PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 [46]

ساكنه القلوب
14-02-2012, 12:23
:love_heart:لن تنسى ناتاشا ابداً ليلتها الاولى بدار الكوفنت تلك.لانها واولاً لم يسبق لها ان حضرت هكذا عرض ساحر ورفيع الشأن من قبل وثانياً ان تحضر هذا برفقة خوليو روتسو كانت تجربة غريبة وساحرة.
ولانهاء هذه الامسية النادرة بحدث رائع كبدايتها ومحتواها اخذاها خوليو الى الكواليس بعد انتهاء الاوبرا ودخلت ناتاشا للمرةالاولى بحياتها الى عالم الغموض السحري والحقيقة الواقعية,عالم الخيال والسحر والضوء.
وكانت الجموع تبتعد عن طريقهما مفسحة الطريق للمسيقي الشهير, حّياه الحارس باحترام وفتح لهم الباب لوحدث هذا مع اي شهير اخرلااعتبرت ناتاشاذلك رد فعل مبالغ به.لكن مع خوليو بالذات بدا ذلك طبيعي وعادي جداً .كان هو في مجاله الخاص ومملكته الخاصة.
وشعرت اكثر بهيبته حين صعد الى غرف ملابس الفنانين حيث حّياه الابطال باحترام بالغ وهيبة واضحة وانحنى من قام بدور عطيل وديدمونة له باعجاب ثم وفيما هما يبتعدان عن غرف الملابس استعداداً للنزول مجدداً خرجت من احدى الابواب امرأة ممشوقة القامة شديدة الجاذبية والجمال بفراء رمادي من المنك حول اكتافها جعل ناتاشا تشهق بصمت وتجد شالها فقيراً ومزرياً.
((خوليو!))هتفت المراة بدهشة ولدهشة ناتاشا اقتربت المراة من خوليو وقبلته على وجنته بحرارة ولدهشتها الاكبر تبسم الموسيقي لها وقبلها بدوره على وجنتيها شعور غريب من الغضب والالم امتزج داخل ناتاشا بشكل لم يسبق لها وان اختبرته من قبل .
المحادثة بينهما كانت مختصرة وباللغة الايطالية.لكن كان من الواضح ان معرفتها ببعضهما البعض لم تكن عادية لم يزعج نفسة بالتعريف عن ناتاشا هذه المرة .لكنها لاحظت انه كان يضحك ولامس يد المراة الجميلة بخفة قبل ان يبتعد.
سارت ناتاشا بأعقابه وهى تشعر فجاة وكانها مراهقةصغيرة.
((من هذه الناحية))قال وهما يخرجان من باب المسرح ومتجاهلاًانس من المعجبينبدفاتر تذكراتهم الموجهه اليه وتابع سيره وناتاشا خلفة نحو موقف السيارات.سيارة سريعة مرت فجاة ولولم يمسك بذراع ناتاشا ويشدها اليه على الرصيف لاوشكت السيارة ان تؤذيها.
للحظة كانت شبة ملتصقة به وذراعة حولها ومرة ثانية اختبرت شعوراً الصدمة الكهربائية المذهلة .كان هذا شيئاًغريباً وجديداًتماماً عليها وشعرت بالضعف حين افلتها وعادت لتسير بجانبة تتعثر.:nightmare:

ساكنه القلوب
14-02-2012, 12:41
((ماالامر؟))سالها بدهشة حتى انه وضع ذراعة على كتفها ليثب خطواتها:((انت لم تكوني مرعوبه صحيح؟لم يكن من الخطر حقيقي بتلك السيارة المسرعة!))
((اجل..اجلاعرف لم يكن من الخطربذلك))وافقته
لكن وهىتسير الى جانبه نحو سيارته ادركت فجاة الخطر الحقيقي الكامن بهذه الليلة,ادركت ذلك للمرة الاولى سنوات عمرها العشرون ولاعلاقة للخطر بتلك السيارة المسرعة مطلقاً.
بدا راغب بالتحدث بطريق العودة وبالبداية ظلت هى صامتة بدورها لكن, ولسبب تجهله ولم تستطيع مقاومته وجدت نفسها تسأله ((من كانت تلك المراة الجميلة بمعطف المنك الرمادي؟))((الآن؟آه في الكواليس تقصدين؟انها جوليا بورتيغي,الم تعرفيها؟))((آه,اجل!لقد تذكرت ألآن .لقد شاهدت صورتها من قبل .تسأءلت لماذا يبدو وجهها مألوفأً. انها مشهوراًجداً صحيح؟))
((انها واحدة من الفنانين القلائل بهذا العصر والممكن وبدون اي ترددنعتهم بصفة ـ مشهور ـ ))اجابها.((آه))همست ناتاشا وهى تشعر بالفضول والانزعاج .ثم سألت بعد دقيقة:((هل تكون عادة انت المايسترو بحفلاتها؟))
((دائماً حين تغني في اسبانيا واحياناً حين تغني في بلاد اخرى .ستأتين وتستمعين اليها حين اراس حفلتها مستقبلاً .سيحدث هذا في الشهر المقبل ))

ساكنه القلوب
14-02-2012, 13:04
:confusion:((آه ,شكراً لك ..انها جميلة جداً صحيح؟))
((كلا.انها مثقفة وذكية لدرجة باهرة وجذابة جداً مما يؤدي الى شئ خطير اكثر من مجرد كونها جميلة))انه بالتاكيد يستعمل كلمة((خطير))بأكثر المعاني غرابة .فقالت ناتاشا بصوت منخفض :((فهمت)).ثم ظلت صامتة الى ان وصلت الى سكن الطالبات.ثم شكرته بخجل لكن بصدق وحرارة على هذه الامسية الاكثر روعة.ابتسم بجفاف خفيف وقال:((كان هذا جزاءاً من تدريبك .تصبحين على خير ناتاشا))ذهلت وشعرت بالاطراء لمناداته لها باسمها الاول وردت ((تصبح على خير ))بكل سعادة تسلقت درجات المنزل وشعور غريب يتغلغل داخلها فيما ابتعد هو بسيارته.((انا لست مثقفة ولا ذكية لدرجة باهرة ولا جذابة جداً. ولست بالطبع خطيرة ولا بدرجة واحدة لكنه ناداني ناتاشا))وفجاة ولهذا السبب بدت لامسية ناجحة.
وصلت صديقتها بعد فترة قصيرة ,نظراً لان محطة المترو كانت بعيدة بعض الشئ عن المنزل.وفوراً غمرتها الفتيات بالشكر والضحكات لبادرة خوليو روتسو نحوهن.
((كيف فعلت ذلك؟ كيف تمكنت من اقناعه بالنظر الى البلكون والتلويح لنا نحن ؟كدنا ان نصاب بالاغماء!))قالت لوليتا.
((انا فقط ..فقط طلبت منه ذلك ))قالت ناتاشا.
((بكل بساطة..هكذا؟لكن ماذا قلت له؟كوني لطيفة واطلعينا على كل شئ خطوة بخطوة وبالتفاصيل من غير الممكن انك قد قلت له فقط ,هاك اصدقائي هناك, لوّح لهن ايها العزيز))
((انا لم اقل بالطبع,ايها العزيز. هو لم يرغب بأن يفعل ذلك بالبداية,لكني شرحت له بعذذلك كم كنتم لطفاء معي..فغير هو رايه))
((لمجرد انك اخبرته اننا لطفاء معك ؟لاشك انه مغرم بك اذن اوشئ من هذا النوع ))قالت لوليتا.((مغرم بي ؟ اؤكد لك ان شيئاً لن يكون مستحيلاً مثل هذا الامر))((اتعنين انه لايحبك))سألت ماريانا .
((اقصد انه من غير الممكن ان يكون اقل اكثراثاً واهمية مما هو عليع .هو يعتقدني سأذجة ومتعبة لابل غبية.لكنه يؤمن ان عندي صوتاً جميلاً وهو بكونه الموسيقي المشهور فقد اخبرني انه سيجعل مني مغنية وقد انكسر انا بهذه العملية))
((ياللازعاج .اشكر الله انني لست موهوبة لهذه الدرجة. فالحياة ستصبح كالجحيم اذا كنت موهوبة حقاً . هل اخذك الى الكوليس بنهاية الاوبرا ؟))طاطات ناتاشا براسها بموافقة.

ساكنه القلوب
14-02-2012, 13:32
:butterfly:((ماهو راية بتريزا ماشو؟التى قامت بدور ديدمونة؟))
((آه هو لم يقل لي. ولكني اعتقد انه لم يعجب بأداءها))
((هذا تصرف جيد وملائم له. انها حتى لاتصنف كمغنية من الدرجة الثانية .ارهن انه ليس من اختارها لهذا الدور. من المؤسف ان المؤدية لم تكن جوليتا بورتغي!)).
((انها كبيره بالسن قليلاً نسبة للدور))قالت ماريانا.
وبدأ نقاش وجدال مطول حول صحة ماقالته ماريانا او خطأه وبدافع ما تدخلت ناتاشا بالحديث وقالت :((على كل حال, كانت جوليا بورتيغي في الكوليس ايضاً لقد رايتها هناك))
((هل قابلتها ؟))صاح الجميع بعدم تصديق
(( ليس فعلاً.لقد تحدثت مع السيد روتسو .لقد قّبلته واعتقدت هذا تصرفاً جريئاً منها, لكن يبدو انة تقبّل الامر بطريقة جيدة))وتبسيطها لهذه الحادثة بهذا الشكل اشعرها بالارتياح وتتابعت الاحاديث بمرح وبساطة.:love_heart:

Seba queen
17-02-2012, 17:05
مرررررررررررررررررررررحبا صبايا
كيفكم حبيباتي
والله وحشتوني مووووووووووووووت
سامحوني زمان ماسألت عنكم
بصراحة غصب عني مش بإيدي ، ظروفي ما بتسمح أقعد على النت كتير
يادوب ملاحقة
والله اشتقت لكل الصبايا الحلوين
الغصن الوحيد حبيبة قلبي
وأنجل حبيبة قلب التيتة
وموني وأخت موني العسولات
والوردة الحمراء حبيبتي جين أوستن
وساكنة القلوب القمر
ويووووووووووووكي 111 كيفك وكيف كتاكيتك الحلوين
وكل صبايا المشروع الحلوات
سامحوني إذا نسيت حد هلأ مخي مشوش
بشكر كتييييييييييييييير كل من سأل عني وافتقدني
انشاء الله بتسأل عنكم العافية
المهم أنا الحمدلله بخير وكل كتاكيتي بخير ،
هم الكتاكيت إللي ماخدين وشاغلين وقتي :miserable:
ماشاء الله المشروع نزل فيه روايات كتيرة في فترة غيابي
متنشطين ما شاء الله عليكم
معلش أنا صعب كتييييير إني أشارك معاكم وأنزل روايات
اتحملوني بس إني أشارك معاكم بقرائتها والاستمتاع فيها والتعليق عليها :joyous:
انشاء الله كل فترة وفترة راح أحاول إني أشقر وأتطمن عليكم حبيباتي:smile:
أحلى سلام لأحلى صبايا:jaded:
seba queen
الملكة صباسلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااا:jaded:

ساكنه القلوب
19-02-2012, 10:18
هلا وغلا بك يالغلا من جد الكل مشغول بامور حياتو ياقلبي ربي يعينك ويعين الجميع لك كل التحياتي منى ومن جميع اخوات المنتدى وسلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالامى الى كتاكيتك الحلوين ربي يحفظهم لك ويجعلهم بااااااااارين بيك وبابيهم ودمتى لي في قلبي سكنة:highly_amused:

ساكنه القلوب
19-02-2012, 10:45
:hopelessness:صباح اليوم التالي بدا الفصل الجديد من حياة ناتاشا وذهبت الى درس الغناء الاول مع راندا بيور والتى تسكن بمكان قريب من المنزل.منزل السيدة بيور كان جميلاً والذوق واضح بأثاثة وتحفة.وعرفت ناتاشا انها كانت ستسعد بدروس الغناء هذه وهذا ماحدث فعلاً.
((انت لست موهوبة فقط.بل لقد تم تعليمك بطريقة ممتازة.وانت تتمتعين بأدن وحس موسيقي وهذا سيكون عاملاً مساعداً جداً لك.انا اطلعك على هذا بكل صراحة لانني اعتقد ,قد تمرّين باوقات تحتاجين بها الى دعم لثقتك ومقدراتك)) لم تنطق راندا اسم خوليو بالضبط لكن المعنى كان واضحاً وادركت ناتاشا ان راندا تعرف بالضبط طرق واساليب خوليو بالعطاء.
لكن راندا بيور نفسها كانت معلمة صارمة ودقيقة لكنها كانت تتمتع بالكثير من الصبر والهدوء, والذي وجدته ناتاشا ,بالاسابيع اللاحقة,بديل رائع لجلساتها العاصفة مع خوليوروتسو.
دروس اللغات ايضاً كانت ممتعة ايضاً.ووجدت ناتاشا ان عندها مقدرة كبيرة على التعلم السريع ونطق الحروف بمخارجها الصحيحة.بالنسبة لحياتها بمنزل ايزابيلا فقد كانت ممتعة ورائعة فعلاً ووجدت صديقاتها وبالذات لوليتا رائعة واعتبرتها كشقيقة لها
وبدروسها الموسيقية تسير على خير مايرام ودروس اللغات تعطى ثمارها وحياتها اليومية في المنزل فرحة ومتعة , صارت حياة ناتاشا صفحات ملونة سعيدة لايشوبها سوى نقطة معضلة واحدة الا وهي جلساتها الاسبوعية مع خوليو روتسو والتى لم تكن ماتسميه نجاحاً.:pirate:

ساكنه القلوب
19-02-2012, 11:15
:cool-new:ليس انها لم تحاول , لربما هي كانت تحاول بجهد كبير ايضاً.هي بالطبع كانت تشعر احياناً بالقلق والتوتر وكان هذا ينعكس بصوتها وكانت لتسمع بعد ذلك تعليقه الغاضب:((استرخي, هلا فعلت!))لكن بنظره واحدة الى وجهه وملامحه المتفجرة كان الاسترخاء اخر ما ستحصل عليه بالطبع.
كانت تشعر بكرهها له بتلك اللحظات, لكنها كانت تتلهف لسماع مديحه. احياناً كانت تشعر انها مستعدة لدفع اي شئ مقابل سماعها لمديحه لها او على الاقل لسماع رضاه عنها لكن حين يحدث ذلك وباللحظات النادرة كانت تخرج الكلمات بعد عناء وجهد لدرجة انها ما كانت تستمتع بذلك .
وحدث هذا الشئ بالذات بجلسة يوم الاثنين اخبرها خوليو ان موعد الجلسة سيكون في التانية والنصف وليس في الثالثة.
نهضت ناتاشا صباح يوم الاثنين كالعادة وهرعت الى الهاتف حين اخبرتها السيدة ايزبيلا ان شخصاً يدعى رون بلوكيو يريد التحدث معها ((الو,رون .هل تتكلم من مدريد؟))
((آه انا احب ذلك جداً.هل تقصد فعلاً ان عندك وقت لتقضية معي؟))
((اقصد انك الشخص الوحيد الذي سأخصص الوقت له. معي كل انواع الرسائل لك من عائلتك وقد حملت على عاتقي نقل كل الاخبار عنك لهم هل بإكانك ملاقاتي في مطعم ((الشاريوت))في الواحدة؟))
((الشاريوت!))رددت بذهول.
((الم يسبق لك وان ذهبت الى هناكمن قبل ؟))
((كلا))بالطبع لا!انا لااذهب الى اماكن مثل الشاريوت))
((الايصطحبك الموسيقي الشهير الى هكذا اماكن؟))
((مجدداًبالطبع لا.ماهي نوع العلاقة التى تعتقدها بيننا؟))
((لا اعرف. لربما هذه احدى المعلومات التى ستطلعيني عليها.فى مطعم الشاريوت اذن في الواحدة))

ساكنه القلوب
19-02-2012, 11:57
:strawberry::strawberry::strawberry::strawberry::s trawberry::strawberry::strawberry::strawberry::str awberry::strawberry::strawberry::strawberry::straw berry::strawberry::strawberry::strawberry::strawbe rry::strawberry::strawberry::strawberry::strawberr y::strawberry::strawberry::strawberry::strawberry: :strawberry::strawberry::strawberry:
اعادت السماعة الى مكانها وقلبها يزقزق بسعادة:biggrin-new:ثم توقفت منتبة موعدها مع جلسة خوليو في الثانية والنصف فكرت وضربت راسها بصدمه ! :cower:كان عليها اخبار رون بجعل المعد ابكر من الواحدة, لكن ...ماحدث قد حدث ! ولربما مع بعض التكتيك من الوصول الى الموعد بالوقت المناسب.
وصلت الى الشاريوت ووجدت رون بليوكيو بانتظارها.
ابتسم لها بجاذبية طاغية وقال :((لقد تغيرت)).
((بأية طريقة؟))
((لا..لااعرف ..انت اكثر..ثقافة على مااظن .وتبدين كالفتاة التى تفتح امامها ابواب الحظ))
شعرت بالسعادة ومع انها اخذت تسأله عن عائلتها والاحباء ومنزلها الا انها فكرت انه كان على حق..وشعرت انها فعلاً تختلف عن ناتاشا التى كانتها سابقاً.
لم يكن خطأ رون بليوكيو ان الوقت مر بسرعة البرق وصعقت ناتاشا حين نظرت الى ساعتها ووجدتها الثانية والثلث.
(((متأسف لتأخيرك عن موعد ك. الخطأء هو خطأى . لكني سابقى في مدريد ليوم او يومين وقد تتعشي معي في امسية ما وسيكون عندنا الوقت الكافي للتحدث))
((اجل..اجل,شكراًلك.احب ذلك جداً.يجب ان اغادر على الفور الان .هل تمانع؟هل ستتصل بي؟))
((اجل,بالطبع. وانا لاامانع بمغادرتك السريعة الان,انا اتفهم الوضع. سأبقى واتدبر امر الفاتورة واذا كان عليك المغادرة قبلي فالنادل سيؤمن لك التاكسى اذا ماكان خوليو قاسياً معك فاخبريه انك كنت تتغدين معي))
((آه,سأفعل))قالت وهي تشعر بالارتياح لهذه الفكرة.
ركضت خارج المطعم ومرت الدقائق كالساعات وهي تنظر وصول التاكس,ولسوء الحظ ايضاً كان الازدحام شديداً بهذا اليوم الماطر, والان وصلت اخيراً الى اسفل البناء.
ضغطت جرس الباب وفُتح فوراً واطل عليها ستيفان برون ,الكورس المساعد في الاوبرا وعازف البيانو البديل, والدي كان يساعد خوليو ببعض الاعمال الكتابية والطباعة .كان يعرف ناتاشا ونابادرها فوراً((لقد تأخرت كثيراً))((اعرف))قالت وهي تمر عبره غرفة الاستوديو لتجد خوليو جالساً خلف البيانو.
((قلت الثانية والنصف))علّق بجمود
((اعرف.اسفة,السير كان...))
((السير وازدحامه ليس عذراً في مدريد ياخد المرء ازدحام السير بالحسبان. الم تكتشفي ذلك بعد؟اين كنت تتناولين الغذاء؟))((في اشاريوت))وحين ارتفع حاجباه اضافت بسرعه .بدفاع :((مع رون بلوكيو اذا كان عليك ان تعرف. انه من بلدي))
((اذاً تاخرت مرة تانية بسبب تناولك للغداء مع صديق لك مر بلدتك في الشاريوت فلا تزعجي نفسك بالحضور الى هناء, سيكون هو درسك الاخير هل تفهمين؟))((اجل لكن..))
((لايوجد لكن بهذا الموضع. اما ان ياتي الغناء بالدرجة الاولى والتانية والاخيرة. او افض يدي منك والان هل هذا واضح؟))كانت ترتعش بخيبة عميقة لردة فعلة هذه ولاكتشافها ان اسم رون بلوكيو ليس له اي تاثير يذكر عليه.((انا..انا بمقدوري ان اخبرك عن مدى اسفي و..))تمتمت
((لاتحاولي..سيشعرني ذلك بالملل الكامل ..هلا بدانا؟))
من المستحيل ان يكون اداؤها جيداً بعد هذا.قالت لنفسها.كل ما استطاعت ان تفعل هو التحكم بتنفسها والسيطرة على اعصابها المرتجفة. لكنه جحدها بنظرة واحدة وقال:((تمالكي ))وبطريقة مافعلت.
((ليس جيداً جداً)) كان حكمه بعد مرور العشرة دقائق الاُل.
((السيدة بيور اخبرتني انها كانت تدرسك المقطع الاخير من اوبره عطيل))

ساكنه القلوب
19-02-2012, 12:56
:GB_bonesrock::hopelessness:((ا...اجل ..لقد تأثرت لدرجة غير معقولة بها تلك الليلة لدرجة انني ادركت ان اعرف مدى اتقاني لها)).
((فهمت.وماذا تعتقدين درجة..اتقانك لها؟))سألها بجفاف.
((ليس انا من يحكم بهذا الشان.مالذي قالته الانسة بيور؟))
((قالت ان اغنيتي ـ اف مال وتايدا ـ لابأس بهما))كان الرد.
((انا ..انا مسرورة لااعتقادها هذا))قالت ناتاشا .
((سأسمعك.ابدئي من البداية الفصل الثاني حين تتكلمين مع اميليا.وتذكري ان رعب الموت بداخلك))ببعض العصبية حاولت ناتاشا نسيان هويتها الحقيقية والغرق في شخصية ديدمونة وهي تغني موتها العاجل باغنية آف مال.((كلا,كلا!انت لاتخبرينها انك سترينها مجدداً في الصباح وانت تتناولين الشاي والبسكويت. انت تودعينها, ايتها الغبية الصغيرة,مدركة بأعماقك انك قد ترينها الان للمرة الاخيرة. استمعي الى هذه الدقات))دق النغمات المرعبة على البيانو:((الاتسمعين هذا ,حالما تخرج اميليا, سيدخل الموت؟ لهذا صرخة وداعك يجب ان تجمد الدماء بالعروق.انت خائفة ..خائفة..خائفة..)).
شعرت انها كذلك فعلاً, فحين ينطق بالكلمات بهذه الطريقة ويحدق بك بتلك الطريقة والبرودة والعدائية بأعماق عيونه الداكنة, كانت اوصالها ترجف. ولهذا فقد كررت المقطع وطأطأ هو براسه موافقاً, وببعض الرضى كما يبدو وتركها تتابع الى النهاية حتى وصلت الى اغنية ((تايدا)).
في النهاية وضع يديه على ركبتيه وسالها:((هل تعرفين بقية الفصل؟))
((اجل بالطبع)).
((ولماذا بالطبع؟))
((لانه لايهمني ان اتعلم مقطعاًمعزولاًومنفرداً.اريد ان اتعلم كل شئ))عن الفصل بأكمله حتى افهمه بشكل كامل واتمكن من اداءه بالطريقة والاسلوب الصحيح))
((جيد. سنتابع بقية الفصل اذن.اود ان اراك تمثليه وتغنيه))قال وكادت ان تشهق بذهول.:disillusionment:
((لكن كيف..بدون وجود عطيل؟))
كرد على هذا السؤال نادى خوليو على ستيفان وقال له :((تعال واعزف لنا المقطع الاخير من اوبرا عطيل. اريد ان امرّن الانسة برايت عليه انا سأنطق كلمات دورعطيل))

ساكنه القلوب
19-02-2012, 13:39
:encouragement:((من بداية الفصل؟))سأل ستيفان وهو يجلس خلف البيانو
((كلا فقط من اغنية((آف مال)).استلقي على الكنبة ناتاشا لقد قرات صلواتك وخلدت الى السريرثم...يدخل عطيل))قامت بما طلبه منها لكنها حدقت به بعيون ممتوسعة وخائفة وهو يقف قرب الكنبة ووجهه فوقها.
((اغمضي عيناك. اغمضي عيناك, انت نائمة وحين تفتحيهما مجدداًتذكري انك تحبين الرجل الواقف امامك تحبينه وتخافينه بنفس الوقت))
اغمضت عيناها,كانت تحت سحر سيطرته تماماً لدرجة انها لم تجرؤ على النظر اليه عبر رموشها مع ان الصوت الجميل العميق والمعبر كان ينطق بكلمات عطيل بقوة طاغية ومرعبة.
للحظة فكرت انه من المستحيل لها المتابعة,ثم ادركت ان عليها ذلك.
وحين سمعت بدء دورها من ستيفان الذي يتابع على البيانو فتحت عيونها, اتكأت على مرفقها وغنّت مقطعها بصوت نبراته ترتفع باستفسار رقيق.
كان يقف وينظر اليها بأسى يقطع القلوب بخبث شيطاني ايضاً وفكّرت فجأة بما قاله لها للتو..((انت تحبين الرجل الواقف امامك ,تحبينه وتخافينه بنفس الوقت))..سيطر عليها هذا الاقتناع ببريق كالصاعقة لانه كان الحقيقة,وبدون علمها كان هناك حنان ورعب بنظرتها وكذلك بصوتها:
ثم حين سألها بنبرات يثقلها القدر اذا ماكانت قد تلت صلواتك لتلك الليلة اصبح كل شئ حقيقياً بدرجة مروعة لدرجة ان كل شعور بالثمثيل هجرها.
بالتدريب والانتظام الفطري ظلت الكلمات تتدفق الى فمها لكنها كانت تغنيها بصراخ مرعوب وبتوٍسل جعل ستيفان ينظر اليها بتعجبٍ اصيل.ثم قفزت عن الكنبة كأنها فعلاً ستفقد الحياة وكانت لتقفز بعيداً عن المشهد بأكمله لولا ان انحنى الموسيقي البارع نحوها ودفعها مجدداً الى الكنبة.
صرخت بالفعل حينها وحين شعرت بأصبعه على حنجرتها ـ كماُ يتطلب الدور ـ انفجرت بالبكاء.
:sorrow:افلتها فوراً وتو قفت الموسيقى فجاة فيما جلست ناتاشا على الكنبة وهي لاتزال تبكي.
((توقفي عن هذا الهراء ))قال لها خوليو بعد دقائق .وحين لم تستطيع ذلك جلس الى جانبها ووضع ذراعه حولها.((لاتكوني سخيفة.لايجب ان يكون موجوداً بالطبع..وعندك الكثير من المشاعر هذه وانت فتاة جيدة..لكن عليك التحكم بعواطفك لا ان تدعيها تتحكم بك. هل اخفتك لهذه الدرجة؟))
طأطأت راسها موافقة دون ان تنطق.
((يبدو انِ علىّ التمثيل على المسرح))قال لستيفان باستمتاع.:witless:
((عنك موهبة بالطبع. لكنك اخفتها كثيراً بالتهجم عليها بقسوة لتأخرها عن الموعد))قال ستيفان.
((أنا آسف))نظرت ناتاشا اليه بهذه اللحظة بعدم تصديق وقالت:((ماذا قلت؟))
((هذا مدهش بالطبع, اعرف لكني قلت انني آسف. اعتقد انني قد انسقت كلياً بالدور))
((حقاً؟))((اجل ,هناك ثناء لك على تمثيلك وادائك .لكن تذكري..لايجب ان تتركي رعبك ومشاعرك تسيطر عليك))((ماكنت لافعل ذلك مع اي شخص آخر))قالت بسذاجة مما دفعه للضحك.
((انا لن اكون ابعد من الفرقة الموسيقية . تذكري, حتى لو لم اكن على المنصة))
جففت عيونها ونظرت اليه بذهول.
((هل تقصد..))بدات بنفس لاهث.
((انا لااقصد اي شئ. كنت انظر الى البعيد.لكن اذا ما توصلت لغناء ديدمونة على المسرح فثقي انني سأكون قائد الفرقة))

ساكنه القلوب
25-02-2012, 10:59
:cold:سلالالالالام اخواتي الغاليات اعذروووووووووووووووني الدوخة تعبتنى ومريضةو تعبانة ومرررررررررررررررررة بس بااحاول اكتب ومنكم السمووووووووووووحةودمتم لي في قلبي سكنة:02.47-tranquillity:

ساكنه القلوب
25-02-2012, 11:53
:tickled_pink:((لانك ..لانك تريد ان تكون المايسترولي؟))قالت بدهشة
((كلا..بل لان لان لانية لدي بتركك تسببين بالفوضى العامة. لكني اقول لك ..هذا سيحدث في المستقبل البعيد. هذا اذا ماحدث اصلاً))كان الرد القاسي.
تقبلت ذلك حينها ولم تطرح المزيد من الاسئلة. لكن وهى بطريق عودتها الى المنزل اخذت تفكر بعمق وبكل ماحدث بهذه الامسية المذهلة.
ومع ان المطر قد توقف الان لكنها لم تكن تشعر بذلك وكانت كلمات خوليو تتكرر بعقلها:((تذكري انك تحبينه وتخافينه بنفس الوقت))
((اعتقد ان هذا مايمكن ان ينطق عليه هو بالذات.انه بكل بساطة بغيض وكريه معظم الاحيان.ماكان ليكون اكثر بغضاً عما كانه حين وصلت متأخرة.ولكن..كيف بدا حين كان يؤدي ذلك الدور.لكنه كان مجرد دوراً تمثيلياً بالطبع..وكان ستيفان محقاً بقوله ان خوليو موهب تمثيلية .لكن الامر لم يكن كذلك فقط))فكّرت بفضول.
وفجاة وكالصاعقة توقفت مكانها بجمود وقالت بصوت مرتفع:((لقد قبّلني..بطريقة خفيفة ضاحكة قبّلني! لم افكّربذلك قبل الآن لكني لم اشعر بذلك في حينه لكن..آه,انا اتذكر ذلك لآن.انا اذكر انه ضحك ولامس وجنتي بشفاهه..وقال انني فتاة جيدة وعندي الكثير من المشاعر))
اعطاها هذا اكثر المشاعر غرابة وروعة. شئ بين النشوة القصوى والسعادة الفردوسية.
ومرة اخرى رن جرس الهاتف ذلك اليوم مجدداً كان رون بلوكيو هو المتكلم باستفسار قلق ولطيف حول ماحدث لها بدرسها ذلك اليوم
((كان ذلك مريعاً لدرجة ما.كان شديد الغضب حين وصلت متأخرة..لكن بالنهاية تغلّب على ذلك..وتمتعت بدرس ممتع))):biggrin-new::orange:((ممتع كيف؟))سالها .
((حسناً,جعلني اقوم بدور ديدمونة في اوبرا عطيل وقام هو بدور عطيل و..))
((وهل يغني؟))
((كلا,كلا.هو اكتفى بنطق الكلمات,:chuncky:وتتابع الفصل بشكل معتاد ومؤثر))
((حتى المقطع الحساس))
((اجل))ردت بخيال وهي تتذكر كل لحظة سابقة.
((لااعتقد ذللك مناسب تماماً))علق رون بجدية مما جعل ناتاشا تضحك.
((خوليو لايقوم بالاشياء المناسبة .لكن لم يكن من شئ مهين بدلك اذا كان هذا ماتقصده))
((لااستطيع تخيل كيف ممكن ان يكون ذلك شيئاً غير مهيناً .متى بإمكاني دعوتك للعشاء ناتاشا؟))
((آه,باي وقت ..انا اذهب الى الاوبرا احياناً مع الفتيات .لكن لايوجد اي شئ خاص بهذا الاسبوع حتى يوم الجمعة حيث سأذهب لاحضر فالي لجوليا بورتيغي حيث سيكون السيد روتسو المايسترو))
((اذاًسأدعوك مساءالغد موافقة؟وهل ترغبين بالذهاب الى المسرح ام تفضلين العشاء والرقص؟))
((انا لاامانع .كلا الخيارين يبدوان رائعين جداً))
((اذاً سنفعل الخيارين..سأمر لاصطحابك غداً في السادسة والنصف .لكننا سنتعشى قبل ان نذهب الى المسرح.ثم سنذهب لنرقص في مكان ما.موافقة؟)).
((مليون بالمئة موافقة .شكراًجزيلاًلك))اعلنت ناتاشا بسعادة.

ساكنه القلوب
25-02-2012, 12:20
:tickled_pink:اعادت السماعة الى مكانها وهى تشعر بأن رون بلوكيو هو الطف رجل بالعالم بأكملة
صباح اليوم التالي,حدث شئ اكدراي ناتاشا برون بلوكيو .فقد وصلتها رسالة في الصباح تتضمن مبلغ خمس مائة دولار مع رسالة صغيرة تقول :((سيدتي العزيزة لقد امرنا زبوننا ان نقدم لك مبلغ المال المرسل مع الرسالة. يشعر زبوننا انه وبالرغم من التغطية الكاملةلكل تكاليف اقامتك ودراستك وما الى ذلك الاانك ستحتاجين لبعض المصروفات الخاصة من وقت لااخر لشراء الملابس الخاصة الخ..)),المبلغ المرسل مخصص لهكذا احتياجات وسيصلك مبلغ مماثل كل شهر. المخلص لك)).
((آه هذا كثير جداً.انه ملاك))علقّت ناتاشا.
((من هو هذا؟))سألتها لوليتا الموجودة معها على طاولة الافطار
((آه,لوليتا ..اتمنى لو كان باستطاعتي اخبارك))
((ولم لاتفعلي اذن؟))اقترحت لوليتا ببساطة.
((لان..))ثم شعرت ناتاشا فجاة برغبةعميقة لمشاركة احدهم بهذا السر فشرحت للوليتا كل ماحدث.
وانهت حديثها بقولها:((لكنه ليس مجهول الهوية تماماً لى في الحقيقة,هو قد يكون شخص واحد فقط))وتابعت لتشرح لصديقتها عن رون بلوكيو ولطفه معها ومع عائلتها.
((لاشك انه مغرم بك))سارعت لوليتا للقول.
((كلا,كلا.انه ليس كذلك .وانما تعتقدين بوجود غرام بين الاشخاص. انا ليس عندي الوقت لهكذا امور.انا سأصبح مغنية فنانة .الامر فقط انه يحترم عائلتي كثيراً ويؤمن بصوتي و...))
((هل هو رجل عجوز؟))
((عجوز!؟كلا بالطبع لا.ولماذا يكون كذلك؟))
((هذا مافهمته من طريقة حديثك ..ملصقة به كل تلك الدوافع الغبية والباهتة؟هل هو وسيم الشكل؟))
((اجل,اجل))
((اجمل من خوليو روتسو؟))
((انا..لااعرف .لم افكر ابداً بإجراء اية مقارنة بينهما .انه اجمل واكثر وسامة من السيد روتسو.انه يبدو حبيباً))
((حسناً لم يسبق لاي شخص ان اعطى هذه الصفة لخوليو .متى وصل المال؟))
((آه..))قالت ناتاشا وبما ان الرسالة كانت تدل على نفسها ناولتها ناتاشا لصديقتها وقالت :((ارايت..لاشك انه رون بلوكيو ..هو سيصطحبني الى العشاء هذه الليلة ولاشك انه قد فكّر انني لااملك الثوب المناسب لهكذا مناسبة.لهذا قد ارسل لى المال))
((انه توقيت قريب اجل.لكن ,هذا لايهم فعلاً. المال هو الشئ الاساسي! انتهي من الفطور وسأصطحبك لشراء الثوب الماسب. هل عندك دروس صباحية؟))
((كلا,كل شئ تمام))اعلنت ناتاشا
وظل هذا هو اعتقادها لاحقاً منذلك اليوم ولوليتا تنتقي لها الثوب المناسب والذي كان بلون الفيروز مع خطوط بنية داكنة تزيد من روعته وجماله.

ساكنه القلوب
25-02-2012, 13:03
((انه يكلف قليلاً لكنك تبدين كالحلم به وبعد كل شئ عليك ان تحصلي على كبرياء رون واعجابه بما انه كريم معك لهذه الدرجة))فكرت ناتاشا بنفس الشئ وهى تنظر الى الرداء الساحر بقصته التى تظهر تناسق جسدها الرشيق ونعومة بشرتها الوردية. وكانت السعادة تزقزق داخلها وهي تتجه الى سيارة رون الذي وصل بالوقت المحدد بالضبط ومد لها يديه وهو ينظر اليها بموافقة ورضى.
((ساحرة تماماً .هذا بالطبع لم يصل من البلدة))
((آه ,كلا! لقد اشتريته بمساعدة لوليتا هذا الصباح بالذات..ممولي الكريم المجهول الهوية قد ارسل بعض المال قائلاً ان عليّصرفه على شراء الملابس للمناسبات الخاصة.هذه مناسبة خاصة جداً))
((انا اشعر بذلك ايضاً.مع ان علي اخبارك ناتاشا ان الامسية بأكملها لن تكون لنا بمفردنا.هل تمانعين؟))
((كلا.مهما كان ترتيبك فأنا سأسر به))
(((انا لم ارتب لذلك بالضبط على الاقل ..اجل لقد فعلت .لكن فقط لاني كنت مضطراً لذلك ,سنستمتع بالعشاء والمسرح بمفردنا .سينضم الينا احد الشركاء الصناعيين وزوجتهلان..))
((لكن لاباس بذلك !سأعود الى المنزل حينها اذا اردت فبعد كل شئ..))
((كلا لن تفعلي ..ستكونيين معي لهذه الامسية ولن ادعك تفلتين مني. حتى ولو كنا مضطرين لنصبح اربعة لاحقاً فسنمضي امتع الاوقات بمفردنا اولاً))
وكانت الامسية ممتعة فعلاً وشعرت ناتاشا انه لم يسبق لها وان استمتعت لهذه الدرجة من قبل على العشاء كان رون رفيقاً رائعاً وساحراً وبدا انه لم يكن مهتماً تماماً بمعرفة كل شؤنها. كان يسألها بتركيز عن الذي حدث بعد ان عادت متأخرةالى درس الموسيقي وبدا متعاطفاً جداً وبالغ الرقة واللطف
((اليس عليك ان تقلق بشأني فعلاً..انا بدات بأن اصبح قادرة علىالاعتماد الكلي على نفسي))
بدا وكانه قد وجد ذلك مشجعاً وجيداً واخيراً ذهبا الى المسرح سوياً شعرت ناتاشا انها ناضجة تماماً وما كان ليفرحها اكثر اي شعور اخر غير هذا.
المسرحية التى اختارها كانت جيدة واكتشفا بسعادة انهما يتشاركان بنفس الاهواء والهويات.وكان من المؤسف ,فكرت ناتاشا انهما لن يتابعا السهرة سوياً بمفردهما.
على كل حال الزوجين الذين انضما اليهما في فندق الشيراتون كانا بالغا اللطف بدورهما وجلسا معهما بالطاولة التى سبق لرون ان حجزها في المربع الليلي هناك.((ايعجبك؟))سالها وهو ينظر اليها عبر الطاولة بعيونه الساحرة وابتسامته المحببة.
((انا اعشقه!لم يسبق لي وان سهرت واستمتعت هكذا من قبل. لااظن انني سأ..))
وماتت الكلمة على شفاهها .لاانه وبخوات واسعة ووجهه متفجر غاضب كان خوليو روتسو يتجه نحو طاولتهم.
((عن اذنك..))قال خوليو وهو ينحني باختصار ثم استدار الى ناتاشا وقال بنبرة غضب باردة:((ما الذي تفعلينة هنا بمثل هذه الساعة المتأخرة من اليل؟لن تكوني صالحة لاية دروس تدريبية في الصباح!))
((عندي بعضاً مما يسمى حياة خاصة))بدات ناتاشا بدافع,لكن رون قدم لمساعدتها فوراً.
((الانسة برايت ضيفتي..وانا اتحمل المسؤلية الكاملة بإقائها متأخرة))
((الانسة برايت تلميذتي ايضاً.وانا اتحمل المسؤلية الكاملة بتأكدي من عودتها الى المنزل بساعة ملائمة, كان عليها ان تكون بالسرير الان هل ستوصلها انت الى منزلها ام افعل انا؟))
((عفواً..ماذا قلت؟))بدا رون وكأنه لم يسمع ماقاله خوليو.لكنها ادركت تماماً انه قد سمع بالفعل.
كانت مستعدة لصفعه بقوة بتلك اللحظة,لكنها قالت وهي تحاول جاهدة السيطرة على اعصابها :((عند السيد بلوكيو ضيوف اخرون ولايستطيع تركهم بالطبع.انا بالطبع لن اكون السبب بإفساد حفلته هذه.سأعود الى المنزل بنفسي حالما استطيع))((ستعودين الى المنزل الان.وسأخذك اليه بنفسي))
((لكني اخبرتك انها ضيفتي))اوضح رون.
((وانا اخبرتك انها تلميذتي وهي بالتالي تحت سيطرتي الكاملة))
((حتى بحياتها الخاصة؟))استفسر رون بعيون متوسعة
((بكل شئ))كان الرد البارد المختصر.
((سأذهب .لاتقلق رون,عليك الاهتمام بضيوفك الاخرين.من فضلك اعتذر لهم بالنيابة عني واشرح انني كنت مضطرة للمغادرة.شكراً لك. كانت امسية رائعة,لانريد انهائها بالصراخ))

أم أنس الحداد
03-03-2012, 14:26
تسلموا كثير

khadija123
04-03-2012, 04:22
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



صببببببببببببااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااايييييييييييييييييييييييييييا كيف حالكم والله لكم وحشة
اشتقت لكم كثييرررررررررررررررررررررررراااااااااااااااااااااا ااااااااا أتمنى ان يكون الكل بألف خير
كانت عندي ضروف تمنعني إني أدخل للنت (العمل وضيق الوقت كمان كانت الوالدة مريضة شيئا ما والحمد لله تعدت مرحلة الحرجة )

إشتقت لكم جميعا بدون استثناء
سلامي للكل وأعدروني على الغياب الطويل

ساكنه القلوب
05-03-2012, 16:38
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتة اخواتي العزيزات ناسف لعدم اكمال كتابت الرواية بسب ظرف طارئ حث توفيت عمتنا رحمة الله عليها ولزمان اكون موجوده ارجوكم اعدروني واتمنى ياوردة حمراء او اي واحد تكمل نيابة عنى للاهمة احتمال اغيب كثير جداً واآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآسفة من اعماق قلبي:frown: ودمتم لي في قلبي الحزييييييييييييييييييييييين سكنة

lolaaalex
05-03-2012, 22:39
السلام عليكم لكل البنات انا كنت باشترى روايات احلام وعبير لحد مابحثت عنها على النت من كام شهر واول ماقريت كان فى المشروع الاول التاريخ كان 2007 وفضلت اقرا لحد اخيررررررررررررررررررررا وصلتلكم بتاريخ اليوم وبجد انا مبسوطه انى سجلت واقدر اعلق على المجهود الجميل لكل البنات والروايات الرائعه بدايه من مارى انطوانيت وانجل وجين وغصونه وصبا وخدووجه وساكنه القلوب والله كل البنات االى مقدرتش اكتب اسمائهم باشكرهم من كل قلبى على الروايات الجميله

حبيبتى ساكنه القلوب ربنا يرحم عمتك ويجعل مثواها الجنه يارب هى وكل موتا المسلميييين

lolaaalex
09-03-2012, 17:00
السلام عليكم وينكم يابنات محدش بيدخل خالص ليييييييييييييييييييييييييه
نفسى اكمل قصة ابنة الحظ

khadija123
14-03-2012, 19:02
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حال الجميع بإذن الله الكل يكون بألف خير
عزيزتي ساكنة القلوب والله إني تأسفت لما تمرين به حاليا الله يرحم العمة ويجعل مثواها الجنه يارب هى وكل موتانا المسلميييين
ويصبركم ويصبر عيالها يارب أمين

khadija123
14-03-2012, 19:08
السلام عليكم وينكم يابنات محدش بيدخل خالص ليييييييييييييييييييييييييه
نفسى اكمل قصة ابنة الحظ

مرحبا بك معنا نورت المنتدى بطلتك الحلوة يا حلوة
انا غبت مدة عن المنتدى وما أعرف ليه البنات ما يدخلون إنشاء الله يكون المانع خير
أنا أقول ليه ما تكملي الرواية وجزاك الله خيرا أختي

lolaaalex
14-03-2012, 22:08
خديجة ياريت كانت عندى كنت كملتها بس انا اقصد ياريت الى عنده ينزلها لانى نفسى اعرف النهايه بس للاسف ماحدش بيدخل خالص لدرجه انى قولت ان المشروع قفل مع انى متبعه من زمااااااااااااان بس ماكنتش متسجله

ايمان عيسى
20-03-2012, 16:54
السلام عليكم
عزيزتي ساكنه القلوب انزل الله الصبر في قلوبكم على ما اصابكم رحم الله عمتك و اسكنها في فسيح جنانه

ايمان عيسى
20-03-2012, 16:58
مرحبا
بصراحة حابة اكمل الرواية و قاعدة بطبع فيها تسمحولي عزيزاتي
و الا في مشكلة
و اكون اكتر صراحة الرواية بطبعها من شبكة روايتي الثقافية
ممكن انزلها على المنتدى

lolaaalex
21-03-2012, 00:25
ياريت ياايمااااااااان انا عن نفسى مفيش مشكله ياريت باقى الاعضاء يوافقوا على الاقل المنتدى يرجع زى الاول ياريت بجد تنزيليها

ايمان عيسى
21-03-2012, 16:09
ياريت ياايمااااااااان انا عن نفسى مفيش مشكله ياريت باقى الاعضاء يوافقوا على الاقل المنتدى يرجع زى الاول ياريت بجد تنزيليها

و انا بانتظار المواقفة ايضا :redface:

lolaaalex
21-03-2012, 21:55
بصراحه انا باقترح انك تكميليها لان ماحدش من البنات بيدخل يمكن لما تكمل المنتدى يرجع زى الاول تقريبا انا من شهر ماشوفتش حد بيدخل غير خديجه والقرار الاخير ليكى وماعتقدشى ان فى حد ممكن يزعل لان ساكنه القلوب هى الى اقترحت ان حد يكملها حتى جييييين اوستن مش باينه

ايمان عيسى
22-03-2012, 14:36
ابنه الحظ
( لكني لم اسمع مطلقا بهكذا تصرف ) احتج رون
( ستسمع المزيد من هذه التصرفات اذا ما ظللت تتصل بالانسة برايت . جاهزة ناتاشا ؟ )
( سأستقل تاكسي ) قالت و هي تقف و تحدق به بكره واضح .
( اصعدي ) اجاب و هو يفتح باب سيارته و بما انه لم يكن امامها أي خيار اخر .... حتى تتحاشى الصراخ وسط الشارع فقد صعدت الى السيارة .... لكنها حدقت بالزجاج أمامها و أقسمت الا تتفوه بأيه كلمة .
صمت مطبق اطبق داخل السيارة الى ان قال بنفاذ صبر ( لا داعي للعناد عليك ان تكتشفي عاجلا ام اجلا ان حياه المغنية صارمة و محددة . السهر الطويل و النوادي ليست لك و كلما سارعت بمعرفة هذه الحقيقة كلما كان افضل و اذا كنت تتخيلين انك مغرمة بذاك الشاب فمن الافضل ان تمسحي ذلك على الفور ايضا .لن يكون عندك الوقت لهكذا اشياء . استطيع ان اؤكد لك هذا )
( اعتقد انك اكثر الاشخاص بغضا و عدم احتمالا بالعالم بأسره )
( هذا ممكن جدا .الاشخاض المبغضين و الذين لا يحتملوا هم الذين يصلون الى القمة عادة . المملين اللطفاء و الرقيقين يبقون في بلدتك بونيا مثلا )
هذه المرة هي من ظنت انها لم تسمع ما قاله فعلا الا يملك و لا ذرة واحدة فقط من اللياقة ؟ ها هو يتقبل المال من رون و يتكلم عنه بهذه الطريقة المزدرية عليها على الاقل اطلاعه على حقارة هكذا تصرف منه .
( هل تظن انه من اللياقة و الشهامة منك ان تتحدث عن رون بهذه الطريقة فيما انت تقبض ماله لتقوم بتدريبي ؟)
مرت فترة صمت طويلة تمنت خلالها ان تكون قد اصابت منه مقتلا لكن حين تكلم اخيرا بدا مستمتعا اكثر منه خجلا ( انا لم افكر بهذا من هكذا منطلق )
( اذن فكر به الان ) ردت ببرود
حين وصلا اخيرا الى المنزل اوقف السيارة و تناول مغلفا صغيرا من جيبه و ناولها اياه .
(هاك بطاقة الحفلة ليوم الجمعة و ارى ان تكوني هناك بالوقت المناسب )
حدقت بالمغلف دون ان تلمسه لانها لم ترغب بتلك اللحظة باخذ أي شيء منه.
( شكرا لك لكني ساذهب مع الفتيات و سأجلس في ( احتمال بلكون مو واضحه الكلمة سوري )
قال باشمئزاز ( لن تفعلي ذلك مطلقا ستجلسين في الصف الثالث حيث بامكانك ان تشاهدي كل خيال في الاداء . هذه هي المرة الاولى التي تشاهدين فيها اداء موسيقي عظيم و قد تدركين تماما معنى ذلك بالضبط )
( أليس هذا ما يسمى تكبر و عجرفة )
( كلا بالطبع لا انه مجرد مدح مهم لفنان كبير و حتى و لو حدث ان هذا الفنان هو انا . عليك تعلم ادراك هذا الامر اذا انا اردت ان يكون لك يوما حكما سديدا . ستجدين انك اذا استطعت ان تقيمي نفسك دون خجل او اجحاف . فانت لن تتقدمي مقدار خطوة . خذي البطاقة و توقفي عن المجادلة حان وقت نومك منذ ساعات )
اخذت البطاقة و لم تشكره و لم تقل له ( تصبح على خير ) و لماذا تفعل فكرت بغضب . لقد اعطاها البطاقات ليبهج نفسه لا نفسها و هي لن تتمنى له ليله هانئة على العكس هي تتمنى ان يهجر النوم عيونه و ان يبقى مستيقظا جراء ما فعله هذا المساء لكنها شكت كثيرا ان يكون هذا حاله .
في الحقيقة ناتاشا هي من هجر النوم عيونها تلك الليله و هي تحاول ان تتذكر القسم الأحلى من تلك الأمسية و الذي قضته مع رون . لكنها لم تنجح بذلك نظرا لسيطرة القسم الثاني من السهرة على بدايتها .( الجميع يقول انه عبقري لكني اظن ان عبقريته الخاصة تكمن بان يجعل نفسه بغيضا اكثر من أي مخلوق اخر )
اخيرا و قد افرحتها نتيجة تفكيرها هذا استغرقت بالنوم .
صباح اليوم التالي كان من الطبيعي ان لوليتا اخذت تسألها باستفسار عن مجريات الليلة السابقة فاعطتها ناتاشا شرحا مشرقا عن القسم الاول من السهرة لكن دون ذكر تدخل خوليو روتسو .
لكن لوليتا كانت مغرمة بالتفاصيل .
( و في أي وقت اوصلك رون الجميل اخيرا الى المنزل ؟ و هل اخذ منك موعدا اخر خلال اقامته بمدريد ؟ )
ترددت ناتاشا و لكن و لان الغضب هو الذي سيطر عليها اوضحت ( ليس رون من اوصلتي الى المنزل بل السيد روتسو )
(تقصدين انه انضم الى حفل العشاء ايضا ؟ سالت لوليتا و عيونها تتوسع بتاثر ؟
( ليس بالمعنى الذي تقصديه . وصل الى المطعم . راني و قد تصرف بطريقة حقيرة و مذله )
( يا عزيزتي الم يقاتله رون او أي شيء من هذا القبيل ؟ ) سالت لوليتا بصوت مذهول .
( كلا بالطبع لا . لا يمكن للمرء ان يقوم بالعراك على مرأى من كل الناس ) .
( و لا مع خوليو روتسو بالذات . انه من نوع الاشخاص الذين يقصدون تماما ما يقولون و ينفذوه بدون أي مجادلات او معارضة )
( لقد حدث بعض الجدال )
(لكن دون تبدل بالنتيجة الحتمية )

ايمان عيسى
22-03-2012, 14:37
للحظات لم تجب ناتاشا ثم قالت بتردد : (دون تبدل بالنتيجة الحتمية )
و فجاه تمنت لو ان رون رفض السماح لخوليو روتسو باصطحابها الى منزلها مهما بدا هذا غير معقولا او غير منطقيا .
لربما رون نفسه شعر ان الاجدر به كان ان يفعل ذلك ايضا لانه اتصل بها قبل ان تنتهي من فطارها و صوته يحمل كل قلقه و اعتذاراته .
( انا ببساطة لم استطع التغلب على اهانته تلك و لا استطيع ان اخبرك عن مدى اسفي ناتاشا . لانني لم استطع ان اترك ضيوفي بتلك اللحظة الحرجة )
( ارجوك لا تفكر هكذا ، اعرف انه لم يكن لك أي خيار بهذه المساله . لا يمكن لاي شخص ان يترك ضيوفه و ينسحب على كل حال حين يكون السيد روتسو بذلك المزاج فعلى الاخرين ان يقوموا بشيء واحد فقط ان يطيعوه )
( لم ادرك ان وقتك معه كان قاسيا لهذه الدرجة . لا شك انك تلعنين و بعمق الشخص الغبي الذي وضعك بطريق هذا الموسيقي )
( اه ... كلا ...انا اعطي ممولي ......ممولي مجهول الافضلية لادراكه ان ما اريده اكثر من أي شيء اخر بهذا العالم هو التدريب الافضل و الاكمل . و بالتاكيد انا احصل على ذلك من خوليو روتسو مهما كان بغيضا و غير معقولا الشخص ذاته . انا اعرف تماما انني محظوظة جدا بكوني تلميذته )
( حتى و لو كان قاسيا جدا معك )
( حتى و ان يكن ) اعلنت ناتاشا بصدق .
( حسنا لا اعرف بدت المسأله وضعا تعيسا للغايه لي )
( اه .. كلا رون .. انها ليست تعيسة ... لا شيء من هذا القبيل مطلقا . مغيظة و تثير الجنون ربما لكنها مثيرة جدا بنفس الوقت . اظن ان الانسان يلعب بالنار لهذه الاهداف بالذات )
( و هل هو النار )
( بالطبع )
فترة صمت طويلة ثم صوت رون سال بفضول ( كل هذا غريب هل تشمئزين منه ناتاشا ؟ )
فتحت فمها لتجيب بالإيجاب الكلمات كانت على طرف لسانها . لكن شيئا اقوى منها منعها من النطق و شعرت فجاه بالارتباك و الحيرة ليس بالنسبة لما عليها ان تقوله فقط بل بما كان يجول بفكرها ايضا .
ثم قالت بالنهايه و بخفة ( انها علاقة عمل صرفة )
مع انها كانت تعرف جيدا انها لم تكن كذلك ( الاشمئزاز او ... او العكس لا يتدخل ببساطة بهكذا علاقة انه الرجل القادر على جعلي مغنية و انا اتقبله على هذا الاساس )
( فهمت ) رد و لكنه بدا محتارا و تفهمت ناتاشا ذلك و كانت محتارة من هذا .
ثم شرح لها رون انه لن يكون قادرا على رؤيتها مجددا ذلك اليوم لكنه يملك بطاقة للأوبرا مساء اليوم التالي و انه يأمل برؤيتها حينها .
( و اذا استطعت الهروب من الطاغية . لربما تمكنا من تناول العشاء معا . ساجد مكانا بعيدا حيث لن يتمكن من ايجادنا )
( شكرا جزيلا رون لكن لا )
( الا تزالين خائفة ؟ )
( ليس هذا ... انا فقط تقبلت معرفته المتفوقة حول نمط حياه المغنية )
( اتنمى ان يعرف هو كم ان تلميذته نجيبه و مطيعة )
( اشك بذلك ) قالت بضحك
( هل دفعك او حرضك لتكوين هكذا فكرة ؟ ) سألها
( كلا ابدا لقد أقنعني بسلطته الطبيعية على ما أظن )
( حسنا .... حسنا انا احسدك على مبادئك .. لكني كنت اتمنى ان تكوني متساهله اكثر بهذا المجال )
( كلا رون انه مستقبل انا مقتنعة به تماما . الى اللقاء و أراك في دار الاوبرا غدا )
لاحقا من ذلك اليوم و اثتاء درسها الموسيقي لاحظت ان السيدة راندا كانت اكثر مرحا من العادة معها . فتجرأت ناتاشا لتسالها ما كان يحيرها و تقول ( سيدة بيور هل يتصرف السيد روتسو دوما كالطاغية المستبد مع كل تلاميذه )
فترة من الصمت مرت قبل ان تقول السيده راند ( انا لا اذكر مطلقا انه سبق له ان قام بتعليم أي تلميذ او تلميذة من قبل و لهذا لا اعرف )
( لم يعلم من قبل مطلقا ؟ تقصدين انني تلميذته الاولى بالمطلق )
( هذا حسب علمي اجل . من غير المعتاد ابدا لفنان بمثل مستواه ان يزعج نفسه بالتعليم كما تعرفين )
( اذن شخص ما .... ممولي او لا اعرف بماذا ادعوه يدفع له مبلغا ضخما من المال مقابل تعليمي )

ايمان عيسى
22-03-2012, 14:38
ممكن لكني اشك باهمية دور المال بهذا المجال فالسيد خوليو روتسو يعد من الاثرياء المكتفيين )
( صحيح لكن ما هو السبب اذن سيدة راندا ؟ ما هو السبب )
( ناتاشا انت غريبة بتواضعك بالنسبه لفنانة معظم التلاميذ كانوا ليدركوا ان السبب هو مؤهلاتهم و منذ البداية )
( تقصدين انه و لدرجة ما يعتقدني استحق الوقت الذي يصرفه على تدريبي )
( اعتقد ذلك اجل )
( لكنه لا يعطي ذلك الانطباع ) قالت ناتاشا بشك
( اظنه شخصية جادة جدا و يوما ما ستكونين مسرورة لذلك ناتاشا . نمط حياه الفنان هي من اصعب الانماط و لربما على احدهم ان يكون قاسيا معنا في البداية . الكلمات اللطيفة و التصفيق قد يأتيان لاحقا و ليس في البداية )
( اعتقد انك على حق . لكنه يكون بعض الاحيان فظا جدا و دون أي داعي لذلك)
( ممكن كل الفنانين العظام يعيشون على اعصابهم و القليل منهم يعانون الجنون بسعادة الناس العامة يطلقون صفة المزاجيه على هذه الطباع . اذا كان عندك المزاجية لاداء عرض ضخم فانك ستفعلين لكنك حين تنتهين ستكوني عصبية لاصغر الاشياء )
( و هل تعتقدين انه يشعر ببعض لحفلة الغد التي سيكون هو المايسترو فيها ؟ ) سالتها ناتاشا و قد اذهلتها الفكرة
( حسنا لقد كان هو قائد الفرقة الموسيقية لبورتيغي لمرات عديدة فلا اظن انه سيشعر بالقلق من جراء ذلك لكن هناك دون شك الشعور بالقلق اتجاه أي امسيه موسيقية حين تكون المسؤولية الاولى تقع على عاتقه الشخصي )
( هل سبق لك و غنيت بالاوبرا ) سالت ناتاشا
( كلا . كنت اتمنى ذلك لكن حقيقة انني عرجاء بعض الشيء منعني من الاداء على المسرح )
( لقد نسيت انا اسفة . انت جميلة جدا و رشيقة لدرجة ان الانسان ينسى تمايلك قليلا بالسير )
( شكرا لك لكن و كما ستكتشفين بنفسك على المرء ان يكون نشيطا و بصحة ممتازة و قوية كالحصان حتى يتمكن من الاداء الاوبرالي . بعضهم يبدو قابلا للكسر لكنهم بقوة الصلب بالحقيقة و هذا ما عليك ان تكونيه )
( تجعلينني اعتقد انني سانجح فعلا حين تتكلمين هكذا ) قالت ناتاشا
( ستنجحين بالطبع انا لا اتصور ان يتبنى خوليو روتسو فاشلة ) كان الرد الجاف
فكرت ناتاشا بجمله المعلمة راندا الاخيرة لمرات و مرات خلال تلك الامسية بمزيج من الرضى و الترقب . و فكرت بذلك خوصوصا باليوم التالي . حين اخذت مكانها بالصف الثالث استعدادا لحضور اوبرا بورتيغي و انتظرت بتوتر و اثارة مترقبة ... وصوله الى طاولة المايسترو .
و حالما انطفات الانوار وصل بسرعة الى مكانه حتى قبل ان تدرك ناتاشا ذلك .
قطع التصفيق العارم بحركة للفرقة بدات على اثرها بعزف اللحن الاول من اوبرا توسكا .
و بعد ذلك غرقت ناتاشا مجددا بذلك العالم الساحر و عيونها تراقب بانذهال و انبهار ما كان يجري امامها على المنصة لكن شعورها بالسيطرة الكاملة للرجل خلف طاولة المايسترو و لم يفارقها للحظة .
القثوة الهائلة و الطاقة المتدفقة بالاضافة للتوازن التام و المرونة الكاملة العرض الصافي البراق لمضمون الاوبرا كان شيئا لم تختبره ناتاشا من قبل لم تعرف بالضبط مصدر التاثير الهائل لقوة المايسترو الحقيقية بهكذا عمل الا حين شاهدت ذلك بام عينها .
( انه عرض فريد غريب كيف يستطيع روتسو و بعبقرية العمل الواحد الى شيء جديد براق و مشع فمع اني حضرت الاوبرا هذه عدة مرات لكن وجوده كمايسترو الان لها يجعلني اشعر و كانني احضرها فعلا و للمرة الاولى ) علق احدهم من الصف الامامي .
( انها يده اليسرى الذهبية فقط راقب تلك اليد اليسرى ) علق رفيقه
و هكذا وجدت ناتاشا نفسها تراقب اليد الجميله باصابعها الصلبة الطويله و هي تعطي التعليمات لبقية اعضاء الفرقة . و فهمت ما كان يقصده الرجل الجالس امامها . بحركات اليد المرنه الواثقة كان خوليو روتسو يؤمن لب العمل و كان ينقل بحركات يده كل ذرة من شعور الى فرقته .
نسيت ناتاشا كرهها له نسيت انها و منذ اقل من 48 ساعة كانت تنظر اليه بازدراء و كره لانتقاده لرون . لقد راته الان على حقيقته عبقري رائع يمسك خيوط العرض بين اصابعه و بتلك اللحظة كادت ان تشعر انها تحبه للطريقة التي ينقلها بها الى عالم السحر و الروعة .
وجدت رون بفترة الاستراحة و بدوره بدا تحت تاثير سحر روتسو .
( انه شيطان غير معقول بوصفي رجل رأيت الكثير منه تلك الليله الا انني سارفع له قبعتي تحيه مع انني كنت لاضربه على فكه تلك الليله ) قال رون
( اعرف ما تقصده كنت اجلس هناك و افكر بنفس الطريقة ) اعترفت ناتاشا
حسنا لربما علينا اذن ان نسامحه لكونه هكذا و هكذا ) قال رون بابتسام
( كلا المسامحة امر يختلف . لا يمكنني ان اسامحه على شيء اقترفه و نطق به لكنني اتقبل ذلك كجزء من شخصيته .... استطيع ان اكرهه كرجل لكني اعبده كفنان ... الامران مختلفان كليا )

ايمان عيسى
23-03-2012, 11:00
( انك على حق حسنا ... ابقي رايتك مرفرفة و لا تدعيه يزعجك كثيرا .. الن تخرجي برفقتي هذا المساء ) سألها رون
( كلا لا يجب ان افعل حقا )
( حسنا هل ستدخلين الكواليس لرؤيته )
( اه لا .. لا اعتقد ذلك )
( حسنا في حال فعلت فانا سأودعك الان سأعود الى البلدة غدا . هل اوصل سلامك الى العائلة ) و احنى راسه طابعا قبله على شفاهها .
( اه اجل اجل لهم جميعا . و اخبرهم عن مدى اشتياقي لهم و قل لهم انني اعمل بجد و انا اعمل بقوة حتى يصبحوا فخورين بي يوما ما ... و اذا عرفت هوية من قدم لي هذه الفرصة الرائعة – قل له او قل لها – انني سابقى ممتنة طوال العمر له او لها مهما فعل خوليو روتسو بي )
( ايتها الفتاه العزيزة سأفعل ) وعدها بابتسام ثم رن جرس نهاية الاستراحة فافترقا كل الى مقعده
خلال الفصل الثالث هذا اختبرت ناتاشا مجددا شعور الاثارة . الانبهار و الروعه و هي تراقب خوليو روتسو و التعابير التي كانت تظهر علة وجهه الوسيم ثم و عند النقطة الحساسة في المقطع و التي سارت بشكل اروع من أي وصف رات وجهه يشع بابتسامة و فكرت فجاه .
( لكم يحب عمله . لهذا بامكانه قيادة العرض بتلك المسحة الرومانسية العظيمة رغم كل عجرفته فانه يعطي العمل كل ما عنده كالعاشق المستبد المتيم )
كانت هذه نظرة جيدة و مثيرة عن خوليو روتسو _ العاشق المستبد المتيم _ فكرت ناتاشا و هي تراقب الان البطل و هو يؤدي الدور النهائي .
لقد سبق لها و ان سمعت هذا الاداء لعشرات من المرات في السابق لكن هذه الليله تفتحت كتلابيب الزهرة لدرجة انها شعرت و كانها تسمع هذا الفصل للمرة الاولى . و ادركت ان بطل الاوبرا الموهوب و الناجح قد تشذب و ادى وفق تعليمات المايسترو فاصبح كل شيء بصوته واضح للسمع و كل نبره من غنائه كانت كالكريستال .
( استطيع ان ازحف اليه على ركبتي ) فكرت ناتاشا بالنهايه و هي لم تكن تقصد بالطبع بطل الاوبرا مع انه هو بالطبع من حظي بالتصفيق النهائي .
و بنهاية العرض تماما و فيما استدار خوليو روتسو للمغادرة رمى ناتاشا بنظرة و اشار لها لتتبعه الى الكواليس .
فعلت ناتاشا ذلك فورا و ادخلها الحارس فورا و قال ( السيد روتسو في الغرفة رقم 1 )
فسارت الى الغرفة المذكورة و دقت الباب ببعض القوة ( ادخل ) جاءها صوته العميق .
و حين دخلت وجدته يجلس خلف المرآة يسرح شعره الداكن و عيونه لا تزال تلمع بالإثارة مع انه بدا مرهقا بعض الشيء .
( اهلا ) قال و قدم لها كرسي ( كيف وجدت الامسية )
( كنت رائعا )
( اوتعرفين الكثير عن ذلك الى أي درجة تعتقدين نفسك قادرة على تقييم القيادة الموسيقية للفرقة )
( انها يد يسرى جيدة . لقد اكتشفت ذلك ) ردت ناتاشا
فاستدار فورا و عاد اليها و المنشفة بين يديه ( كيف عرفت ذلك ) سألها بدهشة واضحة
( لقد ... لقد سمعت احدهم يقول ذلك فراقبت و رأيت ذلك بنفسي )
ارخى رأسه الى الخلف و ضحك بصوت مرتفع ففكرت ناتاشا ( انه بالغ الوسامة بدرجة غير عادلة )
ثم ربت على خدها بحدة بأصابعه المبللة و قال ( انت تتعلمين ما رايك ببورتيغي )
( رايي بها ... انها بكل بساطة رائعة .. اليس كذلك )
( اجل كانت ببساطة رائعة هذه الليله )
( اتسال ان كان سيعتبرني يوما رائعه هكذا ) فكرت ناتاشا بألم
بتلك اللحظة سمعا طرقا خفيفا على الباب تلاه صوت جوليا بورتيغي الجميل ( مايسترو هل بامكاني الدخول
هل انت لائق الملبس )
( بما فيه الكفاية )
كانت لاتزال برداء الاوبرا البراق و حالما دخلت الغرفة نهضت ناتاشا بغريزية و افسحت لها المجال
( يا عزيزي ماذا بإمكاني ان أقول ؟ كنت رائعا الليلة )
( انت كنت رائعة أيضا )
( لا باس كلانا كان رائعا .. نحن جيدان كل بمفرده و حين نجتمع نصبح الافضل بالمطلق ... يجب ان نكون سويا ....... سويا اكثر خوليو ؟ )
( قد نقتل بعضنا البعض حينها ) لامس وجنتها بحنان و اغاظة محببة
و هي تراقبهم شعرت ناتاشا بالانعزال بدا انهما لا يحسان بوجودها اصلا لكنها كانت مخطئة بهذا على الاقل هو لم يكن قد نسيها كليا فقد استدار و ذراعه حول جوليا بخفة و قال ( لا اعتقد انك قد قابلت من قبل تلميذتي ناتاشا بريت )
( تلميذتك ) رددت المغنية و هي ترمق ناتاشا بنظرة متفحصة سريعة ( لم اكن اعلم ان لك تلاميذ )
( لا يكون لي عادة ) اجاب
( هل هي ذات موهبه خاصة جدا اذن ) سالت جوليا
( هي تبدي لمحات من وعد احيانا ... و باحيان اخرى اعتقد فقط بانني اضيع وقتي )
( هذه ليست من عادتك ... تضييع الوقت )
( حقا )
( انها فتاة محظوظة ان تكون تلميذتك ... يا الهي كنت لاقدم روحي مقابل هكذا فرصة و انا بمثل سنها .. على ما اظن .... انها تعبدك )
( عليك ان تسالي ناتاشا نفسها عن ذلك )
( حسنا ) قالت جوليا و هي تنظر الى ناتاشا ( لا داعي لهكذا سؤال صحيح ... نحن نعمل له ... نحن نعبده )
( اعتقد يا سيدتي انني لست من النوع الذي يعبد احدا – انا معجبه و حتى اعظم السيد روتسو - على عبقريته
لكني لا اعبده كشخص و اعتقد انه سيشعر بالارتباك لو فعلت )
( اه احتاج للكثير الكثير حتى اشعر بالارتباك )
( انها باردة انت لن تصنع منها فنانه اذا ما بقيت الصغيرة على هذه البرود ) قالت جوليا
( سترى ... ما كان عليك ان تضغطي عليها جوليا انها صريحة و هي ليست معجبة بي )
( آه .. إعجاب .. المرء لا يعجب بك يا حبي .. المرء اما ان يحبك و اما ان يكرهك .. احيانا يحبك و يكرهك بنفس الوقت )
( حسنا يا جميلتي الحساسة سنترك هذا السؤال للوقت الحاضر .. اذهبي و غيري ملابسك الان و الا تاخرنا على العشاء )
مطت فمها باحتجاج مرح لكنها خرجت بدون ان تلقي و لا بمجرد نظره على ناتاشا .
حين اغلق الباب خلفها قال ( من الافضل لو تغادري انت ايضا ناتاشا لقد تاخر الوقت .. و اذهبي مباشرة الى المنزل لا مجال للتسكع مع الشاب الجلف من تونغا )
( هل عليك ان تجعل الامر يبدو مهينا هكذا ) سألته بغضب
( هذا ضمان ضد تهديد جوليا لا اتحمل ان اكون محاطا بتلميذه عاشقة كما تعلمين )
( لا داعي لتقلق بهذا الشأن انا حتى لست معجبة بك كما سبق و قلت .. و اذا كانت السيدة بورتيغي على حق بقولها ان المرء اما يحبك او يكرهك ..... فانا اعرف تماما مع أي طرف موجودة )
استدارت لتغادر مدركة ان هذا افضل ختام لكلامها لكنه استدار و امسك بها مانعا اياها من التحرك مما سبب لها الدهشه و الخيبة .
( حسنا مع أي طرف انت ناتاشا ) سالها و ذراعه حولها بقسوة .
( و ماذا تعتقد انت )
( انا أتسال عن ذلك أحيانا ) اجاب و احتى راسه مقبلا اياها .
( كيف ... كيف تجرؤ على القيام بشيء كهذا ) سالته و عيونها متوسعة و حانقة
( انا لم اقل ابدا ان بامكانك تقبيلي انا لم ارغب ب...)
( ا ه . بحق السماء لا تكوني ميلودرامية بشان هذه القبلة لا تعني شيئا بعالم المسرح .. لا داعي للبطولات . هيا اركضي فورا الى منزلك .... لقد تاخرت بدوري بما فيه الكفاية )
استدار مبتعدا و شعرت بالغضب يتحرق داخلها و معه شعور من الخيبة لم تعرف كنهه و هي تغادر الغرفة العديد من الاشخاص كانوا يتحلقون في الممرات و بعضهم اخذ يرمقها بفضول لخروجها من غرفة الرجل العظيم . لكن ناتاشا بالكاد لاحظتهم و هي تمر نحو باب الخروج .
( اذهبي مباشرة الى المنزل ) امرها و اعتقدت ان هذا ما ستفعله لكن و لسبب ما اشتغل التمرد داخلها و وجدت نفسها تغادر المسرح و تقف قرب باب الخروج تحت احدى الاشجار بانتظار خروجه .
مجموعات من الناس كانت موجودة خارج الباب ايضا بانتظار خروج المغنين و الموسيقي الرائع .
رأت المغني يخرج أولا يوقع بعض الدفاتر للمعجبين ثم يبتعد بسيارته .
( ها هي ) علا الهتاف بين الجموع و لحظات و ظهرت جوليا بورتيغي الساحرة باناقتها المميزة على باب الخروج و خلفها خوليو روتسو .
كان يبتسم و مزاجه ممتاز كما يبدو مع ان ناتاشا كانت سعيدة و لم تسمع ما كان يقول لكن لاشك من انه قد تفوه بنكته ما لان الضحك ارتفع من الجميع و رمته جوليا بنظرة براقة .
( انا لا اتحمله ) قالت لنفسها .. ( كنت لأقتله عندما قبلني بتلك الطريقة العادية المهنية )

ايمان عيسى
24-03-2012, 13:09
حين تحرك الاثنان اخيرا و اصلح هو من وضع الفراء حول اكتاف جوليا وجدت ناتاشا اظافرها تكاد تغرز بلحم كفاها . كانا داخل السيارة الان و خوليو روتسو خلف المقود و اخذت الجموع تتفرق و ناتاشا بمكانها هناك دون ان ترى شيئا امامها الا هذين القريبين من بعضهما البعض بحميميه مبتسمة ... و خطواتها تسير ببطء على الرصيف سمعت صوت توقف السيارة قربها و سمعت صوته الصلب العميق يقول لها عبر زجاج النافذة النصف مفتوح ( اذهبي الى المنزل فورا ناتاشا انا لا اتوقع ان اكرر اوامري مرتين )
و تابع سيره و جوليا المبتسمة الى جانبه و ظلت ناتاشا وحدها في الشارع الذي اصبح فجاه مهجورا و مظلما .
انطلقت فورا الى المحطة ثم الى مسكنها ... الجميع كانوا نياما حتى لوليتا .. فصعدت ناتاشا الى غرفتها و شعور من الاحباط يسير عليها و شعرت برغبتها العميقة بالبكاء . فبكت دون ان تعرف الدافع لذلك .
نهضت بعد قليل و اخذت تخلع ملابسها . و تحاول ان تحلل سبب شعورها هذا .
( العرض كان رائعا ) قالت لنفسها ( يجب ان اشعر بالسعادة .. او على الاقل بالفرح .. جوليا بورتيغي رائعة بكل معنى الكلمة .. هي لم تحبني اجل ... و لكني لم احبها بدوري ... لكن هذا امر لا يهم )
وضعت بيجامتها عليها و تابعت ( ما كان علي ان اثير كل تلك البلبله حول تقبيله لي على ما اظن فهو محق تماما بقوله ان القبله لا تعني شيئا بعالم المسرح و لا تلك القبله بالاستديو تعني له شيئا ايضا )
لكن بدلا من ان يشعرها هذا التحليل بالراحة فقد ازداد احباطها .
( الشخص يشعر بالتعاسة حين يعود الى المنزل بمفرده ) خاصة حين يذهب الاخرين سويا لتناول العشاء و الاستمتاع . أتساءل الى اين ذهبا هو لم يطلب منها الخلود للنوم باكرا لكني اظن انه حين اصبح بمركز جوليا بورتيغي فسيحق لي بعض الراحة انها تتصرف بتملك كامل فيما يتعلق به او ربما هي تقبل كل شخص بتلك الطريقة كلا لا اظن ذلك هو فقط اه ما الذي يهمها من كل ذلك على كل حال .
خلال الأسابيع اللاحقة تقلبت ناتاشا بين مشاعر السعادة و اليأس و هي تدرك تماما الحياة الجديدة التي بدات بها .
في البداية كان هناك تحسنا واضحا مع ان جلساتها مع خوليو روتسو كانت مؤلمة . لكن الان و بهذه المرحلة اخذت تشعر بعدم الثقة بنفسها و كلما جاهدت للحصول على موافقته و رضاه كلما شعرت ان هذا كان أملا مستحيلا.
( لا تعذبي نفسك بهذا الشأن ) حثتها راندا بيور برقة حين كانت ناتاشا تتخبط بأعماق اليأس ( الأمر هكذا مع كل واحد هنا . في البداية تشعرين بالدهشة للأشياء التي تتعلمينها بسهولة فلست الوحيدة التي تشعرين بذلك . أؤكد لك هذا بعد فترة ستبدئين بالشعور بالتوازن بين الضعف و القوة . انت تسيرين بشكل جيد جدا بأدائك بالواقع )
كان قد تدبر لها الان ان تحضر بعض دروس التمرين في دار الاوبرا . لكنه كان نافذ الصبر بشكل فظ في حال فضلت بالتوصل الى الاستنتاج الصحيح لما تشاهده و تسمعه .
( انت مقاومة و بشكل مذهل لبعض الاكتشافات البسيطة ) اخبرها على الفور ( بدأت أتسال عن سبب إزعاج نفسي بتعليمك )
( بسبب المال على ما اظن ) ردت بغضب
( أي مال ؟ )
( المبلغ الضخم من المال الذي افترض انك تتقاضاه مقابل تعليمي )
( اه .. ذاك )
( قد تنساه انت . لكني لن افعل ابدا و لا لمجرد لحظة واحدة اكره بشدة بعض النقاط بتعليمي و لا داعي لاخبرك عن أي نقاط بالذات ... أتحدث لكني اعرف انه تعليم من الدرجة الاولى و سأكون ممتنة ليوم مماتي للرجل الذي أعطاني هذه الفرصة )
( يا لكم هذا مؤثر .... لكن العمل الجاد و الذكاء يفيدون اكثر من الاخلاص العاطفي المحض .. اتعرفين لنعد الى الامور الهامة فعلا فهذه هي الطريقة الافضل لتظهري امتنانك للرجل المحترم الذي تتحدثين عنه )
( لماذا تكره رون لهذه الدرجة ... انت دائما تتكلم عنه بتلك الطريقة المغيضة المزدرية ؟ )
( انا ... ليس عندي ادنى شعور نحو رون بلوكيو خاصتك هذا ... بطريقة او باخرى طالما انه لا يبعدك او يشاغلك عن هدف وجودك المصيري .. )
( و هدف وجودي المصيري بوجهة نظرك هو ان اصبح مجرد مغنية )
( لا تقولي ان اصبح مجرد مغنية . بتلك الطريقة ) قال بغضب مفاجئ ( لتصبحي مغنية ... هو ان يكون هناك مبرر لوجودك من الاصل ..... ان تحيي السماء على الهبة التي خصتك بها و ان تلمسي بالنهاية باصبع الخلود و الان لنتابع الدرس ) و هكذا تابعا الدرس .
و بالرغم من الصراع العاطفي بينهما و الذي كان يترك ناتاشا بلا قوة الا انه كان فعلا يلهمها و يدفعها لان تعطي افضل ما عندها .
( احيانا ) اعترفت للوليتا ( اعتقد انه اذا طلب مني الصعود الى الجهة الاخرى من المنصة في دار الاوبرا فإنني سأحاول و انجح بذلك )

lolaaalex
24-03-2012, 22:08
تسلمى ايديكى يا ايماااااااااااااااااااااان

ايمان عيسى
25-03-2012, 13:31
( سيجدك أكثر أهمية من مجرد ذلك على ما أمل ) ردت لوليتا بضحك .
(و سيكون الأمر بنفس الصعوبة ) ردت ناتاشا بتنهد و قد تحققت نبوءتها صباح اليوم التالي بالضبط .
كان هذا ضمن تمرين اردات ان تحضره عن أوبرا عطيل كانت ستعرض مجددا و لكن بوجود خوليو روتسو هذه المرة و كانت متلهفة لأقصى درجة لقيادته لهذا العرض الذي سحرها .
جلست طوال النهار بدار الأوبرا المظلم الشبه فارغ دون أي تشعر بأي شخص و بأي شيء سوى بالرجل الذي يقف خلف طاولة المايسترو . تمنت بعمق لو أن المغنية بدور ديمونه كانت أفضل .
لكنها أدركت أن المغنيات الجيدات لا ينمون تحت الأشخاص و أن عليهم الاكتفاء بالآنسة انطونيا فرانشي التي سبق لها و قامت بهذا الدور في المرة السابقة .
بالطبع جعل خوليو روتسو من الفتاة مؤديه أفضل بكثير عما كانته في العرض السابق لكنها كانت كما لاحظت ناتاشا . ضعيفة من الأساس و بدا من الواضح أن صبر خوليو معها كان اخذ بالتقلص ..و يبدو أن الفتاة قد أدركت ذلك بدورها لأنها أصبحت متوترة جدا بغنائها محوله الجمال بشاعة و قبل انتهاء الفصل الثاني أعلنت انطوانيتا فرانشي انها لا تستطيع المتابعة .
كل شيء كان ضدها انتحبت الفتاه – حنجرتها – راسها - اعصابها – و نظرت و الدموع بعينيها الى طاولة المايسترو . وقف الفنانون الاخرون بلا هدف و اشار المدقق الى خوليو روتيو بالاقتراب .
لكن الموسيقي الشهير نظر نحو المقاعد المظلمة و صاح ( ناتاشا هل انت هنا )
( أ أجل سيد روتسو ) قالت و نهضت من مكانها مقتربة بسرعة منه .
( اصعدي على المنصة هناك و تابعي الفصل الاخير )
( على و على المنصة ... اتقصد لدور ديمونه ؟ )
( لم اكن اقترح ان تقومي بدور عطيل بالطبع .. بسرعة الان ... لقد حظينا بما يكفينا من الإحباط و التأخير لليله واحدة )
( لكني لا استطيع ان افعل ذلك .. لم يسبق لي ان اعتليت المنصة من قبل .. و انا ......)
(هناك دوما مرة اولى لكل شيء )
( لكن ليس هكذا بدون أي تحضير سابق لا يوجد امامي أي فرصة ل ... )
( افعلي ما اقوله لك و لا تقومي بكل هذه البلبله و استدار نحو المنصة و تابع ( آسف لانك لست على ما يرام سينيورا اذهبي الى المنزل و عالجي حنجرتك الجافة ساتابع الفصل – ماكس هل انت هناك ؟ )
المنتج ماكس ظهر من جانب المسرح و هو يبدو قلقا و مترقبا .
( ها هي ناتاشا برايت بامكانها القيام بالفصل الاخير هي ستقوم بالدور الغير صعب مطلقا )
( ارجوك ... ارجوك .. انا لا استطيع )
( تستطيعين و ستفعلين .... لماذا تعتقدين انني كنت اطرق راسك بذلك التكتيك .. و النمط الخاص منذ اسابيع و اسابيع ؟ اصعدي الى المنصة و قومي بدور ديمونه و اذا لم تنجحي الان فاقسم انني ساخنقك بنفسي بعد ان ينتهي عطيل من ذلك )
( اتظن ان هذه هي الطريقة المثلى لتشجيعي ) قالت و الدموع تكاد تنهمر من عيونها .
ثم و بتحولات من مزاجه الغريبة التي كانت تحيل اعتراضها امسك فجاه بيديها و ابتسم لها ( افعلي ذلك من اجلي يا فتاتي .... انا بحاجة ماسة لك بهذه اللحظة )
( لا باس سأبذل قصارى جهدي )
اتجهت الى المنصة حيث كان ماكس النصف محتار و النصف قلق بانتظارها .
( حاولي الا تشعري بالخوف تذكري ان الجميع سيكون اكثر من شاكر لك اذا ما اديت الدور مجرد تأدية و الا فان متابعة التدريب للباقين ستكون مستحيلة )
(لكن بالطبع كان يجب ان تكون هناك بعض المراجعة و التمرين على الدور ) احتجت ( كيف حدث ان كل شيء فجأة صار يعتمد علي ..... و انا ليس عندي أي تجربة مسرحية )
( لان البديلة مصابة بالأنفلونزا . ) اوضح المنتج باختصار ( و الآنسة تعرف ذلك جيدا كانت تتلاعب بنا بالفترة الأخيرة أتعلمين ... هي تكره روتسو لأنها تعرف انه يعتبرها مغنية ضعيفة و تعتبره شيطانا .... الان تعالي معي و سأريك موقع او اثنان للمنصة لحسن الحظ هناك القليل فقط . من الحركة بهذا الفصل و ستبلين جيدا انا واثق من ذلك )
صعدت الى المنصة العارية معه و استمعت بانتباه لتعليماته و المكان الواجب عليها التواجد به .
الفتاه التي كانت تقوم بدور اميليا ابتسمت لها بمودة و قالت ( سأساعدك و انه لمجرد تمرين بعد كل شيء )
( لكنه تمرين مع خوليو روتسو ) فكرت ناتاشا و نظرت الى ناحيته بقلق .
كان ينحني الى الطاولة و يتكلم مع قائد الاوركسترا ثم رفع نظره و سال ( مستعدون ) و تفرق الجميع باستثناء اميليا و ناتاشا .

