PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 [45] 46

جين أوستين
15-11-2011, 20:59
-نعم, وطلب مني اخبارك أنه لسوء الحظ فان ستينر الرجل الذي كان يعمل لصالحنا في المناقشات دخل المستشفى لاحتمال انفجار في الطحال. وهذا مؤسف يا سيدتي لأنه في غياب ستينر, يبقى أليكس هو الوحيد الذي مكنه التصرف في الموضوع.
فهزت كتفيها بعدم اهتمام في حين تابع جورج قائلا:
-ولذلك يجب أن يبقى في نيويورك حتى تتم الصفقة.
لم تكن تعلم ماذا تتوقع بالضبط ولكنها شعرت بالتشوش نتيجة لكلام جورج كونستاندس, وكانت تحدق بجورج بدون أن تراه وحاولت أن تتظاهر بالطبيعية وقالت:
-آه... فهمت الآن. لماذا لا تجلس سيد كونستاندس؟
وقرعت الجرس وتابعت:
-تينا ستحضر لنا القهوة.
وجلس جورج في مكان أليكس المعتاد وقال:
-أنا آسف أن أكون حامل الاخبار السيئة.
وتظاهرت شارلوت بعدم الاهتمام, و طلبت القهوة من تينا بينما حاولت انهاء طعام فطورها ولكنه كان من المستحيل أن تفعل في حين عقلها و معدتها في حالة ثائرة.
وعندما أحضرت تينا القهوة لجورج مع بعض الفطائر, أخذ يمازحها بسؤالها عن صديقها, ثم تركت الغرفة ضاحكة. و كان من الواضح أن جورج يتصرف كأنه في بيته, ولكن بالرغم من عدم وجود سبب لضيق شارلوت شعرت بالضيق لطريقة تعامله مع الخدم, و أكثر من ذلك لافتراضه أنها تفتقد زوجها. و كانت رغبتها قوية بأن تخبره أنه حتى لو قرر أليكس أن يمضي الشهور الستة المقبلة في نيويورك فهذا لن يعنيها. ولكن بدا لها نوعا من الطفولية, بالإضافة إلى أنه ليس صحيحا مئة بالمئة فول بقي بعيدا آلاف الأميال كيف ستنتهي من حياتها هنا؟ قررت ألا تتهور بالكلام, و أخذت تجيب جورج باقتضاب عندما سألها عن رأيها بالجزيرة. و وجدت نفسها تبادره الحديث بشكل تلقائي قائلة:
-أنا... هل أنت ذاهب إلى نيويورك أيضا؟
نظر إليها و أجابها:
-لماذا؟ هل عندك رسالة لزوجك؟
فتنفست شارلوت بعمق و قالت:
-لا أبدا. لا يوجد عندي رسالة.
وتردد جورج وهو يقول:
-هل أنت متأكدة؟
ووقفت شارلوت و أجابته:
-بالطبع متأكدة.
و أطرق رأسه متوجها نحو الدرج وقال:
-حسنا سدتي. لا شك أن زوجك سيطلعك على آخر التطورات لدى حدوثها.
فأمسكت شارلوت بالمنضدة و قالت:
-كم... من... الوقت يتوقع أليكس أن يغيب؟ وقتا طويلا؟
فهز جورج رأسه وقال:
-في هذه الحالة, ثلاثة أسابيع أو أربعة, لا أعلم. يتوقف إلى أين توصل ستينر بمحادثاته.
-وعملية الاندماج هذه, هل هي مهمة؟
-آه, بالطبع سيدتي.
-ولكن لماذا؟ لماذا؟ ألا يكفيه ما عنده من المال؟
-اندماج الشركات لا يجلب المال. على الأقل ليس بالطريقة التي تعنينها. هذه المحادثات ستنتج عن شيء أهم بكثير ستخلق الأعمال لعدد كبير من الناس.
-عمل؟
-نعم, عمل. هذه الشركة في نيويورك مفلسة.
وشعرت شارلوت بالتشوش وقالت:
-ولماذا يريد أليكس الاندماج مع شركة مفلسة؟
وحاول جورج أن يكون صبورا وأجاب:
-صعوبة الوضع الاقتصادي يسبب في افلاس المزيد من الشركات. و لكن في هذه الحالة هناك ترخيصات قيمة بالاستيراد و التصدير نستطيع استعمالها. و بالتالي فالناس الذين يعملون لهذه الشركة لا يخسرون وظائفهم.
وتنهدت شارلوت وقالت:
-لم يخطر لي أن أليكس قد يهتم بكل إنسان في عمله.
-ولماذا تظنين أن أعداءه كثر, إذاً؟ لأن موظفيه يحبونه, وهذا ما يتمناه الكثيرون من الرجال.
وشعرت بالخجل لانفجار جورج و بوجوب الدفاع عن نفسها وقالت:
-أنا أعرف القليل عن أعمال زوجي و موظفيه.
فتابع جورج وهو يستند إلى المائدة:
-سيدتي, عندما قتل والد زوجك نزلت أسهم شركة فولكنر بشكل رهيب, وهذا طبيعي. ستيفن فولكنر كان ذكيا جدا, وكان أليكس لا يتعدى الرابعة والعشرين من عمره, شابا صغيرا. صحيح أنه تدرب على الاقتصاد ولكن هذا كل شيء. ومع ذلك خلال خمسة عشر عاما لم يكتف أليكس بتحصيل أرقام والده و إنما تجاوزها, وبذلك حصل على احترام كل من في العمل. كنا شركة شحن, والآن عندنا مصالح في فنادق وشركات طيران ووكلاء سفر وبترول وجرائد يومية, هل تعلمين كم عدد موظفينا؟
وتكتفت شارلوت قائلة:
-أوه, لا, لا, قلت لك أنا لا أعرف شيئا عن أعمال أليكس. لا علاقة لي بذلك.
فأجابها بحدة:
-إذاً, يجب أن تهتمي أكثر.
فتوسعت عينا شارلوت بكبرياء.
فأضاف جورج قائلا:
-أنا آسف. ولكن كنت أعمل عند ستيفن فولكنر و كنت معه يوم مقتله. لحقت به عندما خرج من الفندق في باريس حيث أطلق عليه الرصاص, ولذلك لا أسامح نفسي على ذلك, لماذا لم أخرج قبله, و بالتالي مشاعري لأليكس تماما كمشاعر أي أب لأبنه.
فحدقت به شارلوت وهي تعلم أنه عنى كل كلمة مما قال, ولكن كيف تشرح له موقفها؟ كيف تخبره أنه ما من فائدة في أن تتدخل في أعمال فولكنر في حين أنها خلال سنة أو ثمانية أشهر ستصبح امرأة حرة مرة أخرى؟ ولم تهتم في أي حال؟
و أجابت جورج:
-لا يمكنك أن تلوم نفسك على مقتل والد أليكس, أعني حتى لو خرجت من الفندق قبله, فمن المؤكد أن القتلة كانوا يعرفون تماما من هو السيد فولكنر.
أجابها:
-طبعا هذا ما أعزّي به نفسي دائما, و أليكس قال لي ذلك. و لكن لا يمكن إلغاء الشك نهائيا ولهذا أستحثك على ألا تتصرفي بشكل طفولي, فلا يمكن أن تسير الأمور كما يحلو لك دائما.
-كما يحلو لي؟ وماذا تعني بذلك؟
-سيدتي, الحياة قصيرة لأن تفكر بعقل محدود. أن ترفضي كتابة رسالة إلى زوجك أو كلمة حلوة. أنا أعلم أنك منزعجة منه و تفضلين لو كان هو الآن هنا بدلا مني, و أنا كنت أتمنى ذلك ولكن هذا ليس ممكنا. و يجب أن أضيف أن والدة أليكس كانت تذهب مع زوجها إلى كل مكان و ربما يجب أن تفكري بنفس الطريقة.
-الآن انتظر لحظة.
لم تكن لتسمح له بأن يلقي كلماته جزافا ويمشي, ولكنه كان قد وصل إلى الدرج و دخلت ماريا فكتفت يديها بعصبية ولحقت بهما عبر الدهليز إلى الشرفة. و كان بانتظارهما رجل يوناني آخر عرّفها به جورج على أنه الطيّار. على الرغم من أنه لم يرتد أي لباس رسمي.
ربت جورج على كتف الشاب الذي نهض و مشى باتجاه الهيليكوبتر واستدار جورج إلى شارلوت و قال لها:
-لا تغضبي كثيرا, فكلنا نرتكب أخطاء.
و أجابته:
-لم يطلب أليكس مني أن أذهب معه إلى نيويورك.
و تساءل بجفاء:
-وهل الزوجات بحاجة إلى دعوة؟ يجب أن أذهب الآن.
وابتعد عنها ليصعد إلى الهيليكوبتر و راقبته شارلوت و الطائرة ترتفع في الجو بشعور من الغيظ المختلط بشعور الشلل. ولما عادت إلى الفيلا وجدت ماريا بانتظارها.
و سألتها في الحال:
-هل السيد ألكسندروس بخير؟
و تنهدت شارلوت مجيبة:
-نعم ماريا, انه بخير ولكنه لن يعود لفترة.

جين أوستين
15-11-2011, 21:00
- أوه, سيدتي.
و كان تعاطف ماريا بمثابة سحب صمام الأمان لها, وكم تمنت لو كان بإمكانها أن تبكي, لكي تطيب ماريا من خاطرها, لأنها ستظن أن سبب حزن شارلوت هو الأخبار التي جلبها جورج.
ولكنها لم تكن قادرة على خداع المرأة العجوز, ولو أنه أزعجها موقف جورج, ولكن الدموع التي رغبت بذرفها كانت بسبب أشياء معقدة أكثر, ومنها ما لم تفهمه هي نفسها.
وتقبلت مواساة ماريا بعينين جافتين و ذهبت إلى غرفتها لتحضر نفسها للمحنة الثانية في ذلك اليوم. كان منزل ألني فولكنر كوخا صغيرا بين المنحدرات يطل على خليج صخري, محاطا بحديقة مليئة بالورود و الأزهار, منها كانت تعرفه و البعض الآخر لم تعرف نوعه. كان البيت مبنيا من الحجر المدهون باللون الأبيض يشع تحت أشعة الشمس.
استمتعت شارلوت بالرحلة عبر الجزيرة حيث تمكنت من رؤية الكثير من المعالم وهي تكرب العربة. المعالم التي افتقدتها وهي سائرة على الأقدام وصممت أن تبعد كل الأفكار المشوشة عن تفكيرها. و سرت بكون السائق ياني لا يتكلم الانكليزية بطلاقة مما عنى لها أنه يتوجب عليها إجابة الاسئلة عن أليكس طوال الطريق.
ورفع النسيم تنورة شارلوت فوق ركبتيها و أنزلتها بسرعة. فكرت شارلوت طويلا بما ترتدي لزيارة جدة أليكس, و أخيرا قررت أن ترتدي هذا الثوب الحريري الشفاف الكريم ذو الأكمام الطويلة العريضة و القبة المفتوحة. ورفعت شعرها لتشعر بالرطوبة. حقا كانت تشعر بالرضى لدى فعلها شيئا لا يريده أليكس ولكنه بالتأكيد لن يشعر بعدم الرضى لزيارتها لجدته والاعتناء الفائق الذي أظهرته بمظهرها.
كانت ألني فولكنر بانتظارها في غرفة رطبة رافقت شارلوت الخادمة العجوز, ذات النظرات المتفحصة الودودة المحبة للاستطلاع. و خطر لشارلوت, ولم لا؟ طالما أنها كنة ألني. كانت جدة أليكس ترتدي أيضا الأسود كالمرة السابقة. ولكنها وضعت مريولا أبيض ووقفت في غرفتها الصغيرة المكتظة بالأثاث بكبرياء الملكة التي تتلقى مواطنا عندها. كانت الغرفة مليئة بالكراسي العالية و الصغيرة و الموائد والخزائن, و خزانة ضخمة مليئة بقطع الزجاج الغالية.
وباردتها ألني:
-إذً قدمت... لماذا لم تعلميني أن أليكس غادر الجزيرة؟
وتململت شارلوت بعدم ارتياح و أجابتها:
-أظن أني لم أفكر... ألم يعلمك هو؟
-حسب ما فهمت أنه غادر بسرعة فكيف يمكنه إعلامي؟
فهزت شارلوت كتفيها محاولة عدم الارتباك وقالت:
-أنا آسفة.
-لا بأس أجلسي, أجلسي وسنتناول بعض المقبلات قبل الغداء.
وجلست شارلوت على طرف الكرسي الخشبي, و قدمت لها ألني عصيراً محليا ولكنه لذيذ الطعم, وبادرته السؤال:
-وكيف تجدين الحياة بدون صحبة أليكس؟ وحيدة؟
-لا بأس... في الحقيقة وصلني خبر منه هذا الصباح.
-من كونستاندس, أعرف ذلك.
-أنت تعرفين؟
-طبعا, فقد أتى لعندي قبل أن يذهب لرؤيتك. وجلب لي رسالة من ألكسندروس.
-فهمت الآن.
ولم ترتح شارلوت لهذا, إذاً أليكس يستطيع أن يكتب رسالة لجدته ولكنه عاجز عن أن يكتب لها. أثارها الموضوع بشكل غريب. وتابعت ألني.
-أظن لأنه لم يكتب لك, أليس كذلك؟ انه لا يكتب. ولم يكن يوما نشيطاً بالكتابة, إنه يفضل استعمال الهاتف, ولكن كان هناك ما أراد قوله لي ولم يستطع أن ينقلها عن طريق جورج, صحيح أن جورج رجل جيد ولكنه ليس فرداً من العائلة.
وشربت شارلوت من العصير وقالت وهي تؤكد للمرأة العجوز:
-في الحقيقة هذا غير مهم. فلم يكن هنالك ما نريد أن نقوله لبعضنا.
ولشعورها بأن ما قالته قد يبدو غريبا تابعت قائلة:
-أقصد أن أي شيء نود قوله يمكن له الانتظار إلى أن يعود أليكس.
وأجابتها ألني بحدة:
-وهذا لن يكون لفترة طويلة إذا صح ما قاله أليكس في رسالته.
-ما من شيء يمكنني فعله تجاه ذلك.
-أحقا لا يمكنك أن تفعلي شيئا؟ في أي حال أنا انسانة شكوكة, و أتساءل فيما لو لم يكن حفيدي يبقى خارج الجزيرة عن قصد.
وحتى تلك اللحظة لم تكن تلك الفكرة قد خطرت لشارلوت على الاطلاق. و لكنها بدأت تفكر بمنطق و معقولية ما ذكرته ألني, هل هذا ممكن؟ ربما انه عندما اختلى لنفسه ليفكر بما حصل خلال تلك الساعة وجد أن ما حصل لا يستحق كل هذا الجهد.
وأحمر وجه شارلوت, ولكن مهما كانت شكوك ألني فما من أساس لها وقالت مجيبة وقد رفعت رأسها:
-لا أظن بأنك يجب أن تشغلي بالك بنا. أخبرني جورج كونستاندس أنه ما من أحد غير أليكس يمكنه أن يعالج موضوع الاندماج بما أن ستينر مريض, و إذا كان هذا صحيحا, أعتقد أن آخر ما يحتاج إليه أليكس الآن, هو زوجة غيورة.
وصفقت لها العجوز قائلة:
-برفو شارلوت, لا تقولي لي أن أهتم بشؤوني الخاصة ولا أتدخل بالآخرين, حتى لو أردت أن أعبر عن ذلك, لما استطعت بطريقة أفضل من ذلك.
واحتقن وجه شارلوت قائلة:
-لم يكن هذا قصدي سيدتي.
-كلام فارغ. بالطبع كان هذا قصدك. لا تحاولي الآن أن تخربيها بالاعتذار. تعالي الآن لتناول طعام الغداء و أود أن تناديني تيته كما يناديني أليكس, سيدتي كلمة رسمية جدا.
ومما أشعر شارلوت بالارتياح أن ألني لم تسأل شارلوت أسئلة أخرى محرجة, فقد توقعت أن تسألها مثلا كيف التقت بأليكس وكم من الزمن عرفته قبل الزواج, وهذا عادة نوع الاسئلة التي يهتم بها الآباء و الاجداد ولكن ربما أن أليكس قد اخترع لها قصة مقنعة. في أي حال مضت بقية الزيارة بدون مضايقات, وفي الواقع استمتعت شارلوت بالزيارة.
فبمجرد أن ابتعدت ألني عن الاسئلة الشخصية كانت قصصها مشوقة, و خاصة أنها سافرت إلى أكثر دول العالم. ولذلك كانت جعبتها مليئة بالقصص المسلية وشعرت شارلوت بالامتعاض عندما أتت الخادمة لتعلن أن ياني بانتظارها لينقلها إلى الفيلا.
و أصرت ألني عليها وهي تغادر:
-ستأتين مرة ثانية, أليس كذلك؟
وابتسمت شارلوت وقالت:
-وبدون دعوة, شكرا لك.
فحيتها ألني ودخلت إلى بيتها.



פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:01
7-زائر الليل

استرخت شارلوت على الكرسي في الشرفة محدقة في السماء من خلال أوراق الدالية المتسلقة على الاعمدة. شعرت بالنعاس والتعب, بالرغم من عدم مضي بضع ساعات على استيقاظها. ولكنها مضى عليها اسبوع وهي تشعر بهذه الأعراض, وبما أن الطقس معتدل الآن أكثر من يوم وصولها لذا فليس من الممكن أن يكون تأثير الطقس.
تطلعت إلى ساعة معصمها وعندها لاحظت التغير في لون جلدها, بسبب السير عبر الجزيرة إلى ألني و السباحة. فحتى في ذلك الوقت من العام كانت المياه أدفأ من مياه البحر في انكلترا في الصيف. بالإضافة إلى كل ذلك فقد اكتست عظامها باللحم نتيجة لتناول الطعام الجيد خلال هذه الفترة, و أدركت أنها لم تشعر بالنعاس و الكسل الذي داهمها مؤخراً.
مضى على سفر أليكس ستة أسابيع ولم يصلها أي شيء منه غير تلك الزيارة الوحيدة من قبل جورج كونستاندس. وكم من مرة أكدة لنفسها أنها لا تهتم به و أنها لا تريده أن يعود ولكنها كانت تعرفة في داخلها أنه مجرد تأخير و عاجلا أم آجلا سيعود و إلا فلا معنى لوجودها ولم تكن قد نفذت شروط العقد بعد, و كانت تتذكر أحيانا ما قالته جدته من أنه لا يريد العودة. واكن هذا يصعب تصديقه. ولم تفهم لم كانت تنزعج لدى تفكيرها بذلك, عدا أن الوقت هو الدواء الشافي للجروح, ربما مضي الوقت جعلها تنسى ما حصل في ذلك الصباح.
من المؤكد أن الموضوع ليس بهذا السوء و إلا لما استمر الناس بإنجاب الأطفال بحماس, ومع ذلك كانت ترتعد لدى تذكرها لما حدث.
وسمعت بخطوات خلفها فاستدارت وكانت تينا قد أحضرت لها الشوكولاتة لأنها أصبحت تكره القهوة مؤخرا فابتسمت و نهضت من الكرسي فشعرت بالدوخان و الرغبة في القيئ وشحب لونها.
وضعت تينا الشوكولاتة على المنضدة و أسرعت إلى جانب شارلوت متسائلة:
-سيدتي, هل تشعرين بالتعب؟
خف الزوغان و تطلعت شارلوت إلى وجه تينا و قالت:
-أنا... أنا بخير تينا.
ومسحت جبينها الرطب بيدها و تابعت:
-لا أعلم ماذا حدث لي, شعرت بالدوخان للحظة, أظن أنها الشمس فقد أمضيت وقتا طويلا هنا. سأتناول الشوكولاتة في الصالون.
وكانت تينا تنظر إليها بقلق وقالت:
-هل أحضر لك شيئا؟
-يا إلهي, لا.
و نهضت شارلوت بعصبية و حمدت ربها أنها بخير, و تلاشى الشعور بالدوخان. و جلست شارلوت على إحدى الارائك في الصالون حيث كان الجو لطيفا.
و أحضرت تينا الشوكولاتة إلى جانبها و قالت:
-هل أنت متأكدة أنك لا تريدين أن أنادي ماريا؟
وهزت شارلوت رأسها قائلة:
-أنا متأكدة.
وابتسمت متابعة:
-حقا أنا بحالة جيدة. ربما وزني زاد كثيرا بعد كل هذا الطعام الجيد الذي تقدمونه لي.
وهزت تينا رأسها بالنفي و قالت:
-لا. سيدتي.
وانصرفت.
لم تستطع شارلوت أن تتناسى ما حصل بسهولة, فقد كانت تراودها شكوك, هل من المعقول أن هناك ما يسبب هذا الدوخان و هذا الكره لبعض الأشياء التي كانت تحبها, لم تكن حمقاء ولكنها فتاة غير متمرسة على التصرف بأمر لا يمكنها تصديقه. وتلمست بطنها, لم تشعر بشيء ولكن ماذا يمكن أن تشعر بعد ستة أسابيع؟ و انتابتها رعشة بعد أن كانت تحس بالحرارة. هل يمكن أن تكون حاملاً؟ هل يمكن أن يحدث الحمل هكذا؟ فارتجفت ركبتاها. شعرت بالخوف وما من أحد لتعبر له عن خوفها. كانت غلطتها أنها لم تدرك ذلك مبكراً. و كان يصعب عليها تصديق وجود حمل نتيجة لذلك. فكرت بالإفصاح عن مخاوفها لألني ولكنها استبعدت الفكرة, فبالرغم من أنها تحب العجوز وتحترمها, ولكنها ما زالت جدة أليكس ولا يمكنها مناقشة مثل هذا الأمر معها. فالموضوع شخصي و يصعب عليها مناقشته مع أي انسان ولكن بالنتيجة عليها مناقشته.
وبدأت تتساءل وهي تصب المزيد من الشوكولاتة بدون شعور.
ماذا يفعل الانسان في ليدروس إذا مرض؟ ماذا يفعل لو أراد رؤية طبيب؟ فلم تعتقد أن هناك طبيب في الجزيرة ولكن من المؤكد أنه من الصعب على المريض أن يسافر إلى بيريوس ليتلق العلاج اللازم. و قطبت شارلوت وهي تفكر, ربما عليها أن تسأل إحدى الفتيات لأن ماريا ستتوقع ما تحاول شارلوت إخفاؤه.
توجهت شارلوت بعد الغداء إلى غرفتها حيث اعتادت أن ترتاح لمدة ساعة بعد الغداء إذا لم تكن خارجة. و ادركت الآن لماذا شعرت بالنعاس مؤخراً و نامت أكثر مما قرأت.
ولكن اليوم كان تفكيرها مشغولا فلم تنم. فقد خطرت لها كل الاحتمالات و حدقت في السقف وهي تتساءل عما تكون ردة فعل أليكس. وقطبت عندما أدركت أنه سيفرح بالطبع, فهذا ما أراده, والآن أصبح هناك معنى لوجودها, و كانت المسألة مجرد وقت و سيحصل على الوريث.
وبدأت تتلمس بطنها من جديد. هل من المعقول؟ و انتابها شعور بالرضى, انها قادرة على أن تصبح أماً.
لا بد أنها استغرقت في غفوة لأنها استيقظت في ساعة متأخرة من بعد الظهر, و حاولت النهوض فشعرت بنفس الأعراض التي انتابتها في الصباح على الشرفة و أحست برغبة في القيء فهدأت نفسها حتى غاب شعورها بالدوخة ومن ثم جلست, لا بد أنه دليل آخر على صحة شكوكها.
استحمت و غيرت ثيابها و ارتدت ثوبا قطنيا أخضر و نزلت إلى الشرفة, ولدهشتها وجدت ألني بانتظارها. ولم يكن هناك موعد لرؤيتها اليوم و للحظة توقعت أن ألني سمعت بعض الأخبار عن أليكس, و ارتجفت شفتاها. هل حصل شيء يا ترى؟
كانت ألني هادئة و تعابيرها طبيعية واستدارت إلى شارلوت و قالت:
-هذا أنت إذاً, يبدو أن تنامين متأخرة بعد ظهر هذه الأيام.
فاحمر وجهه شارلوت و قالت:
-إنه الكسل يا تيته, هل قدمت لك ماريا الشاي؟
-شاي؟ لا, لا أريد الشاي. أنا أتيت لأن ماريا أخبرتني بأنك لم تكوني على ما يرام في الصباح اليوم.
وتفاجأت شارلوت:

جين أوستين
15-11-2011, 21:02
-آه فهمت.
وتطلعت إليها ألني متفحصة وقالت:
-ولكنك تبدين بخير الآن.
وقالت شارلوت:
-أنا بخير. كانت بسيطة, ربما ضربة شمس خفيفة. ماريا تشغل نفسها أكثر من اللازم, والآن هل تتناولين الشاي؟
وأجابتها ألني:
-إذا كنت تصرين, لا بأس. ولكن هل أنت متأكدة أنك بخير؟
-أخبرتك أني بخير لا تقلقي كثيرا. ألم تشعري ولو لمرة بوعكة بسيطة؟
فارتاحت ألني وقالت:
-آه طبعا. حسنا شارلوت, أنا آسفة ولكن رسالة ماريا بدت مستعجلة بالإضافة إلى أن الطقس جميل جدا و صعب عليّ أن أقضي بعد الظهر لوحدي.
ومع ذلك تساءلت شارلوت عما كتبته ماريا لجدة أليكس ومدى شكهما. وكل ذلك جعلها تشعر بأنها لو طلبت طبيبا لأثارت ضجة وتعليقات.
وتقيأت شارلوت بشدة في الصباح التالي بمجرد النهوض من السرير. تساءلت كيف يمكنها أن تخفي الأمر. ولسوء الحظ أن تينا دخلت الغرفة في نفس اللحظة. وفي لحظات أدركت تينا ما حدث و أصرت على شارلوت أن تعود لسريرها و حاولت شارلوت الرفض بدون فائدة, وكانت تشعر بالضعف فلم تقاوم. ولم تدرك تماما أن تينا قد ذهبت وعادت برائحة الليمون المنعشة لتغيير رائحة الجو, لأنها استلقت مرة ثانية بعد أن عاودها الشعور بالإقياء و الرعب والوحدة.
وفتحت عيناها حيث شعرت بيد ماريا الباردة على حبينها ورأت نظراتها القلقة. وتعاطف ماريا معها دفع الدموع إلى عينيها. و هزّت ماريا رأسها وهي تلمس شعر شارلوت و سألتها:
-هل تشعرين بالتحسن الآن؟ ما من شيء يدفعك للبكاء فأنت تعرفين ما بك أليس كذلك؟
وابتلعت شارلوت ريقها قائلة:
-نوعا ما.
-إذاً, لماذا تبكين؟ فليس هناك ما تبكين من أجله سيدتي.
فسألتها شارلوت:
-ماذا... ماذا تعني؟
ابتسمت ماريا قائلة:
-ألم ألد الكثير من الأطفال؟ أتظنين لا أعرف لماذا تتقيأ الفتاة؟ من المؤكد أن السيد ألكسندروس سيسر كثيراً و كذلك السيدة ألني, سأرسل في طلبها.
و أجبرت شارلوت نفسها على الجلوس و أمسكت بيد ماريا وهي تقول:
-لا. أرجوك لا تخبريها ماريا, أنا سأخبرها بنفسي ولكن ليس الآن بعد.
-آه فهمت سيدتي, تريدين أن يعلم السيد ألكسندروس بنبأ ابنه أولاً. و لم لا؟ هذا ما يجب أن يحدث. سأقول لصوفيا لتذهب إلى القرية و تخبر فيتوريو ليذهب إلى أثينا و يرسل برقية...
واستلقت شارلوت مرة ثانية وقالت:
-لا. أعني ليس هناك من حاجة. أليكس, أليكس سيعود قريباً ولا أريد أن أزعجه.
وبدت الدهشة على ماريا وهي تقول:
-تزعجينه يا سيدتي؟ هذا ليس إزعاجاً. فلسنوات طويلة و جدته تريد أن ترى أبن حفيدها. وستكون فرحة كلاهما عظيمة.
وأدارت شارلوت رأسها وهي تتمتم:
-ولكني لست سعيدة.
و أجابتها ماريا:
-ولكنك ستكونين. كلنا نتألم قليلا في البداية.
و أجابتها شارلوت بكبرياء:
-قليل من الألم و الانزعاج, لماذا؟ هل يجب أن نتألم؟ لم يذهب الرجل و لا يشعر بشيء؟
و أكدت لها ماريا بهدوء:
-ولكن هذه هي سنة الحياة. استريحي قليلا. وستشعرين بتحسن خلال ساعة.
وكان كلام ماريا صحيحا. و بالرغم من أنها كانت متحسبة للنهوض في المرة الثانية, ولكن كل ما شعرت به كان فراغاً في معدتها تخلصت منه بفنجان من الشاي و الخبز, و بعدها كأن شيئا لم يكن, مما أدهشها ورفع من معنوياتها حتى بدت مخاوفها غير حقيقية.
وفي صباح الأيام التالية كانت تخاف لدى نهوضها, ولكنها تشعر بتحسن إذا تناولت بعضا من البسكويت كما اقترحت عليها ماريا. و اعتادت على هذه الاجراءات خلال اسبوع وبدأت تشعر بأن جسمها بدأ يتأقلم على حالته الجديدة وكانت قلقة بسبب غياب أليكس. و بدأت تقتنع بما ذكرته ألني عن غيابه المقصود. ولكن لماذا؟
ما السبب الذي يدفعه لمثل هذا الاجراء؟ ولماذا لم ترسل برقية بالخبر كما اقترحت عليها ماريا؟ وبدا على ماريا عدم الرضى عن تصرف شارلوت بشأن هذا الأمر. ولكنها لم تقدّر صعوبة موقف شارلوت.
وفي إحدى الأمسيات بعد ان استلقت شارلوت في سريرها سمعت صوت الزورق البخاري, و رفعت رأسها محاولة سماع الصوت. و خطر لها احتمال قدوم بعض الارهابيين ولكنها استبعدت الفكرة, فبالتأكيد لم تكن الوحيدة التي سمعت الصوت, بالإضافة إلى أن القرية أقرب إلى القنوات ومع ذلك فقد كانت قلقة و تتساءل من يكون. فكرت باحتمال قدوم أليكس ولكنها استدركت نفسها لأنه يستعمل الهيليكوبتر دائما, بالإضافة إلى رسالة ليخبرها بقدومه.
وتوقفت المحركات وعاد الهدوء إلى الليل. وتنهدت شارلوت, وأياً كان القادم فلا يمكن أن يتوقع منها أن تكون مستيقظة في هذه الساعة المتأخرة من الليل, فقد كانت الساعة حوال الثانية عشرة.
بالطبع قد يكون جورج كونستاندس آتياً ليخبرها بموعد عودة أليكس. و تقلصت معدتها لدى تذكرها ما عليها أن تخبر أليكس لدى عودته ولكنها لم ترغب بإخباره.
واستدارت مرة ثانية على ظهرها و أبعدت الأغطية فالطقس دافئ ولم تشعر بحاجة للأغطية, أكثر من ثوب النوم الذي ترتديه وحملقت في الظلام, هل سيخبرها أحد لو كان جورج كونستاندس هو القادم؟ أم أنه سينتظرها حتى الصباح؟ وتقلبت بضيق. ودفعها حب الاستطلاع لتشعر برغبة بالنهوض لتتأكد.
ولم تسمع أية أصوات أخرى. فتساءلت فيما لو كانت مخطئة, ربما أنه الهواء القوي حمل أصواتا من القرية. وقفزت عندما فتح أحدهم باب غرفة النوم ودخل شخص طويل عريض المنكبين و أغلق الباب خلفه, واستند إليه. و عرفت شارلوت من بالباب, وسألت بتردد:

جين أوستين
15-11-2011, 21:03
-أ.. أليكس؟
وتنهدت واقترب منها و أشعل النور بجانب السرير وتمايل قليلا عندما اقترب منها مما بدا عليه الاجهاد. عيناه حمراوان ووجهه أنحف مما ألفت, وعلامات التعب واضحة عليه. وقد حل ربطة عنقه والأزرار العلوية, وكانت بذلة مكرمشة من السفر الطويل.
ووضع يده على رقبته وسألها:
-هل أيقظتك؟ أنا آسف.
وبدا عليها القلق أكثر مما توقعت. و سألته بتعجب وهي تتناول الثوب الحريري:
-لماذا لم تخبرني بموعد عودتك؟ هل أتى جورج معك؟ هل أتيت في الزورق؟
-نعم أتيت في الزورق, وجورج لم يأت معي, و إنما أتيت لوحدي.
-لوحدك؟
وبدت عليه علامات السخرية عندما ارتدت الثوب فوق فستان النوم و أجابها:
-نعم لوحدي. هل أنت بخير؟ ولا تقلقي فلن أطالبك بحقوقي الزوجية. فأنا متعب جدا.
وحملقت شارلوت به بقلق:
-من الأفضل أن تجلس قبل أن تنهار. هل أحضر لك أي شيء؟ قهوة؟ أو ساندويش؟
استرخى أليكس على طرف السرير وهزّ رأسه قائلا:
-لا شيء, شكراً. فقد تناولت وجبة على الطائرة من ساعات قليلة.
أسند رأسه بين يديه متابعا:
-أنا بحاجة للنوم, هذا كل شيء.
حدقت به محدثة نفسها: هذا ليس وقت الاسئلة أو الأجوبة. لأعرف لماذا اختار القدوم بمفردة, ولماذا اختار أن يأتي إلى غرفتها بدلاً من غرفته, إلا إذا أراد التأكد من أنها ما زالت هناك.
وتعمق تنفسه فاقتربت منه وإذ بع قد استغرق في نوم عميق.
وتساءلت: نائم... وهنا, في سريرها.
فهرّت رأسها وهي تحدق به, وبما أنه لم يبد أي علامة عدائية بدأت بخلع سترته ووضعت رأسه على الوسادة. ودفن رأسه في الوسائد بدون أن يفتح عينيه. ووقفت شارلوت مترددة وما زالت تحمل سترته ومن ثم ألقت به على الكرسي وساعدته على خلع حذاءه ووضعته تحت السرير و فكّرت قبل أن تساعده على خلع بنطاله, ولكنها وجدت أنه من الواجب فعل ذلك و إلا سيشعر بالحرارة و الضيق. و بالتأكيد إنه يرتدي ثياباً داخلية وما من ضير في ذلك, و أخيرا ساعدته على خلعه ووضعته مع السترة. ومن ثم جلست على الجانب الآخر من السرير وهي تفكر بما قد تفعل. إذا ذهبت لتقضي الليلة في غرفته فسيعرف كل من في الفيلا أنها تركت أليكس في أول ليلة له في البيت. وبالإضافة ما من شيء قد يحدث, فأليكس متعب ومنهك. وستستيقظ وترتدي ثيابها قبل أن يفتح عينيه في الصباح. وتنهدت و أطفأت الضوء وخلعت الثوب الذي وضعته فوق ثوب نومها واستلقت على السرير بجانبه.
كان السرير عريضا بحيث ترك مسافة كبيرة بينهما واستدارت إلى جنبها و أغلقت عينيها. واستيقظت عندما شعرت بيده الثقيلة ملقاة على صدرها وتذكرت ما حصل في الليلة الماضية. وحركت رأسها باضطراب على الوسادة لترى فيما لو كان مستيقظا, ولكنه ما زال نائما. إلا أنه خلع قميصه و ألقاه بجانب السرير. وبدا الارتياح على وجهه اختفت خطوط الاعياء التي ظهرت على وجهه في الليلة السابقة.
وجوده بجانبها أشعرها بالأمان و أدركت مدى الارتياح الذي تشعر به عندما يكون قريبا منها, و السهولة التي يمكن أن تنسى بها كل القسوة التي مارسها معها. و بدأت تتحرك في السرير محاولة النهوض. ففتح عينيه و بدأت ترتجف فحدق في عينيها و عانقها.
وقالت بخوف:
-أليكس ... أرجوك.
وقال:
-يا إلهي... شارلوت! لماذا بقيت بعيدا كل هذه المدة؟
ولم تجبه.


פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:04
8-وريث العقد

قرع أحدهم الباب مما أعادها إلى الحقيقة ورفعت الأغطية فوق كتفيها. دخلت تينا تحمل صينية الشاي و البسكويت كالعادة. وتوقفت مندهشة لدى رؤيتها لسيدها في السرير بجانب سيدتها و بدا عليها الارتباك وقالت هامسة:
-أنا آسفة سيدتي. أنا... أنا لم أعرف أن السيد ألكسندروس فد عاد.
وابتعدت شارلوت إلى طرف السرير وشعرت بالارتياح لعدم استيقاظ أليكس وقالت هامسة:
-ضعي الصينية هنا تينا و بإمكانك أن تخبري ماريا أن السيد عاد أمس فجأة.
وقالت تينا وهي تومئ برأسها ووضعت الصينية وقالت:
-نعم سيدتي.
تطلعت إلى أليكس النائم وثم إلى شارلوت التي شدت الغطاء على صدرها و كررت:
-نعم سيدتي.
ابتسمت و خرجت من الغرفة. وتناولت شارلوت البسكويت بعد خروج تينا ومن الغريب أنها لم تشعر بالدوخة ذلك الصباح, ولما استطاعت أن تركز تفكريها بدأت تحدق بعيون مضطربة بأليكس. كان يجب أن تخبره أنه ليس هناك حاجة للمسها, فهي حامل ولم يعد من حاجة للتظاهر.
لكن عوضا عن ذلك ماذا فعلت؟ و أحمر وجهها وهي تشعر بالذل. تعترف له ام لا؟ وفيما إذا لم تخبره فبالتأكيد ماريا ستخبره. شعرت بالقرف من نفسها و تركت السرير و أسرعت بارتداء العباءة. وكان أليكس يتقلب في السرير ودخلت الحمام.
ولدهشتها لم تجده عندما عادت من الحمام. ولم تعرف, هل تشعر بالسعادة أم بالأسف, ولما أدركت أنه ربما سيصادف ماريا في أي لحظة أسرعت بارتداء ثيابها. كان بنطالها ضيقاً وهي في حالتها, وارتدت بلوزة عريضة مع البنطال. تركت غرفتها و أسرعت إلى القاعة حيث صادفة ماريا تبدل الزهور. وتوقفت المرأة العجوز لدى رؤية شارلوت بتشوق و قالت:
-أخبرتني تينا بعودة السيد ألكسندروس. من المؤكد أنك سعيدة جداً. ماذا قال لك عن...
و أشارت إلى بطن شارلوت.
ونظرت شارلوت إلى خلفها و تأكدت أنه ما من أحد يسمعها و قالت بهدوء:
-إنه لا يعرف.
و اجابت ماريا بتعجب:
-لا يعرف؟
-أنا... لا. لا لم أخبره.
وتنهدت ماريا وهزت رأسها وقالت:
-أنا لا أفهم. لماذا لا تخبرينه؟
وغيرت شارلوت وقفتها وقالت:
-ماريا, إن تسعة أشهر وقت طويل ومن الممكن أن يحدث أي شيء.
و أجابتها ماريا بحدة:
-وربما يحدث فيما لو لم تخبريه.
-ماذا تعنين؟
-آه, سيدتي, أنا أعرف السيد ألكسندروس منذ صغره. إنه رجل بكل معنى الكلمة, أليس كذلك؟ إنه يعيد عن المنزل منذ وقت طويل, سيدتي هل تفهمين ما أحاول أن أشرحه لك؟
-وأحمر وجه شارلوت وهي تقول:
-نعم, نعم. أظن ذلك. ولكن لا تقلقي بهذا الشأن. تسعة أشهر...
-سيدتي, ولكن تقديري إنها ستة أشهر وبضعة أيام.
وتابعت ماريا:
-أنا لست عمياء وبإمكاني أن أرى ولكن بعد أن قضيت فترة من الزمن هنا, أريد أن تفهمي أنه أصبح لك في قلبي معزة خاصة.
بادرها صوت أليكس وهو يقول:
-أنا سعيد بسماع ذلك.
تقدم منهما و حيا ماريا ووضع يده على كتفها و قال:
-ماذا فعلت شارلوت حتى تقلقي بهذا الشكل؟
تطلعت شارلوت التي احتبست أنفاسها ولكن جواب ماريا جاء مختلفا:
-لا تأكل جيدا , أظن أنها تفتقدك يا سيدي.
نظر إلى شارلوت التي تجنبت النظر في عينيه وقال:
-الآن أنا عدت.
وتابع قائلا:
-أحضري ذلك الخبز الطازج اللذيذ والذي ما زلت أحلم به منذ أن غادرت.
اعتذرت ماريا لتذهب لتحضير طعام الافطار بعد أن رمقت شارلوت بنظرة موبخه لاحظها أليكس. ومن ثم اتجهت شارلوت إلى الشرفة لتبتعد عن زوجها, ولكنه لحق بها. وتمشت إلى خلف الفيلا و تطلعت خلفها فلم تره, إذ توقف مستندا إلى الباب مرتديا بنطالاً قطنيا ضيقا و صدارة كشفت عن صدره.
بدى في البارحة متعبا و منهكا و أحست بالعاطفة تجاهه, واليوم تشعر بالكراهية. إنه الرجل الذي تزوجها ثمناً لديون أبيها وهمه الوحيد هو الوريث, كيف نجح بكل هذه السهولة؟ وفي حقيقة نفسها كانت تتمنى لو أنه استغرق معه الأمر وقتاً أطول.
حرك عضلات كتفيه بتكاسل وقال:
-يناسبك هذا اللون البرونزي.
لم تجبه شارلوت و تابع هو:
-ماذا كنت تفعلين في غيابي, هل شعرت بالملل؟
هزت رأسها بالنفي, لا. لم تمل ولكنها شعرت بالقلق في نهاية المدة ولها الحق في ذلك.
أصبحت لهجته جافة بعض الشيء وقال:
-ماذا؟ هل قررت ألا تتكلمي معي, أم ماذا؟
وتنفست شارلوت بعمق واستدارت إليه قائلة:
-لا, بالطبع لا.
وقطب أليكس قائلاً:
-شارلوت لا تضطرينا للعودة لنبدأ من جديد, فكلانا نعرف حق المعرفة أنه ما من مجال لذلك.
وانفجرت بعصبية:
-ألهذا السبب بقيت بعيداً؟
وتنهد قائلاً:
-لا. حسنا, ربما إلى حد ما.
وتقدم منها و تابع:
-بإمكاني القول أن اندماج الشركة استغرق وقتا أكثر مما توقعت فقد انتهينا من ذلك منذ اسبوعين فقط, ولكني لم أستطع العودة مباشرة.
و أجابته:
-ولماذا؟ هل هناك فتاة أخرى؟
وأجابها بحدة:
-لا. لا. لا يوجد أحد. أهذا رأيك بي شارلوت؟ يا إلهي!
وأحمر وجهها و قالت:
-كنت أعني فقط...
-أعرف ما تعنين ولكن في أي حال لا يوجد أحد أؤكد لك. ولكن يا إلهي أنت تعرفين نفسك تماما كما أعرفك أنك قادرة على إذلال الرجل لتشعريه بأنه كلب وتذكري كيف كنت قبل أن أذهب.
ودافعت عن نفسها:
-أنت آلمتني.
وهز رأسه بالإيجاب:
-أعرف ذلك, أعرف ذلك ولكن ما من طريقة أخرى, وهل ظننت أن الأمر لم يؤلمني ايضا؟ هناك أشياء كثيرة يجب أن تتعلميها عني شارلوت, أنا لست انسانا آليا.
ورفعت رأسها قائلة:
-ألستك كذلك؟
-ماذا تريدين أن تقولي؟

جين أوستين
15-11-2011, 21:04
وتناقصت شجاعتها و هي تقول:
-أحاول أن أقول... كان عندي شكوك. بشأن عودتك.
-نعم.
و لعقت شفتيها و قالت:
-لماذا؟
و أجابها وقد شد على قبضتيه:
-لأنك سألتني, سأجيبك. شارلوت ربما لن تصدقيني ولكن شعرت بالأسف عليك. بالاسف لما فعلت معك. صحيح أن أباك لا يستحق أكثر ولكن أنت لا...
وانفجرت شارلوت قائلة:
-كل انسان يرتكب أخطاء, و إذا كان والدي مقامرا مدمنا...
و برم ألكس شفتيه بسخرية قائلا:
-نعم, صدقيني كان مدمناً
-حسنا... و أنت دفعته للانتحار.
فأجابها بعصبية واستدار بعنف:
-شارلوت, يا إلهي تلك لم تكن المرة الاولى. كيف تطرقت لهذا الموضوع؟ أنا ما كان يجب ان أتكلم معك.
وشعرت شارلوت بالخوف وقالت:
-انتظر. ماذا تعني؟ إنها... لم تكن... المرة... الأولى؟
وتنفس أليكس بعمق وقال:
-إنسي الموضوع.
وفي تلك اللحظة دخلت تينا, وتقدم هو نحوها و قال:
-أنا سعيد برؤيتك مرة ثانية يا تينا.
و رد على تحية الفتاة باللغة اليونانية وتابع:
-هلا أعطيتني من هذا الخبز الطازج قبل أن أموت جوعاً.
وضحكت تينا و دخلت قبله إلى الفيلا, في حين أن شارلوت اتجهت إلى كرسيها في الشرفة ولكنها كانت قلقة بحيث لم تستطع الجلوس. كانت منزعجة بعصبية و غير متأكدة مما كان يحاول أليكس أن يخبرها. ولكن شيئا واحدا بدى لها واضحا. أن زيارته لها في الليلة الماضية لم تعن أنه أراد أن يتابع من حيث انتهى قبل أن يسافر. كان بإمكانها أن توقظه عندما استغرق في النوم وتطلب منه أن يذهب إلى غرفته و بالتالي لما كان حصل حادث الصباح.
ولكن ماذا كان ذلك سيغير في الموضوع؟ حاولت أن تناقش الأمر بنفسها, كان الموضوع متأخرا جداً. ولو أن أليكس لا يعرف ذلك. ربما يريدها أن تجهض. ووضعت يدها على بطنها بشعور من الحماية. لا, فمهما حصل فلن تسمح بذلك. لن تسمح بذلك طالما أنه بإمكانها أن تنجب طفلا صحيحا. لقد أصبح في داخلها مخلوق حي ولا يمكنها قتله. ولكن ماذا يمكنها أن تفعل؟ عاجلاً أو آجلا سيعلم أليكس. وربما يجب أن تنتظر لتكتشف نواياه بالضبط وحدقت بمروج الليمون غير مدركة لجمال هذه الطبيعة في الخريف. ماذا كان يعني أليكس عن أبيها؟ لماذا لم يخبرها بالحقيقة؟ يجب أن يعلم أنه مهما فعل أبوها فإنه ضعف وليس جريمة بعدم شعور بالمسؤولية. وشعرت بحاجتها للاستلقاء على كرسي الشرفة. وتوقعت أن يأتي أليكس ليبحث عنها بعد أن ينهي طعام افطاره. و كانت بالتالي تنوي متابعة الحديث معه. ولكنه لم يأت, وشعرت بالضيق ونهضت و دخلت الفيلا رافضة الاعتراف بأنها تبحث عنه.
كانت تينا تنظف المائدة وهي تغني لنفسها وسألتها شارلوت:
-أين زوجي؟
وأشارت تينا إلى باب غرفة المكتبة المغلق وقالت:
-إنه هناك يا سيدتي.
وشعرت بالضيق من ابتسامة تينا التي صاحبت جوابها. و نزلت شارلوت الدرجات إلى القاعة وهي تتساءل لماذا اختار زوجها أن يقضي أول يوم له في البيت في المكتبة, وفيما إذا كان يتوجب عليها ألا تتدخل بما لا يعنيها و استدركت نفسها بأنه يعنيها. كان يعلم أنها ستأتي لينهيا حديثهما. أم أنه أراد مضايقتها؟ واستجمعت شجاعتها و فتحت باب المكتبة, وإذا به يجلس إلى مائدة الخشبية التي تحتل مركز الغرفة و قد فتح حقيبته ونشر الاوراق وبدا عليه أنه مشغول ونظر إليها لدى دخولها بضيق.
قالت له:
-ماذا تفعل؟
و دفع كرسيه إلى الخلف و نهض واقفا وقال:
-وما تظنيني أفعل؟
وتابعت وهي تتلمس أنفها:
-تعمل على ما أعتقد.
و أجابها بلهجة ساخرة:
-حزرت من أول مرة. ماذا تريدين؟ هل هناك أي مشكلة؟
وتسارع تنفسها وقالت:
-وهل يبدو كثيرا أن أتوقع القليل من صحبتك في أول يوم لك في البيت؟
وحدق بها أليكس قائلا:
-أحقا تريدين صحبتي؟ لم يكن هذا انطباعي الأول.
وأحمر وجه شارلوت وقالت:
-آه. وما الفائدة؟
واستدارت لتخرج ولكنه أسرع ممسكا بذراعها و شدها إلى الغرفة وأغلق الباب.
وقال بهدوء وبدون سخرية:
-الآن, أنا أعمل لأن جورج سيصل خلال ساعة, واود أن أحضر له هذه الأرقام. كنت أنوي تحضيرها أمس البارحة ولكن أنت تعلمين أني لم أفعل.
وانفجرت به شارلوت قائلة:
-ولهذا عدت إذاً. لتحضير بعض الأرقام.؟
-بالإضافة إلى عدة أشياء أخرى, حاولت أن أخبرك...
-وجورج قادم ليأخذ هذه الأرقام؟
و تردد أليكس وقال:
-لا. لا. سيبقى لبضعة أيام.
-يبقى؟
-نعم. هناك بعض التنظيم يجب أن نقوم به, و يمكننا أن نعمل هنا.
وشهقت شارلوت وقالت:
-حسب ما فهمت أنك لم ترغب أن تفعل ذلك فما الذي غير عقلك؟
-آه... شارلوت. يا إلهي شارلوت.
وتلمس شعره وتابع:
-اسمعي, لم أكن أنوي البقاء هنا وقد أخبرتك بذلك و الآن سأبقى.
وشدت شارلوت على قبضتيها وارتجفت شفتاها وقالت:
-ماذا؟ أتعني أنك غيرت عقلك بسبب ما حدث في الصباح؟ حسنا... لا يتوجب عليك أن تزعج نفسك بي. و لا يتوجب عليك البقاء هنا!
ورفعت طرف بلوزتها الفضفاضة الطويلة لتريه كيف ضاق بنطالها. وتابعت بغضب:
-وزني يزداد أليكس. هل تعلم لماذا؟
وحملق فيها أليكس و كأنه لم يصدقها واقترب منها يحدق بالمكان المغطى بالبلوزة.
وقال لها بلهجة غير متوازنة:
-هل تعنين أنك حامل؟
و أجابته ببرود قائلة:
-إذاً, إذا لم أكن حاملاً, فهناك شيء غريب يحصل لي.
وقال لها أليكس بلهجة آمرة:
-لا تمزحي معي. يا إلهي, منذ متى و أنت تعرفين ذلك؟
-اسبوعين أو ثلاثة.
-ثلاثة أسابيع, لماذا لم تخبريني؟
-آه... أنا آسفة, لأنك لم تكن هنا يا سيدي.
فأمسك بذراعيها بقوة قائلا:
-توقفي عن ذلك شارلوت. لي الحق بأن أعلم, أليس كذلك؟

جين أوستين
15-11-2011, 21:05
-حسنا. والآن تعرف. لا احد غير يعرف وماريا و ربما البنات.
-وجدتي؟
-لا. طلبت من ماريا ألا تخبرها.
-لماذا؟
وهزت رأسها معترفة:
-لم أود أن يعرف أحد بالأمر.
و تنهد أليكس بعمق:
-ولم لا. لم أحلم مطلقا... لم يخطر لي.
وتوقف عن الكلام ثم تابع:
--وأنت؟ كيف تشعرين؟
و برمت شفتيها قائلة:
-أنا؟ آه, بحالة جيدة. لا أستطيع تناول القهوة و أتقيأ في الصباح إذا لم أتناول بسكويت قبل أن أنهض, و أشعر بالتعب من الوقوف. وعدا ذلك فأنا بحالة جيدة.
وهزها بطلف وبدا القلق في عينيه وهو يقول:
-شارلوت. شارلوت أرجوك.
وشعرت برغبة بأن تهدئه وتؤكد له. ولكن لماذا؟ لم تكلب منه أن يتزوجها أو أن يجلبها هنا و يجبرها أن تحمل طفله. لقد فعل كل شيء لهدف, والآن كل ما يريده أن يتأكد من أن ابنه يتلقى الرعاية الكافية.
وأجابته بحدة:
-أتركني لوحدي!
وشدت نفسها من بين يديه.
-كيف تتوقعني أن أشعر؟ بالحنان و الحب مثل الدجاجة. لا, لا, أنا لا أريد هذا المولود.
لم يكن كل ما قالته صحيحاً ولكن كان هناك ما لا تستطيع أن تعترف به حتى لنفسها ولكن أليكس لم يعلم ذلك وتنهد عائدا إلى مقعده.
واجابها ببرود:
-أنت تعرفين شروط العقد.
فردّت بغضب:
-نعم, نعم أعرفهم, ولكني لم أوقع على أي شيء. هل وقعت؟
واستدارت إلى الباب وتابعت:
-أنا ذاهبة لعند جدتك. ولا تنتظرني على الغداء.
ولحق بها أليكس قائلا:
-انتظري لحظة. لماذا أنت ذاهبة إليها؟ يجب ألا تذهبي لوحدك.
وأجابته بحدة مشددة على كلماتها:
-في غيابك كان عليّ أن أفعل كل شيء بنفسي. بالإضافة إلى أن جدتك لها الحق بأن تعرف أن حفيدها سيرزق بمولود, أليس كذلك؟
-انتظريني حتى بعد الظهر و سآتي معك.
-ماذا؟ وهل تأملت طويلا بالطريقة التي أثبت فيها رجولتك؟ لا, شكرا.
ووضع أليكس يده على الباب يمنعها من الخروج وقال:
-بإمكاني اثبات رجولتي معك في أي وقت أريد.
وارتجفت شارلوت ومن ثم أفلت الباب وتابع:
-والآن أخرجي من هنا ولكن لا تتركي الفيلا.
ولم تجبه شارلوت ولكنها كانت تنوي عدم طاعته. حقا انها زوجته, وام طفله بدون ارادتها ولكنها ليست مستعبدة من قبله.
وشاهدت الهيليكوبتر تقترب من المنحدرات وهي في طريقها إلى منزل ألني.
كان منزل ألني في الجهة الثانية من القرية. ولكنه كان من الأسهل الدوران حول الجزيرة عوضا عن المشي في الطرق الصخرية الوعرة.
كان قد اصطحبها أليكس مرة إلى القرية و عرفها على ناسا زوجة فيتوريو ولكنها منذ أن سافر لم ترغب التدخل في حياة موظفيه.
وصلت إلى منزل ألني منهكة, فقد مضى عليها أسبوع منذ آخر مرة مشت فيها تلك المسافة, كان من الأسهل أن تطلب من ياني أن يحضر سيارته وينقلها ولكنها ذلك اليوم لو فعلت ذلك لكانت جلبت انتباه أليكس وهذا ما لا تريده.
كانت ألني تعمل في الحديقة وهي ترتدي قفازين مطاطيين. ونظرت إلى شارلوت بدهشة قائلة:
-ألم ترين الهيليكوبتر, ربما انه ألكسندروس.
ومن ثم. لاحظت شحوب وجه شارلوت وتغير ملامحها وقالت:
-ما بك, ما الخطب؟ هل أنت مريضة؟
وهزت شارلوت رأسها بالنفي وقالت:
-أوه لا, لا أنا لست مريضة.
ووضعت يدها على جبينها الرطب وقالت:
-يبدو أني أعاني من ارتفاع في الحرارة.
وخلعت ألني قفازيها و أخذت شارلوت بيدها إلى المنزل و قالت:
-ادخلي, ادخلي.
واستحثت الفتاة لتتقدمها إلى جو غرفة الجلوس اللطيف, و أمرت الخادمة بتينا بأن تجلب القهوة. ولكن شارلوت رفعت يدها بضعف وهي تقول:

جين أوستين
15-11-2011, 21:06
-لا. لا أريد قهوة. شاي أو ماء.
ونظرت ألني باستغراب متعجبة وقالت:
-ماء!
وطلبت من الخادمة أن تجلب الشاي وانصرفت الخادمة بعد أن أومأت برأسها.
تقدمت ألني من شارلوت و قالت بقلق وهي تهز رأسها:
-أليكس سيقلق عليك.
-لا يقلق عليّ لأني أخبرته أني قادمة إلى هنا.
-أخبرته؟
-نعم, آوه. لقد عاد بعد منتصف الليل البارحة. وهذا جورج في الهيليكوبتر.
ولفت ألني يديها و نظرت إلى زوجة حفيدها وقالت:
-إذا كان أليكس قد عاد بالأمس, فماذا تفعلين أنت هنا اليوم؟
وقطبت جبينها وتابعت:
-هل تشاجرتما؟
-تشاجرنا؟
وشعرت شارلوت بالاقياء ومن ثم تابعت:
-شيء من هذا.
وبدا الضيق على ألني و سألت:
-لماذا؟ لماذا تشاجرتما؟ أنا متأكدة بأن أليكس سيفرح بكونه سيصبح أبا, ألم يفرح؟ أو أنك لم تخبريه؟
وحملقت شارلوت فيها وقالت:
-أنت... تعرفين؟ ماذا أخبرتك ماريا؟
-ماريا لم تخبرني بشيء. ولم أكن بحاجة. وقد توقعت ذلك عندما أرسلت ماريا في طلبي. فأنا عندي أولاد. شارلوت صحيح اني عجوز ولكني لست عمياء.
واستقامت شارلوت بجلستها في الكرسي و أجابت:
-على الأقل وفرت علىّ اخبارك.
وسألتها ألني:
-ما الموضوع الآن شارلوت؟ هل أخبرت أليكس؟ لماذا لم تخبريه يجب ان تفعلي.
ونظرت شارلوت إلى الخادمة بتينا وهي تجلب الشاي و اجابت باختصار:
-نعم أخبرته.
الشاي في جزيرة ليدروس لم يكن الشاي الذي اعتادت شارلوت شربه في انكلترا. كان نوعا من البابونج وبعض الحشائش الأخرى, ومع ذلك فقد اعتادت عليه والآن شعرت بالحاجة إليه. وتناولت اثنتين من البسكويت الطازج وبدأت تشعر بتحسن. وتذكرت أنها لم تتناول طعام الافطار ذلك الصباح ولكنها فقدت شهيتها بعد وصول أليكس. وصبت ألني الشاي وقد بدا عليها عدم الرضى.
ولما بدأت شارلوت تشعر بالتحسن سألتها:
-ما الأمر؟ ظننت أنك ترحبين بقدومي, وقد توقعت أن تدعيني على الغداء.
ونظرت إليها ألني وقالت بتفاد صبر:
-يا ابنتي العزيزة, أنت تعرفين كم تسرني زيارتك, و بقاءك على الغداء, و سأقدم لك كل ما عندي.
وحدقت في الفراغ و تابعت:
-ولكن يجب أن تفهمي يا شارلوت أن أليكس حفيدي و أنا أحبه كثيرا. و أنت زوجته, و إذا كنت أنت غير سعيدة. فهو غير سعيد وهذا ما لا أحبه.
وتنهدت شارلوت مجيبة:
-ولكنني لم أذكر أني غير سعيدة.
-لا, ولكن هذا واضح عليك, أليس كذلك؟ ولو لم تكوني منزعجة في بيتك لما أتيت هنا.
-تيته, أليكس أحضر معه بعض الأعمال و حضر جورج ليعمل معه. و اخبرني أليكس أن جورج سيبقى لعدة أيام. و وجودي في الفيلا إزعاج.
-آه فهمت الآن.
وبدا الارتياح على وجه ألني وتابعت:
-أنت غاضبة لأن أليكس يجلب معه العمل إلى المنزل في حين انكما لم تمضيا معاً سوى وقت محدود.
فتحت شارلوت فمها لتعترض ولكنها تراجعت. ولم لا تترك ألني تفكر ذلك؟ ما الضرر في ذلك؟ على الأقل سيخفف من قلقها. سترى فقط ما تريد رؤيته في أي حال فإن شارلوت وحدها تعرف الحقيقة و كذلك أليكس بالطبع, وسألت:
-هل يمكنني البقاء على الغداء اليوم الآن؟
أومأت ألني بالإيجاب:
-لم لا؟ لم لا؟ رغم أنني أعرف أليكس, فأنا متأكدة أنه سيحضر باحثاً عنك.
وعادت الابتسامة إلى وجهها وتابعت:
-ربما لا تعرفين بعد أن أليكس رجل غيور.
إذا كانت ألني تحاول تهدئتها بهذه الكلمات فلم تصب الهدف. و لمجرد فركة قدوم أليكس باحثا عنها وردة فعله, جعلها تشعر بالرهبة و كانت على وشك أن تغير رأيها بالبقاء.

פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:07
9-رحلة إلى أثينا

كانت ألني وشارلوت تشربان الشاي بعد الغداء عندما وصلت صوفيا, متعبة منهكة وذات وجه أحمر بسبب المشي السريع في ذلك اليوم الحار. و أحضرتها بتينا إلى حيث تجلسان ونظرت إليها ألني بقلق وسألتها مقطبة:
-ما الأمر؟
وتطلعت صوفيا بضيق باتجاه شارلوت الجالسة بارتياح على الاريكة و أدركت شارلوت ماذا كانت على وشك أن تقول, وثالت صوفيا بجفاء:
-السيد ألكسندروس أرسلني لأبحث ‘ن زوجته, قلقنا عليها, و طلب منا السيد ألكسندروس البحث عنها في جميع أنحاء الفيلا.
و استدارت ألني باتجاه شارلوت متسائلة:
-ظننت أن ألكسندروس يعرف أين أنت؟
-أخبرته.
ووضعت شارلوت فنجان الشاي وهمت بالنهوض فاستوقفتها ألني بقولها:
-انتظري, ماذا تفعلين؟
وتنهدت شارلوت.
-ظننت انك تتوقعين ذهابي مع صوفيا.
وهزت ألني رأسها بالنفي وقالت:
-لا تكوني حمقاء, لا يمكنك أن تذهبي بعد الغداء مباشرة-وبالإضافة إلى ذلك-استدارت إلى صوفيا –لماذا لم يأت السيد ألكسندروس بنفسه؟
-إنه يعمل سيدتي, السيد كونستاندس هنا. وهما يعملان منذ الصباح.
وأجابت ألني بحدة:
-إذاً لا يمكنه أن يتوقع من زوجته أن تنتظره حتى تجد وقتاً لتتكلم معه. أخبري سيدك أن زوجته بخير, و سأقوم بتأمينها إلى البيت.
-نعم سيدتي.
ورمقت صوفيا شارلوت بإحدى نظراتها العدائية.
وأمرت ألني خادمتها بتينا بأن تعطي صوفيا كأساً من العصير قبل أن تغادر. وبعد مغادرتها أخذت شارلوت تغير جلستها بعدم ارتياح و تمتمت لنفسها:
-لماذا تكرهني هذه الفتاة بهذا الشكل؟
وسمعتها ألني و أجابت:
-كانت والدة صوفيا تعمل في الفيلا عندما كانت صوفيا طفلة وكان ألكسندروس شابا بالطبع و كان يلعب معها عندما تحضر مع والدتها. أحبّها كما أحب كل الاطفال. ولكن صوفيا لا تنظر إلى الأمر بهذه الطريقة. لقد أحبته وما زالت. وهي تغار منك, هذا كل شيء, ولم لا؟ فأنت أصغر منها. ربما عندما تدرك أنك ستصبحين أماً لطفل أليكس ستتقبلك.
وشككت شارلوت بذلك, بالإضافة إلى أنه بعد الولادة سترحل. من سيحضر أليكس يا ترى ليرعى الطفل؟ وفكرت أنها ربما تكون صوفيا فأزعجتها الفكرة ولم تستطع تقبلها. وتوقفت المحادثة لبضع دقائق, فلاحظت شارلوت أن رأس ألني يتمايل لأنها استغرقت في النوم. وشعرت هي بالتعب لكن لا يمكنها الراحة وعليها أن تغادر بعد قليل لتذهب وتواجه مضايقات أليكس لأنها تجرأت على عدم اطاعته.
كانت بتينا تحضر لهما الشاي بعد الظهر حوال الساعة الرابعة والنصف, فطلبت منها ألني أن تخبر ياني بأن يحضر نفسه لينقل شارلوت إلى الفيلا وإذ بصوت محركات الهيليكوبتر يبدد الهدوء. وشعرت شارلوت بجفاف في حلقها لأنها ظنت بأن أليكس يغادر الجزيرة بدون حتى كلمة وداع. ألم يستطع انتظارها حتى تعود على الأقل؟ وشعرت في أعماقها أنها لا تريده أن يرحل. ونظرت إلى ألني التي كانت تحدق فيها بقلق. ولكن ازدادت الضجة فنهضت شارلوت وتوجهت إلى النافذة. وشاهدت الهيليكوبتر تحط على المنحدرات على بعد خطوات من المنزل و شاهدت أليكس يقود الطائرة.
واستدارت إلى ألني وقالت مؤكدة:
-إنه أليكس.
وهدأت ألني و أمرت بتينا قائلة:
-أحضري فنجاناً ثالثا يبدو أنه عندنا زائر آخر.
وأسرع أليكس بدخول المنزل و عيناه مسمرتان على شارلوت الواقفة بجانب النافذة. ومن ثم اتجه إلى جدته و أخذ يدها و قبّل وجنتيها. و لاحظت شارلوت أنه بدل ثيابه وارتدى بذله حريرية مع قميص مناسب. وهذا ما لا يرتديه عادة في الجزيرة.
و باشرته ألني بالكلام:
-ألكسندروس, كيف حالك؟ مضى وقت طويل على غيابك.
واعتدل أليكس في وقفته وهو يرمق شارلوت ببرود و أفلت أصابعه من جدته واعتذر بدون حماس قائلا:
-أنا آسف ولكن الموقف كان معقدا أكثر مما توقعت.
وأجابت ألني غير مدركة أن أليكس ما زال يحدق بشارلوت يجردها من أسلحة الدفاع تجاه غضبه.
-وها أنت عدت الآن وهذا المهم.
وأستدار أليكس إلى جدته وقال:
-لن أبقى هنا طويلا.
ونظرت إليه ألني محدقة بقلق وقالت:
-لن تبقى؟
واستدارت على شارلوت وقالت:
-ما هذا؟
وهزت شارلوت كتفيها قائلة:
-لا أعلم.
وأجابها أليكس يقصد إذلالها قائلاً:
-بالطبع تعرفين. لماذا لم تخبري جدتي بالحقيقة؟ لماذا لم تقولي لها أنك لا تريدينني هنا؟ و أن زواجنا كان خطأ و أنت تفضلين أن تكوني حرة.
وابتلعت شارلوت ريقها وقالت:
-أنا... هذا ليس صحيحا.
و أحمر وجهها و نظرت إلى ألني و تابعت:
-لا أعلم لماذا يقول مثل هذه الأشياء لمجرد اني غادرت الفيلا بدون إذنه؟
ونظر أليكس في عينيها وقال بقسوة:
-وما تبقى؟
ونهضت ألني على قدميها لتواجههما و قالت:
-ألكسندروس, الكسندروس, أرجوك. أنتما تتصرفان كالأطفال. من الطبيعي بعد هذا الغياب الطويل أن تجدا صعوبة في الاعتياد على بعضكما. شارلوت اعتادت أن تفعل كل شيء كما يحلو لها ولا يمكنك أن تتوقع الآن بمجيئك أن تطلب منها أشياء بدون تعليل.
وتمتم أليكس بقسوة:
-شارلوت حامل ويجب ألا تقطع هذه المسافة سيراً على الأقدام.
-أنا أعرف و هي تعرف ذلك, لأنها وصلت منهكة. ولكن هذا ليس سببا كافيا لتفقد عقلك.
وأجاب:
-أنت لا تفهميني يا جدتي.
-ألا تظن ذلك؟ ربما لا أفهمك, ولكن في حالة شارلوت يجب ألا تغضب لمجرد أنها أظهر بعض الاستقلالية.
وتمتم أليكس بضيق:
-استقلالية, أنا طلبت منها ألا تبتعد عن الفيلا.
وانفجرت شارلوت:
-أنا لست طفلة.
وقالت ألني بهدوء:
-أقترح أن نجلس جميعا لنشرب الشاي وبعدها إذا أردت أن تأخذ زوجك إلى البيت بهذه الآلة, إذا توجب ذلك.
و أجاب أليكس:
-لم يكن هناك من وسيلة أخرى.
ومن ثم شربوا الشاي ولكن شارلوت لم تسر بالشاي ولا تظن أن أليكس سر به أيضا. ولكنه كان مهذبا مه جدته وهو يجيب أسئلتها عن نيويورك والعمل و الطقس هناك. انه بارد و رطب و أنه من الممتع أن يعود إلى الشمس مرة ثانية. ومن ثم أثارت ألني موضوع عيد الميلاد, و تذكرت شارلوت أنه لم يتبق إلا أسابيع قليلة.
وقالت ألني:

جين أوستين
15-11-2011, 21:08
-فرانكو بالطبع سيحضر إلى هنا.
ومن ثم استدارت إلى شارلوت و تابعت:
-فرانكو, اخي وهو أرمل يعيش في قرية قريبة من أثينا. ولكنه يحضر هنا دائما من أجل عيد الميلاد, أليس كذلك يا ألكسندروس؟
وكان أليكس يحاول أخذ اذن ألني بتدخين سيكار. لم تكن من عادته التدخين ولكنه عندما يدخن فيفضل السيكار. و تابعت ألني قائلة:
-فكرا أن عيد الميلاد في العام القادم سيعني شيئا, سيكون هناك طفل في عائلتنا مرة ثانية.
ونهضت شارلوت و أشاحت بوجهها, لأنها لم تستطع أن تتخيل أين ستكون بعد اثني عشر شهرا.
كانت رحلة العودة إلى الفيلا قصيرة وتمت بصمت, و كان جورج بانتظارهما عندما حطت الطائرة. وفتح الباب بشارلوت و ساعدها على الخروج من الهيليكوبتر وهو يعلق على أنها تبدو بحالة جيدة. و أجبرت شارلوت نفسها على الابتسامة و قالت:
-أنا سعيدة برؤيتك مرة ثانية سيد كونستاندس.
و أصر على أن تناديه بجورج وهو يرافقها إلى الفيلا. وتوجهت شارلوت إلى غرفة نومها ولم تستغرب عندما لحق بها أليكس و أغلق الباب واستند إليه يحدق بها وقد لف ذراعيه وقال:
-حسنا؟
ولم تجبه, ولكنها أخذت فرشاة الشعر وبدأت تمشط شعرها و تابع هو قائلا:
-إذاً أنت لست شجاعة.
وتنفست شارلوت بعمق وقالت:
-لا أعلم ماذا تعني.
-لماذا لم تخبري جدتي, لماذا تزوجتك؟ لماذا لم تشتكي, أني أجبرتك على ذلك و كيف ختمت عليك أن تنفذي العقد؟ الذي وقعه أبوك؟
وجلست شارلوت على طرف السرير وقالت:
-لماذا يتوجب علي ذلك؟ لماذا يجب أن أذل نفسي بهذه الطريقة؟
-لكنت أهنتني أكثر.
وهزت كتفيها وقالت:
-أحقا؟ أنا... لا أود أن أجرح جدتك بهذه الطريقة, فأنا احبها كثيراً.
-ولكنك تودين الاجهاض أكثر.
فتوسعت عيناها و أجابت:
-لا. لا, لا, لن أسمح لأحد.
و تضيقت عينا أليكس وهو يقول:
-أنت قلت أنك لا تردين المولود.
وأحنت شارلوت رأسها وهي تقول:
-لا أريده. ولكن لن أفعل ما يؤذيه.
-إذاً, لماذا مشيت مسافة ميلين عبر المنحدرات؟
وتنهدت شارلوت وقالت:
-لقد مشيت نفس المسافة عدة مرات قبل ذلك.
وذكرها بقسوة:
-لكنها قالت أنك وصلت منهكة.
-حسنا... وصلت منهكة, معك حق ربما كنت حمقاء, ولكن أنت... أنت دفعتني لفعل ذلك.
و تقدم منها وجلس على طرف السرير بجانبها وقال:
-أنا دفعتك؟ كيف تلومينني؟

و ابتلعت شارلوت ريقها –كانت تخشى أن يلمسها لأنها ستضعف أمامه وهذا آخر ما تود فعله-ولذا ابتعدت عنه قليلاً, وقالت:
-لا يمكنك أن تتوقع مني أن أتصرف كواحدة من موظفيك.
و تضيقت شفتاه وهو يجيبها:
-وهل أنا أتوقع ذلك؟
و اجابته:
-هل تتصور أنه بإمكانك أن تقول لي ماذا أفعل و متى؟
-أنا آسف. كنت أفكر بمصلحتك.
-بل بمصلحة المولود.
-حسنا, إذا كنت تريدين النظر إلى الموضوع بهذه الطريقة.
وهزت شارلوت كتفيها وقالت:
-أنا لست بحاجة لاهتمامك.
-إذاً أنت بحاجة لماذا؟
-لا شيء. لا شيء.
و أمسك بكتفيها و هزها و أدارها باتجاهه وقال:
-هل أنت متأكدة؟ لم يكن هذا انطباعي في الصباح.
و فتحت فمها من الدهشة و قالت:
-هذه وساخة منك. أن تقول ذلك.
-ولكن ألا تظنين؟ أعني أني أنا لم أعرف وضعك في حين أنك عرفت.
واستجمعت قوتها لتبعد نفسها عنه وقالت:
-حسنا, لا يمكنني أن أنكر أني استمتعت بذلك, ولكن أي رجل خبير بهذه الامور يمكنه أن يؤثر على فتاة مثلي.
فنهض أليكس بعنف وقال:
-هكذا إذاً. لقد فهمت الموضوع.
و وضعت شارلوت يديها على أذنيها و قالت:
-آه, أرجوك لا تتابع. يمكنك أن تكون قاسيا, أليس كذلك؟ يا إلهي. أتمنى لو أني لم أتزوجك أبداً.
و اجابها بحدة:
-ألا تظنين أنني أشعر بنفس الشعور أحيانا؟
بعد ذلك قلما شاهدت زوجها بينما كان جورج في الفيلا, اللهم إلا في أوقات الوجبات. كانا يقضيا أكثر وقتهما في المكتبة, و بعض الوقت في الزوارق. ومرة ذهبا برحلة في الهيليوكبتر وظنت أنهما غادرا نهائيا. و لكنهما عادا في المساء و عادت الحياة إلى مجراها الطبيعي. ولكن أليكس لم يحضر و لا مرة واحدة إلى غرفة نومها, بالرغم من أنها تمنت أحيانا لو أنه يفعل. و عللت ذلك لنفسها بأنه من الطبيعي أن تشعر بحاجتها إليه أحياناً. فالطفل الذي تحمله في بطنها هو ابنه. فلماذا لا يتحمل بعضا من القلق الذي تتحمله لوحدها؟
بدا لها عيد الميلاد, وكل ما كان يعنيه لها في انكلترا. بعيدا آلاف الأميال, و بالرغم من أنها رغبت بإرسال بعض البطاقات, تمنت لو تسنح لها الفرصة ببعض التسوق على الأقل لتشعر بعيد الميلاد. وذكرت الموضوع لألني في إحدى زياراتها للفيلا و نصحتها الأخيرة بأن تتحدث مع أليكس وقالت لها:
-صحيح أن أثينا ليست لندن, و لكن هناك بعض المخازن الممتازة, و أنا على يقين أنه بإمكانك شراء كل ما تحتاجينه.
وشعرت شارلوت بأنها فكرة جيدة ولكن ذكر الموضوع لأليكس كان أمراً صعبا, و مع ذلك قررت أن تستجمع شجاعتها و تحدثه بالموضوع على الأقل لتقنع نفسها بأنها تجرأت على فعل شيء ما.
وفي ذلك اليوم فتحت الموضوع معه أثناء طعام العشاء.
و فكر بكلماتها ومن ثم أجابها:
-هل تريدين الذهاب إلى أثينا؟ و هل يتوجب عليك ذلك؟
وكانت مدركة لنظرات جورج المركزة عليها و اجابت باختصار:
-أنا لست مقعدة, وفي الواقع أنا بحالة جيد جداً ولم أعد أشعر برغبة بالتقيؤ في الصباح.
و اجابها وهو يتناول الخبز:
-حسنا, ومتى تودين الذهاب؟
-في أسرع فرصة ممكنة.
وقطب أليكس و سألها:
-هل يرضيك أن تذهبي غدا؟
و توسعت عينا شارلوت و قالت:

جين أوستين
15-11-2011, 21:08
-غداً, هذا رائع.
-حسنا.
ووجه الحديث إلى جورج وهو يرفع ملعقة الشوربة:
-حسنا. خذ إجازة غداً. ليس عندك مانع أن تذهب مع زوجتي إلى أثينا, أليس كذلك؟
و تساءلت شارلوت:
-جورج؟ أعني ألا تود أن تصحبني؟
و أجابها أليكس:
-لا أعتقد أن هذا ضرورياً. عليّ بعض الأعمال أنهيها هنا ريثما يعود جورج.
كانت خيبة شارلوت عظيمة و ضغطت على شفتيها و بدأت تحدق بصحنها وكانت على وشك الانفجار بالبكاء وقالت:
-آوه ولكن...
وقال جورج:
-من المؤكد أنه يمكنك أن تأخذ إجازة لمدة يوم و تذهب مع شارلوت إلى أثينا, فحتما تفضل صحبتك على صحبتي.
و اجابه بسخرية:
-هل تظن ذلك؟
و تساءلت شارلوت عن مدى عمق علاقته بمساعده ومدى معرفة جورج عن طبيعة زواجهما. ورفعت رأسها بكبرياء وقالت:
-أرجوك. لا فرق عندي سيد كونستاندس, أنا فقط شعرت بالأسف من أجلك لأنك أعطيت هذه المهمة البغيضة.
و اجابها جورج:
-إنها ليست مهمة بغيضة, و إسمي جورج متى تودين الذهاب؟
و هزت كتفيها وقالت:
-هل يناسبك الساعة العاشرة؟
-عظيم. سأنتظر ذلك بفارغ الصبر.
و لكن شارلوت لم تكن متحمسة كثيراً للرحلة لأنها كانت تخشى الطيران في حالتها. و إذا كان لا بد من أن تتقيأ فهي تفضل لو كان أليكس معها. ولكن عللت لنفسها بالقول. ربما أن جورج سيتعاطف معها أكثر من زوجها وبالطبع صبور أكثر.
ومع ذلك لم تتمكن من النوم تلك الليلة, فقد مضى عليها زمن طويل لم تتصل بإنسان و كانت مرتبكة لمغادرة الجزيرة. استيقظت بعد الساعة السابعة و استحمت و ارتدت ثيابها قبل أن تدخل تينا لها صينية الشاي و البسكويت.
وقررت أن ترتدي ثوباً من اللون البيج و البرتقالي بحيث لا يتضارب لونه مع لون بشرتها و شعرها الأحمر, كان ثوبها فضفاضاً أخفى وضعها. ولم تكن لتشعر مسبقا كم يتحسن شعور المرأة لارتدائها حذاءً عاليا أنيقا. وبدأت تنظر إلى نفسها في المرآة و اقتنعت بأنها تبدو جميلة بالرغم من الحمل.
ولما نزلت شارلوت وجدت أليكس يجلس إلى المائدة وقد ارتدى بنطالاً وقميصاً من الجينز. و وضع جاكيتاً مناسباً على ظهر الكرسي. كان يحرك قهوته ووقف لدى دخولها و تضيقت عيناه و قال بسخرية:
-حسنا... أهذا كله من أجل جورج؟
و تجاهلت شارلوت سخريته و جلست و رنت الجرس لتينا و طلبت منها الخبز و الشاي, و بعدها بدأت تشعر بأنها على استعداد لمواجهته اكثر. في حين أنه جلس بالرغم من أنه انتهى من فطوره وهو يراقب حركاتها.
وشعرت شارلوت بالضيق لتحديقه بها و سألته:
-أين السيد كونستاندس؟
و اجابها أليكس بجفاء:
-صدقي أولا تصدقي ولكن جورج متوعك.
-متوعك؟
-إنه مريض و لأشرح لك أكثر بوضوح أنه غير قادر على تشغيل الهليكوبتر.
لم تشعر شارلوت بخيبة الأمل الكبيرة و لكنها قالت:
-أنا... أنا آسفة. هل حالته سيئة؟
-إذا كنت تريدين رأيي, لا أظن أنه يعاني من أي شيء.
و اجابته شارلوت:
-لا يعاني من شيء. لا أفهم.
-ظننت أن الأمر واضح لك. جورج يعتقد أنه إذا كان مريضا فسأكون مضطرا لاصطحابك.
ودفعت شارلوت كرسيها إلى الوراء وقالت:
-بإمكانك تخييب أمله.
و استدارت لتغادر الغرفة.
ولكن أليكس نهض و امسك بذراعها و قال لها:
-لا تغادري يا شارلوت, أنت تبدين جميلة اليوم و بإمكاني أن أفكر بآلاف الأشياء لأعملها لك غير قيادة الهيليكوبتر, هل تفهميني؟
تسارع تنفسها و قالت:
-أتركني.
وسمعت الارتجاف في صوتها.
-وعدتني بأن تجلسي و تتناولي فطورك. سأصحبك إلى أثينا إن أعجبك ذلك أم لا.
و احتجت عليه و هي تنظر إليه:
-أنا أردتك أن تذهب معي و لكنك رفضت.
-نعم. ولكني الآن غيرت رأيي.
فأومأت بصمت و ترك يدها. و أمسك لها بكرسيها بينما وصلت تينا بالشاي و الخبز ومن ثم اعتذرت. فقدت شارلوت شهيتها حيث أدركت أنه ما عليه إلا أن يلمس يدها حتى تتحول إلى كتلة أعصاب مرتعشة. ولكنها يجب أن تأكل قبل أن تذهب بالطائرة, فأبعدت عنها الأفكار المشوشة و أجبرت نفسها على الأكل.
وعاد أليكس وقد دس يديه في جيبيه وقال:
-غنها تمطر, ألا زلت تودين الذهاب؟
و أومأت رأسها قائلة:
-هل يمكننا؟
-إذا كنت مستعدة بالطبع. أحضري معطف مطر.
وقالت له بارتباك:
-أنا... سأذهب إلى دورة المياه أولاً.
ولكنه كان طبيعيا و اجابها:
-سأراك خلال دقائق هنا.
و أومأت بارتياح.
توقعت شارلوت أن يصطحبها فيتوريو و ديميتريوس ولكنها عندما صعدت إلى الهيليكوبتر وجدت أليكس بمفرده. وكان يرتدي جاكيتا جلدياً أسود فوق الجينز وقد تجمعت بعض نقاط الماء على شعره و ساعد شارلوت لتصعد الطائرة بدون أي كلمة.
ونظرت إليه شارلوت بتردد وهو يريها كيف تستعمل سماعات الرأس و قالت:
-ألن يأتي ديمتريوس معنا؟
و اجابها أليكس:
-لا. هل توقعت أن يأتي؟
و تنهدت شارلوت وقالت:
-أليكس. انت تعرف ماذا أعني؟ ألا يجب أن يوجد معنا أحد. أقصد يجب ألا تخاطر من أجلي.
وابتسم أليكس ووضع سماعات الرأس وقال لها:
-لا تتظاهري بكونك الزوجة القلقة الحريصة على زوجها في هذا الوقت المتأخر.
وتابع بجفاء:
-هل أنت مرتاحة؟
-نعم.
-إذا فلننطلق.
لم تكن الرحلة مريحة فقد كان المطر شديداً و كان الهواء يتلاعب بالهيليكوبتر. و غطت الجزيرة تحتهم غمامة من البخار و قليل من الزوارق خاطرت بالخروج إلى عرض البحر الغاضب.

جين أوستين
15-11-2011, 21:09
لم يبد القلق على أليكس وكان يحادثها عن طريق سماعات الرأس ويشير إلى الجزر الكبرى و يشرح لها بعضاً من تاريخهم. و عادت علاقتهما إلى حيث كانت قبل مغادرته إلى نيويورك, إلا أنهما لم يعودا قادرين على مشاركة بعضهما تلك الصداقة البريئة, فعلاقتهما الآن أصبحت أعمق و أمتن نوعاً ما. و حاولت شارلوت أن تتناسى حقيقتها.
وحطا بالهليكوبتر في أحد نوادي الطيران بعيداً بعض الشيء عن المدينة و تناولا القهوة في حين أن أليكس اتصل يطلب السيارة.
و وصل السائق الذي نقلهم من المطار عندما وصلا من لندن, جاء بالسيارة السوداء الليموزين بعد الهاتف بقليل, ونقلهم إلى المدينة.
وبرغم المطر أعجبت شارلوت بالهياكل الكلاسيكية على التلال, و وعدها أليكس أنه سيصحبها لرؤية تلك الهياكل في المرة القادمة التي يحضرون فيها إلى أثينا.
أعجبتها كلمته في المرة القادمة ولكنها فكرت انه لو مضى ثلاثة أشهر أخرى قبل أن تحضر فلن تكون بحالة تسمح لها بالتجول في المناطق السياحية.
كان التسوق متعباً برغم السيارة, لم تكن شارلوت معتادة على ازدحام الشوارع بالناس و أصوات أبواق السيارات, و شعرت بالتعب. كان أليكس الوجه الوحيد المألوف الذي رأته. وبعد أن أضاعته مرة امسك بذراعها و تمسكت به بعد ذلك.
شعرت شارلوت بالبهجة لرؤية المخازن المزينة و الأضواء الملونة و الأيقونات المدهونة. بدا عيد الميلاد متشابها في جميع أنحاء العالم, وانتابتها موجة من الجنين إلى الوطن, فقد قضت عيد الميلاد الماضي مع والدها في التزلج على الجليد في النمسا, وعندها تذكرت أنه قضى أكثر الليالي في الكازينو.
وتناولا طعام الغداء في أحد المطاعم المطلة على ساحة كبيرة سميت ساحة سنداغما كما أخبرها أليكس. تألفت وجبتهما من القريدس المشوي و المصقعة الغنية بالدسم بالنسبة لشارلوت وانتهت الوجبة بالجبنة و التين. وكذلك كانت الجبنة قوية على شارلوت ولكن أليكس كان معتاداً على ذلك. وبدا عليه أنه يستمتع بالطعام, و ارتاحت إلى حد كبير للمحادثة الودية بينهما. كان بعض الموسيقيين اليونانيين يعزفون الموسيقى أثناء الوجبة وكان الجو مشرقاً.
وبعدا الظهر اشترت شارلوت بعض البطاقات وبعض الهدايا للخدم, وتركها أليكس للحظات ليتصل بالهاتف, و أثناء غيابه اشترت شالاً لجدته ألني و أسطوانة موسيقية لأحد الفنانين المفضلين عند أليكس لتهديه إياها. لم يكن معها ما يكفي من النقود و بالرغم من أن أليكس أخبرها أنه عنده حساب مفتوح عند كثير من المخازن و لكنها لم تقتنع باستعمال اسمه. كانا يتمشيان بين الناس ما من أحد ميزهما ولذلك لم تود أن تجلب الأنظار إليه, بالإضافة إلى أنها لم تود شراء هديته بنقوده. و وضعت مشترياتها في كيس بلاستيكي بعيداً عن أنظار أليكس, ولما اقترح عليها العودة كانت سعيدة بقبول اقتراحه.
كان يوما طويلا متعبا لها و تمنت العودة إلى بيتها, وتذكرت من جديد كلمة بيت, يا لها من حمقاء, كيف يمكنها اعتبار ليدروس بيتا لها في حين أنها ستغادر خلال أشهر قليلة.
وبدت هادئة خلال رحلة العودة, تجيب على أسئلة أليكس باقتضاب.
وفي الواقع لم يكن ما خطر ببالها هو السبب الوحيد, و إنما طعم الباذنجان كان قويا في حلقها و كذلك طعم الجبن, و بدأت تفكر بما قد تفعل فيما لو شعرت برغبة بالتقيؤ.
و بدأ يشعر أليكس بانزعاجها حوال نهاية الرحلة, فقد كان قبل ذلك مشغولاٍ بقيادة الهيليكوبتر ولم ينتبه لعدائيتها, ولما نظر إليها و شاهد شحوب وجهها, هز رأسه بضيق وقال:
-لماذا لم تخبريني؟ أنك تشعرين برغبة بالتقيؤ, أليس كذلك؟ يا إلهي. هل تظنين أني لا أشعر حتى أنك لا تتجرئين بإخباري؟
و تنهدت شارلوت:
-وماذا كان يمكنك أن تفعل؟
-كنت حططت في إحدى الجزر الأخرى, فهذه حالة طوارئ معروفة.
ونظرت شارلوت إليه بعين معتذرة وقالت:
-في الحقيقة, أنا أشعر بتحسن الآن. أظن أنه الباذنجان و الجبنة.
و أصر عليها قائلا:
-هل أنت متأكدة أنك تشعرين بالتحسن؟
و أومأت شارلوت وهي تقول:
-سنحط قريبا, أليس كذلك؟
-نعم. نعم.
ومن ثم ركز أليكس تفكيره على القيادة وقال لها:
-في المستقبل تذكري أنه عندي مصلحة مبطنة للاهتمام بحالتك الصحية.
وفكرت شارلوت بأنها تكرهه في تلك اللحظة. لم يهمها أنها ربما جرحته بعدم مشاركته بأمورها أو أنه فعلاً قلق عليها. بالنسبة إليها هذه الجملة الجافة بدت تلخيصا لكل أسبابه في أي شيء فعله من أجلها.

פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:10
10-غيرة و هجر

وصل شقيق ألني قبل عيد الميلاد بيومين, ولكنه لم يكن وحيداً كانت حفيدته ترافقه. إيرينا كالاموس وهي فتاة يونانية جميلة, ربما أكبر من شارلوت عمراً بعام أو عامين. ذات شعر أسود طويل و عينين واسعتين و أهداب كثيفة سوداء. ككل النساء اليونانيات لم تكن تفضل ميل النساء الغربيات للنحالة فكانت ذات جسم ممتلئ, وهذا ما أظهرته بوضوح في ثيابها الضيقة.
بدت إيرينا معجبة بأليكس.
قابلت شارلوت الزوار يوم وصولهم. حيث طار ديميتريوس إلى أثينا ليحضر فرانكو كالاموس لمنزل ألني وكان من المرتب أن يحضروا جميعا فيما بعد للعشاء مع أليكس و شارلوت و جورج. ولما علم أليكس أنه بالإضافة إلى شقيق جدته هناك ابنة خال من صلة بعيدة ترافق فرانكو فقرر أنه من المستحيل على ألني أن تستقبلهم في منزلها الصغير. و بالتالي وصل فرانكو و إيرينا من بعد ظهر ذلك اليوم شاكرين لأليكس اهتمامه.
ولما قابلت شارلوت لأول مرة إيرينا تمنّت لو أن أليكس سألها قبل أن يدعوها. لو يكن هناك من سبب واضح, ولكنها نفرت مباشرة من تلك الفتاة لاستلامها الحديث طوال الوقت مع زوجها أليكس. و رفضتها كلياً إلى الحد الذي أصبحت معه تضغط على قبضة يدها في كل مرة تسمع فيها ضحكة إيرينا المثيرة الاعصاب.
كانت شارلوت ترتدي ثيابها في تلك الأمسية عندما دخل أليكس إلى غرفتها, و كان قد ارتدى قميصاً حريرياً خمري اللون أظهر جاذبية لونه الداكن, وكان يرتدي معه بنطالاً من الشاموا. وشعرت شارلوت بالارتباك و اقتراب الخطر حيث أنها كانت ترتدي قميصاً داخلياً فقط وخاصة أن عينا أليكس تركزت على الانتفاخ في بطنها, ولكنه نظر إلى وجهها وقال لها:
-أرجوك, لا تشعري بالحرج, فلم آت هنا لأي شيء, إلا لأنني أعطيت غرفتي لفرانكو. و أود أن أسألك إذا لم يكن عندك مانع أن أنام في غرفة تبديل الثياب الملحقة بحجرتك.
وشهقت شارلوت و حبست أنفاسها, فللحظة تخيلت أنه سيقترح عليها أن يشاركها غرفتها و ارتعدت للفكرة. فرحّبت باقتراحه ولكنها ارتاحت لعدم توجب الاختيار أمامها.
-أنا... حسناً. ليس لدي مانع على شرط..
وقاطعها بحدة:
-ألا أزعجك أكثر مما يجب, بالطبع سأحتاج لاستعمال الحمام ولكن هذا كل شيء.
وهزت كتفيها بدون مبالاة وقالت:
-هذا بيتك.
ونظر إليها ببرود و أجابها:
-نعم هذا صحيح, شكراً على كرمك.
وترك الغرفة.
ارتدت شارلوت في تلك الأمسية قفطاناً أصفر مزيناً بالبني وذو أكمام عريضة مزخرفة بضفيرة بنية. وانسدل قفطانها بشكل فضفاض.
في حين أن إيرينا ارتدت تنورة حمراء ضيقة على العكس من شارلوت. واسترعى انتباه شارلوت لون أظافرها الأحمر الفاقع لما وضعت يدها على ذراع أليكس لتنبهه لما كانت تقول.
حضرت ألني إلى العشاء ولم تستغرب شارلوت اقتراح أليكس عليها أن تبقى معهم في الفيلا, بينما كان أخوها في ضيافتهم. وعدته ألني بأن تفكر في الموضوع و كلنها بالطبع أعجبت بالفكرة. فقلما اجتمعت بأخيها فرانكو الذي لديه الكثير من الأخبار. و وجدت شارلوت نفسها مع جورج كونستاندس لدى التوجه إلى الطعام, وسرت باصرار أليكس عليها لتجلس إلى جانبه و بالطبع إيرينا جلست في الكرسي من الجانب الآخر, و أثناء تناول الوجبة وجدت نفسها مضطرة للتحدث مع جورج حيث أن إيرينا حاولت بكل ما في وسعها لتستلم دفة الحديث مع أليكس و تستجلب كل انتباهه, وبالطبع هذا ضايق شارلوت.
مما لا شك فيه أنها كانت غيرة و لكنها رفضت أن تعترف بها. ولما انتهى طعام العشاء تناولوا القهوة في غرفة الجلوس ووجدت شارلوت نفسها على الأريكة بجانب فرانكو كالاموس العجوز طويل القامة كأخته ولكنه محني بعض الشيء وشعره قليل. كانت ضحكته جذابة جداً و استعملها في الوقت المناسب. و أحضرت تينا القهوة بجانب شارلوت ولما ذكرت أنها لن تأخذ القهوة سألها:
-ألا تحبين قهوتنا القوية؟
وحاولت ألا تظهر ارتباكها واحمرار وجهها و قالت:
-كنت أحبها.
وتمتمت بعدها بكلمات غير مفهومة ولكنه أجابها وهو يفكر بما قالت:
-آه فهمت. ألم تجدي الحياة هنا منعزلة في ليدروس بعد لندن, مكان بيتك في لندن, أليس كذلك؟
-صحيح, أظن أن ليدروس منعزلة و لكنني أحبها.
-أخبرتني ألني أن ألكسندروس أمضى وقتاً طويلاً بعيداً عن الجزيرة منذ زواجكما وهذا من سوء الحظ.
وأجبرت شارلوت على الابتسامة ولكنها كانت مدركة لإيرينا تضحك لشيء ذكره أليكس وهما يقفان معاً بجانب الجهاز الموسيقي وقالت لفرانكو:
-أنا... لا بأس بنا.
و أومأ فرانكو برأسه وقال:
-أليكس يعمل كثيراً. حتى أننا فقدنا الأمل بزواجه. الكثيرات من شاباتنا حاولن رمي شباكهن حوله بدون فائدة.
وبرقت عيناه وتابع:
-ألا تلاحظين تأثيره على إيرينا المسكينة؟ إنها مغرمة به, ألا تظنين ذلك؟
ورمقتهما شارلوت بنظرة ولم تشعر بأي أسف على إيرينا و إنما شعرت بالعداء لها. بدت إيرينا واثقة و متأكدة من نفسها.
تحسب فرانكو لاحتمال أن تفهم شارلوت كلامه خطأ فتابع قوله:
-أنا متأكد أنك لو تواجهي أية صعوبة من هذا النوع لأن نظرات أليكس إليك تظهر بأنك تتمتعين بمكانة خاصة عنده.
وشعرت شارلوت باختناق في حلقها. كانت طريقة لطيفة ليطمئنها. ولكنها تعرف جيداً أن أليكس لا يحمل لها أية مشاعر خاصة في قلبه.
وتقدم جورج لينضم إليهما وقال:
-كان الطعام شهياً. هل اخترت الوجبة بنفسك يا شارلوت؟
-لا, هذه مهمة ماريا. فأنا أعرف القيل جداً عن الطعام اليوناني.
وأجابتها ألني التي سمعت المحادثة قائلة:

جين أوستين
15-11-2011, 21:10
-ولكن يجب أن تتعلمي, في البداية كان الأمر مختلفاً ولم يتوقع منك أحد أن تستلمي لمجرد قدومك هنا. ولكن يجب أن تفهم ماريا أنك أنت سيدة البيت هنا.
-أعطيها بعض الوقت...
واستدارت شارلوت لتجد أليكس يقف خلف الأريكة التي تجلس عليها و تابع حديثه:
-يجب ألا تنسي أن شارلوت صغيرة. و طريقتنا في الحياة تحتاج إلى التمرين.
وأتت إيرينا من خلف أليكس وقالت لهجة ساخرة:
-نعم, إنها صغيرة جداً أليس كذلك؟ فعلت جيداً بأنك خبأتها عن الناس, و إلا لكنت اتهمت بأنك تهاجم مدارس البنات الصغيرات.
واستدارت شارلوت محاولة السيطرة على أعصابها ولكنه لم يخب ظنها بهذه الفتاة فهي لا تتورع عن خلق المشاكل إذا استطاعت.
واعتبر أليكس كلامها على أنه مزاح, في حين أن شارلوت شعرت بالغضب حتى لموقفه. ولكنها بالطبع كانت إيرينا قريبته ولا بد أن يكون متسامحا معها. لكنه لم يدرك أنها تكرهه بسبب معاملتها على أنها صغيرة.
وبعد ذلك وضع أليكس بعض الموسيقى واقترحت إيرينا عليه الرقص. وكانت هذه طريقتها لترتمي بين يديه وهو لم يمانع. ورقص معها ببساطة, ولم تمسك شارلوت نفسها عن مراقبته. ولاحظ نظراتها مرة فضيق عينيه ومن ثم أنطلق بضحكة مرحة لشيء ذكرته إيرينا. لم يطلب من شارلوت الرقص على ما يبدو ما من أحد توقع ذلك.
وجلست تتحدث مع جورج و فرانكو في حين أن ألني كانت تلقي بعض الملاحظات هنا و هناك. و حولي الساعة الحادية عشر قررت شارلوت الذهاب إلى سريرها. كانت ألني ستقضي الليل عندهم وبدا أن الحفل مستمر لبعض الوقت, ولكن شارلوت اعتذرت من الجالسين بأدب متحججة بالصداع, وتركت الغرفة غير آبهة بتعبيرات وجه أليكس العدائية.
وخلعت ثيابها في غرفتها و دخلت الحمام. كانت متعبة وبالفعل بدأت تشعر بالصداع ولكن حالتها كانت معظمها نفسية. واستحمت بالمياه الدافئة وارتدت ثوبها الحريري لتدخل غرفة النوم. وإذ بها تجد باب غرفة الثياب مفتوحاً وهي متأكدة أنه كان مغلقاً, وانتبهت إلى أن أليكس كان يقف بالباب حافياً وقميصه مفتوح لخصره. وبدأت ترتجف ولم نتمكن من التحكم بارتجاف صوتها عندما سألته:
-ماذا تفعل؟
ولوى عضلات كتفيه بتكاسل و أجابها:
-طبعاً سأدخل سريري. ماذا يبدو عليّ أني أفعل؟ وماذا تتوقعيني أن أفعل عندما تعتذر زوجتي و تدخل غرفتها؟
-أنا... ولكن ليس هناك من ضرورة.
-ولكني أنا قررت أن هناك ضرورة.
ورفعت شارلوت رأسها وقالت:
-لماذا؟ هل ذهبت إيرينا إلى سريرها؟
وتضيق فم أليكس وقال:
-ليس بعد, حسب معلوماتي.
وتمتمت وهي تمسك بفرشاة شعرها وقد أدارت ظهرها له:
-غريب. ربما يجب أن تذهب وتجد ما الأمر؟
وأجابها بعصبية:
-وماذا يعني ذلك لك؟
-أنا... لا شيء بالطبع.
-إذاً فلماذا تعطي مثل هذه الملاحظة الوقحة؟
وهزت رأسها وقالت:
-من المفروض أني زوجتك, أليس كذلك؟
واستدارت نحوه و عيناها تشع غضباً وقالت:
-وماذا سيظن خالك عن طبيعة علاقتنا عندما يراك تقضي وقتك بمغازلة ابنة أخته.
-لم أغازل ابنة أخته.
-حسناً... تركتها تغازلك.
دخل إلى غرفتها مقترباً منها محاولاً التحكم بأعصابه بصعوبة وقال:
-إيرينا لم تغازلني.
لم تتمكن شارلوت من التوقف عن التحدي وقالت:
-لا. وماذا تسمي ذلك؟ أم أنها عادة يونانية. لم أعلم أنه من الطبيعي لفتاة عير متزوجة أن تتغنج على رجل متزوج وهو يقبل منها ذلك.
-شارلوت.
-اني أعني ما أقول. و الطريقة التي كنت ترقص معها فيها كانت مقرفة.
تقدم أليكس منها اكثر و أمسك بكتفيها و عانقها و قال:
-شارلوت. يا إلهي ألا تعرفين أنني أريدك أنت, و أنا بحاجة لك؟ وإذا نجحت بأن تثير غيرتك فأنا سعيد بذلك. لأني لا أعلم كيف تتوقعيني أن أنام في غرفة الملابس وأنا أعرف أنك بعيدة عني أقل من مترين.
وما الفائدة من النكران؟ لقد شعرت بالغيرة و كانت تريده أيضا.
في صباح اليوم التالي. شعرت بتكاسل لذيذ وانتبهت إلى أنها لوحدها في السرير. كانت الساعة بعد العاشرة وهذا مما خفف قلقها لأن أليكس لا ينام متأخراً عادة. ونهضت شارلوت من سريرها و شعرت بقليل من الدوخان, ربما أصبحت أفضل لأنها لم تعد تشعر مؤخراً بأي دوخة أو رغبة بالتقيؤ لا بد أنه طلب من تينا ألا تزعجها.
وبدأت تتذكر أحداث الليلة الماضية بينما كانت تستحم و فجأة استفاقت من أحلامها و أفكارها, فكيف لها أن تحلم برجل كان مسؤولا بشكل غير مباشر عن موت أبيها و أجبرها على الزواج منه لتنجب له وريثا؟ هل جنت حتى تحطم ذكرى أبيها بهذه الطريقة؟
يا لها من حمقاء. أن تسمح له أن يفعل هكذا. و حرجت من الحمام وقد التفت و القتها جانباً و ارتدت ثيابها و الأفكار ما زالت تتصارع في مخيلتها. وهي تفكر ما هو أهم من ذلك, لقد تغير شعورها تجاهه, حقا انها تكرهه بعض الشيء و تكره سلطته عليها ولكن الأهم من ذلك و السبب الحقيقي لسماحها له بأن يتصرف كما تصرف هو أنه أصبح انسانا مهما لها. لم يعد مجرد الانسان الذي لجأ إلى هذا الوضع في حالة يأس ولم يعد الجلاد الذي أخذها سجينة, انه زوجها بكل ما في الكلمة من معنى و تحبه. وجدت فرانكو و ألني يشربان القهوة ولكن ما من أثر لأي أحد آخر. وبعد السؤال عن صحتها أوضحت لها ألني قائلة و غير مدركة كيف سيكون تأثير مثل هذه الأخبار على شارلوت:

جين أوستين
15-11-2011, 21:11
-أليكس اصطحب إيرينا إلى أثينا. كنت نائمة عندما ذهبا ولم يود أليكس ازعاجك.
و أمسكت شارلوت طرف المائدة بشدة و قالت:
-لماذا –لماذا يفعل ذلك؟ يصطحب إيرينا إلى أثينا؟ لقد وصلت البارحة.
و أجابتها ألني مفسرة:
-أظن أنها نسيت بعض التسوق. اجلسي شارلوت. أنت تبدين شاحبة, أليس كذلك يا فرانكو؟
-لقد فعل أليكس طيباً أنه لم يقترح أن تذهبي معهما.
جلست شارلوت لأنها شعرت بأنها ستسقط إذا لم تجلس. ولكنها فقدت شهيتها حتى أنها شعرت برغبة في التقيؤ. لماذا وافق أليكس على اصطحاب إيرينا إلى أثينا, ما من شك أنه يعرف وقع الخبر عليها؟ أو أنه لا يهمه ذلك؟ هل كان كل ما ادعى به في الليلة الماضية عبارة عن أقوال مؤقتة ليصل إلى أغراضه؟ ولكن ماذا يمكنها أن تتوقع منه غير ذلك؟ فهو لم يعبّر لها عن حبه ولا مرة واحدة. ومن الغباء أن تظن أنه يحبها.
وخرجت إلى الشرفة في أول فرصة استطاعت أن تعتذر من الموجودين. لقد كانت بحاجة لأن تبقى لوحدها وتفكر وتخطط. أصبحت متأكدة من شيء وهو أنها لن تتمكن من الاستمرار بهذه الطريقة من الحياة. و تجعل من نفسها دمية لأهوائه المريضة.
لقد حافظت على شروط العقد من جهتها و نفذتها, ولكن لم يكن هناك في العقد ما يجبرها على العيش معه خلال تسعة أشهر الحمل. لم يكن مهماً أنه ما من أحد لها في انكلترا ولكن هناك بيتها و ما زالت محتفظة به وشعرت بأنه ملاذها. توقعت أنها ستحتاجه يوماً ما وهي سعيدة الآن لأنها احتفظت به. ولكن لم تتخيل أنها ستحتاجه بمثل هذه الظروف. بدت عزلة الجزيرة أكبر مشكلة تواجهها, فلو كانت تعيش في مدينة أخرى حيث المواصلات متوفرة لكانت كتبت رسالة لأليكس و غادرت الفيلا. ولكن وضع ليدروس منعها من مثل هذا التصرف. وبالرغم من أنه لن يهتم أو يقلق عليها ولكنه بالتأكيد سيهتم بوضع الطفل. ولذلك يجب أن تشرح خططها لأليكس و تؤكد له أنها لن تفعل ما يؤذي الطفل ولكن مثل هذه المواجهة ستكون عاصفة, وانتظرت عودته وهي تستعد. وفكرت بنفسها, وماذا إذا حاول اقناعها بعدم المغادرة؟ ماذا لو استعمل تأثيره الأكيد عليها ليقنعها بالبقاء؟ كيف تقاومه وهي تحبه و تشعر أن الحياة تبدو مملة و قاتمة بدونه؟
ووجدت حلاً لذلك. طالما أنها تتذكر صورة أبيها بعد أن غرق وطالما تذكرت ماذا فعل لأبيها ستبقى صامدة. وعادت الهيليكوبتر عندما كانت شارلوت تستريح على سريرها بعد الغداء. لم تنم ولكنها على الأقل كانت لوحدها ولم يتوجب عليها التظاهر بالبهجة بين الضيوف في حين أنها لا تشعر كذلك. ومع ذلك دهشت لدخول أليكس إلى غرفتها بعد خمس دقائق من هبوط الهيليكوبتر وشعرت بالمرارة. ولكن تصميمها بدأ يتلاشى أمام لهجته الرقيقة التي واجهها بها وهو يقول:
-مرحباً حبيبتي. كيف تشعرين الآن؟
ضغطت على يديها وأجابته بجفاء:
-وهل يهمك؟
ودفع شعره عن جبينه وقال:
يا إلهي, بالطبع يهمني.
-أنت تهتم. آه, آسفة, نسيت أني إذا كنت متعبة فالطفل ليس بحالة جيدة. أخبرك أن كلانا بحالة جيدة.
وجلس أليكس على طرف السرير بجانبها و اقترب منها. كان يرتدي بذلة الشاموا خضراء و قميصاً حريرياً لونه بيج وبدا جذاباً إلى حد كبير حتى أنها بدأت تشعر برغبة بأن تغفر له و تتقبل شروطه ولكنها قوت من عزيمتها. وسألها بعصبية:
-ما الذي حصل لك؟ ألم تخبرك ألني أين ذهبت؟
-أخذت إيرينا إلى أثينا. ألم يتمكن جورج من اصطحابها. أو أن جورج ينفع لاصطحابي فقط.
صر أليكس على أسنانه وأجابها:
-ما من حاجة للغيرة لأن جورج كان معنا. أو أنك لم تلاحظي ذلك؟ كنا ذاهبين أنا و جورج لبعض الأعمال في مكتب أثينا و أرادت إيرينا أن تتسوق فقدمت معنا.
وشعرت شارلوت بالارتياح جداً. لم تشاهد جورج أثناء الغذاء ولكنه لم يخطر لها أنه بصحبة أليكس. ولكن مع ذلك فهذا لا يبرر الموقف. فأليكس ما زال يستعملها لأغراضه وسيستمر بذلك طالما أن الموضوع يناسبه وهي لم يعد باستطعاتها الصبر على ذلك, وتنفست بعمق وقالت:
-أليكس أنا أريد أن أعود إلى لندن.
ومضت دقائق و أليكس بدا مندهشاً لكلامها و وقف بهدوء و ردد كلماتها ببرود:
-تريدين العودة إلى لندن. وهل لي أن أسأل لماذا؟
وابتلعت شارلوت ريقها و قالت:
-ما من شيء يمنعني من ذلك, أليس كذلك؟ أعني أنه ما من شرط في العقد يجبرني على العيش هنا أم أنه يوجد مثل هذا الشرط؟
و استدار إليها أليكس مخاطباً وقال:
-دعيني أفهم ما تقولين.
-و أدركت أنه صدم بكلامها.
-تودين الذهاب للعيش في لندن؟
-نعم. حتى ولادة طفلي. بعدها ربما أسافر لفترة.
-هل تقترحين عليّ أن أسمح لزوجتي أن تذهب و تعيش لوحدها في لندن؟
وتنفس بعنف وتابع:
-شارلوت ..أنت مجنونة. هل تدركين أنه لو عرف أحدهم من أنت لكنت لقمة سائغة لكل مرتزق في عالم الاختطاف.
و ارتجفت شفتاها و هي تقول:
-أنت تبالغ.
وضغط على قبضته وقال:
-أحقاً أبالغ؟ في أي حال لن أسمح لك.
-وكيف ستمنعني؟ بالقوة؟
وتنهد أليكس وقال:
-شارلوت ما هذا؟ البارحة.. البارحة... يا إلهي, هل تفهمين ما أحاول أن أقول لك؟ البارحة كنا رائعين معاً. و اليوم خرجت لخمس ساعات و عدت و إذ بك تخبريني أنك تودين هجري؟ شارلوت لن أسمح لك بأن تفعلي ذلك بي.
و أجابته بتعجب و رفعت ركبتيها فوق السرير و لفت يديها حولهما وهي تقول:
-لن تمنعني.

