الأول : هذا جيد لنا جميعاً
- الثاني : أظن أن حديثنا أنتهي .
لم يجاوبه أحد ثم تبدد الجميع تاركاً وراءه ساحبة بيضاء تخللها الضوء الرمادي الساكن للقمر .
***************
مرت ثلاثة شهور على أول تدريب ل( دايسكي )مع جده تعلم خلالها الكثير والكثير من التعاويذ والوصفات , ولكن أفضل ما مر به على الإطلاق لما جعل وحشه يدربه , كان يشعر بالرهبة في بادئ الأمر من الإخفاق , ولكنها لم تعد تلازمه لهذا بل لازمته بسبب الوحش نفسه , وفي حين تبدل طقس آيتورنا وتغيره إلى الطابع الشتوي والليلي إذ أن الشمس ذات يوم أشرقت و أغربت في ساعة واحدة , كان ( دايسكي ) يخرج في رحلات مع جده إلى قرية الطائر الأزرق ليعرفه ببقية عائلته والعائلة الأخرى , وكان السيد جيفاني أحياناً كثيرة يدرب كلاً من ( دايسكي ) و ( فريد ) معاً بينما كانت ( روز ) ترمقهم من بعيد في غيرة وحسد .
ذات يوم قدم السيد جيفاني ( ملكيادس ) لأحفاده ( دايسكي ) و ( فريد ) , و أخبرهم إنه بمثابة جد أخر لهم , كما أخبرهم إنه أحد الرؤساء الأربعة لجماعة دلفاى السحرية , وبالرغم من أن كلاً من ( دايسكي ) و ( فريد ) على علم بهذه المعلومة إلا إنهم لم يتمالكوا أنفسهم من الدهشة , لأنه يظهر وجهه , فجميع أعضاء جماعة دلفاى السحرية ملثمين بينما هو يظهر وجهه المملؤ بالندوب بلا حرج , ولكن ( ملكيادس ) غريب الأطوار يشذ عن القاعدة دائماً , ولا يبدو عليه إنه قوي كما سمعوا به , وذراعه اليسرى مبتورة ولا يرغب في علاجها .
ولما رآهم لم يستطع إن يخفي اهتمامه بالطفلين , وأخذ يتابع تدريباتهم عن كثب , فما كان منهما إلا أن يظهرا كل قوتهم وطاقتهم , أندمج أسلوب الاثنين معاً , لقد تناسيا ذلك الخلاف والعداء الذي ظهر بينهما في أول لقاء .
***************

دايسكي هيتاشي
15-04-2010, 17:27
في أحدي المرات وبعد أن أنتهي ( دايسكي ) من تدريبه مع جده , جلس على العشب تعباً بعد أن نجح بصعوبة في أداء تعويذة التخفي , و أخذ أنفاسه ثم قال لجده : هييه جدي , هناك عدة أسئلة كنت أود معرفة أجوبتها .
ابتسم الجد وقال : هكذا الأمر إذن , أنت كنت تفكر في الأسئلة أثناء التدريب لذا جاء أداءك أقل من العادة .
حك ( دايسكي ) مؤخرة رأسه بيده وقال في حرج : نعم هو كذلك .
فقال الجد : حسناً .. لابد من وجود شاي وكعك لإجابة على أسئلتك .
قال ( دايسكي ) : لا مشكلة .. ثم لوح بعصاه السحرية : لامبريو .
فظهر بساط على الأرض لونه أحمر ومزركش بطريقة جميلة , ووضع عليه أبريق شاي وردي اللون وبجواره فنجانين , و عدة أطباق مملؤة بكعك مختلف أنواعه , وكان النوع المفضل للجد هو الكعك المغطي بالشوكولاتة .
قال الجد : هذا رائع يا ( دايسكي ) , والآن أنا أستمع لأسئلتك .. أين هي ؟!
جلس ( دايسكي ) إمام جده وقال وهو يحدق في فنجانه : حسناً .. السؤال الأول .. هو لما هنا في آيتورنا الأيام هي السبت و الأحد و الاثنين , وكذلك الشهور هي يناير فبراير مارس , على عكس الخارج في عالمنا الأيام هي ايرفند , فندرام , ايرسند, فنديس ,اجيرفند, فنديماس , فنديرار. ؟؟
تنهد الجد وقضم قطعة من كعكة شوكولاتة , ثم أرتشف رشفة صغيرة من فنجان الشاي وأجاب : سؤالك هذا يحتاج لمرجع يا دايسكي – هيه لا تفزع كنت أمزح معك – حسناً دعنا ننظر إلى كوكبنا نظرة شاملة , فهو يحتوي على ست ممالك هي : السحرة , الكوزرس , النيلبو , ارسيديجون , الأبيكتيسكي , الجان , بالإضافة إلى مملكة البيكتسو الغامضة , وعالم البشر العاديين , ستلاحظ معي أن كل الممالك الست بالإضافة إلي عالم البيكتسو الغامض يستعملوا التاريخ الثاني , بينما البشر هم من يستعملون التاريخ والأيام الأولي مثلنا هنا في آيتورنا .
فقال ( دايسكي ) في إصرار : لماذا إذاً ؟ وما الفرق بين الأبيكتيسكي وبين البشر العاديين .. أليس هم بشر في النهاية ؟
فجاوبه الجد بهدوء : لأن آيتورنا لا تستهدف إلا البشر العاديين , لأنهم لا يلاحظون سحرها .. بالأحرى هم مثل الماشية الهادئة لها , إما عن الفرق بين الأبيكتيسكي والبشر العاديين فهو أن البشري الأبيكتيسكي لديه القدرة على رؤية عوالمنا , وبالرغم من أنه لا يمتلك أي طاقة سواء كانت سحرية أو روحية , فأن في وسعه الاستحواذ عليها من الأجناس الأخرى كالسحرة مثلاً أو أي جنس أخر , كما أنه من الممكن أن يتصاهر مع الأجناس الأخرى ويحصل على بعض من قواهم , بمعني أن يشاركوه قواهم . وهم لديهم مملكتهم الخاصة بهم ولديهم علاقات مع ممالك العالم الأخرى ,أم عالم البشر العاديين فهم لا يروننا ولا يعلموا عن أدني شئ , وهم متناثرين في كل أرجاء العالم ولديهم دولهم وعلمهم الخاص ولكنه بغير خفي علينا , أتتذكر تلك الفتاة [ إيميلي ] التي قابلتها في أول زيارة لك لقرية الطائر الأزرق .. أنها من البشر العاديين , و سيارتها كذلك , إذن نحن أيضاً نستفيد منهم ومن علومهم مثل السيارات والطائرات و مترو الأنفاق ..الخ , كل هذه الأشياء نستعملها ولكن في النهاية هم لا يعلمون عنا شئ , فلنقل أن هناك حاجز خفي بيننا وبينهم .
صاح ( دايسكي ) : هكذا الأمر إذن ثم تابع : ولكنني لا أعلم أي شئ عن العالم الجديد ؟
قال الجد : حسناً .. لست وحدك .. أن العالم الجديد أو عالم نيرار لهو عالم قد لا يكون موجوداً و قد يكون موجود ,الكوزرس مقتنعين بوجوده ولذلك صنعوا هذه القرية حتى يصلوا إلى عالم نيرار وها نحن هنا , ومازال الأمر مجهول بالنسبة لنا .
قال ( دايسكي ) : لم أفهم
فقال الجد مستفيضاً في الشرح : أنظر دايسكي , هناك أسطورة ضائعة لم تصل إلينا كاملة وهي حجة الكوزرس في وجود عالم نيرار .. تقول أن : هناك عالمين في هذا العالم .. عالم الأبيكتيسكي و عالم نيرار .. وبقيتها مجهولة
صاح ( دايسكي ) في دهشة : عالم الأبيكتيسكي ؟!!
جاوبه الجد في فتور : استنتجنا إنهم يعنون بالممالك الست بعالم الأبيكتيسكي
صاح ( دايسكي ) مدركاً أمر ما : حسناً لو أفترضنا وجود عالم نيرار , فلما الكوزرس يسعون بشدة خلفه ؟
قال الجد : تخيل معي يا دايسكي , لو أن هناك شخص خفي يعيش في بيتك .. ستكون في خطر محدق مادمت لا تعلم عن كنه أي شئ .. لذلك نحن هنا يا ( دايسكي ) فبوجودنا في هذه القرية المتنقلة قد نعثر على عالم نيرار وكذلك بتغلبنا عليها , سنكون قد تغلبنا على عالم نيرار أيضاً , لأن آلية هذه القرية مخفية تماماً ومتنقلة والعثور عليها مستحيل مثل العثور على عالم نيرار .
قال دايسكي في فهم : أها .. ظننت أن مهمتنا هي القضاء على آيتورنا فحسب . و أخذ يقلب هذا الكلام في عقله ثم عاود سؤال جده : البيكتسو ..من هم ؟
قضم الجد إبهامه وقال : لا نعلم عنهم شئ يا دايسكي ,, هم عالم غامض جداً , و انطوائي ولا يختلط بالممالك الأخرى , والدخول إليه مستحيل تماماً , بالإضافة إلى أنهم يحيطون بكل الممالك وفي ناحيتهم الأخرى توجد حافة العالم المهيبة , لذا نحن أيضاً لا نحب الاختلاط بهم . ولكن كما أخبرتك إننا نحاول في الفترة الأخيرة جمع المعلومات عنهم .. لا تشغل بالك . هل من أسئلة أخري ؟

قال ( دايسكي ) : لا أبداً , ثم تابع ممازحاً : إلا إذا كان لديك الوقت لتشرح لى أسباب خروج عائلتنا من مملكة السحرة ومعارضتنا للملك .
ضحك الجد وقال : لا ليس لدي وقت بالفعل .
فضحك ( دايسكي ) وقال في سخرية : يبدو أن العالم يتوقع مني الكثير ..كشف عالم نيرار و أسرار عالم البيكتسو الغامض .
فابتسم الجد وقال في سخرية : حفيدي المغرور بات متعجرفاً .
فضحك الاثنان , ونسيا أكواب الشاي الباردة .
*****************

دايسكي هيتاشي
15-04-2010, 17:30
كان صباح اليوم مظلم , حتى أن أضواء النجوم الكثيفة المتجمعة فوق القرية لم تكفي لإضاءتها , وكان ذلك نذير سوء , وما أن مرت السويعات القليلة لذلك الصباح الرمادي حتى صدرت ضوضاء عارمة وأضواء مبهرة من ناحية جبل ( سوميلازر) , وهذه الأصوات هي ما أحيت ذاكرة أهالي القرية بتلك الواقعة التي حدثت منذ وقت طويل .. طويل جداً الذي قضي على نصف سكان القرية , و المثير للدهشة آنذاك هي أن آيتورنا لم تدر ما الذي حدث وكيف حدث ؟ وبدت ساعتها غير قادرة على فعل أي شئ , فهذه المنطقة محظورة عليها تماماً .
أستيقظ كل من في القصر فزعاً على هذه الأصوات المهيبة حتى السيدة ( ميرندا ) استطاعت التغلب على عجزها ونهضت لتستطلع الأمر فرأت كل من في القصر وقد تجمع في البهو .
نظرت (ميرندا ) إلى السيد جيفاني في هلع و قالت بصوت مريض : أبي .. هل سيحدث الأمر ثانية ؟
جاوبها الجد في عصبية : بلي يا ميرندا .. يبدو الأمر كذلك .. أريد من الجميع أن يختبئ ويحتمي بالقبو , ثم صاح في ( ميرندا ) : لقد حان الوقت , سوف أتحدث مع ( آيتورنا ) , حتى و إن رفضت ينبغي أن تشربي الوصفة يا ( ميرندا ) .
ارتجفت ( ميرندا ) ونبض قلبها بسرعة واهتز جسدها فهي أدركت ماذا يعني عمها بهذا الأمر , ولكنها لم تكن قادرة على ردعه .
لم يدر الخدم عن أي شئ يتحدث سادتهم , ولكن بدا لهم أن هناك شئ ما ليس على ما يرام سيحدث .
صاح السيد ( جيفاني ) بصوت مهيب في الجميع : ما بالكم يا بلهاء .. الهلاك قادم .. فلتلوذوا بالفرار .
فركض الجميع إلى القبو ليحتموا به عدا ( دايسكي ) الذي أخذ يتابع جده وقال في إصرار : سأرافقك يا جدي , ولا ترفض , لقد رأيت ذلك الأمر من قبل ولكنه لم يكن بهذه الضخامة والرعب .
صاح الجد لأول مرة في ( دايسكي ) بصوت غاضب هادر : اللعنة يا ( دايسكي ) ..لماذا لم تخبرني من قبل ؟ متى حدث ذلك ؟
صعق ( دايسكي) وشعر بأنه سبب هذه المصيبة وقال : منذ ثلاثة أشهر وأسبوع على حسب ما أذكر .
صاح الجد ثانيةً : اللعنة لن ينفع الختم هذه المرة ,, ينبغي المواجهة .. عد أدراجك يا ( دايسكي ) .. أنت ضعيف جداً لتواجه ذلك المخلوق .
قال ( دايسكي ) في عناد : لا لن أعود .
فجأة شعر ( دايسكي ) بأنه غير قادر على الحركة أو الحديث , لقد رماه جده بتعويذة [ ديروميت ] لشل الجسد.
قال الجد وهو يسرع من خطاه : لم تترك لي خيار إذاً , فأنا لست أضمن حياتي فما بالك بأن تكون برفقتي و الآن وداعاً .
**********
توجه السيد ( جيفاني ) إلى أخر مكان من الممكن أن يتوجه له أي مواطن ( آيتورني ) , لم يكن أحد الأماكن المحظورة ..لا .. قطعاً لا .. لقد كان قاعة حكم آيتورنا , فما من أحد يذهب ويعود وإلا وقد اصابه غضب آيتورنا , كان ( دايسكي ) يذهب إلى هناك كل أسبوع تقريباً , وما أن دخل السيد ( جيفاني ) القاعة حتى جاءه صوت آيتورنا الهادر : ما الذي جاء بك إلى هنا يا جيفاني , أنا لم أرسل في طلبك .؟!!
ببرود قال ( جيفاني ) : لقد جئت بنفسي ولم يصلني أحد جواسيسك .
قال صوت آيتورنا في دهشة ساخرة : حقاً .. وما الذي جاء بك إلى هنا ؟
قال السيد ( جيفاني ) باختصار : لأعرض عليك صفقة عادلة .
قال صوت آيتورنا في استغراب : صفقة ! وما هذه الصفقة يا تري ؟!
قال جيفاني : سأذهب إلى جبل سوميلازر لمحاولة القضاء على الوحش في مقابل علاج ( ميراند ) .
قال صوت آيتورنا في دهاء : ولكنك تعلم أنه لا يوجد علاج لمرضها .
فقال جيفاني في صرامة : لا تتخابثِ علي .. تنسين دوماً أن عائلتنا من قاطنيك الأوائل ونعلم جيداً أن هناك عوالم أخري بالخارج .
ضحك صوتها وقال : كنت أحسب أن الجميع نسي هذه الحقيقة وآمن بأنني العالم كله , ولكنكم يا آل جيفاني تدهشونني دوماً .. حسناً وبما أنني و أتباعي ليس في وسعنا تفادي هذه الكارثة بمفردنا , سوف أوافق على هذه الصفقة , ولكن لأنني أعلم جيداً أنك ستموت , سأريك شئ لم تحلم به قط أو أحد من أجدادك .
وفجأة صمت صوتها وأغلقت أبواب القاعة الست ثم أضيئت القاعة بلون بنفسجي وتكونت ست كرات صغيرة مضيئة تدور فراغ الحجرة , فشعر ( جيفاني ) بعدم الطمأنينة مما يحدث حينما بدأت الكرات بالاقتراب منه والدوران حوله فأرتعد جسده وتوتر فقبض على عصاه السحرية المخفية وزاد من قبضته حينما أخذت تطير وتضيق من قطر الدائرة المصنوعة حول السيد ( جيفاني ) وتحفز السيد ( جيفاني ) للمواجهة وقبل أن تلمسه ببضعة أنشات افترقت الكرات الست إلى ست وجهات مختلفة , فقد توجهت كل واحدة منهم إلى باب من أبواب القاعة الست , ثم أندست في فتحة مخفية بمهارة وما أن اندمجت الكرات بالأبواب حتى خرجت ست حزم ضوئية مبهرة إلى نقطة محددة في أعلى القاعة فكونا ما يشبه قفص عصفور كبير و ولم تنقطع النبضات الضوئية وأخذت في التزايد فبدأت النقطة بأعلى القاعة في التضخم مكونة ما يشبه مربع من النور و وما أن انتهي التكوين حتى توقفت الحزم الضوئية عن تزويد النقطة بومضات الضوء و ثم أختفت تماماً وبدا المربع الضوئي في الهبوط إلى أرض القاعة ببطء شديد في ظل اندهاش السيد ( جيفاني ) مما يحدث إمامه .
عاد صوت آيتورنا يقول : لا تندهش يا جيفاني , فأنت لم تري المفاجأة الحقيقية بعد .
ومع انتهاء قولها أختفي المربع الضوئي كاشفاً عن سيدة شابة طاغية الجمال , كانت لها عيون لا تعرف لون حدقتها , وكانت ترتدي ملابس تشبه ملابس آلهة الأغريق ثم تابعت بصوت فيه عذوبة : سوف تري ( آيتورنا ) بشخصها , ثم تقدمت ناحية السيد ( جيفاني ) الذي كان مدهوشاً بحق , فهو لم يكن يتوقع حدوث ذلك أبداً , وفوجئ حينما مدت آيتورنا يديها إلى السيد ( جيفاني ) ومنحته قنينة صغيرة بها سائل له لون زئبقي وهمست : هذه هي الوصفة أيها الساحر .
صعق ( جيفاني ) ورجع إلى الخلف بضعة خطوات بينما تابعت ( آيتورنا ) في تشف بعد ضحكة طويلة مجلجلة : لا تندهش هكذا , ولكن أُعِلم أنني لن أهدأ قط إلا حينما أنتهي من عائلتك .. أنتم تسعون إلى قتلي وتدمير قريتي , وأنا أفعل المثل تماماً , ولن تكون قادراً بعد الآن على تأدية مهمتك ..بلي .. أنا أعلمها جيداً . ثم ضحكت وتابعت ساخرة : ولكن هذا هو القد .. أنت ستموت الآن ومن بعدها سأتأكد بنفسي من قتل أفراد عائلتك .
صعق ( جيفاني ) لأنه رأى ( آيتورنا ) .. صعق لأنه علم أنه ليس في مقدوره تحقيق مهمة عائلته حتى هذه اللحظة , هي تقف إمامه الآن بابتسامة عابثة لعوبة ولكنه لا يقدر على قتلها الآن .
صاح في نفسه : تباً ..تباً .
وبالرغم من جمود وجهه إلا أنه كان يفصح عما يضطرم بداخله .
فقالت ( آيتورنا ) وكأنها تقرأ أفكاره : أوه لا تندهش هكذا .. لا تشعر بالعجز ..هذا ليس خطأك ..تقبل الأمر ببساطة ستموت لتحمي وجودي , والآن أرحل لتنفيذ بقية الاتفاق .
فخرج ( جيفاني ) مبلل الفكر ومن خلفه تعلو ضحكات ( آيتورنا ) الساخرة .
***********

دايسكي هيتاشي
15-04-2010, 17:32
تحرك ( جيفاني ) بخطوات سريعة ناحية جبل ( سوميلازر ) شاهراً عصاه السحرية ليرد على أي هجوم مفاجئ ,, بينما أهل القرية يهرولون في الطريق بخطوات متعثرة لا يعلمون إلى أي اتجاه يكون أماناً , وكان الهرج والمرج يعج كل شوارع القرية أثناء اختراق جيفاني للشوارع , وما أن وجد أن الشارع الذي يسير خلال خالياً , حتى أنتقل أنياً إلى الجبل , وتسلل إلى داخل الكهف في حذر , فوجد منظر رهيب إمامه .. جثث نصف عشيرة الأقزام الأسطوريين متناثرين في أنحاء الكهف مضجرة بالدماء . لاحظ جيفاني حركة خفيفة تأتي على يمينه , فوجد ( سويك ) مازال على قيد الحياة , ولكنه يتنفس بصعوبة شديدة , فمر بعصاه السحرية على جسده عدة مرات وأحذ يتمتم , فتحسن حال ( سويك ) قليلاً و قال : أنه ليس هو يا ( جيفاني ) ..لقد خرج . ثم أغمي عليه
تعجب ( جيفاني ) من قول ( سويك ) ولكنه وجد أنه ليس هناك وقت للعجب والدهشة و ألا أبيدت القرية على بكرت أبيها . وخرج مسرعاً مفكراًَ كيف سيكون حال سيد الظلمات هذه الآونة , و جاءته فكرة ماذا لو لم يقدر عليه ..لقد واجه ( موركيتير ) ذات مرة منذ خمسين عاماً حينما كان شاباً وأستطاع أن يقبض عليه بصعوبة وحبسه في الممر الخامس وختمه , لم يكن بوسعه قتله ساعتها أم الآن ففي مقدوره أن يفعل ذلك إلا إذا لم يطور الوحش من نفسه .. تباً يا ( جيفاني ) فلتنفض هذه الأفكار عن رأسك .. فلتعثر عليه .
وبالخارج لمح ( جيفاني ) شخص ما يتحرك بسرعة ناحيته ففوجئ السيد ( جيفاني ) به , و قفز أنشين لليمين ليتفادى تعويذة قاتلة . شهر عصاه السحرية وهو يشعر بالقلق من هذا الغريب الذي يمارس السحر .. كيف جاء إلى هنا ؟ - و في سرعة خرافية , حرك ( جيفاني ) عصاه حركة دائرية و دمدم : أليفوكس .
فخرجت دائرة عملاقة حمراء أخذت تحيط بمنطقة الجبل وما حوله حتى عزلتها تماماً عن القرية .
ضحك الشخص الملثم في شر و قال : أها . أنت تحمي القرية إذن .
قال ( جيفاني ) في غضب عارم : من أنت ؟ وكيف جئت إلى هنا ؟
قال الملثم : جئت كما جاء ( موركيتير ) منذ خمسين عاماً و كما جاءوا خلال القرون السابقة .
فكر جيفاني و قال : أأنت من أرسلهم ؟ كيف لك ؟ لابد وأنك خالد .
ضحك الملثم وقال : نعم نحن من أرسلنهم , إما عن الطريقة , فلابد أنك تعلمها .. اختراق القرية ليس بالأمر الصعب على نبيل من نيرار
فقال ( جيفاني ) وهو يزيد من قبضته على عصاه السحرية : ماذا تريد ؟
قال الملثم بصوت رخيم : قتل الجميع ..هذا هو هدفي .. أأنت المنبوذ ؟!
صعق ( جيفاني ) من سؤال الملثم , وفكر [ نيرار .. منبوذ ..ياللهول دايسكي ...لابد أن الأسطورة حقيقية ] , نظر إلى الملثم و قال : وماذا لو كنت أنا المنبوذ .. في كلتا الحالتين أنا سأقتلك .
أخرج الملثم عصاه وفعلها و قال : حسناً .سنخوض الطريق الأصعب ... ميجوريون !!
فخرجت قبضة حديدية لوحش سحيق مدببة وأخذت تقطع الطريق بسرعة إلى السيد ( جيفاني ) مثيرة غطاء من التراب أسفلها وأخذت تهبط من أعلى إلى أسفل لتحطم ( جيفاني ) والذي ما أن رأي القبضة صاح : ليتورليس
فصدرت فرقعة عالية من عصاه السحرية وخرجت دفقة حمراء تجسدت على هيئة درع صلد واصطدمت بالقبضة الحديدية . ووقع محدثاً دوياً عظيماً .
لم يمهل الملثم جيفاني وقت أخر وصاح : لوجون رودا . فخرجت ثلاثة وحوش عظيمة ذات أعين حمراء وتركض في الهواء ناحية ( جيفاني ) .
رآها ( جيفاني ) وفكر أنها ليست صعبة أبداً مادامت وحوش عادية وبالرغم من أنها مظلمة فصاح : [ فيلكاى كونجيلمينتو ]
فخرج وحش ناري عظيم على هيئة أسد يومض وأصطدم بوحوش الملثم , فحاولت الهرب من أسنانه ولكنها وقعت جميعاً أسيرة لقبضتيه وخرت صريعة .
ضحك الملثم وقال : رائع .. رائع ..يبدو أننا سنستمتع كثيراً الليلة .
*************
كان ( دايسكي ) مازال متجمداً في منتصف البهو بقصرهم و ولك يكن قادراً على الحركة , بدا الوضع وكأنه سيستمر إلي الأبد أو إلى أن يأت ساحر أخر لتبديد هذه التعويذة ,و قد حدث ذلك .
- سكنجريسن
فشعر ( دايسكي ) بحرية الحركة وصاح : أماه .
فقالت الأم : دايسكي .. أنت الآن قوي .. أليس كذلك أم ما سمعته خاطئ ؟
قال ( دايسكي ) : بلي ..بلي أنا قوي .
قالت الأم : إذن فلتذهب لتساعد جدك
قال ( دايسكي ) في حماسة : حسناً سأفعل .. انتظريني هنا وسأعود مع جدي .
قالت الأم في رقة : وداعاً عزيزي .
خرج ( دايسكي ) راكضاً إلى حيث الجبل شاهراً عصاه السحرية وما أن أبتعد عن القصر , حتى ضحكت الأم بصوت عال وقالت : فلتذهب يا عزيزي إلى هلاكك ...
بالرغم من الأهوال والتفجيرات القادمة من ناحية جبل سوميلازر إلا أن دايسكي تابع طريقه وهو يشعر بمسئولية أنه عليه مساعدة جده , فهو يري نفسه الآن أهلاً لذلك , وفكر في أن مساعدته لجده ستغير نظرته اتجاهه ويتبني نظرة أخري جديدة له ولا يفكر في ( فريد ) فحسب صاح دايسكي في عزم : بلي .. أنا قوي و أهلاً لذلك .
************

دايسكي هيتاشي
15-04-2010, 17:37
شعر ( جيفاني ) بالضيق من الملثم , وكلامه الذي يثير الغيظ , فقال : شخص حقير مثلك يسعد بالدمار , ينبغي أن تكون نهايته اليوم وهنا . ثم صاح بصوت هادر بتعويذة استدعاء التنين : ميتركوين .
فظهر تنين ناري عظيم في فراغ السماء , له حراشيف تغطي كامل جسده , وجناحان عظيمان يضرب بهما الهواء . وطرق ( جيفاني ) جبهته بعصاه السحرية : ريوك رينين . فأرتفع جسده إلى أعل و أخذ يحلق إلى أن وقف على رأس تنينه الناري وهو ينظر إلى الملثم في كره وقال : هيا .. فارام .
فأطلق التنين كرة عظيمة من النار تستهدف الملثم و اصطدمت بها دفقة خضراء من عصا (جيفاني ) فتحولت إلى الآلاف من الحشرات النارية الطائرة يرفقها صوت أزيز عال .
شعر الملثم بالقلق من هذا الهجوم الذي بدا على بضعة أمتار منه وشعر بأنه لن ينجو منه و أنه قد أستهان بهذا العجوز , فومضت عيناه لبرهة . ثم انفجار عظيم حدث و تصاعدت موجة كبير من الغبار , أجبرت تنين ( جيفاني ) أن يحلق بعيداً عنها و أرتفع لأعلي , بينما ( جيفاني ) أخذ يبحث عن أي أثر للملثم ولكن دون جدوى .
وما أن انقشعت موجة الغبار حتى وجد إمامه الملثم ولم يصبه أي خدش يذكر , كان يقف على كائن مهيب قارب حجم تنين السيد ( جيفاني ) لونه أسود وله حراشيف فضية لامعة تحيط بجسده كله بدأ من رقبته ويحيط به ضباب أسود مكوناً هالة عملاقة تزيد من حجمه و منظره المهيب.. وما أن رآه ( جيفاني ) حتى شعر بالفزع والهول مما رأي , بينما سارت قشعريرة خفيفة في أوصال التنين .
صاح ( جيفاني ) في ذهول : كيف .. كيف ..لا يعقل هذا ؟
ضحك الملثم وقال : ما الذي لا يعقل أيها العجوز ؟! ..أنت لا تحلم
أضطرب ( جيفاني ) أكثر من ذي قبل فبظهور هذا الكائن , تم البرهنة على كل الأشياء التي أعتبرها محض أسطورة أو أكاذيب .وصار قلقاً وقال في صوت غير مصدق : ولكن لا يعقل هذا لقد قضينا على الأيثتربين منذ مئات القرون .. لقد قضينا عليهم .
قال الملثم وابتسامة ماكرة على وجهه : في الواقع .. أنت أزعجتني أيضاً , فأنا لم أضع في حسباني أن أستدعي وحشي المدلل هذا , بالإضافة إلى أنه محرم علي فعل هذا هنا , ولكن برؤية تنين هنا ..خصمنا اللدود .. فأنا سأتحمل أي عقاب مقابل أن أقضي عليك وعلى تنينك هنا .
ضحك ( جيفاني ) في عصبية وقال : مستحيل .. مهما كان الأيثتربين قوي .. ففي النهاية يهزم على يد وحش التنين .
ألتمعت عينا الملثم من خلف وشاحه وقال : لما أنت واثق هكذا .. أنت لم تري كل شئ يا حفيد آل [ أليجرسون ] .. ستري نهايتك هنا على أصغر أفراد عائلة [ إيفارم ] .
صاح جيفاني : ايجمورينتي كلونجيمتوا .
فظهرت عاصفة نارية عظيم أضاءت السماء , وخرجت منها ثلاثة تنانين نارية , أخذت تحيط بوحش الأيثتربين وتضغط عليه فأصدر الأيتثربين صيحة هادرة مليئة بالرعب , فشعر ( جيفاني ) بالقليل من الثقة و أنه في مقدوره مواجهة هذا الوحش , ولكن فجأة زادت السحابة السوداء المحيطة به و أخذت تتسلل إلى داخل التنانين النارية الملتفة حوله وملأتها بالضباب الأسود , فأخذت ترتبك حركاتها وتتخبط وأرخت من قبضتها على وحش ( الأيثتربين ) ثم انفجرت تماماً . فجز ( جيفاني ) على أسنانه وصاح : موهيرم ايرنيد . فطار تنينه إلى علو شاهق في السماء وأخذ يخفق جناحيه حول الغيوم الرمادية بشدة حتى بدأت الغيوم في التجمع حول بعضها البعض و بدأت تتجمع بصورة كثيفة عن السابق وتدور حول نفسها في دوامات فكونت مخروط رهيب عظيم من الغيوم والرعد والبرق بدأ يصدر منهما , ثم نفخ بهم التنين و حلق إلى الخلف بضعة أمتار , وبعدها توجهت العاصفة الرمادية المشعة بألوان البرق ونار التنين ناحية الملثم ووحشه , والذي شعر بالقلق مما يحدث , فجعل من وحشه يرتفع إلى أعلى وجعله يتوجه إلى مركز المخروط ولوح بعصاه : فيكرنز موبين .
فأزداد الضباب الأسود حول الوحش وبدأ يتحول إلى اللون الأبيض الثلجي , وحدث تصادم عنيف , وعلى عكس ما توقع ( جيفاني ) وجد الملثم يتابع طريقه إليه ولكنه كان قد أصابه ضرر كبير , ولكن ما رآه جعل عيناه تخرج من محجريها حتى أن تنينه فكر في نفس ما فكر به , لقد رأى الملثم يحمل سيف عظيم براق له مقبض أسود , لم يكن متوقع رؤية هذا السيف الباتر للتنانين أبداً ..سيف ( إيمبلدون ), فوقف جامداً من الدهشة والمفاجأة , وقبل أن يجمع شتات فكره وجد رأس تنينه قد أنفصل عن جسده , وسقط من عل وفي عيناه دمعة خفية , وتهشم جسده من الاصطدام بالأرض , ولكنه مازال حياً . فهبط الملثم ناحيته وضحك في جنون : أتري .. أنني أقتلك الآن .
ثم لوح بعصاه السحرية وخرجت دفقة سوداء اصطدمت بجسد ( جيفاني ) ففارقته الحياة .. لقد مات !! .
******

>> نهاية الفصل السادس

أريج الروح
15-04-2010, 17:58
مرحبااااااااااااااااااا
دايسكي يا كاتبنا العظيم
يسعدنى ان اكون اول من يرد على البارت ، البارت جميل جدا ورائع


كان ( دايسكي ) مازال متجمداً في ,و قد حدث ذلك .
- سكنجريسن
فشعر ( دايسكي ) بحرية الحركة وصاح : أماه .منتصف البهو بقصرهم و ولك يكن قادراً على الحركة , بدا الوضع وكأنه سيستمر إلي الأبد أو إلى أن يأت ساحر أخر لتبديد هذه التعويذة
فقالت الأم : دايسكي .. أنت الآن قوي .. أليس كذلك أم ما سمعته خاطئ ؟
قال ( دايسكي ) : بلي ..بلي أنا قوي .
قالت الأم : إذن فلتذهب لتساعد جدك
قال ( دايسكي ) في حماسة : حسناً سأفعل .. انتظريني هنا وسأعود مع جدي .
قالت الأم في رقة : وداعاً عزيزي .
خرج ( دايسكي ) راكضاً إلى حيث الجبل شاهراً عصاه السحرية وما أن أبتعد عن القصر , حتى ضحكت الأم بصوت عال وقالت : فلتذهب يا عزيزي إلى هلاكك
هذا ازعجتنى ليش بتعمل بابنها هيك ، هذا ان كانت هي امه ، صح يا دايسكي

شكرا عل البارت وتقبل مروري

دايسكي هيتاشي
16-04-2010, 12:52
مرحبااااااااااااااااااا
دايسكي يا كاتبنا العظيم
يسعدنى ان اكون اول من يرد على البارت ، البارت جميل جدا ورائع


هذا ازعجتنى ليش بتعمل بابنها هيك ، هذا ان كانت هي امه ، صح يا دايسكي

شكرا عل البارت وتقبل مروري


اهلا اريج الروح
اخبارك ؟
عساك تكوني بخير
امممممممم
فكري قليلاً وخمني .. وإن لم تصلي لشيء سيأتي الفصل القادم لإزالة غموض هذه الجزئية :d

سعيد بمرورك أختي

meroni
17-04-2010, 22:25
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كيفك ؟

ان شاء الله بخير

الفصل رائع وكلمة رائع قليلة عليه بعد
أنا بصراحه ماتخيلت أن في أحد بهذه المخيلة الواسعة وأكبر دليل على كلامي هي التعاويذ وأسماء الممالك هذا بلأضافة الى الوصف الدقيق


دايسكي شاكرة لك مجهودك
وتمنياتى لك بالمزيد من التقدم والرقي

مع تحياتي


meroni

دايسكي هيتاشي
20-04-2010, 15:51
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كيفك ؟

ان شاء الله بخير

الفصل رائع وكلمة رائع قليلة عليه بعد
أنا بصراحه ماتخيلت أن في أحد بهذه المخيلة الواسعة وأكبر دليل على كلامي هي التعاويذ وأسماء الممالك هذا بلأضافة الى الوصف الدقيق


دايسكي شاكرة لك مجهودك
وتمنياتى لك بالمزيد من التقدم والرقي

مع تحياتي


meroni
وعليكم السلام
الحمدلله بخير حال.. ماذا عنك ؟
,,
اخجلني اطراءك حقاً اختي , و أتمني أن يدوم إعجابك للرواية حتي نهايتها :)
سعيد بمرورك

أريج الروح
21-04-2010, 15:21
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دايسكى وينك ؟؟؟ ان شاء الله بخير

بافتح الموقع علشان القصة ، امانة انك تنزل البارت ، متشوقة للتكملة


بليز

تقبلى مروري ( ساكون متابعة اول باول)

دايسكي هيتاشي
22-04-2010, 19:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دايسكى وينك ؟؟؟ ان شاء الله بخير

بافتح الموقع علشان القصة ، امانة انك تنزل البارت ، متشوقة للتكملة


بليز

تقبلى مروري ( ساكون متابعة اول باول)

وعليكم السلام
..
الحمدلله بخير
..
حاتر هنزل البارت السابع لأجلك اليوم :)
بعد هذا الرد مباشرة ::جيد::

دايسكي هيتاشي
22-04-2010, 19:53
الفصل السابع : وادع و أنين
ظهر ( دايسكي ) عند المنعطف و شاهد صراع جده على تنينه ضد كائن أصاب القشعريرة في بدنه ومع ذلك كان متيقناً من انتصار جده , ولكنه فزع حينما رأي جده يسقط من عل وتنينه سقط معه صريعاً , وتحطمت تعويذة الحماية , فأخذ ( دايسكي ) يجري , ولكنه لم يصل في الوقت المناسب , عندها شعر بالكراهية ناحية هذا الملثم الذي جعله يفقد جده , ففعل عصاه السحرية و توجه ناحية الملثم الذي ألتفت إلى الشخص القادم , فابتسم في خبث و قال : إذن أنت هو المنبوذ .. تأهب لموتك لتلحق بذلك الحقير إلى أرض الملاعين .
حينها شعر ( دايسكي ) بالغضب عارم وأخذت عصاه تتحرك في عصبية بين راحتي يديه وشعر أن طاقته الروحية بدأت تغل في داخله , فعبرت مسامه وبدت كالمرتين السابقتين , فأخذ الجو يزداد سخونة , وشعر ( الملثم ) بالخوف من هذه القوة , وظن أن جسد ( دايسكي ) على وشك الانفجار تحت وطأة قوته الروحية من جهة والقوة الوحشية من جهة أخري . ثم نظر ( دايسكي ) إلى الملثم و حرك براحته إلى اليمين حاملاً عصاه السحرية , فإذ بكيان طاقته يتحرك بسرعة ناحية الملثم وأصطدم به فجعله يقع إلى اليمين , فشعر الملثم بالغضب الشديد وأخذ ينفض الغبار عن عباءته و نظر إلى وحشه وفي اللحظة التالية كان فوقه و صاح : فلتستعد إلى النهاية أيها المنبوذ .
فإذ ب( دايسكي ) يشير لا واعياً إلى رأس التنين المبتورة فترتفع إلى أعلى في السماء حتى تصبح في مستوي وحش الايثتربين و قبض على راحته , فأنشقت رأس التنين إلى رأسين و دمدم : فيكون ميجيروي ارفيون .
فأندلعت كرة عظيمة من النار غطت السماء بأكلمها و تلاشت السحب و أرتجت طبقات الهواء , فشعر ( الملثم ) و وحشه بالذعر فأخذوا يهربون منها , ولكنها لاحقتهم و صدمتهم فبدوا كمصهور من الحديد , ومن رأس التنين الثانية خرجت عاصفة ثلجية عظيمة على شكل تنين و أخذت تحيط بالوحش و الملثم , حتى أصبحا بداخل كرة مصمتة من الثلج . ثم أشار ( دايسكي ) ناحيتها فسقطت إلى الأرض وتهشمت إلى ملايين القطع .
********
توقفت أصداء المعركة , و أصواتها الهادرة فجأة , و غرقت القرية في صمت ثقيل , لم تكن هناك أي حركة تدل أي حياة داخل القرية , فقد كان الجميع في مخابئهم يلتفون حول بعضهم البعض في رعب وجزع وكأنهم بذلك يقضون على الوحشة المحيطة بهم .
كانت المعركة قد أنتهت , بينما ( دايسكي ) كان يبكي بحرقة على الجسد المثجي إمامه , لم يستطع كظم صرخاته أو وأدها , بل أزداد صراخه بنحيب عال , وضم جسد جده وحضنه بشدة و أراد ألا يفارقه أبداً .
بينما كانت ( أيتورنا ) جالسة على عرشها , وهي تتابع المشهد من خلال بلوراتها الزجاجية , وقد أتسعت حدقتا عيناها في هلع و خوف مما رأته و أخذت تردد في رعب مزوج بالدهشة [[ لابد من قتل هذا الفتي ..ينبغي أن أقتله حينما تسنح لي الفرصة ]],, وبينما وهي تردد هذه العبارة في حماسة أختفي ( دايسكي ) و جثة جده من إمام ناظريها دون أن تنتبه , فعضت شفتها السفلي في غضب و صاحت بصوت هادر هز أرجاء القاعة : أيها اللعين الصغير .. أتمارس هذه الحيل معي , وهو كذلك , ولكن سنرى من الذي سينتصر في النهاية أيها الساحر الصغير !! وأخذت تضحك ضحكة طويلة مطاطة وعيناه تلمع بإثارة تثير الدهشة .
******

دايسكي هيتاشي
22-04-2010, 19:56
تسلل ( دايسكي ) إلى جوف جبل ( سوميلازر ) , وجسد جده يحف في الهواء من إمامه ,وعثر على الناجيين من الأقزام , و كانوا يحاول القادر منهم أبناء جنسه الذين لم يحالفهم الحظ و واجهوا الملثم , ولكن بظهور ( دايسكي ) جمدوا جميعاً في مواضعهم بينما تابعت عيونهم ( دايسكي ) تارة , و جثة ( جيفاني ) المعلقة في الهواء تارة أخري , وهم ذهول .. لم يصدق أحدهم ما رأي .. لقد قتل السيد ( جيفاني ) في المعركة لحمايتهم , وبدا لهم أن حفيده ( دايسكي ) قد نجا بوسيلة ما لا يدورا كنهها ,, و أغرورقت عيونهم بالدموع لما عاودت النظر إلى السيد جيفاني , جثة هامدة بلا روح وخيوط من الدماء جفت على وجهه وملابسه , ولما لاحظ ( دايسكي ) دموعهم حاول التماسك حتى لا يعاود البكاء ثانية , فعثر على ( سويك ) و وجده مصاب هو الأخر فقال : هيه .. سويك هل تستطيع أرسالنا إلى الخارج أم...... قاطعه ( سويك ) بالرغم من اصابته الشديدة وقال وهو يتأوه : بلي .. ولكن لماذا تريد الخروج الآن وفي هذه اللحظة ,, ينبغي أن ندفن السيد ( جيفاني ) أولاً !
صاح ( دايسكي ) وقال : لاااا .. لن يدفن جدي في هذه القرية اللعينة , سوف يدفن في أرض أجداده ..سيدفن في أرض عائلتنا بعيداً عن هنا .
قال ( سويك ) : ولكن .. ولكن هذا خطير .. ستعلم أيتورنا بذلك .
لم يعبأ ( دايسكي) بما يقوله ( سويك ) بل أنه صاح فيه : تباً لأيتورنا ,, هي تعلم كل شئ , لقد بات الأمر مكشوفاً , هي تعلم أننا سحرة وأنتهي الأمر , ولكنها لا تعلم بشأنكم شئ , أو الأنتقال إلى خارجها . ثم تابع في لهجة جدية أضافت إلى عمره أعوام : بالإضافة إلى أن تعويذة التتبع قد أزيلت من عليه حينما فارقته الحياة .. لا داعي للقلق .
لم يجد ( سويك ) شيئاً يقوله ليوقف ( دايسكي ) لذا قال في استسلام : حسناً .. أتبعني .
ثم حاول النهوض بمساعدة ( دايسكي ) , وغرقا في أحدي كهوف الجبل المؤدية لحجرة الأنتقال .

********
اختلفت عملية الانتقال هذه المرة عن سابقاتها , وتحولت من النقيض إلى النقيض , فبعد أن كان ( دايسكى ) هو من يمسك بيد جده ( جيفاني ) لتفادي دوار الانتقال , كان هو من يمسك بجثة جده حتى لا تضيع منه في عملية الانتقال .
أكتنف ظلام الليل أرجاء قرية ( الطائر الأزرق ) , وكذلك أحاطها سياج ثقيل من الصمت لم يقطعه سواء ظهور ( دايسكي ) فجأة في حديقة قصر عائلة آل ( جيفاني ) حاملاً جثة جده السيد ( جيفاني ) , وتنهد في تعب واضح و بالرغم من أن الهبوط كان سلساً ويكاد لا يلاحظ إلا أنه في هذا الجو بدا مسموع لعدة أميال بعيدة .
وعلى أثره اندفعت أقرب خادمات القصر إلى مصدر الحركة , ولما أكتشفت مصدر الحركة , و وقعت عيناه على ( دايسكي ) المتعب , و جثة السيد ( جيفاني ) , فأصيبت بالذعر مما رأت و أطلقت شهقة عالية وجلة , ثم اندفعت إلى بوابة القصر وصاحت في رعب : افتحوا الأبواب .. افتحوا الأبواب .
يأتيها صوت خشن من الداخل : ما الذي حدث ؟ ما الأمر ؟
لم تجبه ولكنها صاحت بصوت أعلي من قبل : نادوا الأسياد .. نادوا الأسياد .
فطلت وجوه ناعسة من وراء بوابة القصر , سريعاً ما انتبهت و أصابها الجحوظ .
سألها أكثر الخدم نفوذاً : ما الذي أصابك يا تشارلز ..تبدين في حالة يرثي لها !!
فردت عليه تشارلز بإعياء واضح وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها واضعة يديها على صدرها : أنه السيد الصغير برفقة السيد جيفاني .. لقد مات السيد جيفاني .
استيقظت العائلة بأكملها في دقائق قليلة على هذا الخبر المشئوم , وأصابتهم جميعاً حالة من الذهول والدهشة , وتجمعوا في الصالة الكبيرة .
كان جو الحجرة معبأ تماماً بمشاعر الحزن و الأسى , ودمعات الأقارب المتناثرة والمكبوتة , فبات جو الصالون ممتلئ وثقيل يبعث المزيد من الكآبة .
نقلوا جسد السيد جيفاني إلى حجرته بالقصر , بينما لم يفارقه ( دايسكي ) قط , وظل جالساً بجواره وهو يبكي في حرقة و ألم .
وكان بجواره كلاً من ( فريد ) و (روز ) يجلسان في صمت و وجوم , ومع تعالي نحيب ( دايسكي ) , ترك الأثنان مشاعرهم المكبوتة و أخذ يشاركوه في نحيب مكتوم ومتواصل .
وفكر ( دايسكي ) في أمل أن يكون ذلك العالم الأخر الذي أخبره جده به بأن يكون موجود , و أخذ يتشبث في تلك الفكرة بعمق حتى سقط في نوبة نوم .
****

دايسكي هيتاشي
22-04-2010, 19:58
مرت ساعتين أزداد فيها عدد أفراد العائلة بالقصر , حتى أن أفراد عائلة ( المنسي ) التي تربطها روابط أسرية عميقة مع عائلة آل ( جيفاني ) قد وصلت .
فحضر كلاً من ( جوباس ) , و ( ثائر ) , و ( فريد ) و انضموا إلي آل ( جيفاني ) ليشاطروهم الأحزان .
كان القصر قد أمتلئ بكل أفراد العائلتين المقربين في تلك الساعة , على أن تحضر بقية العائلة و أهل القرية في الصباح التالي , لذا لم يكن من المتوقع حضور جديد .
مال ( ملكيادس ) على أذن صديق عمره ( جوباس ) يهمس بكلمات حزينة , وفي تلك اللحظة أرتفع رنين الجرس فأسرعت أحدي الخادمات في خطوات سريعة لتري من القادم .
كان الطارق أخر فرد يمكن أن يتوقع قدومه ..لقد كانت ( ميراندا ) زوجة ( هيتاشي ) و أم ( دايسكي ) .
كان الحضور يعلم أنها مصابة بمرض الحمي الزرقاء و أنه لا سبيل لها في العلاج والتحرك من فراشها ..فكيف جاءت ؟! ..
سألها عمها ( هانسن ) في أسي : كيف حالك ؟
فجاوبته ( ميراندا ) وهي تعض شفتها السفلي في حزن : لولا الفاجعة يا عمي لأخبرتك بأنني بأفضل حال .
وقال ( ملكيادس ) : أخبرينا ما الذي حدث بالتفصيل ؟
جاوبته ( ميراندا ) : لقد حدث الأمر ثانية في تلك القرية اللعينة , لقد خرج الوحش ( فوكيلس ) من جديد , وقام عمي ( جيفاني ) بالذهاب إلى مجلس ( آيتورنا ) ليعقد معها صفقة , وهي حماية القرية من ذلك الوحش في مقابل علاجي – أنت تعلم أن آيتورنا لا تستطيع التحرك في تلك المناطق – لذلك وافقت , وها أنا بكامل صحتي الآن , وطلب عمي من الجميع بالاحتماء , وانتهت المعركة منذ ثلاث ساعات , وكنت قلقة , فأنا لا أعرف ما الذي حدث بالضبط , و لقد أختفي ( دايسكي ) هو الأخر , لذا حزمت أمري وجئت إلى هنا بعد أن أخبرني ( سويك ) بعبور عمي و ( دايسكي ) إلى هنا .
ضاقت عيون الجميع بعد سماع حديث ( ميراندا ) وقال ( فرانك ) : إذاً أنت لا تعلمي ما الذي حدث بالضبط , لم يخبرك هذا ال( سويك ) بأي شئ ؟
قالت (ميراندا ) في تردد : لا لا أعلم , لم يخبرني ( سويك ) بأي شئ على الأطلاق , فقد كان في حالة يرثي لها , أين عمي ( جيفاني ) ليخبرنا بما حدث ؟!
غطي ضباب من الصمت في أرجاء الصالة , ثم ترجل ( ملكيادس ) بعد أن تيقن من أن الجميع لا يقوي على أجابتها وقال : لقد مات !! لقد أحضره ( دايسكي ) إلى هنا لسبب ما .
صرخت ( ميراندا ) صرخة حادة خرقت قلوب الحاضرين فأدمت قلوبهم , فلم يكن السيد ( جيفاني ) بمثابة عمها أو جد أبنائها , كان بمثابة أب حنون لها لذلك لم تطق سماع خبر موته .
حاولت ( موني ) و ( أليزابيث ) أن يهدأوا من روعها , ولكن دون جدوى .
حتى ظهر ( دايسكي ) الذي سمع صرخة والدته بالطابق الأعلى فهبط مسرعاً حتى يستوثق مما سمعته أذنيه .
فضمته إلي قلبها وأخذت تنشج بالبكاء المكتوم وجسدها يهتز بدون رغبتها , ولكن بعد لحظات هدأت وأخذت تلتقط أنفاسها . ولما هدأت هي و ( دايسكي ) سألها ( دايسكي ) مستطلعاً أحواله أخوته : كيف حال ( جوباس ) و ( جونسون ) يا أمي !!
فجاوبته : بخير حال في رعاية ( سيدني ) .
ولكنه قال في صوت أقرب للبكاء : لما لم تحضريهم معك ؟! ثم همس في غل : آيتورنا
قالت وهي تنظر له في عطف : لا تقلق سيكونون بخير , وسوف أحضرهم في الغد .
فقال ( دايسكي ) : حسناً , هذا جيد .. ثم سأل في لهجة طفولية : أليست مراسم دفن جدي ستكون غداً ؟!!
حملقت فيه ( ميراندا ) لبرهة , وكذلك فعل الجمع , الآن ( دايسكي ) أكشف عن سبب مجيئه وإحضاره لجثمان جده , كان يريد دفنه هنا .
تدخل ( ملكيادس ) قائلاً : هل أنت بخير يا ( دايسكي ) لنجري حديثاً صغيراً الآن ؟
جاوبه ( دايسكي ) : أي حديث !!
قال ( ملكيادس ) في لهجة مهذبة و حاول أن تكون ناعمة بقدر الأمكان : نود أن تخبرنا بكل ما حدث يا ( دايسكي ) ..أخبرنا بكل شيء عن ( لايفجاريم )* ؟!
دهش ( دايسكي ) فهو لا يعلم أي شيء عن هذا المدعو ( لايفجاريم ) فقال وهو يحدق في ملكيادس بشدة : من لايفجاريم هذا ؟؟؟
كان رد ( دايسكي ) غير متوقع على الأطلاق بالنسبة للحضور , وكان مبعث استغرابهم , وعلل بعضهم ذلك بصغر سن ( دايسكي ) وأنه أياً يكن ما عليه فهو صغير ولم يحقق بعد الكثير بخصوص تنينه النافث للجليد .
تطوعت والدته بأن تجيبه قائلة : أنه ذلك المخلوق البشع الذي واجه جدك قديماً وهو شاب لما كان يافعاً وهزمه شر هزيمة وحبسه في أحد الكهوف السحيقة والعميقة جداً والمخفية بمهارة لجبل سوميلازر , كائن سحري يخلف وراءه سديم أسود , دمائه نارية تبدو من خلف جلده الأسود ولديه قرون خروف .
هز ( دايسكي ) رأسه في عنف محاولاً أن يتذكر أنه قد رأي أي شيء يمت لصلة مما وصفته له أمه , ولكن دون أدني نجاح وقال نافياً : لا ..لا ليس هناك من الأوصاف يتطابق مع ما رأيته .
للمرة الثانية يتعجب الجميع مما قاله ( دايسكي ) وعلت غيمة من الشكوك تحيط بالجميع , و أن ( دايسكي ) قد فقد وعيه أو أنه لا يدرك ما واجه وأختلط عليه الأمر .ولكن من بين ظلمات الشك أرتفع وميض يتسائل أن كان ( دايسكي ) صادقاً حقاً , فمن القادر على هزيمة الأسطوري ( جيفاني ) .!!
ولكن بدا على ( دايسكي ) أنه يعري لهم أي انتباه وأخذ يركز تفكيره جيداً حول الملثم و وحشه الأيثتربين , وكيف دارت المبارزة و أنتهت , كان يقص على الجمع ما حدث بكل تفصيلة وكأنها قد عاد بطريقة ما ليوصف نفسه والمشهد ببراعة , وفي نفس الوقت كانت أفواه الحاضرين وعيونهم تفتح وتتسع على أخرها من الدهشة والرعب والمفاجأة .
ولما أنتهي ( دايسكي ) من السرد وجد المجلس وقد تسمر في مكانه تماماً وكأن الحياة قد أنقطعت عن أجسادهم بغتة .
كسر ( ألفريد ) الجمود وفي لهجة غير مصدقة صاح : لا تسرد الخرافات يا ( دايسكي ) , فالأيثتربين محض كائنات أسطورية لا يوجد أي دليل على وجودها و حتى لو كانت موجودة فقد أندثرت من عهود بعيدة تعود إلي العصر الثاني أو الثالث , حتى لو أفترضنا أنك صادق في كلامك لكنت ميت الآن يا ( دايسكي ) .
فبادلته زوجته ( بيلا ) ( ألفريد ) نظرة نارية , بينما صدر عن ( روز ) في هيام : ليس هذا بالأمر المستحيل على ( دايسكي ) يا أبتاه . ثم فجأة أنتبهت أن كلامها مسموع فأحمرت وجنتيها .
فقال ( دايسكي ) مدافعاً عن نفسه : إذن لو أنت لا تصدقني يا عمي , أظن أنك لو رأيت الدليل ستصدقني حسبما قلت .. ثم تنهد وتابع : حسناً . وأخرج عصاه السحرية وهمس بتعويذة الاستدعاء : ليمفوريو .
فظهر شيء ما لامع براق يطفو في الهواء , كان سيفاً عظيماً , مقبضه على رأس أسد مصنوع من معدن ( مجريدث ) النادر الذي لا يملكه إلا أقزام أشبيدان , وكان نصله فضي لامع , مطعم بأحجار عجيبة اللون على طوله , وكان كثيفة عند المقبض .
تابع ( دايسكي ) قائلاً في فخر و ألم : هذا هو السيف ..سيف إيمبلدون ..الدليل على صدق كلامي .
قال ( جوباس ) من عائلة ( المنسي ) بصوت مبهور وفي خشية : معدن مجريدث ..نقش مورلو .. أنه بكل تأكيد سيف إيمبلدون قاتل التنانين .
ونظر الجميع ل( دايسكي ) في احترام وهيبة بالرغم من صغر سنه , ولكنه كان يستحقه بالفعل , فقد كان قادراً على مواجهة شخص مالك لل( إيثتربين ) ..ورسم في مخيلة الجميع أنه سيكون ساحر عظيم وقوي بلا شك في المستقبل , وشعر ( فريد ) بقليل من الغيرة تجاه ( دايسكي ) وبدا يفكر جدياً من الآن في كيفية مواجهة دايسكي مستقبلاً .
كان الجميع مذهول ومبهور ومرعوب جداً من حقيقة أن كائنات الأيثتربين لم تهلك وتنتهي بعد .
بينما أكتفت أعين كلاً من ( ملكيادس ) و ( جوباس ) بنظرة ذات مغزى فيما بينهما تنبأ بأن هناك أشياء كثيرة يتوجب عليهم فعلها .
أما ( ميراندا ) فكانت قد أنتبهت لشيء لم يأخذه أحد في الحسبان و قالت في حدة : كيف فعلت ذلك يا ( دايسكي ) ؟
ابتسم ( دايسكي ) في دعابة وقال : وصفة غفينزسا يا أمي .
كان ( دايسكي ) فهم سؤال أمه بخصوص كيف قام بتعويذة الأستدعاء بالرغم من أن السيف كان مخبئ بجبل سوميلازر في قرية آيتورنا .
أخيراً تنحنح ( ملكيادس ) في مجلسه وقال بصوت مبحوح ولكنه كان مسموع للجميع : أتعلم يا ( دايسكي ) بما أخبرتنا الآن ؟
أومأ ( دايسكي ) برأسه وجاوب جده في بساطة : بلي .. أن عالم نيرار موجود فعلاً و أن جدي ربما لم يمت وكذلك والدي !!
****

دايسكي هيتاشي
22-04-2010, 20:02
في صباح اليوم التالي أنتشر خبر وفاة السيد ( جيفاني ) في جميع أنحاء القرية وتجاوزتها كثيراً إلى أن وصلت لمسامع ملك الكوزرس في قصره الملكي , ولكن لم يحمل الخبر سبب الوفاة الحقيقي على الإطلاق .
كان اليوم يحمل كآبة تجثم على النفوس , والسحب لم تكن لطيفة على الإطلاق بلونها الرمادي الخانق الباعث للمرض , بينما كانت الشمس تكتفي بأن تطل على الأرض كل حين وحين من بين الدفاعات الضعيفة لستار السحب .
وبداخل قصر آل ( جيفاني ) بقرية الطائر الأزرق , كانت هناك حركات سريعة ومتوترة على قدم وثاق لأن ساعة الدفن قد تحددت عند العصر وبخاصة بعد تأكيد حضور ملك الكوزرس بنفسه .
إما عن السيد ( ملكيادس ) و ( جوباس ) فقد قام بممارسة عادتهم القديمة وهي الوقف بصمت في الشرفة .
كان ( جوباس ) في السابعة والستين من عمره , وكان ثلاثة أرباع وجهه مغطاة بوشاح أحمر ناري منقوش عليه رسمة العنقاء المصرية الأسطورية , والتنينين المميزين لعائلة جيفاني السحرية, بينما كان الظاهر من وجهه هي عينه اليمني وجزء ضئيل جداً من وجهه كشف عن لون بشرته الأسمر اللطيف الذي يميز أغلب المصريين .
تنهد ( جوباس ) وهو يطلق سحابة دخان من غليونه : ألم يرجع دايسكي بعد ؟!
قال ( ملكيادس ) وعيناه حائرتان فيما وراء البرية والعشب الأخضر : لا أظن ذلك , إمامه ساعة على الأكثر وسيعود برفقة أخويه و والدته .. جل ما أخشاه هو أن تكتشف ( آيتورنا ) أمر غيابهم .
قاطعه ( جوباس ) قائلاً : لا تقلق .. فدمي ( فيريك \ الموحية ) ستخدعها بكل تأكيد , ولكن يتبادر لي تساؤل لم أجد له إجابة بعد .
فانتبه ( ملكيادس ) و قال متسائلاً : ماذا ؟ هل من أمر يزعجك ؟
فجاوبه ( جوباس ) : فقط أفكر في احتمالية حضور ( هيتاشي ) , فمادام الأمر صحيح , وعالم نيرار موجود فعلاً , فلابد أنه هناك كما خططنا في السابق , فما الذي يمنعه من الحضور ؟
فجاوبه ( ملكيادس ) وهو يعاود النظر إلي الأمواج المتلاحقة من العشب الأخضر : لا أستطيع بأن أجزم بأي شيء الآن , فنحن منذ قليل تأكدنا من شكوكنا بوجود عالم نيرار , ولكن تأكدنا هذا عاد علينا بالكثير من الأسئلة المبهمة والتي لم نجد لها أي جواب , كل شيء بات غامض ومظلم الآن . حتى أن ابسط هذه التساؤلات كيف نتصل بالعالم الأخر .. ما هي الوسيلة ..في الواقع نحن الآن إمام لغز كبير , و على جماعة ( دلفاي ) التنقيب عنه . نحن لم نملك الصفر لنبدأ منه ..علينا الوصول إلى المقدمة المنطقية الأولي لكل هذا حتى نبدأ .. أن نبحث عن عالم بأكمله , هذا ليس بالأمر السهل على الإطلاق .
أسند ( جوباس ) رأسه بين راحتيه وقال في لحظة يأس وقلة حيلة : أه ..نعم .. لا تذكرني .. إمامنا أعمال ضخمة بدأ من اليوم .. إزاحة الستار عن عالم .. يا ربي .. يا لها من مهمة شاقة .
صفق ( ملكيادس ) بكفيه وقال : هييه .. علينا الآن أن نقلق عن الأعمال الأخيرة المتعلقة ب( جيفاني ) , -وبخاصة أنه لن يعود أو يصل لنيرار في مثل سنه هذا – و أظن أن ما رواه لنا ( دايسكي ) لخير دليل على صدق حديث ( جيفاني ) المجنون آنذاك .. هذا الفتي قوي بحق .. ينبغي أن ننفذ وصيته .
قال ( جوباس ) متذكراً : بلي تلك الوصية , سيحتاج تنفيذها إلي مجهود شاق منا , ولا مجال لذرة خطأ و إلا ُقتل ( دايسكي ) .
فجاوبه ( ملكيادس ) مهموماً : أه ..نعم , ينبغي أن تتم بنجاح و إلا مات ( دايسكي ) ..ثم ضحك بجنون وقال : أو بالأحري ينتقل إلي عالم نيرار .. ستكون الأيام القادمة عصيبة بلا شك .
******
ما أن عبرت شمس الأصيل الأفق في تخاذل فوق رؤوس أفراد عائلة آل جيفاني حتى بدأت الوفود تظهر من كل حدب وصوب , كان كل فرد يعرف رفيقه فيذهب ناحيته في صمت ويجلس بجواره ليتابع الجنازة المهيبة التي أقيمت تواً لإكرام السيد جيفاني , ومن بين الوفود كان يجلس العملاق ( بيير ) و المذؤب ( جونسون ) في الصف الثالث , بينما خصصت الصفوف الأولي للشخصيات الهامة , وظهر ملك الكوزرس برفقة أسرته و قد بان على وجوههم الحزن العميق , وكذلك قدم العجوز ( فيزتسون ) وكان يسنده أحد أبنائه ..أعزوفة حزينة بدأت تتخلل الجو مع ظهور نعش السيد جيفاني في الخلف , فوقف الجميع وتابعوا تقدم النعش , وتلألأت الدموع في عيون الجمع , وحينما وصل إلي الصف الأول , وقف ( جوباس الكبير ) رفيق عمر السيد ( جيفاني ) , وتقدم النعش .

ثم توقفوا , وتناول ( جوباس الكبير ) عصا ( جيفاني ) السحرية من ( دايسكي ) ثم وضعها برفق بجوار جثمان السيد ( جيفاني ) , ثم لوح جوباس الكبير بعصاه السحرية وحركها بخفة فأرتفع الجسد من على النعش وحف في الهواء وأحاط بالجسد سحابة بيضاء كأنها تكفنه وبدأ الجسد يهبط إلي الأسفل في بطء في الوقت ذاته تكاثفت السحب البيضاء من حول الجسد حتى بات غير مرئي وأخذ لون السحب يتحول إلي الذهبي و صدر عنها أضواء ولمعان وبعد ذلك أخذت تنقشع رويداً رويداً , لم يعد السيد جيفاني يحف في الهواء , لقد بات في قبره الآن .

كان كالهرم الصغير , ومنقوش عليه عبارات لطيفة عنه , ثم ألقي ( جوباس ) بكلمته , ومن بعده ملك الكوزرس

وفي النهاية تفرقت الحشود إلي حيث جاءت ., لم يعد هناك الكثير من الأمور المعلقة ..لقد انتهت حياة رجل كريم وساحر عظيم عرفوه يوماً ما .

******

تجمعت ظلمات عديدة ..ظلمة الليل وظلمة الفضاء اللا متناهي في توحش , وقد انطفئ نور القمر وتكوم على نفسه في طور المحاق عند مقبرة آل جيفاني وبالتحديد عند قبر السيد جيفاني حيث تحركت نقطة من الظلام ما كانت إلا لشخص قد أرتدي السواد , ووجهه مغطي بوشاح أكثر سواداً , كان جسده يهتز من إمام القبر ويصدر عنه أنين يحاول صاحبه أن يجعله غير مسموع .. لا تدري لأي سبب !! ألكي لا يزعج الأموات في قبورهم أم حتى لا يلفت انتباه المنصتين , وبعد ذلك بقليل لم يعد كيانه قادراً على الاحتمال فأنفجرت دفاعاته وأخذ يجهش بالبكاء , فسقط الوشاح عن وجهه وظهرت عيناه بلون الدم ووجه أيضاً في ذات اللحظة التي ومض فيها النجم الشعري فتبددت الظلمة لوهلة كانت كافية بأن تكشف ملامح وجهه ..لقد كان ( هيتاشي ) الابن الوحيد للسيد جيفاني , و أحد أمراء جماعة دلفاي السحرية ,و والد ( دايسكي ) .

خفتت حركته حتى سكنت تماماً وسقط على الأرض مغشياً عليه , في الوقت الذي ظهر فيه ملكيادس , وجوباس الكبير , فحمله ( جوباس الكبير ) وعاد به إلي الداخل , وقد بدت ملامح القلق عليه وعلى ملكيادس لما لاحظوا أحمرار بشرة هيتاشي ..لقد أستيقظ الأمير .
*****
نهاية الفصل السابع

أريج الروح
23-04-2010, 03:46
السلام عليكم

كما قلت ساكون المتابعة الاولي

لا اعرف بما اوصف البارت ، كلمات كتيرة لا تكفي ، عن جد ابدعت فى الكتابة
روعة فى روعة

ولكن هناك الكثير من الاسئلة ، مثلا الامير هيتاشي لماذا عاد والان انا باعرف بسبب موت ابيه ، بس ما قدر يرجع قبل هيك ، اما هو مطرود من القرية الملعون اريتونا؟؟؟
ولماذا دايسكي منبوذ؟؟
وفى البارت 6 لماذا الام تريد هلاك ابنها ؟ اما هى اريتونا
سانتظر البارت 8 وان شاء الله تنزل عن قريب
وتقبل مرورى

meroni
24-04-2010, 10:56
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


اخي دايسكي شاكرة لك مجهودك الذي تستحق عليه جائزة وليس مجرد شكر
انتظر الفصل الثامن

تحياتي
meroni

أريج الروح
28-04-2010, 07:29
مرحبا
دايسكي هيتاشي ، بلييييز نزل البارت 8 ، انا باستنى ،
وان شاء الله يكون فيه حل، لاسئلتى الكثير يلا فى عقلي
وشكرا
تقبل مروري

هيناموري أمو
29-04-2010, 07:53
القصة تاخذ العقل من حلاوتها استمري فقصتك روعة

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:09
السلام عليكم

كما قلت ساكون المتابعة الاولي

لا اعرف بما اوصف البارت ، كلمات كتيرة لا تكفي ، عن جد ابدعت فى الكتابة
روعة فى روعة

ولكن هناك الكثير من الاسئلة ، مثلا الامير هيتاشي لماذا عاد والان انا باعرف بسبب موت ابيه ، بس ما قدر يرجع قبل هيك ، اما هو مطرود من القرية الملعون اريتونا؟؟؟
ولماذا دايسكي منبوذ؟؟
وفى البارت 6 لماذا الام تريد هلاك ابنها ؟ اما هى اريتونا
سانتظر البارت 8 وان شاء الله تنزل عن قريب
وتقبل مرورى
أهلا أريج الروح
,,
بالنسبة لهيتاشي فقد عاد لأنه لم يكن في مقدوره العودة قبل ذلك , لا هو ليس مطرود من قرية آيتورنا
تذكري في الفصل الأول كان دايسكي يعتقد أن والده قد مات , لقد شرح جيفاني هذه الجزئية في الفصل الثاني .
بالتأكيد ليست هي الأم ميراندا , بل هي آيتورنا وقد انتحلت شخصية ميراندا .
..
سعيد بمرورك ^^


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته


اخي دايسكي شاكرة لك مجهودك الذي تستحق عليه جائزة وليس مجرد شكر
انتظر الفصل الثامن

تحياتي
meroni
سعيد بمرورك آختي


مرحبا
دايسكي هيتاشي ، بلييييز نزل البارت 8 ، انا باستنى ،
وان شاء الله يكون فيه حل، لاسئلتى الكثير يلا فى عقلي
وشكرا
تقبل مروري
حسناً الفصل خلال دقائق وسينتشر وعذراً علي التأخير "^^

القصة تاخذ العقل من حلاوتها استمري فقصتك روعة

أنا ولد :d
ومع ذلك نتمني مرورك النقاشي بالمرات القادمة

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:17
8\ نبوءة الأمير \ جماعة دلفاي السحرية

أسرع ( ملكيادس ) , و ( جوباس) إلى الداخل , حيث كانت نيران المدفأة تعلو تدريجياً بمكتب السيد جيفاني في أرجاء الحجرة , كانت هي مصدر الضوء والدفء الوحيدين ها هنا , فألقت الكثيرُ من الظلال المتراقصة على محتويات المكتب , وغمرت الحجرة بستار من الدفء يتناقض مع مشاعر الجالسين , كانت وجوههم مهمومة وبدت أسفل الظلال كئيبة وحزينة , كان ( هيتاشي ) يرتعد و تصطك أسنانه كأن النيران لا تؤثر في بدنه مطلقاً .

حاول ( ملكيادس ) الإحاطة به وتهدئته ولكن الأمر لم يفلح , فنظر إلي جوباس وسأله : هل سنتركه هكذا ؟ لابد و أن نفعل شيئاً .

فهز ( جوباس ) برأسه وقال : لا .. أنت تعلم جيداً أنه لا ينبغي لنا فعل شيء الآن .. الأمر متروك لهيتاشي , وبخاصة في هذه الحالة , فلا ينبغي لنا أن نحدثه .

صدر عن ( هيتاشي ) صوت حشرجة خفيفة فألتفت ناحيته جوباس و ملكيادس , فوجدا حدقتا عينيهِ وقد تحولت إلي الأزرق الباهر و بدأ يتحدث بلغة لم تسمع منذ آلاف السنين و في نفس الوقت تظهر الكلمات بحروف ذهبية في هواء الغرفة :




ديف تويا ديوما تويارو دارايا ارينال

اهويو ميجادا دوي ديوما اري

زيرا لاهين يوث ثليجاتا كيا امثليجاتا

افاي اريوث موبايا شلاي جم افيرا ثيدرملدا

موهينا زيرا أوثيليث نوميارا فيادارا

رجين دوي كيا تاراور ايان

لارثي نيثوث را فيجاروا ميارن

لديا كياداوث ديوما قنور

اهويو تيجوث الاكيا غنينارو كيا لزيرسثارو

جميون هينثارو لديا أغيلثيوث

ميرانن وشالدا اري كيا اثنيا ديوما قنور

فيا زياهنوث تيوماديوث فلاشيندا


http://fc00.deviantart.net/fs70/f/2009/348/f/0/for_ayas_by_agefox.gif
*

ثم سقط فاقداً الوعي , وتبادل ملكيادس و جوباس نظرة وجلة و قال جوباس غير مصدق : ما هذه اللغة ؟

فأجابهُ ملكيادس مندهشاً أيضاً : لا أدري ..!! هل هي .........

قاطعه جوباس وقال : بلي , لابد أنها هي بالتأكيد .. لابد أن نخبرهم ..لابد لنا أن نعرف ماهية هذه النبوءة وكيف تحدث هيتاشي بهذه اللغة المنقرضة ! .

فأومأ ملكيادس برأسه وقال : بلي معك حق , ولكن الآن علينا أن نتجنب الحديث في هذا الشأن و إلا انكشف أمرنا .

وبعد مرور ساعة استعاد هيتاشي وعيه ببطء ولما فتح عينيه وجد ملكيادس و جوباس أمامه مباشرة فتعجب قائلاً : كيف ؟!!!

فقالا : ماذا تقصد بكيف؟

فسألهم في حيرة أكثر : كيفَ أتيتم هنا ؟

فشعر ( ملكيادس ) و ( جوباس ) بالدهشة وقالا : بل كيفَ وصلتَ أنت هنا !

فتطلع هيتاشي على المكان من حوله فوجد المدفأة و المكتب ..إنه في حجرة والده بقرية ( الطائر الأزرق ) .

فازدادت حيرته أكثر وقال في رجاء : بالله عليكم عمايّ أخبراني كيف جئت إلى هنا ؟

فنظر جوباس إلي ملكيادس وقال : حسناً .. في الواقع لقد وجدناك في حالة غريبة جداً عند قبر والدك تبكي !

بدا على ( هيتاشي ) بأنه لم يستوعب ما سمعه فكرر : حالة غريبة .. قبر والدي .. أبكي !!

ثم انتبه وصاح : والدي قد مات !! كيف لم أعِ هذا إذن !!

فتنحنح ملكيادس وقال : لأنك كنت في طور .. ثم صمت وهمس بصوت خفيض : طور الأمير البنفسج

فتغيرت ملامح هيتاشي لوهلة وقال في تعجب : حقاً !!

