PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : أطوار شرائط الـ«مانغا» المصورة اليابانية ... من قنبلة هيروشيما الى اليوم



مسافر
11-08-2008, 20:49
أطوار شرائط الـ«مانغا» المصورة اليابانية ... من قنبلة هيروشيما الى اليوم
جان - ماري بويسو الحياة - 23/07/08//


انقلبت الشرائط المصورة اليابانية «مانغا» من حال الى حال، إثر هزيمة اليابان، في 1945. ومذذاك، احتلت الشرائط هذه مكانة بارزة في الثقافة اليابانية المعاصرة. وينشر في اليابان بليون ونصف نسخة من الـ «مانغا»، سنوياً. والحق ان السرد التصويري هو فن قديم جذوره ضاربة في الثقافة اليابانية. فالشرائط المصورة تتحدر من لفائف الرسوم، وأقدمها يسرد سيرة حياة بوذا، ويعود الى عهد نارا (710-794). وعلى رغم تحدرها من هذه اللفائف، تختلف تقنيات الشرائط المصورة السردية عن تقنيات اللفائف. وازدهر فن اللفائف طوال عشرة قرون. ورواياتها قد تبعث الاستهجان في أوساط من يحسب أن أزهار الكرز وحدائق الأحجار هي عمدة الثقافة اليابانية. فبعض هذه اللفائف يروي قصص الأشباح النهمة والجائعة، وقصص نزهة الشياطين الليلية.
فثمة وجهان للثقافة اليابانية، أحدهما لائق، والثاني مبتذل ودموي يروي قصص الجنس والأشباح. وازدهرت هذه الثقافة الشعبية في المدن الكبيرة في عهد إيدو (1603-1867). وولد من رحمها فن الطباعة على الخشب، ومسرح كابوكي. وأخذت الـ «مانغا» عن فن الطباعة على الخشب رسم الوجوه المنمطة والمتشابهة. وتنيط هذه الرسوم التعبير عن المشاعر والكلام بحركة العينين والفم وحدهما. وفصول حبكة هذه القصص تتناسل، وتتناثر في فصول وحلقات تكاد لا تحصى.
والحق أن الـ «مانغا» ولدت من رحم التقاء اليابان بالغرب، بعدما حمل الأسطول الأميركي الأرخبيل الياباني على الانفتاح على العالم، في 1853. فتعرف اليابان على تقنية الـ «أوفست»، وهي عملية طباعة تزيد سرعة المطبعة، وتقلص تكلفتها، وتتيح طباعة أعداد كبيرة من المنشورة الواحدة. وحذت كبرى الصحف اليابانية حذو مجلات الرسوم، «كارتونز»، الأميركية. وأرفقت بنسخها ملحقاً مصوراً في نهاية الاسبوع. وصدر أول هذه الملاحق في 1900، وحمل عنوان «جيجي مانغا». وكان هوكوساي أول من أطلق اسم «مانغا»، أي الرسوم الهازئة والخفيفة، على رسوماته «المتناسلة من ريشة الرسم». وفي عهد «تايشو» (1912-1926)، توسل العمال رسوم الـ «مانغا» لمعارضة النظام القائم. ومعظم جمهور الـ «مانغا» في ذلك الوقت هم من الأطفال.
