بون بوني
28-12-2009, 22:05
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1039909&d=1261696312
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قانون الغابة لا يرحم
ارتجفت يداه وهو يحاول جاهداً الإمساك به, كان لسبب ما لا يستطيع حتى النظر نحوه, أشاح بوجهه بعيداً بحيث لا يتمكن من رؤيته مجدداً محاولاً بذلك نسيان أمره , جز على أسنانه بقوة ثم أمسك خصلات شعره بنية اللون وهو يضغط على رأسه بقوة , علّ هذا ينسيه ما حدث إلا أن حالة هستيرية تملكته, وهاهو كالمجنون يضحك ويبكي في آن واحد ثم عبس بوجهه وهو يصرخ عالياً " لماذا؟" . أخذ يرمي كل شيء حوله بشكل جنوني هنا وهناك وكأن العالم قد شارف على النهاية , وأثناء صراخه الجنوني لمح ذلك الشيء مجدداً , ذلك الشيء الذي كان نائماً في ثبات عميق على المكتب الخشبي , اتجه مقترباً نحوه وحمل كل ما أحاط به من كتب وأوراق وأخذ ينثرها من نافذة غرفته المظلمة لتحملها ذرات الهواء إلى مكان ما.
إلا أن جنون هذا الشاب لم يتوقف إلى هذا الحد, كما لو أن هناك ما ينبغي عليه تدميره بعد, ليوجه بصره نحو مفتاح حلمه الذي يرقد وحيداً على مكتبه , فركض مسرعاً إليه وتمكن أخيراً من الإمساك به , نظر إليه نظرة حائرة ثم ابتسم بقليل من السخرية وتجمدت يده من برودة اليأس الذي احتوى قلبه , لتجعله يحطم بيده أغلى ما يملك, مفتاح حلمه....قلمه.
خارت قواه أخيراً وارتمى بثقله على الأرض وهو لا يزال ممسكاً ببقايا قلمه الميت, أخذ ينظر نحو سقف الغرفة بعينين باردتين ثم رفع يده ليرمي بقايا قلمه مودعاً إياه, ومودعاً مع تلك البقايا بريق عينيه الحالم تاركاً فيها أملاً ميت, ثم ابتسم ابتسامة تخلوها أية معالم تُذكر, كما لو أنه يودع العالم الوداع الأخير , ثم أغمض عينيه ببطء وهو يقول: أنا أستسلم.
في شارع مظلم ضيق محطم ومشقق الجدران, شارع تحوم فيه الفوضى بحرية مطلقة, الظلم فيه هو سيد الموقف, وقانونها الوحيد" القوي يأكل الضعيف".
اعتاد على هذا القانون كثيرون وحفظه الضعفاء أكثر مما أتقن الأقوياء العمل به, و من بين هؤلاء الضعاف طفل صغير بثياب رثة متسخة وملامح حزينة اعتراها برود صامت, إنه العالم الذي نشأ فيه والعالم نفسه الذي تمنى أن يموت تاركاً إياه, كان يسير هنا وهناك باحثاً عن شيء ما, شعر بمدى حاجته لهذا الشيء وشوقه إليه, سيضحي بأي شيء من أجل الوصول له, هو لا يهتم أن يعيش بقية حياته مع الشيء الذي يفتقده, المهم أن يلقاه ولو لمرة واحدة ,المشكلة الوحيدة أنه يجهل تماماً ما يريد بقدر ما يفتقده.
كان يمشي هنا وهناك باحثاً عنه من دون أن يكلف نفسه بالنظر حوله, فهو يحفظ هذا المكان عن ظهر قلب, ففي أحد هذه الأركان ضربه أحدهم ليسرق منه طعامه, وعند هذا الإتجاه الذي حام حوله الذباب عثر عل طعامه, وتحت هذا المصباح المكسور تمنى لو يراه يضيء المكان ولو لثانية, استجمع قواه وركض مسرعاً ليهرب من دون أن يلتفت إلى الماضي فلقد سأم حقاً من هذا العالم , سأم من تكرار اليوم آلاف المرات بالآلام نفسها, سأم من هذه الحياة التي اجتثت فيها الرحمة من بين ضلوعها, وخاف أن يستمر برؤية الكوابيس إلى الأبد ,أو أن ويعاني من آلام مريرة حتى مماته, سأم من الشعور الدائم بالبرد سأم من كونه طفل لا يتوقف عن البكاء وإسراف دموعه بلا فائدة, إنه الآن يبحث عن بوابة الخروج من هذا الشارع المشئوم باحثاً عن حياة كريمة يحتسي منها ولو آخر رشفة من الأمل المفقود.
من بعيد لمح ضوءً يناديه ويدعوه للخروج لم يتبقى أمامه سوى القليل من الخطوات , أسرع في الركض أكثر ليصل إلى هناك أسرع, كان كمن عاش في الصحاري باحثاً عن الماء, ارتسمت على فمه ابتسامه أثناء خطوته الأخيرة التي توصله إلى الحد الفاصل بين عالمه المظلم وهذا العالم الجديد, وهاهو أخيراً خارج هذا الكابوس , لم يلتفت إليه اكتفى بالابتعاد عنه أكثر وأكثر , وعندما أدرك مدى بعده عنه نظر خلفه , ليس ليودعه بل لينظر إلى طول المسافة التي تحول بينه وبين هذا العالم , وقف برهة من الزمن لينظر إلى هناك ,هو لا يصدق أنه تمكن من الهرب حقاً, نظر إلى هناك وهو يقطع عهداً على نفسه" أياً كانت الأسباب لن أعود إلى هناك مجدداً".
