Me & You
14-11-2004, 10:28
ذُهُـولْ... ،،
http://www.anduin.pwp.blueyonder.co.uk/Art/magritte4.jpg
انبعثت رائحة عطره الشهي في الغرفة ، أمسكت رسالته بلطف ملائكي ، كان كل ما في الغرفة صامتاً ، حتى وجهها الأبيض النقي ، والذي يعكسُ طَبيعةَ قلبها البريء ، دفءٌ يتناثر هنا و هناك ، و أرواح تحوم حولها مبتسمة ، بشفافيةِ العُشاق ، كل ما هناك ، أضاءَ في خفوت ، وهي مبتسمة بسكون ، ترقص أقزامُ الفرحة هناك ، وفراشاتٌ ملونة ترفرف ملطفة الأثير ، ملاكٌ صغير يطل من النافذة بفضول ،وشيء يختبئ بعبثٍ بين يديها البيضاء ...
بددت صمت الغرفة بأن استلت سكين الرسائل ، ومضت تُقشر الظرف من حول سرها الكبير و نظرت إلى تاريخ الرسالة ، ياه يا لبطء البريد ، شهر مضى على هذه ! .. أكملت التمزيق ، برزت ورقة بيضاء ، كما ثلجُ الشتاء ، ومن مُحياها يبدو لون قلمه الأزرق الرزين ، جذبت الورقة برحمة ، نظرت إليها بحب ، و فتحتها ...
" ملَكِي اللطيف ... يمزقني شوقي إليكِ ، و بعد المسافات عنكِ ، فدربُ الحب الذي سلكته معكِ أطول من الطرق الفاصلةِ بيني وبينك، لا أعلم ، هل لي بعودة ؟ ، أم أن رياح هذا البلد ، ستلملم شتاتي و الفتات ، منذ حللت عليهم هنا ، وأنا أعيش إرهاصات لقائك المرتقب ، حتى بعد فراقي لكِ بثواني ، لي عودةٌ ، يا ملكَ اللطف ، و إلى حين ذاك ، أتركك ، وملائكتك البيضاء ، كل شيءٍ في هذا الكون ، مصيره الذبول ، بل إن الأيام تنقصُ الأعمار و الأقدار ، وتستزيد القبور ، وحبك .. قبري الأعظم ، كلما غصت فيه أكثر ، زاد شوقي إليه ! ، أعشقُكِ وسأبقى كذلك ، ما أبقتني الأيام ...
هامش"
غَفت ، محلقة على قاربها الصغير ، وبرفقتها " هو " ، حتى البعيد ، إلى الأثير ، ونهايات الحياة ، حتى تهز الملائكةُ قاربهما ، وتهمس بعودته ، وحين اللقاء ، تلتهم الطُرقَ إليه ، راميةً بهمومها ، ودنياها ، و بها ، بين يديه ! ، ....
نفض حُلمها ، نداء أمها الحنون ، والذي عكره مرور الزمن ، حَضنت رسالته ، وضعتها بهدوء تحت الوسادة ، ومضت إلى أمها ،،
بالأسفل ، نظرت أمها بعين ملؤها أساً صامت ،
- بنيتي ، البسي ملابسك ، فإنا ذاهبون إلى موعدٍ قريب .
عادتْ إلى غُرفتها ، انتقت طقماً هادئاً بلون التُفاح ، عادت ، ردتها أمها متعللةً برغبتها في رؤية ابنتها في ألوان باهتة تبرز جمالها ، عادت بما طُلب ، واتجهت معها ، وطوال الطريق ، كانت الأفكار السارحة إلى - لندن - تبهجها ، وترسم بسمتها ، مبعدةً إياها عن طريق المدينة الموحش ، وما أن بلغوا دار القريب ، ترجلت الأم ، وربتت على كتف ابنتها ،
- أعلم أن هذا صعب ، إلا أننا هنا لعزاء قريبتنا في ابنها المتوفى في لندن قبل أسبوع .. وعلينا أن نثبت صبرهم ونعينهم ..
مارت الدُنيا بها ، كان كل شيءٍ أسوداً ، ملابسهم .. نفوسهم ، وهم ، وقد أخذوا يتذكرون الميت ، ويبكون في حرقة ، أخذت بالتعزية ، و افتعال الشدة ، كان البيت الذي جمعها به باهتاً ، على عكسِ ما كان ، توزعت الشياطين ساخرةً من فراقها له ، و أخذت الملائكة بوجوهٍ حزينة ، تغني بصمتٍ مؤلم ،اختلست الطريقَ إلى غُرفته ، هنا ورقة تركها على الدُرج الجانبي ، لم تزل حيث كانت ، ونملةٌ تدبي على سطحها باعتزاز ، وقد رفعت راية النصر ، شقوق زينة الجِدارَ القديم ، وكل شيء يوحي ... بالفراق ! ...
