الحسام اللامع
17-01-2009, 22:34
^
^
^
^
^
بقلم عبدالله الجلاسي
^
^
^
^
^
لا يوجد عند "عبدالله الجلاسي" أدنى فكرة في إنزال موضوع ما هذه الأيام .. فعادته الاطلاع على المواضيع والخوض فيها حوارا ونقاشا واستفادة .. ولكن سرعان ما انقلبت موازينه .. وسرعان ما تبدلت أحواله .. وتغيرت قناعاته .. كيف لا ؟!! وشخصيته تفرض عليه حب التنافس .. ومقارعة الكبار .. والتسابق الحميمي .. وكما انه يحب مقارعة الكبار فهو لا يحب المركز الثاني أبدا .. بل لا يستغرب عنه تفضيل المركز الأخير عليه ، إن لم يكن صاحب الورقة الأولى في السباق !!
هاهو الأخ "همام" يشعل فتيل التنافس بين الأعضاء ، ليرى من المتميز منهم في كتاباته ، ويرى من يستطيع نقش الوسام تحت بيانات عضويته بـ"الفائز الأول" ، حينها ... كان حتما على عبدالله الجلاسي ولابد !! .. أن يسل حسامه اللامع .. ليشهره في وجه كل عضو يوجد عنده أدنى نية من "تنافس" ، بل مثقال ذرة من "تحدي" ، بل أضعاف صغرها من "مواجهه" !!
يكتب إليكم عبدالله الجلاسي هذا المقال البسيط ليدخل به حلبة المواجهة ودائرة التقييم .. فأرجوا أن ينال إعجاب الجميع ...
جوانب مهمة في حياتك .. إياك أن تهملها
جَمِيلٌ جِدّاً أَن يَكُونَ دَيدَنُ الإِنسَانِ فِي حَيَاتِهِ التَّطوِيرَ الذَّاتِيَّ المُستَمِرَّ مِنَ الأَحسَنِ إِلى الأَحسَنِ .. وَبِاختِلافِ تَوَجُّهَاتِ النَّاسِ وَرَغبَاتِهِم فِي تَطوِيرِ ذَوَاتِهِم .. إِلا أَنَّ هُنَاكَ جَوَانِبَاً أَسَاسِيّةً لا يَنبَغِي إِهمَالُهَا وَالتّفرِيطُ فِيهَا .. وَمِن نَاحِيَةٍ أُخرَى لابُدَّ مِن التَّوَازُنِ بَينَ هَذِهِ الجَوَانِبِ ، بِمَعنَى إِعطَاءُ كُلِّ جَانِبٍ حَقَّهُ مِن العِنَايَةِ وَالاهتِمَامِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّطوِيرِ وَالتَّغذِيَةِ المُستَمِرَّةِ .. حَتَّى تُصبِحَ حَيَاةُ ذَلِكَ الإِنسَانِ حَيَاةً يَملَؤُهَا الجِدُّ وَالاجتِهَادُ .. حَيَاةً مَلِيئَةً بِصِنَاعَةِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ مَعَاً .. حَيَاةً بَرِيقُهَا الأَمَلُ .. حَيَاةً سَلِيمَةً مِن التَّنَاقُضِ .. وَكم سَمِعنَا مِن الأَمرَاضِ النَّفسِيَّةِ وَكَثرَتِهَا فِي هَذَا العَصرِ .. وَلَعَلَّ هَذَا المقالَ يُلقِي الضَّوءَ عَلَيهَا بِطَرِيقَةٍ غَيرِ مُبَاشِرَةٍ لِنُبَيِّنَ مِن خِلالِ ذَلِكَ الضَّوءِ أَنَّ الإِنسَانَ عِندَمَا يَكُونُ مُتَوَازِنَاً فِي حَيَاتِهِ .. مُشبِعَاً لِجَمِيعِ جَوَانِبِهِ المُهِمَّةِ ، فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَسلَمُ مِن الفَرَاغِ بِشَكلٍ عَام .. وَالفَرَاغِ الرُّوحِيِّ وَالعَاطِفِيِّ بِشَكلٍ خَاصٍّ ، وَهُمَا غَالِبَاً السَبَبُ العَظِيمُ وَرَاءَ تِلكَ العُقَدِ وَتِلكَ الأَمرَاضِ النَّفسِيَّةِ وَالانحِرَافَاتِ العَاطِفَيَّةِ ..
