PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : إلى قاتلي © حقوق القتل محفوظة ...



إمبراطور مكسات
08-05-2008, 18:28
يشرق صباحها مع قاتلها
و الغد يؤول إلى يوم أسود بتقويم السنين
بأثقال حزن مع القليل من المرح

هكذا هي ..

¨°o.O أنثى O.o°"

تظن أنها فريدة
تظن أنها one of a kind

سأكتب لكم


إلى قاتلي © حقوق القتل محفوظة




لما يتبقى من أنثى من بعد أن تهجرها أنوثة فينوس
لما يتبقى من أنثى من بعد أن ينبذها دهاء كيلوبترا
لما يتبقى من أنثى حطمها كبريائها و تعنتها
لما يتبقى من أنثى ستولد على الورق من حقائق خافية!


لتلك الأنثى، التي تعلمت كيف تطأطأ رأسها بالأرض من بعد أن يستحلها قاتلها

عقد الأنثى ... فسيولوجية الأنثى ... خبث الأنثى ... براءة الأنثى

إيه من الإناث

و الله يعيني

ترقبوا الجزء الأول

همسة (أتمنى أن تلاقي حضوراً أفضل من سابقتي، و هذه ستكون بلغتي الفصيحة)

همسة أكبر: العذر ممن تابع قصتي الأولى و عاد ليجدها قد اختفت نهائياً، أتمنى عليكم احترام رغبتي في حذفها. رجائي أن تكتمل هذه القصة بحضوركم و تفاعلكم.

إلى قاتلي © حقوق القتل محفوظة
(1)

أجلس بتثاقل على طرف السرير أتأمل خضرة الحديقة الواسعة خارج المستشفى و أتساءل
كم تتغير الحياة في غمضة عين؟
أغمضت عينيّ الزرقاوين على هذا التساؤل المؤلم المنسجم مع رعشة ألم من كتفي المكسور و المجبر. تبللت رموشي حد الارتواء، تغضنت ملامحي من وخزة ألم لجرح طفيف عند طرف عيني اليمنى.
من بعد الأمطار السوداء الملوثة بكحلي و الزيف، من سيصدق أنني اليوم أبكي بهذه الحرقة؟!

- جواهر؟

تشنجت رقبتي عندما أردت الالتفاف إلى الدكتور زياد.

- نعم دكتور
- How are you doing today ؟

أهز رأسي بحذر كي لا تزيد تشجنات رقبتي .. قلت له ساخرة

- لمجرد أن والدتي منحتني زرقة هاتين العينين، لا يعني أنني لا أفقه العربية!

رفع الدكتور حواجبه استغراباً، و هو يعلم أنني لا ألام من بعد ما حدث

- حسناً، متى تريدين الاتصال بعمك؟

- NEVER !

عقد الدكتور ذراعيه بعصبية، و هو يعلم أنني فتاة مشوشة لم تكمل عامها الثامن عشر تتميز بالعناد و صلابة الرأس، من يلومني و أنا المدللة!

- لا بأس، ارتاحي الآن و سنرى لاحقاً
- Fine !

خرج الدكتور و بقيت أصارع آلامي الجسدية و الأكثر ... تلك التي تصنف في فئة الروحية و النفسية!
ها هو آخر من تبقى لي يرحل، تسافر دمعتي مع ارتجافة في شفاهي الوردية و خصلات شعري البنية الناعمة شعثاء كما لم تكن حول وجهي.
آه بابا! Why now ؟! لماذا؟! معقولة خالد ال..فاملي. رجل الأعمال الكبير، الأرمل الأكثر ملاحقة من صائدات الثروات يموت هكذا ...في هذا الحادث الذي جمعني و إياه .. بهذه البساطة؟! what am I gonna do now ؟ أذهب إلى بيت ذلك الرجل الرجعي ؟ لم لا أستطيع أن أعيش وحدي، لا أطيقه و لا أطيق أبنائه المتخلفين! متخلفين .... و إن درسوا في أرقى الجامعات لا زالوا على تخلفهم بالعادات و التقاليد! they are رجعيين و متزمتين! أوف! حتى عندما أردت أن تموت لم تقم لي حساباًَ بابا؟! ليسامحك الرب... لم يتبق إلا 3 أشهر لأتم الـ 18! May you rest in peace ! كيف عساي أنا الممزقة بين طيف أمي ليزلي الميتة و بقايا أبوتك و عشقك للخمرة و السهر أن أعيش في منزل ملئ بعادات و تقاليد الشرق؟! كيف أتنفس بينهم و بين ما يسمونه تقاليد المجتمع الشرقي! أنا المتمردة على الحجاب، المتمردة على التحفظ، المتمردة على كل شئ يمس الشرقية، و بالخصوص الخليجية! أنا التي يلقبونني بــ daddy’s girlأسكن مع هؤلاء! و إن فكرت بالهروب، أقف في منتصف الحديقة بأفكاري و أعود خائبة، إما أن الخوف يشلني أو أن أحداً يعيدني. متمردة و جبانة؟! أي خليط غريب هذا؟! .... و أقفلت جفوني من بعد صراعات الأفكار!

في مكان قريب من بعد ليلة قاسية

- صباحك ورد أبي
يبتسم لابنته اللطيفة: صباح الورد لأحلى وردة و أحلى عبير
تزيد من حلاوة ابتسامها و تعود للجلوس قرب والدها و كوب الشاي في يدها
- كيف سارت المقابلة اليوم؟
- سارت بشكل جيد، لكنني أنتظر الرد الأسبوع القادم
- بالتوفيق يا ابنتي، ليتك و طلال تأخذون فكرتي بعين الاعتبار
صوت رجولي يقطع الحديث...
- طلال ماذا؟
يتقدم بابتسامته الشرقية العذبة و نكاته المرحة، ليجلس قرب والده و عبير، الثلاثة الذين تغلبوا على رحيل الأم (فاطمة) بالإيمان و الترابط... انتقل الحديث من المرح إلى الجد، استثقل طلال الحديث عن تلك الفتاة الطائشة، ابتعد بلطف عن والده عندما شعر أن النقاش سيحتد. خرج من باب المنزل و ضغط تلك الأرقام التي تأتيه بطهر الحب.... أجابت بصوتها الهادئ الغير مثقل بدلال الفتيات في هذا الزمن، استحدث حواراً و أنهاه بنكتة ضحك عليها و هي تبتسم حياءًَ

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

تبتسم للنكتة أم للذي يسكن أحلامها، ليس هناك رجل يتحلى بطيبته، عذوبته، رقته، التزامه... كم أحب هذا الــ ( طلال )... و ذلك السحر الذي يلفني به عندما يتراقص هاتفي باتصالات شحيحة باسم مستعار يحمله إلي بنغمة حلوة، طالت هذه المكالمة أكثر من المعتاد، و ذلك لسبب أعرفه جيداً...

- ها قد أنهيت الدراسة و أثبت نفسي في العمل... أعتقد أن والدك الآن لن يقول (تنهد) لا

يسمع صوت ابتسامها في الهاتف و يعبر بخياله إلى فاطمة الخجولة من آخر أيام الدراسة بالجامعة، كم تملك من رقة و هدوء .. من عاطفة و حنان... تلك هي فاطمة التي تعلمت أن أعشقها و أنا اللامبالي بحكايا النساء. من غيرها يبعث فيّ جنوناً أعشقه بكل ذرة تحتويني... فاطمة و اسم أمي المرحومة فاطمة ... كيف لي أن لا أحبها؟! هذه المخلوقة الفريدة التي تأسرني بكل حواسي فلا أعرف أن أتكلم إلا بها و لا أن أتنفس إلا بها و لا أشعر إلا بها... هي فاطمتي... و بإذن الله زوجتي...

- إن شاء الله ... مع السلامة

و أقفلت الهاتف متعجلة ثانيتين عن المعتاد، أعلم أنها خجلت من قولي. كم أحب طهر هذه الإنسانة و رقة هذه الإنسانة و حنان هذه الإنسانة... هذه الإنسانة التي أعادتني إلى الحياة من بعد وفاة والدتي، تشبثت بها و بمواساتها الأخوية التي تحولت إلى شعور جميل طاهر. كنت أمقت الفتيات السهلات، لكن حكايتي مع فاطمة تختلف كثيراً عن هرج الشباب.

خرج من المنزل و الكاميرا تتحول الآن إلى لافتة رقم المنزل، و اسم صاحب الفيلا يستريح بقرب اللافتة

عبدالله ال..فاملي

!!!


هل من مثلث للحب؟
و إن التقت الأضلاع الثلاثة في قفص واحد،
من أول من سيكسر أضلاع المثلث
و أضلاعاً تحتوي القلب؟
عندما تلتقي المفردات الأجنبية و الشرقية في معجم واحد مكتوب بدم العائلة...
When East Meets West....

من يبلغ التمرد الأقصى؟


إلى الجزء القادم

يامي يوغي قائد
09-05-2008, 00:37
قصة رائعة..

وانتظر التكملة<<الجزء الثاني..

تقبل مروري..

تحياتي..

GIRLS@KOOOL.COM
09-05-2008, 00:44
حلووووووووووووه التقصه تسلم ايدينك وانتظر الجزء الثاني


ههههههههههههههههه
تحياااااااااااااااتي

° Nia °
09-05-2008, 10:13
قصة جميلة و بداية موفقة أخي ^^

سأكمل الجزء الأول بإذن الله لأنني مشغولة الآن

سأنتظر الجزء القادم بفارغ الصبر
دمتم في حفظ الله

إمبراطور مكسات
09-05-2008, 15:05
مشكورين على الردود والحين راح اكمل القصة

إمبراطور مكسات
09-05-2008, 15:08
(2) المشهد الأول



Here I am once again in this hideous house that suffocate every atom of me



دخلت الصالة ذاتها التي تحمل ذكريات مهشمة بين أبيها و عمها و زوجة عمها، طلال الذي كان يلعب بعيداً عن الفتيات و عبير تغدق جواهر بشتى أنواع الألعاب. و جواهر لا تشاركها اللعب لأن عربيتها تتكسر بسهولة أمام طلاقة عبير. كانت الأخطاء تملأ المكان منذ الأيام الأولى، طلال يسخر من حروف جواهر المتحطمة، نظرات الخالة فاطمة إلى ليزلي الشقراء تتهمها بنسب جواهر إلى خالد! العم عبدالله يغادر الصالة عندما تستريح ركبة ليزلي فوق الثانية كاشفةً ساقاً بلون الحليب. الكثير مما لم تفهمه في ذاك الوقت، لكنها تفهم الآن! تفهم أن نمط حياة خالد يختلف عن نمط حياة عبدالله، عقلية ليزلي تختلف عن عقلية فاطمة. لا زالت تذكر ليلة الكريسماس، والدتها و هي تزينان الشجرة في صالتهم و العم عبدالله و الخالة فاطمة يدخلون لتمتلأ الغرفة بشتى أنواع الشتائم الخليجية و الأمريكية! تذكر جيداً كيف أمسك عبدالله بأخيه ليخبره أن حياته و حياة ليزلي من شأنهما، لكن جواهر يجب أن تتعلم ما هو صحيح و ما هو خاطئ. تذكر جيداً كيف خف تدخل عمها في حياتهم بعد هذا الحادث، و أصبحت جواهر تعيش حياتها كما شائت والدتها و لم يمنعها والدها بل ترك لها حرية الاختيار. و قد اختارت ... لكن يبدو أن اختيارها لن يكون ذا قيمة اليوم!



They have caused my mom enough pain that they killed her with that disease… they killed my mom with their accusations, their constant blaming… she was a wonderful mother! They think that just because I got the English mother I’m a ……



تهز رأسها لتبعد الكلمة القاسية عن رأسها.



So Yaseen family… get ready… am gonna turn your life into a living hell



- جواهر؟



ها هو العم عبدالله، بذات الشكل مع خصل رمادية أكثر، سأعرف كيف أرحل، لكنني سأختار الوقت المناسب



Plan A – نظرية النعجة المسكينة! Hopeless sheep



- نعم عمي؟


- لابد أنك متعبة، اصعدي إلى غرفة عبير و هي ستدلك على غرفتك


- شكراً عمي



مسح على رأسها الصغير و نظرة الأبوة تزين عيونه. انتابتها قشعريرة و هي تنظر لعمها و هو يرمقها بنظرات الشفقة، ابتسمت بسرعة و ابتعدت. تمشي على الدرج الذي طالما أحبته، انحناءة الدرج و خيال أنها أميرة بيضاء تنزله. Stupid dreams ! يريدون إصلاح كل شئ الآن؟! اصلاحي؟ اصلاح وضعي؟


Why in the name of hell now ؟ لمجرد أنني سأبلغ الثامنة عشرة يريدون أن يفرضوا قيودهم! هه! هه!


they WISH ! ليشربوا من ماء البحر أولاً.....



- OUCH !!!!!!!!!!!!!


- What you need glasses ؟



أمسكت الشتيمة المحبوسة في حلقها/ remember plan A !!


- no, excuse me


- Abeer is not here, let me show you to your room


- لم أنس المنزل طلال! لا زلت أعرف أين تقع الغرف


- Oh really ؟


- طلال، أظنك تفهم عربيتي الآن!


- To me you will always be an intruder


- Intruder ؟ لم أطلب من والدك أن يحضرني! و إن كنت تعتبرني دخيلة و لا تريد أن يزعج حضرة جنابك أحد، go tell your respective father to leave me in my own house


- ههههههه ! ها قد كشرت القطة عن مخالبها!


- I can speak whatever way I like,,, it’s none of your damn business


- Since you are under my roof, it is my business


- I DIDN’T ASK FOR THIS !!!!! لذا سأكون أكثر من سعيدة إن اخبرت والدك أنني لا أطيق البقاء بينكم!


- Come on Jewel !


- Don’t you dare to call me JEWEL !!!!!!!!


- Why ؟ ماذا ستفعلين؟!


- أنت لا تطاق طلال! قد خسرت والدي و حياتي انقلبت فوق رأسي و أنت لا زلت نفس الـ (طلال)!


You have no idea what I am going through, and don’t you think for a second that I am happy to be in the same house that rejected my mom and me and everything to do with us!


- done with your lecture ؟


- أنت حقير فعلاً !!!!!!!


- هههههه ! ليس بقدرك JEWEL !



و انصرف بعد أن رمى آخر قطرة من سمه، ها قد بدأت أول الأيام التعيسة! وقفت حائرة لا تعرف أي الغرف تدخل! تباً لطلال و للجميع! دخلت الغرفة الوحيدة التي تعلم أنها ليست شاغرة، و ذلك على حد علمها من 5 سنوات



- what the hell؟



ارتعدت فرائصها، مجدداً هو!



- تعرفين كل الغرف ها!



صمتت، كانت الأشياء أقوى من احتمالها، كيف تنهار حياتها في يوم واحد و تعود إلى أمقت الأماكن على قلبها و الذي يذكرها بأتعس لحظات ضياعها



- YOU DEAF ؟



لم تنبس بكلمة، كانت تطالعه و الغيض يمتزج مع الألم



- أعلم أنك تكرهني، لكنني لم أعلم لهذه الدرجة!



جاء دوره ليصمت الآن، و واصلت هي بوجه شاحب يملؤه شي من الكبرياء و التعب



- How dare you ؟ تسمي نفسك مسلماً و أنت تعامل دمك و لحمك هكذا؟ tell me هل هذا ما علمتك إياه والدتك؟!


- JEWEL ! انتبهي لكلماتك! إياك و لفظ والدتي بسوء!


- هه ! هه! هه! لفظ والدتك بسوء! و أمي أنا؟! لم يكفكم موتها لتتوقفوا عن لفظها بسوء!


- تعلمين أن والدتك كانت تتمرد على كل شئ! و أنت عربية !


- لا أحتاج لأن تذكرني! سأذكر هذا طوال حياتي! و هذا ليس سبباً كافياً لتتهموا أمي بالبذائة !

يتبع

إمبراطور مكسات
09-05-2008, 15:08
- ماذا؟؟؟!!!!!!!!


- سمعتني جيداً !!


- من اتهم والدتك بالبذائة؟!!!!!!


- والدتك!


- اخرسي!


- أنت اخرس!



جحطت عيناه، و كيف لا و والدته هي السيدة الأولى في حياته! ذق من سمكم! يبدو أن plan A سوف تتغير!



- أنت فعلاً أكثر وقاحة مما توقعت!


- أنا وقحة! هه! هه!


- اخرسي و إلا ...


- ماذا؟ أول يوم سيبدأ بتأديب؟!!!


- لن ألوث يدي بحثالة!



صمتت من هول الصدمة! كانت دوماً تعلم أن طلال يمقتها، لكن لهذا الحد أن يظنها حثالة ! اشتد ضغطها على شفتيها و تدحرجت دمعة حائرة على خدها



- هههههههههههههههههههه! و تبكين؟



صمت من الجهة الأخرى



- دموع التماسيح لا تؤثر في من يرى حقيقتك!



ازداد الألم في قلبها و كتفها المجبر، أحست بالوهن في ركبتيها من سموم كلامه، إلهي ماذا يظن بي هذا؟!!!


اقسم أنني سوف أجعلك تبكي يا طلال!



قطع سكون المكان رنين هاتف، انسحب طلال من الغرفة تاركاً إياها مندهشة، طلال الذي لا يضيع فرصة للشتم، يرحل هكذا... حسناً لعله للأفضل... خرجت من الغرفة و سمعته يهمس في الهاتف ... حبيبتي!



- حبيبتي! هههههههههه! رائع جداً ! و تحب يا طلال؟!



اقفل الخط و هو يشتم نفسه لأنها المرة الأولى التي ينطقها و بحضور هذه الساقطة! لكن لا بأس، قد تحدد موعد الخطبة، و ستكون فاطمة حبيبتي أمام الجميع!


اقترب منها و بعينه نظرة سوداء أخافتها



- اعلمي جيداً أنني لست صبوراً


- أخفتني! هه ! هه!


- Don’t play with fire Jewel


- لا تناديني JEWEL !


- يناسبك أكثر من جواهر! فالجواهر قيمة و أنتي.....!


- أيها الحقير!



و رفعت يدها السليمة لتصفعه لكنها أخطأت التقدير و آلمت كتفها المصاب من قوة الحركة، تشنجت و ارتعش فكها من الألم



- I will kill you one day !


- هه ! هه! أنت تقتليني؟! هههههههههههههههه!



و ابتعد عنها و هو سعيد نوعاً ما، تاركاً إياها في تلك الصالة الصغيرة تصارع ألمها الجسدي و الروحي


إلهي، هذه أول ساعة، كيف بالبقية؟!!!!


انهارت باكية بحرقة، و لم تنتبه للوقت و نامت على الأريكة


>>>>>>>>>>>>>> يتبع
(2) المشهد الثاني


في مكان آخر


تقفز على السرير و هي تريد أن تطير فعلاً ! أسبوع واحد يفصلها عن موعد قدوم طلال لخطبتها


- أيتها الغبية!


تذهل أختها الصغيرة سمية من جنون فاطمة


- تعالي اقفزي معي


- هههههههه حسناً


أخذت الأختان تقفزان و فاطمة تنشر السعادة مع كل قفزة


- سأصبح زوجته... أحبه سمية... أحبه أحبه


- اصمتي و إلا سمعتك والدتي


- صحيح.... هههههههههه


- هههههههههههههههههه


- لابد من أن أبدأ بالتجهيز، هناك الفستان و الحفلة الصغيرة و الحناء و المكياج و الــ...


- فاطمة ! فاطمة! اوقفي القفز حتى أستوعب ما تقولين


- حسناً



و قذفت بنفسها على السرير لتستلقي تماماً و هي تلهث من شدة القفز!


- أنت مجنونة حقاً


- به... مجنونة به... آآآآآآه سمية... لا تعلمين كم هذا الانسان ... كم هو...


- هو ماذا؟ خخخخخخخخ


- هو .... لا... لن أقولها... أخجل


- هههههههههههههههه! لتوك تقفزين كمهووسة به، و الآن تقولين أنكِ تخجلين!


- أحبه سمية، و لفرط سعادتي أخشى أن يحدث مكروه


- كفاكِ ! ألن تتركي هذه الوسواس!


- لا أدري


- فاطمة! كثرة وساوسك و ظنونك ستقتل حلاوة روحكِ


- معكِ حق


- هيا للمنطقة المحرمة؟


- ماذا يوجد هناك اليوم؟


- كعك بالشوكولاتة


***********************


- جواهر؟


امتدت يدها لتسمح عيونها فزادت الألم في كتفها، فتحت عينيها اللتين أصبحتا بلون السافاير و معها آه صغيرة


- عزيزتي .. أنتِ بخير؟


- Am fine Abeer


- تعالي أدلك على غرفتك


- Ok



سارت عبير أمام جواهر، و جواهر تراقب بدانة عبير و تقارنها برشاقة طلال! إنه نظام التغذية الخليجي


وصلت إلى غرفة قريبة من غرفة عبير، و دخلتها لتجد الأشياء باللون الوردي و البطيخي


God.. it’s too girly for my taste



- أعجبتكِ؟



Plan A جواهر... لا تنسي!



- نعم


- استريحي، و سأحضر لكِ بعض الكعك و الشاي


- Coffee


- حسناًَ، كيف تريدينها


- Black


- لا سكر؟ لا حليب؟


- نعم



و انطلقت عبير، و جواهر تضحك في سرها على عبير، black coffee ماذا ستكون إلا قهوة بلا سكر و لا حليب! استلقت على سريرها و هي تتأمل الثريات في أسقف التأمل (تحية لأحلام اليقظة  )


كم من الحكايا تملأ هذا المنزل و أصحاب هذا المنزل، الكثير من الألم و الكثير من الشتائم.


أغمضت عينها و تأملت صورها في هذا المنزل قبل خمس سنوات، عندما كانت في الـ 13 و فترة بلوغها التي استطردت الكثير من التعليقات من الخالة فاطمة، كانت تحثها أن تتخذ من عبير مثالاً لها في كل شي، أن تمحي شخصيتها من الوجود و تلبسها ثوباً شرقياً يتمرد على السافاير في عيونها و بشرتها البيضاء. كانت تذكر كيف أن طلال يجحدها بنظرات تقزز و هي ترتدي الفساتين القصيرة و التي تبرز قوامها الممشوق. فتحت عينها على صوت عبير و كوب القهوة الذي يصدر صوت اهتزاز فوق الصحن الصغير أسفله. ها قد وصلت عبير بذلك الوجه الطفولي المتضارب مع أعوامها الـ 23 .



- تفضلي


- شكراً



ارتشفت القهوة ببطء كي لا تحرق لسانها، و عبير كالأيام الخوالي تريد افتعال حديث مع هذه الجميلة التي تذكرها في كل لعبة باربي، و لم تجد إلا آخر حدث شهدته قبل ساعتين



- طلال سيتزوج!



توقفت جواهر عن ارتشاف القهوة و هي تنصت باهتمام حقيقي



- أخبر والدي اليوم أنه ينوي أن يتزوج زميلة له في الجامعة، يبدو أنها من عائلة طيبة و محترمة، كما أنه قرر أن يذهب الأسبوع القادم لتحديــ.......



لم تركز جواهر في بقية الحديث، بل أخذت تفكر في الخطوط الأساسية لـ plan B ! ابتسمت لعبير ابتسامة ظنتها عبير ابتسامة فرح، لكنها كانت ابتسامة خبيثة! عبير مصدر ممتاز للمعلومات، هذه الساذجة لا تنفك بالتحديق بي، حسناً هذا في صالحي، دام أن برائة ملامحي ستجعلك my source of information ... لا بأس من استخدامك يا عبير!



خرجت عبير من غرفة جواهر، و الأخيرة تفكر في plan B ! و قد وجدت الخطة المثالية! طلال و حبيبة و زواج و أسبوع واحد!



سطع صباح جديد بيوم إجازة في بيت ال..فاملي، و جواهر تحضر نفسها للنزول، لابد من أن تنسجم كي لا يشك أحد بشئ، ارتدت شيئاً فضفاضاً كي تلين نظرة عمها أكثر تجاهها. خرجت من غرفتها و هي تتجه للدرج و كان يخرج من غرفته أيضاً، لم يلق التحية و تخطاها و بقت واقفة ثم عادت قليلا ً لغرفتها و عندما ابتعد نهائياً، توجهت إلى غرفته تبحث عن الهاتف. وجدت مرادها بأسهل مما تتصور، كان الهاتف يستريح قرب سريره الغير مرتب، جلست على السرير و أخذت تقلب في ارقام الهاتف إلى أن وصلت إلى وقت تلك المكالمة، الساعة و التاريخ و الرقم... ضحكت بسخرية عندما رأت الاسم المستعار للحبيبة المجهولة، دونت الرقم بسرعة و تركت الهاتف مكانه و خرجت من غرفته



توجهت إلى الطابق السفلي و ابتسامة انتصار ضمني على شفاهها، سوف أجعلك تبكي دماً أيها الغبي! سوف أجعلك تحترق بذات نارك... و لن أكف حتى أراك جاثياً أمامي!



جلست قرب عبير و ابتسمت لعمها و طلال يطالع الصحيفة و يشرب قهوته باهمال



- عمي؟


- نعم عزيزتي



التفت طلال إلى جواهر و هو يسمع كلمة عزيزتي من شفاه والده



- أحتاج إلى أن أذهب إلى منزل والدي



كانت تنتقي حروفها بدقة، منزل والدي و ليس منزلي، لتترك طابع الخضوع عند عمها بأن هذا هو منزلها!



- تريدين احضار شئ؟


- نعم


تدخلت عبير


- سآخذك


- شكراً عبير


و احتضنتها متصنعةً الشكر، ثم أردفت كي تغيظ طلال



- تعجبني هذه الجلسة، عائلية



تدخل طلال بصوت كسول



- yeah right ؟



ضحكت جواهر و هي تخاطب عمها



- أتذكر عمي كيف أن طلال كان يتجاهل عربيتي سابقاً


- ههههههه نعم


- يبدو أنه يظن أنني لا زلت ...


قاطعها طلال بخبث


- come on جواهر، مع شعر يميل إلى الشقرة و عيون زرقاء ... ألزم الواقع! أمامي أجنبية بحتة


أدارت دفة الحديث لصالحها


- شكراً طلال، لكن يؤسفني أن أخبرك أن عروقي بها ذات دمك


تدخل العم


- ما بكم الآن؟


أجاب طلال و هو يترك الطاولة بهدوء


- لا شئ، سوف أذهب للقاء أحمد، إلى اللقاء


الجميع: إلى اللقاء



بعد ساعة، خرجت عبير و جواهر في سيارة عبير الجيب



- I love your car


- Thanks


- حسناً عبير، أريد منك خدمة قبل أن نذهب للمنزل


- طبعاً... سلي ما شئت عزيزتي


- اريد الذهاب لصالون التجميل


- هههههههههههههه... هذا فقط؟ حاضر


- سأصبغ شعري!


- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


- باللون الأسود!


- لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟


- حتى أحس أنني أكثر انتمائاً لكم (plan B – الانخراط الكاذب/ false merge )


- عزيزتي، بشعرك هذا أو بغيره أنت تنتمين لنا، ليس هذا حلاً لكي تشعري بالانتماء، أعلم أن حياتك مشوشة و ...


- لا تقولي مشوشة! أنا لا أشكو من شئ!


- حسناً... لن أقولها و أنت لا تشكين من شئ، لكن عزيزتي هذا ليس حلاً


- حسناً



عند عودتها لمنزل عمها كانت متشوقة أن تذهب لغرفتها و تبدأ خطتها، أحضرت ما تحتاجه من منزلها و الآن حان وقت التنفيذ. فتحت جهاز الهاتف القديم ، أدخلت الرقم السري و انتظرت أن تنتهي عبارات الترحيب. كان صوت ذلك الترحيب لذيذاً بحق، سوف أبدأ من حيث لا يتوقعون



أدارت الأرقام المدونة في الصفحة الصغيرة، و بدأت اشارة الاتصال.... calling ... ترتعش قليلاً و يأتيها صوت فتاة في الطرف الآخر.... الحبيبة المجهولة!


بعض الأمور في هذا الجزء دسمة، و نتيجة لقراءات مختلفة في أشياء مختلفة.... أترككم مع الجزء الثالث... و أتمنى أن تلتقطوا بعض الأمور ههنا... هنيئاً

إمبراطور مكسات
09-05-2008, 15:11
(3) المشهد الأول


Plan B – قيد التنفيذ! و النتائج فاقت التوقعات. لم تحتمل الحبيبة المجهولة سموم جواهر، أغلقت الهاتف و يبدو أنها صدقت. حسناً يبدو أن دروس الدراما و المسرح أفادت جواهر أكثر مما تتصور!



((الله أكبر... الله أكبر...)) و لم تمهل التكبيرة الثالثة إلا و وضعت سماعة الـ ipod (جهاز تُحَمَل عليه الأغاني) على أذنها! حسناً... ماذا نتوقع من فتاة عاشت بين الخمرة و الثياب الـ petite (الصغيرة)!


جواهر، أحد أمثلة الجيل المسلم الضعيف الانتماء للدين و الوطن و اللغة، ما بين أهل أبيها "خالد" و أهل أمها "ليزلي" مساحة التفاهم محدودة للغاية إن لم تكن مقطوعة نظرا لاختلاف العادات والتقاليد، ناهيك عن التطبع بطباع الأم "ليزلي" والخروج غريبة عن مجتمع أبيها "خالد" وأسرته "ال...... فاميلي! " و فضلاً عما تمثله مسألة المقارنة الدائمة فيما يقدم مجتمع أبيها "خالد" ومجتمع أمها "ليزلي" في أمريكا. كانت تعيش نوعاً من التمزق النفسي واضطراب الانتماء بكل أنواعه الوطني و الاجتماعي و النفسي. والمشكلة أن هذا التمزق يلازمها منذ صغرها فهي لا تعرف إلى أن مجتمع تنتمي؟


لكنه ليس كافيا لكي تفعل ما تفعلْ، فأنا نفسي بدأت أكرهها!



*******



- Look at the Miss., she is a real fatty! (انظري إلى الآنسة، إنها بدينة بحق)!


- But she is good! (لكنها جيدة)



لم تطل همسات الطلاب أذن عبير، لأنها كانت مأخوذةً بسحر طلبتها بكل كلمة تلفظها و قد حضرتها قبل النوم في ذاكرتها. الفصل مكتظ بالطلاب الـ high class، مدرسة خاصة! نعم... كان لها تأثير خاص في الحضور، فالعيون إما تطارد كل كلمة تخرج من فمها أو بعض الكتل الدهنية المنحسرة في بدلتها، أياً كان التأثير، لعبير كاريزما خاصة، و هذا ما لا ينكره أحد. انتهى الفصل و بدأ الطلبة برفع الكتب و الدفاتر للتوجه إلى الفصل القادم،


مرت أحدى الفتيات أمام عبير و هي تلعب بخصلها القليلة الملونة باللون البنفسجي القاتم و العلكة في فمها تصدر أصواتاً مفرقعة. لم تستغرب عبير هذه الصورة، فهذه مدرسة خاصة، و بها سترى الكثير.


((حسناً، لقد صممت أن أدرس في مدرسة خاصة تعتني بالأفكار و التنوير... و ها أنا سأتنور بأشياء غريبة!))


ابتسمت و خرجت من الفصل و بذراعها كتب ملونة و أمامها المعلمات الملونات و الصارخات بالموضة و الحجاب الرمزي!



- هاي عبير



تلفظت جولي اللبنانية الأصل بهذه العبارة بلكنة لذيذة استدرجت انتباه الأستاذ الوسيم في الجهة الأخرى.



- مرحباً جولي



و سار قطيع المعلمات إلى الفصول التالية و الأحاديث ترافق تفاصيل الدروس و الطلاب و بعض الأمور النسائية البحتة.... هل نلومهم؟



- أوف... ما أتعبها من حياة و ما أتعبه من عمل... لدي الحصص الأخيرة، أنتِ محظوظة يا عبير


- محظوظة إن تجاوب طلبتي معي كما أريد


- هههههههه! أنت نوع الرسالة التعليمية إذاً


- ماذا؟


- أقصد ... نوعك... your type ....



اكتفت بابتسامة شاحبة و ابتعدت عن جولي، يبدو أنها تمتلك قناعات مختلفة عن قناعاتها.



تسليط ضوء على قناعات عبير



اشراق وجه المعلمة يملأ الطلاب بنوع من الراحة، فضلاً عن الشحوب الذي يكتنف الملامح متى ما عبست المعلمة أو المعلم.... المعلمة ضياء، كانت المعلمة ضياء في حياة عبير مثالاً أعلى... كل تلك الفيروزيات المعلقة في صوتها و الابتسامات السعيدة المتساقطة على وجوه طالباتها.... ضياء قدوة عبير....


نكمل ضوء عبير فيما بعد، و لكن نختمه بفقرة فيروزية تتردد في ذهنها



(( من زماااااااان ** أنا و زغيرة ** كان في صبي ** يجي من الحراج ** العب أنا ويا ** كان اسموه.... ))



لكن اسمه ليس شادي كما غنت فيروز، بل شيئاً آخر ستكتبه راوية قريباً، لكنه لن يكون بروعة ما قال عبدالوهاب في فيروز ((خلونا في الأرض))



*****



في تيار أفكار العم عبدالله / والد طلال و عبير و أمام صورة قديمة لخالد و عبدالله.... تحتل جواهر بقعة كبيرة...


ليرحمك الرب يا خالد، و ليسامحك...


ربيتها على الأنانية و ساعفتك تلك الـ "ليزلي" بوضع قناعات خاطئة في رأس تلك الطفلة، فالحياة بالنسبة لها منزل كبير و نقود و ماديات و سهر و غنج! لم تغرس في روحها شيئاً منا، من واقعنا، لم تقل لها "ابنتي كم أرجو أن تقر عيني و أنا أرى الحجاب على رأسك"! بل أعطيتها حرية بلا قيود، تضع زينتها أمام الجميع بلا رقابة و لا تدخل,,, كيف كنت تدعي أن تفهم أخطائهم و التربيت على كتفهم هو أفضل وسيلة للتربية؟! أو لا ترى جواهر في ذلك ضعفك يا خالد؟! أو لا تتخلى جواهر عن تقديرها لأمها إن كانت تساعدها على تحقيق نزواتها؟! للأسف ربيتها على لغة الأرقام! لكنني سأصلح ما استطيع اصلاحه في هذه الفتاة...



توجه إلى غرفتها و طرق الباب برفق، فأجابت



- من؟


- إنه أنا عزيزتي



اعتدلت في جلستها كي لا تسمع تأنيباً كان يطلقه العم عبدالله على والدتها



- تفضل عمي



فتح الباب و عيونه الصغيرة بها بريق غريب



- كيف حال جواهر؟



ابتسمت، إنه لا يغيظها باسمها الأجنبي كما طلال



- بخير


- غداً نعاود الطبيب للاطمئنان على ذراعك


- حسناً


- خذي



و مد يده بصورة أكلها الدهر، بها طفلان يغلب عليها طابع الستينات أو الخمسينات، و عرفت أن أحدهم والدها



- هذا والدي


- نعم



و جلس بقربها



- و هذا أنا



رفعت رأسها تبتسم



- حقاً... تبدو مختلفاً.. تبدو....


- ما زلت شاباً عزيزتي


- هههههههههههههههه


- لا يغرنك هذا الشيب في رأسي


- أها، أحقاً ؟


- طبعاً و إلا لماذا سميت أنا الأخ الأصغر


- هههههههههههههههه


- أو تضحكين أيضاً


- لا بأس بالضحك أظن


- أتعلمين صغيرتي؟


- ماذا؟


- تبدين كشمس الأطفال و أنتي تضحكين



ابتسمت و سألت بلهفة



- شمس الأطفال؟


- كما غنت فيروز ((زوري زوري بيوتنا يا شمس الأطفال ** و أضيئيها بيوتنا ** يا شمس الأطفال ** لهم حب الدنيا ** لهم لعب الدنيا ** و هم فرح البال ** يا شمس الأطفال ))



تعلقت غصة صغيرة في حلق جواهر و عمها يستطرد الغناء برقة كأنها فتاة صغيرة لم تتجاوز الخامسة



- ((من قمر و سماء ** ملئوا البيت هناء ** عتبات الدار أعياد ** و الأيام صفاء ** في الدرب الموصود ** في الأيام السود ** رفقاً بالأطفال ** يا شمس الأطفال))



لم تبرق عينا جواهر بهذه الشدة و هي ترى كم يملك عمها من رقة في صوته و تعابير وجهه المجعدة قليلاً



- هيا يا شمس الأطفال، لمجرد أن ذراعك مكسورة لا يعني أن لا تشاركي عمك جدوله الصباحي


- جدولك الصباحي؟


- سنعد الغداء


- ماذا؟


- سمعتني يا كسولة، هيا



و انطلق من الغرفة و هي تسير ورائه تكتم ضحكة غريبة



- ماذا سنعد ؟


- طبق الفاملي (و انتظر ليرى إن كانت تذكر)


- سمك الفاملي!!!!


- و ما غيره (و فرح لأن بعض الأمور لا تزال معلقة في ذاكرتها الصغيرة)



انطلقت جواهر فرحة بشعور غريب و كأنها عادت صغيرة، سمك الفاملي، طبق العم عبدالله و خالد... تلك السمكة الملئية بالعصارات الليمونية و البهارية و بها الكثير من الحشو اللذيذ... سوف نتخم اليوم لا محالة!


و بدأت المعركة في المطبخ بين رشق الليمون فوق الأصابع حتى تلين، و دموع البصل تلمع في العيون، و احتكاك الأطباق يملأ أجواء المطبخ بسمفونية مزعجة! كانت الأجواء ممتلئة برائحة السمك الـ "كريهة" و رائحة الأعشاب العطرية و قواعد العم عبدالله في مشاركة هذا السر العائلي مع جواهر فقط!



يتبع

إمبراطور مكسات
09-05-2008, 15:13
- ألا تعرف أن تعده عبير؟



غمز لها عمها و همس و كأن أحدهم يراقبهم



- كلا، إنه سرنا


- ههههههههههههه



استمر الطبخ و رائحة المطبخ أصبحت زكية و شهية و طيبة



- آه عمي... أيجب أن ننتظر الجميع؟


- هههههههههههههه


- لا تضحك عمي، إنني أتضور جوعاً


- ريثما تجهز السمكة، يكون كل من عبير و طلال قد وصلا



تجهمت عندما سمعت اسم طلال! ثم غيرت مسار الحديث إلى أن وصلت عبير بدوي الرصاص في صوتها



- سمك الفاملي! آآآآآآآآآآآآآه!



ضحك العم عبدالله و جواهر على ردة فعلها المبالغة و هي تمسك قلبها و تنتظر أمام باب الفرن الحار



- سوف أبدل ملابسي و أعود



و انطلقت كخيل في مهب الريح تسابق فرحتها ليس بالسمك، بل لجواهر المبتسمة و المنسجمة مع والدها


لم يصل طلال على وقته المعتاد و رجح العم عبدالله أنه سيعمل متأخراً خصوصاً بعد عدة مكالمات لم يجب عليها.


استمرت شمس الأطفال تشرق فوق مائدة الطعام و العم عبدالله يراقب عبير و جواهر تلتهمان الطعام كطفلتين حرمتا من الطعام و من أجواء الفرح برابطة الأختين. استمرت الأحاديث فيما بعد الغداء في مكتبة العم عبدالله ذات الجدران الطويلة و الملئية بشتى أنواع الكتب... وضع العم عبدالله اسطوانة في جهاز الستيريو و انطلقت فيروز بألحان شمس الأطفال، جلس على كرسيه الوثير و عبير تجلس عند قدمه و هي تغني معه و تهز رأسها معه يميناً و يساراً و كأنها طفلة و لم تبلغ الـ 23 ! استقر شعور مرير في قلب جواهر من هذه الصورة، كانت لا تملك من الذكريات ما يكفي ليرحل والدها... لحظ العم عبدالله تجهمها و أشار بيده لها فما كان إلا أن استجابت لغريزة الطفولة و ذهبت إلى الطرف الآخر لتجلس عند عمها و وجهها يطالع وجه عبير المشرق، تزعزعت بعض الأفكار في رأسها الصغير و هي تحس بيد العم عبدالله تحن على رأسيهما، أم لعله صوت فيروز الذي يستقر بألحان طفولية في رأسها. وضعت رأسها فوق ركبة عمها و أجهشت في البكاء!


توقف العم عبدالله عن مسح رأس عبير و أمسك بجواهر المتشبثة بثوبه، و ما كان من جواهر إلا أن تستقر في صدر عمها و هي تريد أن تحس بالانتماء إلى شئ لأي شئ...


استمرت تفرغ كل بها من مرارة و عدم تقبل واقع أنها يتيمة، و أن لا أحد في هذا المنزل يفهم ما يعنيه أن تبقى خارجة عن كل ما ألفته و تعودت عليه، نمط حياة جديد، ذراع مكسورة تعاون الأفكار الخبيثة في رأسها لتمنعها من النوم و الراحة! كانت دخلية كما قال طلال... دخيلة بكل معنى الكلمة!


لم يقل العم عبدالله شيئأً و تركها تبكي ما تشاء على صدره، و عبير ابتعدت لتحضر بعض المناديل الورقية لتمدها لجواهر التي لا تستطيع التنفس من فوضى الدموع، مدت عبير بالمناديل الورقية لجواهر و امتدت يد جواهر البيضاء لتلتقط تلك المناديل بكثافة


ضحك العم عبدالله على تلك المناديل الكثيرة في يد جواهر



- هههههههه، كل هذا... أو تريدين أن تبكي أكثر


- آسفة عمي


- لا عليك صغيرتي


- لقد أفسدت ثوبك



و نظر العم عبدالله و عبير إلى بقع البكاء المختلطة بالكحل على ثوب العم عبدالله، و انطلقت عبير تضحك



- لا عليك، فأنا أفعل ذلك أيضاً



و استطرد العم عبدالله مازحاً



- تعرفون ما تحضرون لي بيوم ميلادي



أكملت عبير



- ثوب بكاء جديد



ضحك الجميع، حتى جواهر من بين دموعها، ثم طلبت الإذن منهم لترتاح، و خرجت من المكتبة و تركت عبير عند قدم أبيها جالسة و هي تحدثه عن يومها في العمل، رائعة عبير فعلاً... إنها تشبه الأطفال و الكبار و ليست كطــ........


>>>>>>>>>>> يتبع
(3) المشهد الثاني
اصطدام آخر!



وقف يرقبها بعين غاضبة، و هي تتساءل لماذا يرمقها بنظرات الكره هذه و يرشقها بالكلمات الآتية



- I think you will take this as a habit… no I’m sure you will ! what are you up to JEWEL?! Bumping into me like this?!


(أظنك تريدين أن تتبعيها كعادة... لا أنا متأكد من هذا... إلى ما ترمين يا جوهرة ؟ بالارتطام بي هكذا؟!)



- لا شئ


- لا شئ؟!



توقفت جواهر عن التفكير، لعل الحبيبة المجهولة صارحته



- ما بك طلال؟


- ما بي؟!


- نعم... ما بك متجهم هكذا؟


- ليس من شأنك ما بي


- حسناً ليس من شأني، لكن أرجو منك أن تحسن معاملتي قليلاً



استغرب طلال هذا الطلب و بهذه النبرة المنكسرة



- أتعنين أنني أسئ معاملتك؟


- ماذا تسمي هذا يا طلال؟



توقف طلال عن الحديث و لم يعجبه كلام جواهر، تنحى جانباً و ابتعد عنها متوجهاً إلى غرفته



- ألن تحي والدك؟


- ماذا؟؟؟؟؟؟؟


- سمعتني... ألن تحي والدك، إنه في المكتبة مع عبير و قد أعددنا طبق الفاملي خصيصاً للجميع


- و ما أدراك أنتِ بعاداتنا؟!



تجمدت جواهر من نبرته الاستهزائية و أكملت بحزن



- صحيح، و ما أدراني بعاداتكم



و خرجت للحديقة مخلفة ورائها طلالاً حائراً، حائراً من تهرب فاطمة و حزن جواهر و عادات منزلهم التي تذكره بوالدته و بإنسانة أخرى.



توجه للمكتبة و سمع أنغام فيروز و أحاديث عبير الغير منقطعة و التي تتمازج بضحكات والدهما، لم يدخل و فضل أن يصعد لغرفته، لكن منظر جواهر في الحديقة استوقفه... كان يراقبها من نافذة الصالة الكبيرة و المطلة على بقعة أمه المفضلة من الزهور... كانت تجلس على المقعد الخشبي ذاته الذي كانت تجلس عليه و هي طفلة شقراء بوجنات وردية تغلب تورد فستانها الصغير. تجلس كما سابقاً تبكي و هي تفرك عينيها بظهر يدها السليمة.



ابتسم لصورتها الغبية، تبقى دوماً عنيدة و سخيفة و طفلة! لكنها مسلية.... خرج إليها



سمعت صوت خطوات على العشب، و رفعت راسها و وجدته مجدداً !



- طلال أرجوك، لا رغبة لي في الشجار


- و من قال إنني أريد أن أتشاجر معك؟


- و ماذا كنت تفعل طوال حياتك معي غير الشجار؟!


- ههههههههههههههه


- إما الشجار أو أن تغيظني كالآن بضحكك هذا!


- و من قال أنني أضحك لأغيظك؟!


