PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : رابط القصص القصيرة....367 قصة قصيرة



Karmin
31-10-2008, 13:12
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم


أقدم لكم اليوم مجموعة من القصص المميزة التي تفيد بعبرهاو حكمها
عددها حوالي 367 قصة قصيرة
القصة الأولى
أمر الله عَزَّ وجل نبيه إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة ليقوم الناس بعبادته سبحانه عندها. ومرت مئات السنين والناس يقبلون على الكعبة يطوفون بها ويدعون الله عندها، وتزداد أعدادهم يومًا بعد يوم. حتى جاء أبرهة الحبشي-وكان ملكًا ظالمًا-واغتاظ من ذلك، وأحب أن يحج الناس عنده بدلاً من الكعبة، فبنى كنيسة عظيمة، وطلب من الناس أن يحجوا عندها، لكنهم لم يذهبوا إليها فازداد غيظ أبرهة وعزم على هدم الكعبة، وكان عنده فيل كبير جدًا لم ير الناس مثله فذهب بالفيل وبجنوده الكثيرة يريد أن يهدم، الكعبة فخاف الناس ودعوا الله أن يهلك أبرهة قبل أن يصل إلى الكعبة. وبالفعل أرسل الله طيرًا كثيرًا تحمل حجارة صغيرة في مناقيرها. هذه الحجارة من نار جهنم وفي لحظات كانت الطيور تغطي السماء، وتلقي الحجارة على رؤوس جيش أبرهة فمات الجنود وأصبحوا يشبهون التبن الذي تأكله العصافير.
القصة الثانية
في يوم من الأيام، كان يعيش ملك ظالم يأمر الناس بعبادته والسجود له بدلاً من السجود لربهم، وكان عند هذا الملك ساحر كبير أوشك أن يموت، فطلب الساحر من الملك أن يرسل إليه طفلاً ليعلمه السحر. فلقد كان الساحر يريد أن يستمر السحر والشر بعد موته، وكان هذا الغلام الصغير يذهب إلى الساحر كل يوم، ولكنه كان يرى رجلاً كبيرًا في الطريق يعيش في بيت صغير بعيدا عن الملك والناس يعبد فيه الله، فأحب الغلام هذا الشيخ وكان يجلس معه ويسمع كلامه عن الله، فأحب الغلام الله، ولكن الساحر كان يضرب الغلام لأنه كان يتأخر عن موعد الدرس، ولما علم الشيخ ذلك أمر الغلام أن يدعي أن تأخره بسبب أن أهله كانوا يحتاجون إلى بعض الطلبات، وفي يوم من الأيام رأى الغلام حيوانًا كبيرًا يسد الطريق، ويمنع الناس من المرور، فعلم أنها فرصة ليعلم الصواب من الخطأ فأخذ حجرًا صغيرًا وقال: اللهم إن كنت تحب الراهب فاقتل هذا الحيوان ورماه بالحجر فمات، ومنذ ذلك الوقت أصبح الغلام يعالج الناس من الأمراض.
وذات يوم جاءه رجل أعمي من أصدقاء الملك بهدايا كثيرة وطلب منه أن يعالجه ويرد عليه بصره، فأخبره الغلام أن الذي يشفي هو الله، أما هو فيدعوا الله فقط، واشترط عليه ان يؤمن بالله حتى يرد الله عليه بصره فلما ءامن الرجل شفاه الله. ولما علم الملك أن هذا الرجل ءامن بالله عذبه وأحضره هو والشيخ فقتلهما لأنهما رفضا أن يعبداه، وهدد الغلام بأنه سوف يختار له موتةً لا يحلم بها، فأرسله مع جنوده ليلقوه من فوق الجبل، فتزلزل الجبل ومات الجنود ورجع الغلام سالمًا. فتغيظ الملك وأرسله مع جنود آخرين ليلقوه في البحر ليغرق. فلما كانوا في وسط البحر انقلبت السفينة فغرقوا جميعًا، ورجع الغلام سالمًا إلى الملك. فتعجب الملك من ذلك، فقال له الغلام: لن تستطيع قتلي إلا بعد أن تصنع ما أقول لك، ولابد أن يكون أهل المدينة كلهم موجودين، وهو أن تأخذ سهمًا مني، وقبل أن ترميني بالسهم تقول باسم الله رب الغلام. فوافق الملك على ذلك وفعل ما أمره به الغلام فوقع السهم في خد الغلام فمات الغلام وقال الناس في كل مكان: آمنا برب الغلام. فجن جنون الملك، وحفر لهم حفرًا كبيرة وأشعل فيها النار ورمى المؤمنين فيها، وكان من بين المؤمنين امرأة تحمل طفلاً رضيعًا، فتراجعت عن الوقوع في النار خوفًا على طفلها، وإذا بالطفل الرضيع يقول لها: أصبري يا أمي إنك على حق، فألقت الأم نفسها في النار ومعها طفلها، فجزاهما الله وجميع المؤمنين بدخولهم الجنة، وجعل لهم فيها كل ما يحبون.
القصة الثالثة
كان يعيش رجل أبرص، ورجل أعمى وآخر أقرع فأرسل الله إليهم أحد الملائكة في صورة رجل ليختبرهم، فقال الملَك للأبرص: تمن. فقال: أتمنى جلدًا حسنًا، فمسح عليه الملك فصار جلده جميلاً، وأعطاه ناقة على وشك الولادة. وذهب الملك للأقرع وقال له: تمن. قال: أتمنى أن يكون عندي شعرًا جميلاً، فمسح على رأسه فصار عنده شعرًا جميلاً. وأعطاه بقرة حاملاً. ثم ذهب للأعمى وقال له: تمن. فقال: أتمنى أن أرى بعيني فمسح على عينه فأصبح يرى بها وأعطاه شاة حاملاً. وبعد أيام ولدت الناقة والبقرة والشاة، ومرت الأيام وأصبح عند الأبرص نوقًا كثيرة، وعند الأقرع بقرًا كثيرًا، وعند الأعمى أغنامًا كثيرة. فجاءهم الملك بعد ذلك بفترة على صورته التي كان عليها، فجاء للأبرص وقال: أنا مسافر وليس معي مال فأعطني ناقة تساعدني على السفر، فقال: لا أعطيك ناقة ولا أعطي غيرك، إني لا أحب أن أكون فقيرًا فأنا من أسرة غنية جدًا وذهب الملك للأقرع وقال له كما قال للأبرص فصنع الأقرع كما صنع الأبرص، فذهب الملك إلى الأعمى وقال له كما قال للأقرع والأبرص فكان الأعمى وفيًا فقال له: خذ ما تريد لقد كنت يومًا من الأيام أعمى مثلك فشفاني الله فقال له الملك: لن آخذ منك شيئًا، وأعلم أن الله قد رضي عنك، وغضب على الأقرع والأبرص، وأعادهما كما كانا.
وأعطاه ألف درهم، فكان الرجل بد ذلك إذا رآه يقول: إنك من أولاد الأنبياء‍‍!!
القصة الرابعة
في يوم من الأيام كانت الجارية تصب الماء من الإبريق لعلي بن الحسين ليتوضأ. فسقط الإبريق منها ووقع على رأس عليَّ فجرحه، فرفع رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله يقول: (والكاظمين الغيظ) قال: كظمت غيظي، فقالت: (والعافين عن الناس) قال: عفوت عنك، فقالت: (والله يحب المحسنين) قال: أنت حرة لوجه الله تعالى.
القصة الخامسة
في يوم من الأيام كان هناك فارس شجاع اسمه خبيب بن عدي، وكان خبيب يحارب المشركين مع النبي  ويقتل كثيرًا من المشركين وكان منهم رجل اسمه الحارث. وشاء الله أن يقع خبيب أسيرًا عند أقارب الحارث، وعزم أولاد الحارث أن يقتلوه، فربطوه بسلاسل من حديد ووضعوه في البيت، وكانت تحرسه امرأة من بنات الحارث، فكانت ترى العجب، فلقد كان خبيب يأكل فاكهة لذيذة وطعامًا شهيًا أرسله الله إليه، فقالت هذه المرأة: ما رأيت أسيرًا خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل عنبًا وليس في المدينة كلها عنقود عنب، وكان لهذه المرأة طفل صغير أخذ يحبو حتى جلس على رجل خبيب، وكان في يد خبيب آلة حادة وكانت هذه المرأة نائمة. فلما استيقظت ووجدت طفلها عند خبيب وفي يد خبيب آلة حادة خافت أن يذبحه لينتقم من أهله. فقال خبيب: لا تخافي إنني لا أغدر وترك الولد. ولما جاء أقارب الحارث ليقتلوا خبيب قالوا له: هل تحب أن محمدًا مكانك الآن وتكون أنت آمن في بيتك، فقال: لا، بل إني لا أحب أن يصاب رسول الله  بشوكة وأنا في بيتي فقتلوه. وبعد ذلك بلعته الأرض في باطنها حتى لا يقوم أقارب الحارث بتشويه جثته ولذلك يسمى بليع الأرض.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:15
القصة السادسة
في عصر من العصور كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أميرًا للمؤمنين، وكان يرسل جنوده إلى البلاد البعيدة ليفتحوها ويدخلوا الإسلام فيها. وفي هذا الوقت كان يعيش ولد طيب اسمه كلاب، وكان له أب وأم كبيرين جدًا، وكان كلاب يساعد أبويه في كل شيء، فيحلب لهما اللبن، وينظف البيت ويلبي طلباتهما، فقد كان أبواه لا يقدران على ذلك. وفي يوم من الأيام سمع كلاب أن الجهاد أحب الأعمال إلى الله وكان يحلم أن يموت شهيدًا ليدخل الجنة فطلب أن يكون في جيوش عمر بن الخطاب وقَبِلَه عمر، ففزع أبو كلاب وقال له: يا بني من يرعاني ويرعى أمك؟ألا تعلم أنى شيخ كبير؟ أنا لا أتحمل بعدك عني.
فجلس كلاب مع أبيه وظل يلح عليه حتى قبل الأب، وكان يظن أن كلابًا لن يتأخر، ومرت الأيام والأسابيع ولم يرجع كلابًا. وذات يوم كان الأب يجلس تحت شجرة فرأى حمامة تحمل الطعام في منقارها الصغير لأولادها في العش فتذكر ابنه كلاباً وظل يبكي حتى أصيب بالعمى. وذهب بعد ذلك إلى عمر بن الخطاب وطلب منه أن يرجع كلابًا، فكتب عمر خطابًا يطلب فيه من كلاب أن يرجع . فرجع الأب إلى بيته وجاء كلاب إلى عمر بن الخطاب فأمره عمر أن يحلب اللبن، ثم أخذ منه اللبن وأعطاه للأب فلما وضع الأب اللبن على فمه-وكان أعمى-قال: إنني أشم رائحة كلاب أين هو ؟ فقال عمر: إن كلاباً موجود معنا الآن. فقام الأب يقبل ابنه ويبكي، وظل كلاب يرعى أبويه حتى ماتا ثم ذهب للجهاد مرة أخرى.
القصة السابعة
في بلدة من البلاد كان يعيش ملك ظالم يقتل الناس بغير سبب، وكان يجوع المسلمين حتى مات منهم الكثير، فذهب إليه عالم صالح اسمه أبو الحسن الزاهد وقال له: اتق الله في دماء المسلمين ولا تقتلهم. فحبسه هذا الظالم وأمر بتعذيبه، وكان عنده أسد كبير فجوعه ثلاثة أيام وأدخل الأسد على أبي الحسن الزاهد ليأكله، فقام أبو الحسن يصلي واقترب الأسد منه وأخذ يلف حوله وينظر إليه ويلعق جسده المجروح، ثم رجع هذا الأسد الجوعان ولم يأكل أبا الحسن، والناس يتعجبون ويفرحون لأنهم يحبون أبا الحسن. وبعد ذلك سألوا أبا الحسن: هل كنت خائفًا من الأسد ؟ وفي أي شيء كنت تفكر وأنت في الصلاة ؟ فقال: والله لقد كنت أسأل نفسي فقط هل لعاب الأسد طاهر أم أنه نجس!!!
القصة الثامنة
أبو بكر الصديق صحابي جليل كان النبي يحبه كثيرًا. وفي يوم من الأيام كان أبو بكر يجلس مع النبي فدخل رجل فشتم أبا بكر فلم يرد عليه، فشتمه مرة أخرى، فلم يرد عليه أبو بكر فابتسم رسول الله. فشتمه الرجل مرة ثالثة فرد عليه أبو بكر فقام النبي وترك أبا بكر. فجرى أبو بكر خلف النبي وسأله: لماذا قمت يا رسول الله؟فأخبره النبيأن الملائكة كانوا يردون على الرجل لما كان أبو بكر يسكت فلما رد عليه أبو بكر انصرفت الملائكة وحضرت الشياطين، والرسول لا يجلس في مكان فيه شيطان.
القصة التاسع
في زمن بعيد كان يعيش رجل يقتل الناس حتى قتل تسعة وتسعين رجلاً، ثم أحس هذا الرجل بخطئه وندم على أفعاله، وأحب أن يتوب، فذهب إلى أعبد أهل الأرض وقال له: لقد قتلت تسعة وتسعين نفسًا فهل من الممكن أن أتوب، فقال له: لن يقبل الله توبتك فتغيظ القاتل من هذا الكلام، وقتل الرجل ليكمل به المائة. وظل هذا القاتل حزينًا يريد أن يتوب، فسأل عن أعلم أهل الأرض وذهب إليه وذكر قصته له ثم سأله: هل من الممكن أن أتوب، فقال له العالم: ولم لا..بشرط أن تبتعد عن أصدقاء السوء، وأنا أعرف أصدقاء طيبين في بلدة بعيدة عن هنا فاذهب إليهم، وعش معهم لتتعلم منهم الصدق والأمانة والصلاة. فطار الرجل من الفرح وخرج سريعًا ليذهب إلى هذه البلدة، ولكنه في الطريق مات قبل أن يصل، وجاءته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة: إنه تاب وأرادوا أن يذهبوا به إلى الجنة، وملائكة العذاب قالت: إنه لم يفعل أي خير، ويريدون أن يذهبوا به إلى النار، فأرسل الله أحد الملائكة إليهم يأمرهم أن يقيسوا المسافة بين الأرضين ويكون هو تابعًا للأرض التي مات قريبًا منها، وقد كان هذا الرجل قريبًا إلى أرض المعاصي. لكن الله برحمته أمر الأرض التي فيها الصالحون أن تقترب فقاسوا المسافة فوجدوا الرجل أقرب إلى أرض الصالحين بشبر واحد فأخذته ملائكة الرحمة وذهبوا به إلى الجنة جزاء حسن توبته.
القصة 10
الشيخ عامر رجل صالح كان يحفظ القرآن جيدًا ويعلمه للكبار والصفار. وكان لديه علم كثير حتى إنه كان يراجع المصحف ويصحح الأخطاء التي فيه قبل طباعته وفي يوم من الأيام أصيب الشيخ عامر بمرض شديد وأصبح لا يستطيع الكلام وفقد أحباله الصوتية وقبل موته بثلاثة أيام فوجئ من في المستشفى بالشيخ عامر يقرأ القرآن بصوت جهوري عذب في ثلاثة أيام ثم موات بعد أن أكمل قراءة القرآن كله.
القصة 11