فأجابه ملكيادس بإختصار : نعم ..طور النبوءة الأسطورية ! وقد سَجَلنها , ولكن هناك مشكلة بشأن اللغة .

أطرق ( هيتاشي ) برأسه وقال : حدثاني عن موت والدي .

فأجابه ( ملكيادس ) : حدث هذا مساء ليلة أمس ,.... ثم بدأ يسرد له ما حدث بالتفصيل ومع كل تفصيلةٍ تضيق عينيه أكثر وأكثر من ذي قبل و كان يشوبها بريق غريب وحذر .

ولما أنتهى ملكيادس من حكايته سألهم هيتاشي : وماذا عن ميراندا و أولادي .. أهم هنا أم بأيتورنا ؟

فرد جوباس بآلية : لقد عادوا إلي القرية صباح اليوم , ينبغي عليهم أن يقوموا بمراسم الدفن هناك أيضاً و إلا شكت أيتورنا في أمر خروجهم من منطقتها .. كان من المفترض أن يعودوا الليلة مساءاً ولكننا نرجح الآن أنهم عادوا .

بدا علي هيتاشي بأنه لم يكن يسمع فتمتم : أه .. أيتورنا ..إذن جسد من في حوزتهم لأجل تلك المراسم المزيفة ؟

فتبسم جوباس و أجابه : ليس جسداً , بل هي وصفة سحرية قادرة على تمثيل جيفاني لفترة وهي كفيلة لخداع آيتورنا مادامت تعويذة التتبع قد كسرت عن جيفاني .. أنها من صنع ملكيادس .

قال هيتاشي وهو لا يعي ما يقوله : آه ..تتبع وسيلة الكوزرس ..حسناً ..أممم... سأنام قليلاً وبعدها نتحدث .

ثم فقد الوعي من جديد .

*****

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:19
كان ( هيتاشي ) في حاجة إلي نوم عميق إذ أن عقله بات لا يتحمل كل هذا العبء ..كيف وصل إلي هنا ؟ وهل والده قد مات حقاً أم أنتقل إلي أسوء مكان يتوقعه الآن , وما أمر هذه النبوءة التي قالها , فأسلم نفسه للنوم بدلاً من أن يدور ويدور في أسئلة تحتاج أجوبتها إلى سنين ربما ! .
لذلك نام هيتاشي سريعاَ , كان نوماً بلا أحلام أو أي منغصات مما جعله أن يستيقظ بحلول الفجر وانتابه شعور خفيف بالثبات , أزاح الغطاء ونهض من على الأريكة وتحرك باتجاه المدفأة ثم وقف أمامها قليلاً كأنه يحث دفء المكان أن يتخلل خلايا عقله ليذيب قشرته التي تجمدت .
خلال ثواني حضر ملكيادس وجوباس بعد أن سمعا حركة بداخل المكتب استدلوا بها أن ( هيتاشي ) قد أستيقظ .
كان جوباس يحمل صفحة عليها أكواب من الشاي والبسكويت المنزلي الصنع , ووضعها أمام هيتاشي وقال : فلتأكل أنت في حاجة لهذا الآن – ثم تابع : ريثما تعود ميراندا و الأولاد ونفطر جميعاً .
فهز هيتاشي رأسه ومد يديه ومسك كوب الشاي الدافئ وأخذ يرشف منه في بطء .
بعد صمت طويل قرر ( ملكيادس ) أن يكسر حاجز الصمت المخيم على أرجاء الحجرة وتنحنح قائلاً : إذن عالم نيرار موجود فعلاً !
فأجابه ( هيتاشي ) بصوت رخيم : آه ولكنه تغير عما أخبروه لنا.
فتدخل جوباس في الحديث وقال : هيتاشي .. أنت تعلم أنك الوحيد الذي لديه معلومات أكيدة الآن عن عالم نيرار , فلتخبرنا بكل شيء عنه – وبخاصة و أنك لا تدري كيف عدت إلى هنا !! – وأيضاً حتى تبدأ جماعة دلفاي في التحرك .
فأجابه هيتاشي : بالتأكيد سأجيبكم على حد علمي وما هو مسموح لي ..سأخبركم بما تريدونه , وتابع ساخراً : ..فما هي فائدتي إذن الآن ؟! .
فسأله ملكيادس معاتباً : لماذا لم تأتي من قبل , بل أنك لا تعرف كيف وصلت إلي هنا الآن ؟
جاوبه هيتاشي : إذا كنت تحسب أنني في مقدوري المجيء هنا بيسر , لكنت جئت من قبل , والسبب أن وسائل الأنتقال فيما بين العالمين صعبة بل مستحيلة !
سأله جوباس في لهفة : إذن فلتخبرنا كيف بدأت ؟
فرد هيتاشي :حسناً يا عماه فلتنصتوا إلي جيداً لأن ما سأخبركم به سيحدد مجري العالم في السنين القليلة القادمة .
بدون الخوض في التفاصيل التي تعلمونها جيداً بشأن نقلي لعالم نيرار المحفوف بالمخاطر .. وجدت نفسي أنتقل إلي ذلك العالم عبر أنفاق غريبة وعجيبة ملونة و زاهية , و أنتهي المطاف بي في ما أشبه بمحطة استقبال في احدي ممالك عالم نيرار , وكان في استقبالي مجموعة من مختلف الأجناس , و وجدت من بينهم سحرة و كانوا أقوياء كما استنبطت من قواهم الروحية , لم يبد عليهم أي بادرة عطف أو أي شيء دافئ , بدا كأنهم جنود و ذو بأس .
سألتهم : أين أنا ؟ ما الذي جري لي ؟ ومن أنتم ؟!!
تبادلوا نظرات غريبة فيما بينهم , ولم تكن مطمئنة .. كان هذا هو أخر ما تذكرته بشأن هؤلاء القوم لأنهم أفقدوني الوعي .
لما استيقظت وجدت نفسي في غرفة أخري أكثر رحابة و فخامة عن سابقتها و تشع دفئاً , وكان إمامي مكتب مصنوع من شجرة الورد الأيقوزي – لأنني لا أنسي العذبة رائحته أبداً- بدا أن صاحب هذا المكتب يحب الفلك والأجرام السماوية إذ أن السقف كان مسحوراً وبه رسومات أجرام فلكية تتحرك بهدوء , لما وقعت عيني علي سيد هذا المكان صعقت , حيث أن مظهره لا يعكس هذا الترف وتلك المشاعر المرهفة التي تنبض بها أرجاء الحجرة .
كان غليظ الهيئة , نصف متعملق , وكان هناك أكثر من جرح غائر منتشر في وجهه ويديه .
بصوت أجش سألني : إذن أنت ممن لا يفقدون ذاكرتهم .
قلت : عفواً !!
بغضب صاح في : هل أنت بطئ الفهم ؟! , أنت لم تفقد ذاكرتك , وهذا مخالف لمن يحضر إلي هنا , لذا أنت خطير , وينبغي أن نتخلص منك بكل الأحوال .
بالرغم من أنني كنت مندهش من حديثه إلا أنني تنبهت فجأة أنني أعزل ولن أستطيع المقاومة دون عصاي السحرية – فشعرت بخوف شديد يا عماه – ها أنا بينهم مسلوب الدفاع والهجوم , ولكنني رأيته يلوح بعصاي السحرية في استهزاء وتهكم , فسألته أن يعطيني إياها , ولكنه رفض وضحك هازئاً .
عندها حدث شيء لم أتوقعه ولم يتوقعه هو أيضاً .. لقد أنفتح القمر بالأعلى , وكذلك الشموس وبقية الكواكب في ذلك السقف المسحور وخرج منها أفراد متشحين بالسواد ويرتدون عباءات بنفسجية اللون , فأفقدوا ذلك الرجل النصف متعملق هو و أتباعه الوعي , ثم كمموني و اختطفوني عائدين إلي تلك الأجرام السماوية مرة أخري و لأفقد الوعي للمرة الثانية في تلك الليلة .
لما استيقظت للمرة الثانية وجدت نفسي هذه المرة في غابة , وقد نصبت خيمتين , و حطب مشتعل للتدفئة .
صاح أحد منهم : لقد استيقظ أخيراً
قال ثاني : إذن أحضره يا حسام .
قادني حسام إلي صاح الصوت الثاني , كان شاباً في الثلاثينات من عمره , جيد البنية , ويمتلك نظرات قوية, كان اسمه [ وسام ] .
ثم جلست إمامه , وظل صامتاً للحظات , ثم قرر أخيراً الحديث : ها هي عصاك السحرية .
فسألته : عذراً ,, من أنتم ؟ ولما أنقذتموني ؟
فجاوبني : سأشرح لك كل شيء بالتفصيل ولكن بعد أن نتناول الغذاء , أظن أنك لم تأكل منذ مدة طويلة .
********

لما فرغنا من الطعام , و بدأنا بأحتساء القهوة شرع يحكي : من المفترض أن تكون قد فقدت ذاكرتك , بالأحرى كل من يأتي من عالم الأبيكتيسكي إلي عالم نيرار ينبغي أن يفقد ذاكرته , ولكن هناك قلة قليلة لا تفقدها و أنت منهم , ومهمتنا نحن أن ننقذهم لأنه ينتظرهم مصير مشئوم ينتهي بالموت دائماً .
فصحت فرحاً : إذن أنا لم أمت ,, لقد نجحت في المرور إلي عالم نيرار .
فنظر لي في دهشة وقال : هل كنت تعلم بشأن نيرار ؟ وأيضاً كنت تحاول المرور إلي عالمنا .
فأخبرته أي نعم .
لما بدا لي أهلاً للثقة شرحت له كل شيء بشأني , وبخصوص ما طلبته مني جماعة دلفاي السحرية .
فقال معقباً : هكذا إذن .
ثم طرح فجأة علي هذا السؤال : أنت ساحر أصيل أليس كذلك ؟
أندهشت و سألته : ماذا تقصد ؟ هل هنالك ساحر أصيل و أخر غير أصيل ؟
فجاوبني في لهجة معتذرة : لست أقصد ذلك , بل أعني أنت منحدر من أصول سحرية قوية .. نبيلة ؟!
فقلت له : أعتقد ذلك , فعائلتي سيدها هو التنين الأسطوري الناري و الثلجي .
فشهق وسام وقال : هكذا إذن .. حسناً سأخبرك بما يحدث ها هنا .. سأخبرك بكل شيء .لكي نفهم ما الذي جري ينبغي علينا أن نطرح هذا السؤال : [ كيف كانت النشأة ؟ ] , حسناً المعلومات التي لدينا بشأن هذه البداية , أن كوكبنا هذا أو عالمنا الكبير هذا عند نشأته كان عبارة عن تجمعات لكل جنس و أحياناً قبيلة كل منها علي حدي , قبل أن تنشأ الممالك , في تلك العصور الأولي خاضت جميع الأجناس حروب طويلة و دامية و مرهقة للجميع , وهدأت الأمور قليلاً بعد عقد معاهدة [ سيكيدا ] أول معاهدة سلام شاهدها عالمنا , ولكنها لم تدم طويلاً , إذ قامت حرب ثانية أخري عظيمة أكثر ضراوة وعنفاً , لم يكن من السهل على الممالك الست الجديدة تجنبها إذ أنهم كانوا في بداية نشأتهم , اشتعلت هذه الحرب بسبب مجموعات من الأوباش واللصوص تجاوزوا كل حدودهم علي ممتلكات جميع الممالك , ولكن من بين كل هذه المجموعات كانت هناك مجموعة مكونة من ست أفراد , كانت ذات بأس وقوة عظيمة , لأنها تضم كل جنس , بمعني أن كل عضو فيها منتمي لجنس مختلف عن الأخر مما جعل مجموعتهم كاملة و رهيبة , ولكن هذه المجموعة لم تكن تبحث عن المال أو القوة فقط , بل كانت تسعي إلي النفوذ و السيطرة , بحثوا عنها في عنف و ضراوة عبر البلاد وفي أنحاء الأرض كلها , حتى قابلوا قبيلة غريبة لما يروها من قبل , كانت هذه القبيلة هي قبيلة البيكتسو – والتي هي الآن المملكة السابعة الغامضة في عالم الأبيكتيسكي – ولما حاولوا القضاء عليها هزموا , كانت قبيلة قوية جداً وتملك قوي غير عادية لم يروها من قبل , ثم قامت المجموعة بأخبار قائد البيكتسو بمساعهم عن بحثهم عن النفوذ والسيطرة , وما كان من القائد إلا أن قال لهم أنه في مقدوره مساعدتهم , فظنوا أنه سيمنحهم قوة مثل قواهم , ولكن لم يحدث ذلك , بل حدث أمر أعظم من ذلك بكثير , لقد وقعوا معاهدة فيما بينهم سميت معاهدة [ الألق ] , علي أن يقوم البيكتسو بتقسيم الأرض إلي شقين , شطر توجد فيه الممالك الست الموجودة آنذاك , و الشطر الأخر يكون لهؤلاء الست يتقاسمونه فيما بينهم ويصنعون فيه ممالكهم الخاصة وبالتالي يحصلوا علي النفوذ والسيطرة .
في البدء شكت المجموعة في هذه القبيلة , وظنوا أن كهنة البيكتسو يعبثون بعقولهم , ولكن لم تم الأمر فعلاً وثقوا فيهم وشعروا بقوتهم العظيمة , وكان علي البيكتسو فعل شيء أخر أضافي , فليس من السهل أختفاء نصف العالم ولا يلاحظ أحد ذلك , لذلك أطلق كهنة البيكتسو تعويذة قوية وجبارة بل أسطورية جعلت كل جنس في العالم ينسي أمر النصف الأخر من العالم , وبعد هذه المعاهدة السرية قسمت الأرض إلي شطرين أو عالمين هما : عالم نيرار , وعالم الأبيكتيسكي , و لما انتهت الحرب نشأت المملكة السابعة [ البيكتسو ] و أعتقد كل من في عالم الأبيكتيسكي أنها تطل علي نهاية العالم , وهذا صحيح للناظرين , ولكن عند نهاية العالم كان يبدأ عالم نيرار المخفي ...هكذا نشأ عالم نيرار , ولكن كان ينقصه شيء حيوي وضروري كان علي قائد البيكتسو أن يضيفه إليهم ,, فكيف يوجد حكام وملوك لهذا العالم ولا توجد فيه رعية ؟ !
ولهذا قام هذا القائد بلعن كل من يعيش في عالم الأبيكتيسكي بتعويذة قوية , تقوم هذه التعويذة بتقسيم عمر الأفراد إلي نصفين , فيعيش نصف عمره في عالم الأبيكتيسكي ولما ينفذ ينتقل إلي عالم نيرار ليعيش نصفه الأخر ..إلي المملكة التي ينتمي إليه جنسه .
صمت وسام قليلاً من الشرح ليري ردة فعلي ولكنني كنت صامت كالجبال , لا أجد ما أقوله .
توقف هيتاشي عن السرد قليلاً , وشهق كلاً من ملكيادس وجوباس عند سماعهم هذه الحقيقة الشنيعة وأطلقوا أهة ألم لم يستطعوا كتمانها .
بينما حاول ملكيادس تمالك نفسه وسأل هيتاشي : ولكن لماذا يفعل البيكتسو ذلك ؟ لابد من وجود وأيضاً لا أفهم ما الذي يقصده رفيقك هذا بتلك اللعنة .
تنهد هيتاشي وجاوبه : عن سبب فعل البيكتسو لذلك , فأنا لست أدري بعد , ولكن باستخدام أبسط قواعد المنطق لابد من وجود مقابل ما .

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:21
تدخل جوباس قائلاً : معك حق , أن مملكة البيكتسو غامضة جداً , و لا تحاول الأختلاط بكل الممالك بل أنها لا تحبذ أن نذكرها ضمن جملة الممالك , و أيضاً تعتبر مملكة منغلقة علي نفسها وبخاصة وبتلك الحدود البيكي التي تنتشر علي طوال حدودها معا كل الممالك .
قال هيتاشي : نعم هذا ما أتذكره جيداً عنها , لما كنت في جماعة دلفاي السحرية , لم يكن لدينا رصيد كافي من المعلومات حول هذه المملكة وبخصوصاً ظهورها فجأة في تاريخنا .. والذي عرفتم سببه منذ قليل .
دار ملكيادس في حلقات إمامهم وسأل هيتاشي في لهجة سريعة : لم تخبرني ماذا يقصدك صديقك بتلك اللعنة ...وضح لي أكثر فهذه الجزئية تبدو لي غامضة بعد الشيء .
ابتسم هيتاشي وقال : ليست غامضة علي الإطلاق يا عماه , لقد أخبرتك عنها بكل وضوح , أنت تحاول أن تنكر حقيقة الأمر , فلتتمعن وتفكر فيها جيداً .
بدا علي ملكيادس تفكير عميق وأنه علي وشك أن يحزم رأيه في قضية ستغير مجري العالم وقال مندفعاً : تباً لو ما سأقوله صحيح .
ضحك هيتاشي و جوباس في استحياء , بينما تابع ملكيادس قوله : هل يعني أن ما نراه هنا يموت , ليس موت بالمعني الحقيقي بل هو ينتقل إلي عالم نيرار , ولم يمت بعد .
أومأ هيتاشي برأسه وقال : بلي , فلو أنت مت كم تصورتم , فكيف أكون إمامكم , إذن ما قاله صديقي وسام يفسر حقيقة وجودي معكم الآن في هذه اللحظة , ولكن لم تكن هذه اللعنة كاملة , فهناك من يقضي عمره كاملاً في عالم الأبيكتيسكي , فوالدي جيفاني – رحمه الله – أحد هؤلاء , وربما أنتم أيضاً وكل الشيوخ ها هنا , بالإضافة إلي كل ملوك عالم الأبيكتيسكي وعائلاتهم و الشخصيات النبيلة , لقد أستثنوا هؤلاء أثناء قيامهم بتعويذتهم حتى يكون هناك توزان .
فهمهم كلاً من جوباس وملكيادس : هذا صحيح , معك حق . و أكمل ملكيادس متمنياً : ليس من المعقول أن يتجاوز عمري المائتي عام . ثم قفز وصاح : ولكن كيف لا تعترضون هناك ؟
تنهد هيتاشي وقال موبخاً ولكنه في نفس الوقت يبتسم : ألم تستمع يا عماه لي جيداً , من المفترض أن تكون ذكراتنا ممحاة هناك , وبالتالي لا نتذكر شيء عن حياتنا السابقة في عالم الأبيكتيسكي , وبدلاً منها يتم إحلالها بتاريخ ملفق وتعيش مع أسرة هناك من نفس جنسك تمثل لك أبناءك و زوجك .. فلا توجد معارضة علي الإطلاق .
صمت قليلاً , وبعدها صعد صوت طرق الباب فدخل الخادم وقال : عفواً , هناك من يسأل عن السيد هيتاشي .. هل أحضره ؟
فسأله هيتاشي في تعجب : من الذي يريدني .؟
جاوبه الخادم بآلية : شخص يدعي وسام
فصاح فيه هيتاشي : بالطبع .. أحضره إلي هنا .
بعد قليل دخل وسام ونظر إلي هيتاشي لائماً وقال : أهكذا ترحل ؟
فشعر هيتاشي بالخجل وقال : صدقاً , أنا لا أدري ما الذي حدث لي .. لقد وجدت نفسي هنا فجأة , وعندما أيقظوني علمت أن أبي قد مات , لابد أن يكون هذا هو السبب علي ما أعتقد .
شعر وسام بالأسي وقال : أسف , لم أقصد , ولكن علي كل الأحوال , ها أنت هنا و أنا قد وصلت ..هذا رائع .. أليس كذلك ؟ هذه هي عائلتك ؟
فجاوبه هيتاشي : أه ..نعم ..هذا عمي جوباس , و هذا عمي ملكيادس .. وهذا يا عماه وسام صديقي الذي حدثتكم عنه
فقال وسام : تشرفت بمعرفتكم .. ثم تابع : ومن الجيد أن أراكم , إذن أنت أخبرتهم أليس كذلك يا هيتاشي ؟
فجاوبه هيتاشي : ليس بعد , لقد أخبرتهم عن النشأة ولكني لم أكمل الحديث عن عالم نيرار , لا لما تخبرهم أنت ؟
فقال وسام فرحاً : عظيم .. هذا الجزء المفضل لي .. أحب دائماً أن أشرح التفاصيل المملة .
فابتسم كلاً من جوباس و ملكيادس , وعلما أن وسام هذا من الصحبة المرحة .
جلس وسام علي الأريكة و أسند ظهره علي الأريكة و قال : حسناً , في الأصل كان عالم نيرار ينقسم إلي ست ممالك مثلما كان الحال في عالم الأبيكتيسكي هذه الممالك هي : مملكة آروغيندر , مملكة غيبتوريون , مملكة هينلورين , مملكة ميراديان , مملكة ثورين , مملكة لاميردا , فيما مضي كما قالوا كانت هناك علاقات طيبة فيما بين هذه الممالك بحكم أن ملوكها الأوائل كانوا أصدقاء و رفاق مما سمح لهم بإنشاء منافسات و دورات رياضية تنافسية تقام كل مدة من الزمان علي إثرها تفتح تلك الحدود الحامية فيما بينهم , وهذا الأمر مستمر إلي زمننا هذا بالرغم من أن هذا السلام لم يدم طويلاً , حيث قامت مملكة غيبتوريون ببسط سطوتها وهيمنتها علي كل ممالك عالم نيرار فيما عدا مملكة هينلورين , وهكذا فأن عند انتقال أي فرد من عالم الأبيكتيسكي تكون نسبة وقوعه بين أيدي غيبتوريون كبيرة جداً , لذا تحاول مملكة هينلوريون بإنقاذ المبعوثين الذين لم يفقدوا الذاكرة من بين قبضتي غيبتورويون وهذا ما فعلته مع هيتاشي منذ ثلاثة سنوات .
هنا توقف وسام عن الحكي قليلاً ليلتقط أنفاسه , وليري ردة فعل كلاً من ملكيادس و جوباس .
علق هيتاشي : منذ ذلك الوقت و أنا مع وسام في فرقته نقوم بتلك الأمور , فلم يكن من السهل الأنتقال بين ممالك عالم نيرار نفسه , فما بالكم بالانتقال من بين عالمي نيرار والأبيكتيسكي .
أطلق ملكيادس زفرة حارة طويلة وسأل هيتاشي : إذن لماذا أنتم هنا الآن ..لماذا جئتم ؟
-ألم تخبرهم بعد ؟ - قالها وسام في تساؤل وهو ينظر ناحية هيتاشي
فجاوبه هيتاشي : لا لم أخبرهم .
فسأل جوباس في حيرة : بماذا تخبرنا ؟
فقال هيتاشي : عن سبب مجيئنا وحضورنا إلي عالم الأبيكتيسكي من جديد ,, لأننا نشك في مملكة البيكتسو , وهناك عدة حركات غير مطمئنة في عالم نيرار .
لم يعي ملكيادس ما سمعه فقال : ماذا ؟
فتدخل وسام و قال : مممم ..يبدو أن مملوك غيبتوريون لا يرغبون في الاكتفاء بحكم عالم نيرار بل يسعون إلي غزو عالمكم عالم الأبيكيتسكي ..هذا ما نعتقده في الوقت الحالي , و أيضاً لشكوكنا في أن البيكتسو لهم دور في هذا الحدث أيضاً جئنا إلي هنا نحاول استكشاف ما يحدث , و أيضاً طلب المساعدة من جماعة دلفاي في ذلك الأمر , إذ أننا لن نستطع البقاء طويلاً ها هنا .
فصاح ملكيادس : هه ماذا تقول ؟ يريدون غزونا .. أإلى هذه الدرجة هم سذج ؟!.. هل يعتقدون أننا لن نستطع الدفاع عن أنفسنا .
-أهدا يا عماه . هكذا قال هيتاشي ثم تابع : أن لديهم معضلة كبيرة قبل أن يفكروا في الغزو , ألا وهي كيف يعبرون بجيوشهم إلي هنا .
كان وسام يستمع بهدوء إليهم ولما صمتا قال : هذا ليس كل شيء , فهناك مخطط يسعون إليه لتدمير عالمكم قبل أن يطؤه بأقدامهم .
فأندهش جوباس وقال : كيف هذا ؟
فجاوبه وسام : هذا يعتبر هو السبب الأول لمجيئنا إلي هنا و طلب مساعدتكم في هذا الأمر , حسناً ..دعوني أزيل هذا الغموض لأشرح لكم ما الذي يجري بالضبط .. هناك أسطورة في عالم نيرار أو للأدق نبوءة تتحدث عن ظهور ست أفراد من عالم الأبيكتيسكي كلاً منهم لديه قوة غير طبيعية بالنسبة لجنسه , وعند ظهورهم سيتعرض أحد العالمين للدمار ..عالم نيرار أو عالم الأبيكتيسكي هؤلاء الست يسمون بالمنبوذين بسبب قواهم الغير طبيعية , ولذلك فأن ملك غيبتوريون أعتمد علي هذه النبوءة في تدمير عالم الأبيكتيسكي – وبخاصة بعد ظهور علامات ظهور المنبوذين , فهو وحاشيته يري أنه إذا منع المنبوذين من الوصول إلي عالم نيرار سيهلك عالم الأبيكتيسكي , لذا فأن أتباعه يقومون في هذا الوقت البحث عنهم بين مناحي عالم الابيكتيسكي و لعنهم بحيث لا يعود في مقدورهم الانتقال إلي عالم نيرار .
ولكن هناك جزء مبتور لم يعلموا به أو لربما لم يكترثوا له , هذا الجزء يقول : و في يد أولئك الست مفتاح الدمار أو السعادة ]] , وهذا الجزء يحمل الكثير من التفاؤل و الأمل لنا , لأنهم بمقدورهم إنقاذ العالم من الأنهيار أيضاً ,, لذا مهمتنا الأساسية , والتي نرغب في أن تتبناها جماعة دلفاي السحرية وتساعدنا في تنفيذها هي أن نقوم بالبحث عن أولئك المنبوذين و حمايتهم من جماعة ]] سيستالدا [[ التي تبحث عنهم بضراوة .
تفاجأ ملكيادس و جوباس من كل هذه الوقائع ولم يستطاعا أخفاء دهشتهم و صاح ملكيادس : تباً ..هذا مخيف وعظيم .
فتبسم هيتاشي و وسام , فهذه هي طريقة ملكيادس للتعبير عن حماسته .
بينما قال جوباس : إذن هذا يفسر موت جيفاني .
أندهش ( هيتاشي ) من كلام عمه جوباس و سأله : وما دخل موت أبي بهذا الأمر ؟
فجاوبه جوباس وهو يحاول ألا يتخاذل ويبكي : كما قال صديقك وسام , تلك الجماعة سيستالدا يلعنون المنبوذين ويسعون خلفهم , وهذا ما حدث مع جيفاني و ابنك دايسكي , فلابد أن ذلك الملثم الذي أخترق قرية آيتورنا من تلك الجماعة , أخذ يردد : أين هو المنبوذ ؟ , وحاول تدمير القرية بواسطة وحشه الأيثتربين أثناء بحثه عن ولدك دايسكي , ولكن جيفاني حاول مواجهته ولكنه قتل علي يديه , ومن ثم قام دايسكي بقتل الملثم , أظن أن دايسكي هو أحد المنبوذين , بلا شك في ذلك فهو لديه قوي خطيرة .
صعق هيتاشي و ردد : ماذا ..دايسكي...منبوذ ..ولكن هذا لا يعقل أنه مازال في السابعة ,, انتظر هل تعني أن واجه وحش الايثتربين .. ياللهول . ثم نظر إلي وسام مدهوشاً و سأله : هل ما يجول في خاطري صحيح يا صاحبي ؟
فجاوبه وسام : بكل تأكيد أنه أحد نبلاء العائلة الملكية و أحد قادة جماعة سيستالدا .
فصاح هيتاشي غير مصدقاً : ولكن يا عماه كيف فعل دايسكي ذلك ؟
حاول ملكيادس الابتسام وقال : ألستم تقولون أن المنبوذين لديهم قوي غير عادية ..إذن هذا يفسر سر قوة دايسكي .. وصدقني حينما أخبرك أن دايسكي طفل غير عادي بالمرة , فهو حصل على عصاه السحرية منذ أشهر قليلة , بالإضافة إلي أن سيده تنين نافث للجليد , ويملك من موهبة و قوة شجرة العصا السحرية أكثر من أي فرد علي مدار عائلتنا كلها , فلا تندهش يا هيتاشي .
صعق هيتاشي للمرة الثانية مما سمع عن أحوال ابنه دايسكي , وتحركت مشاعر الأبوة بداخله فقال في توسل لأول مرة في حياته : عماه ..أن كان الأمر صحيح , فأن دايسكي سيكون في خطر كبير .. رجاءً أحموه بكل ما تستطيعوا .
فعنفه ملكيادس : ماذا تقول يا هيتاشي , أليس دايسكي حفيدنا .. أصمت ولا تقل شيئاً .
و قال جوباس : ملكيادس معه حق يا هيتاشي , بالإضافة إلي أن دايسكي ليس المميز الوحيد في عائلتنا – ألا تتفق معي أن مميز أفضل من كلمة منبوذ ؟! - فلدينا (فريد) ابن ( ألفريد ) و ( بيلا ) فهو أيضاً لم يتجاوز الثامنة و حصل علي عصاه السحرية بالإضافة إلي أن سيده هو التنين النافث للأحماض , بالإضافة إلي حفيدي ( ثائر ) فهو حصل علي عصاه السحرية في سن صغيرة جداً أيضاً ويعتبر من أمهر المبارزين ..نحن لدينا أطفال واعدون حقاً .
فأبتسم هيتاشي وقال : نعم واعدون لأقصي ما نتخيل .
وتدخل وسام وقال : ولكن ليس كلهم منبوذين , هناك منبوذ واحد من كل جنس .. هناك منبوذ واحد حقيقي من بين هؤلاء الثلاثة , ولربما هناك أكثر منهم في جنسكم .. واحد فقط من كل جنس ..هكذا تقول النبوءة .
و قال هيتاشي : أظن أن جماعة دلفاي سيكون لها شأن أخر عند انضمام هؤلاء الثلاثة لها .
استغرب ملكيادس وجوباس من لهجة هيتاشي المطمئنة والتي كانت منذ برهة يشوبها القلق والهلع .
فقال ملكيادس لهيتاشي وهو يشعر بالفضول : عجيب أمرك يا هيتاشي ..تري ما سبب الطمأنينة التي حلت عليك فجأة هكذا ؟
فضحك هيتاشي وقال في صفاء : كما قال وسام , هناك أكثر من منبوذين في كل جنس ولكن من بينهم هناك منبوذ واحد ..هذا يشعرني بالراحة بأن الخطر سيكون أقل وطأة علي هؤلاء الثلاثة , ولكن ليس معني هذا أنني لن نحمي كل الأخرين بنفس حماية أبناءنا .. أليس كذلك ؟
فقالا : بالتأكيد يا هيتاشي .
ولكن هيتاشي قال في قلق : ولكن أيضاً علينا الأخذ في الاعتبار أن دايسكي معرض للهجوم أكثر من غيره بحكم أنه قد قتل قائد وفرد من العائلة الملكة .
وقال وسام مؤيداً : بالتأكيد لابد من فعل ذلك في أقرب وقت . ثم صمت قليلاً وقال : حسناً يا هيتاشي بما أننا أتفقنا علي كل شيء , سأتركك لمدة 3 أيام خلالها تشرح لهم ما هو مطلوب منهم و أيضاً لترتاح مع أسرتك قليلاً .

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:24
فقال هيتاشي : شكراً لك يا وسام , سأكون في انتظارك .
ثم ودعهم وسام ورحل خارجاً برفقة الخادم , ولما خرج قال هيتاشي : اعذروني أنا أشعر بالأرهاق قليلاً , سأذهب لأرتاح قليلاً ريثما تعود أسرتي من قرية آيتورنا .
فابتسم له جوباس وقال في حنان : نعم صحيح , لابد و أنك مرهق , فلتذهب ولتسترح وسوف نوقظك عندما يعودا .
فهز هيتاشي كتفيه وقال : حسناً وداعاً .
ثم خرج من حجرة المكتب وهو يتثاءب بشدة تاركاً خلفه كلاً من ملكيادس وجوباس وكان ينظران لبعضهم البعض وقال الأخير وهو يشعر بالأرهاق : رباه ,, لدينا أعمال لا حصر لها مع ظهور تلك الحقائق .
فأوما ملكيادس برأسه موافقاً وقال : أوه نعم بالتأكيد ..المصائب تبتسم لي من جديد
فابتسم جوباس وقال : ياللتعبيرات ..علي أياً ينبغي علي الذهاب كما تعلم إلي هناك .
فقال ملكيادس : هكذا إذن .. أتمني أن تري حلاً لتلك اللغة عندهم .
فأوما جوباس برأسه وقال : أتمني ذلك ..وداعاً .

******
عادت ميراندا برفقة أبنائها متأخرة بضعة ساعات نتيجة تزاحم أهالي آيتورنا لمؤاساتها .
حيث كانت شمس الأصيل تتواري بخجل وراء السحب فبدت السحب كالورود عائمة علي صفحة مياه نهر , كان الجو صحواً منعشاً وهبات نسيم عليل تعانق قصر أل جيفاني , لم تكن ميراندا أو الأولاد علي علم بعودة هيتاشي , لذلك أول لما رأته ميراندا لما تتمالك نفسها و جهشت بالبكاء ثم ارتمت في حضنه غير مصدقة وجودها بجوارها وأخذت تبكي وتقول بصوت به نشيج : أرأيت .. أرأيت ما حدث لنا بعد رحيلك !! .. لقد أخبرتك ألا تذهب , ولكنك عاندت كما كنت تفعل دائماً وفعلت ما تريده , وفي النهاية ها أنت تحرم أولادك من رؤيتك .
أهتز كيان هيتاشي لما أخذت كلمات زوجه تتردد صداها داخل عقله وقلبه فتثير زلازل من العواطف بداخله فقال بحنان : هون عليك يا حبيبتي ..هون عليك , فها هو دايسكي معك , وهو رجل كبير الآن .. أليس كذلك يا دايسكي ؟؟
نظر ( دايسكي ) لمحدثه , وتاه في ذكراه القليلة.. [[ هذا الوجه لقد رأيته من قبل ..أتذكر جيداً أنني كنت أحاول استرجاعه ..ولكن لما ذكراه تخفت .. هل هذا أبي ؟ .. أنه بالفعل أبي .. ما هذا الشعور الذي يجتاحني ..ما هذا الدفء الذي يسري في أوصالي ..هذا صحيح أنه أبي ..تلك هي عيناه ..هذه هي لهجته.. لابد أنه أبي ]]
جري دايسكي إلي والده ودفن وجهه في رجل والده ومسك بعباءته بشدة غير مصدقاً , كأنه سيرحل بعيداً الآن عنه في أي لحظة و قال من بين دموعه : هذا أنت يا أبي ..لقد كنت انتظر عودتك منذ أن أخبرني جدي بأن هناك احتمال أنك لم تمت فعلاً .. أين كنت يا ابتاه طوال هذه المدة ؟!!
وعاد يبكي من جديد فضمه والده إليه بشدة و قال : لا تبكي يا دايسكي .. لا تريني دموعك .. أنت رجلاً كبيراً الآن .. أم أنني أخطأت في قول ذلك .
نظر دايسكي لأعلي فوجد أبيه يبتسم له فشعر بالدفء والطمأنينة وقال : بلي يا أبي , أنا رجل كبير و أستطيع حماية أمي و أخوتي الصغار أيضاً .
ابتسمت ميراندا و شعرت بالفخر من كلام ابنه البكر دايسكي .
أما عن جوباس و هانسن فقد شعرا بالتردد قليلاً فهما لا يذكرا والدهم كثيراً , ولكنهم لما رأوه ينظر ناحيتهم بإبتسامة واسعة جري ناحيته وحضنوه .
عانقهم هيتاشي في سعادة وقال : لكم أشتقت لكم يا أحبائي الصغار .
فقالا في لهجة طفولية : و أنت أيضاً يا بابا .
بينما فكر دايسكي و استغرب قليلاً من أمر ما فسأل والده : لماذا الآن وليس قبل ذلك يا أبي ؟؟
فهم هيتاشي ما يقصده دايسكي بسؤاله وابتسم , فها هو دايسكي يثبت له أن يفكر ويطرح أسئلة مهمة وهو في مثل هذه السن الصغيرة .
جاوبه معاتباً : وهل تظن أنه لو كان بمقدوري القدوم بإرادتي من قبل , فلن أفعل ذلك ؟
شعر دايسكي بالخجل و تراجع للوراء خطوتين وحط مؤخرة رأسه بيمناه وقال : أسف لم أكن أقصد ذلك يا أبي .
حاول هيتاشي يغير مجري الحديث فقال ممازحاً : سمعت أنك حصلت علي عصاك السحرية .. أهذا صحيح ؟
فقفز دايسكي فرحاً وقال : بلي ..بلي ..ها هي .
وقام بإخراجها من بين طيات ملابسه ولوح بها ناحية والده . ثم تابع : خمن ماذا ؟
تصنع هيتاشي الدهشة و سأله : ماذا أخمن ؟
صاح دايسكي في فرح : أن سيدي هو تنين نافث للجليد .
فحدق فيه هيتاشي كأنه غير مصدق و قال : هل هذا صحيح ؟
فأومأ دايسكي برأسه في خجل وقال : نعم نعم هذا صحيح
قال والده : رائع يا دايسكي , لابد و أنك ساحر قوي.. ينبغي أن نهابك من الآن .
فضحك دايسكي في سعادة , وكذا بقية العائلة , بينما كشر التوأم عن أنيابهم في عبث طفولي , فلمحت الأم العبوث البادئ علي وجهيهم فقالت مداعبة موجهة الحديث إليهم : و أنتم حينما تحصلوا علي عصويكما سنعرف من الأقوى ,, لربما صرتم أقوي من دايسكي
فغمز التوأم كلاً منهم للأخر نظرة ذات مغزى .
بينما حاول الأب مجاراة مناورة الأم وقال : بلي هذا صحيح . ثم مال علي دايسكي و قال بصوت غير مسموع : سنتحدث فيما بعد .. فابتسم دايسكي .
وعاد الأب يتابع بصوت عالي : و الآن أنا سأطرد دايسكي , لأخبركم بسر مهيب لا يعرفه أحد علي الإطلاق سيجعلكم أقوياء جداً جداً .
قفز التوأم غير مصدقين و قالا : أحقاً ما تقول يا بابا ؟
ابتسم لهم هيتاشي و أومأ برأسه وقال : بالتأكيد , ولكن لدينا مشكلة صغيرة الآن .. دايسكي يتلصص علينا ..
تحرك التوأم ناحية دايسكي وبدا شكلهم مضحك والنظرات النارية تنبعث من عيونهم و قالا : لما أنت هنا ..هيا أخرج .
فضحك دايسكي وقال : حسناً ..حسناً هيا يا أمي فلنرحل ولنتركهم لأسرارهم .

******

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:26
مرت الأيام الثلاثة علي ظهور هيتاشي سريعاً , وكان لظهوره أثراً حسناً علي عائلته حيث خفف عليهم أحزانهم , وكذلك حاول تعويض عائلته الصغيرة علي مدة اختفاءه بعد أن علما أنه لن يمكث طويلاً معهم , و أنه سينبغي عليهم متابعة حياتهم في قرية آيتورنا بلا فرد يحميهم سوي أنفسهم – و إن كان يعقد أمال كبري علي دايسكي وبالرغم من ذلك فقد خشي عليه كثيراً من المخاطر التي ستتجاذب ناحيته في النهاية , وذلك منذ أن جاءه دايسكي وطلب منه أن يجلس برفقته ولما تأكد أنه لا يراقبهم أحد .
قال دايسكي في سعادة : أبي .. أنت تعلم ماهية قوتي !
نظر هيتاشي لأبنه باسماً , فهو بالرغم من كل شيء طفل صغير و يفرح أن يكون مميز , فجاوبه : نعم .. أنت رجل قوي جداً .. أنت حصلت علي عصاك السحرية في سن أنا لم أحصل عليها , ومعلمك هو تنين نافث للجليد , وعدد وريقات الشجرة السحرية أكثر مما كان يملكه جدنا جيفاني .. نعم أنت قوي يا فتي .
ثم ابتسم وانتظر ردة فعل دايسكي , ولكن دايسكي قال في أسي : وبالرغم من ذلك لم أستطع إنقاذ جدي , وبمناسبة ذكرك لورق الشجرة العصي السحرية ..هناك شيء أود أخبارك به .
شعر هيتاشي بالقلق وسأله : ما الأمر يا دايسكي ؟
فجاوبه دايسكي وهو متردد : أنتم تحسبون أن الوريقات القوي تغطي يدي فقط , وبالرغم من ذلك في تخطت القوي الممنوحة لمؤسس عائلتنا .
فجاوبه والده في ريبة : بلي , ولكم ما سبب كلامك هذا ؟
قال دايسكي : حسناً ليس الأمر كما تعتقدون .
ثم شرع في خلع ملابسه عدا [[ ]] , فأستغرب هيتاشي قليلاً ولكن لما وقعت عيناه علي جسد دايسكي العاري تراجع للخلف بشدة من المفاجأة , وشعر برهبة عظيمة , و خوف وقلق على ولده .
قال دايسكي : كما تري يا أبي .. ليس يدي فقط هي المغطاة بوريقات القوي , بل جسدي بأكمله , لقد أدركت أنني لا ينبغي
أن أخبر أحد بهذه الحقيقة , ولكنني أشعر بالخوف يا أبي .. أشعر بالخوف من هذه القوة .. لا أدري لماذا منحت لي كل هذه القوة .. أنني أرهبها يا أبي .
وبدت الدموع تتكون في عينيه و أخذ يحاول يمنعها من السيلان , ولكن والده أخذه و ضمه إلي صدره وقال في حنان : بني , ما دامت هذه هي قوتك , فلا تخجل منها , ولتكن قادر علي استخدامها جيداً و تدرب كثيراً , أن السنوات القادمة ستكون عصيبة علي الجميع , فلتكن أكثر قوة , فلتكن من أولئك الشجعان الذين سيعبرون بنا تلك السنوات .
ثم صمت وقبل رأس دايسكي وتابع : بني أنني فخور بك كثيراً , أنك تملك قوة كبيرة بأكثر مما تتصور , ستتفوق علي الجميع يا دايسكي .. لا تفكر في غير ذلك , لا تشتت ذهنك .
ابتسم دايسكي ومسح دموعه ونظر إلي أبيه وقال في لهجة طفولية : حسناً سأفعل , هذا وعد لك يا أبي .
ابتسم له الأب وقال : والآن دعني أري دايسكي الطفل الذي ينبغي أن يكون عليه , لا تثقل كاهلك يا فتي .. أنت لم تكبر بعد , لا تشغل بالك سواء بالتدريب .
فضحك دايسكي وقال : حسناً حسناً .
بينما فكر هيتاشي في قرارة نفسه أن دايسكي سيكون من المنبوذين ذات يوم قادم , لا شك في ذلك , لقد تأكدت وتابع بصوت مسموع : بني سر علي درب الخير , فلتسعي دوماً إلي انقاذنا , ولتنتشلنا من الهلاك , هل تفعل ذلك ؟
فأومأ دايسكي وقال : بإذن الله يا أبي
ثم ضمه والده من جديد و سمح لدموعه أن تتساقط في بطء علي وجنتيه لتستقر علي وجه دايسكي .
******
كان من المفترض أن تحضر عائلة [ أياس ] خلال دقائق لقضاء اليوم الأخير الباقي لهيتاشي قبل رحيله في قصر أل جيفاني بقرية الطائر الأزرق , وقد كان هيتاشي صديقاً لكلاً من جوباس الصغير و ثائر و فريد من عائلة أياس , فلما رآهم ترقرقت عيناه و أفلتت دمعة أخذت تتساقط ببطء وحضن كلاً منهم , شعر بالفعل أن نيرار سلبت منه أشياء كثيرة , فها هو يفتقد عائلته و رفاق صباه ,و وجد هيتاشي نفسه يغرق في سيل من العواطف والأفكار و أنه قد بعد عن الواقع فأنتشل نفسه بابتسامة ألقاها علي الجميع . وقال : ما رأيكم أن نذهب إلي مكاننا المعتاد ؟
فوافقوا علي اقتراحه و خرجوا بعيداً عن القصر , بينما زوجاتهم أنضموا إلي ميراندا لتنظيم جيش الخدم للأعداد لمأدبة العشاء , و قام دايسكي و فريد و روز يتجاذبا أطراف الحديث مع أقرانهم من عائلة [ أياس ] , فتتطوع ياسين أصغر أطفال أل أياس ليقدم نفسه و رفاقه لدايسكي و أقاربه , فأخذ يشير إلي كل فرد وينطق باسمه : هذه أميرة , وهذه أمنية , وهذه أختي ياسمين , وتلك الصغيرة أختي مي , وهذا ابن عمي ثائر , كانوا جميعاً ظرفاء ألا الأخير لم يكن مثلهم بل كان متحفظً كثيراً في كلامه و ردود أفعاله .
فقال فريد: مالك يا ثائر ؟ لما لا تتحدث معانا ؟!
لم يجبه ثائر , ولكن رد عليه ياسين ممازحاً : يحاول أن يبدو مشغولاً , فهو يفكر كيف سيواجه الأستاذ باسم غداً في دورة السحرة في المدرسة .
تساءل دايسكي في دهشة : مدرسة !!
ولكن قبل أن يجيبه ياسين , صاحت (رزواليندا ) : هيا يا فتيات , هؤلاء الأولاد سيضجروننا بحديثهم عن التعاويذ والمبارزات .
فأبتسمت الفتيات في تكلف وتابعو مضيفتهم إلي حجرة أخي بعيداً عن الصبيان .
قال فريد معتذراً : لا تكترثا لأختي , فهي هكذا دوماً منذ أن حصلنا أنا و دايسكي علي عصوينا السحرية , وهي لا ت..
هنا ضاقت عينا ثائر في حذر , ولم يعلق بكلمة , ولكن من قطع حديث فريد هو ياسين الذي قال : في الواقع نحن أيضاً حصلنا علي العصا السحرية الخاصة بكل منا , فأنا قد تجاوزت التاسعة منذ بضعة أشهر , ولكن ثائر فعل ذلك منذ مدة , في الواقع هو حالة فريدة , فقد حصل عليها دون أن يعلم أحد وهو في سن الرابعة .
حدجه ثائر بنظرة نارية , فأنكمش ياسين وتراجع للخلف قليلاً وقال محاولاً أن يخفف من نظر ثائر المرعبة : هيه , ينبغي لك أن تفخر بمثل ذلك فأنا في مثل عمرك , ولم أحصل علي عصاي قبل ثلاثة شهور من الآن .
هنا تدخل دايسكي وقال في تحد واضح : بلي هذا ليس بالأمر الذي ينبغي أن نخفيه عن الآخرين , فأنا وفريد أيضأ لم نتجاوز التاسعة بعد .
نظر له ثائر وضاقت عيناه أكثر من ذي قبل , بينما قال ياسين في دهشة : حقاً .. ثم تابع في دعابة : يبدو أنني متخلف عن ثلاثتكم بكثير بالرغم من أنني أكبركم سناً .. هذا ليس عدلاً .
ضحك الجميع , بينما أكتفي ثائر بنحت ابتسامة صغيرة علي وجهه الجامد , بينما تابعهم من بعيد الأجداد ملكيادس وجوباس و ألفريد , وتسائلا عما يخفيه المستقبل لأغلبهم .. أن اليوم قد يكون ذكري غالية جداً لهم في الغد , سيكون عليهم قطع دروب طويلة حتى يكونا في مثل موضع الأجداد من بعيد .

*****

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:28
لم تكن مزرعة أل جيفاني تبعد كثيراً عن القصر بل كانت تقع خلف التلة مع بقية ضيعات الآخرين , وكانت تنتشر ملاعب الجولف هناك وهناك الخاصة بالبشر القاطنين في قرية الطائر الأزرق وخارجها , كما كانت هناك جداول مائية تنتشر بكثرة بين الحدائق , وفي أحد الينابيع الكبيرة نسبياً كانت هناك صخرة كبيرة نسبياً على حافتها تسللت ألوان الطحالب الخضراء إلي قاعدتها المغمورة بالماء .
وقف هيتاشي مع رفاقه في مكانهم المفضل لأول مرة منذ عدة أعوام , فتنفس هيتاشي الهواء بعمق و أطلق زفير كبير وقال في سكينة وهو يسترجع ذكريات الماضي : حمداً لله أنني استطعت رؤيتكم قبل أن أرحل , هذا يكفيني لمائة عام قادمة .
فقال فريد : وهل نستطيع أن نرفض يا رفيقنا في ألا نأتي ؟!
بينما قال ثائر ممازحاً : أتعني بقولك أنك لا تريد رؤيتنا ثانية ألا بعد مائة عام قادمة .. يا لك من قاسي القلب !
ابتسم هيتاشي لدعابة ثائر وعلق : إذن أنت لم تتخل قط عن دعاباتك هذه .
وقال جوباس الصغير : هو لن يتخلي عنها بسهولة , ولكن عرشه بدأ يهتز فعلاً .
قال هيتاشي في فضول : ماذا تعني ؟
فجاوبه جوباس الصغير ضاحكاً : ابنه ياسين بدأ يتفوق عليه بمراحل في ألقاء الدعابة , ولكن ثائر لن يعترف بذلك .
فتدخل ثائر معترضاً وقال في كبرياء مصطنع : لن أعترف بذلك , أنسيت ممن ورث هذه الخصلة .. ومن غيري !! .. أنا الملك هنا ولا أحد ينازعني في عرشي .
فغرق الجميع في الضحك من جديد , ثم صمتا لفترة حتى عاود هيتاشي الحديث من جديد : أذن أخبروني عن الأحوال في مصر ..كيف حال القلعة و الجماعة ؟
فغمز ثائر لفريد و قال : أخبره يا فريد .
فهز فريد كتفيه وقال : حسناً ..ممم بالنسبة لقلعة طيبة فقد بدأنا بعد رحيلك في تنفيذ ما طرحته سابقاً لتطوير النظام التعليمي , لقد قمنا بعمل دورة المبارز الأول بلا قيود علي السن حتى يستطيع الصغير فيها أن ينافس الكبير مادامت لديه المؤهلات لذلك .
صاح هيتاشي في فرح حقيقي : هذا رائع ...حقاً ..هل وافق الجد الكبير أرسلان علي ذلك .
فجاوبه ثائر : بلي .. لقد فكر في الأمر , وبما أنه عجوز بدرجة كافية فلم يعد بحاجة إلي أن يجهد تفكيره – أنت تعلم أنه يبلغ الآن من العمر مائة وخمس عشر عاماً – فوافق على الأمر قبل أن يحيل إدارة القلعة و شئونها إلي الجد أياس , وهو بالمناسبة متحمس لهذه الأمور – مازال شاباً ثمانين عاماً فقط ! – بخاصة بعد أن رأي هذه المؤهلات في أحد أحفاده .. أنه أنا ..هاهاها بالطبع أمزح , لقد ظهرت هذه المؤهلات في ثائر ابن فريد ...فلتخبره يا فريد بحدث الغد .
ثم نظر إلي فريد حتى يكمل ما قاله .
تنهد فريد و أطلق زفرة حارة و قال بفخر : غداً سيبارز ثائر أحد معلمي المجموعات في مسابقة [ المبارز الأول ] .
صاح هيتاشي مندهشاً : حقاً ..أهذا صحيح ؟! , ولكن كيف يبارز أحد معلمي المجموعات طالب .
فتنحنح جوباس الصغير وقال : هذه هي حماسة الجد أياس الذي أخبرك عنها ثائر , لقد أراد أن يري إمكانيات الطلبة , فعدل سن الاشتراك في المسابقة ليشمل معلمي المجموعات , وثائر سيواجه غداً أحد الطلاب المميزين السابقين لدي فريد , لذا فريد قلق قليلاً .
فتدخل ثائر ممازحاً : لا داعي للقلق يا فريد , لا تنسي أن ثائر خلال عامين علي الأقل قد يصبح أصغر مدرس مجموعات , بخاصة لو فاز بتلك الدورة .
فخبط هيتاشي بيديه كتف فريد وقال : هذا رائع يا فريد .. رائع جداً ..يبدو أنه فاتنى الكثير ,, ولكن ماذا عن أخبار مصر ..لكم أود زيارتها الآن !!
جاوبه جوباس الصغير : الحال جيدة كالسابق , ولكن هناك القليل من المشاكل حول أسرة [ الغراب الأسود ] , هناك الكثير من الخزعبلات يطلقونها بأن الخراب والبلاء سيحل علي البلاد و أننا سنفني لا محالة .. أتري الكثير من الخزعبلات .
توترت ملامح هيتاشي قليلاً , فأخذ يرمي بضعة حصوات في البركة لتكسر سكون الماء فيتحرك إلي الضفة الأخرى في موجات خفيفة متلاحقة .
بينما ضحك ثائر وقال : أنت لم تخبره عن أفضل جزء , لقد قالوا أن صراع الماضي سيحدد الحاضر والمستقبل , وينبغي أن تتغير النتائج ..هل سمعت عن هذا الهراء من قبل ؟! , كأنهم في حاجة ملحة لأن يخبروننا أن ما حدث من حروب قديمة ستحدد ما نحن عليه .. ألم يحدث ذلك .. أتعرف أن هذا يشعرني بالدوار .
حاول هيتاشي جاهداً أن يعيد مرونة حلقه التي جفت فقال : بلي فهمت ما تلمح له يا ثائر الأمر واضح ,, ثم أكمل بعدم صدق : كلها خزعبلات كما تقولون .
نظر له فريد و قال في ريبة : ربما يا هيتاشي هي مجرد ترهات كما نراه الآن , ولكن عندما ننظر لها من المستقبل قد نكون حقائق .. أن المستقبل وحده كفيل بأن يثبت صحة هذه الخزعبلات من عدمها , علينا أن ننظر للأمور بحيادية تامة , أن نمسك العصا من المنتصف حتى لا يحدث ما يقولون ونحن لم نكن مستعدين .. الاحتياط واجب في مثل هذه الأمور .
تنهد هيتاشي ثم أخذ نفس عميق و أطلقه مرة أخري , ونظر إلي ساعته , ثم عاود النظر إلي رفاقه مرة أخري وقال : كما عاهدتك دائماً يا صديقي ..ينبغي أن نستعد لأي شيء حتى لو كان غير صحيح مادام لن يضيرنا الاستعداد في شيء .
وصمت قليلاً ثم تابع : علينا أن نسرع في العودة , الشمس علي وشك الغروب , وستقتلنا ميراندا أن لم نعد قبل اختفاء الشمس .
ابتسموا جميعاً ثم تابعوه عائدين إلي حيث القصر بأعلى التل , بينما كانت الصخرة من خلفهم ساكنة بلا حراك و تسجل أخر لقاءات الأصدقاء في صمت وقور .

******

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:30
تحولت الحديقة خلال بضعة الساعات الفائتة إلي مكان مناسب لأستضافة الوليمة , وبينما هبط أخر شعاع للشمس محترقاً في محاولة لإزالة ظلمة الليل التي بدأت تفرض سيطرتها على جو الحديقة , استيقظت المئات من الفراشات السحرية النيرة المنتشرة بكثرة في الحديقة من نومها مدعمة الشعاع الأخير في جهاده حتى صارت الحديقة مضيئة تماماً لما نثر أصحاب القصر مصابيح في كل مكان تقريباً كاشفة عن تفاصيل دقيقة لما حدث خلال ساعات النهار .. كانت هناك طاولة تتسع لأكثر من ثلاثين فرداً ومقاعد وثيرة تحرسها من جوانبها الأربعة , أيضاً كانت هناك أطباق فارغة تنتظر أداء عملها بفارغ الصبر فوق الطاولة , بينما انتشرت زينة بشكل غير كثيف عمداً علي عكس ما كانت عليه في الولائم الفائتة , وبعيدا عن الطاولة كانت هناك المئات من الحركات تحدث , أخذ الصبية يجرون هنا وهناك بعد أن اندمجوا مع بعضهم البعض خلال الساعات الماضية حتى أن (ثائر) بدا أنه قد تخلي عن جزء صغير من صمته وبروده , كانوا يطاردون بعض النباتات المتحركة , بينما كانت الفتيات تجرين خلف الطاووس تارة , و الهدهد تارة أخري , والفراشات تارة ثالثة دون الوصول إلي أياً منهم , بينما كان ( جوباس الكبير ) و ( فرانك ) و (هانسن ) يضحكوا بصفاء لرؤية الأطفال , ومن بعيد ناحية المزرعة ظهرت خيالات ( هيتاشي ) و رفاقه من عائلة آياس , و انضموا إلي الكبار , وبدأ أفراد العائلة المنتشرين في أرجاء القرية و خارجها في الحضور , وكلما حلت مجموعة كلما قلت عدد المقاعد الشاغرة , حتى جاءت ميراندا هي و رفيقاتها من عائلة آياس , وقد بدا عليهن التعب من إشرافهن علي الخادمات طوال اليوم لتحضير المأدبة , وحينما انضموا إلي البقية كانت الطاولة مملوءة علي أخرها , وقامت الخادمات في توزيع الأطباق علي الضيوف وكافة أصناف الطعام والشراب و بدأ الضجيج يعلو تدريجيا والضحكات , كانوا يأكلوا تارة , وتارة أخري يتوقفوا ليستمعوا إلي دعابات (ياسين ) التي تناثرت بكثرة علي الجميع .
كان هيتاشي أسعد فرد من بين كل الحضور , شعر أيضاً بحزن عميق لأنه لن يستطيع الحضور مجدداً وفعل ذلك برفقتهم , كلما طفت هذه الفكرة على سطح عقله سريعاً ما تتلاشي بفضل دعابات ( ياسين ) , نظر ناحيته وهو يحاول أن يتمالك نفسه و قال : أنت .. أنت بالفعل ستكون الملك يا ياسين ,, عذراً يا ثائر ولكنه يفوقك براعة بكثير .
عاد الجميع يغرق في الضحك من جديد بينما أحمرت إذني ( ثائر ) .
فقال ياسين لوالده : أبي , لا تغضب ..سأتنازل لك عن اللقب , فأنا شعرت بالإرهاق كثيراً من طيلة السنين و أنا متربع علي العرش وحدي دون منافس .
صاح ثائر : أنت يا ولد .. أنت ..
هنا حدجت فيه زوجه ( أمنية ) بنظرة نارية فأرتجفت أوصاله وغير من تفكيره بسرعة وقال : أنت ولد صالح يراعي والديه .. و أنا فخور بتنازلك عن اللقب لصالحي .. ابن صالح .
عندها أنفجر الحضور بالضحك للمرة الألف , و دمعت عينا هيتاشي أكثر من ذي قبل .
عندما أخذت أطباق التحلية توزع بدأت الأعداد تقل تدريجياً ومع التوغل في الليل أكثر , هناك منهم من كان على موعد أو شيء أخر لم يفسره , ولكن هيتاشي بدأ يوزع ابتساماته الأخيرة علي أقاربه حينما يفارقوه .
وفي النهاية لم يتبق غير الأفراد الذين اجتمعوا ذات الصباح . حينها شعر هيتاشي بالامتنان لهم , فها هم أقرب الناس إلي قلبه يجلسوا برفقته و يقضوا معه – كما يدرك – أخر أوقاته بينهم , و أخذ يتابع أبناءه و أصدقائهم من بعيد وبخاصة ذلك الشقي ( ياسين ) , ثم لمح لأول مرة ( ثائر ) ابن ( فريد ) فنادي عليه , بينما كان ( فريد ) والد ثائر يراقبهم من بعيد بدا كالتمثال واقفاً في مكانه ولكن بؤبؤ عينيه هو الذي يتحرك .
قال هيتاشي مبتسماً : أنت ابن ( فريد ) أليس كذلك ؟
أومأ ثائر برأسه أي نعم .
هنا لمح ( هيتاشي ) شيء ما في تصرفات ثائر شيء يشي بأنه بالفعل مختلف عن الآخرين ..شيء يحس لا يري ..شيء يشعر يه من هم منتمين لجماعة دلفاي السحرية .
قال هيتاشي : إذن أنت مستعد للأمر ؟
اهتز جسد ثائر للوهلة الأولي , وشعر بالفضول من هذا السؤال , ضاقت عيناه وسأله : أي أمر ؟
تعجب ( هيتاشي ) من جواب ( ثائر ) , ولكنه تعجب أكثر عند ظهور ( فريد ) فجأة , والذي نظر إلي ابنه نظرة قصيرة ثم التفت إلي ( هيتاشي )) , ولكن كان ( ثائر ) قد رحل بإرادته وهناك بركان من الفضول يتقافز بداخله .
نظر ( فريد ) ل( هيتاشي ) وقال دون أدني اهتمام : لم اخبره بعد , نحن لم نقرر أن ننسبه إلي الجماعة في هذه السن الصغيرة أو لا .. أتمني أنك لم تخبره بشيء بعد .
أطرق هيتاشي برأسه و قال نافياً : لا لم أخبره , ولكن كما أشعر , هو بالفعل ينبغي له الانضمام إلي الجماعة ..سيصير أقوي بكثير , و ما أخبرتموني به يدعم كلامي هذا .
جاوبه ( فريد ) ببرود : ربما ... ولكن مبارزة الغد هي ما ستحدد أمره .
قال هيتاشي : لا تكن قاسي هكذا يا فريد .. هذا الفتي موهوب , ولكنه سيبارز مدرس مجموعة .. هذه قسوة شديدة , ولكن في النهاية لن أندهش أن فاز غداً .
صمت ( فريد ) و لم يحر جواباً .
تنهد هيتاشي وقال : حسناً لن أثرثر ثانية , ولكنك تعلم أنني لا أتحمس كثيراً عندما أري كل أفراد العائلة ينضمون للجماعة .
كسر فريد صمته أخيراً و قال : أخي .. أنت لا تدري لما أنا حذر ؟
قال هيتاشي : إذن فلتفرغ ما بصدرك ؟
جاوبه فريد و قد بدا على ملاحمه قلق وخوف عميق : أن ثائر هو ابني الوحيد و أخاف علي مصيره , بخاصة بعد أن ظهرت فيه ملامح غير عادية لقوي عائلتنا .. ربما لو كنا نعلم الجذور السحيقة لعائلتنا لما خفت عليه هكذا , ولكن لا يوجد تفسير حتى الآن .. وهذا ما يوترني .
ابتسم له ( هيتاشي ) و قال مطمئناً : لا تقلق , وجودي هنا لم يكن عبثاً , سيخبرك جوباس و ملكيادس بكل شيء .. ثق بي ينبغي ألا تخاف علي ثائر , دعه ينضم إلي جماعة دلفاي , هذا ما سأفعله ما دايسكي ابني , وكذلك فريد .. الأمور أكثر تعقيداً مما تعرف , و أنت ستعرف حينها ستدرك أن كلامي في محله .
تنهد ( فريد ) و تمتم : هكذا إذن .. حسناً يا أخي سأنظر في الأمر و أزن الأمور في عقلي .
فجأة أرتدي فريد عباءة البرود كما يفعل ابنه , ورحل عن ( هيتاشي ) بعيداً , بينما ابتسم الأخير من قلبه .

***
منذ صبيحة اليوم شغلت فكرة الوداع بال ( هيتاشي ) كثيراَ , فلشد ما كره الوداع , و الآن وبعد أن أنتهت المأدبة و رحل من رحل وتبقي من تبقي , وجد أنه مازال إمامه ساعة حتى قدوم صديقه ( وسام ) , و لأنه يكره لحظة الفراق أخبر الجميع بأنه لن يقف معهم أكثر من ذلك , فودع عائلته الصغيرة و دموعه محبوسة في مقلتيها و ربت علي رأس دايسكي في حنان , ثم توجه إلي حيث الكبار ( جوباس ) , و ( ملكيادس ) , و ( هانسن ) و قرروا أن يتمشوا قليلاً برفقته , ساروا في صمت مطبق لمدة ربع ساعة حتى وجدوا أنفسهم خارج أملاك العائلة , ثم قرر هيتاشي أن يفصح أخيراً عما يجول بخاطره فقال في ثبات وهو يحدق في الأفق المظلم : لقد رأيت ثائر الليلة !
لم يندهش الكبار إطلاقاً وتابعوا سيرهم في صمت متوقعين أن هيتاشي سوف يستأنف حديثه .
فقال : أحسست بذلك الشعور النادر حينما ألقي أحد أفراد العائلة ويصبح في اليوم الثاني منتسباً لجماعة دلفاي السحرية .
همهم جوباس و قال : ولكن هذا لن يحدث بإرادتنا ..إن فريد هو الذي لديه الحرية في فعل ذلك من عدمه .
قال هيتاشي بهدوء : ولكنكم تعلموا جيداً أنه ينبغي أن ينتسب للجماعة بعد ما أخبرتكم به أنا و ( وسام ) .
ثم قال في لهجة حاسمة : عمي جوباس .. علمه تلك التعويذة .. طالما أن فريد لا يريد أن يحزم أمره إلا بمبارزة الغد , إذن فلتعلمه تلك التعويذة هذه الليلة .
فأومأ جوباس الكبير برأسه إيجاباً .
ثم قال هيتاشي : ولا تنسي فريد أيضاً , و أمر دايسكي .
فنظر إليه الثلاثة الكبار وقد بدت في نظراتهم علامات الفهم و أدركوا مخاوف هيتاشي الآن , فهو لن يكون في مقدوره أن يكون في صحبتهم بعد الآن , سوف يخوض غمار الأحداث القادمة ولكن في جبهة أكثر شراسة .
نظر هيتاشي إليهم في أمتنان ثم قال : حسناً أعتقد أنه قد آن أوان الرحيل .
و هناك بعيداً عنهم بقليل بدا ظل أخذ في التكاثف لهيئة معروفة لهم حديثاً .. لقد كان ( وسام ) .
ثم همس هيتاشي : وداعاً .
تحرك ناحية وسام الذي كان يقف في انتظاره ونظر خلفه حيث الكبار وابتسم ابتسامة شكر وامتنان ثم تلاشي برفقة وسام لينتقلوا إلي مكان بعيد..يبعد ألوف الأميال من هنا .

******
لم ينم ملكيادس كثيراً في تلك الليلة عدا مرات قليلة غفت فيها عينيه لبضعة دقائق , ومع تسلل أشعة الصباح الباكر , نهض ملكيادس وأخذ بيساره يدعك مقدمة رأسه و كأنه يعاني من صداع رهيب وحدث نفسه : ينبغي أن تكون يقظاً هذا النهار .
فأرغم جسده على السير ناحية دولاب مصنوع من خشب الماهوجني مصقول حتى أن تفاصيل وجهه تكاد تنعكس عليه بدقة و أخذ قنينة صغيرة وردية اللون وجرع ما بها من سائل وردي جرعة واحدة .
تخللت الجرعة بين خلاياه مخلفة أثر رائع ونشطتها بأكملها حتى أن ما فاض منها كاد أن يخرج من مسامه .
دب النشاط في كيانه فصاح في إعجاب : وصفة رائعة . ثم أصدر آهة ألم حينما تذكر صانعها فتابع : كنت عبقرياً يا جيفاني .. أتمني أن أراك ثانية .
ثم عدل من هندامه ونظر إلي يده المبتورة نظرة قلقة ولكنه شتت تفكيره بشأنها , وتوجه إلي الحديقة بعد أن علم أن دايسكي هناك برفقة والدته , و أيضاً فريد يقف في صحبتهم .
جاءه صوت ميراندا من بعيد تحدث فريد و دايسكي : أنتبها جيداً في قياس مقاديركم . ثم عنفت دايسكي : لا ليس الآن يا دايسكي .. كم مر أخبرتك ألا تضيف مسحوق ( ألفترين ) ألا بعد أن ينتهي توالد الفقعات وتصبح الوصفة ساكنة .
صاح دايسكي في استسلام : لما كل هذا التعقيد ؟!
قال فريد في دهاء : لأن خطأ واحد سيجعل من الوصفة كارثة .
دخل ملكيادس إلي الكادر فرحبت به ميراندا وقالت : أحاول تعليمهم وصفحة ( جيفيكس ) قبل أن نعود إلي القرية .
قال ملكيادس باستحسان : هذا رائع . ثم وجه حديثه إلي الصبيين : أنها وصفة مهمة جدا ينبغي أن تتقونها جيداً ستساعدك في أحلك الأوقات .
ثم همس لميراندا بكلام لم يستطع دايسكي أو فريد أن يسمعاه بوضوح .
توترت ملامح ( ميراندا ) قليلاً وما لبثت إلا و أنا عادت إلي طبيعتها وقالت في رجاء : أتمني ألا يكون هذا خطيراً .
فقال العم بتفهم : لا تقلقٍ يا ميراندا , كل شيء سيكون علي ما يرام , لا تخشي شيء .
تنهدت ميراندا وأخذت نفس عميق ثم نادت علي دايسكي , فترك الأخير فريد وهو يغيظه مداعباً وأنضم إلي ملكيادس و والدته .
قالت الأم : ستذهب مع جدك ملكيادس في عمل , عليك أن تطيعه يا دايسكي ولا تسبب المشاكل .. مفهوم !!
أومأ دايسكي برأسه , وشعر بالفضول لمعرفة إلي أين سيذهب , وما طبيعة ذلك العمل ؟
وقال بسرعة : طبعاً .. طبعاً .
تابع دايسكي خطي جده ملكيادس في صمت إلي أن توقفا تماماً .
تنحنح دايسكي وقال : إلي أين نحن متجهين يا جدي ؟
ابتسم الجد ابتسامة خفيفة , فهو كان يتوقع أن يسمع هذا السؤال في أي لحظة , فلا أحد يستطيع كبح فضول الأطفال , حتى لو كان هذا ال ( أحد ) أبو رجل مسلوخة .
أجابه الجد : سنذهب لنري مبارزة ثائر في مصر .
أندهش دايسكي بشدة وبدا ذلك علي عينيه التي كادت تقفز من محجريها وقال : مصر .. وكيف سنذهب إلي مصر ؟
قال ملكيادس : بالطريقة المعتادة يا دايسكي .
ثم أخرج من أحد جيوبه فراشة ذهبية وحررها من قبضته .
وقال لدايسكي : تعال أمسك بيدي الآن .
فعل دايسكي ما أمره به جده , ثم أخرج ملكيادس عصاه القانية اللون و تمتم : كليدا فال .
فأخذت الفراشة الذهبية تدور حولهم في سرعة رهيبة , وبدت تكون بلونة ذهبية من حولهم وفجأة شعر دايسكي بشعور يكاد يبتلع أحشاءه .. لقد شعر و كأن هذه البلونة تشفطه إلي جوفها بسرعة إلي هوة عميقة .
ولما عادت أقدامهم على الأرض من جديد ضحك ملكيادس وقال : رباه يا دايسكي .. أنني أستخدمت هذه الفراشة الذهبية خصيصاً لك بما أنك صغير ومع ذلك فبدا وجهك وكأنه اختفي ..هاهاها
ثم صمت قليلاً ونظر إلي الأفق : مرحباً بك في مصر يا دايسكي .. موطنك الثاني .

*****

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:32
كان فرق التوقيت كبيراً جداًَ لا محالة بين قرية الطائر الأزرق و مصر .. شتان ما بينهم ففي اللحظة الفائتة التي ترك فيها دايسكي وملكيادس قرية الطائر الأزرق كانت الشمس هي منيرة العالم وسيدة السماء تعطف بحنانها الجارف علي البلاد بحرارة معتدلة طيبة , أما هنا بدا القمر ذليلاً لا يستطع حزمة ضوء واحدة يكون في وسعها أن تقارن بواحدة تصدرها ملكة النجوم .
هكذا أنقلب الحال من النقيض إلي النقيض في الطرف الأخر من العالم في مصر .
كانت ليلة قاتمة السواد , لم يظهر القمر في أي من أطواره النيرة , وبالرغم من قاتمة الليل إلا أن الجو كان رائعاً في تلك المروج الممتدة في كل ناحية من حول دايسكي وملكيادس و هادئاً علي عكس الحال بجوف القلعة العظيمة التي تقع علي مرمي البطر من إمامهم .
كان الجو مملوء بالحماسة والأثارة والتوتر أيضاً , ابتسم ملكيادس ابتسامة واسعة كرر للمرة الثانية : مرحباً بك في مصر بلدك الثاني يا دايسكي .
ابتسم دايسكي ابتسامة صغيرة , وبالرغم من أنه لا يوجد جنس مخلوق في المنطقة إلا أنه شعر بجو من الألفة سريعاً ما تزايد .