ايمان عيسى
25-03-2012, 13:32
بشيء بين اليأس و الحاجة نظرت الى طاولته و مجددا تلقت تلك الابتسامة الرائعة المشعة التي رأته في السابق يوجهها للاخرين لكن و لا مرة لها هي بالذات .
هذا جزء من تكتيكه لجعلي انفذ ما يريد و الابتسامة هذه لا تعني شيئا فعلا ) قالت لنفسها
- اولا و بسبب توترها بالكاد سمعت شيئا لكن فجاه هبط عليها سحر الغناء مع فرقة موسيقية كاملة للمرة الاولى . بدا و كان العالم بأسره قد فتح امامها بأفاق بلا نهاية و فيما صوتها يحلق باعلى دار الاوبرا شعرت و كانها من تحلق أيضا .... كروح متحررة من الروابط الإنسانية الأرضية .
لم يحدث لها شيء كهذا من قبل ابدا و شعرت بالارتقاء الكامل و كانت لتفلت من العقال الفني لولا ملاحظتها للسلطة الحديدية و التوجيه المرن للرجل خلف طاوله المايسترو .
لم تنتبه ابدا ان عددا كبيرا من الناس تجمع قرب المنصة للاستماع اليها او ان ماكس ضم يديه معا و كانه يشكر السماء على نغمة كريمة )
حالما انتهي اللحن الاخير للاغنية الاخيرة انفجر تصفيق قوي من الاشخاص قرب المنصة لكن هذا توقف فورا وفق اوامر المايسترو و نظراته المرعبة و الحانقة التي ذكرت ناتاشا ان أغنيتها الوداعية لاميليا يجب ان تظهر خوفها العميق و الهائل لموتها القريب .
و صرخت بصوت بقوة كاملة و لكن بتأثير موسيقي واضح مغنية وداعها الاخير لايميليا .
لكنها لم تتقبل سو انحناءة بسيطة من المايسترو لكنها ادركت انها قد قامت بما أراده منها و بطريقة صادقة و حسية سقطت على ركبتيها لتغني ( الافمباريا ).
هذا كان اسهل على كل حال . تعبير طبيعي عن آمال الفتاة و مخاوفها المحتوم عليها بالموت .
و بالنهاية شعرت ناتاشا بالهدوء و كان ديمونه قد سلمت روحها للسماوات .
خلعت حذائها و استلقت على سرير المنصة و حالما دخل عطيل الى المكان حاولت كما اخبرها خوليو روتسو مرارا و تكرارا .... ان تبقي عقلها ضمن حدود الدور فقط .
مشهد الموت رغم كل شيء كان مشهدا مرعبا و مخيفا لكنه يختلف بالطبع عن تجربتها السابقة تلك في أستوديو خوليو روتسو لا شيء بصوت الممثل عطيل و نبرته حمل خوف و رعب اللحظة التي شعرت بها مع خوليو روتسو .
لكن المشهد الاخير سار دون اخطا و بالنهاية علا التصفيق المدوي هذه المرة و الذي لم يوقفه المايسترو هذه المرة العديد من الاشخاص اقترب من ناتاشا مهنئا و الممثل نفسه سألها اين كانت تختبئ طوال هذا الوقت .
( انا مجرد تلميذة ) قالت بخجل ( انا ... انا ادرس عند السيد روتسو لهذا يعرف انني كنت اعرف الدور .)
( المسألة ليست مسألة معرفة الدور ) علق الممثل ( عندك شعور فطري للدور لا شيئ لا يستطيع المرء تعلمه او اكتسابه تهانينا سنيورا ) .
( اه ... شكرا لك ) قالت ناتاشا الغير معتادة على هكذا اطراء دون ان تخفي سعادتها لكنها كانت تنتظر حكما مصيريا واحدا بترقب و قلق و حين اقترب خوليو روتسو من المنصة ركضت اليه بلهفة قوية لم يسبق لها و ان اظهرتها امامه من قبل .
( اكان الاداء جيدا ؟ )
امسك بوجهها برقة بين راحتيه و قبلها .
(اجل كان جيدا )
و استدار ليناقش بعض الامور مع ماكس المنتج و ظلت هي مكانها محاولة الا تظهر الذهول الذي كان يعتريها .
الكل كان يتفرق من حولها الان الفرقة الموسيقية كانت تجمع آلاتها و الممثلين المغنين يذهبون الى غرفة الملابس وحدها ناتاشا ظلت واقفة مكانها الى ان ادركت فجاه ان الحاجة اليها قد انتهت و انه احرى بها ان تغادر .
لكن بعد ان استدارت لتغادر ادار الموسيقي الشهير نظره اليها مقاطعا حديثه مع المنتج و قال ( انتظري قليلا ناتاشا ... من الافضل ان ترافقيني لتناول الغداء ... اريد التحدث معك )
و لهذا فقد عادت لتنتظر مجددا . و حين اعلن انه مستعد غادرا الدار سويا و هو غارق في التفكير لدرجة انه لم ينطق بكلمه واحدة .
حين وصلا الى السيارة تمنت ان يعلق بالتفصيل على أدائها – على الأقل الجميع غيره فعل - لكن بدا ان عليها الاكتفاء فقط بحكم – كان جيدا – و بتلك – تلك القبلة .
اخبرهم النادل باحترام شديد عن افضل اختيار كغداء إما ان خوليو روتسو لم يكن مهتما ام انه كان يثق برأي النادل المسن لانه قال بمرح ( أي شيء تقوله لكن ذوق الآنسة الشابة ليس مدنيا على ما اظن )
ثم حين ابتعد النادل اتكأ بذراعيه على الطاولة و نظر مباشرة اليها .
( كم تعرفين من دور ديمونه ؟)
( ماذا اعرفه بأكمله )

ايمان عيسى
31-03-2012, 11:01
( باكمله ؟ لا اقصد ما قد قرأته و شاهدته اقصد هل تعرفينه بالطريقة الواجب عليك معرفته بها بالعيون و المشاعر و الذي ببعض التوجيه و التعليمات ستتمكنين من أداءه بأكمله )
( اعرفه بشكله الكتابي الكامل و اذا كنت تعتبر ما أديته على المنصة - معرفة للدور - فإذن أنا اعرفه بأكمله
هل يجيب هذا على سؤالك )
لم يجيب على الفور .. بل ظل يضرب أصابعه على الطاولة بلحن رتيب فيما النادل يضع الصحون و الأطعمة أمامهم . ثم بدا و كأنه مصمم على ترك متابعة النقاش لوقت آخر .
لكن هذا ما لم تتحمله اعصاب ناتاشا التي نظرت اليه بجرأة و سألت ( لماذا طرحت هكذا سؤال ؟ هل عندك ..... هل عندك فكرة ما حول قيامي انا بهذا الدور )
( انا احاول ان اقرر ناتاشا قيامك انت بالدور يعد امرا مغريا للغاية او بالاصح الاصرار على قيامك بالدور هو الامر المغري ...... لان علي بالبداية شق طريق صعب و شاق وسط العديد من المعارضات ... لكن المخاطرة بنفس حجم و نوع الإغراء )
( تقصد انك تعتقد انني سأفشل و افسد كل شيء )
( كلا ... كلا طالما انا المايسترو فسأقوم بإرشادك و قيادتك . الفرص هي انك ستقومين بأحاسيس ثانوية هذه هي المخاطرة )
( لا اعتقد انني افهم )
( بالطبع لا و كيف ستفهمين ... لكن اذا نجحت فستحضين بكم هائل من الدعاية ... انها القصة المفضلة ... فتاه تنبثق الى الشهرة بظرف ليله واحدة .. عندها كل مدير اوبرا بدون ضمير – و الذي يشمل معظمهم – سيتلهف لاستغلالك . ستحضين بعروض مغرية كثيرة اؤكد لك ذلك و اذا ما رغبت حينها بادارة ظهرك لي قائلة ( شكرا لك سيد روتسو لقد اصبحت مغنية ) فستكون هذه بداية لثلاث سنوات من النجاح الرخيص لك – و نهاية لواحدة من القلائل من المواهب الصوتية الفريدة التي سمعتها خلال هذا العقد من الزمن )
( و لماذا تعتقد انني سأدير ظهري لك )
( انت اولا لا تحبينني ... و انا مدرك انني لست معلما سهل العطاء ... اذا اتركتني ستحظين بادوار للبطولة و النجومية ... اما اذا بقيت معي فسامنحك فقط الادوار الثاوية البسيطة و السائغة حيث ستحظين بالتصفيق فقط لغنائك الصرف ..... فقط حين يصبح صوتك متكاملا و تنتظم اوتارك الصوتية بنظام كامل سأسمح لك بأداء الادوار الاولى التي ستجعلك تستمتعين بكونك ممثلة بما انك مضمونه تماما كمغنية )
( اذن ما الذي دفعك لمجرد الاقتراح ان اقوم بدور ديمونة الان )
( اولا لانني ارغب ان اشاهدك تقومين بالدور .... و الغناء سيكون مكتملا تماما معك بما انني من سيقود الموسيقى . و ثانيا لاني اعرف ان انطوانيتا فرانشي ترغب بحشري بالزاوية . فهي مثلك لا تحبني . لكن بعكسك عندها طريقتها الخاصة بالانتقام هي ستكون ( مريضة ) او ( مستقيلة ) بعد وقت قصير من الان انا واثق من ذلك لاعتقادها ان ذلك سيفسد علي حفلتي و عرضي )
( لكن هناك البديلة اليس كذلك )
( و كم من ديمونة من الدرجة الاولى برأيك يوجد في الجوار و هن على اتم الاستعداد للقيام بالدور ؟)رد بجفاف ( حين كنت صغيرا – ناتاشا – كان بامكانك ايجاد العشرات من المغنين الاكفاء للقيام بدور فيردي . الان عليك التفتيش بكل اوروبا عن مغني فيردي واحد جيد اوتعرفين السبب ؟ )
هزت راسها بالنفي و نظرتها المنبهرة مركزة عليه .
( لانه كلما اطلت مغنية ناضجة براسها من على خشبة الاوبرا توصف فورا بأنها ماريا كالاس الجديدة و يتم بالتالي استغلال مواهب المسكينة النصف مطبوخة بدلا من تطويرها و إيصالها الى درجة الكمال . هناك بريق من النجومية و الشهرة و الصاروخ ينطلق الى الأعلى ..... ثم بعد هذا يسيطر الظلام و الانطفاء .... احيانا كنت اشعر برغبتي بالبكاء على ذلك و الناس يطلقون علي انا لقب الرجل القاسي )
( اتريدني ان اقوم باعلان او ما شابه ؟ )
( ماذا تقصدين ؟ )
( اقسم بشرفي . و اعلن انه مهما كانت العروض مغرية الا ابتعد عن تعليماتك و ارشاداتك الى ان تطلب انت مني ذلك )
( يا الهي تبدين و كأنك تعنين ذلك بصدق )
( انا كذلك فعلا )
( مع انك تعتقدينني .... ما كانت الكلمات ؟ اكثر الاشخاص بغضا و عدم احتمالا من كل الذين رايتهم بحياتك )
( هذا موضوع اخر انت الشخص الوحيد الذي اثق به من الناحية المنية الصرفة .. انا اعرف انني محظوظة و لدرجة خياليه بكونك بالذات مهتم بعملي ...... سأحتاج لاكثر من عرض مغري من قبل مدير جاهل لابدل رأي و اتخلى عما اعتبره اغلى كنز و افضل فرصة حدثت لي بحياتي كلها )

ايمان عيسى
03-04-2012, 10:34
( فهمت ) قال و مد يده اليها عبر الطاولة ببطء وضعت يدها داخل يده و تابع هو ( لن اكون متساهلا اكثر معك بسبب ما قلته للتو و سأطالبك دون رحمة بتنفيذ شروط اتفاقنا هذا . لكن اذا ما نفذت تماما كل ما اطلبه منك في السنوات القليلة القادمة فأعدك بأنك ستغنين بالنهاية كل ما يغنى من الحان بهذا العالم الواسع )
( انا ... انا اظن بانني سابكي اذا ما تابعت التحدث بهذه الطريقة )
( لا تفعلي ذلك الدموع تسبب لي الضجر ... الان اريدك ان تحضري هذا الجزء معي عند راندا بيور .. و كانك ستطلبين لتأديته بأيه لحظة ضمن تمرين على المنصة او تمرينين ... سأجعلك تمثلين على المنصة كثيرا في الايام القادمة .... اما مع الكورس او بتادية الادوار البسيطة . أي شيء يجعلك تعتادين على جو المسرح حتى و لو لم اطلبك ابدا للعب دور ديمونه فإن التجربة التي ستكتسبينها ستكون بالغة الاهمية )
( لكن اذا اضطرتك الظروف ؟ ) حثته بنفس لاهث
( سأدعك حينها تقومين بدورها ) رد ببرود.
بعد ذلك رفض كليا التحدث بالامور المهنية و انتهى الغداء بعد لحظة قصيرة .
بدا غير مهتما بها الان و تركها تعود الى مسكنها بمفردها دون ان يعرض عليها توصيلها بسيارته لكن ناتاشا لم تكترث لذلك . ارادت ان تكون بمفردها ان تسير و تسير عبر الشوارع المزدحمة و الانعزال يلف مشاعرها المستحيلة .
( لا اكترث كم يزعجني و يحثني بقوة و قسوة . لا اكترث للكم من خيبات الامل و التعب الذي سألاقيه اعرف الان ان بإمكاني ان افعل ذلك . طالما انه موجود معي ) تمتمت ناتاشا لنفسها و هي تصعد سلم المسكن الخاص .
كانت الأسابيع التالية من أصعب و أكثر الأوقات إرهاقا و تدريبا مركزا و مديرا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى . و لو تخيلت للحظة ان اعترافها بالاخلاص التام سيلطف العلاقة بينهما فهي كانت مخطئة تماما فقد اخذ خوليو روتسو يدربها بتصميم و إصرار ليس له مثيل و كانت تعود من التمرين و الإرهاق يهدها و التعب يأخذ منها كل مأخذ و دروس الغناء مع الآنسة راندا صارت مركزة بدورها و تبخر مرح المعلمة و اشتدت حدة صرامتها .
كانت ناتاشا تتدرب على دور ديمونة ضمن تدريباتها الثانية و كانت تغني مع الكورس إثناء العروض الكاملة للأوبرا . الامل و الخوف كان يسكن أحشاء ناتاشا كلما اقترب موعد عرض أوبرا عطيل و يوم الافتتاح حدث شيء ما لم يكن بالحسبان .
احدى الامسيات و حين كانت تسرح شعرها بتكاسل بعد ان استحمت و ارتدت ثوب النوم نادتها ايرابيللا مخبرة اياها ان احدهم و يدعى رون بلوكيو يريد التحدث معها .
اسرعت ناتاشا الى الهاتف و قلبها يتوجس شرا و لم تنصدم كليا حين قال رون ( آسف ناتاشا عزيزتي لكن عندي خبر غير سار علي اطلاعك عليه اعتقد ان عليك ان تعرفي ان والدتك مريضة )
( أمي ... أنت تقصد أبي دون شك ؟ )
( كلا..... كلا والدك بأحسن حال و هو يتعافى تدريجيا . لقد نقلناه الى مركز التدليك منذ يومين .. لكن لقد أدخلت والدتك إلى المستشفى هذا المساء بعمليه الزائدة ...)
(اه ... لا استطيع تصديق ذلك .... أمي لم تمرض يوما من قبل ) و تلون صوتها بالبكاء
( اعرف هذه هي النقطة أخشى انها قد كرست نفسها كليا للاعتناء بكم و بوالدك خلال الأسابيع القليلة الماضية لدرجة انها نسيت نفسها كليا و لم تلاحظ عوارض المرض عليها )
( اه ... يا لامي الحبيبة .. كان علي ان اكون موجودة قربها للاعتناء بها ) قالت ناتاشا بذنب
( كلا غير صحيح انت مشغولة بالقيام بما نريد منك جميعا ان تفعليه ... لكن اذا تمكنت من انتزاع نفسك من العمل و القدوم لمدة يوم او يومين ... )
( بالطبع لكن رون اخبرني هل ..... هل الوضع خطير )
( الأمر ليس مريح تماما عزيزتي .... و مع العلم انها ستشعر بالغضب نحوي بالطبع لاتصالي بك و إحضارك لكني اعتقدها ستكون بالغة السعادة برؤيتك و أيضا حرام ان يتحمل ايفان الصغير كل هذا على كاهله وحده ... و قبل كل شيء علينا ان تبعد والدك عن القلق ... كان على والدتك ان تراه يوم السبت القادم و ... )
( اجل ... اجل بالطبع من الضروري جدا لي الحضور سأحضر هذه الليلة لو ان هناك قطارا ...)
( لا يوجد قطار الليلة عزيزتي ..... كنت أفتش عن ذلك لن يصل أي شيء الى البلدة الا في صباح الغد )
( إذن سأحضر غدا باكرا )
( فتاه جيدة كنت اعرف انك ستفعلين .... أنا شاكر أن بإمكانك الحضور )
كانت ترتعش قليلا و هي تعيد السماعة الى مكانها و تفكر بما عليها ان تفعله .... عليها الاتصال بالمعلمة راندا لإلغاء درس الغد ثم عليها ان تخبر خوليو روتسو انها لن .....
ضربة قوية على باب المسكن قطعت أفكارها المضطربة و سارعت لفتح الباب .
( انا مسرور لاني وجدتك اخيرا ) قال خوليو روتسو الذي كان يقف على العتبة بملامحه الصارمة ( عندي بعض الاخبار الطارئة لك )

ايمان عيسى
03-04-2012, 10:35
رمشت عيونها بذهول و دخل دون ان تطلب منه ذلك و حين قال بنفاذ صبر ( أين بإمكاننا التحدث ؟ )
سارت امامه بدهشة الى غرفة الجلوس الصغيرة و التي كانت فارغة لحسن الحظ .
( كنت على وشك ان اتصل بك ) بدأت
( اه .. كيف عرفت بالخبر )
( اتصل بي رون بلوكيو )
( رون بلوكيو .؟ و ما دخله هو بهذا ؟ )
( انه يسيطر بشكل كامل على الوضع ... لا استطيع الذهاب هذه الليلة لكن سأستقل أول قطار في الصباح و .... )
( أنت لن تستقلي أي قطار في الصباح أيتها الفتاه ستكونين في دار الأوبرا في العاشرة تماما و سيكون ذلك يوم تمرين كامل لك ... ستقومين بدور ديمونة مساء يوم السبت و ... )
(لكني لا استطيع ... والدتي مريضة و ... )
( والدتك مريضة .) ردد بعدم تصديق ..( والدتك مريضة ... و ما اهمية هذا الامر بحق السماوات ؟ فرصة حياتك قد جاءت و عليك التمسك بها بكلتا يديك .... و ها انت تقفين هنا و تقولين لي ان والدتك مريضة ؟ ماذا انت بحق الله ؟ طفلة تتسلى بالغناء ؟ ام فنانة حقيقية ؟)
(والدتي بحالة خطرة هم بحاجة لي في المنزل و اخشى ان ...)
(الحاجة لك موجودة هنا ...و ليس هناك أسف بشان والدتك ... لكني فهمت ان رون بلوكيوشهم يسيطر كليا على الوضع كما قلت .. عليهم تدبر الامور بدونك )
( لا يستطيعون )
( عليهم ذلك يا رب السماوات .. هل تعتقدين اننا قد عملنا بجد لنصل لهذه النقطة .. لتقولي انك سترحلين ؟ الم تفهمي حتى الان ماذا تعني كلمة فنانة محترفة ؟ العرض ياتي بالدرجة الاولى و الاخيرة و بكل الاوقات . افهمي ذلك الان و ابقيه داخل رأسك في المستقبل .. بإمكان عائلتك كلها ان تكون مريضة ؟ منزلك قد يكون يحترق . لكن اذا ما كان عليك الصعود الى المسرح و اداء عرض متكامل فستفعلين هل هذا واضح ؟.)
( هناك وقت يجب ان تكون عائلتي به في الطليعة و ... )
( لا يوجد وقت كهذا . ) قاطعها و هو يمسك بها فجاه و يهزها بعنف ..( هذا ما خلقت من اجله و كل شيء اخر بحياتك يجب ان يكون رديف له .. لست مجرد مغنية صاعدة عادية .. عندك أروع صوت قصائدي سبق لي ان سمعته ... مع انني لم اكن ارغب بإخبارك بهذا الان .. لو كنت من الرجال المصلين لقلت انك الإجابة على أمر صلواتي . هل تعتقدين انني سأسمح لك برمي فرصتك العظيمة هذه ؟ )
( القرار يعود لي انا .. لا تستطيع ان تامرني ضد ... )
( يا رب السماوات .... ؟ ماذا تتوقعين مني ان افعل ؟ ان اتوسل لك )
( كلا .... كلا اقصد ان اقول انه اذا قررت الذهاب فلن تتمكن من فعل شيء لصدي )
( اه .. بلى استطيع ) قال و تركها فجاه مما كاد ان يخل بتوازنها و تابع بهدوء جلي ( اذا ذهبت يا عزيزتي فستذهبين بلا عودة ... هذه هي كلمتي الأخيرة .. اختاري الان إما تبقين و تنفذين كل ما اطلبه منك و بالحرف .... او تذهبين الى بلدتك و لا تزعجي نفسك بالعودة الى هنا مجددا ... ساكون قد انتهيت منك )
حرك يديه و كانه يمحي آخر علاقة له بها ... و هذا ما جذب انتباهها الكلي .. حدقت بيديه و صارعت للتوصل الى قرار هذه اليدان هي التي ستصفعها او ستكرسها الى الابد انهما تعبران على كل شيء بجمالهما و قوتهما و قسوتهما .. و فيما هي تحدق بهما ارتفعا الى الاعلى قليلا بتلميح خفيف عن التوسل ... تلك الحركة اللاواعية هي التي اوصلت ناتاشا الى القرار النهائي ... لم يكن من داعي لها لتنظر الى وجهه و هي تقول بصوت مرتجف و خافت . ( لا باس . انت من يربح . سابقى . ما الذي تريده مني )
( كوني في دار الاوبرا غدا في الساعة العاشرة صباحا ساقرر الباقي بعد ان اشاهد العرض التمريني الكامل . اخلدي الى النوم باكرا . حتى تحضين بكل الراحة . ستحتاجين لكل قوتك غدا )
ثم استدار و تركها و ظلت مكانها كالتمثال الى ان سمعت صوت الباب يغلق بقوة و دخلت لوليتا الغرفة لتقول بنفس متقطع ( ذاك كان خوليو روتسو ؟ صحيح رأيته و انا انزل السلالم ما الذي احضره الى هنا بحق السماء )
( يريدني ان اقوم بدور ديمونة مساء يوم السبت ... ) بدات ناتاشا ( في الكوفنت ؟ انا لا اصدق هذا لا عجب انك تبدين مصعوقة ... انتظري حتى اخبر الباقيات .. جميعنا سنكون في البلكون لنصرخ لك و نصفق لك بالطبع .. كيف بامكانك السكوت هكذا ناتاشا ؟ ما الامر ؟ هل انت مرعوبة لهذه الدرجة ؟ )
( كلا ... على الاقل اجل بالطبع انا خائفة ... لكن ليس هذا هو الامر .. ) اوضحت ناتاشا ثم اطلعت لوليتا على مرض والدتها و عن قرارها بالبقاء .
( انا متأسفة جدا لذلك . لكنه القرار الصحيح الوحيد ؟ اليس كذلك ؟ اقصد ... اقصد ان والدتك قد قامت بكل التضحيات الممكنة لايصالك لما انت عليه الان ... ستخذلينها بشدة اذا ما فرطت بفرصتك الرائعة الان فقط لانك لم تتمكني من تحمل قلقك عليها حين كانت مريضة )

ايمان عيسى
17-04-2012, 09:07
( هل هذه هي الطريقة الصحيحة للنظر الى الأمور ؟ لربما انت اكثر مني حكمة لوليتا )
( لا اعرف بهذا الشأن.. اظن انه يسهل عليك رؤية الأمور بوضوح حين لا تكونين متورطة عاطفيا بها . و الان هل بإمكاني القيام بأي شيء لك ؟ )
( اجل لوليتا من فضلك . هلا اتصلت برون بلوكيو ... سأعطيك رقمه و اشرحي له بأنني .... أنني لا استطيع المجيء غدا ... لا املك الشجاعة و القدرة ... لاطلاعه على ذلك بنفسي .. و سابدا بالبكاء دون شك حالما اسمع صوته الذي يذكرني بالبلدة و بأمي و .... )
( حسنا اتركي الامر لي )
شكرتها ناتاشا و لا شك ان لوليتا قد نقلت الخبر الى بلوكيو بلياقة لانها حين عادت لاطلاع ناتاشا على ذلك و هي في غرفتها قالت ( قال انه لا داعي لك لتشعري بالقلق كل شيء تحت السيطرة و ان الشيء الوحيد الذي سيعطي والدتك القوة و الاندفاع للشفاء هو معرفتها انك ستغنين في دار كومفنت مساء السبت )
( شكرا لك يا حبي ) قالت ناتاشا و هي تعانق صديقتها
( هل بإمكاني فعل أي شيء آخر لك )
( اجل بإمكانك مرافقتي غدا الى الدار أثناء التمرينات سيستمر ذلك طوال النهار . لكني اعتقد أنني أريد أن تكوني قربي كونك صديقتي الأحب و أفضل وجودك وحدك معي بتلك الإثناء )
( بإمكاني مرافقتك حقا ! فقط حاولي أن تمنعيني لا شيء أحب إلى قلبي من ذلك ناتاشا . و سأعتني بك كصديقتك و لبيستك و مساعدتك و كل شيء فقط .... فقط هل سيسمح لي السيد روستو بالحضور ؟ هو لا يرحب بوجود الغرباء أثناء التمرين صحيح ؟ )
( سيكون على السيد روستو السماح لك بالمجيء . سيكون لي طريقتي الخاصة بهذا الشأن على الأقل )
( الملكة الامرة منذ الان ) علقت لوليتا بمرح . و من غرائب الصدف ان هذه الكلمات بالذات هي ما تفوه به خوليو روتسو حين اخبرته ناتاشا عن مرافقة لوليتا لها اثناء التمرين .
( هذه هي لوليتا صديقتي . و هي ستبقى معى اثناء التمارين اليوم انا بحاجة اليها ) قالت ببرود
بدا الموسيقي الشهير متسلي اكثر منه مقاوم و سمح للوليتا بالتجول داخل الكواليس كما تشاء اثناء فترة التمرين .
كان هذا حدثا ستظل الدار تتكلم عنه لسنوات طويلة قادمة . يوم السبت الغير معقول حيث ستقوم فتاه مجهولة الهوية بدور البطولة المطلقة بأوبرا عطيل الرائعة و بالأخص تحت قيادة الموسيقي الأشهر خوليو روتسو .
( كان عليك الغناء على المسرح من قبل . انت لا تستطيعين الظهور على المنصة هكذا )علقت الفتاه التي تقوم بدور اميليا .
( الامر ليس هكذا . لقد تمرنت على ذلك في الأستوديو و بالطبع غنائي مع الكورس حتى الان قد سمح لي بتجربة شعور المسرح هذا )
ادركت ناتاشا و هي تتنقل على المنصة ممن كانت تستقي القوة و الامان . ادركت لمن تقدم هي كل ما بداخلها و على افضل وجه ادركت ان هذا كان عرض خوليو روتسو تماما كما كان عرضها هي . و انها اذا ما ادت بنجاح حفلة السبت فإنها ستفعل ذلك بامتطائها موجه طاقته و عبقريته .
لكنها لم تستطع ان تشكره على ذلك و لا ان تبتسم له مجرد ابتسامة امتنان او شكر و باعماق عقلها تدور افكار الغضب او الامتعاض لما حدث بينهما البارحة . لم يتبادلا أي كلمة شخصية طوال يوم التمرين المطول هذا فقط بطريقة اتصال روحية غامضة بدا و كأنهما يتفاهمان و يصهران مواهبهما بشعله ملتهبه اضاءت العرض بشكل مبهر منذ اوله و حتى اخره .
( اذا استطاعت ان تفعل ذلك امام الجمهور بعد غد فستكون حفله السبت امسيه لا تنسى ) علق ماكس بنهاية التمرين .
( ستفعل ذلك ) كان كل ما قاله خوليو روتسو و ما عنته نبرته انه و بكل بساطة لن يسمح لها بفعل عكس ذلك .
ثم نادى ناتاشا و اعطاها تعليماته للثماني و أربعين ساعة القادمة . ( هذا هو اخر تمرين لعرض يوم السبت لكنك ستتدبرين امرك جيدا . اريدك هنا في الثالثة و النصف من بعد الظهر للعمل على بعض التدريبات الثانوية . هناك العديد من الاشياء المتبقية الواجب علي مناقشتها معك . بامكانك الخلود الى الراحة التامة غدا و خذي كل شيء بهدوء . صباح يوم السبت اريدك في الاوستوديو للمراجعة عامة )
( لا باس ) قالت بلا تعبير
( لقد احسنت صنعا . اعتقد انك كنت تعرفين ذلك ) قال بشبه نفاذ صبر
( اجل ) وافقته و استدارت مبتعدة عنه للتفتيش عن لوليتا .
( تلك كانت حركة لئيمة منك ناتاشا ان تتركيه بهذه الطريقة ) قالت لوليتا لها بتعنيف رقيق .
( هذا ما قصدته بالضبط )
( الاتعتقدين انه من الاكثر حكمة ان ...... حسنا ان تلاطفيه قليلا )

ايمان عيسى
17-04-2012, 09:08
( كلا )
( اذا لم يكن عندك مانعا من قولي هذا فانك يا عزيزتي لم تحققي النجاح بعد . و ستكونين بحاجة ماسة له مساء يوم السبت )
ضحكت ناتاشا لذلك و استرخت قليلا . ( انه بحاجة ماسة لي بدوري ايضا ) .
( هذا صحيح بالطبع . كيف هو شعور ان يكون خوليو روتسو بحاجة ماسة لك ؟)
الكلمات اعطت ناتاشا الشعور الاكثر غرابه و ردت بسرعة ( لا استطيع التفكير بذلك من هذا المنطق . انا مجرد الفنانة الضرورية لملئ المكان الشاغر . ساقوم بذلك بافضل ما تستطيعه مقدرتي لاسباب فنية و شخصية صرفه . لكن هذا لا يعني انني لا احتفظ بحق كرهي العميق له .... و ان ادعه يعرف ذلك )
( انا لا استطيع )
( لا تستطيعين ماذا )
( ان اكرهه بهذا العناد الشديد . قد يكون خوليو روتسو طاغية ناتاشا لكنه طاغية بالغة الجاذبية و السحر )
( صحيح لكن بهذه اللحظة الطاغية اكثر وضوحا من الرجل الجذاب . لا استطيع ان أسامحه على عدم تفهمه المطلق ..... لمرض والدتي ) ردت ناتاشا
( لربما لا يستطيع ان يكون متفهما ... على احدهم اخذ القرارات القاسية و القاطعة باوقات معينه كما تعرفين )
( لا باس و لا أي شخص اخر ملائم لفعل ذلك غير خوليو روتسو ... لا تتكلمي عنه بعد الان ) قالت ناتاشا بمراره .
و لهذا فقد تناولا الغداء و تابعا الحديث بشوؤن مختلفة .
عادت الفتاتان الى دار الاوبرا في الوقت المحدد و عملت ناتاشا مع الموسيقي الشهير لساعات طوال . ثم اخبرها ان بامكانها الذهاب . لكن حين استدارت بعدم اهتمام تحرك الفضول داخله . و سألها ( لا داعي لك لتكوني هكذا فقط لانني كنت مجبرا على فرض سيطرتي بشأن شخصيتي )
( انا لست هكذا . انا فقط لست سعيدة )
( هل الاخبار حول والدتك سيئة جدا ) سألها بتردد
( كانت سيئة كفاية مساء امس . لم اجرؤ على الاتصال و الاستفسار اليوم . ... انا .... انا احاول الا افكر بذلك . و لا اريد مناقشة هذا الموضوع معك انت من بين كل الناس ) قالت بشفاه ترتعش .
( و لماذا انا من بين كل الناس ) سألها بنفس خبرتها .
( لانك لا تملك ذرة واحدة من التعاطف او من التفهم لشيء مثل هذا ... كل ما تفكر به هو العرض )
( على العكس لقد فكرت مطولا بهذا . لكن على العرض ان يكون مركز اهتمامي الاول – هذه هي مسؤوليتي العليا و الأهم - و لم اكن قادرا على تقديم الوعود السهله البارحة قبل ان اطمأننت لسير التمرين اليوم و لهذا فاستطيع الان تقدير الوضع بالضبط و إعطاءك يوم غد كيوم راحة كامل . و بما ان هذه هي الحالة . و بما انه لا توجد قطارات إلى بلدتك ألان ... )
( و كيف عرفت ) سألته بذهول .
( لقد استفسرت عن ذلك . و بما انه كما كنت اقول آحر قطار قد رحل . فهناك حل أخير أوحد . سأقلك الى بلدتك أنا و ألان )
( تقلني إلى البلدة ؟ لكنها تبعد حوالي الخمسين كيلومتر ) ردت بشهقة
( سته و خمسون و لهذا فليس امامنا أي وقت لنضيعه . اذهبي و احضري معطفك .... حان وقت الانطلاق )
( هل ... هل تعني ذلك حقا ؟ ) سألته بذهول .
( لست معتادا على قول الأشياء التي لا اقصدها و اعنيها . هل بإمكانك الذهاب ألان ؟ )
( اجل .... بالطبع ) قالت بسعادة و ركضت لتحضر معطفها .
ذهلت لوليتا حين أطلعتها ناتاشا على الأمر و قالت ( هذا تصرف بالغ اللطف و الرقة منه ناتاشا أليس كذلك المسافة تبعد حوالي الخمسون كيلو متر )
( ستة و خمسون بالضبط . شكرا لك يا حبيبتي لا اعرف ماذا كنت سأفعل بدونك هذا اليوم ) قالت ناتاشا .
( لكني لم افعل شيئا ... كنت فقط موجودة هنا ..) صاحت لوليتا .
( اجل اشكرك بالضبط على وجودك الثمين هذا المليء باللطف و التطمين بهكذا يوم مجنون و مرهق . شكرا لك . لن انسى هذا ابدا )
( حسنا . هذا يوم لا ينسى بالنسبة لي أيضا . و انا بالغة السرور لانتهاء اليوم بذهابك لرؤية والدتك و الاطمئنان عليها . اعطي طاغيتك بعض الشكر على ذلك ناتاشا ) قالت لوليتا بمرح

ايمان عيسى
17-04-2012, 09:09
اسفة كتير على التاخير و ان شاء الله انزل الرواية كلها بس اعطوني يومين

بس سؤال وين الجميع بالمشروع

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:05
( حسنا . هذا يوم لا ينسى بالنسبة لي أيضا . و انا بالغة السرور لانتهاء اليوم بذهابك لرؤية والدتك و الاطمئنان عليها . اعطي طاغيتك بعض الشكر على ذلك ناتاشا ) قالت لوليتا بمرح
(لست بمزاج تقديم الشكر . انا بمزاج مجنون و متقلب كما اظن . باستثناء انني احبك و ممتنة كثيرا لك ) علقت ناتاشا .
( حسنا احبيه بدوره قليلا من فضلك . لابد ان اليوم كان جحيما بالنسبة له أيضا و هو يستحق الشكر ما دام مستعدا لايصالك الى منزلك الذي يبعد ستة و خمسون كيلو مترا ) ردت لوليتا بضحك .
( لا استطيع فعل ذلك تحت أي ظرف من الظروف ) قالت ناتاشا بجديه ثم ودعت لوليتا ثم عادت الى حيث خوليو
روتسو ينتظرها .
ظل الصمت يلف بداية رحلتهما ثم قالت ناتاشا بتردد ( شكرا لك على قيامك بهذا .انا ممتنة كثيرا لك من اني لم اقل لك ذلك من قبل ؟ )
( لا تشكريني . اذا ما كنت ستشعرين بالقلق على والدتك و على نفسك و ادائك فاشك بمقدرتك على إعطاء أفضل ما عندك . لهذا اخذت انا المخاطرة الاقل الا و هي اتعابك قليلا بهذه الرحلة لكن و بما انها مخاطرة محسوبة فانها تستحق القيام بها )
( محسوبة . كل ما تقوم به محسوبا . صحيح ؟ ) ردت برقة و مراره
( كل ما اقوم به في عملي . بالطبع كيف تظنين اذن يصل الإنسان الى قمة الشهرة بمجال اختصاصه ؟ بان يقول لنفسه بتفاؤل ان كل شيء سيسير على ما يرام بظرف ليلة و ضحاها ؟ لا يسير الامر هكذا يا عزيزتي .افنان الذي يؤدي على ما يرام اثناء الليل يكون قد أرسى دعائم هذا الشيء بعد تخطيط و ترتيب لشهور و شهور . أي احمق بامكانه ان يكون مجرد هاوي فرح . معظمهم كذلك . لكن الذي يهز اركان الارض بفنه هو المحترف الذي يكرس كل جهده و لياليه لتحسين موهبة الله له و تقديمها على ابهى و اجمل حله . الم تسمعي ما قاله احد اشهر موسيقي الأرض عن هذا ؟ )
( و من كان ذلك ؟ انت ؟ )
( لا ليس انا بهذه الحالة على الاقل . انه توماس كان . الموهبه بلا صناعة بلا فائدة . الاثنان معا يصنعون الفنان . انت تملكين الموهبة و انا أدفعك لصناعة لا تنتهي . و الفرص انني سأصنع منك فنانة . اذا ما سميت ذلك حسابا فأوافقك الرأي . لكنه شيء لا يدعو للامتعاض او الاحتقار .)
مرت فترة صمت طويلة ثم قالت ناتاشا ( انا آسفة )
( لا باس حاولي ان تنامي ألان فأنت مرهقة تماما سأوقظك حين نوشك على الوصول ) تناول يدها و وضعها تحت يده على المقود و تابع لدهشتها الشديدة ( هذه ايام صعبه لك لكنني سأخرجك بامان . هل تؤمنين بذلك ؟ )
( اجل لكن ماذا بشأنك انت بدورك بحاجة للنوم فاليوم كان مرهقا لك ايضا )
( لا باس سأوقظك في حال غالبني النعاس او سأتدبر أمري . أغمضي عيونك و نامي الان )
تنهدت و أغمضت عيونها فعلا بعد ان افلت يدها و لا شك انها غرقت فورا بالنوم من شدة التعب . و لم تنتبه اثناء نومها لرأسها الذي تحرك و اتكأ على كتفه و لا لنظرته التي كانت تسقط على وجهها اثناء توقفه امام إشارات المرور و لا الى الابتسامة التي كانت تداعب وجهه كلما اصدرت همهمة استرخاء اثناء النوم . لكن حين انتبهت اخيرا و صحت من نومها سمعته يقول ( ربع ساعة بعد و نصل الى منزلك )
( ربع ساعة . أنا آسفة ...... أنا كما يبدو قد اتكأت عليك . الم يزعجك بالقيادة و انا هكذا )
( ليس حقا . كلا )
( لكني كنت أضع بكل ثقلي على ذراعك . لماذا لم تبعدني عنك ؟ )
( لم اشعر برغبة في ابعادك )
لسبب او لآخر جعلها تعليقه هذا تضحك و تمطت قائلة ( لقد تمتعت بنوم عميق )
( جيد هذا ما كنت تحتاجينه بالضبط )
( أليس هذا هو ما تحتاجه أنت ألان؟ )
( انا لن أكون آسفا لرؤية سريري بهذه اللحظة ) وافقها
( آه . أين ستنام هذه الليلة . أخشى ان فنادق البلدة ليست مريحة تماما . اذا لم تكن تمانع الخدمات و اساليب الراحة البسيطة فاعتقد أننا ..... أننا )
( شكرا لك لكني لا استطيع البقاء . علي العودة الى مدريد هذه الليلة )
( هذه الليلة لكنني اعتقد اننا سنعود غدا ) رددت بدهشة
( انا ساعود هذه الليلة . انت تعودين غدا )
( لكن لماذا ؟ )

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:05
( عندي موعد هام غدا صباحا . فكما تعرفين ستكونين انت ديمونة . لان فرانشي و بعد ان تعرف انني قد وجدت البديلة لها و هي من انسحبت بهذه اللحظة بالذات لإرباكي و إفشال عرضي ... ستحاول العودة و التمسك بالعقد )
( اذن سيكون امامك الكثير من المجادلات و النقاشات )
( في البداية اجل لكن النتيجة محتومة )
( و هي ؟ ) سألت بتوتر
( انت ديمونة . و الان كيف هي الطريق الى منزلك ؟ الى منزل رون بلوكيو ام الى المستشفى )
دلته ناتاشا و قلبها تتسارع نبضاته الى منزل رون بلوكيو ( لا شك انه لا يزال صاحيا فيما ايفان في المنزل قد يكون نائما و انا ..... انا أفضل سماع الاخبار من رون قبل ذهابي الى المستشفى )
( سأنتظرك هنا بالسيارة في حال احتجت الى توصيلة أخرى الى مكان آخر ) قال حين توقف أمام منزل رون
ركضت ناتاشا الى المنزل و دقت الباب بسرعة و تفاجأت حين وجدت ايفان شقيقها برفقة رون و والدته .
( ايفان ... رون ما الذي حدث ؟ ) هتفت برعب
( لا شيء .. لا شيء أمي بخير و قد تعدت مرحلة الخطر و هي تتمتع الان بالراحة لكن .. كيف اتيت لقد .. ) سال ايفان
( لقد أوصلني السيد روتسو بنفسه . آه انا بالغة السعادة و شديدة ... شديدة الامتنان لكم جميعا ... لا اعرف ماذا اقول ... انا ... ) أوضحت ناتاشا فورا و قد تنفست الصعداء لسماعها هذه الأخبار عن والدتها
( اوصلك خوليو روتسو من مدريد الى هنا بنفسه ؟ .. هو لا يظهر عادة هكذا اعتبار هل تريدين منا ان تستضيفه عندنا ناتاشا ؟ ) ردد رون
( كلا . عليه العودة الى مدريد . فقط انتظر ليوصلني الى المستشفى اذا ما رغبت بذلك لكن ايفان لماذا انت لست بالمنزل )
( انا من اصر عليه بالبقاء عندنا هذه الليلة . فرون كان قلقا عليه كذلك نحن جميعا الان ستبقين انت ايضا معنا ) قالت السيدة بلوكيو برقة .
( اجل ناتاشا و لا داعي لينتظرك السيد روتسو فانا ساوصلك الى أي مكان مع انه موعد الزيارات قد فات الان . ساخذك لرؤية والدتك غدا صباحا لكن ... اليس بامكان خوليو روتسو النزول لتناول القهوة على الاقل ) سأل رون بضيافة اهل القرية المعروفة .
( سأذهب و اسأله ) سارعت ناتاشا بالقول و غادرت الغرفة بسرعة .
وصلت الى السيارة بخطوات بطيئة نظرا للظلام المسيطر و حين وصلت وجدت رأس خوليو على المقود و يديه حول رأسه و كأنه مستغرقا بالنوم .
( سيد روتسو ) قالت برقة عبر النافذة المفتوحة لكنه لم يتحرك و بعد لحظة مدت يدها لتهزه . قليلا و وجدت هذا الشعور بالغ الفضولية و الاثارة . و لسبب غير معروف سمحت ليدها بالوصول الى جبينه و منه الى رأسه بشعره الداكن الناعم ثم الى اسفل رقبته .
تحرك فورا لحظتها و نظر اليها بتلك الطريقة الدفاعية التي تلون الملامح بين الصحوة و النوم . كان هكذا تعبير غريب تماما على عيونها فيما يتعلق بخوليو روتسو بالذات و لهذا فصوتها كان بالغ الرقة و الشفافية و هي تقول
( آسفة لاضطراري لإيقاظك . هل انت بالغ الارهاق )
( كلا انا على ما يرام الان . اين هو المشوار التالي . ؟ ) قال و هو يقطب قليلا و كأنه منزعج من رؤيتها له بنقطة ضعف هكذا .
( ليس عليك اخذي الى أي مكان من هنا . سيهتم رون بي الان . الاخبار حول امي مطمئنة و الحمد لله لكني لن اتمكن من رؤيتها الا غدا صباحا . و طلب مني رون ان ادعوك لتناول بعض الشراب و الطعام قبل ان تعاود السفر فهلا تفضلت . ؟ من فضلك ؟ ساكون بالغة القلق عليك اذا ما عدت على الفور و انت بهذه الحالة من التعب و الارهاق )
( استكونين كذلك حقا ؟ . لكن لا اظن ان علي الدخول و قبول ضيافته بظل هذه الظروف ؟ )
( اية ظروف ؟ )
( اليس هناك مثلا ينص على عدم تناول الطعام عند عدوك ؟ ) قال بتسلية
( لكن رون ليس عدوك . هو حقا لا يحمل لك أي ضغينة للطريقة التي تصرفت بها تلك الليلة حين اصطحبني الى المنزل . اذا كان هذا ما تقصده ؟)
و كان لناتاشا التجربة الغير عادية برؤيته يتناول الشاي الساخن و بعض الساندويتشات السريعة فيما قامت السيدة بلوكيو باظهار كل ضيافتها الطيبة و كذلك رون نفسه و ايفان شقيقها . لكن بقاء خوليو لم يستمر لاكثر من نصف ساعة غادر بعدها و هو يشكرهم برقة و سارعت ناتاشا خلفه و كانها بانتظار اوامره لها .
( كوني واثقة من عودتك بقطار الغد . انا واثق بك لفعل ذلك ؟ )

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:06
( لن اخيب ثقتك و ... و شكرا لك و لو انك قد فعلت ذلك من اجل العرض فقط )
رفعت وجهها اليه و ابتسمت له باشراق .
( ما هذا ؟ دعوة لي لتقبيلك ؟ ) سألها باستمتاع .
( اذا ما اردت تفسير الامر بهذه الطريقة ؟ )
( انا ..... احب تفسير الامر بهذه الطريقة )
( آه .. هل ... كان هذا ما تسميه مخاطرة محسوبة ؟ )
ضحك على ذلك و داعب خدها بأصابعه .
( اسأليني بعد العرض يوم السبت . ) قال و صعد الى السيارة و ابتعد .
عادت الى المنزل و شكرت ال بلوكيو بحرارة على لطفهم و كرمهم لكن حين نامت وجدت افكارها تنشغل بالسيارة العائدة الى مدريد و بالذراعين الملتفتين حولها بقوة و بالقبلة القاسية المتطلبة و الحارة .
تناولت فطورها باكرا صباح اليوم التالي و ودعت ايفا قبل ذهابه الى المدرسة ثم ذهبت مع رون الى المستشفى لرؤية والدتها .
( اذن ستصبحين النجمة الأولى بعد ليله السبت ناتاشا ؟ ) سألها رون
(ليس فعلا يقول السيد روتسو ان علي ان اسمح لنفسي فقط بفترة قصيرة من الشهرة . ساعود بعد ذلك الى التدريب اليومي مجددا لكن ... لكني لا امانع بذلك حقا ... بدأت ادرك الامور بأبعادها الحقيقية )
( اذن لم يعد هو متوحشا )
( اجل انه متوحش و لا يزال . لكنه متوحش رائع و ذكي و ساحر على ما اظن ) ردت ناتاشا .
لسبب ما لم يعجب رون بكلماتها هذه و فضل البقاء صامتا لحين وصولهم الى حيث أصر على انتظارها في السيارة ليتيح لها فرصة الانفراد مع والدتها المشتاقة لها .
كانت فرحة و دهشة السيدة برايت هائلة برؤيتها لناتاشا التي عانقتها بحب فائق و اطمأنت على اخبارها ثم اخبرتها باختصار بما حدث .
( لقد تغيرت ناتاشا ؟ )
( تغيرت أمي ؟ كيف ؟ )
( انت لا تبدين مطلقا كالفتاة الخجولة التي كانت تأخذ الدروس عند الانسة بيرتا ... تبدين ... تبدين كمن تحولت الحياة عندها الى سعادة و اثارة و ثراء . )
( حسنا .. اعتقد ان هذا صحيح )
( بسبب آمالك لليلة السبت ؟ )
( ليس تماما )
( بسبب خوليو روتسو ؟ ) سألتها والدتها بتفكير .
( أ أجل لكن فقط بطريقة مهنية محضة . لا يوجد أي شيء شخصي بعلاقتنا ... لا شيء البتة انا مجرد صوت بالنسبة له لا اعتقد انه يفكر بي كامرأة مطلقا )
( و انت ؟ هل تفكرين به .. كرجل ؟ ) استفسرت والدتها
( كلا ... بوصفه فقط . عنصر قوة و طاقة انه الإلهام الذي ينير لي الطريق . انه العاصفة التي تحملني الى السماء . )
( يبدو كلامك لا يطمئن كثيرا . لكن لعل هذا هو السبب لكونك محتارة منذهلة . مسحورة و خائفة بنفس الوقت )
علقت والدتها .
غيرت ناتاشا الموضوع فورا و حدثت والدتها عن كرم و لطافة ال بلوكيو .
( بيدو انهم الملائكة التي ارسلتها السماء لنا لمساعدتنا . كيف بإمكاننا رد جميلهم علينا . لا اعرف الا اذا .. ) توقفت و غرقت بالتفكير .
( الا اذا ماذا أمي ؟ )
( هل سبق و خطر ببالك ناتاشا انه من الممكن ان يكون رون بلوكيو هو الشخص المجهول الذي يدفع تكاليف تدريبك ؟ )
( اجل غالبا . بالحقيقة انا واثقة من هذا و آمل ان اتمكن يوما من الأيام من رد هذا الجميل الهائل له بتحقيق آماله و جعله فخورا بي )
( حسنا لربما هذا هو كل ما يريده هل ألمحت له يوما انك تعرفين ذلك ؟ . او هل حاولت يوما ان تشكريه على كرمه ؟ ) قالت والدتها بغموض .
( كلا .. اعتقدت على الاقل هذا ما قالته المعلمة بيرتا انه ما دام قد اختار ان تكون هويته مجهولة فمن باب اللياقة من الواجب علي احترام رغيته هذه )

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:07
( آه ... هذه لياقة مبالغ فيها . لقد بقست صامتة لفترة اكثر من طويلة .اعتقد ان عليك شكره ... او على الاقل ان تخبريه انك تدينين بفرصة الغد الماسية له )
( انها فكرة مغوية ؟ و بما انني سابدا بقبض مبالغ جيدة على حفلاتي اللاحقة فأعتقد انني ساتمكن من دفع تكاليف تمريني بنفسي و ابعد عن كاهله عبء هذه التكاليف )
طأطأت والدتها بموافقة ثم لاحظت ناتاشا فجأة تغير لون وجه أمها و اشارات التعب التي بدت عليها فنهضت حين دخلت الممرضة و ودعت والدتها بعناق حار و غادرت الى حيث كان رون بانتظارها .
حين عادا الى منزل ال بلوكيو السيدة بلوكيو كانت في السوق ففرحت ناتاشا لذلك لانها ارادت التحدث مع رون على انفراد .
( هل تدرك انني سأتمكن غدا من قبض اول مبلغ لي كمغنية محترفة ؟) قالت ناتاشا
( لا بأس اجل .. افترض هذا .. انا لم افكر بذلك من هذا المنطلق ) افترض هذا
( انا فعلت و السبب الأكبر بذلك يعود الى املي الكبير بالتمكن من رد الدين الهائل الذي ادين به الى ... الى ممولي الحبيب ... آه لقد تقبلت ذلك منه بكل طيبة خاطر . و كنت ممتنة له أكثر مما يتصور أي عقل . لكني سأكون شخصا خسيسا اذا ما فكرت بسداد هذا الدين له يوما . أليس كذلك ؟ )
لم يجيب على الفور . فرددت هي بقلق ( أليس كذلك ؟ )
( لا اعرف و اذا كان المانح لا يريد ان يسترجع ماله ؟ ) قال ببطء
( لكني اظن انه سيتفهم اسبابي . انت ... انت لا تمانع بقولي هذا صحيح ؟ انت تتفهم وجه نظري و الطريقة التي اشعر بها نحو هذا الموضوع ؟ )
( انا بالطبع افعل يا عزيزتي . انا اتفهم ذلك كليا لكن .. )
( اذن بامكاني قول ذلك ! شكرا لك رون . شكرا لك على ما فعلته . لا شيء من أي نوع سيكون كافيا لرد لطفك و كرمك الخرافي . لكنك ستسمح لي على الاقل ب... )
( انتظري لحظة . لقد اسأت كليا بشيء ما ناتاشا هل كنت تعتقدين طوال الوقت انني المسئول عن كل هذا ؟ ) قاطعها رون و هو ينهض من مكانه و يقترب منها بعاطفة جياشة .
( لكن .. بالطبع انت ... انت هو أليس كذلك ؟ ارجوك . ارجوك لا تنكر ذلك فقط لانك تشعر ان ... ) قالت و قد شحب وجهها فجأة .
( لكن يا فتاتي العزيزة يجب ان أنكر ذلك . لست الشخص المقصود هنا . كنت اتمنى لو كنت كذلك كنت لأتقبل امتنانك الحبيب بكل طيبة خاطر .. لكن انا لا استطيع )
( تقصد .. تقصد انت ذلك لا ؟ لكن من هو ؟ من يعرف كفاية ... يهتم كفاية . حدقت به بكل ذهول و انصعاق .
و كأنه يصعب عليها تقبل ما كان يقول .
و بعد لحظة سعل هو قليلا و قال بانزعاج ( لطالما اعتقدت انه خوليو روتسو نفسه ؟ )
( خوليو روتسو من غير المعقول ان تخطر هكذا فكرة الى ذهنك ! خوليو روتسو يدفع تكاليف تمريني ؟ آه لا ... لا ... هذا شيء يستحيل التفكير بإمكانية حدوثه . انه ليس من هذا النوع من الرجال ؟ )
( حقا . لطالما اعتقدت انه كذلك ؟ )
( ماذا ؟ خوليو روتسو كريم و رومانسي ؟ )
( كلا بل مقتنع القيام بدوره على الارض ؟ )
( آه .. هذا يبدو معقولا اكثر فيما يتعلق بشخصيته . لكن هذا لم يمنعها من الغرق بالخيبه و الذهول . فهي و بكل بساطة لا تستطيع مجرد ان تتقبل إمكانيتها ان تكون تدين بكل شيء للرجل الذي تكره .
فترة صمت مرت قبل ان تقول ( و لماذا قد يفكر هو مجرد تفكير بهذا رون ؟ في البداية كان يحتقرني تماما . حتى انه السبب المباشر بخسارتي لمباراة التلفزيون تلك )
( و بقيامه بذلك جعلك معتمدة كليا على أي شيء سيقدمه لك . لم يفكر بطريقة افضل من هذه لتثبيت سيطرته الكاملة عليك . اما فيما يتعلق باحتقاره لك او لصوتك فنا لا اعتقد انه شعر بذلك فعلا على العكس . اعتقد انه ميز و على الفور امتلاكك لموهبة صوتية فريدة لكن على كل حال هناك كرم بعرضة ) رد رون
( كرم ؟ بالطبع لا انه ليس من هذا النوع التسلط و التحكم بحياتي هو دافعه بفعل ذلك دون شك عرف انه اذا ما كنت ادين له بتمريني و بتكاليف إقامتي و ما الى ذلك فإن بإمكانه ان يجعلني اشعر انني ... انني انتمي اليه )
( ماذا تقصدين بالضبط بهذا ؟ سألها رون بانزعاج .
( آه . لا شيء شخصي انا و بكل بساطة مجرد ابداع و خلق فني . هو ينظر الي من هذا المنطلق . و من هذا المنطلق يريدني ان اكون له . حتى يضعني كليا تحت رحمته . الا تفهم ؟ سيكون دينه دينا لا يمكن رده فهو لم يتبناني و يطلقني الى الشهرة فحسب بل يدفع ايضا تكاليف تمريني و تدريبي )

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:07
( اعتقد انك تبالغين ) رد رون بعدم ارتياح .
( انت لا تعرفه كما اعرفه انا . اذا ما صمم رأيه على شأن فني فإنه سيحارب الشياطين انفسهم ليحقق ما يريد )
( حسنا . لا اعرف ؟ ياه تأخر الوقت بالكاد سنتمكن من الوصول الى المحطة ... القطار .. )
فورا اجتاحها الرعب و نسيت كل ما كانا يتحدثان به . و صاحت ( آه . لنذهب فورا . لقد وعدته ان استقل القطار هذا لا استطيع ان أتخيل ماذا سيفعل اذا لم افعل ؟ )
ركضا الى السيارة معا و ايديهما متشابكة و شعرت ناتاشا بالارتياح لهذا و لم يعاودا فتح موضوع الممول مجددا حالما وصلا الى المحطة كان القطار يستعد للتحرك فهرعت ناتاشا اليه فيما قطع لها رون التذكرة بسرعة فائقة .
( لا تقلقي فكري فقط بعرض الغد . بامكان أي شيء اخر الانتظار . على كل حال . قد يكون كلانا على خطأ من الممكن انه قد تدبر لك ممولا حياديا كريما . قد يحدث هذا احيانا . انسي الامر انسيه الى ما بعد العرض . حظا سعيدا يا عزيزتي . فليباركك الله )
( اه . شكرا لك رون العزيز . شكرا لك على كل شيء لن انسى مطلقا كم كنت جيدا و لطيفا معي حتى و لو لم تكن ممولي المجهول ) قالت من نافذة مقصورتها .
ضحك لهذا و اخذ يلوح لها و القطار يبتعد . اغلقت ناتاشا النافذة و استرخت مكانها مصممة على تنفيذ نصيحة رون الأخيرة بتجاهل امر شخصية ممولها الى ما بعد العرض . و ظلت صورة رون و هو يودعها يضحك من على رصيف محطة بلدتها صورة مشجعة لها للتصميم على نصيحته . وجدت ان لوليتا كانت بانتظارها في المحطة في مدريد . و أخبرتها صديقتها ان خوليو روتسو هو من اتصل بها و طلب منها فعل ذلك لان ناتاشا كما قال ستكون بحاجة الى اقرب المقربين اليها و أخبرتها لوليتا ايضا و بحماس عميق ان خوليو روتسو قد حارب لأجلها في دار كوفنت لان فرانشي وصلت و طالبت بالقيام بدور ديمونة لكنه أعلن انه إما هو أو إما هي و بالطبع كان هو المنتصر .
كل هذا الكلام لم يلطف من رأي ناتاشا به و لم يخفف من غضبها و حنقها عليه لكنها تعلمت منه بالذات كيف تضبط أعصابها و تفكر بالأمور المهمة الأساسية .
حين وصلت الى المنزل اخذ الجميع يعاملها باهتمام و رعاية و كأنهم يخشون عليها من الكسر . و لربما كانت ناتاشا اكثرهم استر خاءا و طبيعية و هي تستلقي بسريرها و تنام بهدوء تلك الليلة .
لكن مخاوفها غضبها و توترها ظهرت كلها على السطح حين وطأت إقدامها ارض الأستوديو و رأت وجهه الجميل و المصمم و الواثق .
( كيف لم اشك بالتفسير الحقيقي قبل الان ؟ بالطبع هذا هو الوضع الذي سيحلو له . السيطرة المطلقة . علي و على صوتي )
و لا شك ان شيئا من توترها الداخلي قد ظهر بصوتها لانه قال بمرح نافذ الصبر ( استرخي يا فتاتي استرخي . لا يوجد أي داعي لتكوني خائفة او متوترة . سأقودك عبر هذه الليلة بكل أمان . لا تخافي بهذا الشأن )
( انا لا اخاف ذلك ) ردت و بغرابة كافية . كان هذا هو شعورها الفعلي .
بنهاية الدرس القصير و الذي ذلل خلاله مشكلة او مشكلتين التي بقيت بعد التمرين الكامل . ابتسم لها بطريقته الخاصة تلك و قال ( حسنا . بما يتعلق بي فأنا مكتفي و راضي تماما . هل هناك شيء اخير تريدين ان تسالي
عنه ؟ )
سؤاله هذا أغواها بطرح السؤال المحير و المغيظ الذي يقبع داخل عقلها لكنها تماسكت و سيطرت على اعصابها و ردت ( شكرا لك اعتقد انك قد غطيت كل شيء )
شيء ما بنبرته جعله يبدو محتارا لانه قطب قليلا . لكنه بعد لحظة قال ( جيد جدا . اذهبي الى المنزل الان . استريحي كليا لبقية هذا اليوم و كوني غدا بدار الاوبرا في الخامسة تماما . )
( سأكون هناك ) قالت بثقة
( و لا داعي لتشعري بالقلق حيال أي امر . لقد تأكدت من حصولك على أكثر الأشخاص خبرة في مجال التجميل
و من سيهتم بلباسك ايضا لا يقل خبرة عن هذا الاخير .)
( هذه بالطبع من عاداتك الدائمة ) قالت و ابتسمت بخفة و تباعد .
( صحيح سآتي و اطل عليك في غرفتك . في الوقت المناسب في حال كان هناك شيء اخير ليقال مني او منك . ضعي نفسك بدور ديمونة و اتركي الباقي لي )
( حسنا ) قالت و استدارت متجهه نحو الباب .
كانت على وشك الوصول الى العتبة حين سمعت صوته الهادئ و الآمر خلفها ( ناتاشا عودي الى هنا للحظة )
استدارت فورا و عادت اليه و هي متمالكة تماما .