في يوم من الأيام كان ثلاثة من الأصدقاء يسيرون بين الجبال فنزل مطر كثير عليهم، فرأوا مغارة فدخلوا يستريحون فيها حتى ينتهي المطر، ثم ناموا، فلما استيقظوا فوجئوا بصخرة كبيرة وقعت من أعلى الجبل فسدت باب المغارة، فخاف الأصدقاء الثلاثة واتفقوا أن كل واحد منهم يدعو الله تعالى بعمل صالح، أن يزيح الصخرة. فقال الأول: اللهم إني كنت أحلب اللبن كل يوم فأسقي أبي وأمي منه أولاً قبل أطفالي وفي يوم من الأيام تأخرت حتى الليل. فنام أبي وأمي، فحلبت لهما اللبن وظللت واقفًا بجوارهما وأنا أحمل اللبن ولا أريد أن أعطي أطفالي من اللبن قبل أن يشرب أبي وأمي، وكان أطفالي يبكون. فلما أذن الفجر استيقظ أبي وأمي فشربا اللبن ثم شرب أطفالي، فإن كان هذا العمل ابتغاء وجهك فافتح لنا باب المغارة. ففتحت الصخرة فتحة صغيرة ففرح الأصدقاء.
وقال الثاني: اللهم إن بنت عمي كانت فقيرة وطلبت مني مائة دينار فأعطيتها المائة دينار ولم آخذها منها، فإن كنت تحب هذا العمل فافتح لنا باب المغارة. ففتحت الصخرة فتحة أكبر من الأولى. لكنها لا تكفي لخروجهم.
فقال الثالث: اللهم إنه كان عندي أموالاً لرجل تركها عندي، وإنني تاجرت بهذه الأموال وكسبت هذه التجارة وأصبح عندي منها أبقار كثيرة، فلما جاءني الرجل أعطيته نقوده والأبقار ففرح بها وشكرني، فإن كنت يا رب ترضى بهذا العمل فافتح لنا باب المغارة، ففتح لهم باب المغارة فخرجوا مسرورين لأن الله نجاهم.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:19
القصة 12
كان هناك ولد فاسد لا يسمع كلام أمه ولا يشتري لها ما تريد وإذا طلبت منه شيء كان يقول لها إن صوتك يشبه صوت الحمار. فمات هذا الولد وكان الناس يسمعون من قبره صوت نهيق الحمار كل يوم عند أذان العصر.
القصة 13كان هناك ولد طيب يحب أباه ويطيعه فلما مرض الأب. كان هذا الولد يعالجه ويرعاه حتى مات الأب فرأى الولد في نومه من يقول له: اذهب إلى مكان كذا فسوف تجد فيه مائة دينار فقال الولد: هل فيها بركة، قال الصوت: لا، فرفض أن يأخذها، وفي الليلة التالية نام الولد فرأى في منامه من يقول له اذهب إلى مكان كذا فستجد عشرة دنانير، قال الولد: هل فيها بركة ؟ قال: لا، فرفض الولد أن يأخذها. وفي الليلة الثالثة رأى في نومه من يقول له اذهب إلى مكان كذا فستجد دينارًا، قال: هل فيه بركة. قال الصوت: نعم، فذهب فأخذ الدينار ثم خرج إلى السوق فوجد رجلاً يبيع حوتين فاشترى منه الحوتين، وأعطاه الدينار، ولما فتح بطن الحوتين وجد فيهما جوهرتين جميلتين لم ير الناس مثلهما، وعلم الولد أن الملك يريد أن يشتري جوهرة فباع واحدة للملك وأخذ أموالاً كثيرة فلما رأى الملك الجوهرة فرح بها وطلب الجوهرة الثانية بضعف ثمن الأولى، وأصبح الولد من أغنى الأغنياء بسبب طاعته لأبيه وبره له.
القصة 14
في يوم من الأيام كان يعيش رجل كبير وكان مريضًا لا يستطيع الحركة، وكان ابنه يعالجه ويرعاه، وبعد ذلك مل الابن من رعاية أبيه وكرهها فوسوس الشيطان للابن وقال له: لابد أن تقتل أباك، وبالفعل أخذ الولد أباه الكبير إلى الصحراء بعيدًا عن الناس وقال لأبيه: إنني تعبت من خدمتك ولابد أن أقتلك، فبكى الأب وقال: يا بني أنا أبوك وأنا كبير في السن، لكن الولد أصر على قتل أبيه، وأحس الأب أنه لا فائدة وأن ابنه يريد قتله فعلاً، فقال لابنه: إن كنت تريد قتلي فاقتلني عند هذه الصخرة-وأشار إليها-فقال الولد: ولماذا لا أقتلك في أي مكان آخر فقال الأب: لأنه كان لي أب أيضًا فقتلته عند هذه الصخرة!!
15
كان هناك فلاح فقير عنده أرض صغيرة يزرعها ويأكل منها هو وأولاده، وكان هذا الفلاح يحب حقله كثيرًا، وكان بجواره حقل كبير لرجل شرير فأحب هذا الرجل الشرير أن يشتري حقل الفلاح الصغير ليضمه إلى حقله، فرفض الفلاح ذلك فذهب الرجل الشرير وأخذ حقل الفلاح بالقوة، ومرت الأيام ومرض الفلاح المسكين ولما أحس أن موته قد اقترب أرسل أحد أولاده إلى الرجل الشرير ليقول له: أبي يخبرك أنه ذاهب إلى الله وسيشكوك عنده، فتألم الرجل الشرير وندم على ما فعله، وخرج من بيته يجري إلى الفلاح المسكين قبل أن يموت وأعطاه حقله ومعه أموالاً أخرى وطلب منه أن يسامحه قبل موته.
16
في يوم من الأيام كان يعيش رجل أعمى وكان هذا الرجل صالحًا يحب الصلاة في المساجد وكان يأخذه أحد الناس الطيبين ويذهب به إلى المسجد كل يوم، وفي يوم من الأيام لم يجد هذا الرجل الصالح أحدًا ليذهب معه إلى المسجد، فخرج هذا الرجل الصالح وحده إلى المسجد فتغيظ الشيطان منه فحفر له حفرة في الطريق فوقع فيها الرجل الصالح ولكنه لم يرجع إلى بيته بل استمر في طريقه إلى المسجد، فحفر الشيطان له حفرة أخرى. فوقع فيها الرجل الصالح ثم قام واستمر في طريقه إلى المسجد، فجاءه الشيطان على شكل رجل فأخذه من يده وذهب به إلى المسجد، فقال الرجل الصالح له من أنت ؟ فقال: أنا الشيطان. فقال الرجل الصالح: فلماذا إذًا تعرفني طريق المسجد؟ فقال الشيطان: لأنك لما كنت تقع في الحفرة كنت تأخذ حسنات وأنا لا أحب لك الخير.
17
في يوم من الأيام كان يعيش رجل صالح عنده حديقة جميلة بها ثمار لذيذة وكان هذا الرجل الصالح إذا أراد أن يجمع ثمار الحديقة في وقت الحصاد يجعل للفقراء نصيبا من هذه الثمار ويعطيهم أفضل ما عنده.
فلما مات هذا الرجل الصالح أصبحت الحديقة ملكًا لأولاده ولكن الطمع والجشع سيطر على عقولهم فاتفقوا على ألا يعطوا الفقراء شيئًا من الثمار-كما كان يصنع أبوهم-وأرادوا أن يجمعوا الثمار ليلاً إلى حديقتهم دون أن يشعر بهم أحد، ولكنهم وجدوا مفاجأة مذهلة، وجدوا أرضًا محترقة تمامًا، فلم يصدقوا في البداية أنها حديقتهم فبحثوا عن الحديقة فلم يجدوها فعلموا أن الله تعالى غضب عليهم لأنهم كانوا يريدون أن يمنعوا حق الفقراء فلذلك حرق الله جنتهم وهم نائمون، فجلس الأخوة يبكون ويستغفرون الله من هذا الخطأ وعزموا أن يجعلوا للفقراء نصيبًا بعد ذلك.
18
كان عبد الله بن الزبير طفلاً شجاعًا تربى في بيت النبي ، وكانت الفروسية هوايته المفضلة التي تعلمها من أبيه، فقد كان أبوه الزبير بن العوام فارسًا ماهرًا يحارب بسيفين في يديه ويقود الفرس برجليه، وعبد الله بن الزبير كان يحب الصلاة وكان إذا سجد في الكعبة أطال السجود ولا يتحرك لأنه بين يدي الله فتأتي الطيور وتقف عليه تظنه من الجمادات، وفي يوم من الأيام كان عمر بن الخطاب يسير في الطريق فرأى أطفالاً يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير، وكان الأطفال يحبون عمر لكنهم كانوا يخافون منه، فجرى الأطفال من أمام عمر لكن عبد الله ظل واقفًا ولم يجر، فقال له عمر: لما لماذا لم تجر مثلهم، فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين لم أجرم فأجري منك، وليست الطريق ضيقة فأوسع لك. فتعجب عمر من شجاعته وابتسم وقال شجاع مثل أبيه.
19
خرج زين العابدين على بن الحسين يومًا من المسجد فشتمه رجل، فقام الناس ليضربوا ذلك الرجل، فقال لهم: اتركوه. وقال للرجل: ما ستره الله عنك من عيوبنا أكثر، هل أستطيع أن أقدم لك مساعدة ؟ فاستحيا الرجل. فأعطاه زين العابدين ثيابًا جميلة كانت معه.
20
وفدت على ملك من الملوك حلل من اليمن فقسمها بين الناس فرأى فيها ثوبًا رديئة فقال: كيف أصنع بها إن أعطيتها أحدًا لم يقبلها إذا رأى هذا العيب، فأخذها فطواها فجعلها تحت مجلسه فأخرج طرفها ووضع الثياب بين يديه فجعل يقسم بين الناس فدخل صديق له وهو على تلك الحال فجعل ينظر إلى هذا الثوب، فقال ما هذا الثوب ؟ قال: دع هذه عنك. قال: ما هو ما هو ما شأنها؟ قال دع هذا عنك. قال: فأعطينها.
قال:إنك لا ترضاها. قال: بلى قد رضيتها. فلما توثق منه واشترط عليه أن يقبلها ولا يردها رمي بها إليه، فلما أخذها نظر إليها إذا هي رديئة فقال لا أريدها. فقال الملك: هيهات قد فرعت منها.
21
أتى رجلان امرأة فاستودعاها مائة درهم وقالا لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه حتى نجتمع. فلبثا حولاً فجاء أحدهما إليها فقال: إن صاحبي قد مات فادفعي إلى الدنانير، فأبت، فلم يزال بها حتى دفعتها إليه. ثم لبث حولاً فجاء الآخر فقال: ادفعي إلىّ الدنانير فقالت: صاحبك جاءني فزعم أنك مت فدفعتها إليه، فأختصما إلى القاضي. فعرف أنهما قد مكرا بها. فقال: أليس قلتما لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه ؟ قال: بلا.
قال القاضي: مالك موجود عندنا فجئ بصاحبك حتى تدفعها إليكما .
22
كان شريح قاضيًا مشهورًا بالفطنة والذكاء، وفي يوم من الأيام حدث خلاف بين ابنه وجماعة من الناس، فذهب ابنه إليه، وحكى له ما حدث من نزاع بينه وبينهم وقال له: أخبرني يا أبي هل الحق لي فأقاضيهم، أم الحق لهم فلا أقاضيهم ؟
فقال شريح لابنه: اشتكيهم.
فذهب ابنه في اليوم التالي واشتكاهم أمام أبيه القاضي.
فحكم شريح ضد ابنه، وقضى بالحق لخصومه.
وفي المساء، اجتمع شريح وابنه في الدار، فوجد شريح ابنه حزيناً.
وعاتبه الابن قائلاً.
إنه لا يحزنني إلا أني قد طلبت النصح منك فخدعتني.
فقال له أبوه: يا بني، والله إنك لأحب إليّ من ملء الأرض مثل من خاصمتهم، ولكن الله أعز عليّ منك، وقد خشيت أن أخبرك أن القضاء عليك، حتى لا يضيع حق خصومك.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:23
23
أراد كبير من كبار الأساتذة أن يتعلم فن السباحة، فأحضر كتب السباحة، وقرأها، وجعل يتدرب في حجرته فوق السرير مرة، وعلى سطح الأرض مرة أخرى، حتى تأكد من قدرته على أن يسبح في الماء، فجمع تلاميذه وإخوانه الأساتذة ليسبح أمامهم في البحر، فلما نزل تلقفته الأمواج، هذه تارة، وتلك دفعة أخرى، حتى أوشك أن يهلك، فأسرع إليه الناس وانتشلوه من بين أمواج البحر، وأنقذوه من الغرق بصعوبة فلو أنه أجرى تجاربه وتدريسه عمليًا في البحر لكان من الناجحين، لأن العلم بالعمل.
24
خرج تلميذ للهو واللعب تاركًا دروسه، مهملاً واجباته، ثم جلس في بستان، فرأى عصفورة فوق شجرة تعلم أولادها الطيران، فأخرجت الأول؛ ثم طارت أمامه من أسفل الغصن إلى أعلاه، ومنه إلى ما يجاوره، ثم إلى أبعد منه وهو يتبعها، ومازالت به تعلمه حتى استطاع أن يفارق الشجرة إلى شجرة أخرى، فتركته، وجاءت لغيره وعلمته. وهكذا حتى صادفها فرخ من فراخها لم يقدر على اتباعها فأخذته إلى العش، فنقرته نقرًا خفيفًا، وأخرجته وطارت فتبعها ثم عجز، فأخذته ونقرته نقرً شديدًا، وطارت فتبعها، ومازالت به حتى صار كإخوته، وتمتع بهذا الفضاء الفسيح، يطير فيه ويصيح.
فلما رأى التلميذ المهمل ما رأى، قال لنفسه: إن أنا تحملت ألم التعلم جزءًا من حياتي عشت سعيدًا، كما يعيش هذا العصفور، ثم اعتنى بدروسه فكان من الناجحين.
25
يحكى أن صانعا أميا شاهد بعض الناس يستعمل النظارة عندما يريد أن يقرأ أو يكتب، فظن أن النظارة هي التي تعرفهم القراءة والكتابة، فذهب إلى بائع المناظير، وطلب منه نظارة، فأراه أنواعًا كثيرة فأخذ واحدة منها ووضعها على أنفه، وفتح كتابًا ليقرأ فيه فلم يعرف شيئًا فقال: هذه النظارة ليست جيدة، فأحضر له غيرها فوضعها على أنفه، وصار يجهد نفسه ليعرف ولو حرفًا واحدًا، فلم يميز الألف من الباء، فقال للبائع: وهو غاضب: هذه النظارة أيضًا غير جيدة، فقال له البائع: أتعرف القراءة والكتابة ؟ أجاب كلا، لأني لو كنت كذلك لما جئت إلى هنا.
فضحك البائع، وقال للرجل: هذا الدكان ليس مدرسة، ولو كان الأمر كما ظننت ما كان في الدنيا جاهل وأنشد.
" ومن طلب العلوم بغير درس سيدركها إذا شاب الغراب "
26
دخل الإمام عمر رضي الله عنه المسجد فوجد رجلا لا عمل له، فانتهره وضربه بالدرة،وحضه على العمل، وقال له: من يعولك؟ قال: أخي.
قال: أخوك أعبد منك.
27
كان الإمام أحمد بن حنبل يعظم الإمام الشافعي رضي الله عنهما ويذكره كثيرًا ويثني عليه لعلمه وفضله، وكانت له ابنة صالحة تقوم الليل وتصوم النهار وتحب أخبار الصالحين الأخيار، وتود أن ترى الشافعي لتعظيم أبيها له، وذات ليلة بات الإمام الشافعي عند الإمام أحمد-رضي الله عنهما-ففرحت البنت بذلك لأنها سترى أفعاله، وتسمع أقواله، فلما كان الليل، قام الإمام أحمد إلى أداءِ صلاته وعبادته، والإمام الشافعي-رضي الله عنه-مستلق على ظهره، والبنت ترقبه إلى الفجر.
فقالت لأبيها: رأيتك تعظم الإمام الشافعي، وما رأيت له في هذه الليلة صلاة ولا ذكرًا ولا وردًا.
فبينما هما في الحديث إذ قام الشافعي فقال له أحمد: ماذا فعلت الليلة ؟
قال: إني رتبت في هذه الليلة مائة مسألة وأنا مستلق على ظهري، كلها في منافع المسلمين.
فلما انصرف الشافعي، قال أحمد بن حنبل لابنته: هذا الذي عمله الليلة وهو نائم أفضل مما عملته وأنا قائم.
28
كان تلميذ في المدرسة يقرأ في دروسه كثيرًا، ولكنه لم يحفظها فسئمت نفسه من القراءة، وعزم على ترك المدرسة، وبينما هو واقف ذات يوم على شاطئ نهر يفكر في أمره، وقع نظره على طفل يريد أن يتعلم السباحة فرآه في المرة الأولى قطع جزءًا صغيرًا، ثم عاد إلى الشاطئ وبعد أن استراح قطع جزءًا أكبر منه، واستمر هكذا يزيد شيئًا فشيئًا، حتى اجتاز النهر بأجمعه في المرة الأخيرة فاتعظ به، وقال لنفسه: إن هذا الطفل أمكنه أن يصل إلى هدفه، بمداومته على السباحة فكيف بك وأنت أكبر وأعقل منه ؟ وعلم أنه مخطئ في رأيه وعاد إلى المدرسة وأتم دراسته، ونجح نجاحًا باهرًا وفهم معنى المثل:"من صبر وتأنى، نال ما تمنى".
29
كانت السيدة فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه و سلم تعمل بنفسها، وذلك أنها كانت تطحن الحبَّ بنفسها على الرحى كما كانت العرب في أيامها تفعل.
وفي يوم جلست تطحن، فسال الدم من أصابعها، فشكت ذلك إلى زوجها الإمام علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-فقال لها: قولي لأبيك يحضر لك خادمة، فذهبت إلى النبي صل الله عليه و سلم وقالت له: يا رسول الله إني مفتقرة إلى خادمة تعينني على أشغالي، وتساعدني في أعمالي، فنصح لها النبي صل الله عليه و سلم بأن تعمل كل أعمالها بنفسها، وعلمها دعاءً كان يزيل عنها تعب العمل، فأمرها أن تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (ثلاث وثلاثين مرة قبل النوم) وعاشت بدون خادمة.
30
شكا رجل إلى النبي صل الله عليه و سلم شدة الفقر: فقال له: أما عندك شيء ؟ قال: لا، فأعطاه درهمين، وقال له: اذهب فاشتر بأحدهما طعامًا، وبالآخر فأسًا، واحتطب، وبع.
فغاب الرجل خمسة عشر يومًا، ثم أتى فقال: بارك الله فيما أمرتني به، اكتسبت عشرة دراهم، فاشتريت لأهلي بخمسة طعامًا، وبخمسة كسوة. فقال صل الله عليه و سلم :"هذا خير من المسألة (الشحاذة)".
31
يحكي أنه كان لرجل حديقة يشتغل فيها هو وأولاده؛ فلما قرب موته جمع أولاده، وقال لهم: إن في حديقتنا هذه كنزًا عظيمًا، وسأموت تارككم وشأنكم، فابحثوا عنه يا أولادي لعلكم تعثرون عليه، وتهتدون إليه، وإذا وجدتموه فأنتم من السعداء، فثابر الأولاد على العمل بعد موت أبيهم بجد ونشاط وأخذوا يقلبون أرض الحديقة، ولكنهم لم يجدوا الكنز الذي يبحثون عنه، فقطن ذكي منهم وقال: إن أبانا لم يرد بالكنز مالاً، بل أراد بحفرنا في الأرض أن نصلح التربة، ليحسن الزرع ويزيد المحصول، ولا يكون ذلك إلا بالجد في العمل.
ففطنوا كلهم لكلام أبيهم، وترحموا عليه، وكتبوا على باب الحديقة:"العمل كنز".
32
يحكى أن (كسرى أنو شروان) ملك الفرس مرّ على شيخ وهو يغرس شجر الزيتون، فوقف الملك برهة يفكر فيما عساه أن يدور في ذهن ذلك الرجل الهرم، وليس من المحتمل أن يعيش حتى يأكل من ثمر ما يغرس، فقال: أيها الشيخ، لماذا تغرس هذا الشجر ولا أظنك ستعيش حتى تأكل منه فقال الشيخ: غرس من قبلنا فأكلنا، ونغرس ليأكل من بعدنا.
فأعطاه كسرى: قدرًت معينًا من الفضة.
فقال: أيها الملك، كيف رأيت غرسي، فما أسرع ما أثمر. فأعطى الشيخ جائزة أخرى، فقال الشيخ: أيها الملك كل شجرة تثمر في العام مرة، وشجري أثمر في لحظة مرتين، فأعطاه الملك جائزة ثالثة.
ثم مضى كسرى، وقال لأصحابه: انصرفوا فلو وقفنا لم يَكْفِ الشيخ ما خزائننا.
33
أدخل رجل ابنه في مصنع، وفرض عليه أن يقدم إليه أجرة عمله في مساء كل يوم، وكان للولد أم جاهلة، ترى ألا يشتغل فلا يتعب، وكان الولد يقضي نهاره في اللعب والبطالة، فإذا جاء المساء عاد إلى البيت فتعطيه أمه أجره ليقدمه إلى أبيه، فيأخذ الرجل هذه الدراهم، ويوهم الولد أنه يلقيها من النافذة، ولكن يودعها صندوقًا أعده لجمعها، ولما طال الحال بتلك الأم الجاهلة ونفد ما عندها من مال، قالت لابنها: اذهب واشتغل اليوم، فقد نفد كل مالي، فذهب الولد واشتغل طوال النهار، وعاد بأجره وقدمه إلى أبيه، فأخذ الرجل الدراهم وهم برميها من النافذة كما كان يفعل، فصرخ الولد قائلاً: لا تفعل يا أبي فإني كسبتها اليوم بعرق جبيني، ولا يهون على ضياعها.
فقال له والده: حقًا يا ولد، لا يعرف قيمة المال إلا من تعب في الحصول عليه وذاق حلاوة الكسب وأنشد بقول:
ليس الحياة بأنفاس نرددها إن الحياة حياة الفكر والعمل
ركب فلاح فرسه وانطلق إلى المدينة، وقبل أن يركب رأى أن إحدى النعال ينقصها مسمار فقال: لا بأس، مسمار زائد أو ناقص لا يؤثر شيئًا في سرعة الفرس .
وبينما هو في الطريق سقط نعل الفرس فقال: لو كان هنا بيطار لأعاد النعل (الحدوة)إلى رجل الفرس؛ ولكن لا بأس فإنه يمكن المشي بالثلاث نعال الباقية وبعد أن سار قليلاً بدأ الفرس يعرج، وتعطلت حركته؛ وفي أثناء ذلك خرج عليه اثنان من قطاع الطرق، كانا كامنين في غابة كثيفة، فلم يمكنه الهرب بسرعة، وأدركه اللصان، وسلبا منه فرسه وماله، فاضطر أن يرجع إلى بيته ماشيًا، وقال وهو كئيب: ما كنت أظن مطلقًا أن فقد مسمار واحد من نعل الفرس يكون سببًا لخسارة الفرس وما يحمله، وحقًا أن عاقبة الإهمال، خسران ووبال.
34
يحكى أن صبيًا تكلم بين يدي المأمون فأحسن.
فقال له المأمون: ابن من أنت ؟
فقال الصبي: ابن الأدب يا أمير المؤمنين.
فقال المأمون: نعم النسب، وأنشد قول الإمام علي رضي الله عنه:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول هأنــذا ليـس الفتى من يقول كان أبي
35
دخل رجل يومًا على الإسكندر، وكان رث الهيئة، فتكلم فأحسن وسُئل فأصاب الجواب.
فقال الإسكندر: لو أعطيت جسمك حقه من الزينة، كما أعطيت نفسك حقها من العلم والأدب لأشبه بعضك بعضًا.
فقال له الرجل: أيها الملك: أما الكلام فأقدر عليه، فإنا مالكه، وأما الزينة فلا أقدر عليها لأني لا أملكها.
فعلم أنه محتاج، أعطاه مكافأة ثمينة جزاء أدبه، وأحسن إليه وقربه لديه، فأنشد الرجل:
لا تنظرن لأثواب على أحد إن رمت تعرفه فانظر إلى الأدب
فالعود لو لم تفح منه رائحة لم يفرق الناس بين العود والحطب
36
بينما رسول الله صل الله عليه و سلم جالس في المسجد أصحابه من حوله؛ إذا أقبل على بن أبي طالب، فوقف فسلم، ثم نظر مجلسًا يجلس فيه، فنظر رسول الله صل الله عليه و سلم في وجوه أصحابه أيهم يوسع له ؟ فكان أبو بكر جالسًا على يمين النبي صلى الله عليه و سلم فتزحزح له عن مجلسه وقال: ههنا يا أبا الحسن.
فجلس بين رسول الله صل الله عليه و سلم وبين أبي بكر.
قال أنس: فرأيت السرور في وجه رسول الله صل الله عليه و سلم من أبي بكر.
فقال:"يا أبا بكر (إنما يعرف الفضل، لأهل الفضل، ذوو الفضل)".
37
جاءت جارية للحسن تحييه بشيء من الريحان فقال لها: أنت حرة لوجه الله تعالى.
فقيل له: جاءتك جارية بريحان فأعتقتها.
فقال: قال الله تعالى:"وإذا حُيِّيتُمْ بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردُّوها".
38
كان الحسن والحسين-رضي الله عنهما-سائرين في الطريق فمرا على رجل يتوضأ؛ ولكنه لم يحسن الوضوء؛ لأنه لم يغسل وجهه تمامًا، ولم يحسن غسل يديه، وترك بعض رجليه بدون غسل، فلما رأى الحسن والحسين ذلك من الرجل أرادا إرشاده إلى خطئه في الوضوء، وكان الرجل أكبر منهما سنًا فخافا إذا هما قالا له: أعد الوضوء، أو إن وضوءك غير صحيح، أو أنت لا تعرف الوضوء، أن يخجل ويغضب من كلامهما، ففكرا في حيلة يعملانها لإرشاده بدون أن يحصل له أدنى خجل في ذلك، فتقدم إليه أحدهما وقال له: أيها الشيخ الكبير، إن أخي هذا يظن أنه يحسن الوضوء منا، فتوضأ كل منهما والرجل ينظر إليهما، فرأى أن كل واحد منهما يحسن الوضوء جيدًا، وفهم أنه هو الذي لا يحسن الوضوء ويقصدان إرشاده.
فقال لهما: إني أشكر لكما حسن إرشادكما، وكمال أدبكما، وأعترف بأني أنا الذي لا أحسن الوضوء، وقد تعلمت منكما الآن كيف أتوضأ وهأنذا أعيد الوضوء أمامكما.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:27
39
كان بعض الأمراء واقفا ذات يوم في الطريق يكلم تاجرا من وجهاء التجار، فمر بهما عبد أسود وحيا الأمير فرد عليه التحية، فتعجب التاجر وقال للأمير: كيف تحيي هذا العبد الأسود وأنت أمير ؟ فقال الأمير: وكيف لا أحييه ؟ وهل يليق بي أن يكون هذا العبد أكبر مني أخلاقًا، وأجمل أدبًا ؟
فقال له التاجر: حقًا يا مولاي، إن هذا لَمِنْ أدب الملوك..
40
في يوم من الأيام كان يعيش ملك ظالم يسمى دقيانوس يدعو الناس لعبادة الأصنام وكان هناك مجموعة من الشباب المؤمنين لا يحبون الأصنام وكانوا يعبدون الله، ولما علم الملك الظالم أن هؤلاء الشباب يعبدون الله استعد لقتلهم فخاف الشباب وهربوا من بلدهم، وفي طريقهم أحسوا بالتعب فأحبوا أن يستريحوا فدخلوا مغارة في الجبل وكان معهم كلب فنام الشباب وجلس الكلب بجوارهم داخل المغارة، والشيء الغريب هو أن هؤلاء الشباب كانوا ينامون وأعينهم مفتوحة ولم يكن هناك أحد يراهم إلا خاف منهم، وتمر الأيام والسنين ولا يزال أهل الكهف نائمين وظلوا على هذه الحال ثلاثمائة وتسعة سنة، ثم استيقظوا بعد ذلك وظنوا أنهم ناموا أيامًا قليلة ولكنهم كانوا جائعين فأرسلوا واحدًا منهم ليشتري لهم طعامًا لذيذًا دون أن يشعر أحد، فدخل السوق فرآه قد تغير ثم أعطى البائع نقودًا ليشتري الطعام فنظر إليها البائع وقال: إن هذه النقود من زمن بعيد جدًا فتجمع الناس وظنوا أن هذا الرجل عثر على كنز وذهبوا به إلى الملك الجديد وهناك علم الرجل المؤمن أن الملك دقيانوس قد مات وأن الملك الجديد رجل مؤمن فطلب منه أن يذهب معه ليرى أصدقائه في الكهف فذهب معه الملك ورآهم. وبعد ذلك نام أصحاب الكهف مرة أخرى لكنهم لم يستيقظوا بعدها، وهنا عمل الناس أن الله قادر على أن يحيي الموتى بعد ملايين السنين كما أيقظ أهل الكهف بعد ثلاثمائة وتسع سنين من نومهم.
41
في يوم من الأيام، كان يعيش رجل مؤمن فقير وبجواره رجل كافر غني عنده حديقتين جميلتين، فيهما نخيل وأعناب ويجري بين الحديقتين نهر عذب جميل. وكان الرجل الكافر يغيظ المؤمن ويقول له: إن عندي أموالاً أكثر منك، وكذلك فإن عندي خدم كثير، وأنا أظن أن حديقتي ستبقى إلى الأبد، ولا أظن أن هناك يوم للقيامة، فرد عليه المؤمن وقال: إن كنت قد كفرت بالله فأنا لا أكفر بالله، والله قادر على أن يعطيني حديقة أفضل من حديقتك، والله قادر أيضًا أن يدمر حديقتك. ثم تركه وانصرف، وبالفعل فإن الله عَزَّ وجل دمر حديقة الرجل الغني ولم يترك منها أي شيء، وأصبح الغني فوجد حديقته مدمرة فندم على كفره، وقال: يا ليتني لم أشرك بربي أحدًا.
42
في يوم من الأيام كانت تعيش امرأة عجوز ضعيفة وليس عندها أحد يساعدها. فعلم عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-بها فأحب أن يقوم بخدمتها، فذهب إليها في بيتها الصغير لينظف بيتها ويجهز طعامها فلما دخل عليها وجد البيت نظيفًا والطعام جاهزًا، فتعجب عمر من ذلك وأحب أن يعرف من يقوم بهذه الأعمال، فأخذ عمر-رضي الله عنه-يراقب البيت حتى رأى أبو بكر-رضي الله عنه-يدخل هذا البيت فعلم أن أبا بكر هو الذي يخدم المرأة العجوز وعلم أن أبا بكر يسبق الناس جميعًا إلى الخير فهو أفضل الأمة بعد رسول الله .
43
في وقت من الأوقات كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-خليفة للمسلمين وأميرًا للمؤمنين، وكان أبو عبيدة من جنود عمر فأمره عمر أن يكون قائدًا للمسلمين في الشام، وفي يوم من الأيام انتشر في الشام مرض الطاعون وهو مرض ينتشر عن طريق العدوى ويؤدي إلى الوفاة السريعة. وكان عمر بن الخطاب يحب أبا عبيدة، فأرسل إليه خطابًا يأمره فيه أن يترك الشام ويأتي إليه حتى لا يصاب بالطاعون. فأرسل أبو عبيدة إليه خطابًا يقول فيه: إما أن تعزلني من منصب القائد وإما أن تتركني أقف بجوار رعيتي في وقت الشدة، فلما وصل هذا الخطاب إلى عمر بن الخطاب بكى بكاءً شديدًا خوفًا على أبي عبيدة. وظل أبو عبيدة يرعى المسلمين في هذه الكارثة ويرسل إليهم الأطباء حتى أصيب أبو عبيدة بالطاعون، ففرح أبو عبيدة لأنه علم أن رسول الله قال: "ومن مات في الطاعون فهو شهيد" وبالفعل مات أبو عبيدة في مرضه هذا شهيدًا.
44
في زمن النبي صلى الله عليه و سلم سرقت امرأة فأراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يقطع يدها لأن الله تعالى يقول: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وحتى يخاف اللصوص فلا يسرقون فذهب أقارب هذه المرأة إلى أسامة بن زيد-رضي الله عنه-وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه و سلم يحب أسامة جدًا فطلبوا من أسامة أن يلح على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى يسامح هذه المرأة فذهب أسامة وطلب من رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعفو عنها، فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم من أسامة لأنه يتعاطف مع المرأة التي سرقت، وقال له كلمة غالية هي:"والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد الصحابة فقطع يد المرأة التي سرقت ثم بعد ذلك تابت المرأة ولم تسرق أبدًا.
45
في يوم من الأيام كان أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-يجمع أموال الصدقات فدخل هو وعمر بن الخطاب ليعد الإبل قبل أن يوزعها على الفقراء وأمر الناس ألا يدخلوا عليه حتى لا يخطئ في العدد. وكان هناك رجل فقير أعطته زوجته حبلاً لعل الله أن يرزقهما بجمل فلما رأى هذا الرجل أن أبا بكر يدخل في مكان الإبل دخل معه. فغضب منه أبو بكر وأخذ منه الحبل وضربه به، فلما انتهى أبو بكر من توزيع الإبل نادى على الرجل الفقير وأعطاه الحبل وأمره أن يضربه كما ضربه هو. فقام عمر بن الخطاب وقال: لا يا أمير المؤمنين حتى لا يقلده الناس، فقال له أبو بكر: وأنا ماذا أقول لله لو سِألني لما ضربت الرجل الفقير فقال عمر فارضه، فأعطاه أبو بكر الجمل وأعطاه أموالاً أخرى فرضى الرجل، وسامح أبو بكر.
46
في الوقت الذي كان فيه عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين، كان عمرو بن العاص أميرًا على مصر، وفي يوم من الأيام كان هناك سباق بين أحد أبناء عمرو بن العاص وبين أحد المصريين، ففاز المصري فغضب ابن عمرو بن العاص وضرب المصري بالكرباج، فذهب الرجل المصري وشكا ذلك إلى عمر بن الخطاب فغضب عمر من ذلك وطلب من عمر بن العاص أن يأتي ويحضر ولده معه، فلما دخل عمرو ومعه ولده، أمر عمر المصري أن يضرب ابن عمرو ثم قال عمر: ضع الكرباج على صلعة عمرو بن العاص فقال المصري: لقد ضربني ابن عمرو، ولم يضربني عمرو بن العاص وأنا الآن قد أخذت حقي فقال عمر بن الخطاب لعمرو: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهم أحرارًا.
47
أتى فيروز، واستأذن ليدخل على عمر بن الخطاب فأذن له عمر فجاء رجل فأحب أن يدخل على عمر قبل فيروز فضربه فيروز في أنفه فجرحه ونزل الدم من أنفه، فدخل الرجل على عمر-رضي الله عنه-فسأله عمر: من الذي ضربك ؟ فقال الرجل: إنه فيروز. فقال عمر: لماذا ضربته يا فيروز ؟
فقال فيروز: لأنه أراد أن يدخل قبلي، وقد أذنت لي بالدخول قبله. فقال عمر للرجل قم فاضربه كما ضربك، فقام الرجل فقال له عمر، إني سمعت رسول الله يقول لما قتل الأسود العنسي:" قتله العبد الصالح فيروز الديلمي، فقال الرجل عفوت عنه، فتعجب فيروز من شهامة الرجل وأعطاه سيفه وفرسه هدية وأعطاه أيضًا أموالاً كثيرة".
48
كان هناك رجل اسمه سلمة يقف في وسط الطريق فيعطل السير في الطريق فلما رآه عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-ضربه بجلدة كانت معه وقال له أفسح الطريق للناس، وبعد سنة أحب هذا الرجل أن يسافر للحج، فقابله عمر بن الخطاب فقال له: هل تريد أن تحج يا سلمة ؟ فقال سلمة: نعم. فأخذه عمر بن الخطاب من يده وذهب به إلى منزله، وأعطاه ستمائة درهم ليسافر بها، وقال له: إنها ثمن الضربة التي ضربتها له من سنة، فقال سلمة لقد نسيتها، فقال عمر: أما أنا فلم أنسها.
49
كان هناك رجل اسمه سلمة يقف في وسط الطريق فيعطل السير في الطريق فلما رآه عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-ضربه بجلدة كانت معه وقال له أفسح الطريق للناس، وبعد سنة أحب هذا الرجل أن يسافر للحج، فقابله عمر بن الخطاب فقال له: هل تريد أن تحج يا سلمة ؟ فقال سلمة: نعم. فأخذه عمر بن الخطاب من يده وذهب به إلى منزله، وأعطاه ستمائة درهم ليسافر بها، وقال له: إنها ثمن الضربة التي ضربتها له من سنة، فقال سلمة لقد نسيتها، فقال عمر: أما أنا فلم أنسها.
50
في غزوة بدر كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسوي الصفوف، فكان هناك رجل اسمه سواد لا يقف في الصف، فدفعه النبي صلى الله عليه و سلم بشيء كان في يده فقال الرجل: يا رسول الله لقد ضربتني وأنا أريد أن آخذ حقي منك. فكشف رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بطنه فنزل سواد وقبل بطن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فسأله رسول الله صلى الله عليه و سلم :" لماذا صنعت ذلك ؟" فأجاب سواد بقوله: يا رسول الله إنني أشعر أني سأموت في هذه المعركة فأردت أن ألمس جلدك بجلدي قبل أن أموت.
51
كان هناك لص مشهور يسرق البيوت، وفي يوم من الأيام كان يريد أن يسرق بيتًا وأخذ يتسلق هذا البيت فوجد فيه رجلاً كبيرًا ينادي على ابنته الصغيرة لتأتيه بالمصباح ليقرأ القرآن، فجلس الشيخ الكبير يقرأ القرآن حتى وصل إلى قوله تعالى:"ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق"فندم اللص وبكى وقال: بل آن يا رب، ومنذ هذا الوقت امتنع اللص عن السرقة، وحفظ القرآن وتعلم الدين حتى صار من علماء المسلمين. العالم الفاضل الفضيل بن عياض.
52
سجدة الشكر
دخل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- المسجد ذات يوم،فرأي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقبل القبلة،وسجد.ووقف عبد الرحمن -رضي الله عنه- ينتظر الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يقوم من سجدته.
ومرَّ وقت طويل والرسول صلى الله عليه وسلم ساجد لله، فاضطرب عبد الرحمن -رضي الله عنه- وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات،فاقترب منه.فلما رفع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه وجلس،فرح عبد الرحمن -رضي الله عنه-،وقال:يا رسول الله،سجدتَ سجدة خشيتُ أن يكون الله -عز وجل- قد قبض نفسك.فقال صلى الله عليه وسلم: (إن جبريل-عليه السلام-أتاني فبشرني،فقال:إن الله -عز وجل- يقول:من صلَّي عليك صلَّيتُ عليه،ومن سلَّم عليك سلمتُ عليه، فسجدتُ لله -عزوجل-شكرًا).
فمن السنة أن نسجد لله -تعالي- شكرًا عندما تحدث لنا نعمة أو تأتينا بشري سعيدة.
53
الشكوى
ذهب رجل إلي أحد الحكماء،وشكا إليه فقره.
فقال له الحكيم:أَيسُرُّكَ أنك أعمي،ولك عشرة آلاف درهم؟،فقال الرجل:لا.
فقال الحكيم:أيسرك أنك أخرس،ولك عشرة آلاف درهم؟،فقال الرجل:لا.
فقال الحكيم:أيسرك أنك مقطوع اليدين والرجلين،ولك عشرون ألفًا؟،فقال الرجل:لا.
فقال الحكيم:أيسرك أنك مجنون،ولك عشرة آلاف درهم؟،فقال الرجل:لا.
فقال الحكيم:أما تستحيي أن تشكو مولاك وله عندك نِعَم بخمسين ألفًا؟!
فذهب الرجل وهو يشكر الله -تعالي- علي ما أَنْعَمَ به عليه،وعزم علي ألا يشكو فقره بعد ذلك إلا لله وحده
54
الشكر بالتكبير
ذات ليلة،كان أحد الناس يسير في طريق، فسمع صوت رجل يقول بصوت عالٍ:الله أكبر..الله أكبر.فأسرع الرجل ببعيره ليصل إلي صاحب هذا التكبير،فلما وصل إلي مكانه قال له:من هذا المكبِّر؟فأخبره أنه أبو هريرة.
فسأله الرجل عن سبب تكبيره.فأخبره أنه يكبر لله شكرًا له علي نعمته عليه.فسأله الرجل عن هذه النعمة.فأخبره أبو هريرة -رضي الله عنه-أنه كان يعمل أجيرًا لبرة بنت غزوان؛يخدم قومها مقابل الطعام الذي يأكله،والمكان الذي ينام فيه.وبعد ذلك..أنعم الله عليه،وأصبحت برة بنت غزوان -رضي الله عنها-زوجة له،وأصبح كريم القوم وسيدهم،فكان تكبيره هذا شكرًا لله علي نعمه الكثيرة.
يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:29
55
الكلب والحمامة
خرج الكلب يمشي في أحد البساتين،حتى وجد شجرة كبيرة،فنام في ظلها،واستغرق في النوم.وفجأة ظهر ثعبان ضخم،وتسلَّلَ في هدوء، واتجه نحو الكلب.وكان فوق الشجرة حمامة تراقب المشهد،فلما رأت الثعبان يقترب من الكلب طارت إلي الكلب مسرعة فنقرته،فاستيقظ من نومه مذعورًا،فلما رأي الثعبان فرَّ هاربًا.وعرف الكلب فضل الحمامة،وشكرها علي ما فعلته.
وذات يوم جاء الكلب إلي البستان فرأي صيادًا يحمل بندقية،ويصطاد الحمام،فتذكر الكلب الحمامة التي أنقذته،فأسرع إلي الشجرة التي تسكن الحمامة فوقها،ووقف أسفلها وظل ينبح نباحًا شديدًا،فأدركت الحمامة أنه ينبهها إلي خطر،فنظرت في أرجاء الحديقة فرأت الصياد؛ فطارت بعيدًا،ونجت من الصياد.وهكذا شكر الكلب الحمامة علي ما فعلته معه.
56
تمرة..وتمرة
جاء رجل فقير إلي الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب إليه صَدَقَةً. فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعطي تمرة،فنظر الرجل إلي التمرة،ورأي أنها قليلة،فرفض أن يأخذها، وانصرف.
وبعد فترة جاء سائل آخر،فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعطي تمرة،فأخذها وفرح بها،وقال:سبحان الله!! تمرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فنادي رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية له،وأمرها أن تذهب إلي زوجته السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- وتحضر لهذا السائل الأربعين درهمًا التي عندها.
فكان جزاء شكر الرجل لهذا القليل،أن رضي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجزل له العطاء.
57
شجاعة العباس
فى غزوة الطائف، أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم حنظلة بن الربيع - رضى الله عنه- إلى أهل الطائف، يعرض عليهم الإسلام.
فلما ذهب حنظلة إليهم ظل يدعوهم من خارج حصنهم فلم يستجيبوا له، واعتدوا عليه، واختطفوه، وحاولوا أن يدخلوه الحصن.
فلمَّا علم صلى الله عليه وسلم بالأمر طلب من الصحابة أن يذهب أحدهم ليخلص حنظلة من أيدى الأعداء، قائلا: (مَنْ لهؤلاء، وله مثل أجر غزاتنا هذه؟).
فلم يقم إلا العباس بن عبد المطلب - رضى الله عنه- ، فذهب إليهم، ولحق بحنظلة وهو فى أيديهم، وقد كادوا أن يدخلوا به الحصن، فاحتضنه واختطفه من أيديهم، ولم يخش ما يقذفونه به من الحجارة، ورجع العباس ومعه حنظلة، فوجدا النبى صلى الله عليه وسلم ما يزال يدعو لهما بالنجاة.
58
شجاعة فوق الرماح
فى معركة اليمامة، قاتل المسلمون جيش مسيلمة الكذاب-الذى ادعى النبوة-قتالا شديدًا، وفر جيش مسيلمة من أمام المسلمين، ودخلوا حديقة ذات سور مرتفع ومعهم مسيلمة، وأغلقوا على أنفسهم باب الحديقة، فلم يستطع المسلمون أن يدخلوها.
فلما رأى البراء بن مالك - رضى الله عنه- ذلك عرض على المسلمين أن يرفعوه على الرماح، ويلقوه على المشركين من فوق السور.
فحمله المسلمون على رماحهم، فقفز البراء - رضى الله عنه- داخل السور، وقاتل حراس باب الحديقة حتى تمكن من فتح الباب، فدخل المسلمون على جيش مسيلمة كأنهم السيل، وقتلوا مسيلمة الكذاب، وأعدادًا كثيرة من جنوده.
59
الغلامان الشجاعان
فى غزوة بدر، نظر عبد الرحمن بن عوف - رضى الله عنه- يمنة ويسرة فوجد نفسه بين غلامين من الأنصار هما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء، فتمنى أن لو كان بجانبه رجلان قويان يساعدانه فى القتال.
وفوجئ عبد الرحمن بهذين الغلامين يسألانه -سرًا-واحدًا بعد الآخر عن أبى جهل، فسألهما عن السبب، فأخبراه أنهما يريدان قتله؛لأنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما بدأت المعركة رأى عبد الرحمن أبا جهل يسير بين صفوف المشركين، فأخبر الغلامين به. فجرى الغلامان نحوه بسرعة وضرباه بسيفيهما حتى ظنَّا أنهما قتلاه، ثم رجعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخبراه بقتل أبى جهل، فقال صلى الله عليه وسلم : (أيكما قتله؟). فقال كل منهما: أنا قتلته.فقال صلى الله عليه وسلم : (هل مسحتما سيفيكما؟) قالا: لا.فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم فى السيفين فوجد آثار الدم عليهما، فقال صلى الله عليه وسلم : (كلاكما قتله).
60
شجاعة وثبات
فى معركة اليرموك، وأمام جيوش الروم الكثيرة، وقفت مجموعة من أبطال المسلمين وفرسانهم، يريدون أن يقتحموا صفوف الأعداء، لكنهم كانوا مترددين، فقالوا للزبير بن العوام - رضى الله عنه- : ألا تحمل (ألا تهجم) فنحمل معك؟
فقال الزبير - رضى الله عنه- : إنكم لا تثبتون. فأكدوا له أنهم سوف يثبتون ويخترقون معه صفوف العدو.
وبدأ الفرسان فى الاستعداد، واقتربوا من صفوف الروم، فلما رأوا كثرة الجنود تراجعوا، ولكن الزبير - رضى الله عنه- لم يتراجع، واخترق صفوف الروم وحده، يقتل فيهم يمينًا وشمالا، حتى خرج من الجانب الآخر، وعاد إلى أصحابه يلومهم، فاعتذروا إليه، وسألوه أن يذهب معهم مرة ثانية، فأجابهم، إلا أنهم تراجعوا هذه المرة أيضًا؛لأنهم لم يكونوا فى الشجاعة مثله.
61
شجاعة حمزة
مرَّ أبو جهل بالرسول صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فشتمه وآذاه، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم على أبى جهل، وتركه وانصرف إلى بيته.وكانت إحدى النساء ترى ما حدث.
وكان حمزة بن عبد المطلب - رضى الله عنه- عم النبى صلى الله عليه وسلم فى رحلة صيد خارج مكة، وفى طريق عودته مر بتلك المرأة، فأخبرته بما حدث، فغضب حمزة غضبًا شديدًا، وذهب إلى البيت الحرام-وفى يده القوس الذى يستخدمه فى الصيد-يبحث عن أبى جهل.
فلما وصل هناك، ورأى أبا جهل ذهب إليه، وضربه بالقوس على رأسه، فجرحه جُرحًا كبيرًا، ثم قال لأبى جهل: أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فَرُدَّ عليَّ ذلك إن استطعت.
فقام رجال من قبيلة أبى جهل لينتقموا له، فقال لهم أبو جهل: دعوا أبا عمارة (حمزة) فإنى قد سببت ابن أخيه سبَّا قبيحًا.
62
شجاعة وشهامة
فى غزوة أحد، أمسك النبي صلى الله عليه وسلم بسيفٍ، وقال: (مَنْ يأخذ هذا السيف؟).
فتقدم شجعان القوم يتمنى كل منهم أن يأخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ يأخذ هذا السيف بحقه؟).
فتقدم أبو دجانة - رضى الله عنه- وقال: ما حقه يا رسول الله؟فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (ألا تقتل به مسلمًا، ولا تفرَّ به عن كافر).فأخذه أبو دجانة، وأخرج عصابة حمراء، وربطها حول رأسه، وتقدم فى شجاعة يقتحم صفوف الأعداء.
وأثناء القتال، وجد أبو دجانة - رضى الله عنه- فارسًا مُلَثَّمًا يُحَرِّض المشركين على قتال المسلمين، فأسرع إليه، ورفع السيف ليضربه، فرفع الفارس صوته، فإذا هى امرأة، فأنزل أبو دجانة سيفه، إجلالا لسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل به امرأة.
63
شجاعة الغلمان
كان الغلمان يُعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزواته، فإذا وجد منهم أحدًا يقدر على القتال أخذه، وفى غزوة أحد، ذهب سمرة بن جندب - رضي الله عنه- بعض زملائه من الغلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ليأخذهم معه فى صفوف المسلمين المجاهدين، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الغلمان ولم يقبل سمرة.
حزن سمرة - رضى الله عنه- حزنًا شديدًا؛لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسمح له أن يشترك فى القتال، ففكر قليلا، فوجد نفسه أقوى من بعض أولئك الغلمان؛وعلى الفور قال للنبي صلى الله عليه وسلم : لقد أجزت هذا ورددتني، ولو صارعته لصرعته.وأشار إلى غلام منهم.فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصارعه، فصارعه سمرة وغلبه، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشترك سمرة فى القتال، فشارك سمرة فى غزوة أحد، وقاتل بكل شجاعة رغم صغر سنه.
64
شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم
ذات ليلة، سمع أهل المدينة صوتًا عاليًا، فظنوا أن بعض أعدائهم قد جاءوا ليهجموا عليهم، فتجهزوا للقتال، وخرجوا من بيوتهم، وتوجهوا نحو مصدر هذا الصوت العالى.
وفى الطريق، قابلهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فطمأنهم قائلا: (لم تراعوا..لم تراعوا(أي: لم يحدث شيء يخيفكم).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد سمع هذا الصوت مثلهم، ولكنه لم ينتظر حتى يلبس ملابس الحرب، وركب فرسًا ليس عليه سرج، وحمل سيفه فى عنقه، وسبق الناس جميعًا إلى مصدر الصوت؛ ليستكشف الخبر، فلم يجد شيئًا يُخيف، فرجع إلى المدينة.
65
المرأة الشجاعة
ذات يوم، خطب عمر بن الخطاب - رضى الله عنه- فى الناس، ونصحهم ألا يغالوا فى مهور النساء، وبَيَّن لهم أن المغالاة فى المهور لو كانت مكرمة فى الدنيا أو الآخرة، لفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه صلى الله عليه وسلم ما أعطى أحدًا من نسائه ولا أخذ لبناته إلا شيئًا قليلا.
فقامت إليه إحدى النساء، وقالت فى شجاعة: يا عمر، يعطينا الله وتحرمنا!أليس الله-سبحانه- يقول: وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا (والقنطار هو المال الكثير).
فأدرك عمر صواب قول المرأة، وحسن استشهادها بالآية، فرجع عن رأيه، وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
66
الشهيد الباكي
كان النبى صلى الله عليه وسلم جالسًا مع أصحابه، وفيهم ثابت -رضي الله عنه-، فرفع بعضهم صوته، فنزل قوله تعالي: يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. فظن ثابت أن هذه الآية نزلت فيه؛ لأن صوته كان مرتفعًا قويا، فدخل بيته وأمر زوجته أن تغلق عليه الباب، وظل يبكي.
فلما علم صلى الله عليه وسلم بحاله أرسل إليه، فلما حضر قال له صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا ثابت؟). فقال ثابت أنا صيت (عالي الصوت)وأخاف أن تكون هذه الآية نزلت في، فأخبره صلى الله عليه وسلم أنه ليس منهم، وقال له: (أما ترضي أن تعيش حميدًا، وتقتل شهيدًا، وتدخل الجنة؟).
فقال ثابت: رضيت ببشري الله تعالي ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي معركة اليمامة، تراجع بعض المسلمين في بداية المعركة أمام جيش مسيلمة الكذاب، فلما رأي ثابت بن قيس-رضي الله عنه-ذلك لبس كفنه، وصاح في المسلمين يحمسهم ويشجعهم، وظل يقاتل حتى استشهد، وصدقت فيه نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم .
67
شربة لبن
عندما وقع الخلاف بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما-حارب عمار بن ياسر-رضي الله عنه-مع جيش علي، فضربه أصحاب معاوية، فوقع عمار يعاني سكرات الموت، فأسرع إليه أصحابه بإناء فيه لبن فشرب منه شربة، ثم ضحك، فسألوه: ما يضحكك؟فقال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن).
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر عمارًا بقتله قبل ذلك بسنوات، أثناء اشتراكه مع المسلمين في بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ رآه النبى صلى الله عليه وسلم وقد وقع التراب علي رأسه، فأخذ صينفض التراب عنه، وهو يقول: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية (الظالمة)).
فقال عمار: أعوذ بالله من الفتن.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:31
68
صاحب السوارين
عندما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلي المدينة، أعلنت قريش عن جائزة قدرها مائة ناقة لمن يأتي بمحمد حيا أو ميتًا. فطمع سراقة في هذه الجائزة، وركب فرسه وأخذ سيفه، وخرج يبحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، فرآه أبو بكر-رضي الله عنه-، فقال: يا رسول الله، هذا سراقة بن مالك. فدعا النبى صلى الله عليه وسلم علي سراقة، فغاصت أرجل فرسه في الرمال، وسقط سراقة علي الأرض، فقام غاضبًا، وحاول أن يركب فرسه، فغاصت أرجله مرة أخري، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الأمان، فأعطاه صلى الله عليه وسلم الأمان، وطلب إليه ألا يدل عليهم قريشًا، وقال له: (كيف بك إذا لبست سواري كسري(والسوار: ما يلبس في اليد من الذهب والجواهر).
وفي خلافة عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- خرج سراقة-رضي الله عنه-مع جيش المسلمين لغزو بلاد فارس، وفتحها المسلمون، وجاءوا بالغنائم وفيها سواري كسري وتاجه. فنادي عمر-رضي الله عنه- سراقة، وألبسه سواري كسري، وقال له: ارفع يديك وقل: الله أكبر، الحمد لله الذي سلبهما كسري بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابي.
69
راكبة البحر
في خلافة عثمان بن عفان-رضي الله عنه-خرج أول أسطول بحري إسلامي بقيادة معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنه-لغزو جزيرة قبرص، وكان مع هذا الجيش السيدة أم حرام بنت ملحان-رضي الله عنها-، وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد تنبأ لها بذلك.
فذات مرة، زارها النبى صلى الله عليه وسلم ، وجلس عندها، فأحضرت له طعامًا، فأكل ثم نام، وبعد قليل استيقظ وهو يضحك. فقالت: ما يضحكك يا رسول الله؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس من أمتي عرضوا علي غُزَاة في سبيل الله، يركبون البحر كالملوك علي الأسرة).
فقالت أم حرام: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. فدعا لها صلى الله عليه وسلم بذلك، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك. فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟، فقال صلى الله عليه وسلم : (ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله). قالت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. فقال صلى الله عليه وسلم لها: (أنت من الأولين).
70
رجل من أهل الجنة
مرض زيد بن أرقم-رضي الله عنه-، فذهب إليه النبى صلى الله عليه وسلم ليزوره، ودعا له بالشفاء، وطمأنه أنه لن يصيبه مكروه من مرضه ذاك، وقال له: (ليس عليك من مرضك هذا بأس).
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره بأمر آخر سوف يحدث له بعد ذلك، فقال له: (ولكن كيف إذا عَمَّرتَ (عشت طويلا) بعدي فعميت).
فَرَدَّ زيد علي النبى صلى الله عليه وسلم قائلا: إذن أحتسب وأصبر.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذن تدخل الجنة بغير حساب).
وعاش زيد-رضي الله عنه-بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فترة طويلة، وعميت عيناه، فصبر واحتسب؛ طمعًا في دخول الجنة التي نبأه النبى صلى الله عليه وسلم بها.
71
زواج نبي الله موسى
خرج نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ من مصر خائفًا من فرعون وجنوده أن يقتلوه، وسار في اتجاه الشرق، وعندما وصل إلي أرض مدين، وجد بئرًا يجتمع الناس حولها؛ليسقوا أغنامهم
جلس موسى يستريح تحت ظل شجرة، فرأي امرأتين تقفان بعيدًا، وتمنعان أغنامهما من الذهاب إلي البئر، فتقدم موسى ـ عليه السلام ـ نحو الفتاتين، وسألهما عن سر ذلك.فعلم أن أباهما شيخ كبير، وأنهما تنتظران حتى ينتهي الزحام، ثم تقومان بسقي أغنامهما بعيدًا عن مزاحمة الرجال.فسقي موسى لهما.
وعادت الفتاتان إلي أبيهما، فتعجب من عودتهما المبكرة علي غير عادتهما، وسألهما عن السر، فأخبرتاه بما حدث.
فأرسل أبوهما فتاة منهما لتحضر موسى -عليه السلام -إليه؛حتى يشكره، فجاءت الفتاة إلي موسى ـ عليه السلام ـ وهي تمشي علي استحياء، فقالت له: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا[القصص: 25].ووصل موسى ـ عليه السلام ـ إلي الرجل الصالح، وقص عليه قصته، فقال له: لا تخف نجوت َمن القوم الظالمين [القصص: 25].
وسألت الفتاة أباها أن يستأجر موسى؛ليخفف عنهما عبء العمل، والزحام عند البئر، وأخبرتْه بما كان من أمر قوَّته عندما سقي الأغنام، وما كان من حيائه حين ذهبت لإحضاره.
رأي الشيخ أن موسى ـ عليه السلام ـ جدير بأن يعمل عنده، ويستحق أن يصاهره، فعرض عليه الزواج من ابنته؛علي أن يرعي له الأغنام ثماني سنوات أو عشرًا.فوافق موسى، فتزوج ابنة الشيخ، ووفي بعهده، وعمل عند الشيخ عشر سنوات، ثم رحل إلي مصر، وأخذ معه زوجته.
72
زواج نبي الله زكريا
تزوج نبي الله زكريا-عليه السلام-امرأة طيبة، عاش معها سنوات طويلة في حب ومودة، حتى تقدم به العمر، واشتاق إلي الولد.لكن كيف السبيل إليه وامرأته عاقر لا تلد؟
وكان زكريا يتولى رعاية مريم، ويعلمها أمور الدين، وكان كلما دخل عليها في مكان عبادتها يري عندها فاكهة كثيرة، وكان يتعجب من ذلك لأنه كان يري عندها فاكهة الشتاء والصيف علي الدوام، فيسألها عن مصدر هذا الطعام، فتقول له: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب[آل عمران: 37].
أيقن زكريا أن الله الذي يرزق مريم بالفاكهة علي غير موعدها قادر علي أن يرزقه غلامًا برغم شيخوخته من امرأته العاقر، فسأل ربه أن يرزقه ولدًا، فقال: ربِّ هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء[آل عمران: 38].
فتقبل الله دعاءه، وجاءت الملائكة لتبشره وهو يصلي في محرابه: أن الله يبشرك بيحيى مصدقًا بكلمة من الله وسيدًا وحصورًا ونبيَّا من الصالحين[آل عمران: 39].
وتعجب زكريا من هذا الأمر، فسأل ربه: رب أني يكون لي غلام وقد بلغني الكِبَرُ وامرأتي عاقر؟ فأجابه الله: كذلك الله يفعل ما يشاء[آل عمران: 40].فولدت له زوجته غلامًا، أسماه يحيي -كما بشره الله- ليكون آية علي قدرة الله-سبحانه-.
73
زواج نبي الله لوط
ابتلي الله نبيه لوطًا-عليه السلام-في زواجه كما ابتلي نبيه نوحًا-عليه السلام-، فكل منهما كانت زوجته كافرة.قال تعالي-: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحيْن فخانتاهما فلم يُغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا النار مع الداخلين[التحريم: 10].
لقد كفر قوم لوط بالله عز وجل، وكانوا يفعلون الفواحش، ولم تفلح معهم دعوة نبي الله لوط-عليه السلام-، ولم يؤثِّر فيهم ما كان يخوفهم به نبيهم من العذاب، بل زادوا في كفرهم وفُحشِهم، فكانوا يأتون الرجال شهوةً من دون النساء.
وقد كانت زوجة لوط تساعد قومها، فكانت تنقل إليهم أخبار زوجها، وتخبرهم بأسراره.وهذه الخيانة ذكرها الله في كتابه، فعندما جاءت الملائكة إلي لوط في صورة رجال؛ليخبروه بعذاب قومه، أرسلت زوجة لوط إلي قومها تخبرهم بوجود ضيوف من الرجال عند زوجها، فجاء القوم إلي دار لوط، وحاولوا كسر الباب، فخرجتْ إليهم الملائكة، وضربوهم بأجنحتهم، فأصابهم العمي فلم يروا شيئًا، ثم أرسل الله عليهم الأحجار ا من السماء، فهلكوا وهلكت معهم تلك الزوجة الكافرة.
74
زواج نبي الله إسماعيل
لما تزوج إسماعيل-عليه السلام-جاء والده نبي الله إبراهيم-عليه السلام-ليزوره، ويطمئن عليه، فلم يجده، فسأل زوجته عنه، فأخبرته أنه خرج إلي عمله، فسألها عن عيشهم وأحوالهم، فقالت له: نحن بِشَرِّ.وشَكَتْ إليه تعب الحياة.
فقال لها: فإذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام، وقولي له غَيِّر عتبة بابك.ثم رجع، ولم يخبرها بحقيقته.فلما جاء إسماعيل- عليه السلام-أخبرته الزوجة بما حدث، فقال لها: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك.وطلقها إسماعيل؛ طاعةً لأبيه، وعقابًا علي شكواها من العيش، وعدم شكرها لله -عز وجل-.
وبعد فترة، أتي إبراهيم-عليه السلام-ليزور ابنه، فلم يجده، ووجده قد تزوج امرأة أخري، فسألها عن عيشهم وحالهم.فقالت: نحن بخير وسعة.وحمدت الله.فقال: ما طعامكم؟قالت: اللحم. قال: فما شرابكم؟قالت: الماء.قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء.ثم قال: فإذا جاء زوجك فأقرئيه مني السلام، وقولي له ثَبِّت عَتَبةَ بابك.فلما جاء إسماعيل-عليه السلام-أخبرته زوجته بما حدث، فقال لها: ذاك أبي وأنتِ العتبة.أمرني أن أُمسِكك.وعاش إسماعيل-عليه السلام- سعيدًا مع هذه الزوجة المباركة.
75
زوجات في بيت النبي صلي الله عليه وسلم
وكان للنبي صلي الله عليه وسلم زوجات أخريات، منهن السيدة زينب بنت خزيمة -رضي الله عنها-، التي تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم بعد استشهاد زوجها، وقد عاشت مع النبي صلي الله عليه وسلم فترة قصيرة، وكان متاع بيتها قليلا، وفرشه حصيرًا.
وتزوج النبي صلي الله عليه وسلم السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- بعد استشهاد زوجها، وذلك إكرامًا لها، ورعاية لأيتامها، ودخل بها النبي صلي الله عليه وسلم في حجرة السيدة زينب بنت خزيمة التي كانت قد توفيت، وقد وجدت السيدة أم سلمة في الحجرة جرة بها شيء من شعير، ورحي للطحن، وإناء وقدرا بها قليل من السمن، فأخذت أم سلمة هذه الأشياء وصنعت منها للنبي صلي الله عليه وسلم طعامًا في ليلة العرس.
وهناك السيدة صفية بنت حُيي -رضي الله عنها- التي أسرها المسلمون أثناء فتح خيبر، ولكنها أسلمت وحسن إسلامها، فأعتقها النبي صلي الله عليه وسلم وتزوجها.
ومن زوجاته صلي الله عليه وسلم السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها- التي كانت تفخر علي سائر زوجات النبي صلي الله عليه وسلم بقولها: زوجكن أهاليكن، وزوَّجني الله من فوق سبع سماوات، فقد كانت -رضي الله عنها-زوجة لزيد بن حارثة -رضي الله عنه-، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قد تبناه، وكان بينها وبين زيد خلافات كثيرة، فطلقها زيد -رضي الله عنه-.
وكان الإسلام قد حرم التبنِّي، وكان الناس يحرمون علي الرجل أن يتزوج من امرأة من تبناه بعد أن يطلقها، فأنزل الله قرآنًا يقضي فيه بزواج الرسول صلي الله عليه وسلم من زينب -رضي الله عنها-، قال تعالي: فلما قضي زيد منها وطرًا زوجناكها لكي لا يكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قَضَوا منهن وطرًا [الأحزاب: 37].