الجَانِبُ الإِيمَانِيُّ .. وَهُوَ الرَّكِيزَةُ العُظمَى .. وَاللَّبِنَةُ الأَسَاسِيَّةُ فِي حَيَاةِ الإِنسَانِ .. عَلَيهَا يَرتَكِز .. وَمِن مَائِهَا يَرتَوِي .. وَمِن خِلالِ مَيدَانِهَا يَنطَلِقُ لِبِنَاءِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَإِنَّ أَهَمَّ أَسَاسٍ فِي هَذَا الجَانِبِ هُوَ جَانِبُ التَّوحِيدِ ، جَانِبُ العَلاقَةِ مَعَ اللهِ تَعَالَى وَخَشيَتِهِ وَتَقوَاهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ وَرَجَاءِهِ وَخَوفِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِخلاصِ العَمَلِ لَهُ ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِن أَعمَالِ القُلُوبِ ، فَكَيفَ حَالُ الإِنسَانِ مَعَ هَذَا الجَانِبِ ؟! .. كَيفَ حَالُهُ مَعَ الفَرَائِضِ الخَمسِ مَثَلاً .. هَل هُوَ مِن المُحَافِظِينَ عَلَيهَا ؟! .. و َمَاهِي أَحوَالُهُ مَع ذِكرِ اللهِ تَعَالَى مِن تِلاوَةِ كِتَابِهِ وَاستِغفَارِهِ وَتَسبِيحِهِ وَتَكبِيرِهِ وَتَعظِيمِهِ ، وَمَا هِي أَحوَالُهُ فِي نَوَافِلِ العِبَادَاتِ مِن صَلاةٍ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ ..
الجَانِبُ التَّربَوِي .. وَهُوَ جَانِبٌ مُكَمِّلٌ لِلجَوَانِبِ الأُخرَى .. كَمَا أَنَّهَا هِيَ مُكَمِّلَةٌ لِبَعضِهَا البَعضِ .. وَالمُشَاهِدُ فِي عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ يَجِدُ أَنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِتَطوِيرِ هَذَا الجَانِبِ ، جَانِبِ التَّعَامُلِ مَعَ النَّفسِ أَولاً ، ثُمَّ مَعَ النَّاسِ ثَانِيَاً ، وَأَدَعُ لَكُم الحُكمَ لِتَحكُمُوا بِأنفُسِكُم ، وَلِتَرَوا بِأُمِّ أَعيُنِكُم مَدَى اهتِمَامِنَا بِهَذَا الجَانِبِ ، انظُرُوا إِن شِئتُم إِلَى هَؤُلاءِ الأَطفَالِ الذِين سَيُصبِحُونَ فِيمَا بَعدُ آبَاءً وَأَجدَادَاً ، كَمَا يُصبِحُونَ قَادَةً لِلأُمَّةِ وَلِلأجيَالِ ، انظُر كَيفَ يَتِمُّ تَحطِيمُ نَفسِيَّاتِ الطِّفلِ وَمَعنَوِّيَاتِهِ بِأَسَالِيبَ كَثِيرَةٍ مُبَاشِرَةٍ وَغَيرِ مُبَاشِرَةٍ ، انظُر إِلَى التَّعَامُلِ السَّيئِ مَع الأَطفَالِ وَكيفَ أَنَّ هَذَا التَّعَامُلَ سَيُثمِرُ وَسَينعَكِسُ عَلَى سُلُوكِهِ وَنَفسِيَّتِهِ سَلبِيَّاً لا إِيجَابِيَّاً ، وَإِذَا نَظرنَا فَقط إِلَى هَذَا الجَانِبِ مِن هَذِهِ النَّاحِيَةِ .. لَعَرَفنَا أَنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِتَطوِيرِ هَذَا الجَانِبِ ، لِكَي نَرتَقِي بِمُجتَمَعِنَا إِلى الأَفضَلِ بإِذنِ اللهِ ..