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:08
( انظري إلي ) أمرها فجأة
هزها هذا و لكن بعد لحظة تردد رفعت نظرها اليه و لاحظت صلابة ملامحه و لون بشرته البرونزية و بريق عيونه المخترقة ( لا نستطيع ترك الامور على ما هي عليه . ما الامر ؟ ) قال ببرود
( لا شيء ) قالت و نظرت بعيدا ثم اعادت عيونها اليه بقوة غريبة .
( بالطبع هناك شيء ما . لسبب ما انت لست الفتاة ذاتها التي اوصلتها الى تالمو ليلة البارحة ؟ )
هذا صحيح . لكنها ظلت صامته بعناد .
بدا مستمتعا و نافذ الصبر لذلك و عاد ليسألها ( هل علي حثك و دفعك لاطلاعي على ما هيه الامر ؟ )
و هنا اشتعل غضبها و تبخر تماسكها فبرقت عيونها و قالت له ( ليس عليك ان تفعل ذلك مطلقا . صحيح ؟ فبعد كل شيء فقد سبق لك و اشتريت الحق بإصدار الأوامر لي . اليس هذا كافيا لك )
استدارت لتبتعد و تغادر المكان الا انه احاط بخصرها فورا بيديه و شعرت بقوتها تتسلل منها على الفور . ليس فقط بسبب اليدين المحيطة بها بل بسبب شبه التصاقها هذا به .
( ما الذي تقصدينه بهذا بالضبط ؟ توقفي عن العناد و تكلمي بمنطق و لو لمرة واحدة )
( حسنا إذن سأفعل اذا ما أردت ان تعرف فقد اكتشفت هوية الممول الذي يدفع عني كل شيء . ) صاحت بغضب حار . ( لم أشأ ان أصارحك بهذا الا بعد العرض . لكن بما انك تصر على المعرفة فبإمكانك الحصول على الحقيقة ألان . اعرف على الأقل انك من تدفع تكاليف كل شيء . من مسكن و مشرب و مأكل و تعليم )
( آه . فهمت و افهم من ذلك انك ... لا تحبين هذا الواقع ) تركها ألان و أصبح فجأة باردا و هادئا .
( انا اكرهه و أتقزز منه .... أرى ألان ان هذه كانت طريقتك بعرض سلطتك التامة و الكاملة علي . كنت لأسامحك على استبدادك و إصدارك المرهق . كنت لأسامحك على قسوتك الشديدة معي أحيانا . لكني لن أسامحك مطلقا لشرائك سلطتك علي ) قالت بعمق جعلته يرتعش قليلا .
( هل علينا ان تكوني ميلودراميين بهذا الشأن ؟ ) سألها باشمئزاز
( لست ميلودرامية . انا أخبرك لماذا لا استطيع ان اكون متحضرة معك . لو كان بإمكاني الابتعاد عنك و تركك الان .... )
( لا تتجرأي ابدا و تنطقي بهكذا كلمات . ما تشعرين به او ما اشعر انا به يعد شيئا تافها بهذه اللحظة هل تفهمين ؟
شؤوننا الخاصة الصغيرة هذه لا تعد شيئا أمام العرض الضخم الذي ينتظرنا . و عرض الليلة قد يكون عرضا خضما . سيكون كذلك بالتأكيد . و بعد ذلك بإمكانك ان تخبريني بالضبط ما هو رأيك بي . فلن يهم الأمر حينها )
( آه .. سأخبرك بالتأكيد . كن واثقا من ذلك . سأخبرك ) أكدت له بهدوء
( لكن بعد العرض . و لربما يا مليكتي المتقلبة الصغيرة من تاغو ربما سأخبرك انا حينها عن رأيي بالضبط بك )
حدقت به بصمت للحظات و هي نصف مذهولة و نصف متمردة على شعلة الاستمتاع و الثقة التي كانت تتوهج داخل عينيه و حتى و هي تؤكد لنفسها انها تكرهه لاعتباره ما قالته بخفة و تسلية هكذا . الا انها كانت شاكرة له ايضا ان حظها بالنجاح لهذا اليوم المصيري موجود بين يدي خوليو روتسو الواثق تماما من نفسه .
( عودي الى المنزل . فكري فقط بعرض المساء . بإمكان أي شيء الانتظار الى ما بعد ذلك )
هذا ما قاله لها رون بالضبط . لكن ما اقترحه رون برقة كان عند خوليو روتسو تطمين قادر و آمر
( حسنا ) قالت بتنهيدة عميقة لكن سواء أكانت هذه تنهيدة رضى لاطلاعه على اكتشافها لمخططه المشين ام انها تعبير عن ارتياحها لسيطرته الكاملة على الوضع هي لم تعرف .
غادرت المكان و خرجت الى الشمس و لسبب غير معروف ابدا لها كان التوتر و الحنق قد غادراها ليحل مكانهما سلام تام و كامل .
أخيرا و بعد طول انتظار حانت اللحظة الحاسمة و انتهت اللبيسة من وضع اللمسات الأخيرة على ثوب ديمونة و غادرت الغرفة مفسحة المجال لناتاشا بالتمتع بلحظات قليلة مع نفسها . قبل بدء دورها بعد دقائق قليلة .
استجمعت ناتاشا كل جرأتها و ادراكها ان خوليو روتسو سيكون هناك قربها جعلها تدخل المسرح المضيء و تواجه الجمهور الهائل الذي كان يملأ المقاعد و بنظرة واحدة الى الموسيقي اخذت تقوم بدورها و صوتها كالكريستال الصافي و حركاتها طبيعية جدا بتقمصها لدور ديمونة .
علا التصفيق و الهتاف بالفصليين الأولين و أدركت ناتاشا أنها حازت على إعجاب الجمهور . لكن التصفيق كان لها و لباقي الممثلين و المغنيين فدورها الحقيقي هي سيكون الفصل الثالث و يبدو ان الجمهور بدوره كان يؤجل حكمه عليها حتى ذلك الفصل المصيري .

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:08
جلست ناتاشا بغرفتها خلال فترة الاستراحة الاخيرة السابقة للفصل الثالث و مع ان خوليو لم يزور غرفتها خلال فترات الاستراحة الا انها لم تكن منزعجة من ذلك فوجوده على المنصة قربها كان كافيا لها و هي لم تكن بحاجة لأي شيء يبعدها عن التركيز الان .
ادراكها ان حكم الجمهور الحقيقي عليها سيكون في الفصل القادم الان جعلها تشعر بالسعادة لا بالخوف .
( لا تكوني فائقة الثقة بنفسك ) قالت لنفسها بصرامة ( إنها إحدى أعظم تحديات الأوبرا . لكن بإمكاني فعل ذلك
اعرف ان بإمكاني فعل ذلك . طالما انه هناك فإنني لن افشل )
ثم سمعت طرقة على باب غرفتها و دخل ماكس المنتج و وجهه يحمل القلق الواضح .
( انت تبلين بشكل رائع ناتاشا . كل شيء معد للفصل الاخير )
( اجل بالطبع .. هل ... هل هناك خطب ما ؟ )
( حسنا .. لا شيء بالغ الخطورة لقد حدثت مشكلة صغيرة و اعتقد ان رونغ باليارو سينهي الاداء عن خوليو لكن لقد سبق لك و ان عملت معه احيانا و ... )
( ينهي الاداء عن خوليو ؟ لكن هذا غير ممكن لا يمكن ان انجح بدون السيد روتسو . ما الذي حدث ؟ اين هو ؟ )
دفعت المنتج قليلا و هرعت الى خارج الغرفة .
( انتظري لحظة انه لم يصب بدرجة خطيرة . لكنه انزلق و هو يتجه الى طاولته قبل لحظات و يعتقدون انه قد فك رسغه . طبيب الأوبرا معه الان . )
( فك رسغه ؟ رسغه الأيمن ؟ )
( اخشى ذلك ) رد ماكس
( اذن .... اذن لن يقدر ان يدير الفرقة ) شعرت فجأة بالرعب و الفراغ ( لكني لا استطيع ان اتابع بدونه ... لا استطيع يجب أن أراه ) .
خرجت من الغرفة و ركضت كالصاعقة الى غرفته و دخلت دون حتى ان تطرق على الباب .
كان خوليو روتسو الشاحب الوجه لدرجة غريبة يجلس على كرسيه و طبيب الدار يتفحص يده اليمنى .
( اجل . أخشى انك قد شعرت العظم او حتى كسرته . لا استطيع التأكد إلا بعد صورة الأشعة . من الأفضل ان ننقلك الى المستشفى في الحال )
( كلا ... ) صاحت ناتاشا بذعر من على الباب ( ارجوك ... انا .. لا استطيع المتابعة بدونك ... لا استطيع المتابعة مع أي شخص غيرك . انا خائفة افعل شيئا ما )
و ركعت على ركبتيها قرب كرسيه و ثوب المسرح خاصتها منتشر حولها كالهالة من اللآلئ و الألماس .
( ارجوك لا تتركني الان ) و فجأة وضعت رأسها على يده المصابة .
قال الطبيب ( انتبهي )
لكن خوليو اخبره ( اتركها ) و تحرك قليلا و وضع يده اليسرى على رأسها و
قال ( اجلسي و لا ترتعبي ناتاشا . ليس عندي أي نية بترك أي موسيقي آخر بأخذ مكاني )
( آه ) تنهدت بعمق هائل و براحة كاملة
فيما قال الطبيب بقلق ( انت لا تستطيع تحريك رسغك الأيمن سيد روتسو )
( انا لا انوي ذلك ) رد خوليو ( علي تدبر الامر بيدي اليسرى فقط . و انت ناتاشا . يجب ان تكوني منتبه تماما لانك لن تحظين بنفس القيادة السابقة المعتادة عليها )
( انا لا أمانع ) قالت بلهفة ( انا لا أمانع طالما انك ستكون موجودا هناك . هل بإمكانك فعل ذلك ؟ هل بإمكانك فعل ذلك حقا ؟ )
( اجل بالطبع . فليأتي أحدكم بالبراندي . و انهضي عن الأرض ناتاشا انت تفسدين الثوب )
ثم تابع خوليو حديثه للمنتج البالغ القلق ( ليتواجد رونغ باليارو قرب طاولتي في حال حدوث طارئ ما . لكني أظن ان بإمكاني تدبر الأمر )
و كان هناك احتجاج واضح لكنه اسكت الجميع بقراره الصلب و النهائي ( انا من سيدير الفرقة بهذا الفصل الاخير .. انتهى النقاش )
و كان لناتاشا الوقت فقط لتهمس ( شكرا لك . آه شكرا لك ) قبل ان تهرع الى المنصة لتأخذ دورها .
و تبددت الازمة بظرف لحظات كما بدا فناتاشا كانت تدرك و للمرة الاولى بعلاقتهما معا انها بحاجة ماسة لها تماما بنفس حاجتها الماسة له . و بهذا الاقتناع استدعت كل ذرة شجاعة داخلها و كل وحي فني و نظام و موهبة .

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:09
و كان الفصل الثالث تماما كما أراداه ان يكون . لم تنس نقطة واحدة من تعليماته . عقلها كان بالغ الصفاء . صوتها تحت سيطرتها الكاملة و تصويرها لشخصية الفتاة البريئة المحكوم عليها بالموت صار حقيقيا و متوسلا و مؤثرا لدرجة ان راندا بيور – الجالسة في مقصورتها – أخذت تذرف دموع التأثر .
كانت ناتاشا تعرف بأعماقها انه سيكون أمامها الان العديد من العروض الأخرى بالسنوات القادمة . لكن شيئا لن يكون بمثل روعة . أمان و جمال هذا العرض العظيم . الليلة هي كليلة الولادة لها . من الصراع الهائل الذي جرى قبلا كانت تنبثق هي الى العالم الذي اراده الله لها .
و فيما دفنت وجهها بين يديها بآخر مقطع من أغنية ( آف ماريا ) أعطاها الجمهور أعظم إعجاب ممكن ان يقدم لفنان . كان الصمت الكامل و الترقب الهائل يغطي الجمهور بأكمله و كل واحد منهم مسحور بالدراما أمامها و لا يجرؤ على كسر قالب السحر المهول هذا بمجرد التصفيق او حتى الهمس .
لم تسمح لنفسها التفكير بذلك قبل إنزال الستار الأخير حيث تفجر هناك التصفيق المدوي و نهض كل من بالقاعة من مكانه تعبيرا عن شدة إعجابه بولادة النجمة الساطعة .
( ناتاشا .. ناتاشا ) علا الصراخ و الهتاف لها و الممثلين يظهرون بالتالي على عتبه المسرح لتحيه الجمهور و لوحت ناتاشا بيدها للجميع و خاصة لأصدقائها ( بالبلكون ) ثم رأت خوليو روتسو الشاحب بشعره الداكن الرطب قليلا – يخرج من الجهة المقابلة ليحظى بعاصفة التصفيق الأعظم و الأكبر .
وقف بالوسط مبتسما للحظات ثم اشار بيده اليسرى إلى جانب المنصة و دفع احدهم ناتاشا بلطف فسارعت لتنظم إليه .
كان هذا من أروع الأشياء على الإطلاق . ان تقف قربه على منصة أوبرا كوفنت الشهيرة لتشاركه عاصفة التصفيق الغير منتهية . استدار و قبل يدها التي كان يمسك بها – مما أثار عاصفة أخيرا من الهتاف و التصفير و التصفيق – و بالتغطية الكافية لهذه الأصوات – قال لها بهدوء ( شكرا لك يا حبيبتي لقد كنت رائعة )
( ماذا قلت ) همست و الستارة تنسدل
( بالضبط ما اعتقدتني قلته ) رد قبل ان ينضم اليهما بقية الفنانين و تضيع عليها بالتالي فرصة الاستفسار الواضح
من غير المعقول ان قال لها ( يا حبيبتي ) لا شك انه قد تخيلت ذلك لكنه بالطبع اخبرها انها كانت رائعة و هذا وحده يكفيها و يكفيها جدا .
لقد نسيت انها تكرهه . نسيت كل شيء حول دينه و شرائه لسيطرته عليها تذكرت فقط انها قد نجحت و انه قال أنها رائعة .
لاحقا أغرقتها التهاني و هي بغرفة الملابس خاصتها . و وجدت الإزهار تملأ غرفتها من أصدقائها من رون بلوكيو من عائلتها و كان هناك باقة فائقة الروعة مع الحرفين ( خ . ر ) فقط على البطاقة و تحلق الجميع حولها معلمتها و أصدقائها و العديد من الأشخاص الاخرين الذين لا تعرفهم .
و حين سألها احدهم عن موعد حفلتها الثانية اجابت ( لا اعرف هذا يعتمد على السيد روتسو لا اظن انه سيسمح لي بالقيام بالاحتراف بعد ... هو يقول أنني لا أزال بمرحلة التعليم )
( يا لك من فتاة محظوظة ) علق احد الرجال المتقدمين بالسن و البادي الرفعة ( اذا ما طور روتسو موهبتك بدلا من السماح لهم باستغلالك فلا أمانع القول منذ الان اننا على عتبة اكتشاف موهبة نادرة و فنانة تاريخية . لكن اذا ما بدأت تغنين أي شيء و كل شيء منذ الان فانك ستعرفين الشهرة فقط لثلاث او أربع سنوات ثم ستنطفئين كالمئات من المغنين الآخرين سجلي كلماتي و تقبلي تهنئاتي )
ثم غادر الرجل و اعطاها احدهم هويته فعرفت انه انطونيو باردو احد اهم النقاد الموسيقيين في اسبانيا كلها .
كل شيء حولها كان مثيرا و مذهلا لكنها تدبرت اخيرا من البقاء بمفردها مع صديقتها لوليتا فقط .
سارعت ناتاشا لتقول ( اذهبي لوليتا فورا الى غرفة السيد روتسو و اعرفي ما الذي حدث . اخبريه انني سأوافيه على الفور لأراه فقط اريد ان اخلع هذه الملابس و أزاله الماكياج )
سارعت لوليتا للتنفيذ بحماس و عادت الى غرفة صديقتها بعد دقائق قليله .
( سيأخذونه للتو الى اقرب مستشفى لتصوير يده ) قالت لوليتا
يجب ان اراه .سأذهب معه )
( لا اعتقد انك قادرة على ذلك ) ردت صديقتها
( لماذا ؟ )
( حسنا اعتقد ان جوليا بورتيغي تقوم بهذا الدور . فبعد كل شيء هي تعتبره لها وحدها أليس كذلك )
( بورتيغي . ما الذي تفعله هنا ؟ )
( تحوم حول روتسو الشهير بهذه اللحظة بالذات لكن دون شك هي كانت مع الحضور اثناء الحفلة . لم تتصوري
انه من الممكن لها الغياب عن هكذا عرض مصيري صحيح ؟ و الان هي في الكواليس تقوم بتدبير كل شيء له )
( لا اصدق هذا لم يكن لها أي دور بإجراءات اليوم )
و اندفعت ناتاشا الى غرفة الموسيقي كان على وشك المغادرة و كان يبدو شاحبا و مرهقا . و كان هناك حشد كبير داخل الغرفة من المنتج الى الطبيب و بعض الفنانين و بالطبع جوليا بورتيغي بجمالها و جاذبيتها . للحظة لم يشاهد هو ناتاشا . جوليا هي من فعلت و ابتسمت لها برقة و حلاوة ( كنت رائعة يا عزيزتي . ستكونين يوما ديمونة جيدة فعلا )
( شكرا لك سيدتي ) ردت ناتاشا و اقتربت من خوليو روتسو حتى لحظة وصولها اليه لم يكن عندها ادنى فكرة عما ستقوله له و كل ما استطاعت ان تقوله هو ( شكرا لك ... عن الليلة و ... شكرا لك على الازهار الرائعة )
( آه ... لقد وصلتك ؟ ) ابتسم بخفة لها و استدار قليلانحوها و كأنه ينفرد بها عن الباقين .
( اجل بالطبع )
( و هل من تعليق ) استفسر

ايمان عيسى
17-04-2012, 17:10
............... بكرة ان شاء الله بكتب النهاية
تحياتي للجميع :rapture:

ايمان عيسى
18-04-2012, 10:27
( فقط انها رائعة ... و انك قد اخترت أزهاري المفضلة )
( فهمت ) قال و بدا متعبا فجأة و يشعر بالملل و لأنها لا تريد ان تراه هكذا هذه الليلة من بين كل الليالي قالت برقة بالغة ( هل ترغب بان اذهب معك الى المستشفى ؟ )
كلنت جملتها هذه هي غصن الزيتون الذي يخبره بانها تشعر بالصداقة نحوه بالرغم من كل ما حدث بينهما قبل العرض . لكن و لا أي غصن زيتون رفض بهذه الطريقة القاسية التي تلت .
( لا بحق السماوات ! هل تعتقدين انني بحاجة لك للامساك بيدي ؟ ) ثم استدار نحو الباقين مجددا و بدون كلمة ( تصبحين على خير ) غادر مع بورتيغي و الطبيب . و عادت ناتاشا الى غرفتها محاولة إخفاء الخيبة و اليأس المفاجئ الذي اجتاحها .
لوليتا الفرحة و المليئة بالسعادة كانت بانتظارها فاضطرت ناتاشا لاظهار بعض السعادة . لكنها كانت سعيدة بالطبع . الم تنجح للتو باكثر الامسيات اثارة و مصيرية بحياتها كلها ؟ الم يكن الاصبع المشع بالشهرة و النجاح يشير اليها ؟ اذا لم تستطع ان تشعر بالسعادة و الارتقاء هذا المساء بالذات فلن تشعر بذلك مطلقا في المستقبل .
اجبرت ناتاشا نفسها و بتصميم على الاشراق و السعادة و هي توقع للمرة الاولى بحياتها على دفتر ذكرى المعجبين و هي بطريق مغادرتها للاوبرا و بتناولها للعشاء الفاخر و هي برفقة اصدقائها و السيدة ايزابيلا في سكن الطالبات .
( ستتناولين العشاء لاحقا في السافوي بعد العرض ناتاشا ) تنبأت السيدة ايزابيلا ( لكني سأكون دوما فخورة بالقول انني من طهى لك العشاء باول حفلة ظهور براق لك )
( شكرا لك . شكرا لكم جميعا ) رددت ناتاشا بصدق ( بما انني لا استطيع تناول العشاء مع اهلي فانتم الوحيدون الذين ارغب بمشاركتهم هذه الليلة )
( اعتقد انك كنت لتكونين بصحبة خوليو روتسو لو انه لم يكن مضطرا للذهاب الى المستشفى ) علقت ايفا بخفة
( آه .. لا اعرف كدت ان أموت من الرعب حين سمعت بحادثة انزلاقه معتقدة انه لن يترأس الفرقة في الفصل الاخير )
( و كدنا ان نموت نحن من الدهشة حين رأيناه يمسك عصاه باليد اليسرى ) اعلنت لوليتا ( يجب ان اقول انه كان جبارا لفعل ذلك . لا شك انه كان يشعر بالالم الكبير ؟ )
( اجل ) ردت ناتاشا ببطء . و للحظة شعرت و كان يده على رأسها و سمعته يقول ( اتركها )
لكنها تذكرت فجأة ملله و عدم اكتراثه الفظ برفض غصن زيتونها بعد ان انتهت حاجته اليها . و ظلت صامتة الى ان قالت لوليتا ( لقد تلقيت باقات رائعة من الزهور صحيح ؟ )
( اجل رائعة بما فيها باقتكم ) قالت ناتاشا و هي تبتسم بامتنان للجميع .
( من ارسل الورود الحمراء؟ ) سألت السيدة ايزابيلا ( الورد الاحمر يعني الحب الحقيقي لا )
( حسنا ليس بهذه الحالة ) ردت ناتاشا ببرود ( انها من خوليو روتسو )
( و ما هي الرسالة التي كتبها لك مع الباقة ) سألت ماريانا بفضول
( فقط خ . ر لم يكن هذا كما توقعتم صحيح )
( و لا حظا سعيدا . او أي شيء من هذا القبيل ) تمتمت لوليتا بدهشة ( لقد استغرقت ساعتين لاجد الجملة المناسبة لباقتنا )
( انا واثقة من ذلك لكنك تختلفين بالطبع عن خوليو روتسو ) قالت ناتاشا
( حسنا . انا بالكاد استطيع تصديق ذلك ) قالت لوليتا و نهضت لتتفحص البطاقات التي كانت موجودة على الباقات و التي جمعتها و ايفا قبل وضع الازهار بالمياه ( اجل انت على حق على الاقل ..........)
صمتت لوليتا فجأه و تناولت ورقة صغيرة و عادت بها الى الطاولة ( اظن ان هناك بطاقة بداخلها ناتاشا حرفي خ . ر على المغلف الخارجي فقط )
( ماذا ؟) هتفت ناتاشا فجأة و بدهشة ( لم اعرف ذلك ) و بلهفة هائلة رغما عنها تناولت الورقة و فتحتها لتجد بداخلها و بخط جميل و انيق العبارة التالية ( لم تكن فكرتي ان اشتري سلطتي عليك ناتاشا . انا فقط وقعت بحب صوتك و كنت مصمما ان لا ادع أي شخص يفسده الليلة ستكون برهاني عن ذلك . خوليو روتسو )
( آه لا ) هتفت فجأة لدهشة الجميع و نهضت ناتاشا من مكانها ( و انا قلت انه لا يوجد أي تعليق )
حدقوا جميعا بملامحها المذهولة لكنها لم تراهم امامها فقط هرعت الى جهاز الهاتف و طلبت رقم منزله .
( شقة السيد روتسو من المتكلم ؟ ) ردت مدبرة المنزل كما يبدو
( هل عاد السيد روتسو بعد ؟ )
( كلا كان عليه الذهاب الى المستشفى بعد العرض لقد اتصل بي منذ لحظات و قال انه يوشك على مغادرة المكان و انه سيتناول العشاء بالخارج قبل عودته الى المنزل . هل تريدين ان تتركي له رسالة ؟ )
( كلا شكرا لك )
و اعادت ناتاشا السماعة الى مكانها و اتكأت للحظة على الحائط

ايمان عيسى
18-04-2012, 10:28
( لقد وقع بحب صوتي .. وقع بحب ....لكن اكان الحب للصوت فقط ؟ ) و فجأة اصبح هذا السؤال هو اكثر اسئلة العالم إلحاحا و التي ترغب بسماع الرد عليه . لم يعد أي شيء اخر مهما لا الشهرة و لا النجاح و لا المجادلة و لا السلام . اكان هو يحب صوتها فقط عليها ان تعرف ذلك . و بدون أي اعتبار للوقت او للمكان او للياقة و التحفظ عادت الى غرفة الطعام و قالت ( ايها الاعزاء انا آسفة لكن عليكم متابعة العشاء بدوني يجب ان اغادر )
( تغادرين ؟ ) صاح الجميع و اضافت لوليتا ( لكنها بعد منتصف الليل )
( ليس بيدي حيلة . يجب ان اغادر . هناك .. هناك شيء يجب ان استوضحه )
( لكن الن تنتظري حتى الصباح ) سألتها ايفا .
( آه كلا ... كلا ) صاحت ناتاشا
( الى اين ستذهبين ) سألتها لويتا بقلق .
( لرؤية خوليو روتسو )
( سيكون حانقا اذا ما أزعجته بعد العرض ) احتجت لوليتا
و قالت السيدة ايزابيلا بصرامة ( لا يمكن ان تزوري رجلا بمنزله بمثل هذا الوقت )
( لا وقت عندي للتفكير بذلك الان ) ردت ناتاشا و غادرت المكان
سارت لبعض الوقت قبل ان تجد التاكسي و تصعد به متجها الى وجهتها .
( هذا ما لم استطع ان اتقبله حتى حينها و هذا ما لم اجده قابلا للتسامح منذ ذلك الحين السؤال هل هو يعتبرني هو مجرد صوت )
عاد التعقل قليلا اليها و السيارة تسير بها الى وجهتها و تكاثرت الاسئلة برأسها حول ما ستقوله لربة المنزل بمثل هذه الساعة و حين وصلت الى المكان كان الندم على التسرع قد اخذ منها كل مأخذ لكن لم يكن من مجال للتراجع الان .
نزلت من السيارة و دقت على جرس الباب بأصابع مرتعشة و هي تحضر بذهنها الجملة التي ستقولها لمدبرة المنزل
تلاشت الابتسامة عن وجهها حين فتح الباب و كان خوليو روتسو برداء نوم اسود فاخر يقف خلف العتبة .
( ناتاشا ما الذي اتى بك بمثل هذا الوقت يا فتاتي ؟)
اريد .... اريد محادثتك لو سمحت ) ردت بتوتر
( بالطبع تفضلي ) قال و تنحى لها و دخلت بإقدامها المعتادة الى الأستوديو فتبعها ببطء و هو ينير الاضواء
ثم وقف و اخذ ينظر اليها ببعض العدائية و التعب و سألها باختصار ( ما الامر ؟ )
( انه حول .. حول البطاقة على باقة الزهور ) قالت بارتباك
( آه اجل )
( لم اكن قد وجدتها حين سألتني اذا .... اذا كان عندي أي تعليق ) وقفت هناك و هي تغلق و تفتح يدها بعصيبة
( رأيت فقط المغلف اعتقدت انك اكتفيت فقط بوضع اول احرف اسمك على البطاقة ... و حين سألتني لم افهم قصدك بالسؤال )
( فهمت ) قال و فمه يلتوي قليلا ( لكن حين عدت الى المنزل ... قرأت البطاقة )
( اجل )
( اذن ... ماذا ؟ )
( لهذا انا هنا اكان ... اكان صحيحا ما كتبته على البطاقة ؟ )
( انه لم يكن بنيتي ابدا شراء سلطتي عليك ؟ اجل كان صحيحا )
( لا ليس هذه النقطة .. انا اتقبل ذلك الان النقطة الثانية حول ..... حول ...)
( وقوعي بحب صوتك . ؟ ) اكمل الجملة لها باعتبار رقيق لمشاعرها بطريقة لم تعهده بها من قبل ( اجل بالطبع لقد وقعت بحب صوتك منذ اللحظة الاولى التي سمته بها فورا و بالحال )
بصوتي ؟ ... فقط بصوتي ؟ )
مرت فترة صمت غريبة ثم ضحك باحتجاج و سأل ( ماذا تردينني ان اقول اكثر من ذلك ؟ انني قد وقعت بحبك انت باللحظة التي رأيتك بها ؟ )
( فقط اذا .... اذ كان هذا صحيحا )
( كلا هذا ليس صحيحا )
( آه ... فهمت ) قالت و غضت بصرها و اخفت برموشها عيونها و هي تجاهد بكل قوة الا تنهار و تبدأ بالبكاء الان و امامه بالذات . لكن و رغما عنها سقطت دمعتان على وجنتاها و رأسها منحني الى الاسفل ثم قال ذلك الصوت المحبب النصف ساخر برقة ( اعتقد انني استغرقت ثلاثة اسابيع و نصف حتي اقع بحبك )

ايمان عيسى
18-04-2012, 10:28
( ايها المتوحش ) صاحت و رفعت عيونها اليه و ودموعها تنهمر على وجهها ( ايها المتوحش كيف تجرأ على تعذيبي هكذا )
( لا اعرف ) قال و صار فجأة بقربها و ذراعه اليسرى حولها ( و لا اعرف كيف بإمكانك ذرف دموعك علي يا حبيبتي الصغيرة الغاضبة . انا لا استحق ذلك )
( كلا انت لا تستحق ذلك ) قالت بين شهقاتها و هي تدفن رأسها بصدره .
( لكني احبك بطريقتي المتعجرفة الغير كاملة و القاسية احيانا .انا اعبدك . هل تستمعين الي ؟ )
طأطأت رأسها مبقية اياه مكانه .
( حسنا استمعي جيدا اذن ) قال بنصف اغاظة و نصف حنان ( لانني لن اتفوه بهذا لك مجددا على ما اظن . انا لا استحقك . انت دافئة و متعقلة و انسانبة بالأساس و لهذا انت لا تقاومي متوحش بارد و نرجسي مثلي . حين انظر اليك اشعر و كانني انظر الى الشمس و حين استمع لغنائك اشعر و كانني استمع الى موسيقى الكون . كان من الحتمي جدا لي ان اقع بحبك . المعجزة هي ان تحبينني انت . اذا تزوجتني فلن تكوني دوما سعيدة )
( اذا لم اتزوجك فانني لن اشعر بالسعادة مطلقا ) قالت و هي تنطق فجأة من اعماق قلبها و عقلها معا
( اعرف ان بعضا مما تقوله عن نفسك صحيح لكنني لا اهتم . اعرف انك ستجعلني اذرف الكثير من الدموع لكن ....)
( ليس الكثير يا حبيبتي .. اعدك بذلك و بعض الاسلحة موجودة بين يديك الان اتعرفين .... باعترافي انني احبك لا بل اعبدك فانني اقدم لك السلطة للتحكم بي )
( لكنك قادر تماما على استرجاع ذلك احيانا ) قالت بمرح عارم
( كلا لا استطيع قد لا اكون مانحا كريما او سهل العطاء لكن ما أعطيه لا استرجعه مطلقا لا كلمتي و لا صداقتي و لا حبي )
( هل سبق و ان ... اعطيت حبك لاحداهن من قبل )
( و لا لأية امرأة )
صدقته و عرفت ان كلماته صادقة مدركة ان ما سمعته حوله و حول جوليا بورتيغي مجرد اشاعات .
احاطت رقبته بذراعيها و تنهدت بعمق قبل ان يغرقا سويا بعناق حار ارسل ناتاشا الى عوالم لم تختبرها و لم تعتقد بوجودها من قبل و حين ابعدها قليلا عنه اخيرا نظر عميقا داخل عيونها و حبه يتدفق من كل ملامحه
( قد تكونين ملاكا ناتاشا لكني لست كذلك من الافضل ان تعودي الى سكن الطالبات الان و الا فإن علينا ان نتزوج و على الفور )
( انا لا امانع بذلك مطلقا ... لكن .. )
( لكن علينا الانتظار حتى يوم الاحد ... و تاكدي ان شيئا لن يتغير ببرنامج تدريبك فأنا سأقسى عليك كما اقسى على نفسي بالضبط .... و لكن تذكري مهما قسوت فإنني احبك )
( و تذكر انه مهما تقبلت فإنني احبك )
غرقا مجددا بموجات الحب و نيرانه قبل ان يسير بها الى المصعد و يقول ( منذ الغد سيقدم لك العالم على طبق من فضة . لكن ستمر سنة او سنتين قبل ان تكتسبين الحق بتقبله آمل ان لا يكون الانتظار الطويل مطولا و نحن سويا )
( سيكون قصيرا جدا ) اكدت له بابتسام و هي تصعد المصعد ( اراك بدرس الموسيقى غدا سيد روتسو )
ضحك مرتبا على وجنتها و قال ( لا دروس موسيقى غدا ..... غدا سنتحدث و الدرس سيكون يوم الاثنين )
قبلها مجددا و انطلقت الى لحن السعادة الى لحن الحب الابدي معه و له و قربه .



ت____-----ممممممممممممممم ــــــــــــتتتتتتتتتتت

lolaaalex
20-04-2012, 21:40
تسلمى ايمان على تكملة ابنه الحظ

وينكم يابنات مافيش حد مبين

ياااااااارب تكونووووووووا بخير

Đάrkήεss Άήgεlά
19-05-2012, 11:13
ماشاااء الله كتيييييير روووعه

يعطيكم ربي ألف عافيه على الطرح الراائع و القصص الخطييرة :أوو:

متااابعة لكم ,, شكراا كتيير :)

مونـــــي
20-05-2012, 21:40
سلام ياحلوات
كيفكم وحشتوووووووووووووووني وربي زمان عنكم
لكم وحشه ....

كيفكم وكيف دنياكم ... والله ماني عارفه أيش أكتب
خنقتني العبره :confusion:

هههههههههه من جد تعجز الكلمات عن التعبير وحشه وشوق ولهفه ههههههه <<<<زودتها
يلا فضيت الحمد لله خلصت أختباراتي الحمد لله وأبشركم كلها زفت .. الله يستر منها بس وأن شاء الله النتايج تطلع بدري وأفتك


مسكينه ايمان اليوم أول أختبار ..
تسلم عليكم السلام الكثير ...........

المهم حاسه أن فيه عرب جدد في المشروع ياني مشتاقه للروايات من زماااااااااااان ماقريت اشغلتني الدراسه والله
اليوم أن شاء الله ... أسهر على وحده

وعندي روايه مو طبيعيه جنااااااااااااااااااااااااااان أكتبها حالياً, وكالعاده تخلص بعد سنه هههههههههههه
يلا أدري طولت عليكم
بس أيش أسوي الشوق واللهفه والـــ..... ألخ


تحياتي للجمـــيــــــــــــــــــــــــــــــــع خلونا نشوفككم

مونـــــي
20-05-2012, 22:10
مرررررررررررررررررررررحبا صبايا
كيفكم حبيباتي
والله وحشتوني مووووووووووووووت
سامحوني زمان ماسألت عنكم
بصراحة غصب عني مش بإيدي ، ظروفي ما بتسمح أقعد على النت كتير
يادوب ملاحقة
والله اشتقت لكل الصبايا الحلوين
الغصن الوحيد حبيبة قلبي
وأنجل حبيبة قلب التيتة
وموني وأخت موني العسولات
والوردة الحمراء حبيبتي جين أوستن
وساكنة القلوب القمر
ويووووووووووووكي 111 كيفك وكيف كتاكيتك الحلوين
وكل صبايا المشروع الحلوات
سامحوني إذا نسيت حد هلأ مخي مشوش
بشكر كتييييييييييييييير كل من سأل عني وافتقدني
انشاء الله بتسأل عنكم العافية
المهم أنا الحمدلله بخير وكل كتاكيتي بخير ،
هم الكتاكيت إللي ماخدين وشاغلين وقتي :miserable:
ماشاء الله المشروع نزل فيه روايات كتيرة في فترة غيابي
متنشطين ما شاء الله عليكم
معلش أنا صعب كتييييير إني أشارك معاكم وأنزل روايات
اتحملوني بس إني أشارك معاكم بقرائتها والاستمتاع فيها والتعليق عليها :joyous:
انشاء الله كل فترة وفترة راح أحاول إني أشقر وأتطمن عليكم حبيباتي:smile:
أحلى سلام لأحلى صبايا:jaded:
seba queen
الملكة صباسلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااا:jaded:



[SIZE=5]والله ماصدقت عيوني
صبا !!!!
صببببا!!!!!
صباااااا مره وحده ........... ملكتنا الغاليه .. والله لك وحشه يابنت .. ايوا كذا طلي طمنينا عنك
لاتقطعي مره وحده ...
يا الله والله زمان عنك أخبارهم كتاكيتك ...... هم اللي شاغلينك ها!!:friendly_wink:الله يعين ياشيخه

يلا اهم شي درينا أنك بخير ياقلبي


تحياتي لك

مونـــــي
05-06-2012, 10:46
لا بنات مو معقول
إلى الأن محد ردددددد!!!! O_o ليه ليه ياقاطعات .. والله لأعلم أمي عليكم

لي كم وأنا أنتظر وحده فيكم ترد .. وكل بعد كم يوم /أدخل وصننننننن محد موجود ليه ..
ليه ليه لييه ليه
طيب /أنا أوريكم ..
اقسم بالله يا أنكم ما/أدري كيف .. صراحه أنامعصبه ولا أعرف كيف أعاقبكم
يلا الله يستر عليكم ..

مع السلامه

*cute_girl*
05-06-2012, 18:25
الســــــــــــــــــــــلاااااااااااااااااااااااا م علييييييييييييييييييكم :love-struck:
كيفكم يا احلي بنات واحلي مشروووووووووع بالعالم
اشتقتلكم كتيييييييييييير بتمني انكم تتذكروني بعد الغيبة الطويلة _لمده عام تقريبا_
كيفكم صديقاتي (غصون وخديجة ونايت وانجل وساكنة القلوب ويوكي وموني وايمان وكلير ونسمة وكل البنوتااااااات الحلوين)
واكيييييييييييييييييييييد مرحبا بكل اللي انضموا للمشروع بغيابي
ماشاء الله لسه المشروع حمااااااااااااااااس وما اتغير ابدا بفضل مجهودكم
اشتقتلكم كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير والله :love-struck::love-struck::love-struck:

Seba queen
07-06-2012, 15:48
:apologetic:
شو إللي عم يصير بالمشروع :apologetic:
شو مالو نايم عالأخير
كتيييييييييييير صار بزعل الوضع ما حد ببان في المشروع
حبيبتي موني كتيييير انبسطت وفرحت لما شفت ردك واطمنت عليكي
وكيوت جرل والله نورتي المشروع
مع إنو للأسف المشروع رايح في النوم في سابع نومة
بتمنى يرجع ز أول ونشوف الردود والطلات الحلوة لأحلى صبايا في المشروع
كتييييييييييير اشتئتلك حبيباتي
سلام عسولات

*cute_girl*
08-06-2012, 18:27
صــــــــــــــــبا :joyous:

كــــــيفك حبيبتي وكيف اولادك ان شاء الله بخيـــــــر دايما يا رب
والمشروع منور بوجودك حبيبتي وبوجووووود البنات الحلواااااااااااات
اكيد كتير من البنات عندهم امتحانات دلوقتي يمكن عشان كده مش بيدخلو كتير
ان شاء الله يدخلو يطمنونا عليهم لانهم وحشوووووووووووووني كتييييييييييييييييييييييييييييير جداااااااااااااااا:love_heart::love_heart::love_he art::love_heart:

مونـــــي
18-06-2012, 21:23
:apologetic:
شو إللي عم يصير بالمشروع :apologetic:
شو مالو نايم عالأخير
كتيييييييييييير صار بزعل الوضع ما حد ببان في المشروع
حبيبتي موني كتيييير انبسطت وفرحت لما شفت ردك واطمنت عليكي
وكيوت جرل والله نورتي المشروع
مع إنو للأسف المشروع رايح في النوم في سابع نومة
بتمنى يرجع ز أول ونشوف الردود والطلات الحلوة لأحلى صبايا في المشروع
كتييييييييييير اشتئتلك حبيباتي
سلام عسولات

ياااااااااابعد قلبي ياصبا والله لك وحححححشه أدري المشروع نايم بس أيش نسوي توها بدت الأجازه أول أختبارات وحووووسه أبشركم نجحتتتتت تتتتتت تتتت ايه ان شاء الله بأتخصص علم أجتمااااااااااااااااع
كل ما قلت لأحد علم اجتماع قال احسه مو تخصص اهبل ماني عارفه أيه حتى أيمان تكسر مجاديفي :sorrow:
المهم ما علي منهم غيرانين مني
وانا ياستي في صدد كتابة روايه ما حصلتش بس توي في الفصل الثالث :single_eye:
يعني يبغالها وووقت والأجازه هذي كلها مزحومه زواجات ومناسبات وأحنا بعد بنجهز لزواج أخواااااااني :loyal:كلللللللووووششش
ان شاء الله بيكون بعد العيد 26\10 أكيييييييييييييييييييييييييد الكل معزووووووووووووم في قاعة البارون في ججججججججده

المهم ان شاء الله البنات يصحون ويرجع المشروع منعنش زي أول
بوسيلي الصبايا القمرات

مونـــــي
18-06-2012, 21:26
cute girl أخبارك وعلومك وأيش مسويه

والله المشروع مافيه غيري انا وانتي وصبا طلت طلتين وطمنتنا عليها
الممهم ياحبي لا تقطعين

واكتبي لنا روايه في وقت فراغك ها..~_^

Angel 1118
09-07-2012, 00:24
مرحبا يااقماري
كيف حالكن عزيزاتي
اشتقت اليكن واحده واحده
اتمنى لو اعانقكم جميعا
لدي بشرى سارة لكن
لقد تخرجت من الجامعه بتقدير ممتاز وبمعدل رائع جدا جدا
المشروع يبات في السبات اين البنات ؟؟؟

Seba queen
09-07-2012, 21:52
مرحبا يا حلوين
كيفكم كلكم
والله اشتئتلكم ، اشتئت لكل الصبايا الحلوات

ألف ألف ألف مبروك نجاحك حبيبتي موني
ان شاء الله عقبال التخرج
وألف ألف ألف مبروووووووووك التخرج لحبيبة قلبي أنجل ، منها للأعلى ان شاء الله

كيوت جيرل ، أنا بخير حبيبتي واولادي الحمدلله تمام وبخير

بتمنى الكل يكون تمام وبصحة يارب
وان شاء الله المشروع يرجع يصحصح متل أول وأكتر
واحنا بانتظار رواية موني العسل

وصحيييييييح ، كمان ألف مبروك مقدما زواج أخواتك يا موني ، الله يتمملهم على خير
وعقبال عندك وعند كل الصبايا الحلوات يارب

أنا إيمان
28-07-2012, 09:28
السلام عليكم بنات .. وشهر مبارك عليكم اجمعيـــــــــــــــــــــــــن
كيفكم بنات وحشتوني مره مره مره ووحشتني رواياتكم وين الغصن الوحيد من فتره ماشفتها بس كويس اتطمنت على صبا وكيوت ان شاء الله الكل بخير ..... بنات لو بنزل روايه كيف اتأكد انها مو موجوده في المشروع ؟ ياليت اللي تعرف تفيدني وشكككككككككرا

_classic
28-08-2012, 15:44
شكرا

selin
02-09-2012, 12:31
ممممممممممم

موضوع مره حلو بس يا ريت تكون الروايات جاهزه للتحميل للجوال

ما اعرف اظن افضل

وشكراااااااااااا

maboshareef
12-10-2012, 18:48
الله لعيكي يا مكسات الي الهمتي هالفريق من زمان ببحث عن هيك قصصروايات عبير واححلام ويا ريت انكوا تدخلوا على الالغاز كمان القديمة والحديثة:biggrin-new::biggrin-new::biggrin-new::biggrin-new::biggrin-new::biggrin-new:

ساكنه القلوب
15-10-2012, 16:02
السلام عليكم كيفكم يااخواتى وحشتووووووووووووووووووووونى حبيت اسلم عليكم لانكن وحشتونى حيااااااااااااااااااايل وضروف خارجة عن اردتى تغيبت عنكن لانى كنت مسافرة والحمد الله رجعنا وجعت ايامنا الحلوة واحلا سلا وتحيات الى جميع اعضاء فريق منتدى مكسات الغالى ودمنم لي في قلبي سكنة:love_heart:

ساكنه القلوب
15-10-2012, 16:04
تسلمى ياقلبي على سؤئلك ودمتى لي في قلبي سكنة:love-struck:
الســــــــــــــــــــــلاااااااااااااااااااااااا م علييييييييييييييييييكم :love-struck:
كيفكم يا احلي بنات واحلي مشروووووووووع بالعالم
اشتقتلكم كتيييييييييييير بتمني انكم تتذكروني بعد الغيبة الطويلة _لمده عام تقريبا_
كيفكم صديقاتي (غصون وخديجة ونايت وانجل وساكنة القلوب ويوكي وموني وايمان وكلير ونسمة وكل البنوتااااااات الحلوين)
واكيييييييييييييييييييييد مرحبا بكل اللي انضموا للمشروع بغيابي
ماشاء الله لسه المشروع حمااااااااااااااااس وما اتغير ابدا بفضل مجهودكم
اشتقتلكم كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير والله :love-struck::love-struck::love-struck:

ساكنه القلوب
15-10-2012, 16:45
:tickled_pink:تحياتى الك ياايمان عيسى واشكركى من اعماق قلبي الساكن انك كملتى باليابة عنى واسفة على تاخيري بس عندى ااقتراح للجميع يكون مجموعة من المشاركات يتفقو على رواية ويجزوئها كل جزء وحدة تكتب فيها بكدا يكون سهلها على المشاركات ادا وحد تغيبت هذا مجرد فكرة واتمنى تعجبكم ودمتم لي سكنة ومرة اخر اشكرك ياايمان عيسى من كل قلبي الساكن ودمتم في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
15-10-2012, 16:58
تحاتى الكم وقبل الزحمة كل عام وانتم بخير بقرب حلول عيد الضحى المبارك وحجا مبررور وسعي مشكور وحجا مقبول:loyal:

ساكنه القلوب
16-10-2012, 12:13
سلام كيف حالكم حبايبي وحثتوووووووووووووووووووووووووووووووونى وينكم في؟
شكلو مافي احد !؟يرد ................!!!!!!!!!!!!!!!!!!
تحياتى الكم والى كل اعضاء فريق منتدى مكساااااااااااااااااااااات ودمتم لي في قلبي سكنة......>‘^-^ ‘<
jl

مونـــــي
03-11-2012, 17:29
سلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااام كل عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام وأنتم بخير
أخباركم وحشتوني جداً جدً ....
وعندي لكم بشاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااره روايتي كملت قبل نهاية السنه والله خلصتها من قبل العيد بس ماكان عندي نت وأنشغلت مع العيد وكذا . . .

وتحياااااتي لكل الصبايا الحلوات المخضرمات والجدد ههههه
وانشاء الله تستمتعوا بالروااااااااايه
وقولولي رايكم ها !!!!!
ولا أدخل بعددين وما ألقى أحد رد !!!!!!!
وربي أعصصصب فاهمين .....

في امان الله

مونـــــي
07-11-2012, 19:05
أحزان أبنة الفجر

جوليا جايمس

1- لقيطة

هبت نسمة هواء من المبنى الطويل القائم أمامها , فتمايلت أعمدة المياه المتدفقة الشبيهه بالريش , وأحست رايتشل برذاذ آني خفي من قطرات المياه يرشّها عندما مرت بالقرب من النافورة .
أحسّت بالبرودة تلفح بشرتها .
هذا مايجب ان تكون عليه , بارده , هادئه , رصينه , ومن دون أي أثر للأحاسيس . إنها هنا لكي تجري عقد عمل . هذا كل شيء . لو فكرت بما هي على وشك القيام به على أي نحو آخر . . .
لا! لاتفكري ... لاتشعري ... بهذا الشكل يمكنك أن تجتازي هذا الموضوع والأهم من كل شيء
لا تتذكري !
ضغطت رايتشيل على زر في دماغها ذهنياً , فقطعت على نفسها حبل أفكارها .
أنطلق رذاذ آخر من المياه بشكل متقطع فوق بشرتها مجدداً
تشربت رايشيل ذالك الاسكون الصافي المنبعث من نافوره المياة ذات الهندسه المميزه , التي تزين مدخل المبنى الزجاجي المتوهج الخاص بالمكاتب , إنه مبنى ملائم ليكون المقر الئيسي لإحدى أكبر التكتلات الصناعية وأكثرها نجاحاً في بريطانيا , بدا مبنى شركة فارنيستي الأكثر فخامة بين المباني الموجودة في الحديقة البهيه المخصصة للآعمال , والتي تقع على حدود تشيسويك إحدى اقدم القرى في لندن.
تابعت رايتشل سيرها فوق كعبي حذائها العاليين اللذين جعلاها تتمايل بأناقه في بذلتها الثمينه التي تمت خياطتها خصييصاً لها .
جلست بحذر شديد أثناء قدومها إلى هنا , فحرصت على ألآ تتجعد تنورتها ذات اللون البنفسجي الشبيه بلون الخزامى , وألا ينسل جورباها اللامعان الثمينان ,
أرادت أن تبدو خالية من أي عيب, تطلب منها تجهيز نفسها أكثر من ساعتين , غسلت شعرها وصففته , ثم وضعت التبرج التام بمنتهى الدقة وكذلك طلاء الأظافر , كما أرتدت بحذر الملابس الداخلية الحريرية وأكثر جواربها لمعاناً, ولبست قميصاً ناعمة بلون القشدة . أخيراً أزلقت رايتشل التنورة الضيقة المقلمة فوق وركيها النحيلين , وذراعيها داخل السترة القصيرة حتى الخصر ذات القبه المحفوره التي أبرزت بأناقة جسدها الرشيق . أنتعلت حذاء من الجلد الإيطالي لونه مشابة تماماً لون البدلة التي أرتدتها , كما تلاءم حذاؤها مع الحقيبة التي حملتها في يدها , فصار مظهرها مكتملاً , تطلب منها الأمر مايزيد عن الأسبوعين حتى تجد هذه الملابس . قامت بزيارة كل المحلات الفخمه المخصصة لبيع الألبسه , فلا بد أن تكون مناسبة تماماً .
مهما يكن , فالشخص الذي تنوي أن تثير أهتمامة وتؤثر عليه هو ذو مقاييس متطلبه عالية , إنه أستثنائي في مقاييسة . ييجدر بها أن تعرف ذلك , لأنها فشلت في تحقيق هذا المستوى في إجى المرات بشكل مروع ومذل . عليها ألا تفشل هذة المرة .
وعدت رايتشل نفسها بأنها لن تفشل هذه المرة فيما مشت متوجهه نحو البابين الضخمين اللذين أنفتحا تلقائياً عندما تنت منهما . علمت رايتشل هذه المرة أنها ستتمكن من رفع رأسها عالياً أمام اي أمرأة تقارن بها . صحيج أن البعض يفضلون السمراوات القصيرات القامة او الصهباوات المتبرجات بدىً منها هي الشقراء الأنيقة النحيلة , لكن إذا كان المرء يحب هذا الطراز فهي تبدو كاملة , تاااااامة!!
هذا ماكانت والدتها لتقوله موافقة على ماتفكر رايتشل به .
قبضت الأحاسيس قلب رايتششل , لكنها أخضعتها على الفور , فالمشاعر من أي نوع سوف تكون مميته خلال هذا اللقاء . إن كانت تأمل بأن تنجح في مهمتها يجب أن تكون هادئة , واثقة ورصينة جداً .
إنها هنا من أجل العمل . لاشيء أكثر .
بدأت تخطو من دون وعي عبر بهو ا لمدخل الضخم . أحست بوخز خفيف ينسل نزولاًعلى عمودها الفقري , لكنها تغلبت علية . هي موجوده هنا لتقترح فكرة ما لاشيء أكثر , وهذا العمل سوف تكون له نتائج مستحبة لكلا الفريقين . أقتراحها سيكون مباشراً وصريحاًتماماً , ولايتطلب أحاسيس على الإكلاق من أي من الفريقين المشاركين في العمليه .
تابعت رايتشل سيرها فوق الأرضية الرخاميه الفسيحة نحو مكتب الأستقبال حيث أرتفعت في وسط القاعة أيضاً نافوره مياه أخرى حذقة التصميم , إنه جدار من الماء الجاري على الإطلاق .
توقفت رايتشل أمام موظفة الأستقبال التي ترتدي ملابس أنيقة , فيما نظرت إليها بأستفسار مؤدب . قالت رايتشل :" أنا هنا لمقابلة السيد فارنيستي "
ردت موظفة الأستقبال قائلة :" الأسم , من فظلك "
ومدت يدها أثناء ذلك لتتناول دفتراً لتدوين المواعيد .
أجابت رايتشل من دون أن يرتعش صوتها :" رايتشل فايل "
عبست موضفة الأستقبال , وقالت :" أنا آسفة آنسة فايل , لكن يبدو أن أسمك ليس مدوناً "
تكلمت رايتشل من دون أن تصاب بالفزع , فقالت بتأكيد هادئ :" إذا أتصلت بمكتبة وأعطيته أسمي , ستجدين أنه سوف يقابلني "
نظرت موظفة الأستقبال إلى رايتشل غير واثقة , وعلمت هذه الأخيره سبب ذلك , فوجهت لنفسها أبتسامة ساخرة .
- أنت تعتقدين أنني إحدى عشيقاته . أليس كذلك ؟ أنت لاتعرفين ما الذي يجدر بك أن تفعلية لو كنت كذلك .
هل هي موجوده على قائمتة الحالية ؟ أتراه أعطى أوامره بألا يتم إيصال مكالماتها الهاتفية لو أتصلت أو جاءت إلى هنا شخصياً؟
تحولت الأبتسامة الساخرة إلى شعور بالمرارة , فهي تعرف الروتين المعتمد . آه ... نعم ! إنها حتماً تعرف الروتين .
- لحظه من فظلك .
قالت موظفة الأستقبال ذلك , ثم رفعت سماعة الهاتف .
ضغطت رايتشل شفتيها سوياً . سوف تتحقق من مسؤولية الشؤون الخاصة به و تماماً كما قد تفعل أي موظفة جيده لدى شركة فارنيستي .
- سيدة والترز ؟ الأنسة رايتشل فايل موجوده في مكتب الأستقبال . أخشى أنني لست أرى أي موعد محدد لها في دفتر المواعيد .
سادت لحظة سكوت , ثم ...
- جيد جداً , شكراً لك , سيدة والترز .
أستنتجت رايتشل من التعالير المرتسمه على وجه المرأه ما أمرت بأن تفعله , التخلص منها .
كانت المرأة على وشك أن تعيد السماعة إلى مكانهاا , لكن رايتشل اعترضت تلك الحركة بمنتهى الهدوء , فأخذت سماعة الهاتف منها ؟ ظهر الأعتراض على وجه موظفة الأستقبال , لكن رايتشل لم تعرها أي اهتمام .
- سيده والترز ؟ أنا رايتشل فايل . أرجوك , أعلمي السيد فارنيستي أنني في مكتب الأستقبال . أخبرية ...
توقفت رايتشل لفترة وجيزة جداً , ثم تابعت :" ... أنني جئت أعرض علية شيئاً يعتبره قيماً جداً . وشكراً جزيلاً لك . آه ! سيدة والترز . . . يجدر بك أن تقولي ذلك على الفور فخلال ثلاث دقائق سوف أخرج من المبنى , وسوف أسحب عرضي . ظاب يومك "
أعادت رايتشل سماعة الهاتف إلى موظفة الأستقبال التي راحت تنظر إليها من دون التفوه بأي كلمة , قالت للمرأه ببرود :" سوف أنتظر هنا "
نظرت رايتشل إلى الساعة في معصمها , وحملت حقيبة يدها , ثم توجهت نحو مجموعة من الأرائك الجلدية البيضاء المحيطه بطاولة دائريه , حيث تم ترتيب صحف اليوم , حملت نسخه من صحيفة التايمز , وباشرت بقراءة الصفحة الأولى .
رنّ هاتف مكتب الأستقبال بعد دقيقتين وخمسين ثانية تماماً من إعادتها سماعة الهاتف إلى موظفة الأسقبال قلبت رايتشيل صفحة الجريده و وتابعت القراءه ,
بعد مرور ثلاثين ثانية جاءت موظفة الأستقبال , فوقفت إلى جانبها قائلة :" السيده والترس سوف تلاقيك في الطابق الإداري , آنسه فايل "
استقلت رايتشل المصعد إلى الطابق العلوي , عندما أنفتحت الأبواب تقدمت نحو رايتشل أمرأه في متوسط العمر أنيقة اللباس , وقد بدا وجهها لطيفاً .
- أنسة فايل ؟
أومأت رايتشل برأسها , فيما خلا وجهها من أي تعابير .
- أيمكنك أن تتبعيني من هنا , أرجوك ؟
قادتها المرأه إلى أمام على كول فسحة مغطاة بسجاده بلون القشدة , تتخلله قطع ضخمة من التماثيل التدريديه بدا ذللك مهيباً ومؤثراً في النفس . صُمم المكان حتى يكون مخيفاً مرعباً للمتطفلين الوقحين القليلي الحياء مثلها .
لكن رايتشل جاءت إلى هنا لتدري صفقة عمل . لاشيء أكثر ... ولاشيء أقل من ذلك .
قادتها السيدة والترز مباشرة نحو بابين من الخشب . قرعت المرأه على الباب بشكل مميز . ثم فتحت أحد البابين وأعلنت قائلة :" الآنسة فايل , سيد فارنيستي ".
خطت رايتشل إلى الداخل , فيما لم يظهر أي أثر للمشاعر في وجهها .
بدا السيد فارنيستي تماماً كنا تعده . لم تغيره فترة السبع سنوات على الإطلاق . لا بد أنه سيبقى طيلة حياته أجمل رجل رأته رايتشل على الإطلاق !
فكرت رايتشل من دون وعي أن الجمال كلمة غريبة جداً لتطلق على رجل ما , لكنها بالرغم من ذلك الكلمة الوحيدة التي تناسب فيتو فارنيستي . إنه جميل بشعرة الأسود القاتم , بوجهه المرسوم بأناقة , بعظمتي خديه العليتين المنحوتتين بدقة , بخط أنفه الناعم وبفكه ذي الحواف المسطحه , أما فمه فكامل كما لو أنه يخص ملاكاً ما , لكن ليس ملاك النور بالطبع , بل ملاك الخطيئه .
استند فيتو إلى الوراء في كرسيه الجلدي . بدا جامداً تماماً فيما ألقى إحدى يديه على سطح مكتبة الأسود .
لم ينهض واقفاً على قدميه ليرحب بها .
سمعت رايتشل القرقعه الخافته للباب وهو ينغلق , فأدركت أن السيدة والترز أدت واجبها كاملاً .
راقبها فيتو بغموض خال من التعابير من تحت أهدابه البالغه الطرول بدا لامبالياً مجرداً من المشاعر , فيما ظل ملتزماً الصمت
في ذلك الصمت سمعت رايتشل في رأسها أو ل كلمات قالها لها فيتو , كما لو أن الزمن قد تلاشى ...
منذ أحد عشر عاماً , كانت رايتشل في الرابعه عشرة من عمرها ... كانت فتاة طويلة القامة , خرقاء , بسيطة وعادية , كانت أشبه بمهرة صغيره لم تبلغ نموها بعد . حصل ذلك خلال الأجازه الصيفيه المدريسة , وخلال أول أسبوع منها . كان يفترض برايتشل أن تذهب لتمضية أسبعين لددى صديقة لها في المدرسة , إلا أن جيني تعرضت لألتهاب في آخر يوم من الفصل الدراسي , فألغي والدها الدعوه الموجهه إلى رايتشل . أعلمت المدرسة والدة رايتشل بذلك في اللحظه الأخيره , فأرسلت لأبنتها تذكره سفر لتأتي بها إلى إيطاليا .
لم ترغب رايتشل بالذهاب إلى هناك , فهي تعلم أن والدتها لا ترغب بتواجدها معها . هي لم تعد ترغب بوجود أبنتها معها منذ أن أستخدمها إنريكو فارنيستي , فأنتقلت إلى أيطلايها لتبقى قريبة منه قدر الأمكان . والآن ما عادت تراها والدتها إلا لمدة أسبوع تقريباً في فندق في لندن , يقوم إنريكو بدفع تكاليفة , تعلم رايتشل أن آرلين كانت تسرّ بأنتهاء الزيارة حتى تتمكن من العوده لإنريكو .
لكن خلال تلكك الإجازه , لم يكن لدى رايتشل أي مكان آخر تقصده . فأنتهى الأمر بها في إيطاليا كما يحصل دوماً .
الفيلا التي بناها إنريكو لوالدتها جميله جداً , تستقر فوق تل يعلو قرية حديثة الطراز مجاوره للبحر على الشاطئ الليغوري . وهي على مقربة من تورين , حيث تقع مصانع فارنيستي .
وجدت رايتشل نفسها مسحوره بجمال المكان بارغممن عدم رغبتها بالتواجد هناك , فهي لم تكن قد شاهدت البحر المتوسط من قبل . بعد ظهر أو يوم لوجودها هناك , وبعد أن أوصلها السائق الخاص الذي لاقاها في المطار , لم تهدر وقتها , فهرعت نحو بركة السباحة . بدا لها أن الفيلا مهجوره وأن ليس فيها سوى مدبرة المنزل التي لم تكن تتكلم سوى الإيطاليه , بالرغم من وجود سيارة حمراء ضخمة أمام مدخل المنزل . افترضت حينها أن والدتها وإنريكو هما حتماً خارج المنزل , فانسلت ممتنه لتنعم بالمياه الدافئة تحت أشعة الشمس . وصلت رايتشل إلى جهة المياه الضحله في البركة بعد أن قطعت البركة سباحة أثنتي عشرة مرة او ما يقاربها . توقفت لفترة وجيزه واضعة إحدى ذراعيها فوق الحافة الحجرية للبركة , أما شعرها المبلل فأنسدل إلى الوراء إلى شكل ذيل الفرس مستلقياً فوق إحدى كتفيها . تمهلت لتلتقط أنفاسها قبل أن تستعد لتستدير وتتوجه نحو الجهة العميقة مجدداً , وفي تلك اللحظه أدركت أن الفيلا ليست مهجوره فعلاً . رأأت أحدهم يقف عند قمة درج قصير من الدرجات الحجريه . إنه شاب في أواخر فترة المراهقة . ربما في العشرين من عمره . من الواضح أنه إيطالي , فهو نحيل جداً وطويل جداً .
ظل الرجل واقفاً هناك من دون أي حراك . ثم بدأ يسير ببطء نزولاً على الدرج .
كان يرتدي سرواً بدلون القشدة دقيق القصة والتصميم , ويضع إحدى يديه في جيبة , كما يرتدي قميصاً مفتوحة عند العنق بلون القدة أيضاً , فيما وضع حو كتفية كنزة لون الشوفان . نزل الرجل الدرج برشاقة متراخية أوقفت الأنفاس في رأتي رايتشل . أنجرّت عيناها بعيداً عن عنقة الطويل فوصلتا إلى وجهه . أحست حينها أن كل عضلة في جسدها تنقبض بشكل لا يحتمل . إنه أجمل وحه رأته على الإطلاق !
لامس شعره الأسود القاتم برقة جبينه الأسمر , ولاحظت رايتشل عظمتي خدية المنحوتتين , وفكة وأنفة وفمه ماجعل معدتها تتلوى .
كان الشاب يضع نظارتين شمسيتين عامقتي اللون , فبدا جميلاً جداً ومتألقاً إلى درجة كبيرة كما لو أنه خرج للتو من مشهد من فيلم سينمائي , توقف عند أسفل الدرج على بعد حوالي المترين من حافة البركة , ونظر إلى رايتشل . أخفت نظارتاه السوداوان عينية , لكن رايتشل . فجأة أحسّت أنها مكشفة تماماً أمامه .
أتراه يعلم أنه يفترض بها أن تتواجد هنا ؟ لم تكن لديها أدنى فكره عن هويته , لكنها أدركت فطرياً أنه من ذلك النوع من الأشخاص الذين يعرفون من يكونون , إن مظهرة وجماله يخطفان الأنفاس , أما اناقته المتعجرفة فبدت فطرية غير متكلفة . إنه من ذلك النوع من الرجال الذين تتهافت الفتيات عليه , وقد يتقاتلن في سبيل الحصول على إلتفاتة منه .
أدركت رايتشل حينها بالتحديد أنها هي التي تحظى بأهتمامة في بلك اللحظات , فغمرها ذلك النوع من الحرج المريع الذي بزغ علليها فجأه , ولم يعجبها ذلك .
لم يكن سبب ذلك فقط التحذير الذي وجهته لها مدبرة منزلها قبل مغادرتها إلى إيطاليا حيال ولع الرجال الإيطاليين وأستحسانهم للفتيات الشابات , ذلك التحذير الذي أخذ يطن في أذنيها , بل لأنها أحست بالخجل الشدييد . بغض النظر عمن يكون هذا الشاب , من الواضح أن له الحق الكامل باتواجد هناك , لكن نظراً إلى وصولها غير المتوقع فلربما هو لايعرف بأن لها هذا الحق أيضاً . أسلوب نظره إليها جعلها تشعر بالأنزعاج .
قد يكون ثوب السباحة الذي ترتدية أقل ملابس السباحة تألقاً في العالم , فمقارنه مع بعض الفتيات في مثل سنها, كانت هي متأخره قليلاً في النضج , إلا أن الرياضة التي تمارسها جعلت ذراعيها تمتلئان بالعضلات . أما بانسبة إلى وجهها . فهي تفترض أن لابأس به لكنه عادي جداً .
لربما كلمة " عادي " ليست موجوده في قاموس الرجل الذي كان يحدق نزولاً نحوها . هي تعلم تماماً أي نوع من الفتيات قد يواعدهن . إنهن فتيات القائمة الأولى اللواتي ترشح منهنّ الجاذبية . إنهن فتيات مذهلات رائعات في كل لحظة من النهار .
هذه الأمور كلها مرّت في ذهن رايتشل خلال لحضات قليلة فقط , وأدركت أنها ليست من الفتيات المدونات على القائمة الأولى , فهي صغيرة جداً بالنسبة إلية , وهي لييست موجوده حتى بالنسبة إلية كفرد من جنس النساء . إذاً ماهمها لو اعتقد ان ثوب السباحة الذي ترتديه ليس ساحراً وأن وجهها وقوامها ليسا كذلك أيضاً ؟
أما الأمر الهام فعلاً فهو أنه قد يظنها تتطفل على أرضة , أو أنها سائحة غريبة استغلت الفرصة بأعتبارها الفيلا مهجورة .
تارع الشاب النظر إلى رايتشل , فيما بقيت إحدى يديه محشوره في جيب سرواله , بينما تدلت يده الأخرى مسترخية . بدت ملامحه غير مقروءة . أتراه ينتظر أن تقول شيئاً ما لتفسر وجودها ؟
غمرها الشعور بالأحراج والأحمرار , فرفعت رايتشل بدها المترددة بنوع من التلويح , لكنها أحست بالغباء لحظة تصرفت على هذا النحو , غير أن الأوان كان قد فات على التراجع . قالت رايتشل بغربة :" مرحباً ! أنت على الأرجح تتساءل عمّن أكون , لكن ..."
لحظة بدأت رايتشل تتكلم أدركت أنها تبدو غبية . إنها تكلمة باللغة الأنكليزية بينما يبدو من الواضح تماماً أن الشاب إيطالي .
قطع الشاب حديثها فأختصره قائلاً :" أنا أعلم تماماً من تونين "
تكلم الشاب بلغة إنكليزية سليمة تماماً . أمما نبرتة الأيطاليه فلم تسهم أبداً في تليين قساوة كلماته الصريحة الفظة حين تابع :" أنت الأبنة اللقيطة لعشيقة والدي ".

