PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 [43] 44 45 46

مونـــــي
29-06-2011, 09:48
سلام لكل الحلوين أخباركم والله واحشيني مووووووتــــ
كيفكم اليوم .. أنشاء الله طيبين؟!!
شكراً صبو على روايتك الحلوه .. تسلمي ياقلبي .. سلمي لي على الحلوين ..

نسمة عطر
29-06-2011, 22:33
يوكي 111
الحمدلله على سلامتكِ وإنشاء الله تروح كل سحب الصيف
وترجع الشمس قوية معلش رح نتحمل
ومبروك تغيرالاسم:)

الغصن الوحيد
30-06-2011, 00:10
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته ...

اشتقت لكم يا احلى بنات ...بس كنت تعبانة كثير هذا الاسبوع وما قدرت ادخل المشروع ...وزيادة على المرض صار معي صداع شديد ومستمر وقالت لي الدكتورة ابتعدي عن التلفزيون واللاب ...ومن جد قاعدة في البيت بالاضاءت الخافتة ولا وبعد لابسة النظارة الشمسية واي نور زيادة يزيد الصداع ..

عاد وامي بعد الله يحفظها اصدرت قرار بناءا على كلام الدكتورة لا تفتحين اللاب ..واختي اللي اصغر مني تهددني ان فتحتي اللاب بقول لأمي ..

بس الحمدلله احين احسن من ذيك الايام ..حبيت اسلم عليكم بس ...الين ما يتحسن راسي ومعدتي وانشالله ارجع المشروع ...

وحشتوني كلكم يا الغلا ...

يوكي 111
30-06-2011, 05:46
تسلمي يا اجمل نسمة
نسومة
كيفك واخبارك واحوالك تمام
ربي يسعدك يا قمر
ويبارك في عمرك
مع حبي

يوكي 111
30-06-2011, 05:52
غصونةياقلبي
الف الف الف مليون سلامة عليكي
الله يشفيكي ويطول عمرك
أنا على طول تقريبا" باصاب بهذاالصداع
ولا اتحمل اي صوت او ضوء
ربي يشفيكي ويخفف عنك ويجعله في ميزان حسناتك
مع حبي

مونـــــي
30-06-2011, 14:11
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته ...

اشتقت لكم يا احلى بنات ...بس كنت تعبانة كثير هذا الاسبوع وما قدرت ادخل المشروع ...وزيادة على المرض صار معي صداع شديد ومستمر وقالت لي الدكتورة ابتعدي عن التلفزيون واللاب ...ومن جد قاعدة في البيت بالاضاءت الخافتة ولا وبعد لابسة النظارة الشمسية واي نور زيادة يزيد الصداع ..

عاد وامي بعد الله يحفظها اصدرت قرار بناءا على كلام الدكتورة لا تفتحين اللاب ..واختي اللي اصغر مني تهددني ان فتحتي اللاب بقول لأمي ..

بس الحمدلله احين احسن من ذيك الايام ..حبيت اسلم عليكم بس ...الين ما يتحسن راسي ومعدتي وانشالله ارجع المشروع ...

وحشتوني كلكم يا الغلا ...



هلا والله .. ياقلبي كنت تعبانه!!:eek::eek::eek::eek:
وأنا ما أدري ؟؟
ألف سلامه عليك ياحياتي .. أجر وعافيه أنشاء الله .. أهم شي أنك رجعتي لنا بالسلامة
وأنتبهي على حالك عاد .. طيب !!
شاطره ;) أنا قلت مطيعة ماشاء الله
مره ثانيه الحمد لله على السلامه غصونتي
فأمان الله

مع حبي .. مونــــي

*cute_girl*
30-06-2011, 14:32
الســــــــــــــــلام عليكم
وحشتووووووووووووووووووووووووووووووووووني
جدااااااااااااااا
يا بنـــــــات.....و أخيرا خلصت الامتحانات
ولسه راجعة البيت قلت اسلم عليكم لانكم
وحشتووووني موووووووووت

*cute_girl*
30-06-2011, 14:36
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته ...

اشتقت لكم يا احلى بنات ...بس كنت تعبانة كثير هذا الاسبوع وما قدرت ادخل المشروع ...وزيادة على المرض صار معي صداع شديد ومستمر وقالت لي الدكتورة ابتعدي عن التلفزيون واللاب ...ومن جد قاعدة في البيت بالاضاءت الخافتة ولا وبعد لابسة النظارة الشمسية واي نور زيادة يزيد الصداع ..

عاد وامي بعد الله يحفظها اصدرت قرار بناءا على كلام الدكتورة لا تفتحين اللاب ..واختي اللي اصغر مني تهددني ان فتحتي اللاب بقول لأمي ..

بس الحمدلله احين احسن من ذيك الايام ..حبيت اسلم عليكم بس ...الين ما يتحسن راسي ومعدتي وانشالله ارجع المشروع ...

وحشتوني كلكم يا الغلا ...





الف سلامة عليكي يا غصونة يا قمر
وحشتيييييييييييييينتي كتييييييير
ان شاء الله تتحسني وتصير تمااااام
وترجعي تنوري المشروووووع يا احلي غصووونة

*cute_girl*
30-06-2011, 14:39
مونــــــــــي و ايمان
كيف الاحوال والاخبار؟؟
ان شاء الله بالف خير يا عسولاااااات
اشتقتلكم كتير

*cute_girl*
30-06-2011, 14:43
يـــــوكي
مبرووكـ علي تغيير الاسم حبيبتي
ايهاخبارك واخبار اولادك الحلوين
وحشتييييني يا قمر

*cute_girl*
30-06-2011, 14:44
خدوجة
كيف الاحوال يا قمر
اشتقتلك جدااااااااااااا

*cute_girl*
30-06-2011, 14:48
كليير و نايت
كيف الاحوال؟؟؟
وحشتووونا يا بنااااااات
عاوزين نشوفكم كل يوم زي الاول

*cute_girl*
30-06-2011, 14:51
جووووووووولي
كيفك يا حبيبة خالتو؟ازي صحتك
وعملتي ايه في الامتحانات؟؟؟
طمنيني يا قمر
وحشتيني كتتتتتتير

*cute_girl*
30-06-2011, 14:53
صبــــــــا
كيفك؟؟ وكيف الاحوال عندكم؟؟
وكيف الاولااااد...سلميلي عليهم
سلاااماتي لكي

*cute_girl*
30-06-2011, 14:56
اماريييييج؟؟
ايه الاخبار يا قمر؟؟؟
تسلمي علي الروايه ..لسه ما قرأتها
بس انا احب الروايات اللي ابطالها يونانين
واكيد حلوة لانك كتبتيها يا حلوة
تحياااتي

*cute_girl*
30-06-2011, 14:58
كيفك نسووومة؟؟
وايه الاخبار عندكم في سوريا؟؟
ربي ينصركم ع الظالمين وشعب ليبيا
وكل الشعوب العربية
آآآآآآآآمين

*cute_girl*
30-06-2011, 15:01
سلاااااااااماتي لكل البنات
و آسفة اذا نسيت احد
اعذروني والله لسة راجعة من الامتحان ...والجو حر جدااااااا
والشمس عملتلي صداع رهييب
هروح اناااام و ارجع تاني
سلاااااااااام

نسمة عطر
30-06-2011, 23:18
غصونة سلامة قلبك وما عليك شر يا رب
وإنشاء الله تتعافي وترجعيلنا بخير
بس انتبهي منيح على صحتك
الله يشافيكِ ويعافيكِ يا رب :)

نسمة عطر
30-06-2011, 23:26
غاليتي كيوت غيرل
ألف مبروك انتهاء امتحاناتك
بالنسبة لأوضاع سورية كل شيء
بخير ونحن كتير مرتاحين وأبداً ما في أي شيء من اللي
عم تسمعي على الجزيرة (هناك بعض المظاهرات بس كتير محدودة )
بالعموم الوضع بخير وإنشاء الله سحابة صيف وبتمر
انبسطي بإجازتك ومبروك مرة ثانية ::جيد::

نسمة عطر
30-06-2011, 23:27
موني يسلمو على روايتك
حبيتها كتير وألف مبروك لإيمان وعقبال
عندك نفرح فيكِ

نسمة عطر
30-06-2011, 23:29
صبايا رح أبدأ اليوم بتنزيل
أول فصل من الرواية اللي عم بكتبها
بتمنى تعجبكم

نسمة عطر
30-06-2011, 23:49
مطلوب زوجة وأم ....


مطلوب زوجة وأم
بربارة ماكماهون
الملخص : عزيزتي الآنسة إيفا نز .
لقد أكد لي محامي عمتي بأن أفضل حل للمشكلة التي تواجهنا هي أن نتزوج...........
كان نيكولاس سيلفرمان بحاجة إلى أم لإبنة أخيه اليتيمة , و كارولين بحاجة إلى المال للإنفاق على علاج جدتها في المستشفى , لم يكن هذا زواجاً عادياً بطبيعة الحال و لكن كان عليه أن ينجح ....لأجل الطفلة أماندا .و لكن بينما كانت كارولين الفتاة القادمة من تكساس تعرف الكثير عن مزارع الماشية فما كانت تعرفه عن راعي البقر الجذاب القادم من المناطق النائية في استراليا كان قليلاً جداً . ولكنها في طريقها إلى المعرفة .
تمهيد
عزيزتي الآنسة آرثر ,
لا شك أن محامي عمتي قد أحاطك علماً بموضوع هذه الرسالة , فهو قد أكد لي بأن أفضل حل للمشكلة التي تواجهنا هي أن نتزوج . لم يسبق لي أن علمت بالشروط التي تحتويها وصية عمتي كاثرين و لكن محاميها أوضح لي بأن تلك الشروط هي قانونية تماماً . إن ربط اشتراكنا بالميراث بأن يتزوج أحدنا من الآخر خلال سنة , هو شيء أقل ما يوصف به هو أنه مريع . وبالنسبة إلى نفوري شخصياً من فكرة الزواج , فأن أكثر اشمئزازاً من هذا القيد مما لابد أن تكوني أنت و قد اقترح محاميها علينا أن ننظر إلى هذا الزواج في حالة قبولنا بشروط الوصية تلك , ننظر إليه بمثل الجد و الدقة التي ننظر فيها إلى أي إجراء عملي آخر . وقد استحثنا أن نبدأ بالخطوات الضرورية لإتمام هذه القضية .
إنني أعلم أنه تحدث إليك في الأمر . وأنا هنا أكتب إليك لكي أتأكد ,- في حالة قبولك هذا الاقتراح -, من أن محامي عمتي لم يضللك فإن مزرعة راوستين للمواشي هي مزرعة نائية في أعماق استراليا , وأعمالنا ناجحة تماماً , و المزرعة تحتوي على كل أسباب الراحة . و على كل حال فإن أقرب مدينة إلينا لا تبعد عنا أكثر من ساعة بالسيارة . لقد كانت عمتي تكثر من ذكر جدتك , صديقتها العزيزة , في رسائلها , وقد أخبرتنا كيف أن مزارع المواشي في مناطق تكساس المجدبة هي مماثلة لمزارعنا , مما لا بد يجعل لديك فكرة عن الحال هنا .
لقد توفي أخي و زوجته منذ ستة أشهر . وقد أخذت طفلته سارة للعناية بها منذ ذلك الحين , وهي تبلغ لم الثانية بعد . وجداها يطالبان بحضانتها . ولكنني أريد أن تنشأ الطفلة هنا في المزرعة , وأنا على استعداد للقيام بكل ما يجعلها سعيدة في حياتها معي . وإذا كان امتلاك نصف ميراث العمة كاثرين شيئاً مجدياً , فإن ما يهمني أكثر هو أن أحصل على زوجة و على أم لسارة .
بالنسبة لترتيب عملي لهذا , الحب ليس مطلوباً و لكنني أصر على الحب لسارة . فهي في أشد الحاجة إلى عناية امرأة . ومقابل ولائك لأسرتي أتكفل لك بمنزل مستقر طيلة حياتك .
اكتبي إليّ إذا كنت موافقة على كل هذه الترتيبات فالوقت ضيق . إذا كان جوابك بالموافقة , فسأقوم بالترتيبات اللازمة