جين أوستين
15-11-2011, 21:12
و جلس بجانبها مرة أخرى, و إذا بها تبادره بعنف:
-لا تقترب مني.
فوقف مرة ثانية. وقال:
-هكذا إذاً, أنت خجولة مما حصل البارحة و لا تستطيعين التوفيق بين ما يجب أن تشعري به و بين حقيقة شعورك فعلاً.
وانفجرت به لأنه كان قريباً من الحقيقة و قالت:
-أنت مخطئ. أنا لم أشعر بشيء.
و انقلب وجه أليكس وقال:
-أنت حقاً تصدقين ذلك؟
-أنا أعلم أن هذا هو الواقع. حسناً... أنت تجبرني على فعل الأشياء, و لكني لا أستمتع بها. و بالتالي ألوم نفسي بعد ذلك. و أشعر بالكراهية اتجاهك يا أليكس فولكنر. ولن أتوقف عن كراهيتك.. و أنا أنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي ستأخذ فيه طفلك و أصبح أنا حرة.
و وقف أليكس غير قادر على الحراك, وعندما انتهت أجابها:
-حسناً. إذا كان هذا ما تريدينه فلن أزعجك مرة أخرى. ولكن لن أسمح لك بالذهاب للعيش في لندن.
-لماذا؟
و وضع يديه في جيبيه و قال:
-لن أسمح لك أن تعرضي حياتك للخطر بغض النظر عن مشاعرك تجاهي.
و تابع قائلاً:
-لكن طالما أن وجودي هنا يبدو مشكلة. أنا مستعد للرحيل إلى ما بعد ولادة الطفل. و سأرتب وجود طبيب و ممرضة ليكونا هنا في الفيلا لعدة أسابيع قبل موعد الولادة, و ستتلقين العناية اللازمة. وفي الواقع اتصلت اليوم بطبيبنا و طلبت منه أن يأتي ليفحصك في الأسبوع المقبل لنتأكد أنك بحالة جيدة. بعد الولادة.
سمعت شارلوت ما قاله بقلب معتصر. بالطبع هذا ما أرادت أن يبتعد هو عنها. وهي حقاً ستكون في أمان بين أناس يهتمون بها في حين أنها ستكون وحيدة في لندن.
ولكن كيف يمكنها أن تحرمه من بيته و لو مؤقتاً؟
و احتجت قائلة:
-ولكن هذا غير ممكن. وماذا ستظن جدتك؟
و أجابها بضيق:
-أقل بكثير مما قد تظنه فيما لو أنت ذهبت إلى لندن. حسناً. هل هذا يرضيك؟ هذه الجزيرة بيتك.
وسار باتجاه الباب وقال:
-عندي عدة بيوت و شقق. و كلمة بيت قلما أستعملها.
ونظر إليها قبل أن يغادر و قال:
-بالطبع تقدرين أني يجب أن أبقى هنا لبضعة أيام إلى ما بعد عيد الميلاد؟ و أعدك بالا أزعجك. و سأنام في الغرفة الملحقة بغرفتك و بإمكانك قفل الباب إذا أحببت.
و شعرت شارلوت بحرقة الدموع في عينيها, وهذه هي حالها دائماً معه يمكنه أن يؤثر عليها بدون أن يحاول و شدت ظهرها و قالت بعزم:
-لن أقفل الباب. أنت زوجي ولك الحق القانوني بأن تشاركني سريري.
و أجابها أليكس بمرارة:
-لا, شكراً.
و خرج و صفع الباب خلفه.
ولم تشعر شارلوت بالبهجة يوم عيد الميلاد, بالإضافة إلى أنها كانت تعاني من الرشح ولذلك كان عذرها واضحاً لعدم الانضمام لاحتفالات العائلة.
ولكنها سرّت بالهدايا التي تلقتها لقاء الهدايا الصغيرة التي قدمتها, ايشارب مشغول من ماريا, و خف من جلد الغنم و الماعز من صوفيا و تينا, و محرمة مطرزة من خريستوف, و بارفان من إيرينا, رائحة غريبة شعرت شارلوت بأنها تناسب إيرينا أكثر مما قد تناسبها. وقدمت لها الني بلوزة فضفاضة ستفيدها أثناء فترة الحمل وحتى فرانكو جلب لها علبة من الحلويات.
ذهب الجميع للصلاة في كنيسة القرية الصغيرة, و حضر أليكس لرؤيتها قبل أن يذهب, ولم تكن قد رأته على انفراد لمدة يومين منذ أن أخبرته برغبتها في السفر إلى لندن, ولما كانت تركت هديته مع الآخرين في غرفة الجلوس لم تتوقع منه أن يشكرها شخصياً. و وقف بالباب المفتوح و قال لها:
-عندي هدية لك إذا كنت تشعرين أنك على استعداد لتقبلها سأجلبها لك.
وبدت شارلوت مندهشة وقالت:
-أنا بخير.
فهز رأسه وترك الغرفة وعاد و كتلة من الفراء الملون بيده. و توسعت عينا شارلوت محدقة به. و انحنى و وضع الحيوان الصغير على الأرض. كان كلباً صغيراً جميلاً يركض في غرفة النوم غير آبه بالأثاث.
ونهضت شارلوت من سريرها و هي تقول:
-أوه, أليكس.
ومن ثم أمسك بالحيوان الذي حاول الافلات:
-أليكس انه جميل.
و اغرورقت عيناها بالدموع وقالت:
-لا أعلم ماذا أقول؟
ونظر إليها أليكس بحزن وهو يهز رأسه وقال:
-لا تقولي أي شيء. وبالمناسبة فقد أعطيناها الحقن المعتادة اللازمة و فهمت أنها مدربة على الحياة في البيوت ولو أني لا أضمن لك ذلك.
و نقلت شارلوت عينيها من أليكس إلى الكلبة و بعدها سألته:
-أهذا لي؟
و سمعت زفرته العميقة و اجابها:
-تعم, إنها لك. ذكرى لإقامتك في ليدروس إذا أحببت.
وخرج من الغرفة من غير أن ينظر خلفه.



פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:13
11-وحيدة في الجزيرة


كان الطقس خلال شهري كانون الثاني, و شباط بارداً ممطراً يرافقه الهواء العاصف. لم تهطل الأمطار كما هو الحال في انكلترا بشكل مستمر لأيام. ولكنها كانت تهطل بشكل غزير لبضعة دقائق و تتوقف حيث تصبح كل الممرات موحلة و تطوف الأنهار. و بدت الجزيرة مختلفة كلياً بعد هطول المطر. ومع ذلك بدأت شارلوت تحب تلك الجزيرة بكل أحوالها.
و اعتادت الخروج للمشي لتمرن الكلبة سوكي. كانت سوكي بحاجة للكثير من الاهتمام في تلك الأسابيع الأولى و استمتعت شارلوت بصحبتها ولم يسبق لها أن دربت كلباً من قبل و لكنه كان نوعاً من التحدي بالنسبة إليها. و اكتسبت سوكي العادات اللازمة. و كانت لها تعويضاً عما كانت تعانيه من أزمة عاطفية حتى ماريا اعتادت على هاتيك العينين البنيتين الواسعتين و أصبحت الكلبة محبوبة من قبل جميع الخدم.
و قضت شارلوت معظم وقتها حوالي أو في الفيلا. ومنذ أن غادر أليكس لم تجتمع بألني إلا مرات معدودة لأنها شعرت بأن ألني كانت تلقي عليها اللوم بدمار زواجها. وفي بعض الأحيان كانت شارلوت تبذل جهداً لتقطع المسافة عبر الجزيرة لزيارة ألني. ولما كانت الأخيرة تشعرها بعدم موافقتها على الوضع, تناقصت زيارات شارلوت وهذا مما أحزنها لأنها أحبت العجوز. ولكن من جهة ثانية ربما من الأفضل ألا تتورط في علاقات في حين أنها ستترك الجزيرة هلال ستة أشهر.
وبدأت شارلوت تتعلم الطبخ اليوناني على يد خريستوف حيث تعلمت كيف تحضر شوربة الدجاج مع بيضة, وكان هذا الطبق الشعبي كما أخبرها خريستوف وتعلمت المصقعة و القواشات و كانت عبارة عن طابات عجين مقلي تقدم مع القرفة والسكر.
و تعلمت شيئاً من اللغة اليونانية حتى أنه بدأت تفهم ما يقوله خريستوف إذا تكلم ببطء, أسوأ ما في الأمر كان قتل الوقت في الأمسيات و الليل حيث كانت تتمشى في دهاليز الفيلا بضيق وهي تحاول ابعاد اللحظة التي يتوجب عليها الذهاب إلى سريرها.
بدأ طبيب العائلة الدكتور ليونيدس بالقيام بزيارات منتظمة ليفحصها و أعطاها بعض الحبوب المنومة ولكنها كانت ترفض تناولها أحيانا و تفضل القراءة حتى الساعات المبكرة من الصباح وبعدها تنام من الاعياء وحتى أن كتابها يبقى في يدها أحيانا.
لم ترضى ماريا عن ذلك ولكن ما من شيء تستطيع فعله ومع ذلك وبشكل عام كانت صحة شارلوت جيدة تأكل لأنه عليها أن تفعل ذلك, وتقوم بالكثير من التمارين وبالرغم من أن وزنها كان في ازدياد و لكنه كان يزداد في الأمكنة المناسبة.
كان بطنها ينمو فوق المقاييس المعتادة وبدا لها كل شيء غير حقيقي حتى كونها تحمل طفلا في أحشائها, إلى أن تحرك الطفل.
كانت تفتقد أليكس أحيانا إلى حد لا يطاق ومهما حاولت ابعاده عن مخيلتها كانت صورته لا تفارق مخيلتها ولم يكن شيئا غريبا في ظروفها وهي تعيش في بيته وعلى جزيرته فكيف لها أن تنسى؟
و تنام في السرير الذي شاركها فيه كيف لها أن تنساه ولكنه كان يراودها شعور أحياناً بأنها لن تنساه حتى لو كانت في أي مكان آخر و خاصة بعد أن بدأ الطفل بالحركة.
وحوال نهاية أذار عندما بدأت تخف الرياح و تتفتح البراعم معلنة عن حلول الربيع زارها جورج, وكان يقوم ديمتريوس أو فيتوريس بزيارتها من وقت لآخر ليطمئناها عن أليكس و يتأكدا من أن الأمور تسير على ما يرام.
ولكن هذه المرة عندما سمعت صوت الهيليكوبتر كادت أن تصرخ ولكنها كانت تجلس على الشرفة بهدوء محاولة إخفاء خيبة أملها عندما خرج جورج كونستاندس من غرفة القيادة.
لم تدرك شارلوت مدى التغير بشكلها إلى أن علق جورج على ذلك, فقد اكتسى جسمها باللحم و بدا شعرها لامعاً.
وكانت البلوزة الفضفاضة بالكاد تغطي الانتفاخ في بطنها. وبعد أن قدمت لهما تينا الشوكولاته و سألها جورج عن صحتها سألته بسرعة.
-ما الخطب جورج لماذا أتيت؟ هل هناك من سوء؟
و أجابها قائلاً:
-ألا ترحبين بوجودي هنا؟
وتنهدت شارلوت وقالت:
-أنت تعرف أني أرحب بك, ويسعدني أن أرى وجها آخر بعد كل هذه الأسابيع ولكن...
-أنا أعرف فأنت قلقة فيما لو كنت أنا هنا لسبب آخر.
و أومأت شارلوت رأسها قائلة:
-نعم.
ونظر جورج بفنجانه و سألها:
-تودين معرفة حال أليكس؟
-بالطبع.
-أليكس بخير وهو في لندن.
-لندن؟
-نعم.
-هو بخير؟
-إنه ليس مريضاً إذا كان هذا ما تعنيه.
وقطبت شارلوت وقالت:
-وماذا تعني إذاً؟
وشرب بعضاً من الشوكولاتة وهو مدرك لنفاد صبرها بانتظار جوابه وقال أخيرا:
-أعني أني لست راضيا عن حاله.
وتحركت بعدم ارتياح و قالت:
-تابع.
-و أظن أنه يجهد نفسه وليس هناك من حاجة لذلك, إنه يوظف رجالا ليخفف من همومه و يعود ليتخذ القرار عنهم مرة ثانية, ولا يأكل بشكل جيد ولا يرتاح و يبدو عليه التعب.
ونهضت شارلوت لتتمشى على الشرفة و استدارت لتحدق به و سألته بحدة:
-لماذا تخبرني بذلك؟ لماذا لم تخبر أليكس؟
-ألا تظنين أني قلت له؟
-وهل يعلم أنك هنا؟
-نعم, إنه يريد آخر أخبارك.
-ولكنه لم يطلب منك أن تخبرني, أليس كذلك؟
-وماذا تظنين؟
-وهزت رأسها قائلة:
-لا. إنه لن يفعل.
-لن أناقشك.
وتنهدت, وعادت إلى كرسيها وقالت:
-إذاً, لماذا تخبرني؟
و اجابها جورج بهدوء:
-يمكنك أن تطلبي منه العودة.
و أحمر وجهها وقالت:
-إلى هنا؟
-إلى أين إذاً؟ انه المكان الوحيد الذي يرتاح فيه. لا هاتف ولا اتصالات. انه بحاجة لذلك يا شارلوت. هناك ما يزعجه و أظن أنه أنت.
و كتفت يديها و تنفست بعمق وقالت:
-جورج. أليكس لا يهتم بي, لا أعلم ماذا أخبرك عن سبب زواجنا ولكن... حسناً لم يكن بسبب الحب.
و أجابها جورج بثبات:
-أنا أعلم تماماً لماذا تزوجتما. وعرفت والدك كذلك.
و أجابت شارلوت:
-إذاً, ستتفهم كيف أشعر.
-بعض الشيء, ولكنك لا تعرفين الحقيقة كاملة, أليس كذلك؟ و إلا لكنت فهمت أليكس أكثر.
وقطبت شارلوت وهي تقول:
-ماذا تعني بالحقيقة الكاملة؟ بالطبع أعرف كل الحقيقة و إلا لما كنت هنا.
و رفع حاجبيه الشائبين وقال:
-أشك بأنك تعرفين الحقيقة. أليكس ليس من هذا النوع من الرجال. لن يخبرك فكبرياؤه عظيمة.
وبدأت تتهيج شارلوت و قالت:
-عم تتكلم؟ وما الذي لا أعرفه؟
-كيف كانت معرفتك بأبيك؟

جين أوستين
15-11-2011, 21:13
و قطبت شارلوت أكثر وأجابت:
-كما تعرف كل ابنة أبيها.
-قضيت معظم وقتك في المدرسة, أليس كذلك؟ ومن المستحيل أن تعرفي عن تورطه في القمار, أليس كذلك؟
وتشنجت شارلوت و قالت:
-لا أصدق ان أبي كان مقامراً. لعب الورق, نعم. كان تعيس الحظ, وكذلك كان الحال مع الكثيرين من الناس و لكنهم لم يدفعوا حياتهم ثمناً لذلك.
وهز جورج كتفيه وقال:
-أوه, حسناُ... إذا كان هذا شعورك.
وحدقت به بيأس وقالت:
-جورج, جورج أرجوك لا يمكن أن تبدأ بموضوع و تتكره. إذا كنت تعرف شيئاً عن والدي لا أعرفه أنا يجب أن تخبرني.
و أحنى جورج رأسه لجانب واحد وقال:
-هل تصدقي؟ أنت لم تصدقي أليكس, أليس كذلك؟
ونظرت إلى يديها و قالت:
-أليكس أراد من تنجب له طفلاً بأقل جهد ممكن.
وهز جورج رأسه وقال:
-إذا كان هذا ما تعتقدينه, فأنا آسف من أجلك يا شارلوت. أنا حقاً آسف. و أنا آسف لأجل أليكس. ظننت أنك تعلمت ما نوعية أخلاق زوجك بعد هذه الفترة.
و غمزت شارلوت بعينها و قالت:
-أخبرني إذاً.
-لا, أنا لا أستطيع أن أبرر لك مواقف أليكس. فلن يرضى هو عن ذلك ولكن يوماً ما أتصل بمحاميك بلندن و أسأليه ماذا حصل منذ ثمانية أعوام.
ومضت الأسابيع بعد زيارة جورج طويلة جداً. وبالرغم مما قاله جورج عن حالة أليكس الصحية فلم تصدق أن لذلك علاقة بها. إذا كان يجهد نفسه فهو اختار ذلك. و إن كان يذكرها فيكون ذلك بضيق لأنها أنكرت عليه حقه باستعمال الجزيرة.
وفي أي حال فقد كانت قلقة عليه و انتظرت زيارة فيتوريو الثانية لتسأله عن أحوال مستخدمه.
ولم تستطع أن تتخذ قراراً بشأن ما اقترح عليها جورج من الكتابة إلى محاميها السيد فولستاف. كيف تكتب لمحاميها تطلب تفسيراً لخبر غريب بهذا الشكل؟ الحادث الوحيد الذي تذكره من ثماني سنوات كان وفاة والدتها, ولا علاقة لأبيها بذلك, إلا... إلا إذا كان موت امها هو الذي جعل منه مقامراً وسبب في موته.
بالتأكيد ستتكلم مع محاميها عندما تعود إلى لندن ولكنه أمر لا يمكن كتابته برسالة.
بدأ الطقس بالتحسن و أصبح بإمكانها قضاء ساعات في الشمس, و استعادت لونها البرونزي حتى أنها ارتدت لباس السباحة عندا كانت على يقين بأن ما من أحد سيراها. وبدأ يزداد نشاط الطفل ولم تعد تتمكن من النوم في بعض الليالي بسبب رفس الطفل. ولكن الأمر بدا حقيقيا ولم تعد تشعر بالوحدة. وفي إحدى الامسيات في بداية شهر أيار/ مايو قررت زيارة ألني. فلم تسمع أخبارها منذ زيارة جورج الذي زارها أيضاً. ولم تسمع أي أخبار من فيتوريو و تساءلت فيما لو كانت ألني تسمع أخبار حفيدها. مضى عليها مدة طويلة لم تقطع فيها مثل هذه المسافة ولكن الطقس لم يكن حاراً مع نسمة خفيفة خففت من وطأة الحر.
كانت ألني في الحديقة تجمع بعض الحشائش و بدت عليها الدهشة عندما وجدت زوجة حفيدها و باردتها:
-يجب ألا تقطعي مثل هذه المسافة مشياً في مثل حالتك.
وتنهدت شارلوت و نادت سوكي وقالت:
-أنا بخير يا تيته.
و لحقت بألني و تابعت:
-بالإضافة إلى أن التمرن جيد لي.
ولم تجبها ألني و إنما أشارت لشارلوت بالجلوس و أمرت تينا بأن تحضر عصير فواكه بارد. وبعد أن جلست ألني قالت:
-كنت أهم بالمجيء لزيارتك بنفسي سيصل الطبيب و الممرضة خلال ثلاثة أسابيع, أليس كذلك؟
و أومأت شارلوت قائلة:
-أعتقد ذلك.
و لكنها ارتجفت لدى تذكرها للولادة لأن الفكرة كانت ترعبها. فما من أحد لتلجأ أو لتفضي له بهمومها و مخاوفها.
وشبكت ألني يديها في حضنها وقالت:
-هل سيكون أليكس هنا عند ولادة طفله؟
وهزت شارلوت كتفيها قائلة:
-لا أعلم هل سيحضر؟
و أجابتها ألني قائلة:
-بالتأكيد يود أن يكون هنا. ومن جهة ثانية أنا احاول أن أتفهم موقفك تجاه كونك ستصبحين أماً قريباً, أليكس اخبرنا كيف شعرت لأنك صغيرة جداً و أنه كان مهملاً. ومع ذلك أنا لم أستطع تبرير موقفك خلال الأشهر الماضية.
و ابتلعت شارلوت تلك الكلمات بصمت. إذاً هذا ما أخبر أليكس أهله. إنها معارضة كونها حامل. حسناً, عذر كأي عذر آخر.
وسألت ألني:
-وهل ... وهل سمعتِ أخبار أليكس؟
-لا, لم أسمه. لم نسمع أي شيء منذ أن كان جورج هنا. و أنت ألم تسمعي أي شيء؟
وهزت شارلوت رأسها وقالت:
-أنا... جورج أخبرني أن أليكس يجهد نفسه. هل أخبرك شيئاً.
-أنا أعرف حفيدي يا شارلوت. إنه يجهد نفسه لأنه غير سعيد و سبب تعاسته هو أنت.

جين أوستين
15-11-2011, 21:14
-لا.
-دعيني اتم كلامي, عندما أخبرني أنه سيتزوج فرحت جداً. لأنه عاش وحيداً منذ وفاة والديه. كنت أشك بنجاح الزواج لأنك صغيرة ولكن كان من الواضح أن أليكس يحبك و إلا لما انتظر كل هذه الفترة.
ورددت شارلوت بعدم تفهم للكلمات:
-انتظر طويلاً؟ ماذا تعني؟
-أوه, لا أريد أن أتحد بالموضوع بعد الآن لأنه يسبب لي النرفزة. هذه بتينا جاءت لنا بالعصير دعينا نتكلم بأمور أقل إثارة للاعصاب.
رفضت شارلوت عرض ألني عليها بأن تطلب من ياني أن يوصلها. لأنها لم ترغب بركب العربة بالإضافة إلى أن النسيم كان لطيفاً بعد ظهر ذلك اليوم.
و تمنت في طريق العودة وهي تراقب سوكي الذي كان يركض أمامها وبدأت تفكر بما قالته ألني. ماذا عنت بأن أليكس انتظر طويلاً؟ إلا إذا كانت تعني أنه انتظر طويلاً قبل أن يختار زوجة لنفسه. وماذا يمكن أن تعني غير ذلك؟ فهي لم يسبق لها أن سمعت بأليكس فولكنر حتى قبل ثمانية أشهر.
وصلت شارلوت إلى الفيلا منهكة. ورفضت الشاي الذي قدمته لها ماريا. وتوجهت رأساً إلى غرفتها وخلعت صندلها و استلقت وبدأت عضلاتها التعبة تسترخي. و أغلقت عينيها لتستغرق بنوم عميق من شدة الاعياء.
و استيقظت بعد أن أصبحت الغرفة مظلمة, وشعرت بألم في ظهرها. و أدارت النور لترى الوقت وكانت الساعة العاشرة ولا بد أن ماريا قررت ألا توقظها للعشاء ولكنها من المؤكد أنها ما زالت مستيقظة. وتمنت شارلوت أن تشرب فنجاناً من الشاي. نهضت من سريرها وهي تشعر بالآلام في ظهرها بسبب مشوار بعد الظهر.
ولما فتحت باب غرفة النوم شاهدت نور القاعة فمشت في الدهليز عدة خطوات وإذ بنور غرفة الجلوس أيضاً, وليس من عادات ماريا أن تترك الأضواء بدون فائدة فقطبت و تقدمت من الباب و احتبست انفاسها عندما رأت أليكس يجلس على إحدى الأرائك وقد وضع كوعيه على ركبتيه ودفن رأسه بين يديه. ما زال يرتدي الثياب التي لا بد و أنه وصل بها, بذلة غامقة و قميص أبيض وقد فك ربطة عنقه.
وتوقفت شارلوت عند مدخل الباب لا تعرف ماذا تفعل. ومن ثم رفع رأسه و رآها وبدت عليه إمارات غريبة جعلتها تفرح لأنها كانت ترتدي تلك البلوزة الفضفاضة التي صنعتها لها صوفيا. كانت صوفيا ماهرة في هذه الأشياء و الآن بعد أن تقبلت وجودها في الفيلا وصح تكهن ألني أصبحت مفيدة جداً لشارلوت.
ونهض أليكس وقال:
-شارلوت, كنت نائمة عندما وصلت وطلبت من ماريا ألا توقظك.
وبدأ يسوء الألم في ظهرها. ولكنها حاولت تجاهله.
-أنا... أنا لم أسمعك, هل اتيت بالهيليكوبتر؟
-لا... أنا أتيت بالزورق مع فيتوريو.
واعتدل أليكس في وقفته ولاحظت شارلوت أن ما قاله جورج لم يكن مبالغاً فيه وقال لها:
-أنا آسف إذا أزعجتك بقدومي ولكني شعرت أني يجب أن آتي لزيارة جدتي فلا بد أنها قلقة عليْ.
و نظرت إليه شارلوت وقالت:
-الحقيقة أنها قلقة عليك. رأيتها اليوم بعد الظهر حيث ذهبت لزيارتها.
وقطب أليكس وقال:
-سيراً؟
وتنهدت شارلوت وقالت:
-في الواقع, نعم.
ولم تعد تستطيع الوقوف أكثر بدون أن تضع يديها على مكان الألم في ظهرها.
-هل أكلت شيئاً؟ هل تعرف ماريا أنك هنا؟
-بالطبع هي تعرف أني هنا. وتناولت بعض السندويتش. ولم أكن جائعا. ولكن أنت لا بد أنك جائعة. ماريا أخبرتني أنك لم تأكل شيئا منذ الغداء.
وشعرت شارلوت بالتعب أكثر وقالت:
-أود لو أتناول فنجاناً من الشاي. ولكني سأحضره بنفسي.
وكان أليكس يراقب حركتها فتقدم منها و أزاح أصابعها من على ظهرها و سألها:
-ما بك هل تشعرين بالألم؟
وهزت رأسها شارلوت وبدأت تخطر ببالها الذكريات لمجرد لمسة يده و تسارع تنفسها و اعترفت قائلة:
-ظهري يؤلمني, هذا كل شيء. ربما لأني مشيت كثيراً اليوم.
وبدأ أليكس يمسد لها عمودها الفقري وقالت له:
-شكراً لك. فقد خف الألم.
فتوقف وبدأ يحدق في عينيها والعاطفة تبدو واضحة في عينيه. وبحركة لا إرادية أخذت شارلوت يده و وضعتها على بطنها لتحثه أن يدرك الطفل الذي بينهما.
وقال لها:
-يا إلهي, شارلوت أرجوك لا تدعيني أرحل. دعيني أبقى هنا.
بكاء شارلوت جعله يتنبه و يسألها:
-ما بك يا شارلوت؟ هل آلمتك؟
وهزت رأسها بصمت و وضعت يدها على بطنها. لقد أزداد الألم الآن. إنه ألم مستمر. ونظرت بيأس إلى أليكس وقالت بثبات:
-أنا... أنا أظن. لا أعرف ربما لأنه ليس عندي تجربة بهذه الأمور ولكن أظن أني سأضع الطفل.
-بالطبع ستضعين الطفل.
-لا, أقصد الآن.
وشعر أليكس بالجون. و شارلوت شعرت برغبة بالضحك وقال لها:
-ولكن لا يمكنك. أعني إنه ليس وقتك بعد. هناك ستة أسابيع لولادتك.
-أنا أعرف ذلك ولكن أظن أني سأضع الطفل.
خلع أليكس جاكيته وقال:
-يا إلهي, أين ماريا؟
وخرج من الغرقة و استندت شارلوت على الأريكة. هل من الممكن؟ هل من المحتمل أن تلد الطفل مبكراً؟ هل أجهدت نفسي بالمشي؟
وعضت على شفتها و استغربت أنها لم تعد خائفة الآن. كل همها كان أليكس و ردود فعله لم ترده أن يقلق عليها.
وعاد مسرعاً وتلحقه ماريا وقالت:
-الآن سيدتي. ألا تتخيلين ذلك؟
وهزت شارلوت كتفيها وقالت:
-لا أعلم, ولكني تألمت منذ دقائق بالإضافة إلى أن ظهري يؤلمني منذ ان عدت من عند ألني.
وتمتمت ماريا بغضب وقالت:
-عرفت أنه يجب عدم ذهابك.
وأجابها أليكس بحدة:
-لماذا لم تمنعيها؟
واستدار على شارلوت وقال:
-ألا تظنين أنه يجب أن تجلسي؟
وهزت رأسها مجيبة:
-أنا بخير ولكني أريد فنجاناً من الشاي.
وتبادل أليكس و ماريا النظرات وذهبت ماريا. وحدق أليكس للحظات بزوجته وهز رأسه و قال:
-لماذا فعلت ذلك يا شارلوت؟ مشيت كل هذه المسافة؟ من المؤكد أنك تدركين أن من الحماقة التصرف بهذا الشكل.
و أشاحت شارلوت وجهها عنه. لأنها لم تتقبل أسبابه للاهتمام بها وقالت له بحدة:
-لا تقلق. حتى ولو وضعت المولود سيكون بخير, فهناك الكثير من النساء يضعن أطفالهن في الشهر السابع.
وقاطعها قائلاً:
-وهل تظنين أني أهتم.
و أخذ ذراعها وقال:
-شارلوت أرجوك اجلسي. أود أن أتكلم معك.
وسمحت شارلوت له أن يجلسها على الأريكة التي كان يجلس عليها قبل قليل وجلس بجانبها. ولكنه قبل أن يتكلم وجدت نفسها تتألم مرة ثانية. وكان الدكتور قد علمها أن تأخذ نفساً قصيراً عدة مرات لتخفيف الألم. وفعلت ذلك وهي تمسك بطرف الأريكة حتى انتهت الطلقة.
و شحب وجه أليكس أكثر من وجهها و إذ بها تمسك يديه وتقول:
-كل شيء طبيعي و أرجوك أليكس لا تقلق.
و اجابها:

جين أوستين
15-11-2011, 21:15
-يا إلهي شارلوت ماذا يمكن أن أفعل؟ كان يجب ألا أسمح لك بالولادة هنا. كان يجب أن تبقي في مستشفى في أثينا قبل ولادتك بفترة.
و عللت شارلوت:
-في أي حال لم يكن قد حان وقتي لأكون في المستشفى. بالإضافة إلى أنه لا بد من أن ماريا قد ولدت من الأولاد أكثر مما فعلت تلك الممرضة التي وظفتها. وها هي ماريا قد حضرت كل شيء.
ونهض أليكس قائلاً:
-لا يمكن أن تكوني جدية, فأنا لن أسمح لماريا...
-ولماذا بإمكانك أن تفعل غير ذلك؟ في الحقيقة, أنا لست خائفة. أنا صغيرة و صحتي جيدة و بإمكانك أن تمسك يدي.
و جلس بجانبها و أخذ يديها و قبلهما وهو يقول:
-أوه شارلوت. أنت تعرفين أني أفعل أي شيء من أجلك. ألا تعرفيه ذلك؟
ونظر في عينيها و تابع:
-هل تسمحين لي أن أحضر ولادة طفلنا.
و أومأت شارلوت بالإيجاب قائلة:
-إذا كان ذلك ما تريده.
و أجابها بتحشرج في صوته قائلاً:
-إنها رغبتي, ولو نفذت ما أريد فأنا لن أتركك أبداً مرة ثانية.
و أحضرت ماريا الشاي. ولم يكن هناك من فرصة لشارلوت لترد على ملاحظته بالإضافة إلى أنه عاودها الألم وتنهدت ماريا.
و سال أليكس وهو ينقل بين ماريا و زوجته:
-هل أذهب لإحضار ألني؟
و اجابته شارلوت وهي ترتعش لأنه كان لا يزال يمسك بيدها و قالت:
-لماذا تود إقلاقها؟ يمكننا أن نتدبر الأمر.
و تراخى على الأريكة بجانبها و أجابها بتمتمة:
-أتمنى ذلك. حقاً اتمنى ذلك.
وضعت شارلوت مولودها في الساعة السابعة من صباح اليوم التالي. كان وزنه حوالي ثلاثة كيلو غرامات و كان أليكس يلف أثناء الولادة و أخذ الطفل و وضعه بين يدي شارلوت و شعرت بالفخر و الارتياح وهي تتلمس وجناته المزهرة وتتلمس شعره القاتم. ورفعت رأسها تنظر إلى أليكس و تمتمت:
-لماذا يشبهك؟
و أجابها بلطف محاولاً إثارتها وقد انحنى يتطلع على الطفل وقال:
-ومن توقعت أن يشبه؟ هب حقاً يشبهني؟
وتطلع إلى طفله يتفحص حيث جعد المولود أنفه فتابع أليكس:
-وهل اجعد وجهي بهذا الشكل, وليس عندي أهداب؟
وكانت ماريا ترتب السرير و اجابت قائلة:
-هذا فقط لأن الطفل ولد قبل موعده, بأسابيع قليلة, و أنت تعرف تماماً أنه يبدو مثلك تماماً.
وتطلعت شارلوت إلى وجه أليكس قائلة:
-هل تعلم أنك تبدو أقل تعباً مما كنت عليه أمس البارحة بالرغم من أنك لم تنم ولا لحظة؟
و ذكرها قائلا:
-ولا انت أيضاً.
فهزت رأسها قائلة:
-أنا نمت البارحة مساء, فلا بد أني كنت أحضر نفسي بلا شعور للمحنة.
ونظر إليها أليكس بتشكك و سألها:
-وهل كانت كذلك؟ أعني هل كانت محنة؟
فهزت رأسها وهي تدس أصبعها في قبضة المولود وتبتسم عندما قبض على أصبعها و تنهدت قائلة:
-لا, إنها لم تكن محنة. آه, كانت تجربة رائعة يجب ألا تفوتها أية امرأة, ولكنني متعبة الآن.
وتابع أليكس نظراته إليها و سألها:
-هل تعنين ذلك؟
فأومأت بالإيجاب قائلة:
-طبعاً.
ونظرت مرة ثانية وقالت:
-وأنت كنت رائعاً أيضاً. شكراً لك. لا أعلم كيف يمكنك أن تتقبل هذا المنظر.
و أعترف لها قائلاُ:
-يجب ان أعترف بأنه مرت لحظة شعرت فيها بأنني على وشك أن أسقط مغمياً عليْ. ولكن التجربة تستحق كل هذا, وخاصة عندما رأيته قادماً. ابني. آه, نعم كانت تستحق ذلك.
وتنهدت شارلوت مرة ثانية و جاءت ماريا وقالت:
-يجب أن تنامي سيدتي.
ونظرت إلى سيدها و قالت:
-وأظن أنك أنت أيضاً بحاجة إلى النوم.
وتناولت الطفل من بين يدي شارلوت بلطف و ابتسمت شارلوت وهي تأخذه.
وبعد خروج ماريا انحنى أليكس و عانق شارلوت التي رفعت يديها و بادلته عناقه و بادرها بالقول:
-لا, شارلوت. أرجوك.
وفك يديها من حول عنقه. ونظر إلى ابنه وغادر الغرفة مما جعلها تشعر بالقلق. لقد حصل على ما يريد, فها هي أنجبت له وريثاً من أول محاولة ونفذت شروط العقد. ولكن ماذا عنها؟ فليس من المعقول ألا تشعر بالحب للطفل, فكيف تتركه لغيرها ليربيه؟




פפפפפ

جين أوستين
15-11-2011, 21:15
12-وتحققت الأسطورة

وصلت ألني حوالي الظهر لترى ابن حفيدها بعد أن كان الدكتور لبونيدس و الممرضة قد وصلا بالهليكوبتر حيث ذهب فيتوريو إلى أثينا في الزورق أثناء الليل ليحضر الطبيب و مساعدته وبعد وصولهما بسلام طار إلى أثينا ليجلب الادوات الطبية. كانت الممرضة هانيا في منتصف العمر, ودودة وجدية. وقام الطبيب بفحص شارلوت و الطفل و أكد أنهما بصحة جيدة. واستلمت الممرضة هانيا المسؤولية وأدارت الامور بلطف و لكن بصرامة. ولما وصلت ألني كانت شارلوت قد استحمت و تم تبديل السرير و وضعوا الورود العابقة في غرفتها. واستيقظ أليكس بعد أن نام قليلاً. و أكدت له ألني ان شارلوت بحالة جيدة و قد استعادت قوتها.
كان أليكس يرتدي بنطالاً مخملياً وقميصاً حريرياً من اللون بيج و دهشت شارلوت للتغير الذي طرأ عليه بعد الليلة السابقة فقد غابت من عينيه نظرة الفشل و علائم التعب و الانهاك, وبدا حيوياً وتبادل النظرات مع شارلوت التي نمت عن تجربة مشتركة.
وقالت ألني:
-هل تذكرين أن قدومك لزيارتي مسؤول عن هذا.
وتابعت موجهة حديثها لأليكس:
0قلت لها أنه ما كان يجب أن تحضر.
وتقدم أليكس من السرير ونظر إلى ابنه بين يدي أمه باحثاً بلمسه عن صدرها ليرضع. وقال لجدته:
-يجب ان تشعري بالسعادة يا تيتة.
وكان يتلمس رسغ الطفل وتابع قائلاً:
-ليس هناك الكثير من الفتيات يمشين أربعة أميال وهن في حالة شارلوت فقط لرؤية امرأة عجوز.
و همهمت ألني و أجابته بعصبية:
-وأنت كان يجب أن تكون هنا لتمنعها من القدوم. و أظن أنك ستبقى هنا الآن.
و أومأ أليكس بينما يتلمس ذقن الطفل. وقال:
-أوه, نعم. سأبقى الآن أليس كذلك يا شارلوت؟
ولم تعرف شارلوت ما تجيبه و ما يعني, إلا إذا كان يعني أنه سيبقى بما أنها راحلة الآن. على الأقل إلى أن يوظف مربية لترعى الطفل. و بدأ قلبها يعتصر و هي تردد لنفسها. يا إلهي أود أن أبقى, لا أريد أن أرحل مهما قال أو فعل في الماضي و مهما كانت دوافعها لقبول العقد و لكنها تود البقاء. هنا بيتها و هذا زوجها و هي تحبه.
و أخذت ألني تتحدى شارلوت بقولها:
-حسناً. شارلوت أخبريني, هل سيبقى الآن أليكس أم لا؟
و لحست شارلوت شفتيها الجافتين و قالت:
-أنا... هذا راجع له, إنه قراره.
و تمتمت ألني بعصبية وقالت:
-يبدو أن كلاكما مسئول عن طفلكما.
و وقفت وهي تتابع:
-سأغادر الآن. الحمد لله أنكم بخير.
و تلمست رأس الطفل و قالت:
-تهاني لكما انتما الاثنان.
و رافق أليكس جدته إلى حيث كان ياني بانتظارها لينقلها بالعربة و عندما عاد كانت الممرضة هانيا مع زوجته و كان واضحاً أن وجوده غير مرغوب فيه, وهز كتفيه متأسفاً و خرج, و في الحقيقة شارلوت كانت لا تزال متعبة و نامت معظم النهار, وبعد عشاء خفيف أعطتها الممرضة حبة منوم لتنام طوال الليل. و بالتالي كان الصباح مرة ثانية قبل أن تكتشف شارلوت أن أليكس نام في غرفة تبديل الثياب.
كانت الممرضة هانيا مهتمة بإقناع شارلوت برضاعة ابنها و كانت شارلوت مترددة لأنها لم ترد أن تجعله معتمدا عليها بهذه الطريقة و لكن لم يكن بإمكانها نكران شعورها الجميل بالأمومة عندما بدأ يرضع منها بنهم. كانت تجربة مؤلمة و حضر أليكس ليراقبها و على وجهه علائم الرضى ولم ينفردا في الأيام القليلة التالية و حتى عندما انفردا بدا على أليكس عدم الرغبة بمناقشة أمور شخصية و لم يضايق شارلوت تأخير مناقشة الأمر ولم تكن قوية بشكل كاف لتواجه ما قد يأتي.
وبعد يومين بدأت شارلوت تنهض و تسير, و استغرب أليكس لأنه توقعها أن تبقى في السرير لأسبوع على الأقل. ولم يسر كما يبدو عليه واضحاً. ولكن ما من شيء يمكنه فعله خاصة أن الممرضة هانيا كانت مسرورة بمريضتها.
وبعد اسبوع طلب الدكتور ليونيدس أن يعود إلى أثينا حيث أن مرضاه الآخرين بانتظار اهتمامه, و خاصة بعد أن تأكد من أن شارلوت و ابنها كانا بحالة جيدة. و بقيت الممرضة هانيا, فقد وظفها أليكس لمدة شهر و كانت شارلوت سعيدة بوجودها و مساعدتها لها. فهناك الكثير من متطلبات الطفل. و بالرغم من أن ماريا اهتمت بالغسيل الزائد فشعرت أنها دائما مشغولة بشيء ما. بالطبع اطعام الكفل أخذ معظم الوقت. و اطعامه في منتصف الليل و الصباح الباكر منعها من النوم أكثر من ثلاث ساعات متواصلة. كان ذلك مضنياً. ومع ذلك صدمت عندما سمعت أليكس يناقش الممرضة في غرفة الطفل قائلاً:
-ألا يمكن أن تعطيه الحليب بالزجاجة.
تكلم باليونانية ولكن شارلوت تمكنت من الفهم.
و أصرت الممرضة بهدوء:
-إذا كانت السيدة فولكنر فادرة على ارضاعه لثلاثة أو أربعة أسابيع نكون قد حصّلنا الغرض. و ليس هناك من بديل...
و قاطعها أليكس قائلاً:
-لا تحاولي اقناعي أن حليب الأم... أنا لا أصدق ذلك. و أثبتت التجارب في بعض الحالات أن أطفال الزجاجة بحالة صحية أفضل.
و أجابته الممرضة:
-لم أحاول أن أقول حليب الأم, ولكني وددت أن أقول أنه شعور الحماية الذي يحصل عليه الطفل بين ذراعي أمه. و قد ثبت أن الأطفال الذين ترضعهم أمهاتهم يكونون متوازنين بشكل عام أكثر.
و لم ترد شارلوت أن تسمع أكثر. فتسارع تنفسها و نزلت الدرج إلى القاعة و وقفت هناك محاولة تهدئة نفسها. من الطبيعي أن يصر أليكس على أن يتم إرضاع الطفل حليباً اصطناعياً. فطالما ترضعه فوجودها هنا ضروري و أليكس لا يريد ذلك. ليس الآن بعد أن حصل على ما يريد. لماذا لم يخبرها بأي شيء, و إنما أخبر الممرضة.
و عندما أحضرت الممرضة هانيا الرضيع لشارلوت, تناولته شارلوت مجبرة و قالت:
-ألا تظنين أيتها الممرضة أننا بإمكاننا أن نرضعه بالزجاجة؟

جين أوستين
15-11-2011, 21:16
وتمتمت الممرضة هانيا و قالت بعصبية:
-هل تحدث معك زوجك يا سيدة فولكنر؟
و اجابتها شارلوت بصدق:
-لا, لماذا؟
-لأنه قال لي الشيء نفسه. حسناً, إذا كانت هذه رغبتكما. فالطفل عمره ستة عشر يوماً ولا أظن أن ذلك سيضره.
وشعرت شارلوت بالدموع في عينيها عندما لاحظت على وجه ابنها الرضى و السعادة بينما كان يرضع وقد أمسك بصدرها بقوة و أغمض عينيه يرضع حليبها بنهم. صحيح أنها كانت متعبة و لكنها ستفتقد لحظات الرضاعة و بإمكانها في مثل تلك اللحظات أن تقنع نفسها أنه لا يمكن لطفلها الاستغناء عنها. و انتقل الطفل بسهولة إلى الزجاجة و كان ذلك يعني أنه بإمكان شارلوت النوم أثناء الليل. حيث أن الممرضة كانت تطعمه الوجبات الليلية و بالتدريج بدأ ينام فترات أطول.
وما زالت شارلوت لم تناقش أي شيء مع أليكس أكثر من أمور بسيطة منوعة.
وصل جورج منذ ايام قليلة. ومنذ وصوله لم تر إلا القليل من زوجها. و قبل يومين من موعد مغادرة الممرضة هانيا. وصلت امرأة أجنبية اسمها غليندا فرانسيس انكليزية الجنسية و انتاب شارلوت الخوف عندما قدمها أليكس على أنها المربية الجديدة.
مربية.. يبدو أن أليكس يحاول أن يؤكد عدم ضرورة وجودها في الجزيرة. ولكن ماذا عنها؟ ماذا عن شعورها! لماذا لم يهتم بشعور الطفل؟ حتى اسم الطفل لم يناقشاه إلى الآن على حد علمها لم يكن قد سجل بعد و بدا أن دورها قد انتهى و ببطء ولكن بشكل أكيد كان يتم ابعادها عن الساحة.
هناك شيء في داخلها دفعها للتمرد و الاصرار على البقاء في الجزيرة على الأقل حتى يصبح عمر الطفل بضعة أشهر ولكن عقلها أملى عليها بأن هذه حماقة لأنه إذا بقيت فستصبح مغادرتها بعد ذلك أصعب, وبدأت تقتنع بأن الطفل بدأ يميزها وبدأ يجلس و ينتبه إلى ما حوله.
كانت تتمشى حوالي غرفة النوم ممزقة بين عواطفها. لماذا تكلمت بإهمال عن ترك الطفل بعد ولادته, وكيف خطر لها أنه بإمكانها تنفيذ ذلك.
و شعرت بضيق شديد دفعها لتذهب لرؤية أليكس, و وجدته في المكتبة حيث كان جورج برفقته.
و نهض لدى دخولها وبعد أن حياها جورج ترك الغرفة, و تطلعت إلى المائدة حيث كانا يعملان و انتبهت إلى إحدى الوثائق القانونية وقد تركت جانباً بإهمال كانت نسخة من العقد الذي أعطاها إياه السيد فولستاف, و شعرت بالضعف وقالت:
-ماذا تفعل؟ تكتب اتفاقية نهائية؟ الجملة التي تطلق سراحي من هذا العقد؟ وما دخل جورج في ذلك؟ وهل تناقش الأمر معه؟
و نهض أليكس و اجابها بهدوء:
-جورج محامياً و ظننتك تعرفين ذلك.
و أجابته:
-أتعني أنه هو الذي كتب العقد في الأصل؟ وعرف كل شيء عن الموضوع؟
و أومأ أليكس قائلاً:
-نعم إنه الوحيد الذي يعرف.
و ضغطت شارلوت على شفتيها و قالت:
-أوه, حقا.
-ماذا تريدين يا شارلوت؟ أنا أود أن أنهي هذه الأوراق, و أبقى حراً من العمل لمدة أربعة أسابيع على الأقل.
و حدقت شارلوت فيه قائلة:
-لماذا؟ أهذا ما يستغرقه الحصول على الطلاق هذه الأيام؟
و استدار حول المنضدة و تقدم منها وقال:
-طلاق؟ عماذا تتكلمين؟
و ابتعدت شارلوت قائلة:
-طلاق, طلاقنا. لا تحاول أن تتظاهر بأنك لا تذكر ليس وهذا العقد أمامك.
وبدا عليه الشحوب وقال بتمتمة غير مصدقة.
-أنت تريدين الطلاق؟
-أنت تريد.
و تضيقت عينا أليكس و شدها إليه و عانقها وقال:
-هل تفهمين من هذا أني أريد الطلاق؟ يا إلهي شارلوت. حاولت أن أبتعد عنك لأتحكم بمشاعري ولكنك تبالغين بتجربتي.
و أسند جبينه على جبينها وقال:
-حسناً... ألا زلت تريدين الرحيل؟
و حركت رأسها بلا قوة وقالت:
-ألا تريدني أن أذهب؟
-لا. أنا لا أريدك أن تذهبي يا شارلوت. أنا أحبك. أحببتك وقتاً طويلاً جداً حتى قبل أن تعرفي بوجودي.
وقطبت شارلوت قائلة:
-أنت تعني...
-أعني أني تزوجتك لأني أحببتك, لأنني وددت أن أهتم بك ولم أتحمل فكرة كونك لوحدك و ربما كنت وجدت شخصاً آخر قبل أن أتمكن من اخبارك بما أشعر.
لم تتمكن شارلوت من تفهم ما كان يقول, وسألته:
-هل تعني أنك كنت ستتزوجني في أي حال؟ وماذا عن تلك الفحوصات؟
حتى أني لم أسأل عن النتائج. كانت مجرد طريقة لإقناعك بأني عنيت ما قلت.
-لكن... لكن لماذا لم تخبرني بشعورك؟ أبي...
و هز رأسه وقال:
-هل كنت تأخذين كلامي على محمل الجد؟ رجل في عمري؟
-ربما كنت صدقتك.
-لم يكن ممكناً أن أخاطر, بالإضافة إلى أني لم أكن مجبراً
-وهل علم أبي؟
و دفعها أليكس عنه بلطف وقال:
-عرفت أنك ستسألين هذا السؤال.
و قطبت شارلوت و قالت:
-ماذا حصل منذ ثمانية أعوام؟
و عبس أليكس قائلاً:
-وماذا تعرفين عن ثمانية أعوام مضت؟
-لا شيء. لهذا أسألك. جورج ذكر شيئا...
وبدا الضيق على أليكس وقال:
-جورج, كان يجب أن أدرك.
-ولماذا يجب ألا أعرف إذا كان الموضوع يخصني؟
-لا يخصك, ربما بشكل غير مباشر.
-أوه. أليكس.
وتقدم أليكس منها و رفع ذقنها محدقاً بعينيها وقال:
-أجبيبني على سؤال واحد. هل تحبيني؟
و ابتلعت شارلوت ريقها و أومأت برأسها وقالت:
-أظن أنك تعرف أني أحبك.
وبدا عليه السرور بجوابها وقال:
-إذاً, هل تتقبلين أنه مهما حصل منذ ثمانية أعوام, نحن نحب بعضنا اليوم؟ وحياتنا معاً بدأت منذ فترة وجيزة. ولهذا اتخذت أنا كل هذه الترتيبات, أريد أربعة أسابيع اجازة لاصحبك برحلة إلى مكان ما بعيداً عن الجميع لوحدنا. أبرهن لك أن حبي لك يتفوق على كل شيء. حتى حبي الذي لا يقدر بثمن لابننا. و أما بالنسبة للعقد فهو باطل ويجب تمزيقه. أعرف أني استعملته لأحصل على ما أريد. يمكنني أن أكون قاسياً أحياناً كما تعرفين, ولكن دوافعي لم تكن كلها أنانية.
وتنفست شارلوت بعمق وقالت:
-ولكنك... لكنك قلت أنك لست متأكداً من العودة هنا بعد,,, بعد
-أعلم أني قلت ذلك. كانت هذه الحقيقة ومهما كنت تتوقعين. كنت أريد لك الاستقرار في الجزيرة. و أردت أن نعرف بعضنا البعض. ولم تكن من ضمن خططي أن أتزوجك بالقوة ولكن كنت...
و توقف قليلاً وتابع:

جين أوستين
15-11-2011, 21:18
-ألا تتخيلين كيف شعرت؟ و خاصة بعد أن طردتني لدى مغادرتي. و شعرت أن عودتي ربما أجبرتك على القيام بعمل يائس. يجب أن تعرفي أنك كنت خائفة مني.
و تمتمت قائلة:
-في البداية... ولكن بعدها كنت خائفة من نفسي.
و اجابها بلطف قائلاً:
-أدركت ذلك ولكن لم أكن متأكداً كيف تشعرين تماماً. ولم تتصرفي على طبيعتك إلا بعد عودتي آخر مرة من السفر أو على الأقل هذا ما تمنيت...
و غطت شارلوت عينيها بيديها و قالت:
-ماذا عنيت بأنك أحببتني حتى قبل أن أعرفك؟ لم أسمع بك, أبي لم يذكر لي اسمك على الاطلاق.
و أجابها أليكس:
-لا, لا أظن أنك سمعت بي.
و توقف قليلاً و تابع قائلاً:
-عندما رأيتك لأول مرة كنتِ في الثانية عشرة من عمرك وكنتِ ترتدين ثياب المدرسة وقتئذ تلحقين بأبيك الذي كان يجب أن يعرف أكثر مما عرف.
اسودت عيناها وقالت:
-أرجوك لا تتكلم بهذه الطريقة عن أبي.
و حاول أليكس السيطرة على صبره بجهد وقال:
-طيب, طيب. أنا كنت... كنت في الثالثة و الثلاثين في ذلك الوقت. و كنت قد أدرت مؤسسة فولكنر لمدة عشر سنوات. وشعرت أنك غير سعيدة.
و دافعت شارلوت عن نفسها بقولها:
-كانت وفاة والدتي حديثة. كنا أنا و أبي تعساء لذلك السبب.
و أجابها أليكس باختصار:
-حقاً.. طيب, أقبل ذلك, حسناً أظن أن مشاعري تجاهك بدأت بالعطف ولما كبرت تغيرت مشاعري, ولكن كنت ما زلت صغيرة وما زلت إلى الآن. ولكن يا إلهي أنا رجل ولست قديساً. و أردتك و ما زلت.
وسألته:
-وكان هناك سناء اخريات.
و أجابها بلا مبالاة:
-علاقات عابرة لا أكثر.
-وماذا عن إيرينا؟
و حدق بها بتعجب و سألها:
-إيرينا؟ هل حقاً أنت جدية بظنك أني كنت مهتماً بإيرينا؟
-لقد رقصت معها و سمحت لها بمغازلتك.
-أعرف ذلك. وهذا مما أثار غيرتك.
ومن ثم وضع يده على فمها عندما حاولت الاحتجاج و تابع قائلاً:
-حققت هدفي.
و أبعدت شارلوت يده و قالت:
-أنت تعني... آه, أليكس.
و نظر إليها برقة وقال:
-حسناً... إذاً مشكلة الطفل محلولة. ما هو جوابك؟
و سألته بتعجب:
-هل تدرك أننا لم نسميه بعد؟
و أجابها أليكس بهدوء:
-مدنياً اسمه نيكولاس ألكسندر, إلا إذا كان عندك أي تفضيل.
و رددت شارلوت الاسم برقة:
-نيكولاس ألكسندر؟ آه, لا, لا أفضل أي اسم ثان. أظن أنها اسماء مثالية.
-حسناً, تمنيت أن تعجبك الاسماء.
وعرفت شارلوت أن لحظة الحقيقة اقتربت وقالت بهدوء:
-تطلب مني أثق بك. و أنسى موت أبي –واحتمال انتحاره –وأحبك بالرغم من ذلك.
و هز رأسه و قال:
-انه ليس قراراً سهلاً.
و قامت شارلوت بحركة بسيطة من رأسها وقالت و عيناها ملؤها العاطفة:
-لا يمكن أن يكون, أعني قراراً سهلاً ولكن... أليكس, ليس هناك من فائدة, أنا لا أستطيع أن أتركك. أنا أحبك جداً.
-آه. شارلوت.
و عانقها أليكس بشدة, وبالرغم من مشاعرها تجاه أبيها شعرت بانتمائها له, و تمنت أن يسامحها أبوها على فعلها.
ولم يسمعا طرق الباب و دخل جورج, و ابتعد أليكس عن زوجته و سأل جورج:
-ما الأمر؟
-وصل فيتوريو, لأنك طلبت منه أن يحضر لينقل الممرضة هانيا إلى أثينا.
و أجاب أليكس:
-نعم, يا إلهي لقد نسيت ذلك.
و أبتعد عن شارلوت بأسف و طلب منها بتحشرج قائلاً:
-انتظريني هنا.
و أومأت بالإيجاب, و تابع أليكس قائلاً:
-سأعود بسرعة.
ولما أغلق الباب خلفه أشار جورج إلى كرسي خلفه وقال:
-ألا تجلسين؟
و تراخت شارلوت على الكرسي بامتنان.
و أضاف جورج برقة:
-علمت أنك ستبقين. و أنا سعيد بذلك.
و أجابته ببساطة:
-لأني أحبه.
-ويجب ألا تشكي الآن بحبه لك. يا إلهي, عندما أتخيل تلك الشهور التي مضت دون أن يخبرك, ليحافظ على ذكرى أبيك. لقد أخبرته أنه احمق.
و تشنجت شارلوت, فعلى ما يبدو أن جورج كان يظن أن أليكس أخبرها بكل شيء, و لكن ماذا هناك. وشعرت برغبة بأن تتركه يتابع الحديث:
و تمتمت بغموض:
-أنت... أنت لم تشعر بضرورة ذلك؟
و اجابها جورج:
-لا. السيد مورتيمور متوفى الآن سواء كان انتحار أم لا, هذا ليس مهماً. ولكن ليس هناك من مبرر للسماح لها بالتأثير على حياة الآخرين.
وشعرت شارلوت بوجوب الدفاع فبادرته بقولها:
-إنه... أبي.
-وماذا عن والدتك؟ ألا تستحق شفقتك؟
ولحسن حظها لم يكن جورج ينظر إليها ليلاحظ نظرة الحزن التي اعترتها وقالت:
-أمي؟
-نعم, يا إلهي. و طالما أنك تعرفين أنها ماتت بالسكتة القلبية نتيجة لأنانية أبوك. ألا تشعرين نحوها بالشفقة؟
ولم تستوعب شارلوت ما قاله و بادرته بالقول:
-أنا... أنا... هل تظن ذلك؟
-أنا لا أظن... أنا...

جين أوستين
15-11-2011, 21:19
وفجأة أدرك جورج ما قالت و استدار ليواجهها و قال:
-يا إلهي, إذاً هو لم يخبرك؟ و تركتني أتابع حديثي و أنتِ لا تعرفين شيئاً أليكس, يا لك من أحمق.
و نهضت شارلوت و مدت له يدها راجية وقالت:
-لا, أرجوك... أرجوك لا تغضب مني, ولكن لم أسيطر على رغبتي بالمعرفة.
-هل تعنين... أنك كنت على استعداد للعيش مع أليكس بدون معرفة الحقيقة؟
و أومأت شارلوت قائلة:
-إذا كان هناك ما لا أعرفه. نعم, نعم كنت على استعداد.
و هز. جورج رأسه بتعجب وقال:
-لقد قال لي ذلك أليكس, لأنه كان يعتقد أنه ما من حاجة لجرحك أكثر و ها أنا ذا حطمت كل شيء.
و شبكت شارلوت يديها وقالت:
-جورج ومن أين لك أن تعرف. إنها غلطتي تماماً كما هي غلطتك, و طالما أنك بدأت يجب أن تخبرني بالقصة كاملة.
و طأطأ جورج رأسه متنهداً بعمق وقال:
-و كيف لي ذلك؟
-وكيف لا؟ أرجوك جورج كيف كان أبي سبباً بأزمة أمي القلبية؟ يجب أن أعرف.
و زفر جورج وقال:
-أظن عليّ أن أخبرك. ولكن إذا عرف أليكس...
-لن يعرف. ليس الآن على أي حال. تابع.
-حسناً. كان أبوك مقامراً مدمناً, إذا صدقت ذلك أم لا. و هذا يعتبر في هذه الأيام مرض و لكن منذ ثمانية أعاوم لم يكن الناس يظهروا استياءهم إلى هذا الحد. فكثير من الرجال لعبوا القمار ولم يعتبروا ذلك شيء و أبوك كان واحداً منهم.
-و أمي؟
-وخسر أبوك كل شيء من ثمانية أعاوم, منزله, عمله, كل شيء.
و عندها دخل أليكس في الموضوع. منذ سنين طويلة عمل جدك مع مؤسسة فولكنر و بناء على ذلك تقدم أبوك إلينا يطلب قرض. ورفض اليكس في البداية, ولم لا؟ فأليكس رجل أعمال و أبوك لم يكن يملك أية ضمانات. و بالنتيجة وافق و أعطاه القرض. و لسوء الحظ كان الوقت متأخراً لأن أمك كانت مهمومة لاكتشافها ديون والدك المتراكمة و أنت تعلمين ماذا حدث.
و ارتجفت شارلوت قائلة:
-آه, لا.
-للأسف هذا ما حصل. وفي أي حال صرف القرض و ألف قصة مطولة عن ابنته التي كان يجب ان تترك المدرسة بسبب الأقساط وافق أليكس على منحه القرض شرط أن يتوقف عن القمار.
-ولكنه لم يتب؟
-لا. شاهده أليكس في كان و مونت كارلو وفي سانت مورتيس, حيثما تجدين كازينو كان أبوك موجوداً. وكان واضحاً أنه كان يراهن على عقارات لم يكن يملكها في الحقيقة. وحصل المتوقع وخسر كل شيء للمرة الثانية في حياته وديونه في تلك المرة تفوق الخيال. و عاد يزحف إلى أليكس. أراد أليكس أن يحميك ولم يكن هناك من طريقة أخرى, لأنه لم يرغب في تبنيك. رأى شيء آخر سيكون مكانا لكل أنواع الشكوك و التفسيرات, ولم يكن هناك من وسيلة غير الزواج ويبدو أن أبوك لم يتحمل نتيجة ما فعل, و بالرغم من أنه ليس من دليل هناك, و لكن بوليصة التأمين تقف كشاهد وحيد على انتحاره ربما.
-ولكن كيف يمنحونه بوليصة تأمين و هو في حالته المادية تلك.
-لأنه طلب من أليكس أن يجعل كل الوثائق بينهما سرية. كان أبوك يعرف ماذا يفعل وما من أحد في المدينة يعرف أن أليكس كان يملك شركة مورتيمور.
وضحك ضحكة خفيفة وتابع:
-يا له من خطأ.
و غاصت شارلوت في كرسيها مرة ثانية. كيف كانت تلوم أليكس طوال هذه الشهور على موت أبيها ولكن كما قال جورج, كان يجب أن يخبرها؟ فلو أصرت على معرفة الحقيقة فلا يمكن له أن يكون على يقين من سبب موافقتها هل هو دافع الحب أم الامتنان.
والآن هي سعيدة بمعرفة الحقيقة, و كانت سعيدة اكثر أنها وثقت بأليكس.
وفتح الباب أليكس و دخل مرة ثانية وقال:
-حسنا. جورج إنه بانتظارك يريد محادثتك.
أومأ جورج برأسه وترك الغرفة. وبعد أن أغلق الباب. نظر أليكس إلى شارلوت وقال:
-حسناً. هل فكرت مرة ثانية؟
و أومأت مجيبة:
-وثالثة و رابعة.
و اندفعت لتعانقه وقالت:
-أوه, أليكس سأفعل كل ما في وسعي لإسعادك.
و نظر إليها أليكس برقة وقال:
-وماذا فعلت حتى أستحق ذلك؟
و اغرورقت الدموع في عينيها وقالت:
-لا شيء. ولكن قل لي شيئاً واحداً, لماذا أردتني أن أتوقف عن إرضاع نيكولاس؟
و أعجب باسم الطفل عندما ذكرته شارلوت. وقطب قائلاً:
-ومن قال لك ذلك؟
-لست بحاجة لأن يخبرني أحد. سمعتك تتكلم مع الممرضة هانيا.
-باليونانية؟
و رفعت عينيها و قالت:
-لم أكن كسولة كلياً في غيابك. و أجبني الآن لماذا؟
و اجابها أليكس:
-يمكنني أن أقول أني شعرت بالغيرة ولكن لن أقول ذلك.
وسر باحمرار وجهها وتابع:
-حبيبتي كيف لي أن أحتفظ بك لنفسي ونذهب بإجازة إذا كان كل وقتك مشغولاً هنا؟ بالإضافة إلى أنه كان يبدو عليك الارهاق وكنت قلقاً عليكِ. وهل أعجبتك الآنسة فرانسيس؟
-أنا بالكاد أعرفها. ولكنها تبدو ماهرة في عملها.
و وافق أليكس بجدية:
-رسائل التوصية التي جلبتهم كانت جيدة جداً. فقد كانت مربية لأطفال أحد زملائي في العمل. لم أكن لأترك طفلنا بأيدي أية انسانة. ولكن إذا كنت غير سعيدة...
و تنهدت شارلوت بالرضى و قالت:
-لا, أنا سعيدة. لماذا لم تخبرني قبل الآن؟
وهز أليكس رأسه وقال:
-ربما كنت خائفاً حبيبتي, كان من المحتمل أنك لا زلت تكرهيني ولم أكن لأتحمل ذلك.
و فكرت شارلوت بمدى حبها لزوجها وشعرت بمدى صعوبة الحياة بدونه وقالت:
-في أي حال أنا سعيدة أن وقت الانتظار قد مضى.
و أجابها:
-وأنا سعيد بذلك أيضاً. لأني بدأت أتعب من النوم في غرفة تبديل الثياب.
و عانقته شارلوت وهي تفكر لنفسها أنها ستخبره يوماً بما قاله لها جورج, ولكن ليس الآن. فيكفي الآن أنهما معاً و أن ابنهما سيسعد بحب كل من والدية. وهكذا تحققت أسطورة ليدروس.


النـــــــــــــهاية

جين أوستين
15-11-2011, 21:20
أتمنى لكم قراءة ممتعة

و كل عام و أنتم بخير

________________________________


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557524&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/774776-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%B5%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D9%81%D8%B3%D 8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%A9)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557522&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/900408-%D9%86%D9%8F%D9%82%D8%B7%D9%8E%D8%A9-%D8%B6%D9%8E%D9%88%D8%A1-%D9%92-!-%D9%84%D9%80%D9%80-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%8F%D9%84-%D9%85%D9%90%D8%B9%D8%B7%D9%8E%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D9%8A%D9%86%D9%86%D8%A7-%D9%88-%D8%A8%D9%8A%D9%86%D9%83%D9%8F%D9%85-%D9%92-%D9%86%D8%B1%D8%AC%D9%88-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-301-%D8%B516)
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557523&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/932100-%D9%85%D9%8E%D9%82%D8%B1-%D9%82%D9%84%D8%B9%D9%8E%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%90%D8%B5%D9%8E%D8%B5-%D9%88%D9%8E%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A2%D9%8A%D 8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A2%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%8E%D8%A2%D9%85%D9%8A%D 9%85-%D8%A3%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8F-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A2%D8%B9-3)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557521&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/923280-%D9%87%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA%D9%8F-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D8%B1-%D9%88-%D8%AD%D9%90%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8F-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%8F%D9%86%D8%B3%D9%89-!-%D8%A3%D9%87%D9%88%D9%8E-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%D9%8C-%D8%A3%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D9%8D-%D8%A3%D9%85-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%9F)

lamis2000
16-11-2011, 15:24
قصة رووووووووووووعة تسلم إديك جين أوستين.
بس المشروع نايممممممممممممم وينكم يا صبايا$

جين أوستين
17-11-2011, 00:50
قصة رووووووووووووعة تسلم إديك جين أوستين.
بس المشروع نايممممممممممممم وينكم يا صبايا$

الله يسلم حبيبتي :أوو:

و أنا باتساءل عن نفس الشيء :بكاء:

فينكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

إن شاء الله ما تكون الغيبة بسبب شيء سيء !!!!


___________________



http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557524&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/774776-المعجم-القصصي-للطلبات-والإستفسارات-معاً-نحو-القمة)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557522&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/900408-نُقطَة-ضَوء-ْ-!-لــ-تواصُل-مِعطَاء-بيننا-و-بينكُم-ْ-نرجو-مشاهدة-الرد-301-ص16)
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557523&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/932100-مَقر-قلعَة-القِصَص-وَالروآيات-لطلبات-آلتصَآميم-أنامل-ترسمُ-الإبدآع-3)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557521&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/923280-همساتُ-الفجر-و-حِكاياتُ-لا-تُنسى-!-أهوَ-منزلٌ-أشباحٍ-أم-ماذا-؟)

ساكنه القلوب
19-11-2011, 11:22
::جيد::::سعادة::رااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااائع ياقلبي وردتى الحمرااااااااااااااااااااااء جين رواية حلوة قرتها من جد حلوة الف شكر الك ياقلبي المعطئ ومنتظرين الرواية الجديدة ودمتى لى فى قلبي سكنة ياوردة حمراء محبوبة والادائما" منورة المنتدى:);)

ساكنه القلوب
19-11-2011, 11:33
سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالال الالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالال الام الى احلا اعضاء على قلبي السااااااااااااااااااكن جيتكم ولكم وحشة فى قلبي واشوااااااااااااااااااااااااااااق الكم يالغلا ودمتم لي في قلبي سكنة

الليدي كلير
20-11-2011, 14:23
هاااااااالوووووووووووو كيفكون يا حلوين مشالله عليكم منورين
ساااااكنة القلوب كيفك وجين اوستين كيفك يا قمر
انشالله جميع يكون بخير
موووووووووووااااااااااه
تحياتي للموجودين وزائرين وللغائبين جميعا

جين أوستين
24-11-2011, 01:14
أهليييييييييييييين قطقوطة ::سعادة::

يسعدني ان عجبك اختياري للقصة ::سعادة::

و أهليييييييييييييييين كلير كيف حالك و أخبارك؟

و الله اشتقت لكم كثير :بكاء:

و إن شاء الله يجرع المشروع مثل ما كان ...

أنا عندي قصة انهيت أول فصلين فقط , تحبون اني اكتبها؟

و في شيء ثاني بفكر فيه , ايش رأيكم نكون شلة لكتابة الروايات؟ حتى نشترك كمجموعة في الكتابة وهذا حيسهل علينا , بدل ما كل وحدة تكتب رواية كاملة .. ايش رأيكم؟

لأن الموضوع نائم جداً :محبط: ونحتاج نحركه أكثر !




____________________


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557524&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/774776-المعجم-القصصي-للطلبات-والإستفسارات-معاً-نحو-القمة)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557522&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/900408-نُقطَة-ضَوء-ْ-!-لــ-تواصُل-مِعطَاء-بيننا-و-بينكُم-ْ-نرجو-مشاهدة-الرد-301-ص16)
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557523&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/932100-مَقر-قلعَة-القِصَص-وَالروآيات-لطلبات-آلتصَآميم-أنامل-ترسمُ-الإبدآع-3)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557521&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/923280-همساتُ-الفجر-و-حِكاياتُ-لا-تُنسى-!-أهوَ-منزلٌ-أشباحٍ-أم-ماذا-؟)

الليدي كلير
24-11-2011, 07:08
انا معك جين الفكرة رائعة والمشروع لازمو تحريك ليرجع مثل الاول بدنا يرجع الحماس ::جيد::::جيد::

جين أوستين
24-11-2011, 14:29
انا معك جين الفكرة رائعة والمشروع لازمو تحريك ليرجع مثل الاول بدنا يرجع الحماس ::جيد::::جيد::


؟؟؟

تقصدي انك بتكتبي معي؟؟؟؟؟




_________________


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557524&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/774776-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AC%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%B5%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D9%81%D8%B3%D 8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D9%86%D8%AD%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%A9)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557522&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/900408-%D9%86%D9%8F%D9%82%D8%B7%D9%8E%D8%A9-%D8%B6%D9%8E%D9%88%D8%A1-%D9%92-!-%D9%84%D9%80%D9%80-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%8F%D9%84-%D9%85%D9%90%D8%B9%D8%B7%D9%8E%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D9%8A%D9%86%D9%86%D8%A7-%D9%88-%D8%A8%D9%8A%D9%86%D9%83%D9%8F%D9%85-%D9%92-%D9%86%D8%B1%D8%AC%D9%88-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AF-301-%D8%B516)
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557523&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/932100-%D9%85%D9%8E%D9%82%D8%B1-%D9%82%D9%84%D8%B9%D9%8E%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%90%D8%B5%D9%8E%D8%B5-%D9%88%D9%8E%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A2%D9%8A%D 8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A2%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%8E%D8%A2%D9%85%D9%8A%D 9%85-%D8%A3%D9%86%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8F-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A2%D8%B9-3)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557521&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/923280-%D9%87%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA%D9%8F-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D8%B1-%D9%88-%D8%AD%D9%90%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8F-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%8F%D9%86%D8%B3%D9%89-!-%D8%A3%D9%87%D9%88%D9%8E-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%D9%8C-%D8%A3%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D9%8D-%D8%A3%D9%85-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%9F)

مونـــــي
25-11-2011, 00:46
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كل عام وأحلى بنات بخير وصحه وسلامه وعافيه

و ح ش ت و ن ي

والله من جد لكم وحشه ياصديقاتي المخلصات

من زمااااااااااااااااااان عن المشروع والروايا:confused::confused:
بس والله الدنيا مشاغل دراسه وتعب الله يعين
أنا بس أخلص الإختبارات .. وأفضالكم >>> صار تهديد ههههههههههه

المهم والله واحشيني قوي قوي كل البنات بدوووووووووووووووون أستثناء
يلا حبيباتي أنا بأحضر الحين محاضرة أنقلش تخيلو!!الساعه 3 وبأحضر محاضره مسجله طبعاً
أدعولي الله يسعدكم تراني شبه ميييييييييييييييح فيه

حبيت اسلم على القمرات .. والحين في امان الله وحفضه
مع السلامه


تحياتي
مون ـــــــــــــــي ...

مونـــــي
25-11-2011, 00:52
صح نسيت أقول لكم

كنت ناويه أنزل روايه موووووصااااحيه جنااااااااان

وربي كنت متحمسه لها

كتبت لين ماوصلت الخاتمه

ألا فجأه!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!















تفرمت الجهاز .. ضاع تعبي كلو هدرررررررررررررررر
كنت شوي وبأبكي

تحطمت .. بس أكتشفت بعدين أن أيمو الله يسعدها حطت نص الروايه في جوالها
عشان أنا كاتبتها في مفكره
ونزلتها في جوالها لما كنت أكتب فيها

فـ معنوياتي أرتفعت شوي وقلت بعدين ياالله العافيه
لا خلصت مشاغلي
أكملها وأنزلها .. يلا مع السلامه

الغصن الوحيد
01-12-2011, 16:56
السلام عليكم يا احلى صبايا ..

وحشتونيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي جدا جدا جدا ..

اخباركم يا الغالين وكيف الدنيا معكم ...وعلومكم واحوال اهلكم ..يا الله من زمان مدري عنكم ...يا ربي وحشتوني ...

جين يا قلبي الله يسلم يدينك ..والله يعطيك الف عافية على الروايه الرائعة جدا ..تجنن وتخلي الوحدهمنا تعيش بعالم الاحلام لدقايق وتنسى همومها لو هي ويش يا ربي يا زين حب الروايات ياليت فيه مثل حبهم في الحقيقة ..ونقدر نعيشه يا سلام بس ..

تسلمين حبيبتي جين على اختيارتك الحلوة ...جميل جميل جميل ...

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:14
حبيبتي موني وحشتيني يا قمر ...

وش اخباركم انشالله بخير يا الله وشلون الدنيا معاكم كيف ايمان اتزوجت ولا لسى ......

حبيبتي لا تزعلين على الروايه كله ولا زعلك ..واخذي راحتك احنا نستناك انشالله ...والله يوفقك ويعينك على الجامعه والدارسة ..

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:25
حبيبتي كلير وش اخبارك وش علومكم انشالله طيبين ..

وش اخبار نايت انشالله بخير ..وش سويتوا وش صار عليكم .....يا الله من زمان عنكم اشتقت لكم كثير ..سلمي على نايت وقولي لها يا زين ايام الازرق والوردي ...

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:27
حبيبتي كلير وش اخبارك وش علومكم انشالله طيبين ..

وش اخبار نايت انشالله بخير ..وش سويتوا وش صار عليكم .....يا الله من زمان عنكم اشتقت لكم كثير ..سلمي على نايت وقولي لها يا زين ايام الازرق والوردي ...

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:31
ساكنة القلوب يا من سكنتي قلوبنا حبيبتي وحشتيني يا قلبي ...وش اخباركم حبيبتي يا زينك ويا زين كلامك الحلو ..وش علومكم وكيف صحتك الان انشالله ..

كيفك يا صاحبة الاحساس المرهف والقلب والرومانسي....اشتقت لنا كثير ...

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:38
لميس حبيبتي وش اخبارك ..من زمان عنك يا قلبي ...

شكلك رجعتي تدخلين المشروع في الوقت الي قطعنا فيه عن المشروع لو ندري ان اذا قطعنا بترجعين كان سويتها من زمان .........هههه اضحك معك ..
والله ما ودي اقطع عنكم بس ظروفي وحياتي تغيرت وصارت عندي مسؤوليات هامه وغاليه على قلبي ....

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:42
انجوله حبيبتي وش اخبارك وحشتيني يا قلبي ...

وش علومك يا قلبي ..وش اخبار الدارسه ...اشتقنا لك ....

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:46
صبا يا صبا يا حبيبتي اخبارك وااخبار الكتاكيت الصغار انشالله امورك بخير ..

وش علومكم وحشتينيييييييييييي كثير كثير ...

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:48
يوكي حبيبتي اخبارك يا قلبي وش اخبار كتاكيتك ..انشالله امورك طيبه ...

وحشتيني كثير كثير يا قمر .....

الغصن الوحيد
01-12-2011, 18:55
اخباركم كلكم حبيباتي جميعا وحشتوني كلكم سامحوني على القصور انتوا كلكم في قلبي واشتقت لكم كثير بس ما اقدر ادخل المنتدى مثل قبل ..
حبيت اسلم عليكم كلكم وبلغكم تحياتي واشواقي ...وسلامي لكم كلكم اللي ما ذكرتهم ارجع انشالله في وقت ثاني واسلم عليكم بالاسم سامحوني ..

وحشتوني حبيابي ..

مونـــــي
01-12-2011, 23:01
حبيبتي موني وحشتيني يا قمر ...

وش اخباركم انشالله بخير يا الله وشلون الدنيا معاكم كيف ايمان اتزوجت ولا لسى ......

حبيبتي لا تزعلين على الروايه كله ولا زعلك ..واخذي راحتك احنا نستناك انشالله ...والله يوفقك ويعينك على الجامعه والدارسة ..





والله أنتي اللي لك وحششششه نفسي أدخل كل يوم بس أش اسوي والله الإختبارات هلكتني .. ومافيه وقت أقرا روايات .. نفسي أقرا...
والله أدخل هنا وأشوف العلوم و الأخبار وأطلع

إيمان ياستي بخير ونعمه .. بس كمان زيي أختبارات وشغلات الله يعين
هي تخصصت علم نفس مادريتي !!!!
ولسى يختي ماتزوجت .. معقوله نزوجها ولانعزمكم !!!
ماااايصير ..

يلا ياقلبي الله يوفقك ويسعدك شكلك دخلتي جو مع الروايه اللي فوق والله شكلها حماس
يختي والله الروايات ذي تشبعك عاطفياً ههههههههه

لأن مس س س س س تحيـــــــــل تلقين زي الرجال حقين الروايات والله أنهم ياخذون العقل هههههههههه

هنا والله لو تطقين .. يادوب الوحده تتزوج تحمد ربها .. والله يعين على الغثااا

ياه والله حشيت في رجالنا هههههه

بس يلا ماعلينا .. المهم والله طولت عليك

وراح الوقت والمذاكره تستناني يلا قلبي
أنتبهي على نفسك وأنا أختك



فأماااااااااااان الله

موـن ـــــــــــــــــــــــي.....

lamis2000
01-12-2011, 23:21
أهلين حبيبتي الغصن الوحيد والله ليك وحش إنشاء الله مطول غيبتك أنا و الحمد الله بخير بس مسؤلياتي زادت بعد الزواج و العمل والحمد الله

ايمان عيسى
03-12-2011, 10:23
السلام عليكم و ورحمة الله و بركاته
انا بتابع المنتدى من مدة طويلة جداااااااااا
و كتير كتير معجبة بالمنتدى و بكل الزميلات الموجودات بالمنتدى و الصداقة الرائعة الي تجمعكم
و بتمنى تقبلوني صديقة معكم و حابة كتير اشارك بالروايات و اساعد بتنزيلها
و على فكرة اسمي ايمان :سعادة2:

مونـــــي
04-12-2011, 07:48
السلام عليكم و ورحمة الله و بركاته
انا بتابع المنتدى من مدة طويلة جداااااااااا
و كتير كتير معجبة بالمنتدى و بكل الزميلات الموجودات بالمنتدى و الصداقة الرائعة الي تجمعكم
و بتمنى تقبلوني صديقة معكم و حابة كتير اشارك بالروايات و اساعد بتنزيلها
و على فكرة اسمي ايمان :سعادة2:



يا هلا والله ومرحبا بسميت أختي إيماااااان

حياتي الله يحيك بيننا وأعذرينا عاد هـ الفتره إختبارات والكل مشغول
بس يلا رواياتك تنعش المشروع أنشاء الله

تحياتي

الليدي كلير
06-12-2011, 20:52
[quote=جين أوستين;29701049]؟؟؟

تقصدي انك بتكتبي معي؟؟؟؟؟

اي اكيد اكتب معك حبيبتي سوري حبيبتي لاني ما قدرت رد عليكي من قبل امبارح بس كانت خطوبة اختي الكبيرة عقبال عند البنات وانشغلت وهلاء اقدرت رد عليكي
سامحيني طولت عليكي بالرد
تحياتي للجميع
_________________

الليدي كلير
06-12-2011, 20:59
حبيبتي كلير وش اخبارك وش علومكم انشالله طيبين ..

وش اخبار نايت انشالله بخير ..وش سويتوا وش صار عليكم .....يا الله من زمان عنكم اشتقت لكم كثير ..سلمي على نايت وقولي لها يا زين ايام الازرق والوردي ...
كيفك يا قمر اشتقتلك كتير حبيبتي وحوصل سلامك لنايت
وانشالله تكون بخير وصحة وسلامة
تحياتي لكي

جين أوستين
07-12-2011, 06:37
[quote=جين أوستين;29701049]؟؟؟

تقصدي انك بتكتبي معي؟؟؟؟؟

اي اكيد اكتب معك حبيبتي سوري حبيبتي لاني ما قدرت رد عليكي من قبل امبارح بس كانت خطوبة اختي الكبيرة عقبال عند البنات وانشغلت وهلاء اقدرت رد عليكي
سامحيني طولت عليكي بالرد
تحياتي للجميع
_________________

أوووه ::سعادة:: الحمد الله ما كنت غلطانة .. الآن نحن اثنين , لو انضم لنا 2 زيادة بيسير نبدأ نكتب :لقافة: ايش رأيك؟

و لا تشيلي هم بالنسبة للتأخر , أهم شيء رديتي :ضحكة:

و بالنسبة لانشغالاتك... متى بتكوني فاضية بلغيني , حتى ما أضغط عليكي ^.^

جين أوستين
07-12-2011, 06:40
السلام عليكم و ورحمة الله و بركاته
انا بتابع المنتدى من مدة طويلة جداااااااااا
و كتير كتير معجبة بالمنتدى و بكل الزميلات الموجودات بالمنتدى و الصداقة الرائعة الي تجمعكم
و بتمنى تقبلوني صديقة معكم و حابة كتير اشارك بالروايات و اساعد بتنزيلها
و على فكرة اسمي ايمان :سعادة2:

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلين حبيبتي ::سعادة::

أكيد بنسعد لوجودك معنا :ضحكة:

و بالنسبة لرغبتك في مساعدتنا في تنزيل الروايات, الآن نحن بنفكر نعمل فريق حتى نحيي المشروع من ثاني, مثل ما لاحظتِ ما بتنزل الروايات بكثرة مثل السابق :محبط:

فهل تحبي تشتركي معنا في الفريق؟ :)



_____________________


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557524&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/774776-المعجم-القصصي-للطلبات-والإستفسارات-معاً-نحو-القمة)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557522&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/900408-نُقطَة-ضَوء-ْ-!-لــ-تواصُل-مِعطَاء-بيننا-و-بينكُم-ْ-نرجو-مشاهدة-الرد-301-ص16)
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557523&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/932100-مَقر-قلعَة-القِصَص-وَالروآيات-لطلبات-آلتصَآميم-أنامل-ترسمُ-الإبدآع-3)http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1557521&stc=1&d=1319565252 (http://www.mexat.com/vb/threads/923280-همساتُ-الفجر-و-حِكاياتُ-لا-تُنسى-!-أهوَ-منزلٌ-أشباحٍ-أم-ماذا-؟)http://store2.up-00.com/Dec11/nOj93026.png (http://www.mexat.com/vb/announcement.php?f=129&a=871)

روابطٌ قد تهمٌّكَ ، اضغط على الصّورة للدّخولِ الى الرّابِطِ ! http://www.mexat.com/vb/images/smilies/biggrin.gif

الليدي كلير
07-12-2011, 18:27
في الوقت الحالي عندي ضغط بس حعمل جهدي عشان اكون عند حسن الظن انشالله

جين أوستين
10-12-2011, 13:06
^
^
ما من مشكلة حبيبتي , نقدر نتفق في وقت ثاني ::سعادة::

آآآه, أنا حالياً باكتب رواية , هل تحبوا اني انزل فصولها الآن ولا بعد ما أنتهي منها؟

+

أموني بتنزلي قصتك أول ولا أنزل حقتي؟

lamis2000
13-12-2011, 21:13
أهلين حبيباتي هل غيب إنشا الله تكون بخير ؛رواية الحصن المرصود موجود من قبل

الغصن الوحيد
16-12-2011, 07:11
والله أنتي اللي لك وحششششه نفسي أدخل كل يوم بس أش اسوي والله الإختبارات هلكتني .. ومافيه وقت أقرا روايات .. نفسي أقرا...
والله أدخل هنا وأشوف العلوم و الأخبار وأطلع

إيمان ياستي بخير ونعمه .. بس كمان زيي أختبارات وشغلات الله يعين
هي تخصصت علم نفس مادريتي !!!!
ولسى يختي ماتزوجت .. معقوله نزوجها ولانعزمكم !!!
ماااايصير ..

يلا ياقلبي الله يوفقك ويسعدك شكلك دخلتي جو مع الروايه اللي فوق والله شكلها حماس
يختي والله الروايات ذي تشبعك عاطفياً ههههههههه

لأن مس س س س س تحيـــــــــل تلقين زي الرجال حقين الروايات والله أنهم ياخذون العقل هههههههههه

هنا والله لو تطقين .. يادوب الوحده تتزوج تحمد ربها .. والله يعين على الغثااا

ياه والله حشيت في رجالنا هههههه

بس يلا ماعلينا .. المهم والله طولت عليك

وراح الوقت والمذاكره تستناني يلا قلبي
أنتبهي على نفسك وأنا أختك



فأماااااااااااان الله

موـن ـــــــــــــــــــــــي.....




صح لسانك حبيبتي موني والله ان كلامك درر درر انا اشهد انك صادقة ...رجاجلينا جدران الواح ..اوكيه انا ما عندي مشكله يصير اللي يصير بس نتخلص من السخريه والاستهزاء اللي قابلونك فيه لما تجهدين نفسك بشي ..او العصبيه الزايده والكلام اللي ما له داعي ..


على العموم الله يكون بعون الجميع على قولتك عندنا الوحدة تحمد ربها اذا اتزوجت ...و اهم شي راحة البال اكيد في الاول والاخير يا قلبو صح ..

الله يعينكم حبيبتي على الاختبارات والضغوط وبرد الصبح اللي يروع (او انتوا في جده ما عندكم برد مثل الشرقية والرياض صح موني ؟)

انشالله ربي يوفقكم ويسير اموركم ويسهل عليكم الاسئلة انتي وايمان ويرزقكم النجاح الحلو اللي يطيب القلب ..

انا اشهد انك ما تقصرين وانك راعية واجب يا بعد قلبي تسلمين ..بعد شوفي حطي في بالك لو تقعدين تتكلمين من اول الصفحه الى اخرها ما ازهق ولا اطفش من كلامك ..شكلك ما تدرين من موني !! هاانتي العزيزه الغاليه حبيبة قلبي والله وما تقصرين بالسؤال عني اذا غبت المشروع ..

الغصن الوحيد
16-12-2011, 07:17
السلام عليكم و ورحمة الله و بركاته
انا بتابع المنتدى من مدة طويلة جداااااااااا
و كتير كتير معجبة بالمنتدى و بكل الزميلات الموجودات بالمنتدى و الصداقة الرائعة الي تجمعكم
و بتمنى تقبلوني صديقة معكم و حابة كتير اشارك بالروايات و اساعد بتنزيلها
و على فكرة اسمي ايمان :سعادة2:

هلا وغلا والله بصاحبتنا ايمان ..

شرفتينا ونورتينا وحياك الله حبيبتي ..رغم اني مقصرة مع المشروع هاذي الفترة بس انشالله ارجع مثل اول ونتواصل كلنا مع بعضنا ..

انشالله تبسيطين في المشروع معنا وبينا اختنا وحبيبتنا وصديقتنا ايمان مراااااحب ...

الغصن الوحيد
16-12-2011, 07:19
هلا حبيبة قلبي لميس ..الله يسلم قلبك وانا ابسطت بشوفتك كثير ..

اخبارك انشالله امورك طيبة ..والف مبروك على الزواج ولو انه متأخر شوي ...

ساكنه القلوب
20-12-2011, 19:30
احلا سلالالالالالالالام للحلون وخاصة الى اختى الغالية غصونة والاخت جين الوردة الحمراء وحشتونى كثييييييير الف تحية لكل الاخوات الحاضرااااااات والغااااااااائبات والصغيرات والكبيرات والامهات والجدات والعراااااائس والحبلات هههههههه :dالف تحية مغلفة بجلكسي وماكتنش واغلا الحلويات بالشكولالالالالالالاتة يم يم هههههه الكم ياقلوبي حبيت اسلم عليكم ودمتم لى في قلوب قلبي سكنة

ساكنه القلوب
20-12-2011, 19:39
::سعادة::::جيد:::rolleyes:;):):d::جيد::ودمتم لي في قلبي السااااااااكن سكنة

ساكنه القلوب
20-12-2011, 19:49
:dغالياتي احبكم والف مبرووووووووك لك عروس بعريسة يارب يسعد الجميع ويرزقم من اوسع ابوابو ويحق كل احلالالالامهم صغيرة كانت اوكبيرة ويرزقم الذرية الجميع وكل العالم يارب آمين ودمتم في سعادة وافراحوليلي ملاح من اليل الى الصباااااح على الشموع والمصباح ولوووووووولي زغلوط ياجدعههههههه ودمتم لي سكنة:D:D:D::سعادة::

ساكنه القلوب
21-12-2011, 10:54
:triumphant::excitement::teapot::wink:كيف الحلوي انشاء الله تمام عموما رؤعة صور التعليقات واتمنى اكثر وصور اجمل تعبيرية والف شكر الى اعضاء المنتدى الراااااااااائع ودمتم لنا وللجميع في قلوبنا سكنة:chuncky:

جين أوستين
21-12-2011, 15:08
قطقوووووووووووووووووووووووووووطة :highly_amused: اشتقت لكِ والله

ان شاء الله رجعة طويلة و تفضلي معنا و ما تختفي فجأة يا قطتي البيضاء الحلوة :cat:

الغصن الوحيد
23-12-2011, 05:18
احلا سلالالالالالالالام للحلون وخاصة الى اختى الغالية غصونة والاخت جين الوردة الحمراء وحشتونى كثييييييير الف تحية لكل الاخوات الحاضرااااااات والغااااااااائبات والصغيرات والكبيرات والامهات والجدات والعراااااائس والحبلات هههههههه :dالف تحية مغلفة بجلكسي وماكتنش واغلا الحلويات بالشكولالالالالالالاتة يم يم هههههه الكم ياقلوبي حبيت اسلم عليكم ودمتم لى في قلوب قلبي سكنة



يا مرااااحب يا مراااحب بالحابايب بالحابايب ...يا بعد قلبي يا سوسو سلامك وصل بسرعه وبقوة على طول على قلبي يا الغالية .....

كثير كثير اشتقت والحمدلله انك بخير حبيبتي عسى ربي يوفقك ويوسع رزقه عليك اكثر واكثر يا قمر للأنك تستاهلين كل خير حبيبتي ..

الغصن الوحيد
23-12-2011, 05:25
كيفك يا قمر اشتقتلك كتير حبيبتي وحوصل سلامك لنايت
وانشالله تكون بخير وصحة وسلامة
تحياتي لكي

هلا كلير حبيبتي تسلمين يا قلبي على التحيات الحلوة ..والف مبروك يا قمر على خطبة اختك وعقباااااااااااااااااااااااااااااااااااالك يا حلوة نفرح فيك انشالله عروسه ....

الليدي كلير
24-12-2011, 06:38
هلا كلير حبيبتي تسلمين يا قلبي على التحيات الحلوة ..والف مبروك يا قمر على خطبة اختك وعقباااااااااااااااااااااااااااااااااااالك يا حلوة نفرح فيك انشالله عروسه ....

تسلمي حبيبتي انا هلاء عم اكتب رواية ما رح اعلن عن اسمها لأخلصها قاعدة في الفصل السادس منها بس اخلصها رح ابدأ بتنزيلها سلاااامي للجميع

ساكنه القلوب
25-12-2011, 19:20
:sorrow:من جد وحشتونى لان اول كنت على لاب مو بتاعي ومعد صار عندى لاب وسبحان ربي الكون يامن يملك كن فيكون رزقنى لاب صغنون هدية من بعلولي وبطلي ومع الطابعة وسماعة والماس
من جد بكيت من الثاثر كنت يأس اتواصل معاكم والحمد الله عدد ماكان ومايكون وعدد الحركات والسكون خواتى وحبيبات قلبي رجعتلكم وان شاء الله اشار وبحمااااااااس اكثر والف تحية الى جميع الاعضاء :applause:
وكل عام وانتم وجيع العالم بخير وحياة سعيدة :fat:ودمتم لي في قلبي السااااااكن سكنة:witless:

جين أوستين
26-12-2011, 08:38
تسلمي حبيبتي انا هلاء عم اكتب رواية ما رح اعلن عن اسمها لأخلصها قاعدة في الفصل السادس منها بس اخلصها رح ابدأ بتنزيلها سلاااامي للجميع

آه , الحمد الله ::سعادة::

و ان شاء الله أنا بنزل رواية بعدك :ضحكة:

و صحيح!! هذا المقال يحتوي على كل أسماء الروايات اللي نزلت في جميع المشاريع, ان شاء الله ما تكون القصة اللي بتكتبيها موجودة بينهم !!

الرابط: هنـــــــــــــــــا (http://www.mexat.com/vb/entries/3217-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9)

جين أوستين
26-12-2011, 08:40
:sorrow:من جد وحشتونى لان اول كنت على لاب مو بتاعي ومعد صار عندى لاب وسبحان ربي الكون يامن يملك كن فيكون رزقنى لاب صغنون هدية من بعلولي وبطلي ومع الطابعة وسماعة والماس
من جد بكيت من الثاثر كنت يأس اتواصل معاكم والحمد الله عدد ماكان ومايكون وعدد الحركات والسكون خواتى وحبيبات قلبي رجعتلكم وان شاء الله اشار وبحمااااااااس اكثر والف تحية الى جميع الاعضاء :applause:
وكل عام وانتم وجيع العالم بخير وحياة سعيدة :fat:ودمتم لي في قلبي السااااااكن سكنة:witless:



الحمد الله , سبحان الله ::سعادة::

ربنا هو اللي يفك ضيقتنا و يعاونا و هو الأكرم و الأرحم بنا ..

الحمد الله , نشكر الله تعالى, ان أعادك لنا , وإن شاء الله يكون معنى هذا اننا خير اصدقاء لكِ قطقوطة ::سعادة::

يوكي 111
26-12-2011, 10:58
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شو أخباركم حلوين
وحشتونييييييييييييييييي جدا" جدا"
الحمدو لله غمة ونزاحت
ورجعت لكم حبايبي
أنشاء الله اتواصل معكم مثل الاول
............جاآآآآآآآنا.............

ساكنه القلوب
26-12-2011, 16:52
:love_heart:الف شكر الك ياوردتى الحمراء كلك زوووووووق ومشاعر مرهفة ودمتى لي في قلبي سكنة:wink:

ساكنه القلوب
26-12-2011, 16:57
:fat:هلا وغلا بالقمرة يوكى نورتى ياقلبي ووحشتينى حيااااالالف تحية الك ودمتى لي في قلبي سكنة:applause::redface-new:

ساكنه القلوب
26-12-2011, 17:08
:fat::wink::witless:هلا وغلا بالليدى كيفك ياقلبي وكيف الاهل والاخوات وحشنا مررررررة وحشتنا اختك الحبوبة كمان الف تحية الك والى الجميع ودمتن في قلوب قلبي الساااااااااكن

ساكنه القلوب
26-12-2011, 17:13
:sour:خواتى الغاليا ت فين الرويات القديمة والجديدة ؟؟؟؟؟؟؟:jaded::indecisiveness:اتمنى يحمس المنتدى زى اول واكثروتقبلو مرروري ودمتم في قلبي سكنة

يوكي 111
26-12-2011, 19:39
:fat:هلا وغلا بالقمرة يوكى نورتى ياقلبي ووحشتينى حيااااالالف تحية الك ودمتى لي في قلبي سكنة:applause::redface-new:

تسلميلي يا الغلا :loyal:

وأنتي أكثر يا سكرتي :soap:

مليون ألف تحية أليك :welcoming:

يوكي 111
27-12-2011, 15:55
غاليتي وروح قلبي وعيني
غصونة

وحشانييي كتيييييييييربعدد حبات الرمل وعدد نجوم السما

>>>> عديهم على مهلك ....ههههههههههه :ضحكة:

كيفك يا قمر الحمدو لله تمام :sneakiness:

الصراحة كنت متابعة المشروع على طول لكن للأسف والحمدو لله :subdued:

كنت تعبانة لدرجة لا أستطيع الكتابة :tears_of_joy:

والحمدو لله أنا احسن من الاول بكثير فضل ونعمة من الله:angel:

تسلمي يا قمر على سؤالك عليا :star:

ربي يسلمك من كل سوء :cool-new:
لكي حبي :love_heart: :love_heart:


:strawberry:......جاآآآآنا......:strawberry:

يوكي 111
27-12-2011, 16:19
جين يا قمر

تسلميلي يا عيوني على الاهتمام والمتابعة المميزة :encouragement:

http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/semi-twins.png لكي كل الشكر:semi-twins:

http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/star.png بصراحة أنتي النجوم المضيئة لهذا المشروع :star: :star:

http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/star.png وماشاء الله متألقة دائما"http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/star.png

http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/angel.png ومتميزةووقائدة رائعة في الفريق حقك :angel:

على فكرة بدأت اتابع بعد المانجا

ومنتظرة قسم الانيمي عندكم:cool:

http://www.mexat.com/vb/images/smilies/2012/victorious.png لكي امنياتي بالتوفيق دائما :victorious:

:love_heart: مع حبي :love_heart:

الليدي كلير
29-12-2011, 12:23
آه , الحمد الله ::سعادة::

و ان شاء الله أنا بنزل رواية بعدك :ضحكة:

و صحيح!! هذا المقال يحتوي على كل أسماء الروايات اللي نزلت في جميع المشاريع, ان شاء الله ما تكون القصة اللي بتكتبيها موجودة بينهم !!

الرابط: هنـــــــــــــــــا (http://www.mexat.com/vb/entries/3217-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9)

لا مش موجودة من قبل :)

ايمان عيسى
30-12-2011, 19:24
مرحبا للجميع شكرا كتير للترحيب و قبولي بينكم في المشروع
و عزيزتي جين اكيد معك بالفريق و يا ريت اكون عند حسن ظن الجميع
تحياتي

مونـــــي
31-12-2011, 21:13
سلااااااااااااااااااااااااامنقوووووووووو


يااااااااااااااااااااااااه والله وحشتوني حيييييل يابنات الأجاويد .. أخباركم وعلومكم وش مسوين بدنياكم

الله الله الله كأني سمعت أنو فيه عروسه هنا أو شي هيك .. هااا !!!

مبروك للعروسه أظن أخت الليدي كلير صح .؟ زواجت الدهر أنشاء الله وعقبالك ليدي
وعاد أعزمينا في الزواج ها ..؟؟
مو تنسين !!



المهم حبيباتي والله كلكم لكم وحشه غصووووووونتي والله أنك أخت دنيا ياشيخه ياليتك كنتي تدرسين معي بس !!
أحس تفكيرك مثلي والله ..
ووين صبا معاد لها حس وربي لها وحشه حتى في المسن ماكنت أشوفها والحين إيميلي أنسرق والله أنقهرت عاد البنات كانو مرسلين عليه ملخصات وشغلات عشان الأختبارات وانسسسسسسسسرق الله لا يوفقهم

بس أبشركم خلصت أختبارات الحمد لله خلصت قبل أمس ومبسسووووووطه ونفسي أتمشى وأسير وأستهبل بعد بس أيمو بدت إختبارااتها اليوم
قهر ... المهم على طاري إيمو تقول لكم مين عندها


بلاك بيري


تبغى تضيفكم وياحلوين البدها إيمو تضيفها ترسلي على الخاص ها
وانا والله ماعندي بلاك .. أيفون
المهم ,,
من اليوم ورايح أنا فـ وجيهكم على طوووووول

يلا قلووووبي مع السلامه

مونـــــي
02-01-2012, 20:18
سلام .... ياهو ياناس يوميييين محد دخل مشروعنا العزيز ..

ليه ... عسى ماشر ..

مافيه روايات شي .. ترى خلصت أختبارات ياهو حسسوني أن الدنيا فله ..


يلا من طول الغيبات جاب الغنايم

نستنى الغنايم ترى

يوكي 111
03-01-2012, 09:54
سلام .... ياهو ياناس يوميييين محد دخل مشروعنا العزيز ..

ليه ... عسى ماشر ..

مافيه روايات شي .. ترى خلصت أختبارات ياهو حسسوني أن الدنيا فله ..


يلا من طول الغيبات جاب الغنايم

نستنى الغنايم ترى




هلا بلقمرة موني

شوأخبارك مبارك على أنتهاء الاختبارت

أنا عندي أولادي بيدخلو اولأختبار 1/8

ربنا يعنا

فعلن المشروع نايم عن جد الواحد طفشان

حتى جين الي على طول بتكون في المشروع مش موجودة أظاهر

مشغولة وأن حدا حسدها هههههههههههه

وايمان شو اخبارها ربنا ييسر لها الامتحنات وربنا المعين

يلا أروح أنا كمان اذاكر يوه أصدي أذاكر لأولادي

مع حبي

....................جاآآآآآآآآآآآآنا.............. ............

lamis2000
03-01-2012, 18:08
اهلين صباي مشروع نايم لو عيزين انزل رواية بس عيز اعرف رواية نزل و لا في المشروع المفاجأة المذهل، خطوات نحو اللهب ،بأنتِ لي.

يوكي 111
03-01-2012, 18:35
اهلين صباي مشروع نايم لو عيزين انزل رواية بس عيز اعرف رواية نزل و لا في المشروع المفاجأة المذهل، خطوات نحو اللهب ،بأنتِ لي.

أهلين بالحلوة لميس

شو أخبارك وعلومك ياقمر

فعلا" المشروع نايم جدا" بالنسبة للرواية وأنو موجودة أو لا

فاالغالية جين كتبت قائمة بالروايات الموجودة هنا

بالمشروع وبكدا تشوفبها وتتأكدي تمام

والرابط هنا (http://www.mexat.com/vb/entries/3217-%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9)

وأي خدمة يا قمر
مع حبي

نسمة عطر
05-01-2012, 01:14
:love_heart::love_heart::love_heart::love_heart::l ove_heart::love_heart::love_heart:
:love_heart::love_heart::love_heart::love_heart::l ove_heart::love_heart:
:love_heart::love_heart::love_heart::love_heart::l ove_heart:
:love_heart::love_heart::love_heart::love_heart:
:love_heart::love_heart::love_heart:
:love_heart::love_heart:
:love_heart:

يوكي 111
05-01-2012, 08:53
يا الله
نسمة والله عن جد وحشتيني كتببببببببببببببببببببر
فينك يا شيخة
ولا حس ولاخبرو الله الواحد كان قلق عليك
الحمدو الله على سلمتك يا سكر
والله اسعدني كتير شوفتك
تحياتي الحارة لكي
مع حبي

lamis2000
06-01-2012, 15:48
لمفاجأة المذهلة : دائما قساة ؟ سؤال حير سوزان
غريتجر طويلا خاصة بعد ان حملتها الأقدار لقمة سانغة لترميها بين فكي ميريك فيندلي الرجل الطاغية منذ رأته لأول مرة شكت في أمره ،وتأكدت بانه مجرد لص وداهية استولى على أملاك والدها الشاسعة بأسليب ملتوية ؛ وهاهو باكذيبه و ألاعبه يحاوللالإستلاءعليها كجزء من الثروة التي يحلم بها . ولكن لا . سوزان لن تدع هذا الرجل يرتاح ، لن يغمض لها جفن ما دامت هي على قيد الحياة يجب ان تحاربه بكل اسلحتها يجب ان تفضح حقيقته
امام والدها الذي وثق به و سلمه مفاتيح حياته لن ترضخ لاوامره ،لن تستمع لنصائحه لن تصدق اقواله ستظظل وراه تتحين الفرصة المناسبة لتنقض عليه و تكشف جميع اوراقه انه واجبها كإبنة وحيدة لرجل عجوز نهكه المرض وجاء آليوم الموعود واقتربت الحظة الحاسمة . ونكشفت جميع الأوراق امستورة .وكانت المفاجأة. لاو حبين ممكن نزلها.

مونـــــي
09-01-2012, 01:41
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



كيف الصبايا الحلوين ... واحشيني واحشيني واحشيني موووووووووووووت


يلااااااااااااااااااا أفرحو أنبسطو خلصت روايتي اللي مو راضيه تخلص ...


توي دوبي الحين الحين خلصتها ... أول ماقفلتها دخلت .. أنشاء الله اليوم بالليل أنزلها لكم يا أحلى بنــ نيت


طيب !! بس إذا لقيتوا أخطاء إملائيه وكذا .. لاتعلمون أحد ها !! مو تفضحون فينا ألحين !!!!!


المهم أنا ظهري بينكسر من الساعه 12 وأنا أكتب .. لأني قررت أخلصها اليوم .. شفتوا كيف الهمه والعزيمه !!


بس أدعولي أنو تنزلي حافز هههههههههههههههه والله كلااااااااام لو ينزلي .. صديقاتي فالينها وانا ماطلع أسمي قهرررر بس يلا ماعليه


هيا كلكم تجمعو الساعة 12 بأنزلها ها .؟؟ ترى ثاني روايه أنزلها بحيااااااتي .. أبغى تفاعل .. وياااااااويلكم لو أدخل فالليل وما ألقى أحد راد على كلامي


يلا نتقابل اليوم أنشاء الله ههههههههههه



دعواااااااااااااتــــــــــــــــي للجميــــــــــــــــــــع ...

يوكي 111
09-01-2012, 06:01
ههههههههههههههههه
لولولولولوي
ألف ألف ألف ألف مبروك يا قلبي
على اللرواية تبعك
أخير ا"
اكيد طبعا" هنستناكي يا قمر
منتظرين رواية رائعة مثلك ياسكر
ومتجهديش نفسك موني صحتك أهم يا قلبي
الى الملتقى
مع حبي

مونـــــي
09-01-2012, 21:13
ههههههههههههههههه
لولولولولوي
ألف ألف ألف ألف مبروك يا قلبي
على اللرواية تبعك
أخير ا"
اكيد طبعا" هنستناكي يا قمر
منتظرين رواية رائعة مثلك ياسكر
ومتجهديش نفسك موني صحتك أهم يا قلبي
الى الملتقى
مع حبي






ياقلبي يا يوكـــــــــــــــــي

والله أنتي الوحيده اللي عبرتيني تسلميلي ياقلبي هيا أستعدي

مونـــــي
09-01-2012, 21:17
انتِ الثمن . . .
هيلين بيانشين. . .