موــــــــني ^___^
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

مونـــــي
07-11-2012, 19:17
2- أريد خاتمك

بعد مرور إحدى عشر سنة مازال صوت فيتو خشناً كما كان تماماً , كما أن لكنته الإطاليه بقيت على حالها .. غير لينه .
- إذاً قررتِ أخيراً أن تستخدمي آخر ذخيره لديك .
راحت عيناه تراقبانها من دون أن تظهر فيهما أي تعابير واضحة .
لكن عندما أستقر تحديقه الثابت اللامبالي عليها , استطاعت رايتشل أن تلحظ ومضة ذهبيه في عمق أعماق عينيه.
احست كما لو أن ومضة الأحاسيس تصوّب نحوها تماماً كرصاصة القناص , وهي مميتة بالقدر نفسه .رأت ذلك اللمعان الذهبي في عينيه مرتين خلال لحظتين فقط .
ظهر ذاك اللمعان مع أول كلمات قالها على الإطلاق .
أدركت رايتشل بمرارة أنها لو كانت تمتلك ذرة من غريزة البقاء حينها لحرصت على أن تكون تلك آخر كلمات يقولها لها فيتو أبداً .
لكن تلك الفتاة الغبية العديمة الخبرة ذات الأربعة عشر ربيعاً لم تمتلك أي غريزة مماثله . الغريزة الوحيدة التي تملكها هي واحدة غبية قادتها بطريقة مميته إلى دمارها الكامل .
طوال سبع سنوات راحت تقمع بلا رحمة أو هوادة أي مشاعر تتعلق بالرجل الجالس أمامها الآن والذي لايبعد عنها أكثر منثلاثة أمتار , لكن تلك الذكرى الصاعقة عاودتها من حيث لاتدري . إنها تفضل أن تخسر يدها اليمنى على أن تتذكرها الآن وهنا بالذات .
لا! لا َ!
أجبرت نفسها على دفع تلك الذكرى جانباً . أنت هنا من أجل أمر واحد فقط . هدف وحيد ... مغزى وحيد .. صفقة عمل واحدة !
زادت رايتشل من حدة تحديقها به .
لاتشعري بأي شيء . لاتتذكري أي شيء !
جلس فيتو في مكانه بأنتظار أن تتكلم . علم أنها سوف تتكلم . ذلك هو السبب الذي دفعه إلى استقبالها ,فذلك هو المبرر الوحيد لوجودها المستمر في حقل المعلومات الخاص بذهنه . لاوجود لها في ذهنه إلا في هذا الإيطار .
هل أنا موجوده على الإطلاق في ذهنه ؟
تسلل هذا السؤال الغدار العديم الجدوى إلى ذهن رايتشل . لا!
إنها ليست موجوده على الإطلاق في ذهنه ؟
إنها ليست موجوده أبداً بالننسبة إليه . ليس هي ... رايتشل فايل . ليس الشخص الذي هي عليه , روحها , ذهنها , شخصيتها , ماتحبه وما تكرهه . لاشيء يتعلق بشخصها موجود بالنسبة إليه !
بعد مرور أحد عشر عاماً طوالاً مازالت كلماته تتردد في ذهنها ؛
" أنا أعلم تماماً من تكونين . أنت الأبنة اللقيطة لعشيقة والدي ".
هذا ماهي غليه بالنسبة إلى فيتو فارنيستي . هذا كل ماكانت عليه غلى الإطلاق بالنسبة إليه وكل ماقد تكون عليه يوماً . بعدئذٍ جائتها فكرة جديدة تسللت من بئر المرارة القديمة العهد . فكرة جعلتها امرأة شريرة وقحة . سوف تكون أكثر من ذلك بالنسبة إلى فيتو فارنيستي إن أراد أن يتم الصفقة معها .
انشدّت كتفاها إللا الوراء . استقرت نظراتها على وجهه الفارغ اللامبالي , فلم تلحظ أي أثر للأحاسيس في عينيه على الإطلالاق .
بدأت تقول :" هناك شروط ..."
احتفظ فيتو بجموده . لدا كأن كل عصب وكل خلية في جسده خاضعتين لسيطرته بالكامل . لو أنه لم يفرض هذه السيطرة القاسية على جسده . لأندفع جسده من تلقاء نفسه ليقوم عن الكرسي , ويشق طريقه متخطياً المكتبة , ليلفّ يديه حول كتفي المرأة التي تجرأت على الوقوف هنا حتى تعرض عليه الشروط . كان ليهزّها ويهزّها ...
انغلق ذهن فيتو . من المميت أن يسمح لنفسه حتى أن يتخيل تلك الفكرة , خشية أن تسيطر عليه وتصبح أمراً حقيقياً . عوضاً عن ذلك ظل جالساً مكانه بلا حراك البتة وهو يراقبها .
ها هي رايتشل فايل تزحف إلى حياته بعد مرور سبع سنوات !
بالرغم من ملابسها الأنيقة هذه , فهو لن ينخدع بمظهرها البراق .
تشرّبت عيناه كل التفاصيل : الشعر , الذله , الأظافر , القطع الزينيه . وضع فيتو بطاقة سعر على مظهرها باكمله . خمس مائة جنيه ؟ وربما يضع مئات أخرى لو أضاف سعر الحذاء وحقيبة اليد . من أين تراها تحصل على المال ؟
طعنه هذا السؤال في رأسه , فسبب له مرارة لاعهد له بها .
أمِن رجال آخرين ؟
حسناً ...! أرخى فيتو التوتر المفاجئ الذي لايمكن تفسيره في كتفيه مع تكوّن الجواب في ذهنه إنها حتماً تمتلك الجينات المناسبه لذلك . لابد أنها مهنة تجري في العائلة ..
في الواقع رايتشل ليست بحاجة إلى جينات محددة لكي تقوم بذلك , فمظهرها الفاتن يكفي وحده . فكّر فيتو أن راتشل هي في قمة بألقها الجسدي الأن , وهي حتماً تعرف كيف يجدر بها أن تقدم نفسها . أحس بنصل السكين يخرقه مجدداً , لكنه تجاهله .
تأمل رشاقتها الشبيهة برشاقة فرس السباق وشعرها الأشقر الرمادي المنسدل على كتفيها وعينيها الواسعتين الساحرتين وفمها الرقيق .... لا !
أحسّ بشفرة تخترق ذهنه مجدداً . حسناً! إنها تبدو رائعة , متألقة , ساحرة ... ماذا إذاً ؟
لاعلاقه لمظهرها به . لاشيء بخصوص رايتشل فايل يهمه بتاتاً . مايهمة هو الثمن الذي ستطلبه .
استرخى ففيتو بهدوء إلى الوراء في كرسيه , فم يسمح إلا لأهدابه السميكة بأن تنخفض قليلاً فوق عينيه وهو يسألها :" والثمن الذي تطلبينه هو ...؟"
ظهر المقت في صوته , ولم يزعج نفسه حتى بإخفائه ؟ هل تحرك شيء ما في وجهها ؟ إنه لايستطيع أن يؤكد ذلك . لكن رايتشل أجابت بنوعية الصوت الذي تكلمت به من قبل , فقالت :" أنا لم أقل " الثمن" بل قلت " الشروط ".
عبرت جسد فيتو موجة جليدية مفاجئة من السخط والغضب . فكر أنها تملك مايكفي من الوقاحه لكي تأتي إلى هنا ثم تلوي ذراعه على هذا الشكل . هي تدرك أنها قادرة على ذلك . حسناً ! طيلة ثلاث سنوات يحاول فيتو بكل طريقة ممكنة أن يسترجع ماهو ملكه ...ملكه ! أخيرااً تبين له أن فريق المحامين الذين يعمل لديه عديم الحيلة أمام هذه المسألة . إنهم بلهاء ! قال له المحامون إن الهدية هي هدية , وتلك الصفقة تعطي حقاً قانونياً للمتلقي . مهما يكن , فوالده منح عشيقته العديد من الهدايا القيمة جداً ومن ضمنها المجوهرات ...
قاطعهم فيتو يومها وهو يطلق الشتائم :" اللعنه ! هل تقارنون تلك الحلى الرخيصة العديمة القيمة التي منحها لعشيقته مع تلك المجوهرات النادرة التي سرقتها منه ؟"
غامر أحهم بالقول :" من الصعب أن نؤكد أنها فعلت ذلك في قاعة المحكمة , سنيور فارنيستي "
فأنقض عليه فيتو بغير رحمةً قائلاً :" هذا مؤطد ! لاشك أنها سرقتها ! والدي لم يكن غبياً ! هو لم يمنحها حتى الفيلا , فلماذا بحق الجحيم يمنحها شيئاً ذا قيمة أكبر ؟"
- ربما فعل ذلك كعربون ... آه ... ! تقدير ... أو .... عوضاً عن الـ ... آه ... الفيلا ؟
تجمد فيتو عن الحراك ,و وسيطرت على وجهه نظرة مميتة . ثم تكلم بصوت ناعم فتاك جعل ذلك المحامي يتراجع إلى الوراء بشكل تلقائي . حين قال :" أنت تظن ذلك , أليس صحيحاً ؟ أخبرني ! أي رجل يمنح عشيقته هدية الزواج التي تخص زوجته ؟ أي رجل يمنحح عشيقته الزمرد الخاص بآل فارنيستي ؟"
زمردات آل فارنيستي ! مازالت رايتشل قادرة على رؤيتها حتى الآن . حصل ذلك منذ تسعة أشهر , يومها ألحت عليها والدتها كي ترافقها إلى المصرف . طلبت الوالدة أن تدخل إلأى غرفة صغيرة حيث أحضر لهما مسؤول المصرف رزمة مختومة وضعها على الطاولة بالإضافة إلى وثيقة ما .
ماإن تركهما الرجل بمفردهما حتى فكت والدة رايتشل شريطاً مربوطاً حول الرزمة الشبيهه بالصندوق . ثم فتحت والدتها الصندوق لتكشف عن طبقة علوية غير عميقة ثم طبقة أعمق تحتها .
شهقت رايتشل لشدة دهشتها إذ لم تقوّ على منع نفسها من ذلك .
أومض في النور نهر من الأضواء الخضراء . رفعت والدها عقداً من الصندوق وتراجعت إلى الوراء فيما استقرت نظرة ما على وجهها .
إنه تعبير يدل على الرضى والأكتفاء التام . وضعت الوالدة العقد المتوهج في يدها , وأطلقت تنهيدة تنهم عن الرضى .
تنفسّت رايتشل قائلة :" إنها مذهلة !"
ابتسمت والدتها , وقالت :" نعم , وهي ملكي ".
ظهرت رنة غريبة في نبرة صوتها لا تدل فقط على المتعة لامتلاكها كنزاً مماثلاُ , بل أكثر من ذلك . أما رايتشل فأدركت ماهي ؛ إنه الإنتصار !
أما جملتها التالية فبدت منذرة بالسوء أو بوقوع مصيبة ما , إذ قالت :" إنها زمردات آل فارنيستي . وهي ملكي أنا ".
ثم طهر في عينها تعبير غريب . نظرت إلى رايتشل وقالت :" سوف تصبح هذه الزمردات لك ... ميراثك ".
استند فيتو إلى الوراء في كرسيه خلف المكتب الواسع الذي يليق برئيس مجلس إدارة فارنيستي للصناعة ومديرها التنفيذي . تعود هذه الشركة في القدم إلى أكثر من ثلاثة أجيال , لكن عائلة فارنيستي تعود إلى زمن أكثر قدماً . كان آل فارنيستي أمراء وتجاراً في عصر النهضة . وبالرغم من أن ثروات العائلة تقلبت عبر العصور , إلا أنها الآن بدأت بالتصاعد إلى الأعلى مجدداً بفضل ذهن إنريكو المتوقد الحذق الذي ورثه عن أسلافه. والآن هاهو فيتو يدير شركة فارنيستي للصناعة وهي شركة لامعة وذات تأثير في الأقتصاد العالمي .
بالرغم من أن آل فارنيستي يتطلعون إلى الأمام في الحياة , إلا أن فيتو لم ينسّ الماضي . الماضي السحيق الذي أحضر زمردات فارنيستي إلأى الوجود في القرن الثامن عشر , ولا نسي الماضي القريب الذي لطّخ شبابه بوجود آرلين غراهام في حياء والده .
وجود بلك المرأة بدا كالسم في حياته وحياء والدته . إنه سم لم يستخرجه كاملاً بعد , وعليه أن يكمل استخراج آخر قطرة منه . والآن هاهي أبنة آرلين هنا , تعرض عليه فرصة استخراجه ...
تكلم فيت فيما بدا وجهه خالياً من التعابير قائلاً :" الشروط ؟ أتعنين أن أعفيك من الملاحقة القانونية بتهمة السرقة ؟"
بدا صوت فيتو غير قابل للنقاش . أزاحت رايتشل ثقل جسدها قليلاً إذا أخذ التوتر في عمودها الفقري يؤلم ظهرها . لكنها أجابت قائلة :" لو كانت هنالك أي مبررات للملاحقة القانونية لقمت بها منذ سنوات , أما الشروط التي أطلب تنفيذها فهي مختلفة تماماً "
راقبت رايتشل وجه فيتو كي ترى ردة فعله , لكن لم تبدُ عليه أي ردة فعل على الإطلاق . لم يظهر عليه حتى الغضب لأنها ذكّرته بعجزه عن استخدام قوة القانون ليستعيد مايعتبره ملكاً له . لو كان بمقدوره القيام بذلك لما توانى للحظة واحدة , وهي تعلم ذلك جيداً .
في الواقع قعل فيتو ذلك مرة من قبل . غشيت عيني رايتشل غمامة وهي تفكر بذلك . فيتو فارنيستي يحصل دوماً على مبتغاه , وهو يحرص جيداً على ذلك مهما كان الأمر وأياً كان الشخص ولأي سبب كان حدّقت رايتشل بفيتو . حدقت بالرجل الجالس هناك , والذي أوشك أن يدمرها في أحد الأيام . يومها كانت شابة غبية سهلة الخداع . لكنها لم تعد تمتلك أياً من هذه الصفات الآن الآن لايعني لها فيتو فارنيستي شيئاً , تماماً كما أنها لاتعني له أي شيء . لم تعنِ له شيئاً في أي وقت من الأوقات . الآن , هناك شخص واحد فقط تهتم لأمره .
أدركت رايتشل ذلك متأخرة جداً , لكنها أدركته أخيرأ. لهذا السبب هي موجوده هناك الآن , تقف أمام فيتو فارنيستي , وتعرض عليه الشيء الوحيد الذي يريده منها , الشيء الوحيد الذي يهتم له على الإطلاق . الوحيد الذي يريده منها , هي لم تكن ذات قيمة أبداً بالنسبة إليه هي في أي وقت من الأوقات لمتكن أكثر من مجرد غبية تم استغلالها .
بدت عيناه غامقتين , غامقتين جداً ... تماماً كالليل .
" كنت قد أقسمت أنك جميل .. يوم رأيتك مشرقاً..
يامن نورك أسود كالجحيم , ومظلم كعتمة الليل ..."
مزقتها هذه الأبيات المريرة من قصيدة شكسبير ذات الأربعةة عشر بيتاً .
سحبت رايتشل نفسها بالقوه من حزنها , فأجبرت ذهنها على الأبتعاد عن هذا التفير .
فيتو فارنيستي يريد أشياء مختلفة الأن عما أرده يوم كانت فتاه شابة غبية يسهل خداعها . مايريده فيتو الآن هو بحوزتها . لكن على العكس مما حصل في الماضي , فهي هذه المرة سوف تأخذ منه شيئاً بالمقابل . ليس المال , فالمال ليس نافعاً بالنسبة إليها .
ضاقتت عينا فيتو . لكنهام بقيتا خاليتين تماماً من التعابير . لذا ثبتت رايتشل نظرات عينيها على عينيه طالبها قائلاً :" حسناً ؟"

مونـــــي
07-11-2012, 19:18
انطلقت نظراته نحوها بثبات , فأحست رايتشل كما لو أن نظراته تلك تملك قدرة ملموسة على التأثير بها . أوضحت له قائلة :" الأمر بسيط جداً . أنا أريدك أن تتزوجني ".
للحظة ساد صمت تام مطبق , ثم بدأ فيتو يضحك ضحكاً أشبه بلسعة السوط , أحست رايتشل كما لو أن ضحكتهه تلك تفصل اللحم عن عظامها وتسلخ الجلد عن جسدها . إنها ضحكة ساخرة ملؤها الأزدراء .
مالبث فيتو أن توقف عن الضحك . أنحنى إلى الأمام , فيما ظهر سمّ أسود مميت في عينيه , ثم قال مستهزئاً :" في أحلامك !"
أحست رايتشل كما لو أن صوته يلسع جسدها , فأجبرها على الإقرار بحقيقة ماقاله . فيما ممضى كان زواجها من فيتو فارنيستي بمثابة حلم يتحقق . لكن بدا كأن ذلك حصل في حياه أخرى , عندما كانت هي شخصاً مختلفاً ز نعم . كانت ساذجه جداً إلى درجة أنه كان يجب أن تعلق على صدرها إشارة تحذيرية تعلن عن غبائها أما في ما يتعلق بفيتو فلم يكن هناك أي تحذير . مامن شيء نبهها إلى مدى الخطورة المميته التي يمكن أن يشكلها فيتو فارنيستي بالنسبة إلأيها بعد ذاك اللقاء المريع الأول بينهما بالقرب من البركة عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها . ظنت رايتشل أنها لن تراه مجدداً . بدت والدتها شديدة السخط عندما أكتشفت وجود فيتو في الفيلا بعد عودتها من غداء مطول مع إنريكو , أما والد فيتو فلم يبد مسروراً بدوره .
يومها بقيت رايتشل في الأسفل بالقرب من بركة السباحه حتى بعد عادت برفقة إنريكو , لكنها لم تقدر على تحمل تبادل الأتهامات الغاضبة وتلك الأصوات العميقة المتردده من داخل المنزل , والتي بلغت أعلى ذروتها بزئير وحشي صادح من تلك السيارة الحمراء التي أنطلقت مسرعة صعوداً على الطريق الساحلية الوعره الشديدة الأنحدار . بعد فترة قصيرة جائت والدة رايتشل تبحث عنها , فضربت الدرج نوزولاً بكعبي حذائها العاليين , فيما بدت متوترة شاردة الذهن , وقد غطت وجنتيها لطختان من اللون الأحمر ظهرتا بوضوح تحت ذاك التبرج التام الذي وضعته . ةالدتها التي كانت حينها في الرابعة والثلاثين من عمرها , كانت تبدو أصغر سناً حتى يظنها من يراها أصغر بحوالي العشر سنوات من سنها الحقيقية . أما اليوم , فالتقدم في السن يظهر عليها بوضوح . شعرت رايتشل بنفسها مجبرة على أن تسأل :" هل أنت بخير , أمي ؟"
أصدرت والدتها صوتاً من حلقها يدل عيلى نفاذ الصبر , ثم قالت " كان فيتو هنا , ينشر يفوره المعتاد ! إنريكو غاضب , وهذا أمر طبيعي . إنه موقف صعب "
سألت رايتشل :" من هو فيتو ؟"
بالرغم ممن أنها واثقة تماماً إنها تعرف عمن تتحدث والدتها .
- أبن إنريكو . قاد سيارته إلى هنا حتى يُعلم والده بأن والدته غادرة متجهة إلى الشاليه الموجود في الجبل , وقد انتابتها إحدى تلك النوبات العصبية ! ثل يظن فيتو جدياً أن إنريكو سوف يهرع خلفها ؟ لم يمض على وجوده هنا سوى يومين ... ذاك الصبي لافكرة لديه البتة عن مدى كدّ والده في العمل !
زمّت والدة رايتشل فمها , وتابعت :" الشيء الوحيد الذي يعرفه فيتو هو إنفاق المال والتمتع بحياة , وتابعت :" هو قابلته قبل أن نعود أنا وإنريكو ؟"شعرت رايتشل بالكرب يلفها , وأحست باللون الأحمر يغمر وجهها , فأقرت بصوت متلعثم :" إنه ... مرّ بالقرب من بركة السباحة "
تصلّب وجه والدة رايتشل قفالت :" حسناً ! على الأقل هو لن يعود الآن . ذهب ليمسك بيد والدته التي لا تتوقف عن النواح . من المضحك أن يثير الجلبة بسببها !"
تساءلت رايتشل , هي سمعت نبرة دفاعية في صوت والدتها , أم أن ماقالته هو مجرد أتهام ؟ مهما كان , فذلك بكل بساطة جعلها تتمنى لو أنها على بعد مليون ميل من ذلك المكان .
بذلت رايتشل قصارى جهدها حتى تبقى بعيدة عن طريق إنريكو ووالدتها , فكانت تتجه إلى الشاطئ الصغير الخاص الذي يقع تحت الفيلا لكي تسبح في البحر أو تأخذ حماماً شميساً فيما تطالع كتاباً بالقرب من البركة .
يبدو أن والدتها وإنريكو كانا يمضيان غلبية وقتهما في الخارج وقد سرّها ذلك فهي لم تشعر بالأرتياح بحضور غنريكو أو بحضور والدتها . بدا إنريكو رجلاً غير ودود في متوسط العمر وذو بنية صلبة هو شخصية رئيسية يدور حولها نشاط المنزل بأسرة , بما في ذلك بشكل أساسي والدتها .
منذ ست سنوات كان إنريكو فارنيستي يحضر مؤتمراً في برايتون , فدخل إلى المتجر الفخم الذي تديره والدتها في منطقة لاينز لكي يشتري شيئاً ما لصديقته في ذلك الحين , لكنه قرر أن آريين غراهام هي افضل من تلك الصديقه , فأقنعها أن ترافقه لتصبح إحدى مساعداته في العمل , لعد ذلك مباشره وضبت رايتشل أغراضها , وتم إرسال رايتشل إلى مدرسة داخلية باثظة التكاليف لكي تبتعد عن طريقة . أما والدة رايتشل فأنتقلت بسرعة /إلى إيطاليا .
عرفت رايتشل أن والدتها أصبحت أكثر من مجرد مساعة لإنريكو فارنيستي , رئيس شركة فانيستي الصناعية . صارت آرلين تقيم في فيلته الفخمة بحجة إنجاز الأعمال بسرعة , وتمضي إجازاتها في اليخت الخاص به . كذلك علمت رايتشل أنها بضل إنريكو فارنيستي كانت تقصد مدرستها الداخلية المتميزة , وبفضله أيضاً أصبحت العمة جين تقيم في بيت مؤلف من طابق واحد واسع الشرفات خارج برايتون , ولم تعد تقيم في شقة في مجمع سكني حيث كانت تعيش من قبل . أما حين كانت رايتشل تنزل مع والدتها في فندق في لندن , فإنريكو فارنيستي هو الذيكان يدفع تكاليف الفندق كما يوفر لها المال الذي تنفقه . أما والدتها فلم تبدُ يوماُ منزعجة بسبب شذوذ هذا الأرتباط بينهما .
- هذه الأمرور مفهومه في هذا البلد .
أضافت آرلين مرتجلة :" بما أن إنريكو يحتاج إلي في تنظيم مختلف شؤونه , لذا من الطبيعي أن أبقى بقربة . إنه تدبير مقبول تماماً , ولا أحد يسيء الظن به "
بدا كلامها مقنعاً جداً إلى درجة أن رايتشل صدقتها في ذلك الحين , إلى أن قام فيتو بسلبها ذاك الوهم مستخدماً حفنة من الكلمات البذيئة العابرة . إنها كلمات بشعة بقد ماهي صحيحة . بحق الله ! أما كان يجدر بذلك أن يكون تحذيراً كافياً ؟
لكن بشاعة تلك الكلمات لم تكن كافية حتى تجعلها تنسى جمال الرجل الذي قال هذا الكلام . بدءاً من ذلك اليوم فصاعداً أخذت رايتشل تخفي سراً معيباً مخزياً . فقلبها المراهق أخذ يقارن كل رجل يصادفة بفيتو فارنيستي , سواء كان ذلك الرجل حقيقياً أم مجرد شخصية ظهرت على شاشة التلفزيون . ومع مرور السنوات ظلت رايتشل غير قادرة أبداً على إزالة تلك الصورة . وكأنما صورته أنطلعت على شبكية عينيها عندما سار نزولاً على ذاك الدرج برشاقة وليونة , كما لو أنه أمير وسيم لا أحد يضاهيه وسامة وتألقاً . لم تخبر رايتشل أي شخص بسرها هذا , وبقي فيتو فارنيستي بطل أحلامها الممنوعة .
إنه سرّ اضطرّت إلى دفع ثمنه بمرارة , وما زالت تدفع ثمنة في أحلام تحولت إلى كوابيس . لابد أنها تعيش أحد هذه الكوابيس الآن ... الوخزة القاتمة المميتة لعيني فيتو فارينستي بعدما أخبرته بشروطها حتى يستعيد زمرادات فارنيستي أصابتها في الصميم .
تراجع فيتو إلى الوراء في كرسيه , ثم قال بصوت ناعم مهلك :" كوني واقعية "
استطاعت رايتشل أن تشعر بلأزدراء والسخرية يجلدانها كالسوط . رأته وهو يمد يده ذات الأنامل الطوريلة ليفتح أحد أدراج المكتب , ويخرج منه دفتر شيكات جلدي . فتحه بضرة واحدة وأمسك قلم حبر من الذهب , ألقاه فوق الشيك بعد أن أزال غطاءه .
- المال . تلكهي العمله الوحيدة التي تتعامل بها النساء أمثالك وأمثال والدتها .
ضاقت عينا فيتو , وأستطاعت رايتشل أن تشعر بالغضب العارم المكبوت داخلهما .
تابع كلامه قائلاً :" لكن لاتفكري لحظة واحدة بمحاولة ابتزازي . يمكنك أن تحصلي على مليون ييويو مقابل الزمرادات من دون أي زيادة , أقبليها أو ارفضيها ".
بدأ فيتو يدون واثقاً , فأخذ الجبر الأسود يجري بسلاسة على الشيك .
جاء صوت رايتشل رصيناً , متمكناً جداً :" لن أبيع !"
لم يتمهل فيتو بالكتابة , بل تابع بكل بساطه, فخربش بغير اكتراث "مليون يورو" في المكان المطلوب .
- أنت لم تسمعني . أليس كذلك ؟
قالت رايتشل ذلك , لكن ... هل بدا صوتها أقل ثباتاُ ؟ لا . لن تسمح له بأن يكون كذلك . يجب عليها ألا تسمح له بذلك . الكثير من الأمور تعتمد على محافظتها على السيطرة التامة على نفسها .
نظر فيتو إلى الأعلى , فيما بدت نظراته وقحة مزعجة إذ قال :" سمعتك تقولين نكتة ذات ذوق سيء جداً , لكنني لم أظن حتى إنك قادرة على النزول إلى هذا المستوى السافل"
تابع كتابة الشيك , فوقع عليه بيده السمراء التي تنساب بسهولة , ثم مزق الورقه من دفتر الشيكات ودفع بها عبر المكتب نحو رايتشل .
- وضعت تاريخ قبض المال بعد ثلاثة أيام من اليوم . أحضري لي الزمردات غداً , وعندها يمكنك أن تقبضي الشيك .
لم تنظر رايتشل إلى الشيك مطلقاً , عوضاً عن ذلك تكلمت بصوت صلب مشدود قائلة :" لم تكن نكتة . إذا رغبت باستعادة الزمردات عليك أن تتزوجني . هذا كل شيء . اقبله أو أرفضه "
لم تقوّ رايتشل على مقاومة رغبتها بأن تقذفه بكلماته نفسها . ساعدها ذلك ولو قليلاً على تخفيف التوتر بدرجة واحدة على الأقل .
أنزل فيتو قلمة بحركة بطيئة متعمدة , ثم وبحركة مساوية في البطء والتعمد أنحنى إلى الأمام , فنطق بصوت خافت فتاك قائلاً :" أفضل أن أتخذ لنفسي ضفدعة كزوجة بدلاً منك "
استقرت عليها عينان مظلمتان هازئتان , فسال على وده رايتشل لون باهت لطّخ عظمتي خديها .
- أنا لا أقترح زواجاً حقيقياً . أنا بكل بساطة أرغب بأن أضع خاتم زفافك في إصبعي لفترة محدودة من الزمن .
حاولت رايتشل أن تحدق به , فتقابل نظراته الباردة المستوية بإحدى نظراته الثابتة.
جاءها رد فيتو بنبرة جافه :" أعطيتك جوابي للتو . هل تنتقين ما تريدين سماعه فتجعلين هذا عيباً آخر من عيوبك ؟ هلي تتخيلين أنني قد أتزوجك تحت أي ظروف ؟"
بدا وجه رايتشل مشدوداً جداً إلى درجة شعورها بالألم بدءاً من فكها وصولاً إلأى عظمات جمجمتها .
- أنا أعرف رأيك بي , فيتو . لست بحاجة لأن تقوله بالكلام .
أومضت عبر وجه فيتو أبتسامة عدائية جارحة .
- إذاً بما أنك تعرفين , فأنا أشك بمدى صحة قدراتك العقليه التي دفعت بك للمجيء إلى هنا بهذا الشكل , فتجرؤين على محاولة بيعي شيئاً لم يكن أبداً ملكاً لوالدتك الساقطة حتى تأخذه !
تلوت في وجه رايتشل الأحاسيس العميقة المعذبه .
- لاتتحدث عنها بهذا الشكل !
قذفت رايتشل هذه الكلمات نحوه , أما وجه فيتو فأزداد أسوداداً كما لو أن الليل أطبق أطبق عليه .
- والدتك أطبقت براثنها الجشعه المتملكة على والدي , ولم تسمح له أن ييفلت منها . جعلت من حياة والدتي حزناً مستمراً .
أحست رايتشل أن كلماته وصوته تجرحها كالسكين الحاد . فأغمضت عينيها تصدياً لها . كيف يمكنها أن تنكر ماقاله للتو ؟ كيف يمكنها أن تجادل وترد ما قذفه نحوها للتو ؟ مع ذلك لايمكنها أن تسمع حديثاُ عن والدتها بتلك العبارات السيئة . خنقها ذلك الشعور , وتراءت لها في ذهنها صورة لآخر مرة رأت فيها آرلين , فأضطرت إلأى فتح عينيها حتى تطرد تلك الصورة , لكنها لم تقوً على طرد العذاب الأليم الذي تزامن مع تلك الرؤية . رفعت رايتشل يدها بحركة سريعة , كما لو أنها تريد أن تدفع بعيداً تلك المشاعر التي تمزق أعماقها . بذلت جهداً واضحاً لتتحكم بأحساسيها ولتبقي هذا الحديث حيث يجب أن يكون على مستوى الأعمال لاأكثر .
قالت رايتشل لتصرف ماقاله :" هذا لاعلاقه له بالموضوع . المسألة الوحيدة التي نناقشها الآن هي إن كنت تريد أستعادة زمردات فارنيستي وفقاً للشروط التي وضعتها للتو أم لا . أنا أريد خاتم زواجك في أصبعي لمدة لاتتجاوز بضعة اشهر ..."
قاومت رايتشل حتى تبقي صوتها ثابتاً وهي تتكلم , فتابعت :" ... وهذا كل شيء . يمكنك أن تستعيد زمرداتك الثمينه يوم زفافنا .أنا لا أريد مالك ".
عضت رايتشل شفتها بعد التلفظ بالجملة الأخيره .
حدق بها فيتو , فيما ظلت تعابير وجهه مخبأة صار أسلوب نظره إليها أكثر سوءاً . في البدايه بدت عيناه غامقتين بدافع السخط الشديد , أما الآن فبدا وجهه بارداً من شدة المقت . أحست رايتشل أن نبضات قلبها تتسارع , أما معدتها فغاصت إلى الأسفل .
سألها فيتو بهدوء ":لماذا ؟"
تحركت رايتشل بصعوبه . ما الذي يجري ؟ لماذا ينظر إليها بهذا الشكل ؟
- لماذا ... ماذا لا أريد المال مقابل الزمردات ؟
- لا . لماذا تتخيلين أنني قد أفكر . ولو لجزء من الثانيه , بعرضك لي بالزواج ؟
أجابته من خلال اسنانها المشدودة على بعضها :" لأنك تريد أستعادة الزمردات , وهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستمكنك من ذلك "
التمع شيء ما في عينيه . بحركة واحده رشيقة سريعة نهض على قدميه , ثم طارت يداه إلى الأعلى :" كفى ! تمادى هذا الغباء بمافيه الكفاية ! أنا مستعد لأن أشتري الزمردات , لكنني لست مستعداً لأن أضيع وقتي للحظه أكثر بسبب هذه المهزلة . لذا , خذي الشيك أو أخرجي من هنا "
تمايلت رايتشل من شدى قوة غضبه .
- إن خرجت الآن . فأنت لن تستعيد زمرداتك الثمينة إلى الأبد !
حاولت أن ترشفه بكلماتها بقوة , لكنها خرجتت مرتعشة من فمها .
أجابها فيتو بكلمات حارقة :" الأبد فترة طويلة . في مرحلة ما سوف تبيعينها , فقط لكي تعرفي قيمتها . إن لم تبيعيها لي أناء فيما همي ؟ سوف أشتريها من أي شخص تبيعينها له "
- أمي لن تبيعها أبداً .!
اندفعت إلى ذهن رايتشل صورة والدتها عندما تركت الزمردات تنساب في يدها , بينما حملقت بها دلالة على أنتصارها لأمتلاكها الزمردات. فأضافت رايتشل :" أبداً "
- إذاً يمكنك أن تدفينها معها في قبرها !
أبيض وجه رايتشل فيما أنسحب الدم منه . أخذ الشعور بالدوار يقرع في أذنيها .
همست بصوت أبح :" أيها اللقيط "
ظل وجه فيتو بعيداً عن الرضوخ والليونه , كما لو أنه مصنوع من رخام جامد . قال لها :"لا , فتلك هي أنت . أتذكرين ؟"
أنهت هذه الكلمات نقاشهما , وقضت عليها تماماً .
استدارت رايتشل على اعقابها مخدرة , فسارت متجهة نحو البابين المغلقين الذين بدو فجأه وكأنهما على بعد مئات الأمتار عنها . غمرتها رغبتها بأن تهرب وبان تخرج من هنا , لكن عندما وصلت غلى الباب وجدت أخر أثر للشجاعة , فأمسكت بمقبض الباب , ثم أستدارت وقد بدا وجهها شاحباً تماماً , فقالت :" فلتهترئ في الجحيم , فيتو فارنيستي !"
استدارت من جديد وفتحت البابين بقوة , ومشت إلى الخارج أستطاعت رايتشل أن تصل إلى المصعد قبل أن تلتوي رجلاها تحتها , فأضطرت أن ترتمي على الحائط البرونزي للمصعد طلباً للدعم .
لقد أفسدت الأمر ... أفسدتها تماماً!
فشلت فكرتها الجامحه الغبيه المجنونه إلى أقصى حد وبشل بائس . غمرها الشعور بالبأس , فيما أنفتحت الأواب مجدداً أمام طوفان من الحزن أغرقها .
**********
وقف فيتو في مكتبه للحظة مطولة أخيرة , فيما بدا وجهه متصلباً .
السخط الذي يشعر به بدا غامراً جداً إلى درجة أنه ظنة قد ينفجر في داخله , لكنه لجنة بحزم وبسيطرة صلبة .
كيف تجرأت على القدوم إلى هنا ؟ جائت إلى داخل مكتبة ببرودة ووقاحة لتميلي الشروط عليه حتى يستعيد ماهو ملك له ؟ويالها من شروط ...!
ضاقت عيناه بغضب شديد بارد غير مصدق .
هل تصورت رايتشل أنه قد يولي أقلّ أعتباراً لما طالبته به ؟ أعقل أن تكون مجنونه إلى هذا الحد ؟ دخلت إلى هنا فجأه بعد مضي ثلاث سنوات من وضع أرليين غراهام مخالبها المتممكنة على خزنات آر فارنيستي , وهي تظن أنه فعلاً قد يأخذ بعين الأعتبار ثمناُ مماثلاً مقابل زمردات فارنيستي المسلوبه , هذا دعك من قبلوه لشيء مماثل .
ولِمَ الآن ؟ هل تمرّ هي ووالدتها بأوقات عصبيه الأن ؟ حرض فيتو على أن تأخذ آرلين غراهام أقل قدر من الغنائم عندما طردها بعد وفاء والده , لكن المرأه سحبت مايكفي من الأموال لسنوات . جند فريق المحامين الخاص به ليحاول أستعادة الزمردات التي تمكنت آرلين من حملها إلا أنهم فشلوا في ذلك . لكن سره نه أخردها أخيراً من إيطاليا . لم يعرف , وهو لايأبه إلى أين ذهبت . يحتمل أنا أتخذت لنفسها حامياً آخر , لكنه يشك بذلك , فصباها ولى , ولم تعد متألقة كما كانت من قبل .
جالت في ذهنه فكرة أخرى لافحة :" أتراها حولت ابنتها إلى المسار نفسه ؟ أتراها كالدودة الطفيليه تمص المال من الرجال الأثرياء مقابل خدمات حسية ؟ إنها حتماً ترتدي ملابس أنيقة كما لو أن رجلاً يدفع ثمن مظهرها ...
أحس فيت بشء ما يطعنه لدى تفكيره بهذه الصورة لفتره وجيزه جداً فصرفها من ذهنه حالاً . عوضاً عن ذالك وجد نفسه يضغط على زر الهاتف الداخلي مكلماً مساعدته الشخصية .
- المرأة التي غادرت مكتبي للتو ... ألحقوا بها .

موــــــــني ^___^

______________________________________

مونـــــي
07-11-2012, 19:21
3- كيف تشتري الأمل ؟

أدارت رايتشل المفتاح في القفل . ودخلت إلى شقتها . أحست بفيض من المشاعر الغامرة , فهي مازالت ترتعد بسبب لقائها مع فيتو فارنيستي . بدا الأمر أكثر سوءاً مما تصورته , بالرغم من أنها كانت تخشى هذا اللقاء منذ إدراكها أنها سوف تذهب لمواجهته , إذ راح الخوف يتزايد في داخلها طيلة الأسابيع الماضية . أنهارت على السرير , فأرتخى تحت وزن جسدها , لكنها لم تلحظ ذلك . إنها لاتهتم للحالة المبائسه للغرفه المستأجره التي تقيم فيها ’, فقد توقفت عن ملاحضة وضعها الكريه منذ فترة من الزمن . على الرغم من أنها ماززالت تفتقد إلى شقتها الصغيره ذات الديكور لأنيق , وهي شقة تضم غرفة نوم واحده , وتقع في إحدى ضواحي لندن , إلا أنها ليست نادمة على بيع تلك الشقة أبداً . اضطرت رايتشل إلى التخلي عنها , وهذه نهاية الموضوع . أمر واحد فقط يقلقها الأن , وقد أقلقها خلال الأسابيع الخمسه الماضيه : أن تجعل فيتو فارنيستي يتزوجها .
هل أعتقدت فعلاً أنها سوف تحظى بفرصة للنجاح في مبتغاها ؟
حدقت بكآبه أماممها . بدت كل لحظة مؤلمة من ذاك المشهد المروع الذي ظل يعيد نفسه داخل رأسها كما لو أنه أسطوانه لاتتوقف .
تلوت معدة رايتشل من شدة الألم . أدركت أن يديها ماتزالان تقبضان بحزم على حقيبة يدها , فأجبرت يفسها على فكهما . ورمت الحقيبه على غطاء السرير الرث , ثم نظرت نحو اليجاده الباليه . بدا لأمر بأسره من دون جدوى. لاجدوى من تلك المحاولة الغبيه المؤسفه بأسرها . هذا المخطط الغبي المضحك لا أمل منه . كيف تراها استطاعت أن تصدق انها قد تنجح , وأن فيتو فارنيستي قد يوافقها على أقتراحها بالزواج كي يستعيد زمرادته الثمينه ؟ كيف تصورت أنه سيوافق على أمر بمثل هذا الغباء وهذا الجنون , وأنه سيرضى بإقامة أي نوع من الأحتفالات للزواج منها , بغض النظر عن كون ذلك الزواج مؤقتاً ولفتره محدودة ؟ حتى استعادة زمرادات فارنستي لاتستحق تضحيه كهذه من قبله .
لابد أنني مجنونة حتى أفكر بذلك ! فكرت رايتشل فيما أغمضت عينيها لشدة عذابها , لا . . . هي ليست مجنونه ... أنها يائسه فقط .
يائسه بمافيه الكفايه لكي تفعل أي شيء يسعد آرلين .
تآكلها الألم , كما لو أنه بركة هائلة تغمرها , تغرقها , وتغسل كل جسدها . إنها غغير قادره على إيقاف ذلك الأم , وهي لاتحاول حتى أن تفعل ذلك هذه الأيام . لأنها لو حاولت , فلن ينجح الأمر .
نهضت رايتشل على قدميها مجدداً . مدت يدها , وتناولت حقيبة يدها , فأستخرجت هاتفها النقال . إنها تعرف الرقم عن ظهر قلب , لذا طلبته بشكل آلي . عندما اجابها الطرف الأخر , نطقت الكلمات بصوره آليه أيضاً : " مرحباً! أنا أبنة آرلين غراهام . كيف حالها ؟"
انتظرت رايتشل برهة , ثم جاءها الرد بالعبارات الحذره المعتدله نفسها كالعادة . أومأت رايتشل وهي تتمتم شكرها , أقفلت الخط .
مستقرة . . . لاتغيير . . . هذا افضل مايمكن توقعه . تلك العبارات المتكرره حفرت في رأسها , لكن أياً منها ليست كافية لإخفاء العبارة الوحيدة التي تشكل الحقيقة بخصوص والدتها ؛ إنها تموت !
غمرها الأحباط , فضغط عليها إلى درجة أحست معها أنها بطيئة الحركة مرهقة وهي تتحرك في أرجاء غرفتها الضيقة . قامت رايتشل بحذر لتخلع بذلتها المفرطة الأناقة الغالية الثمن , فرتبتها بحذر داخل منطقه تعليق الثياب المغطاة بالستائر , عندما خلعت رايتشل القماش الجميل عن جسدها , أحست بشعور آخر يتملكها ؛ إنه الأحباط . كما أحست بالمرارة لأنها هدرت الكثير من المال على مصروف لاجوى منه كهذا مع شدة حاجتها لذلك المال . كان من الأجدر أن توفره نظراً إىل أن صرف المال لم يجد نفعاً في هذا المشروع . هل أتقدت فعلاً أنها لو بدت مناسبة للعب دور المرأة الثرية , في سوف تقنع فيتو فارنيستي بقبول شروطها المضحكة ؟ كيف تراها تصورت حصول ذلك ؟
كوني واقعيه ! هدا ما قاله لها فيتو ساخراً , وهو على حق . لابد أنها أطلقت العنان لنفسها في خيال مثير للشفقه بأعتقادها أن زمردات فارنيستي ستشكل حافزاً كافياً يدفع فيتو لمجاراتها .
حسناً ! الأمر بأسره يدل على الغباء . . .الأمر بأسره . بوجود الزمردات ام بدونها .
كم هو عدد المرات التي ينبغي أن يقول لك فيها فيتو فارنيستي الأمور البغيضة قبل أن تتعلمي درسك بخصوصه .
لو أنها أمرأه ذكيه لحرصت على أن تكون أول إهانه يقذفها بها عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها هي لآخر إهانة يوجهها لها . لو أنا أكثر تحلياً بالمنطق لما منحت فيتو فرصة السخريه منها مجدداً .
فكرت رايتشل بوحشية أنها غبية إلى درجة دفعتها إلى القيام بتصرف تستحق اللوم عليه . فقد أطلقت العنان لنفسها في قصة وهميه مضحكه .
تسارعت الذكرى خلال ذهنها كما لو أنها موجة كاسحة أغرقتها , فأخذتها مرتعدة مرتعشة إلى الماضي الذي مايزال يبدو كاللعنة في حياتها بعد مرور كل هذه السنوات .
يومها كانت في الثامنة عشر من عمرها . ياله من عمر خطير . . .
عمر الأحلام والأوهام . . . عمر الحكايات الخياليه . بعد أنتهاء الأمتحانات المدرسيه سُمح لطلاب صف التخرج بتمضية اسبوعين بعيداً عن المدرسة خلال فصل الصيف كمكافأة . اصطحبتها صديقاتها جيني وزارا في رحلة بعيدة معهما . أعلمتا رايتشل بفرح أنهما سوف تمضيان هذين الأسبوعين في روما , في الشقة التابعه للشركة التي يعمل فيها والد جيني . شعر راتتشل بالقلق والخوف , إلا أنها شعرت أيضاً بالحماسة . بالرغم من أنها كانت إحدى أكبر الفتيات سناً في صفها , إلا أنها كانت أقلهنّ دهاء وخبرة في الحياة .
لم تخبر رايتشل والدتها شيئاً عن الرحلة . على أي حال , آرلين كانت تقوم برحلة مع إنريكو في اليخت الخاص به انطلاقاً من شواطئ الريفييرا الفرنسيه بحسب ماذكرته في آخر بطاقة بريديه أرسلتها .
بعد سنوات من التصرف كطالبه نموذجية مثالية في تلك المدرسة الداخلية , أحست رايتشل بعدم القدره على المقاومة , أخذت تتوق إلى شيء أكثر من مجرد المذياكرة والرياضة . تاقت إلى التشويق , المغامرة , الرومنسيه . أحست بالبروده تتسلل نزولاً على عموجها الفقري ماإن عاودتها هذه الذكرى . كانتت تتوق إلى الرومنسيه , ولكن ماوجدتها كان شيئاً مختلفاً تماماً .. ليتني لم ألتقِ فيتو فارنيستي . ليتني ... ليتني ... ليتني ...
لكنها ذهبت . يومها أرتدت أحد فساتين السهرة الخاصة بجيني , وهو فستان طويل مكشوف عند الكتفين , أما وجهها وشعرها فأهتمت بها زارا . أنساب شعرها شلالاً ذهبياً فوق ظهرها , أما عيناها فبدتا واسعتين . بدت رايتشل فايل مختلفه تماما ً عن الطالبه المتزمته التي يعرفها الجميع . يومها أعتقدت أنها تبدو مميزة جداً , ناضجه جداً , متألقة جداً , لكنها بدت في الواقع كالطفلة التي تمارس الألاعيب .
لو أنني بكل بساطه لم اذهب إلى ذاك الحفل ... لكنها ذهبت , ولحظها السيء , ذهب فيتو فارنيستي إلى هناك أيضاً , ومها لم يتردد في أستغلال الفرصة التي قدمتها له على طبق من الغباء وسهولة الأنقياد وهي في الثامنه عشرة من عمرها ’,لم تكن رايتشل تمتلك أي دفاعات على الإطلاق ضد فيتو فارنيستي وهي في الثامنة عششر من عرها .
جل ما أحتاج لأن يفعله فيتو هو أن ينظر إليها مظهراً تلك الأبتسامة الساحرة التي سلبت عقلها . أما عيناه الغامقتان فأكتسحتا كيانها , وأخبرتها نظراته الساحرة أنا تعجبه . أمضى فيتو الحفل بأكمله إلى جانبها , أما بالنسبه إليها فكان هو الشخص الوحيد الموجود في تلك الغرفه . عرفته رايتشل على الفور , لكن لم يبد أنها تبدو مختلفة تماماً عن تلك الفتاة التي لمحها لفتره وجيزة فصرفها ساخراً بكل فظاظه ع. فضلاً عن ذلك فهي تحمل أسم عائلة والدها لا أسم عائلة والدتها . هل تراه عرف أبداً ماهو أسمها الأول ؟ تسائلت رايتشل إن كان يجدر بها أن تطلعه عن هويتها , لكن مع انقضاء تلك الأمسية علمت أنها لاتستطيع فعل ذلك . لايمكنها أن تخاطر بأنت يصرفها بتلك الفظاظة واللؤم اللذين أستخدمها منذ اربع سنوات .
اصطحبها فيتو بخفة بعيداً عن الحفلة بسيارته القوية الرياضية المكشوفة , وتجولا في أرجاء روما ليلاً . بدت رايتشل مأخوذة بجمال المدينه الأزلية وسحرها . أذهلها الدرج الأسباني المكتظ جداً بالسياح بغض النظر عن الوقت المتأخر , وأعجبها الفياكورسو والبانثيون ,كذلك قاد فيتو السياة نحو الساحة الرومانية العامه الأثريه , ومرّ سريعاً بالقرب من كتلة الكوليزيوم المشؤومه المهيبة المرعبه
لكن لم تكن روما وحدها هي التي اسرتها , إذ كثيراً ما أنحرفت نظراتها النهمه نحو فيتو فارنيستي , غير مصدقة بأن افتى اللذي احتل خيالها لسنوات اصبح هنا الآن , إلى جانبها.
أفترضت رايتشل أنها لن تراه مجدداً عندما أنزلها أخيراً امام شقة جيني بعد منتصف الليل , لكنه جاء صباح اليوم التالي أثناء موعد الفطور , فخطفها مجدداً لكي تشاهد روما في ضوء النهار .
أظهرت جيني وزارا حماسة فائقة لأجلها . فقامتا بترتيب مظهراها مجدداص على أكمل وجه , ومجدداً حظيت رايتشل بنعمة أن ترى فيتو فارنيستي يبتسم لها ’ وهي تعلم بأنها جميلة تسر ناظريه بارغم من صغر سنها ومن كونها إنكليزيه , وبالرغم من افتقارها إلى الدهاء والحكمة ,
بدا الأمر أشبة بقصة خرافيه . حظيت رايتشل بأسبوعين جميلين مميزين رائعين حيث حصلت على فيتو لنفسها . خلال هذين اللأسبوعين شعرت بالدفء يغمر قلبها , كما لو أنها زهرة تتفتح تحت الشمس . بدا كل شيء حولها محاطاً بلمسة من السحر . راحت رايتشل تحدق مدهوشة نحو سقف كنيسة السيستين الذي يبرز عبقرية مايكل أنجلو , كما جالت في أرجاء الطرقات المشجره المظلله لحدائق بورغيز , فراحت تراقب الأطفال وهم يلعبون ويتعجنبون المشاء بعرباتهم . ذهلت لرؤية السياح يرمون النقود الحجرية إلى الوراء من فوق أكتافهم , ألتزاماً بطقس تقليدي يقضي بأن يقذفوها إلى داخل نافورة تريفي المهيبة . بعد أن أستدارت رايتشل , التفت ذراع فيتو حول كتفها .أخذ يقودها بين السياح المستعجلين المصطدمين بهما , الذين تجمعوا حول حافة البركة .

مونـــــي
07-11-2012, 19:25
كادت رايتشل تصاب بالأغماء من فرط غبطتها لدى شعورها بذراعة حول كتفيها. توقف فيتو أمام محل قريب يبيع البوظه . فشعرت بالحيره والتردد عندما وجدت نفسها غير قادرة أن تقرر ماتختارة من العشرة ألاف نكهة المتوفره أمامها . تمشيا على الدرب وهما يحملان البوظة بأيدهما عائدين نحو الفيا كورسو.
خلال هذين الأسبوعين عرّفها فيتو على مختلف أرجاء روما ,بينما راح يبتسم لها وتبادل النكات معها . أما رايتشل فبدت مسحورة مفتونه . عميااااء .... عمياء تماماً وغير قادرة على رؤية ماكان يفعله .
هنالك دليل واضح كان يجدر بها أن تراه . إنه دليل هائل , واضح تماماً بالنسبة إليها . ليس بالنسبة إلى الفتاة المسكينه الغبية الصغيرة العديمة الخبرة التي تبلغ الثامنة عشر من عمرها .
طيلة فترة وجودهما سوياً بالكاد لمسها فيتو . بأستثناء تلك الذراع التي لفها حول كتفيها عند نافورة تريفي لم يحصل سوى ذلك التلامس العرضي لأناملها عندما ناولها البوظة الخاصة بها لكن لاشيء أكثر , لاشيء أكثر على الأطلاق إلى أن حانت تلك الليلة الأخيرة الممميتة .
مزقها ذاك العذاب الأليم , فجذبت بخشونة الستارة الرثة لتغطي الملابس المعلقة , ثم فتحت صنبور المياه لتملأ الإبريق . لم ترغب رايتشل بأن تتذكر , هي لاتريد أن تتذكر . تلك الليلة .. تلك الليلة التي كان يفترض أن تكون الليلة الأخيرة التي تمضيها في روما لم يعدها فيتو إلى الشقة الخاصه بوالد جيني كما كان يفعل دوماً كل ليلة . بعد أن شربا القهوة في أحد المطاعم القديمة , أخذها فيتو إلى بناء فخم , حيث تقع الشقة الرائعة التي يملكها آل فارنيستي .
عانقها فيتو فارنيستي بكل المهارة والخبرة اللتين يتمتع بهما الفتى الإيطالي اللعوب العاشق . . .
استطاعت رايتشيل أن تشعر بعينيها تخزانها , وبالأم يطبق عليها .
عناقها لم يتطلب منه الكثير , فرايتشل ذهبت إلى مابين ذراعيه منقطعة الأنفاس , متيمة . ذابت أوصالها تحت تأثير عناقة , فيما حاول سحق مقاومتها الركيكة تجاهه .
خلال هذين الأسبوعين الشبيهين بالحلم وقعت رايتشل بشكل لا رجاء منه في حب فيتو , فكانت مبادلتة العناق بمثابة عمل ولاء وأفتتان مطلق . تعلقت به رايتشل وأطبقت أناملها على كتفيه . لكن بعد ذلك دفع بها فيتو إلى الجحيم . إنه جحيم شديد العذاب , إلى درجة أنها لم تدرك أن بمقدورها أن تشعر بألم مماثل .
أدخلها فيتو إلى غرفة جللوس أنيقة تتوسطها أريكة كبيرة , جلسا معاً على الأريكة متعانقين . شعرت رايتشل أنهاا تطييييييير من فرط النعيم والسعادة اللذين أحست بهما . . .
في اللحظة التالية صعقها الرعب , إذ سمعت صوت الباب الأمامي ينفتح , فم سمعت صوتي القادمين . أحست بفيتو يتوتر فجأة وقد تصلبت عظلاته . تلا ذلك أنفتاح باب غرفة النوم ودخول والتها كالإعصار .
أستطاعت رايتشل أن ترى عبوس وجه والدتها لدى رؤيتها للستائر المغلقة . أدرات المرأة رأسها لترى الشابين متعانقين اللذين يجلسان على حافة الأريكه , وما لبث أن أشرق الأدراك على وجهها المرتعب .
حتى الأن , وبعد مرور سبع سنوات , ما زالت رايتشل قادرة على الشعور بالعرق البارد ينساب نزولاً على عمودها الفقري .
أخذت والدتها تصرخ بأهتياج ثم تدخل أنريكو مهاجماً مطالباً بمعرفتة مالذي يجري بحق الجحيم . أثناء ذالك ربضت رايتشل في مكانها . خائفه .. مرتعبة وهي ترغب لو أن الأرض تنشق وتبتلها . أما فيتو فبدا متحجر القلب لا مبال . مازالت بمقدورها أن تسمعه الآن . . .
وسوف تسمعه على الدوام . أخذت والدتها تصرخ في وجهه بالأيطاليه . بدا وجهها مشوهاً غاضباً , بينما بدا إنريكو ساخطاً وهو يلوح بيده في الهواء ماكان من فيتو إلا أن قام عن الأريكة ببرودة متناهية , ثم استدار نحو ’رلين , وقال :" أغويتها ؟ بالكاد . . . هي التي أرتمت بين ذراعي ".
تشدق فيتو بذلك بصوت مشدود قاس , بينما حرص على أن يتكلم بالإنكليزية حتى تفهم رايتشل مايقولة .
نزل الماو على يديها فهزّها أعادها إلى الحاضر . أغمضت عينيها في محاولة لصدّ تلك الذكرى , لكنها لم تقدر . أخذت تلك الكلمات البشعة تجول في ذهنها مجدداً , تماماًكما فعلت في تلك الليلة المشؤومه منذ ثماني سنوات عندما أدركت بمرارة ماكان فيتو يفعلة منذ البداية . تعمّد ببرودة أعصاب أن يجعلها تتعلق به مستغلاً سذاجتها , كي سيصطحبها إلى منزلة لأجل هدف واحد فقط , متجاهلاً أنها في الثامنه عشر من عمرها فقط . لكن وصول والده برفقة آرلين أفشل مخططه . لو انه تمكن من أمام ما خطط له , لوجّه ضربة قاسية للمرأه التي يمقتها بكل ذرة في كيانه .
بعد رحيل فيتو وإنريكو , صبت آرلين جام غضبها على رايتشل . راحت تهز كتفي أبنتها قائلة :" يا إلهي ! يالك من غبية رايتشل !ألم تدركي ما الذي يفعله ؟ ألم تجدي الأمر مثيراً للريبة ؟ هل ظننتِ أن رجلاً كفيتو فارنيستي قد يبدي اقل اهتمام بفتاة في الثامنة عشرة من عمرها ؟ فيتو لايهدر وقته الثمين على امرأه إن لم تكن عارضة أزياء خارقه أو نجمة سينمائية لامعة . لديه جيش من النساء الخاضعات لأمرة . إنهنّ يقفن بالصف من أجل الحصول على ذلك الأمياز . ألم تستطيعي أن تري أنه من ذلك النوع من الرجال . ألم تدركي أنه ليس مهتماً بك ؟ جاء بك إلى هنا حتى ينتقم مني . هو يعلم أنني أحاول حمايتك دوماً , لذا أراد أن يغويك . إنه يكرهني كما يكره مرض الطاعون , وهو قد يفعل أي شيء لكي ينال مني "
صدّت رايتشل أفكارها تلك , وأشعلت النار تحت الإبريق . يجب عليها الا تفكر بالأمر . لن تفكر بالسنوات السبع الماضيه ولا بالساعتين الماضيتين .
كيف تُراني استطعت ان اقصده وأطلب منه أن يتزوجني ؟ كيف أستطعت أن أفعل ذلك ؟ لابد أنها فاقدة العقل حتى تظن أن بأستطاعتها أن تجبره على فعل ماتريده بهذا الشكل .
لكنني أٌجبرت على المحاوله . . . كان علي أن أفعل . . .
القوة التي دفعتها إلى مواجهة فيتو بعد ظهر هذا اليوم كانت مٌلزمه .
إنها قوة عظيمه جداً , فهي ليست قادره على التهرب من الواجب الذي يفرض عليها على الأقل أن تقوم بالمحاوله .
أخذت يدها ترتعش , فيما غمرتها موجه من الحزن والألم وهي تسكب الماء المغلي فوق كيس الشاي الموضوع في الكوب . إن والدتها تحتضر , وهي مستلقية هناك في سريرها في المستشفى , انتشر السرطان في جسدها بسرعة كبيرة , أما العلج الكيميائي والعلاج الأشعاعي فكانا قاسيين جداً على آرلين . لم تكن رايتشل لحاجة لأن ترى وجوه الأطباء حتى تعلم أن أمها تخسر تدريجياً معركتها مع الموت .
قفزت أمام رايتشل بكل وضوح صورة وجه والدتها الذي اصبح مشوهاً بشكل مريع . في مامضى كانت آرلين جميلة جداً , جذابة جداً , والأن صارت هزيلة بفعل الألم المرض .
إلأى جانب حزنها المرير جاءت مرارة الذنب . في السنوات التي تلت تلك الكارثة الشنيعة في روما انسحبت رايتشل تماماً من حياء والدتها . كانت في الثامنة عشرة من عمرها عندما قام فيتو فارنيستي ببرود قلب متحجر بأستخدامها كسلاح ضد عدوة والدته اللدوده .
يومها أرادت آرلين أن يجبر إنريكو أبنع فيتو على الزواج من رايتشل . فكرت رايتشل الأن وقد أحست بالمراره تسد حلقها أن هذا الطلب جعلها تبدو اشبة بالعذراء الفيكتوريه التي تعرضت للخزي والعار , ودُمرت سمعهتها إلى الأبد .
بالطبع رفض إنريكو الأصغاء إلى توبيخات عشيقته , أما ضحكات فيتو المزدرية الساخرة فكانت أسوأم من ذلك . رايتشل علمت أن أياً منهما لم يأبه لأن أبنة آرلين تعرضت لهذا الموقف المخجل , أما بالنسبة إليها فتوبيخات والدتها بدت مريعه أكثر من خداع فيتو لها .
بدت آرلين مهووسه بفكرة تزويج فيتو من أبنتها , مهما كان ذلك الأمر بعيد المنال , وبغض النظر عن مدى غرابته بالنسبه إلى رايتشل .
في النهاية انطلقت رايتشل هاربة نحو إنكلترا , لكن ليس إلى المدرسة قصدت عمتها التي قلما عادت والدتها تتصل بها , فوجدت نمط عيشها المتواضع أكثر ملاءمة لها . بعدئذٍ حصلت لنفسها على وظيفة نادلة في مقهى ببرايتون , وأقسمت على أن تصبح مستقلة مادياً عن آرلين .
انحرف ذهن رايتشل بعيداً عن تلك الذكرى , فهي تزيد حزناً على حزنها . ألا يكفيها ماتشعر به الأن من حزو وألم بسبب حالة والدتها الصحية ؟ مدت يدها داخل البراد الصغير ذي الإطار المفتت , فخرجت علبة حليب سكبتها داخل الكوب وتابعت التحريك . أنها تقوم بذلك كلة بصورة آليه , إذ أن ذهنها بدا كغمامة من الأفكار والمشاعر المهتاجة .
الذنب ! ياله من خسيس قوي ناخر مزعج يتآلكها ! فيبرز حزنها ويزيده حتى أحبحا معاً مزيجاً لايحتمل , مايجعلها تقوم بأكثر أفعالها جموحاً وجنوناً . كأن تحاول إجبار فيتو فارنسيتي على الزواج منها . فقط لكي تسّل موت والدتها .
احتضنت الكوب بيديها وتمشت عائدة إلى وسط الغرفه لتصل بالقرب من النافذة . حجبت الستائر المصنوعة من الشبك الزقاق في الأسفل بالإضافة إلى مستوعبات النفايات والملصقات الإعلانيه التي لوحها الهواء وكذلك االمهملات المبعثرة .
لم تكن رايتشل تشعر بالذنب بسبب إقصائها آرلين خارج حياتها .
فهذه الأخيرة لم تتوان عن تركها والأبتعاد إلى روما لتعيش حياء مترفة مع إنريكو فارنيستي . حتى في ذلك الوقت ومع ان رايتشل كانت ماتزال مراهقه , علمت بأن ليس هنالك أي أعذار يمكنها أن تغير حقيقة أن آرلين وإنريكو شخصان أنانيان ولا يباليان بمشاعر الأخرين .
رفعت رايتشل الكوب إلى فمها فارتشفت الشاي الساخن من دون أن تشعر حتى بمذاقه . كم كانت مخطئه ! كانت مخطئة كلياً وتماماً بخصوص آرلين , لكنها لم تعرف ذلك إلا بعد فوات الأوان . علا بعد أن صارت والدتها مريضة جداً . حينها , حينها فقط تمكنت رايتشل من رؤية والدتها تحت ضوء مختلف تماماً .
- فعلت هذا كله لأجلك يا ابنتي العزيزة .
همست لها والدتها بذلك بينما كانت الأدوية ومسكنات الألم تجعل ذهنها مشتتاً . تمكنت آرلين أخيراً من إطلاق مشاعرها الصادقة نحو ابنتها , وهي مشاعر كبتتها لسنوات طوال .
- أردتك أن تحصلي على شيء يفوق ماحصلت عليه يوماً . والدك تبرأ منك , واحتقرني . أرادني فقط لإرضاء شهواته لا أكثر . لطالما كرهته بسبب ذلك . كرهته . . . لذا أردتك أن تكبري لتصبحي من ذاك النوع من الأشخاص الذين لايستطيع هو ولا عائلته الغاليه أن يعاملوهم باحتقار . اردتك أن تحصلي على أفضل تعليم , أفضل تربية , وأن تخالطي أشخاصاً من المستوى الأجتماعي نفسة الذي ينتمي إليه والدك وعئلتك . لهذا السبب منحتك اسمه , بالرغم من أنني لم أتمكن من وضعه على شهادة ميلادك . علم والدك أنني لالا أستطيع أن أطالبة بأي شيء ولا أن أطالب بملكيته الغاليه . تخلى عنا نحن الأثنتين .
عندما وقع له حادث اصطدام بسيارته تلك شعرت بالسرور , فقد نال عقابه بسبب مافعله بك وبي , ورفضة الأعتراف بك . لم أنس يوماً سخريته وقوله إنني لست مناسبة كي أتزوج منه .
قبضت يد آرلين بأحكام على يد رايتشل , فيما لفح العذاب المرير عينيها .
- لِم لم أكن أبداً مناسبة للزواج ؟ هل كنت فقط مناسبة لإقامة علاقة عابرة ؟ إنريكو ارادني أن أبقى إلى جانبة دوماً لكنني لم أكن أستطيع الزواج به أبداً . فقد كان متزوجاً .
بدا صدرها يرتفع ويهبط مهتاجاً . أما رايتشل فجلست تتلوى من الألم فيما تابعت والدتها الإدلاء باعترافها الأخير الذي يمزق القلب .- أحببت إنريكو بصدق , لكنه لم يبادلني الحب أبداً . . . ولو للحظة . أرادني بقربه لإرضائه فقط . هذا كل شيء . حاولت ألا أظهر له أبداً أنني أهتم لأمره . لو أظهرت له الأهتمام الزائد عن الحد لشعر بالغضب والأنزعاج . لو أنني فعلت لظن انني أحاول الضغط عليه كي يطلق زوجته , لكنني علمت أنه لن يفعل ذلك ابداً . ليس لأنها كاثوليكيه . . بل لأن . . ..
ظهرت المرارة في صوت آرلين مجدداً , ثم تابعت :" . . . حتى لو كان حراً , ما كان ليتزوجني , فأنا بالنسبة إليه مجرد أمرأه يعبث معها "
أحست رايتشل بمشاعر الغضب لأجل والدتها تهزها بقوة . راح المزيد من الذكريات يندفع إلى رأسها . . . رأت والدتها مستلقيه هناك بعينيها الغائرتين اللتين يكدرهما فرط هزالها وذبول وجهها , فيما يبدو جسدها كالخيال فوق الأغطية البيضايء . تذكرت رايتشل صوتها الخافت المعذب وهي تتحدث إلى أبنتها ويدها تطبق بإحكام على يدها .
- أردتك أن تصبحي امرأه محترمه بما يكفي كي تتزوجي . أردتك أن تصبحي من ذلك الصنف من النساء اللواتي يسعى الرجل إلى التقرب منهن , ويجعلون منهن زوجات لهم . عندما حاول فيتو إغواءك كدت أموت . . . خدعك واستخدمك ليحاربني , وحاول أن يحولك إلى أمرأه فاسده . . .
أغمضت آرلين عينيها فيما بدا الإرهاق والأنهزام على وجهها .
- لطالما راودني حلم . . . حلم حقيقي جداً . . . حتى أنني ظننت أحياناً أن حاصل فعلاً . حلمت بأن يتزوجك فيتو . . . بما أن والده لن يتزوجني ابداً . لطالما رأيتك في أحلامي عروساً لآل فارنيسيتي وأنت تضعين زمردات آل فارنيستي حول عنقك !
انفتحت عينا والدتها فجأه وأصبحتا متوهجتين جداً , ثم تابعت كلامها قائلة :" لهذا السبب أخذت الزمردات ! كانت هناك في شقة روما . . . الشقة التي أخذك إليها فيتو لكي يحاول استغلالالك وتحويلك إلأى أمرأة فاسدة . كنت هناك عندما انهار إنريكو جراء السكنة القلبيه التي تعرض لها . أخذته سيارة الإسعاف من هناك , ولم أره أبداً منذ ذلك الحين . . . ابداً ! أصدر فيتو أوامرة بألا يُسمح لي بدخول المستشفى حتى أودعه أو حتى لأقول له أنني احببته . . .

لكن فيتو لم يسمح لي برؤيته . كما أمر بأن يطردوني من شقة روما . عدت حينها إلى الفيلا , نزل منها رجال أمن قاموا بإخراجي من هناك , ثم قرأت في الجريده اليومية أن إنريكو فارنيستي صاحب شركة فارنيستي توفي في اليوم السابق في روما , حيث كان أبنه وزوجته المحبوبة إلى جانب في فراشه ! أما أنا فلم أعلم حتى أن إنريكو توفي إلى أن قام فيتو بطردي من الفيلا , وجردني من كل شيء حصلت عليه من إنريكو يوماً "
استنشقت آرلين أنفاسها مجدداً بألم , أما رايتشل فجلست ممسكة بيديها , فيما أحست كما لو أن قلبها ينسحق بملزمة وهي تصغي إلى اعترافات والدتها .
ألتمعت عينا آرلين المشرقتين , وتابعت :" لكن فيتو لم يعلم . . . لم يعرف أنني أخذت معي الزمردات من الفيلا . أخذتها عندما قام بطردي .إنها لك يا أبنتي العزيزة . . . لك , لتضعها عندما تصبحين عروساً لآل فارنيستي "
حاولت رايتشل أن تعترض برفق وحذر . لكن ذهن آرلين المغشي بالأدوية المخدرة كان قد يتبنى حقيقة جديدة , حقيقة مبنية بأكملها على أمل أخير يائس , بغض النظر عن كونه بعيد المنال .
همست آرلين وعيناها متسعتان , وهما تفيضان بمشاعر الأمومه التي بقتها مكبوته لفترة طويلة جداً :
- إنها أمنيتي الوحيدة لك . لو أن بمقدوري أن أراك عروساً لفيتو . . . آه يا ابنتي العزيزه . . . عندها سوف أموت سعيدة . . .
انهمرت الدموع من عيني رايتشل , لا بد أها جنت حتى ظنت أن بمقدورها أن تدبر فيتو فارنيستي على وضع خاتم في إصبعه ولو لفترة قصيرة جداً . . . حتى آخر ماتبقى من حياة آرلين . لكن فشلها المثير للشفقة بعد ظهر هذا اليوم جعلها تعلم أنها محقة في محاولتها تلك مع فيتو . لعل الأمر ميؤوس منه ومضحك , وربما هو أمر مجنون تماماً كما وصفه فيتو ساخراً , لكن رايتشل ماكانت لتهدأ إلا إذا حاولت أن تحقق أمنية والدتها وهي على فراش موتها .
فكرت رايتشل أن الموت يغير كل شيء ... إنه يكوّن حقائق جديدة ويدمر والوقائع القديمه . جل ماهو مهم بالنسبة إليها الآن هو الفترة الوجيزة الباقية من حياة والجتها . لاشيء آخر . . . لانفسها أو مشاعرها ولا رغباتها أو مخاوفها , ولا فيتو فارنيستي أيضاً.
*******

مونـــــي
07-11-2012, 19:26
بدت تلك الليلة من تشرين الثاني بارده موحشة , وذلك عندما عادت رايتشل من زيارتها لوالدتها . كل زيارة كانت تقوم بها إلى والدتها مؤلمة , أما اليوم وبعد أن تحملت محنة محاولة تحقيق أمنية والدتها الميؤوس منها وهي على فراش الموت , بدت زيارتها أكثر إيلاماً . بدت آرلين أضعف كما أفلتت أحدى الممرضات الجملة التي كانت رايتشل تخشى سماعها , ومفادها أن تضع والدتها في مركز متخصص يعتني المرضى أمثالها .
أحست رايتشل أن الألم يقبض عليها بقوة مجدداً.
مازال أمامهما القليل جداً من الوقت المتبقي لهما سوياً , وهد أهدرتا الكثير منه . على الرغم من معرفتها اخيراً لماذا ارسلتها آرلين إلى مدرسة داخلية , ولم تراها إلا قليلاً عندما كانت صغيرة , فإن مازال يؤلمها بشكل بائس .
- لم أرغب بأن تظلي مرتبطه بي !
كانتت آرلين قد اخبرتها بذلك , فيما أنسحق قلب رايتشل من الأسى والحزن حين سمعت حقيقة مشاعر والدتها تجاهها . تابعت آرلين :" لم أكن أريدك أن تعاني بأي شكلم من الأشكال بسبب علالاقتي مع إنريكو ! و . . ."
ازداد صوتها كآبه حين تابعت :" . . . لم أشأ أن يدنو منك فيتو , ذلك الشاب الوسيم المغرور بوسامته "
قاطعت رايتشل الذكرى في ذهنها , فقد بدت مؤلمة جداً . والآن بعد نقص درايتها وجهلها اللذين دفعاها لوؤية فيتو مجدداً بعد كل هذه السنوات تضاعف الألم عشر مرات , فأخذ يخدش أعصابها . كانت والدتها محقة بإبقائها بعيدة عن فيتو فارنيستي . مع ذلك , وبالرغم من يقينها وتأكدها من ذلك فقد خانها قلبها . فيتو ! رؤيته من جديد منذ بضع ساعات , هي بمثابة عذاب جديد وشوق جديد . . .
اندفع شعور آخر من خلال العذاب الأليم والحزن اللذين تشعر بهما بسبب مرض والدتها .
هذه المرة عرفت رايتشل ماهو هذا الشعور ! عندما كانت في الثامنة عشر من عمرها لم تعرف رايتشل حتى اسم هذا الشعور , حتى إنها لم تكن تعرف بوجوده . أما الآن وهي في الخامسة والعشرين من عمرها فصارت تعرف ؛ إنه الأنجذاب نحو فيتو !

كيف يمكنك أن تشعري بالأنجذاب إلى رجل يمقتك ؟ رجل لطالما مقتك . . . إنه أمر مخزٍ , مثير للشفقه , لايمكن غفرانه , لكن معرفة ذلك والشعور به أران مختلفان تماماً .
فقط لو أنني لم أذهب إليه اليوم ! فقط لو أنني لم اره مجدداً!
أحست رايتشل بتوق مريض يتآكلها , ويجعلها تشعر بالخزي .
صرفت هذا الشعور جانباً . لن تقع عيناها أبداً على فيتو فارنيستي من جديد . حاولت بعد ظهر اليوم /أن تفعل ماأجبرها حبها لوالدتها على القيام به . لكنها كانت أكثر التجارب المريعه في حياتها , لكنها حاولت على الأقل ! لن يؤنبها ضميره لأنها لم تتحلى حتى بالشجاعة لكي تحاول تحقيق أمنية والدتها وهي على فراش الموت , وعلى الرغم من أنها علمت أن تحقيقها أمر مستحيل .
حضرت رايتشل العشاء وهو عبارة عن الفاصوليا مع الخبز المحمص .إنها وجبة رخيصة وسريعة . أثناء تناولها عشاءها اضطرت إلى اجبار نفسها على ابتلاع كل لقمة منه . بعدئذٍ أجضرت الكمبوتر النقال الخاص بها وهي تشعر بثق وانسحاق في قلبها .
لم تذهب مطلقاً إلى الجامعة , كما أنها لم تكمل دراستها الثانوية .
لو أنها فعلت لتمكنت بلا شك من الأنتساب إلى إحدى الجامعات المرموقة , لكنها عوضاً عن ذلك تلقت دروساً مسائية في جامعة محلية دفعت تكاليفها من أجرها الخاص , وذلك إلى أن حصلت على مؤهلات كافية تسمح لها بالحصول على وضيفة في قسم التسويق لدى شركة عالمية . جنت رايتشل من وظيفتها تلك مايكفي لتدفع أقساط شقة سغيرة مريجة في لندن . إنها الشقة نفسها التي باعتها لتساعد في دفع تكاليف علاج والدتها في مستشفى خاص .
أطلقت ضحكة مريرة . بعد الرفاهية التي أمنها إنريكو فارنيستي لوالدتها , فإن أمورها الحالية لاتسير بشكل جيد . لعل الحزن وانكسار القلب والمرارة التي استهلكت والدتها , كلها عوامل جعلت آرلين لاتهتم بالمال الذي وضعته جانباً. على أي حال نفد هذا المال بسرعة الأن . فمصاريف المستشفى الخاص تشكل عبئاً ثقيلاً , لكن رايتشل لاتأبه لذلك , جل ماتريدة هو أن تعيش آرلين مرتاحة لبقية حياتها .
فتحت كمبوترها النقال , وهمّت بالعمل . إنها ممتنة جداً لأنها وجداً عملاً بدوام حر , فهي تترجم كتباً خاصة بالتسويق من اللغتين الإسبانيه والفرنسية إلى اللغة الأنكليزيه . صحيح أن مدخولها ليس كبيراً كما كان من قبل , لكن عملها هذا أكثر مرونه , ويسمح لها أن تمضي قدر ماتستطيع من الوقت برفقة والدتها . أقفها فجأة عن العمل صوت هاتف المدخل . من بحق السماء يريد مقابلتها في هذا الوقت ؟ توجهت رايتشل نحو الباب فيما ساورها القلق . رفعت سماعة العاتف بذهن مشوش .
أجابت بحذر :" نعم ؟ من الطارق؟"
جاءها الرد المختصر :" فيتو فارنيستي "