الفصل الأول
أخذت ستيفاني تفكر بذعر , و قلبها يخفق , أنها مازالت غير مستعدة . كانت تنزل من الطائرة الصغيرة ذات المروحتين ليستقبلها نهار استرالي متألق . أخذت تجيل بصرها في الأرض و الفضاء التي تحيط بالمطار الصغير بينما ترامت وراءها مدينة صغيرة . وبللت شفتيها بلسانها و هي تشعر بخفقات قلبها تتعالى . ما الذي تفعله هنا في مدينة أديلايد في المنطقة الشمالية ؟ هل فقدت عقلها ؟ و لكن , أترى فات الأوان لتغير رأيها ؟
ورفعت يدها تسوي من شعرها الأشقر العسلي و الذي ينحدر إلى كتفيها , وقد اتسعت عيناها الزرقاوان , كما أدهشها أن تشعر بأصابعها ترتجف . فأخذت تتنفس بعنف و هي تعود فتنظر حولها مرة أخرى و كأنما تلتمس مهرباً في هذه المناظر المجدبة . ما كان لها أن تستجيب لذلك . و في الواقع , ما هو الخيار الذي كان أمامها ؟ إن شيئاً لم يتغير . كان عليها طبعاً أن تستجيب , فهذا مجرد إجراء عملي محض و غاية في البساطة , وهي في أشد الحاجة إلى المال لأجل جدتها .
و مشت إلى حيث يقوم مركز التوصيل الكهربائي تنشد شيئاً من الظل يقيها من أشعة الشمس , مجتازة رجلاً كان يستند إلى جدار المركز , دون أن تلقي عليه نظرة , فقد كانت أفكارها تبعد عنه آلاف الأميال . و تساءلت مت سيأتي أحد ما لأخذها . وإلى متى بإمكانها أن تحتفظ بهدوء أعصابها .
و جاءها صوت قوي من خلف كتفها اليمنى يسأل :" ستيفاني آرثر "
استدارت لتجد ذلك الرجل الطويل القامة المتين البنية الذي كان مستنداً إلى الجدار القديم , لتجده يمعن النظر فيها من تحت حافة قبعته العريضة . فأخذت تتأمل كتفيه العريضتين , وعنقه البارز من خلال فتحة قميصه الأزرق . ونظرت إلى ذراعيه المفتولتين المعقودتين فوق صدره , و قد رفع كميّ قميصه , وساقيه الطويلتين في البنطال الذي علاه التراب , ثم عادت فرفعت بصرها لتلتقيا بعينيه , و من ثم شعرت بالدوار يتملكها .
سألها :" هل أنت ستيفاني آرثر ؟"
أجابت و هي تتقدم فتقف أمامه :" نعم , أنا ستيفاني آرثر ." سعرت بالسرور لارتدائها ذلك البنطال الكحلي اللون و القميص الأبيض ذا الكشاكش , ما أسبغ على مظهرها لمسة أنثوية , و بالسرور لتسريح شعرها قبل نزولها من الطائرة .....فانسدل في تجعدات طبيعية حول كتفيها .
فقال بلهجة متكاسلة :" إنني ألبرت دوغلاس . لم أكن واثقاً من حضورك ."
فنظرت ستيفاني في عينيه الرماديتين الصافيتين , و لون بشرته الذي لوحته شمس استراليا فأصبح برونزياً . لقد فتنها للتو تألق عينيه و سمرة وجهه و سواد شعره , وكان صوته عميقاً قوياً رائعاً بلهجته الاسترالية .
وتساءلت ستيفاني , للحظة قصيرة , عما إذا كان فاتها شيء لك تلحظه . و هزت رأسها تدفع بذلك , الاضطراب الذي اعتراها . هل هذا هو ألبت دوغلاس ؟ هذا الرجل الصلب الحازم الواثق من نفسه الذي يقف أمامها , و الذي ينضح قوة و جاذبية ؟ لم يكن كما تصورته قط . لقد كانت عمته على صواب و هي تخبرها أنه حسن المظهر ......لقد كان رائعاً حقاً .
فقالت تجيبه بذهن مشتت :" و لكنني سبق أن قلت بأنني سأحضر ." مدّ يده إليها ليصافحها , فترددت لحظة قبل أن تمسك يده القوية . وكانت أصابعه متينة صلبة دافئة . تدافعت خفقات قلبها , وتراجعت خطوة إلى الوراء بعصبية . وكادت تجذب يدها من يده و تفر هاربة من تلك المغناطيسية المنبثقة من عينيه , وتلك الجاذبية التي لم تتوقعها , حتى مع مايكل , لم تكن تشعر بنفسها أنثى , كما أنها لم يسبق أن تأثرت بوسامة رجل من قبل . لا يمكن أن تتزوج هذا الرجل , فهو سيسيطر عليها في غضون ساعة واحدة.
مع أنها كانت طويلة القامة , فقد كان ألبرت دوغلاس يزيدها طولاً بكثير . لقد كان طوله فوق الستة أقدام , و لم يكن عرض كتفيه ليقلل من طوله هذا . و كانت قبعته القش تكاد تغطي نصف وجهه تظلله من أشعة الشمس .
و لكن كان بإمكانها أن ترى عينيه , تتأملانها بإمعان , ما أرسل في كيانها رجفة غريبة .
لقد داخلها الخوف عندما التقت عيناها بعينيه , و ساورها الاضطراب . و أخذ هو يمعن النظر فيها بعينين ضيقتين فتمنت لو كانت مرتدية ثوباً و ليس بنطالاً . و أنها أحسنت زينة وجهها هذا الصباح.
قال لها بينما كان يتأملها باهتمام : "إنك لست كما توقعت ."ودون أن تظهر عليه أي إشارة إلى نوع تفكيره , استقام في وقفته , و استدار متجهاً نحو الطائرة بخطوات متراخية متعجرفة و كأنه يملك المنطقة بأكملها , و هو يقول : " سنأخذ أمتعتك ثم نتناول بعض الطعام . مازال أمامنا ساعة أخرى قبل أن نصل إلى البيت ."
تبعته ستيفاني و هي تتمنى لو كانت وضعت نظارات شمسية تظلل عينيها من أشعة الشمس القوية, كما تحميها نوعاً ما من نظرات هذا الرجل النفاذة . و أسرعت في خطواتها لكي تلحق به .
وجدت نفسها تسأله :" و ما الذي كنت تتوقعه ؟"
أتراه أصيب بخيبة أمل ؟ و أنه سيغير رأيه و يبطل اتفاقهما ؟ أم مازال مهتماً بمتابعة الأمر ؟
أتراها حماقة منهما أن يعقدا زواجاً يقوم على المصلحة المادية في عصر كهذا ؟ و هل يتوقع منها أحد أن تستمر في الطريق ؟ ولكنها , مع ذلك , لم تشأ له أن يغير رأيه .
فهز كتفيه وهو يسحب من خلف الطائرة حقائبها , ثم يجيبها عابساً :" لم أتوقع أن أجدك بهذا الجمال ."
فتملكتها الدهشة و لم يبد ِ عليه أنه لاحظ انعقاد لسانها كفتاة صغيرة و هو يتجه بها نحو شاحنة صدئة مغبرة . أكان هذا مديحاً لها ؟ لم يكن يبدو أن هذه الحقيقة أعجبته . ولاحظ ترددها و هو يشير نحو العربة , فقال :" لسوء الحظ من الصعب المحافظة على نظافة أي شيء عندما تهب عواصف الغبار لهذا أستعمل هذه في أنحاء المزرعة و على الطرقات . و لهذا تبدو لك في أسوأ مظاهرها , ولكنه نظيفة في الداخل ."
فأومأت موافقة و هي تنظر إليه يلقي بحقائبها بكل سهولة , في الخلف من الشاحنة , متسائلة عما إذا كان يسأل نفسه الآن عما جعله يرسل إلى آخر العالم طالباً عروساً لم يسبق له أن رآها قط . ذلك أنها , حسب ما رأت منه , قد أدركت أن بإمكانه الحصول على زوجة بكل سهولة . بل إن الصعوبة هي أن يتمكن من إبعاد النساء عنه .
كان شكله مليئاً بالحيوية , و تصرفاته واثقة حازمة , ربما سيغير رأيه بعد أن رآها . و تمنت بكل لهفة أن لا يحدث هذا , إنما لم يكن لحصتها في الميراث أثر في هذه اللهفة . و ساعدها على الصعود إلى الشاحنة , وعندما صعد هو إلى مقعده , استدار يتفرس فيها , فبادلتها نظراته برصانة كي لا يلحظ الحرارة التي سرت في كيانها أو تسارع خفقات قلبها , وقال لها :" هنالك مكان صغير لطيف في المدينة يقدم الطعام . سنتناول الغداء فيه بينما نتحدث عن أمورنا قبل أن نتوجه إلى المزرعة ."
فقالت :" هذا جميل يا .......ألبرت ." و سرّها الطريقة العفوية التي نطقت فيه باسمه , وأنّ صوتها لم يتهدج فيفضح توترها . كانت خائفة من أن تتحطم آمالها . لم تكن تريده أن يدرك مقدار ما تشعر به من ارتباك , ولا عدم الثقة بالنفس المفاجئ الذي تملكها ,وكل ما يعتمل في نفسها .
التوت شفتاه بنصف ابتسامة و هو يتحرك بالسيارة . لقد أدرك ما يعتمل في نفسها .
أخذت تنظر حولها بلهفة و السيارة تمر بهما في شوارع المدينة , مستمتعة بكل ما تراه . كان هنالك شارع واحد رئيسي ذو رصيفين , ولكن التراب كان من الكثافة بحيث بدا كطريق قذر . و كان يحد الشارع عدة محلات و متاجر , كما كان هناك بناية بأكملها . و لمحت عدة بيوت إلى جانبي الشارع أضفت عليه الحدائق التي تحيط بها ألواناً بهيجة و بالإجمال , كانت أديلايد مجرد مدينة صغيرة عادية .
أوقف ألبت العربة أمام مقهى صغير يدعى شتراوس , و كان ممتلئاً تقريباً بالزبائن , ما عدا مائدة أو اثنتين , فاتجه بها إلى واحدة منهما في مؤخرة المكان حيث يمكنهما أن يكونا على انفراد نوعاً ما . وكان أثناء مروره يحني رأسه للبعض , ويرد تحية البعض الآخر دون أن يتوقف ليتكلم معهم أو يقدمهما إليهم .
وعندما استقر بهما المقام , أخذت ستيفاني تتفحص المكان حولها , وقد انسدل شعرها الأشقر على وجنتيها يبعد عنها نظرات ألبت التي كانت تحدث فيها تأثيراً لم تحدثه نظرات رجل آخر من قبل . كانت تريد أن تجد فرصة تتنفس فيها .
و جاء النادل ليسجل طلباتهما حيث أخذ ألبرت يثرثر معه بعض الوقت , كما أنه لم يقدمها إليه ما قوى من اعتقاد ستيفاني بأنه غيّر رأيه بالنسبة إليها , ذلك أن الناس لن تثرثر فيما لو أعادها إلى بلدها دون أن يعرفها أحد أو يعرف سبب مجيئها .
و نظرت إليه و هو يبلغ النادل ما يريدان , وهي تتساءل عما إذا كان قد أخبر الناس بأمرهما , أترى يعلم الجميع أنه أرسل إلى أميركا يطلب عروساً لم يسبق أن عرفها من قبل ؟
وكان هو , في هذه الأثناء , يطلب من النادل أن يحضر لهما فطائر باللحم و بطاطا مقلية , وذلك دون أن يأخذ رأيها في ما تريد أن تأكل. فرمقته بنظرة حادة و هي تتساءل عما إذا كان يتصرف دوماً بمثل هذه الثقة بالنفس و بالآخرين . إذا كان الأمر كذلك فما الذي جعله يقبل بمثل هذا الزواج المدبر , حتى و لو كان زواج مصلحة ؟ إنه لا يبدو من أولئك الرجال الذين يجعلهم الآخرون يقومون بشيء لا يريدونه هم . و عاد النادل بأطباق الطعام بسرعة , وكانت هي تشعر بالسرور للصمت الذي ساد بينهما , فصممت على أن لا تكون البادئة باختراقه .