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:33
76
الـزواج الملـكي
هاجرت أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان إلي الحبشة، وكان معها زوجها عُبيد الله بن جحش.وبعد مدة ، ارتد زوجها عن الإسلام، ومات، فأصبحت أم حبيبة وحيدة لا زوج لها.
وعلم النبي صلي الله عليه وسلم بما تعانيه أم حبيبة في الغربة، فأرسل صلي الله عليه وسلم عمرو ابن أمية الضّمري إلي النجاشي ملك الحبشة ليخطبها له.
وبينما كانت أم حبيبة-رضي الله عنها-في بيتها، دخلت عليها جارية للنجاشي تسمي أبرهة، وقالت لها: إن الملك يقول لك: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم كتب إليه أن يزوجه منك.ويقول لك الملك: وكِّلي من يزوجك.
ففرحت أم حبيبة-رضي الله عنها-بالخبر وأهدت ما معها من حُلِي لأبرهة حاملة البشري.وقالت لها: بشرك الله بخير.وتذكرت أم حبيبة حينئذ رؤيا رأتها بعد موت زوجها، فقد رأت كأن آتيًا يقول لها: يا أم المؤمنين.
ووكلت السيدة أم حبيبة-رضي الله عنها-ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص-رضي الله عنه-في تزويجها للنبي صلي الله عليه وسلم .
وفي المساء، دعا النجاشي المسلمين، فحضروا، وخطب فيهم، فقال: الحمد لله الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار.أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسي ابن مريم-عليه السلام-.
أما بعد، فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلي ما دعا إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وقد أصدقتها أربعمائة دينار.
ثم وضع النجاشي الدنانير بين يدي القوم.
77
زواج النبي محمد صلي الله عليه وسلم
كان النبي صلي الله عليه وسلم يعمل بالتجارة، وقد عُرف بالصدق والأمانة، فطلبت منه السيدة خديجة أن يتاجر لها في مالها، فوافق، وزاد إعجاب السيدة خديجة-رضي الله عنها بالنبي صلي الله عليه وسلم ؛ وتعلق قلبها به، فأحبته، وأخبرت بذلك صديقتها نفيسة بنت أمية.
فذهبت نفيسة إلي النبي صلي الله عليه وسلم تعرض عليه الزواج من خديجة، فوافق، فرجعت نفيسة تُبشر خديجة، وذهب النبي صلي الله عليه وسلم إلي أعمامه ليخبرهم، فوافقوا، وذهبوا معه إلي بيت خديجة، وطلبوها من عمها عمرو بن أسد.
وقام أبو طالب عم النبي صلي الله عليه وسلم يفتتح حفل الزواج، فألق خطبة، قال فيها: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا بيتًا محجوجًا، وحرمًا آمنًا، وجعلنا الحكام علي الناس، ثم إن ابن أخي هذا: محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلا رجح به شرفًا ونُبْلا وعقلا، وإن كان في المال قل (فقير)، فإن المال ظل زائل، وعارية مسترجعة.وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك).
ثم تكلم عمرو بن أسد، فأثني علي محمد صلي الله عليه وسلم ، وأعلن قبول
زواجه من ابنة أخيه، واتفقا علي صداق قدره عشرون ناقة.
وانتشر خبر الزواج في مكة، وأقيمت الولائم في بيت العروس، ونُحرت الذبائح، ووزعت علي فقراء مكة، وتم الزواج المبارك.وكان عمر النبي صلي الله عليه وسلم جينئذٍ خمسة وعشرين عامًا.
وكانت السيدة خديجة-رضي الله عنها- قد تزوجت مرتين من قبل، وقد تقدم إليها رجال كثيرون يطلبون الزواج منها، لكنها كانت ترفض.
وعاشت السيدة خديجة مع الرسول صلي الله عليه وسلم ، وأنجبت له الأولاد، ولما بعث صلي الله عليه وسلم آمنت بدعوته، وأنفقت مالها كله في سبيل الله.
78
الســـــر
لما توفي الصحابي الجليل خنيس بن حذافة السهمي-رضي الله عنه-أصبحت حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- بدون زوج، فلما قضت عِدَّتها، ذهب عمر إلي عثمان ابن عفان -رضي الله عنه-وعرض عليه الزواج من ابنته حفصة، فأخبره أنه لا يريد الزواج في ذلك الوقت.فذهب عمر إلي أبي بكر، وقال له: إن شئتَ زوجتُك حفصة بنت عمر.لكن أبا بكر صمت، ولم يتكلم بشيء؛فغضب عمر.
وبعد ليالٍ، خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم السيدة حفصة من أبيها، وكان ذلك في شهر شعبان سنة ثلاث من الهجرة، ودخلت السيدة حفصة بيت النبوة مع السيدة سودة والسيدة عائشة، وعاشت الزوجات الثلاث مع النبي في مودة ووئام.
وبعد ذلك قابل أبو بكر الصّديق عمر، وأخبره بأنه كان يعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم يريد أن يتزوج حفصة، ولذلك لم يَقْدم أبو بكر على الزواج منها، ولم يفشِ سر رسول الله صلي الله عليه وسلم .
79
ثواب الإخلاص
قبيل إحدى الغزوات، حث النبى صلى الله عليه وسلم الناس على الخروج إلى الجهاد، فجاء نفر من فقراء المسلمين، الذين لا يملكون ما يعينهم على الخروج إلى الجهاد يسألون النبى صلى الله عليه وسلم أن يعينهم على الخروج مع الجيش، بأن يوفر لهم ما يركبونه.فأخبرهم النبى صلى الله عليه وسلم فى رفق أنه لا يجد ما يحملهم عليه.
فرجع هؤلاء المسلمون وهم يبكون، وعَزَّ عليهم أن لا يخرجوا للجهاد.
فلما رأى الله إخلاصهم وصدقهم أنزل فى كتابه الكريم ما يخفف عنهم، وأعلم النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن هؤلاء النفر لهم نصيب من الأجر، فقال: (إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديًا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر)
80
سبب البكاء
ذات يوم، جلس شداد بن أوس- رضى الله عنه-يبكى فى مصلاه، فرآه أحد أصحابه فسأله عمن سبب بكائه.
فقال شداد: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، إذ رأيت بوجهه أمرًا ساءنى، فقلت: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، ما الذى أرى بوجهك؟ قال: (أمرًا أتخوفه على أمتى من بعدي).قلت: ما هو يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وسلم : (الشرك والشهوة الخفية ).قلت: يا رسول الله، أو تشرك أمتك من بعدك؟قال: (ياشداد، أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولاحجرًا ولا وثنًا، لكنهم يراءون بأعمالهم).
قلت: والرياء أشرك هو؟قال: (نعم).
وفى اليوم التالى، ذهب صاحبُ شداد هذا إلى الحسنَ البصرى عن الرياء أشرك هو؟قال: نعم، أما تقرأ: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا.
81
العابد والديناران
يحكى أن عابدًا من عباد بنى إسرائيل سمع أن قومًا يعبدون شجرة من دون الله، فغضب وأخذ فأسًا، وذهب ليقطعها، فقابله فى الطريق إبليس فى صورة رجل كبير، وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟فأخبره العابد.فحاول إبليس أن يمنعه فتشاجر معه العابد وأوقعه على الأرض.
فعرض عليه إبليس أن يرجع عن قطع الشجرة، على أن يعطيه كل يوم دينارين.فوافق العابد.
وفى اليومين الأول والثانى وجد العابد الدينارين فى بيته، وفى اليوم الثالث لم يجد شيئًا، فغضب، وأخذ فأسه، وذهب ليقطع الشجرة.
فقابله إبليس فى صورة الرجل الكبير، وتشاجر معه ليمنعه من قطع الشجرة، فغلبه إبليس هذه المرة.فقال العابد: كيف غلبتنى هذه المرة؟!
فقال: لأنك غضبت فى المرة الأولى لله، وكان عملك خالصًا له.فأمنك الله منى، أما هذه المرة، فقد غضبت لنفسك لضياع الدينارين، فغلبتك!
82
الرجل المخلص
ذات ليلة، أراد رجل صالح أن يتصدق بصدقة، فخرج يبحث عن إنسان فقير يتصدق عليه، فقابله لص فأعطاه الصدقة، وهو لا يعلم أنه لص. فتكلم الناس وقالوا: تصدق الليلة على سارق.
وفى الليلة التالية خرج الرجل يبحث عن فقير ليتصدق عليه، فقابلته امرأة فأعطاها الصدقة، وكانت المرأة سيئة السلوك.فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على زانية.
وفى الليلة الثالثة خرج الرجل بصدقته فوضعها فى يد رجل غني، فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على غني.فحمد الرجل ربه، فهو الذى شاء ذلك.
فجاء إليه من أخبره أن الله قد تقبل صدقاته لإخلاصه فيها، وقال له: أما صدقتك على سارق فلعلّه أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغنى فلعله أن يعتبر، فينفق مما أعطاه الله.
83
الشهيد
كان الأصيرم واسمه عمرو بن ثابت يرفض دعوة قومه بنى عبد الأشهل كلما عرضوا عليه الإسلام.
فلما كان يوم غزوة أحد أسلم، وأخذ سيفه وذهب ليقاتل مع المسلمين، فقاتل قتالا عظيما حتى أصيب بجراحات خطيرة، ووقع على الأرض.
وبينما كان رجال من بنى عبد الأشهل يبحثون عن قتلاهم فى نهاية المعركة وجدوه فى اللحظات الأخيرة فعرفوه، وتعجبوا من أمره فقد تركوه قبل المعركة وهو منكر للإسلام.فسألوه هل فعل ذلك غيرة على قومه أم رغبة فى الإسلام؟
فقال: بل رغبة فى الإسلام، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفى وغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقاتلت حتى أصابنى ما أصابنى، ثم مات فى أيديهم.فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: (إنه من أهل الجنة).
84
زواج نبي الله إبراهيم
تزوج نبي الله إبراهيم-عليه السلام-السيدة سارة، وكان زواجًا مباركًا، فقد آمنت بالله، وهاجرت معه من العراق إلي فلسطين، ثم إلي مصر.وكانت سارة امرأة جميلة..ولكنها كانت عاقرًا لا تلد، ولا أمل لها في الإنجاب، تشعر برغبة إبراهيم في الولد، فأهدت إليه جاريتها هاجر عسي أن يرزقه الله منها الولد، فتزوجها إبراهيم-عليه السلام-فحملت منه، وولدت له غلامًا جميلا أسماه إسماعيل، ففرح به فرحًا كثيرًا، ولكن سرعان ما أمر الله نبيه إبراهيم-عليه السلام) بالهجرة، فأخذ زوجته هاجر وابنها الرضيع، وذهب بهما إلي وادٍ لا زرع فيه ولا ماء عند البيت المحرم، وتركهما هناك، فقالت له هاجر: هل أمرك الله بهذا يا إبراهيم؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا الله أبدًا، واستجابت هاجر لأمر ربها.
وأظهر الله آية أخري مع الزوجة المخلصة سارة؛فقد أرسل الله الملائكة لتبشرها بأنها ستلد مولودًا اسمه إسحاق، وسيكبر إسحاق ويتزوج، وينجب ولدًا اسمه يعقوب، فتعجبت سارة من هذه البشري، لكنها أيقنت أن قدرة الله فوق كل شيء.
85
زواج نبي الله نوح
كان زواج نبي الله نوح-عليه السلام-ابتلاءً له؛فعندما بعثه الله -عز وجل- بالرسالة آمن به بعض الناس، ولكن زوجته ظلت كافرة عاصية، كانت تؤذي زوجها، وتسخر منه ومن دعوته، وكانت تحط من مكانته عند قومها، وتصرفهم عن الإيمان به، وتطلعهم علي أسراره، وأتباعه، وتساعد قولها في تعذيبه وإيذائه، فجعلها الله مثلاً للذين كفروا؛ ليعلم الناس أنه لا تفاضل بينهم إلا بالإيمان والتقوى والعمل الصالح، ولم يشفع لها أنها زوجة نبي.قال تعالي: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبديْن من عبادنا صالحيْن فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا النار مع الداخلين[التحريم : 10].
واستحقت امرأة نوح-عليه السلام-عذاب الله، فغرقت مع قومها أثناء الطوفان، وكان مصيرها في الآخرة الخلود في النار.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:35
86
زواج نبي الله آدم
خلق الله -عز وجل-آدم-عليه السلام-، وعلَّمه الأسماء كلها، وأسكنه جنته، وعاش آدم في الجنة، يأكل من ثمرها، ويشرب من أنهارها.وذات يوم، نام آدم-عليه السلام- في ظل شجرة، وعندما استيقظ من نومه، وجد بجانبه امرأة، خلقها الله من ضلعه، فتعجب آدم، وسألها: مَنْ أنتِِ ؟قالت: امرأة.قال: ولمَ خلقت؟ قالت: لتسكن إلي.
وأمر الله آدم أن يسكن هو وزوجته الجنة، وأن يتمتعا بكل خيراتها، إلا شجرة واحدة نهاهما عنها.قال تعالي: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين [البقرة: 35].
فوسوس إليهما الشيطان أن يأكلا من الشجرة التي حرمها الله عليهما، وأقسم لهما أنه ناصح أمين، وأن هذه الشجرة هي شجرة الخلد والملك الدائم، فأكل آدم وزوجته منها، فكان جزاؤهما الخروج من الجنة والهبوط إلي الأرض.
وفي الأرض، بدأت حياة جديدة للزوجين؛ كلها تعب وسعي وكدح وعمل، وبدأت حواء تنجب البنين والبنات؛لتعمر الأرض بالذرية، وتتحقق سنة الله في الخلق..وهكذا تدور الحياة.
87
الوجه الحسن
فى إحدى الغزوات، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين، فأتاه رجل من الصحابة وقال له: يا رسول الله، إنى رجل أسود، منتن الريح، قبيح الوجه، لا مال لى فإن أنا قاتلت هؤلاء-المشركين- حتى أُقتل فأين أنا؟
وكان الرجل صادقًا فى قوله، مخلصًا فيه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (فى الجنة).
فتقدم الرجل، وقاتل بشجاعة حتى قُتل، فمَّر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مقتول، فقال: (قد بيَّض الله وجهك، وطيَّب ريحك، وأكثر مالك).
ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (فقد رأيت زوجته من الحور العين نازعته جبة له من صوف، تدخل بينه وبين جبته).
88
مهاجر أم قيس
أراد رجل من العبيد فى مكة أن يتزوج إحدى بنات العرب الشريفات، وكانت تسمى أم قيس، فرفض أهلها أن يزوجوه.
وأسلمت أم قيس وهاجرت إلى المدينة، فلحق بها الرجل كى يتزوجها.فكان الصحابة يسمونه مهاجر أم قيس؛ لأنه هاجر لأجل المرأة التى أراد أن يتزوجها، ولم تكن هجرته إلى الله ورسوله خالصة.
وهذا يعنى أن نية المرء ومقصده لهما أثر كبير فى قبول عمله أو رده.
قال صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوي، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها (يتزوجها) فهجرته إلى ما هاجر إليه).
89
دبيب النمل
وقف أبو موسى الأشعرى- رضى الله عنه-يومًا يخطب فى الناس، فقال: يأيها الناس، اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل.
فقام رجلان واعترضا على كلامه، وهدداه أن يشكوانه إلى أمير المؤمنين عمر- رضى الله عنه- إن لم يأت بدليل على ما يقول.
فقال أبو موسى- رضى الله عنه-: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: (يأيها الناس، اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل).
فقال أحد الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟
قال: (قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن أشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه).
90
صاحب النقب
فى إحدى المعارك، تجمع أعداء المسلمين داخل حصن قوى، فلم يستطع جيش المسلمين اقتحام الحصن، فقرروا محاصرة الأعداء داخله حتى يستسلموا.
وفى صباح أحد الأيام فوجئ المسلمون بوجود فتحة فى الحصن، فقال القائد: من صاحب النقب؟فلم يرد أحد.فلما رأى القائد أن صاحب النقب لا يريد أن يظهر نفسه، قال: أستحلفه بالله أن يأتينى الليلة.
وفى المساء دخل على القائد رجل يضع غطاء على وجهه، فقال القائد: هل أنت صاحب النقب قال: نعم.قال: اكشف عن وجهك لأعرفك.فقال الرجل: لى ثلاثة شروط: ألا يعرفنى أحد غيرك، وألا تعطينى أى مال زائد عن المسلمين، وأن أظل جنديَّا كما أنا.فوافق القائد لما رأى الرجل يريد أن يجعل عمله خالصًا لله، لا مراءاة فيه ولا سمعة.
91
لقاء الله
ذات يوم، جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه يقاتل فى الحروب ابتغاء وجه الله، ويريد كذلك أن يرى الناسُ شجاعته وقوته.
فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ولم يرد على الرجل، فنزل قول الله-تعالى-: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا.
وهكذا يعلمنا القرآن أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجه ولا يبتغى به سواه.
92
كلمة الإخلاص
يروى أن النبى صلى الله عليه وسلم جلس مع صحابته ذات يوم، فقال لهم: من قال: (لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة).
فسأله الصحابة-رضوان الله عليهم-: ما إخلاصها يا رسول الله؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (أن تحجزك عما حرم الله عليك).
لذلك فإن قول العبد: لا إله إلا الله يقتضى منه أن يخلص قلبه لله-تعالى-فلا يشرك بالله أحدًا، وأن يتوجه بالعبادة والطاعة لله وحده، فهو سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له، وأريد به وجهه الكريم.
93
الوعاء الثمين
لما فتح المسلمون المدائن، أخذوا يجمعون الغنائم، وبينما هم كذلك جاء أحد الناس ومعه وعاء ثمين، ووضعه مع الغنائم، فتعجب المسلمون من أمر هذا الرجل، وظنوا أن هذا الوعاء كان فيه شىء وأخذه الرجل، لأنهم لم يجدوا شيئا فى الغنائم يشبه هذا الوعاء، فقالوا له: هل أخذت منه شيئًا؟
فقال الرجل: والله لولا الله ما آتيتكم به.
فعرفوا أنه رجل أمين، فقالوا من أنت؟فرفض الرجل أن يخبرهم باسمه؛ حتى لا يمدحه أحد بما فعل، وقال لهم: ولكنى أحمد الله وأرضى بثوابه.
فلما انصرف أرسلوا رجلا خلفه ليعرف من هو، فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس- رضى الله عنه-.
94
ثلاثة فى النار
يُروى أن أول ثلاثة يُسألون يوم القيامة: قارئ وصاحب مال ومجاهد؛ فيقول الله تعالى للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟قال: بلى يا رب.قال: فماذا عملت فيما علمت؟قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار.فيقول الله له: كذبت، ...بل أردت أن يقال: إن فلانًا قارئ. وقد قيل ذاك.
ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟قال: بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟قال: كنت أصل الرحم وأتصدق.فيقول الله له: كذبت، بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك.
ويُؤتى بالذى قُتل فى سبيل الله، فيقول الله له فيم قتلت؟فيقول: أمرت بالجهاد فى سبيلك فقاتلت حتى قتلت.فيقول الله تعالى: كذبت، .. بل أردت أن يقال: فلان جريء.فقد قيل ذاك. وهؤلاء الثلاثة أول خلق الله تُسعر بهم النار يوم القيامة.
95
إخلاص الثلاثة
كان ثلاثة رجال فى سفر، فدخلوا غارًا فى جبل ليقضوا الليل، فوقعت صخرة من الجبل سدت باب الغار.فدعوا ربهم بصالح أعمالهم حتى ينجيهم من هذه الصخرة، فذكر الأول أنه كان له أبوان شيخان كبيران، وكان لا يأكل ولا يشرب حتى يطعمهما، وذات يوم تأخر عنهما، فلما عاد وجدهما نائمين، فلم يوقظهما حتى قاما وأكلا.
وذكر الثانى أنه كان يحب ابنة عمه، فاحتاجت منه بعض المال فأراد أن يفعل معها سوءًا ويعطيها المال، ولكنه خاف من الله وتركها وأعطاها المال.
وذكر الثالث أن رجلا كان يعمل عنده وانصرف دون أن يأخذ أجره، فتاجر له فى أجره حتى كثرت الأموال، فلما جاء الرجل الأجير وطلب حقه أعطاه كل أمواله.وكان كل واحد منهم بعد أن يذكر عمله يقول: (اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه)، فانفرجت الصخرة، وخرجوا سالمين جزاء إخلاصهم.
96
الصلاة المردودة
ذات يوم، خرج النبى صلى الله عليه وسلم على صحابته، فقال لهم: (أيها الناس، إياكم وشرك السرائر (والسرائر: نية الإنسان، وما يسره من أمره)).
قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (يقوم الرجل فيصلى فيزين صلاته جاهدًا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر).
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحذر مَنْ يحسن صلاته إذا علم أن الناس ينظرون إليه، فالواجب أن يحسن الإنسان صلاته ابتغاء مرضاة الله وليس من أجل رضا الناس. الصلاة المردودة
ذات يوم، خرج النبى صلى الله عليه وسلم على صحابته، فقال لهم: (أيها الناس، إياكم وشرك السرائر (والسرائر: نية الإنسان، وما يسره من أمره)).
قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (يقوم الرجل فيصلى فيزين صلاته جاهدًا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر).
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحذر مَنْ يحسن صلاته إذا علم أن الناس ينظرون إليه، فالواجب أن يحسن الإنسان صلاته ابتغاء مرضاة الله وليس من أجل رضا الناس.
97
الصديق المدين
ذهب رجل إلي بيت صديق له، وقال له: لقد أتيت لأطلب منك شيئًا.فقال الصديق: ما حاجتك؟فقال له: إن علي دينًا، وقد حان أوان تسديده، وأريد أن أسدده.
فقام صديقه، وأحضر المال الذي طلبه وزيادة.فأخذ الرجل المال، وانصرف وهو شاكر وسعيد.
وجلس الصديق حزينًا، وبكي بشدة، فظنت الزوجة أنه يبكي حزنًا علي المال الذي أخذه الرجل، فقالت له: لقد كان في وسعك أن تعتذر لصديقك، ولا تعطه مالا.. بدلا من أن تبكي حـزنًا علي ما أعطـيته من مال، لأنك تعلم أننا لا نمـلك ما يكفينا.
فقال الزوج: إنني أبكي، لأني لم أسأل صاحبي من قبل عن حاله، وتركته حتى تكاثرت عليه الديون، واستدان من غيري، ثم ها هو ذا يحتاج مالا ليسد دينه، ويطلب مني أن أقرضه، وكان علي أن أتعرف على أحواله، وأبادر أنا وأعطيه قبل أن يسألني.
98
كرم عظيم
ذات يوم، خرج صديقان في سفر لهما، وبينما كانا يسيران في الصحراء، هبت ريح شديدة، وتلبدت السماء بالغيوم، وسقط المطر بغزارة.
فأخذا يبحثان عن مكان يستظلان به حتى يهدأ المطر، فوجدا خيمة فيها امرأة، فاستأذنا منها أن ينتظرا عندها حتى يهدأ المطر فأذنت لهما.
وعندما عاد زوجها من الخارج قالت له زوجته: لقد نزل بنا ضيفان، فقام الرجل ورحب بهما، ثم جاء بناقة وذبحها، وأعدها لهما، فلم يأكلا منها إلا القليل.
وفي اليوم الثاني ذبح لهما ذبيحة أخري، فقالا له: ما أكلنا من التي نحرت البارحة إلا القليل.
فقال لهما: إني لا أطعم ضيوفي من الطعام البائت.
وظلت السماء تمطر أيامًا، والرجل يذبح لهما ذبيحة كل يوم.
وعندما هدأت الرياح، وتوقف المطر، أخذ الصديقان يستعدان للرحيل، وقبل أن يرحلا تركا في الخيمة مائة دينار كمكافأة للرجل، ولم يكن موجودًا في الخيمة حينئذ.
وقالا لزوجته: اعتذري لنا عند زوجك عندما يرجع.
وعندما عاد الرجل أخبرته زوجته بما حدث، فغضب غضبًا شديدًا، وأخذ الدنانير، ثم ركب فرسه، وانطلق وراءهما.
وبعد مدة من الزمن، لحق بهما في الطريق، وخاطبهما بحدة وغضب، فلما استفسرا عن السبب، ألقي إليهما بكيس الدنانير، وقال: خذوها وإلا طعنتكما برمحي هذا.ثم أخبرهما أنه لا يأخذ ثمن ضيافة أحد.
فأخذ الصديقان الدنانير، وهما سعيدان بهذا الموقف الكريم.
99
وشبع الصغار
في ليلة شديدة البرد، حالكة الظلام، جاءت امرأة إلي حاتم الطائي، وكان حاتم مضرب المثل في الجود والكرم.
فقالت له: جئت إليك من عند أولادي، وهم يصيحون ويبكون من شدة الجوع، فهل أجد عندك من الطعام ما يسد جوعهم؟.
فقال لها: والله لأُشبعنهم.
ولم يكن حاتم يملك في ذلك الوقت شيئًا سوي فرسه، وكان يحبه حبَّا شديدًا.
فقام بسرعة إلي فرسه وذبحه.ثم أوقد عليه النار حتى نضج.ثم أعطاها اللحم، فأكلت وأكل أولادها حتى شبعوا جميعًا.
حقًا لقد كان حاتم الطائي رجلا كريمًا سخيا.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:37
100
المال والدار لكم
يروي أنه كان لرجل صالح بيت جميل، يعيش فيه مع زوجته وأولاده، ترفرف عليهم السعادة، ويحيطهم الأمن، وفي إحدى السنين، واجهته أزمة مالية، فقرر أن يبيع داره، فجاءه رجل واشتراها منه، ودفع له ثمنها.
وتسلم المشتري الدار، وسكن فيها مع أهله، فلما أتي الليل سمع بكاء.فسأل أهله: ما هؤلاء؟.
فقالوا: إنهم أهل الرجل الذي باع لنا الدار.
فسأل الرجل: ولماذا يبكون؟
فقالوا له: إنهم يبكون حزنًا علي دارهم التي اشتريناها منهم!!
وكان هذا المشتري تقيا كريمًا، فرقَّ قلبه لحال أهل البائع، فأمر خادمه أن يذهب إليهم، ويخبرهم بأن المال والدار لهم جميعًا.
101
العفو عن الدَّين
يحكي أن قيس بن سعد-رضي الله عنهما-كان عنده بستان، وباعه إلي معاوية بن أبي سفيان-رضي الله عنهما- بتسعين ألفًا، فلما أخذ الثمن، أعطي نصفه للناس كهدايا وهبات.ثم طلب من المنادي أن ينادي في المدينة بأن من كان محتاجًا إلي المال، ويريد أن يقترض، فليذهب إلي قيس ليقرضه.فجاء ناس كثير إلي قيس، فأقرضهم جميعًا، حتى نفذ المال، وكان قيس يأخذ علي كل مقترض ورقة فيها المبلغ الذي اقترضه(مثل الإيصال).
وبعد فترة من الزمن مرض قيس، فلم يزره إلا عدد قليل من أصحابه.فقال لزوجته: لمَ قلَّ زواري؟
فأخبرته أنهم يستحيون من زيارته؛لما له عليهم من ديون.
فأحضر قيس الأوراق التي سجل فيها الديون التي علي الناس، وأرسل لكل واحد الورقة التي فيها دينه، ففرح الناس بذلك، وشكروا لقيس كرمه وجوده.
ولم تمر ساعات حتى كثر الزوار، وامتلأ بهم بيت قيس.
وهكذا كان قيس-رضي الله عنه- يقرض المحتاج ويقضي عن الفقراء ديونهم، وكان يقول: (اللهم ارزقني مالا وفعالا، فإنه لا يصلح الفعال إلا بالمال).
102
ونفدت الدراهم
ذات يوم..أرسل عبد الله بن الزبير-رضي الله عنه-إلي خالته السيدة عائشة - رضي الله عنها -مائة ألف درهم.فوضعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-المال في طبق، وأخذت توزعه علي الفقراء، حتى فرغ الطبق من المال تمامًا، ولم تُبق في بيتها درهمًا واحدًا.
وكانت السيدة عائشة صائمة في ذلك اليوم، فلما حان وقت الإفطار، قالت لخادمتها: (هات فطوري).
فلم تجد الخادمة شيئًا تقدمه لأم المؤمنين إلا الخبز والزيت، فقالت: يا أم المؤمنين! أما استطعتِ أن تبقي لنا درهمًا نشتري به لحمًا؟! فقالت أم المؤمنين رضي الله عنها-: (لو ذكرتيني لفعلت).
وهكذا أكرمت السيدة عائشة- رضي الله عنها- غيرها ونسيت نفسها.
103
كنوز كسرى
كان عدي بن حاتم-رضي الله عنه-جالسًا عند النبى صلى الله عليه وسلم ، فدخل رجل يشكو إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر، ثم جاء آخر فشكا إليه كثرة قطَّاع الطرق وتعرضهم للناس بالقتل والسرقة. فنظر النبى صلى الله عليه وسلم إلي عدي، وقال له: (يا عدي، هل رأيت الحيرة(اسم مدينة)؟)فقال: لم أرها، وقد أُنْبِئتُ عنها. فقال صلى الله عليه وسلم : (فإن طالت بك حياة لترين الظعينة (المرأة تركب علي دابتها) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله)، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ولئن طالت بك حياة لتُفْتَحنَّ كنوز كسري)، ثم قال: (ولئن طالت بك الحياة لتَرَينَّ الرجل يخرج ملءَ كفه من ذهب أوفضة يطلب من يقبله فلا يجد أحدًا يقبله منه).
وبعد سنوات، انتصر المسلمون علي الفرس، وغنموا كنوزهم وأموالهم، وانتشر الإسلام شرقًا وغربًا، وكثر الخير، وعم الأمن والأمان بلاد المسلمين، فكانت المرأة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف إلا الله، وصدقت نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
104
ونفدت الدراهم
ذات يوم..أرسل عبد الله بن الزبير-رضي الله عنه-إلي خالته السيدة عائشة - رضي الله عنها -مائة ألف درهم.فوضعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-المال في طبق، وأخذت توزعه علي الفقراء، حتى فرغ الطبق من المال تمامًا، ولم تُبق في بيتها درهمًا واحدًا.
وكانت السيدة عائشة صائمة في ذلك اليوم، فلما حان وقت الإفطار، قالت لخادمتها: (هات فطوري).
فلم تجد الخادمة شيئًا تقدمه لأم المؤمنين إلا الخبز والزيت، فقالت: يا أم المؤمنين! أما استطعتِ أن تبقي لنا درهمًا نشتري به لحمًا؟! فقالت أم المؤمنين رضي الله عنها-: (لو ذكرتيني لفعلت).
وهكذا أكرمت السيدة عائشة- رضي الله عنها- غيرها ونسيت نفسها.
105
يا قوم.. أسلموا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جوادًا كريمًا، يعطي الجميع في سخاء، وكان لا يرد أحدًا إذا طلب منه شيئًا، وقد دخل بعض الناس في الإسلام؛طمعًا في كرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورغبة في عطائه، وبعد أن تنشرح صدورهم للإيمان، وتمتلئ قلوبهم بنور الإسلام، يكون الله ورسوله أحب إليهم من أموال الدنيا.
وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قطيع من الأغنام، فرآه رجل وهو برعى بين جبلين فأعجبه، فذهب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يعطيه له، فلم يتردد صلى الله عليه وسلم وأعطاه له.
فأخذ الرجل القطيع وهو مسرور، وذهب إلي قومه، فقال لهم: يا قوم، أسلموا، فوالله إن محمدًا ليعطي عطاء ما يخاف الفقر.
وفي ذلك قال أنس بن مالك-رضي الله عنه-: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.[ مسلم ]
106
توبة أبي لبابة
في غزوة الأحزاب خان يهود بني قريظة عهدهم مع رسول الله؛ وهموا بمساعدة كفار قريش، فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلي ديارهم بعد انتهاء غزوة الأحزاب وحاصرهم.
فلما طال عليهم الحصار استسلموا ووافقوا علي أن يحكم فيهم سعد بن معاذ،وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر الأنصاري-الذي كان علي صلة ود بهم- ليستشيروه في أمرهم.
فأرسله الرسول إليهم، فقالوا له: يا أبا لبابة، ما تري؟ أننزل علي حكم محمد؟ فقال: نعم. وأشار أبو لبابة بيده إلي حلقه - يقصد إنه الذبح فلا تفعلوا -.
فنزلت فيه قول الله تعالي:يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون[الأنفال:27].
فلما سمع أبو لبابة هذه الآية ذهب إلي المسجد، وربط نفسه في عمود من أعمدته، وقال: والله لا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى أموت أو يتوب الله علي.
وظل سبعة أيام لا يذوق طعامًا حتى أغمي عليه،ثم تاب الله عليه في قوله:وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا عسي الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم . فذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلي المسجد وحله بيده، وتصدق أبو لبابة بثلث ماله شكرًا لله علي قبول توبته .
107
الثوب والقافلة
ذات يوم خرج أحد التجار الأمناء في سفر له، وترك أحد العاملين عنده ليبيع في متجره، فجاء رجل يهودي واشتري ثوبًا كان به عيب.
فلما حضر صاحب المتجر لم يجد ذلك الثوب، فسأل عنه، فقال له العامل: بعته لرجل يهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم يطلع علي عيبه. فغضب التاجر وقال له: وأين ذلك الرجل ؟ فقال: لقد سافر.
فأخذ التاجر المسلم المال، وخرج ليلحق بالقافلة التي سافر معها اليهودي، فلحقها بعد ثلاثة أيام، فسأل عن اليهودي، فلما وجده قال له: أيها الرجل! لقد اشتريت من متجري ثوبًا به عيب، فخذ دراهمك، وأعطني الثوب. فتعجب اليهودي وسأله: لماذا فعلت هذا ؟ قال التاجر: إن ديني يأمرني بالأمانة، وينهاني عن الخيانة،فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (من غش فليس مني).
فاندهش اليهودي وأخبر التاجر بأن الدراهم التي دفعها للعامل كانت مزيفة،وأعطاه بدلا منها،ثم قال: لقد أسلمت لله رب العالمين، وأشهد أن لاإله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.
108
الذهب المدفون
اشتري رجل من أحد الناس بيتًا، وعاش فيه، وفي يوم من الأيام كان الرجل يحفر حفرة في البيت، فوجد إناءً مملوءًا بالذهب، فاندهش، وبدأ يفكر، ويقول لنفسه: ماذا أفعل بهذا الكنز الكبير ؟
وفي الحال تذكر الرجل الذي باع له البيت، فأسرع إليه والإناء في يديه، وقال له: يا صاحبي ! هذا الإناء وجدته في بيتك الذي بعته لي.
فقال الرجل: إنني قد بعت لك البيت بما فيه، والذهب من حقك أنت.
واستمر الاثنان في خلاف حتى مر بهما رجل ثالث، فطلبا منه أن يحكم بينهما، فقال لهما: هل لكما أبناء؟
فقال أحدهما: لي ابن. وقال الآخر: لي فتاة.
فاقترح الرجل عليهما أن يتزوج الابن من الفتاة، وأن ينفق عليهما من هذا الذهب.
فوافق الرجلان علي هذا الحكم، وشكر كل منهما صاحبه .
وهذه القصة مما حكاه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة.
109
أمانة نادرة
استأجر أحد التجار عمالا كثيرين ليعملوا عنده، فلما انتهوا من عملهم أعطي التاجر كل واحد منهم أجره، إلا رجلا واحدًا انصرف قبل أن يأخذ أجره، فاحتفظ التاجر بأجر الرجل، وتاجر له فيه، فصار أموالاً كثيرة.
وبعد مدة جاء الرجل وطلب حقه، فأشار التاجر إلي قطيع كبير من الإبل والبقر والغنم، وقال له: كلُّ هذا لك.فأخذ الرجل القطيع وانصرف مسرورًا.
وذات يوم سافر هذا الغني مع اثنين من أصحابه، وبينما هم في الصحراء دخلوا غارًا يستريحون فيه، فانحدرت صخرة كبيرة سدت عليهم فتحة الغار، فلم يستطيعوا الخروج، واصبحوا في حيرة شديدة، فأشار أحدهم بأن يدعوا الله بأفضل أعمالهم، فذكر الاثنان أفضل أعمالهما، فانفرجت الصخرة قليلاً، ولكنهم لم يستطيعوا الخروج،ولما جاء دور التاجر دعا الله تعالي بما صنعه مع الأجير، فانفرجت الصخرة، وخرجوا من الغار. هذه القصة مما حكاه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف.
110
نخلة الجنة
كان أحد الصحابة يمتلك بستانًا، وكان في هذا البستان نخلة يملكها رجل آخر.
وفي ذات يوم..ذهب الصحابي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلب إليه أن يتوسط له عند صاحب النخلة ليتنازل له عنها. فأرسل صلى الله عليه وسلم للرجل، وقال له: (أعطه إياها بنخلة في الجنة) فرفض الرجل.
فلما علم الصحابي الجليل أبو الدحداح- رضي الله عنه- بما حدث، ذهب إلي صاحب النخلة وعرض عليه أن يشتري النخلة، علي أن يعطيه بستانه ثمنًا لها.فوافق الرجل؛لأنه سيأخذ بستان أبي الدحداح كله مقابل نخلة واحدة !!
وذهب أبو الدحداح إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه اشتري النخلة، وأنه قد وهبها له؛ ليعطيها لصاحب البستان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كم من عَذْقٍٍ ردَّاح لأبي الدحداح في الجنة) (أي: ما أكثر النخل العظيم الذي أعده الله لأبي الدحداح في الجنة؛مكافأة له علي ما فعل).
وعاد أبو الدحداح إلي بستانه-وكان يسكن فيه مع امرأته وأولاده-ونادي علي زوجته: يا أم الدحداح، اُخرجي من البستان، فإني قد بعته بنخلة في الجنة.
فقالت الزوجة المؤمنة: ربح البيع.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:38
111
تجارة رابحة
كان عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-تاجرًا، وكانت تجارته كبيرة ورابحة، وكان يمتلك ثروة ضخمة.
وعندما تدخل قافلة تجارته إلي المدينة، وهي مُحمَّلة بالبضائع، تحدث ضجة عالية؛لعظمها، ولكثرة ما تحمله.
وكان لعبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-تجارة أخري مع الله، فقد كان دائم البذل والعطاء في سبيل الله.
فقد روي أنه تصدق بنصف ماله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروي أنه تصدق بخمسمائة فرس في سبيل الله.
وروي أنه تصدق بألف وخمسمائة ناقة في سبيل الله.
وهكذا يكون أغنياء المسلمين: لا يبخلون عن الإنفاق في سبيل الله، ولا يرضون أن يبيتوا في فُرشهم الدافئة، وإخوانهم من الفقراء يرتعدون من البرد، وصغارهم يتألمون من الجوع.
112
كرم ذي النورين
كان ذو النورين عثمان بن عفان - رضي الله عنه-دائم البذل والعطاء؛فسيرته تمتلئ بمواقف الكرم والجود.
عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلي المدينة، وجد الناس يشربون من بئر بها تسمي (رُومَة)، وكانت (رومة) أفضل آبار المدينة، وكان مالك البئر لا يترك الناس يشربون منها إلا إذا دفعوا الثمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من يشتري بئر رومة، فيجعل دَلوه مع دِلاء المسلمين بخير له منه في الجنة).
فسارع عثمان-رضي الله عنه-واشتري البئر، ثم تصدق بها علي الفقير والغني وابن السبيل؛يشربون منها بلا مقابل.
ومرة أخري لاحظ صلى الله عليه وسلم أن عدد المصلين قد ازداد، وأن المسجد قد أصبح ضيقًا، فقال صلى الله عليه وسلم لأ صحابه: (من يشتري بقعة آل فلان (يقصد الأرض المجاورة للمسجد) فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة؟).فسارع عثمان-رضي الله عنه- واشتراها.
وعندما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم الخروج لغزوة تبوك، كان المسلمون يمرون حينئذ بأيام فقر وضيق وعسر، ولم يجد صلى الله عليه وسلم ما يجهز به الجيش، لذلك سمي هذا الجيش بجيش العسرة، فنادي صلى الله عليه وسلم: (من جهز جيش العسرة فله الجنة).فسارع عثمان -رضي الله عنه- وجهز الجيش من ماله.
113
سباق إلي الخير
كان الصحابة-رضي الله عنهم- يتسابقون في فعل الخيرات، وكان أبو بكر-رضي الله عنه-أسبقهم إلي ذلك.
وفي ذات مرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يتصدقوا، فسارعوا جميعًا إلي تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم.
فذهب عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-وأحضر نصف ماله، وهو يحسب أنه قد جاء بأكثر مما سيجيء به أبو بكر -رضي الله عنه-، وقال في نفسه: اليوم أسبق أبا بكر.
فلما أعطي المال للرسول صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم: (ما أبقيت لأهلك؟). فقال عمر -رضي الله عنه-: مثله.
وما هى إلا لحظات حتى جاء أبو بكر-رضي الله عنه- وهو يحمل كل أمواله، وأعطاها للرسول صلى الله عليه وسلم. فقال له صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟)، قال: أبقيت لهم الله ورسوله.
عندئذ قال عمر -رضي الله عنه-: والله لا أسبقه إلي شيء أبدًا.(يقصد أن أبا بكر- رضي الله عنه-ما سابق أحدًا إلي خير إلا سبقه).
114
بائعة اللبن
في إحدى الليالي، خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ومعه خادمه أسلم، ومشيا في طرقات المدينة للاطمئنان علي أحوال الناس.
وبعد مدة شعرا بالتعب من كثرة المشي، فوقفا يستريحان بجوار أحد البيوت، فسمعا صوت امرأة عجوز داخل هذا البيت تأمر ابنتها أن تخلط اللبن بالماء، قبل أن تبيعه للناس، فرفضت الابنة أن تغش اللبن بالماء، وقالت لأمها: إن أمير المؤمنين نهي أن يخلط اللبن بالماء، وأرسل مناديا ليخبر الناس بذلك.
فألحَّت الأم في طلبها، وقالت لابنتها: أين عمر الآن؟! إنه لا يرانا.فقالت الابنة المؤمنة الأمينة: وهل نطيع أمير المؤمنين أمام الناس ونعصاه في السر.
فسعد أمير المؤمنين بما سمعه من هذه الفتاة، وأعجب بإيمانها وأمانتها.
وفي الصباح سأل عنها فعلم أنها أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله الثقفي، وعرف أنها غير متزوجة، فزوجها لابنه عاصم، وبارك الله لهما فكان من ذريتهما الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
115
الهدية
أرسل النبى صلى الله عليه وسلم رجلا إلي قبيلة بني سليم ليجمع منهم الزكاة والصدقات.
وبعد مدة عاد الرجل إلي المدينة، وذهب إلي النبى صلى الله عليه وسلم ، فوجده جالسًا بين أصحابه، فألقي عليهم السلام، وأعطي النبى صلى الله عليه وسلم بعض المال علي أنه مال الزكاة والصدقات، وأبقي معه بعضه الآخر، فسأله النبى صلى الله عليه وسلم عنه، فأخبره الرجل أنه هدية أهديت إليه.
فنظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم ، وأراد أن يعلمه الأمانة، فبين له أن هؤلاء الناس أعطوه هذه الهدية، لأنهم علموا أن رسول النبى صلى الله عليه وسلم ، ولو لم يكن كذلك لما أُعْطيتْ له هذه الهدايا، وكان عليه أن يسلم كل ما معه لبيت مال المسلمين.
وهكذا أرشده النبى صلى الله عليه وسلم إلي أن المسلم أمين في مال إخوانه المسلمين، لا يطمع فيه بل يحافظ عليه، ويؤديه كله لأهله، ولا يكون من الخائنين للأمانة؛ فيعاقبه الله- عز وجل – يوم القيامة.
116
القوي الأمين
في يوم شديد الحرارة، كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يجلس في الظل مع خادم له خارج المدينة. فشاهد رجلا يأتي من بعيد، يسوق أمامه جملين، فقال: ما الذي أخرج هذا الرجل في هذا الحر الشديد؟ لماذا لا ينتظر حتى يبرد الجو؟وعندما اقترب الرجل عرف أنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فخرج ليستقبله، لكنه أحس بشدة الحر، فعاد إلي الظل،حتى صار عمر بمحاذاته، فقال له عثمان: ما أخرجك هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ فقال: جملان من إبل الصدقة تخلَّفا، فخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما يوم القيامة، فبحثت عنهما حتى وجدتهما، وأردت أن أردهما إلي الحمي (وهو المكان الذي ترعي فيه إبل الصدقة). فقال عثمان: يا أمير المؤمنين! تعال إلي الماء والظل، ونرسل غيرك ليقوم بهذا العمل. ولكن أمير المؤمنين رفض، وساق الجملين أمامه حتى أدخلهما الحمي. فقال عثمان:من أحب أن ينظر إلي القوي الأمين فلينظر إلي هذا، وأشار إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
117
ثوب من نار
بعد غزوة خيبر، اتجه المسلمون إلي مكان يسمي (وادي القرى)، فوضعوا رحالهم، وأنزلوا متاعهم من فوق ظهور الإبل، وأخذوا يعدون المكان ويجهزونه.
وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خادم اسمه (مدعم)، فذهب لينزل متاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينما هو كذلك رماه أحد المشركين بسهم، فقتله في الحال. فقال الناس: هنيئًا له الجنة.
فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم : (كلا، والذي نفسي بيده إن الشملة (وهي ثوب يتخذه الناس غطاءً) التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لَتشتعل عليه نارًا).
أي أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأنه سوف يعذب بالنار؛ لأنه أخذ ثوبًا من غنائم المسلمين قبل أن تقسم عليهم.
فلما سمع المسلمون ذلك،خافوا علي أنفسهم من النار، فأسرع كل منهم يفتش في رحله، فربما وجد فيه شيئًا من الغنائم، فجاء رجل بشراك أو شراكين (والشراك: سير النعل)، فقال صلى الله عليه وسلم : (شراك من نار، أو شراكان من نار).
118
سر النبى صلى الله عليه وسلم
كان أنس بن مالك- رضي الله عنه- وهو طفل صغير يلعب مع غلمان المدينة، وفي ذات يوم مر عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فألقي عليهم السلام، وبعث أنسًا لقضاء حاجة له -وكان أنس يخدمه- ولما قضي أنس حاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلي بيته متأخرًا، فـسألته أمه عن سبب تأخره، فقال لها: بعثني رسول الله لحاجة له.
فقالت أمه: وما حاجته ؟
قال: إنها سرٌّ.
فلم تصر الأم علي أن تعرف هذا السر، وفرحت بابنها، واطمأنت إلي رجاحة عقله وأمانته، وشجعته علي حفظ أسرار النبى صلى الله عليه وسلم ، وقالت له: لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا.
وقد عاش أنس -رضي الله عنه- طوال حياته حافظًا لسر رسول الله وأسرار الناس جميعًا.
119
الطعام المبتل
في ذات يوم دخل النبى صلى الله عليه وسلم السوق، وأخذ يتفقد أحوال الناس، ويتابع أمور البيع والتجارة.
فمر علي رجل يبيع نوعًا من الطعام، فسلم عليه، ودقق النظر في هذا الطعام، ثم أدخل يده في كومة الطعام، فوجدها مبتلة بالماء، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم.
س ثم نظر إلي التاجر، وقال له وهو يعاتبه: ما هذا يا صاحب الطعام ؟!
فاعتذر الرجل، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن المطر قد سقط علي الطعام فابتل.فرفض النبى صلى الله عليه وسلم هذه الحجة، ونصحه بأن يكون أمينًا في بيعه؛فيظهر عيوب سلعته للناس،فقال له صلى الله عليه وسلم :(أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟!)،ثم حذره من غش الناس،وخداعهم،فقال له?من غشَّ فليس مني ).
120
ثوب ثمين
جاءت امرأة إلي أبي حنيفة -رضي الله عنه- بثوب من الحرير لتبيعه له، فقال لها: كم ثمنه؟
قالت: ثمنه مائة درهم.
فقال: كلا، إنه يساوي أكثر من مائة درهم.
فتعجبت المرأة من هذا المشتري الذي يرفع السعر الذي يشتري به، وأخذت تزيد في ثمن الثوب مائة بعد مائة، حتى قالت له: إذن، خذه بأربعمائة درهم.
فقال: إن ثمنه أكثر من ذلك.
فقالت: أَتَهْزأُ بي ؟قال: هات رجلا يقدِّر لنا ثمنه.
فذهبت وأحضرت رجلا، فقال: هو بخمسمائة درهم. فاشتراه أبو حنيفة بهذا الثمن.
فأخذت المرأة الثمن وهي راضية، ثم انصرفت شاكرة لأبي حنيفة أمانته وصدقه.
121
طهارة المال
كان للإمام أبي حنيفة النعمان- رضي الله عنه- شريك يتولى شئون تجارته.
وفي يوم من الأيام، أرسل أبو حنيفة شريكه ببضاعة ليبيعها في السوق، وكان من بينها ثوب فيه عيب، فطلب منه أن يظهر هذا العيب لمن يريد أن يشتريه، فإن وافق علي شرائه بعيبه باعه، وإن رفض المشتري عاد بالثوب. وذهب الرجل إلي السوق، وباع البضاعة كلها، ونسي أن يبين عيب الثوب لمن اشتراه.
ولما تذكر الرجل أخذ يبحث عمَّن اشتري منه الثوب في السوق، لكنه لم يستطع العثور عليه.
فعاد إلي أبي حنيفة، وأخبره بما حدث، فقرر أبو حنيفة أن يتصدق بثمن البضاعة كله؛ حتى لا يدخل في ماله مال فيه شبهة حرام.
وبهذا كان أبو حنيفة مثالا للتاجر الأمين، الذي يتحري الأمانة والربح الحلال في تجارته.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:39
122
جوار الحبيبين
خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-من بيته، قبل الفجر، وتوجه إلي المسجد ليصلي بالناس إمامًا؛خاشعًا لله راكعًا وساجدًا.
فجاء أبو لؤلؤة المجوسي بالغدر والخيانة، وطعنه بخنجر وهو يصلي، فجرحه جرحًا شديدًا.
فلما أحس عمر باقتراب أجله أحب أن يدفن بجوار حبيبيه: محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق-رضي الله عنه-، فأرسل ابنه عبد الله إلي السيدة عائشة-رضي الله عنها-كي يستأذنها في أن يدْفَن بجوارهما.
فذهب عبد الله إلي بيت السيدة عائشة-رضي الله عنها-فألقي عليها السلام، ثم استأذن في الدخول، ثم قال لها: إن عمر بن الخطاب يقرأ عليك السلام، ويستأذنك في أن يدفن مع صاحبيه.فوافقت أم المؤمنين، برغم أنها كانت تريد أن تُدْفَن مع زوجها صلى الله عليه وسلم وأبيها الصديق-رضي الله عنه-.
ولكنها آثرت أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه-علي نفسها بهذا الجوار الطيب الكريم.
133
إيثار بالنفس
تآمر كفار قريش علي قتل النبى صلى الله عليه وسلم ، ووقف فرسانهم الأشداء، حاملين سيوفهم أمام باب بيته.ولكن الله حفظه منهم، ومن كيدهم، فأوحي لنبيه أن يهاجر من مكة إلي المدينة المنورة.
فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عمه علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-أن ينام في فراشه، فلم يتردد علي في الموافقة علي طلب النبى صلى الله عليه وسلم ، وقدَّم نفسه فداء له، فنام في فراشه، وتغطَّي ببُرْدَتِه، وهو يعلم أن المشركين قد يقتلونه لظنهم أنه النبي صلى الله عليه وسلم، أو إذا علموا أنه خدعهم ونام مكانه.
وخرج النبى صلى الله عليه وسلم من بينهم سالمًا، وهم غافلون، ولما نظر المشركون من الباب، ظنوا أن النبى صلى الله عليه وسلم ما زال نائمًا، ثم فوجئوا بأن النائم هو علي.
ونجَّي الله رسوله صلى الله عليه وسلم، وأحاط عليا برعايته؛فلم تمتد إليه أيدي المشركين بأذى، جزاء إيثاره النبى صلى الله عليه وسلم علي نفسه.
134
الجواهر الثمينة
في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- انطلق جيش المسلمين ليفتح (المدائن) عاصمة الفرس، فنصرهم الله - عز وجل- علي الجيش الفارسي.
وبعد المعركة جمع المسلمون الغنائم الثمينة -وأكثرها من ثياب كسري وجواهره- وسلموها إلي سعد بن أبي وقاص قائد الجيش.
وقسم سعد الغنائم، وبعث بنصيب بيت المال إلي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفيه بساط كسري وتاجه وجواهره، فلما رآها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أعجب بأمانة الجيش وقائده؛ حيث لم تُغْرِهم هذه الغنائم الثمينة، وقال: (إن قومًا أدوا هذا لأمناء).
وكان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- موجودًا عنده، فقال له: (إنك عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت) (أي أنك لو أخذت أكثر من حقك لفعلوا مثلك).
135
الراعي الأمين
خرج عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- مع أحد رفاقه في سفر، فلما شعرا بالتعب جلسا يستريحان بجوار جبل، فمر بهما راعي غنم، فنادي عليه عبد الله، وسأله:هل أنت راعٍ لهذه الأغنام؟ فقال الراعي: نعم. فقال له عبد الله: بع لي شاة من أغنامك. فقال الراعي: هذه الأغنام ليست ملكي، بل إنني أرعاها لسيدي.
فأراد عبد الله- رضي الله عنه- أن يختبر أمانته، فقال له: قل لسيدك: قد أكلها الذئب. فقال الراعي: أيها الرجل! إن قلت ذلك لسيدي لأنه لا يراني، فماذا أقول لله الذي يراني إن سألني عنها يوم القيامة؟!
فأعجب عبد الله -رضي الله عنه- بما قاله الراعي، وبكي من خشية الله. ثم علم أن هذا الراعي مملوك فأسرع إلي سيده واشتراه منه، وأعتقه، واشتري الغنم، وأعطاها لذلك الراعي مكافأة له علي أمانته.
136
المؤامرة
في ظلام الليل، جاء من كل قبيلة رجل قوي، يحمل سيفًا قاطعًا، واجتمعوا في مكان واحد، وتسللوا حتى وصلوا إلي دار النبى صلى الله عليه وسلم ، ووقفوا أمام بابه. لقد قرروا أن يقتلوه، ويضربوه بسيوفهم ضربة رجل واحد.
وأوحي الله إلي النبى صلى الله عليه وسلم بمؤامرتهم، وأمره بترك مكة والهجرة إلي المدينة.
وكانت عند النبى صلى الله عليه وسلم أموال وأمانات كثيرة لأهل مكة، فلما عزم علي الهجرة، طلب من ابن عمه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن ينام في فراشه، وأن يعطي الأموال إلي أصحابها.
فضرب لنا النبى صلى الله عليه وسلم بسلوكه هذا مثلا رائعاً في الأمانة، ليقتدي به المسلمون من بعده، فلم يدفعه آذى الكفار والمشركين واضطهادهم له إلي الانتقام منهم، وأخذ أموالهم وودائعهم، بل رأي أن هذه الودائع أمانة في عنقه لابد أن يردها إلي أهلها الذين ائتمنوه، رغم أنهم آذوه وعذبوا أصحابه؛ لذلك لم يكن غريبًا أن يسمي محمد بالصادق الأمين.