موــــــــني ^___^
________________________________________

مونـــــي
07-11-2012, 19:28
4- لا أاريدك أنت

وقفت رايتشل في مكانها حوالي الخمس ثوان جامدة مذهولة , غير قادرة على تصديق ماسمعته للتو . مدت يدها لتضعط على الزر لتفتح الباب الأمامي للمنزل في الطابق السفلي , لكن حتى وهي تفعل ذلك , أحست بأرتعادة من الخوف تجول في جسدها .
ما الذي يريدة ؟
ما إن فتحت متردده باب شقتها التي تعلو طابقين عن المدخل . حتى سمعت وقع قدمي فيتو على الدرج . بعد لحضة ظهر فيتو عند زاوية الدرج .
وتوجة مباشرة نحوها . لدا وجهه غامضاً وخالياً من أي تعابير , فأحست رايتشل بالتوتر يزداد في داخلها . هل يظن أنها تحتفظ بزمرادت فارنيستي هنا في الشقة ؟ هل يخطط لأن يأخذها بنفسه من هنا بالقوة ؟
على أي حال , كيف تراه وجد مكان إقامتها ؟
الاهتياج والاضطراب جعلاها تطرح السؤال من دون أن تفكر به بصوت مرتفع حتى قبل أن يصل فيتو إليها .
- كيف عرفت أين أقيم ؟
زم فيتو فمه ما إن اقترب منها :" أرسلت أشخاصاً كي يلحقوا بك عندما غادرت مكتبي . هل إقامتك هنا هي مزحة ما لكي تخدعيني ؟"
ما إن وصل فيتو إليها , حتى دفعها جانباً حتى يدخل إلى الشقة . ألقى نظره متفحصة ساخرة على تلك الفسحة الضيقة الرثة , ما جعله يعقد حاجبيه سوياً. بعدئذٍ ادار نظرته نحو رايتشل التي وقفت مصعوقه بالقرب من الباب .
شعرت بالخوف , الصدمة , المقت , الدهشة . . . وشيء ما أكثر قوةمن تلك الأحاسيس .أحست أن الدماء تغلي في داخلها فتطغى على أي شيء آخر .
مازال فيتو يرتدي بذلة العمل الرسميه , لكنه تخلص من ربطة عنقه منذ أن رأته بعد الظهر , إلا أن ذلك لم يجعلى يبدو أقل وسامة , مع أنه جعله يبدو اشعث المظهر قليلاً .
وقف فيتو في وسط الغرفة تماماً, نظراً إلى حدودها الضيقة .
- لماذا انت في هذا المكان البالي ؟ هل أنت فعلاً مفلسه إلى هذا الحد ؟ لم تبدي كذلك عندما دخلتِ إلى مكتبي بعد ظهر اليوم , أم أنك كنت تحاولين التأثير على ّ؟
توتر وجه رايتشل التي راحت تقاوم بشذة للحفاظ على سيطرتها على نفسها , لكنها علمت أنها تخسر .
طالبها فيتو بينما عيناه تومضان فوق جسدها :" حسناً ؟"
هذه المرة حملت عيناه الأزدراء التام , ولم تفاجأ رايتشل بذلك فبعد ظهر هذا اليوم بدا مظهرها جيداً إلى أبعد الحدود ,أما الأن فهي على العكس تماماً . إنها ترتدي بذلة رياضية , ووجهها خال من التبرج , فيما يبدو شعرها مشدوداً إلى الوراء ومربوطاً على شكل عقدة .
تمكنت رايتشل أن تتدبر الرد بكلمات لاذعه إذا قالت :" وما شأنك أنت بأموري المالية ؟"
تصلبت نظراته , وبدا من الوضح أنه لم يعجب مطلقاً بنبرة صوتها .
- بما أنك رفضتِ للتو مبلغ الملون يورو الذي عرضته عليك , فهذا يجعل أمورك الماليه من شأني بشكل ما .. وبما أنك لن تحصلي حتى على عناق مني بشروطك المضحكة تلك , فالأحرى بك أن تأخذي المال . أليس كذلك أين هي الزمردات ؟
نظر فيتو حوله بينما ازدادت تعابير الأزدراء في وجهه عمقاً .
أجابته رايتشل بحدة :" إنها في المصرف . هل ظننت أنني سأضعها في مكان آخر ؟ إن كنت قد جئت إلى هنا كي تحاول إقناعي بأن أبيعك إياها , فيمكنك أن تخرج . والدتي لن تبيع أبداً "
- احقاً ؟ أعلى الرغم من أنكِ مفلسة إلى درجه تجعلك تعيشين في هذا المكان البالي القذر ؟ أين هي آرلين على أي حال ؟ أهي مفلسة أيضاً ؟ لايمكنني أن أتصور أنها تسمح لالابنتها الغالية بأن تقيم في هذا المكان بينما تتنعم هي بإنفاق ماتبقى لديها من اموال والدي .
انغلق وجه رايتشل وتجمدت أوصالها . لن تدعه يكتشف شيئاً بخصوص والدتها .إن حصل ذلك وأظهر فيتو إشارة واحدة تنم عن رضاء وامتنانه لأن تعيش عشيقة والده التي يمقتها تنال عقابها ,. فرايتشل سوف تقتله بيديها المجردتين . أحست رايتشل بحاجة ملحة غامرة لن تحمي والدتها من هذا الرجل الذي يكرهها كثيراً .
كذبت رايتشل قائلة بسرعة :" إنها مسافرة خارج البلاد ! إنها في إسبانيا , فهي تحب الطقس الدافئ "
استطاعت أن تشعر بنظرات فيتو تضغط عليها :" كيف يصادف إذاً أنك تشعرين بالحرية لتتصرفي بالزمردات ؟ هل أصبحت ملكك أنت ؟"
اجابت رايتشل بدهاء :" نعم "
في الواقع هي تمتلكها , فقد منحتها آرلين حرية التصرف بشؤونها منذ شهرين , وذل قبل أن تصبح مريضة جداً إلى حد لايسمح لها أن تعتني بالزمردات أكثر .
نعم هي تمتلك زمردات فارنيستي ! لكنها تعلم أنها لاتستطيع أن تبيعها أبداً . تعلم رايتشل أنها , عندما تموت والدتها , سوف تعيدالزمردات من دون أي مقابل إلى الشخص الوحيد الذي يحق له الأحتفاظ بها فعلاً : أرملة أنريكو . فعمت رايتشل السبب الذي دفع والدتها إلى اخذ الزمردات , لكنها تعلم أنه لم يكن لآرلين اي حق بها , كما أنها ليست من حقها هي أيضاً . لو أن فيتو وافق على شروطها بعد ظهر هذا اليوم , لأعادت إليه الزمردات من دون أي مقابل . إنها لاتريد من فيتو أي شيء سوى أسمه على وثيقة زواجهام , بالإضافه إلى صور للزفاف لكي تريها لوالدتها , وتقنعها أنها تزوجت فعلاً من ابن إنريكو . لكن فيتو رفض تماماً محاولتها المضحكة بأن تحقق أمنية والدتها قبل موتها . وبالتالي عليها أن تحتفظ بالزمردات إلى أن تموت أرلين , فتصبح قادرة على إعادتها إلى السينيورا فارنيستي .
تغير شيء ما في وجه فيتو فيما أجابته رايتشل . شيء ما جعل الدماء تبرد في عروقها أكثر .
- لقد اعترفت للتو بأنك تحتفظين بزمردات فارنيستي , أخبريني إذاً ياعزيزتي , ما الذي يمنعني من إقناعك بأن تعيديها لي .
التمعت عينا فيتو ’ فأحست رايتشل بالخوف يطعنها مجدداً . لكن لايمكنها . . . لايجدر بها أن تشعر بالخوف أمامه . ردت عليه بنبرة دفاعية ::" لا آبه البتة بما تظنه في ما يتعلق بالزمردات . لو كان بمقدورك أن تستعيدها بشكل قانوني حتى الآن لفعلت ذلك . وإن تجرأت على وضع إصبعك على , سوف أتهمك بالتعرض لي , ولن تلبث الصحافة الصفراء وصف الإشاعات أن تنشر خبر الفضيحة ".
استنشقت رايتشل نفساً عميقاً مرتعداً , وتابعت :" حسناً ! إن كان هذا كل ماجئت إلى هنا من أجله . . . حتى تقوم بمحاولات الصبي المستبد فيمكنك ان ترحل بسرعة "
ازداد الإلتماع في عيني فيتو , فجأة بدت شقتها الصغيرة الضيقة أصغر مما هي عليه فعلاً . تسارعت أنفاس رايتشل , وأمكنها أن تلاحظ ذلك , كما بدأ الأدرينالين يندفع بسعة في مجاري دمها . لابد أن سبب ذلك هو الخوف الذي تنكره والتوتر . . . هذا كل شيء .
لكنها علمت انها تخدع نفسها . أستطاعت أ تشعر بجسدها يتجاوب مع وجود فيتو , إذ احست بكل عصب من اعصابها يقفز منتفضاً . أرعبها ذلك الشعور . إن لاحظ فيتو ذلك . . . إن أدرك أنها متأثرة به , فهي سوف تموت , ستموت بكل بساطة ! ذلك سوف يعطيه سلاحاً آخر يستخدمه ضدها , ولا يمكنها ان تأمل أبداً بهزم ذلك السلاح .
أدركت رايتشل أنها سوف تشعر بهذا الشعور تجاه فيتو حتى آخر يوم من عمرها . اللمعان الغامض في عينيه يجذبها كالمغناطيس , وهذا الأمر أخافها حتى العظام لكن كلماته التالية أخافتها أكثر .
- كنت أفكر بطريقة مختلفة تماماً في الأقناع ياعزيزتي .
استقرت عيناه السوداوين عليها , ورأت فيهما رايتشل تعبيراً مزق السنوات التي عاشتها بعيدة عنه أحست كما لو أن هنالك ثقباً ما في معدتها , وبأنه رجليها صارتا ترتعشان فجأة . فكرت , كان الأمر مزيفاً حينها , وهو مزيف الأن ! خدعك فيتو عندما كنت في الثامنة عشر من عمرك , خدعك حين أقنعك أنع وجد تل التلميذة الإنكليزيه البريئة ذات الثمانية عشر ربيعاً جذابه بالنسبة إليه , وهو يخدعك الآن ايضاُ !
فضلاً عن ذلك , هي تعلم كيف يبدو مظهرها الأن . لقد خلعت الملابس الأنيقه المتألقه التي كانت ترتديها بعد ظهر هذا اليوم .
وعادت الآن إلى أرتداء ثيابها العادية المتواضعة . غنها ترتدي بذلة رياضية تقتل الشغف , فيما ربطت شعرها إلى الوراء على شكل عقدة صارمة , كما أنها لاتضع أي نوع من التبج على وجهها .
لاحظ فيتو ردة فعل رايتشل , وأمتعه ذلك . لكنها أستطاعت ان ترى الغضب مشتعلاص فيه تحت تلك القشرة من التسليه والأستمتاع . رأته يسير نحوها وبدامن الواضح أن هناك هدفاً من خطواته . أحست مجدداً بتسارع الأدرينالين في جسدها . أرادت أن تتحرك كبتعدة عنه .
أرادت أن تصرخ , أن تزعق , أن تهرب خارج الباب , أن تتراجع حتى نهاية الغرفة فتقفل الباب على نفسها في الحمام الصغير حتى تهرب منه . لكنها تجذرت في مكانها , وما إن تجمدت هناك حتى وقف فيتو أمامها , أما اللمعان في عينيه فسرّع وتيرة أنفاسها .
مدّ فيتو يده فلفها حول عنقها .أحست رايتشل برأسها ينحني بخفة , في الوقت نفسه وكها شعور بالذنب اقشعر له بدنها . عبرت الأحاسيس جسدها كالمطر الغزير الغامر , فمحت تلك السنوات السبع الطوال التي مرت منذ أن لامسها فيتو فارنيستي لآخر مرة .
سمعته وهو يغمغم شيئاً ما بالإيطالية , لكنها لم تفهم ماقاله . إذ إن كل قدراتها على الأحساس كانت مدمجة فى إحساس واحد هو ملامسة أصابعه لبشرتها . عانقها فيتو برقة , فسرى عبر جسدها ذاك المطر الغامر , وأخذها إلى عالم لم تحلم أبداً بأن تخطو إليه مجدداً.
بدا عناقه بالنسبة إليها نعيماً .إنه جنة متميزة جداً إلى درجة أنا ماعادت قادرة على التفكير , كما لم تعد قادره على الحراك , بل بمقدورها فقط أن تغوص إلى أعماق تلك النعمة الصامته الأبدية بأن يعانقها فيتو فارنيستي . أحست رايتشل بأن جسدها يفقد قوته , ويستلقي إلى الأمام مستنداً على جسدة . فاستسلمت إلى مشاعرها تلك .
ازداد عناقه عمقاً , فأخذ يرسل داخلها أحاسيس قوية إلى درجة جعلها تحس كما لو أنها عذراء من العصر افيكتوري . وهي لن تسمح لفيتو فارنيستي بإغوائها .
تنبهت فجأة أن الآمر بالنسبة إليه ليس ممتعاً على الأطلاق ! إنه فقط يفعل هذا لسبب نفسه الذي دفعه إلى إغوائها في المرة الماضية. . . لكي يستغلها . في المره الماضية أراد أن يستخدمني حتى يجرح والدتي .
وهذه المرة هو يريد زمردات فارنيستي . . .
جذبت نفسها مبتعدة عنه بحدة , وبقوة لم تدرِ كيف وجدتها :" لا !"
دفعت رايتشل يديه بعيداً عنها , وتراجعت إلى الوراء . كانت دقات قلبها تتسارع وأطرافها ترتعد إلى درجة أنها اضطرت أن تقاوم حتى تتمالك نفسها .
للحظة تحرك شيء ما في عيني فيتو , ثم اختفى ذلك الشيء وحلت مكانة نظرة مألوفة . . . نظرة أستهزاء وسخريه :" لا ؟ حسناً ! هذه كلمة جديدة في قاموسك عزيزتي . فلطالما كنت تقولين "ارجوك فيتو . أرجوك ! "
تذكرت رايتشل بوضوح كريه تام اندفاعها وتوقها إلى عناقه آخر مرة كانا فيها معاً . لكن ليس هذا ماقصده فيتو بالتحديد بل قصد مناسبة مختلفة تماماً . قالت رايتشل هذه الكلمات عبر الهاتف , بعد أن توسلت سكرتيرته كي تصلها به . يومها أدركت رايتشل أن السكرتيرة لم تخبر فيتو أنها هي المتكلمة , لآنه ماكان سيتلقى المكالمه لو انها أخبرته . رفع السماعة من دون ذا النبرة القاسية يقول :" من المتكلم ؟"
قالت بصوتها المرتعش :" أنا رايتشل . . . أرجوك , فيتو ! أرجوك . . ."
إلا أن فيتو أقفل الخط من دون أن يسمح لها بقول أي كلمة أخرى .
بعد ذلك لم يسمح لها أبداً بالوصول إليه مجدداً. ومنذ ذلك الحين وصاعداً ألتزمت تكرتيرته بأوامرة , ولم تعد تتجاوب معها , فالسينيور فارنيستي لن يتلقى أي مكالمات من قبلها .
انغلق وجه رايتشل , فيما صدّت كل إحساس تشعر به تجاهه محتجزة مشاعرها في داخلها . إنها ليست بحاجة إلى مشاعرها عندما يتعلق الأمر بفيتو فارنيستي ز
أجابت وحلقها مشدود :"حسناً ! أنا أقول لا الآن , فيتو . وأخشى أن زمردات فارنيستي تساوي أكثر من مجرد عناق بسيط من فيتو فارنيستي الرائع . لن تستعيدها بسعر زهيد !"
تصلّب وجه فيتو فازداد قساوة , كما ازداد نظراته استهزاء .
- لعل الزمردات تساوي أكثر من هذا ولكنك لاتساوين أكثر {اوووف كلب }
كانت تلك صفعة كبرى تتلقاها من بين العديد من الضربات الأخرى . إلا أن رايتشل لم تجفل هذه المرة . استنشقت نفساً عميقاً . حاداً وقالت :" بالرغم من ذالك كان هذا أفضل عرض لديك , فالزمردات ليست للبيع . لن تغريني بالمليون يورو ".
رمى فيتو سؤاله على رايتشل قائلاً :" لماذا ؟ أنت تعيشين في مكان وضيع قذر . مبلغ مليون يورو سوف يخرجك من هنا ويجعلك تعيشين بترف !"
راح ينظر إليها بتركيز بعينين ضيقتين , كأنه يحاول قراءة مايدور في داخلها . أحست رايتشل أن الخطر يحوم حولها , لكنه مختلف عن الخطر الذي واجهته . صدّته منذ لحظة . أحست بموجة غامرة من الرغبة بالدفاع عن والدتها المحتضرة أخذت تجيش في داخلها .
أراد فيتو أن يفهم لماذا تطالب رايتشل بهذا الثمن المضحك مقابل إعادة الزمردات . لكن . . . . يجب ألا يعرف أبداً .
- كذلك الزواج بك سيفعل هذا سيخرجني من هنا .
بدا صوت رايتشل سطحياً . فيما تركزت نظرات عينيها على عينيه كأنها تحاول إجبارة على تقبل هذا السبب كدافع لها . راقبت ملامح فيتو تتغير , متخذه تلك النظرة الساخرة المستهزئة من جديد .
تشدق فيتو قائلاً :" إذاً هذا هو طموحك . أليس كذلك ؟ أنت لاتريدين أن تكوني كوالدتك , فهذا ليس كافياً بالنسبة إليك أنتِ تريدين الأحترام "
علمت رايتشل أن هذا قريب جداً من الحقيقة إلى درجة أنها أستطاعت أن ترى ذلك في عينيه . رفعت ذقنها وقالت :" لِمَ لا ؟ لو صرت السينيورا فارنيستي, سوف يرحب بي الناس في أي مكان "
لم تعرف رايتشل لما قالت له ذلك , أولما تتابع السير بهذه المهزلة , ففيتو لن يتزوجها .
أبتسم ابتسامه ساخره ::" آه . . . تفكير طموح بالفعل ! أخبريني ايتها الأنسه الساعيه خلف الثروه , هل يمتد طموحك نحو الحصول على حصتك من أموال فارنيستي لكي تقبلي بتسوية طلاق مسرفة ؟"
لم تسمح رايتشل لذلك القول أن يؤثر بها أيضاً . فقالت بنبرة الصوت السطحية نفسها :" لا "
- لا ؟ إذاً هل أنت مستعدة للزواج بي حتى لو طردتك بعد ستة أشهر من دون أي قرش كنفقة .؟
بدا عدم التصديق واضحاً جداً على وجه فيتو .
اجابته رايتشل بفظاظه وتصميم :" نعم "
- لماذا ياعزيزتي ؟ يجدر بي أن اشعر بالأطراء , فأنت مستعدة للزواج بي على الرغم من أن ستتنازلين عن نفقة الطلاق !
سخريته مست شيئاً ما في داخلها . . . لن تسمح له مجدداً أن يهزأ برغبتها الغبية البائسة في الزواج منه .
- الأمر لايتعلق بك فيتو .أنا لا آبه بك البته !
زاد الغموض والأسوداد في عينيه .
لم تعد قادرة على من نفسها , ولم تستطع أن تتحمل فكرة أن يظن أنها واقة في حبه إلى درجة تجعلها يائسة جداً للتقرب منه .
- هنالك شخص أكثر أهمية بالنسبة لي من أنت !! شخص . . .
توقفت تماماً عن الكلام , وقد أجفلها ماأوشكت على الأعتراف به .
للحظة ساد الصمت , ثم تكلم فيتو بصوت جعلى لحمها يذبل .
- أخيراً فهمت اللعبة التي تحاولين لعبها .

مونـــــي
07-11-2012, 19:31
حاولت رايتشل بسرعة أن تتدارك ما تفوهت به دون تفكير .
- لا . . . أنا . . .
لوح فيتو بيده في الهواء :" تأخرت كثيراً عزيزتي . يمكنني أن أفهم الأن ماتنوين عليه. الأمر لايتعلق بالزواج مني , بل بتعلق بالزواج من رجل آخر . رجل يرفض الزواج بك . أنت تظنين أن بمقدورك أن تنتقمي منه بأن تصبحي فجأة السينيورا فارنيستي ! أنتِ تريدين الأنتقام . هذا كل ما في الأمر . أنت تنتقمين من الرجل الذي ازدراك وأحتقرك , لأنه يريدك عشيقة له لازوجه "
حدقت رايتشل به محاولة أن تستوعب ما يقوله .
كان فيتو مازال يتكلم :" أخيراً فهمت الصوره . الآن تبدو لي منطقية أكثر . الأنتقام هو ألذ شعور على الإطلاق ! لقاء هذا الثمن, بدوت مستعدة لاقتحام مكتبي اليوم معتقدة أنك إن أغويتني بالزمردات فسوف تقنعينني أن أسير معك في خطتك تلك "
التمعت عيناه بمقت كرية :" أردت أن تخدعيه .أردت أن يظن أنك وجدتِ رجلاً ثرياً ينوي الزواج بك ولكي تجعليني أسير معك في هذا المخطط المبهج عرضتِ عليّ أن تعيدي لي زمرداتي الخاصة بالإضافة إلى التمتع بإقامة علاقة حميمية معك "
وخزها مقته هذا مادفعها إلى الرد , إذ وجدت في مكان ما - مالم تدرِ أين - مقتاً مماثلاً لمقته لها .أمالت رأسها قليلاً , فنظرت إلية ساخرة , ثم قالت :" في الواقع , لا أنت لن تحصل سوى على االزمردات فيتو "
نضح صوتها باللامبالاة القارسة , فتابعت :" إن إقامة علاقة حميمية معك ماكانت لتصبح جزءاً من الإتفاق . مواهبك الخارقة في السرير لم تكن مطلوبة . حاولت ذلك ذات مرة , أتذكر ؟ لكن لا ! لن تحصل في المقابل سوى على زمرداتك تلك فقط "
علمت رايتشل أنها تفتقر إلأى الأسلحة المناسبة حتى تحاربه بها , وأن هذا هو السلاح الوحيد الذي تمله . إنه ضعيف ومثير للشفقه , لكن هذا كل ما تستطيع فعله , أن تدّعي اللامبالاة تجاهه .
الله وحته يعلم من أين جاء بفكرة أها تريد الزواج منه حتى تعاقب عشيقاً خيالياً ما لأنه رفض الزواج بها , لكنها لن تنفي هذا الأعتقاد فهو سيساعدها على إخفاء حقيقة دافعها الفعلي .كما أن تظاهرها بالامبالاة تجاهه سيحميها أكثر . لجأت رايتشل إلى إهانة أخرى , كما لو أنها متسولة تبحث في المهملات .
- لاشك أنك تظن نفسك هبة من الله للنساء فيتو , لكنني أخشى أنه فيما يتعلق بي أنا , أنت ممل قليلاً .أنا فقط أردت الحصول على خاتم زواجك في إصبعي , هذا كل شيء .أنا لا أتحرق لإقامة علاقة حميمية معك , بل إنني أرفضها بعض النظر عن مدى براعتك .
ظل فيتو يرمقها بنظراته , التي استقرت عليها من دون أن تظهر عيناه أي تعابير , كما خلا وجهه من التعابير أيضاً . أجبرت رايتشل نفسها على التحرك . ما الذي يحصل ؟ لماذا ينظر إليها بهذا الشكل من دون أن تظهر علو وجهه أي تعابير على الإطلاق ؟ توقعت أن ترى وميضاً من الغضب يدل على أنه يعترض على إهانتها لجاذبيته التي لاتقاوم , إلا أنه راح ينظر إليها فقط , فيما بدا وجهه مغلقاً تماماً . تسلل عدم الارتياح إلى داخلها مجدداً , ثم أدركت مايفعله فيتو , إنه يتعمد عدم الإجابه على إهانتها الصغيرة الواهنه فقط لكي يظهر لها كم هي سخيفه , رأها ليس له أي قيمة على الإطلاق .
احست رايتشل أن سهماً من الغضب يخترقها , فهي ليست ذات قيمة بالنسبة لفيتو . لطالما كانت كذلك . أستفزته مجدداً , كأن هناك مايجبرها على الحصول على ردة فعل منه . . . أي ردة فعل , لكي تظهر أن بمقدورها أن تؤثر عليه ولو قليلاً .
- أفترض أنك ظننتني مففتونة بك عندما كنت في الثامنة عشر من عمري اليس كذلك ؟
اطلقت رايتشل ضحكة قصيرة , هزت كتفيها قليلاً , وتابعت :" حسناً ! هذه المره يمكنك أن تلاحظ أنني لست مفتونه "
علمت أنه يفترض بها أن تسير في المواجهه إلى الحد النهائي , وإلا فإنها ستذبل وتعود إلى الرماد , فتابعت كلامها :" آه ! أما الآن بالذات فإنني أشعر بالفضول , لذا سمحت لك أن تعانقني , لكن فيما يتخطى ذالك . . . لا أظن أن شيئاً سوف يحدث بيننا . والآن إذا كنت لاتمانع , لدي أمور عليّ متابعتها "
مشت نحو الباب وهي تشعر بالذهول والدهشة , غير مصدقة أن رجليها ماتزالان قادرتين على التحرك . هي بكل بساطة تريدة أن يرحل لكي تستطيع أن تنهار بمفردها . . . سحبت رايتشل القفل الآلي للباب إلى الخلف , ففتحته بضربة واحدة , ووقفت جانباً , ثم عادت ونظرت نحو فيتو .
لم يكن فيتو قد تحرك من مكانه . أستمر واقفاً كمانه فيما وجهه خالياً من التعابير . عبرت جسد رايتشل ارتعاة صامته كيف تجرأت على أن تقول له أموراًمماثلة كما فعلت للتو . من أين جائت بهذه الأكاذيب , وأي فائدة ترتجي منها على أي حال ؟
حثته قائله :" أتظن أنك قادر على تحريك ساقيك ؟"
بدا وجه فيتو مغلقاً , خاوياً تماماً .أما جسده فبدا جامداً متصلباً . ثم . . . فجأة , بدأ يمشي نحو الباب . بدأ التوتر يزحف نحو رايتشل , فيما هيأت نفسها لمرور فيتو بالقرب منها , لكنه توقف عندما صار على بعد متر منها تقريباً .
- ماذا . . .؟
قاطع فيتو سؤالها الذي يحمل خوفاً ورعباً . اتجه نحوها مباشرة , أما عيناه غير المقرؤتان فأستقرتا على وجهها تماما . وما لبث أن قال :" يجدر بك أن تتصلي بمصرفك يوم غد لتعلميهم بأنك سوف تستعيدين الزمردات . أتصلي بمساعدتي الشخصية أيضاً , واعلميها بموقع المصرف , لكي تعرف إلى أين يجدر بها أن ترسل الساعي "
حدقت رايتشل به غير مصدقة , وقالت هي تعض على شفتها :" ليست لدي نية في السماح لك بالحصول على الزمردات "
رفع أحد حاجبيه , وقال :" كل عروس لآل فارنيستي تضع تلك الزمردات يوم عرسها . هل تتخيلين أنني سأسمح لك بأن تكوني حالة أستثنائية ؟"
حملت عيناه السخرية , البرودة , فميا استقرت نظراته عليها بقوة .
-سوف يكون زواجاً مدنياً حالما يسمح لنا القانون بذلك , وسوف ينحل مجدداً بأسرع ماهو ممكن قانونياً .آه !! سوف تكون هناك أتفاقيه بيننا عليك أن توقعي عليها قبل الزواج , ويجب أن تكون الزمردات حول عنقك عندما أتزوجك حتى تتمكني من إعادتها لي بعد ذلك .
مد فيتو يده نحو مقبض الباب فجذبه وفتحه مجدداً . وجه ابتسامته نحو وجهها المتجمد من جراء الصدمة .
- يجدر بك أن تبدي سعيدة ياعزيزتي , فأحلامك الطفولية تحققت للتو . . . سوف أتزوج بك .
تمشى فيتو ماراً بالقرب منهما إلى خارج الشقة . بدا مسترخياً وهو يخطو برشاقة وأناقة نزولاً على الدرج ذي السجاده الرثة الباليه .
راقبتة رايتشل بحذر وهو يخرج من الباب الأمامي , ثم سمعت الباب يخبط وينغلق خلفه . بعد فترة طويلة . . . طويلة . أحست أن قلبها عاد لينبض مجدداً .

موــــــــني ^___^
__________________________________

مونـــــي
07-11-2012, 19:33
5- مشهد يختصر الزمن

استرحى فيتو على المقعد الخلفي لسيارته , فيما انطلق سائقة بالسيارة مبتعداً حول المنعطف .
سرى الغضب الجليدي عبر جسده إذاً , رايتشل فايل . . . أو الأحرى رايتشل غراهام تعتقد أنها سوف تستخدمه كالعجينة , سوف تلويه لتحقيق أهدافها , تماماً كما فعلت والدتها اللعينة بوالده وصولاً حتى لحظة مماته .
الأذلال الذي لحق بوالدته كان تاماً وكاملاً . يومها حضي فيتو بالقجر الذي استطاع الحصول عليه من الرضى حين قام بطرد آرلين من شقة روما ثم من الفيلا. يومها أخذت آرلين الزمردات انتقاماً . حسناً ! هو سوف يستعيدها الآن , لكن هذا لسي السبب الذي يدفعه للزواج برايتشل فايل !
استعادة الزمردات هو مجرد ربح إضافي , أما الطبق الحقيقي هو وجبة مختلفة تماماً . وهو كالأنتقام , من الأفضل أن يؤكل بارداً , رايتشل فايل فتاة رائعة الجمال جذابه , ويمكنه أخذها للسرير .
عبرت فمه ابتسامه بطيئة قاسية , ما كان يجدر بها أن تحاول تحديه بهذا الشكل , فتقول لها إنها غير مهتمه بإقامة علاقة معه إذا ما تزوج بها . ليس وهو قادر على رؤية جسدها يرتعش توقاً إليه . ماجعل جسده يجيش بتوق مقابل . سوف يستمتع كثيراً حين يُظهر لها كم هي مخطئة بشأن العلاقة بينهما . لهذا السبب سوف يسمح لنفسه بالزواج منها لكي يتذوق ذلك العسل الموعود . بعدئذٍ سوف يدعها تهترئ في الجحيم .
*************
حدقت رايتشل من كوة الطائرة إلى الخارج , وتسائلت عما تشعر به في تلك اللحضات . قررت في النهاية أنها لاتشعر بأي شيء بأستثناء الذهول المخدر لأنها جالسه هنا بالفعل على متن طائرة خاصة تطير بها نحو الكاريبي كي تتزوج بفيتو فارنيستي . يجدر بها أن تشعر بأنتصار لأنها نجحت فعلاً في جعله يوافق على الزواج بها . لكن جل مااستطاعت أن تشعر به هو الخدر .
جلس فيتو في الجهة المقابلة متجاهلاً وجودها تماماً , بينما راح يعمل على مجموعة من الأوراق على الطاولة أمامه . بالكاد تكلم معها منذ أن نزلت على مدرح نورثولت في وقت سابق من هذا الصباح بعد أن أقلتها سيارة ارسلها لها , أما تعابير وجهه فبدت غير مقرؤة.
جذبتها الذكريات بقوة , ذكريات تتعلق بفيتو في روما , كأنها حصلت منذ عهود في ذاك الحلم الذي لم يتحقق فعلاً . يومها شعرت بالأرتياح برفقته الساحرة . راحا يضحكان ويتحدثان من دون أن ينفد من هما الحديث أبداً . بدا كما لو أنه يستمتع فعلاً برفقتها . . .
نظرت إلى الملف الموجود في حضنها , والذي ناولها إياه فيتو حالما استقرت في مقعدها قال لها بأختصار فيما بدت عيناه غامضتين :" أتفاق ماقبل الزواج . لن يتم الزواج قبل أن توقعي عليه ."
قرأته رايتشل بأكمله . لم يحتوِ على أي مفاجآت . زمردات فارنيستي سوف تصبح ملكية غير مشروطة لفيتو فارنيستي في اللحظة التي تتم فيها مراسم الزفاف . حالما ينتهي الزفاف لن تأخذ رايتشل معها شيئاً أبداً .
لايحق لها بالمطالبة بأي قرش من ثروة آل فارنيستي , ذلك يتضمن عدم أستخدامها لأسم فارنيستي , أو التحدث إلى الصحافة بخصوص زواجهما . سوف توقع على هذا الأتفاق من دون أن تفكر ثانية . مهما هو الزواج من فيتو لاشيء أكثر . أعلمها فيتو بإيجاز أنهما ذاهبان إلى أنتيليا , وهي جزيرة صغيرة في البحر الكاريبي .
الزواج في ذلك المكان له صفتان حسنتان , بإمكان طالبي الزواج أن يتزوجا على الفور من دون الأنتظار الذي تشترطه قوانين المملة المتحدة . وعلى العكس من المملة المتحدة , فإن اتفاقات ماقبل الزواج هي محكمة التنفيذ وملزمه بحسب قانون جزر الأنتيل .
أطبق على رايتشل الحذر مجدداً , رافقه الاحساس بالواقع الكئيب . مايحصل الآن غير حقيقي . . . غريب جداً . . . جداً . . . مؤلم جداً !!
طنّت الكلمات في ذهنها , فلم تقوَ على وقفها : في أحلامك . . .!
ترددت تلك العبارة في راسها , فأحست بقلبها ينقبض .
سوف تتزوج من الرجل الذي ظنت ذات مرة أنه يجسد كل أحلامها , فتبين لها أنه بات كاللعنة بالنسبة إليها . إنه الرجل الذي وهبته حبها لأول , لكنه خان ذلك الحب , هم هزأ منه ودمرة . أما الآن فهي تسافر برفقته لإتمام مراسم الزفاف الذي سيجعل منها أضحوكة .
لكنني لا أفعل ذالك من أجلي أنا , بل من أجل والدتي ! أنا مضطرة إلى القيام بذلك .أنا مضطرة ! مع أن الأمر غير منطقي , بل إنه مريع ومضحك , لكنه جل ما أستطيع ان افعله . لايمكنني أن أرفض القيام بذلك ! لم يتبقَ لآرلين سوى القليل من الوقت فقط . ما أحس به ليس بذي أهمية . والدتي فقط هي ما تهمني . . .
أحست بالحزن يطعنها فأطبق الوجوم على وجهها . تابعت رايتشل التحديق قارجاً نحو الغيوم . . .
شيء ما جعل فيتو يرفع نظره عن أوراقة .أغرق نفسه منذ لحظة صعودهما على متن الطائرة في دراسة بعض العروضات الشديدة التعقيد المتعلقة بأستثمار مشترك مع أحد الصناعيين الكبار في الشرق الأقصى .أراد الأتمام بأي شيء يبعد ذهنه عما يفعله . مازال عدم التصديق يغمره لآبد أنه مجنون لكي يفعل مايفعله !يجدر به بكل بساطة أن يطلب من القبطان ان يستدير بالطائرة ليعود إلأى لندن . ثم يرمي رايتشل فايل على الرصيف , ويسير مبتعداً إلى الأبد . تراقصت على فمه ابسامة ضارية . إن إدارة شركة فارنيستي الصناعية ليست بالأمر السهل . هو أمر صعب للغاية , يترتب عليه مسؤلية تجاه عماله الذين تعتمد معيشتهم عليه .
لاعجب أن والدي كان بحاجة إلى أوقات هروب مع امرأة جميلة حتى يبعد ذهنه عن الأعمال !
جائته تلك الفكرة بالرغم من إرادته . أما الأمر اللعين فهو أن والده لم يكن يلجأ إلى زوجته من أجل تلك المتعة .
لا ! لاتسلك ذاك الدرب . سار فيتو على ذلك الدرب من قبل , فداس على الأشواك لسنوات طوال . تحمًل عذاب والدته وانفطار قلبها بعد هجر والده لها .أما هو فلم يعد قادراً على القيام بأي شيء . . . أي شيء سوى توجيه الأتهامات والمقت . عانت والدته سصمت , ولم تظهر له كربها إلا من خلال تلك النوبات المضنية التي لطالما صادف حدوثها مع إقامة والده المؤقته في روما . عندما كان والده وآرلين يعودان إلى روما كانت والدته تنسحب من
مقر فارنيستي الضخم , فتذهب إلى الشاليه الخاص بالعائلة في جبال الألب الإيطالية , كانت والدته تتوق إلى زوجها الخائن بصمت وبؤس ووحده , ولم تكن ترغب حتى بأن يبقى ابنها معها ليسهر عليها ويواسيها . في حين كانت آرلين غراهام تعيش الحياة المترفه , وتنفق من ثروة والده . والآن هو على وشك أن يتزوج من أبنتها
رفع فيتو رأسه عن اوراقه , واستدار لينظر إلى رايتشل . كان وجه رايتشل مداراً إلى الجهه الأخرى , أما التعابير المرتسمة عليه فجمّدته تماماً . يجدر بها أن تشعّ بالأنتصار لكن وجه رايتشل بدا كأنه منحوتاً من الحجر . ظهرت ملامحه ذابلة , فيما بدا كأنها ترى شيئاً ما ليس في الواقع مرئياً .
أدار رأسه بعيداً بحدة , رايتشل فايل لاتمتلك أي قدرة أو سلطة عليه ! لاسلطة لها على مشاعرة . أتكأ إلى الوراء لكي يرخي أطرافه , ثم أغمض عينيه .
أستحضر فيتو صورتها في ذهنه , بالرغم من أنها تجلس على بعد بضع أقدام منه فقط . نضجت رايتشل خلال السنوات الماضيه منذ آخر مره وقعت فيها عيناه عليها . نضجت الدراقه اليانعه التي حان أوان قطفها الليله . . . آه نعم . . . الليله , وتحت ضوء القمر الكاريبي سوف تكتشف لماذا وافق على الزواج منها .
غرقت رايتشل في عالم الأحلام , فالساعات الطويلة في الطائرة هدأت روعها وساعدتها على النوم , وفي حلمها كان الجو دافئاً . . . دافئاً وجميلاً . هي ترتدي فستانا ً صيفياً أصفر قصيراً ذا ربائط رفيعه على ظهره أعارتها أياه زارا .
راحت تركض صعوداص على الدرج الأسباني , وهي تتجنب بخفة حركة السياح الذين يجلسون على الدرج فقط . . . توقف رجل أمامها وهو يحمل ورده وحيده للبيع , لكن رايتشل ابتسمت بكل بساطة وانطلقت مسرعة بعيداً عنه . . . استطاعت أن تسمع صوت فيتو يلحق بها ويصل إليها . . . ابتسم لها فيتو بعينيه الغامقتين الدافئتين . ظل يبتسم ويبتسم . . . أحست رايتشل أن قلبها ينعصر من فرط السعاده . . . فيتو . . . فيتو . . . !
تنفست وهي تنطق أسمه بصمت , كما لو أنه هتاف مبلسم للروح . . .
تغير المشهد . . . رأت رايتشل نفسها بين ذراعي فيتو , وهو يغازلها ويمازحها لدرجة جعلت الحراره تغمرها , فتأوهت من شدة التوق إليه . . . أحست رايتشل بنشوة من الفرح الغامر تلفها , ثم رحل فيتو . . .
راح أحدهم يهز كتفها برفق , لكن بثبات وإلحاح , فتحت عينها وهي ترمشها بأرتباك . سمعت صوتاً يقول لها بنبرة مهذبة :" أنا آسفه جداً لأنني أيقظتك سيدتي , لكننا بدأنا بالهبوط , ويجب عليك أن تحكمي إغلاق حزام الأمان "
رأت مضيفة الطيران أمامها تستقيم في جلوسها . أم وراءها فرأت فيتو مازال يعمل على أوراقه , كما لو أنه لم يفعل أي شيء آخر طيلة الرحله . أحست أن قلبها ينقبض , إذ إن ذهنها مايزال ممتلئاً بالحلم الذي استيقظت منه للتو . للحظة لم تفعل رايتشل شيئاً سوى التحديق , هي مازالت متيمة به تماماً كما كانت وهي في الثامنة عشرة من عمرها , إنها تعشق وسامته ولون بشرته الأسمر البارد , أرادت أن تمد يدها لتلمسه . . . لتمسك به , لكنها لم تقو على ذالك .
عبر ذهنها حزن مريع , لاتسمحي لعواطفع بالتعلب عليك ! فيتو ليس الرجل الذي ظننته مطلقاً . كل ما ظننت أنكما تتشاركان به كان مزيفاً . أنت لست في نظره سوى غبية . أراد أن يستغلك كل لحظة كنتما فيها معاً حتى تلك اللحظة الأخيرة عندما كشف نفسة على حقيقتها .
ذاك هو فيتو فارنيستي الحقيقي , ومايزال هكذا . أجبرت رايتشل نفسها على تذكر ماقالته لنفسها عندما قصدته في مكتبه في الشركة : هذه صفقة عملية . لاشيء أكثر . لاضرورة لتدخل المشاعر .
بدأت الطائرة تميل جانباً بأنحناء شديد , إذ أخذت تدنو من الدرج , وتتجه إلى مكان الوصول . استطاعت رايتشل أن ترى امتداداً واسعاً من البحر , ثم فجأة ظهرت الأرض المليئه باشجار النخير الخضراء .ظهرت الصورة مصغرة أولاً , وبسرعة بدأت تظهر بحجمها الطبيعي عندما انزلقت الطائرة نزولاً نحو الأرض.
غمرها الدفء عندما خرجت من الطائرة , وشقت طريقها نزولاً على الدرج الضيق , أحست بحرارة شبه استوائية تحمل مزيجاً من الروائح .
تمت إجراءات دائرة الهجره بسرعة في هذا المطار الصغير الذي يكاد يكون مهجوراً , وخلال دقائق أصبحا داخل سيارة مكيفة تقلهما , بينما وضعت أمتعتهما القليلة في صندوق السيارة , تسائلت رايتشل بتكاسل إلى أين تراهما يتوجهان , ثم أدركت ان الأمر لم يعد هاماً . أستندت إلى الوراء في زاوية مقعدها , محاولة البقاء بعيدة قدر استطاعتها عن فيتو .
لبعضهما . زمردات فارنيستي موجودة في حقيبة يدها , فهي تستقر بأمان في حقيبة مخملية داخل قسم مستقل مقفل بسحاب .
كانت رايتشل مشوشه الفكر ومحبطة تماماً فلم تلالاحظ سوى أشجار النخير بالأضافة إلى الطريق الكثيرة النتوءات المغطاة بالحجارة . لاحظت على الجانبين أيضاً وجود حقول افترضت أنها حقول قصب السكر . ومالبثت السيارة أن توقفت على حافة المرسى . رأت قارباً ذا محرك مربوط بأنتظارهما . عبست رايتشل , وسألت :" ماذا بحق السماء . . . ؟"
وفر لها فيتو تفسيراً سريعاً , إذ قال :" نحن ذاهبان إلى سان بيير . إنها جزيرة خارج البلد فيها أنا متخصصون بحفلات الزفاف "
لم تقل رايتشل أي شيء , فليس هالك مايقال . عوضاً عن ذلك خرجت من السيارة وصعدت على متن القارب . جلست رايتشل على المقعد فأغمضت عينيها عن عمد , بينما رفعت وجهها نحو الشمس . برّد نسيم البحر وجهها , وما لبثت أن أحسّت أن القارب يغوص قليلاً حين صعد فيتو والربّان خلفها . شعرت بالحركة التي تدور حولها فيما تم تحميل الأمتعه . بعدئذٍ تحول سائق السيارة إلى سائق للقارب , فأنطلق به نحو البحر .
لم تظل بهم الرحلة . وقدرت رايتشل أنها استغرقت حوالي الخمس عشرة دقيقة أو مايقاربها , ثم توقف القارب في مرسى آخر , هذه المره لاحظت أن مكان الوصول في سان بيير هو أكثر روعة وجمالاً , كذلك هي وسيلة النقل التي تنتظرهما . إنها عربه يجرها حصان صغير , ذات مقاعد وثيرة صفراء مشرقة جداً , أما سائق العربة فيرتدي قبعة وقميص مفتوحة عند العنق .
أعلن سائق العربة بأبتسامه مشعة وبلهدة كاريبية واضحة :" أهلاً بكما إلى سان بيير , جزيرة شهر العسل !"
سمحت رايتشل لربان المركب أن يساعدها للصعود إلى العربه ,
فيما شعرت أها غبيهومنافقة . حرصت على الجلوس في الجانب البعيد من مقعدها بقدر المستطاع .
هذه الرحلة استغرقت وقتاً أقصر , إذ بالكاد استمرت خمس دقائق , وجل مافعلته هو أنها نقلتهما حو البر الرئيسي نحو الخليج التالي . لكن بعد أن تخطوا أشجار النخيل التي كانت تحجب المنظر لم تقوَ رايتشل على منع نفسها من إكلاق هتاف استمتاع وإعجاب . بدا الخليج التالي ساحراً كما لو أنه صورة من كتيّب سياحي دعائي . في مكان بعيد من الشاطئ أقيم بناء منخفض أبيض على نمط المزارع , تطوقة أشجار النخيل وتنتشر حوله الأزهار القرمزية اللون .
استدار سائق العربة , فيما أعلن لهما :" دار شهر العسل !"
فكرت رايتشل أن المكان صغير نوعاً ما بالنسبة إلى الفنادق , لكن لعل المقصود به هو الحصول على شيء استثنائي مختلف عن ضخامة الفنادق الأخرى . لم يمر الحصان أمام الفندق بل توجه إلى فسحة مخصصة للعربات تؤدي نحو بابين مزدوجين واسعين يظللهما رواق مرفوع على أعمدة . أوقف سائق العربة الحصان هناك .
انفتح البابان معاً . فخرج رجل ومشى مستقيم الظهر كأنه يبحث عن شيء ما , وفكرت رايتشل أنه يبدو كرئيس الخدم من العصر الفيكتوري .اقترب الرجل من العربة , حتى يساعد الواصلين على النزول . قفز فيتو وحدة برشاقة , لكن رايتشل سرها أن تمسك بيد رئيس الخدم .
أعلن الرجل بصوت مهيب :" أهلاً بكما في دار شهر العسل , سيدي , سيدتي . أسمحا لي أن أرشدكما إلى غرفتيكما "
لم تعلم رايتشل ماذا عليها أن تتوقع , لكن من الواضح أن فيتو حجز غرفتين منفصلتين , بالرغم من أن ذلك يبدو مستغرباً .
حالما دخلا الفندق , نظرت رايتشل في ارجاء البهو الفسيح المغطى بخشب الماهوغاني الغامق اللون , بدا الجو أكثر بروده في الداخل , وأحست بنسيم يهبّ عبر الغرفة المضيئة الواسعة .
عبست قليلاً عندما لاحظت أن الفندق يتميز بمفروشات جميلة وبموضفين , من الواضح أنه مكان مكلف , لكن فيتو رجل ثري , وما من داع لأن ينزل في أماكن متواضعة حتى وهو يتزوج من امرأه مثلها .

مونـــــي
07-11-2012, 19:34
لم يكن هنالك مكتب للأستقبالاول نزلاء آخرين أو حتى موظفين .
تبعت رايتشل رئيس الخدم , الذي أعلن بذلك الصوت نفسة أن أسمه هو أندريه . وأنه سوف يكون في خدمتهما بالكامل أثناء إقامتهما هنا . قادهما نزولاً على طول رواق عريض نحو الجهة اليمنى , إلأى أن توقف خارج الباب . رنّم الرجل قائلاً :" غرفة السيدة "
فتح الباب وقادها نحو الداخل . دخلت رايتشل إلى الغرفة بسرور . امتدت خزانة ملابس طويلة بيضاء على أحد الجدران , فيما تحركة مروحة كهربائية بتكاسل في وسط السقف المرتفع . توسط الغرفة سرير كبير جميل ذو أربعة أعمدة غلفة غطاء من القماش الناعم . تقدمها أندرية , ففتح مصراعي النافذة البيضاء على وسعهما .
بدا المنظر رائعاً من خلال النافذة , وفي الخارج امتدت شرفة مطلية باللون الأبيض على طول الغرفة . خلفها امتد درب يؤدي مباشرة نحو بركة السباحة التي تألقت مياهها الصافية تحت أشعة الشمس . أما في الناحية الأبعد فتألق البحر الفيروزي بلونه المذهل .
أحست رايتشل بأرتفاع في معنوياتها لسبب لم تستطع تفسيرة .
غمغم أندرية شيئاً ما /. ابتسمت رايتشل وهي شاردة الذهن , وخطت إلى الخارج نحو الشرفة حتى تظى برؤية أفضل للمنظر . بعد بضع لحظات عادت إلى الداخل , لتجد أنها صارت وحيدة في الغرفة . أشرعت رايتشل نحو الحقيبة وفتحتها . كانت قد وضعت ثوب السباحة بين امتعتها حالما علمت أن هذا الزفاف السخيف لن يتم في احد مكاتب تسجيل الزيجات في لندن بل على جزيرة ما في البحر الكاريبي .
بعد مضي خمس دقائق توجهت إلى الخارج نحو بركة السباحة .
سمحت لشعرها أن ينفلت داخل الماء . برّد الهواء وجهها الرطب بالرغم منحرارة الأجواء . إلا أن أي شخص آخر من نزلاء لم ينضم إليها ليشاركها السباحة في البركة . استرخت رايتشل , فاستلقت على ظهرها وطفت , ومالبثت أن أحست أن بعض التوتر قد استرخى وخرج من جسدها . بعد قليل أحست أن جسدها انجرف فأرتطم برفق بحافة البركة . استدارت بتكاسر فألقت مرفقيها على حافة البركة المغطاة بالآجر . رمشت رايتشل حتى تخرج الماء من عينيها , ثم رفعت رأسها قليلالاً لكي تحدق نحو الفندق من فوق المرج الأخضر .
هناك رات فيتو يسير على طول الدرب متوجهاً نحوها .
بسرعة انكمش الوقت وتبخر الزمان . . .
أحد عشر عاماً انقضت برمشة العين . أصبحت رايتشل في الرابعة عشر من عمرها مجدداً , فيما أكثر الرجال وسامة في العالم يسير متجهاً نحوها . سمعت أزيزاً في رأسها , وللحظة وجيزة استثنائية ظنت فعلاً أنها انسلت راجعة بالزمن إلى الوراء . أصبحت مجدداً تلك الفتاء المراهقة التي تحدق مصعوقة نحو الرجل الإيطالي الذي يدنو منها بأناقة ورشاقة . أما هو , فبدا تماماص كالسابق . . . إنه يضع نظارتين شمسيتين سوداوين , وكالسابق تماماً تبدو ملابسه ذات قصة رائعة , أما قميصه الفاتحة اللون فمفتوحة عند العنق . فقط الكنزة المدلاة حول كتفيه لم تكن موجودة .
توقف فيتو , فيما حدّقت رايتشل مصعوقة ومتجمدة الآن , وبدا هو كما لو أنه تجمّد في مكانه .
هل يتذكر ؟ وجدت رايتشل نفسها تفكر بجموح بالغ . هل يتذكر تلك اللحظة منذ أحد عشر عاماً ؟ أم هو ببساطة يشعر بالاشمئزاز لرؤيتها الآن .
لم تنتظر لتقرر . أرخت جسمها لتعود وتسقط في الماء . تابعت السباحة وبعناد وتصميم ذهاباً وإياباً في البركة , وعندما سمحت لنفسها أخيراً أن تتوقف , لم يكن هناك من أثر لفيتو .
كانت رايتشل قد استحمت للتو وغسلت شعرها عندما سمعت قرعاً على الباب وهي ماتزال داخل الحمام . فتحت الباب بحذر , بعد أن لفّت شعرها بالمنشفة , ثم لفّت منشفة حول جسدها لتغطية . كان فيتو واقفاً داخل الغرفة , وبدا من الواضح أنه ينتظرها حتى تخرج .
شعرت رايتشل بالتوتر على الفور .
كان فيتو قد خلع نظارتيه السوداوين , لكن عينيه بقيتا محجوبتين تماماً عندما استقرتا عليها , كما لو أنه مايزال لضعهما .
قالت رايتشل بتحجر :"نعم ؟"
تابع فيتو النظر إليها للحظة , فبدأت تشعر بعدم الأرتياح أكثر فأكثر .
اكتسحها على الفور إحساس بالهلع . ماذا بحق السماء تراها تفعله هنا , على بعد أبرعة أو خمسة الاف ميل عن لندن , وهي على وشك أن تتزوج من رجل يمقتها بقدر ماتمقته ؟ لايمكنها أن تسير في هذا الموضوع . . .لا يمكنها . . .
يمكنها أن تتزوج بأي شخص آخر , لكن ليس بفيتو فارنيستي . يا إلهي . . . لا ! ليس فيتو . . . سبب لي فيتو الكثير من الأذى . . . لايمكنني أن أتحمل الألم ! بكل بساطة لا أستطيع !
بدأ فمها يرتعش .
- سوف يقام حفل الزفاف بعد ساعة ونصف الساعة . احرصي على أن تكوني جاهزة .
أخترقت كلماته الضعف المفاجئ المهون الذي اكتسحه على حين غرة . عضت رايتشل على شفتها السفلى , وأجبرت نفسها على ، تتراجع إلى تلك الحالة من الهدوء غير الطبيعي الخالي من الأحاسيس .
من الضروري جداً أن تتمسك بالهدوء مادامت موجودة هنا , استنشقت نفساً عميقاً وحاداً , ثم أومأت بإجاز و وأتجهت نحو الباب تفحته كي يخرج فيتو منه , فهي لم ترغب بوجوده في غرفة نومها .إنها لاتريده في أي مكان قريب منها . فذلك يفوق قدرتها على التحمل , بل هو خطير جاً بالنسبة إليها . لكن فيتو لم يتوجه نحو الباب . عوضاً عن ذلك استدار على عقيبه , فمشى خارج الأبواب الفرنسية الطراز نحو الشرفة , ثم أختفى إلى الجهه اليمنى منها .
تملك ريتشل التوتر فجأة لفكرة أنه قادر على الدخول إلى غرفتها من خلال الأبواب الفرنسية الغير مقفلة . أسرعت إلى حيث وضعت حقيبة يدها على السرير . كانت الزمردات ماتزال هناك !
زمت فمها بتوتر . فيتو فارنيستي سوف يستعيدها . لكن ليس قبل أن يصبح أسمه على وثيقة زواجهما , ويصبح خاتمه في إصبعها . خلال ساعة ونصف الساعه من الوقت ....

موــــــــني ^___^


__________________________________________________ __

مونـــــي
07-11-2012, 19:35
6-ذكرى أم حلم
بدت الشمس في السماء جرما ًمتوهجاً في أحضان الغيوم القرمزية اللون , أما البحر فبدا متوقداً بلون ذهبي غامق , وصدح صوت الموسيقى المنبعث من مكبّرات الصوت المخبأة خلف النباتات الخضراء . أدركت رايتشل أن المعزوفه لباخ , وبالرغم من أنها لم تتعرف فوراً على اسم المقطوعة الموسيقية , إلا أنها بدت مألوفة جداً .
آه ! لابد أن دماغها لايعمل بشكل جيد الآن بالذات . تطلب الأمر كل مالديها من طاقة حتى تستمر بالسير فقط .
مشت ببطء تام , واكتشفت أن من الصعب أن تفعل أي شيء غير ذالك . ارتدت فستاناً كانت قد اشترته في اليوم السابق , وكلفها أكثر من المبلغ الذيي أرادت أن تدفعه . إنه فستان من الساتان ذي لون أخضر باهت جداً , تألق على طول جسدها ثم امتد خلفها على شكل ذيل صغير . الجزء الأعلى من الفستان ذو ثنيات مطوية بنعومه وغير منمقة , لكنها لاتحتاج إلى أي زينة , فالنار الخضراء المتألقة المنبثقة من الزمردات حول عنق رايتشل وفرت تلك الزينة والتألق .
أحست بالهلع وهي تسير ببطء عبر الهواء الدافئ , على حذائها العالي الكعبين . أتجهت نحو الأشخاص المنتظرين تحت خيمة حريرية تستحم بنور الشمس الغاربة .
هزها الفزع والرعب حتى كادا يذيبان أوصالها . لاحق لي أبداً بأن أكون موجوده هنا ! لاحق لي أن أقوم بهذا !
لكنها مضطره إلى القيام بذلك . هي تعلم ان على الأحياء واجب غامر تجاه الذين يحتضرون . لم يتبق لوالدتها أي شيء . . . لاشيء .
لاخيار أمامي . يجدر بي ان أقوم بالأمر !
استقرت عيناها على مجموعه من الناس وقد اقتربوا من مرآها وهي تدنو منهم . واحد منهم فقط بدا بارزاً . . . فيتو فارنيستي يقف هناك بأنتظارها , فيما بدا وجهه صافياً كالرخام . أرتدى فيتو سترة سهرة سوداء رسيمة , فبدا مدمراً جداً بروعته إلى درجة أن رايتشل أحست بمعدتها تنقبض . بدا طويلاص , نحيلاً ويخطف الأنفاس و إلى درجة أنه لم تقو على القيام بأي شيء سوى التحديق به .
حاولت أن تدردر عينيها بعيداً عنه , وأن تركز على المسؤول الرسمي الذي سوف يدير مراسم الزفاف . لكن عينيها تسمرتا على فيتو .
أنا مجنونه ! مجنونه كي أفعل هذا !
لكن الأوان فات الآن على التراجع . سوف تتزوج من فيتو فارنيستي , وتجعل من نفسها زوجته الشرعية , ثم سوف تعود إلى ديارها لتخبر والدتها المحتضرة بأن الأمر تم . بعدئذ لن ترى فيتو مجدداً .
استطاعت أن ترى أن فيتو ينظر إليها . لكن عينية لم تكشفا شيئاً . ما إن أقتربت رايتشل منه حتى وجدت نفسها غير قادرة على ملاقاة عينيه , فانزلقت نظراتها بعيداً باتجاء الشمس الغاربة , مجدداً انسكب عبر جسدها ذاك الأحساس بالهلع الخرافي .
سمحت رايتشل لنفسها أن تتصور للحظة مريعة وجيزة ماقد يكون الأمر لو أن هذا الزفاف حقيقي , فصارت في تصورها زوجة حقيقية الآل فارنيستي . مالبثت أن قاطعت رؤياها تلك كلمات فظة , خشنه , مدمرة متهكمة , مزدرية :في أحلامك . . .!
فدمرت كل آمالها , تماماً كما دمرها فيتو فارنيستي مرة من قبل .
وصلت رايتشل إلى المنضدة فتوقفت .
تجمّع عدد من الأشخاص الأنتيليين , القائم بالاحتفال , ومساعده مع شخصين آخرين افترضت رايتشل أنهما موجودان هناك بصفتهما شاهدين . بالإضافة إلى هاؤلاء , سُرت رايتشل عندما رأت مصوّراً فوتوغرافياً عم بعض المعدات الرائعة في متناول يده . كان جميع الموجودين يرتدون بذلات سوداء وهم يبتسمون فرحين . رفع القائم بالأحتفال يديه . لكن قبل أن يتمكن من التفوه بأي كلمة , تلكم فيتو قائلاً :" لحظة واحدة "
أدار رأسة نحو رايتشل وقال :" يجب عليكِ أن توقعي على افاقية ما قبل الزفاف . أم هل ظننتني سوف أنسى ؟"
تصلبت شفتا رايتشل بسبب النبرة التهكمية في صوته , لكنها لم تقل أي شيء . على العكس من ذلك استدارت ببساطة إلأى حيث أشار فيتو بيدة اليسرى نحو وثيقة موضوعة على الطاوله إلى دانب سجل الزيجات . إنها الوثيقة نفسها التي قرأتها على متن الطائرة , فلم تزج نفسها بأن تقرأها مجدداً . بكل بساطة فتحت على الصفحة الأخيرة ووقعت اسمها بسرعة وعدم مبالاة , ثم استقامت وعادت إلى مكانها أمام القائم بالأحتفال الذي راح ينظر إليها بتركيز .
خاطب فيتو الشاهدين فحثهما قائلاً :" إذا كنتما لاتمانعان ؟"
دون الشاهدان اسميهما بدافع الواجب على اتفاق ماقبل الزفاف الذي يقضي بأن تترك رايتشل هذا الزفاف من دون أي قرش من اموال آل فارنيستي . تحقق فيتو من التواقيع , ثم ذهب يقف إلى جوار عروسه , وقد بدا وجهه خالياً من التعابير .
شعرت رايتشل بزمردات فارنيستي الموضوعة حول عنقها تضغط عليها بوزنها الثقيل , ولأول مرة سرّت لوجودها هناك غمرها الأحساس بالتحدي . لايجدر بها أن تشعر بالذنب ! لاداعي لأن تشعر بتأنيب الضمير بسبب ماتفعله الآن . الزمردات هي الثمن الذي سيسمح لها بأن تشتري لها زوجاً جيداً . حسناً ! سوف تتخلص من هذا الزوج بأسرع مما يفكر هو بالتخلص منها !
غمرها الشعور بالمرارة ممتزجاً بشعور من الأسى الخارق . والدتها بعيدة بعد هذا المحيط , مستلقية في سرير في المستشفى , وهي تعيش على مسكنات الآلام , أما حياتها فتتلاشى شيئاً فشيئاً . . . يوماً بعد يوم .
بدأت مراسم الزفاف , كلمات سمعت رايتشل نفسها تتفوه بها . سمعت صوت القائم على الأحتفال . سمعت الصوت العميق ذا اللهجه الإيطالية , التي تحدث بها الرجل الواقف إلى جانبها , موافقاً على أن يصبح زوجها , ورأته يزلق الخاتم في أصبعها . تكلم القائم بالأحتفال ناطقاً بالإعلان الأخير الذي جعها زوجة لفيتو فارنيستي , أما رايتشل فأحست بالخجر التام . لم تسمع تهاني القائم بالأحتفال بشكل مهني ترافقة ابتسامة , ولا تهاني الشاهدين . وقفت هناك بكل بساطة وهي تحدق نحو البحر حيث رسم آخر شعاع من الشمس خطاً ذهبياً على أمتداد الأفق , ولم تشعر بأي شيء . . .
رفعت يدها اليسرى ونظرت إلى أناملها . هناك على إصبعها الثالث التمعت الحلقة الذهبية التي وضعها فيتو منذ قليل . رمشت عينيها بسبب وميض الضوء , ثم تلاه وميض آخر . عادت في تلك اللحظة إلى الواقع . إذ أدركت أن المصور بدأ يلتقط الصور الفوتوغرافية .
أجبرت رايتشل نفسها على الأبتسام , فحاولت أن تبدو كالعروس المشعة . وهي بحاجة إلى الصور كدليل ملموس لترية والدتها , دليل على أن أبنتها أصبحت فعلاً عروساً لآل فارنيستي . وقفت إلى جانب فيتو الآن في هذا الزفاف المزيف وهي تبتسم لألة التتصوير آملة ألا يبدو فيتو متجهم الوجه . فجأة أحست باندفاع ملح جعلها تحدق إلى الأعلى . . . نحوه , وعلقت أنفاسها في حلقها .
بدا وجه فيتو لالامبالياً , لكن بالرغم من ذلك عمرها شعور بالانتفاض في أحشائها . فجأة وعلى حين غرة نظر فيتو إلى الأسفل نحوها . توقد شيء ما في عينية بدا اشبه بلسعة السوط على جلدها . فأحرقها . عمرها ذالك اللهب للحظة . ثم تلاه وميص كالأحتراق . إنه وميض آلة التصوير التي التقطت تلك اللحظة .
هزت رايتشل نفسها مبتعده عن فيتو , فتعثرت قليلاً وهي تخطو إلى الأمام . لفتت نظرها الكتابة المنمّقة على وثيقة الزواج , فأستدارت لترفعها عن الطاوله . لكن فيتو سبقها إلى ذلك فطواها ووضعها داخل جيب سترته الداخلية . أدركت رايتشل السبب . هو لن يسمح لها بوضع يديها على تلك الوثيقة إلى أن يحصل هو على زمرداته .
وقفت متصلبة فيما حول فيتو انتباهه نحو القائم بالأحتفال ومساعديه , فشكرهم على عملهم . سيطر عليها مجدداً ذلك الاحساس بالهلع الخرافي الذي أخذ يرتعد داخل جسدها .
استقرت عينا فيتو على صورة رايتشل الجانبية , فاخترقه شعور بعدم التصديق وصل حتى أحشائه . لقد فعل ذالك . . . تزوج رايتشل فايل ابنة آرلين غراهام . أحس لوهلة بركلة في أحشائه . كما لو أنه فعل للتو شيئاً لاميكن الرجوع عنه . . . لايمكنه إصلاحه . لا ! هو يعرف تماماً ما الذي يفعله , ولايمكن لهذا الزواج أن يغير أي شيء ! الزواج المدني ليس عقداً مقدساً ., إنه اتفاق ذو صبغة قانونية . إن الوثيقة الموجوده في جيبه تجعل من رايتشل فايل زوجته في الواقع فقط , لكن ليس في الحقيقة .إنه واقع يمكن العودة عنه بأتفاق قانوني بسيط آخر : الطلاق .
جل ماحققته تلك المراسم الموجزة التي تمت خلال خمس دقائق , هو أنها سلمته رايتشل فايل إلى مابين يديه . بالإضافة إلى زمردات فارنيستي . سقطت نظراته نزولاً , تعلقت الزمردات على بشرة رايتشل البيضاء كالنار الموقده الخضراء . ما إن نظر إليها حتى أحس بتلك الركلة في أحشائه مجدداً . لايحق لها وضع هذا العقد . . لايحق لها مطلقاً . إنها تلوثة بلمستها . هذا دك من أمتلاكها له ! يجدر به أن ينزعه بالقوة عن عنقها ! مع ذلك . . .إنها تبدو كاملة جداً وهي ترتدي العقد , فالجواهر الخضراء تبجل عنقها النحيل الشبية بعنق البجعة , بدا العقد كما لو أنه صُمم خصيصاً لها وحجها . كيف يمكنها أن تبدو مناسبة تماماً وهي تضع هذه الجواهر التي لم تصمم مطلقاص لامرأة من نوعها ؟

مونـــــي
07-11-2012, 19:36
عادت نظراته إلى الأعلى , وضاقت عيناه . التعابير المرتسمة على وجه رايتشل مازالت نفها كتلك التي ظهرت على وجهها وهي في الطائرة عندما رآها تحدق خارج الكوّه . بدت تعابيرها حينها كئيبه باردة كثلح الشتاء . أحس فيتو كأن شيئاً ما يطعنه , شعوراً ما . . لايقدر على تسميته . كاد يشعر بيديه تمتد لتلامسها .
فجأة أدرك سبب التعابير الكئيبة التي تظهر على وجه رايتشل . طعنه إدراكه هذا . إنها تفكر بعشيقها . الرجل الذي رفض أن يتزوجها فلذعها رفضة لها , مادفعها إلى الأنتقام منه لرفضه لها بأزدراء . ذلك هو سبب تحدقها بتلك النظرة الضائعه اليائسة . إنها تفكر به . . وتتوق إليه !
تصلبت ملامح وجهه , والتمعت عيناه بضوء بارد متهكم . قبل أن تنتهي هذه اليلة لن تتمكن رايتشل فايل من التفكير بأي رجل آخر سواء ! سوف يشغل كيانها بأسرة هذه اليلة . . . وقدر ما يختاره من اليالي بعد ذلك . قد تكون رايتشل فايل ابنة والدتها حتى آخر ذرة من كيانها , لكن ذلك يعني أيضاً أنها ورثت موهبة والدتها الطبيعيه ! أراد أن يكتشف ذلك .
جالت في ذهنه كلمات رايتشل المزدرية المهينه التي وجهتها له :" إن إقامة علاقة حميمية معك ما كانت لتصبح جزءاُ من الأتفاق . مواهبك الخارقة في السرير ليست مطلووبة . . . أنا لاأتحرق لإقامة علاقة حميمية معك , بل إنني أرفضها بغض النظر عن مدى براعتك في السرير "
التوى فم فيتو . سوف يجعل رايتشل فايل تتعلق به وتتوسلة قبل حلول الصباح . هذا ما تستحقه !
فكرت رايتشل , لاجدوى في أن تشعر بالسوء حيال مافعلته , يجب عليها بكل بساطة ان تسير قدماً , وأن تعد الساعات حتى تعود إلى لندن لكي تذهب إلى المستشفى فتنقل إلى والدتها البشرى السارة أحست بشفتيها تلتويان . أهي حقاً بشرى سارة ؟ لقد أجبرت هذا الرجل على الزواج منها فيما هو يمقتها كما تمقته هي تماماً .
بشكل لا إرادي استدار رأسها قليلاً نحو الرجل الذي تقف على بضع أقدام فقط منها , ومع ذلك فهو على بعد أميال عنها . تحت ضوء هذا الغروب الاستوائي بدت بشرة فيتو أكثر أسمراراً , أما ملامحة فبدت محددة بالظلال مثل النور والظلام .
طاردتها تلك الأبيات من أكثر أشعار شكسبير مرارة :" كنت قد أقسمت أنك جميل . . . يوم رأيتك مشرقاً . . . يامن نورك أسوج كالجحيم . . . ومظلم كعتمة الليل . . ."
إنها تعلم . . . يا إلهي ! إنها تعلم . . . . مالذي دفع الكاتب إلى تدوين هذه الأبيات
استنشقت نفساً عميقاً غير ثابت , إن مشاعرها تجاه فيتو فارنيستي لاعلاقة لها لالموضوع إطلاقاً . رفعت يديها إلأى قفا عنقها , فيما تلاعبت بقفل العقد . يجب عليها أن تكون رشيقة الحركة , خالية من المشاعر .
مهما يكن ,فهذا الزواج مجرد صفقة عمل لاشيء اكثر مهما كانت مشاعرها تجاه فيتو يماً ما , فقد ماتت هذه المشاعر منذ زمن . ماتت مباشرة في اللحظة التي أعلن لوالدة رايتشل أنها هي من أغوته . . .
تكلمت رايتشل بإجاز قائلة :" حالما تحصل على الزمردات أنا أريد وثيقة الزواج "
حمل صوتها حدّة ما , ولم تزعج نفسها بأن تلينه .
- لاتنزعي العقد من عنقك !
توقفت رايتشل بسبب ذهولها . طالبته قائلة :" لِمَ لا ؟"
ابتسم لها فيتو وقال : " الليل مايزال في بدايته ياعزيزتي ".
حدقت رايتشل نحوه بحذر . ما الذي يجري هنا ؟ ثم أجابته برد مضاد وقد انخفضت يداها إلى الأسفل :" ما اللذي تعنيه بذلك ؟"
- ما أعنيه هو أنني أتقد أنهم يتوقعون قدومنا لتناول العشاء .
قال فيتو ذلك مشيراً برأسه نحو الفندق .
- أنا لست جائعة .
قال : لكنني جائع , وفضلاً عن ذلك فأنت بحاجة إلى الطعام كي تحافضي على قوتك وعلى قوامك الجميل ".
قال ذلك فيما اومضت نظراته عليها . أحست رايتشل أن تلك النظرات هي أشبة بالنار التي تجلد جسدها . قالت بحدّه :" توقف عن هذا فيتو . ما الذي تظن نفسك فاعلاً بحق الجحيم ؟ لو شعرت بالجوع سوف أطلب خدمة الغرف . يمكنك أن تأكل في غرفة الطعام "
هزّ فيتو رأسهه , فاستقرت عيناه عليها وقال :"آه , لا ! أثرنا مايكفي من الشكوك بتصرفاتنا . صحيح أن القانون الأنتيلي يسمح بالزيجات السريعة , إلا نه يفضل أن تكون زيجات اصلية حقيقية . مايعني أنه يفترض بنا أن نبذل قصارى جهدنا حتى نتصرف بأسلوب راقٍ لكي نريح أذهانهم بخصوصنا , وذلك بأن نطلق العنان لنفسينا في عشاء رومنسي لشخصين مضاء بالشموع "
رماها بنظرة أخرى ليوقعها في شركة . ماجعل رايتشل تستسلم مذعنة للأمر :" حسناً ! سوفنتناول العشاء في غرفة الطعام . سأذهب لأغير ملابسي "
ما إنحاولت أن تستدير حتى مد فيتو يده فأوقفها . تجمدت رايتشل في مكانها . إنها لاترغب بلمستة فيتو لها ولا في اي مكان .
- يجدر بالعروس دوماً أن تتناول العشاء وهي ترتدي فستان عرسها وكل زينتها .
عضت رايتشل على شفتها , وقالت :" ظننت أنك تريدني أن أخلع عقد الزمرد عن عنقي بأسرع مايمكن ! هذا هو السبب الذي دفعك إلى الزواج بي في نهاية الأمر , لكي تستعيد الزمردات ؟"
ردّ :" سوف أخلع العقد لاحقاً . هل تشكين بذلك ؟"
ضغطة رايتشل شفتيها سوياً , فقالت :" لا . بالمقابل أنا أريد وثيقة الزواج . هذا كل ما أريده منك "
ظهر ذلك الالتماع مجدداً في عينيه , فأحست رايتشل بالدماء تندفع في عروقها . فكرت , لابد أن السبب هو تغير المناخ والتوقيت . لايمكن أن يكون أي شيء آخر . . . يجب ألا يكون . . .
تمشى فيتو إلى جانبها وهما يسيران على طول الدرب نحو الفندق .
فكرت رايتشل , أنه يبدو كمن لاهمّ لديه على الأطلاق , أما هي فوجدت أن الذكريات تتسلل إلى ذهنها . تلك الذكريات غير المرغوبه .
ذكريات تتعلق بفيتو تحدثا سوياً . . . ضحكا سوياً . . . فرحا سوياً . . . راح الألم ينخر جسدها لدى تخيلها هذه الذكريات .
قادها فيتو صعوداً على الأدراج الخشبية نحو الشرفة العريضة التي تمتد على طول واجهة الفندق .
المرة الماضية كان يخدعني وأما هذه المرة فهو يخدع فقط موظفي الفندق ونزلاءه !
عبرت رايتشل البابين المزدوجين نحو غرفة الطعام ذات السقف المرتفع . لم تكن هنالك سوى طاولة واحدة في غرفة الطعام مثقلة بالآنية الفضية والكريستال , ومضاءة بالشموع , كما أحيطت بأزهار جميلة منسقة في مجموعات وباقات .
رأت أحدهم يتجه نحوهما .إنه أندريه رئيس الخدم , وهو يشعّ من فرط سرورة . قادهما الرجل نحو الطاولة . أعلنت رايتشل بدهاء :" أنا لا أريد غرفة طعام خاصة . أرغب أن أتواجد في غرفة الطعام الرئيسية , رجاءً "
بدا الرجل مرتبكاً مشوشاً . فتكلم الصوت من خلف رايتشل بنبرة جافة ولهجة واضحة :" ليست هناك غرفة طعام رئيسية , يا عزيزتي "
عبست رايتشل وسألت مرتبكة :" هل لدى بقية نزلاء الفندق غرف طعام خاصة بهم ؟"
ردد أندريه قائلاً :" النزلاء الآخرون ؟ سيدتي . . . ليس هنالك من نزلاء آخرين . هذا ليس فندقاً . إنها فيلا استأجرها زوجك . . . دار شهر العسل "
حدّقت رايتشل به مذهولة , ثم استدارت نحو فيتو .
-اليس هنالك من أحد غيرنا هنا ؟
لكنها لم تكن بحاجة غلى جواب , فهي عرفت الجواب من تلقاء نفسها . هذه الدار هي نوع من البيوت الخاصة المعدّه لتنظيم الزيجات للأزواج الأثرياء بما يكفي حتى يحظوا بالمكان لأنفسهم فقط . فتحت رايتشل فمها لتعترض , فهي غير قادرة على أن تبقى هنا بمفردها مع فيتو حيث لانزلالاء آخرين , ثم أقفلت فمها مجدداً إذ لاحظت الضوء المحذر في عيني فيتو يذكرها بألا تثير الشبهات والشكوك حولهما .
قدمت لها صوان صغيرة من الأطعمة النيئة الصغيرة الشهية المظهر . وضعت أمام رايتشل بطاقة بقائمة الأظعمة ذات أحرف مظبوعه باللون الفضي , وبطاقة أخرى وضعت أمام فيتو .غمرها إحساس بعدم الواقعية المطلقة . قد تكون هذه الوجبة أكثر الوجبات خداعاً ورياءً على لإطلاق , لكن ليس هنالك مابوسعها أن تفعلة . لالابأس , من الأفضل أن تتحلى بالصبر .. . .
أنتهت محنة إتمام مراسم الزفاف , وسرعان ماينتهي هذا العشاء يجدر بهذا الجو المحيط بها أن يساعدها على تهدئة أعصابها .
فكرت , حققت أمنية والدتي وهي على فراش الموت , لذا يمكنني أن أشعر بالرضى !
أنزاح عن كاهلها آخر ماحملته من توتر , فيما تناولت الطعام الشهي وألحقته بالحلوى اللذيذة المذاق . لم تدرك رايتشل كيف حصل ذلك . ولكن بشكل ما مر العشاء بسهولة أكبر مما تصورت .
انحلّ التوتر بعيداً عنها مع كل ذقيقة تمر . ترافق ذلك طيلة الوقت مع أرتفاع مدى إدراكها الزائد لوجود فيتو . حالولت رايتشل جاهدة ألا تنظر إليه . لم تلاقِ نظراتها نظراته علانية مطلقاً , لكنها فقط في ومضات لاتقاوم التقطت لمحات لها مرة بعد مرة . علمت أنها تتصرف بغباء جنوني . لن بالرغم من ذلك أحست أن معرفتها بأن عينيها لن تقعا عليه مجدداً حتى آخر حياتها هو أمر يخزها ويؤلمها . سمح فيتو لنظراته أن تومض فوق المرأة الجالسة قبالته . إن إدراكها له كان يتنامى تدريجياً اثناء هذه الوجبة الطويلة . لعلها تحاول قمع رغبتها , لكنها غير قادرة على إخفائها عنه . أخذت نظراتها المستورة تلسعه شيئاً فشيئاً . إنه يتوق إليها بشدة , وهو يرديها أن تتوق إلية أكثر فأكثر . أحس فيتو بكيانه يتجاوب مع مجرد تفكيره بما هو منتظر . . . قريباً جداً سوف يأخذها إلى سريرة . مدّ يده وتناول قطعة من الحلوى لكي يلهي نفسه . إن الوجبة تقترب من نهايتها , وهو مسرور بذلك . لأن الليل بالنسبة إليه مازال فقط في بدايته .

