ميـلـوريـن
03-01-2008, 02:12
بسم الله الرحمن الرحيم
~ ~ ~
جالسة في ظلام غرفتي ، كانت أناملي تتقافز بين أزرار لوحة المفاتيح ، و محادثة حارة مع والدتي تدور عبر الـ(الماسنجر) ، توشك على أن تنتهي...
أعلنت أمي أن عليها أن تذهب ، فطرحت عليّ سؤالاً أخيراً :
"ماذا تحبين أن تأكلي حين تعودين ؟"
لمعت عيناي و قد انعكس عليهما نور الشاشة ، و ارتسمت بسمة حالمة عابثة على شفتيّ ، و ضربت أصابعي بلا تفكير 3 أزرار رابعها هو Enter
"خبز"
"خبز ؟!"
"نعم ، خبز. بمعدل مرة في اليومين أرى في أحلامي أنني آكل خبزاً شهياً طرياً دافئاً مستديراً ، كتلك التي يجلبها أبي على الدوام... كما أنني مللت من خبز الـ(التوست) المربع و من محاولاتي البائسة باستخدامه كالخبز العادي في الأكل"
"ألا تبتاعين خبزاً من المتجر الحلال؟!"
"بلى ، و لكنه سميك و غير لذيذ :ميت: ، كما أن المتجر بعيد ، و سعره مرتفع جداً.."
فأجابت أمي ضاحكة :
"لكِ ذلك ::جيد::.. يوم وصولك ستكون وجبة الغدا خبزاً فقط!!"
"سأكون شاكرة جداً :نوم:"
"ماذا ستفعلين الآن؟"
"لا شيء مهم ، سأرتب الأشياء على طاولتي لأنها في فوضى عارمة. مضت مدة على آخر مرة رأيت فيها لون الطاولة الحقيقي...! :D"
" :eek: :mad: لماذا تعيشين في فوضى؟"
"لا أعيش في فوضى ، الطاولة فقط عليها بعض الأشــ.."
"يجب أن تتعودي على النظام في حياتك"
".........:تعجب:"
و هنا ، أنهيت محادثتي مع أمي ، و ارتميت على سريري و أنا أفكر في السؤال الأصعب الذي أواجهه كل يوم : "ماذا سآكل اليوم؟"
راجعت في رأسي ما أكلت طوال الأسبوع الفائت ، فوجدته يعتمد كلياً على المكرونة و الأرز و الخضار ، و وجدت أنني كنت أكرر الأكل عدة مرات و على نحو ممل..
هنا نهضت من سريري ، و ارتديت ثياباً سميكة تناسب برد الخارج المختلف عند دفء غرفتي
كنت قد اتخذت قراري
فمهما كان سعر خبز ذلك المتجر ، فهي مرة واحدة لا تحصل كثيراً ، قد لا يكون لذيذاً لكنه في النهاية خبز كخبزنا الذي نعرفه ، و لابد أن لذة تناوله ستنسيني ما بذلت للحصول عليه....
سأذهب إلى ذلك المتجر البعيد أينما كان
سوف آكل اليوم خبزاً على العشاء
~ ~ ~
عدت من المتجر إلى غرفتي تملؤني السعادة.. لقد ابتعت عدة أشياء تكفيني اليوم لعشاء مميز.. و الأهم ابتعت خبزاً..
أفرغت ما يحتاج إلى الثلاجة في الثلاجة ، ثم ألقيت نظرة إلى كيس الخبز في يدي ، قلت لنفسي لا و ألف لا ، لن أضعه في الثلاجة ، لأنه حينها سيبرد و يقسو و لن يعود طرياً و لذيذاً.. وضعت الكيس على الطاولة برفق ، و إن كان مظهره قد أزعجني لأنني قمت بترتيبها اليوم.. ، لكن كيس خبز مسالم لن يضر شيئاً..
سأذهب الآن لإعداد العشاء.. لكن لماذا أعد شيئاً يستلزم الخبز؟! صحيح أن الخبز عندي ، لكن لدي الآن عدة مكونات أخرى تصلح لعدة وجبات.. لا حاجة للعجلة ، و لأترك الخبز لمناسبات أخرى..