********
كانت قلعة طيبة لفنون السحر تقف شامخة , بأبراجها السبع القائمة راسخة تقسم رقعة السماء إلي شطرين .. راسخة ومتينة ومحاطة بالتعاويذ الدفاعية اللانهائية , بدت كالقمر الواقف علي الأرض يشع أضواء بيضاء مبهجة لترشد الضالين والمتعثرين كحال النجوم لبحارة السفن في المياه اللانهائية .
قال ملكيادس بلهفة : أسرع يا دايسكي , المبارزة على وشك أن تبدأ , لا أريد أن أفوتها .
أطرق دايسكي برأسه وتابع خطوات جده بأقصى ما يستطيع .
لم تكن هناك حراسة مرئية للقلعة سوي ساحر وحيد يجلس شارداً عند البوابة ليتحرى أمر القادمين للقلعة .
عبر ملكيادس ودايسكي من جديد مرج أخر , وعلي مقربة منه ظهرت مجموعة من المسلات الفرعونية كان الظلام يخيم عليها .
قال ملكيادس بعد أن تعرف إليه الساحر : إلي الداخل يا دايسكي .. هيا !
استيقظ دايسكي من تأملاته وقد أحمرت أذنيه , فتابع خطوات جده إلي الداخل .
في الداخل انتشرت أشياء جنونية لأول مرة يراها دايسكي .. أشباح خفيفة الظل , أهرامات صغيرة تحيي المارين , هدهد طائر و لافتات وشعارات تقول [ أنت البطل يا ثائر ] , و أخري معادية لها تقول [ لن تفعلها أيها الغريب .. الفوز لأستاذنا ] .
دهاليز ملتوية كالأفعونيات المنتشرة في ملاهي البشر اجتازها دايسكي برفقة ملكيادس .
وفكر دايسكي أنه لو كان يملك خريطة لكل هذه الممرات لما أستطاع الخروج منها .
أخيراً وصلا إلي باب عملاق مصنوع من البرونز عازل للصوت إلا أن بعض الأصوات الحماسية مرت من خلاله بالرغم من أنفه .
تنهد دايسكي وقال لنفسه : أخيراً وصلنا .
توقع دايسكي أن يدخل عبر الباب البرونزي العملاق , ولكنه وجد جده يُظهر باب خفي مدفون في الجدار ودلف من خلاله وكذلك تبعه دايسكي بسرعة خشية أن يغلق .
تأمل دايسكي المكان من فوره فشهق انبهاراً , كانت القاعة ضخمة جداً كروية تشبه ملاعب كرة البيسبول ولكنها أكبر منها بثلاثة أضعاف .
في أرضية المبارزة كان يقف شخصان يحدقان لبعضهم , وكانت هناك أمتار قليلة تفصل فيما بينهم , تعرف دايسكي علي أقصرهم .. لقد كان ( ثائر ) و رجح الأخر أنه الأستاذ الذي سيقابله .. لقد نسي اسمه !
بينما كان هناك جمهور عريض من الطلبة وعامة السحرة يهتف ويشجع بلا كلل أو ملل .
عاد دايسكي إلي مقعده بعد أن اكتشف كل تفصيلة بتلك القاعة العملاقة , وجلس بين ملكيادس و جوباس الكبير , وبالرغم من الأخير كان يرتدي عباءته الداكنة و وشاحه إلا أن دايسكي لمح أن يده مصابة وهناك حروق مخفية أسفل وشاحه فتسأل في حيرة وقلق : ماذا حدث لك يا جدي ؟ - لم يجد دايسكي عيباً في أن يناديه ب ( جده ) فهو في هذه المنزلة بالنسبة له , ألم يسمع والده يناديه ب ( عمي ) .
ابتسم جوباس له و قال : لا تقلق يا دايسكي .. أنه لا شيء على الإطلاق .
ثم كرر ابتسامته الصغيرة من جديد , ولكن دايسكي لم يقتنع بهذا الكلام وتساءل في سره عن سبب تلك الحروق .
ثم قرر أخيراً أن يتابع المبارزة النهائية التي على وشك أن تبدأ , والتي بلا ريب ستحدد مستقبل كلا المتبارزين ستكون نقطة فارقة في تاريخ كلاهما .

*****

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:34
كان الأمر مختلف تماماً في أرض المبارزة , كان الصمت بمثابة الموسيقي التي ينصتون لها , بالرغم من عاصفة الهتافات التي تغطيهم من كل جانب , كان الأمر أشبه بحال الأجناس القديمة المتحاربة حينما كان بوق الحروب ينفخ فيه فتعلن الحرب , ولكن تحول هذا البوق هنا إلي صفارة حكم المبارزة والذي هتف بصوت جهوري : جميع التعاويذ مسموح بها بشرط ألا تتخطي حاجز الموت .. مفهوم ؟؟
قال ذلك وبعدها ارتفعت هتافات الجمهور المتعطش للإثارة أعلي من ذي قبل .
أومأ المتبارزان برأسيهما .
ثلاثة .. اثنان .. واحد
أنطلق صفير حاد يخرق الآذان معلناً بداية المبارزة .
أستل ( ثائر ) عصاه السحرية التي تنتهي بمقبض علي هيئة عنقاء لونها خليط ما بين الأسود و الناري كالسيف ,وكذلك مبارزه الأستاذ ( باسم ) , كان الأخير هو الأسرع فألق تعويذته بصوت كالرعد : فلي سلانيروا .
فانطلقت دفقة ضوئية علي هيئة طحالب بحرية خضراء ولكنها لم تكن طحالب عادية على الإطلاق إذ أن هناك شحنات كهربية تنطلق منها هي الأخرى وكانت في طريقها للاصطدام بثائر .
ولكن الجميع لاحظ ابتسامة ثائر فدمدم : شلايك اجوليك .
انطلقت دفقة سوداء سريعاً ما شكلت سحابة عملاقة سوداء والتي فتحت فمها في انتظار تلك الطحالب لتلتهمها .
غير ثائر من وضعيته و أطلق تعويذته الهجومية لتلحق بالدفاعية في طريقها لخصمها : مونلاي زي
فظهر كرة صغيرة في الهواء يغلفها سديم ضبابي , وسريعاً ما تمددت في انفجار مصغر قبل أن تصل لخصمها بعد , ثم ظهر بين السديم أجسام مصغرة للقمر و التي تحركت بسرعة ساحقة ناحية الأستاذ ( باسم ) والذي تفاجئ من براعة ثائر . فأطلق تعويذة دفاعية أخذت شكل الحاجز لتصطدم بها الأجرام القمرية و ليلاشى كلا منها الأخر .
ابتسم ثائر علي غير عادته وقال لنفسه : لا بأس .. سنري القادم .
وكان الأستاذ وسام قد سمعه فجز علي أسنانه وقال لنفسه : سيكون هذا هو دورك الأخير أيها الصغير .
ثم دمدم بصوت قوي : هيلهي ميجدليزا
فكشفت عن سحب غطت سقف القاعة .. سحب غير عادية , فأرتبك المشجعين من هذه التعويذة الغريبة عليهم , بينما شعر ( جوباس الكبير ) بالتوتر و أما ( فريد ) والد ثائر فقد كان يتابع الموقف و أعصابه مشدودة علي الأخر .
أما ياسين فلم يجد غير رقبة دايسكي ليتعلق بها بعد أن بدلوا الأماكن وهمس : سيتخطاها .. سيفوز .
تكاثرت السحب وبدأت ألسنة البرق تخرج بلا هوادة ناحية هدفها الوحيد .. ثائر
ومع ذلك فقد توقف ثائر عن الحركة , ولكنه عاد فقفز من جديد بعد أن حدث شيء لم يكن يتوقعه أو أي من الحضور .. لقد خرجت ألسنة البرق من الأرض أيضاً .. أسفل قدميه
ولكنه وقع في الفخ إذ هاجمته موجة من البرق فأحاطته على هيئة كرة .. كان مركزها هو ثائر بنفسه .
كانت تحيطه وتطلق أصوات رهيبة تكاد تفجر أذنه ومع ذلك فلم تهجمه , ولكن لو لامسته لقتلته على الفور أو في أفضل الأحوال سيمكث في المشفى لمدة ثلاثة أشهر .
ابتسم الأستاذ باسم في فخر , فهو بلا شك سيفوز هناك فرق خبرة ومهارة كبيران يفصل بينهم , وبالرغم من ذلك فهو لا يرغب في إيذاء ( ثائر ) لأنه ابن معلمه السابق . . فقط يريد أن يدفع ثائر إلي أن يستسلم وتنتهي المبارزة دون أي إصابة .
ولكن عندما عاد الحكم إليه بإجابة سلبية , لم يتمالك الأستاذ باسم نفسه و جز علي أسنانه أكثر من ذي قبل و اشتعلت عيناه من الغضب , فلوح بعصاه السحرية , فبدأت الكرة في التقلص وتقطع الأنشات القليلة لتهشم جسد ثائر , ولم يكن هناك شيء ليوقفها .. فنالت من ثائر والذي سقط علي الأرض دون حول أو قوة , وحينما انقشعت السحب , بدأت الرؤية في الوضوح رويداً رويداً , و هزعت قلوب أقاربه ولكن وجوههم كانت جامدة لا تبدي
أي عاطفة .
بينما كان الممرضون و الأطباء يستعدون للنزول إلي أرض المبارزة ولما انقشعت السحب تماماً .. كان هناك ظل .. ظل ثائر .. كانت ملابسه قد احترقت تماماً وهناك حروق تنتشر في أنحاء جسده .. كان يقف مترنحاً لا يستطيع أن يسند طوله , شاهده الجميع وبدأت أفواههم مفتوحة على أخرها و أصابتهم الدهشة , في حين أن الأستاذ وسام لم يصدق نفسه , فهو لم يستخدم مثل تلك التعويذة على الملأ من قبل , ولكن سريعاً ما تبدلت ملامحه وبدا غاضباً جداً و أقسم أن التعويذة القادمة ستكون القاتلة ..ستكون هي القشة التي قصمت ظهر البعير , فلا يحق لهذا الطالب – وإن كان حفيد مؤسسي المدرسة و ابن معلمه أن يهينه هكذا بكل سهولة على الملأ – هكذا فكر الأستاذ ( وسام ) في داخله .
ببطء حرك ثائر يده اليمني إلي الأعلى قليلاً و ازدادت حدة نظراته و لوح بعصاه السحرية ودمدم بصوت كالرعد : سيسناي كونجيليمنتو .
في تلك اللحظة خبط السيد ( جوباس الكبير ) مقدمة رأسه براحة يديه وبدا منزعجاً جداً وتمتم : تباً .
و أشار أشارة متفق عليها فتحركت مجموعة من السحرة بسرعة ناحية ساحة القتال ..ناحية الأستاذ وسام !!
خرجت كرة نارية عظيمة و عملاقة بصورة لا يمكن تخيلها , كانت تلتهم المسافة التي بين ثائر و الأستاذ وسام بسرعة عظيمة , صعق دايسكي لرؤيتها ولم يكن السبب في ذلك هو ضخامة تلك الكرة النارية بل لأن هذه هي واحدة من تعاويذ عائلته , التعويذة الأولي التي تعلمها .. ماذا يعني ذلك ؟ هكذا تمتم دايسكي في غضب وقلق .
ولكنه سريعاً ما فكر في احتماليه أن ثائر أن يكون منضماً لجماعة دلفاي السحرية , ولكنه كان مخطئاً في تخمينه هذا تماماً ف( ثائر ) لم ينضم بعد لجماعة دلفاي السحرية , كذلك لم يتدرب على هذه التعويذة منذ ردح من الزمن .. لقد تعلمها فقط خلال الست ساعات الفائتة .. في الواقع لقد أندهش ثائر كثيراً حينما جاءه جده ( جوباس الكبير ) ليخبره بأنه سيعلمه تعويذة عليه إتقانها قبل المبارزة , وبالفعل بدأ يتدرب على تلك التعويذة , كانت تعويذة قوية لم ير لها مثيل من قبل , وفي كل مرة كان يزداد إتقانه للتعويذة كلما زادت عزيمته وقوته .. حتى أن في بعض الأحيان بدا السيد جوباس لا يستطيع مجاراته مما تسبب في إصابة يديه بحروق طفيفة .
اندلعت الكرة النارية من عصا ثائر السحرية وبدأت في التضخم بصورة لا معقولة تلتهم كل ما يقابلها وتزأر كانت قد اتخذت شكل تنين .. حاول الأستاذ ( وسام ) إيقافها بأكثر من تعويذة ولكن كل تعاويذه فشلت ولم تفلح في إبطالها ..حتى أن الأفراد الذين قام بإرسالهم السيد جوباس لم يفلحوا في إيقافها .
قام دايسكي باتخاذ قراره سريعاً , فأخرج عصاه السحرية و تمتم بتعويذة التفعيل : شيزومي .. ثم أعقابها بتعويذته : فيلكاي كونجيليمنتو .
فاندفعت كرة ثلجية من طرف عصاه السحرية وتجاوزت الأستاذ ( وسام ) الذي أعلن استسلامه بكافة السبل ثم اعترضت الكرة النارية التي أخذت شكل التنين وقضيت كل منهم على الأخرى و صعدت فورة من البخار في منتصف ساحة القتال حيث تلاقت التعويذتين ..
ما أن أدرك الجمهور إنهاء المبارزة حتى ارتفعت هتافات تشجيع للبطل الجديد ..المبارز الأول .
بينما مال جوباس الكبير مال على أذن ( فريد ) و همس : حان وقت انضمامه لجماعة دلفاي السحرية .
ثم تركه قبل أن يسمع الجواب و انضم إلي صديقه ملكيادس الذي أشار إلي دايسكي لكي ينضم إليهم , فترك دايسكي القاعة وثائر من خلفه وذهنه ملئ بآلاف من الأسئلة .. و أدرك حقيقة واحدة هي أن ذلك الفتي المدعو دايسكي مثله , و ربما أقوي منه وهو لا يدري !!
****
بدا يخفت ضجيج المشجعين كلما أبتعد دايسكي عن القاعة , كان يتبع السيد جوباس و جده ملكيادس في صمت دون أن يستفسر منهما عن أي شيء هم مقبلين عليه , كان يعلم في قرارة نفسه أن هذا الشيء الذي هو مقبل عليه هو السبب الرئيسي لزيارته لمصر .
أخذت الممرات تنحدر إلي أسفل حتى خمن دايسكي أنهم الآن تحت مستوي الأرض وبدأ يشعر بالبرد , انعطفوا جميعاً إلي اليمين حينها ظهر حائد صلد من إمامه , فخمن دايسكي أنه هناك باب خفي كما جرت العادة .
وأخذ يتساءل عن سبب لكل هذه الأبواب الخفية .
تمتم جوباس الكبير ببضعة تعاويذ حتى ظهر الباب الخفي , لم يكن يؤدي إلي أي شيء فقد ظهر حائط أخر .
لم يمنع دايسكي نفسه هذه المرة وصاح في ضجر وغير مكترثاً لما قد يلقاه من تقريع : لا تخبراني أن هناك باب خفي أخر .. لقد مللت من كل هذه الأبواب اللانهائية .
نظر له جوباس و ابتسم وقال بصوت هادئ : هذا ليس باب جديد . ثم أضاف محاولاً أن يثير فضول دايسكي : ولكن هذا الباب ينبغي أن يكون أكر الأبواب حماية على الإطلاق .. ينبغي أن تخفيه عن الآخرين بقدر إخفاءك وحاميتك للشجرة العصي السحرية .
لم تتغير ملامح دايسكي كثيراً فبدا غير مكترثاً من الخارج ولكنه أخذ يتساءل في نفسه عن ما علاقة كل هذا به ولكنه ألقي سؤال أخر : وكيف يفترض إذن أن نعبر هذا الجدار ؟
ابتسم جوباس وقال : فقط اعبره !!
استغرب دايسكي من هذه الإجابة الغامضة , ولكن جوباس الكبير لم يفسر له أي شيء بل غاص داخل الجدار و ثم أختفي , ثم أمسك ملكيادس بيد دايسكي وعبر به الجدار , كان يتوقع دايسكي أنه سيكون في حجرة جديدة ولكنها مختلفة عن بقية الحجرات السابقة , ولكنه وجد نفسه داخل سيارة من سيارات البشر العاديين كالتي ركبها من قبل لأول مرة برفقة جده حينما ذهب لقرية الطائر الأزرق .
لم يكن هناك سائق في السيارة وفجأة انطلقت السيارة بكل طاقتها للأسفل , كان الممر مظلم كالقبور , ولكن كانت هناك مصابيح في الممر كافية لإضاءة الطريق , بدا كل شيء جنوني بالنسبة لدايسكي , فهتف أخيراً بعد أن تغلب علي حرجة : إلي أين نحن ذاهبين ؟
جاوبه ملكيادس بنشوة يشوبها القليل من الحذر : إلي جوف هرم خوفو .
أندهش دايسكي كثيراُ , فهو قد قرأ من قبل عن الأهرامات الثلاث العظيمة في الجيزة .. كما عرف أنها محمية بتعاويذ فتاكة ولا تخطر على بال أحد .
صاح دايسكي في هلع حينما تذكر هذه الحقيقة : ولكن التعاويذ !!
ضحك ملكيادس وقال : لا تقلق .. أنت الآن في كنف اثنين من قائدي جماعة دلفاي السحرية .. لا تقلق .
بينما قال جوباس الكبير بلهجة شبه موبخة لملكيادس : نحن لسنا إلا قائدين يا ملكيادس . ثم حول ناظريه إلي دايسكي وقال : الأهرامات الثلاثة لا يشكل دخولها أي عائق لنا , في الواقع عائلتنا هي من قامت بوضع تلك التعاويذ ..يمكنك أن تعتبرنا حراس الأهرامات ونبحث فيها عن كل جديد .
صاح دايسكي : ولكن أليست هذه أنانية ؟!

دايسكي هيتاشي
30-04-2010, 22:35
نظر له جوباس الكبير نظرة باردة ولم يعلق بينما أكتفي ملكيادس بمتابعة الموقف .
قال جوباس الكبير بعد فترة الصمت : هذه ليست أنانية مننا , حينما تكتشف أن الأهرامات تمثل جزء من تاريخ عائلتي فهي أرث لنا , كذلك لا تريد أن تقول لجميع السحرة أن يأتوا و لينقبوا في الأهرامات ..فهذا تدنيس لحفاظ سرية أسرار الأهرام .. ببساطة لماذا تحذر آيتورنا الجميع من دخول جبل سوميلازر .. لأن هذا سيؤدي إلي جنون كل قاطنيه في المقام الأول لاكتشافه لكل هذه الحقائق ..سينهارون تماماً ولن يفكروا في محاكمة آيتورنا لأن عقولهم ساعتها سيكون قد أصابها مس من الجنون .. أليس كذلك يا دايسكي ؟!
أومأ دايسكي رأسه وقال في بطء : أعتقد ذلك !
فقال جوباس : هكذا الحال مع الأهرام .. أسرارها لا يحتملها كل السحرة وقد تؤدي إلي هلاكهم .. و الهلاك هنا سيعم ويشمل كل الأجناس التي تعيش هنا .
بهت دايسكي من قول السيد جوباس الكبير و شعر بأنه تسرع في إبداء رأيه دون الإلمام بكل التفاصيل .
فقال وهو يشعر بالخزي : أسف يا جدي .
ابتسم جوباس وقال : لا عليك يا دايسكي .. مازال إمامك الكثير لتتعلمه .
وقفت السيارة أخيراً وكان بابها يفضي إلي حجرة بابه مخفي في الظلام , فدلف الثلاثة إلي داخلها وشهر جوباس ملكيادس عصويهما وتمتم : فالستيس
فأضيئت الحجرة بأكملها ’ كانت الحجرة فارغة تقريباً وتقع في مركز الهرم وكانت مشبعة بقوي الهرم أيضاً .
سألهم دايسكي أخيراً : لماذا نحن هنا ؟
فجاوبه ملكيادس باقتضاب : نحن هنا يا دايسكي لأجل وصية جدك جيفاني.. أنت تعلم صحيح ؟!
فأومأ دايسكي برأسه وبدا هادئ جداً وقال : بلي لقد شرح لي والدي الأمر .. إذن هذا المكان هو ما سيجنبنا الأثار السلبية للتعويذة .. صحيح ؟
فأجابه جوباس الكبير : بلي هذا صحيح يا دايسكي .
قام ملكيادس بإخراج قنينة صغيرة بها سائل بنفسجي اللون شفاف وقال موضحاً : نظراً لأن هذه التعويذة تحتاج إلي قوي كبيرة لذلك لن تكون قواي أنا و جوباس كافية لتأديتها – ثم صمت قليلاً و أطلق ضحكة وتابع : فلك أن تتخيل كيف هي صعبة و معقدة و أيضاً مجهولة .. احم علي أياً يا دايسكي , كان جدك جيفاني يعلم ذلك جيداً لذلك سوف نستعين بقوي أخري كانت مخفية علينا طيلة الأيام الفائتة .
عندها فتح القنينة وسكب محتواها البنفسجي على الأرض وبدأت سحب بيضاء كثيفة تنتشر في مساحة خمسة أقدام ثم كشفت عن مفاجأة صاعقة بالنسبة لدايسكي .. لقد كان السيد جيفاني يقف بشحمه ولحمه في المكان الذي سكب فيه السائل .
شهق دايسكي بعنف و أخذت تتلاحق أنفاسه و أراد أن يقول شيء ولكنه لم يكن في استطاعته الحديث من شدة المفاجأة .
قال جوباس الكبير : دايسكي .. بني هذه جزء من قوي جدك كان قد حبسها عندما قرر هذا الأمر ,, أنه ليس جدك بل جزء حبسه لأجل هذه المهمة .. هل تدرك ذلك ؟!
هز دايسكي برأسه ولكنه مازال بعد غير قادراً على النطق .
قال ملكيادس : حسناً دايسكي .. رجاءً قف في هذه النقطة المركزية .
فتحرك دايسكي ببطء و عقله مبلل ناحية النقطة الدائرية التي تقع في منتصف القاعة ولما وقف أحاط به كلاً من جوباس الكبير و ملكيادس ونسخة جيفاني في ثلاثة اتجاهات مختلفة و صوبوا عصويهم السحرية ناحية دايسكي وفي آن واحد دمدموا : سرمتوكوترز
أصابت دايسكي ثلاثة دفقات ملونة من الاتجاهات الثلاثة ..أبيض.. أحمر .. بنفسج , و اخترقته ثم امتزجت في كيانه , ولم يعد دايسكي قادراً على استيعاب أي شيء وبدا ذهنه مشوش ثم سقط على الأرض فجأة و سحابة من الظلال تحيط به فاقداً الوعي .

********

أخيراً تم الفصل الثامن الفظيييييييييع بكل مقاييس .. كرهني في الورد
بس الحمدلله تم نقله على خير
..
أخبرني برنامج الورد أنه قد وصل إلي 12300 كلمة .. لذا أظن أنه أطول الفصول على مدار الرواية بأكملها - إن لم يطرأ جديد -
في انتظار رأيكم على أحر من جمر

.:SABER:.
30-04-2010, 23:00
جذبني العنوان
حجز حتى الانتهاء من القرآءه .. :تدخين:

thebadEVIl
01-05-2010, 01:11
قصه روعه (:

meroni
01-05-2010, 08:04
مرحبا دايسكي

الله عليك ولا اين شتاين يقدر يستوعب الكم الهائل من الاحداث في هذا الجزء الطويل
ناهيك أني قعدت اكثر من ثلاث ساعات وانا اقراء فيه بس بصراحه رووووعه أنا ماقد مر علي
قصة زي كذا <<<<<< اكيد أنك تسأل وش الطاري علي أكتب بالعامي في هذا الرد غير باقي الردود
استنى البارت الجاي
في امان الله

هيناموري أمو
01-05-2010, 08:37
واو أخوي القصة مررررررررررة حلوة بإذن الله حأتابع القصة لنهاية


بس انتبه لا تسوي شي بدايسكي ترا غالي و عزيز علينا


و أسلوب ماأقدر انتقدوا لأنه مشوق و يبجبر على المتابعة


وشكلك تعرف فين توقف ومتى تكمل و استمر لللأمام
.
.
.
.
.
.
.
أختك أمو-تشان

و السموحة على الخلط بينك وبين كاتب تاني

Gwin
01-05-2010, 14:27
السلام عليكم‎
أغبطك على هذا الإبداع الراقى
ورغم شعورى بالغيرة..
إلا أننى أتمنى لك التوفيق
وأرجو أن تسرع مخيلتك الخصبة بأمتاعنا بالمزيد.

دايسكي هيتاشي
02-05-2010, 19:53
مرحبا دايسكي

الله عليك ولا اين شتاين يقدر يستوعب الكم الهائل من الاحداث في هذا الجزء الطويل
ناهيك أني قعدت اكثر من ثلاث ساعات وانا اقراء فيه بس بصراحه رووووعه أنا ماقد مر علي
قصة زي كذا <<<<<< اكيد أنك تسأل وش الطاري علي أكتب بالعامي في هذا الرد غير باقي الردود
استنى البارت الجاي
في امان الله
ههههههههههههههه .. اينشتاين ايه بث :p
,,
أظن أنها صفقة عادلة جداً الفصل ده كتبتها في 3 شهور , فأنك تقرأيه في 3 ساعات .. جيد جدا :
ههههههه
بإذن الله نهاية الأسبوع هيكون البارت الجديد موجود

واو أخوي القصة مررررررررررة حلوة بإذن الله حأتابع القصة لنهاية


بس انتبه لا تسوي شي بدايسكي ترا غالي و عزيز علينا


و أسلوب ماأقدر انتقدوا لأنه مشوق و يبجبر على المتابعة


وشكلك تعرف فين توقف ومتى تكمل و استمر لللأمام
.
.
.
.
.
.
.
أختك أمو-تشان

و السموحة على الخلط بينك وبين كاتب تاني

,,
دايسكي ., و انا اقدر اسوي فيه شيء :p
,,
عاتي ولا يهمك اختي
سعيد بمرورك

السلام عليكم‎
أغبطك على هذا الإبداع الراقى
ورغم شعورى بالغيرة..
إلا أننى أتمنى لك التوفيق
وأرجو أن تسرع مخيلتك الخصبة بأمتاعنا بالمزيد.
يالله ..
سيكون تعليقي نو كومنت :p
بس مش أظن أني استحق كل ما قلتيه "^^
.,
سعيد بمرورك أختي

جذبني العنوان
حجز حتى الانتهاء من القرآءه .. :تدخين:
في انتظار عودتك اخي :)

قصه روعه (:

في انتظار عودتك اخي :)

همس اعماق البحر
05-05-2010, 06:12
مراحب
حجز لي عودة بعد ان انهي القراءه

أريج الروح
08-05-2010, 12:24
مرحباااااااا

دايسكي ، يا دايسكي ، وينك وين البارت

المهم البارت 8 كان رائع وكتير ( وزهقت وانا اقرا فيه )
المهم لا تتاخر علينا اوكي

هيناموري أمو
09-05-2010, 15:40
متى التكملة

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:13
مراحب
حجز لي عودة بعد ان انهي القراءه
في انتظار عودتك اختي


مرحباااااااا

دايسكي ، يا دايسكي ، وينك وين البارت

المهم البارت 8 كان رائع وكتير ( وزهقت وانا اقرا فيه )
المهم لا تتاخر علينا اوكي

"^^ و لكنه فصل مهم
,,
البارت القادم حالاً

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:15
الفصل التاسع : خواطر أو تعويذة قلبية
مرت تسع أعوام حملت بين ثناياها العديد من الذكريات التي تراوحت ما بين اللحظات السعيدة والحزينة وإن مالت كفة الميزان للأخيرة.
بدأ يوم الأربعاء على أهالي قرية آيتورنا بالكثير من البشر والسعادة ، فقد كان احد الأيام القليلة التي تجعلها آيتورنا عطلة رسمية .. كانت سياسة جديدة قد اتبعتها منذ عدة أعوام ، يبدو الأمر للرائي بأنها منتشية بفضل بعض الأحداث السابقة ، كما أنها استأنفت سياستها القديمة قدم الزمن في استقبال عائلات جديدة في قريتها ولكن بحذر!
فعلتها بحذر لدرجة أنها خرقت قوانينها ، فلم تكترث فمادامت هذه هي قوانينها وأحكامها فلا مانع في أن تغيرها من حين لآخر.
إذ أنها كانت تقوم دوريا بتعديل جميع ذاكرات أهالي القرية لتجعلهم مقتنعين بأن القاطنين الجدد لهم جذور في هذه القرية وبالمثل فعلت ذلك مع القاطنين الجدد ، ولم تخبرهم كما كانت تخبر أي قاطن جديد العصور الغابرة في أنه بمقدوره الرحيل عن القرية متى شاء .. وأنتهي الأمر برمته باعتقاد الجميع بأنه لا توجد حياة غير آيتورنا ، بل العالم كله هو آيتورنا.
وما كان من دايسكي غير أن يشعر بالأسى لأجلهم.
*****
يذّكر هذا اليوم أهالي آيتورنا بأيام شهر أغسطس الحارة ، بالرغم من أنه ليس هناك وقت محدد للصيف أو الشتاء في القرية. تناثرت آلاف من الشموس الصغيرة على صفحة مياه نهر ( العين الزرقاء ) الذي أخذ يتلوى في رشاقة في أنحاء القرية ، وكأنه يتبختر لأجل الجو الرائع من حوله ، فتداعبه نسمات الهواء قليلا فيزيد من سرعته ليسايرها ويمازحها قليلا برذاذه المتطاير .. كان يوم مثاليا بالفعل لأن يكون عطلة رسمية فمنذ الصباح الباكر وقد أحتل معظم سكان القرية الشاطئ.
بالرغم من أن ذلك اليوم يحمل جانب مشرقا للبعض ألا انه كان هناك أفراد أعدادهم معدودة قلقين بسبب هذا اليوم. كان دايسكي يجلس على سريره ، وقد أغلق عينيه .. يبدو كأنه نائم ، ولكنه لم ينم من الأمس .. فتح عينيه لبرهة ونظر عبر المرآة الكائنة أمامه ، فلاحظ أثر مرور السنوات التسع عليه .. لقد كبر بالفعل ، عينيه ازدادت زرقة وبدت ملامحه هادئة تماما .. لقد صار وسيما فعلا.
حدق في المرآة بنظرة أخرى ولكن في طياتها كانت تنم عن آسى ، تلك المرآة بنقوشها الغريبة ، وبروازها الفخيم المصنوع من خشب الزهرة الفضية النادرة ، والتي منحها إليه عماه ( ملكيادس ) و( جوباس الكبير ).
ابتسم لنفسه في آسى ، وأغلق عينيه وغرق من جديد في بحر الذكريات
بدأ يسترجع ذكرياته من جديد للمرة المائة منذ ليلة أمس .. تلك المرآة التي تحدق فيه كانت آخر شيء يربطه بالعالم الخارجي .. أخبره جوباس الكبير بشأنها .. كان الأمر يتعلق كالعادة بـ ( جماعة دلفاي السحرية ) ، فقد توصلت منذ عقود طويلة إلى أخر أسر " آل ثيين = كائنات المرآة " ، والتي جمعتهم علاقة حذرة بعائلتي آل جيفاني و آل إياس ، وترتب على هذه الرابطة بمنحهم المرايا الجوهرية ، وهذا ما كانت تسعى إليه جماعة دلفاي السحرية من الأساس ، ولكن حذرهم رئيس آل ثيين بأن هذه النعمة تصاحبها نقمة ، وهي مواجهتهم لعدو آل ثيين اللدود والذي سيكون في مقدوره الخروج من مرايا الجوهر إن لم تغلق .. والآن ما زالت هناك واحدة من مرايا آل ثيين تقبع أمام دايسكي مغلقة طيلة تسع سنوات .. ولم يفكر مطلقا في فتحها ، فقد كانت تمثل له طريق آخر للهروب من قرية آيتورنا بالإضافة إلى جبل سوميلازر ، والتي كانت توصل إلى أي مكان في العالم الخارجي تقريبا .. أخذ دايسكي يفكر هل سيستعملها اليوم أم لا !
تنهد دايسكي تنهيدة طويلة حينما وصل إلى مسامعه أصوات التوأم هانسن و جوباس وهما يتبارزان في حجرة ( الانعزال ) التي قام دايسكي ووالدته ميراندا بإنشائها لأجليهما.
بالرغم من انه بإغلاقه لعينيه حاول ألا يتسرب إلى موجودات الحجرة ، ولكنه فشل في ذلك .. إذ أن الجو بات حزينا داخل الحجرة ، وتجسد في صورة مادية على هيئة دموع أخذت تتساقط من مقلتي عينا دايسكي ، فقد كان احد أكثر الأشياء التي تثير قلقه وإضرابه هو مصير التوأم .. لقد اتخذ القرار أخيرا في أن يحدثهم في ذلك الأمر ، سمح دايسكي لنفسه بالبكاء عندما فكر فيمن سيتولى حال التوأم بعد اليوم .. سيكون قاسيا عليهم أن يموت في اليوم الذي قتلت فيه والدتهما ميراندا!!.
لم يكن دايسكي هو الفرد الوحيد في قرية آيتورنا غارقا في ذكرياته ... بالأحرى كان هناك فرد آخر يستمتع باستعادة ذكرياته ، لقد كان هذا الشخص هو آيتورنا بنفسها ، كانت تجلس بثوبها الأسود المثير على عرشها ، وتبتسم في كبرياء وثقة ، خامرها هذا الشعور مرة من ذي قبل منذ خمسة أعوام حينما قامت بخرق وعدها لآل جيفاني وبدأت حقبة جديدة معه تمتاز بالكراهية والحقد ، وسعت للقضاء على نسل آل جيفاني جميعا ، فقد رحل جيفاني حينما قابل ذلك الملثم ومن بعده ميراندا وبقي فقط من نسلهم هؤلاء الملاعين الصغار وبالفعل كما خمنت مرة منذ تسع سنوات بأن ذلك اللعين الصغير دايسكي يهدد وجودها كان شعورها الداخلي ينبأها بهذا ولكنه ما زال لاشيء حتى وإن اختفى هو وأخوته عن ناظرها بعدما قتلت أمهم مباشرة لقد مارس سحر للهروب من تربصها به .. ولما لا فهو ساحر لعين! وجزت على أسنانها لبرهة ، وتابعت سيل ذكرياتها .. بل أنه لن يستطيع الهروب من قبضتها بعد الآن .. أنه لا شيء.
ألقت نظرة إلى كرتها السحرية من أمامها و التي تبين لها كل ما يجول في القرية ، وكان يظهر معظم الآيتوريين مستلقين على الشاطئ.
قهقهت بصوت عالي وقالت : ستكون نهايتك اليوم أيها الساحر الصغير هذا وعد منى.
ثم التقطت حبة من الكريز الأحمر وقضمتها في بطء وهى تراقب الجميع .
*****

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:17
*****
طيلة الأعوام التسع الماضية لم يخرج دايسكي وأخوته من القرية مطلقا إلا مرتين ، الأولى حينما كبر جوباس و هانسن وصار في مقدورهم الحصول على عصويهما دونا أن يتأذيا.
ملك كلأ منهما سيد تنين نافث للنار كحال بقية أفراد العائلة ، وأعتقد الجميع عند الاحتفال بحصولهم على العصا السحرية في قرية ( الطائر الأزرق ) بأنهما سيصبحان سحرة عاديين ، ولكن عندما عادا التوأم إلى القرية كانت لديهما مخططات أخرى ، لن يكونا سحرة فحسب منتسبين إلى عائلة جيفاني السحرية بل ينبغي عليهم أن يصبحا أقوى وأقوى .
كانت أمهما تتعجب من هدفاهما الطفولي هذا ، ولكنها سايرتهما حتى النهاية ، فبدأت تعلمهم فن تحضير الوصفات .
في الواقع هما لم يكونا بارعين قط في استخدام التعاويذ لقد أدركا ذلك بعد عدة أشهر قليلة من التدريب ، فحينما كانا يتدربان كثيرا بجد ويقتنعان أنهما أصبحا في مستوى أخويهما الأكبر دايسكي ، كانا يدعونه بين الحين والآخر إلى مبارزة فيقبل دعوتهما ، ولكنه كان يتركاهما يمارسان كل ما تعلماه ثم يقرص آذانهم قرصة بسيطة بتعويذاته ، وما كان منهما إلا إن يسخطا قليلا لقوة دايسكي ، ولكن سريعا ما تنبعث روح التحدي في أنفساهما من جديد فينكبوا على التمارين الشاقة المضنية لكي يصبحوا الأقوى ، ولكن يأتي دايسكي في النهاية ليجعلهم يعاودا الكرة من جديد ؛ لذلك يأسا قليلا ، وصبا جم اهتماميهما في صنع وابتكار الوصفات ، وكانا يتعلما هذا الفرع الحيوي من والدتهما ميراندا وكتب جدهما جيفاني.
اندهشت ميراندا كثيرا من سرعة تعلمها و استيعابهم لعلم الوصفات ، فكانت تصفق كثيرا لهمت وتقول بنبرة لا تخلو من الفخر : ستصيران مثل جدكما جيفاني .. عباقرة في الوصفات .
كانت الأم محقة فيما قالت ، ولكنها للأسف لم ترى هذا الطور حينما شرع التوأم في ابتكار الوصفات فيما بعد ن وهذا يعود بنا إلى سبب خروجهم للمرة الثانية من القرية!
ففي مثل هذا اليوم منذ ثلاث أعوام غدرت بهم آيتورنا .
في تلك الليلة أعدت آيتورنا كل شيء للخلاص من نسل آل جيفاني ، حتى أنها جهزت العائلة الجديدة التي ستحل محلها ، لقد خططت لأمر بدقة .. ستدخل إلى قصرهم وتقتل كل من فيه حتى الخدم إن كان مزاجها رائقا.
وفي الوقت المحدد قاسته بناء على مراقبتها اللصيقة للقصر لشهور وشهور قد مضت .. حيث الآن ستنام ميراندا بعد أن نام أطفالها – ها هو المصباح سينطفئ بعد .. ثلاثة .. اثنان .. واحد .. تماما كما هو مخطط.
ابتسمت آيتورنا لنفسها في زهو لدقتها فبدت ابتسامتها شيطانية.
وقفت آيتورنا أمام بوابة القصر وهمت أن تدخله لولا أنها لاحظت من يراقبها ، فنظرت إلى خلفها في سرعة وجدت ( ميكيرا ) أحد قاطني القرية البلهاء ، نظر لها في اشتهاء بزيها المثير الفاتن ، وقبل أن يهم بفعل شيء أحمق حدجته آيتورنا بنظرة نارية ، فأبتسم ميكيرا في بلاهة ولكنه لم يكمل ابتسامته إذ أن ميكيرا أختفي من الوجود وصار عدما.
تابعت آيتورنا طريقها إلى الداخل ، عبرت الحديقة في خطوات سريعة دون أن يصدر عنها أي صوت ، وقفن أسفل إحدى الحجرات المطلة على الحديقة ثم اختفت وتجسدت في الحجرة المقصودة.
كانت تنوى قتل الأطفال أولا ومن بعدهم ميراندا ، ولكن حدث شيء لم تتوقعه قط ، لقد كانت ميراندا تنتظرها.
لم تخفي آيتورنا دهشتها بل صاحت في ميراندا بغضب وتساؤل : كيف ؟! من المفترض ألا تكوني هنا.
ابتسمت ميراندا وقالت : معك حق ، ولكنني عرفت أنك ستزوريننا اليوم ، فلم أرغب في أن أتأخر عليك ، وأضجرك بانتظاري.
هسهست آيتورنا وحدقتا عيناها قد ضاقت : إذن أنت تعرفي سبب وجودي هنا.
جاوبتها ميراندا : بلى.
وفي سرعة أخرجت عصاها السحرية ودمدمت : تيتيرا مورا.
فاختفت الحجرة من حولهم ، وظهروا في الناحية الأخرى من القرية على شاطئ المحيط ، هدفت ميراندا بذلك في أن تبعد خطر المبارزة عن أبناءها.
ضحكت آيتورنا ضحكة عالية هزت كيان ميراندا لوهلة ، قالت آيتورنا وابتسامتها العابثة لا تفارق ثغرها : بلى ... بلى ، ولكنك أخطأت يا عزيزتي ميراندا ، فبينما أنت كنت مشغولة بإبعادي عن القصر قدر الإمكان قمت بتعطيل تعاويذ حماية القصر وها يعني ...
ثم دمدمت بصوت عال : رليزا اميزيرا.
مضت عدة ثواني قليلة ولم يحدث شيء ، ولكن مع انقشاع السحاب الذي يخفي نور القمر ، ظهرت ظلال ثلاث أطفال ناعسين فهبطوا من خلال السحاب إلى الأسفل حيث الشاطئ ورذاذ المحيط المالح يتناثر عليهم فأفاقوا فلما فتحت عيونهم أصابها الهلع لما رأته.
تماسكت ميراندا وشهرت عصاها السحرية ، أما آيتورنا بسطت ذراعها كالعصا ثم قالت في حنق : ستكون هذه هي تعويذتك الأخيرة بعدها سأقتل أطفالك هههههههههه.
نطق الاثنين تعويذتيهما في آن واحد.
- سلايسك
- جميليا فينوري.
اصطدمت ومضة حمراء بجسد ميراندا فسقطت قتيلة بينما تعويذتها أحاطت بأبنائها الثلاثة في دائرة مكتملة.
ركض الأطفال ناحية أمهم وقد انفصلت الدائرة المحيطة بهم إلى ثلاثة دوائر رقيقة تحيط بكل فرد منهم ، لكنها تحورت و تماهت مع الهواء فأصبحوا مختفين عن الأنظار.
كانت آيتورنا تحتفل بلحظة نصرها إلا أنها اكتشفت ما ينغص عليها نصرها هذا ، فلم تكن تعويذة ميراندا موجهة إليها على الإطلاق ، بل كانت تهدف إلى حماية أولادها والذين اختفوا أمام أنظارها فلم تستطع رؤيتهم من جديد .. لم تستطع رؤيتهم بالرغم من قدراتها ولا من خلال كرتها السحرية ، لقد أصبح وضعها في خطر الآن ، ينبغي عليها أن تهرب ، ربما أصابها أحد هؤلاء الملاعين بتعويذة ما.
كانت متأخرة بجزء ضئيل لم يتجاوز الثانية لكنه كان كافيا لأن يكلفها ذراعها فقد أصابها دايسكي بتعويذة جمدت ذراعها فتهشم وصار إلى قطع صغيرة.
عادت آيتورنا إلى عرشها حانقة واستطاعت أن تعالج ذراعها فنبت ذراع آخر مكان الأول ، ولكن بعد جهد جهيد.
والآن ها هي تجلس تحدق في الكرة السحرية وهي تبحث عن دايسكي وأخويه وهى تعلم يقينا أنها لن تجدهم.
***
أنتهي دايسكي أخيراً من أحدي نوباته التي كثرت منذ فترة .. الغريب أنه قد عادته تلك الأحلام أو الرؤى التنبوئية من جديد ولكنها كانت أكثر وضوحاً عن السابق .. الأمس جاءته رؤية أخري غريبة فقام من فراشه و دخل إلي الحمام المرفق وخرج منه وقطرات الماء تتساقط من شعره , جففه بالمنشفة وحدق كثيراً لنفسه في المرآة وكأنه سيفتقد هذا الوجه هذه الليلة وبالرغم من أنه يعلم أنه قد أخذ في الاعتبار هذه الليلة منذ تسع أعوام .
أرتدي أفضل ما لديه .حذاء برتقالي اللون يخالطه شرائط رفيعة من اللون الأسود ..عباءة والده البنفسجية وكان منقوش عليها التنينين الأبيض و الأحمر ..رمزا العائلة ثم ابتسم لنفسه ابتسامة صغيرة .
نادي على سيدني الخادمة الطيبة فحضرت على الفور .. كانت قد اختلفت هيئتها تماماً عن السابق , و انقلب حالها من النقيض إلي النقيض , فقد كانت في السابق تبدو نضرة و مليئة بالحياة و إن كانت نظراتها مزعجة إما الآن فقد كانت مثل زهرة في وقت الخريف ..أثقلت أحزان الماضي و نكباته كاهلها ..فبدت مثل المثال الحي لما آل إليه حال أسرة آل جيفاني .
ابتسم دايسكي لها و قال بصدق : ابتهجي يا سيدني .. ابتهجي بالرغم مما سيحدث الليلة .. ابتهجي أن النهاية قادمة وستعودين إلي سيدني التي عرفتها و أنا صغير .
لم تفهم سيدني ما قاله سيدها وبدا التردد عليها .
فعاد دايسكي يبتسم من جديد و قال : لو سمحت يا سيدني ..هلا دعوت أخوي إلي هنا , بالإضافة إلي كوب كبير من عصير البرتقال .. فأنا أشعر بالظمأ .
أومأت سيدني برأسها و قالت : حسناً يا سيدي سأفعل .
خلال خمس دقائق كان التوأم قد حضر – جوباس و هانسن – برفقة سيدني والتي كانت تحمل صينية عليه ثلاثة أكواب عملاقة من عصير البرتقال , فوضعتها بالقرب من المنضدة وخرجت بدون أن تحدث أي ضجيج .
اختبر دايسكي العصير فاستحسن مذاقه , ثم شرع في شربه في صمت , ولما وجد التوأم يقفان يحدقان فيه في صمت .
قال لهم : اشربوا العصير .. أنه رائع بحق .
قام التوأم بتنفيذ ما قاله أخوهم الأكبر وهم في حيرة من أمره العجيب هذا .
انتهي ثلاثتهم من شرب العصير وعاد مرة أخري إلي الصينية ولكنها كانت فارغة , بعدها اخرج دايسكي عصاه السحرية التي لم يستخدمها في أداء التعاويذ منذ فترة طويلة عندما قرر ألا يستخدم السحر ثانيةً وقد كان ذلك غالياً عليه فقد سمح للتوأم أخيراً بأن يفوزوا عليه في مبارزة حتى لا يدعوانه مرة ثانية .
كل ما فكر فيه التوأم لما رأي العصا السحرية .. هل هو على وشك لمبارزتهم الآن ؟
ولكنهم التقطوا أنفاسهم بعد أن أعاد دايسكي عصاه مرة أخري إلي موضعها في جيبه و تحدث أخيراً ليقوض غموض الموقف : اليوم هو 16 نوفمبر .. أليس كذلك ؟
نظر التوأم لبعضهم في قلق فهما يدركان ما الذي يقصده هذا اليوم وما يحمله من ذكري أليمة فأومأ التوأمين برأسهم في قلق و قالوا : بلي .
تنهد دايسكي و قال : حسناً .. هناك شيء سأخبركم به ..سيكون سراً فيما بيننا وحسب .. ولكن قبل أن أخبركم به أريدكم أن تعداني بشيء .
اندهش جوباس و هانسن وفي صوت واحد سألاه : وما هو هذا الشيء يا أخي ؟
جاوبهم دايسكي في غموض : أن لا ترحلا عن القرية لأي سبب من الأسباب .
سأله جوباس في حذر : وما الذي جعلك تفكر في مثل هذا الأمر يا أخي ؟
قال دايسكي : لأنني أشعر بأنكما تريدا الرحيل عن هنا .
ضحك هانسن في اضطراب وقال : وكيف هذا يا أخي ؟ , نحن لن نستطيع أن نمكث أكثر من سبعة أيام خارج قرية آيتورنا .
قال دايسكي في غضب : لا تخادعاني .. أنا أعني البوابات الست القديمة .. الرحيل دون عودة .. عداني بألا تخرجا حتى أتي إليكما .
تبادل كلا من جوباس و هانسن نظرة قلقة , ثم خفضا رأسيهما في خجل .
وبعد مدة صاح جوباس بمرح : حسناً .. ولكن ماذا تعني بقولك حتى تأتي إلينا ؟
تجاهل دايسكي نظراتهم و قال : سأخبركم ولكن بعد أن تعدوني بذلك .
تمالك الفضول كلاً من جوباس و هانسن فقالا دون أن يدركا العواقب الوخيمة لقرارهم : نعدك يا أخي بألا نخرج من القرية إلي حين قدومك إلينا .
تنهد دايسكي في ارتياح وقال : حسناً هذا يكفيني جداً .. سأخبركم بالسر .. سوف أموت اليوم !!
لوهلة لم يصدقا أي شيء ولكن حينما أعادوا سماع ما قاله في مخيلتهم من جديد ..خرجت العيون من محاجرها وسدت الآذان بالأيادي .
- نعم - هكذا صاح التوأم
قال دايسكي : سأموت اليوم , ولكنكم وعدتموني بألا تخبروا أحد .. وطبقاً لهذا الوعد لن أخرج أنا الأخر من القرية من هنا .. بمعني عليكم أن تقوما بدفني هنا , ولا تخبرا أحد من العائلة و لا تسائلونني عن السبب .
صاح هانسن : بحق الجحيم ,, ماذا تقصد بكلامك هذا .. هل أنت مخمور أم تهذي أم ماذا ؟!!
ابتسم دايسكي لهم في حنان : أنا في كامل قواي العقلية يا أخي الصغير .. ولكنني كما قلت سأموت اليوم وأنا واثق من ذلك .
صاح جوباس في غضب عارم : إذن أنت خدعتنا ..إن مت كيف ستعود .. ولماذا هذا اليوم بالتحديد ..يا لك من شخص قاسي .
نظر دايسكي إليهم في حزن وقال : أسف أخوتي .. أرجو أن تسامحونني !!
*******


نهاية الفصل التاسع

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:20
10- النبوءة التي تحققت أو تعويذة قلبية
ارتدت الشمس ثوب الغروب , كان غروب هادئ وجميل تابعه معظم السكان وهم يفترشون الشاطئ , هناك من صاح منهم : يا لله , و آخرين قالوا : يا للروعة .. ما أجمل هذا , وهناك من عجز تماماً عن الكلام ولكن كانت عيونه تنشد قصائد .
بدا يوماً رائعاً قد مر على أهالي قرية ( آيتورنا ) , كانوا سعداء بحق لأنهم تعلقوا به منذ الغسق حتى الغروب , ولكن يبدو أن هذه ليست كل مشاعر أهل القرية .
فقد كانت مشاعر هانا مضطربة وقلقة .. كان قلبها يثب عندما يلكزها أحد أخوتها الصغار حينما تكون شاردة , وهي شاردة تماماً منذ مدة طويلة .. هانا الفتاة رائعة الجمال منذ تسع سنوات .. الآن صارت أكثر جمالاً وبهاءً , وكانت تغبطها الشمس بالأعلى ومن بعدها حشد مكون من كل فتيات القرية , أما عن الفتيان فقد كانوا يهيمون بها حباً .. هناك من هوي صريعاً لنظرات عيناها العسليتان , أو تلاشي حينما صادف أن رآها تبتسم وكأنه يريد الاحتفاظ بتلك البسمة ملكاً لها كأخر ذكرياته تربطه بدنيا الفناء , بينما كانت الفتيات تموتن كمداً لشعرها البني المنسدل كخيوط من نور علي كتفيها , ولكن الجميع يعلم حقيقة واحدة .. يعلمون أنها تعشق دايسكي وهو الأخر يهيم بها حباً .. كان حبهم قد قطع شوطاً كبيراً ناحية الكمال , ولكن يبدو أنه لن يستمر بعد الآن .. سوف يتكسر في آي لحظة قادمة من الآن فصاعداً .. هانا تشعر بذلك فحالها هو القلق وعنوانها الذي خطي بفرشاته على وجهها المشرق فبات غائماً .. تخاف مما هو قادم .. تخاف منذ أن جاءتها رسالة دايسكي هذا الصباح والتي كانت مقتضبة جداً حيث كتبت عليها الكلمات الآتية بحروف بارزة : سأمر عليك الليلة لأمر هام جداً .
منذ أن قرأتها و قلبها بدأ يمارس نشاط غير عادي حتى هذه اللحظة وهو الوثب أكثر من مئة مرة في الثانية الواحدة , والآن ها هي تتوقع قدوم دايسكي في أية لحظة , فأخذت تهدأ قلبها الوثاب .. تهدأه من روعه بتذكر أفضل اللحظات التي قضتها برفقة دايسكي ولكن دون جدوى فشعرت بضيق في تنفسها من كثرة التكهنات المظلمة التي يرسمها لها عقلها عما سيسر عليه لقاءها المرتقب .
لم تعد تحتمل .. لا للحزن .. لا للقلق .. لا أريد أن أشعر بالضيق .. أريد أن أتنفس
فخرجت مسرعة من بيتها لتتنفس جرعات مكثفة من الأكسجين وهي تشاهد موت الشمس إمام ناظرها دون أي بادرة اهتمام .
****
عادت بذاكرتها إلي الوراء .. إلي ذلك اليوم الذي واجهت فيه دايسكي و سألته ماذا يريد ؟!
ذلك اليوم الذي كان بمثابة النقطة الفاصلة في كلا من حياتهم , حينما صارحا بعضهم بحبهم .
ابتسمت هانا بالرغم من شرودها وأخذت تسأل نفسها أي روح مشاكسة جعلتها تفعل ذلك .. ما ترتب عليه حب عظيم , استمرت هانا في استرجاع ذكرياتها وهي تتنشق الهواء بعمق .. في ذلك اليوم الذي كادت تقضي فيه القرية نحبها فيه حينما بدأ كأن جبل سوميلازر سيبتلعهم ولكنهم نجوا بطريقة ما .. كانت ستكون سعيدة لولا موت السيد ( جيفاني ) جد دايسكي وما ترتب عليه من انتقال انهيار القرية إلي انهيار قلبها وحياتها .. عندما أختفي دايسكي بعد الجنازة مباشرة .. أختفي هو وعائلته ولم يعدوا يخرجون من قصرهم .. كادت هانا تجن في ذلك الوقت , حتى أنها أخذت تدور حول القصر يومياً حتى أصابها الحزن و اليأس .
لاحظ كل من في القرية يأسها ذلك , فأخذ منهم من يواسيها , ولكن كان السواد الأعظم الذي أكل الحسد والغيظ قلوبهم و أكبادهم تغمرهم فرحة عارمة سريعاً ما تحولت إلي رماد وحسرة حينما ظهر دايسكي أخيراً هو وعائلته .. كان مبرر الاختفاء هو أن آيتورنا قد قررت علاج ميراندا والدة دايسكي , والتي بالفعل عادت إليها صحتها من جديد .
ولكن هانا لاحظت أن هناك شيء ما غريب قد حدث بعد فترة اختفاء دايسكي ..شعرت بذلك ولكنه لم تدري كنهه فآثرت الصمت , ولكن بصورة ما و بالرغم من الاختلاف الذي طرأ على عائلة دايسكي إلا أنها لاحظت أن دايسكي قد أختلف كلياً وكان اختلافه للأفضل بدليل أنه لم يكن يستحمل فراقها لثانية واحدة ولكم أسعدها هذا كثيراً .. أن تكون ملكة قلبها الوحيدة أفضل من أن تذهب إلي جزيرة ( فيلارس ) الأسطورية .
أصبحت حياتها تسير بشكل أفضل بخاصة بعد أن قدمها دايسكي لعائلته منذ أكثر من ست سنوات , ولما رأتها السيدة ميراندا ابتسمت لها ابتسامة تفضي بأنها راضية عنها تماماً , ولكن لم يدم هذا طويلاً فقد كان هذا هو لقاءها الأول و الأخير مع السيدة ميراندا ولم تراها ثانية .. كان موتها بمثابة واقعة مريرة على دايسكي فأخذ ينطوي على نفسه لعدة أسابيع , وبالرغم من اعتقادها بأن دايسكي يتألم لوحده إلا أن هانا كانت تتألم أيضاً .. تتألم لفراقه
ولكن دايسكي لم يتحمل كل هذا الحمل الثقيل لوحده فأنفضه عن ظهره و عاد ليري هانا من جديد ولما تقابلا – هي تتذكر ذلك جيداً – اغرورقت عيونهم بالدموع و دفن دايسكي رأسه في حضنها و لأول مرة رأته يبكي فحزنت لأجله كثيراً وقالت له : لا تبكي يا دايسكي .. أنت رجل .. أوعدني أنك لن تبكي ثانية .. أرجوك يا دايسكي لا تبكي لا أريد أن اسمع بكاءك أبداً .
كانت تكلمه بنبرة حانية ليست كحبيبته أبداً بل أيضاً قامت بدور أصعب .. لقد حاولت قدر الإمكان أن تشعره بأنه لن يفقد ميراندا لأنها ستكون لأجله ميراندا دائماً .
منذ ذلك اليوم اعتبرته طفلها وحبيبها .
دمعت عينا هانا فهي لم تعد تتحمل كل هذه الذكريات .
****

من جديد غرقت آيتورنا في بحر ذكرياتها فوصلت إلي اللحظة التي كاد دايسكي يقتلها فيها بعد أن أصبح هو و أخوته غير مرئي لها وبعيداً عن مرماها .. انتباها الخوف لأول مرة في حياتها لم تذقه منذ قرون مضت ..خوف عارم جعلها تهرع إلي قصرها المخفي , وجعلت القرية تعيش تحت عن الشمس لمدة طويلة معتقدة في ذلك أنها ستخفي سحر ميراندا عن دايسكي والتوأم , لم تعد تتحمل آيتورنا كل هذا الخوف , لاحت إمامها فكرة مجنونة تماماً ..فكرة تأتي في نفس مستوي خطورة مواجهتها للعين الصغير دايسكي .. كانت تريد بشدة أن تجعل دايسكي مرئي لها من جديد حتى تتسني لها فرصة عادلة لمواجهته ولكن فشلت كل حيالها تقريباً وكان لمزاجها المتقلب أثر سيء علي أهالي القرية , فتارة تذهب بالقرية إلي منتصف عاصفة هوجاء و تارة أخري تذهب بهم إلي منطقة تتعرض لسيل من الأمطار ..حتى زهق الآيتورنيين من ذلك , وهناك منهم من قرر بجدية أن يبحث عنها وتعنيفها – فهي لم تظهر للأهالي قط – ولكنها لم تلق بالاً لهذه العينة والتي كانت من الممكن أن تطلق علي دوافعهم هذه في وقت أخر و هي رائقة المزاج بدوافع الخروج عن الطاعة .. وكان هذا يعني شيء واحد في قاموسها بأن تطبق عليه نظام النفي فتمسح ذاكرته بأكملها وتقوم بأرساله إلي عالم الأبيكتيسكي ..قد يهلك في سبيل ذلك و ربما ينجو ولكن الشيء الأكيد أنه سيجن .. ولكن لحسن حظ ذلك الآيتورني أنه مازال حياً حتى يومنا هذا بفضل أنه أخذ يلقي الثناء عليها في قاعة الثناء .. حينها أعتقد أن آيتورنا قد استجابت لثنائه هذا وجعلت من اليوم عطلة رسمية , ليس هذا فحسب بل جعلته يتمتع بذلك الجو الاستوائي المشمس والنسمات الرقيقة التي تهب بين الفنية والأخرى ,, لم يكن السبب الفعلي لهذه العطلة هو ثنائه لا شك في ذلك , بل لأن لاحت لآيتورنا تلك الفكرة المجنونة التي لو نفذت بطريقة صحيحة ستري دايسكي من جديد وعدنها ستقتلها لا ريب في ذلك .
لقد تذكرت تلك العرافة المجنونة التي لا يستعصي عليها حيلة أبداً , هي لا تتذكر أخر مرة قد زارتها فيها ولكن يبدو هذا منذ قرون بعيدة وتساءلت في نفسها ..تري هل مازالت حية بعد ؟ أرجو ذلك ولتمت بعد أن أقابلها .
لم تكن هناك أي مخاطرة في مقابلة العرافة بل المخاطرة تكمن في خروجها من قريتها ..حصنها المنيع الذي يحميها من بطش ملوك الكوزرس المتواليين .
ومع ذلك فقد خرجت من حصنها حيث أنها بحسبة بسيطة وجدت أن عدو في الداخل أخطر مليار مرة من عدو من الخارج وحينما خرجت من حصنها قالت لنفسها ساخرة : تري ما الداعي للحياة إذا لم يكن هناك القليل من المغامرة ؟!
ثم رحلت عن قريتها لأول مرة لمدة تجاوزت الأثنى عشر ساعة أخذت تبحث فيها هنا و هناك عن العرافة , ولكنها لم تجدها بالرغم من بحثها الحثيث , وبعد أن تسلل اليأس إلي داخلها تمكنت من العثور عليها في قرية ( الطائر الأزرق ) و للدقة بالقرب من القرية , ولكن خابت آمالها فهي لم تكن العرافة التي عرفتها منذ قرون ولت ولكن لحسن الحظ كانت أحد حفيداتها والتي لم تقل براعة مطلقاً عن جدتها بل ورثت كل خصلة فيها تقريباً .
حكت لها ( آيتورنا ) مشكلتها , فأجابتها العرافة بكل فخر بأنها لو ذهبت إلي العرافات الأخريات لما وجدت حل لهذه المشكلة , ولكن أنا لدي الوصفة المناسبة..خذي هذه الوصفة ولكن أعلمي أنها لن تفيدك أبداً لو وضعتها بجوارك .. ستعمل الوصف فقط حينما تشكي في مكان ذلك المدعو ( دايسكي ) في ذلك المكان الذي تظنين أنه موجود فيه أنثريها ..عندها سيظهر لك , ولتفعل ما يحلو لك بعدها .
هكذا ظفرت آيتورنا بوسيلتها أخيراً .. فقط كل ما عليها هو أن تشعر بوجود دايسكي .. تلك اللحظة سيصير من الأموات .. هي قانعة تماماً بأن دايسكي سيظهر اليوم .. لا تدري من أين تأتيها كل هذه القناعة ولكنها تثق في حدسها .. لذلك أخذت تحدق في كرتها السحرية ..تحدق بلا كلل أو أن يتسلل إليها ذرة ملل .. بل تحدق في حماس شديد .. الليلة ستكون أخر إخفاقاتها , ولسوف تكون بهجتها أكثر من ذي قبل .. يخامرها ذلك الشعور ..وهي تثق بذلك تمام الثقة .. فقط كل ما عليها الآن الانتظار قليلاً .
*****

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:20
خرج دايسكي من القصر وهو لا يساوره أي شعور غير الألم , قاوم بشدة عدم النظر إلي القصر أو الاهتمام لمظهره الخارجي .. أراد أن يفعل مثلما بفعل كل يوم .. أن لا ينظر إلي القصر وهو يرحل عنه لأنه يعلم جيداً أنه لن يعود إليه بعد اليوم .. أخيراً انتصر على رغبته هذه وكانت فكرة أنه في الغد قد يعود من جديد هي فقط التي أشدت من أزره ليمضي قدماً دون النظر خلفه .
دائماً ما يقولون أن الموتى يعلمون بقدوم موتهم بدليل ذلك النشاط الغير طبيعي وهذه الجرعة الاجتماعية العالية التي يمارسونها قبل رحيلهم ببضعة أيام فيرون كل أحبابهم و أصدقائهم .. الآن تتكرر هذه الظاهرة مع دايسكي فهو الآن إمامه ساعة حتى موعده مع هانا المخلوق الوحيد الذي يهتم به حقاً خارج دائرة عائلته .
مشي دايسكي بجوار أحد ضفتي نهر العين الزرقاء بخطوات متمهلة , حاول أن يجعل من رئتيه تبذل قصارى جهدها لتعبأ من الأكسجين حلو المذاق الذي يرافق مياه النهر إلي مثواها الأخير في جوف البحر , جعل من آذنيه تنصت بشدة وتركز كل مستقبلاتها لتسمع دبيب النمل الذي يمشي في فرق عسكرية من أسفله ليصل إلي غنيمة اليوم التي سيقتات عليها لعدة أشهر قادمة , أو البلابل والعصافير التي تغرد وتشدو بأعذب الألحان و ابتسم وهو مغمض العينين ابتسامة حزينة لفراق كل هذا , تلتها ابتسامة سعيدة نابعة من إيمان قوي بأنه سيعود ذات يوم ليرجع لكل من في القرية إلي رشده .. دخل إلي جوف جبل ( سوميلازر ) ليودع كل قاطنيه دون أن يفهموا سبباً لذلك ,, ذهب إلي القرية ووزع كل ابتسامته علي كل من قابله ,, وزعها في حماس واستغرب القوم من ذلك بعضهم قال ( يا له من مجنون ) – ( علام يضحك ؟! ) – ( ما سر سعادته هذه ؟! ) .
فكانت إجابته ابتسامة أخري .
الآن وقد قاربت الشمس على الغروب عاد دايسكي إلي طبيعته وكأن بقدوم الليل قد شفاه من حالته وعلاجاً لغرابته هذه فعاد الحزن والكرب من جديد يفيض علي جوانب قلبه حينما رأي هانا تخرج من بيتها ذي الطابقين الملون بالبرتقالي ولما لمحها أحس بما يجول في صدرها من خواطر و أفكار مضطربة ولكنه عزم على هذا الأمر منذ سنوات عدة ولكنه دائماً ما فشل في تنفيذه ..فشل في كل هذه السنوات والآن لم تعد إمامه غير محاولة واحدة أخيرة وعليه ألا يفشل فيها .
أقترب من هانا و أمسك بيديها ثم سحبها برفق إلي حيث الحديقة العامة والتي كانت فارغة من جنس مخلوق .
طالت فترة الصمت بينهما كثيراً , فلم تتحمل هانا أكثر من ذلك وقالت : ماذا هنا يا دايسكي .. ما الأمر ؟
أجابها دايسكي بصوت خافت : أريد أن أعترف لك بشيء هام !
ضاقت حدقتا عيناها وقالت في قلق جلي : تعترف بماذا ؟
أجابها دايسكي في تردد : هانا .. أتتذكرين تلك القصص والحكايات التي كنت أحكيها لك قديماً أثناء طفولتنا !
نظرت هانا إليه و قالت بلهجة حانية : أه .. بالطبع أذكرها .. كنت صاحب مخيلة عظيمة . ثم تابعت في لهجة لوم ممزوجة بالظرف لتلطف ما هو قادم : و التي صدعت بها رأسي بدلاً من أشعارك الرائعة .
ابتسم دايسكي و قال مداعباً : لم أنقطع عنها و أنت تعرفين ذلك .
قررت هانا بأن تتمادي في تمثيلها فأشاحت بنظرها عنه و قالت : أها .. حقاً , و لكن ليس كما كانت من قبل .. لقد صرت شحيحاً و أحسبك قد مللت مني .
نظر لها دايسكي معاتباً و قال : حبيبتي .. أنا لن أمل منك أبداً , و الآن اسمحي لي بأن أحدثك فيما جئت .
أوشكت هانا أن تقول : وهذا دليل واضح علي شحك . ولكنها لم تفعل فقد أدركت أن لحظات المزاح والمعاتبة فيما بين المحبين قد انتهت فصمتت ونظرت إلي دايسكي ولم تستطع إخفاء قلقها .
قال دايسكي بصوت جعله هادئ أقصي الإمكان : كل ما حكيته لك عن السحرة والجن و الأقزام والبشر و الكوزرس و النيلبو و الأرسيديجون .. كل ما حكيته لك عن سحر السحرة وعبقرية البشر صحيح يا هانا !
أجفلت هانا لبرهة وقالت : ماذا ؟ أنت تمزح .. يا له من مزاح ثقيل و أنا الذي حسبتك ستحدثني في أمر ما هام .
أحاطها دايسكي بذراعيه و قال : لست أمازحك يا هانا .. أنا ساحر و أنت بشرية .
شعرت هانا بالغضب من إصرار دايسكي على الاستمرار في مزاحه السخيف هذا فصاحت فيه : يا لك من أناني .. جعلتني أعيش اليوم بأكمله في قلق وحيرة و الآن أنت تمزح معي كأن شيء لم يكن .
لم يستحمل دايسكي كل هذا الغضب , كان يعلم أنه مخطئ تماماً , كان عليه أن يخبره منذ زمن طويل و لكنه يحاول أن يخبرها الآن بعد أن فات كل يوم وقضي نحبه ناحية اليوم المشئوم .
سمح دايسكي لنفسه بأن يبكي فهو لم يعد يقدر تحمل كل المشاعر التي تجوب داخله الآن .. التوأم .. هانا .. جده .. أمه ..كل شيء ظهر في ذهنه يحيطون به مع أفكاره .
اهتز جسده من البكاء , فاستغربت هانا من موقف دايسكي وغلبتها عاطفة قوية جعلتها تنسي كل غضبها وشعرت بأن دايسكي الآن ليس حبيبها بل طفلها فعانقته و سألته : لما تبكي .. لما تبكي !
قال دايسكي من بين دموعه : لأنني أخطأت كان ينبغي ألا اسمح لنفسي بأن أكون معك حتى الآن .. كان ينبغي أن أقطع علاقتنا منذ زمن حتى لا أسبب لك كل هذا الألم , ولكنني كنت مجرد أحمق لم يستطع الفراق .. كان فراقي عنك أشبه بالجحيم ..كأن الشمس ستتوقف عن الشروق أو أن تقرر البلابل بأن تتوقف عن التغريد ولكن .. ولكن كان ينبغي أن ....
- هدئ من روعك يا حبيبي . قالتها هانا بصوت عذب , لم تكن تعلم عما يتحدث دايسكي أو ما الذي يجري له الآن ولكن في داخلها كانت تشعر بالقلق أكثر من دايسكي , فوقعت فريسة للحيرة ولكنها ركزت علي شيء واحد ..أن تنتشل نفسها من كل تلك المشاعر القلقة والمضطربة و أن تهدئ من روع دايسكي .
بمرور فترة قصيرة انتهت نوبة البكاء وصمت كلاً منهما محدقاً في الأخر .
قالت هانا بصوت هادئ : عدني يا دايسكي .
حدق فيها دايسكي و سألها في دهشة : بماذا أعدك ؟
أجابته قائلة : عدني بألا تبكي ثانية .. أنت رجل و الرجال لا ينبغي عليهم البكاء أبداً .
ابتسم دايسكي في وهن وقال : أعدك بذلك يا هانا .. لن أبكي بعد الآن أبداً .
ثم فجأة أخرج عصاه السحرية من جيبه و تمتم ببضعة تعويذات فظهر كأسان يملأهما حتى الحافة سائل عصير البرتقال وقدم أحدهم لهانا التي لم تستوعب ما جري الآن بينما أخذ هو الأخر بعد أن أعاد عصاه السحرية إلي موضعها السابق .
قال دايسكي في بطء بعد أن استعاد هدوئه من جديد : ما رأيته الآن يا هانا سحراً وتلك العصا هي عصاي السحرية .. أنني ساحر يا هانا .. بينما أنت بشرية !
هزت هانا رأسها غير مصدقة وكادت توقع كأسها و قالت وعيناها تتلألأ بالدموع : أنا لا أفهم شيء على الإطلاق .. هذا ليس مزاح أليس كذلك .. أخبرني بأنه ليس مزاح .
لم يجد دايسكي قول ليرد به عليه فأثر الصمت , في حين أن ناظري هانا لم يغفل عن دايسكي وبدت عيناها تترقرق بالدموع و سألته : إذن لماذا أخبرتني .. لماذا جعلتني أصاب بهذه الحيرة .. ألم يكن من الأفضل ألا تخبرني بشيء ؟
مرت فترة صمت وبعدها تكلم دايسكي بنبرة فيها آسي : لأنني لم أشأ أن أتركك جاهلة بكل هذه الأمور .
علقت هانا في فزع : تتركني !!
أخفض دايسكي رأسه وقال : بلي يا هانا , لأنني سأموت هذه الليلة .
جزعت هانا مما سمعت وحاولت عبثاً أن تسد آذنيها ولكن بلا فائدة .. لقد قالها [ لأنني سأموت هذه الليلة ] .
صاحت هانا في خوف : أللعنة يا دايسكي .. لما تقول هذا الكلام .. أنا أحبك , فلتكف عن العبث معي بهذه الطريقة , أنت ساحر حسناً .. أنا بشرية موافقة , ولكن لا تتمادي وتقول أنك ستموت .
تمتم دايسكي في وهن : هذه هي الحقيقة يا هانا .
- أصمت . قالتها هانا بصوت حازم وجذبته وغرقت معه في قبلة طويلة بشرية أو سحرية ولكن امتزجت فيها عاطفتهما معا و أبعدت عنهم الخوف والجزع .
***