- لم لا تكون مثل العم عبدالله أو عبير؟


- و من قال لك أنني لست مثلهما؟ هو والدي و هي أختي


- صحيح... و أنا دخيلة



و زمت شفيتها و هي تصارع كل أنواع التمزق من بعد الغداء



تنهد طلال و أكمل بهدوء



- أنت تعلمين لماذا أرفضك


- ما ذنبي أنا ؟



تطلع إليها بغرابة، ما ذنبها ؟ ذنبها .... أم ذنب ليزلي



- ما ذنبي طلال؟ إن كنت تمقت أمي... ما ذنبي أنا لتصب جام حقدك علي ؟ حسناً أنت لا تحبها و تتلفظ بالسوء عنها! ما ذنبي إن كانت الأم الوحيدة التي أعرف؟ أخبرني طلال؟! أتعتقد أنني أجد وجودي هنا مسلياً ؟! شجاري المستمر معك منذ أعوام مسلياً؟! تحديق الخالة فاطمة في كل ما أرتدي و كأنني عارية مسلياً ؟! إن كان أبي يريدني أن أحقق أحلامي ما...



قاطعها



- تحققين أحلامك بماذا يا جواهر؟!



تجمدت عندما لفظ اسمها كاملاً، و علمت أن ما سيقوله سيبقى بذاكرتها للأبد



- أعلم كل ما قلته، أحفظه عن ظهر قلب! لكنك لم تتوقفي عند مشاعر الآخرين و تفكري عندما عاد العم خالد مع أجنبية أمام خالتي! ترك زوجته، خالتي المسكينة ليحظى بأجنبية منحته أفكاراً متحررة و طفلاً لم تستطع خالتي أن تعطيه إياه! عاش لهوس جديد و رمى بخالتي و كأنها خرقة بالية! عبير لا تذكر، لكنني أذكر صوت بكائها في كل شبر من هذا المنزل! أذكر جيداً كيف أن أمي كانت تحاول أن تمنحها أملاً أن يعيدها العم خالد، لكنه خيب رجائها و رجاء كل من عرف من أهله! أتعلمين أن خالتي ماتت حزناً ؟! أتعلمين؟!



خرج متجهماً و مثقلاً بآلام السنين التي خدشت ذكرياته و ذكريات الجميع


و بقت جواهر تبكي بحرقة أكثر، لن تنتمي إلى أي مكان قطعاً.... قطعاً.... !

realylove
09-05-2008, 20:07
بلييييييييييييييييييز كملي القصة باسرع وقت ممكن قصتك فعلا راااااااااااااااااااائعه

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 17:46
مشكوره على الرد والحين بكمل القصة

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 18:41
(4) المشهد الأول


نعود لطلال و جواهر و المقعد الخشبي بالحديقة و الذكريات المهشمة و المشدوخة،،

يقتات من ألم والدته و خالته ألماً يراه في عينيها الزرقاوين، يتقاتل معها هكذا عله يطفأ القليل مما يحترق في جوف تلك السنين المطوية في الذاكرة ؟حتى تلك الذرات الصغيرة بالشفقة تختفي عندما يذكر ما لا تعلمه،، و ما يعلمه وحده!


خطواته على الأرض غاضبة حد الانفجار، و مع كل خطوة يرتد صدى قوي، ماذا يبقى مني يا فاطمة إن ابتعدتِ أكثر، ماذا دهاكِ لتتجنبي اتصالاتي الشحيحة؟ لم يمهل عقله فرصة التفكير و الرد

- ألو ؟
- ................
- فاطمة؟؟؟؟
- ................
- لمَ الصمت؟
- طلال

و توجس شراً عند سماع اسمه بهذه النبرة

- ماذا؟
- لا أستطيع المضي معك
- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- لا أستطيع
- ................
- و لعلك تستغرب ما أقوله، لكنني لم أكن مرتاحة لبداية هذه العلاقة و لست أكيدةً أنها ستثمر لأنها بدأت خاطئة
- خاطئة؟؟؟؟!!!!!!!
- نعم، خاطئة! و لا أستطيع أن أبني عالمي على أساس خاطئ!

كانت كلماتها كما السم في فؤاده، كانت تلتقط خيوطه بدقة حتى تقطعها شر تقطيع، كانت الأحزان تبكي بصمت في فؤادها لأن صورته تحطمت بعيونها، لم يكن ذاك الأمير أو ذاك الشجاع أو ذاك الذي نحلم به نحن الفتيات، بل كان بكل اختصار رجل كأي رجل بغريزته!

- ليس سبباً يا فاطمة؟!!!!!
- بل هو سبب... لكنك لن تفهمه أبداً
- أفهميني أيتها الأستاذة!

هذه سخرية لم تتعودها في صوته، نعم! ها هو الرجل الذي لا تعرفه يظهر للسطح الآن! عندما تصطف ذرات الشكوك في العقول .. و تتراكم حتى تلوث كل شئ! هل يمكن أن نثق؟ أن نفهم؟! أن نتخلى عن كل شئ لأن احساساً مريضاً يأكلنا أحياءً؟!! ماذا يا فاطمة؟! اختفت كل قفزاتك التي تنطق بالحب؟! اختفى الحب مع أول اشارة شك من فتاة مجهولة بتفاصيل غرفة من سيكون زوجك؟! أيصحب تلك المجهولة إلى غرفته؟! كيف عرفت تلك التفاصيل الدقيقة؟! و كيف تعرف أن قرآنها الأزرق يستريح قرب سريره...؟؟؟؟!!!
كيف عرفت تلك المجهولة أن سريره يطالع النافذة كي يشرق الصباح على وجهه و يجبره على الاستيقاظ!
لا تغادورا بأفكاركم بعيداً، فاطمة تعرف ذلك لأنه قال ذلك لها، و أكدت تلك المجهولة وضع سريره! سريره أتفهمون؟؟؟!!!!
شرحت لها أن قرآناً أزرقاً صغيراً يستريح بالقرب من رأسه، ذات القرآن الذي منحته إياه من بعد وفاة والدته
كيف تعرف أين يقع سريره و أين يضع قرآنها؟ كانت معه بغرفته! بداخل غرفته! غرفته! مؤلمة! غرفته! غرفة ربما كانت ستضمها معه! و ضمت أحداً قبلها! غرفته يا عالم! غرفته و هو و هي! و أنا في التصريف المستقبلي! و ربما في التصريف التشاركي!
آه يا فاطمة، أتألم بشكك و بكل ما يجول في صدرك من سم الشك، سنسلط الكثير من الأضواء عليك... فأنت أحد أضلاع مثلث الحب هنا! أمس انتهيا يا فاطمة و طلال... انتهينا!

بيقولوا الحب بيقتل الوقت و بيقولوا الوقت بيقتل الحب
يا حبيبي تعا تا نروح قبل الوقت و قبل الحب
بديت القصة تحت الشتي بأول شتي حبو بعضن
و خلصت القصة بتاني شتي تحت الشتي تركوا بعضن
حبو بعضن ... تركوا بعضن
يا حبيبي شو نفع البكي شو إلو معنى بعد الحكي
((صوت فيروز))

- أفهميني أيتها الأستاذة! أنتِ تقفين في منتصف الطريق! و هذا ليس حلاً،،، أخبريني ماذا تريدين!
- .................
- أخبريني !!!!!!!!!!! لا تصمتي ،،، فقد كرهت كل أنواع الصمت من بعد صمتك!

إرمي أوراقكِ كاملةً
و سأرضى عن أي قرارِ
قولي،، انفعلي،، انفجري
لا تقفي مثل المسمارِ
لا يمكن أن أبقى أبداً كالقشة تحت الأمطارِ
إختاري قدراً بين اثنينِ
و ما أعنفها أقداري
((نزار قباني))

- لا أريد الزواج بكَ! لأنك....
- ماذا؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
- لأنكَ.....
- ماذا؟!!!!! لا تفقديني صوابي!!!!!

و انقطاااااااااااااااااااااااااااااع !

- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ألو... ألو.... !!!!!!!!!!!!!

عندما نقف على عتبات الدهشة نتساءل... ما الخطأ الذي جرى؟ ما العقبة التي بعثرت خطواتنا المتلاحمة؟
طلال..... إيه يا طلال! إن كانت قد تخلت عنك منذ أول الطريق، فكيف ستعيش فاطمة بلا دوامة الشكوك تحت سقف منزلك؟! تهجرك في منتصف الطريق بلا سبب مقنع! سببها غامض.... ماذا يعني أنها تشعر أن ما بينكما خطأ لأنه بدأ خاطئاً و لابد أن ينتهي قبل أن يبدأ ؟! ماذا أرادت إذاً ؟ أن تمرر قدميها فوق حطامك ؟ أم أن تنشر سمومها في وريدك ؟! ماذا قلت ؟ لا تشعر بألم؟؟؟!!!!!
لا أشعر بالألم البتة! بل أشعر بغضب... و القليل من احتقار الذات! و الاحتقار لعقليتها المنطوية! قد نذرت نفسي لها و أقسمت أن لا أحب غيرها! و بكل بساطة ركلت ما أشعر به بكلماتها المتخبطة! إذاً حبي عليها كان كثيراً ! ما أشعره كثير جداً بالنسبة لها ! و كيف لا يكون كثيراً و قد رفضتني بلا سبب مقنع ! أكانت تريد أن أغازلها أم كانت تريد أن تأخذ هذه العلاقة الطاهرة إلى افق مجهول؟؟؟!!!! ماذا يا فاطمة....؟! و عيونه تطالع الهاتف اللعين! هل هذا هو السبب؟! بدايتنا و الاتصالات الشحيحة؟!! هل هو الهاتف إذاًَ ما يقف متعنتاً في ذهنك الغبي؟! حسناً.... إلى الجحيم به و بكِ ! و رمى هاتفه على الحائط ليتبعثر.... لكنه و للغرابة لم يتبعثر كما كان يظن... ايعقل أنه أحب صورة رسمها في خياله؟! و أن تلك الـ "فاطمة" ليس لها وجود؟!!!!
معك نحن يا طلال :::: معكَ للنهاية و كل ما ستجلبه الفصول ::: لديكَ بعض المناصرين هنا، و ربما إن استمريت كما يريدون ... سيكون لديك جيش من المناصرين,,,, at the end ... أنت بطلنا جميعاً !

مازالا قصص كبيري و ليالي سهر و غيري بتخلص بكلمي زغيري
حبو بعضن ... تركوا بعضن
و كانت القصة تحت الشتي بأول شتي حبو بعضن
و خلصت القصة بتاني شتي تحت الشتي تركوا بعضن
حبو بعضن ... تركوابعضن
((صوت فيروز))

*************
نقلة إلى غرفة جواهر و الصور تغطي أرض غرفتها و الدموع طفيفة لا مفهومة تتساقط منذ رحيل والدها الذي لا تعرفه واعياً معظم الوقت!

التقطت صورةً لوالدتها و هي تحتضنها من الخلف و تضم وجنتها قرب وجنة جواهر، و عادت لها ذكرى والدها و
هو ثمل و متثاقل كل ليلة عند عتبة الصالة الكبيرة، لتسنده هي و الخادمات إلى غرفته و تنزع عنه حذائه الأرماني! لقد تعلمت أن لا تقترف ذات الأخطاء التي اقترفها والدها عندما رحلت والدتها مذ كانت بالثامنة، لقد وعدت نفسها أن لا تسبب لقلبها المزيد من تعاسة والدها، و لن تتحطم كلياً كما تحطم والدها من بعد رحيل أمها!




لقد وعدت نفسي أن لا أسقط كما فعلت أنت daddy ، لقد علمتني بطريقة الـ hard way !

التقطت صورة أخرى لأبيها و عمها، تلك الصورة التي أودعها عمها معها كشئ يذكرها بجذورها

بسببك أنت! بسببك! تعلمت أن أسلك كل الطرق السليمة كي لا يؤذيني أحد! تعلمت أن لا أثق بأحد! بسببك أنا خائفة اليوم! لقد فقدت طريقي كلياً في هذه الحياة! تعلمت أن أخفي كل شئ وراء ابتسامتي، و ضحكتي و ادعائاتي! لم يكتمل قلبي بحبكِ لكي تسنح له حتى فرصة الانكسار! لم أعرف أن أحزن عليك dad ! لم أعرف! لقد ذهبت بلا رجعة! و خلفتني مع صوت بكائك و أنا أقف خلف باب غرفتك خائفة من كوابيسي، لأعود لغرفتي و أهدأ نفسي بمحاكاة ألعابي! و ها أنا أهدأ نفسي بذات الطريقة بلا ألعاب! بل بإيذاء الآخرين!

مزقت الصورة و فتحت دفترها كما هي العادة

We live in a world of chaos
Tearing what we think hurt us
But at the end
We tear ourselves
I found in them things I don’t understand
I can’t understand my cousins
I can’t get what my uncle is up to
I can’t see my refection in mirrors
Where do I belong?

(نعيش في عالم من الفوضى، نمزق الأشياء التي نظن أنها تؤلمنا، لكننا ننتهي بتمزيق أنفسنا، أجد فيهم أشياءً لا أفهمها، لا أستطيع أن أفهم أبناء عمومتي، لا أفهم ما يرمي إليه عمي، لا أستطيع أن أرى انعكاسي في المرايا، إلى أين أنتمي؟؟!)

أغلقت دفترها.

هل من كلمة تصف لنا معاناة الانتماء؟ ذلك الاضطراب إلى أي بقعةٍ ننتمي... بين المسافات حيث لا توجد محطات للتوقف و التأمل، بل تستمر قوافل الأفكار المبعثرة تسير بلا مكابح توقفها!
هل من كلمة تصف لنا ازداوجية الشخصية؟ ذلك الشوك الذي نخفيه وراء ورودنا استعداداً لمن يريد أذيتنا؟ بين الحدائق توجد مخاطر مختلفة، هناك الشوك و هناك العقارب و هناك وخزات النحل!
هل من كلمة تصف لنا أي صراع ينتج من زعزعة الاختيار؟ اختيار الجانب الطيب أم الجانب السئ؟ ذلك الذي يسكن في خلايا جواهر، فلا تعرف أي وجه من العملة تستعمل لصالحها؟

Good luck جواهر:::::: معكِ نحن جميعاً للنهاية ::: معها أنتم صحيح؟ ::: نعم، معكِ نحن لنهايات الفصول و بدايات الأفق المختلف.... with you my dear till the end !

نفسي موزعة معذبة ** بحنينها بغموض لهفتها
شوق إلى المجهول يدفعها ** مقتحماً جدران عزلتها
شوق إلى ما لست أفهمه ** يدعو بها في صمت وحدتها
أهي الطبيعة صاح هاتفها ** أهي الحياة تهيب بأبنيتها
ماذا أحسّ؟ شعور تائهة ** عن نفسها تشقى بحيرتها
((فدوى طوقان))


************* يتبع

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 18:42
(4) المشهد الثاني


بالصباح التالي، أقفل ذلك الدولاب الذي يحفظ السر الذي شتت الجميع، ماذا تحمل الأيام لنا؟

إلهي، رحمتك..... و الطف بتلك الصغيرة التي أراها تضيع كل يوم

ليرحمك الرب يا خالد،،، و يسامحك على ظنونك!

كيف أفقدتك الخمرة صواب رأسك؟! كيف تشك أنها ابنتك؟! هذه الأوراق تثبتها ابنتك... رأيتها، قلبتها، أعدتها و ارجعتها بمئات الفحوص! إن كانت زوجتك سقطت في خطيئة، ما ذنب هذه الصغيرة؟!

عندما يشيب الشيب في رأسنا، و لا نعرف كيف نصلح أخطاء غيرنا،،، ماذا نملك من حلول سوى الصبر و التبصر! العم عبدالله... أيها الرقيق جداً في كل التفاصيل... أيها الحضن الدافئ... أيها الكاتم لأسرار لا تطالع النور.... ماذا تخبأ لنا في دواليب مكتبتك؟ في قصصك؟ في فيروزياتك؟ في ثوبك الملوث بكحل الصغيرات...؟!

أي عاصفة حزن تثيرها تلك الصغيرة بنظراتها الزرقاء التائهة؟ كم كانت فاطمة تشفق عليها من بعد كل شي! الخالة فاطمة .. أتتصورون؟! الأخت التي تواسي أختها من غدر أخ زوجها.... تألمت لهذه الطفلة! لهذه الجواهر المهشمة!
كانوا زغار و عمرهن بعدو طري
و لا من عرف بهمن و لا من دري
((صوت فيروز))

*************

- Miss Miss (آنسة،، آنسة)
- نعم

كانت الطالبة الـ nerd (الفطحلة/ الذكية ) تلهث وراء عبير و تحاول أن تلفظ حروفها من بين تقويم أسنانها الكبير

- you forgot your book (لقد نسيتي كتابكِ)

ابتسمت عبير و هي تلتقط كتابها من يد الفتاة التي لا تنتمي شكلاً إلى أعوامها السبعة عشر

- what’s your name (ما اسمك؟)
- كاميل
- اسم جميل
- Thank you

و انصرفت الفتاة التي لا شك أنها تحمل دماً أجنبياً في دمها، و سارت عبير إلى فصلها الثاني و الأستاذ يقف بعيداً و يراقبها بحذر.

الأستاذ العراقي/الفلسطيني ((غسان)) ذي اللكنة اللذيذة على مسامع الإناث، و صاحب الشهد في العيون الذي يخطف أنفاس النساء، إن كانت جولي تراقبه باستمرار، فاعلموا أنه وسيم حد البلاغة!
في عروق غسان يجري دمٌ عربي كثير النضال، من أقاصي العراق المغتصبة و فلسطين المحتلة!
يراقبها تحادث الفتاة برقة نادرة في كل معلمات هذه المدرسة، كان يراقب شيئاً يذكره بوطنين مغتصبين/ عبير 

يا ربوع بلادي يا أحب الربوع
في حلايا فؤادي من هواكِ ولوع
يا ترى هل نعود صوب أرض الجدود
و الليالي تجود بالهنا و الرجوع
في ربى البيلسان كل صوت حنان
يا شذى الأقحوان في الروابي يضوع
(صوت فيروز في ذهن غسان المغترب و الباحث عن وطن يسكنه أرضاً و احساساًَ)

التفت عبير إلى الجانب الآخر عندما سمعت ضجة من الطلاب، و لحظته يراقبها!

لا تدري لماذا استقامت تلك الشعيرات الصغيرة وراء رقبتها!
و لا تدري لماذا شعرت أنها ترتجف خوفاً من كل ذلك الشهد في عينيه اللتين لم تفارقانها حتى عندما التقطت نظراته!
ابتلعت ريقها و دخلت فصلها و هي تتساءل، لماذا شخص بهذه الوسامة يتطلع إلى فتاة سمينة مثلي؟!
عندما يختبأ جمالنا وراء الأرطال، هل من أمل في قاعدة الـ inner beauty ؟! نغذي الروح بالطهارة، و القلب بالحب، و العقل بالعلم... و هل من كلمات تصفكِ يا عبير؟! إن كان جمال الورود هو ما يلفت البعض، فتأكدي أن البعض الآخر يختار الورود لعبيرها... و هل من ذاكرة أقوى من عبير الورد؟ من عبيركِ يا عبير؟ و لأنني أرى فيكِ كل البراءة الناضجة، لا أحتمل أن أتركك وحيدة بكل هذا العطاء.... و لأغنية فيروز التي لم أكملها باسم من سيتوجك ملكته... سنشهد قصة لطيفة و بسيطة... أو ربما... ذات عبير مختلف....

دخيلك يا إمي مِدري شو بِني
تُرِكيني بِهمي زِهقاني الدّني !
بذكر من سني واكتر من سني
شِفتو تحت اللوزه بها الفيّ الهني ..
ومابعرِف عطاني يمكن سوسني
ومن يومها ياإمي مدري شو بِني !
((صوت فيروز))

*************
ارتطم طلال بوالده

- ما ...
- اعذرني أبي
- لا بأس أيها الابن العاصفة

ابتسم طلال من بين عاصفته

- هل لا رافقتني للمستشفى؟
- لماذا؟؟؟؟؟
- ليس أنا أيها العاصفة
- إذاً
- جواهر

كانت فاطمة تتألم في قلبه، و خالته تتألم في ذاكرته، و سخرية جواهر تلاحق كل ذرة غضب في دمه

- لتذهب إلى الجحيم
- طلال!!!!!!!!!!!
- كفاك أبي!
- كفاي ماذا؟
- أعرف كل شئ!
- ماذا تعرف يا ولد؟ و أي لهجةٍ هذه؟!
- أعلم أنها ليست ابنة عمي!

جحظت عيون العم عبدالله، و غرق في دهشته

- أبداً أبي لم أفهم لماذا تشفق عليها و هي لقيطة! و لا تساوي شيئاً ! كيف تعطف عليها و أنت تعلم أنها حطمت خالتي و عمي و كل شئ!
- اصمت يا ولد! أنت لا تعلم ما تقول
- أعلم جيداً، سمعتك تحادث أمي منذ زمن

لم تلتقط رادارات جواهر أكثر من ذلك!
إذاً لهذا.... كان بعيداً عني... لا يبالي بي! لهذا أبي ؟!!!!
هل أردت أن نموت أنا و أنت في ذلك الحادث؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!

سقطت على عتبات الدرج بلا ادراك، و حطت بوسط الدرج و هي تلهث، ليلحقها عمها و طلال يقف عند بداية الدرج

يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
(صوت فيروز)

عندما نكتشف حقيقة من غدر بنا، و نسلط جام غضبنا على هذا الغادر،،،، أيحق لنا أن نكشف أوراقاً قد تضيعه في متاهات سوداء ؟ كمتاهات الادمان؟!

من غدر... من ضاع... من أدمن؟


ت الأسبوع الجاي،،، بدي منكون سكر التفاعل،،،،
بدي خبركن قصة زغيرة زغيرة القصة و أنتوا زغار
منحكي و بتصير الليلة قصيرة بكراانشالله تصيروا كبار
(مع صوت فيروز أودعكم للأسبوع الآتي)






اليوم اكتظت المشاهد أمام عيني من كثرة ما قرأت، و من كثرة ما بحثت عن أشياء تفيدني و تفيدكم،،، إنها رحلتنا جميعاً إلى مكان أفضل إن شاء الله،،، بعض المعلومات هنا قد اقتبست من قراءات لي،،، و قد ضعت قليلاً بين السطور، لذا اعذروني إن وجدتم بعض الأخطاء،،، و أتمنى أن تنبهوني إليها إن وجدت...
أتمنى عليكم القراءة بتمعن و ادراك، فلكل قصة هنا أريد أن أخدم شيئاً
أترككم مع....

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 18:44
(5) المشهد الأول



الـ Theme اليوم: غضب ((زهرة المدائن)) و دموع ((يا عُود)) لفيروز


سقطت على عتبات الدرج بلا ادراك، و حطت بوسط الدرج و هي تلهث، ليلحقها عمها و طلال يقف عند بداية الدرج


يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين
(صوت فيروز) – قد تكون اغنية حب،، لكن القتل فيها ألزمها هنا 

PAUSE

صوت العود في (يا عُود) يسطع على المشاهد التالية!
يا عود يا رفيق السهر يا عود
متكي على المخمل تتوجع
وتروح ع أخر دنيا و ترجع
تكتب و تمحي حدود
يا عود
((صوت فيروز))
عمها حولها، و هي حول نفسها تتبعثر بهدوء مميت، تعثرها على الدرج لم يكن إغماءاً بقدر ما هو أنين مكبوت من ألم الرفض، و ألم الاهمال، و ألم الأب الذي احتضنت قدميه ثملاً و هي تسهره في ذاك البيت الكبير وحدها.
احكيلي ع سهريات بقصور
كلها رخام ونوافير
((صوت فيروز))
أيا أبي الذي انتظرته ليلاً ،، أبكي ثمالته،،
وتشعشع الكاسات ع خصورتتلوى
وحرير يطير حيران ماله دار
وصوتك يشتي قمار
((صوت فيروز))
أسحق ذات احترامي لنفسي و أنا أغير أغطيته المبتلة بالعرق و الفضلات لكي لا تقل هيبته أمام الخادمات !
أيا أبي،،، ألأنك لست أبي،،، كان تجرعي للمرارة قراراً اتخذته عندما فصلت رجولتك عن أبوتك! أيا أبي، هل كانت تلك السنين و أنا طفلة بين يديك هباء منثور على قارعة الطريق؟!
ياعود ياعود يارفيق السهر ياعود
متكي على المخمل تتوجع
وتروح ع أخر دنيا وترجع
تكتب و تمحي حدود
ياعود
((صوت فيروز))
أيا أبي، كيف،،، أما كان يجب أن أعرف،،، لأفهم! لأفهم لماذا لم أحزنك كابنة مفجوعة! كان رحيلك مؤلماً لنفسي، لا حزناً عليك؟! هل هذا صحيح إذاً....؟ صور والدتي المرفوضة في المنزل لم تكن لحزن، بل لشئ آخر!
اهمالك اللامبرر لهذا إذاً ،، لهذا أبي؟! أبي... أم يجب أن أقول خالد؟ من أين أتيت إذاً... من أين؟!

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا عود

يا أيها اليوم الذي سطع في زرقة العيون بشدة، ما لتلك البحار سوى الغرق في ظلمات التمزق.
كم من الأشياء تريد ابتلاع ما تبقى من خلايا الأحياء!
آآآآآآآآآآآآه منك يا عود

PLAY

- أعد ما قلته؟

استمهلها العم عبدالله

- عزيزتي، لا عليك إنـ.....
- كلا! دعه يعيد ما قاله!!!!! أعد ما قلته you!!!!

و هي تتطلع بطلال بحقد مؤلم

PAUSE
يا عود يا رفيق السهر يا عود
متكي على المخمل تتوجع
وتروح ع أخر دنيا و ترجع
تكتب و تمحي حدود
يا عود
((صوت فيروز))
يحدق بسواد عيونه إلى اشتعالها الغريب، لم تسكب عين السفايار أي قطرة من الدمع المدفون، و بقي في صمته و فاطمة تشوب كل خلية فيه بألم، كنتِ دوماً حاضرة لتفريغ ألمي يا جواهر! منذ صغرك و أنتِ تلاحقين تفاصيل الجميع حتى أهملوني و عبير،،، لست غيوراً منك! لكنني لا أريدك في ما تبقى من حياتنا!
احكيلي ع سهريات بقصور
كلها رخام ونوافير
((صوت فيروز))
كفاك أبي الذي نسيني عند المدرسة لأجل نزوة بكاء مريرة منك! كفاك سلباً ما تبقى من حنان والدي! لست غيوراً ! كلا.... ليست غيرة.... قتلتي بساطة طفولتي بكل العقد التي جلبتها بليلة ميلادك السوداء! أيا خالتي الراقدة في التراب مرارةً... لا يعلمون ما بي من ألم،،، لا يعلمون ما بي من أسى،،، لا يعلمون ما رؤية أحب الناس إليك تنتهي بزيارة الشيوخ لطرد تلك الجنونيات،،، كل ذلك الوفاء الذي ركل جانباً ليستوطن رحم شقراء أجنبية جنين لم يمنحك الرب إياه،،، من بعد تلك الأورام الثقيلة بذاك الرحم المنتوف، لم يمهلك العم خالد وقتاً أطول من الوقت المتبقي لحياة كتبت لها أن تنتهي بذات يوم ولادتها!
آآآآآآآآآآآآآه يا عود
إنها لفاجعة يا راوية، لماذا تجرعينني كل هذا الألم! أن ترحل روحها عنا بقدوم روح هذه التي لا تنتمينا دماً و لا خُلقاً! بذات اليوم الذي انتظره العم خالد خلف أبواب قسم الولادات، كانت هي في نهائيات الغيبوبة السرطانية! لم أخبر أحداً بطلبها الأخير،، لأنني كنت أجبن من أن ألفظ حروفي أمام من قدره لي الرب عماً.... كيف كان لي أن أخبره بكائها و رغبتها الملحة برؤيته؟ كيف و هو يتراقص فرحاً بابنة شك بنسبها لاحقاً!!
آآآآآه خالتي ،،، كم يحن رأسي لحضنك الدافئ! كم من الحنان أوجد الرب فيك،، حتى فاق حنان أمي! آه خالتي! قد كبرت آلاف السنين عن سنيني العشر حين ودعتني.
آآآآآآآآآآآآآه يا عود

استمر كل ذلك الصراخ من أحبالها الصوتية التي لا تتسم بشئ من النعومة الآن، كانت تصرخ من معدتها.. أو ربما من مكان مختبأ داخلها، و أبعد ما يكون من قلبها الذي لا تحسه للأسف.

أكان صوت صفعة العم عبدالله العودة إلى الواقع؟

PLAY

- كفي يا جواهر!!

تحدق ببلاهة به، و خدها يؤلمها، كتفها يؤلمها، ركبتها تؤلمها، لكن للغرابة، قلبها لا يؤلمها لأنها لم تعد تشعر به

- طلال لا يعرف نصف الحقيقة

اشتد انتباه الاثنين لحديث العم عبدالله،، و ربما أنا و أنتم أيضاً !

PAUSE

**************

لا تهملوا تفاصيل عبير أرجوكم، فهي منغمسة في دائرة المعلمين و المعلمات و جل تركيزها في تلك المسرحية التي ستعرض في حضور مؤسسي المدرسة الأجنبيين و العربيين، كانت تملك من الخيال ما يصحبها إلى تفاصيل انتقاء الأزياء و الاثراء في دقائق الامور،،، حتى أنها استعانت بفيروز لتصور ملحمة الدراما في النص المسرحي المعروض.

إلى دائرة المعلمين 

انطلقت لكنة غسان لتسلب لب الجميع، لكن عبير استوقفتها ثقافته الغريبة، فمدرس التاريخ هذا يملك من حس الدعابة الممزوجة بالسخرية أحياناً و بالادراك المميز أحياناً أخرى ما يكفي لنشعر بدم بلاديه المغتصبتين (العراق و فلسطين).

كانت الدائرة تتسع في نقاش ما يجول في رؤوس المعلمين و المعلمات، حتى استوقفها غسان باسم سعد الله ونوس (عرفته أنا هذا الصباح من بعد بحث لذيذ، و أعجبني ما رأيت منه، لذا اقتبست بعضاً مما يلي في فلسفة هذا الكاتب السوري الرائع)

حل صمت بسيط عندما انطلق غسان بفلسفة سعد الله ونوس

- تأخذ الحكاية أهمية كبيرة في نصوص سعد الله ونوس الأخيرة ، نصوص المرض والتأمل والموت . صحيح أن المسرح كله قائم على عنصر الحكاية ، وصحيح أيضا أن اغلب مسرحيات ونوس تطرح نفسها على شكل عبرةأو أمثولة أو لعبة تنكرية لكن الحكاية في مسرحياته الأخيرة قد تأخذ معاني أخرى . لقد تغير مفهومها بشكل كلي فأثر ذلك مباشرة على وضع الشخصية وعلاقتها بالمتلقي ،وعدل تماما من كيفية قراءة النص وتأويله وحتى طريقة إخراجه. لذا أفضل أن نستوحي هذه المسرحية من قراءات مختلفة بدل أن نرمي ما برؤوسنا على الطاولة.

استوقفته عبير

- اعذرني، لم اسمع بهذا الكاتب... هل لا كلمتنا أكثر عنه

وافقها الجميع و هم متحمسون لما سيقول

كانت تلك النظارة الطبية تحجب شهد عيونه، و لكنها التقطت ابتسامة من عينيه على مداخلتها

- سعد الله ونوس مسرحي سوري، درس الصحافة في القاهرة و فن المسرح بباريس، مسرحياته كانت تتناول دوما نقدا سياسيا اجتماعيا للواقع العربي بعد صدمة المثقفين إثر هزيمة 1976

استعرى انتباه الجميع للخلفية الخصبة لهذا المسرحي

- ساهم ونوس في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وعمل مدرساً فيه. كما أصدر مجلة حياة المسرح، وعمل رئيساً لتحريرها. في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت عام 1982، غاب ونوس عن الواجهة، وتوقف عن الكتابة لعقد من الزمن ثم عاد إلى الكتابة في أوائل التسعينات. ثم توفي ونوس بعد صراع طويل استمر خمس سنوات مع مرض السرطان.

كانت صورة ونوس تتبلور في رؤوس البعض على هذه الطاولة، كما بعضنا يقرأ و كما أنا أكتب

- ونحن لن ندرك معنى تمسك ونوس بالحكاية في أواخر حياته إلا إذا أدركنا معنى الكلام .
الكلام من بين كل ما نعرفه من أشكال الحياة ، هو الصيغة الرئيسية للتأكيد على الذات الإنسانية ، من المهد إلى المنبر ، من الكوخ الطيني إلى القصرالعظيم ، من كتابة اجمل وأروع قصائد الحب، إلى قرارات الموت والمجازر وإيذاء البشر . والناس يستعملون مليون كلمة لقاء كل رصاصة واحدة.

كانت عيون عبير تبرق بلذة حروف مدرس التاريخ هذا

- اول ما يولد الانسان يؤذن في اذنه ، واخر ما يسمعه وهو ينزل الى مثواه الاخير كلمات ايضا ، بين كلامين تبدأ حياة الانسان وتنتهي ، وونوس يقول ," الحكاية وحدها هي التي تخفف العذاب وتداوي الجروح " . يلخص سعدالله ونوس بهذه الكلمات معنى الحكاية ووظيفتها

لم تستطع أن تحتمل قوة كلماته، فما كان منها إلا أن قالت

- all those who agree, please say I (لكل الموافقين، صوتوا بنعم)

كانت اليد تلو الأخرى ترتفع مؤيدةً غسان و صوت فيروز يحاكيني في زهرة المدائن (ليتني قادرة على بث مسرحية ذات ألم جميل بكلمات الأخوان الرحباني، ليساعدني الرب و أنتم  )

لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي
لأجلك يا بهية المساكن يازهرة المدائن
يا قدس يا قدس يا قدس يا مدينة الصلاة
أصلي
عيوننا إليك ترحل كل يوم
ترحل كل يوم
تدور في أروقة المعابد
تعانق الكنائس القديمة
و تمسح الحزن عن المساجد
((صوت فيروز الوطني))

<<<<<<<<< يتبع

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 18:45
(5) المشهد الثاني


تسليط ضوء على غسان


تجاوز الثلاثين و بقي بلا عائلة. كيف و هو بلا وطن؟ و أي مواطنة تبني عالمها على الـ لا مواطن؟!
نحن أحياناً نشعر بالاغتراب وسط أهلنا و عالمنا و وطننا، فكيف بالمغترب الحقيقي؟

الطفل في المغارة و أمه مريم وجهان يبكيان
لأجل من تشردوا
لأجل أطفال بلا منازل
لأجل من دافع و أستشهد في المداخل
و أستشهد السلام في وطن السلام
و سقط العدل على المداخل
سقط العدل
سقط العدل
سقط العدل على المداخل
((صوت فيروز))

لن نستطيع ادراك تلك المعاناة للمغترب اجباراً، أو من فقد أهله بلا حيلة منه، أماً فلسطينية و أباً عراقياً توفيا في لبنان و ثمرة النضال (غسان) تعبر الحدود إلى عراق أكثر أمناً من الآن مع جدة تستر فتى صغيراً في عبائتها هرباً من حرب الـ 1975.
و سقطت العراق، مجبرةً إياه الانفصال عن آخر الأوطان. ليس جبناً أو تخاذلاً، بل لوعد قطعه على جثة جدته المتوفاة بأن يعيش بأسرة و بعيداً عن ما فتك والده و والدته.
فلسطين ، العراق ، و لبنان التي تريد الاسرائليات ابتلاعها، ليساعدني الرب في بث ما أستطيع بثه من شجون و ألم في هذه المناطق و كل المناطق التي تدنست بأيدٍ آثمة، ليس لعرض تاريخي، فأنا لا زلت أجهل الكثير من هذا التاريخ الملتوي، لكنني أشعر بدغدغة في كل مشهد مر على عيوني من فضائح و آلام في نشرات الأخبار.
لكل أمِ رفعت يدها تدعو أن يتقبل الله شهادة ابنها
لكل أب حمل طفله بالدم و جري إلى نقطة آمنة
لكل ابن و ابنة ارتموا بجثة أمهم و جثة أبيهم طلباً لايقاظ ذلك الحضن
لكل شيخ عاش آخر سنينه مغترباً وحيداً و مظلوماً
لكم جميعاً،،، دعائي و دعاء قرائي بإذن الله....
لكل من حل بهم غزو ،،، و حل بهم الظلم،،،

اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ،اهزم الأحزاب ،اللهم اهزمهم وزلزلهم


*********

كانت تفرك وسادتها بوجهها ألماً و خوفاً

ليست جواهر ،،، بل فاطمة!

كان كل الاختناق يلاحق أنفاسها، خوفاً من طلال و من الظنون التي تنهش روحها!
كيف رميت باحترامي لذاتي بين براثن ذاك الخبيث؟ كيف؟
كل تلك الأيام كنت عمياء؟ جاهلة؟ غبية؟
أكيد! أكيد! كنت كل ذلك و أكثر.

دخلت سمية بخفة و همست

- فاطمة؟

رفعت رأسها المثقل بالأفكار و أجابت بهمس

- ماذا؟

هزت سمية رأسها

- إلى متى يا فاطمة؟
- أتركيني سمية
- لن أفعل

اغرقت رأسها في وسادتها

- اتركيني بالله عليك

أردفت سمية بحب

- كلا

رفعت فاطمة رأسها و هي تتطلع بسمية ذات الأعوام العشرين، و سمية تخبأ خلفها شيئاً

- ماذا لديك هناك؟

ابتسمت سمية و رفعت حاجبيها بافتعال

- لا شئ
- لا شئ؟
- لا شئ

تطاولت يدها لتجد لعبتها المفضلة و بعض السكاكر، و لا تدري لماذا أثارت فيها هذه الأشياء عاصفة من البكاء
ودت لو أنها لم تعرف طلال، و أنها لم تفكر يوماً أن تربط مصيرها بمصير انسان خبيث مثله
احكيلي ع سهريات بقصور
كلها رخام ونوافير
((صوت فيروز))

- كيف سأقول لأمي أنني لا أريده يا سمية؟

احتارت سمية الأخرى، فوضع فاطمة لا يحسد عليه، أن تخبر أهلها أنه سيتقدم لخطبتها و من ثم ترفض لأنه.... لأنه... لا أستطيع تمرير الكلمات بين أصابعي لألم فاطمة،،، و أحلام فاطمة المهشمة،،، نهاية ذاك الحب الطاهر جاءت تصفع الحقيقة بوجهها و وجهي. لا أملك كلمات لها حتى،،، فأمثال فاطمة يملكون من الرقة ما يأسرني حزناً و يأسركم ألماً،، هل أسرتكم بخوفها و لوعتها ؟ أظن ربما،،، و الكثير من فاطمة ينتظرني و ينتظركم.

احتوت الأخت أختها، و بقيتا على ذاك الوضع من الحيرة و قلة الحيلة.

هل كان طلال من أولئك الشباب الذين يلاحقون الفتيات بالجامعة باستماتة؟ هل كان سيحقق وعده بالاجتهاد و التقدم إليها أصلاً؟ دوامة الشكوك مريبة,,, لا أريد الغوص فيها الآن يا فاطمة...

**********
PLAY

- و لا نصف الحقيقة
- إذاً ماذا تسمي وجود رجل غريب في فراش عمي؟!!!!

أتته صفعة قوية أفقدته القليل من التوازن و أصابته بالألم،،، لكنها كان يعلم أن والده سوف يأخذ صف جواهر

أما عن تلك التي تجلس على عتبات الدرج، لم تكف عن الارتعاش ألماً جسدياً و ألماً نفسياً

- رجــ... فراشــ.. ماذا؟

لم أسمع العم عبدالله يصرخ كما الآن بين سطوري

- أنت ملئ بالحقد يا طلال! ألا يكفيها ما لم تعلمه للآن!

وقف طلال بشموخ و قال:

- قد يكفيها نعم... لكن أتعلم يا أبي؟ يكفيني أن أشعر أنك تهتم لأجلها أكثر مني و من عبير لكي لا أهتم بها البتة!

حدق العم عبدالله بابنه دهشاً، و جواهر تقاطع هذا الجو المشحون

- أي رجل و أي فراش...

حاول العم عبدالله أن يهدأ روع الفتاة التي ترى صور والدتها تتهشم أمام عيونها

- ابنتي
- لا تقل ابنتي! لا تقلها! All of you shut up

يدها السليمة تنتزع ما يكفي من بصيلات شعرها ألماً، و طلال يراقب تحول هذه الهمجية إلى مرآة مكسورة، شظايا من الجواهر تتهشم ، أخيراً عرفت يا جواهر أن أمك كانت بكل البذاءة التي استنكرتها بيوم، و من يلوم عمي خالد إن شك أنك ابنته

العم عبدالله يقاطع كل الألم

- أنت ابنة خالد... لدي كل الفحوص التي تثبـ.....
- فحوص؟
- قد أجريت كل الفحوص مع خالد، أنتِ ابنته، إنها معي بالمكتبة، تعالي و أنظري إليها لكي يطمئن قلبك
- هههههههههههههههههه

قلق العم عبدالله من ضحكتها

- طلال اتسمع؟

تطلع طلال بها مستغرباً لهجتها القاسية و ضحكتها الساخرة و الأكثر كلمات والده

- أنا ابنة خالد.... ههههههههههههههه
- أنتِ كذلك يا ابنتي، لا تضحكي هكذا يا ابنتي
- ههههههههههههههههه عمي... هل أجريت الفحوص لتتأكد أنك عمي أيضاً
- جواهر.... توقفي عن هذا بالله عليك
- لماذا يا عبدالله... أستطيع أن أناديك عبدالله ... صح؟ أجل أستطيع.... أتعلم... وجود الفحوص مصيبة

تطلع الاثنان بها و هي تضحك و عينها دامعة

- لم يهتم بي قط
- .................
- و إن كان أبي كما تقول تلك الــ ههههههه... تلك الــ فحوص.... لم تكفيه ليشعر بي! كم هذا مضحك...

أخذت تضحك و تبكي،، لا تعلم أين يتجه عقلها،، إلى الصواب أم الجنون؟ فعلاً وجود الفحوص مصيبة! و إن كانت كما يدعي العم عبدالله،،، فإنها تجرم خالد بكل الوحشية في رجولته التي أبت أن ترضخ لخيانة زوجته و تظلم أبوته لجواهر!

- هههههههههه،، كره ليزلي و صب جام كرهه علي و أنا ابنه دمه؟ برااااااااااافو! برااااااااااااااافو خالد! I got it now ! كم كنت عمياء و غبية ههههههههه

و أخذت تصفق يدها السليمة بالأرض

- برااااااااااااااافو دادي... may you rest in peace و may I live in hell

وقفت تترنح و أشارت لطلال باصبعها السليم

- لم أظن أنني سأقولها لك بيوم... thank you أيها الوسيم!
- ماذا؟؟؟!!!!
- You solved the puzzle ،،، عرفت لماذا كان يثمل و لماذا أخفى كل صور ليزلي،،،، ههههههه طلال،،، حتى أنك حررتني من وهم أمي الطاهرة! (توجهت أنظارها إلى عمها) أتعلم عمي... أوووه عبدالله... كنت أرفض هذه الفكرة عن أمي بشدة،،، إلا أنني أصدقها تماماً الآن! اكنت تعرف من هو الرجل عمي؟

أكانت في كلماتها شوكة صغيرة تطعن طرفاً في قلب طلال؟ و تجرع الألم في قلب العم عبدالله؟

- عمي،،،، عمي تعال،،، سأريك شيئاً

و ركضت على الدرج و العم عبدالله محتار بما يفعله بهذه الفتاة

صعد ورائها و طلال يتبعه بفضول قاتل لردة فعلها المجنونة الضاحكة الباكية

- انظروا...
و التقطت صورة من الأرض و بها أمها مع أبيها و تاجر فرنسي كبير

ارتفعت عيونها إلى عمها

- هو صحيح؟

صمت العم عبدالله،،

- طلال.... هههههههههههههه... حتى أنه قبيح! ماذا رأت فيه و لم تر في أبـ...

و توقفت كلمة أبي في حلقها كالجمر!

و توقف الضحك المجنون و القطع الناقصة تعود إلى أماكنها
ليزلي و خالد و التاجر الفرنسي! فراش الخيانة و الفحوص و التنصل من الاحساس الأبوي! شبكة الألم و الادمان الكحولي؟!

أخذت بضعة أنفاس بشهيق مؤلم،،، و تكورت شفاهها بألم و هي تطالع عمها و طلال

- لم يكفه أنني ابنته... لم يكفه ليحبني عمي!

و احتواها العم عبدالله في ثوبه الذي تلطخ بكحلها الأسود، و خرج طلال من الغرفة و هو مثتاقل بالألم....
ربما كان خالد و ليزلي و الجميع سبباً... و طفولتي المحشورة في زوايا هذا المنزل تصرخ بالمنطق أنكِ يا جواهر لست طاهرة.... لكن.... و لم يكمل حديث نفسه لأنه غطى عينيه يمنعها البكاء... لكنه بكى!

ربما أنا أبكي قليلاً أيضاً ،،، فالكل هنا يؤلمني،،،
Break للجمعة القادمة

********


مفاجأة صحيح؟ طيب أنا أخليكم مع الجزء القصير هذا و اللي إن شاء الله يكون موضح من بعد نقاشي مع العم عبدالله أيوووووووه العم عبدالله،،،، لما تخلصوا قراءة راح تفهموا


و بالنسبة لبوكيهات الورد،،، قريب إن شاء الله،،، و الله ما نسيتكم

إمبراطور مكسات
10-05-2008, 18:45
يتبع بعد الردود

realylove
11-05-2008, 06:36
بليييييييييييييييييييز عيزين التكمله للنهااااااااااااااااية

سُـكون
13-05-2008, 12:29
O_O

...

انت اكيد كاتب القصة ؟

امبراطور ..

القصة رهييييييييييييييييييييييييييييييييييييبه !ّ!

رهيبه رهيبه رهيبه ..

بمعنى الكلمة !!!!

!!!

هيه تعال ...

الحين هذي جواهر شو بتسوي بعد ما عرفت سالفة أمها و أبوها و هذاك الفرنسي ..؟

و هي أصلا جواهر شو قالت حق فطوم عسب ترفض طلال خلاص .. و ما تباه يكون ريلها ؟؟

و هذا الـ(طلال) .. ما ادري ليش .. بس عندي شعور انه نظرته لجواهر بتتغير بعد ما يشوفها على هالحاله .. و انه بيعرف ان الذنب مو ذنبها ..

و بعد عندي شعور .. >>> عفانا الله .. انتي وايد (تشعرين) ..

احم

اظن طلال بيحب جواهر بعدين صح ؟

و هذي جواهر اكيد بتتغير بعد هالصدمات الكبيره اللي يتلها ورا بعض و بسرعه ..

اخخخ >.<

اعرف انا وايد ارمس .. :مذنب:

بس ..

انا صدق متحمسه حق القصة .. :بكاء::بكاء:

متى ..
بتكملها ؟؟ :ميت::ميت:

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:15
مشكوره اختي على الرد والحين راح اكملها

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:17
(6)

مر الأسبوع على غير عادة في المنزل الكبير، كئيب و gloomy))، طلال منهمك في غضبه و مزاجياته السوداء، جواهر في ضياعها و صمتها الغريب من بعد الحادثة، عبير في أحلام تحقيق الذات و خطط الـ diet و أخيراًَ العم عبدالله في المكتبة يراجع كل السنين المؤلمة في ذاكرته و التي لا يعرفها الأولاد كلهم (نحن أيضاً في تصريف الأولاد الذين لا يعرفون القصة كاملة)

لنضع بعض النقاط على الحروف في ذاكرة عمنا عبدالله، لأنه عمنا جميعاً... صح؟

يستريح العم عبدالله على كرسيه الجلدي الزيتي، و نظارته تضفي عليه لمحة من ظرافة تقدم السن، و طبعاً فيروز ترافقه في جارة القمر

أدخل أنا الآن مع ألحان فيروز

نحنا و القمر جيران بيتو خلف تلالنا
بيطلع من قبالنا يسمع الألحان
عارف مواعيدنا و تارك بقرميدنا أجمل الألوان
ياما سهرنا معو بليل الهنا مع النهدات
ياما على مطلعو شرحنا الهوى غوى حكايات
نحنا و القمر جيران لما طل و زارنا عقناطر دارنا رشرشالمرجان
يا جـــــــــــــــــــــارة القمر

راوية: العم عبدالله؟
- مرحباً ابنتي، لم أنتبه لكِ، خلتك تنامين أو تكتبين 
- لم أستطع عمي، أريد أن أعرف قصة العم خالد و ليزلي و الجميع
- حسناً، اجلسي قرب عمك هنا، هكذا،، سأحكي لك الحكاية بضمير الراوي مثلك
- ههههههههه عمي،،، سوف تصبح الروائي الحديث ؟
- نعم، اسكتي أيتها المشاغبة و دعيني أفرد عضلاني الروائية، قرائك ينتظرون منذ أسابيع مفاجأة بنصف الأسبوع! و أنت تكتبين بغموض يثير الملل
- أنا عمي؟؟؟
- ههههههههههه،،، أمازحك،،، دعيني أروي
- تفضل عمي

العائلة الكريمة (خالد و عبدالله) قبل 30 سنة ، تزوجا من أختين (وفاء و فاطمة).
كانت الأيام أجمل من فصول الربيع والأزهار.
وصل طلال أول الأحفاد للعائلة الكريمة، و بعده عبير والعم خالد صفر اليدين من الأطفال بسبب عقم زوجته.
كانت الخالة وفاء ذات الحنان المفرط، تحث زوجها على الزواج لينجب، لكنه كان متمسكاً بها و بحبه لها طوال سنوات زواجهم الى أن.... وصل ذاك المشروع المشؤوم في أمريكا، تاركاً وراءه زوجة برقة الندى و بلسم الأرواح.

ذهب خالد و بدأ مرض الخالة وفاء برحمها المعطل! سرطان الرحم الذي لم يمهلها الكثير.

رجع خالد من فوره، بكى بحضنها، و توسلته أن يفكر بالزواج و الانجاب، لكنه ظل على موقفه.

كانت الخالة فاطمة و أبنائها (طلال ذو السنوات التسعة) و (عبير ذات السنين الأربعة) علاجاً مفيداً مع العلاج الكيماوي الذي أخفى معالمها كأنثى، و ترك خالد في زوبعة من التخبط و الضيق، فهي لم تعد وفاء، و هو لم يعد خالد، و الشراب بدأ يؤثر برأسه و ليزلي دخلت من الباب الذي أحكمه سابقاً في قلبه.

دخلت ليزلي، بكل تلك الأنوثة و كل ذلك الـ caring و كل تلك المشاريع التي تريد أن تحظى بجزء منها و من بحبوحة العيش. لم يمنعها هذا كله من حب خالد، أحبته، و يبدو أنه أحبها في لحظة ضعف ثملة !
عندها استيقظت وفاء من طيبتها المفرطة و اتخذت منزل فاطمة مهرباً وقتياً من خالد و حكايته مع ليزلي الفاتنة!
و بقيت تبكي ما تبقى لها من وقت، تبكي خالد و تبكي الغيرة القاتلة في قلبها، و تبكي أنه لم يسأل عنها و تبكي أنه اهمل كل رسائلها و كل وسيلة اتصال بها!

حسناً، لم يكن ذلك من فعل خالد، بل من فعل ليزلي التي أرادت أن تحتفظ بخالد نظيفاً من وفاء! تمكنت من قطع كل دلائل الاتصال بين خالد و وفاء، و بقيت تعبث برأس خالد إلى أن تزوجها!
بقيت وفاء تناضل المرض، الشهر تلو الآخر، مستعينة بأختها و أبنائها و كل الحب في هذا المنزل الدافئ، و بعيدةً عن خالد الذي نسيها، لكنه لم ينسها، و لم يشأ أن يزعجها كما تدبرت حيل ليزلي المحكمة أن تفهمه ذلك.

بدأت بذرة في رحم ليزلي، ابنة خالد (جواهر)، التي اصبحت محور سعادة جديدة لخالد من بعد ألم فراقه عن وفاء! مرت شهور الحمل بسرعة و بليلة سوداء، انقبض رحم ليزلي ليخرج تلك الجواهر التي طالما تحدث عنها مع وفاء! كان في بداية زواجه بوفاء يغيظها بكل أسماء الفتيات اللواتي يريد انجابهن ، إلى أن استقر الاثنان على اسم جواهر، و اسماها جواهر... و رحلت الأم التي لم تعرف الأمومة بذات اليوم (وفاء)!

بقيت المعضلات تتزايد، لم يحتمل خالد موت وفاء، فوقع في دوامة الشرب لينسى، كون إيمانه ضعف تدريجياً من بعد كل الألم في فراقها و شجارات ليزلي المستمرة في اهماله لها ! اهمل خالد ليزلي و بقي يلاعب جواهر و هو يشعر بشئ من وفاء! كانت تركيبة خالد غريبة جداً... ربما لأنه أحب وفاء بطريقة لم يفهمها أحد و لن يفهمها أحد! و لأن جواهر هو الاسم الذي اختاره مع وفاء... لكنه لم يشعر بالأبوة الحقة لأن الخمر يجري بدمه!

ثم جاءت الخيانة! ليزلي و التاجر الفرنسي و في فراشها الزوجي! ليزلي كانت تعيش حالة من الاحباط و الاهمال من زوجها! و كانت تتمزق على جواهر! ربما كل هذا و بعض الأفكار الخبيثة دفعتها إلى التاجر الفرنسي! بقيت الأمور بشرارات في منزل خالد و جواهر كانت أصغر من أن تفهم،،، ربما كان ذلك يعود لأمها التي تعطيها الحلوى كي لا تخبر أبوها من يدخل المنزل و من يخرج منه! لكن الوقت لم يمهل خالد أن يكره ليزلي بالقدر الكافي،،، اصيبت هي الأخرى بسرطان في مرحلة متطورة، مخلفة إياه مع فتاة في الثامنة و الكثير من الألم لاعترافاتها بما فعلت من قطع كل وسائل الاتصال بوفاء و كل خيانة مارستها في منزله و فراشه! يغرق خالد في الادمان أكثر و جواهر تصارع كفرد في مجتمع لا يقبلها و لا يحتويها....

خارج حدود الرسمية:

راوية: عم عبدالله؟
- نعم عمي
- القراء قالوا لي أحفظ حقوق الرواية،،، ممكن أدخل بينكم ضيفة؟
- حياج يا بنتي بأي وقت،،، الرواية روايتك
- شكراً عمي
- لا شكر على واجب بنتي


و هكذا سأدخل أنا بأسلوب روائي داخل الرواية! منعاً للسرقات الأدبية! و إلى من يريد السرقة... Good Luck ! سوف أشربك الأمور لدرجة استحالة محو اسمي! مجرمة صحيح! 

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:18
(7) المشهد الأول



قام العم عبدالله من كرسيه و تركتني لأنه رأى جواهر تنطلق بسرعة إلى الباب الرئيسي



- جواهر؟


- I need some time in my.. khaled’s house (أحتاج بعض الوقت بمنزل والـ... خالد)


- و لكن


- WHAT ؟



من بعد هدوئها الغريب لمدة أسبوع كامل يبدو أنها انفجرت في وجه العم عبدالله، أخذ العم عبدالله نفساً طويلاً و قال بهدوء



- دعيني آخذك


- I called a cab… see ya (اتصلت بتاكسي، إلى اللقاء)



و لم تمنحه وقتاً ليجادلها، و خرجت.



أتعرفون تلك الخطوات الصغيرة التي تضرب الأرض بغضب، و الـ term (I won’t cry on the outside anymore)... ربما كان لزفير الهواء في شعرها القليل من حلول هالات سوداء فوق رأسها و حول عينيها، كثرة التفكير كانت تأكلها، و ادمان أبيها كان يأكلها، و حقد طلال كان يأكلها، و حنان العم عبدالله كان يأكلها


She was eating herself بكل ما تحمل الكلمة من معنى.



خلعت تلك الجبيرة في المستشفى الأسبوع الماضي و بقيت ذراعها في رباط رقيق بينما كوعها السليم يستريح على نافذة السيارة و أصابعها تستريح على فمها بغضب، ربما الـ reaction جاء متأخراً أسبوعاً، و لا تدري ما هي فاعلة حقاً في منزل أبيها، لكنها كانت تحس بغضب شديد و ألم لا يحتمله صدرها.



وصلت سيارة الأجرة أمام منزل العائلة و ترجلت من السيارة من بعد أن دفعت للسائق حقه، الذي كان مستغرباً تنفس الفتاة بخشونة و كأنها تستعد لقتال!



فتحت الخادمة الفليبينة (ماري آن) الباب لجواهر التي كادت أن تحطم وجه الأولى من بعد أن دفعت الباب بقوة



- you stupid cow ! I was waiting out there like forever (أيتها البقرة الغبية، كنت أنتظر منذ أزل)


- I’m sorry miss (آسفة آنستي)


- Get lost ! (اغربي عن وجهي)



و ابتعدت الخادمة عن آنسة المنزل العصبية و التي توقفت عند بار المنزل!


كانت تبتسم بقسوة و هي تنظر إلى كل تلك القناني المليئة بالكحول البيضاء و الحمراء! و عادت لها أحد الذكريات التي أصبحت تفهم ما معناها



- daddy؟(أبي؟)


- WHAT ؟ (ماذا؟)


- I need some help with this project… you see we… (أحتاج بعض المساعدة في هذا المشروع، أترى أننا ....)


- Not now Jewels (ليس الآن يا جواهر)


- But dad ! I need to get this rea… (لكن أبي، أحتاج إلى أن أجهزه الـ...)


- I SAID NOT NOW ! LEAVE ME ALONE NOW ! (قلت ليس الآن! اتركيني بمفردي الآن)



ابتسمت بقسوة أكثر عندما ذكرت أنها حصلت درجة ضعيفة في مشروع اللغة العربية! ربما كانت لتلك الذكرى بالغ الأثر في نفس الفتاة ذات السنوات العشرة لكي تتعلم اللغة التي طالما استصعبتها.



أخذت قنينة أبيها المفضلة و التي كان يلازمها ليل نهار و أخذت تتطلع إلى تاريخ القنينة. لم تكن تهتم لقناني والدها لأنها كانت مكتفية بفوضاه من بعد الشرب.


I watched you die
I heard you cry every night in your sleep
I was so young
You should have known better than to lean on me
You never thought of anyone else
You just saw your pain
And now I cry in the middle of the night
For the same damn thing
(Kelly Clarkson)


(شاهدتك و أنت تموت، سمعتك و أنت تبكي كل ليلة و أنت نائم، كنت صغيرة! كان يجدر بك أن تعرف أفضل من أن تتكأ علي، لم تفكر بأي أحد آخر، كنت ترى ألمك وحدك! و أنا أبكي في منتصف الليل لأجل ذات الشي الملعون)



حطمت القنينة على الجدار، و ورائها الثانية و الثالثة! الكؤوس و الأكواب الكريستالية الثمينة! كان تراقص الزجاج و الكريستال على الجدران و الأرض يلمع ببريق لا يضاهي بريق شي! أو ربما يضاهي بريق عيونها و هي تبكي و تلعن غاضبة! توجهت إلى الصالة الكبيرة و التي يتوسطها بيانو والدتها.... والدتها الساقطة!



لاحت لها فكرة، توجهت إلى غرفتها و أخذت مضرب البيسبول الخاص بها و توجهت إلى البيانو لتعزف عليه معزوفة الغضب... كانت القطع البيضاء تطير في الهواء و صوت البيانو يأن و هي تضرب المرة تلو الأخرى... حتى لم يتبق من الأسنان البيضاء و السوداء إلا قطع ناشزة للأعلى.



توجهت إلى المدفئة الصناعية التي لم تفهم وجودها في البيت و الحرارة ترتفع معظم أيام السنة و التي تصطف فيها صور أبيها و صورها و اطارات لا تجمعهما معاً إلا عندما كانت بالثامنة... أي عندما كانت الأمور أبسط من عقله الملتوي... و بعدها تكبر جواهر وحدها في الاطارات من غير والدها...



مسحة واحدة بالمضرب و كل الصور تتساقط على الأرض و تحطم الزجاج و الاطارات الخشبية!



كانت الخادمات يراقبن الوضع خائفات إلى أن قررت ماري آن أن تتصرف، فاتصلت ببيت العم عبدالله...



*********


في منزل العم عبدالله



- لا تقلق أبي، سوف أحاول معها


- بارك الله فيك يا ابني


- و لا تحزن قلبك يا أبي


- مجبر أنا يا طلال، هذه الفتاة مشتتة بما فيه الكفاية، حسناً أنا ذاهب الآن


- ألم تقل إنك ستخرج بعد الصلاة؟


- سوف أحاول أن أصل مبكراً لأصلي معهم، إلى اللقاء يا بني


- إلى اللقاء أبي



و خرج العم عبدالله متوجهاً إلى المستشفى مخفياً ذلك على طلال و عبير و الجميع... حتى نحن! أنا لا أعرف شيئاً حتى الآن!  (الله يستر عمي عبدالله... ما فيني يصير فيك شي)



رن الهاتف، و رفعه طلال (فرحانين صحيح؟ )



- Hello (ألو)


- من؟


- Mr. Abdulla? (سيد عبدالله؟)


- No.. It’s his son (كلا، أنا ابنه)


- Marry Ann Sir (أنا ماري آن سيدي)


- Who ؟ (من؟)


- I’m the maid in Mr. Khalid house… Miss Jewels is going crazy sir


(أنا الخادمة في منزل السيد خالد، الآنسة جواهر جنت سيدي)


- What؟ (ماذا؟)


- She is breaking everything in the house… I can’t stop her… she will hit me her bat (إنها تحطم كل شي بالمنزل، لا أستطيع ايقافها، سوف تضربني بمضربها)


- Easy… let me get this right (اهدئي... دعيني أفهم )


- She is breaking the house with her bat… listen (إنها تحطم المنزل بمضربها.. اسمع)



و فعلاً كان هناك صوت تكسير و تحطيم و صراخ



- ok… I’m coming (حسناً أنا قادم)



أغلق الهاتف و قلبه يتوجس شراً، أيمكن أن تؤذي نفسها؟ و إن آذت نفسها هل سيسامحني أبي؟ هل سأسامح نفسي...


- راوية: طلال؟


- نعم!!!!!!!


- يا أخي ليش شاب ضو؟


- من فعايلج!


- أنا؟


- ما تعرفين يعني؟! أروح أشوف هالمينونة!


- لحظة طلال؟


- شنو بعد؟؟؟؟! ذبحتيني راوية تراج!


- جواهر... محتاجة أحد يهديها


- و ليش هالكلام إن شاء الله؟ بتسوين لي قصة روميو و جولييت إن شاء الله


- طلال كلمني عدل ها


- كلام معاج ما عندي... كفاية التعقيدات اللي كتبتيها للحين


- يعني تلومني على كل شي؟


- سمعي يا راوية... إذا جواهر صار فيها شي و أبوي درى... ما راح تلومين إلا نفسج!


- و إذا خليتها تذبحك!!!


- إنتي انسانة فاضية!


- أنا يا طلال !!!!!!!!


- ما عندي وقت


- أنا جاية معاك!


- ما آخذج وياي


- مو بكيفك! أنا الكاتبة!


- كاتبة و لا كاتبة... أنا ما آخذج يعني ما آخذج... كفاية وحدة مينونة بالقصة... مو مينون أسويهم ثنتين!



و مشى طلال، مبتعداً عني و أنا أستشيط غضباً... أبداً لن أفهم مزاجيات طلال...  لكنني أحبها!
<<<<<<<<<<< يتبع
(7) المشهد الثاني



- miss please stop


- SHUT UP… GO AWAY



و ابتعدت ماري آن خوفاً من عيون جواهر التي تلمع غاضبة بالدموع...


مشت فوق شظايا الكرستال و الزجاج و صوت حذائها الرياضي يهشم الشظايا الصغيرة ... إلى أن وصلت إلى البار مرة أخرى، و تناولت قنينة تريد أن تفرغها في جوفها علها تفهم ما كان والدها يشعر به لينبذها بتلك الطريقة الملتوية الذكية، كل المال و كل الموافقات على أشد المشاريع جنوناً، كان لابعادها و لم يكل لتدليلها! إذا خالد... سوف أرى ما كنت تراه في هذه القنينة الموحلة بالذكريات القذرة



فتحتها و رفعتها بكل قوة إلى فمها لتبصق ما أدخلته و تكح من فورها!


It’s like drugs (إنها مثل المخدرات)...


يرفضها جسدك في المرة الأولى، ثم تتنفسها بسهولة...


Again يا جواهر



وضعتها على فمها ثانية و عينيها مغمضة و هي تجرع المرارة في جوفها، تريد أن تفهم ما كان يشعر بها والدها


أو ربما لترمي كل الوحدة من سنين الطفولة إلى النسيان، أو ربما لتسكت كل تلك الأصوات الصغيرة في رأسها و التي تخبرها أن الجميع لا يحبها!


يتبع

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:19
تجرعت المزيد...



الخمر الذي يعتبره البعض دواء بينما هو صيغة سم جديدة. الخمر السم الوحيد المرخص بتداوله على نطاق واسع في العالم كله. ويجده تحت يده كل من يريد أن يهرب من مشاكله. لكل مضطربي الشخصية! جرعة واحدة من الكحول قد تسبب التسمم وتؤدي إما إلى الهيجان أو الخمود وقد تؤدي إلى الغيبوبة. أما شاربو الخمر المزمنون (Alcoholics) فيتعرضون للتحلل الأخلاقي الكامل مع الجنون، ناهيك عن التهابات المعدة و المرئ و الكبد و تسمم عضلة القلب و توسيع الأوعية الدموية للاحساس الكاذب بالدفأ و اكساب الطبيعية البشرية صفة الخبث!



لكنها تجرعت المزيد، و أخشى أن ترمي نفسها في غيبوبة!


تحقن جوفها بكل سم والدها العربي الضعيف! تحقن جوفها بكل بذاءة والدتها الأجنبية الحقيرة!


تحقن جوفها بكل أشباح الذكريات في هذا المنزل الذي استقبلت فيه والدتها رجلاً ... و كفها الصغير و الملئ برشاوي الحلوى لتصمت، و لغبائها كانت تصمت للحلوى... حتى أصبح طعم السكر شيئاً تكرهه!


لماذا تزوجا أصلاً؟ إن كانت النتيجة شظايا جواهر؟!



YES .... دخل طلال! و وقف طلال! و حدق طلال!



- what in the name of… ؟ put that down now !!!! (ماذا بحق... ضعيه حالاً)


- GO TO HELL ! (اذهب للججيم)


- NOW !!!!!! (الآن)



و أخذ القنينة من يدها و رماها بعيداً لتجالس صديقاتها الأخريات المتحطمات.


نظرت إليه بعدم اكتراث و تناولت واحدة أخرى، مما جعله يشتاط غضباً و يأخذ الجديدة من يدها و يحطمها أيضاً



- ماذا تريد يا طلال؟ أظنك مكتفياًُ... دعني بقية التحطيم لي على الأقل ! it’s not fair أنك أخذت البطولة في تحطيمي!


- جواهر...


- جواهر؟ ههههههههههههههههه! What happened to Jewel ؟ بودي أن أسألك هذا منذ زمن لماذا تغيظني بافراد اسمي! Jewel و ليس Jewels ! ههههههههههه



كانت ثملة !



- آه طلال... you are something ! سوف أترك لك والدك الرائع و اختك الرقيقة! سوف أعود للعيش في هذا المنزل... أو ربما يجب أن اقول... هذه الخرابة!





أمسكت ركبتيها و بدأت تضحك على كلمة الخرابة التي أطلقتها. ثم مشت قليلاً إلى أن جلست على كنبة نظيفة قليلاًُ من شظايا الزجاج و أكملت بهدوء و عيونها ساهمة إلى مكان بعيد



- أردت أن أعرف ما كان يشعر به والدي عندما يشرب لينساني



نظرت إليه و عيونها تتحرك بسرعة



- أتظن أن السماء انتقمت لخالتك مني؟



صدم طلال، و أكملت جواهر تفرغ حقائب تشوشها و حزنها في الصالة و هي تهذي بدون أن تعرف أنها ثملة جداًَ



- انظر إلى هذه الكنبة، كانت أمي و عشيقها يجلسان عليها!



كشرت فجأة و قامت بسرعة و أخذت قنينة مكسورة من على الأرض و أخذت تمزق قماش الكرسي دون أن تعي أن يدها تشققت بفعل شظايا الزجاج!



ثم كان الصراع بين طلال الذي يحاول أن يمسك معصمها بقوة لكي تفلت الزجاجة... حتى أفلتتها ثم بدأت تضربه بكل قوتها



- You just couldn’t leave everything as it was (لم تستطع أن تدع كل الأمور كما كانت) ! كيف لي أن أعيش الآن؟؟!!! لماذا أخبرتني ما أعرفه الآن!!!!!



و ظلت تضربه و تشدخه و الأيدي تتشابك! طلال يحمي وجهه و يدها تريد أن تطال عينيه لتفقئهما! دفعها و هو يلهث و سقطت على الكرسي مرة أخرى، ثم أخذت تمسح كل المخاط و الدموع من وجهها بكفها و هي تلهث



- I wish you DEAD ! (أتمنى أن تموت)


- كفى!!!!!!


- اخرس!


- اخرس؟؟ تريدينني أن اخرس؟!!! ماذا لو كنت مكاني؟ ها؟!!!! ماذا لو كنت مكاني و عرفت كل ما عرفته و أنا طفل صغير؟!!!!! تظنينني سأفتح ذراعي و أقول أهلاً ابنة عمي العزيزة! و أنا أعلم أنك لست إبنة عمي؟! اخبريني ماذا كان يجب أن افعل؟ أن أقول... هي بريئة و لتعش معنا؟! ليرحمك الرب يا خالتي أنتِ ميتة و هي حية؟ ساستقبلتك بكل الحنان و كل الحب كوالدي؟!!! كيف و أنا أعرف ما أعرفه؟!! أنا لم أعرف شيئاً... كنت مضللاً مثلك!



كان صوته أشد إلى صوت رعد غاضب، حتى أن جواهر خافت عندما اقترب من وجهها و هو يشد على أسنانه بغضب و يهز الكرسي الذي تجلس عليه للوراء



- أخبريني؟!!! ماذا كان يجب أن أفعل؟؟؟!!!!



توقفت جواهر عن التفكير لبرهة، صحيح... كيف كانت ستتصرف لو كانت مكانه؟ و كيف سيتصرف إن علم أنها أفسدت علاقته مع فاطمة؟! ارتعشت خوفاً من الفكرة... و ظلت تحدق إلى قطرات الدم على قميصه، دم؟


و تطلعت لكفها الذي ينزف ثم تحركت حرارة غريبة في معدتها لتنشر كل القئ إلى الخارج و على حذاء طلال، تهاوت من على المقعد و جسدها يرتعش و هي تفرغ معدتها من كل السم الذي شربته على الأرض، قرفص طلال و أمسك كتفيها يسندها و صرخ



- ماري آن ؟؟؟؟؟؟؟



ركضت الخادمة إليهما



- bring some water



و ركضت ماري آن من فورها.


أفرغت جواهر كل ما بمعدتها، حتى سألها طلال إن كانت تشعر بالمزيد من الغثيان، فهزت رأسها نافية و أبعدت يديه عن كتفها و تراجعت للوراء تسند ظهرها و هي تبكي و تمسح فمها من بقايا القئ



- كان يشرب بجنون طلال! بجنون! أهمل كل شي! أهملني! كان يجب أن أعرف ما يشعر به! أنا رميته في تلك الهاوية


- كلا يا جواهر


- بلى! كلما أخبرته أن يوقف الشرب كان يقول إن له أسبابه ليشرب... ماذا كانت أسبابه طلال؟



بكت بصوت متألم



- أنا طلال!


- كلا كانت والدتك!


- ربما و لكنني كنت سبباً أكبر، ظللت أمامه في كل الأيام التي تلت رحيل أمي! هههههه! أخجل أن أناديها أمي حتى! صدقني إن السماء انتقمت لخالتك



بقي طلال صامتاً و مجروحاً، ربما! لكن الأمور لا تجري هكذا



- جواهر، لم أظن أنني سأقول لك هذا قبلاً، لكنني آسف حقاً



زادت جواهر في بكائها و غطت وجهها و هي تنتحب بقوة إلى أن وصلت ماري آن بالماء و منشفة نظيفة تمسح بها وجه جواهر الوسخ


- oh Marry Ann ... did you know that my mother cheated on my dad (آه ماري آن، هل كنتِ تعلمين أن أمي كانت تخون أبي)



صمتت الخادمة من هول الصدمة و من شكل الآنسة جواهر الباكية المحطمة



- I was not good to you Marry Ann (لم أكن حسنة معك ماري آن)


- It’s okay Miss



و بكت الخادمة و هي تمسح وجه جواهر بالمنشفة و بكفها الصغير و الخشن من كثرة غسل الصحون



- your hands are not as soft as before Marry Ann (يداك ليستا بنعومتها السابقة)



ظلت جواهر و ماري آن تبكيان و لا تعرف الواحدة منهما كيف تواسي الأخرى و طلال يراقب هذا المشهد الموحل بالقئ و الدموع و الماء في المناشف الملوثة بالدم و القئ... و قلبه كان في بداية انفطار!
>>>>>>>>>>> يتبع
(7) المشهد الثالث
AGAIN
أعادوا صوت فيروز إلى مقطع

حين هوت مدينة القدس
تراجع الحب
و في قلوب الدنيا استوطنت الحرب

و غسان على المسرح لا زال يرشد الطلاب إلى التركيز على مضمون النص من قبل أن يهتموا من المشهد بحد ذاته، التفت ليبحث عن عبير التي كانت تقف أسفل المسرح و تعدل بعض الأزياء، وجدها و وجد الأستاذ الأمريكي مايكل ينظر إلى عبير بطريقة لا تمت للحياء بصفة! كيف لعبير أن تعرف أن رجلاً قليل الذوق خلفها ينظر كذئب مفترس إلى كل أرطال عبير و يعض على شفتيه بقذارة مريبة!

على سطر فيروز الغاضب (الغضب الساطع آتٍ)، نزل غسان من على المسرح و توجه إلى حيث عبير و مايكل لا يزال في أفكاره القذرة ورائها يظن أن لا أحد يلحظه!

وصل غسان إلى عبير و وقف أمامها و تطلعت إليه و قلبها يرجف خوفاً، ما به؟ و لحظته ينظر إلى ما ورائها، و مايكل بالنهاية (اختشى على وشه بالمصري) و استيقظ من غيبوبته القذرة على دفعة للوراء بقبضة غسان!

- get out of here ! (اخرج من هنا)

و توقف مايكل يراقب غسان و يشتم

- What the hell is wrong with you ؟ (ما بك بحق الجحيم؟)
- I need no low people in my play !!! (لا أريد ناساً حقيرة في مسرحيتي)
- What the f*** ! (كلمات نابية  من فم أمريكي متخلف)
- HEY ! watch your language in front of the lady ! (هي! انتبه للغتك أمام الآنسة)

ابتسم مايكل باشمئزاز و قال

- this isn’t over (هذا لم ينته)
و خرج مخلفاً الجميع بحيرة من تصرف غسان؟! تضايقت عبير من تصرف غسان و لم تعرف أن دمه غلى بطريقة غريبة عندما شاهد ذاك الحقير يتطلع إليها بقذارة!

- لماذا فعلت ذلك؟

تطلع إليها غسان و هو يتساءل نفسه، لماذا فعل ذلك؟ تباً أياً كان في موقفه سوف تتحرك الغيرة في دمه لفتيات الوطن! الوطن؟! أي وطن يا غسان؟ أي وطنٍ يجمعك مع عبير؟ حسناً كفى!

- آسف عبير، كان يتطلع إليك بقلة حياء

توقفت الدماء في عروق عبير و هي تنظر إليه من بعد ما قاله! الحقير مايكل الذي يلاحقها من مكان إلى آخر بأسئلة فضولية و سخيفة! لم تعتقد أن الأمر سيصل إلى أن....

- عن إذنك

و خرجت عبير من القاعة المسرحية و الغضب و الخجل يختلطلان بقوة في صدرها حتى أنها لم تنتبه لي و اصطدمت بي!

- راوية لا وقت لي معك!
- بسم الله الرحمن الرحيم!
- راوية وخري عن دربي بليز!
- إنتي و أخوج بيوم واحد! شفيكم علي؟
- شفيه طلال؟ ليكون خليتي العالم تكرهه أكثر؟!!!
- لا أبد ما أنتي طبيعية عبير
- راوية حرام عليج... ترى طلال طيب.. لا تغلبينه وايد!
- أدري إنه طيب ... لو ما كان طيب ما خليته بطل القصة بالأصل
- طيب و العالم اللي تكرهه بالردود؟
- تقصدين القراء؟ مردهم يحبونه
- شلون تعرفين؟
- هم يخبروني أول بأول، و البعض منهم متعاطف معاه اللحين، و ما تدرين من بعد السابع يمكن يلين قلبهم
- إن شاء الله
- لا تخافين، دام راسي و راس scorpion يشم الهوا... طلال بخير
- طيب و جواهر؟
- أوووووه لا تخافين... فيه عالم متعاطفة معاها، بس خايفة عليها... عبير خلج طيبة معاها على طول لو شنو صار
- لو شنو صار... كيف يعني؟ شنو صاير؟
- في أشياء وايد ما تعرفونها عن جواهر
- مثل شنو
- ما يصير أقول
- ليش عاد؟!
- ما يصير و خلاص  و بعدين تعالي ... شفيه ويهج أحمر
- منج و من غسان و من هالمايكل الزفت!
- طيب إنتي ضايقج إن غسان تدخل يعني؟
- أكيد! سوى مشكلة من ولا شي
- من و لا شي؟! يعني مايكل ما يبي له أحد يوقفه عند حده؟
- مو مسألة من يوقف من ! أنا ما أبي مشاكل بشغلي و أنا للحين ما تثبتت!
- بس غسان انسان ما يسعى للمشاكل، بالعكس انسان هادي و ينحب
- دخيلك راوية! لا تكلميني عنه!
- ليش؟
- ما أبي أتعلق بحلم منتهي من بدايته!
- لأنه عراقي؟
- هذا واحد و لأنه مستحيل يحب وحدة بحجمي! عندي كلاس.. مع السلامة!

و رحلت الأخت و هي غاضبة و مستاءة مثل أخيها مني؟! يا ربي شسوي فيهم بس؟!

دعوني أرى العم عبدالله أبرك لي! ألم أقل لكم أن العم عبدالله سمين كعبير؟

*********
- عبدالله ... الكروسترول مرتفع عندك بصورة كبيرة و تعرف ما يمكن أن يسببه ذلك
- نعم
- إذاً أنصحك تلتزم في طعامك و أن تمارس بعض الرياضة كالمشي قبل أن نتجه إلى الأدوية
- حاضر دكتور
- و راجعني الأسبوع القادم
- حاضر
- عبدالله؟
- ماذا؟
- كيف حال ابنة أخيك؟
- بخير دكتور
- اجلبها معك الأسبوع القادم لكي أعرضها على طبيب متخصص
- أبها شي؟
- كلا،، طبيب متخصص نفساني
- تظنها تحتاج هذا؟
- نجرب و نرى، ألم تقل أنها لا زالت صامتة من بعد الحادثة
- حسناً دكتور زياد، أراك الأسبوع القادم

و خرج العم عبدالله مخلفاً ورائه زياد الذي يفكر في مساعدة جواهر المشتتة، و لأنه يفهم جزءاً من معاناتها لأنه من أسرة مفككة.

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:21
(8) المشهد الأول


انقضت ساعة المستشفى في التضميد و الاطمئنان أن كل أعضائها بخير، و الساعة الثانية تنقضي في السيارة بهدوء ذو رهبة، كان صوت الريح خارج السيارة يعزف تلك المقطوعات المثيرة للرهبة. كانت صامتة، بعيدة، مشتتة، و مضطربة. كان حائراً، مشمئزاً، متعباً، و مشتاق لـ عودة فيض الحب! بقيت المسافات تزيد في عداد الكيلومترات بالسيارة بهدوء (بلا حرف) و (بلا صوت) ... كل ذلك الهدوء الذي يأكل الأطراف، يأكل الخلايا و يسمح لعدوى التفكير بأن تطول و تطول

صوت احتكاك الإطارات بالأرض يثير الوحدة، غريب هو هذا العالم، تستطعم أتفهه في لحظات كهذه، كما تفعل هي الآن و ذاكرتها تعود إلى ضجيج تحطم سيارة والدها مع صوت بيانو والدتها قبل أن تنام. الكثير من ذكريات الطفولة مع ذاك المزيج الغريب من صوت التحطم و البيانو. هل بقي جنون لم يقترفه جنوني؟ و رأسها مستند على نافذة السيارة

- طلال؟

انتشلته من كل الخواء الذي كان يطالعه بعيداً

- ماذا؟ (بدون أن ينظر إليها)
- ماذا ستخبر والدك؟

و بقي الصمت رفيق صاحبنا، ماذا يخبر والده؟ هذه ضمادة يدها / هذا قميصه الملطخ بدماء أصابعها /هذا وجهه المخدوش بأظافرها / هذا هو الشعور المحطم في وجهنا كلينا، و بقي سؤالها معلقاً في الهواء، و لم تبحث عن إجابة لأنها أضعف من أن تفكر بما سيظنه العم عبدالله بها و بكل ما فعلت. أجابها بهدوء:

- لا أدري

بقيت صامتة بعض الوقت ثم توجهت أنظارها الزرقاء إلى جانب وجهه المخدوش و بعث إليها ذلك بعض السرور و الألم

- خدشتك بقوة

بقي صامتاً و أضافت بانتصار خبيث:

- أظنك كسبت هذا الخدش بجدارة

تطلع إليها بنظرة أثارت ارتباكها، ربما كانت تأنيباً أو تعاطفاً أو ربما المزيج بين الاثنين، أعاد نظره إلى الطريق

- ماذا؟ لن تقول شيئاً ؟
- لن أسمح لك باستفزازي، هذا كل الأمر

كان أهدأ مما توقعت، ثم بقيت تتساءل، أحقاً هذا طلال؟! أسندت رأسها لمزيد من الذكريات على زجاجة النافذة، و هي تسترجع كلمات و توضيحات العم عبدالله بالحكاية كاملة أمام أبنائه و أمامها، كانت عبير متمسكة بيد جواهر التي لم تعد تشعر بشئ، ربما القليل من الارتياح الفكري عندما عرفت أن والدها كان ثملاً لسبب معين و ليس كهواية مقيتة! تذكر طأطأة رأس طلال و هو ينظر لوالده و لها بندم لكشف الأوراق بهذه الطريقة... و أخيراً تذكر انفجارها أمام كل شي عندما شعرت أن سموم الذكريات تطال كل شبر فيها...

طلالنا يقود و أفكاره تعود إلى فاطمة... من هي فاطمة؟ و كيف بدأت قصتهما؟

طلال (28 سنة بتاريخ اليوم)، ملتحق متأخر بالجامعة و خريج قليل الحيلة من بعد رحيل من كانت سبباً في نجاحه، غامر بالكثير من وقته من بعد مدرسته، أضاع ما يقارب الأربع سنوات و هو يدخل في الكثير من المشاريع التي سرعان ما طارت مع الريح، محدود العلاقات مع الجنس الناعم، يغضب عندما يغضب ما حوله، و يداعب كالأطفال عندما يبتسم ما حوله! كانت فاطمة (25 سنة بتاريخ اليوم) زميلته في الجامعة إنسانة تجمع روح المرح و التحفظ، كانت تدفع الجميع للدراسة و المثابرة و الكفاح. كانت حلقات الدراسة في الجامعة تجمع الكثير من الزملاء، كانت تلك المجموعة الدراسية مختلفة عن غيرها من المجموعات، كانت العلاقات بين الذكور و الإناث محدودة بالالتزام و الاحترام، و كانت لمشاريع تلك المجموعة الصدى المميز في الجامعة بأسرها. كان طلال يشعر بشئ من الانتصار كلما تقدم في بحث أو مشروع أو حتى مساندة زميل أو زميلة بما تمليه العادات. كانت تلك المجموعة من أجمل الأشياء التي تركت الأثر الطيب في قلبه و روحه، و بقي اعجابه بفاطمة يزيد، خصوصاً و أنها مختلفة و مميزة عن غيرها. كانت تملك روح دعابة أشبه بدعابة الصبية، و كانت تزيد حلقات الدراسة حلاوةً بالحلوى التي تحضرها و هم يتأخرون في مكتبة الجامعة و غرف الدراسة. كانت تلك الأيام أشبه بعالم مختلف تماماً عن عالمه الآن... على الرغم من نظرات الجامعيين لتلك المجموعة التي تدرجها تحت مصنفات الشكوك الأخلاقية أو مصنفات النجوم التي سرعان ما تذبل تموت... كانت المجموعة تتميز بخُلق رائع نادر في هذه الأيام. كانت الفتيات و الصبية من غير وسيلة اتصال مباشرة (لا هواتف و لا مسنجرات)، كانت وسيلة الاتصال الوحيدة هي المجموعة البريدية التي أنشئوها حفاظاً على مشاريعهم و بحوثهم و إفادةً لطلبة غيرهم و بالنهاية كوسيلة اتصال في تحديد مواعيد الدراسة أو البحوث. كانت تلك المجموعة البريدية سبّاقة في الجامعة، كان الجميع يشترك باسمه الحقيقي و يودع كل المواقع ذات الفائدة، أو ذات الترويح، أو حتى الفلسفية منها مما أظهر روحاً جميلة في كل شخص بتلك المجموعة و بالتالي أضاء الكثير من الطلبة خارج المجموعة.
كان أساتذة الجامعة من حاملي شهادات الماستر و الـ PHD يضربون المثل في تعاون المجموعة و تفانيها في خدمة طلبة الجامعة. كانت المجموعة أيضاً مسئولة عن حملات الدعايات و التبرعات بالجامعة، الأمر الذي أظهر مواهب طلال الفنية في التصميم و خبرات فاطمة في الإدارة المنظمة. باختصار، ليست كل مجموعة كتلك المجموعة، ربما لأن أفرادها اجتمعوا بنوايا صافية و احترام متبادل، و تقدير الشخص المختلف كأخ حقيقي و كأخت حقيقية  ! ليت كل الجامعات تحمل في قلبها كمثل تلك المجموعة بطيبتها و خُلقها و تفانيها في سبيل العلم!
ما زال يذكر ذلك اليوم الذي خرج فيه من المكتبة و هو يأن عندما ودعت أمه الحياة بغتةً إثر جلطة دماغية. كانت المجموعة متألمة لطلال، خصوصاً و أن والدة طلال كانت تُحمل طلال الكثير من الأطعمة ليؤكلوها و هم يدرسون و يبحثون و يخططون لمشاريع جديدة. كانت الخالة فاطمة محببة لروح فاطمة على الرغم من أنها لم ترها، لكن قلب فاطمة الرقيق تعلق بالخالة فاطمة من أحاديث طلال و هو يعد البحوث أو يقوم بتقديم البحوث و هو يقف أمام البروجكتور (لا أعرف اسمه بالعربية هههههه) بظرافة قائلاً... أمي تسلم عليكم ! أمي تقول تغدوا زين! أمي .. أمي .. أمي ! آه أمي! وصية للجميع... تحملوا بأمهاتكم 
انقطع طلال عن الجامعة في موسم الامتحانات، الأمر الذي أقلق الجميع، و كانت فتيات المجموعة يطلبون من صبية المجموعة أن يظلوا مع طلال لمساندته، و يحثوه أن لا يضيع مجهوده في ترك الامتحانات خصوصاً أن لا وسيلة اتصال مباشرة بيد الفتيات سوى رسائل التعزية على المجموعة البريدية. كان صبية المجموعة يلاقون طلال الذي تغير كثيراً من بعد وفاة أمه، ربما كانت وفاتها مؤلمة كفاية لتذكره بوفاة خالته.
فكرت فاطمة في طريقة تحث طلال بالاستمرار و المثابرة و أن لا يضيع ما تبقى من عمره في الجري وراء السرابات التي أضاعت أربع سنوات من حياته، بعثت قرآناً أزرقاً صغيراً مع أحد صبية المجموعة (أحمد) إلى طلال و قالت له:
- أخبر طلال أن الحياة لابد من أن تستمر، احزن ما شئت على أمك، لكن لا تحزنها بأن ترمي كل جهودك بعيداً.
كانت لكلمات فاطمة بالغ الأثر في قلب طلال، خصوصاً عندما أودع أحمد القرآن الصغير في كفه، و أضاف إلى كلام فاطمة:
- لست صغيراً يا طلال، لابد من أن تكمل، و إلا ستعود إلى الصفر مرة أخرى

و كانت لعودة طلال المحمل بشتى العواطف الممتنة لكل المجموعة، بالغ الأثر في المجموعة ذاتها. الأمر الذي حث الجميع على الاجتهاد و المثابرة في تحقيق المستحيل لنيل تقدير الامتياز في المشاريع التخرجية النهائية. انقسمت المجموعة إلى الفتيات و الصبية، لتسهل عملية التجمع في المنازل لكل على حدة، و كان الاجتماع الاسبوعي بالجامعة المحدد من خلال المجموعة البريدية بالغ الأثر في تطوير المشاريع لأفراد المجموعتين، الصبية يطورون بذكائهم مشاريع الفتيات، و الفتيات تضفن لمسات التصميم و الجمال إلى مشاريع الصبية. كان التعاون المشترك بين المجموعتين مبلغ حساد كثيرين بالجامعة، حتى أن البعض أطلق الشائعات على وجود علاقات مشبوهة بين الفتيات و الصبية، و إلا لماذا يقضون أوقاتهم في تطوير مشاريع تخرج غيرهم بلا فائدة؟! هل حقاً تنعدم فكرة وجود علاقة طاهرة بين أشخاص يكنون الاحترام لبعضهم البعض؟ بلغت الشائعات مسامع الفتيات، مما أثار خوفهن و غضبهن، إلى متى تطول هذه الحكايات العديمة الفائدة؟ إلى متى؟!! و كان لفاطمة الكثير من القلق!

وصل موعد التخرج بالامتياز الباهر و الجميع فرح و حزين، لابد من الفرح بانتهاء سهر الدراسة المؤلم، و لابد من الحزن لفراق الزملاء و الأصدقاء. كان طلال يفكر كثيراً، كثيراً في فاطمة... و كان يريد أن يرتبط بها قبل أن تذهب بلا رجعة، فصارحها بذات يوم التخرج أنه يفكر بالارتباط بها، الأمر الذي أدهشها و أخافها و جعلها تنزوي بعيداً خوفاً من طلال، و ظلت تتساءل إن كانت له نوايا من قبل و هم يدرسون و يبحثون، كانت تكن عاطفة أخوية للجميع، لماذا فسرها طلال أكثر من الأخوية إذاً؟!!!! و انتهت أيام الدراسة، و تفرقت دروب طلال و فاطمة، مما جعل طلال يفقد الأمل نهائياً بعودة فاطمة إلى دروب حياته، لكن سخرية القدر جمعت صديقه أحمد و زميلة بالمجموعة (جلنار) ... حلو الاسم صح.. أمها تركية/فارسية و الاسم فارسي و معناه زهرة (جُل) الرمان (نار)/ زهرة الرمان قبل أن تصبح ثمراً  ! أحكي لكم قصة أحمد و جلنار مرة ثانية  ... بقي أن أخبركم أن جلنار هي توأم روح فاطمة و من جمعت قدرها مع طلال مرة ثانية بطريقة أقرب إلى الخيال. فاطمة فتاة تخاف وحشية هذا العالم، و القصص الموجودة بين الفتيان و الفتيات، كانت تجنب نفسها كل تلك الترهات حفاظاً على نفسها طاهرة من الداخل لزوجها المستقبلي. أسترجع لكم حوار جلنار و فاطمة بعد زواج جلنار من أحمد:
- ألف ألف مبروك كُولي (اسم الدلع لجلنار )
- يبارك في حياتكي حبيبتي (لاحظوا تكسر اللغة )
- كيف كان شهر العسل؟
- Awesome فاتي (اسم الدلع لفاطمة)... أحمد رائع.. أحبه كثيراً فاتي...
- قولي الحقيقة... تحبينه من أيام الجامعة؟
- بصراحة لم أفكر فيه... كان up tight زيادة عن اللازم و أنا كنت مرحة أكثر منه، لكن تعلمين، لم أعرف أنه ذا روح رائعة فاتي... فكري أنتي، بأخلاق مثل أخلاق أحمد أو طلال من أيام الجامعة، ألا تظنين أنهما سيشكلان أزواجاً رائعين؟
- أتمنى لك التوفيق
- لم تجيبي على سؤالي
- تقصدين طلال؟

أدخل أنا الآن

- نعم طلال!!!
- بسم الله الرحمن الرحيم، إنتي ما تعرفين تسلمين قبل يا راويوووو!
- خخخخخ ... السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
- و عليكم السلام  يالمينونة
- زين ليش ما تقولين لي و لجلنار ليش رافضة طلال؟!
- رافضته؟! ليش من قال لج إنتي؟
- غبية و الله غبية! أنا اللي أكتب و لا نسيتي؟!
- صح صح
- صح بعينج!
- راويوووووووو!

جلنار تدخل في الموضوع

- خليها رورو، كانّان (مجنونة بالفارسي)
- ها؟
- أقصد فاتي مينونة تخسر انسان بروعة طلال، عيونك آخر أمالي معجبة بطلال، ليش ما تشربكينهم يا الخطّابة!
- جلنارووووو.... !
- خخخخخخخ... زين زين بابا... خليني أقول لفاتو اللي أبي أقوله
- قولي أشوف

و انتبهت فاطمة لجلنار

- طلال يريدك فاطمة، لقد كلم أحمد و أحمد أخبرني
- ..................
- فاتي ... حبيبتي... طلال مثل أحمد... صدقيني... إنسان عاقل و رزين،، متفهم و خلوق و مؤدب،،، لا تركنيه جانباً لظنون كاذبة
- و ماذا يؤكد لي ما تقولينه، ربما كان يفكر في خلود أو ميساء أو أياً من فتيات المجموعة!
- ستقتلني هذه الفتاة!!!!
- لماذا !!!!!!!!

يتبع

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:22
- خلود .. ميساء... بطيخ! لم يتمسك طلال بخلود أو ميساء أو بطيخ... يريدك أنتِ.. و ثانياً الرجل يريدك علناً و أمام أهلك... يعني ليس وراء الظل... خذي... هذا رقمه، حددي موعداً على الأقل مع أهلك
- ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!! أمجنونة أنت؟؟؟؟؟؟؟؟؟!
- لماذا !!!!!!!
- ماذا أقول.. مرحباً أمي.. هذا رقم زميلي بالجامعة سابقاً... يريد أن يتقدم لي... شكراً أمي!!!
- أخبريني... كم عمرك الآن؟!
- تعرفين ما عمري... و لا تدخلي مسألة العمر في المسألة... أعلم أنني بسن ارتباط!
- و ما دمتي تعرفين ... لماذا كل هذا التهرب؟!
- لأن الموضوع ليس بتلك السهولة... أهلي يأتون بالمرتبة الأولى، تعرفين أنني بمجرد هذا التصرف سوف أخسر ثقة أهلي!
- سأنتحر.. أنتهى الموضوع!
- جلنار!
- حسناً، أتظنين أنني سأرميك إلى هاوية مثلاً، لو لم أكن متأكدة و أحمد لم يكن متأكداً من طلال، لما أخبرتك فاطمة! أنت إنسانة تستحقين كل الخير، و طلال يستحق كل الخير، و كلاكما إنسان رائع... لماذا لا إذاً؟ يريدك على سنة الله و رسوله! لماذا الافتراضات و الضياع و التفكير السلبي؟! أهلك لن يخسروا ثقتهم لأنكِ كنت و لا تزالين فاطمة التي يعرفها الجميع،،، و هذا شخص سيسعدك،،، أنا أعلم... و قلبي و عقلي يؤكدان ذلك.. و إنت كنت خائفة من مسألة الارتباط ، سأخبرك بأن هذا الاحتمال قائم بكل الأحوال! لا يعلم أحد ما يخبأه نصيبك في الدنيا

اضطربت فاطمة من بعد كلام جلنار، و أخذت رقم طلال و ظلت تفكر كيف تخبر والدتها... و والدها؟! استعانت بسمية أختها التي تصغرها بأربع سنوات، فاستجمعت الأختان الشجاعة و أخبرتا والدتهما التي استغربت في بادئ الأمر و ظلت تسأل فاطمة تستشف إن كانت تكن مشاعر لهذا الشخص، فكان رد فعل فاطمة في أن ترمي كل شي و تخبر والدتها أن رضاها قبل كل شي، الأمر الذي شجع الوالدة في أن تكلم والد فاطمة و تبدأ الخطوات الأولية للخطبة التي استعصت بعض الشئ خصوصاً و أن طلال لا زال يبحث عن عمل، فما كان من والد فاطمة إلا أن يطلب من طلال أن يجد عملاً في البداية و يثبت نفسه و يتقدم مرة أخرىـ بمعنى أن فاطمة ستبقى محجوزة له (ليش سيارة؟ هههههه)  ! خلال هذه الفترة، بقيت فاطمة تفكر في طلال كثيراً، و ذات مساء، اتصلت به... و هكذا بدأت الاتصالات الشحيحة، و الكثيرة التحفظ... كانت خاطئة أعلم، لكن فاطمة أحست أنها بنهاية المطاف ستنتهي مع هذا الـ طلال... كل ذلك الحب الطاهر الذي يريد أن يتنفس بطهارة في قلبيهما بقي مغلقاً إلى أن يتم الزواج... الأحاديث بقيت ذات طابع أخوي... إلى أن يتم الزواج....
عودة .........

ابتسم طلال بألم، إلى أن يتم الزواج؟ من بعد الوظيفة و التثبيت و اثبات الذات، ابتعدت فاطمة بالوساوس من جديد إلى الأبد!! تبقى للكرامة مكانة بعد كل شي!

>>>>>>>>>>>>> يتبع

(8) المشهد الثاني


- ارفع الستار!!!

صرخ غسان بالطالب الكسول النائم الذي ظلت يده متعلقة بالحبل و هو يصارع النوم من بعد سهر طويل مع فيلم الأكشن البارحة! ارتفع الستار و أطلت الشخصيات أمام اللجنة المدرسية في أول البروفات.

كاميل، ترتدي عباءة المرأة العجوز و صاحبة القصة المسرحية التي تحكي فيها معاناة ابنائها في حربٍ لا طائل لها
راحيل، ذات الإعاقة الحقيقية في قدمها تظهر في الوراء و هي تسحب دمية تشبهها بأخيها الميت
باتريك، الجندي الأجنبي الأشقر المتعاطف مع راحيل و كاميل يغطيهما من طلقات الرصاص من مسدس زميله المجند جايكوب (يعقوب)
عبارات الألم، عبارات الخيانة، و عبارات الإنسانية المتقنة و التي أجاد غسان كتابتها من قلبه قبل عقله، هكذا فكرت عبيرتنا 
كانت تتطعم كل ألم يمر بشفاه الطلبة، كل الاندفاع و العروبة التي غرسها في الطلبة على الرغم من بعض الدماء الأجنبية بعروقهم، كان غسان إنساناً رائعاً ... هكذا رائع و عيني تدمع و أنا أخطه على الورق!
كل الحركات كانت تحكي بجدارة ألم هذا العراقي المنبوذ من البعض و المحبوب من البعض الآخر! المشاعر الانسانية تختلف في قوتها و في أسبابها... لكنني أتمنى أن نحب جميعنا غسان، لنحب شقاً صغيراً في قلوبنا اسمه العروبة المندثرة...
كانت المشاهد الأولى تتلقى هزات الرؤوس الموافقة في الترتيب المسرحي و المشاهد الصراعية بين الانسانية بقلوب الأجانب و قلوب العرب، و الوحشية بقلوب الأجانب و قلوب العرب. كل الألم المنتشر في العالم، حتى العالم الغربي، طال شخوص هذه المسرحية، المعارض و المؤيد فوق المسرح يتابعون سطور غسان المكتوبة بحبر من دم و دمع طوال ليالي سهره في بيته وحيداً. كانت الأيام ثقيلة الوطء على غسان حقاً، بعض الأصدقاء يملئون بعض أوقات الفراغ، و الوقت الآخر تملأه الكتب و التأليفات المسرحية. غسان، عيون الشهد، يتحرك برشاقة نمر خلف المسرح و عيونه تراقب من خلف زجاجات النظارة ملامح الحضور، و بالخصوص، تلك العبير التي خرجت غاضبة منذ لحظات لتصرفه الغريب مع مايكل (زفت الطين) !!!! لم تهمه سمنتها، لم يهمه اهمالها لتفاصيل أنوثتها، ما يهمه هو حنانها الغريب مع طلبتها، تعاطفها الواضح، و بذلها المستحيل لتكون رسالة تعليمية حقة... هذه عبير، الرسالة التعليمية الحقيقية و التي يجهلها الطلبة، الكثير من الطلبة الذين يرمون معلميهم بقلة الأدب و بقلة الذوق في نكات سمجة أو تعليقات ساخرة لجلب التقبل من الطلبة الآخرين... المقالب المضحكة و المثيرة للبعض في الضفادع أو الصراصير فوق الكراسي... لم تكن لتوقف عبير... أبداً  عبير و معلمتي أنا... لكم كل الاحترام و كل التقدير و كل الحب الذي بقي في دفاتري المدرسية... في كل خط أحمر زين صفحاتي بعلامة مكتملة و كلمة وفقك الله الكبيرة... أحبكِ معلمتي، أحبك عبير... أحبكم جميعاً  إلهي... ليس وقت البكاء!

انقطع حبل الأفكار مع دخول مايكل (زفت الطين) ليهمس في أذن المدير التنفيذي للمدرسة ليقول الأخير

Stop the play now ! (أوقفوا المسرحية الآن)!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
الحقير مايكل!!!!!!!!!!!

*************
العم عبد الله في المنزل، يطالع نتائجه، و يتخذ قراره في اخبار الأبناء بروية بمرضه الكروسترولي

دخل طلال مع جواهر ، و كانت الصدمة للعم عبدالله، ماذا حل بهاذين الإثنين؟!

- ماذا جرى؟

صمت الاثنان

- ماذا جرى؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!

أجابت جواهر بخذلان

- I’m sorry عمي، لقد ..
- لقد ماذا؟!

أكمل طلال

- جواهر كانت في...
- منزل والدها أعلم .. ماذا جرى؟

و صمت الاثنان و هما يطالعان بعضهما و العم عبدالله

- ليخبرني أحدكما ما جرى! الآن! الضمادة و الدم و كل هذا... ماذا حدث لوجهك؟!

لمس طلال خده ليخفي ما استطاع من خدوش جواهر التي بدأت تحس بالألم و الخزي

- ماذا جرى؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!

أجابت جواهر و عيونها تطالع الأرض

- حطمت منزل والدي،،، و الخادمات اتصلن بالمنزل هنا
- ........................ و بعد؟

ابتلعت ريقها و أكمل طلال

- ذهبت من فوري إلى منزل العم خالد و ...

أكملت جواهر لتجنبه الاحراج

- كنت ثملة!
- ماااااااااااااااذاااااااااااااااااااا؟؟؟؟!!!!!!!!! !! ثملة يا جواهر؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!! هاذي آخرتها؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!

المعذرة للعم عبدالله، خرج من الفصحة لوقع الخبر، لابد من التدخل الروائي هنا

- عمي لحظة
- أي لحظة يا راوية... أي لحظة... (و عينه تدمع) تكسر بيت أبوها و تشرب؟! هاذي آخرتها يا جواهر؟! يا عيال قولوا لي شنو أسوي فيكم! شسوي؟!!!! (و يشير بيده في الهواء بوجه طلال) و تضاربتوا... صح؟!

حاول طلال أن يوضح

- لا يبه... الموضوع مو مثل ما...
و ساعدته جواهر
- صحيح، ما كان مثل ما تتصور عمي

و قاطعهما العم عبدالله و الغضب و الدموع تملأ عيونه

- شنو أتصور مع هالدم؟ شنو أتصور؟ تبون تذبحوني إنتو؟ تبون تذبحوني أكيد

دخلت عبير معصبة على الآخر من مايكل (زفت الطين) و خباثته

- هواش بعد؟

و تطلعت إلى منظر طلال و جواهر و أصابها الذعر، لكن ليس كالذعر عندما رأت دموع والدها

- خلاص ذبحتوني... ما أدري شسوي فيكم ... حتى الكلام طلع برع الرواية و صارت اللهجة محلية! حسبي الله على ابليسكم من عيال؟! حسبي الله و نعم الوكيل!!! يعني أنا أحاول اكون لكم الأبو و الأم و العم و كل شي... و هاذي آخرتها؟ هاذي آخرتها؟ رفعتوا ضغطي و الكرسترول ارتفع معاي بسبتكم!!!!!!! أقول ما أبي أقول لعيالي شي عشان ما يخافون و يتوترون! أطلع من البيت من غير لا أحد يحس إني رايح المستشفى.... و هاذي آخرتها؟! هاذي آخرتها يا عيال! حسبي الله!!!!!!!

و غادرنا و دموعه تملأ خدوده إلى مكتبته و أغلقها ورائه و نحن جميعاً واقفون نطالع بعضنا بخزي و ألم و انكسار، كيف نعيد نحن الأولاد في قلوب آبائنا المرهقين القليل من رحيق الحياة؟ كيف نجدد الحب في قلوب آبائنا من بعد طيشنا الذي يبدو مبرراً لنا في أحيان كثيرة؟! سامحني أبي... سامحيني أمي  و الله أحبكم... و مع هذا ... أترككم الآن... محبتي للجميع هنا... كان جزءاً محملاً بالكثير من عاطفتي...

إمبراطور مكسات
16-05-2008, 19:23
يتبع بعد الردود

سُـكون
17-05-2008, 20:44
امبراااااطوريييييييييييييية

كملي ...

بليز

ابا اعرف شو بيستوي حق عمي عبدالله ..

طلال و جواهر شو بيقولون له ؟

و عبير .. اكيد بتسوي شي ..

و هذا مايكل الامريكي الخايس شو قال حق المدير ؟

و المدير اصلا ليش سمع كلام الامريكي و وقف مسرحية غسان ؟

و غسان و حليله سو بيسوي حق عبير ..

و عبير كيف بتساعد جواهر و طلال ف محنتهم ؟

و و و ...

اييييييييييييييه :mad::mad:

كملي الحين لاذبحج !

realylove
18-05-2008, 16:10
بلييييييييييييييييز كملي عيزة الباقيه بلييييييييييييييز القصه فعلا روعه

كورابيكا-كاروتا
20-05-2008, 12:44
روعة

ما شاء الله القصة رائعة
الشخصيات مميزة كل واحد محمل بهمومه الخاصة

ننتظر التكملة

تحياتي

إمبراطور مكسات
20-05-2008, 14:05
مشكورين على الردود والحين راح اكمل القصة

إمبراطور مكسات
20-05-2008, 14:07
(9) المشهد الأول

بقي العم عبدالله (حاقراً الجميعـــ،،، حلوة هاي حاقراً هههههه  و أنا معاهم  !)
موسم الشتاء أقبل في الـ ديسمبر ذاته ، موعد أبطالي مع الشتاء الذي أعشقه جنوناً، عبير و غسان في بروفات المسرح، طلال، عمله و شوقه لفاطمة ، و أخيراً مصير جواهر المعقد!
مع تقديم البحوث الإجبارية التعسفية إلى الأساتذة التُحف و بداية الفصل الجديد مع انتهاء mania الامتحانات، قررت جواهر الالتحاق بجامعة طلال!

و قبل أن تتخذ قرارها، كانت ساعات التأمل في كل صورها بالألبوم المغلق رفيقة مؤلمة و محببة، ربما لتحمي برائتها من تلوث أبيها و أمها.

الصورة الأولى، ليزلي و خالد ممسكان بايدي بعضهما و قبعة القش فوق رأس ليزلي تثير ضحكة على شفاه خالد

الصورة الثانية، ليزلي ترفع جواهر السمينة ذات الأعوام الخمسة و لا نظرة تواجه عدسة الكاميرا، فكلتاهما تضحكان و تنظران لبعضهما

الصورة الثالثة، صورتها مع العم عبدالله و الخالة فاطمة في عيد الفطر و قد أتمت عامها الثالث عشر

الصورة الرابعة ...... ! مؤلمة .... ! قبيح هو ذلك العشيق! قبيح جداً ! مزقت الصورة بهدوء،فقد أصابها القرف لأنه كان ممسكاً بها و هي صغيرة بأعوامها الخمسة و ليزلي ممسكة بيد خالد و نظرتها تائهة بعض الشي، كان هذا التاجر الفرنسي شريك والدها في بعض المشاريع، و لم تتخيل أن زيارته و هي صغيرة هي لوالدتها و ليس لوالدها. ثم تذكر اختفاء الرجل مع تساقط شعر والدتها بالسرطان.

مؤلمٌ أمي كثيراً، لماذا؟ لماذا؟
مؤلم أبي كثيراً، لماذا؟ لماذا؟

تنهدت و سقطت دمعة صغيرة على خدها بدون أن تتحرك ملامحها،،

هدوء غريب يمتزج في صدر جواهر، منظر العم عبدالله و هو يبكي كان مؤلماً جداً... و موقف طلال في محاولة شرح الوضع بهدوء...
هزت رأسها، طلال... طلال... كرهتك طلال كثيراً، و لا أعلم إن كنت ما زلت أكرهك بذات القوة، لكنك حطمتني... حطمتني و كفى!

خرجت من غرفتها و توجهت إلى غرفة العم عبدالله، فطلال في عمله، و عبير في مدرستها و العم عبدالله لا يلقي التحية إلا نادراً، حتى عبير التي لا ذنب لها، أصبحت في دائرة المتهمين.

طرقت الباب، و لم يجبها أحد

طرقته ثانية، و لا رد

أصابها الاحباط ، وذهبت للمطبخ لتعد لها فطوراً متأخراً

خلف طرقات الباب، العم عبدالله يتطلع بصورة الخالة فاطمة القديمة، و يتذكر حكاية قديمة وهو حزين.
- خذ الدراقة!
- دراقة؟ هههههههه
- تحب الدراق ناعماً أو مجعداً؟
- ما همتني التجاعيد في دراقة حياتي

ابتسمت بخجل من بعد سنين الزواج القوية، لا زالت ذكرى نظرتها الخجولة تبعثر شعوره.
يحبها كثيراً، و يفتقدها كثيراً، و يفكر بما سيفعل الأبناء إن ودع الحياة؟! آه فاطمة... الله يرحمك

سقطت دمعة سخية على وجنة العم عبدالله، و دخلت أنا أمسحها بالنيابة عن SCORPIO !
تطلع العم عبدالله إليّ و قال: صغيرتي الغالية، و كل الصغار الذين جلبتي محبتهم لي، ليت أولادي يفهمون القدر البسيط مما تفهمونه أنتم
تحركت رموشي باضطراب، و بقيت أقوي صمام الأمان في عيوني!
- راوية صغيرتي، إن حدث لي شي، هل ستعتنين بالأولاد؟
- أنا عمي؟
- نعم صغيرتي، حاولي أن تجمعي قلوبهم بالحب و طهريها من الحقد و الألم
- لا أدري إن كنت أستطيع
- تستطعين (أمسك يدي) تستطعين بنيتي
- عمي لا تتحدث بهذه الطريقة
- لن أموت اليوم صغيرتي، لكنني أريد أن أرحل مطمئناً بأنني سأجد من يحاول أن يجمع أبنائي جميعهم بالحب و الترابط
- عمي أرجوك لا تقل هذا (و سقطت دمعتي معاندة)
مسحها، و مسح دمعته و احتضنني لأترك القليل من أثر كحلي على ثوبه الأبوي الدافئ

أحبكَ عمي ،،، أحبكَ كثيراً ،،،

****

- ممكن؟

رفعت عبير رأسها من تلك القراءة اللذيذة في الـ best seller التي أشترها الأسبوع الفائت، و تطلعت بعيون الشهد

- طبعاً

و شاركها المقعد إياه في حديقة المدرسة الخلفية

- لا ترافقين الباقيات؟
- الباقيات؟
- أعني المدرسات
- أها، كلا.. آثرت القراءة

و أنزلت رأسها قليلاً تتطلع إلى أوراق الكتاب تتراقص مع ريح ديسمبر

- The First Days Of School: How To Be An Effective Teacher ؟


أحست ببعض الخجل، لعله يظنها مهزوزة الثقة لتقرأ كيف تصبح معلمة ناجحة، لكنه قال


- رائع

اكتفت بابتسامة أشغلت باله قليلاً

- أتعلمين؟
- ماذا؟
- دوماً يتبادر لأذهان البعض أن التدريس مهمة فاشلة لأنها غير قابلة للتجديد، فمثلاً المعلم أو المعلمة في عيون البعض لا زال يقبع في الاطار التقليدي
- الاطار التقليدي (بابتسامة) ؟
- نعم ، نظرية العصاية أو نظرية الوجه العبوس أو نظرية النظارة الطبية المخيفة (و حرك نظارته الطبية قليلاً بمزاح)

ضحكت بهدوء

- نوع نظارتي ليس تقليدياً 
- بعض أنواع النظارات التقليدية تتمتع بطابع جيد

استغرب غسان كلامها، هل تقصده، و استطردت توضح قبل أن يسئ فهمها

- نظارة معلمتي بالاعدادية
- أها
- كانت على قدر تعبها، تأتينا بوجه بشوش و ابتسامة عذبة تجعل جميع الطالبات حيويات و نشيطات  المعلمة ضياء كانت قدوتي و سببي في أن أصبح معلمة مثلها
- جميل  و هل لا زلتما على اتصال

انكسرت ابتسامة عبير

- لقد توفيت قبل ثلاثة أعوام
- آسف، الله يرحمها
- الله يرحمها، و لا داعي للأسف، فذكراها أجمل من أن تجلب لي الحزن
- هذا نادر أتعلمين
- ما هو النادر؟
- أن تتذكر فقيداًُ بحب بدل الحزن
- نعم، ربما
- ربما؟
- لم أتغلب على رحيل والدتي تماماً (بابتسامة حزينة)
- و أنا أيضاً لم أتغلب على رحيل جدتي تماماً (بابتسامة أكثر حزناً)
- أتعلم ما هو المؤلم؟
- ماذا؟
- عندما تبدأ بنسيان الأشياء الصغيرة، حتى تنتهي بنسيانهم في بعض الأماكن ثم تنتبه أن الحياة تستمر (تحية لعلبة الألوان )
- لابد من أن تستمر الحياة
- أعلم، لم أقصد ذلك بشكل سلبي
- أعلم  لا تنسي أن النسيان من الإنسان
- و النسيان نعمة
- 
- 

و استمرت الابتسامات و الأحاديث الرقيقة... ثم دخلت إلى قضايا البروفات المسرحية بسؤال عبير

- ماذا قال المدير بخصوص المسرحية؟
-  سيدققون في النص حتى لا نثير زوبعةً وطنية في المدرسة
- لكن النص لا يتطرق إلى هذه المواضيع، بل على العكس، لو أنهم تنبهوا جيداً، ربما تفتحت عينهم الثالثة
-  لا أعلم عبير، سيبقى مايكل يحوم كالحشرة كما قالت كوكو ليثير الفتن
- لا أعلم لماذا يفعل ذلك؟!
- أليس واضحاً من بعد لقائنا الأخير

صمتت قليلاً كما صمت أيضاً، ثم غير الحديث إلى...

- ما رأيك في راحيل؟
- هذه الفتاة تملك روعة لا أستطيع وصفها
- بسبب اعاقتها؟
- لا أدري حقاً، إنه ذلك الشئ المشع في وجهها
- أعلم ما تقصدين
- هي و كاميل رائعتان و لا أستطيع سوى الفخر عندما أذكر أنهن طالباتي
-  رائع
- حقاً ،، رائع
- أنا معجب بروح يعقوب و باتريك
- له نظريات تثير دهشتي أحياناً
- من؟
- باتريك
- كيف؟
- في حصتي أشرت عليه أن يقرأ ما كتبه في أحد بحوثه
- و ماذا في بحثه
- الكثير أتصدق؟ لم أرَ صبياً في الثامنة عشرة و يتمتع بتلك الطلاقة التعبيرية في اللغة العربية
- والده عربي من أصل غير خليجي
- أعلم، لكنه أشقر بكثير من أن يكون عربياً
- ههههههههههه! أشقر من أن يكون عربياً
- ربما، كما ابنة عمي
- حقاً؟
- شقراء و تملك سحراً غربياً جذاباً و طلاقتها العربية لا توصف
- بحكم الاختلاط ببيئة والدها لابد من ذلك
- ربما

و صمتت عندما تذكرت كل ما جرى في المنزل بالأيام السابقة، بقيت جواهر في منزلهم لمدة ثلاثة أسابيع و قلبت كل الهدوء إلى عواصف و ذكريات مؤلمة، حتى والدها أصبح قليل الكلام و لا يحدثها كالسابق.

<<<< يتبع

إمبراطور مكسات
20-05-2008, 14:08
(9) المشهد الثاني
- ألم يكونوا على موعد معنا منذ أسبوع؟!
- أعلم أمي
- لماذا تأخر إذاً؟
- لا أعلم
- لا تعلمين؟! اتصلي بجُلنار!
- أمي، دعي الموضوع يمر بسلام، و تعلمين شيئاً؟
- ماذا؟
- لا أريد الزواج بطلال و غيره لأنني أريد أن أكمل دراستي و أعمل بالارشاد الوظيفي بالجامعة!

تطلعت إليها والدتها باستغراب، ثم ابتعدت عنها. قاسية والدتها أحياناً! و والدها قد يقسى أحياناً لكنه أكثر إنشغالاً بزوجته الثانية و أخوتها.
دخلت سمية و التجهم يغلب وجهها الجميل

- ماذا دهاكِ؟
- الدكتور الحقير!
- من؟
- دكتور المادة 243 !
- ما به؟
- قيم تقريري على افتراض أنني و زميلة نسخناه معاً !
- و هل نسخته؟
- ليس كله!
- سمية! لن تفهمي الفائدة من البحوث إلا عندما تكتبينها بضمير واعٍ!
- فلسفة مجموعتك الجامعية؟
-  ربما، فالحياة الجامعية قد تتخذ أجواءً أجمل عندما تدب فيها الحياة
- رجاءً فاطمة، أنتم كنتم طفرة!
- ربما، و هذا لا يمنع أن تكوني أنتي و صديقاتك و زملائك مثلنا
- فاطمة؟
- ماذا؟
- أخبرتِ والدتي؟
- ..............
- عيناكِ حمراوان
- Leave it سميتي
- إذاً انتهى؟
- It’s over
- و لم يعاود الاتصال بكِ؟!
- اخفضي صوتك! لا و لا أظنه سيتصل لأنه أجبن من أن يعترف لي بما كان يفعله مع المجهولة في غرفته!
- الحقير!
- لا عليك! تعالي نرى ماذا نفعل بتقريرك هذا
- هيا

*********

- ما هذا يا طلال؟!

تنهد طلال، لأنه يعلم أن انتاجه أصبح رديئاً و لا يقارن بسابقه

- أتسمي هذا إعلاناً؟

و بقي طلال يسمع تأنيب مديره الذي طالما رأى فيه الموظف المبدع و الكفؤ. أحياناً، يفقد الموظف اتصاله بحياته عندما يَهمُ بالعمل، و الجميع يطلب منه المعجزات إذا ما استشفوا أن الموظف قادر على تحمل مسئولية أو اثنتان، حتى ينتهي الموظف بحالة من الركود عند عودته من المنزل و تضيع البقية من حياته بين النوم و الطعام بلا نكهة.

خرج المدير محملاً طلال المزيد من الأعباء، بظنٍ منه أن ذلك سيدفع طلال إلى الانتاج الأكثر إبداعاً و تصميم دعاية الشركة بما يبهر الشركة في الاجتماع القادم.

حسناً، تنهيدة هنا أتنهدها مع طلال، ما أدرى من بالكرسي بما يجري على طاولات الموظفين أو في أجهزتهم؟! بعضهم منهمك في الشات و الآخر في المنتديات و الآخر في بعث الايميلات التي لا طائل من ورائها و بالنهاية البعض يعمل ... مثله و مثلي!

- طلال؟
- What ؟
- قد يتهمني البعض بتشويه منطق العمل
- 
- لمَ تبتسم؟
- Life is not fair Raweya
- كيف؟
- تريدين أن أعيش مع انهاك عملك و أنا أريد أن أنهي عملي، لذا هل تتفضلين بالذهاب لأنني أريد أن أعمل!
- أنت لا تطاق!
-  أعلم

و بقي يعمل حتى نهاية ساعات الدوام، يمزج الألوان و يعبأ الفراغات في التصميم بأفكار جديدة ... تتوقف أصابعه فوق فأرة الحاسوب (اسمها بالعربية بايخ! Mouse)... تختلط الالوان في الشاشة الكمبيوترية الكئيبة و يظهر طيف شفاف اسمه فاطمة و يعود ذلك الاضطراب في المعدة، و يتدفق الدم بقوة حتى تسمع النبضات في الأذن بسهولة... آه فاطمة؟ ليتني عرفت ما الذي يدفعك عني كل مرة؟ بتخرجنا رحلت، و من بعد تقدمي تهربتي، و بعد وظيفتي أيضاً تهربتِ! بدأ بالتصميم مرة أخرى مع تنهيدة غير مسموعةٍ إلا في آذان أنا و أنتم، كل تلك الأشياء في قلب طلال تتحدث إليّ و إليكم.
أبي؟ لا زال عاتباً عليّ، حتى أنه لم يسألني متى نتقدم لخطبة الفتاة؟ ابتسم بسخرية... بسبب زوابع جواهر!
آه من هذه الجواهر التي أحضرت الكثير معها إلى منزلنا، حتى أنني عشت كل أنواع الدراما! تحركت يده على خده الأيمن يتحسس خدشها، لقد أصبح خطاً رفيعاً من الدم اليابس، بدأ يقشره و إذا بالدم يخرج من جديد! ترك الخدش و تنهد و ابتعد قليلاً عن الشاشة. أسند رأسه إلى الوراء و يداه خلف رأسه يتطلع إلى السقف الكئيب. لا ثريات، و لا ألوان و لا مصابيح... اللون الرمادي ذاته و رائحة الأوراق ذاتها.
و يريدون أن نبدع في جو يثير الكآبة؟ لابد من بعض الحيوية، بعض الأكشن، بعض الألوان! لمَ لا يوظفون مثل جواهر لتحطم هذا المكان الكئيب كما حطمت منزل والدها؟ ابتسم على هذه الفكرة الطائشة و تخيل جواهر تعيد ترتيب هذه المكاتب المقيتة بصراخها و همجيتها.
تحطم تلك الفازة القبيحة بنهاية الرواق، و تمزق المقعد البني الكئيب و تبعثر الأوراق المملة من على المكاتب! ابتسم أكثر، أسعدته فكرة تقليب المكتب كله. ترى، هل كانت جواهر تشعر بهذه الكآبة لتحطم كل شي يتعلق بوالدها؟ لم يمنح لنفسه المزيد من التفكير ! أغلق جهازه و خرج من المكتب.

**********
مر الـ ديسمبر، و بعده الـ يناير ،،، و وصلت إجازة الربيع الباردة. عبير لا تزال تساعد غسان في ردع حركات مايكل الحشرية من بعد إجازة الطلبة، طلال لا زال يحاول أن يبدع بعد غياب فاطمة، جواهر تسجل في الجامعة، وسمية تسقط في أغلب موادها الجامعية لتتأخر سنة دراسية أخرى!

غموض واضح؟ أم هل لي أن أوضح أكثر؟ أم أبقي ما أريد إلى الجزء القادم؟ حسناً، سأخفيه إلى القادم

إمبراطور مكسات
20-05-2008, 14:10
(10) المشهد الأول

في صوت الناي و الآه العذبة، أرى غسان فارساً بعيون لونها شهدٌ صافي نقي من سموم تشوه الوصف الجسدي، مترفع عن مفاتن رجالٍ ذهبوا و قدموا،،، ببساطة مختلف. الأصوات تختفي عندما يتحدث، و عندما أتحدث أنا نفسي، لا أسمع سوى (لحن هيام الفؤوس)* و غسان يتحرك بخفة بين طالب و آخر، يوجه هذا و يشير بقلم رصاص إلى ذاك، ثم يريح قلم الرصاص على أذنه برقة خشنة! ليتني أعرف قصة غسان... و إن كنت أكتبها، ليتني أستطيع أن أعيشها لبرهة، أن أستنشق كل ألمه و كل كبريائه و كل عنفوانه قبل أن أستنشق عبيره! أفلاطونية لابد منها في عبير، لكنني أريد أن أفهم غسان أولاً! فمشاهد غسان لا زالت صامتةً برأسي إلا من ألحان حزينة أو روحانية تأسر لي المشاهد دموعاً و قيوداً لا أريد أن أتحرر منها...

إليكَ غسان... مشاهد مسرحية هيام الفؤوس// مستوحاة من قطعة موسيقية بذات الاسم، و من مسرحية لفلاح شاكر بعنوان الفلوجة

المشهـد الأول

أصوات القذائف تختلط بموسيقى جارحة، و الجثث الشابة مكتضة على خشبة المسرح، و بينها راحيل الفتاة المعاقة تبحث عن أخيها غسان المضرج بالدماء

راحيل برعب: غســــــــان؟؟ لا! لا ! لا يا غسان!
غسان بأنفاس أخيرة: راحيل، ماذا تفعلين هنا؟ ارحلي
راحيل: دم ! دم! دم كثير يا غسان!
غسان و هو يدفعها: ارحلي

صوت قذيفة يشق الحوار، يتخلله صوت عذب بآه تشبه تلك التي سمعناها في مسلسل الفوارس السوري، تذكرت كيف أن أمها تلف يد غسان عندما تجرح بشالها، و بحيرة نفس مزقت شالها تحاول بلا جدوى أن تضم صدره الكبير الدامي

راحيل بهلع و قلة حيلة: لا تكفي ! لا تكفي! إلهي ... غسان لا تكفي!
غسان بآخر الأنفاس: أر... ــحــ... لي

ضغطت على صدره بكل اليأس تريد أن توقف النزف، لكن دون جدوى، سحبت رجلها و هي تعرج باعاقةٍ حقيقية، بين جثة و أخرى تبحث عن ما يوقف نزيف أخيها، ثم وجدت العلم الذي لا ينتمي إلى وطن عربي (تجنباً لعرقلات مايكل)، مزقته إلى قطعتين و جرت و هي تعرج إلى أخيها لتلف صدره الذي ينزف بغزارة، و عندما وصلت وجدت عيونه مفتوحة و سبابة يده اليمنى نافرة إلى الأعلى

راحيل بهمس مجروح: غسان؟

احتضنته بكل قوة و صرخت كعصفورة موجوعة بدم أخيها الذي يغطي ثيابها

قـطــــــع

المشهـــــد الثانـــــي


أم غسان، العجوز الكبيرة ... تدور في الطرقات بحثاً عن ابنها وسط الجثث و القذائف

أم غسان: غســـــان بنــــــــــــــــي؟؟؟ (صوت قذيفة يتخلل صوتها) ؟! أقسم... أقسم يا ربي أنني سأزوجه لابنة جارنا مريم... لن أؤلمه و أعترض على قراره... غســـــــــــــــــان؟؟؟ هل تسمعني؟؟!!! عُـــد يا غســـــــــــان!!!!!! راحيل أين تسحبين أقدامك صغيرتي! أواااااااه!

يدخل أبوغسان و أحمد (أخ غسان) إلى المشهد حاملين أحد الجرحى إلى نقطة آمنة

أبو غسان: ماذا أنتِ فاعلة يا إمرأة؟؟!!!!!!
أحمد: عودي للبيت يا أماه!
أم غسان: أي بيت هذا و أبنائي خارجه يموتون! راحيل خرجت كالمجنونة تبحث عن غسان! أبنائي! أريد أبنائي! أعيدوا أبنائي يا أوغاد!
يا عالم! أعيدوا غساني إليّ لأزوجه و أرقص في زفافه! لا تكفنوه اليوم! ليس اليوم! راحــــــيل! بنيتي! أين تسحبك أقدامك العليلة؟! أوااااااااااااه! تباً للألم الوغد! (و تضرب بقوة على صدرها) أبنائي يا أهل الكرامة! أبنائي! فلذات كبدي! (و تنخرط في بكاء مؤلم) فلذات كبدي ... هل قطعوهم؟ هل شوهوهم؟ هل ألقوهم في حفرة لا ترى النور؟! أواااااااااه!

اصطحبها أحمد إلى المنزل و أبو غسان يحمل الجريح بصلابة و دموع!

قـطــــــــع

المشـهـــــد الثالث

متمسكة بجثة أخيها تسحبها بكل قوتها إلى البيت، ستعود إلى البيت مع غسان كما وعدت أمها ذات ليلة بكاء. يلحظها جندي أجنبي، و يتساءل عن ما تفعله فتاة صغيرة في هذه المشاهد المريعة

الجندي: اتركيه و اهربي
راحيل: لاااااااا !

غارة تمزق الآذان

الجندي: من هنا

و يساعدها على اجترار جثة أخيها إلى بقعة آمنة من القصف، ثم تبدأ هي بتنظيف وجه أخيها بالطرف النظيف لشالها

راحيل بهمس مجروح: سآخذك لأمي

و استمرت تمسح وجهه الذي بدا كأنما صفحة نور

الجندي: لماذا تخاطرين بحياتك يا فتاة؟

نظرت إليه بحقد

الجندي: هذا جزائي لأنني أنقذتك من الغارة؟
راحيل: أنقذتني مما تفعله أيديكم؟ أي انقاذ هذا أيها الباسل؟
الجندي: سوف أحمله معكِ

تبدلت نظرة راحيل إلى ارتياح، عبرا فيها الطرق الجانبية كي لا تصيبهم رصاصة طائشة أو جندي ثائر. و عندما وصلت إلى منزلها لم تتمكن من شكر الجندي لأنه غاب عن وعيه من بعد ضربة أحمد القوية

قـطــــــــع

المشـهـــــد الرابع


أبوغسان، يحمل الجريح تلو الآخر و لم تبقى بثيابه سوى بقعة صغيرة بيضاء. الأحمر يغطي الأجساد و المسرح، و تلك الآه العذبة تثير الألم في الألحان التي رافقت كل المشاهد. و صوت عذب يقول بينما الحوار صامت و المشاهد تتحرك

كم من الدماء ستشرب أرضي اليوم؟ كم من القلوب ستنزف اليوم؟ روح شبابي تطير للسماء، لخالقها، طفلتي فقدت ذراعها، طفلي فقد ابتسامته، رضيعي يبكي، أمي تتوجع، أبي جُن، جدي همد، جدتي تصرخ، الممرضة تركض بروح تتمزق، الطبيب يداوي و من يداويه؟ آه! آه يا بلادي، لكم من الدم يريدون أكثر؟ ألا يشبعون؟ ألا يكتفون؟ ألا يكفي الألم؟ هل صار لزاماً أن نلد ألمنا بإرادتنا؟ الظلم يلف بلادي! بلادي تموت أمام عيني في أطفالها، في شبابها، في أمها، في أبيها، في شيخها و عجوزها!

قـطــــــــع

المشـهـــــد الخامس


أحمد: سأفقأ عينه و آكل كبده!
راحيل: لقد حماني يا أحمد، و حمل غسان إلى أمي
أحمد: أمي؟ أهذه أمي؟ انظري إليها!


أم غسان تهدهد غسان في حضنها كما الطفل، جُنت الأم!

أم غسان تغني: لولولو لولو... نمـ يا صغيري نمـ.. غداً أشتري لك الحلوى... و بعدها أزوجك بنت الجيران... لولولولو
أحمد: أنظري راحيل! أهذه أمي؟ هذا سبب في قتلها!

و أشار إلى الجندي

راحيل: هو أسير لدينا ،، أهكذا نعامل أسرانا؟

تمزق أحمد باشارتها، ركل الجندي بقهر

أحمد: لقد ربطته إلى الكرسي، إياكِ أن تفلتيه، سأبعث باسل إلى هنا ليحميكما! يجب أن أبحث عن أبي! لا تفتحي الباب لأي كان!
راحيل: لا تتركني وحدي!
أحمد: سوف أبعث باسل! انتبهي لنفسك راحيل

قبلها على رأسها و أحست أنه غادرها للأبد، استفاق الجندي من غيبوبته القصيرة

الجندي: أين أنا؟ ماذا حدث؟
راحيل: أنت في منزلي
الجندي: لماذا ربطتني بالكرسي؟
راحيل: أخي فعل
الجندي: أهذا جزاء معروفي؟
راحيل: ........
الجندي: سيعذبني أخوكِ لا محالة! أرجوك إلا النار!

أم غسان تهذي: بني؟ ((و أمسكت بوجهه تتخيل أن غساناً عاد ببدلته العسكرية)) النار؟ تشعر بالبرد بني؟
الجندي برعب: من هذه المجنونة؟
أم غسان: أنا أمك بني! ((و قبلته على رأسه)) أنت جائع... سوف آتيك بالطعام
راحيل ببكاء: جُنت أمي! جُنت!

أم غسان تعود بصحن به بعض الطعام، و تضع بالملعقة بعض اللقم الصغيرة و تطعمها الأسير الذي دمعت عيناه

الجندي بهمس: توقفي
أم غسان تهز رأسها بجنون: لا يجب أن تتغذى بني، لقد قررت أن أزوجك مريم، هيا افتح فمك (و فتح فمه يأكل تلك اللقمة المليئة بالأمومة)
راحيل بهمس: مريم ابنة الجيران، من كان غسان يريدها زوجة
أم غسان: لماذا أنت مقيد بني؟

((فجأة دخلت الرصاصات الباب لتطرح راحيل و أمها و يبقى الجندي مدهوشاً من الأم التي سقطت على حضنه باسمة، كانت رصاصات زميله))

قـطـــــــع
المشـهــــد السادس و الأخير


الجندي مشنوقاً، و بيت راحيل متضرج بدمائها و دماء أمها، و باسل الذي انطلق يبعثر الرصاص بجنون في كل ما أمامه من جنود، أحمد يبكي فوق جثة أخته الصغيرة و أمه المبتسمة، و أبو غسان لا زال يركض بين الجرحي يبحث عن عائلته

الجندي في رسالته الأخيرة: زوجتي الحبيبة، جوانا صغيرتي، بنيتي .. إنـّهم لم يقتلونني ولم انتحر جبناً أو سوء معاملة .. لقد دافعت عن راحيل و أم راحيل …. لا أريد قتال هؤلاء الأبرياء .. أريد أن أدافع عن هؤلاء الأبرياء .. وهذا ما لـن يستطيع أحد فهمه … أو بالأصحّ لستُ قادراً عليه … قبـّـلي الجميع .. بالمناسبة آخر قتيلة سمعت بها بجوار قبري كان إسمها جنات…

يجد أبو غسان عائلته، و يصرخ صرخة يأس كأنما هي فأس تخترق الآلام... و يتكلم صوت عذب بعد هدوء الأصوات و تجمد المشاهد

بلادي يا ريح البساتين، ذهب الياسمين و أتى الكافور! بلادي يا شقاوة الطفولة، ذهبت الألعاب و أتت القنابل! بلادي يا أحلام المحبين، ذهب فستان الفرح و أتت الأكفان! بلادي يا كف عجوزي الدافئ، ذهب الوقار و أتى الخُزي! بلادي يا صرخة تتوجع في قلبي ترفض من ألمها أن تخرج للألم خارجاً! بلادي يا نبض فؤاد يريدون قتله...
يهيم فأسي في صدري، يقطع أوصالي، يا بلادي... متى أنام؟ متى السلام؟

******* تصفيق حار ********

عيون عبير ممتلئة بالدموع، كما هي حال المشاهدين في هذه البروفة الأخيرة قبل المسرحية الختامية. كان ذلك ألم غسان في سطور بسيطة.

غسان/ إهداء إليك يا جدتي العزيزة، يا آخر من احتضن حضني من ريح أهلي و دمي! و مسح دمعته و أنا أمسح دمعة حائرة أيضاً!

>>>>>>>>> يتبع

إمبراطور مكسات
20-05-2008, 14:10
(10) المشهد الثاني


أنتهى يا أمي، كله أنتهى! انتهت أحلامي، أنتهت آمالي بالحب. لا زلتُ أنا أنا، أنا عُقدي و اضطراباتي، أنا الطفلة التي حارت بين طلاق مؤلم و زعزعة الشكوك. حتى طلال الذي ظننته دواء روحي، أصبح داءً خبيثاً. أنا المتعثرة بين طلاق والديّ، و شكوك أمراض نتجت عن ذلك لاحقاً، كل الرجال سواسية! سواسية! لا تهمهم تضحيات النساء، و آلام النساء. فتاتان بجمال الزهور لم تكفِ عُقد الرجولة! لزم صبي من زوجة أخرى ليصبح الأب أبو ابراهيم و ليس أبو فاطمة! و أي ابراهيم هو ذاك الابراهيم! أخ كسول بليد مدلل! لم تكن ساعات مخاض أمي الطويلة كافية ليشعر بالعِشرة؟ إذاً ما هي العِشرة؟ حتى سمية تلك الصغيرة التي تضحك، تخبأ في قلبها الكثير، و تتكلم بسخرية عن أنها لو كانت صبياً لاختلفت الأمور. سخرية ورائها الكثير من الحزن، فسمية كانت آخر أمل سيجمع أمها القاسية و أبوها المتحجر.

خرجت سمية بتحية سريعة إلى جامعتها: إلى اللقاء توتة
فاطمة بهمس و حنان: إلى اللقاء

انطلقت تلك الصغيرة التي تحمل الكثير من الحب في قلبها لأختها توتة (فاطمة) إلى الفصل الدراسي الجديد، جلست إلى جانب شقراء جميلة جداً بالمحاضرة المملة، ثم استحدثت حواراً خافتاً

- hi

ابتسمت الشقراء

- hi
- can you understand him in Arabic ؟
- أنا عربية 

فغرت فاهها من بعد الكلمات العربية من شفاهها التوت

- حقاً؟
- نعم، اسمي جواهر خالد
- و أنا سمية خليل
- أهلا 

استوقفهم المحاضر: في الخلف هناك؟! ماذا لديكما؟

- لا شي
- لا شي

و قضب المحاضر حاجبيه بمزاج متعكر

- لا تعيره اهتماماً، هو رجعي متزمت
- حقاً؟
- نعم، متعسف أيضاً
- خخخــ

للمرة الثانية: انتما؟ اخرجا!

صُدمت جواهر، من أول محاضرة تطرد؟ أي حظ؟! خرجت سمية و جواهر من المحاضرة لتبدأ مشاكسة لطيفة من سمية بأسئلتها الفضولية، لماذا أنتِ شقراء؟ هل نصفك الآخر أجنبي؟ هل تعيشين في البلاد أو خارجها؟
استمرت اسئلة سمية الفضولية و جواهر تجيبها بحذر، لأنها لا تحب أن يعرف عنها الناس الكثير، خصوصاً و أن ماضي والديها مؤلم كفاية لتذكره لنفسها، فاكتفت بالقول أن والدتها توفيت مذ كانت بالثامنة و والدها من قرابة الأربعة أشهر توفي في حادث و هي تعيش مع عمها الآن. تعاطفت سمية مع هذه الشقراء الفاتنة، إذاً هي وحيدة، يتيمة، مثلي قليلاً، فأنا من غير أب عطوف و مع أمِ قاسية. ربما جمعنا القدر لنكون بذات المحاضرة و نطرد منها لنتعرف على بعضنا أكثر. و عندما همت جواهر و سمية بتبادل أرقام الهواتف، تنبهت سمية أن هاتفها ليس بحقيبتها! إلهي! في الفصل الآخر! هرعت الفتاتان إلى ذلك الفصل لتبحث سمية كما المجنونة عن هاتفها.

- إلهي! أين ذهب؟
- لا تقلقي، ربما أحدهم أخذه للأمن
- صحيح

و توجهتا إلى مكتب الأمن الذي أرجع سمية بالدموع خوفاً و توجساً من كل الصور التي تحتفظ بها في هاتفها؟! إلهي! في يد من وقع هاتفي؟! و جواهر تواسيها بصدق.

*********

- طلال؟
- نعم بو عيسى؟
- سأتغاظى عن رداءة هذا الاعلان، فقط لأنني أؤمن بقدراتك
- .............
- ما بك يا طلال؟
- لا شئ بوعيسى
- لست بحيويتك السابقة، قبل أن أكون مسؤولك، تذكر أنك ابن صديقي
- أعلم بوعيسى، ربما أمر بحالة من الجمود الفكري
- إذاً خذ اجازة لترتاح قليلاً

اجازة؟ لأرتاح؟ و هل ستتركني فاطمة لأرتاح؟

- ربما أنت على حق
- بارك الله فيك يا بني، و أتمنى أن ترجع بذات خلاقة كما اعتدتك دوماً

ابتسم طلال، و خرج من مكتب مديره، لا يجدر بي أن أجلب مشاكلي الشخصية إلى العمل! فالعمل عمل! و البيت بيت! و لا منطقة وسطى بينهما! أوف! كل هذا الكلام الوظيفي و التحليلي! كيف يفصل الانسان نفسه عن نفسه؟ قدم طلال اجازته إلى أبوعيسى و توجه مبكراً إلى المنزل ليرى جواهر تغوص بين الكتب

- تدرسين من أول يوم؟ (بابتسامة)
- أريد أن أعرف ما تحتويه الكتب لأعرف ما يجب أن أدرسه بدقة و ما أدرسه بسرعة
- ما هذا المنطق؟
- تعرف الـ scanning ؟
- نعم
- حسناً، أنا في خضم فعل بعض الـ scanning لكتبي الجامعية
جلس بقربها و تناول كتاباً يذكره

- هذه مادة خصبة
- ما رقمها
- 243 ...
- أوف!
- ماذا؟
- المحاضر غليظٌ جداً، طردني اليوم!
- الدكتور رمزي؟
- أهذا اسمه؟
- هههههههه! يبدو أنكِ لم تحضري من المحاضرة حتى ما يكفي لالتقاط اسمه!
- حضرتها متأخرة، ثم طُردت منها بسبب محادثتي لفتاة
-  هذا هو الدكتور رمزي
- يطرد من يتحدث؟
- لا يحب أن يقطع جوه سوى تنفس الطلاب لما سيقول
- أتعرفه؟
- تمام المعرفة  جمعتنا مشاريع جامعية فذة
- حقاً؟ مثل ماذا؟
- اسمعتي عن المجموعة البريدية (In Sight)؟
- أظن
- أسستها مع مجموعة من زملائي و باشراف الدكتور الغليظ كما تسمينه
- حقاً؟؟؟
- لا يبدو عليَ كذلك؟
- بصراحة كلا، لأنك دخلت الجامعة متأخراً و كنت أظنك تكره الدراسة
- ربما كنت أحلم أنني سأجد نفسي من غير شهادة
- كيف ذلك؟
- كنت أتكل على دورات قصيرة ثم مشاريع تافهة هنا و هناك في تصميم الدعايات و المواقع
- و عندما لم تنجح، قررت أن تدرس
- Better late than never ... لوالديّ الكثير من الفضل في التحاقي بالجامعة
- صحيح (و توجهت أنظارها إلى الكتاب بيده)
- أظنني أستحق هذا
- ماذا؟ (و عادت تنظر إليه و هو شارد قليلاً في غلاف الكتاب)
- سوء ظن الناس، إنتِ مثلاً (و نظر إليها) تظنينني ذئباً أو مخلوق بلا عاطفة
- ............... (أبعدت نظرها بلؤم عنه و هي تنظر إلى الكتب أمامها بينما شرد في الكتاب ثانية و أكمل حديثه)
- و قد كشفت لكِ الكثير من الألم، مما يترتب عليه الكثير من الوقت للشفاء من كل تلك الأشياء
- اصمت (بهمس)
- آسف جواهر (و أودع الكتاب على الطاولة أمامها و رحل، بينما شوكة تنغرس في ضميرها الذي صحي فجأة من بعد أن اقترفت يداها السوء بينه و بين من أحبها)

في الطابق العلوي، طلال يسير إلى غرفته و هو شارد، و أبوه يخرج من غرفته و بيده بعض ثياب طلال المتسخة. كان منظر العم عبدالله المتجهم في وجه الأولاد ظاهراً و المنظم لغرفتهم خفاءً بالغ الأثر في نفس طلال. أمسك طلال ثيابه بلطف من يد والده، و قبل رأس والده.

- أنا سأغسلها

لم يتحمل العم عبدالله أكثر من ذلك، فأمسك يد طلال من على كتفه و احتضنه. ربما، كان احتضان العم عبدالله أو الأب عبدالله في حالة طلال شفاءً من كل الضياع. كم من الشوق سيتحمل صدر طلال إلى أبيه و كل من يحب؟ منظر يسرب برودةً في القلب، و دموعاً في العين! شوقي أنا أيضاً

- عمي؟
- راوية؟
- هل لي بالقليل؟
تنحى طلال، لأرمي أنا نفسي في حضن عمي الذي خاصمني في الجزء السابق و رفض أن أكتبه

- لا تغضب مني عمي
- لست غاضباً صغيرتي
- و لا تغضب من طلال و عبير و جواهر
- لست غاضباً حبيبتي
- و لا من أحد... لا تغضب عمي
- لن أغضب،،، كفي عن البكاء

يتدخل طلال

- أنفها يكبر بسرعة و هي تبكي
- أيها السخيف! (و رميته بالقلم)

تصعد جواهر مع كتبها الكثير لترانا جميعاً مبتسمين ضاحكين.

وقفة!

تنهد!

ليتني أنتمي إليكم يا عائلتي الوحيدة! ليتني أستطيع أن أمتزج معكم! هذا شعري أشقر و هذه عيوني زرقاء، تذكرني بنسب أمي التي خانت، و أبي الذي سكر! و الآن، طلال يتأسف مني، و العم عبدالله يصمت عني، و عبير لا أراها إلا نادراً من بعد انشغالاتها بعملها الذي يمتد من النهار إلى الليل!

ابتلعت غصة صغيرة و توجهت إلى غرفتها، ليلحقها العم عبدالله

- جواهر؟
- نعم عمي؟
- تعالي صغيرتي، أعددت بعض الحلوى
- لا شكراً ... لا أريد

تدخل طلال مازحاً

- سآخذ نصيبها، فهي لا تعلم ما تفوت

اغتاظت

- حسناً، سآكل

ابتسم طلال، يعرف بالضبط أن أي تحدي لا ترفضه عيون السفايار، و إن كان تحدي مزاح. غريبةٌ أنتِ يا جواهر

وصلت عبير و وجهها منتفخ من بعد كل البكاء في البروفة ليسألها العم عبدالله

- ما بكِ عبير؟
- زميلي بالعمل أنهى المسرحية، و تغلبنا على الأستاذ الحقير، و سوف نعرض المسرحية الأسبوع القادم!

فرح الجميع، فها هي جهود عبير تثمر كما التفاح الأخضر في فصل ربيع

- أبي؟
- نعم حبيبتي
- هل تصالحتم؟
-  نعم

و دفنت وجهها في حضن أبيها ثم قبلت وجنة أبيها و أخيها و أخيراً وجنة جواهر....

و بقيت الأخيرة تشعر بشئ غريب، شعور غريب، شعور يبعث الدفء في أوصالها و البرد في قلبها

العائلة.....

هل ستمتزج بعائلتها أخيراً ؟

كورابيكا-كاروتا
20-05-2008, 17:25
تكملة رائعة

بالانتظار

realylove
20-05-2008, 18:37
انتظر الباقي على احر من الجمر شكرا اختي علي ابداعك

Old Shoe
26-05-2008, 21:13
أبدااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااع
(اعجبتني فكرة دخول الراويه في القصه ..فكره غريبه وفريده من نوعها )
بانتظار الجزء الجديد بفااااارغ الصبر

دمت بود

سُـكون
28-05-2008, 09:05
امبراطوريييييييـــــــــــــــة ...

استهلكت 21 حبة كلينكس !

و بعدها الدموع ف عيني ..

لحظه امسحها ...

انزين ..

وااااااااااااااااااااااااااااااااااااء

الحمدلله محد يشوفني الحين ولا بيتحرون حد مات ..

اييييي .. ويهي كلها احمر و شعري صاير كشه ..

برطوووووووووووور >>> حاولت تتطلع دلع ..

واااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اهء اهء اهــــــــــــــــــــــئ

صراحه اخر تكملتين نزلتيهم ... صياح × صياح × صيااااح

ما عندي اي تعليق عليهم ..

بس عندي أسئلة واااااااااااااااااااايدة ..

بس ... ما عندي وقت حاليا ..

بغيت ارد عليج عسب تتاكدين اني وياج ف القصه ..

كملي بسرعه :بكاء::بكاء::بكاء:

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:40
يعطيكم الف عافية على الردود واسف على التأخير

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:43
بهاتفين مشحونين بالكلمات المجنونة، جواهر تقود سيارتها من بعد نجاحها في امتحان السياقة، و سمية في منزلها تنتظر قدوم جواهر من الصالون

- قسماً بالله سوف تندمين!
- سمسم ؟!
- ترهات! من قال لكِ أن شعرك يشكو تقصفاً؟
- عبورتي
- و لماذا تسمعين كلام عبورتك و لا تعيرين كلام العمة سماسم أهمية؟!
- ما بكِ؟ (بابتسامة)
- ......
- سمسم ؟
- ...... (مغتاظة)
- أعلم أنك تحبينني على الرغم من أنفك المسلول! بشعرٍ قصير أو طويل، ستظلين تحبينني و أنا أكيدة !

ياه من الصداقة عندما تزهر وروداً في القلوب، سمية و جواهر و المكالمات الكثيرة و الطويلة! تأتيهم الأيام بعسل ذا مذاق فريد، عسل وردي على قلبهم و قلبي وردي وردي وردي! و عقبال الوردي في دروب الجميع! خارج نطاق التغطية (نقلل الخبط الروائي لعيون دافوديل )

- هل أكملت بحث النحس رمزي؟
- Not yet و الله
- طيب لا تخلطي الإنجلش مع العربي
- يا شيخة لا أقلب الفصحة عامي! خليني على راحتي!
- حاضر يا شقرائة الجامعة
- هههههههههههههههه
- ... ألو ... ألو؟
- ألو؟
طوووووووووووووط! فضت البطارية و لم تتكلما في بحث الرمزي! أخرجت هاتفها القديم و دقت على سمية مرة ثانية

- ألو؟
- نعم؟
(خخخخخ لا تعرف رقمي هذا... راح تاكلي كبسة يا سمسم.. غيرت صوتها)
- أختي، ممكن نتعرف؟
- ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!
طووووووووووووووط!

ضحكت جواهر كما لم تضحك، سمية من النوع الجبان التحفة، اتصلت و لم ترد سمية، ثم بعثت لها رسالة من الهاتف

(you chicken… it’s me JoJo) / (أيتها الجبانة، إنها أنا جواهر)

و لم تكتمل الدقيقة الأولى، إلا و سمية تمطر جواهر بوابل من قذائف الكلمات التي كانت تنعش روح جواهر بصداقة هذه الـ سمية المرحة.
أعظم الأشياء أن تكون صديقاً، و أن تمنح ما يمنحه صديق. تبقى خيوط الصداقة بين هاتين الاثنتين تتشابك بأقدار و بلا أقدار، كلتاهما تعاني من اضطراب أسري، و كلتاهما اتفقتا على النجاح، و كلتاهما قررتا أن تتركا الماضي يمضي. فجواهر لن تستمر بالعيش على مرارة ذكرياتها، و سمية سوف تتقوى على غياب والدها المتكرر. جميل، كم جميل لو بقينا أصدقاء؟! بغض النظر عن صوت ماجدة الرومي الذي يتوجه إلى حبيبها المفتري، كم جميل لو بقينا أصدقاء، ألا تحبون ماجدة الرومي و كلمات سعاد الصباح؟! هل هناك أجمل من الصداقة التي تجتمع في الدببة الصغيرة كهدايا الميلاد؟ هل هناك ألطف من صورة مشط يتشارك تلك الخصل الشقراء و الخصل السوداء، دوماً كرهت جواهر تشاطر الأمشاط، لكنها اليوم تشاطرت مشط سمية! و مشط سمية يقع في منزل سمية، أي .... جواهر دخلت بيت سمية ! و من في بيت سمية؟! عليكم نووووور! 

داخل نطاق التغطية لعائلة فاطمة و سمية/ عذراً إن سقطت بعض الحروف المحلية هنا، إنه الشوق إلى اللون الوردي أظن
بيت صغير، يضم فتاتين جميلتين، خلوقتين و طيبتين كما لم تكن للطيبة عنوان. أتراها الاضطرابات الأسرية التي تخلف في القلوب حناناً و شوقاً و فيضاً يحتوي الآخرين؟! أم تراها فطرة و نعمة من رب العالمين لروحين تملكان من الطهر ما يقول للنور (لابد من أن تغار)؟!
فاطمة، الفتاة الكبيرة، و القلب الكبير، احتوت سمية منذ صغرها في دائرة الحب الأخوي الأمومي، تعرفون ذاك الحب؟ الذي تمثله الصغيرات أمومةً لأطفال يصغرونهن؟ لم تكن فاطمة أنانية أبداً، بل كانت قطرة ندى تتعلق بأهداب من أحبها حباً صافياً، كل ذاك الطُهر و كل ذاك الصفاء، لم أكن منصفة في حقك يا فاطمة عندما أبعدتك عن طلال، فهم لا يعرفونك تماماً، ليس كما يعرفون جواهر. ألم أخبرك أن الحب المثلثي مؤلم؟! أتذكرين يا فاطمة؟ كل الأيام التي سكنتها في هاجس قلمي، تريدين أن تفرغي ألمك في ألمي؟ لعيونك أكتب اليوم، و لا تفهموني غلط! فاطمة خيال صديقة يسكن خيالي، معها أتحرر من همزات و لمزات الفتيات الفارغات، معها أتحرر من ألمي و شوقي، معها أكون نفسي بدون أقنعة!
لسخرية الأقدار، احتوت فاطمة الـ جواهر أيضاًـ فهي ترى سمية أختها في عيون السافاير، من بعد قصة جواهر المؤلمة أصبحت الـ جواهر تحتل مكانة خاصة في قلب فاطمة، و هنا قررت فاطمة أن تحتوي جواهر في قلبها كما احتوت سمية، و هكذا أصبحت لفاطمة أختان... أخت دم و محبة... و أخت عطف و محبة ... على الرغم من معرفتها بصلة القرابة بطلال، إلا أنها أخفت حقيقة أن طلال أرادها زوجة كي لا تتهشم صورة ابن عمها في عيونها، كم أنتِ عظيمة يا فاطمة! عندما تسنح الفرص لبني آدم ليؤذوا أو يجرحوا أو حتى ينفروا، لم تقعي هناك! في تلك المنطقة المظلمة من سوء النية، على الرغم من شكوكك و وساوسك، إلا أنكِ في اختيار عاطفة الأخوة لا تترددين، لم ترمي جواهر على هامش الصفحة لأنها ابنة عم طلال، ليس من بعد أن سردت سمية تفاصيلها لكِ ذات ليلة! أيها الحب الطاهر في قلب فاطمتي، لا تتلوث أبداً بسموم الكره، بسموم الأقنعة، بسموم سوء الظنون! كلا، لم تتخلَ فاطمة عن جواهر، و لم تتخلِ سمية عن جواهر، على رغم عدم مصارحتهما بقضية طلال المؤلمة، و بتهرب مستمر من زيارة سمية منزل جواهر! فصلت الأختان الأمور، فـ جواهر = جواهر بدون طلال! و جواهر لا تزال لا تعلم أن فاطمة هي الحبيبة المجهولة!
أي ألم ينتظرنا يا فاطمة و جواهر؟ أي ألم؟ آه!
وصلت جواهر منزل سمية و حملت كتبها الكثيرة و يدها متعلقة بجرس و كتاب و انتثار شعر أشقر طازج من تحت المقص، فتحت أم فاطمة الباب، و قالت بلهجة باردة/ أهلاً. تفضلي. و سارت عنها.
حسناً، لأتكلم عن أم فاطمة، يلزمني بعض الوجع! و لا أريد الوجع اليوم! يكفيني أن أخبركم أن تصرفات أم فاطمة تضايق جواهر التي لا تعبر عن ذلك لسمية، و سمية ذاتها تعرف أن أمها ترفض علاقتها مع جواهر، كونها شقراء و متحررة!

*****
في المدرسة، صوت الطلاب يختلط مع أثير الورود. و عبير الورود يفكر في الأشياء التي تخبأها أعماق غسان؟ كل ذلك الألم و كل تلك الوحدة؟ هل بين تلك المشاهد شئٌ احتفظته ذات ألم و بكاء؟! عميق أنت يا غسان... عميق جداً
قطعت أفكار عبير أصوات طفولية مرحة
- miss miss
ابتسمت لراحيل المعاقة و التي تسحب نفسها إلى حيث تجلس عبير، كان وقت الفسحة وقت تأمل و غرق و صحبة فتيات ورديات بريئات.
- راحيل توقفي!
و ورائها كاميل التي تجري و الكتب تملأ ذراعيها
جلست الفتاتان حول عبير و كلتاهما تكاد تحتضن الدفأ في روحها و قلبها، معلمة غالية و ذات روح لم يسبق لأحد أن تحلى بها، مدت راحيل يدها بوردة وردية لعبير التي أخذتها بابتسامة امتنان و صمت، و قلدتها كاميل في ذات الوردة بلون أبيض. بقيت الابتسامة الممتنة معلقة بصمت على شفاه العبير، و امتدت ذراعاها حول طرف الكرسي لتضم الفتاتين و بكل يد تحتضن وردة صافية بصفاء العلاقة العميقة بين معلمة و طالباتها، ياااااااه ليرحمك الله يا معلمة ضياء ... و ليرحم معلمتي التي ودعتها بسرطان قبل سبعة أعوام!  ربما انتزعت عبير من هنا، من تلك المعلمة التي فارقتني في ذهول من أمري و عمري لم يتعدَ السابعة عشرة، الله يرحمك يا معلمتي العزيزة.
بقيت تلك المشاهد معلقة في عيون الشهد الذي لحظ هذا المنظر و الورود في يد عبير، كم من الأشياء الجميلة تحمل روحك يا عبير؟ كم من البساطة و طهر الحديث تملكين؟ لا أظنه التواضع أو ما يتشكل على شاكلته، إنها هالة من النور حولك عندما تبتسمين، عندما تتكلمين، عندما تهتمين لصغائر الأمور في طلبتك و طالباتك، إنه عبير الورود ... عبير الورود ... فالورود ذات الرائحة تبقى في ذاكرة الحنين، كورود جدتي في الحديقة الخلفية. تشبهين الحنين، الوطن، شئٌ ما، يتعلق في عيونك كبلور أو كألماس، هل فاضت روحك روعة في طهر عيونك؟ إلهي... هل بدأت أغرم بكِ يا عبير؟! و ما سأقدم لكِ سوى شقةٍ صغيرة تحتوي بؤسي من اسم لا مواطن؟! ليتها الظروف كانت أفضل من هكذا، لكنت قدمتُ لكِ بيتاً و قلباً يحتوي طفولتكِ و طُهركِ أيتها النقية من سموم الإناث... فقط لا تتغيري، و إبقي هكذا، نقية من سموم الإناث على شاكلة جولي و غير جولي! فقد سقمت مطاردات الثعالب الإناث، سئمت ريح البلغاري و الأرماني و كل العطور! سئمت ضيق الملابس و ثورة الشعر الملون! سئمت الأنوثة المصطنعة في كل ما تلبسه النساء اليوم! سئمت الجميع يا عبير... و بقيت أتعلق في أطيافكِ، أتراكِ ترين ذلك في عيوني؟ أم لعلك تظنين أن تكلفي مع الجميع يشملكِ؟ قطع شوط الأفكار قدوم جولي! أوف من تلك الـ جولي المصبوغة بالألوان و الأنوثة الصارخة!
على الطرف البعيد، تنظر إلى ذاك المشهد، تستريح يداه في جيب بنطاله و يكلم جولي من عليائه بينما تتودد هي إليه كقطة مدللة خبيثة! استعر شئ في داخلها ثم خبا، تغارين يا عبير من ماذا؟! لا تخلطي ارتباطات العمل مع المشاعر، تفكيركِ هذا محلهُ في بيتكم و ليس هنا! ثم شخص بتلك الوسامة الطاغية سينظر إلى فتاة بوزن التسعين؟!!! التقطتها أصوات كاميل و راحيل إلى العالم المحيط مرة أخرى، ثم تنبهت إنه يسير ناحيتها، حسناً... يسير ناحيتها، ليس بالضرورة أن يسير لأجلها! ناحيتها و ليس لأجلها! أووووووووووه من التحليل السخيف!

- صباح الخير
انطلقت الفتيات برد التحية بروح مرح
- صباح الخير
و بعدهما بهدوء عبير
- صباح الخير
- كيف تسير أمور المسرحية معكن؟
راحيل و كاميل تجيبان بحماس على أسئلة غسان، و عبير تهيم في عالم مظلم من احتقار الذات، و احتقار المظهر، لأول مرة أحست بالخجل الشديد من وزنها المفرط، فلم تتحمل البقاء و استئذنت الجميع حاملةً ورود كاميل و راحيل و استغراب غسان من انصرافها المفاجئ.

*****
في بيت العم عبدالله، طلال مع أبوه في نقاش غير مجدي
- كيف أن الفتاة لا تريد الارتباط؟ لماذا وافقت منذ البداية إذاً؟
- لا أعرف أبي!
- كيف لا تعرف؟! من يعرف إذاً؟ أهل الفتاة رفضوك ثانية؟!
- ليس هذا... لا أدري... ربما
- طلال! ماذا لا تدري و ربما و كل هذا؟! كيف ترفضك الفتاة بعد أن تستقر أمورك المادية؟
- لا أدري بما يجري في رأس فاطمة أبي! ربما طلاق والديها أثر على قرارها!
- ما دخل هذا؟!
- زوجة أحمد حاولت مراراً معها، و فاطمة تقول إنها لا تريد الزواج بي و انتهى!
- أمرٌ غريب
- لا أظن أن هناك نصيباً بيننا.. رفضتني مرات كثيرة، لعلها لا ترتاح لي

و بداخله تألم لتلك الفكرة، أيعقل يا فاطمة أنكِ لا ترتاحين لي؟ أو إنكِ تريين فيّ شيئاً كريهاً ؟ ماذا كان يجب أن أفعل لكي أكسب ودكِ؟

- لا أدري ما أقول
- لا تقل شيئاً أبي (بابتسامة) عسى أن تكرهوا شيئاً و هو خيرٌُ لكم

تنهد العم عبدالله و تكلم طلال بسرعة

- أحمد ينتظرني
- حسناً بني
- إلى اللقاء أبي (و قبل رأس والده بحنان لتتعلق يد العم عبدالله على يد طلال المستريحة على كتفه، ثم مضى طلال)

ليتني أعرف ما يجول في رأسك بني، ربما تستطيع أن تمثل اللامبالاة عليّ، لكنني أعلم أنك حزين... حتى إنتِ يا عبير، حزينة و ضائعة الأفكار، و إنتِ يا جواهر سعيدة بالقيادة و السيارة و خوفي يتعاظم عليكِ من كل تلك السيارات المجنونة!
دخلت المنزل متضايقة من تصرفات والدة سمية، و الدموع تملأ عيونها. لمحها طلال، و تقدم إليها
- ما بكِ؟
- ......
- جواهر؟؟
- لا شئ طلال... لا شئ
- تبكين؟!
نظرت إليه مستغربة كيف يلتقط تعابيرها الجامدة دوماً، كيف تفعل هذا يا طلال؟
- لستُ أبكي
- و هذا الاحمرار، ماذا تسمينه؟ ما بكِ جواهر؟
و توالت أسئلة طلال، جواهر تعي أن طلال أكبر من كل الترهات التي ملأت رأسها في يوم، و الذنب يأكلها في ما اقترفت يداها في يوم، و هو الآن يحن عليها كما يحن على عبير، كفى يا طلال، أظنني لا أستطيع احتمال لطفكَ و لطف سمية و فاطمة و عمي عبدالله! أمثال والدة فاطمة و كل من ينظر إلى اختلاف لون بشرتي و شعري، يحسسوني بداء اللاانتماء!

((( فجـــــــأة )))
يتبع

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:44
يشق حوار طلال و جواهر صوت العم عبدالله باختناق! سقط العم عبدالله و أنفاسه تتقطع! و طلال و جواهر في حالة من الخوف و الهلع!
طلال يمد يده إلى أزرة ثوب العم عبدالله، ذلك الثوب الذي طالما جمع دموع عبير و جواهر، الأنفاس في حالة من الجري، و طلال يطلب من جواهر الاتصال على رقم الاسعاف.
ترتجف يد الأخيرة كما لم ترتجف يوماً، و أنفاسها تتقطع و هي تزود الاسعاف بعنوان المنزل!
ما هي إلا لحظات و سيارة الاسعاف تزعج المنطقة بألوانها الحمراء و الزرقاء و الصوت إياه الذي يثير الرعب في كل من يسمعه! أكره صوت سيارة الاسعاف! أدخلوا العم عبدالله في تلك السيارة و الأجهزة تلفه و هو يفتح عيونه و يغمضها!
بكت جواهر كما لم تبكي على أبيها، ربما كان العم عبدالله أكثر من أبيها... صورة الحنان الأبوي الذي طالما افتقرته مع والدها، و اليوم يسقط هكذا؟!
طلال على الجهة الأخرى شعره ثائر على جبهته، كان متماسكاً و خائفاً، لم يعرف كيف تصرف و كيف جاء الاسعاف و كيف انطلق وراء الاسعاف مع جواهر، كل المشاهد تتكرر في مخيلته، خالته.. أمه... و الآن أبوه! ذات الموعد السقيم مع سيارة الاسعاف! و ذات السقم في اخبار عبير التي تبعد عن البيت الكثير! كانت عبير لا ترد على هاتفها و هي في فصلها، و لكنها استغربت اتصال طلال في هذا الوقت من النهار! أجابت... و كانت لها لحظات من العلقم و هي تتخيل والدها يرحل عنها! تركت المدرسة و طارت من فورها على المستشفى

******
في المستشفى، الخطوات تقطع المسافات بخوف، و طلال لا ينفك عن التحرك، بينما جواهر أصبحت عيونها تغرق في الزرقة و الحمرة. وصلت عبير على هذا المشهد، و بالتفاتة من طلال، غرست نفسها في حضنه الذي التقطتها بقوة و ثبات،،، و بكت عبير كما لم تبكي!
و مع كل شهقة بكاء، كانت جواهر تزيد في الاختناق و البكاء! خرجت من حضن طلال محمرة الوجه، و التفت إلى جواهر التي تبكي كما لم تراها تبكي يوماً، أمسكت بكف جواهر الجالسة على الكرسي... و جواهر تطأطأ رأسها لتستقر في حضن عبير، و ظلت تبكي في حضن عبير حتى اختنق شهيق البكاء.
مرت الساعة الأولى و طلال يسأل الممرضات النزقات عن أية أخبار ترجي، و كان الرد نفسه يقول أن المريض في العناية و لابد من الطبيب أن يأتي بعد لحظات... أي ساعة تحتسب لحظات كهذه؟ تمر كأنها الدهر.. كأنها العمر!
غادرت عبير غرفة الانتظار متوجهة إلى المصلى، و تبعتها جواهر، لتصلي فرض العصر و تدعو لوالدها.
جلست جواهر بينما عبير تلف رأسها بخمار كبير مرمى على زاوية المصلى، و تبدأ بالصلاة و الدموع تجري بطيئة على خدها.
ودت جواهر أن تفعل شيئاً، أن تصلي شيئاً ... لكنها لا تذكر شيئاً! لا شئ البتة؟! كيف أدعو إليك عمي؟ كيف و أنا لا أعرف كيف أصلي؟! أو حتى كيف أقرأ القرآن قراءةً صحيحة؟! غطت وجهها و أحست بندم عميق على كل الأيام التي كانت الخالة فاطمة تحثها على الصلاة و هي تتهرب منها!!! أحست بكل الندم لأنها لم تعر وصايا العم عبدالله أي اهتمام و هي مراهقة غبية! بكت و بكت و بكت... تحس بعجز... بضعف... بذُل! كانت دوماً تراقب سمية و هي تصلي فروضها و تخجل من أن تخبرها كيف هي الصلاة! كل ذلك الخجل و كل ذلك اللاانتماء! فرغت عبير من صلاتها و هي ترى جواهر تبكي بحرقة، فأمسكت بيدها و احتضنتها بذلك الخمار الكبير الذي غُسل بدموعها السوداء.

وصل الطبيب.. و الجميع ينتظر .... كم هي صعبة تلك اللحظة التي تنتظر فيها تلقف الأخبار... و كان خبراً جيداً و سيئاً في آن واحد

- المريض نجا من الجلطة، لكن لابد من اخضاعه للمراقبة، حيث أن حالة الشلل واردة

يااااااااااااااه! العم عبدالله يصاب بالشلل؟! من يملأ أركان البيت حيوية و بهجة يصاب بشلل؟! شلل كلي؟ شلل نصفي؟ كيف هو هذا الشلل؟!!
العم عبدالله الذي يغسل و يطبخ و ينظف.... هل أتى اليوم الذي لا يستطيع فيه أن يغسل و يأكل بنفسه محتفظاً بكرامة ذاته؟!
لمَ لمْ تنتبه إلى طعامك ؟ لمَ أطلت التفكير في الأولاد و شقائهم؟ هل الأدوية تقيك العوارض الجانبية للافراط في الطعام و الارهاق والتفكير؟! لا خادمة تخدم في المنزل! و أنت من يجري من غرفة لأخرى تلتقط ثيابهم و ترتب أغطية أسرتهم كما كانت الخالة فاطمة تفعل..
أي أيام تنتظرنا يا عم عبدالله؟!
أي أيام؟!

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:46
(12) المشهد الأول

كان نائماً، اقترب و تأكد أن ثوبه لا يضايقه، ثم غطاه تماماً كي لا يشعر بالبرد في سريره و خرج. عاد إليه صوت الطبيب في ذلك اليوم المؤلم

- هل سيعود إلى ما كان عليه بعد معالجة الجلطة؟
- هذا في الحقيقة يعتمد على حجم الجلطة عند بدايتها ومقدار الضعف الذي أحدثته في الجسم ومقدار التحسن الذي يظهره المريض في الأسابيع ( 3 – 4 ) الأولى ، إن لم يحدث تحسن ملحوظ خلال(3-4) أسابيع فسوف لن يطرأ شفاء كامل لهذه الجلطة وغالباً التحسن المستقبلي يكون ضعيفاً. أما إن ظهر تحسن تدريجي في الأسابيع الأولى فإن هذا يبشر بأن حالة المريض سوف تتحسن أكثر ولكن لا نستطيع أن نحدد تماماً ما إذا كان سيعود المريض كما كان قبل الجلطة أم يبقى هناك ضعفاً جزئياً ولاشك أن العلاج الطبيعي هنا يكون حجر الزاوية لزيادة نسبة التحسن لدى المريض.
- (بقلق) و ماذا نفعل الآن؟
- هناك نقطة هامة يجب الإشارة إليها وهي الحالة النفسية للمريض والمرافقين فلا شك أن الحدوث المفاجىء للجلطة وتحول المريض خلال ساعات من إنسان طبيعي لإنسان عاجز يعتمد على الآخرين في المشي والطعام وقضاء حاجاته يعتبر صدمة نفسية شديدة للمريض و لكم. وهنا يأتي دوري كطبيب مع الجهاز التمريضي في دعم الحالة النفسية للمريض و لكم ، وغرس الأمل الدائم بالله بإعتباره هو الوحيد الشافي والقادر على أن يحسن حالة المريض وذلك بالإضافة لمحاولة إيجاد الظروف المساعدة لتأقلم المريض مع الوضع الجديد
- هل لا وضحت أكثر؟
- أن تساعدوا المريض في الحركة وتأمين كرسي متحرك له يساعده على مغادرة السرير وربما القيام بنزهات خارج المنزل ودعمه نفسياً بشكل دائم ومستمر وتكثيف العلاج الطبيعي في المنزل.

تدحرجت دمعة سريعة على خده، فحالة العم عبدالله من الشلل النصفي هذا و صعوبة نطقه تأكل طلال خصوصاً أنه يلوم نفسه على انفعال والده الأخير بسبب خطبته الفاشلة. صادفته جواهر و هو متوجه إلى غرفته بالطابق العلوي، و تألمت لتلك الدمعة المتعلقة بطرف أهدابه و التي حاول مراراً و تكراراً أن يخفيها عنها و عن عبير. كانت تشعر بالقلق عليه لأنه يخفي ألمه عندما يقوم بكل شئ، يغسله، يبدله و يحمله و يقوم بكل شئ إلا من الطعام التي تحاول فيه هي و عبير أملاً برسم ابتسامات على وجه العم عبدالله و هما تحاولان الطهو الفاشل على أصول طبية. هي تعلم أن طلال يريد أن يجنب والده احراج أن تفعل الفتيات له كل شئ. حمل كل ذلك على كاهله وحده، تعلق بالألم وحيداً و لم يعطي نفسه في هاذين الشهرين من الجحيم أي متسع ليبكي أو يفرغ ألمه.

- طلال؟

انتبه طلال لها

- كـ.. ؟
- هو بخير، لقد نام
- و أنت؟

تجمدت نظراته لوهلة أوقفت اللحظة حولهما، كيف أنا؟ كيف أنا؟ كانت عيونه تتحرك كأنها سهم يخترق الفؤاد، كيف أنا يا جواهر؟ ربما بخير و ربما لست بخير أبداً

- بخير، لا تقلقي
- حقاً؟
- نعم

كانت تريد أن تحاول أكثر، لكنها تعرف أن طلال لا يحب أن يعبر عن نفسه بمثل هذه اللحظات، كانت الأشياء أكبر من أن يتكلمها، غريب كيف تشعر بألمه و كأنه ألمها فهما يتشاركان شيئاً لا يتحملان خسارته (العم عبدالله).
أصبحت الحياة في المنزل مؤلمة، كتب العم عبدالله في المكتبة و اسطواناته تشتاق إلى جلوسه الصباحي الحر من الكرسي المتحرك، صحون المطبخ و الأطعمة التي لا يجيدها أحد سواه تشتاق إلى لمسات أصابعه المتيبسة، البيت يشتاق حركته الصباحية بين غرف الأولاد لجمع الثياب و ترتيب الأسرة و ترك الحلوى بالقرب من فراشي الأسنان كي لا ينسوا أن يغسلوا أسنانهم فيما بعد. كان العم عبدالله روحاً تملأ البيت حيويةً، حياةً و الأهم حباً نقياً صافياً لن يجده الأولاد في أي مكان آخر – لا مكان كحضن أبي – لا مكان كحضن أمي – لا بيت فاخر و لا بيت معدم يستطيع أن يتحرك بدون هاذين الاثنين.
أصبحوا يتقاسمون الطعام حول بعضهم و حول العم عبدالله ليشعروه بأنهم سيبقون معاً كما أراد دوماً، كانوا يضحكون و يمزحون و يحاولون دوماً أن يرسموا ابتسامةً على وجهه الرائع، ذلك الوجه الذي يعرف تماماً ما تخفيه قلوبهم من ألم في الأوقات التي يحاولون فيها أن يعاكسوا شعورهم الداخلي بالضياع من بعده. وجه العم عبدالله الذي أصبح جامداً قليلاً من بعد الجلطة و ابتسامته المتكسرة و روحه التي تتألم لأولاده أكثر من نفسه، هل أصبح مرسوماً أمام الجميع؟ التجاعيد الحبيبة التي تصلبت، و العيون الدافئة التي تضيق بانفعالات عند الحركة و الكلام، و صوته – آه صوته – الذي يخرج متقطعاً و غير مفهوماً. هل أصبح مرسوماً؟ هل ترونه؟ هل أرى أنا أبي؟ أبي الذي أحبه جداً، و الذي لا أريد أن يصيبه أذى من تلك الأمراض في دمه؟ هل ترون صورة الأب التي ألاحقها دوماً؟ كيف لا نشتاق إلى ذاك الحضن الذي تشاجرنا عليه أنا و أنتم، الحضن الذي يضمنا اليوم بيد واحدة فقط بينما الثانية تتشنج و تتصلب من تبعات الجلطة؟ كيف لا تعبر بعض الدموع عيوننا عندما نرى عجزهم في فعل أصغر تلك الأشياء كقضاء حاجاتهم! ياااااااااه كيف؟ كيف لا و قد تشبثت صورهم في عيوننا أقوياء أصحاء نأوي إليهم عندما تظلمنا الدنيا و الظروف؟ كيف ترون العم عبدالله؟ من خلال عيون تريد أن تبكي، أو لعلها بكت؟ كيف ترون العم عبدالله؟ أخبروني، فأنا لا زلت أيضاً في ذهول، و حيرة، و أظنني نقلت هاذين إلى طلال.

كيف سيؤمن مصاريف العلاج الخاصة؟ هو و عبير و المعاش التقاعدي للعم عبدالله؟ كيف سيعيشون؟

- طلال؟
- ماذا؟
- ألا تريد أن تأكل؟
- لا شكراً
- سآكل نصيبك (قالتها و هي تتذكر مضايقاته و صوتها يضيق بغصة)

نظر إليها، كم تغيرت جواهر بالحجاب. منظرها الأشقر يستتر الآن تحت قطعة الحجاب البنفسجية و عباءة منزلية بلون بنفسجي قاتم لتبدو و كأنها قطعة خليجية متناقضة مع السفاير في عيونها التي تمتلأ بالدموع و شئ آخر لا يملك له تفسيراً، ذلك الهدوء الذي أصبح يحوم حولها، في صلاتها المستمرة مع عبير و ساعات الدعاء الطويلة في أواخر الليل الممتزجة بالبكاء المتقطع. كان يقف خلف بابهما و ينصت إلى ذلك الصوت الذي يمتلأ بالخشوع و التضرع والدموع بشفاء العم عبدالله. أما الذي مزق قلبه تماماً عندما سمع صوت جواهر و هي تخبر عبير أن قدومها لمنزلهم سبب الكثير للعم عبدالله... أظن طلال تألم لكل الألم الذي سببه بعجرفته لجواهر و الذي انعكس توتراً على والده... و جواهر لم تقل ألماً عندما حطمت طلال بلا علمٍ منه و بدرايتها أن آخر مشادة بين العم عبدالله و طلال كان سببها رفض الحبيبة المجهولة الخطبة.

- حسناً، هيا نرى ماذا أعددتِ؟
- (بغصة) طبق الفاملي (و صمت هو لأنه سر الطبخة العائلية الذي كان والده يغيظ عبير به و تحتفظ به جواهر فقط)


عبير ... تقف فوق الميزان و تراقب ذلك المؤشر الأحمر الباحث عن رقمٍ يخبرها ما يحتفظ به جسمها من دهون و شحوم و سمنة (80) !! ذابت عشرة كيلوات غرامية من جسدها حزناً و ألماً على حال والدها في مدة شهرين. ظلت تراقب المؤشر الأحمر إلى أن استقر على 77، رفعت رأسها و تنهدت، لم تعلم أن أكثر ما أرادته و هو أن تتخلص من هذه السمنة سيأتي بمرارة هكذا، لم ترده هكذا، لم ترد أن تفقد هذا حزناً على والدها، ليس والدها. جلست على الأرض و هي تغطي فمها تحبس البكاء.

****
- لن أقبل إلا بوجود جميع من شارك بالمسرحية
- لا يمكنني أن أؤجل المسرحية شهراً آخر
- استاذ رمزي، بافتراض أنك تريد أن تكون هذه التجربة مفيدة لطلابك و طلابي، لابد من حضور الاستاذة عبير، ستكون مفيدة لنا جميعاً
- و لكن استاذ غسان، بحكم معرفتي، والد عبير يحتاج الكثير من العناية
- أنا لا أعرف مدى تطور حالته الصحية
- تكلمت مع أخيها طلال منذ فترة
- أتعرف أخاها؟
- كان طالبي، من أفضل طلبتي بالمعنى الأصح
- (بابتسامة) و صدقني الاستاذة عبير من أفضل زملائي في العمل
- (بابتسامة) أنت لا تستلم بسهولة
- أبداً
- و ماذا تقترح؟ مدير الجامعة يريد موعداً لعرض مسرحيتك المدرسية على طلبة الجامعة
- سوف أكلمه و أجد حلاً ما
- أوجودها مهم لهذه الغاية؟
- جداً (بابتسامة متألمة)

وجودها مهم جداً، فبريق راحيل و كاميل لا يكتمل إلا بها، و فطنة باتريك و يعقوب لا تنضج إلا بها، و إن كُنت أنا كاتب هذه المسرحية، فهي من يبث في الطلبة الروح و الحياة. وجودها مهمٌ جداً، مهمٌ بالنسبة لي، جداً.. جداً :’(

*****
- لم تكلمي جواهر؟
- ليس بعد، أفضل أن أتصل بها ليلاً عندما تكون وحدها، تعلمين كيف حالهم
- نعم (تنهدت بألم على أثر شعورها بطلال المتألم و الشعور المختلط من كرهه و الشفقة عليه)

دخلت أم فاطمة بوجه متجهم كالعادة و بدأت بالنزق

- ما هذا يا سمية؟

(و يدها تحمل عطراً ثميناً أهدته جواهر لسمية بمناسبة عيد ميلادها الواحد و العشرين)

- عطر من ..
- تلك اللا محتشمة!!!!
- (تدخلت فاطمة) جواهر محتشمة أمي، رأيت حجابها على رأسها أظن
- هذه الأشكال لا تخدعني!!! حجاب أي كلام!!
- (سمية بألم) لماذا أمي؟!! لماذا تسيئين الظن بها؟ أحبها أمي.. هي صديقتي و أخـتـ...
- (قاطعتها) اخرسي! و لا كلمة أخرى.. فاطمة هي أختك! و هذه الـ***** ليست بمنزلة أختك!

فغرت الفتاتان فمهما من قسوة الشتيمة، و تكورت سمية في حضن فاطمة تبكي بينما فاطمة تحادث والدتها بانفعال

- كفي أمي!

جحدتها والدتها بنظرة قاسية

- تحادثينني هكذا لتلك الـ ******
- (يشتد بكاء سمية في حضن فاطمة) كفي أمي!! ألا يكفينا كل شئ... دعينا بسلام!

توقفت نظرات الأم على منظر ابنتيها المتلاصقتين، سمية وجهها مختفي في حضن فاطمة و أذناها محمرتان، بينما فاطمة تشبه اللبؤة التي تدافع عن طفلتها، أنا أمكما و هذه النظرات المؤلمة لي أنا؟! أنا التي تريد أن تحميكما من الألم.. من الرفقة السيئة.. أنا التي ضحيت بزهرة شبابي لكما و رضيت بضرة ... ثم تكبدت ألم طلاق لا ذنب لي فيه.. أنا يا فتياتي ... أنا أدعكما بسلام؟!!

قذفت زجاجة العطر على الجدار و قالت: إن أخذتِ شيئاً من تلك الفتاة يا سمية، لا تلومي إلا نفسكِ!!

تكورت سمية أكثر في حضن أختها، و رائحة المكان تمتلأ بذلك العطر الذي أحبته سمية من أول أيام صداقتها بجواهر. عطر شانيل ألور الذي أصبح رائحتهما في كل شئ انتشر في المكان لتبكي سمية شوقاً صديقتها التي تتألم بألم عمها المشلول.

<<<<< يتبع

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:46
(12) المشهد الثاني

- هيا

نزلت عبير و جواهر بالعباءات لتنضما لطلال و العم عبدالله على الكرسي المتحرك الذي ابتسم لمنظرهما الرائع، و خصوصاً جواهر التي تزداد جمالاً بحجابها الملتف تماماً حول رأسها، مد يده السليمة لها و نظرت إليه

- ماذا عمي؟
- أنـ.. أنتـ...
- (عبير تجلس على الأرض تراقب وجهه لتفهم ما يقول، فهي الوحيدة التي تفهمه) بهدوء أبي
- (هز رأسه ثم تنفس و قال) أنـ..ـــتـ.. جــ..ــم
- يقول أنتِ جميلة

اشتدت قبضة طلال على الكرسي المتحرك من الخلف و هو يراقب عبير التي فقدت الكثير من وزنها توضح لجواهر الملتفة بالسواد تماماً ماذا يقول والده. لسببٍ ما حفرت تلك الصورة في ذاكرته بكل شئ، مشهدهما المقرفص عند طرف الكرسي المتحرك و عيونهما التي تحاول التقاط ما يقول والده. شئٌ ما في عيون جواهر بتلك اللحظة كشفها شفافة و ضائعة، نعم... لعلها دوماً كانت ضائعة بلا عمي خالد، و الآن تتشبث بأبي بكل قوتها، حتى حجابها الذي يلف رأسها يسكن فرحاً بعيون أبي.

- هيا يا جميلات (قالها بمزاح ليخفف من عمق اللحظة)

خرج الجميع للمشي ليلاً تحت النجوم و هواء الربيع يملأ الأنفاس. و عند مسافةٍ معينة لم تتمكن جواهر من حبس دموعها، فتأخرت بالمشي و لحظتها عبير و أخرت مشيها بعدما أشارت لطلال أن يتقدمهما.

كان طلال يجر الكرسي المتحرك و هو ينظر إلى رأس والده الذي يلتفت يميناً و يساراً بحثاً عن الفتيات، وضع يده على كتف والده وقال بهدوء: إنهما تتحدثان أبي

ربت العم عبدالله بيده السليمة على يد طلال و شد عليها و قال بصوت ثقيل: قف

وقف طلال بالقرب من كرسي خشبي، جلس عليه و نظر إلى والده الذي يبتسم على الرغم من كل شئ، قبل جبهة والده ثم عاود الجلوس و يده بيد والده

- جوا... هر
- ما بها؟
- خا...ئف
- خائف على جواهر؟ لا تخف أبي، أنا معها و مع عبير، لا تقلق
- (لمعت عيونه) عند....ما تتـ...زو
- جواهر تتزوج؟
- (هز رأسه) أنا... ميـ...ت
- بعد عمرٍ طويل أبي، أنا و عبير معها... لا تقلق
- عبـ...ـير أيــ..ض
- (بابتسامة) لن أزوجهما و سأبقيمها في المنزل
- (ضحك) عبــ..يـ.. أخـ..ت..
- و أنا لن أظلم جواهر أبي... هي مثل عبير أختي
- (ابتسم) ....

وصلت عبير و جواهر التي تحاول عبثاً أن تخفي وجهها المحمر. طلال يراقبها و هي تطأطأ رأسها في الأرض كي لا يلاحظها العم عبدالله، فجأة صرخت لينظر الجميع إليها، و ظلت تقفز و تصرخ و تنفض عبائتها

- صرصور ... آآآآآآآآه... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآي

لم يضحك طلال من زمن هكذا، و كذلك العم عبدالله، بينما عبير تحاول بجبن أن توقف قفز جواهر و هي تنفض عبائتها إلى أن خرج الصرصور هلعاً و متوجهاً بسرعة نحو عبير التي بالتالي صرخت و وقفت فوق الكرسي الخشبي الذي يجلس عليه طلال، رافقتها جواهر بالوقوف و طلال لا يتوقف عن الضحك بينما الصرصور يجري يميناً و يساراً تحت قدميه. عيون العم عبدالله تلمع بدموع الضحك على منظرهما فوق الكرسي. وقف طلال و رمى الصرصور برمية قدم حرة، كان منظر الصرصور الطائر مثيراً للضحك، ثم التفت إلى الفتيات و قال بهدوء

- يكفي صراخاً الآن، انزلا

نزلت عبير و جواهر و هما تكتمان الضحك و الهلع من جراء ذلك المخلوق العجيب و الذي لم يخطر على بالهما أن يكون المنقذ من وضع مؤلم. استمرت النزهة بضحك، طلال يقلد عبير و جواهر، و عبير تضربه على ذراعه و جواهر تضحك من بعيد، لا أستطيع أن أضربك، لكنني أستطيع أن أجعل عبير تفعل ذلك عني أنا أيضاً
- على الذراع الأخرى عبير.. من أجلي
- حااااااااااااااااضر!

و ضربته بقوة إلى درجة أنه ترنح قليلاً لتخاف عبير من قوة قبضتها

- آلمتك ؟
- (بابتسامة متألمة) ماذا تظنين يا محمد علي كلاي؟
- حقاًَ؟
- ربما لأنها لكمة من جواهر

ابتسمت عبير، و تضايقت جواهر، هل لكمتي مؤلمة يا طلال؟ مع أنني لم استخدم يدي، إلا أنها تؤلمني الآن... ليتني لم أسبب لك هذه الآلام أبداً

- هيا إلى المنزل

عندما وصلوا إلى المنزل، لم تتوقف مضايقات طلال الصرصورية لعبير و جواهر، و كانت قبضات عبير تلكم كتفه اليمنى تارةً و اليسرى تارةً أخرى لجواهر، ثم بعد أن تعبت من لكمه أخذت والدها إلى الغرفة المخصصة في الطابق السفلي.

- أحقاً آلمتك؟

تحولت ضحكة طلال إلى ابتسامة عطوف

- قليلاً
- آسفة
- هههههههههههههههه، هي ضربتني و ليس أنتِ
- أعلم، لكنها ضربتك بالنيابة عني (قالتها باحراج و ضيق)
- Come on now ... لا تصبحي عاطفية هكذا... لا يؤلمني .. انظري (و رفع يده اليسرى للأعلى)
- (ابتسامة شاحبة)
- أنا ممتن لتلك اللكمات يا جواهر
- (نظرت إليه)
- كان ذلك الصرصور أفضل ما حصل لي في هاذين الشهرين المنصرمين، هل رأيت كيف ضحك أبي؟
- نعم (بغصة)
- لذا لا أظن عليك أن تشعري بالاحراج أو الضيق.. حسناً؟
- Ok
- و عندما أريد أن ابتهج.. أعلم تماماً ما يلزم أن أحضر من الحديقة (بابتسامة خبيثة)
- You won’t dare !
- لمَ لا؟ كان منظراً رائعاً رؤيتك أنتِ و عبير في حالة من الهستيريا
- You won’t dare !
- I won’t ؟؟

احتارت عند تلك الجملة المبطنة بالتهديد الطفولي ... I won’t ؟؟ يا ترى ماذا ستفعل يا طلال إن علمت أنني حطمت حبيبتك؟

- تصبح على خير

و تركته حائراً بتلك النظرات ... أكان الصرصور .. أم اللكمة ... أم ماذا؟ ماذا بكِ يا جواهر؟ ماذا؟ ابتسم و خرج إلى الحديقة.

وصلت هي إلى غرفتها التي مقتتها ذات يوم، و التي نفذت فيها أقبح الخطط لتحطم قلب طلال، طلت من النافذة إلى السماء لتبحث عن نجمتها التي تنظر إليها كل ليلة... ها هي... سامحني يا طلال... سامحني... لا أقوى أن أصحح خطأي هذا... فأنا أجبن من أن أخبرك بالحقيقة... آسفة... سامحني.. و بكت ....

و بكت .. و بكت ... إلى أن نامت.... لأيام غريبة قادمة ...

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:48
(13)

لأيام غريبة قادمة، غريبة جداً، يتحول فيها الوقت بالساعة إلى تكات غريبة، تكات من نوع آخر، تكات ودودة، نبضٌ صغير يتحول إلى نبتةٍ صغيرة، باسم طلال!!!
لأيام غريبة، أحصد أنا فيها مشاهد جواهر حول طلال، و تشتت طلال، و هالات التعب حول عيون طلال!!
لأيام غريبة، أحتار في جواهر التي تريد التقرب من طلال الكاتم، و النسخة المطابقة حناناً في عمها عبدالله!!
لأيام غريبة، ستنتهي فيها هذه الأنثى كأنثى أحبت شيئاً مستحيلاً و مُعقداً...
لأيام غريبة فقط... أتطعمها كشوك لذيذ... أن تُحب ذاك الذي آذته بيديها... أن تُحب الـ(طالما) ظنته لا شئ في حياتها...
لأيام غريبة فقط... غريبة جداً يا جواهر .. سيأتيك قلمي ليغرس شيئاً في الأشياء التي لا تُدفن في بطن الأيام!
فقط... سأنتظره قلمي ليغرس فيك حقوق القتل المحفوظة، و لربما لا تعيين أنني قاتلتك قبل غيري!

مشاهد ليلة جمعت ما يأتي

في مكان ما، الأيام ذاتها تبدأ و تنتهي غريبة فوق رؤوس الأخوات النقيات/ فاطمة و سمية/ و كل التعقيدات المنزلية و النفسية تغزو الأحداث و الساحات. أحياناً تبدو القرارات السليمة مؤلمة و صعبة التنفيذ، لكنها الأسلم إن تتبعنا الخط البعيد من هذا اليوم. في غرفتها ضوءُ الأبجورة الليلية ينير لها ما تستطيع أن تراه من صورها مع تلك الصديقة الحبيبة/العزيزة جداً... جواهر/ صداقتنا مستحيلة يا جواهر لأن الأشياء أكبر مني و منكِ! لا أستطيع أن أطبق صداقة أنتِ فيها من يعطي و أنا أتعذر بالأعذار لأن أمي لا تريدكِ صديقةً لي. لقد تحملت الكثير من الصراخ و الشتائم، إلى أن انتهت المسألة بين يديّ أبي الذي لا أراه إلا نادراًّ! أتتصورين يا جواهر (و هي تنظر إلى صورتهما معاً) أتتصورين، أمي أنا و التي لا تتصل بأبي أبداً، جعلت من صداقتي و إياك معضلة لا يحلها سوى سوط والدي! (تحسست موضع ذاك الحزام فوق ذراعها) نعم أصبحت الأشياء أكثر تعقيداً بعد أن اكتشفت أمي أنكِ قريبة طلال! حتى فاطمة لم تسلم من سوط والدي! (تدحرجت دمعة مجنونة لتحط على بقعة بين الاثنتين في الصورة) و أصبحنا أنا و فاطمة تحت مراقبة سقيمة لأننا خبئنا هذا الخبر عن أمي و أبي و عن الجميع (احتضنت الصورة) أحبكِ كثيراً يا جواهر، لكنني لا أستطيع التحمل أكثر، ليتك لم تكوني قريبة ذلك الـ(طلال)! ليتك لم تكوني ابنة امرأة أجنبية! ليتك لستِ شقراء! ليتك هنا لأبكي في حضنك الدافئ! ليتك يا جواهر هنا! (بكت باختناق، و تطلعت بهاتفها الذي شحت اتصالاته) آه جواهر، كيف سأتحمل رنين هذا الهاتف؟ كل تلك الرسائل من هاتفيّـكِ مخزنة و محفوظة في ملفات خاصة أقرئها قبل النوم لأضحك وأشعركِ أختاً في روحي و قلبي، كيف يا جواهر (احتضنت الهاتف أيضاً، و استمرت في احتضان الأشياء) رائحتك تلف غطاء سريري، عبثك في علبي و أمشاطي لا يزال يعزف تلك الخشخشة التي تلتها هتافات و قفزات طفولية فوق المقاعد و الأسرّة... آه جواهر... سامحيني إن ظلمتكِ... لا أستطيع أن أحتمل سوط والدي و لا جفاء والدتي.. لابد من برودي معكِ لتبتعدي عني... لا أستطيع أن أرى فاطمة تؤخذ بذنب وراء ذنب بلا ذنب منها (أسقطت الأشياء من حضنها و رفعت صورة تحتضن الثلاثة/ فاطمة/جواهر/سمية) آه جواهر لو أنكِ رأيت ما انطبع على ظهرها من ذاك السوط! و صوت والدي لا يزال يرن في أذني ...

- يا قليلة الحياء... تقولين أنكِ لا تريدين الرجل لأنه لا يعجبك و تتواصلين معه بابنة عمه الـ******** التي تزوركم!!!

(احتضنت مخدتها و بكت) آه جواهر، لا أستطيع أن أخبرك كم ابن عمكِ حقير! لو لم يفعل ما فعل... لكُنا سعداء... لكنا أنا و أنتِ مربوطتين بزواجهما... تباً له ... تباً له!!

تباً لك!
تطالع السقف بهدوء مميت، لقد وصلت إلى مرحلة اللاشعور، حتى الأشياء التي تفرحها و تبكيها أصبحت بلا طعم، فقط هدوء، هدوء، هدوء... راجعت الأحداث الجامعية لتبحث عن النقطة التي غفلت عنها، و لم تفهم، أين أخطأت فيكَ يا طلال؟ و لماذا أشعر أنني أكرهك و أحتاجك؟ أحتاج إلى ما يخرجني من وضعي المميت هذا، من الظنون المسجونة في هذا المنزل، أسفي أنكَ كُنت اللون الوردي في حياتي التي أكلها الرماد! لا أدري، هل عليّ أن أشكر تلك المجهولة بما أخبرتني به؟ أم أمقتها و اختبأ وراء ستارة المغفلين لأكتشفك بعد الزواج كوالدي اللحوح و القاسي! كيف أجعل الأشياء الصغيرة التي جمعتنا تقول لي الحقيقة! لماذا سعيت ورائي إن كنت تلهو مع أخرى؟ كيف أستطيع أن أفهمني و أنا هكذا، فقط خاوية، لا أحتوي من نفسي سوى خواء و ضياع و تفكير هادئ، ماتت كل الحركة في روحي و جسدي من بعد سوط والدي المعنوي، كلا لم تؤلمني ضرباته الفعلية بقدر ما آلمتني ظنونه بي، شتائمه لي، و الأكثر، نظرة الاحتقار التي رماني بها و كأنني خلعت حيائي و عفتي و رميتهما في مستنقع الوحل و اللهو و الأخطاء. كُنت أخفيت هذه الحقيقة فقط لأنني أحببت جواهر، و لم أتحمل أن أنبذها و بعلمي و يقيني أن والدتي سترفض صداقتي بها و صلة القرابة بينكما! خطيب تأخر عند الباب، و ابنة العم دخلت من ذات الباب! آلمتني قصتها، آلمتني و لم أستطع سوى أن أحتويها و أرمي بالباقي خلف ظهري، فهي لا ذنب لها إن كانت قريبتك يا طلال، كلا لا ذنب لها أنها ولدت في ظروف صعبة، كم كَرِهتكَ عندما تحدثت جواهر عن ما فعلته بها، كيف كشفت لها خيانة والدتها، كيف كنت تغيظها، كيف كنت تتهمها بالأشياء السيئة، و هذا يؤكد لي أنك في منطقة ما بداخلك، مظلم، قاسي، لا مبالي، و حقير... تباً لك... تباً لك!!

آه... تباً للأيام ... تباً للأيام!!!

و تباً لمنظره الحزين على الشاطئ المهجور و القذر، الشاطئ الـ (أبعد) ما يكون عن الشاطئ الذي تأتيه الناس بممارسات الحزن أو الفقد أو الرومانسية على ألحان الحب، فقط شاطئ تزوروه القوارض و القليل من السلطعونات الغبية. يهرب إليه بعيداً عن نفسه يذاكر مرارة حيرته، من هذه الدنيا، من الأمل المبتور في قلبه، من الجرح المستكين في كل الفرح المُغتال برئته شوقاً و لهفةً و أسفاً، انتهت فاطمة، انتهت فاطمة و أنا لا زلت أريد أن أتعلم الفرح على يديها، لماذا النبذ يا فاطمة؟ ماذا فعلت؟ ليتك منحتني سبباً، سبباً واحداً فقط لأستمر، لأفهم، لأنهيك من فصولي، فالربيع أنت و الشتاء أنت و الصيف أنت و الخريف أنت، آه... أتذكرين الخريف يا فاطمة، و تلك الأيام التي تقاذفت فيها الريح أوراق الأشجار فوق كتبنا الجامعية و رؤوسنا الخفيفة من هموم الأيام، نضحك و نتهم الريح بالشغب الجامعي؟ أتذكرين تلك الورقة بالذات التي لامست كتابك ثم استقرت على وجهي و بالتحديد في عيني لتحمر و تدمع! طالبني أحمد أن أحتفظ بها إلى أن نتخرج لأنتقم منها و من ما سببته من حساسية لعيوني لتحرمني من الدراسة قبل ذلك الامتحان (أخرج الورقة من محفظته) ها هي ذات الورقة التي لامست كتابك و وجهي، و احتضنت منا ضحكة و احساساً صافياً طاهراً، لم أبحث فيه عن شئ سوى الفرح و النجاح، عندما كانت أحلامي بحجم هذه السماء الليلة، و بعدد هذه النجوم الباكية، أحلامي التي أردتها أن تبدأ معك..... (رمى ورقة الخريف) و بلونها الكئيب تذكر حجاب جواهر بذات اللون، و تقلبت ذكريات هذه أيضاً في شجونه، كم آذيتك برعونتي و غبائي و رفضي! آسف يا ابنة عمي، أسفي أنني لم أكن كوالدي الذي احتواك تماماً في ذلك الوقت الحرج... عادت إلى ذاكرته هذه ....

- أنت لا تطاق طلال! قد خسرت والدي و حياتي انقلبت فوق رأسي و أنت لا زلت نفس الـ (طلال)!
You have no idea what I am going through, and don’t you think for a second that I am happy to be in the same house that rejected my mom and me and everything to do with us!
- done with your lecture ؟
- أنت حقير فعلاً !!!!!!!
- هههههه ! ليس بقدرك JEWEL !

أنا الحقير يا جواهر، أنا و لست آسفاً لأقول ذلك عن نفسي، خصوصاً عندما كان بغضي يحركني، و كل مشاعر الوفاء لخالتي الحبيبة تصرخ في رأسي (لا تقبل شيئاً من ابنة هذه الأجنبية)، و كأن أخطاء ليزلي كانت أخطائك أنتِ لأنكِ تحملين لون عيونها، ذلك البحر الذي يبدو عميقاً أحياناً، كمنظرك حول والدي بالدموع و الرجاء، و كل تلك الأشياء التي تغيرت فيكِ، تغيرت فيكِ تماماً، فأراك فتاةً ضعيفة، حائرة، طائشة و تحتاج إلى التوجيه والرعاية و الاحتواء. أحياناً يا جواهر أرى فيكِ شيئاً لا أستطيع فهمه، شفقةٍ لا أملك تحكماً بها. جرحني أن أبي أخفى الكثير و الكثير عنكِ و عني، فأنتِ لا تعلمين أن ثروة والدكِ ذهبت في ديونه و أعماله الغبية، و بقي لك فُتات قليل! حتى أنكِ لا تعلمين أن ثمن مقعد دراستك يأتي مني أنا، و من عبير، ليتوفر معاش والدي لعلاجه، أخفى الكثير عنا، الكثير يا جواهر، كل ما يملكه هو معاش تقاعدي متواضع لأمور المنزل و أموره البسيطة، من بعد تلك الجلطة، بدأت أرى الأشياء بمنظور آخر، فلولاها لما رأيت ما احتمل والدي من هموم تكفينا جميعاً لسنين و سنين! تباً للحاجة! تباً لأنني لا أستطيع أن أوفر الكثير له و لكِ و لعبير..!

تباً!! هذا أيضاً، لا أستطيع ارتدائه!! تحقق جُل ما أردته، و الآن لا أملك ما يكفيني لأشتري ما يليق بجسدي الذي نحُل و نحُل و نحُل!!! لا زلت أتخيل وجه جولي و هي ترمقني بنظرات العُلو و أنا بذات الملابس الفضفاضة جداً أخفي فيها نحولاً أصابني! لا أستطيع أن أتخيل تلك العيون و ذلك الكحل يرمقني بنظرات شفقة و استهزاء، لا أحبها هذه النظرات! (تذكرت نظرات والدها) و نظرات والدي لنحولي تأكلني، يخشى أنني بدأت أمرض، أو .... (تذكرت غسان) أتألم من كل هذا، فأنا بسيطة جداً، و لا أملك من الغموض ما يلفني كأنثى، و حتى عندما تحققت أشد أمنياتي و بظروف لم أتخيلها، أجدني قبيحة جداً ... قبيحة جداً... و أكره هذا التحول الذي أصابني، و أكره أنني أفكر فيه... فيه... !!!! تباً،، تباً،، تباً لأنني لا أفهم نفسي، و لأنني أعيش على هوامش الصفحات بدل تصدر العناوين (تذكرت ذلك الحديث مع غسان)

- أتعلمين؟
- ماذا؟
يتبع

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:49
- دوماً يتبادر لأذهان البعض أن التدريس مهمة فاشلة لأنها غير قابلة للتجديد، فمثلاً المعلم أو المعلمة في عيون البعض لا زال يقبع في الاطار التقليدي
- الاطار التقليدي (بابتسامة) ؟
- نعم ، نظرية العصاية أو نظرية الوجه العبوس أو نظرية النظارة الطبية المخيفة (و حرك نظارته الطبية قليلاً بمزاح)

من أنا يا غسان لتمنحني صورة العطاء؟! لستُ أحداً ... فقط أردت أن أترك شيئاً في طلبتي... بعضهم يسخرون من حجمي و البعض الآخر يظنني قمة الشفافية من حيث لا أعلم؟!

إنها لا تعلم... فقط لا تعلم... كم تملك من الضوء حول عينيها عندما تتكلم، عندما تنطق بكلمات العلم حول طلبتها (رفع كوب القهوة إلى شفتيه) لا تعلم أنني أراها جدتي .. أنني أراها وطني .. أنني أراها شيئاً مختلفاً ... شئ غريب ... لا أملك له تفسيراً ... فقط قوتها و عزيمتها في أن تُحدث فرقاًُ في طالب أو اثنان... فقط تلك القوة .. لو أنها تتوزع على أساتذة المدرسة، لامتلأت المدرسة نوراً ... و علماً ... و حقاً ...
فقط لو أنها ... تعلم ... أنني أكره وضعي الذي لا يتحرك لصالحها و صالحي... و لأنني أسكن شقة من أربعة جدران و سقف من التأمل المرير... و الكثير الكثير من الصور و الذكريات لأموات .. أموات .. أموات..!!!! لا أهل لي .. لا أخ .. لا أخت .. لا أب و لا أم... كل ما ملكته هو جدة هربتني من حدود إلى حدود أخرى لأعيش بسلام .. بعيداً عن من أراد أن يطالني من أعداء أبي و أمي ... فقط ... بعيداً عن مؤسسات التنظيم و الثورة و الجهاد... أرادتني أن أعيش حياةً طبيعية... و أسفي أنني لم أتمكن من أعيشها... فهذه المسرحية تلعب أنقاض مشاهد مما روته لي جدتي، و القليل من ألم أبي، و الكثير من دم أمي! قتلت نفسي في المسرحية ربما لأنني أجبن من أن أرى الألم الذي مروا به، و لأنني وجدت سلاماً كاذباً في دولة بعيدة عن جذور احتضنتني شقياً و شاباً... فقط لأنني مُغترب يريد أن يعيش بسلام، فيتهمه البعض بالجُبن، و البعض الآخر بالنفاق و المصلحة! فقط لأنني لا أنتمي بجواز سفر إلى هذه الأرض، لن أجد جذوراً تجمعني في شجرة عائلة عبير!

انتهت الليلة

*****
دخلت المنزل بالأوراق و الكتب و بعض التجهم لتغير تلك الصديقة التي تُسمى سمية! ما هذا البُعد الثقيل بيننا؟ ما هذه الصداقة التي تأكل الجانب الواحد بالعطاء و العطاء و العطاء، و الطرف الآخر في بُعد و برود! لماذا تغيرت الأشياء حولنا يا سمية؟ لماذا لم نعد نقضي الساعات الطويلة في هاتف تشحنه النكات و الضحكات و الروح الأخوية؟ لماذا يا سمية خلفنا الصبا و الشقاوة خلفنا و بدأنا نتكلف و نبرُد بالرسميات و الدروس و الـ (لا أستطيع أن أذهب معكِ الآن... أمي تريدني في المنزل)!
توقفت كل تلك الأشياء في رأسها على مشهد سبحة زرقاء في يده السليمة المجعدة، الحبة تلو الأخرى و شفاهه تتحرك ببطء و تردد ((الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله))

...... وجع يا عمي.......!!!

((الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله)) و لا يزال يقولها في ليله و نهاره لأنه عاش بين أبناءه و إن كان مشلولاً، قانعاً بقدر و مصاب يختبر صبره و إيمانه

من بعد إذن رواسي/روشيآ أستعير تلك الكلمات التي تشرح بالضبط كيف هي يد العم عبدالله

يدٌ تمتّد بالنور، بالعطاء، بتعب السنين، بفرحة الانتماء، بابتسامة تتجعّد على أطرافها، يدٌ لا تخذل، لا تضمحّل، لا يُخالِط تعرجاتها ريب، لا ترتّد، لا تضرب، لا تُزهق، ولا تفنى . يدٌ تعرف تماماً، يدٌ تُدرك، يدٌ لا تؤذي رغم المعرفة، يدٌ لا تتلوّث بحرام ولا تُقدِم إلا على حلال، يدُ تبتسم . تخيّلوا فقط كيف يُمكِن لـ يدأن تبتسم ! هي يده وحدها التي تفعل، والتي دائماً قادرة على فعل ما لا تتقِنُه بواقي الأيدي . يدٌ بيضاء، ترتكز على عصا، يدٌ أدمنتُ تقبيلها، يدٌ تُضيء، يدٌ تبكي من أجلي، يدٌ اهتويتُ تقليم أظافرها، وصارت تلك هوايتي في الأيام القريبة، يدٌ ناهزت أربعةٌ وسبعون عاماً من بياض، يدُ أحبها، يدٌ كـ النور، يدٌ أحِسُها مبعوثة من جنّة.

يده وحدها، هي يده وحدها التي أريد أن أقبلها و أمسح بها وجهي، فقط يده، يد عمي...

- مساء الخير عمي (و قبلته على جبهته ليجفل قليلاً ثم قبلت يده التي مسحت خدها و استقرت على رأسها و السبحة متعلقة بأصابعه و تسرب برودة في خدها)
- مســ...ــــاء الـ....ـــــنور

من بين الأحاديث التي حرصت أن لا تجهده فيها، أخبرته أنها تتفوق، و أنها تحرز نجاحاً، و أنها سوف تبهره بنجاحها، استأذنته إلى غرفتها و الدموع تلمع في عيونها و ليصل بعدها طلال بقرار سيفاجئ الجميع.. الجميع ... !

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:50
(14)


- هل حزمت كل أغراضك؟

- نعم (بابتسامة)

- و جواز سفرك؟

- إنه معي
- و هل حولت نقودك؟
- نعم (بابتسامة أكبر)
- سأشتاق إليك طلال
- لا تبدئي عبير
- أقسم أنني سأشتاق إليك طلال
- تعالي هنا

(خ خ خ خ >> و جان راوية تسويها فيكم  ! طلال يخيب توقعاتكم،،، بس ... راح تشتاقون له وااااااايد!!)

و احتضنها ليزيد الشوق.

طلال سيرحل في رحلة عمل إلى لندن لمدة 4 أشهر لجامعة (The Royal College of Art) و التي تعتبر الجامعة الوحيدة المُسخرة إلى خريجي الفن و التصميم. في كل صيف تُقام في جامعة (RCA) معارض فنية تحتضن كل ابداعات الطلبة من الفن، الرسم، الهندسة المعمارية، الهندسة الداخلية، التصميم، الأزياء و غيرها الكثير.
من هنا ابتسمت الدروب لطلال بالتحضير لشهادة الماجستير في التصميم، حيث أن هذا المعرض الصيفي سيوسع آفاقه و يطور ابداعاته و بهذا تخطيطات طلال على المدى البعيد بفتح شركته الخاصة لتصميم الدعايات و الاعلانات سترى النور. حيث أنه بشهادة حديثة و خبرة عمل لا تزيد عن السنة ليس ممكناً أن يقتحم سوق العمل، فقد تعلم من أخطائه قبل الالتحاق بالجامعة.
كان قرار انتسابه إلى إحدى الجامعات بلندن بالمراسلة مشجعاً من قبل العم عبدالله الذي بدأ يتحسن تدريجياً بفضل الدعاء و التمارين العلاجية. و من بعد هذه الدورة و تحقيق رسالة الماجستير سيكون الوعد من مسئول طلال بأن يمنحه منصباً أعلى و راتباً أقوى، و بهذا تُحل المشاكل المادية التي طالما أرقته و أثقلته.

- طلال؟

انتزعت عبير نفسها من حضن طلال لتنظر إلى جواهر التي ذبلت عندما علمت بسفر طلال، خصوصاً في هذه الأوقات الصعبة! و خصوصاً بعد الامتعاض الذي أبدته جواهر عندما فاجأ الجميع بقراره. فكانت على وشك افتعال مشاجرة معه بحجة أنه لا مسئول و لا ينظر إلى المدى البعيد في هذه الأربعة أشهر! لكنها ترى أنها كانت خائفة من أن تكون هي من لا يملك بُعد النظر!

- أود أن أعتذر لك عن ما بدر مني، it was very selfish of me
- It’s ok
- لا ... أنـ...
- جواهر. أرجوكِ لا تفتعلي من لا شئ شيئاً... it’s ok ... انتهى الموضوع.. يجب أن أمر السوبر ماركت قبل أن أذهب للمطار

حدقت إليه و ودت لو أنها تصفعه! انزعجت من نبرة صوته التي تنهي الحديث قبل أن تخبره إنها كانت ممتعضة لأنها خائفة، لكنها تراجعت في النهاية و ألقت عليه تحية باردة و انصرفت إلى غرفتها ثم إلى دفترها الذي أصبح صديقاً مخلصاً أكثر من سمية.

If I had a horse, I would’ve run away!
Away from what I carry here… in my heart
I hate the way he dresses his hair
I hate the lazy curves on his lips faking mysterious smiles
I hate the way he hugs his sister
I hate his everything!!
I hate me now!
I hate the voids that I keep empty
Those voids that swallows me
In dark places that I have no light for
Were we that much apart and now so close that I can’t see things right anymore?
I wish my honesty comes to fill the void
So I can hate you more and more!
I hate you! And I wish you never come back!!
I hurt (she cries)
I hurt for ….. !!!!

توقفت عن الكلمات التي تنطلق من شرايينها، حدقت بقوة في آخر كلمة... بالضبط الأخيرة!
أتألم؟ أتألم من أجل من؟ طلال؟ منذ متى تحول كرهي الشديد لك إلى محبة خفية! لا لا لا! طبعاً طبعاًَ أنا أحبك كما تحبك عبير... طالعت ما كتبت، و رأت التناقض في ما تقول و في ما تفعل!!! هل آن الوقت لأصارح نفسي بأن أكون ما أنا عليه منذ فترة لا أذكرها؟ أصابني التشويش بعد معاملتك اللطيفة، و أظنني رأيتك كــ.... ! لا لا لا ! أنا أودك و أحبك تماماً كعبير! مزقت الورقة و ألقتها في سلة المهملات، و كأنها تستطيع أن تنهي هذا كله بتمزيق صفحة أو صفحتين! لن تستطيعي أن تمزقي أوراق راوية يا جواهر.. هههه!!! ستظل تلاحقك إلى أن تقتلك تماماً يا ذكية! I will be waiting on the corner JoJo !!! فقط انتظريني لتري الجانب الذي لم تفضحه راوية للآن!
ليسافر طلال قليلاً... ليشتاقه الجميع قليلاً... و لأضع أنا الكثير من النقاط الحمراء السوداء فوق الحروف و الشخصيات التي لا يريدها الكثيرون.... ليرحل طلال إلى أن تتمازج كل الأمور بالتعقيد إياه في رأسي... و سنرى! هه!


12 ؟ 4 ؟ 7 ؟ كم أصبح المجموع؟ أووووف! و عادت إلى العد مرة أخرى، كان السوبرماركت متخماً بالناس، أطفال يبكون في قسم الحلويات، ربات منازل في أقسام أدوات التنظيف، أزواج مخضرمون في أقسام اللحم الطازج، و فاطمة في زاوية المجلات تعد سعر المشتريات قبل أن تتناول مجلتها المفضلة.

~~~~ طلال~~~~~ كما الريح التي هبت على وجنته و هو يراها تقف بدون أن تراه، يبدو أن رغوة الحلاقة التي شتمها كثيراً بسبب نسيانه قد أصبحت من أجمل الأشياء التي جمعته صدفةً مع اغرب مخلوقة!

لغرابة الأمر، عندما نظر إلى وجهها، نسيّ كل شئ، كل شتيمة، كل تردد، كل جرح، كل فقد، كل شئ و فقط... قلبه يهتف من أن يقترب منها و يناديها فاطمة... فاطمة... فاطمة !
//
لأناديكِ يا عزيزتي، تلزمني اجتماع كل ذرة في روحي، لأنني أحتاجها هذه اللحظة، هذه التي قد أذرف لها دمعة و أنا رجل!
\\
- فاطمة؟

//
أروع ما في فاطمة هو تحرك عيونها السوداء بسرعة و هي منفعلة، و كأنها خيل يريد أن يطلق حوافره للريح... و لم تنطق بكلمة مما يجول في خاطرها

(لا! لا!)
لا يا من منحتك قلبي و خذلتني!
لا يا من نحيت ابتسامتي و أفراحي من أجله!
لا يا من سفكت تفكيري ...
لا يا من رميت أحلامي ...
لقد انتهيت من كل شئ
لقد انتهيت من الحب
لم يعد لي شئ من ذاتي لحب لم ينفعني!
ها أنت بكل وقاحة
و كأن شيئاً لم يكن
تقف و تبتسم
و كأن الأشياء لم تتغير
و كأنك أنت و لست أنت!
من بعدك شُللت يا طلال!
شُلت حياتي و لم يعرف هذا أحد!
لم يرد أن يفهمه أحد!
أصبحت شيئاً مهملاً في الزاوية و الرواية القاسية
و كأنني شئ ينتهي بتعقيد كتابي
و كأنني المطيعة المتخاذلة و المغلوب على أمرها!
تباً لكَ و لكل شئ!
\\

ابتعدت بدون أن تلتفت له مرة ثانية، لكنه لحقها هذه المرة، قد تكون المرة الأخيرة التي يراها، و لكنه سيندم إن لم يفعل

- فاطمة! توقفي
- (بكل شموخ نظرت إليه) .......
- فقط أخبريني لماذا
- (نظرت إليه بشموخ أكبر) لماذا؟ تريد أن تعرف لماذا؟؟
- نعم (و أصبحت نظرته توازي نظرتها شموخاً)
- طلال الوسيم الرائع (جحظت عيناه) و لا تأخذ كلمة الوسيم من منطلقها الصحيح... الوسيم الذي لا تكفيه إمرأة واحدة! (و أكملت بقوة من أوجاع سوط والدها على جسدها)
- لا تكفيــ.... ماذا؟؟؟؟؟؟؟
- SHOW YOUR COLORS طلال! أصبحت لعبة البراءة على ملامحك مقيتة جداً! لا يُجدي هذا الحديث!
- لحظة ... لحظة ... لحظة ... !!!!!!!! (قالها بغضب لم يسبق أن شعر به) أنتِ من تعيشين أمراضك في رأسك! و ماذا تحسبينني؟ زير نساء؟ دون جوان؟ بلا أخلاق؟ بلا دين؟ بلا خوف؟ هل من يلزم صامتاً الحب في قلبه لأربع سنوات يدعو الله أن يجمعه بنصفه الآخر دنئ لحد أن يصل إلى منزلة أمراضك الداخلية؟؟ لكم من المرات رفضتني يا فاطمة، أجرح رجولتي و أسامح تخبطك و ترددك كطفلة لا تعرف أي لعبة تختار؟
- أنا لستُ طفلة! ثم أنا علمت أنكَ تقابل إحداهن في وضع شائن!!
- و هل صدقتِ الغريب على كل ما عرفته مني؟ (قالها ببرود)
- .........
- أجيبي! (صرخ بها)
- أياك أن تصرخ في وجهي! أتفهم! و إن يكن! لدي الدليل أنها كانت معك! فقد أخبرتني أنها تأتيك في غرفتك! حتى أنها أخبرتي أنك تحتفظ بقرآن أزرق صغير!
- و هل أنت غبية لأن تصدقي كل من يخبرك أنني أملك قرآناً أزرقاً؟ قرأنك الأزرق كان ملازماً لي في كل مكان! في كل امتحان! في كل مباراة! في كل مستشفى! في كل مرض! أسفي أنه لم يتغلب على مرض الشك في رأسك! و بظني ... حبي كان كثيراً عليك!!

و انصرف لتتجمد من كلماته... أيعقل أنها غبية ؟

********
في جامعة جواهر، و من بعد اتفاق بين الأستاذ رمزي و غسان، سيتم عرض المسرحية على مسرح الجامعة كمادة تجريبية لطلاب المسرح من المدرسة و الجامعة كنوع من التجديد التعليمي ، سيحين وقت عرضها في الجامعة قريباً لكن إليكم عرضاً نسائياً شيقاً...!  هل تصبح النساء كالقطط عندما يتعلق الموضوع بقط وسيم! هههه! دوماًَ كانت جولي تحوم حول غسان بحجة أنهما مغتربان، و دوماً كانت عبيرحاضرة لتشهد هذه المشاهد التي تغرس أشواكاً من نوع غيرة طفيفة! ليس أنهما اتفقا على شئ، أو أنهما يحملان نوايا خبيثة في الحب... فقط الأشياء أكبر من عبير و غسان ليلتقيا... و هل سيلتقيان؟؟ أدع الأمر إلى أول قذائف جولي 

يتبع

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:51
- جميل، دوماً ارتدي هذا اللون
- .......... (لم تنظر إليها)
- بالذات هذا اللون الوردي لكي تزيدي الفتنة حولكِ
- جولي! أنا لا أرتدي ما أرتدي لأشعل الفتنة! كفاكِ هذا الكلام السخيف! (قالتها و هي لا تزال لا تنظر إليها)
- هههههه! ما هذا أيتها القطة الشرسة!
- إياك و مناداتي بهذه الأسماء السخيفة! (أيضاً لم تنظر إليها)
- ما هذا الآن! هه! قد خرج لسانكِ من جحره؟
- (تنفست بغضب) اسمعي جولي... كُفي.. و اغربي عن وجهي أرجوكِ (أغمضت عينيها و أيضاً لم تنظر إليها)
- لتتمتعي بالأجواء!
- الأجواء؟؟؟ (نظرت إليها نظرة لا تبشر بخير!)
- تلك الأجواء! (و أشارت برأسها إلى غسان البعيد على المسرح)
- أنتِ فعلاً ....!!!!!!
- فعلاً ماذا؟ جميلة؟ محنكة؟ رائعة؟ أبداً لا تجعلي من ذوبان شحومك نداً لي! (ابتعدت قليلاُ عنها و تطلعت إليها من رأسها إلى قدميها باستخفاف) يلزمك الكثير بعد... لا زلت فيلاً يطمح إلى أن يصبح غزالاً كسيحاًَ !
- !!!!!!!!!!!!
- ماذا؟ لا تنظري إليّ هكذا!!!
- لن أسمح لكِ بمعاملتي هكذا بعد اليوم يا جولي! سئمت ملاحظاتك السخيفة! للجحيم بكِ!
- ههههههههه (و ضمت أكتافها بفتنة على صدرها) بليز... دوني هذه الملاحظات السخيفة لأنها ستفتح your third eye !
- !!!!!!
- هو لي!
- غسان؟
- بعينه!
- هههههههههه! و ما الذي يجعلك تظنين أنه يفضل شاكلتك المشوهة! (فرحت لأنها بدأت بأولى القذائف)
- شاكلتي المشوهة؟؟!!! أنا؟؟ يبدو أنكِ لا تنظرين جيداً من بقايا الشحوم بعيونك! مسكينة! (و هزت رأسها باستهزاء)
- !!!!!!! إنتي أحقر بكثير مما سمعت و مما تصورت!!!!!!!
- مما سمعتِ؟ بظني الجميع يريد اشارة مني... لذا لا تمنحي نفسك تبريراً بأنكِ قديسة
- ربما الجميع... إلا هو!
- (جحظت عيونها) بالذات هو!
- إلا هو!!!
- احلمي... فالأحلام مجانية، لكن حاذري من الوقوع على وجهك!
- أنا أترفع عن حركات الأفاعي أمثالك!
- أنا أفعى؟؟؟؟ أيتها الفيلة القبيحة!
- و إن كنت فيلة ... بنظره أنا أفضل من أفعى ملوثة بالعطر الذي يشم على بعد ميل!
- عطر من على بعد ميل أفضل من تمثيل الرسالة التعليمية في الطلاب!
- !!!!!!!!!
- ماذا؟ (بابتسامة خبيثة و كأنها أصابت هدفاً)
- إياك ثم إياك يا جولي الحديث بهذه الطريقة عن عملي! فأنا عندما بدأت هذا العمل، كنت مخلصة في كل شئ به!
- طبعاً واضح اخلاصك في زج أنفك في مسرحيته دوماً!
- بظني اللجنة المدرسية اختارتني معه، و للأسف لا أدري ماذا حل رؤوسهم ليزجوكِ معنا من بعد ترحيل مايكل! و كأنه كان مشاركاً في هذه المسرحية بقدر ما هو يعاكسها!
- كان من حسن حظي أن رحل مايكل... شكراً لكِ! (بابتسامة خبيثة)
- ماذا؟
- .......
- ماذا؟
- نظفي أذنك من الشحوم جيداً لتسمعي، صوتي أعذب من أن يستقر بأذنك الغليظة!

و انصرفت إلى مكان غسان، لتبقى عبير في حيرة، أكان غسان من شكا مايكل؟ من غيره؟ هو الوحيد الذي تدخل عند العرض الأول للمسرحية! غضبت... من جولي و من تصرف غسان، و إن كان يبعث أملاً ضعيفاً في قلبها، لكنه ليس مسئولاً عنها ... توجهت إلى حيث غسان و جولي التي تحوم حوله كذبابة تريد أن تلتهم كل العسل بعيونه الخلابة و التي يبدو عليها الارهاق

- غسان؟؟!!
- نعم (بابتسامة صغيرة)
- هل كان لك دخل بترحيل مايكل؟
- ..............
- سألتك، هل كان لك دخل بترحيل مايكل؟
- هذا شأني وحدي عبير
- !!!!!!!!!!!!!!!!!
- رجاءً عبير
- من منحك الحق بأن تتكلم باسمي؟؟؟؟؟
- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تدخلت جولي

- ماذا يا عبير؟ كنتِ تريدين أن يتحرش بكِ مايكل على الدوام؟

اندهش كل من غسان و عبير، و تلازما نظرات الدهشة و الشعور الغريب من كلام جولي الذي يقطر سماً

- لا تنظري إليّ هكذا، الجميع يعلم أنه كان يتودد إليك و أنتِ لم توقفيه!

تدخل غسان

- جولي!!! ما هذا الكلام الدنئ؟

هاجمت عبير و هي تنظر إلى غسان

- أنا لم أطلب من أحد الدفاع عني (ثم نظرت إلى جولي) بامكاني الدفاع عن نفسي! و صدقيني أنا سأتولى هذه المرة الدفاع عن نفسي لكي يرحلوكِ ! فهذا يعتبر سب و قذف في العمل... و بظني اللجنة التأديبية ...
- هههههههه! Go الله يصلحكِ ! (لم تكترث جولي كثيراً بما قالته عبير، و كأن كلامها بلا قيمة)

أوقفها غسان

- يكفي لهذا الحد يا جولي!

و صمتت جولي لتحل الحيرة في نفس عبير، لماذا جولي تتمتع بكل هذه الثقة! غسان شاهد على هذا التصرف، ألا تخاف أن يشهد ضدها؟ أم.... لعله سيتستر عليها لأنه ..... !!!

انقطعت الأشياء بحضور كاميل و 2 من طلبة الجامعة
- استاذ غسان
- نعم كاميل
- صفاء لم تجد المشهد كراحيل، إنها تنسى و تسير بشكل صحيح و تنسى أن تمثل اعاقتها!
- حسناً، سنرى بعد قليل

تنفست عبير بغضب و أردفت أمام الجميع

- جدوا لأنفسكم أحداً !!! I QUIT !!

و انصرفت .... و انصرفت جولي من بعد الاحراج من نظرات غسان الذي بقي واقفاً لا يعرف ماذا يفعل الآن مع طلبته و خصوصاً صفاء الجديدة و التي تحل محل راحيل التي رحلت بصورة مفاجئة من المدرسة..... !

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:52
(15)

ماذا عن القطع الصغيرة من الذكريات التي تخدش جدران القلب؟
كانت رحلته في الطائرة - و الجو ممتلأ بالغيوم – مليئة بالأفكار، و لا زالت الأفكار ذاتها تستوطن رأسه و هو يسير في طرقات لندن. كان الجو رمادياً، كما يقولون، لندن هي مدينة الضباب و قد لا تكون أفضل المدن الأروربية على الاطلاق، لكنها تحمل في ذاكرته بعض الصور السعيدة عندما زارها مع والديّه و خالته و عبير الصغيرة بهدف رؤية عقار العم خالد. يداه تستريحان في جيوب معطفه، و اللفافة الصوفية الخفيفة تطوق عنقه بحنان، جلس على كرسي قديم يطالع الوجوه التي تمر و كفاه متلاصقتان تبحثان عن الدفئ.
طلال ...
لم أصفه كرجل، لأنني أريد أن أترفع فيه عن قصص الحب في الرجال المتألمين، و أحاول الغوص في القصص الانسانية لرجل موجود في كل بيت و كل حياة. رجل ربما تريد صفحات قصص الحب التهامه، لكنه أنقى من ذلك، نعم أريده أنقى من ذلك بكثير و ليتكم ترونه أنقى من ذلك. رجلٍ يتنفس هواءً غير ملوث بإثم الحب، و لا سوء النوايا، رجل فقط يعرف أنه ابن، أخ، مسئول. رجلٌ يجاهد على الحفاظ بكرامته و إن انزلقت بهشاشة عاطفة مرةٍ أو اثنتين. رجل غير كامل الأوصاف، له سيئاته و له حسناته. رجلٍ على رغم سنينه التسعة و العشرين، لا يزال يحتاج إلى حضن أمه، ذراع أبيه، عطف خالته، شقاوة أخته. من يحدد أن الرجل عندما يكبر يفقد حاجاته الطفولية، هل أصحبت أحقية الاحتفاظ بالطفولة للنساء و حسب؟! بعض الذكريات تلوح أمام عيونه عندما أعادت إليه مدينة الضباب، صور أمه و أبيه و خالته و عبير التي لا تنفك عن تناول الحلويات.

أمه ... التي لم أكتبها كثيراً من خوف غرس الألم في قلبي ربما، خسارة الأم كبيرة، و قد لا يحتملها قلبي، و لم أرد منها حزناً في قلوبكم، لكن اليوم .. لا بأس ببعض الذكريات عن الخالة فاطمة.. أليس كذلك؟
تلك الحنونة التي تطبخ و تكنس و تغسل و تسهر.. تلك التي كتب عنها المؤلفون الكثير من القصائد و التي درسها طلال في الصفوف الابتدائية .. عندما كانت ينشد ((ماما ماما .. يا أنغاما .. تملأ قلبي .. بندى الحُب)) بالقرب منها و هي تغسل الثياب و تعلقها بابتسامة على ولدها الذي لا ينفك عن سحب طرف ردائها .. كثيراً .. كثيراً .. يتساءل طلال عما فعله لأمه .. و ما لم يستطع أن يفعله عندما خطفها الموت؟ عندما لامس الوتر المنقطع في قلبه عند العيد الخامس عشر، كانت مرحلة التمرد، و الخروج من المنزل إلى نشاطات متفرعة بين كرة قدم، و زيارة المطاعم الصغيرة و سهر مع أصحاب الـ(فريج). كان تأخره الكثير يسبب القلق لوالدته التي لا تنفك عن شغل كرسي الصالة – و الذي يواجه نافذة الحديقة و باب المنزل الخارجي بالتحديد- قلقاً و خوفاً. و عندما يعود يجدها جالسة بعتب على تأخره، يحتدم الصراخ...
- أنا كبير الآن! لماذا لا أفعل مثل باقي رفاقي؟؟!!!
يتركها في منتصف الدهشة، كبر صغيرها، كبر كثيراً و بدأ يفكر باستقلالية قد تضيع مستقبله. دمعة على وجنة أمه لم يعرف ثمنها إلا اليوم. كم يشتاق إلى تلصصها من شق الباب عليه و هو نائم، صوت قدمها على عتبة الدرجة العشرون بالتحديد، و التي تصدر صوتاً مميزاً يعرف أنه قدم أمه. لو عادت الأيام، قطعاً قبّل قدميها التي طالما قادتها إلى غرفته لتسمع صوت تنفسه المميز و الممتزج مع قرقعة صوت المكيف. أبداً لا تعرف مقدار ما لديك، إلا عندما تخسره للأبد! فقدتكِ أماه .. المراهق الطائش و الرجل الـ(ناهز الثلاثين) يحتاجكِ اليوم. ليرحمكِ الله .. و يرحمنا أجمعين برحمته ... رمش بعينيه بسرعة كي لا تسقط الدمعة المتكاسلة، و لم تسقط.
نهض من على الكرسي و بدأ بالمشي، و رأسه للأسفل ينظر إلى خطواته الكبيرة و حذائه المتسخ قليلاً ليعود منظر والده إليه و هو يحمل ملابسه كل صباح إلى الغسيل. رفع رأسه، و تباطأت خطواته ليقف مستنداً على محل مغلق.
أبوه .. سيطر الألم على قلبه و هو يتذكر منظر والده عندما بدأ الوداع و ذراعه السليمة تسبح في الهواء لتمتد إليه بآخر احتضان يبلل القماش على الأكتاف بأنبل الدموع، دموع والده التي ذُرفت كثيراً في الآونة الأخيرة، فيصبح منظر عجزه عاطفياً هكذا كمسمار يدق نفسه في الصدر بألم. إلا دموعهـ .. إلا دموعهـ ! كان منظراً مؤثراً لحد جلب دموع الجميع، بما فيهم الممرضة التي لا تفهم العربية، و التي وظفها طلال قبل رحيله لتراعي والده في غياب عبير و جواهر. التجعيدة الحزينة عند طرف عينه كانت تبتسم بشوق و فخر، الابن الكبير، الذي أضاع الكثير من وقته، يذهب في أولى خطواته لدراسة أكبر .. و إن كانت مجرد دورة يحضرها، كان قراره بأن يستمر بالدراسة شيئاً لا يوصف في قلب العم عبدالله... ذلك الاحساس الذي لا يعرفه إلا الأب.. الذي حمل طفلاً شقياً من مشاجرات عرضية إلى رجل مسئول يصنع مستقبلاً أفضل... لا شئ أغلى عند العم عبدالله من أن يرى أبناءه أصحاء .. أقوياء .. متعلمين .. سعيدين ... هانئين ... و من الهناء .. تأتي ضحكات عبيرية
أخته ... لم تجبره ضحكات أحد على الضحك .. سوى ضحكة واحدة .. من فتاة سمينة لذيذة الطفولة في الملامح... دوماًَ هادئة .. دوماً صامتة .. دوماً خجولة .. دوماً حاضرة .. دوماً معاونة .. دوماً لا تخبر من حولها ما يعتمر قلبها من مشاكل .. دوماً كانت المصلحة .. حتى في أيام جواهر الصغيرة عندما كانت تنعت عبير بالسخافة في لعب الباربي من وراء ظهر عبير و أمام العم عبدالله و الخالة فاطمة، لتبقى عبير محبةً لها على اختلاف الظروف.. كانت تغيظه جواهر لأنه لا يحتمل أن يجرح أخته أحد .. و لكنها كانت دوماً تطفأ الغضب قبل أن يصل إلى قمة الاشتعال، كانت دوماً تدافع عن جواهر لأنها يتيمة الأم، و والدها منشغل بأعماله و سهره و هي تريد أن تلعب دور الأخت الكبيرة الحنونة.
جواهر ... منها تعلم أن الأشياء المستحيلة قد تتغير في يوم... النحلة كما كان يسميها عندما تبدأ المغايضة الطفولية ...
- أنتِ كما النحلة الصفراء التي تلسع و تؤذي!
لتقف حائرة بفم وردي مفتوح مدهوش فيما قاله بعربية تتفوق كثيراً على عربيتها المتكسرة لتقول بطفولة تجرح من يسمعها:
- أنت غبية (في الكلمات الصغيرة التي لم تعرفها لا ذكراً و لا أنثى، كان طلال يبدأ معاركه معها)
- نحلة صفراء تلسع و تؤذي و لا تعرف أن تتحدث مثلنا! (لتبدأ نوبة بكائها التي أسقمته أنذاك)
رأسها الأشقر كان يسلط الأفكار السيئة في رأسه سابقاً ، لكن عندما تجلس عند ركبة والده تدخل الطعام في فمه و تمسح ما ينساب منه مستمتعة بالجلوس أرضاً عند قدميه كعبير تماماً كانت مختلفة عن الرأس الأشقر الشقي، ربما لأنه رأس أشقر تحت قطعة من الحجاب. تتألم من ركبتيها المتيبستان من قسوة الأرض و هي تتوجه إلى المطبخ لغسل الصحون ببسالة قبل قدوم عبير من المدرسة ... حباً في اراحة كاهل عبير من أعباء يوم عملٍ شاق، و إشقاءً للصحون المسكينة و المطبخ الباكي! نعم الأشخاص يتغيرون في لحظات حرجة .. قوية .. أكبر من تفاهة الانتقام و الحقد ..
الحقد .. الحقد و فاطمة؟ ليس اليوم يا طلال .. انتهت فصول فاطمة من حياتكِ و إن أحببتها بصدق .. تبقى مساحات الشك في داخلها لا تنتهي... هل سيحدث ظرفٌ ما يغير فاطمة يا ترى؟ قُلنا ليس اليوم يا طلال ... أتركها للأيام و راوية .. أتركها للأيام ... أتركها...
رن هاتفه ... و ابتسم
يتبع

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:52
- أهلاً عبير
- ... أنـ...
- أهلاً جواهر، و كأنكِ عرفتِ أنكِ على بالي
- أنا؟
- (تدارك سوء الفهم) تذكرت فشلكِ الذريع في غسيل الصحون ليس إلا (و ابتسم بخبث)
- أنا فاشلة في غسيل الصحون؟ حسنا!!! تمتع في غسل صحونك! لن أخبرك بالمستحضر الذي يداوي التشققات و لن أخبرك أيضاً بنوع الصابون الذي ... (قاطعها)
- كفى كفى كفى ... انتهى ... أخبريني .. كيف حال الجميع؟
- لسانك السليط يفقدني التركيز! الجميع بخير
- هل بكم شي؟
- لا لا .. الكل بخير ... اتصلت لأسألك عن بعض الاشياء عن الجامعة التي تقصدها.. RCA
- لماذا؟
- (و هي تمط شفتيها بملل) من غير رمزي ليعذبني في الأرض؟
- ههههه! ما هذا الكلام؟ صدقيني لم تعرفي كيف تكسبين هذا الاستاذ .. إنه رجلٌ رائع. كيف تسير مسرحيته المشتركة مع مدْرسة عبير
- بخير على ما أظن، لا أزور المسرح كثيراً
- لماذا؟

(لأنها هناك، صديقتي الباردة و البعيدة، و التي أهملت عهد تسجيل المواد الدراسية معي على الدوام، لأنها تحضر المسرحية و تجلس و تناقش و تتفوق، و أنا لا أستطيع أن أتواجد معها في ذات المكان لألقي التحيات الباردة. لأن صديقتي التي شاطرتها أسراري هناك ، و أنا لا أستطيع أن أكون قربها بدون أن أشعر بالألم مرة، و بالغثيان مرةً أخرى. اقتنت لها مجموعة جديدة من الصديقات و ابتعدت عني بلا مبرر، و كأن الوقت الذي أمضيناه لا شئ... ربما كان لها لا شئ... و أنا تعلمت الدرس. لن أقترب من أحد، لا أحد بعد اليوم، الصداقات الحقيقية ليست لأمثالي، الذين ينتمون بنصفهم إلى مجتمع شرقي، و بالآخر إلى تحرر غربي. لن أعود للوم والدي، فهو ميت اليوم، و لن أعود إلى شتم أمي، فهي أيضاً ميتة اليوم. أملك في هذه الدنيا الآن، عمي و عبير و ...)

- جواهر؟ أين أنت؟؟
- آسفة لم أركز .. حسناً .. أخبرني عن الجامعة ...
- حسناً، ماذا تريدين أن تعرفي..
- أخبرني عن هذا المعرض الصيفي الذي تزوره ..
- حسناً .. المعرض الصيفي ...........

****
- عبير، لحظة أريد الحديث معكِ!

في لهجته اليوم شئ غريب، ربما لأنها تحاشته طوال الوقت من بعد آخر مسرحية درامية مع الآنسة العتيدة جولي الكوبرا!!

- لدي درس غسان
- ليس لديك درس!

صمتت، كذبتها غبية، لأنه وقت فراغها الذي كانت تعمل فيه مع الطلاب في المسرحية!

- أفهم من كلامك هذا أنكِ لا تريدين الحديث معي؟
- ليس هكذا
- إذاً؟
- لا أريد الحديث في ..
- بالذات هذا الموضوع يحتاج إلى نقاش.. كيف ترمين كل الجهد عرض الحائط لكلام جولي
- و لماذا أقبل بوضع شاذ بالأساس؟
- وضع شاذ؟ وضحي
- قلت لا أريد الحديث في هذا الموضوع غسان، عن إذنك
اعترض طريقها بأدب
- كلا عبير، لابد من توضيح الأمور
- رجاءً غسان، لست بمزاج للحديث عن المسرحية و ..
- ليس هؤلاء من أريد أن أناقشهم في الموضوع
- ههه! (و تخيلت أن غسان لا يريد بجولي سوءً)
- لماذا ضحكت هكذا؟
- هكذا كيف؟
- هكذا كأنني قلت نكتة؟ تسخرين مني يا عبير؟
- ماذا؟ أنا؟
- لقد تغيرتِ عبير
- .................!!!!!!!
- فعلاً.. قبلاً لم تهمك لا جولي و لا مايكل و لا أحد
- صمتي لم يعني أنني لم أكن أهتم.. ثم ألا تفهم يا غسان.. لا أحب أن يتدخل أحد في أموري
- أعلم أنكِ تقصدينني.. لكن لم تكوني أنتِ سبب رحيل مايكل
- ماذا تعني؟
- عبير.. هل أستطيع أن أئتمنكِ على سر؟
- بالطبع (ابتلعت ريقها و هي تحس بخوف شديد)
- لنذهب لغرفة القهوة، لا أريد أن يسمع ما سأخبركِ به أحد
- حسناً

تبكي كل يوم في الساعة السادسة صباحاً، قبل موعد ذهابها إلى المدرسة. توقف منبه ساعتها عن الصياح المزعج منذ فترة و تحولت الأشياء من حولها مخيفة كأنما هي تريد أن تبتلع كل لحظة كانت لها في المدرسة ... غرفة لا ترى النور بالمسرح الصامت إلا من بكاء خافت خائف . ... ربما لم تملك وسيلة للدفاع عن نفسها، بإعاقتها التي تعرقل مشيها و بتخدر أُدخل في جسدها بخبث و خلسة ؟؟! ماذا بعد الاغتصاب يا (راحيل)؟

إمبراطور مكسات
04-06-2008, 11:53
يتبع بعد الردود

سُـكون
04-06-2008, 11:58
ايييييييييييييييييييي ..

اخييييييييييرا التكمله :d:d

بقراها الحين و برد ::سعادة::

انتظرني :لقافة:

لي عوده ::جيد::

سُـكون
04-06-2008, 13:07
لاااااااااااااااااا

برطوووووووووووور

بعد كل هالتكمله الطويله توقف على هالمقطع الحسااااااس !!! :mad::mad::mad:

:بكاء:

ايييي


اذا غسان ما اشتكى على مايكل بسبب عبير ..
عيل حق شو اشتكى ؟
شو السر اللي بيقوله حق عبير ؟

و جواهر ..
اخييرا تصلي و تلبس الحجاااب ::سعادة::::سعادة::
هذي شكلها صدق بتحب طلال

بس علاقتها ويا سمية غمضتني ..

يعني حتى لما لبست الحجاب و بدت تصلي و تقوي علاقتها مع ربها أم و أبو سمية ما يبونها ربيعه حق بنتهم ؟!

و حرام ابو سمية ليش يضربها هي و فاطمه ؟

بالحزام !

اييييييييي >.<

فاطمه و طلال شو بيسوون اذا عرفوا انه جواهر هي السبب في كل اللي استوى بينهم ؟

خصوصا انه طلال يتعاطف معاها و فاطمه تحبها كأختها !!؟

و العم عبدالله ..

جلطه !

ما توقعت ! :بكاء:

....

انا اذا بكتب كل اللي في خاطري ما بخلص ..

برطور ..

كمل بسرعه :مذنب::مذنب:

realylove
05-06-2008, 14:41
ميل مرسي على التكمله تتنظر الباقي على احر من الجمر

Old Shoe
12-06-2008, 09:37
>.<
لييييييييييييييييييييش توقف في موقف حماسي زي كذا

اذبحك ولا شو اسوي فيك ؟؟؟؟

بلييييييييييييييييييييييييييييييييز برطووووووووووووووووووور
كمل لا تتأخر

امووت واعرف التكمله

دمت بود

سُـكون
19-06-2008, 12:21
برطور ويييينك ؟؟ :mad:

طولت علينا يا اخي >.<"

ليكون بتوقف ؟!! :ميت:

بذبحك ! :eek:

realylove
20-06-2008, 16:45
ننتظر التكمله على احر من الجمر

إمبراطور مكسات
23-06-2008, 08:52
معليش على التأخير والحين راح اكمل

إمبراطور مكسات
23-06-2008, 08:55
(16) المشهد الأول
- و لكن دكتور ...
- من غير لكن! هذا ليس بحثكِ يا جواهر! فقط نسخ و لصق!
- و كيف لك أن تعرف أنه نسخ و لصق! لقد أخذت كل المعلومات من ابن عمي!
- و إن يكن .. بحثك لا يستحق أكثر من هذه الدرجة
- و بهذه الدرجة لن أستطيع أن أضمن درجة النجاح في هذه المادة
- إذاًَ عليك الاجتهاد
- ماذا؟؟؟؟؟؟؟ بحثي هذا اجتهاد.. و أنت ترمي به عرض الحائط
- جواهر.. لا تنسي أنني أستاذك .. و إن كنت قد طولت بالي مثلما تقولون .. يفترض بك أن تحمدي ربك على درجتك
- و لكنني عملت بجهد ... كيف تريدني ...
- و لا كلمة أخرى .. أخرجي من مكتبي الآن!

عيناها مفتوحان، خرجت من مكتبه لتتقابل وجهاً بوجه سمية. تغضنت جبهتها بتجعيدة عتب، و سمية تتحاشى نظراتها لتدخل إلى مكتب الدكتور رمزي و بيدها ورقة تبدو أنها ورقة البحث الأخير. استمعت إلى هتافات الدكتور رمزي المادحة أسلوبها الشيق في البحث و الذي أشاد به جداً. تحركت شوكة صغيرة في قلبها، أتقصده لمزيد من الدرجات بعد هذا المدح؟! تألمت جداً و هي تنظر إلى ورقة بحثها و التي تناثرت عليها الخطوط الحمراء الكبيرة و الصغيرة بخط الدكتور رمزي,, تألمت جداً لفكرة أن سمية أصبحت من أولئك الذين يريدون المزيد من الدرجات و المزيد و المزيد! كلمات سمية خافتة بينما الدكتور يشجعها للمزيد و المزيد من الاجتهاد و التحصيل و يضيف إليها درجةً قد نسي أن يجمعها ,, هكذا إذاً يا سمية .. هكذا إذاً .. خرجت سمية بابتسامة سرعان ما تيبست لمنظر جواهر الحانق.

- كم تغيرتِ يا سمية (همستها بألم)

لم تنبس سمية بأي كلمة، و سارت بطريقها و كأن جواهر لا شئ، تألمت جواهر أكثر لهذه الحركة التي تعتبرها من الـ لا أشياء، فذهبت خلفها و قلبها يدق بغضب و عتب و شئ لا تفهمه، كانت غاضبةً جداً منها، غاضبة جداً و لا تعرف كيف تريح هذا الذي يمزق أوصال قلبها و ينهش روحها و يفقدها صوابها، هذه الالتفافات الصغيرة، و هذه الحركات .. مؤلمة ..

- منافقة!!!

تحولت نظرات سمية إلى جواهر، و الجميع في ذلك الممر ينظرون إلى جواهر الممتلئة بالغضب و الدموع تزيد من زرقة عيونها.

- وصولية و كاذبة!

فغرت سمية فمها بدهشة لكل الغضب المنطلق من جواهر، و تألمت لأنها عانت بما فيه الكفاية من الضرب و الاهانات من أجلها على يد والدها و والدتها، لتأتي الآن جواهر بذاتها و تهينها أمام طلبة الجامعة.

- كيف تقولين هذا يا جواهر .. لي أنا !
- لكِ أنتِ بالذات! أمثالك يستغلون الصداقة! أخبريني.. هل كانت صداقتي لاكسابك لغة ً مثلاً (تدحرجت دمعة على وجنة سمية) أم كانت لممارسة دور الطيبة و الحنونة و المنقذة أمام صديقاتك العتيدات الجُدد؟ (سمية تهز رأسها بالنفي و الدموع) ماذا .. تبكين؟؟ عطف من تستجدين؟ أخبريني .. أهي لمياء (و تشير إلى أحدى صديقاتها الجُدد) أم صفاء (صديقة جديدة أخرى) .. هلـ... (قاطعتها صفاء)
- صوني لسانكِ .. أفهمت؟!
- نطق محامي الدفاع!
- ايتها الحقودة! اسكتي !!

سمية لا تنفك على البكاء و الجميع يشاهد المشادة بين صفاء و جواهر، حتى تشابكت أيديهن بدفعات بسيطة تحولت إلى دفعات أقوى ألقت بجواهر على الأرض، و أوقف الشجار قبل أن يبدأ بالدكتور رمزي.

- هذه جامعة و ليست حلبة ملاكمة.. أنتِ و هي على مكتب الأمن!

****

- إذاً لم يرحلوا؟؟؟
- كلا
- و .. و (تتنفس بصعوبة)
- المدرسة تتستر على الأمر، لكنني أعمد إلى أن أكتشف لماذا رحلت بعد البروفة الأخيرة
- يا إلهي .. يا إلهي !! (تدحرجت دمعة مجنونة على وجنتها)
- عبير إهدئي ..
- و جولي .. كيف .. هل أخبــ... (قاطعها)
- لا أدري كيف علمت ،، و لم أرد منها أن تقول المزيد أمام الطلبة
- آه راحيل!
- عبير ،، اهدئي ،، سأعرف ماذا حدث و إن كان على حساب فصلي من المدرسة!
- الحقير !! الدنئ!!
- عبير....
- نعم نعم ،، أحاول ،، لكنني لا أستطيع! كيف سولت له نفسه أن .. أن .. (أكلت شفاها بغصة ألم) طفلة هي يا غسان ،، طفلة أتفهم ! و وضعها يزيد الأمر سوءً !! لا أستطيع إلا أن أتخيل ماذا حدث .. و هي بلا قوة .. و بلا حول !
- أعدك عبير ،، سأعرف المزيد .. من بعد أن تيقنت أن أهلها لم يسافروا كما أخبرتنا المدرسة .. لا أدري لماذا يلزمون الصمت إذا حدث ما حدث
- فعلاً .. فعلاً .. لماذا لم يتقدم أهلها بشكوى ضد المدرسة؟
- هذا ما يحيرني ،، اكتفوا بترحيل الخسيس بحجة أن عقده مع المدرسة سينتهي و أنه لم يؤدي واجبه كما يجب
- ليته أمامي! لقطعته ! قتلتهَ!!!!!!!!
- عبيــر ،، اهدئي
- لا أستطيع غسان (تتنفس بقوة) لا أستطيع سوى التفكير بوجهها و .. (شهقت) و .. كيف .. (نظرت إليه بعيون تملئوها الدموع) كيف .. كيف يفعل ذلك بطفلة معاقة !! كيف يوجد أناس بهذه القذارة ؟
- يصعب على من بطهارة روحك أن يفهم ،، لكنها الحقيقة ،، رأيتها بعيني طفلاً و شاباً ،، (خفت صوته بالتدريج ليعود إلى بقعة سوداء في الماضي) الكلاب تأكل أولادها حتى ،، و الدود يأبى أن يأكل أمثالهم للنتانة .. (توقف قليلاً و أفكاره أبعد ما تكون عن المدرسة.. كان قد عاد إلى أيام الحروب و الانتهاكات التي لا حد منها ... !

***
يجادلها بالعربية و هي تحاول أن تلتقط من بين كلمة و أخرى ما قال..

- كو برنغ ماي سبحة ..
- What ؟

و يحرك أصابعه الثلاثة بيده السليمة دلالة على سبحته الزرقاء التي لازمت كفه طوال أيام الشلل، يضحك تارة على الممرضة، و يفقد أعصابه مرة أخرى ،، إلى أن وصل الاعصار الأزرق بالأمطار متوجهاً إلى مكانٍ ما في الأعلى ،، برودة الرخام تلامس قدميها و تطفأ خطواتها و هي تنحني إلى الأمام بألم

- جــ....ـــواهر

صوته يناديها ،، ليس الآن يا عمي ،، ليس الآن ،، ماذا أقول لك؟ فصلت من الجامعة و بحثي يشارف على درجة رسوب؟ ماذا أقول لك؟ صديقتي لم تدافع عني و لزمت الصمت و دموعاً كاذبة على حالها من الاحراج ،، ماذا أقول لك؟ على الرغم من الساعات الطويلة من ارشاد طلال،، لم يمنحني الأحمق رمزي درجتي التي أستحق كونه يظن أنني لم أعد البحث بنفسي؟!! ماذا أقول يا عمي ...

على الاستراحة الصغيرة بالدرج و البعيدة عن مرأى العم عبدالله ،، جلست و أصابعها تحكم اغلاق صوت النحيب المرتعش ،، إلى أن رن هاتفها بمكالمة خارجية ... اصمتت صوت الرنين و الشاشة لا زالت تضئ باتصاله ,,, ليس الآن يا طلال ،، لا لم أحصل على الدرجة العالية و لا على التقدير من الأحمق رمزي كما قلت ! فعلت كل شئ .. كل شئ يا طلال و لم افلح .. و الآن أنا مفصولة ،، و لا أدري كيف أستطيع أن أدرس من غير محاضرات المراجعة المهمة ،، توقف رنين الهاتف ،، ليحل نص في صندوق الوارد ،، فتحته

Wsss up cousin?
Let me know what ramzi said
I know u did a good job
I can smell it.. LOL
Send my regards to dad and 3beer
Call me or text me
I need some good news.. JEWEL : P

الوجه الأخير باللسان المشاغب و اسم Jewel الذي أصبح فن اغاضة طفولية ، فجرا صمام الأمان،، أشتاق إليك طلال ،، كثيراً ،، كثيراً ،، و احتضنت وجهها الباكي بصمت ،،

<<< يتبع

إمبراطور مكسات
23-06-2008, 08:55
(16) المشهد الثاني

- أريد أن أحدثها


- هي نائمة ،، اتصلي فيما بعد



و أغلقت الهاتف بعنف في وجه كاميل التي أصابها الخوف لاختفاء راحيل لأكثر من أسبوعين ،، على الطرف الآخر ،، توجهت إلى غرفتها و نظرت من خلال فتحة الباب إليها و هي متكورة حول نفسها بهدوء.. كانت راحيل تملك قدرة غريبة في البقاء هادئة من الخارج على الرغم من كل الأشياء التي تمزقها من الداخل ..



- صغيرتي



رفعت رأسها إلى أمها و هي تحدق فيها بهدوء أخاف الأم التي تركها زوجها من بعد ولادة راحيل



- هيّا نأكل



ابتسمت راحيل بخفة و نزعت غطاء السرير لتجلس أمها بقربها و على حضنها صينية الطعام التي حوت القليل من دموع الأم المتناثرة بلا قوة منها ،، بصوت أقرب إلى صوت عصفورة وليدة



- لا تبكي ماما


- لا أبكي حبيبتي (تُكذب وجهها بابتسامة وسط الدموع)


- أنا بخير ماما ،، لا تقلقي



هزت الأم رأسها ،، قد تكون بخير ،، و لكن ليس تماماً ،، فهي لا تتكلم عن الموضوع ،، و لا تريد أن تبحث في الموضوع مع أحد ،، و لا تريد أن تستعين بوالدها الذي نسيها من بعد ولادتها ،، لا تريد إلا أن تكون هي و أمها ،، معاً إلى الأبد ،، فتحت فمها و هي تبتسم ابتسامة صفراء



- هيّا ،، دلليني



و أدخلت الأم أول اللقم في فم راحيل، الذي تذكرت مشهداً من مسرحية الأستاذ غسان ،، للأسف لن تكون هناك ،، و لن تشارك الأستاذة عبير فرحة التخرج هذه السنة ،، و كاميل ،، و .. و ,, توقفت اللقمة في حلقها بلا ادراك لتغص بها ،، و تسعفها أمها بالماء و التربيت على الظهر ،، كانت الأم الوحيدة هذه لا تملك من الحياة إلا راحيل ،، بعمل متواضع جداً تؤمن لراحيل دراسة جيدة و علاجاً لقدمها العليلة و لا تستطيع توكيل محامي ليدافع عن الضرر النفسي الذي ألم بابنتها،، راحيل نور عيونها ،، بلسم روحها ،، شفائها من كل هم ألم بها من بعد رحيل والدها المريب لزواج يضمن له أبناء أصحاء ،، تركهما في الخلف ،، و بقيت الآمال تلوح للأم في ابنتها الجميلة روحاً و قلباً ،، كلا ليس كل أب أب،، و ليست كل أم أم ،، ربما تعويض المدرسة و تسريح مايكل و عدم رغبة راحيل في خوض محاكمات ،، جعلا الأم تتراجع عن غضبها // حلت الرحمة بهذه الأم عندما وجدوا ابنتها في الوقت المناسب قبل أن يكمل ما أراد الحقير فعله ،، نعم عاشتها اللحظة ،، لكنه لم يتمكن منها في آخر لحظة عندما انكشف أمام أحدهم ,,,, كلا ،، لستُ بتلك القسوة يا راحيل لأحرمك من أغلى ما تملكين على يد حقير مثل مايكل،، الحيوان الذي لا يفرق بين طفلة أو امرأة ،، ربما دس بعض الأشياء في طعامك ،، خدركِ و سحبكِ إلى الغرفة المنزوية في المسرح بعد رحيل الجميع ،، جردكِ من شريطة شعرك البيضاء ..... لكنني أوقفته ... أوقفته على يد أحدهم ،،، و أبعدته ... أبعد ما يكون ... ربما المدرسة تسترت على ما حدث حفاظاً على سمعتها المقيتة ،، لكن شريطتكِ البيضاء ما تزال بيضاء ،، بيضاء يا راحيل ،، لن أكرر مشاهد راحيل الميتة .. كلا لن أكررها ...



***


- لا أفهم


- ......


- كيف تفعل ذلك


- كفي يا فاطمة ... !!! أشعر بوجع ما بعده وجع! لقد قتلت أشياءً جميلة في صدري .. لا أريد أن أتحدث بالموضوع


- حسناً عزيزتي



كلتاهما على السرير ... سمية تريح رأسها على حضن فاطمة التي تلوم طلال على كل ما يحدث ،، لو أنه كان مخلصاً فقط ،، ما حصل ما يحصل لأختها و صديقتها ،، لكانت الأمور أفضل ،، لكــ.... ،،، انقطع حبل الأفكار مع دخول والدهما الثور الهائج ليشد فاطمة من شعرها فتسقط من على السرير لأول مرة ثم ينتشلها للمرة الثانية بقبضة الحديد



- هل أدخلتكِ الجامعة لتتعلمي أم لتمرغي وجهي في التراب



تصرخ بكل ما لديها من قوة ،، من الألم المعنوي و الجسدي ،، اليوم يوم الخدوش و البقع المزرقة، سمية تحاول فض الاشتباك ،، و تتلقى دفعة محترمة من والدها لتطيحها على الأرض بعيداً أمام قدم والدتها ،، نظرت إليها بلؤم ،، و بحقد ،، و الأم لا تعرف كيف تفض النزاع ،، تسببت بذلك يا أمي !! بدل أن تناقشيني أنا و فاطمة لجأت إلى والدي ليُرهبنا بعقاله و حزامه و كل ما يقع في يده ،، و كأنها الهدية التي انتظرناها من بعد غيابه الطويل ،، عودة إلى الصراع خلف سمية



- كيف تقولين لا!!! رآك أحد الجيران تحادثينه في السوبرماركت! ألم أنبهك ألا تخرجي من المنزل إلا بإذني


- لم تكن هنا أبي و أمي أرسلتـــ .... (شدها بقوة أكبر حتى سمعت بصيلات شعرها تنتزع من مكانها) آآآآآآآآآآآآآآآآه


- كُنت هنا أو لم أكن!!! إنتِ ذهبت إلى هناك كي تلقينه أيتها الـ..... !!! أنتِ كما أمكِ الـ.... !!



لم تحرك الأم ساكناً ،، خوفاً من لكماته الموجعة و التي ذاقتها مراراً ،، اشمئزازاً من كلماته الوقحة المتكررة ،، صوت العقال يمزق الهواء على جسد فاطمة التي اتهمت مراراً و تكراراً بمقابلة طلال عن سبق اصرار و ترصد في السوبر ماركت ،، دخلت سمية في الاشتباك ،، لتلقى هي الأخرى ضربات موجعة ،، بينما فاطمة تبعدها و الأيدي تتشابك حتى وقع العقال على وجه سمية ليغمى عليها ....!!! و تتحرك الأم أخيراً عندما سال الدم من أنف ابنتها ...!



***



- جواهر؟



تطرق الباب بطرقاتها المعتادة



- ادخلي عبير


- ماذا يا شمس الأطفال...؟ لم شمس الأطفال مُحمرة؟



اندست جواهر في حضن عبير ،، تحكي لها سوء هذا اليوم ،، و لؤم هذا اليوم ،، و قسوة هذا اليوم ،، و هي لا تعلم أن صديقتها التي تحب أكثر ما بهذه الدنيا ،، تنزف الكثير في سيارة الاسعاف و في المستشفى .... من بعد هدهدات عبير الناجحة ،، خلدت إلى النوم لترى حلماً غريباً ،،



تسير في حديقة خضراء و ترى سمية تركض بعيداً ،، و هي تجري خلفها ،، ثم تختفي وسط الضباب ،، و يلوح العم عبدالله من البعيد يمشي بحرية من كرسيه المتحرك ،، و كلما ركضت نحوه لا تستطيع أن تطاله ،، تركض و تركض ،، و أطراف فستانها الأبيض تعرقلها ،، ترفع فستانها ،، و تركض ،، و تركض ،، ثم تصل للعم عبدالله ،، و لكنه ليس العم عبدالله ،، بل طـــلال !!



استفاقت من حلمها بخوف و هاتفها يمزق عتمة الظلمة باتصال خارجي ،، تغضنت ملامحها الناعسة و هي تنظر إلى الشاشة التي انطفأت لترصد 7 مكالمات لم يرد عليها ،، اتصلت ليجيب



- ايتها الكسولة؟!! لم تتلطفي على مستر طلال باتصال لتخبريه نتيجة البحث


- ......


- جواهر؟


- ......


- جواهر؟


- لم أحصل على درجة جيدة (و أكملت بصوت خافت) و فصلت من الجامعة لأسبوعين


- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ماذا حدث؟؟؟؟؟


- أخبرك في يوم آخر طلال (تهدج صوتها) لا رغبة لي في الحديث الآن


- أخفتني جواهر .. ماذا حدث؟


- لقد شرحت الوضع لعبير قبل قليل ،، و بعدها لم تنفك الأحلام تطاردني لتحرمني النوم ،، دعها ليوم آخر طلال،، أو اتصل لعبير لتخبرك ،، لا أستطيع الحديث الآن


- حسناً


- إلى اللقاء


- إلى اللقاء




و أسرع بالاتصال على عبير ، لتخبره الأخيرة عن ما حدث لجواهر ،، تمزق قلبه و هي تعيد ما قالته جواهر


(أنا لا أنتمي قطعاً إلى أي من هاذين العالمين)


(لم أشعر بالاذلال كما شعرت به اليوم)


(صديقتي الوحيدة أعطتني ظهرها في أشد حاجتي لها)


(وجودي يجلب النحس في كل مكان)


كلمات و كلمات و كلمات ،، صوت عبير يتمزق بين جواهر و طالبتها التي لا تدري ما حل بها ،، يستمع إليها و يفكر ،، يجب أن أكون مع الجميع ،، مرت 3 أشهر ،، و بقي شهر ،، سوف أعود ،، لابد من أعود ،، الجميع يحتاجني ،، أغلق السماعة و تنهد و هو يتخيل حال الجميع ،، سقطت عيناه على قطعة زجاجية زرقاء ،، تذكر زرقة عيونها ،، و عرف تماماً كيف تبدو الآن ،، كما بدت عندما جرحها بالاهانات أول أيامها في المنزل ،، في منزل والدها بعد تنفيس الغضب ،، في المستشفى عند سقوط العم عبدالله ،، في حكاية الصرصور التي جمّلت وجهها بابتسامة حزينة ،، أمسك بالقطعة الزجاجية ،، و تذكر كل ما مر به معها ،، هل ستنتمي جواهر إلى عائلة غيرنا؟ هل ستستقر مع رجلٍ يحافظ عليها من غير أن تُلوث عقله الظنون برأسها الأشقر؟ أودع القطعة مكانها و وقف أمام زجاج نافذة شقته ...


يفكر بها ... و بحالها .. و مستقبلها الذي يبدو غامضاً ...



- طلال؟


- نعم


- تفكر فيها؟


- في منو؟


- جواهر؟


- خليني في حالي يا راوية


- طلال


- راوية .. خليني في حالي


- إن شاء الله .. بس شي واحد قبل ما أمشي ...


- نعم


- حافظ على جواهر ...


و غادرت أنا الكواليس ،، هذه المرة للأبد ،،، و أودعت طلال فكرة مجنونة ،، مجنونة بجواهر .... و أجزاء قليلة باقية لأقتل من يجب أن يُقتل!

إمبراطور مكسات
23-06-2008, 09:01
(17 ما قبل الأخير) المشهد الأول
//
(( طلال ))
عاد طلال من سفره، عاد بشئ مختلف، الريح الباردة من بلدة الضباب – لندن- التي خدشت احساسه السميك بجوهرةٍ صلبة،، بالكثير من غموض المشاعر اليوم ،، الكثير ،، حب ربما؟ حاجة؟ عطف؟ حنان؟ ماذا؟ أيصل إلى مراحل الارتباط ،، أيصل ؟؟
بحاجة إلى عطف أنثى ،، شغب أنثى ،، و إن كانت أنثى غبية فيما مضى و ربما أقل غباءً اليوم،، إلا أنها تبقى أنثى حنونة ،، أنثى مشاكسة ،، أنثى بين طفولة و نضج ،، هل ... لا أجرؤ على السؤال ..
\\
((راحيل))
راحيل تفيق على الحياة من جديد، الفحوص أكدت عفتها من بعد التحرش، لم يتمكن مايكل من تمزيق شريطتها البيضاء ،، لم يتمكن لأنه أوقف على يد مدير المدرسة الأجنبي الآخر ،، بقيت منعزلة ،، أيام الامتحانات تسير ،، و كاميل تحاول مراراً الوصول إليها ،، لكن دون جدوى ،، فقط لا تريد أن تعرف شيئاً عن أحد ،، تريد أن تبقى في حضن والدتها الوحيدة ،، هكذا ،، تحمي نفسها من تجربة قد توجد في تلك الحياة في الخارج ،، فقط أن تحافظ على شريطتها البيضاء التي تمكنت من أن تسحبها من يد قذرة ملوثة ،،
لمن لم يفهم راحيل ،، التي خُدرت على يد مايكل ،، و اجترت بوحشية إلى غرفة مغلقة داخل المسرح من بعد رحيل الجميع على يد مايكل أيضاً ،، شريطتها البيضاء ،، عفتها ،، نقائها لم يُدنس ،، لم تكتمل القذارة ،، كلا لن أدخل في تفاصيل الشريطة البيضاء ،، و لا تمزيق الشريطة ،، فقط ،، اعلموا ان شريطة راحيل بيضاء لا تزال ،، بيضاء و طاهرة و نقية ،، و أن الحقير رحل بلا عقاب يشفي الغليل!!
//
((غسان/عبير))
تدخل كثيراً في المسألة ،، و على اقرار مجلس الادارة ،، سيتم انهاء عقده بعد حفلة التخرج لفوج العام الحالي،، غسان،، لم يمنحوك عملاً تتنفس فيه وطنك، لم يمنحوك عملاً لتغسل عيوننا ،، لم يمنحوك عملاً لتقول هذا صحيح و هذا خطأ خارج منظور التدريس المحدود ،، فقط ،، سترحل يا غسان ،، بعيداً عن هذه الأرض ،، و هذه المرة إلى أرض غربية ،، ليس لانحلال في شخصيتك ،، و لا نفاقاً ،، فقط لأن المغتربين أمثالك يجدون متنفساً في أراضي الغرب أكثر من أراضي العرب ،، لماذا يا ترى؟ أهذه قصة كل مغترب عربي؟ العيش في فرنسا و لندن و استراليا ؟ أسفي يا غسان أنك سترحل بعيداً عن المدرسة و الطلبة و ... عبير ... أستترك عبير وراءك حلماً يراود لذة الاستقرار .. حباً لم يكتمل في هواء الواقع ،، أعلم أنه مستحيل ،، بالطبع مستحيل ،، كثيراًُ ما حاولت عبير أن تغير من قرار مجلس الادارة ،، إلا أنها تراجعت بعد طلبكَ أن لا تفعل كي لا تعرض نفسها إلى الاقالة الخبيثة أيضاً ،، و هكذا استسلم الاثنان ،، إلى نهاية غريبة ،،
\\
((سمية/فاطمة))
غيبوبة طويلة ،، لم تفق منها من بعد آخر ضربة ،، وجهها محتقن بالزرقة ،، و أنفاسها ممتلئة بالدماء ،، أنابيب في كل مكان،، أضواء خضراء في كل جهاز ،، و الصمت القاتل الممتزج مع صوت جهاز القلب ،، لا يسمحون ببقاء الشخص أكثر من دقائق معدودة ،، و كرسي الانتظار مملوء بالخوف و الحزن و الندم ، إلا قليلاً من الأب الذي سحبته الشرطة إلى سجن مؤقت ،،
لا خط يتقاطع بين فاطمة و والدتها،، بعيدةٌ أبعد ما يكون عنها ،، غضب ،، ألم ،، حسرة،، و بدون رغبة سماح،، فرط حساسية أم من كل ما حولها حوّل حياة ابنتيها إلى جحيم صغير ،، و بدأ الجحيم يأكل الأشياء ببطء ،، حتى امتد إلى الصغيرة سمية ،، التي قفزت مع أختها فرحاً بخطبة لم تتم ،، التي تتذمر مراراً بفكاهة على أساتذتها ،، التي احتضنت صديقتها بعد أن عرفت قصتها ثم أبعدتها لظروف أقوى منها ،، التي غطت بجسدها جسد أختها (توتة) حمايةً من غضب الأب ،، سمية ،، الصديقة ،، الأخت ،، الفتاة الصغيرة التي غادرت الحياة الآن ،،،،،،،، و استقر الخط الأخضر في خط مستقيم و صوت نافر ،، و اعصار تمريض و تطبيب لعلاج صدمة أخيرة بائسة في جسد خاوي من الروح ،، لا فائدة ،، لقد غادرت ــــ !!!
الأخت تدور في حلقات مفرغة بالخارج تصارع الخوف ،، بينما الأم تقضم عبائتها بالخوف و الألم ،، غادرت،، لا فائدة الآن،،
غادرت ــــ في خبر الطبيب الذي جلب صرخات الأم ،، و الذي أحقن دموع فاطمة التي جلست بهدوء على الكرسي والأم تلطم صدرها ،، ((قتلها قتلها !!!)) و فاطمة لا تزال بلا دموع ،،، و في صمت مريب ،، مريب جداً ،،،، !!!

//

((جواهر))
في حيرة من ارتباك طلال حولها ،، و كأن شيئاً ينتشر في الجو بينهما من بعد عودته ،، لا يضحك كثيراً ،، يتحاشاها غالباً ،، يغيضها أحياناً ،، يقصد عبير في أتفه الأشياء و إن كان كوب ماء بالقرب من متناول يدها ،، غريب أمره ،، تبتسم دوماً عندما تذكر انفعالاتهم ،، شتائمهم و صرخاتهم ،، هدوء علاقتهم ،، سكينة البيت بضحكاتهم و صراصيرهم ! سادت الفرحة و إن كانت ناقصة ،، و ليت هذه الفرحة تكتمل بوفاء صديقة ،،

||
((منزل الفاملي قبل الـ.... ))
بيوم جمعة، يكتظ المنزل بشغبهم جميعاً في المطبخ و بقرقعة الصحون و تقطيع الخضار و غسل اللحوم،، هواء يتنفسه كل بيت سعيد في نهاية الاسبوع ،، مشاكسات برشق الماء و الصابون بين تقطيع البصل و تحميره ،، سد الأنوف عن روائح المطبخ بعد حمام منعش ،، صوت صفارة قدور الطبخ و التلفاز على قناة تنقل صلاة الجمعة ،،
عبير بعباءة زرقاء تناول أبيها حبوب الدواء في الصالة تحدثه عن زميلها المبعد اجباراً و استنكار العم عبدالله أفعال المدرسة في حق انسان مغترب ،،
جواهر تحضر الملاعق و الصحون لنقلها إلى الصالة حيث يجلس الجميع ،،
و طلال يتسلل ليضع يده في وعاء السلطة ليسرق خيارة،،

- دعها مكانها!

يرتفع حاجبيه و الخيارة في منتصف الطريق إلى فمه ،، وضعها في فمه ثم لحقها بخيارة أخرى

- طلال !!!!!!!!!!!!!!!

اغاضتها متعة لا توصف 

- حسناً! افسد غداءك ! لا يهمنـ.....

و انقطع صوتها و هي تتوجه إلى الصالة تحمل الصحون و تتذمر أمام عبير و العم عبدالله، ثم تعود بذات الاعصار إلى المطبخ بدون أن تنظر إليه و لتلتقط وعاء الحساء و تكمل سيل الكلمات التي لم تنقطع

- نطبخ لكي تفسد غداءك ثم تقول الطعام لا طعم له! كيف يكون له طعم و أنت تأكــ.....

و ينقطع صوتها مرة أخرى و هي تتوجه للصالة بوعاء الحساء ليختلط صوت تذمرها البعيد مع ضحكات العم عبدالله و تذمر مماثل من عبير.. ابتسامة كسولة على وجهه و هو يتناول الخيارة السابعة ،،، و هي تدخل المطبخ باعصار آخر و لكن هذه المرة لتأخذ وعاء السلطة و تستمر في جلبة التذمر

- اسمعوا لقد انتهى الخيار من السلطة، و إن أردتم المزيد منه اسألوا طلال ليقطــ...

و اختفى صوتها للمرة الأخيرة و هذه المرة لم تعد لأن المطبخ انتهى من الأطعمة، و بقي هو جالساً على كرسي المطبخ يسند كوعيه على طاولة صغيرة كانت مليئة بالطعام ،، لماذا أفعل هذا؟ دخلت هذه المرة عبير

- تريدني أن أطعمك؟؟؟؟

ضحك و خرج من بعدها ، و عندما جلس أخيراً قطع ضجيج الصحون و الغرف و التلفاز رنين الهاتف و تذمر من عبير

- من يتصل بوقت الظهيرة؟

التقطت السماعة لتتغير ألوانها سريعاً على بكاء من الجهة الأخرى في الهاتف ،، و كأنه بكاء جماعة من الناس ،، الجميع ينظر إليها بتوجس و خوف ،، توقفت يد جواهر عن الغرف عندما أشارت إليها عبير بالقدوم ،، من يكون ،، ماذا حدث؟

- ألو؟
- جواهر؟
- نعم
- أنا صفاء (تهدج صوتها)
- صفاء؟؟؟؟!!!!
- ........
- لماذا تتصليــ... (تسمع صوت جموع تبكي) ماذا يحدث؟
- لقد توفت سمية يا جواهر
- ................................
- فاطمة في حالة انغلاق شديدة ،، ربما إن رأتكِ ،، ستتــ...

//////////////////////////////// وخزات \\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\ وخزات ///////////////////////////
وخزات كثيرة ،، وخزات كثيرة اكتظت في صدرها ،، تهاونت قدمها عند أقرب كرسي ،، و شلال الدموع يحقن الاستفسارات العاجلة و التي لا تخرج بانتظام ،، الكيف و اللماذا ،، الاين و المتى ،، العتب ،، الغضب ،، و الحزن ،، الكثير من التأنيب ،، الكثير من الألم ،، الكثير من الأشياء ،،
تساقطت في ذاكرتها كل المشاهد دفعةً واحدة ،، أيعقل أنها رحلت؟ أيعقل أنها لن تأتي للجامعة غداً ؟ أيعقل أنها لن تتصل و إن لشجار أو عتب؟ أيعقل أنها غادرت ،، هكذا من غير أن أراها ،، من غير وداع لائق ،، من بعد ما حدث آخر مرة ،، أيعقل؟؟
كانت متمسكة بسماعة الهاتف بقوة ،، تريد أن تنتزع من صلابة البلاستيك أو أياً كان جواباً ،، شيئاً ،، تفسيراً ،، منطقاً ،،
لا شئ .. فقط لا شئ ،، كل العيون إليها تتساءل هذه الدموع التي تجرح القلب ،، ماذا حدث؟ أغلقت الهاتف و قالت بصوت غير مفهوم في صدر عبير

- ماتت صديقتي !!!!!!


>>>> يتبع

إمبراطور مكسات
23-06-2008, 09:06
(17 ما قبل الأخير) المشهد الثاني
- ألو؟
- مرحباً يا خالة ،،
- أهلاً كاميل
- أرجوكِ يا خالة ،، يجب أن أكلم راحيل

نظرت راحيل لأمها المحتارة أمام سماعة الهاتف، توجهت إليها و التقطت السماعة، و لأول مرة منذ أشهر تسمع كاميل صوت راحيل

- أهلاً كاميل
- راحيل؟؟؟

بلا تصديق ،، يأتيها صوتها و كأنه المطر في أيام الصيف ،، حتى سالت بضع قطرات من ذلك المطر على وجنة كاميل

- ماذا حل بكِ يا رفيقة؟
- لا شئ (همست)
- راحيل ،، اشتقت إليكِ كثيراً ،، و الاستاذة عبير و الاستاذ غسان أيضاً مشتاقان إليكِ
- أنا أيضاً مشتاقة لكم (همست وسط دمعة صغيرة)
- أنتِ مريضة؟
- ,,,, نعم ,,,,
- هل تشكين من شئ خطير؟
- لا
- راحيل ،، (تبكي في الطرف الآخر بحيرة فتاة الـ 18 التي لا تزال من الداخل طفلة) الأستاذ غسان سيرحل بعد حفل التخرج
- ماذا؟؟؟
- لا أدري لماذا ،، أخبرتني الأستاذة عبير أن لا أسأل أحداً تجنباً للمشاكل مع الادارة
- مع الادارة؟ ماذا فعلت الادارة؟
- لا أدري ،، لكنه سيرحل ،، و قد لا نعرض المسرحية كما اتفقنا على مسرح الجامعة
- آه
- آسفة راحيل،، أنتِ مريضة و أنا أزيدكِ حزناً ،، أنا فقط لا أدري إلى من ألجأ ،، أنتِ صديقتي الوحيدة
- ..... (تبكي بصمت)
- حسناً ،، أخبريني ،، متى أستطيع رؤيتكِ؟ أريد أن أراكِ راحيل ،، لقد اشتقت إليكِ كثيراً

انتزعت الأم الهاتف من يد راحيل،،

- عزيزتي كاميل ،، راحيل متعبة الآن
- حسناً يا خالة ،، أرجوكِ أخبريها أنني أحبها كثيراً و أتمنى لها الشفاء العاجل
- حسناً عزيزتي،، إلى اللقاء

و أبعدت الأم راحيل عن الهاتف إلى الغرفة لتستريح من عناء هذه الأخبار ،، الأخبار التي حركت في داخلها الحنين إلى أعز أستاذين لها في المدرسة ،، و أعز رفيقة ،،

****

دخلت مجلس العزاء المتشح بالسواد لتعود إليها ذكريات قضتها بين سمية و فاطمة ،، كان الألم أكبر من أن يتحمله صدرها،، و عيونها مملوءة بالدموع التي لم تتوقف مذ عرفت بوفاة سمية ،، كان البكاء الذي يعاندها منذ وفاة والدها و والدتها يأتي ضيفاً سخياً ،، سخياً جداً ،، و زاد سخاءه عندما وجدت فاطمة بعيدة بطرف كرسي قريب من نافذة ،، تنظر إلى نقطة غير محددة ،، و عيونها جافة ،، و وجهها جامد ،، و حجاب رأسها على كتفها يكشف عن شعر لم يدخله المشط لأيام ،، يتناثر مهملاً من رباط مائل ،، قد تكون أبعد ما يكون من حفيف النساء المعزيات ،، تسير إليها وسط نساء حزينات و أخريات جالسات بعبايات متلألأة للهمس ،، القليل من رائحة البرياني الذي أُكل يختبأ في الهواء مع دهن العود من معزية تقرأ القرآن بصمت ،،
وصلت إليها ،،
و عندما رفعت فاطمة رأسها لترى من أطاح عليها بظل كهذا و عطر يشبه عطر سمية ،،
وجدتها ،،
وجه سمية ،،
و حارت بنظراتها و ملامح جواهر تعود إلى أن اختفت سمية ،،
تحرك شئ في داخلها عندما جثت جواهر على ركبتيها أمام فاطمة و ذراعاها حائرتان في ضمها أو الاكتفاء بمصافحة ،،
ترددها الواضح في أن تكون محل استقبال بعد الكثير من العتب و اللؤم ،، ضيق عينيها بالدموع ،، الدموع ،، الدموع في وجه جواهر كثيرة ،،
بقت اللحظة جامدة قليلاً ،، صمت بين الاثنتين ،، و الجميع ينظر إلى الشقراء التي تراجع حجاب رأسها و هي تبكي باختناق أمام أخت المرحومة بإذن الله ،، بدأت غصة صغيرة جداً في حلق فاطمة ،، سرعان ما انتشرت لتنشر رعشة غير محسوبة في جسدها ،،
و لأول مرة ،،
لأول مرة ،،،
منذ توفت سمية ،،
سقطت أول دمعة على وجنة فاطمة التي كانت تعيش حالةً من اللاشعور ،،
آه صغيرة ،، سرعان ما تحولت إلى آهة أكبر ،، و اندفعت إلى حضن جواهر تبكي أختها أخيراً ،،
تنفس عن حزنها و غضبها و ألمها و كل شئ اختزن فيها بألم هذه الأيام بصمت كرهته و اعتبرته نقصاً فيها ،، الاثنتان في حالة تمسك شديدة ،، تشدان على بعضهما خوفاً من أن تتناثرا حزناً ،، و الدموع تغسل الوجوه ،، الرقبة ،، الشعر ،، العبائة ،، الحجاب ،، الـ كل شئ ،، إلى أن تصل إلى الروح في مستقر بعيد ،،
كلمات مبهمة وسط ضجيج الألم ،، (ذهبت / لن تعود/ أختي كانت صغيرة / قتلها / لن أسامحهم / ذهبت / رحلت / آه / كلا / كاذبون ) و النساء يتجمعن حولهما بأكواب الماء إما للشرب و إما لمسح الوجوه و البسملة ،، (اذكروا الله / لا تجوز عليها إلا الرحمة / ادعوا لها بالثبات) ،، و الضجيج ،، الضجيج ،، النفوس المختلفة في الايمان ،، ثبات و تضعضع ،، شتات و قوة ،، الضجيج ،، الماء يتسرب من يد جواهر على وجه فاطمة و هي تبكي بصراخ ما أبعد منه صراخ و جواهر تردد مع النساء (لا إله إلا الله / لا إله إلا الله / أعوذ بالله من الشيطان الرجيم / لا إله إلا الله ) النساء يحملنها إلى غرفة بعيداً عن أعين تتساءل ماذا حدث للأخت الصامتة طوال أيام العزاء ؟؟ من هذه التي فجرت الأخت هكذا؟ هي قسوة الأب الذي قتلها في لحظة غضب بالطبع؟ أهي ممسوسة؟ ماذا و لماذا و كيف و أين و متى و.. و ,, !!! كفوا أيها المعزون عن تمثيل الأحزان بعد فتور مشاعر الفقد ،، كفوا !!!!!!!!

*******

مرت أشهر ثقيلة ،، فاطمة تصارع فيها حزنها و فقدها ،، و جواهر تساعدها في كل شاردة و واردة ،، الاثنتان اللتان لا تعلمان ما يفعله القدر بسخرية ،، فلا طلال و لا عبير سألا جواهر عن هذه الصديقة التي تقرب إلى فاطمة ،، تحاشياً لغرس الحزن في نفسها ،،
و اليوم قرر طلال أن يعلن لوالده و لجواهر رغبته بالارتباط بجواهر ،،،
ارتباط مؤلم بين هؤلاء الأطراف الثلاثة ،، و الذي سينتهي بشكل مختلف جداً عن كل مألوف ،،
كونوا موجودين في آخر جزء ،،

إمبراطور مكسات
24-06-2008, 19:51
وين الردود

realylove
24-06-2008, 20:58
انا هنا
ميل مرسي على التكمله وننتظر الباقي بفارغ الصبر

إمبراطور مكسات
25-06-2008, 03:39
مشكوره اختي على المرور

realylove
25-06-2008, 21:31
مشكوره اختي على المرور

طيب فين التكمله انا انتظر على احر من الجمر بليييييييييييييييييييييز كملها بسرعة

just Beautiful!
27-06-2008, 00:26
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بدي اسأل سؤال وبدي الجواب بصراحة..
هلا هالقصة إنت كاتبها بنفسك؟؟؟

بصراحة القصة روعة بروعة..
وأنا كتير متحسرة إني ما انتبهت لها من أول..

أسلوبك روعة..
والسرد خطير..
ومقاطع غنيات فيروز بتدخل بالجو على طول..

جواهر..
قطعت نياط قلبي في البداية..
لكن بعدها كتير انبسطت لها..
بس حرام عليها اللي عملتو في طلال وفاطمة..
طلال..
شخصيته كتير تهبل..
بس يا خوفي شو بيعمل إزا عرف إن جواهر هي اللي خربت عليه..

وعبير..
بصراحة دخلت قلبي على طول..
متل ما تقول رفيقتي" سيدا"..

اما فاطمة..
من جد حزنت عليها..
واختها كتير تقطع القلب..
حرام على أهلهم اللي عملوه فيهم..

أخي..
بليز بليز بليز كمل القصة..
أنا قاعدة على اعصابي هلا..
بدي اعرف شو بيصير..

إمبراطور مكسات
28-06-2008, 20:00
مشكورين على الردود والحين راح اكملة

إمبراطور مكسات
28-06-2008, 20:02
(18) والأخير - المشهد الأول
هل آن لي أن أنهيكم من فصولي؟ أن أهدي الرواية أو القصة أو أياً كانت إلى القاتل؟ أن أحفظها بحقوق القتل؟ أن انتزع الأيام التي عشتها بدموع و ضحكات بين قراء في قارات متباعدة من أشهري القادمة لأشتاقها؟ هل آن لي ... أن أخبركم أن بعضي سكن زوايا هذه السطور بتحفظ .. القليل مني هنا .. القليل .. و الكثير من الخيال .. الكثير ... هل آن لي أن أعزف لحن الناي لتشربوا دموعي؟ هل آن لي أن أحلق بعيداً لترفعوا الأيدي بالوداع؟ هل آن لي .. أنا الراوية .. أن أقتل ؟ إذاً .. ليبدأ القتل الذي احتل رأسي منذ أربعة أشهر .. حينها لم أعرف كيف سأقتل .. إلا أنني اليوم سأقتل بلون الأفراح .. و سأقتل أسود الأحزان .. سأقتل بذات فستان الزفاف المعلق على الشجر اليابس .. و سأقتل بثوب حداد بائس .. سأقتل بنقوش الحناء كما لم تشاهدوا ... بذاك الفرح الذي لم يكتمل .. سأقتل .. سأقتل بلاهة الأحلام .. سأقتل مواضع الشكوك .. سأقتل بالحزن .. و سأقتل بالغضب .. سأقتل بالفرح .. سأقتل بلا دماء .. و بالدماء .. سأقتل النهايات العكرة ... سأقتل النهايات الحزينة و سأقتل النهايات السعيدة .. سأقتل المعتاد و الغير معتاد ... سأقتل .. و أهدي الرواية إلى القاتل ... أو لعل القاتل هو المقتول ... و حقوق النشر محفوظة بحقوق القتل .. سأقتل الافكار التي أرهقت دماغي طوال فترة الكتابة .. الكثير الذي تساقط من روحي و خيالي .. سأقتل شخصاً آخر .. تتبعوا ببطء .. لتعرفوا من .. تتبعوا .. فالنهاية كانت واضحة .. كان لابد من موت يطهر كل الدموع من ترسبات الكحل.. ببطء معي .. تعالوا ...
//
خائفة أمام منصة المسرح، الجميع يتطلع إليها و ينتظر أن تنهي تبليل شفتيها الغبي، عدساتها اللاصقة التي لم تعتد عليها جعلت الخوف أكبر بكثير لدرجة أنها لا ترى السطور .. سمعت همساً و تأففاً و صوتاً يخرس الأثنين .. الأستاذ غسان و الأستاذة عبير يمنحانها نظرات التشجيع بلفظ الكلمات التي حفظتها عن ظهر قلب كل ليلة و هي تمثل القاء حفل تخريج هذا العام .. كان باتريك المتخرج العام الماضي حاضراً أيضاً يجلس بجانب الأستاذ غسان، لعله يعلم برحيله و جاء مودعاً. نظرت إلى الأستاذة جولي و هي تهز رجلها المكشوفة، و المدير المدرسي بحاجبين متغضنين على وضعها الصامت .. بدأت من حيث تذكر ..

When they were trying to find someone to give this speech they first asked the most intelligent, smart person they could find. But she turned them down. So then they asked the most beautiful, lovely, attractive person they could find. She also turned them down. Next they asked the nicest, sweetest, kindest, most sincere person they could find. Then I decided it would be rude to turn them down three times in a row, so here I am.

اعتلت الضحكات لوصفها ذاك مما زين وجهها أيضاً بابتسامة.
How many people here like tomato soup? Come on, raise your hand if you like tomato soup.
رفع البعض أيديهم ...
OK, thank you. That was a really simple question, you either like it or you don't. I wish high school had been that easy. However, as we all know, it wasn't.
ضحكات أخرى مع القليل من تكشيرة مزاح على وجوه الأساتذة .. بما فيهم الأستاذ غسان.
As the National Honor Society speaker, you probably expect me to speak about something very scholarly, but I'm not. It takes a lot of hard work to get to where we are today. There are a few students that I would like to recognize for working extra hard. If you could stand when I call your name,
و بدأت بذكر أسماء طلبة المسرحية بمن فيهم راحيل الغائبة و التي لم تتخرج هذا العام لأسباب عرفتها الآن، و لا يعرفها أحد آخر! كانت تريد أن ترمي الحقيقة في وجه الإدارة و لكن خوفها بأن يظنوا بالأستاذ غسان سوءاً أكثر ،، جعلها تتراجع
These lifeskills students have spent half of their days in job training experiences within our community. This extra time and effort they put in has prepared them for the world of work and given them courage to leave high school and work on their own………………….
متغضنين على وضعها الصامت
These students, along with the entire graduating class of 2007 have put a real effort into making it here today. I want to stress the importance of the diplomas we are receiving today. They are not easy to come by. They have been faced with obstacles, maybe family problems, substance abuse,
و ركزت على كلمة abuse لترى التوتر حل بوجه مدير المدرسة قليلاً
health or financial problems, whatever the case may be, they have struggled to survive and graduate with the class of 2007. So as you leave today, and you're like, "We are so outta here" remember to be proud of what you have accomplished. Graduating is not ………………….
صمتت عندما رأت راحيل تدخل القاعة مع والدتها، و خانتها دمعة بعثرت القليل من الحبر على الأوراق أمامها، ابتسمت لها راحيل و بالمثل كاميل، و كأن القاعة ذاتها ليس بها إلا هاتين الأثنتين ... و الجميع ينظر إلى اتجاه راحيل .. و كاميل تقول بصوت خافت
- راحيل تقدمي إلى المنصة
امتعض بعض الأساتذة من تخريب برنامج الحفل لكن الطلبة بدئوا بالتصفيق و التشجيع لأن تعتلي المنصة مع كاميل، القليل من التصفير و الكثير من الأصوات تهتف (راحيل .. راحيل .. راحيل) .. و من بينهم عبير التي غسلت خدودها بالدموع .. و غسان الذي امتلأ بعاطفة أبوية .. و باتريك الذي شارك راحيل مشهد الجندي في المسرحية .. قطعت راحيل المسافة بين الحضور عرجاً، و والدتها تمسك بيدها، إلى أن وصلت إلى كرسي الأستاذة عبير و الأستاذ غسان، وقفت عبير و احتضنتها و هي تربت على ظهرها و كأنها تقول (لا بأس صغيرتي) .. لم تتحدثا وسط كل الضجيج و التصفيق... تركتها راحيل في منتصف الدموع لتتوجه إلى المسرح بعدما أشارت إلى والدتها بالجلوس إلى جانب عبير.. صعدت إلى المنصة و كاميل تساعدها .. حتى وقفت الأثنتين وراء المنصة .. و كان الجميع قد هدأ الآن إلا من مدير المدرسة
As I was saying graduating is not some little deal, it is a big landmark in your lives.
نظرت إلى راحيل و يداهما متمسكة بصداقة نادرة ..
When I was first thinking of advice to give to our class I came up with two lists, one for the girls and one for the guys. But I realized that my advice applied to everyone, guys and girls. So here's my advice:

Always smile, it looks good in pictures.
ضحك الجميع على النصيحة التي ستجعل صور التخرج أفضل .. و ألحقت بقية النصائح للطلبة و هي تنظر إلى غسان و عبير ..
Believe in yourself.
ابتسمت من وسط دموعها و هي تنظر إلى عبير ، و عبير تضم أصابعها بصورة الدعاء و تريحها على شفاهها ..
Be proud and believe in what you do.
نظرت راحيل إلى الأستاذ غسان مع هذه الجملة ... و لوحت بيدها إليه .. ليرد التلويح
Remember the people who helped you get here today, family, teachers and friends, thank them and others like them that you will meet in life. I love our class and I am going to miss everyone. Thank You and God Bless.
ارتفع الهتافات و التصفيق و الضجيج و همست راحيل شيئاً في أذنها لتوافقها بهزة من رأسها ..
- لحظة .. لحظة ..
و قابلت راحيل المايكرفون ليسمع الجميع صوت تنفسها الثقيل .. و المتخم بالعاطفة و الدموع .. و أشار مدير المدرسة إلى الأستاذ المنظم للحفل أن ينزلها من على المنصة لأن هذا مخالف لبرنامج الحفل .. و لا يخفى خوفه من أن تقول شيئاً مما أصابها أمام الحضور و أمام الكثير من العدسات و بعض التغطية الصحفية في المكان .. توجه إليها الأستاذ و طالبها بالنزول .. و قالت
- لستُ هنا إلا لأودع أستاذي .. و لن أطيل الحديث ..
تردد الأستاذ لصوت الطلبة المحتد بأن يمنحوا هذه الفتاة بعض الوقت،، فهي قد بذلت الكثير في مسرحية الأستاذ غسان ..
- حسناً .. 5 دقائق (هتف في المايكروفون ليحتد صوت الطلبة)
- لا بأس .. لستُ هنا إلا لتوديع أستاذي الذي سيرحل (و صمت الجميع)

Mr. Ghassan, the teacher who effected my life for eternity, and as I know he will never stop influencing other kids when he moves away from this school.. someone who gave me something else to think of when I go home beside my homework .. the one who taught from his heart and not from the book… I will be grateful for you for the rest of my life… and for this .. I tell you Mr. Ghassan that my true dream is to be like you … I will become a teacher… because you brought out the best of me.. and to that I own you much… I can’t thank you enough Mr.Ghassan …
تعلقت غصة صغيرة في حلق غسان بكلمات هذه الفتاة التي لم تترك أعتاب الطفولة، تغلبت على ألمها و حضرت لتخبره بأنه أثر في حياتها لتصبح معلمة مثله، بذات صفاته، و بذات أخلاقه. التصفيق الحاد خلف فراغاً مؤلماً في روح غسان لهذا الفراق، فقد تعلق كثيراً بالطلبة هنا، كما أن هُناك سبباً آخر يجلس إلى يمينه يبكي .. كان الشهد خلف نظارته الطبية يتراقص بالضوء .. أو لعلها الدموع.. يد باتريك امتدت إلى كتفه تربت بسرعة و هو يقول وسط الضجيج (اعتبرني الثاني من بعد راحيل،، أنا أيضاً قررت أن أصبح معلماً و لكن لأحول حياة طلبة الجامعة إلى جحيم ... ههههههه) امتلأ صدره بشعور غريب، انسلاخ غريب عن كل ما ألفه، غربة جديدة ،،، و رحيل .. رحيل للأسف ...
*****
<<<<< يتبع

إمبراطور مكسات
28-06-2008, 20:06
(18) والأخير - المشهد الثاني
- لا يا عبير ..
- لماذا؟
لا تملك سبباً! أو لعلها تملك سبباً صغيراً .. صغيراً؟ أهكذا تسمينه يا جواهر؟ صغيراً؟؟!! و إن كنت تكنين له بعض المشاعر التي ما تلبثين أن تخفينها حتى تعود للسطح .. كقطعة فلين تأبى الغرق، و هل لي أن أشبهك بالفلين الأبيض أساساً؟ و إن كنت ذات سواد يوماً؟ قطعة فلين متآكلة الأطراف، نافرة الأجزاء في حبيبات صغيرة تتهشم مع أول قبضة .. هل أنتِ الفلين يا جواهر؟ هل كُنت الفلين؟ هل كُنت البيضاء من بعد سواد؟ هل أنتِ كُنت الأنثى في الاهداء الأول الـ لا واضح .. إلى ما يتبقى من أنثى .. هل أنتِ الـ بقايا؟ هل أنتِ فلين يتلاصق بكذبة ماء أو صمغ؟ ماذا عليّ أن أفعل لأجمعكِ بشكل صحيح؟ ماذا يا جواهر؟ أعلنت أنني لن أدخل بينكم .. و ها أنا أعود اليوم و يبدو أنني سأبقى بينكم حتى يتم القتل على يدي و حتى يعيش الجميع جنوناً ! هل أقتلكِ أنتِ؟ لأرى ...
لا مستقبل مع طلال و إن كانت الحبيبة المجهولة على بعد آلاف السنين الضوئية! كلا .. لا عبير .. و لا العم عبدالله و لا حتى مشاعرك لطلال ... ستمحي ما اقترفت يداكِ في لحظة خبث. إذاً رفضكِ هذا هو عين الصواب
- جواهر طلال تغير كثيراً؟ ألم تلاحظي؟ لقد تغير جواهر.. افتحي قلبكِ له، و اقبلي .. صدقيني و إن كانت العلاقة بينكما قبلاً جافة، إلا أنه متمسك بكِ حتى بعد رفضكِ.. جواهر أرجوكِ.. اجبري بخاطر أخي .. لا تجعلي الفرح كلمة ناقصة من قاموسه .. طلال يا جواهر كان لي خير عون و خير أخ و سيكون لكِ خير الأخ و خير العون و خير الزوج و خير الصديق و خير المُحب .. طلال يا جواهر تحطم قلبه و تكتم على ما بقلبه، و إن لم يتكلم إلا أنني أعرف .. أعرف جيداً أن تلك الفتاة التي أرادها قد خذلته أو رفضته لقلة حيلته.. ....
و طبعاً ينقطع صوت عبير من مسالك الهواء و من مستقر الوعي في مسامع جواهر .. الفتاة .. الفتاة .. الفتاة !!!!!

- و إن كان يدفع مصاريف جامعتكِ إلا أنه مقتدر الآن...
- ماذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- ستعلمين عاجلاً أن آجلاً ...
احكي يا عبير عن ثمالة والدها، و عن مشاريع قماره التي لم تعلم عنها ، و عن ضياع كل الأموال التي جمعت والدتها الأجنبية بوالدها العربي.. احكي يا عبير عن ليالي رأيتِ فيها طلال يحك رأسه في المكتبة، يعيد حساب الأرقام ليوفق بين العلاج و الطعام و المنزل و أقساط جواهر .. احكي يا عبير عن ليلة سمعت فيها تنهيدة تخترق القلب من شفاهه ،، ذلك البؤس الذي كان يحوم حول عينيه، تلك المسئولية التي تحملها بالبداية وحده .. إلى أن تقدمت أنتِ للصورة و مددت يد المساعدة له من بعد رفض و رفض و رفض .. احكي يا عبير عن الأيام التي كان طلال يضع المال في علبة المكتبة لتأخذها جواهر بوهم أنها من نقود والدها و التي يديرها العم عبدالله .. احكي يا عبير عن صعوبة العيش عندما نظن أن كل ما كان بخير يجري إلى لا خير .. احكي يا عبير عن بوادر انتكاسة على والدكِ عندما تخلف عن موعد الدواء في الليل ليوفره إلى الصباح و يقتصد في المال .. احكي هل لهذا تضعين بنفسك اليوم الدواء في فمه كما تلك الجمعة .. احكي لماذا غاب العم عبدالله عن الأجزاء السابقة؟ احكي يا عبير و إلا قتلتكِ! آه نسيت لقد قتلتكِ برحيل غسان على الطائرة الآن إلى حيث لم تسألي ..
- لا أصدق
- طلال إنسان رائع يا جواهر،، لا تحطمي قلبه كما فعلت السابقة ...
- ما كان اسمها يا عبير؟
هل آن .. هل آن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- فاطمة .. و لا أذكر اسم عائلتها، أنا متعبة يا جواهر، دعني الحناء يجف من قدميك ثم اغسليه، سيزول التشقق كله، و في هذه الفترة فكري ...
- حسناً
- تريدين شيئاً قبل أن أذهب؟
- كوب الماء و جهاز اللاب توب
- حاضر

سلمتها آخر الأشياء، و خرجت إلى غرفتها التي ستحتضن الكثير من دموع الطلبة و غسان و ... دموعها هي ..

فتحت جواهر صفحة الانترنت و حاولت أن تتذكر اسم المجموعة البريدية التي اشترك بها طلال ،، علها تجد اسم الفتاة ...!!!! و الحناء لا يزال رطباً في قدميها ... وجدت اسم المجموعة و دخلتها ... و بحثت بين أعضائها ... هذا اسم طلال .. و هذا اسم غريب .. و .......
فاطمة خليل الــ..... فاطمة خليل الــ.... بحثت عن فاطمة أخرى ... لا يوجد إلا هذه الـ فاطمة .. !!!!!!!!!!!!
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
انسكب الماء على الأرض و تحطم الكوب إلى شظايا تتراقص على الأرض و صوت يشبه شرخاً في قلبها ...
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
فاطمة؟؟؟؟؟؟
مشت - و قدماها تترك أثر حناء على السجاد – إلى أين تحتفظ بمفكرتها الصغيرة و هاتفها القديم الذي نفذت به الجريمة ،، فتحته و لم يستجب لانتهاء شحن البطارية .. تبكي .. ترتجف و هي تضع الشاحن في هاتفها ليمتلأ بكهرباء البيت و كهرباء عاطفتها ... رحبت فيها عبارة .. سرعان ما كانت تضغط عليها لتنتهي و ترى ما سيكشف لها كل شئ ... تابعت مفكرة الأرقام .. لترى رقم الحبيبة المجهولة و الذي حفظته فيها .. و نسيته فيها ... و كان رقم فاطمة الذي تعرف ....
لا لا لا لا لا لا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
للأمام و للخلف تحتضن نفسها، و لا تعرف كيف تهدأ نفسها، و لا حتى كيف تتكلم داخل نفسها ،، إذاً فاطمة و طلال!! و سمية ... هل كانت تعلم أنه قريبي؟ هل كان .... فجأة ارتعبت عيناها ... عندما تذكرت قول فاطمة بلا وعي في أيام العزاء (ضربها والدي على وجهها بعنف و هي تغطيني ،، كان والدي يظنني على علاقة بشخص عرفته منذ أيام الجامعة ،، مع أنه كان سيتقدم لخطبتي ،، إلا أنهم ظنوا بنا سوءاً و حطموا أضلعي و أضلعها)
ضربت خديها، قتلتكِ أنا يا سمية ... قتلتكِ أنا !!!!! ماذا أفعل؟ كيف ... هه ؟ كيف ماذا؟ (ضحكت وسط الألم) كيف أصلح ماذا فعلت؟!! رفعت رأسها للأعلى و هي تبكي بصمت ،، شفاهها تنفتح مرة بـ آه و بمرة لسحب الهواء بألم ،، الدموع تغسل أذنيها ،، و الحناء يترك آثاره على ردائها الأزرق ... قامت تترنح و دخلت الحمام لتغسل وجهها ... و في لحظة تراقص الحناء و الرخام .. انزلقت ليرتطم رأسها بحوض الاستحمام و تستقر على أرضية الحمام ترتجف ألماً .. طعم حديدي يملأ فمها و رائحة حديد تملأ أنفاسها ... كانت كلما تريد أن تستقيم يتراقص الحناء في رجلها مع الرخام لتنزلق على الأرض مراراً و تكراراً ... وقفت بعد جهد لتنظر في مرآة الحمام إلى وجهها الملوث بالدماء .. خيط رفيع من أنفها إلى شفتيها يرسم تعرجاً .. غسلت وجهها و ملأت فمها بالماء لتغسل المغسل ببحيرة دماء .. اجتاحها شعور مخيف عندما لفها السواد ... خرجت من غرفتها و هي تنادي بصوت رفيع (عــ...ــبــيـ..) فتحت باب غرفتها و لم تكن عبير هُناك .. و طلال في عمله ... جلست على عتبات الدرج و نزلته عتبة عتبة جلوساً، ذات عتبات الدرج الذي تخيلت أنها عليه أميرةٌ بيضاء .. يدها متمسكة بطرف الدرابزين .. و لكن في صورة لم تتخيلها .. خافت من أن يتراقص الحناء مرةً أخرى مع الرخام .. وصلت إلى الصالة تاركة ورائها آثار حناء و دم ... كان يجلس بعيداً كما في الأجزاء السابقة ... بيده سبحته الزرقاء .. و عيونه ساهمة و هو يتثاءب و يضع يده و السبحة على فمه .. لحظ طيفاً أزرقاً في الصالة ... حرك كرسيه المتحرك و رأى آثاراً في كل مكان بلون التوت و الحناء...
جــ.....ـــواااااااهر .... عــ...ــبـــ.....يـــر
يصرخ باسم عبير بصوت متقطع،،، و هو يتوجه إليها ... و يده السليمة أسقطت السبحة في مكان ما بقربها ، يده تحاول أن تطالها و هو في الكرسي ،، انزلق من كرسيه وهزها بيده .. رفع ذراعها يسحبها إليه .. لكنها استقرت على رجليه .. رفع يدها ليمسح بها وجهه.. يريد أن يحتضنها و ذراعه الأخرى تعانده بشللها .. ثوبه الذي طالما تلوث بكحلها ... يتلوث بدمها و القليل من حنائها ... يبكي كالأطفال و وجهه يتشجن في كل عضلة مرنة أو متصلبة ... يفرك ركبته و هو يضرب عليها ... يصرخ بصوت لا يطال مسامع أحد ... حتى الهواء الذي يخرج مع بكاءه يحتضن الهواء بأنين ... وصلت عبير بأكياس الطعام التي سرعان ما تناثرت على الأرض

يتبع

إمبراطور مكسات
28-06-2008, 20:08
*****
كانت أهدأ من قبل كثيراً، و تجرأت اليوم على أن ترحل وسط أغراضها، مشطها، كتبها، بعض ملابسها .. و أخيراً هاتفها ... فتحت مجلدات الرسائل القصيرة .. و رأت مجلدين .. أحدهما باسم jojo 1 و الآخر باسم jojo 2 ... دخلت الأول و رأت فيه الكثير من الرسائل القصيرة على الدكتور رمزي .. ابتسمت ... أغلقت المجلد و فتحت الثاني ... لترى رقماً غريباً على الشاشة .. و رسالة واحدة
It’s me JoJo ... و الرقم يبدو مألوفاً ... مألوفاً جداً .. استفاق شئ في داخلها و هي تردد الأرقام ... رقماً تلو رقم .. كما رددتها ذات ليلة خيبة من بعد علمها بأفعال طلال ... جواهر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ غطت فمها تريد أن تخرس أفكارها ... جوااااااهر؟؟؟؟!!!!! تساقطت القطع الناقصة في أماكنها .. من يملك سبيلاً إلى غرفته غيرها ؟!!!! جوااااااااااااااااهر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!

//

بعد عامين ....
يسير في الطريق المؤدي لمنزلها، و في ذاكرته يتردد صدى إيميل طالبتيه، ضحكاتهما، شغبهما في الجامعة، بعض الأحاديث المتفرقة عن عبير التي تركت المدرسة من بعده بعام و منظر مايكل في مسلسل أوبرا خلف القضبان لتحرشه بالأطفال... وصل إلى منزلها ليضع لأحلامه عنواناً من بعد أن تأكد أنها لا تزال بلا زواج ... ضرب جرس الباب و فتحت له فتاة صغيرة ..
- بابا، هناك رجل بالباب
و يظهر طلال من خلف الفتاة الصغيرة
- نعم؟
- أهذا منزل عبدالله الـ....
- نعم ، من حضرتك؟
- غسان الـ... ، زميل سابق للآنسة عبير في المدرسة و أود التحدث معك أو مع والدك
- تفضل

إذاً، الأحلام تتحقق أحياناً، و إن بدت مستحيلة التحقيق ... و البياض سيلف البيت اليوم من بعد الكفن الأبيض ... و الفتاة الصغيرة التي تركض في أرجاء البيت باسم جواهر ... ستكون ابنة طلال من امرأة مجهولة في الرواية ...
جواهر رحلت بجسدها .. و بقيت باسمها ... منذ أيام وفاء و خالد ... إلى أيام طلال و امرأة أخرى ..
فاطمة التي وجدت نصفاً آخر أيضاً بعيد عن شخوص الرواية لتعطي اسم سمية إلى طفلتها ...
و العم عبدالله سيبقى بين الأحفاد ليدللهم .. و يلوث ثوبه هذه المرة بحلوى الصغار ...
الأيام تسير ... و تسير ... و يشرق الصباح ... و الغد يؤؤل إلى أيام أبيض من أيام .. افراح تولد على أنقاض أحزان في أطفال كُثر ...
من عبير و غسان ... من طلال و زوجته .. و حتى فاطمة و زوجها ... الأطفال ... و الحكايات الجديدة ... و من الأطفال سأبدأ قصة جديدة ... لكن ليس اليوم ...

مرة أخرى ...

ليست نهاية كل جواهر كـ جواهر ،، هناك كاميل
ليست نهاية كل سمية كـ سمية ،، هناك راحيل
ليست نهاية كل طلال كـ طلال ،، هناك غسان
ليست نهاية كل صداقة موت ،، هناك راحيل و كاميل
ليست نهاية كل حب خذلان ،، هناك عبير و غسان
ليس كل أب كالعم عبدالله ،، هناك والد فاطمة
ليست كل أم ليزلي ،، هناك أم راحيل
ليست كل معلم/ـة كـ عبير و غسان ،، هناك مايكل و جولي

هناك جانب آخر ،، آخر ربما قللت التركيز،، لكنه هناك ،، هناك نقيض لكل شخصية ،، وجدتهم بغرابة عند الأجزاء الأخيرة ،، و لا أدري كيف ولدوا بين السطور هكذا ،،

همسة لكل من مرّ من هنا ،، ليس الوجع قصد الرواية ،، أبداً ليس الوجع بقدر تطهير النفوس من كل ظن و كل لوم و كل وقت يتسرب بلا ادراك ،، ليس الهدف أن أكون صاحبة رسالة بقدر أن أكون أنا همسة في هامش رسالة ،، إليكم أهديت أربعة أشهر من حياتي ،، أقص عليكم مشاهد استمدها من روحي و قلبي ،، لا تقتلوا الأمل في بدايات الطريق ،، أو حتى في نهايته ،، ليست البداية و لا النهاية مبلغ القصد ،، فقط الوسط ،، هنا في الوسط ،، حيث نعيش كل يوم كأنه يومٌ عادي ،، هواجسي ،، أفكاري ،، مبادئي ،، أحزاني ،، ضحكاتي ،، دمعاتي ،، أنا كُنت بين أيديكم شفافةً ،، شفافةً جداً لدرجة أنكم نسيتم أنني الراوية ،، و أنني أروي بينهم ،، ثم أدخل بينهم ،، و أخرج من بينهم ،، أضحك معهم و أبكي معهم ،، أفكر بهم بكل صباح عمل ،، أتسلل إليهم في لحظة شوق ،، كنتُ أنا بينكم كقارئة أيضاً ،، أعيشها اللحظات معكم ،، و أتساءل ،، هل فهمتهم شيئاً من كل ما يجري بداخل رأسي ؟ بعيداً عن الجانب المظلم الذي أنهى القصة ،، دوماً في بوكيهات ردودي عالم وردي ،، عالمٍ تشاركته مع الجميع بفرح ،، هناك وجهان للعملة ،، منحتكم الوجه الباكي ،، و الوجه الضاحك ،، و انتقصت من روحي أشياء أو أكثر ،، بكل كلمة أتتكم على هذه الشاشات ،، أقول ،، هذا شعور غريب أن يتسلل صوتي بخفية إليكم ،، و أتمنى أن يستقر بشئ من الطيبة في قلوبكم قبل أن تكرهوني بالنهاية المفجعة ،، كان لابد من هذه النهاية ،، لتُحل العُقد التي في رأسي باصلاح ما يجب أن يتصلح ،، دعواتكم الطيبة لي قبل كل شئ ،، فأنا محتاجة إليها كثيراً في وقتٍ حرج كهذا ،، فقط لا تنسوني من خالص دعائكم ،، متعكم ربي بالصحة و العافية و رزقكم النظر إلى وجهه الكريم ،، آمين آمين آمين ،،

إمبراطور مكسات
29-06-2008, 19:19
وين الردود وترى القصة انتهت

realylove
29-06-2008, 20:43
ميل مرسي على القصة الرائعة وننتظر جديدك من روايات انت مبدعها ولكن لي استفسار جواهر راحت فين ولا هي مات انتي ما وضحتش هى حصلها ايه ولا وضحت فاطمه كان ايه شعورها لما عرفت ان جواهر هي السبب واهل فاطمه ايه الي حصلهم بعد ما كانوا السبب في موت بنتهم

إمبراطور مكسات
06-07-2008, 20:33
مشكورة اختي على الرد

أمواج المحيط
06-07-2008, 21:35
قصتك رائعة حقا

والنهاية غير متوقعة

لكن الاحداث واقعية جدا

وهذا ما جعل القصة جميلة



على فكرة .. أيوجد جزء آخر للقصة ؟؟

والسلام

إمبراطور مكسات
17-07-2008, 22:40
قصتك رائعة حقا

والنهاية غير متوقعة

لكن الاحداث واقعية جدا

وهذا ما جعل القصة جميلة



على فكرة .. أيوجد جزء آخر للقصة ؟؟

والسلام

لا اختي مافي جزء ثاني وشكرا على مرورك

إمبراطور مكسات
23-09-2008, 03:00
إلى قاتلي © حقوق القتل محفوظة ...