الملخص . .
- لكل شيء ثمن , الا توافقيني الرأي ؟
- مالذي تريده ؟
- اريد طفلاً من صلبي مكنني ان اورثه ثروتي , ومن احسن لذالك من سليلة " آلبوا " ؟
- هل انت مجنون ؟
إنها الإتفاقيه التي عرضها ريف فالديز على دانييل التي وصلت أحوالها الماديه إلى العدم .
وتكاد تطرد هي ووالدتها من شقتهما , فإما ان تقبل بهذا الزواج
وإما ان تعني مرارة الفقر والعوز .
اربع وعشرون ساعة من الجحيم هي المهلة التي حددها لها لتعطيه قرارها.
فإما ان تربح كل شيء او تخسر كل شيء .
فهل سترضى بهذه المذلة ام ستواجهه بطبعها الشرس المعتاد

مونـــــــــــــ moni ــــــــــــــــي

مونـــــي
09-01-2012, 21:18
مونـــــــــــــ moni ــــــــــــــــي

1- موعد مع الشيطان

ما الذي على المرأه ان تلبسه للذهاب مع الشيطان ؟
القت دانييل عيناً خبيره على ملابسها في الخزانة , وقررت شيئاً بعد تفكير , ومن ثم اخذت ترتدي ملابسها بعناية .
إنها تقيم مع امها في جناح يقع في ضاحية برايتون الراقيه في مالبورن , كان فسيحاً مصغره عن حياة الطبقه الراقية الثرية .
لكن العيش برخاء لن يدوم طيلاً . وهذا مسجل على الجدار حيث اللوحات الثمينة قد بيعت , وحيث احتلت قطع الأثاث المستعملة مكان الأثاث الأثري الذي لايقدر بثمن . المجوهرات رهنت ثم بيعت بالمزاد العلني , سيارة " سيدان " احتلت مكان السيارة "البنتلي" الحديثه الطراز ,والدائنون ينتظرون لحضه اعلان الإفلاس رسمياً , لكي ينقضوا مثل اسماك القرش , فيعرضوا الشقة التي انتهت مدة رهنها في المزاد العلني . بطاقات الدائنون لدى أمها وصلت إلى السقف منذ زمنٍ طويل , ومتجر الألبسة النسائية الداخلية الذي كانت شريكة فيه مع امها "آريين" على وشك الإفلاس . . . اعترفت دانييل بهذا وهي تضع في أذنيها قرطين ماسيين متوارثين في الأسره كانا يوماً ما , لجدة ابيها , وهما الحليتان الوحيدتان اللتان احتفظت دانييل بهما .
بعد اقل من أسبوع , عليهما ان تخرجا من بيتهما , حاملتين معهما ماستسمح به المحكمه من امتعتهما الشخصيه وسيكون عليهما البحث عن منزل متوسط الجودة تستأجرانه قرب المتجر , وبعد ذالك لابد لهما من البحث عن عمل .
إنها في السابعة والعشرين وهي فقيره جداً . . . فكرت وهي تتناول حقيبة يدها المسائيه وتتوجه نحو المصعد ان هذا شعور غير حسن ابداً .
مضت سنة تقريباً على آخر مره استضافتا فيها أصدقاء في منزلهما ,والمناسبات الإجتماعية قد تقلصت إلى بعض الدعوات المجانية من أصدقاء قلائل بقوا على ولائهم لأرملة رجل محترم ذي قرابة بالأسره الأسبانيه الحاكمة .
واجتماع هذا المساء كان آخر التماس منها للرحمة من الرجل المالك للمبنى الذي يحتوي على شقتهما , ولجميع المتاجر التي تحتوي متجرهما , اما بقية املاكه وعقاراتة , فهذا غير مهم .
ريف فالديز شخص حديث نعمة بحسب السلم الأجتماعي , بهذا اخذت دانييل تفكر عندما وصلت إلى موقف السيارات في قبو المبنى , فهو قد جمع ثروه قذرة تقريباً , كما تقول الأشاعات غير الدقيقة .
انه في اواخر الثلاثينيات من عمره , وقد عُرف انه سخي اليد عندما يتعلق الأمر بالأعمال الخيرية وان لسانه لاذع وغضبه سريع وانه يستعمل عطاءه للخير لكي يكون مدخلاً له إلى الطبقه الغنية والشهيرة في المجتمع .
هذه الطبقة من المجتمع التي لم تعد في متناول دانييل وآريين .
ومع ذالك , لم تستطع إلا ان تلاحظ وجوده , ذلك ان صورته تزيين احياناً صفحات الصحف المحلية التي تتضمن اخبار دنيا الأعمال والأخبار الإجتماعية , وفي كل مره تظهر على الصفحات فتاة رائعة الجمال وقد تعلقت في ذراعه , او سيدة ذات مقام اجتماعي رفيع متلهفة إلى تغطية صحفية , او اية امرأه جذابه تناضل للحصول على انتباهه .
لقد قابلتة دانييل مرة , منذ عام تقريباً , اثناء وليمة عشاء اقامتها صديقة مزعومة ولم تكرر الدعوه بعد ان عرفت بوضع آريين المالي .
حينذاك القت عليه نظره واحدة اقتصرت بعدها على ابتسامه خفيفه وحديث اجتماعي مؤدب , لاجئه الى غريزه حفظ الذات التي تدربت عليها في وقت مضى , لأن التعامل مع رجل من نوع ريف فانديز هو اشبه بالرقص مع الشيطان .
انما الآن ليس لديها خيار . لقد استغرق منها ترتيب موعد معه اسابيع , والحقيقة انه هو الذي الحّ على ان يجتمعا إلى مائدة عشاء .
المطعم الذي ذكره لها يقع في قلب المدينة في شارع ضيق يحتوي على اكثر من خمسة متاجر تحتوي على مطاعم , ولم ترى اية موقف للسيارات , فدارت حول المبنى آمله ان تجد مكاناً شاغراً .
النتيجه انها تأخرت مدة عشر دقائق وهي مدة يصفع عنها اي شخص الا ريف فانديز .
رأته على الفور متكأ على مقصف صغير نصف دائري , وما ان ذكرت اسمها للنادل , حتى انتصب واقفاً وتقدم نحوها .
كان طويلاً اسمر خطر , فقد ورث تكوينه العظمي من أجداده الأندلسيين , اشتبكت بعينيها عينان بسواد الخطيئة . . كهربائيتان مغناطيسيتان .
ارتجف قلبها لا إرادياً ثم تسارعت دقات قلبها , كان فيه شيء استنفرت له كل دفاعتها . . . .
- ارجو ان لا تكون قد انتظرتني طويلاً .
ارتفع حاجبه الأسود قليلاً :"هل المفروض ان يكون هذا اعتذاراً ؟"
جاء صوته عميقاً بطيئاً , فيه لكنه امريكيه خفيفة ممزوجه بوحشيه مكبوته فيه توارث خلف مظهر زائف من التكلف والصقل . . .قسوه بدائيه اثبتت مصداقية الأشاعة التي تقول إنه امضى فترة فتوته في شوارع شيكاغو الخلفية حيث البقاء للأقوى .
بادلته النظر دون أن يرف لها جفن :" نعم وإذا شئت تفسيراً لهاذا , فهو ان توقيف السيارة كان صعباً للغاية "
- كان بإمكانك ان تستقلي تاكسي .
_ لا , لا استطيع .
ذالك ان ميزانيتها لم تكن تفسح مجالاً لأجره تاكسي , وامرأه بمفردها لاتحب أستعمال المواصلات العامه ليلاً .
رفع بيده يشير إلى النادل الذي قادهما إلى مائدتهما ثم أستدعى النادل بفرقعه من أصبعيه .
رفضت دانييل الحلوى , وطلبت مقبلات خفيفة .
- انت تعلم سبب طلبي لهذا الإجتماع ؟
تأملها بعناية , ناظراً إلى الكبرياء والشاعة . .
- لماذا لا تستريحين قليلاً وتستمتعين بالطعام والحديث قبل ان نتحدث عن العمل ؟

مونـــــي
09-01-2012, 21:19
- السبب الوحيد الذي يجعلني اتحدث إليك هو العمل .
فقال بأبتسامة باهتة خالية من الهزل :" وكبريائي ليست هشة "
- اشك ان فيك شيئاً هشاً .
كان كالصوان فهو ذو قلب صخري . فهل هناك امل لديها في إقناعة في عدم الإستئثار بالمرهون لديه ؟ ومع ذالك عليها أن تحاول .
-الصدق هو ميزه تدعو للإعجاب .
احضر النادل المقبلات فتناولت بضع لقيمات دون شهية .. كل ما أرادته في هذه اللحضات هو اجتياز الساعة التالية .. او الساعتين .
وعندما تغادر المطعم تكون قد عرفت الجواب وادركت المصير المحتوم لها ولأمها .
كانت واثقه من أن الطعام لذيذ , ولكن يبدو ان حاسه الذوق لديها مضربة عن العمل , وعندما جاء الطعام الرئيسي أخذت تعبث به بالشوكه ولم تكد تأكل منه إلا قليلاً , كما أخذت ترتشف المياه المعدنيه المتألقه .
اما هو فأكل بأستمتاع واضح , فكرت دانييل بأنه يبدو رجلاً مميزاً بين الرجال , مرتدياً ملابس أنيقة التفصيل . قميصه الأزرق الداكن من أجود انواع القطن , وربطة عنقه من الحرير الخالص , وساعة معصمه غالية الثمن .
ولكن أي رجل هو خلف هذه الثياب الفاخرة ؟ إنه معروف في مجال الأعمال بالقسوة , وقوته التي لا تعرف الشفقه أحياناً , اتراه يكون صلباً غير مرن عندما تنطق بألتماسها .
تحكمت دانييل بأعصابها حتى انها النادل إخلاء المائدة قبل أن تنطق بالكلمات التي استظهرتها جيداً :" هل تتكرم علينا بتمديد المهلة "
-لأي سبب؟
سيرفض ! وتقلصت معدتها بألم محسوس :" بإكان أمي ان تدير عمل المتجر وحدها وانا سأعمل عند شخص آخر "
- براتب لا يكاد يكفي معيشتك من أسبوع لأسبوع ؟
واستند إلى الخلف "هذا ليس عرضاً معقولاً"
إن الدين الذي عليهما يعادل ثروة وهي لا تأمل أبداً ان تسدد يوماً . وتقابلت أعينهما :" هل يرضيك أن تراني أتسول ؟ "
رفع حاجبه :" هل هذا ماتفعلينة ؟"
نهضت دانييل واقفه ومدت يدها إلى حقيبة يدها :" كانت هذه الليلة غلطة "
وأستدارت لتغادر وإذا به يقبض على معصمها بشده .
- اجلسي .
- لماذا ؟ لكي تستمر بالنظر إلى خجلي وإرتباكي ؟
واحمر وجهها خجلاً بينما تجلى الغظب في عينيها البنيتين .
- شكراً , ولكن لا , شكراً .
استمر يضغط معصمها فأتسعت عينيها ألماً, فعاد يقول برقة بالغه :" اجلسي نحن لم ننته بعد "
نظرت إلى كأسها المليء بالماء, وفي لحضه جنونية فكرت أن تقذفة في وجهه .
-اياك .
كان تحذيراً ناعما ًيبطن التهديد .
-دع معصمي .
-عندما تعودين إلى مقعدك .
كانت معركه بين إرادتين , ولم تشأ ان تتنازل لولا نظراته المسيطره التي انذرتها بأنها ابداً لا سمكن ان تنتصر عليه . وبعد عدة ثوان متوتره , عادت تجلس في مقعدها وهي تدعك معصمها دون وعي .
وتملكتها رعشه خفيفة وهي ترى السهوله التي جعل بها عضامها الهشه تفرقع .
-ماذا تريد ؟
انطلقت هذه الكلمات من فمها قبل ان تستطيع منعها .
رفع ريف كوب الكولا وارتشف منه رشفة , ثم عاد ووضعه على المائدة وهو يتأملها :" دعينا أولاً نتباحث في ما تريدينه ؟"
شعرت بالخشيه والحذر .
-تتمنين قائمة تحتوي على فك رهن الشقة , وأسترجاع مقتنيات الأسره الأثرية , والمجوهرات وسداد كافة الديون . وتتمنين أن ينتقل متجر أمك إلى شارع "توراك رود" بعقد إيجار جديد ومريح .
كان مستحيلاً ان تخمن دوافعه بل لم تحاول ذالك فقالت ببطء:" هذا يساوي مبلغاً معتبراً "
- مليون ونصف مليون دولار , اكثر او اقل بعدة ألاف .
فقالت متحكمه في غضبها:" ماالذي كنت تفعل ؟ تقوم بعملية جرد ووضع قائمة بكل ذالك ؟"
- نعم .
انقبضت يداها حتى بان بياض مفاصل سلاميات أصابعها :"ماذا؟"
- اتريدين ان اقول كل شيء ؟
هل جلس مشرفاً على حياتها ينظر إلى امها وهي تبيع كل مقتنياتها , واحد بعد الآخر ؟ ولكن لماذا؟
- لقد اوكلت إلى شخص بأن يشتري كل ماتضطران إلى بيعه .
اي نوع من الرجال هو هذا الرجل؟ إنه رجل مستعد لأي عمل لكي يصل إلى هدفه .
وسرت في جسدها قشعريره بارده . واخذت تتأمل ملامحة ,شاعره بأعصابها على شفا الأنهيار :" لماذا ؟"
لم تطرف عيناه, والتوت شفتاه قليلاً بشبه أبتسامه لاهزل فيها :" ربما هي نزوه طارئة "
رجل مثل ريف فانديز لا يبني حياته باتباع نزوات طارئه .
لمعت عيناها غضباً :" أرجو منك الا تهين ذكائي "
رفع كوبه يرشف منه رشفه , ثم أخذ يديره في يده , متأملاً محتوياته لعدة ثوان قبل ان يرفع بصره ليشتبك ببصرها :" انت تثيرين أهتمامي "
اهتز شيء في أعماقها فتجاوب معه جهازها العصبي بسرعه مخيفة . الفتاة الحمقاء أو الساذجة هي من تخطئ فهم ما يعنيه , وهي لم تكن اياً منهما .
الكبرياء والشجاعة جعلتاها تسأله بهدوء وسخرية مهذبة :" لا أرى سبباً لأختيارك لي من بين كل نساء المدينه المناسبات . . ."
أحضر النادل القهوه باسماً, وعنجما شعر بتوتر الجوّ بينهما, انسحب بسرعة مهذبة .
وكبحت دانييل رغبة تدفعها للقيام بالمثل , ولم يبقيها في مقعدها إلا علمها بأن ريف سيمنعها .
قال وعيناه في عينيها :" ابي , وجدي قبله , كانا يعملان في كروم أسرة " آلبوا " وكانا يعتبران خدمة مثل هؤلاء الملاكين الأثرياء شرفاً لهما , ألا ترين معي أن من سخرية الأقدار ان يملك ابن فلاح مهاجر القوه على ان ينقذ حفيدة المحترم جواكين آلبوا ؟"
شعرت بقبضة بارده تعتصر قلبها :" هل هي مسألة انتقام ؟"
ابتسم ولكن دون حراره :" كنت فقط أشرح تسلسل الأمور "
أخذت تنظر إليه وهو يضع السكر في قوته السوداء ثم يرفع الفنجان إلى فمه برشفه مدروسه . أخترق عينيها بنظراته , وفي وجهه غموض :" لكل شيء ثمن ألا توافقيني الرأي ؟"
لمذا يتملكها شعور بأن هذه أسوأ انواع المناورات ؟ ومع هذا أضطرت أن تسأله :" ما الذي تريده ؟ "
- اريد طفلاً من صلبي يمكنني أن أورثه ثروتي . طفلاً يولد في إيطار الزواج , ومن أحسن لذالك من سليلة آلبوا؟
أخذ يراقب ملامحها فرأى الإستيعات , ثم الشك , ثم الغضب . وسألته بصوت لم تستطع هي نفسها تمييزه :" هل أنت مجنون ؟ هناك الكثير من الأطفال الفقراء في العالم لماذا لا تتبنى واحداً منهم ؟"
- لا .
نظرت إليه بتشكك , فقال :" إنها مسأله حاجة متبادلة بيني وبينك "
- إلى جهنم بهذه الحاجة !
ضاقت عيناه , وبدا على ملامحه حقد مخيف :" هذه هي الإتفاقيه أما ان تقبليها وإما ان تتركيها "
قالت متوتره :" دعني أفهم الأمر جيداً . أنت تريد ان تتزوجني على ان اكون أماً بديلة لأبنك لفتره , ثم أذهب ؟"
- نعم , إلى ان يصبح الطفل في سن الدراسة .
أرادت أن تظربه وأوشكت على ذالك :" هل تعني مستوى رياض الأطفال أو المستوى المدرسي ؟ "
ضاقت عيناه قليلاً :" المدرسي "
- سبع سنوات تقريباً , هذا إذا كنت محضوضة وحملت على الفور ؟
- نعم .
- وهذا يعني أن مكافأتي ستكون مئتي ألف دولار تقريباً كل عام ؟ وهي تُدفع لي مقابل فك رهن الشقة , ودفع الديون , وإصلاح كل مقتنيات أمي الثمينة ثم إعادة استقرار المتجر في مكان جديد ؟
- نعم .
- وماذا عن السنوات التي أمضيها بصفتي زوجتك ؟
- في بيتي , ستتمتعين بكل الفوائد الإضافيه التي تعود عليك من العيش فيه , والتصرف كمضيفتي الاجتماعيه وعلاوة على ذالك مشاركتي السرير وهي علاوة سخيه .
أرغمت نفسها على تأمل ملامحه :" عفواً , لكنني لاأعتبر أي علاقه معك مكافأه "
لم تتغير ملامحه وقال بنبره من الهزل :" هذا كلام أحمق من أمرأه لا تعرفني كعاشق "
تعلّقت عيناها بعينيه :"أحقاً؟ هل تلقيت علمك هذا من التمثيل الأنثوي ومن مدحك بكلمات لاتحصى مثل ( كنت رائعاً عزيزي )؟"
- اتطلبين تزكيه بالنسبة لطاقاتي ؟
لماذا تشعر بأنها تنتقل بأسرع مما تتحمله ؟
- وعندما أتمم هذا المشروع الجهنمي الذي تقترحه . . ماذا سيحدث ؟
- اوضحي .
- أعني بعد الطلاق .
- ذالك شيء يبقى للمفاوضه .
- أريد كل الحقائق الآن . هل سيكون لي الحق في ان أرى طفلي ؟ أم ستقذف بي جانباً بعد أنتهاء الموعد بيننا ؟
- سيكون حينذاك بيننا ترتيب مناسب .
- مناسب بأي شكل ؟
- ليس في نيتي أن اقصيك عن حياة ولدك .
- لكنك بقوة القانون ستقصر ذالك على أوقات محدودة في الإجازات وفي العطلات الأسبوعيه .
إنه يستخدم أفضل العقول القانونية في البلاد لكي يضمن نفوذه المطلق على ابنه .
-من الطبيعي أن تضمن أتفاقيه قبل الزواج أبتعادي عن ولدي بعد الطلاق وأنا بلا شيء .
-بل ستكونين مستقره في منزل مناسب , وسأدعمك بعطاء سخي حتى يبلغ الطفل سن الرشد .
- اتصور انك مستعد لوضع كل هذا كتابه .

مونـــــي
09-01-2012, 21:20
- سبق ان قمت بذالك .
وسحب من جيبه سمتنداً مطوياً وضعه أمامها :" إنه موثّق من كاتب العدل . خذيه معك وأدرسيه بعنايه وأعطيني جوابك خلال أربع وعشرين ساعه "
إنه لمن غير المعقول أنها بقيت جالسه هنا .
-ماتطلبه هو مستحيل.
- وضعك لا يسمح لك بأن تساوميني .
- هل تهددني بأن تسحب عرضك ؟
- كلماتك هي المهدده وليست كلماتي . هذه الإتفاقيه عمل لا أكثر ولا أقل . لقد عرضت عليك الشروط , وأنت من عليه الرضا أو الرفض .
هل هو دون قلب ؟ وشعرت بالغثيان وهي تنهض واقفه وتتناول حقيبه يدهاا . إن بقيت فتره أطول في صحبته فقد تقول شيئاً تندم عليه فيما بعد . ثم قالت بأدب ينقصه الإخلاص :" شكراً على العشاء "
رفع ريف يده لينادي النادل, ثم قال لها :" سأرافقك إلى سيارتك "
أجابت بجفاء :" هذا غير ضروري أبداً "
ثم شرعت في السير نحو المدخل . أومأت للنادل ثم خرجت إلى الرصيف , وما أن سارت عدة خطوات حتى رأت رجلاً طويلاً يسير بجانبها .
قال ريف ببطء مراقباً أضواء الشارع على ملامحها :" هل أنت مستعجلة للهرب إلى هذا الحد؟"
لم تجب . وصلت إلى الزاويه وانعطفت حولها ثم أسرعت بالسير بقدر مايسمح به كعبا حذائيها الرقيقين .
مسافه قصيره وتتخلص منه , وسرعان ما بدت لها سيارتها .
-تصبح على خير .
لكنه تجاهل طردها الواضح له , ورافقها حتى سيارتها " السيدان " الصغيره , ثم وقف ينتظر ريثما جلست خلف المقود .
فتحت المحرك ومالت لتقفل الباب ولكنه أبقاه مفتوحاً ومال نحوها :" أربع وعشرون ساعه يادانييل, فكري جيداً , ستربحين كل شيء أو تخسرين كل شيء."
ثم تراجع إلى الخلف فأنطلقت بسيارتها . تباً له من يظن نفسه ؟ خاطبها صوت في اعماقها : لاتجيبي عن هذا السؤال .
إنه زواج لمصلحة متبادله بين الطرفين ليست مستحيلة هذا العصر وهذه الأيام .
لمسأله هي ما إذا كانت قادره على الدخول في إتفاقيه كهذه , مع شخص أظهرت كرهاً له .
طفل وأنقبض قلبها لفكره الأم البديلة . لقد أعطى ريف فالديز كلمته بأنه سيكون لها دور فعّال في حياة الطفل بعد الطلاق . أتراها تدفع ثمناً غالياً ؟
وقررت دانييل أن عليها أولاً ان تطلب من محامٍ مراجعة اتفاقية ريف المكتوبة , ثم تضع قرارها .

مونـــــــــــــ moni ـــــــــــــــــــــي
---------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:20
2- امرأة في قفص
بعد ذالك بأيام . وقفت دانييل بجانب ريف فالديز في حدائق منزله " توراك " الرائع وهما يتبادلان عهود الزواج أمام موظف مكتب زواج وحضور أمها "آريين" ومحامي ريف كشاهدين .
مرّ الأسبوع الماضي بشكل ضبابي , وكان كل يوم فيه محموماً مقلقاً من أكثر من اليوم السابق وظلّ الحال كذالك إلى أن وقعت المستندات القانونية وأنتظمت أمور آريين ولم يبقى سوى الزفاف نفسه .
حالما يوقعان على وثيقة الزواج , سيكون على ريف فالديز أن يوقع إقراراُ بدفع كل ديون آريين وإستعادة وقتنياتها التي سبق أن باعتها .
الثراء موازٍ للنفوذ , وهو أستغل هذا دون رحمه لكي يحصل على مايريده .
مدت دانييل له يدها ليضع الخاتم في أصبعها . وأهتزت يدها قليلاً وهي تبادله هذا التقليد .
- عليك أن تقبل العروس .
سمعت هذه الكلمات , فتملكها الذعر لحضه خاصه عندما أحاط هذا الرجل الواقف بجانبها , وجهها بين يديه وقبلها بطريقة حركت شيئاً في أعماقها .
جعلت المفاجأه عيناها تتسعان قبل أن تسدل أهدابها بسرعه مرغمه نفسها على الإبتسام وهي تتقبل التهاني من أمها ومحامي ريف .
كان عناق آريين مفعماً بحنان الأمومه . كل الكلمات التي قبلت زادت من إقناع ام دانييل , لأن دانييل بذلت جهداً لقنع أمها بأن قرارها الزواج بريف فالديز لم يكن قراراً جنونياً ولد دون سبب !
لكنها الآن , على كل حال , لم تكن بالغه الثقه بالنجاح .
لقد تجنبت الإفلاس , وأمحى الدين الكبير , وأسترجعت مقتنيات العائله الثمينه . وهو ثمن عليها أن تباشر بدفعة .
إنها تعرف هذا الرجل الواقف بجانبهاا , ومع ذالك , وقبل أن ينتهي الليل , ستشاركه السرير .
أفقدها هذا الشعور توازنها النفسي واوشك أن يدمرها . رأته مره واحده في الأسبوع الماضي .وكان ذالك في مكتب محاميه عندما وقّعت على اوراق الإتفاقية . وأتصل بها مرة أيضاً يخبرها عن موعد ووقت الزفاف .
وهذا الصباح نقلت ملابسها وكل ممتلكاتها الشخصيه إلى بيته , ومنذ أقل من ساعة دخلت بسيارتها السيدان الصغيره من البوابه العالية التي تحرس بيته الأنيق , ثم دخلت إلى ردهه فسيحة , وآريين بجانبها , إلى حيث أستقبلهما ريف وعرّفهما بمديرة منزله "ايلينا" ومن ثم صعدتا إلى الجناح الأنيق في الطابق الأول .
كانت تلبس طقماً كلاسيكياً أنيق من الحرير العاجي اللون ,أما الشيء الوحيد الذي اشار إلى أنها عروس فهو وردة عاجية اللون حملتها بيدها . كان شعرها مكوماً على قمة رأسها , وكانت زينة وجهها خفيفة للغاية .
أما ريف فقد أختار زياً رسمياً , فألقت عليه نظره واحده لاحظت بها تفاصيل بذلته وقميصه الأبيض المنشى . في تلك اللحظة كبحت حافزاً فورياً يحثها على الهرب , بدا أشبه بقاطع طريق كسول . ذي قوه لا تقهر , لطّف من مظهره قامة طويلة وكتفان عريضتان .
سلّم الرجل الذي عقد الزواج ريف وثيقة الزواج , مقدماً تهانيه المعتادة ثم غادر المكان .
ثم أحتفلوا بذالك وقُدمت العصائر ولكن دانييل تذكرت انها لم تأكل سوى شريحة خبز وقت الفطور , وبعض السلطة وقت الغداء .
بدا لها ما أقترحه محامي ريف عن تناول نخب زواجهما أمراً غير ضروري أو نوعاً من النفاق . أما تقديم صينية مقبلات فلم يثر فيها أي شهيه .
ضاقت عينا ريف وهو يرى ومضات من القلق تتعاقب على وجه الأم . فأختار لقمة من الطعام ووضعها في فم المرأه التي حملت الآن اسمه .
أخذ ينظر إلى شررٍ ذهبي يشع من عينيها البنيتين القاتمتين , وظن لحضه أنها سترفض .ولو كانا لوحدهما لرفضت بكل تأكيد .
تمتم المحامي بكلمات لم تلتقطها دانييل . بينما وضع ريف كأسه على منضدة قريبة , وقال له :" هل لك أن تأتي إليّ في المكتب لعدة دقائق ؟"
هناك شهاده خطية تتبع الزواج بحاجه إلى إمضائه . فقد أصبحت الإتفاقيه منجزه ولم يبقى سوى التنفيذ من ناحية دانييل وإنجاب طفل له .
شعرت بقلبها ينقبض ولم يعد أمامها مجال لتغيير رأيها . غادرت الأم والمحامي في نفس الوقت . وأخذت دانييل تتأمل سيارتها السيدان وهي تبتعد بأمها , متبوعه بسياره المحامي ( البي أم دبليو ) آخر طراز .
أتجه ريف عائداً إلى الصالة فتبعته دانييل . ثم قال مشيراً إلى سلم عريض منعطف يؤدي إلى الطابق الأعلى :" غرفتي في الطابق الأعلى وهي تطل على الحدائق والبحيرة , إذا شئت أن تجددي نشاطك . إيلينا ستخرج أمتعتك من الحقائب , وسيقدم العشاء خلال نصف ساعة "
اعتبرت ذالك صرفاً لها , وشعرت بالراحه عندما استدار عائداً أدراجه إلى مكتبه .
لاحضت دانييل وهي تتجه نحو السلم , أن الطراز واضح في كل مكان . فالأرض يغطيها رخام عاجي اللون ذو حواشي ممزوجه باللون الأسود والأخضر القاتم والرصاصي . وهناك خزائن صغيرة من الخشب الماهاقوني تحيط بالجدار , وأباريق قهوه كبيره فوق قواعد رخاميه , ولوحات فنية أصلية تزين الجدران.
ومن السقف العالي للصالة الفسيحه تدلت ثريا بلورية أنيقة فوق نافوره مزخرفة . وكان سلم فسيح يؤدي إلى الطابق الأعلى .
كل غرفه من غرف الضيوف كانت جناحاً متكاملاً تحتوي على غرفة جلوس مريحة , ولم تخطئ في معرفه غرفة النوم الرئيسية , ذات الخزائن الداخلة في الجدران , القائمة في جناح فسيح .
كانت غرفة زينتها قائمه بأناقة كبيرة في نهاية ممر رخامي . وملابسها وأحذيتها موضوعه في إحدى خزائن الجدران الواسعة , كما كان هناك أراج كثيرة تحتوي على ملابسها الداخلية .
أخذت نظراتها تجول في أنحاء الغرفة , ملاحضة اللون العاجي والتبني في مختلف تركيبات الغرفة .
أستحال عليها أن تمنع بصرها من التباطؤ على السرير الفسيح بأغطيته الثقيلة . وكان من الصعب أيضاً تجاهل التوتر المؤلم في داخلها .
عنفتت نفسها قائلة بأن عليها أن تتماسك فريف فالديز هو رجل كغيره من الرجال .
ولكن أن تتصور نفسها مع رجل لا تكاد تعرفه , حتى داخل نطاق الزواج , لم يكن مريحاً .
ومع ذالك , كل ماعليها أن تقوم به هو أحتلال سريره وتسليم جسدها له . . فلو حملت بسرعة فربما تركها وشأنها .
جذبت نفساً عميقاً , وحولت أنتباهها عن السرير . هل عليها أن تغير ملابسها ؟ ولكن من المشكوك فيه أن يغير ريف بذلته ألى ملابس أقل رسميه . إلا إذا أراد القيام بذالك في الدقائق القليلة الباقية .
- أظنك وجدت وقتاً للتعرف على محيطك .
جاء هذا الصوت من عند الباب عميقاً بطيئاً , فأستدارت نحوه ببطء .
كانت سترته معلقة على كتفه وقد أرخى ربطة عنقه . وبدا لها أسمر خطراً , وعرض كتفيه بالغ التأثير حتى دون سترته الرائعة التفصيل .
- لديك منزل رائع .
لن تستطيع ولو لآخر حياتها أن تدعوه( بيتنا) .
فقال وعيناه تتلأملان جسمها الرشيق :" شكراً , أقترب موعد العشاء "
فقالت بسرعة :" سأغير ملابسي في عدة دقائق فقط "
وفتحت الخزنه وأخرجت ثوباً بشكل عشوائي , وغيرت بسرعه الطقم العاجي اللون بثوب أحمر له حزام مذهب ووضعت على شفتيها لمسة أحمر شفاه , ثم دخلت غرفة النوم .
كان ريف بأنتظارها , فقابلت تأمله الشارد لها بأتزان , ثم سارت أمامه من غرفه النوم .
أجلسها إلى المائده .. كانت هادئه ومتزنه كما يتطلب منها دورها الأجتماعي الذي عيليها أن تؤديه بمهاره .كانت إيلينا قد أعدت وليمة حقيقية فحاولت دانييل أن تتذوق كل نوع منها .
- ألست جائعة ؟
نظرت لحضه في عينيه الثاقبتين :" ليس تماماً "
قال بجفاء :" أريحي أعصابك , فأنا لن أزيح كل هذا جانباً ثم أهاجمك على المائدة "
نظر إلى عينيها وهما تتسعان , ثم تختفيان تحت أهدابها التي أسدلتها . كان بارعاً في قراءه الملامح , وماهراً في فن قراءة الأفكار . لوكانت أمرأه أخرى مكانها لكانت الآن تحاول إغراءه بكافة وسائلها الأنثويه .
أما هذه الشابه الجالسه أمامه فيكاد توتر الأعصاب يدمرها . كان هذا واضح من تسارع النبض في أسفل عنقها , وفي الحذر الذي تمضغ به طعامها .
- سماع هذا قد أراحني .
ووضعت الشوكه من يدها , لأنه لم يعد بأمكانها أن تأكل لقمه أخرى .
- حلوى ؟
- لا شكراً .
هل كان هذا صوتها ؟ فقد بدا هادئاً متزناً .. وذالك أبعد شيء عنها .
دخلت إيلينا الغرفة وجمعت أطباقهما, وأومأت عندما قال لها ريف إنهما سيتناولان الحلوى والقهوة فيما بعد ثم خرجت .
دفعت الحاجه إلى الحديث دانييل لأن تسأله :" في أي سن غادرت الأندلس ؟"
أرتفع حاجبه : " هل هو وقت الأسئلة والأجوبه ؟"
أخذت تعبث في كوب العصير .. رأت , في هذا الضوء , الخطوط في زاويتي عينيه , وأخدوداً خفيفاً يشق طولياً كل خد . ملامح تبدو وكأنها نُحتت نحتاً
- كل ما أعرفه عنك هو ما يتهامس به الناس .
- وهل المعرفه تشكل أي فرق ؟
فقالت :" لا , ابداً "
- ومع ذالك تريدين أن تنقبي في خلفيتي لتكتشفي ماحدث وجعلني هذا الشيطان الأسود القلب الذي أصبحت عليه الآن ؟ وما هو هدفي ؟ هل ذالك لكي تفهيمني بشكل أفضل ؟
وأرتسمت على شفتيه أبتسامه لم تصل ألى عينيه .
أجابت دون تردد :" لأفصل الحقيقة عن الخيال "
- هذا بديع .
- نعم , اليس كذالك ؟
- لا تسكتي يادانييل .
تجاهلت نبرة التحذير في صوته :" الخيال يقول عنك أنك نشأت في شوارع شيكاغو عضواً في عصابة تخالف القانون "
قال بلهجه خطره وناعمه كالحرير :" هل تصدقين ذالك ؟"
نظرت إليه بإمعان محاوله أن ترى ما وراء الواجهه :" أضنك قمت بما هو ضروري لكي تعيش "
- كان ماضياً متفاوتاً بين الحلو والمر , اليس كذالك ؟
إنجاز ثروة كبرى في حياته يعني المجزافات , والعيش بتوتر.
- هل في ماقلته شيء من الحقيقة ؟
لم تتغير ملامحه :" البعض منها "
مقاتل شوارع شعره إلى كتفيه , مربوط إلى الخلف , ملابس داكنه وجسم مهيب , كان قائداً وليس تابعاً .
- وفي مكان ما في طريق حياتك نظفت أعمالك . هل كان هناك جريمة لم تدفع ثمنها ؟
إن عليه أن يشكر شرطياً خيّراً لأنه غير حياته . لقد رأى ذالك الشرطي خلف شجاعته الزائفة طاقات خلاّقه , فدعمها وحوّل غضبه نحو تنمية المهارات وأستثمار المواهب المبدعه , وحوّل قتال الشوارع إلى كفاح سام وتدريب للعقل والجسد أيضاً , كما ساعده ذالك الرجل على تنمية ثقته بقدراته .
عاد حين ذاك إلى المدرسه وحصل على منحه دراسيه , وتخرج بدرجة شرف. ذالك الشرطي أدى له خدمة وذالك بتوجيهه ومنحه فرصه أخرى . . . أما الباقي فأصبح موضوعاً يكتب عنه المؤرخون .
لم يعلم أحد أنه رتب أمر تقاعد ذالك الشرطي مضيفاً إلى راتب التقاعد مبلغاً ضخماً منه , أو انه أوقف أعتماداً مالياً لإنشاء مراكز رياضيه لأولاد الشوارع . وهي مراكز كان يزورها كلما عاد إلى الولايات المتحده .
قال بسخريه مبطنه :" فلنقل أنني قررت السير إلى يمين القانون "
- هل هذا كل ماستخبرني به ؟
- حالياً .
-لكنك لم تجب على سؤالي الأساسي.
لم يتظاهر بعدم الفهم :" كنت في التاسعه من عمري "
قد تغيرت الحياة , كما كان يعرفها , إلى الأبد . وأبوه المتوتر الثائر دائماً , لم يستطع أن يجد عملاً ثابتاً ماجعله أخيراً يهجر الأسرة . ونقص المال ضمن له الإنحدار الذي صاغ له أسلوب فتوته وسلبه والديه في سن مبكره .
بدا الظلام يرخي اسداله , وأخذت دانييل تنظر إلى ضوء النهار الذي أخذت ألوانه تبهت . كان هناك نوع من السرياليه يصحب هبوط الليل , وشيء من السكون الموحش الذي كان يسيطر قبل أن تندفع الأضواء الكهربائيه إلى الحياة ناشره النور .
- مزيداً من العصير ؟
قابلت عينيه فلم تستطع فهم شيء من ملامحه :" لا شكراً "
- سننتقل إلى غرفه الجلوس , وسأطلب القهوه من إيلينا .
- هل تعيش إيلينا في المنزل ؟
- لا . إنها تحضر يوم الثلثاء مع زوجها أنطونيو وتبقى إلى السبت , إنها ترعى المنزل . وهي تجهز لي العشاء عند الضروره أو تترك لي عشاء خفيفاً .كما ان أنطونيو مسؤول عن الأراضي خارج المنزل والبحيره والصيانه .
تناولت دانييل قهوتها سوداء محلاه , ثم أخذت ترشفها على مهل . متى سيقترح الذهاب إلى الفراش ؟ بعد ساعه . . . أقل ؟
إنها من ناحية تريد أن تستعجل ما هما مقدمان عليه ثم تنتهي منه . ومن ناحيه أخرى تريد أن تشعر بالأغراء أولاً لكي يمر الأمر بنجاح .

مونـــــي
09-01-2012, 21:21
قال ريف :" متجر توراك أصبح جاهزاً لكي تنقل أمك إليه بضاعتها , وقد رتبت وسيلة النقل للغد "
- سأتصل بها وأرتب أمر رؤيتها هناك .
- الم تنسي شيء ؟
نظرت إليه بطرف عينيها بصمت .
- إنك الآن زوجتي .
- أنا وآريين شريكتان في العمل . ومن غير العدل ان ادعها تجهز البضاعة المخزونه بمفردها وتنظمها في متجرنا الجديد .
تأمل ملامحها بتمهل قبل أن يقول :" ماذا لو سبق أن قمت بترتيب يجعل ذهابك لمساعدة أمك مستحيلاً ؟"
- هل فعلت ذالك ؟
- علينا أن نذهب إلى حفله للعب التنس في منزل خاص في الساعة الثانيه من بعد الظهر .
قالت بهدوء :" هذا يجعلني حره في الصباح لمساعدة أمي "
- لست بحاجة إلى العمل .
- اتتوقع مني أن أبقى طول النهار وأنا أعبث بأصابعي بأنتظار أن تستخدمني آخر النهار ؟
- أستخدمك ؟ ماهاذا التعبير ؟
في صوته شيء أرسل القشعريره في جسدها .
- الحمل هو الهدف الرئيسي , لذا يجب أن تنحصر العلاقه في الأيام التي أكون فيها مهيئه للحمل .
لم تستطع التأكد من شيء من ملامحه . ولو كان لاعب ورق لكان ماهراً جداً , ولكن هذا لم يكن لعباً.
- الا يشبه هذا مهره كئيبه تقدّم للاستيلاد ؟
كانت نعومة صوته خداعه . ومع أنها لم تره يحرك عضله في وجهه, إلا ان وضعه بدا فيه قسوة حاقدة .
- لماذا لا تسمي الأمر بأسمه ؟
لم تطرف عيناه , وأستعانت بكل شجاعتها كيلا تجفل من تلك القوه المنبثقه من أعماق هاتين العينين السوداوين . حدة المشاعر كانت من الوضوح بحيث أشعرها ذالك بالخوف تقريباً .
وقال بنعومه خطره :" إننا نحتل نفس السرير ليلياً "
- هل تنوي أن تأخذ حقوقك الزوجيه بالقوه ؟
- هل تأملين ألا أفعل هذا ؟
- نعم !
- إنها غلطتك إذن .
- لكن هذه . . بربريه .
- أشك أنك تعرفين جيداً معنى هذه الكلمة .
رفعت ذقنها بشيء من التحدي , ولمعت عيناها بعداء واضح وهي ترى قامته الطويله تنهض عن الكرسي.
- هل تتوقع مني أن أصعد معك بهدوء إلى الطابق الأعلى ؟
- إما على قدميك وإما ألقيك على كتفي الخيار لك .
- لديك حساسية الثور .
- مالذي كنت تتصورينه ؟ كلمات جميله شاعريه ؟
سارت دانييل أمامه متجهه نحو السلم الجميل :" المفروض أنني محضوضه جداً "
كلمات حمقاء لامباليه . وترددت بصمت وهي تصل إلى صالة الطابق الأعلى , ثم أستدارت إلى الممر المؤدي إلى غرفه النوم الرئيسيه .
بدا وكأن أعصابها تحتد وتتوتر مع كل خطوه تتخذها . وعندما دخلت الغرفه لم يكن من اسهوله أن تتجاهل أتساع هذا السرير أو دلالته .
أترى خطواتها تعثرت قليلاً ؟ تمنت ألا يكون الأمر كذالك . فالتردد ليس عادة من عاداتها . ودون أن تنطق بكلمه , خلعت حذائها , ثم سارت إلى صف الأدراج التي تحتوي على ملابسها الداخليه . كان هناك قميص نوم رائع الجمال من الساتان والدانتيل وهو هدية من أمها . فتجاهلته مفضله عليه قميصاً قطنياً مقفلاً , ثم أنتقلت إلى الحمام . فقد يساعدها الدوش على إراحه نفسيتها .
بعد ذالك بدقائق كانت قد خلعت ثيابها , وأزالت زينتها عن وجهها , ورفعت شعرها بدبابيس , ثم عدلت حرارة المياه ودخلت تحت الدوش .
دفعتها كبرياؤها إلى عدم قضاء وقت طويل , ثم جففت جسمها وأكملت الطقوس المعتاده في الإستحمام , ولبست قميصها القطني , ثم عادت إلى غرفة النوم , وإذا بأنفاسها تتوقف وهي ترى ريف يسحب الأغطيه عن السرير .
كان يلف منشفه حول وركيه , فبدا جسده قوياً .
بدت أكبر قليلاً من مراهقه بوجهها الخالي من كل زينه وبشعرها العقود إلى الوراء على شكل ذيل حصان . . هكذا رأها ريف وهو يتأملها بعينين ضيقتين , ملاحضاً ترددها .

مونـــــــــــــ moni ـــــــــــــــــــــي
---------------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:22
3- واحة الرغبه . . . والدموع !
- أي ناحيه من السرير تفضل ؟
فأرتفع حاجبه :" وهل هذا مهم ؟"
رباه ! ماذا بأمكانها أن تقول ؟ أنها ليست ماهره جداً في هذا الأمر ؟ سارت إلى حافة الفراش , ثم غاصت فيه .
حوّلت بصرها عنه بسرعه وقالت :" هل يمكنك أن تطفئ النور "
هل كان صوتها بدا وكأن في حلقها غصه .
- لا .
بإمكانها أن تقسم بأنها لاحظت نبره تسليه في صوته .
- دعينا نتخلص من هذا أولاً .
وشعرت بيديه تمسكان بقميصها المقفل وترفعه فوق رأسها . وأرتفع أحتجاجها ثم ذور في حلقها , ثم شبكت ذراعيها .
رباه كيف ستتمكن من أن تمنحه مايريد ؟
قبضت يد على معصمها , فأنسدلت أهدابها تستر بصرها , وإذا به يرفع ذقنها :" لاتختبئي "
هذا التأنيب بعث الإحمرار إلى خديها وفتحت عينيها على أتساعهما :" ربما أنت معتاد على النوم مع نساء بعد تعارف بسيط , لكنني لاأشعر بالراحه من هذه الصله الحميميه مع رجل لاأكاد أعرفه "
وأنقبض فكها مانعاً شهقه هددت الإنفلات عندما أحنى رأسه على رأسها ثم مسح صدغها بشفتيه .
- ارجوك.
رفعت يديها إلى صدره محاوله أن تزيد المسافه بينهما . ولكنه خنق بعناقه أي ردة فعل يمكن ان تبدر عنها .
كانت لديه المهاره التي تذهب بعقل أي امرأه , فأستعملها دون رحمه ماجعلها تتجاوب بشكل آلي .
لم تعرف من قبل شيئاً يماثل هذا الشعور البدائي الذي ايستطاع أن يثيره فيها .
قيل الكثير عن ذالك الرجل الذي وضع خاتمه في أصبعها منذ ساعات فقط . هل تعمد أغراءها إلى هذا الحد , أم هو أسلوبه العادي في غرفه النوم ؟
وقررت أخيراً , وهي ترتجف , أنه إذا كان الأمر الأخير , فأنه لاعجب أن تتهافت عليه النساء .
هذا هو الرجل الذي تزعم أنها تكرهه , فكيف نسيت ؟ إنها تكرهه لأسباب كثيره أهمها خطته الجهنميه التي أبتكرتها مقابل عدة سنوات من حياتها . . ومقابل أن تمنحه طفلاً .
تأوهت بصمت , ثم دفعته بصدره :" أريد أن انام قليلاً "
- سترتاحين فيما بعد .
وبعد أهتمام , نزل من السرير ثم حملها :" فلنذهب إلى الحمام "
نظرت إليه عدة ثوان دون أن تفهم , ثم أدركت مايريد :" لا أريد أن أشاركك الحمّام "
فقال بلطف :" بل ستفعلين "
ولم يسمح لها بمزيداً من الأحتجاج , بل اتجه بها إلى الحمام .
- أنزلني !
أخذت تضربه على كتفه بقبضتها عندما أغلق عليهما الباب الزجاجي .
أمسك يمعصمها بأصابعه القويه وهو يراها تهم بضربه بقبضتها على ضلوعه :" إياك , لن تنتصري "
كان لديه الطول والقوه لضربها إذا قذفته بأي شيء , وعندما سنحت لها الفرصه مره أو مرتين . . لم تتردد في أستعمال واحدة منهما ولكنه سدّ عليها الطريق فوراً .
صدرت عنها صيحة غضب عندما حملها , وتبدد أي نوع من التسلية , وحلّ محله عناد بالغ . وشعرت لحضه بقلق غريزي .
- أتريدين أن تعيشي؟
كان في هذا السؤال تحذير صامت لم يسمح لها الغضب بأن تهتم به . ودون أن تفكر أحنت رأسها وعضته في كتفه بعنف .
سمعت فحيحة الغاضب في نفس الوقت الذي شعرت فيه بطعم الدم في فمها . وصرخت عالياً عندما رفعها إلى الأعلى , وكانت صرخة الألم هذه حقيقه .
وعندما رفع رأسه ألتفتت نظراتها المذهولة بنظراته لحضه طويلة ,ثم أخذ يعانقها بوحشيه تقريباً . وبإصرار وجوع , لسعا روحها كالسوط .
لم تستطع الحراك وهو يحضنها بشده , وأخذت تلكمه على كتفيه واضلعه وفي كل مكان وصلت إليه يدها , ودون فائده .
كم طال ذالك ؟ لم يكن لديها فكره , فقد بدا وكأنه الأبديه .
كان لهذا النهار , وأهميته , وريف . . تأثير كبير عليها , وغالبت دموعاً أوشكت أن تنهمر من عينيها .
توسلت إلى نفسها بصمت الا تبكي . . فالدموع هي علامه ضعف لا تريدها .
ومع ذالم لم تستطع أن تمنع سقوط دمعتين ساخنتين إلى ذقنها , ولمحت عضلة تتقلص في نهايه فكه .
منعتها الكبرياء من الهرب . فوقفت جامده , مقاومه فيض المشاعر التي هددت بأن تحطم مابقي لديها من تماسك .
وبحركه بطيئه , رفع يده ولامس بإبهامه خديها , واحداً بعد الآخر .
لم تتحرك عندما أخذ يمرّ بإبهامه على شفتيها ثم رأته ينزل يده إلى جنبه , وهو يقول بصوت أبح :" اخرجي من هنا ياطفلتي البريئه "
كان في صوته حافزاً جعلها لا تظيع وقتاً , وأنطلقت هاربه إلى غرفه النوم .
أرتدت قميص النوم القطني , وألقت على السرير نظره سريعه , ثم قررت أن تنام في مكان آخر .
- إياك أن تفكري في ذالك حتى .
استدارت نحو ذالك الصوت الناعم , ونظرت إليه وهو يدخل الغرفه .
- لا أريد أن انام معك .
كلمات صريحه شجاعة نطقت بها بحزم هادئ
- أو بالأصح , أنت لاتريدين إقامه علاقه معي .
وأنتظر لحضه ثم عاد يقول : " في هذه الحاله . ( النوم ) هي الكلمه الفعاله . ونحن نشترك في نفس السرير "
-لا.
- لا أظنني منحتك الخيار .
تجدد غضبها :" أذهب إلى جهنم "
اخترق عينيها بنظراته :" أعتقد أنك لا تريدين ،ان آخذك إلى هناك "
فقالت وهي كقطار شارد نحو الكارثه :" إذا كنت تريد أمرأه وديعة خاضعه , كان عليك أن تتزوج أمرأه أخرى .
- لكنني أخترتك أنت .
سكت وهو يرمقها بنظرات غاضبة :" وذالك لغرض معين , أم أنك نسيت بهذه السرعة ؟"
سلخت نظراته من نظراته :" إذا لمستني الليله سوف . . ."
-تحاربيني حتى الموت ؟ تخرجين عيني من محجريهما ؟
ومال على السرير يسوّي الوسائد ويسحب الأغطيه :" حذار فأنا خفيف النوم "
- وما معنى ذالك ؟
- أخذرك أن تنتقلي في الليل للنوم في مكان آخر .
- لايمكنك . .
- جربتي . . .؟
- ما أنت سوى طاغية مستبد !
تسلل بين الأغطيه :" سأحتمل كثيراً من الشتائم , أصعدي إلى السرير يادانييل .
- وإن لم أفعل ؟
اخترقت عيناه عينيها :" سأضعك فيه بنفسي "
ولد الأستسلام من الحكمة . . رغم أنها لم تشعر بالحكمة بشكل خاص وهي تصعد إلى السرير كارهه . وكدليل اخير على تمردها , أدارت له ظهرها وأحتظنت الفراش .
شعرت بالرضا عندما أطفأ نور الغرفه فسبحت في الظلام وتمددت متوتره , تستمع إلى أنفاسه البطيئه المنتظمة .
كيف أمكنه أن ينام بهذه السهوله ؟ هل هو كثره التدريب على مواجهة المخاطر ؟ أم التناغم في مكانيكية جسمة بحيث ينام بعمق ثم يستيقظ لأقل صوت أو حركة ؟
ما الذي شاهده في حداثه ليجعله بهذه الصلابه ؟ هل عامله القدر بقسوه فجعله دون قلب ؟ هل ستتمكن المرأه المناسبه من تغيير نظرته للأمور هل يمكنها ذالك ؟
يا إلهي . . . مالذي تفكر فيه ؟ السبب الوحيد لوجودها في بيته هو أنجاب طفل له , وبع الإنجاب سيكون عليها البقاء فتره ثم الرحيل .
ولكن هل هناك امرأه ترغب في العيش مع رجل كريف فالديز ؟ لكنها أعترفت بكراهية واضحة , أن هناك طثيرات . ذلك ان حجم دفتر شيكاته يضمن الخضوع لزوجه باحثة عن صيد , من زوجه مستعده لتصبح مضيفة مهذبه وعشيقه مغريه وأماً لطفله .
فلماذا يريدها هي بينما بإمكانه أن يختار من يريد من النساء الشابات ؟ هل لأنها رفضت أن تلبيه , أم لأنها تتحداه ؟ أم أنها مجرد الضروف كما أدعى هو؟
ويجب ألا تنسى أيضاً نسب آل " آلبوا" كما أضافت بصمت . هل هذا مهم حقاً ؟
تنهدت بخفه وهي تحاول أن تريح جسمها المتوتر . التكوّر على شكل كره مشدوده على حافة الفراش , لم يكن هو وضعها المعتاد في شكل النوم .
وكانت قد بدأت تشعر بتوتر في عده عضلات , وشعرت بالألم في أنحاء جسمها . من السهل عليها أن تستغرق بالبكاء . اليس هناك قول منطقي بأن البكاء يريح النفس ؟
سالت دمعة ساخنه على خدها , فمسحتها رافضه بغضب .
ومضت فتره قبل أن تستغرق في نوم متعب , وعندما أستيقضت صباحاً , والسرير بجانبها خال .

مونـــــــــــــ moni ـــــــــــــــــــــي

-------------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:24
4- أعماق المجهول

أنقلبت دانييل ونظرت إلى الساعه بجانب السرير. ثم أسرعت واقفه وأحضرت تلفونها الخلوي ثم أتصلت بأمها .
- يا إلهي ! ياحبيبتي لم أتوقع منك المجيء هذا الصباح , يمكنني تدبر أمري وحدي .
- يمكننا نحن الأثنتين أن نفرز البضاعة بنصف الوقت .
قالت دانييل هذا ببشاشة وهي تسير إلى خزانه الثياب حيث أختارت بنطلون جينز و بلوزه . ثم ألقت بهما على السرير وتحولت لتحضر ملابسها الداخلية .
-هل أنت واثقه من أن ريف لن يعترض ؟
فقالت والتلفون تحت أذنها :" لا أرى سبباً يدعوه إلى الأعتراض . وليس هناك برنامج معين ليومنا هذا . . لدينا فقط خطة واحدة للخروج بعد الظهر , وسأعود في الوقت المناسب "
أرتدت البنطلون بينما كانت أمها تقول :" هل آتي لآخذك بالسيارة , هل نسيت أنها معي ؟"
رباه ! لقد نسيت :" لا سأكون اهزة بعد ثلث ساعة وسأقابلك عند البوابه "
خلعت بسرعه قميصها , ثم قفزت بسرعه عندما أمتدت يد تأخذ التلفون منها .
مدت يدها تريد أن تستعيده :" أعطني أياه !"
لكنه وضع التلفون على أذنه :" آريين سأقابلك عند المتجر "
ثم قطع الخط.
يظرت إليه دانييل بغضب :" ماالذي فعلته ؟"
- ذالك يدعى مساعدة .
أنتبهت إلى أنها نصف عاريه , فأسرعت تسير مبتعده عنه ثم أسرعت بأرتداء ملابسها بسرعه قياسيه .
-هذا غير ضروري .
قالت هذا من فوق كتفها ثم دخلت الحمام وأغلقت عليها الباب .
وعندما خرجت وجدته في مكانه . . وكانت قد مشطت شعرها ورفعته على قمة رأسها , وأكتفت من الزينة بقليل من أحمر الشفاه .
- انت لم تأكلي شيئاً .
كان هو أيضاً يرتدي بنطلون جينز وكنزه رياضية تحتضن منكبيه العريضين , وتبرز عضلة أعلى الذراع الضخمه .
حملت تلفونها وحقيبة يدها , ثم سارت وهي تقول :" سأكل شيئاً فيما بعد "
- أريد أن أراك تأكلين .
- أنا أكره الرجال المستبدين .
- لقد نعتوني بما هو أسوء بكثير .
- دون شك .
قالت هذا بشيء من التهكم .
وصلت إلأى قمة السلم , ثم هبطت راكضة إلى الطابق الأرضي , واعية إلى أنه خلفها .
الوصول إلى الكاراج يمر عبر طريق الردهه المؤدي إلى الخارج , وبعد ذالك بدقائق خرج بالجاكوار من البوابة الخارجية متجهاً بها إلى شارع توراك رود .
كان موضع متجر "لافام" مثالياً , إذ كان واقعاً في مجمع حديث يتضمن سبعة متاجر ومقهى متخصصاً بتقديم القهوه الممتازه والطعام .
كان على دانييد أن تمح ريق حقه , لأنه تشاور مع آريين عن المكان المناسب للمتجر , وآمر لها بما تريده وتأكد من أن كل شيء قد أكتمل في الوقت المناسب لكي يشترك الجميع في نقل البضاعة المخزونه إليه .
ليس هذا فقط فقد تغير في عيني آريين من غول إلى بطل , فالبضاعة الجديده وصلت أمس , مع وعد بتسليم المزيد غداً .
وعندما أبطأ ريف بالسيارة , ووقف عند المنعطف , قالت له :" أنزلني هنا وسأعود بالتاكسي "
أوقف المحرك ورافقها , رافعاً حاجبيه عندما حملقت فيه متفحصه :" لا حاجة لأن تفتش بنفسك "
- بالعكس من عاداتي أن اتفحص كل أستثماراتي .
اللافته المكتوبة بأحرف مذهبه على واجهة المتجر بدت جيده , ورأت أمها خلف الزجاج تفتح صناديق البضاعة .
هل كانت أمها تطيل النظر إليهما أم ان دانييل تتخيّل ذلك ؟ وما الذي كانت تبحث عنه ؟ عن دليل على أن ريف فالديز أساء معاملة أبنتها ؟
بإمكان دانييل أن تطمئنها إلى أن لاشيء حدث . أو على الأقل لاشيء ظاهراً للعيان .
- هل نبدأ العمل ؟
ألقت عليه نظره سريعة :" هل تنوي البقاء ؟"
- هل هناك مانع ؟
أجابت آريين باسمة :" طبعاً لا . فرز البضاعه سيكون تبعاً للون والطراز و الحجم . وأنا أحب أن انظم العرض وأهتم بملابس الواجهه . وقد بدأت ذالك , أفرزي أنت يادانييل وأنا أرصها على الرفوف "
- وأنا ماذا تريدين أن أفعل ؟
- تنقل البضاعة من الصناديق . قالت دانييل هذا وهي تتقدم إلى إحدى الصناديق الكبيره ثم فتحته . استغرق إفراغ الصناديق من البضاعى فتره , ثم نظمت العلب بحسب نظام معين في الأدراج الواسعة العديدة القائمه في خزانات يصل أرتفاعها إلى الخصر على مدى الجدار المقابل .
قال ريف :" سأذهب لإحضار شيء نأكله . هل تفضلان شيئاً ما ؟"
قالت آريين :"لقد أحضرت معي شطائر وزجاجات ماء , إنها في الثلاجه "
نهضت دانييل واقفه وأخذت تتمطى :" سأحضرها "
-سنحضر معك يا عزيزتي , ما أجمل أن نجلس فترة عشر دقائق .
لم يكن في غرفة المخزن مساحه كافيه للجلوس , لأن الرفوف تبطن الجدران من الأرض إلى السقف . وكان هناك منضدة صغيره وكرسيان , وكابينه للخدمه تحتوي على مغسله وأدوات للطعام وإبريق شاي كهربائي وجهاز "ميكرويف" صغير .
أحضرت دانييل الشطائر والماء ووضعتها على المضده , وهي تقول :" لقد أنتهت كل الأعمال الصعبه "
فقالت آريين مسروره :" شكراً لكما , انتما الأثنين . لم يبقى سوى خزائن العرض والواجهه "
في الساعتين والنصف الماضية , كانت واعية كلياً لحضور ريف وكانت تشعر بكل حركه يقوم بها وبكل أحتكاك لأصابعه عندما كانت تناوله الأشياء , وما زالت تشعر بنظراته التي أطالت النظر إليها أحياناً . .
بعث كل ذلك فيها الأضطراب , وأسوأ من ذالك , أنار ذكريات حية لما حدث بينهما في الليل , ولما سيحدث مره أخرى . كان ذلك واضحاً في عينيه .
كانت الشطائر لذيذة , ثم أختارت أن تنظم المكان بينما شرعت آريين في العمل في الواجهه . أما ريف فبقي مكانه , فألتفتت إليه :" لا حاجة بك للبقاء . سأحرص على العودة إلى البيت في الوقت المناسب لأغتسل وأغيّر ملابسي وأكون جاهزه في الثانية "
مد يدة وامسك بخصلة من شعرها يضعها خلف أذنها :"لا"
تسارع نبضها , ولم تستطع تبريد الدماء الحاره التي سرت في عروقها . كل عصب فيها أخذ ينبض بالحياة لدى لمسته هذه , وشتمته في سرها .
وبحركات سريعة غسلت كؤوس الماء وجففتها ثم وضعتها مكانها , ثم أحتازت غرفة المخزن , شاعره به في أثرها . أبتدعت تصميم عرض للواجهه من التول و الشرائط , ثم ألبست ثلاث مانيكانات . وكان كاتالوغ كبير مصوّر موضوعاً على كرسي أثري منجد بالساتان فوق حماله جوارب مزينه بالدانتيل الفرنسيه .
بعد تفحص مركز وبعد القيام ببعض التعديلات , أعلنت آريين بأن الشكل قد أكتمل .
كل مابقي هو الحاجه إلى وضع ستار على الواجهه الزجاجية ولكن آريين قالت لهما إن بإمكانها القيام بذلك بفسها بسهولة تامة .
- هل أنت واثقه ؟
- طبعاً ياعزيزتي , لقد نسيت أنه لديكما خطه لبعد الظهر ؟
حفلة التنس . . وتذكرت دانييل هذا بذعر . كان ذالك أول عوده لها إلى المجتمع . الأستلقاء متكاسلة عصر يوم هادئ بجانب البحيره وبيدها كتاب جيد هو أفضل حتماً من ألعاب التنس وما يستنزفه من طاقه , هذا عدا توخي الحرص والوعي الدائم إلى تقاليد المجتمع .
- نعم , لدينا .
اجابها ريف بذالك دون أن يغّفل السحابة السريعة التي مرّت على وجهها لحظة , ولكنه لم يعرف سببها .
نظرت آريين إلى ساعتها :" في هذه الحاله , عليكما أن تذهبا , الساعة الواحدة تقريباً الآن . استمتعا بوقتكما وشكراً للمساعدة ".
ومالت إلى الأمام تقبل وجنة دانييل :" سأراك غداً "
لقد أنتعش المتجر , وبدا حسناً تماماً . أخذت دانييل تفكر في ذالك وهي تجلس بجانب ريف في سيارته .
- سأوصلك الصباح إلى المتجر , ثم أرتب امر شراء سيارة لك أثناء النهار .
لم تُرد قبول شيء منه , لكن السياره كانت ضرورية , فقالت:" شكراً "
- أقترحت على آريين أن تتخذ موضفه يمكنها أن تحل مكانك عندما لا تكونين موجوده .
استدارت إليه على الفور :" ماذا تعني بقولك ( لا أكون موجوده )؟"
- سترافقينني في كل رحلة عمل أقوم بها , وستكون هناك مناسبات تحتاجين أثنائها لأخذ وقت فراغ لكي تتمكني من حضور نشاطات مسائية , وسيون هناك أيضاً دعوات غداء لأغراض الخير .
قال لها هذا برفق وهو يرى غضبها المتنامي .
- لمتجر لافام الأولوية .
- ولاؤك هو لي أنا .
قالت هازله :" المعذره , نسيت لحضة , أنني بعت نفسي وقبضت الثمن "
- لا تصعبي الأمر .
كان صوته رقيقاً خطراً , نجح في بعث الخشيه في جسدها .
كان الغداء لذيذاً وعندما أوقف ريف سيارته خلف صف من السيارات كانت الساعة الثانيه ظهراً .
ليليان وإيفان ستانيش !
وغار قلب دانييل بين ضلوعها لأنها ستحضر هذه السهرة بالذات ... إنّ ريف يلقي بها إلى الأعماق , وهي تستطيع تصور قائمة الضيف . وقد تثبتت من ذالك حين دخولها المنزل .
- ريف عزيزي .
وأطلقت ليليان قبلتها الهوائية المعتادة , ثم تقدمت خطوه إلى صاحبته , وإذا بها تقف فجأه :" دانييل ؟"
- زوجتي .
أستعادت هدوءها بسرعه :" ما أجمل هذا , تهاني !"
أحقاً ؟ كم تأخذ الشائعات من الوقت لكي تدور بين الناس ؟ خمس دقائق ؟ ومن هو الأول في محاولة التثبت من القصه خلف الخبر ؟ أم أن الشائعه سبق أم بدأت مع أنتقال متجر لافام إلى مكان آخر ؟
- تفضلا إلى الشرفة وشاركا الجميع . لقد سبق أن بظ إيفان قائمع بأسماء الأشخاص والألعاب .
تكلفت دانييل الإبتسام , وكبحت رغبه صامته في أن تكون في أي مكان ماعدا هذا المكان . ثم سارت في أثر ليليان .
يجب ألا تفوت الفرصة احداً , وصفقت المضيقه بيديها طلباً لأنتباه ضيوفها , ثم أعلنت خبر زواج ريف , مضيفه وهي تضحك :" نحن أول ن يعلم "
ثم ألتفتت إلى ريف وقالت بأبتسامه ماكره :" لقد قمت بهذا الأمر بصمت بالغ , يا عزيزي "
- كما أقوم بمعظم الأشياء في حياتي الخاصة .
سألته بخجل :" أنت لن تخبرنا إذن إي تفصيل ؟"
أمسك بيد دانييل ورفعها إلى شفتيه . كان وجهه جامداً غير مقروء , ثم بعد عدة ثوان مكهربة , أنزل يديهما المتماسكتين إلى جانبه وواجه عيني ليليان المتعطشتين :" لا "
ساد صمت عميق يكاد يسمع فيه رنين الإبره إذا سقطت على الأرض , ثم بسطت ليليان يديها وأطلقت ضحكه رنانة :" هذا يتطلب أحتفالاً "
قامت دانييل بحركة خفيفة لتخلص يدها من يده فلم تفلح . فمالت عليه هامسه :" ماهي اللعبه التي تقوم بها ؟"
- التضامن .
- يقف متضامنين بينما نختلف في المشاعر ؟
- نعم .
- انت تدهشني .
- لماذا ؟
- خلتك لن تتردد في إلقائي إلى الذئاب .
كانت نظراته مباشره وصوته كالحرير وهو يقول :" أنا اهتم بما أملك "
لكنها ليست مما يملك . .
ارتفعت الأصوات بالتهاني , فأحتفظت بأبتسامه مسمّره على شفتيها وأخذ الأصدقاء السابقون يحيونها بحماسه لم تخدعها . فهؤلاء هم الناس الذين لم يعترفوا بها وبأمها بأي شكل منذ إفلاسهما.
والآن , بعد أن أصبحت زوجه ريف , أخذوا يتلهفون إلى تجديد صداقتهم , ويتصرفون كما رأت , بحذر بالغ بشيء من السخريه .
- غير معقول .
كان صوتاً نسائياً منخفضاً التفتت قليلاً لسماعة وإذا بشقراء كالتمثال كمالاً مغرية أكثر منها جميلة , وقد بدت واثقه بنفسها .
قال :" كريستينا "
حولت الشقراء أنتباهها إلى دانييل , وقالت بأبتسامه باهتة :" كيف جرؤت على أن تسرقيه مني؟"
كانت تمزح , ولكن لم يكن في هاتين العينين الرماديتين الباردتين إي هزل .
- عليك ان تسألي ريف ؟
كان اقتراحاً لم يلق قبولاً حسناً البتة , وإن لم تكن دانييل مخطئه , فقد بدأت الحرب للتو .
قالت لريف فيما بعد :" هل هي إحدى غزواتك الكثيره ؟"
- كنا نخرج مع بعض في المناسبات .
كانت هي ترتشف العصير وكان إيفان وليليان ينظمان اللاعبين في ساحتين للعب التنس بجانب أملاكهما , فوجدت دانييل نفسها مع ريف بينما كريستينا مع مرافقها .

مونـــــي
09-01-2012, 21:25
ملابس لعب التنس كانت إلزاميه , وتنورتها القصيره ذات الثنيات مع القميص الأبيض عديم الكمين , لم يكونا بأناقه ما كانت كريستينا تلبسه .
ما كان مفروضاً فيه ان يكون لعباً للتسلية أصبح منافسه قويه عندما بذلت الشقراء الجميله جهدها لهزم دانييل . وهو شيء لم تسمح دانييل بحدوثه , فهي معروفه بمهارتها في اللعب ولهذا تمكنت من ردّ كل ضربه تقريباً .
وكما كان متوقعاً , بدا ريف أنه لاعب ماهر , وساعدة في ذالك طووله وقوته .
كانت المباراة بالضربه القاضية , ولم يدهش أحد عندما أنتصر ريف بصعوبه .
لم يؤثر فيه ذالك اللعب , أما هي فإن شوطاً آخر قد يقتلها .
وفي الثامنه قدم العشاء شواءً وكفتة على الفحم مع كثير من السلطات المتنوعة , وتبع ذالك القهوه .
- دانييل , عليك حقاً أن تلحقي بالفتيات أثناء غداء الأسبوع القادم , وسأرسل لك دعوة .
الفتيات . . اهه . . كانت سخريه في كون ليليان تقود الأمور والآخرين يتبعونها . لكنها سترفض الدعوة عندما تصلها , محتجه بالمتجر وإلتزامها به .
- هذا لطف منك .
هناك عدة أعمال خيريه تريد أن تدعمها . . بمنحها مبلغاً من المال , بدلاً من الظهور بين نساء سطحيات متصنعات .
رأى ريف القناع المهذب فانتبه إلى الجهد الذي تبذله في هذا التظاهر . بدت هشه , وكان هناك ظل خفيف تحت عينيها .
أنهى قهوته ثم تقدم إليها :" هل أنت مستعدة للخروج ؟"
-نعم .
أجابت ببساطه , فهي لا تريد الخروج إلا من هنا . لقد نالت ما فيه الكفايه , فهي متعبه , ولم تر السرير قط بهذا الجمال من قبل .
ولكن السرير يعني أن تنام فيه مع رجل سبق أن دمّر مشاعرها المتردده . لم تمر عليها لحضه هذا النهار , نظرت فيها إليه دون أن تجلب إلى ذهنها صورة حية عن الليلة الماضية , فكان عند ذلك يتحرك شيء في أعماقها .
ويا لها من أفكار مدمره ! كان الأمر أسهل لو كان عاشقاً غير ملائم , يهتم بحاجته دون حاجتها .
بعد ذالك بدقائق , شكرا مضيفيهما , وودعا زملائهما الضيوف .
دخلت دانييل السيارة وهي تتنفس الصعداء , مريحة رأسها على مسند المقعد الوثير خلفها .
-قمت باللعب بشكل جيد .
التفتت إليه :" هل تتحدث عن التنس , أم عن التصرفات الأجتماعيه ؟"
استدار بالسيارة حتى وصل إلى الشارع العام :" الأثنين "
- آه يالها من مجاملة .
استحال عليها إظهار شيء من السخريه في صوتها .
كانت الرحلة قصيرة , وإذا بريف بعد دقائق يوقف السياره في الكاراج .
كل ما أرادت عمله هو أن تخلع ثيابها , وتأخذ دوش , ثم تستلقي في فراشها . . . لتنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــام .
ولكن حظها بحدوث ذالك هو أشبه بحظها في الصعود إلى القمر , فقد لحق ريف بها .
- الأ يجعل هذا أجتماعنا أكثر مما ينبغي .
لامس كتفها بإصبعه :" لقد سمّرتك الشمس "
بدنوه منها بهذا الشكل , أنتبهت تماماً إلى قوته المدمرة تلك التي أكتسحت حواسها .
وإذا بصوت في أعماقها يعنفها :تحكمي في مشاعرك , الأفضل أن تبتعدي عنه . ولكن حدسها أنبأها بأن ذالك قد يستدعي أكثر مما أستعدت له .
لاحظت على الجانب الأيسر لقفصه الصدري ندبه منحرفه بيضاء . ليست أثر عمليه , أتراها نتجت عن شق سكين على حين غفله ؟
رفعت رأسها ووقفت لتفحص أثر فجوه قريبه من عضمة الترقوه التي بدت أشبه بأثر جرح رصاصة.
وكان هناك أيضاً وشم شرقي غير عادي على أعلى ذراعه اليمنى .
وتسائلت عما جعله يبقيه , بدلاً من أن يزيله ببعض المواد.
سألته ناظره إلى عينيه السوداوين الثابتتين :" ندوب معركة ؟"
- إنها آثار ماضٍ أقل فائده .
- ماذا تعني بذالك ؟
- أتريدين حقاً أن تعلمي؟
- ذالك جزء من حقيقتك .
لقد رفض أن يخبر أحداً عن سنوات حداثته . وألتوت حافه فمه قليلاً إلى الأعلى :" ما أعمق . . .هذا السؤال !"
ثم أنحنى إليها فسألته بغضب :" أيجب عليك ذالك ؟"
- لماذا لا تغمضين عينيك وتستمتعين بذالك ؟
وكان هذا طريقاً أكيداً إلى الكارثه . فهي بدأت تتجاوب ودمها جرى حاراً في عروقها.
- لا أريد ذالك خصوصاً الليلة .
أدرك النبره الخفيفة الأخيره في صوتها , فأحس بالدليل على ضعفها فوضع يديه على كتفيها :" أليس هذا سيئاً؟"
كان كل ما فيها يؤلمها , لقد دمرّ دهر منذ كانت تتدرب , وأشهر على آخر مره لعبت فيها التنس . فقد كان النادي الرياضي احد أوائل ماكانت تذهب إليه بصفتها عضوه في النادي .
رباه , إن أصابعه تنفث السحر , مبرده توتر عضلاتها . كان الإغراء قوياً للغاية بأن تفعل ما أقترحه عليها وهو أن تغمض عينيها فقط .
ما أجمل أن تلقي بنفسها بين ذراعية مريحه رأسها على صدره الرحب . من أين جاء هذا ؟ إن لريف فالديز غرض واحد , وهو أن يرضي رغباته ويصبح أباً لطفل .
تأوهت بصمت , ثم تخلصت من ذراعيه وتوجهت إلى الغرفه وعندما عادت تناولت قميصها المقفل وبدأت بأرتدائه فقطب جبينه وهو يرى لوناً خفيفاً يشوه بشرتها .
كان لديها قدّ لدن رشيق . وساقان رشيقتان , ولها مشية وحركات رشيقة مرنه .
- لماذا ترتدين مثل هذا القميص القطني أثناء النوم بينما هناك أروع القمصان الحريريه والدانتيل في المتجر ؟
التفتت إليه بتحد :" ربما أنا اختار هذا . . لإطفاء المشاعر "
قال ببطء:" أنه لايفيد بشيء "
لم تشأ أن تجيب , بل دخلت تحت الأغطيه بصمت ثم شعرت بالتوتر , منتظره اللحظه التي سيمد فيها يده إليها .
لكن الدقائق أخذت تمرّ, فأغمضت عينيها وقد حلّ بها التعب قاهراً كل رغبة .
وكان الوقت قبل الفجر عندما شعرت بيدي رجل تضمانها إليه . تمتمتها بالأحتجاج لم يؤثر في ريف الذي زاد من أحتضانها .
دفعته عنها , ثم تأوهت بصوت مرتفع عندما بدأ يعانقها بشغف . أستطاع بسهولة أن يجعلها تتجاوب ورأى الشوق في عينيها وهي تدسّ أصابعها في شعره , منسجمة معه في كل حركاته .



مونــــــــــــــmoniــــــــــــــي
-----------------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:26
5- امرأه في مزاد

تناولا الفطور على الشرفة على مهل , وبينما أخذت دانييل من الصحيفه صفحة الأزياء , أخذ ريف يقرأ الصفحات الاقتصاديه مستمتعاً بكوب قهوته الثاني .
بدا مرتاحاً مسترخياً وهو يميل إلى الخلف . . شعره ممشط جيداً وذقنه حليق وقميصه مفتوح عند العنق وسترته وربطة عنقه على الكرسي بجانبه . وعلى الأرض بجانبه حقيبة أوراقه .
أخذت تتأملة بكسل أنه المدير العام الذي يمثل السلطه التنفيذيه الناجحه بشكل لايقبل الجدل .
إنّ عدم المرونه صفه مميزه فيه . . إنها صلابه نتجت عن إرادة الحياة في محيط , الحياة فيه للأقوى .
وفي هذه اللحضة , رفع بصره فالتقى ببصرها .
- إذا أنتهيت نغادر .
وشرب آخر قطره من القهوه في كوبه ثم نهض واقفاً وأقفل أزرار قميصة العليا , ثم وضع ربطة عنقة ولبس سترته .
وعندما أوقف السيارة أمام المتجر , كانت الساعة الثامنة والنصف تقريباً .
- لدي عشاء عمل هذا المساء .
- الا أنتظرك إذن ؟
تجاهل السخرية الخفيفة في صوتها :" ستسلّم إليك السيارة عصر هذا اليوم "
- شكراً .
ونزلت من السيارة , ثم أخذت تنظر إليه وهو يعود بها إلى الشارع العام .
فتحت دانييل المتجر فاكتشفت أن أمها قد سبقتها بالحضور , فأخذتا معاً تحدثان بعض التغييرات الصغيرة . وتتفحصان قائمة البضاعة , قبل أن تنتقلا إلى مناقشه تصميم الكاتالوج الخاص بهما .
كان عملهما الصباحي مزدهراً إذ أخذت النساء تتوقف أثناء مرورهن للتفرج على المتجر الجديد , بعضهن من باب الفضول , وبعضهن الآخر للشراء . بعض الزبونات القديمات جلن في المحل , فأشترين ثم حاولن أن يصلحن الصداقه المنقطعة . وكان الدافع إلى هذا السلوك بحسب رأي دانييل , هو الحاجة إلى توطيد تعاطف مع زوجها القوي النفوذ .
ألجأتها النزاهه إلى أتخاذ مظهر مؤدب معهن , فالعمل هو العمل , ونجاح المتجر هو مسأله كرامه ,
أخذت كل واحدة منهن فترة ربع ساعة للغداء . . وكان عليهما أن تستلما بضاعة عند العصر .ولكن بعد العصر أحضر لها مدير مبيعات مفاتيح لسيارة
(bmw) التي أوقفها أمام المتجر .
وقبل وقت الإقفال بساعة وقّعت دانييل على مستند أحد البنوك بأستلام محفظه للأوراق تحتوي على دفتر شيكات وبطاقة حساب بأسم "دانييل فالديز"
وأدركت أن ريف يلتزم بدوره في الإتفاقية . وما كان هذا يضايقها إلى هذا الحد , ولكن الواقع أنها أنزعجت وحاولت أن تحلل السبب , وأرجعت ذالك إلى ان ريف يمسك بمقاليد حياتها , غير أن الصدق أرغمها على الإعترف بأنها المسؤوله عن إعطائه هذا الخيار .
وكأنه كان لها خيار !
من ذا الذي يملك ذره من العقل فيفضل الإفلاس و الفقر على بديل نافع ومريح من المال ؟
ومع ذالك , كان لهذا ثمن غالٍ , فهل ستتمكن من المحافظه على دورها في الإتفاقية ؟
تباً لذالك , فهذا التحليل لم يكن بذي فائده . . قررت ذالك ثم أخذت تشغل نفسها بإعادة ملء الأدراج من البضاعة التي في الغرفه الخلفيه .
اقفلتا المحل في الساعة الخامسه والنصف , ونظرتا في إيرادات اليوم , ثم أصدرتا آهة غبطه للرقم المرتفع .
كانت الساعة بعد السادسة عندما دخلت دانييل منزل ريف في توراك . وعلى الفور خلعت بذلة العمل الأنيقه ثم أرتدت مايو سباحة وأتجهت إلى بركة السباحه الداخلية .
أقيم على الأرض الخلفيه بناء يضم مختلف النشاطات من قاعة مجهزه بالأدوا الرياضيه إلى بركه بين الجدران للسباحه وحمام فسيح مع دوش .
وجدت بروده المياة منعشه , فسبحت عدة أشواط ثم أخذت منشفه وذهبت إلى الدوش .
كان العشاء سلطة دجاج أعدته إيلينا التي تركته لهما في الثلاجه ومعه صلصة توابل ماجعل الطعام وجبه لذيذه .
إن هذا البيت واسع جداً بالنسبه لشخص واحد . . أو بالأحرى لشخصين . غرف الطابق الأسفل فسيحة ومثاليه للأستضافه . وغرفه الطعام الرسميه تحتوي على مالا يقل عن أثنين وعشرين كرسياً قامت حول مائده مستطيله , وهناك قاعة الجلوس الرسمية التي تحتوي على أرائك مريحه واسعه ..
حملت دانييل كأس ماء بارد وجلست أمام التلفزيون حيث شاهدة عدة برامج صعدت بعدها لتنام في العاشره والنصف . متى سيعود ريف ؟ سوّت وسادتها وحدثه نفسها بأنها غير مهتمه بذالك . وكلما تأخر كان أحسن لها , لأنه سيكون متعباً فلا يزعجها .
ما أكبر حضها ! احتجت بصمت وهي تستيقظ من نومها العميق على احتكاك شفتيه بكفها .
أقترب منها أكثر . . وفي الظلام تعلقت به , معتبره بهجتها هذه فائده تغتنمها من وراء هذا المشروع الجهنمي .
وعندما كانا يتناولا طعام الفطور في الصباح التالي , تذكرت دانييل السيارة " البي أم دابليو "
- شكراً على السيارة , وللترتيبات مع البنك . .
أنهى ريف قهوته وسكب كوباً آخر , ث نظر إليها متأملاً :" مرادي هو أن تشكريني "
مايعنيه كان واضحاً , وكرهت الحرارة التي ألهبت وجهها . فقال مداعباً :" ما ألذ هذا . امرأه في هذا العصر مازال وجهها يحمرّ خجلاً "
- الموهبه التي لديك هي السبب .
قال بشيء من السخريه :" ذلك جزء من سحري "
فنهضت واقفه :" أخبرت آريين أنني سأذهب مبكره "
ازدهر المتجر وزاد أنشغال دانييل وأمها . فالأيام الهادئه كانت نادره . وقابلتا عدة نساء قبل ، تختار واحدة لدوام غير كامل .
وفي الليل هناك ريف .
ونموذج الأسبوع الأول أصبح نموذجاً مألوفاً . إنهما يأكلان في البيت , ثم يدخل ريف إلى مكتبه , ونادراً مايخرج قبل العاشره .
أما دانييل فقد أستعملت مكتباً كان موجوداً في أحد الغرف حيث أخذت تراجع عليه الأرقام وكميات البضاعة , منقبه في عدد من مواقع الأنترنت , بحثاً عن إعلان لمتجر لافام والحصول على زبائن في النهاية للملابس الداخليه الفاخره .
مسودات الكاتالوج كانت جاهزه , لكنها أرادت التأكد من أنها الأفضل قبل دفعها إلى الطبعه . وظهر أن ريف هو من المحضوضين القلائل الذين بأمكانهم بذل مجهود فائق بحد أدنى من النوم هو أقل من خمس ساعات . هذا مع أستمرار نظامه معها أثناء الليل .
وفي كل مرة كان يجعل ابتعادها عاطفياً عنه يزداد صعوبه . كان يستخدم مهارته , ويتمهل لكي يتأكد من أن بهجتها تماثل بهجته .
بدا نهار السبت صحواً متألقاً , وأمتزجت الحرارة المرتفعه بدرجه الرطوبة العالية .
عاده , كان يوم السبت أكثر أيام الأسبوع أزدحاماً بالعمل , لأن أوائك الذين يعملون في المكاتب والحرف , يستغلون قسماً من النهار في التسوق .
كان يوماً ممتازاً بالنسبة إلى "لين" مساعدة آريين وكان هذا اليوم رائعاً لدانييل التي هي بحاجه إلأى مغادرة المتجر قبل وقت الإقفال بساعة .
إنها حفله عشاء , وقد أخبرها ريف عنها في الصباح , وهي ستقام في منزل أحدى صاحباته .
لكن دانييل تأخرت في الطريق بسبب حادث سير عنيف , كما أن ظهور الشرطه وتحويل حركه السير أستغرقا وقتاً .
وكان أن اوقفت سيارتها خارج المدخل الرئيسي بزعقه عالية من المكابح . ركضت تصعد السلم درجتين درجتين , ثم وقفت فجأه في غرفة النوم وهي ترى ريف يدس قميصه الأبيض الناصع البياض في حزام بنطلونه .
ألقى عليها نظرة جانبية ثاقبه :" لقد تأخرت "
- إذن . . أطلق النار علىّ .
جوابها الوقح هذا أفصح عن كل الضيق الذي بعث في نفسها , الشرطه وسياره الأسعاف وساره الحريق كل ماتتصوره مخيلتها الحيه عن الحادث الأليم الذي قتل فيه أبوها في نفس الوضع .
ضاقت عيناه , فقد بدت وكأنما تقمصها عفريت تقريباً . عيناها أثر تألقاً من المعتاد , وشعر هو بأن السبب ليس صعودها السلم كدولاب الهواء .
القى بربطة العنق التي كان على وشك عقدها , وأقترب منها :" ماذا حدث ؟"
أسبوع واحد , وتمكن من قراءه أفكارها والغوص في مشاعرها ؟ هل هي بهذه الشفافية ؟
- ليس لديّ وقت للشرح .
أمسك بذقنها يميل بوجهها إليه :" عدة دقائق لن تؤثر أبداً "
كان الأمر شخصياً وخاصاً لذا لم تشأ أن تتحدث عنه .
- أرجوك , أريد أن آخذ دوش والبس لأكون جاهزه في ثلث ساعة .
- نصف ساعة لابأس بها .
لم يتركها , فحدقت إليه بأستياء بالغ :" ماهذا؟ أستنطاق رسمي ؟"
قال بهدوء :" يمكنني بسهوله أن اعرف الأمر , فلماذا لاتخبريني به ؟"
- أنت نغل عنيد , أليس كذالك ؟
- الصفة الثانيه صحيحة , أما الأولى فلا .
احتدّت نظراتها :"أنت تجنني "
مرّ بأبهامه على شفتها السفلى فشعر بها ترتجف تحت لمسته :" ماهو الجدير غير هذا ؟"
صمدت لحضات قليلة طويله , ثم أختارت الأستسلام فأخبرته سبب تأخرها .
- وهو شيء ذكرك بموت أبيك.
لقد فسر سبب ضيقها .
كان يقرر أمراً واقعاً , ولم يكن يسأل سؤالاً , ولم تستطع أن تمنع نفسها من العجب لدقة تعقبه حياة ابي "جواكين آلبوا " وحياة زوجته وأبنته .
- أذهبي وخذي الدوش .
هربت دانييل وأستطاعت أن تخرج بعد ذالك بخمس وعشرين دقيقة وقد أتمت زينتها , مكومه شعرها على قمة رأسها مرتدية على قمة رأسها مرتديه الثوب الأسود الضيق الكلاسيكي الطراز , بحمالتيه الرقيقتين اللتين أظهرتا كتفيها النحيلتين وعنقها الجميلة .
تغاضت عن تقويم ريف السريع لها وأخذت تثبت القرطين في أذينيها , ثم تناولت حقيبة يدها المسائية وسارت أمامه خارجه من الغرفه .
بالنسبه لحفلات العشاء . قررت دانييل أن هذه أكثرها سخاء ووفره .. هذا ماشعرت به وهي تقف بعد ذالك بساعة , بجانب ريف يرشفان العصير .
كان هناك خمسون ضيفاً محتشدون في "الفيراندا" المجاوره للحدائق المضائه بمصابيح ملونة . . وهذه الحديقة بدت مشذّبه أحواض الزهور .
الندل بملابسهم الرسميه كانوا يقدمون صواني تحتوي على فطائر لحم ومقبلات وعصائر .
قالت دانييل بهدوء :" نسيت أن أسألك , أهذه مجرد حفله أجتماعيه أم هي حلفله خيريه ؟"
- للأعمال الخيريه , كما يبدو.
- التي تتبرع أنت لها بسخاء ؟
- أنا أقدم المساعدات لمن يستحق .
بدا مهيباً للغايه في بذلته السوداء الإيطاليه التفصيل التي أبرزت عرض كتفيه وجسمه الرشيق .
جعلها هذا تفكر فيما تحت ثيابه هذه . ولم تجد صعوبه في أن تتذكر هذا الجسد القوي المتناسب .
تقد إليهما أحد الضيوف , وبعد التحية , أشتبك مع ريف في حديث عمل .
رحبت دانييل بهذا الإلهاء عن أفكارها , ثم أعتذرت وتقدمت نحو نادل لتعيد ملء كأسها بعصير الكرز .
طرق سمعها أجزاء من حديث لامعنى له , ثم أخذت كأس المياة المعدنية المبرده عندما سمعت شخصاً يذكر أسمها .
ألتفت ثم أبتسمت بأدب , إنها كريستينا التي صقلها الثراء والنشأه الراقيه وثقافة المدارس الخاصه .
- أنت بلا شك مستمتعه بهذه النشاطات الإجتماعيه التي عدت إليها بعد . .
ثم سكتت بشكل ذي معنى لتعود فتكمل :" بعد ذالك الغياب السيء الحظ "
حدثت دانييل نفسها بأن تتوخى الحذر , والسلام لتتصرف بأدب وبساطه فقالت :" نعم "
تحول شيء في عيني كريستينا :" غريب كيف أستطعت أنت وأمك تغيير أتجاه الحظ هذا "
-نعم أليس هذا غريباً ؟
- ماذا فعلت ياعزيزتي ؟ بعت نفسك ؟
بعد هذا القول اصبح بأمكانها أن تصبح لئيمه :" إذا كان هذا صحيحاً , فما دخل الزواج في هذه المعادلة ؟"
- إنه شيء على لسان كل شخص .
أستطاعت دانييل أن تبتسم أبتسامه باهتة , وأمتنعت عن التعليق , لكن كريستينا ألحت عليها :" أخبريني إذن لماذا تزوجك أنت بالذات ؟"
-ربما عليك أن تسألي ريف .
- لايمكن أن تكوني مغرية إلى هذا الحد .
كان في هذا كفاية . الحديث المهذب شيء , والتعليقات الحقيرة شيء آخر :" لايمكن ؟"
تصنعت الشقراء التخمين في نظراتها :" هل أنت قادره على مجاراته في ذالك ياعزيزتي , فهو شيق جداً!"
رسمت دانييل على فمها أبتسامه حالمه :"أمممم . . ألا ترين هذا .. فعلاً "
لقد أكتسبت عدوه , وإذا كان لديها أي شك في هذا , فالغيره المفاجئه التي بدت على وجه كريستينا أثبتت ذالك .
قالت كريستينا بتمهل مقصود :" لمعلوماتك فقط , خاتم الزواج في إصبع الرجل لايزعجني ابداً"
- وأنت تنتظرين أن أفقد حظوتي عنده لكي تمسكي به ؟
- سيحدث ذالك , ياحبيبتي , لأن ريف لا يثبت طويلاً مع أمرأه واحده .
- حسناً فقد أكون أنا المستثناه عن القاعدة .
أخذت تنظر إليها في طريقه أشبه إلى الإهانه :" أشك في ذالك كثيراً "
- ما الذي تشكين فيه يا كريستينا ؟
وكان هذا السؤال مطاطاً من ريف الذي أقترب منهما على حين غفلة .
تماسكت الشقراء بسرعه :" كنا نتحدث عن متجر لافام ياعزيزي لأن وضعه الجديد يبشر بنجاح باهر "
أقرّت دانييل بصمت أنها ماهره حقاً , وتسائلت إن كان ريف سيصدق كلامها .
- عن إذنك .
وأمسك بيد دانييل يشبك أصابعه بأصابعها , ثم رفع يدها يقبلها , منتزعاً منها بذالك نظره حادة :" هل تحطمت سيطرتك على نفسك ياريف ؟"
حاولت أن تجذب يدها من يده لكن قبضته أشتدت, فقالت :" تمسك بالأنضباط ياريف, يمكنني العنايه بنفسي "
- إن لكريستينا غريزه سمك القرش المفترس .
- إن عينيها عليك .
قال بجفاء :" بل على حسابي في البنك "
نظرت إليه بأمعان , وقد أثارت ملامحة الجانبيه فضولها , كان وجهه قوياً , بفكه القوي وجبهته الواسعه وأنفه المتناسق .
قالت له بعذوبه مصطنعه :"يسرني أن أعلم أنه من غير السهل خداعك "
أبتسم , فخفق قلبها وهو يبدو بهذه الإبتسامة , كالصبي . رغم أنها تشك في أنه عرف قط فتره الصبا . فقد أنتقل مباشره من طفل إلى رجل , صاغة قانون البقاء الخشن , وقال ضاحكاً :"لديك لسان وقح"
قالت برزانه :" تلك إحدى مواهبي "
- مضيفتنا على وشك أن تعلن جهوزية الطعام .
كانت الوليمة الفاخره مقامة على مائده ممتدة , فنقلت دانييل عدة لقيمات إلى صحنها .
حفلة الليلة سارت على المنهاج المألوف , تقديم الشراب والطعام للضيوف ,سامحين للوقت أن يمر جاعلين الضيوف مسترخين ناضجين ليستطيعو البدأ بالموضوع الرئيسي .
أما الموضوع الرئيسي حالياً فكان ( اشياء جديره بالذكر ) للبيع في المزاد العلني : طقم كؤوس بلوريه قيل أنها عائدة إلى إحد الملوك الأوروبيين , وقلادة من الأحجار الكريمه قيل أنها لزوجة رئيس وزراء سابق لبستها في مناسبه رسمية حضرها أمير عربي .
لفت نظر دانييل شيء معروض هو علبه مجوهرات مميزه فيها سوار ماسي بالغ الدقة والأتقان , مصنوع باليد وبتصميم فريد , وأدركت أنها هدية قدمت إليها منذ أربع سنوات في عيد مولدها الحادي والعشرين , ولكنها باعت الأسوار منذ عام وأحتفضت بالقرطين الملائمين لها من باب العاطفة .
لماذا كان الأسوار هنا ؟ ومن الذي . . .؟ لايمكن أن يكون هو .
وألقت على ريف نظره ثاقبة , لكنها لم تتأكد من شيء من ملامحة .
وبدأ بالمزاد . وعرض السوار بصفته ملكاً لأسره أسبانيه أرستقراطية .
بدأ ريف بالمزايده . وساهمت كريستينا في ذالك , جاعلة المزايدة تزداد حده وضراوه . وأنضم آخرون إلى ذالك . وسرعان ما وصل إلى مبلغ هبط معه المزايدون إلى شخصين , وكل مبلغ دفعته كريستينا , ارتفع ريف فوقه إلى ان توقفت كريستينا عن المزايدة على ريف .
هل كانت نية ريف أن يهزم كريستينا أمام الناس ؟ لم يفت أكثر الموجودين الترابط بين مزايدته على السوار وبين صاحبتة الأساسية .
أرتفعت القائمه وأحتدت المزايده , وارتفع الثمن إلى مبلغ معتبر, كان المستفيد منه سبرّه متخصصه بإمداد الأطفال المرضى بأمراض مستعصية . وحفله هذا المساء هي لتمويل رحله إلى عالم ديزني لفتاة صغيره مريضه بسرطان الدم برفقه أمها وممرضتها .
بعد ذالك قدمت القهوه التي دفع ثمنها المزايدون الناجحون ثم طلبوا مشترياتهم .
عاد ريف إلى جانبها وأخرج سوارها من علبته ووضعه حول معصمها قائلاً بهدوء :" إنه سوارك "
مرت بأناملها على حجارته الثمينة :" شكراً كان هذا لجدتي لأبي "
رمقها بنظرة فاحصه :" كانت بين مجوهرات أشتراها وكيلي "
وهي المجوهرات التي اضطرت هي وأمها إلى بيعها :" لماذا تعود فتشتري شيئاً سبق أن تبرعت به ؟"
- ربما نزوه طارئه .
لكن دانييل تشك في أنه يقوم بأي عمل بتأثير نزوة طارئه . فقد كان ماهراً بوضع الخطط التي تدر عليه الربح .
بدأ الضيوف بالخروج , ووقفت هي مع ريف يشكرون مضيفتهم , ثم سارت معه نحو السياره .
كان مساءً صيفيأ معتدلاً , فيه السماء دكناء مرصعه بالنجوم والهواء منعش يبشر بيوم ممتاز غداً . .
لم تطل الرحله إلى البيت . وحالما أدخل ريف السيارة إلى الكاراج , نزلت دانييل منها وأتجهت إلى الردهه .
حمدة الله لأن اليوم التالي كان الأحد , فلم تكن بحاجة لمسابقة الساعة أو زحمة السير . وتطلّعت إلى يوم تمضية بشكل هادئ , يوم تراجع فيه بعض حسابات المتجر , مخصصة جزءاً منه لشرب القهوه مع أمها .
صعدت إلى الحمام في الطابق الأعلى , وخلعت حذائها ذا الكعب العالي كالمسمار , ومدّت يدها تفتح سحاب ثوبها على الظهر وإذا بأصابع ريف تكملان عنها العمل .
ثم أدارها لتواجهه فوقت جامده تنظر إليه . أحاط بوجهها بيديه ثم بدأ يعانقها بطريقة مغريه ثم تحوّل العناق إلى عنف وتملك . وأخذت تشعر تخفقات قلبها تدوي دوياً يصم أذنيها .
كان ما بينهما من مشاعر من القوه بحيث تكاد تأخذ بعقله .
وأخذت تمرر أصبعها على صدره , وأبهجها أن تسمع جذبه الحاد لأنفاسه .
- عندما تنتهين من اللعب . .
اللعب ؟ ثم عانقته وأشتد أحتضانها له . . .
استلقت أخيراً بقربه وفكرت : هل سيبقى الأمر بينها دوماً بهذا الشكل ؟
يمكن للمرأه أن تدمن على هذه المشاعر التي تشاركا فيها لتوهما . وبإضافة الحب سيصبح ذالك مادة متفجره .
مع أنها أقسمت أن تكرهه , كان جسدها على خلاف مع عقلها , ليصبح في النهاية أداة منسجمه تحت لمساته الماهرة . لذالك وحده كانت تريد أن تكرهه من جديد , وتكره نفسها لعدم سيطرتها على نفسها .
وهي على وشك النوم , شعرت بشفتيه على جبينها , فتنهدت وقد منعها الوهن من الأحتجاج .

مونـــــي
09-01-2012, 21:31
-----------------------------------------------------
مونـــــــــــــــmoniــــــــــــي


6- كذابة !

استيقظت دانييل وحدها , وأخذت تتمطى وهي تفكر في دفن رأسها في الوسادة لساعة أخرى , ثم ما لبثت أن غيرت رأيها .
كانت الشمس مشرقه والنهار كله أمامها , فنوت أن تكرس جزءاً منه لإتمام سجلات متجر لافام أولاً .
مضى دهر منذ قامت بتسوق جاد , وسيرها في منهاج زوجها الأجتماعي جعلها بحاده إلى حذاء رسمي وثوب جديد.
دخلت الحمام وأغتسلت وأرتدت بنطلون جينز وقميصاً قطنياً ونظمت غرفتها ثم نزلت إلى المطبخ .
جلست تأكل فاكهه وحبوباً , دون أن تعلم أين ريف . في المكتب؟ في الصاله الرياضيه ؟
سكبت لنفسها فنجان حليب آخر , وتصفحت صحف الأحد , ثم حملت حقيبة اوراقها وجلست على مائدة الطعام غير الرسميه في غرفة المائدة ثم بدأت العمل .
وهناك وجدها ريف بعد ذالك بساعة وهو يدخل المطبخ بعد جولة في قاعة الرياضه .
- صباح الخير .
رفعت رأسها , شاعره بقلبها يخفق عالياً وهي تراه في ملابس الرياضة :" مرحباً "
سار إلى الثلاجه وأخرج زجاجة ماء مثلج شرب نصفها قبل ان يتحول إليها :"سأرتب أمر تحويل أحد غرف الطابق الأعلى لتكون مكتباً لك "
- هذا ليس ضرورياً ,فأنا احب حرية الحركة بحيث أقوم بالعمل في أي مكان . وضبط الحسابات لا يأخذ من وقتي سوى عدة ساعات أسبوعياً .
هكذا كان الحال على الأقل .
ألقى إليها نظره ثاقبة :" أسهل عليك أن يكون لك مكتب خاص "
إنّ عليها أن تكون شاكره , فلماذا هذا الأستياء ؟
أنهى ريف زجاجة الماء ثم خرج من الغرفه .
بعد ذالك بساعة جمعت دانييل أوراقها في الحقيبه وأخذتها إلى غرفتها . .نظرت إلى ساعتها , ثم أخذت حقيبتها ومفاتيح السيارة وذهبت تبحث عن ريف لتخبره أنها خارجه .
لكنها لم تجد له أثراً , فكتبت ورقه وضعتها له على مائدة المطبخ ثم أتجهت إلى الكاراج .
أول مكان ذهبت إليه هو ضاحية "برايتون" حيث أوقفت سيارتها في الموقف , ودخلت مقهى تناولت فيه قهوة "كابوتشينو" وبعد ذالك طافت في المتاجر .
كانت على وشك دخول متجر عندما رن تلفونها الخلوي . فرفعته إلى أذنها .
- أين أنت ؟
كان هذا صوت ريف , فعدت ثلاثاً قبل أن تجيب :" في برايتون أمام متجر للألبسه "
- جملتك التي تقولين فيها في الورقه إنك (غير متأكدة متى ستعودين ) هل تعنين بعد الظهر أم في المساء ؟
- وهل هذا مهم ؟
- أجيبي على سيؤالي يادانييل .
- لم أعلم أنني بحاجه إلى أذن منك للخروج من المنزل .
- لاتختبري صبري , همم . .
وكان صوته خطراً . فقالت بعذوبه مصطنعه :" أتراني أفعل ذالك ؟"
- هل ستواجهينني بهذه الشجاعه لو كنت الآن أمامك ؟
- تأكد من هذا .
أطلق ضحكه خافته خشنه أرسلت قشعريره في جسدها :" هل نبدأ مره أخرى ؟"
لم تتظاهر بأنها لاتفهمه :" المساء . لكنني سأذهب إلى أمي "
- الساعه السادسة يادانييل , سنأخذ أمك إلى العشاء .
أنهى المكالمه فأتصلت بأمها ونقلت إليها الدعوه .
- كلام فارغ ياعزيزتي , سأكون مرتاحة أكثر لو تعشينا هنا .
لم تكن دانييل واثقه من حسن رأي أمها بالنسبة إلى ( الأرتياح ) لأن ماما العزيزه ستطلق العنان لقلبها المحب , دون شك , لتدرس سراً حالة زواج أبنتها .
- سأطهي طعاماً أستثنائياً.
هذه كانت العادة مادام بإمكان آريين الإستضافة , فقالت دانييل مستسلمة :" أتريدين أن احضر معي شيئاً ؟"
- أحضري خبزاً طازجاً وبعض الخس .
- سأحضر باكراً وأساعدك في التحضير .
- لا سأكون مسروره إذا جئت بصفتك ضيفه .
أنهت دانييل المكالمه , ثم كرست الساعات التاليه لشراء ثوب وحذاء .
كانت الساعة بعد الرابعة عندما ذهبت إلى منزل أمها , تحمل أزهاراً وخبزاً وخساً .
داعبت خياشيمها رائحه شهيه في المطبخ , ثم حيّت أمها , وعندما أخذت تحرك محتويات القدور على الموقد لمحت اللمعان في عيني أمها .
قالت لها بحنان وهي تقدم إليها الأزهار , ثم أخذت فوطه مطبخ تلفها إزاراً حول وسطها :" هذا لك , والآن ماذا عليّ ان أفعل؟ "
أخذتا تعملان معاً سعيدتين لمدة ساعة , وبعد أن تأكدتا أن كل شيء على مايرام , وأن المائدة جاهزه بأدواتها , قالت آريين :"حان وقت أخذ استراحه "
رن التلفون الداخلي , ففتحت آريين الباب الخارجي ليدخل ريف إلى المبنى , وبعد دقائق رن جرس باب الشقة ففتحت له الأم الباب بينما كانت دانييل تضيف كؤوس الماء إلى المائدة .
سمعت صوته العميق ذو اللكنه الأمريكيه الخفيفة وأحست بالسرور في تحية آريين له .
دخلت دانييل إلى غرفة الجلوس باسمة, وبدا التحفظ على ملامحها عندما تقدم إلى جانبها وأمسك بوجهها بين راحتية .
-ماذا تفعل ؟
- أقبل زوجتي .
أرادت أن تصفعه , لكنه أدرك ذالك , تباً له! فقد كان الهزل بادياً في هاتين العينين السوداوين وهو يقبلها برقه وهي لفته أثارت أضطرابها وجلبت الأحمرار إلى وجنتيها .
كانت لفتة مقصوده يريد بها أن يغذي تصورات أمها , فقد كان هذا هدفه بالضبط .
قالت آريين : " فكرت في ان نأكل هنا ، وستكونان اول ضيوفي " .
والقت على ابنتها نظرة متألقه ، ثم قالت لريف :" ماذا تريد ان تشرب ياريف ؟ مارأيك بالكولا ؟ "
كانت الوجبه ناجحه . فمهارة أمها في الطهي ملحوظه . امضوا معاً عدة ساعات ساره مريحه ، واخذت دانييل تنظر إلى تزايد الألفه بين ريف وامها ، بشئ من الحذر.
اراد جزء منها ان يحذر امها من هذا الرجل القادر على تحويل الظروف بحسب مشيئته ، واراد جزء آخر ان يعلم امها بأن الموده التي يظهرها لها ريف ماهي تمثيل ومن المضحك أن تظن غير هذا .
إظهار الإهتمام بالصور الفيتوغرافيه المؤطره الموضوعة على مختلف قطع الأثاث في غرفة الجلوس , جعل آريين تبحث في أحد الأدراج عن مزيد من ألبومات الأسره أما دانييل فوجدت في أعداد القهوه ذريعة للغياب .
عملت بتمهل مضيفه طبق بسكويت مالح وجبن إلى أن أنتهت القهوه ولم تعد لها حجة في التأخر فعادت إلى غرفة الجلوس .