دايسكي هيتاشي
09-05-2010, 21:23
غمر البهو العظيم نور خافت رقرق , كان يهتز قليلا ويتراقص حينما تلقي النسمات بتحياتها على مصدره , حدث كل هذا عندما حل بدا الغسق يلملم عباءته تاركاً الساحة لليل .
مازالت آيتورنا تحدق في كرتها السحرية في ملل وفتور وقد خامرها بعض الشك في صدق حدسها و أنها لن تعثر على دايسكي الليلة وما كان خاطرها إلا محض حلم يقظة .
وبدون أن تعبأ بالنظر أظهرت الكرة السحرية قصر آل جيفاني وأخذت تتفحصه شبرا شبرا و لكن لم تهتم آيتورنا فهي قد يئست تماماً من إيجادهم في القصر بالرغم أنها تعلم علم اليقين أنهم لم يرحلوا عنه مطلقاً , ولكنها لم تجرؤ على الذهاب إلي هناك , فقد كانت التعاويذ الدفاعية منتشرة في أرجاء القصر , كان في استطاعت آيتورنا أن تتجاوزها ولكن لما يتوجب عليها فعل ذلك و هي لا تدري أين تبحث , حتى أنهم لم يأتوا بفعل يدل على وجودهم , وهذا ما كان يصيبها بالجنون .
و بالفعل كان دايسكي قد علم التوأم أساليب شتي وتعاويذ لمدارة وجودهم , فهم لم يعدوا يأكلوا أو يشربوا مطلقاً في القصر لأن ذلك قد يثير انتباه آيتورنا .. أكل يؤكل أو ماء يشرب من فراغ .. بالتأكيد كان ذلك ليثير الريبة .
بالطبع لم تعلم آيتورنا أن دايسكي و أخوته قد صنعوا لهم بيت في جوف جبل سوميلازر ليمارسوا فيه أنشطتهم العادية .. فقد أتبع دايسكي نصيحة جده جيفاني [ طالما أنت في مكان محظور فأنت في مأمن من شر آيتورنا ]]
كانت آيتورنا تتشوق لبدء السنة الدراسية فور قتلها لميراندا لأنها قد تجد بصيص أمل في قدوم أطفال جيفاني إلي المدرسة وبالتالي تستطيع التخلص منهم , ولكنهم لم يعودوا قط إلي المدرسة واكتفوا بتعلم السحر داخل جبل سوميلازر بخلاف تلك الحجرة التي صنعها دايسكي و ميراندا التي أهملت على الفور فور ظهور عداء آيتورنا لهم .
علي أية حال , كان القصر في السنوات الأربع السابقة يعتبر مأهول و غير مأهول في آن واحد .
زفرت آيتورنا زفرة حارة طويلة و استرخت في عرشها ثم رفعت كرتها السحرية إلي مستوي أعلي لتتابعها جيداً . كانت الكرة السحرية تمارس عملها السرمدي في نشاط و دأب وكأنها لا تمل أبداً من مهامها الروتينية وبالرغم من أن آيتورنا راحت في غفوة ألا أنها استمرت في عملها بهمة ونشاط .. الآن تتجول في شارع سوناتا الرئيسي بسرعة وكأنها كاميرا معلقة أمام مقدمة سيارة تسير بسرعة رهيبة , ولكنها توقفت فجأة ثم قفزت ورقة مذهبة من لا مكان منقوش عليها بحروف بارزة [ تود خالف القانون الرابع ] .
كان تود فتي أشقر ولكنه بدين وكان يحتسي الجعة في أحد الأزقة وكان هذا كافي لأن تكتب الكرة السحرية هذه الملاحظة لأن تود لم يتجاوز الثامنة عشر بعد .
التقطت آيتورنا الورقة ورفعت جفونها وقرأت ما فيها ثم رمتها في ازدراء وصاحت : تيري .. لا تزعجينني بهذه التفاهات الليلة .. هذه الليلة مخصصة فقط لدايسكي , إن لم يكن شيء له صلة به فلا توقظينني .
ظهر وجه تيري بدلاً من أبنية القرية وحاولت الابتسام بصعوبة وتمتمت : أمرك سيدتي .
عادت آيتورنا إلي غفوتها من جديد وفي نفسها شيء من السخرية .. فها هو اليوم قد مر دون حدوث أي شيء .
بينما تيري الكرة السحرية عادت طائرة إلي وسادتها القطنية وحدثت نفسها ( هه ..تيري مزعجة.. تيري مزعجة أيتها الوقحة ..تيري أخر سلالتها تعامل بهذه الطريقة .. أه يا تيري أي حماقة جعلتك ترحلين من الأرض المسحورة مع هذه اللعينة ) .
هكذا أخذت تيري تندب حظها في صمت وتابعت عملها الذي لا فكاك منه , وعيناها زائغتان , فبقدر اشتياقها لتنفيذ عملها و الإمساك ب(دايسكي) بقدر تمنيها إلا تمسكه فهو من ينغص على آيتورنا عيشتها وبالتالي يثأر لها بشكل ما .
لم تمشط المدرسة هذه المرة فهي علي يقين تام هي الأخرى بأنها لن تجده , فالمدرسة مغلقة لذلك تابعت بحثها في أماكن أخري .
بالرغم من أن بصيرة تيري تسمح لها برؤية ( جبل سوميلازر ) بل الإحساس بوجود دايسكي و أخوته بداخلها إلا أنها لاحظت أن آيتورنا ليس في وسعها رؤية ذلك , ولكم كانت تيري سعيدة عند اكتشافها تلك الحقيقة ولم تتساءل قط عن عدم مقدرة آيتورنا علي الرؤية ومع ذلك فقد كانت بصيرتها مقيدة ببصيرة آيتورنا فلا تري كل الأشياء مثل ما بداخل الجبل مثلاً .
أخذت تبحث في الميدان العام ولكن دون جدوى , فوجهت أنظارها إلي الحديقة و فجأة صاحت بلا إرادة ورغماً عنها بسبب شروط الولاء التي لا تستطيع التحرر منها : ملكيتي انظري , هل ترين ما أري ؟!
فاقت آيتورنا من غفوتها فزعاً و رأت ذلك المشهد العجيب .. هانا وهي تبدو في وضع غريب وشاذ ..وكأنها تقبل الهواء .
هسهست آيتورنا في غضب عارم : يا لي من غبية ..لقد كان إمامي طيلة الوقت كيف لم ألاحظ ذلك .. ثم دمدمت : آفبوريس
فانتقلت آنياً إلي حيث هانا وبسرعة البرق رمت الوصفة في الهواء وصاحت : سيديري .
فانفجرت القنينة وتحولت قطرات الوصفة إلي شظايا مضيئة و كونت دائرة غطت الحديقة بأكملها وفور أن تلمس الحزم المضيئة الموجودات تتوهج لتحول كل ما هو غير مرئي إلي مرئي .
دهش دايسكي ولكن ليس بقدر دهشة هانا التي صاحت : ما الذي يحدث ؟ من أنت ؟
لم تعبأ آيتورنا بوجود هانا و أخذت تنتشي بنصرها أخيراً وتضحك , بينما في ذات الوقت أستل دايسكي عصاه السحرية كالسيف وجعل من نفسه درعاً لهانا وقال بصوت رخيم : أنها آيتورنا يا هانا .
فصعقت هانا من المفاجأة ولم تقدر أن تتفوه بكلمة ..ولكنها أدركت شيء واحد أن كل حياتها انقلبت رأساً على عقب ولم تعد الحقائق المعروفة سوي محض أكاذيب .
ابتسم دايسكي وقال في سخرية : عاش من شافك يا آيتورنا , لعل المانع خير !
جارته آيتورنا في حديثه الساخر وقالت : أه .. مشاغل الدنيا يا عزيزي .. فلا أريد أن أخيب ظنك حينما تراني .
ضحك دايسكي وقال : تبدين أكثر فتنة وجمالاً عن ذي قبل .
لم تشعر هانا في تلك اللحظة بأي غيرة على الإطلاق , ولكن كان الأمر برمته يقلقها , فما كانت إلا أن تزداد تشبثاً ب ( دايسكي ) الذي قال : حسناً وماذا تريدين مني الآن يا آيتورنا ؟
أجابته آيتورنا وملامح السعادة تعلو وجهها : أريد قتلك يا عزيزي .
ابتسم دايسكي وكأنه قد سمع مزحة و قال : حسناً , ليس لدي مانع على الإطلاق .
جحظت عينا هانا وحدثت نفسها ( إذن دايسكي لم يكن يمزح معها بخصوص هذا الأمر ) .
في حين اندهشت آيتورنا قليلاً وخمنت بأن هناك خدعة ما يمارسها دايسكي فقالت ساخرة : حقاً .
فأجابها دايسكي في صرامة :أنا لم أكمل كلامي بعد , لقد أخبرتك أنني على استعداد تنفيذ أمنيتك هذه في مقابل وعدك بألا تؤذي هانا أو أي فرد أخر في القرية .
نظرت له آيتورنا نظرة ساخرة وكأنها تقول : يا لك من لعين نبيل .
في حين صاحت هانا : لا .. أي حماقة تتفوه يا دايسكي .
فألتفت لها دايسكي وحضنها وهمس لها : ألا تذكرين عما تحدثنا منذ قليل ؟!
ثم قبلها قبلة صغيرة , وبينما وهو يفعل ذلك دس لها مظروف في أحد جيوبها , ثم عاد ليواجه آيتورنا وقال وهو ما يزال شاهراً عصاه : فلتعديني .
قالت آيتورنا في لهفة وسرعة : حسناً أعدك بذلك .. والآن هل انتهينا ؟
قال دايسكي : رجاءً فلتذهبي يا هانا .. فلتبتعدي قدر المستطاع .
هزت هانا رأسها نافية و أغمضت عيناها وزاد من أحكام قبضتها على يد دايسكي الأخرى وبدت تدمع عيونها وكأنها لا تريد أن تتركه أبداً .
همس له دايسكي من جديد : رجاءً يا هانا .. فأنا لا أريدك أن تري هذا الأمر ..أرجوك
فنظرت له هانا نظرة لن ينساها ما حييا أبداً , ثم ابتعدت عنه وسط دموعها وتوارت خلف أحد الأشجار وجمدت في مكانها لتتابع ما يحدث .
قال دايسكي : شيء أخير يا آيتورنا .
قالت آيتورنا : ماذا ؟
فقال دايسكي بصوت عذب : ما رأته عيني لن تراه عينيك .. من ابتسمت له فلن تكشري له و أخيراً من أحببته فلن تلمسه يديك بسوء .
لم تفهم آيتورنا ما الذي قاله دايسكي ولكنها صوبت يديها ناحية قلب دايسكي ودمدمت : سلايسك
وفي نفس الوقت ابتسم دايسكي أخر ابتسامة له ..كانت ناصعة البياض وخرجت وانفصلت عن جسده لتحلق في الفراغ وتحيط كل ما تلمسه بهالة نورانية و تمتم وهو يلوح بعصاه السحرية : سوسيا .
كان لونها قرمزي وأحاطت به كالدرع وما أن إصابته التعويذة القاتلة حتى تحول لون الدرع بدورها إلي البياض الشاهق ثم بدأ هو الأخر ينثر حزم من الأنوار التي أحاطت بالقرية وكأنها تحتفل بليلة من الشهب المتساقطة .
وغطت أول الحزم هانا .. كانت حزم من النور الأبيض تخرج من جسد دايسكي وما أن انتهت ابتسامته .. اختفي الدرع الأبيض ومعه سقط دايسكي قتيلاً .
****


نهاية الفصل العاشر
\\
في انتظار تعقيباتكم ونقاشاتكم
\\

شباب بكده أكون نزلت أول 10 فصول من روايتي , وبإذن الله هكمل الرواية في الاجازة نظراً لظروف الامتحانات
فدعواتكم معايا :)

meroni
12-05-2010, 22:34
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كيفك أخوي دايسكي ؟

أن شاء الله تمام
بصراحه الفصل التاسع والعاشر لا يعلا عليهم أبداع إلى حد غير معقول
الله يسهل عليك الامتحانات
دعواتي لك بالتوفيق والنجاح

في انتظارك مهما طال غيابك

تحياتي

meroni

هيناموري أمو
13-05-2010, 11:34
قررت أسوي حزب ضدك لنقوم لقتلك لفعلتك الشنيعة

ما توقعتها منك يا دايسكي ما توقعتها منك

حذرتك وما سمعتني حذرتك بس ما سمعتني لا إله إلا الله

(أنا داريه إنو مامات بس راح العالم التاني اللي نسيت اسمو ا)

على كلن القصة روعة و عجبتني بس أوعك أوعك تسوي شي بدايسكي مرة تانية

و إذا تسألت ليه قلت إنو دايسكي ما مات لأن البطل مايموت في نص القصة
.
.
.
.
شكرا مرة أخرى أختك أمو-تشان

دايسكي هيتاشي
19-05-2010, 20:43
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كيفك أخوي دايسكي ؟

أن شاء الله تمام
بصراحه الفصل التاسع والعاشر لا يعلا عليهم أبداع إلى حد غير معقول
الله يسهل عليك الامتحانات
دعواتي لك بالتوفيق والنجاح

في انتظارك مهما طال غيابك

تحياتي

meroni
الحمدلله تمام اختي
بس على وشك الاقتتال والتعارك مع الامتحانات خلال اسبوعين ض2
سعيد بمرورك اختي

قررت أسوي حزب ضدك لنقوم لقتلك لفعلتك الشنيعة

ما توقعتها منك يا دايسكي ما توقعتها منك

حذرتك وما سمعتني حذرتك بس ما سمعتني لا إله إلا الله

(أنا داريه إنو مامات بس راح العالم التاني اللي نسيت اسمو ا)

على كلن القصة روعة و عجبتني بس أوعك أوعك تسوي شي بدايسكي مرة تانية

و إذا تسألت ليه قلت إنو دايسكي ما مات لأن البطل مايموت في نص القصة
.
.
.
.
شكرا مرة أخرى أختك أمو-تشان
احم
اوبس
اتقتل "^^

,,
احم وفيها ايه لما دايسكي يموت .. احنا لسه في اول 10 فصول .. ربما لم يكن هو البطل من الاساس :D
,,
هيهي
سعيد بحماسك اختي ..
انتظري بقية الفصول في الاجازة لمعرفة ما ستئول إليه الاحداث :p

أريج الروح
12-06-2010, 17:03
السلام عليكم

البارت التاسع والعاشر كتير حلو
سؤال وهو دايسكي هو البطل ولا لا ، ولا راح يكون فى عالم تاني

هينى باستنى ايام واسابيع ، مع انو صار 3 اسابيع

المهم البارت 11 بسرعة حطو اخ دايسكى

سلام مؤقت

دايسكي هيتاشي
19-06-2010, 19:34
السلام عليكم

البارت التاسع والعاشر كتير حلو
سؤال وهو دايسكي هو البطل ولا لا ، ولا راح يكون فى عالم تاني

هينى باستنى ايام واسابيع ، مع انو صار 3 اسابيع

المهم البارت 11 بسرعة حطو اخ دايسكى

سلام مؤقت

أهلين \ اريج الروح
,,
سؤالك عن اذا كان دايسكي البطل أم لا ؟
الإجابة بكل تأكيد هو البطل :D > حصل حاجة ولا ايه [ و كأني مش عارف :p ]
,,
الان صار اسبوعين
الخميس القادم سأنهي امتحاناتي وبعدها أخذت راحة سلبية يومين ومن ثم اكتب الفصل الجديد و أنزله هنا :)
,,
سعيد مبرورك :سعادة2:

Uni's Lover
21-06-2010, 18:18
^_^

دايسكي هيتاشي
24-06-2010, 13:28
يااااااااااااااااه
اخيرا اخذت الاجازة :D
,,
وبما اني لسه واخذ الاجازة من ساعتين ونص
اممممممم
قلت اجيب نص الفصل الحادي عشر بعد فترة من الغياب ولكنها قصيرة أليس كذلك ؟
إذن هل هناك من ينصت لي ؟ :p
*****

دايسكي هيتاشي
24-06-2010, 13:30
11) شيء غريب قد حدث

- سيبينسلا . هكذا صاح ثائر ملوحاً بعصاه السحرية .
ذات الأمر الذي حدث منذ تسع سنوات مرت , حينما كان طفلاً وفاز على أستاذه في المبارزة التي جعلت من نجمه يعلو في السماء ويصبح أصغر أعضاء جماعة دلفاي السحرية سناً .. كان أمر لا يصدق فالجميع كان ينظر له هو و دايسكي نظرة غريبة تكشف عن مدي الغيرة وأحياناً المقت الذي يملأ نظراتهم الموجهة لهذين الطفلين .
ولكنهما لم يعبأ بكل هذه النظرات , وكبرا في السن وصاروا أقوياء .. هذا ما كان يطمحان له .. أن يصيرا أقوي بكثير عن اليوم السابق , وبسبب ذلك أولت جماعة دلفاي السحرية جهودها لتعليمهما بالإضافة إلي فريد الذي انضم إليهم لاحقاً .. بالطبع كان الثلاثي لا يعلمون أن ذلك كان مخطط له سلفاً بناءً على نصيحة هيتاشي والد دايسكي .
وبسبب ذلك أيضاً ظهرت هذه المسابقة التي يتنافس فيها ثائر حالياً.. أنها مسابقة الساحر المبدع !
لم ينضم لها سوي اثنتا عشر فرداً ممن يمارسوا السحر حول العالم خارج مملكة السحرة وتحت رعاية قلعة طيبة ومملكة الكوزرس .. أقوي اثنتا عشر مراهق على مستوي العالم , والتي انضما إليها الثنائي دايسكي وثائر , في حين تخلف عنها فريد لكونه مشغولاً بأحدي المهام التابعة لجماعة دلفاي السحرية , ولا يقلل هذا من شانه أو قواه .. فالثلاثي تقريباً قواهم متماثلة وفي نفس المستوي تقريباً .. وما كانوا يتدربون بجد إلا للتفوق على بعضهم البعض .
كان حالهم هذا يؤكد يوماً بعد الأخر لكلاً من جوباس الكبير و ملكيادس أن أحدهم بكل تأكيد مرشح ليكون أحد المنبوذين الست .. كان كلاً منهما يسعيان بشدة لمعرفة من هو المنبوذ من السحرة .. المنقذ و الأمل لإنقاذ عالم الأبيكتيسكي من نبوءة الدمار .
قامت هذه البطولة الغريبة لأجل ذلك الهدف.. التعرف على من لديه علامات أن يكون منبوذاً وحمايته كما اتفقوا منذ مدة طويلة مع هيتاشي و وسام في تلك الجماعة التي انضم إليها هيتاشي .
كان في المقصورة الرئيسية عدد كبير من الشخصيات المرموقة عالمياً .. ( ايفرسون ماليني ) رئيس اتحاد المبارزات العالمية وكان يرتدي زيه الأخضر الرسمي , وبجواره يجلس سيبرد أحد مستشاري العلاقات العامة عبر الأجناس .. وبالرغم من أنه لم يكن مدعو إلا أنه حشر أنفه حتى جعل من جوباس يوفر له مقعد بجوار إيفرسون ماليني .
لم يشعر ملكيادس نحوه بالود وما زاده يقيناّ بذلك هو نظرات سيبرد الثعبانية من أسفل نظارته التي يحركها بين الفنية و الأخرى بشيء من العصبية ويهز قدميه في توتر ملحوظ , وإن سألته هل هو بخير ؟ .. ستجده ينظر لك بحيرة وكأنه يقول : وما الذي يدعوك لقول ذلك ؟ .
لذلك كان ملكيادس يشك في أمره , كما كان هناك أمير من مملكة السحرة جاء نائباً عن ملك السحرة وكان يجلس في الطرف الأخر بجوار ملك الكوزرس بعيداً عن ملكيادس نظراً لسوء العلاقة بين فرع آل جيفاني بمملكة الكوزرس مع مملكة السحرة , ولكن ملك الكوزرس عبر عشرات السنين حاول تهدئة هذه المخاصمة وكانت دعوته اليوم أحد تلك المحاولات , بغض النظر عن أن الأمر في الأساس يخص السحرة .. لقد كان الأمر شائك نوعاً ما , ولكن الجميع كان يجلس في أماكنهم في هدوء .
بينما في الصف الثاني تراصت مجموعة من المقاعد الفاخرة لم تظهر معظم أبهتها وحسن زركشتها بسبب تلك الأجساد التي غاصت فيها .
كان يجلس في الصف الثاني الأشخاص الممثلين للمبارزين الذي رغم خروج معظمهم , ولم يبق سوي أربعة منهم إلا أنهم تابعوا البطولة , وكذلك المبارزين الذي خرجوا منها .
بينما كان جوباس الكبير وملكيادس يجلسان وعليهما إمارات الطمأنينة ومن حولهم مجموعة من أعضاء جماعة دلفاي السحرية الذي بطبيعة الحال لم تظهر وجوههم , و كان هناك عضوان منهم قريبان من ملكيادس وكانا صغيران في السن .. كانا دايسكي و فريد اللذين أخذا يتابعان مبارزة ثائر ضد ميجرند من السويد في حماس .
في حين كان الملعب مليء علي أخره بالمتفرجين .
كان صوت بانش المعلق يتردد كالصدى في الملعب : تعويذة جديدة مبتكرة من السيد ثائر يلقيها على خصمه ميجرند الذي ...
بتر كلامه بغتة و اتسعت عيناه على أخرهما وتابع بصوت مندهش : يا للهول ما الذي حدث ؟
كانت هناك عاصفة من السكون قد أصابت الملعب , لم يستطع ميجرند تفادي التعويذة الأخيرة فتحول لون جلده إلي الأحمر الدموي ثم ارتعش جسده بأكمله و.. صوت طق مزعج اندفع فجأة وسط السكون .. لقد خرج اللحم من العظم وكادت عصاه السحرية تتهشم لولا أنه في أخر لحظة ألقي بها بعيداً .
لم تصنف هذه التعويذة علي أنها من السحر الأسود بل من التعاويذ المؤذية , لم يستطع ميجرند فعل شيء وبخاصة بعد أن رمي بعصاه السحرية بعيداً .. وحاول أن يكظم صرخاته و تمتم والدموع تكاد تخرج من مقلتي عينيه : استسلم .
فهرع ناحيته مجموعة من الأطباء ولكن لسوء حظه لم يعلم الأطباء ما الذي ينبغي عليهم فعله لإيقاف هذا الألم .
حينها لوح ثائر بعصاه ناحيته و تمتم : اماليون .
فاختفت آلام ميجرند و أغمض عينيه وهو يشعر بالراحة بنجاته من هذا الخصم القوي .
أعطاهم ثائر ظهره و تحرك ناحية المخرج وسط ضجيج المشجعين الفرحة بوصول ثائر إلي المبارزة النهائية .
في ذلك الحين قال ملكيادس وعلى ثغره بسمة خفيفة : ينبغي أن تستعد فخصمك قوي .
ابتسم له دايسكي وقال : أنا لها يا جدي , فأنا لا أريد أن أخيب ظن ثائر في مواجهتي .
ثم اختفي وظهر في ساحة المبارزة منتظراً خصمه العنيد والقوي ( هامفر ) .
بالرغم من أن السن ليس مقياساً للقوي , فليس من الجائز القول بأن في استطاعة دايسكي هزيمة هامفر الذي يصغره بعامين , فالأخير ليس مراهق ساحراً فحسب بل أنه سليل عائلة ( وايت نيبل ) السحرية العريقة وقد ورث عنهم كل قواهم وسحرهم وكان لا يعرف الرحمة بالرغم من سنه الصغيرة , كان فتي مرعب بيد أن قد تغلب على معظم المرشحين لقيادة عائلتهم , لم يكن يعرف شيء اسمه شفقة وكانت عيونه باعثة للرعب في الآخرين لأنه لا يحب شيء غير القتل وكان يمارس السحر الأسود في الخفاء .. بحق أنه خصم لا يستهان به .
قد يتعجب البعض من عدم قبض السلطات عليه لأن تعاويذ القتل محرمة في كل الممالك والمقاطعات إلا أنه يستخدمها , وهذا يعود بنا إلي تفكيره الشرير .. لأنه كان يطلب دائماً من متحديه مبارزة حتى الموت , و كان الكل يوافق على ذلك في تهكم حاسبين أنهم سيقدرون على ردعه لصغر سنه .
كان هامفر طفل غير عادي .. كائن مرعب وقوي في نفس الوقت .. قد يبدو هذا سريالي بعض الشيء ولكن منذ أن دقت الدقة الأولي في هذا العصر وقد ظهر هؤلاء الأطفال الذين يبدون كالبالغين .. أنهم الأطفال المنبوذين .. ليس كلهم منبوذين بالطبع بل واحد منهم .. المنبوذ الحقيقي .
بالطبع لم تشغل أي هيئة تفكيرها بتقصي هذا الأمر عدا جماعة دلفاي السحرية .
كان أسوا مخاوف ( ملكيادس ) أن يفوز هامفر ..أنه غير مبال .. بارد .
فماذا سيحدث لو كان هو المنبوذ المقصود ؟!!
نبذ ملكيادس هذه الفكرة من عقله فهو يثق في دايسكي بأنه سيفوز في هذه المبارزة لا شك في ذلك , ولكن كان تفكيره مضطرباً عندما علم أن ذلك الصغير هامفر قد قتل بيتر نيبل !
فمنذ ثلاثة عقود فائتة جمعت مبارزة من تلك المبارزات المجنونة التي يقحم ملكيادس فيها نفسه مع بيتر نيبل والذي فاز عليه بشق الأنفس بعد أن فقد أحدي ذراعيه .. كان أقوي خصومه على الإطلاق و مع ذلك سقط إمام هذا الطفل المرعب .
أخذ ملكيادس كأس من عصير التوت بجواره وأخذ يرشفه في بطء عله يذهب توتره الكامن .
***
أطلق دايسكي زفيراً و أخذ شهيق كبير مليء به رئتيه .. اشتم رائحة العشب الذي يغمر المروج بالخارج ..تذكر أخر لقاء جمعه بحبيبته .. كان يصنع من كل ذلك توليفة تجعله هادئ و تشعره بالسكينة .
فتح عينيه وبدا يشاهد ساحة المبارزة , كان يقف على دائرة لونها بنفسجي لم يتعد قطرها نصف متر , وفي الناحية الأخرى دائرة مماثلة تفصل بين الدائرتين مسافة ثمانية أمتار مطلية بشرائط حمراء وصفراء ,بينما صوت المشجين وهتافاتهم المختلفة تختلط مع بعضها فلا تنتج سوي الضجيج ولا تدري من النهاية من يشجعون .
عندما حاول أن ينصت بشدة كان يسمع كلمة واحدة بالكاد , مرة تشير إليه وتنمني فوزه , ومرة أخري تهتف باسم هامفر وتتمني له سحق دايسكي كما فعل ما سابقيه .
في حين كان صوت المعلق بانش يصدح في أرجاء الملعب ويقول : والآن كما تعودنا مع كل مبارزة يخوضها هامفر .. ها هو يرسل طلب مبارزة حتى الموت إلي دايسكي والذي لم يخيب آمالنا .. والآن المبارزة علي وشك البدء .. ثلاثة .. اثنين .. واحد .

- ركيدلزا .
هكذا دمدم هامفر بتعويذته التي كانت هي الأسرع وحينما رأي دايسكي وقد تجمد , ابتسم في زهو ونصر , فقد كان يشعر بقلق بخصوص دايسكي هو و ذلك المدعو ثائر كثيراً فقد بدا عليهم في معظم مبارزتهم لا يظهرون جل قواهم و قد سمعا أنهما يتدربان معاً , كان سيكون سعيداً وهو يعلم مقدار قوة خصمه الآن ولكن كل ما جمعه عن دايسكي يدعو للقلق ولا شيء أخر غير القلق .
في الأعلى ابتسم كل أعضاء جماعة دلفاي السحرية وهم يتابعون المبارزة في حين انعكست ابتسامتهم على ثغر دايسكي داخل اللوح الجليدي فبرقت عيناه لوهلة ثم تلاشي الثلج المحيط به وعاد حراً من جديد .
تعجب هامفر من سرعة رد فعل دايسكي وتساءل في نفسه كيف صنعها ؟
لم يكن يعلم أن دايسكي جعل من تنينه يكاودا.. تنين الجليد أن يمتص حاجزه الثلجي .
في سرعة لوح دايسكي بعصاه السحرية و تمتم : اسينتا كيلاريرا
فانشقت الأرض من إمام هامفر فتراجع للخلف بحدة متفادياً الوقوع , ولكن لم ينتهي الأمر بعد , فقد تشكلت سحابة عملاقة فوق هامفر تنذر بالسوء وخرجت المياه من باطن الأرض وأحاطت بهامفر ثم أخذت السحابة تحيطه بأعمدة من البرق عندها تعالت صرخات هامفر وسط هذا السجن البرقي وقد علق في منتصف القفص وموصولاً بأربطة من الماء المكهرب وأخذ جسد هامفر يرتعد وفي النهاية سقط على الأرض وعيناه تدمعان وبينما وهو يحاول الصمود والوقوف من جديد على قدميه أطلق تعويذة غادرة فأصابت دايسكي وجحظت عيناه من الألم وبدأ كأنه يحاول التملص من شيء ما خفي بينما بدت عيناه تشعان نوراً غريباً بطريقة غير طبيعية .. كان هناك شيء ما ليس على ما يرام يحدث له , ثم وقع هو الأخر على الأرض من شدة الألم وجرحت يديه وتساقطت بضعة قطرات دم من جرحه .

دايسكي هيتاشي
24-06-2010, 13:30
لهث دايسكي في عنف وأخذ يردد في حنق : هذا الفتي .. هذا الفتي ..
ثم نهض من على الأرض في نفس الوقت الذي نهض فيه هامفر بعد أن تغلب الأخير على آثار تعويذة الأول , وقد فكر هامفر في أنه قد حان الوقت لينهي المبارزة فقد بدا له دايسكي مبارز جيد ولكنه ليس بذلك المستوي الذي كان يتوقعه وجعله قلق, كان يشعر بخيبة الأمل في تلك اللحظة وشعر بالملل فنادي على دايسكي : هل هذا كل ما لديك ؟ هل هذه هي طاقتك القصوى ؟ .. لو كانت هي بالفعل كذلك فأنا سأضطر أسفاً بأن أنهي هذه المبارزة الآن .
شعر دايسكي بالإهانة من هذا الفتي و فكر ما الذي يعرفه هذا الفتي عنه حتى يتعجرف في قوله هذا , ينبغي أن أريه قوتي الحقيقية حتى يعلم أنه لا شيء .
بدت ملامح الغضب التي تعلو وجهه جلية في نفوس رفاقه من جماعة دلفاي السحرية فهم لا يريدون أن يظهر دايسكي أي من قواه , شعر كلاً من جوباس وملكيادس وثائر بالقلق أم عن فريد فقد بدا مستمتعاً وعلق : أتمني أن يأخذ الحذر المرة القادمة .. هذا الفتي المدعو هامفر وألا سيندم كثيراً .
استل دايسكي عصاه السحرية وشهرها كالسيف , كان الأسرع و...........آآآآآآآآآآآآآآآآخ
صاح دايسكي في ألم حقيقي وسقط على الأرض مغمي عليه , لم يمسه هامفر قط فأستغرب من الأمر .
في حين فزع كلاً من في القاعة وبخاصة روز التي كانت تتبعه بعين وجلة ..عين تنطق بحب دفين .
ظهرت جماعة من الأطباء بسرعة البرق حول دايسكي لعلاجه بينما كان الأخير يشعر بأنه يعي كل شيء يدور من حوله ولكنه لا يقدر على الحراك .. يسمع أوامر الطبيب وحركات الآخرين , ولكنه لا يقدر علي فعل شيء ..يشعر وكأن الحياة قد سلبت منه , نبضة توقف , إدراكه بدأ يخفت ويمضي في طريقه إلي حيث التلاشي , كذلك رؤيته التي أخذت تنتقل إلي جانب الظلال .. لا يدري ما الذي حدث ؟ , ولكنه سكن فجأة كالآلة التي قررت أن تتوقف عن العمل وتأخذ طريقها إلي درب الراحة الأبدية كحال صانعها , ولكن فجأة قفزت خلاياه ودماءه و قلبه ليعملوا من جديد ومعها خرجت حزمة ضوئية بيضاء نيرة منه و عبرت السقف لتتواري خلف الأفق وسط دهشة الجميع , ومعه قام دايسكي من إغماءته وفي باله شيء واحد فقط .. أنه ينبغي عليه إنهاء المبارزة في أسرع وقت .
***
يتبع >> قريباً :)

أريج الروح
25-06-2010, 20:35
البارت طبعا حلو مبدع ، مبدع

طيب

واحنا بنستنا فيك

لا تتاخر

سلامو

!GaZoOoLa!
26-06-2010, 02:50
مررت بالقصة ^.^
و اقول انها عجيبة
كثير رائعة
و يسرني اقرأها من البداية للنهاية
لانها تستاهل
و راح اكون من متابعاتها للنهاية ^.^
بس احسها كثير معقدة
اني غبية و ما اجمع كل شي هههههه
بل صدق فظيعة
لا تتأخر في البارت القادم

أسطورة النار
27-06-2010, 09:27
قصة رائعة تسلم

!GaZoOoLa!
27-06-2010, 11:07
السلام عليكم ^.^
وصلت لاخر بارت
و اقول القصة اكثر من رائعة

دايكسي شخصيتي المفضلة ^^
اكثر المقاطع التي عجبتي هي
المقطع الي يتقاتل فيه مع التنين روووعة
و النقطع الي تقتله ايروتاتيا ( ما اعرف اسنها)
و المقطع الي يقاتل فيه هامفر عججييب

بس عندي بعض الاستفسارات:
1- ما هي قصة العالم الثاني الي رجع منه ابو دايسكس ؟؟؟
2- ما هي قصة المنبوذين ؟؟ ما فهنتها ><
و يعني شلون لازم يكون واحد منهم منبوذ؟؟؟
3- اللحين مو ارينونا قتلت دايسكس ؟ شلون جالس يقاتل هامفر؟؟
يعني هذه اشياء صارت قبل لا يموت؟؟؟

عذرا للاسئلة الطويلة بس عشان افهم القصة بشكل احسن
انتظر البارت القادم
لا تتأخر

دايسكي هيتاشي
27-06-2010, 16:26
البارت طبعا حلو مبدع ، مبدع

طيب

واحنا بنستنا فيك

لا تتاخر

سلامو
اهلين اريج
سعيد بعودتك
إن شاء الله قريب بقية البارت


مررت بالقصة ^.^
و اقول انها عجيبة
كثير رائعة
و يسرني اقرأها من البداية للنهاية
لانها تستاهل
و راح اكون من متابعاتها للنهاية ^.^
بس احسها كثير معقدة
اني غبية و ما اجمع كل شي هههههه
بل صدق فظيعة
لا تتأخر في البارت القادم

و أنا يسعدني طبعاً أنك تكون من متابعيها
,,
احم هي ممكن تكون مش بسيطة بس :)
اي حاجة تكون غامضة بالنسبة لك .. فأنا هنا و مرحب بأي نقاش :)


قصة رائعة تسلم


السلام عليكم ^.^
وصلت لاخر بارت
و اقول القصة اكثر من رائعة

دايكسي شخصيتي المفضلة ^^
اكثر المقاطع التي عجبتي هي
المقطع الي يتقاتل فيه مع التنين روووعة
و النقطع الي تقتله ايروتاتيا ( ما اعرف اسنها)
و المقطع الي يقاتل فيه هامفر عججييب

بس عندي بعض الاستفسارات:
1- ما هي قصة العالم الثاني الي رجع منه ابو دايسكس ؟؟؟
2- ما هي قصة المنبوذين ؟؟ ما فهنتها ><
و يعني شلون لازم يكون واحد منهم منبوذ؟؟؟
3- اللحين مو ارينونا قتلت دايسكس ؟ شلون جالس يقاتل هامفر؟؟
يعني هذه اشياء صارت قبل لا يموت؟؟؟

عذرا للاسئلة الطويلة بس عشان افهم القصة بشكل احسن
انتظر البارت القادم
لا تتأخر

ههههههههه
طيب كويس والله ان المبارزات عجبتك
,,
بالنسبة للعالم الثاني اللي رجع منه هيتاشي فهو عالم نيرار و هو عالم غامض و المعلومات قليلة عنه لسبب أنها هتوضح بعد كده
,,
أما السؤال الثاني عن المنبوذين فهناك شابتر كامل قادم سيكون مخصص على المنبوذين وفي الفصول القادمة ستجدين أن المعلومات عنهم تبدأ بالظهور تدريجياً .. لا داع للعجلة إذن .. وإلا فكيف سيكون هناك تشويق :p
,,
بالنسبة أن آيتورنا قتلت دايسكي , وهو في نفس الوقت بيقاتل هامفر فهو غموض متعمد من المؤلف :D
,,
بإذن الله بقية الفصل ستكون بنهاية الأسبوع
,,
سعيد بمروركم جميعاً :)

meroni
04-07-2010, 21:50
كالعادة ماتغير رايي في الرواية الروعه مع انه يبغالها واحد مصحصح
المهم في انتظار بقية الفصل

مع تحياتي

meroni

دايسكي هيتاشي
08-07-2010, 18:39
***
هي صرخة الثكل .. صرخة امتلأت بالفزع والشعور بالضياع .. أطلقتها هانا حينما رأت دايسكي جثة هامدة من إمام عينياها .
ارتجفت آيتورنا عندما سمعتها .. طأطأت أشجار السرخس رؤوسها و أرخت فروعها إلي الأسفل لتتجنب النظر إلي عيون هانا .. سمع كل من في القرية صرخة هانا والتي تلتها صرخة أقل خفوتاً و أكثر غضباً من حلق آيتورنا نفسها عندما اكتشفت أن هانا فد اختفت من إمام عينيها , فركضت إلي قصرها من هلع فكرة ما دارت في رأسها , جعلتها تنسي أنه في استطاعتها أن تنتقل من فورها إلي القصر .
دخلت إلي قصرها محطمة الأبواب الفضية والكتابات المنقوشة عليها ببراعة ذهبت مع أدراج الريح , متلفة السجاد من أسفلها و ارتمت على العرش ممسكة بكرتها السحرية تيري في غلظة وقسوة حتى تأرجحت الأخيرة واستيقظت من نومها في جزع وخمنت أن هناك شيء ما ليس على ما يرام و سيء لأقصي درجة حتى تري آيتورنا في مثل هذه الحالة , وقد تحقق تخمينها عندما أمرتها آيتورنا بان تتفحص القرية بأكملها , حينها بدا لها أن ثلاثة أرباع القرية مخفية من إمامها .. بالأحرى خرجت من دائرة سلطانها .
صرخت آيتورنا صرخة أخري غاضبة هائلة أهتزت لها الأركان وتشققت جدران قصرها وسقط الطلاء الجميل الذي كان يزينها فتحولت إلي جدران قبيحة , سقطت اللوحات التي كانت منتشرة في كل الأنحاء , لوحات العذارى الجميلات وجنيات الغابة , ولم يستثني من ذلك حتى لوحاتها هي التي رسمها لها ذات يوم من قديم الزمان ملين الرسام العاشق , ولكنها لم تعبأ به , لقد صار قلبها قاسي كالحجر .
رمت تيري وكادت أن تتحطم وتفقد حياتها إلا أن تيري لم ترغب في أن تموت بهذه السهولة فمارست بعض من سحرها القديم و أنقذت نفسها ثم طارت واختفت بعيداً عن أعين آيتورنا .
كانت آيتورنا تمر الآن بأسوأ نوبات غضبها على الإطلاق و أخذت تحطم كل ما يصل إليه يديها في قاعة العرش و تهسهس بصوت غاضب : بلي .. كان الأمر برمته خدعة .. هذا الحقير دايسكي خدعني .. كيف لم أنتبه لهذا .. تباً له .

****
تكاثفت السحب في السماء , و أخذت تفيض بدموعها أنهاراً تمتزج مع دموع هانا لتتساقط علي جسد دايسكي الهامد ..غسلته الدموع وقطرات المطر , فبدا وسيماً أكثر مما كان عليه من ذي قبل , بل بدا أنه حياً ويتنفس عندما ألقت عليه هانا نظرة أخري من بين دموعها , و طبعت قبلة علي رأسه , ثم طرقت بيدها برفق على صدرها و دموعها مازالت تنهمر و تتحدث باكية : لماذا فعلت ذلك يا دايسكي .. ألم تعجبك الحياة مع ؟ .
و أخذت تجيب على نفسها , وهي تبكي ولكن في اللحظة التالية ظهر طيفان لم تتبينهما جيداً .. أحدهم انحني على جثة دايسكي , والأخر أخذ يربت على كتف هانا و كأنه يواسيها .
كان هذان الطيفان هما هانسن و جوباس ..سمعا الصرخة التي تناقلتها الأصداء عبر القرية , وميزاها وعرفوا أنها لهانا .. عندها فقط خمنوا ما الذي حدث ؟
أفلتت الدمعات من عيونهم و بدت في التلاشي ببطء .
حمل جوباس جسد دايسكي , بينما هانسن ساعد هانا على الوقوف , و أختفي الجمع من الحديقة ليظهروا في قصر آل جيفاني .
جلسوا في البهو وقد كانت أجسادهم مبتلة ومع ذلك فلم ينشغلوا بعلاجها بالدفء و الحرارة ..كان كل من هانسن و جوباس يحدقان في بعضهم البعض بعيون خاوية ولكنهم كانا صامتين في حين أن مشاعرهم كانت مضطربة و ثائرة .. لقد تبين لهم أمر دايسكي .. أنه لم يكن يمزح عندما أخبرهم أنه سيموت الليلة .
و عند تذكرهم لحديثهم الأخير مع أخيهم عادت الدموع من جديد تهبط علي أراضي وجوههم الرطبة .
كانت لحظات ثقيلة ومريرة تمر علي الجميع الآن .
وفي ظرف دقائق علم كل من في القرية ما حدث عن طريق خدم القصر , انتشر الحبر بسرعة البرق في القرية بأن دايسكي قد مات , وعلق البعض من أهل القرية (( أنها لعنة آل جيفاني , كلهم يموتوا في ظروف غامضة )) .
وفجأة وبينما هم جلوس , ظهر أحد أقزام الجبل .. كان سويك وقد أرتدي حلة سوداء لا تناسبه تماماً , ومنديل أبيض كبير يجفف بهم دموعه و بعد فترة صمت حاول أن يستجمع فيها قواه أخرج من جيبه مظروف و سلمه للتوأم و تمتم : هذه رسالة من دايسكي , كان قد أعطاه لي و أخبرني أن أسلمها لكم في حالة موته .
تناول هانسن الرسالة و فتحها ثم بدأ يقرأ ما جاء فيها :
(( جوباس و هانسن .. تذكرا أخر حديث معي ونفذوه حرفياً .. سأثقل كاهلكم بهذه المهمة .. عليكم حماية أهالي القرية من شر آيتورنا , و إن نجحت خطتي عند لحظة موتي , فهذا يعني أن حال نصف القرية أو ما يزيد مثل حالكم يا أخوتي .. محمي ومخفي عن عيون آيتورنا .. عليكم بحماية أهالي القرية . ))
انتهي هانسن من القراءة ونظر إلي جوباس وقال في حزم : سنلتزم بما قاله أخي ..
فرد جوباس : بلي و سنمزق آيتورنا أرباً أرباً .
في حين همست هانا : وماذا سنفعل الآن ؟
قال هانسن : سنكرم أخي بالطبع .
أما جوباس فقد قال : ستكون الجنازة في صباح الغد .
***

دايسكي هيتاشي
08-07-2010, 18:42
التقط دايسكي عصاه السحرية و تمتم : شيزومي
فالتحمت عصاه في يده في وضع المبارزة و رفعاها عالياً , فأنزلق كم عباءته ليقف عند المفصل ما بين الكتف والساعد ليكشف عن ساعده بأكمله و تظهر وريقات القوة كلها حمراء اللون .
توتر فريد وملكيادس و جوباس .. و خمنا أن هناك شيء ما ليس علي ما يرام و أن دايسكي علي وشك أن يكشف قواه الحقيقية الآن .
فتمتم فريد : تباً ما الذي يفعله ؟
قال ملكيادس معللاً : لابد و أن ما يفعله يتعلق بهذه الإغماءة الغامضة .
في حين أن جوباس لم يخرج عن صمته و إن لم يخفي من توتره وقلقه الواضح .
هدر صوت دايسكي : الآن كفانا مزاحاً .. سنري من سيفوز الآن .
- ابياجا كديا
أطلق هامفر تعويذته قبل أن يتمتم دايسكي بتعويذته , فظهر كائن بشع له ممصات يجري ناحية دايسكي و الأرض تهتز من ثقله وبدا أنه على وشك التهام دايسكي .
ابتسم دايسكي وقال : الأمر برمته ميئوس منه ..
ثم لوح بعصاه السحرية : فيلكاي كونجيلمينتو
فأنطلق ضوء أبيض مبهر من عصا دايسكي و توالدت كرة ثلجية عظيمة يتضاعف حجمها دون توقف و تدحرجت صوب الكائن ذو الممصات فتحول إلي قطعة من الثلج و أختفي من فوره , و استمرت في تدحرجها ناحية هامفر الذي أخذ يطلق عدة تعويذات ليوقف زحف الكرة الثلجية ولكن دون جدوى , و بدا الهلع يتملكه و هو يصيح و يحرك عصاه بجنون .. حاول أن يركض بعيداً عن مسار الكرة الثلجية , ولكن لضخامته كانت أرض المبارزة هي كل مسارها , و عندما وقع على الأرض أصابته الكرة فتجمد هو الأخر بعدما عجز عن التملص منها .
في هذه اللحظة أعلن فوز دايسكي بالمبارزة و لكنه سقط فاقداً الوعي نتيجة لتأثره لتلك الحادثة التي وقعت منذ بضعة دقائق ..فقد كان يكافح لينهي المبارزة بسرعة حتى لا يسقط ثانياً , والآن هو الوقت المناسب ..
فأغمض عينيه في بطء و هو يلامس أرضية المبارزة بينما فلاشات أضواء و أصوات الجماهير تأتيه خافتة حتى اختفت تماماً .
ظهر فريد في ساحة المبارزة وحمل دايسكي واختفيا معاً , بينما كان المشجعين ينصرفون من القاعة وهم يتشاورون في أي مبارزة كانت الأقوى , وهناك منهم من كان يتابع أكل المقرمشات في لذة واضحة , و أخر يغبط جاره لأن لديه تذكرة لحضور المبارزة النهائية , و من بينما كل هذا الصخب استطاع هامفر النجاة بأعجوبة بفضل كهنة التعاويذ , ولكنه لما استعاد شده بدا غاضباً بشدة لأنه خسر أول مبارزة في حياته و كان هناك بريق شرير يلمع في عينيه .
***

كان الصباح التالي لوفاة دايسكي في قرية آيتورنا صامت وحزين ينطق بالأحداث التي وقعت يوم أمس , بينما اختفت الشمس منذ الصبيحة وانقطع شروقها الذهبي على غير العادة , بينما افترشت السحب الرمادية السماء , كان الجو يبدو و أنه قد خرج عن سيطرة آيتورنا و أظهر جانبه الحزين إكراماً لوفاة دايسكي فتخلي عن مرحة المعهود الذي كان يغمر به كل القرية يومياً .
علم أهل القرية أن دايسكي سيدفن في مقبرة عائلة آل جيفاني , في الجزء الشمالي عند نهاية العالم , وكانوا يشعرون بحيرة كاملة مما حدث , بالأحرى كانوا في حيرة منذ الواقعة المدمرة منذ تسع سنوات , و وفاة السيد جيفاني , بينما هناك من تملكه الشفقة حول حال هذه العائلة و التي يبدو أنها لن تستمر طويلاً إذا ما تم القضاء على أخر سلالتهم المتمثلة في جوباس و هانسن , وبالفعل كانت هناك بعض النفوس الخبيثة التي تتمني ذلك مثل عائلة بيدان التي تسعي بكل قوتها تخطي عائلة جيفاني من حيث المركز والسلطة و لو كان ذلك بالطرق الدنيئة .

دقت الساعة العتيقة دقاتها التسع المنتظمة معلنة بدء ساعة جديدة و خلالها تبدأ مراسم الدفن .
فـأصبحت معظم الشوارع و الأعمال متوقفة تقريباً , حتى أنه لا يوجد جنس مخلوق الآن في القرية إلا لو كان طائراً أو فراشة تنتقل هنا وهناك .. كان الجميع في الجزء الشمالي عند نهاية العالم .
تراصت بضعة مئات من المقاعد و كانت غريبة الشكل وغير معهودة بالنسبة لأهالي القرية , كانت مقاعد صغيرة و وثيرة و فراشها من الألوان العجيبة التي تشكل رسومات لجسور و جبال مهيبة .
جلس عليها الأهالي والدهشة لم تفارقهم , كانت المقاعد متراصة في صفوف متوازية و كانت الصفوف الثلاث الأولي منها مخصصة للأسر ذات شأن عال في القرية أم بقية الصفوف فقد كانت مخصصة للجميع , وكانت هانا برفقة عائلتها تجلس في الصف الأول , أما هانسن و جوباس فقد وقفوا إمام الجميع وقد بدت ملامحهم جامدة لتخفي ما يشتعل داخلهم .
عبرت نسمة رقيقة ساحة المقابر تابعها طائر بديع الخلقة وبعدها ظهرت أقزام الجبل في الخلف وبدأت تتقدم في صمت وقور وكانت تحمل محفة بيضاء وكان عليها جسد دايسكي الذي بدأ يتألق بضياء نوراني آسر للعيون , فتبللت الدمعات لأجله , أيضاً كانت غير مستوعبة ما يحدث , وتساءلوا عن سر هؤلاء الغرباء , وكيف يعقل أنهم يحملون دايسكي بهذه الطريقة فقد كان يبدو أنه طافياً في الهواء .
تابع أقزام الجبل سيرهم وفي مقدمتهم سويك إلي حيث جوباس و هانسن .. وخلال دقيقة وصل إليهم وقد كانت فترة كافية لأن تدرك جميع عيون الأهالي مدي غرابة هؤلاء الغرباء وشعروا بالهلع قليلاً .
توقف سويك بجوار هانسن و جوباس وقد اكتست ملامحه بحزن عميق و دفين , وكذلك أتباعه .
ومع ارتفاع صوت الموج المتلاطمة حيث المحيط العظيم و طعم الملح الذي يتخلل الهواء تحدث هانسن وقد بدا متردداً في بدء حديثه : يا أهالي آيتورنا .. تبدو الأمور غريبة وشاذة لكم , ولكن في يوم قريب , سنزيل الغشاوة عن أعينكم , وحين يحين هذا الوقت , أما الآن فقد آن آوان تكريم روح أخي الذي بذل روحه لأجلكم .
أندهش الأهالي أكثر و أكثر من حديث هانسن و ظنوه قد جن , وقد عجزوا عن تفسير وجود هؤلاء الأقزام , ولكنهم أعتقدوا أنهم آمنين طالما لاحظوا تلك النظرات الحزينة والكسيرة المطلة من عيونهم .

أخرج هانسن عصاه السحرية من جيبه وتمتم بتعويذة , فتحول الفراغ حول جسد دايسكي إلي قبر هرمي الشكل من الرخام , ثم وجه عصاه السحرية ناحية الجميع عدا هانا وتمتم بتعويذة أخري على إثرها نسي كل أهالي القرية ما حدث , و اختفي الأقزام من الساحة .
مال جوباس على هانسن و همس غاضباً : لما فعلت ذلك , كان ينبغي أن نخبرهم بالحقيقة .. ما الذي جري لك ؟
بكي هانسن قليلاً وقال : لم استطع فعل لك . ثم مسح عيونه و تابع بلهجة جادة : لم يكن ينبغي علينا أن نخبرهم بالحقيقة الآن .. و لا تسألني كيف عرفت ذلك , ولكنني شعرت بذلك وحسب .
قال جوباس : حسناً يا أخي , لا داعي للاعتذار , في كلا الأحوال هذا أفضل لهم الآن لأجل حمايتهم .. الجهل يكون نعمة أحياناً .
ابتسم هانسن نصف ابتسامة وقال : سعدت أنني سمعت كلامك هذا , فهذا ما كنت أفكر فيه بالفعل الآن .
توجهت هانا ناحية التوأم وكانت تبدو مثل الزهرة الذابلة و احتضنتهم بشدة واغرورقت عيونها بالدموع ثانية .. كان الجميع قد انصرف , ولم يبق سواء ثلاثتهم , ولكن بعد مدة رحل التوأم بينما بقت هانا بالقرب من قبر دايسكي صامتة , وتنظر بنظرات خالية من أي معني إلي النقوش التي نقشت على القبر وقالت في ألم : رباه .. كيف تركتني هكذا يا دايسكي ؟!
****


اخترق صوت رقيق وضعيف أقرب للهمس أذني دايسكي : من الأفضل لك أن تستيقظ الآن
كان هذا هو صوت روز ... روز كبرت ونضجت الآن , و أصبحت آية في الجمال , ما يجعلها فاتنة في نظر معظم الفتيان في مثل عمرها هي وجنتيها المتوردة دائماً , ومع ذلك في لا تستحمل نظراتهم هذه التي تثبت لها أنها فتاة لا بأس بها .. أحياناً تتهور وتصيبهم بأحدي تعاويذها الذكية , ولكن مع دايسكي قلبها ينتابه حالة من الخفقان السريع .
هب دايسكي فجأة من نومه فزعاً على صوت روز فسألها وعيناه تدوران بشدة وكأن هناك شيء ما يقلقهما : كم الساعة الآن ؟
قالت روز متفاجأة : بقي لك ساعتين على موعد المبارزة النهائية .
صاح دايسكي : تباً هل هذا يعني أنني نمت طيلة أمس و اليوم ؟
فزعت روز قليلاً وقالت : بلي , ويبدو أن جسدك كان في حاجة إلي كل هذه الراحة .. هل كل شيء علي ما يرام يا دايسكي ؟
قال دايسكي : لا ليس كل شيء على ما يرام .
ثم نهض من فراشه , كان يرتدي كامل ملابسه السابقة , وكانت مزرية قليلاً , ثم تحرك بسرعة و أخذ عصاه السحرية من على الكيمود .
فسألته روز في حذر : إلي أين أنت ذاهب يا دايسكي ؟
لم يحر دايسكي جواباً بينما تابع البحث عن بقية حاجياته في أنحاء غرفة إقامته بمنزل عائلة إياس .
استشاطت روز غضباً وصاحت فيه : هييه دايسكي .. إلي أين أنت ذاهب .. أجبني ؟
لم يجد دايسكي سواء أن يجبها في غموض : سأعود إلي قرية الطائر الأزرق حالاً .
وقبل أن تعاود روز الحديث من جديد , أختفي دايسكي من إمامها , ولم يترك خلفه سوي سحابة حمراء ناجمة عن انتقاله .
بينما كانت روز تقف في منتصف الحجرة وهي في قمة غضبها مما فعله دايسكي و تجاهله لتساؤلاتها .. وتساءلت في نفسها متي يدرك هذا الأحمق حبها له ؟
***

دايسكي هيتاشي
08-07-2010, 18:50
***
أندهش معظم الخدم في قصر آل جيفاني بقرية الطائر الأزرق من الظهور المفاجئ لدايسكي , وكذلك من وجوده في هذه الآونة هنا حيث من المفترض أنه سيتبارز بعد ساعتين أو أقل على لقب الساحر المبدع , ولكنه هنا الآن ويصعد الدرج بطريقة تثير الريبة والشك وكأن قد أصابه مس من الجنون .
وعلي الدرج قابله الجد فرانك ومسكه من يديه وبدا منزعجاً من وجود دايسكي فسأله في وجوم : لما أنت هنا , من المفترض أنك في قلعة طيبة الآن .!
أجابه دايسكي وهو يحاول التملص منه : شيئاً ما سأقوم به .. اسبقني يا جدي و لا تقلق ستجدني في أثرك دون أي تأخير .
نظر له فرانك نظرة طويلة متشككة و أفلتت منه كلمة ( حسناً ) بصعوبة , ومعها أطلق سراح دايسكي والذي واصل صعوده إلي الأعلى , ثم قام بعبور الرواق في خطي سريعة وكاد يحطم أكثر من مزهرية منتشرة علي طول الرواق بسبب عجلته , و دخل إلي حجرته وصاح : أخيراً .
ثم ألتقط أنفاسه , و رمي حجرته بنظرة سريعة متفحصة .. كل شيء يبدو كما كان , لم يدخل أحد حجرته أثناء فترة غيابه , حتى الجو يبدو ثقيلاً وكئيباً بسبب عدم تجدده منذ فترة طويلة .
سمع صوت حفيف أوراق الأشجار بالخارج , تبعه دخول الضوء الليلي المدعوم من نور القمر , وصوت صديقه الهدهد بالخارج ولكنه لم يهتم له هذه المرة , لقد كان في حالة لا تسمح له بفعل أي شيء غير الذي يفعله الآن , كان متوتراً جداً مما رأي ليلة أمس , والسبب الذي جعله يفقد الوعي , وكاد يخسر المبارزة بسببه .
كان مشتت الذهن ولا يدري ماذا يصنع حتى ظهر له الحل فجأة مع أخر ضوء تعويذة في المباراة , ولكنه فقد الوعي واستيقظ بعدها بيوم كامل , وهذا ما يثير غضبه الآن .. أنه لا يكاد يشعر بنفسه حتى الآن !
أزاح الستائر عن الجدار الأيمن , فكشفت عن لوحة جدارية عملاقة , كانت تصور مشهد لبحيرة و أشعة الشمس تغمرها وتغمر أجساد ثلاثة أصدقاء ولكنهم ليسوا من جنس واحد , كانوا من السحرة والجان و الكوزرس .
لم يحدق دايسكي في اللوحة كثيراً و إنما مرر عصاه السحرية عليها بالطول , ثم عند منطقة محددة نقر عليها بعصاه , فتشققت اللوحة الجدارية وظهر من خلفها مرآة عملاقة و كان بروازها كله منتشر عليه نقوش عتيقة بماء الذهب , ثم طرق مرة أخري بعصاه السحرية علي جانب البرواز الأيمن ففتح كاشفاً عن فراغ خبئ بداخله سيف لامع ..برق بشدة علي انعكاس ضوء القمر المنسل من بين ثنايا النافذة , أما عن مقبضه فلونه أحمر نبيذي قاتم و كان مزيناً بثلاث قطع من الزمرد.. كان سيف العائلة .. سيف أوراسل العظيم .. فالتقطه وأطلق تعويذة على المرآة وعبرها .. بدت حجرته في الخارج و كأن الجحيم قد أمسك بتلابيبها , فقد بدت وكأنها انقلبت رأساً على عقب , لم يقف دايسكي في مكانه طويلاً , فخرج من الباب البني وكان يفضي على شارع رمادي فعبره وبدت المباني إمامه بمعمارها الغريب الذب لا يخضع لأي منطق على الإطلاق , فكانت بعض المباني مائلة بشكل يبعث الخوف , وأخري تخترق الأرض إلي أسفل .. عبر دايسكي الشارع ثم انعطف و عبر ثالث حتى أوقفه صوت : هييه أنت ..من أنت ؟
كان صوت أجش عال ,ومع ذلك بدا وكأن هناك نبرة خوف تغلفه .
نظر دايسكي إلي الخلف فوجده صديقه القديم , فحياه بيده الفارغة وصاح : هيه جيس , هل نسيتني ؟
ضحك جيس في توتر و قال : لا .. أبداً يا دايسكي , ولكن هذه الآونة صارت الأمور مرعبة قليلاً , هناك [ كا-شى ] مرعب منتشر في هذه الأنحاء , وسيفتك بباقي سلالتنا لو عثر على المدخل .. صار الأمر خطير بالنسبة لنا .
تفاجأ دايسكي و قال في دهشة : كيف هذا ؟ ألم تقضي الجماعة عليهم جميعاً .
أومأ جيس برأسه : بلي .. بدا الأمر كذلك , ولكن منذ فترة و بدأ الكاشي في الظهور من جديد , ونحن نحاول الاختفاء بقدر الإمكان , حتى أننا ننتقل بصعوبة الآن ونكتفي بالبقاء في مملكتنا .
هز دايسكي رأسه و قال : ولكن هذا لا يفسر سبب وجودك هنا وصياحك بهذه الطريقة علي .
ضحك جيس في توتر و قال : لم أشأ أن أجد أحد يتلصص عليك يا عزيزي دايسكي , بالإضافة إلي أنني كنت متأكد من أن لك من الكاشي .. الكاشي ليسوا في مثل هيئتك يا عزيزي .
رماه دايسكي بنظرة طويلة متشككة وقال : أهذا كل ما في الأمر .. إذا كان هكذا , سأرحل لأنني فعلاً في عجالة من أمري .. أنت تعلم أنه لا ينبغي علي الدخول إلي عوالم المرآة مطلقاً , فقط التجول هنا وهناك بصحبتكم لما كنت صغيراً .
انكمش جيس في هلع وقال : حسناً , سأخبرك من المفترض أن تكون هيومي هنا للاستطلاع والمراقبة .
ضحك دايسكي وقال : هكذا الأمر إذن .
فجأة علت صرخة تنطق بالرعب من بعيد , فجحظت عيان الاثنان وأطلق جيس سبة : تباً..تباً.. أنها هيومي , لابد و أن الكاشي قد تمكن منها .. اللعنة .
صاح فيه دايسكي : فلنسرع يا جيس .. سننقذها .
أنهار جيس وقد بدا أنه قد شل من الرعب وقال بصوت متقطع : و كأنك لا تعرف يا دايسكي .. أن تعاويذك وقواك السحرية لن تفلح معه أبداً .. سيقتلنا نحن أيضاً .. يا لسوء حظي
حدجه دايسكي بنظرة غاضبة وقال : هل تحبها أم لا ؟
نظر له جيس في عدم فهم و تمتم : بالطبع أحبها .
قال دايسكي : إذن لا تقلق , فأنا لدي سيف أوراسل العظيم .
بسرعة تحرك الاثنان .. عبر شارع , ثم انعطاف إلي زقاق أخر , ثم طريق ملتو , و أخيراً وجدوا هيومي منكمشة في نهاية الزقاق , جسدها يرتعش من الخوف , مكشرة عن أنيابها التي لا تجدي نفعاً , فقوة أل ثيين لا تجدي نفعاً معا الكاشي ..ذلك الكائن المرعب في أساطيرهم , وبالرغم من أن أل ثيين أقوي من مصاصي الدماء بمراحل إلا أن الكاشي يعتبر أسوأ عدو لهم .
قطع الكاشي الطريق على هيومي و مع ذلك فقد لاحظت جيس و دايسكي , فشعرت بالقليل بالاطمئنان ومع ذلك فقد صاحت بقدر ما استطاعت فيهما : لماذا جئتم يا بلهاء ؟ سوف يقضي عليكم .
كان الجو يزداد برودة كلما مرت ثانية بسبب الكاشي .. كائن مرعب ..فظيع الشكل.. طوله ثلاثة أمتار ونصف متر لدرجة أن ظله غطي كل من ظلال دايسكي و جيس الذين يبعدون عنه بمسافة كافية .. كان بلا عينين وبدل من مكان العيون كانت هناك فتحتان سوداء اللون , وكان لونه أصفر ويعبر جسده من المنتصف شريط أخضر اللون , وفي الأسفل بدت قدميه هلاميتين تصدر مادة لزجة خضراء اللون , وكانت هناك طبقة من الضباب تحوم حولها , وبدا الجو يزداد برودة .
ألتفت الكاشي ناحية خصومه الجدد و زأر لهم , و زاد من إصدار ذلك السائل السام .
علم دايسكي أنه لو استعمل التعاويذ فسوف يلتهمها هذا الكائن ويحولها إلي برودة تعتصر عظامهم وتفتك بهم , لذلك كان عليه فعل شيء واحد , وهو عدم استخدام التعاويذ مطلقاً ومحاربة هذا الكائن بسيفه الأسطوري و بواسطة قواه الروحية .
أعطي دايسكي الإشارة لجيس , فبدأ الأخير بالقيام بعمل ما غامض, وسريعاً ما تحول إلي الواقع فظهرت جدران عظيمة من المرايا والتي أخذت تعزل كلاً من دايسكي و مخلوق الكاشي بداخلها , فزأر الكاشي و هاجم علي دايسكي إلا أن الأخير تفادي الهجمة , ثم تحول من الدفاع إلي الهجوم فأنقض على الكاشي بسيف أوراسل العظيم الذي أحاط بهالة من الطاقة الروحية .
فجأة شعر الكاشي بالذعر و أدرك أنه لا يهاجم بواسطة سيف عادي و أنما سيف قادر على تمزيقه , بطوله العملاق أخذ يحاول الهرب من مجال السيف و لكن بدأت الجدران منيعة .. تقلص بعيداً في الركن وفي محاولة يائسة أخذ ينشر سمومه بغزارة و لكن دايسكي لم يعطيه هذه الفرصة إذ أنه أطلق السيف في الهواء ناحيته فتحول إلي اثنتا عشر رمحاً مشتعلين بالطاقة الروحية و خرقت جسد الكاشي البائس فخر صريعاً .
ثم تحرك دايسكي ناحيته ومر بيديه على الرماح فعادت من جديد إلي شكل السيف .. مسح حبيبات العرق التي تجمعت عند جبهته و اختفي سجن المرآة , فجري ناحيته جيس و هيومي , وحضنته الأخيرة في امتنان .
فضحك دايسكي وهو ينهج وقال مشاكساً : لا تطولي .. أما أنك تنوين امتصاص دمائي .
فزادت هيومي من تشبثها به و من بين دموعها قالت : بل سألتهمك أيها الصغير .. فمذاق لحمك شهياً .
ضحك دايسكي ولكنه قال سريعاً : ينبغي أن أذهب الآن , هناك أمر طارئ ينبغي أن أتحقق منه .
نظرت له هيومي وقالت : لا تحاول أن تؤذي نفسك و تجنب الحفر السوداء .
ابتسم دايسكي ابتسامة واسعة وقال : لم أعد هذا الصغير الذي عاهدته يا هيومي .. لقد كبرت الآن .
ثم تركهم وركض إلي حيث الباب الذي كان يقف إمامه قبل مقاطعة جيس وفتحه , ثم خرج من المرآة , و وجد نفسه في حجرته بقصر آل جيفاني بقرية آيتورنا .
تسلل في حذر إلي خارج الحجرة , كانت هناك عباءة من الظلام جاثمة على القصر , وحاول دايسكي قدر الإمكان تلمس طريقة لهبوط الدرج دون أن يصدر أي صوت , و بمرور خمس دقائق أصبح خارج القصر ..
ثم أخذ يسير بخطي ثابتة وسريعة ناحية شمال القرية , ومع مضي الوقت الذي لم يتجاوز ربع ساعة وصلت صرخات المحيط إلي أذنه .
كان قد اقترب من مقابر أسرته في صمت وحذر , كان يخشى الذهاب إلي هناك .. كان متردداً و يخشى صدق رؤياه , فاحتارت قدماه أي أمر تتبعه , و لأن فكره كان مشتتاً فلم تجد قدماه إلا و أن تتوقف لفترة في مكانها .
بدا دايسكي جامداً لا يقدم قدماً أو يؤخرها , ولكنه أخيراً حسم أمر , فتابع طريقة إلي حيث شواهد القبور أسفل نور القمر الشاحب .
وفجأة لمح ظل جاثم إمام شاهد قبر جديد لم يراه من قبل فدق قلبه بعنف , وأختفي سريعاً خلف شجرة صفصاف عملاقة , و راقب الظل من إمامه .. حاول تحديده , وعندما عرف لمن يرجع هذا الظل صعق بشدة , لقد كان هذا ظل هانا .
ترك مخبأه وبدا يقترب قليلاً قليلاً , دون أن تشعر به , وطل برأسه لرؤية ما هو مكتوب على الشاهد ففزع و ارتجف قلبه حيث نقش على شاهد القبر الآتي :
هنا يرقد جثمان العزيز دايسكي
توفي يوم 16 نوفمبر 2007 م
عاد للخف بضعة خطوات بأقدام مهزوزة , فأيقظت هانا ونظرت للخف , ولمحته لبرهة من الزمن قبل أن يختفي , حينها اغرورقت عيناها بالدموع و شرعت في البكاء من جديد .
حينها لاح ظل سيدني بعيداً عنها بأربع أمتار وما أن لاحظت بكاء هانا قالت في حزن : ألا يكفي كل هذا الوقت .. حان وقت العودة يا عزيزتي .
قالت هانا في دهشة و بصوت مرتجف : ظننت .. ظننت أنني قد رأيت دايسكي .
تعاطفت سيدني مع هانا و احتضنتها في حنان و قالت : أوه عزيزتي .. أعلم أن هذا صعب عليك .. أعلم أنه صعب عليك .
كررت هانا دون وعي : لقد رأيته .. شعرت به .. كان يبدو مفزوعاً .
ثم سقطت منها دمعة أخري و خرجت برفقة سيدني دون أن تتحدث ثانية .. فقط ذهنها بات مشوش أكثر من ذي قبل .
***
ظهر دايسكي في حجرته بالقصر و أخذ يلتقط أنفاسه وصاح : أللعنة .. لقد حدث الأمر بالفعل , وينبغي أن أحذرهم .. لقد حدث الأمر تباً .
كان دايسكي مشوش و منهار ذهنياً لأول مرة في حياته بهذا الكم .
عاد إلي عالم المرآة فوجد جيس و هيومي في انتظاره , فقال : ينبغي أن أصل إلي قلعة طيبة بأقصى سرعة .
ابتسمت له هيومي وقالت : صغيري العزيز .. هذا الأمر يسير .. هل نسيت أين نحن .. هل هذا ما علمتك إياه ؟!
شعر دايسكي بالضيق وقال : لم أنسي , ولكن أرجوكما أرشدونني !
شعرت هيومي بأن دايسكي بالفعل جاد و أن هناك ما يقلقه لذلك قالت : هيا يا جيس فلنرشده .
تبعهم دايسكي , عبروا عدة شوارع تتجه ناحية الغرب , و أخذت المباني تتساقط وتبني من جديد و مباني أخري تبتسم لك .. كل هذه الصور يعبروها في سرعة فقد كانوا يركضون بسرعات عالية المستوي , و أخيراً وصلوا إلي الباب المنشود .
توقفت هيومي و جيس من إمامه .
وقالت هيومي و هي تطبع قبلة علي جبهة دايسكي : هذا هو طريقك يا عزيزي , و أرجوك طمئنا عليك .
ابتسم دايسكي في حزن و قال : و أنا أطلب منكما لا تعتمدا علي في نقل أمر الكاشي الجدد إلي الجماعة .. فلتخبروهم بأنفسكم .
شعر جيس و هيومي بالقلق , ولكن ابتسم لهم دايسكي وقال : لا تقلقوا .. وداعاً .
ثم عبر المرآة إلي داخل أحدي الحجرات السرية بقلعة طيبة .
***
نهاية الفصل الحادي عشر :)

!GaZoOoLa!
08-07-2010, 19:03
البارت عجيب
بس احس اني ضعت
يعني شلون هو مات ؟ و هو بعد حي؟؟؟
يعني في اثنين دايسكي
>< القصة تؤلم الرأس
و تسبب صداع

شلووون؟؟؟
ادري
راح افهم في البارتات القادمة
بس يعني لازم بعد ما اقرا بارت جديد
اتحير اكثر
البارت كان حلووو
و انتظر البارت القادم
^.^ لا تتأخر لان ابي اعرف شنو صار بسرعة
ولوووووووول اول رد

meroni
09-07-2010, 06:19
السلام عليكم
الفصل الحادي عشر مدري شلون اوصفة بس انه غامض ويدوب فهمت الأحداث


المهم انتظر الفصل الثاني عشر
دمت في حفظ الله

ساسورى 6
09-07-2010, 07:14
تسلم على الموضوع

والموضوع ممتع

دايسكي هيتاشي
11-07-2010, 16:30
http://www.ege.sitevb.com/images/chrac/%a7%9f%ef%ab%e8%ef.jpg

بفرشاة صديقي عمار

meroni
12-07-2010, 23:34
واااو شكله روعه
مبين ان صديقك رسااام ما شاء الله عليه
وخله يكثر من هالرسمات الحلوه

دايسكي هيتاشي
20-07-2010, 10:37
12- النفق العجيب

عبر دايسكي المرآة , و دخل إلي أحدي الحجرات الخاصة بقلعة طيبة , و بينما وهو يغلق المرآة , فتح فريد الحجرة و وقف لوهلة يتفحصها , ولما وجد دايسكي صاح فيه و بنبرة أبدت أنه منزعج كثيراً : دايسكي .. بالله عليك أين كنت ؟ , أنني كنت أبحث عنك طيلة اليوم .. ثم فجأة اتسعت عيناه لما رأي سيف أوراسل العظيم , فشهق و قال : تباً .. ما الذي يفعله هذا السيف هنا ؟
لم يعطيه دايسكي جواباً و إنما ألقي بالسيف إلي فريد فألتقطه الأخير , وبعد فترة صمت قال دايسكي : فريد .. لا داعي لأن تكون منزعج هكذا , هناك أشياء خطيرة حدثت ينبغي أن أخبر بها الجد ملكيادس و الجد جوباس , من بينها أن الكاشي قد عاود الظهور من جديد .. و الآن دعنى أذهب إليهم .
فغر فريد فاه من الدهشة ثم أغلقه بسرعة وتمتم : الكاشي ؟؟ , ولكن .. ولكن كيف ؟ أنت لا تمزح .. صحيح ؟
تنهد دايسكي وقال بنفاذ صبر : ها هي المرآة , و ها هو السيف العظيم بحوزتك .. قم برحلة و تعال أخبرني بما رأيت .. و الآن دعنى أذهب .
فجأة و دون سابق إنذار قال فريد بحزم : فيما بعد إذن يا دايسكي .. سنتحرى أمرهم فيما بعد , و لكن الأهم أن تذهب إلي ساحة المبارزة الآن .. فالجميع ينتظرك و أنت قد تأخرت كثيراً .
ثم قام فريد بسحب دايسكي إلي خارج الحجرة , تسلقا ممر أفقي يتجه إلي الأعلى ومسحة النور تتزايد كلما خطا إلي الأعلى .
قال دايسكي بعنف : أنت لا تفهم يا فريد أي كلمة مما قلت .
وصل إلي أخر الممر و بدأت الأصوات تعلو شيئاً فشيئاً .
قاطعه فريد : بل أنت الذي لا تفهم شيء , خلال دقيقة ستكون أنت الخاسر , و بخصوص الكاشي .. لا تقلق سأخبر الجدين بذلك .
أخيراً وصل إلي نهاية الممر و عادا إلي الأدوار العلوية المساوية للأرض و اجتاز ممر واسع و في النهاية كان هناك باب مصنوع من خشب الورد نحت عليه ببراعة رسمة للعنقاء المصرية و هي تلفظ نسيم حار .
دفع فريد دايسكي إلي الإمام أكثر فأكثر حتى تخطي الباب بعد أن كاد يصطدم به , و ابتسم وقال : فلتقدم مبارزة تليق باسم عائلتنا و إلا سأشويك على النار .
و أغلق الباب بعدها .
- تباً لهذا أل فريد . قالها دايسكي وهو يجز على أسنانه .
فها هو الآن سيدخل لمبارزة ثائر من دون أي تدريب , سيصبح الأمر صعب بالنسبة له كثيراً الآن .
كان ملعب المبارزة مكتظ على الأخر , كان يتسع لأكثر من ثلاثين ألف مشاهد , و علقت في جوانبه الأربعة شاشات عملاقة عالية التقنية تنقل كل أنش في أرض المبارزة , و كانت عبارة [[ المبارزة النهائية .. دايسكي يواجه ثائر ]] , تتحرك بتأثير متموج كما لو كانت موضوعة على صفحة ماء .
كان ضجيج المشجعين عال جداً , منهم من كان يتغنى بأغاني رائعة عن شجاعة و نبل وكرم من سيفوز بهذه المبارزة .
وخصصت مقاعد الدرجة الأولي لكبار الزوار القادمين من مملكة السحرة , إذ أن مدرسة طيبة هي أكثر المدارس السحرية شهرة خارج مملكة السحرة , فقد وجدت من الأساس لأجل السحرة القاطنين في مملكة الكوزرس .
جاء بالنيابة عن ملك السحرة نائبه , وبجواره كان يجلس ملك الكوزرس و أرسلان العجوز مدير المدرسة , جوباس وملكيادس , أيضاً كل المتسابقين الذين شاركوا في الجولات السابقة كانوا متواجدين , كما كان أغلب قادة جماعة دلفاي السحرية حاضرين بما أن المتنافسان النهائيان من داخل الجماعة , وانتشر في أرجاء المدرج المشاهدين سواء كانوا من الكوزرس أو السحرة أو أي جنس أخر , فلهذه المسابقة شعبيتها في كل بقعة عبر الممالك الأخرى .
كان الجو صحواً منعشاً , ونسمات الليل الباردة تهب بين الفنية و الأخرى على المشجعين , و علي أثرها تمايلت اللافتات وعباراتها الملونة , و تألق نور القمر من خلف السحب القليلة المتناثرة على صفحة السماء .
كانت ليلة مثالية لمبارزة هي الأكثر قوة على حسب قول الخبراء .
كان ثائر واقف في منتصف الملعب ينتظر دخول دايسكي إلي ساحة المبارزة , كان المرج الأخضر يفترش أرضية الملعب ينحني في اللحظة التي تم فيها الإعلان عن دخول دايسكي .
ومع دخول دايسكي ازداد الضجيج , في حين مال ملكيادس على إذن جوباس قائلاً بلهجة مرحة : تأهب الآن سنشاهد حرباً لطيفة .. من الممتع أن نكون في هذا المجلس نحتسي المشروبات و نأكل البسكويت ونري ثمرة تماريننا , وجهودهم لشق طرائقهم في الحياة .
فهمس جوباس مبتسماً : تذكر يا رفيقي العزيز , أن التعاويذ السرية لن يؤدها هنا إمام العامة .
تململ ملكيادس وتمتم : أياً يكن .. ستكون حرباً
ضحك جوباس وقال : فلتكن حرباً إذن .
***
كان صوت المعلق يصدح في إرجاء الملعب ويقول : طاب مساؤكم يا سادة , نحن الآن على وشك مشاهدة مبارزة هي الأكثر قوة , فلتكونوا مستعدين أعزائي المشاهدين .
في ذلك الحين داخل ساحة المبارزة أقترب كلاً من دايسكي و ثائر ناحية الكاهن حكم المبارزة وتبادلوا التحيات , و انتظروا تعليمات الكاهن الذي قال بصوت مبحوح عميق سمعه الاثنان بالإضافة إلي المشجعين ..بل تخطي الملعب , وسمعته أبعد بقرة في الحقول البعيدة : لا تواجد قواعد .. يسمح باستخدام كل التعاويذ , بالإضافة إلي الوحوش إن لاحت رغبة لكم في استدعائها .
أندهش دايسكي وثائر من أخر جملة قالها الكاهن , فهم كانوا على ثقة أن أرسلان العجوز لن يفعل ذلك أبداً , وبالمثل علت الدهشة وجوه ملكيادس و جوباس وفريد .
ابتسم أرسلان وهو يري الدهشة في عيون الجميع وتمتم في حكمة : دعنا نري أفضل ما لديهم هنا في هذه الساحة .
ولكن على العكس شعر ملك الكوزرس بالقليل من عدم الراحة لهذا القرار , ولكن أرسلان لاحظ توتره وقال : لا تقلق يا صديقي العزيز .. هناك درعين يحيطان بساحة المبارزة , درع سحري قوي قمت أنا بالأشراف عليه , بالإضافة إلي حاجز أسرة ( أسياد الحجر ) التابعين لك و درعهم المهيب ماليثي .