وفي 1947، آذن صدور «دي دشن تاكاراجيما» (جزيرة الكنز الجديدة) بريشة تيزوكا، بولادة الـ «مانغا» المعاصرة. فبعد أقل من عامين على هيروشيما، بيعت 400 ألف نسخة من «جزيرة الكنز الجديدة»، في بلد لم يكن نفض عنه بَعد غبار الكارثة والدمار. وحاكى تيزوكا تقنيات سينمائية في رسم شرائط الرسوم. ومن هذه التقنيات تعدد زوايا النظر، وتتابع الأسطح (أو اللقطات) الكبيرة والمتوسطة والعريضة. وخرج تيزوكا على حصر فصول الشرائط المصورة بعشر صفحات أو عشرين صفحة. وألف سيناريوهات طويلة ومركبة تنقل حوادث حقبة تاريخية في نحو 5 آلاف صفحة. وابتكر تيزوكا شخصيات «مانغا» بقيت حية في الشرائط المصورة، الى يومنا. ومن هذه الشخصيات أتومو تيتسوان (الصبي الفلكي)، أو الأميرة سفير.
ويوم أبادت نيران القنبلة النووية هيروشيما، كان تيزوكا في السادسة عشرة من العمر. وشأن عدد كبير من رسامي الـ «مانغا»، خلفت كارثة هيروشيما أثراً عميقاً في تيزوكا. وبعثت صدمة هيروشيما أربعة عوامل صبغت الـ «مانغا» بصبغة درامية مركبة. وتوزعت الـ «مانغا» على أربعة أنواع: الأول يدور على سيناريو يروي فشل الراشدين، ودمار العالم، ونجاح مجموعة من الأولاد والشباب، تجمعهم رابطة الصداقة والتفاؤل، في البقاء على قيد الحياة. ويعرف النوع الثاني بـ «ميكا» المأخوذة من كلمة «ميكانيكل» (ميكانيكي) الإنكليزية. وتدور فصول «ميكا» على قيادة مجموعة من الشباب مقاتلين آليين («روبوت»)، ينجحون في إنقاذ اليابان، او العالم، من هجوم غرباء من عرق آخر أو من كوكب آخر. ولاقت بعض هذه الرسوم المتحركة، ومنها غرندايزر»، شهرة كبيرة في العالم في سبعينات وثمانينات القرن المنصرم.
والنوع الثالث من الـ «مانغا» هو «كاغاكو بوكن» (مغامرات علمية). فالعلوم احتلت مكانة سامية بين اليابانيين، إثر هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية. وفرض الاحتلال الأميركي اليابان بين 1946 و1952 على اليابانيين إصلاحات ديموقراطية والتزام معايير الحداثة. فساد اليابان مشاعر متضاربة تجمع الأسف والحسرة على تبدد قيم الماضي القريب الى ترحيب بالتقدم والحداثة. ونقلت «المانغا» هذه المشاعر الى روايتها الدرامية. فالموت شائع في سلسلة «أسترو بوي» (الفتى الفلكي). وهي أبصرت النور في مجتمع يعاني نيران قنبلة نووية، ويحاول إنشاء مجتمع جديد يغذيه الألم. وفي 1957، وسم النوع الرابع من الـ «مانغا» بـ «جيكيغا». وتناولت شرائط «جيكيغا» المصورة مواضيع اجتماعية متنوعة تنقل شجون أبطالها وأهواءهم وشغفهم. ودارت الشرائط هذه على قصص سفاح القربى ومجامعة الجثث. ونادراً ما تختم قصص هذه الشرائط بنهاية سعيدة. ورسوم «جيكيغا» سوداء، يستعمل في رسمها حبر أسود كثيف. وحبكة هذه الشرائط عنيفة ونبرتها درامية أو مظلمة، وتغرق في الكآبة.
وفي 1959، ترافق ظهور أول مجلات الشرائط المصورة الأسبوعية المخصصة للمراهقين مع دخول جيل الـ «بيبي بومر» (الجيل المولود غداة الحرب الثانية) مرحلة التعليم الثانوية. وامتلك هؤلاء قدرة شرائية كبيرة في وقت احتلت اليابان مرتبة القوة الصناعية الثانية. وأسهم ضعف رقابة الأهل على جيل الأولاد في نجاح شرائط مصورة تحتفي بجنوح الشباب. واستاء أساتذة المدارس من هذه الشرائط، ووسموها بالـ «مانغا المبتذلة أو السوقية». وإثر انتقاله الى الجامعة، عانى هذا الجيل من اليابانيين أزمة عبوره من المراهقة الى الرشد. وانتهت حركة 1968 الطلابية اليابانية الى إرهاب دموي. وحاكت الـ «مانغا» تمرد الشباب على قيم المجتمع. وخرج أبطالها على نواهي المجتمع وضوابطه.