~ ~ ~
مملة هي الإجازة
و بطيء هو فصل الشتاء.. بطيء و يجعل الإنسان يجوع بسرعة لا أدري لماذا
جالسة على الطاولة المرتبة أستخدم الحاسب ، تمطيت في كسل ، و ألقيت نظرة على الأشياء الموضوعة عليها بترتيب ، و كيس الفوشار مفتوح عليها
ثم ألقيت نظرة أخرى إلى كيس الخبز المسالم الذي يقبع هناك منذ أيام ، و قررت أنه قد حان الوقت لأريحه من انتظاره:مكر:
أمسكته و بسمة سعيدة على وجهي.. و فتحته برفق و اختلست نظرة إلى الأرغفة البيضاء المتراصة فوق بعضها ، تزينها بقع مستديرة خضراء و زرقاء و سوداء....
بقع خضراء؟؟!!!
فتحت الكيس بكامله غير مصدقة.. قفزت من مكاني و جررته جراً على الطاولة فتبعثر ما عليها و سقط كيس الفوشار ليملأ أرض الغرفة
اللعنة على الطاولة ، اللعنة على كيس الفوشار ، من يأبه لهذا الآن؟؟!!!
نظرت برعب إلى الأرغفة البيضاء المسكينة و قلبتها بأصابعي و أنا أردد برعب :
لا ، لا ، لا ، لا !!!
عفن !!
كيف!! كيف سمحت لهذا أن يحدث ؟!!!
حانت مني نظرة إلى نافذة الغرفة.. مطر.. نعم إنها الرطوبة !! في جوٍ شتوي رطب كهذا كيف للخبز أن لا يمارس أحد حقوقه و يتعفن ؟!!
كيف غفلت عن ذلك و رميته كل هذه المدة خارج الثلاجة؟!!!
نظرت إلى الكيس في أسى.. في حسرة.. في ألم...
لقد طال العفن كل الأرغفة.. أهي النهاية ؟ أمصير ذاك المبلغ الباهظ إلى القمامة؟!!
لكن لا
لقد طال العفن كل الأرغفة عدداً ، لكنه لم يطلها كلها مساحة
ما يمكن إنقاذه من الخبز كثير ، العفن منتشر على كل الأرغفة لا على كل الرغيف
جلست على الأرض الباردة بلا واق ، و شققت الكيس لأفرده كي لا تمس تلك النعمة الأرض
و بدأت بعملية تخليص الخبز من العفن
كنت أمسك الرغيف فأقتص منه بيدي الأجزاء المتعفنة و أرميها في القمامة ، و أبقي الأجزاء القابلة للأكل و أضعها في كيس آخر جديد نظيف... و هنا تساءلت.. هل الخبز وحده هو المتعفن هنا؟
أحسست بالأرض الباردة من تحتي ، نعم إنها باردة ، و نعم إن البرد مؤلم ، لكن أبي كان يسير في الشمس فتلفحه بحرارة ألمها أعظم من هذا بمراحل لساعات طوال ، فقط كي يستطيع أن يؤمن لنا نقوداً.. نقوداً أتركها على الطاولة لأيام لتتعفن و ألقي بها في القمامة بكل إهمال...
كان العفن يمس يدي.. أنا أكره العفن و أقرف منه ، و في حالة أخرى ربما كنت سأكتئب لأيام بمجرد رؤيته ، لكن هذا ليس شيئاً أمام ما فعلته.. فحتى لو كنت ألقي أجزاءاً متعفنة ، فهي نعمة ، كان من الممكن أن آكلها و تسد جوعي في ظروف أخرى.. في ظروف لا أكون فيها فتاة مدللة مهملة حمقاء تقضي يومها أمام الشاشة تاركة إحدى نعم باريها لتتعفن بجوارها.. و من أجل ماذا؟!! "كي لا يكون بارداً قاسياً".. لم أعلم وقتها أنني أنا التي كنت الباردة القاسية ، بالضبط كما هو الطقس البارد الماطر خارج هذه الغرفة الدافئة...
أنقذت ما تمكنت من إنقاذه ، و حمدت ربي لأن ما أنقذته كان جزءاً كبيراً ، لكن هذا لا يعني أن الوضع جيد.. فهناك مقدار من الخبز آل إلى القمامة..
أمسكت أحد الأرغفة بيدي بعد أن تآكل ، و شردت.. شردت لأتذكر الأيام التي كنت فيها مع عائلتي قبل أن أفارقهم للغربة... شردت إلى كلمة أمي : "لكِ ذلك.. يوم وصولك ستكون وجبة الغدا خبزاً فقط!!" و كأن الخبز وحده لا يكفي..!
شردت إلى تلك الأيام حيث كان الخبز رخيصاً ، و كان لا يعني شيئاً سوى أداة للأكل ، الفرق بينها و بين الملعقة هو أننا نأكل الخبز و لا نأكل الملعقة...!