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قانون الغابة لا يرحم
ارتجفت يداه وهو يحاول جاهداً الإمساك به, كان لسبب ما لا يستطيع حتى النظر نحوه, أشاح بوجهه بعيداً بحيث لا يتمكن من رؤيته مجدداً محاولاً بذلك نسيان أمره , جز على أسنانه بقوة ثم أمسك خصلات شعره بنية اللون وهو يضغط على رأسه بقوة , علّ هذا ينسيه ما حدث إلا أن حالة هستيرية تملكته, وهاهو كالمجنون يضحك ويبكي في آن واحد ثم عبس بوجهه وهو يصرخ عالياً " لماذا؟" . أخذ يرمي كل شيء حوله بشكل جنوني هنا وهناك وكأن العالم قد شارف على النهاية , وأثناء صراخه الجنوني لمح ذلك الشيء مجدداً , ذلك الشيء الذي كان نائماً في ثبات عميق على المكتب الخشبي , اتجه مقترباً نحوه وحمل كل ما أحاط به من كتب وأوراق وأخذ ينثرها من نافذة غرفته المظلمة لتحملها ذرات الهواء إلى مكان ما.
إلا أن جنون هذا الشاب لم يتوقف إلى هذا الحد, كما لو أن هناك ما ينبغي عليه تدميره بعد, ليوجه بصره نحو مفتاح حلمه الذي يرقد وحيداً على مكتبه , فركض مسرعاً إليه وتمكن أخيراً من الإمساك به , نظر إليه نظرة حائرة ثم ابتسم بقليل من السخرية وتجمدت يده من برودة اليأس الذي احتوى قلبه , لتجعله يحطم بيده أغلى ما يملك, مفتاح حلمه....قلمه.
خارت قواه أخيراً وارتمى بثقله على الأرض وهو لا يزال ممسكاً ببقايا قلمه الميت, أخذ ينظر نحو سقف الغرفة بعينين باردتين ثم رفع يده ليرمي بقايا قلمه مودعاً إياه, ومودعاً مع تلك البقايا بريق عينيه الحالم تاركاً فيها أملاً ميت, ثم ابتسم ابتسامة تخلوها أية معالم تُذكر, كما لو أنه يودع العالم الوداع الأخير , ثم أغمض عينيه ببطء وهو يقول: أنا أستسلم.
في شارع مظلم ضيق محطم ومشقق الجدران, شارع تحوم فيه الفوضى بحرية مطلقة, الظلم فيه هو سيد الموقف, وقانونها الوحيد" القوي يأكل الضعيف".
اعتاد على هذا القانون كثيرون وحفظه الضعفاء أكثر مما أتقن الأقوياء العمل به, و من بين هؤلاء الضعاف طفل صغير بثياب رثة متسخة وملامح حزينة اعتراها برود صامت, إنه العالم الذي نشأ فيه والعالم نفسه الذي تمنى أن يموت تاركاً إياه, كان يسير هنا وهناك باحثاً عن شيء ما, شعر بمدى حاجته لهذا الشيء وشوقه إليه, سيضحي بأي شيء من أجل الوصول له, هو لا يهتم أن يعيش بقية حياته مع الشيء الذي يفتقده, المهم أن يلقاه ولو لمرة واحدة ,المشكلة الوحيدة أنه يجهل تماماً ما يريد بقدر ما يفتقده.
كان يمشي هنا وهناك باحثاً عنه من دون أن يكلف نفسه بالنظر حوله, فهو يحفظ هذا المكان عن ظهر قلب, ففي أحد هذه الأركان ضربه أحدهم ليسرق منه طعامه, وعند هذا الإتجاه الذي حام حوله الذباب عثر عل طعامه, وتحت هذا المصباح المكسور تمنى لو يراه يضيء المكان ولو لثانية, استجمع قواه وركض مسرعاً ليهرب من دون أن يلتفت إلى الماضي فلقد سأم حقاً من هذا العالم , سأم من تكرار اليوم آلاف المرات بالآلام نفسها, سأم من هذه الحياة التي اجتثت فيها الرحمة من بين ضلوعها, وخاف أن يستمر برؤية الكوابيس إلى الأبد ,أو أن ويعاني من آلام مريرة حتى مماته, سأم من الشعور الدائم بالبرد سأم من كونه طفل لا يتوقف عن البكاء وإسراف دموعه بلا فائدة, إنه الآن يبحث عن بوابة الخروج من هذا الشارع المشئوم باحثاً عن حياة كريمة يحتسي منها ولو آخر رشفة من الأمل المفقود.
من بعيد لمح ضوءً يناديه ويدعوه للخروج لم يتبقى أمامه سوى القليل من الخطوات , أسرع في الركض أكثر ليصل إلى هناك أسرع, كان كمن عاش في الصحاري باحثاً عن الماء, ارتسمت على فمه ابتسامه أثناء خطوته الأخيرة التي توصله إلى الحد الفاصل بين عالمه المظلم وهذا العالم الجديد, وهاهو أخيراً خارج هذا الكابوس , لم يلتفت إليه اكتفى بالابتعاد عنه أكثر وأكثر , وعندما أدرك مدى بعده عنه نظر خلفه , ليس ليودعه بل لينظر إلى طول المسافة التي تحول بينه وبين هذا العالم , وقف برهة من الزمن لينظر إلى هناك ,هو لا يصدق أنه تمكن من الهرب حقاً, نظر إلى هناك وهو يقطع عهداً على نفسه" أياً كانت الأسباب لن أعود إلى هناك مجدداً".