يلدرم البلقاني
17-02-2009, 11:40
في رحاب مدينة دار السلام , عاصمة الأسلام , في وسطها قصر قد طاول السماء , كأن إليها يريد
الأرتقاء , كان أمير المؤمنين هارون الرشيد في مجلسه المعتاد اللذي لم يخلوا من العلماء أو
الشعراء , و بينما هم يتحاورون و يتناقشون , أذ حدث امرٌ عجيب , ما رأوه قط فهو غريب , فقد
ظهر في ساحة مجلسه ضوءاً كأنها الشمس قد حلت بينهم , و خرج منها شابٌ أسود اللبس أبيض
البشرة , متوسط القامة , حليق اللحية قصير الشعر , فوقف بين يدي هارون و ألقى السلام , فما
زالت عنهم الدهشة التي ملكتهم , و سل أحد الحراس سيفه و قال : أني أظنه الشيطان قد حل بيننا
فهيا عليه لنقتله , فقال له الرشيد : مه يا أبى عثمان , فما أظنه الشيطان فقد ألقى السلام لنا و
علينا رده , فرد عليه السلام , وسأله الرشيد : ما حاجتك بيننا يا غريب , قال الشاب : أصلح الله ا
لأمير , فأنا أدعى بأحمد بن كنعان , أسافر عبر الأزمان , و أحل في كل الأوطان , أتيتكم من زمن
كثر فيه الشنارِ , وطغى فيه الأشرارِ , وتطاولت فيك ايادي البهتان , وقصرت عنك ايادي البرهان,
زماني طفح فيه سيل العار , وما بقي أي شرف يعار , و أي شرف لنا بعدما ابتعدنا عن ديننا , و ل
هثنا خلف دنيانا , لا تدري كيف هي أحوالنا , استباح الصليب أوطاني , و أخوتي في تيهانِ , نموت
كل يوم بالعشرات , و لا يموت منهم إلا الآحاد , يا أمير أتيتك من زماني , بعدما علمت أنك افضل
الحكام , كنت تنفق من صلب مالك الكثير , و تحج دوماً بالناس , و تنفق لهم من الخيرات , علمت
كيف أهلكت البرامكة , بعدما عاثوا في الديار , و كيف رددت على رأس الصليب بالكلب , بعدما
هددك , و نحن هيهات لننطق بالحرف فما بال الكلمة , يا سيدي هارون حرماتنا انتهكت , وبلادنا
هدمت , أخواننا يموتون , و نحن نائمون , يا سيدي قد اذلنا اليهود , و دمرنا النصارى , يا سيدي
سبوا النساء و قتلوا الأطفال , و دمروا المساجد , و أبدلوها بالكنائس , احرق القرآن , و أستباحوا
عرض خير أنسان , يا سيدي أرجوك ان تأتي معي فنحن في حاجتك , بعدما أنتهى الشاب من حديثه
, بكى هارون الرشيد حتى شهق , و ابكى من حوله , فلما انتهى قال للشاب : يا بني , لقد ولدت في
هذا الزمان و أنا اسعى جاهداً في بذل قصارى جهدي لرفع راية الأسلام , فأن تركت حكمي لتقاتلى
عليه هاذان الأثنان (و أشار على الأمين و المأمون) , فعلي واجبات أقوم بها , فأنت تعلم بلاد ا
لصائفة ليس لها أمان , و دولتي كل يوم بها خروج و فتنة , و أنا احاول جاهداً في ابقائها على حالها
, فلا أقدر أن آتي معك , و انصحك بالتقوى , و ايقاظ الغافل , و تعليم الجاهل , وتنشيط العلماء , و
نصح السادات , فحالكم قد قطع قلبي , ولكن أنتم من جلبه لأنفسكم , نسيتوا الله فأنساكم أنفسكم ,
فالله حاشاه أن يكون ظالماً , فأبحث عن الخلل اللذي فيكم و أنظر فيه و ابدأ في أصلاحه , وعليك ب
كتاب الله و سنة رسوله , وبينما هارون خائض في حديثه , أذ أخرج الشاب شيئا ما من جيبه , و
رفعه و قال : حسناً انا عائد الآن الى زماني , قد علمت أين نقصاني , ويجب أن امحي هذه اللحظة
من ذاكرتكم , و أضاء الشيء اللذي في يده حتى بعث بأشعاعات على رأس كل حاضر و بقيت عليه
برهة من الزمن , فلما انتهى كانوا نائمين , حينها قال الشاب و كأنه يحادث نفسه : أفتحي يا بوابة ا
لأزمان , وظهر ذلك الضوء مرة أخرى و دخله الشاب و اختفى , و استيقظ كل من كان في المجلس
و قال هارون : لقد غلبنا النعاس , هيا كلُ ُ الى داره هيا , فأنتفض المجلس عن أهله و كأن شيئاً لم
يكن .
