PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : شاهد على المجزرة



Mr.Gravity
27-08-2001, 18:25
شاهد على المجزرة
مشاهد من الموت والدم تتخللها صرخات استغاثة الأطفال والنساء الذين قتلتهم إسرائيل في صبرا وشاتيلا ننقلها لكم عبر شاهد عيان.
- وقع خطى الجنود يقترب من المخيمين وهدير الدبابات والطائرات بدأ يدب الرعب في أرجائهما ·· دبابات اسرائيلية تحاصر مداخل المخيم وطائرات في الجو تخترق حاجز الصوت ، وطلقات القناصة تصطاد كل شيء يتحرك قبل أن ينقض القتلة في جنح الظلام على الأطفال والنساء والشيوخ ليقطعوا رؤوسهم بالبلطات ، يبقروا بطون الحوامل، ويغتصبوا النساء.
مشاهد من الموت والدم تتخللها صرخات استغاثة الأطفال والنساء الذين لم يرحمهم القتلة الذين أغمدوا فيهم خناجر حقدهم لا لشيئ إلا لأنهم فلسطينيون.

وحوش بشرية ·· قتلة ·· سفاحون ·· لم تثنهم صرخات الأطفال المتعلقين بجلابيب أمهاتهم ، ولا توسلات شيخ كهل ، ولا دموع وصرخات أم عن شهوة القتل.

مشاهد من القتل والتنكيل تعجز بلاغة اللغة عن وصفها ، لأنها فوق الوصف ، ومرتكبوها ليسوا من البشر السويين ، بل هم حفنة من القتلة المجرمين ·· كل هذه المشاهد يصورها أحد الناجين من المذبحة بكل انفعالاتها.


شاهد

وليد العوض الذي كان يبلغ من العمر تسعة عشر عاما ابان مذبحة صبرا وشاتيلا وأحد شهود العيان على المجزرة الرهيبة رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة الصهيوني أرئيل شارون بصفته المسئول الأول عن ارتكابها حيث كان يتواجد في مبنى الضباط الإسرائيلي غرب المخيمين وكان يشرف على مجريات المذبحة أولا بأول ، وعمل على تسهيل مهمة الكتائب اللبنانية في عمليات القتل الجماعي التي راح ضحيتها حوالي ثلاثة آلاف فلسطيني في أبشع مذبحة عرفها التاريخ المعاصر.


وكما يؤكد العوض فإن الدعوى ليست موجة ضد شارون فقط ، بل ضد كل من يثبت تورطه فيها من الجيش الاسرائيلي والكتائب اللذان شاركا مشاركة فعلية في ارتكابها.

ولم يكن وليد العوض هو الشاهد الوحيد على المجزرة بل هناك أكثر من خمسائة من الناجين فروا أثناء وقوعها يحتفظون في ذاكرتهم بمشاهد المأساة المرعبة.


حملة عسكرية مكثفة

بدأت اسرائيل في الرابع من حزيران عام 1982 حملة عسكرية مكثفة استخدمت خلال القصف البحري والجوي والصاروخي العنيف علي مختلف مناطق الجنوب اللبناني تمهيدا لاجتياح لبنان وكانت إسرائيل تسعى من وراء ذلك الى تدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، التي تنامت وأصبحت تهدد أمن إسرائيل باستمرار.
ومن هنا بدأت القوات الإسرائيلية تتقدم نحو المناطق الفلسطينية واللبنانية المشتركة في الجنوب اللبناني وكان الجيش الإسرائيلي يتقدم مستخدما الدبابات والمدرعات وعمليات الإنزال الجوي والبحري في منطقة الزهراني والأولي في منطقة صيدا.

واستطاعت إسرائيل في الأسبوعين الأولين من هذا الاجتياح أن تعزل مناطق الجنوب بعضها عن بعض ومنطقة صيدا عن بيروت. لكن استمر القتال والمقاومة من مختلف الحركات والفصائل الفلسطينية واللبنانية للقوات الإسرائيلية الغازية ، ودارت معارك عنيفة بشكل أساسي في المخيمات الفلسطينية ، في عين الحلوة والرشيدية والبص والبرج الشمالي وكانت المعارك متواصلة على تخوم المواقع الفلسطينية المنتشرة في لبنان.

ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي وصلت القوات الإسرائيلية الغازية في الرابع والعشرين من حزيران من العام اثنين وثمانين إلى مداخل بيروت وخصوصا بالقرب من خلدا حيث سطر الفلسطينيون واللبنانيون أروع ملحمة من ملاحم البطولة · واستمرت المعارك في منطقة الدامور وخلدا ومنطقة الشويفات بشكل متواصل إلى أن تمكنت القوات الإسرائيلية من إحكام الحصار بشكل كامل على بيروت من جهة الجنوب ومن جهة الشرق وباتت مداخل العاصمة اللبنانية وخصوصا المنطقة الغربية من بيروت معقلا للمقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وباتت هذه المنطقة خاضعة لحصار محكم من قبل الاحتلال الإسرائيلي بما فيها مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة ومار الياس.

وأثناء حصار بيروت استمرت عمليات المقاومة في عدة مناطق متواصلة وخصوصا في مناطق الجنوب اللبناني وبالأخص في منطقة الرشيدية وكانت عمليات الإغارة من قبل المقاتلين الفلسطينيين على خطوط الإمداد للعدو الإسرائيلي وعلى مراكز قياداته وتمكنت مجموعة من المقاتلين من التقدم نحو مركز قيادة الجيش الإسرائيلي في النصف الأخير من شهر حزيران واستطاعت أن تدخل إلى هذا المقر وتقتل الجنرال:"يوسفئيل آدم" مساعد أرئيل شارون وزير الجيش الإسرائيلي في حينه.

هذا الصمود الأسطوري الفلسطيني في لبنان استمر ثمانية وثمانين يوما استخدمت إسرائيل خلاله مختلف أنواع الأسلحة ، ولم تستطع الدبابات الإسرائيلية أن تدخل بيروت طيلة وجود المقاتل الفلسطيني ولم تستطع الدبابة الإسرائيلية أن تتقدم نحو العاصمة بيروت ثمانية أمتار عن مكانها.

فاستخدمت إسرائيل الحصار التجويعي وقطعت الكهرباء عن المناطق المحاصرة إلى أن بدأت تدخلات دولية رعتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر وسيطها فيليب حبيب وأسفرت هذه الجهود والضغوط في نفس الوقت عن موافقة القيادة الفلسطينية تحت مجموعة عوامل للخروج من بيروت ، ورفضت كل الشروط الإسرائيلية للخروج دون سلاح وأصر عرفات على أن تخرج المقاومة الفلسطينية مرفوعة الرأس ، وأبرم في حينه اتفاق تقوم بموجبه قوات متعددة الجنسيات بحماية المدنيين ومنع دخول الجيش الإسرائيلي إلى العاصمة بيروت.

Mr.Gravity
27-08-2001, 18:26
الخروج من لبنان

وفي أواخر آب بدأت قوات الثورة الفلسطينية بأسلحتها الخفيفة بالخروج من لبنان ، وأتمتها في 29 آب عام 82 ، وانتشرت قوات متعددة الجنسيات في محيط المخيمات ، حيث انتشرت في محيط مخيم برج البراجنة قوات إيطالية وفي محيط المطار قوات أمريكية وفي مخيمات صبرا وشاتيلا قوات فرنسية وإيطالية واستمر انتشار هذه القوات حتى الأسبوع الأول من شهر أيلول82 ، ولكنها انسحبت بشكل مفاجئ ودون مبرر سوى ما أذيع لاحقا أن الهدوء يعم المنطقة ولا داعي لبقاء القوات المتعددة الجنسية ، والغريب أن هذه المبررات ظهرت بعد وقوع المجزرة ، وهي غير مقنعة على الإطلاق.
طبعا بعد انسحاب هذه القوات بدأ القلق يساورنا ، وبدأ الجميع يتساءل عن مغزى انسحاب القوات الدولية وعن الفراغ الأمني الذي أصبح في بيروت ، وبقيت هذه التساؤلات تطرح على مستويات متعددة ولكن لم يكن أحد قادرا على تقديم الجواب الكافي والشافي عليها .