137
خير الأصدقاء
(سعد) و(أحمد) و(إبراهيم) ثلاثة أصدقاء، يحب كل منهم صديقيه حبَّا شديدًا .
وذات يوم، قالت زوجة أحمد: لقد اقترب يوم العيد، وملابس أولادنا قديمة، وليس عندنا طعام يناسب يوم العيد.
ولم يكن مع أحمد مال، فذهب إلي صديقه إبراهيم، وطلب منه بعض المال، فأعطاه إبراهيم كيسًا مغلقًا فيه ألف درهم.
أخذ أحمد هذا الكيس، وعاد به متوجهًا نحو بيته، ليفرح زوجته وأولاده، ويدخل عليهم السعادة والسرور.
وفي الطريق، قابله صديقه سعد، فسأله أحمد عن أحواله فقال له سعد: عندي مشكلة في بيتي وأحتاج مبلغًا من المال.فأسرع أحمد، وأخرج الكيس من جيبه، وأعطاه له.
وعاد أحمد إلي بيته، واعتذر لزوجته، وحكي لها ما حدث، فرضيتْ واستحسنتْ ما فعله.
وبعد ساعة من الزمن، جاء إبراهيم إلي أحمد، فقال له: حدثني عما فعلت بالنقود التي أعطيتُها لك؛
فحكي أحمد لصديقه إبراهيم ما حدث، فضحك إبراهيم وقال: سبحان الله! لقد طلبتَ مني مالا، فأعطيتُ لك كل ما لدي.
ثم أرسلتُ إلي صديقنا سعد أطلب منه مالا، ففوجئت به يرسل إلي الكيس الذي أعطيتُه لك.
لقد آثرتُك علي نفسي، وآثرتَ أنت صديقنا سعدًا علي نفسك، وأخيرًا يؤثرني سعد علي نفسه.
فهيا نقسم هذا المبلغ بيننا.
فلما علم حاكم البلدة بما فعلوا، أرسل إلي الأصدقاء الثلاثة.
138
كلهم من الأخيار
نادي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-علي خادمه، وأعطاه صُرَّة بها أربعمائة دينار، وأمره أن يذهب بها إلي أبي عبيدة بن الجراح-رضي الله عنه-وطلب منه أن ينتظر عنده ساعة، حتى يري ما يصنع أبو عبيدة بهذه الدنانير.
فأخذ الخادم الصرة، وذهب بها إلي أبي عبيدة-رضي الله عنه-، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك.
فقال: وَصَلَه الله ورَحمه.
ثم نادي علي خادمته، وقال لها: اذهبي بهذه الدنانير السبعة إلي فلان، وبهذه الخمسة إلي فلان، وبهذه الخمسة إلي فلان.حتى انتهت كل الدنانير.
وعاد الخادم إلي أمير المؤمنين-رضي الله عنه-فأخبره بما حدث، فأعطاه مثل ما أعطاه في المرة السابقة، وقال له: اذهب بها إلي معاذ بن جبل-رضي الله عنه-.
فذهب الخادم بالدنانير إلي معاذ-رضي الله عنه-، وأخبره بأن أمير المؤمنين قد أرسل له تلك الدنانير؛لينفقها في حاجته، فدعا لأمير المؤمنين بالخير، ثم نادي علي خادمته، وأخذ يعطيها الدنانير، ويقول لها: اذهبي إلي بيت فلان بكذا، و بيت فلان بكذا.
فعلمت زوجة معاذ ـ رضي الله عنهماـ بوجود المال، فقالت: نحن- والله-مساكين، فأعطنا، فنظر فيما تبقي معه، فلم يجد إلا دينارين، فأعطاهما لها.
ورجع الخادم إلي أمير المؤمنين، فأخبره بما حدث، فقال أمير المؤمنين: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
139
إيثار.. وتعفف
لما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلي المدينة، آخي بين المهاجرين والأنصار.
فكان كل أنصاري يستضيف أخًا له من المهاجرين، ويقتسم معه ماله وبيته.
واستضاف سعد بن الربيع-رضي الله عنه-عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-، وقال له: يا أخي! هذا نصف مالي، ونصف بيتي، وهاتان زوجتاي، اختر ما شئت منهما حتى أطلقها؛فتتزوجها بعد انتهاء عدتها.
فشكره عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-علي هذا الكرم وهذا الإيثار، وقال لسعد في تعفف: بارك الله لك يا أخى في مالك وبيتك وأهلك، دُلَّني علي السوق.
فذهب عبد الرحمن إلي السوق، وعمل بالتجارة، فباع واشتري، والتزم بأخلاق التاجر المسلم التقي.
ومع مرور الوقت..صار عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-من أغني أغنياء المدينة.
140
التاجر والكلب
يحكي أن تاجرًا غنيا كان له كلبٌ وفي، يستخدمه في الحراسة.
وكان التاجر يحسن معاملة الكلب، مما جعل الكلب يزداد وفاء للتاجر يومًا بعد يوم.
وذات يوم، طلب التاجر من خادمه أن يجهِّز له الطعام، فأسرع الخادم وأعدَّ طعامًا شهيا، ثم وضعه علي المائدة، وانصرف ليحضر بعض الأشياء الأخرى.
وكان الكلب واقفًا بالقرب من المائدة، فرأي منظرًا مخيفًا، رأي ثعبانًا يدخل من الباب، ويصعد فوق المائدة، ويأكل من الطعام، ثم ينفث فيه من سمه القاتل.
فجري الكلب خلف الثعبان، وحاول أن يفتك به، لكنه خرج سريعًا، واختفي في جحر عميق في حديقة المنزل.
وأثناء هذه الأحداث، دخلت فتاة خرساء، فشاهدت الثعبان، ورأت ما فعله، ولكنها خافت ولم تستطع أن تفعل شيئًا، فخرجت مسرعة تبحث عن أحد؛لتخبره بما حدث.
وبعد لحظات، حضر التاجر، وجلس ليتناول الطعام، فجري الكلب نحوه، ووقف قريبًا منه، وهو ينبح محاولا أن ينبهه إلي ما حدث.
ولكن التاجر لم يفهم حقيقة الأمر، وظن أن الكلب جائعٌ فقدَّم له بعض الطعام، لكن الكلب ابتعد عن الطعام، ولم يأكل منه، وظل ينبح بشدة.
فتعجب التاجر، ولكنه لم يهتم ومدَّ يده نحو الطعام، فقفز الكلب بسرعة إلي المائدة، وأكل من الطعام، فسقط ميتًا، فألقي التاجر الطعام من يده قبل أن يأكل منه، ووقف مذهولا مما حدث.
وفي هذه اللحظة، جاءت الفتاة الخرساء، ومعها بعض الخدم، فأشارت إليهم لتبين لهم ما حدث، فعرف التاجر حقيقة الأمر، وعلم مقدار وفاء الكلب له، الذي ضحي بنفسه من أجل التاجر.
فتأثر التاجر بما فعله الكلب الوفي، وقال لخدمه: هذا الكلب قد فداني بنفسه؛ولذلك سوف أقوم بدفنه إكرامًا له؛ لأنه آثرني علي نفسه.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:40
141
الغلام والكلب
يروي أن غلامًا كان يحرس حديقة نخيل، وكان هذا الغلام تقيا قوي الإيمان طيب الخلق.
وذات يوم، جاء وقت تناول الطعام، فأحضر الغلام طعامه وكان ثلاثة أرغفة من الخبز، فأمسك برغيف منها، وسمَّي الله قبل أن يأكل.
وفجأة رأي كلبًا يجري نحوه وهو يلهث، واقترب منه وركز نظره علي يديه، ففهم الغلام أن الكلب جائعٌ، فألقي له الرغيف الذي في يده.
فأكله الكلب بنهم وشراهة، ثم عاد ينظر للغلام مرة ثانية، فألقي له الرغيف الثاني فأكله.
ومرة ثالثة، نظر الكلب للغلام ؛فأسرع وقدم له الرغيف الثالث، فأكله الكلب، ثم انصرف.
هذا المشهد العجيب، شاهده رجل صالح-معروف بالكرم-دون أن يلاحظه الغلام، فاقترب منه وسأله: مــا قَدْر طــعامك في الــيوم يـا غــلام؟
فقال له: ثلاثة أرغفة من الخبز، يحضرها لي صاحب هذه الحديقة كل يوم.
فقال الرجل: فلمَ فعلتَ ذلك مع الكلب؟
قال الغلام: لأن أرضنا هذه لا تعيش فيها كلاب، وأظن أن هذا الكلب جاء من مكان بعيد؛ليبحث عن طعام بعد أن اشتد به الجوع، فكرهت أن يعود جائعًا.
قال الرجل: وماذا ستأكل اليــوم إذن؟
رد الغلام قائلا: لـــن آكـل وسأصــبر إلــي الغــد
فقال الرجل وهو يحدث نفسه: يلومني الناس علي سخائي وكـرمي.واللــه إنَّ هذا الغــلام اسخى منـي.
وترك الرجل الغلام، وذهب إلي أصحاب الحديقة-التي يعمل بها هذا الغلام-فاشتراها بما فيها، ثم أعطاها هديةً للغلام؛إعجابًا بما فعل، وتقديرًا لحسن خلقه، وكريم عطائه.
فالغلام أحس بأن الكلب جائعٌ، فأعطاه ما لديه من طعام، وبات وهو يعاني من الجوع، وكان جزاء ما صنع أن أصبحت الحديقة ملكًا له، بالإضافة إلي الثواب العظيم من الله يوم القيامة.
142
إيثار بالهدية
ذات يوم..قررت إحدى الصحابيات أن تصنع ثوبًا جميلا، وظلت تنسج فيه مدة طويلة، وأحسنت صنعه ونسجه، فلما انتهت منه، أخذته وذهبت به إلي النبى صلى الله عليه وسلم ، وقدمته له كهدية، وكان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، فأخذه وشكرها.
ولبس صلى الله عليه وسلم الثوب، فرآه أحد الصحابة، فأعجب به، وطلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يعطيه له.ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يرد أحدًا إذا سأله، فقد كان كريمًا، وكان في كرمه وجوده أجود من الريح المرسلة، وكان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.فخلع الثوب وأعطاه للرجل، وآثره علي نفسه.
فعاب بعض الصحابة علي الرجل أن يأخذ ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يعلم أنه محتاج إليه.
فبين لهم الرجل أنه لم يأخذه ليلبسه، وإنما أخذه ليكون له كفنًا، فينال به بركة الرسول صلى الله علي وسلم وبالفعل كفن هذا الصحابي في هذا الثوب الطاهر.
وهكذا أعطي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ولنا درسًا عظيمًا في الإيثار.
143
التمرات الثلاثة
سمعت أم المؤمنين السيدة عائشة-رضي الله عنها-طرقات علي بابها، فلما نظرت، وجدت امرأة مسكينة، ومعها ابنتاها الصغيرتان، وطلبت المرأة منها طعامًا.
ولم يكن في بيت السيدة عائشة-رضي الله عنها-في هذا اليوم إلا ثلاث تمرات، فأحضرتها، وأعطتها للمرأة.
أخذتْ المرأة التمرات، وأَعطتْ لكل بنت تمرة، وأخذت هي التمرة الثالثة.
فأكلت البنتان التمرتين، ثم نظرتا إلي التمرة التي في يد أمهما، فلم تتردد الأم، وشقتْ التمرة نصفين، وأعطت لكل بنت منهما نصفًا، وفضلت الأم أن تطعم ابنتيها وتبقي جائعة.فأعجبت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-بما فعلته هذه المرأة.
ولما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حكت له السيدة عائشة-رضي الله عنها-هذا الموقف الذي يدل علي إيثار الأم، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أوجب لها بها الجنة).
144
طبق الدراهم
ذات يوم، أرسل عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما-مائة ألف درهم إلي خالته أم المؤمنين السيدة عائشة-رضي الله عنها-.
أخذت السيدة عائشة-رضي الله عنها-الدراهم، وقالت لخادمتها: أحضري طبقًا.
فقامت الخادمة وأحضرت طبقًا كبيرًا، فوضعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-الدراهم كلها فيه، ثم أخذت تقسِّمها، وترسل منها إلي فقراء المسلمين بالمدينة، حتى أنفقت جميع الدراهم ولم يبق منها شيء.
وكانت السيدة عائشة-رضي الله عنها-صائمة في ذلك اليوم، فلما حان وقت الإفطار، طلبت من جاريتها أن تحضر الطعام، فأحضرت الجارية خبزًا وزيتًا، وقالت لعائشة-رضي الله عنها-: يا أم المؤمنين!أما استطعتِ فيما قسمتِ اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحمًا نفطر عليه.فقالت السيدة عائشة-رضي الله عنها-: لو كنتِ ذكرتيني لفعلتُ.
145
إيثار حتى الموت
في معركة اليرموك، أصيب الحارث بن هشام، وعكرمة ابن أبي جهل، وعياش بن أبي ربيعة بجروح شديدة.
وبينما هم راقدون في خيمة الجرحي، طلب الحارث ماءً ليشرب، فأحضر رجل له الماء، وكان الماء قليلا، وقرَّبه من فم الحارث ليشرب، ولكن الحارث لاحظ أن عكرمة ينظر إلي الماء، فعرف أنه يريد أن يشرب، فقال الحارث للرجل: أعطه له.
فلما ذهب الرجل بالماء إلي عكرمة، كان إلي جواره عياش، فلما همَّ عكرمة أن يشرب، لاحظ أن عياشًا ينظر إلي الماء، فقال عكرمة للرجل: أَعْطِه له.فلما وصل الرجل إلي عياش، وجده قد مات.
فرجع الرجل بالماء مرة أخري إلي عكرمة، فوجده قد مات، فعاد به إلي الحارث فوجده قد مات أيضًا.
ماتوا جميعًا، وكل منهم يؤثر أخاه علي نفسه بشربة ماء حتى في اللحظة الأخيرة..لحظة الموت!!إيثار حتى الموت
في معركة اليرموك، أصيب الحارث بن هشام، وعكرمة ابن أبي جهل، وعياش بن أبي ربيعة بجروح شديدة.
وبينما هم راقدون في خيمة الجرحي، طلب الحارث ماءً ليشرب، فأحضر رجل له الماء، وكان الماء قليلا، وقرَّبه من فم الحارث ليشرب، ولكن الحارث لاحظ أن عكرمة ينظر إلي الماء، فعرف أنه يريد أن يشرب، فقال الحارث للرجل: أعطه له.
فلما ذهب الرجل بالماء إلي عكرمة، كان إلي جواره عياش، فلما همَّ عكرمة أن يشرب، لاحظ أن عياشًا ينظر إلي الماء، فقال عكرمة للرجل: أَعْطِه له.فلما وصل الرجل إلي عياش، وجده قد مات.
فرجع الرجل بالماء مرة أخري إلي عكرمة، فوجده قد مات، فعاد به إلي الحارث فوجده قد مات أيضًا.
ماتوا جميعًا، وكل منهم يؤثر أخاه علي نفسه بشربة ماء حتى في اللحظة الأخيرة..لحظة الموت!!
146
إيثار يعجب الله
جاء رجل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطلب منه طعامًا، وكان الرجل جائعًا.فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلي زوجاته، وطلب له طعامًا، ولكنه لم يجد عند زوجاته شيئًا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (مَن يضيف هذا الليلة؟).
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.وذهب الرجل مع الأنصاري إلي بيته.
فلما دخل الأنصاري علي زوجته سألها: هل عندك طعام؛قالت: لا.. إلا طعام أطفالي.
فقال لها: اشغليهم وألهيهم بشيء، وإذا أرادوا العَشَاء نوِّميهم، وحين يدخل ضيفنا أطفئي المصباح، وسوف أشعره أنني آكل معه.
وفعل الأنصاري وزوجته ما اتفقا عليه، وأكل الضيف وشبع، ونام الرجل وزوجته وأولاده جائعين.وفي الصباح ذهب الأنصاري إلي المسجد، فلما شاهده صلى الله عليه وسلم أخبره أن الله قد عَجِب مما صنعه هو وزوجته مع ضيفهما من كرم وإيثار.
147
قُنْبُر والإمام
يحكي أن الإمام علي بْنَ أبي طالب -رضي الله عنه- ذهب إلي السوق ذات يوم، وكان معه خادمه ( قُنْبُر).
ووقف الإمام وخادمه عند غلام يبيع الملابس، وقال له: ياغلام!أَعْطِنا ثوبين بخمسة دراهم (ولم يكن معه غير هذه الدراهم).
فأعطاه الغلام ثوبين: أحدهما بثلاثة دراهم، والآخر بدرهمين.
أخذ الإمام علي-رضي الله عنه-الثوبين، وأعطي لخادمه الثوب الأغلى.
فرفض قنبر، وقال: يا إمام!خُذ أنت الثوب الأغلى؛لأنك تقف علي المنبر، وتخطب في الناس.
ولكن الإمام عليا-رضي الله عنه-أصر علي أن يأخذ هو الثوب الأرخص، وأن يأخذ خادمه قنبر الثوب الأغلى، وقال له: أنت شاب، وأنا أستحي من ربي أن أتميز عليك.
148
طعام في الظلام
ذهب مجموعة من الرجال، يزيد عددهم علي ثلاثين رجلا؛لزيارة صديق لهم، ولم يكن عند الصديق إلا عددٌ محدودٌ من أرغفة الخبز، لا تكفي لإطعام هذا العدد.
اقترح أحد الأصدقاء أن يقطِّعوا أرغفة الخبز التي معهم، ويقسموها إلي قطع صغيرة، ثم يأكلوا معًا.
واقترح آخر أن يطفئوا المصباح عند الأكل؛حتى يأكل كل واحد ما يكفيه، دون أن يشعر بأن أحدًا يشاهده، فيشعر بالحرج.
وبالفعل أحضروا الأرغفة، وقطعوها قطعًا صغيرة، ثم وضعوها أمامهم، وأَطْفَئُوا الأنوار، وجلسوا ليأكلوا.
وبعد مدة أضاءوا الأنوار فوجدوا مفاجأة عجيبة.. وجدوا أن قطع الخبز كما هي لم تنقص.
فلقد آثر كل واحد منهم الآخرين علي نفسه، ولم يمدَّ يده نحو الطعام، ولم يأكل، وفضَّل أن يبيت جائعًا، وترك الفرصة لإخوانه؛حتى يأكلوا ويشبعوا.
149
بر بعد الممات
كان هناك رجل، يبر والديه، ويعطف عليهما، ويرعاهما أحسن رعاية.
وبعد أن مات والداه، ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: هل علىَّ من بر أبوىَّ شىء أبرهما به بعد وفاتهما.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التى لا تُوصَل إلا بهما).
فنِعْمَ ذلك الابن الحريص على برِّ والديه فى حياتهما، والدائم على برهما بعد مماتهما.
150
حقها عظيم
ُيروى أن رجلاً كان يحمل أمه على كتفيه ويطوف بالبيت، ولما انتهى الرجل من الطواف ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله: هل أديت حق أمى ؟
وقد كان يظن أن حمله لأمه فى الطواف غاية الإكرام والبر بها والإحسان إليها.
فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : ( لا، ولا بزفرة واحدة ) .
أى أن ما فعله لأمه لا يساوى لحظة من لحظات التعب الذى لاقته أمه أثناء الولادة.
قال تعالي: ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كُرهًا ووضعته كُرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا [الأحقاف: 15].
فما أسعدنا إذا بذلنا جهدنا كله لبرِّ والدينا؛ فنفوز برضا الله وجنته .
151
بر يدخل الجنة
كان حارثة بن النعمان - رضى الله عنه - يَبَرُّ والدته برَّا عظيمًا، فكان جزاؤه الجنة .
فذات يوم، نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى كأنه فى الجنة، وإذا به يسمع صوت قارئ يقرأ القرآن .
فقال : من هذا ؟
قيل له: هذا حارثة بن النعمان .
فقال صلى الله عليه وسلم: (كذاك البر، كذاك البر).
فهنيئا له الجنة التى نالها ببره لوالدته.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:41
152
بر ودعوة
أسلم أبو هريرة - رضى الله عنه- وظلت أمه مشرْكة، فكان يدعو الله أن يهديها، وذات مرة دعاها إلى الإيمان فسبت النبى صلى الله عليه وسلم ، فحزن أبو هريرة حزنًا شديدًا، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبكى، وأخبره بما حدث، وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها.فقال الرسول ص: ( اللهم اهد ِأمَّ أبى هريرة ).فرح أبو هريرة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، وذهب إلى بيته، فوجد الباب مغلقًا، وشعرت أمه به، وكانت تغتسل، فطلبت إليه أن ينتظر، ولبست درعها وخمارها ، ثم فتحت الباب وقالت: يأبا هريرة ! أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
فرح أبو هريرة، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال له: يا رسول الله!أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمَّ أبى هريرة، ثم قال له: يا رسول الله!ادعُ الله أن يحبِّبَنى أنا وأمى إلى عباده المؤمنين، ويحبِّبَهم إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم : (اللهم حبِّبْ عُبَيْدَك هذا وأُمَّه إلى عبادك المؤمنين).
153
بر عظيم
كان عليُّ بن الحسين ـ رضى الله عنهما ـ يطيع والدته، ويعطف عليها، ويرعاها أفضل رعاية، ولكنه كان لا يأكل معها فى إناء ؟
فلما عرف الناس ذلك تعجبوا من أمره، فكيف يَبَرُّ والدته، ولا يأكل معها.
فقال له بعض الناس: إنك من أبَرِّ الناس، ولا تأكل مع أمك فى صفحة ( إناء ) !
فقال الابن البار: أخاف أن تسبق يدى يدها إلى ما تسبق عيناها إليه، فأكون قد عَقَقْتُها .
154
البر بالخالة
ذات مرة، أذنب رجل ذنبًا؛ فحزن حزنًا شديدًا، وندم على ما فعل، وأخذ يفكر بينه وبين نفسه.. هل لى توبة أم لا ؟ .وذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال له: يا رسول الله، أذنبتُ ذنبًا كبيرًا فهل لى توبة ؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَلَكَ والدان؟) .
قال الرجل: لا .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فلك خالة؟ ) .
قال الرجل: نعم .
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (فبرها إذًا ) .
وهكذا نعلم أن البر يغفر الذنوب، فلنحرص عليه جميعًا؛ حتى يغفر الله لنا ذنوبنا.
155
الابن البار
كان لأحد الناس ابن صالح بارٌّ به، وكان هذا الابن يحرص دائمًا على رضا أبيه؛ فأحبَّه أبوه حبَّا شديدًا.وعُرف الابن بين الناس ببره العظيم بوالديه.
فأخذ الناس يتساءلون فيما بينهم عما يفعله هذا الابن؛ حتى أصبح مثالاً يُحتذى فى البر بالوالدين ؟
وذات مرة قابل أحدُ الناس والدَ هذا الابن البارِّ وسأله عن سلوك ابنه معه؟
فأخبره الوالد أن ابنه إذا سار معه فى النهار سار خلفه احترامًا وتقديرًا، وإذا سار معه فى الليل فإنه يسير أمامه؛ ليرشده إلى الطريق، ولم يصعد سطح بيت يكون أبوه تحته أبدًا .
156
البر بالأخوات
استشهد الصحابى الجليل عبد الله بن حرام - رضى الله عنه-، تاركًا وراءه تسع بنات صغيرات، فأراد ابنه جابر- رضى الله عنه- أن يتزوج امرأة تقوم على خدمة أخواته ورعايتهن؛ فتزوج امرأة ثَيِّبًا، سبق أن تزوجت قبل ذلك .
وذهب جابر- رضى الله عنه- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبره أنه تزوج، وأنه تزوج ثيِّبًا، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرف لماذا فضَّل الزواج من ثيب على الزواج من بكر لم يسبق لها الزواج؟
فأخبره جابر- رضى الله عنه- بأن أباه قد مات وترك له بنات صغيرات، فأحبَّ أن يتزوج امرأة ترعى شئونهن، وتهتم بأمورهن، فذلك أفضل من أن يأتيهن بفتاة فى مثل سنهن، لا تحسن رعاية الصغار، ولا تدبير أمورهن.فأعجب الرسول صلى الله عليه وسلم بفعل جابر - رضى الله عنه- وبره بأخواته، فقال له: (بارك الله لك).
157
العمامة والحمار!!
ذات يوم، خرج عبد الله بن عمر- رضى الله عنهما- مسافرًا إلى مكة، وعلى رأسه عمامة.وكان قد أخذ معه حمارًا يستريح عليه إذا تعب من ركوب الراحلة.
وفى الطريق قابله أعرابى، فقال له عبد الله: ألست فلان ابن فلان ؟ فقال الأعرابى: بلى .
فنزل عبد الله من على حماره، وخلع عمامته، ثم قال للأعرابى: اركب هذا الحمار، وخذ هذه العمامة.
فقال بعض أصحاب عبد الله: غفر الله لك، أعطيت هذا الأعرابى حمارًا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك!!
فكشف لهم عن سر فعله ذلك، فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من أبرِّ البرِّ أن يصل الرجل أهل وُدِّ أبيه، بعد أن يُوَلِّي( يموت )) وإن أباه كان صديقًا لعمر بن الخطاب- رضى الله عنه-.
158
تعاون وزواج
تزوج ربيعة الأسلمي-رضي الله عنه-امرأة من الأنصار، ولم يكن عنده ما يعطيه مهرًا لها.
فذهب ربيعة-رضي الله عنه-إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته أن يجمعوا وزن نواة من الذهب، فجمع له الصحابة وزن نواة من ذهب، فأخذها ربيعة وقدمها صداقًا إلي زوجته.
ثم عاد ربيعة مرة ثانية إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبره أنه لا يملك شيئًا يصنع منه وليمة في عرسه، فأعطاه أحد الصحابة كبشًا سمينًا، وأمره صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلي السيدة عائشة-رضي الله عنها- فيأخذ من عندها بعض الشعير.
159
البِر مفتاح الفرج
فى يوم من أيام الشتاء، انطلق ثلاثة رجال فى سفر، فلما أقبل عليهم الليل دخلوا غارًا يبيتون فيه، فسقطت صخرة كبيرة على باب الغار فسدَّته.
وفكَّر الثلاثة فى حل، فقال أحدهم: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم.
فذكر أحدهم أنه كان له والدان كبيران، فكان يرعى الغنم نهارًا، وإذا عاد ليلا أخذ من لبن الأغنام لأبويه؛ ليطعمهما منه.
وذات يوم، عاد الابن متأخرًا، فحلب شاة، وأسرع بلبنها إلى والديه، فوجدهما قد ناما.فظل واقفًا بجوارهما طوال الليل، وإناء اللبن فى يديه، حتى طلع الصبح واستيقظا فسقاهما من اللبن.ثم دعا الرجل، قال: اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك، فَفَرِّج عنا ما نحن فيه.فانفرجت الصخرة شيئًا قليلا بفضل برِّ هذا الرجل بوالديه. ثم ذكر كل واحد من الاثنين الآخَرَيْن عملا صالحًا له؛ فتباعدت الصخرة عن فوهة الغار ونجَّاهم الله –تعالى-.
160
البر بالمشرك
اختار الله -سبحانه- إبراهيم صلى الله عليه وسلم نبيَّا، ولكن أباه كان يصنع الأصنام ويبيعها لقومه، فكانوا يعبدونها، ويعتقدون أنها تنفعهم فتجلب لهم الرزق، وأنها تضرهم وتأتيهم بالمهالك.
ولما كان إبراهيم صبارَّا بأبيه، فإنه دعاه إلى عبادة الله بأسلوب جميل، قال له: يأبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئًا.يأبت إنى قد جاءنى من العلم ما لم يأتك فاتبعنى أهدك صراطًا سويًا.يأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيَّا.يأبت إنى أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليَّا.
لكن الأب رفض نصيحة ابنه، وأصرَّ على عبادة الأصنام، ولم يكتف بهذا، بل هدَّد إبراهيم بالرجم إن لم يرجع عن دعوته، وطلب منه أن يهجره ويبتعد عنه. فلم يثن هذا إبراهيم صعن بره بأبيه، وما زاد على أن هجر أباه هجرًا جميلا، وهو يقول: له: سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيَّا.
161
إلا الشرك !
كان سعد بن أبى وقاص - رضى الله عنه- من السابقين الأوائل إلى الإسلام.
وكان سعد - رضى الله عنه- مطيعًا لوالدته بارَّا بها، يحبها حبَّا كثيرًا، ولا يعصى لها أمرًا .لكنها ظلت على كفرها، تعبد الأصنام، فحزنت لدخول سعد فى دين الإسلام، وتضايقت بذلك أشد الضيق، وحلفت ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدين الله الحق، ويعود إلى دين آبائه وأجداده، وقالت له: زعمتَ أن الله وصَّاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا .
وظلت أم سعد لا تأكل ولا تشرب ثلاثة أيام حتى أوشكت على الهلاك؛ ظنًا منها أن سعدًا سيتراجع عن الإسلام إذا رآها تموت، ولكن سعدًا لم يستجب لها.
وأنزل الله تعالى قرآنًا يؤيِّد فيه موقف سعد من أمه، فقال تعالي: ووصَّينا الإنسان بوالديه حُسنًا، وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون.
162
بر الأم
ذات النطاقين: أسماء بنت أبى بكر - رضى الله عنهما- صحابية فاضلة، أسلمت مع أبيها، وبقيت أمها على الشرك.
وذات يوم، وأسماء - رضى الله عنها - فى بيتها، جاءتها أمها لتراها، وهى راغبة فى برها، وخائفة أن تمتنع أسماء من صلتها والإحسان إليها.
فوقعت السيدة أسماء فى حيرة، فماذا تفعل ؟ هل تصل أمها المشركة ؟ أم تقاطعها ؟
فتوجهت السيدة أسماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسألته: ماذا تفعل مع أمها.
فأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تَصِلَ والدتها وتحسن إليها، فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم، صِلِى أمك).
163
بر النبى صلى الله عليه وسلم
كانت السيدة فاطمة بنت أسد- رضى الله عنها- زوجة أبى طالب عَمِّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانت بمنزلة الأم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يبرها، ويحسن إليها.
ولم يبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياتها فحسب، بل أحسن إليها عند مماتها.
فقد روى أنها لما ماتت ألبسها النبى قميصه واضَّجع فى قبرها .
فقال له أصحابه: ما رأيناك يا رسول الله صنعت هذا مع أحد من قبل.
فقال صلى الله عليه وسلم : (إنه لم يكن أحد بعد أبى طالب أبرَّ بى منها، إنما ألبستها قميصى لتُكْسى من حُلل الجنة، واضجعت معها ليهون عليها).
164
الفداء العظيم
كان نبى الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم يحب ابنه إسماعيل حبَّا شديدًا؛ فقد رُزق به بعدما كبرت سِنُّه، وطال اشتياقه للولد.
وذات ليلة، رأى إبراهيم فى منامه أنه يذبح إسماعيل، وأدرك إبراهيم أن تلك الرؤيا حق وصدق، وأنها وحى من الله-تعالي-؛ ليختبر إيمانه وصبره، فاستجاب إبراهيم لأمر الله، وقال لابنه: يا بُنيَّ إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا تري.
فاستجاب إسماعيل لهذا الأمر؛ إيمانًا بالله وطاعة لأبيه وبرَّا به قال يأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين.
وعندما استعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم لذبح إسماعيل سمع صوتًا يقول: يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين فالتفت إبراهيم صلى الله عليه وسلم فوجد كبشًا أبيض اللون أنزله الله من السماء، فكان فداءً للابن البار إسماعيل. فقد كافأهما الله- سبحانه-على بِرِّهما وطاعتهما وإيمانهما العميق.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:41
165
بناء المسجد
عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، تجمع الناس حوله، وتسابقوا إليه..كلٌّ يريد أن يمسك بزمام ناقته؛ لينزل الرسول صلى الله عليه وسلم ضيفًا عليه في بيته، فكان صلى الله عليه وسلم يقول لهم: (دعوها فإنها مأمورة).
وسارت الناقة في المدينة حتى وصلت إلي مكان يملكه غلامان من بني النجار، فبركت الناقة فيه، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أصحاب المكان فقال معاذ ابن عفراء: هو يا رسول الله لِسَهْل وسُهَيل ابني عمرو، وهما يتيمان لي وسأُرْضيهما.
فأمر صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده في هذا المكان، فتجمع المسلمون كلهم ليشاركوا في هذا العمل العظيم، واشترك معهم صلى الله عليه وسلم في البناء، فكان المسلمون يغنون:
لئن قعدنا والرسول يعمل
لـذاك منـا العمل المضلل
وهكذا تعاون المسلمون جميعًا في بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم .
166
حفر الخندق
علم الرسول صلى الله عليه وسلم بقدوم جيش كبير من قريش وحلفائها لغزو المدينة، فجمع صحابته واستشارهم في هذا الأمر، فأشار عليه سلمان الفارسي-رضي الله عنه-بحفر خندق حول المدينة لحمايتها من جيش قريش، فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر صحابته بحفر الخندق.
فتعاون المسلمون جميعًا في حفر الخندق لا يبَالون بجوع أو تعب، وشارك الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في العمل، فكان يحمل التراب علي كتفه.
وانتهي المسلمون من حفر الخندق في أيام قليلة بفضل تعاونهم جميعًا، وحفظ الله المدينة من جيش المشركين.
167
جمع الحطب
كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر مع جماعة من أصحابه، فأرادوا أن يذبحوا شاة ليأكلوها، فاتفقوا علي أن يتعاونوا فيما بينهم في إعداد تلك الشاة، وأن يكون لكل واحد دور في إعدادها.
فقال أحد الصحابة: علي ذبح الشاة.
وقال آخر: وأنا علي سلخها.
وقال ثالث: وأنا علي طبخها .
فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يشاركهم العمل، فقال: (وأنا علي جمع الحطب).
فقال الصحابة: يا رسول الله، نحن نكفيك ذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم : (أنا أعلم أنكم تكفوني، لكني لا أحب أن أتميز عليكم؛ فإن الله-تعالي-لا يحب من عبده أن يتميز علي أصحابه).
168
الزوجان
تزوج علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن في بيته خادم ولا مساعد إلا والدته السيدة فاطمة بنت أسد-رضي الله عنها-.
وكان علي-رضي الله عنه-فقيرًا، لاستطيع أن يشتري خادمًا.
فكانت الأسرة كلها تتعاون في أعمال البيت، وقسَّم علي-رضي الله عنه-عمل البيت بين زوجته وأمه، فقال لأمه: اكْفِ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء وشراء الحاجات، وتَكْفِيك هي العمل في البيت.
وكانت السيدة فاطمة-رضي الله عنها-خير عون لزوجها علي تحمل واجبات الحياة، فكانت تطحن وتعجن وتخبز وتنظف البيت بنفسها.
وكان علي-رضي الله عنه-يعمل ويكدح خارج البيت.
169
إعانة الزوج
تزوج الزبير بن العوام-رضي الله عنه-السيدة أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنهما-، ولم يكن الزبير يملك مالا ولا عبيدًا، وكان عنده فرس.
فكانت أسماء-رضي الله عنها-خير عون لزوجها علي تحمل أعباء الحياة، فكانت تخدمه وتقوم علي رعايته ورعاية فرسه، وتقوم بأعباء البيت من طَحْن وعَجْن وخَبْز، فكانت نعم الزوجة.
وظلت أسماء تتحمل كل هذه الأعباء، وتعاون زوجها، حتى كثُر عندهما الخير، وصار لهما أكثر من ألف خادم ومملوك، ورزقهما الله من الطيبات.
170
يوم حنين
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشجع الناس، وكان الصحابة يحتمون به إذا اشتد القتال.
ففى غزوة حنين، اغتر المسلمون بقوتهم، فانهزموا فى بداية المعركة، وفر كثير من المسلمين، ولم يثبت فى ميدان المعركة إلا الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة- رضى الله عنهم-، منهم علىٌّ والعباس وأبو سفيان بن الحارث.
وهنا أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يقتحم صفوف المشركين، راكبًا بغلته، يقول بصوت عال: (أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد المطلب).
فلما سمع الصحابة صوت الرسول صلى الله عليه وسلم عاد الحماس إلى قلوبهم، وتجمعوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم مرة ثانية، ونظموا صفوفهم، حتى هزموا المشركين. ولولا شجاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم النادرة وثباته فى أرض المعركة ما تمَّ النصر للمسلمين.
171
المعصية
ذات يوم، أرسل أمير اليمن يعلي بن أمية-رضي الله عنه-إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-يستشيره في أمر مجموعة من الناس تعاونوا علي قتل غلام.
فأرسل إليه عمر-رضي الله عنه-يأمره بقتلهم جميعًا، وقال: والله لو أن أهل صنعاء اشتركوا في قتله لقتلتُهم أجمعين.
وهكذا يكون من أعان غيره في معصية كمن فعلها، قال صلى الله عليه وسلم : (من أعان علي قتل مؤمن ولو بشطر (نصف) كلمة، لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله).
ولقد نهانا الله-سبحانه-عن التعاون في الإثم، قال تعالي: وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان.

172
السد العظيم
كان يأجوج ومأجوج أناسًا لهم أشكال مخيفة، يفسدون في الأرض ولا يصلحون، وكان في زمانهم ملك يسمي ذا القرنين، آتاه الله ملكًا عظيمًا ومنحه القوة والسلطان.
وفي يوم من الأيام، وصل ذو القرنين بجيشه إلي المكان الذي يعيش فيه هؤلاء القوم.
وكان يسكن في المكان نفسه قوم ضعاف، فلما رأوا ذا القرنين استنجدوا به حتى يحميهم من يأجوج ومأجوج، واقترحوا عليه أن يصنع لهم سدَّا يمنع عنهم شرهم
فوافق ذو القرنين علي بناء السد، وطلب منهم أن يعاونوه ويساعدوه، حتى يتمكن من إنجاز هذا العمل الضخم، وتعاون القوم في صنع السد، وكان سدَّا قويَّا متينًا من سبيكة الحديد والنحاس، وعاش القوم بعدها في أمان وسلام.
173
الوزير النبي
اختار الله -سبحانه- موسى صلى الله عليه وسلم نبيَّا، وأمره أن يدعو فرعون مصر إلي عبادة الله.
أدرك موسى صلى الله عليه وسلم أن الله قد أمره بأمر عظيم، فرفع يديه إلي ربه، وقال: رب اشرح لي صدري. ويَسِّرْ لي أمري.واحْلُلْ عُقدة من لساني.يفقهوا قولي.واجعل لي وزيرًا من أهلي.هارون أخي. اشْدُدْ به أزري.وأشركْه في أمري.كي نسبِّحك كثيرًا.ونذكرك كثيرًا.إنك كنتَ بنا بصيرًا.
وهكذا طلب موسى صلى الله عليه وسلم من ربه أن يجعل هارون نبيَّا ليعاونه في تبليغ الرسالة، وليكون عونًا له علي طاعته-سبحانه-.
فاستجاب الله دعاء موسى صلى الله عليه وسلم ، وجعل هارون صلى الله عليه وسلم نبيا، فكان كل منهما خير عون للآخر علي طاعة الله، وتعاونا في دعوة فرعون وقومه لعبادة الله.
174
تعاون علي الخير
كان معاذ بن عمرو بن الجموح من السابقين إلي الإسلام، وكان أبوه مشركًا، ففكر معاذ في حيلة يقنع بها أباه حتى يدخل في الإسلام، فأخبر صديقه معاذ بن جبل بالأمر؛ ليعاونه فيه، فوافق معاذ علي معاونة صديقه، فكانا يأخذان الصنم الذي يعبده عمرو ويرمونه في الحفرة التي تلقي فيها القاذورات، فكان عمرو يبحث عن صنمه في الصباح حتى يجده فيأخذه ويغسله.
وكرر الصديقان هذا الأمر مرات، فجاء عمرو ذات ليلة، وعلق في رقبة الصنم سيفًا؛ ليدافع به عن نفسه، فجاء معاذ وصديقه في الليل، ورميا الصنم في القاذورات بعد أن ربطا معه كلبًا ميتًا.
فلما لم يجد عمرو صنمه في الصباح بحث عنه، فوجده في البئر مع كلب ميت وفي رقبته السيف، فاقتنع عمرو بأن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يستحق العبادة.فأسلم وحسن إسلامه وكان تعاون الصديقين سببًا في إسلامه.
175
تعاون وطاعة
كان أبو هريرة-رضي الله عنه-يتعاون مع زوجته وخادمه علي طاعة الله، فقسم الليل ثلاثة أقسام؛ فكان يصلي ويعبد الله حتى يمضي الثلث الأول، ثم يوقظ زوجته لتصلي وتعبد الله في الثلث الثاني، وبعد أن تنتهي هي من قيام ليلها وصلاتها تذهب إلي الخادم؛ فتوقظه ليصلي الثلث الأخير.
وكان هذا الأمر هو شأن كثير من الصالحين، فقد كان زيد بن الحارث-رضي الله عنه-يقسم الليل في العبادة بينه وبين ولَدَيْه، فإذا رأي من أحدهما كسلا قام الليل بدلا منه؛ ابتغاء مرضاة الله عنه وعن وَلَدَيْه.
فكانت أسرة طيبة صالحة، متعاونة فيما بينها علي عبادة الله وطاعته.
176
جزاء المتكبر
ذات يوم، قَدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا إلى رجل عنده، فأكل الرجل بشماله.
فقال له صلى الله عليه وسلم : (كل بيمينك).
وكان باستطاعة الرجل أن يأكل بيمينه، كما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكنه تكبر، ولم ينفذ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يأكل بيمينه، وقال:لا أستطيع.
فقال صلى الله عليه وسلم : (لا استطعت، ما منعه إلا الكبر).
فاستجاب الله لدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأصيبت يد الرجل بالشلل، فلم يستطع أن يرفعها إلى فمه بسبب كِبْرِه، وعناده، وعدم طاعته للرسول صلى الله عليه وسلم .
177
تعاون الأب والابن
أمر الله-تعالي-نبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن يبني الكعبة؛ ليحج إليها الناس ويزوروها من كل مكان وفي كل زمان.
فأخبر إبراهيم صلى الله عليه وسلم ولده إسماعيل صلى الله عليه وسلم بذلك، فوافق علي الفور، وتعاون مع أبيه في هذا العمل العظيم، فذهب إلي المكان المخصص لبناء البيت، وكان يجمع الحجارة، وكان أبوه صلى الله عليه وسلم يقوم بعملية البناء، حتى ارتفع البناء.
وكان إبراهيم صلى الله عليه وسلم وولده يدعوان ربهما أن يتقبل منهما هذا العمل الصالح بقولهما: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
فتقبل الله -عز وجل-دعاءهما، وأصبح هذا المكان المقدس يأتيه الناس من كل مكان للعبادة والطواف، وهو نعم الرمز والمثال لتعاون الابن مع الأب.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:42
178
حزمة الحطب
أحس شيخ كبير بقرب أجله، فجمع أولاده الثلاثة؛ ليوصيهم بوصية تنفعهم في حياتهم، فأعطاهم حزمة كبيرة من الحطب، وطلب من كل منهم أن يكسرها بمفرده، فحاول كل واحد أن يكسرها، لكنه لم يستطع لشدة قوتها وصلابتها.
أخذ الأب الحزمة، وفكها إلي أعواد، وأعطي كل واحد منهم عودًًا، فكسره بسهولة.
فقال الأب لأبنائه: إنكم يا أبنائي مثل هذه الحزمة..إذا اتحدتم وكنتم يدًا واحدة فلن يستطيع أحد مهما بلغت قوته أن يغلبكم، وإن تفرقتم فسوف يصيبكم الضعف، ويتمكن عدوكم منكم، فعليكم يا أولادي بالتعاون في قضاء أموركم فإن في التعاون قوة.
179
التعاون ثمن الحرية
كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه-عبدًا مملوكًا، فطلب منه سيده أن يزرع له ثلاثمائة نخلة، وأن يحضر إليه أربعين أوقية من ذهب؛ لكي يعتقه ويحرره.
فذهب سلمان إلي النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (أعينوا أخاكم).
فجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- له ثلاثمائة فسيلة (النخلة الصغيرة)، فقال صلى الله عليه وسلم لسلمان: (اذهب ففَقِّر لها (أي: اصنع حُفَرًا لتغرس فيها الفسائل)، فإذا فرغتَ منها فأْتني أكون أنا أضعها بيدي).
وساعده الصحابة في الحفر، فلما انتهوا ذهب إلي النبي صلى الله عليه وسلم وأبلغه، فخرج صلى الله عليه وسلم معه حتى وصل إلي مكان زرع النخل، وأخذ يغرس الفسائل بيده الشريفة.قال سلمان: فوالذي نفسي بيده، ما ماتت منها واحدة.
وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قطعة من الذهب، فوزنها سلمان فكانت أربعين أوقية، فقدمها إلي سيده؛ فأعتقه.
180
الرشيد والبهلول
كان الخليفة هارون الرشيد فى طريقه إلى الحج، فرآه البهلول بن عمرو، فقال له:يا أمير المؤمنين رُوى عن عبد الله العامرى أنه قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرًا إلى الحج، لاضرب ولا طرد ولا إليك إليك (لا يؤذون الناس، ولا يقولون لهم:أفسحوا الطريق).وتواضعك يا أمير المؤمنين فى سفرك هذا خير من تكبرك.
فبكى الرشيد، وقال:أحسنت يا بهلول، زدنا.
فقال بهلول:أيما رجل آتاه الله مالا وجمالا وسلطانًا، فأنفق ماله، وعَفَّ جماله، وعدل فى سلطانه، كُتب فى ديوان الله من الأبرار.
فقدم له الرشيد جائزة.فقال البهلول:لا حاجة لى بها، رُدَّها إلى مَنْ أخذتها منه.
فعرض الرشيد عليه راتبًا شهريَّا، فرفض، وقال: يا أمير المؤمنين، أنا وأنت عيال الله، فمن المحال أن يذكرك وينسانى.
181
تواضع للعلماء
ذات يوم، أرسل الخليفة العباسى هارون الرشيد إلى العالم الجليل أبى معاوية الضرير، يدعوه إلى الطعام، وكان أبو معاوية كفيف البصر.
فذهب أبو معاوية، وتناول الطعام، ثم قام ليغسل يديه، فصب رجل الماء له.
فلما انتهى من غسل يديه قال له الخليفة: يا أبا معاوية، أتدرى من صبَّ الماء على يديك؟فقال أبو معاوية:لا، يا أمير المؤمنين.
فقال هارون الرشيد:أنا.
فقال أبو معاوية:يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا إجلالا للعلم؟
قال:نعم.
182
حقيقة المتكبر
ذات يوم، لبس أمير البصرة المهلب بن أبى صفرة جبة جديدة من الحرير، ومشى يتبختر وهو معجبٌ بنفسه.
فرآه التابعىُّ الزاهد مطرف بن عبد الله، فقال له:يا عبد الله، هذه مشية يكرهها الله ورسوله.
فقال المهلب:أما تعرفنى؟
فأجاب مطرف:أعرفك، أَوَّلُك نطفة مذرة (خبيثة)، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تحمل العذرة (يقصد الفضلات الخبيثة التى تتبقى من الطعام بعد هضمه وامتصاصه).
فلما سمع المهلب ذلك الكلام سار متواضعًا فى مشيته، وعاد إلى رشده، وترك الكبر والخيلاء.
183
ملك الحبشة
ذات يوم، كان النجاشى ملك الحبشة جالسًا على عرشه، وفجأة قام من عليه وتركه وجلس على الأرض، فاندهش وزراؤه ومساعدوه، من ذلك وسألوه عن السبب فى ذلك.
فقال لهم:إنى وجدت فيما أنزل الله-تعالى- على المسيح-عليه السلام-يقول له: (إذا أنعمتُ على عبدى نعمة، فتواضع إلىَّ أَتممتُها عليه).وإنى وُلِدَ لى الليلة غلام، فتواضعتُ لذلك شكرًا لله -تعالى-.

184
أهل النار
يُحكى أن رجلين جلسا يتفاخران، وكل منهما يتباهى على الآخر، فقال أحدهما مفاخرًا بأجداده:أنا فلان بن فلان...حتى عدَّ تسعة من الأجداد، ثم قال لصاحبه:فمن أنت؟
فسمع النبى صلى الله عليه وسلم ذلك الكلام، فأراد أن يُعلِّمهما التواضع ويرشدهما إلى ترك العصبية والمباهاة، فقال لهما: (افتخر رجلان عند موسى-عليه السلام-، وذكر رجل تسعة من آبائه.فأوحى الله -تعالى-إلى موسى-عليه السلام-: (قل للذى افتخر:بل التسعة من أهل النار وأنت عاشرهم).
185
سيد المتواضعين
ألقى الله-تعالى-على رسوله صلى الله عليه وسلم المهابة، فكان الرجل إذا رآه لأول مرة هابه، فإذا خالطه بعد ذلك أحبه، واطمأن إليه.
فذات يوم، دخل رجل على النبى صلى الله عليه وسلم ، فلما كلَّمه الرسول صلى الله عليه وسلم ارتعش الرجل، وخاف.
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (هوِّن عليك، فإنى لست بـمَلِك، إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد (أي:اللحم اليابس)).فاطمأن قلب الرجل، وذهب عنه ما نزل به من الخوف والهيبة، بتواضع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولين جانبه.
وصور التواضع فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرة، فقد كان يساعد أهله فى البيت؛فيقضى حوائجهم، ويخيط ثيابه، ويُصلح حذاءه بنفسه.وكان صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويجلس على الأرض، ويُجيب دعوة المملوك، ويحلب الشاة، ويُنادى عليه الرجل فيقول له:لبَّيْك..لبَّيْك.
186
الأمير يحمل التبن
كان سلمان الفارسي- رضى الله عنه-أميرًا على المدائن، وذات يوم، جاء رجل من أهل الشام إلى المدائن، ومعه حِمل تبن، فبحث عن شخص يحمل له هذا التبن، فلم يشاهد سوى سلمان، فظن أنه حمَّال، فنادى عليه، وقال له:تعال.. احمل.
فحمل سلمان التبن، وسار به إلى منزل الرجل.
وفى الطريق، شاهد الناس سلمان يحمل التبن لهذا الرجل، فقالوا له:هذا الأمير!
فقال الرجل معتذرًا لسلمان:لم أعرفك، وأراد أن يحمل هو التبن.
فقال سلمان:لا، حتى أَبْلُغ منزلك.
187
أنت أخى
أرسل عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-حذيفة ابن اليمان- رضى الله عنهما-أميرًا على مدينة المدائن، وأرسل معه رسالة إلى أهل المدائن يوصيهم فيها بطاعة حذيفة، وسماع كلامه، وإعطائه ما يطلب منهم.
فتوجَّه حذيفة إلى المدائن، وهو يركب حماره، ويحمل طعامه.فلما وصل المدائن استقبله أهلها، فلما قرأ عليهم رسالة أمير المؤمنين قالوا له:سلنا ما شئت؟فقال:أسألكم طعامًا آكله، وعلف حمارى هذا مادمت فيكم.
وذات يوم أراد عمر أن يرى هل غيَّرت الإمارة من حال حذيفة أم لا؟فبعث إليه أن يأتى المدينة.
وحينما اقترب حذيفة من المدينة اختبأ له عمر فى الطريق ليراه، فرآه راكبًا حماره على الحالة التى خرج بها من قبل، فأسرع إليه، واحتضنه فرحًا به، وقال له:أنت أخى وأنا أخوك.
188
تواضع متبادل
يُحكى أن زيد بن ثابت- رضى الله عنه-صلى على جنازة، ثم أراد أن يركب بغلته، فجاء عبد الله ابن عباس- رضى الله عنهما-وأمسك الركاب الذى يضع فيه الراكب قدمه أثناء صعوده الدابة؛ ليساعد زيدًا- رضى الله عنه-على الركوب.
فطلب زيد منه أن يترك الركاب، وقال له:خلِّ عنه يا بن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفض ابن عباس، وقال:هكذا أُمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء.
فأسرع زيد بن ثابت- رضى الله عنه-وأمسك يد ابن عباس وقَبَّلها، وقال:هكذا نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم
189
تواضع الفاروق
ذات يوم، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه-خارج المدينة، وكان الجو حارَّا، فوضع ثوبه على رأسه.
وبينما هو كذلك مَرَّ به غلام يركب حمارًا، فقال:يا غلام، احملنى معك.
فنزل الغلام سريعًا عن الحمار، وقال:اركب يا أمير المؤمنين.
فرفض عمر- رضى الله عنه-، وقال للغلام: اركب، وأركبُ أنا من خلفك؛فصاحب الدابة أحق بصدرها.
فركب الغلام، ثم ركب عمر- رضى الله عنه- خلفه، حتى دخل المدينة، والناس ينظرون إليه.
190
الخليفة والغنم
كان أبو بكر الصديق- رضى الله عنه-يسكن فى حىِّ من أحياء الأنصار، فكان يساعدهم، ويحلب لهم أغنامهم وأبقارهم، فقد كان- رضى الله عنه- متواضعًا فى أخلاقه ولبسه ومطعمه.
وأول ما تولى أبو بكر- رضى الله عنه-الخلافة سمع جارية من جوارى الحى تقول:الآن لا تحلب لنا منائحنا (ما يحلب من الأنعام).
فقال لها- رضى الله عنه-:لأحلبنَّها لكم، وإنى لأرجو ألا يغيرنى ما دخلت فيه من الخلافة عن خُلُق كنتُ عليه.
191
درس فى التواضع
ذات يوم، دخل الرسول صلى الله عليه وسلم السوق ومعه أبو هريرة - رضى الله عنه-، فاشترى قماشًا بأربعة دارهم.
ولما جاء الوزَّان ليزن تلك الثياب، قال له النبى صلى الله عليه وسلم : (زِنْ وأَرْجِحْ).فقال الوزان:إن هذه لَكلمة ما سمعتها من أحد.
فقال له أبو هريرة- رضى الله عنه-:كفى بك جفاء، ألا تعرف نبيك؟!فطرح الرجل الميزان، ووثب إلى يد الرسول صلى الله عليه وسلم يُقبلها، فأبعد الرسول صلى الله عليه وسلم يده، وقال: (ما هذا؟!إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها، ولستُ بملِك إنما أنا رجل منكم).
فوزن الرجل الثياب، وأخذها النبى صلى الله عليه وسلم ، فأراد أبو هريرة- رضى الله عنه-أن يحملها، فرفض صلى الله عليه وسلم ، وقال له: (صاحب الشىء أحق بشيئه أن يحمله، إلا أن يكون ضعيفًا فيعجز عنه، فيُعينه أخوه المسلم).

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:43
192
عبدٌ رسولٌ
ذات يوم، كان مَلَك الوحى جبريل-عليه السلام-يجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل عليهما مَلَك من السماء، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم :يا محمد، أرسلنى إليك ربك، قال:أفملِكًا نبيَّا يجعلك، أو عبدًا رسولا؟.
فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جبريل يستشيره، فأشار عليه جبريل أن يتواضع لربه -عز وجل-.
فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم بمشورة جبريل-عليه السلام-، وقال للمَلَك: (بل عبدًا رسولا).
وهكذا اختار النبى صلى الله عليه وسلم أن يكون رجلا عاديَّا، وفضل التواضع لله على المُلْك والمال.
193
عفو وتواضع
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا منتصرًا، وكان معه جيش عظيم من المسلمين، عددهم عشرة آلاف مقاتل، يحملون السلاح، ويلبسون الدروع الحديدية التى تحميهم.
ودبَّ الرعب فى قلوب مشركى مكة، واختفى الرجال وراء الأبواب، واجتمع بعضهم فى المسجد الحرام خائفين، يرقبون ما سيحدث لهم، ويتساءلون:هل سيقتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم جزاء إيذائهم للمسلمين، أم سيعفو عنهم.
وتقدم جيش المسلمين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته، قد خفض رأسه، حتى إن وجهه صلى الله عليه وسلم كاد يلمس ظهر ناقته من شدة تواضعه؛شكرًا لله-سبحانه-على نعمة النصر والفتح المبين.ومنَّ النبى صلى الله عليه وسلم على أهل مكة، فعفا عنهم بغير فداء، وقال قولته المشهورة: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)(والطلقاء:الأسرى المعفو عنهم بغير فداء)، فشكروا للنبى صلى الله عليه وسلم كرمه معهم، وعفوه عنهم، ودخلوا جميعًا فى دين الله.
194
أخلاق أهل الجنة
ذات يوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته: (عُرِضت علىَّ الأمم، فجعل يمر النبىُّ ومعه الرجل، والنبىُّ ومعه الرجلان، والنبىُّ ومعه الرهط (أقل من عشرة)، والنبى ليس معه أحد، ورأيت سوادًا كثيرًا (عددًا كبيرًا) سَدَّ الأفق، فرجوت أن تكون أمتى، فقيل: هذا موسى وقومه.ثم قيل لى: انظر.فرأيت سوادًا كثيرًا سَدَّ الأفق، فقيل لى: انظر هكذا وهكذا، فرأيت سوادًا كثيرًا سَدَّ الأفق.
فقيل لى: هؤلاء أمتك، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب ولاعذاب).
ودخل صلى الله عليه وسلم بيته دون أن يبين لهم من هؤلاء، فقال الصحابة: نحن الذين آمنا بالله، واتبعنا رسوله، فنحن هم، أو أولادنا الذين ولدوا فى الإسلام.
فلما علم صلى الله عليه وسلم بما قالوا خرج، وقال لهم: (هم الذين لا يرقون ولا يسترقون (أى: برقية الجاهلية)، ولا يتطيرون (لا يتشاءمون)، وعلى ربهم يتوكلون).
195
التوكل الحقيقى
لقى عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-ناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟
قالوا: نحن المتوكلون.
قال: بل أنتم المتآكلون، إنما المتوكل الذى يلقى حبة فى الأرض، ويتوكل على الله-تعالي-.
فالتوكل الحقيقى أن يأخذ العبد بأسباب النجاح فى كل عمل، ويترك النتائج على الله، كالزارع الذى يضع حبة فى الأرض، ويتعهدها بالرعاية والسقاية، ثم يترك أمره لله، فهو-سبحانه-الذى ينبت الزرع، ويخرج الحبَّ.
196
الثقة بالله
جاء أحد الناس إلى الفضيل بن عياض، وقال له: لو أن رجلا قعد فى بيته وزعم أنه يثق فى الله، فيأتيه رزقه، فماذا تقول فى هذا الرجل؟
قال: إذا وثق بالله حتى يعلم أنه قد وثق به، لم يمنعه شيئًا أراده، لكن لم يفعل ذلك الأنبياء ولا غيرهم، وقال: كان الأنبياء يؤجرون أنفسهم (أى: لأداء الأعمال من أجل الكسب المشروع)، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يؤجر نفسه وأبو بكر وعمر، ولم يقولوا نقعد حتى يرزقنا الله -عز وجل-، وقال الله -عز وجل-: فانتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله، ولا بد من طلب المعيشة.
197
الإبرة والماعزة
ذات مرة، خرجت امرأة مع جيش المسلمين فى إحدى السرايا، وتركت فى بيتها بعض الأغنام، وصيصِيَة (الإبرة التى ينسج بها)، ولم يكن معها فى البيت أحد.
فلما رجعت المرأة من الغزو وجدت أن ماعزة من الأغنام قد ضاعت، ولم تجد إبرتها التى تنسج بها، فقالت: يا رب إنك قد ضمنت لمن خرج فى سبيلك أن تحفظ عليه (أى: تحفظ له حاجته حتى يرجع)، وإنى فقدت عنزًا (ماعزة) من غنمى وصيصيتي، ثم سألت المرأة ربها أن يعيد إليها عنزتها وإبرتها، وأكثرت من دعاء الله-تعالي-فى هذا الأمر.
فلما أصبحت المرأة وجدت أن الله-تعالي-قد أعاد إليها عنزتها ومثلها، وإبرتها ومثلها، وذلك جزاء ثقتها فى الله، وتوكلها عليه.
198
يوم الفزع
جلس النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أصحابه يذكرهم بالله، ويعلمهم ما ينفعهم فى دينهم ودنياهم.
فلاحظ الصحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنًا وهمَّا جعلاه يعرض عن متاع الدنيا، فسألوه عن سبب حزنه.
فقال صلى الله عليه وسلم : (كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الإذن، متى يؤمر بالنفخ فينفخ).
فحزن الصحابة، وأشفقوا من هول ذلك اليوم. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا).
فالمسلم يجب عليه أن يأخذ بأسباب النجاة من عذاب الله يوم القيامة، ثم يترك أمره فى هذا اليوم لله، وهو-سبحانه-سوف ينجى المؤمنين الطائعين من العذاب.
199
المتخاصمان
ذات يوم، جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، فقضى لأحدهما، فقال الآخر وهو منصرف: حسبى الله ونعم الوكيل.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (ردوا عليّ الرجل).
فلما رجع الرجل سأله النبى صلى الله عليه وسلم : (ما قلت؟)
فقال الرجل: قلت: حسبى الله ونعم الوكيل.
فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبى الله ونعم الوكيل).أي: إذا كنت صاحب حق، فلا تكن عاجزًا عن إثبات حقك؛لأن هذا العجز لا يرضى عنه الله، ولكن عليك أن تفعل كل ما تستطيعه من أسباب لتحصل على حقك، أما إذا غلبك أمر بعد ذلك، فقل: حسبى الله ونعم الوكيل.
200
غار ثور
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر- رضى الله عنه-مهاجِرَيْن من مكة إلى المدينة، وفى الطريق دخلا غار ثور؛ليختفيا عن أعين مشركى مكة.
وكان المشركون قد خرجوا من مكة يبحثون عن الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فلما وصلوا إلى غار ثور، نظر أبو بكر الصديق- رضى الله عنه-فرأى المشركين يقفون على باب الغار، فخاف على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال له: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا.
فطمأنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما).
وبالفعل حمى الله الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وابتعد كفار مكة عن الغار بعد أن استبعدوا أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه قد دخلا هذا المكان.
201
كذب المنجمون
عندما أراد أمير المؤمنين علىُّ بن أبى طالب - رضى الله عنه-الخروج لقتال الخوارج، نصحه أحد المنجمين-وكان اسمه (مسافر بن عوف)-ألا يسير بالجيش فى هذا الوقت، وحدد له وقتًا آخر ليتحرك فيه.
فقال له علىٌّ: ولِمَ؟فأخبره أنه إن سار فى هذا الوقت أصابه وأصحابه ضرر شديد، أما إن سار فى الموعد الذى حدده له فسوف ينتصر.
فقال علىٌّ: ما كان لمحمد صلى الله عليه وسلم منجم، ولا لنا من بعده، ثم قال: اللهم لا طائر إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك.ووجه تحذيرًا شديدًا إلى مسافر بألا يعمل بالتنجيم.
وسار عليٌّ بالجيش، وقاتل الخوارج فى موقعة (النهروان) فهزمهم، وقال: لو سرنا فى الوقت الذى أمرنا به مسافر فانتصرنا، لقال أحدكم: سار فى الساعة التى أمر بها المنجم.أيها الناس توكلوا على الله وثقوا به، فإنه يكفى ما سواه.
202
أمر الله
أخذ إبراهيم صلى الله عليه وسلم هاجر وابنها الرضيع إسماعيل، وسار بهما فى الصحراء حتى وصلوا بيت الله الحرام، فوضعهما فى هذا المكان، وليس معهما إلا قليل من التمر، وإناء به ماء، ثم تركهما وهمَّ بالانصراف.
فأسرعت هاجر وراءه، وهى تقول: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا؟!وظلت تسأله كيف يتركهما فى هذا الوادى الذى ليس به إنس، وليس فيه ماء ولا طعام، وإبراهيم صلى الله عليه وسلم لا يلتفت إليها.فقالت له: آلله أمرك بهذا؟.فقال لها إبراهيم صلى الله عليه وسلم : (نعم).
فلما علمت هاجر أن ما فعله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر من الله، أدركت أن الله لن يتخلى عنها، فقالت: إذًا لا يضيعنا.
وهكذا توكل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وزوجته على ربهما، وفوضا الأمر إليه.
203
أهل اليمن
كان أهل اليمن إذا خرجوا للحج لا يتزودون بالطعام والشراب، وما يحتاجون إليه فى سفرهم للحج، ويقولون: نحن المتوكلون.
فكانوا إذا وصلوا مكة سألوا الناس الطعام والشراب، فأنزل الله-تعالى-قوله: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
فقد أمرهم الله-سبحانه-أن يأخذوا معهم ما يحتاجون إليه من طعام وشراب، وأخبرهم أن هذا لا يتعارض مع حقيقة التوكل، فالتوكل الحقيقى أن يأخذ الإنسان بالأسباب، ثم يتوكل بعد ذلك على الله.
204
النجاة
قام إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم بتحطيم أصنام قومه، فلما علم قومه بذلك أحضروه وأمروا بإحراقه.
فأخذ أهل المدينة يجمعون الحطب لإشعال النار التى ستأكل جسد إبراهيم صلى الله عليه وسلم .
ولما فرغ الناس من جمع الحطب، وأشعلت النيران، وجاءوا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم ، قال: (حسبى الله ونعم الوكيل).
فجاءه جبريل-عليه السلام-وقال له: ألك حاجة؟فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم : (أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم).
فأمر الله النار أن تكون بردًا وسلامًا على إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، قلنا يا نار كونى بردًا وسلامًا على إبراهيم.
ونجاه الله من النار بفضل توكله على الله -سبحانه-.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:43
205
كلمة المؤمنين
بعد انتهاء غزوة أحد، رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فلما صلى الصبح أمر بلالا أن ينادى فى المسلمين: أن النبى صلى الله عليه وسلم يأمرهم بمطاردة مشركى مكة، ولا يخرج معهم إلا من حضر القتال بالأمس.
فلما سمع الصحابة-رضوان الله عليهم-نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا جميعًا رغم كثرة جراحهم وإصاباتهم، وساروا حتى أقاموا بحمراء الأسد.
وكان المشركون قد تحركوا أيضًا بقيادة أبى سفيان؛لقتال المسلمين، وأقاموا بمكان يسمى الروحاء، فمر بهم قوم ذاهبون إلى المدينة، فقال لهم أبو سفيان: بلّغوا محمدًا أننا جمعنا له جيشًا كبيرًا لنقضى عليه وأصحابه.
فلما وصل ذلك الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يهتموا بذلك، ولم يخافوا عدوهم، بل توكلوا على الله واستعانوا به، وقالوا: (حسبنا الله ونعم الوكيل).فكفاهم الله ما أهمهم، وردَّ عنهم كيد عدوهم.
206
أدوات السفر
كان العابد الزاهد إبراهيم الخواص-رحمه الله-إذا أراد السفر يأخذ معه إبرة وخيوطًا ومقصَّا وإناء به ماء.
فسأله أحد أصحابه: لم تحمل هذه الأشياء يا أبا إسحاق وأنت من الزهاد؟
فقال إبراهيم: هذه الأشياء لا تنقض التوكل؛ لأن لله-تعالى-علينا فرائض، والفقير لا يكون معه إلا ثوب واحد، فربما يتمزق ثوبه، فإن لم يكن معه إبرة وخيوط، تظهر عورته؛فتفسد صلاته، وإذا لم يكن معه إناء به ماء لم يستطع أن يتطهر لصلاته، وإذا لم يكن معه مقراض (مقص) لم يستطع أن يقص شاربه كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم .
207
المتوكل على زاد الناس
جلس الإمام أحمد بن حنبل-رحمه الله-ذات يوم لإلقاء درسه بعد صلاة العصر.
وبعد انتهاء الدرس، جاءه رجل وقال: يا إمام، إنى أريد الحج على التوكل (أي : بغير طعام وشراب)، فما رأيك فى ذلك؟
فقال له الإمام أحمد: فاخرج فى غير القافلة الذاهبة إلى الحج.
قال الرجل: لا أستطيع الخروج وحدى.
فقال الإمام أحمد: إذًا على زاد الناس توكلت، ولم تتوكل على الله.
208
التوكل الصحيح
ذات يوم، جاء رجل إلى الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-وسأله عن رجل جلس فى بيته أو فى المسجد، وقال: لا أعمل شيئًا حتى يأتينى رزقى.
فقال الإمام أحمد: هذا رجل جهل العلم، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم : (إن الله جعل رزقى تحت ظل رمحى)، وقال: (لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا)، فذكر أنها تغدو وتروح فى طلب الرزق، وكان الصحابة يتَّجرون ويعملون فى نخيلهم والقدوة بهم.
وهكذا نتعلم أن المسلم يجب أن يأخذ بالأسباب أولا، ثم يتوكل على الله-سبحانه-.
209
حب الصالحين
سأل أحد الحكام ثابتَ البنانى عن دعاء أحد أصحابه.فأخبره ثابت بأنه كان يكثر فى دعائه من قوله: اللهم حببنى إلى قلوب عبادك.فتهكم الحاكم وقال: وهل هذا كان دعاؤه؟
فقال ثابت: أتستخف بهذا الدعاء؟!لقد سمعتُ أنس بن مالك- رضى الله عنه-يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله-تعالى-إذا أحب عبـــدًا نادى جبريل-عليه السلام-أنى أحب فلانًا فأحبوه، فعند ذلك يقع حبه فى الأرض، فيحبه البر والفاجر.وإذا أبغض الله عبدًا أمر جبريل أن ينادى بالعكس من ذلك فيُبغضه البر والفاجر.فقال الخليفة: تبتُ إلى الله تعالى وأنبتُ.
وفى الغد، رجع ثابت إلى الحاكم، فقام إليه الحاكم وقبَّل رأسه، وقال له: إنى رأيتُ البارحة فى المنام كأنى دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجده، فقال: (دم على قولك: اللهم حببنى إلى قلوب العباد؛فإن أولياء الله لا يحبون عبدًا إلا أن يحبه الله).
210
حب الله
كانت لعبد الله بن الحسين- رضى الله عنه-جارية أعجمية، وذات ليلة، قامت من نومها وتوضأت، ثم قامت تصلى، فلما فرغت من صلاتها سجدت تناجى ربها وهى تقول: سيدى، بحبك لى إلا غفرت لى.وكان عبد الله واقفًا يشاهد عملها هذا، فقال لها: لا تقولى هكذا، ولكن قولى: بحبى لك؛فربما هو-سبحانه-لا يحبك.
فقالت له: لولا حبه لى لما أنامك وأوقفنى بين يديه، وبحبه لى أخرجنى من دار المشركين وكتبنى فى دار المؤمنين.فقال عبد الله: اذهبى، فأنت حرة لوجه الله تعالى.
فقالت: يا مولاى، أسأتَ إلى..كان لى أجران، فصار لى أجر واحد..ثم صرخت صرخة، وقالت: هذا عتق مولاى الأصغر، فكيف عتق مولاى الأكبر، ثم خرت إلى الأرض، وصعدت روحها إلى خالقها راضية مرضية.
211
حب سورة الإخلاص
كان هناك رجل من الأنصار، يصلى بالناس إمامًا فى مسجد قِبَاء، وكان كلما صلى بهم قرأ: قل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ معها سورة أخرى، ويداوم على ذلك فى كل ركعة.
فقال له أصحابه: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تكفى لإتمام الصلاة حتى تقرأ بسورة أخرى.فإما أن تقرأ بها، وإما أن تتركها وتقرأ بأخرى.فقال: ما أنا بتاركها..إن أحببتم أن أؤمَّكم بذلك فعلتُ، وإن كرهتم تركتُكم.فتمسكوا به؛ لأنهم كانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره.
فلما أتاهم النبى صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: (يافلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟وما حملك على لزوم هذه السورة فى كل ركعة؟)قال: إنى أحبها.فقال صلى الله عليه وسلم : (حُبُّك إياها أدخلك الجنة).
212
حب وإيمان
ذات يوم، قال صلى الله عليه وسلم لصحابته: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين).
فقال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه-: والله يا رسول الله، لأنت أحبُّ إلىَّ من كل شىء إلا من نفسى.فقال صلى الله عليه وسلم : (لا يا عمر، حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك (أى: لا يكتمل إيمانك حتى تحبنى أكثر من حبك لنفسك)).قال عمر: فوالله، لأنت الآن أحبُّ إلىَّ من نفسى.فقال صلى الله عليه وسلم : (الآن يا عمر (أى: الآن قد اكتمل الإيمان فى قلبك)).
وها هو ذا زيد بن الدثنة- رضى الله عنه- عندما أسره المشركون يقول له أبو سفيان-قبل أن يسلم-: يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك، نضرب عنقه وأنت فى أهلك؟
فقال زيد: والله ما أحب أن محمدًا فى مكانه الذى هو فيه مقيمٌ تصيبه الشوكة، وأنا جالسٌ فى أهلى.فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا من الناس يحب أحدًًا كحب أصحاب محمدٍ محمدًا!
213
حب الأخ
يحكى أن امرأة كان لها أخ وزوج وابن، وكانت تحبهم حبَّا كثيرًا.
وذات يوم، قبض الحاكم على أهل هذه المرأة، فذهبت إلى الحاكم تطالبه أن يعفو عنهم، وترجوه أن يفكَّ أسرهم؛فقد أصبحت بغير حبيب تقترب منه، وتسعد بجواره..فلا أخ، ولازوج، ولا ابن بقى لها.
فقال لها الحاكم: سوف أعفو عن أحدهم، فاختارى أيهم تحبين..فكرت هذه السيدة لحظة قصيرة، ثم قالت: الزوج موجود، والابن مولود، والأخ مفقود ولا يعود..أيها الأمير، أطلق سراح أخى.
اندهش الحاكم لما قالته المرأة، وتعجب من رجاحة عقلها، وسُرَّ باختيارها، وقال بعد تفكر: أيتها المرأة، قد عفوتُ عن الثلاثة بحبك لأخيك.
214
حب الوطن
ولد النبى صلى الله عليه وسلم فى مكة المكرمة، ونشأ بها، وظل مقيمًا بها حتى أنزل الله عليه الوحى، وأكرمه بالنبوة.
وحينما أمره الله بالجهر بدعوته وتبليغها للناس آذوه واضطهدوا أصحابه، ولما اشتد عليهم الإيذاء أمرهم الله بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا طاعة لأمر الله ورسوله، وإن كانوا فى حزن عميق على فراق البلد الذى أقاموا فيه طيلة حياتهم.
وخرج النبى صلى الله عليه وسلم فى صحبة أبى بكر الصديق- رضى الله عنه-، وهو حزين على فراق مكة، وأعاد النظر أليها مرات ومرات، وهو يودُّ لو عاد إليها وعاش فيها، ولكن الله قد أمره بالهجرة إلى المدينة.
وقف صلى الله عليه وسلم قليلا، ثم خاطب مكة بكلمات كلها حب وشوق قائلا: (والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أُخرجت منك ما خرجت).
215
محبة الله
دخل إدريس الخولانى-رحمه الله-مسجد دمشق، فرأى رجلا حسن الوجه، والناس حوله، فإذا اختلفوا فى شىء سألوه عنه، وأخذوا برأيه.فسأل إدريس عن هذا الرجل، فقيل له: هذا معاذ بن جبل- رضى الله عنه-.
وفى اليوم التالى، خرج إدريس إلى المسجد مبكرًا، فوجد معاذًا قد سبقه، وهو قائم يصلى. فانتظره حتى انتهى من صلاته، فذهب إليه وسلَّم عليه، وقال له: والله إنى لأحبك فى الله.
فأراد معاذ التأكد من حب إدريس له، فاستحلفه بالله مرتين عن حقيقة حبه، والرجل فى كل مرة يقسم أنه يحبه.
ولما تأكد معاذ من حبه له قَرَّبَه إليه، وقال له: أبشِر، فإنى سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتى للمتحابين فىَّ، والمتجالسين فىَّ، والمتزاورين فىَّ، والمتباذلين فىَّ).
216
أحبك فى الله
ذات يوم، مر رجل من الصحابة على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل من الجالسين: إنى لأحب هذا الرجل.
فأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يعلم ما إذا كان أخبر صاحبه بذلك أم لا، فقال له: (أَعلَمتَهُ؟).
قال الرجل: لا، لم أخبره بعد.
فبين له النبى صلى الله عليه وسلم أنه إذا أحب الرجل أخاه، فقد وجب عليه أن يخبره بحبه له، وقال: (أَعلِمْهُ).
فقام الرجل من مجلس النبى صلى الله عليه وسلم ، وأسرع حتى لحق بصاحبه، فقال له: إنى أحبك فى الله.
فقال الرجل: أحبك الله الذى أحببتنى له.
فمن السنة أن يقول المسلم لأخيه المسلم أنه يحبه، وأن يرد عليه أخوه المسلم بأنه يحبه فى الله الذى أحبه فيه.
217
حب النبى صلى الله عليه وسلم
جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال له: يا رسول الله، إنكَ لأحبُّ إلىَّ من نفسى، وإنك لأحبُّ إلىَّ من ولدى. وإنى لأكون فى البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتى، فأنظر إليك.وإذا ذكرتُ موتى وموتك، عرفتُ أنك إذا دخلتَ الجنة رُفِعْتَ مع النبيين، وأنا إذا دخلتُ الجنة خشيتُ ألا أراك.
فلم يردَّ عليه النبى صلى الله عليه وسلم حتى نزل جبريل-عليه السلام-بهذه الآية: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا.
فأدرك الصحابى أنه لابد أن يجتهد فى طاعة الله وعبادته؛لكى يحظى بمنزلة عالية فى الجنة، فيكون مع حبيبه صلى الله عليه وسلم .

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:44
218
حب الله ورسوله
يحكى أنس بن مالك- رضى الله عنه-أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : متى الساعة؟ (أى: فى أى وقت يبعث الله الناس للحساب؟)
فقال صلى الله عليه وسلم : (وما أعددت لها؟).
قال: لا شىء إلا أنى أحب الله ورسوله.
قال صلى الله عليه وسلم : (أنت مع من أحببتَ).
قال أنس- رضى الله عنه-: فما فَرِحنَا بشىء فَرَحَنَا بقول النبى صلى الله عليه وسلم : (أنت مع من أحببتَ).
ثم قال أنس: فأنا أحب النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر - رضى الله عنهما-، وأرجو أن أكون معهم بحبى إياهم، وإن لم أعمل أعمالهم.
وعن الحب الحقيقى قال صلى الله عليه وسلم : (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف به فى النار)[مسلم].
219
حب فى الله
كان هناك صديقان يسكنان فى قريتين متجاورتين، وقد أحب كل منهما الآخر.
وذات يوم، خرج أحد الصديقين لكى يزور أخاه فى قريته.
وبينما هو يسير فى الطريق، وقد أصبح على مقربة من الوصول؛إذ قابله سائل، فسأله: أين تريد؟ قال: أريدُ أخًا لى فى هذه القرية.
فسأله مرة أخرى: هل تريد منه منفعة، أو تسترد منه دينًا لك عليه.
قال: لا، غير أنى أحببتُه فى الله-تعالى-.
قال السائل: فإنى رسول الله إليك (أى: ملك من الملائكة) بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه.
220
العبد الشكور
المسلم يقَدِّر نعم الله عليه،فيشكره عليها، ويطيعه،ويتجنب ما نهاه عنه.والشاكرون يحمدون الله في السراء والضراء.
كما أنه يشكر الناس إذا قَدَّموا إليه معروفًا.
والنبى صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تورَّمت قدماه،فقالت له السيدة عائشةـ رضي الله عنها ـ:لِمَ تصنع هذا يا رسول الله،وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟فقال النبى صلى الله عليه وسلم :(أفلا أكون عبدًا شكورًا؟).
والله -سبحانه- يجزي الشاكرين خيرًا، ويزيدهم من فضله،يقول تعالى لئن شكرتم لأزيـدنكم.
221
الشكور
مر أحد الصالحين في طريق،فوجد غصنًا من الشوك وسط الطريق،فخاف أن يؤذي أحدًا من المسلمين.ولأنه رجل مؤمن يحب الخير،ويكره أن يلحق الضرر أحدهم،فقد انحني وأخذ غصن الشوك،ووضعه بعيدًا عن الطريق.
فشكر الله -عز وجل- له ذلك،وكافأه؛فغفر له ذنوبه،وأدخله الجنة.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(بينما رجل يمشي بطريق،وجد غصن شوك علي الطريق،فأخَّرَه، فشكر الله له،فغفر له).
وهذا الفعل الجميل هو ما يحثنا عليه ديننا الحنيف،فيأمرنا بإماطة الأذى عن الطريق،كي لا يصاب أحد،قال صلى الله عليه وسلم :(إماطة الأذي عن الطريق صدقة).
222
الأبرص والإبل
أنزل الله -تعالي- مَلَكًا إلي رجل أبرص من بني إسرائيل ليمتحنه،فقال له:أي شيء أحب إليك؟ فقال الأبرص: لون حسن وجلد حسن.
فوضع الملك يده علي ذلك الأبرص فشُفي بأمر الله -تعالي-.ثم قال له الملك:فأي المال أحب إليك؟قال: الإبل.فأعطاه الملك ناقة عشراء.
وبعد مدة ولدت الناقة،وكثر نسلها،وصار الأبرص غنيا،يمتلك كثيرًا من الإبل.وعندئذ جاءه الملك في صورة رجل أبرص مسكين لا مال لديه،ولا طعام معه،ويريد أن يسافر إلي بلده، وطلب إليه جملا أو ناقة يستعين بها في سفره، فرفض ولم يعطه شيئًا.فقال الملك:كأني أعرفك، ألم تكن أبرص فقيرًا فأعطاك الله؟.فقال الرجل: إنما ورثتُ هذا المال.فقال الملك:إن كنتَ كاذبًا صيرك الله إلي ما كنتَ عليه.فعاد الرجل أبرصَ وفقيرًا كما كان؛لأنه لم يشكر نعمة الله عليه.
*هذه القصة مأخوذة من حديث صحيح متفق عليه .
223
المبارز القوى
فى غزوة الأحزاب تمكن بعض فرسان المشركين من اختراق الخندق الذى حفره المسلمون حول المدينة، وكان من بينهم عمرو بن عبد ود، وكان مقاتلا قويَّا يخافه الشجعان، فنادى عمرو على المسلمين ليخرج إليه من بينهم من يبارزه، فلم يخرج إليه أحد، فراح يُعيِّرهم بقوله:
ولقد بححت من النداء
بجمعهم هل من مبارز
وهنا قام إليه على بن أبى طالب - رضى الله عنه- وأصر على مبارزته، فوافق النبى صلى الله عليه وسلم ، ودعا له قائلا: (اللهم أعنه عليه).
فخرج إليه علىُّ ودعاه إلى الدخول فى الإسلام فرفض، وعرض على علىّ الرجوع حتى لا يُقتل، فرفض علىُّ وتقدم إليه فى شجاعة.
وبدأت المبارزة بينهما، وهجم علىُّ عليه كالصقر فقتله ثم كبر، فكبر معه المسلمون جميعًا فرحًا .
224
حب من الله
خرج سهيل بن أبى صالح مع أبيه لأداء فريضة الحج، فلما كان يوم عرفة، مر بهما الخليفة عمر بن عبد العزيز-رحمه الله-، فقام الناس ينظرون إليه، وكلهم يشتاق إلى رؤيته.
فقال سهيل لأبيه: يا أبت، إنى أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز.قال: ولم ذاك؟
قال: لما له من الحب فى قلوب الناس؛فقد سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إنى أحب فلانًا فأحبَّه، فيحبه جبريل.ثم ينادى فى السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه؛فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القَبُول فى الأرض.وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إنى أُبغض فلانًا فأبغضه؛فيُبغضه جبريل.ثم ينادى فى السماء: إن الله يُبغِض فلانًا فأبغضوه، ثم يوضع له البغضاء فى الأرض)[البخارى].
225
القائد المنتصر
كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب صحابته حبَّا شديدًا، حتى إن كل واحد منهم كان يعتقد أنه أحب شخص إلى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم .
وذات يوم، أرسل النبى صلى الله عليه وسلم جيشًا لمحاربة الأعداء فى غزوة (ذات السلاسل)، وجعل عمرو بن العاص - رضى الله عنه- قائدًا على الجيش، وكان فيه أبو بكر وعمر، فحدث عمرو نفسه بأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يرسله على هذا الجيش إلا لمنزلته عنده.
فلما انتهت الغزوة، وعاد عمرو بالجيش منتصرًا، قابله النبي صلى الله عليه وسلم بالترحاب والبشر، فأحس عمرو أنه قد أصبح أقرب الناس وأحبهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، من أحب الناس إليك؟
قال صلى الله عليه وسلم : (عائشة).قال عمرو: إنما أعنى من الرجال. فقال صلى الله عليه وسلم : (أبوها (أبوبكرالصديق)).قال عمرو: ثم من؟قال: (ثم عمر بن الخطاب) ثم عد رجالا، فسكت عمرو، مخافة أن يجعله النبى صلى الله عليه وسلم فى آخرهم.
226
حب الأولاد
ذات يوم، ذهب أسامة بن زيد- رضى الله عنهما- إلى بيت النبى صلى الله عليه وسلم ليسأله عن حاجة له، فخرج إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقد لف عليه ثوبه وكأنه أخفى تحته شيئًا.فسأله أسامة: ما هذا الذى أنت مشتمل عليه يا رسول الله؟فكشف صلى الله عليه وسلم ثوبه، فظهر الحسن والحسين، وقال: (هذان ابناى وابنا ابنتى، اللهم إنى أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما)[الترمذى].
وذات يوم، رآهما النبى صلى الله عليه وسلم وهو يخطب على المنير يمشيان ويَعْثُران، فنزل فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: (صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويَعْثُران فلم أصبر حتى قطعت حديثى ورفعتهما)[الترمذى].
فقد كان صلى الله عليه وسلم يحبهما حبَّا كبيرًا، ويقبلهما إذا رآهما، وكان يحب أمهما فاطمة- رضى الله عنها-، ويفرح برؤيتها، ويقول لها: (مرحبًا بابنتي)، ويقبلها ويجلسها إلى جواره.
227
مشورة فى بدر
خرجت قريش لغزو المدينة بعد أن حاول المسلمون مهاجمة قافلتهم التجارية القادمة من الشام.فلما علم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك استشار أصحابه من المهاجرين والأنصار فى الخروج لمحاربة قريش، فتكلم من المهاجرين المقداد بن عمرو - رضى الله عنه -فقال:يا رسول الله، امضِ لما أمرك الله فنحن معك.ولكن النبى صلى الله عليه وسلم ظل ينظر إلى القوم ويقول: (أشيروا عليّ أيها الناس).
فتكلم من الأنصار سعد بن معاذ - رضى الله عنه -فقال:والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم :(أجل).فقال سعد:لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ لما أردت فنحن معك، فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.فسر الرسول صلى الله عليه وسلم بقول سعد، وخرج المسلمون لملاقاة المشركين فى بدر، وتحقق لهم النصر.
228
مشورة فى أحد
خرج المشركون فى جيش قوى للثأر من هزيمتهم فى بدر، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك رأى أن يقيم بالمدينة، ويتخذها حصنًا يدافع منه المسلمون عن أنفسهم، فأشار عليه أناس لم يشهدوا موقعة بدر قائلين:اخرج بنا يا رسول الله إليهم، نقاتلهم بأُحد، ونرجو أن نصيب من الفضيلة ما أصاب أهل بدر.
وظل هؤلاء يحثون النبى صلى الله عليه وسلم على الخروج، حتى لبس أداة القتال، فلما لبسها ندموا، وقالوا: يا رسول الله، أقم فالرأى رأيك.
فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم :(ما ينبغى لنبى أن يضع أداته بعد أن لبسها؛حتى يحكم الله بينه وبين عدوه).
وخرج صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون لملاقاة المشركين عند أحد، وانتصر المسلمون على المشركين فى البداية، ولكنهم انهزموا حين خالف الرماة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فتركوا أماكنهم ونزلوا لجمع الغنائم.
229
اختبار فى الحلم
كان أبو ذر الغفاري- رضى الله عنه-واقفًا على بئر ماء ليشرب، فرآه قوم، فأرادوا أن يختبروا حلمه وقوة تحمله، فأرسلوا إليه أحدهم ليثير غضبه؛ لينظروا ماذا يفعل معه.
فذهب أحدهم إلى أبى ذر- رضى الله عنه- عند البئر، ودفعه بشدة، فنظر إليه أبو ذر- رضى الله عنه-فى غيظ، ولم يكلمه، وإنما جلس على الأرض، ثم رقد على جنبه، فقالوا له: لم جلستَ ثم اضطجعتَ؟!
فقال أبو ذر- رضى الله عنه-: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلسْ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:45
230
القوة الحقيقية
رُوى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسير ذات يوم مع أصحابه، فمروا على أناس أمامهم حجرٌ كبيرٌ، وكل واحد منهم يُظهر قوته وشدته فيرفع ذلك الحجر عن الأرض على ذارعيه ثم يضعه مرة ثانية.فسأل الرسولُ صلى الله عليه وسلم: (ما يصنع هؤلاء؟).
فأخبره الصحابة أن هؤلاء الناس يُظهرون قوتهم وشدتهم برفع الحجر عن الأرض .
فقال صلى الله عليه وسلم: (أفلا أدلكم على من هو أشد منهم؟ الذى يملك نفسه عند الغضب).
وقال صلى الله عليه وسلم : (ليس الشديد بالصُّرْعة (القوة فى مغالبة الرجال)، ولكنَّ الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب).
231
شعر وحلم
كان معن بن زائدة أميرًا على العراق، وكان مشهورًا بالحلم الشديد، فذهب إليه أعرابى يختبر حلمه، فلما دخل الأعرابى على معن قال له: أتذكر إذ لحـافـك جلـد شـاةٍ وإذ نعـلاك من جـلد الـبعـيرِ؟ فسبحـان الـذى أعطـاك مُلْكًا وعلَّمكَ الجلوسَ على السـريرِ
فلستُ مسلِّمًا إن عشتُ دهرًا علـى مـعـنٍ بتسـلـيـم الأميـرِ
سأرحلُ عن بلادٍ أنـت فــيها ولو جـارَ الزمانُ على الفـقيرِ
فلم يغضب مَعن، وأعطى الأعرابى مالا يستعين به على سفره، فقال الأعرابى:
قـلـيـلٌ ما أتـيـتَ بــه وإنـى لأطمعُ مــنك بالمـــال الكثيرِ
فزاد معن فى عطائه، فقال الأعرابى: أيها الأمير، ما جئتُ إلا مختبرًا حلمك؛ لما بلغنى عنه، فقد جمع الله فيك ما لو قُسِّم على أهل الأرض لكفاهم، ثم خرج الأعرابى وهو يقول: ما رأيت أحلم من معن بن زائدة.
232
الحلم العظيم
كان الأحنف بن قيس مشهورًا بحلمه الشديد، فسأله رجل: ممن تعلمتَ الحلم؟
فقال الأحنف: من قيس بن عاصم المنقرى، فقد رأيتُه قاعدًا بفناء داره يُحدِّثُ قومه، فجاءوا إليه برجلين، أحدهما مقتول، والآخر مربوط اليدين، وقالوا له: هذا ابن أخيك قَتَل ابنك.فوالله، ما قام قيسٌ من مكانه، ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه، وقال له: يابن أخى، أثمتَ (ارتكبتَ إثمًا) بربك، ورميتَ نفسك بسهمك، وقتلتَ ابن عمك.
ثم نظر إلى ابنٍ آخر له، وأمره أن يدفن أخاه، وأن يَفُكَّ قيد ابن عمه، ويعطى أم المقتول مائة ناقة دية من ماله.الحلم العظيم
كان الأحنف بن قيس مشهورًا بحلمه الشديد، فسأله رجل: ممن تعلمتَ الحلم؟
فقال الأحنف: من قيس بن عاصم المنقرى، فقد رأيتُه قاعدًا بفناء داره يُحدِّثُ قومه، فجاءوا إليه برجلين، أحدهما مقتول، والآخر مربوط اليدين، وقالوا له: هذا ابن أخيك قَتَل ابنك.فوالله، ما قام قيسٌ من مكانه، ولا قطع كلامه، ثم التفت إلى ابن أخيه، وقال له: يابن أخى، أثمتَ (ارتكبتَ إثمًا) بربك، ورميتَ نفسك بسهمك، وقتلتَ ابن عمك.
ثم نظر إلى ابنٍ آخر له، وأمره أن يدفن أخاه، وأن يَفُكَّ قيد ابن عمه، ويعطى أم المقتول مائة ناقة دية من ماله.
233
الأعمى والأغنام
أنزل الله مَلَكًا إلي رجل أعمي من بني إسرائيل ليمتحنه،فقال له:أي شيءٍ أحب إليك؟ فقال الأعم:أن يرُدَّ الله إلي بصري.
فوضع الملك يده علي عين الرجل،فأذهب الله عماه،وأصبح مبصرًا.ثم قال له الملك:فأي المال أحب إليك؟قال الرجل:الغنم.فأعطاه شاة وولدها.وبعد عدة سنوات،ازداد نسل هذه الشاة،وأصبح عنده أغنام كثيرة.
وعندئذ جاء الملك إليه في صورة رجل أعمي مسكين لا مال لديه،ولا طعام معه،ويريد أن يسافر إلي بلده،وطلب إليه أن يعطيه ما يعينه في سفره.فقال الرجل:قد كنتُ أعمي فرد الله بصري،فَخُذْ ما شئت،وَدَعْ ما شئت.فقال الملك: قد رضي الله عنك.وأخبره بقصة الأبرص والأقرع،وبأن الله امتحنهم،ليري هل يشكرونه علي ما أنعم به عليهم أم لا يشكرونه.
*هذه القصة مأخوذة من حديث صحيح متفق عليه .
234
شكر الأنبياء
كان نبي الله سليمان صلى الله عليه وسلم يعرف لغة الطير والحيوان.فذات يوم،كان يسير بجنوده،فمرَّ بوادي النمل،فسمع نملة تقول لأخواتها:يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون.فلما سمع ذلك،رفع يديه وقال:ربِِّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
وجاءه الهدهد يومًا فأخبره أن الناس في مملكة سبأ يعبدون الشمس،فأرسل سليمان صلى الله عليه وسلم إليهم يدعوهم إلي عبادة الله،فأطاعوه وخرجوا إليه مستسلمين.فطلب إلي أعوانه إحضار عرش ملكة سبأ،فأحضروه عنده في لمح البصر،فلما نظر إليه توجَّه إلي الله شاكرًا:قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم.
235
حلم وعفو
ذات يوم، حدث خلاف بين الحسن بن الحسن ابن علىّـ بن أبى طالب وابن عمه على بن الحسين -رحمهما الله-وتخاصما، فقال الحسن لعلىِّ كلامًا شديدًا، فلم يرد علىٌّ بشىء، وظلَّ متماسكًا حليمًا، ثم ذهب الحسن إلى بيته، وترك عليَّا.
وفى الليل، ذهب علىٌّ إلى دار الحسن، فخرج الحسن إليه، فقال علىٌّ: يا بن عمى، إن كنتَ صادقًا فغفر الله لى، وإن كنتَ كاذبًا فغفر الله لك.
فأسرع الحسنُ نحو علىِّ وهو يبكى، وظل يُقَبِّله، ويطلب منه العفو.
236
هل أديتُ شكرها ؟
يروي أن رجلا جاء إلي النبى صلى الله عليه وسلم ،وأخبره بأنه حمل أمه علي عنقه مسافة طويلة في الصحراء، وكانت الرمال ملتهبة من حرارة الشمس،لو ألقيت فيها قطعة من اللحم لنضجت في الحال، وتساءل إذا كان بذلك قد شكر أمه علي ما قدمتْ إليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم :(لعله أن يكون لطلقة واحدة) (أي أن ما فعله لأمه قد يساوي مقدار جزء بسيط مما عانته أمه من الآلام أثناء ولادته).
فالوالدان لهما فضل كبير علينا،وبخاصَّة الأم، التي تحملت الآلام والمتاعب من أجلنا،وعلينا أن نحرص علي شكرها،ومن لا يشكر والديه لا يشكر ربه.قال تعالي:(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير).
237
الله أشكر
يحكي أن أعرابيا حمل أمه علي ظهره،وطاف بها حول الكعبة،وهو يقول:
أنا مطيتها لا أنْفِــــــــــــرُ
وإذا الركاب ذَعَرَتْ لا أَذْعَرُ
وما حملتني وأرضعتني أَكْثَرُ
ثم يقول:لبيك اللهم لبيك..لبيك اللهم لبيك
وظل يردد هذا القول مرات فرآه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ـرضي اللهُ عنهماـ.
فقال علي:يا أبا حفص ادخل بنا الطواف لعل الرحمة تنزل فتعمنا (يقصد:تنزل الرحمة علي الرجل البار بأمه).فدخلا يطوفان مع الرجل وهو يردد الكلمات السابقة.
فقال له الإمام علي-رضي الله عنه-:
إن تبرها فالله أشكر
يجزيك بالقليل أكثر
238
سؤال وجواب
ذات ليلة، خرج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-يطمئن على أحوال الناس، وكان معه أحد رجال الشرطة.
فدخل عمر المسجد ومعه الشرطى، وكان المكان مظلمًا، فتعثر أمير المؤمنين فى قدم رجل نائم، فرفع الرجل رأسه وقال له: أمجنون أنت؟
فقال عمر-رحمه الله-: لا.
فأراد الشرطى أن يضرب الرجل، فمنعه عمر من ذلك، وقال له: لا تفعل، إنما سألنى أمجنون أنت؟فأجبتُ: لا.
239
الملك والشيطان
ذات يوم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس مع صحابته، وفيهم أب وبكر الصديق- رضى الله عنه-، فجاء رجل وأخذ يسبُّ أبا بكر ويشتمه ، فلم يرد عليه أبو بكر، فزاد الرجل فى سبِّه، وأبو بكر ساكت، فلما أكثر الرجل من السب والشتم رد عليه أبو بكر بعض قوله، فترك الرسول صلى الله عليه وسلم المجلس، وقام كأنه كره ذلك.
فخرج أبو بكر- رضى الله عنه-خلف الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لحق به، فقال له: يا رسول الله، كان يشتمنى وأنت جالس، فلما رددتُ عليه بعض قوله غضبتَ وقمتَ، فهل غضبتَ علىَّ يا رسول الله؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (إنه كان معك مَلَك يرد عنك، فلما رددتَ عليه بعض قوله وقع (جاء) الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان)، ثم قال صلى الله عليه وسلم : (ما من عبد ظُلِم بمظلمة فيُغْضِى عنها (يسكت عنها، ويصبر عليها) لله -عز وجل-إلا أعز الله بها نصره).الملك والشيطان
ذات يوم، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس مع صحابته، وفيهم أبو بكر الصديق- رضى الله عنه-، فجاء رجل وأخذ يسبُّ أبا بكر ويشتمه، فلم يرد عليه أبو بكر، فزاد الرجل فى سبِّه، وأبو بكر ساكت، فلما أكثر الرجل من السب والشتم رد عليه أبو بكر بعض قوله، فترك الرسول صلى الله عليه وسلم المجلس، وقام كأنه كره ذلك.
فخرج أبو بكر- رضى الله عنه-خلف الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لحق به، فقال له: يا رسول الله، كان يشتمنى وأنت جالس، فلما رددتُ عليه بعض قوله غضبتَ وقمتَ، فهل غضبتَ علىَّ يا رسول الله؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (إنه كان معك مَلَك يرد عنك، فلما رددتَ عليه بعض قوله وقع (جاء) الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان)، ثم قال صلى الله عليه وسلم : (ما من عبد ظُلِم بمظلمة فيُغْضِى عنها (يسكت عنها، ويصبر عليها) لله -عز وجل-إلا أعز الله بها نصره).
240
نار الغضب
كان عروة بن محمد السعدى-رحمه الله- رجلا صالحًا من التابعين.وفى يوم من الأيام، كان يتحدث مع الناس، فقام إليه واحد منهم، وكلمه كلامًا قبيحًا، فغضب عروة حتى احمرَّ وجهه.
ولم يَرُدَّ عروة على الكلام القبيح بكلام قبيح مثله، بل صبر وتحلى بالحلم والأناة، وترك المجلس، وذهب فتوضأ، ثم رجع ثانية إلى المجلس وقد هدأ، وذهب عنه الغضب.
ثم قال لمن حوله: حدثنى أبى عن جدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تُطفَأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ).
241 حلم وعطاء
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس فى يوم من الأيام مع صحابته، فلما قام من مجلسه جاء أعرابى معه جملان، وأمسك النبىَّ صلى الله عليه وسلم من ثوبه، وجذبه حتى احمرَّت رقبته، وطلب منه أن يعطيه حِمْلَ بعير من الشعير، وحمل بعير من التمر، ثم قال له: فإنك لا تحمل لى من مالك ولا من مال أبيك.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (لا، وأستغفرُ الله.لا، وأستغفرُ الله.لا، وأستغفرُ الله.لا أحمل لك حتى تُقِيدَنى من جَبْذَتك التى جَبَذْتنى (أى تجعلنى أمسكك وأجذبك، مثلما فعلت معى)).فرفض الأعرابى.
فأراد الصحابة أن يضربوا الرجل فمنعهم صلى الله عليه وسلم ونادى رجلا، وأمره أن يعطى الأعرابى حمل بعير من الشعير، وحمل بعير من التمر.
ثم التفت صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة، وقال لهم: (انصرفوا على بركة الله -تعالى-).