في الأسفل أدرك أخيراً كلاً من دايسكي و ثائر طبيعة المبارزة فابتسم كلاً منهما للأخر و تمتم دايسكي وهو يحاول الاسترخاء قليلاً ويبعد أفكار ما جري له قبل قليل : حسناً , فلنري أفضل ما لديك يا أخي .
شعر ثائر بالغيظ وقال : أخبرتك ألف مرة .. لا تناديني بهذه الكلمة السخيفة .
ضحك دايسكي , وشعر بأنه أعاد القليل من التوازن إلي نفسه , و أستل عصاه السحرية و كذا ثائر وفي نفس اللحظة التي أعلن فيها الكاهن بدء المبارزة أطلق الاثنان تعويذتان في نفس التوقيت .
فقد أطلق دايسكي تعويذته الكرة الثلجية العظيمة التي أنهي بها مبارزته السابقة , وكذلك ثائر أطلق تعويذته النارية العظيمة .
تحركت الكرتان بسرعة وسلكت كل منهم ذات الطريق المستقيم ناحية الخصم , ولو تخطت أحدهم الأخرى فأنها ستقضي عليهم بلا ريب .. في ناحية كان العشب يحترق و الأخرى يتجمد وعند النقطة التي ترددت فيها الأعشاب عن كيفية انتحارها .. بالنار أم بالثلج .. اصطدمتا الكرتان بعضهم البعض وأحدثا دوياً عظيماً و ارتفعت موجة من بخار الماء غطت ساحة المبارزة , فأخذ الجمهور ومعهم المعلق يحملق بشدة في الشاشات وفي أرض المبارزة ليرصدوا أي تحرك وكان فشلهم عظيم .
وما أن اختفت موجة الضباب المؤقتة عاد دايسكي و ثائر مرئيان للجميع , وكانا في يقفان في نفس موضعهم دون أن يتحرك أحد منهم و لو لأنش واحد .
كانت قوة التعويذتان متساوية تماماً لدرجة أن كلا منهما تلاشت مع الأخرى , لم يدرك الجمهور شيء مما حدث غير أن المبارزة سوف تطول كثيراً نظراً لقواهم المتقاربة .
وعند إدراكهم لهذه الحقيقة شعروا بالإثارة تدب في أوصالهم من جديد بعد صمتهم المفاجئ و أخذوا يهتفون ويصيحون بعل صوتهم .
كانت السرعة هذه المرة لصالح ثائر فأطلق تعويذة سريعة ولكنها أخطأت جسد دايسكي و ارتطمت الدفقة الزرقاء بالأرض بالقرب من دايسكي فابتسم الأخير , ولكن سريعاً ما تحولت ابتسامته لعلامات جزع , فقد أصاب ثائر هدفهم بنسبة مائة بالمائة إذ أنه سريعاً ما نبت من المكان المحيط بدايسكي قفص يحيط به من الجهات الأربعة .. قفص طيني غير قابل للاختراق , لونه بني وتعامدت مئات من القبضان إلي الأرض على هيئة شلالات من مشروب الشوكولاتة .
أطلق المشجعين صرخة رعب لما رأوا فكوك شبيهة بفكوك القروش تنبت من زوايا القفص وتصدر جعجعة تجمد الدماء في القلوب وبدأت تشق طريقها سابحة عبر الهواء ناحية دايسكي .
فكر دايسكي بسرعة وحاول أن يخرج من هذا المأزق , فهمس بتعويذة فظهرت ساحبة وردية تحيط بالقفص .
فأستعد ثائر لمواجهة أي طارئ فهو يدرك تماماً أن هذه التعويذة التي حبس فيها دايسكي لن ينجو منها أي فرد مهما كانت دفاعاته قوية , ولكنه استثني من ذلك دايسكي و فريد .
زاد من قبضته على عصاه السحرية , و عندما انقشعت السحابة الوردية ظهر القفص خالياً تماماً من أدني أثر لدايسكي .
كما لم تسمع أصوات الفكوك وبدت أنها خامدة تماماً , لم يظهر دايسكي وأخذ الوقت يمر وطالت فترة اختفائه , وخلال هذه الفترة أخذ ثائر يفتش الملعب قدماً قدماً في حذر شديد لأنه يبدو أن دايسكي قد استعمل وصفة تخفي .
كان الجمهور يقف على أعصابه مترقباً , منصتاً لأي حركة تحدث فجأة لتدل على مكان دايسكي , كانوا في قمة الإثارة و التوتر كقوس مشدود وتره .

دايسكي هيتاشي
20-07-2010, 10:40
وفجأة حدث من كسر بركة التوتر , إذ أنه ضرب عمود من البرق أمام ثائر فقفز الأخير إلي الخلف .. عندها وقع في الفخ .. وقع في فخه هو , فقد وجد نفسه محبوساً في القفص الطيني وذلك مع ظهور دايسكي في الناحية اليمني لمعلب المبارزة .
تابعت الفكوك الوحشية مسارها بغض النظر عن أي وليمة ستلتهم الآن .
كان ثائر في موقف عصيب الآن , ففي خلال خمسة عشر ثانية سيصير لا شيء , وبالرغم من أن هذه التعويذة هي تعويذته , فلا يعني أنها ستتوقف , بل عليه أن يفعل مثلما فعل دايسكي ولكن في وقت أقل بكثير .
أطلق ثائر صرخة لم تكد تهز أحباله الصوتية تقول ( تباً , لم أتوقع أنني سأكون في هذا الموقف قط ) .
ومع ذلك فقد حافظ علي برودة الخارجي المعتاد .
شعر ثائر بالقليل من السخط تجاه دايسكي إذ أنه سيجبره على الإفصاح عن تعويذة كثيراً ما تكتم عليها , ومع ذلك فقد كان تواق لرؤية رد فعل دايسكي عندها .
لوح بعصاه السحرية و تمتم بتعويذته , انبثقت دفقة صفراء اللون و اصطدمت بأحدي قضبان القفص الطيني ولكنها ارتدت واصطدمت بصدر ثائر مباشرةً , عندها بدا على ثائر توجع و ألم شديدان , تقلصت عضلات وجه و فجأة نكس رأسه وتوقف جسده عن إصدار أي حركة .
شعر الجمهور الموالي لثائر بقلق شديد مما سيحدث , وحدق جوباس و ملكيادس بثبات ناحية ثائر , وبدت وجوههم جامدة , وبالرغم من ذلك الثبات والجمود البادي عليهما إلا أنهم شعرا بقلق شديد يعتصرهم في الداخل حيث يقبع قلبيهما و روحيهما .. فهما على ثقة تامة أنه مهما كانت فداحة المبارزة فيما بين دايسكي وثائر فلن يفكر أحدهم في قتل الأخر .. هذا غير صائب تماماً , ولكن معتقداتهم هذه هي الآن محل اختبار .
فها هو دايسكي يقف حائراً ويفكر متي سيقوم هذا أل ثائر أم أنه بالفعل أصيب ؟!
أنه الآن سيقضي حتفه لو لم يقم بشيء ما , وتساءل أيضاً متي ينبغي عليه التدخل لإيقاف عمل هذه الفكوك الوحشية .. تباً هذه ليست مبارزة حقيقية بيننا بل هي مجرد مزحة , فما الذي يفعله هذا الأحمق ؟؟
كان دايسكي مشتت الذهن و اعتراه قلق عارم لدرجة أنه لم يلاحظ أن الفكوك الوحشية على مقربة أنشاً واحداً من ثائر .. أنتهي لا توجد مسافة الآن .. هما علي وشك التهامه !
مسك دايسكي عصاه السحرية بقوة و قرر أن يتدخل إلا أنه لاحظ شيء غريب لم يلاحظه الجمهور بعد على شاشاته و هو أن الفكوك الوحشية لم تلمس جسد ثائر مطلقاً , أو حتى ملابسه .. بل أنها عبرت جسد ثائر و كأنها تعبر فراغاً .. عبرت بسرعة رهيبة و تناثر لعابها و شعرت بأن هناك شيء ما ليس على ما يرام , فالمفترض أن مذاق اللحم و الدم يملاً فمها الآن , ولكن لا شيء .. لقد هربت الفريسة من أسنانها , ولكنها تابعت طريقها إلي الزاوية الأخرى وبدلاً من أن تلتهم ثائر , التهمت الفك المقابل لها , بعدها أنهار القفص وتهدم .
رفع ثائر رأسه وظهرت ابتسامة صغيرة نادرة على ثغره حينما لمح علامات الحيرة على وجه دايسكي .. لقد خدعه .. خدع الجميع .. فقد مثل بأن التعويذة قد إصابته وتصنع الألم , وبالرغم من أنه في لحظة ارتداد التعويذة عليه كان في مقدوره أن يعبر القفص دون أن تلمسه الفكوك الوحشية إلا أنه آثر الوقوف في موضعه ليصنع عامل مهم لتعويذتها القادمة .. عنصر المفاجأة
- كادث فانج
تمتم ثائر بتعويذته , فأصابت دايسكي الذي لم يستيقظ بعد من أثر المفاجأة .. شعر بألم شديد يجتاحه الآن .. شعر بأنه مشلول الآن و لن يكون في مقدوره ممارسة أي سحر على الإطلاق , سقطت عصاه السحرية من يديه , وشهق الجمهور و هو يراها تسقط ببطء تلك المليمترات التي تفصلها عن الأرض العشبية لساحة المبارزة .
فكر دايسكي بسرعة و هو عائم في دوامة الألم فيما ينبغي عليه فعله , عندها قام بأسوأ حركة له على الإطلاق في منظور الجميع .. لقد جمد نفسه تماماً من خلال قوي تنينه ياكودا .. تحول الفراغ المحيط به و بعصاه إلي حجرة ثلجية .
تمتم ثائر في نفسه : لا تخبرني أنك فعلتها أخيراً .. كنت في انتظار هذه التعويذة , ولكنها لن تكون كافية , وستفاجئ حينما تزيح هذا الدرع .. سوف أسحقك .
كانت أفكار ثائر على حد كبير من الصواب , و أجزم قادة جماعة دلفاي السحرية بالأعلى على ذلك , فبوسع ثائر الآن إطلاق تعويذته الكرة النارية العظيمة مرة ثانية ليجعل من دايسكي غباراً منثوراً .
فترة طويلة من الصمت و الهدوء مرت قطع خلالها عقرب الدقائق مسافة تساوي خمس دقائق و لكن مع الدقيقة السادسة كسر حاجز الصمت لما أزيل حاجز الجليد عن دايسكي و الذي همس ببطء : أسف جدي ! .
عندها مسك عصاه السحرية , ولكنه لم يفق بعد من أثر التعويذة السابقة , مازال يشعر بعدم الاتزان بعد .
ولكن ثائر أطلق تعويذته الكرة النارية العظيمة , شقت الكرة طريقها ناحية دايسكي بسرعة مهيبة , جرفت الأرض العشبية , وتصاعد دخان الأعشاب المحترقة , هتف جميع المشجعين بينما مسكت روز بقلبها الذي أخذ كل دقة منه ينادي دايسكي بالفرار , و انسلت دموعها ببطء من مقلتي عينيها وهي تتابع المشهد دون أن تمتلك القدرة على تغييره .. ساحة المبارزة معزولة تماماً عن الخارج .. أغمضت روز عيناها و تصاعد صوت انفجار مدوي .. طار جسد ثائر للخلف سبع أمتار وقد غلبته الدهشة وهو يسقط في الخلف أرضاً .
كان دايسكي واقفاً في مكانه و مازال يحاول أن يغالب أثار الترنح وقد كانت يده اليمني تشير ناحية ثائر , فهو أدرك أن ثائر لن يضيع هذه الفرصة لذلك بسرعة تمتم بتعويذته فانبثقت سحب ثلجية عظيمة أحاطت بالكرة النارية العظيمة من كل الاتجاهات وقضت عليها ثم انفصلت ثلاثة سحب صغيرة توجهت ناحية ثائر و أطاحت به إلي الخلف .
أندهش ثائر كثيراً إذ أنه وجد قوي دايسكي وقد تضاعفت ثلاثة أمثالها و تمتم في غضب : هل يعقل أن يكون استخدم أحدي التعاويذ السرية ؟ , لا لا يمكن .. مثل هذه التعاويذ تقضي علي القلعة بأكملها ..
كان الاثنان يتدربان مع بعض سوية على مدار السنوات السبع السابقة , لدرجة أن كلاً منهم يعلم ما يجول في تفكير الأخر دون أن يتبادلا كلمة واحدة , ولكن ثائر لا يدري الآن سر ما يجري .
تعجب أيضاً كلاً من ملكيادس و جوباس , بينما عدل ملك الكوزرس من جلسته وشعر بأنه ينبغي أن يضم أولئك الفتية إلي حرسه الشخصيين , فمال على أذن أرسلان العجوز و همس : هذان الاثنان سيكونان من حرسي الشخصي .

في الأسفل حيث ساحة المبارزة انخفضت أعمدة البخار تدريجيا و تلاشت السحب عندها صاح المعلق بصوت شبه مخنوق : ما هذا ؟
دقق الجميع نظره , فوجدوا أن دايسكي لم يعد يحمل أي عصا سحرية على الإطلاق , وجدوا أن يده اليمني غريبة جداً الآن .
عاد المعلق ثانيةً لصياحه : يا للهول .. هل ما أراه حقيقي أم أنه خدعة ما .. هذا غير معقول .. أن هذا محض أسطورة .. خرافة .. هل الجميع يري ما أري أم أنا أتوهم !! .
يد من الصمت أحاطت بالمكان , لم يصدر أدني صوت أو حركة , ولا حتى نفس واحد , بينما فتحت روز عيناها لتري ما حدث , فتجمدت من هول ما رأت .. للحظة بدت كأنها تري يد دايسكي محاطة بطبقة خشبية مرنة .. لونها عجائبي بين الأبيض و الأحمر وكان سمكها لا يتعدى أنشاً واحداً .. أنها عصا دايسكي السحرية .. اندمجت معه و انصهرت في بدنه وصارت الآن جزءً منه و من روحه .
صاح المعلق هذه المرة بكل في صوته من قوة : أنه أمير عصا .. يا للهول .. أكاد أفقد عقلي .. يا له من فخر لي أن أري مثل هذا الحدث أخيراً بين السحرة ..ظهر أمير عصا . ثم أخذ كرر كلامه مرات عدة ولما استعاد مالكة عقله تمتم : أعذروني أعزائي المشاهدين ..أنني بحق لم أتمالك نفسي .
لم يعبأ أي فرد أدني اهتمام باعتذاره , فعاد ليعلق : يبدو الآن ثائر في موقف لا يحسد عليه .. ألا تتفقوا معي ؟ وأنني لأتساءل أيضاً عما يخفيه ثائر في جبعته .

منذ أن رأي ثائر ما رآه الجميع فقد القدرة على التفكير , ومع ذلك فقد عاد عقله للعمل مرة أخري أسرع من الجميع فأستدعى نسخة مصغرة من وحشه السحري على الفور .
وبالتالي ينبغي على دايسكي استدعاء نسخة من وحشه السحري ياكودا .. تنين الثلج

صاح المعلق في حماسة : يبدو أننا سنشهد مبارزة عظيمة الآن , فمن المعلوم أننا سنتبع قواعد المبارزة العتيقة .. ثلاثة جولات على كلاً منهم أن يتمكن من قتل وحش الأخر – هذا ما كان يحدث في الأزمنة الغابة – أما الآن فسيتحدد الفائز بمقدار إصابته لوحش الخصم و مدى فداحة إصابته للوحش .

وبالرغم من تحول المبارزة الآن إلي مبارزة بمساعدة قوي الوحوش إلا أن ثائر مازال في وضع لا يحسد عليه وبدا ذلك على وجه والده القلق و أبناء وبنات عمومته , فبدا ياسين الآن في حالة مزاجية سيئة على عكس روحه المرحة المعهودة , أما بنات عمومته فقد جلسن قلقات بجوار روز , أما الأخيرة فلا تدري ماذا تفعل ؟
أتصفق فرحاً من مفاجأة دايسكي للجميع .. أم تندهش من هذه القوة الجديدة لدايسكي كحال الجميع , أم تتعاطف مع ثائر و موقفه الحرج .
جف حلق كلاً من ملكيادس و جوباس و زاغت عيونهم وشعروا بأن هناك عاصفة على وشك الهبوب , وأدركا أنهما بالرغم من كل ما فعلوه لم يعلموا كل شيء عن دايسكي طيلة السنوات التسع السابقة .. لقد أخفي سره عنهم و تساءلا لماذا ؟
بينما فقد ملك الكوزرس القدرة النطق لوهلة , في حين ضاقت عينا الجد العجوز أرسلان , و أضيئت عينا نائب مملكة السحرة بألق غامض .
***
العنقاء هي وحش ثائر , ونتيجة لذلك فقد استغل قدراتها العلاجية و تمت معالجة كافة جروحه على الفور , و وقفت على كتفه الأيمن منتظرة الهول القادم , كان ثائر يعرف وحش دايسكي جيداً , وكذلك دايسكي يعرف وحش ثائر جيداً هو الأخر , ففي جماعة دلفاي السحرية كل أعضائها يترابطون برابطة الوحشين وهي رابطة لا يعلم أحد عنها أي شيء , وهدفها بالطبع هو زيادة قواهم عن طريق استخدام قوي الوحشين , بمعني أخر و هو معروف لكل من في الرابطة و في هذه اللحظة العصيبة , أنه في مقدور ثائر استخدام تنين دايسكي , وكذلك في مقدور دايسكي استخدام عنقاء ثائر لأن تلك الرابطة جمعت بين كلا من ثائر و دايسكي , وهما يتدربان منذ مدة طويلة على يد هذان الوحشان .
فكر ثائر الآن في أنه عليه استخدام أحدي تعاويذه المخصصة لمثل هذه المواقف الحرجة ولكنه ينتظر فقط ظهور ياكودا .
زفر دايسكي زفرة حارة و أعاد عصاه السحرية إلي طورها الأول فتحولت من وضع الأمير إلي وضع العصا العادي وهز رأسه في كياسة و استدعي نسخة من تنينه ياكودا نافث الجليد .
قفز دايسكي على ظهر التنين الذي أخذ يضرب الجو بأجنحته في عنف ليحلق في سماء ساحة المبارزة .
بينما قال ملك الكوزرس لما رأي التنين نافث الجليد : هذا عظيم .. هذا عظيم .. لم تري عائلتي هذا التنين منذ مدة طويلة .. هذان الاثنان بكل تأكيد سيكونان في الغد برفقتي يا أرسلان .. و لا تعترض .
ابتسم أرسلان بمجهود مضني و تمتم : بالتأكيد يا صديقي الملك , ولكن على حسب ما أتذكر فأنا قد أصدقت على حراستهم للأميرة هيناتا منذ مدة طويلة .. و الآن دعنا نري تلك المبارزة اللطيفة .

في الأسفل , هز ثائر رأسه لما رأي صنيع دايسكي وقال لنفسه : يا لك من داهية يا أخي الصغير .. تريد نصراً بلا شائبة , ولكن حسناً لا أنكر أنها فرصتي الآن .
مد يديه إلي عنقائه و نزع منها ريشة برقة , و ضمها بين يديه بقوة شديدة و بدا يركز جيداً , فاختفت العنقاء من علي كتفه , وكذلك الريشة اختفت من بين راحتي يديه , وتحولت عيناه إلي جمرتين من اللهب ..لقد نفذ تقنيته ! .
لقد أصبح الآن هو و العنقاء جسداًَ واحداً , باستطاعته الآن أن يطير في سهولة و يسر .. لديه الآن مرونة عالية لمواجهة التنين .. أصبح مثل الطائرة من الطراز المتطور جداً و هي تهاجم بارجة ثقيلة عظيمة في الماء لا تتحرك .

دايسكي هيتاشي
20-07-2010, 10:41
فقفز الجمهور للمرة الألف من الإثارة .. كان الجو معبق برائحتها في كل الجوانب و انتشر شذاها يملأ مئات الأنوف , و لكن في ركن جنوبي البعيد كان هناك شخص يتابع المبارزة منذ بدايتها بعين من زجاج .. عين باردة كأنهار الجليد عند نهاية العالم , و امتلأت عيناه بالحقد و الحسد لما رأي القوة الحقيقية لكلاً من دايسكي و ثائر وبخاصة الأول .. كان جسده يهتز كالجميع ولكنه يهتز من الغضب لا الإثارة , حتى أن مشاعره هذه تحولت إلي شيء مادي محسوس يملأ الهواء والفراغ المحيط ينبض بالغضب والذي أنفجر لما رأي التنين ياكودا , فتخلت عيناه عن مظهرها الزجاجي وتكسرت كصفحة ماء لما تتهشم حينما يلقي فيها حجارة .. أخذت تدور في جنون , فقد كان التنين النافث للجليد شيء أخر لم يتوقعه.. كان هذا المشجع هو هامفر خصم دايسكي السابق و سليل عائلة وايت نيبل , والذي أدرك أن قوته لا تقارن بأي من الاثنين , لذلك شعر بالرغبة في القتل تسري عبر عروقه وتحرك فؤاده و تعمي عقله عن وزن الأمور بصورة جيدة .
ترك مقعده و اقترب أكثر و أكثر من الحاجز ثم استل عصوين سحريتين و قد كان هذا شاذاً بالنسبة للسحرة ولكنه فعلها الآن علي أية حال , و أطلق دفقتين أحدهما زرقاء و الأخرى حمراء , لا يفصل بينهما حاجز زمني يذكر .
أصابت الدفقة الزرقاء الحاجز السحري فحطمته و درع ماليثي الذي لم يحطمه غير مشاعر الكراهية والحقد العالية , وتوجهت الدفقة الحمراء لتقضي على ثائر و دايسكي .. فقد كانت تعويذة قتل , ولكنها غريبة عن المألوف فحاول كلاً من دايسكي وثائر محاولة يائسة لتفادي هذا الفخ .. ودوي انفجار عنيف .
عندها ضحك هامفر بصوت عال ومجنون عندما رأي منظر سقوط دايسكي وثائر ينطبع على حدقتا عيناه .
لم يبدي أي مقاومة عند اعتقاله .. لقد حقق هدفه وقتل خصمين كانا سيهددانه مستقبله , لذا رأي من الأفضل قتلهم الآن .. هكذا فعل وحطم المكان و القاعة , و غرقت القاعة في ضجيج و عويل كبيران
****
****
اختفت هانا برفقة سيدني من ساحة المقابر بعد أن مكثت أغلب اليوم هنا , وفي هذا الوقت الليلي بدا كل شيء بارداً وانتقلت برودة مياه البحر العظيم إلي جميع أنحاء القرية .. كانت ليلة باردة جداً , حتى أن الطيور في أعشاشها تساءلت عن سر هذه البرودة الغير معتادة , ولكنها لم تلق جواباً لذا تدثرت جيداً في أعشاشها ,
في حين قبع كل الآيتوريين في منازلهم يجلسون أمام مدافئهم يحتسون المرطبات الدافئة , قلت الحركة في الخارج من كل الأجناس الحية بحيث أنه لم يكن هناك أي صوت بالخارج إلا أصوات الطبيعة والذي أنضم إليها أخيراً صفير الريح .. كانت أسوأ ليلة في القرية على الإطلاق , ومع ذلك احتفظت الأرض على بعض من دفئها , ولكنه لم يكن كافياً لتدفئة ذلك الجسد المتخشب المدفون تحت الأرض , فبدون أي إنذار استيقظ دايسكي على صوت خطوات وكأنها تدق على رأسه هو , وقد كان ذلك صحيح لدرجة مرعبة , فما أن فتح عينيه حتى شعر أنه لا يوجد تغيير في الإضاءة , فمن ظلمة النوم إلي ظلمة القبر استيقظ , شعر بجسده بارداً كالموتى ومتخشباً لدرجة أنه أصبح لا يدرك وجوده , ولكنه أدرك شيء واحد فقد .. أنه لم يمت بعد , ولكنه في طريقه إلي الموت إذا لم يخرج من هنا .
كانت هناك رائحة عطنة تملأ تلك المسافة الضيقة من الفراغ المظلم الذي حشر فيه جسده , كان طعم التراب يغزو فمه , ومع أنه لم يري إلا أنه شعر أنه لم يكن الكائن الحي الوحيد في هذا المكان , ففي أعلي إذنه تعبث أحدي ديدان الأرض معه ... شعر بالبرودة وكأن لفحات العاصفة بالخارج اقتحمت الطبقات الترابية فجأة .
أحس بملمس شيء اشتاق إلي ملامسته .. كان هذا الشيء هو عصاه السخرية فشعر بأنه في أيد أمينة , فقط كل ما عليه الآن أن يهمس بتعويذة وسيصير كل شيء على ما يرام , و لكنه فوجيء بأنه لم يكن حتى قادراً على الهمس .. لذا ركز كل تفكيره في تعويذة واحدة لأجل أن تصبح قوية جدً وبدرجة تسمح له بالتحرر من هذا الوضع الغير لطيف بالمرة .. هكذا أخذ يكرر التعويذة في عقله عدة مرات على أمل أنها في المرة القادمة ستفلح مع ملامسته للعصا .. [ هينتوريون ]
أخيراً تحققت التعويذة و معها عادت الحرارة والدفء إلي جسد دايسكي من جديد , وشعر بدمائه تجري في مجاريها بقوة و عنفوان أكثر من ذي قبل , و الآن وجد نفسه في مأزق أخر , كان ليكون صعباً بالنسبة لبشري وهو شق طريقه للخروج من القبر , ولكن طالما أن عصاه السحرية بحوزته فلا داعي للقلق مطلقاً .
وبينما و هو يحرر جسده من وضعيته السابقة حدث شيء لم يكن يتوقعه في مثل هذا المكان .. لقد وقع !
لقد تم شفطه إلي الأسفل بقوة رهيبة و أثناء ذلك وجد أنه كان لا يسقط بل يطير بسرعة خرافية عبر نفق هوائي إلي الأسفل .. نفق غير عادي على الإطلاق .. كأنه مصنوع بواسطة قوي أخري ليست السحر أو أي قوي أخري عرفها في هذا العالم , فزادت دهشته كثيراً وملؤه هاجس خفي لم يشأ أن يفصح به لنفسه .
كانت الأنفاق تزداد طولاً و تتسع كثيراً عند المنعطفات , ويتغير لونها من الأسود إلي اللبني و أحياناً يتغير قطرها بحيث يصبح أضيق عند المنعطف التالي وكذلك تتغير الألوان من اللبني إلي البنفسج .. هلم جراً .
هكذا نجد كلما عبر دايسكي منعطف تغير اللون والقطر , و أخيراً تغلب دايسكي على دهشته مما يحدث له بغض النظر عما ينتظره في جهة الخروج من هذا النفق وعاد إلي شعوره القديم , وبمدي روتينية هذا السقوط وهلع من فكرة أن تكون هذه هي النهاية و أنه سيستمر بالسقوط هكذا إلي ما لا نهاية .. لابد و أنه كان سيصاب بالغثيان من هذه الألوان التي تفتقد الإبداع بلا ريب . هكذا فكر
ولما ظن أنه قد وصل إلي النهاية بحيث هيأ له أنه قد سمع أصوات تأتي من بعيد ولكنها متداخلة ومتشابكة بحيث لم يكن في مقدوره فهمها حدث اضطراب في الإنفاق , و بينما وهو يخوض منعطف طويل أخر أحمر اللون وهو يري نهايته من بعيد .. تكونت فتحة جديدة في المنتصف من الناحية اليسرى , وتساءل دايسكي عن سر وجودها ولكن ما أن مر بها حتى جذبته إليها بقوة وعنف هذه المرة .
شعر دايسكي بأنه على وشك أن يلقي حتفه , فقوة الضغط علي جسده هذه المرة أكثر مما يحتمله , كما أن سرعة سقوطه تضاعفت بصورة مخيفة جداً شعر معها بالهلع نتيجة أنه فقد عصاه السحرية .
كان النفق يمتد إلي ما لا نهاية هذه المدرة وجدرانه مختلفة عن بقية الأنفاق الأخرى التي مر بها دايسكي من قبل , فعلي عكس الأنفاق التي تمتاز بلون واحد فقط , فأن هذا النفق جدرانه كلها عديدة الألوان وكثيفة كما لو كانت قوس قزح .
أحس دايسكي بالقلق أكثر عندما زادت سرعة هبوطه وكاد شعره يقتلع لولا أن هناك جذور عميقة تربطه بفروة الرأس , بينما أصدرت ملابسه أزيزاً حاداً من الهواء المصطدم به .
صاح دايسكي و وجهه يتمدد من الهواء : الأمر زاد عن حده .. ألا يكفي عبثاً الآن ؟ .
عند صياحه هذا ظهر له مخرج النفق والذي ما أن رآه حتى عبره بسرعته الجنونية وفي أقل من ثانية كان قد خرج من النفق كطلقة مسدس .
وصل به تفكيره بأن هذه ستكون نهايته ولكن بطريقة ما تم تخفيف سرعته وسقط على الأرض مغشياً عليه بالقرب من عصاه السحرية .
***
بعد نصف ساعة اقترب من دايسكي ثلاثة ظلال سوداء عملاقة , حمله أحدهم , بينما حمل الثاني عصا دايسكي السحرية , واختفت الظلال الثلاثة فجأة كما ظهرت .
***

دايسكي هيتاشي
20-07-2010, 10:43
نهاية الفصل الثاني عشر ^^
.
.
في انتظار ارائكم

T U L E E N
26-07-2010, 12:32
حجز

رائعة اخي , سأكمل القراءة ثم اقول رأيي بصراحة

لكن هناك شيء مؤكد .... هو ان اسلوبك جميل جدا وراقٍٍٍ ايضا

!GaZoOoLa!
27-07-2010, 02:14
وااااااااااااااااااااااااااااو بارت عجيييييب
النبارزة بين دايسكس و ثائر كانت روووووووووووووووووعة
بس كل بارت جديد يحيرني اكثر
و الاشياء التي تصير فيه غريبة !!!
يعني هو مات في عالم اريتوتا و حي في عالم السحرة
و بعد ما مات في عالم السحرة صحى في قبره في العالم الثاني؟؟؟؟؟
يعني الشي لاوم يحير و يسبب صداع
^^"
بس مو مهم
المهم ان البارت رووووووووووووووووووووووووووووعة
و يشووووووووووووق
انتظر البارت القادم
اتمنى فيه شرح للحال هذه يمكن افهم احسن

meroni
27-07-2010, 11:25
السلام عليكم
فصل رائع كالعادة
في انتظار الفصل الثالث عشر

دايسكي هيتاشي
30-07-2010, 21:05
حجز

رائعة اخي , سأكمل القراءة ثم اقول رأيي بصراحة

لكن هناك شيء مؤكد .... هو ان اسلوبك جميل جدا وراقٍٍٍ ايضا

و أنا يسعدني متابعتك لها ,,
وفي انتظار عودتك و ابداء رأيك :)


وااااااااااااااااااااااااااااو بارت عجيييييب
النبارزة بين دايسكس و ثائر كانت روووووووووووووووووعة
بس كل بارت جديد يحيرني اكثر
و الاشياء التي تصير فيه غريبة !!!
يعني هو مات في عالم اريتوتا و حي في عالم السحرة
و بعد ما مات في عالم السحرة صحى في قبره في العالم الثاني؟؟؟؟؟
يعني الشي لاوم يحير و يسبب صداع
^^"
بس مو مهم
المهم ان البارت رووووووووووووووووووووووووووووعة
و يشووووووووووووق
انتظر البارت القادم
اتمنى فيه شرح للحال هذه يمكن افهم احسن

هيهي
و أنا هقول : لا تعليق :D

لازم يكون في شيء من الغموض .. صح ؟ :p



السلام عليكم
فصل رائع كالعادة
في انتظار الفصل الثالث عشر


وعليكم السلام

هلا اختي ..

بإذن الله الفصل ال13 سيتم نشره خلال هذا الاسبوع

هيناموري أمو
13-08-2010, 19:47
متى التكملة
أخوي دايسكي


أختك أمو

أريج الروح
17-08-2010, 15:57
مرحباااااااااااااا

كل عام وانتا بخير دايسكي اسفة لتاخير ،ظروف صعبة والله

لكن ما زالت مبدع كما عهدتك الجزء الثانى عشر فيه الكثير من الغموض موت دايسكي وبعدين الظلال الثلاثة اتوقع انه ابوه ونسيت اسماء الاخرين و كيف سيتصرف دايسكي و ثائر

وشكرا كثير على البارت الرائع
وكل عام وانتا بخير
تحياتى


http://en-gb.facebook.com/profile/pic.php?oid=AAAAAwAgACAAAAAKadBvoIMPkkB1UA3qmwOGjK r6Mh7RjpaKrqvqvgc9PDJbo4_-e5JYyOJbZObvi1eJHeLNzO3t6FW1mZw2MKhW2uXneU96DE35nC 9LgE3BjQuXvZq_x_i5rW08yGAgmzoc&size=normal

اتمنى انها تعجبك صورة لدايسكي

دايسكي هيتاشي
20-08-2010, 15:54
متى التكملة
أخوي دايسكي


أختك أمو

اهلا اختي
بجد اسف علي التأخير
والفصل الجديد ان شاء الله هيكون موجود خلال يومين علي أقصي تقدير :)


مرحباااااااااااااا

كل عام وانتا بخير دايسكي اسفة لتاخير ،ظروف صعبة والله

لكن ما زالت مبدع كما عهدتك الجزء الثانى عشر فيه الكثير من الغموض موت دايسكي وبعدين الظلال الثلاثة اتوقع انه ابوه ونسيت اسماء الاخرين و كيف سيتصرف دايسكي و ثائر

وشكرا كثير على البارت الرائع
وكل عام وانتا بخير
تحياتى


http://en-gb.facebook.com/profile/pic.php?oid=AAAAAwAgACAAAAAKadBvoIMPkkB1UA3qmwOGjK r6Mh7RjpaKrqvqvgc9PDJbo4_-e5JYyOJbZObvi1eJHeLNzO3t6FW1mZw2MKhW2uXneU96DE35nC 9LgE3BjQuXvZq_x_i5rW08yGAgmzoc&size=normal

اتمنى انها تعجبك صورة لدايسكي

و أنت طيبة يا رب و رمضان كريم علينا كلنا
,,
و لا يهمك عن التأخير , أنا أيضاً قد تأخرت
,,
بالمناسبة للصورة
بجد أنا اندهشت لما شفتها ..
لأنها نفس الصورة الرمزية اللى باستخدامها في الياهو و علي الفيس بوك :p:p
,,
يبقي ده فعلاً دايسكي :D:D

دايسكي هيتاشي
22-08-2010, 13:42
الفصل الثالث عشر : إيرما

- أين أنا ؟!!
قالت ذلك إيرما وهي تحاول جاهدة جمع شتات عقلها .. كانت تبدو في حالة مزرية جداً و في غاية السوء .
شعرت ببرودة حادة تسحق جسدها , وسمعت صوت حفيف الأشجار المتعالي في الأرجاء وكذلك تغريد العصافير على أقرب فروع الأشجار إلي الأرض وكانت تصدح بأعذب الألحان , عندها تفكرت إيرما عن سبب تلك البرودة وحينها اكتشفت الجواب لقد كانت عارية تماماً !
شعرت إيرما بالحياء من نظرات العصافير وأخذت تفكر بسرعة : أين هي ؟ , كل ما تتذكره حتى هذه اللحظة أنها كانت تسقط عبر نفق طويل ومتعب جداً , ولكنها لم تتوصل بعد إلي ما هو قبل ذلك .
عادت إلي النفق في سرعة و خفة حتى لا تلحقها المخلوقات التي يبدو أنها بدأت في التخلي عن حذرها من إيرما والاقتراب ناحيتها أكثر فأكثر .
أدركت أنه ينبغي عليها أن تعود إلي النفق وتمعن في التفكير جيداً , وتتوغل في ذاكرتها لتعرف أين هي الآن !
ولما عادت إلي الداخل وجدت أنه مازالت الألوان البنفسجية تتقافز على جدران النفق لتعكس لون عينيها البنفسجية , لمحت ثوبها ملقي بعيداً علي بعد ثمانية أمتار فركضت ناحيته كمن عثر على كنز ثمين و ارتدته رغم ما طاله من تمزيق و تقطيع , ومع ذلك فقد شعرت بالسعادة فثوب ممزق أفضل من لا ثوب على الإطلاق .
نامت على الأرض و أخذت تحدق في سقف النفق المضيء , وأخذت تمني نفسها أن يظهر والدها لينقذها من هذا الموقف الموحش , فهي لا تدري كم يوماً أغمي عليها ولكنها خمنت أنه أكثر من يومين على أقل تقدير إذ أنها شعرت بجوع شديد لم تعهده من قبل .
لذلك كان عليها أن تجد حلاً سريعاً لإنقاذ معدتها من التصدعات التي ملأتها .
قررت أنه لا حاجة لها أن تبقي هنا على أمل أن يأتي والدها لينقذها و إلا ماتت من الجوع قبل أن يعثر عليها أحد .
نهضت من جلستها و بخطوات سريعة عادت إلي خارج النفق , كانت معظم الطيور قد رحلت إلا ذلك الوعل الذي بقي في مكانه دون رهبة كحال بقية الطيور و الحيوانات التي ابتعدت سريعاً فور رؤية إيرما .
حدقت إيرما في الوعل قليلاً , وشعرت بالحسرة إذ أنه لم يكن في مقدورها صيد هذا الوعل وحتى لو فعلت ذلك , فهي لا تدري أي شيء عن فنون الطبخ .
فكرت في أن تبحث عن أي فواكه تأكلها لتجعلها قادرة على العيش حتى يظهر أحدهم .
كانت إمامها منطقة خالية تماماً من الأشجار .. فارغة من أي شيء و كانت دائرية في حجم ملعب , و كان يبدو لأي عين غير خبيرة أن هذا الفراغ ليس طبيعياً بأي حال من الأحوال و إنما هناك من جعلها هكذا .
في حين أن سياج كثيف من الأشجار يحيط بها من كل الجهات , ظنت إيرما أنها في غابة ضخمة الحجم وبخاصة عندما اقتربت إلي حافة الأغصان المتشابكة للأشجار , وأوراقها العريضة بالأعلى كانت تمنع الشمس من الوصول إلي الأرض , جاعلة الأشجار وكأنها ملاذاً للظلال و الأشرار علي عكس الجو المشمس خارجها .
شعرت إيرما بالقلق من هذه الغابة وبخاصة عندما رأت حشداً من الظلال الكثيفة يجول في كل مكان .
لذلك ترددت قليلاً من خوضها والتوغل كثيراً فلربما تاهت أو قابلتها مخلوقات غريبة وشريرة .
ولكنها أخيراً عزمت أمرها عندما خطت بإقدامها داخل حدود الأشجار .
بدأت تبحث عن ثمرات ناضجة تأكلها بين فروع الأشجار , و أثناء بحثها سمعت صوت حوافر جمدتها في مكانها و من حسن حظها أن الصوت كان يبتعد ناحية الجنوب .. صوت أخر سمعته ولكن هذه المرة جعلها سعيدة .. كان ذلك خرير الماء , أخذت تنصت بشدة حتى تقودها أذنيها إلي حيث نبع الماء .
ما أن رأت النبع حتى قفزت من الفرحة و أخذت تشرب وتشرب و تملأ بطنها بالماء كأنها لن تشرب ثانية .
كان الماء منعشاً وبارداً بفضل ظلال الأشجار و سعدت إيرما هذه المرة لوجودها .
كان العثور على ذلك النبع بمثابة كنز بالنسبة لإيرما لأنها روت ظمأها مما جعلها تنسي أمر الجوع قليلاً .
نزعت ثيابها بعد أن تأكدت من أنه لا أحد يراقبها أو صوت على بعد عشرات الأميال يقترب منها .
نزلت إلي بركة الماء وشعرت بسعادة حقيقية بعد أن تخلصت من كل أثار رحلة الهبوط .
وبعد مرور عشر دقائق خرجت من البركة وقطرات الماء تتساقط ببطء من شعرها الأسود إلي أخمص قدميها .
ارتدت ملابسها وأحست بطاقة كبيرة من النشاط تدب في أوصالها ..طاقة كفيلة لأن تبدأ بها رحلتها في البحث عن الغذاء .
عبرت حافة البركة في خطوات مرحة و تخلت عن الكثير من حذرها , لمحت شجيرة صغيرة على الحافة الأخرى من البركة .. كانت مجموعة من شجيرات النحل الأزرق , كانت أغصانها رقيقة وغير متشابكة و تحمل عشرات من الثمرات الزرقاء التي تشبه في طولها وحجمها حجم التمر .
وقفت إيرما إمام شجيرات النحل الأزرق وهي في حيرة من أمرها فهي لم تري مثل هذه الأشجار من قبل ولا حتى هذه الثمرات في عالمها , وهي متأكدة من ذلك جيداً , و ترددت كثيراً في قطف ثمراتها .
وتساءلت في نفسها : هل من المعقول أنها انتقلت إلي أحدي الممالك المجاورة دون أن تدري !
كان عقلها مشتت جداً , ولكنها سمعت أصوات معدتها لأول مرة في حياتها في هذه اللحظة لذلك شعرت بالخوف وسارعت إلي قطف الثمرات و أكلها و في بالها رجاء واحد : ألا تكون سامة !
وعلى عكس ما كانت تخشاه , كان طعم هذه الثمرات في غاية الروعة , كان مذاقها مثل العسل والفراولة .. كان طعم جديد لم تتذوقه من قبل .
ولإعجابها بهذه الثمرات أخذت تقطف العديد من هذه الفاكهة الغريبة وهي تشعر بالسعادة .
وبعد فترة عادت إلي نفقها و هي تقفز غير عابئة بما تخفيه هذه المنطقة من مخاطر .
ارتمت على الأرض وفردت ذراعيها وضحكت بصوت لطيف ثم غرقت في النوم بسبب كثرة ما أكلت , وقد كان نوماً هائناً بلا أحلام و قد كانت في أشد الحاجة إليه لتستعيد ذاكرتها .
***

دايسكي هيتاشي
22-08-2010, 13:55
استيقظت إيرما في اليوم التالي في ساعة متأخرة جداً حيث أن شمس الأصيل بدأت تفرد أذرعتها في الأنحاء البعيدة , وتوغلت داخل النفق ومالت على جسد إيرما لتوقظها في رفق .
قالت إيرما لنفسها : صباح جميل .
و التقطت ثلاثة ثمرات من النحل الأزرق و أكلتها في استمتاع و فرح , وكأن كل ما يدور حولها الآن بمثابة تجربة مثيرة .
بعد أن استيقظت من نومها تذكرت كل شيء قد حدث لها منذ مولدها حتى هذه اللحظة .. فهي ولدت لأسرة نبيلة من مملكة النيلبو وكان والدها أحد أقرب الناس إلي الملك و أكثرهم إخلاصاً , وبالفعل هو قريب له أيضاً عن طريق صلة قرابة تربطهم , فقد كان والدها والملك أصدقاء منذ طفولتهم إلي أن كبروا و أصبحوا يتولوا أمور المملكة .
أما عن المحيطين بالملك فقد كانوا يشعرون بالحقد والغيرة منه بسبب المكانة التي وصل إليها , حتى جاءت ابنته الصغيرة للعالم و كذلك ابن الملك ( تومار ) حيث تعلق الأخير بها وهم صغار جداً , و قد أوصل ذلك الحاقدين إلي مرحلة اليأس والكثير منهم رضوا بالأمر الواقع إلا أن إيرما لم تحب تومار على الإطلاق و أدي ذلك إلي أنعاش الأمل في قلوب الحاقدين .
تذكرت إيرما أن سبب كرهها لتومار يرجع إلي طفولتهم حينما كانت في التاسعة من عمرها , حيث كان من عادة والدها أن يصحبها هي وبقية عائلتها إلي عدة رحلات برفقة الملك وكان أحدي هذه الرحلات على ضفاف نهر إيمورن العظيم وفي هذه الرحلة تخلت عن وقارها وحذرها حيث فتنت بمياه هذا النهر الخالد , و تسللت خفية بعيداً عن أنظار الجميع وقفزت في مياه النهر المنعشة .
وعندما سقطت في الماء أدركت أنها لم تتعلم السباحة بعد وبدت في ورطة شديدة بعيداً عن أعين الجميع , أدركت أنها ستموت ولكن ظهر شعاع الأمل عندما عثر عليها تومار ولكنه لم يبد ذا نفع إذ أن كل ما جال بخاطره أنه سيفقد حبيبته وبدا عليه الهلع وأخذ يصرخ بصوت عالي دون أن يسمعه أحد ولم يفكر في أن ينقذها بنفسه قط .
وعندما بدأ رأسها يهبط لأسفل شعرت بالكراهية ناحية تومار ذلك الجبان صاحب العويل ..كرهته على هذا الموقف دائماً و أبداً .
ولحسن حظها في ذلك الحين كان أحد أفراد الجان يمر بالمنطقة و لأن الجان حاسة سمعهم دقيقة فقد سمع صراخ تومار و وصل إليهم في الوقت المناسب لينقذ إيرما و عاد بها إلي ناحية تومار حيث كان يقف بقية رفاقه .
ظهرت حاشية الملك و ألقت بالقبض على جميع أفراد الجان , فقد كان النيلبو غير ودوديين علي الإطلاق في هذه الفترة من الزمان و كانوا يكرهون مرور أي غريب دون أن يكون لديه تصريح بذلك .
ما أثار حنق إيرما هو أن تومار لم يكترث لحال هذا البائس و رفاقه الذين أنقذوها , بل أيد رأي والده في أن يسجن هؤلاء المارين , لم تصدق إيرما ما يفعلوه و صاحت فيهم بصوت متهدج :
- ولكنه.. ولكنه أنقذني .. لماذا تسجنوه .. أهذا جزاء صنيعه ؟ يا لكم من قساة القلوب
أصمتها والدها بينما كان ذلك الجني يقف صامتاً لا يدافع عن نفسه إنما كان يبتسم لها في حنان , ولكن بدا أنه يخفي شيء ما عن الجميع في جبعته ولما أفضي به إليهم تأسف الجميع جداً وحاول الملك الاعتذار بكل الطرق الدبلوماسية المهذبة .. لقد كان ذلك الجني هو وريث مملكة الجان و الضيف الهام المنتظر وصوله .
ضحكت إيرما من قلبها وشعرت بأنها تحبه , وعلى النقيض شعرت بكراهية من صميم قلبها ناحية تومار .
وبينما وهي تسير بجوار والدها سمعت عبارة ساخرة من الأمير الجني :
- أكنت ستفعل ذلك حقاً مع أحد رعاياي حقاً .. حمداً لله أنني أنا .
تذكرت إيرما ابنة التسع عشر عاماً وجه ذلك الأمير ثم تابعت تتذكر مجري حياتها ..تذكرت لما كانت في الثانية عشر من عمرها وهي برفقة والدتها نسمة الصباح لما جعلتها تري قوي النيلبو عندما جعلتها تري الهالة الزرقاء المحيطة بوالدتها .
تذكرت شرح والدتها لها :
- تذكري يا عزيزتي أن جنسنا هو أفضل المخلوقات ..جنسنا لديه لمسة العلاج , لمسة الجمال , لمسة الرقة . لمسة السعادة , مهمتنا نحن هي أن نجعل كل الأجناس والكائنات سعيدة .. بسمة الأمل تذكري أن هذا هو هدف جنسنا الأسمى و إن كان ملكنا يعمل عكس هذه الحقيقة , ولكن حقيقتنا هو أننا لدينا مفتاح السعادة لكل الممالك الأخرى و كذلك نحن حرمناهم منها .
تذكرت إيرما ذلك و تذكرت تلك الرجفة التي أصابتها حينما سمعت كلمات والدتها , و خافت أن يسمع أحد الجواسيس والدتها وهي تقول مثل هذا الكلام .
كانت تحب أمها نور الصباح كثيراً فهي من أطلقت عليها لقب بسمة الأمل فأحبت هذا الاسم كثيراً , ولكن ما أن بدأ تومار بمناداتها به حتى كرهت هذا اللقب تماماً .
ترقرقت عينا إيرما بالدموع وهي تتذكر وجه والدتها الجميل , كانت والدتها ي الأخرى تحبها بشدة و تواسيها و تطمئنها عندما تحكي لها عن مضايقات تومار لها , وكذلك كانت هي من اصطحبتها في رحلتها إلي سماء إيفورن
لتنشيط قواها وظهرت لها الهالة البنفسجية .
تذكرت صرخة والدتها عندما رأت تلك الهالة و كيف بدا الهلع يتمكن من قسمات وجهها وأخبرتها إلا تمارس أي نشاط بهالتها هذه مطلقاً .
ولما سألت أمها عن السبب , لم تجبها ولكنها ذكرتها بما أخبرتها سابقاً عن حياة النيلبو و هالاتهم وقدراتهم .
شعرت بالحيرة والغرابة ولكنها لم تفهم شيء ولم تستطع والدتها بعد ذلك اليوم أن تخبرها بأي شيء لأنها قد ألقي القبض عليها بتهمة التآمر ضد الملك وحكموا عليها بالإعدام .
و بالرغم من نفوذ والدها وسلطاته إلا أنه لم يكن في مقدوره إنقاذها أبداً .
منذ ذلك اليوم عاشت إيرما حياة تملأها الوحدة و قسوة الحياة , وحتى منذ أقل من أسبوع من الآن أخذت حياتها منحني جديداً ناحية البؤس و الشقاء عندما أعلن خطبتها للأمير تومار دون موافقة منها .
بكت و انهمرت الدموع من مقلاتها مكونة بحيرات صغيرة أسفل قدميها عندما علمت بذلك الأمر , و أخذت ترثي حالها و بدأت تضعف كل يوم إلي أن اختفي شذي زهرتها يوم الخطوبة و بدأت ترتفع إلي أعلي بعيداً عن تومار و اختفت وسط صيحات اللوعة من جانب تومار , وشهقات والدها المتلاحقة .
اختفت من إمامهم وظهرت لها هذه الأنفاق وعبرتها وهي تشعر بالإعياء من طول سقوطها و بسبب الأضواء المبهرة , ثم استيقظت و وجدت نفسها في هذا المكان .
لما تذكرت إيرما كل ذكرياتها تقريباً أدركت جيداً أنها لم تعد في مملكة النيلبو بعد الآن , شعرت بذلك وحدس النيلبو لا يخطئ أبداً , عند تلك المرحلة وجدت أنها لابد و أن تحاول البحث عن سبب منطقي لوجودها هنا , وبالرغم من أنها شعرت بالفرحة بهروبها من حفل الخطوبة إلا أنها الآن على أرض غريبة ولا تعلم عنها أي شيء ولكي تفهم غموض كل ما يحيط بها أو لتعثر على سبب ما معقول يوضح كل هذا الغموض و تتعلق به .
أخذت تعيد شريط ذكرياتها أكثر من مرة حتى توقفت عند الهالة الخاصة بأفراد النيلبو .
أخبرتها أمها في ذلك اليوم أن النيلبو ينقسمون إلي ثلاثة أنواع تبعاً لنوع هالاتهم و هم :
- الهالة الزرقاء و الهالة الحمراء والهالة البيضاء , فالهالة الزرقاء هي هالة العلاج و الأمل و أفرادها تتنوع صفاتهم وقدراتهم باختلاف درجات قوة هالة كل فرد عن الأخر , والهالة الحمراء هي هالة القوة التي تمثل دفاعات المملكة فكل فرد نيلبو حامل لهذه الهالة يعتبر من محاربي المملكة , وكلن قوتهم هذه لا تسمح لهم بالانقلاب على نظام الحكم , و عن الهالة الثالثة والأخيرة فهي الهالة البيضاء وهي هالة الحكماء والحكام وكل من يحملها يكون له الحق في الانتساب إلي المجلس الأبيض و الترشح لمسك مقاليد الحكم .
ولكن الحاكم الحالي أخضع المجلس الأبيض لقوته و أضعفه كثيراً فأصبح لا يوجد معارض قادر على الوقوف إمامه و تحديه , ولفهم نظام الهالات يمكن التعبير عنها بنظام مثلث قاعدته هي أصحاب الهالة الحمراء و منتصفه أصحاب الهالة الزرقاء , وقمته أصحاب الهالة البيضاء , وكل جزء لا يتجاوز قواه قوي الجزء الأعلى منه , فلا يستطيع أصحاب الهالة الحمراء بالرغم من قوتهم عصيان أوامر أصحاب الهالة الزرقاء لأن أصحاب الهالة الأخيرة لديهم قوة قادرة على إخضاع أصحاب الهالة الأولي , وكذلك بالمثل مع أصحاب الهالة البيضاء القادرة علي إخضاع جميع الهالات , وحتى لا يغتر أحد بقوته ومنصبه وجد مجلس الحكماء الأبيض الذي لا يقدم نفعاً في الوقت الحالي .
أدركت إيرما أن سبب وجودها هنا يرجع لأمر هالتها البنفسجية التي ليس له وجود في هالات جنس النيلبو بأكمله .
شعرت بالحيرة أكثر وطالما شعرت بها فهي لا تعلم ماهية قدرات هذه الهالة وفكرت هل كل من يمتلك هذه الهالة يظهر هنا ؟
كان مجرد تساؤل طفا على سطح عقلها الذي حالته الآن شبيهة بحال الإسفنج .
عقدت عزمها علي أن تستكشف هذه الغابة من جديد والبحث بصورة دقيقة بالرغم ما يحيطها ذلك من مخاطر و أهوال .
تسللت عائدة إلي خارج النفق وبدت شمس بداية الشتاء قوية و تلفح وجهها الآن , لم تعثر على الكثير من الحيوانات والطيور الفضولية هذه المرة , فشعرت بحال أفضل حيث لم تكن مراقبة الآن .
فردت ذراعيها في الهواء و أغمضت عينيها و ارتفع مستوي رأسها لأعلي و بدت كأنها تتأمل صفحة السماء دون النظر إليها .
كانت ما تفعله في هذه اللحظة يعد من أفضل العادات التي تقوم بها , فلا يوجد أفضل من أن تمتزج مع الكون .
شعرت بالحيوية و أن الحياة تدب في خلاياها من جديد , عاد شذاها ثانية فأمتلئ الجو برائحة شذاها , كان مزيجاً من روائح التفاح والياسمين .
غطي شذاها كل الموجودات من حولها , ودب الدفء والطمأنينة في الأنحاء حتى أن جذور الأشجار الضخمة الثقيلة التي تبعث البرودة شعرت بهذا الدفء لأول مرة يتسلل أسفل الأرض .
ثم يأتي صوت من بعيد يمزق السكون .. كان صوت ضعيفاً ولكن مسموع وكفيل بإيقاظ إيرما من تأملاتها .
- أنجدوني !!!
****

دايسكي هيتاشي
22-08-2010, 14:01
في انتظار ردودكم :d

!GaZoOoLa!
22-08-2010, 18:38
^.^
بارت رااائع
لكن ما فيه مغامرات مثل الي قبله هههه
حلوة الشخصية الجديدة
بس اني ابي اعرف شنو صار لدايسكي

سووو لا تتأخر في البارت القادم
انتظر
و الرد قصير^^"

دايسكي هيتاشي
18-09-2010, 20:36
الفصل القادم خلال يومين بإذن الله
وأسف على الانقطاع

meroni
30-09-2010, 09:21
مرحبا
فصل رائع بس انه قصير
وسوري على الرد المتأخر بس الضروف ما تسمح
في انتظار الفصل الرابع عشر
تحياتي
meroni

meroni
21-10-2010, 08:51
ما تلاحظ ان البارت تأخر سار لك كم اسبوع مانزلت شيء

دايسكي هيتاشي
21-10-2010, 14:57
ما تلاحظ ان البارت تأخر سار لك كم اسبوع مانزلت شيء

أسف على التأخير عن جد
البارت الجديد في الرد القادم :)

دايسكي هيتاشي
21-10-2010, 15:01
14\ القزم سيسري


كان الصوت يأتي من ناحية الجنوب حيث كان هدف صاحب الحوافر يوم أمس , تحركت إيرما في خطوات سريعة إلي حيث مصدر الصوت غير عابئة بما ينتظرها , لقد أقسمت على ذلك في صغرها .. أقسمت على أن تمد يد العون للمحتاج والضعيف , وتساعد الجميع وتنقذهم من المخاطر كما فعل معها الأمير الجني في صغرها .
اختفت من تحت مظلة أشعة الشمس الشتوية والتي كانت بمثابة درع أمان لها , وخاضت سياج الأشجار الكثيف , كانت فروع الأشجار كثيرة ومتشابكة وأوراقها متنوعة مفلطحة و , أما عن الأوراق القريبة من الأرض فقد كستها طبقة رقيقة من الغبار .
كان الجو مظلماً في الأسفل بفعل ظلال أشجار الدردار والسنديان العجوز , وليضق المسافات بين الأشجار وجدت إيرما نفسها تتحرك بصعوبة وكان هذا سبب حنقها على نفسها , فهي تتقدم ببطء وربما ذلك الشخص الذي يحتاج إلي النجدة قد لقي حتفه , خرجت من بين الأشجار الكثيفة , ووجدت طريق ينزلق إلي الأسفل ممهد بطريقة بدائية و كان ملتو و أيضاً صغير الحجم يكفي لمرور شخصين متجاورين , وعلي فرع شجرة بلوط جافة وقف طائر أسود صغير الحجم كريه أخذ بعيونه الصفراء يتابع حركات إيرما , كان قريب الشبه إلي الغربان إلا أن ذيله الأحمر جعله غير ذلك , شعرت إيرما بالكره ناحية هذا الطائر , و أخذت تسرع من خطاها و أدي ذلك لحدوث مزق في ثيابها , و أصدرت همهمة غاضبة لما وجدت ذلك الطائر يلحق بها كلما تقدمت .
لاحظت إيرما ذلك و شعرت بالضيق وفكرت : ما حكاية هذا الطائر البغيض ؟ .
وحزمت رأيها في سرعة , كونت كرة ضوئية صغيرة وردية اللون في قبضتها , و وجهتها ناحية الطائر الكريه , فلم يستطع الهروب من الكرة الضوئية وأحاط به الضوء الوردي لأكثر من ثانية , وبعدها اختفي الضوء كاشفة عن طائر بديع الخلقة , ألوانها عديدة وجميلة , كان يشبه طائر أبو الحناء .
ابتسمت إيرما وهي تشعر بالرضا وقالت : هذا أفضل لك .
ولكنها سريعاً ما تناست أمر ذلك الطائر حينما سمعت صيحة أخري خافتة ولكنها قريبة هذه المرة , لذلك تحركت بسرعة وركضت ناحية مصدر الصوت وخرجت عن الطريق الممهد و انسلت بين الأشجار بصعوبة ولكنها بعد خمسة عشر متراً وجدت نفسها على طريق ممهد أخر وقد خفت حدة الأشجار مما سمح لشمس الشتاء بالهبوط في هذه المنطقة لتخفف من عتمتها .
كان الطريق من إمامها ممهد بطريقة جيدة و كان أكثر رحابة من الأول , وقفت تفكر أي اتجاه تتبعه .. أتذهب ناحية اليمين أم لليسار ؟
تنهدت وهي تحاول جاهدة التركيز , وبمضي دقيقة قررت أن تتجه ناحية اليسار ولكنها عادت لنفس الموضع بعد عدة دقائق عندما سمعت الصوت للمرة الثالثة يأتي من ناحية اليمين , كان بوسعها الركض الآن دون أن تهاب الوقوع أو أن تتمزق ملابسها أو يصفعها أحد الفروع الرفيعة .
لذلك أخذت تركض وتركض بسرعة إلي الأمام , وفي داخلها تدعو الرب ألا تكون قد تأخرت كثيراً , وتصورت كيف ستكون خيبة أملها إذا لم تستطع إنقاذ أول فرد سمعته في حياتها يريد المساعدة , ولكنها سريعاً ما نفضت هذه الفكرة المزعجة عن ذهنها وأخذت تتابع الركض بذهن متحفز , وأخذت تتابع الركض وسحب الغبار من أسفلها ترتفع إلي أعلي وتنتشر كلما زادت سرعتها , أخيراً وصلت إلي مصدر الصوت , لم يكن هناك خطر كبير كما توقعت , بل أنها لم تر شيء في البدء لولا لم تركز جيداً , كان صاحب الصوت كائن قصير جداً .. أقصر حتى من الأقزام الذين عرفتهم من قبل , وكان مظهره غريب جداً عليها , كان قصير جداً حتى أنه لو وقف بجوار قزم لبدا أقصر منه , وكانت لحيته تقترب من لمس الأرض , كان يرتدي قبعة هرمية لطيفة فوق رأسه ولكن خصلات كثيرة من شعره فرت منها لطولها .
نظرت إيرما للقزم في تعجب وحيرة وقالت : ما أنت ؟
كان القزم ينظر لها هو الأخر بخفوت ورعب ومع ذلك شعر بالغضب لسخرية إيرما فقال بصوت غليظ : ليس ما أنت بل من أنت ؟
اضطربت إيرما وشعرت بأنها قد أهانته دونما قصد منها فقالت : أنا أسفة , لم أعني ذلك حقاً أيها السيد , أعذرني فأنا لم أري مثلك من قبل .
أحس القزم بالقليل من الزهو لسماعه اعتذار من أحد الكائنات الطويلة فقال : لا عليك , أنا سيسري , فرداً من الأقزام .
اندهشت إيرما ولم تصدق ما سمعته فقالت : عذراً أيها السيد , لا أريد أن أكون وقحة معك , ولكن بحكم خبرتي ومعرفتي لبعض الأفراد من الأقزام , لذلك أجد نفسي أن أخبرك بأنك لا تشبههم بتاتاً .

صاح القزم سيسري و تناثر لعابه يمنة و يسرة : بالطبع أنا لا أشبههم في شيء , أنا من أقزام أل تريفل , جنسنا يمتد إلي العصور الأولي , نحن لا نختلط ببقية الأقزام الأخرى , نحن نعيش هنا .
حاولت إيرما أن تحافظ علي نبرة صوتها الهادئة وقالت : أه بالطبع , ولكن أخبرني أين نحن الآن ؟ فأنا تائهة ولا أدري أين أنا ؟ لعل معرفتي باسم المكان تسهل علي عودتي إلي موطني .

رد سيسري دون أن ينظر لها حيث أتعبه النظر للأعلى كثيراً : أنت في منطقة التريفل !
فكرت إيرما , هي لم تسمع بهذه المنطقة من قبل , و رأت أنه من الحكمة إلا تسأل هذا القزم الغاضب الآن حتى لا يثور عليها , فهي لا تريد افتعال المشاكل وبخاصة وهي لا تريد أن تستخدم هالتها المختلفة عن هالات جنسها في أي قتال .
سألها القزم في اهتمام واضح : ولكن من أنت ؟ وكيف جئت إلي أرضنا ؟
ردت إيرما باختصار : أنا من النيلبو .
ثم تابعت : وقد جئت إلي هنا لأنني سمعت صياح أحدهم يطلب المساعدة , ولكن يبدو أنني تأخرت كثيراً بسبب حديثي معك , و لربما كان هذا هو أنت !!
تنحنح سيسري وقال بصوت يشوبه الخجل : اممم حسناً , أنا ذلك الفرد الذي كان يصيح منذ قليل .
قالت إيرما مستنكرة : تصيح !! أنا أري العكس , صوتك كان أشبه بهمس , لا أصدق بالفعل أنك كنت في حاجة إلي المساعدة .

حك سيسري لحيته وقد شعر بالتوتر وقال في خجل : لا أريد أن تسمعني زوجتي .
اندهشت إيرما وتلاقي حاجبيها بصورة واضحة لسيسري وتساءلت : كيف ؟ ما الأمر الذي يجعلك لا تريد زوجك أن تسمعك ؟
رد عليها سيسري في هلع وبنبرة خفيضة : لقد أضعت أولادي , ولو علمت زوجتي بذلك لقتلتني .
صعقت إيرما من ذلك القزم المهمل , وودت أن تقتله هي , بالفعل كان معه حق أنه يهمس لأن أنثي الأقزام عندما تغضب يكون بأسها أشد من رجال الأقزام .

همست إيرما وهي تجز على أسنانها : كيف فعلت ذلك أيها القزم الأحمق ؟
تخلي سيسري عن مظهرها الغاضب وبدا كزوج يتعرض للتوبيخ , بل في قرارة نفسه ود ولو أن زوجته تعنفه مثلما تعنفه إيرما .
رد سيسري : حسناً كان ذلك منذ ساعتين حيث طلبت مني زوجتي أن أبحث عن بعض الأعشاب الطبية في الغابة و أن اصطحب الأطفال معي لأعلمهم كيف يفعلون ذلك !, كان الأمر روتينياً جداً , ولما وصلنا إلي المناطق التي تنمو فيها الأعشاب الطبية , وجدت بركتي المفضلة , وطلبت من أولادي أن يجمعوا الأعشاب من حولي علي أن أقوم أنا بتصنيفها , وكنت أقوم بمراقبتهم وأنا أسبح في البركة – فليس معني أننا أقزام و قصار القامة ألا نجيد السباحة – ثم خرجت من البركة و رأيتهم يلعبون ويلهون , ثم غفوت منبهاً إياهم أن يوقظوني بعد ساعتين , ولكنني استيقظت بعد مرور أربع ساعات ولم أعثر على أحد منهم , بالتأكيد أصابني الهلع والخوف .
فمن الممكن أن الكائن المريع الذي يسكن الجبال قد اختطفهم , فزعت من فكرة أن تعلم زوجتي بالأمر فتقتلني بسبب إهمالي , لذلك تسللت إلي هنا بعيداً قدر الإمكان حتى لا يسمعني أحد أفراد العشيرة و أنا أطلب المساعدة من جن الغابة .
علقت إيرما في شرود : أي كائن هذا .. انتظر هل تقول جن الغابة ؟
أومأ القزم سيسري برأسه أي نعم و استطرد قائلاً : العملاق الطائر .. أنه كان مرعب وخطير يجول في الإنحاء , ويخطف الجميع بلا استثناء ويأكلهم .. أه الويل لي لو أصاب أطفالي أي مكروه .. الويل لي .
قالت إيرما وهي تشعر بالشفقة اتجاهه وتناست أمر جن الغابة قليلاً : لا تقلق , سوف أساعدك .
ومضت عينا القزم بسعادة حقيقية وتساءل في فضول : كيف ؟

بالفعل كانت إيرما تفكر في الكيفية , فهي لا تدري إن كان في مقدورها التغلب على ذلك العملاق الطائر , كما أنها لم تري أحد أفراد العملاقة من قبل , وكانت تأمل في مساعدة جن الغابة كما أخبرها سيسري , لذلك سألته قائلة : أين هم جن الغابة لعلهم يساعدوننا ؟!
هز سيسري كتفيه في يأس و استسلام وقال : لا أدري , لقد سمعت عنهم , ولكن لم يراهم أحد قط , في الواقع أنا أعتقد أنهم غير موجودين , ولكني جئت عنا منادياً وفي قلبي أمل ضعيف وهش , ولكنك.. ولكنك ستساعدينني في العثور على أطفالي ..صحيح ؟! .
شعرت إيرما بالقلق من المهمة الملقاة على عاتقها وقالت : حسناً ولكن دعنا أولاً أن نتأكد من أن أطفالك لم يعودوا إلي منزلك .
اتسعت عينا سيسري في هلع حقيقي وصاح : ماذااا ؟
ردت إيرما في حزم : أنا لا أريد أن أواجه خطر مميت دون التأكد من أن أطفالك لم يعودوا إلي المنزل .
تردد سيسري قليلاً , ولكنه فكر في كلامها و وجد أن حديثها منطقي تماماً , فلربما خوفه من زوجته جعله لا يفكر إلا في أسوأ الاحتمالات , ربما عاد أطفاله إلي العشيرة فعلاً , ويتناولون غذائهم بينما يقتله القلق وهو يقف في موضعه هذا .
حزم أمره أخيراً وتمتم : حسناً .. أتبعيني .
***

دايسكي هيتاشي
21-10-2010, 15:03
خرجا الاثنان من الطريق الممهد وعبرا سياج الأشجار الكثيفة , كان سيسري يعبر الأشجار في سهولة تامة , بل أنه كان هناك فراغ بينه وبين أقرب وريقات الأشجار إليه , وعلي العكس واجهت إيرما صعوبة بالغة وهي تخترق ذلك السياج الشجري فكانت تنحني أكثر من مرة , وتقف لثانية أو لثانيتين لتسلك أطراف ثوابها المتعلقة بأحدي فروع الأشجار , شعرت بالحنق تجاه سيسري في تلك اللحظات إذ أن كان يسير من إمامها غير مبالياً بما يحدث لها من كوارث ..وشعرت لأول مرة بالغيرة , ولكن انتهت معاناتها بعد مرور دقيقتين حيث وصلا إلي طرقة ممهدة أخري والتي جاء منها سيسري في بداية اليوم , سارا في طريق متعرج يهبط إلي الشمال , كان الجو لطيف وهادئ و نسمات الهواء الباردة تهب من كل مكان وبدت شمس الشتاء متوارية خلف أوراق الأشجار و السحب الرمادية بالأعلى , و أثناء سيرهم طلت بعض رؤوس الحيوانات التي تعيش في الغابة مستطلعة في فضول من القادم , ولما تتأكد من ابتعاد إيرما و سيسري كانت تقطع الطريق إلي الجهة الأخرى من الغابة .
بدأ الطريق في الهبوط إلي أسفل تدريجياً وشعرت إيرما بأنها كانت على منطقة مرتفعة , وحتى بالرغم من الهبوط إلي الأسفل وجدت إيرما نفسها بعد عشرة دقائق علي قمة ربوة عالية ومن أسفلها تري بحيرة ضخمة و بيوت منتشرة على الناحية الأخرى منها , وبعدها تعاود الغابة الظهور من جديد , ولكن هذه المرة كان بوسعها رؤية سلسلة من الجبال ترتقي الأفق في شموخ .
حاول سيسري الابتسام ولكنه لم يفلح في ذلك فتمتم في خفوت : مرحباً بك في مقر التريفل .
اندهشت إيرما وقالت : كنت أحسب أن الأقزام يعيشون في الجبال .
رد سيسري في خيلاء : ليس كل الأقزام يعيشون في الجبال .. أننا نحن أقزام أل تريفل نعيش بجوار بحيرة آل تريفل العظيمة .
رمقتها إيرما بنظرة طويلة فاحصة ولم يبدو عليها الاقتناع .
تابع سيسري بصوت مبحوح : حسناً , لقد طردنا من جبال إيرياس , أنتِ تستطيعي رؤيتها في الأفق .
تعجبت إيرما و قالت في استفهام : طردتم ؟؟
رد سيسري في أسي : بلي , كان هذا منذ مدة طويلة , حيث جاء العمالقة الطائرين إلي هذه المنطقة و طردونا من الجبال ليسكنوها , كنت أظن أن السيكلوب أسوأ المخلوقات فهم كانوا يعيشوا هنا لفترة , ولم نكن نختلط بهم , حيث كنا قليلاً ما نخرج من الجبال , ولكن ذات ليلة اختفوا تماماً , ربما كان سبب اختفائهم يرجع إلي ظهور تلك الأنفاق الغريبة التي ظهرت في أنحاء المنطقة , وقد كان ذلك بمثابة أمر جيد لنا حتى نعيش في هدوء وسلام , ولكن ذلك العملاق اللعين جاء هو و عائلته ليقلبوا الأوضاع رأساً على عقب .. كائنات مهيبة ولا أحد منا يقدر على مواجهتها للأسف , لذلك تركنا الجبال وقدمنا إلي البحيرة علي أمل أن يتركها ذلك يوم , ولكنه لن يفعل فهو و عائلته يعيشون هنا في راحة .
سألته إيرما في حذر : ولكن لما لم ترحلوا بعيداً عن هنا وعن هذا الخطر ؟
ضحك سيسري في عصبية وقال : لو فعلنا ذلك , لن نستطع العودة إلي موطنا الأصلي ..جبال إيرياس , كما أن هذا المكان سيفقد هالته النفسية المحيطة به , بأن هناك أحياء قادرون على الخروج من هنا أحياء بالرغم من وجود عمالقة محلقة في المنطقة , هذا سيجعل بقية المخلوقات يأتون إلي هنا , وبخاصة من مولكور.. الأمر مرعب في مولكور .
لم تفهم إيرما جيداً ماذا يقصد سيسري بكلامه و لكنها أدركت أنه خيار سيأتي بالمصائب أكثر من وجود العمالقة أنفسهم , شعرت بأنها عليها مساعدته ومساعدة أهل عشيرته , وحتى لو أصابها ضرر بسبب ذلك , فهي لا تطيق فكرة أن يعيش الفرد في هلع و خوف دائمين كحال أمها .
قالت في إصرار : لا تقلق , سوف أساعدك .
ابتسم سيسري في امتنان وقال : أتمني ذلك .. أتمني أن نصل إلي هناك بسرعة قبل أن يحدث مكروه لأبنائي الأعزاء .
قالت إيرما وهي تفكر في طريقة لحل مشكلة الوصول إلي الجبال بسرعة : لا تقلق كما أخبرتك , ولكن أسرع ولتتأكد من غياب أطفالك بالفعل , و أنا سوف أنتظرك هنا .
رد سيسري : حسناً .
ثم هبط إلي الأسفل و سلك طريقه إلي حيث بيوت الأقزام حتى أصبح في ناظرها أصغر مما هو عليه كنقطة سوداء تتحرك على الشاطئ البعيد .
بعد ذلك جلست إيرما على الأرض معطية ظهرها لأحد جذوع أشجار الدردار وأخذت تتساءل في نفسها عن إذا كان في مقدورها فعل ذلك .. هل لديها القدرة علي الانتقال الآني , لقد علمتها أمها ذلك , ولكنها لم تمارس الانتقال الآني منذ مدة طويلة , كانت الأفكار السوداوية تملئ ذهنها والخوف من عدم قدرتها على الانتقال بفرد أخر معها , ولكنها سريعاً ما أزاحت هذه الأفكار عن تفكيرها , وأخذت تتأمل غروب الشمس البعيد حيت تواري معظم قرص الشمس خلف الجبال في الأفق , ولكن حركة من خلفها قطعت تأملها , فنهضت في سرعة وهي تتخذ وضع متحفزاً , ولكنها سريعاً ما تراخت لما رأت وعل بقرون كبيرة هلالية وتبينت أنها مصدر هذه الحركة.
نظرت ناحيتها في برود ثم عادت إلي مجلسها من جديد , وحركت الحصى من أسفلها و أخذت تغير من ألوانه كيفما شاءت .
ولكن بعد برهة حدث شيء غريب لقد تكلم الوعل وقال : أري أنه من الخطر أن تذهب إلي هناك ؟

عندها تجمدت الدماء في عروق بسمة الأمل , فهي تعلم جيداً أن الوعول لا تتكلم , نظرت إليه في حذر و سألته : من أنت ؟
لم يرد الوعل ولكنه بدأ يتألق بلون شبحي وظهر خلف الضوء فتي غريب وذو نظرات حذرة وقلقة .