منعطف خطير

وفي الرابع عشر من أيلول 82 حدث منعطف كبير عندما وقع انفجار عنيف في مقر قيادة حزب الكتائب اللبناني وقتل فيه بشير الجميل الرئيس اللبناني المنتخب وذلك قبل ثمانية أيام من تسلمه الدستوري لمهام السلطة وكان بشير الجميل رئيس حزب الكتائب اللبنانية ، ومع هذا الاغتيال انتشرت الفوضى وازداد القلق في أوساط الجميع.

حصار محكم

في ليلة الرابع عشر من أيلول بدأت حركات غريبة للطيران الإسرائيلي وكانت هذه الطائرات تلقي قنابل ضوئية فوق بيروت حيث أضاءت المنطقة بالكامل ومع صبيحة يوم الأربعاء ازدادت حركة هذه الطائرات وبدأت قوات إسرائيلية تتقدم من منطقة الأوزاعي والشويفات التي تبعد كيلو مترين فقط عن مخيمي صبرا وشاتيلا من الجهة الجنوبية نحو العاصمة بيروت.
ومع نهاية يوم الخامس عشر كانت القوات الأسرائيلية الغازية قد استكملت سيطرتها على بيروت الغربية.

وبعد أن استكمل الاحتلال الإسرائيلي سيطرته انتشرت الدبابات بكافة الشوارع الرئيسية وتركز الانتشار -كما لاحظنا- بشكل محكم على طول الطريق الممتدة من السفارة الكويتية وصولا لمنطقة جسر المطار وعلى طول هذه الطريق كانت تتمركز الدبابات الإسرائيلية ، وانتشر على طول هذا الشارع حوالي أربع دبابات وثلاث مصفحات وامتد الحصار أيضا من منطقة جسر المطار جنوب شرق مخيم شاتيلا حتى دوار مخيم صبرا شمالا.

وغربا امتد الانتشار من دوار السفارة الكويتية جنوبا حتى جسر الكولا شمالا وظل هذا الحصار المحكم على جميع المداخل المؤدية من وإلى المخيمات خاصة مخيمي صبرا وشاتيلا.

وأثناء عملية الانتشار كانت تتساقط بين الفينة والأخرى على أزقة المخيمين بعض قذائف الهاون وزخات غزيرة من رشاشات عيار:"500" كانت تنطلق على طول طريق صبرا شاتيلا - شاتيلا صبرا ، وأصيب عدد من السكان أثناء تنقلهم بي أزقة بيوتهم عندما وهم يحاولون الخروج من المخيم.

والملفت للنظر في هذا الجانب أن الجيش الإسرائيلي كان يمنع خروج أي عائلة من المخيم خارجه ، وقد أغلقوا كل المداخل بما فيها الطريق الشمالي الممتد من جسر الكولا غربا وصولا لمحطة الدنا حتى دوار شاتيلا وبذلك أحكم الحصار على المخيمين من الجهات الأربعة.

وفي هذه الأثناء تصاعدت حركة الطيران ، وفي ليلة الخامس عشر من نفس الشهر تحديدا كانت حركة الطيران غريبة جدا جدا ، وكانت تلقي قنابل إنارة بمعدل عشرين إلى ثلاثين قنبلة في الدقيقة طوال ليلة الخامس عشر / السادس عشر من شهر أيلول ، كذلك كثفت من حركة الدبابات والمدرعات حول المخيمين وكان حشد الآليات العسكرية الإسرائيلية كبيرا جدا وكانت الرشاشات مصوبة على المنازل من على تلة المدينة الرياضية وبنايات القيادة الإسرائيلية ومن على ظهور الدبابات والمدرعات وكذلك من منطقة مستشفى عكا.

وفي صبيحة اليوم السادس عشر الذي صادف يوم الجمعة تصاعدت عمليات إطلاق النار وأصبحت أكثر تركيزا على أزقة وشوارع ومنازل المخيمين من قبل القوات الإسرائيلية المتمركزة عند المدينة الرياضية وعلى مبنى الضباط من الجهة الغربية وكان طلقات القناصة لا تتوقف عن قنص المواطنين ، وبين الحين والآخر كانت تطلق قذائف دبابات من عيارات مختلفة على أزقة المخيمين ، ووصل إلى مستشفى غزة حوالي اثنين وعشرين مصاب من بينهم عشرة إصاباتهم خطيرة وقد استشهد ثلاثة منهم لاحقا.