الجَانِبُ العَقلِيُّ .. مِن الجَوَانِبِ المُهِمَّةِ التِي تَحتَاجُ قَدرَاً كَبِيرَاً مِن العِنَايَةِ وَالاهتِمَامِ ، وَيَزدَادُ تَطَوُّرَاً بِالقِرَاءَةِ والإِطِلاعِ ، كَمَا يَزدَادُ بِالحِوَارِ وَالنِّقَاشِ البَنَّاءِ ، فَهُوَ يَزِيدُ مِن المَلَكَةِ العَقلِيَّةِ كَمَا يَقُومُ بِتَوسِيعِ مَدَارِكِ العَقلِ وَقُوَاه .. وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الأَسبَابِ التِي تَزِيدُهُ تَطَوُّرَاً التَّأَمُّلُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَخلُوقَاتِ اللهِ تَعَالَى ، وَتَدَبُّرِ كِتَابِهِ ، وَهَذَانِ الأَمرَانِ يَشتَرِكَانِ فِي الجَوَانِبِ الإِيمَانِيَّةِ وَالعَقلِيَّةِ وَالنَّفسِيَّةِ ..
الجَانِبُ النَّفسِيُّ .. كَم نَحتَاجُ قَدرَاً كَبِيرَاً مِن الثِّقَةِ "المعتدلة" بِالنَّفسِ ، فَكَم مِن الأُمُورِ العِظَامِ تَحتَاجُ لِوَاثِقِينَ مِن أَنفُسِهِم قَادِرِينَ عَلَى الإِنتَاجِ وَالتَّحصِيلِ ، وَمَا أَتَى الكَسَلُ وَالخُمُولُ وَالإِحبَاطُ إِلا عِندَمَا فَرَغَ خَزَّانُ الثِّقَةِ بِالَّنَفسِ ، فَتَتَسَلَّطُ الأَوهَامُ حِينَئذٍ ، وَتَغلُبُ الإِيحَاءَاتُ السَّلبِيَّةُ عَلَى الإِيحَاءَاتِ الإِيجَابِيَّةِ ، فَلا غَرَابَةَ حِينَهَا أَن يَكُونَ الإِنسَانُ سَلبِيَّاً ، وَبِالتَّالِي تَطغَى ظُنُونُه السَّيِئَةُ عَلَى خَواطِرِهِ الحَسَنَةِ المُفعَمَةِ بِالأَمَلِ وَالإِبدَاعِ وَالطَّاقَةِ وَالنَّشَاطِ ، فَأَهلاً وَمَرحَبَاً بِالكَآبَةِ .. وَسُحقَاً لِلرُّقِيِّ وَالإِبدَاعِ !!