نسمة عطر
30-06-2011, 23:54
وعندما أخذا في تناول الطعام , سألها ألبرت :" هل كانت رحلتك مريحة ؟ "
فرفعت نظراتها إليه , شاعرة بتأثير شخصيته الطاغية لم يؤثر عليها رجل من قبل بمثل هذه القوة . وسحبت نفساً عميقاً في محاولة لامتلاك أعصابها . لقد اختارت بنفسها هذا الوضع و ستستمر فيه و لو كان في ذلك هلاكها .
وأجابته قائلة :" نعم , شكراً . وشكراً لك لإرسالك لي تذكرة السفر " و اعتدلت في جلستها و هي تنظر إليه مفكرة و قد سرها أن وجدت صوتها هادئاً قوياً . فأومأ برأسه و هو يحدق فيها قائلاً و قد ضاقت عيناه : " إن الوضع محرج , أليس كذلك ؟"
فاحمرت وجنتاها و لكنها لم تشأ أن تتظاهر بعدم الفهم , فأجابت :" نعم...إنني غير واثقة ...."
فقاطعها قائلاً :" إنني أنا أيضاً لست واثقاً تماماً في الواقع . كنت أظن أن الأميركيين يتصفون بشخصية بالغة الاستقلال , ومع هذا أراك مستعدة للزواج من رجل حال اللقاء به ."
فأدارت بصرها حولها , لا تعرف بماذا تجيب , فهي لم تتوقع مثل هذا الكلام الصريح , فقد كانت ترجو أن يأتي على ذكر هذا بشيء من الكياسة . وأخيراً , عادت تنظر إليه , ثم قالت :" إنني بحاجة إلى المال الذي سأحصل عليه بالزواج منك . كما أن فكرة كوني أماً لفتاة صغيرة بحاجة إليّ كانت فكرة مغرية تماماً و قد وضعت في حسابي أنني قد أصادف أشياء غاية في السوء
فقال :" آه إذن , فأنت ترين بأنني لست أفضل من الموت بكثير ."
لم تكن تقصد إهانته , فقالت متلعثمة :" أنا ......إنني أريد أن أشعر بأن ثمة حاجة إليّ ."
فأومأ برأسه و كأنه فهم ما تعنيه ,وقال :" إنني و سارة بحاجة إليك فعلاً . إذن فليست القضية قضية مال فقط ؟" وتضمن سؤاله هنا شيئاً من عدم التصديق .
فقالت :" كلا . رغم أن رفض ذلك المبلغ من المال هو , بصراحة شيء صعب على أي إنسان ."
وابتسمت بعصبية فبدت على إحدى وجنتيها غمازة جذابة ثم عادت إلى رصانتها مرة أخرى لتقول :" إن المال ضروري بالنسبة إليّ لكي أتابع علاج جدتي . وأعتقد أنني كتبت إليك عن مرضها الشديد ."
فقال :" هذا يفسر العجلة في امتلاك المال . ما هو رأيها في قدومك إلى هنا ؟ "
فأجابت :" إنها مسرورة لأجلي , فقد كانت هي و عمتك كاثرين صديقتين حميمتين مدة طويلة , فهي تشعر أنها تعرفك , كما أنها أحبت فكرة أن أكون أماً للطفلة . وقد طلبت مني إرسال صورة لها ."
كانت تتحدث شاعرة بالشوق إلى جدتها , ذلك أنها الوحيدة التي عرفت عندها الاستقرار , بعد حياة طويلة حافلة بالتنقل من مكان إلى آخر .
قال لها :" أظن أن علي أن أزيدك معرفة بالوضع ." ومال إلى الخلف و هو يحدق فيها , بينما كان يقول :" إن جدي يعيش معي في المنزل . وعندما مات أخي إدي وزوجته كلير , جاءت ابنتهما الصغيرة سارة لتعيش معنا , وجداها الآخران , والدا كلير يطالبان الآن بحضانتها . وكان إدي قد طلب مني أن أكون حاضناً لها , وأنا أريد أن أربي ابنته و لكن الطفلة بحاجة إلى أم . فالمحكمة تطلب لها بيتاً حقيقياً مستقراً , فإذا لم أستطع توفيره لها , فستسلم حضانتها إلى والدي كلير ."
فأومأت برأسها متفهمة . إن لدى ألبرت أسباباً للزواج أكثر من مجرد الحصول على نصف الإرث , فقد كان مستقبل الطفلة في خطر . وهذا يجعل زواجهما أقل مادية و بروداً . و عاد هو يقول :" ولكنني لا أريد حلاً مؤقتاً . فإذا كنت مصممة على الزواج لكي تحصلي على إرثك , ثم تبتعدي , فانسي هذا الأمر . فأنا أريد من يعتني بسارة إلى أن تكبر على الأقل . إنني أريد حلاً دائماً " أومأت ستيفاني برأسها وقد اتسعت عيناها فهي لم تبتعد بأفكاره كثيراً إلى ما بعد الزواج , فهو طبعاً يريد علاقة ثابتة مستقرة لأجل الطفلة , وهي لا تريد أن تعرض الطفلة سارة إلى نفس الحياة القلقة الممزقة التي مرت هي نفسها بها من قبل , وسحبت نفساً عميقاً و هي ترى نفسها تلتزم بهذا الأمر لعشرين سنة على الأقل . وشعرت بنفسها مغلوبة على أمرها , ولكن لم تجد أمامها أي حل آخر تتبعه .
قالت تجيبه :" إنني لم أوافق على القدوم إلى هنا لأتزوج لعدة أيام فقط , ثم أرحل . فقد وضعت كل ما أملكه في الشحن إلى هنا و حقائبي هذه ما هي إلا جزء منها , فأنا لست هنا لأمضي مدة قصيرة فقط ." كانت تتحدث بحزم و ثبات , و قد بان التصميم في عينيها الزرقاوين , ذلك أنها قد كرست مستقبلها في سبيل أن تعين جدتها على الشفاء . وهي ستلتزم بما صممت عليه.
أخذ هو يتفرس فيها لحظة طويلة , كانت نظراته أثناءها تخترق أعماقها , ثم قال:" عندما تزوج إدي من كلير , لم أكن أنا أريد الزواج , فقد فكرت في أنهما سيتكفلان بإنجاب أولاد يرثون الأملاك , ولكن رأيي هذا تغير بعد الحادثة . إن سارة بحاجة إلى امرأة إلى أم , ة لأجلها سأحضر أماً "
فأضافت :" ولأجل المال أيضاً "
فأجاب متهكماً :" طبعاً فهو مبلغ أكبر من أن يرده أحد."
فأومأت برأسها ذلك أنها عرفت ذلك قبل مجيئها . ليس بالنسبة لجده الذي يعيش معهم , وإنما بالنسبة للبقية , وقالت :" سأحاول جهدي بأن أكون أماً صالحة ."
فتابع و هو ينظر في عينيها مباشرة :" وعليك أن تعلمي , منذ الآن أنني لا أثق بالحب فهو من خيالات الشعراء التافهة . لهذا لا أرى من العدل أن أتزوج امرأة ربما تهتم بي أكثر مما أهتم أنا بها , إذ تتصور نفسها غارقة في الحب معي , أو أن تتخيل قضاء أمسيات شاعرية معي . إن زواجنا سيكون زواج مصلحة فقط لا غير ."
فعادت تومئ برأسها و هي لا تتمالك نفسها من سؤاله , إذ كانت ما تزال حائرة من ذلك الإرث الذي تركته عمته كاثرين له و لها بشرط أن يتزوجا . سألته قائلة :" هل تعرف سبب وضع عمتك لمثل تلك الوصية ؟ "
فأجاب :" لقد كانت عمتي كاثرين تحب دائماً أن تتوسط في الزواج , حتى في كاليفورنيا . وهكذا كانت زكتك لي إلى درجة بالغة ." وابتسم بشيء من السخرية ثم تابع يقول :" إنني أعلم أنك تحبين الحياة الهادئة , وتعرفين شيئاً عن المواشي بحكم عملك كمحاسبة في مؤسسة لتربية المواشي في كاليفورنيا , وأنك لا تحبين التبذير و الإسراف, و أنك طاهية ماهرة و ربة منزل قادرة وسكت و قد بدا على وجه ستيفاني . كانت تحملق فيه قائلة :" و لكنني لم أتلق تزكية عنك ,و أظن من الأفضل أن تذكر صفاتك الجيدة قبل أن نذهب بعيداً في هذا الأمر ."
فقال بصراحة :" اسمعي . دعينا نتحدث بوضوح . ما كنا لنتزوج لولا رغبة عمتي كاثرين . أليس كذلك ؟ و هذه الوصية ستحقق شيئاً يرغبه كل منا , نحن الاثنين . فأنت ستحصلين على المال الذي سيساعد في علاج جدتك , وأنا سأحصل على أم لسارة , وطالما نتذكر ذلك , فسنتمكن من إتمام هذه الاتفاقية , وكل شيء بعد ذلك سيسير في طريق النجاح."
فقالت بحدة :" يبدو لي أن بذكر دوام الأمر تريد أكثر من مجرد إتمام هذه الاتفاقية . فقد سبق و تحدث عن حل دائم."
فانحنى فوق المائدة , وقال :" إن أسرتي لم تتعود زواجاً دائماً بين أفرادها . فجدتي توفيت شابة , وأمي هجرت أبي عندما كان إدي رضيعاً , وكلير تركت إدي قبل أن يقتلا معاً بذلك الحادث . و أنا الآن أريد أن أخالف هذا الاتجاه , فأنا أريد لزواجنا هذا أن يموت أحدنا بعد انتهاء عمره , هل هذا مفهوم؟"
أجابت :" تماماً " و لكن قشعريرة سرت في كيانها . كانت تريد أن تبقى و لكن ماذا لو كانت مثل أمها ينقصها الثبات في العلاقات ؟ و تابعت تقول :" إني لن أجعل لك عذراً لإنهاء هذه العلاقة , فهل بإمكانك التعهد بنفس الشيء ؟ "
قال :" وأنا بالمثل , لن أجعل لك عذراً لذلك ."
قالت بصوت بدا عذباً رقيقاً بالنسبة إلى لهجته الاسترالية الجافة :" أظن في اجتيازي كل تلك المسافة من كاليفورنيا ما يشكل التزاماً كاملاً مني بهذا الاتفاق ." كانت تريده أن يثق بأنها متمسكة بالناحية العملية من اتفاقهما . قال :" هذا عظيم , لقد قمت أنا بإجراءات الزواج , و يمكننا أن نتزوج عصر هذا اليوم ."
تساءلت عما إذا كان تسارع خفقات قلبها قد أصبح عادة مزمنة عندها , ذلك أنها عدت تتسارع الآن بعد سماعها كلمات ألبرت صحيح أنها قد تعهدت بالزواج منه و أنه لم يعد ثمة موجب للتأخير , و لكنها كانت قد فكرت بأن لا بد أن يسبق ذلك بضعة أيام تتعرف فيها إليه أولاً , ولكن , ما هي نتيجة ذلك ؟ إنها كانت مصممة في الواقع على أن لا تتزوج مطلقاً , ولكن ما كان لها أن تغفل هذه الفرصة التي سنحت لها للمساعدة في علاج جدتها , و التي كانت من الأهمية بمكان , ولكنها لم تتوقع مطلقاً أن يكون زواجها حال نزولها من الطائرة , لقد كان يتحدث عن إتمام الزواج بعد دقائق , فلماذا هذه السرعة الفائقة ؟ و كأنما لاحظ ترددها و تباطؤها , فرفع حاجبيه متسائلاً :" هل هناك مشكلة ؟ "
أتراه قرأ أفكارها ؟ و هزت رأسها محاولة التظاهر بالهدوء و الثقة بالنفس و هي تقول :" ليس ثمة مشكلة , إنها الدهشة فقط لرغبتك في الزواج هذا اليوم . هل استلمت الأوراق التي كنت قد أرسلتها إليك ؟ " و كان في حقيبتها نسخة من المستند الرسمي
فأومأ قائلاً :" إن الطريق إلى المزرعة طويل و قد مضى معظم النهار الآن , ولن أتمكن من العودة إلى المدينة قبل فترة " كان يتكلم و هو يتفرس في وجهها بعينيه الرماديتين .
و تمنت لو أنه لا ينظر إليها بهذا الشكل , فقد شعرت بنفسها ضعيفة عاجزة تحت وطأة نظراته الثاقبة . و في كل مرة كان ينظر فيها إليها , كانت تشعر و كأنها على وشك أن تفقد توازنها .
و أخيراً قالت و هي تدفع عنها الشعور بخيبة الأمل إذ تراه لا يريد أن يضحي بيوم عمل في المزرعة يجيء فيه إلى المدينة لأجل العرس , عرسه هو , وقالت :" هذا سبب عملي جيد للزواج هذا اليوم " و ألقت نظرة على ثياب السفر التي كانت ترتديها ثم على ثياب العمل التي يرتديها هو . كانت تتوقع أن يكون عرسها كبقية الأعراس . و فكرت في ثوب الزفاف الأبيض الذي اشترته و أحضرته معها , هل عليها أن تذكر ذلك له ؟ ربما من الأفضل أن لا تفعل , إذ سيتبادر إلى ذهنه أنها تسعى إلى أن يكون العرس شاعرياً , بينما كان سبق و صارحها باحتقاره لهذه المشاعر .
قال :" إن لدي في المنزل سيارة يمكنك استعمالها متى شئت , يا ستيفاني , فلن تكوني مرتبطة بالمنزل على الدوام , إذا كان هذا ما يقلقك . و لكن ليس لدي وقت يسمح لي بالسفر على الدوام ذهاباً و إياباً إلى هنا , فأنا أدير المزرعة و لا يمكنني الابتعاد عنها مدة طويلة ."
فأجابت :" و أنا لم أتوقع حياة ليلية هنا , فإنّ هذه الاتفاقية بينما ستستغرق كل وقتي و اهتمامي , فلا تقلق لذلك . و أنت كنت صريحاً في رسالتك عما سأتوقعه هنا , وأنا على كل حال لم أتعود على الأضواء و السهرات ."
قال :" إنك لن تجدي ذلك هنا . لقد كانت كلير تزعج إدي بإلحاحها على الدوام لكي ينتقل إلى ملبورن , شاكية من أن ّ الحياة في المزرعة نائية تبعث على الملل ."
أتراه يقارنها بكلير ؟ و قالت له :" ما كان لك أن تتوقع هذا مني ."
فأجاب :" كلا . ولكن كلير نشأت في ملبورن ما جعلها تفضل الحياة فيها على الحياة في مزرعة المواشي هنا . هل لديك سؤال آخر قبل أن نذهب ؟ " و كان قد أنهى طعامه و تناول قبعته .
كان لدى ستيفاني ألف سؤال , ولكنها ستجد أجوبتها جميعاً بمرور الوقت . وليس بينها ما ينبغي أن يكون جوابه قبل الزواج ... الزواج ؟ و سحبت نفساً عميقاً و هي تشعر بفطيرة اللحم كالحجر في معدتها . لقد التزمت بوضعها هذا قبل أن تترك كاليفورنيا . و قد فات الآن أوان العودة عن قرارها ذاك .
وقالت :" ليس لدي أسئلة أخرى إنني مستعدة ."

نسمة عطر
30-06-2011, 23:57
بعد ذلك بساعة , كانت ستيفاني تجلس بجانب عريسها الذي اتجه بشاحنته شرقاً في الطريق المزدوج الاتجاه . كان الاحتفال بالزواج قصيراً مختصراً . و ألقت نظرة على خاتم الزواج الذهبي الذي يتألق في إصبعها شاعرة بالدهشة لشرائه لها مسبقاً , وكانت دهشتها أكبر أن وجدت قياسه مناسباً لأصبعها . كيف أمكنه أن يعرف ؟
لم يكن ذلك الاحتفال ليماثل حفلة الزفاف الفخمة التي كانا , هي ومايكل , قد خططا لها , ولكنها كانت مناسبة لتلك الاتفاقية العملية التي أبرمت بينها وبين ألبرت . و مع أنها لم تتوقع أن يكون الزواج بهذه البساطة و هذه السرعة , إلا أنها أقسمت يمين الزوجية بكل إخلاص , مصممة على أن تكون له زوجة صالحة . لم يكن الزواج هو مبتغاها , لو كان لديها الخيار , ولكنها ستريه أن بالإمكان الركون إليها والاعتماد عليها . لقد ساورها شعور ضئيل بأنها عروس للبيع .......ولكن تفكيرها بأن جدتها ستحصل من وراء هذا الزواج على أفضل علاج , جعل الأمر يستحق كل ذلك , وكان عليها أن تشعر بالسرور لحصول هذه الفرصة لها التي ستيسّر لجدتها سبيل الشفاء . فقد كانت ستيفاني تدين لجدتها بالكثير , وهي سعيدة الآن إذ أصبح بإمكانها أن تسدد بعض فضل جدتها عليها .
وانتقلت عيناها من الخاتم , لتتفرس في الرجل الجالس بجانبها ....زوجها . لقد بدا تماماً كما رأته لأول مرة منذ ساعات قليلة .. واثقاً من نفسه إلى شيء من الغطرسة . لم يكن يبدو عليه , مثلها هي , وكأن عالمه مال فجأة على محوره . طبعاً لم يحدث هذا بالنسبة إلى ألبرت , ذلك أن حياته لن تستمر كما كانت قبلاً , فقد أصبح عنده الآن من يستلم مسؤولية سارة و المنزل ليبقى هو حراً في تكريس حياته لإدارة المزرعة .
عالمها وحده هو الذي مال . كل شيء فيه قد تغيّر . وأخذت تتساءل عما أصابت في قرارها هذا . فقد هجرت كل ما ألفته لكي تبدأ حياة جديدة في استراليا مع رجل غريب . فهل ستتمكن من النجاح معه , أم أنها ستندم على هذا اليوم؟

نسمة عطر
30-06-2011, 23:58
قراءة ممتعة
وكل يوم رح نزل فصل
تصبحو وتمسو على ألف خير

مونـــــي
01-07-2011, 14:48
مونــــــــــي و ايمان
كيف الاحوال والاخبار؟؟
ان شاء الله بالف خير يا عسولاااااات
اشتقتلكم كتير



يــــــــا هلا والله وأهلين ومرحبتين
وينك من زمان وحشتينا ياوحشة !!!
كيف الأمتحانات ؟؟ أهم شي حليتي !!!
الله يوفقك ياشيخة وتجيبين الأولى آمين يارب .. المهم لا تقطعين ها ..
ومشكوره حبيبتي على سؤالك :):):)
الله يحييك من جديد ....
تحياتي
مونـــــــــــي

مونـــــي
01-07-2011, 14:53
موني يسلمو على روايتك
حبيتها كتير وألف مبروك لإيمان وعقبال
عندك نفرح فيكِ


مرحبا نسومه أخبارك ياقلبي
أهم شي الروايه أعجبتك !!! خلاص
يلا ننتظرك تكملي روايتك شكلها حلوه قريت بدايتها
تحياتي لك
مونــــــــــــي

جين أوستين
01-07-2011, 17:51
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا قرأة القصة زمان... لكن بتقطيع متكامل :ميت: أظن حتى النهاية ما كانت واضحة !!

شكرا لكِ عزيزتي لكتابتها و منتظرة الفصل الثاني

* ان شاء الله بعد ما تخلصيها أضيفها للقائمة ::جيد::