وفي عصر اليوم السادس عشر وخصوصا بين الساعة الثانية والثالثة شاهدنا جنود الاحتلال وهم ينصبون المناظير كبيرة الحجم والليزرية وكانوا على مبنى الضباط المكون من ثمانية طوابق تقريبا ويبعد عن مخيم شاتيلا امتار.

في ذلك الوقت هبطت طائرة هيليوكوبتر مميزة في مركز قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في بنايات الضباط غرب مخيم شاتيلا .


المذبحة

في الساعة الخامسة من نفس يوم الخميس تعرض المخيمين إلى غارات وهمية كثيفة وزخات من الرصاص الحي من الرشاشات وسقوط العديد من القذائف على أطراف المخيم الجنوبية والغربية ولم نكن نعلم ما يحدث واستمر الغموض حتى الساعة السادسة والنصف من مساء يوم الخميس السادس عشر من أيلول.
وبعد الساعة السادسة والنصف سمعنا صوت يشبه صوت الألعاب النارية ، ولكن تبين أنه صوت زخات من الرصاص الكاتم للصوت ، وبعدها علمنا أن هناك جماعات مسلحة دخلت المخيم من الجنوب والجنوب الشرقي ، وكان الشعور العام لدى السكان أن الجيش الإسرائيلي بدأ يدخل المخيمات وأن هناك أمرا خطيرا يحدث.

بعد الساعة العاشرة ليلا من نفس يوم الخميس بدأ صراخ النساء يعلو ويعلو وبدأ الأطفال يبكون بشكل واضح ، وكان العويل والصراخ يأتي من الجنوب الشرقي والجنوب الغربي من مخيم شاتيلا فبدأ الشعور لدينا أن هناك عملية قتل وإبادة وحشية تجري في جنوب المخيم وليس عملية احتلال من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فبدأ القلق والاضطراب يسود المخيمين خصوصا عند منطقة الوسط فبدأنا عملية إخلاء للسكان وترحيلهم إلى منطقة الشمال وخصوصا من منطقة بقالة الدوخي وكراج الوحش وبيت أم حسن المغربي وبيت وليد العوض . وحتى الساعة الواحدة ليلا أي صباح يوم الجمعة السابع عشر تمكنا من إخراج عائلتين كاملتين من أربعة عشر فردا وهم بيت أبو يونس وبيت أبو خليل وأوصلناهم إلى مستشفى غزة عبر أزقة المخيم لأن الجيش الإسرائيلي كان يطلق الرصاص على كل شيء يتحرك داخل المخيمين.

وتم إخراج أكثر من ألفين شخص من مناطق الجنوب والوسط إلى مناطق شمال مخيم صبرا وخصوصا باتجاه مستشفى غزة واستمرت عمليات الاخلاء حتى الساعة السابعة صباح يوم الجمعة وتم إخلاء عدد لا بأس به من الشيوخ والأطفال والنساء.

وفي صباح يوم الجمعة حاولت أنا وبعض الشباب العودة إلى وسط المخيم حيث عبرنا بالقرب من مستشفى غزة ووصلنا إلى سينما الشرق وصولا إلى مسجد شاتيلا ولكننا لم نستطع أن نصل إلى الحي الغربي من المخيم حيث تبين لنا أن القتلة قد وصلوا إلى منطقة كراج الوحش وبقالة الدوخي ومنزل أم حسين المغربي ، وكنا نسمع أنين النساء والأطفال ونداءات استغاثة عديدة من نساء وشيوخ وأطفال وكنا نسمع لهجات لغات القتلة المعادين ، وأنا أجزم بأن هناك جنودا إسرائيليين شاركوا في المذبحة بجانب الكتائبيين ، والدليل على ذلك أنني كنت أسمع حديث لبعض الجنود بالعبرية فقط وسمعت هذه الأحاديث بالضبط عند بقالة الدوخي ومنزل أم حسن المغربي ووقتها كنت بمرحلة من الوعي الكافي وأستطيع أن أميز بين اللغة العربية والعبرية.