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:45
242
حلم مع الصغير
كان أنس بن مالك- رضى الله عنه-وهو صبىٌّ صغير يخدم النبى صلى الله عليه وسلم .
وذات يوم، أرسله صلى الله عليه وسلم ليقضى له حاجة، فذهب أنس، وفى الطريق وجد بعض الصبيان يلعبون فى السوق، فوقف يلعب معهم، ونسى أن يذهب إلى حيث أمره الرسول صلى الله عليه وسلم .
فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السوق فوجد أَنَسًا يلعب مع الصبيان، فأمسك برقبته من الخلف، وابتسم له، ثم قال: (ياأُنَيْس، اذهب حيث أمرتُك).
فقال أنس: سأذهب يا رسول الله.
فكان أنس- رضى الله عنه-يقول خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع سنين أو تسع سنين، ما علمت قال لشىء صنعتُ لم فعلتَ كذا وكذا، ولا لشىء تركتُ هلا فعلتَ كذا وكذا.
243
حلم وعدل
انتصر المسلمون فى إحدى الغزوات، وجمعوا كثيرًا من الغنائم، وجلس الرسول صلى الله عليه وسلم بين صحابته يوزع عليهم هذه الغنائم، فجاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال له فى شدة وغلظة: يا رسول الله، اعدل.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم شديد الحلم والرفق بالناس، فسكت صلى الله عليه وسلم ولم يرد على الرجل.
فقال الأعرابى مرة ثانية: اعدل يا رسول الله.
فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (ويلك، فمن يعدل إذا لم أعدل؟!).
فقام بعض الناس إلى الرجل يريدون ضربه، فمنعهم صلى الله عليه وسلم .
245
حلم حتى النهاية
كان الأحنف بن قيس من سادات العرب وزعمائهم، وقد اشتهر بحلمه الشديد.ويحكى أن رجلا شتمه فلم يرد عليه، وتركه ومشى فى طريقه.
فأصرَّ الرجل على المشى وراء الأحنف، وازداد فى سبِّه وشَتْمِه، والأحنف لا يرد عليه.
فلما اقترب الأحنف من الحى الذى يعيش فيه وقف والتفتَ إلى الرجل، ثم قال له: إن كان قد بقى فى نفسك شىء فقله قبل أن يسمعك فتيان الحى من قومى فيؤذوك، ونحن لا نحب الانتصار لأنفسنا.فظهر الخجل على وجه الرجل، ورجع نادمًا على ما كان منه.
246
الشاة المسمومة
دبَّر اليهود مؤامرة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذبحتْ امرأة منهم شاة وطبختها، ووضعت فيها السم، ثم أرسلتها إلى النبى صلى الله عليه وسلم ؛ فقبلها لأنه كان لا يرد الهدية.
فلما بدأ النبى صلى الله عليه وسلم الأكل منها عرف أنها مسمومة، فأمر صلى الله عليه وسلم بإحضار المرأة اليهودية، فلما حضرت المرأة سألها عن سبب فَعْلَتها.
فقالت: أردتُ قَتْلَك.
فقال صلى الله عليه وسلم : (ما كان الله ليسلطك على ذلك (أى: لن يمكِّنك الله من قتلى)).ثم عفَا عنها.
247
حلم فى المسجد
ذات يوم، دخل رجل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم ذهب إلى أحد جوانب المسجد ووقف يبول، فرآه الصحابة- رضى الله عنهم-فصاحوا به، وحاولوا أن يمنعوه، فطلب منهم الرسول صلى الله عليه وسلم عدم إيذاء الرجل، وقال لهم: (دعوه).
ثم أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصبوا الماء على المكان الذى بال فيه الرجل حتى يطهر، وقال لهم: (إنما بُعِثْتُم مُيَسِّرين، ولم تُبْعَثوا مُعَسِّرين).
ثم نادى صلى الله عليه وسلم الرجل، وقال له فى رفق ولين: (إن هذه المساجد لا تصلح لشىء من هذا البول والقَذَر، إنما هى لذكر الله-تعالى-، والصلاة، وقراءة القرآن).
248
حياء الأنبياء
عندما يُحْشَر الناس عند ربهم يوم القيامة، فإن المؤمنين يبحثون عمن يشفع لهم عند الله.فيذهبون إلي آدم صلي الله عليه وسلم فيقولون له:اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا ويقضي بيننا.فيتذكر أنه أكل من الشجرة وقد نُهي عن ذلك، فيقول لهم:(لستُ لها).
فيذهبون إلي نوح صلي الله عليه وسلم فيتذكر دعوته علي قومه، وأنه سأل الله ما ليس له به علم، فيستحيي ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي إبراهيم صلي الله عليه وسلم فيستحيي من الله، ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي موسوى صلي الله عليه وسلم فيستحيي من ربه، ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي عيسي صلي الله عليه وسلم فيقول لهم كما قال آدم.
فيذهبون إلي النبي صلي الله عليه وسلم فيقول:( أنا لها .. أنا لها) فيستأذن من الله -عز وجل-في الشفاعة فيأذن له، فيسجد النبي صلي الله عليه وسلم تحت العرش، فيُقال للنبي صلي الله عليه وسلم :(ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع).
فيظل النبي صلي الله عليه وسلم يشفع للمؤمنين ويسجد حتى لا يبقي في النار إلا من وجب عليه الخلود فيها.

249
حياء صحابية
رُوي أن الصحابية الجليلة أم خلاد-رضي الله عنها-علمت أن ابنها قُتل في المعركة، فذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم تسأله عن حال ابنها، وكانت أم خلاد -رضي الله عنها-تضع علي وجهها نقابًا.
فلما رآها الناس تعجبوا من أنها لم تكشف شعرها، ولم تلطم وجهها، ولم تفعل ما يفعل النساء، بل جاءت متنقبة محتشمة رغم المصيبة الشديدة التي حدثت لها، فقال لها أحد الناس:جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة؟!.
فقالت أم خلاد-رضي الله عنها-:إن أُرزأ ابني، فلن أرزأ حيائي.أي أنني إن كنت فقدت ولدي فلم أفقد حيائي.
250
الأقرع والبقر
أنزل الله -تعالي- مَلَكًا إلي رجل أقرع من بني إسرائيل ليمتحنه،فقال له:أي شيءٍ أحب إليك؟ فقال الأقرع:شَعْرٌ حسن.فمسحه الملك،فشُفي من القراع بأمر الله -تعالي-،وأصبح له شعر ناعم الملمس،جميل اللون.ثم قال له الملك:أي المال أحب إليك؟ فقال:البقر.فأعطاه الملك بقرة حاملا، وعندما ولدت بارك الله -تعالي- في نسلها حتى صار له قطيع كبير من البقر.
وبعد مدة جاء الملك إليه في صورة رجل أقرع مسكين لا مال لديه،ولا طعام معه،ويريد أن يسافر إلي بلده،وطلب إليه أن يعطيه ما يستعين به في سفره.فرفض ولم يعطه شيئًا.فقال له الملك:كأني أعرفك،ألم تكن أقرع فقيرًا فأغناك الله؟فقال الأقرع:لقد ورثتُ هذا المال.فقال الملك:إن كنتَ كاذبًا صَيرك الله إلي ما كنت عليه. فعاد الرجل أقرعَ وفقيرًا كما كان؛لأنه لم يشكر ربه.
*هذه القصة مأخوذة من حديث صحيح متفق عليه .
252
فتية لا يستحون
خرج الصحابي عبد الله بن الحارث-رضي الله عنه-ومعه أحد أصحابه يومًا من البيت.وبينما هم يسيرون إذ وجدوا فتية من قريش، قد خلعوا ثيابهم وأصبحوا عراة.ولف كل واحد منهم ثوبه علي شكل حبل، وأخذ يضرب بعضهم بعضًا، ويضحكون ويمزحون.فلما رأوا عبد الله وصاحبه-رضي الله عنهما-لم يهتموا بهما وظلوا علي حالهم دون حياء أو خجل.
ثم مرَّ بهم رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فلما رأوه تفرقوا وأسرع كل واحد منهم ليختبئ حتى لا يراه النبي صلي الله عليه وسلم ، فغضب النبي صلي الله عليه وسلم ودخل بيته وهو يقول:(سبحان الله، لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا).
وكانت أم أيمن-رضي الله عنها-جالسة تري الغضب علي وجه الرسول صلي الله عليه وسلم ، فقالت له:استغفر لهم يا رسول الله.فلم يشأ أن يستغفر لهم؛لقلة حيائهم، إلا بعد إلحاح شديد من أم أيمن-رضي الله عنها-.
253
صمت وحياء
سمعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-الرسول صلي الله عليه وسلم يقول:(البكر تُستأذن(أي:يأخذ ولي أمرها رأيها عند زواجها))، فأدركت أن هذا القول يحتاج إلي توضيح وتفصيل؛فهي تعلم أن الفتاة البكر تستحي أن تذكر موافقتها صراحة في أمر زواجها، وعندما يُعْرَض عليها هذا الأمر فإنها تسكت ولا تجيب، حياءً وخجلا.
فقالت السيدة عائشة-رضي الله عنها-للرسول صلي الله عليه وسلم : إن البكر تستحي.
فقال صلي الله عليه وسلم :(رضاها صمتها)، وبذلك حفظ الرسول صلي الله عليه وسلم لكل فتاة حياءها، وجَنَّبَها مشقة الإفصاح عن الموافقة علي الزواج صراحة.
254
الحياء من الإيمان
ذات يوم، كان الرسول صلي الله عليه وسلم يسير في إحدى طرقات المدينة، فوجد رجلا من الأنصار يعاتب أخاه، ويلومه علي كثرة حيائه الشديد، ويوصيه أن يقلل من حيائه، ولا يظهره للناس حتى لا يطمعوا فيه.
فأراد الرسول صلي الله عليه وسلم أن يوضح للأنصاري أن التحلي بالحياء ليس عيبًا، فالحياء زينة للمؤمن، وفيه الخير له، فقال صلي الله عليه وسلم للرجل:(دعه، فإن الحياء من الإيمان).
255
حياء الرسول صلي الله عليه وسلم
عندما تزوج النبي صلي الله عليه وسلم السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها-صنع طعامًا كثيرًا، ثم دعا الناس ليأكلوا، فذهبوا إلي وليمة النبي صلي الله عليه وسلم فأكلوا، ثم خرجوا وبقي ثلاثة لم يخرجوا، وزينب جالسة في جانب من البيت تنتظر رسول الله صلي الله عليه وسلم .فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم ووجد هؤلاء جالسين يتحدثون استحيا منهم وخرج.
وبعد مدة دخل فوجدهم كذلك، فاستحيا وخرج، وتكرر ذلك الأمر مرات.فذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي حجرة السيدة عائشة-رضي الله عنها-فجلس فيها، فلما علم بخروجهم دخل علي زينب-رضي الله عنها-، فأنزل الله -عزوجل-قرآن يعلم فيه المسلمين الأدب مع الرسول صلي الله عليه وسلم بخاصة، ومع جميع الناس بعامة، إذا دعوا إلي طعام، فقال تعالي:يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعامٍ غير ناظرين إناه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا، فإذا طَعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث، إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق.
256
حياء الزوجة
ذات يوم، كانت أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنها-تسير في الطريق وهي تحمل النوى علي رأسها، فقابلها الرسول صلي الله عليه وسلم راكبًا ناقته ومعه أصحابه.فلما رآها أشفق عليها، فأخذ يقول لناقته:(إخْ.إخْ)لتركب أسماء-رضي الله عنها-خلفه.
فاستحيت أسماء أن تسير مع الرجال.وتذكرت غيرة زوجها الزبير بن العوام-رضي الله عنه- فرفضت أن تركب، وكان الزبير معروفًا بغيرته الشديدة، فعرف رسول الله صلي الله عليه وسلم أنها قد استحيت، فتركها وانصرف مع أصحابه.
ومشت أسماء والنوى علي رأسها حتى وصلت إلي بيتها، فحكت لزوجها ما حدث، فقال الزبير -رضي الله عنه-شفقة بها:والله لحملك النوى علي رأسك أشد عليَّ من ركوبك معه.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:46
242
حلم مع الصغير
كان أنس بن مالك- رضى الله عنه-وهو صبىٌّ صغير يخدم النبى صلى الله عليه وسلم .
وذات يوم، أرسله صلى الله عليه وسلم ليقضى له حاجة، فذهب أنس، وفى الطريق وجد بعض الصبيان يلعبون فى السوق، فوقف يلعب معهم، ونسى أن يذهب إلى حيث أمره الرسول صلى الله عليه وسلم .
فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السوق فوجد أَنَسًا يلعب مع الصبيان، فأمسك برقبته من الخلف، وابتسم له، ثم قال: (ياأُنَيْس، اذهب حيث أمرتُك).
فقال أنس: سأذهب يا رسول الله.
فكان أنس- رضى الله عنه-يقول خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع سنين أو تسع سنين، ما علمت قال لشىء صنعتُ لم فعلتَ كذا وكذا، ولا لشىء تركتُ هلا فعلتَ كذا وكذا.
243
حلم وعدل
انتصر المسلمون فى إحدى الغزوات، وجمعوا كثيرًا من الغنائم، وجلس الرسول صلى الله عليه وسلم بين صحابته يوزع عليهم هذه الغنائم، فجاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وقال له فى شدة وغلظة: يا رسول الله، اعدل.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم شديد الحلم والرفق بالناس، فسكت صلى الله عليه وسلم ولم يرد على الرجل.
فقال الأعرابى مرة ثانية: اعدل يا رسول الله.
فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (ويلك، فمن يعدل إذا لم أعدل؟!).
فقام بعض الناس إلى الرجل يريدون ضربه، فمنعهم صلى الله عليه وسلم .
245
حلم حتى النهاية
كان الأحنف بن قيس من سادات العرب وزعمائهم، وقد اشتهر بحلمه الشديد.ويحكى أن رجلا شتمه فلم يرد عليه، وتركه ومشى فى طريقه.
فأصرَّ الرجل على المشى وراء الأحنف، وازداد فى سبِّه وشَتْمِه، والأحنف لا يرد عليه.
فلما اقترب الأحنف من الحى الذى يعيش فيه وقف والتفتَ إلى الرجل، ثم قال له: إن كان قد بقى فى نفسك شىء فقله قبل أن يسمعك فتيان الحى من قومى فيؤذوك، ونحن لا نحب الانتصار لأنفسنا.فظهر الخجل على وجه الرجل، ورجع نادمًا على ما كان منه.
246
الشاة المسمومة
دبَّر اليهود مؤامرة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذبحتْ امرأة منهم شاة وطبختها، ووضعت فيها السم، ثم أرسلتها إلى النبى صلى الله عليه وسلم ؛ فقبلها لأنه كان لا يرد الهدية.
فلما بدأ النبى صلى الله عليه وسلم الأكل منها عرف أنها مسمومة، فأمر صلى الله عليه وسلم بإحضار المرأة اليهودية، فلما حضرت المرأة سألها عن سبب فَعْلَتها.
فقالت: أردتُ قَتْلَك.
فقال صلى الله عليه وسلم : (ما كان الله ليسلطك على ذلك (أى: لن يمكِّنك الله من قتلى)).ثم عفَا عنها.
247
حلم فى المسجد
ذات يوم، دخل رجل مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم ذهب إلى أحد جوانب المسجد ووقف يبول، فرآه الصحابة- رضى الله عنهم-فصاحوا به، وحاولوا أن يمنعوه، فطلب منهم الرسول صلى الله عليه وسلم عدم إيذاء الرجل، وقال لهم: (دعوه).
ثم أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصبوا الماء على المكان الذى بال فيه الرجل حتى يطهر، وقال لهم: (إنما بُعِثْتُم مُيَسِّرين، ولم تُبْعَثوا مُعَسِّرين).
ثم نادى صلى الله عليه وسلم الرجل، وقال له فى رفق ولين: (إن هذه المساجد لا تصلح لشىء من هذا البول والقَذَر، إنما هى لذكر الله-تعالى-، والصلاة، وقراءة القرآن).
248
حياء الأنبياء
عندما يُحْشَر الناس عند ربهم يوم القيامة، فإن المؤمنين يبحثون عمن يشفع لهم عند الله.فيذهبون إلي آدم صلي الله عليه وسلم فيقولون له:اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا ويقضي بيننا.فيتذكر أنه أكل من الشجرة وقد نُهي عن ذلك، فيقول لهم:(لستُ لها).
فيذهبون إلي نوح صلي الله عليه وسلم فيتذكر دعوته علي قومه، وأنه سأل الله ما ليس له به علم، فيستحيي ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي إبراهيم صلي الله عليه وسلم فيستحيي من الله، ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي موسوى صلي الله عليه وسلم فيستحيي من ربه، ويقول لهم كما قال آدم.فيذهبون إلي عيسي صلي الله عليه وسلم فيقول لهم كما قال آدم.
فيذهبون إلي النبي صلي الله عليه وسلم فيقول:( أنا لها .. أنا لها) فيستأذن من الله -عز وجل-في الشفاعة فيأذن له، فيسجد النبي صلي الله عليه وسلم تحت العرش، فيُقال للنبي صلي الله عليه وسلم :(ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع).
فيظل النبي صلي الله عليه وسلم يشفع للمؤمنين ويسجد حتى لا يبقي في النار إلا من وجب عليه الخلود فيها.

249
حياء صحابية
رُوي أن الصحابية الجليلة أم خلاد-رضي الله عنها-علمت أن ابنها قُتل في المعركة، فذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم تسأله عن حال ابنها، وكانت أم خلاد -رضي الله عنها-تضع علي وجهها نقابًا.
فلما رآها الناس تعجبوا من أنها لم تكشف شعرها، ولم تلطم وجهها، ولم تفعل ما يفعل النساء، بل جاءت متنقبة محتشمة رغم المصيبة الشديدة التي حدثت لها، فقال لها أحد الناس:جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة؟!.
فقالت أم خلاد-رضي الله عنها-:إن أُرزأ ابني، فلن أرزأ حيائي.أي أنني إن كنت فقدت ولدي فلم أفقد حيائي.
250
الأقرع والبقر
أنزل الله -تعالي- مَلَكًا إلي رجل أقرع من بني إسرائيل ليمتحنه،فقال له:أي شيءٍ أحب إليك؟ فقال الأقرع:شَعْرٌ حسن.فمسحه الملك،فشُفي من القراع بأمر الله -تعالي-،وأصبح له شعر ناعم الملمس،جميل اللون.ثم قال له الملك:أي المال أحب إليك؟ فقال:البقر.فأعطاه الملك بقرة حاملا، وعندما ولدت بارك الله -تعالي- في نسلها حتى صار له قطيع كبير من البقر.
وبعد مدة جاء الملك إليه في صورة رجل أقرع مسكين لا مال لديه،ولا طعام معه،ويريد أن يسافر إلي بلده،وطلب إليه أن يعطيه ما يستعين به في سفره.فرفض ولم يعطه شيئًا.فقال له الملك:كأني أعرفك،ألم تكن أقرع فقيرًا فأغناك الله؟فقال الأقرع:لقد ورثتُ هذا المال.فقال الملك:إن كنتَ كاذبًا صَيرك الله إلي ما كنت عليه. فعاد الرجل أقرعَ وفقيرًا كما كان؛لأنه لم يشكر ربه.
*هذه القصة مأخوذة من حديث صحيح متفق عليه .

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:47
252
فتية لا يستحون
خرج الصحابي عبد الله بن الحارث-رضي الله عنه-ومعه أحد أصحابه يومًا من البيت.وبينما هم يسيرون إذ وجدوا فتية من قريش، قد خلعوا ثيابهم وأصبحوا عراة.ولف كل واحد منهم ثوبه علي شكل حبل، وأخذ يضرب بعضهم بعضًا، ويضحكون ويمزحون.فلما رأوا عبد الله وصاحبه-رضي الله عنهما-لم يهتموا بهما وظلوا علي حالهم دون حياء أو خجل.
ثم مرَّ بهم رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فلما رأوه تفرقوا وأسرع كل واحد منهم ليختبئ حتى لا يراه النبي صلي الله عليه وسلم ، فغضب النبي صلي الله عليه وسلم ودخل بيته وهو يقول:(سبحان الله، لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا).
وكانت أم أيمن-رضي الله عنها-جالسة تري الغضب علي وجه الرسول صلي الله عليه وسلم ، فقالت له:استغفر لهم يا رسول الله.فلم يشأ أن يستغفر لهم؛لقلة حيائهم، إلا بعد إلحاح شديد من أم أيمن-رضي الله عنها-.
253
صمت وحياء
سمعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-الرسول صلي الله عليه وسلم يقول:(البكر تُستأذن(أي:يأخذ ولي أمرها رأيها عند زواجها))، فأدركت أن هذا القول يحتاج إلي توضيح وتفصيل؛فهي تعلم أن الفتاة البكر تستحي أن تذكر موافقتها صراحة في أمر زواجها، وعندما يُعْرَض عليها هذا الأمر فإنها تسكت ولا تجيب، حياءً وخجلا.
فقالت السيدة عائشة-رضي الله عنها-للرسول صلي الله عليه وسلم : إن البكر تستحي.
فقال صلي الله عليه وسلم :(رضاها صمتها)، وبذلك حفظ الرسول صلي الله عليه وسلم لكل فتاة حياءها، وجَنَّبَها مشقة الإفصاح عن الموافقة علي الزواج صراحة.

253
صمت وحياء
سمعت السيدة عائشة-رضي الله عنها-الرسول صلي الله عليه وسلم يقول:(البكر تُستأذن(أي:يأخذ ولي أمرها رأيها عند زواجها))، فأدركت أن هذا القول يحتاج إلي توضيح وتفصيل؛فهي تعلم أن الفتاة البكر تستحي أن تذكر موافقتها صراحة في أمر زواجها، وعندما يُعْرَض عليها هذا الأمر فإنها تسكت ولا تجيب، حياءً وخجلا.
فقالت السيدة عائشة-رضي الله عنها-للرسول صلي الله عليه وسلم : إن البكر تستحي.
فقال صلي الله عليه وسلم :(رضاها صمتها)، وبذلك حفظ الرسول صلي الله عليه وسلم لكل فتاة حياءها، وجَنَّبَها مشقة الإفصاح عن الموافقة علي الزواج صراحة.
254
الحياء من الإيمان
ذات يوم، كان الرسول صلي الله عليه وسلم يسير في إحدى طرقات المدينة، فوجد رجلا من الأنصار يعاتب أخاه، ويلومه علي كثرة حيائه الشديد، ويوصيه أن يقلل من حيائه، ولا يظهره للناس حتى لا يطمعوا فيه.
فأراد الرسول صلي الله عليه وسلم أن يوضح للأنصاري أن التحلي بالحياء ليس عيبًا، فالحياء زينة للمؤمن، وفيه الخير له، فقال صلي الله عليه وسلم للرجل:(دعه، فإن الحياء من الإيمان).
255
حياء الرسول صلي الله عليه وسلم
عندما تزوج النبي صلي الله عليه وسلم السيدة زينب بنت جحش -رضي الله عنها-صنع طعامًا كثيرًا، ثم دعا الناس ليأكلوا، فذهبوا إلي وليمة النبي صلي الله عليه وسلم فأكلوا، ثم خرجوا وبقي ثلاثة لم يخرجوا، وزينب جالسة في جانب من البيت تنتظر رسول الله صلي الله عليه وسلم .فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم ووجد هؤلاء جالسين يتحدثون استحيا منهم وخرج.
وبعد مدة دخل فوجدهم كذلك، فاستحيا وخرج، وتكرر ذلك الأمر مرات.فذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي حجرة السيدة عائشة-رضي الله عنها-فجلس فيها، فلما علم بخروجهم دخل علي زينب-رضي الله عنها-، فأنزل الله -عزوجل-قرآن يعلم فيه المسلمين الأدب مع الرسول صلي الله عليه وسلم بخاصة، ومع جميع الناس بعامة، إذا دعوا إلي طعام، فقال تعالي:يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعامٍ غير ناظرين إناه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا، فإذا طَعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث، إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق.
256
حياء الزوجة
ذات يوم، كانت أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنها-تسير في الطريق وهي تحمل النوى علي رأسها، فقابلها الرسول صلي الله عليه وسلم راكبًا ناقته ومعه أصحابه.فلما رآها أشفق عليها، فأخذ يقول لناقته:(إخْ.إخْ)لتركب أسماء-رضي الله عنها-خلفه.
فاستحيت أسماء أن تسير مع الرجال.وتذكرت غيرة زوجها الزبير بن العوام-رضي الله عنه- فرفضت أن تركب، وكان الزبير معروفًا بغيرته الشديدة، فعرف رسول الله صلي الله عليه وسلم أنها قد استحيت، فتركها وانصرف مع أصحابه.
ومشت أسماء والنوى علي رأسها حتى وصلت إلي بيتها، فحكت لزوجها ما حدث، فقال الزبير -رضي الله عنه-شفقة بها:والله لحملك النوى علي رأسك أشد عليَّ من ركوبك معه.
257
حياء المرأتين
حول بئر ماء في أرض مدين، وجد موسوى صلي الله عليه وسلم الناس يتزاحمون؛ليسقوا أنعامهم وماشيتهم، ووجد امرأتين تمنعان غنمهما من الذهاب إلي الماء.فتعجب مما رأي، وعلم أن هناك سببًا قويَّا يجعل المرأتين تفعلان ذلك.
وسأل موسوى صلي الله عليه وسلم المرأتين عن السبب، فعرف منهما أن أباهما شيخ كبير لا يقوي علي السقي لهما، وأنهما إن يصبرا حتى ينتهي الرجال خير لهما من مزاحمتهم وأكرم.فسقي لهما موسوى صلي الله عليه وسلم ، ثم ذهب إلي شجرة قريبة، وجلس يستريح تحتها.
وبينما هو جالس إذا بإحدى المرأتين تأتي إليه وهي تمشي علي استحياء، مشية الفتاة العفيفة، وقالت له:إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا.
فيذهب موسوى صلي الله عليه وسلم إلي أبيها، فيجده شيخًا حكيمًا طيبًا، فيحكي له عن سبب خروجه من مصر إلي أرض مدين، فيطمئنه الشيخ ويستضيفه، ويزوجه إحدى ابنتيه وأشدهما حياء، تلك التي جاءته تدعوه إلي لقاء أبيها.
258
حياء من الله
لما عُرِج برسول الله صلي الله عليه وسلم إلي السماء، فرض الله -سبحانه-عليه وعلي أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة.وفي طريق العودة مر النبي صلي الله عليه وسلم علي موسوى صلي الله عليه وسلم في السماء السادسة، فقال له موسوى صلي الله عليه وسلم :(ما فرض الله لك علي أمتك؟).
قال النبي صلي الله عليه وسلم :(فرض خمسين صلاة).
قال موسوى صلي الله عليه وسلم :(فارجع إلي ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك).
فرجع النبي صلي الله عليه وسلم إلي ربه -عز وجل-يسأله التخفيف، فأنقص الله منها عشرًا، فرجع إلي موسوى صلي الله عليه وسلم ، فطلب إليه موسوى صلي الله عليه وسلم أن يرجع إلي ربه يسأله التخفيف، وظل رسول الله صلي الله عليه وسلم يتردد بين ربه -عز وجل-وموسوى صلي الله عليه وسلم في سؤال التخفيف، حتى صارت الصلاة خمسًا في اليوم والليلة.فقال موسوى صلي الله عليه وسلم -أيضًا-:(راجع ربك).فقال النبي صلي الله عليه وسلم :(استحييت من ربي).وذلك من كثرة رجوعه إليه، خشية أن يكون قد ألح في طلب التخفيف.
259
الشجرة الطيبة
ذات يوم، كان النبي صلي الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه، فقال لهم:(إنَّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقُها، وإنها مَثَلُ المسلم، فحدثوني ما هي؟).
وكان عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-جالسًا، وكان أصغر الجالسين سنَّا، فعرف أنها النخلة، ولكنه وجد أبا بكر-رضي الله عنه-ساكتًا، ووجد أباه عمر ابن الخطاب-رضي الله عنه-ساكتًا، فاستحيا أن يتكلم.
وأخذ الناس يذكرون أنواعًا من أنواع الشجر، فلم يوافقهم الرسول صلي الله عليه وسلم فيما ذكروا، فقالوا:ما هي يا رسول الله؟ فقال صلي الله عليه وسلم :(هي النخلة).
فلما انتهي المجلس، وقام الصحابة، أخبر عبد الله -رضي الله عنه- أباه أنه كان يعرف أنها النخلة، فلما سأله عن سبب سكوته أخبره أنه استحيا أن يتكلم وهم ساكتون، فعاتبه عمر-رضي الله عنه-، وقال له: لأن تكون قلتها أحبَّ إليَّ من أن يكون لي حمر النَّعم (وهي نوع من الإبل العظيمة غالية الثمن).حقَّا إنه لا حياء في العلم.
260
حياء الجائع
كان أبو هريرة-رضي الله عنه-فقيرًا، وذات يوم اشتد عليه الجوع، فخرج إلي الطريق بحثًا عن طعام، فمر عليه أبو بكر-رضي الله عنه-فاستحيا أبو هريرة أن يخبره بجوعه الشديد، فسأله عن آية من كتاب الله فربما يستضيفه، فأجابه أبو بكر عن مسألته وانصرف.
ثم مرَّ عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله أبو هريرة عن الآية ربما يستضيفه، فأجابه عمر عن الآية وانصرف أيضًا.
ثم مرَّ عليه النبي صلي الله عليه وسلم فعرف ما في نفسه فأخذه إلي البيت، فوجد فيه قدحًا من لبن، فأمره صلي الله عليه وسلم أن يحضر باقي أهل الصفة من فقراء المسلمين الذين يسكنون المسجد، فحزن أبو هريرة خشية أن لا يتبقى له شيء إذا جاء أهل الصفة، ولكنه استحيا أن يخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك، فذهب إليهم، وجاء بهم، فأمره صلي الله عليه وسلم أن يعطيهم اللبن. فشرب أهل الصفة جميعًا.
ثم أخذ أبو هريرة القدح ولم يتبق فيه إلا القليل فتبسم صلي الله عليه وسلم وأمره أن يشرب فشرب حتى شبع تمامًا.
261
حياء من الموتى
لما مات النبي صلي الله عليه وسلم دُفِن في الحجرة التي قبضت روحه فيها، إذ الأنبياء-عليهم السلام-يُدفنون حيث تقبض أرواحهم، فكانت السيدة عائشة-رضي الله عنها- تدخل تلك الحجرة وهي متخففة من الثياب.
وعندما تُوفي أبوها الصديق-رضي الله عنه-ودُفِن مع الرسول صلي الله عليه وسلم في تلك الحجرة، ظلت السيدة عائشة -رضي الله عنها-تدخل متخففة من ثيابها، كما كانت تفعل قبل ذلك، وتقول:إنما هو زوجي، وهو أبي.
فلما دُفِن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-في نفس الحجرة مع الرسول صلي الله عليه وسلم وأبي بكر، تغير الحال، فمن ذلك اليوم كانت السيدة عائشة-رضي الله عنها-إذا دخلت تلك الحجرة لاتدخل إلا وهي محتشمة، وعليها حجابها، حياءً أن يظهر شيء من زينتها أمام رجل ليس من محارمها، حتى وإن كان ميتًا ومدفونًا في قبره، أو كان في مثل مكانة عمر-رضي الله عنه- عفة وأمانة وحياء.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:48
262
القلب الكبير
جاء أحد الأعراب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما وصل إلي المسجد نزل عن راحلته، وربطها.
ثم صلَّي الأعرابي خلف الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن فرغ من الصلاة، نادي بصوت مرتفع:اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا تشرك في رحمتنا أحدًا.
فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبين له أن رحمة الله واسعة، فقال له: (لقد حظرت (ضيقت) رحمة واسعة، إن الله خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جِنُّها وإنسُها وبهائمها، وعنده تسعة وتسعون).القلب الكبير
جاء أحد الأعراب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما وصل إلي المسجد نزل عن راحلته، وربطها.
ثم صلَّي الأعرابي خلف الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن فرغ من الصلاة، نادي بصوت مرتفع:اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا تشرك في رحمتنا أحدًا.
فأراد صلى الله عليه وسلم أن يبين له أن رحمة الله واسعة، فقال له: (لقد حظرت (ضيقت) رحمة واسعة، إن الله خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جِنُّها وإنسُها وبهائمها، وعنده تسعة وتسعون).
263
الرحماء
أرسلت إحدى بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه تخبره أن ابنًا لها مات، وتطلب إليه أن يأتي.
فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم من يقرئها السلام، ويقول لها: (إن لله ما أخذ وله ما أعطي، وكُلٌّ شيء عنده بأجل مُسَمَّي، فلتصبر ولتحتسب).
فأرسلت إليه صلى الله عليه وسلم مرة ثانية أن يأتي إليها.
فذهب صلى الله عليه وسلم إليها، وكان معه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وصحابة آخرون -رضي الله عنهم-.
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم حمل ابنها بين يديه، وفاضت عيناه بالدموع.
فقال سعد بن عبادة-رضي الله عنه-:يا رسول الله، ما هذا؟!
فقال صلى الله عليه وسلم : (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).
264
عودة الغائب
ذات يوم، كان القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي جالسًا في خيمته، فجاءته امرأة من غير المسلمين فمنعها الحراس من الدخول، فجلست علي مقربة من خيمته تبكي.فسمع صلاح الدين بكاءها، فأمر بإدخالها، فلما دخلت قالت:لقد أُُِسِر زوجي في الحرب، واختطف اللصوص ابني الصغير.
فتأثَّر صَلاَح الدين لحالها، ورق قلبه رحمة بها، فأمر بإخراج زوجها من بين الأسري، ثم أمر الجنود بالبحث عن ابنها.
فخرج الجنود يبحثون عن الغلام حتى وجدوه، فأحضروه إليها، ففرحت وأخذت تدعو لصلاح الدين بالخير والبركة، فأخبرها صلاح الدين بأن هذه هي أخلاق الإسلام، الذي يأمرنا أن نرحم الناس جميعًا. فقالت السيدة:ما أجمل دينكم هذا الذي يأمر بالرحمة ومساعدة الضعفاء!.
وأسلمت المرأة، وأسلم زوجها إعجابًا برحمة الإسلام وأبنائه.
265
الطفل الباكي
وسط صحراء جرداء لا زرع فيها ولا ماء، وقفت هاجر، وليس معها إلا الله وابنها الرضيع إسماعيل صلى الله عليه وسلم .
لقد نفد كل ما كان معها من الطعام والشراب، وطفلها الرضيع لا يكف عن البكاء من شدة الجوع والعطش.
واضطرب قلب هاجر شفقة علي ولدها الصغير، فراحت تجري وتصعد جبل الصفا، باحثة عن شيء تروي به عطش صغيرها، أو عسي أن تجد أحدًا يساعدها، ويمد لها يد العون، فلما لم تجد شيئًا عادت مسرعة نحو جبل المروة، وصعدته فلم تجد شيئًا، وظلت تتردد بين الصفا والمروة.
فلما رأي الله-تعالي-رحمتها بوليدها، وشفقتها عليه، أنزل عليهما رحمته، وفجَّر ماء زمزم عند قدم إسماعيل، وجاءت الأم فسقته حتى ارتوي، ثم شربت وحمدت ربها.
266
الرحمة باليتامى
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي بيت جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-وأخبرهم باستشهاده في غزوة مؤتة، فبكت زوجته أسماء بنت عميس-رضي الله عنها-وبكي أبناؤه عبد الله وعون ومحمد-رضي الله عنهم-. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم أبناء جعفر وضمهم إلي صدره وقبلهم، وبكي لبكائهم.
وفي اليوم الثالث، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلي أبناء جعفر، وطلب الحلاق، وأمره أن يحلق رءوسهم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتودد إليهم ويمسح علي رءوسهم، ويقول: (أمَّا محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عون فشبيه خَلْقي وخُلُقي)، وأمسك بيد عبد الله، ودعا له قائلا: (اللهم اخْلُف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه (تجارته)).
فما أعظم رحمة الإسلام باليتامى، وما أجل حرصه عليهم.الرحمة باليتامى
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي بيت جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-وأخبرهم باستشهاده في غزوة مؤتة، فبكت زوجته أسماء بنت عميس-رضي الله عنها-وبكي أبناؤه عبد الله وعون ومحمد-رضي الله عنهم-. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم أبناء جعفر وضمهم إلي صدره وقبلهم، وبكي لبكائهم.
وفي اليوم الثالث، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلي أبناء جعفر، وطلب الحلاق، وأمره أن يحلق رءوسهم.
وكان صلى الله عليه وسلم يتودد إليهم ويمسح علي رءوسهم، ويقول: (أمَّا محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عون فشبيه خَلْقي وخُلُقي)، وأمسك بيد عبد الله، ودعا له قائلا: (اللهم اخْلُف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه (تجارته)).
فما أعظم رحمة الإسلام باليتامى، وما أجل حرصه عليهم.
267
الرحمة بالدواب
ذات يوم، رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم منظرًا عجيبًا، رأي رجالا جالسين علي ظهور دوابهم ورواحلهم، يتحدثون فيما بينهم، ورأي الدواب وقوفًا كأن الرجال اتخذوها كراسي يجلسون عليها، فقال صلى الله عليه وسلم لهم: (اركبوها سالمة، ودعوها سالمة، ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فَرُبَّ مركوبة هي خير من راكبها، وأكثر ذكرًا لله-تبارك وتعالي-منه).
هكذا يحثنا الإسلام علي الرحمة بالحيوان، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (إذا سرتم في الخصب فأمكنوا الركاب أسنانها (أي:اتركوها تأكل حتى تقوي علي السير)).
وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد التصق ظهره ببطنه من شدة الجوع والجهد، فقال: (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة).
268
الجمل الباكي
في يوم من الأيام، دخل النبي صلى الله عليه وسلم حديقة، فوجد بها جملا، فلما رأي الجملُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بكي، وسالت الدموع من عينيه بغزارة.
فاقترب النبي صلى الله عليه وسلم من الجمل، ومسح بيديه الشريفتين خلف أُذُنه، فاطمأن الجمل، وتوقف عن البكاء.
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحب الجمل، فقال شاب من الأنصار:لي يا رسول الله.
فعاتبه الرسول صلى الله عليه وسلم علي قسوته، وأرشده إلي ضرورة الرحمة بالحيوان، وقال له: (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها، فإنه شكي إلي أنك تجيعه وتدئبه(أي:تُرهقه وتُتعبه في العمل، وتُحمله مالا يطيق، ولا تعطه حقه من الطعام والراحة).
269
حياء يمنع الكذب
ذهب أبو سفيان بن حرب ومعه بعض القرشيين إلي الشام للتجارة، فأرسل إليهم هرقل ملك الروم يطلب حضورهم، فلما جاءوا إليه، قال لهم:أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي(يقصد محمدًا رسول الله صلي الله عليه وسلم ) .فقال أبو سفيان:أنا أقربهم نسبًا.
فقال هرقل:أدنوه مني، واجعلوا أصحابه (القرشيين) خلفه، ثم قال لهم:إني سائل هذا الرجل (يقصد أبا سفيان)، فإن كذبني فكذبوه.
فقال أبو سفيان في نفسه:فوالله لولا الحياء أن يأثروا علي (يعهدوا عليَّ ويروا مني) كذبًا لكذبت.
فأخذ هرقل يسأله عن صفات النبي ونسبه وأصحابه ودعوته، فلا يقول أبو سفيان إلا الصدق، وقد منعه الحياء أن ينطق بكذبة واحدة أمام الناس، وهو يومئذ ما زال كافرًا، وقد أنعم الله عليه بالإسلام بعد ذلك.
270
الطائر الأسير
خرج جماعة من الأولاد ليلعبوا، فأحضر أحدهم طائرًا وربطه؛ليكون هدفًا يرمونه بسهامهم، واتفقوا علي أن السهام الطائشة تكون من نصيب صاحب الطائر.
واستعد الأولاد لبدء اللعب، فأعد كل واحد منهم نبله وسهامه، وتقدم أحدهم ووضع سهمه في قوسه، وركز نظره علي الطائر، ولما همَّ بإطلاق السهم، شاهد رفاقه يجرون خائفين، فنظر فرأي عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-فأسرع هو الآخر بالفرار، تاركًا الطائر مربوطًا في مكانه.
شاهد عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-الطائر مربوطًا، فأسرع نحوه، وحل قيده، وفك أسره، وأطلقه، ثم قال:لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غَرَضًا (هدفًا).
271
الفطام المبكر
علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أن جماعة من التجار جاءوا إلي المدينة، وأنهم مقيمون بالمسجد، فخرج ومعه عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-لحراسة التجار طوال الليل.
ووسط الليل سمع عمر بكاء صبي، فتوجه نحوه، وقال لأم الصبي:اتقي الله وأحسني إلي صبيك.ثم عاد إلي مكانه، وتكرر هذا الأمر مرة ثانية.وفي آخر الليل سمع عمر بكاء الطفل، فذهب إلي أمه، وقال لها:ويحك إني لأراك أم سَوْء، مالي أري ابنك لا َيقِر(لايهدأ).
فغضبت الأم من قوله-وهي لا تعرفه-وأخبرته أنها تستعجل فطام ابنها؛حتى يكون له نصيب مما يعطيه عُمَر للمسلمين من بيت المال؛فإن عمر لا يعطي الرضيع.
فتأثر عمر بما سمع، وبكي كثيرًا، حتى إن الناس لم تسمع قراءته في صلاة الفجر من شدة بكائه، ولما انتهي من الصلاة قال:يا بؤسًا لعمر، كم قتل من أولاد المسلمين، ثم أمر مناديا ينادي ألا لاتُعْجِلوا صبيانكم عن الفطام؛فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام.
272
اليمامة والفرخان
رأي الصحابة يومًا يمامة معها فرخان صغيران، فأسرعوا نحو الفرخين وأخذوهما، فأخذت اليمامة ترفرف فوق الصحابة، كأنها تستعطفهم كي يعطوها فرخيها.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي اليمامة ترفرف حول الصحابة، وقلبها يكاد ينخلع من الحزن علي فراق ولديها الصغيرين، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من فجع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها).
فأطلق الصحابة الفرخين لأمهما، فعادت بهما إلي العش فرحة مسرورة.
وهكذا الرحمة في الإسلام تشمل الكون كله، قال صلى الله عليه وسلم : (لن تؤمنوا حتى تراحموا).
قالوا:يا رسول الله، كلنا رحيم.قال: (إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة).اليمامة والفرخان
رأي الصحابة يومًا يمامة معها فرخان صغيران، فأسرعوا نحو الفرخين وأخذوهما، فأخذت اليمامة ترفرف فوق الصحابة، كأنها تستعطفهم كي يعطوها فرخيها.
وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي اليمامة ترفرف حول الصحابة، وقلبها يكاد ينخلع من الحزن علي فراق ولديها الصغيرين، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من فجع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها).
فأطلق الصحابة الفرخين لأمهما، فعادت بهما إلي العش فرحة مسرورة.
وهكذا الرحمة في الإسلام تشمل الكون كله، قال صلى الله عليه وسلم : (لن تؤمنوا حتى تراحموا).
قالوا:يا رسول الله، كلنا رحيم.قال: (إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة).

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:49
273
السؤال الصعب
ذات يوم، جلس أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-يفكر في شئون رعيته، فتذكر المسئوليات الكثيرة التي يجب أن يؤديها للناس، فبكي بكاءً شديدًا، ودخلت عليه زوجته فاطمة بنت عبد الملك، فرأته ويده علي خده، ودموعه تسيل من عينيه، فظنت أن شيئًا ما قد حدث، فسألته عما يبكيه.
فقال:يا فاطمة، إني تقلَّدتُ أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فتفكرتُ في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، والكبير، وذي العيال في أقطار الأرض، فعلمتُ أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم ، فخشيتُ ألا تثبت لي حجة عند خصومته، فرحمتُ نفسي، فبكيتُ.
لقد خشي أمير المؤمنين أن يُفَرِّط في حق من حقوق أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو يعجز عن القيام بما يجب عليه نحوها، فيتعرض للحساب الشديد من الله يوم القيامة فبكي شفقة علي نفسه ورحمة بها.
274
الغلام والسوط
أمسك أبو مسعود الأنصاري-رضي الله عنه-خادمًا له يومًا، وظل يضربه بسوطه، والخادم يستغيث ويقول: أعوذ بالله، أعوذ برسول الله.
وبينما أبو مسعود يفعل ذلك إذ سمع صوتًا يناديه من خلفه، يقول له: (اعلم أبا مسعود!).فالتفت لينظر من ذا الذي ينادي عليه، فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم يكرر النداء: (اعلم أبا مسعود!.اعلم أبا مسعود!).
وهنا أحس أبو مسعود بخطئه، فاستحيا من الله، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسقط السوط من يده.
فقال له صلى الله عليه وسلم : (اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك علي هذا الغلام).
فاعتذر أبو مسعود إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا، وهو حر لوجه الله-تعالي-.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أما لو لم تفعل(أي تعتقه) لمسَّتْك النار).
275
رحمة وإنصاف
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسير في طريق من طرق المدينة المنورة، فرأي شيخًا قد شاب شعره، وانحني ظهره، يسير مستندًا علي عصاه، يسأل الناس أن يتصدقوا عليه.
لم يكن الشيخ مسلمًا، بل كان من أهل الذمة المقيمين في بلاد المسلمين، تحميهم دولة الإسلام، وترعاهم، وتأخذ من القادرين منهم مبلغًا زهيدًا (الجزية)، نظير ما يقدم لهم من خدمة ورعاية.
ولما علم أمير المؤمنين بأمر الرجل رق له، وشعر بالرحمة والشفقة نحوه، وقال:ما أنصفناك..أخذنا منك الجزية في شبيبتك (شبابك) ثم ضيعناك في كبرك.
وأصدر أوامره بإسقاط الجزية عن الرجل، وأمر أن يصرف له مبلغ شهري من المال يكفي لقضاء حوائجه، فانصرف الشيخ سعيدًا راضيا بكرم أمير المؤمنين، ورحمة الإسلام بأهله ورعاياه.
276
وفاء عند الموت
يحكى أن رجلا قابل عبد الله بن عمرو- رضى الله عنهما-وطلب منه أن يزوجه ابنته، فرد عليه عبد الله- رضى الله عنه-قائلا:إن شاء الله.وهو بذلك لم يوافق، ولم يرفض.
وبعد فترة، حدث أن رقد عبدُ الله- رضى الله عنه-على فراش الموت، فقال لمن حوله:انظروا فلانًا، فإنى قد قلت له فى ابنتى قولا يشبه الوعد (أى:لم أصارحه بالموافقة أو الرفض) فما أحب أن ألقى الله بثلث النفاق، فأشهدكم أنى قد زوجته ابنتى.
يقصد أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين، فقد قال صلى الله عليه وسلم :(آية المنافق ثلاث:إذا حدث كَذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائْتُمِن خان).
277
القبلة الطيبة
زار الأقرع بن حابس-رضي الله عنه-رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبينما هو جالس عنده رأي النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّل الحسن بن علي-رضي الله عنهما-، فتعجب مما رآه، فإن له عشرة من الولد ما قَبَّل أحدًا منهم أبدًا، وتساءل في دهشة:تُقَبِّلون صبيانكم؟فما نُقَبِّلهم؟!!
فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جفاء الأقرع-رضي الله عنه- وغلظته مع أولاده، ووجه إليه لومًا وعتابًا شديدين، وقال له: (أَوَ أمِلك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة!)(أي: لا أملك لك شيئًا إن كان الله قد نزع من قلبك الرحمة)، وحذره صلى الله عليه وسلم عاقبة القسوة والجفاء، فقال له: (من لا يرحم لا يرحم).
278
الأسيرة
عاد المسلمون منتصرين من إحدى الغزوات، وجاءوا بالغنائم والأسري إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما نظر صلى الله عليه وسلم إلي الأسري رأي بينهم امرأة تجري هنا وهناك في لهفة وأسي وهي تبكي، حتى وجدت ابنها الصغير، فأخذته إليها في رقة وحنان، وحملته بين ذراعيها، وضمته إلي صدرها، وأخذت ترضعه.
فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الذين رأوا ذلك المشهد المثير: (أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟).
لم يفكر الصحابة طويلا، بل قالوا:لا والله!وهي تقدر علي أن لا تطرحه (أي:لا تستطيع ذلك أبدًا). عندئذ قال لهم صلى الله عليه وسلم : (لَلَّهُ أرحم بعباده من هذه بولدها).
وهذا مثل لرحمة الله بعباده، ضربه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لنعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء.
279
وفاء الحيوان
خرج رجل مع جاره وشقيقه ليتنزهوا خارج المدينة، فتبعه كلبه؛ فضربه الرجل بحجر كى يرجع فأصابه، ولكن الكلب ظل يسير خلفه.
وفى الطريق خرجت عليهم عصابة من الرجال فلما رأى شقيقه وجاره كثرتهم خافا وفرَّا وتركاه وحيدًا بين أيديهم.إلا أن الكلب أخذ ينبح عليهم ليتركوا صاحبه، فأخذوا يرمونه بالحجارة.
ثم حملوا الرجل بعد أن ضربوه، وأصابوه بجراح عديدة، ورموه فى حفرة عميقة، ثم غطوها بالأعشاب وانصرفوا.
ولما ابتعدوا، جاء الكلب إلى الحفرة، وأخذ يحرك الأعشاب بمخالبه، حتى ظهر رأس صاحبه وقد أوشك على الموت.وعندما رأى الكلب أناسًا يقبلون من بعيد، أخذ ينبح نباحًا شديدًا وينبش فى الأرض، حتى لفت أنظارهم إليه.
فجاءوا وأخرجوا الرجل، وحملوه إلى أهله.
280
الشهيد الوفى
لم يكن أنس بن النضر- رضى الله عنه-من الصحابة الذين حضروا غزوة بدر، فحزن لذلك حزنًا شديدًًا، وعاهد الله أن يقاتل قتالا عظيمًا إذا حضر غزوة أخرى مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال:إن أرانى الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرانى الله ما أصنع.
وفى غزوة أحد، حان يوم الوفاء مع الله، فقاتل أنس قتالا عظيمًا حتى استشهد.
فوجد الصحابة فى جسده بعد موته بضعة وثمانين جرحًا، ما بين ضربة سيف وطعنة رمح، ورمية سهم، ولم تعرفه إلا أخته.
ونزل قول الله تعالى:من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.فكان الصحابة يرون أنها نزلت فيه وفى أصحابه الذين استشهدوا معه.
281
مواعيد عرقوب
منذ قديم الزمان، كان هناك رجل يعيش فى يثرب اسمه عرقوب، وكان يملك نخلا كثيرًا.
وذات يوم، جاءه أحد الفقراء يطلب صدقة، فقال له عرقوب:لا يوجد تمر الآن، اذهب ثم عُدْ عندما يظهر طلع النخل (البلح الصغير).فجاءه الفقير عندما ظهر الطلع، فقال له عرقوب:اذهب ثم تعالَ عندما يصير الطلع بلحًا.
فلما صار الطلع بلحًا عاد الفقير، فقال له عرقوب:اذهب وائتنى عندما يصير البلح رطبًا. فلما صار البلح رطبًا جاء الفقير، فقال له عرقوب:تعال إلى حينما يصير الرطب تمرًا.
فلما صار الرطب تمرًا، صعد عرقوب النخل ليلا، وقطع التمر وأخفاه، فحضر الفقير فى الموعد، ففوجئ بأن النخل قد أخذ ما عليه من تمر، فعلم أن عرقوب خدعه.
فصار عرقوب مثلا فى إخلاف الوعد.مواعيد عرقوب
منذ قديم الزمان، كان هناك رجل يعيش فى يثرب اسمه عرقوب، وكان يملك نخلا كثيرًا.
وذات يوم، جاءه أحد الفقراء يطلب صدقة، فقال له عرقوب:لا يوجد تمر الآن، اذهب ثم عُدْ عندما يظهر طلع النخل (البلح الصغير).فجاءه الفقير عندما ظهر الطلع، فقال له عرقوب:اذهب ثم تعالَ عندما يصير الطلع بلحًا.
فلما صار الطلع بلحًا عاد الفقير، فقال له عرقوب:اذهب وائتنى عندما يصير البلح رطبًا. فلما صار البلح رطبًا جاء الفقير، فقال له عرقوب:تعال إلى حينما يصير الرطب تمرًا.
فلما صار الرطب تمرًا، صعد عرقوب النخل ليلا، وقطع التمر وأخفاه، فحضر الفقير فى الموعد، ففوجئ بأن النخل قد أخذ ما عليه من تمر، فعلم أن عرقوب خدعه.
فصار عرقوب مثلا فى إخلاف الوعد.
282
وفاء جميل
قبل معركة بدر، وقف النبى صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه بشأن المعركة، فتكلم من المهاجرين أبو بكر وعمر- رضى الله عنهما-فأحسنا الكلام.
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يسمع رأى الأنصار، وخاصة أنهم كانوا قد عاهدوه على أن يدافعوا عنه، وينصروا دعوته، فقام منهم المقداد بن عمرو- رضى الله عنه-، وقال:يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك...ولنقاتلن عن يمينكَ وعن يسارك وبين يديك ومن خلفك؛ حتى يفتح الله لك.
ثم تكلم سعد بن معاذ- رضى الله عنه-قائلا:يا رسول الله، لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئتَ به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك...فِسِرْ بنَا على بركة الله.
ففرح الرسول صلى الله عليه وسلم برأى الأنصار، وأعجب بإخلاصهم ووفائهم لعهدهم.
283
الوعد المخلوف
بعد أن أُغرق فرعون وجنوده، عاش بنو إسرائيل سعداء بنعم الله-تعالى-التى رزقهم بها.
وعندما ذهب موسى صلى الله عليه وسلم ليتلقَّى رسالة ربه، أمر قومه أن يطيعوا أخاه هارون صلى الله عليه وسلم ، وأخذ العهد عليهم أن يظلوا متمسكين بإيمانهم.
وبمجرد أن تركهم موسى صلى الله عليه وسلم ، صنع رجل منهم يسمى السامرى عجلا من الذهب، وأتقنه بطريقة خاصة، فكان إذا دخله الهواء خرج منه صوت يشبه صوت العجل، فعبدت بنو إسرائيل هذا العجل من دون الله، ونسوا عهدهم لنبيهم، فنصحهم هارون صلى الله عليه وسلم أن يعودوا إلى الإيمان فرفضوا.
فأخبر الله موسى صلى الله عليه وسلم أثناء مناجاته له أن قومه قد نقضوا عهده.فعاد موسى صلى الله عليه وسلم إليهم وهو حزين على ما قد صنعوا، وغضب عليهم ولامهم على إخلافهم العهد، وأحرق العجل، وبدأ يدعوهم من جديد إلى الإيمان بالله الواحد.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:50
284
وفاء مع المشركين
فى العام السادس الهجرى، عقد المشركون مع المسلمين صلح الحديبية، وكان من شروط الصلح أنه إذا أسلم أحد من المشركين، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم رده إلى قومه.
وبعد عقد الصلح مباشرة، جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو- رضى الله عنه-وأعلن إسلامه، فلما رآه أبوه قام إليه وعنفه، ثم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد أبا جندل؛ تنفيذًا لشروط الصلح فوافق صلى الله عليه وسلم .
فقال أبو جندل- رضى الله عنه-:يا معشر المسلمين، أأُرد إلى المشركين يفتنونى عن دينى؟
فأخبره صلى الله عليه وسلم :بالعهد الذى أخذه على نفسه، وأنه يجب عليه الوفاء به، فقال:(يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، وإننا قد عقدنا بيننا وبين القوم صُلْحًا).
285
الخليفة الثانى
رُوى أن أبا بكر الصديق - رضى الله عنه -عندما أراد أن يجعل عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - خليفة للمسلمين من بعده، دعا أهل الرأى من المهاجرين والأنصار، ليعرف آراءهم فيه، فأثنوا جميعًا على عمر - رضى الله عنهم -، فاستبشر أبو بكر - رضى الله عنه -خيرًا.
وسمع بعض الناس بالأمر، فجاء أحدهم إلى أبى بكر - رضى الله عنه -وقال له:ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته؟ فقال أبو بكر:أبالله تخوفونى، خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول:اللهم استخلفتُ عليهم خير أهلك، أبلغ عنى ماقلتُ مَنْ وراءك.
ثم اضطجع، ودعا عثمانَ بن عفان - رضى الله عنه -وأملاه كتابًا يستخلف فيه عمر، ثم أمر بالكتاب فختمه، فلما خرج به عثمان وقرأه على الناس، أَقَرُّوا بذلك جميعًا، ورضوا به، ثم بايعوا عمر - رضى الله عنه -على الخلافة.
286
وفاء وإيثار
فى أحد الأيام، اشتد الجوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر- رضى الله عنهما-، فانطلقوا إلى بيت أبى الهيثم بن التَّيِّهان الأنصارى- رضى الله عنه-وكان رجلا غنيَّا؛ فأطعمهم طعامًا شهيَّا، فوعده النبى صلى الله عليه وسلم أن يعطيه خادمًا عندما تأتى الغنائم والسبى (الأسرى من الرجال والنساء).
ومرت الأيام، وجاء ثلاثة من الأسرى للرسول صلى الله عليه وسلم ، فأعطى اثنين منهم للمسلمين؛ فاتخذوهما كخادمين، وبقى واحد.
فجاءت فاطمة بنت النبى صلى الله عليه وسلم تطلب خادمًا؛ لكى يساعدها، ويخفف عنها متاعب العمل، فرفض صلى الله عليه وسلم أن يمنحه لها؛ لأنه وعد به أبا الهيثم- رضى الله عنه - من قبل.
وقال:(كيف بموعدى لأبى الهيثم؟)، وآثره بالخادم على ابنته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على الوفاء بعهده ووعده.
287
نذر ووفاء
كانت امرأة عمران عقيمًا لاتجلد، فدعت الله -تعالى-أن يرزقها بمولود، فاستجاب الله -عز وجل-دعاءها، فحملت.
فنذرت أن تجعل هذا المولود خادماً لبيت المقدس.قالت: رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررًا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم، ولم تكن امرأة عمران تعلم نوع الجنين الذى فى بطنها؛ ذكرًا كان أم أنثى فلما وضعتْها قالت رب إنى وضعْتُها أنثى والله أعلم بما وضعتْ.
وبرغم ذلك، عزمت امرأة عمران على أن توفى بنذرها، فسمت المولودة مريم، وأعاذتها وذريتها بالله من الشيطان الرجيم، وفرَّغتها للعبادة وخدمة بيت الله، فتقبل الله-تعالى-مريم، وأنبتها نباتًا حسنًا، وجعلها من الصالحات القانتات العابدات، وجعلها من سيدات نساء أهل الجنة.
288
الزوجة الوفية
فى غزوة بدر، أسر المسلمون عددًا كبيرًا من المشركين، وكان من بين هؤلاء الأسرى أبو العاص ابن الربيع زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم .
وكان الإسلام قد فرق بين زينب- رضى الله عنها-وزوجها؛ لأنه مشرك، فلما وقع فى الأسر، خلعت عِقْدها الذى أهدته إليها أمها السيدة خديجة رضى الله عنها- عند زواجها، وأرسلته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتفتدى به أبا العاص وفاء له.
فلما رأى النبى صلى الله عليه وسلم العقد عرفه، وأحس بوفاء ابنته لزوجها، فاستشار أصحابه فى أن يطلق سراح أبى العاص، واستأذنهم فى إعادة العِقْد إلى زينب - رضى الله عنها-، فوافق الصحابة.
فأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراحه.فلما عاد أبو العاص إلى مكة أعلن إسلامه، ثم ذهب إلى المدينة، فأعاد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته الوفية زينب- رضى الله عنها-.
289
الأجير الوفى
عندما وصل موسى صلى الله عليه وسلم إلى مدين بالشام، شاهد زحامًا كبيرًا من الناس على بئر يسقون منه أغنامهم.وبعيدًا عن البئر، رأى فتاتين، تنتظران حتى ينتهى الزحام فتسقيا أغنامهما، فتطوع موسى صلى الله عليه وسلم وسقى لهما.
فلما عادت الفتاتان إلى المنزل، عرف أبوهما الشيخ الكبير بما فعله موسى صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إحداهما أليه تدعوه لمقابلته؛ حتى يكافئه على ما صنع.
فلما حضر موسى صلى الله عليه وسلم شكره الأب، وعرف منه قصة فراره من فرعون ومجيئه إلى مدين، فطمأنه الأب، واستضافه وأكرمه، وعرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه، مقابل أن يعمل عنده ثمانية أعوام، وإن شاء أكملها عشرة.
فوافق موسى صلى الله عليه وسلم ، وقضى الأعوام العشرة، فأوفى بوعده على خير وجه.وبعدها عاد بزوجته إلى مصر.
290
الأوفياء
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل القادمة إلى مكة لزيارة البيت الحرام، فى مواسم الحج.
وفى أحد المواسم، أقبلت جماعة من المدينة، فقابلهم النبى صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام، فشرح الله صدورهم للإيمان.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم :(ألا تبايعون رسول الله؟).
فقالوا:علام نبايعك؟
فقال لهم: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، ولا تسألوا الناس شيئًا).
فبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على ذلك، وصدقوا فى بيعتهم، ووفُّوا بعهدهم، حتى إن بعضهم كان إذا سقط منه سوطه، لا يسأل أحدًا أن يناوله إيَّاه؛ وذلك وفاء لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يسألوا أحدًا شيئًا.
291
الوفاء للوطن
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مكة حبَّا كبيرًا، فهى بلده الذى ولد فيه، وفيها بيت الله الحرام، وعلى أرضها نزل الوحى لأول مرة.
ولما اشتد إيذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فى مكة، أمره الله -تعالى- بالهجرة إلى المدينة.
فلما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفى، وأخذ يودِّعها، وهو يقول:(والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أُخرجت منك ما خرجت).
وبعد ثمانى سنوات، كتب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى مكة فاتحًا ومنتصرًا، بعد أن اضطر إلى الخروج منها، فدخلها النبى صلى الله عليه وسلم فرحًا مسروراً، وعفا عن أهلها برغم ما فعلوه معه.
وهكذا يكون الوفاء للوطن، والمسلم يكون محبَّا لوطنه، حريصًا على مصلحته، وفيَّا له.
292
الزوج الوفى
كانت أم المؤمنين السيدة خديجة- رضى الله عنها- مثالا للزوجة الوفية مع النبى صلى الله عليه وسلم ؛ تفرح لفرحه، وتحزن لحزنه، وتسانده فى الشدائد، وتتحمل معه الكثير من المتاعب فى سبيل الله، فكان صلى الله عليه وسلم يقدر لها هذا العطاء، ويعرف لها هذا الفضل.
وبعد أن ماتت- رضى الله عنها- بقى صلى الله عليه وسلم وفيًا لها؛ يكرم صديقاتها، ويفرح إذا رأى أحدًا من أهلها، ويذكرها دائمًا بالخير، ويثنى عليها.
وذات مرة، أكثر صلى الله عليه وسلم من الثناء عليها أمام أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها-فأخذتها الغيرة، وقالت له:هل كانت إلا عجوزًا أبدلك الله خيرًا منها؟
فغضب صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وقال لها:(والله ما أبدلنى الله خيرًا منها؛ آمَنَتْ بى إذ كفر الناس، وصدقتنى إذ كذبنى الناس، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس، ورزقنى الله منها الولد دون غيرها من النساء).
293
الدين الظاهر
عزم أبو بكر الصديق - رضى الله عنه -على غزو بلاد الروم، فجمع الصحابة، وشاورهم فى ذلك الأمر، فأيدوا رأيه، لأن الله ناصر دينه.
فالتفت أبو بكر إلى علىِّ بن أبى طالب - رضى الله عنه -، وقال له:ماذا ترى يا أبا الحسن؟ فقال عليٌّ:أرى أنك إن سِرْتَ إليهم بنفسك أو بعثتَ إليهم نُصِرْتُ عليهم إن شاء الله.
فقال أبو بكر - رضى الله عنه -:بَشَّرَك الله بخير، ومن أين علمتَ ذلك؟ قال عليٌّ:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(لا يزال هذا الدين ظاهرًا على كل من ناوأه(منتصرًا على كل من خالفه وعانده) حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون).
فقال أبو بكر:سبحان الله!ما أحسن هذا الحديث!لقد سررتنى به، سَرَّك الله.
وسار جيش المسلمين إلى الشام، وتقابل مع الروم فى معركة اليرموك، وانتصر المسلمون.
294
بيت المقدس
بعد الانتصار العظيم الذى أيد الله به المسلمين على أعدائهم الروم فى أجنادين، حاصر جيش المسلمين الروم فى بيت المقدس، وضيقوا عليهم حتى وافقوا على الصلح.
فأرسل أبوعبيدة بن الجراح - رضى الله عنه- قائد الجيش الإسلامى إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - يخبره بأن يحضر.
فلما وصل الخبر إلى أمير المؤمنين اجتمع مع الصحابة، واستشارهم فى أمر الخروج إلى بيت المقدس، فأشاروا عليه بالخروج.
فأخذ عمر - رضى الله عنه- برأيهم، وتوجه إلى الشام، فاستقبله أمراء المسلمين فى مكان يسمى الجابية، ثم سار معهم إلى بيت المقدس، فصالح النصاري، ودخل المسجد الأقصى من حيث دخل الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، وصلى فيه مع المسلمين.
295
رسالة سليمان صلى الله عليه وسلم
لما أخبر الهدهد نبى الله سليمان صلى الله عليه وسلم بما رآه فى مملكة سبأ كتب سليمان صلى الله عليه وسلم رسالة إلى أهل سبأ يدعوهم فيها إلى الدخول فى دينه، والخضوع له، وأمر الهدهد أن يحملها إلى ملكة سبأ.
فحملها الهدهد إليها، فلما قرأت الملكة الرسالة جمعت مستشاريها، وقالت:يأيها الملأ أفتونى فى أمرى ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون. قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين.قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون.وإنى مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون.
وبمثل هذه المشاورة البناءة تمكنت ملكة سبأ أن تجنب قومها الدخول فى حرب خاسرة، بل واهتدت إلى الصواب وهو الدخول فى دين سليمان صلى الله عليه وسلم .