مونـــــي
09-01-2012, 21:32
لم يتحقق أملها بأن تجد ألبوم الصور موضوعاً جانباً , وتألمت وأمها تستعيد بحنين ذكريات الإجازات التي أمضوها في المنتجعات الأجنبيه وصور مختلف المناسبات الخاصه التي التقطت لهم في مختلف المراحل أثناء حياتها .
كانت هذه معلومات شخصيه جداً وهذا ماجعلها تشعر بالضعف .
وعندما أعلن ريف أن عليهما أن يذهبا , قالت آريين بحماسه :" يجب أن تكرر هذا مره أخرى "
قال موافقاً :" بالتأكيد , وبصفتك ضيفتنا , ستخبرك دانييل بالتفاصيل "
بقيت صامتة وهما ينزلان إلى موقف السيارات , وأنتظر ريثما أستقلت سيارتها وانطلقت بها , فتبعها بسيارته .
وصلا إلى بيتهما تفرق بينهما ثوان قليلة , وجمعت دانييل أكياس مشترياتها , ثم دخلت البيت متجهه رأساً إلى الطابق الأعلى .
- أمك امرأه ساحرة .
- نعم , هي كذالك .
تبعها إلى غرفه النوم وأخذ يفك ربطة عنقة :" سأحرص أن تتضمن بعض دعواتنا آريين "
وضعت الأكياس ثم خلعت حذائها :" أنا أعلم أن هذا سيعجبها "
خلعت ساعة معصمها والسلسلة الرقيقة الذهبية من عنقها , ثم دخلت الحمام .
دوش بطيء ثم السرير , غداً هو يوم آخر , وهناك بضاعة المفروض وصولها . بعدما أستحمت خرجت إلى الغرفه ثم دخل هو أيضاً ليستحم .
أنفتح الباب وعاد ريف إلى الغرفه , ثم أستلقى قربها على السرير .
بعد قليل أمسك بكتفيها بعيداً عنه , ليقول :" هناك صوره في الألبم تظهر علامة ولادة حلوة للغاية "
وأخذ يمرّ بأصبعها على كتفها :" إنها في هذا المكان . آه , نعم , ها هي ذي , كيف لم ألحضها من قبل ؟"
أفلتت دانييل من قبضته , لكنه عاد فأمسك بها وأدارها لتواجهه .
ودون أن تفكر ضربته براحتها على كتفه , ثم بقبضتها على صدره :" إياك "
جمدت عيناه وتبدد المرح منه وكأنه لم يكن :" أنت تدوسين أرضاً خطره "
رفعت إليه عينين عنيفتين :" كيف سيكون شعورك لو فحصت مافيك من عيوب ؟"
- كنت سأفرح .
- آه! صدقتك .
- أتريدين أن تجعلي من هذا قضية ؟
- نعم , تباً .
- ولماذا وليس لديك أمل في النجاح ؟
- هذا لايمنعني من أن أحاول .
ما الذي حدث لها إن الجدل معه هو الجنون .
- ماالذي ترجين من وراء ذالك ؟
انتزعت نفسها منه بعنف :" إذا لم يكن لديك مانع , أفضل ألا تستعملني لحاجاتك الليلة "
عاد يجذبها إليه وأمسك برأسها يميله إليه فأضطرها بذالك إلى مواجهة نظراته :" وإذا كان لدي مانع ؟"
- يمكنك أن تذهب إلى جهنم .
ساوره إغراء بأن يخضعها إلى إرادته في هذه اللحضه لكي يريها الفرق بين الأخذ والأستمتاع , وكاد يفعل , لكنه خفض رأسه وعانقها بطريقة هي قصاص لها أكثر منها رغبه في إرضاءها . كان يريد أستجابتها الخاضعة , وعمل على ذالك حتى شعر بأستسلامها .
لم تنتبه إلى مرور الوقت , وبدا كأن دهراً مر قبل أن تريح رأسها على صدره .
وبينما كانت تستسلم للنوم , شعرت بشكل غامض أنه أمسك بيدها ورفعها إلى شفتيه .
أنشغلت دانييل في الأيام القلائل التاليه . فقد غيرت شكل واجهة المتجر ما أكسبها الثناء عدة مرات .
ازدهر العمل رغم أن يوم الأربعاء أثبت كثرة المشاكل فيه .
لم يحضر ناقل البضائع في جولته الصباحيه كما وعد كما أن العميل جاء إلى المتجر قبل الغداء متوقعاً أن يأخ طلباته الخاصة , وعندما رأى أن ذالك غير موجود غضب كثيراً , ولم يفلح الإعتذار كثيراً في تهدئته , ولكنها وعدت أن تكون الطلبات موجوده عند العصر , ولكن هذا لم يحدث وهذا ماجعل العميل يتهم متجر لافام بالإهمال وعدم المسؤليه وهذا بسحب تعامله معهم إلى مكان آخر .
اتصلت دانييل تلفونياً بالمموّن , فأخبرها أنهم تلقوا إلغاء لذالك الطلب بالذات وأن هذا هو السبفي عدم إرساله .
بعد نقاش سريع مع آريين تبين أن أي منهما لم تلغي الطلب وأن الموضفة لين مستثناه من هذا لأنها لم تعمل سوى يوم الخميس والجمعة والسبت , وقد جاء الأمر بالإلغاء يوم الأثنين بالفاكس , واليوم هو الأربعاء .
- أية فكره ؟
نظرت دانييل إلى أمها مفكره :" قد أكون مخطئه "
- تخريب؟
- أكره أن أظن هذا . علينا من الآن وصاعداً أن نثبت كل طلب بالبريد الإليكتروني مع كلمة سر نتفق عليها نحن الثلاثه , أنا وأنت والمموّن .
وأمسكت التليفون ورتّبت هذه الإتفاقية .
ومع ذالك , أزعجها هذا الأمر , لأن تجديد موقع المتجر أثبت نجاحاً باهراً . فقد كان يستورد مجموعة كبيره من البضائع الهامة , وكان التشجيع جيداً .
فإن كان هناك تخريب , فمن يكون الفاعل إذن ؟
كريستينا؟ هل بلغ بها الحقد هذا الحد ؟ ولم تحب دانييل هذه الأفكار . إذا كانت كريستينا مسؤوله عن هذا العمل فإن عليها أن تحصل على برهان لايمكن دحضه قبل أن تتخذ أي عمل تجاه ذالك , فالشكوك والإفتراضات غير كافية .
شغل هذا بالها وهي في الطريق إلى البيت , فأضاف ذالك حدة إلى تصرفاتها , وشعرت بأنها بحاجه إلى نشاط جسدي بالغ للتخلص من طاقتها العصبية المفرطه هذه .
فكرت في الذهاب إلى الصالة الرياضية , ثم السباحة في البحيره عدة أشواط , ولم تضيع وقتاً قبل أن ترتدي البكيني وفوقه شورت وقميصاً قطنياً مقفلاً , ثم تهبط السلم .
كانت قاعة الرياضة فسيحة تحتوي على مختلف الأجهزه الرياضية . وكانت هناك خزانة في الجدار تحتوي على مختلف أنواع الأسلحة العسكرية . . بينها واحدة على الأقل غير قانوني , إلا إكان لديه رخصه .
- هل أعجبتك مجموعتي ؟
إنه يمشي كالنمر . . فأستدارت ببطء تواجهه وكان في ملابس رياضيه :" هل أنت من محبي الفنون العسكريه ؟"
تقدم إليها برشاقة لايمتلكها معظم الرجال :" هل يدهشك هذا ؟"
-لا .
ما يدهشها فيه كان قليلاً جداً. كانت فيه مزيّه لم تستطع تحديدها بدقه . . هي انسجام بين العقل والروح .
نظر إلى ملابسها :" أتريدين أن تتمرني ؟"
قالت بإيجاز :" أريد أن ألكم شيئاً ما"
لاحظ توتر صوتها فأستغرب الأمر:" هل تحبين أن تخبريني بالسبب ؟"
- ليس تماماً.
كبح شعور التسلية وهو يسأل :" أي زوج من قفازات الملاكمه تريدين ؟"
- أنا جادة .
- هذا سيء .
وتملكه إغراء في أن يحوّل الغضب في صوتها إلى مشاعر محمومة , ليستمتع بذالك .
لكنه بدلاً من ذالك بقدم إلى الخزانه في الجدار وأضر قفازي ملاكمة وعاد بهما إليها :" أعطيني يديك "
ألبسها إياهما , ثم سار إلى الكيس والمحشو الذي ستتدرب عليه وسألها :" هل سبق أن أستعملت واحدة مماثلة ؟"
قالت وهي تتبعه :" لا , لكنه مناسب "
- تضربيه بدلاً ممّن ؟
بقيت صامتة عدة ثوان :" أنا لست واثقه بعد "
- باشري إذن .
وفعلت إلى أن أوقفها بعد سلسله من اللكمات , وعندما خلعه من يديها سارت نحو دواسه الركض الدائري ووضعت الأبره على سرعه متوسطه ثم أخذت تتمرن عليها حتى شعرت بالإكتفاء .
كان ريف على مرمى البصر منها , ولم تستطع إلا أن تعجب بسلسة تدريباته العسكرية , إنه منضبط تماماً أثناء التدريب , مهلك أثناء القتال .
أستهلكت طاقتها فتركت الألعاب الرياضيه وتوجهت نحو البحيره داخل الجدران .وفي ثوان قليلة أصبحت في المايو البكيني , فغاصت في المياة البلوريه .
أخطت دانييل عدة أشواط التي سبحتها قبل أن يبرز بجانب رأسها رأس أسود . فقد جعل ريف سرعتة تعادل سرعتها .
ومضت فتره قبل أن تدعوه للتوقف , ثم أتجهت إلى نهايه البحيرة .
- هل أكتفيت من السباحه ؟
- نعم .
- وشعرت بتحسن ؟
- نوعاً ما .
-فلنخرج من هنا إذن . فنأخذ الدوش ثم نذهب لنأكل .
خرجت من البحيرة وتناولت منشفتها :"أنا سأطهي الطعام "
- يمكننا أن نتعشى في الخارج .
- يمكنني أن أطهي بفتيك رائعاً مع السلطه.
وأخذت تعصر شعرها :" لقد وضعت إيلينا خبزاً تركياً رائعاً في الثلاجه , ثق بي "
أكلا على الشرفة حيث كان المشهد هادئاً وساكناً , يطل على مناظر المروج بأسيجتها المنتظمه الأنيقة , ومختلف الأجمات المزهره ومجموعات الأشجار القصيره .
خطر ببال دانييل فجأه كيف سيكون الأمر عند وجود أطفال . .
سيكون هناك أراجيح , وخشبة للتزحلق , وأنواع من الألعاب لخارج البيت . كلب محبوب يجلب الحب والضحك .قطه داخل البيت تنام متكوره على أفضل المقاعد . وغرفة الأطفال مع سرير للطفل , وسرير عادي . ورفوف الكتب والألعاب . حصان خشبي هزّاز وكرسي هزّاز يمكنها أن تجلس علية مع طفل بين ذراعيها .
طفل . . سبب هذا الزواج .
أيمكن أن تكون حملت الآن ؟ هذا ممكن ولكن بناء على حساباتها , هذا لم يحدث على الأغلب .
متى سيحدث هذا ؟ وصعدت إلى حلقها ضكه خافته ثم ماتت.
- تقول آريين أن أزدهار العمل مازال في أرتفاع .
- نعم.
- هل لديك أي أعتراض على رأيها ؟
كان سريعاً , أسرع مما ينبغي كما لاحضت وهي تتنبه إلى نظراته الذكيه .هل نسيت أمها غموض إلغاء الطلب والغضب الناتج عن ذالك من العميل الساخط , وهل ينبغي لها ذالك ؟
كان جزء منها يريد منها أن تتعامل مع هذه المسأله بمفردها , من المؤكد أن هذا غير صعب , حتى ولو أزالت كريستينا آثارها .
- لا.
قالت هذا وكان نجاح المتجر بالغ الأهمية , سواء لها أم لآريين فالقضيه قضية كرامه .
- ولكن . .
- لماذا تتصور أنني أخبأ شيئأ؟
لم ترد أن تبدو بهذه السخريه , لكن كريستينا وإمكانياتها المثيره للمتاعب كانت تشعرها بالمراره والألم .
مال ريف إلى الخلف في كرسيه وأخذ يتأمل ملامحها , ثمة شيء يزعجها , وهو ينوي أن يعرف ماهو.
- سنذهب مساء السبت إلى معرض للصور الفيتوغرافية في "غاليري سيمبسن"
- هل تساير المواعيد الإجتماعية للأسبوع القادم ؟
- نعم .
- ياللمتعة !
- لاتسخري .
- ربما كل مافي الأمر انني لاأحب أستعراض نفسي .
-مع الوقت سيصبح زواجنا خبراً قديماً .
هذا صحيح , ولكن ليس مع شبح كريستينا الذي يلوح دوما في الخلفيات .
- والأحد نحن مدعوان عند العصر مع أصدقاء لعدة ساعات . "فوليبول" على الشاطئ يتبعه شواء .
- ماذا لو كان لدي خطه تخصني ؟
- يمكننا الوصول إلى تسوية .
- ماذا عن حضور فيلم في السينما .
- سنكون على ساحل الذهب في الأسبوع القادم .
- عفواً , ستكون ؟
قال بصبر :"لديّ عمل هناك "
- لايمكنني أن أترك المتجر .
- بل يمكنك ذالك :"ستشغل لين مكانك الخميس والجمعه ."
تمنت لو تضربة :"كنت أفضل لو تحدثت عن هذا معي أولاً "
كانت الشمس تدنو للمغيب , متعت المشاهد . فأضاء جهاز أستشعار متحكم عن بعد , منيراً الأرض بوهج ناعم .
نهضت واقفه دون كلمه أخرى , ثم أخذت تجمع ادوات الطعام والأطباق الصينيه لتأخذها إلى المطبخ حيث أعادت تنظيمه خلال دقائق ثم أسرعت صاعدة إلى غرفتها تتناول حقيبة يدها ومفاتيح السيارة .
شعرت بحاجه قصوى للإنفراد بنفسها ولو لساعة واحدة .
- هل أنت خارجه ؟
التفتت دانييل فوجدت ريف واقفاً على عتبة غرفة النوم :"نعم "
سأحضر سترتي .
لمعت عيناها غضباً :" سأذهب وحدي "
قال بصوت حريري خالص :" سأذهب معك وإلا لن تذهبي أبداً "
أزداد غضبها :" لاأريد أن أكون بقربك حالياً "
- كلام فارغ .
- تباً لذالك لايمكنك أن . .
- بل يمكنني .
- لماذا تضخم الأمر ؟
سأته هذا ساخطه . وهي تراه يدخل الغرفه قائلاً :" لأن ليس لدي نساء يخرجن ليلاً وحدهن "
- أنا لست أمرأتك .
بدت على فمه أبتسامه باهته :" بل أنت كذالك "
- ليس بأي مفهوم .
كانت من الغضب والضيق بحيث كادت تبصق , وهذا ما أشعره بالتسلية . أحضر ستره علقها على كتفه :" فلنذهب "
- لقد غيرت رأيي .
- يمكننا أن ننام باكراً .
كان قصده واضحاً . فقبضت يديها بغضب :" الجنس . . هل هذا كل ماتفكر فيه؟"
- معك ليس صعباً .
أندفعت دون وعي , ترفع يدها لتصفه ولكنه أمسك يدها قبل أن تصل إلى وجهه .
وببطء , ألقى بسترته على الكرسي , ثم جذبها إليه وأنحنى يقبلها قبله تأديبيه وصلت إلى اعماق روحها .
أخذت تقاومه في البدايه , تضربه بقبضتيها على ضلوعه وظهره وكل مكان أمكنها الوصول إليه , ولكن دون فائدة إذ كان يشدد أحتضانه لها .
بقت تقاومه بقوه مالبثت أن اخذت تضعف عندما تقبل عقلها ماسبق أن تقبله جسدها .
الرغبه في التجاوب معه . قهرتها , ومعرفتها هذه جعلتها تتأوه بيأس وهي تحاول أن تنتزع نفسها من قتضته.
تمكنت من ذالك فقط بعد أن أطلقها . تراجعت خطوه وهي تحاول السيطره على أنفاسها المتسارعة .
- هل نذهب أم نبقى ؟
بدا غاضباً وهذا مازاد من غضبها , فنظرت إليه هائجه :" أنا خارجه وحدي "
- لقد سبق أن حدث هذا المشهد بيننا , ولا أظنك تريدين القيام به مره أخرى .
-أنت لست سجًاني !
وأنطلقت بسرعة تهبط السلم , وكانت سيارته في الكاراج فأستعملت جهاز التحكم عن بعد لرفع بابة الأتوماتيكي, ثم أندفعت إلى مقعد القيادة من السيارة وأدارت المحرك . .
وفي تلك اللحضة انفتح الباب بجانبها ودخل ريف يجلس عليه .
كان ريف يشك في أن في ذهنها أي مكان تريد الذهاب إليه , لكنه لم ينطق بكلمه وهي تخرج بالسياره من البوابه وتتجه إلى قلب المدينه , توجهت إلى ضفاف النهر . فقد كان هناك مقاهي كثيره وحانات عدة لتختار منها , وهذا سيسعدها لأنها ستكون خارج جدران البيوت وبعيدة عن مراقبة الناس .
وربما إذا تجاهلت ريف يمكنها أن تدعي أنه غير موجود .
لكنها سرعان ما أدركت خطأ حساباتها عندما أختارت مقهى وأختارت مائده خارجيه جلست عليها ثم طلبت قهوه , وإذا بريف يشير للنادل طالباً قهوه ساده له ثم جلس أمامها يتأملها .
- هل سنجلس صامتين أم نتحدث ؟
قابلت نظرته بهوء :" يمكنك أختيار الموضوع "
- ما الذي يزعجك ؟
- أنت تزعجني . فأنت تضع خططاً دون استشارتي ثم تنتظر مني الموافقه .
- موافقتك هي جزء من الإتفاقية التي بيننا .
أظلمت عيناها :" طبعاً , وعلينا ألا ننسى الإتفاقيه .
لم تتغير ملامحه وهو يقول برقه وبطء :" حذار , يا عزيزتي "
أحضر النادل قهوتهما , فأخذ ريف رشفه متلذذاً .
- لا أريد أن أترك المسؤليه كلها على أمي في المتجر .
كانت أمها أكثر من قادره على ذالك , وفي الأحوال العاديه لم تكن لتتردد في الغياب عدة أيام . لولا شعورها بأن كريستينا تهدف إلى القيام بعمل مؤذي , لما فكرت بالأمر البته , والحقيقة أنها كلما فكرت في ذالك, كلما أزداد أقتناعها بأن تلك الشقراء وراء ماحدث اليوم في المتجر .
وكان أهتمامها منصباً على ماتخطط له كريستينا غير هذا .
- يومان ليس الحياة بطولها .
ولأن كلامه صحيح لم يخفف من قلقها :" أنت لن تذعن أليس كذالك ؟"
- لا.
تظرت إليه , فرأت العناد في عينيه . إنه رجل لايعاديه شخص عاقل .
ودون كلمه أخرى , أنهت قهوتها , ثم نهضت وأخرجت من حقيبتها ورقه ماليه ماجعل ريف يضع يده على يديها :" أنت تبالغين في الإستقلال بنفسك "
وأستدعى النادلة وناولها ورقه ماليه من محفظته ثم تبع دانييل إلى الخارج .
لم يكن يبدو في بنطلونه الأسود وقميصه غير المقفل مديراً لشركه ضخمه . . ومع ذالك كان فيه شيء يجذب الأنظار .
كان هواء الليل منعشاً , والنسيم يعبث بشعرها المنسدل تاركاً خصلاتها تحتك بوجنتيها , فوضعتها خلف أذنيها .
أخترق الجو صفير إعجاب , لكنها لم تلتفت نحو ذالك المعجب ولم تر النظره الثلجيه التي ألقاها ريف في أتجاه الرجل .
وسرعان ما استدارا وعادا أدراجهما , وسمعت دانييل وهي تمر بالموائد , ضحكات وثرثرة الزبائن وهم يستمتعون بوجباتهم .
وصلا إلى السياره فناولته المفاتيح ثم صعدت إلى المقعد الجانبي . ولم تكن رحله العوده طويله , وفي البيت صعدت إلى الطابق الأعلى غير مهتمه بما إذا كان يتبعها أم لا .
بعد ذالك بدقائق , خلعت ثيابها وأستلقت على السرير وأطفأت النور . ولم يأتها النوم بسهوله , فتقيت مستيقضه فتره بدت لها دهراً قبل أن يدخل ريف الغرفه بهدؤء .
شعرت بقلبها يخفق بسرعة وتملكها الشوق إليه . . رباه , لماذا يتصرف قلبها بشكل مغاير لما يريده عقلها ؟
إنها لاتريده . . ( كذابه ) . فهي تريد أن تتلاشى في حبه , وأن تشعر مره بتلك الأحاسيس الساحره .
وصدمتها هذه الفكره لحضه .
كيف أمكنها أن تفكر في إشراك عواطفها ؟ أتراها . . مجنونه ؟
إنها تكره ريف فالديز لهذا المشروع الذي أبتكره .
ولكن الكراهية لم تكن تشكّل جزءاً مما تشعر به عندما يمد يديه إليها . لم يكن للكره أو عدم الأكتراث مكاناً في مشاعرها عندما تبدأ مشاعرها بالغناء . . .


مونـــــــــــــــــmoniـــــــــــــــــي

----------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:33
7- تتسلل إلى قلبه . .

لم تستطع دانييل منع نفسها من التساؤل عما إذا كانت كريستينا من الشعبيه بحث تحصل على دعوة لكل نشاط أجتماعي يحدث في الطبقه الراقية .
هل هو تخطيط أم مصادفه ؟ وبما أن تلك الشقراء المتألقة تنوي الأذى , فلابد أن هناك تخطيطاً وراء حضورها جميع المناسبات التي يتواجدون فيها .
كان ممتعاً أن تراقب سيدات المجتمع وهن ينظمن المعرض .
- بماذا تفكرين ؟
التفتت إلى ريف بأبتسامه ذاهله :"أراقب "
رفع حاجبيه :" تراقبين كريستينا ؟"
- كيف عرفت ؟
- هل هناك سبب معيّن ؟
تظاهرت برفع شيء غير موجود عن سترته الأنيقة :" إنها تريدك . ألا تفهم ؟"
- وهل هذا يزعجك ؟
- ولماذا يزعجني ؟
بدت التسلية في نظراته وبدت أبتسامه كسول على فمه :" فلنتفرج على المعروضات التي على الجدران "
قال هذا وهو يضع ذراعة حول خصرها .
- أنت تقتلني .
تمتمت دانييل بذالك . لم تكن تحب الإختلاط وهي لاتقوم بذالك إلا لأجله . فهي وإن كانت مولودة في طبقة إجتماعية راقية , ترفض هذا المجتمع فمنذ ان تكاملت شخصيتها أخذت ترفض كل هذا .
كانت المعروضات كثيره ومتنوعه . . . وبدت واضحة المدرسه التجريديه للرسم التي أستأثرت بالإهتمام لأنها تطلب من كل شخص أن يفسرها كما يريد .
ووافقت دانييل مأخوذه أمام صوره طفل بريء الملامح , حزين العينين بشكل قطع نياط قلبها .
اقتربت من اللوحه تقرأ الشرح المكتوب تحتها وأوشكت على البكاء :طفل من البوسنه مأسور في أرض دمّرتها الحرب , محروم من أسرته . ما أفضع هذا الحزن لمثل هذه البراءه !
شعرت بنبضها يخفق أسفل عنقها . التفكير في أبن لها يتألم بأي شكل ,كاد يقتلها .
تملكتها غريزة الأمومه العنيفه على غير انتظار . وذكرها السبب الحقيقي لزواجها من ريف فالديز .
لقد وعدت نفسها بأنها سيكرهها وقررت أحتمال هذه العلاقه بأنتظار أن يمل منها ولكن ما تصورته لم يحصل تماماً . فرغم كل محاولاتها الشاقة , أصبح مستحيلاً , يوماً عن يوم , أن تنبذ مشاعرها , لأنه ما أن يلمسها حتى تتسارع خفقات قلبها . المثل يقول ( خذ مايأتي به اليوم . .) نعم الأيام جيده , لكن العبره بالليالي . . .
- ريف عزيزي . . اريد أن اريك القيّم في عرض عمل قدّم إلي .
التفتت دانييل قليلاً لدى سماعها ذالك الصوت الأنثوي الأبح .
إنها كريستينا . . ومن غيرها ؟
منحتها الشقراء أبتسامه باهته :" ليس لديك مانع في أن أسرقه منك لعدة دقائق ؟"
- كما تشائين .
لاشك أنها تريد أستعراض جمالها أمامه , فما الذي يجعلها تهتم ؟ ولكنها في الواقع تهتم فعلاً وهذا مايجعلها تشعر بمرارة أكثر مما تريد أن تعترف .
أخذت تتهم نفسها بصمت , بأنها حمقاء . ما الذي تملكها وجعلها تتصور أن من الممكن أن تكون على علاقة حميمة مع رجل مثل ريف فالديز دون أن تتأذى مشاعرها ؟
أيمكنه أن يسيطر على مشاعره ؟
دون شك , الضعيف وعديم الإنظباط لايعيش في شوارع المدن . وقد أكتسب مضهراً زائفاً من الحنكة والثقافه الرفيعة أثناء أرتفاعة في عالم المال . وقد تلائم جيداً مع المجتمع . وعلى كل حال , كانت القسوه واضحه وراء هذا المظهر السطحي , وذاك القلب الهمجي الذي يضمر السوء لأي خصم .
هي بالنسبه إلى ريف مجرد وعاء أختاره ليحمل ولده وملجأ أنثوي حنون لطفله وفي سنوات ضعفه الأولى . وعندما تتم مهمتها يطلق سراحها , مراعياً حالتها الماديه لئلا يعذبه ضميره ولكن الرجال من نوع ريف لايملكون ضميراً .
وعنفت نفسها تنصحها بأن تنسى كل ذالك , وتتحمل الإتفاقية التي بينهما , وتتابع حياتها ,
- دانييل , ما أجمل أن أراك مرة أخرى .
كان صوتاً مألوفاً , فألتفتت بأبتسامه جاهزه :" ليليان "
- أحاول أن أنظم شيئاً مختلفاً قليلاً لجمع المال للجمعيات . فكرت في أن أمك وأنت قد تهتمان بإقامه عرض خاص للأزياء في متجركم , بناء على دعوات خاصه فقط . سنستأجر مقاعد ونحظر عارضات أزياء , ونوزع العصائر والحلوى . . ونوزع المقبلات بحجم اللقيمات . ويكون ملحقاً بكل تذكره وصل بتخفيض عشره بالمئه من ثمن كل قطعه يشتريها من متجر لافام . مارأيك ؟
قالت دانييل بأتزان :" أنا بحاجه إلى مناقشه هاذا الموضوع مع أمي . كما أننا بحاجه إلى معرفة تفاصيل الكلفه "
- ياعزيزتي , الكلفه ليست هي الموضوع , كل ما أحتاجه منك هو المتجر لافام كمكان . وحسم العشره بالمئه هي مساهمتكم في العمل .
كان هذا عرضاً جذاباً , والزبائن الذي يأتون بدعوة بينفقون دون شك , وينفقون جيداً .
قالت ليليان بأبتسامه الفوز:" فكرت في خمسين مدعواً, يجلسون في صفوف مزدوجه , على كل صف عشره , وصفين آخرين عند المدخل يجلس في كل جانب خمسه "
من الطبيعي أن يغلق المتجر في وجه الزبائن أثناء العرض :" كم من الوقت سيستغرق العرض ؟"
- من الثانية حتى الرابعه بعد الظهر , في منتصف الأسبوع على سبيل التجربة , بعد أسبوعين من الآن .
- أجعلي هذا كتابه ياليليان ثم أعود أليك .
- سبق أن فعلت ذالك ياعزيزتي .
وأخرجت من حقيبتها مغلفاً ناولته لها :" أتصلي بي غداً مع جوابك "
كانت واثقه من أن امها ستوافق , فهذا عمل جيد بالنسبه إلى لافام .
سارت دانييل بين المعروضات , متمتعه بتحية الناس القلائل الذين تعرفهم , ثم وقفت أمام صوره مكبره لموتوسيكل "هارلي دايفيدسن" . . لم تستع أن تعلم من هو أكثر جذباً للأنظار , الموتوسيكل أم ذلك الرجل الطويل الشعر المرتدي قميصاً أسود بلا كمين , المرسوم على ذراعه وشم كبير والجالس على المقعد منفرج الساقين .
- هذا حلم بعض النساء .
قال هذا صوت مألوف بلهجه مطاطة , وشعرت بلمسه ريف على خصرها .
فأومأت موافقة :" هممم . . وكل تلك القوة المثيرة للنبض "
- هل نتحدث عن الموتوسيكل أم عن الرجل ؟
- آه , الرجل . الموتوسيكل لايفعل هذا بي .
- أليست الشخصية هي كل شيء ؟
نظرت إليه متأمله :" وأنت غيّرت شخصيتك "
- بالشخصية التي صنعتها لنفسي .
- ومع ذلك , تحت الثياب الفاخره والحنكه المدربه ,هناك جوهر الشخص الذي كنته أصلاً , فذلك لايتغير .
- وهكذا أنا , أما زلت برأيك ذالك المحارب في شوارع شيكاغو .
- أنت ريف فالديز الرجل الذي يتلائم بسهوله , مع أية خلفيات , والرجل الذي لايتحداه سوى أحمق .
كانت عيناه قاتمتان بشكل لايصدق , لكن الهزل كان على حافة فمه :" هل هذا مديح ؟"
- بل تقرير واقع .
بإمكانه أن يخلع عنه صورته المكتسبه بالسهوله التي أكتسبها بها , ويعود ثانيه كما كان . هناك شيء متعذر تحديده , في وقفته ومظهره . نوع من الإنتظار والمراقبه , لمحة من الحواس المرهفه المتناغمه , بأسم البقاء حماية مايملك .
- هل تحدثت مع ليليان ؟
- نعم لقد عرضت عليّ مشروعاً ذا أهمية , مارأيك ؟
كان هذا تقدماً منها , كما أعترف وهو يدرك أنها منذ أسبوع , ماكانت لتذكره , بل ماكانت لتسأله عن رأيه :"لليليان أتصالات كثيره وهذا سيكون دعاية جيده للمتجر "
كان هذا يتوافق مع رأيها , وكانت على وشك أن تقول هذا عندما أحست أن هناك من يراقبها , التفتت قليلاً وببطء فرأت كريستينا تنظر إليها .
رأت الحقد مرسوماً بشكل سافر على وجهها , فكبحت دانييل رجفه خفيفة . يالها من كراهية !
- أيمكننا الذهاب .
كانت بحاجة إلى الخروج من هذا المكان لتنشق هواء المساء المنعش والشعور به على وجهها , ولتبتعد قدر الإمكان عن هذه الشقراء المتألقه .
لم تدر ما إذا أحس ريف بالسبب لطلبها الذهاب . وبعد ذالك بخمس دقائق كانت تتنفس الصعداء , إذ كانت السيارة تحملها إلى الشارع الرئيسي متجهه إلى شارع توراك .
وجدا عدة مقاهي مفتوحه , والزبائن يجلسون على المقاعد الخارجيه على الرصيف , دار ريف حول المنعطف ثم توقف . ثم أختارا معاً مائده جلسا إليها ينتظران القهوه التي طلباها .
دقّ تلفون ريف الخلوي فأخذ المكالمه وتكلم عدة دقائق ثم أقفله .
- عمل ؟
- عليّ ان أجلس إلى الكمبيوتر وأرسل معلومات معينه إلى نيويورك .
- أتريد أن نترك المكان ؟
- يمكن لذلك أن ينتظر.
كان يعمل ساعات طويله ويأخذ القليل جداً من الراحة , وحتى أثناء ذالك كانت الراحة متصله بالعمل .إن بإمكانه طبعاً أن يرتاح كما يشاء , ولكن التجربة علمته ان اللاعب إذا حوّل نظره عن الكره , قد يخسر اللعب , هذا إلى أنه سيتمتع بالإثاره التي تنتج عن وضع خطه لعمل لايلبث أن يلمس نجاحه .
فقد سار طريقاً طويلاً في السنوات العشر الماضيه , فهو حصل على الصيت والثروه والمركز الإجتماعي .ويمتلك الأوسمه التي تتناسب مع كل ذلك , وبيوتاً ممتازه في مختلف البلدان , وزوجة .
وقريباً سيكون له ولد وريث من دمه , يرث كل شيء قام به .
دانييل آلبوا فالديز . أمرأه لاتخفي كراهيتها له . وهي من الصدق بحيث تسمتع بما يقدمه لها دون خداع . وهذا يشكّل تغييراً منعشاً.
تسائل كيف سيكون ردة فعلها إذا أخبرها بأنه تعمّد أن يتابع أنحدار أمها المالي وسقوطها من قمة المجتمع وفي نيته الزواج من أبنتها ؟ لم تكن تلك مصادقة سهلة , ولكن خطه بارعه وضعت بحذر بالغ , وأنها بدلاً من بقائها عدة أشهر قيد الصنع , اختمرت في عقلة منذ سنه .
كانت على حق في أنه يستغلها لمصلحتة . ولكن السبب لم يكن فقط هو أنتماءها إلى الطبقة الأرستقراطيه , بل كبرياؤها وشجاعتها هما اللتان جذبتاه وصدقها أيضاً , لذلك وحدة كان مستعداً لدفع الثمن , فهذه الصفات هي التي يرديها في ولده .
أخذ ريف يشرب قهوته السوداء وهو يراقبها بتراخٍ وكان يعلم أنه يضايقها .
إن لديها أحلى ثغر في الوجود وملامح رقيقة كالملاك . شعر بقلبه يخفق لمجرد التفكير في تجابها الفوري للمساته .
لقد مضت فترة طويله منذ أن كان يشعر بالحاجه إلى أمرأه بالطريقة التي يحتاجها فيها . كيف ترتعش بين ذراعيه , وكيف يقفز نبظها عندما يمسك بها .
إنه يشعر عندما يكون معها وكأنه قبض على شيء لايصدّق.
شرب قهوته , وأنتظر حتى أنهت قهوتها , ثم أخرج ورقه ماليه ونهض واقفاً .
أستغرق الوصول إلى البيت عدة دقائق فقط , وقاوم الحافز الذي كان يدفعه إلى اللحاق بها إلى الطابق الأعلى . العمل , ذكّر نفسه بذلك وهو يتجه إلى المكتب . . ساعة أو ساعتين على الأكثر ثم يمكنه الذهاب إليها .
لكنه لم يتمكن من الإنسلال إلى تحت الأغطيه إلا بعد ثلاث ساعات . وكان يشعر بحاجه قوية إليها . فضمها إلى صدره جارفاً إياها معه . . .


مونــــــــــــــmoniـــــــــــــــي

--------------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:35
8- رجل في مملكة النساء . . .

لعبة الفوليبول , السباحة , ثم حفلة شواء في الهواء الطلق , نعني الإقتصاد في اللباس . وهكذا لبست دانييل المايو , ثم لفت إزاراً حول تنوره تتناسب مع البلوزه , وكانت قبل ذالك ألقت الملابس الريضية في كيس الأدوات الرياضية , ثم وضعت أقل مايمكن من الزينه على وجهها وبعض زيت حروق الشمس .
- جاهز ؟
- جاهز إلى أقصى حد للمرح في شمس العصر .
لو كانت كريستينا حاضره بين الضيوف لصرخت , كان يبدو ملائماً بشكل لايصدق بالشورت والقميص القطني الرقيق , وقد أبرزت هذه الملابس البسيطه طوله وعرض كتفيه .
كان يبدو بطاقه فياضه وهاذا ماجعل النساء حمقاوات وذكّر بعض الرجال بنقصهم . كانت الأماكن في بيت مضيفهم مبلطه بالرخام , والأثاث حديثاً , وكان ثمة تجهيزات رائعه خارج البيت منها بحيره وملعب تنس وطريق مباشر إلى الشاطئ .
وجدوا الضيوف مجتمعين على الشرفة الأرضية الفسيحه .
وأبتسمت وهي تتقدم إلى وسطهم تحيي من تعرفة منهم . والنساء اللاتي تجاهلتها فيما مضى , بدون وكأنهن أحسن صديقاتها .
وشعرت لهذا بمرارة كبيره .
بدا جو الحفله عفوياً .
- أنت هادئة جداً .
التفتت إلى ريف بجانبها باسمه :" عفواً , لم أدرك ان الحديث بحماس مطلوب "
لمعت عيناه بتأمل ساخر :" ستعلن مضيفتنا عن بدء لعبة الفوليبول في أي وقت الآن "
- هذا يمنح النساء فرصة للقفز والمرح مع الرجال بحجة الرياضه .
- المرح يا عزيزتي ؟ يمكنني التفكير في طريقة لإنفاق الطاقة الزائده أكثر بعثاً للسرور من الرياضه .
نظرت إليه بهدوء :"أتذكر أنك فعلت ذالك الليلة الماضية "
كانت ضحكته النعمة المبحوحه تحطمها :"يبدو أنني لم أحدث تأثيراً يذكر "
كانا يعلمان أن كلامه غير صحيح , فقد أستجابت له , لكنها قالت وقد توهج وجهها :" لا أحب تشجيع الغرور "
وجعلتها ضحكه رنانة تنظر إلى الباب ثم تقول لريف :" سأترك كريستينا الجميلة تعوضك عن غيابي "
- إلى أين تظنين أنك ذاهبة ؟
- لأختلط بالأخرين لا اريد أن أبقى لأنظر إلى طريقتها في الإغراء .
- وتتركيني أواجه الصعاب وحدي ؟
التوت شفتاها بهزل خبيث ." إنه شيء ستحصل عليه بسهولة تامة "
وإلتفتت إلى الشقراء المتألقة :" كريستينا عن إذنك "
- طبعاً عزيزتي .
تمشت دانييل إلى المقصف وطلبت عصيراً. ثم نظرت إلى الخليج أمامها معجبة بالمشهد الهادئ والسماء الزرقاء , والبحر الممتد نحو الأفق المتهادية عليه المراكب الملونه .
عادت عيناها بالرغم عنها إلى ريف , وتأملت ملامحة الجانبية . الفك القوي وعظام الوجنتين العريضه , وشعره الحسن التنسيق .
كانت كريستينا مصممه على السيطرة على انتباهه . ومن هنا بدا لدانييل بأنها لاتترك له مجالاً , وذالك بأبتسامتها الرائعة المدربه , وإمالة رأسها , وملامستها لساعدة بأناملها الملونه الأظافر .
بدت لدانييل بأنها السحر المجسّد , ونبذت ماشعرت به من وخز الغيره الخفيف . الغيره هي نتيجة الحب , وهي لاتحب أحداً .
فلماذا كل هذا الضيق الذي تشعر به وهي ترى كريستينا تضع مخالبها على الرجل الذي دفع ثمن طفل منها وعدة سنوات من حياتها ؟
وكأنما أحس بتأملاتها فألتفت وألقى عليها نظره جانبية طويلة متفحصه .
تعمدت أن تأخذ رشفه طويلة من كوب العصير ثم بدأت حديثاً جاداً مع الشخص الذي كان واقفاً بجانبها .
ولحسن الحظ أختارت مضيفتهما هذه اللحضه لتعلن عن بدء لعبة الفوليبول .
ماهي الفكره الشريرة التي خطرت لمضيفتهم حتى وضعت كريستينا بجانب ريف ودانييل أمامهما ؟ والأسوء من ذالك أن الشقراء المتألقة قد خلعت ثيابها وبقيت بالمايو .
أخذت دانييل تعنف نفسها بصمت , بأن هذا شاطئ البحر .ولكن المرح شيء والمباهاه الصريحة هو شيء آخر .
وفيما بعد واللاعبون يتحولون من جانب لأخر , وجدت دانييل نفسها مع كريستينا بمقتضى اللعبه . ولم يكو هذا حسناً , وثبت ذالك عندما أستطاعت بشكل ما , أن تتحوّل , وإذا بها تتعثر بساق كريستينا التي مدتها أمامها متعمده , فوقعت على الرمال .
حسناً , يمكن لأثنين أن يتبادلا اللعبة , ولكن الفرصه لم تسنح لها لترد وخزة المرفق العنيفة أو الرفسه المؤلمه لبطة ساقها .
تنفست الصعداء عندما أنتهت الدوره وأنطلقوا جميعاً إلى البحيرة للسباحة , حيث بدأ الضيوف بألعابهم .
أستعرضت كريستينا جسدها الرشيق الجميل بالغوص , بينما أنزلقت دانييل فقط من جانب البحيره .
ما إن لمست الماء حتى كان ريف بجانبها . وكادت تموت عندما عانقها بطريقة حبست أنفاسها . وعندما رفع رأسه سألته بعنف :" ماهذا الذي تقعله ؟"
- وهل أنا بحاجه إلى سبب ؟
- نعم .
ثم سبحت مبتعدة عنه إلى جانب البحيره , وصعدت خارجه منها , فتناولت منشفتها ثم حملت كيسها وتوجهت إلى حمامات الضيوف التابعة للبحيرة .
لم يستغرق حمامها وتغيير ملابسها وقتاً طويلاً , وخرجت إلى الردهه لتجد كريستينا تنتظر دورها .
إنه مشهد صغير جميل ذالك الذي أستطعت أن تخططي له في البحيره .
أصبح الأمر مملاً حقاً بالنسبة لدانييل , ألتفتت إليها تقول وهي تمشط شعرها إلى قمة رأسها دون إهتمام :" لا أعتقد أنني أدين لك بتفسير لما حدث بيني وبين زوجي "
- حاذري من خطواتك .
قالت كريستينا لها هذا محذره , فقابلت دانييل نظراتها في المرآه :" أنا أراقبها طوال الوقت "
- لايمكنك أن تهزميني .
أستدارت تواجه المرأه التي تعلم أنها عدوتها :" أوضحي قولك "
- أفهمي قولي بنفسك ياعزيزتي .
- أتهددينني ؟
- وهل أنت بحاجة إلى سؤال ؟
- حظاً سعيداً, ياكريستينا .
كان صوتها بنعومة الحرير , ولمحت وهج الغضب العنيف على وجه المرأه قبل أن تكبحه قائله :" أنا لاأدع شيئاً للحظ "
كان هذا كافياً لدانييل التي خرجت رافعة رأسها بكرياء .
بدأ الشواء في السابعة . . كان هناك السمك .والقريدس والسلطات المنوعه .
بدأت الشمس تنزلق خلف الأفق , وأخذ الظلام يسدل ذيوله . فأشتعلت المصابيح الكهربائية تظيء الشرفه الواسعة والحدائق والبحيرة , وأصبح البحر رمادي اللون , أو أسود تقريباً , عندما ظهر القمر الفضي في السماء الحالكه المرصعه بالنجوم .
أديرت القهوه وكانت دانييل واعية لحضور ريف عندما أختلطا ببقية الضيوف .
أنتهت الحفلة بعد العاشره . وجلست صامته بجانب ريف وهو يتجة بالسيارة إلى البيت .
وفي الداخل ملأ المنبه ثم لحق بها إلى غرفتهما . قال وهو يخلع ملابسه :" ألا تقولين شيئاً ؟"
قالت بلهجة تقرير الواقع :" كانت أمسية سارة , والطعام رائعاً , وأنا متعبة . وغداً يوم آخر "
نظرت إليه بحدة :" هل هذا يكفي ؟"
سار إليها ثم أنحنى يفحص ساقها , ضاغطاً بأصبعه على بطة الساق .
سألته :" هل هذا ضروري ؟"
ثم أجفت متألمة :" ذلك مؤلم "
أخذ يمسد الوضع بخفة :" سيبدو رضّ هنا "
وصعدت يداه إلى قفصها الصدري فضربت ساعدة :" لاتفعل "
لكنه لم يهتم مثقال ذره :" سأحضر مرهما ً يخفف من أثر هذه الرضه "
- لا أحتاجة .
وتركته ودخلت الحمام . وماهي إلا دقائق حتى خلعت ثيابها ولبست قميص القطن وغسلت وجهها وأسنانها .
وعندما خرجت إلى غرفه النوم كان هو إلى جانب السرير وفي يده المرهم . فقالت له :" آه , حباً بالله , أعطيني أياه "
وأقتربت منه لتأخذه , لكنه تجاهلها ووضع المرهم . فقالت بغضب ::" هل عليك أن تمثل دور الممرضة ؟ عشيقتك السابقة هي كلبة حقود "
أنهى وضع المرهم , ووضع الأنبوب جانباً , ثم أمسك بوجهها وبدأ يعانقها . وعدما أستطاعت أن تتكلم قالت :" هذا لن ينجح "
- هذا ما أراه .
ثم عاد يعانقها بقوه ممزوجه بشيء من الرقة , وعندما رفع رأسه بدت عيناها وقد جمدتهما المشاعر . . ثم . .
صباح الخميس أستقلا طائره من مطار "كولانغاتا" ثم ركبا تكسياً إلى فندق "بالازو فرساس" القائم على شاطئ "مبن بيتش" والمطل على المحيط .
كان الفندق نفسه مخصصاً للسياح . أما الشقق الملحقة به فهي للبيع وكانت من الترف والرفاهية بحيث لايستطيع شراؤها سوى الأثرياء .
كان تصميماً إطالياً والردهة مبلطة بقرميد كالموزابيك . . وشهقت دانييل بسرور خالص عندما تبعت ريف إلى الصالون المترف المطل على البحر .
كان رائعاً. وقد أخبرته بذالك فقال :" أستمتعي ياعزيزتي , إذا أردت أن تتصلي بي , فليكن بالتلفون الخلوي , وسأحجز مائدة للعشاء "
مضى على آخر مره زارت فيها منطقة الساحل , عدت سنوات . وأرادت أن تحاول أكتشاف المكان . أول شيء هو الشقة نفسها , ثم مجمع التسوق الملاصق "مارينا ميراج" . ومهلت في أحد المقاهي هناك, ثم سارت إلى شارع "تيدر أفنيو" في "مبن بيتش" الذي مازال كما تتذكره .
عندما دخلت الشقة كانت الساعة الخامسة تقريباً , فتوجهت رأساً إلى الدوش .
بعد ذالك بدقائق شهقت مجفلة عندما أنفتح الباب ودخل ريف .
سألته بعنف :" هل كان عليك أن تأتي ؟"
- ولماذا لا أستريح وأستمتع ؟
- دع عنك الإغراء , فهذا لن يفيدك .
كانا يمضيان كل ليلة معاً وذالك منذ ثلاثة أسابيع تقريباً .
- هناك طرق كثيره نطلق بها العنان لبعضنا البعض .
- لا أريد واحدة منها .
وأطلق ضحكة مبحوحه قبل أن يقبلها .
مضت فترة قبل أن يرفع رأسه , ثم ربت على خدها :" فليكن إذن . والآن أذهبي "
فذهبت . وكانت قد أرتدت ملابسها تقريباً عندما دخل الغرفه .
كل ماأحضرته معها هو طقم للمساء أحمر حريري وحذاء أسود وحقيبة يد مناسبه للمساء تكمل المظهر .
كان المطعم يطل على البحر . والطعال بالغ الروعة , وقد نظم في الطبق بشكل فني حتى أصبح إفساد شكله خطيئة تقريباً , ورأت دانييل أن وجودها مع ريف وحدهما هو شيء حسن حقاً , دون ضيوف آخرين على المائده فهذا لايجعلها مرغمة على تبادل الأحاديث المهذبه , ولايجعلها تتحمل كريستينا وتطفها .
سألته :" هل أشتريت هذه الشقة الملحقة على الخريطه ؟"
- بل هما أثنتان , واحده لأستعمالي الخاص , وأخرى للإستثمار .
- فهمت أن أجتماع العمل بعد ظهر هذا اليوم كان ناجحاً ؟
وكأنه سيكون غير ذالك .
- نعم .
- متى سنغادر هذا المكان غداً ؟
- قبل الظهر .
يالها من إقامة قصيره , هل ياترى يعودان في مستقبل قريب .
- نعم بعد عدة أشهر .
وعندما رأى دهشتها قال :" ملامحك معبره تماماً "
- لكنك لست كذالك .
فقد كان مستحيلاً عليها أن تقرأ أفكاره . ولايبدو أبداً أنها ستتمكن من ذالك يوماً ما .
- قهوه ؟
تناولا متمهلين . ثم دفع الحساب وخرجا يتمشيان في الشارع الفسيح المشجر , مستمتعين بأصوات الليل , كانت هناك سفن النزهه المترفة واقفه في حوض السفن , والمقاهي العديده على الشاطئ مزدحمة بشاربي القهوه .
أمسك بيدها فشبكت أصابعها بأصابعه .
منذ أقل من شهر . أقسمت أن تكره هذا الرجل , وهاهي ذي الآن تجد تغييراً مفاجئاً في شعورها نحوه .
كان زوجها وعشيقها . وذات يوم سيصبح والد أبنها , فهل من الممكن أن يكون صديقها أيضاً ؟
وعندما نخفض علاقتهم إلى حدود الصداقة . فكيف سيمكنها مواجهة ذالك ؟
ليس بشكل جيد . هتف بهذا صوت ضئيل ساخر من أعماقها .
إندفع هذا الإدراك إلى عقلها واستقر فيه , دافعاً إياها إلى صمت متأمل .
بل هي حمقاء , كما أخذت تفكر بصمت , فريف فالديز قدم إليها إتفاقية عمل قبلتها هي بشروطه . وستبقى علاقتهما إتفاقية عمل , حتى ولو قتلها ذالك .
أستقرت الأيام على شكل مألوف . وكانت تشعر بالبهجه لأنها ترى متجر لافام ينتقل من قمة إلى قمة بأزدياد الزبائن وأرتفاع الأرباح .
وفي الليالي كانت دانييل تواجه المشاعر التي كان ريف يثيرها في كيانها , فتغذي جوعاً بدائياً وتتركها واغبه في أكثر من مجرد متعة .
التخطيط لعرض ليليان أخذ أولويه في تشاورها مع أمها وكانت النتيجة طلب المزيد من البضاعة .
حان اليوم المنتظر . وبدأ التنظيم . . أخذت دانييل تفكر في ذالك وهي تقفل المتجر , متأكده من أن الملحوضه التي تعلن عن العرض الخاص , واضحة للرؤية تماماً , ثم تفحصت أمر المقاعد , مسوّية من وضع مقعد هنا وآخر هناك , متأكده من أن بأمكان الزبائن الجالسين في الخلف أن يشاهدو العرض بسهوله .
كانت أزهار رائعة التنسيق موجوده في الوسط أمام جدار تغطية المرايا خلف مكتب المحاسبه . . وهو هدية من ريف كتب عليها (حظاً سعيداً)
-مارأيك .
قالت الأم بحماسه : "يبدو هذا رائعاً ياعزيزتي "
ولم يكن قد مضى وقت طويل على إحضار متعهدي الطعام لمختلف أنواع المقبلات والعصائر . كانت تنتظر حضور ثلاث عارضات أزياء مع ليليان وبعض المتطوعين للمساعدة كذالك .ولم يبقى سوى وصول المدعوين .
وفي تلك اللحضة دخلت ليليان ومعها المساعدون , تتبعها عارضتا أزياء .
قالت ليليان :" هناك تغيير خفيف في الخطه . الفتاة الثالثة العارضه التي أتفقنا معها , اتصلت تقول أنها مريضة . وتمكنت من الحصول على بديلة لها , وكان لطفاً من كريستينا أن تأخذ مكانها في هذا الوقت القصير "
وفي تلك اللحضة دخلت الشقراء الطويله المتجر واندفعت نحوهن .
كريستينا ؟ هل هي تنقذ المناسبه , أم تتخذ ذريعه باطلة ؟ وتكلفت دانييل الإبتسام , وهي تكبح زمجرة الغضب .
وقالت كارهه مايتوجب عليها من تهذيب :" إنه لطف منها . العارضات الأخريات في غرفة الملابس ."لين" مساعدتنا ستراجع البرنامج معك "
نظرت آريين إلى ساعتها ثم أنتقلت مع ليليان نحو المدخل لتستقبل أول مجموعة من المدعوات .
وفي الوقت المعين كانت كل المقاعد ملأى , وكان العرض جاهزاً .
الإعداد لكل هذا قد تطلب الكثير من التفكير والعناية إلى حد لا يكاد يترك مجالاً لأي عقبة . فقد حفظت دانييل البرنامج غيباً بكل تفاصيلة , وبدا التوتر عند عرض أول قطعة .
بعد مشاورات كثيره أستقر الأر على البدء بعرض ملابس النوم , ثم الإنتهاء بملابس داخلية جريئة هي سراويل بعرض الشرائط "وسوتيانات" بالغة الصغر .
كان في المتجر لافام الآن مجموعه كاملة متنوعة من أرقى المحلات في فرنسا وألمانيا وبلجيكا تضمن إرضاء أصعب الأذواق من الزبونات . البيجامات الحريرية ذات الألوان العاجية والمشمشية الباهتة والتبنيه , نالت الإستحسان , وقمصان النوم الطويلة الفائقة الإتقان وبقية ملابس البيت نالت الإعجاب . وأستمر العرض مع تغير طول الوقت مع كل دورة , إلى أن تم عرض كل ذالك النوع , ثم تبع ذالك الدثر والعبائات بأشكالها المختلفة وألوانها الرائعة .
حتى الآن كل شيء حسن , كما همست دانييل لنفسها .
- حتى الآن كل شيء ممتاز .
قالت آريين هذا وهن يحضرن للجزء التالي وهو عرض القمصان الداخليه بكل درجات الطول واللون والطراز , من الحرير والساتان والدانتيل .
قالت لها لين :" أكثر الحاضرات يضعن علامات شراء على البرنامج , فإن قررن الشراء , فستكونين بحاجة إلى أن تطلبي مقداراً ضخماً من البضاعة بدلاً منها "
أتراها تجرؤ على أن تعتبر الحظ قد خدمهن ؟ الإغراء لايقاوم .
رن جرس التلفون , فأخذت آريين المكالمه , ثم تحدثت بعدة كلمات بهدوء , ثم وضعت السماعة مكانها وتقدمت إلى جانب إبنتها .
- إنه ريف ياعزيزتي , إنه هنا في المنطقة وسيزورنا بعد عدة دقائق .
رجل وحيد في مملكة النساء . سألتها :" متى ؟"
- لقد أوقف سيارته لتوه في منطقة السيارات الخلفي في المنطقة .
شعرت دانييل بصراع سريع :" سأخرج وأدخله "
قالت متكلفة الهدوء مع أنها تشعر بكل شيء إلا الهدوء . . سارت نحو الباب الخلفي لتفتح الباب .
وهناك وقف ريف داساً يده في جيب بذلة العمل الرائعة التفصيل التي يرتديها .
وفكرت بصمت أنه بطل أسمر , وأخمدت اللهب البطيء الذي سرى في جسدها .

مونـــــي
09-01-2012, 21:36
ماكان سنبغي أن يكون لها هذا التأثير فيها وطمأنت نفسها إلى أنها لاتتشوّق إلى ذالك .
- مالذي تفعلى هنا ؟
رفع حاجبة والهزل يلمع في عينيه :" وهل هناك مايمنع أن أكون هنا ؟"
آه , رباه ! . . عليها أن تسيطر على نفسها :" هذا شيء غير متوقع "
ووقفت جانباً ليدخل ثم أغلقت الباب خلفة :" العرض في أوجه "
- أظن ذالك .
وأمسك بذقنها , بأصابع ثابته , يرفع وجهها إليه .
- ولكن ؟
- لاشيء .
أخذ يتأمل ملامحها , ورأى لمحة من ألم تكسوها فمسح فمها بإبهامة :" لاشيء يسبب لك صداعاً؟"
استطاعت أن تفلت من قبضته :" هل ستبقى ؟"
لم يكن مصمماً على ذالك . ليكن مصمماً على ذالك , نيته الأساسية كانت أن يمر على المتجر ويحيي آريين وليليان , ويتمهل عدة دقائق لكي يضيف وزناً للعرض , ثم يغادر .
لكنه غير رأيه الآن :" هل يزعجك إذا بقيت ؟"
آه , ياله من سؤال :" أنا واثقه من أن وجودك سيزعج بعض المدعوات "
ويسر عرضات الأزياء بالذات .
ضحكته المبحوحه جعلت الحرارة تسري في دمها .
- سأحاول ألا أكون فضولياً .
ردت بحدة :" هذا مؤكد "
ولم تستطع أن تهرب من القبلة التي قبلها إياها .
نظرت إليه عابسه وهي تمد يدها إلى حقيبتها وتخرج منها قلم الشفاه تصلح به لون شفتيها .
كان لحضور ريف نفس التأثير الذي توقعته دانييل , لأن المدعوات أعتدلن في جلستهن , وتألقت أبتسامتهن . وعندما دخلت العارضات بدت خطواتهن أخف , وحركاتهن أكثر إثاره بشكل ملحوظ .
ضاقت عيناه وهو يرى كريستينا تظهر , ولكن ملامحة كانت جامدة وهو يرى ماتعرضة .
كانت هذه الشقراء إزعاجاً حقيقياً , وتسائل ماذا فعلت لكي تحل مكان العارضة المتفق معها على تأديه العرض هذا النهار , وبشكل ما , شك في أن ليليان قد تآمرت معها لإحداث هذا التغيير .
ولكن ماهو محتمل أكثر هو أن كريستينا قد سألت عن أسماء العارضات المتفق معهن , ثم قدمت إلى واحدة منهن مبلغاً أكبر من الذي ستقبضة لكي تدعي المرض .
الملابس المزخرفه والمزينه بالدانتيل لم تكن تؤثر فيه كثيراً , وإن كان يعجب بالتفصيل والطراز الجميل .
استقر أنتباهه على ملامح زوجته , ولمح إرهاقاً وتوتراً وراء أبتسامتها .
كان المفروض ان ينتهي العرض الساعة الرابعه . فإن غادر الآن فهو سيلحق موعدة في الساعة الرابعة والنصف .
حاولت دانييل جهدها أن تتجاهلة . وهذه ليست بالمهمه السهلة , فقلبها يغدر بها في كل مره , وكانت في صراع بين أستسلامها وغضبها لحضوره .
لماذا لم يذهب ؟ أتراه مستمتعاً برؤية هؤلاء النسوه وهن يعرضن الملابس الداخلية ؟
كانت كريستينا في مكانها الطبيعي تقوم بدور الإغراء وهي تدور في أنحاء المتجر . وتقف كل عدة لحضات لتعرض ماتلبسه ونظراتها لا تتحول عن ريف .
ولم تفهم دانييل كيف لم تدرك جميع الموجودات دعوة هذه الشقراء المكشوفه الوقحة .
أنتهى العرض , وألقت آريين عدة كلمات مهذبه تشكر بها ليليان لتنظيمها هذه الحفلة , وتجع المدعوّات على أستغلال الوصل بالحسم للمساهمه في تمويل الأعمال الخيريه .
قُدمت القهوه مع البسكويت , وتأخر ريف مايكفي ليتحدث مع ليليان , ثم غادر المكان . ولكن ليس قبل أن تستوقفه .
تعمدت دانييل أن تركز نظرها على مكتب الدفع حيث أصطفت المدعوات والبرامج في أيديهن , كان العمل مزدهراً . وفي الواقع كان ناجحاً للغاية إلى حد أن بعض المدعوات بقين في المكان حتى حان وقت إقفالة .
ليليان , وهي المثالية في التنظيم , كانت قد رتبت أمر أخذ المقاعد مع شركة التأجير في الخامسه وبعد أن خرجت آخر مدعوه , أخذت آريين ولين ودانييل في تنظيم المكان وتنظيفة .
وهكذا عنما دخلت دانييل بيتها توجهت رأساً إلى الطابق الأعلى , كانت الساعة السابعة .
رجدت سيارة ريف في الكاراج , وهذا يعني أنه في البيت . وساورها الأمل في أنه قد يكون تناول طعامه وأعتكف في مكتبة .
دخلت غرفة النوم ومنها إلى الحمام حيث أغتسلت ثم عادت إلى الغرفة وأستلقت على السرير مسروره . .
لم تعرف كم مر عليها من الوقت وهي تفكر في نجاح حفلة العرض هذه ومقدار البيع . الشيء السيء الوحيد في الأمر كان كريستينا .
- كان ذالك سيئاً , هممم؟
فتحت عينيها وهي تسمع صوت ريف , وأتسعتا وهي تراه فوقها .
- كانت حفلة ناجحة .
بدا لها , بشكل غامض , شبيهاً بالقرصان في الجينز الأسود والقميص المفتوح عند العنق بكمية المثنيين إلى المرفقين . وكأن في قربه منها إلى هذا الحد مايهدد هدؤها النفسي .
قالت له بأدب :" نسيت أن أشكرك على الأزهار "
- بكل سرور .
- وكان لطفاً منك المرور علينا .
أبتسم . كان بعيداً عنها خطوه على الأقل .
- ولكن لابد أن ماجعلك تبقى أكثر من ساعة هو سبب قوي للغاية . اليس كذلك ؟
ورمقته بنظره قاتله :" لقد تألقت وجوه الضيفات تماماً لوجودك "
- أهتمامي الوحيد هو أن أسعدك .
تمنت لو تقذفة بشيء :" أحقاً؟ هل لهذا بقيت ؟ سامحني لأنني تصورت أنك حضرت لتتفرج على العرضات الرشيقات "
قال ضاحكاً :" ياعزيزتي , النظر إليك فقط كان يغريني أكثر لعلمي مايوجد تحت ذلك الطقم العصري الطراز الذي ترتدينه . ولعمي أنك ملكي متى شئت . كنت منجذباً إليك أكثر من إنجذابي إلى تلك الملابس الداخليه على نساء لا يجذبنني أبداً "
قالت بحدة :" لايبدو أن هذا رأي كريستينا "
- هذا طبيعي . وهي التي تعرض جسدها بذلك الشكل الفاضح وبغرور بالغ .
- لقد تطوّعت للعرض لأجلك فقط .
- أتغارين منها ؟
رفهن يدها تريد أن تصفعه ولكنه سبقها فأمسك بيدها .
- أخرج .
كان فيه شيئاً من الوثنيه وهو يجلس قربها بتلك الطاقة الخام البدائية .
- إياك .
وحاولت أن تتجنبه , لكنها وجدته يجذبها ويحيطها بذراعية .
- أسترخي .
وكيف يمكنها أن تسترخي, بحق الله ؟
حتى وهي تقاومه مد يده إلى رقبتها وأخذ يدعك أسفلها من الخلف .
آه , يالله , إنها تشعر براحة بالغه . وتنفست بصمت . مستسلمه لسحر لمساته .
بعد عدة دقائق , لم تستطع منع نفسها من القول :" أنت تفعل ذالك بشكل جيد جداً "
فشعرت بشفتيه تلامسان كتفها :" أرجو ألا يكون هذا الشيء الوحيد الذي أجيده "
أحست بالهزل في صوته , وأخذ نبضها يعلو عندما اكتسحت جسدها الأحاسيس .
- ماذا تريد ؟ أضع لك درجة عشره على عشرة؟
فضحك :" لاسمح الله"
تعانقا والبهجه تتملكها لهذه القوة التي تملكها في التأثير فيه .
نامت بعد ذالك , وعند منتصف الليل نزلا إلى المطبخ ليستعيدا طاقتهما بشيء ممل كالطعام .


مونــــــــــــــــــmoniــــــــــــــــي

-------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:39
9- رحلة الأحلام

تناولا الفطور على الفيراندا فكان ذالك طريقة مريحة لبدء النهار . . رشفت دانييل قهوتها وهي تسرح بنظراتها بين الحدائق . إن كدح أنطونيو في المروج والنباتات تظهر عناية وأناقة فائقين , وتأثير ذالك كان مذهلاً , وكانت ساعات عمل الزوجين تتطابق مع ساعات عملهما , وهذا يعني أنهما يدخلان البيت بعد خروجها , وتعود هي إلية بعد خروجهما .
كانت "توراك" ضاحية راقية بيوتها هي مزيج بهيج من القديم والحديث , وبعضها تحيط به الأراضي الفسيحة .
ولم يكن بيت ريف بالمستثنى , فاجدران العالية تجعله يبدو منفرداً منعزلاً رغم قرب الضاحية من المدن .
قال لها وهو ينهي قهوته :" لدي أسبوع من الإجتماعات في باريس ولندن , وسنذهب غداً"
إشراكها معه ملأها مراره :" المفروض أن نتحدث مع أمي ولين لكي تستعدا إلى العمل مكاني , فاقضية كلها هي (أنجاز عمل) "
أمال رأسه وهو يجيب :" هل كنت تفضلين أن نضيع الوقت بالمناقشه ؟"
- ألا تمنحني حق الرفض ؟
قال بشيء من الهزل :" أتريدين أن ترفضي ؟"
فتحت فمها , ثم عادت فأقفلته , باريس , إنها تريد هذه الفرصه السانحه لزياره دور الملابس الداخلية :
وبدت على شفتيها إبتسامه بهيجه :" ومن يعترض على رحلة إلى باريس ؟"
حتى في الجو القارس البروده في الشتاء , تحتفظ باريس بسحرها .
تجاهلت دانييل الجو الضبابي الرطب وهي تنقل معطفها وتلف وشاحها الصوفي حول عنقها .
لقد مضت خمس سنوات على آخر زياره لها إلى باريس , وهناك أماكن تريد أن تعرفها . . . معارض فنون , ضفاف السين , المقهى المفضل لديها الذي مازال في خيالها منذ إقامتها المؤقته تلك في هذه المدينه الرائعه .
قد تكون السماء غائمه , لكن مزاجها متألق كقوس قزح .
إنها تحب جوها الخاص وتاريخها العريق . . .
لن يهمها أن يكون ريف مرتبطاً بإجتماعات عمله طوال النهار . فهناك متحف اللوفر ونوتردام , ولن تكتمل الزياره إلى باريس دون رؤية المدينة من أعلى برج إيفل . . .
تنهدت وأسرعت الخطى , تريد أن تستغل كل لحضه من الأيام التي ستمضيها هنا .
عمّ قلبها البهجه لأنها تستطيع التسوق , ومع أنها كادت تجن عندما أعطاها ريف بطاقة حساب بأسمها , فقد قاومت إغراء التسوق .
كانت الساعة قد تجاوزت السادسه عندما دخلت فندقها الفخم في جادة "الشانزليزيه" وأستقلت المصعد إلى جناحهما .
وجدت ريف هناك وقد خلع سترته وفك رباط عنقة . .
ألقى نظره واحدة على وجنتيها المتوهجتين وعينيها المتألقتين , ثم تقدم نحوها يعانقها عناقاً طويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاً . .
- هل أمضيت يوماً حسناً ؟
- كان رائعاً , وأنت ؟
ومنحته أبتسامه أحتوت قلبه .
- الفرنسيون يحبون المساومة .
- وكذالك الإلحاح .
- يمكنك أن تقولي ذلك .
- وأنت لاتذعن .
وكان هذا تقريراً أكثر منه سؤالاً .
- لا.
إذا عُقدت الصفقه فهي على شروطه هو .
وضعت دانييل أكياس التسوق على كرسي , ثم أخذت تفك أزرار معطفها .
دس ريف يديه داخل المعطف الدافئ , وجذبها إليه ثم أخذ يحك أنفه تحت أذنها :" تعالي وشاركيني الدوش "
كان يريدها , ويريد حلاوتها , وأكثر من كل شيء آخر كان يريد أن يلاشي نفسه فيها . أن يحتضنها وينسى مؤقتاً إحباط هذا النهار .
ثم عاد فصمم على أن يرتديا ثيابهما المناسبه ويذهبا للعشاء في مكان ما , فيأكلان الطعام ثم يعودان إلى الفندق .
- أنا لست واثقه من أن هذه فكره جيدة .
حك بشفتية خدها:" لا؟"
- لا . .أريد أن أخرج من هذا الجناح .
- وهل هذه مشكله ؟
- هذه باريس .
قالت ببساطه وكأنما قالت كل شيء . وأخذ هو يضحك بصوت خافت لحضة قبل أن يعانقها . .
بادلته عناقة . . ثم لم تعد تستطيع منع نفسها من التجاوب معه . .
- حذار , ياحبيبه .
ثم عاد إليها بشغف وقوه كادت تكتسحه هو قبلها هي .
بعد ذالك بنصف ساعة خرجا يتمشيان في الشارع في الجو البارد المعش . كان بإمكانهما . أو ربما كان عليهما أن يدخلا أحد مطاعم الفندق بدلاً من أن يغامرا بالخروج .
وعلى كل حال المطاعم الفاخره كانت على إمتداد الشوارع . ولم يكونا بحاجه إلى السير بعيداً قبل أن يدخلا إلى مطعم فاخر حيث طلب ريف , بفرنسة لاعيب فيها . من رئيس الندل أن يجد لهما مائده .
كان الطعام فاخراً , ومدحت دانييل ذالك وهي ترفض الحلوى وتطلب القهوه .
بدا ريف وكأنه هره شبعانه . . أو فهد مرقط ناعم الشعر , كما شبهته , واعيه إلى القوه الكامنه تحت البذله الإيطالية التفصيل , والقميص الأبيض المنشى .
مجرد تفكيرها في مايمكنه أن يفعل بها , جعل قلبها يخفق خفقات غريبة .
وكان هو يعلم . يمكنها معرفة هذا من لمعان عينيه والتواء فمه .
- دانييل ؟ دانييل آلبوا ؟
كان الصوت مألوف والرجل أيضاً .
- جان كلود ؟
شاب صوتها عدم تصديق , ثم ضحكت من حلقها رافعه وجهها لتتلقى قبله تحية على كل خد , وكانت عيناها تلمعان :" لاأصدق هذا "
- أنا الذي لاأصدق أنك عدت إلى باريس , ياعزيزتي .
ونقل نظراته بينها وبين ريف ثم سألها :" ألن تعرفينا ببعضنا البعض ؟"
- طبعاً , جان كلود سبيبر . ريف فالديز .
قال ريف ببطء مؤكداً أمتلاكه لها :" زوجها "
أحست دانييل بتحذير خفيف في لهجته , فعجبت لذالك .
- جان كلود هو صديق قديم . أجلس معنا , ارجوك . كنا على وشك أن نطلب القهوه .
تعود صداقتهما إلى سنوات خمس على الأقل . وكان هو شهماً تماماً معها .
- هل أنت واثقة ياعزيزتي من أنني لن أتطفل عليكما ؟
ونظر إلى الرجل الذي يضع خاتماً في إصبعها , وتسائل عما إذا كان من الحكمه أن يزعجه .
أشار ريف إلى الكرسي الخالي :" تفضل "
- والأن أخبرني ياريف كيف أستطعت أن تحصل على هذه المخلوقة الحلوه ؟
- بتقديمي لها عرضاً لم تستطع أن ترفضه .
- فهمت .
- أرجو أن تكون فهمت حقاً ياصديقي .
قال ريف هذا بلهجه مطاطه وهو يرفع يده إلى النادل بأن يحضر قهوه .
- مر وقت طويل منذ أن رأيتك آخر مره .
قال جان كلود هذا وهو يهز كتفيه ويتابع :" ومع ذالك لم تكن المدة طويله , ولكنك أروع جمالاً الأن ."
ومنحها إبتسامه دافئة .
قالت بأبتسامه خبيثة :" وأنت أكثر تزلفاً "
- آه , أنت تعرفينني جيداً.
قالت تخاطب ريف اللذي كان ينظر إليهما :" جان كلود كان طالب فنون في السور بون . وقد تعارفنا عندما كنت أجول في متحف اللوفر . كان مصمماً على أن يشعل النار في العالم بفنه "
سألة ريف بتكاسل زائف :" وهل فعلت ؟"
-ليس في العالم . وإنما في قسم صغير منه فقط .
سألته دانييل مداعبة :" صغير إلى أي حد ياجان كلود ؟ فأنت كنت متواضعاً دوماً إلى حد لا يصدق "
-أعمالي معلقه في بعض معارض الفنون .
جاء النادل بالقهوه , فأضافت دانييل إلى قهوتها قشدة وسكراً . بينما تناولها الرجلان ساده .
- إلى متى أنت باقية هنا؟
- عدة أيام فقط .
قال ريف له هذا فرأى الخيبة على وجهه .
- أخبرني عنك , هل تزوجت ؟
- لمدة قصيرة . زواجنا لم ينجح . وأنا الآن أدفن نفسي في عملي .
- أنا آسفة .
- نعم . أصدق أنك آسفة .
أنهى قهوته ثم وقف وأخرج من جيبه ورقة ماليه وضعها على المائده .
أزاحها ريف جانباً . رافضاً لها, لكن الرجل الفرنسي لم يأخذها :" عن أذنكما "
ولامس خدها بيده :" إلى اللقاء ياعزيزتي "
ثم حيا ريف وأنصرف .
أخذت تنظر إليه وهو يسير على الرصيف , ثم رفعت فنجانها ترشف منه :" لا .. لم يكن "
قالت هاذا بهدوء تجيب على نظرات ريف الهادئه , متحدية .
لم يتظاهر بأنه لم يفهم :" هل أحببته ؟"
أجابت بهدوء :" كان يساعدني عندما أحتاجه . لقد وقعت في حب رجل ظننته أحبني لنفسي ولكن ما أكتشفته أنه كان مهتماً بإيرث آل "آلبوا" . في ذالك الوقت تعرفت على جان كلود الذي لملم قطع المشاعر المحطمه وساعدني على تمالكها من جديد ؟"
كانت عيناها صافيتين , يشبه غمامة من ذكريات الألم , فأضاف ريف صامتاً بأنه وقع في غرامها .. وتسائل إذا كانت تعلم بذالك :" يبدو أنني أسأت الحكم عليه "
- ولن تسنح لك الفرصه لتعديل رأيك .
- ألم تبقي على أتصال به ؟
قالت ببساطة :" ما كان ذالك بمثابة إنصاف له "
أستدعى ريف النادل ودفع الحساب :" هل نذهب ؟"
تمشيا فتره , يتوقفان هنا وهناك , متفرجين على واجهات المحلات . كان الليل يفيض بالحياه والناس الجالسين في المقاهي حيث روائح الطعام والقهوة التي تعبق في الجوّ .
كان ثمة نوع من أنعدام الزمن , وذبذبات لم تعرفها في أية مدينه أخرى في العالم . ربما هي الآن تنظر إليها بمفهوم جديد تبدو مختلفة .
أو ربما هي التي تغيرت . فإدراكها أنا الكرامة والأستقامه هما أهم من الأملاك والأصدقاء الزائفين . قد غيّرها كثيراً .
كان الوقت متأخراً حين عادا إلى جناحهما في الفندق . سار ريف نحو منضدة الكتابه وفتح حقيبة أوراقه :" سأعمل لفتره "
- هذا حسن .
ستنام في السرير . راجيه أن تكون نائمة حين يأتي لينام . وهكذا كان . وبعد ذالك بساعة وقف ينظر إلى ملامحها بهدوء . واعياً إلى جمال روحها الداخلي . لقد جذبتة إليه بعنف , موقضة شيئاً في أعماقة .
مرت الأيام التالية بسرعه أكثر مما ينبغي , حيث لم يكن هناك ما يكفي من الوقت للقيام بكل شيء .
العودة إلى اكتشاف المدينة كان عملاً منعشاً ذالك أن دانييل جددت معرفتها بما هو مألوف لديها وأبتهجت بما هو جديد .
ما أروع أن تمضي هنا شهراً بدلاً من ثلاثة أيام ! وعلى كل حال , أستطاعت أن تعثر على متجرين راقيين للملابس الداخلية حيث أخذت فكرة عن طراز ملابس الفصل القادم الداخلية .
كان هناك الكثير مما عليها أن تراه وتقوم به , وهذا ما منعها من التسكع في المقاهي المنتشره في الشوارع . وكل مساء كانت تعود إلى الفندق فتستحم وتغير ملابسها وتتعشى , ثم تعود إلى اكتشاف المدينه في الليل مع ريف اللذي كان يرافقها ويرعاها .
وبسرعة أكثر مما تحب , عادا إلى لندن حيث أمضيا يومين وليلة قبل أن يعودا إلى وطنهما .
رن جرس التلفون , فتركت دانييل المانيكان في واجهة المتجر التي كانت تلبسها , وأتجهت إلى التلفون . فقد كانت أمها مشغولة في غرفة القياس مع زبونه .
- مساء الخير. متجر لافام , دانييل تتكلم .
- هل تلقيتم أي سراويل بديلة ؟
كان صوتاً نسائياً يسأل .
إنها زبونه من جهنم :" أستطعت أن أشتري نفس اللون والطراز والحجم أثناء وجودي في باريس . إنها هنا لأجلك , يمكنك أخذها متى شئت "
ساد صمت قصير أستوعبت فيه المرأه قولها :" سآتي غداً "
هذا عضيم , فقد بدا لدانييل أن المرأه مستعده لإثاره مشكله . فقد أعادت زوج سراويل أشترتها أثناء العرض . مصره أن شقاً صغيراً كان في الدانتيل حين أشترته , وهو شيء تعلم هي وأمها أنه غير صحيح , لأن كل قطعه تتعرض لفحص دقيق حين الأستلام . وهي لاتضاف إلى رفوف البضاعة قبل فحصها .
وهذا يعني أن الشق حدث بعد الشراء , وسواء أكان هذا عملاً متعمداً أم تعرض لحادث , فهذا قابل للأخذ والرد .
لقد دار بينهما حديث طويل وأتهام مغرض عن الأهمال في الصناعه وأتهام لافام بأنها يبيع بضاعه بماركة زائفة وبثمن مرتفع .
لقد أزعجها ذالك الأتهام , وجعلها تضاعف الإحتياط . لو كانت الزبونه كريستينا لكان الدافع واضحاً , ولكن الشكوى في الأيام العشره الماضيه جائت من أمرأتين مختلفتين .
وكان شيئاً يبعث على الإطمئنان عندما مرت عدت أيام دون تورط مع أي طلب خاص , أو إعادة قطعة يزعم أن فيها عيباً أو أي شكوى .
أزدهر المتجر , وخرج الكاتالوج إلى الضوء , وعلى المستوى الإجتماعي , كان الأسبوع هادئاً تماماً .
- هل لديك مانع في أن أدعو آريين إلى العشاء ؟
ألقت دانييل هذا السؤال أثناء تناولهما طعام الفطور صباح الجمعه , فنظر إليها متفحصاً .
- الليلة ؟
- فكرت في يوم الأحد , إلا إذا كان لديك خطة أخرى .
وقضمت لقمة من الخبز المحمص أتبعتها برشفة قهوه .
- لابأس بيوم الأحد .
- أنا سأطهي الطعام . أتشك في أن بإمكاني ذالك ؟
قالت جملتها الأخيره مغضنه أنفها عندما رأتة يرفع حاجبه .
- وهل عنيت أنا غير ذالك ؟
لأجل هذا فقط ستطهي شيئاً غريباً لايمكن تصديقة ! وأنهى قهوته ونهض واقفاً :" لاتنتظريني للعشاء "
-وأنا لن أكون في البيت , فهذه الليلة نتأخر في البيع .

قالت هاذا تذكره , ثم تبعته خارجة من الغرفه , حيث تناولت سترتها وحقيبتها , ثم سارت في أثره إلى الكاراج .
- هممممم . . . هناك رائحة شهية .
تمتم ريف بأستحسان وهو يدخل المطبخ عصر يوم الأحد . بدت غاية في الظرف في الشورت والقميص دون أكمام . وكانت قد جعلت شعرها على شكل ذيل حصان , وتركت وجهها بلا زينه وكان هناك على خدها رشة طحين .
تقدم إليها يجذبها إليه , وإذا به يتلقى لطمة على ساعدة , لكن ذالك لم يكن له أدنى تأثير وهو ينحني يقبلها , وتملكة الرضى وهو يرى نظرته الجامده لولا أنها تمالكن نفسها بشكل أسرع مما يحب .
- إذا كنت تريد البقاء في المطبخ فكن نافعاً . هل تريد أن تغسل هذه أم تجففها ؟
وأشارت إلى مجموعه من الأواني المتسخه .
وكان قد عمل ذات يوم في غسل الأواني في عدة مطاعم وذالك مقابل الطعام , فقال :" أذهبي وسوي من شأنك "
ولم تظيع وقتاً وعندما عادت بعد عشر دقائق , كان المطبخ قد عاد إلى مظهره النظيف المتألق .
وصلت آريين في الخامسة وسألت أبنتها إن كانت تريج أي مساعدة ولكن دانييل شكرتها .
كانت وجبه فاخره أستحقت الجهد تماماً , وتناولا فيما بعد القهوه على الفيراندا
كان الهواء نقياً , والسماء صاحيه قائمة مرصعه بالنجوم , وكرهت دانييل أن تعترف بأنها , منذ مده طويله لم تشعر بمثل هذا الأسترخاء .

مونــــــــــــــmoniــــــــــــــي
-----------------------------------------------------------

مونـــــي
09-01-2012, 21:41
10- هل يحبني ؟

سألت آريين بأهتمام :" هل أنت واثقه من أنك لاتمانعين إذا خرجت باكراً ؟"
سألتها دانييل باسمه :" منتصف الأسبوع والساعه الخامسة ؟ لن تندفع الزبونات فجأه إلى المتجر . أذهبي , يمكنني أن أغلق المكان وحدي "
بعد ذالك بخمس وعشرين دقيقة , نظرت دانييل في ساعتها هم أرتفعت أنغام الموسيقى . بعد دقائق يمكنها أن تقفل الباب الأمامي , وبقية الأبواب ثم تغادر .
سيكون حر النهار مزعجاً حالما توقف مكيف الهواء . وفكرت في بحيرة ريف الداخليه في البيت , البارده المنعشه . وتلهفت إلى السباحة فيها عدة أشواط قبل الدوش وتغيير ملابسها للخروج إلى معرض لفن النحت , وهو عرض خاص لنخبة الزبائن وجامعي أعمال النحاتين .
وجنح عقلها إلى محتويات خزانة ثيابها . . دوماً اللون الأسود أكثر تعبيراً , ولكن ربما . . وإذا بصوت الجرس الداخلي الألكتروني يدهشها , فنادراً ما يدخل المتجر أحد في هذه الساعه .
كان الشاب الذي يركب الدراجة النارية يضع الخوذه . . لم يكن في مظهره مايجعلها تخشاه . فقالت له وهي تتقدم نحوه :" أية خدمة ؟"
ربما جاء بالنيابة عن صديقة له , ولديه قائمة بالحجم واللون والطراز أو يتذر ذالك .
فأشار إلى المانيكان في الواجهه :" هل لديك ذالك السروال الأسود مقاس عشره ؟"
لم يستغرق منها فتح الدرج وإخراج السروال سوى دقائق . ثم تحولت إلى مكتب البيع للفه وربطه ثم وضعه في الكيس اللذي كان مطبوعاً عليه ماركة الشركة البائعه .
وإذا بيدين قويتين تمسكان بذراعيها تلويانها إلى الخلف فصرخت مذهول :" ماذا تفعل بحق الله ؟"
- أخرسي .
لابد أنه لص , ولكن عليها اللعنه إذا هي أستسلمت دون قتال .
وبحركة سريعه من كعب حذائها أصابت المشتري , سمعت بعدها شخره حادة منه وهو يدفعها إلى الأرض .
أخذت تقاومة عبثاً , شاعره بالكره للسهوله التي أستطاع بها أن يبقيها مكانها على الأرض . لقد أمسك بيديها الأثنتين بقبضة واحدة . وكانت في وضع يتراوح بين الجلوس والركوع على الأرض .
ودون تفكير , مدت رأسها إلى ساقه وغرزت أسنانها في فخذه .
ثم صرخت بألم لأن أصابعه شدتها بشعرها تبعدها إلى الخلف بعنف ثم صفعها صفعه تجاوب صداها على وجهها .
- كلبه .
ودمعت عيناها لقوة الصفعها .
- خذ المال وأذهب .
سمعت صوت قطع شريط الربط من بكرته , متبوعاً بشخره ساخره , وقاومت كالنمره قبل أن يفلح آسرها في ربط معصميها معاً , وشعرها اللذي كان ملوياً على رأسها , أصبح الآن منحلاً منهاراً , كما تمزقت أنفاسها .
قرب وجهه من وجهها :" حاولي ذالك مره أخرا , وستتمنين الموت عند ذالك "
فقذفته بنظره هي مزيج من الغضب والأزدراو .
- ألا تقولين شيئاً ؟
قال هذا بعنف وقسوه ومد يده يحيط بذقنها بحركة ذات معنى .
- إياك أن . . تلمسني !
وكن غضبها حقيقياً .
ابتسم بهدوء أثيم :" حاولي أن تمنعيني "
رفسته في آخر محاولة له لتؤذية ولكنه أمسك بساقها . ثم ربط كاحليها بالخيط , فأستحال عليها القيام بأية حركة من ركبتيها فأخذت تشتمة .
نظرت إلية وهو يفتح درج النقود ويضع الأوراق الماليه والنقود المعدنيه في جيبه , ثم ينحني ليمسك بذقنها بقبضة من يعاقبها :" في الوقت الذي تحصلين فيه على مساعدة . أكون أنا قد رحلت منذ زمن طويل "
وجرف السروال يقلبه على الأرض ثم أختفى من الباب .
تخلصت دانييل من حذائها , ثم سارت نحو التلفون بقدر ما يسمخ لها به الشريط الذي يقيّد قدميها . تباً لذالك , من كان يظن أن شريط الربط بهذه القوه والفعاليه .
لو تمكنت من فتح درج وإخراج مقص , فقد تتمكن من تحرير نفسها .
أستغرق ذلك وقتاً , لكنها أستطاعت ذالك . أولاً كان كاحلاها ,ثم ساقاها وفخذاها . أنزلق المقص مره تاركاً خدشاً سيئاً .
أمكنها على الأقل , أن تقف على قدميها وتصل إلى التلفون . إدارة الأرقام لم تكن سهله , وضغطت على رقم خطأ فأضطرت إلى إعادة الكره .
أجاب ريف بعد الرنة الثالثة :" فالديز "
قالت بهدوء :" هناك شخص سلب المتجر لتوه .أنا بحاجه إلى أن أبلغ الشرطة "
سمعته يشتم :" هل أنت بخير ؟"
كانت غاضبة ترتجف :" نعم "
- أنا قادم .
ووصل في خمس دقائق .
وكانت أثناء ذالك قد أستطاعت أن تتصارع مع المقص الذي أدخلته في الشريط الذي يقيد معصميها وشقته . أستوعب المشهد بنظره واحدة .. فبدت ملامحة قناعاً ثلجياً وهو يتقدم إليها .
وكانت عيناه داكنتين إلى حد بالغ وهو يرى البقع الحمراء على وجنتيها من أثر الصفعه :" لقد آذاك "
- كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ.
أحاط وجهها بيديه وأخذ يمرر أصابعه على وجنتيهها برفق ثم أنحنى يقبلها . كانت قبلة حنوناً شعرت معها بأنها تتمزق .
- اخبريني .
أخبرته بكل شيء بهدوء , رغم أن صوتها أهتز قليلاً عندما رفع شعرها عن وجهها .
- لابأس فلنستدع الشرطة .
نفوذ ريف ضمن أن يصل ضابط الشرطة في سرعه قياسيه . وفي الواقع , لم يكن هناك مايمكن عمله سوى تسجيل الواقعه في ملف ووضع تقرير بها. لم يحدث خراب للمتجر .والمال المسلوب يعادل مئة دولار , ولأن السارق كان يلبس قفازات جلدية لم يكن هناك أثر لبصمات اصابع , ولأنه كان يلبس خوذة على رأسه لم يكن بأمكانها أن تمييز ملامحة جيداً .
قامو بالتحريات اللزمه . وسألوا كل شخص يحتمل أنه رأى شيئاً , ولكن ذالك لم يسفر عن شيء . والحادثة كلها ستنتهي كغيرها من الحوادث المسجلة ضد مجهول .
كان ريف يودع الضابط خارج الباب عندما رأى دانييل تتناول حقيبة يدها وتبعه إلى الباب :" سأراك في البيت "
نظر إليها بحدة :" الأفضل ألا تسوقي سيارتك "
- لماذا ؟
- أسمعي مني ياعزيزتي .
- أنا بخير .
كانت فعلاً كذالك , مع أنها تشتبه في أن اللص لم يكن يتصرف بصوره عشوائيه بل تبعاً لخطة مقصوده .
رأى التصميم واضحاً على ملامحها , ولمح شيئاً وراءه , فقرر أن يرجى ملاحقة ذالك إلى مابعد , أما الآن , فهو يريدها بعيده علن هذا المكان .
كان عليه أن يقوم بعدة أتصالات لكي يحقق الأمن لها قام بالأول من تلفونه الخلوي وهو يلحق بها إلى البيت إلى البيت , وسره أن يعلم أن إرشاداته ستنفذ في اليوم التالي .
وقفت السيارتان في الكاراج الفسيح , ثم صعد بها ريف إلى غرفتهما , وملأ حوض الحمام ماء ثم تقدم إليها .
أخذ يفك أزرار سترتها فضربته على يده :"يمكنني أن أخلع ثيابي بنفسي "
- نعم يمكنك ذالك .
- سنتأخر عن العشاء .
- نعم سنتأخر .
ضمها إلى صدره فزغرد قلبها له .
بإمكانها أن تغمض عينيها وتسلمه نفسها ليذهب بها حيث يشاء .
زفر من بين أسنانه وهو يرى الخدش المستطيل في باطن فخذها , ورأت غضبة وهو يتفحصه .
- لقد أنزلق المقص من يدي وأنا أحاول أن أقطع الشريط .
فضاقت عيناه :" هل لمسك ؟"
- ليس بالمعنى الذي تعنيه .
وفي الواقع كاد يرسل الرجفه في كيانها .
شعرت بنفسها في الفردوس وهي تميل إليه فتسدل أهدابها وتستسلم .
شعرت به يتحرك ثم يمشط شعرها بأصابعه , فتمتمت مسروره . ثم أدارها إليها لتواجهه وقبلها .
لم يكن هناك طلب .. مجرد رقة بالغه جعلتها تود لو تبكي .
أقتربت من تحيط عنقه بذراعيها تطلب الأطمئنان والدفء منه .
أن يحميها وحبها هذا الرجل لأمران غير موجودين بين الأشياء التي عرضها عليها . وما حصلت عليه حالياً يكفي , أما أن تتطلع إلى المزيد فهو جنون .
وببطء , رفعت رأسها تحك أنفها بأنفه .
كانت أبتسامتها تحمل عبثاً حقيقياً وهي تنهض :" هل نسيت أن عليها أن تذهب إلى معرض "داكتاره؟"
-سأتصل بهم وأعتذر من عدم الذهاب .
وضعت إصبعها على فمهاا :" أنا أحب أن أذهب "
- هل ستخبريني لماذا ؟
-قد أكون مخطئه.
- وإذا لم تكوني ؟
- أريد أن أتصرف بالنسبه للأمر .
ستفعل هذا ولكن مع العون الكثير .
غداً سيكون هناك كاميرات خفيه تنصب أمام وخلف المتجر , إضافه إلى زر إنذار يدق رأساً في مركز رجال الأمن .وأيضاً حارس يكون موجوداً من وقت فتح المتجر إلى وقت إغلاقه . وسيقوم هو بتحرياته الخاصه , فإذا كان هناك شخص يريد أن يخيفها , فسيجعله يدفع الثمن غالياً . ولكنه قبل ذالك يريد أن يطمئن إلى كل الإحتياطات الواجبه موجوده , بصرف النظر عن قبولها بذالك أم عدمه .
كانت الساعه قد تجاوزت الثامنه عندما دخلا المعرض.
دُعي إلى هذا المعرض صفوة الصفوه من المجتمع . النساء تأنقن بملابسهن الفاخره وأخذن يعرضن مجوهراتهن التي تطلت وجود حارس من رجال الأمن .
أحسنت دانييل في إخفاء العلامه الموجوده على وجنتها اليسرى بمواد الزينه . وكانت قد أختارت ثوبها بعنايه فائقه , عالمه بأن اللون الوردي المتألق يكشف لون بشرتها , ولأنها رغبت في الظهور بمظهر أنيق , كومت شعرها على رأسها بشكل منحرف وثبتته بمشط مزخرف , ولم تضع أي مجوهرات .
أخذت دانييل تطوف المعرض فتقف هنا وهناك متأمله التماثيل المعروضه .
لم يتركها ريف قط , وسجل في ذهنه عودتها إلى قطعه معينه من البرونز علوّها من الثمانيه إلى العشرين إنشاً , موضوعه أمام عدة
مرايا مقعره وبذالك كانت تبدو كل زواياها .
- إنها مذهلة .
قالت هذا ببساطة تصورتها في المتجر عندها موضوعه على قاعده رخاميه على شمال مكتب القبض وخلفها ستاره حريريه ناعمة , مثير للإهتمام .
نظرت إلى الثمن وشحب وجهها . ستحتاج إلى أن تزيد قيمة تأمين المتجر لكي يغطي قيمة هذه المنحوته .
- ريف , دانييل , ما أجمل أن أراكما مره أخرى !
ألتفت ريف وأبتسم لليليان ستانيش مرحباً . ثم قال بظرف :
" عذراً ليليان .. سأتغيب عنكما دقائق .. "
قالت ليليان متأمله :" إه شخصيه هامه . أليس كذالك ؟"
- نعم .
وافقت دانييل على ذالك برزانه , ومسعت ليليان تقول ضاحكه: تبدوان زوجين سعيدين , ياعزيزتي "
- سأخبر ريف بما قلته .
- أنا اخطط لحفلة خيريه أخرى الشهر القادم . وسأحرص على إرسال تذاكر لكما .
- أرجو أن تكون أريين من المدعوات ؟
- طبعاً ياعزيزتي .
- شكراً لك .
- والآن , عن إذنك .
عندما اصبحت وحدها , نظرت إلى المنحوته بكآبه . ثم أنتقلت إلى القطعة التاليه المعروضة . بعد ذالك بثوانٍ , دفعتها غريزتها إلى النظر في أرجاء المعرض , وهناك رأت قواماً أخاذاً في ثوب أحمر , كريستينا .
إذا كانت الشقراء دهشت لرؤية دانييل , فقد أخفت هذا جيداً .
وبعد ثوان ٍ من تشابك الأعين , رفعت دانيي يدها تحييها تحيه صامتة . ثم أخذت نظر إليها وهي تتقدم نحوها :" لم أتوقع أن أراك الليلة "
أتسعت عينا دانييل متعمدة :" هل هناك سبب خاص لذالك , ياكريستينا ؟"
- كيف كانتت باريس ؟
-رومانتيكية بالرغم من سوء الجوّ والبرد والمطر .
- مدينة العشاق .
- نعم .
- لا تقعي في حبه ياعزيزتي إنه مهلك.
أصبحت إبتسامتها مألقة بالرغم من الحقد الثلجي البادي في هاتين العينين الرماديتين الباردتين .
لمحت دانييل ريف في اللحظه التي ألتفتت فيها الشقراء قليلاً لتمنحه ابتسامه قاتلة .
- كنت نتحدث عنك لتوّنا .
وضع يده حول خنصرها , فشعر بتوترها :" عليينا أن ننذهب إلى البيت . هل لديك مانع ياعزيزتي ؟"
- كريستينا تريد كوب عصير .
- سأستدعي النادل .
وفرقع بأصابعه , وفي لحضه برز النادل .
- مفسد المتعة .
تمتمت دانييل بهذا بهدوء , فشعرت بضغط أصابعه يزيداد .
- هل نذهب ؟
قالت كريستينا ساخرة " رباه , أبهذه السرعة ؟"
قالت دانييل بإبتسامة حلوة:" في ذهنة شيء مغرٍ "
ثم ألتفتت إليه :" أليس كذالك ياعزيزي ؟"
لم تغفل الشقراء عن نبرة السخريه في كلمة ( عزيزي ) هذه .
فلمعت عيناها بروح الإنتقام لحظة قبل أن تنجح في تغيير ملامحها
:" في تلك الحالة , أبتهجا , ولابد أن نتصادفف مرة أخرى . في وقت قريب ".
أخذت دانييل تنظر إليها إلى أن غابت عن الأنظار , كانت تشعر بصداع , وشعرت بضعفٍ لا يصدق .
- لقد بقينا هنا مايكفي .
قال هذا بحزيم , ولم تحتج وهو يقودها إلى المخرج .
وفي السيارة , مالت برأسها إلى الخلف وأغمضت عينيها , مسروره بجو السياره المعتم .
بعد ذالك بربع ساعه دخلت إلى غرفة النوم وبدأت تخلع ملابسها , واعية إلى تفحصه لها وهو يخلع ملابسه , هو أيضاً.
- هل لك أن تخبريني بسبب ذالك كله ؟
- لا .
قالت هذا ببساطة ثم سارت إلى الحمام , فغسلت وجهها ولبست قميصاً قطنياً مقفلاً . وعنندما خرجت قدم إليها كأس ماء وحبتي دواء :" خذي هاتين وأستلقي على السرير "

مونـــــي
09-01-2012, 21:42
شعرت برأسها وكأنه أنفصل عن جسدها , أبتلعت الدواء ثم تسللت بين أغطية السرير .
آخر ماتذكرته كان ريف وهو يطفئ النور , ظلام الغرفة , ثم بهجة زوال الألم .تناولا الفطور متمهلين على الفيراندا , وتبعاً لإلحاج ريف , أتصلت دانييل بأمها وأخبرتها بما حدث مساء أمس , وأستمعت إلى وهي تهتف مصعوقه , فأخذت تطمئنها قدر إمكانها . وقبل أن تضع السماعة قالت :" نعم , طبعاً , سأكون موجوده هذا الصباح "
قال لها وهي تملأ كأس عصير :" لقد رتبت أمر وجود نظام أمني في المتجر "
توقفت يدها عن العمل , ثم وضعت إبريق العصير مكانه : " المعذره ؟"
- لقد سمعت ماقلت.
- لا حاجه مثل هذا .
فقال بحزم :" ياعزيزتي المتفوّقة لا أريد نقاشاً "
- إلى جهنم بعدم رغبتك في النقاش .
- فرقة رجال تسصل باكراً هذا الصباح سيكون هناك بعض المقاطعةة القليلة لعملكما .
شعرت برغبه في أن تظرب الأرض بقدمها إحباظاً لأستبداده بها .

******************************
- هل أنت واثقه من أنك بخير ؟
سأرت آريين أبنتها بإهتمام في اللحضة التي دخلت فيها هذه المتجر .
- أنا بخير .
وكررت هذا بحزم عدة مرات . شاعره بنفسها كفرخٍ صغير مع آبوين بالغي اللهفة , ولكن لهفة ريف مناقضة للهفة الأب !
- عدة رسائل بالفاكس , ياعزيزتي , واحد من باريس مثبتاً أستفسارنا , وآخر من المموّن يبلغنا بأن البضاعة ستتأخر .
- أمنحيني لحظه أتفقد فيها البريد .
لقد صنعت القهوه للتو .
رن جرس التلفون الألكتروني الداخلي . فسارت دانييل إلى الباب تستقبل الرجل اللذي دخل المتجر لتوه .
بطاقة عملة اثبتت مركزه مع رجال الأمن . ولم يكد الرجال يبدؤون العمل حتى دخلت شابة أنيقه مبرزه أوراق أعتمادها مصرة على أنها أبرمت إتفاقيه مع ريف فالديز بصفتها ضابظة أمن داخل البيوت .
أعلنت دانييل ذالك بغضب وهي تسير إلى التلفون لتتصل بريف .
أستمع إلى سبابها مسيطراً على اعصابه , ثم قال بحزم :" ماريس ستبقى .. أنتهت القصة "
- لا أحتاج إلى حارسة لعينه !
- تعوَدي على هذا يادانييل .
- سنتحدث في هذا عندما أحضر إلى البيت .
- كما تشائين .

تملكها شعور بأن بإمنكانها أن تتمنى كل ماتريد . لكن النتيجة واحده , فأخذت تسبه مجدداً وهي تقفل الخط .
قالت ماريس :" أنا ملمّه بسجلك المخزن في الكمبيوتر , وأنا على معرفه بفن البيع " .
وأجفلت دانييل عندما بدأ أحد الردال يدير مثقاباً كهربائياً .
سيصبح النهار جهنماً هنا !
أخذت تغلي عضباً بصمت . وعندما أخذت بعض الزبونات يسألن عن سبب وجود العمال عللت دانييل بأن هذا من أجل التصليحات .
لم يقتصر الأمر على جهاز أمني فقد . بل تعدى الأمر إلى كاميرات وضعت في الخلف وفي الصالون الرئيسي .
وقالت لأمها إن حراسة المتجر أصبحت أشد من حراسة بنك .
- يا عزيزتي , ريف يعرف مصلحتك جيداً . فقد كان مساء أمس سيئاً للغايه ,ولكن كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير .
تباً لذلك فهي تعرف هذا . وراء غضبها هذا شعور بالشكر له .
وعلى كل حال , لم يمنعها من متابعة الهجوم الشفاهي بعد أن دخلت البيت بدقائق .
وجدته دانييل في المكتب , يعمل على أرقام على شاشة الكمبيوتر . وعندما دخلت أوقف العمل , ومال إلى الخلف من كرسيه ومنحها أنتباهه الكلي .
- لماذا لم تستشيرني ؟
أتراها تدرك مبلغ جمالها عندما تكون غاضبه ؟ نبذ الهزل وجلس مستعداً للقتال , وهو يراها تحاول كبح سخطها :" لافائده من الأعتراض , ياعزيزتي "
فقالت وهي تتقدم نحو المكتب :" لابأس. سأتعوّد على جهاز الأنذار . وأقر بصحة وجود الكاميرات ".
ثم مالت فوقه تحملق فيه :" ولكن ماريس ؟ حقاً ياريف , ماريس وجودها يقتلني ".
قال بإختصار :" ماريس موظفه عندي وأنا أدفع لها راتباً ..أنتهت القصه ."
اشتبكتت عيناه بعينيها , فألتقكت دانييل أول شيء وجدته تحدت يدها وقذفته بإتجاهه وأخذت نظر /إليه معجبه وهو يتلقاه بهدوء ثم يظعه على المكتب .
وبحركة رشيقه , نهض ودار حول المكتب متوجهاً إلى حيث كانت تقف وهي تحملق فيه بتمرد .
- هل لديك شيء تريدين إثباته ؟
- نعم , هذه المرة فقط أريد أن أراك مهزوماً ضعيفاً .
رفع يده يمسك بذقنها . متى أصبحت الرغبة والشهوة حباً ؟ إنه لايستطيع اني يعيّن اللحظه بالضبط . ولكن هذا ما حدث .
قال مترنحاً بكسل :" أنت نجحت الليلة الماضيه , وأدركت أنا هناك شخصاً يسارع إليك , خائفاً من أن يحلّ بك أذى "
ما الذي يريد أن يقوله ؟ إنه يحبها ويهتم بها ؟ وكادت هذه الفكره تحطمها .
وقفت لحظه طويله , غير قادره على سلخ نظراتها عن نظراته .
هناك ما لا يمكن قراءته في هاتين العينين السوداوين , وشعرت بغضبها يتبدد :" أنا آسفه "
ابسم , وأخذ سمر بإبهامه على شفتيها :" نعم , أنا أصدق أنك آسفه "
وآشار بيده إلى صندوق موضوع على منضدة بجانب النافذة :" اذهبي وافتحيه "
بقيت جامده عدة لحظات , غير قادرة على تحويل نظراتها عن نظراته , ثم سارت نحو الصندوق وفتحته بحذر . كان فيه شيء مربوط .. اخذت ترفع من حوله الإسفند , ومالبثت أن شهقت بصمت وهي ترى المنحوته , ذات مرايا .
إنها المنحوته التي أعجبتها في المعرض .
سألته غير مصدقة :" هل اشتريتها ؟"
- ستبدو جيدة في المتجر .
أعادت دانييل سنادات الإسفنج إلى مكانها بحذر ثم التفتت تواجهه . ولم تعرف ماإذا كان عليها أن تبتسم أم تبكي :" شكراً "
كان يداعبها , وكانت تعلم ذلك .
هذه اليلة كانت هي التي مدت يديها له ورغم أنه وجد متعة كبرى في حركات أصابعها , كان هو الذي سيطر على الموقف .
- لماذا أنت الرابح دوما ً؟
سألته هذا بصوت مبحوح , وسمعته يجيب بنفس الصوت :" لأنني أستطيع ذلك "


مونـــــــــــــــــmoniـــــــــــــي

مونـــــي
09-01-2012, 21:43
*******************************
11- يد الشر

- تبدين شاحبة ياعزيزتي . هل هناك شيء ؟
خاطبت آريين ابنتها بذالك بعد أيام .
- لاأظن ذالك . أشعر بتعب وهذا كلك شيء .
- ربما تجهدين نفسك في العمل .
نظرت إلى أمها ساخره :" ليس أكثر من المعتاد ".
وكيف تخبر أمها بأن ريف يبقيها مستيقظه في الليل وغالباً ما يوقظها عند الفجر ؟
- هل من الممكن أن تكوني حاملاً ؟
فكرت دانييل قليلاً في مايتعلق بهذا الأمر ثم هزت رأسها :" أشك في ذالك "
ومع ذالك ذهبت إلى صيدليه وأشترت اختباراً للحمل . عندما جاءت النتيه إيجابيه ارتبكت كثيراً .
كيف يمكن ان تكون حاملاً ؟ ياله من سؤال أحمق !
لكن موعداً مع الطبيب اثبت ذلك .
- ثمانية أسابيع .
قالت معترضة :" لايمكن لهذا ان يكون صحيحاً "
- أؤكد لك هذا ياغزيزتي .
- لكن الدورة الشهريه حصلت معي ذلك الشهر .
- هل لاحظت أي شذوذ فيها ؟
قطبت جبينها . لقد كانت خفيفه ودامت نصف الوقت المعتاد .
استمعت ذاهلة إلى الطبيل وهو يشرح لها الأمر طبياً . طلب منها فحص الدم , وأخذ ورقة الطلب . ثم نهضت مغادره العياده وفي يدها بطاقة مواعيد .
رباه . . طفل . . طفلها . .
صدمها هذا الاقع وهي في طريقها إلى المتجر .
لايمكنها أن تخفي هذا الأمر عن أمها . لأن لها الحق في ان تعلم , وريف أيضاً .
- آه , يا إلهي !
وبادرتها أمها حال دخولها :" الجواب نعم ؟ أواه , ياعزيزتي . . ما أجمله من خبر !"
واحتضنت أبنتها بحماسة .
أحقاً ؟ المفروض أن تكون سعيدة لتحقيقها البند الأول من الأتفاقيه , فلماذا لاتشعر بذالك ؟
هذا يعني أن هناك موعداً معيناً ينتهي فيه زواجها .
قالت لها أمها برقه وهي ترى إختلاط المشاعر على وجه أبنتها :" هل ستتصلين بريف لتخبريه ؟"
- سأنتظر حتى الليلة .
ذلك سمينحها وقتاً تتنفس فيه , وعلى كل حال , المحل مزدم بالعمل وهذا مالن يسمح لها بالتفكير .
وكان الأمر كذلك حين دخلت بيتها قبل السادسة بقليل .
لو كانت الظروف عادية لحجزت مائدة في مطعم مفضل لديها , ولألقت بالخبر بين الطعام اللذيذ وأضواء الشموع .
بدلاً من ذالك , تصارعت الكلمات في ذهنها طوال فترة العشاء فتخلت عن محاولة العثور على الكلمات المناسبة وهي تدفع عنها طبق ثمار البحر .
- ألست جائعة ؟
سألها هذا وهو يرى جهودها المتقطعة .
- ليس تماماً.

أخبريه !
- هل هناك مايزعجك ؟
لن تحصل أبداً على الوقت المناسب :" زرت الطبيب اليوم . أنا حامل "
ها قد فعلتها .
اشتعل شيء في عينيه السوداوين سرعان ما أخمده .
- وطبعاً هناك موعد معين للولاده ؟
حدث الحمل في الأيام العشرة الأولى من زواهما .
قالت بأبتسامة باهتة :" في منتصف تموز . لقد اكتملت اللآن المرحلة الأولى "
بقي صامتاً عدة ثوانٍ, كانت عيناء أثناءهما تخترقان أعماقها :" ما هو شعورك ؟"
آه كيف يمكنها الإجابه عن هذا السؤال ؟ خطر لها جواب وقح سرعان مانبذته :" ممتاز "
- ستنتقلين طبعاً إلى عيادة طبيب نسائي وتخفضين ساعات عملك في المتجر .
- لا
لم يتحرك , بدا عليه جمود خطر أفلح في بعث قشعريرة باردة في جسمها :" لا ؟"
كيف يمكن لكلمة واحده أن تحدث مثل هذه الفوضى المدمره في المشاعر ؟ فقالت :" أنا شابة ومعافاة , فإذا أوصى الطبيب بأنني بحاجه إلى عنايه خاصه فسيكون ذالك . أما بالنسبه للمتجر . . فأنا أنوي متابعة العمل إلى آخر المدة "
وبدا في عينيها الغضب :" إنه جسدي , والجنين أبني , خاصه في هذه المرحله التي نحن متلازمان فيها "
عليها أن تبتعد عنه ولو مؤقتاً , فنهضت واقفه , تريد أن تبتعد عنه قدر الإمكان.
مدّ يده يمسك بها قبل ان تبتعد .
- دعني أذهب .
كان ذالك توسلاً انسلخ من أعماقها ، لكنه تجاهله وهو يشدها إليه :" جسدك , وطفلي أنا ! "
قال ذالك بنعومه خطرة , وأمسك يدها يضعها على بطنها يغطيها بيده :" إنه أبننا "
كيف يمكنه أن يقول هذا ؟ فهي ستحمل هذا الجنين سبعة أشهر أخرى , ثم تحبة وترعاه في كل يوم من أيام طفولته . . وبعد ذلك سيكون عليها أن تتراجع ولا تشاركة في سوى قسم صغير من حياتة .
بدا لها من الجنون أن تبدأ بهذه التأمللات والطفل لم يولد بعد .
وريف . . كيف ستحتمل هجره لها . كيف ستقف جانباً تنظر إليه وهو يتزوج مره أخرى , جلباً أماً أخرى لـ ( أبنهما ) , ثم يسير في حياة منفصله تماماً عن حياتها ؟
والأسوأ من ذالك , كيف ستعيش من دونه ؟
ربـــاه ..
صدمهاا إدراك ذالك ومزّق مشاعرها . أهو الحب ؟ هل أحبته ؟ لا . هذا مستحيل . تباً لذالك , فالحب لم يكن جزءاً من الإتفاقيه !!
لابد أنها الهرمونات التي تحدث هذه المشاعر المدمرة . . جزء من عقلها فسر هذا منطقياً , ولكن الجزء الآخر بكى .
- سألغي خطتنا لهذه الليله .
سمعت هذه الكلمات فهوى قلبها . ليلة الإفتتاحيه في المسرح حيث سيؤدي الممثلون أدوارهم بشكل ممتاز في مسرحيه أستراليه جيديده . كيف نست ذالك ؟
التفكير في أرتداء ملابس جميلة وتأدية دور أجتماعي لم يصادف حماسه فيها . على كل حال ذلك حدث هام , وغيابها سيكون ملحوظاً.
- لماذا ؟ الحمل لايجعلني زهرة هشه فجأة .
كادت أبتسامته الدافئه المتأمله تذيب قلبها . وارتجف فمها قليلاً عندما ضغط بشفتيه على جبينها .
- لم أتصور لحضة أنه سيجعلك كذالك .
دخلا المسرح قبل أن يبدأ التمثيل بعشر دقائق . وكانت التذاكر قد بيعت مسبقاً .
وعندما أختلطا بالآخرين شعرت بودود ريف بقربها قوياً .
- ريف , دانييل , كنت آمل حضوركما .
رباه , أنها كرستينا . وأعترفت دانييل بأنها تبدو رائعه بثوبها الحريري العاجي اللون . وان مرافقها رجلاً لم تره دانييل من قبل .
كبحت فكرة قاسيه في أن الشقراء أستأجرته لهذه الليله .
- أعتقد ان جلوسنا سيكون معاً .
لم تكن تنقصها البراعه في الوصول إلى هدفها .
ولحسن الحظ , أعلن المذياع أن على أرباب المؤسسات أن يأخذو مقاعدهم , فتخلص بهذا من تبادل أحاديث مهذبة .وكان طبيعياً ان تُفلح كريستينا في الجلوس بجانب ريف , وأخمدت دانييل أفكاراً إجراميه وهي تجلس إلى يساره .
أمسك بيدها يشبك أصابعه بأصابعها , ولم يجفل حتى عندما غرزت أظافرها في راحته .
بدأت الأوكسترا بالعزف , وخفتت الأنوار , ورفع الستار .
حاولت دانييل أن تسحب يدها من يده فلم تفلح . فركزت نظراتها على خشبة المسرح وعلى الممثلين .
تضمن العرض ثلاث إستراحات . في الأستراحة الأولى استأذنت للذهاب إلى استراحة السيدات , وهو شيء أصبحت مؤخراً بحاجه أكثر إليه .
وعندما عادت , أكتشفت أن كريستينا غارقه في حديث طويل مع ريف . رغم ان من الإنصاف القول إن الشقراء تقوم بكل الحديث .
أنضمت دانييل إليهما , وأتسعت عيناها قليلاً عندما رفع ريف يدها إلى شفتيه . وسألته فيما بعد وهو يعودان إلى مقعديهما :" ماذا كان هدفك من ذالك "

مونـــــي
09-01-2012, 21:45
- التطمين .
- تطمينك أم تطميني ؟
الفصل الثاني من التمثيل أستحوذ على أنتباهها , أو على أكثره .
فقد كانت واعيه إلى ماقد تكيده كريستينا , ومنعتها كبرياؤها من البحث عما إذا كانت اصابع الشقراء بأظافرها المصبوغى , ملقاة على أي جزء من جسم ريف .
الحاجه مره أخرى للذهاب إلى أستراحة السيدات أثناء الأستراحه الثانيه , جعلت دانييل تتساءل عما إذا كان ضعف المثانه هي لعنة المرأة الحامل . . وقررت أن تشتري كتاباً لتتعلم منه كل ما يرافق الحمل .
لم تجد زحاماً لحسن الحظ , ولكن عندما خرجت وجدت كريستينا تجدد زينة وجهها أمام إحدى مرايا الجدار .
لابد أن هناك سبباً لوجود الشقرا , وليس هناك سوى تفسير واحد .
ولمادا تضيع وقتها ؟
- ليست المصادفه على ما أعتقد هي التي جعلتك تتبعينني إلى هنا .
- سيكون من المؤسف إذا أصيب المتجر "لافام " بنكسه .
- هل هو تهديد . يا كريستينا ؟ إذا كان الأمر كذالك , فأنت ستكونين في أول القائمه إذا أخذت الشرطة تتحرى في حالة حدوث مزيد من المشاكل . وقد ينفعك أن تتذكري أن ريف هو صاحب المتجر وما يتعلق به .
- ياعزيزتي , أنا لا أفهم ما تتحدثين عنه .
- أحقاً ؟
ضاقت عينا كريستينا :" أنت شاحبة قليلاً ياعزيزتي , هل أنت متوعكة الصحه ؟"
- ماكنت قط أصح مني الآ ن.
لم يكن هذا صحيحاً تماماً , ولكن كان عليها أن تلوي القاعده قليلاً.
- قد يظن المرء ..
وسكتت كريستينا وأتسعت عيناها , ثم ضاقتا قليلاً :" هل أنت حامل ؟"
- في الواقع نعم .
بدا على وجه كريستينا خليط من المشاعر ليس بينها واحد جميل :" لماذا , ياكلبة ؟"
- ليست هذه طريقة حلوة جداً لتقديم التهاني .
وانفتح الباب , فاغتنمت دانييل الفرصة للهرب .
كان ريف غارقاً في حديث مع ليليان , وشعرت بالراحه وهي تسمع رنين الجرس طالباً من كل شخص العوده إلى مكانه .
- لقد غبت طويلاً.
- أستراحة السيدات مزدحمة .
خفتت الأضواء وعزفت الأوركسترا , وبدأ الفصل الأخير .
عندما عادا إلى البيت كان الوقت متأخراً . تثاءبت دانييل وهي تصعد السلم . كان هذا ماتمكنت من القيام به في الفصل الأخير , وحالما وصلت إلى غرفتهما , خلعت طقمها المسائي الأنيق وغسلت وجهها من الزينه , ثم أندست في السرير .
- متعبة ؟
سألها وهو يحتضنها , وعندما تمتمت تثبت له ذالك حك شفتيه بصدغها , ثم أستعد للنوم .