موــــــــني ^___^


________________________________________________

مونـــــي
07-11-2012, 19:39
عادت نظراته إلى الأعلى , وضاقت عيناه . التعابير المرتسمة على وجه رايتشل مازالت نفها كتلك التي ظهرت على وجهها وهي في الطائرة عندما رآها تحدق خارج الكوّه . بدت تعابيرها حينها كئيبه باردة كثلح الشتاء . أحس فيتو كأن شيئاً ما يطعنه , شعوراً ما . . لايقدر على تسميته . كاد يشعر بيديه تمتد لتلامسها .
فجأة أدرك سبب التعابير الكئيبة التي تظهر على وجه رايتشل . طعنه إدراكه هذا . إنها تفكر بعشيقها . الرجل الذي رفض أن يتزوجها فلذعها رفضة لها , مادفعها إلى الأنتقام منه لرفضه لها بأزدراء . ذلك هو سبب تحدقها بتلك النظرة الضائعه اليائسة . إنها تفكر به . . وتتوق إليه !
تصلبت ملامح وجهه , والتمعت عيناه بضوء بارد متهكم . قبل أن تنتهي هذه اليلة لن تتمكن رايتشل فايل من التفكير بأي رجل آخر سواء ! سوف يشغل كيانها بأسرة هذه اليلة . . . وقدر ما يختاره من اليالي بعد ذلك . قد تكون رايتشل فايل ابنة والدتها حتى آخر ذرة من كيانها , لكن ذلك يعني أيضاً أنها ورثت موهبة والدتها الطبيعيه ! أراد أن يكتشف ذلك .
جالت في ذهنه كلمات رايتشل المزدرية المهينه التي وجهتها له :" إن إقامة علاقة حميمية معك ما كانت لتصبح جزءاُ من الأتفاق . مواهبك الخارقة في السرير ليست مطلووبة . . . أنا لاأتحرق لإقامة علاقة حميمية معك , بل إنني أرفضها بغض النظر عن مدى براعتك في السرير "
التوى فم فيتو . سوف يجعل رايتشل فايل تتعلق به وتتوسلة قبل حلول الصباح . هذا ما تستحقه !
فكرت رايتشل , لاجدوى في أن تشعر بالسوء حيال مافعلته , يجب عليها بكل بساطة ان تسير قدماً , وأن تعد الساعات حتى تعود إلى لندن لكي تذهب إلى المستشفى فتنقل إلى والدتها البشرى السارة أحست بشفتيها تلتويان . أهي حقاً بشرى سارة ؟ لقد أجبرت هذا الرجل على الزواج منها فيما هو يمقتها كما تمقته هي تماماً .
بشكل لا إرادي استدار رأسها قليلاً نحو الرجل الذي تقف على بضع أقدام فقط منها , ومع ذلك فهو على بعد أميال عنها . تحت ضوء هذا الغروب الاستوائي بدت بشرة فيتو أكثر أسمراراً , أما ملامحة فبدت محددة بالظلال مثل النور والظلام .
طاردتها تلك الأبيات من أكثر أشعار شكسبير مرارة :" كنت قد أقسمت أنك جميل . . . يوم رأيتك مشرقاً . . . يامن نورك أسوج كالجحيم . . . ومظلم كعتمة الليل . . ."
إنها تعلم . . . يا إلهي ! إنها تعلم . . . . مالذي دفع الكاتب إلى تدوين هذه الأبيات
استنشقت نفساً عميقاً غير ثابت , إن مشاعرها تجاه فيتو فارنيستي لاعلاقة لها لالموضوع إطلاقاً . رفعت يديها إلأى قفا عنقها , فيما تلاعبت بقفل العقد . يجب عليها أن تكون رشيقة الحركة , خالية من المشاعر .
مهما يكن ,فهذا الزواج مجرد صفقة عمل لاشيء اكثر مهما كانت مشاعرها تجاه فيتو يماً ما , فقد ماتت هذه المشاعر منذ زمن . ماتت مباشرة في اللحظة التي أعلن لوالدة رايتشل أنها هي من أغوته . . .
تكلمت رايتشل بإجاز قائلة :" حالما تحصل على الزمردات أنا أريد وثيقة الزواج "
حمل صوتها حدّة ما , ولم تزعج نفسها بأن تلينه .
- لاتنزعي العقد من عنقك !
توقفت رايتشل بسبب ذهولها . طالبته قائلة :" لِمَ لا ؟"
ابتسم لها فيتو وقال : " الليل مايزال في بدايته ياعزيزتي ".
حدقت رايتشل نحوه بحذر . ما الذي يجري هنا ؟ ثم أجابته برد مضاد وقد انخفضت يداها إلى الأسفل :" ما اللذي تعنيه بذلك ؟"
- ما أعنيه هو أنني أتقد أنهم يتوقعون قدومنا لتناول العشاء .
قال فيتو ذلك مشيراً برأسه نحو الفندق .
- أنا لست جائعة .
قال : لكنني جائع , وفضلاً عن ذلك فأنت بحاجة إلى الطعام كي تحافضي على قوتك وعلى قوامك الجميل ".
قال ذلك فيما اومضت نظراته عليها . أحست رايتشل أن تلك النظرات هي أشبة بالنار التي تجلد جسدها . قالت بحدّه :" توقف عن هذا فيتو . ما الذي تظن نفسك فاعلاً بحق الجحيم ؟ لو شعرت بالجوع سوف أطلب خدمة الغرف . يمكنك أن تأكل في غرفة الطعام "
هزّ فيتو رأسهه , فاستقرت عيناه عليها وقال :"آه , لا ! أثرنا مايكفي من الشكوك بتصرفاتنا . صحيح أن القانون الأنتيلي يسمح بالزيجات السريعة , إلا نه يفضل أن تكون زيجات اصلية حقيقية . مايعني أنه يفترض بنا أن نبذل قصارى جهدنا حتى نتصرف بأسلوب راقٍ لكي نريح أذهانهم بخصوصنا , وذلك بأن نطلق العنان لنفسينا في عشاء رومنسي لشخصين مضاء بالشموع "
رماها بنظرة أخرى ليوقعها في شركة . ماجعل رايتشل تستسلم مذعنة للأمر :" حسناً ! سوفنتناول العشاء في غرفة الطعام . سأذهب لأغير ملابسي "
ما إنحاولت أن تستدير حتى مد فيتو يده فأوقفها . تجمدت رايتشل في مكانها . إنها لاترغب بلمستة فيتو لها ولا في اي مكان .
- يجدر بالعروس دوماً أن تتناول العشاء وهي ترتدي فستان عرسها وكل زينتها .
عضت رايتشل على شفتها , وقالت :" ظننت أنك تريدني أن أخلع عقد الزمرد عن عنقي بأسرع مايمكن ! هذا هو السبب الذي دفعك إلى الزواج بي في نهاية الأمر , لكي تستعيد الزمردات ؟"
ردّ :" سوف أخلع العقد لاحقاً . هل تشكين بذلك ؟"
ضغطة رايتشل شفتيها سوياً , فقالت :" لا . بالمقابل أنا أريد وثيقة الزواج . هذا كل ما أريده منك "
ظهر ذلك الالتماع مجدداً في عينيه , فأحست رايتشل بالدماء تندفع في عروقها . فكرت , لابد أن السبب هو تغير المناخ والتوقيت . لايمكن أن يكون أي شيء آخر . . . يجب ألا يكون . . .
تمشى فيتو إلى جانبها وهما يسيران على طول الدرب نحو الفندق .
فكرت رايتشل , أنه يبدو كمن لاهمّ لديه على الأطلاق , أما هي فوجدت أن الذكريات تتسلل إلى ذهنها . تلك الذكريات غير المرغوبه .
ذكريات تتعلق بفيتو تحدثا سوياً . . . ضحكا سوياً . . . فرحا سوياً . . . راح الألم ينخر جسدها لدى تخيلها هذه الذكريات .
قادها فيتو صعوداً على الأدراج الخشبية نحو الشرفة العريضة التي تمتد على طول واجهة الفندق .
المرة الماضية كان يخدعني وأما هذه المرة فهو يخدع فقط موظفي الفندق ونزلاءه !
عبرت رايتشل البابين المزدوجين نحو غرفة الطعام ذات السقف المرتفع . لم تكن هنالك سوى طاولة واحدة في غرفة الطعام مثقلة بالآنية الفضية والكريستال , ومضاءة بالشموع , كما أحيطت بأزهار جميلة منسقة في مجموعات وباقات .
رأت أحدهم يتجه نحوهما .إنه أندريه رئيس الخدم , وهو يشعّ من فرط سرورة . قادهما الرجل نحو الطاولة . أعلنت رايتشل بدهاء :" أنا لا أريد غرفة طعام خاصة . أرغب أن أتواجد في غرفة الطعام الرئيسية , رجاءً "
بدا الرجل مرتبكاً مشوشاً . فتكلم الصوت من خلف رايتشل بنبرة جافة ولهجة واضحة :" ليست هناك غرفة طعام رئيسية , يا عزيزتي "
عبست رايتشل وسألت مرتبكة :" هل لدى بقية نزلاء الفندق غرف طعام خاصة بهم ؟"
ردد أندريه قائلاً :" النزلاء الآخرون ؟ سيدتي . . . ليس هنالك من نزلاء آخرين . هذا ليس فندقاً . إنها فيلا استأجرها زوجك . . . دار شهر العسل "
حدّقت رايتشل به مذهولة , ثم استدارت نحو فيتو .
-اليس هنالك من أحد غيرنا هنا ؟
لكنها لم تكن بحاجة غلى جواب , فهي عرفت الجواب من تلقاء نفسها . هذه الدار هي نوع من البيوت الخاصة المعدّه لتنظيم الزيجات للأزواج الأثرياء بما يكفي حتى يحظوا بالمكان لأنفسهم فقط . فتحت رايتشل فمها لتعترض , فهي غير قادرة على أن تبقى هنا بمفردها مع فيتو حيث لانزلالاء آخرين , ثم أقفلت فمها مجدداً إذ لاحظت الضوء المحذر في عيني فيتو يذكرها بألا تثير الشبهات والشكوك حولهما .
قدمت لها صوان صغيرة من الأطعمة النيئة الصغيرة الشهية المظهر . وضعت أمام رايتشل بطاقة بقائمة الأظعمة ذات أحرف مظبوعه باللون الفضي , وبطاقة أخرى وضعت أمام فيتو .غمرها إحساس بعدم الواقعية المطلقة . قد تكون هذه الوجبة أكثر الوجبات خداعاً ورياءً على لإطلاق , لكن ليس هنالك مابوسعها أن تفعلة . لالابأس , من الأفضل أن تتحلى بالصبر .. . .
أنتهت محنة إتمام مراسم الزفاف , وسرعان ماينتهي هذا العشاء يجدر بهذا الجو المحيط بها أن يساعدها على تهدئة أعصابها .
فكرت , حققت أمنية والدتي وهي على فراش الموت , لذا يمكنني أن أشعر بالرضى !
أنزاح عن كاهلها آخر ماحملته من توتر , فيما تناولت الطعام الشهي وألحقته بالحلوى اللذيذة المذاق . لم تدرك رايتشل كيف حصل ذلك . ولكن بشكل ما مر العشاء بسهولة أكبر مما تصورت .
انحلّ التوتر بعيداً عنها مع كل ذقيقة تمر . ترافق ذلك طيلة الوقت مع أرتفاع مدى إدراكها الزائد لوجود فيتو . حالولت رايتشل جاهدة ألا تنظر إليه . لم تلاقِ نظراتها نظراته علانية مطلقاً , لكنها فقط في ومضات لاتقاوم التقطت لمحات لها مرة بعد مرة . علمت أنها تتصرف بغباء جنوني . لن بالرغم من ذلك أحست أن معرفتها بأن عينيها لن تقعا عليه مجدداً حتى آخر حياتها هو أمر يخزها ويؤلمها . سمح فيتو لنظراته أن تومض فوق المرأة الجالسة قبالته . إن إدراكها له كان يتنامى تدريجياً اثناء هذه الوجبة الطويلة . لعلها تحاول قمع رغبتها , لكنها غير قادرة على إخفائها عنه . أخذت نظراتها المستورة تلسعه شيئاً فشيئاً . إنه يتوق إليها بشدة , وهو يرديها أن تتوق إلية أكثر فأكثر . أحس فيتو بكيانه يتجاوب مع مجرد تفكيره بما هو منتظر . . . قريباً جداً سوف يأخذها إلى سريرة . مدّ يده وتناول قطعة من الحلوى لكي يلهي نفسه . إن الوجبة تقترب من نهايتها , وهو مسرور بذلك . لأن الليل بالنسبة إليه مازال فقط في بدايته .

موــــــــني ^___^


________________________________________________

مونـــــي
07-11-2012, 19:43
7-لست غبياً
ألقت رايتشل يديها على سياج الشرفة , وحدقت إلى البعيد نحو الليل الكاريبي الدافئ .
استطاعت أن تسمع الأنين الخفيف لنسيم البحر يتلاعب برؤوس اشجار النخيل . كما سمعت الحفيف الخافت لأمواج البحر تتكسر بلطف على الشاطئ . فكرت رايتشل أنه ليل للعشاق , لكنه ليس لها . تغلب عليها شعور بالغربة , كما لو أنها منفية .
تسارع الأحداث جعلها تشعر بالأبتعاد عن الواقع المحيط بها . حاولت رايتشل أن تفكر بوالدتها . حاولت أن تحلل مايكون عليه الوقت في لندن الآن . حاولت أن تفكر بما قد يقوله الأطباء لها الآن , ربما آن الأوان لأن تفكر بتأمين دار مخصصه للعناية بالمرضى أمثال والدتها . . . لكن والدتها بدت بعيدة جداص . فقط هذا المكان الساحر بدا الآن واقعياً جداً .
مع ذلك , هي لاتشكل جزءاً من هذا المحيط الرومنسي الجميل . لايمكنها ان تكون كذلك أبداً , فالرجل الوحيد الذي تتوق إليه والذي تاقت على الدوام يتخطة منالها . أما وجوده هنا الآن على بعد بضعة أمتار عنها , فجعل عذالها استثنائياً أكثر . وجعل توقها إليه أكثر إيلاماً.
يجدر بي أن آوي إلى السرير . يجب أن أخلد إلى النوم , وأصلي كلا تراودني أي أحلام . . . حسناً ! سوف تذهب بعد لحظة فقط .
سمعت خلفها وقع قدمين تنتقلان بهدوء , وشعرت بوجود شخص ما . إنه شخص يمنكنها التعرف عليه حتى لو كانت معصوبة العينين .
اسدارت رايتشل , لأنها لم تقوّ على منع نفسها من ذلك .
رأته هناك . جميل ووسيم جداً ماما كأول مره ألقت نظرها عليه .
وقفت مستندة إلى السياج , وجلّ ما استطاععت أن تسمعه هو نبضات قلبها .
تحرك فيتو بأتجاهها , فأحسّ بالأنفاس تعلق في حفقها . اتسعت عيناها بدهشة . إنه يتجه نحوها !
بدا من خطواته أنه يهدف إلى شيء ما . لم تقوّ رايتشل على الحراك . لم تتحرك فيها عضلة واحدة . تباطأت نبضات قلبها وهي تنظر إلى فيتو المتوجه نحوها .
حدقت به ملياً , إذ لم تقوّ على منع نفسها عن ذلك . تشرّبته فيناها . . . كم هو وسيم ! لماذا هو قادم نحوها ؟ ما الذي يريدة ؟
ابتسم فيتو ابتسامة ساخرة عالمة . نزلت أهداب عينيه الطويلة السوداء غلى الأسفل , فأخذت تلسع بشرتها . علمت رايتشل أنه سوف يعانقها الآن . . . سوف يخفض رأسه نحو رأسها وسوف يحتضنها بذراعيه و . . .
اجتاحت العواطف الجياشة كيانها تماماً . همست بأسمه :" فيتو . . .!"
بدت عيناه ملتمستين متضرعتين , ثم مدّ يده نحوها .
جلّ مافعلة هو وضع سبابته على قلادة الزمرد التي تستقر فوق صدرها .
- آن الآوان لأن تعطيني الزمردات , عزيزتي .
امتدت يده الأخرى إلأى جيب سترته , فسحب وثيقة الزواج المثنيه , وأردف قائلاً ::" أعطيني أنت الزمردات , فأعطيك هذه "
بدت عيناه غامضتين في الليل , فتلاعبتا فوق وجه رايتشل . . .
- هذا هو سبب مجيئنا إلى هنا , أليس كذلك ؟ حتى تقوم بهذه المقايضة . . . ليس هنالك سبب آخر أليس كذلك ياعزيزتي ؟
سخرت الأبتسامة المزروعه على فمه بألمها وبتوقها .
قال لها فيتو بلطف :" أعطيني العقد "
وسقطت يده بعيدالأ عنها .
أحست رايتشل بيديها تتحركان بحذر , كما لو أنهما لسيتا جزءاً من جسدها , فأمتدتا حتى قفا عنقها . انفتح المشبك تحت أناملها , وأحست بالعقد الثيقيل يكاد ينزلق منها , فألتقطته وحملته بين يديها , ثم مدتهما نحوه .
تناول فيتو الزمردات من يدها , ووضعها داخل جيب سترته . ومن دون أن يحيد عينيه عن وجهها , لف وثيقة الزواج وأزلقها داخل صدرية فستانها .
تكلم بصوت هادئ منخفض قائلاً :" لقد نلت ماجئت من أجله ياعزيزتي , لأن هذا هو ما جئت من أجله . . . لاشيء أخر ؟
ظلت عيناه مركزتين على عيني رايتشل للحظة طويلة لامتناهية , ثم تابع مكرراً بنعومه :" لاشيء آخر "
بعدئذٍ مرر فيتو إصبعه تحت ذقنها ورفعه إلى الأعلى , ثم أحنى رأسه نحوها , مرر أنامله خلف عنقها , وقبض على مؤخرة رأسها . لم تقوّ رايتشل على الحراك , لم تقوّ على التنفس لم تقو إلا على الوقوق مكانها , فيما عانقها فيتو ليحملها إلى لحظات من النعيم الأستثنائي .
بدا لرايتشل كما لو أن عناقه سيدوم إلى الأبد . . . إلا أنه لم يدم إلا للحظة وجيزه جداً . ما إن انسحب فيتو مبتعداً عنها حتى أطلقت انيناً . أخفض فيتو بصره نحوها , وسألها بصوت ناعم خافت : " هل تريدين هذا ؟"
مدت رايتشل يدها لتلامس وجهه بأناملها , راسمة حدود فكه وذقنه تنفست قائلة :" أجل " <<< غبيه
ابتسم أبتسامه شيطانية وقال :" إذاً سوف تحصلين على مرادك , ياعزيزتي "
قادها فيتو نحو سريرة , فرافقته رايتشل كالمسحوره . تمهل عند عتبة غرفة نومه , ثم رفعها بين ذراعيه في حركة سريعة , وحملها إلى الداخل . شهقت رايتشل عندما أنزلها ووضعها فوق السرير .
قال لها بنعومة :" أهلاً بك في جناح شهر العسل ياعزيزتي "
شعرت رايتشل لوهلة , للحظة وجيزة سريعة بإحساس من الخشية والرهبة يغمرها . إنها ليست عروساً حقيقة , ولايحق لها بأن تكون هنا .
في تلك اللحظة شعرت رايتشل بالضياع تماماً . لم تقوّ على الحراك , لم تقوّ على أي شيء . سوى الأستلقاء هنالك متغافلة عديمة الحياء . لم يبعد فيتو عينيه عنها ولو لحظة واحده . بعدئذٍ اقترب منها وجلس على حافة السرير , ثم مد يده إلى رباط فستانها وأزلقه عن كتفها , ثم كرر الحركة مع الرباط الآخر ببطء متعمد . حدقت رايتشل إليه ببساطة للحظة طويــــله لامتناهيه , ثم غمغمت بأنفاسها وزفرت بأسمه . . .
- فيتو . . . أرجوك . . .!
أخفض فيتو رأسه نحوها ببطء شديد . وحن فعل ذلك سقطت الورقه المثنية على شك لفافة , فوقعت على الأرض من دون أن يلاحظاها , كما لو أنها اصبحت من غير أهمية .
- فيتو . . .!
خرج أسمه من شفتي رايتشل مصحوباً بتنهيدة ملؤها الشوق , فيتو فارنيستي أصبح في متنناول يدها !
شدته رايتشل نحوها كما لو أنها تستعيد ماهو ملك لها . أما أحلى شيء في هذه النعمة التي تتملكها , فهي معرفتها أنها استرجعت فيتو مجدداً . إنه فيتو نفسه الذي تعرفت إليه تلك الليلة . . . تلك الليلة الثمينه الرائعه السحريه التي اصطحبها فيها فيتو من ذلك الحفل ليجعلها تشعر أنها امرأة مميزة .
تماماً كما فعلت من قبل , منحته رايتشل اهتمامها وحنانها مجدداً , وهذه المره منحته كيانها بأكمله . عانقته وأعطته كل مايمكنها أن تعطيه .
أما لمسات فيتو فكانت عسلاً وناراً ولهيباً يومض ويتلاعب فوق بشرتها . اشتعل اللهيب في عروقها , وفي كل كيانها .
- فيتو . . . !
نطقت رايتشل باسمه بزفير وتوسل .
رمقها بنظراته للحظات طويلة أبدية , فاستطاعت رايتشل أن تلحظ ظلال الشعف الغامضة في عينيه . الشغف . . . . الشعف لها وحدها . . .
بدا لها كأنما الوقت قد تجمد في مكانه , وكأنما المكون يتوقف عن الدوران , وكأن كل ماهو موجود وكل مايمكن أن يوجد قد توقف .
أخيراً طافت بركة النار المشتعلة في جسدها . . . وطافت هي في عالم من الحماس الحلو اللذيذ .
نظر فيتو نحوها , لم تقوّ رايتشل على الكلام أو الحراك للظة أبدية لامتناهية , إذ لم يكن بمقدورها إلا ان تحدق , وتحدق وتحدق . . .
فيتو . . . فيتو . . . أقام علاقة حميمية معها . جعلها زوجته حقاً . وجعل زواجهما حقيقياً . سوف تصبح الأمور على مايرام . إنها تعرف ذلك بثقة عميقة ثابتة حتمية . لم تفهم رايتشل كيف عرفت ذلك , لكن حقيقة وقوة ماحصل للتو لايمكن نكرانها . ولّى الزمن الماضي المسموم اللآن .أحترق في لهيب الشغف الذي تشاركاه .
أخفض فيتو رأسه بحركة بطيءة مرتاحة , فلامست شفتاه جبينها .
ابتسم لها وهو يرفع رأسه عنها . عندما تكلم في تلك اللحظة أحست رايتشل أن الآنفاس تعلق في حلقها . جاء صوته خافتاً وساخراً حين قال :"يجدر بك أن تعليمني ياعزيزتي عندما ترغبين بمواهبي الخارقة في السرير مجدداً . إذا وعدتيني بأن تتجاوبي معي على هذا الشكل مجدداً . فسوف تحصلين عليها سأعة تشائين "
فجأة أحست رايتشل بالدماء تجف في عروقها , ليحل مكانها رعب جليدي مخدر .
ابتعد فيتو عنها , ثم مرر أحد أناملة الطويلة على طول خدها .
- حصلت الآن على ماغربت في الحصول عليه حين كنت في الثامنة عشر من عمرك . يجدر بك أن توجهي تحياتي لعشيقك الذي أردت أن تغيضية بزواجك مني , إذ أتاح لي التمتع بهذه العلاقة الرائعة حتى بعد هذه السنوات الطويلة .
سمعته رايتشل وهو يتكلم , لكنها لم تقوّ على قول أي شيء . لم يكن بمقدورها إلا أن تبقى مستلقية هناك وهي مخدرة من الرعب .
تحرك فيتو فالتمع جسده تحت النور الخافت . حدقت رايتشل به للحظة واحده مصعوقة بالرعب .
إنه جسد ملاك , لكنه يتمتع روح شيطان !
نهض فيتو على قدمية , ونظر نزولاً نحوها .
- أنا بحادة إلى أخذ حمام . هل تريدين الأنظمام إلي ؟ سبدو الأمر. . . منعشاً . . . جداً . . .
مد يده نحوها كما لو أنه يريد ملامستها , لكن رايتشل ركضت . ركضت كما لو أن كل شياطين الجحيم تلاحقها . . . أم بالأحرى مجرد شيطان واحد . تعثرت وهي تنهض واقفة على قدميها , لكنها ركضت بكل ما أوتيت من قوة , لكي تبحث عن الملاذ في غرفتها الخاصه في الجهه الأخرى من الشرفة .
ارتمت على السرير بصرخة مصعوقه مكسورة , فطمرت نفسها عميقاً داخل الأغطية كما لو أنها قبرها . استلقت رايتشل على جنبها وجدبت رجليها إلى الأعلى لتتخذ وضعية الجنين الدفاعية , كما ضمت رأسها وذراعيه إلى الداخل , فغدا جسمها محدباً على شكل قوس لم تقدر حتى على البكاء .
حدّق فيتو نزولاً نحو السرير الفارغ . فأحس بفراع هائل في أعماقة , ولم يعرف ماسبب ذلك . ما خطبة ؟ ها قد قام بما أراد القيام به منذ البداية . أخذ رايتشل فايل إلى السرير كما أراد أن يفعل دوماً في بالغ الأمر , هذا هو الهدف التام من هذه المهزلة . أراد أن يمسح عن وجهها ذاك المقت الكاذب الساخر المزدري تجاهه !
حسناً . . .! برهن لها أن تلك كذبه . حسنا ً! يا إلهي ! التهبت رايتشل مشتعلة بين ذراعيه كأنها خلقت لأجلة , كما ذاب هو بين ذراعيها أيضاً . . .
زمّ فيتو فمه بغضب . حسناً ! لِمَ تُراه لايتأثر بها ؟ فرايتشل فاير قادرة على التأثير في أي رجل .
منذ أن وقع عليها نظره للمره الثانية . . . أومضت الذكرى في دهنه . . .
كانت واقفه هناك , وقد بدت ضائعة جداً بين حشود الناس . بدا شعرها أشبه بوشاح من اللون الذهبي الباهت . ما إن دنا منها فيتو منجذباً إليها بشكل فطري حتى أدرك أنها يافعة وشابة .
وفي اللحظة التي توقف فيها أمامها لأول مره وابتسم لها , أدرك أنها ماتزال بريئة لم تلمسها يد رجل . وأدرك أنه يرغب بشدة أن يلمسها هو نفسه . صرف فيتو تلك الذكرى , فابعدها عن ذهنه . ما الجدوى بحق الجحيم من تذر رايتشل ؟ حينها أو الآن .
دفع أغطية السرير إلى الوراء بحركة تدل على نفاذ الصبر , وعلى الفور أحس بغيابها . كعنه ذاك الشعور كالسكين .
إنه يريدها مجدداً , يريدها بين ذراعيه تماماً , فهو لم يكتف منها بعد لكنه لن يبحث عنها الان . سوف يتركها مستلقية في الغرفة المجاورة , لكي تواجه بنفسها حقيقة أنها مهما حاولت أن تنكر الأمر , مهما قالت له أها محصنة تجاهه , مهما حاولت أن تقول له إنها أرادت فقط ان تضع خاتمة في إصبعها كي تعرضة متباهية أمام عشيقها الذي نبذها , فرايتشر فايل هي له . وسوف تكون كذلك دوماً !
استلقى فيتو على السرير يحدق بعقدة الموسلين الأبيض المدلى فوق رأسه , وما لبث أن شعر بالأنزعاج لأنها ذكرته بأن هذا الجناح يفترض به أن يكون جناح شهر العسل .
أحس أن جسده متململ لايعرف الراحة أو الهدوء . بدا ذهنه مشوشاً , هائجاً , منزجاً . حقيقة كونه في حالة مماثله هو أمر مزعج بحد ذاته . ليس هنالك من سبب يبرر هذا . لقد حصل بالضبط على ما أراده . حصل على كل مالدى رايتشل لتقدمه له .
لكن فيتو تعلم منذ سبع سنوات أن هذا كل مايُحتمل أن يريده منها على الإطلاق . أما البقة فهي مجرد وهم . . . وهم فارغ .
ظل مستلقياً في السرير وعيناه القاسيتان تحدقان إلى الظلام .
مدت رايتشل يدها لتتناول فرشاة أسنانها ’ فأدركت أن يدها ترتجف . حاولت أن تثبتها , لكنها لم تستقر . التقطت أنبوب معجون الأسنان ووضعته فوق فرشاة الأسنان , أحرق فمها طعم النعناع الحاد الحار . فتمنّت لو أن تمقدور ذاذ الطعم الحار أن يحرق ذكرى ليلة أمس أيضاً .
لاتفكري ! لاتفكري ! مهما كان مافعته , لاتفكري !
كررت رايتشل الكلما كما لو أنها مانترا في ذهنها , فيما فركت أسنانها بجموع مرتعش .
كنت اعرفه . كنت اعرف ماهو عليه . علمت ذالك طيلة سبع سنوات مريرة . لاعذر لي . . . لاعذر لي على الإطلاق . . . أبداً !
كيف توهمت انه تغير عما عرفته عليه ؟
في الواقع , أرادته ان يكون الرجل الذي أعتقدت منذ زمن بعيد أنه عليه , لكنه ليس ذاك الرجل أبداً . إنه مجرد وهم . وهو فظ فارغ .
ليلة أمس , استحضر فيتو ذالك الوهم مجدداً , ومرة ثانية تمكن من خداعها به , كما خطط لأن يفعل في المرة الأولى . لكنها هذه المرة تستطيع التذرع بصغر سنها وقلة خبرتها او يجهلها لطبيعته الحقيقة .
حدقت رايشل إلى انعكاس صورتها في المرآة من دون تسامح .
أنت تستحقين ماحصلتِ عليه! تستحقيقن كل شيء . . .
طاف الشعور بالمقت داخل جسدها . ليس فقط تجاه فيتو بل تجاه نفسها أيضاً بسبب حماقتها .
بدأت رايتشل توضب أدوات تبرجها بسرعة لكن دون تفكير , ثم ادركت أنها لم تستحم بعد , فتركت حقيبة التزيين على النضدة وتوحهت إلى الحمام .
فتحت صنبور المياه عمداً وكرهاً لنفسها على المياه الباردة . أرادت أن تعاقب جسدها لأنه خدعها بهذا الشكل , ولأنه خانها .
لاشيء أمكنه جعلها تشعر بالارتياح لعملها الخارق . هناك فقط الفراغ والدمار والخراب .
نظرت غلى الخارج نحو الحدائق فيما مشت عائدة إلى غرفة نومها . لابد أن الصباح مازال مبكراً جداً , فاشمس بالكاد وصلت إلى ماقوق الأفق خلف المنزل . تساءلت رايشل في أي وقد قد يبدأي أي من الموضفين بالتحرك , حتى تتمكن ممن أن تطلب وسيلة نقل ما تقلها عن الجزيرة وتعيدها إلى المطار .
ارتدت ملابسها بسرعة ورشاقة , استخدمت الملابس نفسها التي وصلت بها إلى هنا , ثم وضبت بقية ملابسها . فستان زفافها لم يكن هنا بين الملابس , لكنها لم تأبه لذلك . لم ترغب بأن يقع نظرها عليه مجدداً فهو ملون . اغلقت رايتشل غطاء الحقيبة الصغيرة . فأحكمت إغلاقها , ثم تجمدت لإدراكها الشنيع .
إنها لاتحمل وثيقة الزواج الخاصة بها . فيتو كان قد وضعها في قبة فستانها عندما بدأ بعملية إغوائها ليل أمس . لابد أنها سقطت عندما أدخلها إلى غرفته وخلع عنها فستانها . جاش الفزع عبر جسدها بموججات مثيرة للغثيان .
لايمكنني ! لايمكنني أن أعود إلى الداخل لإحضارها ! لايمكنني ! لكن هذه الوثيقة هي سبب مجيئها إلى هنا . إنها الهدف الوحيد من هذا الكابوس الدنيء . يجدر بها أن تدخل لإحضارها . لاخيار أمامها .
عبرت رايتشل نحو الأبواب بخطى متثاقلة ملؤها الخوف , فأدارت المفتاح في القفل ,ثم فتحتهما بحذر وإنتباه , وخطت خارجاً نحو الشرفة . أكتسحها برد الصباح الباكر , ومن دون قصد توجهت نظراتها إلى الخارج وتجمّدت مكانها .
كان أحدهم في البركة يسبح بضربات طويلة متناسقه .
صعقها جيشان مفاجئ لانتهاز الفرصة المؤاتيه , فأدارت رأسها نحو الجهه اليمنى . كان بابا جناح شهر العسل مفتوحين أمامها .
لابد أن فيتو في بركة السباحة. لابد أن يكون هو ! اندفعت رايتشل على عجل داخل الغرفة من دون أن تجرؤ على التفكير , فانطلقت عيناها تنظران في أرجاء بخوف . بدت الغرفة مهجورة , السرير الدائري الضخم فارغاً , والآغطية مرمية على الأرض .
ليس هنالك من وقت ! هنالك وقت متوفر فقط لكي تجول مسرعة على الأرض في بحث يائس عن تلك الورقة الوحيدة المثنية .
يجدر بي أن أجدها ! يجدر بي ذلك !
لم ترّ رايتشل أي شيء على الأرض , فاضطرت بعد تردد عميق لكن مدفوعة بالحاح يجدر بها ان تطيعه أن تفتش في السرير نفسه .
لاتفكري . . . فقط أبحثي !
كانت الوثيقة هناك ! محشورة داخل أغطية السرير . مجعدة لكن . . . تحسستها وفتحتها . . . إنها ماتزال سليمة , فهي مقروءه ., واضحة وغير مشوهة . استقامت رايتشل في ركوعها فتفحصت الصفحة سريعاً , واطمانت إلى أنها ماتزال على مايرام .
- ماذا يا عزيزتي ؟ هل أبقيتك منتظرة , فجئتِ الآن بحثاً عني ؟ هل أنت متشوقة للعودة معي إلى السرير ؟
وقف فيتو هناك عند الأبواب المفتوحه مرتدياًفقط لباس السباحة .
بدا جسدة المبلل لامعاً , أما شعره فبدا حريرياً مبتلاً بالماء , فيما رمى المنشفة فوق إحدى كتفيه . إلا أن رايتشل استطاعت ان تلاحظ ظلالاً تظلم تبشرته . أحست أن أعماقها أصبحت خاوية , إذ اخترقها الرعب لأن فيتو اعترضها قبل أن تتمكن من الهرب .
وضعت إحدى رجليها على الأرض تواجهه, بينما ثنت الوثيقة بسرعة . أحست كما لو أن قنبلة ما انفجرت في احشائها , لكنها علمت انه لايجدر بها أن تظهر ذلك لفيتو على لإطلالاق . بدا وجه رايتشل مشدوداً , أما صوتها فبدا متصلباً , وبالكاد استطاعت السيطرة عليه حين رفعت وثيقة الزواج وقالت له :" هذه ماجئت من أجله , فيتو "
تمشى فيتو داخل الغرفة . بدا مسترخياً , لكن رايتشل استطاعت أن ترى أن التوتر يعذبه ويشد جسده .
جرجرت نظراتها بعيداً عنه , لكنهاا لم تجد مكاناً آمناً تنظر إليه . لا مكان .. . .
اقترب فيتو من السرير , وتكلم مجدداً .
- أتقصدين أن مواهبي في السرير ليست بمستوى مقاييسك المتطلبة ؟ بدوتِ سعيدة ليلة أمس .
استقرت عيناه السوداوان على وجهها . فأحست رايتشل بالأنفاس تتجمد في رئتيها , أما قلبها فتباطأت نبضاته حتى كادت أن تتوقف .
تكلم فيتو بنعومه , فاكتسحها مجة من الغثيان عندما قال : " أحببتِ الأمر ليلة أمس !"
مشى متجهاً نحوها فيما لم تفارقها عيناه , كرر قائلاً :" ألم أسمعك تتوسلين إلي ؟ أم أنني مخطئ ؟"
قذف المنشفة جانباً واقترب منها أكثر , بينما بدت لها كل خطوة ذات مغزى , أما عيناه فاتقدتا بلمعان جعل معدة رايتشل تنقبض . تابع يقول :" سوف تحبين الأمر مجدداً . . ."
أخيراً مد يده ليطالها , إلا أن رايتشل هزت نفسها وتراجعت إلى الوراء .
تلكمت بصوت هامس , بدا كالزفير الخشن من رئتيها وهي تقول :" أيها اللعين . أيها اللعين , اللئيم المقرف ! كيف تجرء على أن تقول لي اشياء كهذه ؟ كيف تجرؤ ؟"

مونـــــي
07-11-2012, 19:44
التهب شيء ما في عيني فيتو , أم فمه فباً لاذعاً كالسوط وهو يقول :" هذا العرض بالشعور بالإهانه لم ينطلِ علي منذ سبع سنوات ياعزيزتي , وهو لن ينطلي الآن ! لذا وفري عليّ التأريخ هذه المرة . فليس هنالك من داع له . هذه المرة لديك خاتمي في اصبعك . الخاتم الذي اردته منذ أن خططت للأمر مع والدتك الغالية طيلة هذه السنوات الماضية حين قدمتك لي كطعم لتلتقطني به ! أنت مستعدة للقيام بأي شيء لكي تحصلي لنفسك على زوج ثري !"
جفّت الدماء من وجه رايتشل .
- ماذا . . .؟ مالذي تعنيه بقولك إنها . . . قدمتني كطعم . . .؟
ضاقت عينا فيتو بمقت .
- هل ظننت أنني غبي ؟ أنت نصبت لي فخاً . أليس كذالك ؟ كنت في الثامنة عشرة من عمرك فقط , ومع أن رجلاً لم يمسك من قبل , لكنك كنت فاسده متواطئة تماماً كوالدتك . والدتك التي ارادتت حمايتك والحرص عليك , والتي صادف وصولها برفقة والدي مساء ذلك اليوم لتجد ابنتها العزيزة ضحية لإغوائي . يمها أعتقد والدتك - وأنت أيضاً - أن والدي سوف يجبرني على الزواج بك بسبب سوء تصرفي . الزواج من أحد أفراد آل فارنستي أنه الشيء الذي لم تتمكن الوالدة من تحقيقه , سوف تحققه لها الأبنة . . .
أحست رايتشل أنها توشك على الأغماء , إذ راح الخدر يلتف حولها كما لو أنه ضباب كثيف .
- أما الآن فأنت حققتِ مرادك . أليس كذلك ؟ حققتِ هدفك , فحصلتِ لنفسك على زوج من آل فارنستي !لعل دمالك وسحرك لم يشكل إراء كافياً . لكن زمردات آل فارنستي حققت الهدف . أليس كذلك ؟
جمالك لم ينجح في إيقاعي بالأسر منذ سبع سنوات و لذا سحبته من القائمة هذه المره . أنت لم تنوِ السماح لي حتى بالحصول على حقوقي الزوجية . أليس كذلك . أردت أن يكون ذاك النكران الرخيص الحقود انتقامك مني . أليس كذلك انتقامك لأنني رفضت الزواج منك في الماضي اليس كذلك ؟ أليس كذلك ؟
ظهر لهيب قوي في عيني فيتو . . . لهيب مظلم حارق . . .
- خططت لأن تتمنعي فتحرميني من إقامة علاقة حميمية معك . أردت أنت تغويني بجسده الجميل هذا , ثم تخدعيني كي لا أحصل عليه ! حسناً , ساعزيزتي ! أسأت الحساب بذهنك الطموح الصغير هذا أسأتِ تقدير رغباتك وأهوائك الخاصة . أنت تتوقين إلي . في كل مرة المسك فيها أنت تشتعلين باللهب شوقاص للحصول عليّ . لاتحاولي أن تقولي لي غنك لاتريدينني . ما الذي تطلبه مني الأمر ليلة أمس حتى أدخلك إلى سريري ؟ لمسة واحدة . عناقاً واحداً . . . وها قد أعجبك الأمر . كنت تتوقين إلي ليلة أمس وأنتِ تتوقين إلي الآن !
نقل فيتو وزن جسده على رجلة الأخرى .
- أنا ذاهب الآن لأخذ حمام , بعدئذٍ لتناول الفطور . لاتقومي حتى بمحاولة الهروب , لأنني كما أخبرتك ليلة أمس لا ارغب بأن توجه لي أي اتهامات بأنني وافقت على زواج مزيف . سوف نمضي شهر عسلنا هنا , ياعزيزتي . . . شهر عسلنا الرومنسي المبهج . يمكنك انت ياعروستي الجميلة أن تحصلي على كل ماترغبينه مني , اما أنا فسوف أستمتع بألشيء الوحيد الذي تجيدينه !
استدار فيتو ومشى إلى داخل الحمام المتصل بغرفة النوم , ثم أغلق الباب خلقه بخبطة مكتومة .
ترنحت رايتشل , وقد أصبحت رجلالاها مرتخيتين كالقطن .
كيف عساه استطاع أن يقلب الحقيقة رأساً على عقب بهذا الشكل ؟ كيف يمكنه تشويه حقيقة ماحصل منذ سبع سنوات , بحيث صار هو الشخص الذي تم اتلاعب به ؟ أيدعي أنه هو الشخص الذي تعرض للأذى , وأنه ضحية مخطط يهدف إلى إيقاعه في أسر الزواج ؟
أحست رايتشل وكأنما لكمها فيتو بالكلمات التي رماها بها . إنه يقلب حقيقة إغوائه لها رأساً على عقب متعمداً وعن سابق معرفة وسابق تصور وتصميم وبغير شعور بالندم أو بتأنيب الضمير , ليجعل منها هي الفاسدة الشريرة المتلاعبه المخططة في هذه الرواية .
بالكاد تحركت شفتا رايتشل وهي تهمس قائلة :" أيها اللعين . . . أيها اللعين الوغد ! أتحاول أن تضع اللوم عليّ أنا ؟"
بدأ الغضب والسخط يلتفان داخلها , ويملآن رئتيها , بحيث أصبحت غير قادرة على التنفس , وغشي بصرها . أغمضت رايتشل عينيها , وأحست بالحنق والسخط يرتعدان في جسدها . أحست بالألم الباهت النابض في صدرها , ذلك الألم الذي كان هناك منذ أن استيقضت من نومها المعذب . إنه ألمها لمعرفتها بأن فيتو فارنيستي لم يأبه مطلقاً لمشاعرها وأحاسيسها , وان كل ماهدف إليه هو أن يجرح المرأة التي يكرهها . كذب عليها عندما همس لها كلمات لطيفة حلوة بلا قيمة , كذب عندما ضحك معها , كذب عندما أحتضنها بين ذراعية وعانقها . والآن هاهو قد خدعها .
العذاب الأليم الذي اعتصر قلبها هو أسوأ من أي ألم جسدي يمكن أن تشعر به يوماً . فتحت رايتشل عينيها بعد أن نظرت من خلال عدسات أرجعت لها الزمن سبع سنوات . . .
فكرت أنها لم تتخلص أبداً من العذاب . أبداً . . . إنه مايزال موجوداً في أعماق أعماقها , يفسد عليها حياتها ويسممها . . .
تساءلت , ما الذي كنت أفكر به ؟ هل طننت حقاً أن فيتو سيشعر يوماً ما بالسوء بسبب نواياه القديمة تجاهي ؟ هل ظننت أنه سيشعر بالسوء تجاه ما أراد فعله بفتاة في الثامنة عشرة من عمرها لا تعرف شيئاً عن هذا الفتى اللاتيني , زير النساء المتميز ؟ فتاء ساذجة جداً لاعتقادها أنها وجدت قصة غرام رومنسية شبيهه بقصص الجنيات ستتذكرها طيلة حياتها ؟ زمت رايتشل فمها على شكل تكشيرة ملتويه . آه .لا ! فيتو لم يشعر أبداً بالسوء حيالي أنا ولو للحظة أو لوهلة ! لِمَ تراه يفعل ذلك إنه بكل بساطة حرّف الحقيقة بشكل يناسبه , فجعلها هي الملامة !
غشى الغضب الساخط مجدداص عيني رايتيشل . بحركة سريعة مفاجئة اندفعت غلى الأمام , فيما راح الأدرينالين وضخ بقوة في دمائها .
الغضب والسخط والحنق والإكراه الحارق , كلها مشاعر جعلها تقرر بأنها لن تسمح لفيتو فارنيستي أن ينجو بما تجرأ ان يقذفة على رأسها !
مشت مسرعة عبر الغرفة , فجذبت باب الحمام وفتحته بقوة .
كانت غماة الحنق والسخط الحمراء ماتزال أمامها . أنه سخط يمتد في جذورة إلى سبع سنوات مضت . كان فيتو يستعد لأن يحلق ذقنه . الشفرة ماتزال على المنضدة , فيما مّيده إلى الأمام ليتناول عبوة معجون الحلاقة . بدت عضلات ظهره وكتفيه العريضتين واضحة بتفاصيلها الدقيقة . مظهره هذا جعل الأنفاس تعلق في صدرها . حدّقت رايتشل ببحظة فقط , ثم أدركت أن فيتو توقف عما أوشك أن يقوم به , فأخفض يده ببطء , ولاقت عينه عينيها في المرآة .
إلا أن شيئاً مفقوداً منهما . . إنه ذلك الشيء الذي تلازم مع نظرات عينيه منذ أن فاجأتهما والدته ووالدها في تلك الشقة في روما يوم قال لوالدتها إن ابنتها الغاليه تتوسل إليه كي يقيم علاقة معها . . . . لم يكن ذاك الشيء موجوداً هنا الآن , عندما لاقت عينيها عينيه في المرآه .
فجأة أدركت رايتشل بشكل مدمر أن آخر مرة حدقت بها بعيني فيتو فارنيستي على هذا الشكل , كانت عندما أحتضنها بين ذراعيه في روما وأخذ يبتسم لها , ويداعب شعرها , وهي تحدق نحوه مفتونه به .
- يافتاتي الحلوه . . . يافتاتي الحلوة . . . . يافتاتي الحلوه . . .
سمعت رايتشل الكلمات , سمعتها عبر سبع سنوات طويلة . . . سمعت غمغمة هذه الكلمات الرقيقة ذات اللهجة والإيقاع اللطيفين . . .
لطالما استعادت ذكرى ذلك العناق الذي أغرقها فيه فيتو , مداعباً بأناملة جبينها وجفنيها وخديها . . . شعرت أنها في الجنة حينها .. .
والآن , للحظة بدا لها كأن تلك اللحظة تكررت مجدداً , فعيناها تمسكان بعينيه , تنشدان نحوة , تمسكان به .
للحظة بدا لرايتشل كما لو أن شيئاً من أنحل في داخلها . كما لو أن عقدة قاسية بشعة تفككت . كما لو أن يرقاناً ما خبيثاً مؤذياً وعدوانياً كان يلازمها لفترة طويلة جداً إلى درجة أنه صار جزءاً منها قد اختفى .
إنه شيء لم تتحرر مه أبداً . عقة سيطرة على حياتها بأكملها . . . في تلك اللحظة . . . ولأول مرة خلال هذه السنوات الطويلة أحست أن تلك العقدة بدأت تتلاشى . . .
استدار فيتو ليواجهها , فأختفت تلك اللحظة واستقرت عيناه عليها مجدداً , لكنهما هذه المرة التمعتا بنظرات خبيثة مضمرة للسوء .
عينان جميلتان مميتتان , تماماً كحاله هو . . . الشيطان الذي هبط من السماء . ذلك ماهو عليهفيتو , بعض النظر عن الكلمات اللطيفة التي عمعمها لها في ما مضى .
الآن هي تراه على حقيقته . لطالما كانت هذه الحقيقة موجودة أمامها , لكنها كانت عمياء جداً غير قادرة على رؤيتها .
- هل جئتِ لتشاركيني الأستحمام ؟ حسناً ! سوف تضظرين لأن تنتظري بضع دقائق ريثما أنتهي من الحلاقة . آه ! أخبريني إن كنت تفضلين القيام بذلك من دون أن احلق ذقني . أليس هذا ماتحبه النساء الإنكليزيات ؟ أه ! هل هذا ماتحبينه ياعزيزتي ؟ يجدر بك أن تخبريني . . . فأنا لا اود أن أخيب آمالك وتوقعاتك .
ذاك الألتماع في عيني فيتو جعل رايتشل تشعر بالغثيان . بالرغم من ذلك , أحست بالأرتعاش عندما أتكأ إلى الوراء مستنداً إلى حافة الحوض متناسياً شفرة الحلاقة .
بدأ ذاك الضعف المخادع الخائن يطوف في عروق رايتشل . إنه توق مريع هزها بقوته الشديدة . هوة جعتها ترغب بالأقتراب من الرجل الواقف هناك بغض النظر عما فعلة وما قاله لها .
أجبرت نفسها على أن تجرجر عينيها إلى الأعلى , كما لو أنها استحمت بالمياه الباردة المثلجة . اجبرت نفسها على التركيز فقط على التعابير الموجوده في خط فمه المنحوت او في مسطحات وجهه . أجبرت نفسها على رؤية ذاك اللمعان الغامض المخفي . . .
عندما تكلم فيتو مجدداً بدا كأنه يكشط اعصابها كالأظافر التي تحفر على لوح خشبي .
- حسناً ! ما الذي تريدينه عزيزتي في صباح هذا اليوم ؟ هل نقوم بجلسة حيويه ترفع المعنويات الأن ؟ أم تودين الأنتظار حتى أنتهي من الأستحمام ؟
بدت عينا فيتو كالخناجر التي تطعنها بقوة تجعل الدماء تنزف منها بغزارة جرحت الأنفاس حلق رايتشل وهي تتكلم فجاء صوتها حاداً كشفرة السكين :" سوف أذهب الآن . . .سأعود إلى إنكلترا . لست آبه البتة إن كان ذلك سيجعل زواجنا غير قانوني أم لا لأنني حصلت منهذا كله على ما أردته , وثيقة الزواج هذه لكنني لن أغادر هذا المكان قبل أن أخبرك شيئاً ما .إنت قلبت حقيقة ماحدث في روما منذ سبع سنوات . لويت الحقيقة فوق كل حد متعارف عليه . لكن الأمر لم يتم كما وصفته أنت , وأنت تعرف هذا . أنت تعرف أنني لم أخطط لأي شيء مطلقاً . لاشيء . . . لاشيء مما قذفتني به !"
زال الالتماع من عيني فيتو . تماماً كما زالت مظاهر التسلية الكسولة التي ظهرت عليه منذ لحظات . بالطبع فهو لم يكن يعني أو يشعر بأي كلمة مما اقترحه للتو ! قال ماقاله فقط لكي يخزيك . . . لكي يذّلك . تماماً كما أقام علاقة حميمة معك ليلة أمس حتى يخزيك , ويذلّك . . . ولكي يسخر منك بسبب ضعفك المثير للشفقه تجاهه . . .
أجبرت رايتشل نفسها على إبعاد تلك المعرفة المخزية المذلة عن ذهنها . لم يعد الأمر هاماً الآن , فهي سوف ترحل . سوف تخرج من هنا , ولن ترى فيتو فارنيستي بعد اليوم مطلقاً لكنها قبل أن ترحل سوف تقذفه بكل ذرة من أزدرائها ومقتها . . . وعضبها . . . بسبب مافعله بها عندما كانت في الثامنه عشرة من عمرها !
استنشقت رايتشل نفساً آخر جارفاً حتى تتكلم مجدداً , لكن فيتو سبقها وقذف كلماته بقوة نحوها . فيما أومض الغضب السوداوي في عينيه , إذ قال :" ألم تخططي أبداً لأي شيء ؟ أتجرؤين على الوقوف هنا لتقولي لي إنك لم تخططي للأمر بأسره ؟ كذبت علي منذ البداية . أنت عرفت من أنا . . . بحق الله ! عرّفوك بي في تلك الحفلة بالأسم , ولم يرمش لك جفن حتى لكنك أخفيتِ هويتك الحقيقية عني بحذر شديد . أليس كذلك ؟ أليس كذلك؟ لم تذكري لي مطلقاً أنك تعرفين من أكون . كذبتِ علي متخذة اسماًمستعاراً . رايتشل فايل "
حدّقت رايتشل به مذهولة .
- ذاك . . . ذاك هو اسمي . لطالما كان كذالك .
ضاق فم فيتو .
- انت ابنه غير شرعية . وأسم عائلتك هو اسم عائلة والدتك نفسه . اسم عائلة والدتك غير المتزوجة!
واجهته رايتشل بصلابة قائلة :" منحتني أمي اسم عائلة والدي .ذلك جل ما استطاعت أن تفعله . لم تكن قادرة على تدوين اسمه على وثيقة ولادتي , لأنه ماكان ليوافق على ذلك . سخر منها وثار في وجهها عندما أخبرته انها حامل بي . هو لم يعطها شيئاً . . . . لاخاتماً ولا مالاً لتتدبر أمرها به . لم يمنحها أي تعويض . . . لاشيء . منحتني امي اسمه لأن هذا كل ما يمكنني أن أحصل عليه منه . إنه مدون على وثيقة زواجنا في حال أنك لم تلاحظ ذلك "
دفع فيتو تفسيرها جانباً من دون أن يأخذه بعين الأعتبار .
-لكنك بارغم من ذلك لم تفكري بان تذكري لي من هي والدتك. أليس كذلك ؟ خلال أسبوعين كاملين . . . في حين أننا أمضينا كل يوم . . . كل يوم سوياً . لم تفكري ولو لمرة واحدة أن تذكري لي من هي والدتك . والدتك التي دبرت معها بحذر أن تظهر بشكل مناسب في شقة روما ذلك المساء . لكي تقبض على ابنتها الحبيبة مع ابن حاميها ! على أمل أن يفرقع والدي بسوطه ويجعلني اتزوجك بالقوة !
اكتسحتها اتهاماته الباردة , بينما ادانتها عيناه القاسيتان .
أرادت رايتشل أن تنفجر غضباص منه , وأن تصرخ عالياً بغضبها الساخط . سمعت صوتها يرتفع . . .
- لم يكن الأمر هكذا ! بل كنت أنت . . . أنت من يتلاعب بي . أنت عرفت من أنا طيلة الوقت . أنت أغويتني متعمداً , فقط لكي تنتقم من والدتي . رميتني بالكلمات اللئيمة نفسها حينها . . . تماماً كما فعلت الآن . كهرهتك حينها وأنا اكرهك الآن , وليكن الله بعوني سوف أكرهك حتى آخر يوم في عمري بسبب مافعلته بي .
اسودت عينا فيتو كليل مظلم قاتم .
- أخبريني شيئاً !
بدا صوته عادياً كما لو أنه يجري محادثة عادية , ماجعل الشعيرات على ظهر رايتشل تقف .
- لو أنك كرهتِ ماقلته لك منذ سبع سنوات , لماذا بدوت متشوقة جداً لتعودي إلي بعد أن هربتِ من روما , وبعد أن فشل مخططك في حملي على الزواج بك ؟ علمت حينها أنني لن أتزوج بك , مع ذلك طاردتني خلال الأشهر الثثة التالية , فكنتِ تحضرين إلى مكتبي في لندن كلما علمت أنني موجود في المملكة المتحده . لطالما حاولت أن تكلميني عبر الهاتف اينما كنت .
رمقها فيتو بنظراته الفارغه الباردة , وتابع :" كيف يتلاءم ذلك مع نسختك للأحداث بقولك إنك الآنسة البريئة الصغيرة ؟"
بدا صوت فيتو سطحياً خالياً من أي أثر للعواطف . فتحت رايتشل فمها , وما إن أشرق عليها الإدراك , عادت وأغلقته مجداً . أحست مجدداً باليأس الذي احسته عندما ذلّت نفسها بمحاولة الأتصال بفيتو , كما لو أن هذا الأمر حصل بالأمس لامنذ سبع سنوات .
كيف يمكنني أن أخبره بسبب يأسي الشديد ؟ لايمكنني ! لايمكنني !
فجأة أدركت رايتشل وقد غمرتها موجوة سوداء مغرقة , بأن الأمر ميؤوس منه . من غير المجدي أن تحاول مهاجمة فيتو , وأن تدافع عن نفسها , فهو سوف يبرر نفسه في كل مرحلة .
حسناً ! ما يهمها ؟ إنها لم تعد بحاجة إلية . لقد حصلت على ما جاءت إلى هنا من أجله . تماماً مثلما قالت له للتو .
بل حصلت على الكثير بالإضافة إلى ذلك . لقد نالت درساً آخر من سيّد المخادعين . ياإلهي ! فليكن هذا هو الدرس الأخير . . .الأخير على الإطلاق .
استدارت رايتشل مبتعدة , إذ إنها لم تعد تقوى على تحمل المزيد , فالهزيمة لوت ظهرها وسحقتها .
فيتو فانيستي هو بمثابة لعنة على حياتها منذ وقعت عيناها علية للمرة الأولى . إنه كالحمى في دمائها . . . غير سليمة ومفسدة .
امضت رايتشل سنوات شاقة في محاولة إخراج هذا العدوى من مجرى دماها . بما الآن , بعد هذا الأنهيار البشع , قد تنجح أخيراً في انتزاعه من كيانها .
مشت ببطء نحو الباب المؤدي إلى البهو .
- رايتشل !
اجابته رايتشل بصوت متثاقل وهي تغادر الغرفة :" اذهب إلى الجحيم فيتو !"
حسناً ! لن يفيجها أن تقول له بأن يذهب إلى الجحيم , فبهذا الأسلوب هي لن تتخلص منه .
الجحيم هو حيث هي موجودة تماماً . . . إنها تعيش في الجحيم .
موــــــــني ^___^

__________________________________________________ __________

مونـــــي
07-11-2012, 19:49
8- اين المفر


تركها فيتو ترحل , فما غمرة غضب سوداوي باهت .
إذاص , رايتشل فايل تدّعي أنها بريئة ! بريئة كالحمل الوديع . تدعي انها لم تحاول مطلقاً أن توقعه في الشرك كي يتزوج منها !
اشتد فم فيتو ليصبح اشبه بخطين رفيعين . يسهل قول ذلك . آه ! يسهل جداً قول ذلك بعد مرور سبع سنوات , لكن ذكرى تلك اللحظة عندما دخلت آرلين غراهام عليهما في الشقة , سوف تلازمه إلى الأبد .
إنهه مشهد يتكرر في ذاكرته على الدوام , وينتزع منه كل حلاوة ظن أنه عرفها مع تلك الفتاة التي امضى معها أسبوعين من الزمن . تلك الفتاة التي كرّس نفسه لها . . . كرّس نفسه لأنه . . .
لا! هو يرفض أن يعود ليسلك ذاك الدرب مجدداً . إنه درب محدد للأغبياء والمغفلين وللرجال اللذين يسهل سقوطعم . . . الرجال اللينين , تماماً كما كان هو يوماها .
استطاع فيتو أن يشعر بفراغ في أحشائه , مشابه تماماً لما شعر به في ذلك اليوم منذ سبع سنوات و لحظة أدرك أنه تم الإيقاع به باعتبارة شخاً ثرياً يسهل خداعه من قبل عشيقة والده وابنتها . نصبت المرأتان له فخاً معسولاً كي يصطاداه من خلاله .
يا إلهي ! لقد وقع في الفخ . كان مأخوذاً بها تماماً . مشى على الدرب المزروعه بالأزهار , ثم أنقلب على رأسه ليقع في الفخ الذي نصبته له . لكنه رفض الوقوع في الأسر , فخرج من الفخ سليماً .
قفزت الذكرى مجدداص امام عينيه . . . كان فيتو قد غازلها ومازحها وعانقها متذوقاً حلاوتها حين سمع ذاك الزعيق الصاعق , وسمع الآنسه الصغيرة البريئة . . . غير البريئة تشهق بصدمة مصطنعه , بينما راحت والدتها تصرخ عليها وعليه , فتتهمه بأنه يغوي أبنتها العذراء الغاليه . . سجّ ليتو هذا التمثيل المتقن بجزء من الثانية , فأدرك أن ليس هنالك سوى مفرّ واحد من الخدعة , هو قلب الطاولة عليهما معاً !
نهض من مكانه من دون أن يزعج نفسه بالاستفسار عن أي شيء ولو بشكل عابر جداً . استطاع ان يتذكر بالضبط ماقاله . يومها تشدّق قائلاً :" أغويتها ؟ بالكاد . . . . هي التي ارتمت بين ذراعي "
اعتقد لوهلة بأن آرلين غراهام سوف تصاب بسكته دماغية , /إذ أخذت تزعق بصوت مرتفع أكثر فأكثر , فأغرقت ردّة الفعل التي أبدتها رايتشل .
يومها أصدرت رايتشل صوتاً هادئاً جداً , لم يكن شهقة ولا أنيناً ولا صرخة . . . عبس فيتو بعمق أكبر , وفكر أنه بدا كشيء . . . شيء ينكسر . . .
غمرت القسوة وجهه مجدداً .
ردّة فعل رايتشل بأسرها كانت جزءاً من المخطط الذي رسمته مع وادتها . هذا كل شيء . آرلين تلعب دور الوالدة التي توجه الأتهامات , ورايتشل تلعب دور البريئة الضائعة , أما والده . . . بالطبع , كان يفترض به أن يلعب دور الأب الصالح , فيأمره . . . هو الأبن النذل بأن يصلح موقفه , ويتزوج الابنه الصغيرة المخدوعه . . .
حسناً ! إنريكو نفسه لم يكن سهل الأنقياد , إذ أنب عشيقته وأعادها إلى حدمها الأصلي , فأخرس زعقاتها المهينه الهستيريه . أما بالنسبة إليه . تنحى به والده جانباً في وقت لاحق , وقل له بفظاة إنه إن فكر ولو قليلاً بأن يتزوج ابنة آرلين , عندها يمكنه أن يبحث عن شركة أخرى يعمل لديها , كما يجدر به أن يجد عملاً ذا مدخول جيد و لأنه لن يعود مرشحاً لأن يرث شرة فارنستي الصناعية . . .
بالطبع فيتو لم يكن بحاجة إلى من يقول له ذلك , أما رايتشل غراهام . . . فايل . . . مهما كان الأسم الذي تطلقه على نفسها لكي تحاول أن تبدو محترمة , فيمكنها أن تذهب بعيداً بحثاُ عن زوج آخرتوقعه في فخّها المعسول !
لكن ذلك لايعني ان الأمر لم يتطلب منه وقتاً طويلاً كي يصدها عنه . يا إلهي ! حاولت رايتشل جاهدة ان تستعيده . يومها قادت حملة مستمرة لمدة ثلاثة أشهر حتى تتصل به .
الله وحده يعلم ماهو الشيء الذي اقنعها اخيراً اان تستسلم . لابد أنها اخيراً فهمت الرسالة بأنه لايرغب في معرفة شيء عنها . أو لعلها تعرفت إلى رجل آخر في ذلك الوقت . فوضعت نصب عينيها مغفلاً آخر اكثر غباء منه , هذا لايعني بالطبع أنها تمكنت من إقناع أي رجل أن يتزوج بها . . . حتى الآن .
خطا فيتو عبر الغرفة , فجذب باب خزانة الملابس وفتحه يجد بعض الملابس كي يرتديها .
بدا مزاجه معكراً تماماً . ما الذي يفعه هنا بحق الجحيم ؟ ماكان يجدر به أن يسمح لغرورة أن يسيطر عليه فيوافق على عرض رايتشل المضحك . ما الذي يهمه بحق الجحيم إذا ما كانت رايتشل ترغب بإقامة علاقة حميمية معه أم لا ؟
تجمدت يده على القميص التي كان على وشك أن يزيلها من علاّقة الملابس . بدا له كأنما حجرا ما يملأ رشتيه . تذكر فيتو أنها ناداها ذات يووم باسم فتاته الجميلة مستخدماً اللغة الإيطالية ز تذكر أنه حملها بين ذراعيه وأحس بجسدها يرتعش في أحضانه . تذكر أنه عانقها بشغف وشوق , وهو أمر لم يمنحه لأي امرأة غيرها من قبل . لأن رايتشل فايل ليست كأي امرأه أخرى عرفها على الإطلاق .
ادرك فيتو ذلك منذ اللحظة الأولى . جرى له شيء ما تلك الليلة . . . شيء لم يكن يتوقعه فيتو على الأطلاق . اعتاد فيتو ان يرتاد الكثير من الحفلات , وتلك كانت مجرد حفلة أخرى يحضرها . يومها ألقى نظراته في أرجاء المكان , فأبقى إحدى عينيه مفتوحة تداركاً للنساء اللواتي لايرغب بأقترابهنّ منه , أما العين الأخرى فأبقاها مفتوحة بحثاً عن نساء أخريات قد يختار من بينهن واحدة كي يتسلى برفقتها تلك الليلة . . . أو ربما لفترة أطول بقليل إذا ماناسبه ذلك . ربما يستمر الأمر لبضعة أسابيع , أو رميا حتى شهر أو أثنين , لكن ليس أكثر من ذلك . فأولئك النساء يصبحن طموحات في تلك الحالة , ويبدأن بتصور فرصهنّ في إيصاله إلى مذبح الكنيسه من أجل الزواج . لكن هذا ماكان لانية لدى فيتو أن يقصدة , لأن لديه جراحاً عميقة . هو شاهد ما فعلة والده لوالدته , ورأى تأثير ذلك عليها , بحيث صارت حياتهما بؤساً حقيقياً . وبالغرم من أنه لاينوي أتباع درب والده نفسه , كما أنه يعلم - من دون خيلاء - بأن أي امرأة يتزوجها سوف تتعلق به , وإذا ماسئم منها , فإن التزامه بالروابط الزوجية سيصبح أمراً فوضوياً . فضلاً عن ذلك , ربما ينتج عن ذلك الزواج أولاد , وهو يرفض ان يخضع أي طفل للعذاب الذي عاشه هو نفسه اثناء نموه .
ادرك فيتو ان النساء سوف يبقين دوماص على ماهنّ عليه . ادرك ذلك منذ أن أصبح في سن المراهقة , واكتشف الجاذبية التي يتمتع بها بفضل المزيج الساحر بين ثرائه ومظهره . إنه مدلل فاسد , وهو يدرك ذلك . تعلم بسرعة أن قليلات هن النساء اللواتي يتجاوزن قدرته على النيل منهنّ لو رغب بذلك . ظل بعيداً عن النساء المتزوجات , وملتزماً بالنساء اللواتي رغبن بما يرغب به هو , أي علاقة غرامية سهلة ترضي رغبات الفريقين , حيث لاروابط تقيدهما , ولا قلوب وأزهار عديمة الجدوى . إنها معادلة لاتخيب ولاتخطئ ولطالما سارت بشكل ناجح , حتى ذلك المساء . . .
ماهو الشيء المميز في رايتشل , تلك الفتاة الإنكليزية الهاذئة التي جذبت عينيه إليها ؟ لم يتمكن فيتو مطلقاً في الواقع أن يستنتج السبب . يومها شعر انها تتمتع بهالة تقول إن يد أي رجل لم تلمسها قط . ليس فقط بالمعنى الجسدي , وهو أمر استطاع أن يدركه على الفور . بدت غير متأثرة بالمكان المحيط بها . كانت برفقة رايتشل في تلك السهرة فتاتان إنكليزيتان أخريات , لكنهما من طبيعة مختلفة تماماً . إذ بدا من الواح أنهما واعيتان وتتمتعا بخبة عاطفية و كما بدتا من الواضح أنهما واعيتان وتتمتعان بخبرة عاطفية, كما بدتا مطمئنتين واثقتين ولا تشعران بالغرابة البته , أما رايتشل فبدت مختلفة تماماً.
أمضى فيتو أسبوعين . . . أربعة عشر يوماً كاملة مكرساً نفسه لها , سعيداً بأكتشاف أمر مختلف . أرادت أن تتحدث عن التاريخ , الفن , الأدب , الكلاسيكيات , اللغات , السياسة والأقتصاد . . . لم تكن رايتشل فتاة ساذجة تحاول التأثير علية , بدت مسرورة جداً بأن تقذف عملة حجرية في نافولة تريفي , وأن تجرب كل طعم في المثلجات بدت مسرورة وهي تحدق غلى الأعلى نحو فيتو وقد ظهر في عينها افتتان لم تدرك وجودة حتى . لكن فيتو لاحظ وجود تلك النظرة في عينها , وعلم انه لايستطيع . . . ولايجدر به أن ييستغلها . يجدر به ألا يمسها بإصبعه حتى , فهي ماتززال فتاة بريئة . علم ذلك على الفور , كما ااستطاع أن يدرك أنها غير محنكة على الإكلالاق في أساليب الرجال . أما هي فلم تكن تدرك حتى كم ذلك يجعلها جذابه جداً بالنسبة لهم .
تمنّع فيتو لأسبوعين طويلين حتى عن ملامستها وعناقها . استخدم كل ذرة من قدرته على السيطرة على ذاته لكي ينع نفسه من ملامستها , وراح توقه إليها يزداد مع مرور كل ساعة . جاذبيتها بالنسبة إليه راحت تتنامى مع مرور كل يوم , ومع مرور كل ساعه . بدا إدراكه لها حاداً جداً , لكنه لم يظهره لها .
لكن ذلك الأمر أصبح مؤلماً , حتى تلك الليلة . . . بدت رايتشل كئيبه تحت مرحها الظاهري فهي سوف تعود في اليوم التالي إلى إنكلترا , بعد أن اعتادت على رفقته وارتاحت لها . يومها لم يتمالك فيتو نفسه فجذبها نحوه , وجعلها تشعر بالأمان والثقة به . بعد قليل سوف ينتهي الأمر بأسرة .
فجأه علم فيتو بأن الأمر لم ينته , وأنه لن ينتهي أبداً . هو لن يسمح لرايشل فايل بالأفلات منه . لايمكنه أن يسمح لها بذلك . جلست رايتشل تحدق إليه بتوق واضح في عينيها . عندما ارتشفت قهوتها الأخيره من بيازا نافونا . بدا كأنهما يجلسان بمفردهما وكأن اليساح هناك غير موجودين . كأنما الفتاة الجالسة قبالته فقط موجودة بشعرها الذهبي الحريري , وعينيها الواسعتين المملؤتين بالسحر والتوق . . . شعر فيتو بأنه غير قادر على الأبتعاد عنها . لذا فعل تلك الليلة ما كان يرغب بفعله منذ اللحظة الأولى التي وقعت فيها عيناه عليها .
أخذها بين ذراعيه باندفاع كان يدرك أنه يجدر به مقاومته, لكنه لم يقوّ على ذلك . بعدئذٍ أصطحبها إلى شقة آل فارنيستي , حيث فعل ما كان يرغب بفعله منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها , عانقها عناقاً محموماً حمله كل مايشعر به من الشغف والشوق نحوها .. .
أما رايتشل فتجاوبت معه بشغف مماثل . بدا عناقهما كالحلم وأكثر .ز لم يعرف فيتو قط امرأة شغوفه مثلها .
ضمها إليه محتضناً جسدها الرقيق ضمن دائرة ذراعيه الحاميتين . في تلك اللحظات علم أن شيئاً ما قد حصل , سوف يغير وجوده إلى الأبد . لم يكن قادراً علا تسمية ذالك الشيء بكلمات أو إطلاق أسم عليه , لكنه علم أن تلك هي أثمن لحظةة في حياته . ثم وصلت الحقيقة . . . على شكل امرأة صارخة , فعلم فيتو أنه تم التلاعب به كأكبر مخبول في العالم . ..
بدا وجهه متصلباً كالحديد , قاسياً وغيرمتسامح . لكنه في مكان ما من أحشائه أستطاع أن يشعر بمثل ذلك الشعور الذي تزق داخل جسده في ذلك اليوم منذ سبع سنوات . إنه الألم الكاوي الممزق !
عندما غادر فيتو سان بيير , كانت رايتشل قد رحلت , وهو لم يأبه ولم يعد يأبه .إن ثارت أي شكوك حول زواجهما , فهو سوف يبتدع روايه ما بخصوص عروسه الشديدة الحساسية التي تصرفت بنزق . أمضى حوالي الساعتين متحدثاُ عبر الهاتف , ثم أرسل رسالتين إلكترونيتين إلى تورين وإلى لندن . ما إن عاد إلى مكتبه حتى غمرته الأعمال المتأخرة . طرأت على بال فيتو ذكرى والده مجدداً , عندما أنهى مكالمة هاتفيه أخرى مع مدير مكاتبه الأوروبيه . كان إنريكو عمل كالجني و ثم يااخذ استراحه من كل شيء , فيختفي مع آرلين . لكن ذلك لم يستطع أن يخلّصه من ضغوطاته النفسية . فمزاج والده قلّما كان جيداً , كان ينزعج بسهولة , فهو كثير الضغوطات وصبرة قليل .
انجذب فم فيتو بانحناءة ساخرة , آرلين غراهام عملت مقابل المال الذي أخذته من والده . حسناً ! لم يكن منا لسهل ان تكون مساعدة والده وعشيقته معاً . لربما حصلت آرلين على بعض الأغراض الثمينه وعلى حياة مترفة سهله , لكن لاشك أن حياتها مع والده لم تكن سهلة . مع ذلك لابد أن آرلين وجدت تلك الحياة ملائمة لها. لعل والده منحها أكثر مما كشف عنه لآبنه .
شدّ العبوس وجه فيتو .
لكن إنريكو لم يترك لها شيئاً , حتى الفيلا . آرلين لم تخرج من علاقتها بوالده وهي تحملة ذخائر ملموسة , إلا إذا كان يمنحها المال النقدي بأنتظام . باستثناء الزمردات . . .
تصلب فم فيتو . حسناً ! لقد استرجع زمرداته الآن , وجلّ ماكلفه الأمر رحلة إلى جزر الكاريبي ! إنها صفقة جيدة إذا أراد أن يعتبها كذلك . بالإضافة إلى أنه حسل على رايتشل فايل في سريره كهدية , ذكرة جسده بقوة بذلك . . . هو يعلم أنها تكذب , بغض النظر عن كل الأعتراضات التي أوردتها . مهما حاولت ان تلعب دور الفتاة الصغيرة البريئة , وهو يعلم أنها مدّعية , لو أنها حقاً بهذه البراءة , فلماذا إذاً راحت تحاول باستمرار أن تتواصل معه . . . لا ! رايتشل هي داهية , متلاعبه وتحاول ادعاء البراءة , لكن بالرغم من ذلك هو مازال يشعر بالأنجذاب نحوها . . .
أخترقته طعنة من الشوق , كأنها تعاقبة بشدة إلحاحها . استطاع فيتو أ يشعر بجسدة يجيش نهماً ليضم رايتشل فايل وهي في الثامنة عشر من عمرها . فهي مازالت تملكه . . . بل أكثر من ذلك حتى . لكنها هذه المرة لن تتلاعب به كالمخبول , لأنه عرفها على حقيقتها الآن . إنه يعرف رقم هاتفها الآن , وهو يرغب في الاتصاب بها . أحس فيتو بالشوق يتملكه مجدداً . أراد أن يشعر بجسدها الحريري الناعم بين ذراعيه . أراد أن يرى شعرها منتشراً حول وجهها الجميل الشعوف . إنها الآن زوجته ويحق له المطالبه بحقوقة الزوجية .
رايتشل هي المراه الوحية التي يتمنى لها الهلاق بسبب مافعلته به في الماضي , لكنها مع ذلك ماتزال قادرة على التأثير في بقوة , لذا فهو مايزال يشعر بالانجذاب إليها , إنه لايقدر على تقديمها للعالم على أنها زوجته . يكنه سوف يضعها في شقة لائقة في لندن , ويقوم بزيارتها متخفياً كما لو أنها عشيقته . رفع فيتو سماعة الهاتف بقرار مفاجئ فطلب إحضار وسيلة النقل لتعيده من الجزيرة إلى انتيليا , ثم اتصل بربان الطائرة الخاصة به كي عيدّها للققلاع . مازال أمامة اتصال هاتفي آخر.
ليس هنالك إلا مكان واحد تقصده . لاشك أنها ستعرض وثيقة زواجها لتتباهى بها أمام حبيبها . حسناً ! يمكنها أن تفعل هذا إذا كان الأمر يرضيها ويمتعها , لكنها ستكون المرة الأخيرة التي تقابل فيها حبيبها ذاك , إلى أن يمل منها هو , فيسمح لها بالحصول على الطلاق .
رايتشل زوجتي , وأنا أنوي ان استمتع بعروسي . عليها بكل بساطة أن تتخلص من ذلك الحبيب , وسوف أؤمن لها حياة راضية .
سوف يجعلها تشعر بالرضى تماماً . سوف يجعلها ترى أن ما يملكنه الآن يستحق أن يضعا خلافتهما جانباً لآجله . إنه مستعد لآن يبقيها إلى جانبه شرط أن تتوقف عن محاولة الدفاع عن نفسها وتحتفظ بمواهبها في السرير له وحده . إنه مستعد حتى لأن يشتري لها شيئاً يعوضها عن الزمردات . بالطبع لن يشتري لها شيئاً بالقيمة الغالية نفسها , لكنه يفكر بشيء يمكنها أن ترتديه له في مكان خاص . . . خاص جداً . . . جال ذهنه على دروب مشوقة , فتخيلها تتألق بالماس . .
أعاد فيتو ذهنه إلى الواقع . أولاً هو بحاجه إلى جعلها تبتعد عن حبيبها القديم , ولكي يحرص على إبعاد هذا الأخير هو بحاجة إلى معرفة من يكون . بعدئذٍ يمكنه ان يتخلص منه .
ضغط على أزرار هاتفه النقال طالباً رقم مكتبه في لندن . تم الرد على الأتصال فوراً .بدا فيتو متحكماً بصوته تماماً إذ قال :" سيدة واللترز ؟ ضعي لي مسؤول الأمن على الخط , لو سمحتِ "
****