نسمة عطر
01-07-2011, 22:30
الفصل الثاني

نقلت بصرها نحو المساحات الشاسعة من الأراضي , شاعرة بالغضب لحماقتها . الزمن وحده هو الذي سيثبت ما إذا كان لاتفاقهما هذا أن يدوم , ولكنها ستبذل كل ما في وسعها للمحافظة على عهدها , والتخلص من كل الأحلام و الأوهام التي لم تتضمنها الاتفاقية وعندما كانت تحدق في تلك السهول المترامية بذهن شارد , استحضرت إلى ذهنها ذلك الموقف حين تم عقد القِران . لقد تلاقت نظراته النارية بنظراتها . و توهج وجهها شاعرة بالأحاسيس تغمر كيانها , ولكن أليس هذا هو الوضع الذي اختارته لحياتها ؟
" إلى أيّ حد تختلف هذه المناظر عن كاليفورنيا ؟"
أجفلت إذ سمعته يتكلم فجأة بعد طول صمت , فأدارت عينيها إليه تسأله :" عفواً ؟ "
فأجاب ببطء و كأنه يتحدث إلى شخص لا يحسن الإنكليزية :" إنني سألتك عن الفرق بين كاليفورنيا و ما ترينه هنا ."
فابتدأت تنتبه ببطء إلى الأدغال ذات اللون الأخضر المغبر التي يمران بها , و أشجار المناطق الحارة المنتشرة هنا وهناك . و كان العشب قصيراً جافاً مغبراً . أجابت باسمة :" إنني أشعر كأنني في موطني , تقريباً . إنني لم أميز أنواع الأشجار , ولكن الأدغال مماثلة لما هو عندنا و كذلك الأعشاب هي نفسها ."
قال :" أظنك ستشعرين و كأنك في موطنك , إذن ؟"
فأجابت :" إنه مشابه جداً له . و هذا سيحملني على الاستقرار , فلا أتطلع إلى السكن في المدن مهما كانت الظروف ." أليس هذا ما كان يريد أن يعرفه ؟
و عندما اجتازا عموداً حجرياً كان يفصل أميالاً طويلة من الأسلاك الشائكة , قال:" هذا يشير إلى حدود مزرعة راوستين ." فسألته :" كم تبلغ مساحتها ؟" لقد بدت لها الأرض هنا مشابهة لتلك التي تحيط بالمدينة رغم تلك التلال المنخفضة التي كانت تبدو لها عن بعد . كيف بإمكان أحد أن يفصل بين أملاك و أملاك ؟
و أجاب ببساطة :" إنّ لدينا حوالي المئة ألف كيلو متر مربع ."
فاستدارت إليه قائلة بدهشة :" مئة ألف كيلو متر مربع؟ إنّ هذه مساحة هائلة ." و أخذت تحاول أن تحسب هذه المساحة بالفدادين , ثم تقارنها بمزارع المواشي التي تعرفها في كاليفورنيا . و لكن ذلك أعيا ذهنها .
قال :" إنّ الجفاف هنا لا يسمح بإرواء نفس العدد من المواشي في الفدان الذي يوجد في مزارع منطقة تومليس , و لهذا فنحن بحاجة إلى أراض ٍ أكثر بكثير لتربية الماشية ."
فسألته :" هل كل الأرض بمثل جفافها هنا ؟ "
أجاب :" نعم , إنما في فصل الجفاف . ولدينا آبار ارتوازية حول الأراضي لتمدنا بالمياه أثناء فصل الجفاف الطويل . و عندنا المطر في فصل الشتاء , كما أنّ لدينا سدوداً تحفظ المياه قدر المستطاع ."
فعادت تسأله :" كم يوجد من الرجال في المزرعة ؟"
فأجاب :" في المنزل يوجد جدّي و أنا , بالإضافة إلى اثني عشر من متعهدي الماشية . أربعة منهم ذوو عائلات . و لدينا أيضاً مكانان أصغر حجماً إلى الجنوب من هنا يقيم فيهما مدراء للمراقبة . إنّ جدّي لا يقوم حالياً بكثير من العمل ولكنه يحاول أنّ يصدر الأوامر إلى الرجال من المنزل و قد سلمني إدارة الأعمال اليومية منذ عدة سنوات , رغبة منه في أن يتقاعد مبكراً كما يقول إنه فقط عذر لكي يتفرغ لهوايته في إصلاح آلياته رغم عدم درايته بذلك , دون أن يشغله عن ذلك الاهتمام بالماشية ."
سألته :" وماذا عن والديك ؟"
فألقى عليها نظرة و قد بان الجمود على وجهه , و قال :" إنني لم أرَ أمي منذ ثلاثين سنة عندما هجرتنا . وأبي يعيش في ملبورن حيث يعمل في شحن السفن ."
فقالت بسرعة تغير الموضوع بعد أن لاحظت التوتر الذي بدا عليه لدى جوابه الأخير , قالت تسأله :" هل يتوجب عليّ أن أطبخ لكل رجال المزرعة ؟" كانت فكرة إعداد الطعام لأكثر من ستة عشر رجلاً كل يوم , هي شيء لا يطاق .
أجاب :" كلا . فالعائلات يأكلون معاً . أما الرجال العازبون فلديهم طاه خاص في سكنهم بعيداً عن منزلنا ."
سألت :" و من كان يعتني بسارة منذ وفاة والديها ؟ "
أجاب :" جدّي وواحدة من زوجات رجالنا و اسمها جودي كمب . ولكن سارة أصبحت تمشي الآن ما يستلزم رعاية حقيقية , بينما لجودي منزلها الذي يشغلها بالمناسبة , هل تعلمين الكثير عن تربية الأطفال ؟" فهزت رأسها قائلة :" كلا , ولكن بإمكاني أن أتعلم , و قد أحضرت معي بعض الكتب لذلك ."
و انطلقت منه شتيمة خافتة و هو يعود إلى النظر إلى الطريق , ثم قال :" كنت أظن أنّ النساء يعرفن تلقائياً , كل شيء عن تربية الأطفال ."
فأجابت :" لا يعرفن إلا إذا كان لديهنّ أطفال . أما أنا فلم يكن لديّ فرصة لأتعلم ذلك . ولكن لا تقلق , فسأتعلم ذلك بسرعة ."
قال :" الأفضل أن تتعلمي لأن ّ هذا هو السبب الرئيسي لزواجي بك "
شعرت بالغضب يغلي في داخلها للهجته هذه التي ذكرتها بأن زواجهما كان خارجاً عن رغبتهما , هما الاثنين , ولكنها قالت بصوت عذب :" ظننتك تزوجتني فقط لأجل ميراث عمتك ."
فقال :" إنّ الميراث مفيد طبعاً , رغم أن ّ المزرعة كافية لنا تماماً . ولكن السبب الرئيسي هو سارة ."
فقالت :" وهي أيضاً أحد أسباب قبولي الزواج ."
قال :" مع أنّك ِ بحاجة إلى المال ."
قالت :" هذا صحيح . ولكن جدتي لن إلى الأبد , حتى و لو تغلبت على مرضها ذاك . بينما سيدوم زواجنا , أنا و أنت , حتى و لو انتهت حاجتنا المباشرة إلى المال . فلا تقلق , فأنا سأكون أماً حانية لسارة ."
كان ألبرت الآن قد دخل الطريق المؤدي إلى المنزل , و ابتدأت أعصاب ستيفاني في التوتر . هذا إضافة إلى الإرهاق الذي كانت تشعر به . وتاقت إلى الإنفراد بنفسها , فقد اجتازت أحداثاً كثيرة و بسرعة , وسيحل الليل قبل أن تجد وقتاً تهتم فيه بنفسها . إنها ستتعرف أولاً إلى بقية أسرة ألبرت , وهذا سيستغرق لحظات قليلة تنخرط بعدها في دورها كزوجة لألبرت . وازدردت ريقها بصعوبة , محاولة تمالك أعصابها . إنها زوجة ألبرت , وعليها أن تعتاد هذا .
وعندما لاح لهما المنزل , أخذت تتأمله بنهم و هما يقتربان منه , ثم سألته :" إنّ المنزل أكبر مما كنت أتوقع . هل تسكنونه أنتم الثلاثة فقط؟"
فأجاب :" إنّه منزل كبير بني لسكن أسرة كبيرة , وقد بناه جدّي الأكبر مع أنّه لم ينجب سوى جدّي الحالي الذي أنجب بدوره ولداً واحداً هو أبي الذي أنجب اثنين . وقد تعودنا على اتساع الأمكنة حتى أن لدينا غرفاً عديدة لا تحوي أي أثاث مطلقاً "
كان المنزل مؤلفاً من طابقين عاليين و شرفة تمتد على طول الواجهة الأمامية له و كان المنزل ذات يوم أبيض اللون , و لكن غبار التراب الأحمر قد علاه ممتزجاً بالأقذار , و كان ثمة صف من أشجار مطاط تسبغ شيئاً من الظل عليه و تصد عنه الريح من ناحية الغرب , وكانت أوراقها الخضراء الفضية تعبث بها نسائم العصاري .
سألته و هي تشير إلى مجموعة من الأبنية خلف المنزل تنتشر في الأنحاء كقرية صغيرة , وبقربها مخزن كبير للغلال :" و ما تلك الأبنية الأخرى ؟"
أجاب :" البعض منها مساكن العمال . و هناك مخزن لطعام الجياد و حظائر للماشية , وعدة سقائف لآليات المنزل . ظننتك تعرفين تربية المواشي ."
قالت :" لقد عملت في مؤسسة لتربية المواشي , و لكنني كنت أعيش في مدينة تقع في وسط منطقة ريفية تضم مزارع الماشية , ولكنني لم أسكن قط في مزرعة ."

نسمة عطر
01-07-2011, 22:31
عندما أوقف الشاحنة أمام الباب الخلفي , استدار إليها قائلاً :" أهلاً بك في مزرعة راوستين , يا سيدة دوغلاس , ودعينا نحن الاثنين نأمل في التوفيق ." فابتسمت و هي تسمعه يناديها باسم السيدة دوغلاس , وتاهت عيناها بعيداً . ولكن الإبتسامة ما لبثت أن تلاشت و هي تواجه منزلها الجديد . حتى تأثير الجاذبية التي شعرت بها قرب ألبرت تلاشت و هي تدرك أخيراً هول ما أقدمت عليه . إنها في كاليفورنيا , لم تتردد و هي تحزم أمرها . لقد درست كل الخيارات التي أمامها , و تفحصت كافة النواحي . لم تكن وصية كاثرين متوقعة قط , و لكنها كانت واضحة و هي تترك نصف أملاكها الواسعة لستيفاني بشرط أن تتزوج من حفيد أخيها في خلال سنة واحدة , و كانت ستيفاني بحاجة ماسة إلى المال لمتابعة علاج جدتها . فألزمت نفسها بذلك , محرقة الجسور خلفها . فنجاح ذلك الآن موقوف عليها . فهي الآن , مثلها مثل ألبرت , تأمل في التوفيق . قال لها برقة و هو يرى خوفها و ترددها : " تفضلي , إنهم جميعاً في الداخل ." و لم تكن تتوقع هذا التفهم و تلك الرقة منه , فسرها ذلك . سار أمامها مجتازاً المطبخ الذي أدهشتها نظافته , وهذا ما لم تكن تتوقعه بالنظر لإدارة الرجال له , فلم يكن على الأرض أي كساء , ولا ستائر على النوافذ و لا غطاء على المائدة أو أي شيء آخر يضفي حيوية على المكان .
و سمعت صوتاً يقول :" لقد كدت تتأخر عن العودة . هل تأخرت طائرة برينس ؟" فنظرت لترى رجلاً في أواخر الستينات من عمره يدخل المطبخ , وعندما رأى ستيفاني قطب حاجبيه وهو يجيل فيها بصره يقيّمها و قد بدا التفكير في عينيه السوداوين . و كانت بين ذراعيه طفلة في ثياب قذرة . وقعت عينا ستيفاني على الفور على سارة . وخفق قلبها لم تكن هذه صورة كاملة للطفلة كما تصورتها . لقد كان شعر الطفلة البني قصيراً كشعر الغلام . وكانت ساقاها السمراوان و قدماها العاريتان مدلاة و هي تحدق في ستيفاني بعينيها الكبيرتين البنيتين , و كانت تتشبث بالرجل العجوز و كأنه حبل النجاة .
قال ألبرت :" أقدم لك ستيفاني يا جدي . لقد تزوجنا عصر اليوم و هذا سبب تأخرنا في الوصول إلى هنا ."
و كانت لهجته , وهو يتحدث عادية ولكنه كان ينظر إلى جدّه بعينين ضيقتين و كأنه يريد أن يرى تأثير كلامه عليه . هز الرجل العجوز رأسه ثم استدار إلى ألبرت قائلاً :" إنك مغفل , يا فتى . إنّ هذه لن تبقى هنا أبداً . إنها أكثر أنوثة و طيشاً من أن يعجبها مكان كهذا فهي سترحل بعد أقل من شهر . إنني لا أدري لكاذا شئت أن تتزوج أجنبية . على كل حال , و إذا كنت تسألني رأيي , فهو أن كل هذا يبدو لي حماقة بالغة."
فهتف به ِ ألبرت محذراً :" جدّي ." بينما لاذت ستيفاني بزوجها غريزياً . لقد كانت قوة شخصيته من ذلك النوع الذي يمكنها الركون إليها , بينما تابع هو قائلاً :" لقد سبق و تباحثنا في كل هذا . و ستيفاني هي الآن زوجتي , فتذكر ذلك ."
أجاب الرجل العجوز متذمراً :" إنها سترحل قبل أن ينتهي الشهر ."
كان بنفس طول حفيده , ولكنه أثقل جسماً . وكان يبدو أنه يتحلى بشيء من قوة ألبرت ما جعله يبدو رجلاً منيعاً. أجابه ألبرت بصوت بدا في ذلك الصمت , واضحاً حازماً بينما تعلقت نظراته الهادئة بنظرات جدّه , أجاب قائلاً :" إنها لن ترحل إلى أيّ مكان ." فتردد الجد لحظة و هو يتبادل النظر مع حفيده , ثم استدار إلى ستيفاني قائلاً بحقد :" مرحباً بك ِ في مزرعة راوستين , يا سيدة دوغلاس ." ثم مد يده لها متابعاً :" إنني جون دوغلاس . جد ألبرت . ويمكنك أن تدعيني جدّك ِ أيضاً إذا شئتِ طالما أنت ِ هنا ."
فقال ألبرت :" إنها بالطبع ستدعوك جدّي , فقد أصبحت الآن من الأسرة ." و عندما أخذت ستيفاني تنقل النظر بينهما , أدركت كيف سيكون منظر ألبرت عندما تتقدم به ِ السن . طويل القامة , بادي الكبرياء , مازالت القوة ظاهرة في عضلاته و صوته . لقد كان جون دوغلاس رجلاً خشناً و تمنت أن لا يحكم عليها بالرعونة لمجرد مظهرها . وقالت و هي تبتسم بخجل للطفلة :" و لابد أنّ هذه هي سارة ."
فأجاب الجد :" لا يمكن أن يكون لدينا طفلان , فهذه وحدها تكفي لإرهاقنا جميعاً ." و تابع مخاطباً الطفلة و قد رقـّت أساريره على الفور :" قولي مساء الخير للسيدة الجميلة يا حلوتي ." لقد كان حبه لحفيدته جلياً فسألته ستيفاني و هي تمد ذراعيها للطفلة :" هل ستسمح هي لي بأن أحملها ؟ " فمالت الطفلة نحوها و قد بدا الجِِد على وجهها وأخذت تتفحصها بإمعان بعينين متسعتين . فقال ألبرت :" كلا " ولكن بعد فوات الأوان , إذ أنّ الطفلة كانت احتضنت ستيفاني و لفت ساقيها القذرتين حول وركيها . فاستدارت نحو ألبرت تحدق فيه متسائلة . هل كان عليها أن تتمهل في التعرف إلى الطفلة؟
ولكنه قال موضحاً :" إنها ستوسخ ملابسك ." فشدّدت من احتضان الطفلة و هي تقول :" إنّ الملابس ستغسل . إنها طفلة رائعة ." هنا حدث لستيفاني شيء غير متوقع . لقد وقعت في غرام الطفلة . وعندما أخذت تتفرس في تلك العينين الواسعتين المحدقتين فيها , خفق قلبها حباً وبهجة لاستلامها هذه الطفلة الغالية , لقد تبددت الآن كل شكوكها و اضطرابها . إنها كانت على صواب في مجيئها إلى استراليا و الزواج من ألبرت دوغلاس . وهي ستكون أماً صالحة لهذه الصغيرة . و عندما أخذت تسترق النظر إلى عريسها من تحت أهدابها , تساءلت عما إذا كانت ستصبح زوجة صالحة كذلك .
و كان هو يحدق فيها , وساد التوتر بينهما مرة أخرى ولم تستطع هي أن تبعد نظراتها عنه , فقد كانت القوة الكامنة في عينيه تسمّرانها . و أخيراً , تركها ألبرت و تحول خارجاً ليحضر أمتعتها . فكادت تتنهد بارتياح وهي تفكر في أن من الأفضل لها أن تتعود على تمالك نفسها في حضوره.وعندما عاد بعد لحظات حاملاً الحقائب , قال لها :" تعالي معي إلى الطابق الأعلى لأريك غرفة نومك . هل ستعد أنت الطعام هذه الليلة يا جدّي ؟"
فأجاب الجد :" طبعاً ,كالعادة . فأنا سأمنح ستيفاني يوماً أو يومين لكي تستقر." و نظر إليها يسألها بخشونة :" إنك تحسنين الطبخ , أليس كذلك ؟"
فأومأت برأسها و استدارت تتبع ألبرت , فقد ابتدأت تشعر بالقهر . لقد كانت متوقعة أن تقتصر علاقتها على ألبرت وسارة , دون هذا الرجل العجوز الذي أبدى بوضوح كراهيته لوجودها هنا . و اجتاز ألبرت القاعة المظلمة بخطواته الواسعة المتكاسلة و هو يحمل حقائبها الثقيلة دون جهد و كأنها خالية . وعند أسفل السلم , توقفت لكي تتقدمه وعند القمة وقفت مترددة فقال :" من هنا " و دفع باباً إلى اليمين ثم دخل يضع الحقائب بجانب سرير فردي . وتبعته هي و عيناها تجولان في أنحاء الغرفة التي كانت بسيطة عادية . وكان على السرير ملاءات و بطانيات دون غطاء , ولم تكن على النوافذ ستائر . وإلى جانب الجدار قامت خزنة ذات أدراج . و كان هذا كل شيء حتى ولا منضدة صغيرة عليها مصباح للقراءة . و عندما أخذت تنظر إلى كل هذا بذعر , قال لها :" إن غرفة سارة بجانبك غرفتك , وغرفة جدّي إلى الخلف منها . أما غرفتي فآخر القاعة . الحمام هو الثاني إلى اليسار ."
فقالت بمرح :" هذا رائع ."
فجال ببصره في أنحاء الغرفة و كأنه يراها للمرة الأولى , ثم قال :" ربما ترغبين في إضافة بعض الأشياء إليها ."
فأومأت برأسها لا تريد أن تجرح مشاعره بقولها إنّ الغرفة بحاجة إلى إضافة الكثير .
و تردد و كأنه يريد أن يقول شيئاً , ولكنه ما لبث أن هز كتفيه ثم سار نحو الباب و هو يقول :" إن العشاء الساعة السادسة و النصف . و ستكونين قد ارتحت حتى ذلك الحين , و غداً تبدأين بإعداد وجبات الطعام بنفسك ." بقيت ستيفاني واقفة مكانها تستمع إلى وقع خطواته تبتعد نازلاً السلم ليدخل بعد ذلك المطبخ ثم ساد السكون .وكانت الطفلة تحدق فيها دون أن تفوه بكلمة . فسألتها :" هل تريدين أن تتفرجي عليّ و أنا أفرغ أمتعتي ؟" و كوفئت على هذا بابتسامة من الطفلة وإيماءة وعندما انتهت ستيفاني من إفراغ أمتعتها , وغسل جسد سارة , كان الإرهاق قد استولى عليها , ولم تجد ملابس كثيرة للطفلة . وهكذا ألبستها قميصاً مقفولاً نظيفاً أنيقة . ما جعلها تبدو نظيفة أنيقة . و من ثم استلقت عل سريرها و قد هدها التعب من التوتر المتواصل و الأحداث المرهقة التي مرت بها هذا النهار , آخذة الطفلة معها على نفس السرير , مصممة على الراحة لعدة دقائق قبل أن تبدأ بالتفرج على المنزل . و أغمضت عينيها و هي تسمع حفيف أوراق الشجر من خلال النافذة المفتوحة و شاعرة بالنسائم العطرة الدافئة تلامس بشرتها ما منحها شعوراً بالأمن و الهدوء . و هتفت بها صوت يناديها :" ستيفاني " بينما أخذت يد خشنة تزيح عن وجنتها خصلات شعرها . وعاد الصوت خفيضاً رقيقاً يتسلل إلى أعماق نفسها عاد يقول :" استيقظي يا ستيفاني . لقد حان وقت الطعام." وفتحت ستيفاني عينيها ببطء . كان منحنياً عليها , مقترباً بوجهه من وجهها و عيناه الفضيتان تراقبان عينيها وهما تنفتحان .
وعاد يقول :" استيقظي " و كان يبتسم بكسل وهو ينظر إليها . فحدّقت في وجهه و شعره الأسود الذي يسرّحه إلى الخلف , منسدلاً إلى ياقة قميصه . و همست تسأله :" أتراني تأخرت ؟"
إنه وقت العشاء . لقد جئت قبل الآن و أخذت سارة من جانبك , وهي الآن معنا في الطابق الأسفل , وقد أعدّ جدّي كل شيء ."
قالت :" سألحق بك على الفور ."
أومأ برأسه بخفة و هو يتحول خارجاً من الباب و هو يقول :" إننا بانتظارك"
عندما دخلت ستيفاني المطبخ بعد ذلك بدقائق , وكان جون و سارة جالسين إلى ناحية من المائدة , وألبرت إلى الناحية الأخرى . وعندما رآها , جذب كرسياً بجانبه لتجلس عليه , و بينما أخذت تأكل بهدوء كان الرجلان يتحدثان في شؤون المزرعة , فكان ألبرت يلقي بالأسئلة فيجيبه الجد . وتملكها السرور لما كانت تسمع . فقد كانت تعرف شيئاً ما ساعدها على تفهم ما يقولون .
سألها ألبرت فجأة مغيراً الموضوع ليوجه اهتمامه إلى عروسه :" هل أفرغت أمتعتك ؟"
فأومأت برأسها , فعاد يسأل :" و هل وجدت كل ما تحتاجينه ؟"
أجابت :" نعم , ما عدا ملابس لسارة ." فنظر إلى الطفلة , ثم عاد ينظر إلى ستيفاني قائلاً :" و لكنها ترتدي قميصاً نظيفاً . لا بد أنك وجدت ثيابها ."
فقالت :" لم أجد في الأدراج سوى قمصان , فأين بقية ثيابها ؟"
أجاب :" لقد ضاقت عليها ثيابها التي كانت أمها قد اشترتها لها . فعدت أنا و اشتريت لها هذه القمصان , فالجو حار هنا "
فتمتمت قائلة :" ربما . و لكنني سأشتري لها بعض الأشياء من المدينة ." لم تكن تريد أن تهين عريسها , ولكن الطفلة تحتاج لأكثر من مجرد قمصان قطنية .
فقال الجد :" ربما . كان عليكما أن تنتظرا قليلاً قبل عقد القران . فهي لم تمض ِ بعد خمس ساعات و تراها قد ابتدأت تتحدث عن الذهاب إلى المدينة . إنني أؤكد لك يا ألبرت بأنها لن تبقى هنا . لقد كانت رغبة كاثرين غاية في الحماقة , والأسوأ من ذلك إتباعك لهذه الوصية . ولكن حضور فتاة جميلة كهذه كفيل بأن يجعل خطتك مستحيلة . كنت أظنك أخذت درساً من قبل . إنها لن تستمر معك ."
و لم تستطع ستيفاني تجاهل هذا الكلام الذي يدور حولها . كيف يجرؤ على التحدث عنها إلى ألبرت و كأنها غير موجودة ؟ و تذكرت كلاماً كان سبق و قاله لها من قبل أتراه يكرره مرة أخرى أمام جدّه؟
قالت له :" أظنك قلت أن اتفاقيتنا هذه ستدوم إلى أن يموت أحدنا ."
فأجاب بملامح سادها الجمود :" نعم . لقد قلت هذا . إننا الآن متزوجان و سنستمر كذلك ." وكان غضبه موجهاً إلى جده .
فتمتم الجد :" يا لك من أحمق."

نسمة عطر
01-07-2011, 22:31
فقال له ألبرت و قد اشتد غضبه :" إنني لا أريد نصائح في هذا الشأن , يا جدّي . لقد أقمنا , أنا و ستيفاني , عهداً بيننا , و أنا أتوقع أن تحافظ عليه نحن الإثنين ."
فانفجر الجد بغضب مماثل و هو يرد على حفيده قائلاً :" حسناً , ربما من الأفضل لك أن تستمع إلى نصيحة من هو أكثر حكمة منك . إنّ أمك لم تكد تكمل الخمس سنوات مع أبيك . وكلير مكثت أقل من سنتين . فماذا ستظن هذه الشابة الصغيرة ستفعل و هي التي لم تتزوجك إلا لأجل المال , فإذا هي حصلت عليه , فلن يبقى ما يربطها هنا ؟"
فقال ألبرت :" إننا ندرك ما نفعل . فستيفاني متفهمة تماماً للوضع الذي ألقت بنفسها فيه إنّ زواج المصلحة هو كإتفاقية عمل و ربما أكثر ملاءمة لنوع حياتنا هنا "
كانت ستيفاني تحس بموجات غضبه , ومع ذلك كانت تدرك أنّه يحاول كبته . كان كلامه صحيحاً , فليس بينهما أي حب , فقد كان تأمر لا يعدو زواج مصلحة . و خطر لها لحظة عما سيكون عليه الحال لو أنّ ألبرت وقع في حبها . كان واضحاً أنّه رجل قوي المشاعر , فبإمكانها أن تشعر بالغضب يغلي في داخله , فماذا لو أنّه أحبها بنفس القوة ؟ ولكن....إنّها لن تعرض نفسها لمثل ما سبق و تعرضت له من آلام . كلا . ولا هي تريد الركض خلف السراب الذي تبعته أمها من قبل .
فقال الجّد بحدّة :" إنّك لا تعرفها ."
فانفجرت فيه ستيفاني و قد تعبت من معاملتها لها و كأنها غير موجودة , انفجرت تقول :" و كذلك أنتَ لا تعرفني ولا أنا أعرف ألبرت . ولكنني وثقت بكلامه عندما قال إنّ هذا المشروع سينجح . ما الذي ينبغي أن يتضمن هذا الزواج ؟ الحب؟ ذلك شعور يعطي أهمية أكثر مما يستحق , وهو غير دائم . إنني أعلم ذلك ...فأمي أحبت أكثر من عشر مرات . و تزوجت سبع مرات لم يدم واحد منها . إنّك تظن أنّ لا طاقة لي على البقاء هنا ...حسناً إنني لا أعرف الكثير عن رأي الرجال في الحب عدا أنّهم يستعملون كل الأساليب لاصطياد المرأة , ثم يتركونها تنزف ........(أنا موافقة على هذا الكلام تماماً )
فانفجر الجد بدوره قائلاً :" إنّ زوجتي روز , كانت تعشق المزرعة , وساعدتني على بنائها . لقد كان حبنا رائعا . و لكنها ماتت شابة عندما كان والد ألبرت صبياً . إنني لم أشأ أن أتزوج بعدها قط . أما زوجة ابني إدي , فلم تستطع متابعة الحياة في المزرعة , فهجرتنا بعد سنوات قليلة . ولم يكن حظ إدي ابنها أفضل , إذ أن زوجته كلير لم تكمل السنتين."
فأضاف ألبرت :" وكانت تشكو طوال الوقت ."
فقالت :" ولكنني لست والدة ألبرت ولا كلير .إنني ستيفاني وأنا باقية هنا ."
فقال و هو ينظر إليها بحزن :" حسناً سنرى " و كانت هي ترتجف لعنف المشاعر التي كان جو العشاء مشحوناً به . هل ستمر عليهم وجبات العشاء دوماً بهذا الشكل ؟ أم أنّ هذا عشاء خاص احتفالاً بقدومها ؟
عندما ترك الرجل العجوز الغرفة , قال لها ألبرت :" لا تغضبي من جدّي , فهو مازال متألماً مما جرى لإدي."
أومأت برأسها و قد انتابها خيبة الأمل لهذا الاستقبال الذي قوبلت به . ولكنها مازالت على تصميمها على متابع المسير في هذه الحياة الجديدة . وعلى كل حال فهي لن تدع موقف الجد منها ينال من عزيمتها . لقد سبق و أخذت على نفسها عهداً بالبقاء مع ألبرت طيلة حياتها . وهي ستتمسك بعهدها هذا مهما كان الثمن و مهما كانت الاستفزازات من حولها . إنها لن تكون مثل أمها و لا مثل أمها و لا مثل كلير أو والدة ألبرت كان هذا هو قرارها النهائي .
خلال اليومين التاليين , كانت ستيفاني قد أتمت استكشاف نواحي المنزل كافة , و كانت تعتني بالطفلة و تعد وجبات الطعام . و كان ألبرت يذهب إلى العمل منذ الصباح ليعود وقت العشاء . و في غيابه , كانت تنسى تقريباً , تلك التيارات الخفية التي كانت تتجاذبها عندما يكونان معاً , ولكنه عندما يجلس إلى المائدة و ينظر إليها , يصبح من الصعب عليها تجاهلها .
و لتصرف ذهنها عن ازدياد تأثير ألبرت عليها , انغمرت في وضع الخطط لكي تجعل من المنزل بيتاً مناسباً لهم جميعاً . ذلك أنه لم يكن ثمة أثر لذوق المرأة في مختلف أنحاء البيت . فقد كانت الستائر في غرفة الجلوس قديمة حائلة اللون و كانت الغرف مفروشة بأقل ما يمكن من الأثاث . فلم تكن هناك لوحات معلقة على الجدران , و لا تحف تضفي جمالاً على المناضد . كانت الكتب ملقاة في كل مكان و كأن الرجال كانوا يقرؤونها ثم يلقون بها كيفما اتفق . ألم تقم كلير بشيء في سبيل اصلاح مظهر البيت هذا؟ أم أنهم محو كل أثار وجودها ؟ و ملأت خطط تحسين المنزل و تزيينه , و تزويده بكل وسائل الراحة , ملأ ذلك كل وقتها . كانت في كل لحظة , تزداد معرفتها بالطفلة . وكانت سارة تتبعها في كل مكان , وعندما كانت هي تعد وجبات الطعام , كانت الطفلة تجلس على كرسي بجانبها لتساعدها !و عندما كانت ستيفاني تنظف الغرف , كانت هي تحاول مسح الغبار . و كانت مغرمة , على الأخص بالاغتسال , فكانت تجلس في الحوض فكانت تجلس في الحوض تتخبط في الماء ترشّه و تنثره حولها فتبلل به كل ما يصل إليه .
ووجدت ستيفاني منضدة صغيرة نقلتها إلى غرفتها حيث وضعتها بجانب سريرها . و لكن لم يكن هناك مصباح . و لو استطاعت الذهاب إلى المدينة لاشترت واحداً . و كانت أيضاً تريد أن تشتري بعض الملابس لسارة لتدلل هذه السن . وكانت تريد أن تشتري لها بعض الألعاب كذلك .
كان عليها أن تسأل ألبرت عن إمكانية ذهابها إلى المدينة , و لكنها كانت حذرة من ناحية الجد جون , لا تريد أن تعطيه سبباً للتذمر منها مرة أخرى . ولكنها أثناء اليوميين اللذين أمضتهما هنا , لم تكن ترى ألبرت إلا أثناء تناول الطعام . و عندما ينتهي العشاء , كان يذهب مع جده إلى المكتب فيتحدثان في شؤون العمل إلى ما بعد ذهابها إلى الفراش بوقت طويل .
وأدركت ستيفاني أن الوقت الوحيد الذي بإمكانها أن تنفرد به لتسأله عن ذلك هو في الليل بعد أن يذهب جون إلى غرفته.

نسمة عطر
01-07-2011, 22:33
أتمنى لكم قراءة ممتعة

ساكنه القلوب
02-07-2011, 06:23
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::هلا وغلا ومسهلا بنسوكة الحلوة ياوردة الجوري كمان قرتها زمان مثل جين واحب قرئتها معك ياقمر منتظريم التكملة ودمتي في احلا صباح ياوردة ورديه ودمتي لي في قلبي سكنة

نسمة عطر
02-07-2011, 22:23
الفصل الثالث

انتظرت ستيفاني تلك الليلة متحنية الفرصة , إلى أن سمعت ألبرت يغلق باب غرفته , ولم تضيع وقتاً , فاجتازت القاعة نحو غرفته ثم نقرت الباب بخفة . فتح الباب و نظر إليها بدهشة , وكان قد ابتدأ يستعد للنوم . قال : "ستيفاني ؟؟!"
فقالت :"هل يمكنني التحدث إليك ؟"
أجابها :" طبعاً " دخلت إلى غرفته و أغلق هو الباب خلفها . وتوقفت لحظة لا تستطيع مواجهة نظراته , محاولة جهدها تمالك نفسها , وهي تنظر في أنحاء غرفته بفضول . كانت قليلة الأثاث مثل غرفتها تقريباً , ولكن السرير كان ضخماً , كما كان هناك مصباح بجانب سريره , ورأت خلف السرير باباً يقود إلى حمام خاص .
قال :" إنني لم أتوقع حضورك , ليس بهذه السرعة على كل حال ."
سألته :" تتوقع حضوري ؟" و لم تفهم ما يعني بقوله هذا فقال و هو ينظر إليها و قد بان عليه الشعور بالرضى :" لم أكن أتوقعك في غرفتي بهذه السرعة ."
انتابها الذهول . كلا لم يكن هذا سبب حضورها . نظر إليها بحيرة , بينما كانت تقول :"إنك مجنون ,إذ لا يمكنني أن أشاركك غرفتك , فأنا لا أكاد أعرفك . إنه لم يمض ِ عليّ يومان هنا ." كانت تهذي كالأطفال و لكنها لم تكن تدرك ما كانت تقول . لم تكن واثقة من مشاعرها , ولكن هذه المشاعر قد أفلتت من عقالها . ها إنّه يظن أنّها جاءت لتشاركه غرفته . وهي ترغب في ذلك فعلاً , ولكن هذا لا ينبغي أن لا يكون . إنّها لا تستطيع , وهزت رأسها قائلة :" إنّ هذا ليس جزءاً من اتفاقيتنا ......إنّ لدينا اتفاقية عمل و هي فقط لتنفيذ شروط الوصية ." إنّها لم تفكر قط في ما عنى به . ما أشد ّ حماقتها . أما هو , فقد تغيرت أساريره على الفور . فحل الضيق في عينيه و الخشونة مكان الدفء و الرقة , وتوترت شفتاه و تقبضت يداه على جانبيه بعنف ثم قال :" إنّ هذا شيء طبيعي بين الزوج و زوجته ."
فسألته و قد شعرت بصدمة لكلماته تلك :" و ماذا عن الحب ؟" أجاب :" إننا نحن الاثنين لا نثق به و ما يربط بيننا هو الإلتزام . فماذا تريدين أكثر من هذا ؟
فهتفت بدهشة :" أكثر من هذا بكثير ." إنّها لم تتوقع أن يجذبها ألبرت إلى هذا الحد.
سألها :" ولماذا جئت إلى هنا إذن ؟"
أجابت :" جئت لأرى إن كان بإمكاني أن أذهب غداً إلى المدينة لأشتري بعض الحاجات . وكنت قد سبق و قلت لي إن بإمكاني أن أستعمل السيارة . ليس لديّ حتى مصباح بجانب سريري إذا شئت أن أقرأ . كما أنّ سارة لا يمكن أن ترتدي قمصاناً قطنية طيلة حياتها ." كانت تتكلم و هي ما تزال مستندة إلى الباب خوفاً من ألا تحملها ساقاها إذا هي ابتعدت عنه . وكانت عيناها ماتزالان مشتبكتين بعينيه .
و عندما أدركت أنّه يفكر في ما سبق و قاله جده , رفعت ذقنها قائلة :" إنني واثقة من أنّك لن تطردني بعد أن وضعت يدك على حصتك من الإرث . وأظن أنّ عليك أن تبدأ بالثقة بي و في أنني لن أهجرك كما فعلت كلير ." كانت تتحدث بحدة أكثر من اللزوم , و ربما كان ذلك نتيجة تدفق مشاعرها , أو لعله تغطية منها للوحشة التي استشعرتها لانفصالها عنه . و استدار هو متجهاً نحو الخزانة حيث تناول عن الرف سلسلة مفاتيح ألقاها إليها و هو يقول :" هاك مفاتيح السيارة اللاندروفر وهي تحت السقيفة بجانب مخزن الغلال . إنّها لك ِ . وعندما تأتين إلى غرفتي في المرة القادمة كوني مستعدة للبقاء ."
فهمست شاكرة , و قبل أن تفر هاربة إلى حيث الأمان في غرفتها , قال و عيناه تتأملانها :" إنّك ِ امرأة جميلة يا ستيفاني , و الرجل عليه أن يكون زاهداً أو معقداً لكي يستطيع الإمتناع عن الافتتان بك ِ , وأنا لا أنوي الانتظار طويلاً قبل أن أتمم زواجنا ."
فصدرت عنها شهقة سريعة , استدارت بعدها هاربة من الغرفة . و مرت فترة طويلة قبل أن تستغرق في النوم , فقد كانت تعيد إلى ذاكرتها مرة , ذكرى كلامه و نظراته ....لقد تأكدت الآن من أنّه على الأقل , كان منجذباً إليها بقدر ما كانت هي منجذبة إليه . ولكن , هل كان كل شعوره نحوها هو كما عبر عنه (إنّ هذا شيء طبيعي بين الزوج و زوجته ) ؟
إنّها لا تستطيع ذلك مع رجل لا تحبه . ولكنه كان على حق , فهي لا تثق بالحب , فما هي نتيجة كل هذا ؟
و في صباح اليوم التالي لم تكن تركز على الطريق رغم أنّها التزمت في قيادة السيارة ناحية اليسار لأوّل مرة في حياتها . و كانت سارة جالسة بجانبها في كرسيها تثرثر برقة . لم يكن السير مزدحماً , و كان هذا من حسن الحظ لأن ستيفاني كانت مشتتة الذهن و هي تفكر في ليلة أمس و ألبرت . لم تكن قد توقعت قط هذا التجاوب منها لتقرب رجل إليها لا تكاد تعرفه , كما أنها لا تحبه .و حاولت أن تبعد هذه الصور من ذهنها , و لكن عبثاً . كانت تريد أن تمضي معه وقتاً أكثر و ذلك لكي تعرف كل ما بإمكانها معرفته عن الرجل الذي هو زوجها الآن .
كانت تريد أن ترضيه بعدة وسائل لكي تصبح , بالنسبة إليه ,شيئاً مميزاً ما يحمله على التعلق بها ويجعله يشعر بالسرور للزواج منها . أتراها وقعت في حبه ؟
و دفعت هذه الفكرة ذكرياتها عنه من ذهنها . كلا , عليها أن لا تسمح لذلك الشعور المتقلب من التمكن من نفسها . إنها ليست من نوع أمها التي كانت تدعي في كل مرة تعثر فيها على شخص جديد , إنها لن تسمح مرة أخرى لنفسها بأن تكتوي بنار الألم الذي عانته عندما علمت بأن مايكل لم يكن يحبها , وإنّما كان يتسلى بها فقط . إنها تشعر بالإعجاب حقاً بألبرت و الاحترام له و كذلك المودة , وربما سمحت لنفسها بتقبل اقترابه منها , ولكن كل ذلك ما هو إلّا أحاسيس خارجية , فهي لن تدع نفسها أبداً تقع في الحب .
كذلك لن تفكر فيه بعد الآن , فلديها قائمة بالأشياء التي عليها شراؤها من المدينة . كانت قد قررت بأن تسرع في شراء حاجياتها و ترجع إلى مزرعة راوستين , فهي لم تخبر الجد جون بمكان ذهابها , ولهذا لن تدع نفسها تتأخر فيفوتها موعد إعداد العشاء . لم تكن تشعر بالإرتياح من ناحية جون و كانت تريد أن تتجنبه قدر المستطاع . فهو ما زال يظهر تذمره لزواج ألبرت منها . فإذا كان يحاول أن يبعدها عنهم , فهو إذن يسير في الطريق الخطأ , إذ في كل مرة يدلي بتعليق ما , يجعلها هذا أكثر تمسكاً بالبقاء , ولو لتغيظه.
ولم يعد ألبرت إلى التصدي لتعليقات جدّه كما سبق و فعل في أوّل ليلة لها . ولكن ستيفاني لم يعد ألبرت إلى التصدي لتعليقات جدّه كما سبق و فعل في أول ليلة لها . و لكن ستيفاني لم تعد بحاجة إليه ليدافع عنها , فقد كانت مسرورة للصفقة التي عقدت بينهما . ولكن , هل كان ذلك ليحصل لو لم يحدث بينهما الليلة الماضية ما حدث ؟ و ارتجفت وهي تتذكر الإعجاب في عينيه , والحزم في فكه . لقد كانت تظن أنها أحبت مايكل , ولكن رقته معها لم تكن تؤثر بها كما هو الحال مع ألبرت . كما أنها لم تكن تشعر بالشوق إلى الإستزادة من مشاعرها تلك و هي مع مايكل , كما رأت نفسها مع ألبرت . إنه يرغب بها . وهي السبب في أنهما مازالا منفصلين .فإذا تكرر معهما ما حدث , فهناك خطر حقيقي في أن اللهب سيحرقها و يدفعها إلى الاستسلام , فمن الأفضل لها إذن أن تبقى بعيدة عنه.

نسمة عطر
02-07-2011, 22:24
ولاح لها سطح المتجر المعدني عن بعد والذي هو أعلى بناية في مدينة أديلايد تلك . و عندما سارت فوق جسر خشبي ضيق يمتد فوق معدية جافة . ابتدأت تشعر بالعصبية مرة أخرى . فهي لم تكن قد تعرفت إلى أحد في المدينة ما عدا رجل الدين الذي عقد زواجهما , ومساعديه الذين كانوا شهوداً على ذلك . وكانت أديلايد مجتمعاً صغيراً , ولا بد أن كل شخص فيها الآن قد علم أن ألبرت دوغلاس قد تزوج من أجنبية . أتراهم علموا أنهما تزوجا بالمراسلة ؟ و شعرت فجأة بأنه كان عليها أن تناقش هذا الأمر مع ألبرت فهي لا تريد أن تتفوه بمعلومات خاطئة .
وهكذا , ونتيجة لعدم تأكدها مما عليها أن تقول أو تتصرف , أبقت نفسها بمعزل عن الصداقة التي أبداها نحوها بعض موظفي المتجر . فقد تصرفت معهم بأدب جم إنما بغاية من التحفظ الذي لم يشجعهم على إلقاء أية أسئلة و لكنها لم تستطع مواجهة فضول موظف البريد بنفس السهولة . إلا أنها توخت الغموض في أجوبتها , ثم تركت المكان محملة بكومة من المراسلات للمزرعة , ورسالة صغيرة من جدتها . لقد كانت بحاجة إلى أن تعرف من ألبرت بالضبط ما يريدها أن تخبر به الناس , قبل أن تغامر مرة أخرى . كانت تحزم سارة في كرسيها بالسيارة عندما اقترب منها رجل طويل القامة يرتدي ملابس الشرطة وهو يقول : " أظنك السيدة دوغلاس "
فأجابت بأدب , متسائلة عما إذا كانت قد أوقفت سيارتها في المكان الخطأ :" نعم " فقال :" إن اسمي هو ستيفن كاسيدي و أنا من أصدقاء ألبرت . أهلاً بك في مدينة أديلايد ."
فقالت :" أهلاً بك يا سيد كاسيدي . كيف عرفت من أنا ؟" و أثر فيها كونه صديقاً لألبرت و تقدمه إليها معرفاً عن نفسه . وكان في مثل طول زوجها إنما أقل قوة و متانة بنية .و كان شعره خفيفاً بني اللون بنفس لون عينيه , كما أنّ بشرته لم تكن بمثل اسمرار بشرة ألبرت .
أجاب :" إنّ الأخبار سرعان ما تنتشر هنا بسرعة . هل لديك وقت لتناول فنجان قهوة معي ؟"
أجابت :" شكراً , ليس اليوم . فأنا أريد أن أصل بسارة إلى البيت قبل أن تتضايق ."
فقال :" إذن فلندع هذا إلى المرة القادمة عندما تكونين في المدينة . أخبري ألبرت أنني سأعرج عليكم للزيارة ذات أمسية ." و حياها بلطف , ثم تحول نحو الرصيف .
كان تصرف سارة رائعاً ما جعل ستيفاني في غاية السرور لسهولة اصطحابها معها . ولعدم وجود ما تلهو به في المنزل , فقد اشترت لها دمية من قماش و مجموعة من قطع البناء البلاستيكية , فكانت الطفلة تلعب بالدمية طيلة الطريق , ملوحة بها حولها , ممسكة إياها من شعرها و بالإجمال , فقد كانت ستيفاني مسرورة من هذه الرحلة . وعندما وصلت إلى المنزل , كان الجد يعمل في مكتبه فناولته مجموعة الرسائل التي أحضرتها من مكتب البريد دون أن تتفوه بكلمة , ثم صعدت بأكياس مشترياتها إلى غرفتها مارة بباب مكتبه المفتوح . فنظر إليها متأملاً الأكياس و الصناديق التي كانت تسرع بها صاعدة السلم . أخذت ستيفاني سارة معها إلى غرفتها الصغيرة و مضت تتحدث إليهما بينما كانت تخرج الثياب التي اشترتها لها :" ستبدين حلوة جداً في هذا الثوب الأصفر . ألن يدهش ألبرت و جدّك لذلك أثناء العشاء ؟ هنا يمكنك أن تلعبي بهذه الأحجار يا حلوتي ." و ضحكت ستيفاني و هي ترى الطفلة تندفع نحو الأحجار .
أخذت كارولين تتأمل الستائر التي كانت قد اشترتها و شعرت بلهفة لتعليقها , ولكن لم يكن في إمكانها ذلك دون عون من ألبرت فلم يكن هناك قضبان في مكان تعليق الستائر و لم تكن هي تدري شيئاً عن مكان وجودها . لقد اشترت كل ما تحتاجه للغرفة و ما عليه هو إلاّ أن يساعدها في تعليق الستائر , وأخذت تتصور نفسيهما يعملان معاً , و يتحدثان و يتعرف الواحد منهما إلى الآخر بشكل أكثر شمولاً , و يتصرفان كزوجين حقيقيين .
بعد أن مدّت على الأرض الأبسطة المتفرقة ذات الزغب , أخذت تتأمل الغرفة برضى . فقد بدت بما أضافته إليها من ألوان , أفضل كثيراً . كما أنّها اشترت ورق جدران تناسب ألوان الستائر المسدلة بين غرفتها و غرفة سارة , و دهاناً للزخرفة , وبإمكانها أن تقوم بذلك بنفسها.
حان الوقت لإعداد العشاء . ولم تشأ أن تتأخر كي لا تمنح الجد أية فرصة للتذمر . فحملت سارة و ألعابها الجديدة , وأسرعت نحو المطبخ . و في الساعة السادسة والنصف كانت ترتب مائدة العشاء . وكان الرجلان جالسين إلى المائدة . وضعت طبقاً كبيراً يحوي دجاجاً مقلياً أمام الجد و هي تبتسم , مضيفة طبقاً من البازلاء و البطاطا و الشمندر , ثم جلست بجانب ألبرت و هي تراقبهما بقلق لترى مقدار استحسانهما للطعام .فقد كانت وجبة نموذجية من طعام بلادها . ولكنها منذ وصولها إلى هذا المنزل لم تطبخ سوى لحم البقر . أتراهما سيحبان لحم الدجاج ؟
ولكن الجد جون قال لها وهو ينظر إلى البنطال الجينز و القميص القطني الخفيف اللذين ترتديهما :" ظننتك سترتدين ثوباً جديداً على العشاء؟"
فأجابته و قد حيرها ما قال :" لماذا؟ هل ثمة مناسبة خاصة؟"
فأجاب :" لقد رأيتك في غاية اللهفة إلى ترك المنزل هذا النهار . لقد ذهبت إلى المدينة , أليس كذلك ؟ لم يمض ِ عليك هنا ثلاثة أيام بعد , ثم ترتدين الخروج ؟"
فأومأت برأسها . لقد ذهبت فعلاً إلى المدينة , ولكن ليس لتشتري أشياء لنفسها ما عدا مصباح و بعض الدهان .

نسمة عطر
02-07-2011, 22:26
أخذ ينظر إليها بعينين ضيقتين و هو يقول :" لقد رأيت كل الأكياس و الصناديق التي اشتريتها , لا بد أنّك اشتريت كل محتويات المتجر ." و نظر إلى ألبرت قائلاً :" إذا هي استمرت على هذه الحال فستجعلك مفلساً في أقرب وقت ."
قالت بهدوء :" إنني لم أشتر ِ أي ملابس لي بل اشتريت لسارة أشياء قليلة ." و تساءلت كيف لم يلحظ أحد الثوب الجديد الذي كانت سارة ترتديه .
فقال الجد :" لقد صعدت إلى غرفتك ست مرات على الأقل و أنت ِ محملة بالمشتريات في كل مرة ."
فقال ألبرت بخشونة :" ألا تكف عن الانتقاد ؟"
أجاب الجد :" آه منك َ متى ستدرك أنها ليست منا ؟ أنها ستنفق أموالك و تجلب الفقر إليك ثم تهجرك ." فوضعت ستيفاني يدها على ذراع ألبرت تمنعه من الكلام لتجيب عنه قائلة :" لقد اشترت بعض الأشياء لتنظيم غرفتي و غرفة سارة , وذلك من نقودي أنا ."فرد عليها بحدة :" ليس لك الحق بذلك . ماذا جرى أيتها السيدة ؟ ألا يعجبك هذا المنزل ؟"
فأجاب ألبرت :" إنّ هذا بيتها و هي حرة في تنظيمه كما تشاء , ليس فقط بالنسبة إلى غرفتها و غرفة الطفلة . و يمكنها إذا أرادت تغيير نظام أي غرفة فيه ."
فقال الجد متحدياً :" إنّه ليس منزلك ."
فتصلبت أسارير ألبرت , و نظر إلى جدّه بعينين غاضبتين , تاركاً عشاءه , وهو يقول بصوت جامد :" كلا , إنّه ليس منزلي , ولكنه البيت الذي أعيش فيه مع زوجتي . فإذا كنت لا تريد فدعني أعلم أبني منزلاً خاصاَ بي و بها ."
فساد صمت صاعق . وأمسكت ستيفاني أنفاسها , و هي تنقل نظراتها بين هذين الرجلين القويتين . لم تكن تريد أن تتسبب في أزمة كهذه . ثم إذا بالجد يهز رأسه ببطء قائلاً :" كلا لا أريدك أن تنتقل من هنا ."
فقال ألبرت :" إنّ بإمكان ستيفاني إذن أن تنظم المنزل كما يروق لها ."
أجاب الجد :" نعم ."
قال ألبرت :" إنّ ستيفاني هي زوجتي يا جدّي . و عليك أن تتقبل هذا الواقع . و أنا لن أتحمل بعد الآن أي تدخل أو انتقاد . فإذا لم نستطع العيش معاً هنا بانسجام , فسننتقل من هنا . ولكن سارة ستذهب معنا ." و تسمّرت نظرات ألبرت العنيفة على جده , ولكن لم يتحرك أو يتكلم أحد .
وتسارعت خفقات قلب ستيفاني لدى سماعها هذه الكلمات . ربما كان زواجهما هذا للمصلحة فقط, ولكن ألبرت كان يحميها , ويقف بجانبها . وابتدأت تعتقد بأنّه لن يتركها أبداً كما فعل أزواج أمها بأمهما ,أو يخونها كما فعل مايكل . و شعرت بالدوار لهذه المشاعر التي فاجأتها . ها هو ذا يقف بجانبها ضده جدّه !! بينما هو لم يعرفها إلا ّ منذ ثلاثة أيام فقط . إنّها لن تنسى هذا أبداً .
و أخيراً قال الجد مسلّماً بالهزيمة :"إنما لا أريدها أن تقترب من غرفتي أو مكتبي ."
فأومأت برأسها و هي تنظر في طبقها تكاد تهتف ابتهاجاً للسعادة التي سرت في كيانها . إنّها ستجعل من هذا المنزل بيتاً لائقاً لهم جميعاً , ولكن شيئاً فشيئاً , دون أن يشعر الرجلان بتغيير حياتهما فهي ستضيف الزينة ولمسات الأنوثة لغرفتها و غرفة الطفلة فقط , أمّا الغرف الباقية فستتوخى فيها الراحة , ولكنها ستبقيها على طابعها . و عندما خف التوتر حول المائدة , سألها ألبرت :" ماذا اشتريت اليوم ؟"
فأخبرته وهي تشرح له ما ستفعله بغرفتها و غرفة سارة , مختتمة حديثها بقولها :" و هكذا سأقوم بكل شيء بنفسي ما عدا الستائر ,إذ ستساعدني أنت بتركيبها ."
قال :" سنقوم بذلك بعد العشاء ."
فقال الجد في محاولة للمصالحة :" سآتي للتفرج على ما حدث من تغيير بعد إنجازه .إنّ الطفلة تحتاج إلى بعض الزينة و الزخارف."
فسرها ذلك منه . كانت تدرك أنّه ليس من السهل بالنسبة إليه أن تحشر نفسها فجأة في حياتهم . و لكنها كانت تأمل في أن يساعد مرور الزمن في شهورهم جميعاً بالانسجام , بعد أن تتعرف على طباع زوجها . لقد زادت معرفتها قليلاً بزوجها الآن عما كانت قبلاً .
بعد العشاء, أخذت ستيفاني تغسل الأطباق بينما أخذ الجد سارة إلى الخارج لكي يريها الجياد . وجلس ألبرت يتناول قهوته متباطئاً و هو يراقب زوجته أثناء تنظيفها المطبخ . وأحسّت هي بمراقبته لها فأخذت تتباطأ في عملها لتمنع بذلك , أعصابها من التوتر . فقد كانت ذكرى ما حصل بينهما أمس مازالت تداعب خيالها , وإن تكن تفضل لو أنّه ذهب إلى المكتب بدلاً من بقائه هنا محدّقاً فيها . وشعرت بالارتياح عندما صعدا أخيراً إلى غرفة الطفلة .
سألها و هو يدخل الغرفة حاملاً أدوات العمل بيده فيتصاعد وقع خطواته على الأرض الخشبية :" هل اشتريت كل القطع المعدنية الخاصة بتعليق الستائر ؟"
أخرجتها من الكيس و هي تقول :" هذا ما أخبرني به البائع في المتجر ."
وقفت تناوله حبل الستارة , فقال لها و هو يشمل الغرفة بنظراته :" إنّ ما قمت به إلى الآن قد أعجبني في الواقع . إنّ كل طفلة بحاجة إلى امرأة تعتني بها ."
فشردت نظرات ستيفاني بعيداً ,فقد كانت ذكرى ما حدث بينهما الليلة الماضية تمحو حاضرها هذا حتى أنّها لم تستطع تركيز اهتمامها على ما بين أيديهما . كانت تناوله ما يطلب , فيقوم هو بالعمل بسرعة و كفاءة بالغتين , و في خلال عدة دقائق كانت الستارة معلّقة في مكانها مضيفة بألوانها المشرقة بهجة إلى الغرفة .
فقالت :" هل تظن هذه الألوان جداً صارخة ؟ إنني أريد شيئاً يدوم إلى أن تبلغ سارة الاثنتي عشرة سنة , عند ذلك بإمكانها أن تختار لنفسها ." فأجاب و عيناه تحومان حول وجهها :" إنّها ليست صارخة و إنّما أنثوية ." فأمسكت أنفاسها وقد ابتدأت خفقات قلبها تتصاعد . لم تستطع الحركة , ولا جذب نظراتها من نظراته , وفجأة , أحست بفيض تلك المشاعر تكتسحها من جديد , و تابع هو قائلاً بلطف :" أنك أنت نفسك أنثى رقيقة ."
ازدردت ريقها بصعوبة , وهي تكاد ترتجف وقالت بلطف :" أشكرك لدفاعك عني أثناء العشاء ."
كانت هذه هي الفرصة الوحيدة التي بإمكانها أن تعبر فيها له عن اعترافها بالجميل لمساندته لها .
قال :" إنّك ِ زوجتي ,وكان ذلك هو رأي تماماً , فإذا لم نكن سعيدين هنا , فسنبني منزلاً لنا نحن الاثنين فقالت : ولكن جدّك ............"
قاطعها قائلاً :" إنّ جدي مازال متألماً مما أصاب إدي , وهو خائف عليّ . فهو لا يثق كثيراً بالزواج ولا يعتقد أنّ زواجنا سيدوم . إنني عادة أتشبث بما أملك , يا ستيفاني , فإياك ِ أن تظني خلاف ذلك . فأنا لن أدعك تذهبين , حتى و لو توسلت إليّ ." وأمسك بكتفيها بشدّة وهو ينطق بهذا العهد . فهزت رأسها قائلة :" ليس لديّ ما يجعلني أطلب شيئاً كهذا , يا ألبرت . إنني لا أشعر بأنني متزوجة تماماً . كنت أظن شعوري سيكون مختلفاً . ربما لأنّ المنزل كان موجوداً على الدوام و ما أنا إلاّ قادمة جديدة إليه ."
فقال :" نظميه إذن كما تريدين . كم دفعت لشراء هذه الأشياء ؟ أهي من حصتك في الميراث ؟"
فأجابت :" كلا ,إنني لم أستلم ذلك بعد . وإنما أحضرت معي بعض المال ."
فقطب حاجبيه قائلاً :" سأدفع ثمن كل ما تشتريه ."
قالت :" إنني أفترض أنّ كل ما أملكه هو ملكك ما عدا المال الذي أحتاجه لعلاج جدتي . فلماذا نتخذ لأنفسنا حسابين منفصلين في المصرف ؟"
نظر في عينيها قائلاً :" لن نفعل ذلك . وإنما في المستقبل حاسبي المتجر في المدينة فإنّ لنا حساباً في كل واحد . أخبريهم فقط أنّك زوجة ألبرت دوغلاس ." قالها بشيء من الغطرسة فابتسمت رغماً عنها . و قالت :" نعم , سأخبرهم بذلك ."
واندفع الباب مفتوحاً بقوة , ووقف الجد جون في العتبة يحدّق في يد ألبرت الممسكة بيد ستيفاني و في وجهها المتوهج و هو يقول :" ظننت أنّكما جئتما لتعلقا الستارة ."
فقال ألبرت وهو يطلق يد ستيفاني ثم ينحني ليلتقط القدوم وشريط القياس :" لقد أنجزناه ."
فقال :" آه , جئت لأخبرك بأنّ ساندي ستقوم بزيارتنا ."
فرفع ألبرت رأسه بعنف يسأله :" ساندي لامب؟"
فأجاب الجد :" إنّها تريد أن ترى سارة و تناقش مسألة الحضانة . إنّها تقول أّنّها قادمة بالنيابة عن والديها . إنني متأكّد من أّنّها ستأخذ معها سارة عندما تعود إلى ملبورن ."
فقال ألبرت :" حسناً , ليس بإمكانها ذلك أبداً . فقد تحدّثت إلى المحامي هاتفياً منذ يومين وأخبرته عن زواجي . فطمأنني إلى أنّ هذا هو كل ما نحن بحاجة إليه لنحصل على الحضانة ."
فسألت ستيفاني :" ومن هي ساندي هذه؟"
أجاب جون :"إنّها أخت كلير وخالة سارة وهي تريد أن تأتي لزيارة ابنة أختها . هكذا قالت .أراهن على أنّ قصدها هو رؤيتك أنت يا ألبرت ."
فقطب ألبرت جبينه قائلاً:" أشك في ذلك . فقد انتهى كل شيء منذ زمن طويل ."
شعرت ستيفاني بالخوف يقبض نفسها . فسألت بلطف وهي تكاد تشعر بالخوف من الجواب :" ما هو ذاك الذي انتهى ؟"
فقال جون متلذذاً و عيناه على ألبرت وكأنه يريد أن يرى ردة الفعل عنده :" لقد حاولت ساندي جاهدة اجتذاب ألبرت عندما كان ألبرت خاطباً لكلير , حتى لقد ظننت فترة أن العرس سيكون مزدوجاً ."
فقال ألبرت :" ولكن ذلك لم يحدث . وقد أصبح جزءاً من الماضي ." ثم اتجه نحو الباب هابطاً السلم .
فوقفت ستيفاني جامدة تستمع إلى خطوات ألبرت , عند ذلك نظر إليها جون قائلاً :" كان ذلك سيكون أنسب له . فإنّ ساندي هي خالة سارة , وألبرت هو عمها . فهناك رابطة الدم."

يوكي 111
03-07-2011, 10:53
نسومة تسلمي
على الفصلين الرائعين ومنتظرين التكملة
لكي تحياتي