إلى تلك الأيام حيث أختي الكبرى تنادي أخي الصغير : "ياسر ! لماذا لم تكمل حصتك من الطعام؟!! انظر الآن ! لقد جف رغيف خبزك تماماً !" ...
ما أغلاك يا رغيف الخبز الرخيص.. ما أنفسك يا رغيف الخبز الموجود في كل مكان.. ما أهمك يا رغيف الخبز المهمل ، و ما أسوأ العيش من دونك...!
نهضت فأعددت وجبتي ، و عدت إلى غرفتي و جلست إلى الطاولة.. سميت باسم الله ، و أمسكت أول رغيف خبز و بدأت بالأكل...
و قررت أن أستمتع بكل لقمة...
~ ~ ~
"مرة أخرى أسألك : ألا تريدين أن تاكلي شيئاً معيناً عند عودتك؟ "
"هناك الكثير من الأشياء ، لكني أرغب أولاً في أكل الخبز..!"
"مازلتِ على رأيك؟ ألم تبتاعي خبزاً في المرة الفائتة؟!!"
"بلى ، و لكنه سميك ، و غير لذيذ ! أريد أن آكل خبزاً طرياً دافئاً لا يملأ فمي من لقمة صغيرة !"
" حسن إذن ، لك ذلك... أنهيت دروسك اليوم؟"
" لا ليس بعد :تعجب:"
"إذن ستدرسين الآن..!"
ألقيت نظرة.. أجبت :
"لا.. بل سأرتب الطاولة..!!! و أرض الغرفة كذلك......."
" :eek: :mad: ألم ترتبي طاولتك منذ المرة الفائتة؟! إلى متى ستستمرين في حياة الفوضى؟!! يا ابنتي إن الترتيب هو اهم شيء في حياة الإنسان ::مغتاظ:: إذا لم يرتب أموره منذ البداية فكيف سيعيش.. كيف سيستقبل الفصل الدراسي الجديد و هو بهذه الحال؟؟!!! "
" :تعجب: لذلك قررت أن أرتب غرفتي..!"
أنهيت مكالمتي مع أمي ، و بدأت بترتيب طاولتي..
لكني هذه المرة سأرتبها...
دون أكياس خبز عليها ::جيد::
~ ~ ~
تمت بحمد الله :)
أنتظر ردودكم بفارغ الصبر ::جيد::
شكراً على القراءة و السلام
~ ~ ~
جالسة في ظلام غرفتي ، كانت أناملي تتقافز بين أزرار لوحة المفاتيح ، و محادثة حارة مع والدتي تدور عبر الـ(الماسنجر) ، توشك على أن تنتهي...
أعلنت أمي أن عليها أن تذهب ، فطرحت عليّ سؤالاً أخيراً :
"ماذا تحبين أن تأكلي حين تعودين ؟"
لمعت عيناي و قد انعكس عليهما نور الشاشة ، و ارتسمت بسمة حالمة عابثة على شفتيّ ، و ضربت أصابعي بلا تفكير 3 أزرار رابعها هو Enter
"خبز"
"خبز ؟!"
"نعم ، خبز. بمعدل مرة في اليومين أرى في أحلامي أنني آكل خبزاً شهياً طرياً دافئاً مستديراً ، كتلك التي يجلبها أبي على الدوام... كما أنني مللت من خبز الـ(التوست) المربع و من محاولاتي البائسة باستخدامه كالخبز العادي في الأكل"
"ألا تبتاعين خبزاً من المتجر الحلال؟!"
"بلى ، و لكنه سميك و غير لذيذ :ميت: ، كما أن المتجر بعيد ، و سعره مرتفع جداً.."
فأجابت أمي ضاحكة :
"لكِ ذلك ::جيد::.. يوم وصولك ستكون وجبة الغدا خبزاً فقط!!"
"سأكون شاكرة جداً :نوم:"
"ماذا ستفعلين الآن؟"
"لا شيء مهم ، سأرتب الأشياء على طاولتي لأنها في فوضى عارمة. مضت مدة على آخر مرة رأيت فيها لون الطاولة الحقيقي...! :D"
" :eek: :mad: لماذا تعيشين في فوضى؟"
"لا أعيش في فوضى ، الطاولة فقط عليها بعض الأشــ.."
"يجب أن تتعودي على النظام في حياتك"
".........:تعجب:"
و هنا ، أنهيت محادثتي مع أمي ، و ارتميت على سريري و أنا أفكر في السؤال الأصعب الذي أواجهه كل يوم : "ماذا سآكل اليوم؟"
راجعت في رأسي ما أكلت طوال الأسبوع الفائت ، فوجدته يعتمد كلياً على المكرونة و الأرز و الخضار ، و وجدت أنني كنت أكرر الأكل عدة مرات و على نحو ممل..
هنا نهضت من سريري ، و ارتديت ثياباً سميكة تناسب برد الخارج المختلف عند دفء غرفتي
كنت قد اتخذت قراري
فمهما كان سعر خبز ذلك المتجر ، فهي مرة واحدة لا تحصل كثيراً ، قد لا يكون لذيذاً لكنه في النهاية خبز كخبزنا الذي نعرفه ، و لابد أن لذة تناوله ستنسيني ما بذلت للحصول عليه....
سأذهب إلى ذلك المتجر البعيد أينما كان
سوف آكل اليوم خبزاً على العشاء
~ ~ ~
عدت من المتجر إلى غرفتي تملؤني السعادة.. لقد ابتعت عدة أشياء تكفيني اليوم لعشاء مميز.. و الأهم ابتعت خبزاً..
أفرغت ما يحتاج إلى الثلاجة في الثلاجة ، ثم ألقيت نظرة إلى كيس الخبز في يدي ، قلت لنفسي لا و ألف لا ، لن أضعه في الثلاجة ، لأنه حينها سيبرد و يقسو و لن يعود طرياً و لذيذاً.. وضعت الكيس على الطاولة برفق ، و إن كان مظهره قد أزعجني لأنني قمت بترتيبها اليوم.. ، لكن كيس خبز مسالم لن يضر شيئاً..
سأذهب الآن لإعداد العشاء.. لكن لماذا أعد شيئاً يستلزم الخبز؟! صحيح أن الخبز عندي ، لكن لدي الآن عدة مكونات أخرى تصلح لعدة وجبات.. لا حاجة للعجلة ، و لأترك الخبز لمناسبات أخرى..
~ ~ ~
مملة هي الإجازة
و بطيء هو فصل الشتاء.. بطيء و يجعل الإنسان يجوع بسرعة لا أدري لماذا
جالسة على الطاولة المرتبة أستخدم الحاسب ، تمطيت في كسل ، و ألقيت نظرة على الأشياء الموضوعة عليها بترتيب ، و كيس الفوشار مفتوح عليها
ثم ألقيت نظرة أخرى إلى كيس الخبز المسالم الذي يقبع هناك منذ أيام ، و قررت أنه قد حان الوقت لأريحه من انتظاره:مكر:
أمسكته و بسمة سعيدة على وجهي.. و فتحته برفق و اختلست نظرة إلى الأرغفة البيضاء المتراصة فوق بعضها ، تزينها بقع مستديرة خضراء و زرقاء و سوداء....
بقع خضراء؟؟!!!
فتحت الكيس بكامله غير مصدقة.. قفزت من مكاني و جررته جراً على الطاولة فتبعثر ما عليها و سقط كيس الفوشار ليملأ أرض الغرفة
اللعنة على الطاولة ، اللعنة على كيس الفوشار ، من يأبه لهذا الآن؟؟!!!
نظرت برعب إلى الأرغفة البيضاء المسكينة و قلبتها بأصابعي و أنا أردد برعب :
لا ، لا ، لا ، لا !!!
عفن !!
كيف!! كيف سمحت لهذا أن يحدث ؟!!!
حانت مني نظرة إلى نافذة الغرفة.. مطر.. نعم إنها الرطوبة !! في جوٍ شتوي رطب كهذا كيف للخبز أن لا يمارس أحد حقوقه و يتعفن ؟!!
كيف غفلت عن ذلك و رميته كل هذه المدة خارج الثلاجة؟!!!
نظرت إلى الكيس في أسى.. في حسرة.. في ألم...
لقد طال العفن كل الأرغفة.. أهي النهاية ؟ أمصير ذاك المبلغ الباهظ إلى القمامة؟!!
لكن لا
لقد طال العفن كل الأرغفة عدداً ، لكنه لم يطلها كلها مساحة
ما يمكن إنقاذه من الخبز كثير ، العفن منتشر على كل الأرغفة لا على كل الرغيف
جلست على الأرض الباردة بلا واق ، و شققت الكيس لأفرده كي لا تمس تلك النعمة الأرض
و بدأت بعملية تخليص الخبز من العفن
كنت أمسك الرغيف فأقتص منه بيدي الأجزاء المتعفنة و أرميها في القمامة ، و أبقي الأجزاء القابلة للأكل و أضعها في كيس آخر جديد نظيف... و هنا تساءلت.. هل الخبز وحده هو المتعفن هنا؟
أحسست بالأرض الباردة من تحتي ، نعم إنها باردة ، و نعم إن البرد مؤلم ، لكن أبي كان يسير في الشمس فتلفحه بحرارة ألمها أعظم من هذا بمراحل لساعات طوال ، فقط كي يستطيع أن يؤمن لنا نقوداً.. نقوداً أتركها على الطاولة لأيام لتتعفن و ألقي بها في القمامة بكل إهمال...
كان العفن يمس يدي.. أنا أكره العفن و أقرف منه ، و في حالة أخرى ربما كنت سأكتئب لأيام بمجرد رؤيته ، لكن هذا ليس شيئاً أمام ما فعلته.. فحتى لو كنت ألقي أجزاءاً متعفنة ، فهي نعمة ، كان من الممكن أن آكلها و تسد جوعي في ظروف أخرى.. في ظروف لا أكون فيها فتاة مدللة مهملة حمقاء تقضي يومها أمام الشاشة تاركة إحدى نعم باريها لتتعفن بجوارها.. و من أجل ماذا؟!! "كي لا يكون بارداً قاسياً".. لم أعلم وقتها أنني أنا التي كنت الباردة القاسية ، بالضبط كما هو الطقس البارد الماطر خارج هذه الغرفة الدافئة...
أنقذت ما تمكنت من إنقاذه ، و حمدت ربي لأن ما أنقذته كان جزءاً كبيراً ، لكن هذا لا يعني أن الوضع جيد.. فهناك مقدار من الخبز آل إلى القمامة..
أمسكت أحد الأرغفة بيدي بعد أن تآكل ، و شردت.. شردت لأتذكر الأيام التي كنت فيها مع عائلتي قبل أن أفارقهم للغربة... شردت إلى كلمة أمي : "لكِ ذلك.. يوم وصولك ستكون وجبة الغدا خبزاً فقط!!" و كأن الخبز وحده لا يكفي..!
شردت إلى تلك الأيام حيث كان الخبز رخيصاً ، و كان لا يعني شيئاً سوى أداة للأكل ، الفرق بينها و بين الملعقة هو أننا نأكل الخبز و لا نأكل الملعقة...!
إلى تلك الأيام حيث أختي الكبرى تنادي أخي الصغير : "ياسر ! لماذا لم تكمل حصتك من الطعام؟!! انظر الآن ! لقد جف رغيف خبزك تماماً !" ...
ما أغلاك يا رغيف الخبز الرخيص.. ما أنفسك يا رغيف الخبز الموجود في كل مكان.. ما أهمك يا رغيف الخبز المهمل ، و ما أسوأ العيش من دونك...!
نهضت فأعددت وجبتي ، و عدت إلى غرفتي و جلست إلى الطاولة.. سميت باسم الله ، و أمسكت أول رغيف خبز و بدأت بالأكل...
و قررت أن أستمتع بكل لقمة...
~ ~ ~
"مرة أخرى أسألك : ألا تريدين أن تاكلي شيئاً معيناً عند عودتك؟ "
"هناك الكثير من الأشياء ، لكني أرغب أولاً في أكل الخبز..!"
"مازلتِ على رأيك؟ ألم تبتاعي خبزاً في المرة الفائتة؟!!"
"بلى ، و لكنه سميك ، و غير لذيذ ! أريد أن آكل خبزاً طرياً دافئاً لا يملأ فمي من لقمة صغيرة !"
" حسن إذن ، لك ذلك... أنهيت دروسك اليوم؟"
" لا ليس بعد :تعجب:"
"إذن ستدرسين الآن..!"
ألقيت نظرة.. أجبت :
"لا.. بل سأرتب الطاولة..!!! و أرض الغرفة كذلك......."
" :eek: :mad: ألم ترتبي طاولتك منذ المرة الفائتة؟! إلى متى ستستمرين في حياة الفوضى؟!! يا ابنتي إن الترتيب هو اهم شيء في حياة الإنسان ::مغتاظ:: إذا لم يرتب أموره منذ البداية فكيف سيعيش.. كيف سيستقبل الفصل الدراسي الجديد و هو بهذه الحال؟؟!!! "
" :تعجب: لذلك قررت أن أرتب غرفتي..!"
أنهيت مكالمتي مع أمي ، و بدأت بترتيب طاولتي..
لكني هذه المرة سأرتبها...
دون أكياس خبز عليها ::جيد::
~ ~ ~
تمت بحمد الله :)
أنتظر ردودكم بفارغ الصبر ::جيد::
شكراً على القراءة و السلام