الجَانِبُ الاجتِمَاعِيُّ .. وَهُوَ عَامِلٌ مُهِمُّ ، وَلُه ارتِبَاطٌ وَثِيقٌ بِالجَوَانِبِ النَّفسِيَّةِ وَالتَّربَوِّيَةِ ، فَالخُلطَةُ "المعتدلة" مَع النَّاسِ تُفضِي إِلى اكتِسَابِ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةٍ فِي جَانِبِ التَّعَامُلِ وَالعَلاقَاتِ وَالصَّدَاقَاتِ .. كَمَا أَنَّهَا تَصقُلُ شَخصِيَّةَ الإِنسَانِ وَتَزِيدُ مِن قُوَّتِهَا ، وَكُلُّكُم يَعرِفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الانطِوَائِيَّ ، كَم يَتَعرَّضُ لأَزَمَاتٍ نَفسِيَّةٍ ، وَمَا ضَعُفَتْ شَخصِيَّتُهُ التِي زَادَتْهُ هَوَانَاً عَلَى هَوَانِهِ إِلا مِن تِلكَ الانطِوَائِيَّةِ .. وَمَع أَنَّ الخُلطَةَ مَع النَّاسِ لا تَخلُو مِن مَشَاكِلَ أَيَّاً كَانَت ، فَإِنَّهَا تَنعَكِسُ عَلَى الإِنسَانِ نَفسَهُ ، فَكَيفَ تَبرُزُ الجَوَانِبُ الأَخلاقِيَّةُ المُتَمَيِّزَةُ مِن دُونِ مَشَاكِلٍ ؟ وَكَيفَ نَعرِفُ صَاحِبَ الأَخلاقِ الرَّفِيعَةِ مِن غَيرِهِ إِن لَم يَتَعَرَّضُوا لِمِحَنٍ وَأَزَمَاتٍ تُفَرِّقُ بَينَهُم ، وَتَكْشِفُ المَستُورَ مِن أَخلاقِهِمْ ، فَيَرتَقِي صَاحِبُ الحِلمِ بِحِلمِهِ وَأَخلاقِهِ ، وَيَظَلُّ صَاحِبُ النَّفسِ الدنِيئَةِ يَرتَعُ فِي أَخلاقِيَّاتِهِ التِي أَودَتْ بِهِ إِلَى الحَظِيظِ !!
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (( المُؤمِنُ الذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيصبِرُ عَلَى أَذَاهُم خَيرٌ مِن الذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم )).
هذه بعضا من الجوانب التي "أراها" مهمة بنظري .. كتبتها بحبر التنافس وسطرتها بقلم الابداع والتنسيق ..
والختام سلام... الى اللقاء
عبدالله الجلاسي
^
^
^
^
بقلم عبدالله الجلاسي
^
^
^
^
^
لا يوجد عند "عبدالله الجلاسي" أدنى فكرة في إنزال موضوع ما هذه الأيام .. فعادته الاطلاع على المواضيع والخوض فيها حوارا ونقاشا واستفادة .. ولكن سرعان ما انقلبت موازينه .. وسرعان ما تبدلت أحواله .. وتغيرت قناعاته .. كيف لا ؟!! وشخصيته تفرض عليه حب التنافس .. ومقارعة الكبار .. والتسابق الحميمي .. وكما انه يحب مقارعة الكبار فهو لا يحب المركز الثاني أبدا .. بل لا يستغرب عنه تفضيل المركز الأخير عليه ، إن لم يكن صاحب الورقة الأولى في السباق !!
هاهو الأخ "همام" يشعل فتيل التنافس بين الأعضاء ، ليرى من المتميز منهم في كتاباته ، ويرى من يستطيع نقش الوسام تحت بيانات عضويته بـ"الفائز الأول" ، حينها ... كان حتما على عبدالله الجلاسي ولابد !! .. أن يسل حسامه اللامع .. ليشهره في وجه كل عضو يوجد عنده أدنى نية من "تنافس" ، بل مثقال ذرة من "تحدي" ، بل أضعاف صغرها من "مواجهه" !!
يكتب إليكم عبدالله الجلاسي هذا المقال البسيط ليدخل به حلبة المواجهة ودائرة التقييم .. فأرجوا أن ينال إعجاب الجميع ...