وأقبل التلامذة وطلاب الجامعات على قراءة هذه الشرائط المصورة، ومنها «ريح الغضب»، وهي تندد بالنظام العسكري، و «أشيتا نو جو»، وهي قصة يتيم يرسل الى إصلاحية، وينجو من قمع المجتمع ويفوز ببطولة العالم في الملاكمة، ويلقى حتفه على الحلبة. وفي 31 آذار (مارس) 1970، خطف «الجيش الأحمر الياباني» طائرة بوينغ، تابعة للخطوط اليابانية. ولم يرفع خاطفو الطائرة لواء الماركسية أو الماوية، بل أعلنوا في رسالة الى الأمة «كل واحد منا هو أشيتا نو جو». ورافقت الـ «مانغا» الشباب الياباني في مراحل المراهقة والرشد المختلفة، وماشت قصصها مشاغله، وأولها دخول سوق العمل واختبار الحب والغرام. والى مماشاتهم مشاغل الشباب وهمومهم، اصدر الناشرون «مانغا» موضوعاتها مختلفة. فأبصرت النور «مانغا الرياضة» و «مانغا الخيال العلمي» و «مانغا التاريخ» و «مانغا الرعب وقصصه» و «غاغكياي مانغا» أو «مانغا» الطبخ، و «مانغا الصيد».
ولا شك في أن ازدهار الـ «مانغا» ونجاحها يعودان الى قدرتها على مجاراة أطوار المجتمع وأفكاره. ففي السبعينات، سعى اليابانيون الى بلوغ هدف واضح، وهو النجاح في بناء بلدهم المدمر. وفي الثمانينات، أعاد اليابانيون النظر في نموذجهم الاقتصادي، على وقع العولمة، وانتقدوا الغرب. وعلى خلاف أبطال الثمانينات والتسعينات، لا يساور جيل هيروشيما، من أبطال «مانغا» السبعينات، الشك في هدف كفاحه، وهو بناء اليابان. فينمو الرز في الحقول في صفحة الـ «مانغا» الأخيرة، في حين أن أبطال أكيرا (1982-1991)، يتقاتلون في طوكيو المدمرة، ولا يسعون الى بلوغ هدف محدد. وفي ختام السلسلة، لا يعيد هؤلاء الأبطال بناء العالم على أكمل وجه.
وفي التسعينات، بلغ انتشار الـ «مانغا» ذروته. ونشر بليون ونصف عدد من الـ «مانغا»، في حين أن الشرائط المصورة الفرنسية لم تبع سوى 60 مليون نسخة، والأميركية 110 ملايين نسخة. وفي الستينات، نقل عدد من قصص الـ «مانغا» الى شاشة التلفزيون. واليوم، تتوسل شركات كبيرة وأهل السياسة الـ «مانغا» لترويج سياساتهم. وفي 1989، كلف كورون شويو، أبرز الناشرين اليابانيين، كبرى صحف الأعمال اليابانية، إصدار «مانغا» تسرد تاريخ اليابان في 48 جزءاً. وأسهم خمسون باحثاً جامعياً في صنعها. وصادقت وزارة التربية اليابانية على السلسلة التاريخية، واعتمدتها في المدارس. وعلى سبيل المثال، طلبت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليابان الى ناشر «مانغا» إصدار شرائط مصورة تروج لليورو في الأرخبيل الياباني.


(مديرة الأبحاث في مركز «سيري» الفرنسي)


عن «ليستوار» الفرنسية، 7-8/2008

فارس شجاع
11-08-2008, 22:08
السلام عليكم ورحمة الله ...

أخي العزيز ( مسافر ) تحية لك أيها الرائع، وألف شكر على مواضيعك المفيدة والقيمة التي لا غنى لنا عنها والتي تتحفنا بها من وقت لآخر ...

وفعلاً ( المانجا ) تاريخ عريق مليء بالروائع، انه سمة من سمات اليابان بل الرمز الأبرز لها

وفعلاً صناعة المانجا في اليابان قديمة جداً ، ولفائف الرسوم شاهدت عرض لها في افتتاح اولومبياد بيكين ، اعتقد انه نفس المبدأ ، وفعلاً يا له من عمل متقن


وتوزعت الـ «مانغا» على أربعة أنواع
هذه التقسيمات الأشهر للمانجا لم أتصور هذا القدم لها ، يا له من تاريخ عريق فعلاً


وفي 1947، آذن صدور «دي دشن تاكاراجيما» (جزيرة الكنز الجديدة) بريشة تيزوكا،
يا له من محنك ومخضرم تيزوكا منذ الأربعينيات وهو على رأس العمل :)


ألف شكر عزيزي مسافر ... مع أطيب التحيات ،،،

King Of Animes
12-08-2008, 07:31
مشكووووووووووور

Perrine
12-08-2008, 10:21
أخي الكريم مسافر موضوعك جميل جدا سلمت يداك على هذا الموضوع القيم ::جيد::

uoouoo
12-08-2008, 12:51
مشكور علي الموضوع

ساره م
12-08-2008, 16:35
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اهلابك اخي مسافر

و شكرا لك على نشر هذا المقال .. عن المانجا و عن تاريخ المانجا
هذا يدلل ان لهذا الفن العريق جذور ضاربة هناك .. و كيف اثر في تكوين جيال من الشعب ان جاز التعبير !!
فكون ان الشغب يها يبدأ في مرحلة صغيرة من العمر فكثير من افكارها تطبع في عقول جيلها
بكل الأحوال ... تفاجئت بقصة مختطفي الطائرة !! من الجيش الأحمر ...
شكرا لك مرة ثانية على المقال
و بالتوفيق الدائم اخي

Kabamaru_Girl
12-08-2008, 19:12
اخونا العزيز مسافر

تحياتي لك على هذ الموضوع التحفة ،،،،و بحث لا يقل روعة يضاف إلى الفرنسيين و هم أكثر الشعوب ولعا بالمانجا اليابانية في أوروبا مع الطليان بالطبع.

المانجا هي الواجهة الثقافية الأولى لليابان في العالم ،،،و لا أبالغ كانت إحدى أسباب نهوض و تشكل الوجه الحديث لليابان بعد الحرب العالمية الثانية. أذكر أن مأساة القنبلة كانت تذكر علنا أو ضمنا تقريبا في كل المانجات أو الأنمي الذي أنتج في فترة السبعينات و جميعنا يتذكر في مسلسل غرندايزر عندما قص الدكتور آمون على كوجي حكاية الدوق و مأساة شعبه و كيف أنهم هوجموا من دون سبب و تأتي صورة لانفجار مشابه تماما لشكل انفجار القنبلة الذرية "عش الغراب".

لا ننسى أن سبب هوس الشعب الياباني بالمانجل كان من أسبابه في بدايته و لحد الآن نوعا ما كونهم شعب محافظ و عملي جدا وجد في هذا الفن أو الأدب نوعا من المتنفس لكل ما يرغب في التعبير عنه .

مرة أخرى أشكرك أخي الكريم جدا على المقال.

'MaD TiGeR'
12-08-2008, 20:03
مشكوووور أخي على التقرير الرائع

خلود الامل
13-08-2008, 08:59
مشكووور خيوو

عالموضوع الرائع

يعطيك العافية

ولا هنت يارب

اعذب التحايا

الـــــوافي
13-08-2008, 09:06
الله يعطيييك العاااافيه اخوي المسافر على موضوعك ذا
فعلا اثريت ثقافتنا
و الصدق فعلا انه تاريخ عريق عريق فعلا
لو قلت لأحد او انسان عادي كلام زي كذا ماصدقه لانها بالنسبه للناس العاديين

افــــــلام كــــــــرتون
:mad:
:mad:
:mad:
:mad:
:mad:
:mad:

على العموم شكرا لك اخوي المسافر و تقبل مروري





تــــــــحياتي للــــــجميع