مونـــــي
07-11-2012, 19:52
أرتدت رايتشل ملابسها بحذر شديد . أختارت تلك البذلة الرسمية نفسها التي ارتدتها إلى مكتب فيتو فارنيستي . في الواقع هي لم ترغب بأرتدائها , لكنها ليست قادة على تحمل تبذير المزيد من المال لشراء بذلة ثمينة أخرى . كما أن ثمن تذكرة الطائرة من انتيليا إلى لندن أضاف عبئاً مالياً جديداً على ميزانيتها المتعثرة . فضلاً عن ذلك , فإن البذلة البنفسدية الأنيقة هي بالتحديد الملابس التي عليها أن ترتديها الأن بصفتها السينيورا فارنيستي , فهي ملابس استثنائية , باهظة الثمن , وأنيقة .
انتقلت رايتشل بواسطة مترو الأنفاق إلى المحطة الأقرب إلى مستشفى والدتها , وهناك أوفقت سيارة أجرة عوضاً عن متابعة المسافة المتبقية سيراً على قدميها . السينيورا فارنيستي لن تمشي . سيارة الأجرة سوف تكون وسيلة النقل التي تقلها على الأقل , إن لم تكن سيارة ليموزين يقودها سائق . بالطبع والدتها لن ترى سيارة الأجرة , لكن موظفي الأستقبال في المستشفى سيرونها ,. زذلط طلخ سزف يؤط\ هلة صدق ماهي على وشك أن تعلنه لوالدتها , كذلك سوف يفعل هذا الخاتم اللامع في إصبعها . أما أكثر الأمور إقناعاً فهي وثيقة الزواج وتلك الصور التي أخذتها من أندرية عندما غادرت دار شهر العسل .
سوف تظهر لوالدتها أنها سعية جداً برفقة عريسها , فيتو فارنيستي . . .
الكذبة ليست مهمه . مايهم هو فقط أن تكون مقنعه بما فيه الكفاية حتى تسعد والدتها . . .
أحست رايتشل بالأسى يخزها بمخالبه الجارجة . سوف تعلم أن ابنتها حققت لها أحلامها قبل أن تفارق هذا العالم .
بمقدورها أن تتمنى قدر ماتشاء لو أن والدتها امتلكت حلماً مختلفاً بخوصها . حلم مايترك فيتو فارنيستي بعيداً جداً وراءها في تلك الكارثة التي حدثت في صباها .
لكنك غير قادرة على تركها خلفك . أليس كذلك ؟ سمحت لتلك الذكرى بملازمتك , بتسميتك طيلة حياتك منذ ذلك الحين . دمرتِ كل فرصك بإيجاد السعادة مع رجل آخر . فقط لأجل رجل كفيتو !
كادت رايتشل تصل إلى المستشفى , فاستنشقت نقساً عميقاً .
دعي فيتو خلفك الآن !تخلصي منه للمرة الأخيرة ! تحرري منه ! تحرري من توقك إليه , أرجوك !
جالت ذكرى تلك الليلة مع فيتو في ذهنها , فعضت رايتشل بقوة على شفتها السفلى , محاولة كبت ذاك التفكير . . . محاولة إطفاء اللهيب الذي قفز داخل دمائها . إنها تشتاق إليه . . .. توقفت سيارة الأجرة , فهزت رايتشل نفسها خارج تلك الذكرى .
اصطدمت بالواقع مجدداً , فجلب معه ثقل القلب المعهود الذي تحس به كلما أتت إلى المستشفى .أعطت سائق السيارة أجرة .
- طاب نهارك آنسة فايل . تبدين متألقة جداً اليوم !
ابتسمت عاملة الأستقبال بإشراق لها , وقد صارت وجهاً مألوفاً بالنسبة إليها الآن . بعد أن وقعت على أوراق الدخول , قالت لها موظفة الأستقبال :" أدخلي أرجوك "
لم تكن والدتها نائمة , بل في حالة نعاس وتخدير . بدا ذهنها مغشياً ومشوشاً , لكن وجهها أشرق عندما دخلت رايتشل , فمدّت نحوها يدها الواهنة الضعيفة . أعتصر الالم قلب رايتشل فيما نظرت إلى والدتها المحتضرة . جلست وأخذت يد آرلين الضعيفة بيده . وبعد برهة قصيرة أنحنت إلى الأمام وقبلت خدها الهزيل بعناية ورقة , ثم استنشقت نفساً من أجل تهدئة أعصابها .
هذا هو الوقت الحاسم .لامجال للتراجع أبداً .
ابتسمت رايتشل تاركة الأبتسامة تضيء عينيها , ووجهها .
- هناك أمر أود أن أخبرك به . . .إنه شيء رائع . . .
****************
استقام فيتو فجأة في كرسيه :" إلى أين ذهبت ؟"
- إلى عيادة ماكفارلاين في هامبسيد , ياسيد فارنيستي . استقلت قطار الأنفاق المتجه إلى الجنوب نحو . . .
- اين الآن ؟
قاطع فيتو الرجل الذي يعمل في وكالة الحماية والأمن الخاصة بشركته بفظاظة وقلة اهتمام بسبب معرفته ماهي وسيلة النقل التي استقلتها رايتشل بعد ظهر هذا اليوم .
- عادت المرأة إلى منزلها حوالي الساعة السادسة والنصف بعد الظهر . أحد عملائنا يراقب المبنى . لكن المرأة المستهدفة بقيت في الداخل منذ عودتها إلى هناك .
جلس فيتو مستنداً إلى الوراء , فيما راحت الأفكار تتسارع في ذهنه . . .
مستشفى ؟! سأل فيتو :" أي نوع من المستشفيات ؟"
- عيادة ماكفارلاين هي مستشفى خاص مخصص في عموم الأمراض إنه . . .
قاطعه فيتو مجدداً :" أبقِ رجلك خارج المبنى .أنا في طريقي إلى هناك اتصل بي على هاتفي النقال إن غادرت المبنى "
قطع فيتو الأتصال ونهض , ثم قذف الهاتف على طاولة القهوه المنخفضة .
مالذي تفعلة رايتشل في المستشفى بحق الجحيم ؟ هل هي مريضة ؟ أحس بطعنة من الخوف تسيطر عليه فجأة .
قاوم هذا الشعور بقوة . إنه لايريد أن يشعر بأي شيء تجاه رايتشل فايل , لاسيما بذلك الخوف غير العقلاني الذي اخترقه للتو . لعلها كانت تزور احدهم فقط . لعلها لم تذهب إلى هناك من أجلها شخصياً , بل من أجل شخص آخر . لكن لأجل من ؟ من هو الشخص العزيز على قلب رايشل والذي يعني لها الكثير بحيث ذهبت لتزوره مباشرة بعد أن قطعت المحيط الأطلسي . مباشرة بعد أن أصبحت السيدة فارنيستي ؟ أطبق فمه في عبوس غاضب . الحبيب ! أهو من ذهبت لتراه ؟ هل ذهبت لتوبخة ساخرة . . .؟ أتراها توبخ رجلاً محتجزاً في سرير بمستشفى ؟
**************

حدّقت رايتشل بفراغ في شاشة كمبيوترها الحمول . يفترض بها أن تركز على ترجمة الوثيقة القانونية المعقده الموضوعه إلى جانب الكمبيوتر بالقرب من القاموس الأسباني الذي كان مفتوحاً على الطاولة . لكنها لم تكن قادرة أن تركز على عملها . لابد أنه التكاسل بسبب سفرها بالطائرة . لالابد أنها ستشعر بالأرهاق بسبب تغير التوقيت الزمني ز فهي عبرت الحيط الأطلسي مرتين بسرعة وذلك في فترتين متقاربتين جداً . مازالت تشعر انها مرهقه على الرغم من أنها نامت خلال رحلة العوده من ميامي إلى لندن . أو لعله إرهاق الروح لا الجسد . . . بدا وجهها كئيباً داكناص .
قمت بالأمر الصائب . . . أعلم ذلك !
تذكرت رايتشل صورة وجه والدتها عندما أخبرتها بعد ظهر الوم .
أشرق نور ما من خلال الأمل والأرتباك في وجه آرلين ما إن سمعت بخبر الزفاف . تهدّج صوت والدتها فبدا مرتجفاً وهي تقول :" آه , ياعزيزتي ! هل هذا صحيح ؟ هل هو صحيح فعلاً ؟"
حدّقت بعينها المغشيتين نحو رايتشل , ثم سمرتهما بثبات على قطعة الورق السحرية التي حققت لابنتها مالم يُنعم عليها بتحقيقة . حدّقت إلى صور ذاك العرس الشبيه بالأساطير , حيث وقفت ابتنها الجميله وهي ترتدي فستان عرسها وتضع زمردات فارنيستي حول عنقها , إنها عروس فارنيستي حقيقة , وإلى جانبها يقف عريس فارنيستي حقيقي .
توسلتها آرلين قائلة :"أخبريني ! أخبيني كل شيء !"
وأخبرتها رايتشل . .. حبكت لوالدتها رواية رومنسيه أشبه بالقصص الخياليه .إنها قصة مفادها أن فيتو فاريستي التقاها مجددا في حفلة أقيمت لكبار المدراء في الشركة التي تعمل لديها في ترجمة الوثائق وذلك احتفالاً بإطلاق أحد منتجاتهم .
تلاقت عيونهما عبر الغرفة المكتظة , وغمرهما عدم التصديق لوجودهما معاً هناك , بعدئذٍ اقترب منها فيتو , وتوسلها كي تسامحه على معاملته الفظة لها خلال السنوات الماضية , قائلاً لها أنه كان شاباً قليل الخبرة . ثم دعاها إلى الخروج معه . تابعت رايتشل تقول :" لم أرغب بأن أقول لك أي شيء أمي . . . لم أشأ أن أزعجك , من قبل , إذ ربما . . . حسناً خشيت ألا ينجح الأمر "
أضافت والابتسامة تضيء وجهها :" لكن الأمر نجح فعلاً ! ثم حملني وطار بي . . .! أخذني إلى جزر الكاريبي , و آه , يا أمي . . . بدا الأمر أشبه بصورة من فيلم سنمائي . نظم فيتو زفافاً مميزاً على جزيرة شهر العسل الخاصة بنا , وقد تزوجنا أمي . . . تزوجنا ! أنظري !"
دفعت رايتشل يدها اليسرى , فسمحت لوالدتها أن تلمس الخاتم المحيط بأصبعها .
- آه يا عزيزتي !
تنفست الوالده مجددا بذلك الكلام , فانقبض قلب رايتشل عندما رأت نور السرور في عيني أمها . ثم انقبض مجدداً ,. فيما حدّقت آرلين بها . التعابير المرتسمة على وجهها جعلت رايتشل ترغب بالبكاء . قالت أمها :" يمكنني أن أموت سعيدة الآن ؟
طعنها السكين مجدداً في قلبها لدى استرجاعها لما حصل , فحدّقت من دون أن ترى نحو شاشة الكمبيوتر .
قمت بالأمر الصائب .أعلم انني فعلت !ً كررت رايتشل كلامها .
لكنها مع ذلك أحست بفجوة تنفتح في داخلها . إنه شعور بالفراغ التام لايمكن ملؤه أبداً .
انتزعت رايتشل فيتو فارنيستي بالقوة من داخلها . ظل يطاردها طيلة سبع سنوات طويلة .إلا أن مواجهتهما دمّرت الشبح الذي حثم على قلبها مذ كانت في الثامنة عشرة من عمرها , ولم يغادرها أبداً . لكنها الآن تشعر بتلك الفجوة المممزقه الفارغة تنمو في داخلها .
إنها لن تراه أبداً من جديد . بعض النظر عن مدى السوء الذي تصرفت به لإجبارها فيتو على الزواج منها , فإن تصرفه على الجزيرة قد مسح تماماً تماماً أي أثر متبقٍ من الأمل بأن يقر بما فعله بها في الماضي .
حدّقت رايتشل عابسة تجاه الشاشة . ظن أنك كذبتِ عليه عن عمد فلم تخبريه من أنت , فأغويته حتى تأسريه . هو مقتنع بأنك خططتِ لذلك مع والدتك .
أطبقت رايشتل فمها .أغويته ؟! بحق الله ! كانت مجرد فاة بريئة في الثامنة عشر من عمرها , وما تزال في المدرسة ! كيف يمكنها أن تغوية . بحق السماااء ؟ فيتو يكبرها بعشر سنوات , وهو متمرّس . . .آه !
نعم , متمرس جداً ! كان معاداً على الحصول على النساء الجميلات منذ أن كان مجرد مراهق . والدتها اخبرتها الكثير عن سمعة فيتو وسجلّه الحافل و وذلك بعد أن وجدتهما معاً في الشقة .
فكرت رايتشل بمرارة , لا! لن تتقبل أن يتهمها بهذا الشكل . طيلة الوقت كان اللوم موضوعاً على الطرف الخاطئ ,بالرغم من أنها كانت أغبى من أن تلحظ ذلك في حينها .

حسناً ! لا مجال أبداً لأن أسمح لك بذلك أيها الرجل المفترس الشديد الجاذبية والسحر المدعو فيتو فارنيستي !
تركت رايتشل الغضب يتقلب في داخلها , وقد أحسَت بقوته الحارقة . الغضب هو ما أرادت أن تشعر به الآن , زوماهي بحاجة لأن تشعر به . إنها غاضبة بسبب كل شيء قاله لها فيتو فارنيستي . أطبق فك رايتشل بحزم أكبر , فيما واجهت السبب الأخير لغضبها . تمكن فيتو من أخذها إلى سريرة بسهولة تامة في حين قرر ذلك , أما هي فبدت واثقة به وسهلة الأنقياد .
اخترقها الغضب كالسكين الجارح , عميقاً حاداً . ليس تجاه فيتو فقط بل تداه نفسها أيضاً .
خدعني فيتو مرتين . . . مرتين!
حسناً ! اللوم يقع عليها وحدها . .. حسناً ! بغض النظر عن مقدار غبائها ,لأنها صدّقت بحماقة أن فيتو تغير . الغضب العميق الجارح سببه أنها لم تقدر على إخراجه من داخلها , وأنها على الرغم من معرفتها لفيتو فارنيستي على حقيقته فهي مازالت منجذبه إليه .
لكنني هربت ! عندما وجه لي تلك الكلمات الجارحه هربت ! لم أخضع له . . . لم استسلم مجدداً ! والآن رحل فيتو . خرج من حياتي إلى الأبد , ويمكنني أن أشعر بالأرتياح . . أخيراً يمكنني أن ارتاح . . . لماذا إذاً تشعر أن الفراغ في داخلها يتآكلها ؟
كانت رايتشل تقلّب الصفحات الرقيقة في الكتاب السميك عندما رنّ جرس هاتف المدخل . توقفت عن الحركة على الفور فيما شعرت بالتوتر . قفت على افور إلى ذهنها ذكرى آخر مره حظيت فيها بزائر . حصل ذلك منذ أسبوع فقط , خلال تلك الفتره القصيرة من الوقت غرقت رايتشل في عاصفة هوجاء من العواطف المعذبه
من المرجح ان يكون أحد جامعي الحسنات أو أن أحدهم أخطأ بالشقة . لايعقل أن تكون هذه زيارة اجتماعية , فمنذ مرض والدتها ابتعدت رايتشل عن حياتها الأجتماعيه تماماً . حاول البعض من زملائهما أن يبقوا على تواصل معها , لكن رايتشل صدّتهم , لأنها لم تعد قادرة على تحمل اهتماماتهم العاديه التي لاعلاقة لها بقلقها بسبب مرض امها وموتها المتوقع . لم تعد ترغب بتمضية أي وقت فراغ تحظى به من عملها , بعيداً عن والدتها , مادامت هذه الخيرة على قيد الحياة .
أمضت رايتشل قدر ما استطاعت من الوقت برفقة والدتها . كانت تجالسها في غرفتها ة فتقرألها أحياناً , أو تثرثر معها إذا شعرت امها برغبة في ذلك و وأحياناً تهتم بالأمور الصغيرة فتمشط شعر والدتها أو تطلي لها أظافرها .أحياناً تأخذ رايتشل معها كمبيوترها النقال وتجلس واضعة إياة على ركبتيها , فتعمل بينما تستلقي والدتها أمامها , فيما يبث الراديو الموسيقى بنعومه . حاولت بشتى الوسائل أن تعوض عن تلك السنوات التي لم تمضها برفقة والدتها عندما كانت شابة .
تسائلت مال الذي ستقوله بحق السماء لوالدتها بخصوص عدم تغير نمط حياتها منذ أن تزوجت فيتو فارنيستي و لكنها سرعان ما أدركت أن تلك لن تكون مشكله , فهي قالت الكثير بعد ظهر اليوم .
- سوف أستمر بزيارتك بقدر ما كنت أزورك من قبل , أمي . فيتو يعمل كثيراً في لندن الان . لذا سوف نقيم هنا .آه أنا واثقه من أنه سيضطر لزيارة روما وتورين , لكنه يعلم أنني أريد البقاء هنا معك . . .
شتّ صوتها ولم تتمكن رايتشل من متابعة كلامها .
- ذلك لطيف جداً من قبلة . . . الاّ يبقيك بعيدة عني مادمت . . مادمت مريضة جداً . أنا . . . أنا أعلم أنه لايرغب مطلقاً في التعاطي معي . . . أنا أتفهم .
قالت والدة رايتشل هذا , فيما ظهر الأمتنان في صوتها , وذلك مزّق قلب رايتشل . بعدئذٍ أظلمت عينا آرلين قليلاً , كما لو أنها تذكرت أموراً مؤلمة , فتابعت قائلة :" إنه . . . لطالما كان مقرباً جداً من والدته . كان . . . الأمر صعباً بالنسبة إليه . رؤية إنريكو معي , جعله . . ."
تلالاشت كلمات آرلين , فقد تطلب منها الكلام الكثير من القوة , سُمع الأزيز من مدخل المبنى مجدداً, وهذه المرة بدا أعلى وأكثر إلحاحاً .
شعرت رايتشل بالسرور لهذه المقاطعه التي قطعت حبل ذكرياتها . دفعت كرسيها إلى الخلف فوق السجادة الباليه , فعبرت غرفة النوم نح الباب وحملت السماعة , ثم سألت :" من ؟"
سماع صوت فيتو على الطرف الاخر من الخط جعها تمسك بمقبض الباب . هاهو فيتو فارنيستي عند عتبة بابها مجدداً . لماذا جاء هذه المره ؟
- افتحي الباب رايتشل !
سمحت رايتشل له بالحصول على مايريده . إذا لم تفتح الباب يمكنه أن يطلب من رجاله أن يخلعو الباب . سوف ينتهي بها الأمر بأن تضطر إلى التعويض عن الأضرار التي يسببها ذلك . ولآن بالذات هي غير قادرة على دفع التكاليف .
فتحت له رايتشل الباب , واستغلت تلك اللحظات القليلة الوجيزة فيما تسلق فيتوالدرج لكي تحاول تثبيت ضربات قلبها الذي راح يخبط بقوة . جاش الأدرينالين في دمها .إنه هرمون الخوف . هذا كل شيء . كاد يغمرها تسارع مفاجئ للهلع , يحذرها بأنها مجنونه لو سمحت لفيتو أن يقترب منها مجدداً . لكن فات الأوان الآن . سُمع وقع قدمين خارح باب شقتها الصغيره , ثم سُمع قرع على الباب .
فتحت رايتشل الباب ببطء . . . ماإن وقعت عيناها عليه حتى أحست بالأدرينالين يتسارع في جسدها مجدداً . الخوف . . . إنه مجرد خوف . هذا كل شيء .
لاتنظري إليه !
لكن التحذير بدا من دون جدوى , فعينا رايتشل أصبحتا على الفور منجذبتين نحو فيتو , ولم تقوّ على إبعادهما عنه . كان فيتو يرتدي بذله عمل رسمية غامقة اللون ذات تصميم إيطالي رفيع . فيما تشع منه قوة رجولية صافية مخيفة .
علقت الأنفاس في صدرها . . .
- ما الذي تريده ؟
طالبته رايتشل بفظاظة وهي ماتزال تمسك بالباب مفتوحاً عن قصد و على الرغم من ان فيتو كان قد دخل إلى الشقة . ألقى فيتو نظرة مزدرية في أرجاء المكان , تماماً كما فعل في المرة الأولى التي دخل فيها إلى هنا .
عادت عينا فيتو لتطعناها . بعدئذٍ مدّ يده وتناول منها مقبض الباب , فأغلقه بإلحاح . طالبها قائلاً :" لماذا قمتِ بزيارة عيادة ماكفارلاين بعد ظهر هذا اليوم ؟"
أحست رايتشل أن سؤاله هذا اشبه بلكمة في معدتها .
- مـ . . . ـاذا ؟
ضاقت عينا فيتو , فكرر قائلاً :" لماذا قمتِ بزيارة عيادة ماكفارلاين بعد ظهر هذا اليوم ؟"
استجمعت رايتشل بتباطؤ تمالك النفس الذي قدرت عليه , قائلة :" هذا موضوع لايخصك "
- هل أنت مريضة ؟
هزت رايتشل رأسها نفياً قبل أن تقوى على منع نفسها .
تغير شيء ما في وجه فيتو , واستبدل ذاك التعبير بآخر جعلها تشعر بالقشعريرة حتى أعماقها . بدا كأن ستارة سوداء اسدلت على وجهه .
- هل أنت حامل ؟
موــــــــني ^___^



________________________________________

مونـــــي
09-11-2012, 19:39
9- اعترافات مؤلمة

فوجئ فيتو بهذا السؤال الذي جاء من لامكان . إنها فكرة لم تطرأعلى ذهنه حتى هذه اللحظة . لكن لحظة اومض هذا الاحتمال في رأسه . أنتابه أحساس مفزع بأنه أكتشف للتو بأن رايتشل فايل تمارس لعبة أكثر مهارة مما تصور على الإطلاق .
بالرغم من أن فيتو حمى نفسه في اتفاقية ماقبل الزواج كي لاتسلبه رايتشل امواله متذرعة بأية مطالب ماليه مستقبلية لكن مع هذا من الممكن أن تكون رايتشل قد تغلبت عليه بألاعيبها . ماذا لو أنها تزوجته وهي حامل أصلاً ؟ يا إلهي ! أهذا هو هدفها من هذه المهزلة ؟أن تربطه بطفل رجل آخر . . . بطفل رفض والده الطبيعي أن يتزوج منها ؟ حسناً ! يمكنه دوماً أن يصر على إحراء فحص جيني يثبت أبوته , وإن كانت النتيجه سلبية فهو يستطيع التخلص منها بسهوله .
غدا وجه رايتشل كالصفحة البيضاء . فيما أحس فيتو كأن ركلة وجهت إلى أحشائه . الأمر صحيح إذاً . . . إنها حامل بطفل رجل آخر .
أحس ان الجنون والهيجان يخترقانه كالسكين ز لكن السبب لم يكن غضبه من رايتشل , أدرك فيتو ذلك غير مصدق . إنما السخط والغضب الموجهان تجاه الرجل الذي جعلها تحمل , ثم رفض الزواج بها . أحس بالغضب الشديد تجاهها أيضاً لأنها سمحت لرجل آخر أن يلمسها . لن يلمس أي رجل رايتشل مجدداً . مامن رجل غيره سوف يشعر بجسدها الجميل بين ذراعيه . هو فقط سوف يحصل على رايتشل فايل و فقط هو , فيتو فارنيستي .
لكنه تأخر كثيراً . هناك رجل غيرة ترك أثره عليها .. . تملّكها . .. وجعلها تحمل , ثم تخاّى عنها .
راحت رايتشل تحدق بفيتو , فيما بدا وجهها أبيض كالطبشور . جاء صوتها أجش وهي تقول :"لا! لا , أنا لست حاملاً "
استنشقت رايتشل نفساً عميقاً مرتعداً بدا كأنه يهز جسدها النحيل بأكمله . انزلقت عيناها بعيداً عنه , إذ لم تقدر على ملاقاة عينيه , فاتهب اللون فجأة في وجنتيها قبل أن يتلاشى ليصبح باهتاً .
غمره إحساس بالارتياح , ثم تلاه إحساس آخر . إ لم تكن رايتشل حاملاً , إن لم يكن ذلك هو سبب ذهابها إلى تلك العياده اليوم , فما هو السبب ؟ لابد أنها ذهبت لكي تعرض وثيقة الزواج وتتباهى بها في وجه عشيقها ذاك .
- أكرر ثانية , لماذا ذهبتِ إلى عيادة ماكفارلاين بعد ظهر هذا اليوم ؟
أحست رايتشل بالهلع يتضاعف في صدرها . طلب فيتو من رجاله أن يلاحقوها , وهكذا علم أين كانت , كيف يجرؤ على ذلك ؟ لكن لماذا تراها تستغرب الأمر ؟ فعل ذلك من قبل , وفي المره الأخيرة التي زارها فيها هنا . طلب ملاحقتها من مكتبه وصولاً إلى هنا . لكن , لِمَ عساه طلب ملاحقتها الآن ؟ أنتهت مهزلة زواجهما , فهي من غادرت . يجدر به الا يهتم بالتواصل معها , أو برؤيتها مجدداً . ولا بالتسبب لها بالعذاب مجدداً . لماذا يصر على استجوابها ؟ يمكن أن يتولى محاميه أمر الطلاق .
ردت بصوت رصين جداً قائلة :" لست مضطره إلى الرد على سؤالك "
لم يظهر في صوتها أي أرتعاشه . لكنها لم تشعر بالارتياح تماماً .
قد يبدو صوتها غير مترنح , لكن الادرينالين الذي يجول في ارجاء جسدها جعها تشعر انها ضعيفة كالقصبه . ذاك السؤال حول كونها حاملاً كاد يقطع ركبتيها . أخترقها الخوف . لايمكن ان تكون حاملاً . . . بحق الله لايمكن أن تكون كذلك . آخر شيء قد يرغب به فيتو فارنيستي هو أن ينجب طفلاً من رايتشل فايل الابنة غير الشرعية لآرلين . اخترق الألم لحمها كالجليد البارد . إنه ألم شديد جداً لايحتمل . غنها بحاجة إلى تحصين دفاعاتها . حسناً ! الغضب سوف يفي بالغرض .
رمت رأسها إلى الوراء , وطالبته قائلة :" ما هذا بحق الجحيم لما تقتحم منزلي وتطرح اسئلة لاتعنيك البته ؟"
- ذهبتِ لتقابلي عشيقك , أليس كذلك ؟ أليس كذلك ؟ ذهبت إلى تلك العيادة لكي تعرضي عليه وثيقة زواجك الغالية وتتباهي بها !
انفتح فمها ثم عاد وانغلق تماماً .
- أجيبيني !
قالت :" لست مضطره لأن أجيبك فيتو "
تجاهلها فيتو مجددا , وطالبها قائلاً :" ماهو أسم عشيقك هذا ؟"
فدا فيتو مصراً و عديم الرحمة .
- لست مضطرة لأن أخبرك !
- أجيبيني !!
- لست مضطرة إلى ذلك !
ارتفع صوت رايتشل , أما عينا فيتو فاستقرتا عليها , قد أصبحتا سوداوين كسواد الليل .
- لا , لست مضطرة إلى ذلك . جل ماعليك فعله هو أن ترافقيني إلى العيادة , وبصفتي زوجك أنا واثيق من ان المستشفى سوف يسرّ بالسماح لي بمرافقتك في زيارتك .
- لا!
- بلى .
لم تفارقها عينا فيتو , فاستقرتا عليها بنظرات سوداء حاقدة جعلت الخوف يرتعد في عروقها , ثم قال :" في الواقع , بصفتي زوجك انا واثق أن المستشفى سوف يسمح لي بالزيارة ولو بمفردي "
اشتعل الخوف في عيني رايتشل :" لا! لايمكنك ! لايجدر بك !"
اجابها فيتو , وقد ثبتتها عيناه على الأرض , فقال :" لكني الستطيع ان أفعل ذلك و وسوف أفعل "
قامت رايتشل بحركة متشنجة مهتزة بقوة بيدها , فقالت :" لا . . . أرجوك ! ارجوك لاتفعل !"
إنه كابوس حقيقي . أن يظهر فيتو في المستشفى الان . . . وقد يصل إلى غرفة والدتها . . . يجدر بها أن تتصل بالمستشفى على الفور , فتخبرهم أنه لو جاء فيتو عليهم منعه من الدخول , وإبعاده من هناك . يجب ألاّ . . . يجب ألا يسمح له بالأقتراب من والدتها أبداً !
راقب فيتو الخوف يتلاعب على وجه رايتشل , فأحس بالسخط يقرع في داخله . أغضبه يأسها الشديد في محاولتها أن تمنعه من اكتشاف هوية عشيقها هذا , إنها الآن متزوجه . . . متزوجة منه . لاشأن لها . . . لشأن لعين لها بأن تذهب لزيارة رجل آخر . . . عشيق آخر . بدا كأن العضب الشديد يستنزفه . أمسك بالباب بقوة ففتحه .
- سوف نذهب الآن . . . الآن بالذات !
- لا ! أنا لن أذهب .
- إذا سوف أذهب بمفردي !
- سوف أتصل بالمستشفى , وأطلب منهم ألا يسمحو لك بالدخول !
تجمّدت على وجه فيتو ابتسامة متوحشه فقال :" لن تتصلي بأحد . سوف أطلب من رجل الأمن الخاص بي أن يبقى برفقتك فيما اقود سيارتي نحو هامبسيد "
انشذّت عينا رايتشل إلى الأمام , وظهر اليأس والهستيريا في صوتها حين قالت :" لا ! لا تستطيع . لايمكنك ان تذهب إلى المستشفى . لايمكنك أن تقابها . لن أسمح بذلك . . . لن أسمح بذلك !"
حدّق فيتو إلى رايشل . ممسكاً بالباب مفتوجاً . أنا تقول شيئاً ما . . . شيئاً غير منطقي .
- لن أسمح بك أن تراها أبداً . . . أبداً !
انعقد حاجبا فيتو سوياً . ما الذي تتحدث عنه ؟ عمن تراها تتحدث ؟ سيطرت الهستيريا على صوت رايتشل . إنه لس أصم كي لايسمع هذه النبره المرتجفة . طالبها بحدة قائلاً :" من ؟"
بدت عيناها مشرقتين , مشتعلتين , مححمومتين , يائستين :" والدتي !"
انطلقت الكلمات من فم رايتشل . هي لم تقصد أن تسمح لها بالخروج . لم تكن تقصد أبداً ان تسمح لفيتو فارنيستي أن يعلم من هو الشخص الذي تزوره في المستشفى . لكن لو فعل فيتو ماهدد بأن يفعله , فظهر في السمتشفى بك بساطة قائلاً لهم بأنه زوجها من دون أن تتمكن هي من تحذيرهم . فهم سيسمحون له بالدخول . هي تعلم أنهم سيفعلون . إنه رجل ثري , قوي , مقنع . . . وهو قادر على تخطي أي امرأه على مكتب الاستقبال في العالم .
راح فيتو يحدق برايتشل , ثم فجأة صفق الباب فأغلقة وأتجه نحوها . ظهر الأتهام في صوته وهو يقول لها :" والدتك ؟ أخبرتيني بأنها مسافره خارج البلاد ! إذا ً , ما الذي تفعله في المستشفى ؟ هل تقوم بعملية تجميل لشد الوجه ؟ أتحاول التخلص من كبر السن ؟"
تنفست رايشل فيما بدت في عيناها مضيئتين محمومتين . وقالت :" لا .إنها تعاني من مرض السرطان "
التهبت عيناها الموجهتان نحو فيتو . إنها تكرهه ! تكرهه كثيراً. إنها تكره العالم بأسره . . . الكون كله . راقبت رايتشل الدماء تفور في وجه فيت .
- السرطان ؟!
بدا كأن هناك خطباً ما بصوته . عيناه لم تفارقانها , لكنها أستطاعت ان تلحظ انه كان يدور في دوامه ذهنيه .
- منذ . . . منذ متى هي . . . مريضة ؟
لِمَ يسألها ؟ ما الذي يهمه في ذلك ؟
- منذ فترة طويله بما يكفي . لكن لاتقلق فيتو . . . لن يطول الأمر كثيراً بعد . يريدون إخراجها من المستشفى ليدخلوهاإلى دار للعناية بالمرضى أمثالها . حيث يمكنها . . .
اطبق حلق رايتشل , على الكلمات لكن كان عليها أن تقولها , فتابعت :" . . . حيث يمكنها أن تموت "
ظهر شعاع ما في عينيها . رمشت رايتشل لكن رؤيتها لم تنجلِ .
رفضت أن تنجلي . حاولت أن تتكلم مجدداً , لكن حلقها أطبق . أطبق كلياً . لاحظت من خلال عينيها المغشيتين أن فيتو مدّ إحدى يديه إلى الباب , فاستند إليه . كما لو أنه فجأة لم يعد يقوى على تثبيت نفسه .
- آرلين تحتظر ؟
انتظرت رايتشل الأزدراء . . . لكن فيتو لم يقل شيئاً . لاشيء باستثناء تلك النظره التي تدل على الصدمة الكاملة في وجهه وعينيه .
رمشت رايتشل مجدداص . استطاعت أن تشعر بالدموع المؤلمة الساخنه تملأ عينيها . حاولت أن تمسحها . لا ! لن تبكي على والدتها أمام فيتو الذي يمقتها , ولطالما مقتها منذ أن قربها والده منه وأصبحت منافسة لوالدته . أدارت وجهها بعيداً بحركة خرقاء متعثرة . أندفعت إلى الأمام محاولة إيقاف النشيج الذي يسد حلقها , أحست بركبتيها تضعفان , فتعلقت بحافة الطاولة , وغرقت في الكرسي الذي كانت تجلس عليه , فهي لم تعد تقوى على الوقوق .
جرحتها التنهدات الخشنة الممزقة . فأنحنى رأسها واهتت كتفاها . بدا حزنها شاملاً . راقب فيتو اهتزاز جسدها ورأسها المنحني , وسمع الصوت الممزق الذي تصدره . بحركة منتفضة خطا إلى الأمام نحوها . توقف , ثم ضعط بيده على كتفها .
- رايتشل .....!
لم يعلم فيتو مال الذي يجدر به أن يقوله أو أن يفعله . فالصدمه ماتزال تجوب في داخله تهزه , وتطلق موجات الصدمه في كيانه . آرلين غراهام تحتضر . إنها المرآه التي عذّبت حياة والدته إلى يوم ممات والده , أما أبنتها فتتحطم بسبب ذلك . أطبقت عليه الصدمة مجدداً .
هنالك شيء ما مدمر يشعر به لدى رؤية رايتشل فايل تنهار على هذا الشكل . بدا كما لو أنها أصبحت شخاً آخر امام عينيه . أصبحت شخاً مختلفاً تماماً , لا يعرف كيف يتفاعل معه .
كرر فيتو أسمها مجدداً , وأحس أنه عيدم الحيلة . . .
لم تتوقف رايتشل عن البكاء , بل ازداد نشيجها . وأخذ يعذب جسدها بقوة أكبر . احس فيتو بركبتيه تلتويان , فربض نزولاً إلى جانبها . كانت رايتشل تضع يديها في حضنها , فتلقبهما الواحده فوق الأخرى بحركة متتالية . مدّ فيتو يديه وأمسك بيديها . ثم ضعطعليهما وثبهما . تابعت رايتشل البكاء لفترة بدت طويلة جداً . أما فيتو فاستمر راكعاً إلى جانبها بينما غلف يديها بيديه .
بدأت التنهدات تتلاشىى تدريجياً . فلم يبقّ لدى رايتشل الكثير في داخلها . رفعت رايتشل ببطء رأسها المنحني . بدا وجهها ملطخاً بالدموع بينما أحيطت عيناها بهالتين حمراوين . في الواقع حفر الحزن خطوطه عير المتسامحه على ملامح وجهها كلها . تحرك رأسها نحو فيتو .
- لهذا السبب جعلتك تتزوج بي .

مونـــــي
09-11-2012, 19:40
رنمت رايتشل الكلمات بصوت خافت خال من التعابير , بابعت قائلة :" لأجلها . . . لكي أسعدها . إنها تعتقد . . ."
غصّ صوتها , ثم تابعت :" هي تعتقد أنك تزوجتني فعلاً , وأن زواجنا ليس مجرد قطعة من الورق , بل زواج حقيقي , بعد كل هذه السنوات اقتنعن أن ابنتها أصبحت عروساً حقيقية لآل فارنيستي صدقت أنني عروس حظيت بنهاية سعيدة كما في القصص الخيالية "
تغيرت نبرة صوتها , ومع أنها بقيت خافته , لكنها حملت عنفاً هز كيان فيتو , عندما تابعت :" إن فعلت أي شيء يظهر لها أن هذا الزواج كذبة مزيفه , سف أقتلك . أقسم بالله إنني سوف أقتلك !"
تابعت فيما بقيت النظرة الفارغه في عينيها :" في البداية أردت فقط أن أزيف القصة بأسرها فأدعي أنك تزوجتني , لكنني فكرت بالصدمة التي ستصيبها لو لم استطع أن أبرز لها وثيقة الزواج , لو أكتشفت أنني أكذب عليها وألفق الأمر برمته . لهذا السبب اضطررت إلى جعل الأمر واقعياً . . . واقعياً بنظر القانون . لكي أستطيع أن أنظر إلى عينيها مباشرة , وأقسم لها إنني فعلاً أسبحت السنيورا فارنيستي . وأظهر لها الخاتم في إصبعي . فأريها الصور الفوترغرافية حيث أرتدي أن زمردات فارنيستي , لأنني عروس حقيقية لآل فارنيستي , تماماً كما حلمت على الدوام .
كان علي أن أحصل على زواج حقيقي , أم الأسلوب الوحيد فهو أن أعرض عليك أستعادة الزمردات "
توقفت رايتشل عن الكلام فاستنشقت النفس ببطء .
- هذا مافعته , ولست نادمة عليه مطلقاً .
أنزلقت عيناها بعيداً عنه , بأتجاه سطح الطاوله ثم نحو حضنها فرأت يديه المضموتين حول يديها , كما لو أنه يحاول أن يريحها . هزت رايتشل يديها بحركة مفاجئة , فأبعدتهما . ثم دفعت بنفسها ووقفت على قدميها . للحظة ترنحّت , ثم تجمدت في مكانها أحست أنها مستنزفة تماماً . فركت عينيها فأحست أنهما تحرقانها وأنهما متورمتان . أستدارت ومشت نحو المطبخ الملاصق للغرفة , فغسلت وجهها , ثم نشفته بمنشفة صغيرة . أحست أنها بحاجة إلى كوب من الشاي ليهدئها . مدّت يدها فتناولت الإبريق المعطوب , وأخذت تملؤه , لكنه سرعان ما أُخذ منها ووضع على لوح تجفيف الأطباق و أطبقت يد فيتو على مرفقها .
- رايتشل ....!
إنه فيتو ! رمشت رايتشل . يجدر بها ان تشعر بشئ ما حياله , حتماً . المقت ... التوق ...إنها الاحاسيس المعتاده التي تشعر بها تجاهه ، لكنها في هذه اللحظه بالذات لم تشعر بأي منها , تساءلت لما لا تشعر بأي شئ . تساءلت أيضاً لما قادها فيتو ببطء لكن بعناد باتجاه الأريكه المرتخيه التي تنفتح مساء لتصير سريراً . جلس فيتو الأريكه ، فجلست رايتشل بدورها ايضاً .
- نحن بحاجه لأن نتكلم .
ما زال فيتو يستطيع ان يشعر بالصدمات المتلاحقه تتوج عبر جسده ، الأن وضع جانباً ردّة فعله تجاه خبر احتضار آرلين غراهام .
سوف يعالج ذلك لاحقاً . الآن بالذات هو فقط يحاول ان يتعامل مع رايتشل . بمقدوره ان يلاحظ انها تخطت مرحلة الصدمه . إنها تجلس جامده تماماً ، وقد شدّت ركبتيها سوياً ، بينما ألقت ساعديها على فخذيها وقد أطبقت يديها سوياً ، فيما راحت تنظر امامها بنظرات فارغه .
عبس فيتو . لِم’تراها تعيش هنا في هذا المكان البالي ، على اي حال ؟ آرلين موجوده في مستشفى باهظ التكاليف ،إذاً هي تملك المال ، بالطبع ، مهما كان المبلغ الذي تمكنت من تكديسه خلال مرافقتها لوالده ، فلابد ان يكون ذا شأن . سمع نفسه ينطق السؤال بصوت مرتفع ، ثم تساءل لماذا تفعل ذلك .
أجابته رايشل من دون أن يظهر عليها أي إنفعال : " بعت شقتي لكي أؤمن العلاج لوالدتي ، اردت ان اكون واثقه تماماً من انه سيكون لدي المال الكافي حتى ... حتى أراها تجتاز الامر كله . لم يبقى لديها الكثير من مالها الخاص ، وعلمت انني لا استطيع ابداً ان ابيع الزمردات ، بالرغم من انها منحتني حق التصرف بكل شؤونها . كنت أنوي ان أعيدها لـ ... لوالدتك ، إنها تخصها " .
زفرتت رايتشل نفساً مرتعشاً : " لكن في النهايه ..." .
استنشقت نفساً آخر ، تبعه شهيق موجز ، وتابعت : " في النهايه اضطررت إلى إستخدامها . كانت ذخيرتي الوحيده ، تماماً كما قلت لي بوضوح عندما ذهبت لمقابلتك في مكتبك ".
وجهت رايتشل نظراتها الخاليه من التعابير نحوه : " أنا آسفه لأنني أجبرتك على الزواج بي لكي تستعيدها ، فيتو . فتلك كانت الطريقه الوحيده كي أحقق أمنية والتدتي المحتضره . اضطررت إلى القيام بذلك . لكنك إستعدت الزمردات الآن ، ويمكنك ان تعيدها إلى والدتك ، ثم تطلقني . اعتبر كأن الأمر لم يحصل على الاطلاق ".
راقبته رايشل وهو ينهض على قدميه . فأحست بشئ ما بدأ يجوب في داخلها . إحساس رقيق جداً ، دقيق جداً مدّ فيتو يده نزولا فقبض على مرفقها وجذبها لتقف ، ثم قال بهدوء : " أحضري أغراضك . نحن ذاهبان ".
نظرت رايتشل إليه من دون ان تفهم ، وقد التهب الخوف المفاجئ في داخلها .
- أنا لن اذهب إلى المستشفى ! لن تقابل والدتي ! لن اسمح بذلك ! أنا ....
قاطعها فيتو قائلاً : " سوف نذهب إلى شقتي " .
حدّقت رايتشل به من دون ان تفهم شيئاً .
- أريدك ان تخرجني من هذا المكان الحقير . مازلنا بحاجه لان نتكلم ، لكن ليس هنا .
موــــــــني ^___^
__________________________

مونـــــي
09-11-2012, 19:44
10-اشرقت شمس الحقيقة

ذهبت رايتشل منقاده بسهوله مع فيتو . لم تعلم لما فعلت ذلك . مامن سبب يدعوها إلى ذالك , لكن هذا مافعلته على أي حال . محت له أن يقودها إلى الطابق السفلي , ثم إلى الخارج نحو سيارته الفضية الضخمة المتوقفه عد المنعطف . فتح الباب لجهة المقعد المجاور للسائق , فدخلت رايتشل بوداعة , وهي لاتشعر باي شيء . أتجه فيتو غرباً عبر لندن فقاد عبر زحمة السير بأتجاه شيسويك . ليدخل مبن فارنيستي الصناعي . لم ينطق أثناء ذلك بأي كلمة , بل ركّز على القيادة فقط .
جلست رايتشل إلى جانبه وهي تضع يديها في حضنها , فقفزت إلى ذهنها ذكرى قديمة . . . عندما قاد بها فيتو سيارته الرائعه في أرجاء روما . . . لم تتمكن من النظر إليه , بل حدقت أمامها فقط فيما بدت عيناها كئيبتين لاترايان . شعرت بالغرابه وهي تعود إلى داخل مبنى فارنيستي .
كاد المكان يكون مهجوراً في هذا الوقت من المساء . أومأ فيتو ببساطة إلى الحارس عند مكتب الاستقبال ,فعبر تجاه مصعده الخاص الموجود في الجانب البعيد من البهو .أقلهما المصعد صعوداً بهدوء وسرعة . أحست رايتشل مجدداً كما لو أن الزمن يعود إلى الوراء . لكن هذه المرة لم ينفتح البابان على الطابق الإداري الذي أخذتها إليه السيده والترز . هذه المرة خطت رايتشل نحو مايبدو أنه بهو خاص .
- من هنا .
دخلت رايتشل وهي تنظر حولها بصمت . بدت الشقة فخمة , تغطي أرضها سجادة ناعمة من اللون الؤلؤي الرمادي .
- هل تحبين أن تغتسلي لتتعشي ؟
لم تبدُ في صوت فيتو أي نبرة تتجاوز اللباقة , وهذا الأمر بحد ذاته غريب بما فيه الكفاية . أومأت رايتشل إيجاباً . دلّها فيتو على حمام مخصص للضيوف في آخر الرواق , وتركها لتهتم بالأمر . بدا الحمام فخماً تماماً كالبهو , فهو مصنوع من الرخام الأبيض . نظرت رايتشل إلى انعكاس صورتها في المرآه . كانت عيناها متزالان ملطختين ومحمرتين , أما وجهها فبدا ذابلاً . غسلت وجهها بالماء والصابون , ثم أخذت لحظة من الوقت كي ترطب بشرتها مستخدمة عدة السفر الموجودة في حقيبتها .
ما الذي أفعله هنا ؟ لماذا جئت ؟
جال هذان السؤالان في ذهنها كالدوامة , لكنها لم تجد جواباً . خرجت من الحمام وعادت إلى الصالة . كان فيتو هناك يقف بالقرب من خزانة المشروبات المفتوحة , سكب كوباً من عصير الليمون المنعش , ثم ناولها إياه .
- اشربيه ! أنت بحاجة إليه .
تناولت رايشتل الكوب بأنامل مرتخية . ثم جلست على إحدى الأرائك الضخمة .
- طلبت العشاء . أنتِ بحاجة لأن تأكلي .
قاطع صوت فيتو سنوات من الذكريات . رمشت رايتشل بعينيها مجبرة نفسها أن تعود إلى الحاضر . ردّت :" أنا لست جائعة "
لكن عندما وصل الطعام فوجئت رايتشل أنها جائعة فعلاً , لم تجد صعوبه في تناول الطعام الشهي . تناولا الطعام بصمت , فيما ظلت رايتشل تشعر بالغرابة الشديدة .
أخيراً أنهت عشائها وجلست في مكانها وهي تضع يديها في حضنها كما لو أنها طفلة تنتظر أن ترفع الأطباق من أمامها , ليقال لها إنها تستطيع المغادرة .
- القهوه في الصالة .
أعلن فيتو ذلك , أما رايتشل لم تكن واثقة إن كان يخبرها هي أم يخبر موظفي تقديم الطعام . لكنها انسلت عن كرسيها مطيعة , وتوجهت خارج غرفة الطعام , فجلست منقادة على الأريكة الرمادية الضخمة مجدداً . ظهرت صينية تحمل قهوه ذات رائحة قوية , عليها طبق فضي فيه حبات من الشوكولا البيضاء . تناولت رايتشل إحدى تلك الحبات من غير وعي .
- الكريما ؟
نظرت إلى فيتو , الذي وضع كوباً كبيراً من القهوة أمامها . كان فيتو يراقبها وهي تقضم حبة الشوكولا . لم تظهر أي تعابير على وجهه لكن ظهر التوتر على فكة . لاحظت رايتشل ذلك , فتسائلت عن السبب . حمل فيتو قهوته ثم عبر نحو الأريكة التي تجلس عليها رايتشل وجلس على الطرف البعيد منها . راقبته بحذر وهو يرتشف ملء فمه من القهوه . ثم يضع الكوب جانباً بنوع من التصميم .
- لماذا لم تخبريني عن مرض والدتك عندما جئت إلى مكتبي الأسبوع الفائت ؟
توقفت رايتشل عن رفع كوب القهوه إلى فمها , وحدقت به غير مصدقة ؟ لم تجبه على الفور و ولم تعلم لِما طرح ذاك السؤال الذي يبدو جوابه واضحاً جداً .
- كان هذا هو آخر شيء أرغب في أن تعرفة أنت .
تصلب وجه رايتشل , وتابعت :"لست آبه لما تظنه بي , فيتو . لكرت بأسوأ الأمور عني منذ أول مرة وقعت فيها عيناك علي. هل تظنني نسيت أبداً الكلمات الأولى التي قلتها لي على الإطلاق ؟"
بدا صوتها كئيباً , فيما ظهر أحمرار خفيف على خدي فيتو .
- كنت غاضباً جداً ذاك اليوم . فوالدتي تعرضت إلى نوبه أخرى من نوباتها وبالرغم من ذلك أصر والدي على البقاء على الشاطئ مع . . . . مع آرلين . لاشيء مما قلته أمكنه أن يقنعه ليعود إلى تورين .
أشاحت رايتشل بنظرها بعيداً . أرادت أن تشعر بالحذر مجدداً , فالأمر أسهل كثيراً على ذلك النحو . عاد فيتو ليقول أمراً مختلفاً , وما قاله الان جعلها تحرك رأسها فتلتفت نحوه مجدداً . وقد ارتسمت التعابير غير المصدقة نفسها على وجهها .
- ألهذا السبب وافقت على التخطيط مع والدتك كي تأسريني فتجبريني على الزواج بك عندما كن في الثامنة عشر من عمرك ؟ لكي تنتقمي مني على ماقلته لك ذاك اليوم ؟
بدا صوته مشدوداً , فيما ظهرت نظرة حذرة في عينيه . فكرت رايتشل ضجرة . ها نحن نبدأ من جديد! إنه يلوي الحقيقة مرة ثانية .
ردت بصوت مشدود :" أجرينا هذا الحديث من قبل فيتو , ولم يصل بنا إلى أي مكان . على أي حال , ما من مكان سنصل إليه نحن الأثنان بأستثناء محكمة الطلاق . هذا كل شيء . . . بأسرع وقت ممكن وبأقل ألم ممكن "
سيطرت على وجه فيتو نظرة مطبقة . وقال :" أن لا أريد أن أطلقك "
فحدقت به مذهوله :" ماذا ؟"
استقرت عيناه عليها وظهر فيهما شيء سرّع الدماء في عروقها . فجأة أدركت رايشتل كم هي قريبة منه , إنها قريبه جداً من فيتو فارنيستي . قالت بصوت خافت :" أنا . . . أنا لا أفهم "
ارتسمت علو وجه فيتو نظرة لم تقو على قرائتها .
- ألا تفهمين ؟ إذاً دعيني أريك .
انحنى فيتو قليلاً إلى الأمام , فتناول كوب القهوه من يدها , ووضعه على الطاوله . بالرشاقة نفسها انزلقت يده حو عنق رايتشل ولم يعد امام رايتشل سوى لحظة أو أقل ربما , حتى تدرك نواياه . لكن الأوان فات على ذلك . أحنى فيتو وجهه نحوها و وسرعان ماضمتها ذراعاه إليه بشوق , وعاااااانقها . . . <<<< يارباه
جاشت الدماء في عروق رايتشل , وأغرقتها . .. . اغرقت كل شيء . . . أحاسيسها , منطقها , ومقاومتها .أحست بالحرارة تلتهب كالشعلة في داخلها . حرارة حامية . ملحة لاتقاوم . بعدئذٍ اختفى كل شيء . لم يعد ههنالك وجود لأي شيء سوى فيتو . سمعت صوتاً صادراً من أعماق حنجرتها وهي تطلق أنّه خافته عاجزة , وبدا أن ذالك زاد من اشتعال فيتو واتقاده . كانت عينا رايتشل مغمضتين بحزم , فم يعد هنالك من وجود لأي شيء بالنسبة إليها سوى الأحاسيس . . . الأحاسيس القوية المطلقة , التي أثارها فيتو فيها .
آه , يا إلهي ! إنها تشعر بالانجذاب نحوة بقوة . لا! بحق الله , لايجدر بها أن تسمح بحصول هذا !
دفعته رايتشل بعيداً عنها . لايمكنها . . . لايمكنها أن تكون حمقاء إلى هذه الدرجة من جديد !
- لا! فيتو , أرجوك . . .! ارجوك لاتفع بي هذا مجدداً ! أنت تعلم أنني كذبت عليك . قلت لك إنني لا أرغب بك . كان علي أن اقول لك ذلك . . . كان علي أن افعل . . . ما كان بمقدوري أن أفعل غير ذلك . أحبرك على الزواج بي كما فعلت , ثم أجعلك تظن أنني أريدك ! أنت تعلم أنني عاجزة عن صدّك . لست بحاجة لأن تثبت لي ذلك فقط كي تهينني وتذلني مجدداً . كرهت الكلمات التي استخدتها لوصفي طيلة السنوات الماضية . لكنني أعلم - ولطالما علم - أنني غير قادرة على إنكارها . لربما كانت كلمات قبيحة , لكنها صحيحة . يا إلهي ! إنها صحيحة . أنا أتوق إليك , تماماً كما قلت . أردتك أن تعانقني بكل يأس . لطالما ابتدعت أحلاماً تتعلق بك . . أحلاماً غبية طفولية . جعلتك في مخيلتي الأمير الفاتن, فتختارني بشكل ساحر لأكون سندريلا , وتجول بي في أرجاء روما كما لو كنت في وسط نوع من الروايات الخرافية الرومنيسة . لم أدرك أنني كنت غبية إلىحد لايصدق إلاعندما واجهتني أمي بالحقيقة القاسية . ليتني لم أكن بهذا الغباء , لتمكنت عندها أن أرى ماكنت تحاول أن تفعله . كنت لأدرك أنك تستخدمني لكي تؤذي آرلين , وما كنت سأقع كاللعبة بين يديك . لقد أخبتين . . . كم أنا غبية لأعتقادي أن رجلاً مثلك قد يهتم بفتاة أنكليزية صغيرة مملة مثلي , في حين أن هناك صفاً طويلاً من عارضا الأزياء اللواتي يتهافتن عليك .
تجمد فيتو في مكانه تماماً . بعدئذٍ سألها بصوت غريب :" أهذا ماقالته لك آرلين ؟"
اجابته رايتشل بمرارة :" إنه امر مثير للشفقة و أليس كذلك ؟ أنت كنت مقنعاً جداً , رائعاً جداً , جذاباً جداً , وأنا فعلاً كنت غبية جداً وأنا في الثامنة عشرة من عمري , ومازلت غبية . . . ضعيفة وغبية . لكنني على الأقل أعرف أنني كذلك . ععلى الأقل أنا أدرك ألآن أنك كنت تسخر مني عندما توددت إلي . لماذا برأيك قلت لك أنني أريد زواجاً خالياً منالعلاقات الحميمية ؟"
سألت رايتشل ذلك بكآبة , ثم تابعت كلالامها قائلة :" كنت أحاول أن احمي عزة نفسي . . . عزة النفس فقط . مثلما فعلت عندما كنا على جزيرة سان بيير . حسناً ! أصبحت تعرف هذا الان , لذا يمكنك أن تدعني وشأني . أرجوك دعني وشأني . . ."
نظر فيتو إليها وبدت تعابيرو وجهه غامضة , ثم فجأة مشى نحو منضدة قريبه . سمعت رايتشل قرقعة الزجاج , ثم صوت انسكاب الماء ز استدار ليواجهها مجدداص بعد أن تناول جرعه كبيره من الماء .
- هل تعرفين لما تزوجتك ؟
جاء سؤاله من العدم , وبدا كأنه غير منظقي . بابع فيتو كلامه فيما بدا صوته خشناً :" هل تظنين أن السبب هو الزمردات ؟ أتظنين ذلك ؟ كنت أفضل رؤيتك في الجحيم قبل استعيدها بناء على تلك الشروط . لا أحد يمكنه التلاعب بي . . . لاأحد ! تزوجتك فقط وبك بساطة حتى أحصل عليك في السرير .لأنك اشترطت زواجاً خالياً من العلاقات الحميمية . وقفت هناك في زيك الأنيق , وأنت تبدين بارده كالجليد فقلتِ لي إن مواهبي في السرير ليست مطلوبه خلال هذه الفترة !"
شعرت رايتشل بقلبها يتخبط ببطء وثقل . قالت بصوت خافت :" لذلك نلت انتقامك ليلة زفافنا "
تناول فيتو جرعة اخرى من الماء , ثم أنزل الكوب . بعدئذٍِ تكلم وقد بدا صوته غريباً جداً بالنسبة إليها إذ قال :" لا . بل أنتِ فعلتِ"
حدّقت رايتشل به مذهوله .
- انا لست أفهم . . .
أطلق فيتو ضحكة متوجشة مفاجئة فقال :" لا ! أنت لاتفهمين , اليس كذلك رايتشل ؟ يبدو كأنك لافهمين أي شيء , والآن اصبحت أعرف السبب .لأن والدتك أنبتك تأنيباً عنيفاً عندما كنت في الثامنة عشر من عمرك "
وضع كوب الماء على المنضدة وبدأ يسير نحوها مجدداً .
- أخبرتيني مرتين الآن أنك لم تتواطئي مع أمك عندما كنتِ في روما معي , وأنكما لم تخططا للأمر بأسره سوياً .أنا لم اصدقك من قبل , لكنني الآن أصدقك .
- حسناً ! ذلك امر عظيم من قبلك , فيتو ! ذلك عظيم جداً من قبلك ! إذا أنت تقر أخيراً أنك تصرفت بدناءة تماماً معي منذ سبع سنوات , وأنك تعمدت ان تبحث عني , فعرفت من أنا عندما التقيتني في الحفلة و فجذبتني وطرت بي . تذكر أنني كنت فقط فتاة إنكليزية غبية , عديمة الخبرة , سهلة الانقياد وسريعة التأثر في الثامنة عشر من عمري . لابد أنني كنت ضغطاً حقيقياً بالنسبة إليك , أما أنت فأغويتني متعمداً لكي تتمكن من إيذاء والدتي !
- لا . . . لا! أنا لاأقر بذلك .
كان فيتو مايزال يتجه نحو رايتشل بخطى طويلة ثابته , وفجأة انتفضت رايتشل فنهضت على قديمها وتراجعت إلى الوراء , فاستدارت حول طاولة القهوه المنخفضة .
- ألا تقر بأن الأمر تطلب رجلاً سافلاً تماماً حتى يقول لوالدتي أنني كنت أتوسل واتحرق شوقاً لكي تعانقني ؟
- يومها ظننت أنكما اوقعتماني في الفخ , فشعرت بالعضب الشديد .
- اتعني أنك شعرت بالغضب لأنها تجرأت على اتهامك بأنك اغويتني ؟ ألم تتعمد ان تغويني فقط لكي تنتقم منها ؟
هزّ فيتو رأسه نفياً , اما تقدمة فلم يتباطأ قط . تعثرت رايتشل وهي تتراجع إلى الوراء , فأحست ببابي الصالة المغلقين يوقفان انسحابهماا .
- لا . لم يكن ذاك السبب الذي دفعني إلى أغوائك .
ضغط عمودها الفقري على الباب بقوة . وصل فيتو إليها ووقف امامها مباشرة , فصد كل محاولات هروبها , كان فيتو قريباً جداً منها . . . قريباً جداً جداً . مدّ يديه على جانبي رأسها فأسرها . أدارت رايتشل رأسها إلى أحد الججانبين وقد أصابها الهلع , ثم عادت ونظرت إليه .بادلها فيتو النظر , فيما ظهر شيء ما في عينية . شيء جعل انفاسها تنقبض , ورجليها ترتخيان .
- تابعي التفكير .
قال لها ذلك فيما ظهرت تلك النظرة الغريبة نفسها في عينية . قال لرايتشل :" هنالك تفسيران محتملان فقط لما حصل منذ سبع سنوات في روما : إما أنني أوقعتك , ااو انك من أوقعتني . أي أن أحدنا هو الخبيث , أما الآخر فهو الغبي "
- حسناً ! لم أكن انا التي نصبت لك فخاص , فيتو , لذلك لم يبق غيرك انت الذي نصبت لي الفخ !
- لا! هنالك تفسير آخر , وهو التفسير الصحيح . أهلم هذا الان .

مونـــــي
09-11-2012, 19:45
10-اشرقت شمس الحقيقة

ذهبت رايتشل منقاده بسهوله مع فيتو . لم تعلم لما فعلت ذلك . مامن سبب يدعوها إلى ذالك , لكن هذا مافعلته على أي حال . محت له أن يقودها إلى الطابق السفلي , ثم إلى الخارج نحو سيارته الفضية الضخمة المتوقفه عد المنعطف . فتح الباب لجهة المقعد المجاور للسائق , فدخلت رايتشل بوداعة , وهي لاتشعر باي شيء . أتجه فيتو غرباً عبر لندن فقاد عبر زحمة السير بأتجاه شيسويك . ليدخل مبن فارنيستي الصناعي . لم ينطق أثناء ذلك بأي كلمة , بل ركّز على القيادة فقط .
جلست رايتشل إلى جانبه وهي تضع يديها في حضنها , فقفزت إلى ذهنها ذكرى قديمة . . . عندما قاد بها فيتو سيارته الرائعه في أرجاء روما . . . لم تتمكن من النظر إليه , بل حدقت أمامها فقط فيما بدت عيناها كئيبتين لاترايان . شعرت بالغرابه وهي تعود إلى داخل مبنى فارنيستي .
كاد المكان يكون مهجوراً في هذا الوقت من المساء . أومأ فيتو ببساطة إلى الحارس عند مكتب الاستقبال ,فعبر تجاه مصعده الخاص الموجود في الجانب البعيد من البهو .أقلهما المصعد صعوداً بهدوء وسرعة . أحست رايتشل مجدداً كما لو أن الزمن يعود إلى الوراء . لكن هذه المرة لم ينفتح البابان على الطابق الإداري الذي أخذتها إليه السيده والترز . هذه المرة خطت رايتشل نحو مايبدو أنه بهو خاص .
- من هنا .
دخلت رايتشل وهي تنظر حولها بصمت . بدت الشقة فخمة , تغطي أرضها سجادة ناعمة من اللون الؤلؤي الرمادي .
- هل تحبين أن تغتسلي لتتعشي ؟
لم تبدُ في صوت فيتو أي نبرة تتجاوز اللباقة , وهذا الأمر بحد ذاته غريب بما فيه الكفاية . أومأت رايتشل إيجاباً . دلّها فيتو على حمام مخصص للضيوف في آخر الرواق , وتركها لتهتم بالأمر . بدا الحمام فخماً تماماً كالبهو , فهو مصنوع من الرخام الأبيض . نظرت رايتشل إلى انعكاس صورتها في المرآه . كانت عيناها متزالان ملطختين ومحمرتين , أما وجهها فبدا ذابلاً . غسلت وجهها بالماء والصابون , ثم أخذت لحظة من الوقت كي ترطب بشرتها مستخدمة عدة السفر الموجودة في حقيبتها .
ما الذي أفعله هنا ؟ لماذا جئت ؟
جال هذان السؤالان في ذهنها كالدوامة , لكنها لم تجد جواباً . خرجت من الحمام وعادت إلى الصالة . كان فيتو هناك يقف بالقرب من خزانة المشروبات المفتوحة , سكب كوباً من عصير الليمون المنعش , ثم ناولها إياه .
- اشربيه ! أنت بحاجة إليه .
تناولت رايشتل الكوب بأنامل مرتخية . ثم جلست على إحدى الأرائك الضخمة .
- طلبت العشاء . أنتِ بحاجة لأن تأكلي .
قاطع صوت فيتو سنوات من الذكريات . رمشت رايتشل بعينيها مجبرة نفسها أن تعود إلى الحاضر . ردّت :" أنا لست جائعة "
لكن عندما وصل الطعام فوجئت رايتشل أنها جائعة فعلاً , لم تجد صعوبه في تناول الطعام الشهي . تناولا الطعام بصمت , فيما ظلت رايتشل تشعر بالغرابة الشديدة .
أخيراً أنهت عشائها وجلست في مكانها وهي تضع يديها في حضنها كما لو أنها طفلة تنتظر أن ترفع الأطباق من أمامها , ليقال لها إنها تستطيع المغادرة .
- القهوه في الصالة .
أعلن فيتو ذلك , أما رايتشل لم تكن واثقة إن كان يخبرها هي أم يخبر موظفي تقديم الطعام . لكنها انسلت عن كرسيها مطيعة , وتوجهت خارج غرفة الطعام , فجلست منقادة على الأريكة الرمادية الضخمة مجدداً . ظهرت صينية تحمل قهوه ذات رائحة قوية , عليها طبق فضي فيه حبات من الشوكولا البيضاء . تناولت رايتشل إحدى تلك الحبات من غير وعي .
- الكريما ؟
نظرت إلى فيتو , الذي وضع كوباً كبيراً من القهوة أمامها . كان فيتو يراقبها وهي تقضم حبة الشوكولا . لم تظهر أي تعابير على وجهه لكن ظهر التوتر على فكة . لاحظت رايتشل ذلك , فتسائلت عن السبب . حمل فيتو قهوته ثم عبر نحو الأريكة التي تجلس عليها رايتشل وجلس على الطرف البعيد منها . راقبته بحذر وهو يرتشف ملء فمه من القهوه . ثم يضع الكوب جانباً بنوع من التصميم .
- لماذا لم تخبريني عن مرض والدتك عندما جئت إلى مكتبي الأسبوع الفائت ؟
توقفت رايتشل عن رفع كوب القهوه إلى فمها , وحدقت به غير مصدقة ؟ لم تجبه على الفور و ولم تعلم لِما طرح ذاك السؤال الذي يبدو جوابه واضحاً جداً .
- كان هذا هو آخر شيء أرغب في أن تعرفة أنت .
تصلب وجه رايتشل , وتابعت :"لست آبه لما تظنه بي , فيتو . لكرت بأسوأ الأمور عني منذ أول مرة وقعت فيها عيناك علي. هل تظنني نسيت أبداً الكلمات الأولى التي قلتها لي على الإطلاق ؟"
بدا صوتها كئيباً , فيما ظهر أحمرار خفيف على خدي فيتو .
- كنت غاضباً جداً ذاك اليوم . فوالدتي تعرضت إلى نوبه أخرى من نوباتها وبالرغم من ذلك أصر والدي على البقاء على الشاطئ مع . . . . مع آرلين . لاشيء مما قلته أمكنه أن يقنعه ليعود إلى تورين .
أشاحت رايتشل بنظرها بعيداً . أرادت أن تشعر بالحذر مجدداً , فالأمر أسهل كثيراً على ذلك النحو . عاد فيتو ليقول أمراً مختلفاً , وما قاله الان جعلها تحرك رأسها فتلتفت نحوه مجدداً . وقد ارتسمت التعابير غير المصدقة نفسها على وجهها .
- ألهذا السبب وافقت على التخطيط مع والدتك كي تأسريني فتجبريني على الزواج بك عندما كن في الثامنة عشر من عمرك ؟ لكي تنتقمي مني على ماقلته لك ذاك اليوم ؟
بدا صوته مشدوداً , فيما ظهرت نظرة حذرة في عينيه . فكرت رايتشل ضجرة . ها نحن نبدأ من جديد! إنه يلوي الحقيقة مرة ثانية .
ردت بصوت مشدود :" أجرينا هذا الحديث من قبل فيتو , ولم يصل بنا إلى أي مكان . على أي حال , ما من مكان سنصل إليه نحن الأثنان بأستثناء محكمة الطلاق . هذا كل شيء . . . بأسرع وقت ممكن وبأقل ألم ممكن "
سيطرت على وجه فيتو نظرة مطبقة . وقال :" أن لا أريد أن أطلقك "
فحدقت به مذهوله :" ماذا ؟"
استقرت عيناه عليها وظهر فيهما شيء سرّع الدماء في عروقها . فجأة أدركت رايشتل كم هي قريبة منه , إنها قريبه جداً من فيتو فارنيستي . قالت بصوت خافت :" أنا . . . أنا لا أفهم "
ارتسمت علو وجه فيتو نظرة لم تقو على قرائتها .
- ألا تفهمين ؟ إذاً دعيني أريك .
انحنى فيتو قليلاً إلى الأمام , فتناول كوب القهوه من يدها , ووضعه على الطاوله . بالرشاقة نفسها انزلقت يده حو عنق رايتشل ولم يعد امام رايتشل سوى لحظة أو أقل ربما , حتى تدرك نواياه . لكن الأوان فات على ذلك . أحنى فيتو وجهه نحوها و وسرعان ماضمتها ذراعاه إليه بشوق , وعاااااانقها . . . <<<< يارباه
جاشت الدماء في عروق رايتشل , وأغرقتها . .. . اغرقت كل شيء . . . أحاسيسها , منطقها , ومقاومتها .أحست بالحرارة تلتهب كالشعلة في داخلها . حرارة حامية . ملحة لاتقاوم . بعدئذٍ اختفى كل شيء . لم يعد ههنالك وجود لأي شيء سوى فيتو . سمعت صوتاً صادراً من أعماق حنجرتها وهي تطلق أنّه خافته عاجزة , وبدا أن ذالك زاد من اشتعال فيتو واتقاده . كانت عينا رايتشل مغمضتين بحزم , فم يعد هنالك من وجود لأي شيء بالنسبة إليها سوى الأحاسيس . . . الأحاسيس القوية المطلقة , التي أثارها فيتو فيها .
آه , يا إلهي ! إنها تشعر بالانجذاب نحوة بقوة . لا! بحق الله , لايجدر بها أن تسمح بحصول هذا !
دفعته رايتشل بعيداً عنها . لايمكنها . . . لايمكنها أن تكون حمقاء إلى هذه الدرجة من جديد !
- لا! فيتو , أرجوك . . .! ارجوك لاتفع بي هذا مجدداً ! أنت تعلم أنني كذبت عليك . قلت لك إنني لا أرغب بك . كان علي أن اقول لك ذلك . . . كان علي أن افعل . . . ما كان بمقدوري أن أفعل غير ذلك . أحبرك على الزواج بي كما فعلت , ثم أجعلك تظن أنني أريدك ! أنت تعلم أنني عاجزة عن صدّك . لست بحاجة لأن تثبت لي ذلك فقط كي تهينني وتذلني مجدداً . كرهت الكلمات التي استخدتها لوصفي طيلة السنوات الماضية . لكنني أعلم - ولطالما علم - أنني غير قادرة على إنكارها . لربما كانت كلمات قبيحة , لكنها صحيحة . يا إلهي ! إنها صحيحة . أنا أتوق إليك , تماماً كما قلت . أردتك أن تعانقني بكل يأس . لطالما ابتدعت أحلاماً تتعلق بك . . أحلاماً غبية طفولية . جعلتك في مخيلتي الأمير الفاتن, فتختارني بشكل ساحر لأكون سندريلا , وتجول بي في أرجاء روما كما لو كنت في وسط نوع من الروايات الخرافية الرومنيسة . لم أدرك أنني كنت غبية إلىحد لايصدق إلاعندما واجهتني أمي بالحقيقة القاسية . ليتني لم أكن بهذا الغباء , لتمكنت عندها أن أرى ماكنت تحاول أن تفعله . كنت لأدرك أنك تستخدمني لكي تؤذي آرلين , وما كنت سأقع كاللعبة بين يديك . لقد أخبتين . . . كم أنا غبية لأعتقادي أن رجلاً مثلك قد يهتم بفتاة أنكليزية صغيرة مملة مثلي , في حين أن هناك صفاً طويلاً من عارضا الأزياء اللواتي يتهافتن عليك .
تجمد فيتو في مكانه تماماً . بعدئذٍ سألها بصوت غريب :" أهذا ماقالته لك آرلين ؟"
اجابته رايتشل بمرارة :" إنه امر مثير للشفقة و أليس كذلك ؟ أنت كنت مقنعاً جداً , رائعاً جداً , جذاباً جداً , وأنا فعلاً كنت غبية جداً وأنا في الثامنة عشرة من عمري , ومازلت غبية . . . ضعيفة وغبية . لكنني على الأقل أعرف أنني كذلك . ععلى الأقل أنا أدرك ألآن أنك كنت تسخر مني عندما توددت إلي . لماذا برأيك قلت لك أنني أريد زواجاً خالياً منالعلاقات الحميمية ؟"
سألت رايتشل ذلك بكآبة , ثم تابعت كلالامها قائلة :" كنت أحاول أن احمي عزة نفسي . . . عزة النفس فقط . مثلما فعلت عندما كنا على جزيرة سان بيير . حسناً ! أصبحت تعرف هذا الان , لذا يمكنك أن تدعني وشأني . أرجوك دعني وشأني . . ."
نظر فيتو إليها وبدت تعابيرو وجهه غامضة , ثم فجأة مشى نحو منضدة قريبه . سمعت رايتشل قرقعة الزجاج , ثم صوت انسكاب الماء ز استدار ليواجهها مجدداص بعد أن تناول جرعه كبيره من الماء .
- هل تعرفين لما تزوجتك ؟
جاء سؤاله من العدم , وبدا كأنه غير منظقي . بابع فيتو كلامه فيما بدا صوته خشناً :" هل تظنين أن السبب هو الزمردات ؟ أتظنين ذلك ؟ كنت أفضل رؤيتك في الجحيم قبل استعيدها بناء على تلك الشروط . لا أحد يمكنه التلاعب بي . . . لاأحد ! تزوجتك فقط وبك بساطة حتى أحصل عليك في السرير .لأنك اشترطت زواجاً خالياً من العلاقات الحميمية . وقفت هناك في زيك الأنيق , وأنت تبدين بارده كالجليد فقلتِ لي إن مواهبي في السرير ليست مطلوبه خلال هذه الفترة !"
شعرت رايتشل بقلبها يتخبط ببطء وثقل . قالت بصوت خافت :" لذلك نلت انتقامك ليلة زفافنا "
تناول فيتو جرعة اخرى من الماء , ثم أنزل الكوب . بعدئذٍِ تكلم وقد بدا صوته غريباً جداً بالنسبة إليها إذ قال :" لا . بل أنتِ فعلتِ"
حدّقت رايتشل به مذهوله .
- انا لست أفهم . . .
أطلق فيتو ضحكة متوجشة مفاجئة فقال :" لا ! أنت لاتفهمين , اليس كذلك رايتشل ؟ يبدو كأنك لافهمين أي شيء , والآن اصبحت أعرف السبب .لأن والدتك أنبتك تأنيباً عنيفاً عندما كنت في الثامنة عشر من عمرك "
وضع كوب الماء على المنضدة وبدأ يسير نحوها مجدداً .
- أخبرتيني مرتين الآن أنك لم تتواطئي مع أمك عندما كنتِ في روما معي , وأنكما لم تخططا للأمر بأسره سوياً .أنا لم اصدقك من قبل , لكنني الآن أصدقك .
- حسناً ! ذلك امر عظيم من قبلك , فيتو ! ذلك عظيم جداً من قبلك ! إذا أنت تقر أخيراً أنك تصرفت بدناءة تماماً معي منذ سبع سنوات , وأنك تعمدت ان تبحث عني , فعرفت من أنا عندما التقيتني في الحفلة و فجذبتني وطرت بي . تذكر أنني كنت فقط فتاة إنكليزية غبية , عديمة الخبرة , سهلة الانقياد وسريعة التأثر في الثامنة عشر من عمري . لابد أنني كنت ضغطاً حقيقياً بالنسبة إليك , أما أنت فأغويتني متعمداً لكي تتمكن من إيذاء والدتي !
- لا . . . لا! أنا لاأقر بذلك .
كان فيتو مايزال يتجه نحو رايتشل بخطى طويلة ثابته , وفجأة انتفضت رايتشل فنهضت على قديمها وتراجعت إلى الوراء , فاستدارت حول طاولة القهوه المنخفضة .
- ألا تقر بأن الأمر تطلب رجلاً سافلاً تماماً حتى يقول لوالدتي أنني كنت أتوسل واتحرق شوقاً لكي تعانقني ؟
- يومها ظننت أنكما اوقعتماني في الفخ , فشعرت بالعضب الشديد .
- اتعني أنك شعرت بالغضب لأنها تجرأت على اتهامك بأنك اغويتني ؟ ألم تتعمد ان تغويني فقط لكي تنتقم منها ؟
هزّ فيتو رأسه نفياً , اما تقدمة فلم يتباطأ قط . تعثرت رايتشل وهي تتراجع إلى الوراء , فأحست ببابي الصالة المغلقين يوقفان انسحابهماا .
- لا . لم يكن ذاك السبب الذي دفعني إلى أغوائك .
ضغط عمودها الفقري على الباب بقوة . وصل فيتو إليها ووقف امامها مباشرة , فصد كل محاولات هروبها , كان فيتو قريباً جداً منها . . . قريباً جداً جداً . مدّ يديه على جانبي رأسها فأسرها . أدارت رايتشل رأسها إلى أحد الججانبين وقد أصابها الهلع , ثم عادت ونظرت إليه .بادلها فيتو النظر , فيما ظهر شيء ما في عينية . شيء جعل انفاسها تنقبض , ورجليها ترتخيان .
- تابعي التفكير .
قال لها ذلك فيما ظهرت تلك النظرة الغريبة نفسها في عينية . قال لرايتشل :" هنالك تفسيران محتملان فقط لما حصل منذ سبع سنوات في روما : إما أنني أوقعتك , ااو انك من أوقعتني . أي أن أحدنا هو الخبيث , أما الآخر فهو الغبي "
- حسناً ! لم أكن انا التي نصبت لك فخاص , فيتو , لذلك لم يبق غيرك انت الذي نصبت لي الفخ !
- لا! هنالك تفسير آخر , وهو التفسير الصحيح . أفهم هذا الان .