ويذكر هنا أن المنطقة التي استطاعوا أن يصلوا إليها بشكل منظم هي منطقة كراج الوحش وحتى الشارع المؤدي إلى الكلية العسكرية ، ولكنهم حتى الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الجمعة لم يستطيعوا أن يصلوا إلى المناطق الشمالية من مخيمي صبرا وشاتيلا .

وفي مساء يوم الجمعة لم يكن أحد من السكان في المناطق الوسطى والجنوبية من المخيمين وتم تجميع بعض المواطنين في مستشفى غزة ومحيطه في هذه الأوقات تأكدنا مائة في المائة بأن هناك قوات كتائبية مع الجيش الإسرائيلي تنفذ عمليات الإبادة حيث كان مطبوعا على ألبستهم العسكرية الخضراء الغامقة شارة "mp" وهذا يعني اختصار للمصطلح الإنجليزي :"military police" أي الشرطة العسكرية.

ولم يفرق القتلة بين فلسطيني ولبناني ، وأذكر أن هناك أسرة لبنانية من آل مقداد مكونة من أربعين شخصا ذبحوا عن بكرة أبيهم ، وكان اللبنانيون يقولون لهم إننا لبنانيون ومسيحيون فكان الرد من القتلة أنكم سكنتم مع الفلسطينيين .

"وفي ليلة الجمعة لم يبقى لنا أي أمل بإبقاء المواطنين في مستشفي غزة حيث عملنا على نقل الكثير إلى مستشفى المقاصد إلى الشمال من شارع حمد .

ونقلنا مئات العائلات إلى منطقة المقاصد وهناك الكثير من العائلات لم تستطع الهروب بسبب منع قوات الاحتلال الاسرائيلي لهم من الانتقال عبر محطة الدنا إلى منطقة المقاصد شمالا.

وفي صبيحة يوم السبت عملنا على إخراج جميع من كان في مستشفى غزة وبقي فقط من لا يستطيع المغادرة ومن حالته خطيرة وبعض الأطقم الطبية الأجنبية ، ولكن في حوالي الساعة الثامنة دخلت القوات الكتائبية المستشفى ، وأخرجوا الأجانب الموجودين فيه، وفي هذا الوقت سمع صوت سيارات من نوع بيجو تمر بسرعة كبيرة على امتداد شارع شاتيلا وكانت هذا السيارات تطلق النار العشوائي على جانبي الطريق بصورة مكثفة وتوقفت هذه السيارات في سوق صبرا، وفي ظهيرة يوم السبت علمنا أن هناك العديد من القتلى على جانبي الطريق واستمر سماع صوت طلقات نارية خفيفة جدا إلى عصر يوم السبت حيث أصبح لدينا شعور بأن الهدوء قد بدء وكانت بعض اصوات القنابل اليدوية وبعض الإنفجارت ، وسبب هذا الهدوء أن أغلب الناس المدنيين قد خرجوا من المخيم أو قتلوا فيه.

Mr.Gravity
27-08-2001, 18:27
مشاهد فظيعة

بعد عصر يوم السبت أصبح لدى بعض الشباب وأنا منهم فضول لمعرفة ماذا جرى في مناطق الوسط والجنوب فبدأنا ننتقل إلى تلك المناطق تدريجيا من بيت إلى بيت حتى وصلنا إلى الحي الغربي من المخيم وكان أول الحي الغربي خاليا من أي بشر ولم نر سوى بعض القطط وبعض القوارض ومع التقدم إلى منطقة الجنوب بدأنا نشتم بعض الروائح الكريهة ورائحة الدماء وكان أول بيت وصلنا إليه هو منزل الحاجة أم نايف فوجدنا باب البيت الحديد محطم بشكل كامل ووجدنا على مدخل الدرج بنت أم نايف ابتسام 16عام مذبوحة ومقيدة بالجنازير ومبتور بعض أجزاء من جسدها الطاهر ، وعلمنا فيما بعد أن أم نايف بقيت على قيد الحياة لأنها من المواطنين الذين تم إخلائهم من المخيم ، وكان بجوار بيت أم نايف بيت أم يونس التي أخرجناها قبل وصول المجرمين إلى هذه المنطقة فدخلنا البيت ووجدنا أن المجرمين قد دخلوه وأطلقوا النار بشكل مكثف ، وبعد خروجنا من بيت أم يونس انتقلنا إلى بيتنا فوجدت أن أبواب المنزل مهدمة وثقب الرصاص خزان المياه ، وبعد أن خرجنا من بيتنا وصلنا إلى بيت أم حسين المغربي وهو شرق منزلي فدخلنا إليه فوجدنا كل العائلة مذبوحة ولازالت أعضاء بعض الجثث تتحرك وتنزف منها الدماء حيث كان المجرمون يأمرون المواطنين الأبرياء بالوقوف بجانب الحائط ثم يطلقون النار عليهم وكانت أجساد أفراد عائلة أم حسين مليئة بالرصاص ، وشاهدت في هذه الأثناء رؤوس اثنين من جثث الأطفال مقطوعة أحدهم طفل في السابعة من العمر والآخر في الحادية عشرة بالاضافة إلى بعض الأطراف مقطوعة وغير موجودة في نفس المكان ولكن الرؤوس كانت موجودة بجوار الجثث.
بعد ذلك وصلنا إلى بقالة الدوخي وبدأنا نجد أكوام الجثث مكدسة فوق بعضها البعض ، وبدأت فرق الصليب الأحمر بالدخول إلى المخيم لنقل الجثث ورش مادة الكلس عليها لكي تمنع انبعاث الروائح الكريهة بسبب تحللها ، وجمع عشرات الجثث ، ومنها جثة صاحب بقالة أبو محمد الدوخي وهو رجل مسن وله قدم صناعي ويمشي على عكازات وضع المجرمون تحت جثته بعض القنابل والمتفجرات حتى إذا رفعت تنفجر وتقتل أكبر عدد ممكن ، ومقابل بقالة الدوخي وجدت العديد من الجثث تحت وبجوار عربة حمار . وكلما اتجهنا إلى منطقة الجنوب كثر عدد الجثث ، وتركزت كثافة الجثث في منطقة الجنوب سواء في الشرق أم في الغرب وهي المنطقة من شرق المدينة الرياضية حتى ملجئ مقداد ، وتعود هذه الكثافة لأن بداية دخول المجرمين القتلة كانت من جهة الجنوب الغربي والجنوب الشرقي وعندما علم سكان شمال المخيمين بأن هناك مجزرة تجري بدأوا بالهرب.

وففي مساء يوم السبت وصلت إلى منزل عائلة أبو أحمد سرور والد سعاد وماهر سرور والتي كانت تربطني بها علاقات شخصية ، وكان يهمني أن أذهب وأعرف ماذا حصل لهذه العائلة وكنت متأكدا بأن هذه العائلة لم تخرج من البيت لأنها لم تكن ضمن العائلات التي خرجت من المخيم فدخلنا البيت فوجدنا الباب مهشم فدخلت إلى جهة اليمين في البيت فوجدت عمي أبو أحمد وهو رجل مسن كان يعمل في تصليح الهواتف جاثيا فوق أبنائه وحوالي اثنى عشرة رصاصة في جسده وكانت شادية وشادي وبسام قتلى تحت يديه ، .

وكان منظر شادية هو الأبشع من بينهم ، حيث بدا أنها أكثر جثة تعرضت للتعذيب ، وقد ضربت ببلطة في رأسها ووجدت مخها خارج رأسها وملقا على الأرض ، أما سعاد فكانت مصابة باثني عشرة رصاصة وكان الصليب الأحمر قد نقلها إلى مستشفى غزة وبدأنا نتفقد باقي أفراد الأسرة فلم نجدهم وتأكدنا أنهم قد نجوا وهم اسماعيل وماهر وكانوا قد اختبأوا ثم أخرجهم الصليب الأحمر والآن ماهر أصبح شاب في العشرينات من العمر واسماعيل استشهد في بداية التسعينات في معركة الدفاع عن المخيمات في صيدا .