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:50
296
مشورة أم سلمة
خرج النبي صلى الله عليه وسلم متوجهًا إلى مكة فى العام السادس من الهجرة، ومعه أصحابه؛لأداء العمرة، فمنعته قريش من دخول مكة ذلك العام، وعقدت معه صلح الحديبية، الذى كان من بين شروطه أن يرجع المسلمون، فلا يؤدون عمرتهم ذلك العام، على أن يعودوا لأدائها فى العام التالى، ووافقهم النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعلى كل ما اشترطوه عليه.
وأمر النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين أن ينحروا ذبائحهم، ويحلقوا رءوسهم، ويتحللوا من إحرامهم، فلم يستجيبوا لأمره اعتراضًا منهم على ذلك الصلح. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم على زوجته أم سلمة - رضى الله عنها -غاضبًا، وذكر لها ما حدث، فأشارت عليه أن يخرج إليهم ولا يكلم أحدًا، ويحلق رأسه، وينحر هديه، وسوف يفعل الصحابة مثلما فعل. فاستحسن صلى الله عليه وسلم قولها، فخرج ولم يكلم أحدًا، فحلق رأسه، وذبح هديه.فلما رآه المسلمون علموا أنه ما صالح قريشًا على ذلك إلا عن وحى من ربه، ففعلوا مثلما فعل، وتحللوا من إحرامهم.
297
تجديد الكعبة
أراد عبد الله بن الزبير - رضى الله عنهما - تجديد بناء الكعبة، فجمع أهل الرأى من المسلمين وقال لهم:يأيها الناس، اشيروا علىّ فى الكعبة؛ أَنْقُضُها ثم أبنى بناءها، أو أصلح ما وَهَى منها؟
فأشار عليه ابن عباس - رضى الله عنهما -أن يصلح ما ضعف، ويترك بناءها كما هو.
لكن عبد الله بن الزبير - رضى الله عنه -رفض ذلك الرأى قائلا:لو كان أحدُكم احترق بيته ما رضى حتى يجدده، فكيف بيت ربكم؟ فاستخار الله ثلاثًا، ثم قرر أن يهدم البيت، ويجدد بناءه، فهاب الناس البيت فى البداية.
فلما صعده رجل، وألقى منه حجارة، ولم يصبه شيء، تتابع الناس حتى صعدوه، وقاموا بهدمه، حتى وصلوا إلى قواعده التى رفع عليها نبى الله إبراهيم وابنه اسماعيل -عليهما السلام -بناء الكعبة، ثم أعادوا بناءها.
298
تمر المدينة
خرجت قبيلة غطفان بقيادة عيينة بن حصن، والحارث بن عوف، مع قريش ضد المسلمين فى غزوة الخندق.فلما اشتد الحصار على المسلمين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعقد صلحًا مع قبيلة غطفان على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة ويرجعوا عن قتاله.
واستشار صلى الله عليه وسلم فى ذلك الأمر سعد بن معاذ، وسعد ابن عبادة - رضى الله عنهما -، فقالا:يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا، فسمعًا وطاعة، وإن كان شيئًا تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرى (ما يأكله الضيف استضافة) أو بيعًا، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا إليه، وأعزنا به نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف.
فأعجب صلى الله عليه وسلم برأيهما، وثقتهما فى الله، ولم يعقد صلحًا مع غطفان، ونصر الله نبيه، وأعز جنده، وهزم
الأحزاب وحده.
299
قبل الموت
عندما طُعن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أثناء صلاة الفجر قال لمن حوله:ادعوا لى إخوانى.قالوا:من؟ قال:عثمان وعلىّ وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص - رضى الله عنهم -.
فلما جاءوا قال عمر - رضى الله عنه -:نظرت فى أمر المسلمين فوجدتكم أيها الستة رءوس الناس وقادتهم.ولا يكون هذا الأمر إلاّ فيكم ما استقمتم؛ليستقيم أمر الناس.وإن يكن اختلاف يكن فيكم، ثم قال:تشاوروا ثلاثًا، ويصلى بالناس صهيب الرومى.قالوا:من نشاور يا أمير المؤمنين؟
قال:شاوروا المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد (أى أشراف القوم ورؤساؤهم).
واجتمع هؤلاء الستة بعد موت عمر - رضى الله عنه -، وظلوا يتشاورون فيما بينهم، وفى النهاية اختاروا عثمان بن عفان - رضى الله عنه -ليكون ثالث خليفة للمسلمين.
300
الأم والجهاد
كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يذهبون إليه ليستشيروه فى أمورهم، وذات يوم كان المسلمون يستعدون للخروج للجهاد فى إحدى المعارك، فأراد جاهمة السلمي - رضى الله عنه -أن يخرج معهم، فذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم ليستشيره فى أمره.
فلما رأى الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال له:يا رسول الله، أردتُ أن أغزو، وقد جئتُ استشيرُك.
فسأله النبى صلى الله عليه وسلم :(هل لك من أُمِّ؟ ).
قال:نعم.
فقال النبى صلى الله عليه وسلم :(فالْزَمْها فإن الجنة تحت رجليها).
فلقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف أن أم جاهمة تحتاج إلى رعاية، فهى امرأة عجوز، وجاهمة هو الذى يرعى شئونها، فأرشده النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن برَّه بأمه، والقيام على خدمتها، جهاد فى سبيل الله.
301
أسرى بدر
انتصر المسلمون فى بدر، وأسروا عددًا كبيرًا من المشركين، فاستشار النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه:(ما تقولون فى هؤلاء الأسرى؟ ).
قال أبو بكر - رضى الله عنه -:يا رسول الله، قومك وأهلك، استبقهم واستأن بهم، لعل الله أن يتوب عليهم.وقال عمر - رضى الله عنه -: يا رسول الله، أخرجوك وكَذَّبوك، قرِّبهم فاضرب أعناقهم.وقال عبد الله بن رواحة - رضى الله عنه -:يا رسول الله، انظر واديًا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرمه عليهم نارًا.
فآثر النبى صلى الله عليه وسلم الرحمة بهم، فأخذ برأى أبى بكر، وقبل صلى الله عليه وسلم الفداء(وهو شىء يقدمه الأسير فى مقابل إطلاقه)، فنزل القرآن يبين أن قتلهم فى ذلك اليوم كان أفضل للمسلمين، وأرهب لأعدائهم، فقال تعالى:ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم.
302
قبل الحساب
يروى أنه فى يوم القيامة ..حين يجمع الله الناس كلهم ليحاسبهم على أعمالهم، ينادى مناد: أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب؟
فيقوم جماعة من الناس، وتقابلهم الملائكة، فتقول لهم: إلى أين يا بنى آدم؟
فيقولون: إلى الجنة.
فتقول الملائكة: قبل الحساب؟!
فيقولون: نعم.
فتسألهم الملائكة: ومن أنتم ؟
فيقولون: نحن الصابرون.
فتسألهم الملائكة: وما كان صبركم؟
فيقولون: صبرنا على طاعة الله، وصبرنا عن معصية الله، حتى توفَّانا الله.
فتقول الملائكة: أنتم كما قلتم، ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين.
ويشهد لهذا قوله الله تعالى: إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب .
303
درس فى الصبر
يُحكى أن عروة بن الزبير- رضى الله عنه-أُصيبت إحدى رجليه بمرض خطير، فأشار عليه الأطباء بقطع رجله المصابة، وإلا انتشر المرض إلى سائر جسده.فوافق عروة، وقام الأطباء بقطع رجله وهو صابر محتسب.
ودخل أحد أولاده حظيرة الدواب، فضربته دابة؛فوقع ميتًا، ولما علم عروة بموت ابنه توجَّه إلى الله قائلا:
اللهم إنه كان لى أطراف أربعة، فأخذت واحدًا وأبقيت ثلاثة، فلك الحمد، وكان لى بنون أربعة، فأخذت واحدًا وأبقيت لى ثلاثة، فلك الحمد..ولئن أخذت لقد أبقيت، ولئن أبليت طالما عافيت .
وهكذا يضرب لنا عروة مثلا رائعًا فى تحمل الأذى والصبر على المكاره ؛ فقد ابتُلِى فى بدنه بقطع رجله فصبر، وابتلى فى أبنائه بموت ولده فصبر، فكان واحدًا ممن يصدق فيهم قول الله تعالى: أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.
304
صبر الفقراء
خرج المسلمون من مكة إلى المدينة، وتركوا أموالهم وديارهم، وهاجروا بأنفسهم إلى الله ورسوله.فكان بعض هؤلاء المهاجرين ضعيفًا لا يقدر على العمل، وليس له دار يسكنها، ولا مأوى يأوى إليه، فكانوا ينامون فى المسجد مع فقراء المسلمين، ويتحملون الجوع، ويصبرون على ذلك، ويجتهدون فى طاعة الله.وقد أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقترب من هؤلاء الفقراء وألا يبتعد عنهم.
وفى أحد الأيام، دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد هؤلاء الصحابة الفقراء جالسين: وأحدهم يقرأ عليهم القرآن وهم يستمعون، فلما قدم عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم سكت القارئ، فسألهم صلى الله عليه وسلم: (ما كنتم تصنعون؟) فقالوا: يا رسول الله! كان قارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله.
فقال صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذى جعل مِنْ أمتى مَنْ أُمِرْتُ أن أَصْبِرَ نفسى معهم).ثم جلس بينهم، وأشار إليهم ليلتفوا حوله، ثم قال لهم: (ابشروا يا معشر صعاليك (فقراء) المهاجرين!بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذاك خمسمائة سنة).
305
أَحَدٌ .. أَحَدٌ
كان بلال بن رباح - رضى الله عنه- من أوائل الذين دخلوا فى الإسلام، وواحدًا من الذين ثبتوا على الحق وتحملوا من العذاب ما لا يحتمله إلا مؤمن صادق الإيمان.
وكان المشركون يأخذون بلالا فى وقت الظهيرة حين اشتداد الحر، فيطرحونه على ظهره فى صحراء مكة المحرقة، ويضعون على بطنه صخرة عظيمة، ويجعلون السفهاء والعبيد يطوفون به فى طرق مكة، ويقولون له: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى.
و كان بلال صُلْب الإيمان قوى العقيدة، شديد الصبر؛ فهانت عليه نفسه فى سبيل الله، وتَحمَّل كل العذاب بصبر جميل، وكان يرد على المشركين قائلا: أحد .. أحد .وظل على تلك الحالة حتى أعتقه أبو بكر الصديق - رضى الله عنه- وخلَّصه من أذى المشركين وعذابهم.
306
لا تستعجلوا
فى بداية الدعوة الإسلامية..لَقِىَ المسلمون كثيرًا من الأذى والتعذيب من مشركى مكة، وجاء خبَّاب بن الأرت - رضى الله عنه- ومعه بعض المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون إليه ما يتعرضون له من العذاب، ويطلبون منه أن يدعو لهم بالنصر، وقالوا: ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟
فأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّمهم درسًا فى الصبر والثبات وتحمُّل المشاق فى سبيل تبليغ دعوة الله تعالى ونُصْرَة دينه وشرائعه، فقال لهم: ( قد كان مَنْ قبلكم يُؤخذ الرجل، فيُحفر له فى الأرض، فيُجعل فيها، فيُجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيُجعل نصفين، ويُمَشَّطُ بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه).
ثم أخبرهم صلى الله عليه وسلم بنتيجة صبرهم وتحملهم، وما أعده الله لهم من النصر والخير، فقال: (والله!لَيَتِمَّنَّ هذا الأمر؛حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، ولكنكم تستعجلون).فتحمَّل الصحابة الأذى وصبروا حتى جاء نصر الله.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:51
307
صبر فى طاعة
حُجِبَتْ الشمس وحدث لها كسوف فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقام النبى وصحابته يُصَلُّون صلاة الكسوف.وأطال النبى صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة، فقام قيامًا طويلا؛يقرأ القرآن ثم يركع، ثم يقوم من ركوعه، فيقرأ القرآن ثم يركع مرة ثانية، ثم يقوم فيسجد، وفعل ذلك فى الركعتين.
وكانت السيدة أسماء بنت أبى بكر - رضى الله عنها- مع النساء يصلين خلف النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته، وكانت تصلى إلى جوارها امرأة عجوز وامرأة أخرى مريضة.
وشعرت السيدة أسماء بالتعب من طول القيام، ففكرت فى المرأة التى إلى جوارها، وهى أكبر منها سنَّا: كيف تصبر على أداء صلاة الكسوف الطويلة خلف النبى، وتفكَّرت فى المرأة الأخرى الضعيفة المريضة التى تحـرص على الـصلاة من غير أن يبدو عليها شىء من الملل، فـــقالت السيدة أسماء فى نفسـها: أنا أحق أن أصبر على طول القيام منهما.
وهكذا تحملتْ التعب والقيام فى الصلاة، وصبرت على طاعة الله وعبادته.
308
قدر الله
خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -إلى الشام، فقابله أمراء جيش المسلمين فى الطريق، وأخبروه أن وباء الطاعون انتشر بالشام. فدعا عمر المهاجرين والأنصار وشيوخ قريش، واستشارهم فى العودة بالجيش، هربًا من هذا الوباء الخطير الذى يهدد حياة المسلمين.فرأى بعضهم الاستمرار فى مواصلة الفتوحات، ورأى آخرون أن يرجع الجيش.فقرر عمر أن يعود بالجيش، فقال أبوعبيدة بن الجراح - رضى الله عنه -:أفِرارًا من قدر الله؟ فعاتبه عمر - رضى الله عنه -وقال له:نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله.
وأثناء ذلك حضر عبد الرحمن بن عوف، فقال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إذا سمعتم به (أى الوباء) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه).
ففرح عمر - رضى الله عنه -بهذا الكلام، وشكر الله، وانصرف بالجيش.
309
الزواج السعيد
ذات يوم، جاءت فاطمة بنت قيس - رضى الله عنها -إلى النبى صلى الله عليه وسلم تستشيره، فقد خطبها معاوية بن أبى سفيان، وأبو جهم - رضى الله عنهما -، وهى لاتعرف أيهما أصلح لها فتتزوجه.
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم :(أمَّا أبوجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه (أى كثير السفر أو كثير الضرب للنساء)، وأما معاوية فصعلوك (أى فقير) لامال له)، ثم أشار عليها بزوج غيرهما، قال:(انكحِى أسامة بن زيد).
فكرهت فاطمة - رضى الله عنها -ذلك فى البداية، فكرر النبى صلى الله عليه وسلم قوله:(انكحى أسامة بن زيد).
فأحست فاطمة - رضى الله عنها -أن الخير فى قبول مشورة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فوافقت وتزوجت أسامة - رضى الله عنه -، فكان زواجًا سعيدًا مباركًا، جعل الله فيه الخير لها، وأسعدها به.
310
الحرب الفاصلة
بعد سلسلة من المعارك بين المسلمين والفرس، وصل إلى علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه -أن المجوس يستعدُّون لدخول حرب فاصلة مع المسلمين.
فقرَّر عمر - رضى الله عنه -أن يخرج بنفسه على رأس جيش من المدينة لقتالهم، وجَمَع الصحابة ليستشيرهم فى ذلك، فوافقوه فى رأيه، إلا عبد الرحمن بن عوف - رضى الله عنه -فإنه قال له:إنى أخشى إن كُسِرتَ أن يضعف أمر المسلمين فى سائر أقطار الأرض، وإنى أرى أن تبعث رجلا غيرك.
فأخذ عمر - رضى الله عنه -بهذا الرأى، واختار سعد بن أبى وقاص - رضى الله عنه -قائدًا للجيش.
وخرج سعد - رضى الله عنه -على قيادة الجيش، وانتصر على الفرس فى معركة القادسية نصرًا عظيمًا بفضل الله، وسقطت دولة الفرس.
311
دعاء مستجاب
سَمِعَتْ السيدة أم سلمة - رضى الله عنها- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (ما مِنْ مسلمٍ تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون.اللهمَّ أجُرنى فى مصيبتى، وأَخْلف لى خيرًا منها، إلاَّ أجره الله فى مصيبته، وأخلف له خيرًا منها) فحَفِظَتْهُ جيدًا ووعته.
وبعد فترة تُوفى زوجها أبو سلمة - رضى الله عنه- فكانت تقول: أى المسلمين خير من أبى سلمة؟!وصبرت واحتسبت، ودعت بالدعاء الذى أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما مضى على وفاة أبى سلمة أربعة أشهر وعشرة أيام تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتَكَفَّل بأيتامها، فكانت - رضى الله عنها- تقول: قلت كما أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لى خيرًا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا أصبحت أم سلمة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمَّا للمؤمنين بفضل صبرها.
312
الصدمة الأولى
كان لامرأة ولد، فتوفاه الله.وذات يوم ذهبت المرأة إلى المقابر، وجلست عند قبر ابنها، وأخذت تبكى بكاء شديدًا.
وبينما هى تبكى وتنوح مَرَّ عليها النبى صلى الله عليه وسلم، فقال لها: (اتقى الله واصبرى).
وكانت المرأة لا تعرف النبى صلى الله عليه وسلم؛ فلم تستجب لكلامه، وقالت له: إليك عنِّى(ابتعد)، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتى.
فتركها النبى صلى الله عليه وسلم، ومضى .
فقال لها رجل: أما تعرفينه ؟! إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالت المرأة: ما عرفته.
وشعرت بخجل شديد وحياء ومهابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت مسرعة لتعتذر إليه.
ولما اقتربت من بيته لم تجد على بابه بوابين ولا حرَّاسًا، فقالت: يا رسول الله، لم أَعْرِفْك.
فبيَّن لها النبى صلى الله عليه وسلم أن الصبر الكامل الذى يترتب عليه الأجر هو صبر المرء عند وقوع المصيبة، وقال لها: ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى).
313
صبر وحكمة
كان لأبى طلحة الأنصارى وزوجته أم سليم - رضى الله عنهما- ابن صغير، وذات يوم، مرض هذا الطفل، فمات. وكان أبو طلحة خارج البيت، فقامت أم سليم بتجهيز ابنها ولم تخبر أحدًا بذلك.
ولما دخل أبو طلحة سأل زوجته عن حال الغلام، فلم تفاجئه بالخبر، وقالت له: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح.ثم قَدَّمَتْ العشاء لزوجها، فأكل ثم تزينت له، وقضى معها الليلة كأنهما عروسان.وفى الصباح قالت له أم سليم: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قومًا أعاروا أهل بيت عارية(سُلْفة)، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟فقال لها: لا، ليس لهم ذلك إن العارية مؤداة إلى أهلها.فأخبرته بموت ابنه، وقالت له: فاحتسب ابنك.
فذهب أبو طلحة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما حــدث. فقــال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعلَّ الله أن يبارك لكما فى ليلتكما). واستجاب الله سبحانه دعاءه، فولدت أم سليم طفلا آخر، فجاءوا به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فمضغ تمرة، وأخذ منها جزءًا، ووضعه فى فم الطفل، وسمَّاه عبد الله.وبارك الله فى هذا الطفل، فخرج من نسله تسعة أولاد كلهم حفظ القرآن.
314
صبر ورحمة
دخل الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه بعض أصحابه على ابنه إبراهيم فوجده يُحْتَضَر ويموت، فبكى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجرت الدموع من عينيه، وظن بعض من كان معه من الصحابة أن رقة القلب ودمع العين من علامات الجزع وعدم الصبر.
فقال عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول اللــه؟! فبَيَّن لهــم صلى الله عليه وسلم حــقيقة الأمــر، فــقال: (يا بن عوف!إنها رحمة، إن العين تَدْمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرْضى ربنا، وإنا بفراقك يإبراهيم لمحزونون).
وذات يوم أرسلت إحدى بنات النبى صلى الله عليه وسلم إليه تقول: إن ابنًا لى قُبض فائتنا.فأرسل إليها صلى الله عليه وسلم مَن يقرئها السلام ويقول لها: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شىء عنده بأجل مُسمَّى فلتصبر ولتحتسب).
فأصرت على أن يأتيها صلى الله عليه وسلم.فقام صلى الله عليه وسلم ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأُبىُّ بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم، وتوجهوا إلى بيتها، ولما رأى صلى الله عليه وسلم الصبى وهو يموت بكى، وفاضت عيناه بالدموع.فقال سعد: يا رسول الله! ما هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (هذه رحمة جعلها الله فى قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).
315
أَصْبرُ وأَحْتسبُ
مَرِضَ زيد بن أرقم - رضى الله عنه- فجاءه الرسول صلى الله عليه وسلم يزوره، وقال له: (ليس عليك مِنْ مرضك هذا بأس، ولكن كيف بك إذا عمَّرت بعدى فعميت؟!).
فقال زيد: إذن أصبر وأحتسب.
فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: (إذن تدخل الجنة بغير حساب).
وبعد أن مات النبى صلى الله عليه وسلم أُصيب زيد بالعمى؛فصبر واحتسب، وبعد مدَّة من الزمان شفاه الله، وردَّ عليه بصره.
وهكذا يكون جزاء كل من يتقى الله تعالى ويصبر على قضائه أن يرحمه الله فى الدنيا والآخرة، قال تعالى: إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
وقال تعالى: ولئن صبرتم لهو خير للصابرين.واصبر وما صبرك إلا بالله.
316
صبر وحياء
ذات مرة سار الصحابى الجليل عبد الله بن عباس - رضى الله عنهما- مع تلميذه عطاء بن أبى رباح، فقال ابن عباس لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقال عطاء: بلى.فأشار ابن عباس إلى امرأة طويلة سوداء، وقال: هذه المرأة السوداء.
ثم راح يقص عليه قصتها، فأخبره أنها إحدى الصحابيات الطاهرات، ابتلاها الله بمرض الصَّرْع فذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت له: إنى أُصْرَع، وإنى أتكَشَّف، فادع الله لى.فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك).فاختارت المرأة الصالحة أن تصبر على مرضها مادام جزاء صبرها الجنة، وقالت: أصبر يا رسول الله.لكن ملابسها كانت تنكشف حين يأتيها الصرع، فقالت للنبى صلى الله عليه وسلم: إنى أتكشف فادع الله لى ألا أتكشف.فدعا لها صلى الله عليه وسلم.وهكذا صبرت المرأة على ما أصابها من مرض الصرع، إلا أن حياءها منعها أن تصبر على أن يتكشف جزء من بدنها، فطلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يستر عورتها فلا يظهر من بدنها شىء، وهكذا المؤمن دائمًا صبور حيى.
317
صبر أيوب
كان نبى الله أيوب صلي الله عليه وسلم غنيَّا، عنده أموال كثيرة وأولاد كثيرون، وكان قوى البدن سليم الصحة.فأراد الله سبحانه أن يبتليه ويختبره؛ففقد جميع أمواله، وهجره أهله ومات أولاده، وأُصيب فى جسده بأمراض شديدة، وابتعد عنه أصحابه وإخوانه.
فقابل أيوب صلي الله عليه وسلم كلَّ هذه الابتلاءات والمصائب بالصبر والاحتساب والحمد والشكر لله، ولسان حاله يقول عند فقده أمواله وأولاده: الحمد لله..الحمد لله.ولم ييأس أيوب أو يتضايق من طول مرضه وبلائه، بل كان يتوجه إلى ربه قائلا: ربِّ إنى مسنى الضرُّ وأنت أرحم الراحمين.
وبعد طول صبر واحتساب كشف الله بلاء أيوب حيث أمره الله سبحانه أن يضرب الأرض برجله فضربها، فنبع ماء بارد عند قدميه، فشرب منه واغتسل، فذهب مرضه، واسترد عافيته، وعاد إليه أهله وماله، وبارك الله له فيهما.
وأثنى الله على أيوب صلي الله عليه وسلم لصبره، فقال تعالى: إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب.وهكذا نتعلم من أيوب صلي الله عليه وسلم الصبر، فهو خير مثل وقدوة للصابرين.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:52
318
طاعة وزواج
كان جليبيب- رضى الله عنه-رجلا فقيرًا، فخطب له النبي صلي الله عليه وسلم ابنة رجل من الأنصار، فتردد الأنصارى، وقال للرسول صلي الله عليه وسلم : أشاور أمها.
فلما ذهب الأنصارى إلى بيته أخبر امرأته بالأمر، فلم توافق على زواج جليبيب من ابنتها.
فقام الأنصارى ليذهب إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ، ويخبره بما قالت أم الفتاة، فخرجت البنت، وقالت: من خطبى إليكم؟فأخبرتها أمها.
فقالت الفتاة: أتردون على رسول الله صلي الله عليه وسلم أمره! ادفعونى إليه فإنه لن يضيعنى.
فذهب الأنصارى إلى الرسول صلي الله عليه وسلم ، وأخبره بما قالت الفتاة.
فزوجها النبى صلي الله عليه وسلم جليبيبًا، فبارك الله لهذه الفتاة لحسن طاعتها لأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم .
319
الأمير والنار
أرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم علقمة بن محرز- رضى الله عنه-قائدًا على سرية (جزء من الجيش)، وفى الطريق، أرسل علقمة مجموعة من الجيش إلى جهة أخرى، وجعل عبد الله بن حذافة- رضى الله عنه-أميرًا عليهم، وكان عبد الله رجلا مرحًا يحب الدعابة والمزاح.
وأثناء الطريق، توقف عبد الله ومن معه ونزلوا ليستريحوا، فأوقدوا نارًا، وكانت فرصة لعبد الله ليمارس بعض مداعباته، فقال لمن معه: أليس لى عليكم السمع والطاعة؟قالوا: بلى.
وهنا فاجأ عبد الله الجميع بأن أمرهم أن يلقوا بأنفسهم فى النار.فقام بعض الناس ليلقوا بأنفسهم فى النار طاعة لأميرهم.فلما رأى الأمير ذلك منعهم، وقال: إنما كنت أضحك معكم.
فلما عاد القوم ذكروا ما حدث لرسول الله صلي الله عليه وسلم . فقال لهم: ( من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه ) .
320
سجود الملائكة
لما خلق الله-تعالي-آدم صلي الله عليه وسلم أمر الملائكة أن تسجد له، فأطاعت الملائكة أمر الله، فسجدوا جميعًا، إلا إبليس، فإنه عصى أمر الله، ورفض أن يسجد لآدم صلي الله عليه وسلم .
فطرد الله إبليس من رحمته جزاءَ عصيانه لأمر الله.
وأسكن الله آدم صلي الله عليه وسلم وزوجه الجنة، وأمرهما ألا يأكلا من شجرة معينة.
فلما رأى إبليس ذلك، أراد أن يخرجهما من الجنة، فوسوس أليهما أن يأكلا من الشجرة التى نهاهما الله عنها، وادّعى أنه ناصح لهما.
فعصى آدم صلي الله عليه وسلم ربه، وأكل من الشجرة، فأخرجهما الله من الجنة وأسكنهما الأرض جزاء عصيانهما أمر الله.
321
فضيلة الطاعة
كان جيش المسلمين يقاتل جيش الروم فى بلاد الشام بقيادة خالد بن الوليد- رضى الله عنه-، فأرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-رسالة إلى خالد مع أبى عبيدة بن الجراح - رضى الله عنه-، يأمره فيها أن يترك قيادة الجيش، ويسلمها لأبى عبيدة.
فلما وصل أبو عبيدة- رضى الله عنه-إلى الشام وجد أن المعركة مع الروم قد بدأت، فانتظر حتى انتهى القتال وانتصر المسلمون، ثم سلم الرسالة لخالد- رضى الله عنه-.
فلما قرأ خالد الرسالة لم يتردد لحظة فى طاعة الخليفة، وتنفيذ أمره، وسلم أبا عبيدة قيادة الجيش.وصار خالد جنديَّا كعامة جنود المسلمين، ولم يمنعه عزله عن القيادة من مواصلة الجهاد.
وهكذا كان خالد نموذجًا حسنًا لطاعة المسلم لأميره، والامتثال لأوامره.
322
ساعة الحصار
أثناء حصار المشركين للمدينة فى غزوة الأحزاب، طلب النبى صلي الله عليه وسلم من أصحابه أن يقوم رجل منهم ليعرف أخبار المشركين، قائلا: ( مَنْ رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم، ثم يرجع..أسأل الله-تعالى-أن يكون رفيقى فى الجنة ) .فلم يقم أحد منهم.
فنادى صلي الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان- رضى الله عنه-، وقال له: ( يا حذيفة، اذهب فادخل فى القوم، فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئًا حتى تأتينا ) .
فأطاع حذيفةُ رسولَ الله صلي الله عليه وسلم ، فذهب إلى معسكر المشركين، وعرف أخبارهم.ولما أراد أن ينصرف رأى أبا سفيان قائد المشركين يقف بمفرده، فأراد أن يرميه بسهم فيقتله، ولكنه تذكر وصية الرسول صلي الله عليه وسلم إليه بألا يفعل شيئًا حتى يأتيه، فلم يقتل أبا سفيان طاعة لأمر النبى صلي الله عليه وسلم .
323
الابن العاصى
دعا نوح صلي الله عليه وسلم قومه إلى عبادة الله-تعالى-مدة طويلة من الزمن، فلم يستجب له إلا القليل منهم، واستمر الباقون فى كفرهم وعصيانهم، فدعا نوح صلي الله عليه وسلم ربه أن يهلك الكفار، فأوحى الله إليه أن يصنع سفينة، فلما انتهى نوح من صنع السفينة، أمره الله أن يركبها هو والذين آمنوا معه، وأن يأخذ معه من كل شىء زوجين اثنين.
وفعل نوح صلي الله عليه وسلم ما أمره الله به، وأمطرت السماء مطرًا شديدًا، وتفجر الماء من الأرض، وارتفع الماء، وحمل السفينة وسار بها.
وكان لنوح صلي الله عليه وسلم ابن كافر، فناداه: يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين.لكن الابن العاصى أصر على كفره بالله، وعدم طاعته لأبيه، وقال له: سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء فقال له أبوه: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وارتفع الماء، فغرق الابن العاصى مع الكافرين.
324
الأميران
اختار رسول الله صلي الله عليه وسلم عمرو بن العاص- رضى الله عنه-ليكون أميرًا على جيش المسلمين فى موقعة ذات السلاسل، فلما وصل عمرو بالجيش ورأى كثرة الأعداء، أرسل إلى النبى صلي الله عليه وسلم يطلب منه مددًا.
فأرسل إليه الرسول صلي الله عليه وسلم مددًا من المهاجرين الأولين بقيادة أبى عبيدة بن الجراح- رضى الله عنه-، وأمره الرسول صلي الله عليه وسلم ألا يختلف مع عمرو.
فلما قدم مدد المهاجرين على عمرو قال لهم: أنا أميركم.فقال المهاجرون: بل أنت أمير أصحابك، وأبو عبيدة أمير المهاجرين.فقال عمرو: إنما أنتم مدد مُدِدْتُه.فلما رأى أبو عبيدة إصرار عمرو على موقفه تذكر وصية الرسول ألا يختلف مع عمرو، فقال له: تعلم يا عمرو أن آخر ما عهد إلىَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم أن قال: ( إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ) ، وإنك إن عصيتنى لأطيعنك، ثم سلم أبو عبيدة الإمارة لعمرو خشية أن يعصى رسول الله صلي الله عليه وسلم أو تحدث فتنة فى جيش المسلمين.
325
المؤمنات الطائعات
لما نزل قول الله -عز وجل-الذى يأمر فيه المؤمنات بارتداء الخمار (وهو ثوب يغطى الرأس وفتحة الصدر): وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهن ولا يبدين زينتهن...
سارعت المؤمنات إلى تنفيذ أمر الله، فشقت كل واحدة قطعة من ثيابها واختمرت بها تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله فى كتابه.
وكان الرجل من الصحابة إذا أخبر نساءه وبناته بهذه الآية يسارعن إلى تنفيذ أمر الله.
تقول السيدة عائشة- رضى الله عنها-: يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل، لما أنزل الله: وليضربن بخمرهن على جيوبهن فشققن مروطهن (المرط: كساء تلفُّه المرأة حول رأسها) فاختمرن بها.
326
صبر وجنة
خرج حارثة بن سراقة - رضى الله عنه-مع جيش المسلمين يوم بدر، فأصابه سهم فقُتل شهيدًا.
وجاءت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا نبى الله! ألا تحدثنى عن حارثة؛ فإن كان فى الجنة صبرتُ واحتسبتُ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه فى البكاء.
فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: (يا أمَّ حارثة!إنها ليست بجنة واحدة، ولكنها جنان كثيرة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى).
فقالت أم حارثة: بَخٍ بَخٍ يا حارثة.(بَخٍ: كلمة تقال عند الرضا والإعجاب).
ورجعت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى صابرة محتسبة راضية بدخول ابنها حارثة الجنة.
327
الأم الصابرة
قبل أن تبدأ معركة القادسية دَعَتْ الخنساء بنت عمرو أولادها الأربعة، وقالت لهم: يا بَنِى!إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذى لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد كما إنكم بنو امرأة واحدة، ما خُنْتُ أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيَّرت نَسَبَكم.وقد تعلمون ما أعدَّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
سمع الأولاد نصيحة أمهم، ودخلوا المعركة وكلهم يتمنى الشهادة فى سبيل الله، وقاتلوا قتالا شديدًا بشجاعة وحماس حتى استشهدوا جميعًا.
328
وصية بالطاعة
ذات يوم، صلى النبى صلي الله عليه وسلم الصبح، ثم توجه إلى الصحابة- رضى الله عنهم-، وخطب فيهم، ووعظهم، فبكوا.فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟
فقال النبى صلي الله عليه وسلم : ( أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة (يقصد بذلك طاعة ولى الأمر أو الحاكم أو المسئول)، وإن كان عبدًا حبشيَّا، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها، وعَضَّوا عليها بالنواجذ (الأسنان)، وإياكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كل مُحْدَثَة بدعة، وكل بدعة ضلالة ) .
وفى هذه الوصية نرى أهمية طاعة الحاكم فيما لا يعصى الله، وطاعة الله -عز وجل-باتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، والتشبه بالصحابة وأفعالهم-رضوان الله عليهم أجمعين-.
329
طاعة وفداء
ذات ليلة، رأى نبى الله إبراهيم الخليل صلي الله عليه وسلم رؤيا فى منامه، لقد رأى أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل صلي الله عليه وسلم ، وتكررت هذه الرؤيا، فصدَّقها إبراهيم صلي الله عليه وسلم ، وعرف أنها وحى من الله، وأن الله يريد أن يختبره، فنادى ابنه إسماعيل صلي الله عليه وسلم ، وقال له: يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى.
فلم يتردد الابن-وكان فتى صغيرًا-، وقال طاعة لله: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين.
وأطاع إبراهيم وإسماعيل أمر ربهما، وأمسك إبراهيم صلي الله عليه وسلم السكين، واستعد لذبح ولده، ولكنه سمع صوتًا يناديه: يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين.
وأنزل الله من السماء كبشًا عظيمًا؛فداءً لإسماعيل صلي الله عليه وسلم لحسن طاعته، واستجابته لأوامر ربه. قميص عمر
جاءت إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أقمشة من اليمن، فأعطي كل رجلٍ من المسلمين قطعة تكفي ثوبًا واحدًا، ثم أخذ نصيبه ونصيب ولده عبد الله وخاطه ولبسه.
فلما صعد عمر-رضي الله عنه-المنبر ليخطب في الناس، وقال: أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا، قام إليه رجل من المسلمين، وقال لا سمعًا ولا طاعة. فقال عمر-رضي الله عنه-ولِمَ ذلك؟قال: لأنك استأثرت علينا.قال عمر: بأي شيء ؟
قال الرجل: لقد أعطيت كلا مِنَّا قطعة من القماش، تكفي ثوبًا واحدًا، وأنت رجلٌ طويل، وهذه القطعة لا تكفيك ثوبًا، ونراك قد خيَّطَّتهُ قميصًا تامًا، فلابد وأنك أخذت أكثر مما أعطيتنا؟!
فالتفت أمير المؤمنين إلي ابنه عبد الله-رضي الله عنهما-، وقال: يا عبد الله أجبه عن كلامه.
فقال عبد الله: لقد أعطيته من كسائي ما أتم به قميصه.فقال الرجل: أما الآن فالسمع والطاعة.
330
رد المظالم
تولي عمر بن عبد العزيز-رحمه الله-الخلافة، فأمر مناديا ينادي: ألا من كانت له مظلمة ليرفعها إلي أمير المؤمنين.
وذات يوم، كان عنده العباس بن الوليد بن عبد الملك، فدخل عليه رجل نصراني من أهل حمص، أبيض الرأس واللحية، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألُك كتاب الله عز وجل.قال عمر: وما ذاك؟ فأخبره الرجل أن العباس بن الوليد بن عبد الملك أخذ أرضه واغتصبها.
فقال عمر للعباس: ما تقول؟!فأخبره العباس أن أمير المؤمنين الوليدُ بن عبد الملك كان قد أعطاها له، وكتب له بها عقدًا.فقال عمر: ما تقول يا ذِمِّي؟!قال الذِّمِّي: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله عز وجل.فقال عمر: كتابُ الله أحق أن يتبع من كتاب الوليد بن عبد الملك، فاردد عليه يا عباس ضيعته.فردّها العباس عليه.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:53
331
عدل وأمان
ذات يوم، جاء رسول من عند ملك الروم لمقابلة عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-فدخل الرجل المدينة، وسار في طرقاتها، يسأل الناس عن قصر الملك، فأفهمه الناس أن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-لا يعيش في قصر، وليس له حّراس.
وساروا معه حتى وصلوا إلي شجرة كبيرة، وأشاروا إلي النائم تحتها، فتعجب الرجل.
فلما اقترب من عمر-رضي الله عنه-، وجده نائمًا علي الأرض، وقد وضع بُردة كالوسادة تحته، فازداد عجب الرجل، وقال لعمر: إنني رسول قيصر إليك، جئت أظنك ملكًا كملوكنا، لك قصرٌ وحاشية، وحّراس يسيرون خلفك أينما حللت، ولكنك يا عمر: حكمت فعدلت، فأمنت فنمت.
332
العبد الصالح
في يوم من الأيام، كان فيروز الديلمي داخلا علي أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنهما-، فزاحمه فتي من قريش يريد أن يدخل قبله، فرفع فيروز يده، وضربه علي أنفه، فدخل الفتي علي عمر، والدم يسيل من أنفه، وحكي له ما حدث.
فقال عمر لفيروز-رضي الله عنهما-: ما هذا يا فيروز؟فأخبره فيروز بما حدث.فأمر عمر-رضي الله عنه-بالقصاص!
فجلس فيروز علي ركبتيه، وقام الفتي ليقتص منه، فطلب إليه عمر أن يتمهل، وقال له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وهو يقول: (قُتل الليلة الأسود العنسي الكذاب قتله العبد الصالح فيروز الديلمي!).فلما سمع الفتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن فيروز أنه عبد صالح، عفا عنه، فأعطاه فيروز سيفه وفرسه، وثلاثين ألفًا.فقال عمر للقرشي: يا أخا قريش: عفوت مأجورًا وأخذت مالا.
333
الرسالة
دخل أعرابي علي عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-غاضبًا، وألقي في حجره لفافة من الشعر، فقال عمر: ما هذا؟قال الأعرابي: جئت أشكو إليك، فقد ظلمني الوالي أبو موسوى الأشعري. قال عمر: وماذا فعل؟قال الأعرابي: لم يعطني حقي كاملا، فرددته إليه، فغضب، وجلدني عشرين سوطًا، وقصّ شعري، وهو في هذه اللفافة التي ألقيتها إليك.
فتألم عمر-رضي الله عنه-، وأرسل إلي أبي موسوى يأمره أن يجلس أمام جماعة المسلمين ليجلده الأعرابي عشرين سوطًا، ثم يحلق له شعر رأسه.
فلما قرأ أبو موسوى-رضي الله عنه-رسالة عمر قام إلي الأعرابي، وقال له: تَقَدَّم ونفِّذ ما أمر به عمر، ثم أعطاه سوطًا ليجلده، وقدم إليه رأسه ليحلقها له.فتأثر الأعرابي، وعفا عنه، وقال: لن يظلم أحدٌ وعمر أميرُ المؤمنين.
334
ضربة وحجة
ذات يوم، خرج عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-إلي سوق المدينة يتفقد أحوال الرعية، وفي يده درته، فرأي سلمة بن الأكوع-رضي الله عنه- يسير في وسط الطريق، فضربه عمر-رضي الله عنه-ضربة خفيفة بالدرة أصابت طرف ثوبه، وأمره أن يسير في جانب الطريق.
فلما كان العام التالي قابله عمر-رضي الله عنه-في نفس الموضع، فقال له: يا سلمة، تريد الحج؟فقال سلمة: نعم يا أمير المؤمنين.
فأخذ عمر-رضي الله عنه-بيده، وانطلق به إلي منزله، فأعطاه ست مائة درهم، وقال استعن بها علي حجك، واعلم أنها بالخفقة (الضربة الخفيفة) التي خفقتك.
335
دار العباس
يروي أن العباس بن عبد المطلب-رضي الله عنه-كان يملك دارًا إلي جنب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأراد عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أن يأخذها منه ليوسع بها المسجد، فعرض عليه أن يشتريها منه، أو يهبها له، أو يوسع هو بها المسجد، لكن العباس رفض كل ذلك.
فقال له عمر: لابدّ لك من إحداها، فأبي العباس.فاحتكما إلي أُبي بن كعب-رضي الله عنه-، فقال أبي لعمر: ما أري أن تخرجه من داره حتى ترضيه.فسأله عمر عن السبب الذي جعله يحكم بذلك.فقال أُبي: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن سليمان بن داود-عليهما السلام-لَمّا بني بيت المقدس جعل كلَّما بني حائطًا أصبح منهدمًا، فأوحي الله إليه أن لا تبني في حق رجلٍ حتى ترضيه).وعندما سمع عمر هذا القول، ترك العباس وشأنه في داره.فجعلها العباس صدقة للمسلمين، ووسع بها المسجد بعد ذلك.
336
مجلس القضاء
كان بين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأُبي بن كعب-رضي الله عنهما-خصومة، فذهبا إلي زيد ابن ثابت-رضي الله عنه-ليحكم بينهما، فرحب بهما زيد، وأدخلهما، ووسَّع لعمر ليجلسه في مكان مميز، وقال: اجلس ههنا يا أمير المؤمنين. فقال له عمر: هذا أول جور (ظلم) جُرتَ في حكمك، ولكن أجلسُ مع خصمي.
وجلس الخصمان معًا أمام زيد-رضي الله عنه-، فادّعي أبي شيئًا وأنكر عمر-رضي الله عنهما-، وفي مثل هذه الحال، علي المدّعي أن يأتي ببينة، وعلي من أنكر أن يقسم، عندئذٍ قال زيد لأُبي: اعف أمير المؤمنين من اليمين، وما كنت لأسألها لأحد غيره.
ولكن عمر رفض وحلف اليمين، ثم قام غاضبًا لأن القاضي يفرق بينه وبين خصمه، وأقسم ألا يتولى زيد القضاء؛ حتى يكون عمر ورجل من عموم المسلمين عنده سواء، لا فرق بينهما.
337
عدل أبي بكر
ذات يوم، أعلن الخليفة أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-أنه سيوزع صدقات الإبل بعد الفجر في اليوم التالي، فلا يدخل عليه أحد إلا بإذن.
فقالت امرأة لزوجها: خذ هذا الخطام (ما يربط به الجمل)، واذهب لعل الله يرزقنا جملا.
فأخذ الرجل الخطام، وذهب في الموعد، فوجد أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما-قد دخلا إلي الإبل، فدخل وراءهما، فلما رآه أبو بكر-رضي الله عنه-أخذ منه الخطام، وضربه.
فلما فرغ أبو بكر-رضي الله عنه-من تقسيم الإبل، طلب الرجل، فأعطاه خطامه، ثم قال له: استقد (اضربني كما ضربتك).فقال عمر-رضي الله عنه-: والله لا يستقد لا تجعلها سُنَّة.
قال أبو بكر-رضي الله عنه-: فمن لي من الله يوم القيامة ؟ فقال عمر: إذن أرضيه.فأمر أبو بكر غلامه أن يأتيه براحِلة ورحلها، وقطيفة وخمسة دنانير، فأرضاه بها، فانصرف الرجل راضيا.
338
العدل والعفو
كان أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-يتحدث يومًا مع ربيعة الأسلمي-رضي الله عنه-واشتد النقاش بينهما، فقال أبو بكر كلمة شديدة لربيعة، ثم ندم واعتذر إليه، وقال له: ردَّ علي مثلها حتى تأخذ حقك.
فقال ربيعة-رضي الله عنه-: لا أفعل، فأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال أبو بكر-رضي الله عنه-: إن لم تفعل شكوتك للرسول صلى الله عليه وسلم .قال ربيعة -رضي الله عنه-: لا استطيع أن أفعل.
عندئذٍ انطلق أبو بكر-رضي الله عنه-إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقصَّ عليه ما حدث، فقال ربيعة: يا رسول الله، ما كان لي أن أرد علي أبي بكرٍ كلمة بدرت منه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أحسنت يا ربيعة، ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر).فقالها ربيعة، وشكره أبو بكر -رضي الله عنهما-.
339
العدل بين الأبناء
أراد الصحابي الجليل بشير بن سعد-رضي الله عنه-أن يهب لأحد أولاده هدية، فرفضت زوجته عمرة بنت رواحة-رضي الله عنها-أن يأخذ ولدها الهدية، حتى يذهب بشير إلي النبي صلى الله عليه وسلم ، ويُشهده عليها.
فذهب بشير إلي النبي صلى الله عليه وسلم ، لكي يشهده علي أمر الهدية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟).
قال بشير: لا.
فقال صلى الله عليه وسلم : (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
فرجع بشير في هديته تنفيذًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليكون عادلا بين أبنائه.
340
الشريفة السارقة
سرقت امرأة، وعلم صلى الله عليه وسلم بأمرها، فأمر أن يقام عليها حَدَّ السرقة؛ فتقطع يدها.
وكانت هذه المرأة من عظماء وأشراف قريش، فأرادت قريش ألا تقيم عليها الحد، فعرضوا علي أسامة بن زيد-رضي الله عنه-أن يذهب إلي النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب إليه العفو عنها؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه.
فلما ذهب أسامة-رضي الله عنه-إلي الرسول صلى الله عليه وسلم وكلمه في أمر المرأة، غضب صلى الله عليه وسلم ، وقال لأسامة: (أتشفع في حدٍ من حدود الله؟)، ثم قام صلى الله عليه وسلم خطيبًا، فقال: (أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله(أقسم بالله)، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمدٌ يدها).
341
عدل الرسول صلى الله عليه وسلم
كان علي رسول الله صلى الله عليه وسلم دَين من التمر لرجلٍ من بني ساعدة، فجاء يطلبه، ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم ما يقضي به.
فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من رجل أنصاري أن يسد عنه دينه، فأعطي الأنصاري للرجل تمرًا أقل من حقه، فرفض الرجل أن يقبله.فقال الأنصاري: أتردُّ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟(أي: أترفض أن تأخذ ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم )، فقال الرجل: نعم، ومن أحق بالعدل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فدمعت عينا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: (صدق، ومن أحق بالعدل مِنَّي!لا قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ولا يتعتعه (يقلقه ويزعجه)).
ثم أرسل صلى الله عليه وسلم إلي خولة بنت قيس زوجة حمزة بن عبد المطلب-رضي الله عنهما-، واقترض منها تمرًا قضي به دينه للأعرابي، وأحسن إليه.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:57
342
خاتم الذهب
ذات يوم، رأى رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلا يلبس خاتمًا من ذهب، فنزع الخاتم من إصبع الرجل ورماه، وقال له: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها فى يده ) .
فلما انصرف الرسول صلي الله عليه وسلم طلب أحد الصحابة من الرجل أن يأخذ خاتمه لينتفع به أو يبيعه ويأخذ ثمنه.فرفض الرجل ذلك، وقال: والله لا آخذه وقد طرحه رسول الله صلي الله عليه وسلم .
ولم يكن النبى صلي الله عليه وسلم قد نهى الرجل عن الانتفاع بالخاتم، وإنما نهاه عن لبسه، ولكن الصحابى فعل ذلك حبَّا لرسول الله صلي الله عليه وسلم وزيادة فى طاعته.
وذلك لأن الذهب يحرم لبسه على الرجال، ولكنه حلال للنساء، ويجوز لهن أن يستعملنه للزينة والتجمل.
343
الصحابى الطائع
ذات يوم، ذهب عبد الله بن رواحة- رضى الله عنه-إلى مسجد الرسول صلي الله عليه وسلم ، فلما اقترب من المسجد سمع الرسول صلي الله عليه وسلم يقول وهو يخطب فى المسلمين: ( اجلسوا ) .
فجلس عبد الله مكانه طاعة لأمره صلي الله عليه وسلم برغم أنه لم يكن قد وصل إلى المسجد، وظل جالسًا حتى فرغ النبى صلي الله عليه وسلم من خطبته.
وكان صلي الله عليه وسلم قد قال ذلك لأنه رأى بعض المسلمين واقفين أثناء الخطبة.
فقيل للنبى صلي الله عليه وسلم : يا رسول الله، ذلك ابن رواحة سمعك وأنت تقول للناس: اجلسوا.فجلس فى مكانه.
فقال النبى صلي الله عليه وسلم لعبد الله- رضى الله عنه-: ( زادك الله حرصًا على طواعية الله وطواعية رسوله ) .
344
ضوابط الطاعة
اختار المسلمون أبا بكر الصديق- رضى الله عنه-خليفة للرسول صلي الله عليه وسلم ، فقام ليخطب فى المسلمين؛فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: ( أما بعد أيها الناس، فإنى قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنتُ فأعينونى، وإن أسأت فقوِّمونى.الصدق منجاة، والكذب خيانة. والضعيف منكم قوى عندى حتى أزيح علته (أزيل شدته ومحنته) إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد فى سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا يشيع قوم قط الفاحشة إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعتُ الله ورسوله، فإذا عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم ) .
وهكذا وضح أبو بكر- رضى الله عنه- للمسلمين ضوابط طاعة ولى الأمر فى ظل طاعة الله.
345
قصور الذهب
يروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالسًا مع صحابته فضحك، فسأله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن سبب ضحكه.فقال صلى الله عليه وسلم :رجلان من أمتي جثيا (جلسا علي ركبتيهما) بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يارب خذ لي مظلمتي من أخي .
فقال الله:كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء.
قال:يارب، فليحمل من أوزاري .
فقال الله للطالب:ارفع بصرك فانظر.فرفع، فقال: يارب أري مدائن من ذهب، وقصورًا من ذهب مكللة (محاطة) باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟أو لأي صديق هذا؟أو لأي شهيد هذا؟.
قال:لمن أعطي الثمن.
قال:يارب، ومن يملك ذلك؟
قال:أنت تملكه. قال:بماذا؟
قال:بعفوك عن أخيك.
قال:يارب، فإني قد عفوت عنه.
قال الله:فخذ بيد أخيك وأدخله الجنة.
346
أجرهم على الله
عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:(إذا وقف العباد للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم علي رقابهم تقطر دمًا، فازد حموا علي باب الجنة، فقيل:من هؤلاء؟ قيل:الشهداء كانوا أحياء مرزوقين.
ثم نادي مناد:ليقم من أجره علي الله فيدخل الجنة.
قيل:ومن ذا الذي أجره علي الله ؟
قال:العافون عن الناس.
ثم نادي الثالثة:ليقم من أجره علي الله فليدخل الجنة.
فقام كذا وكذا ألفًا فدخلوها بغير حساب).
347
عفو وإحسان
يروي عن علي زين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما- أن غلامه كان يصب له الماء بإبريق مصنوع من الخزف، فوقع الإبريق علي رِجْل زين العابدين فانكسر الإبريق، وجرحت رِجْل زين العابدين، فغضب، وتغير وجهه.
فقال الغلام:يا سيدي، يقول الله تعالي: والكاظمين الغيظ.
فقال زين العابدين:لقد كظمت غيظي.
فقال الغلام:ويقول تعالي:والعافين عن الناس.
فقال زين العابدين:لقد عفوت عنك.
فقال الغلام:ويقول تعالي:والله يحب المحسنين.
فقال له زين العابدين:أنت حر لوجه الله.
348
عفو أمير المؤمنين
قدم عيينة بن حصن -رضي الله عنه- إلي المدينة، فأقام عند ابن أخيه الحر بن قيس -رضي الله عنه-، وكان الحر من المقربين من مجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث كان قارئًا للقرآن وعالمًا.
فقال عيينة للحر:يا بن أخي، استأذن لي في الدخول علي أمير المؤمنين، فطلب له الإذن، فأذن له عمر-رضي الله عنه-.
فلما وقف عيينة أمام أمير المؤمنين قال له:هيه يا بن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل (الكثير)، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر - رضي الله عنه- حتى همَّ أن يضربه.
فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله - عز وجل - يقول:خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإن هذا من الجاهلين، فلما سمع أمير المؤمنين الآية الكريمة عفا عن عيينة.
349
عفو الصدِّيق
كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ينفق علي أحد أقاربه وهو مِسْطَح بن أُُثاثة.
ولكن هذا الإحسان لم يمنع مسطحًا من مشاركة المنافقين في نشر الافتراءات علي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها.
وعندما نزل القرآن الكريم ليبين كذب المنافقين، ويظهر براءة عائشة -رضي الله عنها-، عزم أبو بكر -رضي الله عنه- علي أن يمنع النفقة عن مسطح، فأراد الله تعالي أن يعلم المسلم الصفح والعفو عمن أساء إليه، فنزل قوله تعالي:ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله، وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم، والله غفور رحيم .
فلم يتردد أبو بكر -رضي الله عنه- في العفو عن مِسْطَح، وعاد يقدم له العطاء كما كان يفعل، وهو يقول:إني أحب أن يغفر الله لي !
350
خصام ثم عفو
كان عبد الله بن الزبير-رضي الله عنه-يسكن بيتًا تملكه خالته السيدة عائشة -رضي الله عنها- فباعته، فغضب من خالته، وقال:لأحجرن عليها (أي:يمنعها من التصرف في أملاكها).فلما علمت السيدة عائشة بما قاله عبد الله أقسمت ألا تكلمه حتى يفرق الموت بينهما.
وطالت فترة الخصام، وأرسل إليها عبد الله كثيرًا حتى ترضي عنه وتعفو عن خطئه، ولكنها رفضت.
وذات يوم، ذهب المسور بن مخرمة وعبد الرحمن ابن الأسود -رحمهما الله- إلي السيدة عائشة، وكان معهما عبد الله بن الزبير، فاستأذنا في الدخول عليها، فأذنت لهما.فقالا:كلنا.قالت:نعم كلكم.فدخل معهما ابن الزبير، وكشف الستر، وعانق خالته، وبكي بكاء شديدًا، وطلب منها أن تعفو عنه صلة للرحم. وذكرها المسور وعبد الرحمن بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)فبكت -رضي الله عنها- وعفت عنه، وكفَّرت عن يمينها بأن أعتقت أربعين رقبة.
351
العفو المأمول
سمع الشاعر كعب بن زهير وأخوه بُجير عن الدعوة الجديدة التي جاء بها النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال بُجير لأخيه كعب: انتظر حتى أذهب فأسمع ما يقوله هذا الرجل، فلما ذهب بجير إلي الرسول صلى الله عليه وسلم وسمع منه هداه الله إلي الإسلام.فلما علم كعب بإسلام أخيه غضب، وقال قصيدة يهجو فيها النبى صلى الله عليه وسلم .فلما علم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك أباح قتل كعب.فحذر بُجير كعبًا، ونصحه بالاعتذار إلي الرسول صلى الله عليه وسلم ، والدخول في الإسلام.فرفض كعب النصيحة، وفر هاربًا.
ومرت الأيام، وشرح الله صدر كعب للإسلام، فعاد إلي النبى صلى الله عليه وسلم وبايعه علي الإسلام، واعتذر إليه، ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم في قصيدة، جاء فيها:
إن الرسول لنـور يستـضاء به
مهـند من سيوف الله مسلول
نُبئت أن رسـول الله أوعدني
والعفو عند رسول الله مأمول
فلما انتهي كعب منها كساه النبى صلى الله عليه وسلم بردته، وعفا عنه.
352
العفو العام
كان المشركون في مكة يؤذون الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كثيرًا، كما أنهم حاربوه بعد أن هاجر إلي المدينة.
ورغم كل ذلك، فقد رُوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن فتح مكة طاف حول الكعبة، فلما انتهي قال:(يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟).
عندئذ طمع أهل مكة في عفو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :(فإني أقول لكم كما قال يوسف لأخوته:لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين).
وعفا عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فانطلق القوم فرحين بعفو الرسول صلى الله عليه وسلم عنهم.
353
عفو أم المؤمنين
كانت لأم المؤمنين السيدة صفية بنت حيي -رضي الله عنها -جارية تخدمها.وذات يوم، ذهبت هذه الجارية إلي الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأخبرته أن السيدة صفية تحب يوم السبت -عيد اليهود الأسبوعي- وتذهب لزيارة اليهود.فأرسل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلي السيدة صفية -رضي الله عنها-، فلما جاءت سألها عن قول الجارية. فأخبرته بأنها لا تحب يوم السبت منذ أن أسلمت، وأبدلها الله به يوم الجمعة، وأما عن زيارتها لليهود، فأخبرته بأنها تزورهم صلة للرحم التي بينها وبينهم .
فلما رجعت السيدة صفية -رضي الله عنها- إلي بيتها سألت جاريتها عن السبب الذي جعلها تفعل ذلك، فأخبرتها الجارية بأن الشيطان هو الذي وسوس لها.فقابلت السيدة صفية -رضي الله عنها- هذه الإساءة بالإحسان، وعفت عن الجارية، وقالت لها: اذهبي فأنت حرة.

يتبع

Karmin
31-10-2008, 13:58
354
فتح مصر
قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه يومًا: (إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمي فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذمة ورحمًا).
وعلم عمرو بن العاص-رضي الله عنه-بنبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمني أن يفتح الله مصر علي يديه، واستأذن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-أن يسير إلي مصر ليفتحها، ويخلصها من احتلال الروم لها. فوافق عمر-رضي الله عنه-.
فتوجه عمرو بن العاص-رضي الله عنه- إلي مصر، ونزل علي حدودها الشرقية، ودار القتال، وانتصر المسلمون علي الروم، وفتحت مصر، ودخل أهلها في دين الله أفواجًا، وعاملهم المسلمون معاملة حسنة، وأنشأ عمرو-رضي الله عنه-مدينة الفسطاط، وبني بها أول مسجد في مصر.
355
الشهيدان
صعد النبى صلى الله عليه وسلم يومًا جـبل أحد، وكان معه أبو بكر وعمر وعثمان-رضي الله عنهم-، فرجف بهم الجبل، واهتز تحت أقدامهم، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصدِّيق وشهيدان).
ومرت السنوات، وبينما الخليفة العادل عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-يصلي بالمسلمين الفجر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم طعنه رجل مجوسي يسمي أبا لؤلؤة -لعنه الله-فمات عمر-رضي الله عنه-شهيدًا من أثر تلك الطعنة.
ثم تولي الخلافة من بعده عثمان بن عفان-رضي الله عنه-وبينما هو جالس يقرأ القرآن ذات يوم، إذ دخل عليه أحد الرافضين لخلافته، فطعنه، فسال الدم الشريف من صدره علي المصحف، فمات-رضي الله عنه-شهيدًا، وصدقت فيه وفي عمر-رضي الله عنهما-نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
356
الذئب والغنم
جاء خباب بن الأرت-رضي الله عنه-إلي النبى صلى الله عليه وسلم وهو يجلس في ظل الكعبة، يشكو إليه ما يلقاه المسلمون من تعذيب وإهانة من المشركين، وقال له: ألا تدعو لنا؟ألا تستنصر لنا؟.
فغضب النبى صلى الله عليه وسلم واحمر وجهه، ووضَّح لخباب كيف كان أتباع الأنبياء يصبرون، فقال: (لقد كان من قبلكم ليمَشَّط بأمشاط الحديد، دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار علي مفرق رأسه فيشَق اثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمَّن الله هذا الأمر (الإسلام) حتى يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب علي غنمه).
ومرت الأيام، واستقر الإسلام في جميع أنحاء الجزيرة العربية، وعم نوره القلوب، وساد العدل الناس، فأصبح الرجل يتنقل في أرجاء الجزيرة لا يخشى علي نفسه شيئًا إلا الله.
357
الطعنة القاتلة
علي أرض مكة، وقبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي المدينة، قال أبي بن خلف لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عندي فرسًا أغذيه الذرة كل يوم، لأقتلك عليه.
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (بل أنا أقتلك إن شاء الله).
ومرت الأيام، وهاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلي المدينة. وفي غزوة أحد، جاء أبي بن خلف، عليه قميص من حديد وقناع من حديد، راكبًا فرسه، وحاملاً سيفه، وأسرع متوجهًا إلي النبى صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه، ويقول: أي محمد، لا نجوتُ إن نجوتَ.
فهمَّ الصحابة بالتصدي له، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (دعوه)، وأخذ حربةً وطعن بها أبيا في عنقه.
ورجع أبي من المعركة وهو يقول: قتلني والله محمد، إنه قال لي بمكة أنا أقتلك. ومات أبي-لعنه الله-من أثر طعنة النبى صلى الله عليه وسلم له.
358
الضربات الثلاث
في غزوة الأحزاب، تعاون الصحابة في حفر الخندق لحماية المدينة من غزو المشركين. وبينما كان سلمان الفارسي-رضي الله عنه-يحفر معهم، قابلته صخرة صلبة فضربها بفأسه بقوة، لكنها لم تنكسر. فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم منه الفأس، وضرب الصخرة ضربة شديدة فلمعت من تحتها، ثم ضربها ثانية فلمعت مرة أخري، ثم ضربها في الثالثة فلمعت مرة ثالثة. ورأي سلمان ما حدث فتعجب، وسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا البريق، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (أو قد رأيت هذا يا سلمان؟)قال: نعم.
قال: (أما الأولي فإن الله فتح علي بها اليمن. وأما الثانية فتح علي بها الشام والمغرب. وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق.
ومرت الأيام، وانطلقت جيوش الفتح الإسلامي في كل مكان؛ لنشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، ففتح الله علي المسلمين اليمن والشام وبلاد المشرق، وتحققت بذلك نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم .
359
عفو أمير المؤمنين
قدم عيينة بن حصن -رضي الله عنه- إلي المدينة، فأقام عند ابن أخيه الحر بن قيس -رضي الله عنه-، وكان الحر من المقربين من مجلس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث كان قارئًا للقرآن وعالمًا.
فقال عيينة للحر:يا بن أخي، استأذن لي في الدخول علي أمير المؤمنين، فطلب له الإذن، فأذن له عمر-رضي الله عنه-.
فلما وقف عيينة أمام أمير المؤمنين قال له:هيه يا بن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل (الكثير)، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر - رضي الله عنه- حتى همَّ أن يضربه.
فقال الحر: يا أمير المؤمنين، إن الله - عز وجل - يقول:خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإن هذا من الجاهلين، فلما سمع أمير المؤمنين الآية الكريمة عفا عن عيينة.
360
عفو يوسف
كان يعقوب صلى الله عليه وسلم يحب ابنه يوسف صلى الله عليه وسلم أكثر من أخوته، فحسده أخوته علي هذا الحب، وغاروا منه، فقرروا أن يتخلصوا من يوسف، فاستأذنوا أباهم في أن يأخذوا يوسف معهم إلي المرعي ليلعب ويمرح، فوافق، وأوصاهم به.فأخذوه معهم، وهناك ألقوه في بئر، ثم رجعوا إلي أبيهم في المساء يبكون، وأخبروه أن الذئب قد أكله، فحزن الأب علي فراق يوسف حزنًا شديدًا.
ومرت بالبئر قافلة، فوجدوا يوسف، فأخرجوه وأخذوه معهم، وباعوه لعزيز مصر.
وتربي يوسف في قصر العزيز، ونتيجة لأخلاقه الحسنة، وعلمه الواسع، صار وزيرًا لملك مصر.وفي أثناء ذلك، جاء إليه أخوته ليشتروا من مصر لأهلهم بعض الغذاء، فلما دخلوا عليه عرفهم، ولكنهم لم يعرفوه، وترددوا عليه أكثر من مرة، وكانت فرصة ليوسف لينتقم من أخوته، لكنه عفا عنهم، وقال لهم:
لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين والتثريب:المؤاخذة والعتاب.
361
عفو النبى صلى الله عليه وسلم
رُوي أن أعرابيا جاء إلي النبى صلى الله عليه وسلم يطلب منه إحسانًا، فأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له:(أحسنت إليك؟)فقال الأعرابي:لا..ولا أجملت.فغضب أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ، وقاموا إلي الأعرابي ليعاقبوه علي ما قال، فأشار إليهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يتركوه، ثم أخذ الرجل معه، ودخل بيته، وزاده فوق ما أعطاه، ثم قال له الرسول صلى الله عليه وسلم :(أحسنت إليك؟).فقال له:نعم، فجزاك الله خيرًا.فقال له النبى صلى الله عليه وسلم :(إنك قلت ما قلت آنفا (قبل ذلك) وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم (أمامهم) ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك). فقال الرجل:نعم.
فلما كان الغد جاء الرجل إلي مجلس النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :(إن هذا الرجل قال ما قال فزدناه، فزعم أنه رضي، أكذلك؟) فقال الرجل: نعم، جزاك الله خيرًا، ثم انصرف الرجل مسرورًا.
362
خير التابعين
قال صلى الله عليه وسلم: (يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد (وفود) اليمن، من ُمرَاد ثم من قرن(اسم قبيلته)، كان به برص، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بَرٌّ، لو أقسم علي الله لأبره، فمروه فليستغفر لكم).
فكان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-يسأل عنه وفود اليمن في موسم الحج كل عام، حتى جاء أويس في أحد الوفود، فقال له عمر: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مُراد؟من قَرَن؟قال: نعم. قال: فكان بك من بَرَص، فبرأتَ إلا موضع درهم؟قال: نعم. قال: ألك والدة؟قال: نعم. فذكر له عمر نبوءة النبي ص، وسأله أن يستغفر له، فاستغفر له، وطلب إليه عمر أن يبقي إلي جانبه، فرفض وخرج إلي الكوفة.
وفي العام التالي سأل عمر رجلا من أشراف الكوفة عن أويس. فقال له: تركتُه رثَّ البيت، قليل المتاع(أي فقير). فذكر عمر للرجل نُبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فرجع الرجل إلي أويس. وقال له: استغفر لي. فقال أويس: هل لقيت
363
الخطأ الهين
يروي أن أحد الأغنياء وأصحاب الجاه أمر خادمه أن يصنع له طعامًا، ودعا إليه بعض أعوانه.
وبدأ الخادم في إعداد المائدة، فجاء بطبق فيه مرق ساخن، فتعثر الخادم في الطريق فوقع بعض المرق علي ثوب الرجل الغني، فغضب، وأمر حراسه أن يضربوا عنق الخادم.فلما رأي الخادم أن سيده مصمم علي قتله صبَّ المرق كلّه علي ملابس سيده، فثار وازداد غضبه، وقال:ويحك!كيف تفعل هذا أيها الخادم ؟!فردَّ الخادم قائلا:يا سيدي، لقد صنعت ذلك من أجلك، وخوفًا علي سمعتك؛حتى لا يقول الناس:إنك قد قتلت خادمك في خطأ هين، فأردت أن أفعل ذنبًا استحق عليه القتل؛حتى لا يتهموك بالظلم.
وقف الرجل الغني مع نفسه لحظات، ثم التفت إلي الخادم، وقال له:لقد عفوت عنك لحسن اعتذارك، اذهب..فأنت حرٌّ
364
حياة طويلة
ذات يوم، مرض سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-مرضًا شديدًا، فظنَّ أن أجله قد اقترب، فعزم علي أن يتصدق بجميع ماله في سبيل الله، فلما جاء إليه النبى صلى الله عليه وسلم ليزوره قال له سعد: أوصي بمالي كله؟
فقال صلى الله عليه وسلم : (لا). قال: فالشطر(النصف)؟
فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (لا).
قال سعد: الثلث، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : (فالثلث، والثلث كثير!إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفَّفون الناس في أيديهم).
وبشره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل سيشفيه، ويمد في عمره، فقال له: (لعلك تُخَلَّفُ(أي: يطول عمرك) حتى ينتفع بك أقوام، ويضرَّ بك آخرون).
وعاش سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-عمرًا طويلا، واشترك مع المسلمين في كثير من الفتوحات الإسلامية، وفتح الله علي يديه العراق، وأصبح أميرًا عليها، ونفع الله به المسلمين، وأضر به الكافرين الذين أهلكهم علي يديه.
365 عفو ولد الرسول
يحكي أن علي زين العابدين بن الحسين -رضي الله عنهما- كان ذاهبًا إلي المسجد ومعه غلمانه، فقابله رجل، فأخذ الرجل يسب زين العابدين ويشتمه، فذهب الغلمان إلي الرجل كي يضربوه، ولكن زين العابدين نهاهم عن إيذائه، ثم نظر إلي الرجل وقال له:يا هذا، أنا أكثر مما تقول، وما لا تعرفه مني أكثر مما عرفته، فإن كان لك حاجة في ذكرته لك .
فاستحيا الرجل من زين العابدين، ثم خلع زين العابدين قميصه وأعطاه للرجل، وأمر له بألف درهم.
فذهب الرجل وهو يقول:أشهد أن هذا الشاب ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
366
العفو الحقيقي
يحكي أن أحد الأمراء قبض علي مجموعة من الأسري، ولما أراد أن يقتلهم نظر إليه أحد الأسري، وطلب منه أن يطعمهم ويسقيهم قبل أن يقتلهم.
فأحضر لهم الأمير الطعام والشراب، فأكلوا وشربوا وشبعوا.
ثم قال أحدهم له:أيها الأمير؛أطال الله بقاءك، إننا كنا أسراك والآن صرنا ضيوفك، فانظر كيف تصنع بضيوفك؟.
عند ذلك قال لهم الأمير:قد عفوت عنكم .

يتبع

Karmin
31-10-2008, 14:01
367
يموت وحيدًا
في صحراء الرَّبذَة، قريبًا من المدينة المنورة جلست زوجة أبي ذر الغفاري-رضي الله عنها-تبكي علي زوجها، وقد اقـترب منـه المـوت، فيقول لها: لا تبك وابشرى، فإني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لنا: (ليموتن رجل منكم بفلاة(صحراء)من الأرض يشهده عصابة (جماعة)من المؤمنين). وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني الذي أموت بفلاة، والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِّبْت. ثم أمرها أن تقوم فتنظر إلي الطريق، فقامت فخرجت فرأت بعض الرجال قادمين، فلما رأوها أسرعوا نحوها، وإذا فيهم عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، وسألوها عن أمرها؟فقالت: امرؤ من المسلمين يموت، وأريد أن تكفنوه وتجهزوه. فقالوا: ومن هو؟قالت: أبو ذر. قالوا: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!قالت: نعم.
فبكي ابن مسعود علي صاحبه بكاءً شديدًا، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال: (يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده).
ثم قام إلي أبي ذر، فكفنه وصلي عليه ودفنه.


النهااااااااااااااااااااااااااااااااااية


أتمنى تفيدكم القصص لقد تم تجميعها في غضون 5 سنوات
و لأول مرة أطرخها على النت

أتمنى أشوووووووووووووووووووووف ردوووووووووووووودكم و آرائكم