*****************
كان نهاراً رائعاً ولكن بعض الغيوم شوهت السماء الزرقاء .
وضعت دانييل في ذهنها أن تتصل بالمموّن وهي تتمهل باسياره خارجه من الطريق المؤدي إلى المتجر , لتتجة إلى شارع "توراك رود "فقد كان طراز من السراويل والصداري المتناسبة معاً قد أحرز رواجاً لذا هي تريد المزيد من الكميه المطلوبه حالياً .
وفجأة أحست بشيء أزرق يندفع أمام نظرها كالبرق ,, ثم سمعت صوت احتكاك معدن بمعدن , بقوه تثير الأعصاب , إذا بها تنقذف إلى الأمام .
حدث هذا بشكل غير متوقع , وبسرعه لم تدع لها مجالاً للتفكير , ولابد أنها ضغطت غريزياً على المكابح لأن السيارة قفزت بعد ثوان , عند المنعطف ثم وقفت على مسافة من عدة أشجار ضخمه متواجدة على جانب شارع المتجر .
رباه !!!
جلست وهي ترتجف عدة ثوان , ثم أنبلجت الحقيقة في ذهنها .
فكت حزام المقعد من حولها , ونزلت من السياره .
شعرت بقلق على السائق الأخر , ورغبت في فحص مما أصاب سيارتها من تلف . . كانت بحاجه إلى تسجيل التفاصيل لأجل شركةالتأمين , ومن ثمالأتصال بالشرطة . .
- هل أنت بخير ؟
سمعت دانييل صوت رجل يسألها ذالك , تبعه صوت رجل آخر فنظرت حولها تبحث عن السيارة الأخرى . ولكنها لم تجد لها أثراً .
قال شخص ما :"ظرب وهرب , أبن الحرام "
بدا على وجهها عدم التصديق :" أنت تخدعني , أليس كذالك ؟"
- عليك أن تجلسي ياآنسه .
قبل أن أقع ؟ لا . فأنا أقوى من ذالك . أرادت أن تطمئن نفسها بهذا الإيحاء ولكن الصدمه سلبتها مؤقتاً , صوتها .
- سأستدعي الشرطة .
- وسيارة إسعاف .
- لست بحاجة إلى سيارة إسعاف .
قالت ذالك وهي تخرج تلفونها الخلوي . يجب أن تتصل بأمها وتخبرها بأنها ستتأخر .
- أبقي حيث أنت بالضبط , إياك أن تتحركي ولايهم إذا كانت السيارة صالحة للسير .
طلبت منها أمها ذالك بعد أن سألتها إن كانت أصيبت بضرر .
- أنا ..
وأوشكت أن تقول إنها بخير لكن أمها قطعت الخط قبل ذالك بدت الناحية الخلفية من سيارتها طبيعية بشكل لايصدّق , فلم يكن بها أي خدش .
وقفت سيارة الشرطة , وأوارها ببألق ’ وبعدها بثوان وقفت سيارة ريف الجاكوار . وأغمضت عينيها لحظة لدى رؤيته .
الملاك الأسمر الطويل , أخذت تفكر في ذلك وهو ينزل من سيارته مستعداً لكي يمزّق شخصاً ما إرباً إرباً . لابأس , ما دام لن يمزقها هي .
وصل ريف إليها أولاً , دون أهتمام تجاوزه حدود السرعة لكي يصل إلى هنا , أو إيقاف السيارة بطريقة جعلتها تصدر صريراً حاداً , مما أضطر الشرطي إلى اعتراضه . لكنة تجاهل هاتين العينين الفولاذيتين وهما تقوّمانه فإذا كان هناك أية مشكلة فسيواجهها فيما بعد .
أما الآن فكل أهتمامه منصب غلى دانييل . وصحتها . ولم يهتمي البتة بأن هناك من يسراه وهو يأخذ وجهها ويقبلهاا .
اطمأن قليلاً عندما شعر بتجاوبها معه , وأزداد أطمئنانه عندما تخلصت من عناقه , وإن كان هذا لم ينفعه لأنه سرعان ماعاد يعانقها .
قالت تحتج بصوت خافت :" أكان ينبغي ان تفعل هذا ؟"
أخذ يتفحص وجهها بملامح متحجره وفك متوتر . ثم أسترخى قليلاً عندما تبددا التوتر الذي تملكه منذ اللحظه التي تلقى فيها مكالمه آريين التلفونيه .
- نعم .
لمحت شيئاً واضحاً خافت أن تحدده , مضت لحظه غام فيها كل شيء من حولها .
ثل توقف العالم عن الحركة ؟ إنها تقسم بأن ذلك ماحدث .
- أنا بحاجة إلى بعض التفاصيل , ياآنسه .
وتبدد السحر . التفتت فرأت الشرطي واقفاً على بعد ذراع .
سمعت همهمات أصوات , ومن بعيد زعيق سيارة إسعاف .
- لا أريد سيارة إسعاف .
كررت دانييل قولها هذا ولكن لم يبد أن هناك من يسمع .
وتنهدت , وبدأت تعود بتفكيرها إلى ما أدى إلى لحظة الأصطدام . . التي لم تتخذ أي أحتياط لها .
وقفت سيارة الإسعاف , وعانت من سلسلة من الأسئلة , ثم أحتجت كثيراً عندما قال ريف بأن عليها الذهاب إلى المستشفى ولكنه لم يصغ إليها البته بل أخذ حقيبتها من السسيارة ووضعها في سيارتة .
- فقط خدني إلى عملي .
دار بها ريف حول المنعطف , مدركاً أن أمامها خمس دقائق فقط قبل أن تدرك أنها غير ذاهبة إلى المتجر .
انفعلت للغاية كما كان يتقع , وأنفعل هو ايضاً , فرفع يدها إلى شفتيه قائلالاً :" أخرسي "
إذا كان يظن أنه بهذه التحية الرقيقة سيكيبها , فهذا شيء آخر :" ليس بي سوء !"
فنظر إليها كابحاً ابتسامة :" أنت تدارينني "
تنهدت دانييل :" إلى أين نحن ذاهبان ؟"
- وصلنا تقريباً كان هناك مستشفى خاص اتصل به مسبقاً لإدخال دانييل آلبوا فالديز في جناح خاص .
عندما قيل لها أن تخلغ ملابسها وترقد في السرير قالت بصوت خافت :" هذه سخافة "
القت على ريف نظره عابسة وهو يطوف الغرفة , نظرت إلى الثوب القطني , هل يربط إلى الأمام أو إلأى الخلف ؟ تباً لذلك ما كان ينبغي أن تكون هنا أبداً !
- دعيني اساعدك .
إنه هنا , يفك أزرار سترتها ثم يساعدها على خلغها ولقي بها على الكرسي .
- يمكنني أن اقوم بذلك .
لم يهتمي بطلامها . ودفعت يديه عندما مد يده ليفتح سحّاب التنوره :" أنت تقف في وجهي ياريف أبتعد عني "
- غير ممكن .
في هذه الأثناء دخلت ممرضة , فأشارت إلى ملابسها الداخليه :" هل أترك الملابس الداخليه علي ّ ؟"
- أخلعي كل شيء . >>>> أخخخخخخخ ورطه !!! -_-
قالت الممرضة هذا ببشاشة وأشارت إلى ثوب المستشفى :" أربطي هذا إلى الخلف "
قالت دانييل وهي تستجيب :" ما أظرفها !"
كانت نتيجة الخفة والكفاءه سيلاً من الأسئلة والأختبارات تبعها زيارة من الطبيب النسائي .
- الجنين بأحسن حال .
- هل أذهب إلى البيت الآن ؟
- غداً . سنبقيك هنا الليلة للراحة والبقاء تحت الملاحظة .
- هل هذا ضروري ؟
- إنه إحتياط .
طمأنها بذلك وهو يبتسم بحرارة ثم يغادر الغرفة وخلفه الممرضة .
- أحب أن أكون وحدي . هل لك ان تذهب من فضلك ؟
قالت دانييل هذا بهدوء . وبدا لها ريف ضخماً في الغرفة , طويلاً عريضاً يوشك وجوده أن يكتسحها .
تحوً ل ريف عن النافذه والمشهد الذي كان يتأمله أسفل . هناك أسئلة ينبغي أن توجّه , طالباً أجوبتها . وهناك أيضاً مكالمات عليه أن يقوم بها .
سار إلى السرير , كابحاً الـ(حافز) الذي يدفعه إلى ان يضمها ويرضي نفسة بقبلة .
- سأعود فيما بعد .
أومأت موافقة , وعندما خرج مالت برأسها إلى الخلف وأغمضت عينيها .
ضرب وهرب . هذا يعني أن هناك محاولة لإيذائها عن عمد . كريستينا ؟ أترى معرفتها بحمل دانييل مس شعور الغرور والعظمة لديها ؟ وإذا كان هذا صحيحاً , فهل هي قادره على إثباته ؟
بعدما أحضرت الممرضه لها غداء اتصلت بها أمها تلفونياً , ووصلتها أزهار مع بطاقة من ريف , وأمضت وقتاً تتصفح فيه مجلالات مختارة قبل أن تستسلم إلى نوم خفيف متقطع .
زارتها آريين بعد خروجها من المتجر متوجهه إلى بيتها , محضرة من المتجر كيساً يحتوي على قميص نوم .
ناولتها ذالك محفيه لهفة الأم خلف أبتسامة حارة:"إنها لك . قميص المستشفى ليس حسن الشكل "
ابقت الحديث مرحاً , ولكنها لم تذكر لها أنها أخبرت ريف بكل شكوكها . . ثم غادرت المسشفى عندما أحضرت الممرضات العشاء . وعندما جاء ريف أنتعشت داننيل ولم تقاوم عندما عنقها بقوه ثم جذبها إليه وأخذ يداعب شعرها برقة فائقه جعلتها تطوّق عنه بذراعذيها .
- هل تعشيت ؟
كان سؤالاً مملاً لايشبة ماكانت تريد ان تقول .
- فيما بعد .
وحملها بين ذراعيه إلى كرسي قريب جلس عليه ثم وضعها على ركبتيه .
- هل كنت مشغولاً جداً اليوم ؟
- نعم .
فقد بدأ العمل على الفور , فجمع بعض الحقائق , ثم طلب الإجتماع بكريستينا التي حاولت اللجوء إلى الخداع والدموع , وكنها أخيراً أعترفت بحبها له الذي لايموت , وكن جوابه تحذيراً كالثلج , ونصيحة لها بأن تغادر المدينه في غضون أربع وعشرين ساعة أو تواجة دعوى قانونيه سيرفعها عليها .
شعرت دانييل بالسرور في الأستلقاء بين ذراعيه , شاعره بخفقات قلبه تطمئنها , متنشقة رائحة الكولونيا التي يفضلها .
ربما هي بسبب الصدمة تشعر بالتعب . ولكنها لم تعد تشعر بأن قضاء ليلة في المسشفى أمراً ممتعاً .

*****************************
مونـــــــــــــــــــmoniــــــــــــــــــــي

مونـــــي
09-01-2012, 21:46
- التطمين .
- تطمينك أم تطميني ؟
الفصل الثاني من التمثيل أستحوذ على أنتباهها , أو على أكثره .
فقد كانت واعيه إلى ماقد تكيده كريستينا , ومنعتها كبرياؤها من البحث عما إذا كانت اصابع الشقراء بأظافرها المصبوغى , ملقاة على أي جزء من جسم ريف .
الحاجه مره أخرى للذهاب إلى أستراحة السيدات أثناء الأستراحه الثانيه , جعلت دانييل تتساءل عما إذا كان ضعف المثانه هي لعنة المرأة الحامل . . وقررت أن تشتري كتاباً لتتعلم منه كل ما يرافق الحمل .
لم تجد زحاماً لحسن الحظ , ولكن عندما خرجت وجدت كريستينا تجدد زينة وجهها أمام إحدى مرايا الجدار .
لابد أن هناك سبباً لوجود الشقرا , وليس هناك سوى تفسير واحد .
ولمادا تضيع وقتها ؟
- ليست المصادفه على ما أعتقد هي التي جعلتك تتبعينني إلى هنا .
- سيكون من المؤسف إذا أصيب المتجر "لافام " بنكسه .
- هل هو تهديد . يا كريستينا ؟ إذا كان الأمر كذالك , فأنت ستكونين في أول القائمه إذا أخذت الشرطة تتحرى في حالة حدوث مزيد من المشاكل . وقد ينفعك أن تتذكري أن ريف هو صاحب المتجر وما يتعلق به .
- ياعزيزتي , أنا لا أفهم ما تتحدثين عنه .
- أحقاً ؟
ضاقت عينا كريستينا :" أنت شاحبة قليلاً ياعزيزتي , هل أنت متوعكة الصحه ؟"
- ماكنت قط أصح مني الآ ن.
لم يكن هذا صحيحاً تماماً , ولكن كان عليها أن تلوي القاعده قليلاً.
- قد يظن المرء ..
وسكتت كريستينا وأتسعت عيناها , ثم ضاقتا قليلاً :" هل أنت حامل ؟"
- في الواقع نعم .
بدا على وجه كريستينا خليط من المشاعر ليس بينها واحد جميل :" لماذا , ياكلبة ؟"
- ليست هذه طريقة حلوة جداً لتقديم التهاني .
وانفتح الباب , فاغتنمت دانييل الفرصة للهرب .
كان ريف غارقاً في حديث مع ليليان , وشعرت بالراحه وهي تسمع رنين الجرس طالباً من كل شخص العوده إلى مكانه .
- لقد غبت طويلاً.
- أستراحة السيدات مزدحمة .
خفتت الأضواء وعزفت الأوركسترا , وبدأ الفصل الأخير .
عندما عادا إلى البيت كان الوقت متأخراً . تثاءبت دانييل وهي تصعد السلم . كان هذا ماتمكنت من القيام به في الفصل الأخير , وحالما وصلت إلى غرفتهما , خلعت طقمها المسائي الأنيق وغسلت وجهها من الزينه , ثم أندست في السرير .
- متعبة ؟
سألها وهو يحتضنها , وعندما تمتمت تثبت له ذالك حك شفتيه بصدغها , ثم أستعد للنوم .

*****************
كان نهاراً رائعاً ولكن بعض الغيوم شوهت السماء الزرقاء .
وضعت دانييل في ذهنها أن تتصل بالمموّن وهي تتمهل باسياره خارجه من الطريق المؤدي إلى المتجر , لتتجة إلى شارع "توراك رود "فقد كان طراز من السراويل والصداري المتناسبة معاً قد أحرز رواجاً لذا هي تريد المزيد من الكميه المطلوبه حالياً .
وفجأة أحست بشيء أزرق يندفع أمام نظرها كالبرق ,, ثم سمعت صوت احتكاك معدن بمعدن , بقوه تثير الأعصاب , إذا بها تنقذف إلى الأمام .
حدث هذا بشكل غير متوقع , وبسرعه لم تدع لها مجالاً للتفكير , ولابد أنها ضغطت غريزياً على المكابح لأن السيارة قفزت بعد ثوان , عند المنعطف ثم وقفت على مسافة من عدة أشجار ضخمه متواجدة على جانب شارع المتجر .
رباه !!!
جلست وهي ترتجف عدة ثوان , ثم أنبلجت الحقيقة في ذهنها .
فكت حزام المقعد من حولها , ونزلت من السياره .
شعرت بقلق على السائق الأخر , ورغبت في فحص مما أصاب سيارتها من تلف . . كانت بحاجه إلى تسجيل التفاصيل لأجل شركةالتأمين , ومن ثمالأتصال بالشرطة . .
- هل أنت بخير ؟
سمعت دانييل صوت رجل يسألها ذالك , تبعه صوت رجل آخر فنظرت حولها تبحث عن السيارة الأخرى . ولكنها لم تجد لها أثراً .
قال شخص ما :"ظرب وهرب , أبن الحرام "
بدا على وجهها عدم التصديق :" أنت تخدعني , أليس كذالك ؟"
- عليك أن تجلسي ياآنسه .
قبل أن أقع ؟ لا . فأنا أقوى من ذالك . أرادت أن تطمئن نفسها بهذا الإيحاء ولكن الصدمه سلبتها مؤقتاً , صوتها .
- سأستدعي الشرطة .
- وسيارة إسعاف .
- لست بحاجة إلى سيارة إسعاف .
قالت ذالك وهي تخرج تلفونها الخلوي . يجب أن تتصل بأمها وتخبرها بأنها ستتأخر .
- أبقي حيث أنت بالضبط , إياك أن تتحركي ولايهم إذا كانت السيارة صالحة للسير .
طلبت منها أمها ذالك بعد أن سألتها إن كانت أصيبت بضرر .
- أنا ..
وأوشكت أن تقول إنها بخير لكن أمها قطعت الخط قبل ذالك بدت الناحية الخلفية من سيارتها طبيعية بشكل لايصدّق , فلم يكن بها أي خدش .
وقفت سيارة الشرطة , وأوارها ببألق ’ وبعدها بثوان وقفت سيارة ريف الجاكوار . وأغمضت عينيها لحظة لدى رؤيته .
الملاك الأسمر الطويل , أخذت تفكر في ذلك وهو ينزل من سيارته مستعداً لكي يمزّق شخصاً ما إرباً إرباً . لابأس , ما دام لن يمزقها هي .
وصل ريف إليها أولاً , دون أهتمام تجاوزه حدود السرعة لكي يصل إلى هنا , أو إيقاف السيارة بطريقة جعلتها تصدر صريراً حاداً , مما أضطر الشرطي إلى اعتراضه . لكنة تجاهل هاتين العينين الفولاذيتين وهما تقوّمانه فإذا كان هناك أية مشكلة فسيواجهها فيما بعد .
أما الآن فكل أهتمامه منصب غلى دانييل . وصحتها . ولم يهتمي البتة بأن هناك من يسراه وهو يأخذ وجهها ويقبلهاا .
اطمأن قليلاً عندما شعر بتجاوبها معه , وأزداد أطمئنانه عندما تخلصت من عناقه , وإن كان هذا لم ينفعه لأنه سرعان ماعاد يعانقها .
قالت تحتج بصوت خافت :" أكان ينبغي ان تفعل هذا ؟"
أخذ يتفحص وجهها بملامح متحجره وفك متوتر . ثم أسترخى قليلاً عندما تبددا التوتر الذي تملكه منذ اللحظه التي تلقى فيها مكالمه آريين التلفونيه .
- نعم .
لمحت شيئاً واضحاً خافت أن تحدده , مضت لحظه غام فيها كل شيء من حولها .
ثل توقف العالم عن الحركة ؟ إنها تقسم بأن ذلك ماحدث .
- أنا بحاجة إلى بعض التفاصيل , ياآنسه .
وتبدد السحر . التفتت فرأت الشرطي واقفاً على بعد ذراع .
سمعت همهمات أصوات , ومن بعيد زعيق سيارة إسعاف .
- لا أريد سيارة إسعاف .
كررت دانييل قولها هذا ولكن لم يبد أن هناك من يسمع .
وتنهدت , وبدأت تعود بتفكيرها إلى ما أدى إلى لحظة الأصطدام . . التي لم تتخذ أي أحتياط لها .
وقفت سيارة الإسعاف , وعانت من سلسلة من الأسئلة , ثم أحتجت كثيراً عندما قال ريف بأن عليها الذهاب إلى المستشفى ولكنه لم يصغ إليها البته بل أخذ حقيبتها من السسيارة ووضعها في سيارتة .
- فقط خدني إلى عملي .
دار بها ريف حول المنعطف , مدركاً أن أمامها خمس دقائق فقط قبل أن تدرك أنها غير ذاهبة إلى المتجر .
انفعلت للغاية كما كان يتقع , وأنفعل هو ايضاً , فرفع يدها إلى شفتيه قائلالاً :" أخرسي "
إذا كان يظن أنه بهذه التحية الرقيقة سيكيبها , فهذا شيء آخر :" ليس بي سوء !"
فنظر إليها كابحاً ابتسامة :" أنت تدارينني "
تنهدت دانييل :" إلى أين نحن ذاهبان ؟"
- وصلنا تقريباً كان هناك مستشفى خاص اتصل به مسبقاً لإدخال دانييل آلبوا فالديز في جناح خاص .
عندما قيل لها أن تخلغ ملابسها وترقد في السرير قالت بصوت خافت :" هذه سخافة "
القت على ريف نظره عابسة وهو يطوف الغرفة , نظرت إلى الثوب القطني , هل يربط إلى الأمام أو إلأى الخلف ؟ تباً لذلك ما كان ينبغي أن تكون هنا أبداً !
- دعيني اساعدك .
إنه هنا , يفك أزرار سترتها ثم يساعدها على خلغها ولقي بها على الكرسي .
- يمكنني أن اقوم بذلك .
لم يهتمي بطلامها . ودفعت يديه عندما مد يده ليفتح سحّاب التنوره :" أنت تقف في وجهي ياريف أبتعد عني "
- غير ممكن .
في هذه الأثناء دخلت ممرضة , فأشارت إلى ملابسها الداخليه :" هل أترك الملابس الداخليه علي ّ ؟"
- أخلعي كل شيء . >>>> أخخخخخخخ ورطه !!! -_-
قالت الممرضة هذا ببشاشة وأشارت إلى ثوب المستشفى :" أربطي هذا إلى الخلف "
قالت دانييل وهي تستجيب :" ما أظرفها !"
كانت نتيجة الخفة والكفاءه سيلاً من الأسئلة والأختبارات تبعها زيارة من الطبيب النسائي .
- الجنين بأحسن حال .
- هل أذهب إلى البيت الآن ؟
- غداً . سنبقيك هنا الليلة للراحة والبقاء تحت الملاحظة .
- هل هذا ضروري ؟
- إنه إحتياط .
طمأنها بذلك وهو يبتسم بحرارة ثم يغادر الغرفة وخلفه الممرضة .
- أحب أن أكون وحدي . هل لك ان تذهب من فضلك ؟
قالت دانييل هذا بهدوء . وبدا لها ريف ضخماً في الغرفة , طويلاً عريضاً يوشك وجوده أن يكتسحها .
تحوً ل ريف عن النافذه والمشهد الذي كان يتأمله أسفل . هناك أسئلة ينبغي أن توجّه , طالباً أجوبتها . وهناك أيضاً مكالمات عليه أن يقوم بها .
سار إلى السرير , كابحاً الـ(حافز) الذي يدفعه إلى ان يضمها ويرضي نفسة بقبلة .
- سأعود فيما بعد .
أومأت موافقة , وعندما خرج مالت برأسها إلى الخلف وأغمضت عينيها .
ضرب وهرب . هذا يعني أن هناك محاولة لإيذائها عن عمد . كريستينا ؟ أترى معرفتها بحمل دانييل مس شعور الغرور والعظمة لديها ؟ وإذا كان هذا صحيحاً , فهل هي قادره على إثباته ؟
بعدما أحضرت الممرضه لها غداء اتصلت بها أمها تلفونياً , ووصلتها أزهار مع بطاقة من ريف , وأمضت وقتاً تتصفح فيه مجلالات مختارة قبل أن تستسلم إلى نوم خفيف متقطع .
زارتها آريين بعد خروجها من المتجر متوجهه إلى بيتها , محضرة من المتجر كيساً يحتوي على قميص نوم .
ناولتها ذالك محفيه لهفة الأم خلف أبتسامة حارة:"إنها لك . قميص المستشفى ليس حسن الشكل "
ابقت الحديث مرحاً , ولكنها لم تذكر لها أنها أخبرت ريف بكل شكوكها . . ثم غادرت المسشفى عندما أحضرت الممرضات العشاء . وعندما جاء ريف أنتعشت داننيل ولم تقاوم عندما عنقها بقوه ثم جذبها إليه وأخذ يداعب شعرها برقة فائقه جعلتها تطوّق عنه بذراعذيها .
- هل تعشيت ؟
كان سؤالاً مملاً لايشبة ماكانت تريد ان تقول .
- فيما بعد .
وحملها بين ذراعيه إلى كرسي قريب جلس عليه ثم وضعها على ركبتيه .
- هل كنت مشغولاً جداً اليوم ؟
- نعم .
فقد بدأ العمل على الفور , فجمع بعض الحقائق , ثم طلب الإجتماع بكريستينا التي حاولت اللجوء إلى الخداع والدموع , وكنها أخيراً أعترفت بحبها له الذي لايموت , وكن جوابه تحذيراً كالثلج , ونصيحة لها بأن تغادر المدينه في غضون أربع وعشرين ساعة أو تواجة دعوى قانونيه سيرفعها عليها .
شعرت دانييل بالسرور في الأستلقاء بين ذراعيه , شاعره بخفقات قلبه تطمئنها , متنشقة رائحة الكولونيا التي يفضلها .
ربما هي بسبب الصدمة تشعر بالتعب . ولكنها لم تعد تشعر بأن قضاء ليلة في المسشفى أمراً ممتعاً .

*****************************
مونـــــــــــــmoniــــــــــــي

مونـــــي
09-01-2012, 21:48
12- السعادة بين يديها

-نحن بحاجة إلى الكلام .
وصلت دانييل إلى البيت منذ ساعه , وها هي تناول الشاي مع شطائر .
كانا جالسين على الفيراندا المطلة على الحدائق .
قال لها بصوت هادئ للغاية وملامح جامدة :" لدي سؤال واحد فقط . لماذا لم تفضي إليّ بالأمر ؟"
تعلقت عيناها بعينيه :" ظننت أن بإمكاني مواجهة الأمر وحدي . ما اللذي كنت تريده ؟أن اركض إليك , أتأتئ كالطفل مخبرة إياك عن كل قطعة من لؤم كريستينا ؟ وأنّى لي أن اعرف أن بإمكانها أن تكون خطرة ؟"
- لو أخبرتيني عن محاولاتها للتسبب بلإزعاج , عند أول محاولة قامت بها لتوقف الأمر عند تلك المحاولة ولما عانيت الحزن على يديها .
وأمسك بذقنها يميل وجهها نحوه .
أخذ يمشط شعرها بإصبعه . متمهلاً على رقبتها ثم نقل إصبعه إلى أسفل عنقها .
تبدد الغضب بنفس السرعة التي بدأ بها , وأجابت بسرعة :"أرادت ماهو لي . تريدك أنت "
عانقها ريف عناقاً أذاب ضلوعها . ومضت فتره قبل أن يقول :" "عندما أفكر . . "
فوضعت إصبعها على شفتيه :" هذا لم يجث , وأنا بخير . والجنين بخير وسيكون لك ابن او أبنة "
واضافت بصمت ان قلبها سيتحطم حين ترحل أخيراً .
فاضت عيناه بالمشاعر لم تستطع أن تفهمها ماماً :" أتظنين أن الطفل اللذي تحملينه كل ما يهمني ؟"
وأغمض عينيه ثم فتحهما مره أخرى :" يا إلهي !"
- لقد عقدنا إتفاقيه . . .
- إلى جهنم بتلك الأتفاقيه .
- ما الذي تتحدث عنه ؟
- أتحدث عنك .
لم تفهم . بل لم تجرؤ على التفكير في أنه قد يعني . .
- هل لديك فكرة عما عانيته عندما أتصلت بي أمك لتخبرني بأنك تعرضت لحادث سيارة ؟
- أتصور أن القلق تملكك . .
- هذا ليس قريباً من الحقيقة .
بدأ قلب دانييل يخفق بسرعه .
- رباه , كانت أسوأ دقائق مرت بي في حياتي . لو فقدتك . . ولم يستطع أن ينهي كلامه .
ومضت ثوانٍ لم تستطع هي أيضاً أن تنطق بكلمة . وأخيراً أستطاعت أن تقول :" ماذا تحاول أن تقول ؟"
لم يحاول أن يغلف قوله بكلمات شاعريه فهناك فقط كلمتان مهمتان :" أنا أحبك "
- ريف . . .
- أنت أهم لدي من كل شيء أو من أي شخص في حياتي .
ليته يعني ذلك حقاً! فقالت بحذر :" أظنك تحت تأثير الصدمه "
- لدي شيء لك .
ومد يدة إلى حقيبة اوراقه وأخرج منها مغلفاً مستطيلاً أخرج منه سنداً قانونياً :" أقرأي هذا "
أخذته من يده مرت عليه بنظره سريعة . لم يكن ثمة حاجة للشرح , فقد ألغي مفعول الأتفاقيه التي بينهما بكلمات ( ملغى وليس له أثر ) . . وعلى الورقة رأت إمضاءة المحامي ى.
- أنظري إلى التاريخ .
وكان التاريخ قبل حادثة الإصطدام بيوم .
- كانت الخطة أن أعطيك هذا في اللحظه المناسبة .
عندما لمح الدمع في عينيها تأوه :" لاتبكي ."
وأخذ ينظر بجز إلى دمعة أنحدرت على خدها .
سلاح المرأة الأكبر . وأخذها بين ذراعيه جاعلاً رأٍها على صدره .
- أقترح الطبيب القيام بأجازه .
ومسح بشفتيه صدغها .
- إلى ساحل الذهب ؟
- هل هذا ماتريده ؟
رفعت ذراعيها تطوقان عنقه , وكان هو الذي خلّص عنقة منهما بحذر .
لقد فتح لها قلبه . . ولم تبادره بكلمة . . شعر لحظة اللألم لأنه توقع أن ترفض حبه , العلاقة الزوجية ليست حباً . وممع ذالك هو مستعد للقسم بأنها تهتم به . . وكل ما علية أن يفعله هو أن يقنعها بأن ذلك كافٍ.
- أظنني بحاجة إلى أن أسمعك تقول ذلك مرة أخرى .
لم يكن هناك تكلّف في صوتها , وإنما مجرد تساؤل ورقة بالغة مست مشاعره بشكل لايحدث له مع أي شيء آخر .
أحاط وجهها بيديه وجذبه إليه فأشتبكت عيناها بعينيه :" أحبك "
شعرت برغبه في البكاء , ولاحظ مغالبتها لدموعها . وأرتجف فمها قليلاً ثم أنفرج بأبتسامة مرتعشة :" شكراً "
- لأنني أحبك ؟
- لأنك منحتني أعظم هدية في الكون .
شعر بقلبة يلتوي , وشعرت هي بحيرته وعدم تأكده فوضعت إصبعها على شفتيه :" منحتني نفسك , وقلبك , وروحك . وسأختزنها جميعاً طوال حياتي "
قالت هذا برقة , واثقة من أن الدفء في هاتين العينين سيذيبانها . وشعرت بشفتيه تتحركان تحت لمستها , ورأت المشاعر
سافره على مجهه .
- أردت في البداية أن أكرهك , وظننت لفترة أنني فعلت هذا . ثم أدركت أن الحياء من دونك لن تكون حياء أبداً .
ورمت بإصبعها على ذقنه , وشعرت بالعضل يتقلص تحتها , ثم أخذت تلامس شفته السفلى :" أحبك "
تسارعت خفقات قلبه ومضت لحظات لايستطيع الكلام . ولاكنها لاحظت التغير على ملامحه , ورأت الحرارة الشديده , والمشاعر العنيفة والحب السافر , وعجبت أن يكون هذا كلة لأجلها .
وشاهدت أيضاً شيئاً هي مشاعر فطريه تصعد من القلب .
أخذ يضمها إليه معانقاً إياها بشغف وحب ثم شعر بتجاوبها . .
رباه ! إنه يريد أن يضمها ويضمها ليطمئن نفسه بأنها حية .. وملك له .
نهض واقفاً وهي بين ذراعيه , ثم صعد بها إلى غرفتهما , وفي الغرفه أخذ يلامس خصره فشعر بالإمتلاء الخفيف وكأنه بذكل أراد أن يطمئن نفسه إلى نمو الجنين في رحم أمه .
أحتضنها طوال الليل و وكلما ابتعدت قليلاً , عاد فشدّها إليه , فلم يكن يطيق أبتعادها عنه لحضة .
زوجته , أم ولده , حياته , لقد ظن في لحظة مجنونة أنه على وشك أن يفقدها .
ولكنة غفا ولم ينتبه إلى الدقائق المسلوبه التي تسللت فيها دانييل من السرير مع بزوغ الفجر .
لبست الروب ووقفت تتأمله , تتملى من ملامحة القويه التي رققها النوم , كان هناك ظل للحيته النابتة ليلاً . وكادت تمد يدها تلالامس وجنته , وأهدابه الكثيفة السوداء بأطرافها المعقوفه قليلالاً المنسدلة على وجنتيه .
فتح عينيه بحركة واحدة سريعه , وبدت اليقظه في عينيه فجأه , ثم رأها فابتسم ببطء وعذوبه جعلتها تذوب .
وقال ببطء وصوت عميق مبحوح وهو يمد ذراعيه :" تعالي "
فقالت تداعبه :" لا . . إن في عينيك تلك النظرة "
رأت اسنانه البيضاء وهو يسألها ضاحكاً :" وما هي تلك النظرة ؟"
ومد يدية يشدّها إلى السرير .
- هممم . . نظرة خطره .
دفن فمه في تجويف عنقها الناعم , فأخذت تمشظ شعره بأصابعها فقال :" ليس هناك طريقة للإستيقاظ من النوم أجمل من هذه الطريقة "
شعرت بالدم يجري حاراً في عروقها :" ستصبح هذه عادة "
- ضعي هذا في حسابك .
نهضا فيما بعد , فأغتسلا وتناولا الفطور على الفيراندا . كان يوماً رائعاً بسماته الزرقاء وشمسه الساطعة وجوّه المعتدل . وأخذت تفكر راضية في أن كل شيء في حياتها أصبح الآن كما تحب . بديها زوج يحبها وتحبه من كل قلبها . وأبنهما ينمو في أحشائها بأمان وعلى مايرام .
وسيستقلان الطائرة إلى الساحل الذهبي لقضاء أول إجازة لهما . أخذت تفكر حالمه في روعة كل هذا , وهي تقضم الخبز المحمص وترتشف شاي الأعشاب .
وهكذا كان . فقد أمضيا أياماً يتمددان بكسل على ضفاف البحيره في ظل مظلة الشاطئ . وفي اليل كان لديهما بعضهما البعض .
أحتوت هذه الإجازه على كل عناصر شهر العسل . وهناك في شمس الصيف الدافئه , كان ممكناً أن يعتقدا أن الأشهر القلائل الماضيه لم تكن موجودة وأن حياتهما معاً بدأت من هذه اللحظه فصاعداً .
تعرضا لمحن قاسيه ؟ ربما , لكنهما ربحا شيئاً غير عادي , وهي ستدافع عن ذلك حتى الموت .
آخر ليلة في إجازتهما أمضياها في تناول العشاء متمهلين , ثم التمشي على ضفاف البحيره في ضوء القمر .
- أسعيدة أنت ؟
رفعت وجهها إلى زوجها وقالت ببساطة :" نعم "
شعرت بذراعه تشتد حول خصرها .
أراد أن يحتضنها ويقبلها ولايتركها أبداً .
شبكت أصابعها بأصابعه :" هل أنت سعيد بما ينتظرنا ؟"
قال مداعباً :" ساحرة "
- ذلك جزء من جاذيبيتي .
- الأفضل أن نعود إلى الفندق .
ضحكت :" هل ستكون حريصاً عليّ إلى هذا الحد طوال مدة الحمل ؟"
- ضعي هذا في حسابك .
قالت جاده :" ألن تعترض إذا عدت للعمل لفتره ؟"
وكان ينتظر هذا السؤال منها :" الساعات قلائل يومياً . والأفضل صباحاً , ثم يمكنك الإستراحه بعد الظهر "
- لابأس .
- لابأس فقط ؟
ابتسمت له بأبتهاج :" نعم "
كان ذلك كل ماتريده . . لا , بل هناك شيء آخر , إنها تريد أن تعد غرفة للطفل وأن تشتري جهازاً كاملاً له .
- يالهذه الليونه والخضوع !
قالت ساخره تداعبه :" آه , حب رجل رائع يفعل الأعاجيب بالمرأة "
بدا الهزل في عينيه :" أريد منك أن تكوني تحت تصرفي "
- وأنا أعبدك حين تفعل ذالك .
- تعبدينني ؟
تبدد الهزل واحتل الإخلاص مكانه فمسّ هذا فؤاده .وأضافت هي بهدوء :" لشدّ ما أحبك "
قال برقة :" أعلم هذا . وليوفقنا الله ياحبيبي "


***************************************

مونـــــــــــــــmoniــــــــــــــــــي

مونـــــي
09-01-2012, 21:50
الخاتمه . . .

جوان كارلوس رافائيل فالديز ولد مبكراً أسبوعين بعد مخاض طويل جعل الولادة متعثرة دون عملية قيصريه , وهذا ما أراح أباه الذي بدا مستعداً لتمزيق أجساد طبيبها والممرضات عضواً عضوا.
أخذ الصبي يصرخ بصوت عالٍ ولم يسكت إلابعد أن وضعوه بين يدي أمه حيث أخذ يتثائب ثم أخلد إلى النوم قالت دانييل لزوجها أن الطفل ورث طباع أمه ( الهادئة ) , مع أنه يشبة أباه كثيراً .
وهي دعابة أكسبتهاا نظرة تأمل طويله ملؤها التعب ولكن هذه النظره لم تصل إلى حد الهزل بسبب القلق البالغ الذي مازال يعاني آثاره منذ ولادة الطفل .
فكرت دانييل في أن من الصعب العثور على أب أكثر منه شغفاً بابنه .
في الأشهر الثلاثة الأولى من حياته , أصبح كارلوس مركز عالمهما .
قالت وهي تنظر بشغف إلى أبنها :" أظنه بحاجة إلأى أخت , أو أخ "
رفعت بصرها وهي تلمح الصدمة المؤقته التي لاحت في وجه زوجها . فعادت تقول:" وإلا أفسده الدلال . والواقع أنني كنت وحيده أبوي , ولطالما تمنيت أن يكون لي أخ أو أخت . ألم تكن أنت كذلك ؟"
- دانييل . ..
قاطعته :"ألا تستطيع أن تتصور فقط فتاة صغيره ذات شعر أسود جميل وعينين براقتين ؟"
فقال بقوه :" لا . ليس الأن , لا أظن أن بإمكاني أن أحتمل . ."
- رؤيتي أتألم ؟ ياله من كلام فارغ ! النساء تحمل بالأطفال منذ بداية الخليقة . والطبيب نصح بالعمليه القيصريه في كل مرة ألد فيها .
كل؟ هذا بحاجه إلى مناقشه جاده .
قالت دانييل والمصور يجمعهم مع آريين ليأخذ لهم صورة عائليه :" ستتحدث عن هذا فيما بعد "
ولكن لم يتسن لهم الوقت حتى خرج الضيوف . جائت آريين وتناولت الشاء معهم وعندما ذهبت أصبحا وحدهما .
قال وهو يأخذها بين ذراعيه :" حان وقتنا ياحبيبتي "
ثم وضع فمه على المكان الحساس أسفل عنقها , شاعراً بالسرور وهو يحس بنبضها يقفز عند لمسه .
- كان يوماً شاقاً .
ورائعاً أيضاً , مليئاًبالبهجه والسرور , والضحك والحب , ولكن لا شيء يماثل هذا الحب الذي تشعر به نحو هذا الرجل كان هو كل ماتريد ه , وكل ماتمنته من الله .
أمسكت برأسه تشده وتقبله :" احبك "
كان صوتها مبحوحاً بالمشاعر :" وتسارعت خفقات قلبه وهو يشدها إليه .
في وقت ما تصاعد صوت من ناحية غرفة الطفل فجمدا في مكانهما , وتبعه صوت آخر , ثم أستحال إلى نحيب .
- سأذهب أنا .
وتركها ريف , ثم لبس معطفه المنزلي وتوجه إلى غرفة الطفل . غاب فتره ’ فتملكها الفضول وسارعت إلى أرتداء الروب وتبعته . وهناك على الكرسي الهزاز , كان ريف جالساً محتضناًالطفل الذي كان غارقاً في االنوم على صدر أبيه .
قال لها برقة :" كان يشكو من الغازات , بغيرت له حفاظته " >>>>> ههههههااااي أتخيل واحد سعودي يسوي كذا
- وصعب عليك أن ترقده في سريره .
قال بأبتسامه سحرتها :" أنت تعرفينني جيداً "
قالت مداعبه :" أن رآك زملاؤك في دنيا الأعمال الآن فماذا سيقولون عن ذلك الرجل الصلب المراس والمعروف بعناده الذي لا يلين ؟"
لمعت عيناه هزلاً :"سيحسدونني لأنني أسعد الرجال حظاً في العالم "
وان يعلم أن هذا صحيح .
ونهض واقفاً بحذر , ثم وضع أبنه في غطاه بحنان لوّع قلبها .
لم يتحرك جوان كارلوس . فخرجا معاً من غرفته بعد أن خفضا نورها .
وفي غرفتهما . جلس ريف على السرير وجذبها إليه , فوضعت خدها على رأسه وطوقت كتفيه بذراعيها :" هل أن ضد فكرة إنجاب طفل ثانٍ؟"
- أنا أفكر فيك فقط , ياحبيبه .
قال هذا بهدوء فشعر بذراعيها تشتدان حوله .
- هذا بيت رائع , فيه مساحات كبيره , ألا يمكنك أن ترى ثلاثةأو أربعة أولاد سود الشعر يستمتعون بما يمكننا أن نوفره لهم ؟
إنه لا يستطيع أن يرفض لها طلباً , لأن حياته لم تكتمل إلا بعد أن دخلتها . . والحب . . ماأجمل أن يحب أمرأة كهذه , فتبادله الحب !
- بعد سنه , ياحبيبتي , فلنستمتع سنة بأبننا قبل أن تتوسّع أسرتنا .
حكت شفتيها بجبينه :" همم . . أحب طريقتك في تسوية الأمور "
رفع رأسه ينظر إليها مداعباً :" التسوية فقط , ياحبيبتي ؟!"




تـــــــــــ (م) ــــــــت



الحمد لله ..............................

مونــــــــــــــــــــــــــــmoniـــــــــــــــ ـــــي

يوكي 111
10-01-2012, 08:34
تسلمي يا قمر
وتسلم الانامل الرائعة علي مجهودك المميز
أنا طبعا"لم أقرأها بعد
لكن أنا متأكدة أنها رأئعة لأنها من أختيارك
وتكفي أنها منك يا سكرة
سأبدء بقرائتها الان
ولي عودة
لكي كل تقديري
مع حبي

مونـــــي
10-01-2012, 21:39
تسلمي يا قمر
وتسلم الانامل الرائعة علي مجهودك المميز
أنا طبعا"لم أقرأها بعد
لكن أنا متأكدة أنها رأئعة لأنها من أختيارك
وتكفي أنها منك يا سكرة
سأبدء بقرائتها الان
ولي عودة
لكي كل تقديري
مع حبي



ياقلبي يايوكي ... وربي مافيه غيرك معطيني وجه :blue:
يلا قولي لي رايك بعد ماتقدرينها

الغصن الوحيد
11-01-2012, 12:51
ياجعل العافية تغطيك من راسك لاقدامك ..حبيبة قلبي موني تسلم اناملك يا قمر..

وانا بعد مثل يوكي ما قريتها بس حسيت روحك الحلوة فيها وحبيتها والحلو ما يطلع ويجي منه الا الحلو صح يا حلو ...

مشالله عليك وتسلمين حبيبتي من قالك ان ما احد معطيك وجه افا ياذا العلم افا .....ولو انها متأخرة معاك وياك واكيد نستناك يا موني يا قمر..

بشريني عنك وعن امور الدراسة انشالله كلها تمام ؟

الغصن الوحيد
11-01-2012, 12:53
يوكي حبيبتي وحشتييني والله كيف احوالك ..؟ وكيف الكتاكيت الصغار واوضعكم في مصر احين ؟

من زمان عنك احس عندي اسئلة كثيرة بس اهم شي انك تكونين بخير ..

الغصن الوحيد
11-01-2012, 12:55
ساكنة القلوب يا قلبي وحشتيني كثير ..طمنيني عنك يا قلبي انشالله انتي بخير والله اني افكر فيك ...

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:04
صبا يا صبا وينك يا قلبي وحشتينا انشالله يكون المانع خير قلبي طميننا عليك وعلى الصغار الحلوين ..

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:07
حبيبة قلب مام انجول وينك ....انشالله المانع خير من زمان عنك ..انا عارفه اني قطعت بس والله ظروف ومشاكل عائلية خلتني ابتعد عنكم وعن مشروعي العزيز الغالي ونفسيت تصير سيئة اعذروني حبيباتي على التقصير لن ماهو بيدي........

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:08
نسمة عطر يا نسمة انتي على اسمك خفيفة وحلوة حبيبتي كيفك انشالله امورك طيبة ..

كيف تلاميذك الصغار ؟

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:10
جين الحلوة كيفك حبيبتي .وينك ماهي عادتك تغيبين عن المشروع لانك سراجه حبيبتي ...انشالله تكوني بخير يا قمر ...

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:11
لميس حبيبتي اخبارك يا قمر انشالله مورك طيبة ...

احنا كيد نستنى روايتك بـأذن الله حبيبتي يعطيك ربي العافية مقدما ...

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:14
الليدي حبيبتي كيفك وكيف امورك انشالله طيبة ...

كيف الامورة اختك الغائبة عن الساحة وحشتنا كثير الوردي والازرق سلمي لي عليه وعلى حالك يا قلبي ..

الغصن الوحيد
11-01-2012, 13:20
موني ي قمر نعود اليك عبر ساحة مشروع اكبر تجمع لروايات الرائعة واقولك تسلمين كثير كثير على ايمان وانشالله بالتوفيق لكم جميعا ..

واقولك يا قلبو بعد اي ما عندي بلاك لاني ما احبه ابدا ابدا لانو كان سبب في مشاكل كثير صارت عندنا والمشكلة ان كل لعائلة عنده بلاك الا انا ومع ذلك م فكرت ولا زلت لا افكر ..

طيب قلبو انا انشالله بابتدي اقرا روايتك يا بنت الاجاويد (يا زينها منك والله )انا اشهد انك اجوديه بنت اجاويد يالتيني دارسة معك على قولك وانشالله يطلع لك حافز ويطلع لي ...انا توني اقدم اليوم..

يوكي 111
11-01-2012, 14:14
يوكي حبيبتي وحشتييني والله كيف احوالك ..؟ وكيف الكتاكيت الصغار واوضعكم في مصر احين ؟

من زمان عنك احس عندي اسئلة كثيرة بس اهم شي انك تكونين بخير ..

يالله أشتقت لكي كثير
الحمدو لله بخير
والاولاد بيسلمو عليكي لكن الاختبارات هدتنا كلنا
والصراحة الوضع في مصر يذداد سوء
وربنا يسلم
وحشتيني كتـيـــــــــر ياقمر
حبيبتي أسألي اللي بدك أياه
وأنا أجوبك بعيوني
والله أنا سعيدة كتير أني شفتك بخير و منورة المشروع
لكي سلامي
مع حبي

يوكي 111
11-01-2012, 14:21
مونـــــــــي سموحة يا سكرة
الصراحة لسة ما قرأت الرواية
مشغولة كتير بأمتحانات الاولاد
تنتهي الاختبارات
وأكون خلصتها أوكيه
تسلمي يا قمر
تحياتي

مونـــــي
12-01-2012, 06:32
ياجعل العافية تغطيك من راسك لاقدامك ..حبيبة قلبي موني تسلم اناملك يا قمر..

وانا بعد مثل يوكي ما قريتها بس حسيت روحك الحلوة فيها وحبيتها والحلو ما يطلع ويجي منه الا الحلو صح يا حلو ...

مشالله عليك وتسلمين حبيبتي من قالك ان ما احد معطيك وجه افا ياذا العلم افا .....ولو انها متأخرة معاك وياك واكيد نستناك يا موني يا قمر..

بشريني عنك وعن امور الدراسة انشالله كلها تمام ؟



يااااااااااااابعد قلبي انتي .. والله تسلميــــن وماتقصرين .. بس على الله تعجبك الروايه // ياخوفي تنصدمين انتي ويوكي !!!
صراحه انا اكثر شي اكتب عشان اتدرب والروايه اللي القاها اكتبها بس صارت هوايه تصدقين !!!

المهم بعد متقرين قولي لي رايك ها!!

ويااااااااااستي نستنى متى يتكرمون علينا وينزلون درجاتنا وربي طقت كبودنا لنا اسبوعيييييييييييييييين نستنى ملطوعين لطعة مالها سنع
اللي بعدنا نزلت درجاتهم واحنا لسى !!!!؟؟؟؟ تخيلي !! كل يوم افتح الاودس عشرين مره وربي تعبت نفسياً الله يصبرنا بس

وابشرك ايمو خلصت الحمد لله وطلعت نتيجة الفكر الفلسفي والحمممممد لله جايبه 100 تخيلي !!! وربي يوم شفتها ماصدقت اختي طلعت دافوره !!..

المهم ادعي لي الله يسعدك ها ؟؟!

فأمان الله

مونـــــي
12-01-2012, 06:39
مونـــــــــي سموحة يا سكرة
الصراحة لسة ما قرأت الرواية
مشغولة كتير بأمتحانات الاولاد
تنتهي الاختبارات
وأكون خلصتها أوكيه
تسلمي يا قمر
تحياتي




يلا ياقلبي استناك ها !! قولي لي رايك


انشاء الله تعجبك والله مابغت تنكتب ذي الروايه ... احس اني مسويه انجاز الحين ههههههههههههه
المهم يلا قراءه ممتعه

جين أوستين
12-01-2012, 09:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شااااااااااااااااااء الله موني

مباااااااااااااااااااااااااااااارك الانتهاء من ثاني رواياتك ::سعادة::

وجاري اضافتها للقائمة الآن :ضحكة:

أنا إيمان
13-01-2012, 17:20
السلام عليكم .. كيفكم كوللللللللللللللللللكم ؟ ومن زمان والله اشتقت لكم ولكل العضوات .. ويااااااااااااااحرام للي عندهم إمتحانات :glee:انا خلصت منها ما بيغيت وصرت اكره كلمة مذاكره .. المهم حبيت اسلم عليكم ومنتظره جديدكم .. فمان الله

أنا إيمان
13-01-2012, 17:21
يوكي ، لا تخافين إن شاء الله ترجع مصر زي ماكانت وأحلى كمان

مونـــــي
13-01-2012, 23:15
موني ي قمر نعود اليك عبر ساحة مشروع اكبر تجمع لروايات الرائعة واقولك تسلمين كثير كثير على ايمان وانشالله بالتوفيق لكم جميعا ..

واقولك يا قلبو بعد اي ما عندي بلاك لاني ما احبه ابدا ابدا لانو كان سبب في مشاكل كثير صارت عندنا والمشكلة ان كل لعائلة عنده بلاك الا انا ومع ذلك م فكرت ولا زلت لا افكر ..

طيب قلبو انا انشالله بابتدي اقرا روايتك يا بنت الاجاويد (يا زينها منك والله )انا اشهد انك اجوديه بنت اجاويد يالتيني دارسة معك على قولك وانشالله يطلع لك حافز ويطلع لي ...انا توني اقدم اليوم..

يووووووه لو طلع لي حافز بأعشي البنات اللي هنا على حسابي ( بنات المشروع طبعاً)

الله يسهل بس

ساكنه القلوب
14-01-2012, 15:51
:love_heart::sorrow::sorrow::sorrow:[COLOR="#FF0000"]الله يسعدك ياعصونة ثاثرت من كلاماتك الرقيقة :حسيت انكم اهلى الا رحلو love_heart:[/COLO الحمد الله تمام بس بطلى تعبان عليا دعواتكم ان ربي يشفية ويحفظو ليا

ساكنه القلوب
14-01-2012, 15:56
:sorrow:::سعادة::

ساكنه القلوب
14-01-2012, 15:57
:loyal:الف شكر موووووووووووووووووووووونى بجد حلوة زيك ياعروس تحياتى ودمتى لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
14-01-2012, 15:59
:loyal::loyal::loyal::loyal:تحياتى ياوردتى الحمراء منتظرين جديدك ورواية مذهلة

ساكنه القلوب
14-01-2012, 16:04
:loyal:تحياتى الى كل من يوكى :loyal:ونسومة :loyal:وانجل :loyal:ةنايت:loyal: وكلير :loyal:ولموسة :loyal:وايمان العروس :loyal:خدوج :glee:وكل البنات الحلوين الطعمين والرقيقات وارمنسيات مثلي في المنتدى تحياتى الكم بالميري ودمتم لي في قلبي سكنةلاتنسونى بالدعاء:loyal:

أنا إيمان
14-01-2012, 17:05
هلا ساكنة القلوب وينك من زمان .. والله يشفيلك بطلك مع اني ما فهمت هو مين .. لكن الله يشفيه و يخليه لك يارب

الغصن الوحيد
15-01-2012, 05:13
هلا والله بقلبي ساكنة القلوب الحمدلله طمنتي قلبي انك بخير واعتبرني اهلك اختك صديقتك اللي تحبين حبيبتي ..

ما يشوف شر انشالله بطلك والله يعافيه ويحفظكم ربي ويخليكم لبعضكم بعض يا رب يا كريم ..

الغصن الوحيد
15-01-2012, 05:15
مراحب امونة مبروك يا قلبي النتايج الحلوة مشالله تبارك الله عليك ..

كيف حالك وحشتينا يا سكر ؟

الغصن الوحيد
15-01-2012, 05:22
والله انك عسل يا يوكي والقلوب عند بعضها حبيبتي ...الحمدلله انكم بخير والله يعينكم على الاختبارات ويوفق اعيالك انشالله وينجحهم وجهدكم وتعبك وياهم انشالله ما يروح هدر يا احلى ام انتي..

انا الحمدلله بخير صحيح تغير شكلي كثير وناس كثيريقولون لي وش فيك مريضة ؟ لأني نحفت ويقولون اني صرت هزيلة بس عندي امل بالله كبير انشالله ان الهموم تصغر والمشاكل تنتهي والافراح والراحه تهل وتجي انشالله قولي آمين يا يوكي الهموم اكلت الناس صح الله يعين على هالدنيا والناس اللي فيها اكثر ..

الغصن الوحيد
15-01-2012, 05:36
موني يا قلبي تسلم الانامل والله رواية اكثررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررمن رائعة فرحت قلبي المسكين خلتني اصد شوي عن الهموم والمشاكل ..

اسعدتيني عزيزتي جدا بالرواية الرومانسية والحب الرائع ..يا ربي فيه رجاجيل كذا عندنا ..............؟!!!!!!!!

ادائك جميل ما راح نقولك شي على الاخطاء مثل ما قلتي لانك ابتدعتي قاموس جديد بس جميل و الاحلى واهم شي ان احنا فاهمين اللي تقصدينه حبيبتي ...كل شي حددتيه وخصصتيه بحركه كنت فاهمتك واجلس اضحك عليها تصدقين والله صحيح ذكرتيني بنفسي وجروبي ايام الدراسه كنا نفهم على يعض من نظرة او اشاره يا سلام بس على ذيك الايام ...

بعدين اشوف كلمة حافز تأثر فيك بشكل مؤثر(وش رايك بالكلام تأثر ومؤثر حركات صح هههههههه) موني قولي آمين .........قولي ..(احين ادري قلتي ..) انشالله يا ربي يا كريم يا حي يا قيوم ربي يوفقك وتنجحين ويطلع لك حافز ويرزقك ربي بالزوج الصالح ذاك الرجال السنافي اللي يريح قلبك ولا يزعلك اللهم آمين يا قمر يا سكر انتي ..

ساكنه القلوب
15-01-2012, 09:12
:love-struck:سلالالالالالام ياحلوين واحلا صباح الكم بغيت اسئل روية ابنت الحظ نزلته والا لا؟وفي قبضة التنين؟ودرهم الارملة؟والخوف من الاعتراف؟ردونى خبر تمام منتظرة ردكم ياعسوووووووووووووووولات ومتى يكون دوري؟ودمتم لي في قلبي سكنة:snowman:

ساكنه القلوب
15-01-2012, 13:58
:hopelessness:تسلمي ياعروس ايمان كلك حنان واحساس مرهف طبعا بطلي رفق دربي زوجى
:playful:بكرة تجربي:love-struck:وشكرا الك واتمنى لك حياة سعيدة دووووووووووووووم ودمتى لي في قلبي سكنة:barbershop_quartet_

ساكنه القلوب
15-01-2012, 14:03
:love-struck::love-struck::love-struck:هلاوغلا بالحلوة غصونتنا حقنا كيفك انتى ياقلبي اسئل الله انو يريح قلبك وفكرك وحياتك واهلك وناسك وكل الاحولك يارب اتمنى لهم من اعماااااااااق قلبي السعادة في الدارين قولي امين
:nevreness:وترى النحف مومشكلة بالعكس رشااااااااقة وخلاص هانت باقيلك خطوة وتفرحين ياقلبي حاسة بيك ياعروستنا ياغصونتان :hopelessness:ودمتى لي بكل سعادة وحب في حب سكنة:playful::playful::playful:

ساكنه القلوب
15-01-2012, 14:07
:wink::hopelessness::playful::nevreness::snowman:م وووووووووووووونى مووووووووووونى لووووووووولي الف مبرووووووووووووك وعقبااااااااال القفص الدجاج سوري اقصد قفص الزوااااااااااج ههههههههه عندى احساس غريب انك بتزوجين قبل اختك هههههه وياستى انتى الا تخلي بطلك رمنسي كلو على العروووووووس يااحلا مونى عروس ودمتى لي في افراح وعروس قلبي سكنة:barbershop_quartet_

ساكنه القلوب
15-01-2012, 14:08
:victorious:سلالالالالالالالالالالالالالالالامى للااخوات ودمتم لي سكنة :love-struck:

نسمة عطر
16-01-2012, 01:30
نسمة عطر يا نسمة انتي على اسمك خفيفة وحلوة حبيبتي كيفك انشالله امورك طيبة ..

كيف تلاميذك الصغار ؟



تسلمي يا قلبي كلك ذوق
أنا الحمد الله بخير ونحن الأن بعطلة نص السنة ورح نرتاح شوية
شو نعمل بعين الله
شكرا على سؤالك الله يسلمك ويحفظك من كل شر

جين أوستين
16-01-2012, 07:48
الله يكون في عون زوجك قطقوطة :(

و إن شاء الله يكون في احسن حال الآن

أقدر انزل روايتي قبلك؟ إن ما كان عندك مانع؟ هي كامله و حنزلها مرة وحدة

و جاري التفحص و أبلغك إذا الروايات اللي ذكرتيهم موجودين ولا لا ^___^

جين أوستين
16-01-2012, 07:57
أولاً : ابنت الحظ ( غير موجودة )

ثانية : في قبضة التنين ( غير موجودة )

ثالثاً: درهم الأرملة ( غير موجودة )

رابعاً : الخوف من الاعتراف ( غير موجودة )

يعني كلها غير موجودة اختاري منها اللي تحبيه ^__________^

ساكنه القلوب
16-01-2012, 11:09
:love_heart::love_heart:تسلمين ياجين بجد من قلبي الساااااااكن وفعلا انتى متميزة دوووووووووووم وتفضلي انت اول يااحلا وردة حمراااء في منتدى مكسات:angel:ودمتى لي في اعماق قلبي سكنة:strawberry:

ساكنه القلوب
16-01-2012, 11:14
اختى الغالية جين ياوردتنا الحمراء اتمنى اعرف الا موضيعك حزتى بها اوسمة وبجدارة ياريت ياريت تكونى مؤلفة :biggrin-new:عشان اقرئ مؤلفاتك وكيف تشاركى؟وسامحينى اذا تدخلت اسفة ويعلم الله المعزة ودمتى لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
16-01-2012, 11:16
انشاء الله باانزل ابنتة الحظ بعدك اذا امكن او بعد اي وحدة من الاخوات سلالالالالامياقلوب قلبي الساكن

ساكنه القلوب
16-01-2012, 11:20
نسومة هلا وغلا حبيبتى وربي وحشتينا وربي يعينكم يارب ويسعدكم انتى وهلك تحياتى الك ياارق واعذب نسمة عطوووووووورة ودمتى في قلبي سكنة:unconscious:

جين أوستين
16-01-2012, 16:05
:love_heart::love_heart:تسلمين ياجين بجد من قلبي الساااااااكن وفعلا انتى متميزة دوووووووووووم وتفضلي انت اول يااحلا وردة حمراااء في منتدى مكسات:angel:ودمتى لي في اعماق قلبي سكنة:strawberry:

يا قلبي انتم الأروع :أوو:

أنا ما سويت شيء أبداً

شكراً حبيبتي , هذا من ذوقك العالي .. إن شاء الله أنزل القصة بسرررررررررررعة :onthego:


اختى الغالية جين ياوردتنا الحمراء اتمنى اعرف الا موضيعك حزتى بها اوسمة وبجدارة ياريت ياريت تكونى مؤلفة :biggrin-new:عشان اقرئ مؤلفاتك وكيف تشاركى؟وسامحينى اذا تدخلت اسفة ويعلم الله المعزة ودمتى لي في قلبي سكنة

الحقيقة ما نزلت أي موضوع تأليفي من قبل .. كتبت كم قصة لكن ما كملتها , لو حصل و نزلت قصة أبلغك من عيوني الاثنين, بس لا تأملي كثير :ضحكة:


انشاء الله باانزل ابنتة الحظ بعدك اذا امكن او بعد اي وحدة من الاخوات سلالالالالامياقلوب قلبي الساكن

ما أظن ان في أحد عرض تنزيل قصة , يعني انتِ بعدي على طول , و إن شاء الله أنزلها كلها الآن :smile-new:

جين أوستين
16-01-2012, 16:06
بوهيميا
قلوب عبير
قـ29
آن ويل
الملخص

لعل الحب هو العاطفة الأكثر إثارة للحيرة و الأكثر غرابة فهو لا يخضع لأي ! أو !, إنه الشعور البوهيمي الذي ما انفك يتحكم بقلب العالم من أقصاه إلى أقصاه, حتى قيل بسببه تدور الأرض...
جوسلين فتاة عشقت الحياة الهادئة البسيطة. بعكس ابنة عمها كاميليا الجميلة التائقة إلى الشهرة وكان زواج كاميليا من رجل فرنسي, فلاح, مبعث قلق للعائلة فهي دلوعة و!. وانتهى بها الأمر أن طلبت من جوسلين الحضور إلى المنطقة الكامارغ القاسية المليئة بالخيول و الثيران والرياح العاصفة لمساعدتها أثناء حملها... وهناك عرفت جوسلين قسوة العيش وخشونة الرجال بخاصة جيرفيه شقيق زوج ابنة عمها, الذي أذاقها الأمرّين بتسلطه ورهبته. ولكن كلما تأخر بها البقاء في الكارماغ كلما تعمقت جذورها في تلك البلاد النائية, حيث الحب ما زال بوهيميا بكراً كما كان منذ بداية الكون.
(كل علامة تعجب؛ تدل على عدم وضوح الكلمة وعدم معرفتي ماهيتها بالضبط >_<" المعذرة )

لكن القصة واضحة و الحمد الله فلا تقلقوا ^___^

جين أوستين
16-01-2012, 16:09
1-جاءت الرسائل وفيها رسالة لم تتعود جوسلين تلقيها من ابنة عمها كاميليا التي تزوجت رجلاً فرنسياً وهي حامل و تطلب حضور جوسلين بسرعة... إنها رحلتها الأولى خارج الحدود.

كانت جوسلين تعد المهلبية الساخنة عندما سمعت باب علبة البريد ينفتح ثم يغلق. سحبت القدر عن النار و خرجت إلى البهو لإحضار الرسائل. من بين عشرات المغلفات العائدة كلها إلى دعايات و منشورات طبية و مخبرية, وجدت فاتورة للغاز و رسالة من فرنسا.
كانت الفتاة تكتب إلى كاميليا رسالة كل شهر, لكن ابنة عمها لم ترسل إليها سوى بطاقات بريدية تدون على قفاها بعض الكلمات السريعة المقتضبة.
وضعت الفتاة الرسالة في جيب فستانها و ناولت والدها الفاتورة بينما كان يهبط السلم, ثم قالت:
-صباح الخير, يا أبي. الفطور جاهز تقريبا. وكيف حال الطفل؟
-إنه صبي و وزنه أربعة كيلوغرامات.
قبّل الدكتور بيشوب ابنته على خدها ورافقها إلى المطبخ. مثله, كانت جوسلين ممشوقة القامة, طويلة. وكانت رفيقاتها في المدرسة ينعتنها " الفاصوليا الخضراء" مما اضطرها إلى تقويس ظهرها لتبدو أقصر مما هي. لكنها الآن, في التاسعة عشرة من عمرها و تتقبل نفسها ببساطة و اعتزاز.
نادراً ما تتناول عائلة بيشوب وجبات طعامها على مائدة السفرة في غرفة الطعام الواسعة, بل تفضل البقاء في المطبخ, المطل على الحديقة والذي تدخله الشمس طوال النهار. لكن, في هذا الصباح من نهار الاثنين, غابت الشمس عن مائدة الفطور, المغلفة بشرشف أبيض معرق والمليئة بالآنية الفخارية البيضاء و الزرقاء الخاصة بمنطقة كورنويل الشهيرة الواقعة في شرق انكلترا. بعد فصل شتاء ناعم ورطب, اشتد البرد فجأة, و بدأت السماء ترسل ثلجاً في أواخر شهر آذار/ ماريس.
جلس الأب أمام المائدة ووضع فوطة حول عنقه, فسألته الابنة:
-في أي ساعة عدت إلى المنزل, يا أبي؟
-جاء المولود السعيد في الواحدة بعد منتصف الليل, وأنا عدت قبل الثانية بقليل. لكني بدأت أتساءل في أي ساعة عادت الآنسة ديفييس, الممرضة الشابة. ولحسن الحظ أن الآنسة مايس ستسأنف عملها اليوم. في كل حال, آن لنا أن نوظف ممرضة ثالثة, على الأقل نصف دوام, ما دامت المنطقة تستمر في الازدهار والعمران ويزيد كثافة سكانها يوماً بعد يوم.
قبل الحرب جاء جد جوسلين, الطبيب أيضاً, وسكن في هذه القرية ومارس فيها مهنته وأورثها إلى ابنيه, واحدهم يدعى جون بيشوب, والد جوسلين. و ظلت القرية على ما كانت عليه قبل الحرب, إلى حين اصبحت الفتاة في سن المراهقة, إنه حي كبير, هادئ الجو يذكر بالحياة الريفية القديمة. لكن, حول البلدة, اختفت الحقول والبساتين الشاسعة لتحل مكانها المنازل والمباني الجديدة. وفيها اسكنت البلدية العمال الزراعيين الذين كانوا يعيشون في أكواخ خالية من المراحيض والماء والكهرباء. وقام متعهدو البناء بفرز أراض كثيرة, عالمين مسبقاً أن المدينة المجاورة سيصل بها الوقت إلى عدم استيعاب جميع السكان, الذين سيبدؤون بالتزوج إلى الجوار وخاصة إلى الضواحي القروية, حيث ستبنى من أجلهم المنازل ويتم استقرارهم فيها بشكل نهائي.
و هذا ما حدث بالفعل منذ أكثر من سنة. امتلأت المنازل الجديدة بأصحابها ومستأجريها, و غيرها قيد البناء. واصبحت مدرسة القرية الابتدائية مزدحمة بالتلاميذ, وازداد نشاط الدكتور بيشوب, الذي, بواسطة ممرضتيه, ساعد على انجاب اطفال بفوق عددهم بكثير مواليد السنوات الفائتة.
وبسبب هذا التطور السكاني, وضع اعلانا في الصحف المحلية يطلب فيه طبيبا مساعداً. وبعد غربلة المتقدمين, تم اختيار طوم كالي, الذي يلم بشؤون الطب القروي, كونه ابن مزارع قديم.
وبينما كان الدكتور يرد على مكالمة هاتفية وهو يحتسي الشاي, وصل طوم وقال:
-صباح الخير, يا جوسلين. هل بقي شاي؟
دخل إلى المطبخ وهو يفرك يديه ببعضهما لشدة البرد, والابتسامة تضيء وجهه. إنه شاب قصير القامة, سمين, بكتفين عريضتين وعينين زرقاوين, وشعر غزير أشقر. احمر وجه جوسلين وقالت:
-سأعد المزيد منه.
استلطفت جوسلين خذا الطبيب الشاب منذ ستة أشهر مضت لدى وصوله إلى القرية. ومنذ بداية السنة, يخرجان معاً لحضور الأفلام والمسرحيات والحفلات الراقصة. صحيح أنها تشعر تجاهه بالمحبة و تشاركه بعض افكاره وانتماءاته, لكن لم يخطر أبداً في بالها أن طوم يشعر اتجاهها بشيء يفوق الصداقة العادية.
ومساء أمس, وبينما كانا عائدين من حفلة سنيمائية, راح يعانقها بانفعال, لكن من دون شقف. وقبل ان تنام فكرت مراراً بما حدث, هل تأخذ قراراً صعباً, غير منتظر, أو تترك الأمور تسير على طبيعتها و عفويتها. ربما من الأفضل أن تفهمه بلياقة بأنها على غير استعداد للانخراط في مغامرة عاطفية جديدة. وحيال هذا التردد الكبير, لم تنم جيداً و شعرت بتوتر واضطراب وحيرة, لم تعرف مثلها من قبل.
ألقى الطبيب الشاب نظرة على ما تبقى على مائدة الفطور وقال:
-ام م م م ... مهلبية وبيض مقلي! أراهن بأن والدك لن يموت جوعا! أنا, لم أتناول سوى زبدة و مربى, هذا الصباح.
ضحكت جوسلين وشعرت بارتياح لتصرفه الطبيعي تجاهها وقالت:
-هل تريدني أن اقتنع بأن السيدة براين لا تغذيك كفاية. سمعتها شهيرة بأنها طاهية ماهرة, ولهذا السبب طلب منها والدي أن تؤجرك غرفة عندها.
-صحيح, إنها تعتني بي جيداً. لكن مهما يكن, لن أمانع في تناول قطعة الخبز المحمصة هذه, إذا قدمتها لي.
أجابت وهي تملأ ابريق الشاي:
-تفضل, أرجوك.
ثم أضافة وهي تراه يغمس الخبزة في وعاء المهلبية:
-إذا لم تنتبه لنفسك من كثرة الطعام, ستصبح سمينا أكثر.
-كلا, أنا أعمل كثيراً هذه الأيام. أما أنت, فلا أراك تحرمين نفسك من شيء, ولا أرى أي اشارة سمنة فيك. هذا الثوب الأزرق جميل عليك. وكيف جرى انك لا تشبكين في شعرك ملاقط, كمعظم النساء. هل نزعتها قبل وصولي؟
لمست جوسلين شعرها الكستنائي الفاتح: إنه مالس, يلتوي في أطرافه بشكل طبيعي. غالبا تتركه ينسدل على كتفيها, ونادرا ما ترفعه بشكل كعكة فوق رأسها. يكفي أن تغسل وجهها بالماء البارد, وتفرك أسنانها, ثم تسرح شعرها لتكون مستعدة كل صباح.
قالت بصوت خفيف:
-آه. أكره أن أنام والملاقط في شعري.
دخل والدها المطبخ و أعلن فوراً:
-كانت السيدة أليس تحدثني على الهاتف. يبدو أنها امضت الليل كله ساهرة على ابنها برنارد الذي كان متقوقعا في سريره من شدة الألم. أظنه يعاني من التهاب في الزائدة. طوم, أرجوك ان تمر على المزرعة, في الحال.
-حسنا.
جرع الشاب فنجان الشاي ثم خرج.
قطب والد جوسلين حاجبيه وقال:
-يا له من طقس شيء. لن أفاجأ إذا تكاثف الثلج اليوم.
ذكرته جوسلين حين قالت:

جين أوستين
16-01-2012, 16:11
-لا أهمية لذلك. فبعد اسبوعين ستكون في بلاد الشمس.
نظر إليها بعينين مليئتين بالمحبة و قال بحرارة:
-أنت شديدة اللطف, يا جوسلين. لا تقلقي, فأنا سعيد بذلك.
-آه, يا أبي, أما زلت تعتقد بأنني أتصنع الحب لأليزابيث؟ كلا, أنا أجدها امرأة رائعة, و روبرت كذلك. يا إلهي, الساعة اشرفت على التاسعة. ستصل انيتا بعد قليل ولم أفرغ مائدة الفطور بعد.
انيتا لاين امرأة في الستين من عمرها, نشيطة و ظريفة. منذ صغرها تتذكرها جوسلين في هذا البيت. فقد الطبيب زوجته عندما كانت ابنته في الخامسة من عمرها, فاعتنت بها السيدة لاين وعالجتها خلال امراض الطفولة, كما قامت بإدارة المنزل, إلى أن أصبحت جوسلين في عمر يسمح لها بأخذ هذه المسؤوليات عنها. بعد شهادة البريفيه, توقفت الفتاة عن الدراسة إذ اقنعت والدها بضرورة البقاء في المنزل بدل العمل كموظفة في أحد مكاتب المدينة. تأتي انيتا مرتين في الاسبوع لمساعدتها كي يتسنى لها الاعتناء بالحديقة و بأمورها الشخصية الأخرى.
ولما وصلت انيتا على متن دراجتها القديمة, كانت جوسلين قد انتهت لتوها من غسل الصحون و الفناجين. فسألت انيتا لاهثة:
-هل أنجبت أليس لامب أخيرا؟
ساعدتها جوسلين في خلع معطفها وقالت:
-نعم. انجبت صبيا. آه, يا انيتا, يداك مجلدتان. ادخلي إلى الدفء, سأعد لك فنجان قهوة.
-ساعديني على نزع حذائي, يا حبيبتي, من فضلك. صرت سمينة إلى درجة أصبح صعبا عليّ انتزاعها بنفسي.
جلستا في المطبخ ربع ساعة تثرثران و تحتسيان القهوة, قبل أن تبدآ, كل من جانبها في التنظيف المنزلي الأسبوعي.
وبينما كانت جوسلين تصعد إلى الطابق الأول بقية توضيب الأسرة, تذكرت رسالة كاميليا. سحبتها من جيبها و مزقت الظرف وجلست أمام طاولة الزينة في غرفة نومها وشرعت تقرأ رسالة ابنة عمها المكتوبة بخط سيء بالكاد استطاعت قراءته. تقول الرسالة:
" عزيزتي جوسلين
ألف شكر على رسالتك الطويلة الرائعة. و لا يمكنك أن تعرفي بأي شوق انتظر وصول البريد, و أنا مسمرة في هذا المكان المعزول, حيث لا انسان انكليزي على بعد أميال من هنا. الخبر الذي بشرتني به دهشني كليا. لم أكن أتخيل أبداً أن عمي جون سيتزوج من جديد. و حسب ما قلته لي, ان خطيبته تناسبه تماما. لكن ربما تتقبلين بصعوبة أن يأخذ أحد غيرك إدارة و مسؤولية هذا المنزل.
لدي فكرة رائعة! عندما يعود العروسان من شهر العسل, لماذا لا تأتين لزيارتي و قضاء اسبوع أو اسبوعين معي. أنت كنت تقولين لي دائما بأنك ترغبين بالسفر, وهذه فرصة العمر بالنسبة إليك.
جوسلين, أرجوك, تعالي. و إلا سأجن. جان-مارك لطيف جداً, لكنه يتغيب طول النهار و الآخرون ما زالوا غير مسرورين لأنه تزوجني. لا يظهرون له ذلك, لكنهم ينتقمون مني من وراء ظهره. أخوه, نادراً ما يحدثني, لكنه يرمقني بنظرات غامضة, غاضبة, و عمته, إذا استطاعت فلن تتأخر لحظة بوضع السم في طعامي للتخلص مني. أمس كنت نائمة, ولما افقت, رأيتها منحنية فوق رأسي متذمرة. انها تخيفني. شيء شيطاني ينبع منها.
لو باستطاعتي فقط الخروج من حين إلى آخر, لأموه عن نفسي, بالرغم من عدم وجود أي مكان يستحق الزيارة في هذه العزلة, لكن الطبيب نصحني بأن أظل ممددة حتى ولادة الطفل. أرجوك, حبيبتي جوسلين, أتوسل إليك, تعالي! أنا بحاجة ماسة ان يكون أحد من افراد عائلتي قربي. أحيانا أشعر برغبة في الموت, لشدة رعب هذا المكان. وربما أموت قبل ولادة الطفل. هذه الفكرة أصبحت هاجسي اليومي و تجلب لي الكوابيس المرعبة. حتى جان-مارك لا يفهم. و بالطبع اللوم كله على أعصابي. جوسلين, يجب ان تأتي, لا أستطيع الصمود وحدي. كاميليا".
شعرت جوسلين بقلق أمام لهجة هذه الرسالة, وقررت أن تريها لوالدها في الحال قبل أن يبدأ بزيارة مرضاه. لكنها فضلت أن تنتظر موعد الغداء كي تتمكن من مناقشة الأمر بهدوء و متعة.
وصلت إليزابيث راندل حوالي الحادية عشرة و وجدت جوسلين راكعة وسط تلة من الشراشف و المناشف, فقالت:
-صباح الخير, يا جوسلين. يبدو أنك شديدة الانهماك بالعمل.
نهضت الفتاة و أجابت:
-أهلا وسهلا بك. احاول ترتيب المنزل قبل وصولك. هيا بنا نأخذ القهوة, سأنهي العمل بعد قليل. هل ستجلبين معك الكثير من البياض, يا إليزابيث؟
-أقل شيء ممكن. روبرت ينمو بسرعة و الملابس الصغيرة أرسلها إلى المعوزين و لا أدعها تتكدس عندي.
خطيبة الطبيب امرأة نحيلة و سمراء, في الأربعين من عمرها, ارملة و أم لصبي في الثالثة عشرة من عمره. تسكن القرية منذ سنة, و نعرف جوسلين بأن والدها وقع في حبها منذ وقع عليها نظره.
وتتذكر الفتاة والدتها بغموض ولا تفهم لماذا توقع معظم اصدقائها أن تغضب على أبيها لأنه سيتزوج مرة ثانية. وهو رجل جذاب ولطيف للغاية, في الثامنة و الأربعين من العمر. وكيف باستطاعتها أن تشعر بالغيرة تجاه إليزابيث, تلك المرأة الناعمة التي تتمتع بحس مرهف وروح النكتة و الفكاهة. بالعكس كانت فرحة جداً لهذا الاتحاد.
جلستا في الصالون حول القهوة, فقالت إليزابيث:
-وصلتني بطاقة من محلات سميث, يعلن فيها المدير أن ثوب العرس أصبح جاهزاً. وما زلت بحاجة إلى مساعدتك لاختيار القبعة المناسبة.
-يسرني أن أرافقك إلى المدينة. أنا أيضا بحاجة لبعض المشتريات.
بعد حديث عادي ومقتضب, قالت جوسلين:
-وصلتني صباح اليوم رسالة من ابنة عمي كاميليا, تلك التي تزوجت من شاب فرنسي التقت به في باريس حيث كانت تعمل كعارضة ازياء. لقد سبق و حدثتك عنها, هل تتذكرين... والدها أخ والدي البكر. إنه طبيب أيضا و يعيش في بلاد الشرق و ما التقيت به مرة. إنه يدير مستشفى ريفياً في اقاصي غينيا الجديدة.
-نعم, أخبرتني ذلك عندما تزوجت ابنة عمك بغتة. والداها منفصلان, أليس كذلك؟
-نعم. يقول والدي أنه ما كان مفروضا أن يتزوجا من الأساس, لأنهما لا يناسبان بعضهما البعض على الاطلاق. عمي ديفيد يحب عمله كثيراً و زوجته جانيت رائعة الجمال وتحب الحياة و المجتمع. استطاعت البقاء معه أربع سنوات, لكنها لم تحتمل طويلا, فهربت مع رجل آخر. لا يمكن لومها لو أنها ما تخلت عن ابنتها, كاميليا.
-و أخبرتني أيضا أن كاميليا درست في استراليا, أليس كذلك؟
-نعم. كانت في مدرسة داخلية في بريسيان و تأتي إلى غينيا الجديدة في العطل. و لما اصبحت في السابعة عشرة من عمرها, اقنعت والدها كي يسمح لها أن تأتي إلى انكلترا للتعرف على عائلتها. عاشت سنتين في لندن عند جدتي و أصبحت عارضة أزياء. نجحت في هذه المهنة و اشترت شقة فخمة و سيارة جديدة.
-ثم تخلت عن كل شيء لتتزوج من هذا الشاب الفرنسي.

جين أوستين
16-01-2012, 16:13
-نعم. تعرفت إليه لأسابيع قليلة قبل أن تتزوجه. لو أعلمتنا بالأمر مسبقاً, لحاول والدي زيارتها و اقناعها بالتخلي عنه أو التحلي بالصبر. لكن, للأسف, عرفنا بأمر زواجها عندما أرسلت لنا بطاقة بريدية من مدينة كان الفرنسية, حيث كانت تقضي شهر العسل. يتهيأ لي الآن, أن التاريخ يتكرر. سأقرأ عليك رسالتها و بإمكانك الحكم بنفسك.
قرأت عليها جوسلين الرسالة بصوت عال, دون أن تقرأ الفقرة العائدة إلى زواج عمها. بعد قليل, قالت إليزابيث:
-إنها تصرخ من القلب, أليس كذلك؟ أين يسكن العروسان, في فرنسا؟
-في البداية سكنا قرب مرسيليا. لكن عندما حملت كاميليا, استقرا في بلدة زوجها, وهي مزرعة كبيرة تخص شقيقه. هل تعتقدين أنها حقاً يائسة و منهارة, بسبب وضعها الصحي, أم أنه وضع خطر حقاً؟
-انتظار مولود جديد, وضع دقيق نفسياً, بخاصة في الأشهر الثلاثة الأخيرة. ويبدو أكثر صعوبة إذا كانت المرأة الحامل تعيش في الغربة, بعيدة عن كل ما اعتادت إليه. بنظري, عارضة أزياء في عائلة مزارعين قرويين, كمزيج الماء و الزيت من الصعب تحقيقه... لماذا لا تذهبين بنفسك للتحقق من صحة ما يجري هناك؟
اندهشت جوسلين و قالت باستغراب:
-أنا, أذهب إلى فرنسا.
ابتسمت إليزابيث و قالت:
-ولم لا. أنا معجبة بك كثيراً, خاصة لطريقتك في إدارة هذا المنزل, و لاهتمامك البالغ بوالدك. ستصبحين في المستقبل زوجة مثالية, لكنك ما تزالين في التاسعة عشرة من العمر, يا جوسلين. بالنسبة إلى بنات جيلك, أنت تعيشين حياة ثابتة, و يجب عليك رؤية العالم قليلاً, قبل أن يأتي النصيب ليخطف حريتك و شبابك المراهق.
بعد ساعتين, وكان الطبيب بيشوب, يقول الكلام نفسه:
-ستكون مغامرة بالنسبة لك. لا شك بأن كاميليا تؤزم الوضع و لكن لا بد أنها تجد صعوبة في التكيف بسهولة و بالسرعة المطلوبة. هذا ما كنت أخشاه: فخليط الجنسيات يجعل الزواج معقداً دائماً.
-لا أعتقد أن المشكلة تقع بين الزوجين, بل مع عائلة الزوج. العمة العجوز تبدو انسانة صعبة ولا تحتفل.
-انه لخطأ كبير أن يعيش الزوجان تحت سقف واحد مع العائلة. . . اتساءل لماذا يجب على كاميليا أن تبقى طريحة الفراش, انها لا تشكو من فقر دم, على ما أظن. مهما يكن الأمر, إذا وافقت على قضاء اسبوعين معها, سترين الأمور على ضوء, و ربما باستطاعتك تسويتها, قدر المستطاع.
-لكن مصاريف الرحلة ستكلف غالياً, أليس كذلك؟
-لا أعتقد. إذا كنت ذاهبة مع إليزابيث إلى السوق, استعلمي بوضوح عن ثمن البطاقة في الطائرة, ذهاباً و إياباً.
في المساء اعلنت الفتاة لوالدها بأن بطاقة السفر ستكلفها حوالي الأربعين جنيهاً استرالياً, ثم أضافت تقول:
-لكني لا أتوقع من عائلة العريس أن تعيني مجاناً. ومن المفروض أن اشترك على الأقل في مصروف الطعام. و إذا بقيت هناك ثلاثة أسابيع مثلاً, سأحتاج إلى مبلغ مماثل, أي في المجموع, حوالي ثمانين جنيهاً استرلينياً.
ناولها الطبيب شيكاً وقال مبتسماً:
-كنت سأشتري لك مجوهره, هدية الزواج, لكنني اعتقد بأن رحلتك إلى فرنسا ستكون فكرة أفضل.
-لكن, أبي! ليس هذا عرسي أنا.
0ابن العروس سينال دراجة نارية كهدية عرسنا, ولا أرى لماذا تحرم ابنة العريس من هدية لمثل هذه المناسبة.
-لكنني وفرت 15 جنيها من مصاريف المنزل لهذا الشهر.
-صحيح! في هذه الحال, سوف أخفض الميزانية من الآن فصاعداً! حسناً, احتفظي بها و اشتري بعض الملابس الأنيقة, قبل سفرك.
-كزرعة آل سانتوت لا تقع في الكوت دازور, إنما في غرب مارسيليا, على ما أظن. ولمثل هذا المكان لست بحاجة إلى ملابس أنيقة.
في سريرها, تلك الليلة, توصلت جوسلين مع نفسها إلى نتيجة منطقية. هذه الرحلة, لن تخدم معنويات و نفسية كاميليا فحسب, بل ستسمح لإليزابيث أن تتمرن على إدارة المنزل و التصرف به كما تشاء, كما سيساعد الفتاة على أن تنظر إلى مستقبلها بطريقة واضحة.
خلال شهر العسل في جزر فيشي, اهتمت جوسلين بروبرت, ابن زوجة أبيها: توصله إلى المدرسة كل صباح, لم تذهب إلى السوق في المدينة. و اشترت فستاناً واحداً و سروالين و قميصين متناسقين وحذاء مريحاً, استعداداً للرحلة المقررة إلى فرنسا.
وكان طوم الطبيب المساعد يناوب مكان والدها كل مساء ولم يستطيعا الخروج معاً مرة واحدة. لكنه جاء إلى المنزل, انما وجود روبرت منعهما من أي جلسة وحدهما.
ويوم موعد عودة العروسين, امضى روبرت الصباح بكاملة في تنظيف و تلميع سيارة الطبيب بيشوب, بينما انهمكت جوسلين في المطبخ تعد الطعام و تضعه في الفرن قبل ذهابها إلى محطة القطارات.
في الرابعة و النصف بعد الظهر كانت جوسلين و روبرت في المحطة ينتظران وصول القطار. أخيراً هتف الصبي عندما توقف القطار ونزل ركابه:
-ها هما!
أضافت جوسلين وهي تلوح بيدها:
-آه, انظر كم لوحت الشمس بشرتهما! لا شك أنهما امضيا وقتاً ممتعاً.
ثم قالت لنفسها: " يبدو أبي عشر سنوات أصغر من عمره".
اقترب العروسان. فقبلت إليزابيث ابنها أولاً, ثم جوسلين, وقالت:
-عزيزاي الحبيبان, كم أنا فرحة لرؤيتكما! كنا في الجنة, لكننا اشتقنا إليكما كثيراً. في السنة المقبلة سنذهب معاً. هل تم كل شيء على ما يرام؟
ابتسمت جوسلين وقالت:
-نعم. اكتشفت معنى الفرح في أن يكون لي أخ. لكنني لا أعرف إذا كان روبرت قد فرح مثلي, بأن تكون له أخت كبرى.
قال الصبي:
-جوسلين فتاة لذيذة و ممتازة, لكنها ليست مثلك, يا أمي, فهي لا ترغمني على غسل يدي و وجهي باستمرار.
أجابت إليزابيث ضاحكة:
-هذا يعني انك لم تنظف اذنيك ابدأ منذ رحيلنا. آه, كم أنا مسرورة للعودة إلى المنزل, وأنت يا جون هل تشعر بالشيء نفسه؟
هز الطبيب برأسه موافقاً. ولم وصل الجميع أمام ساحة المحطة, لاحظ الطبيب لمعان سيارته وقال مندهشاً:
-من لمع السيارة. لم يسبق أن رأيتها براقة هكذا.
أجاب روبرت بفخر:
-أنا, يا سيدي, قالت لي جوسلين انك لا تمانع إذا اعتنيت بها.
-هذا لطف كبير منك, يا روبرت. انه عمل جيد بالفعل... افضل بكثير مما يفعلونه في محطات الوقود أو الكراجات الخاصة. إذا رغبت في تنظيفها من وقت إلى آخر, سأعلمك قيادتها على مدرج الطيران القديم.
بفرح كبير هتفت جوسلين لنفسها: " آه, برافو, يا أبي... روبرت يرغب ذلك كثيراً..."

جين أوستين
16-01-2012, 16:21
كانت الفتاة تخشى ألا يستطيع روبرت تحمل سلطة والدها, خاصة لأنه يجتاز في هذه المرحلة سناً صعبة. فما زال يعلق صورة والده في غرفته ولا شك أنه ما زال يتذكره لأن ايان راندل مات عندما كان الصبي في الثامنة من عمره.
في حوالي منتصف الليل, صعدت جوسلين إلى غرفتها بعدما اعدت حقيبتها لرحيلها باكراً في اليوم التالي. لكنها لم تنم بسهولة. الخوف و الاثارة و المجهول, كل هذا جعلها متوترة الاعصاب. و لما افاقت في الصباح على صوت المنبه شعرت بتقلص حاد في معدتها, فلامت نفسها قائلة: " كم أنا حمقاء! لم أعد فتاة صغيرة, ولست ذاهبة إلى آخر العالم ".
عندما انتهت من الاغتسال و ارتداء ملابسها, نزلت إلى المطبخ و اعدت الشاي و حملته على صينية إلى غرفة والدها. أحست بشعور غريب لرؤية إليزابيث قربه بشعرها المشعث. فتحت الستائر و قالت:
-آسفة لإيقاظكما بكاراً, لكن طوم سيصل قريباً جداً ليوصلني إلى المحطة, و لا أحب الذهاب من دون أن أودعكما.
قالت إليزابيث باستغراب و فرح:
-آه, الشاي! يا لهذا الترف! شكراً, يا جوسلين. أظن بأنك متوترة قيلاً. لا تنسي أن تتصلي بنا هاتفياً, حين وصولك.
قالت الفتاة معترفة:
-لم أعد أشعر برغبة في الذهاب. آمل ألا ينتابني الغثيان خلال الرحلة.
طمأنتها زوجة والدها قائلة:
-طبعا لا. هذا نادر حصوله في الطائرة. آه, ترتدين بزة جميلة, هل هي جديدة؟
-لا لكنني لا أرتديها إلا نادراً. لا يسعني التصديق بأن غداً, في مثل هذا الوقت, سأفيق في فرنسا. كما اتساءل أي نوع من الاستقبال سيخصني به آل سانتون.
قال الطبيب ناصحاً:
-في كل حال, لا تقفي دائما إلى جانب كاميليا, ولا تقفزي إلى الاستنتاجات بسرعة. ربما تكون ابنة عمك فتاة طائشة. لكنها تكبرك بثلاث سنوات وباستطاعتها أن تدافع عن نفسها وحدها. كوني حذرة, يا ابنتي!
وبينما كانت ساعة الحائط في الصالون تدق دقاتها السبع, سمع زمور سيارة طوم. خرج الطبيب مع ابنته, وضع حقيبتها في الصندوق, ثم قبلها لآخر مرة قائلاً:
-إلى اللقاء, يا حبيبتي. استمتعي بوقتك كثيراً.
-إلى اللقاء, يا أبي, إلى اللقاء. . . إلى اللقاء.
في المحطة, اصر طوم أن ينتظر القطار معها. و خلال الطريق إلى المحطة لم يقل شيئاً, لكن جوسلين كانت تشعر بأنه لا بد أن يظهر عن أحاسيسه في اللحظة الأخيرة. لما دخل القطار إلى محطته, صعد طوم مع الفتاة و اختار لها مقعدا قرب النافذة, فقالت له:
-لا ضرورة لانتظار إقلاع القطار, شكرا لك على كل شيء, يا طوم.
ضمها إليه بشدة وقال:
-سأشتاق إليك كثيراً, يا جوسلين.
-لن أغيب سوى ثلاثة أسابيع.
-لا تنسي أن تكتبي لنا بعد وصولك إلى فرنسا.
-طبعاً
ثم أضافت بابتسامة ساخرة:
-أنا لم أعد تلميذة مدرسة.
قال مازحاً:
-مهما يكن, فلا تتحدثي إلى أشخاص تجهلينهم.
-هذا لا أستطيع فعله بطبيعة الأحوال. ولغتي الفرنسية ليست جيدة, لكنني آمل في تحسينها.
-إياك أن تقعي في غرام شاب فرنسي!
-آه, يا طوم, انزل من القطار. انهم يغلقون الأبواب. إلى اللقاء. سأرسل إليك بطاقات بريدية.
أطلقت الفتاة تنهيدة ارتياح عندما نزل طوم. لكنه سرعان ما عاد وصعد القطار و أخذها بين ذراعيه و عانقها.
من محطة فيكتوريا في لندن, استقلت جوسلين سيارة أجرة نقلتها إلى مطار هيثرو الدولي. وهناك, في جناح شركة الخطوط الجوية الفرنسية سجلت بطاقتها و صعدت مع الركاب في طائرة الكارافيل التي أقلعت في الحادية عشرة وهبطت في مطار أورلي ظهراً. بعد نحو ساعة استراحة, انطلقت الطائرة من جديد لتهبط في الثانية و النصف في مطار سنريتيان ومن هناك استقلت باص شركة الطيران فأوصلها وبقية الركاب إلى قلب مارسيليا.
توجهت جوسلين في الحال إلى محطة القطارات لتستعلم عن مواعيد الاقلاع إلى مدينة آلرز, فقيل لها أن موعده في الخامسة. كان لديها ساعتان لبعض التجوال السياحي, و ضعت الفتاة حقيبتها في أمانة المحطة, وانطلقت في شوارع مارسيليا, إلى ساحة الكاتوبيار, المكتظة بالمقاهي و المحلات. فامتلأ قلبها فرحاً.
في انكلترا, شوارع القرية في مثل هذا الوقت لا شك أنها فارغة. الرجال ينعسون قرب موقد النار أو يتنزهون في الحديقة. الأولاد يعودون من المدرسة, ومعظم النساء يسترحن بعد الانتهاء من غسل الصحون أو يحضرون الشاي.
و جوسلين, الآن, على بعد ألف كيلومتر من انكلترا. هذه المدينة تعج بالحياة و الحركة المستمرة. خدم المقاهي, بصوانيهم المليئة قهوة و مقبلات ينتقلون من طاولة إلى طاولة. البحارة بالقبعات الحمراء يصفرون و يتحرشون بالفتيات الجميلات اللواتي يقدن الدراجات... رسام متشرد, ملتح, ذو شعر طويل, يحاول بيع لوحاته التجريدية, ذات الألوان الفاقعة, إلى المارة و الاجانب.
مشت جوسلين حتى المرفأ القديم, ثم سلكت الرصيف المواجه نحو الكانويبار. استجمعت شجاعتها و دخلت إلى أحد المقاهي و اختارت طاولة على الشرفة, بانتظار قدوم الخادم. شعرت الفتاة بانزعاج, لكن لا أحد ينظر إليها. فهم الخادم ما طلبته. بسرعة أحضر الخادم فنجان قهوة مع الكريما و قطعة حلوى باللوز.. و كتذكار, وضعت الفتاة الزرقة الملفوفة على قطعة السكر, في حقيبتها, بسبب وجود عنوان واسم المقهى عليها.
بقيت هناك حتى موعد ذهابها إلى محطة القطار. جلست تنظر إلى حركة السير المزدحمة و الناس, تصغي إلى أحاديثهم علها تفهم ما يقولون. . . إنها حرة, مستقلة, تكتشف العالم, هي التي لم تعش حتى الآن سوى حياة رتيبة اعتيادية.
في السادسة وصلت إلى مدينة آلرز, ساعدها الحمال على رفع حقيبتها و سألها:
-هل تريدين سيارة أجرة, يا آنسة.
وبلغة فرنسية مترددة, أجابت:
-كلا, شكراٍ. هناك من ينتظرني.
بقيت على رصيف المحطة, تنظر إلى المارة, متوقعة قدوم جان-مارك في أي لحظة. تعرفه من صورة ارسلتها كاميليا منذ فترة قصيرة. لكن, لم يأت أحد. ربع ساعة مضت وهي واقفة قرب حقيبتها, قلقة و متوترة و خائفة جداً. أخيراً سمعت صوتاً يقول:
-آنسة بيشوب.
انتفضت في مكانها والتفتت لترى رجلاً, ممشوق القامة, يرتدي سترة جلدية قديمة و قبعة رمادية واسعة,’ لم ينتزعها عندما قدم نفسه قائلا:
-أنا جيرفيه سانتون. آسف لتأخري. من فضلك أن تتبعيني. . .
انحنى مرحبا و حمل الحقيبة و سبق الفتاة, خارجاً من المحطة.
ريح عنيفة عصفت في الخارج, وهنأت الفتاة نفسها لأنها ارتدت معطفا سميكاً راقياً. وضع الرجل الحقيبة في صندوق سيارة الجيب, ثم ساعد الفتاة على الصعود و الجلوس في المقعد الأمامي, و وضع فوق ركبتيها بطانية صوفية, فأجابته بخجل:
-شكراً, يا سيد.
نظر إليها الرجل مفصلاً, وهو يدور حول السيارة ليجلس أمام المقود. خف الازدحام و الشمس تشرف على المغيب, وبرد الهواء.

جين أوستين
16-01-2012, 16:24
خارج المدينة, الريح تعصف بقوة يؤرجح سيارة الجيب بعنف. من حين إلى آخر, تهب الرياح دافعة بالسيارة نحو الحفر. فالطريق غير معبدة, و مليئة بالحجارة المتطايرة. تهيأ للفتاة أن عظامها تفككت. فجأة عم الظلام ولم يعد باستطاعتها تأمل القرى الريفية المجاورة. قالت بصوت مرتفع كي يسمعها الرجل, المنصب بكل اهتمامه على الطريق:
-كم يبقى من مسافة حتى نصل إلى مزرعتك؟
-حوالي 25 كيلومتراً.
ارتعبت الفتاة و خارت قدماها. لا شك أنهما يجتازان منطقة مليئة بالمطبات, تمسكت الفتاة بمقعدها, متقلصة اليدين وقالت لنفسها: " يا كاميليا المسكينة! أفهم الآن لماذا تري هذا المكان منعزلاً!".
بدت الطريق كأنها بلا نهاية. السيارة تجتاز من حين إلى آخر جسوراً خشبية تدفع الفتاة إلى الأمام باستمرار. و الرجل لا يعتذر عن صعوبة الرحلة, ربما لأنه اعتاد عليها.
أخيراً توقفت السيارة أمام منزل مضاء, فحمل الرجل حقيبة الفتاة بيد و تأبط ذراعها باليد الثانية وساعدها على اجتياز الساحة المعبدة, حتى وصلا إلى مدخل المنزل.
لم يسمع أحد صوت محرك السيارة لشدة الريح القوية. دق الجرس, فتحت الباب امرأة, بلباس أسود, وبيدها قنديل غاز. انسلت الريح إلى الداخل, فأغلق السيد سانتون الباب في الحال و أحكم اقفاله, ثم قال كلمات سريعة للعجوز, دافعا الفتاة إلى الممر, فإلى غرفة واسعة يشتعل الموقد في داخلها. جلست الفتاة على كرسي قرب النار, سمعت الرجل يقول لها:
-سأحضر الشاي في الحال.
بعد أن جرع الرجل فنجانه دفعة واحدة, استأذن منها و تركها وحدها. حرارة المدفأة و سخونة الشاي في أحشاءها انعشا الفتاة بسرعة. فنهضت من مكانها و خلعت معطفها و راحت تتفحص المكان.
الغرفة كبيرة و جدرانها مطلية بالكلس و روافدها ظاهرة. أرضيتها عارية غير مبلطة. طاولة واسعة تحل إحدى جهاتها, تتسع لأكثر من عشرين شخصاً.
دخلت المرأة و وضعت على الطاولة صحنين, شوكتين و سكينتين و ملعقتين, فلم تعرف جوسلين إن كانت هي العمة أو خادمة المكان. سألتها بتهذيب:
-أين ابنة عمي, يا سيدة؟
بحركة حانقة, بدأت تتكلم المرأة بسرعة ولم تفهم جوسلين منها إلا " انهيار عصبي ".
عاد جيرفيه سانتون بعد أن خلع سترته. قميصه الكتاني الأزرق مفتوح على صدره, مظهراً كتفيه العريضتين. وسرواله الكاكي لا يتعدى الوركين, وشعره الغامق قصير جداً. قالت جوسلين باللغة الانكليزية:
-أخشى أن تكون لغتي الفرنسية ضعيفة, يا سيد. هل تتكلم الانكليزية؟
قطب الرجل حاجبيه و أجاب بالإنكليزية و باشمئزاز واضح:
-نعم يا آنسة بيشوب. لكن كامليليا قالت لي بأنك تجيدين الفرنسية.
بارتباك أجابت:
-صحيح؟ هذا أمر غريب. أين كاميليا, يا سيد. هل باستطاعتي رؤيتها الآن؟
بعد صمت قصير أجاب:
-ابنة عمك نائمة, أصيبت اليوم بألم حاد في رأسها و أعطتها عمتي حبة منوم. ولن تفيق قبل صباح الغد. والآن, من فضلك أن تجلسي أمام المائدة. عمتي أحضرت لنا العشاء.
كان الطعام بسيطاً وشهياً, مؤلفاً من شوربا الخضار و عجة البيض بالأعشاب, وجبنة الروكفور و الفاكهة و القهوة. خلال العشاء, لم ينطق الرجل بكلمة و كبتت الفتاة رغبتها في طرح الاسئلة العديدة الفضولية, إنما اكتفت بالنظر إلى صاحب المكان و ملاحظة تصرفاته الانيقة. يبدو أنه يعيش حياة قاسية, مع أن يديه نظيفتين و أظافره مقلمة.
بينما كانا يحتسان القهوة, تجرأت الفتاة و قالت:
-كنت أتوقع أن يكون الطقس حاراً هنا بالنسبة إلى انكلترا. هل هذه العواصف تحصل بشكل متكرر, يا سيد.
رفع الرجل كتفيه و أجاب:
-إنها رياح الميسترال, تأتي من الشمال, مروراً بوادي نهر الرون. تعصف منذ أيام عديدة, ولن تستمر طويلاً.
على أثر الحديث عن الرياح و الميسترال, علقت العمة الجالسة قرب النار, فشرح جرفيه للفتاة ما قالته:
-عمتي تقول بأننا سنحاول جعل إقامتك ممتعة قدر المستطاع, لكن منطقة الكامارغ لا تلفت السياح اجمالا. ولا شك أن ابنة عمك اعلمتك بأن الحياة هنا قاسية. . .
-أنا أيضا بنت ريف. من فضلك أن تقول لعمتك أنني أتشكرها كثيرا للسماح لي بزيارة ابنة عمتي. أعرف بأن العمل لا ينتهي في المزارع, و سأحاول كل جهدي عدم ازعاجكم.

جين أوستين
16-01-2012, 16:25
وبينما كان الرجل يترجم لعمته, ظل يرمقها بنظرات غريبة, و بريق ساخر أنار عينيه. أخيرا سألها:
-هل تركبين الخيل, آنسة بيشوب.
أجابت و عيناها مسمرتان في القهوة:
-كلا.
-هل تخافين من الأحصنة, مثل ابنة عمك.
-كلا. لم أكن أعرف أن كاميليا تخشاها. ربما بسبب وضعها, فهي متوترة الآن أكثر من العادة.
-ربما. لكن هنا, منذ الصغر يتعلم المرء ركوب الخيل. يجب على ابنة عمك أن تتعلم ركب الخيل, بعد ولادة الطفل.
اندهشت جوسلين وقالت:
-لكنني كنت أعتقد بأنهما يسكنان هنا بشكل مؤقت.
-هل لمحت لك ابنة عمك بأنها لا ترغب بالعيش هنا؟
-آه, لا... لم تخبرني اطلاقاً عن مشاريعها المستقبلية. لكنني طنت أظن بأنهما سيعيشان في منزل يخصهما.
-هل تعتقدين بأن على المرأة أن تأخذ القرار بهذا الشأن, يا آنسة بيشوب؟ هنا الرجل صاحب القرار.
-في انكلترا, القرارات تتخذ من قبل الزوجين, مشاركة. . .
تقلصت ملامح جيرفيه و تذكرت جوسلين نصائح والدها. فقال الرجل بلهجة قاطعة:
-لكننا لسنا في انكلترا, هنا, يا آنسة, و بما أن ابنة عمك اختارت الزواج من رجل فرنسي, فعليها أن تتعلم قبول تقاليدنا و عاداتنا.
عضت الفتاة على شفتيها, ثم أجابت بتعجرف:
-طبعاً. أنا أكيدة بأن كاميليا ترغب في التكيف. لم تعرف من قبل الحياة البيتية و العائلية. لكن شقيقك لا يعمل في المزرعة, ومن الأفضل لهما أن بسكنا قرب مركز عمله.
-أخي ما زال في سنوات الشباب الأولى. و كشباب جيله, يحب الحركة و التنقل. لكن الريف في دمه, و هذا ما لا يستطيع الأجانب فهمه. قريباً, سيريد أن يستقر هنا نهائياً. ابناء منطقة الكامراغ لا يستطيعون العيش في المدينة أكثر من سنة أو سنتين.
شعرت جوسلين بالحوار. كل ما رأته حتى الآن, يؤكد لها بأن ابنة عمها كاميليا لن تعرف طعم السعادة في هذا المكان. حتى الكهرباء, لا وجود لها هنا.
نهض جيرفيه فجأة و قال:
-الساعة تجاوزت الثامنة, وهنا, في ماس-سان-تون, ننام باكراً, يا آنسة بيشوب. لا شك أنك متعبة من رحلتك الطويلة. عمتي مادتون سترافقك إلى غرفتك.
تناولت جوسلين معطفها و شالها و قفازيها و قالت بلهجة باردة و مهذبة:
-مساء الخير, يا سيد. شكراً لمجيئك إلى المحطة و اصطحابي إلى هنا.
أجاب بالفرنسية:
-تصبحين على خير, يا آنسة.
غرفة جوسلين كالحة وأكثر تقشفاً من الغرفة الكبيرة, فيها سرير ضيق, فوقه ناموسية خضراء, و خزانة صغيرة من خشب الصنوبر, و منضدة زينة وضع عليها ابريق ماء و وعاء فخاري واسع. تحت المنضدة دلو مليء بالماء. المراحيض تقع في الخارج و الخروج إليها مغامرة, في هذه الريح العاصفة الباردة.
-تصبحين على خير.
ودعت جوسلين العمة, ذات الشعر الرمادي المرفوع كعكة, والثوب الطويل الأسود, التي بدت كأنها حارسة سجن في لقرن التاسع عشر.
عندما أغلقت الفتاة الباب قالت بأنها لن تفاجأ إذا سمعت المفتاح يدور في القفل.
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 16:28
2-ما هذه المزرعة؟ من هؤلاء الناس؟ ولماذا على جوسلين أن تحتمل ظلفة راعي الماشية هذا؟ لولا حمل كاميليا لما حلمت يوماً بالمجيء إلى هنا.