جوانب مهمة في حياتك .. إياك أن تهملها
جَمِيلٌ جِدّاً أَن يَكُونَ دَيدَنُ الإِنسَانِ فِي حَيَاتِهِ التَّطوِيرَ الذَّاتِيَّ المُستَمِرَّ مِنَ الأَحسَنِ إِلى الأَحسَنِ .. وَبِاختِلافِ تَوَجُّهَاتِ النَّاسِ وَرَغبَاتِهِم فِي تَطوِيرِ ذَوَاتِهِم .. إِلا أَنَّ هُنَاكَ جَوَانِبَاً أَسَاسِيّةً لا يَنبَغِي إِهمَالُهَا وَالتّفرِيطُ فِيهَا .. وَمِن نَاحِيَةٍ أُخرَى لابُدَّ مِن التَّوَازُنِ بَينَ هَذِهِ الجَوَانِبِ ، بِمَعنَى إِعطَاءُ كُلِّ جَانِبٍ حَقَّهُ مِن العِنَايَةِ وَالاهتِمَامِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّطوِيرِ وَالتَّغذِيَةِ المُستَمِرَّةِ .. حَتَّى تُصبِحَ حَيَاةُ ذَلِكَ الإِنسَانِ حَيَاةً يَملَؤُهَا الجِدُّ وَالاجتِهَادُ .. حَيَاةً مَلِيئَةً بِصِنَاعَةِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ مَعَاً .. حَيَاةً بَرِيقُهَا الأَمَلُ .. حَيَاةً سَلِيمَةً مِن التَّنَاقُضِ .. وَكم سَمِعنَا مِن الأَمرَاضِ النَّفسِيَّةِ وَكَثرَتِهَا فِي هَذَا العَصرِ .. وَلَعَلَّ هَذَا المقالَ يُلقِي الضَّوءَ عَلَيهَا بِطَرِيقَةٍ غَيرِ مُبَاشِرَةٍ لِنُبَيِّنَ مِن خِلالِ ذَلِكَ الضَّوءِ أَنَّ الإِنسَانَ عِندَمَا يَكُونُ مُتَوَازِنَاً فِي حَيَاتِهِ .. مُشبِعَاً لِجَمِيعِ جَوَانِبِهِ المُهِمَّةِ ، فَإِنَّهُ بِذَلِكَ يَسلَمُ مِن الفَرَاغِ بِشَكلٍ عَام .. وَالفَرَاغِ الرُّوحِيِّ وَالعَاطِفِيِّ بِشَكلٍ خَاصٍّ ، وَهُمَا غَالِبَاً السَبَبُ العَظِيمُ وَرَاءَ تِلكَ العُقَدِ وَتِلكَ الأَمرَاضِ النَّفسِيَّةِ وَالانحِرَافَاتِ العَاطِفَيَّةِ ..
الجَانِبُ الإِيمَانِيُّ .. وَهُوَ الرَّكِيزَةُ العُظمَى .. وَاللَّبِنَةُ الأَسَاسِيَّةُ فِي حَيَاةِ الإِنسَانِ .. عَلَيهَا يَرتَكِز .. وَمِن مَائِهَا يَرتَوِي .. وَمِن خِلالِ مَيدَانِهَا يَنطَلِقُ لِبِنَاءِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَإِنَّ أَهَمَّ أَسَاسٍ فِي هَذَا الجَانِبِ هُوَ جَانِبُ التَّوحِيدِ ، جَانِبُ العَلاقَةِ مَعَ اللهِ تَعَالَى وَخَشيَتِهِ وَتَقوَاهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ وَرَجَاءِهِ وَخَوفِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَإِخلاصِ العَمَلِ لَهُ ، وَغَيرِ ذَلِكَ مِن أَعمَالِ القُلُوبِ ، فَكَيفَ حَالُ الإِنسَانِ مَعَ هَذَا الجَانِبِ ؟! .. كَيفَ حَالُهُ مَعَ الفَرَائِضِ الخَمسِ مَثَلاً .. هَل هُوَ مِن المُحَافِظِينَ عَلَيهَا ؟! .. و َمَاهِي أَحوَالُهُ مَع ذِكرِ اللهِ تَعَالَى مِن تِلاوَةِ كِتَابِهِ وَاستِغفَارِهِ وَتَسبِيحِهِ وَتَكبِيرِهِ وَتَعظِيمِهِ ، وَمَا هِي أَحوَالُهُ فِي نَوَافِلِ العِبَادَاتِ مِن صَلاةٍ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ ..
الجَانِبُ التَّربَوِي .. وَهُوَ جَانِبٌ مُكَمِّلٌ لِلجَوَانِبِ الأُخرَى .. كَمَا أَنَّهَا هِيَ مُكَمِّلَةٌ لِبَعضِهَا البَعضِ .. وَالمُشَاهِدُ فِي عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ يَجِدُ أَنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِتَطوِيرِ هَذَا الجَانِبِ ، جَانِبِ التَّعَامُلِ مَعَ النَّفسِ أَولاً ، ثُمَّ مَعَ النَّاسِ ثَانِيَاً ، وَأَدَعُ لَكُم الحُكمَ لِتَحكُمُوا بِأنفُسِكُم ، وَلِتَرَوا بِأُمِّ أَعيُنِكُم مَدَى اهتِمَامِنَا بِهَذَا الجَانِبِ ، انظُرُوا إِن شِئتُم إِلَى هَؤُلاءِ الأَطفَالِ الذِين سَيُصبِحُونَ فِيمَا بَعدُ آبَاءً وَأَجدَادَاً ، كَمَا يُصبِحُونَ قَادَةً لِلأُمَّةِ وَلِلأجيَالِ ، انظُر كَيفَ يَتِمُّ تَحطِيمُ نَفسِيَّاتِ الطِّفلِ وَمَعنَوِّيَاتِهِ بِأَسَالِيبَ كَثِيرَةٍ مُبَاشِرَةٍ وَغَيرِ مُبَاشِرَةٍ ، انظُر إِلَى التَّعَامُلِ السَّيئِ مَع الأَطفَالِ وَكيفَ أَنَّ هَذَا التَّعَامُلَ سَيُثمِرُ وَسَينعَكِسُ عَلَى سُلُوكِهِ وَنَفسِيَّتِهِ سَلبِيَّاً لا إِيجَابِيَّاً ، وَإِذَا نَظرنَا فَقط إِلَى هَذَا الجَانِبِ مِن هَذِهِ النَّاحِيَةِ .. لَعَرَفنَا أَنَّنَا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ لِتَطوِيرِ هَذَا الجَانِبِ ، لِكَي نَرتَقِي بِمُجتَمَعِنَا إِلى الأَفضَلِ بإِذنِ اللهِ ..
الجَانِبُ العَقلِيُّ .. مِن الجَوَانِبِ المُهِمَّةِ التِي تَحتَاجُ قَدرَاً كَبِيرَاً مِن العِنَايَةِ وَالاهتِمَامِ ، وَيَزدَادُ تَطَوُّرَاً بِالقِرَاءَةِ والإِطِلاعِ ، كَمَا يَزدَادُ بِالحِوَارِ وَالنِّقَاشِ البَنَّاءِ ، فَهُوَ يَزِيدُ مِن المَلَكَةِ العَقلِيَّةِ كَمَا يَقُومُ بِتَوسِيعِ مَدَارِكِ العَقلِ وَقُوَاه .. وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الأَسبَابِ التِي تَزِيدُهُ تَطَوُّرَاً التَّأَمُّلُ وَالتَّفَكُّرُ فِي مَخلُوقَاتِ اللهِ تَعَالَى ، وَتَدَبُّرِ كِتَابِهِ ، وَهَذَانِ الأَمرَانِ يَشتَرِكَانِ فِي الجَوَانِبِ الإِيمَانِيَّةِ وَالعَقلِيَّةِ وَالنَّفسِيَّةِ ..