أنتهى
الأرتقاء , كان أمير المؤمنين هارون الرشيد في مجلسه المعتاد اللذي لم يخلوا من العلماء أو
الشعراء , و بينما هم يتحاورون و يتناقشون , أذ حدث امرٌ عجيب , ما رأوه قط فهو غريب , فقد
ظهر في ساحة مجلسه ضوءاً كأنها الشمس قد حلت بينهم , و خرج منها شابٌ أسود اللبس أبيض
البشرة , متوسط القامة , حليق اللحية قصير الشعر , فوقف بين يدي هارون و ألقى السلام , فما
زالت عنهم الدهشة التي ملكتهم , و سل أحد الحراس سيفه و قال : أني أظنه الشيطان قد حل بيننا
فهيا عليه لنقتله , فقال له الرشيد : مه يا أبى عثمان , فما أظنه الشيطان فقد ألقى السلام لنا و
علينا رده , فرد عليه السلام , وسأله الرشيد : ما حاجتك بيننا يا غريب , قال الشاب : أصلح الله ا
لأمير , فأنا أدعى بأحمد بن كنعان , أسافر عبر الأزمان , و أحل في كل الأوطان , أتيتكم من زمن
كثر فيه الشنارِ , وطغى فيه الأشرارِ , وتطاولت فيك ايادي البهتان , وقصرت عنك ايادي البرهان,
زماني طفح فيه سيل العار , وما بقي أي شرف يعار , و أي شرف لنا بعدما ابتعدنا عن ديننا , و ل
هثنا خلف دنيانا , لا تدري كيف هي أحوالنا , استباح الصليب أوطاني , و أخوتي في تيهانِ , نموت
كل يوم بالعشرات , و لا يموت منهم إلا الآحاد , يا أمير أتيتك من زماني , بعدما علمت أنك افضل
الحكام , كنت تنفق من صلب مالك الكثير , و تحج دوماً بالناس , و تنفق لهم من الخيرات , علمت
كيف أهلكت البرامكة , بعدما عاثوا في الديار , و كيف رددت على رأس الصليب بالكلب , بعدما
هددك , و نحن هيهات لننطق بالحرف فما بال الكلمة , يا سيدي هارون حرماتنا انتهكت , وبلادنا
هدمت , أخواننا يموتون , و نحن نائمون , يا سيدي قد اذلنا اليهود , و دمرنا النصارى , يا سيدي
سبوا النساء و قتلوا الأطفال , و دمروا المساجد , و أبدلوها بالكنائس , احرق القرآن , و أستباحوا
عرض خير أنسان , يا سيدي أرجوك ان تأتي معي فنحن في حاجتك , بعدما أنتهى الشاب من حديثه
, بكى هارون الرشيد حتى شهق , و ابكى من حوله , فلما انتهى قال للشاب : يا بني , لقد ولدت في
هذا الزمان و أنا اسعى جاهداً في بذل قصارى جهدي لرفع راية الأسلام , فأن تركت حكمي لتقاتلى
عليه هاذان الأثنان (و أشار على الأمين و المأمون) , فعلي واجبات أقوم بها , فأنت تعلم بلاد ا
لصائفة ليس لها أمان , و دولتي كل يوم بها خروج و فتنة , و أنا احاول جاهداً في ابقائها على حالها
, فلا أقدر أن آتي معك , و انصحك بالتقوى , و ايقاظ الغافل , و تعليم الجاهل , وتنشيط العلماء , و
نصح السادات , فحالكم قد قطع قلبي , ولكن أنتم من جلبه لأنفسكم , نسيتوا الله فأنساكم أنفسكم ,
فالله حاشاه أن يكون ظالماً , فأبحث عن الخلل اللذي فيكم و أنظر فيه و ابدأ في أصلاحه , وعليك ب
كتاب الله و سنة رسوله , وبينما هارون خائض في حديثه , أذ أخرج الشاب شيئا ما من جيبه , و
رفعه و قال : حسناً انا عائد الآن الى زماني , قد علمت أين نقصاني , ويجب أن امحي هذه اللحظة
من ذاكرتكم , و أضاء الشيء اللذي في يده حتى بعث بأشعاعات على رأس كل حاضر و بقيت عليه
برهة من الزمن , فلما انتهى كانوا نائمين , حينها قال الشاب و كأنه يحادث نفسه : أفتحي يا بوابة ا
لأزمان , وظهر ذلك الضوء مرة أخرى و دخله الشاب و اختفى , و استيقظ كل من كان في المجلس
و قال هارون : لقد غلبنا النعاس , هيا كلُ ُ الى داره هيا , فأنتفض المجلس عن أهله و كأن شيئاً لم
يكن .
أنتهى