منذ أن استيقظت جوسلين من نومها في صباح اليوم التالي, شعرت بتغيير واضح؛ توقفت رياح الميستوال و الهدوء هم المكان.
قفزت من سريرها, وعلى رؤوس أصابعها, تقدمت من النافذة, فتحت مصراعيها الخشبيين, فأطلت الشمس بزهوها ملأت الغرفة بأشعتها القوية, الساعة تشير إلى السادسة و النصف, صحيح أنها أفاقت باكراً, لكنها نامت باكراً أيضاً, و أضمت ليلة عميقة هادئة في سرير مريح و دافئ.
على الطاولة أبريق يحتوي على ماء المطر العذب. اغتسلت, و فركت اسنانها, ثم أفرغت الماء المستعملة في دلو وضع تحت الطاولة. وراحت بعدئذ تفرغ محتوى حقيبتها. علقت الفساتين و الألبسة على حبل مخصص لهذه الغاية, و في الدرج وضعت كتبها و صورة والدها, فأصبحت الغرفة حميمة. الأحذية و الحقيبة وجدت مكانها تحت السرير.
وبينما كانت ترتدي سروالاً وقميصاً متناسقين, سمعت لأول مرة في حياتها غناء العندليب, فتحت الستائر, فانقطعت أنفاسها أمام المنظر الممتد أمامها: سهل واسع, لا نهاية له, تملأ الشمس بأشعتها الصباحية الدافئة. تهيأ أنها تسكن صحراء واسعة, هي التي اعتادت العيش في منطقة تلاليه, محمية بالأشجار والأغصان الشائكة. لم يسبق أن رأت مثل هذا المدى الواسع, اللانهائي. فهذا الأفق الصامت, تتخلله أحياناً مسافات مائية براقة. ولا شجرة واحدة تكسر رتابة هذه الأرض, اللامحدودة لها.
لم تسمع أي صوت عندما خرجت بهدوء من غرفتها. وجدت باب المدخل مفتوحاً, فاستنتجت بأن جيرفيه و عمته لا بد أن يكونا في الاسطبل. فقررت القيام بنزهة صغيرة قبل موعد الفطور, متأكدة بأن كاميليا ما تزال نائمة في هذا الوقت.
أشجار الدلب تظلل ساحة المنزل, والشمس قوية تعمي النظر. بعد عشر دقائق, ندمت الفتاة لأنها لم تجلب معها قبعة تقيها الحر اللاهب, نظاراتها السوداوان السميكتان لا تكفيان لحماية عينيها الحساستين من وهج الشمس القوية.
كانت تتبع طريقاً مقبرة, تحدها المستنقعات والمساحات الموحلة حيث تنمو بعض النباتات البرية الخضراء. لا نسيم في الأفق, ورائحة الجو مالحة. لا شك إذن أن البحر على مقربة من هنا.
كانت تسير منذ نصف ساعة عندما انعطفت الطريق. على بعد مئة متر, لمحت قطيعاً يرعى. رفعت الحيوانات رأسها باتجاهها, ثم بدأت تتوجه نحوها.
لم تعرها جوسلين انتباهاً, لأنها معتادة على السير في الحقول المسكونة بالبقر و الحيوانات الداجنة. لفتت سمعها أصوات عصافير آتية من حوض قصب, وبينما كانت تسير نحو الحوض, أطلقت إحدى الحيوانات خواراً, ضاربة الأرض بحوافرها. ارتعبت الفتاة و أدركت حينئذ بأن هذه الحيوانات ليست من النوع الوديع, بل ربما تكون ضاربة و مؤذية.
لو كانت في انكلترا, لأسرعت في الاختباء وراء حاجز شائك, أو تسلقت إحدى الأشجار الوارفة. لكن هنا, في هذا المكان الصحراوي, لا وجود لأي ملجأ. ارتعبت و راحت تنظر حولها بيأس علها تجد منقذاً, و إلا داستها الحيوانات المفترسة.
بدأ القطيع بكاملة يخور و ينخر. في تلك اللحظة, وصل فارس على حصانه, في غيمة من الغبار الكثيف, و اقترب من الفتاة, حملها بين ذراعيه, و بلمح البصر, وضعها على الحصان أمامه, و ظل يسير إلى الأمام, ممسكا إياها بزمار سروالها.
بعد مسافة كيلومتر تقريباً, توقف الرجل, هبط عن حصانه و حمل الفتاة و أوقفها على الأرض. إنه جرفيه سانتون بذاته, لقد أنقذها من موت محتوم. فجأة, شعرت بضعف في قدميها كأنها على وشك الإغماء.
ولما رآها الرجل تتأرجح, ابتلع غضبه و أمسكها بقوة. و سرعان ما اختفى الدوار من رأسها. دفعت شعرها إلى الوراء, أخذت نفساً عميقاً وقالت بتلعثم:
-شكراً, يا سيد. أنا آسفة جداً.
بذل الرجل جهداً واضحاً للتغلب على غضبه و قال:
-كيف تقولين بأنك بنت جبل, و أنت لا تعرفين تمييز البقر من الثيران؟
لم يسبق أن تلكم معها أحد بهذه اللهجة المشمئزة, القاسية. أحست بالذل و أحمر وجهها و قالت مرتجفة:
-تصورتها من النوع الداجن. ففي انكلترا غير مسموح لمثل هذه الثيران أن تتنزه بحرية.
أجابها بلهجة قاطعة:
-لكن, أنت الآن في فرنسا, آنسة بيشوب! لو لم أكن ماراً من هنا صدفة, لمزقتك قرون هذه الثيران و داست بقدميها عليك... ماذا كنت تفعلين هنا, في هذه الساعة؟
-كنت أتنزه. و لم أكن أنوي إيذاء أحد.
-مهما يكن, لن أسامح حماقتك. لا أريد أن ينزعج قطيعي بسبب فتاة بلهاء لا تعرف استعمال نظرها و عقلها.
آه, إلى هذا الحد؟ لقد اعتذرت منه و اعترفت بخطاها, لكنها لن تسمح له أن يعاملها بكراهية و احتقار. فأجابت بقسوة:
-صحيح. كيف باستطاعتي, يا سيد سانتون, أن أعرف مسبقاً بأنك سفاح و تسمح لثيران متوحشة أن تتنزه في الريف بحرية مطلقة دون حارس أو رقيب.
-إنها لا تسبب أي خطر إذا لم تتعرض لأي تحريض من أحد.
-أنا لم أحرضها!
-لا يجب أن يتقدم منها الانسان على قدميه. فهي لا تحب ذلك.
-لا تحب ذلك! و أنا, هل تعتقد بأنني أحببت ذلك. كنت مرتعبة. و فقدت نظارتي... وتمزقت قميصي... و أنت تهتم فقط بأحاسيس حيواناتك المتوحشة!
نظر إلى قميصها الممزق وقال:
-بإمكانك أن تقطبيها.
ثم أضاف وهو يناولها قبعته:
-من الأفضل لك أن تعتمري قبعتي.
رمقته بنظرة غاضبة وقالت:
-كلا, شكراً.
أمرها قائلاً:
-ضعيها, يا آنسة بيشوب. عمتي منهمكة بأعمال كثيرة, و يكفي ما تفعله من أجل كاميليا. فليس لديها وقت تضيعه للاهتمام بك. ضربات الشمس ليست بأمور ممتعة!
وضع القبعة على رأس الفتاة و راح يجلب حصانه الذي كان يرعى على حافة الطريق. وكان من دون سرج.
-هيا, هوب!
أمسك الفتاة من خصرها و وضعها على ظهر الحصان, وبقفز, كان جالساً و راءها. ثم قال:
-هيا, يا قيصر! سر!
قطع الرجل الطريق من جهة المستنقعات كي يتحاشى الثيران. ولم يبد أن الحصان يتألم من ثقل انسانين يمتطيانه. لكن, بالنسبة إلى الفتاة, كانت العودة أصعب تجربة في حياتها: يزعجها قربها من رجل, بالكاد تعرفه, و اضطرارها إلى الاستناد عليه ولمسه و سمع خفقات قلبه السريعة.
ما إن وصلا إلى المزرعة, أسرعت العمة إلى الساحة على الفور. و لما لاحظت قميص الفتاة الممزق, رفعت ذراعيها إلى السماء و تساءلت عما حدث. طمأنها جيرفيه قائلاً:
-لا شيء... لا شيء.... لا تقلقي, يا عمتي, كل شيء على ما يرام.
ولما سمعت السيدة سانتون ما جرى للفتاة, غضبت, و راحت تنتقد الفتيات الأجنبيات وخاصة الانكليزيات, ثم هزت كتفيها و اختفت داخل المنزل.
قال جيرفيه بعد ذهاب العمة:
-لا شك أنك مشتاقة لرؤية ابنة عمك. أعتقد بأنها أفاقت من النوم. غرفتها تقع مباشرة قرب غرفتك.
أعادت له جوسلين القبعة و أجابت:
-شكراً.
ثم اجتازت الساحة وهي مدركة أن نظرات الرجل تتبعها.

جين أوستين
16-01-2012, 16:30
بعد أن غيرت ملابسها, وسرحت شعرها, شعرت بهدوء داخلي غريب, لكنها ظلت تلوم تصرف جيرفيه, غير العادل تجاه المغامرة التي حصلت لها, و التي يمكنها أن تحصل لأي انسان آخر يأتي إلى هذه المنطقة للمرة الأولى.
طرقت باب الغرفة المجاورة, فسمعت صوتاً ضعيفاً يقول:
-أدخل.
كانت كاميليا ممددة على سرير واسع. النوافذ الخشبية مغلقة والضوء الشحيح يعطي جواً غريباً.
-صباح الخير, يا كاميليا, كيف حالك؟
شعرت الفتاة بالصدمة لدى اقترابها من السرير. فعليه, امرأة شاحبة, خداها مجوفان و ذراعاها نحيلتان. فتحت المرأة فمها لدى سماع صوت جوسلين و صرخت:
-جوسلين! آه, جوسلين, هذه أنت! لا يسعني تصديق ذلك. لو تعرفين بأي صبر فارغ كنت انتظرك!
انحنت الفتاة لتقبل ابنة عمها, فانهمرت هذه الأخيرة بالبكاء و النحيب, مثل طفلة خائفة. فقالت لها جوسلين وهي تداعبها بنعومة:
-لا تبكي, يا حمقاء. . .
-أنا آسفة. سألت عنك منذ أن استيقظت, فقالت لي السيدة بأنها لا تجدك في أي مكان.
فضلت الفتاة ألا تتكلم بالتفصيل, و أكتفت بالقول:
-ذهبت في نزهة صباحية, هل تريدين أن أفتح النوافذ. الجو معتم و حزين هنا.
-نعم, افتحيها, يتهيأ لي أنني نمت في مغارة. إنني أكره هذه الغرفة. شكراً يا إلهي, لقد توقفت رياح الميسترال. عصفت لمدة أسبوع بأكمله وكدت أجن.
دخلت العمة حاملة صينية الفطور. وضعتها على السرير و خرجت من دون أن تنطق بكلمة. فعلقت كاميليا قائلة:
-يا لهذه المرأة الشرسة! حين يولد الطفل, سأذهب إلى مدينة آلرز. كم أنا نادمة لمجيئي إلى هنا.
ملأت جوسلين فنجان قهوة وقالت:
-ولماذا غادرت مدينة آلرز؟
-أرغموني على ذلك. كنت أشعر بالغثيان و الوحام في أشهر حملي الأولى, كما سقطت ذات يوم و أصبحت مهددة بخسارة الجنين. ربما كان ذلك أفضل. كنا سعيدين جداً قبل أن أحمل. . لكن, منذ بداية حملي, كل شيء يسير خطأ, إنهم يكرهونني, و أنا أكرههم, و ... آه, لا نهاية لذلك...
وضعت جوسلين زبدة فوق قطعة خبز ساخنة و ناولتها لأبنة عمها, فرفضتها قائلة:
-كلا, شكراً. أشعر بسوء الهضم. لا آكل كثيراً, فالطعام لا يطاق... رائحة الثوم تفوح في كل الوجبات.
-أين جان-مارك؟
تنهدت كاميليا و أجابت:
-لقد ذهب طيلة الأسبوع. إنه يعمل في مؤسسة تنتج الآلات الزراعية وهو مسؤول حالياً عن عرضها في معرض بيون الدولي. كيف كان استقبال جيرفيه لك؟ أنا لا أراه أبداً تقريباً. يتكلم معي أحياناً عبر النافذة.
-لم يكن مرحباً كما يجب. يتهيأ لي أنه يعشق ثيرانه و يكرس لها حياته كلها.
-آه, في منطقة الكامارغ, الجميع مجانين بالثيران. و لهذا السبب جيرفيه و عمته لم يعجبهما زوجنا. كانا يعتقدان بأن جان-مارك بعد أسفاره العديدة, سيعود إلى الضيعة و يستقر فيها و يتزوج واحدة من سكانها. بالنسبة إليهم, حتى ولو تزوج فتاة من مرسيليا, فستكون أجنبية. و جميع سكان الكامارغ يفكرون التفكير إياه. و يقول عنهم الفرنسيون عامة بأنهم شعب منغلق على نفسه.
-لماذا قلت لهم بأنني أتكلم الفرنسية؟
-آه, لم يريدا أن تأتي... قال لي جيرفيه بأن لا وقت لديه أن يهتم بك و يترجم لك. فقلت له أن باستطاعتك تدبير أمرك. فلا ضرورة أن تبقي سجينة هذا المكان لمدة ثلاثة أسابيع. إذا أعاروك سيارة الجيب, بإمكانك زيارة القرى و المدن المجاورة.
لم تقل الفتاة أنها لا تستطيع قيادة الجيب, خاصة في هذه المنطقة المجهولة, إنما سألتها:
-وكيف جرى أن جيرفيه يتكلم الانكليزية؟
-هو أيضاً سافر... من زمان... لما توفي زوج عمته, عاد ليدير المزرعة. جان-مارك وهو مختلفان كلياً. زوجي لا يريد البقاء في المزرعة, بينما يصر أخوه على ذلك. إنه تقليد عائلي لا مفر منه.
-وماذا يريدونه أن يكون؟
-حارس القطيع... كاوبوي بمعنى آخر. جيرفيه مالك القطيع و جان-مارك حارسه. هل تدركين الآن أي نوع من الحياة نعيش. الصيف ليس ممتعاً, والشتاء صحراء حقيقية. ولا شك أنك رأيت وضع المراحيض والحالة البدائية التي نعيش فيها!
-حتى الصالون ليس مريحاً. آه, لقد نسيت, لقد جلبت لك هدية. سأذهب و أجلبها في الحال.
عادت الفتاة حاملة علبة صغيرة و قالت:
-ما زالت أتذكر بأنك تستعملين مساحيق ريفلون للتجميل. أحضرت لك آخر منتوجاتها مدركة بأن لا وجود لها هنا.
-طبعاً لا. ناوليني المرآة, من فضلك. أريد أن أجرب حمرة الشفاه هذه.
نظرت إلى ابنة عمها تلون فمها الجميل بتأن. لقد اختارت لها هذا اللون العنبري لأنه يناسب عينيها الخضراوين و شعرها الكستنائي الفاتح. لكن شعرها اليوم أصبح باهتاً, و هذه الحمرة تظهر ملامحها المشدودة والتجاويف السوداء تحت عينيها. لا أحد يمكنه معرفتها, هي التي كانت تلك الفتاة الحيوية, النشطة, صورها تظهر دائما في مجلات الموضة النسائية.
مضت فترة الصباح بسرعة. و كان الحديث شيقاً, بعد فراق دام حوالي السنتين. وقبل موعد الغذاء بقليل, أطل جيرفيه من النافذة و قال:
-صباح الخير, يا كاميليا. كيف حالك اليوم؟
كانت قميصه مليئة بالوحل. و وجهه ملطخاً بالغبار والعرق, و قبعته مدفوعة إلى الوراء. انتفضت زوجة أخيه و قالت:
-آه, يا جيرفيه. . . فاجأتني!
قبل ثواني قليلة كانت مسترخية و الابتسامة تتلألأ على شفتيها, والآن, وجهها الشاحب أصبح حذراً و متخوفاً. أجاب جيرفيه شارحاً:
-أنا آسف, لم أكن أنوي مفاجأتك. جئت أطلب من الآنسة بيشوب إذا كانت لا تجد مانعاً من تناول الغذاء معنا. هكذا لن تحضر عمتي إلا صينية واحدة, صينيتك طبعاً.
سألت جوسلين الرجل:
-هل حان وقت الغذاء, يا سيد سانتون؟
-كلا, علينا أن نغتسل الآن. انزلي بعد عشر دقائق و سأعرفك بالآخرين.
سألت الفتاة ابنة عمها:
-سيعرفني إلى من؟
-رجاله. انهم حوالي الدزينة. معظمهم ينامون في الملحقات و يتناولون وجبات الطعام هنا. ليس من سبب كي تتناولي طعامك معهم.
-لا يهمني هذا الأمر. لا أريد أن أفرض على العمة عملاً إضافياً. لا شك أنها تمضي وقتها في المطبخ لتطعم هذه الأفواه العديدة. هل تهتم بالمنزل وحدها؟
-طبعاً. انها تتمتع بقوة الحصان. بالنسبة إليها, هذا هو دور المرأة. فبإمكانها بسهولة أن تحضر صينيتين.
-لا يهم. حين ينتهي الغداء, أعود إليك.
كانت تجربة مزعجة للفتاة, أن تدخل غرفة مليئة بالفرنسيين يسلطون عليها عيونهم الغامقة. و شعرت بارتياح عندما تقدم جيرفيه منها و عرفها إلى جماعته, قبل أن يدلها على الكرسي الموضوعة خصيصاً لها, في طرف الطاولة.
-لكن, أليس هذا مكانك؟
-أفضل لكِ أن تجلسي على الكرسي بدل البنك. و أسمحي لي أن أعرفك إلى رئيس الحراس مارسيل روجيه, هناك... الآنسة بيشوب.
ابتسمت الفتاة وهمست تقول:
-أنا سعيدة للتعرف إليك, يا سيد.
جلست على الكرسي, وتبعها الجميع.
بدأت السيدة سانتون تقدم يخنة الخضار بالخروف من قدر فخارية واسعة, و تنقلت الصحون من يد إلى يد أخرى.

جين أوستين
16-01-2012, 16:33
و باستثناء جيرفيه, الجميع يرتدون قبعاتهم, يأكلون و يشربون بشهية, انهم عمال نهضوا من نومهم منذ الفجر. و تساءلت جوسلين إن كان وجودها يجعلهم صامتين, أم أنهم هكذا عادة. كانت تشعر بالانزعاج, عيناها محدقتان بصحنها, كأنها دخيلة أو جاسوسة.
و حسب تقاليد البلدة, مسحت صحنها بقطعة خبز. في تلك الأثناء, أحد الحراس أطلق زفرة استغراب و أخرج من جيبه زوج نظارات شمسية وقال:
-هاتان النظارتان للفتاة يا معلم جيرفيه!
سأل جيرفيه الفتاة:
-هل هذا صحيح؟
هزت رأسها موافقة, فناولها حارس شاب إياهما و قالت له:
-شكراً, يا سيد.
شرع جيرفيه يخبر رجاله كيف أضاعت الفتاة نظارتيها, فشعرت بالإزعاج حتى الأعماق.
ولما علم الرجال بأنها اعتبرت الثيران المتوحشة السوداء قطيعا من البقر الداجن, راحوا يقهقهون بصوت مرتفع, هازئين و ساخرين. في مواقف أخرى, كانت شاركتهم جوسلين الضحك, لكنها أدركت أن جيرفيه يحاول الهزء منها عن سابق قصد. فاستطاعت كبت انزعاجها و ابتسمت بخجل و ظلت تحدق في القرويين, ويداها مشدودتان و وجهها أحمر. لم يزعجها تصرفهم العفوي, لكن قلبها انجرح من نظرات جيرفيه الهازئة. لم يخطئ حدسها, عندا لاحظت عدائية جيرفيه اتجاهها منذ البداية. فكاميليا إذن على حق: آل سانتون لا يحبون الأجانب.
خلال الأيام الأربعة الأولى, لم تغادر الفتاة غرفة كاميليا, إلا عندما تتناول وجبات الطعام من العمال. لو كانت في انكلترا لمدت يد المساعدة إلى العمة في توضيب مائدة الطعام و غسل الصحون, لكن لا شك أن العجوز تعتبر ذلك تحدياً, و لرفضت مساعدتها بوقاحة.
بدأت صحة كاميليا تتحسن بوجود ابنة عمها, و استعادت شهيتها على الطعام, وكذلك نشاطها و عافيتها. غير أن جوسلين ما زالت قلقة عليها. فهذا المنزل المنعزل, الخالي من جميع وسائل الراحة, من الكهرباء و ماء ساخنة... هذا المنزل البدائي لا يناسب امرأة ستضع طفلها عما قريب. لكنها لم تخبر كاميليا بقلقها, بعدما قررت فتح هذا الموضوع مع جان-مارك لدى عودته من ليون.
ونهار الجمعة, بعد الغداء, قررت كاميليا أن تنام في فترة القيلولة. فشعرت جوسلين بحاجة إلى المشي. الطقس جيد ولا ترغب في قضاء وقتها بين أربعة جدران.
وما إن اصبحت جوسلين خارج عتبة المنزل, حتى سمعت أصواتاً وصهيل خيول. بفضول ذهبت نحو المستودع فرأت عمالاً و أولاداً, جالسين على الحواجز. اقتربت قليلاً و لمحت في أحد العنابر صاحب الماشية مع أحد حراسه, يضعان الرسن على حصان صغير.
بعد قليل, انسحب الحارس, فامتطى جيرفيه المهر- وفي الحل, تجمد الحيوان, رفع اذنيه إلى الوراء وابيضت عيناه, ثم قفز محدثاً صيحة رهيبة ارعبت الفتاة كثيراً. لم يسبق لها أن رأت مقل هذا المنظر من قبل. هل هذا ما يسمونه ترويض الحصان؟ كيف بإمكان فارسه أن يظل على ظهر لا يتوقف ثانية عن الهيجان و الوثوب. لكن جيرفيه ظل يتبع حركات الحصان. الغبار يرتفع, الأولاد يصفقون و العمال يطلقون أصواتاً مشجعة للفارس الماهر.
دامت المبارزة خمس دقائق, خلالها كانت الفتاة تشعر بالإعجاب لصبر و مكابدة أهل هذا البلد.
ولما بدا على الحيوان التعب, انحرف جانباً, فعلت أصوات التحذير من قبل الحضور, وما كاد يرتمي الحيوان على ظهره, رافعاً حوافره الأربعة في الهواء, حتى سحب جيرفيه رجليه و ابتعد. لو تأخر نصف ثانية لتحطمت ساقه. انبطح الرجل على الأرض المغبرة, ثم نهض, غير مصاب بأذى.
نفض الرجال الغبار عن ملابسه وتبادل كلمات المديح و النكات مع عماله, ثم تقدم من الحيوان و راح يداعب عنقه.
وبينما كان الحراس يضعون الرسن على حصان آخر, لمح جيرفيه الفتاة, فقفز فوق الحاجز و اقترب منها و سألها:
-هل ترغبين في رؤيتي, آسنة بيشوب؟ هل هناك مشاكل؟
-كاميليا تنام, و أنا سمعت ضجة, فجئت أرى ماذا يحصل. هل يزعجك إن بقيت أشاهد من هنا.
-لا, أبداً.
كان يقف أمامها, يداه على وركيه و قبعته منحرفة إلى الوراء, يلهث بشدة. ابتسم و قال:
-ابنة عمك لا تحب هذه المشاهد. و اقنعت أخي بعدم مساعدتي.
سألته جوسلين باهتمام و تهذيب:
-كم من الوقت يحتاج الحصان للترويض؟
-نحن هنا نعلم الحصان أن يفعل ما نطلبه منه. ولا يمكن لأحد في هذا المكان أن يروض حصاناً يولد و ينمو في منطقة الكامارغ.
-حتى أنت, لا تستطيع ترويض الحصان, يا سيد سانتون؟
-لم أحاول ذلك أبداً, آنسة بيشوب. انني أعرف تماماً قيمة حريتي. و الآن, أرجو معذرتي.
ابتعد الرجل وقفز فوق الحاجز.
في هذا المساء, وفي الوقت الذي كانت الفتاة تستعد فيه للنهوض عن مائدة العشاء, قال لها جيرفيه:
-سأذهب في الغد إلى مدينة آلرز, آنسة بيشوب. هل يمكنك أن تسألي ابنة عمك إذا ما كانت تحتاج لشيء اشتريه لها. سأغادر في الصباح البكار... قبل نهوضها من النوم.
-سأذهب في الحال, يا سيد.
فرحت كاميليا بهذا الخبر وقالت لأبنة عمها:
-آه, نعم, هناك أشياء كثيرة أنا بحاجة ماسة إليها.
تناولت المرأة مفكرتها الجديدة الزرقاء المطعمة بأحرف اسمها, و المبطنة بالحرير المموج, ثم سحبت من طرفها قلم حبر ذهبي, و راحت تدون عليها ما يلي.
-صابون... قطن... سكاير انكليزية... هذا لا يعجب جيرفيه. فهو لا يحب النساء اللواتي يدخنن.
-بنظري, يجب أن تحاولي الاقلاع عن التدخين. فهو مضر بصحة الجنين.
-آه, أنت أيضاً, بدأت تنهالين علي بالنصائح. يكفيني النصائح الصادرة من جيرفيه و عمته. اسمعي, لماذا لا تذهبين معه و تقومي عنه بشراء هذه الأغراض. هكذا توفرين عليه وقتاً و ستتاح لك فرصة زيارة الآثار و المتاحف هناك. لقد أمضيت هنا اسبوعاً مملا, حابسة نفسك في هذه الغرفة معي.
ذكرتها جوسلين قائلة:
-جئت إلى هنا لأبقى بجانبك. لكن, ربما من الأفضل أن أقوم بهذه المشتريات بنفسي, إذا كان السيد سانتون لا يرى في ذلك مانعاً.
استقبل جيرفيه الخبر بقلة حماس. لكن بعد تفكير و تحليل, أعلن قائلاً:
-حسناً, آنسة بيشوب. سنغادر في الثامنة صباحاً.
وفي صباح اليوم التالي, ارتدت جوسلين فستاناً قطنياً معرقاً, و رأت جيرفيه على مائدة الفطور عندما دخلت غرفة الجلوس. نهض و تأمل فستانها و حذاءها ولم تعرف إذا أعجبه منظرها أم لا. أما هو, فكان يرتدي قميضاً زرقاء و سروالاً ضيقاً, كاكي اللون. و انتعل فوق حزمته الجلدية غطاء من الكاوتشوك الواق.
وما ان انتهت من تناول الفطور حتى صعدت في سيارة الجيب. نظرت إليهما العمة وهما راحلان دون أن ترد على ابتسامة الفتاة و وداعها.
ران الصمت في الدقائق العشر الأولى, قطعه جيرفيه أخيراً عندما سألها فجأة:
-أخبريني يا آنسة بيشوب, ما هي مهنتك؟ هل أنت عارضة أزياء مثل ابنة عمك؟
-لا, شكراً يا إلهي! لماذا أخذت هذه الفكرة عني؟
-عمتي تساءلت الشيء نفسه. فكاميليا لم تخبرنا بشيء.
بصوت عال أجابت:
-أنا مدبرة منزل.
-تقصدين ربة منزل.
-نعم, أهتم بوالدي. انه طبيب.

جين أوستين
16-01-2012, 16:35
-فهمت. اذن كيف استطعت المجيء إلى فرنسا هل لديك خدام يحلون مكانك؟
-تزوج أبي من جديد, و لولا ذلك لما استطعت المجيء.
-وهل ستستمرين في إدارة المنزل.
-آه, لا. هذا دور زوجته الآن. سأبحث عن عمل, لكنني لا أعرف نوعيته. لا أستطيع أن أعمل شيئاً خارج ادارة المنزل.
-ابنة عمك لا تعرف شيئاً في هذا المجال.
-هذه حال معظم الفتيات, في أيامنا هذه. يتعلمون إدارة المنزل في حينه. و كاميليا ستتعلم ذلك بسرعة متى اسست لعائلتها منزلاً. سيكون ذلك صعباً عليها, كونها فتاة أجنبية. الفتاة الفرنسية تعاني المشاكل إياها إذا تزوجت من رجل انكليزي.
-نساؤنا لديهن غريزة طبيعية لهذا النوع من الأعمال.
آه, إنه يتكلم عن النساء كما في القرن التاسع عشر!
لم يتسن لها الوقت لإيجاد رد مناسب, لأنها رأت فجأة عصافير يرتفع فوق المستنقع الممتد على طول الطريق, و يحلق في السماء الزرقاء مثل غيمة وردية. لم يسبق أن رأت بجمال هذا المنظر و سحره المفاجئ. فقبل لحظة كان الجبل صحراوياً...
-آه, هذا رائع جداً. ما هذا النوع من العصافير؟
كبح الرجل فرامل سيارته و أوقفها جانباً و أجاب:
-إنها طيور طويلة الساق و العنق, كما ترين و تدعى النحاميات. نحن هنا نسميها " الزهور الطائرة".
نزلت جوسلين من السيارة لتتأمل منظر هذه العصافير الجميلة, ثم قالت باستغراب:
-عصفور النحام في فرنسا؟ كنت أعتقد بأنها موجودة فقط في المناطق الاستوائية. انظر إن عددها يتجاوز الألف.
-لا يجود مثل هذه العصافير, هنا في فرنسا, إلا في منطقتنا, في الكامارغ. هل تهتمين بالعصافير, آنسة بيشوب.
-كلا, ليس تماما. انها عصافير غريبة. و العندليب عصفور غريب أيضاً. و وجوده كثير هنا, كالشحرور في انكلترا. هل زرت بلادي, يا سيد سانتون. اخبرتني كاميليا بأنك سافرت كثيراً.
أجاب باختصار وهو يقلع:
-لقد مررت بلندن.
-تتكلم الانكليزية بطلاقة.
نظر إليها ساخراً وقال:
-تعلمت اللغة الانكليزية في ليون, خلال دراستي الجامعية. هل هذا يدهشك يا آنسة بيشوب؟
-لماذا؟ لا سبب كي أندهش.
كان ينظر إلى الطريق, فلمحت الفتاة تقلص فمه في ابتسامة متعجرفة ثم قال بجفاف:
-تفعلين قدر مستطاعك كي تخفي عني نظرتك بي. لكنني أعرفها. أنت تعتبرينني انساناً غليظاً, أليس كذلك؟
لم تتوقع الفتاة ذلك منه, لكنها أجابت بحذر:
-بالكاد أعرفك, يا سيد. لكنني لست ساذجة لأصدق كل ما يقال عن الفرنسيين بأنهم جميعاً لطفاء و محبين.
كبح فرامله فجأة ليتحاشى السقوط في حفرة عميقة, اضطرت الفتاة التمسك في مقعدها كي لا ترتطم بنوافذ السيارة الأمامية. فقال لها:
-عفواً, آنسة بيشوب. طرقنا رجراجة. آمل ألا تكوني منزعجة من الرجة.
احمر وجهها و ظلت صامته. لكنها كانت مضطربة منذ أن بدأت فهم التأثير الذي يفعله بالنساء عامة, متى أراد ذلك. عم الصمت بقية الطريق. أخيراً وصلا إلى مدينة آلرز. أوقف جيرفيه سيارته أمام مقهى في جادة الأمراء و سألها:
-هل تحبين احتساء مرطب منعش؟
هزت رأسها مواقفة و تبعته إلى داخل المقهى. احتسيا الليموناضة المثلجة بسرعة, ثم دف الرجل فاتورة الحساب, ونهض قائلاً:
-هل باستطاعتك تدبير أمرك وحدك؟
-لغتي الفرنسية تكفي لأن أقوم بالشراءات من دون صعوبة.
-في هذه الحال, موعدنا هنا عند الظهر. إلى اللقاء يا آنسة.
رأته يبتعد, من طريقة مشيته, يفهم الآخرون أنه واثق من نفسه, كأنه يملك المدينة كلها. لم تستطع منع نفسها من التساؤل, لماذا هذا الرجل, الذي سافر وقام بدراسات جامعية, اختار أن يكون صاحب ماشية, في غضون ساعة انهت الفتاة مشترياتها, و وضعتها في سلة داخل المقهى, ثم راحت تجوب المدينة كسائحة. الجادة الكبيرة التي يحدها شجر الصفصاف هادئة تماماً. الكنائس الموحية بالهيبة و المقابر الضخمة, ذكرت الفتاة بالرومان و ثوبهم يتمايل مع خطواتهم الإيقاعية, في حركة وضجيج العربات. أغمضت جوسلين عينيها برهة, فتهيأ لها أنها تعيش في تلك العصور القديمة.
وصلت أخيراً إلى قلب المدينة, الشوارع تكتظ بحركة مستمرة. إنه يوم السبت, يوم المزارعين الذين يأتون إلى المدينة لعقد صفقات أعمالهم.
وجدت المقهى مليئاً, لكن خلال ثوانِ معدودة أخلت إحدى العائلات طاولة فشعرت جوسلين بارتياح و جلست أمام تلك الطاولة تحتسي شراب الليموناضة. أمامها نصف ساعة قبل عودة جيرفيه.
لم يعد وحده. بل مع فتاة شابة, سمراء, قصيرة, ترافقه متأبطة ذراعة باسترخاء.
-الآنسة بيشوب... الآنسة دورانس. الآنسة بيشوب ابنة عم كاميليا, يا سيلين. تمضي بضعة أيام عندنا في المزرعة.
نهضت جولين و مدت يدها تسلم على الفتاة الفرنسية, قائلة:
-تشرفت بمعرفتك. كيف الحال؟
ابتسمت سيلين مظهرة عن أسنان ناصعة جميلة, طلاء أظافرها يشبه لون حمرة شفتيها. ترتدي قميصاً وردياً وتنورة مكسرة كحلية خصرها نحيف و رأسها بالكاد يصل إلى كتف جيرفيه. قال هذا الأخير شارحاً:
-دعيت سيلين لتناول طعام الغداء معنا.
خرج الجميع إلى شرفة المقهى بعدما أخلى لهم الخادم طاولة واسعة مطلة. وبعد قليل, سألت سيلين جوسلين:
-هل هذه رحلتك الأولى إلى فرنسا يا آنسة بيشوب؟
-نعم.
احتارت جوسلين. الشوارع مليئة بالفتيات الجميلات, لكن سيلين مختلفة عنهن. حقيبة يدها البسيطة و حذاؤها الفاخر, و عطرها الناعم, وملابسها الأنيقة, كل ذلك يشير إلى أنها فتاة باريسية. ماذا تفعل هنا في آلرز... مع رجل مثل جيرفيه سانتون؟
خلعت الفتاة الفرنسية نظارتيها و قالت:
-كيف حال ابنة عمك؟ التقيت بها مرة واحدة عندما كانت تسكن مع جان-مارك في شقتهما, شارع غانبيتا. هل ما تزال في صحة سيئة؟
-انها تتحسن قليلاً. هل تسكنين في مدينة آلرز, يا آنسة؟
-لدينا منزل في المدينة حيث امضي أشهر الشتاء. لكن, في الربيع, أعود إلى مزرعة والدي, انه صاحب ماشية, مثل جيرفيه. ومزرعتنا ليست بعيدة عن مزرعة سانتون, انما ماشيتنا اسبانية, بينما ماشية جيرفيه مؤلفة فقط من الثيران الأصلية التابعة لمنطقة الكامارغ, أليس كذلك, يا عزيزي؟
جاء الخادم, و بينما كان جيرفيه يختار الطعام مع سيلين, من دون استشارة جوسلين, تساءلت هذه الأخيرة إذا التقى سيلين صدفة, أم كان على موعد مسبق معها.
أخرجت سيلين من حقيبة يدها علبة سكائر و قالت:
-هل تدخنين يا آنسة بيشوب.؟ كلا؟
تناولت الفتاة الفرنسية سيكارة, وقبل أن تضعها في فمها, وضع جيرفيه يده على معصمها وهز رأسه و قال:
-ليس الآن... انتظري نهاية الغداء.
-آه, أنت مزعج مثل والدي...
أحضر الخادم المقبلات المؤلفة من الزيتون الأسود و الخيار و الفطر و الطماطم و البيض المسلوق. فجأة, قال جيرفيه:
-هل تمكنت من القيام بجميع الشراءات يا آنسة بيشوب؟
-نعم, شكراً. و قمت أيضاً بتجوال حول المدينة. الطقس منعش, تحت أشجار الحور و الصفصاف.
قالت سيلين:
-لا شك أنك تجدين مناخنا حاراُ, أنا أحب هذا الطقس. فرحي الوحيد, أن أكون طول النهار تحت الشمس... ان أمتطي حصاني و أجوب مسافة طويلة دون أن التقي أحداً... آه, هذا ما أفضله أكثر من أي شيء آخر.
قال جيريفيه بجفاف:

جين أوستين
16-01-2012, 16:37
-ما دام الحال هكذا, لا أفهم لماذا تمضين أوقاتاً عديدة في باريس؟
ضحكت وقالت:
-و أحب باريس أيضاً. اذهب إليها لاختيار ملابسي. ألا تحب أن أبدو جميلة يا حبيبي؟
-أنت جميلة بطبيعتك.
-صحيح.
-طبعاً. هيا, أكملي طعامك, يا عصفورتي.
ذهلت جوسلين ولم تصدق ما سمعته, خاصة ما صدر عن جيرفيه سانتون. لا شك أن علاقة الرجل بالفتاة الفرنسية قديمة. لكن هل هي علاقة أخوة أم علاقة حب جدية؟
أحضر الخادم الوجبة الأساسية المكونة من فخذ غنم محمر بالفرن, وإلى جانبه البازلاء و البطاطا.
وبين الحر و الطعام الشهي, بدأ النعاس يتغلب على جوسلين, بينما بقيت سيلين في حيويتها ونشاطها. تتكلم باستمرار مع جيرفيه, وتبتسم, من حين إلى آخر إلى الفتاة الانكليزية التي, ظاهرياً, لا يبدو أنها تشارك الرجل كرهه و عدائيته للأجانب.
بعد القهوة, أشار جيرفيه للخادم أن يحضر الفاتورة, فاقترحت الفتاة الفرنسية قائلة:
-لماذا لا تمر علينا في المساء, يا جيرفيه. لم يرك والدي منذ شهر تقريباً. ربما تحب الآنسة بيشوب أن تأتي معك.
قالت جوسلين بتهذيب:
-هذا لطف منك, يا آنسة, لكنني أفضل البقاء مع كاميليا, خاصة انها أمضت هذا اليوم وحدها.
-آه, نعم, لم أفكر بذلك... جان-مارك في ليون, أليس كذلك لكن أنت, يا جيرفيه, هل ستأتي؟
-كلا, ليس هذا المساء, يا سيلين.
بدت الخيبة على وجه الفتاة الفرنسية, لكنها لم تصر, بل اكتفت بالقول:
-إذن, ربما لرؤيتك في الغد. لم أر العمة مادلون من زمان.
-أهلا وسهلاً بك دائماً, يا صغيرتي.
أمام المقهى, ودعتهما سيلين, وبصمت توجه جيرفيه و جوسلين نحو سيارة الجيب التي انطلقت عائدة إلى المزرعة. في منتصف الطريق أوقف جيرفيه سيارته ليتحدث مع سائق سيارة جيب أخرى, آتية بالاتجاه المعاكس. ثم عاد و أقلع من جديد. بعد قليل, قال بهدوء:
-الرجل الذي تحدثت معه منذ قليل, هو الطبيب الذي ذهب لرؤية ابنة عمك, كالمعتاد.
قالت الفتاة باندهاش:
-ولماذا لم تقل لي ذلك من قبل. كنت أرغب في أن أكلمه أنا أيضاً. آه, كان يجب عليك أن تقدمني إليه.
-ولماذا؟ انه لا يتكلم الانكليزية, وحال ابنة عمك مطمئنة.
قطب حاجبيه, ثم هز كتفيه وقال شارحاً:
-عامة, يأتي عندما يكون أخي هنا. طبعاً, لو كنت أعرف اصرارك على رؤيته لعرفتك به. لكن, لا حاجة للقلق الآن. انه طبيب جيد وله خبرة واسعة في مجال تطبيب النساء الحوامل.
-هل هو موافق على أن تسكن المزرعة؟
-هل هذا يعني بأنك تمانعين ذلك؟
عضت الفتاة على شفتيها وقالت:
-كنت أفضل لو تذهب إلى المستشفى, ماذا لو أصيبت باشتراكات...
قاطعها الرجل قائلاً:
-ولماذا سيحدث لها اشتراكات؟ انها شابة و بصحة جيدة و يراقبها الطبيب باستمرار. ويعتقد بأن ولادتها ستكون طبيعية.
احتجت الفتاة وقالت:
-لكنها نحيلة و واهنة.
-إذا كانت ترفض الأكل, فماذا باستطاعتنا أن نفعل. ان نجبرها؟
-انها غير معتادة على المطبخ الفرنسي... الثوم... الزيت...
-وأنت مثلها يا آنسة بيشوب. لكن يبدو أنك تأكلين طعامنا ولا تعاندين إلا إذا كنت تتصنعين ذلك.
-كلا. أرى طعامكم رائعاً. لكن, لا تنسى أن كاميليا امرأة حامل و...
قاطعها قائلاً:
-ابنة عمك ترفض التكيف. وهذه هي مشكلتها الأساسية. لن تساعديها إذا شجعتها في هذا التصرف. يكفي أن أخي متساهل معها كثيراً.
أجابت الفتاة ببرود:
-لأنه يحبها, ربما. معظم الرجال يدللون نساءهم عندما ينتظرن مولوداً سعيداً. لكن, ما دمت أنت غير متزوج, فلا تستطيع فهم ذلك.
-لا يحتاج الرجل أن يكون متزوجاً كي يفهم النساء. ابنة عمك بحاجة إلى بعض القسوة. النساء كالفرس, يطلبن الصلابة و الحزم.
-صحيح لا عجب أن تكون عازباً في سنك, يا سيد سانتون.
-أنت لا توافقينني الرأي تفضلين الأزواج اللينين؟
-نظرتي إلى الزواج تختلف كلياً عن نظرتك, على ما يبدو. كما لن أتزوج رجلاً لا يرى بأنني على درجة معينة من الذكاء.
-صحيح بأن النساء كائنات غريزيات, لكن هذا لا يعني بأنهن غير ذكيات. أنت ما زلت صغيرة, يا آنسة, وربما لا تعرفين بعد نوعية مزاجك و شخصيتك الكاملة. عندما تكونين لنفسك خبرة أكبر, ستفهمين بأن النساء خلقن للطاعة, ولا يمكن للطبيعة أن تتغير.
احتجت ببرود قائلة:
-الأيام تتغير. أنت رجل تقليدي, أليس كذلك؟
ظهرت المزرعة من بعيد, جدرانها البيضاء تلمع تحت الشمس.
-هذا ممكن, لكن هذا لا يغير طبيعة العلاقة الموجودة بين الرجل والمرأة. ألا تجدين أن ابنة عمك تأخرت في الندم على زواجها.
-لكنها ليست نادمة على شيء. إنها تحب أخاك كثيراً. ومهما يكن, كيف باستطاعتك أن تطلب منها أن تكون سعيدة, بينما أنت و العمة لا تظهران نحوها محبة معينة, ولا أي حظ للتكيف الصحي.
-هل تتهميني و تتهمين عمتي بعدم التلاطف مع ابنة عمك؟
قالت الفتاة لنفسها: مهما فعلت و قلت, لن أتوصل إلى جعله فهم شيء مما أريد. فقالت معتذرة:
-كلا, طبعاً, يا سيد. ليس هذا ما أقصده. لكن بامكنكما أن تكونا متسامحين معها أكثر. كاميليا فتاة شديدة الحساسية, تعرف بأنكما لا تحبانها, وهذا يجعلها فتاة تعيسة. أخوك أيضاً ليس في وضع سهل. لكن لا جدوى في معارضة زواجهما. ربما من الأفضل لو تقف إلى جانب أخيك و تساعد كاميليا على التكيف.
أوقف جيرفيه سيارة الجيب. خبع قفازيه و رماهما إلى الوراء, ثم التفت نحو الفتاة وقال:
-مساعدتها؟ بأي طريقة؟
-آه, بطرق عديدة.
كانت الفتاة تعي بأن فستانها مجعلك و وجهها عابق من شدة الحر, لكن نظرات جيرفيه المحدقة بها, و دنو يده السمراء من كتفها, وترتاها , فشعرت بالتقلص فجأة. ماذا لو لمسها من دون وعي. كانت تخاف. انه مختلف عن بقية الرجال. لكنها لا تعرف لماذا تشعر بذلك. سألها:
-مثلاً؟
-بتشجيع الآنسة دورانس أن تأتي لزيارتها, مثلاً. كاميليا بحاجة إلى صديقات, و يبدو أنهما تتبادلان الاهتمامات نفسها.
-طبعاً, هذا اقتراح مليء بالوحي!
اضطربت جوسلين لتعبير وجهه الهازئ وقالت:
-لا أفهم.
-هناك أشياء كثيرة لا تفهمينها. أنت هنا منذ أسبوع و دعيني أقدم لك نصيحة, يا آنسة, عليك بالترفيه عن ابنة عمك. قريباً, ستلد و سيملأ الطفل أوقات فراغها.
احمرت جوسلين وقالت مدافعة:
-كنت أريد فقط مساعدتها.
-أنا أكيد من ذلك. و معك حق أن تعتقدي أن سيلين و كاميليا تتبادلان الاهتمام نفسه. لأن سيلين كانت الفتاة التي كان أخي سيتزوج منها, لو لم يذهب إلى باريس العام الفائت.
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 16:40
3-اكتشفت جوسلين أن كامليا ليست ضحية مسكينة كما تحاول أن تظهر وقررت الرحيل في الوقت المناسب لتجنب ظلافة جيرفيه, لكن العمة سقطت و عليها أن تقبل التحدي و تبقى أو ترحل فتخسر تحديها...

استقبلت كاميليا ابنة عمها عندما دخلت غرفتها بمزاج سيء قائلة:
-أنتظرك منذ ساعتين!
-أنا آسفة. لم أعرف مسبقاً بأن جيرفيه ينوي تناول الغداء في آلرز. لقد جلبت لك كل ما طلبته.
أفرغت الفتاة محتوى السلة على السرير راغبة في غسل وجهها و يديها و تغيير ملابسها, ثم قالت للمرأة الجالسة أمام منضدة الزينة, قرب النافذة:
-جاء الطبيب لرؤيتك, أليس كذلك؟ لقد التقينا به في طريق العودة.
-انه رجل حقير و مقيت... كانت رائحته تفوح بالثوم. اسمعي, سأغسل شعري قبل عودة جان-مارك, غداً. و ستساعدينني في ذلك يا جوسلين. لم يعد باستطاعتي غسله وحدي. اجلبي لي ماء ساخن من عند العمة.
-أليس من الأفضل أن تغسليه غداً صباحاً؟ سيأخذ وقتاً طويلاً قبل أن يجف, يا كاميليا.
لكن كاميليا أجابت بإصرار عنيد:
-كلا, كلا.. أريد أن أغسله الآن, في حال وصل زوجي باكراً.
-حسناً, سأذهب و أغير ملابسي.
في غرفتها جلست جوسلين على السرير في استراحة قصيرة, فالطريق الرجراجة و الجدال مع جيرفيه أحبطا عزيمتها. لكن عليها أن تساعد كاميليا في غسل شعرها كي يجف قبل الليل. خلعت ملابسها و بذلت جهدا كبيراً لتقاوم رغبتها في التمدد على السرير والنوم؟
بعدما غسلت وجهها و ذراعيها, وارتدت قميصاً وسروالاً نظيفين, شعرت بالانتعاش والراحة.
لم تجد السيدة سانتون في المطبخ ولا في غرفة الجلوس. لا بد أن تكون إذن في غرفتها. لئلا تزعجها قررت أن تسخن الماء بنفسها. عليها إذن أن تسحب الماء بواسطة المضخة.
حملت دلواً كبيراً و وجدت المضخة في الساحة. وبينما كانت تباشر في تشغيلها, سمعت شخصاً يتقدم و هو يصفر, رفعت نظرها ولمحت أحد الحراس. انه الحارس الصغير الذي عثر على نظارتها يوم حادثة الثيران. ابتسمت له وقالت:
-صباح الخير, يا سيد.
فوجئ الرجل لرؤيتها, فتوقف حائراً, ثم قال:
-صباح الخير, يا آنسة.
انه أصغر الحراس ولا بد أن يكون في مثل عمرها. بعد تردد قصير, تقدم منها و أشار إليها أن تبتعد كي يضخ الماء بنفسه, قائلاً:
-الدلو ثقيل بالنسبة إليك بخاصة عندما يمتلئ. سأحمله عنك.
أفرغ الماء في قدر معدنية موضوعة داخل المطبخ, و وضعها على الفرن الخطبي, ثم أشعل بعض الوقود, فقالت له:
-شكراً جزيلاً, كنت أعتقد أن الجميع ذهبوا اليوم بعد الظهر إلى المدينة.
من دون أن يتجرأ في النظر إليها, قال ببعض الانزعاج:
-ليس أنا, يا آنسة, اسمي رفاييل.
اندهشت الفتاة من خجل الشاب الوسيم, ذي الشعر الأسود المجعد و القامة المتوسطة والمتينة. ابتسمت له وقالت:
-و أنا اسمي جوسلين.
-انه اسم جميل, هل أعجبتك مدينة آلرز يا آنسة جوسلين؟
-نعم... انها مدينة جميلة حقاً.
استرخى الشاب وسألها:
-هل ستبقين هنا حتى حين ولادة الطفل؟
-كلا, لا أستطيع ذلك. سأعود إلى انكلترا بعد اسبوعين. الجميع هنا يأملون أن يكون الطفل ذكراً, أليس كذلك؟ وربما يكون أنثى جميلة.
-هنا, المولود الأول دائما صبي.
لكنه أضاف بسرعة لدى سماعه طرقة باب في الممر:
-سأذهب الآن, لدي عمل.
لم يأت أحد. كانت الفتاة تحب أن تتحدث مع رفاييل لمدة أطول, لتحسن لغتها الفرنسية. فحتى الآن باصغاءها إلى الحراس يتحدثون غلى مائدة الطعام, تذكرت تقريباً كل ما تعلمته في المدرسة, كما تعلمت بعض التعابير القروية المحلية.
ساعدت جوسلين, في غسل شعر ابنة عمها و راحت بدورها تغسل شعرها أيضاً. ثم لفته بمنشفة, و راحت تجعد شعر كاميليا بوضع ملاقط خاصة فيه. فقالت لها كاميليا بغيظ:
-لا أفهم لماذا لا يجلب جيرفيه محركاً كهربائياً. فأنا لا أستطيع استعمال مجفف الشعر...
-المحرك الكهربائي يكلف غالياً. ربما ليس بإمكانه أن يشتري واحداً.
-بلى... لديه المال الكثير. بإمكانه أن يحسن أوضاع المزرعة بكاملها و يجعلها حديثة الطراز, لو لم يكن بخيلاً. أين اصطحبك إلى الغداء في مقهى حقير, على ما أظن؟
-لم يكن مقهى من الطراز الأول, لكن الطعام كان من الدرجة الاولى. في الواقع كنا ثلاثة أشخاص. لقد دعا فتاة تدعى سيلين دورانس.
-آه, صحيح! لقد سبق و ألتقيت بها مرة من قبل. انها فتاة سمراء... قصيرة... أنيقة جداً. لقد وجدتها فتاة ناعمة و لطيفة.
بدا على كاميليا أنها لا تعرف بأن عائلة سانتون كانت تأمل بزواج جان-مارك و سيلين. ما1ا كان جيرفيه يقصد من كلامه إذن: لو كان جان-مارك يريد سيلين زوجة له, لأخبر كاميليا بذلك؟ الظاهر أنها في الحقيقة رغبة العائلتين وليس الولدين. الواضح أن سيلين لا يبدو أنها تعاني ألام الحب الضائع.
أضافت كاميليا تقول:
-حسب ما أخبرني جان-مارك, مزرعة آل دورانس مجهزة بكل وسائل الراحة الحديثة, من كهرباء و ماء جارية , ساخنة وباردة... أي كل ما يجعل الحياة جميلة. والد سيلين أرسل ابنته إلى باريس لتكمل دراستها. هو على الأقل, ليس محافظاً, أو متعصباً و يبدو أنه انسان حضاري.
-لكنني فهمت أنه يربي ثيراناً من نسل مختلف. و مزرعته ربما تكون أكثر ازدهاراً من هنا.
-آل دورانس يرسلون حيواناتهم إلى حلبة مصارعة الثيران.. أما جيرفيه, فلا يريد إلا ثيراناً تقوم بالسباق الحر.
-وما هو الفرق؟
-في السباق الحر, الحيوان غير مهدد بالموت. بين قرنيه توضع زهرة حمراء, وعلى الرجال محاولة قلعها. كان جان-مارك يشترك في الماضي في هذا السباق. لكنني رجوته ألا يفعل ذلك بعد الآن, فرضخ لرجائي. كان بطلاً محلياً لمدة سنتين متواليتين. لكنني غير مستعدة اطلاقاً أن أرى زوجي مشلولاً أو مصاباً بفجوة بين أضلاعه... في الواقع, الثيران هي الأبطال. لا بد أم جيرفيه حدثك عن ثور يدعى " الوحش" وهو أجمل ثور في المنطقة.
هزت جوسلين رأسها سلباً, فقالت لها كاميليا:
-حلم جيرفيه و طموحه في هذه الحياة أن يخطف هذا الثور. شيء لا يصدق, أليس كذلك؟
-آه, لا أعرف. المزارعون الانكليز يحاولون أيضاً الحصول على الحيوان الذي ينال الجائزة الأولى, أو البقرة التي تعطي أكثر حليباً. لكل حلمه. و أنت, حلمك كان أن تصدر مجلة "فوغ" صورتك على غلافها.
-ما زلت محافظة على هذا العدد من مجلة " فوغ"
فجأة تقلص فم المرأة و امتلأت عيناها دموعاً, و أضافت تقول:
-إذا استعدت وظيفتي الآن, فلا أحد سيعرفني.
-آه, آه, بلى سيعرفونك. بعد شهرين, ستلدين و تستعيدين نحافتك, و تصبحين رائعة من جديد, بل أروع ربما.
قالت كاميليا بصوت مرتجف:
-صحيح؟ هل تعتقدين ذلك؟ بعض النساء لا يستعدن نحافتهن أبداً. آه, لم أعد أحتمل بطني هذا! بالكاد أتجرأ على النظر إلى نفسي في المرآة هذه الأيام.
قالت جوسلين بحزم و قسوة:

جين أوستين
16-01-2012, 16:43
-كاميليا! أنت الآن تقومين بتصرفات طفولية. انك أقل سمنة من معظم النساء. هيا, تشجعي, يا حبيبتي. غداً, في مثل هذه الساعة, سيكون جان-مارك قربك و سيراك رائعة, أنا متأكدة من ذلك, إن كنت حاملاً أم لا.
وصل جان-مارك في اليوم التالي, بعد وجبة الغداء. قفز من السيارة و قبل عمته بحماس, ثم سلم على جيرفيه و ربت على كتفه, والتفت نحو جوسلين و قال:
-وهذه ابنة العم الانكليزية! أنا سعيد بالتعرف إليك, يا آنسة. سامحيني على غيابي... لكنها كانت رحلة عمل موفقة. الآن, لدي زوجة... وعما قريب, طفل... يجب علي أن أعمل مضاعفاً...
انحنى مبتسماً وقبل يدها و قال:
-والآن, المعذرة. أريد أن أرى زوجتي.
عندئذ اقترح جيرفيه قائلاً:
-بما أن جان-مارك و كاميليا يرغبان في قضاء بعض الوقت معاً, على حدة, ما رأيك لو تأتين معي لركوب الخيل, آنسة بيشوب؟
ذكرته قائلة:
-لكنني لم أمتط خيلا في حياتي.
أجابها بهدوء:
-في هذه الحال, سأعلمك.
ثم أضاف بتحد:
-هذا طبعاً إذا كنت لا تخافين القيام بالتجربة.
بدا و أكنه يريد أن يضعها على المحك. أو ربما يتوقع منها أن تجد عذرا للرفض. فهو لا يرغب في رفقتها كما يبدو.
بلهجة ابتهاج و حماس, أجابت الفتاة:
-هذا لطف منك. سآخذ درساً في ركوب الخيل بكل طيبة خاطر. لأذهب اذن و أغير ملابسي, و سأعود إليك بسرعة.
لم يبد مندهشاً, بل قال ببساطة:
-و أنا سأهيئ الحصانين.
قالت الفتاة لنفسها وهي داخلة إلى المنزل:" آه, ما الذي جرى لي؟".
ولما عادت للقياه, كان قد وضع السرج على حصانه" قيصر" وعلى حصان آخر. قال لها بلطف, شاعراً بأنها غير مطمئنة كما يجب:
-لا تخافي, آنسة بيشوب, "أرسطو" حصان لطيف جداً. ضعي رجلك في هذه الركاب هنا, و تمسكي بالقربوس, و أنا سأساعدك على امتطاء الحصان.
نفذت الفتاة ما قال لها بنجاح, فأحكم جيرفيه الركابين جيداً, ثم قال:
-سأجلب شيئا من المنزل. هل بإمكاني أن أتركك وحدك لحظة؟
هزت الفتاة رأسها قبولاً, وتمسكت بالقربوس, آمله ألا تصدر عن الحصان حركة مفاجئة. عاد جيرفيه حاملاً قبعة رمادية تشبه قبعته, لكنها أصغر و أجد. وقال لها وهو يناولها إياها:
-إنها تذكار من منطقة الكامارغ, لك, يا آنسة. آمل أن تليق بك.
أجابته متلعثمة:
-آه, شكراً.
ثم رأته يمتطي حصانه بخفة وعناية, ابعدت يديها عن القربوس, ثم خلعت نظارتيها و اعتمرت القبعة التي لا شك أنه اشتراها من مدينة آلرز يوم أمس.
قرب جيرفيه حصانه من "أرسطو" و أنحنى ليري الفتاة كيف تمسك الزمام, قائلاً:
-هل أنتِ مستعدة, أنسة بيشوب؟
هزت رأسها موافقة, ثم قالت بعفوية:
-أرجوك, أدعني جوسلين. فنحن أقرباء...
رمقها بنظرة ساخرة, غريبة, و أجاب قائلاً:
-حسناً, كما تريدين.
ثم ربت على ظهر أرسطو و بدأ الحصانان سيرهما. و بسرعة, تعودت الفتاة مشية الحصان و تدريجياً, بدأت تشعر بالاسترخاء والاستمتاع بالنزهة.
الحصانان يتقدمان جنباً إلى جنب, و جيرفيه لا يراقب الفتاة كثيراً. بل يصفر و يتأمل المنظر القاحل, بصمت و استرخاء. بعد ربع ساعة. ابتعدا عن الطريق باتجاه مساحة واسعة من الأراضي المغطاة بالنباتات البرية من فصيلة السرمقيات. "قيصر" يتقدم و "أرسطو" يتبعه. ولمدة لحظات قليلة, بدأت الفتاة تفقد توازنها فوق هذه الأرض الوعرة, لكنها تمكنت من البقاء على ظهر الحصان, ضاغطة الركبتين و متمسكة بشدة بالقربوس. وعلى مقربة مستنقع صغير خفف أرسطو سرعته بنفسه, وبينما كان يجتاز ستاراً من القصب ليدخل الماء, رأت جوسلين الرجل ينظر إليها بمرح و سخرية, فسألته:
-هل كنت تتوقع أن تراني واقعة عن ظهر الحصان, يا سيد سانتون؟
-ولماذا لا تنادينني جيرفيه ببساطة؟
-كما تريد.
-ليس باستطاعتك أن تقعي عن ظهر أرسطو. فأي ولد يستطيع أن يركبه من دون مشكلة.
-أظنك بدأت تركب الخيل مباشرة بعد أن تعلمت المشي, أليس كذلك؟
-حتى قبل ذلك. ولما كنت في السابعة من العمر, سمح لي والدي بمرافقة الحراس في أخذ الثيران المختارة إلى السور حيث تجري المبارزات. اليوم, تؤخذ الثيران بواسطة الشاحنات, إلا إذا كانت حلبة مبارزة غير بعيدة عن المرتع.
وبعد صمت قصير, أضاف يقول:
-في كل حال, لم تحصل مبارزات منذ وقت طويل.
-لماذا؟
نظر إليها مقطب الحاجبين و قال:
-بسبب الحرب.
احمر وجهها وقالت:
-نعم, طبعاً... أنا حمقاء, المعذرة.
لانت نظرته وقال:
-لا ضرورة للمعذرة. حينذاك لم تكوني قد ولدت بعد. إنه التاريخ بالنسبة إليك.
سألته بخجل:
-هل عانيتم الكثير في أيام الحرب, في هذه المنطقة؟
-القطعان أبيدت. ولما تحررت البلاد, لم يبق تقريباً أي حيوان على قيد الحياة. كلها ماتت, بسبب المرض, أو خزنت لتغذية الألمان. حتى الثور لا يمكنه العيش إلا إذا أعتني به.
ولما داس الحصان الأرض اليابسة من جديد, لمحت جوسلين على بعد 50 متر تقريباً عدة حراس يجمعون قطيعاً تفرق. فتذكرت شيئا ما و سألت جيرفيه:
-حدثتني كاميليا عن ثور يدعى " الوحش" , لماذا هذا الثور مشهور جداً؟
-عليك أن تطرحي هذا السؤال إلى مارسيل روجيه! عندما كان حارساً صغيراً ربح ألف فرانك, فقط لأنه تمكن من لمس جبين هذا الثور.
وبعد سير عشر دقائق, لمحا حصانا يتقدم من بعيد باتجاههما, فقال جيرفيه بلهجة متهكمة:
-سيلين!
كانت سيلين تمتطي فرساً وهي ممددة على عنقه, شعرها يطير مع الريح. وصلت مسرعة, وفي اللحظة الأخيرة, أمالت الحصان وقامت بدائرة واسعة لتصطف قرب جيرفيه, بعد أن خففت سرعتها بشدة, حتى انتصب الحصان, يا له من مشهد رائع خاصة أن الحصان من دون سرج. انقطعت أنفاس جوسلين خوفاً و اعجاباً عندما رأت الحيوان يحرك حافريه في الفراغ, قبل أن يرجع إلى ساقيه, هازاً عرفه الأبيض.
قال جيرفيه بلهجة قاطعة:
-قلت لك ألا تفعلي هذا, يا سيلين. سيأتي يوم و تسببي موت حصانك!
أجابت الفتاة بسخرية:
-وستكون حزيناً, أليس كذلك؟
أجاب بقسوة:
-سأغضب إن رأيت حصاناً جيداً مجروحاً. ستشوهين وجهه و خاصة فمه, بهذه الحركات, كأنك في السيرك!
-آه, ما أفعله لا يؤلمه أبداً, بل يفرحه.
ثم حيت الفتاة الانكليزية برأسها و أضافت تقول:
-هل كنتما في الطريق لزيارتي؟
-كلا. مزرعتك بعيدة و جوسلين تكرب الخيل للمرة الأولى. سوف نستريح تحت هذه الأشجار, قليلاً, قبل العودة.
أشار إلى جل صغير من أشجار الصنوبر. فسبقتهما سيلين إليه, ثم انتظرت أن يهبط جيرفيه من حصانه لتمد له ذراعيها كي يساعدها على النزل. وضعها أرضاً, تاركاً يده على كتفيها, فقالت له بلهجة مداعبة:
-لا تغضب مني. إذا كان ما أفعله حقاً يقلقك, فلن أكرره أبداً.
هزها قليلاً وهو يمسكها بخصرها, ثم أجاب:
-حسناً, سأسامحك هذه المرة.

جين أوستين
16-01-2012, 16:45
ابتعد ليساعد جولسين, التي رأت في تلك اللحظة أن الفتاة الفرنسية تأخذ تعبيراً غريباً, كأنها تشعر بالاستياء. لكن, ربما أخطأت, لأنه, ما إن جلسوا في الظل, حتى أخرجت سيلين مرآة صغيرة و سألت جيرفيه أن يمسكها, بينما راحت هي تسرح شعرها, راكعة قربه, ثم نظرت إلى جوسلين وقالت:
-هكذا, اشتريت قبعة حراس أيضاً, يا آنسة.
قال جيرفيه في الحال:
-و أنت, بحاجة أيضاً إلى قبعة كهذه, يا صغيرتي.
ضحكت سيلين و أجابت:
-لا تنس... قدم أبناء الريح يسيل في عروقي.
شرح جيرفيه للفتاة بمزاح:
-تحب سيلين التصديق بأنها تنحدر من السلالة البوهيمية.
فقالت سيلين بإصرار:
-كل هذا حقيقي. في كل سنة, يأتي الفجر إلى منطقة الكامارغ في عيد السيدة سارة. إنه حدث كبير, تعزف الموسيقى الصاخبة, و الناس يرقصون بسعادة و فرح. فمنذ سنوات عديدة كان والد جدي ما يزال شاباً وسيماً, التقى خلال هذا العيد بامرأة غجرية رائعة الجمال. واكن الحب من أول نظرة.
ابتسمت جوسلين وقالت:
-يا لهذه القصة الرومانسية الناعمة.
تدخل جيرفيه في الحديث مقاطعاً:
-لا, لأنك لا تعرفين بقية القصة. الغجر شعب يعارض الزواج المختلط و بول دورانس كان رجلاً محظوظاً لأنه لم يتلق طعنة سكين في قلبه. لكنه لم يحتفظ بالفتاة طويلاً. انجبت له ولداً, و بعد سنة, عندما عاد الغجر, هجرت زوجها و ولدها. فالغجر لا يتكيفون مع حياتنا الحضرية الثابتة, حتى في منطقة الكامارغ.
تنهدت سيلين و قالت:
-نعم, كانت نهاية محزنة. رفضت قبيلتها أن تأخذها من جديد. فرمت بنفسها في البحر وغرقت المسكينة. و تأسف والد جدي عليها كثيراً.
ذكرها جيرفيه قائلاً:
-لكنه مع ذلك تزوج مرة أخرى و أنجب ستة أولاد... ربما وقع في الحب من أول نظرة مرة ثانية!
غضبت الفتاة الفرنسية و قالت:
-هذا ليس مزاحاً... إنما مأساة. كيف باستطاعتك فهم تلك الأمور, و أنت لم تعرف بعد معنى الحب!
تناولت من يده المرآة, ثم نهضت و ادارت له ظهرها. لكن جيرفيه و جوسلين لاحظا الدموع في عينيها. كان الجو متوتراً. و أدركت جوسلين أن جيرفيه ندم على ما حدث. لو كان وحده مع سيلين لربما اعتذر منها و حاول مؤانستها. لكنه أعلن ببساطة:
-حان وقت العودة.
صفرت سيلين لحصانها, فاقترب منها. امتطته بسرعة و تبين أن الانفعال غادر وجهها. سألتها جوسلين:
-هل تمتطين حصانك دائماً من دون سرج؟
-كلا, ليس دائماً. لا أهمية في ذلك, اليوم عليّ أن أجتاز المستنقعات و رفع ساقي... هذا كل ما في الأمر. وهذا مستحيل وعلى الحصان سرج.
جاء دور جوسلين أن تمتطي حصانها. فالمحاولة الأولى كانت فاشلة, إذ كادت أن تقع إلى الوراء و آذت ركبتها. لكنها تجاهلت الأمر و حاولت من جديد, فهبطت على ظهر الحصان بكل ثقلها, فتألم الحصان وبدأ يخور. فقالت له:
-المعذرة, يا أرسطو.
غريزياً, مدت يدها تداعب عنق الفرس, فاشتبكت نظراتها بنظرات جيرفيه فأحمر وجهها و توقعت منه أن يهزأ منها, لكنه أدار لها ظهره و امتطى حصانه برشاقة. لما ابتعدت سيلين, قالت جوسلين:
-إنها تركب الخيل بصورة رائعة, أليس كذلك؟
-إنها جيدة في كل شيء.
وصلا إلى المزرعة بصمت. شكرته الفتاة باقتضاب و دخلت إلى المنزل. فتح جان-مارك باب غرفته بينما كانت جوسلين تمر أمامه, فدعاها إلى الدخول. كانت ابنة عمها جالسة في سريرها, ترتدي قميص نوم جديد من قماش الكرب الصيني, المشمشي اللون. فابتسمت وقالت:
-أليس هذا القميص رائعاً بالفعل, يا جوسلين؟ اشتراه لي حان-مارك من ليون... وهذا أيضاً.
اشارت إلى أقراط توركوازية وشال حريري. فابتسم جان-مارك وقال:
-وهذه هدية صغيرة لك.
فتحت جوسلين العلبة لترى شالاً حريرياً آخر. فقالت مندهشة:
-آه, هذا لطف منك... شكراً.
وخلال نصف ساعة فهمت جوسلين ما الذي جذب كاميليا إلى جان-مارك. و تساءلت كيف يمكن لشقيقين أن يكونا بهذا الاختلاف الكبير. جان-مارك, شاب وسيم, لكنه ليس فخوراً بمنظره الجميل. بالعكس فهو مرح و دافئ, يستلطفه الآخرون لمجرد الجلوس معه, لأن رفقته ممتعة.
كان جالساً على السرير, ذراعه حول كتفي كاميليا, يتأملها بمزيج من الفخر و الحنان, إلى درجة أن جوسلين شعرت بانفعال كبير تجاهه. وفهمت في تلك اللحظة بأنه من المستحيل أن تفكر, مثل جيرفيه, بأن هذا الزواج محكوم عليه بالإخفاق.
في أواخر الأسبوع الثاني من زيارتها، كانت جوسلين جالسة على مقعد في الساحة عندما وصل جان-مارك من المدينة في حوالي الرابعة. قالت:
-صباح الخير... عدت باكراً اليوم. كاميليا ما تزال نائمة.
-لم تنم جيداً, هذه الليلة, المسكينة.
دخل إلى المنزل و عاد حاملاً زجاجة عصير و كأسين. ملأهما و أعطى واحداً لجوسلين ثم أشعل سيكارة, و اتكأ على الجدار وقال:
-أريد أن أتحدث معك, على حدة. الوضع شديد الدقة. أنت ترين ما يجري بين كاميليا و عائلتها. أريد أن أعرف رأيك بالأمر.
-بصراحة و صدق, أرى أنه كان من الخطأ جلبها إلى هنا.
-لم تكن هذه نيتي. لكن ماذا بوسعي أن أفعل غير ذلك. كنت أفضل البقاء في آلرز, لكن كاميليا رفضت الخروج من الشقة, بحجة أنها أصبحت بشعة و الناس يحدقون فيها بغرابة... و عندما شرحت لها بأن تصرفها هذا لا مبرر له, و إن كل النساء يجتزن هذه المرحلة ليصبحن أمهات, أجهشت بالبكاء و كادت أن تصاب بانهيار عصبي. أمضت شهراً بكامله وحدها, لا تتحدث مع أحد. لم يكن ذلك صحياً بالنسبة إلى حالتها ولم يكن لدي خيار.
-لكنها أخبرتني بأنها سقطت و جئت بها إلى هنا بناء على وصية الطبيب بضرورة البقاء في السرير وعدم البقاء وحيدة.
-صحيح أنها وقعت, لكن هذا لم يشكل أي خطر على صحتها أو صحة الجنين, بقيت سجينة غرفتها بملء إرادتها, بينما كان الطبيب يفضل أن تعيش حياة نشيطة و حيوية أكثر.
أجابت الفتاة بحزن لأن ابنة عمها خدعتها وقالت:
-لقد فهمت الآن.
-ربما كانت عائلتي على حق, ما كان يجب أن أتزوجها. إنها الآن تعيسة وليس باستطاعتي أن أقدم لها ما تحلم به في هذه الحياة؛ بيت كبير, سيارة فاخرة... خدم... وكل ما اعتادت عليه.
بلطف اجابت الفتاة:
-أنت تحبها, وهذا أهم ما في الأمر.
-صحيح كنت أفكر مثلك, لكن الآن... لم أعد أعرف شيئاً. لماذا عليها أن تضحي من أجلي و أنا لا أستطيع أن أقدم لها الشيء الكثير, لن أصبح أبداً رجلاً ثرياً, كما تحلم...
-لو كانت كاميليا تريد الزواج من رجل ثري, لتمكنت من ذلك. أنت تقلل من قيمتك, يا جان-مارك. معظم النساء لا يخفن من القيام ببعض التضحيات في سبيل الحب. أنا أكيدة بأن الوضع سيتغير بعد ولادة الطفل.
أجاب الرجل ببعض الشك:
-آمل ذلك. لكن عمتي وأخي سيتطلبان وقتاً طويلاً كي يقتنعا بزواجنا, لأنهما ما زالا يعتبرانني غير مسئول. غير أنني أصبحت الآن رجلاً, وعليّ أن أعيش حياتي, كما أريد.

جين أوستين
16-01-2012, 16:48
-لو لم تتزوج كاميليا, لأصبحت حارس ماشية. هل هذا صحيح؟
هز كتفيه وقال:
-ربما, من يدري؟ أنا لا أحب أن أعيش في شمال البلاد ولا في باريس مثلاً. لكن منطقة الكامارغ ليست سوى جزء صغير من وسط فرنسا. و العيش هنا أقل أهمية بالنسبة إلي, مقارنة بأخي.
-ومرسيليا؟
-أحب هذه المدينة. هل تعتقدين بأن كاميليا ستكون سعيدة إن عشنا هناك؟
-نعم, أظن ذلك. مرسيليا مدينة أنيقة ومرحة, على ما يبدو. وحسب رأيي, لن تتمكن كاميليا من التكيف مع الحياة هنا. حتى مدينة آلرز تعتبر قروية جداً بالنسبة إليها.
-إذن, تنصحينني بالاستقرار في مرسيليا, بعد ولادة الطفل؟
أجابت جوسلين بحذر:
-القرار يعود إليك أنت. لا فائدة أن تكون كاميليا سعيدة و أنت عير سعيد. هل بإمكانك العمل في مدينة آلرز و العيش في مرسيليا؟ المسافة بين المدينتين ليست بعيدة في القطار كما يقال.
-كلا, معك حق. ربما أذهب إلى مرسيليا في الغد للبحث عن شقة. لكن هذا سيتطلب وقتاً طويلاً.
-لا تتسرع, يا جان-مارك, كاميليا بحاجة إلى أسابيع بعد الولادة كي تستعيد كامل حيويتها ونشاطها. إذا اتخذت قراراً بسرعة, ستبلبل عائلتك. لو كنت مكانك, لما تحدثت عن شيء قبل تفكير طويل و ناضج.
-نعم, معك حق. سأعلن هذا الأمر عندما يصبح واقعاً. شكراً لمساعدتك, يا جوسلين.
بدأت الفتاة تندم على ثرثرتها, فقالت:
-لست في وضع لأعطي رأيي...
-بالعكس... ليس لكاميليا أحد غيرك. فهي تشعر بالاستقرار معك. لو كانت والدتي هنا...
هز كتفيه وتابع يقول:
-عمتي امرأة شجاعة, لكنها لا تفهم معنى الشباب اليوم.
-ماذا حدث لوالديك, يا جان-مارك؟
-كان والدي في المقاومة وقتل على يد الألمان. و والدتي ماتت أيضاً في الحرب. مرضت ولم تكن ترغب في الحياة, من دون والدي. أنا لا أتذكرهما أبداً.
-إذن, ربيت و ترعرعت على يد عمتك, بينما راح عمك يهتم بالمزرعة, أليس كذلك؟
-نعم... وجيرفيه كان تعيساً للغاية. لم يكن عمي يحبه و كانا يتشاجران باستمرار. لهذا السبب, غادرنا جيرفيه لمدة ثلاث سنوات.
-ولماذا كانا يتشاجران؟
-كان عمي يتعاطى الخمور. وذات يوم, فقد وعيه و ضرب أخي على وجهه... ومن ثم, أصبحت الحياة غير ممكنة لجيرفيه, هنا, تحت سقف واحد مع عمي و...
جاء صوت جاف يقول:
-تتكلم كثيراً, يا أخي.
انتفض جان-مارك و الفتاة و التفتا معاً نحو الصوت, ورأيا جيرفيه على عتبة باب المطبخ. نهض جان-مارك مستاء وقال:
-سأذهب لأرى إذا كانت كاميليا استيقظت من نومها. آه, لقد نسيت... هاتان رسالتان من انكلترا, لك, يا جوسلين.
-آه, شكراً... حان الوقت لأستلم أخباراً من عائلتي.
وضعت جوسلين الرسالتين في حقيبة يدها, فتقدم جيرفيه منها و جلس قربها, وقال:
-أعذري أخي لأنه أزعجك بأخبار العائلة. فهذا لا أهمية له, من دون شك.
قالت الفتاة بعنف غير متوقع:
-على الأقل, أخوك يحدثني كإنسانة... ليس مثلك, تعتبرني آتية من كوكب آخر.
-في نظرك, أنا أعاملك هكذا؟
-تستهجنني, كما تفعل مع كاميليا.
كتف يديه و أتكأ على الجدار وقال:
-وماذا كنت تتوقعين؟ قصة حب بيننا؟
احمر وجه الفتاة و صرخت:
-طبعاً لا!
ارتسمت ابتسامة غليظة على شفتي الرجل الذي قال:
-لا تنزعجي. عندما جئت إلى فرنسا, لا شك أنك نت تأملين أن تعيشي مغامرة عاطفية, وهذا أمر طبيعي جداً. لكنك لاحظت أن لا شيء يهمك هنا, فخاب ظنك و أصبحت تملين.
أدارت جوسلين وجهها, لا تعرف ماذا تفعل تجاه هذا الأسلوب الهجومي الجديد. وقبل أن يتسنى لها الوقت للرد عليه, تابع يقول:
-ماذا بك هنا؟ هل ارتطمت بشيء؟
أشار إلى ركبتها المحتقنة من الاحتكاك بسرج الحصان. غطت الفتاة ركبتها بطرف فستانها و حاولت القول:
-هذا لا شيء يذكر...
انحنى نحوها وقال:
-دعيني أرى...
-لقد قلت لك... إنه لا شيء يذكر...
-يا إلهي! ليست قلة تهذيب أن تظهري ركبتك. لقد سبق و شاهدتها.
عضت الفتاة على شفتها و رفعت تنورتها لتريه الزرقة على ركبتها وتقول:
-إنها لا تؤلمني أبداً. ارتطمت ركبتي بالسراج, يوم الأحد.
-ولماذا لم تخبريني بذلك, كنت أعطيتك مرهماً.
-ليس هذا ضرورياً.
ثم لمح كدمة صغيرة, على ذراعها, فوضع اصبعه عليها وقال:
-وهذه الكدمة... من أين جاءت؟
-من حادث قديم, عندما كنت صغيرة... لكنني أكيدة بأن ذلك لا يهمك.
نهضت الفتاة بسرعة و قالت بصوت مسموم:
-أعذرني, سأدخل الآن إلى المنزل.
ولشدة سرعتها, أوقعت قلمها, فانحنى جيرفيه يلتقطه, قالت له, قبل أن تدير له ظهرها:
-آه, شكراً.
-جوسلين...
توقفت على مضض ونظرت إليه من فوق كتفها وقالت:
-نعم؟
-أنت مخطئة إذا كنت تفكرين بأنني لا أراك جميلة. طبعاً, أنا أعي ذلك, ولو كنت أكبر سناً و أكثر خبرة... لكنك صغيرة و غير مجربة و تريدين إظهار العكس. من الأفضل ألا تعقدي هذا الوضع الصعب, أليس كذلك؟
و بإشارة صغيرة من رأسه, ابتعد باتجاه الاسطبل. فبقيت جوسلين مكانها مندهشة, مصدومة, كأنها تلقت دوشاً بارداً, لم يسعها تصديق ما سمعته. شعرت بالغصب يحتلها, فأسرعت تقفل باب غرفتها وتقول لنفسها: " يا لرباطة جأشه... يا لهذه العجرفة التي لا تحتمل, و التي لا تغفر! يا للوقاحة... آه, يا للعجب و التفاخر!"
لم يظهر جيرفيه على مائدة الطعام, وأخبرت العمة جان-مارك بأنه ذهب إلى مزرعة آل دورانس. فشعرت جوسلين بالارتياح. ولم تتذكر الرسالتين إلا عندما آوت إلى فراشها. كانت واحدة من والدها و الثانية من طوم كاليه. و بتأسف أدركت أنها لم تفكر فيه منذ وصولها إلى فرنسا. كانت رسالته مملة, يتحدث فيها عن الطقس و مشاكل محرك سيارته. و يقول بأن الجميع مشتاقون إليها.
لكن مهما يكن, أشعلت هذه الرسالة فيها الحنين إلى الوطن. وقالت لنفسها: "عزيزي طوم. يا لك من شاب لطيف و أكيد من نفسه. معك, لا توجد أي مشكلة".
وفي سريرها, ظلت تفكر بطوم و بالمستقبل وتقول:
"ليس لدي هدف في الحياة سوى الزواج, وهذه هي مشكلتي. فأنا منطوية على مغالطة تاريخية. الشيء الوحيد الذي أرغب فيه, هو أن أستمر في إدارة المنزل. و إذا توظفت, فسيكون ذلك لفترة مؤقتة, بانتظار أن أصبح سيدة فلان. لماذا الانتظار؟ لماذا اضاعة الوقت؟ لماذا لا أصبح زوجة طوم كاليه؟"
ورددت لنفسها: حسناً, لست واقعة في حبه حتى الجنون. لكن ما هو الحب؟ هل يجب أن يكون الحب دائما من أول نظرة؟ أليس الاتفاق أهم من الحب؟ لننظر إلى كاميليا و جان-مارك : إنهما يحبان بعضهما, لكن كم سيدوم هذا قبل أن يعالجا الاختلافات التي تفرقهما؟ بينما طوم وهي يتقاسمان الاشياء نفسها, ولا شك أنهما يناسبان بعضهما تماماً...
وفي الأسام التالية, نادراً ما التقت بجيرفيه أو رأته. و أشرفت عطلتها على النهاية, لكن كاميليا كانت تصر عليها أن تمددها.
-حتى ولادة الطفل... أرجوك, يا جوسلين.
كما أصر عليها جان-مارك قائلاً:

جين أوستين
16-01-2012, 16:50
-بعد اسبوعين, يقع عيد السيدة سارة. ولا يجب أن تفوتك هذه المناسبة النادرة.
-كلا سأذهب في الموعد المتفق عليه.
قالت كاميليا ناحبة:
-لكنني بحاجة إليك. لو كنت مكانك لما ذهبت. هذا أقل ما أطلبه منك.
-كاميليا, لا تتحمسي كثيراً, فحماسك لن يجدي شيئاً. لن تتم ولادتك قبل شهر, و أنا لا يمكنني أن أبقى طويلاً.
-أنت فتاة شريرة. لا أحد يجبرك على الذهاب, و لا تريدين البقاء هنا بكل بساطة. إذا كان هذا المكان لا يعجبك, فكيف بالأحرى أنا؟
... كلما جرى مثل هذا الحديث, تمتلئ عينا كاميليا بالدموع السخية, و يسرع جان-مارك لمؤاساتها. لكن جوسلين ما زالت مصرة على عدم الاستسلام لهذا النوع من التهديد التي تبرع فيه ابنة عمها. لم تعد تشفق عليها خصوصاً منذ عرفت بأنها تمضي وقتها في السرير, من دون سبب صحي, و تطلب من الآخرين الاهتمام بها. عبست كاميليا ولم تعد تحدث جوسلين ليوم بأكمله. فقالت لها هذه الأخيرة:
-اسمعي, يا كاميليا, حان لك أن تهزي نفسك. على الأقل كوني لطيفة مع زوجك, الذي يشغل باله عليك باستمرار.
-على الأقل, ليس جان-مارك مثلك.
-بالي مشغول عليكما معاً. بصراحة, يا كاميليا, انك لا تقدمين شيئا من نفسك.
-وماذا تريدينني أن أفعل؟
-في البداية تناولي طعامك مع بقية أفراد العائلة.
-ماذا؟ مع كل هؤلاء الرجال؟
-لا تكوني حمقاء. إن تصرفاتهم لطيفة ومحببة. وكلما اصغيت إلى حديثهم, تتعلمين اللغة الفرنسية بسهولة, حان لك أن تتقني لغة زوجك.
-إذا كنت تقفين إلى جانبهم, فمن الأفضل عليك أن ترحلي من هنا ابتداء من نهار الغد.
كانت جوسلين تحاول جهدها أن ترشدها, لكن من دون جدوى, فكاميليا امرأة عنيدة جداً. تبكي من جديد وتضع كل اللوم على ابنة عمها.
لو كان الاتصال الهاتفي ممكناً, لاتصلت جوسلين بوالدها تطلب منه نصيحة. ربما يقول لها أن تبقى. لكنها تذكرت نصيحة الطبيب يوم مغادرتها انكلترا حين قال لها:" لا تقفي دائما إلى جانب كاميليا, ولا تقفزي إلى الاستنتاجات بسرعة. ربما تكون ابنة عمك طائشة لكنها تكبرك بثلاث سنوات وباستطاعتها أن تدافع عن نفسها وحدها...".
بعد ظهر اليوم التالي, أي قبل يومين من موعد سفرها, كانت جوسلين تنظف صندلها في غرفتها عندما سمعت صراخاً جعلها تركض إلى غرفة كاميليا, لكن ابنة عمتها كانت تغط في نوم عميق.
أغلقت الباب بهدوء, وسمعت نحيباً آتياً من طرف الممر. فأسرعت إلى المطبخ مذعورة ورأت السيدة سانتون ممددة على الأرض. فاعتقدتها ميتة و انصدمت. الرجال كلهم في العمل, وليس في المنزل غيرها.
ركعت قرب العجوز و لمست يدها, فسمعت نبضها. وبعد ثوان معدودة, فتحت العمة عينيها ناحبة.
عندما عاد جيرفيه إلى المزرعة, بعد مرور ساعة على الحادث, اسرعت جوسلين إلى الخارج صارخة:
-شكراً, يا إلهي, أنت هنا. جرى حادث و يجب استدعاء الطبيب.
قفز عن حصانه وقال:
-ماذا جرى لكاميليا؟
-كلا, كلا... إنها عمتك, وقعت في المطبخ. التوى كاحلها وارتطم رأسها. أخاف أن تكون مصابة بارتجاج في الدماغ, فقد ظلت فاقدة الوعي بضعة دقائق.
-أين هي؟
-في غرفتها, في السرير.
-هل حملتها من المطبخ إلى غرفتها؟
-كلا, حاولت ذلك, لكنها كانت ثقيلة. فاتكأت عليّ, لم أتمكن من تركها ممددة على الأرض. لو كانت مصابة بكسر, لما حركتها.
لما رأت العجوز ابن أخيها, حاولت الجلوس وشرح الحادث, فقال لها جيرفيه:
-على مهل... على مهل.
كانت جوسلين قد وضعت وسادة تحت الكاحل المتورم وكمادات باردة عليه. فقالت:
-يجب تصوير القدم على الاشعة, للتأكد بأنها حقاً ليست مكسورة.
لم يعلق جيرفيه على ما قالته, لكنه تفحص مكان الرضة في الرأس. وبعد أن طمأن عمته, أسار للفتاة أن تخرج و تتبعه. في الممر, قال لها:
-لا تقلقي, فالأمر غير خطير.
-هل يتطلب استدعاء الطبيب وقتاً طويلاً؟
-ليس هذا ضرورياً. عمتي تتمتع ببنية جيدة. ليست بحاجة سوى للبقاء في السرير بضعة أيام.
-لكنها تلقت ضربة على رأسها, ربما تكون خطيرة...
-أنا خبير بذلك.
-كل أصحاب المشاية على معرفة عميقة بالأمور الطبية, أحياناً, لا يمكننا انتظار الطبيب في بعض الحوادث. صدقيني, فلا خطر على عمتي.
تبعته حتى وصلا إلى المطبخ, ثم قالت:
-حسناً. إنها مسئوليتك. لكن لا شك أنها بحاجة إلى أسبوع راحة, على الأقل. من سيهتم بالمنزل مكانها؟ كاميليا لا تستطيع ذلك, طبعاً.
أغلق الباب قبل أن يتكئ عليه, مكتف اليدين, وقال ببرود:
-كنت أتوقع منك أن تتبرعي لنا بخدماتك, و تكوني أنت من يحل مكان عمتي.
-هل نسيت بأنني سأسافر بعد غد؟
-لكن بإمكانك أن تؤجلي موعد سفرك, في مثل هذه الحالة الطارئة.
-كلا... كلا...
سألها بلهجة ساخرة وببريق تحد في عينيه:
-هل تخافي أن تكوني غير قادرة على تحمل مثل هذه المسئولية؟
-ليس هذا هو الأمر. لا شك بأن نساء الحراس سيقدمن مساعدتهن للسيد...
-لم تصدقي بأنني كنت أتكلم بجدية, أليس كذلك؟ لا أريد أن أجرح شعورك, لكن...
هز كتفيه, فغضبت الفتاة وقالت:
-تريد أن تقول بأنني لا أستطيع تحمل هذه المسئولية, أليس كذلك؟
-لماذا؟ هل أنت قادرة على ذلك؟ هيا, تعقلي... و اعترفي لمرة واحدة بأنني على حق. كنت أناكدك, يا صغيرتي...
-أنت تقلل من شأني, يا سيد. فأنا بإمكاني أن أدير هذا المنزل, و سأبرهن لك ذلك و ستكتشف بأنك كنت مخطئاً.
بعد صمت, ابتسم وقال:
-حسناً... ما دمت تصرين, سنرى.
وغادر المكان. فهمت حينئذ بأنها وقعت في الفخ. لقد تحداها جيرفيه و نجح. و إذا غيرت رأيها الآن, ستدفع غالياً ثمن كلماتها المتهورة. ذلك لأنها أدركت في هذه اللحظة أنها لا تستطيع إدارة هذا المنزل وحدها: ثلاث وجبات كل يوم, لدزينة حراس جائعين... تلال من الصحون و الأواني للجلي, ضخ الماء وتسخينها في فرن قديم يشعل على الحطب... آه لا, هذا أمر غير وارد!
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 16:53
4-استقرت في مهماتها الجديدة مخفية ما استطاعت ملامح تعبها. واكتشفت برعب أن شخصاً ما تقصد تشويه سمعتها كطاهية جيدة, وبرعب أكبر أنها واقعة في حب جيرفيه!

دخلت جوسلين إلى غرفة ابنة عمها و أخبرتها في الحال قائلة:
-غيرت رأيي, يا كاميليا. سأبقى هنا مدة أطول.
-آه, يا جوسلين, هذا خبر مفرح! أنت طيبة... كنت أعرف بأنك ستقبلين أخيراً.
-لم تفهمي ما جرى. لقد أصاب السيدة سانتون حادث.
جلست الفتاة على حافة السرير لتشرح لكاميليا ما جرى للعمة. فقالت المرأة الحامل بعد سماع القصة:
-حسناً. سيرسل جان-مارك في الغد برقية إلى عمي جون و يخبره فيها بأنك أجلت موعد سفرك, ولا تعرفين بعد متى ستعودين.
شعرت جوسلين برغبة ملحة أن تهز هذه المرأة الأنانية بعنف, لكنها اكتفت بالقول في لهجة جافة:
-بقائي هنا ليس سهلاً عليْ. هل تتخيلين الوضع؟
-هذا جنون وحمق... ستتدبرين أمرك بروعة. أنت موهوبة جداً في القيام بالأعمال المنزلية.
تثاءبت المرأة و تمطت, ثم أضافت تقول:
-أخيراً, سآكل من يدك الطعام اللذيذ, الانكليزي, بدلاً من هذه المأكولات المليئة بالزيت و الثوم. هل تعتقدين بأننا سنتمكن من أكل لحم البقر هنا بدلاً من الضأن كل يوم كل يوم...
كبتت الفتاة حنقها, وقالت بحزم:
-الآن اسمعيني, يا كاميليا. لن أتمكن من القيام بهذا الدور المفروض عليّ إلا بشرط واحد, وهو أن تساعديني. الظاهر أنك لا تعرفين مقدار العمل الذي تقوم به العمة كل يوم. فإذا لم تعديني بالتعاون, سأضطر أن أقول لجيرفيه بأنني لا أستطيع إدارة هذا المنزل وحدي. في كل حال, لا أظنه يعتقد بأنني قادرة على ذلك. كما أنا لست أكيدة أيضاً من امكانيتي في تحمل هذه المسئولية الكبيرة. لكنني سأحاول . . أريدك فقط أن تعاونينني قليلاً. و إلا سأسافر في الوقت المحدد, و أنا جدية بما أقول.
-ماذا تقصدين؟ أنا ليس بمقدرتي أن أنظف هذا المكان.
-كلا, طبعاً. إذا كنت سأطبخ للحراس و أنظف البيت و أهتم بالعمة, فلن أستطيع أن أحضر صينية طعامك و أجلبها لك إلى غرفتك. عليك إذا أن تتناولي الطعام معنا, من الآن فصاعداً.
-كلا. لا أستطيع ذلك... ليس من العدل أن تطلبي ذلك مني.
أجابت الفتاة بهدوء:
-حسناً, في هذه الحال, لن أحل مكان العمة المريضة. والآن, سأذهب و أطمئن على حاله, ثم أقول لجيرفيه أن يتدبر غيري.
خرجت الفتاة بسرعة غير تاركة لكاميليا أي مجال لاستعمال لغة الدموع المعروفة عنها. فوجدت العمة تحاول خلع ملابسها و حدها, ولما أرادت جوسلين مساعدتها, رفضت العجوز بعناد, و أحمرت خجلاً. لكن جوسلين أصرت عليها بتهذيب. ولما وضعت العجوز أخيراً في سريرها, ذهبت الفتاة إلى غرفة الجلوس لتعد مائدة الطعام. فالعشاء ليس مشكلة, لأن الحراس يأكلون عادة الخبز و السلطة و الجبنة و اللحوم الباردة. بينما الغداء يتطلب وقتاً طويلاً و جهداً كبيراً.
كانت في المطبخ تطحن البن عندما دخلت كاميليا. كانت ترتدي فستاناً كتانياً أحمر, وتنتعل صندلاً ذهبياً يتناسق مع أساورها. قالت بصوت الضحية:
-ها أنا ارتديت ملابسي.
حضنتها جوسلين بين ذراعيها وهمست:
-م-م. م... رائحتك ذكية. شكراً, يا كاميليا. أؤكد لك بأن الأمر سيكون أقل صعوبة مما تعتقدين. هل تريدين فنجان قهوة؟
-نعم, لكن ليس هنا. فالجو خانق.
خرجت من الغرفة وهي تقول:
-لا أعرف ماذا ستكون ردة فعل جان-مارك عندما يعلم بأنك أرغمتني على مغادرة الفراش.
-سأجلب القهوة إلى غرفتك.
وصل جان-مارك بعد حوالي نصف ساعة. سلم على عمته وعلى زوجته, ثم جاء إلى المطبخ ليتحدث مع جوسلين:
-جوسلين, هل تعتقدين بأنه من الحكمة إرغام كاميليا على تناول الطعام هنا؟ أنت لا تصرين على رؤيتها مرتبكة و متوترة, أليس كذلك؟ كما تعرفين أنها امرأة شديدة الحساسية!
-الأمر يتعلق بك. لكن بنظري أنا, خروجها من السرير سيفيدها كثيراً.
حك الرجل ذقنه متردداً, ثم قال:
-ربما تكونين على حق, لا أدري.
دخل جيرفيه, صافح أخاه و رمى قفاذتيه و قبعته على الكرسي, ثم قال:
-الرجال مستعدون للدخول. هل تريدين أية مساعدة؟
-كل شيء جاهز, شكراً. ربما تفضل الاهتمام بالمشروب؟
-نعم, طبعاً.
خرج الشقيقان من المطبخ. وضعت جوسلين بيضتين في المقلاة وسخنت بعض الحليب, ثم أخذت صينية العشاء إلى العمة, و فوجئت بجيرفيه هناك, قطع الرجل حديثه و نهض. فاقتربت الفتاة من سرير العمة وقالت:
-آمل أن يعجبك الطعام, يا سيدتي. إذا كنت تفضلين شيئاً آخر, سأحضره لك بسرور.
شكرتها العمة بلطف, على غير عادتها, و استقبلت الصينية بفرح.
قالت جوسلين لجيرفيه:
-ستشعر السيدة براحة أكثر إذا كان باستطاعتك أن تضع إطاراً على حافة السرير, يمنع ثقل الأغطية عن قدمها المصابة.
-حسناً, سأهتم بالأمر بعد العشاء.
نظرت إليه الفتاة مباشرة في عينيه وقالت:
-آه, هناك شيء آخر. لقد نجحت في اقناع كاميليا أن تتناول لعشاء معنا, في المساء. وستكون تلك تجربة بالنسبة إليها. أتمنى أن تجعل الجو هادئاً لها.
-طبعاً.
-شكراً.
توجهت الفتاة نحو الباب, فتبعها, فتح لها الباب, ثم قال بمرح:
-ستحدث تغييرات جذرية في نظام البيت, على ما أظن.
-ربما. هل أخبرت العمة بأنني سأتوكل بإدارة المنزل مكانها؟
-ليس بعد. سأخبرها بالأمر غداً صباحاً... إذا لم تغيري رأيك.
وخرج من الغرفة قبل أن تتمكن من الرد عليه.
كان الحراس على مائدة الطعام عندما قدم جان-مارك و زوجته إلى الجميع. فنهض الحراس وحيوا المرأة بصوت واحد " مساء الخير يا سيدة سانتون". ثم جلسوا لمتابعة حديثهم. طبعاً, وجود المرأة, النارية الشعر, التي حبست نفسها طوال هذا الوقت في غرفتها, يثير فيهم الاهتمام, لكن فضولهم ظل مكبوتاً, وتصرفهم مهذباً.
جلست كاميليا على طرف الطاولة, يحيط بها زوجها و أخوه, بينما جلست جوسلين قرب جان-مارك الذي بدأ يتحدث بتفصيل عن نهاره, في مدينة آلرز. ثم طلب من الفتاة أن تخبرهم مفصلاً عن حادثة العمة. ران صمت ثقيل بعدما انتهت من الحديث. لكن جيرفيه قطعه, إذ التفت نحو كاميليا و راح يحدثها بلطف و محبة. استرخت المرأة بسرعة و ابتسمت وهي تتكلم معه, كان لا خلاف بينهما.
بعد العشاء, رفضت كاميليا الذهاب مباشرة إلى غرفتها و أرادت الجلوس في الساحة مع زوجها. وذهب جيرفيه ليهتم باطار سرير العمة, بينما جلت جوسلين, حالمة, تحاول طرد الأفكار المقلقة من رأسها. ثم نهضت وباشرت بإفراغ الصحون عن المائدة.
-هل بإمكاني مساعدتك يا آنسة جوسلين؟
انتفضت الفتاة و قالت باستغراب:
-آه... رفاييل. لم أسمعك تدخل.
-آسف. هل بإمكاني مساعدتك؟
-هذا لطف منك. لكنني قادرة أن أتدبر أمري بسهولة. أنت عملت طوال النهار.
-لكنني لا أشعر بالتعب. إنه لفرح كبير أن أستطيع مساعدتك, يا آنسة...
-حسناً... ما دمت مصراً... شكراً.

جين أوستين
16-01-2012, 16:54
بعدما جلب الشاب الصحون المستعملة إلى المطبخ, بدأ يساعد في تجفيفها. فاندهشت الفتاة لأنها اعتقدت بأن هذا العمل بالنسبة إليه خاص بالنساء فقط. وراح يخبرها بأن والده صاحب دكان لبيع البن في مدينة آلرز. لكن جده كان حارس ماشية و ورث عنه هذا الميل. كما أخبرها بأنه ربح كمية من المال لا بأس بها, فاشترى لنفسه دراجة و جهاز راديو.
-سأريك المذياع, يا آنسة.
خرج الشاب بسرعة, ولما عاد, وضع المذياع على الطاولة وأداره وقال:
-آه, موسيقى البوب. هل تحبين الرقص, آنسة جوسلين؟
-آه, نعم, كثيراً.
راح الشاب يرقص حول الطاولة, ويحمسها على الانضمام إليه. بعد تردد قصير, شاركته بفرح. فجأة, توقفت الموسيقى و قال الصوت:
-آسف لإفساد فرحكما, لكن يبدو أنكما نسيتما بأن العمة مريضة وأن الضجة تزعجها.
كان هذا الكلام صادراً عن جيرفيه, المتقلص, الواقف على عتبة الباب.
-اعتذر رفاييل و حمل مذياعه و ولى. فقالت جوسلين محتجة:
-لم تكن الموسيقى صاخبة, و أنا أكيدة بأن العمة لم تسمع شيئاً.
-سألها متجاهلاً كلامها:
-ماذا كان يفعل هنا؟
-كان يساعدني في غسل الصحون و تجفيفها. يبدو أنه صبي لطيف.
رفع جيرفيه حاجبيه وقال:
-صبي؟
-أظن أن عمره أقل من عشرين سنة.
-عمره 19 سنة. لكن هنا الرجال يبلغون باكراً. إنه رجل, يا صغيرة... و بالنسبة إليه, أنت امرأة.
-ماذا تعني بالضبط؟
-إذا كنت لطيفة معه سيعتقد بأنك تريدين مغازلته.
-آه, صحيح! هذا تافه! أنا أكيدة بأن هذه الفكرة لم تخطر بباله. فهو ليس من هذا النوع. انه خجول جداً.
ضحك جيرفيه بسخرية و قال بجفاف:
-جميع الرجال يعتقدون ذلك عنه. انه يتصرف بحذر معك الآن, لأنك ضيفتنا, لكنه رجل ذو تجارب عديدة. ربما لا تعرفين بأن الرجل الفرنسي يعتبر الفتاة الانكليزية طائشة وسهلة المنال.
أجابت ببرود:
-في هذه الحال, لا تقلق من جهتي.
-لم أقل بأني أحبذ هذه النظرية, لكنني أحذرك ببساطة من الرجال الفرنسيين عامة, ومن رفاييل خاصة, لأنه ربما يكون من دعاة هذه النظرية.
-لكنه سيتخلى عن أوهامه بسرعة متى عرفني.
-من الأفضل ألا نصل إلى هذا الحد.
في تلك الأثناء دخل جان-مارك وقال:
-تريد كاميليا أن تأوي إلى فراشها, وتسأل إذا كان بإمكانك أن تسرحي لها شعرها, يا جوسلين.
-بكل سرور. اعذرني, يا سيد سانتون.
سألت كاميليا ابنة عمها:
-ماذا جرى لجيرفيه؟ كان شديد اللطف معي على مائدة الطعام. ماذا قلت له؟
-أنا, لا شيء. منذ لحظة كان يوبخني و يعظني لأنني لم أتصرف بلباقة.
و شرعت تخبرها عن حادثة المطبخ, فقالت لها كاميليا:
-نظرته في محلها. صحيح انك تملين هنا حتى الموت, لكن لا يجب عليك أن تشجعي هذا النوع من الناس.
احتجت الفتاة و قالت:
-لكنني لم أشجعه. وماذا تعنين بـ.. هذا النوع من الناس؟
-لا تكوني حمقاء, يا حبيبتي. في انكلترا, لا يمكنك أن تخرجي مع شباب من هذه البيئة الاجتماعية.
-هل نسيت بأن جان-مارك كان حارس ماشية أيضاً؟
-هذا أمر مختلف. آل سانتون أصحاب ماشية ومعروفون. حسب رأيي, لا يجب للحراس أن يدخلوا عتبة هذا المنزل اطلاقاً. على الأقل لو ينزعون قبعاتهم خلال الطعام.
-هنا, التقاليد لا تطلب منهم ذلك. لماذا لا يمكنك أن تتقبليهم على حقيقتهم أنهم أفضل بكثير من الشباب المخنثين الذين كنت تخرجين معهم, في لندن.
-صحيح بأن لك أفكاراً غريبة! لم تجادلي هكذا, في الماضي. ما بك؟ لقد تغيرت منذ وصولك.
-آه, صحيح؟ لا أشعر بأنني تغيرت, والآن, سأستعير ساعة المنبة, كي أفيق باكراً في الصباح و أعجن الخبز!
-يا إلهي! هل تعرفين صنع الخبز؟ أنا لا أعرف أي شيء عن هذا.
-آه, نعم. إنها عملية سهلة جداً.
في الخامسة إلا ربع دقت ساعة المنبه, فنهضت جوسلين من نومها, و قفزت من السرير و فتحت النافذة على مصراعيها. لم يبدأ النهار بعد. لكن بينما كانت تغتسل و ترتدي ملابسها, سمعت صياح الديك. الجميع ينامون ولم يظهر الحراس إلا بعد السادسة.
وفي طريقها إلى المطبخ عرجت على غرفة العمة للاطمئنان عنها. رأتها نائمة بهدوء. وبينما هي خارجة من الغرفة, انتفضت مكانها: هناك انسان آخر في الغرفة! انه جيرفيه, نائم على الكرسي, مكتف اليدين, وذقنه فوق صدره. وبينما كانت تراقبه, تحرك لكنه لم يفق من نومه. فتساءلت الفتاة إذا كان من واجبها أن توقظه لتطلب منه أن يذهب إلى سريره وينام قليلاً قبل بدء نهار العمل الطويل. فتقدمت منه, ثم ابتعدت, مقررة عدم ازعاجه.
في المطبخ, وجدت صعوبة في اشعال نار الفرن. ثم تمكنت من ذلك بعدما ملأت يديها و وجهها بالغبار الأسود. اغتسلت ثم جلبت الطحين و الخميرة بغية تحضير الخبز. كان عملاً متعباً و صعباً. ولما انتهت, وضعت العجين قرب النار ليتخمر لمدة ساعة تقريباً. ثم راحت تمسح أرض الغرفة. وفي حوالي السادسة كان الخبز في الفرن و القهوة معدة. سكبت لنفسها فنجاناً وجلست قليلاً لتحتسيه.
فجأة امتلئ المطبخ بأشعة شمس الشروق, فقامت و فتحت الباب من جهة الشمال, ما تزال السماء رمادية, بينما, شرقاً كانت وردية مذهبة. مشت الفتاة نحو الساقية حيث ينبت السوسن البري. وما لب أن اختفى الضباب الصباحي مع طلوع الشمس.
بعد قليل, برزت ثلاثة أحصنة فجأة من وراء الضباب, هزت اعناقها و أذنابها... ثم اختفت. لم تحدث أي ضجة لأن حوافرها منتزعة فبدت كأشباح خيالية... وفي هذه اللحظة بالذات, عرفت جوسلين بأن ابنة عمها على حق: نعم لقد تغيرت منذ وصولها إلى هنا. ومن دون وعي أو ادراك, وقعت في حب هذا المكان... في حب هذا البلد المنغلق, الغريب.