الجَانِبُ النَّفسِيُّ .. كَم نَحتَاجُ قَدرَاً كَبِيرَاً مِن الثِّقَةِ "المعتدلة" بِالنَّفسِ ، فَكَم مِن الأُمُورِ العِظَامِ تَحتَاجُ لِوَاثِقِينَ مِن أَنفُسِهِم قَادِرِينَ عَلَى الإِنتَاجِ وَالتَّحصِيلِ ، وَمَا أَتَى الكَسَلُ وَالخُمُولُ وَالإِحبَاطُ إِلا عِندَمَا فَرَغَ خَزَّانُ الثِّقَةِ بِالَّنَفسِ ، فَتَتَسَلَّطُ الأَوهَامُ حِينَئذٍ ، وَتَغلُبُ الإِيحَاءَاتُ السَّلبِيَّةُ عَلَى الإِيحَاءَاتِ الإِيجَابِيَّةِ ، فَلا غَرَابَةَ حِينَهَا أَن يَكُونَ الإِنسَانُ سَلبِيَّاً ، وَبِالتَّالِي تَطغَى ظُنُونُه السَّيِئَةُ عَلَى خَواطِرِهِ الحَسَنَةِ المُفعَمَةِ بِالأَمَلِ وَالإِبدَاعِ وَالطَّاقَةِ وَالنَّشَاطِ ، فَأَهلاً وَمَرحَبَاً بِالكَآبَةِ .. وَسُحقَاً لِلرُّقِيِّ وَالإِبدَاعِ !!
الجَانِبُ الاجتِمَاعِيُّ .. وَهُوَ عَامِلٌ مُهِمُّ ، وَلُه ارتِبَاطٌ وَثِيقٌ بِالجَوَانِبِ النَّفسِيَّةِ وَالتَّربَوِّيَةِ ، فَالخُلطَةُ "المعتدلة" مَع النَّاسِ تُفضِي إِلى اكتِسَابِ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةٍ فِي جَانِبِ التَّعَامُلِ وَالعَلاقَاتِ وَالصَّدَاقَاتِ .. كَمَا أَنَّهَا تَصقُلُ شَخصِيَّةَ الإِنسَانِ وَتَزِيدُ مِن قُوَّتِهَا ، وَكُلُّكُم يَعرِفُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الانطِوَائِيَّ ، كَم يَتَعرَّضُ لأَزَمَاتٍ نَفسِيَّةٍ ، وَمَا ضَعُفَتْ شَخصِيَّتُهُ التِي زَادَتْهُ هَوَانَاً عَلَى هَوَانِهِ إِلا مِن تِلكَ الانطِوَائِيَّةِ .. وَمَع أَنَّ الخُلطَةَ مَع النَّاسِ لا تَخلُو مِن مَشَاكِلَ أَيَّاً كَانَت ، فَإِنَّهَا تَنعَكِسُ عَلَى الإِنسَانِ نَفسَهُ ، فَكَيفَ تَبرُزُ الجَوَانِبُ الأَخلاقِيَّةُ المُتَمَيِّزَةُ مِن دُونِ مَشَاكِلٍ ؟ وَكَيفَ نَعرِفُ صَاحِبَ الأَخلاقِ الرَّفِيعَةِ مِن غَيرِهِ إِن لَم يَتَعَرَّضُوا لِمِحَنٍ وَأَزَمَاتٍ تُفَرِّقُ بَينَهُم ، وَتَكْشِفُ المَستُورَ مِن أَخلاقِهِمْ ، فَيَرتَقِي صَاحِبُ الحِلمِ بِحِلمِهِ وَأَخلاقِهِ ، وَيَظَلُّ صَاحِبُ النَّفسِ الدنِيئَةِ يَرتَعُ فِي أَخلاقِيَّاتِهِ التِي أَودَتْ بِهِ إِلَى الحَظِيظِ !!
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (( المُؤمِنُ الذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيصبِرُ عَلَى أَذَاهُم خَيرٌ مِن الذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلا يَصبِرُ عَلَى أَذَاهُم )).
هذه بعضا من الجوانب التي "أراها" مهمة بنظري .. كتبتها بحبر التنافس وسطرتها بقلم الابداع والتنسيق ..
والختام سلام... الى اللقاء
عبدالله الجلاسي