بعد الساعة السادسة والنصف من مساء يوم السبت وصلنا إلى حي مقداد وبالضبط إلى محيط ملجئ مقداد فوجدنا أكثر من أربعمائة جثة تقريبا حول الملجأ وجميعها مقتولة بالرصاص ومنها من هو مقتول بالساطورة والبلطة والجازور ، وكان هذا أكبر تجمع للجثث في مخيم شاتيلا حيث كانوا مختبئين في الملجأ ، ولكن القتلة أخرجوهم منه إلى محيطة الخارجي وقتلوهم ، ووجدنا على مقربة منه وبجوار الجثث عدة طاولات عليها زجاجات الخمر والمشروبات الروحية وصناديق الزخيرة.

في مساء يوم السبت أي في الليل انتهت عمليات اطلاق النار والقتل وفي صباح يوم الأحد أي التاسع عشر من أيلول وجدنا بالقرب من محل بناشر بجوار مقبرة صبرا وشاتيلا حوالي أربعين جثة وفي هذا المكان أعدموا المواطنين وقد جرفوا المكان لإخفاء جريمتهم الكبرى ، ووجدنا في الحي الغربي الجنوبي والغربي الشرقي أن المنازل والدكاكين قد جرفت فوق الجثث ، وكانت الجرافات المستخدمة هي جرافات إسرائيلية.

وأكد لنا الناجون من مناطق جنوب المخيم أن الكتائب كانت تنقل العديد من الشباب في شاحنات إلى أماكن مجهولة تبين لنا في العام 1985 و1986 بأن جثث العديد من القتلى موجودة في عشرات آبار المياه الجافة تم ردمها فوق الجثث ، وتبين لنا في حينه أنها جثث الشهداء الذين ذبحوا في مجزرة صبرا وشاتيلا وكانت هذه الآبار في منطقة الدامور والجية الشوف وفي أواخر العام 86 تم العثور على مقبرة جماعية في جنوب مخيم شاتيلا .

وكان أقرباء القتلى يتفقدون الجثث للتعرف عليها عن طريق إزالة مادة الكلس وكانت أمي وزوجتي في زيارة لأقربائنا في مناطق الجنوب اللبناني وعندما عادتا إلى صبرا وشاتيلا بدأتا برفع مادة الكلس عن العديد من الجثث لكي تبحثا عن جثتي لإعتقادهما أنني قتلت في المذبحة ، فأغمي على والدتي وزوجتي التي كانت حامل في الشهر الثامن وأجهضت من هول وفظاعة المذبحة.

وفي تلك الأثناء قرر الدفاع المدني اللبناني أن يحفر حفرا طويلة وكبيرة لدفن الجثث فيها ، وعملوا على حفر ستة خنادق طول الخندق الواحد حولي مائة متر بعمق ثلاثة أمتار حيث امتلأت بالجثث والأعضاء المبتورة التي أحضرت من منطقة بئر حسن والمدينة الرياضية.

وماذا بعد ؟

استطاعت الجرافات أن تدفنن جثث الضحايا قبل تسعة عشر عاما ، فهل استطاعت أن تدفن معها أحزانها ؟ وهل استطاعت أن تدفن آلام الشعب الفلسطيني ، وهل استطاعت أن تدفن القضية الفلسطينية ؟ أم هل استطاعت أن تدفن مآسي مخيمات اللجوء وحق العودة ؟ وهل استطاعت أن تدفن ملف القضية ليفلت القتلة من العقاب ؟.

أسئلة كثيرة تتدفق في الخواطر حتما سيجيب عنها التاريخ !.

selvar
31-08-2001, 06:12
لاحول ولا قوه إلا بالله ..:(

الوردة البيضاء
31-08-2001, 07:51
الله ينتقم منهم ::غضب شديد ::غضب شديد ::غضب شديد

Mr.Gravity
31-08-2001, 10:14
المشكله ما بايدنا نسوي شيء...:(

كينشن الصغير
09-08-2004, 11:59
حسبي يالله على هل الكفار

Malina Robinson
09-08-2004, 12:18
يرجى الأنتباه أن الموضوع قديم جدا , لذا لا يسمح المشاركة فيه

سيتم غلق الموضوع