جين أوستين
16-01-2012, 16:57
عادت إلى المطبخ لتجد جيرفيه يسكب لنفسه القهوة. كان قد حلق ذقنه و غير قميصه ولم يبد أنه قضى الليل كله نائماً على كرسي صغير, غير مريح.
ابتسمت له, ناسية مشاحنة الأمس و قالت:
-صباح الخير. الطقس رائع اليوم.
-صباح الخير. و أنت أيضاً تبدين بمزاج رائع. منذ متى بدأت العمل؟
-منذ الخامسة. هل تريد أن تأكل شيئاً الآن؟
-كلا, شكراً. ليس الآن.
-لا شك أنك تعاني من آلام في الظهر. عندما استيقظت, عرجت على غرفة العمة لأطمئن عنها. فوجدتك نائماً على الكرسي.
-آه, فهمت. نعم. أشعر بتيبس بسيط في ظهري. لكن ذلك سينجلي بسرعة.
لم تعرف الفتاة ما الذي دفعها إلى القول:
-أنت تحب عمتك كثيراً, أليس كذلك؟
-كان هناك احتمال بسيط أن تكون كدمة رأسها خطرة أكثر مما توقعت في البداية. لذلك فضلت البقاء قربها لمراقبتها. لكن قلبها ينبض جيداً, و حرارة جسمها عادية. انها تتنفس بشكل طبيعي, ولم يعد هناك أي سبب للقلق عليها.
-آه... أنا سعيدة لهذا الخبر.
اتجهت الفتاة نحو الخزانة, فتحت أحد الأدراج لتخرج منه السكاكين و الملاعق, لكنها قبل ذلك, التفتت نحوه و قالت:
-أعتقد أنه من واجبي الاعتذار منك. لقد انزعجت كثيراً منك عندما رفضت استدعاء الطبيب. لكنني أرى الآن بأنك قلق عليها مثلي... بل ربما أكثر. أنا آسفة يا سيد سانتون.
حدق بها من دون أن يرد و كانت نظرته مليئة بالتهكم. لكنه ابتسم لها قبل أن يقول:
-هل تعرفين أن تحلبي البقر؟
-كلا... لا أعرف.
-إذن, سأحلب البقرة أنا, مكانك.
ذعرت الفتاة وصرخت:
-آه, يا إلهي. نسيت الحليب على النار.
ثم أضافت بقلق:
-كما لا أعرف صنع الزبدة, أيضاً.
=لا أهمية لذلك. سأوكل أحد الحراس بهذه المهمة, لبضعة أيام. صناعة الزبدة عمل صعب و متعب, لمن ليس معتاداً عليه.
خرج جيرفيه ليحلب البقرة, تاركاً الفتاة مندهشة أمام لطفه الغريب.
في الصباح, وصل الطبيب لتفقد صحة المرأة الحامل, ففرح لرؤيتها خارج السرير. و هنأ جوسلين بذلك, فوجدته الفتاة انساناً لطيفاً, و وثقت به عندما طمأنها بأن لا خطر على صحة كاميليا و الطفل و أن الحمل يسير بشكل طبيعي. كما قال لها بأن العمة بحاجة إلى أسبوع راحة كي تستعيد نشاطها الروتيني من جديد.
احضرت جوسلين للغداء ثلاث فطائر بالجبن و البصل و الكوسى, فلاقت نجاحاً كبيراً ولم يبق لها أثر في نهاية الطعام.
ومع ذلك, فبينما كانت تجلي الصحون, شعرت بالحزن و بعض الانهيار النفسي و الكآبة:" أما كان بإمكان جيرفيه أن يقول لها شيئاً بدوره". جميع الحراس أثنوا عليها بكلمات المديح, لكن جيرفيه غادر الطاولة من دون أن ينظر إليها.
ولمدة ثلاثة أيام متتالية, كانت جوسلين تعمل بقسوة, تكبت أحياناً دموعها بسبب الام تملأ كل أنحاء جسمها. لكن, كلما رأت جيرفيه في الجوار, تتذرع بالنشاط و ترندح الأغاني باسترخاء.
ذات مساء, أعلن لها جيرفيه بأنه سيذهب إلى مزرعة آل دورانس وطلب منها مرافقته, فاعتذرت منه وقالت:
-كلا, لن آت. سأغسل شعري و أكتب بعض الرسائل الضرورية ولا وقت لديّ للزيارات.
رمقها بنظرة ثاقبة وقال:
-أنت شاحبة الوجه. هل عمل المنزل يتعبكِ كثيراً؟
-كلا. أنا أحب أن أشغل نفسي. هل أنت مستاء من خدماتي؟
-لا أظن أن الرجال مستاؤون من أي شيء.
نظرته الباردة جرحت مشاعرها إلى درجة أنها أدارت له ظهرها وخرجت بسرعة لئلا يرى الدموع في عينيها. وفي تلك الليلة لم تعرف طعم النوم. في منتصف الليل, نهضت من فراشها و وضعت على وجهها عطراً منعشاً ثم اسندت يديها على النافذة و راحت تصغي إلى تغريد العندليب و شعرت بالانفعال يخنقها. المستنقعات تلمع تحت ضوء القمر كبحيرات فضة تذوب. ولما عاد جيرفيه من سهرته, كانت جوسلين ما تزال جاثمة أمام النافذة, لكنها ابتعدت و راها... أخيراً, نامت.
في صباح اليوم التالي و بينما كانت تعد مائدة الطعام, دخل إليها جيرفيه, فحيته باقتضاب و استمرت في عملها. فقال لها:
-رأيت الغجر يخيمون قرب الطريق, مساء أمس. ربما سيتوقفون هنا, في طريقهم إلى الاحتفال بعيد السيدة سارة. فلا تقلقي, لن يسرقوا شيئاً. و إذا قدمت لهم الحليب و الخضرة, قد يخبروك طالعك.
-أنا لا أؤمن بالتنجيم و لا بكاشفات البخت هذه كلها حماقات!
-بمكانك أن تصغي إليهن بتهذيب, من غير أن تصدقي أقوالهن.
قالت من دون أن تنظر إليه:
-آسفة...
-ما الذي كان يمنعك من النوم مساء أمس؟
أجابت مندهشة:
-هل رأيتني؟
-رأيت شيئاً يتحرك وراء النافذة.
-نعم, كان الحر شديداً. هل أمضيت سهرة ممتعة عند آل دورانس؟
-رائعة جداً. سيلين مضيفة ممتعة. ربما سرتينها اليوم, فستأتي لرؤية العمة مادلون.
في العاشرة صباحاً وصلت الفتاة الفرنسية إلى مزرعة آل سانتون, أضمت حوالي نصف ساعة مع العمة, ثم وافت كاميليا و جوسلين في الساحة. كاميليا ممددة على كرسي طويل في ظل مظلة واسعة, تتصفح إحدى المجلات, بينما جوسلين تستريح قليلاً قبل أن تعاود أعمالها العديدة.
في الحال, بدأت كاميليا و سيلين تتحدثان عن آخر اختراعات الموضة النسائية, فدخلت جوسلين تعد لهما القهوة و تتساءل كيف بإمكان الفتاة الفرنسية أن تتصرف بلطف و محبة مع كاميليا التي سرقت منها جان-مارك و تزوجته.
قالت سيلين لكاميليا:
-أنا آسفة لأنك لا يمكنك المجيء لزيارتي, كي أريك ملابسي الجديدة.
هتفت كاميليا بفرح:
-لكنني سأكون مسرورة لزيارتك.
-صحيح. جيرفيه قال لي بأن المسافة في سيارة الجيب ستعرضك للإرهاق, وربما تتأذى صحة الجنين.
-هذا أمر تافه. أنا أرغب من كل قلبي في زيارتك.
-إذن, لماذا لا تأتين في المساء لزيارتي بعدما يعود جان-مارك من عمله. سأريك كل ما اشتريت من باريس, و بإمكان زوجك و أبي أن يتحدثا معاً في سباق الثيران.
-هذا مشروع رائع, يا سيلين.
قالت جوسلين في الحال:
-هل تعتقدين أن هذا قرار مناسب لك, يا كاميليا, الطريق رجراجة, صدقيني.
-آه, لا أريد مشاكل, يا جوسلين. فجان-مارك سيقود السيارة على مهل.
قالت سيلين:
-وأنت, يا آنسة بيشوب, تعالي معهما.
لكن كاميليا تدخلت بسرعة و قالت:
-على جوسلين أن تبقى مع العمة, فلا يجب تركها وحدها, خاصة أنني سمعت جيرفيه يقول بأنه ذاهب في المساء إلى آلرز.
-آه, نعم... نسيت العمة مادلون
نهضت جوسلين وقالت:
-المعذرة, عليّ أن أهتم بتحضير الغداء.
اعدت الفتاة حساء البصل, ثم تذوقته وفرحت لروعة طعمه اللذيذ. و بينما كانت تقطع شرحات الخبز تساءلت لماذا ابنة عمها اصرّت على ابعادها من زيارة مزرعة آل دورانس.
عرّجت سيلين إلى المطبخ في طريق ذهابها وقالت لجوسلين:
-آه, الحر شديد هنا. لا شك أن هذا العمل الذي تقومين به الآن مرهق, أليس كذلك؟
أجابت الفتاة الانكليزية بتواضع:
-لا بأس. لقد قيل لي بأن منزل والدك عصري, و مجهز بكل والوسائل الحديثة الضرورية؟
-نعم. كل شيء فيه. لكن، أنا لا أنظف البيت ولا اعدّ الطعام.

جين أوستين
16-01-2012, 16:59
ثم نظرت إلى قدر الحساء و أضافت سائلة:
-وماذا هنا في داخل القدر؟
-حساء بصل.
-هل بإمكاني تذوقه؟
-نعم، طبعاً.
-آه، انه رائع. قال جيرفيه بأن...
سعلت الفتاة كأن الحساء حرق حنجرتها لشدة سخونته ثم تابعت تقول:
-قال جيرفيه بأنك طباخة ماهرة.
-آه, صحيح؟
سمعت جوسلين العمة ترن جرسها, فهرعت إليها. و لما عادت إلى المطبخ كانت سيلين قد ذهبت.
قبل موعد الغداء بقليل, جاءت كاميليا وقالت لابنة عمها:
-ستجعدين شعري, يا جوسلين, اليوم بعد الظهر. فلا يمكنني الخروج هكذا.
قالت هذا الكلام بلهجة آمرة و ولّت.
وعلى مائد الغداء, كانت جوسلين آخر من سكب الحساء في طبقه. جلست بفخر لتستمتع بهذه الوجبة الطيبة. لكن ما ان احتست الجرعة الأولى حتى تقلص جسمها. ولم تصدق, تناولت جرعة ثانية. طعم الحساء مقيت!
وضعت الملعقة و نظرت إلى الرجال. لا أثر لأي تعبير استياء أو قرف على وجوههم, يأكلون بشهية كالعادة ولا يتذمرون من شيء. ثم التفتت نحو ابنة عمها التي كانت تتصنع الاحتساء. اشتبكت نظراتهما، فرمقتها المرأة بنظرات حانقة مما جعل جوسلين على وشك الانهيار وتمنت لو باستطاعتها الاختفاء تحت الطاولة.
أخذت نفساً عميقاً وأعلنت تقول:
-سادتي, يجب أن أعتذر منكم. هذا الحساء لا يؤكل. طعمه مقيت.
وضع الواحد تلو الآخر ملعقته على الطاولة من دون النظر إليها. بعضهم اكتفى بمضغ الخبز, و البعض الآخر, وضعوا فوقه زبدة. تعابير وجوههم فير واضحة.
نهضت جوسلين من مكانها و أضافت تقول:
-أنا آسفة... حقاً آسفة. بسرعة سأحضر لكم شيئاً آخر.
قال جيرفيه بصوت هادئ:
-لا ضرورة, يا صغيرتي. سنكتفي بأكل الخبز الطازج مع الجبنة.
رمقها بابتسامة حارة, فتأثرت كثيراً وفرح قلبها.
ولما باتت كاميليا وحدها مع جوسلين, راحت تؤنبها قائلة:
-حقاً, يا جوسلين! لم يسبق أن انزعجت في حياتي مثل الآن. كيف باستطاعتك أن تفعلي شيئاً كهذا, أنت الفتاة الشاطرة؟!
-آسفة. لم أفعل ذلك عن قصد. حتى الآن لم أفهم ماذا جرى.
-انه الصابون, طبعاً. كيف بإمكانك أن تكوني غافلة, طائشة, إلى هذه الدرجة؟
-صابون؟ مستحيل! كيف يقع الصابون في الحساء؟
-هذا ما أحب معرفته. لا شك أنك كنت ساهية و وضعت منه بدل الزبدة. بأي تفسير آخر يمكنك أن تبرري غلطتك؟
-لكنني من النوع الذي ينتبه كثيراً, ولا أسهو أبداً.
-يا ابنتي العزيزة. لا ضرورة لمتابعة هذا الحوار. في الحساء صابون و هذا كل ما في الأمر. هل سكبت من الحساء للسيدة سانتون؟
-كلا. أطعمتها عجة بالفطر.
-لا شك اذن بأن جيرفيه سيخبرها بما حصل. لحسن حظك أن الصابون ليس مادة خطرة. لكن, مع ذلك، سيمرض بعض الرجال, حاصة الذين تناولوا كل شيء.
ذعرت جوسلين و قالت لابنة عمها:
-آه, لا! هل تعتقدين ذلك؟
-لن أفاجأ بالأمر. أشعر الآن بألم حاد في رأسي. سأرتاح نصف ساعة, و بعدها تجعدين شعري.
بينما كانت الفتاة تجلي الصحون لم تكف لحظة واحدة عن التفكير بما حدث, علها تجد تفسيراً لوجود الصابون في الحساء. افرغت محتوى القدر في برميل القمامة وصعقت حين وجدت في قعره فتيلة شمعة: " آه, الشموع موضوعة في خزينة المونة, و أنا لم أفتحها منذ البارحة". أطرقت الفتاة تقول في نفسها: " إذن, ما حدث ناتج عن تخطيط مسبق. لكن من؟ ولماذا؟
الجواب الأول الذي خطر لها: السيدة سانتون... لكن، صحيح أن العجوز عنيدة وصلبة, لكنها ليست شريرة إلى هذا الحد. و لو أن العمة هي التي وضعت الشمعة في الحساء، لفعلت ذلك في الصباح الباكر, عندما كانت الفتاة تنظف البيت. في الساعة الحادية شرة, كان الحساء لذيذاً لقد ذاقته, و كذلك سيلين...
سيلين! ربما هي التي فعلت ذلك. كانت في المطبخ عندما قرعت العجوز. ولما عادت جوسلين إلى المطبخ, كانت سيلين قد اختفت. تكفي ثوان معدودة لجلب شمعة من خزانة المؤن و وضعها في الحساء.
لكن، كيف تمكنت سيلين من معرفة مكان وجود الشموع, هي التي تأتي إلى المزرعة نادراً جداً؟ لأي سبب فعلت ذلك؟ للمزاح و النكتة؟
كانت جوسلين ما تزال تبحث عن مفتاح السر عندما رأت جيرفيه عائداً على حصانه. دخل المطبخ و سأل:
-أين كاميليا؟ ألا يمكنها مساعدتك في تنشيف الصحون؟
-تعاني من ألم حاد في الرأس, و ترتاح في الوقت الحاضر.
سحبت الفتاة يديها من ماء الجلي, ثم نشفتهما. لقد نسيت أن ترتدي القفازين البلاستيكيين الجديدين, فبدت يداها حمراوين منتفختين.
-وأنت أيضاً بحاجة إلى الراحة. يجب أن تمضي فترة القيلولة في سريرك. لم تخلدي إلى النوم البارحة إلا خمس ساعات وهذا لا يكفي. اتركي كل شيء الآن, و اذهبي إلى غرفتك. تنشفين الصحون فيما بعد.
-كلا, وعدت كاميليا أن أجعد شعرها. ستذهب في المساء إلى مزرعة آل دورانس مع جان-مارك. في كل حال, أنا لا أشعر بالتعب.
كانت تكذب طبعاً, وبينما راحت تمد يدها لجلب منشفة الصحون, أمسك جيرفيه معصمها و هز رأسه و قال:
-ستذهبين إلى غرفتك الآن و ترتاحي, يا ابنتي. تباً لكاميليا و لشعرها. آه, ماذا هنا؟ جرحت اصبعك؟
من دون أن يتركها, جلبها إلى كرسي قرب الطاولة و قال:
-اجلسي. سأضع فوق الجرح دواء مطهراً, ثم لصقة وقائية.
ادركت جوسلين في الحال أنه من الأفضل لها عدم معارضته و إلا جرها إلى غرفتها. قال:
-اذن كاميليا ذاهبة في المساء لزيارة مزرعة آل دورانس! أنا غير موافق لكن لا أستطيع منعها إذا كان زوجها موافقاً. هل دعتك سيلين لزيارتها أيضاً؟
-نعم, لكنني رفضت. أنت ذاهب إلى المدينة, أليس كذلك؟ و أنا سأبقى قرب العمة و أنام باكراً.
ذهب جيرفيه ليجلب ما يحتاج لتضميد جرح اصبع الفتاة, ثم عاد وتقدم منها و قال:
-يداك لم تكونا على هذه الحال لدى وصولك إلى هنا. ألست نادمة على قبولك العمل مكان العمة؟
احمرّ وجه الفتاة, فأشاحت وقالت:
-هل تحاول اقناعي بأنك على حق, و بانني مخطئة؟ خاصة بعد حادثة الغداء...
-آه, نعم... الحساء...
فضلت عدم النظر إليه كي لا تعرف قصده. تشعر دائما بالانزعاج قربه و خصوصاً اليوم, لأن اعصابها متوترة جداً. قالت بصوت متقلص:
-كنت لطيفاً في تصرفك معي, بعد الحادثة. وفي كل حال, لم تكن مخطئاً حيالي.
سألها بجفاف:
-وهل رأيي يهمك؟ تصورت بأنك لا تبالين بما أقول و أفكر.
نظرت إليه أخيراً و رأت في عينيه بريقاً يقطع الانفاس. لم يتسن لها الوقت للرد عليه, لأن كاميليا دخلت في هذه الأثناء إلى المطبخ وقالت:
-أشعر الآن بتحسن, يا جوسلين. هل أنت مستعدة لتجعيد شعري؟
قال جيرفيه بسرعة:
-للأسف جوسلين تعاني من ألم حاد في الرأس و أمرتها أن ترتاح حوالي ساعتين.
بدأت كاميليا تقول:
-لكن, و شعري...
قاطعها بخشونة و قال:
-شعرك يستطيع الانتظار, يا سيدة.
ثم تأبط ذراع الفتاة و رافقها حتى الغرفة, وقال لها:
-لا تحاولي الخروج. سأكون في المنزل و سأسمعك.

جين أوستين
16-01-2012, 17:02
ثم أدار ظهره و ذهب.
بقيت جوسلين ممددة في غرفتها المعتمة طول ساعات الظهر الحارة. لكنها لم تنم لحظة. لا تفكر بشيء, لا بالحساء المقيت, ولا بتجعيد شعر ابنة عمها, و لا بالكوي غير المنتهي, ولا بتحضير العشاء... بدت لها كل هذه الأمور من غير أية أهمية اطلاقاً. لا يهمها سوى شيء واحد: اكتشافها الرهيب بأنها وقعت في حب جيرفيه سانتون.
حوالي الرابعة, نهضت جوسلين من سريرها, اغتسلت و ارتدت ملابس نظيفة ثم خرجت إلى المطبخ, حيث وجدت كلمة تقول:
-لقد أوكلت شخصاً لزيارة عمتي في المساء و المكوث قربها, فأنت اذن حرة لزيارة مزرعة آل دورانس, إذا كنت ترغبين ذلك.
لا توقيع على الرسالة, لكنها ليست غبية لتعرف بأنها صادرة عن جيرفيه نفسه.
لما حملت جوسلين القهوة لابنة عمها, قالت لها هذه الأخيرة بوجه عابس:
-اذن, تشعرين الآن بتحسن؟
-نعم, شكراً. هل ذهب جيرفيه إلى مدينة آلرز؟
-نعم. كما وجد من يبقى مع عمته. بإمكانك المجيء معنا, إذا كنت ترغبين بذلك.
-كلا, لن آتي. لا شيء يهمني في هذه الزيارة.
هزت كاميليا كتفيها و قالت:
-كما تريدين.
كانت المرأة غاضبة بسبب شعرها, لكنها لانت عندما اقترحت عليها ابنة عمها أن تجعده لها على الناشف. ولما عاد جان-مارك من عمله, كانت زوجته جاهزة, متألقة, و بمزاج رائع.
حوالي الثامنة, انتهى العشاء, فغسلت جوسلين الصحون كالعادة, ثم خرجت في سيرها الاعتيادي نحو الساقية, بينما كانت زوجة أحد الحراس تثرثر مع العمة. راحت تتأمل السهل الواسع, الممتد أمامها محروقاً بالشمس اللاهبة.
فجأة فكرت بانفعال مفاجئ: " ربما جيرفيه يعود باكراً ؟ "
ثم قالت الناحية المدركة في دماغها: " لا تكوني حمقاء. إذا بدأت منذ الآن التفكير و الحلم به, ستخسرين نفسك! الأفضل عدم التفكير به اطلاقاً. ليس هذا ما يسمونه " الحب" يا أيتها الحمقاء, انما ميل فاتن, فقط لا غير " .
و بينما كانت منغمسة في افكارها, لم تسمع رفاييل يقترب منها. فحين لمس ذراعها, انتفضت, فقال لها:
-لم أكن أقصد اخافتك. انما كنت أتساءل إذا...
توقف عن متابعة الكلام, منزعجاً, خجولاً. نظرت إليه الفتاة نظرة مشجعة, فأضاف يقول:
-...إذا كنت تحبين أن تأتي إلى للسباحة, يا آنسة؟
-لكن, أين؟
-في البحر. انه لا يبعد من هنا سوى كيلومترات قليلة. في دراجتي النارية, نصل بسرعة. لكن, ربما لا تحبين البحر؟
-آه, بلى, بالعكس.
-اذن, هل تأتين؟
ترددت جوسلين. لديها الكوي غير المنتهي. لكنها بحاجة إلى تمويه عقلها. فالسهرة على شاطئ البحر شيء مريح, سيسمح لها بالنوم جيداً, خاصة إذا سبحت حتى التعب, ثم أجابت:
-سأكون مسرورة جداً بمرافقتك, يا رفاييل. انتظرني.
لم تسألها السيدة سانتون إلا عن موعد عودتها, عندما اخبرتها الفتاة عن رحلة البحر. فارتدت قميصاً قطنياً فوق سروال الجينز و وضعت بزة السباحة في منشفة, ولم تنس أن تأخذ معها كنزة.
كان رفاييل ينتظرها على دراجته النارية. بعدما تأكد من جلوسها المريح وراءه, أدار المحرك, ثم قال لها بصوت عالٍ:
-تمسكي جيداً, يا آنسة.
وضعت الفتاة ذراعيها حول خصره و تنفست عطره الناعم, ثم تذكرت تحذيرات جيرفيه: " إذا كنت لطيفة, سيظن بأنك تريدين مغازلته. انه رجل... و أنت, بالنسبة إليه, امرأة " .
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 17:04
5-وكان لابد لها أن تشهد الجانب العنيف من حياة الكامارغ فبعد وقت لطيف على الشاطئ جاء عراك و بعد العراك جاءت البصّارة...

قبل التاسعة وصلا إلى الشاطئ, النهار ما زال ساطعاً مع أن الشمس بدأت تختفي وراء الأفق. المكان رائع ولا أحد في الجوار. ارتدت جوسلين بزة السباحة وراء شجرة صغيرة, قم وافت رفاييل إلى البحر. لعبا معاً في الماء الدافئة, الشفافة لمدة نصف ساعة, و لما عادا إلى الشاطئ الرملي, كانت جوسلين قد استعادت حيويتها, فارتمت فوق منشفتها و قالت:
-آه, انها الجنة!
جلس رفاييل قربها على منشفته, ثم انتشل من كيس صغير لوح شوكولاتة و ناولها اياه, فقالت له:
-آه, رائع! أنا جائعة حقاً. و كان يجب عليّ أن أتذكر و أجلب بعض الخبز على الأقل.
قطعت لوح الشوكولاتة نصفين و ناولته جزءاً, فقال لها:
-كلا, اللوح كله لك, أنا سأدخن سيكاره.
بقيا صامتين قليلاً, الفتاة تقضم بشهية و تتأمل الأمواج تصفق على الرمل, و الشاب ممدد على ظهره, مغمض العينين, يدخن سيكارته بكسل. نسيت الفتاة وجوده كلياً, عندما نهض فجأة وسألها:
-هل لديك صديق في انكلترا, يا جوسلين؟
أجابت و هي تنظر إلى البحر قلقة:
-أنا لست مخطوبة لأحد, إذا كان هذا ما تريد معرفته.
-لكن, هل هناك رجل تحبينه كثيراً و تفضلينه عن الآخرين؟
تذكرت طوم, لو لم تسافر لربما عقدا خطبتهما؟ طوم العزيز... اللطيف... الواثق من نفسه... ربما لقيت السعادة معه... لو لم تأت إلى فرنسا.
أجابت الفتاة:
-كلا, كلا, لا أحد.
اطفأ رفاييل سيكارته و قال:
-أنا, تعرفت على العديد من الفتيات, لكن لم يحصل شيء جدي حتى الآن. في كل حال, لا أنوي الزواج قبل أن أبلغ الثلاثين من عمري, على الأقل.
نظرت إليه مبتسمة و قالت:
-إذا انتظرت حتى ذلك الوقت, ربما انقرضت الفتيات الجميلات! يقال أن فتيات مدينة آلرز رائعات الجمال, أليس كذلك؟
-آه, نعم... عندما يكن شابات فقط... إذ سرعان ما يصبحن سمينات, شرسات, كلما كبرن في السن. لكنك أنت و ابنة عمك تختلفان عن بنات بلادنا.
-ماذا تعني؟
-أعني بأن بنات بلادنا متى تزوجن, يتوقفن عن الاهتمام بأنفسهن.
-لو كنا, ابنة عمي و أنا, نعمل بقسوة مثل نساء الحراس, لما وجدنا, مثلهن, الوقت للاعتناء بأنفسنا. في كل حال, أنت أيضاً, لن تبقى شاباً وسيماً إلى الأبد. ذات يوم ستنتفخ و ستشيخ و ستفقد وسامتك و نضارتك.
ضحك و قال:
-ربما. لكن أنت, ستظلين جميلة دائماً.
ضحكت الفتاة و لم تعرف تماماً كيف تنظر إلى الوضع الحالي. هل يتكلم رفاييل هكذا مع كل الفتيات؟ فأحابتها غير مبالية:
-شكراً لهذا المديح. لكن, قل لي, ما رأي الحراس بزواج جان-مارك من فتاة أجنبية؟
-يقولون عنه بأنه محظوظ. آه, هل قيل لك بأن السيدة سانتون كانت تأمل من جان-مارك أن يتزوج الآنسة دورانس؟
-نعم. هل هذه الأقاويل خاطئة؟
-كلا, كلا, انها صحيحة. قبل ان يسافر جان-مارك إلى باريس, كان يبدو عليه أنه سيوافق على قبول هذا الزواج. لكنه وجد صعوبة في الحصول عليها, لأنها فتاة فظة, لا تريده هو, انما تريد الزواج من المعلم الكبير.
قالت جوسلين باضطراب و دهشة:
-من جيرفيه؟
-لا تعرفيه ذلك بعد؟ انه الموضوع الأكثر تسلية في أحاديث المنطقة: هل تحصل عليه أم لا؟
-وحسب رأيك, ماذا سيحدث؟
-آه, سيستسلم لها جيرفيه في نهاية المطاف. انها فتاة جميلة, جذابة, و تملك مهراً ضخماً. يعرف المعلم كيف يسيطر عليها. الثيران, الأحصنة, النساء... شيء واحد بالنسبة له. الفتاة اللطيفة, السلسة, الطيعة, لا تناسبه أبداً...
حل الليل و الرمل ما يزال ساخناً. لكن جوسلين أخذت ترتجف برداً, فقالت:
-لماذا إذاً, لا يطلب جيرفيه يدها؟ ماذا ينتظر؟
-جيرفيه لا يريد الزواج الا من أجل انجاب أولاد يرثونه و يحلون مكانه فيما بعد. رجل مثله ليس بحاجة إلى خاتم في جيبه ليركّع الفتيات أمامه.
نهضت جوسلين وقالت:
-سأرتدي ملابسي.
ثم عادت إلى رفاييل الذي كان يسرح شعره بتأن. فقال لها:
-آسف لأنني حدثتك بهذه اللهجة و هذه الصراحة. ليس في نيتي أن أصدمك. انما هذه هي الحقيقة في بلادنا.
لم تنهض الفتاة بسبب كلام رفاييل, انما لتخيلها صورة جيرفيه، الرجل العازب, المحنك, الذي يريد زوجة له, فقط, كي يستمر نسله.
أجابت جوسلين بهدوء:
-لا أهمية لذلك, يا رفاييل.
لما صعدا إلى الدراجة النارية, اقترح الشاب قائلاً:
-هناك مقهى صغير في طريقنا, باستطاعتنا التوقف عنده و احتساء القهوة.
المقهى بناء منعزل و قديم. امامه توقفت الشاحنات و الأحصنة المربوطة بالحاجز و قافلة غجر. أشار رفاييل رأسه إلى القافلة و قال:
-الغجر!
في تلك الأثناء سمعا عزف قيثارة داخل المقهى, فاختفى ضجيج الأصوات و الضحكات و بدأ الناس يغنون و يصفقون مع ايقاع الموسيقى. كانت الصالة تعج بالناس. أمسك الشاب يد جوسلين و سارا معاً نحو احدى الزوايا, ثم هتف لأحد الحراس فنهض الحارس و أعطى مكانه للفتاة, ابتسمت له جوسلين و قالت:
-شكراً, يا سيد, شكراً.
انحنى الحارس مبتسماً, ثم ابتعد. طلب رفاييل من الخادم احضار القهوة. وبينما كان أحد الفجر يعزف على الكمان, راحت امرأة عجوز تمر بين الطاولات طالبة من الزبائن كشف بختهم.
بعد قليل لاحظت الفتاة مجموعة رجال غرباء عن المنطقة, جالسين حول طاولة يحتسون المشروبات. فجأة لمحت أحد رجال هذه المجموعة يشير إليها بيده, فاحمرت و أزاحت وجهها. أخبرها رفاييل, بعد أن رمق الرجل بنظرات حقد, بأن هؤلاء الرجال من عمال حقول الأرز. فتذكرت ما أخبرها به جان-مارك عن المشاجرات التي تحصل عادة بين حراس الماشية و هؤلاء العمال.
فبعد الحرب, جرى تخصيص قسم كبير من أراضي منطقة الكامارغ لزراعة الأرز, فخاف أصحاب الماشية و حراسها أن يتسع هذا القسم بمرور الزمن, على حساب مراعي القطعان. خاصة أن العمال النازحين يختلفون كلياً عن الحراس المحافظين, الفخورين بأرضهم و منطقتهم. و هذا الخوف ما زال مسيطراً على المنطقة.
نظرت جوسلين إلى ساعة يدها و فوجئت بتأخرها. الساعة تشير إلى العاشرة و النصف, بينما وعدت السيدة سانتون في العودة إلى المزرعة قبل العاشرة فطلبت من رفاييل الذهاب فوراً. وبينما كان الشاب يدفع الفاتورة, تقدم أحد العمال من الفتاة و انحنى و قال لها شيئاً لم تفهم معناه.
لكن رفاييل سمع ما قاله العامل, فارتسم الغضب على وجهه وأمر الرجل بترك جوسلين و شأنها. وما حدث بعد ذلك كان بمثابة كابوس بالنسبة إليها. عم الصمت أرجاء المكان, و حدقت العيون بالشاب و العامل.
خرج رفاييل إلى خارج المقهى و تبعه العامل, و بدأت المعركة بينهما. لم يسبق للفتاة أن رأت مشاجرة حية بالأيدي من قبل. الحقيقة القاسية أغثتها, فراحت تصرخ و تقول لصاحب المقهى:
-آه, أرجوك... أوقفهما! أرجوك!
لكنه كان يهز كتفيه و رأسه و يقول:
-عراك كهذا يتكرر باستمرار ومن الأفضل عدم التدخل.

جين أوستين
16-01-2012, 17:06
خلال الدقائق الأولى, ظل العراك مناصفاً. صحيح أن العامل أضخم جثة من رفاييل, لكنه أقل منه بنية جسدية. احتد العراك و أحيطت حلبة المصارعة بدائرة من الزبائن المتحمسين لمعرفة نتيجة العراك. فجأة, توقفت سيارة جيب على بعد امتار قليلة من حلقة المشاهدين, نزل منها جيرفيه و تقدم داخل الحلبة. فرح قلب جوسلين لدى رؤيته, ولو لم تكن محاطة بالغجر, لأسرعت إليه.
أطلقت زفرة ارتياح عندما رأته يدفع رفاييل جانباً ثم أمسك بخصر العامل الذي حاول التخبط بشدة, لكنه وقع أرضاً بدوره.
رفع جيرفيه نظره إلى الجمهور و لمح بعض رفاقه, فقال آمراً:
-خذوه من هنا.
ثم رأى جوسلين, فاتجه نحوها بوجه غاضب و حاقد, ثم أمسكها من ذراعها بشدة و جرها إلى سيارته, بينما كانت تردد بتلعثم قائلة:
-لكن... لكن رفاييل؟
لم يرد عليها, بل دفعها إلى داخل السيارة ثم صعد إلى مكانه و أقلع في غيمة غبار كثيفة. بصعوبة تمكنت الفتاة من السيطرة على ارتجاف جسمها و توترها العصبي لكنها ظلت تخشى المشهد الذي سيلي.
عندما وصلا إلى المزرعة, كانت عينا جيرفيه قد فقدتا برقيهما التهديدي, انما فمه ظل متقلصاً. و بصوته العادي الهادئ قال:
-اذهبي إلى فراشك. سأعيد زوجة الحارس إلى منزلها...
نظرت إليه الفتاة بذعر, و من غرفتها سمعت محرك الجيب يقلع. و بعد قليل وصل جان-مارك و كاميليا. و لما تأكدت من أن الزوجين ناما, نزلت إلى المطبخ لتعد لنفسها فنجان قهوة علها تستعيد نشاطها. لن تستطيع النوم قبل أن تتحدث إلى جيرفيه و تبرر موقف رفاييل.
لكن عندما سمعت أصوات خطوات تتقدم من الباب الخلفي, كادت أن تفقد رباطة جأشها و تفر, ولما رآها جيرفيه جالسة أمام الطاولة, قطب حاجبيه و قال:
-هذه أنت... ألم أقل لك أن تذهبي إلى فراشك؟
بلعت الفتاة ريقها و أجابت:
-عليّ أن أحدثك... أن أشرح لك ما جرى.
-بإمكانك مناقشة ذلك غداً صباحاً. الساعة تشير إلى منتصف الليل ولا أريد ازعاج الآخرين.
-آه, أرجوك... لا استطيع أن أنام قبل أن أحدثك. أنت غاضب, أعرف ذلك. اسمعني, أرجوك. لن أطيل الحديث.
-حسناً. ما دمت تصرين. لكنني أتكهن بما حدث. انه رفاييل الأحمق, لا مكان له في مزرعتي بعد الآن. عليه أن يبحث عن عمل في مكان آخر.
-هل يعني بأنك ستطرده؟
-نعم. لقد سبق و أنذرته مراراً. و إذا كان يفضل عدم طاعتي, فعليه أن يتحمل عواقب ذلك.
-لكن, ليس من العدل طرده... لم تكن غلطته. لو ... لو كنت انت هناك أيضاً, لتشاجرت مع هذا العامل الحقير. لقد عاركته في كل حال.
-ضربته لأنها الطريقة الوحيدة لوضع حد نهائي للعراك. أنا أعارض الرد على التحديات. العنف لا يؤدي إلى شيء.
خلع سترته الجلدية و قال:
-أهالي منطقة الكامارغ يخافون جميعاً امتداد حقول الأرز. لكن العراك لا فائدة منه. إذا كان رفاييل لا يستطيع رؤية أحد هؤلاء العمال من دون أن يجن جنونه, فهو إذن بحاجة إلى درس جيد.
قالت محتجة:
-أنت لا تفهم. كانت الغلطة غلطتي أنا. لقد تشاجرا بسببي أنا.
تقلص حنقه و سألها بجفاف:
-ماذا تقصدين؟
-قال لي العامل شيئاً لم أفهمه, فطلب من رفاييل الابتعاد, فأجابه العامل بأنه لن يبتعد إلا بالقوة. حتى أنت, كنت رديت على هذا التحدي أليس كذلك؟
لمعت عينا جيرفيه و قال:
-ما كان عليه أن يصطحبك إلى هذا المكان, في بادئ الأمر.
-لكن معظم زبائن هذا المقهى من حراس الماشية و أنا أعرف أن أخلاقهم رفيعة و تصرفاتهم مدروسة.
-ليس هذا ما أقصده. لكن الظاهر نسيت بأنني نصحتك عدم معاشرة رفاييل.
-لا, بل أتذكر تماماً. أنت مخطئ بحقه. لقد أمضيت معه سهرة رائعة, إلى أن وصلنا إلى المقهى.
أمسكها جيرفيه بكتفها بعنف و قال بخشونة:
-آه صحيح! لكن هذا لن يتكرر... و أصر على ذلك. ما دمت تعيشين تحت سقفي, فستحترمين رغباتي, يا صغيرة. و الآن, إلى فراشك. القضية انتهت و أقفل الموضوع. ولا أريدك أن تحدثيني بهذا بعد الأن, اطلاقاً.
ثم خرج و اختفى في الظلام.
لا جيرفيه ولا رفاييل ظهرا على مائدة الفطور صباح اليوم التالي, ولم تتجرأ جوسلين أن تسأل الحراس إن كان رفاييل قد عاد إلى المزرعة مساء أمس, و كانت تخشى أن تلاحظ كاميليا ملامح الأرق في عينيها المرهقتين بعد ليلة بيضاء, لكن المرأة كانت منهمكة بالحديث عن مزرعة آل دورانس ولم تلاحظ وجه الفتاة الشاحب و جفنيها الحمراوين. انما كانت تقول:
-انها حقاً مزرعة رائعة, يا جوسلين. لو كان الأمر مشابهاً هنا, لقبلت العيش بكل سرور. لكن المكان بحاجة إلى انسان ذواقة و مرهف كي يصبح جنة و روعة.
-وهذا المكان بحاجة إلى المال ليصبح ما تحلمين به يا كاميليا.
-جيرفيه يملك المال. و يملك أيضاً أفضل ثيران المنطقة. لا شك أنه مرتاح من الناحية المادية, مع أنه لا يبدو هكذا. الله وحده يعرف ماذا يفعل جيرفيه بأمواله الطائلة. حتى جان-مارك نفسه لا يفهم لماذا أخوه اقتصادي إلى هذه الدرجة.
سألت جوسلين لتغير الحديث:
-هل سيلين الفتاة الوحيدة لوالديها؟ أليس لها أخ؟
-انها وحيدة, والدها تجاوز الستين من عمره ولا شك أنه تزوج في سن متأخرة. انه رجل لطيف جداً.. و ذكرني بالمثل المشهور, موريس شونالييه, لكن للأسف, اصيب العام الماضي بذبحة قلبية, و سيلين قلقة على صحته كثيراً.
و قالت جوسلين لنفسها: " لا تملك سيلين، الجمال و المهر, فحسب، إنما ذات يوم, ستملك مزرعة والدها كلها. لهذا السبب لا يريد جيرفيه أن يصرف فلساً واحداً على مزرعته".
شعرت بالاشمئزاز و القرف... ليس اتجاهه, بل اتجاه نفسها, لمجرد تصوره قادراً على مشاريع حقيرة كهذه.
ثم قالت لنفسها بخجل: " لو كنت أحبه حقاً, لما فكرت هكذا, بل لكنت وثقت به و آمنت به و صدقته. و إذا كان هذا الشعور الداخلي ليس حباً, لماذا أتعذب إلى هذه الدرجة؟ لماذا تبدو حياتي بلبلة حقيقية؟ لماذا وصل بي الأمر أن أخشى العودة إلى انكلترا؟"
خلال فترة الصباح, اصرت العجوز أن تنهض من سريرها, مع العلم أنها لم تشف بعد نهائياً. لكن جوسلين أصرت على المواصلة في القيام بالأعمال المنزلية الصعبة, فقالت لها العمة:
-أنت فتاة طيبة, يا جوسلين. لدى وصولك إلى هنا, لم أنظر إليك نظرة جيدة, بعدما رأيت ملابك الأنيقة و الطلاء على اظافرك. لكنك برهنت بأنك فتاة مسئولة و ستصبحين في المستقبل امرأة قادرة. يا الأسف, فكاميليا لا تشبهك!
أجابت الفتاة بهدوء:
-انها تحب ابن أخوك و تحمل ولده. ليس مجرد أن تتقن الزوجة الطهي, تكون زوجة جيدة, يا سيدتي.
زمت العجوز شفتيها وقالت:

جين أوستين
16-01-2012, 17:09
-ربما. لكن واجب المرأة أن تطعم زوجها و تغذيه جيداً. عندما كانا يسكنان في مدينة آلرز, كان جان-مارك رجلاً جائعاً. فهو ليس مثل جيرفيه بصحة متينة. انه سريع العطب منذ صغرة. حتى السابعة من عمره, كان يعاني من الربو أمضيت الليالي الطويلة أسهر عليه. أحياناً كان يصح أزرق حتى الموت. سأريك احدى صوره.
تناولت العمة صورة من دولابها و قالت وهي تشير إلى الرجل الضخم فيها:
-هذا هو زوجي!
كانت العمة في الصورة جالسة على كرسي, تلف ذراعها حول كتف صبي يتكئ عليها.
-وهذا هو جان-مارك أترين كم هو نحيل. كان في العاشرة من عمره بينما يبدو في الحقيقة في السادسة.
لكن جوسلين كانت تنظر إلى وجه الصبي الأكبر الواقف قربه. و تساءلت لنفسها: " لماذا لم تضع العمة ذراعها الثانية حول كتفه, بينما هو متروك على حدة, عابس و عدائي؟ بسبب جان-مارك و مرضه, لم تجد له وقتاً؟ هل قساوته ناتجة عن نقص في الحنان؟".
وبينما كانت جوسلين تكنس تحت سريرها, لمحت ظلاً وراء نافذتها, فصرخت مندهشة:
-رفاييل! آه, رفاييل, يا لوجهك المسكين!
-لقد رأيت اسوأ من ذلك, يا آنسة.
ثم قال بصوت منخفض:
-ذهبت إلى المطبخ لأتحدث معك, فرأيت العجوز. أنا آسف لما حدث مساء أمس. لا شك أنك غاضبة مني. لكنني لم أتحمل اهانة العامل لك و شتيمته الكبيرة.
-أنا لا ألومك, يا رفاييل. لكن جيرفيه غاضب جداً. هل رأيته؟
-نعم. أخرجني من السرير قبل الفجر. وقال لي, بأنه, في المرة المقبلة, إذا حصل معي شيء مماثل, فسيطردني نهائياً من دون أي تردد.
-لكنه قال لي في الأمس بأنه سيطردك اليوم نهائياً.
-آه, صحيح؟ ربما غير رأيه في الليل. انه سريع الغضب حيال من لا يطيعه. و هو في الوقت نفسه رجل صادق. لقد سمح لي أن أشرح له ما حدث, إذا اقترب مني أحد, عليّ أن أتحاشاه و أبتعد. كما أمرني أيضاً ألا أوجه إليك الكلام أبداً.
اختفى رفاييل من وراء النافذة حين دخلت كاميليا إلى غرفة جوسلين. وما ان انتهت الفتاة من تنظيف غرفتها, توجهت لتنظيف غرفة جيرفيه, الغرفة الوحيدة التي تجاهلت الاعتناء بها منذ أن حلت مكان العمة. و ها هي تدخلها للمرة الأولى, بإلحاح, علها تجد فيها تفسيراً لشخصيته المحيرة.
كانت الغرفة تحتوي على سرير ضيق يقع تحت احدى النوافذ. أحد جدرانها مليء بالكتب و بعض صور الخيول و القطعان. على الجدار المواجه, تعلقت لوحة زيتية تمثل قطيع أحصنة بيضاء تجتاز فوق مستنقع صغير. لم تكن الغرفة وسخة أبداً. و الظاهر أنه يحافظ على نظافتها بنفسه. كما لاحظت الفتاة بأن الرجل يجيد تقطيب الأزرار و رتق ملابسه و تصليحها.
فجأة لفتت نظرها صورتان, على طاولة قرب السرير. الأولى تمثل زوجين متعانقين: الرجل يشبه جيرفيه و المرأة تشبه جان-مارك. عرفت في الحال أنها صورة والديه. أما الصورة الثانية كانت تمثل سيلين دورانس, وهي واقفة قرب نافذة, ترتدي ثوباً أسود, ضيقاً, يظهر كل تفاصيل جسمها و قامتها الجميلة. تبدو ناعمة, بعينيها الثاقبتين و ابتسامتها الساخرة.
" ربما يحبها جيرفيه حقاً. ربما لم يطلب يدها بعد لاعتقاده بأنها ما تزال تحب أخاه. هل يجهل بأنها لم تكن تحب جان-مارك، انما تحبه هو؟ أليست هذه الصورة برهاناً لحب جيرفيه؟"
وضعت الفتاة الصورتين مكانهما لدى سماعها خطوات في الممر. لكن جيرفيه ظهر على عتبة باب غرفته قبل أن تتمكن من جمع معدات التنظيف و الخروج. بدا منزعجاُ لرؤيتها داخل غرفته, فأحمر وجه الفتاة. قال لها:
-لست بحاجة لتنظيف غرفتي. فأنا أفضل أن أنظفها بنفسي. لا أحب رؤية أغراضي في غير محلها.
-آسفة جداً, لم أكن أعرف ذلك. لم ألمس شيئاً على كل حال.
كان يمسك باب الغرفة مفتوحاً و ينتظر رحيلها, لكنها همست تقول:
-اشكرك لأنك غيرت رأيك بما يختص برفاييل.
-هل تحدثت معه؟
كذبت و قالت:
-كلا, لكنني رأيته من نافذة المطبخ, و أدركت بأنك غيرت رأيك.
-هل هذا يهمك إلى هذه الدرجة؟
-كنت انزعجت كثيراً لو خسر رفاييل وظيفته بسببي.
-آمل أن تحتفظي بسرية أكبر في المستقبل.
ثم أغلق الباب وراءها.
في المساء, حمل جان-مارك رسالة إلى جوسلين من الطبيب بيشوب, يقول فيها:
" عزيزتي جوسلين،
بعد تفكير عميق, لم أر مانعاً من بقائك مع كاميليا حتى مولد الطفل, أو لشهر اضافي أيضاً, إلى أن تستعيد عافيتها و نشاطها, لقد اشتقنا جميعاً إليكِ كثيراً. لكن, ما دمت لم تتخذي قراراً بعد بخصوص مستقبلك, فلماذا لا تغتنمي فرصة وجودك في فرنسا و تحسني لغتك الفرنسية؟ هذا سيساعدك على الحصول على وظيفة مهمة لدى عودتك. أعتقد أنك صرفت كل مالك, لذلك أرسل إليك هنا طيه بعض الشيكات...".
و تحتوي بقية الرسالة على أخبار الوطن و البيت و القرية, و على كلمة من إليزابيث، زوجة والدها الجديدة. و لما قرأت جوسلين هذه الرسالة أمام ابنة عمها، قالت لها كاميليا:
-هل رأيت؟ والدك يرى بأن عليك البقاء معي حتى آخر المطاف.
-نعم, رأيت. لكن، ربما عائلة زوجك تفكر بطريقة مختلفة. تذكري بأنني ضيفة عندهم.
-لا يجرؤ أحد على طردك من هنا، بعد كل الذي فعلته من أجلهم.
-لم يطلبوا مني شيئاً. أنا قدمت خدماتي, بملء ارادتي و بطيبة خاطري.
-كما وفرت عليهم كثيراً. لولاك لاستخدموا امرأة غيرك و دفعوا لها أجرة خدماتها. اذن, عديني أن تبقي شهراً على الأقل, بعد ولادة الطفل.
-حسناً, أعدك. إذا ليس لعائلة سانتون مانعاً بذلك.
بعد الحديث مع جوسلين, قالت السيدة سانتون بحماس:
-سأكون مسرورة جداً إذا بقيت, يا ابنتي. أنا بحاجة لمساعدتك عند ولادة الطفل. فأنا لم أعد شابة و هناك غسيل كثير.. أحياناً أفكر بفارغ الصبر باليوم الذي يتزوج فيه جيرفيه و يجلب لنا زوجة تأخذ عني كل هذه المسئوليات. لقد عشت حياة قاسية و أرغب في الراحة قبل أن أموت.
هذه الكلمات شجعت جوسلين على السؤال:
-لماذا لا تجلبين محركاً كهربائياً, يا سيدتي؟ بواسطته ستخف أعمالك.
-غالباً ما نصحني جيرفيه بذلك, لكنني كنت أتدبر أمري من دونه. ومنذ أربعين سنة و أنا أعيش بلا كهرباء. الآن أصبحت عجوزاً و لا أستطيع تغيير عاداتي. طبعاً ستحصل تغييرات عديدة متى تزوج جيرفيه, لكن في الوقت الحاضر أفضل التعامل مع الوسائل و المعدات التقليدية. جيرفيه يصرف أمولاً كثيرة و لا يريد الاعتراف بذلك. لكنني أعرف بأنه دفع مصاريف المستشفى لمعالجة طفل آل لورانس المعاق, وما زال يعيل ارملة هنري لوماتر, و يدفع مصاريف الدراسة الموسيقية لابنها في باريس. أنا مقتنعة بأن جيرفيه يبالغ كثيراً بكرمه الحاتمي, لكنه يرفض أن يصغي إلي. انه تماماً مثل والده. باستطاعته أن يهب قميصه إذا ما احتاج الأمر لذلك.

جين أوستين
16-01-2012, 17:11
خرجت الفتاة من غرفة العمة متسائلة كيف ستكون ردة فعل جيرفيه عندما يعلم بأن جوسلين لن تسافر مباشرة بعد الاحتفال بعيد السيدة سارة.
في اليوم التالي, توالت القوافل و الشاحنات في عبور الطريق التي تبعد مسافة 800 متراً عن مزرعة آل سانتون. و كالعادة، قبل يومين من الاحتفال السنوي, تكتظ جميع طرفات منطقة الكامارغ بدوي البشرة السمراء, الذين يريدون الاحتفال بسيدة البحار.
وقبل أن يذهب جان-مارك إلى مدينة آلرز, مركز عمله, قال لجوسلين:
-الجمهور سيكون من هب و دب. بعضهم من فناني السيرك المشهورين, و البعض الآخر من الفنانين المزيفين الذين يتسولون للعيش. قبل الحرب, كانوا يأتون من جميع أنحاء أوروبا. لكن الآن, هناك الستار الحديدي, و معظم الذين يأتون اليوم إلى هذا الاحتفال من اسبانيا.
في ذلك المساء و بينما كانت جوسلين و العمة منهمكين في تحضير الطعام, ظهرت بصارة غجرية على عتبة باب المطبخ, فدعتها العمة إلى الدخول و قدمت لها القهوة و أرسلت جوسلين لإحضار كاميليا و جان-مارك.
أخبرت الغجرية كاميليا بأنها ستلد صبياً يتبعه بعد سنتين صبي آخر. ثم أضافت تقول:
-لديك موهبة، يا سيدة. و إذا عرفت كيفية استعمالها, فستسعدين في حياتك. و تربحين الأموال الطائلة. الماضي مضى و عليك البدء بالتفكير في المستقبل.
اندهشت كاميليا وقالت:
-موهبة؟ ماذا تعني بذلك, يا ترى؟
ثم راحت الغجرية تقرأ خطوط يد العمة. فدخل جيرفيه في تلك الأثناء و اتكأ على حائط المطبخ ليسمع تنبؤات البصارة و هي تقول للعمة بأنها ستعيش عمراً طويلاً و ستظل محترمة من قبل الجميع. ثم قال جان-مارك:
-دورك الآن, يا جوسلين.
-لا, لا أريد!
الجميع قالوا معاً, بصوت واحد, ما عدا جيرفيه:
-بلى, بلى.
كادت تستسلم حين قال جيرفيه للغجرية:
-الفتاة الانكليزية لا تؤمن بقراءة الكف, يا جدتي.
أشارت البصارة لجوسلين أن تجلس قربها, ثم قالت:
-اذن, أنت تشكين في الأمر, يا آنسة, لكنك فتاة عاقلة جداً, بالنسبة إلى عمرك. صحيح بأن معظم البصارات مزيفات, لكن أنا, أدعى ماريا بيسارورا, ولديّ موهبة لا تخطئ. ستتذكرين ما سأقوله لك. أعطني يدك, يا أبنتي.
ظلت الغجرية لدقائق صامتة تنظر إلى يد الفتاة التي بدأت تشعر بالانزعاج. أخيراً رفعت البصارة رأسها و قالت:
-ماتت والدتك عندما كنت ما تزالين صغيرة, و الآن حلت مكانها امرأة أخرى في حياة والدك, و أصبحت زوجته. ولم يعد أحد بحاجة إليك هناك. لقد حان لك أن تختاري رجل حياتك و تبدئين حياة جديدة.
قالت كاميليا باستغراب:
-لكن, هذا كلام صحيح.
قطبت البصارة حاجبيها, منزعجة, ثم ضغطت على يد الفتاة و أغمضت عينيها بضعة لحظات, ثم قالت:
-أرى في حياتك رجلين. أحدهما من جنس آخر, وبينكما حواجز عديدة. إذا اخترته ستلاقين صعوبات, لكنك ستعرفين معه السعادة الكبرى في الوقت نفسه. وهناك في الجهة الأخرى من البحر, رجل آخر. معه, تعيشين حياة هادئة, لا يشوبها أي اضطراب و توتر. إذا كان هذا ما تطمحين إليه, فعليك اختيار هذا الرجل... انما الرجل الغريب, الأسمر القاتم، هو الذي سيعرفك على نيران الحب. فكري جيداً، يا ابنتي. أنا أعرف على من سيقع اختيارك, لكن ليس باستطاعتي أن أقول. القرار متروك لك, وحدك.
حين رحلت الغجرية, قالت كاميليا لجوسلين:
-الرجل الذي سيعرفك على نيران الحب سيكون فرنسياً, يا جوسلين. و ستتعرفين عليه في العيد.
-لا تكوني حمقاء يا كاميليا. هل تصدقين مثل هذه الخرافات. أنا لا أصدقها كل ما سمعته دخل من اذن و خرج من الاذن الثانية.
سألها جيرفيه في الحال:
-هل انت أكيدة من ذلك؟
رمقته الفتاة بنظرة خاطفة, فتقلصت يداها أمام تعبير وجهه، وتساءلت بوجه ممتقع:" هل يعرف ماذا أشعر تجاهه يا ترى؟ ".
ثم أجابت قائلة:
-تماماً. لم أصدق كلمة واحدة مما قالته.
قال وهو يهز كتفيه:
-من السهولة التأثر بما يقوله الغجر. و فتيات جيلك لديهن أفكار رومانسية. لكنني لا أعتقد بأنك ستلتقين رجل حياتك في العيد. فالرجل الانكليزي هو لك, يا صغيرة.
ضحكت كاميليا وقالت:
-ألهذا الرجل وجود, يا جوسلين؟
-آه, هناك أكثر من واحد...
لكن قلبها تجمد, لأنها فهمت ما قاله جيرفيه. يريد أن يشير لها من طرف خفي أن تنسى عواطفها تجاهه إن كانت لها عواطف...
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 17:16
6-عيد بأي حال عدت يا عيد... لم تستطع جوسلين الصمود في الليلة الأولى وفي الليلة الثانية اكتشفت حقيقة أذهلتها وعادت في جيب رجراج إلى المزرعة...

في اليوم التالي, عشية العيد, قالت كاميليا:
-تعرفين, يا جوسلين, فكرت كثيراً بما قالته البصارة عني. انها على حق, نعم, لديّ موهبة. لن يصبح جان-مارك أبداً رجلاً ثرياً, لأنه ليس من النوع الوصولي. بل أنا من سيربح الأموال الطائلة.
-كيف؟ في مجال الموضة النسائية؟
-كلا، في الديكور الداخلي, تذكرت ما قلته عن مزرعة آل دورانس وكيف هي منظمة. فديكورها مأخوذ عن الأسلوب الانكليزي الريفي. وحسب رأي سيلين, الأثاث الانكليزي ذو شهرة كبيرة في هذا العصر. هكذا, عندما نستقر في مرسيليا, سأفتح مخزن ديكور : كاميليا و شركاؤها... ما رأيك؟
-هل نسيت بأنك مقبلة على تربية طفل رضيع؟
-آه, بإمكاني أن أوظف خادمة و مربية أطفال. لا تبدئي بإرشادي, فأنا لست من نوع الأمهات اللواتي يدللن أولادهن. صحيح سأكون فرحة بأن أصبح أماً, لكنني لا أريد أن أكرس لولدي كل وقتي. في الحقيقة أرى رضاعة الطفل أمراً غير ضروري, هل صدمتك كلماتي؟
-ستغيرين رأيك عندما تنجبين طفلك.
-ربما. لكنني أشك بذلك. في كل حال, من الممكن للمرأة ان تكون أماً صالحة حتى و لو عملت خارج المنزل في الوقت نفسه. وهذه حال معظم نساء اليوم.
-لكنك لست مهنية أو حرفية! و من سيهتم بالمحاسبة؟
-آه, جان-مارك, في المساء, إلى أن يصير بإمكاني توظيف محاسب دائم اختصاصي. أما من الناحية الديكورية البحتة, فأنا متأكدة بأن ذوقي في هذا المجال جيد و رفيع. عيناي تريان الألوان المناسبة بدقة و ذكاء. شقتي السابقة صممتها بنفسي, و نالت اعجاباً كبيراً لدى جميع اصدقائي.
-نعم, معك حق. أنا موافقة على النجاح. لكن من أين لك المال, يا كاميليا؟ من دون رأسمال معين المشروع مستحيل.
-لدي من المال ما يكفي لاستئجار مكان واسع و شراء المعدات الأولية, بانتظار أن أبدأ بالكسب و الادخار.
-وهل ناقشت هذا الأمر مع زوجك؟
-آه، نعم. أمضينا نصف الليل في الحديث عن هذا المشروع. و جان-مارك موافق. لم يذهب إلى عمله اليوم بل فضل الذهاب إلى مرسيليا للبحث عن شقة مناسبة لنا.
عاد جان-مارك بعد الغداء، عندما كانت جوسلين و كاميليا جالستين في ساحة المنزل. دخلت الفتاة إلى المطبخ لتحضر له كأس ليموناضة, ولما عادت قالت لها ابنة عمها بحماس:
-وجد جان-مارك ما نتوق إليه يا جوسلين! منزل قرب الساحة العامة. في الطابق الأرضي سيكون محلي, القبو مستودع, و نسكن في الطابق الاول.
سألت جوسلين الرجل:
-هل المبنى بحالة جيدة؟ وهل الايجار معقول؟
-ليس المبنى في حال جيدة كما يجب. لكن كاميليا تصر على السكن في وسط المدينة. الايجار ليس عالياً, لأن الطلاء قديم و المنزل بحاجة إلى تصليحات عدة. فتشت كل انحاء مرسيليا و لم أجد مكاناً آخر قرب المحلات و المقاهي.
-ولماذا لا تفكران بالضاحية؟
هتفت كاميليا تقول بحدة:
-لا, لا. يجب أن نسكن في حي جيد و هذا أمر أساس و حيوي. لا أهمية ان كان وضع المنزل سيئاً, يا حبيبي. فسنقوم بالتصليحات الضرورية و نزينه على ذوقنا. بعد ذلك لن يستطيع المالك أن يتعرف إليه.
-لكن هناك مسألة التأمين. علينا أن ندفع مبلغاً قيمته مئة ألف فرنك, ونحن لا نملك هذه القيمة.
قالت كاميليا بهدوء:
-بإمكاننا أن نطلب من جيرفيه مساعدتنا. هذا أقل ما يستطيع فعله من أجلنا. فهو لا يدفع لك فلساً واحداً من مدخول المزرعة.
-لكنني لا أعمل في المزرعة, يا حبيبتي ولا سبب لكي يدفع لي شيئاً. الا يكفي أنه يؤوينا و يطعمنا؟
-لكن المزرعة ملكك كما هي ملكه.
-جيرفيه الصبي البكر, و هو الذي ورث المزرعة. لو لم يشتري الماشية من جديد, بعد الحرب, لما ملكنا شيئاً الآن.
قالت جوسلين مقترحة:
-لكن بإمكانك أن تطلب قرضاً من المصرف.
-لا حاجة للمصرف من أجل مبلغ ضئيل كهذا. جيرفيه سيساعدنا. أنا سأحدثه بالأمر شخصياً إذا رفضت يا جان-مارك ان تقوم بالمبادرة هذه بنفسك.
-لا تبكي, يا حبيبتي. هذا يضر الطفل. اطمئني سأحدث جيرفيه بالأمر.
-هل تعدني بذلك؟ نحن في حاجة إلى هذا المبلغ من المال في الحال. إذا تأخر, سيستأجر المكان أحد غيرنا.
غضبت جوسلين من ابنة عمها و فضلت الدخول إلى المنزل. غسلت شعرها و خرجت تجففه في الشمس, و جدت جان-مارك وحده فقال لها بأن زوجته تنام في غرفتها. بدا الهم كثيفاً على وجهه, فقالت له جوسلين:
-اسمعني جيداً, يا جان-مارك. منذ أن جئت إلى هنا, لم أصرف المال الذي أملكه. و أريد مساعدتكما, أنت و كاميليا.
احمر وجه الرجل و أجاب بخجل:
-لا, لا. هذا لطف منك, لكن لن أسمح بذلك. لا تقلقي علينا, أرجوك. لقد وجدت حلاً.
-من دون أن تطلب من جيرفيه مساعدتك؟
-تماماً. لست خائفاً أن يرفض طلبي, لكنه دائماً كريم معي, و أنا اليوم زوج و يجب أن أتحمل مسئولياتي وحدي.
-هذا أمر طبيعي, يا جان-مارك. لكن ما هو الحل؟ ماذا ستفعل؟
-لا تخافي, سأجد حلاً.
تذكرت جوسلين بأن الرجل وعد زوجته عدم الاشتراك في سباق الثيران الحر, فنظرت إليه متشككة و سألته:
-هل تنوي كسب هذا المبلغ من المال؟ أقصد تريد ربحه؟
من اندهاشه, ادركت أنها أصابت جيداً, فتابعت تقول:
-آه, لا, يا جان-مارك وماذا لو أصبت بجروح خطيرة؟ النفقة تفوق الثمن.
قال الرجل مبتسماً:
-لكن, ليس في الأمر أي مخاطرة, يا صغيرتي. لا تخافي, لن أصاب بجروح. في مدينة آلرز, سباق حر كبير بعد ثلاثة أيام. إذا حالفني الحظ, سأربح المال الكافي لدفع التأمين و شراء بعض الأثاث.
-و إذا لم يحالفك الحظ, ربما تجد نفسك في المستشفى. من زمان ولم تتمرن, و الخطر موجود, لا تقل العكس. آه, أرجوك, يا جان-مارك, كن متعقلاً. سيجن جنون كاميليا إذا عرفت بالأمر.
-لن أخبرها... و أنت أيضاً. هذا سرنا, يا جوسلين. أقسمي لي بألا تخبري أحداً بالأمر.
-حسناً. أعدك بذلك. لكن بنظري, هذا التصرف من قبلك جنوني. هل ستقول لكاميليا بأن جيرفيه هو الذي أعطاك المال, في حال ربحت المباراة؟ ربما تذهب و تشكره و يفضح أمرك.
-كلا, سأطلب منها ألا تفتح الموضوع معه, لأن مثل هذه القضية من شؤون الرجال فقط.
قبل العشاء, التقت جوسلين بجان-مارك في الممر, فقال لها:
-تحدثت مع جيرفيه عن مشروعنا الجديد, فاعتبرنا مجنونين، زوجتي و أنا, لكنه لا يستطيع منعنا.
بعد العشاء. ذهبت جوسلين إلى الساقية. و للمرة الأولى منذ مجيئها, ترى السماء ملبدة بالغيوم الكثيفة السوداء و تسمع الرعد يعصف من بعيد. كان الجو ثقيلاً ولا نسمة في الأفق.

جين أوستين
16-01-2012, 17:19
جلست على الجسر الخشبي و خلعت صندلها و وضعت رجليها في الماء. في هذه الأثناء يجري الاستعداد للعيد. أما هي, فأصبحت جاهزة تقريباً: كوت فستانها و فستان كاميليا و لم يبق سوى تجعيد شعرها قبل الايواء إلى النوم.
بعد قليل, لمحت جيرفيه يخرج من المزرعة و يتجه نحوها. ماذا يريد؟ احمر وجهها لدى تذكرها كلماته بالأمس. لكن كيف عرف بانها وقعت في حبه؟ ما الذي قالته أو فعلته, حتى فهم حقيقة مشاعرها؟ لو كان فعلاً عالماً بكل شيء، و يرى ما يدور في ذهن وقلب الآخرين, لماذا لا يرى اذن بأن سيلين تحبه كثيراً؟
عندما اقترب منها, سألته:
-هل ستمطر غداً, حسب رأيك؟
-ربما... دائماً تمطر أثناء العيد. ربما تهب العاصفة في الليل, و قد يكون الطقس جيداً.
-آه, آمل ذلك, و إلا فسد العيد.
لم يرد عليها, فأخرجت قدميها من الماء و بدأت تجففهما بمنديلها, فجأة, سألها:
-لم تأكلي شيئاً تقريباً, خلال العشاء, و هذا ليس من عادتك. هل هناك شيء على غير ما يرام؟
-لم أكن جائعة, بكل بساطة.
-هل أنت قلقة يا ترى بسبب أفكار ابنة عمك الجنونية؟
انتعلت صندلها و أجابت:
-لا, أبداً.
-هل تشجعينها على مشروعها الجديد؟
-لا دخل لي في الأمر. الفكرة فكرتها و الأمر يتعلق بها.
نهضت الفتاة بغية العودة إلى المنزل, لكنه قام بخطوة إلى الامام وسد عليها الطرق و قال:
-لنقم بنزهة قصيرة. أريد أن أحدثك.
أجابته بلؤم:
-رغباتك أوامر, يا سيد سانتون.
-المعذرة.
ثم انحنى و قال:
-آه, ربما كان من المفروض أن أسألك, هل بإمكاني الحصول على شرف رفقتك الرائعة؟
صرفت الفتاة بأسنانها و مشت بخطوات واسعة, ثم خففت سرعتها, فقال لها:
-اذن, قررت تمديد فترة اقامتك, على ما سمعت؟
-نعم, بعد أن حصلت على اذن من عمتك, طبعاً. هل تجد في ذلك مانعاً؟
-أبداً. لكنني أفضل أن تعودي إلى انكلترا, مباشرة بعد ولادة الطفل.
فقالت بصوت متوتر خفيض:
-آسفة إذا كان وجودي هنا يزعجك.
انغلقت يد جيرفيه على كتفها, و أرغمها على التوقف عن المشي و النظر إليه مواجهة. دوى الرعد عن قرب, و لمع نور غريب فوق السهل. تكهرب الجو ثم قال جيرفيه بانزعاج:
-لا تكوني حمقاء. ليس هذا ما أقصد قوله. ألا ترين ماذا سيحدث ان بقيت؟ ستستغل ابنة عمك وجودك لتستخدمك... في البداية الطفل... ثم مشروع مرسيليا. فهي لا تتكلم الفرنسية و كيف باستطاعتها القيام بمثل هذه الأعمال؟ هل تعتقدين بأن كاميليا قادرة على جعل المنزل صالحاً للسكن؟ كلا, أنت من سيفعل ذلك. ستنظفين و تطهين و تهتمين بالطفل. تباً للشيطان! أنت تعرفينها, أليس كذلك؟ و ترين كيف هي أنانية؟
صرخت الفتاة بوجهه قائلة:
-كيف تجرؤ! أتركني! رأيك لا يهمني اطلاقاً, يا سيد سانتون. أنت, ربما تدير نصف منطقة الكامارغ, لكن أنا, ليس من واجبي أن أتلقى الأوامر منك.
حاولت التخلص من قبضته. في تلك اللحظة, لمع البرق في السماء. وعلى بعد عشرة أمتار منهما. اشتعلت شجرة عرعر. فوجدت جوسلين حالها بين ذراعي جيرفيه.
هل هو الذي تحرك نحوها أم هي؟ أو أنه انجذاب بدائي قذفهما عنواً إلى ذراعي بعضهما البعض؟
عصف الرعد و بدأت قطرات المطر الأولى تتساقط. وبعد دقيقة, بدأ الطوفان.
لا فائدة من الاختباء أو الالتجاء إلى مكان واق, بثوان معدودة, اصبحا مبللين حتى العظام, وتحولت الطريق المغبرة إلى مستنقع.
امسكها جيرفيه بذراعه و اتجه بها نحو المزرعة. لولاه, لوقعت أرضاً. بسرعة, امتلأت ركبتاها وحلاً. لما وصلا أمام الباب, بدأ المطر يخف. عندما دخلت إلى المطبخ, صرخت كاميليا قائلة:
-يا إلهي! شعرك... صندلك...
قال جيرفيه لكاميليا بلهجة آمرة:
-اذهبي و أحضري مئزراً و منشفة, من فضلك.
ثم دفع جوسلين إلى الكرسي و انحنى ليخلع صندلها الموحل, بينما كان جان-مارك يساعد عمته في ملء المغطس بالماء الساخنة, ويقول مبتسماً:
-رأيتكما عائدين. ماذا كنتما تفعلان خارجاً؟ كان عليك, يا جيرفيه, أن تعرف بأن العاصفة قريبة.
تجاهل الأخ هذه الملاحظة ثم ساعد الفتاة على الوقوف ثم حملها و وضعها على المجلى وقال:
-يجب أولاً نزع هذه الأوساخ عن رجليك قبل أخذ الحمام.
وراح يغسل رجليها و قدميها الموحلتين. ولما جهر المغطس و امتلأ بالماء الساخنة, انسحبت العمة و جان-مارك من الغرفة. عادت كاميليا و رفعت حاجبيها مصدومة أمام ما رأته, لكنها لم تجرؤ على قول شيء.
عندما نظفت قدما جوسلين, أعادها جيرفيه إلى الأرض و أمرها قائلاً:
-و الآن, إلى المغطس. و أنا ذاهب لأستحم في حمام الرجال.
لما خرج, نزعت الفتاة ملابسها و دخلت في المغطس القديم, تتمتع بسخونة الماء. شعرت بالاسترخاء و أغمضت عينيها لتتذكر اللحظات التي أمضتها بين ذراعي جيرفيه. ثم تذكرت عراكهما وما قاله عن كاميليا و أومأت رأسها وهي تقول لنفسها: " انها الحقيقة, طبعاً... لكن ماضي كاميليا, ألا يبرر أنانيتها الشديدة؟".
كانت قد ارتدت ملابسها و جففت شعرها, عندما طرق جيرفيه الباب. رفعت الفتاة شعرها إلى الوراء و قالت:
-نعم.. بإمكانك الدخول الآن.
كان يرتدي ملابس نظيفة و حذاء جديداً. شعره الرطب يلمع مثل ريش الغراب. قال لها:
-و الآن, سأعد لك الشاي الساخن. فلا أريدك أن تلتقطي برداً و تمرضي.
-لا ضرورة كي تعاملني مثل فتاة صغيرة, يا سيدي.
بعد قليل حمل فنجانين مليئين شاياً, وضع واحداً على طاولة قربها, ثم قال:
-اشربي, ستهدأ أعصابك.
-أعصابي هادئة.
جرعت الفنجان و أحست بالدفء والارتياح, ولما انتهت, سألته بصوت بارد:
-والآن, هل بإمكاني أن أذهب إلى فراشي و أنام؟
-نعم, سننهض باكراً, صباح غد, نامي جيداً, يا صغيرتي.
رمقته بنظرة صاعقة, ثم أدارت له ظهرها, فقال لها قبل أن تختفي عن الانظار:
-ماذا تعتقدين بإمكاني فعله إذا لم تطيعي أوامري؟ هل تخافين أن أعاملك كامرأة؟
سمعت ضحكته حتى وصلت إلى غرفتها.
عندما استيقظت جوسلين في صباح اليوم التالي, كانت السماء زرقاء. أفاق الجميع, الساعة لم تتجاوز بعد السادسة.
بعد الفطور, ركب الحراس خيولهم, يعتمرون أجمل قبعاتهم و يرتدون ستراتهم المخملية السوداء و سراويلهم القطنية الجميلة في التاسعة, صعدت السيدة سانتون في عربة صغيرة, برفقة أحد الحراس و زوجته. في الحادية عشرة صعدت كاميليا و جوسلين في سيارة جان-مارك.
أما جيرفيه فلم يظهر أبداً. قال جان-مارك بأن أخاه ذهب باكراً لتفقد قطيعه مع رجلين من حراسه, ولا شك أنه تأخر بسبب شيء غير متوقع. لكنه أضاف يقول باقتناع داخلي:
-غير أنه سيصل في الوقت المحدد لحضور الموكب.
و في هذا الأحد من أواخر أيار ( مايو ), كانت المدينة تعج بالحركة وتبدو كقلعة محصنة, يتهافت إليها السياح و الحراس و الغجر. القيثارات الاسبانية تعزف الموسيقى الشعبية الحماسية, بائعو الحلوى يصارخون بأعلى أصواتهم, ترويجاً لبضاعتهم. راقصو الفلامنغو ولاعبو الروليت... و أولاد يتسولون الدراهم لشراء الكاراميلا و الحلوى.

جين أوستين
16-01-2012, 17:21
و ككل سنة, حجزت عائلة آل سانتون صالوناً خاصة لها في أحد المطاعم الضخمة, لتناول الغداء مع آل دورانس و عائلة أخرى.
من السيارات حتى المطعم, بالكاد استطاعوا اختراق الازدحام الكثيف. و بدت كاميليا على شفير البكاء. فقال لها زوجها:
-ما كان يجب عليك حضور العيد هذه السنة, يا حبيبتي. كنت بقيت معك في المزرعة بكل طيبة خاطر.
-لا, أريد المجيء. أكره أن أكون مرفوضة.
وصل الجميع إلى المطعم, ما عدا جيرفيه. كانت سيلين ترتدي فستاناً تقليدياً واسعاً, ضيق الأكمام, من القماش الحريري السميك الأصفر اللون. الصدر مطرز بالدانتال الأبيض و شعرها مرفوع كعكة و مزين بتاج صغير من الدانتال و المخمل الأسود. حول عنقها شريطة سوداء مرصعة بحبات الماس البراقة.
كان الطعام مؤلفاً من البزّاق و حساء السمك المتبل بالبهارات و الثوم و الزيت, وقالب حلوى بالبرتقال. كانت جوسلين جالسة بين شابين من أبناء عائلة آل كوليير, و تنظر إلى سيلين وهي تغازل الأبن الأكبر, في الطرف الآخر من الطاولة.
بعد الغداء, دعا صاحب المطعم كاميليا أن ترتاح في الصالون الخاص, فقال له جان-مارك بإصرار:
-سأذهب معها. ابقي مع الآخرين, يا جوسلين. و إذا تمكنت من اقناعها, سأوصلها إلى المزرعة باكراً. بإمكانك أن تعودي مع آل كوليير, إلا إذا قبل جيرفيه ايصالك بنفسه.
اسودت الساحة من كثرة الناس, و بدأت الأجراس ترن في حوالي الرابعة. بدا مستحيلاً الدخول إلى الكنيسة لجمهور الاحتفال, لاحتوائها على الغجر بكثرة.
فجأة ظهر تمثال السيدة سارة, يحمله الرجال الراكبين فوق احصنتهم. في حرس الشرف, لمحت جوسلين جيرفيه, وبدا مثل فارس الأحلام.
بعد قليل اتجه الموكب نحو البحر و علت الأصوات تنادي: " لتعش السيدة سارة ! ". وضع التمثال في الماء. أبركه القس, ثم جرت اعادته إلى المغارة.
في هذه المعمعة, أضاعت جوسلين رفاقها, و ظلت تتسكع وسط الازدحام باحثة عن وجه تعرفه.
و بينما كانت تستعد للعودة إلى المطعم للاطمئنان عن كاميليا, رأت من بعيد جيرفيه على حصانه. لم تحاول لفت انتباهه بل ظلت تنظر إليه, عندما توقف و انحنى ليهمس في اذن شخص ما. بعد قليل رأت سيلين بثوبها الأصفر, يحملها غجري و يضعها على حصان جيرفيه, قربه. تبتسم له وهو يحضنها بذراعه.
فجأة لم تعد تحتمل الحر و الزحام اغرورقت عيناها بالدموع و دخلت إلى المطعم. كانت كاميليا و جان-مارك قد عادا إلى المزرعة, لكن العمة و آل كوليير ما يزالون هناك. ولما طلبت منهم الفتاة اعادتها إلى المزرعة, فوجئوا و قالت العمة شارحة:
-بعد قليل, سيبدأ الرقص, وفي المساء يصبح الجو أكثر مرحاً.
-لكنني أفضل العودة, فأنا متعبة كثيراً.
-حسناً. سترين ما ينقصك اليوم, في الغد.
سمعت صوتها الداخلي يقول : " ربما, حين يأتي المساء, سيطلب جيرفيه يد سيلين. سيرقصان معاً تحت ضوء القمر, و سيضمها إلى صدره ستضحك له. و يضحك لها... ثم يختفيان على الشاطئ و ... آه, كفى! لماذا هذا العذاب؟ لا تفكري بهما. امحيهما من عقلك. هذا جنون, منذ البداية...".
في صباح اليوم التالي, وجدت جوسلين صعوبة في العثور على عذر مقبول للتمنع من حضور اليوم الثاني من الاحتفال. و استاء جان-مارك عندا اقترحت البقاء مع كاميليا مكانه, فقال لها:
-لا... لا... من واجبي أن أبقى معها. كيف الهو من دونها؟
-أظن بأن عليّ المكوث هنا, أنا أيضاً, لدي احساس بأنها ستلد اليوم.
سمع جيرفيه هذا الحديث, فقال:
-هذا مستحيل. موعد الولادة بعد عشرة أيام.
-أجابته من دون النظر إليه.
-البكر يولد أحياناً قبل أوانه.
-في هذه الحال, عمتي باقية هنا و تهتم بالأمر. يجب أن تأتي إلى العيد, اليوم, يا صغيرة. ستتذكرين هذا النهار طيلة حياتك.
تشابكت نظراتهما. هل يريد تذكيرها بأنها غريبة و لن ترى العيد إلا هذه المرة؟
-حسناً. سآتي.
-سآخذك في سيارة الجيب, لأن عربة آل كوليير لا تأخذ أكثر من أربعة ركاب. و رفاييل سيمتطي حصاني " قيصر".
في العاشرة كانت جوسلين جاهزة. ارتدت تنورة قطنية خضراء و قميصاً توركوازياً. وفي الطريق, قال لها جيرفيه:
-أمس, عدت باكراً جداً. أخبرتني عمتي أن الحر ضايقك. هل هو السبب الحقيقي أم هناك سبب آخر؟
-ماذا تعني؟
-لم أر رفاييل طيلة السهرة, ربما هو أيضاً وجد الطقس حاراً لا يطاق.
-هل تصورت بأننا كنا على موعد سري؟
-ما زلت أتساءل.
-آسفة لخيبة ظنك. لم أتكلم مع رفاييل منذ... منذ اليوم الذي أطلعتني فيه أنك لا تحبذ صداقتنا.
بعد قليل, سألته:
-هل تعتبر بأن جان-مارك مصارع ثيران جيد؟
-نعم, لا بأس به.
-أليست المصارعة الحرة خطرة كالمصارعة العادية؟
-السباق الحر رياضة و لا يمكن مقارنتها بمصارعة الثيران المعروفة. أنا اشمئز عندما أرى ثيراناً جميلة, تعذبها و تحتقرها كائنات حمقاء ترتدي بزات العيد و الجوارب الحريرية. أنا لا أقبل اطلاقاً تعريض ثيراني إلى مثل هذه الوحشية.
-آسفة... فأنا لا أعرف شيئاً عن هذا كله. لكن آل دورانس يدربون ثيرانهم للمصارعة, أليس كذلك؟
-نعم, كغيرهم من أصحاب الماشية. لكن الثيران الاسبانية لا تتمتع بالمرونة و الشجاعة, مثل ثيران منطقة الكامارغ الأصلية. الآخرون يفعلون ما يريدونه, لكن أنا, أرفض ارسال حيواناتي إلى الموت من أجل فرح و غبطة أشخاص يخافون من كلب شرير.
بدا عليه الغضب, لذلك توقفت جوسلين عن متابعة الحديث. و عم الصمت بقية الطريق.
كان الغداء في المطعم إياه, لكن, هذه المرة, جلست جوسلين قرب لوك كوليير, بينما جلس جيرفيه قرب سيلين. وفي هذا اليوم الثاني, كانت الفتاة الفرنسية ترتدي ثياباً عصرية فاخرة, وفي يدها اليمنى, يلمع خاتم ياقوت مربع يلفت الأنظار.
راح لوك كوليير يغازل جوسلين كما فعل مع سيلين بالأمس. لم يكن هذا الأمر يعجبها, لكنها دخلت في اللعبة كي تتحاشى النظر إلى جيرفيه و سيلين.
وفي آخر الغداء, امسك لوك يد الفتاة من تحت الطاولة, و ظلت تتحمل ضغط أصابعه الرطبة الساخنة حتى جاءت القهوة.
ولم يبتعد عنها لحظة واحدة خلال فترة بعض الظهر. بعد حضور الاحتفال و الموكب, توجها معاً إلى مغارة السيدة سارة المضاءة بالشموع, و حيث يتحلق الغجر!
لم تستطع جوسلين المكوث طويلاً في المغارة لأن لوك كان يريد الخروج إلى الشارع, بعد أن تأبط ذراعها. ولم تشعر الفتاة بالارتياح إلا عندما دقت الساعة لبدء الألعاب التقليدية داخل الحلبة, و عندما علمت بأن لوك فرد من اللاعبين ولن يجلس قربها, جلست قرب والد سيلين.
دخل جيرفيه إلى الحلبة على ظهر حصانه قيصر و تناول من يد سيلين باقة زهور, حاول الحراس نشلها منه, من دون جدوى.
بعد سباق الحبال ذات الأنشوطة لاقتناص الخيول, بدأ السباق الحر الذي اشترك فيه عشرة شبان, كل واحد على حدة. لكن, لا أحد نجح في اقتلاع الوردة من بين قرني الثور. اشتد التصفيق، و كان الحيوان هو البطل المنتصر.

جين أوستين
16-01-2012, 17:23
وما أن انتهت الألعاب حتى عاد لوك إليها. ماذا بوسعها أن تفعل. لم تعد قادرة على تحمل نظراته المحدقة بفمها, و ضغط ركبته تحت الطاولة بينما كانا مع الجميع يتناولان المشروبات المنعشة, على شرفة المقهى.
بدأ الناس يرقصون في الشوارع. دعا السيد دورانس, والد سيلين, جوسلين إلى الرقص, أولاً, ثم تبعه لوك, و أخيراً جيرفيه الذي كان يرقص معها, فقط قياماً بواجبه الاجتماعي.
ولما أصر لوك على جوسلين أن ترافقه إلى الروليت, تدخل جيرفيه و قال:
-ربما لا تشاطرك الآنسة حبك للروليت.
لكن الفتاة قالت بحماس:
-لا مانع لدي أن أجرب ذلك.
عندما أصبحت وحدها مع لوك, تمكنت من افهامه بوضوح بأن السهرة لن تنتهي كما يتوقع. فحزن لوك قائلاً بأن الجميع يعرف صيت الانكليزيات و الأميركيات فندمت لأنها لم تكن حذرة معه منذ البداية و نظرت إليه بغضب و قالت له قبل أن تدير له ظهرها و ترحل:
-نعم, يا للأسف.
دقت الساعة العاشرة, و جوسلين تسير منذ ساعة بين المارة, تتذوق الحلوى الطيبة و القطائف المشهورة و تنظر إلى راقصي الفلامنغو. فجأة لمحت رفاييل مع مجموعة شبان و شابات, توقف قربها و سألها:
-آنسة جوسلين! هل تمرحين؟
-نعم, كثيراً. هل تريد بعض القطائف؟
-شكراً. أنت وحدك؟ لا يجب أن تبقي وحدك في هذه المعمعة.
-اطمئن عليّ. فالآخرون ليسوا بعيداً عني كثيراً.
أشار لها بيده و هو يبتسم و قال:
-إلى اللقاء, اذن.
بعد قليل, لاحظت شاباً و فتاة, يتعانقان بشغف, وراء باب محل صغير نصف مفتوح. المحل كان مقفلاً, لكن ضوء الزجاج جعل خاتم الفتاة يلمع وهي تداعب عنق الرجل.
جمدت جوسلين مكانها لا تصدق ما ترى. انها سيلين, لكن الرجل الذي معها ليس جيرفيه. ثم سمعت صوت سيلين وهي تقول للشاب:
-ليس هنا, فالناس سيروننا. لنبحث عن مكان منزو و أهدأ.
-بكل سرور, يا حلوتي.
كان السيد دورانس ما زال في المقهى عندما عادت جوسلين. ومعه السيد كوليير, من دون جيرفيه.
-ماذا تحبين أن تشربي, يا آنسة؟ أين أبني, أليس معك؟
-كلا. الازدحام فرقنا.
ابتسم لها السيد دورانس و قال:
-كان جيرفيه قلقاً عليك. ربما اعتقد بأنك متعبة و ذهب للبحث عنك منذ نصف ساعة لن يتأخر بالعودة, الآن.
حين عاد جيرفيه, كان الشرر يتطاير من نظراته. آه, يا إلهي, لا بد أنه رأى سيلين حتى يكون غاضباً إلى هذا الحد.
ببرود لا يصدق, قال لها:
-هل تريدين العودة الآن, يا جوسلين؟ الطريق طويلة أمامنا.
نهضت الفتاة بسرعة و قالت:
-نعم, متى تريد.
و دعا الآخرين, و تأبط جيرفيه ذراع جوسلين حتى وصلا إلى الساحة, حيث كانت سيارة الجيب متوقفة.
العودة إلى المزرعة ذكرت الفتاة بيوم وصولها, في سيارة الجيب الرجراجة في رياح الميسترال, و جيرفيه و قساوته. لكن, في هذا المساء, منطقة الكامارغ هادئة, وفي المستنقعات ينعكس ضوء القمر و النجوم العديدة.
في هذا المساء غضب جيرفيه الحاد سبب ارتجاج السيارة, لأنه كان يقود بسرعة جنونية على هذه الطريق الرملية, غير المعبدة. جوسلين, متعلقة بمقعدها, مليئة بالشفقة المؤلمة عليه. لأنها تعرف تماماً شعوره الحالي.
كانت الأضواء مطفأة داخل المزرعة, لكن الفتاة تعرف طريقها إلى المطبخ ولم تجد صعوبة في اشعال المصباح الزيتي.
لما أضاءت الشعلة أرجاء الغرفة, سألته بصوت غير مطمئن:
-هل تريد بعض القهوة؟
دفع الباب بعنف و اتكأ عليه و سألها بلهجة قاطعة:
-ما الذي بينك و بين لوك؟
أجابت بتلعثم:
-لا... لا شيء... اختلفنا... و افترقنا... ببساطة.
-أولاً, رفاييل, و الآن، لوك كوليير. لست عاقلة أبداً في اختيارك. لكن في المرة المقبلة, ستجدين نفسك في مأزق حرج لا مفر منه.
فضلت عدم الرد عليه باللهجة نفسها, لنها تعرف بأنه ينفث عن غضبه بل سألته بهدوء:
-هل تريد قهوة, أم انك تفضل الذهاب إلى النوم في الحال؟
-تباً لك و لقهوتك!
فجأة تقدم منها و قال:
-لم أعد أتحمل هذا, يا ابنتي. في البداية, تذهبين مع رفاييل, و كان عليّ أن انتشلكما من عراك عنيف. و اليوم, تغازلين لوك كوليير الأحمق. ماذا تريدين؟ تبحثين عن مغامرة مثيرة لتخبريها لأصدقائك, عندما تعودين إلى انكلترا؟
امسكها بعنف و ضمها إليه و عانقها. ولما ابتعد عنها, دخل في تلك الأثناء جان-مارك إلى المطبخ, لكنه لم يلاحظ شيئاً لشدة توتره, وقال:
-آه, جوسلين, تعالي بسرعة, أرجوك. جيرفيه, اذهب و أحضر الطبيب. اشرفت كاميليا على الولادة.
α α α α

جين أوستين
16-01-2012, 17:26
7-مع ولادة طفلة كاميليا ولدت أيضاً آمال صغيرة, و بين حوافر حصان هائج استيقظ حب كنا نعتقده لن يولد إلى الأبد...

ولدت ابنة كاميليا عند الفجر, و بعد صراخ الاحتجاج المنتظر, نامت, و نامت أمها قربها. العمة و جوسلين لم تجدا دقيقة راحة. بعد ليلة بيضاء, أحضرت جوسلين عجة للطبيب ثم فطوراً للحراس. البعض خاب أملهم حين علموا أن الطفل أنثى, لكن جان-مارك كان مسروراً, و أمضى كل فترة قبل الظهر يتأمل وجه ابنته الأحمر المجعد, و نسي كلياً مصارعة الثيران في آلرز.
بعد الغداء, تمكنت جوسلين من الاستراحة قليلاً, أمام المنزل, في الساحة الصغيرة, لكنها لم تكن تشعر بالتعب اطلاقاً. وقت الولادة, أرادت العمة اخراجها من الغرفة, لكن كاميليا تعلقت بيدها و رجتها أن تبقى معها. لم تندم الفتاة لحضورها الولادة و أدركت لماذا لم يكن والدها يشعر بالتوتر أبداً بعد عودته من التوليد. كما تذكرت أنه قال لها, ذات مرة: " التوليد هو العمل الوحيد الذي لا يصح رتيباً مع الزمن. في كل مرة, الولادة معجزة".
في منتصف بعد الظهر, جلست كاميليا في سريرها, وضعت حمرة على شفاهها و طلبت أن تأكل أكثر من حساء دجاج. ولما جلبت لها ابنة عمها صحن بيض مقلي, قالت لها:
-آه, ما أروع اختفاء البطن و العودة إلى الجسم الرشيق النحيل!
فجأة قال لها جان-مارك:
-كاميليا, علينا ايجاد اسم للطفلة, كنا متأكدين من أن الطفل سيكون ذكراً...
اقترحت عليهما جوسلين قائلة:
-لماذا لا تسمونها " سارة" ... مثل السيدة سارة؟
أجابت ابنة عمها قائلة:
-نعم... نعم. أحب هذا الاسم. ما رأيك يا حبيبي؟
أجاب الزوج:
-هذا اسم رائع و مناسب. ربما نسميها " سارة ليوني" ؟ انه اسم والدتي.
فقال كاميليا بفرح:
-" سارة ليوني سانتون " . انه اسم رائع و أنيق.
تعرف جيرفيه على ابنة أخيه قبل العشاء. كانت جوسلين في الغرفة عندما دخل و قال مبتسماً:
-كيف حالك, يا كاميليا؟
-آه, جيدة جداً, شكراً. ما رأيك بطفلتنا؟ بشعة, أليس كذلك؟
انحنى جيرفيه فوق الوجه الصغير المشتد احمراراً و تقلصت شفتاه, ثم قال:
-حتى الآن, لا تشرّف الطفلة جمال والدتها... لكنها جذابة على ما يبدو.
احمرّت الأم لهذه اللياقة غير الاعتيادية لدى الرجل, وقالت له:
-انها تدعى سارة ليوني هل يعجبك الاسم؟
-انه اختيار رائع حقاً.
ناولها ظرفاً و أضاف يقول:
-خذي هذا. عندما تولد فتاة في العائلة, تتطلب التقاليد من المسئول الكبير أن يهديها مهرها. لكن, بما أن الفتيات يتزوجن من دون مهر في أيامنا, بإمكانك و أخي أن تتصرفا معاً بالهدية. و الآن أتركك ترتاحين. تصبحين على خير, يا زوجة أخي.
عندما خرج جيرفيه, فتحت كاميليا الظرف و صرخت بإعجاب:
-مئة ألف فرنك... ليس بخيلاً كما تصورته.
قالت جوسلين:
-هذا كرم حاتمي.
ثم قالت لنفسها: " لم ينظر إلي لحظة واحدة, لم يلتفت نحوي مرة واحدة, كأن لا وجود لي". ولدى تذكرها ما حدث بالأمس داخل المطبخ, راح لقبها ينبض بسرعة جنونية, فاضطرت لمغادرة الغرفة في الحال.
في سريرها, حاولت أن تجد تفسيراً لانفجار جيرفيه الغريب, لكن من دون جدوى. هل كانت مخطئة؟ هل كان غاضباً منها, لسبب سلوكها؟ لكن لماذا؟ هل هو يغار عليها؟
بريق أمل احتلها فجأ’, ثم اختفى بسرعة. كلا, اطبعاً, أنه لا يغار عليها. الغيرة تأتي من الحب... و هذا سراب.
تحركت في سريرها, ثم خبأت رأسها في الوسادة. أغمضت عينيها و تذكرت عناقه. لماذا عانقها هكذا... بقسوة و عنف, كأنه يريد معاقبتها؟ ماذا قالت الغجرية البصارة؟ ألم تقل: " الرجل الأجنبي, الأسمر القاتم, هو الذي سيعلمك نيران الحب؟" .
أصابها الارتجاف و راحت تقول لنفسها:" ما قالته صحيح. مساء أمس, معه لم أخف. أردته أن يعانقني هكذا. لم أكن أريد مقاومته... كنت أريد أن يدوم ذلك إلى الأبد".
خلال اليومين التاليين لم تره إلا على مائدة الطعام, و كان يتجاهل وجودها كلياً.
وعندما ذهب جان-مارك إلى مرسيليا ليدفع التأمين, اصطحب جوسلين معه, بعد أن قال لها:
-أريد رأيك قبل الانتهاء من معاملات الايجار.
وجدت الفتاة المنزل في وضع أفضل مما كانت تتصوره. أمامه حديقة واسعة و جميلة, يمكن وضع سارة ليوني فيها في الطقس الحار.
كانت جوسلين تأمل بأن العلاقة بين ابنة عمها و العمة ستتحسن بعد الولادة, لكن العمة انصدمت حيال رفض كاميليا ارضاع الطفلة بنفسها فأصبحت العدائية بين المرأتين أسوأ مما كانت عليه, مع العلم أن العمة لا تعرف شيئاً عن مشاريع جان-مارك الجديدة و انتقال العائلة إلى مرسيليا.
في طريق العودة, قالت جوسلين لجان-مارك:
-عليك أن تخبرها بسرعة عن مشاريعك وعن نيتك في العيش في مرسيليا.
-نعم, سأخبرها في المساء. ظن بانها ستحزن لهذا الخبر كثيراً.
وعندما أخبر جان-مارك عمته بمشاريعه الجديدة, أصغت إليه بصمت, و لم تجبه بشيء, أضاف يقول:
-مرسيليا ليست بعيدة من هنا, و سنأتي دائماً لزيارتك.

جين أوستين
16-01-2012, 17:28
بعد صمت ثقيل, ضغطت العمة يدها على فمها و أطلقت صرخة قوية. و ظلت حابسة نفسها في غرفتها كل السهرة. ولما حاول جيرفيه و جان-مارك التحدث إليها من وراء باب غرفتها, لم ترد عليهما اطلاقاً. شحب وجه جان-مارك وقال لأخيه:
-هل تعتقد أنها...
قاطعه جيرفيه قائلاً:
-لا تكن أحمق, أنها متوترة وهذا امر طبيعي جداً. انها تعتبرك الركيزة الأساسية في حياتها. ومن الصعب على المرأة أن ترى ابنها يرحل عنها, من دون أن تشعر بالحزن العميق. لكنني متأكد من أنها ستتغلب على هذه المحنة في وقت قريب جداً.
بعد قليل, بدأت الطفلة تبكي, فغيرت لها جوسلين حفاضها الوسخ, ثم اطعمتها زجاجة حليب, لكنها ظلت تبكي. فقالت لها كاميليا:
-آه, لم أعد أستطيع تحمل صراخها.
فاقترحت عليها جوسلين قائلة:
-ما رأيك أن آخذها إلى غرفتي, هذه الليلة.
ساعد جان-مارك الفتاة على نقل سرير الطفلة إلى غرفتها, فنامت سارة ليوني بسرعة حتى موعد اطعامها في العاشرة. ولما نزلت جوسلين إلى المطبخ لإحضار زجاجة الحليب لوجبة الساعة الثانية, رأت الضوء في غرفة جيرفيه, و تساءلت ما الذي يشغله إلى هذه الساعة المتأخرة من الليل.
في الليل, بعد الرضاعة, رفضت الطفلة أن تنام, فحملتها جوسلين و غنت لها, غيرت ملابسها الرطبة, وضعتها في سريرها, و راحت تهزه و تقول لها بصو هادئ:
-هس... انك توقظين المنزل كله.
عندما انفتح الباب, اعتقدت بأن جان-مارك جاء ليطمئن عن ابنته, لكنها فوجئت بجيرفيه يدخل إليها و يسألها بهدوء:
-ماذا يجري؟
أجابت الفتاة:
-لا أعرف.
مد يده وقال:
-دعيني أجرب.
ناولته الطفلة, ثم ارتدت مئزرها بسرعة, خجولة لأنه رآها في قميص النوم الشفاف.
حمل الرجل الطفلة على كتف و أمسك رأسها و راح يحدثها بلطف. فتوقفت عن البكاء فجأة, و لما وضعها بعد قليل في مهدها, قالت له جوسلين:
-شكراً. الظاهر أنك خبير.
هز كتفيه و قال:
-أنا معتاد على الحيوانات الصغيرة. آمل ألا تزعجك مجدداً. تصبحين على خير.
في اليوم التالي, باشرت العمة عملها كالمعتاد طأن شيئاً لم يكن. وبهد الظهر جاءت سيلين على حصانها لزيارة الأم و طفلتها. بعد ساعة من الحديث مع كاميليا, خرجت لرؤية جوسلين التي كانت تلمع حذاءها في الساحة. فقالت لها الفتاة الفرنسية:
-حان وقت عودتك إلى انكلترا, على ما أظن. فالولادة تمت بشكل طبيعي.
-لا ادري. ربما تريدني كاميليا أن أساعدها في الانتقال إلى منزلها الجديد, في مرسيليا.
-آه...
فجأة, قالت لها جوسلين بصوت مرتفع:
-لماذا وضعت الشمعة في حساء البصل؟
-عما تتكلمين.
-هيا, أنا لست حمقاء. كنت تعرفين جيداً بأنني سأكشف الأمر. لقد نجحت في جعلي تافهة أمام الآخرين, إذا كان هذا ما تريدينه. لكن هذا من الماضي, و نسية الجميع. الآن, قولي الحقيقة, فلن أخبر احداً. أنت وضعت الشمعة في الحساء, أليس كذلك؟
-نعم, أنا فعلت ذلك. و إذا كنت تريدين معرفة السبب, فلأنني لم أحتمل سماع الكلام عنك... و عن صفاتك العديدة...
-هل كان جيرفيه يتحدث عني أمامك؟
-لم يفعل إلا ذلك طيلة السهرة. لكن, لا تتوهمي كثيراً, يا عزيزتي, أعرف بماذا تفكرين. لقد رأيك كيف تنظرين إليه. تأكدي بأنه لن يكون هناك فتاة انكليزية ثانية في مزرعة سانتون. أنت تضيعين وقتك.
-تريدينه لك, أليس كذلك؟
-نعم, وهو يريدني أيضاً. اننا شبيهان. صحيح أنه يفضلك على كاميليا, لكنه لن يشتهيك أبداً. أنت غريبة هنا. لا تعرفين حتى ركوب الخيل.
-ما دمت تحبينه, لماذا تركت رجلاً آخر يعانقك, مساء الاثنين, اليوم الثاني للعيد. لقد رأيتك.
اضطربت الفتاة الفرنسية و قالت:
-و أخبرت جيرفيه.
-كلا. هذا ليس من شأني. لكن ربما أحد آخر غيري أخبره بذلك.
بتحد, قالت سيلين:
-لكنه لن يصدق ذلك.
-ربما لا. لأنه يعتبرك مغرمة بأخيه.
-آه, لم أفكر بأخيه مرة واحدة أبداً. العمة كانت ترغب أن يتزوجني. صحيح أن جان-مارك شاب وسيم, لكنه ليس مثل جيرفيه, زوجي أنا لن يكون سوى جيرفيه سانتون.
ركضت سيلين بسرعة إلى الحاجز حيث ينتظرها حصانها, فتبعتها جوسلين و سألتها:
-لكن, هل هو أيضاً يريدك. أنت لا تحبينه, يا سيلين. أنت لا تعرفين معنى الحب. تريدين الحصول عليه كأنك تريدين فستاناً أو جوهرة. فقط لتظهري نفسك أمام الآخرين, وليس لتعتني به و تسعديه.
-وماذا تريدين, يا آنسة, أنت أيضاً, لا تحبين أن تصبحي زوجة جيرفيه.
-بلى... أنا أحبه من كل قلبي, كما أعرف بأنه لا يبالي بي, كل ما آمله, هو ألا يتزوجك و يخطئ.
ضحكت سيلين بتوتر و قالت مقلدة صوت جوسلين:
-أنا أحبه من كل قلبي! سأخبره بذلك, يا عزيزتي, و سيضحك... أنت على حق! لن تحصلي عليه أبداً.
ثم قفزت على حصانها و أعطته أمراً غامضاً. أجفل الحصان. أرجع أذنيه إلى الوراء و فتح فمه. رفعت جوسلين ذراعيها لتحتمي من حوافر الحصان الغاضبة, فرجعت إلى الوراء و تعثرت قدماها و وقعت. صهل الحصان الأبيض فوقها. ارتعبت الفتاة ولم تستطع الصراخ. كانت ممددة على الأرض تتوقع في أي لحظة أن تسحقها حوافر الحيوان.

جين أوستين
16-01-2012, 17:30
فجأة سمعت صوتاً من بعيد. ركض الرجال. يدان قويتان سحبتاها على حدة فقال لها أحد الحراس وهو ينحني فوقها:
-يا إلهي, يا للهول, هل أنت بحال جيدة, يا آنسة؟ هل أصبت بجروح هل ضربتك هذه المجنونة؟
رفعت رأسها و رأت جيرفيه يحاول تهدئة الحصان, انتصبت على قدميها, جامدة نصف متأرجحة, فأمر جيرفيه أحد حراسه بإدخال الحصان إلى الاسطبل. و سيلين واقفة قربه تحاول أن تشرح له بكلمات غير متناسقة و كأنها على وشك الغثيان. تقدم جيرفيه من جوسلين متجاهلاً سيلين و سالها:
-هل أصبت بجروح؟
-كلا, أنا بخير. أنا... آسفة يا جيرفيه.
-آسفة!
أمام الجميع, ضمها بين ذراعيه وقال:
-شكراً, يا إلهي, أنت بخير. لو فقدتك, يا صغيرة...
...كأنها في الجنة بين ذراعيه. رفع ذقنها ليجربها على النظر إليه... فبدا لها انساناً جديداً... انسان لم تعد ابتسامته ساخرة, ينما عيناه تلهثان حناناً. عانقها, فتفرق الحراس و اختفت سيلين. قال جيرفيه:
-فعلت ذلك عن قصد. أنا سمعتها... كنت أريد قتلها.
-آه لا, لا. لم تكن تدري ما تفعله. بدت بعد ذلك مذعورة, ألم ترها؟
-سأعلمها أن تهدئ من روعها. دائماً تفعل ما تريده, لكن انتهى الأمر الآن. أين هي؟ أين ذهبت؟
-كلا يا جيرفيه, أرجوك... لا تعاقبها. دعها تذهب, أرجوك. يا حبي... افعل ذلك من أجلي.
-لا ادري إذا كنت قد فهمت ما جرى, يا حبيبتي. أمرت الحصان أن يدوسك. لو مل اكن في الجوار, لقتلك في اللحظة.
-لكنها لم تكن تقصد قتلي. أصيبت بلحظة جنون ولم تعد قادرة على السيطرة على الحصان. انا سمعتها تطلب النجدة. آه, باغ لهي. أشعر بدوخة. أفضل الجلوس, من فضلك.
حملها جيرفيه بين ذراعيه حتى المنزل. وضعها في سيريها وقال لها:
-أنت الآن تحت تأثير الصدمة, و بحاجة إلى الراحة. سأطلب لك منوماً.
أمسكته بمعصمه وقالت:
-لا, لا تذهب.
جلس على طرف السرير و أمسك يديها و قال بهدوء:
-هذا جنون!
-لولا هذا الحادث... لما قلت لي شيئاً.
-لا أدري. ربما... وربما لا. ما كان يجب أن أقول شيئاً في كل حال. لكن... لم أستطع أن أفعل غير ذلك.
-ما زلت حتى الآن لا أعرف ماذا تقصد بالضبط.
قطب حاجبيه و قال:
-أحبك و أريدك أن تصبحي زوجتي. لكن حياتي هنا, في منطقة الكامارغ. لا أستطيع العيش في مكان آخر. انا لست مثل جان-مارك, يا جوسلين. المنطقة في دمي.
-لكنني أيضاً لست مثل كاميليا. أحب هذا المكان و لست بحاجة لحياة مضطربة في المدينة. نعم, أعرف بأن هذا المكان كئيب في فصل الشتاء. فانا لم أعد طفلة, يا جيرفيه. ألم أبرهن بعد بأنني قادرة على العمل و التكيف؟
-أنت ما تزالين في التاسعة عشرة من العمر و حياتك في بدايتها, يا جوسلين!
لأول مرة يناديها باسمها الصغير, فغمرها الفرح, و قالت و رأسه بين ذراعيها:
-إذا كنت لا تريدني, سأعود إلى انكلترا, و أصبح عانساً أفسدت حياتها بسبب شاب فرنسي.
ضحك جيرفيه و ضمها بين ذراعيه و قال:
-ماذا سيقول والدك أن تزوجت من رجل فرنسي؟ ربما يرفض.
-يجب أولاً أن يأتي و يسأل عنك.
-كلا, أنا الذي سأذهب لرؤيته.
-سيفاجأ المسكين. ما كتبت له عنك ليس مديحاً. كنت أصفك بالوحش أحياناً...
-رائع!
-لقد أريتني نجوم الظهر, يا حبيبي. عندما قرأت لي البصارة, قلت لي بأنني لن أتعرف إلى زوجي في فرنسا, إنما في انكلترا, مما زاد شكوكي.
-كنت اعتقد بأنك تميلين إلى رفاييل.
-آه يا جيرفيه, يا لهذه السخافة. انه شاب مراهق.
-و أنت امرأة خبيرة, أليس كذلك؟
احمرت, و بخجل, نهضت تعانقه و قلبها ينبض بجنون. فوجدت نفسها في الجنة. بعد قليل قال:
-ليس لائقاً ان أعانقك في وسط غرفتك. هيا, قومي لنخبر العمة, ستسر كثيراً لأنها أحبتك.
فتح جيرفيه النافذة, و سطعت الشمس الحارقة و غرد العندليب. منطقة الكامارغ تلمع في الحر. هذا البلد المنغلق, امبراطورية شاردة. الأرض الغريبة, الصحراوية, التي تؤمها الثيران السود و الخيول البيضاء و الطيور الوردية... و تسحقها رياح الميسترال و تحرقها الشمس.
لكن, هذا البلد أصبح الآن, بالنسبة إلى جوسلين, بلدها, و بلد قلبها.


النهــــــــــــــــــــــاية

جين أوستين
16-01-2012, 17:31
أتمنى لكم قراءة ممتعة ::سعادة::

يوكي 111
17-01-2012, 10:34
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هلا وأحلى غلا بالحلوين
أخواتي بالمشروع
كيف أحوالكم الحمدو لله أنتهت الاختبارات
الواحد اخيرا" أستفاق
تحياتي لكم
مع حبي

يوكي 111
17-01-2012, 10:40
تسلمي يا أحلى موني

والله كلك ذوق و رقة

وروايتك رائعة وجميلة مثلك

والاروع تعليقاتك المميزة

تسلمي يا سكرة

مع حبي

يوكي 111
17-01-2012, 10:44
أيمان السكرة

ألف ألف ألف مبروك حبيبتي على النجاح

عقبال ما نفرح بعرسك يا أحلى عروس

تسلمي يارب

نفسي والله أني مصر ينصلح حالة قولي أمين

لكي تحياتي

مع حبي

يوكي 111
17-01-2012, 10:55
والله انك عسل يا يوكي والقلوب عند بعضها حبيبتي ...الحمدلله انكم بخير والله يعينكم على الاختبارات ويوفق اعيالك انشالله وينجحهم وجهدكم وتعبك وياهم انشالله ما يروح هدر يا احلى ام انتي..

انا الحمدلله بخير صحيح تغير شكلي كثير وناس كثيريقولون لي وش فيك مريضة ؟ لأني نحفت ويقولون اني صرت هزيلة بس عندي امل بالله كبير انشالله ان الهموم تصغر والمشاكل تنتهي والافراح والراحه تهل وتجي انشالله قولي آمين يا يوكي الهموم اكلت الناس صح الله يعين على هالدنيا والناس اللي فيها اكثر ..


تسلمي يا الغلا

والله حزنتين ليه يا قلبي

الهموم دي كلها

أستعيني بالله

أهم شيء كثرة الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي

صلى الله عليه وسلم

صدقيني عن تجربةو بأذن الله يشرح صدرك وينير دربك

ولوكانت همومك مثل الجبال

وأهتمي لحالك أكثر حبيبتي عمر الزعل والهم مابيفيد حدا

وحولي تهدي حالك ومش كل حاجة تأخذيها على أعصابك

أسأل الله العظيم أن يزيل همك وغمك وأن ينير قلبك ويسعدك في دنيا وأخرة

لكي دعواتي الخالصة

مع حبي

يوكي 111
17-01-2012, 11:00
ساكنة العسل

شو أخبارك يا سكرة

ألف ألف ألف سلامة على بطلك

وربنا يشفيه شفاء" لا يغادر سقما

وربي يسعدكم دنيا وأخرة

يوكي 111
17-01-2012, 11:16
صديقتي الرائعة والغالية جين

تسلمي يا قمر

والله عن جد بدون مجاملة أنتي أنوار المشروع

بدونك المشروع مظلم

تسلم أناملك على الرواية الرائعة

لم اقرئها بعد لكن

سوف أقرئها ولي عودة

لكي حبي

ساكنه القلوب
17-01-2012, 12:43
:barbershop_quartet_:congratulatory:تسلمين ياوردة حمراء وارقهم رؤؤؤؤؤؤؤؤعة ذي الروية وقرتها من زماااااااان بس لانها من اناملك الحلوة راح اقرها كرمالك ياقمر والف شكر الك والى منتدى الغالي ودمتى في قلبي السكن سكنة:love-struck:

ساكنه القلوب
17-01-2012, 12:46
:love_heart:تسلمين يالغلا يوكى 111 كلك زوووووق وحنان ومنتظرين جديدك ياقمر ودمتى في قلبي المحب للجميع سكنة:congratulatory:

ساكنه القلوب
17-01-2012, 12:48
إ احم احم نبداء:witless:

ساكنه القلوب
17-01-2012, 13:04
(إبنتة الحظ):من روايات عبير من دار الكنوز
اليس بونغمان
حياتها كانت تدور حول محور واحد أوحد الا وهو ان تصبح مغنية محترفة:miserable:فهي كانت تعرف ان لها صوتا جميلا نادرا"وانها ستحقق حلمها الابدي هذا يوما" ما,لكن فرصتها الصغيرة لتحقيق ذلك سورقت من قبل رجل يدعى خوليو روتسو لتضاء حياتها مجددا" بفرصة العمر الذهبية بمتابعة تدريبها ودراستها على يد خوليو روتسو نفسه أشهر المووسيقيين في أسبانيا كلها.الشهرة,النجاح والبريق هل يحافظون على روعتهم اذا ما أصبح القلب مشغولا"بمعذب قاسي كل مايراهيها هو مجرد صوت رائع نادر الطبقة؟لكن هل ماتعتقده ناتاشا بريت صحيح؟ وهل يمكن ان تكون هى حقا"إبنة الحظ؟؟.