مونـــــي
09-11-2012, 19:51
بعثت عيناه في وجهها , ثم تابع قائلاً :" مساء أحد الأيام منذ سبع سنوات , ذهبت إلى حفلة بعد أن كنت قد تخلصت للتو من إحدى صديقاتي الحميميات اللواتي كن قد بدأن يسببن لي الضجر وفيما كنت في الحفلة قابلت فتاة لاتشبة فتاة اخرى عرفتها عل الإطلاق . سلبت تلك الفتاة لبي . كانت شابة . . . صغيره جداً , بريئة جداً . لم تكن من الصنف المفضل لدي . لم تكن من صنفي المفضل على لإطلاق . لكالما أحببت النساء المميزات الأنيقات الجذابات اللواتي يعرضن قوامهن الجميل ويتباهين به , كما يعلمن أنهنّ شديدات الجاذبيه ومثيرات للأجاب . النساؤ اللواتي سيقطن في سريري بسهولة ويعلمن تماماً متى يجدر بهن أن يخرجن من حياتي بعد أن أسأم منهن . لكن الفتاة التي قابلتها في الحفلة ذلك المساء لم تكن مثلهن على الأطلاق "
توقف فيتو فيما ظهرت في عينيه تعابير غريبة , كما لو أنه يرى بغموض عبر أروقة الزمن .
- كانت فتاة بريئة . استطعت أن أدرك ذلك على الفور . أما الصديقتان اللتان كانتا برفقتها فلم تكونا كذلك . استطعت أن ادرك ذلك أيضاً . علمت أنه يجدر بي فعلاً أن أدعها وشأنها , لكنني لم أقدر على ذلك , ولم أرغب بذلك . أردت أن أذهب إليها , وأن اتكلم معها , وأن ابتعد بها عن الحفلة التي لاتناسبها . أردت أن أحصل عليها لنفسي , لكن ليس من أجل إقامة علاقة حميمية معها . بالرغم من أنني كنت أتوق لذلك . . . كيف عساي لا أتوق ؟ كانت الفتاة تتمتع بشعر محبوك كالذهب , وبأجمل وأصفى عينين رأيتهما يوماً . حدثتني عن مايكل أنجلو , وعن عصر النهضة , وعن الكتاب الإيطاليين وعن التاريخ الإيطالي . راحت تتكلم طيلة الوقت ولم تحاول ان تغازلني أبداً . . . ولا مره . فنظرت إليّ فقط بتلك العينين الصافيتين الرماديتين الجميلتين . أما شعرها فبدا كالشلال المتألق , أما وجهها . . .آه وجهها . . . بدا كأنه لوحة لبوتيتشيللي . بعد أن جلت بها في أنحاء روما لتشاهد المدينه في الليل , أعدتها إلى شقتها وودعتها و وعلمت أنه لايجدر بي أن اقابلها مجدداً .
استنشق فيتو نفساً , ثم تابع كلامه قائلاً :" لكن مع حلول الصباح لم استطع تمالك نفسي , وشعرت أنني أريد رؤيتها من جديد و لذلك عدت إلى شقتها وخرجت برفقتها مجدداً . خرجنا معاً كل يوم , لمدة أبوعين . أخذتها لتشاهد روما وأوستيا ولازيو , أمضيت كل نهار برفقتها . تشربت عينان من جمالها . . . تشربت كل جزء منه . شعرت أنني منجذب إليها كل يوم وكل ساعة و وراح شوقي إليها يزداد أكثر فأكثر . لم أجرؤ على ملامستها . علمت انني لو فعلت , فلن أقدر على تركها أبداص . لكنها جعلت الأمر صعباً عللي . كانت جميلة جداً , لطيفة جداً . نقية جداً . ولست اعني ذلك فقط بالمعنى الجسدي بل بالمعنى الروحي . اصبحت مفتوناص بها . أردت ان أطير بها إلى مكان بعيد لتكون لي وحدي . علمت في الليلة الأخيرة انني ماعدت قادراً على مقاومتها , وذلك قبل أن تضظر للعوجة إلى حياتها الحقيقية أما هي فكانت مليئة بالشغف . علمت أنها تريدني أن أعانقها . حاولت أن تخفي ذلك , لكنها لم تقدر . بدت خجولة جداً ومترددة جداً حيال رغبتها تلك لكن ترددها تلاشى عندما عانقتها , عندما ضممتها بين ذراعي . بادلتني العناق بشوق وشغف . بدت آمنه بين ذراعي , وعلمت أنني لن أجد مثلها أبداً . بدا كأننا خلقنا لبعضنا . ذلك المساء شعرت انني بمنتهى السعادة "
ارتخى شيء ما داخل رايتشل , فحين تكلم فيتو جاءت كلماته كالبلسم الشافي بالنسبة إليها .
- هل تعني ذلك فيتو ؟ أتعني ذلك حقاً ؟ اهذا ماعنته علاقتنا بالنسبة إليك ؟
جاء صوت رايتشل هامساً متضرعاً .
- نعم . . . حتى سُلبت مني كل أوهامي و وأدركت أن الفتاة الجميلة ذات العينين الرماديتين التي شغفت بها لم تكن أكثر من أداة طيعة بين يدي عشيقة والدي , التي قامت باستخدامها لأجل تحقيق مكائدها الخاصه.
تظللت عينا رايتشل , وصاحت :" لم تفعل . آه . . . يا إلهي ! فيتو . . . اقسم انها لم تكن تعرف أنني موجوده هناك . . . لم تكن تعرف حتى بوجودي في روما . لم اخبرها مطلقاً . علمت أنها ماكانت لتمنحني إذنها . قالت لي لاحقاً أنها كانت تخاف منك وأنك لربما فكرت في ان من الممتع أن تغويني فقط لكي تنتقم منها !"
نظرت رايتشل إلى فيتو وقد ظهرت على وجهها تعابيير متألمه .
- اعلم انه كان يجدر بي أن أخبرك من أنا لحظة ادركت أنك لا تذكرني , لكنني لم أقوّ على ذلك . علمت انك قد تكرهني تماماً كما كرهت والدتي . ماكنت لتدنو مني , وما كنت لأتحمّل أنا ذلك . بدا الأمر ساحراً جداً , رائعاً جداً عندما اخذتني وأمضيت وقتك معي . لم أقوّ على إفساد ذلك كله . بكل بساطة . . . لم اقدر !
نظر فيتو إلى رايتشل بكآبة , وقال :" ذلك صحيح ! ماكنت لأبقى برفقتك لو عرفت من أنت . ذلك بالتحديد ماجعل عضبي ذلك اليوم عضيماً جداً . اكتشفت انني كنت مخوعاً طيلة الوقت "
توقف فيتو عن الكلام و ثم تابع :" طيلة الوقت كنتِ بالنسبة لي الفتاة الأجمل في العالم . . . فتاتي الجميلة , تلك الفتاة التي مددت لها ذراعي تلك الليلة . لم تكوني مطلقاً الفتاة الأخرى التي ظننتك عليها . أبداص ! أما أن أعلم . . . أن أكتشف . . ."
ظهر شرخ مافي صوته وهو يتكلم , ثم تابع :" . . . أن أوهامي لم تكن أوهاماً في بالغ الأمر . وأنت فعلاً . . . الشخص الذي ظننتك عليه أولاً . آه . يا إلهي ! لاتعلمين كم يعني لي ذلك ! رايتشل . . ."
امتلأت عيناه السوداوان بالأحاسيس التي فاضت منهما , وأوقفت الأنفاس في حلق رايتشل . لامست يد فيتو خد رايتشل . فأحست هذه الأخيرة بتوق لأن تستند عليها , لكنها لم تجرؤ على ذلك .
كرر فيتو أسمها مجدداً بنعومه , فقال :" رايتشل . . . يافتاتي الجميلة , يافتاتي الجميلة . . ."
بدا عناقه لها كما لو أنه يلامسها للمرة الأولى . في تلك اللحظة الحلوه الأستثنائية أحست رايتشل بشيء ما يتمزق ويقرقع , كما لو أن شيئاً قاسياً , فضاً وبشعاً قد أنتزع من جسدها أخيراً , فأفلتها من قبضته القاسية . أنهمرت الدموع من عينيها , فألتفت يداها حول فيتو ببطء . . . ببطء شديد , تمسكت به فقط كي تمسك به وهو يعانقها . أبعدها فيتو عنه بلطف , ثم تناول يدها وقال:" تعالي !"
تعلقت رايتشل بيده , فذهبت برفقته بتبعية عمياء ,أدخلها إلى غرفة النوم , وهناك في ظلالام الغرفة قادها نحو السرير , وألقاها بلطف عليه أنتشر شعرها كالوشاح فوق الوسائد و فأنحنى فيتو ومسد شعرها.
- يافتاتي الجميلة !
تنهدت رايتشل :" فيتو . . .!"
تلفظها باسمة بدا بمثابة بلسم ونعمة وقوة شافية . أنحنى فيتو من جديد ليعانقها قبل أن ينزلق إلى جانبها ليحقق الأتحاد الذي كان يتوق إليه .
أخيراً وبعد مرور بعض الوقت استلقيا هادئين بين أحضان بعضهما البعض . وعاد الهدوء إليهما .
جاء صوت فيتو مرتعشاً عندما تكلم .
- كان يجدر بي أن أثق بك . . . أن أثق بنفسي . فالقلب لايكذب .. . لايمكنه أن يكذب . مادار بيننا تلك الفترة كان حقيقياً ! أما ماجاء بعذ ذلك فكان كذبة .
نظر إلى عيني رايتشل بعينين متألمتين , ثم تابع :" لو لم تعودي إلي , لكي تعرضي علي الزمردات , لأستمرت الكذبة طيلة حياتنا "
تغيرت تعابير وجهه فجأة . وسألها :" لماذا حاولت جاهدة أن تتصلي بي بعد أن عدتِ إلى إنكلترا؟ وبعد الكلام اللذي قلته لك , وبعد ماظننت أنني فعلته بك ؟"
جاء سؤاله هذا من العدم , فأحست رايتشل بنفسها تتوتر بين ذراعيه .
- حاولت أن تتصلي بي منذ سبع سنوات لكنني لم أسمح لك بذلك . لماذ فعلت ذلك ؟ بعد أن رفضتك بالكامل , اكنتِ تحاولين أن تقنعيني بانه لم يكن لذيك دور في ماحاولت أن أتهمك به ؟ مع ذلك , لِمَ تُراك تدافعين قضيتك أمامي إن كنت مقتنعه أنني انا الشخص المذنب ؟
لاحظ فيتو الخشية في عينيها وهو يتكلم . كما لاحظ التردد في الرد على سؤاله , فبدأت شضايا الشك تتلوى في ذهنه من جديد .
- كان ذلك منذ فترة طويلة جداً فيتو . لايهم الآن . حقاً لايهم .
تقدمت الشكوك إلى الأمام فغرست اشواكها في وعيه .
- لكن أخبريني . . . يا إلهي ! رايتشل . . . اصلتِ بي يوماً بعد يوم , وأنا رفضت أن أتكلم معك على الإطلاق ! حتى عندما تمكنت من الوصول إليّ أقفلت الخط بوجهك . لماذا تابعتِ الإتصال ؟ تعذبني حقيقة أنك كنت قريبة جداً مني . وأنا صدّيتك ! لعلنا كنا تصالحنا لو أنك أقنعتيني ببرائتك ! أهذا ما حاولت فعله ؟
غضيت عينا رايتشل . هل سحبت نفسها بعيداً عنه قليلاً ؟ لم يكن فيتو متأكداً لكن بروداً ما تسرب إلى كيانه . إنها تخفي أمراً ما . الآن بالتحديد وقد ظل أنه وقد ظن أنه سحب كل السم من بينهما و بأن الدرب بينهما اصبحت صافية ونظيفة . حمل صوته حدّة ما وهو يقول :" أخبريني !"
تصلب وجه ريتشل و وهذه المره سحبت نفسها بعيداً عن فيتو , فشدّت عكس حلقة ذراعية . لكن فيتو أحكم قبضته عليها بشكل فطري .
- أخبريني !
ترددت رايتشل للحظة ثانية , وأزدادت نظرة الخشية في عينيها عمقاً .
- أنا . . . أنا أردت أن أستدين المال منك فيتو .
سقطت الكلمات من فم رايتشل , فكاد لايصدقها .
- ماذا ؟
اجفلت رايتشل فتابعت :" كنت بحاجة إلى المال . كنت . . .مضطرة . . . لأن أختفي . لم أقدر أن أقصد والدتي لأجل المال , ولم يكن لدي مال خاص بي . لذا . . . لذا قصدتك أنت , لأنك ثري . . ."
بدت رايتشل مجفلة مجدداً , وبالرغم من أن الأمر آلمه , لكنه استطاع أن يشعر بالغضب يتفاقم في داخله , الغضب والشك .
بدا صوت رايتشل مسطحاً وهي تقول :" أنا . . . ظننت أنك سوف تفهمني "
جاء صوت فيتو قاسياً وهو يقول :" لماذا ؟"
- أرجوك ! أرجوك لاتسألني, فيتو ! حصل الأمر منذ زمن بعيد . أنتهى هذا كله الآن ..!!
شدّت رايشتل نفسها بعيداص عنه مجدداً . لكن فيتو ضغط بيديه على ظهرها . فأمسكها .
- هل مازلت تسخرين مني حتى الآن ؟ أخبريني !!
وأخبرته رايتشل . . .
- أردت أن ابتعد عن والدتي فلالا تعرف لي طريقاً . ظننتك قد ترغب بأن تقرضني المال الكافي لكي أختفي . . . لكي ارتب أموري فقط حتى استطيع ان استقر . . .أو ان احصل على وظيفة . . . لكي اصبح مستقله مادياً . ظننت أنك قد ترغب بأن تساعدني , ظننت أنني لو ابتعدت عن والدتي فهي لن تزعجك بشأني من جديد . . .أي انها لن تحاول أن تجعلت تتزوجني في حين أنك لاتريد ذلك . . . ظننتك قد ترغب بإقراضي المال لكي تتخلص مني , لكي تحرص على إبعادي عن طريقك إلى الأبد . لكن في النهاية لم يعد الأمر هاماً فقط وجدت عملاً لذا لم أعد بحاجة إلى المال . حصلت على وظيفة , بدأت ارتاد جامعه مسائية عوضاً عن ذلك . . .
بدأت رايتشل تتكلم مجدداً , وما إن سمع فيتو كلماتها حتى طاف الماء المثلج خلال جسده .
- أنا اسفة ! أنا آسفه فيتو ! علمت أنك قد تغضب لأنني قصدتك بهدف اقتراض المال . علمت أنك قد تظنني احاول ابتزازك , لكنني أقسم انني لم أقصد ذلك , أقسم ! أنا فقط كنت بحاجة إلى مايكفي كي . . . ارتب أموري لكي استطيع ان اختفي .
تختفي . . .!
كدّرته هذه الكلمة , فارتخت يداه الموضوعتان حول خصرها . جذبت رايتشل نفسها بعيداً عنه وخرجت من السرير بدت حركاتها غير متوازنه ويصعب السيطره عليها .
فكر فيتو , لابد أنها كانت محبطة , مفلسة . ويائسة بما فيه الكفاية لكي تجبر نفسها على الأستمرار بمحاولة التواصل معه يوماً بعد يوم , فتتقبل كل صد وكل رفض بارد مقتضب بأن يتحدث منها .
أنا صديتها وأبعدتها , كانت مظلومه ووحيدة , وأنا صديتها بعيداً عني . شعر فيتو بذنب عظيم إلى درجة أنه ظن أن ذلك قد يقتله ويخترقه حتى لبّه .
راقبها فيتو وهي تتناول ملابسها للحظة وحيده مطوله لامتناهية , فكانت تحاول أن ترتديها بتلك الحركات المرتبكة . ثم . . . بقفزة واحدة وصل إليها , فتمسك بها بيأس ملأ روحة .
كاد يختنق وهو ينطق كلماته بألم وعذاب , إذ قال :"أنا آسف . . . يا إلهاي ! أنا آسف جداً . . .ظننتني أملك السبب الذي يدفعني إلى كرهك . لكنك أنتِ . . . يا إلهي ! لديك الأسباب التي تدفعك إلى كرهي مئة ضعف ! أما ماحرقني أكثر فهو معرفتي أنني صديتك في حين أنك كنت مازلت مؤمنة بي وتخالين أنني سأمد لك يد المساعدة . ماحرقني أكثر هو حقيقية أنك لم تكوني حتى تأملين بأي شيء أكثر من أن أسرّ انا بالتخلص منك ! ان أكون مسروراً بأن أمنحك المال حتى تختفي . . ."
تهدح صوت فيتو وأنحنى رأسه .
- لابد أنك شعرت بالاحباط بعد تلك الحادثة , فحاولت البدء بحياة جديدة بعيداً عن والدتك . لاشك أنك شعرت بالسخط منها نحن الاثنين , حتى تركت دراستك , واضطررت للعمل .
راحت رايتل تبكي , فانسكبت الجموع من عينيها بصمت . بلا توقف . امسك بها فيتو بين ذراعية . فأحتضنها وأرجحها ببطء ورفق فيما فاضت الدموع من عينيها . أما فيتو فؤخزته الدموع المتجمعة في عينيه كما لو أنها أسيد حارق . حملها فأعادها إلى السرير بذراعية القويتين اللتين لن تدعاها ترحل أبداً . ضمها إلى صدره فيما بكت رايشتل على ماخسراه معاً من أيامهما الماضية .
عندما هدأت , وانحسر الألم على الماضي . قال:" خسرنا واهدرنا الكثير جداً , وهذه هي الخسارة النهائية على الإطلاق . لكننا مُنحنا فرصة أخرى , وأنا أتوسلك . . . اتوسلك ياحبيبتي الغالية , أن نظل هذه المره واثقين ببعضنا البعض . أبقي معي, وأنا سأكون معك . أنا أحبك . . . أحبك . . . واصلي بكل كياني ان تقدري على حبي بمقدا ما أحبك أنا "
سمعت رايتشل الكلمات لكنها لم تقدر على تصديقها . أخيراً أاقرّت بالحزن الذي شعرتبه بسبب خسارتها لحب حياتها منذ مدة طويلة جداً , أخيراً أقرّت واعترفت بالأم الذي سببته لها تلك الخساره .
غمرتها مجموعة من الحاسيس . ومن خلال الأم والأسى جاءها شيء رائع جداً إلى درجة أنا كادت لاتصددقة , لم تجرؤ على تصديقه .
فيتو لم يقصد أبداً أن يغدر بها . ولا أن يستخدمها لإيذاء والدتها ..مطلقاًُ! ماحصل خلال الأسبوعين الرائعين الساحرين في روما كان حقيقياً وليس مزيفاً . ماحصل بيننا كان حقيقياً .. . . حقيقياً وصحيحاً وملكنا نحن الأثنين , فقط ملكنا . . . والآن قد استرجعنا ذلك .
بعد مرور سبع سنوات مريرة طويلة من الكراهية والمقت والأزدراء وإطلاق الحكام الخاطئة , استرجعا تلك العلاقة المميزة , ولن يتركا هذه العلاقة أبداً من جديد . . . أبداً .
أحبك . . . أحبك . . .!
اتراه حقاً قال ذلك ؟ هل فعلالاً قال لها فيتو فارنيستي ذلك , وهو أكثر الرجال وسامة في العالم ؟ شعرت رايشتل بتوهج في داخلها . توهج علم أنه سوف يبقيها دافئة حتى آخر حياتها , أمتلأ قلبها بالسعادة حتى أعمق أعماقها إلى درجة أنه غمرها فانسكب داخلها كما لو أنها في النعيم .
فجاة عكر عليها سعادتها شيء ما جعل سرورها يتبخر . كيف يعقل أن يحظيا بالسعادة ؟ إن الماضي يقف حائلاً بينهما . انطلق من رايتشل نشيج كاد يخرج منها لكنها خنقته .
- آه . . . يا إلهي ! فيتو . . . هذا كله غير مجدٍ ! لامنفعه منه ! لايمكننا أن نحب بعضنا البعض . . . لايمكننا !
ابتعد فيتو عنها , قليلاً , وقد امتلأت عيناه بالقلق .
- كيف يمكننا أن نكون سوياً ؟ ووالدتي ووالدك . . . والدك خان والدتك لكي يبقى معها !
تصلب وجه فيتو :" نشر الماضي مايكفي من السم في حياتنا , ياحبيبتي . هم قاموا بخياراتهم . والدتك أختارت أن تعيش مع والدي , ووالدي اختار أن يخون والدتي . أما والدتي فأختارت أن تبقى معه في حين كان بمقدورها أن تهجره بسبب خيانته , أما نحن . . ."
استنشق فيتو نفساً عميقاً وتابع :" . . . فيجدر بنا أن نقوم بخياراتنا "
نظر فيتو إلى رايتشل بعمق داخل عينيها , وتابع :" أنا اخترتك أنت , يا أجمل فتاة , يا أغلى فتاة , ياحبيبتي . أنا أختارك انت لتكوني حبي , لتكوني زوجتي وروحي , حتى آخر أيامنا ؟
أنحنى فيتو مرة أخرى نحوها فختم وعده , وخياره . . . وعانقها .
موــــــــني ^___^

مونـــــي
09-11-2012, 19:53
{{{{{{{{{ الخـــــــاااااتــــــــــــــمــــــــــــة }}}}}}}}}
- فيتو لست مضطراً لأن تفعل هذا . . . لست مضطراً إلى ذلك . . .
بدا صوت رايتشل خجولاً , فيما توقفت أمام الباب في الرواق الهادئ المغطى بالسجاد .
تلكم فيتو وقد أخفض صوته :" لم يكن يجدر بي أن أكرهها كرهتها بسبب الألم الذي أصاب والدتي . أعلم الآن أن الذنب يقع على والدي . بالرغم من أنني اعتبرتها انتهازية وجشعه . لكن والدي لم يكن شخصاً يمكن استغلاله . الذنب الأكبر يقع عليه لاعليها . كان الأمر فقط . . . انسب بالنسبة إلى أن اجعل منها الشريرة . ووالدي كان رجلاً صعب المراس , أما والدتك فكانت منقادة إليه تماما . لذا . . ."
ضغط فيتو على يدها , وتابع :" . . . أرجوك لاتخشي شيئاً , فأنا لن أقول أي شيء يزعجها "
بدا حلق رايشل ضيقاص وهي تجيب بصوت مبحوح :" شكراً لك . . . لم يتبق أمامها الكثير من الوقت "
رفع فيتو يد رايشتل , فضغط بشفتيه عليها وقال :" إذاً دعينا نبرهن لها ان حلما الأخير قد تحقق "
أدار فيتو مقبض الباب , فأدخل رايتشل أمامة إلى غرفة والدتها . عندما استقرت نظرته على الشكل الراقد في السرير , أعتقد أنهما حتماً لم يدخلا إلى الغرفة الصحيحة . أيعقل أن تكون المرأة الهزيلة المريضة ذات الشعر الرمادي المستلقية هناك هي نفسها التي عذّت فترة مراهقته ؟ هل وصلت آرلين غراهام إلى هذه الحالة ؟
توقف فيتو قفيلالاً , بينما مشت رايتشل نحو السرير وقالت برقة :" أمي !"
تحركت المرأة في السرير قليلاً , وأدارت رأسها بحيث صارت تنظر نحو مصدر الصوت , ارتكزت عيناها على رايتشل , فيما بدا من الواضح أنها تجد صعوبه في ذلك , تحركت نظرات آرلين قليلاً وتحولت عن رايشتل نحو . ثم حصل شيء ما غير اعتيادي على الإطلاق . . .أضيء وجهها الهزيل كما لو أن الشمس اشرقت من خلال عينيها .
- إنريكو . . . أهذا أنت ؟ اهذا أنت حقاً ؟
ارتفعت يدها الواهنة عن أغطية السرير , ثم عادت وهوت .
استطاع فيتو أن يشعر برايششل تتصلب إلى جانبه , فتقدم خطوه إلى الأمام ووصل إلى السرير . تفحصت وجهه عينا آرلين الباهتتين فيما ارتسمت في اعماقهما تعابير من غير الممك ألاّ يتعرف إليها المرء .
يا إلهي !آرلين غراهام أحبت والده . الحب وحده قادر على أن ينير وجهها على هذا النحو . لوهلة بدا كأن المرض يختفي من ملامحها , للحظة وجيزة بدا كأن الجمال يظهر على وجهها من جديد .
سُومع الصوت الواهن المتوسل مجدداً :"إنريكو . . . .!"
مدّ فيتو يده , فضغط بها على الأنامل :" نعم . أنا هنا, ياحبيبتي "
كيف يمكنه أن يحرمها من ذلك في وقت كهذا ؟ أومض شيء ما في عينها للحظة وبإحساس من الخشية أدرك فيتو ماهو . إنه الأمل ! ثم تلاشى الوميض , وغطّت عيني آرلين نظرة مظللة , فقالت بنعومه :" لا . . . لست إنريكو , أنا لم أكن حُبّه أبداً " <<<< ياااااااعمري عليها قطعت قلبي وربي دمعت عيوني ..
بحثت عيناها في وجه فيتو , ثم حلّت بهما عجيبه جديدة :" فيتو !"
نطقت اسمه بزفير بطيء . وتحركت عيناها ببطء نحو ابنتها التي كانت قد تراجعت قليلاً على الوراء , فيما بدت تعابيرها مشحونه . أضافت :" رايتشل . . .إذاً الأمر حقاً صحيح ؟"
استدار فيتو فجذبها إلى الأمام . استطاع ان يرى الدموع تسكب من عينيها , فزم ّ حلقة أكثر .
تحدث فيتو بهدوء مع المرأة المستلقية هناك على فراش موتها , فقال :" نعم إنه صحيح . ابنتك هي عروسي . . . زوجتي وهي أكثر من ذلك . . .إنها المرأة التي أحب , والتي لطالما أحببت وسوف أحبها دائماً , وأنا أطلب . . ."
ازداد صوته خشونه فيما تابع :
- . . . أطلب مباركتك لنا .
توقف فيتو عن الكلام إذ بالكاد بات قادراً على المتابعة . بعدئذٍ فقال :" لأجل حبك لوالدي , الذي لم . . . لم أعرفه مطلقاً "
ضغطت آرلين بأناملها الركيكة على أنامل فيتو من دون قوة ثم انزلقت من قبضته . بعدئذٍ تكلم بحيويه أكبر :" لم يكن يريدني أن أحبه , لكنني فعلت ذلك مهما يكن . تماماً مثلما أبح والدتك . . ."
توقف صوت آرلين , فطاردت فمها ابتسامة حزينة مريرة , وتابعت :" . . . هنالك أشياء مشتركة بيننا أكثر مما رغبنا بها . فكّل منها أحبت رجلاً لم يكن يبادلها الحب . . . لم يكن قادراً على أن يحبها . مسكينه سيلفيا. على الأقل أنا تمكنت من التواجد مع أنريكو علناً , أما والدتك فلم تحصل على ذلك حتى , تلك النوبات الصبية التي اضطرت إلى تحملها منحتها العذر الذي تحتاجه لكي تهرب إلى الشاليه الخاص بها في الجبال , حيث كان بمقدوره أن يأتي لرؤيتها . . ."
جرت الدماء بارده في عروق فيتو . خرج السؤال من فمه :" من ؟"
نظرت آرلين إليه بعينها المغشيتين فقالت :" ألم تخبرك قط ؟ لا . . . إنها لم تفع . لكالما حاولت حمايته , فالفضيحة قد تكون مريعة . حتى الآن , مازال الكل يعتبرها زوجة إنريكو . . ."
عدم التصديق جعل فيتو يبدو مصدوماً:
- من هو ؟
تردد الالحاح الظاهر في صوته بارجاء الغرفة , فيما وقفت رايتشل على جانبه من دون حراك . نظرت آرلين إلى فيتو بعينين مغبرتين , وقالت :" أنت كنت تناديه العم بيترو "
تجمّدت ملامح فيتو , وقال :" بحق الله .. . . !"
العم بيترو هو صديق قديم للعائلة , وهو كاردينال في الكنيسة .
- لم تجرِ بينهما علاقة غرامية أبداً , فوالدتك لم تحصل أبداً حتى على ذلك . إنها علاقة عاطفية فقط . لم يكن بالإمكان أن تتخطى ذلك بسبب عهوده الكنسية . مسكينه سيلفيا . . .
ضعُف صوت آرلين , وأغمضت جفنيها فيما استسلمت مجدداً للنوم الذي تسببه العقاقير التي تحميها من الألم .
حدّق فيتو من دون أن يرى . العالم الذي تربّى فيه تلاشى تحت قدمية . طيلة هذه السنوات كان يرى والدته على انها الضحية . . .
استدار مبتعداً , حانياً ظهره وقد وضع يديه على شكل قبضتين على خصره . لفّّت رايتشل ذراعيها حوله , وأقتربت منه , ثم ضغطت بخدها على ظهره . إنه الدعم الوحيد بالنسبة إليها في العالم باسرة , وقد أهتز الآن حتى أعماقه . لم تفعل رايتشل شيئاً , بل فقط تركت المرارة تطبق عليه . أخيراً تكلمت:" فيتو ّ تلك كانت حياتهم . لايمكننا أن نظلق عليها الأحكام , يجب علينا فقط . . ."
اهتز صوت راتشل وهي تتلكم , فتابعت :" . . . فقط أن نكون مسرورين أن حياتهم ليست حياتنا . وأننا مُنحنا فرصة . . . خياراً . . .بالسعادة ., وبالحب , الذي لم يملكه أي منهم , هل كان والدك قادراً على أن يحب امرأة ما ؟ حتما ً لم يحب والدتي , وبالرغم من أنها أحبته . أما والدتك , فكان محكوم عليها أن تحب رجلاً لايقدر على أن يحبها كامرأة , لايمكننا أن نحاكمهم . يمكننا فقط أن نشفق عليهام , وأن نُسرّ , نُسرّ كثيراً جداً , أن دربنا مختلف عن دربهم "
ادارته رايتشل نحوها بذراعيها , ثم أنزلقت يداها لتحضنا وجهه , بيناما حددّقت نظراتها مناشدة في عينيه الجريحتين .
انحنى فيتو وعانقها . بعدئذٍ رفع رأسه وقال :" أنت على حق "
ثم أخفض رأسه وعانقها مجدداً .
************
تسللت أشعة الشمس من خلال أغصان الأشجار التي ماتزال عارية من الأوراق , لكنها مخضرّه بنظارة عودة الربيع . . . عودة الحياة , لكن عيني رايتشل ظلتا مستقرتين على اسوداد الأرض المنشقّه , فيما أنزل نعش والدتها ببطء إلى مرقده الأخير .
إلى جانب رايتشل وقف زوجها وهو محني الرأس . وإلى الجهة الأخرى وقف شخص آخر , أقصر منها . إنها امرأة ترتدي ملابس سوداء , وقد احنت رأسها ذا الشعر الرمادي إيضاً .
انتهى الكاهن من تلاوة الصلوات , فجاء نحوهم , وتناول أيديهم , وتمتم كلمات اللطف والتهدئة . ثم بكلمة وجيزة من فيتو , أومأ رزانه ومشى مبتعداً قليلاً عن البقية . تقدمت رايتشل خطوة إلى الأمام , ثم تركت باقة الزهر التي كانت تقبض عليها بيديها تهوي إلى القبر . تراجعت بعد ذلك إلى الوراء , فكان فيتو موجوداً لأجلها كي يحضنها قربه .
- يا ابنتي العزيزة .
نطق صوت آخر ذو لهجة إيطالية رقيقة وخافته مليئة بالأسى . رفعت رايتشل رأسها فاستدارت وهي ترمش والدموع تملأ عينيها . قبّلتها المرأة بلطف على وجنتيها.
- يجب ان تكون دموعك لنفسك فقط , فلا تبكي على والدتك . أحزني على خسارتك , لاكن لاتحزني عليها
مدّت المرأه يدها , وأومأت باتجاه القبر المفتوح ثم نحو القبر الآخر المجاور له فقالت بهدوء :" أخيراً أصبحت برفقته . لاشيء يمكنه أن يفرقها عنه الآن "
ابتلعت رايتشل ريقها بألم , وقالت:" ذلك لطف كبيرمن قبلك . . ."
بدأت رايتشل تتكلم بصوت خافت , لكن المرأه الخرى قاطعتها .
- لا! إنه مكانها هي . لم يكن مكاني أنا . . . أبداً . ماكان يجدر بي أن اتزوج إنركيو . كنت أعلم أنني لا أحبه . كنت أعلم أن قلبي سوف يبقى إلى الأبد ملكاً لبيترو , بالرغم من أنه لم يكن يريده . . . بالرغم من أن نداء الواجب اخذه ليصير كاهناً . لك والدتك أحبت إنريكو , ومكانها في مماتها هو إلى جانبه . وومكانك أنتِ . . .
توقفت المرأه فأستطاعت رايتشل أن تسمع التقطع في صوتها , بعدئذٍ تابعت :" . . . هو مع ابني "
توقفت المرأة مجدداً عن الكلام , وقد غمرت الحاسيس وجهها , فتناولت يدي فيتو ورايتشل سوياً فيما وقفوا في المقبره الهادئة حيث استقرت عينا أرملة إنريكو فارنيستي على ابنها وكنّتها .
- بعد هذا الألم وهذا الأسى , شفانا الزمن جميعاً , وأنتما كنتما الشفاء . حبكما لبعضكما عوّض عن الماضي . . . الماضي الذي كان ملكاً لي ولإنريكو , ولآرلين ولبيترو . لقد سببنا اللألم لكيكما , ومع ذلك فحبكما تجاه بعضكما هو راحتي وعزائي .
ابتسمت سيلفيا ابتسامة حزينه ملؤها الأسى .
- الان هنالك جيل جديد ونعمة جديده . يا ابنتي العزيزة , إن الحفيد الذي وضعت لأجله باقة الأزهار تلك في قبر والدتك , سوف يحتل قريباص مكانه في هذا العالم . وسوف يتحلى بأكبر نعمة يمكن لطفل يحتل قريباً مكانه في هذا العالم . وسوف يتحلى بأكبر نعمة يمكن لطفل أن يحصل عليها , والدين يحبان بعضهما , وقفان مع بعضهما بوفاء وصدق . أهلكما لم يقدروا على منحكما تلك النعمه , وقد نتج عن ذلك الكثير من الحزن بالنسبة لكما , لكنكما قادران على ان تمنحا ابنكما تلك البركه , لذا تعالا الآن , دعي والدتك ترقد إلى جانب الرجل الذي احبته , ولا تدعي الماضي يؤلمك بعد اليوم . إن المستقبل بانتظاركما . . . ولادة طفلكما بانتظاركما .
ضغطت سيلفيا بيديهها مرة أخيرة على يديها ومشت مبتعدة , حتى تتكلم قليلاً مع الكاهن . لفّ فيتو ذراعه حول رايتشل مجدداً . أما يده فاستقرت على بطنها المنتفخ , وأحنت رايتشل رأسها لتسنده على فيتو .
- والدتي قالت الحقيقة . يجدر بنا أن ندع الماضي يولي , لأنه ليس ملكاً لنا . المستقبل فقط يخصنا . . . ويخص طفلنا . لكن . . .
علقت انفاس فيتو فتابع :" . . . سعادتنا ستكون الهدية التي نمنحها لهم جميعاً , ولابننا أيضاً . . . لجميع أولادنا "
عانقها فيتو برقه وبنعومه , فمسح عناقه الدموع من عينيها . وغمرها سلام عميق ثابت .
- آه , فيتو ! أحبك كثيراً . ..
عانقها فيتو من جديد بتبجيل وأهتمام , وقد اتقدت عيناه بالحب .
- وأنا أحبك , وسأحبك إلى الأبد .
استدارا سوياً وسارا مبتعيدن علن الماضي , نحو المستقبل المشرق الذي ينتظرهما .

موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^موــــــــني ^___^

وأخيراً تــــــــــــــــــــــــــــــمــــــــــــــــــ ــــــــــــــت

موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^ موــــــــني ^___^

مونـــــي
16-11-2012, 23:38
أفاااااااااااااا
محححححححححححححد رد .....
وربي زعلانه
طيب إذا عاد نزلت روايه ولا حتى شكراً :sorrow:

ساكنه القلوب
20-11-2012, 16:20
الف شكر الك مونى تسلم الايادى حلوة الرواية:strawberry::biggrin-new:

ساكنه القلوب
20-11-2012, 16:21
ودمتى لي في قلبي سكنة:strawberry:

ساكنه القلوب
20-11-2012, 16:22
والك نجمة لحماسك الحلو :star::star::star::star::star::star::star:

ساكنه القلوب
21-11-2012, 17:43
مونى احسنت اختيار الرواية بجد حماااااااااااااااااااااااااااااااااااااااس الك الف ملياااااااااااااااااااااااااااااااار تحية وشكر من اعماااااااااااق قلبي الساكنة والف تيليوووووووووووون تحية للمنتدى ودمتم لي في قلبي سكنة:loyal:

ساكنه القلوب
24-11-2012, 10:59
سلالالالالالالالالام

ساكنه القلوب
24-11-2012, 12:01
(رجل خلف القناع):(الفصل الاول):
عزيزتى فكى,
لقد فرحت كثيراًوأنا اعلم انك جئت في المرتبة الاولى في الكيمياء ولاشك انك ننلت أخيراً حصيلة تعبك واجتهادك.
والان ماهوشعورك وانت تضعين قدمك على اول الطريق الذي يقودك إلى ان تصبحي طبيبة؟
إنني لااريدك,بعد الان,أن تتحدثي عن شعورك بالحزن عندما قررت تكريس نفسي للعناية بأخى توبي بعد وفاة ابويّ.
انني لم اندم على قراري هذا لحظة واحدة.وحين يتعدى التانية عشرة,
ساعود إلى دراستي في كلية الطب.
إنني أحب أن تكتبي إلىّ دوماً.
الأمور مازالت كما هي هنا, فلا شئ يحدث في هذه البلدة,
واعتقد بأن حياتي هنا مرسومة لسنوات عديدة. ولكن بيني وبينك , أجد هذا شاقاً علي أحياناً. انما هذاحسن بالنسبة إلى توبي , فهو بحاجة إلى عناية وشعور بالطمأنينة اكثر من أي انسانآخر.يجب أن أنهى رسالتي الآن وإلا تأخرت عن عملي.فأنا اكتب إليك الآن بسرعة لأخبرك عن سروري بأخبارك الطيبة. انتبهي إلى نفسك ودامي على الكتابة إليّ.
صديقتك:ستيفاني
وما أن طوت ستيفاني الرسالة لتضعها في المغلف, حتى ابتدأ ذلك الشعوربالسرورلأجل صديقتها. اما دورها هي فربما يتبع لاحقاً...كلا,ليس ربما,وإنما الأمر راجع إليها هي ,وهذا ماسيكون. ولا فائدة من البكاء الآن.
لقد أحبت دوماً العمل في المستشفيات,إما في المختبر, وإما طبيبةإذا كانت جدارتها تسمح بذلك,و ليس ثمة هناك مايستوجب تخليتها عن حلمها هذا,وكل مافي الأمر أنها ارجأته إلى وقت آخر.لقد كانت الثمانية عشر شهراًالماضية صعبة حقاً,ولكن توبي أصبح الآن بحالة أفضل,والأمور تتحسن كل أسبوع , ولكن ...وتنهدت وهي تلقي بنظرة على المطبخ المغمور بأشعة الشمس,لو أن الأمور ليست بهذه الرتابة التي تدعو إلى
الملل والضجر. ((ستيفاني...ستفاني...أسرعي.))
كان هذا صوت اخيها الحادقبل أن يندفع إلى الداخل, ملطخاً الأرضتحت خطواته بالوحل الملتصق بحذائة.
وصرخت به وهي تشير إلى الأرض القذرة :((توبي,لطالما طلبت منك أن تمسح قدميك قبل الدخول...على كل حال, كنت أظنك ذهبت إلى المدرسة.))أجاب :((قلت لك اسرعي.))وتابع قائلاًوهو يتقدم نحوها بسرعة ملطخاً الأرض بالمزيد من الوحل:((لقد حصل حادث.))
هتفت بفزع:((حادث؟أين؟))
أجاب وهو يدفعها نحو الباب:((إنه هنا.خارج البيت.))
واندفع راكضاً امامها ليصل إلى الطريق الريفي العام,حيث وقفت فجأة في مكانها.
اخذت تحملق في مابقي من سيارتها الصغيرة التي كانت الآن مسحوقة بين الحائط الحجري السميك الذي يحيط ببيتها, وبين سيارة فارهة مترفة من نوع رانج روفرو وهي تهتف بأسى :((آه,لا.لا يمكن ان اصدق هذا.))
ولم يبد على السيارة الأخرى أثر واضح للاصدام.

ساكنه القلوب
24-11-2012, 14:01
قالت تخاطبة بغضب:كيف حدث هذا؟ لقد كنت اوقفت سيارتي الى جانب الطريق كما ترى.فاتساع الطريق يكفي لمرور دبابة لو كنت تحسن القيادة.
رد عليها بحدة:لو كنت احسن القيادة؟هل لك ان تسكتي لحظة...
ولكنها تابعت تقول بغضب : انظر الى مافعلته. على كل حالومالذي جعلك تقود سيارتك بهذه السرعة المخيفة؟
عادت تسأله وهي تنظر الى بقايا سيارتها المهشمة: كم كانت تبلغ سرعتك ماجعلك تفقد السيطرة على سيارتك بهذا الشكل؟
صحيح ان سيارتها كانت قديمة ولا تكاد تساوي شيئاً,
ولكنها كانت , تعني وبالنسبة إليها, سيارة جمة المنافع تأخذها حيثما شائت ولا تخذلها أبداً مهما كانت حالة الجو.
انها لن تستطيع ان تشتري سيارة أخرى ,كما ان نقود شركة التامين الزهيدة لن تكفي وعادت تقول :انني لااستطيع ان اصدق...
قال: لاتستطيعين ان تصدقي؟ على كل حال, فان تصديقك او عدمه لايهمني مطلقاً ياآنسة...
اجابت تقدم نفسها اليه بلهجة غاضبة, بينما الشرريقدح في عينيها لعدم اظهاره اية بادرة لندم او اعتذار:ان اسمي هو ستيفاني موراي
عاد يشير الى اخيها بنفس الغطرسة ,وهو يقول:وهذا؟
اجابت بحدة:انه اخي توبي .والان,ماذا بالنسبة الى سيارتي؟
اجاب : انك محظوظة حقاً اذا يقتصر الضرر على سيارتك.

ساكنه القلوب
24-11-2012, 14:24
نظرت اليه وكانها تعتبره مجنوناً وهى تردد قوله:محظوظة؟ اتمر سيارتي ثم تقول انني محظوظة؟
كانت تعلم ان صوتها قد اصبح صراخاً الان ,ولكن غضبها كان يزداد.وتابعت تقول : حسناً ودعني اقول لك ,ياسيد مهما كان اسمك, اننا نعتمد على هذه السيارة في شؤووننا.
كيف تظنني ساذهب الى عملي؟...
قال وهو ينظر ناحية توبي عابساص: ان كيفية ذهابك الى عملك امر لايخصني, ياآنسة موراي..على كل حال, لو لم انحرف بهذا الشكل عندما اندفع اخوك امام سيارتي , لكان اخوك هذا ميتاً الان.ياله من غلام غبي هذا الذي عندك.
قالت :كيف تجرؤ على هذا القول؟ اذا انت لمست اخي ,فستندم . فهو ليس اكثر من صبي حدث.
ولم يكن صوتها بنفس الحزم الذي كانت تود ان يكون عليه ولكن الضغينة التى بدت في عينيها كانت تدل على انها تعنى حقاً ماتقول.
قال بلهجة لاذعة :كم عمره ؟إثناعشرة عاماً؟ثلاث عشر ؟ الاترين انه كبير الى حد يدرك جيداً كيف يتصرف في الطريق؟.
فاستدارت الى اخيها تسالة:توبي ؟ ماذا حدث؟
نظر توبي اليها وهو يجيب : لقد كنت متاخراً عن حافلة المدرسة, ياأختي.وهذه هي ثاني مرة يحدث لي فيها ذلك هذا الاسبوع .والناظر سيعاقبنياذا عرف انني تأخرت مرة اخرى. انني لم ار هذه السيارة. انه ذنبي انا.
واشاربيده متردداً الى الرجل الذي كان يرمقه بنظرات صاعقة.
فانطلق صوت الرجل حاداً كاسكين وهو يقول : هذا صحيح تماماًز فقد اوشكت على قتل نفسك, او قتلي انا, بينما حطمت, اثناء فعلك هذا سيارتين.

ساكنه القلوب
24-11-2012, 14:40
كانت ستفاني قد ادركت انها , منذ البداية, لم تتصرف تجاه هذا الامر كما يجب , فقالت: هذا ليس صحيحاً تماماً. ذلك ان سيارتي وحدها هي التي تضررت , اما سيارتك فلم يصبها شئ.
قال ساخراً :حسناً اعتذر. وفي المرة القادمة اذا كان في نية اخيك ان يتصرف بهذا الشكل , فمن الافضل لك ان تضعي سيارتك في مكان اخر.عند ذلك يمكنك ان تطمئني الىان سيارتك هذه ستبقى سليمة حتى ولو قتل نفسه او ذلك الغبي المسكين الذي يقود السيارة.
ردت عليه بحدة وسرعة, بعدان ادركت ماكان حرياً ان يحدث : انك تعرف انني لااعني هذا . فانا اسفة جداً
لتصرف توبي بهذا الغباء.ثم عادت تقول : انني سادفع طبعاً , كل المصاريف.
نظر اليها بحيرة وهو يقول : تباً للنقود. الاتدركين ان اخاك الغالي كان يمكن ان يكون الان مرمي تحت هذه العجلات؟
ثم سالها قائلاً:هل تسكانان هنا؟
اجابت بكبرياء :نعم . هذا بيتنا.
وبعد صمت طويل سالها :هل والداك في البيت , ياآنسة موراي؟
اجابت وهي تدفع توبي المتواري خلفها بيدها , محذرة اياه من الكلام : كلا انهما ليسا موجودين. ولكن بما انني فوق الحادي والعشرين , والسيارة سيارتي , فليس من الضروري تدخل الاخرين في مشكلاتي.

ساكنه القلوب
24-11-2012, 15:31
بدا في عينيه عدم تصديق وهو يسألهاقائلاً:انت فوق الحادية والعشرين؟ كم عمرك بالضبط؟.
وما كان لها ان تهتم بدهشته هذه ولا ادنى حد, فقد كانت هذه هي عادة كل من كان يعرف حقيقة عمرها. فقد كانت تدرك تماماً انها لاتبدو فوق السابعة عشر كما قيل لها مراراً!ولكنهاالان , ازاء ما بدا من ارتياب وعدم ثقة منه,قالت بما امكنها من الهدوء: انني, في الحقيقة, في الثالثة والعشرين, وسابلغ الرابعة والعشرين قريباً.
لااصدق ذلك.
قالت ببرود: لاتصدق ذلك؟على كل حال , ان تصدق لي او عدمه, لايهمني كثيراً.
وما ان ردت اليه بكلماتها هذه الاهانة التي سبق ووجهها هو اليها ,
عادت تقول : ومع هذا فانا في الثالثة والعشرين من عمري ومعتادة تماماً على التصرف بشؤوني بالشكل الذي اراه مناسباً . واذا امكنك الانتظار لحظة, فسادخل البيت واحضر رخصة القيادة واوراق شركة التامين.
استدارت هي وشقيقها . قالت له : دوماً كنت احذرك من مخاطر الطرق , واطلب منك ان تنظر الى الناحيتين قبل ان تجتاز الطريق...
قاطعها وقد شحب وجهه: انا اعلم هذا . اعلم , وانا اسف.
ورات انه يغالب دموعه بقوة, لقد كانت كل الدموع التي سبق وذرفها في سنه هذه هي كارثة, وكذلك كانت الحالة التي وصلت اليها سيارتها ,
رغم ما قاله ذلك الرجل:تباً للنقود
اذ من الواضح ان النقود ماكانت لتقلقه يوماً في حياته .فالثراء والنفوذ كانا باديين عليه بجلاء تام.
همست له:انني آسفة ياتوبي.لابد ان ماحدث قد اخافك جداً.
ان هذا سيحملك على الاقل, على الانتباه جيداًبعد الآن.
وتصنهت المرح وهي تقول ذلك.
ابتعد توبي عنها وهو يقول بأسى:والسيارة؟ كيف ستذهبين الى العمل ؟
وكذلك الى السوق؟
لاتقلق ,فالسيارة قد لاتكون بنقس السوء الذي تبدو عليه, وقد يكون يأمكان ديف اصلاحها.كان ديف براون هو الميكانيكي المحلي في الكراج الصغير الذي يبعد عدة اميال .ولكنها كانت تشك في ذلك نظراً الى ماالت عليه بعد الحادث. وعادت تقول : على كل حال, فسلامتك اهم شئ الآن.

ساكنه القلوب
24-11-2012, 16:12
عندما عادت الى سائق الرانج روفر , لو ح بورقة في يده ثم قال: لقد وضعت هنا كل المعلومات المطلوبة, ولكنني وضعت هنا عنواني في لندن ورقم الهاتف, وكذلك بالنسبة الى مقر ي الذي امضي فيه عطلاتي الاسبوعية. لقد اشتريت حديثاً ذلك المنزل الواقع خارج القرية القريبة من هنا.
قالت:انني فقط اشعر بشئ من الاستياء,وهذا كل شئ.
قال :اننا نحن الاثنين, نشعر بذلك , ياآنسة موراي .هل افهم من هذا, ان المتسبب بكل ذلك؟
اجابت باحتجاج: اذا كنت تشير بذلك الى توبي, فهو ليس متوارياً . وانما طلبت منه ان يقوم لاجلي باتصال هاتفي هام. حيث اننا لسنا من اولئك
المحظوظين الذي يذهبون الى اعمالهم ويخلون عنها ساعة يشاؤون.
سالها:ماذا يعني كلامك هذا؟
اجابت وهي تنظر الى الورقة التي سبق واعطاها لها:دعني اقول ذلك بطريقة اخرى, ياسيد ...رايان.اظن ان سيارتك الرانج روفر هذه ليست السيارة الوحيدة التي تقتنيها.
سالها: ومادخل هذا في الامر؟
اجابت: كل شئ.ولكنك لم تجب على سؤالي.
اجاب قائلاً: مادمت تسألين, فإن جوابي كلا, انها ليست السيارة الوحيدة التي اقتنيها. ان لدي سيارة اخرى.
سالته: ومانوعها؟
عاد يستند الى الرانج روفر وهو يجيب : انها سيارة غالية الثمن نوعاً ما. وماركتها لمبورغيني, وقبل ان تسأليني اجيب ان ثمنها مائة وخمسون الف جنيهاً.
انني اشك في ان لديك اقل فكرة عن الكيفية التي يعيش بها الناس.
اجاب :لقد عرفت في حياتي اناساً كثيرين , ولكنني لم اعرف واحدة بمثل هذا التصرف العدائي.ان لي كل الحق في الانزعاج, بالنسبة الى وضعي حالياً .ذلك ان احد الاولادقفز امام سيارة واقفة, واماصدمه هو, ثم اذا به يختفي ليعود بعد لحظات بصحبة فتاة مجنونة.
قالت :ولكن هذا لم يحصل.
عاد ينظر اليها بغضب قائلاً:ثم انك لم تشكريني . ماهو راي والديك اذ يسمحان له بالركض في الطريق بهذا الشكل؟
قالت بحزن وقد اجفلت لذكر والديها: لقد كان في الواقع, يركض لكي يدرك حافلة المدرسة.
قال:اما كان بإكانك ان توصليه بنفسك؟ فماذا عندك في الصباح غير تنظيم وقتك لما عليك ان تقومي به؟
قالت وقد اعماها الغضب:ايها المغرور, انك لاتعلم شئاً عني.
عاد الى سيارته
وبرّدهديرالمحرك, الذهول الذي استولى عليها من جراء تصرفه المباغت ذاك, ولكن كان الاوان قد فات. ولن يمكنها الحصول على نتيجة الا اذا قامت بمطاردة سيارته في الطريق العام. وهكذا لم يكن امامها سوى ان تتابع السيارة ببصرها.
انتهاء الفصل الاول

ساكنه القلوب
25-11-2012, 10:46
(الفصل الثاني):
كانت ستفاني ماتزال تحدق بغضب في الطريق عندما خرج توبي من المنزل عائداً اليها.
تقدم منها وهو يسأ لها :هل أنت بخير؟
أجابت:ليس تماماً.ولكنها عندما استدارت ورأت القلق الذي يكسو ملامحه,ابتسمت برغمها وهي تعود فتقول:ولكنك انت بخير وهذا مايهمني.عدني بألاتعود إلى هذا العمل,ياتوبي .انني لااعرف ماذا سأفعل اذا حدث لك شئ.
اجاب:انني اعدك.ولمحت في وجهه شيئاً منعها من ان تتابع محضاضرتها عن الانتباه اثناء السير في الطرقات,فأمعنت فيه النظر وهما يعودان.
سألته باهتمام وهما يدخلان إلى المطبخ:انك بخير وعافية,اليس كذلك ياتوبي؟هل تشعر بشئ في صحتكك ؟
اجاب:كلا.حسناً,هنالك السيارة.هل تظنين قابلة للتصليح؟
اشتدت علائم عدم الارتياح على ملامحه.
اجابت:إنني لست مأكدة.وتابعت بسرعة:ربما, ولكننا سنتدبر امرنا بشكل ما,فقد اعتدنا على ذلك.
لقد اتصلت هاتفياً بالدكتور ميتشل لأخبره بأنك ستتأخرين.
قالت:حسناً,اظن علينا قبل ذلك ان نتدبر امر ذهابكإلى المدرسة.
علينا ان نسير إلى مفترق الطريق ومن ثم تقلنا الحافلة من هناك.
وسأخل معك لأشرح الأمر للمدير,ثم اعود الى العيادة.
ومن سوء الحظ ان المدرسة كانت تقوم في مدينة ريفية كبيرة على بعد قرابة الخمسة عشر ميلاً,ويزدحم المبنى الكبيرة بتلميذ من مختلف انحاء المنطقة والاقاليم,يزودهم بالماوى.ولكن بما ان هناك حافلة تجمع التلاميذ صباحاً وتعيدهم مساءً,فلم يكن هناك مشكلة بالنسبة إليه الا اذا فاتته الحافلة.

ساكنه القلوب
25-11-2012, 11:26
كانت ستفاني تعمل مساعدة موظفة الاستقبال في عيادة الدكتور المحلي على بعد اميال قليلة في الناحية المقابلة لمدرسة توبي,وكانت زميلتها ميشيل معروفة باسم شيلي,ولديهها بيت على مسافة ثلاث ابنية من العيادة, وتعيش فية مع زوجها واولادها.
وقد كانت ستيفاني محظوظة جداً بنيلها هذه الوظيفة حيث ان الاعمال في القرية كانت نادرة.
كان الدكتور ميتشيل صديقاً قديماًلابيها وكان راضياً جداً عن تفاهم الفتاتين معاً مادام العمل يسير بانتظام.
وكان هذا شأن العمل عادة,إنما ليس اليوم.
وكانت ستيفاني تفكر في ذلك عابسة وهي تسرع الخطى نحو العيادة متأخرة حوالي الساعتين,نعم,العمل هذا النهار لم يكن منتظماً كالعادة.
ابتسمت لها شيلي وهي ترفع عن دفتر المواعيد,
لتسألها قائلة:هل هناك مشكلة؟
اجابت:لقد مر علي صباح يغطي كل صباح آخر.
قالت شيلي وهي تشير إلى ناحية مكتب الدكتور المغلق:
اخبريني عن ذلك في ما بعد.فان عنده زائراًهو اختصاصي شهير في امراض القلب من لندن.وقد طلب قهوة لتوه.
قاطعتها وهي تسير نحو المطبخ في آخر العيادة:
بالطبع, وسأصنع قهوة لنا ايضاًاثناء ذلك.
نظرت من خلال نافذة المطبخ إلى الحديقة,منتظرة غليان الماء في الابريق.
كانت قرية بريبرك قديمة رائعة المناظر.
وقد عاشت ستيفاني في هذه القرية طيلة حياتها,وكانت تحبها ولكنها في الوقت الذي دخلت فية الجامعة قبل ثلاث سنوات,
كانت مسرورة لذهابها.كانت قد عملت,قبل ان تدخل الجامعة,في صيدلية المدينة التي تقوم فيها مدرسة توبي,حوالي ثمانية عشر شهراً,وذلك لكي تجمع تكاليف سنوات الدراسة الثلاث التي تسبق حصولها على المنحة,فقد كان راتب ابيها الزهيد كعامل في مزرعة لايكاد يكفي مصروف اسرته من سكن وطعام.ثم,اذا بآملها تتحطم بالالم بنفس القوة التي كان عليها عندما سمعت بوفاة بوفاة ولديها.
لقد كان حادثاًغير عادى لا يحدث سوى مرة في المليون,كما قال الخبير في ذلك الحين,ولكن انبوبة الغاز التى تسرب منها الى غرفة والديها.
وهكذا تركت الجامعة بعد ستة عشرشهراًفقط,لتعود الى قريتها بريبروك لكي تساعد شقيقها توبي على البقاء في بيئته.
لقد قامت بذلك ومازالت,وهو آخر مافي امكانها ان تفعله إكراماً لوالديها,قامت به بكل رغبتها وقلبها المملوء حباً لهما ولأخيها الاصغر.
ولكن الشهور الثمانية عشر الاخيرة مرت عليهما عسيرة مالياً
والكوابيس التي احتلت ليالي توبي نتيجة الرعب الذي انتابه عندما عثر على والديه ميتين,تلك الكوابيس ابتدات تتلاشى في الاسابيع الاخيرة فقط.
نبهها صوت غليان ابريق الماء,الى المهمة التى بين يديها وعندما خرجت من المطبخ بعد ذلك بدقائق,حاملة صينية عليها فنجاجين القهوة,وطبق بسكويت وزهرية صغيرة تحوى زهور الربيع احضرتها من الحديقة,كانت عيناها مغشاتين بالدموع.
تناولت شيلي قهوتهما عن الصينية ووضعتهما على المنتضدة القديمة التي تستعملانها مكتباً للاستقبال.
دفعتها زميلتها الى الباب المغلق بعد ان قرعته لأجلها,ثم فتحته مشيرة اليها بالخول.وسارت هي عدة خطوات داخل المكتب.
يالها من مفاجاة...ماذا تفعلين هنا؟:cower:

ساكنه القلوب
25-11-2012, 12:23
:GB_bonesrock: اجابت وهي تضع الصينية محاولة اخفاء ارتجاف يديها,على مكتب الدكتور ميتشيل:انني اعمل هنا.اظنك سبق لك وقلت ان اسمك هو ريان؟
هانتر ريان..لماذا لم تنتبه الى هذا الاسم في الطريق هذا الصباح؟انه احد اعظم الجراحين شهرة في العالم,بالرغم من كزنه مايزال في التاسعة والثلاثين.ولكن هناك مئات ممن اسماؤهم ريان في العالم..
كما انه لم يكتب في الورقة التي اعطاها لها,اسمه الاول كاملاً,بل كتب اول حرف منه ه.
رفع الدكتور ميتشيل حاجبيه متسائلاًوهو يقول:هل سبق لك معرفة موضفة الاستقبال عندي,ياهانتر؟
فاستدار الاثنان نحوه.
اجاب هانتر:انها..السيدة التي كنت احدثك عنها.
وادركت ستيفاني من التردد الخفيف الذي سبق وصفه لها بالسيدة, ادركت بشكل ابلغ من الكلام طبيعة الكلمات التي كان وصفها بها له قبل دخولها.
قال الدكتور ميتشيل :المراة المشاكسة؟ستيفاني؟انا لااصدق ذلك.
قال هانتر بصوت تشوبه السخرية:حسناً,يؤسفني ان اقول انها هي نفسها ,ياروجر,الااذا كان لها شقيقة تؤام.
كانت موجة الرعب التي اكتسحتها ,قد زالت مخلفة شعوراً بالارتباك متمنية لوانها في اي مكان آخر في العالم عدا عن هذا المكتب,شعرت بالغضب الذي سبق واحست به في نفسها قبل الآنولتجيبه قائلة:
كلا,بل هي انا ,واذا كنت انا مشاكسة فذلك لانك كنت انت اكثر من ذلك.
قاطعها الدكتور ميتشيل مؤنباًستيفاني...
قاطع هو بدوره,قائلاًستيفاني؟اتعني ان اسمها ستيفاني لابد انك تمزح.
ان اسمي هو ستيفاني موراي وقد سبق لك معرفته اليس كذلك؟انه على قطعة الورقة التي اعطيتها لك عندما حطمت سيارتي هذا الصباح.
ورات الدكتور ميتشيل يغمض عينيه لحظة,سواء كان هذا الرجل جراح قلب شهير ام لا.
قال:يظهر ان زيادة التعارف لاتحسن من طبيعتك,وسواء كنت في الثالثة والعشرين او لا,فانه كان بإمكان والديك ان يعلماك شيئاً من حسن الخلق.
وسمعت صوت الدكتور ميتشيل يهتف مقاطعاً:هانتر...
ولكنها قالتو قبل ان يتم كلامه:اهكذا؟حسناً اما ابواي فقد انشآني ,واخي توبي ,بشكل ممتاز,فاحتفظ اذن برايك.
وقبل ان يجد الرجلان مايقولان,كانت قد اصبحت خارج المكتب ,لتغلق الباب بهدوء مدهش ثم تتابع سيرها متجازة شيلي التي تلاشت ابتسامتها ازاء وجهها الشاحب ,قاصدة المطبخ.
تبعتها شيلي وهي تسألها:مالذي حدث ياستيفاني؟اخبريني؟
اجابت:لاشئ.
وكانت تحاول ان تهدئ من العاصفة التي تعمل في نفسها. انها لم تبك حين مات والدها...لم تستطع ذلك .
كان عليها ان تبقى قوية لأجل توبي الذي كان منهاراً معنوياً من جراء الصدمة والالم.ان عليها ان تكون صامدة متمالكة لنفسها.
وتكلفت ابتسامة باهتة وهي تقول لشيلي:لاشئ ,ياشيلي.انها قصة طويلة سأخبرك بها عندما نتناول القهوة.
وعندما انتهت من اخبارها بما حدث في الصباح,كانت عينا شيلي تحملقان فيها .قالت :ستيفاني...ليست هذه طبيعتك ابداً, مالذي حدث لك؟
حدقت ستيفاني فيها وهي تجيبها قائلة :لا ادري, ولكنه رجل مغرور,ياشيلي.
قالت شيلي بضيق:لا اريد ان اتركك,ولكن علي ان احضر روبين من الحضانة الساعة الواحدة.
اجابت :طبعاً اذهبي,وانا شاكرة لك وقوفك معي بهذا الشكل ,ياشيلي,انني سأنوب عنك في العمل غداً صباحاً بالطبع. اذهبي الان فانا بخير.
قالت شيلي :ولكن,هل انت متاكدة؟
ياآنسة موراي؟
واستدارت الاثنتان لتنظر الى هانتر رايان.
هل تراه سمع حديثهما؟ تساءلت ستيفاني عن ذلك.
قال موجاً حديثه الى شيلي:هل بامكاني ان اتحدث الى الآنسة موراي لحظة,من فضلك؟فنظرت شيلي الى ستيفاني قبل ان تترك المطبخ متمهلة.
ارغمت سيفاني نفسها على القول:نعم؟
قال يخاطبها وهو يشير الى ناحية مكتب الدكتور ميتشيل:عندما تكلمت عن والديك هناك ,لم تكن لدي فكرة عن ظروفك.
قاطعته بهدوء وثبات ,قائلة :لم يرغمني شئ على ذلك. انني في وضع الذي اخترته بنفسي.
قال: انني اقدم اعتذاري.
هانتر رايان .لقد كان المثل الاعلى لبعض طلبة الطب الذي كانت تعرفهم في الجامعة.
كان هو الجراح اللامع الذي كان يتبع مايراه دون اهتمام بنصاحالاستشاريين الذين هم اقدم منه,والذي نجح في التغلب على كل ما صادفه من صعوبات.وهذا الصباح ظنته رجل اعمال او مقاولاً. لم يكن من عا دتها الحكم على الاشخاص بهذه السرعة.
ولكن يبدو ان افكارها كانت غير طبيعية.
قالت : فلننس هذا , اليس كذلك؟ واذا كنت تحب ان تعلم ,فانا مؤمّنة على السيارة.ولن يكون ثمة صعوبة في دفع ما تتكلفة سيارتك من تصليحات.

ساكنه القلوب
25-11-2012, 14:21
:tongue-new: اهذا تعالج الامور؟ بمحاولتك نسيانها؟ لقد تصرفت انت هذا الصباح بغاية الغضب دون مبرر.
ردت علية : اما انت, فاظنك كنت في غاية الادب والتهذيب اذ تتصرف معي بعدم احترام.
قال: اتصرف معك بعدم احترام؟
قالت تجيبه نعم, انك لم تحترمني ام لعلك تصورت انني ساسر بكلام جميل من قبل شخص لااعرفه؟
قال: تفوهت بهذا الكلام فقط لمحاولة تهدئتك مما كنت عليه من انفعال.
قالت غاضبة: من المؤكد انني لم اكن اريدك ان تتكلم هكذا ياسيد رايان.
قال:واظنك قلت عني انني مغرور؟
إذن فقد سمع حديثهما هي وشيلي.
قالت:لم يكن من المفروض ان انفعل اذن ,ولكن عملك ذاك...
قاطعها:كان مناسباً.وداعاً يأآنسة موراي.
مالذي جعلها تقول كل ذلك وتتصرف بهذا الشكل؟
ذلك انها لم تكن تظن نفسها مشاكسة بهذا الشكل.
وفي الواقع ان سنوات طفولتها ,والتقارير المدرسية عنها كانت كلها تنتقدها لكونها بحاجة الى مزيد من الجراة والمطالبة بحقوقها,
وفكرت بالم لو ان معلميها راوها اليوم كيف كانت تتصرف .
اطل الدكتور ميتشيل من الباب وهو يخاطبها قائلاً ستيفاني؟هل كل شئ على مايرام؟
اجابته :كل شئ على مايرام تماماً.
امضت بقية النهار مستعينة باكواب القهوة السوداء لتخفيف من غضبها
منذ عودتها من الجامعة للعناية بتوبي ,مضى بها الوقت في ادارة المنزل والتسوق والحلول مكان الام زالاب لصبي مضطرب حزين وفوق هذا العمل في الخارج في وظيفة توفر لهما لقمة العيش...
كل هذا اخذ كل دقيقة من ايامها,ليلاًونهاراً.
كان وقتها دوماً مشغولاً.
وفي الوقت الذي تمكنت فيه الصعود الى الحافلة الوحيدة التى كان عليها ان تطوف المنطقة مرة كل ساعتين, كانت الساعة الخامسة في المساء الربيعي الرطب والشمس قد غابت.
كانت متعبة كما لم يكن لديها فكرة عن الكيفية التي تؤدي بها اعمالها اليومية من دون سيارتها.فقد انفقت كل ماكانت تدخره لشراء هذه السيارة بعد ان عرض عليها الدكتور ميتشيل هذه الوظيفة في عيادته وذلك بعد اسابيع قليلة من وفتة والديها وعودتها الى البيت ,فانقذت بذلك حياتها.
هتف اخوها الذي كان جالساً بانتظارها على الحائط الحجري القديم, عندما اطلت عليه:مرحباً,اين ذهبت السيارة؟
اجابت وهي تحدق في مكان السيارة الخالي: السيارة؟
تصاعد في الجو هدير محرك سيارة تقترب.كلا,غير ممكن.ان الشرطة لاتنقلها من مكانها مطلقاً مادامت لاتعرف صاحبها.
وعلى كل حال ,فان شرطة القرية تعرف سيارتها الحمراء الصغيرة.وعندما توقفت سيارة الانج روفر , اختفى توبي داخل المنزل في الوقت الذي ابتدا ينهمر فية المطر,واستدارت تواجه السيارة دون انتباه الى التعب الذي يبدو عليها.
قال :مساء الخير ياآنسة موراي .
فكرت في ان الافضل ان اوضح لك الامر بشان السيارة.
مالبث ان خرج من السيارة, وهو يقول :انني اعلم انك لن تشكريني لقولي هذا.وارى من الافضل ان تجلسي قليلاً.
اسمعي, لقد تدبرت امر اصلاح سيارتك...قلت لك اسمعي!لقد فعلت ذلك لانني ببساطة,اتمكن من ذلك بعكسك انت.ان الدكتورميتشيل هو صديق قديم لي ,وهو لن يكون مرتاحاً ابداً اذا رآك تشتغلين عنده.
ونظر ناحية بيتها متجهماً وهو يتابع قائلاً ومن المؤسف انك تقيمين في هذه الناحية.
قالت له بعناد:انني احب بيتي هذا.
اجاب انني متاكد من ذلك ,وقولي انه لايعجبني سيجعلك تمضين فية العمر كله . اليس كذلك؟
لم تحاول ان تجيبه بشئ.
ونظرت اليه متذكرة ماكانت تسمعه عنه اثناء وجودها في الجامعة.
فتلك العملية التي رفض القيام بها جميع جراحي القلب, لم يتردد هو في القيام بها بكل نجاح,وتسببت صداماته مع المؤسسة في ان يبعده زملاؤه ممن هم اكثر نفوذاًمنه. وعميلة اخرى قام بها ,في غرفة عمليات موقتة,في قلب صبي اصيب في حادث تصادم قطارين, ولم يكن من المستطاع نقلة\ه , نجحت نجاحاً باهراً. ومثل هذه القصص لم تكن هي لتصدق نصفها...
ولكنها وهي تنظر اليه الآن تصدق كل واحدة منها.
قال لها :ساتصل بك خلال ايام قلائل.
وبالمناسبة,ستصلك غداًصباحاً الساعة السابعة سيارة موقتة تستعملينها,فلا تدهشي اذا انت رايتيها امام بيتك.ثم,هناك شئ اريده منك.
سالته:وماهو؟
اجاب:انتبهي الى اخيك ذاك, من تلك القفزات تحت عجلات السيارات المنطلقة والتي يتحدى بها الموت.
ذلك انه لم يدر اي حديث بينهما عن شركة التأمين التي لها علاقة بالحادث.اذ انه تحمل عبء كل التكاليف, واكثر من ذلك , زودها بسيارة بديلة اثنلء اصلاح سيارتها التي كان يعلم انها لاتستحق التصليح. ذلك ان اصلاح مثل هذه السيارة القديمة قد يكلف الكثير.
انتهاء الفصل الثاني .:tongue-new:

ساكنه القلوب
25-11-2012, 14:23
:devilish:بكر انشاء الله انزل الفصل الثالث ودمتم لي في قلبي سكنة

مونـــــي
29-11-2012, 13:48
ياهلا ومرحبا سااااكنه القلوووووب والله انك احسن وحدك أنا أحببببببك انتي الوحيده الللي رفعتي معنوياتي ههههههههههههه
وماشاء الله راجعة لنا برواية جديده بأذن الله اقرأها بس الحين عندنا مذااااااااكره واختباااااارااااااااات ومشااااغل الدنيا كثيره ............
ادعيلي بالتوفيييييييييييييييييييييييييق
ووين العالم اصلاً المشروع مغبر مره محد يدخله كثير الله يرجع العضوات بالسلامه هههههههه

يلا ياقمر مشكوره مره ثانية على الرواية ..............: لعوب:

مونـــــي
29-11-2012, 13:49
صراحه فيسات المنتدى خايسه ... لعوب ها ؟

*cute_girl*
25-12-2012, 15:32
كيـــــــــــفكم حبيباااااااااتي
اشتقتلكم كتييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير والله وعلي طول بتابعكم من الموبايل
تسلم ايدك مونــــــــي علي الرواية الحلوة زيــــــك ... كيفك حبيبتي و شو اخبااااااااااارك
سااااااااكنة القلوب ... تسلم ايدك حبيبتي لسه ما قرأت روايتك عشان عندي امتحانات و مشغووولة كتييييييير
بس تخلص الامتحانات هقرأها ان شاء الله
تحيااااااااااااااااااااااااااتي وسلااااااااااااااامي لكل البنوتاااااااااااات :) :)

*cute_girl*
25-12-2012, 15:37
Angel1118
مبروووووووووووووووووك التخرج يا قلبي
فرحتلك كتييييييييير
ان شاء علي طول موفقة بحياااتك :)

ميرو 7
27-12-2012, 00:06
شكراااااا

فتاةالجليد
17-01-2013, 12:01
think uoy

فتاةالجليد
17-01-2013, 12:08
think uoy

Bssssssssssmh
30-03-2013, 15:16
مشكورييييين علئ الجهد المبذوووووول

مستحيلة الاحلام
04-08-2013, 02:43
مرحبا حبيباتي :e106:اشوف انكم غايبين من فترة والله زمان ما طليت عليكم من مشاغل الحياة :em_1f629:بس ماتكونوا طنشتو المشروع وتوقف:e411:
يارب ماتحرمنا من طلتكم وتعليقاتكم الي دوم حلوة :em_1f62f:ان شاء الله أشوفكم عن قريب :e408:
لعلنا نرى تعليقا قريبا:e415:

كازوها الرقيقه
22-09-2013, 04:05
موضوع رائع جدا جدا بس وين اتكمله بليز كملن