عادتْ بعد ذلك ، التقطت قلما ، وشيئاً من أوراقه وكتبت :
" سيدي الأول ، والأخير :
تَفصلك مسافات ملائكية عني ، كسرت درب الحب ، و تجاوزت حواجز الأيام ، أفتقد كل ما كان منك .. ولك ، سيدي .. أنتَ بعيد .. بعيدٌ جداً ، إلا أن عشقي يا سيدي .. لا يعترف بالمسافات ، ولا بأنفسنا و المشاعر الأخرى ، اسمح لي يا سيدي بالرحيل معك ، لأضع يدي بيدك ، و أبتسم بفرح قربك ... سآتي ! ..
ذكرى قديمة "
التقطت سكين رسائله ، نظرت بحزم إلى يدها البيضاء ، أحست بشتائها يدنو ، وتساقطت أوراقها مع ابتعاد الخريف ، سقطت دمعة دافئة ... وجدت موضعها على الرسالة ، جذبت السكين ، إلى معصمها ، رفعت يدها إلى الأعلى .. وهوتَ .. راحلةً إليه .....
في مكانٍ آخر ..
سادَ الصفار ، و انتثرت أوراق الخريف البائسة هنا وهناك ، وبحيرة آسنة ، استلقى بقربها متململاً ، اهتزت السماء ، وانفكت جنباتها عنها ، بيضاء كما ثلج شتاءٍ نقي ، أقبلت بأجنحتها إليه ، اعتدل بسرعة ، مسح دموعه ، و انفرجت شفتاه عن ابتسامة ٍ بيضاء ..
ما أروع الحُبَ ، ناقلاً إيانا نحو البعيد ، إلى الثريا و عنترة ، سحابةٌ لطيفة تحملنا على ظهرها ، عبر النجوم ، إلى السدم ، والمجرات البعيدة ، نلتقي عابثين بـ بعضنا ، هامسين بحبنا ، بعيداً .. بعيداً جداً عن جنونهم ! ..
تزحزحت إليه عينها مرةً أُخرى ، اقتربت بسكون ، حَطت على الأرض ، وفجأة انتفضت الأرض مخضرةً في تواؤم مع غيوم السماء المنقشعة ، فاحت رائحة وردها ، فانطلق إليها راكضاً ..تبادلا النظر بشوق ... وألقت بنفسها بين ذراعيه ....
http://ftp.pcworld.com/pub/screencams/angel-morn.jpg
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Y A Z E E D
5 / 11 / 2004
22 / 9 / 1425
http://www.anduin.pwp.blueyonder.co.uk/Art/magritte4.jpg
انبعثت رائحة عطره الشهي في الغرفة ، أمسكت رسالته بلطف ملائكي ، كان كل ما في الغرفة صامتاً ، حتى وجهها الأبيض النقي ، والذي يعكسُ طَبيعةَ قلبها البريء ، دفءٌ يتناثر هنا و هناك ، و أرواح تحوم حولها مبتسمة ، بشفافيةِ العُشاق ، كل ما هناك ، أضاءَ في خفوت ، وهي مبتسمة بسكون ، ترقص أقزامُ الفرحة هناك ، وفراشاتٌ ملونة ترفرف ملطفة الأثير ، ملاكٌ صغير يطل من النافذة بفضول ،وشيء يختبئ بعبثٍ بين يديها البيضاء ...
بددت صمت الغرفة بأن استلت سكين الرسائل ، ومضت تُقشر الظرف من حول سرها الكبير و نظرت إلى تاريخ الرسالة ، ياه يا لبطء البريد ، شهر مضى على هذه ! .. أكملت التمزيق ، برزت ورقة بيضاء ، كما ثلجُ الشتاء ، ومن مُحياها يبدو لون قلمه الأزرق الرزين ، جذبت الورقة برحمة ، نظرت إليها بحب ، و فتحتها ...
" ملَكِي اللطيف ... يمزقني شوقي إليكِ ، و بعد المسافات عنكِ ، فدربُ الحب الذي سلكته معكِ أطول من الطرق الفاصلةِ بيني وبينك، لا أعلم ، هل لي بعودة ؟ ، أم أن رياح هذا البلد ، ستلملم شتاتي و الفتات ، منذ حللت عليهم هنا ، وأنا أعيش إرهاصات لقائك المرتقب ، حتى بعد فراقي لكِ بثواني ، لي عودةٌ ، يا ملكَ اللطف ، و إلى حين ذاك ، أتركك ، وملائكتك البيضاء ، كل شيءٍ في هذا الكون ، مصيره الذبول ، بل إن الأيام تنقصُ الأعمار و الأقدار ، وتستزيد القبور ، وحبك .. قبري الأعظم ، كلما غصت فيه أكثر ، زاد شوقي إليه ! ، أعشقُكِ وسأبقى كذلك ، ما أبقتني الأيام ...
هامش"
غَفت ، محلقة على قاربها الصغير ، وبرفقتها " هو " ، حتى البعيد ، إلى الأثير ، ونهايات الحياة ، حتى تهز الملائكةُ قاربهما ، وتهمس بعودته ، وحين اللقاء ، تلتهم الطُرقَ إليه ، راميةً بهمومها ، ودنياها ، و بها ، بين يديه ! ، ....
نفض حُلمها ، نداء أمها الحنون ، والذي عكره مرور الزمن ، حَضنت رسالته ، وضعتها بهدوء تحت الوسادة ، ومضت إلى أمها ،،
بالأسفل ، نظرت أمها بعين ملؤها أساً صامت ،
- بنيتي ، البسي ملابسك ، فإنا ذاهبون إلى موعدٍ قريب .
عادتْ إلى غُرفتها ، انتقت طقماً هادئاً بلون التُفاح ، عادت ، ردتها أمها متعللةً برغبتها في رؤية ابنتها في ألوان باهتة تبرز جمالها ، عادت بما طُلب ، واتجهت معها ، وطوال الطريق ، كانت الأفكار السارحة إلى - لندن - تبهجها ، وترسم بسمتها ، مبعدةً إياها عن طريق المدينة الموحش ، وما أن بلغوا دار القريب ، ترجلت الأم ، وربتت على كتف ابنتها ،
- أعلم أن هذا صعب ، إلا أننا هنا لعزاء قريبتنا في ابنها المتوفى في لندن قبل أسبوع .. وعلينا أن نثبت صبرهم ونعينهم ..
مارت الدُنيا بها ، كان كل شيءٍ أسوداً ، ملابسهم .. نفوسهم ، وهم ، وقد أخذوا يتذكرون الميت ، ويبكون في حرقة ، أخذت بالتعزية ، و افتعال الشدة ، كان البيت الذي جمعها به باهتاً ، على عكسِ ما كان ، توزعت الشياطين ساخرةً من فراقها له ، و أخذت الملائكة بوجوهٍ حزينة ، تغني بصمتٍ مؤلم ،اختلست الطريقَ إلى غُرفته ، هنا ورقة تركها على الدُرج الجانبي ، لم تزل حيث كانت ، ونملةٌ تدبي على سطحها باعتزاز ، وقد رفعت راية النصر ، شقوق زينة الجِدارَ القديم ، وكل شيء يوحي ... بالفراق ! ...
عادتْ بعد ذلك ، التقطت قلما ، وشيئاً من أوراقه وكتبت :
" سيدي الأول ، والأخير :
تَفصلك مسافات ملائكية عني ، كسرت درب الحب ، و تجاوزت حواجز الأيام ، أفتقد كل ما كان منك .. ولك ، سيدي .. أنتَ بعيد .. بعيدٌ جداً ، إلا أن عشقي يا سيدي .. لا يعترف بالمسافات ، ولا بأنفسنا و المشاعر الأخرى ، اسمح لي يا سيدي بالرحيل معك ، لأضع يدي بيدك ، و أبتسم بفرح قربك ... سآتي ! ..
ذكرى قديمة "
التقطت سكين رسائله ، نظرت بحزم إلى يدها البيضاء ، أحست بشتائها يدنو ، وتساقطت أوراقها مع ابتعاد الخريف ، سقطت دمعة دافئة ... وجدت موضعها على الرسالة ، جذبت السكين ، إلى معصمها ، رفعت يدها إلى الأعلى .. وهوتَ .. راحلةً إليه .....
في مكانٍ آخر ..
سادَ الصفار ، و انتثرت أوراق الخريف البائسة هنا وهناك ، وبحيرة آسنة ، استلقى بقربها متململاً ، اهتزت السماء ، وانفكت جنباتها عنها ، بيضاء كما ثلج شتاءٍ نقي ، أقبلت بأجنحتها إليه ، اعتدل بسرعة ، مسح دموعه ، و انفرجت شفتاه عن ابتسامة ٍ بيضاء ..
ما أروع الحُبَ ، ناقلاً إيانا نحو البعيد ، إلى الثريا و عنترة ، سحابةٌ لطيفة تحملنا على ظهرها ، عبر النجوم ، إلى السدم ، والمجرات البعيدة ، نلتقي عابثين بـ بعضنا ، هامسين بحبنا ، بعيداً .. بعيداً جداً عن جنونهم ! ..
تزحزحت إليه عينها مرةً أُخرى ، اقتربت بسكون ، حَطت على الأرض ، وفجأة انتفضت الأرض مخضرةً في تواؤم مع غيوم السماء المنقشعة ، فاحت رائحة وردها ، فانطلق إليها راكضاً ..تبادلا النظر بشوق ... وألقت بنفسها بين ذراعيه ....
http://ftp.pcworld.com/pub/screencams/angel-morn.jpg
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Y A Z E E D
5 / 11 / 2004
22 / 9 / 1425