ساكنه القلوب
17-01-2012, 13:40
الامطار كانت تهطل بغزارة لكنها لم تكن تشعر بذلك.الناس كانت تمر قربها مسرعة لكنها لم تكن تراهمز لأنه وبتسلقها للتلة الصغيرة المؤدية الى المنزل القابع على سفح التلة كانت ناتاشا بريت تسير وتسبح بعالمها الخاص.
لم ينبأها اى شئ ان هذا اليوم سيكون مختلفا" عن باقى ايامها المعتادة بهذه البلدة الصغيرة الهادئة والمستقرةبضواحي لشبونة الريفية البعيدة .لقد ذهبت الى درس الغناء هذه الامسية متوقعة ان يكون الدرس كالعادة,ممتعا",ساحرا" ومتحديا" لكنه طلبت منها الآنسة بيرتاظو وهي معلمة صلبةظو جدية ودائمة الحنقظو الجلوس.
((اجلسي ناتاشا.اريد التحدث معك بموضوع جدي وهام))
جلست ناتاشاوقلبها ينتفض بخوف مخافة ان يكون موضوع الآنسة بيرتا يتعلق بإخرجها من دروس الغناء لأن ((صوتها دون المستوى))كماكان يطيب للآنسة بيرتاالاعتراف لمعظم من يأخذدروس الغناء مع ناتاشا
((لم يسبق لي ان قلت هذا لأى من طلابي السابقين ناتاشا واشك انني سأتفوه بذلك لآية طالبة او طالب عندي في المستقبل لكن من كل اولئك الذين مروا تحت يدي هذى ـ السماء تعلم وحدها عدد هم ـ))
حدقت بالفتاة المصفرة الوجه الجالسة امامها وتابعت بعيون براقة: ((انت الوحيدة التى اقنعتني انك تستحقين امتهان العناء حقا"))
((آه آه شكرا"لك))شهقت ناتاشا بارتياح وسعادة. لأن الآنسة بيرتا لم يسبق لها وان امتدحتها مطلقا" من قبل:((لكن هذه كانت نيتي منذ البدايةظو كما تعرفين.لااريد ان اكون مجردفتاة تتلقى دروس الغناء. انا اريد فعلا"ان اكون مغنية)):biggrin-new:

ساكنه القلوب
17-01-2012, 14:09
[COLOR="#000080"]((هكذا يقول الجميع,هذا مايقوله الجميع صدقيني. يأتون الى هنا والثقة تنضج منهم ويبداون بالزعيق والصفير وبعضهم لايعرف مجرد قراءة النوتة المسيقية لكن جميعهم يكون واثق ان العالم ينتظره بأذرع مفتوحة وآذان صاغية. ولااي واحد منهم عنده الموهبة الوحى, الإخلاص والمقدرة على مجرد كونة كورس))
((....وتعتدين انني املك هذه الصفات؟))سألت ناتاشا بنفس متقطع
((انا اعرف انك تملكينها.لكن تذكري نحن لانحظى بالنجاح بمجرد حصولنا على الهبات السماوية النادرة هذه.مانفعل بهذه الهبات هو مايهم ومايسمى بالحق نجاحا,والله قد اعطاك ـ صوتا"من اندر واروع الاصوات:خامة كاملة العمق وتوضع طبيعى))[:redface:((تقصدين...تقصدين ان هذا نادرا"مايحدث؟))
((نادرا" جدا". وتسعة من الاشخاص العشرة التى يحضون بها يضيعونها. إمالأنهم ليملكون الذكاء او الحظ ليميزوا هذه الهبة او يكونوا كسالى بدون رغبة لتطويرها او يتشاغلون بأمور الحياة التافهة كالزواج والتلهى او القيام بعشرات الاسباب الاخرى
التى تقضي على هذه الموهبة وتلغيها))حدقت بتلميذتهابوجهها المتورد المذهول:tickled_pink:وتابعت :((آمل انك لاتنوى الوقع بإحدى هذه الاخطاء, سيكون ذلك مضيعة وخسارة لموهبتك بأبشع وارخص الطرق))
((اجلظو آنسة بيرتا, اقصد...لاآنسة بيرتا))تمتمتناتاشا والمفاجأةتشل قدرتها على النطق, فهي كانت تدرك بأعماقها ان صوتها جميل لكنها لم تعتقد حقا" انة يمثل هذة الندرة والروعة التى تقولها الآنسة بيرتا الخبيرة والعالمة حقا بكل مايتعلق بالاصوات والغناء. ((أعدك بمتابعة العمل الجاد معك حتى..)):jaded:/COLOR]

ساكنه القلوب
17-01-2012, 14:43
:cool-new:((كلا. هذا مااردت محاثتك به ناتاشا ليس معي أنا :encouragement:انت جاهزة الآن لآافاق اوسع))((لكن , آنسة بيرتا انت معلمة رائعة)):hypnotysed:((اجل انا معلمة رائعة ))وافقتها:courage:المعلمة:((لقد علمتك كل ماباستطاعتى كنت بحاجة لبعض التدريب والتوجيه الصحيح بهذه المرحلة بالذات.لكنى لااستطيع ان افتح لك ابواب عالم احتراف المسيقى الكبيرظز ولا ااي شخص بهذه البلدة الصغيرة بامكانه ذلك .
المرحلةالثانية لاتقتصر فقط على ماستتعلمينه في الدروس وفي الاستوديو. عليك ان تسمعى المسيقى الخالدة. ان تحللى سبب خلودها وعليك توسيع مدى خبرتك المسيقية عليك ان تعيشي فتك الموسقى لا ان تدرسيه فقط)) اوضحت الآنسة بيرتا بحماس :(( الألماس الكامل لايبقى على اهميته اذا ماصقل بطريقة خاطئة . لقد حان الوقت لك , وبأسرع مما كنا نتصور ظو للذهاب الى مدريد)).((لا يوجد عندنا المزيد من المال منذ مرض والدي , لقد, لقد عاد للعمل للتو وشقيقي لايزال بالمدرسة.لااظن ان بإمكانهم...))
((اذهبي الى المنزل واشرحى لهم مااخبرتكبهظظزعليهمتقديم بعض التضحيات الآنظزعادة ماتفعل هذا عائلات الفنانين ,لكن حين تصبحين مشهورة,فسيعرفون ان التضحية كانت بمحلها))
حين تصبحين مشهورة!.:star:ظلت الكلمات الرئعة هذه تتردد داخل عقلها كأجراس السعادة لآبدية.حين تصبحين مشهورة...
((امى ظوامى...))صاحت وهى تدخل المنزل.
((ماالامر؟))سألت والدتها وهى تسحب الكعك من الفرن.
((امى...))قالت ناتاشا وعانقت والدتها بمفاجأة:((هل اعتقدت من قبل اننى ممكن ان اصبح مشهورة؟))
((بالطبع .فقط تابعى العمل الجاد مع لآنسة بيرتا وبيوم ما..))
((امى.لقد جاء اليوم ما ـ لان .قالت لآنسة بيرتا ان الوقت قد حان لى للذهاب الى مدريد ـ لأنني بحاجة لآفاق اوسع))
((آفاق اوسع ؟هذا سيعنى الكثير من المال دون شك صحيح؟))
طأطأت ناتاشا راسها بوافقة.
((لقد عاد والدك الى العمله الآن ))قالت الام ببطء وتفكير
((وقد اتمكن من العمل بنصف دوام في مدريد...))
((وايفان بسنته لاخيرة بالمدرسة...))

ساكنه القلوب
17-01-2012, 15:08
:grief:((ولايهمنى مطلقا" لوعشت بأقسى الظروف و...))
((سنتدبر الامر .هناك دوما" طريقة ما . اذهبي وانظري من يقرع الجرس يا حبيبتى ...)):love_heart:((اتقصدين ذلك امى ..))اصرت ناتاشا وهى تتجه لتفتح الباب .
((اقصد ذلك بالطبع الا اذا حصلت كارثة ما. سأرسلك الى مدريد بالطبع . افتحى الباب ناتاشا..)) سارعت ناتاشا والسعادة تحمل خطواتها الى الباب وفتحته لتجد رون بلوكيوظوالابن الاكبر لصاحب المطحنة التى يعمل بها والدها, يقف على العتبة.((انسة بريت ,هل والدتك بالداخل ؟))
((اجل .مالامر؟ انه...انه والدى صحيح ؟))
((اخشى ذلك اجل. لكن الامر قد لايكون خطيرا". لقد انهار اثناء العمل قبل نصف ساعة, وقد نقلناه الى المستشفى في الحال . اخبري والدتك ان سيارتى في الخارج و...))لكن السيدة بريت كانت قد وصلت بدورها اليهما . وقالت وهى تفك مئزرها: ((حسنا" سيد بلوكيو.تفضل بالدخول!سأحضر فقط معطفى)) دخل الى المطبخ لان ناتاشا كانت مذهولةمما سمعته.لكن مع انها قدمت له كرسي الا انه فضل البقاء واقفا",حاولت التحدث بلياقة لكن كلمات قليلة خرجت من فمها.ويبدو انه بدوره كان يفتش عن الكلمات
((يسرنى انك موجودة في البيت. فهذا يسهل وقع الامر على والدتك .هل عدت للتو من العمل ؟)) ((عدت من درس الغناء))
((آه,انت تغنين. اجل يبدو انك ملائمةلذلك))
((وكيف تعرف ؟ هل تغنى انت بدورك؟))
((كلا.لكنى مهتم بقوة بالغناء . ولهذا بلوكيو احدى اهم العائلات الممولة لمسابقةالتلفزيون هذه)) ((آه)) علقت ناتاشا بأدب. ثم وصلت ولدتها وغادرت مع الشاب تاركين ناتاشابمفردها.

ساكنه القلوب
17-01-2012, 16:27
:sorrow:من الصعب البقاء بمفردك حين تكون امالك على درجة الصفر. لم تكن ناتاشا لتشعر بكل هذا الالم والاسى لو ان احلامها لم تنتعش الى درجة الذهبية القصوى.حين تصب
حين مشهورة!ل
كن لم يعد من معنى لهذه الكلمات الان . تحدثت الآنسة بيرتا عن التضحية والتضحية الواجب حديثها الآن من طرف ناتاشا نفسها دون اى شخص آخر فوالدها مريض , والدتها قلقة عليه وشقيقها الوحيد اصغر من القيام باى شئ.دخ
ل شقيقها ايفان بهذه اللحظة حياها بابتسام واخبرته هى عما حدث. ((يالامي المسكينة !هذا امر بالغ الصعوبة بالنسبة لها ظز لكم كنت اتمنى لو اني اكبر سنتين او ثلاثة ظز انها وحدها من تتحمل كل العبء .هل عرفت انها كانا مصطران لزيادة نسبة التأمين على حياةوالدى وفقا لامر شركة التأمين؟))
((كلا كيف علمت انت بذلك ؟))
((والدى بنفسة اخبرنى فحين اخبره الاستاذبرون ان عندى فرصة كبيرة بالحصول على منحة دراسية لمتابعة دراستى في الجامعة في مديريد,سر والدى جدا" بهذا لكنة اخبرنى ان علي الااتوقع الكثير من المال لانة كان مضطرا" ايضا" لدفع قيمة الأمين الشهري))
((كنت اتمنى لو انهما اخبراني بذلك))
((اظن انهما لم يرغبا بأن يسببا لك اى ازعاج الى ان تنتهى من دروسك فبعد كل شئ انت الامل المشع للعائلة,اليس كذلك؟ حين تدهشين الجمهور في قاعات الغناء,سنتمتع نحن بالثراء وارفاء))
((آه,ايفان...هذا مجرد حلم!لااان احدا"منا ادرك مايعني فعلا" التدريب على الغناء من تكاليف واموال. لقداخبرتنى الانسة بيرتا اليوم فقط انه...انه قد حان الوقت للذهاب الى مدريد .وماذا تعتقد هكذا امر سيكلف ؟ وكيف بإكاني المافقة على ذلك حتى لو عرض على والدانا دفع المصاريف ؟))
مرت فترة صمت طويلة قبل ان يقول ايفان فجاة ((ل
م لاتشتركي اذن بمسابقة التلفزيون التى ستقام في قاعة البلدة ؟))
((اية مسابقة؟))
((مسابقة تمولها محطة التلفزيون الجديدة في منطقة وبعض الشركات المحلية ومن ضمنهم آل بلوكيو على مااظن))
((آه.لقد اخبرنى رون بلوكيو بشئ من هذا القبيل وكنت...آه ايفان اين سمعت عن ذلك ؟))((لقد كتبوا كل شئ عن ذلك بجريدة الصباح.الم تصل نسختنا نحن؟))سارعت ناتاشا الى حيث يحتفظون بالجرائد واحضرت الجرائدة المختصة واخذت تقراها.
((آه,يقولون هنا جائزة ستكون الفي بيزوس ـ الصحيفة نفسها تمول المشروع ايضا".وتقول ان المباراة مفتوحة لكل المغنيين وبمختلف انواع الغناء))
((سيتخرون جميعهم حولك ))علق ايفان بثقة.
((آه, مذكور هنا ان الشرط الاساسي لقبول المشتركين هو قيامهم بعرض مختص واحد على الاقل آه . هل تعتقد ادائي بحفلة راس السنة عرضا"مختصنا"؟))((ربما انك قبضت اجرا" عنه ـ فأجل انه كذلك))
((لكن الاجر كان مجرد مئة قرش))((
هذا كان مايسايه صوتك بتلك الاثناء))جاءها الرد.
((آه, ايفان ...كأنه مكتوب لي ان يحدث هذا.وكأنه ...كأنه القدر))((ا
نه القدرفعلا"))وافقها ايفان بمرح كونه اول من بشرها بذلك.
((فقط لو تسمح لي الانسة بيرتا بذلك !ترفض اشتراكي بأية مسابقة او اى شئ قبل ان اصبح متمكنة وقادرة. ويقولون هنا ان الرابح سيقوم ببرنامج تلفزيونى خاص يؤدي به اغنية اواثنتان))
((ابتهجى. انت لم تربحي بعد مع انني ارهن انه لايوجد اى صوت آخر بالبلدة كلها بمثل جمال صوتك.انها فرصة العمر بالنسبة لك ناتاشا!
عليك اقناع بيرتا الصارمة بذلك . لاتقولي لي ان بعض العروض التلفزيونية ستضربك. وحالما تحصين على الجائزة وتقومي بالالتزامات المطلوبة فستتمكني من متابعة الدراسة الجدية))
((من الذي يتكلم الان وكانى قد ربحت الجائزة؟)) علقت ناتاشا وضحكا سويا".
وعلى صوت ضحكاتهما دخلت الوالدة.

الغصن الوحيد
18-01-2012, 02:03
يوكي يا قمري انتي تسلمين يا قلبي على الكلام اللي يسر القلب والنفس وانشالله على امرك راح اكثر بأذن الله من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ..

انا بعد قبل جربت الاستغفار كنا في احد الشدايد وما كنت قادرة استيطر على نفسي او حتى ابعد عن تفكيري الامور الاسوأ واقدر انام بهدوء وشكيت حق صديقتي حالي ونصحتي بكثرة الاستغفار وفعلا كانت احسن من الوصفة الطبية علاج رائع للحالات المستعصية والمتعبة والمجهدة نفسيا الله يعينا واياكم جميعا ...

جزاك الله الف خير حبيبتي يوكي وعقبال النجاح والشهادات الحلوة للكتاكيت الصغار يفرحون فيها قلبك يا قلبي ..بس مجرد كلامك معاي فرح لي قلبي وحسسني فعلا اني بين خواتي وصديقاتي شكرا يا قلبو ...

الغصن الوحيد
18-01-2012, 02:07
ساكنة القلوب يا حبيبتي يعطيك الف عافية يا قمر ...

روايتك دائما تكون غريبة عن ساحتي الفكرية ..وطبعا يا قلبو احنا اكيد معاك وياك ونستنااااااااااااااك يا قمر ..تسلم اناملك الحلوة ...ومبروك على اللاب الجديد ...

ساكنه القلوب
18-01-2012, 08:21
صباااااااااااااااااااااااااااحك فل يااحلا وردة بيضااااااء نقية غصونة وتسلمى كلك زووووووق وداثما ادعى هذاء الدعا ترى مجرب((اللهم يامدبر الامور دبر اموري فانى لااحسن التدبير والتصرف ))((وكمان اللهم لاطير الا طيرك ولاخير الا خيرك ولاالة الاغيرك ))ودمتى لي فيقلبي قلبي السااااااسكنى ياحلا وردة حلوة:love-struck:

ساكنه القلوب
18-01-2012, 08:24
:hopelessness:الجو اليوم شكلو مطر عندنا يارب مطر رحمة :hopelessness:

ساكنه القلوب
18-01-2012, 08:57
الاخبار حول والدهما كانت مطمئنة. فقد استعاد حالته العادية ولكن منعه الطبيب من القيام باى جهد او تعب وقد كان السيد بلوكيو اطيب ما يكون حين اختصر عملة فى المطحنة على الا شراف فقط وقد وعد بتقديم نصف معاش للسيد برايت طوال فترة عمله الاشرافي هذا على ان يعاود حصوله على المعاش بأكمله ,حين يستعيد عافيته تماما" ويعود الى عمله المعتاد خلف آلة الطحن .
((لكن هذا لن يكون مساعدا" لما وعدتك به ياحبيبتي آسفة, لكن عليك صرف نظر عن هذا الموضوع ولوفي الوقت الحالي فقط...))
((لابأس امي .لاتفكري مطلقا" بهذه النقطة الان انتظري الى ان يستعيد ابي صحته تماما"و....))وقاطعها ايفان فورا" مطلعا"والدته عن مسألة مسابقة التلفزيونظز
وافقت والدتها على الفكرة ووجدتها فعلا" فرصة ذهبية لناتاشا ولهذا وجدت ناتاشا صعوبة بالايام اللاحقة بالمحافظة على آمالها على درجة منخفضة.حتى تعليق الآنسة بيرتا العادي لم يخفف من اندفاع آمالها وسرورها.
((ليس هذا هو الشئ الذي افضلة لك ))قالت المعلمة ((لكني اجد ونظرا"لمرض والدك انه...))تناولت الصحيفة من ناتاشا واخذت وتقرأ الإعلان.((مزيج من لجنة الحكم كما ارى. معظمهم رجال استعراض كما اعتقد ـ وليس موسيقيين حقيقييين))
((يقولون انهم يأملون بحضور قائد فرقة موسيقية مشهور))دافعت ناتاشا.((لربما شخص سيرسل اعتذاراه لهم باللحظة الاخيرة. ولهذا هم يبقون اسمه سريا". على كل حال فقط بحالة حضور شخص مهم مافعلينا اختيار أغنية هامة لك لتقدميها))((اغنية شعبية ومعروفة ربما؟))علقت ناتاشا:((فهذه مسابقة عامة آنسة بيرتا ))
((كلا,كلا.أغنية زهرة القمر ستكون المثلى لهكذا مسابقة))((الاتظنين انه الافضل تقديم اغنية اوبرا افضل؟))
((كلا, بالرغم من اهمية الاوبرا واحترامي الشديد لبوشيني لكن الاوبرا لن تكون مدخلا مناسبا" لمغنية مبتداة للدخول الى عالم الفن ))شعرت ناتاشا برغبتهالاخبار الانسة بيرتا انه ونظرا" لاهمية الجائزة الكبرى فعليها تقديم شئ فاخر وجميل لكن نظرة واحدة الى وجه المعلمة جعلها تغير رايها وتوافق بالتالي على تأدية اغنية((زهرة القمر))وبدات بالتدريبات اللاحقة فورا".
استلمت ناتاشا بعد يومين دعوة الحضور واصيبت بالخيبة حين وجدت ان دورها هو ثلاثون .
((سيكونا ميتين اومالين تماما" حين يأتي دوري ايفان ))قالت بانتحاب لشقيقها
((ستوقظيهم تماما" وترفعينهم الى السماء بصوتك الشجي ناتاشا, فلا تبتأسي))
باليوم الموعود ارتدت ناتاشا ثوبها الازرق الفيروزي الاجمل وسرحت شعرها جيدا" واتجهت الى قاعة البلدة ومشاعر متضاربة من الامل واليأس تنتابها .:nightmare:

ساكنه القلوب
18-01-2012, 09:49
:ambivalence:لم تكون المباراة مفتوحة للجمهو من العامة , وهذا ماسبب لناتاشا الارتياح , مع ان عددا" من الممولين وجد ان من حقة الحضور.وقد سمح للمشتركين بالجلوس او البقاء للسماع الى بقية المشتركين اذا مارغبوبذلك . اخذت ناتاشا تعد المشتركين بقلق وووجدت عددهم ثلاثين بالضبط مما زاد احباطها لرقمها .
القاعة كانت رائعةفعلا"بدكورتها الفنية لم لها من كراسي ثابتة ولهذا فقد تمكن المنظمون من وضع عددا"من الكراسي العادية امام مقعد لجنة الحكم وكان كل مشترك يستدعى ينطق اسمه ورقمه جلست ناتاشا مكانها بترقب طوال فترة الاداء الصباحية والتي انهت نصف عدد المشتركين.
بالبداية كانت اعصابها تتحرق مخافة من وجود منافس قوي لها لكن وبعد سماعها للعشرة الاول خف توترها وتمكنت من الاسترخاء قليلا" والتطلع الى لجنة الحكم بالتالي.
ميزت رئيس الترتيل في الكنيسة اثنان من الفنانين المعروفين بعالم الغناء,ورجلين كنا مألوفين نوعا" ما لنظرها لكنها لم تتذكر رؤيتهما لهما من قبل .هذا بالاضافة الى امراة جذابة متوسطة العمر كانت تأخذ المسابقة على محمل الجد كما يبدو.هذا كان مناقضا" تماما" لوجه الرجل الذي يجلس الى يمينها. وجهه كان جذابا" بعيون سوداء واسعة ساحرة وقوة شخصية واضحة, لكنه كان يشعر بالملل كما يبدو مما يسمعه كانت ساحرة ومتسلية وهو يرمق المشتركين وادائهم كل بدوره.
بعكس الاخرين, الذين كانوا يسجلوا بعض الملاحظات على الاوراق البيضاء امامهم كان هذا الرجل ممتنعا"عن كتابة اية كلمة وكأنه لايجد احدا" منالمتبارين يستحق تعليقه عليه لم تكن واثقة من شعورها بالفرح ام بالخوف من هذا.
خلال فترة استراحة الغذاء اكتفت ناتاشا بتناول بعض الساندويتشات وحين كانت بطريق عودتها الى مكانها التقت برون بلوكيو الذي حياها بذفء ومودة مما اسعدها.((تبدين مشعة وساحرة بهذا اليوم .كيف حال والدك؟))
((انه يتحسن تدريجيا"))قالت
((هل ترغبين بحضور المسابقة؟ تعالى معي اذن انا سأحضر بفترة بعض الظهر الحالية)).
((انا...انا مع المتابارين كنت هناك طوال فترة الصباح لكن اخشى ان دوري هو الاخير ))((اذا" انا مسرور لاختياري الحضور في فترة بعض الظهر.
من احضروا كلجنة حكم بالنهاية اذن؟)) اخبرته ناتاشا عن رئيس التراتيل والفنانيين الآخرين والبقية ((لاشك ان الرجلان هما فان وستنغ دون شك))
((اجل, انا اتذكر الان . لقد شاهدتهم لمرة او مرتين على شاشة التلفزيون.
لهذا وجدت وجوههم مألوفة . هناك امراة جذابة. تفهم دون شك الكثير بالمسيقى و...))((انها راندا نيور .كانت مغنية اوبرا مشهورة بأيامها.
وهي تدرس الان في مدريد))((انها لاتزال جذابة جدا"وجميلة. ثم هناك رجل مرعب ووواضح الملل بنظرة متعالية.تصور انه لم يكتب ولا اية كلمة على ورقته يبدو وكأنة يتساءل عن السبب الذي دفعه للتواجد بمثل هذا المكان))
ضحك رون بلوكيو وهز راسة.((لااعرف من قد يكون هذا. احدالمنتجين ربما))
((هولايبدو وكأنه منتجا"آه,انظر هاهوذا)) قالت بصوت هامس فيما مر شخص طويل القامة امامهما عبر الممر.
((هذا؟ آه يافتاتي العزيزة, ذاك هو خوليو روتسو المسيقي المشهور!
هم لم يتوقعوا فعلا"حضوره. كانت دعوته مجرد محاولة من الصحيفة.
لولم يكن يراس الحفلة الموسيقية في لشبونة البارحة ـ لما كان حضر ـ حسنا". انا اشعر بالفخر))
((هل ذاك هو خوليو روتسو حقا"؟))رددت ناتاشا وهى تشعر بعودة التوثر والقلق اليها. فخوليو روتسو كان من اهم الموسيقيين في اسبانيا كلها:
((ابتهجي يافتاتي))طمأنها رون وهو يتأبط ذراعها بتشجيع:((على الاقل هو يعرف كل شئ عن الموسيقى حقا" وسيكون له راياصحيحا" فيما ستقدميه))

ساكنه القلوب
18-01-2012, 10:58
:listening_headphoneعادناتاشا الى قاعة وهى تشعر بالتشجيع ووجدت ان معظم المتبارين قد غادروا.
نظرت اليها المشتركة الجالسة الى جانبها بوجهها الطفولي وهمست ((هل سمعت؟لقد صرفوا معظم المتقدمين!))
((جميعنا تقصدين؟حتى قبل ان يستمعو النا؟))((كلا,كلا.الذين تقدموا قبلنا هم اقصدهم قريب لي على معرفة وثيقة مع غريغوري فان وقد اخبرني ان بعض اعضاء اللجنة ارادوا التفكير بجدية ببعض المشتركين لكن روتسو...ذاك الذي يجلس الى يمين السيدةبيور قال انهم لم يكونوا حتى جيدين ولم يجد شيئا" ممايسميه صفقة النجومية عند احدهم حدث بعض الجدال لكنه من ربح بالنهاية.يجب ان اقول ان الحصول على علامة واحدة الآن اصبح صعبا" جدا"))
انه كذلك بالطبع!فكرت ناتاشا وهي تسترق نظرة الى الرجل الذي كان يسيطر على وجود الجميع غيره على المنصة امامها ولاحظت ناتاشا انها قد رات شبه نظرة رضى تمر على ملا محه الوسيمة المتكبرة انه حقا"بغيض!سواء اكان مشهورا" اوعبقريا"!
الحكم المبرم والقاسي على متباري الصباح كان له الاثر الكبير على ثقة متباري المساء. فقد تأثر اداء الباقين بوضوح وكان خوليو روتسو,المستلم القيادة الآن,يقاطع المتبارين ببداية ادائهم ويعلن الاكتفاء مما سمعه ولجنة الحكم.
ثم وقبيل نهاية المساء استدعيت الفتاة صاحبة الوجه الطفولي الجالسة قربها ومع انها كانت شديدة التوتر الاانها اتجهت بجراة الى المنصة وبدات الغناء.
كان صوتها جميلا"ببحة خاصة وما كانت تغيه كان مرحا" وجعل لجنة الحكم تضحك فعلا".حتى خوليو روتسو نفسه تبسم قليلا".ثم فجاة انتهى المقطع الغنائي بنبرة حزن وتحول صوت الفتاة تبعا" للكلمات بشكل مؤثر جعل عيون ناتاشا تدمع قليلا" من التأثر.
استدعت اللجنة الفتاة ـ للمرة الاولى منذالصباح ـ وسالها احدهم ((من اين حصلت على هذه الاغنية آنسة باري؟))
((انا من الفها))قالت الفتاة بهدوء
((هذا جميل ))علق فان
((جميل جدا))علق احد الفنانين.
((ليس تماما"خطنا المعتاد الغناءلكن...))قال فان بأعتذار لخوليو روتسو الجالس على طرف الطاولة البعيد.
((على العكس,اجد خط الغناء هذا مناسبا"جدا"))اجابة المسيقي الشهير بصوت واثق,باردبنبرة خاصة:((تتمتع الآنسة باري بمسحة النجومية التي افضل .لايبدو اننا سنجد اي شئ اخر غير معتاد ببقية هذه الجلسة))
كان هذاظالما" ومجحفا" بالطبع للمشتركين الستة الذين لم يؤذوا ادوارهم بعد وتمتم فان فورا" بشئ ما لكن خوليو روتسو لم يهتز طلب من الفتاة ذات الشعر الداكن الانتظار واستدعي الرقم التالى .:devilish:

ساكنه القلوب
19-01-2012, 12:12
:miserable::biggrin-new::tickled_pink:تقدم شاب خجول بصوت غير ممرن غليظ نوعا"ما ولاحظت ناتاشا الآن ان الموسيقي الشهير قد اغمض عيونه وبدا بعيدا"جدا"عما كان يدور حوله.
((سأجعله ينتبه))ردت ناتاشا بنفسها بحنق :((كيف يجرؤ على التصرف بمثل هذه الطريقة؟ مظهره هكذا يكفي لانتزاع الشجاعة من قلب اي شخص اذا ماخاف الجميع فأنا لن اهتز ولن ارتعب )):jaded:
وبحمي غضبها حافظت على هدوءها حتى وصل اخيرا"ـ اخيرا" دورها ((الانسة بريت , الرقم ثلاثون))
((المباريه الاخيرة على مااظن))علق فان
((الحمدلله))كان تعليق الموسيقي الشهير.
متسلحة بغضبها تجاهلت ناتاشا هذا التعليق لان رون بلوكيو ابتسم لها ابتسامة تشجيع مشعة جعلتها تتقدم بثقة نحو المنصة. ((ساغني له))فكرت ناتاشا وهي تشعر بالامتنان للشاب الوسيم:((سأغني له لانه يريدني ان انجح.سأنسى كل شئ من ذلك البغيض المتعجرف ))لكن وهى تصلح من وضع مكبر الصوت امامها وبقوة خفية وجدت عيونها تتجه الى البغيض المتعجرف بالذات الجالس هناك واضعا" ذقنه بين اصابعه وعيونه مركزة عليها بعدم اكثراث وبطريقة مانسيت كل شئ عن رون بلوكيو وغنت لخليو روتسو مدركة انه ,دون كل الموجودين الآخرين,من يعرف تماما" الموسيقى والاصوات
لم يتغير اي شئ بتعابيره.فقط نظر الى ورقتة للحظات ولاحظت للمرة الاولى مدى كثافة وطول رموشه وللمرة الاولى ايضا" كتب شيئا" ما على الورقة امامه .تابعت ناتاشا غناءها مدركة ان صوتها الرخيم الصافي كان يتهادى على درجة الايقاع الصحيحة. الآنسة بيرتا نفسها كانت لتجد خطأبهكذا اداء لهاثها كان حادا" بعض الشئ لكن هذا طبيعي!
فهي كانت مضظربة ومتوترة حتى خوليو روتسو نفسه لن يعتبر هذا مأخذا" عليها نظرا" لتوترها واثارتها لأنه نفسه قد كتب تعليقا" ما حولهاهي وحدها.:grey:

ساكنه القلوب
19-01-2012, 12:40
:chargrined::hypnotysed:بنظرة متوترة سارعت نظرتها لتفحص وجوه لجنة الحكم بعد ان اخطأت ولثانية واحدة بمتابعة درجة السلم الموسيقي نفسها.
فان كان يتكئ الى الامام والاعجاب يملأ ملامحه,راندابيور كانت تبتسم لها. حتى بقية الاعضاء هزوا لها راسهم بموافقة فيما علق ستنغ قائلا"بوضوح
((انه فعلا" صوت رائع ))
((لكنه بدون حساسية بالغة))علق خوليو روتسو ببرود((مجرد خامة صوتية جيدة. لايوجد اية تساؤل حول الفنانة الحقيقية لهذا اليوم براي الآنسة باري بطريقتها المميزة هي المتبارية القديرة))
تقلص فان بوصفه المتحدث باسم اللجنة فمن الواضح انه لم يرغب بصدور القرار النهائي امام الباقين وبشكل علني هكذا فأضاف بسرعة
((شكرا" لك انسة بريت ,هلا انتظرت من فضلك؟))
ثم جمع اورقه واستدعى الباقين الى الغرفة المجاورة للمناقشة بشأن القرار النهائي. فيما ظلت ناتاشا مع الفتاة ذات الشعر الداكن بالاضافة لشاب ثالث بالانتظار والقلق يتاكلهم جميعا".
كانت هذه اطول دقائق تمر على ناتاشا وادركت دون ادنى شك ان خوليوروتسو في الغرفة المجاورة ـ كان يقضي على كل فرصتها بالنجاح
((مجرد خامة صوتية جيدة ))كان كل ما علق به وكأنها مجرد غصة.
واخيرا" خرج سكرتير السيد فان من غرفة الاجتماع واستدعى الثلاثة الى القاعة.بكلمات رقيقة وفرحة اخبر الفتاة ذات الشعر الداكن عن رغبة اللجنة برؤيتها ولناتاشا والشاب الاخر تابع ((شكرا" جزيلا"لكما لقد سر لجنة الحكم الاستماع اليكماظظظوومع انهما لن يقدما لكما اية جوائز لكنهم يرغبون بالاستماع اليكما بمناسبات اخرى))
كانت كلماته السكر الذى يغلف حبة الدواء المريرة وحده الكبرياء منع ناتاشا من البكاء وجعلها تقول بصوت مخنوق .
((تهانينا)) وعانقت الرابحة قبل ان تغادر المكان.
لقد تبخرت فرصتها الذهبية وتعاظم بأعماق ناتاشا الاقتناع الكامل انة لوتسنت لها الفرصة الصغيرة الان لكانت اصبحت مغنية مشهورة.ا:mad-new:

ساكنه القلوب
19-01-2012, 14:47
:cower::fatigue::chargrined:اخذت تبكي بحرارة الان بعد ان اصبحت وحدها بالشارع المظلم.
ادركت ضمن دموعها كم كانت تتحرق شوقا" لنجاحها هذه الليلة.
لقد تحطمت كل امالها واحلامها وادركت عظم مرارة الفشل.
ولولم يتدخل جوليوروتسو هذا ـ الذي من المفترض به انه يعرف كل شئ ـ لكانت حصلت على فرصتها وهى تعرف ذلك , تعرف تماما" انه لولاه لكانت حصلت على الجائزة وعلى المستقبل الزاهرز
الفتاة الاخرى كانت جيدة اجل , لكن هى وحدها كانت تستحق الجائزة ـ فصوتها كان افضل بدرجات كبيره عن صوت الاخرى. لكن الموسيقي الشهير وحده من الح دون شك على تجيير الجائزة لتلك الفتاة.
تنهدت بعمق مصدرة صوتا"يائسا" عميقا"واستدارت حول منحنى القاعة لتصطدم بشخص كان مارا" من هناك.
((اسفة))تمتمت
((آه يافتاتي العزيزة))جاءها صوت رون اللطيف الذي وضع ذراعيه حولها بتعاطف دافئ:((انت تبكين!؟ماحدث كان خيبة امل كبيرة لك؟!))
((ا...اجل .النجاح ـ كان يعني الكثير لي ـ كنت سأستعمل المال لمتابعة ـ تمرينيو...اعرف ان هذا امرا" بغيضا" للقول...لكني اعرف انني املك افضل صوت من كل الباقين .انا اعرف ذلك)):grief:
((هذا مااعتقده انا بدوري. لااعرف ماالذي دفع بروتسو لاختيار الفتاة الاخرى. هم دائما " يقولون انه شخص هوائي متقلب اجل. اعتقد ان كل العباقرة كذلك احيانا".لكني اعتقدت انه لايوجد ادنى شك بحصولك انت على الجائزة. هو حقا" من يفهم اكثر بشأن الاصوات, اكثر من اي شخص آخر بكل اروبا. هم يقولون ..))((لايهمني مايقولون. اظن انه شخص متكبر,اناني وبغيض. كان يمثل ذالك طوال الوقت! مدعيا"انه افضل واسمى من حضوره لما كان يجري حوله.ذاك الرجل لايكثرث حقا" للفن او الموسيقى او الفنانين. كل مايكترث له حقا" هو خوليو روتسو العظيم نفسه))وتراجعت قليلا"لتنظر الى رون حتى تؤكد وجهة نظرها حين ارتطمت بغير قصد شخص ماكأن يخرج من باب القاعة الخلفي ((عذرا"))قال صوت بارد وامسكت بها يد قاسية مبعدة اياها عن الطريق.ثم وهي تحدق يذهول بظهره والغضب والخيبة يتاكلانها عبر خوليو روتسو الرصيف ودخل السيارة التي كانت بانتظاره وانطلق بعيدا".
:biggrin-new:

ساكنه القلوب
19-01-2012, 14:51
:tongue-new::tongue-new:معليش ياقمااااااااااري مكسات صرت ثقيلة بالكتابة وعندى ضيوف:applause::victorious:ربي يعين دعواتكم ودمتم لي في قلوب قلبي السااااااااااااااااااااكن سكنة:watermelon:

مونـــــي
20-01-2012, 00:42
تسلمي يا أحلى موني

والله كلك ذوق و رقة

وروايتك رائعة وجميلة مثلك

والاروع تعليقاتك المميزة

تسلمي يا سكرة

مع حبي




أهم شي أعجبتك الروايه يوكي
أنشاء الله أكتب روايه ثانيه ’’’’هذي المره بأقعد فيها ثلاث سنين هههههههههههه

الله يحفظك فأمان الله

مونـــــي
20-01-2012, 00:46
أتمنى لكم قراءة ممتعة ::سعادة::

الله الله مشكووووووووووره ياجين .. أقراها وأقول لك رايي
بس أكيد حلوه !!!!

مونـــــي
20-01-2012, 00:47
:tongue-new::tongue-new:معليش ياقمااااااااااري مكسات صرت ثقيلة بالكتابة وعندى ضيوف:applause::victorious:ربي يعين دعواتكم ودمتم لي في قلوب قلبي السااااااااااااااااااااكن سكنة:watermelon:

ياقلبي خذي راحتك على بال مانقرا روايه جين قد ضيوفك راحو هههههههههههه
الله يسهل لك
بأنتظاااااااااااارك :joyous:

مونـــــي
20-01-2012, 00:56
موني يا قلبي تسلم الانامل والله رواية اكثررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر ررررررمن رائعة فرحت قلبي المسكين خلتني اصد شوي عن الهموم والمشاكل ..

اسعدتيني عزيزتي جدا بالرواية الرومانسية والحب الرائع ..يا ربي فيه رجاجيل كذا عندنا ..............؟!!!!!!!!

ادائك جميل ما راح نقولك شي على الاخطاء مثل ما قلتي لانك ابتدعتي قاموس جديد بس جميل و الاحلى واهم شي ان احنا فاهمين اللي تقصدينه حبيبتي ...كل شي حددتيه وخصصتيه بحركه كنت فاهمتك واجلس اضحك عليها تصدقين والله صحيح ذكرتيني بنفسي وجروبي ايام الدراسه كنا نفهم على يعض من نظرة او اشاره يا سلام بس على ذيك الايام ...

بعدين اشوف كلمة حافز تأثر فيك بشكل مؤثر(وش رايك بالكلام تأثر ومؤثر حركات صح هههههههه) موني قولي آمين .........قولي ..(احين ادري قلتي ..) انشالله يا ربي يا كريم يا حي يا قيوم ربي يوفقك وتنجحين ويطلع لك حافز ويرزقك ربي بالزوج الصالح ذاك الرجال السنافي اللي يريح قلبك ولا يزعلك اللهم آمين يا قمر يا سكر انتي ..



أهم شي أعجبتك الروايه .. بأعيد الكرّه أنشاءالله وأكتب وحده ثانيه


وأبشرك نجحت نجحت نجحت مابغت تطلع نتايج الهم .. عللللووونا على بال ما طلعت بس الحمد لله كلو تمام
معدلي 4,38 الحمد لله الحمد لله
أما حافز هدية النجاح أنشاء الله ههههههههههههه من بابا عبد الله ......
وشكراً على الدعوات الحلوه :orange:ما أدري أسوي نفسي مستحيه ولا أقول أأأمين يارببب هههههههههههه
بس ماعليه حتى أنتى ياقلبي الله يوفقك مع أطلق بطل أحححسن من الأبطال الكفار بطل مسلم !!! يعرف قيمتك ويصونك اللهم أمين

فأمان الله ودعواتي لك

ساكنه القلوب
22-01-2012, 10:06
((آه...))علقت ناتاشا بصوت مخنوق .ثم استعادت شجاعتها وتابعت بتحدي: ((انا مسرورة!هو لم يسبق له وان سنع بالطبع حقيقة شخصيته هكذا)).
((بالتاكيد.فإنه يعتبر كقداس في محيطه على مااظن هذه هي حال معظم الموسيقيين العظام)):GB_bonesrock:ثم اصررون بلوكيو على توصيلها الى منزلها وودعها قائلا
((لاتيأسي يافتاتي. اذا كان صحيحا" انه لايمكن لاحد رفض رجل جيد فمن الاكثر صحة انه لايمكن رفض فتاة جميلة وموهوبة مثلك))
الكلمات كانت لتربحها الجائزة لكنها كانت كالبلسم لجراحها ووجدت نفسها تبتسم له بامتنان وهو يلوح لها بيده مودعا" واعطتها كلماته الشجاعة بإطلاع ايفان على خسارتها. خلال الايام القليلة اللاحقة اجبرت ناتاشا نفسها وبنجاح على وضع كل احلامها وامانيها جانبا" وخرجت لتفتش عن عمل مالمساعدة عائلتها بوضعهم الحالي,لكن النتيجة لم تكن مشجعة فكل مؤهلاتها كانت مجرد درجة تعليم ثانوي مع صحة جيدة ووجه جميل
((تقصدينانك لاتعرفين الطباعة او حتى الاختزال؟))سألها الشاب الجالس خلف مكتبه.((في الحقيقةلا)) اعترفت ناتاشا
((حسنا",سأسجل اسمك عندنا على كل حال )) قال الشاب وكأن مجرد تسجيله لذلك هو مضيعة للوقت((وسنسل لك فى الحال ـ فى حال..))
وماتت بقية الكلمات بتتمتمة غير مفهومة وخرجت ناتاشا الى الشارع مجددا" وحالما فعلت طرق اذنيها صوت ينادي من جهة الشارع واللياقة .تلوح لها :barbershop_quartet_وتندفع نحوها رغم خطورة هكذا عمل لأن السيارات كانت تروح وتجئ عبر الشارع..صوت البوق قوي تبعه صوت توقف حاد مع السيارة من الاصطدام بالانسة بيرتا المندفعة نحو رصيف ناتاشا.:disillusionment:

ساكنه القلوب
22-01-2012, 11:19
:dejection:((هل انت عمياء ؟ام بلهاء؟))صاح سائق السيارة بحنق قبل ان يشتم ويتابع طريقة ((انسة بيرتا مالذي جعلك تقطعين الشارع هكذا؟)):sulkiness:
((لا اعرف على الاقل ,اجل اعرف على التحدث معك وكنت اخشى ان افقدك بهذا الزحام لم تكوني بالمنزل حين طلبتك))((لكن مالذي حدث؟))سالتها ناتاشا بحيرة خالصة وهي ترمق معلمتها التى كانت تتوهج بإثارة:cupcake:
((تعالي معي الى المنزل تعالى الان وسأخبرك.قد يساعدني هذا على تصديق ماحدث))بالرغم من اسئلة ناتاشا المستتفسرة الاان المعلمة لم تنطق بشئ بل سارعت الخطئ وبشبة ركض وصلت وناتاشا بأعقبها الى المنزل
((تعالي الى غرفة الموسيقى))قالت المعلمة وسارت الى الغرفة التي كانت ناتاشا تتمرن بها كل يوم وشعرت بالغصة بأعماق قلبها.
((اجلسي.والان اقرئي هذا)).تناولت ناتاشا الورقة من معلمتها وكلها ذهول وحيرة وقرأت الهنوان.
14 بناء آسو ـ مدريد رقم 7
بماأن,هذا لم يطلعها على شئ فقد سارعت ناتاشا لتتابع.
((سيدتي العزيزة))
لقد طلب مني الاتصال بك كونك معلمة المسيقى للانسة ناتاشا بريت واتي اشتركت بمسابقة تلفزيون النجوم يوم الخميس الماضي.
لقد سمعتها احدهم بتلك المناسبة وقد تأثر تماما" بصوتها واراد متابعة تمرينها الموسيقي. وقد طلب منى الاهتمام بهذه المسألة بالذات. ولهذا سأطر ان اطلب منك اطلاع الانسة بريت على محتويات هذه الرسالة وتدبير مسألة ايصالها الى مدريد يوم الثلاثاء المقبل على العنوان المذكور اعلاه حتى اتمكن من توجيهها الى طريق المستقبل الغنائي المحدد والمناسب لها.
((المخلص :خوليو روتسو))
((انا..لا..لا!اصدق هذا!))همست ناتاشا والرعب والنشوة يمزقانها((انالااصدق))
((ولا انا ايضا".لقد بكيت حين استلمت الرسالة وعرفت فحواها))
((آه.آنسة بيرتا هل فعلت حقا"؟))فهذه المعلومة كانت مذهلة كالرسالة تقريبا". لأن ناتاشا لم تتخيل معلمتها الصارمة والجدية تبكي لأي سبب.
((بالطبع .ماذا كان بإمكاني ان افعل غير ذلك؟هذا هو الشئ الذي يحلم به المرء ـ الذي يتضرع لله من اجله...لكن لايتوقع ابدا" حصوله كونك انت ـ تلميذة عندي ـ مؤهلة وتستحقين ان تتمي دراستك المسيقية عند شخص مثل خويليو روتسو)).((ليس هذا افضل جزء من الموضوع. في الحقيقة هذا هو الوجه السلبي الوحيد للمسألة كلها . انا بالكاد استطيع تحمل فكرة ان اكون تحت سلطة ذاك البغيض,لكن..))
((انه عبقري. والعباقرة ليسوا متوفرين بكثيرة ناتاشا. كوني شاكرة لانه يعرف فقط انك موجودة))
((لااظنه يريد ذلك . لااتصور كيف تم اقناعه بالقيام بتدريبي. لكن سخص ما ت من هو هذا الشخص؟ ـ الذي تحدث معه ووافقه على ان يدفع له بكرم او شئ من هذا القبيل مقابل تدريبه لي. لااتخيل اي شخص معتم كفاية ـ حولي اما بطريقة او حول امكانية ان اصبح مغنية))
((انا اتساءل. لربما كان الشخص هو خوليو روتسو نفسه. لربما هو اعتقد بشكل سري انك جيدة لابل ممتازة وقرر ان يكون نجاحك على يديه لكنه فضل ان يبقي اسمة غامضا" وسريا"))

ساكنه القلوب
24-01-2012, 10:34
:biggrin-new::tickled_pink:((آه انسة بيرتا عزيزتي هو لن يفكر بهكذا شئ ولا بعد الف عام .ولا اي سخص اخر سيتأثر بهكذا تصرفات رومنسية بالقدر الضئيل الذي يتاثر بة خوليو روتسو نفسه,انا واثقة من ذلك .وكنت اتمنى فقط لو انك رايت الطريقة المقززه التي ابعدني بها على الاقل ,لا,انا لم انس ذلك ولا ازال حتى الان اشعر بالإذال لقد قال انني مجرد عصة...))((غصة؟))رددت الانسة بيرتا بذهول
((ليس بالضبط لكنه استعمل تعبير ((مجرد خامة صوتية جيدة بدون احساسيس ))وقد تكبد العناء ـ العناء الكبير ـ لإقناع لجنة الحكم بعدم جدارتي ,لكن هذا لايهم الان شخص ما فكر بطريقة معاكسة لذلك شخص ما...))توقفت فجأة واحمرت وجنتاها ثم اصفرت مجددا" وتابعت((آه ..اظن..انني اعرف..هويته)).
((اذا ابقى هذه المعرفةبداخلك مهما كانت هوية من فعل هذا لك فقد جاهد ليبقى اسمه مجهولا".
مايمكنك ان تفعلية له هو احترام رغباته او رغباتها بالسريه التامة))
((رغباته))صححت ناتاشا ((رغباته بالتأكيد)) وبموجة امتنان جلبت الدموع الى عيونها تذكرت ناتاشا كلمات رون بلوكيو لها حول استحالة رفض ((فتاة جميلة وموهوبة مثلها))
كان الشخص المقصود هو رون بلوكيو . يجب ذلك!وفجاة ارادت ناتاشا ان يكون رون هو فعلا" الشخص الملاك لدرجة لم تستطع ان تشرحها .
لربما بعد كرم والده مع والدها,عليها ان ترفض قيامه بهكذا خدمة جليلة لها هي ايضا لكنه تفهم جيدا" خيبة المحطمة. لقد شعر بالظلم والجور الذي تعرضت له بعمق وصدق.وهو من اخبرها بحرارة عن مدى اعجابه بصوتها وكيف انه ـ وبالرغم من عدم تمتعه بصوت مناسب للافتاء ـ الا انه يهتم كثيرا" بالموسيقى والغناء. كل هذا يؤدي الى شئ واحد ,انها تدين لرون بلوكيو ولرون بلو كيو فقط بهذه الفرصة الرائعة التي لاتحلم بها الاباجمل احلامها الشئ الوحيد الذي كان يدهشها بالمسالة هو تسليم القيادة لخوليو روتسو نفسه لتدريبها!فرون يعرف تماما"حقيقة شعورها نحو هذا الموسيقي الشهير ولابد انه ادرك انها ستكون ممتعضة ومنزعجة لمجرد فكرة العمل مع ذلك المتكبر المتعجرف.
من ناحية اخرى,هي تدرك بالرغم من رايها الشخصي بالرجل انه وطبقا" لما قاله رون نفسه الشخص الملائم تماما"للاهتمام بالمعنين بالاصوات الحقيقية.ظلت ناتاشا والانسة بيرتا تناقشان هذا الحدث الغير معقول لاكثر من ساعة تقريبا".وادركت ناتاشا مع كل لحظة تمر ان هذه الرسالة المختصرة والمطبوعة على الالة الكاتبة قد غيرت مصيرها وحياتها بأكملها((اتمنى فقط الايكتفي بسماعي ثم القول انني لااستحق اهتمامه))قالت بعصبية.((لاشك انه قد توصل لراي ما بشانك وستحظين اخيرا" بالفرصة المطلوبة لإثبات نفسك))
((سافعلذلك.سأفعل. سأجعلة يسحب كلماته الحقيرة المذلة عني يوما" ما))

ساكنه القلوب
24-01-2012, 10:54
:barbershop_quartet_:loyal:كان عليها في المنزل مجددا" شرح ماحدث وبطريقة التكرار حتى استوعبت والدتها اخيرا" المعجزة التى حدثت ثم حدثت والدتها عندئذعن فشلها بالمسابقة التلفزيونية.
((يا طفلتي المسكينة,كيف استطعت كبت هكذا امر عني ؟هكذا خيبة مريرة))((لايهم الامر الان ))قالت ناتاشا بابتسام .وهذا كان شعورها الحقيقي لا خيبة لاباس ولاحزن . والشكر بذلك يعود الى رون بلوكيو الذي منها فرصة الماسية جديدة.اخفت ناتاشا ايمانها السري هذا حتى عن والدتها وهوية الممول السري كان موضوع الحديث في ال بريت طوال الايام التى تلت.
كتبت الانسة بيرتا تؤكدايصالها للرساله وتبرعت بسخاء ايضا بعرض دفعها لتكاليف سفر ناتاشا الى مدريد.لكن بدا ان هذا لم يكن ضروريا" لانه وبالبريد التالي وصلت بطاقة سفر بالقطار من الدرجة الاولى بالاضافة الى مبلغ من المال ((للوجبات واجرة السيارات))كما اوضح المرسل ((انه يفكر بكل شئ,ياله من حبيب))فكرت ناتاشا ولم تكن تقصد خوليوروتسوبالطبع.
يوم الثلاثاء كان يوما" مشمسا" جميلا"ومليئا" بالامل وفيما هي جالسة بمقعدها دخل القطار السريع فكرت ناتاشا عن عمق وذروة اليأس والامل التي مرت بهما خلال الاسابيع القليلة الماضية.
كانت الساعة تشير الى الثانية حين وصلت ناتاشا الى مدريد,عاصمة الجمال والحب .ولهذا فقد استقلت التاكسي متوجهة تماما" الى العنوان المطلوب. قلبها كان ينتفض بشدة الان وهى تتمنى لو ان الموسيقي الشهير لم يسمع رايها الخاص به تلك الامسية في البلدة. بدا ذلك المشهد شجاعا" بذلك الوقت لكن الان وهي وحيدة في مديرد وعلى وشك مقابلة خوليوروتسو ـ شعرت بالندم لتفوهها تلك الكلمات على مسمع منه.
وصلت اخيرا" الى المكان المطلوب ووجدت البناء ضخمجدا" والشقة رقم 7 تحتل القسم الاكبر من الطابق الرابع عشر.

ساكنه القلوب
24-01-2012, 11:36
:redface:استقبلاتها امراة متوسطة العمر بوجة بشوش وقالت :((تفضلي الى الغرفة الاستوديو آنسة بريت . سيصل السيد روتسو حالا".
لم يكن من احدا" بداخل الغرفة لكن فيما دخلت ناتاشا اليها واخذت تنتزع قفازيها بتوتر داخل الموسيقي الشهير من باب جانبي. حياها بلياقة وطلب منها نزع معطفها والجلوس. لاشئ في تصرفاته كان يدل على تذكره لاحداث اخر مقابلة لهما معا", لكنها لم تصدق فعلا" انه نسي اية معلومة عن لقاءهما ذاك
((اخبريني عن تجربتك بالغناء حتى الان ))امرها
وحين اطلعته على ذلك تمتم بنفاذ صبر:((عمليا"اذن انت مجرد مبتداة)).
((اعرف ان ذلك ليس بالكثير.لكن الانسة بيرتا ـ معلمتي الموسيقية ـ قد اخبرتني انني حصلت على الاقل على درجات الصوتية المطلوبة وعلى التوضع الطبيعي لنبرة صوتي)).
((انت لاتقولين.لابأس, هيا دعينا نسمع صوتك))تكلم وكأنه لم يسبق له وان سمع صوتها من قبل وتساءلت للحظة ان كان قد نسي فعلا"!.
لكن حين جلس خلف البيانو عازفا" الحانا" تقيم نبراتها ودرجاتات صوتها اقتنعت مجددا" انه لم ينس شيئا" من امسية القاعة .((اود ان اسمعك تغنين مقطعا "اوبرالي مالذي تعرفينه بهذا المجال؟))
فكرت بثورة ضد الانسة بيرتا للحظات والتى قالت ان غناءها للاوبرا خلال المسابقة لم يكن مناسبا" للعامة. لكن بعد كل شئ خوليوروتسو لم يكن من العامة بالطبع . هو من قال ان عندها خامة صوتيةجيدة فقط وبدون احاسيس.((سأغني مقطع دياندرا من الفصل لاول لاوبرا بويم لوسمحت ))
((تفضلي)) قال ولسبب ماابتسم لطلبها ولم تستطيع الاان تنتبه الى ابتسامته الجذابة بشكل غير معقول.اعطاها الجملة الابتدائية الاولى واكملت هى تذكرت ماقاله عن عدم وجود الاحساس بصوتها واضفت كل مشاعر المطلوبة وبعمق داخل اللحن الذي كانت تغنيه معطية صوتها الصفاء الروعة الكاملة .
اوقفها بنصف اللحن وسجل شئ ما على دفتر ملاحظاته ثم سالها((لمن تغنينهذا اللحن؟))
((ماذال.لك))ردت وهى تشعر بالدهشة
((كلا,كلا!انت على المنصة.في الفصل الاول .لقد دخلت منذ لحظات فقط.لمن تغنين؟))
((ل..للجمهور على مااظن))
((ياالهي!وهى تعتقد انها ستصبح فنانة))
عضت ناتاشا على شفتيها وابعدت عنها رغبتها الغير معتادة للبكاء.
:distress: ((ل...لرودلفو.للحبيب.انا لم افهم قصدك تماما"))
((هذا مااراه.هل سبق لك وان قرات هذا المقطع من الاوبرا؟))((ا..أجل))
((حستا",كما حزرت من المرة الثالثة انت تغنين هدا لرودلفو.انها محادثة عبر الاغنية مع الشاب الذي بدا بتحريك عواطف قلبك الفتي.انت فتاة مريضة, تلهين ببراءة,لاتلبين الكثير من الدنيا ولست واثقة تماما"من نفسك هل تفهمين ذلك؟))((اجل))
((اذا" لماذا بحق السماء اعتقدت انه من الضروري تفجير كل ثقتك وقوتك امام الشاب المسكين بتلك الدرجة العالية من صوتك؟))
هي لا تعرف هي تعرف فقط انها ارادت ان تظهر له ان عندها الكثير من الاحاسيس بصوتها وان لها صوتا" قويا" ورائعا" لربما لم يسبق له وان سمع بمثله من قبل تمنت لوكان بمقدورها الشرح لكنها استطاعت فقط ان تظل واقفة هناك وراسها منحني وشفتها ترجف
((لنحاول مجددا"))((ا..اعطيني دقيقة فقط))قالت وهي تبتلع ريقهابصعوبة .
((ماذا تقصدين .باعطني دقيقة فقط؟))
ظلتصامتة وفجأة رفع راسه وقال بامتعاض.((آه بحق السماء!اذا كنت ستعملين معي فعليك تعلم عدم البكاء بسهولة هكذا.الدموع تصيبنى بالملل وتجعلني عصبيا"))((آسفة))

ساكنه القلوب
24-01-2012, 12:52
:mad-new:ثم نهض من مكانه واقترب منها ولدهشتها الكاملة امسك بيديها بين يديه
((توقفي عن التصرف بحماقة الدموع والغناء لايتناسبان معا".تعالي الى جانبي على البيانو))وممسكا"بيديها :chargrined:سار بها الى البيانو. واخذيعاود العزف بيد واحدة ويده الاخرى تمسك يده بصلابة نطق بالكلمات جاعلا اياها تدرك تماما" النقاط الواجب عليها التركيز عليها والفواصل حيث عليها تخفيف درجة صوتها لإعطاء المعنى المطلوب.
((انها نصف فرحة ونصف حزينة))اوضح:((لاشئ ابدا"سيكون بالمأسأة الكبرى مجرد رقة ولطف الان حاولي مجددا" .وانظري الي وانت تغنني)).وقفت الى طرف البيانو وعيونها مثبتة عليه وعقلها يصارع لتطبيق كل ما قاله لها .ولاول مرة بحياتها ـ اخذت ناتاشا تفرغ نفسها من ناتاشا بريت لتتقمص كليا" شخصية دياندرا الفتاة التي تغني اللحن.لم يكن من الممكن لها فعل ذلك باستمرارية وحين ابعدت نظرها للحظه عن ذلك الوجه الجميل المشع بعيون سوداء براقة جاءها صوته الهادى والمسيطر ((انظري الي))فأعادت نظرها اليه ولسبب غريب عاد السحر يسيطر مجددا" في النهاية لم يخبرها ماأذا اداؤها جيد ام سيئا"بل اكتف بأن يقول ببساطة.((متى بإمكانك ترتيب استقرارك في مدريد لنبدأ بالدروس الجدية؟))
((تق..تقصدانك سوف..سوف تدربني؟))سالتة بتلعثم
((بالطبع انت لاتعتعتقدين انني قد ضيعت كل هذا الوقت عليك ولالم اكن ناويا"على تدريبك الست كذلك؟)) قال وبدامندهشا" لسؤالها.
((استطيع الاستقرار بمدريد باللحظة التى تحددها))سارعت للقول وكلها خوف من ان يسلبها ترددها من هذا الفرصة الغير معقولة ((انت من يحدد الموعد))يبدو انه كان يتوقع ردها هذا فقد اكتفى بهز راسه واخد يقدم المقترحات والخيارات. ثم بعد اكثر من نصف ساعة من التدابير والمكالمات الهاتفية تم الاتفاق على الموعد.
((يوم الاثين المقبل بنفس الوقت وبنفس هذا المكان))قال ثم وهي تسعد لمغادرة قال بصوت عادي جدا".((عندك صوت قصائدي رائع لم يكن بإمكاني السماح لهم بإعطائه تلك الجائزة بمسابقة التلفزيون تلك .كانو ليفسدوا مستقبلك لسنة او اكثر وكما سيحصل ,فحالما انتهي منك.قد تصبحين شيئا"ما تذكري...هنا بنفس المكان الاثنين القادم))كلماته ونبرته اعلنتا الانصراف السريع لكن ناتاشا كانت مصدومه بما قاله ووجدت الشجاعة داخلها للانتظار والقول ((مالذي تقصده تماما"بذلك؟هل جعلت باقي اعضاء اللجنة يحرموني من الجائزة لانك وجدت صوتي جيدا"جدا"))((كلا.انا لم اظن صوتك جيدا" بتاتا" .لكني ادركت ان عندك حنجرة واوتار صوتية جيدة,طالما ان احدا"لم يفسد هذه الاوتار بهذا النقطة بالذات, الشكر يعود الى معلمتك.وانا لن اكن مستعدا" لاشارك بتخريب صوتك هذا . هذا.هذا كل شئ))
((لكن..الالفي بيزوس اولئك كانا سيساعدانني على متابعة التمرين والتدريب!لهذا اردت المال)):uncomfortableness:

ساكنه القلوب
24-01-2012, 13:41
:witless:((آه, كلا. حين تجدين العروض السهلة تنهال عليك كنت لتتقبلينها وتضعين جانبا" مسالة متابعتك للتمرن كنت لترهقي صوتك بطرف سنة او اثنتان بدلا" من تطويره.كنت ستعيشين على راس مال صوتك كما يفعل المئات ـ لابل الالاف ـ بهذا العصر. وكان هذا السبب الدمار لخامة صوتك وما كنت لتتمكني من السيطرة على اوتارك بعد ان تكوني قد ارهقتها وافسدتها بتلك الطريقة))((لكن ماالذي اكد لك انني كنت سأفعل ذلك؟ انت تفرض مسبقا"انني مجرد حمقاء...)).
((بالطبع. هناك المئات من الحمقى والذين يتغلب عددهم على العقلاء بهذا العالم وليس عندى اي سبب يجعلنى اعتقد انك ضمن الاقلية))ابتلعلت هذا بصعوبة لكنها كانت مصممة على توضيح نقطة مهمة اخرى فقالت:((ماكنت تعرف ايضا"ان ممولا"..ممولا" ما كان سيقدم ويعرض علي فرصة التدريب هذه صحيح؟ ماذا لولم يحدث شيئا" من هذا؟ ماذا لو كنت تركت مع خامة صوتي دون ان يمسها احد لكن بدون اية فرصة لتمرينها وتطويرها بالطريقة المناسبة؟))
((كنت ستجدين طريقة ما اذا كان تصميمك حقيقي. الفنان الذي لايتغلب على الصعوبات لن يعرف الكثير من النجاح, تذكري هذا.لان الطريق امامك لن تكون سهلة.اعدك بذلك)):cool-new:
تذكرت هذا,تذكرته طوال عودتها الى المنزل.وتذكرت بالذات نبرته المتمتعة بقسوة وهو ينطق بالكلمات كأنه يجد لذة بالعذاب الذي ستتعرض له للوصول الى النجاح عبر الطريق الصعب.
لكن لم يكن هذا كل ماتذكرته باليوم التاريخي ذلك, بل تذكرت كل ماحدث لها بتلك الغرفة. الترتيبات قد تمت كلها وبسهولة مدهشة نظرا" لانه هو خوليو روتسو من يقوم بها . اتصال واحد وتأمنت لها الاقامة بسكن خاص للطالبات في المدينة. وحتى باليلة الاولى رتب لها جدول دراستها الكامل بدقة جعلت عيونها العسلية تتوسع بدهشة
لدروس الغناء ستكون رايداىيور مدرستها , وهذاماافرح ناتاشا فالمراة كانت بالغة الجدية والاهتمام اثناء المباراة.
للغات((الغة اللاتنية جيدة لكن الانكليزية ضعيفة .......واظن مثل الغةعربية والالانية اسوأ من الانكليزية))كات عليها الذهاب الى مدرسة اللغات بالنسبة لتدريبها الاوبرالي فعليها الحضور مرتين كل اسبوع الى منزله

ساكنه القلوب
28-01-2012, 11:31
:confused2:((اذا كنت مسافرا" او مشغولا" بحفلة وسيتغير الترتيبات حينها مسبقا".لم يكن الشئ البالغ الا همية والواجب عليك ادراكه بعمق هو انك ستعلمين بجهد وجد لم يسبق له ان اختبرته من فبل ربما انا لااهتم بالهواية وبالنسبة لي الكسل هو الخطيئة العظمى .احفظي هذا جيدا"خلال الاشهر القادمة وقد نسير معا" على مايرام)) لقد انتبهت الى تلك ((قد))لكن كانت ستوافق على كل مايقوله حتى لو طلب منها العودة الى لشبونة سيرا" على الاقدام.
لقد اعجبت به ليس بدرجة مختلفة عن اعجابها السابق وكانت تخافه بدرجة كبيرة.لكنه كانت تحت سحره ذلك السحر الذى علق علية احد النقاد يوما" بكونه القوة الدافعة التي تدفع الفنان من الدرجه المنخفظة الى الدرجة العليا الاسمى وتساءلت ناتاشا عن الدرجة الت يضعها عليها خوليو روتسو! بالدرجات المنخفظة جدا" بالطبع!
لكن خوفها هذا منه هو الذي سيشحن تصميمها وسيدفعها لتحاول المستحيل لتتبث له انها ستقوم بكل ماسيطلبه منها. نقده قد يكون قاسيا"وجارحا" لكن الشئ الغريب كان ان كلمة المديح اليتيمة التي ينطق بها كانت اكثر من رائعة واكثر من ساحره وهو بالطبع نادراط مايتفوه بها.
حين وصلت اخيرا" الى المنزل لتواجه ايفان المتفجرشوقا" واثارة ووالدتها القلقة لمعرفة تفاصيل كل ماحدث لها واكتشفت ناتاشا وهي تشرح لهما ماحدث مدى تأثير خوليو روتسو الهائل عليها.
وكان من السهل عليها شرح كل مايتعلق بالترتيبات والاجراءات الخاصة بإقامتها ودروسها لكن حين وصلت الى التحدث عن ادائها امامه اندهشت والدتها حين عرفت انها كانت على وشك البكاء.
((آه هذا لم يعد هاما" الان امي وقد سعد ذلك نوعا" ما..بتقليص التوتر والاطراب الذي كنت اشعر به.
على كل حال لقد كان هو اسفا" قليلا",على ما اظن..ثم شرح لي بالضبط مايقصده.انه بغيض بالعديد من الامور بالطبع,لكنه عبقري.انا اتقبل ذلك الان ,عنده مقدارة على تحريك الالهام بقوة سواء اكنت معجبة به ام لا.لم يسبق لي مطلقا" ان قابلت رجلا" مثله حقا")):chargrined::redface-new::tickled_pink:

ساكنه القلوب
28-01-2012, 11:52
:strawberry::strawberry::strawberry::strawberry::s trawberry::strawberry::strawberry::strawberry::str awberry::strawberry::strawberry::strawberry::straw berry::strawberry::strawberry::strawberry::strawbe rry::strawberry::strawberry::strawberry::strawberr y::strawberry::strawberry::biggrin-new: فرولة هم هم ههههههههههه
نظرت والدتها اليها بشك وببعض الفلق وقالت بتقطيب:((انا لااقول انني راضية تماما" عن فكرة وجودك تحت سلطته الكاملة..هو لايبدو رجلا" لطيفا" بالنسبة لي)):chargrined:((آه انه ليس كذلك مطلقا")) :biggrin-new:وافقتها ناتاشا بضحك:(( انه بغيض وفظ اجل لكن..هو يجعلني اغني بطريقة لم افعلهها من قبل ابدا".لقد شعرت وكاني فعلا دياندرا بتلك الدقائق الثمينة)):redface-new:((لابأس, انه على الاقل عبقري متمرس. تقولين انه قد تدبر لك امر السكن والدروس واللغات..حتى تتمكني من بدء التدريب الاثنين المقبل؟:distress:هذا تسرع كبير. انا مندهش من قولك له انك ستكونين جاهزة بأي وقت يحدده))((حقا"؟)):confused2:سألته ناتاشا وهي تبتسم:tennis:وكانها تذكرت امرا" يحيرها:(((وانا اشعر بالدهشهة من ذلك الان.لكن بذلك الوقت لم يخطر ببالي اي شئ سوى موافقتي على مايقترحه))
بالرغم من ان اسبوعها كان حافلا" بالمنزل الا انها زارت معلمتها الانسة بيرتا واطلعتها على ماحدث واخبرتها عن تعليق خوليو روتسو حول فضلها بالمحافظة على خامة صوت ناتاشا .
انفجرت اسارير الانسة بيرتا بإشراق وقالت بنبؤة:((ستصلين ناتاشا ستصلين الى القمة.بموهبتك الصوتية وبإرشادات خوليو روتسو من المستحيل ان تفشلي.ايتها الفتاة المحظوظة))
عرفت ناتاشا انها كانت محظوظة ...لكن ليس لنفس الاسباب التي قالتها الانسة بيرتا.
وبطريق عودتها الى منزلها التقت وصدفه بمنبع حظها هذا المتمثل برون بلوكيو
الذي خرج من احد المنازل واتجه الى سيارته دون ان ينتبه لها

ساكنه القلوب
30-01-2012, 10:12
:tongue-new::grief:((سيد بلوكيو!))نادته ناتاشا وركضت نحوه.
التفت هو على الصوت وابتسم بابتهاج واشرق وجهه الوسيم لرؤيتها.((آه,اهلا"))قال ومدلها يداه وصافحها بحرارة وعيونها متعلقة به وانفاسها لاهثة.((سيد بلوكيو انا مسرورة جدا"لرؤيتك!سأذهب الى مدريد الاثنين المقبل و..))
((اذن فقد نجح الامر))قال ثم بدا علية الارتباك الواضح....شعرت دون شك انه قد فضح الامر وافضل ماعليها ان تفعله فكرت ناتاشا ان تتجاهل تعليقة هذا ةتتجاهل ادراكها للسر الذي شكت به منذالبداية.
((اردت اخبارك انت بالذات على هذا لانك كنت بالغ الرقة والطيبة مع والدى وكنت بالغ الرقة والتفهم مع خيبة املي بعد المباراة التلفزيونزلقد حدث شئ غير معقول!شخص ما..لا اعرف من هو بعد,يبدوانه احد اعضاء لجنة الحكم..
قد قرر كما يبدوانني استحق التمرين والتدرب وقد استدعيت الى مدريد وتقالبت مع خوليو روتسو تصور,هو منبين كل موسيقيي العالم.وسيهتم هو نفسة بتمريني وتدريبيو...))

ساكنه القلوب
30-01-2012, 11:11
:kiwi-fruit: توقفت لتلتقط انفاسها وضحكت ووجدت انه لايزال يمسك بيديها بين يديه.
((اليس هذا رائعا؟))صاحت وعيونها تشع.
((رائع))وافقها وهو ينظر اليها وكان اشراقها وفرحها وحماسها هو الشئ الرئع حقا"بالنسبة له.
((لكنى لست مندهشا"لهذا.على شخص ما ان يميز جمال صوتك والقيام بشئ ما لاجله بالتالي.ماهي درجة تقدريرك لخوليوروتسو الان اذن؟))وابتسم لها
((انا لااستطيع ان احبه.لن افعل ابدا".لكني اظن ان هذا امرا"ثانويا".لكن الحقيقة تبقى كونه اكثر المخلوقات الهاما" بشكل عجيب وغامض وحتى ولو شعرت برغبتك العميقة بصفعة على وجهه الوسيم المتكبر ذاكفإنك ستوافق بجنون على القيام بما يطلبه منك بالضبط.ايبدو هذا جنونا"؟)):bi_polo:
((بالطبع.لكنها الحقيقة,حتى بيروني العظيم قال عنه:((كان بإمكاني قتلة..الا انني كنت لااصبح نصف فنان فقط لولاه وكنت لاكون اكثر الناس تعاسه وحزنا"بجاريه))
((هو قال هذا؟ياله من مغني عظيم,وهو لايزال يشعر بفضل روتسو عليه ويعترف بسلطته الطاغية .بدات اعتقد ان الانسة بيرتا على حق ,وانني محظوظة وبشكل لايوصف لتمكني من مجرد لفت نظره الى وجودي))
((صدقيني,ماكنت لتكوني بأيادي افضل من اياديه))اكد لها رون بصدق وفكرت هي ان هذاه طريقته لتبرير خياه هذا.((انا واثقه انك على حق وحتى يوم مماتي سأظل ممتنة للخص الذي وفر لي هذه الفرصة المستحيلة))((ايتها الفتاة العزيزة القيمة!اتمنى لك كل الحظ في مدريد.ليباركك الله ,اتمنى ان اراك هناك حين ازورمدريد ))((آه بالطبع.هل تزور مدريد دوما"؟))
((كل ثلاثة او اربعة اسابيع))طمأنها ثم رحل وتابعت هي طريقها نحو منزلها وقلبها ينبض بحرارة لانه سيكون لرون بليوكيو مكانا" بحياتها الجديدة.
ودعت والدها وابتسمت للفخر الذي برق داخل عيونه بيوم سفرها وعانقت ايفان بشوق وحب قبل ان يقبلها ويتمنى لها التوفيق ويذهب الى مدرسته.
جاء دور والدتها التى عانقتها بقوة وقالت ناتاشا بصدق:((كنت اتمنى لو انني لم اكن مضطرة لتركك بهذا الظروف العصيب .لكن الحمدلله صحة والدي تتحسن.وانا ابعد بالطبع بضعة ساعات عن البلدةفقط.بإمكاني العودة فورا" عند اول اشارة..اذا ماشعرت ان هناك حاجة لذلك))
قبلتها والدتها وقالت بتسام :grief::moody:((لاتقلقي انا لن استدعيك من العمل الهام جدا" بحياتك فعلا"اعتقد ان خوليو روتسو خاصتك لن يعتبر الارتباطات العائلية قدر اهتمامه بالارتباطات المهنية))
((انه بالطبع ليس كالكلمة الاخيرة))اعلنت ناتاشا وغادرت بهذا لتحدي بلدتها الهادئة الى عاصمة الفن مدريد.بالرغم من تعليقها على كلمات والدتها الا انها ادركت وهى بطريقها الى منزل روتسو انها قد ارتبطت فعلا" معه برباط مهني لاتعرف مداه لراحتها لم يكن خوليو روتسو بمفرده هذه المرة فقد كانت راندا نيور تجلس معه داخل الستوديو.حيتها المراة الاكبر سنا"بموادة ولكن بشكل رسمي.
((انا مسرورة لاننا سنعمل معا".لقد عرفت ان صوتك كان جميلا"حين سمعتك في المرة الاولى.بظروف اخرى كنت لاصر على تقديم الجائزة النقدية لك .لكن ..هناك بعض الاعتبارات الاخرى))
((فهمت)):disturbed:اخبرتها ناتاشا بهدوء ورمت خوليو روتسو بنظرة سريعة لم تندهش لرؤيتها له يبتسم بطريقته الخفيفة والمتكبرة المعتادة..:mad2:يبدو بالغ السعادة لحرمانها من الالفي بيزوس لانه حكم عليها بكونها حمقاء وتافهة ستبذر المبلف بطريقة خاطئة!

ساكنه القلوب
30-01-2012, 11:29
:rugby:اخذت راندا بيور تشرح لها تفاصيل دراستها معها وكانت تنتقل للعزف على البيانو احيانا" لتشرح لها النقاط التي تتحدث عنها.وكان خيوليو يتدخل احيانا" بهذا الحديث معلقا" بشكل طبيعي على نقطقة او اخرى. ((يجب الاتتوقع المعجزات بهذه المرحلة الابتدائية سيد روتسو))اعلمته راندا بابتسام.:friendly_wink:لكنه ابعد ذلك قائلا":((من السهل الحصول على الدرجة المتوسطة,المعجزة هي اقل مايمكن للمرء ان يتطلع اليه.لقد اخبرتها ان امامها طريق شاق وصعب. لاتعطيها اية اوهام مريحة))((حتى لو فعلت فإنك لن تجد صعوبة بإزالتها))ردت راندا بمرح.
((لابأس عندها توجه غير هاوي اساسي بهذه المرحلة))قال متحدثا" عن ناتاشا وكأنها تمثال حجري او كأنها صماء لاتسمع:((هذا ما عليك تصحيحه اولا"))
((سنبذل قصارى جهدنا))ردت راندا وهى تبتسم لناتاشا وثم نهضت وتابعت:((يجب ان اذهب الان.هل اوصلك الى الاسفل؟)).((اجل.هذا لطف منك و...))قالت ناتاشا بسرعة وهي تنهض بشوق لفرصة لتحسن معرفتها براندا
((لست حرة الان ))قاطعها خوليو بجفاف :((كان هذا فقط النقاش الابتدائي عندك درس اليوم حتى لو كنت قد نسيت ذلك))

ساكنه القلوب
31-01-2012, 12:57
:listening_headphone((باليوم الاول مباشرة وبوصولها للتو من محطة اذا ماكان عليها التعويض عن الفجوات الناقصة والمتعددة بمعرفهتا المسيقية فعليها البدء على الفور)):neglected:((لابأس ساراك غدا"اذن في العاشرة تماما".انا على مسافة قصيرة من مكان سكنك واي من الطلاب سيدلك على المكان)):welcoming:غادرت راندا وشعرت ناتاشا وكأنها قد هجرت.
((والان سنبدا العمل الاسبوع الماضي اكتفينا فقط بالتسلية))اعلن خوليو .لم تكن هذه الصفة التى ستطلقها ناتاشا على الامسية لكنها فهمت ما يقصده حالا".على الاقل فهمت مايقصده بالعمل فحين اخذت تسمع تعليقاته واوامره المحتصرة القاسية وجدت من الصعوبة بمكان المتابعة خاصة حين وجدت نفسها محصورة في بداية صعبة.:saturn:في النهاية سالها بنبرته النافذة الصبر الخطرة:((افترض انك دون شك تعرفين قراءة النوتة الموسيقية؟)):abnormal:((أ..أجل بالطبع))((لاباس,اقرئيها اذن!))صاح ضاربا"بقبضته على الاصابع الموسيقية للبيانو مما جعلها تقفز فجاة:((:surprise:اذا لم تستطيعي الانتباه لابسط التعليمات..))((انها ليست تعليمات بسيطة.انت لست جيدا"بإ عطاء الشروحات اذا لم تكن تعرف ذلك فاعرفه.انت تفرض انني اعرف كل الاشياء التي لم يسبق لي ان رايتها من قبل,وانت لاتزعج نفسك بتوضيح ماتريد)):wink-new:صمت مميت سيطر على المكان بعد كلماتها المتفجرة هذه ثم قال هوبصوت شبه لطيف:((تقصدين القول انني الشخص الذي ينقصه الذكاء؟)):devilish:((ل..ليس هذا..كلا.لكنك..لكنك..))((تابعي.انا اتحرق بالفضول))وانحنى ليسجل شيئا"ما على دفتره ادركت فجاة ان هذه كانت حيلة يتبعها حين يرغب بإثارة اعصاب شخص ما.ولغبائها وجدت نفسها تقول:((هل عليك فعلا"ان تعرف ماأريد قوله؟لانه اذا كان هذا قصدك فسيكون من اصول الادب اكثر ان تنظر الي))((لست رجلا"مؤدبا"))رد ببرود.
((انا..انالم اقصد ان اكون فظة معك...))ابتلعت ريقها بعصبية :((لكنك اخفتنيو..))((نسبة لشخص خائف فأنت تبلين ححسنا".هذه هي المرة الاولى التى يعلق بها شخص ما على طريقة تدريسي.لكن تبعي))
((انا..انا فقط احاولالقول ان كل ماتقوله لي هو شئ جديدتماما"علي.لااستطيع استيعاب كل هذا بسرعة.لافائدة من ذلك اذا لم افهم منذالبداية.لو فقط تكون اكثر صبرا"..))
((هلا حاولنا مجددا" وبنغمة الآهية تمكنت من تنفيذ مايطلبه منها بالضبط. ولم تحظى هذا او صلها على الاقل بسلام الى نهاية الدرس.ثم وهي تتناول قبعتها استعدادا" للخروج استفسر :((هل سبق لك وحضرت اوبرا؟)).((آه,اجل ثلاث مرات.لكن فقط حين وصلت فرقة متنقلة الى برشلونة))((ماذا سمعت؟))سالها بفضول((تانهاوزر,فلدرماس وفوزيك))ضحك لهذا ضحك بقوة لدرجة اثارت دهشتها ووجدت انه لم يسبق لها وان سمعت هكذا ضحكة جذابة حيوية وخطيرة وعيونه تبرق كالشيطان.:devilish:
ابتسمت مع انها تشعر بالحيرة.ثم سألت اخيرا"((هل هذا مضحك لهذهالدرجة؟))
((بالتاكيد كذلك انه اكثر مزيج مضحك سمعته بحياتي وهذا تعليق مضحك جدا" من قبل مبتداة بفن الاوبرا.ماذا فعلت لدى سماعك لفوزيك؟))
((القليل))قالت بصراحة.
((هذا ماتوقعتة.اذن لم يسبق لك ان سمعت اوبرا فيردي على المسرح؟))هزت راسها بالنفي.
((ياللروعة.يالروعة الشعور بحضور فيردي للمرة الاولى من الافضل لك مرافقتي اذن هذا المساء.انهم يقدمون عطيل في الكوفنت))((ارفقك؟الى الاوبرا..تقصد؟))قالت دون ان تستطيع ان تصدق ما تسمعةه..
((اجل بالطبع.هل تعتقدين انك ستكونين قادرة على الوصول الى هناك بمفردك ام علي المرور لاصطحابك؟))((آه لا!اظن ان بإمكاني تدبير امري بمفردي))قالت وهي ترتعش من الاثارة:((بالواقع,اجل بالطبع استطيع))قالت بسرعة حتى لايعتبرها عاجزة او غير عصرية.
((اذن لاقيني في القاعة في السابعة والنصف))

ساكنه القلوب
31-01-2012, 14:35
((:grey::stupid::tongue-new:((هل ستكون انت المايسترو؟))سالته بلهف.
((كلا.بالطبع.مالذي تعتقدينني سأكون فاعله بوجودي في القاعة في السابعة والنصف؟لورنت هو المايسترو.انه ليس بمثل بداعتي,لكنه جيد)):disturbed:((غرووووور))
قال ذلك وكان هذه حقيقة واضحة:((السابعة والنصف لاتتأخري))
((آه,كلا لن افعل.ماذا ارتدي؟)).
((ترتدين؟من سيأبه لما ترتديه؟))سأل باحتقار.:mad2:
((كلا..اقصد ثوب سهرة؟لانني لااملك ثوبا"حقيقيا"واعتدقت انه لربما..))
((ارتدي ماترغبين به.لن ينظر اليك اي شخص))قال لها بعدم اكتراث.
وصلت الى الطابق السفلي والدهشة لاتزال تكتنفها وسمحت للبواب ان يطلب لها تاكسي.
هي لم تكن معتادة على هذه المصروفات الزائدة لكن حقائبها وامتعتها كانت تضطرها للوصول الى سكن الطالبات,الذي تجهل موقعه تماما"..بالسيارة.
اعطت السائق العنوان وتشاغلت بالنظر الى المناظر البديعة والساحرة في الخارج.لكن اكثر من نصف تفكيرها كان لايزال مشغولا"بالذي حدث قبل دقائق قليلة مجددا" كان هناك ذلك المزيج الغريب من الاثارة القصوى والخوف وهي لاتزال تشعر حتى الان بالصدمة والمتعة لوقوفها الجريء بوجه خوليو والرد عليه بتلك الطريقة الجريئة.
وهي لاتفكر انها اساءت لتقديره لها بتصرفها ذلك .فعلى الاقل ذاك لم يمنعه من دعوتها لحضور اوبرا عطيل معه لهذا المساء.
وصلت بعد مسافة قصيرة الى بناء كبير وجميل المنظر بحديقة غناء حوله وادركت ان هذا سيصبح منزلها لشهور مقبلة.
استقبلتها صاحبة المنزل السيدة ايزبيلا.
كانت السيدة متوسطة القامة,لطيفة الوجه وانيقة الملبس .فكرت ناتاشا ان السيدة كانت مغنية ما بشبابها.وصدق ظنها فعلا" حين اخبرتها السيدة وهي تدلها الى غرفتها انها كذلك فعلا".
((لكني لم اتخطى كوني مساعدة بديلة في الكوفنت.لكن العروض المتنقلة كنت الاولى وكان لي العديد من المعجبين وزرت عشرات الاماكن وتجولنا بكل مناطق اسبانيا.لكن للاسف تلك الايام قد ولت الان لااحد يهتم الا بموسيقى الراب والروك))
ابدت ناتاشا اهتماما" حقيقيا" بعمل السيدة ايزبيلا السابق ومنحها ذلك بالطبع رضى صاحبة المنزل.
((سأعتني بك جيدا" ياعزيزتي.لقد اخبرتني الانسة بيور انك من ضواحي برشلونة وانك بحاجة لبعض الارشاد,لكنك ستعتادين فورا" على كل شئ هنا.هناك تلميذات غيرك في المنزل.اثنان ((وتريات)):tongue-new:واحد ((نفخ)):tongue-new:وثلاثة ((صوتيات)).:tongue-new:لن تشعري والحالة هكذا بالغربة))
((لن اشعر بذلك مطلقا" دون شك.الغرفة رائعة فعلا"))ردت ناتاشا بمودة.:joyous:

أنا إيمان
02-02-2012, 15:58
اكبر تحيه لأحلى ساكنة قلوب اسمتري إلى الأمام الروايه شكلها حلو .. بس لسى ما قريتها انتظرك تخلصين بعيدن اقراها .. وحاجه ثانيه كمان .. اشبه المنتدى صاير عبيط !!!! ابغى اكبر خطي والونه واسوي حركات شويه لكن ما فيه الأيقونات .. سلامات وش فيه !!!!! اختكم إيمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــان

ساكنه القلوب
04-02-2012, 11:11
:grief:هلا ايمان العروووووس الله يسعدك مش حاسة اصلا في حماس مرررة
:upset:مع اني مريضة اكتب وبالقوة اناضل الشبكة والنت بطيئ
:mad2::culpability::moody:
:stung::tongue-new:احلا تحية الك
وان شاء الله عضوات المنتدى الحلوين بخير يارااااااااااااب
ودمتم جميعافي قلبي سكنة:tongue-new:

ساكنه القلوب
06-02-2012, 09:24
:hopelessness:((حسنا", انها كالمنزل, والطعام جيد ايضا" وكذلك الاثاث الله يعلم انني ادرك تماما" اهمية وجود المنزل الدافئ والطعام الجيد والفراش الوثير بعد عوتك من العروض الغنائية المرهقة والتعب قد اخذ منك كل مأخذ,لابأس ارتاحي الان ورتبي اغراضك داخل الخزانة ثم انزلي الى الطايق السفلي حين تسمعين صوت الجرس.سنتاول العشاء في الخامسة والنصف هذا اليوم وبشكل استثنائي لان اربعة من الفتيات سيذهبن لحضور الاوبرا الليلة,انهم يعرضون ((عطيل ))لشكسبير)) ((اعرف انا ايضا"سأحضرها))شرحت ناتاشا والسعادةتغمرها.((ستذهبين الى الكوفنت؟))رددت السيدة ايزبيلا بدهشة::disillusionment:((لكن تملكين تذكرة؟ليس من الجيد الذهاب وتوقع ايجاد تذاكر اضافية على الباب,تعرفين ان ((عطيل))اوبرا معروفةجدا"ومطلوبة جدا")):confusion::confusion:
((اجل معى تذكرة على الاقل ص....صديق سيأخذني معه اليها)).فقد بدا من اتبجح والمباهاة الاعتراف ان خوليو بنفسة سيصطحبها .((لاباس ,انت فتاة محظوظة.كان هناك طلب هائل على التذاكر.لكن حدث ذلك لان الجميع اعتقد ان رستو هو من سيكون المايسترو.الان هو لم يفعل ذلك الا بوقت لاحق من هذا الفصل .لكن الرجل الاخر جيد بدورة))((هذا ماقيل لي))تمتمت ناتاشا.
((هذه ليست بداية سيئة لاول ليلة لك في مدريد! ان تذهبي الى الكوفنت!انها بداية ليست سيئة ابدا"))
((هذا مافكرت بة بدوري ,هناك فقط عقدة واحدة.انا..انا اعتقد انه سيجلس في مقعد جيد.هل تعتبر مشكلة كوني لااملك ثوب سهرة مناسب؟))سألت ناتاشا
((ليس ماكنت ستجلسين في احدى المقصورات,وحتى بتلك الحالة لن يكون الثوب مشكلة الا اذا كنت تحضرين الاوبرا في ليلة الافتتاح الاولى))اخبرتها السيدة ايزبيلا((حسنا",سأتركك الان لترتيب اغراضك)).
وبأبتسامة لطيفة غادرت الغرفة.

ساكنه القلوب
06-02-2012, 09:53
فكت ناتاشا الحقائب ورتبت كل شئ بمكانه بسرعة وتناولت الثوب القرميدي الوحيد الذي تملك من مكانه وارتدته بسرعة ثم سرحت شهرها جيدا" ونظرت الى نفسها بالمراة ,الثوب كان رائعا"ويلف بظلال جدابة على بشرتها وعيونها,انه بالطبع لايبدو فرنسي الاناقة لكنة جميل ومناسب لها.
كتبت رسالة قصيرة لوالدتها تخبرها بها ان كل شئ يسير على افضل من يرام وحين سمعت صوت الجرس تركت الغرفة ونزلت الى الطابق السفلي الكل كان متحلقا"حول الطاولة الطعام وشعرت ناتاشا بالخجل والارتباك فسارعت السيدة ايزبيلا للوصول اليها ومرافقتها الى داخل الغرفة حيث قامت بالتقديم السريع والودي.
واكتشفت ناتاشا حينها ان ((الوبريات))من كاندى وفلور
شقراوات تتعلمن العزف على العوداما((النفخ))فكانت فتاة سمرا....برسيلاتتعلم العزف على البوق
وباالنهاية ((الصوتيات))كنفتاة فرسية تدعى ايفا رقيقة الملامح واخرى اسبانية تدعى ماريانا بشعر اسودقصيروعيون خضراء واسعة اما الثالثة فقد عرفت نفسها فورا"((بالقول:((تعالي واجلسي قربي ناتاشا برايت واخبرينى كل شئ عنك اسمي لوليتا فاردو وانا لااعتبر كتلميذة محترفة في الغناء كالباقيات.انا فقط احب الغناء.يبدو كلامي بلا طموح اعرف,فيما الجميعيصارع للوصول الى قمة شجرة الاوبرا.لكني اظن ان هذه هي طبيعتي وحقيقي)):victorious:
ابتسمت ناتاشا لها وقالت((انا اظن انني احب طبيعتك وحقيقتك)).ضحكت لوليتا قائلة:((على الاقل هذا يوفر علي الشعور بالغيرة المهنية تقول ايزبيلا انك ستذهبين الى الكوفنت الليلة ولكنك ستجلسين بالمقاعد الامامية , جميعنا سيجلس في الصف الاخير في((البلكون))اتعرفين,كيف حدث وان وجدت مقعدا" اماميا" ايتها المحظوظة الجميلة؟))
((انا..انا مدعوة))اعترفت ناتاشا.
((اذن فهي تملك صديقا"ثريا"))همست لوليتا للجميع بصوت مرتفع ومرح :((ياللروعة!او عندك ربما شخصا" مهما"..قد يكون اكثر افادة لك ..اذا ماكان واسطة مناسبة..ماسمه؟))اخذت ناتاشا نفسا"عميقا" وادركت ان عليها قول الحقيقة حتى لاتقع بالمزيد من التورطات.((انة ليس صديقي.انا في الواقع تلميذة لدى خوليو روتسو وهو من سيصطحبني الى الكوفنت)):tongue-new:ساد الصمت الكامل بعد نطقها بالاسم السحري وحدق الجميع بها بعدم تصديق,ثم قالت ايفان:((انت ستذهبين الى الاوبرا برفقة خوليو روتسو؟ماهو شعورك لذلك بحق السماء؟)):grief:

جين أوستين
10-02-2012, 15:35
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

كيف حال احلا بنات ؟ ::سعادة::

غبت و الشوق طول , فحبيت أدخل و أسلم و أشجع قطقوطتنا البيضاء الجميلة , ما شاء الله مجهود راااااااااااااااائع حبيبتي :encouragement:

ان شاء الله أبدأ بالقراءة أول ما أنهي بعض الاشغال اللي بيدي :rapture:

ساكنه القلوب
10-02-2012, 18:29
:cower:((شبانيا وعلقم مر)) ردت نا تاشا ببساطة وصدق. ص
صرخت باقي الفتيات وربتت لوليتا على ظهرها وقالت:((آه,نحن سنحبك بالطبع ناتاشا.بماذا يمكننا ان نساهم بهذه المناسبة؟هل استطيع ان اعيرك شيا"ما؟حقيبة مسائية او معطف...عندى معطف بنى رائع..او قد نوصلك الى هناك على حسابنا؟اقصد..يجب ان نجعله جهدا"تعاونيا"وثقي انك ستجعلينا فخورين جدا" بذلك.خوليو روتسو!هل تمانعين لو لمستك!؟))ولامست ناتاشا بلكزة قوية.
ضحكت ناتاشا :biggrin-new:وقالت :((من الطف الكبير منكن ان تكونوا مهتمات هكذا .انا بالطبع اشعر بالاثارة الهائلة .فللحقيقة, هذه هىالمرة الاولى التى اذهب الى دار كوفنت و..))
((المرة الاولى.وسنذهبمع خوليو الشهير بنفسه,ارجوك استعملي شالي البني!سأحب ان افكر به قد وضع قرب الرجل الشهير,حتى لو لم اكن انا من يرتدية.وسيناسب ثوبك القرميدي هذا تماما"))وقبل ان تجيب ناتاشا سألت فلورا بفضول :((هل تعرفينه جيدا"؟))((اجل اخبرينا كيف هو شكلة؟))توسلت كاندي:((جميعنا يعرف انه جذاب لدرجة هائلة بالطبع,بإمكان المرء رؤية ذلك حتى من ((البلكون)) لكنهم يقولون انه شيطان ايضا".هل هو كذلك؟))فتحت:eek2:ناتاشا فمها لتخبرهم رايهما الصريح بخوليو روتسو لكن التعقل منعها من ذلك وفضلت الاحتفاظ برائيها الشخصي لنفسها فقالت بهدواء وبطء ((انا لااعرفة شخصيا"حقا",ال..الصديق الذي يدفع تكاليف تمرينى على الغناء قرر ان يكون خوليو هو مدربي ولهذا فقد ارسلت لااكون تلميذته . هو قبل بي , ان اقول ذلك ,لكن فيما يتعلق بمعرفتي به..فانا قد قابلته فقط لمرتين..
لابل ثلاث مرات في الحقيقة)).((اقول ان عندك النوع الصحيح من الاصدقاء صحيح؟اتمنى لو كان عندى صديق يفكر انه من المناسب لي ارسالي للتمرن على يدي خوليو الشهير))
((لن يفيدك ذلك حتى لو حصل))قالت كاندي بثقة مرحة :((فسيتم رفضك على الفور . روتسو لايستقبل فقط الاشخاص الموهوبين الراغبين بالغناء. انا لم اسمع من قبل ابدا" انه قد استقبل اي سخص .لاشك انك مميزة جدا" ناتاشا))((هل انت مميزة جدا"؟))سالتها لوليتا.
((لااعرف .هو لايعطيني هذا الانطباع.لكن اظن ان القت لايزال مبكرله ليتوصل الى اي حكم بهذا الشأن))
((يقولون ايضا" انه يستطيع سماع الصوت من الصف الاخير وسيدرك تماما" ما سيكون هذا الصوت عليه بعد التدريب المناسب والتطوير الخاص ,وهم يقولون ايضا" انه حين يأخذ على عاتقه صوت اي مغني فإنه يعلم تماما" ماسيفعله مع ذلك المغنى لخمس سنوات قادمة)):grey:
((حقا"؟))سألت ناتاشا وهي تشعر ببعض الانزعاج لهذه الفكرة.
((هيا توقفوا عن الثرثرة الان ولننطلق ))قالت ماريانا وهى تنظر الى ساعتها ونهض الجميع.
((هل ستذهبين بتاكسي؟ام تفضلين المجيء معنا؟))سالتها لوليتا.
((آه,سأذهب معكم بالطبع )) ردت ناتاشا.
((نحن سنستقل الميترو))اوضحت ماريانا.((ليكن))ردت ناتاشا بابتسام.
((وسترتدين شالي ))سارعت لوليتا للقول وقبل ان تفتح ناتاشا فمها ركضت لوليتا الى غرفتها وعادت بمعطف بني انيق جدا".((انه..جميل جدا"))
((انه لك اليلة..لاتتفوهي بأية كلمة اخرى))امرتها لوليتا برقة وضعت المعطف حول اكتافها وبدا ساحرا" جدا" ومناسبا" لثوبها القرميدي وشعرت ناتاشا انها اصبحت مناسبة فعلا" لرفقة خوليو روتسو.

ساكنه القلوب
10-02-2012, 18:36
هلا وغلا باحلا وردة حمراء وحشتينا مرررررررررو وربي يوفقك كلنا اشغاااااال مرة وتعب وربي يعين ويادوب افتح النت واكتب صفحتين واوقف واسفة من جد على التاخير ودمتم لي في قلبي الساااااااااكن سكنة:tickled_pink:

ساكنه القلوب
11-02-2012, 11:49
تقبلت بين النشوة والترقب وهى بطريقها الى الاوبرا. فالفتيات اللطيفات كنّالآن معها يثرثرن ويضحكن لكن بعد قليل ستصبح وحدها في عالم غريب تماماًعليها لن يكون هناك اي شخص قربها ليدعمها وليشق لها الطريق بأستثناء الموسيقي المنتقد والبغيض.ومهما كانت هبات خوليو ,الا انه بالطبع لن يكزن دعماًلها.
حالما غادروا محطة الميترو اسرعت لوليتا اليها واخذت بيدها لتدلها على اقسام الدار الخارجية وعلى كافة تفاصيلها.((ذاك باب المنصة حيث تنتظرلساعات بعد العرض حتى نشاهد النجوم تغادر المسرح وذاك هو المدخل الجانبي الذي ندخل منة.ولآن سآخذك لتلقي نظرة على المكان من الداخل و...ولاتكوني مرتعبة هكذا, هيا ستتمتعين بوقتك ..نصف الاشخاص الموجودين هنا سيبادولونك مكانك الليلة بكل كنوز الارض فابتهجي))
وحين دلتها على المدخل الى المقصورات قرصتها من ذراعها وودعتها قائلة ((تمتعي بوقتك))
الاضواء والحشود داخل قاعة الانتظار الخاصة برواد المقصورات اذهلت ناتاشا بالبداية وغمرها الذعر في حال عدم تمكنها من تمييز خوليو بين كا هذه الجموع لكنها راته..مميز بشكل واضح ببذلته السوداء الرسمية وقامته الطويلة وهو يتحدث الى رجل قصير القامة رمادي الشعر.
اقتربت منة بخطوات تقصدت ان تكون واثقة ووقفت قرب مرفقه للحظة او اثنثينقبل ان يلاحظ وصولها.
((آه,اهلاً!وجدت طريقك بمفردك اذن؟))
((اجل ,شكراًلك ..لقد حضرت مع بعض الفتايات من السكن الداخلي سيحضرون بدورهم الاوبرا وقد اوصاني معهم بالميترو))
عرّف عن الرجل الآخر الآن:((ماكس فاغن المنتج))ثم اضاف مخاطباً المنتج:((هذه هي الفتاة التي كنت احدثك عنها)).فوراً,تأججت ناتاشا بالفضول لمعرفة ماكان يقوله عنها. لكن الرجل الآخر رد فوراً بالألمانية السريعة التى لم تستطع ناتاشا متابعتها.لكن معلوماتها القليلة بالالمانية مكنتها ان تفهم مما قاله خوليو عبارات ((يوماًما..يوماًما..لايزال الوقت مبكراًلمعرفة ذلك)).:cool2:

ساكنه القلوب
11-02-2012, 12:11
:watermelon:ثم قرع الجرس معلنا بدء الاوبرا وتفرق الجميع كل الى مقصورته((تعالي))قال خوليو اللحظة التى لامس بها خوليو ذراعها كانت ناتاشا دوماًتقيمّجاذبيته بنظرته وابتسامته. لكن وفيما هي تشعر بأصابعه الطويلة القوية حول ذراعها وفوق القماش الحريري الرقيق لشال لوليتا,ادركت فجاة بتيار من المشاعر الغريبة يجتاحها بشكل مفاجيءوصاعق شعرت باللون يلهب وجهها:heart-borken:ثم تلاشى.
لم يكن من شئ مالوف بلمسته وعدم الاهتمام الكامل بملامحه دلها ان الملامسة لم تغني له اي شئ مطلقاً.لكن بالنسبة لناتاشا كان هذا هو الاكتشاف الاغرب والازعجوالذي تشعر بة لاول مرة بحياتها كلها . انه وبجرد لمس هذا الرجل تشعر وكأن النيران قد تفجرت داخلها.
وهما بطريق توجههما الى المقصورة الخاصة كان الجميع يلتفت لينظر اليهما. كانت هذه,بالطبع التجربة الاولى لناتاشا بالسير قرب شخص بالغ الشهرة واعطاها هذا شعور اً خيالياًرائعاًونادراًبغرابته.
لم تكن متأكدة تماماً ماكان سبب شعورها هذا يعود الى لمسه لذراعها,او انبهارها بما حولها او بتجربة ان تكون مركز الاهتمام .لكن حين دخلت اخيراً مقصورة خوليو برفقته وتفتحت امام ناظريها روعة اجمل دور الاوبرا في العالم همست لنفسها وله((انا لااصدقهذا!لااصدق!))((لاتصدقي ماذا؟))سألها.
((كل شئ..انه كالحلم..الذي سيستيقظ المرء بعده..كشئ تخترعه بخيالك لكنك لاتتوقعه لن يتحقق ابداً.ش..شكراًلك
بعمق لاحضارك لي الى هنا)).
((لم يبأالعرض بعد. اذا ماكان هذا الجانب من الستارة يذهلك لهذه الدرجة. فما الذي سيحدث لك حين تكونين من الجانب الآخر؟)):listening_headphoneحدقت به بذهول تام بعد ان انتزعت عيونها عن الستارة المخملية الحمراء:((الجانب الاخر؟قل لي الحقيقة..هل ,هل تعتقد حقاًانني يوماًماسأقف..سأقف على الجانب الاخر؟)):grumpy:

ساكنه القلوب
11-02-2012, 12:28
:dread:((لااعرف. الوقت وحده سيكون الحكم. لكن ماكنت لااهدر كل هذا الوقت والجهد عليك لو كنت لااشعر بالامكانية الضئيلة بأن اجعل منك شيئاًما))((انت تقول ـ اجعل منك ـ وكأنك تقصد ..تقصد ان تصبني في قالب اخر تريده انت))قالت بتفكير((بالطبع .هذا بالضبط مااقصد ان افعله. لااظن انك ستنكسرين بالعملية هذة لانك بالاساس قوية وصلبة. لكن اذا انكسرت فستكونين ..ستكونين..))((انفاق دون فائدة؟))رددت ناتاشا بعقلها :((ياله من تعبير))
ثم لم تعد تفكر بنفسها ولابخوليو لان انتباهها كله توجه وبكلتيه الى المنصة في الاسفل ولوقت طويل لم تشعر الا بالقصة وبالرعب والشفقة التى تعبر عنها .لم تكن تدرك او حتى تشعر بعيون الرجل الجالس الى جانبها والتى كانت مركزة عليها على ضوء المسرح الخافت.فقط حين اسدلت الستارة على المشهد الاول قال خوليو بهدوء :((اجل, اظن ان فاغن كان على حق ))((ماذا؟))سالتة بغموض وهى تستدير لتنظر اليه.
((انت لم تفهمي ماقاله ماكس فاغن عنك؟))
هزت راسها بالنفي ومشاعرها كلها وعقلها كله لايزال منشغلاً بروعة ما كانت تشاهده منذ لحظات.
((اذا كان صوتها يتلاءم مع مظهرها واسلوبها,فهى دون شك تجسيد حي لديدمونة))
((هي..؟يقصد انا؟))فجاة استفاقت وانتبهت لما كان يقوله:((هو قصد ذلك..انه بإمكاني يوماً ما ان اغني تلك الاوبرا الرئعة؟))((كلا, هو لم يقصد شيئاًمن هذا القبيل. هو قصد فقط انك تبدين مناسبة للدور. وهذا هو حال معظم الشقراوات الغير عصريات القلائل فقط, على كل حال , يتعلمون غناء الدور))

ساكنه القلوب
11-02-2012, 13:03
:blue:((لكنك قلت للتو.. قلت انه قد يكون على حق . ماذا قصدت يذلك؟))
((قصدت انك تجاوبت ببعض الذكاء وكأنه عندك الاحساسيس لمشهد الذي مّر.في النهاية لاحظت انك قد بكيت في الاماكن الصحيحة. هل ترغبين بالخروج خلال الاستراحة لتناول الشراب او القهوة؟))
((كلا شكراًلك ..سأكتفي بالجلوس هنا..وبالتفكير بكل ماريت وسمعت))تركها حينها وجلست وحدها وهى تشعر بالارهاق باعماقها وصعوبة وتعقيد المشاعر التى شعرت بها هذا اليوم كانت تكتنفها. وكانها قد غادرت بلدتها الهادئة ومنزلها الدافيء منذ ساعات وشعرت فجاة بالوحدة والاثارة بنفس الوقت.
لو ان بإمكانها فقط الاندفاع نحو ولدتهابعد انتهاء العرض لتخبرها بكل ماحدث..لو ان بإمكانها فقط رؤية رون بلوكيو بين الجموع. لكن لالربما من الافضل ان تقابلة لاحقاً بعد اسابيع حين تعتاد اكثر على جو حياتها الجديد هذا.
حدقت بجموع الناس في الصالة في الاسفل ولم تجد وجهاً واحداً مالوفاً.لكنها تذكرت فجاة!وركزت نظرها الى الطرف الايمن للمقعد الاخير في ((البلكون))وانحت بسعادة عارمة على الحافة امامها لتتيح لنفسها الوضوح الاكبر.
فوراً تحركت فوطة وورقتين يذلك المكان بتلويح واضح.وبدفءمن القلب ابتسمت ناتاشا ولوحت بيدها.
((من هم الاصدقاء؟))جاءها الصوت من خلفها وبنبرة مندهشة.
((انهن لوليتا وايفان وانهن هناك ,آه من الرائع معرفة احد ما هنا))
((انت تعرفينني))اشار لكن حين علّقت بسداجة((ذاك يختلف))لم يتابع هو التعليق.
ثم نظرت اليه وفكرة مفاجئة خطرت لها.
((سيد روتسو هل ستقوم بعمل لطيف,لطيف جداً؟))قالت بلهفة
((لااعتقد ذلك.فأنا لست شخصاص لطيف,لطيف جداً))اجاب مقلداًبنبرتهالابدقة متناهيه((لكن ماذا تريدين مني ان افعل؟))((هل نظرت الى الصف الاخير في اللكون))وابتسمت للجهة التى تظهر لها الاوراق والفوطة البيضاء((هذا ..هذا سيعني الكثير لهن))((آه,لااعتقد!))((كن بالغات اللطف معي ..حتى ان لو ليتا اعارتني شالها الحريري هذا حتى لااشعر بأنني زرية المظهر برفقتك))((انت لاتقولين!))نظرالى الشال وتابع بشكل غير متوقع((انه ساحر))
انحنى الى الامام ونظر الى جهة المطلوبة ثم ابتسم. للحظة توقفت الاوراق عن التلويح وكان الذهول المطبق حعلها تتجمد. ثم ولانهن بدون محتارات رفع يده بحركة غير مهتمة لكن جميلة ولوح قبل ان يعود الى مقعده مجدداً.
((شكراًلك.شكراًجزيلاًلك))همست ناتاشا بحرارة.
((لاداعي للشكر))قال باستمتاع جاف ثم انطفأت الاضواء استعداداً لبدء المشهد الثاني.

يوكي 111
12-02-2012, 18:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف أخباركم
يا حبايب قلبي
وحشتوني كتيــــــــــــــــــــــــــــــر
جدا" جدا" جدا"
ساكنة ربنا يعينك حبيبتي على تكملة الروايه
وجين شوأخبارك يا سكر
وغصونة ياروح قلبي
كيفك يا قمر
والبنوتات الحلوين
كلكم تمام
لكم تحياتي
مع حبي

ساكنه القلوب
14-02-2012, 10:26
:sorrow:هلا وغلا يوكي اشتقتلك بجد نور المنتدى بطلتك الحلوة ياقمر والف شكر على دعمك ودمتى لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
14-02-2012, 11:54
:mad2:لتاني مرة اكتب وينحدف:grief: