magician2magici
30-12-2007, 16:41
السلام عليكم جميعا
كيف حالكم ؟
حسنا ..
هذا المقال ربما يكون بداية سلسلة مقالات تتحدث بعمق أكبر عن الفانتازيا و الخيال العلمي كفن أدبي راقي و ليس كمجرد فن أدبي مهمل كما نعتبره هنا في أدبنا العربي ..
لهذا سأبدأ بالرد على تساؤل الفاضل عبدالرحمن أحمد الذيب :
أنا حاليا معتكف في المسودة الثانية من روايتي الأولى وهي تنتممي إلى مزيج من الواقعية السحرية ورواية الحقائق القصصية - لقد تعلمت المصطلح الأخير من مجلتكم
أتمنى أن يتطرق عددكم القادم للواقعية السحرية أو الخيط الرفيع الذي يفصل بين الروايات الخيالية والواقعية الكلاسيكية
أتذكر جيدا أنني بعد شهرين من الدخول لعالم الرواية بصفة عامة , و الفانتازيا بصفة خاصة , أمر كان مصحوبا بإنهائي لروايتي الأولى : رانمارو و السر الدفين , ذهبت لمعرض الكتاب في لقاء أدبي تابعا لأحد المنتدات الثقافية على الشبكة , و هناك قابلت صاحب دور نشر دار ليلى , و أخبرته عن روايتي , و بعدها قابلت الأديب المصري : أحمد العايدي , الإنسان الرائع الجميل , جلست معه و تحدثت عن روايتي , و كان أول سؤال له عنها كان عن طبيعتها , فأخبرته :
-هي تتبع الطراز الخيالي الواقعي ..
حينها نظر لي بدهشة و أخبرني أنه يعرف الواقعية , و يسمع عن الخيالية أو الفانتازية , فأين أنا بينهما ؟! حينها أخبرته أنني أكتب في إطار الفانتازيا نعم , لكن أسيّر الأحداث داخلها بمنظور واقعي , و شبهت ما أقوم به بأمير الخواتم و هاري بوتر , حينها هز رأسه متفهما لطبيعة التشبيه و لكن لا أظن لطبيعة العمل الأدبي خاصتي ..
بعد عدة أشهر من التقصي و القراءة نجحت بالدخول لمنتديات أدبية أجنبية معنية بالفانتازيا , بالطبع نظرتي حينها كانت مختلفة كثيرا عن نظرتي أيام لقائي مع العايدي , لكن بعدما دخلت اكتشفت أنني لا أعرف شيئا ..
باختصار شديد .. الفانتازيا فن أدبي روائي ضخم , و تحت كلمة ضخم نضع خمسين خطا ..
كلنا نعرف الفن الواقعي و الرومانسي , حيث منتشران للغاية لدينا , نعرف أن الرواية منذ البداية للنهاية تتحدث عن رزمة من المشاكل بشكل صريح , متباينة بين كمية عرض كل مشكلة عن الأخرى , و بالطبع عن طريقة العرض لكل منها ..
فماذا عن الفانتازيا ؟!
الفانتازيا تُعتبر رواية واقعية بصورة رمزية , رمزيتها هنا هو كونها فانتازية , و هذا سبب اللبس الحادث لمن يبدؤون الكتابة تحت هذا النمط ..
إذا أردنا النظر إلى الفانتازيا نظرة روائية أدبية بحتة , سنجدها تتكون من مكونات أي رواية عادية , حبكة , صراع , شخصيات , أحداث , قيم و مبادئ نرغب بعرضها , مشاكل نرغب بمعالجتها .. هذا بناء أي رواية ..
لكن لكل رواية الطابع الذي يميزها , ففي وجود الطابع الرومانسي كطابع مميز للمشاكل التي يتم معالجتها , و وجود البطل و البطلة كرمزين كبيرين بالرواية دوما , هنا نتحدث عن الرومانسية الروائية , ولو تحدثنا عن وجود مشكلة البطالة و الجنس و تأخر الزواج و القتل و السرقة و السياسة و الاغتصاب و .. إلخ , فنحن نتحدث عن رزمة مشاكل , إذا نحن في رواية واقعية ..
من هنا نرى أن ما يميز الواقعية و الرومانسية هي طابع المشاكل التي تحتويه .. لكن ماذا عن الفانتازيا ؟!
قلت في عدة أماكن أن الفانتزيا من أصعب الألوان الأدبية الروائية , وقوبل كلامي بالسخرية حينها , لكن هنا سأوضح بشكل أدبي مظاهر هذه الصعوبة ..
لو فكرنا في الفانتازيا روائيا , و اخترنا أقل الأنواع منها – وهو الأمر الذي سأتحدث عنه حالا – و هو النوع الخليط بين الواقعية و الفانتازية قالبا , سنجد أننا نتحدث عن كافة عناصر أي رواية عادية , لكن نتوقف عند نقطتين هنا :
-المشاكل و القضايا التي تعالجها الرواية ..
-القالب العام للرواية ..
بالنسبة للأولى , فهي موجودة في كل رواية , لكن وجود مشكلة أو نوعية مشاكل يطغى على الرواية يضفي لها طابع تلك المشكلة , لكن في الفانتازيا نجد شيئا فريدا .. كل أنواع المشاكل تكون فيها .. كيف ؟!
فلنتحدث عن الرومانسية , بإمكان كاتب الفانتازيا وضع متحابين في روايته , يعالج قضيتهما عن طريق فانتازاي بحت , هل نسينا حكاياتنا القديمة عن الفقير المغامر الذي يريد تخليص ابنة الملك من لعنتها فيسافر يجوب الأرض محاربا وحوش , مارا بأهوال , مخاطرا بحياته , كي ينتهي الأمر له بإنقاذه للأميرة و يتزوجا و تكون قصة أسطورية ..
أليست هذه رومانسية ؟! وما أروعها , لكن أليست فانتازية ؟ نعم , هي فانتازية , لكن تحتوي على الرومانسية عنصرا فيها , رومانسية لو عزلناها عن الرواية لصارت رواية في حد ذاتها ..
ماذا عن الواقعية ؟!
الواقعية في الفانتازية نجدها في عدة صور , فمثلا الطابع السياسي الموجود داخل الرواية الفانتازية , و الذي سأوضحه لاحقا في مقالات قادمة معنية بشيء هام في الفانتازيا اسمه : بناء العوالم الفانتازية , لكن باختصار نحن نبني عالما جديدا في الفانتازيا ليكون قالبا روائيا , هذا العالم نضع نحن فيه كل كبيرة و صغيرة , و من هذا المنطلق نحن نضع النظام السياسي , يمكننا وضع نظام حكومة رشيدة و أخرى فاسدة كي نوضح الفرق عن طريق التضاد , أو كعادة الفانتازيا الحديثة في الآونة الأخيرة أن نضع الحكومات فاسدة و بعض من الميليشيات المتناثرة هنا و هناك و التي يقوم البطل بتوحيدها موضحين مشاكل التنازع بين الحلفاء الذين يغمضون أعينهم عن الخطر المحدق حولهم , الأمر الذي يشبه واقعنا العربي مثلا , و هكذا ..
أما عن المشاكل الاجتماعية , فهي تعتمد على الكاتب , فأنا مثلا كأديب فانتازي لست قوي في الأمور الاجتماعية , لهذا رواياتي ضعيفة تقريبا في هذا الشق , لكن في حالة أدباء آخرين كجي كي رولنج مؤلفة هاري بوتر , نجد أن الرواية برمتها رواية اجتماعية بثوب فانتازي !
هناك نقطة أخرى عن الواقعية , النقطة التي كانت سببا في تسميتي لما أكتبه : خيالية واقعية .. وهي نقطة الواقعية في الأحداث ..
من المعهود أن الفانتازيا = خيال في خيال , و هذا يعني عدم وجود واقعية فيها .. هذا خطأ بكل تأكيد ..
الواقعية موجودة في الفانتازيا , الفانتازيا لا تعني الخيال الجامح فقط , الجامح في تحديد و تكوين القالب الروائي العام للرواية , لكن ليس المحتوى داخلها , كل شيء داخل الرواية يعتمد على الواقعية في الأحداث و المنطق أحيانا ..
و لهذا فوصف الرواية بواقعيتها جاء نتيجة الاعتقاد السائد داخلنا أنها خيالية و يجب أن تعارض الواقع , بعكس ما هو حقيقي على أرض الرواية الفانتازية , و بالتالي فهذا التعبير تعبير عارٍ تماما من الصحة ..
حسنا , ماذا عن القالب العام للرواية الفانتازية ؟!
هنا مكمن الصعوبة مقارنة بالواقعية و الرومانسية , فلو اعتبرنا جدلا أن كل نوع منهما يعاني من نفس الصعوبة في المعالجة , فسنجد أن كل نوع لا يحتوي على هذه المعضلة الكبرى .. القالب الفانتازي ..
ماذا نعني بالقالب الفانتازي ؟!
كيف حالكم ؟
حسنا ..
هذا المقال ربما يكون بداية سلسلة مقالات تتحدث بعمق أكبر عن الفانتازيا و الخيال العلمي كفن أدبي راقي و ليس كمجرد فن أدبي مهمل كما نعتبره هنا في أدبنا العربي ..
لهذا سأبدأ بالرد على تساؤل الفاضل عبدالرحمن أحمد الذيب :
أنا حاليا معتكف في المسودة الثانية من روايتي الأولى وهي تنتممي إلى مزيج من الواقعية السحرية ورواية الحقائق القصصية - لقد تعلمت المصطلح الأخير من مجلتكم
أتمنى أن يتطرق عددكم القادم للواقعية السحرية أو الخيط الرفيع الذي يفصل بين الروايات الخيالية والواقعية الكلاسيكية
أتذكر جيدا أنني بعد شهرين من الدخول لعالم الرواية بصفة عامة , و الفانتازيا بصفة خاصة , أمر كان مصحوبا بإنهائي لروايتي الأولى : رانمارو و السر الدفين , ذهبت لمعرض الكتاب في لقاء أدبي تابعا لأحد المنتدات الثقافية على الشبكة , و هناك قابلت صاحب دور نشر دار ليلى , و أخبرته عن روايتي , و بعدها قابلت الأديب المصري : أحمد العايدي , الإنسان الرائع الجميل , جلست معه و تحدثت عن روايتي , و كان أول سؤال له عنها كان عن طبيعتها , فأخبرته :
-هي تتبع الطراز الخيالي الواقعي ..
حينها نظر لي بدهشة و أخبرني أنه يعرف الواقعية , و يسمع عن الخيالية أو الفانتازية , فأين أنا بينهما ؟! حينها أخبرته أنني أكتب في إطار الفانتازيا نعم , لكن أسيّر الأحداث داخلها بمنظور واقعي , و شبهت ما أقوم به بأمير الخواتم و هاري بوتر , حينها هز رأسه متفهما لطبيعة التشبيه و لكن لا أظن لطبيعة العمل الأدبي خاصتي ..
بعد عدة أشهر من التقصي و القراءة نجحت بالدخول لمنتديات أدبية أجنبية معنية بالفانتازيا , بالطبع نظرتي حينها كانت مختلفة كثيرا عن نظرتي أيام لقائي مع العايدي , لكن بعدما دخلت اكتشفت أنني لا أعرف شيئا ..
باختصار شديد .. الفانتازيا فن أدبي روائي ضخم , و تحت كلمة ضخم نضع خمسين خطا ..
كلنا نعرف الفن الواقعي و الرومانسي , حيث منتشران للغاية لدينا , نعرف أن الرواية منذ البداية للنهاية تتحدث عن رزمة من المشاكل بشكل صريح , متباينة بين كمية عرض كل مشكلة عن الأخرى , و بالطبع عن طريقة العرض لكل منها ..
فماذا عن الفانتازيا ؟!
الفانتازيا تُعتبر رواية واقعية بصورة رمزية , رمزيتها هنا هو كونها فانتازية , و هذا سبب اللبس الحادث لمن يبدؤون الكتابة تحت هذا النمط ..
إذا أردنا النظر إلى الفانتازيا نظرة روائية أدبية بحتة , سنجدها تتكون من مكونات أي رواية عادية , حبكة , صراع , شخصيات , أحداث , قيم و مبادئ نرغب بعرضها , مشاكل نرغب بمعالجتها .. هذا بناء أي رواية ..
لكن لكل رواية الطابع الذي يميزها , ففي وجود الطابع الرومانسي كطابع مميز للمشاكل التي يتم معالجتها , و وجود البطل و البطلة كرمزين كبيرين بالرواية دوما , هنا نتحدث عن الرومانسية الروائية , ولو تحدثنا عن وجود مشكلة البطالة و الجنس و تأخر الزواج و القتل و السرقة و السياسة و الاغتصاب و .. إلخ , فنحن نتحدث عن رزمة مشاكل , إذا نحن في رواية واقعية ..
من هنا نرى أن ما يميز الواقعية و الرومانسية هي طابع المشاكل التي تحتويه .. لكن ماذا عن الفانتازيا ؟!
قلت في عدة أماكن أن الفانتزيا من أصعب الألوان الأدبية الروائية , وقوبل كلامي بالسخرية حينها , لكن هنا سأوضح بشكل أدبي مظاهر هذه الصعوبة ..
لو فكرنا في الفانتازيا روائيا , و اخترنا أقل الأنواع منها – وهو الأمر الذي سأتحدث عنه حالا – و هو النوع الخليط بين الواقعية و الفانتازية قالبا , سنجد أننا نتحدث عن كافة عناصر أي رواية عادية , لكن نتوقف عند نقطتين هنا :
-المشاكل و القضايا التي تعالجها الرواية ..
-القالب العام للرواية ..
بالنسبة للأولى , فهي موجودة في كل رواية , لكن وجود مشكلة أو نوعية مشاكل يطغى على الرواية يضفي لها طابع تلك المشكلة , لكن في الفانتازيا نجد شيئا فريدا .. كل أنواع المشاكل تكون فيها .. كيف ؟!
فلنتحدث عن الرومانسية , بإمكان كاتب الفانتازيا وضع متحابين في روايته , يعالج قضيتهما عن طريق فانتازاي بحت , هل نسينا حكاياتنا القديمة عن الفقير المغامر الذي يريد تخليص ابنة الملك من لعنتها فيسافر يجوب الأرض محاربا وحوش , مارا بأهوال , مخاطرا بحياته , كي ينتهي الأمر له بإنقاذه للأميرة و يتزوجا و تكون قصة أسطورية ..
أليست هذه رومانسية ؟! وما أروعها , لكن أليست فانتازية ؟ نعم , هي فانتازية , لكن تحتوي على الرومانسية عنصرا فيها , رومانسية لو عزلناها عن الرواية لصارت رواية في حد ذاتها ..
ماذا عن الواقعية ؟!
الواقعية في الفانتازية نجدها في عدة صور , فمثلا الطابع السياسي الموجود داخل الرواية الفانتازية , و الذي سأوضحه لاحقا في مقالات قادمة معنية بشيء هام في الفانتازيا اسمه : بناء العوالم الفانتازية , لكن باختصار نحن نبني عالما جديدا في الفانتازيا ليكون قالبا روائيا , هذا العالم نضع نحن فيه كل كبيرة و صغيرة , و من هذا المنطلق نحن نضع النظام السياسي , يمكننا وضع نظام حكومة رشيدة و أخرى فاسدة كي نوضح الفرق عن طريق التضاد , أو كعادة الفانتازيا الحديثة في الآونة الأخيرة أن نضع الحكومات فاسدة و بعض من الميليشيات المتناثرة هنا و هناك و التي يقوم البطل بتوحيدها موضحين مشاكل التنازع بين الحلفاء الذين يغمضون أعينهم عن الخطر المحدق حولهم , الأمر الذي يشبه واقعنا العربي مثلا , و هكذا ..
أما عن المشاكل الاجتماعية , فهي تعتمد على الكاتب , فأنا مثلا كأديب فانتازي لست قوي في الأمور الاجتماعية , لهذا رواياتي ضعيفة تقريبا في هذا الشق , لكن في حالة أدباء آخرين كجي كي رولنج مؤلفة هاري بوتر , نجد أن الرواية برمتها رواية اجتماعية بثوب فانتازي !
هناك نقطة أخرى عن الواقعية , النقطة التي كانت سببا في تسميتي لما أكتبه : خيالية واقعية .. وهي نقطة الواقعية في الأحداث ..
من المعهود أن الفانتازيا = خيال في خيال , و هذا يعني عدم وجود واقعية فيها .. هذا خطأ بكل تأكيد ..
الواقعية موجودة في الفانتازيا , الفانتازيا لا تعني الخيال الجامح فقط , الجامح في تحديد و تكوين القالب الروائي العام للرواية , لكن ليس المحتوى داخلها , كل شيء داخل الرواية يعتمد على الواقعية في الأحداث و المنطق أحيانا ..
و لهذا فوصف الرواية بواقعيتها جاء نتيجة الاعتقاد السائد داخلنا أنها خيالية و يجب أن تعارض الواقع , بعكس ما هو حقيقي على أرض الرواية الفانتازية , و بالتالي فهذا التعبير تعبير عارٍ تماما من الصحة ..
حسنا , ماذا عن القالب العام للرواية الفانتازية ؟!
هنا مكمن الصعوبة مقارنة بالواقعية و الرومانسية , فلو اعتبرنا جدلا أن كل نوع منهما يعاني من نفس الصعوبة في المعالجة , فسنجد أن كل نوع لا يحتوي على هذه المعضلة الكبرى .. القالب الفانتازي ..
ماذا نعني بالقالب الفانتازي ؟!