***
نهاية الفصل

همس اعماق البحر
21-10-2010, 18:19
بصمة :سعادة2: .. كنت هنا وسأحاول العودة :)..
دام قلمك متميزا بكتاباته الرائعة ::جيد::

meroni
29-10-2010, 18:27
دايسكي عندي سؤال
أيرما شخصية جديدة ؟؟
ولا حظت انك ما كتبت شيء عن دايسكي في الفصلين الاخيرات ؟؟

المهم أنك كاتب مميز ولك قلمك المبدع
في انتظار الفصل القادم

meroni
19-11-2010, 09:34
وين التكملة ؟؟؟

دايسكي هيتاشي
27-11-2010, 17:48
بصمة :سعادة2: .. كنت هنا وسأحاول العودة :)..
دام قلمك متميزا بكتاباته الرائعة ::جيد::

اهلين اختي همس
في انتظار عودتك :)


دايسكي عندي سؤال
أيرما شخصية جديدة ؟؟
ولا حظت انك ما كتبت شيء عن دايسكي في الفصلين الاخيرات ؟؟

المهم أنك كاتب مميز ولك قلمك المبدع
في انتظار الفصل القادم

أهلاً meroni
صحيح ..إيرما شخصية جديدة
دايسكي لن يظهر لفترة ولكنه هو البطل أولاً وأخيراً
سنجد شخصيات أخري لحين ظهوره مع الفصل الثامن عشر ..

وين التكملة ؟؟؟

امممم
التكملة خلال الغد بإذن الله
دمت بود :)

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:47
الفصل الخامس عشر ™
ღمافريكღ
↓ٍٍٍٍ
هناك في مملكة"الأرسيديجون", عاش طفل صغير يدعي "مافريك" كان ابن لحطاب وكانت أسرته تعيش في قرية صغيرة تدعي "هيسن", وكانت حياتهم جيدة بالنسبة للطبقة المنتسبة إليها , وفي كل عطلة كان والده يصطحبه معه إلى البحيرة اٍلتي تبعد القرية عدة أميال حيث كانا يمارسا هوايتهما المفضلة وهي الصيد وبالرغم من أن"مافريك " لا يعرف كيف يضع الحلزونات في سن الصنارة إلا أنه كان يجعل والده يفعل ذلك ويلقي بالصنارة بعيداً في الماء , وبالرغم من أن الوقت يطول أحياناً كثيرة ليصطاد سمكة إلا أنه كان يستمتع بوجوده بجوار والده , كان يشعر بالأمان معه دائماً وكان يحبه كثيراً أكثر من والدته .
وذات مرة وبينما وهما يصطادان سأل "مافريك"والده وهو ينظر إليه في حماسة : أبي .. متي سأتعلم التحول لشكلي الحيواني ..متي ؟
نظر والده إليه نظرة طويلة هادئة وهمس : العام القادم يا بني .. هذه هي التقاليد .
قال "مافريك" وهو يحاول مقاومة جذب الصنارة : أه نعم .. كم أنا متشوق لذلك !
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

وبعد مرور أقل من عام وفي منزل كبير بعيداً عند أطراف قرية "هيسن", حضرت أسرة"مورير"أخو الحطاب , كان"مورير"هو الأخ الأصغر للحطاب وكان يمتهن مهنة ذات شأن ويدير أعمال من شأنها زيادة دخول القرية الاقتصادية بفضل تعاملاته التجارية الخارجية التي غطت أرجاء مملكة "أرسيديجون"وتجاوزتها إلى الممالك الأخرى , وبالرغم من أثار الترف و النعمة الواضحة على حياته هو وأسرته على عكس أسرة أخيه الأكبر
" ولسون" والد "مافريك"إلا أنه كان يشعر بالغيرة من أخيه لأن لديه "مافريك" على عكس حاله يمتلك ذرية كلها من الإناث , لذلك دائماً ما كان ينتقد حال "ولسون" ويأتي لزيارته حتى يتشف منه وحياته البائسة , و أيضاً كان يعامل "مافريك"الصغير بقسوة غير مبررة , ومع ذلك كان
" ولسون" لا يعبأ بهذا الحقد الواضح لأنه يعلم السبب الحقيقي وراء ذلك .
و ابتسم حينما رأي أخوه الأصغر برفقة أسرته يطل عليه من كوة الباب و قال : تأخرت في الزيارة .. تعال إلى الداخل , الجو بالخارج بارد جداً .
قال "مورير" بغطرسة : أه نعم .. أتمني ألا أجد مدفأتك مطفأة كالعادة .
ابتسمت زوجته وبناته في خجل و دخلوا كلهم إلي جوف البيت الكبير .
كان الجو بالداخل دافئ , واحتقن وجه"مورير"للحظة , ثم تبع"ولسون" إلي غرفة الجلوس , وخلال دقائق تجمع كل أفراد العائلتين , و وزعت أكواب الشوكولاتة الساخنة علي الجميع , بينما بدأ الأبناء في إحداث الضجيج بثرثرتهم بعد انضمام"مافريك"و أخواته البنات إلي بنات عمومتهم , ولما رآه "مورير"شعر بالحنق ولم يخف شعوره هذا و ترجمه إلي فعل , فقال بلهجة أفعوانية : ومتى سنراك وقد بدأت بالتعلم , أم أنك لا تنتوي أن تتعلم ؟
رد "مافريك": لا أبداً .. ربما هذا العام يا عماه على أقصى تقدير .
قال "مورير" في زهو : ابنتي"لورا"بدأت ذلك الأمر منذ ثلاثة أشهر .
صاح "ولسون"في دهشة : هل هذا صحيح يا "لورا"؟
هزت "لورا"رأسها خجلاً و ردت : بلي يا عمي .
و تابع "ولسون"حديثه : يا له من خبر رائع , لابد و أن نقيم وليمة احتفالا بذلك الأمر .
رد عليه "مورير" في كياسة : وهذا هو سبب مجيئنا يا"ولسون".."فنديماس"القادم ستكون هناك وليمة ضخمة سيحضرها شخصيات
مهمة , فأحرص علي حضورك بشكل لائق .
لم يبتلع "مافريك"الصغير هذه الإهانة الوجهة لوالده , فقال في غطرسة : ومن أخبرك أننا سنحضر , لدي أنا و أبي أمر أهم من هذه الوليمة السخيفة في ذلك اليوم .
تعجب الجميع من "مافريك", بينما كانت علامات الدهشة والسخط تتناوب على وجه عمه والذي قال :
- يا لك من فتي وقح .. كيف تجرؤ ؟
تدخل "ولسون"بلهجة معتذرة : هو لا يقصد شيء يا أخي العزيز .
رفع "مورير"رأسه لأعلي في خيلاء وكبرياء ثم قال بصوت جامد : بأية حال ما هو ذلك الشيء المهم يوم "فنديماس"؟
رد "ولسون": سأختبره ذلك اليوم حتى يتسنى له التعلم .
قال "مورير": هكذا الأمر إذن , ثم أضاف في عجلة : ولكنه لن يؤخركم كثيراً عن حضور الوليمة و بخاصة و أن"لورا"ستقوم بأول تحول لها على الملأ .
صاح "مافريك"في دهشة : تحول !!, بهذه السرعة !
جاوبه "مورير" في سخرية : بلي يا فتي ,"لورا"قوية .. ليست متكاسلة مثلك .
ثم ضحك و أضاف : ستصاب بالإحباط حينما تأتي من اختبارك وتجد قرينك كلب ضئيل , و تري ابنتي في تحولها الوحشي .. ستدرك كم ستكون قزماً إمامها .
تدخلت "لورا" و وجنتيها كاملة الحمرة : أبتاه .. سيبلي جيداً , لا تقسو عليه بحديثك .
ضاقت عينا "مورير" ومضت لبرهة من الغضب وقال : لا تقاطعي حديثي مرة أخري يا "لورا".. أنت الأفضل , وستكون مفاجأة لهم حينما يرون أي شكل تتحولين .
ابتسم "ولسون" في بساطة وقال : بالتأكيد سنري يا أخي .."لورا" فتاة جميلة وستكون عظيمة مثل والدها .
شعر "مورير"في تلك اللحظة بالانتصار والارتياح و رد سريعاً : بلي هذا صحيح .. هذا صحيح .
بينما أضاف "مافريك"في تحدي : بالتأكيد سنري يا عماه أياً منا سيكون الأفضل .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.
بعد رحيل أسرة "مورير" من البيت الكبير , صاح"مافريك" في غضب وثورة : لم أعد أطيق زياراته أو وجوده معي للحظة ..كرهت وجوده وتهكماته علينا يا أبي .. لما دائماً تكون معه هكذا .. لا تعنفه ..لا توضح له أنه قد تجاوز حدوده .. من الأخ الأكبر منكما .
هدأت عاصفة الصياح قليلاً , ومعها أمسك "ولسون"بكتف"مافريك"و أخذ يربت عليها ونظر له في حنان و قال : لأنه أخي الصغير
يا "مافريك".. ولا أستطيع التخلي عنه .
صاح "مافريك"معترضاً : ولكن .. ولكن لما ترضي بتهكماته علينا ؟؟؟
صمت "ولسون" قليلاً ثم قال : لأنه لديه مشكلة يا"مافريك", وأنت الآن صغير على إدراك مثل هذه المشكلة ..عندما تكبر ستعلم مدي معاناة عمك و ستشفق عليه .
قال "مافريك" في عدم تصديق : حقاً !!.. ثم تابع ساخراً : لا أظن أن مثل هذا اليوم سيأتي أبداً .
رد عليه والده موبخاً : لا تكون قاسياً هكذا يا "مافريك", و الآن أظن أن موعد النوم قد حان , لا تتلكأ و لتصعد إلي حجرتك ..
ابتسم "مافريك"على مضض وقال :حسنا أبي .. تصبح على خير.
رد الأب بابتسامة حنون : و أنت من أهله بني.
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.
حل يوم "فنديماس"سريعاً , وكان"مافريك"الصغير يشعر بالحماسة حتى أنه لم يستطع النوم جيداً بسبب حماسته هذه , ولما سمع نداء والدته بالأسفل نهض مسرعاً , وهبط السلم في قفزات سريعة , وعرج إلي الحمام وخرج منه وهو يشعر بالانتعاش .وجلس على المائدة في انتظار بقية أفراد عائلته .
سأل أمه في لهفة : أين أبي ؟
كانت أمه منشغلة في إعداد البيض المقلي فردت عليه دون أن تنظر إليه : أنه بالخارج يا عزيزي , لا تكن قلقاً هكذا , سيأتي في الحال .
وبمرور دقائق قليلة عاد والده من الخارج وهو يحمل الجرائد و ألقي تحية على عائلته الصغيرة , ثم جلس على المقعد المقابل لـ "مافريك"وأخذ يتصفح الجرائد ويطلق القليل من الهمهمات ثم تمتم : ينبغي أن نزيد مخزوننا من الأرز هذا العام , سيصبح شحيحاً في الأسواق في الفترة القادمة .
ردت زوجته وهي تضع الأطباق : أه ..حسناً .. كنت أتساءل بالفعل عن ندرته , ربما نحضر البعض من متاجر البشر .
أطلق "مافريك"صيحة استنكار : البشر !! أرجوك , أنهم لا يدرون أي شيء بالله عليك يا أماه .
صاحت أمه وزجرته قائلة : ولد !! لا تقل مثل هذا الكلام ثانية .. أنت الآن قريب الشبه بعمك .
أسود وجه "مافريك"وصاح في رعب : إلا هذا ..إلا هذا . أنا أحب البشر .,
ضحك أخوته البنات بجواره , في حين ابتسم والده من خلف الجريدة , وأخذت والدته تنقل بقية الأطباق إلي الطاولة .
وانشغل الجميع بالأكل ثم سأل "مافريك"والده في ترجي : أينبغي فعلاً أن نذهب إلي الحفل اليوم ؟
نظره والده ناحيته مستنكراً وقال : ألم نتحدث في هذا الأمر من قبل ..عار عليك يا "مافريك", حسبتك فهمت الأمر .
أطرق "مافريك" رأسه ونظر إلي الأرض وتمتم : ولكنه يكرهني دوماً ..كيف تطلب مني أن أتحدث معه و هو يكرهني ؟
صمت أخوته و توقفوا عن الأكل , وتدخلت والدته قائلة : بالرغم من معاملته لك بهذه الصورة إلا أنه يحبك يا "مافريك", و إن لم يكن ذهبك لأجله , فليكن لأجل "لورا".
رد "مافريك"في سخرية : حقاً.
قال والده وهو يشعر بالحزن :"مافريك".. لا تقل هذا الكلام ثانية .
شعر "مافريك" بأنه قد تجاوز حدوده هذه المرة , فهو الوحيد الذي يشتكي الآن , لذا غير لهجته وحاول أن يجعلها ودودة وقال : حسناً . ثم سأل والده : إذن متي سنتحرك يا أبي ؟
رد الأب : بعد قليل يا بني .. سنذهب إلي جدك الآن , ومن ثم سنذهب إلي الحفل .
صاح "مافريك"في حماسة : يااااااه هذا رائع , منذ مدة طويلة و لم أري جدي أو جدتي .
بينما أشتكي أخوته الصغار و رددوا : لماذا هو يذهب ونحن لا ؟ هذا ليس عدلاً .
ابتسمت والدتهم وقالت لهن بلطف : لا تقلقوا , سنزور جدتكم غداً , بالإضافة إلي أنه يوم "مافريك"المميز .. عيد ميلاده .. لقد بلغ الثانية عشر ومن حقه الذهاب إلي هناك الآن .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:48
كان البيت المقصود يقع في الطرف الأخر من القرية , ولما وصل"مافريك"و والده إلي حافة الطريق .
أخذ "مافريك"ينظر إلي بيت جده في سعادة , وشعر بأنه لم يتغير كثيراً عن أخر زيارة له , المدخنة تصدر طبقة من الدخان في الأفق , ومازال لوح القرميد على حافتها لم يتحرك أنشاً واحداً , بينما أشجار العنب والخوخ تحيط بجانبي البيت , وبعيداً تنتشر الحقول .
صعد "مافريك"برفقة والده الطريق الملتوي الذي ينتهي عند عتبة بيت الجد .
طرق "ولسون"الباب وانتظر قليلاً , وفتح الباب وظهر من خلفه ملامح مرهقة لجد عجوز والتي سريعاً ما تبدلت لما رأى ابنه وحفيده وصاح : مرحباً ..مرحباً .. ادخلوا ..هيا إلي الداخل .. تعال أيها الفتي الصغير لكم اشتقت لرؤيتك .
ابتسم "مافريك"في سعادة , وتقدم برفقة والده وجده إلي داخل البيت , وفي الداخل لمحته الجدة و قالت بوجه بشوش : كنت أعلم بقدومك .
وضعت الجدة على المائدة صينية محملة بكعك مغطي بالشوكولاتة وقالت : صنعته خصيصاً لعيد ميلادك .. هيا جرب واحدة .
ألتقط "مافريك" قطعة و أخذ يأكلها في سعادة وأخذ ينظر إلي أنحاء البيت كأنه افتقده لمدة طويلة , في حين انشغل والده وجده في الحديث .
قال الجد بصوت رزين : إذن مازال "مورير"متسلط حتى الآن , لا تشغل نفسك يا ولدي .. سمعت أنه سيقوم بحفلة الليلة . ثم ضحك وتابع حديثه : نعم ينبغي علي أن يصنع حفل عظيم .
أومأ "ولسون" برأسه وقال : بلي هذا صحيح , ولكن بعيداً عن أمر"مورير" الآن , دعنا نتناقش في الأمور التي جئت من أجلها .
انتبه "مافريك"عند هذا الموضع من الحديث وبدت آذنه على أهبة الاستعداد في التقاط بقية الحديث .
ولكن نظر "الجد"ناحية "مافريك"وهمهم : أه ..بالتأكيد حان الوقت , أنه في الثانية عشر الآن , كبير بما فيه الكفاية , ولكن أريد التحدث معك قليلاً في الخارج قبل أن نفعل ذلك .
ثم تابع موجهاً حديثه ل ـ "مافريك" الذي بدا محبطاً في تلك اللحظات : و أنت أبق هنا برفقة جدتك , و تذكر أن تترك لي القليل من الكعك .
ثم أطلق ضحكة عالية , وخرج برفقة "ولسون" إلي خارج البيت , ثم وصلا إلي مقعد داخل الحديقة الصغير خلف المنزل وجلسا كلاً منهما ينظر إلي الأمام بعيداً حيث تحلق الطيور القليلة في صفحة السماء البعيدة .
قال الجد : حسناً .. ما الذي يشغل بالك ؟ أهو بخصوص "مورير" أيضاً ؟
أطرق "ولسون" قليلاً ثم قال : لا أبداً , ليس الأمر كذلك كل من هنالك هو أنني قلق بعض الشيء بخصوص"مافريك".. شعور يراودني فحسب .
ابتسم الجد وقال : إذن الأمر متعلق ب ـ "مورير", أنت تخشي عليه كثيراً من"مورير".. أليس هذا ما يشعرك بالقلق ؟
لم يجب "ولسون" و إنما أخذ يحدق في صفحة السماء الزرقاء .
تابع الجد حديثه : حسناً أنت تعلم جيداً أنه ليس بيدي حيلة لأوقف "مورير", ولكن ضع في الحسبان أن "مورير" يشعر بالضعف حينما يري "مافريك", فليس من السهل رؤيته ولا يتذكر "جي".
أجاب "ولسون" ودمعة أفلتت من عينيه : أعلم ..أعلم يا أبتاه , ولكنه يضاعف الألم على نفسه , ويكسب شعور بالكراهية ناحية "مافريك".
قال الجد : فلندع الأيام تتحدث عن نفسها يا بني .

ثم قام من مجلسه و بهذه الإشارة انتهي حديث مقتضب مليء بالحزن , أشار الجد ناحية الشمس و قال بلهجة فرحة : انظر ..ستكون هناك حفلة من الشهب مساءً , لا تدع هذا المنظر يذهب دون أن تراه , ولكن دعنا الآن نذهب لنري قرين "مافريك".
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•.
كان "مافريك" في انتظار جده و والده على أحر من الجمر , ولما رآهم مقبلين ناحيته نهض مسرعاً من جلسته و بدت عليه الحماسة , وبعد أن طلبوا منه أن يلحق بهم , أسرع ناحيتهم وتوجهوا جميعاً إلي الباحة الخلفية من جديد .
كان يوجد فراغ بجوار الحديقة وكان مرصوف بأحجار قديمة رسمت فيها مسارات وخطوط عديدة .
وقف "مافريك" متردداً , ثم بحركة سريعة من الوالد والجد استدعي قرينيهما , فظهر القرد الخاص بالجد , و الدب الأبيض الخاص بالأب , و وقفوا جنباً إلي جنب .
قال الجد : هذان قرينينا يا "مافريك"..أو الشكل الحيواني الذي نستطيع التحول إليه , وبدون القرين ستكون غير قادراً على فعل أي شيء , بمعني أخر ستصبح مثل "الأبيكتيسكي" أو البشر العاديين , لأنع بدون طاقة القرين , ستصبح قواك الروحية خاملة و عديمة الجدوى , فبالطاقة الروحية و طاقة القرين تحصل على قوتك الحيوانية أو الوحشية .. هل فهمت ما أعنيه يا حفيدي العزيز ؟
أومأ "مافريك" برأسه وقال : اممم على ما أظن , ولكن كيف أحصل على قريني ؟
ابتسم الجد وقال : كما تلاحظ أنا و والدك نمتلك نوع مختلف من القرناء , فنحن لسنا مثل السحرة فيكون للعائلة قرين واحد , بل كل شيء يتوقف على الشخص ومقدار قوته الروحية الكامنة , ولكي تحصل على قرينك سنحاول تنشيط قواك الروحية أولاً , ثم سنقذف بك إلي عالم "فيفانس", وهناك ستحصل على قرينك .
شعر "مافريك" بالقليل من الرعب وقال وهو ينظر إلي والده مستجدياً إياه العون : وهل سأفعل الاثنان معاً ؟
ضحك الأب والجد معاً ونظرا إلي "مافريك" و أجاب الأب : بلي , ستفعلهم معاً وحالاً ..اسمعني يا صغيري كل ما عليك فعله الآن هو أن تهدأ وتصفي ذهنك ولا تجعله مشوشاً .. هل هو خالي كالسبورة ؟, عظيم و الآن دعنا ننتقل إلي داخلك , هناك شيء ما تشعر به ولكنه ضعيف .. أليس كذلك ؟
تمتم "مافريك": هذا صحيح .
تابع الأب : هذه هي طاقتك الروحية أنها تنتظرك , والآن عليك أن تناديها ..هيا غذي هذا الشعور مرة أخري .. هل تحررت ؟ لا , حسناً فلتجرب مرة أخري و الآن هل تشعر بها ؟ هل تسري في جسدك ؟..عظيم .
صاح "مافريك" في فرحة وهو يشعر بالقوة تدب داخله : لقد أحسست بها .. يا له من شعور عظيم .
شعر "مافريك" بالاندهاش , وسري في جسده شعور غريب , شعر بأن هناك نار تسري في أوصاله .
ثم عاد ليسأل : هل هذا كل شيء ؟
ضحك الجد وقال : لا ..هذا ليس بشيء يا "مافريك", أنت الآن على وشك البدء .
تمتم "مافريك" متعجباً : أنا !!
فقد حسب أنهم سيكونون معه في كل خطوة أم الآن لمح نبرة التخلي عنه , و حس بالتذبذب قليلاً .
رد الجد : بلي ..والآن دعنى أمارس عملي كحارس لهذه العائلة , فلكل عائلات "الأرسيديجون"حارس خاص لفتح بوابة نقل إلي عالم "فيفانس".
ابتعد "مافريك" إلي الخلف و وقف بجوار والده , وأخذ يتابع جده .
كانت الساحة فارغة تماماً من إمام الجد والذي بدأ في تشكيل بضعة حركات خفيفة رسمها علي الهواء , ثم قفز قرينه القرد و وقف على كتفه , و مد الاثنان معاً ذراعيهما إلي الأمام , و تمتم الجد ببضعة كلمات غير مسموعة .
عندها تدفق سائل أصفر من أحد الأركان , وبدأ يتجول كالأفعى في المسارات المنقوشة والمحددة على أرضية الساحة , ولما ملأ السائل كل فراغ و ممر في الساحة , بدأ برج في التشكل في منتصف الدائرة وبدأ يرتفع إلي أعلى حتى تجاوز طوله المائة متر , و في نفس الوقت ظهر درع أسود غطي المنطقة المحيطة بالكوخ والبرج وجعلها معزولة عن أي عين خارجية .
كان البرج بطوله الشاهق يتلألأ و يلمع , ولم تكن هناك أي أبواب أو نوافذ تطل منه .
تنهد الجد , ثم اتجه ناحية "مافريك" وربت على كتفه وقال بوجه بشوش : بوابتك إلي عالم "فيفانس" جاهزة يا حفيدي العزيز .
أزدرد "مافريك" ريقه وحاول التملص فقال : هل هذا ضروري ؟
رمقه والده بنظرة حازمة وقال : هذا أمر لابد منه يا "مافريك", و إلا ستصير ملعوناً في قريتنا وسينعتك الكثيرون بـ "الأبيكتيسكي".. ثم أضاف في تهكم : أم أنت لست في شجاعة "لورا"؟
صمت الجد وتابع "مافريك" بعينيه و قد كان الجواب الأخير سريعاً بالرغم من الأسئلة التي تضخم رأسه عن ماهية هذا العالم .
لما خطي خطوته الأولي إلي حيز البرج ظهرت له بوابة صغيرة , توجه لها دون خوف ثم فتحها وغاص بجسده كاملاً إلي داخلها , وبالداخل رأي شيء أخر علي خلاف تخيلاته , لم يكن هناك أي شيء يدل على أنه بداخل البرج .
كان يقف علي أرض وردية اللون , وكان الجو بأكمله وردياً , وكانت الأرض ممتدة إمامه إلي ما لا نهاية , ومن بعيد تلوح أفاق مدينة مهدمة .
شعر "مافريك" بالغرابة تجاه هذا البرج أو العالم برمته .
بدأ الجو من حوله في التشكل و التجسد , وبدأ يحوم حول "مافريك" في دوائر عدة , ثم ظهرت أطياف عديدة لملايين القرناء تسبح في الجو وكل منها يذهب إلي "مافريك" ويبتعد عنه بعد أن يقول عبارة على غرار :
- (( أنه ضعيف , لن يستحمل أقل ما سأمنحه له من قوة .))
- (( أنه قوي حقاً .. لن أؤتيه حقه .))
- (( أتمزح محال أن أكون تابعك ))
كان الطيف الأول لقرد و الثاني لأنثى النمر , والثالث لأفعى .
وهكذا أخذت الأطياف تقترب منه وكلما لامسه أحد شعر بضغط على قواه الروحية , وفي النهاية اقترب منه طيف غير معلوم الملامح وأخذ لتف حوله في دوائر , وخرج منه الصوت الوحيد و الذي لن يسمع مثله "مافريك" كثيراً في السنوات القادمة : أنا قرينك .
وبينما نطق الطيف بهذه العبارة , شعر "مافريك" بأن جسده يقتلع من مكانه بسرعة شديدة , و فجأة وجد نفسه يسقط على الأرض بجوار جده و والده وذلك الطيف الغير معلوم يحيط به .
ولما رأي والده وجده وعلامات الفزع تعتري وجهيهما قال في يأس وهو ينظر إلي الطيف الذي لا يبدو كالقرين أبداً : يبدو أنني فشلت .. هل أستطيع المحاولة من أخري ؟
أشار جده له بالنفي , و أختفي البرج من الساحة تدريجياً وهو يهبط إلي أسفل وكأنه يطوي .
قال الجد : بل نجحت بصورة غير متوقعة على الإطلاق ؟
دهش "مافريك" وسأل : كيف ؟
نظر له والده بعد أن تغلب على دهشته أخيراً وقال : سنخبرك يا "مافريك", ولكن سيكون ذلك في الداخل .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:50
و في الداخل أخذ "مافريك" ينقل بصره بينما جده و أبيه في ريبة , وكان ينتظر بدء حديثهم , و لما وجد الصمت لا يرحل عنهم بادر هو في الحديث قائلاً بلهجة ملحة : أشرحوا لي ما حدث لي , ما بال هذا الطيف ؟
حاول والده أن يبعد نظره قليلاً بعيداً عنه , ثم استعاد رباطة جأشه بعد برهة وقال بصوت هو أقرب إلي الهمس : ليس لديك قرين محدد .
ذعر "مافريك" وقال محاولاً أن يصحح لوالده حقيقة الأمر وأنه من "الأرسيديجون" وبالتالي ينبغي أن يكون لديه قرين محدد : كيف ..كيف ليس لدي قرين محدد !!
تدخل الجد وقال : ولكنك لم تملك غير هذا الطيف الهلامي يا "مافريك" وهذا يعني ...
قطع كلامه فجأة وشعر بغصة في حلقه ثم تنهد وأخذ شهيق كبير وأطلق سراحه ثم تابع : هذه الحالة لا تحدث كثيراً في عالمنا بل نادراً ما تحدث يا حفيدي .. أنت منبوذ !!
صاح "مافريك" في جزع : ماذا ؟ أنا منبوذ ؟, ماذا يعني كل هذا ؟
رد الوالد وهو يشعر بالأسى : يعني أنه ليس لديك قرين محدد .
ثم تفكر قليلاً و تابع كلامه : وهذا يعني أنه لربما يمكنك الحصول علي أي قرين تريده بواسطة قواك الروحية عن طريق إعادة تشكيلها ..نظرياً هذا أمر يمكن الاعتقاد فيه , ولكن عملياً مستحيل حدوث ذلك الأمر .. لذلك ينبغي علينا أن نغطي علي حقيقة كونك منبوذاً .
قال "مافريك" والدموع تتلألأ في عينيه : لماذا ؟, كل ما أريده هو أن أكون مثلكم , فلماذا يحدث لي هذا الأمر , لماذا يتوجب علي التواري و الاختفاء في عاري كما ألمح من نبراتكم .. هل أنا عاراً عليكم ؟
ثم أجهش في البكاء لمدة , في حين نظر له الجد بنظرة مؤنبة وقال : عار !!, لا تقل مثل هذه الكلمة ثانية يا عزيزي , بلي ينبغي علينا أن نخبئك و نواريك جيداً ليس لكونك غير مالك لقرين , بل لأنك ستكون في خطر عظيم لو أحد علم بأمرك , هناك الكثيرون في انتظار فرصة ظهور منبوذ للحصول على قواه , و في عقولهم ذلك الطموح بأنهم قادرين على تجاوز المستحيل , ولكنهم يرون أن ذلك الأمر يستحق مثل تلك المخاطرة .
تساءل "مافريك" في دهشة : كيف يحصلوا على قواي و لماذا ؟
أجابه الجد : في اعتقادهم أن ذلك الطيف الخاص بالمنبوذين سيمكنهم من امتلاك أقوي القرناء علي الإطلاق , و ولكي يفعلوا ذلك عليهم مبارزتك وقتلك ..لذلك ينبغي أن نخفي حقيقتك ..هل فهمت الآن مدي خطورة وضعك هذا ؟
أومأ "مافريك" رأسه في أسي وحزن عظيمين : بلي .
وكانت عينيه تظهران نظرات خاوية من أي معني , شعر "مافريك" في تلك اللحظات بالفراغ التام , وأنه تائه وضائع لا محالة في هذا العالم المكفهر , ومع ذلك وعبر ظلمة هذا العالم الذي ينتظره , برقت عينيه بوميض قوي وقال لنفسه في تحد : ولكنني سأفعلها , وسأصبح قادراً على تشكيل قواي الروحية و أن أمتلك القرين .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.




بمرور عدة شهور بعد هذا اليوم كان جميع أفراد الأسرة على علم بحالة "مافريك" مما جعله ينعزل بنفسه عن الآخرين , وكان يفكر دائماً فيما فعله عمه "مورير" عند علمه بذلك , فإذ به يضحك حتى الجنون وكأنه ثمل , مما زاد من ألم "مافريك", ولكن بمرور الأيام بدأت زيارات عمه نادرة حتى بات بعد مرور عامين أو ثلاثة لا يزورهم إلا ثلاثة مرات في العام الواحد , و أثر ذلك على حالة "مافريك" النفسية إذ أنه كان يسعى إلي كسر هالة النبذ عنه , وبدأ يتدرب كما يحلو له حاسباً أن في تدريباته طريقة لتشكيل طاقته الروحية , ولكن دون جدوى .

انخفضت روحه المعنوية وباتت في الحضيض , وشعر بالغمة و تملكه الحزن , وجعلته كل هذه الخلطة من المشاعر أن يقتنع بما قيل له و أنه منبوذ ولن يصير شيئاً .

حتى حلت تلك الليلة التي قلبت فيها حياتها رأساً على عقب , كان من المفترض أن تكون ليلة مملة أخري كسابقاتها من الاحتفالات الغريبة التي يقيمها عمه "مورير", ولم يكن في وسعه عدم الحضور .

كانت العائلة بأكملها مجتمعة أسفل سواد الفضاء وبين أحضان الأزهار المضيئة , كانت وليمة شهية ولم ينقصها شيء غير صاحبها , فقد تأخر "مورير" هذه المرة .

ولكن الجمع لم ينتظر صاحبه كثيراً فمع إشارة زوجه "هيلين" أنخرط الجميع في الأكل والشرب .

حفل عشاء ممل كما أعتقد "مافريك", وكان الجو ثقيل وساكن مما جعله يرغب بشدة في انتهاء هذه الأمسية , ولكن حدثت كارثة قبل أن تنتهي .. إذ أنهم تعرضوا لهجوم عنيف وشرس من بعض الأشخاص الأشرار .

دار صراع رهيب و زمجرت الوحوش و القرناء , كان الجميع قد تحول إلي الشكل الحيواني الكامل , وبدأ كل أفراد الأسرة يتقاتلون مع المغيرين في بأس شديدة محاولين حماية العائلة , و الأكثر حماية "مافريك" الذي لو وقع في أيديهم لقتلوه بأكثر الطرق إيلاماً, وكان عددهم ضعف عدد أفراد الأسرة , كان هجوماً مدبر ومخطط لا شك في ذلك .

كان من بين المهاجمين أكثر من فرد قوي , وبدأت نتيجة الصراع تتكشف تدريجياً بسقوط أعداد كثيرة من العائلة قتلي .

شعر "مافريك" بالرعب و الهول مما يجري حوله , وحاول عقله أن يكذب ما تراه عيناه , تحاول آذنيه الفرار منها كل ما تسمعه من صرخات و عويل , بينما بدأت دموعه في الانهمار لما رأي أفراد أسرته يسقطون صرعى , وهو واقف لا حيلة له , و لا يقدر على مساعدتهم , وقد كانت مساعدته الوحيدة لهم هو أن يهرب ويختفي من أعين المهاجمين .

كان والده من إمامه في شكله الحيواني الكامل يحاول الدفاع عنه و عن أخوته في شراسة و بأس و يسقط من المهاجمين الكثير , وكان يطلب منه الفرار و أن يأخذ أخوته البنات ولكن "مافريك" ظل ساكناً كالجلمود لا يعي ما يدور حوله , حتى سقطت أخته الصغيرة إمام عينيه صرعى و هو مذهول مما يجري , ولما أدرك ما حدث أخذ يبكي بحرقة الأطفال وسط اللعنات و التصادمات المرعبة إمام مرآي عينيه .

وجد أن أفراد عائلته كلها قد أبيدت و اختلطت دماؤهم بندي الأزهار و الأعشاب ..

أهتز كيانه كله وهو يري أن كل المهاجمين قد التفتوا ناحيته في ظفر و يضحكون في هزل , ولكن سريعاً ما تجمدت دمائهم في عروقهم لما وجدوا أن "مافريك" قد أختفي من إمام أبصارهم .

في تلك اللحظات وقبل أن يختفي "مافريك" من إمامهم , كان تفكيره ينحصر في أنه هالك لا محالة وسط هذه الذئاب والكلاب الوحشية , ولكن غطي علي زئيرهم صوت صرخة حادة ..مرعبة قادمة من بعيد فتحفزوا جميعاً لرؤية من القادم كاشفين عن أنيابهم لتمزيقه أرباً أرباً إذا ما اقتضت الحاجة , ولكنه لم يظهر وحينما التفتوا خلفهم وجدوا أن "مافريك" وقد أختفي .


.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.



استيقظ "مافريك" بعد عدة ساعات من تلك الحادثة , ووجد نفسه في مكان رطب و الأرض مبللة بندي خفيف , قفز من موضعه في رعب ومتسلحاً بقبضته لأي عدو ينتظره , ولكنه بدلاً من ذلك رأي عمه "مورير" يجلس إمامه بجوار نار مشتعلة تدفئ الجو .

صاح "مافريك" في عصبية : أنت !! ما الذي حدث ؟!

نظر له عمه "مورير" نظرة حانية وقال بصعوبة : لقد أبيدت عائلتنا يا"مافريك", لم يبق سواي أنا و أنت , لقد قتلت بناتي و زوجي و أبي وأخي .. قتل الجميع .

شهق "مافريك" حينما تذكر كل شيء وصاح في جزع : أخوتي .. أبي .. أمي .

ثم غرق في نوبة من البكاء الحاد , ولما هدأ قال : ولكن كيف جئت أنا إلي هنا , ظننت أنني هالك لا محالة .!

جاوبه عمه "مورير" في بساطة : لقد أنقذتك .

صاح "مافريك" في جزع : أنت .. لماذا .. لماذا أنقذتني و أنت تكرهني وتعلم بكرهي لك .

أغمض "مورير" عيناه و أطرق برأسه قليلاً إلي الأرض وجاوب "مافريك" بلهجة صادقة : لست أكرهك يا "مافريك".. لم أكرهك قط .

شعر "مافريك" بالدوار وأخذ يفكر في المصائب التي حدثت من سقوط عائلته صرعى و بين موقف عمه المريب.

صاح في لهجة قاسية : بل أنا أكرهك , ولا أدري لماذا تخبرني الآن بأنك لا تكرهني ..ألانني صرت الفرد الوحيد من العائلة بالإضافة إليك .

ابتسم "مورير" في أسي وقال وهو ينظر إلي عيني "مافريك" مباشرة : أنا لا أكرهك يا "مافريك", وأنني فعلت ما فعلت إلا لتغيير سلوكك حتى لا تصبح مثل أخي "ياسي".

صعق "مافريك" لوهلة , وتساءل هل ما سمعه لم يكن خيال وأن عمه قال ( أخي "ياسي") هل يعبث معه .

صاح "مافريك": أي أخ هذا .. أنت لديك أخ واحد وقد مات ..وهذا الأخ هو أبي "ولسون".

تنهد العم "مورير" و قال : بل كان لدي أخ توأم يا "مافريك" ومات وهو صغير , وأنت تشبهه كثيراً يا "مافريك" لذلك كنت أعنفك دوماً .. ألم تلاحظ من قبل أن تشبهني و لو قليلاً يا "مافريك".

صدم "مافريك" في تلك اللحظات ودارت الأرض من أسفله وشعر بالكاد أنه قادر على الوقوف , فحاول الاعتراض وتمتم : ولكن ..

قاطعه "مورير" وقال : فيما بعد يا "مافريك"..علينا أن نرحل من هنا قبل أن يعثر علينا المطاردين ..

راح "مافريك" يفكر كثيراً وشعر بأن عمه يخفي عنه الكثير فسأله في سرعة : سؤال أخير يا عماه .. من هؤلاء المطاردين ولماذا قتلوا عائلتنا ؟

أجابه "مورير": لكم أنت ساذج يا "مافريك", أنهم يسعون خلفك أنت , يظنون أنك ستمنحهم الطاقة القصوى .. لذلك بحثوا عنك وصلوا إلينا وقتلوا عائلتنا , ولكنني استطعت أن أنقذك في اللحظات الأخيرة .. والآن دعنا نرحل من هنا , لن يعد هذا المكان آمن في الساعات القليلة القادمة .

تبع "مافريك" عمه "مورير" في صمت , بينما في داخله عاصفة تكاد أن تغير الكثير من مواضع قلبه و فكر في فكرة واحدة : أنه سبب إبادة عائلته .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:52
مرت عدة أيام على تلك الحادثة , وشعر "مافريك" بالغرابة يوماً بعد يوم من سلوك عمه , وعلم من خلال الأحاديث التي جمعتهم ماضي عمه "ياسي" وكيف مات .. علم الماضي الحزين و الشرخ الأكبر في حياة عمه "مورير".
شعر "مافريك" بالشفقة ناحية عمه "مورير" وتراجع عن رأيه القديم فيه , فهو لم يمر على خاطره من قبل أن عمه يعاني بسببه كثيراً و أنه كلما وقعت عيناه عليه كلما تذكر وجه "ياسي", أخيراً فهم كلام والده الغامض بشأن عمه "مورير".
وبعد عدة ليال من الانتقال بين أرجاء المملكة وبعد أن استقروا في مكان يعيشون فيه بعيداً عن خطر المطاردين .
أخبره عمه بأنهم لن يقدروا علي العودة ثانية إلي حياتهم القديمة الطبيعية و ذلك بعد أن علم أن هؤلاء المطاردين لم يتحركوا إلا بأمر أحد المنظمات المظلمة والخفية في المملكة .
هز "مافريك" رأسه وجاوبه بأن لا يقلق فقد بات متعوداً على هذه الحياة الجديدة .
كما أنه أفصح لعمه عن نيته في التدريب على تشكيل الطاقة الروحية من جديد , ولكن كان رد عمه مقتضباً بهذا الشأن وهو ألا يفكر ثانية في أمر التدريب .
في تلك اللحظات شعر "مافريك" باليأس وقلة الحيلة , ولكن لم يجد في تلك الفترة سوي أن ينصاع لرغبة عمه و أن يحترمها .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.
وبعد يومين وفي المنزل المؤقت الذي تحيط به أشجار الخوخ و البرتقال من كل ناحية , حتى جعلت المنزل شبه مخفي بالرغم من أنه يقع في مقدمة الطريق .
دخل "مورير" حجرة "مافريك" بعد أن طرق طرقات ثلاثة .
قال وهو ينظر إلي أحد الطيور المنقوش على الفراش : حسناً يا "مافريك", سأحاول أن أعلمك ما أعرفه .
تهللت أسارير "مافريك" لبرهة أو اثنتين ثم بدأ ينصت لكلام عمه .
قال "مورير": كما تعلم أي جنس ينبغي أن يكون لديه نوعين من الطاقة .. كل طاقة تحفز من الأخرى وتوازيها ..
سواء كان "أرسيديجون" أو "جني" أو "نيلبو" أو غيرهم لأن المبدأ واحد , وهناك طاقة مشتركة في جميع الأجناس وهي ما نطلق عليه بالطاقة الروحية , وباختلاف نوع الطاقة المؤثرة عليه نستطيع أن نميز بين الأجناس من الأثر التي تتركهم قواهم الروحية , فنحن نستطيع أن نميز "السحرة" بمجرد أن نري أو نشم أثر الطاقة الوحشية, وكذلك الحال مع "النيلبو" نستطيع تمييزهم حينما نشعر بأثر الهالات, وأيضاً "الكوزرس" حينما نكتشف طاقتهم الكسجينية.
و "الجان" حينما نري سديم طاقتهم الجومينية.. هل تري معي إذن ؟ أن الطاقة الروحية تتأقلم مع كل أنواع الطاقات المؤثرة عليها وهذا يعني أنها في الأساس المصدر أو الطاقة الخالصة ولكنها ستكون عاجزة وخامدة دون طاقة أخري تثيرها ..لذا أخبرتك أن تشكيلها صعب و أعني بكلمة التشكيل ألا تحول الطاقة الروحية إلي طاقة أخري , ولو فرضنا أنك فعلت ذلك , فهذا يعني ببساطة أنك لن تقدر على إنتاج أي تعويذة أو أي قوة بسيطة لأنك فقدت أحد عناصر المعادلة وهي الطاقة الروحية , وتشكيل الطاقة الروحية يتم من خلال ثلاثة طرق نظرية هي :
أولاً الطاقة المضادة : وهي طاقة القرين في حالتنا هذه , ولأنك لم تحصل على قرين بل العكس فأنت تحاول الحصول على قرين فهذه الطريقة لن تنفعك.
أما عن الطريقة الثانية :فهي التدريب الروحي و السمو بالنفس والذات إلي الدرجة التي تمكنك من التماهي مع الكون , وهذه الطريقة بالتأكيد صعبة إن لم تكن مستحيلة لأنه لا أحد في عمرك أو عمري أنا تمكن من فعل ذلك .
وإما عن الطريقة الثالثة و الأخيرة : فهي مقابلة أصحاب القرناء و رؤية طاقتهم كيف تتشكل و تحاول تقليدهم .
وهذه تنتمي لفئة الاستحالة لأنه لا يوجد أحد في هذا العالم لديه قدرة الاستبصار تلك .
كما أن هناك عدة طرق أخري ولكنها غير متطرقة ومصنفة تحت بند الاستحالة ربما تسمع عنها فيما بعد , لذلك أخبرتك بأن تشكيل الطاقة الروحية أمر مستحيل , وحتى لا تقع في الخطأ الذي يقع فيه العامة فهناك فرق فيما بين إعادة تشكيل الطاقة الروحية والتحكم فيها , فالفرق بينهم كالفرق بين الكوكب التابع والنجم , ولكننا نحن هنا سنحاول تتبع الطريقة الثالثة وهي رؤية كيف تتشكل الطاقة الروحية داخل الآخرين و أن تحاول محاكاتهم و بتقليدهم لا أن تري طاقتهم فعلياً فكما أخبرتك هذا مستحيل .
هز "مافريك" رأسه عدة مرات محاولاً استيعاب ما سمعه ثم همهم في تساؤل : و لكن أليست الطريقة الثالثة هي مثل الثانية كما أري .. أعني أن في كلا الحالتين سيكون علي أن أتدرب على تشكيل الطاقة الروحية .. فما الفرق إذاً بين كل الطرق ؟ ما الفرق بين الطريقة الأولي والثانية والثالثة .
رد العم مبتسماً : حسناً .. أنها الاستحالة يا "مافريك" و القوة أيضاً معاً في آن واحد , فحينما تزداد درجة الاستحالة تزداد درجة قوتك , فلو نظرنا إلي الطريقة الأولي سنجد أن طاقتك الروحية خام تماماً لأنك لم تحصل على القرين الذي يشكلها , فالقرين هو بمثابة البصمة التي تطبع على الطاقة الروحية فيشكلها , أما عن الثانية فهي تعتبر أكثر الطرق استحالة لأنها تتطلب منك أن تتخيل هيئة و طاقة القرين دون أن تري شكل بصمتها على الطاقة الروحية , أما عن الثالثة فنظرياً هي ابسط من الطريقة الثانية إذا كل ما يتطلب منك هو أن تنسخ ما تراه إمامك و لكن سبب استحالة هذه الطريقة في الرؤية و الاستبصار كما قلت آنفاً , ولكن سنحاول تقليد الحركات والشعور الذي يشعر به "الأرسيديجون"
صاح "مافريك" فجأة في أمل : هذا رائع ..رائع جداً هكذا سأتمكن من الحصول على قرين .
صاح عمه "مورير" معاتباً : خطأ ..خطأ يا "مافريك".. أنت لديك قرين بالفعل , وهو ذلك السديم الذي يحيط بك , أنت لم تفهم بعد , كل "الأرسيديجون" تتشكل طاقتهم الروحية ويصبح لها شكل دائم بناءً على ما لديهم من قرين , بينما أنت مخالف لنا .. أنت لديك القرين في صورة خام وكذلك الطاقة الروحية خاملة .. فأنت بناءً على تشكيلك لطاقتك الروحية يتشكل القرين الخاص بك لا العكس ..هنا أنت الذي يتحكم في نوعية القرين .. يا له من صداع ..اسمع يا "مافريك" سبب الاستحالة كلها والنبذ يكمن في أن "الأرسيديجون" هو الذي يتحكم في القرين .. أي أن طاقتك الروحية هي التي تشكل طاقة القرين على عكس ما يحدث معانا كلنا .. فأنت ربما يكون لديك طاقة روحية عظيمة تمكنك من الحصول علي أي قرين تريده , و ربما يكون لديك طاقة صغيرة لن تكون قادرة على تشكيل سوي قرين واحد .. هل فهمتني ؟
صمت "مافريك" كثيراً و بعد فترة الصمت تمتم : إذن لماذا هؤلاء المطاردين الأغبياء يريدون ذلك ما دام الأمر في الأول و الأخر يعتمد على القوي الروحية للفرد يعني سيكون قريني عديم النفع لهم لو لم يمتلكوا الطاقة الروحية القوية من الأساس .
ضحك "مورير" و قال : إذن فهمت ما أرمي إليه يا "مافريك".. حسناً هم أغبياء يا "مافريك" كما قلت تلك هي إجابة سؤالك .
صمت "مافريك" مرة أخري و طالت هذه المرة حتى قال في هدوء : حسناً يا عمي , شكراً لك لقد فهمت لماذا أنا منبوذ .. شكراً لك يا عمي .. لن أحاول ثانية أن أفكر في التدريب دون أن أعمل عقلي قبل ذلك .
حدق فيه "مورير" طويلاً وشعر بالأسى و تمتم : أسف يا "مافريك".. لذلك حاولت أن أخبرك بأن تعدل عن هذا الأمر حتى لا تصدم بالحقيقة .
ابتسم "مافريك" ابتسامة دافئة وقال : لا عليك يا عماه .. لا تتأسف دعنا نعيش حياة هانئة من الآن فصاعداً .
نظر إليه "مورير" في امتنان وقال : دعنا نقاتل لأجل الحصول على تلك الحياة .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.
`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:54
بلغ "مافريك" عامه السابع عشر من عدة أيام وكان قد احتفل بعيد ميلاده برفقة عمه "مورير", وكان طيلة الأعوام الفائتة يتجاهل حقيقة كونه منبوذاً بالاختفاء عن الأنظار , كما شرع هو وعمه "مورير" في حياة عادية بأحدي القرى الهادئة البعيدة عن صخب المدن , كان يعيش وهو يعلم أنه لا جديد في حياته إلا الهروب من المهاجمين الذين يبدلون من إيقاع حياته الرتيبة من حين لأخر .

ومع ذلك كان يري الأمر برمته دائرة مغلقة ..هروب وسكون .. هروب ..سكون , مما زاد من شعوره بالملل والخواء من هذه الحياة .

وفي مساء تلك الليلة كانت النجوم تلمع وتتلألأ في صفحة السماء من فوقهم , والقمر يحيط بما يجاوره من أجرام بنوره الأبيض الهادئ , بينما كانت الأعشاب تتراقص بجوارهم على الأرض وهي تصافح هبات الرياح الخفيفة و خارج بيتهم وعلى ضفة نهر "أويرا", جلس "مافريك" و "مورير" يصطادا السمك كما جرت العادة للعشاء .

وبينما هم جلوس استيقظ "مافريك" من شروده و سأل عمه : عمي .. هل أريتني قرينك ؟

وبطبيعة الحال استيقظ "مورير" من شروده هو الأخر وقال : هه .. أوه ..حسناً

ثم تمتم بكلمة الاستدعاء فظهر وعل صغير , جميل المظهر , و قرونه تميل إلي الخلف على شكل هلال , وعيونه مصقولة تعكس ماء النهر السوداء , ثم أخذ يدور في الهواء حول "مورير"في سعادة .

وفي اللحظة التالية قام "مافريك" باستدعاء سديمه الخاص , وجعله يدور مع الوعل في حلقات حولهم.

شعر الوعل بقليل من الخوف وبدأ يتعامل بحذر مع ذلك السديم المريب , في حين عاد "مورير" و "مافريك" إلي الصيد من جديد .

كان الوعل يفزع عندما يقترب منه السديم الأحمر لسبب ما , وكان لا يريد أن يتواجد بجواره , وذهب إلي سيده يدور حوله كثيراً , ولكن فجأة نهض "مورير" من موضعه وهو يصيح في انتصار: فعلتها .

ثم وجه حديثه لـ "مافريك" محاولاً إثارة غيظه : ماذا عنك .. ألم تصطاد بعد ؟

ثم غرق في الضحك من جديد , ولكنه لم يلاحظ أن قرينه أرتد إلي الخلف بسرعة نتيجة لحركته المفاجأة و ابتلع السديم الخاص "مافريك", وبدا عليه علامات الاختناق , لاحظ "مافريك" ذلك وشعر بالخوف على قرين عمه , فنهض محاولاً مساعدته , وكذلك "مورير" الذي لاحظ الأمر متأخراً , ونهض و بدأ يرتجف وهو يري قرينه بهذه الحالة السيئة وأخذ يدور حول نفسه ولا يدري ماذا يصنع ؟, كان مشتت الذهن , فهو لا يعلم علة قرينه , ولكن فجأة سأل "مافريك": أين سديمك ؟

في تلك اللحظة صعق "مافريك", فهو لم يلتفت لأمر سديمه الأحمر والذي اختفي , فأجاب عمه مدهوشاً : لا أدري , ولكنني لم أصرفه بعد .

صاح "مورير" في جزع : إذن ..إذن .. لابد و أنه هو السبب , لابد و أن قريني ابتلعه .. هيا فلتصرف سديمك بسرعة .

خطي "مافريك" خطوتان للخلف , وحرك قبضته في عصبية ليصرف سديمه .. توقع ألا يحدث شيء , وأن سديمه الأحمر ليس هو الفاعل , ولكن بدا الأمر بالفعل وكأنه هو الفاعل , إذ أن علامات الألم والتقلص اختفت من جسد الوعل , وعطس محاولاً أن يستعيد جزء صغير من صحته , ثم عاد إلي نشاطه مرة أخري فأخذ دور حول "مورير", ولكن "مورير" مسك الوعل واحتضنه بشدة وهو يذرف الدموع وقال في عتاب : لا تفعل ذلك معي ثانية .

شعر "مافريك" بأنه السبب بالرغم من أنه لا يدري ما حدث , ولكنه قال بعد أن لمح نظرة غضب تطل من عيني عمه لأول مرة منذ مدة طويلة : أسف يا عماه , لم أقصد هذا .

رد عمه وهو يستعيد رباطة جأشه : لا داعي للأسف , ما حدث قد حدث , ولكن في المرات القادمة حاول أن تصرف سديمك .

قال "مافريك": حسناً سأفعل ..– ثم تابع حديثه في حذر : ولكني دعنى أطمئن عليه هو الأخر .

نظر له عمه في ارتياب وقال : حسناً ..حسناً ولكن انتظر قليلاً .

ثم قام "مورير" بصرف قرينه و تابع حديثه وهو يتجه إلي مجلسه السابق : حسناً أفعل ما شئت الآن .

نظر له "مافريك" في شفقة ثم استدعي السديم الأحمر من جديد , ولكن فور أن رآه حتى تجمد في مكانه وبدا مصعوقاً وجحظت عيناه وبدت عدستا عيناه تدور متابعة حركة ذلك الوعل الذي استدعاه .. فلم يكن هناك أي سديم أحمر على الإطلاق .

فاق "مافريك" من جموده ودهشته و همهم : انظر .. انظر يا عماه .

نظر "مورير"إلي الخلف وهو لا يتوقع أي شيء يثير انتباهه , ولكنه عندما رأي وعل يشبه الوعل الخاص به , بالأحرى قرين يشبه قرينه صعق من الدهشة وصاح : كيف ؟ كيف حدث هذا ؟.. أنت لم تفعل أي شيء بخصوص طاقتك الروحية صحيح ؟؟

ابتسم "مافريك" في صعوبة وقال : لم أفعل ذلك منذ مدة طويلة يا عماه .

تمتم "مورير": ولكن هذا غير اعتيادي .. من المفترض أن الطاقة الروحية هي التي تفعل ذلك لا القرين بنفسه .. لابد و أن هناك شيء ما غامض لم نفهمه .

تمتم "مافريك" في تردد : ربما هذا يتعلق بما حدث قبل قليل .

رد العم : أعرف .. أعرف ولكن لا يوجد منطق في ذلك .

ولكن فجأة شعر "مافريك" بألم شنيع يجتاح جسده كله من قمة شعره إلي أخمص قدميه , و أخذ يهتز في عنف و ارتفعت حرارته بصورة مثيرة للرعب.

ولما وقعت عينا "مورير" على "مافريك" وهو بهذه الحالة , جحظت عيناه بشدة و شعر بسخونة عظيمة تجري في دماءه .

أختفي القرين الخاص بـ "مافريك", وبكي الأخير من شدة الألم و سأل عمه في جزع : ماذا يحدث لي يا عماه ؟

عندها حاول "مورير" أن يمنع عينيه من البكاء و جسده من الاهتزاز وتمتم بتلك الكلمات البائسة : يبدو أنك تموت يا "مافريك".!!


.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.



- أهي النهاية .. هل ما أحصل عليه بعد رؤيتي لقريني هو الموت ؟؟.. لا هذا ليس عدلاً .. ما الذي جري لي .. ما هذا الجو ؟ لما الأزرق في كل مكان .. هل أموت حقاً كما قال عمي .. أين أنا ؟

هكذا فكر "مافريك" وجسده معلق في ذلك الجو الأزرق دون حراك , وبدا وكأنه يحوم في صفحة السماء , وكان جسده يقترب من حفرة سوداء عميقة وسط كل هذا الكون الأزرق ..سقط فيها دون أن يغير ذلك من حجمها شيء .. كانت الحفرة تأز وتصدر أصوات صاخبة , ولكن بالرغم من كل هذا الصخب فأنها لا تمزق الآذنين .

كان جسد "مافريك" متخشب بالرغم من أنه يسقط في هوة عميقة تبدو كالأنابيب .. ألوانها تحولت من الزرقة إلي كل الألوان الزاهية و الصارخة , وكانت تلمع لدرجة أنها ممكن أن تسلب البصر لبضعة دقائق , لم يستطع "مافريك" أن يغلق عينيه , بدا مخدراً و مدهوشاً مما يحدث له , وأخذ عقله يردد هذا السؤال مراراً وتكراراً

-[[ هل أنا ميت ؟]]

كان الصخب يملأ أذنيه و قد تنوعت مصادرها , وكانت الرياح التي تقابل سقوطه تصفر فيهما ..ألوان صاخبة .. أصوات مزعجة .. هل أنا أحلم ؟ أم أنا ميت .. ما الذي يجري لي ؟

تساؤلات عدة لم تهدئ نفس صاحبها قط , ولكنه فقد الوعي تماماً حينما سقط من هذه الأنابيب و استقر عند نهايتها على أعشاب خضراء غطتها قطرات الندي الباردة .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
29-11-2010, 17:55
استيقظ علي صوت حفيف الأشجار وصرير الأغصان الجافة القادمة من الخارج , نهض فزعاً وكنه لم يهتم لأمر الأصوات أكثر من اهتمامه لنفسه , أخذ يتحسس وجهه و أذنيه براحتيه ليتأكد من أنه حي و لم يمت بعد .

ولما أدرك حقيقة كونه مازال على قيد الحياة قفز فرحاً ولكنه تمالك نفسه وحاول اكتشاف المكان من حوله .

وجد نفسه داخل نفق يصدر ألوان مبهجة , فحدث نفسه : ما هذا النفق ؟ ولما كل هذه الألوان ؟, ينبغي علي اكتشاف سر كل هذا ..لابد و أن أخرج من هنا و ابحث عن أي فرد يخبرني أين أنا بالتحديد , فهذا المكان غريب علي , ولا يبدو أنه بأي شكل من الأشكال يقود داخل مملكة "الأرسيديجون".

قام باستدعاء قرينه الجديد الوعل , وتحدث معه بأن يكتشف المنطقة من حوله جيداً , وبهذه الطريقة قسم "مافريك" المهام إلي شقين وهما الاستكشاف والبحث عن الطعام , وترك الاستكشاف للقرين إذ أنه بمقدوره البحث جيداً , وأيضاً التواري عن الأنظار , وإن دعت الحاجة وتعرض إلي الخطر فبإمكانه الاختفاء ويصبح غير مرئي .

هكذا فكر"مافريك", في حين يتكفل هو بالبحث عن الطعام .

قضي "مافريك" عدة أيام قليلة أمام هذا النفق , حيث إقام معسكره البدائي المصنوع من أغصان الأشجار و أوراقها .

كان قد اكتشف أن هناك نفق أخر يقع في الناحية الأخرى من الأشجار المحيطة بهذا النفق , ولم يكن يبعد كثيراً عنه , ولم يعثر علي أحد في هذه المنطقة , لذلك فكر و خمن أنه ربما يأتي أحدهم من ذلك النفق .

لذلك فضل أن ينتظر على أن يخرج من هذه الغابة بمفردها , وفي تلك الآونة و أثناء انتظاره , توطدت العلاقة فيما بينه وبين الحيوانات الأخرى المنتشرة في الغابة وعلم منهم الكثير عما يقع خلف هذه الأشجار , وكانوا قد حذروه من أن يقترب من جبال "إيرياس" لأن هناك مخلوق بشع يعيش هناك , و أن مصير أي كائن يقع تحت ناظريه هو الموت , ولكنهم لم يخبروه بطبيعة هذا المخلوق , بل أنه عندما سألهم عنه ثانية لم يكلموه و انصرفوا عنه لفترة بسبب أنهم أخبروه ألا يسألهم ثانية عنه فهو يثير الرعب في نفوسهم .

وفي صباح يوم الأمس تعالي صوت ضجيج قادم من الناحية الأخرى حيث مكان النفق الأخر , كان هذا بمثابة علامة على وصول من كان ينتظره أياً كان ما كان .

هرع إلي هناك في سرعة , ولما وصل أخذ الحذر فتحول إلي شكله الحيواني علي هيئة وعل , ووقف يترقب بجوار بقية الحيوانات والطيور .. عندها رأي أجمل فتاة وعت عيناه عليها , فتسمر في مكانه كثيراً .

وفي نهاية اليوم رحل وقد قرر أنه في الغد عليه أن يتعرف عليها , فهي أول كائن حي يعثر عليه في هذه المنطقة الغريبة .

و في اليوم التالي نهض مشرقاً , وتحرك في اتجاه الكهف الأخر الذي تتواري الفتاة فيه الفتاة التي عثر عليها بالأمس , وفي طرقه أخذ يلتقط بعض الثمرات و يأكلها في لذة ونشوة وتساءل كيف سيكون رد فعل تلك الفتاة .

كان وجهه مشرقاً و يشعر بالقدرة على محادثتها , ولكن ما أن وصل إلي مشارف كهفها حتى تخلت عنه شجاعته وشعر بالتردد كثيراً , ووجد أنه لو وقف هكذا كثيراً فسيكشف أمره لها .

قرر أن يتحول إلي هيئة الوعل من جديد و ليراقبها حتى يستعيد من الشجاعة ما يكفي ليكشف عن نفسه لها .

ظل يراقبها طيلة اليوم حتى أوشكت الشمس على الغروب وحينما سمع صوت استغاثة , و خروج الفتاة من كهفها تبحث عن مصدر الصوت , أخذ يتبعا في خفية , حتى وجدها تقابل ذلك المدعو "سيسري", وسمع كل ما دار بينهما من حوار .

حينها شعر بالخوف الشديد عليها و أنها لا تدري كنه ما ينتظرها , فهي ستذهب إلي جبل "إيرياس" حيث يعيش ذلك المخلوق البشع !

لذا عندما وجد وأن القزم وقد رحل بعيداً عنها , وجد أنها الفرصة المناسبة الآن .

خرج من مخبأه بهيئته الوحشية – فهو ينبغي عليه أن يحذرها – ثم تحول إلي هيئته الطبيعية وقال : أري أنه من الخطر الذهاب إلي هناك .!!



نهاية الفصل الخامس عشر
الفصل القادم : إليانور

عاشق السيوف
02-12-2010, 08:46
تسَلَم .. ~

meroni
15-12-2010, 19:53
فصل روووووعه واعجبتني الشخصية الجديدة " مافريك "

انتظر الفصل السادس عشر على احر من الجمر
في انتظارك

meroni
01-02-2011, 22:43
خلاص أنا فقدت الأمل انك تنزل فصل جديد :(
كل اسبوع اجي اشيك مافي شيء
حرام عليك في ناس تستنى من زمان

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 18:57
الفصل السادس عشر ™
ღ إليانور ღ




في صباح يوم "فنديس" منذ سبع وعشرين عاماً , كانت قرية نسمة الربيع مدعوة إلي حفل زفاف "فيليب" ابن صانع السيوف علي خطيبته "هيلين" ابنة عمدة القرية , ولأنه كان هناك زفاف فقد أخذ الجميع عطلة من إعمالهم لمساعدة العروسين في إعداد المراسم .. كان هذا دأب "الجان" لمراسم الزفاف , وبخاصة في هذه القرية الصغيرة المنعزلة عن عيون المملكة بأكملها , وبالرغم من أنها تطل على نهر الرمادي العظيم إلا أن هذا لم يزد من شهرتها شيئاً .
إذ كان الشيء الوحيد الذي يجعلهم فخورين هي زيارة أحد الملوك السابقين لقريتهم منذ مائتي عام تقريباً , ولكن لا يبدو أحد من خارج القرية يتذكر تلك الحقيقة , ولكنهم مع ذلك سعداء , فلا يمر أسبوع إلا ويكون هناك زفاف ولا يمر شهر دون أن يجتمعوا جميعاً في ليلة ساحرة يتبادلون فيها الضحكات وتقام الولائم ويتصاعد الغناء والموسيقي العذبة و يرقص المتحابون و الأزواج .
كانت حياة بسيطة جديرة بقرية "نسمة الربيع" , أما اليوم وهو زفاف ابنة العمدة فقد كانت العطلة لازمة , وكان الجميع يمني نفسه بوليمة لا تنسي , بينما الصغار كانوا متلهفين لرؤية الألعاب النارية في الأفق .
ولكن كان عليهم أولاً أن يساعدوا في إقامة مراسم الزفاف , فكان الصغار منهم يركضون وراء بعضهم البعض تارة في سعادة , وتارة أخري يتسابقون للإمساك بأحد المقاعد ووضعها في أماكنها المخصصة , أما عن المراهقين فكانوا يفخرون بتمكنهم من إتقان قوي الجان على نحو جيد , ويلقوا بالكراسي لأعلي طائرة فيما بينهم ليضعوها في أماكنها .
وبالطبع لم يجد الصغار غير أن ينظروا إلي الكبار في غيرة و حسد قليلاً , ومع ذلك حاولوا مجاراتهم والحفاظ على الروح التنافسية فيما بينهم , فأخذوا يجروا كالبرق بين المخزن وموقع الاحتفال وهم ينقلون تلك المقاعد بالأحرى من كان قادر على فعل ذلك , في حين تول البقية في حمل الأشياء الصغيرة مثل الملاعق و الأطباق والمناشف .
كان الجو صحواً منعشاً ومازال محتفظ بالقليل من علامات الصباح الباكر الآخذة في الاختفاء مع صعود الشمس إلي برجها السماوي وسطوعها في قوة والذي في نفس الوقت أنتهي الجان من أغلب الاستعدادات تقريباً .
في تلك الآونة شعر الجميع بالحر فما كان من معظمهم إلا وأن ترك ما في يديه وأخذ يركض إلي النهر الرمادي ليقفز فيه بخفة و رشاقة فتخفف عنه المياه حرارة الشمس .
وبعدها بدأ تنافس صغير فيما بينهم للوصول إلي الضفة الأخرى من النهر والعودة ثانية , فقد كان "الجان" مشهورون بولعهم وحبهم للسباحة وبخاصة من يقطنون بجوار الأنهار أو البرك أو البحار .
وهكذا مضي الوقت إلي الأصيل وهم يمرحون ويضحكون في الماء وفي ذلك الوقت اكتظت الموائد بالطعام و الشراب ..وقد كانت هذه علامة بدء الزفاف.
كانت الصفوف الأولي مخصصة للكبار من "الجان" و الضيوف القادمين من خارج القرية من أصدقاء العروسين .
في الواقع لم يكن الضيوف كثر كما تتخيل إذ أن كل قرية من قري "الجان" أو كل عشيرة من عشائرها الكبار تحاول الحفاظ على أفرادها وخصوصيتها بقدر كبير .
جلس الأهالي على باقي الموائد يتسامرون ريثما يحضر العروسان , كانت العصائر توزع ببذخ على الجميع , - وكان هذا متوقع - لذلك صفر الجميع والحياة تملؤهم لأنهم على ثقة من بذخ العمدة "ويلمر" وكذلك "إيمز" صانع السيوف .
ومع اختفاء الشمس و إيابها إلي كهفها البعيد أسفل مياه نهر الرمادي , وصل العروسان ومع وصولهم ارتفعت الألعاب النارية من مخبآها أخذت تتناثر علي صفحة السماء علي هيئة ورود زرقاء وحمراء وصفراء وأخري خضراء مضيئة , وسهم أحمر ناري يعبر السماء ويدور حول تلك الدوائر بسرعة وكلما عبر دائرة من الورود المضيئة , تنفجر هذه الدائرة وينتج عنها مئات الأشكال الضوئية على هيئة أقزام صغيرة متشابكة الأيدي وترقص بجوار بعضها البعض وتغني وتنشد بأغنية الزواج عند "الجان" , وفي النهاية انضمت كل الأقزام الصغيرة حول بعضها , و عادت موجة جديدة من الانفجارات وظهر قزم عملاق يرتدي عباءة خضراء مزدانة بشرائط حمراء و يقول : زواج سعيد .. زواج سعيد .
ثم ينفجر مرة أخري وتتحول إلي العديد والعديد من الطيور الملونة التي تقطع السماء في سعادة وفرح وتغريدها يعلو عندما قامت بجولة واسعة حول المنطقة ثم عادت إلي ساحة الاحتفال من جديد لتختفي رويداً رويداً أمام العيون المتابعة والتي تملكتها نشوة ولذة من هذا العرض المبهر .
وخرجت صيحة من أحد الحضور )) أفضل عرض ألعاب نارية علي الإطلاق )) , و صفق الأطفال الصغار في سعادة .
ثم خرج العمدة على الموجودين و تنحنح , فصمت الحضور , مسح قطرات العرق الحماسية و المتناثرة على جبهته بمنديل كبير ثم قال : وينبغي أن نشكر السيد "بيتر" على هذا العرض الرائع .
صاح الجميع : هييه "بيتر" .. هييه "بيتر" . وتنحنح المدعو "بيتر" خجلاً .
ثم عاد العمدة إلي الحديث من جديد : كلنا نعلم أننا اليوم هنا لنشهد زفاف ابنتي الصغيرة "هيلين" علي المحترم "فيليب" , لذلك أود قول بضعة كلمات لـ "فيليب" : أي بني أنت اليوم فزت بدرة نادرة جداً فحافظ عليها , و أعلم أنك لو ذهبت إلي بنات "النيلبو" لما وجدت أرق منها , ولن تجد من يخاف عليك مثلها حتى لو ذهبت إلي "السحرة" .. فحافظ عليها وكن علي ثقة أنك لم تكن لتفوز بأفضل منها في كل الأنحاء .
صفق الجميع على هذا الكلام المعتاد في الأعراس في قرية "نسمة الربيع" , ثم عاد العمدة لمجلسه في الصف الأمامي في حي تقدم "إيمز" , ثم وقف ينظر في الجميع و ابتسم في بساطة وقال : ينبغي علي أن أجد كلمة أنا أيضاً و إلا أصابني "فيليب" بتعاويذه .
فضج المكان بالضحك على أثر دعابة السيد "إيمز" والتي لم كانت لتحدث لولا انخراط الجميع في الشراب .
أكمل "إيمز" قوله : البارحة , وصدقاً هذه البارحة كانت منذ زمن طويل , كان "فيليب" صبياً صغيراً لم يتوقع أحد شيء غير أنه سيكون صانع سيوف مثل أسلافه جميعاً , ولكن اليوم و بعد أن أشتد عوده .. أقول لك يا بنيتي "هيلين" .. أنك لم تنالي صانع سيوف ماهر فحسب , بل أنت نلت أحد أقوي مبارزي هذه البلدة , فهنيئاً لك بهذا الزوج الصالح .
صفق الجميع محياً السيد "إيمز" على كلماته , وبعدها صعدت الموسيقي في الأرجاء وأخذت تتجول كيفما شاءت و تغزو آذان الحضور , ثم بعدها تصاعد صوت غناء عذب رخيم , و انخرط الجميع في الأكل والشرب من جديد .
وتحولت الموسيقي إلي الإيقاع السريع ومعها بدأ الجميع في الرقص .
كان أفضل زفاف حدث منذ مدة طويلة , وفي النهاية بدأ الحضور يتسلل إلي الخارج بعد أن تركوا للعروسين الهدايا و تمنياتهم لهم بزواج سعيد .. بلي كان الجميع يري أنهم سيكونون من أسعد الزيجات في هذه القرية .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 18:59
مرت ثلاثة أعوام على زفاف السيد والسيدة "فيليب" , كان يعيشان في جو من السعادة في منزلهم الصغير المطل على نهر الرمادي العظيم .
كان السيد "فيليب" ينشغل في نهاره في صنع السيوف مع والده , بينما كانت السيدة "فيليب" تقضي نهارها بين بيت أبيتها أو بين أصدقائها . كانت حياتهم هانئة أو هكذا يبدو للعيان , ولكنها لم تكن مستقرة تماماً , وكانت في انتظار ريح لتحركها , فقد مرت ثلاثة أعوام منذ زواجهم ولم ينجبا حتى الآن .
لم يكن في حسبانهم أن ذلك سيصنع فارق فيما بينهم و ولكن الاختلاف والتساؤل جاء من أسرتيهما , كان يريدون حفيداً أو حفيدة من كلا الجانبين , ولكن الزوجان لم ينتبها لذلك قط حتى عيد زواجهم الخامس .
إذ لم يتمكن السيد "إيمز" من كبح رغبته , و بارد زوجة ابنه و سألها متي سيأتي الحفيد ؟! .
أنكر الجميع ما سمعوه في دهشة , و لأول مرة يعلم الغير مقربين أنهما لم يرزقا بطفل حتى الآن .
و بالرغم من أن العمدة "ويلمر" أنكر ما فعله السيد "إيمز" في هدوء إلا أن في داخله كان يريد أن يرزق بحفيد له هو أيضاً ولكنه كان يخجل من سؤال ابنته .
في الواقع السيد والسيدة "فيليب" لم يضعا موضوع الأبناء في حسبانهم أو قمة أولويتهم من قبل , فهما يمارسان حياة طبيعية تماماً ولكنهم الآن يحتفلان بعيد زواجهم الخامس .
سألا أنفسهم بعد رحيل عائلتيهم : كيف لم نضع ذلك في حسباننا ؟؟ .
بعد مرور عامين آخرين لم يكن هناك حديث يشمل أهل قرية نسمة الربيع إلا وقد تطرق إلي زيجة السيد والسيدة "فيليب" , كانوا يتهامسون بأسمائهم في الحانات ومجالس السمر بعيداً عن أعينهم , وبدأوا يخمنون أن هناك مشاكل خفية بين كلاً من العائلتين , وبخاصة بعد إعلان السيد"إيمز" رغبته في ترشيح نفسه لمنصب العمدة , وهذا ما أغضب العمدة الحالي ويلمر من هذا التصرف الذي لا يليق خصوصاً و أنهم الآن بمثابة أقارب , و فئة أخري حزرت أن السيد "فيليب" ليس لديه القدرة على الإنجاب و أنه عقيم ! , وترتب على جملة هذه التخمينات الخبيثة أن زيجة عائلة "فيليب" بدأت تتصدع بسبب هذه الأقاويل الكثيرة المنتشرة في أنحاء القرية بشأنهم , لذلك و في سبيل إنقاذ زيجتهم من الفشل عزموا علي زيارة عرافة في الشمال لتنظر في شأنهما .
وفي فجر ليلة حالكة الظلمة خرج الزوج و الزوجة من منزلهم ف طريقهم إلي العرافة .
كانت طريقهم إلي قرية النورس حيث منزل العرافة طويلاً , فهو يقع في أعالي النهر , ولكنهم كانوا محظوظون , فبعد سير دام ساعة كاملة قطع خلالها أربع كيلومترات وقفت لهم أحدي الحافلات ونقلتهم إلي أعالي النهر , ووصلوا إلي وجهتهم في الساعة التالية الأخرى .
كان بيت العرافة معروف جداً في هذه القرية , ولم يرغب السيد "فيليب" في أن يشاهدهم أحد , لذلك تظاهروا بأنهم مارين علي هذه القرية و أنهم سيرحلون سريعاً , فأنفقوا ثلاثة ساعات من وقتهم في التبضع , وبعدها عرجوا إلي أحد المطاعم وتناولوا غذاءً دسماً يعوض ما فوتوه من فطور ,كان الجو حار بدرجة لا تطاق أثناء وقت الظهيرة , وقلت الحركة في الشوارع حتى باتت شبه خالية .
كان وقت مناسب تماماً , لذلك خرجوا من المطعم بعد أن دفعوا فاتورتهم ثم توجهوا إلي بيت العرافة .
كان بيتاً صغيراً ومعزولاً عن بقية البيوت , كان سطحه شبيه بالفطر , وكان الطلاء الخارجي له فاقع اللون ما بين الأحمر و الأبيض كأنه أيس كريم .
وبعد أن طرقوا الباب طرقتين , فتح لهم الباب و ظهر من خلفه وجه العرافة العجوز مبتسماً وقالت : كنت في انتظاركم .
ثم سمحت لهم بالدخول .
وبعد مرور ساعة فرغ السيد "فيليب" من حكايته , و لم يصدر عن العرافة شيء غير الهمهمة , ونظرا لها الزوجان بعيون متلهفة لسماع جوابها الذي يحمل علاجهما .
ولكنها لم تتحدث , ثم قامت وتحركت باتجاه خزانة خشبية عتيقة , كانت ألوانها زاهية ذات يوم , ولكنها أصبحت بالية الآن , ثم أخرجت صخرة إيلزورث المائية , وعادت مرة أخري إلي الزوجين , ولكنها لم تنظر لهما قط, ثم أمسكت بالحجر بين راحتيها , ثم رفعتهما حتى صارا في مستوي عال بعيداً عن سطح المنضدة , وتركت الحجر و طفا في الهواء وبدا يتحرك وكأنه يطفو على سطح مائي , وانفتح باطن الحجر فانسابت منه مياه زرقاء , ولكنها هي الأخرى لم تسقط على الأرض بل ظلت طافية في الهواء , وبدأت تتحرك حركات متقطعة .
مدت "العرافة" يديها و وضعتها في مركز المياه الطافية , و عندها تسللت بضعة قطرات من الماء إلي رأسها عبر يديها , ثم بدأ الماء يسكت تماماً , وبدأت الرؤى في الظهور , لم تكن واضحة بالدرجة الكافية للزوجين , ولكن بدا على وجه "العرافة" بأنها تري كل لقطة بوضوح .
كانت عينيها تتسع بشدة , وعندها انتفض جسد "العرافة" لأعلي عدة آنشات في الهواء , بدا و كأنها تتعرض لشيء ما خفي , فشعرها و رداءها الفضفاض تطايروا كما لو كانت تتعرض لتيار هوائي .
ثم بدأت تتحدث بنبرة وحشية حاقدة : في ذريتكم هلاككم وهلاك هذا العالم .
انتفض الزوجان في هلع وشعرا برهبة شديدة ولكنهما لم يجرأ على سؤال "العرافة" أي سؤال أخر إذ بدأت ملامحها ساخطة جداً وقبل أن يرحلوا صاحت فيهما : لا تفعلوا .. لا تفعلوا .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 18:59
مرت أربع أعوام عصيبة على عائلة "فيليب" وتعرض زواجهم خلال هذه الفترة لأكثر من زلزال , لم يكن بسببهم طبعاً ولكن عائلاتهم هم السبب لأنهم كانوا يريدون رؤية حفيد وحسب .
ولكن الزوجان لم يعطوهم أي إجابة , كانوا متخوفين كثيراً من الإنجاب وبخاصة بعد ما حدث لهم مع "العرافة", فمنذ مدة طويلة لم يخبروا أحد بما تنبأت به "العرافة", ولكن ظل الزوجين متضامنين مع بعضهم البعض حتى يواجها أسرتيهما معاً لما أخبروهم أنهم لا يفكروا في الإنجاب بتاتاً , وكان إعلان رغبتهم هذه بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير إذ توالت الدعوات من كلا الجانبين للطلاق ولكنها قوبلت كلها بالرفض , ثم حدثت المفاجأة في عام زواجهم العاشر .. لقد أنجبا فتاة سموها "إليانور"! .
أذيع الخبر في كل ركن من أركان قرية نسمة الربيع .. لقد أنجبا فتاة !!
وتناقلت الألسنة الخبر بسرعة غير مألوفة حتى لو كانت هناك حرب لما انتشرت إخبارها بمثل هذه السرعة , وكان ذلك دليل كبير على فضول القرويين الذي لم يخفت ويضعف بالرغم من مرور السنوات كأنهم أرض صحراء تساقطت عليها الأمطار فأخذت تشرب وتشرب بنهم شديد , هكذا كان حالهم !
وكان أخر ما عرفه الناس في مجالس النميمة أن السيد "إيمز" و السيد "ويلمر" قد تصالحا وقررا إقامة حفل كبير ومبهر في منزل العمدة "إيمز" خلال أسبوع احتفالاً بحفيدتهم .. كان الجدان سعيدان ومنتشيان بفكرة أنهما أصبحوا جدود لدرجة جعلتهم يتناسيا خلافاتهم التي منعت من وجودهما معاً من عدة أعوام منذ أن أخذ السيد "إيمز" منصب العمدة بدلاً من السيد "ويلمر".
وأخذا يخططان للحفل في سعادة واضحة للعيان , على عكس حال الوالدين اللذين اعتراهم خوف شديد من مولودتهما , كان خوفهم نابعاً من نبوءة تلك "العرافة" , وكانت "هيلين" تشعر بالرهبة وهي تحتضن طفلتها لأول مرة , ولكن سريعاً ما تفوز غريزة الأمومة وتنظر لابنتها في رقة وتعنف نفسها على تفكيرها بأن هذه المخلوقة الرائعة ستحمل هلاكها , بينما "فيليب" لم يتأثر كثيراً بنظرات ابنته المتألقة , وظل متشككاً من أمرها , ومع ذلك كان يؤنب نفسه كثيراً عندما يكون وحيداً ويصيح في نفسه : كيف تشك في ابنتك بسبب نبوءة لا أساس لها من الصحة .. عار عليك .
ثم تسيل الدموع على وجه في بطء .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.


في صباح يوم الاحتفال كان الجميع متواجد في الباحة الخلفية لمنزل العمدة "ويلمر" المطلة على النهر , وكانت مظاهر الاحتفال قد بدأت قبل حضور الوالدين وطفلتهم "إليانور".
بدأت الألعاب النارية في الارتفاع إلي أعلي وأعلي وكانت واضحة جداً في ظل صفحة السماء السوداء المسحورة فوق منزل العمدة "ويلمر".. أيضاً بدأ بعضهم في الأكل و البعض الأخر في الرقص على ظل أغنية هادئة , وشرع البعض في المسابقات المائية .
كان صباح رائع واحتفال أروع ولكن ينقصه أصحاب الاحتفال .. لم يحضر الوالدين بعد , في بادئ الأمر لم يهتم المدعوين بتأخرهم لعلمهم أن الزوجان يعيشان في الطرف الأخر من القرية , ولكن بعد مرور ثلاث ساعات من بدأ الاحتفال بدأ الشك يساورهم , وتعجب البعض من سبب تأخرهم , وحينما أخذ الهمهمات تتصاعد من الحضور , تطوع العمدة السابق "ويلمر" في تهدئتهم فقال : هم في الطريق .. أرسلنا لهم العربة .. لا تقلقوا , هيا أنها حفلة فلترقصوا وتأكلوا .
عاد الجميع إلي الانخراط فيما كانوا يفعلونه سابقاً , ولكن كان السيد "ويلمر" يشعر بقلق شديد , فقد ذهب السيد "إيمز" منذ ساعة ليحضرهم بعد أن لوحظ تأخيرهم , ولكنهم لم يظهروا بعد .!
هنا جاء أحد أفراد القرية يجري إلي السيد "ويلمر", ووقف عند قدميه وأخذ يلهث وهو يقول : لقد مات "فيليب".. ماتت "هيلين" .. لقد قتلوا !! .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.


انتشرت الإشاعات في البلدة بعد تأبين الزوجين بأن ابنتهما "إليانور" هي من قتلتهما حيث سمع الجيران صوت صراخ قادم من منزلهم وكان صوت الأم وهي تصرخ : لا يا "إليانور".. لا تفعل .
بينما صوت الأب يقول : اهربي من هنا بسرعة ..سوف تقتلنا .
وما أكد كلام الجيران هو هالة الطاقة التي رأوها محيطة بها , ولكن المتشككين في أمر تلك الحادثة والواثقين من براءة "إليانور" تساءلوا بصوت عال : كيف لرضيعة أن تقتل فردان بالغين من الجان , ولا تنسوا أن والدها هو فيليب الذي يعد من أقوي رجال القرية .
ولكن كل تساؤلاتهم ذهبت مع أدراج الريح حينما رفض كل من الجدين استقبال "إليانور" بينهما.
كان فعلهم هذا يؤكد صحة الإشاعات التي أثيرت حول الطفلة "إليانور", والتي انتهي أمرها في النهاية بأن أرسلها جدها "إيمز" إلي ملجأ بعيد بعيد جداً عن القرية وعن المقاطعة , و أغلقت هذه الحادثة المأسوية تماماً وتناسها أهل القرية تماماً حتى لا تؤثر علي تجارة قريتهم , ولم يسمع أحد أخبار عن "إليانور" منذ ذلك الحين .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:00
انتقلت "إليانور" إلي ملجأ الجد "نوفار", وكان يعتبر من أفضل الملاجئ على مستوي المملكة , وكان الجد "نوفار" ذاته شيخ عجوز طاعن في السن , وكان وجهه خشن ممتلئ بتجاعيد خفيفة , ويبدو مرهق طوال الوقت , وبشرته لونها قريب من لون عصير التفاح , وكان ودوداً جداً , وقد استقبل جد "إليانور" بسعادة ليس لأنه حصل على تكاليف إقامة "إليانور" لمدة تتجاوز العشرين عاماً بل لأنه رأي فيها طفلة هادئة وقد شعر بالشفقة ناحيتها لأن أهلها تخلوا عنها بهذه السهولة , وكان يدرك تماما لما رأي جدها وقوله بأنه لن يعود نهائياً لزيارتها , كما أنه وضع شرط غريب وقاسي من وجهة نظر الجد "نوفار", إذ طلب منه "إيمز" ألا يعلمها أي شيء بخصوص قوة الجان .
كان شرط قاس ولكنه أذعن له حتى يصبح هو الوصي علي هذه الطفلة .
بعد عدة أعوام قليلة أكتشف الجد "نوفار" والموظفين بالملجأ سر هذا الشرط العجيب حينما حاولوا قياس قوتها الروحية , فوجدوها عالية جداً لدرجة مهيبة إلا أنها خمدت تماماً ولم تظهر عليها , كما علموا عن ماضيها بضعة أشياء منها حادثة قتل والديها وأنها المشتبه الرئيس في ذلك , وكان هذا سبب كاف لأن يتحاشها جميع الموظفين بعد ذلك , ولكن هذا الأمر لم يعد سراً عندما كبرت وأصبحت في العاشرة , إذ اكتشف أحد الصبية الصغار بالملجأ حقيقتها هذه بعد أن تجسس على معلميه و أخذ يصيح فيها ( شريرة .. شريرة ) .
وأخذ ذلك الفتي المدعو "داني" يخبر الجميع بما سمعه حتى صار الكل يناديها بالشريرة .
وعندما يبدأ أحدهم بنعتها بالشريرة كانت تهرب منه إلي الحديقة حيث تختفي وراء أحدي الشجيرات بعيداً عن الأعين وتبدأ في النحيب .
كان الكل يردد أمامها أنها قد قتلت والديها , أصبح الملجأ لها كالجحيم الذي لا يطاق , وكانت تود سماع الحقيقة وأن يكف هؤلاء الملاعين عن نعتها بالشريرة , لذا ذهبت إلي مكتب الجد "نوفار" بالطابق الأول , وطرقت الباب فجاءها صوت "الجد" الوقور : أدخل أيها الطارق .
دخلت "إليانور" إلي حجرة الجد , وتذكرت أنها قد دخلتها مرتين قبل ذلك وكانت كما هي دون أدني تغيير ..كان الباب عليه زخرفة ونقوش فضية رائعة على شكل دوائر متداخلة و أسفل النقش توجد لوحة بسيطة للطبيعة من جبال و سهول , وعلي يمينها كانت توجد نافورة ماء على شكل عصفور صغير , أما عن يسارها فقد امتدت أريكة وثيرة بطول الحائط , بينما في المنتصف كان يوجد مكتب الجد "نوفار" العتيق ومن خلفه توجد نافذة تطل على الباحة الخلفية .
كان الجد "نوفار" يرتدي عوينات صغيرة تتخل خصلات شعره الرمادي أعلي أذنيه , ويبدو على وجهه أثار سحيقة للإرهاق والتعب وعيناها تبدوان خافتتان , ومع ذلك لما رأي "إليانور" ترك ما في يده من ورق و قلم ونظر إليها بحنان وابتسم لها وقال : صباح الخير "إليانور".
أطرقت "إليانور" رأسها وتوردت وجنتاها فقد كان من المفترض أن تقول هي ذلك , وقالت وهي مازلت تنظر إلي الأرض وتشعر بالخجل الشديد : صباح الخير أيها الجد "نوفار" .
وقال الجد : تعال إلي هنا , سأعطيك لوح من الشوكولاتة , ولكن لا تخبري السيدة إيني بذلك .
ولكن لم تتحرك "إليانور" كما توقع الجد وظلت واقفة في مكانها , فقال الجد : ما الأمر يا "إليانور"؟ لما أنت حزينة هكذا ؟
رفعت "إليانور" وجهها المصوب إلي الأرض وعيونها تنثر الدموع علي كامل وجهها وقالت وهي تنشج : أحقاً ما يقولون يا جدي .. هل أنا شريرة ..هل قتلت والدي ؟ أخبرني يا جدي هل هذا صحيح ؟
صمت الجد وتنهد تنهيدة حارة ثم أطلق زفيراً حمل كل حرارة جوفه و رد قائلاً : عزيزتي "إليانور", أنا لم أري فتاة بمثل جمالك أو طيبتك من قبل أبداً , وأراهن أنني لن أقابل شخص مثلك ما تبقي لي من عمر , ولأنني أعرف ذلك سأخبرك بكل صراحة .. أنت لست قاتلة أبداً ولن تكوني قاتلة .
كانت لهذه الإجابة أثر طيب على قلب "إليانور" فشعرت بالأمان والدفء و كفت عن البكاء وقالت في تردد : ولكن .. ولكن الجميع يخبرني بذلك .
ابتسم الجد "نوفار" وقال : ولكنهم لا يعرفونك جيداً يا "إليانور" .
صاحت "إليانور" من الفرحة : حقاً !! .. شكراً لك أيها الجد .
ثم وقفت مترددة ومتحيرة من شيء ما يشغل بالها , وشعر الجد "نوفار" بذلك , فسألها : هل من شيء أخر يا "إليانور" ؟
أطرقت "إليانور" رأسها إلي الأرض من جديد وقالت في تردد : كنت أتساءل لماذا لا أتدرب مع الباقيين على قواي الجنية ؟
قال "الجد" : اممم .. أعلم أن في ذلك ظلماً لك , ولكن جدك الحقيقي أشترط علي هذا حينما أتي بك إلي هنا .. هو شرط أنا وقعت عليه وإن خالفته فأخشى أنني سأتعرض للمساءلة القانونية من قبل جدك .
أحست "إليانور" بالدهشة , فلا أحد من أقاربها فكر في زيارتها ولو لمرة واحدة منذ أن جاءت إلي هذا الملجأ , فلما يكترثون لهذا الأمر ما داموا بعيدين عنها , وفي هذه اللحظة أحست بالغضب والحنق أكثر ناحيتهم , وودت أن تمر السنون بسرعة لكي تخرج من هنا وتذهب إليهم لتلومهم علي ذلك .
قالت "إليانور" بعد أن انتشلت نفسها من أفكارها : أه ..حسناً شكراً على مساعدتك جدي و أنا لن أحدثك في هذا الشأن مرة أخري ما دام قد يعرضك للخطر .
ابتسم "الجد" لها في صفاء وقال : إليك لوح الشوكولاتة , أنه مازال بارداً .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.


بعد مدة ربما لم تتجاوز سبع أشهر حتى زارها شخص غريب ملثم في الليل وهي نائمة , ولكنها استيقظت عندما وجدت شعاع ضوئي مصوب إليها .
أدركت أنها عملية قياس لقواها الجنية مرة أخري , ولكنها لم تفهم لماذا هذا الغريب يفعل ذلك , كانت الصدمة قد شلتها تقريباً .
ثم قام "الملثم" بنقرها بعصاه السحرية على كتفها نقرة خفيفة ولكنها كانت ساخنة وعلى إثرها ظهرت ست نجوم صغيرة بنفسجية اللون وهمس في أذنيها : هذا ليذكرك أنك من "المنبوذين" .
ثم أختفي ورحل , ولكنها لم تستطع أن تفهم أي شيء من كلامه أبداً .
.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:01
منذ بضعة دقائق بلغت "إليانور" عامها السادس عشر , فقط برفقة نفسها ولا تتوقع الكثير ممن حولها , وما كان يسعد وجهها الحزين هو أنها سوف تخرج بعد عامين من مسكن المجاذيب هذا الذي استثنت منه الجد "نوفار" العجوز جداً و العطوف كأب لم يكن موجود , وهي دوماً تقضي عيد ميلادها في شرفتها وتنظر إلي أعلى حيث الفضاء الساحر والغامض , ووجدت بلا مشقة تلك المجموعة النجمية التي تشكل رأس ثور , ثم ابتسمت وتساءلت عما يوجد بالأعلى هناك حيث هذه النجوم .
لم تكن تعرف الإجابة ولم يشغل أحد باله بأن يجاوبها علي سؤالها هذا , لذلك اكتفت بالصمت والتأمل و يا لها من لحظات نادرة لا يفضها إلا شخص ما غبي لا يدرك حميمية هذه اللحظة , وبينما الشهب تقطع رحلتها البيضاوية المجهولة المسار مسرعة في فضاء السماء حتى أرتفع قعقعة نيران خافتة ومع ذلك لم تكن هناك أي نار بل ظهر شخص ما في الفراغ الذي أمامها , كان ملثماً تماماً و كان لا يظهر منه أي شيء وبخاصة عباءته السوداء في هذه ليلة مظلمة كهذه .
شعرت "إليانور" بالفزع والهلع من هذا الشخص الذي التقط أنفاسه بسرعة وقال في لهجة سريعة متلاحقة : هل أنت المنبوذة ؟
أجفلت" إليانور" لبرهة وأهتز كيانها من وقع هذه الكلمة فهي تذكرها بما حدث لها منذ أعوام .
قال "الملثم" بصوت مبحوح وكأنه يبذل نشاط بدني لا طاقة له عليه : هل أنت "إليانور" ؟
أومأت "إليانور" برأسها وهمست : بلي .
قال الملثم بلهجة توحي بإمارات وجهه المترقبة : ينبغي أن نرحل الآن , لا تناقشينني , لا لن أخطفك , أنا هنا لحمايتك , هيا لنذهب .
ثم أمسك بيدها دون أدني معارضة منها وبسرعة غير مسبوقة أحاطت بهما كرة زجاجية أشبه بحبة البندق , ثم ارتفعت في الهواء بسرعة خرافية على شكل قطع ناقص , ولكن بداخلها لم تكن هناك أي جاذبية تؤثر فيهما , وكانت المباني من حولهم تومض ثم تختفي .
انتهي الانتقال السريع في بضعة ثواني , وملئت رئتي"إليانور" رائحة عشب ندية , وعندها شعرت قليلاً بالهدوء والسكون .
بينما صوت تدفق ينبوع من الماء يأتي من يمينهم , كانوا في مكان أشبه بحديقة عامة , ولكنها لم تكن كذلك , كانوا على حافة غابة ما , فقد كانت كل الأشياء إمامهم من جداول و الحشائش و القليل من الحيوانات البرية كالغزلان والطيور الغير ناعسة , وطائر البوم الذي دار برأسه كثيراً عندما ظهرت "إليانور" برفقة "الملثم" , كل هذا كان يتجلى لهم بوضوح تحت الضوء القمري الشاحب , فقد كانت الليلة هي التمام .
صاحت "إليانور" لأول مرة : و الآن فلتخبرني ما حكايتك يا هذا , و إلا فلتعد بي من حيث جئت بي .
استشعرت "إليانور" ابتسامة خلف قناع الملثم , و ربما كان السبب في عدم مقدرتها على العودة وحدها .
ولكن "الملثم" تحدث بلهجة جادة : الأمر جد خطير , هناك خطر يتهددك ويحيط بك إن عدتي مجدداً إلي ملجأك , حتى أنني لا أضمن أننا في آمان الآن .
تعجبت "إليانور" وقالت : لأنهم !! ما الذي يهددني وكيف أنقذتني ؟
وضع "الملثم" يديه على مكان فمه وقال بصوت قريب للهمس : أنا لم أنقذك بعد .
وسألته "إليانور" في نفاذ صبر : فلتفهمني ما يدور حولي و إلا رحلت عن هنا , لاحظ أنني أستطيع استخدام التعاويذ أيضاً , ولا حاجة لي لعصا سحرية لكي أؤديها .
ابتلع "الملثم" الإهانة الموجهة لجنس السحرة في صمت وقال : حسناً , سأخبرك بكل شيء , ولكن دعينا نختبئ وراء تلك الأشجار .
وما أن اختبئا جيداً حتى مال "الملثم" برأسه إلي الأمام قليلاً و قال : منذ عدة أعوام جاءك فرد من جماعتنا ليقيس ويري مدي قدراتك , وبالرغم من أن عمليات القياس غير دقيقة في معظم الأحيان إلا أنه عند أفراد معينين تكون أصدق من غيرهم , هؤلاء الأفراد يسمون بالمنبوذين , وهم يملكون قوي نادرة و غير مألوفة عن قوي جنسهم الطبيعية والمعروفة , وهؤلاء "المنبوذون" يرجع ظهورهم لسبب معين لم نتيقن منه حتى الآن , ولكن كل ما نعرفه أن ظهورهم مرتبط بمصير العالم .
استغربت "إليانور" ما سمعته و أحست بالاضطراب قليلاً و سألته : وما شأني أنا بهؤلاء ؟
تنهد "الملثم" في هدوء وقال : ألم تفهمي الأمر بعد .. أنت منهم , ومن واجبي أن أحميك حتى أحمي مصير هذا العالم البائس .
وفي عناد تحدثت "إليانور" : وما أدراك أنني تلك المنبوذة المقصودة أو أياً كان الأمر ؟
رد "الملثم" بنبرة هادئة و واضحة : لأن هناك من يتعقبك من منظمة ميالاث حتى يقوم بلعنك .
صاحت "إليانور" في جزع : يلعنني .. أنا .. لما ؟
أجاب "الملثم" : لا تجزعي مادمت أنا موجود فمهمتي هي حمايتك كما أخبرتك .
ترددت "إليانور" لبرهة في أمر هذا الملثم , فكل ما يدور ما حولها الآن من وجهة نظرها غير منطقي علي الإطلاق , فقامت بإلقاء سؤال فجأة , وقد توقعت عجز "الملثم" عن الجواب عليه : وكيف ستنقذني إذن ؟
رد "الملثم" وكأنه يتوقع هذا السؤال منذ البداية : أن أعجل من انتقالك .
تحيرت "إليانور"و قالت : ماذا ؟
لم يجاوبها "الملثم" ولكنه رفع عصاه السحرية السوداء, كانت مقدمته على هيئة رأس تنين , وتمتم : أكيرو سيرا .
فخرجت مخالب خضراء اللون وأحاطت بجسد "إليانور" , والتي كانت تشعر بالدهشة مما يحدث لها , وبدأ جسدها يرتفع في الأعلى عدة سنتيمترات , وسمعت الملثم يقول : أنا أسف , ولكن موتك أفضل لعنك بكثير .

- أيها اللعين .. سيتو اجيرو .
صاح ذلك شخص أخر وقد بدا غاضباً جدا , وظهرت مطرقة عالية من الحديد والكثير من السنون المدببة في مقدمتها وقد ارتفعت في الهواء و انقضت بشدة على الموضع الذي يقف فيه "الملثم" والذي تنبه وتفادها بصعوبة بالغة .
ولكن المطرقة ظلت تطارده بعنف وضراوة محطمة الشجيرات من حولها .
صح "الملثم" بعنف : مينيدا سنيرا .
ثم قفز إلي الخلف بسرعة وطبقة من الغبار تتصاعد لأعلي , لم يستطع المهاجم رؤية أي شيء الآن بسبب هذا الغبار , كان ضخم البنية وصاحب وجه قاسي وكان يكشف عن ذراعيه المفتولة بالعضلات , وأخذ يتشمم الهواء وكأنه يبحث عن موضع" الملثم" .
و كان" الملثم" في ذلك الحين يقف بالأعلى فوق أحد فروع الأشجار المتينة , كانت الأرض من أسفله مغطاة بالحديد المصهور وكأنها حمم لافا قادمة من جوف بركان ثائر .
وبنفس السرعة تمتم "الملثم" بتعويذة أخري : فامير اويكن .
وتجمع السائل الحديدي المصهور بجوار بعضه البعض مشكلاً كرمة عملاقة ضخمة من الحديد المصهور و قد ارتفعت في الهواء , وأخذت تتشكل على هيئة تنين حديدي ومع اختفاء ذرات التراب من الجو , فوجئ المهاجم بتلك التعويذة وقد شله مظهر التنين و أرتعب بشدة على عكس البأس الذي ظهر به منذ البداية , شلت قدميه ولم يستطع تفادي هجوم التنين الحديدي و صاح بملء جوفه : اللعنة .. لماذا أنتم ثانية ؟
ثم أختفي في ثواني معدودة .

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.


مرت عدة أيام لم تكترث "إليانور" لمعرفة عددها في هذه الأرض الغريبة , منذ أن مرت بهذه الأنفاق المبهرجة بعد أن قابلت ذلك الملثم , وها هي الآن هنا .
كانت تقضي أيامها في مكان غير مرئي بفضل الأشجار والنباتات المتسلقة , ولم تشغل بالها كثيراً فيما حدث .
فها هي الآن حرة طليقة قبل الموعد المحدد لها بعامين , وبعيداً عن أي مضايقات من أي نوع , حتى لو كان هذا يعني أنها في منطقة خالية من جنس مخلوق , أو هكذا ظنت حتى سمعت في ليلتها الثالثة صخب وعنف فوقها بأعلى الجبال , حينها ارتعبت وشعرت بخوف شديدة , لم تدرك كنه هذا الصوت , ونتيجة لذلك خافت و تقوقعت على نفسها حتى هدأت تلك العاصفة من الأصوات المرعبة الممزقة لآذانها .
وفي صبيحة اليوم التالي تسللت في حذر لتتقصي حقائق هذا الصوت , فعلمت من الحيوانات بالغابة أن هناك عملاق عظيم ورهيب يعيش بأعلى الجبال , ولا تتخيلوا مقدرا الرعب والهلع الذي شعرت به إليانور , ففوق رأسه يعيش" عملاق ", وهي لم تري مثله من قبل , ولكن لكم سمعت من قبل عن حكايات مزعجة بشأن العمالقة , والآن هي ترغب في الهرب .
لذا عادت في سرعة إلي مخبأها الآمن نسبياً , ولكن ما أن قررت الرحيل حتى وجدت نفسها تعود إلي مخبأها من جديد , كررت ذلك الأمر مرة ثانية وثالثة و رابعة , وفي كل مرة تعود إلي مخبأها من جديد , كلما هربت وركضت كانت تعود إلي نفس النقطة , وشعرت بالجزع من فكرة أنها في فخ أو مصيدة قام بها هذا العملاق .
حتى ذلك المساء , ظهر لها العملاق وعندما وقعت عينيها عليه حتى فقدت وعيها من مظهره المرعب ,
وفي نفس اللحظة حملها العملاق بكل هدوء بعيداً عن ملاذها الآمن .

.

.•´¯`•..•´¯`•..•´¯`•. .•´¯`•. .•´¯`•.

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:04
ا
لفصل السابع عشر : هيناتا

انتشرت الأخبار بسرعة في مملكة الكوزرس , وأخذ الكسجين يتهامسون بها في حيرة ودهشة , والشباب منهم شعروا باليأس والغمة , ومن يفضي لنفسه منهم يبكي بحرقة .
كانت هذه الأخبار تحمل نبأ وفاة الأميرة "هيناتا" ..تلك الأميرة الصغيرة , حلم كل شاب في أرجاء المملكة .
عدد كبير من الشباب أنكر هذا النبأ وتمسكوا بأمل واه جداً , ولكن جاءت أخبار إعداد مراسم الجنازة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير .. لقد ماتت الأميرة "هيناتا" ..
على الأقل العامة يظنون ذلك , ولكن حاشية الملك ورفاقه المقربون من جماعة دلفاي السحرية يدركون جيداً أن هذا غير صحيح ..و أن ما حدث هو أن الأمير "هيناتا" قد انتقلت إلي عالم "نيرار" .
كانت صدمة كبيرة بالنسبة للملك بالرغم من أنه لا تعجبه تصرفات الأميرة , إلا أنها قد فقد الكثير في الفترة السابقة .. فقد الاثنان الذي كان يعول عليهم مستقبل مملكته و حماية الأميرة "هيناتا" في الوقت الحاضر .
وبعد جنازة صورية حضرها معظم ملوك عالم الأبيكتيسكي .
اجتمع الملك بكلاً من "جوباس" و "ملكيادس" , و كان ينتظر منهم إجابات لتساؤلاته بفارغ الصبر , فبالرغم من أنهم من جنس أخر غير جنس مملكته إلا أنه يعول عليهم كثيراً وثقتهم فيهم غير متناهية .
سأل الملك في لهفة بعد أن وضع الساقي صينية من المشروبات و خروجه من القاعة في حركة آلية مغلقاً خلفه الباب : ما الأخبار ؟ هل وصلتم إلي جديد ؟ لم يكن من المفترض أن تنتقل هيناتا إلي عالم نيرار , فليذكرني أحدكم بأن كلامي على صواب .
تنحنح " ملكيادس" وقال : سيدي , كلامك لا يوجد أدني شبهة عليه , فما وصلنا إليه من معلومات بخصوص ذلك العالم الغامض ومملكة البيكتسو الغامضة يؤكد لنا أن أبناء ملوك عالم الأبيكتيسكي لا ينتقلون إلي عالم نيرار وذلك حفاظاً على التوازن .
شعر الملك بالحماسة والغضب في آن واحد وصاح : إذن ما قلته صحيح , فلتفسرا لي ما الذي جري مع ابنتي ؟ .
قال "ملكيادس" وهو يشير إلي "جوباس" : أن "جوباس" لديه نظرية قد تبدو صحيحة إلي حد كبير .
رد الملك وبعد أن جلس على عرشه وهدأ قليلاً : إلي بها .
أجاب "جوباس" حسناً سيدي , أري أن الأمر لا يتعلق بكون الأميرة "هيناتا" هي ابنتك و سليلة أحد ملوك عالم الأبيكتيسكي , بل يتعلق بشيء أكبر من كل هذا بكثير .
ضاقت عينا الملك بشدة و انعقد حاجباه وقال بصوت مخنوق : ما هو هذا الشيء ؟ .
كان الملك بداخله يعلم الإجابة تماماً , بل هي في غاية الوضوح كلياً في الأيام القليلة الماضية عن السنوات السابقة , ولكنه كان يخشى أن يصارح نفسه بذلك , يخشى أن تتحقق أسوأ كوابيسه علي الإطلاق , بل ستتحقق أسوأ كوابيس العالم إن حدث ما يخشاه .
همس "جوباس" بشيء من الحذر : نظن أن الأمر يتعلق بذلك الشيء الذي كنا نبحث عنه منذ ظهور هيتاشي يا سيدي الملك .. الأسطورة .. نحن نظن أنها من المنبوذين الست ! .
****
بجوار نفق عجيب أخر اللون يشع بالبرتقالي ويخالطه ألوان أخري فاقعة اللون , وأحياناً تصدر عنها بضعة شرارات تذكرك بالألعاب النارية التي تملأ سماء الاحتفالات , والتي بصورة ما كانت تعمل على إيضاح موجودات المكان من أعشاب خضراء اللون تتمايل بخفة مع نسمات الهواء , و حفيف أوراق أشجار البرتقال , وصوت خرير ماء يأتي من شلال صغير في الخلف متعامداً على الجبال .
استيقظت هيناتا من غيبوبتها , وراحت ترمق ما حولها في حذر , ثم تحركت من مجلسها في حركات خفيفة سريعة .
كانت الأرض منبسطة من تحت قدميها , كانت يمتد من إمامها حقل من أشجار البرتقال , وأنصتت لخرير الماء , وتوجهت إلي مصدره في خفة , ولأنها كانت تشعر بظمأ عظيم فلم ترتوي إلا بعد القنينة الثالثة , ثم عادت إلي موضعها مرة أخري إلي داخل الكهف , وجلست القرفصاء ما يتجاوز الثلاث ساعات قضتها في هدوء لا يقطعه أدني صوت غير أنشودة الطبيعة , و أغلقت عينيها وأخذت تحلق داخل نفسها , كانت رحلة شائقة , ثم استيقظت من جلستها و ابتسمت في جزل وقالت : هكذا الأمر إذن .
ثم سقطت عائدة إلي بئر النوم من جديد .
****
مع ميلاد شمس يوم جديد تسللت أشعة الشمس إلي داخل النفق في حياء , وكأنها تخشي أن توقظ "هيناتا" ولكن الأخيرة لم تستيقظ إلا عند الأصيل , كان الجو ليس حاراً تماماً فقد عمدت السحب الكثيرة المتناثرة على صفحة السماء بالأعلى كقطع الجليد المتناثر عند نهاية العالم من تخفيف حدة شمس أواخر الصيف عند قمة الجبال حيث ميلادهم وتكاثرهم إلي منطقة النفق العجيب .
وفي مرح أخذت "هيناتا" تركض هنا وهناك غير عابئة بما ينتظرها , وأخذت تتقافز كالفراشات اليانعات , لم يكن هناك من يراقبها لذا كانت علي سجيتها .
و بددت القليل من طاقتها , وشعرت بالجوع قليلاً فقطفت ثمرتان من البرتقال , ثم ذهبت إلي الشلال الصغير تشرب من جديد , ثم جلست وأخذت تفكر قليلاً : من المؤكد أنني الآن في عالم "نيرار" الذي حدثني عنه والدي ..هذا بديهي ولا يحتاج إلي أي دليل , ولكن الشيء العجيب هو أنه لا يوجد أحد هنا .. هذا أمر غريب .
أخذت تحاول من جديد البحث عن إجابة لهذا التساؤل ولكن دون جدوى , وسريعاً ما قفزت من مكانها وكأن حية قد لدغتها وصاحت : لابد أن وجودي هنا له علاقة بما حدث في النفق , وظهور ذلك المسار الجديد الذي أتي بي إلي هنا , بلي هذا صحيح .
وبالرغم من أنها كانت واحدة من القلاقل الذين عرفوا أين هما ! , إلا أنها لم تكن سعيدة بذلك على الإطلاق , فهي الآن وحيدة في عالم موحش ولا تدري عنه أي شي , وشعرت بالقلق مما ينتظرها , وأدركت جيداً أنه لا ينبغي عليها أن تطيل الانتظار في موقعها هذا أكثر من هذا اليوم .
و أتضح لها طريقين أما أن تسير إلي الأمام وتقطع غابة البرتقال أو تعود إلي الخلف وتتسلق الجبال لتري ما يختبئ خلفها .
كانت مترددة وحيري في أمرها , وشعرت بذلك التوتر الذي يسري في جسدها حينما تفكر في أمرين معاً ويترك عقلها في فوضي من التشتت .
وعلي حين غرة فاجئها طائر يحلق بسرعة بالقرب منها , فقفزت من المفاجأة , ولكنها لمحت ظل يظهر بين الأشجار , وأخذ يكبر ويكبر تدريجياً .
تحفزت هيناتا لمواجهة صاحب هذا الظل أياً كان , ومع ذلك أخذت تفكر هل تستطيع فعلاً استخدام تعاويذها وقواها في قتال حقيقي !
أخذت تقدم خطوة للأمام و خطوة أخري للخلف , وأخيراً حزمت أمرها واستعادت ثقتها في نفسها فكونت كرة ضوئية في راحتها للانقضاض علي القادم لو كان عدواً .
وكان ذلك الشخص القادم ملثم مما يذكرها بأفراد جماعة دلفاي السحرية التي تعمل تحت أمرة والدها الملك , وكان يحمل عصاه السحرية في بأس وقوة مما يدل علي أنه واثق من نفسه , وكاد يهجم على " هيناتا" قبل أن تعرف الأخيرة بذلك , ولكن بدلاً من هجومه تراجع في اللحظة الأخيرة وصاح : الأميرة "هيناتا" ..أأنت الأميرة "هيناتا" ؟
ارتجت "هيناتا " من الدهشة وكأن قد أصابتها الصاعقة , فهناك من نطق لتوه باسمها .. هذا غريب حقاً !
أجابت في صوت متقطع وخفتت حدة الكرة الضوئية في راحة يديها : بلي .. أنا الأميرة " هيناتا " ..فمن أنت أيها الملثم ؟
لم تكن تتوقع إجابة منه على الإطلاق , وكانت متشككة في حدوث ذلك , ولكنها لم تري أو تدرك أن لها حضور قوي في نفوس الجميع وشعبها يعشقها لذلك بالرغم من الآلام المنتشرة .
رد الملثم : أنا حارسك "ثائر" , من جماعة دلفاي السحرية .
انتفضت "هيناتا" مما سمعت , فقد حضرت مراسم الجنازة المصطنعة له , وفكرت إذن هو أنتقل أيضاً إلي هنا .
وكاد "ثائر" أن يكشف الوشاح عن وجهه ليجعلها تتأكد من شخصيته ولكنها أوقفته قائلة :
- أصدقك .. لا تفعل , أني لا أريد أن تتخلي عن أحدي عادات جماعتك .
تمتم "ثائر" في بساطة " كنت سأوفقك الرأي لو كنا مازلنا في عالمنا , ولكننا الآن ... لا ندري أين نحن !
ثم خلع وشاحه وألقاه في لا مبالاة لتظهر ملامحه المخبأة منذ سنين عدة .
قالت "هيناتا" مترددة : ألسنا نحن في عالم "نيرار" الآن ؟
رد "ثائر" : يبدو الأمر كذلك يا أميرتي , ولكن يداهمني شعور بأننا لسنا كذلك علي الإطلاق .
تساءلت "هيناتا" : ماذا تقصد بكلامك هذا ؟
رد "ثائر" بغموض : لا شيء , مجرد فكرة تدور بخلدي , ولكن أميرتي كيف انتقلت إلي هنا ؟ لم يكن من المفترض أن تحضري لهذا المكان ولو بعد مئة قرن .
قال الكلمة الأخيرة ببطء شديد وحدقتا عيناه تجمدت تماماً وكذلك جسده وكانت هناك فكرة تطن في عقله بشدة .
عاد جسده إلي العمل من جديد وقال في سرعة : فلنتحرك من هنا الآن يا أميرتي وبأقصى سرعة .
فزعت "هيناتا" وقالت : ما الأمر ؟
قال "ثائر " : لا شرح الآن , اتبعيني يا أميرتي الآن وحسب .
لحقت به في سرعة وكادت تقول : أليس من الأفضل أن تخبرني الآن .
ولكن ذلك الصوت الجبار القادم من أعالي الجبال جمدها تماماً وأصبحت كلوح من الثلج , وسقطت بضعة صخور من أعلي بصخب وعنف , أخذت تتدحرج وتتخبط بصورة سريعة متلاحقة وانتهي أمرها إلي بركة صغيرة أسفل التلال .
كان الصوت ينذر بالسوء تماماً , وجد " ثائر " أن "هيناتا" قد شلت عن الحركة تماماً , فعاد إليها وجذبها من يديها وأخذ يعدو بها إلي الجهة البعيدة عن منطقة سقوط الصخور , ولكن "هيناتا" أوقفته تماماً .
ووجد " ثائر" نفسه لا يشعر بجسده نهائياً , ونظر إلي الأميرة في غرابة فهو لم يتوقع أن تأتي بهذه الحركة عن غفلة منه , ثم نظرة لها مرة أخري ليسألها أن تبطل عمل التعويذة .
ولكنها ردت بخفوت : أتسمع! ..أنصت جيداً .
كان هناك صوت صرخات مكتومة تأتي من بعيد , وصيحات استغاثة , بدا الأمر كأن صاحب الصوت الجبار يطارد هذه أصحاب هذه الأصوات .
عادت "هيناتا" تهمس في أذن "ثائر" من جديد : ينبغي أن نساعدهم يا "ثائر" , هذا ليس أمراً بل رجاءً .
ثم فكت عمل الأربطة .
لم يسألها "ثائر" لا فعلت ذلك ! فهي كانت على حق فيما تقول , وبخاصة لو صدق حدسه .
رد بصوت خالي من أي عاطفة : حسناً أميرتي , فلنذهب لننقذهم .
****

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:06
ا
لفصل الثامن عشر : عائلة العمالقة

كانت جبال إيرياس تنتشر بطول غابة الحصن تبتلع أشعة غروب الشمس في نهم فلا ينجو منها إلا القليل ليتبدد على أشجار الصفصاف و الدردار أسفل منها , ويمتد بعضاً منها لأميال معدودة لينعكس على بحيرة أل تريفل .
وفي الناحية الأخرى من الجبال التي تول بظهورها لغروب الشمس كان هناك مدخل واسع وعظيم ينبعث من البرودة والظلام , كما تصاعد منه أصوات وحشية و رهيبة لمخلوقات العماليق , ثم تحولت تلك الزمجرة إلي أصوات صاخبة وعالية لا تطاق , وصوت نقر على الطبول أهتز على إثرها سلسلة من الكهوف السحيقة في أعماق الجبال وتساقطت طبقات من الغبار الصخري وأخذت تنتشر في سرعة لتزيد من قذارة تلك الكهوف .
وبالرغم من كل هذه الضوضاء الصاخبة لم يتأثر أحد من الرهائن فاقدي الوعي بها , كان العمالقة على وشك بدأ حفلتهم , كانوا خمسة , طوال القامة وبشعي الخلقة , وكان هناك اثنين منهم يبلغ طولهما اثنتي عشر متراً ذكراً و أنثي , كما كان يرتديان ملابس بنية اللون ومخططة , ومصنوعة من الجلود , كان الذكر يحمل هراوة ضخمة ويقفز في سعادة , كانت عيونه سوداء بشعة , ولديه رأس مكعبة الشكل وأسنان تتجاوز أوزانها مجموع العشرة كيلوجرامات , بينما كان العمالقة الثلاثة الباقيين أطوالهم لا تتجاوز حد الثماني أمتار , ويبدو عليهم صغر السن و أنهم أبناء العملاقيين الضخمين .
قاموا بعزف نشازاً علي طبول مصنوعة من الأحجار السوداء , وكان هذا النشاز يعجبهم كثيراً , فزادوا من طبلهم هذه المرة باستخدام دروع مصنوعة من فضة "سيرا" .. الاحتفال بدأ !
زمجر أحد أطفال العمالقة : والدي , متي سنأكل هؤلاء ؟ , أننا نجمعهم منذ أربع أيام ولم نمسهم بعد .. أنني أسيل لعاباً .
وقال الطفل الأخر : بلي ..بلي , أننا لم نترك أحد حي من قبل طوال هذه تلك المدة , أنني أشتهي طعمهم ..أنني أشمهم الآن , أريد أن ألتهمهم الآن .
بينما قالت العملاقة الصغيرة : صمتاً يا بلهاء , أن والدي يفعل ذلك لأجل الاحتفال ..أنه احتفالنا .
توقف طفلي العمالقة عن طرق الطبول وحدقا في أختهما وصاح فيها : أننا لسنا بلهاء .
ثم قفزا عليها بهدف إيذاءها , ولكن الأب اعترض طريقهما ومسك كلاً منهما وصاح فيهم بحدة :
- لا تفعلا ..أننا سنأكلهم بمجرد اختفاء الشمس , تقاليد جماعتنا ينبغي أن نحافظ عليها .
لم يقتنع الابن الأكبر سناً و زمجر في والده وقال متهكماً : أه تقاليد العمالقة التي لا نعلم عنها أي شيء سواء سخافتها , أننا نعذب بطوننا بينما الغذاء موجود .. أتعلم لا .. أظن أن الآخرين لا يعلموا عنا أي شيء , فلما نتمسك بتقاليدهم السخيفة , لأننا ببساطة هنا , هم لا يروننا !
غلت دماء العملاق الأب ومسك بابنه فجأة وطوح به إلي أخر الكهف , ثم سقط أحد المشاعل بالقرب منه فاحترقت يده اليسرى .
زمجر الابن : تباً يا رجل , ينبغي علي أن أقتلك الآن , لقد سئمت عقلك السخيف هذا , أنت عملاق عجوز وأصابك الخرف , ولا يحق لك الإمساك بزمام الأمور بعد الآن ..من الآن فصاعداً سأكون أنا سيد الجبل, وسيخضع لي كل من يعيش في هذه الغابة بما فيهم أنت لو نجوت مني الآن .
ثم حدج أخويه شذراً و دمدم بصوت خشن : لا تتدخلا في هذا القتال و إلا قتلتكم بدوري .
****
عاد "سيسري" صاعداً إلي الطريق المؤدي إلي أعل التلة حيث ترك إيرما , وذلك بعد أن تأكد من عدم عودة أبنائه إلي المنزل , وأخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة من بين أسنانه , وقد أصفر وجهه أكثر من ذي قبل , بعد أن تلقي قسطاً وافراً من الترقيع من زوجته إمام بقية عشيرة الأقزام , ولم يغفر له كونه أحد أفراد العائلة النبيلة بالعشيرة أن تكف زوجه عن ذلك .
شعر حينها أنه قزم وضيع ولن يصنع أي شيء ذي قيمة لأقزام أل تريفل , وأخذ يفكر : نعم , هم يرون أنني عديم النفع , ولن أفعل لهم أي شيء مطلقاً , و الآن صرت في نظرهم أنني أخرق لدرجة أنني أضعت أولادي ..أه لو علموا أنني لم أتركهم في البركة , بل أنهم قد اختطفوا ولا شك في ذلك , ولكن ..ولكن تلك الفتاة ستساعدني , لقد وعدتني بذلك .. بلي وعدتني .
ثم قفز عدة ياردات تجعله يصعد إلي أعلي الطريق , ولمح إيرما تقف بجوار شخص أخر غريب , فأنتابه قلق وهو يتوجه ناحيتهم , وقف بجوار إيرما وسأل الغريب وعيناه تدور في محجريهما : من أنت ؟ هل أنت من جن الغابة ؟
نظرت له إيرما وقالت في لهجة تطمئنه : لا تقلق أيها القزم , أنه ليس من جن الغابة , ولكنه من الأرسيديجون , لابد وأنك قد سمعت عنهم ..لقد جاء ليحذرني من الذهاب إلي جبل إيرياس !
أرتج كيان القزم الصغير وأخذت عيناه تدور في محجريها أسرع من ذي قبل ومسك بيدي إيرما وقال في توسل وقلة حيلة : لا.. أرجوك , ينبغي أن تساعدينني ..أنني لن أقدر وحدي .. أرجوك .
شعرت إيرما بالشفقة وأدركت كم يعاني هذا القزم المسكين , فقالت : لا تقلق , لن أتركك.. سأساعدك كم وعدتك .
تدخل مافريك وقال في استسلام : يا ألهي ..بالرغم من أنني حذرتك .. أنهم عمالقة ومقابلتنا لهم تعني أننا سنصير عشاءً دسماً لهم .
هزت إيرما كتفيها وقالت وهي تضع يدها على كتف سيسري وبنصف ابتسامة : لقد فعلت ما ينبغي عليك فعله , لقد حذرتني وهذا شيء جيد منك , ولكن أنا الأخرى ينبغي علي تنفيذ وعدي لهذا القزم وأن أساعده .
أدرك مافريك أن إيرما لم تعد تنصت له وصاح في عناد : إذن هل تمتلكين تعاويذ قوية ..وصفات..قدرات ؟
صعقت إيرما لثواني معدودة , وفجأة أطرقت برأسها إلي الأرض وفكرت قليلاً وتذكرت أمر هالتها الخاصة ثم أجابته : لا ونعم .. في الواقع لا أدري أي شيء بخصوص قوتي .
أندهش مافريك قليلاً ولكنه سريعاً ما عاد للجدال : يا الله , وتريدين الذهاب إلي حتفك !
أصرت إيرما علي موقفها وردت دون أن تنظر ناحيته : لقد أخبرتك .. هذا هو موقفي , والآن لماذا تصر على معارضتي ؟
أرتبك مافريك قليلاً وتمني ألا تحمر أذنيه وقال بصعوبة وفي تلعثم : أنا .. لا .. كل ما في الأمر هو أنك الوحيدة في هذه المنطقة ..أعني مثلي ..ألم تأتي من تلك الأنفاق ؟ , فهذا ما أتحدث بشأنه .
أهتز جسد سيسري في حركة لا إرادية وتمتم في صعوبة : هل ..هل جئتم من هذه الأنفاق ؟ هذا أمر غريب ومريب .!
صاح مافريك و إيرما في نفس الوقت : ماذا ؟
أنكمش سيسري قليلاً وقال في خوف : عشيرتي تظن أن هذه الأنفاق ملعونة ..أقسم بالله أن هذا هو كل ما في الأمر .
لا تدري إيرما لماذا لم تصدق هذه النبرة وقالت في لوم : ملعونة !! , إذن فلتحمد الله أن هناك من جاء منها ليساعدك في محنتك .
فجأة أقترب مافريك من إيرما و أوقفها في مكانها و قال : أمازلت تصرين على الذهاب إلي هناك ؟
أومأت إيرما برأسها وقالت : بلي
أحس سيسري بالامتنان ناحية إيرما التي تريد مساعدته بكل هذا الإصرار , في حين فكر مافريك في أن هذه الفتاة حمقاء , و في داخله قرر أن يخوض معها هذا الحماقة فقال : حسناً , فلنذهب إذن .
حدقت إيرما فيه وقالت : ماذا قلت ..أتعني هذا حقاً ؟
هز مافريك رأسه في استسلام و رد قائلاً : بلي , أعني ما أقول وأدرك جيداً عواقب قراري هذا .
وسألته إيرما دون أن ترفع نظرها عنه : لماذا إذن ؟
رد مافريك في بساطة : لا أريد أن أترك أحد يذهب إلي هلاكه بهذه البساطة , بالإضافة إلي أنني أشعر بأنك تشبهينني قليلاً , وشيء أخر هو أنني لم أجد أي فرد أخر مثلي أو مثلك في هذه المنطقة طوال مدة وجودي هنا .

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:08
تنحنح سيسري وقال متلعثماً : في الواقع لن تجد لأن أمثالكم يعيشون بعيداً عن هنا بمئات الكيلومترات , وأنني أري في وجودكم هنا لمساعدتي لهي أكبر عناية آلهية لي .
شعر كلاً من مافريك و إيرما بالقلق من ناحية كلام القزم سيسري وأدركا أنه يخفي شيء ما عنهما , ولكن بنظرة واحدة فيما بينهما تم الوصول إلي اتفاق وهو أن يترك هذا الأمر لحين عودتهم .
تقدمت إيرما خطوتين من إمامهم وقالت : حسناً ..استعدا للانتقال الآني .
بداخلها تمنت ألا تخونها قدراتها وأن تؤدي التعويذة كاملة . ظهر خيطان زرقاوان اللون و ألتف كلاً منهما علي أحد ذراعيها , ثم أنقسم إلي خمس خطوط أخري رفيعة أحاطوا بأصابع يديها , ثم بدأت تركز طاقتها جيدة في راحة يدها اليمني حتى كونت كرة صغيرة صفراء . أخذت الكرة تكبر شيئاً فشيئاً فتركتها إيرما لتسقط على الأرض العشبية وأزداد حجمها مرة أخري وتحطمت الأعشاب من أسفلها حتى أصبحت كرة ضخمة على شكل ليمونة و أنشق باطنها ليسمح لهما بالدخول .
تنهدت إيرما في فرح وأشارت إلي مافريك و القزم سيسري بأن يتبعوها إلي داخل الليمونة .
كان مافريك يشعر بالدهشة فهو قد سمع القليل عن الانتقال الآني ولكن ما يراه الآن ليس كما سمعه فسأل إيرما في حذر : هل هذا هو الانتقال الآني ؟
لم يسمع جواباً لأن الكرة بدأت بالارتجاج وحركة سريعة و شعر بأن كل أوصاله تهتز بعنف , حاول أن يصرخ ليبدد بعضاً مما يجتاحه من ألم , ونظر إلي سيسري و إيرما فوجد أن وجوههم وقد تغيرت وأصبحت عجيبة الشكل بفعل السرعة , ومع ذلك لم يجد أي بادرة منهم بأنهم سوف يصرخون , لذلك قرر أن يتحمل آلامه و في قرارة نفسه أيقن أن هذا ليس بالانتقال الآني الذي سمع به , الإضافة إلي أنه لن ينتقل آنياً مرة أخري مع هذه الفتاة !
انقطع الألم بغتة , سقط على ركبتيه غير مصدقاً وجد أن ملابسه قد تمزقت و أنه قد أصيب بجروح طفيفة عن موضع الركبتين أثناء انكبابه علي الأرض .
التفت إليه إيرما وسألته : هل أصبت ؟
ضحك مافريك في عصبية وقال : بربك ..ماذا ترين ؟ يا ألهي لم أكن أظن أن الانتقال الآني بهذا السوء .
لوت إيرما وجهها وعضت شفتها السفلي في غير اقتناع وقالت في إباء : في الواقع هذا هو المستوي الأول من الانتقال الآني .
كان سيسري منزعجاً من حديثهم و همس : ششش .. أصمتوا بالله عليكم .
كانوا يقفوا بالقرب من مدخل الكهف الذي يؤدي ملاذ العمالقة , انتشرت صخور صغيرة رمادية وسوداء من إمامهم و رصت بطريقة بدائية علي الطريق المؤدي إلي المدخل , بينما كانت هناك بوابة عظيمة مدفون نصفها تحت الأرض الصخرية و كستها طبقات من الأعشاب الميتة , وبالرغم من ذلك بدت عليها أمارات بوابة عظيمة ..لامعة ..مشرقة ذات يوماً من الأيام الغابرة .
دمعت عينا سيسري في تأثر وهمس : بوابة بوميدا العريقة .
سأله مافريك بصوت أقرب إلي الهمس :ماذا ؟
رد سيسري وعلامات التأثر لم تفارق وجهه : أنها إرثنا ..إرث يعود لأجداد عشيرتي و الآن ها هي ملقاة بإهمال وفقدت رونقها و زهوها بسبب أولئك الأوغاد المعتدين .. بالتأكيد ستحل عليهم لعنة أجدادي لأنهم فعلوا ذلك بالبوابة العظيمة .
بدأ جسده يهتز في شدة من الغضب وبدا أنه على وشك البكاء ,في حين همست إيرما في حزم : توقف .. لا تفعل ذلك , سوف تلفت أنظارهم إلينا وبالتالي لن نستطيع إنقاذ أولادك ..فلتتماسك .
أندهش مافريك مما سمعه , واعتقد أن تلك الفتاة لابد وأنها تملك قدرة غير عادية على التماسك والتأثير في الآخرين .
حدق سيسري في إيرما لبرهة , ثم مسح مخاطه وأخذ شهيق كبير ليعيد النظام لعملية التنفس من جديد وقال : ما هي خططك إذن ؟ .
فجأة أشار مافريك لهم بأن يصمتوا وقال بصوت يكاد يسمع : أنصتوا جيداً ..يهيأ لي أنني أسمع أصوات عراك مكتومة في الداخل .
أرهفوا السمع وسمعوا صوت جلبة مكتوم بالداخل , ولكنها أخذت تعلو في بطء حتى أصبحت واضحة تماماً .
تبادل الثلاثة نظرة طويلة قلقة , وهمس مافريك في حذر : فلنختفي خلف تلك الصخرة ريثما يتضح لنا الأمر .
زاغت عينا سيسري قليلاً وجف حلقه تماماً وبدا متوتراً وأرتجف جسده كورقة خريف صفراء .
فلم يجد مافريك سواء أن يمسك به ويقوده إلي خلف الصخرة حيث تنتظرهم إيرما والتي همست عندما أقبلوا عليها : حسناً .. هذه الجلبة وتلك الأصوات غير مطمئنة على الإطلاق , سأتسلل إلي هناك و استطلع الأمر .
حدجها مافريك بنظرة لوم واضحة , ولكنها لم تعبئ بها وتابعت في إصرار : سوف أذهب , أنت لا تريدنا أن نتوارى عن أنظارهم هنا , بينما هم لديهم رهائن قد يفعلوا بهم أي شيء سيء في وقتما شاءوا .
زفر مافريك زفرة حارة وقال في ضيق : أنا لن أتركك تذهبين من الأساس , سأذهب أن بدلاً منك , بينما أنت تنتظري هنا برفقة هذا القزم حتى أعود .
لم تجد إيرما شيء لتقوله لذا صمتت لبرهة ونظرت ناحيته في تردد وقالت : حسناً .
بعدها خرج سيسري من وراء الصخرة وتسلل في بطء ناحية الكهف , وكلما تقدم قدماً كلما كانت الأصوات ترتفع وتزداد في شدة وتبدو فوضوية أكثر مما كان يعتقد .
تجاوز مافريك بوابة بوميدا ولم يتبق إمامه غير أمتار معدودة تفصله عن مدخل الكهف قطعها في سرعة دون أن يصدر عنه أدني صوت , ثم تسلل إلي جوف الكهف في ظل إضاءة الغروب .
تسلل في حذر حتى لا يلمحه أحد , كانت الأرض منبسطة و كانت هناك شقوق كثيرة تجري عبر سقف الكهف كما أمتلئ بأضواء لامعة كثيفة منتشرة في أنحاء الكهف , ولحسن حظه لم يكن هناك أحد العمالقة ينتظره عند المدخل, ولكنه استطاع أن يدقق السمع ليدرك أن الأصوات قادمة من الممر الأخير في الناحية اليمني من الكهف , كانت أصوات مزمجرة ووحشية جعلت من أوصاله ترتبك عدة مرات في كيفية عملها الصحيحة .
أخذ مافريك نفساً عميقاً ليهدأ من نفسه وبعدها قرر أن يخوض ويتوغل أكثر إلي الداخل .
توجه ناحية الممر الذي تأتي منه الأصوات بأرجل وجلة , أخذ يتحرك في بطء وحذر , كان قلبه ينبض بالخوف الطبيعي من هذه المخلوقات , فهو لم يسمع عنها كثيراً , وما سمعه لم يرق له على الإطلاق .
قطع اثنين وعشرين متراً وعندها أختفي الضوء الطبيعي القادم من الخارج ليضيء طريقه , وامتدت ظلال مشاعل قادمة من الداخل لتربض بالقرب منه , كانت تتمدد وتتقلص بطريقة أثارت أعصاب مافريك , وفجأة شمع صوت ارتجاج عال قادم من الداخل كاد يحطم النفق ولحسن حظ مافريك صمد النفق كما كان حاله طوال القرون الفائتة . حافظ مافريك على توازنه بصعوبة جراء هذا الارتجاج وقدر أن أحدهم قد اصطدم بالجدار الذي يطل منه الممر عليهم , انتابه القليل من الفزع وفكر في أن يعود أدراجه ولكنه فكر أيضاً كم سيكون ذلك مخزياً لرفاقه , لذا استجمع قواه وتابع توغله أكثر وأكثر وبخطوات مكتومة دبيبها وصل إلي الفتحة التي تطل على عائلة العمالقة .
أطل برأسه في حذر ليري ما يحدث , وعندها وجد أسرة العمالقة .. ثلاثة ذكور و اثنتان من الإناث , ألتف ثلاث منهم في دائرة متباعدة حول اثنين يتعاركان في عنف , كان أحدهم ملقى في أخر الكهف والدماء تسيل منه .
خمن مافريك أنه هو مصدر الضجة التي سمعها منذ قليل .
وقف العملاق الجريح على قدميه في صعوبة , كان أطول من خصمه ومع ذلك فأن خصمه لا يبدو عليه الخوف من فارق الطول , فتساءل مافريك في نفسه عن سر قتالهم !
ضحك الأب في سخرية وقال : يبدو أنك كنت تستعد لهذا من زمن يا جميديل .
رد عليه جميديل في قسوة : بلي يا أبي .. كنت أتشوق لهذا اليوم .. اليوم الذي ستركع فيه لي .
قهقه الوالد العملاق وقال : أه صحيح ... ثم بتر حديثه وفجأة اختفي من الكهف نهائياً , فتوترت أعصاب الجميع بما فيهم مافريك الذي أعتقد أن أمره قد كشف , ولكنه أطلق تنهيدة ارتياح عندما ظهر الأب العملاق من جديد أمام جميديل ويكيل له لكمة عظيمة عند موضع قلبه , فصدر صوت فرقعة و أرتد جسد جميديل إلي الخلف لسبعة أمتار وسقط علي أرضية الكهف التي انهارت من أسفله لبضعة آنشات وتدفقت الدماء منه بغزارة هذه المرة وأخذ يلتقط أنفاسه في صعوبة .
تحدث الأب العملاق متابعاً حديثه : أه صحيح ولكن مازال ينقصك العقل والقوة لتزيحني من الطريق يا بني .
ثم ابتسم في ظفر , في حين التفت بقية الأسرة حول الوالد العملاق والذي تحدث إليهم في نبرة آمرة : تأهبوا ..المراسم ستبدأ بعد قليل .
ثم صمت فجأة وزمجر في عنف وأطلق صيحة هزت الجميع : أنني أشم رائحة لحم جديد .. فلتذهبي وتتأكدي من ذلك يا فيرنديلا .
أومأت فيرنديلا برأسها وقالت في فرح : سأتأكد من ذلك بكل أخلاص يا والدي .
تسمر مافريك في مكانه وهو يرقب فيرنديلا وهي تتقدم ناحيته , ولكنه سريعاً ما تخلص من ذلك وأخذ يجري بأقصى ما يمكنه و دون أن يصدر عنه أية أصوات و إلا لمحته تلك العملاقة .
جري إلي الخارج حيث قابله الظلام والسواد وخرج إلي ساحة الكهف الرئيسي , وفكر أنه لو أكمل إلي الخارج بالتأكيد سوف تلاحظه العملاقة لذلك قرر أن يخوض في الممر الذي على يساره وأخذ يقطعه في سرعة دون أن يعبأ بفكرة أن ركضه قد يسمع , ولما وصل إلي نهاية الممر تعثر وسقط على أقدامه , وازدادت صوت خطوات العملاقة تقترب منه , فوثب من مكانه على الفور وتفحصت عيناه المكان في سرعة , وعندها لاحظ أطفال سيسري نائمين ومكبلين بالأصفاد ومعلقين في الهواء , وشخصان آخران أحدهم ذكر و الأخرى أنثي لم يكن حظهم أكثر من حظ أطفال سيسري , وبسرعة وجد كوم من الحبال العملاقة البالية فدس نفسه ورائها وكتم أنفاسه
وهو يراقب المدخل .
وخلال ثواني قليلة وصلت العملاقة فيرنديلا إلي فتحة الممر وأخذت عيناها تتجول في أنحاء المكان ولكنها لم تعثر على شيء وقالت في إزعاج : كنت أحسب أنني سمعت بعض الأصوات .. يا لها من قوارض فجة
ثم نظرت إلي المعلقين في الهواء وتمتمت وعيناها تلتمعان : ويا لرائحتهم النفاذة الشهية ..هع ..من الرائع أن مائدتنا ستحتفي بهم عند اختفاء أخر ضوء للنهار .
برقت عيناها فجأة ثم تابعت قولها : ما أجمل منظركم !!
ثم عادت إلي الخارج وهم تدندن بأغنية ما , بينما مكث مافريك في موضعه لفترة ليتأكد من عدم عودتها .
وأخيراً خرج من مكانه وبدأ يحرر أطفال سيسري والشخصين الغريبين من قيودهم في بطء وحذر .
****

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:11
مضت عدة دقائق وهو يحررهم تكاثفت فيها حبيبات العرق على جبينه وغرق في عرقه كما اتسخت يديه من الحبال البالية , حرر الأقزام الصغار أولاُ و وضعهم على الأرض في حرص ثم الولد والفتاة الآخرين .
ولم أنتهي من ذلك تنفس الصعداء ثم حاول أن يوقظهم ولكن دون جدوى , لا يستيقظ أحد على الإطلاق , كانوا مخدرين تماماً . أنزعج مافريك من هذا الموقف فكلهم فاقدي الوعي ولن يستطع إنقاذهم جميعاً الآن فحاول أن يجد حلاً ما وخاصة بأن الأمور ستزداد تعقيداً لو بدر عنه أي صوت أخر فهؤلاء العمالقة خطرين بدرجة لم يتوقعها كما أنه من المتوقع أن لا يمر وقتاً طويلاً حتى يأتي أحدهم ليحمل هؤلاء الرهائن لتلك المأدبة المزمع إقامتها .
قرر أن يحمل اثنين من أطفال سيسري وهو مقدار ما يستطيع حمله وفكر في أنه سيعود برفقة إيرما لينقذ البقية قبل وصول العمالقة . خرج عائداً من النفق إلي البهو الكبير ومنه إلي المخرج , كان يتحرك بصعوبة تحت الحمل الثقيل , لمح رأسا سيسري و إيرما يطلان من خلف الصخرة حيث يختبئان كما لاحظ في عيونهم نظرات فرح وسعادة , ولكن لبرهة ظن أنه يراها عكس ذلك ..وجلة وهلعة , لوهلة أحس بالقلق عندما أدرك أن حدسه صحيح و أن إيرما وسيسري لم تعد على وجوههم أي نظرة فرح أبداً .
فجأة تلقي ضربة من خلف ظهره بعثت آلام الدنيا بأكملها في جسده فطار إلي الأمام لمسافة أربعة أمتار وسقط على الأرض من إمام إيرما وسيسري وكذلك القزمين الصغيرين , أحس بطعم دمه المالح في فمه بجانب الألم ووجد أن الطفلين قد استيقظا وعلى وجهيهما العبوس وسريعاً ما تحول العبوس إلي خوف ورعب بعد لأن أدركت عيونهم ا يجري من إمامهم , أما عن مافريك فلم يقوي على الحركة ليري سر هذا التحول ولكنه رأي إيرما وسيسري يركضان بناحيته و ضم سيسري ولديه إلي صدره بينما حاولت إيرما قدر الإمكان أن تتمالك أعصابها .
عند مدخل الكهف وقفت عائلة العمالة بأكملها تنظر ناحية مافريك والبقية في اشتهاء , وكانت تلك العملاقة المدعوة "فيرنديلا" تبعدهم بمسافة قصيرة عند الموضع الذي تلقي فيه مافريك تلك الضربة المؤلمة .
قهقهت "فيرنديلا" بصوت صاخب وقالت : أتحسبني لا أميز بين روائح البق والقوارض وبين اللحم الشهي , أم تحسبني خدعت برائحتك و اعتقدت أنها تخص الآخرين , بالطبع لا فمخدر العمالة لا يختزن روائحهم إلي ساعة الشي .. ولكن ما أره هو أنك ساذج بدرجة مرعبة .
زجرها والدها وسط دهشة رفاقنا : اصمتِ يا "فيرنديلا" , لا تثرثري كثيراً .. ومن هذا الأحمق الذي فكر في سرقة طعامنا !!
ثم وقعت عيناه على "سيسري" فأرتجف الأخير من تلك النظرة الباردة وزاد من ضم ولديه إليه .
وجدت إيرما في نفسها الجرأة لترد على العملاق المخيف : أنت يا هذا .. لا تحسبنا طعاماً لك .. فما أنت إلا من سلالة مقيتة .
لم يصدق أحد ما سمعه سواء من العمالقة أو الرفاق , أما عن العمالقة فقد أصابهم مس من الجنون وبدت عيونهم تلمع في غضب وسخط , وأما بالنسبة لمجموعتنا الصغيرة من الأقزام فقد شعروا بالرعب أكثر من ذي قبل .. فها هي إيرما تحاول إثارة غضب العمالقة المحلقين بينما "مافريك" لم يكن قادراً على الحديث ولكن قسمات وجهه لم تختلف عن قسمات وجه " سيسري" وبخاصة بعد إصابته هذه .
زمجر العملاق الأب في غضب وحشي : أنتِ أيتها الحقيرة ..كيف تجرؤِ على نعتنا بالسلالة المقيتة ..سوف تندمين على قولك هذا حينما ترين القوي الحقيقية لجنس العمالقة المحلقة س..
قاطعته إيرما دون أن يبدو على وجهها أي اهتمام بينما هواجسها الداخلية تحاول معارضته بكل قوة ممكنة : غبي .. لا يوجد سواء سلالة واحدة جيدة من العماليق والباقي دونها حثالة .
ألقت إيرما عبارتها كالمصيبة في وجه الجميع فتفجرت عروق العمالقة واشتدت تجاعيد وجوههم وانتفضت عضلاتهم العظيمة و ركزت عقولهم على فكرة واحدة هي القتل !
حاول "سيسري" الهروب من الواقع الذي يجري حوله بأن يغمض عينيه ويزيد من إحكامه على طفليه .
وتمتم مافريك وهو ملقي على الأرض : اللعنة .
كذلك اندهشت إيرما من جرأتها هذه التي لم تعهدها في نفسه من قبل بهذه القوة وتساءلت في نفسها تري من أين استمدت قوتها العجيبة هذه ..أيعقل لأنها أقسمت على حماية أطفال "سيسري"و إنقاذهم بالرغم من أنها لم تقابله إلا من بضعة ساعات .
شددت إيرما على قبضتها في انتظار هجوم العمالقة المحلقة المؤكد فهذا هو المتوقع بعد أن دفعتهم من الحافة ليسقطوا جم غضبهم عليهم الآن .
كشف العمالقة عن أسنانهم الضخمة كالبراميل المثقوبة وسال لعابهم بصورة مقززة .
قال الأب العملاق في لهجة آمرة لعائلته : دعوني أتول أمر هؤلاء الحثالة بنفسي ..فلا يتدخل أحد منكم و إلا قتلته ..مفهوم ؟؟ . ثم طار بسرعة إلي قمة الجبل التي اكتنفتها الظلمة في هذه اللحظات وبعد فترة صمت طويلة ارتفعت أصوات تحطيم وتفجير , وفجأة سقط من الأعلى مئات الصخور مستهدفة الأقزام و "مافريك" و" إيرما" .
كان ينبغي عليهم التحرك من مواضعهم في سرعة و إلا دكتهم الحجارة دكاً ولكن حتى لو كان هناك وقت بالفعل فلن يتحركوا بالسرعة الكافية لأن مافريك مصاب بإصابات بالغة لن تمكنه من الحركة , ولأن المفاجأة قد شلت تفكير القزم " سيسري" فقد كان عديم الجدوى , لذلك كان على "إيرما" أن تتصرف بسرعة وتجد حل قبل أن تقتلهم الصخور في أقل من ثانية .
أخذت تفكر هل في مقدورها ردع هذا الهجوم ؟! , فهي لو كانت تعلم ماهية حقيقة هالتها البنفسجية لعرفت أي تعويذة دفاعية تستخدم من التعاويذ الدفاعية التي يمتاز بها أصحاب الهالة الحمراء , كانت إيرما متوترة جداً فالآن مصائر الجميع بين يديها لذا حركت أصابع يديها اليمني الخمس وضمتها إلي بعضها البعض وأغمضت عينيها , وفي نفس اللحظة خرجت خيوط بنفسجية اللون تنساب من بين أصابع كفها اليمني المنقبضة في حين جعلت يديها اليسرى تجمع هذا الدفق المنساب وأطلقته في اللحظة المناسبة ليكون درع ضوئي على هيئة مستطيل تلقي صدمات عنيفة من الصخور ولكن ظل الدرع صامداً رغم اندفاع تلك الصخور .
تنفست إيرما الصعداء وكذلك الجميع فهم الآن محميين بداخل هذا الدرع , وعلى النقيض تماماً فقد ثار العمالقة المحلقة وأخذوا يطرقون الأرض بأقدامهم لتهتز في عنف ويتناثر الغبار بينما تابع الأب العملاق إلقاء صخور أكبر حجماً هذه المرة ومع ذلك فقد ظل الدرع قاسياً غير قابل للانكسار .
أدركت "إيرما" أن الدرع لن يصمد طويلاً تحت ذلك الهجوم المتواصل فشعرت بالقلق واحتارت فيما بين أمرين .. هل تستخدم طاقة هالتها المتبقية في علاج "مافريك" لعله يساعدها أم تستخدمها في تدعيم الدرع ؟!.
ولما وجدت إن " مافريك " قد فقد الوعي و أن جدران الدرع الضوئي بدأت في التراخي و انتشرت فيها الشقوق في عدة مواضع فقد حزمت أمرها وقررت أن تدعم دفاعاتها و صاحت في عند : لن تنالوا منا بهذه السهولة .
ولكم تمنت أن يكون حديثها صحيحاً .
ثم رفعت راحة يدها اليمني وبسطتها وبدت كرة ضوئية صفراء تنبثق بداخلها وبدأ يزداد حجمها وهي تشع بالأضواء في ألق واضح , ولما أصبحت في حجم كرة التنس قامت "إيرما" بإلقاء الكرة الضوئية لتصطدم بالسطح الداخلي للدرع الضوئي لتلتصق به ثم مرت موجة ضوئية لامعة ومشرقة عبر الدرع بأكمله جعلت الشقوق تلتئم من جديد كما ازدادت مساحة الدرع أيضاً , وقد لاحظ العمالقة المحلقة أن الدرع قد أصبح قاسياً وصلداً أكثر من ذي قبل وفي نفس الوقت لين لدرجة جعلت من الأحجار الثقيلة الموجودة على سطحها تدحرج لتسقط على الأرض وتتابع تدحرجها لتسقط مع مياه الشلال بالأسفل لتحدث دوياً عظيماً أثناء اصطدامها بصفحة مياه البركة في الأسفل .
وجد العملاق الأب أن هذا الهجوم لم يعد له أي نفع فقام بالهبوط طائراً من أعلي إلي أسفل باتجاه الدرع الضوئي ليقف في مواجهة "إيرما" و "سيسري" والطفلين يبادلهم بنظرات قاتلة وتنبعث منها كراهية شديدة وكشف عن صفي أسنانه المقززة .. طالت وقفته كثيراً و تحديقه فيهم فلم يتحمل "سيسري" أكثر من ذلك فبدأ يصخ ويستغيث لـلا أحد وكذلك فعل ابنيه .
نادى العملاق الأب على أفراد عائلته فطاروا محلقين ليقتربوا منه وتبادلوا نظرات ذات مغزى ثم فجأة قفز كل واحد منهم إلي ناحية مختلفة من نواحي الدرع الضوئي وبدأوا جميعاً في نفس الوقت يكيلون اللكمات للدرع الضوئي بقبضاتهم العارية تارة وبفئوسهم تارة أخري , عند هذا الحد انهارت أعصاب "سيسري" وأخذ يصرخ كمن لم يصرخ من قبل حتى أن "إيرما" قامت بوضع كلتا يديها على أذنيها من شدة الصوت ولم يكن يعجبها ما يفعله "سيسري" على الإطلاق وفي نفس الوقت تمنت لو أن هناك من يسمعهم ويأتي لينقذهم .
تحت وطأة الطرق الشديد من قبل أفراد العمالقة المحلقة باستخدام الفئوس بدأ الحاجز الضوئي يتراخى فعلياً وبدأ في التصدع في مواضع كثيرة وبدا عليه أنه لن يتحمل أكثر من ذلك وسوف ينهار في أي لحظة .
توترت إيرما ولم تعد قادرة على التفكير أو التصرف فقوتها قد ضعفت فهي لم تستهلك هذا القدر من قواها من قبل وغمرت حبيبات العرق وجهها بينما أحمر وجه سيسري وتكاثف الكثير من العرق على جبهته وجف حلقه فلم يعد قادراً علي الصراخ بقوة كالسابق , بينما سقط ولديه علي الأرض من شدة الهلع و وضعوا أيديهم فوق رأسيهما كالنعام وارتجفت أجسادهم كورق الخريف , أما العمالقة المحلقة فكانوا يتابعون عملهم في همة ونشاط وعيونهم تدور بجنون وتابعت فئوسهم تهشيم وتكسير الدرع الضوئي بالرغم من الألم الذي يصيبهم مع كل محاولة لاقتحام الدرع وبالرغم من أن معظم أياديهم قد أدميت ألا أنهم قد استمروا لأنه لم يبق غير القليل لالتهام العشاء مما دل علي أنهم مخلوقات حيوانية أكثر من كونهم جنس همجي !!
ولكن فجأة ارتفع صوت أخر غير صوت التحطيم والتكسير ..صوتان آخران قويان :
- ليكم امريدن
- انيرا كونجلتم
كانت هذه هي المساعدة التي كانت "إيرما " والأقزام الثلاثة في انتظارها عن طريق كلاً من الأميرة "هيناتا" و "ثائر" فقد أطلقا تعويذتان عظيمتان كانت التعويذتان تحيط كل منهما الأخرى , كانت الأولي عبارة عن ريح عظيمة على هيئة أسد والثانية كرة نارية عظيمة على هيئة عنقاء في آية الجمال فزاد الأسد الريحي من قوة العنقاء النارية لتصبح أعظم وأعظم بكثير عن ذي قبل و اتجهت ناحية العمالقة المحلقة الذين صعقوا من تلك المفاجأة وتسمروا في أماكنهم فأتت الريح والنار علي كل فرد منهم لتقتله علي الفور وتذهب إلي الذي يليه فأخذوا يتساقطون صرعى ومع سقوط أخر عملاق تهاوي الدرع الضوئي وسقطت إيرما على الأرض بجوار مافريك وكذلك فعل سيسري .
التقطت "إيرما" أنفاسها فهي لم تصدق بعد أنها قد نجت ثم بدأت تعب الهواء عباً ليندفع إلي رئتيها في عنفوان وتطرده في زفير كبير وأخذ صدرها يعلو ويهبط مع هذه العملية و خفق قلبها في حماسة وفرحة بالنجاة , ثم نظرت إلي منقذيها .. كانا فتي وفتاة !
مدت"هيناتا" يديها مبتسمة ل"إيرما" وقالت : مرحباَ .. أنا هيناتا
وكذلك فعل ثائر فمد يده إلي "إيرما" وقال وهو مرتبك : مرحباً .. أتمني أننا قد وصلنا في الوقت المناسب .
ولكن لكزته هيناتا في خفة فأضطرب قليلاً وتمتم : عفواً أنا ثائر .
لم يكن ثائر على طبيعته قط فهو دوماً بارد ,غير مبال , غامض .. أما الآن فهو ليس في عادته وقد لاحظت الأميرة "هيناتا" ذلك فقالت مشاكسة : عجباً ..لم أراك قط على هذه الحالة من قبل .
أيقن "ثائر" بالفعل أنه ليس كذلك وشعر بوجود فخ في حديث الأميرة "هيناتا" ولحسن حظه صدر عن "مافريك" آهة ألم فتحرك مسرعاً ناحيته بعيداً عن "إيرما" و "هيناتا" , قام يتفقد "مافريك" بينما كان "سيسري" يحتضن ابنيه في حب وراحة من زوال الخطر .

دايسكي هيتاشي
14-02-2011, 19:20
كانت جثث العمالقة المحلقة مترامية في كل الجهات وقد اسودت تماماً و عبق الجو رائحة اللحم المحترق ..رائحة غليظة وغير محببة للنفس .
طرقت "إيرما" بإصبعيها الإبهام والسبابة في ضعف ووهن فصدر خيط رفيع وردي اللون أحاط بجميع الجثث وغطت كل جثة بلون وردية كانت تصدر عنها روائح محببة للنفس ورد وفل وياسمين وفراولة فعبق الجو برائحة طيبة علي إثرها استرد مافريك وعيه وجال بنظره فيمن حوله ولكنه لم يكن قادراً على الحركة إذ أن ظهره كان شبه محطم فأحاط الجميع به في دائرة .
قال ثائر وهو يفحصه : لا تتحرك .. جسدك معظمه محطم .
شعرت الأميرة "هيناتا" بالألم ناحيته وكادت تبكي وهي تقول : ألا تستطيع معالجته يا ثائر ؟
هز "ثائر" رأسه في أسف وقال : للأسف فأن معظم تعاويذي بعيدة عن مجال المعالجة قد أكون على علم بتعويذتين أو ثلاث ولكنها لن تنفعنا في الوقت الحالي .
أما عن "سيسري" وقد رأي فداحة إصابة "مافريك" فقد انهار في البكاء من جديد وقال من بين دموعه ومخاطه : أسف أيها الفتي الكريم ..أه لو كنت أعلم .. لما طلبت منكم ذلك .
ابتسم "مافريك" وقال بصوت مهزوز : لا تقل هذا , أنت كان عليك إنقاذ صغارك , ثم أنك لم تطلب مساعدتي فأنا الذي جئت بملء إرادتي .
ثم توقف عن الحديث وبصق الدم وحاول متابعة الحديث من جديد ولكنه لم يقدر على ذلك فقد صار وهن وضعيف .
قالت إيرما في حزم : لا تتحدث ..أنا سأعاجلك .. لا تنسي أنني نيلبوية !!
أندهش كلاً من هيناتا وثائر من حقيقة "إيرما" ولكنهما لم يتحدثا أو يتبادلا كلمة وبدلاً من ذلك قاما بمتابعة "إيرما" في صمت .
كانت "إيرما" لا تدري حقيقة كيف ستعالج "مافريك" ولكنها كانت واثقة من أنها قادرة على معالجته فهي في الأول والأخر فرداً من النيلبو وظهر علي سطح عقلها حديث والداتها ( أن أفراد النيلبو في الأساس وهبوا طاقتهم للعلاج والتقنيات العلاجية تتواجد لدي جميع أفراد النيلبو مهما أختلف لون هالتهم ) .
من هذا المنطلق أيقنت "إيرما" في أعماقها أن هالتها البنفسجية الغريبة لن تختلف عن بقية الهالات !
بطريقة تلقائية فردت يديها اليمني في الهواء فأرتفع جسد "مافريك" بضعة آنشات في الهواء ثم ظهرت علبة صغيرة ذهبية اللون شفافة من الضوء .. مسكتاها "إيرما" بقبضتها ثم فتحتها فخرج منها سرب من الفراشات الحمراء والصفراء والبيضاء والذهبية اللون وطارت وحلقت بالقرب من جسد "مافريك" في دوائر وظهر مجال ضوئي من حول "مافريك" ثم اتجهت الفراشات إلي جسد "مافريك" لتغطيه كاملاً ثم بدأت تذوب عبر مسامه في بطء ولكما اختفت أحد الفراشات أسترد "مافريك" جزء من صحته وحيويته ولما اختفت أخر الفراشات عبر مسامه شعر بحيوية وصحة عظيمة تنتاب جسده .
فقام واعتدل في جلسته على الأرض وسأل "إيرما" في فضول : أنني أشعر كما لو لم أصاب .. ماذا فعلت ؟
هزت "إيرما" كتفيها وردت في خجل : لا شيء . ثم أطرقت برأسها وتابعت في القليل من التردد : لا أدري .. أحسست أنه ينبغي علي القيام بذلك .
قال "ثائر" في شك : ولكنـ .. ولكنك من النيلبو !
رد "إيرما" في بساطة : وماذا في ذلك ؟
أجاب ثائر : أنني لم أري تعويذة بهذه القوة من قبل .. كنت أحسب أنك سوف تعالجيه وبعدها يستريح لمدة يومين أو ثلاثة علي الأقل . ولكن أن يشفي بهذه الصورة فهذا بمثابة شيء غريب وبخاصة عندما قلت أنك لا تدرين ماذا فعلت !.
شعرت "إيرما" بالحزن قليلاً وقالت : آسفة .. لا أدري حقاً أنني كنت سأزعجك بما فعلت .
رد "ثائر" سريعا : أنا لم أقصد ولكنني فقط كنت سـ...
فجأة قاطعه "سيسري" ذلك الحديث وقال في قلق : ألا ينبغي علينا إنقاذ ابني الأخر الآن !.

****
نهاية الفصل

أظن كده عوضت غيابي الفائت "^^

أريج الروح
18-02-2011, 03:08
مرحباااااااااااااااا دايسكى

باعرف انى اتاخرت بالرد على البارتات الفاتت .

اتوقع انو البارت القادم يحكى عن دايسكي والباقى المنبوذين انهم تجمعوا

انا باستنى وان شاء الله يكون جيد

يلا سلام دايسكي والى الامام دائما

سلام

talean
25-02-2011, 16:54
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية اهنئك يا اخي المبدع على هذا الخيال الخصب والنسج القصصي الرائع
في كل مرة احاول ان اكتب ردا لا اعلم ماذا اقول فمهما قلت لن يفي ابداعك حقه
استمر يا اخي في نسج عوالمك الرائعة وشخصياتك المتميزة وقدراتهم العجيبة
اتمنى لك التقدم والتطور وان تكون من الكتاب المرموقين والمتميزين
وفقك الله

أريج الروح
17-03-2011, 16:59
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

دايسكي والله انك تاخرت بدي البارت بسرعة ؟؟؟؟؟؟

انا انتظر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أريج الروح
08-04-2011, 13:19
دايسكى والله انك طولت كثير كثير خيو متى البارت الجديد

انا بانتظر خيو

دايسكي هيتاشي
05-01-2012, 17:13
عودة من جديد و ربما بعد اختفاء طويل جدًا، وشنيع.
أدرك جيدًا أنني كاتب و كائن كسول، ولن توجد أي أعذار لدي.
و لكنني كنت متوقف منذ أكثر من عام تقريبًا عن كتابة كلمة جديدة في هذه السلسلة بعد إنهائي للجزء الأول منها.
و يبقي فقط كتابته على الورد.
لذلك سأحاول مجددًا العودة، و أتمني أن تغفروا لي.
،،
سأنشر فصل كل أسبوع خلال الشهر الحالي، وهي الفصول الجاهزة لدي، وبعد أن انهي امتحاناتي سأحاول المتابعة.
و ربنا يعيني :)

دايسكي هيتاشي
05-01-2012, 17:19
الفصل التاسع عشر : صراخ التنين ياكودا



نظر كلاً من ثائر و هيناتا للبقية وقالا في استفسار : أمازال هناك فرداً أخر ؟
تدخل مافريك وقال وهو يحاول النهوض : بلي .. بالإضافة إلي القزم الثالث هناك فتي وفتاة فاقدي الوعي بالداخل , أظن أنه من الأفضل الدخول وإنقاذهم الآن .
قالت الأميرة "هيناتا" في قلق : إذاً هلم بنا بسرعة إلي الداخل .
رد مافريك بلهجة مطمئنة : ليس هناك خطر عليهم بالداخل الآن وبخاصة وبعد أن تمت إبادة العمالقة المحلقة .. جل ما يمكن القلق بشأنه الآن هو الظلام فأنا لا أكاد أبصركم جيداً .
قال "ثائر" في حزم : لا أظن أن النار ستكون فكرة جيدة الآن فلربما تكشف عن موقعنا .
صدرت ضحكة عن سيسري ولكنه وجد نفسه في مأزق عندما حدق فيه الجميع بنظرات مؤنبة فأستدرك قائلاً : أسف ..لم أقصد السخرية قط ولكن لو قيمت الوضع جيداً لوجدت أنه لا يوجد خطر أعظم في المنطقة أكثر من خطر العمالقة المحلقة وبالتالي ستجد أن الكل يهاب القدوم إلي هنا .. لذا فلا بأس لو رافقتنا شعلة أو اثنتين من النار تبعث الدفء والضوء في تلك الليلة الباردة .
كانت حجة "سيسري" قوية لذلك لم تصدر معارضة أخرى عن "ثائر" وإن كان هناك بعض الشك مازال يساوره ولكن بعد أن وافق الجميع قام بهز رأسه في لا مبالاة وابتعد عن المجموعة لمسافة مترين ثم قال : حسناً دعوا أمر النار لي .
قام "ثائر" بإخراج عصاه السحرية من جديد وتمتم بتعويذة : ايكو ترازايا . فانبثقت دفقة حمراء اللون من مقدمة العصا وظهر في الفراغ ثلاثة مشاعل ضوئية تتقافز نيران هادئة منها , أمسك ثائر بواحدة منها ومرر الثانية ل"مافريك" و الثالثة ل" إيرما" , وقد تولي "ثائر" إضاءة الطريق للأميرة "هيناتا" و قام كلاً من "مافريك" و "إيرما" بإنارة الطريق لأقزام الثلاثة .
تولي "مافريك" قيادة المجموعة إلي داخل جبال "إيرياس" , كان يشعر بالزهو وهو في يقودهم لأجل إنقاذ المختطفين بالداخل وذلك لأنه يري أنها أول مرة يكون فيها مفيداّ وذا نفع للغير ليس كحياته السابقة التي كان مطارداً ومنبوذاً فيها ولم يسبب سواء الألم والأذى لكل من يعرفه فماضيه حزين وكئيب وأخر ما تركه هو رؤية نحيب عمه على موته الزائف ولكنه مازال حياً الآن ..لذا عليه أن يعود إلي عمه مرة أخري ويزيل عنه الألم .
شعر أيضاً بأن عملية الإنقاذ هذه قد تكون الخطوة الأولي في بداية طريق عودته إلي عمه لذا ملئ صدره بالأمل والبهجة وبدأ يدندن وهو يقود المجموعة .
أسرعت "إيرما" من خطواتها لتلحق ب"مافريك " ووجدت أن الأقزام يهرولون من خلفه حتى لا يخرجوا عن دائرة الضوء ولكنها لم تشعر بالسوء وحاولت سؤال "مافريك " عن سر دندنته , بينما أكتفي " ثائر " بالمراقبة فقط ودون أن يبدو عليه أي علامة اهتمام ولكن بطريقة ما .. ما أن أقحمت "إيرما" نفسها في مجال رؤيته حتى وجد قلبه يهتز فجأة في موضعه فتعجب من هذا الأمر كثيراً و أخذ يتساءل عن السبب , في حين تابعت الأميرة "هيناتا" سيرها خلف " ثائر" وهي شاردة الذهن .
وبعد إلحاح شديد من " إيرما" لمعرفة سر تلك الدندنة انفجر " مافريك" فرحاً وقال : أليس من حقي أن ابتهج بهد نجاتنا من أولئك العمالقة المحلقين الأشرار .. وأن أرقص ..أن أغني ..أن أقفز في فرحة وبهجة .
ثم نظر إلي "سيسري" وطفليه وحدثهم : وماذا عن أقزام آل تريفل .. أنني أري العبوس على وجوههم بالرغم من
أنهم تخلصوا من عدوهم اللدود وعادت جبال "إيرياس" من جديد لهم .
عقبت "إيرما" مشاكسة : حسناً .. فعلاً كل هذه الأسباب صحيحة ولكن من فضلك أغلق فمك فصوته أسوأ من مذياع قديم .
أحمرت أذني "مافريك" وخرجت الضحكات من الجميع فغطتهم هالة من السعادة المرح في طريقهم إلي الداخل لإنقاذ القزم الثالث والفتي والفتاة .
عندما مروا ببوابة " بوميدا العظيمة " توقف "سيسري" عن الحركة وكذلك أطفاله فتابعتهم عيون " مافريك" و "إيرما" في صمت ولكن لأن "ثائر" و الأميرة " هيناتا " لا يعلموا بأمرها فقد اندهشوا في البدء ولكنهم صمتوا احتراماً لصمتهم دون السؤال عن السبب .
قال "سيسري" لولديه في نبرة فخر : هذه هي بوابة "بوميدا" العتيقة . ثم تابع في ابتسامة واسعة : الليلة سوف نعيدها إلي موضعها الأصلي .
اتسعت عيون الطفلين في إثارة لرؤيتهم لبوابة " بوميدا" , وبعد أن استأنفوا طريقهم مرة أخري همست "إيرما" ل"ثائر" و "هيناتا" في توضيح : في الأصل هذه الجبال هي موطن هذا القزم وقومه , ولكن العمالقة الذين قاتلتموهم منذ قليل كانوا قد احتلوها وطردوهم منها .
خلال خمس دقائق كان "مافريك" ومن خلفه بقية الحشد يقفون داخل حجرة الكهف الرطبة وعلي مرمي نظرهم وجدوا المختطفون غارقون في سبات عميق ويتنفسون في بطء و رتابة .
اختفي "مافريك " عن أنظارهم لدقائق وعاد ومعه عصي سحرية أحضرها من الحجرة الأخرى التي شهدت ساحة العراك فيما بين العمالقة سابقاً .
سألت إيرما سيسري : أهذا هو تأثير العمالقة ؟
هز "سيسري" كتفيه في قلة حيلة وقال : لا أدري .. لو كنت أعرف عنهم شيء ما سكت أبداً .. هذه هي أول مرة لي أري فيها العمالقة عن هذا القرب من قبل .
و قال "مافريك " : لو صدق كلام تلك العملاقة فأنني أجزم بأنهم قد يفيقون في أي لحظة الآن و إلا لما استيقظا هذان .
وأشار بسبابته إلي طفلي القزم "سيسري" والذي قال وهو يشير إلي الأول الذي يتميز بعيون واسعة عميقة عن أخيه الأخر : هذا ميتار . ثم تابع وهو يشير للأخر : وهذا هو تياو .. والثالث النائم هناك يدعي جوير .
قال مافريك في سرعة : حسناً ..حسناً .. أعتقد أنه لن يدوم حالهم هكذا وبخاصة وأن طقوس العمالقة كانت من المفترض أن تقام الآن لذا كما قلت سابقاً سوف يستيقظون في أي وقت .
في حين قالت "إيرما" في نفاذ صبر : لا أظن أنني سأنتظر حتى يستيقظوا في تلك الرائحة الشنيعة ..سأحاول إيقاظهم باستخدام طاقتي العلاجية .
تدخل "سيسري" في حزم وقال : هل أنت طبيبة خبيرة ؟!
صعقت "إيرما" من هذا السؤال الغير متوقع فردت في اقتضاب : لا .
رد "سيسري" : إذن لا تفعلِ لأن مخدر العمالقة يحوي مجموعة من السموم قد تنشط لأي مؤثر خارجي ..لذا الأمر يتطلب لطبيب خبير وليست هاوية ..لذا من الأفضل لنا الانتظار .. هل من معترض ؟
لم يعترض أحد واكتفت "إيرما" بأن تكظم غيظها لوهلة ولكنها فكرت جيداً فيما قاله "سيسري" ووجدته على حق تماماً .
كان "ثائر" يقف عند مدخل الممر وهز كتفيه في لا مبالاة وقال موالياً ظهره لهم : أياً يكن .. لا يهمني أن استيقظوا الآن أو بعد شهر ..أهم شيء أن يستيقظوا وفي ذلك الحين سأظل في موقعي هذا لأجل الحماية ولا شيء غيرها .
مرت دقائق ثقيلة على الجميع وهو في انتظار استيقاظ فاقدي الوعي , كانوا قد أشعلوا ناراً لبعث الدفء في أوصالهم وبخاصة وبعد أن توغل الليل وتوحش , وبات البرد والصقيع ضيفاً عليهم في تلك الآونة , التفوا حول النار في دائرة وعيونهم وآذانهم تتأهب لأي حركة أو همس يصدر عن "دايسكي" و "إليانور" و " جوير" , ولأن "ثائر" لا يتابع ما يدور في الداخل لذلك لم يلاحظ "دايسكي" فاقد الوعي , أما عن الأميرة "هيناتا" فبالرغم من النار المشتغلة من إمامها ألا أن جسدها كان يهتز ويرتعش وهي تحاول تشديد قبضتها على أفكارها حتى تأتي بالقول الفصل في أن ذلك الفتي الفاقد الوعي لا يشبه " دايسكي " ..بل هو " دايسكي" بعينه ولكها اضطربت من فكرة وجوده فهل هو أيضاً قد انتقل إلي هنا ..هل معني هذا أنه لم يعد مصاباً أم ماذا ؟
كاد عقلتها ينفجر ويهتز من شدة التفكير ولا إرادياً وضعت يديها علي أذنيها في محاولة فاشلة لإيقاف صدي الأفكار المتعلقة بـ"دايسكي" ولكنها لم تتمالك نفسها عندما صدرت آهة ألم منه فقامت وانقضت عليه في سرعة أدهشت كل من حولها واستغرب "ثائر" بشدة من أمرها مما جعله يقترب قليلاً ليكتشف الأمر .
بدأ "دايسكي" يستعيد وعيه ببطء , ولما فتح عينيه نظر لأعلي فوجد عدة وجوه تحملق فيه فقال في حيرة : أين أنا ؟ من أنتم ؟ . ولكن بدلاً من أن يجد إجابة قامت "هيناتا" بسؤاله بغتة : هل أنت دايسكي ؟ .
لما سمع الجميع سؤالها فهموا سبب اندفاعها السابق وفسروا ذلك في عقولهم [ لابد وأنها تعرفه ] .
أما عن "ثائر" فقد كان رد فعله على عكسهم تمام فقد تحرك ناحية "هيناتا" و " دايسكي" ونظر إلي الأخير في إمعان وقد شعر الأخير بالخوف قليلاً من نظرات "ثائر" ولكن الأخير لم يمهله دقيقة وقال في حزم :
- بلي أنه دايسكي أيتها الأميرة .
حدقت "هيناتا" بلوم ناحية "ثائر" وقالت : أخبرتك لا تناديني بالأميرة الآن .
كاد "ثائر" أن يرد عليها ولكن "دايسكي" تدخل قائلاً وهو مازال يشعر بالحيرة والاضطراب في داخله : دايسكي .. أنه أنا ..ولكن من أنتم بالضبط ؟!!
في ذلك الوقت كان "مافريك" و"إيرما" وبقية الأقزام يحدقون في الثلاثي " دايسكي" و "ثائر" و"هيناتا" في تعجب ودهشة وقال "مافريك" ما تبادر في فكر الجميع : هل تعرفوه ؟
في حين بدا على "سيسري" علامات التفكير وقال وهو ينظر إلي لا شيء ويحرك يده اليمني في الفراغ بنصف دائرة : تعرفوه , ولكنه لا يعرفكم ..شيء عجيب..غريب..مثير .
أشارت "هيناتا" إلي الجميع في رجاء بأن يصمتوا قليلاً وطلبت منهم أن يتركوهم بمفردهم لعدة دقائق .
ولما ابتعدوا عنهم رددت "إيرما" في تعجب : الأميرة هيناتا .. ما هذه الرفقة الغريبة ؟
وعندها استيقظ "جوير" ولم تبق سوي "إليانور" فاقدة الوعي , فتوجه ناحية والده بعيون ناعسة غير مدرك الموقف الذي هو فيه في حين همس "تياو" لوالده وقد بدا عليه التوتر والفزع : ألا تلاحظ ما يحدث هنا ؟!
غمز "سيسري" بعينه وهمس قائلاً : لا تخاف .. كل الأمور ستكون علي ما يرام ..هذا وعد .
ثم التفت إلي ابنه "جوير" ليهتم بشأنه .
في الناحية الأخرى حيث الثلاثي" دايسكي" و"ثائر" و"هيناتا" . قال "ثائر" متسائلاً في قلق : هل حقاً لا تتذكر أي شيء يا "دايسكي" ؟
كان "دايسكي" جالساً على الأرض القرفصاء وكان يبدو عليه علامات التفكير وقال في يأس : أسف ولكنني لم أتذكر أي شيء بخصوصكم بعد .
زفرت الأميرة "هيناتا" زفرة طويلة ثم قالت في أمل : ولكنك تذكر بعض الأشياء بخصوصك .
رد "دايسكي" بإيماءة ضعيفة : بلي . ثم تابع في تساؤل ورجاء : أنتم تعرفوني ..فمن أكون أنا بالنسبة لكم ؟
رد "ثائر" وهو يشعر بالضيق قليلاً مما حدث ل"دايسكي" وفكر ربما في أنه قد تلقي كامل الإصابة عنه : أنت دايسكي بن هيتاشي ..صديقي ورفيقي في جماعة دلفاي السحرية وكذلك تعتبر حارس ورفيق شخصي للأميرة "هيناتا" .
بالرغم من أن "دايسكي" قد استرجع بضعة صور عن حياته ولكنه لم يتذكر "ثائر" و "هيناتا" جيداً إلا أن قد أدرك من لهجة حديثهم أنهم صادقين تماماً فشعر بالأسف حيالهم وقال : أسف على عدم تذكري .
تنهدت "هيناتا" وقالت مبتسمة : لا عليك ..ستتذكر بمرور الوقت .
فابتسم دايسكي لها وشعر بالدفء ذكره ب"هانا" فومضت عيناه وتذكره لاسم "هانا" وقال في تساؤل : من هي "هانا" هذه ؟
نظرت "هيناتا" ل"ثائر" في قلق وقالت : لا توجد واحدة باسم "هانا" نعرفها .
استغرب "دايسكي" قليلاً حيال هذا الأمر ونكش شعره قليلاً في لا مبالاة وسأل : علي أية حال .. أين نحن إذن ؟
هز الاثنان كتفيهم في قلة حيلة وقالا في صوت واحد : لا ندري !
ثم تابع "ثائر" : ولكننا في طريقنا لمعرفة ذلك .. نحن جميعاً تجمعنا هنا الآن ولا ندري ما يحدث لنا في الواقع , المعلومات قليلة ولكنني أجزم أننا ...
صمت "ثائر" لبرهة وفجأة تابع في صوت هامس لا يكاد يسمع : أجزم أننا في عالم نيرار .
للمرة الثانية في أقل من ساعة يكتشف "دايسكي" أنه لا يتذكر أشياءً كثيرة بخصوصه فهم أن يقول بصوت مسموع : وما هو عالم نــ..
قاطع "ثائر" حديثه في حدة في حين وضعت "هيناتا" راحتها على فمه لتمنعه من الحديث و حدجته لأول مرة في حياتها بنظرة غاضبة فشعر "دايسكي" بأنه قد أخطأ وقال في همس بعد أن أزاحت "هيناتا" يديها : أسف ..يبدو أنني لا أتذكر أي شيء على الإطلاق .
تراخت نظرات "هيناتا" الحادة بينما ظل "ثائر" غاضباً من "دايسكي " فهو كاد يكشف بمعلومة محظورة .
قالت "هيناتا" في أسف : يبدو أنك قد فقدت ذاكرتك .
رد "دايسكي" : أه نعم .. كل ما أتذكره هو ضوء تعويذة ثم وقوعي في أنفاق عجيبة وغريبة ثم استيقاظي الآن .
في الناحية الأخرى ألتقط "مافريك" و "إيرما" أخر حديث "دايسكي" فاقتربا من الأخير وتمتما في صوت واحد : أنفاق ملونة !!
فهز "دايسكي" رأسه في لا مبالاة وقال : بلي .
فقال "مافريك : أنا أيضاً مررت بأنفاق ملونة .
وقالت "إيرما " : و أنا أيضاً .
وتذكرت "هيناتا" وقالت في دهشة : أنا أيضاً حدث لي مثل هذا الأمر .
واستيقظ "ثائر" من دهشته وقال : أنا أيضاً مررت بهذه الأنفاق . ثم تابع في استنتاج : إذن هي سبب وجودنا جميعاً هنا .

دايسكي هيتاشي
05-01-2012, 17:21
ولكن بعيداً ناحية الأقزام علت برودة لا مرئية ظهورهم وأحاطت بأجسادهم بالرغم من النيران وتجمدت أطرافهم
ويبدو أن أطفال الأقزام الثلاثة قد لاحظوا نفس الأمر الذي لاحظه والدهم "سيسري" فهمسوا جميعاً : بابا..بابا .
ولكن "سيسري" كان قد فقد القدرة على الكلام لبعض من الوقت ولكنه استجمع رباطة جأشه وهمس لهم : لا تخافوا فهم من أنقذوكم من العمالقة ..لن يفعلوا بكم أي شيء .. مفهوم ؟!!
فأومأ الأطفال وتمتوا : حاضر . ثم اقتربوا من النيران بشدة ووضعوا أيديهم بالأعلى منها .
وقال "سيسري" لهم في رجاء : لا تخبروا أحد بحقيقتهم عند عودتنا ..فهم من أنقذونا أهذا واضح ؟
فكرر الأطفال نفس ردهم السابق وهم غير واثقين مما يحدث : حاضر .
وبالعودة إلي الخماسي قال "ثائر" : إذن الخيط الأول هي تلك الأنفاق علينا باستكشافها ؟
فقال "مافريك" : حسناً أنا لا أعارض . فقد كنت استكشف منطقة النفق الذي وقعت فيها قبل الآن و أستطيع أن أدلكم عليه وأيضاً النفق الذي جاءت منه "إيرما" . ثم أضاف معللاً : فهو كان بالقرب مني .
نظر "دايسكي" ل"إيرما" و "مافريك" في استغراب وسأل "ثائر" : هل أعرفهم أيضاً ؟؟
رد عليه "ثائر" في اقتضاب " لا ..أنها أول مرة نراهم فيها . وتابع في اختصار : هذه هي "إيرما" , وهذا هو "مافريك" ..ألم أخبرك أننا تجمعنا هنا من قبل ..ماذا أصابك ؟
شعر "دايسكي" بالضيق من لهجة ثائر ولكنه ابتسم في لطف وقال : مرحباً ..سررت برؤيتكم .
وردت عليه "إيرما" في بشاشة : مرحباً بك ..يبدو أنك قد فقدت ذاكرتك .
فعقب "دايسكي" ممازحاً : هل بات سري مكشوفاً بأنني قد فقد ذاكرتي .
فقالت "إيرما" في صدق : لا تقلق ..سوف أساعدك على التذكر .
صاح "دايسكي" : حقاً..لكم سيكون هذا رائع ..شكراً لك .
شعرت "إيرما" بالخجل قليلاً وقالت : لا داعي للشكر فأنا لم أفعل شيء بعد .
و قال "مافريك" : مرحباً ..
ثم أخرج العصا السحرية التي جلبها من الحجرة الأخرى وقال : أحسب أن هذه العصا تخصك أو تخص تلك الفتاة فاقدة الوعي ..فهل تتذكر شيء بشأنها ؟
هز " دايسكي" رأسه وقال : لا أدري حقاً ..دعنى أراها إذن .
ثم مد يدها ولكن وقبل أن تصل يده إلي العصا فقد قفزت العصا إلي يديه وفجأة شعر دايسكي بدفء ما يسري عبر جسده وطاقة ما تنبعث بداخله فنظر إلي العصا في دهشة .
عندها ضحك "مافريك" وقال : إذن هي تخصك .
شعر "دايسكي " بالتردد وقال في ارتباك : حقاً.. لا أدري ..ربما أنـ..
قاطعه "ثائر" وقال : أنها تخصك يا دايسكي ..أنها عصاك السحرية .
فجأة شعر "دايسكي" باضطراب شديد ولكن فجأة نظر إلي " إيرما" وقال : هل تستطيعين فعلاً إعادة ذاكرتي الآن ؟
شعرت "إيرما" بالشفقة و الأسف ناحية "دايسكي" وتمتمت : دعنى أحاول .
ثم اقتربت منه ووضعت كلتا يديها على رأس "دايسكي" وفجأة توجهت يديها باللون الأبيض وظهر طيف أبيض يملأ الفراغ الذي يفصل بين راحة يديها و رأس "دايسكي" وبدت عليها علامات التركيز الشديد وفكرت في أنه ينبغي عليها فعل ذلك ..بلي هكذا سوف تعيد إليه ذاكرته ولكم اندهشت من نفسها باكتشافها أنها قادرة على فعل أشياء لم تحسب أن في مقدورها فعلها .
شعر "دايسكي" بأن هناك أصوات صاخبة تملأ رأسه وفجأة هدوء ..ثم صوت البحر ورذاذه وصوت هتافات مشجعين وفجأة هدوء تام وتراءت أمامه ذاكرة طريق أسفلتي طويل يمتد إلي مالا نهاية حيث يتقابل مع الشمس في مكان لا يراه جيداً و الحقول تغمر جانبي الطريق وفجأة اختفي كل ذلك باختفاء الطيف الأبيض .
وتمتم : أنا ساحر !!
حدق الجميع فيه وقالت " هيناتا" في أمل : هل تذكرت كل شيء ؟
ابتسم "دايسكي" وقال : تقريباً يا هيناتا ..تقريباً
وفي داخله كان يعرف أن هناك أشياء كثيرة يفتقدها .
وعلقت "إيرما" : لا أحسب نفسك تذكرت كل شيء فأنا لست بارعة لهذا الحد ولكنك بمرور الوقت سوف تسترجع ذاكرتك بأكملها فلا تقلق .
ضحك "دايسكي" وقال : لا عليك ..يكفي أنني تذكرت الآن من أنا ومن هؤلاء وكوني ساحر ..وهل أريد شيء غير هذا .. أليس كذلك يا أخي ثائر ؟
ابتسم "ثائر" لأول مرة وقال : يبدو أنك بالفعل قد استرجعت ذاكرتك .
قال دايسكي بلهجة عابثة : بما يكفي لأزعجك .
في تلك الأثناء اقترب منهم "سيسري" وتنحنح قائلاً : أريد أحد أن يرافقني !!
حدجه ثائر في شك و قال : إلي أين ؟
رد "سيسري" في ارتباك واضح : وددت فقط رؤية شيء يخص قومي والاطمئنان إذا ما كان سليما أو دمره العمالقة المحلقة ..أنه شيء مقدس لنا .
لم يثق "ثائر" مما سمعه إلا أن "دايسكي" و"هيناتا" قد تطوعا لرفقته عندها استسلم "ثائر" وقال : رجاءً لا تتأخروا كثيراً , وأنت يا "دايسكي" كن منتبهاً لا نريد أن تصاب الأميرة بأي أذي .
فأومأ دايسكي برأسه إيجاباً في حين شعرت "هيناتا" بالغضب لذكر "ثائر" شأنها علي الملأ مرة أخري .
بعد اختفاء "سيسري" و"دايسكي" و"هيناتا" جلس الجميع في أوضاع مريحة في انتظار استيقاظ " إليانور " ولكن "ثائر" ظل في مجلسه بالقرب من مدخل الحجرة متأهباً كالأسود فابتسمت "إيرما" حينما لمحته على هذه الوضعية , أما أطفال الأقزام فقد تجمعوا حول النيران وقد بدت على وجوههم نظرات قلقة وجلة ولكنها أخذت تركن إلي الهدوء والسكون بمرور الوقت وهما يكررون في أذهانهم : [ هناك اثنين من السحرة ] .
قاد "سيري" كلاً من "دايسكي" و"هيناتا" إلي البهو العظيم بجبال "إيرياس" وقد كانت الشموع مطفأة منذ مدة طويلة , هبت عليهم رائحة عطنة من أحد السراديب الذي كان يفضي إلي المنطقة التي قضت العمالقة معظم وقتها فيها . لبرهة وصلت الرائحة إلي أنوف الثلاثة فآذتهم بشدة فحركت "هيناتا" يدها بحركة انسيابية عبر الهواء فعم الجو رائحة مبهجة برائحة الفراولة تارة والتفاح تارة أخري والزهور تارة ثالثة .
فعلق "سيسري" في استحسان : هذا أفضل ..ليتك كنت أنت من تقطنين هنا لتحول اسم هذه الجبال إلي جبال الروائح العطرة .
فاعتلت حمرة خفيفة وجنتا "هيناتا" وكان "دايسكي" ينظر لها في ذلك الوقت فوجدها كشمس متألقة وبدت عيناها كبحر لانهائي لا يوجد على سطح البسيطة من يستطع ألا يغرق فيهما ..كان جمالها آسر جعل من "دايسكي" يختنق في مكانها غير قادر علي التنفس وتساءل في نفسه كيف لم يلاحظها من قبل ؟!!
ثم أخذت رأسه تقلب أفكارها وفكر ..هل هناك علاقة أخري تربطه بها غير كونه حارسها ؟ , ولكنه مازال لم يتذكر أي شيء على الإطلاق ..أيعقل أنه كان يقصد أن يقول هيناتا لا هانا ؟!!
سألته "هيناتا" فجأة : ما بك ؟ - وفي نفس الوقت كانت تعلم بأنه كان ينظر إليها فابتسم قلبها ولكنها لم تلق جواباً منه . وتابعت مشاكسة : إلي متي سيستمر حالك هكذا ؟
استيقظ "دايسكي" من تأملها فجأة ولاحظ أنها تحدثه فأتربك وقال : ما.. ماذا ؟!
فضحكت "هيناتا" وقالت : لا شيء .. يبدو أن وجودك مع العمالقة لفترة قد أثر عليك قليلاً .
أرتبك "دايسكي" أكثر وقبض علي يديه عند شعوره بالتوتر وقال : لا .. ليس كلياً .
لم ينظر "سيسري" ناحيتهم طوال تلك الفترة فقد كان منشغلاً في تأمل جدران البهو وهتف فجأة في دايسكي و هيناتا : ها هو ..تعالا ..وأشعلا الأضواء , بحق الآلهة ألم تشعلوها بعد ؟ إذن ماذا كنتم صانعين !
تجمد كلاً من "دايسكي" و"هيناتا" في مكانيهما وصدرت عنهما حركة غير مفهومة وأخيراً أخرج "دايسكي" عصاه السحرة ثم فعلها بتعويذة : شيزومي .. ثم تابع : فالستيس . فأنتشر النور والضياء وأضيئت الشموع في جميع النواحي المختلفة للبهو وبصورة مفاجئة أصبح الجو دافئاً وهربت البروة والصقيع إلي الزوايا البعيدة المظلمة للبهو .
- تعالا !!.
صاح "سيسري" في لهجة آمرة لم يملكها من قبل وقد اختفت الرجفة والصوت من القلق من شخصيته فجأة .
فتوجها ناحية في سرعة ودهشة وتابعا بناظريهما ما يفعله و في صمت كاظمين غيظهم من ذلك القزم الذي أصبح متسلطاً فجأة .
كان يقف أمام جدار بني صلد علته طبقة من بخار الماء , وكان في أسفلها بروز وشقوق وكأنها نتجت عن عوامل طبيعية كالتعرية .
قال "سيسري" : انظرا ..هذا من عمل " يديريا " أنه ساحر جليل من العصر الرابع .. ربما .. احم لا أدري أي عصر بالتحديد ولكنه المهم أنه كان رفيق ل"نورمين" القزم المؤسس لعشيرة آل "تريفل" ..هنا في جبال "إيرياس" , وقد قام هذا الساحر بصنع هذا الستار السحري ولكنه لم يعمل بالتعاويذ أو أي شيء .. أنه يعمل بسحر الأقزام .. أوه يا ربي لماذا أثرثر بهذه الصورة .. سأريكم بنفسي .
وفجأة أخرج الكريستالة التي كان يرتديها حول عنقها وفجأة كشف عن فتحة بها ثم أغرق أحد أظافره بها حتى لامس السائل الأزرق داخل الكريستالة حتى بدا ظفره لامعاً ثم أخرجه وتمتم : سورف سان تيملايرا .
ثم رسم علامة دائرية علي الجدار بالسائل الأزرق , اتسع نطاق الدائرة وتراقصت عدة أضواء على سطحه وخرجت أبخرة من الشقوق وبعد ذلك اختفي الجدار تماماً.
تمتم دايسكي : لا تعبث معنا أيها القزم السحر لا يؤديه إلا السحرة فقط .
ضحك سيسري في حياء وقال : بلي ..هذه مجرد حيلة ..السر يكمن في ذلك السائل السحري الذي لا يعمل إلا بوجود قزم .
كتمت هيناتا ضحكته وقالت بابتسامة واسعة : يا له من دفاع جيد !
لم يلق "سيسري" بالاً لكلام "هيناتا" ثم قال : اتبعاني إلي الداخل ولا لتلمسا أي شيء . فتبادل "دايسكي" و "هيناتا" نظرة وتساءلا عما قد يرونه بالداخل .
كان "سيسري" متحمس وبدا أنه يقفز في مكانه وعيناه تتلألأ في إثارة , ساروا إلي الداخل لمسافة ثلاثة أمتار حينها تكشفت لهم قاعة كبري مهيبة وذات سقف علق فيه مئات الثريات تزينه بشكل صارخ وجميل و أكوام من الذهب والفضة و مصوغات كثيرة مصنوعة من الذهب والفضة ..قدور و سيوف ودروع و أشجار من الذهب كشجر عيد الميلاد وشجر من الفضة الخالصة و أوراقها من الفضة أيضاً ومصنوعة بإتقان وحسن لا مثيل لهما .
شهق "دايسكي" و"هيناتا" من شدة المفاجأة وجمال ما شاهدوه . وقال دايسكي بصوت مبحوح : أهذا أرثكم ؟!
أومأ "سيسري" برأسه في فخر ثم قال : بلي . ثم تابع في لهجة متعجلة : هذا جيد .. هيا أتبعاني هناك شيء أريد الاطمئنان عليه .
وقالت "هيناتا" في استنتاج : وهذا سبب قدومنا إلي هنا .
وتدخل دايسكي قائلاً : مهلاً .. أريدك أن تخبرني بحكاية هذه الأشجار الذهبية والفضية .
أنزعج "سيسري" وتحركت عيناه في محجريها في سرعة وقلق وعادت الرعشة إلي جسده من جديد وقال : ليس الآن ..فيما بعد يا فتي ..فيما بعد !
تبرم دايسكي وبدا عليه الاعتراض لوهلة سريعاً ما اختفت عندما لكزته هيناتا برفق فقال : حسناً فيما بعد ..فهما في غاية الجمال .
وأختفي "سيسري " وراء أحد جبال الفضة لعدة دقائق فأستغل "دايسكي" ذلك و بدأ يقترب من أحدي الأشجار الفضية , وتسلق "سيسري" أحد الجبال الذهبية وسحب سيف مغروز في قمته , كان السيف عظيم الصنعة ومطعم بالجواهر والياقوت ونصله حاد لامع ومصقول وكانت منقوش عليه كلمات بلغة الهيبتسس .
فسأل دايسكي : ماذا تقول هذه النقوش ؟
رد سيسري قائلاً : القوة والبأس يجتمعان في يد الأمير .
وسألت هيناتا : ولمن يعود هذا السيف الجميل ؟
أجاب سيسري بنبرة فخر : لمليكنا ..زعيم آل تريفل . ثم تابع : والآن أظن أنه قد آن الوقت لنعود حيث الآخرين .
وفي خلال دقائق معدودة كانوا قد عادوا إلي حيث البقية بعد أن قادهم سيسري في سلاسة وسرعة تنم عن سعة علمه بهذه الأنفاق .
وقف سيسري أمام الجميع وهو يحمل السيف في زهو وفخر ثم قال متحدثاً إلي الجمع في عجلة : هيا لنعود .. لابد وأن نعود الآن ..سوف تقام الولائم على شرفكم وسنأكل حتى تمتلئ البطون ونشرب حتى الثمالة ..الليلة ستكون عظيمة ولاشك في ذلك ..لقد عادت جبال إيرياس إلي أل تريفل من جديد ..
وجد "سيسري" أن الجميع يحدق فيه باستغراب , فأشاح بيده وقال : أياً يكن .. أظن أنه في وسعكم الانتقال الآني – ومن حسن الحظ أننا في داخل منطقة الانتقال الآني لغابة الحصن – لذا علينا أن نعود إلي قومي ونزف لهم هذا الخبر ,عند بحيرة أل تريفل , وأنت يا "إيرما" تعلمين الطريق , وأنت يا "مافريك" أحمل هذه الفتاة الفاقدة الوعي لو لم يشكل هذا معك فارق , هيا لا تتكاسلوا أريد العودة بسرعة .
تنحنحت "إيرما" وقالت : احم , لا أستطيع فعل ذلك بمفردي , أن أقوم بنقل كل هذا العدد آنياً يحتاج إلي طاقة وتركيز كبيران لا أملكهم .
فقال "ثائر" بلهجة مترددة : لا يوجد عائق إذن , أنا سأتكفل بتزويدك بالطاقة بينما أنت تركزي على وجهتنا .
وصاح "سيسري" بعد أن أشار إلي أولاده بأن يتجمعوا من حوله : عظيم , فلتسرعوا إذن .
بينما مال دايسكي من وراءه علي أذن هيناتا وهمس : تري لما هو يستعجل الرجوع لابد وأن لديه رغبة ما ملحة!.
فأومأت "هيناتا" برأسها إيجاباً وهمست : ربما , علنا نري ما هي حينما نتبعه . ثم أضافت في خبث : من الجيد أنك تتذكر بعض الأمور ولا تستغرب ما يدور الآن .
ازدرد دايسكي ريقه وتمتم في لهجة متوترة : اممم ..ربما .
ضحكت هيناتا وقالت : يسعدني أنك على هذه الحالة – ولتمتد إلي الأبد - . وفي سرها فرحت لهذا التغيير الذي طرأ على "دايسكي" –فهو بالتأكيد تغيير للأفضل فهي لم تجده مرحاً بمثل هذه الصورة من قبل وتساءلت هل شفي بهذه السرعة يا تري ! .
وقال مافريك لسيسري : أليس من الأفضل لو تخلصنا من جثث هؤلاء العمالقة ؟! , فأن رائحتهم تملأ كامل الجبل وصدقاً أنا لا أحبذ مثل هذه الروائح الكريهة .
فصاح "سيسري" في رعب : لاااا.. أتركوها فهي خير دليل على هزيمتنا لهؤلاء العمالقة , سيكون ذلك مصدر فخر عظيم لنا .
لم يقتنع مافريك وقال : ولكن أليس منظرهم هكذا سيخيف عشيرتك عندما يأتون مرة أخري إلي هنا ؟
صمت سيسري قليلاً وبدا على قسماته أنه غارق في عملية تفكير عظيمة ستحل مشاكل الكون برمتها ثم قال بعد مدة : حسناً ولكن لا تتخلصوا منها ..أنني أريدها ولكن في نفس الوقت لا أريدها أن تثير رعب عشيرتي كما لو كانت حية .
قال دايسكي مندفعاً : حسناً أترك لي هذا الأمر , سأتخلص من رائحتهم المقززة و في نفس الوقت سوف أبقي عليهم .
فجأة أدرك دايسكي أنه لا يعلم مكان هذه الجثث فقال : ولكن أين هي تلك الجثث يا تري ؟
حدق الجميع فيه لبرهة بغيظ شديد , فتسللت ابتسامة واسعة على ثغره وتمتم في مرح : إذن ؟؟
رد "سيسري" : أن الجثث ملقاة بخارج الكهف , فلتنفذ الأمر وعد مسرعاً .
كانت لهجة سيسري وصياحه منذ البدء لا يعجبان أحد وبخاصة "مافريك" و"إيرما" وهما يعلمان كيف بدأ الأمر معه , ولم تطق "إيرما" مثل هذه اللهجة أكثر من ذلك فصاحت فيه : هيه ..أنت أيها القزم فلتتأدب قليلاً أنسيت حالك من بضعة ساعات فلا تتبجح هكذا , وأنت يا دايسكي أفعل ما يحلو لك .
أنكمش "سيسري" هو وأبنائه في خوف , ولكن فجأة أطلق جملة كلدغة عنكبوت سام : سندفع لكم لذا فلا تغتروا بقوتكم .
ولأن كلامه كان قاسياً فلم تحتمله "إيرما" فانفجرت فيه : أنت قزم ناكر الجميل , فمن الذي أنقذك وأنقذ أولادك , وهل تظن أنك تقدر منعنا من أخذ ما نريده من كنوزكم , صدقاً لن يمنعنا شيء فإذا كنتم ترون بأن العمالقة كائنات خطيرة وشريرة , فنحن لا شك في ذلك قد نكون أسوأ منها ..أفهمت ؟!! .
تراجع سيسري قليلاً وبدأ أنه يتضاءل أكثر وأكثر هو و أولاده , ودار في عقله فكرة أنه أحمق لكي يثير غضبة هؤلاء وأن يتغطرس عليهم بهذه الصورة . فخرجت عبارة [ أنا أسف] من فمه كقربان لاستجداء صداقتهم من جديد . ثم تابع : وأنت يا سيد " دايسكي" لك جل الشأن في فعل ما تريده بهؤلاء العمالقة جزءاً وفاقاً لما غدروا بك .
طلت نظرة مشرقة من عيني دايسكي وقال : هذا جيد , سيعجبك ما سأفعله بهم بكل تأكيد .
وقالت "هيناتا" : أعتقد أنك لن تستطيع الوصول إليهم بسهولة .
فرد "دايسكي" بسرعة : بل أعرف , فكل ما يتوجب علي فعله هو أن أتتبع مصدر الرائحة تلك .
وفي تلك اللحظة جاءه صوت خافت لا يسمعه إلا هو : أحمق !
لم يجد "دايسكي" أحد غير "ثائر" خلفه , فأستدرك بسرعة وبلهجة أشبه بالاعتذار : ولكن سوف أخذ وقت طويلاً للوصول إليها لو لم يكن معي مرشداً , فما رأيك ؟
ابتسمت "هيناتا" في إشراق وقالت : فلتتبعني إذن .
وبينما وهما يخرجان نظر "مافريك" ناحيتهم وتساءل في دهشة : لما يذهبان معاً دوماً .
فضربته "إيرما" موضع إصابته ضربة خفيفة وقالت : أحمق , أخبرني من أين جئت بالله عليك .. أديولايري !!
شعر مافريك بالحرج قليلاً , فهو يتذكر قليلاً عن تلك المدينة الأسطورية التي قيل عنها أن سكانها لم يلاحظوا طيلة قرون عديدة ذلك الشيء الذي يدعي ب[ الحب ] فكانت حياتهم شبه خاوية ولما كانت على شفا الانهيار
جاءهم زائر غريب عن مدينتهم أراهم كيف يكون الحب وبذلك نجت تلك المدينة البائسة من الانهيار .
قال "مافريك" ليزيل الحرج عن نفسه : حسناً فهمت , ولكن أليس من المفترض أن تعدي تعويذة الانتقال الآني لعددنا الضخم هذا . ثم وجه كلامه لثائر : وأنت سوف تساعدنا في ذلك كما قلت ..صحيح ؟
رد ثائر ببرود : أه سأفعل بالتأكيد , ولكن تلك التعويذة لا تحتاج لأي استعدادات فهي تعويذة بسيطة , لا تشغل بالك فلن تكون سيئة كما تحسب .
بينما كان ثائر في داخله متوتر وبدأت أعصابه تهتز كأحشاء غسالة ! .

***

دايسكي هيتاشي
05-01-2012, 17:23
أسرع "دايسكي" من خطواته ليلحق بالأميرة "هيناتا" وقال في تردد : هيه أيتها الأميرة .. هل لي بسؤال ؟
فوجئت "هيناتا" في تلك اللحظة وبالرغم منها ازدادت حرارة وجهها , وحاولت بذل مجهود مضاعف لمنع ارتفاع صوت دقات قلبها , ثم قالت : ماذا ؟
تردد "دايسكي" هو الأخر وتمتم مسرعاً : لا..لا شيء .
تنفست "هيناتا" الصعداء وقالت في بساطة : حسناً . ثم تابعت وهي تشير بيدها إلي الجهة الأخرى : ها هي جثث العمالقة ..فكيف ستتخلص منهم ؟
تنبه "دايسكي" وحاول أن يتذكر ما قالته ولكن دون جدوى , ونظر إلي الناحية التي تمت الإشارة إليها عندها وجد نفسه قد أدرك ما حاولت "هيناتا" أن تقوله , فتمتم : حسناً سيبدأ عملي من هنا ..فقط أنظري .
أخرج عصاه السحرية ولوح بها في الهواء ثم خرجت أطياف ثلاثة لألوان الأزرق و الأحمر و البرتقالي وتوجه كل طيف منهم إلي جهة مختلفة فحلق الأزرق إلي أعلي الجبل , بينما أحاط الأحمر بالمدخل علي هيئة مربع كبير ضوئي , في حين أحاط البرتقالي بجثث العمالقة وكون ما يشبه هالة عظيمة من حولهم , وبلطف حرك يده الفارغة فجعلت جثث العمالقة تقف من جديد ثم طارت عبر الهواء إلي حيث مدخل الجبل عند المربع الأحمر وبدأ يرصهم في تتابع جيد بطول البوابة وعند ذلك الحد اختفت الروائح منهم وكذلك ذهبت قسماتهم الوحشية وفجأة ارتفع صوت خرير الماء قادماً من أعلي يحمله الطيف الأزرق لتتساقط عبر أذرع العمالقة ومنها إلي مجاري المياه الجافة المنحوتة عبر الأرض منذ قديم الزمان إلي داخل تجاويف وكهوف جبال إيرياس .
شهقت "هيناتا" بإبهار وقالت : لكم هذا رائع يا دايسكي , لقد قمت بعمل طيب حقاً .
أحس "دايسكي" بالخجل وأضاف في تردد : وهذا ما ينبغي على حراس الأميرات أن يصنعوه .
فجأة تبدلت ملامح "هيناتا" في عبوس وقالت في عنف : لا تناديني ثانية بالأميرة بالإضافة إلي أننا في عالم غير عالمنا , فلا تقل ذلك ثانية و إلا قاطعتك .
تأسف "دايسكي" من فوره , وفي ذاته شعر بأن هناك شيء ما يربطه ب"هيناتا" أكثر من كونه حارسها , ولكن من هي هانا ؟ , أحس بأن عقله في هذه المرحلة سوف ينفجر .
ولكن "هيناتا" انتشلته من هذا الصراع قائلته : هيا علينا العودة إليهم و إلا سنجد ذلك الخصم وقد تعملق مرة أخري . ثم ابتسمت ساخرة فبادلها "دايسكي" نفس الابتسامة .
و قال : ولكن ليس بعد .. انيلال مرياكا .
ظهرت سيوف عملاقة ضخمة في الهواء طول كل واحد منها يتجاوز الخمس أمتار ثم وضعت خلف كل عملاق وكانت هناك أربطة وشرائط سوداء تربطها إلي أجساد العمالقة .
وسألت هيناتا في دهشة : وما فائدة هذه السيوف ؟
فرد دايسكي : أنها سيوف حماية , فلو حدث خطر ما هنا يهدد الأقزام مرة أخري فأن تلك الجثث ستنشط وتدافع عن الأقزام .. أنها تعويذة قديمة علمها لي الجد جوباس .
صفقت هيناتا في فرح وقالت : سيفرح الأقزام بذلك , أعتقد أنهم لن يتوقعوا ذلك أبداً .
قال دايسكي : أتمني أن يعجبهم ذلك حقاً , ولكن علينا العودة الآن أظن الآخرين قد يغضبوا الآن من تأخرنا .
***
- ها أنتم قد عدتم . صاح سيسري في دايسكي و هيناتا فور أن رآهم . ثم تابع حديثه ل"إيرما" و "ثائر" قائلاً / أظن أنه قد حان دوركم الآن .
فجاوبه ثائر ببرود وعيناه لا تفارق عيني "سيسري" الذي أرتعد لوهلة : حسناً .
ثم تابع : فليتجمع الجميع , اصطفوا صفاً واحداً , ورجاءً يا مافريك نحن لا نريد أن نترك تلك الفتاة الفاقدة للوعي هنا ستفزع لو استيقظت في مثل هذا المكان .
تردد صدي كلامه في أرجاء الحجرة , تلتها أصوات خطوات الأقزام ودايسكي و هيناتا و إيرما و مافريك الذي جاء حاملاً إليانور .
كان سيسري يقف بجوار دايسكي فهز رداء الأخير في خفة , فمال دايسكي إلي الأسفل قليلاً حتى يسمع كلام سيسري بصوته المبحوح : تري ماذا فعلت بالعمالقة ؟
ابتسم دايسكي في مرح وقال : سيعجبك ما فعلته وستتعجب عشيرتك عندما يرون صنيعي , لا تقلق . ثم ربت عليه , فشعر "سيسري" وكأن حلقه قد جف وهمهم بجملة طويلة لم يتمكن دايسكي من سماعها ولكنه لم يلق بالاً لها .
تقدم "ثائر" ناحية "إيرما" وقال : حسناً أعطيني يديك وأتركِ كل شيء لي .
سرت رعدة خفيفة في جسد "ثائر" عندما أمسك بيد "إيرما" وتمني ألا يرصدها أحد , ولكنه وجد في عيني "إيرما" ابتسامة خفية .
غمغم "ثائر" وهو يلوح بعصاه السحرية : بورتكوليوز .
فجأة قفزت كرة ضوئية ضخمة من فوهة عصا ثائر وأحاطت به و ب"إيرما" وسريعاً ما شعرت "إيرما" بقوة تدب في أوصالها , و كذلك تضخمت الكرة لتحيط بالأقزام وباقي الأصدقاء .
وقال ثائر : والآن يا "إيرما" حان دورك , سأحافظ على بقاء هذه التعويذة ..أنها ستجعلك من تعويذتك أقوي بخمس مرات , أظن أن هذا المعدل جيد أليس كذلك ؟ .
أومأت "إيرما" برأسها وقالت : بلي .
ثم ظهرت الخيوط البنفسجية على ذراعيها وانتشرت لتمتد إلي أصابع يديها , ثم أفردت راحة يدها اليمني وبدأت الطاقة تتدفق وتتولد منها, وحدث شيء غريب من تعويذة "ثائر" إذ أنها أخذت تتجمع في يد "إيرما" ثم رفعت يدها لأعلي وتركت ما جمعته من طاقة وتمتمت : ابثيال .
ظهرت الكرة الضوئية الصفراء ..كرة الانتقال الآني المتعدد وكان حجمها أكبر بكثير عن المرة الفائتة ثم انغلقت الكرة على الجميع , اختفوا جميعاً من وسط الحجرة واجتازت بهم الكرة سماوات سوداء , كانت هناك أصوات ضجة عالية و هدير مرعب , ولكن هذه الأصوات لم تؤثر على ثبات كرة الانتقال هذه المرة , وفجأة اختفت الأصوات و شرارت الأضواء المبهرة وعاد من جديد لون الليل البهيم يخيم عليهم , ووصلت لأنوفهم روائح العشب الندية ..لقد وصلا إلي ملجأ أقزام آل تريفل , فعلي بعد خطوات منهم كانت مياه بحيرة آل تريفل تبدو كمرآة مصقولة أسفل ضوء القمر القوي , وفي الناحية الأخرى من البحيرة انتشرت أكواخ ومنازل الأقزام , كان بعضها مصنوع من الطين والأخر من البوص وأخشاب الأشجار , والبعض الأخر من الطوب , ولكن الشيء الذي كان يميزها جميعاً هي تلك المصابيح الشديدة السواد المدلاة من أعمدة حديدية مزخرفة وقصيرة , وكانت جميعها لا تحتوي علي أي شموع .!
كان الجميع يقفوا مبهورين وأنفاسهم متقطعة سواء مما يروه أو من الانتقال الآني متعدد الأغراض .
وكاد مافريك أن يسأل : ما هـ...
فقاطعته تنهيدة صادرة عن " إليانور" التي فتحت عيناه ببطء وكان الجميع يحملق فيها في انتظار لحظة إفاقتها ولكن سرعان ما رأت "إليانور" كل هذه العيون المحدقة أو ذلك الفتي الذي يحملها حتى أصابها الجزع وبدر عنها حركة مشتتة فتركها "مافريك" من بين يديها دون قصد فسقطت "إليانور" على الأرض وصدرت عنها آهة آلم ونظرت إلي "مافريك" وكادت تبكي , وحاولت "إيرما" و "هيناتا" مساعدتها فقالا : مرحباً .
ولكن "إليانور" مازالت منزعجة وخائفة وتجمعت الدموع في عيونها حيث أن العمالقة هم أخر شيء قد وقعت عليه عينيها , وفجأة نبض عقلها عند هذا الأمر ونظرت حولها من جديد و بدأ عقلها يطرح هذه الأسئلة على لسانها : من ؟ ماذا ؟ كيف ؟
وقد شعر " دايسكي " بشعور غريب يجتاحه منذ استيقاظ "إليانور" ..شعر بالمرض وبدا عليه الإرهاق والتعب , وبدأت الرؤية تتبدد شيئاً فشيئاً من عينيه , وكاد يسقط على الأرض لولا أن ثائر قد ألتقطه في اللحظة الأخيرة , وتحول انتباه الجميع هذه المرة ناحية "دايسكي" وقد ساورهم قلق شديد , فقد كان العرق يتجمع ويتكاثف على جبهته بكثرة وبدا لون جلده يحمر , و أصبحت الأوراق الحمراء القليلة على ساعده تشتعل وبدون سابق إنذار خرجت كمية كبيرة من طاقته الروحية وتسللت إلي خارج جسده , فلم يحتمل "ثائر" هذا المقدار من الحرارة فأبتعد قليلاً عن "دايسكي " ولكن ظل الأخير واقفاً بطريقة ما في موضعه , شعر الجميع بالخوف مما يجري , فهم لا يدرون ما الأمر ؟ , وبدأت هيناتا قلقة كثيراً وكادت تقترب ناحية "دايسكي" ولكن "ثائر " منعها من ذلك .
أما عن "سيسري" و أبناءه فقد كانوا يبكون رعباً في تلك اللحظات , وركضوا إلي الخلف بشدة حتى أصبحت هناك مسافة كبيرة بينهم وبين دايسكي والآخرين .
طاف جسد " دايسكي" في الهواء وأرتفع لعدة أمتار و أحاطته هالة ضوئية عظيمة , وفجأة فتح عينيه وأطلق صرخة عظيمة هائلة ترددت في الأصداء بقوة وعنف , ومعها استيقظت كافة الحيوات في أرض غابة الحصن .
أطلق صرخة أخري حملت كل آلام الدنيا , كان بدنه وشعره يشتعل , ومع صرخته ظهر تجسد لتنينه المهيب [ ياكودا ] لم يظهر بمثل هذا التجسد من قبل حتى أن دايسكي لم يصل معه إلي هذه المرحلة , كان مظهره مرعباً ومخيفاً , وكان أكثر ما يرعب هو صراخه و آلمه المستمر , كان تنين ضخم بحق حتى أن حجمه غطي نصف البحيرة تقريباً , كانت له سبع أزواج من الأجنحة المتوسطة الحجم تمتد لثلاثة أمتار , وكان هناك زوج من الأجنحة عظيمين يبلغان الأثنى عشر متراً , وكان ذيله حاد وصلد يمتد لثمانية أمتار , وكانت حراشفه صلدة تنتشر عبر ظهره إلي حدود بداية ذيله , كان أبيض ناصع البياض ولكن هناك اشتعال وحمرة تنتشر عبر عدة مواضع , وكانت هناك دوامات من الطاقة الوحشية تنبعث منه وكانت تحمل أنفاس الثلوج .
كان "ثائر" قد تجمد في موضعه فهو لم يري التنين "ياكودا" بمثل هذا الشكل من قبل – لا هو ولا دايسكي – فهم لم يرو غير شكلين من أصل سبعة للتنين العظيم ياكودا , فأي ظهور هذا ؟
همس ثائر في هلع : يا سيد ياكودا ما سبب ظهورك ؟ لما الآن ؟
صاح التنين "ياكودا" بعنف وشراسة : أصمت .
فكرر "ثائر" سؤاله من جديد , ولكنه لاقي نفس الجواب . كان التنين المهيب "ياكودا" نفسه لا يعلم ما الذي يحدث له على الإطلاق , ثم أطلق صرخة زلزلت الكون وجمدت سطح البحيرة عندما لامس طرف ذيلها سطحها أثناء حركاته العشوائية , ثم نزعت منه خمس أزواج من أجنحته بعنف ومعها أطلق صراخ عظيم ينم عن مدي آلامه وبعدها سقط بعنف على سطح البحيرة المتجمد ثم اختفي وبقت الأجنحة المنفصلة تحوم في الهواء . ثم انقضت على دايسكي بسرعة عظيمة معها لم يستطع أحد إيقافها , ولكنها ما أن وصلت إلي جسد "دايسكي" حتى اختفت داخل جسد دايسكي .
اقترب الجميع ناحية دايسكي حتى إليانور اقتربت منه وقد أحست بالشفقة تجاه دايسكي , وفجأة تجمد الجميع في مواضعهم إذ خرجت الأجنحة من جديد ولكن تغير شكلها هذه المرة , وقد كستها طبقة ذهبية اللون ودارت بجنون حول دايسكي , ثم تفرقت وتبددت من حوله و أحاطت ب " ثائر" و "مافريك" و"هيناتا" و"إيرما" و"إليانور"
ثم اخترقت أجساد الجميع في الوقت ذاته , و شعر الجميع بنفس الألم الذي يشعر به دايسكي , فصرخوا جميعاً صراخ يفيض بمعاناتهم وعذاباتهم , وأنتهي عندما سقطوا جميعاً فاقدي الوعي .

***


نهاية الفصل
الفصل القادم: العصبة البيضاء
يصدر يوم الخميس 12 يناير 2012