نسمة عطر
03-07-2011, 23:24
الفصل الرابع

بقيت ستيفاني جامدة في مكانها و قد تملكها الذهول لما سمعت . ألبرت وساندي ؟
وإذا جاءت ساندي لزيارتهم , هل من الممكن أن يخطر في بال ألبرت أنّه قد أخطأ ؟ هل يا ترى سيفكر بأنّ من الأفضل أن تشترك معه خالة سارة في تربيتها , بدلاً من امرأة غريبة قادمة من أميركا ؟ و هل ستعرّض ساندي تلك الاتفاقية للخطر بشكل ما ؟
مضت أيام لم يأت ِ فيها أحد على سيرة زيارة ساندي لهم . وأخذت ستيفاني تشغل بتزيين غرفتها و غرفة سارة . ربما كان قلقها للاشيء. و أنهت وضع الورق الجديد على جدران غرفة سارة . كانت ستيفاني تبتهج كلما دخلت غرفتها كل صباح ورأت تلك الزينات المشرقة , بينما الطفلة السعيدة في انتظار من يحملها . كما طلت غرفتها هي باللون الأزرق الفاتح تتخلله حواش بيضاء . وكانت الستائر بيضاء ذات كشاكش زرقاء . وأضاف غطاء الأزرق الباهت مع الوسائد البيضاء شعوراً بالبرودة إلى جوّ الغرفة . واشترت سجادة كبيرة كحلية اللون , كما علّقت على الجدران رسومات تلفت النظر , وعندما علقت على الجدران آخر لوحة تراجعت لتشمل بنظراتها منظر غرفتها العام بزهو . فقد كانت جميل حقاً.
تصاعد صوت جون من الخارج يهتف بها :" ستيفاني .أين أنت ِ يا فتاة ؟ تعالي حالاً ." ما الذي جعله يعود بهذه السرعة ؟ فقد كان ذهب هذا الصباح مع العمال بعد أن أخبرها أنّه لن يعود قبل المساء . ما الذي حدث ؟
وأسرعت خارجة من الغرفة تهبط السلالم بسرعة , خارجة من خلال المطبخ وقلبها يخفق . و ما أن خرجت من الباب , حتى جمدت في مكانها وهي ترى ألبرت ينزل عن صهوة جواده , وقميصه ملوّث بالدم وقد ذهبت قبعته , بينما بدا وجهه شاحباً شحوب الموتى . وكان جدّه واقفاً بجانبه بينما وقف اثنان من العمال في الباحة وقد أمسك أحدهما بجواد ألبرت.
قال لها جون :" لقد أصيب ألبرت ." كانت إحدى كميه مبللة بالدم , بينما كان هو يتحرك بحرص و كأنه يتألم , ثم اتكأ على السرج لحظة. أسرعت إليه مادة يديها تساعده وقد أذهلها امتقاع وجهه المخيف , وهي تهتف :" ماذا حدث ؟"
فقال محاولاً تخفيف الأمر وهو يتقدم نحوها يحيط كتفيها بذراعه السليمة :" سأكون على ما يرام . لقد علق حجر بحافر جوادي , وعندما نزلت لأنزعه هيّج شيء ما , قطيع الماشية ."
فقال جون و قد شحب وجهه هو الآخر :" من حسن حظه أن لم يسحقه القطيع حتى الموت ."
و تساءلت ستيفاني و هي تنظر إليه عما إذا كان عليها أن تعتني بمريضين . وقالت بلهفة ويداها حول ألبرت تسنده في سيره :" أدخل المنزل ودعني أرى ."
قال ألبرت محتجاً :" إنّ بإمكاني السير وحدي ."
فقالت وهي تتحول نحو المنزل :" ربما . ولكنني هنا الآن وبإمكاني أن أساعدك ." ثم سلكا طريقهما ببطء إلى الداخل . وبينما كانت ستيفاني ترتجف من الأعماق , كانت ترسم على ملامحها مظهراً زائفاً للهدوء و القوة . لقد كان ألبرت يبدو لها حصناً منيعاً بقوته و ثقته بنفسه . ومعرضاً للصدمات كأيّ شخص آخر .
قال جون :" سأبقى لأرى حالة الحصان ." فلوح ألبرت بيده موافقاً , ولكنه بقي متكئاً على ستيفاني وهما يدخلان المنزل .
امتدت السلام أمامهما إلى مالا نهاية , وعندما وصلا إلى الطابق الأعلى . دفعت باب غرفته داخلة معه حيث أجلسته وقد تملكها الذعر .
فقال :" إنّك لست ِ بحاجة إلى القيام بذلك , يا ستيفي . يمكنني أنا أن أغسل الدم , وأضع الضماد , ثم أتهيأ للذهاب ."
فقالت :"إبق كما أنت َ يا رجل . طبعاً عليّ أن أساعدك .إنّك زوجي , أليس كذلك ؟ هذا هو الغرض من الزواج , لكي يساعد الواحد منا الآخر . لقد وقفت بجانبي عندما هاجمني جدّك , وأنا الآن أريد أن أقوم بشيء لأجلك . فأنا على دراية بالإسعاف الأولي ." لم تكن الإصابة سيئة بقدر ما كانت تخاف . وكان النزيف قد توقف تقريباً , وربما كان توقف نهائياً لو لم يكن مضطراً إلى الركوب . لقد كانت الجروح وانكشاط الجلد محصورة في ذراع واحدة , هذا إلى الرضوض التي كانت تحيط بها وبجانب صدره الأيسر . وكان في فكه كدمة قد ابتدأت بالبروز كذلك . أخذت ستيفاني تنظف ذراعه بخرقة ناعمة على الجروح بلطف , وكانت أثناء ذلك , تسأله :" ما الذي حدث ؟ هل داسك كل القطيع ؟"
فأجاب :" عندما هاجت الماشية , واندفعت حولي وقعت أنا فأدركني واحد أو اثنين منها قبل أن أتمكن من الوقوف مرة أخرى ."
فارتجفت وهي تتصور هذا الجسد القوي يقع تحت حوافر الماشية الحادة . كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ كثيراً أو حتى يقتل . وترددت لحظة طويلة وهي تحاول أن تتصور هذا الرجل القويّ ميتاً و قد ذهب إلى الأبد .كلا , وقالت :" إنّه انكشاط جلدي أكثر منه جروح . وقد توقف النزف تقريباً .إنني لا أظنك بحاجة إلى رؤية الطبيب ." ولكن لهجتها كان يعتريها الشك . ماذا لو تلوث الجرح؟
فأجاب بصوت استعاد بعض قوته :" كلا . لست بحاجة إلى ذلك قطعاً ."
قالت له لكي تتمكن من لف الضماد حول ذراعه :" ارفع ذراعك"
ورفع ذراعه وأخذت تلف الضماد حول ذراعه.
وهمست :" لقد انتهيت ."
وقبل أن تتحرك مبتعدة , كان هو قد أمسك بها قائلاً لها يطمئنها :" سأعود صحيحاً معافى خلال يوم أو يومين ." فقالت :" أظن قميصك قد تلف تماماً ." وتلاقت عيونهما ,وكاد قلبها يكف عن الخفقان (رح تنجلط) للشوق الذي أحسته في نظراته .
نظر إليها برقة ثم همس إليها :" أشكرك ." وجاءهما صوت جون صاعداً السلم :" ألبرت . هل أنت َ بخير ؟ "
فتراجعت ستيفاني إلى الخلف متسعة العينيين ما جعل ألبرت يضحك لمظهرها هذا . وهتف يجيب جدّه :" نعم يا جدّي .إنني بخير ."
وعندما دخل جون كانت ستيفاني في الحمام تقفل صندوق الإسعافات الأولية فنظر إلى حفيده , ثم إلى ستيفاني وما زال القلق يلوح في عينيه , وقال له :" لقد أفقدني الخوف عشر سنوات من عمري عندما رأيتك تسقط ."
فأجاب :" نعم .ولكن الحصان هو من النوع الأصيل .لقد بقي واقفاً بجانبي فلم يكن أمام الماشية إلا أن تستدير حولنا . سأرتدي قميصي ثم أخرج حالاً ."
فهتفت ستيفاني :" آه كلا . إنّك لن تفعل ذلك .إنّك سترتاح بقية هذا النهار , ثم ترى حالتك غداً قبل أن تذهب إلى العمل مرة أخرى , ذلك إنّك إلى جانب إصابتك في ذراعك , تبدو وكأنك أصبت بضربة على رأسك إذ تبدو عليه كدمة "
فقال :" ألبرت :" كلا.........اسمعيني....."
فقاطعه الجد قائلاً :" افعل ما تقوله لك يا ولدي فالنساء تحب أن تظهر اهتماماً زائداً بالرجال من وقت لآخر . فاستمتع بذلك قدر إمكانك ." وغمز بعينيه بشكل غير متوقع .
فصّر ألبرت بأسنانه قائلاً:" لا أريد اهتماما زائداً بي . ولا أريد أن تتراخى عزائمي لمجرد حادثة تافهة كهذه."
فقالت ستيفاني :" تافهة ؟ هه؟ إنّها أهم من أن تكون تافهة . هذا إلى أن كل شخص بحاجة إلى اهتمام زائد الآن ,وبعد الآن . لقد كدت أموت خوفاً عندما رأيت كل ذلك الدم أظن , عليك أن ترتاح الآن ثم ترى كيف ستكون عليه حالتك فيما بعد ."وكانت تتكلم بحزم .إنّها لن تسمح له بأن يعود الآن إلى العمل .
فقال الجد ضاحكاً لمنظر هذه المرأة الجميلة الرقيقة وهي تقف بحزم أمام هذا الرجل الذي يشرف عليها بقامته الفارعة :" عليك أن تخضع لذلك يا فتى , فالنساء يعجبهنّ أن يحصلن على ما يردن مرة كل فترة ولن يضرّك الاستمتاع بذلك ."
فقال ألبرت بلهجة لاذعة :" هل عليّ أن أخضع لكل هذا في كل مرة أصاب فيها بخدش صغير ؟"
قالت ستيفاني :" خدش صغير؟ إنّ الذي سمعته هو أنّ الماشية كادت تسحقك بأقدامها . نعم , في كل مرة تصاب فيها عليك أن تخضع لمثل هذا وأكثر ." فحدّق ألبرت فيها و قد لوى شفتيه وكأنّه يمنع نفسه من الضحك . ثم قال :" حسناً جداً . تعالي واهتمي بي ." وحرّك حاجبه بوقاحة بشكل عابث , فجمدت في مكانها ولك تستطع أن تنطق بكلمة .
وأخيراً تنحنحت قائلة :" أظن من الأفضل أن تستلقي في سريرك فقط إلى أن يحين موعد العشاء ."
فتمتم وهو يمعن النظر إليها :" أحسن وأحسن ." وقهقه جون ضاحكاً وهو يرى احمرار وجهها عندما قال ألبرت يخاطبه :" نرجو منك الإذن يا جدّي , فإنّ ستيفاني تريد أن تهتم بي ." ثم اقترب منها وعيناه تتراقصان هزلاً وهما متعلقتان بعينيها ساخراً متحدياً.

نسمة عطر
03-07-2011, 23:26
وهنا صرخت سارة منادية من غرفتها . عند ذلك ابتسمت ستيفاني قائلة :" اصعد إلى السرير يا زوجي العزيز و سنحضر إليك , أنا وسارة , شيئاً من حساء الدجاج ." ثم انطلقت هاربة قبل أن يتمكن من التفوّه بكلمة , فقد شعرت بالسرور إذ أراحها صراخ الطفلة من ذلك الموقف . كانت الأمور تتحرك بشكل أسرع مما يمكنها مجابهته .
أنزلت ستيفاني سارة من سريرها وأجلستها مع ألعابها تلهو بها , ومن ثم نزلت إلى المطبخ لترى ما بإمكانها أن تفعله لأجل ألبرت , وعندما عادت إلى غرفته بعد فترة حاملة إبريقاً من الشاي الثقيل المحلّى وعلبة أسبرين , كان قد أصبح في السرير . وكان بنطاله ملقى بإهمال على الكرسي كما كان حذاؤه موضوعاً على الأرض ما جعل ستيفاني تتوقف عند عتبة الباب . كان ألبرت مستنداً إلى الوسائد خلفه وقد غطى نفسه بملاءة السرير البيضاء . وكادت ستيفاني أن تتعثر وهي تتقدم إلى داخل الغرفة ببطء .
قالت وهي تضع الصينية على المنضدة بجانبه ثم تخرج حبتي أسبرين من العلبة : " لم أجد أي حساء دجاج لأجلك ." فقال :" ولماذا حساء الدجاج ؟" وفي نفس الوقت كان يمسك بمعصمها مقرباً يدها من فمه يتناول الأسبرين من راحتها مباشرة ."
قالت متلعثمة :" في بلادنا , حساء الدجاج يستعمل كعلاج . فإذا كنت مريضاً , يحضرون إليك حساء الدجاج."
فقال :" إذن , فإنّ علينا أن نشتري بعض المعلبات التي تحتويه , إذ لا أظن أنّ لدينا شيئاً منه ."
فقالت :" كلاّ , لا يوجد عندكم شيء منه ."
فقال بحدة مصححاً كلامها و قد ضاقت عيناه بشكل مخيف:" بل قولي لا يوجد عندنا , فهذا بيتك الآن , يا ستيفاني ."
فابتسمت متوترة وهي تقول : " حسناً ."
قالت وهي تحوّل نظراتها عنه :" ألبرت . عليّ أن أذهب لأتفقد سارة ."
فقال :" إنّها بخير فأنا لا أسمع صوتها ."
قالت :" ولكنها قد تعبث بشيء ."
سألها قائلاً :" وأين اهتمام الزوجة الزائد ذاك الذي كنت أنتظره ؟" وكانت لهجته بالهزل .
فقالت متلعثمة :" أنا ........ذلك ..........ألبرت......" وسرعان ما أغمضت عينيها لشدة ارتباكها . ما الذي سيظنه بها ؟
قالت :" لشد ما كنت خائفة عليك يا ألبرت ." والتقت عيناها الجادتان بعينيه . إنّها لا تكاد تعرفه , ولكنها لم تستطع مقاومة مشاعرها نحوه .
فقال :" لا تخافي عليّ يا ستيفاني , فأنا بأتم خير . إنّ إصابة كهذه متوقعة دوماً في المزرعة . ولكن انظري إلى جدّي فهو ما زال موجوداً , بينما إدي قتل في حادث اصطدام سيارة في ملبورن وليس هنا "
فقالت :" ربما كنت قتلت لو لم يقف الحصان بجانبك ليحوّل اتجاه القطيع."
فقال :" ربما كان ذلك و ربما لم يكن , فلماذا تحملين غماً لم يحصل بعد ؟ إنّ اهتمام الزوجة الذي لديك بي , يعجبني . ربما سيتمخض زواج المصلحة هذا عن أكثر مما ظننت ."
وقفت وهي تقول بارتباك :" أظنّ , عليك أن ترتاح الآن فإنّ لديّ ما يشغلني ."
فقال يعيّرها ساخراً :" أتهربين ؟"
فقالت متلعثمة وهي تنظر إليه بحذر من حيث كانت واقفة آمنة عند عتبة الباب :" إنّ .....إنّ ذ..ذلك أكثر أماناً ." فقال شاكياً :" إنّ ذراعي لم تجعلني عاجزاً ."
فقالت :" انزل إلى العشاء إذن ." ثم خرجت من الغرفة لتهرع إلى غرفة سارة شاعرة وكأنها نجت من محنة كبرى . ولكن لم يكن ثمة نجاة لها من التفكير في ألبرت و الذي كان يملأها شوقاً إليه .
و عندما عادت ستيفاني لتتفقده بعد فترة , كان مستغرقاً في النوم . فوقفت تراقبه مدة طويلة , سعيدة لأن إصابته لم تكن سيئة جداً , فاعتمادها الآن قد أصبح عليه , وقد يزداد هذا أكثر فأكثر كلما امتدت حياتهما معاً . فهي لا تستطيع احتمال فكرة أن يصيبه أي ضرر أو ما هو أسوأ.
و مع حلول وقت العشاء , كان ألبرت قد نهض و ارتدى ثيابه ثم جلس معهم حول المائدة . فأخذت ستيفاني تتفحصه . وعندما كانت نظراتهما تتلاقى , كانت هي تسرع و تشيح بنظرها بعيداً , لا تريد أن تبدي له ما لا بد قد لاحظه من قلقها عليه . كان يبدو صحيحاً معافى , وقد تلاشى الشحوب من وجهه ولكن لون الكدمة على فكه كان أكثر ظهوراً من قبل
قال جون متذمراً كالعادة :" لقد جئت لزيارتك بعد الظهر , و لكن الطبيبة ستيفاني لم تسمح لأحد بإزعاجك ."
فابتسم ألبرت وقال وهو ينظر إليها تضع الأطباق على المائدة :" إنها ما زالت مهتمة بي ."
فقال جون :" إنّك تبدو أحسن كثيراً مما كنت ."
فقال ألبرت :" إنني أحسن فعلاً , ولكنني ما زلت أشعر ببعض التصلب ."
وانصب اهتمام ستيفاني أثناء العشاء عليه أكثر من المعتاد . فكان الأول الذي قدّمت له الطعام , وكانت تتأكد دوماً من أنّه يحصل على ما يريد , فتقفز لتحضر له ما يطلبه من شراب .
وعندما انتهى العشاء , وقف ألبرت ثم قال لها :" تعالي معي يا ستيفاني , فأنا أريد أن أرى الحصان , وكذلك أتحدث إليك . هل لك أن تهتم بسارة يا جدّي ؟"
فقال الجد :" بالتأكيد ."
وقف ألبرت عند الباب فتقدمته خارجة . وعند اجتيازهما الفناء , ألقت عليه نظرة سريعة . كان يبدو صحيحاً كما كان هذا الصباح . ولاحظت ثخانة الضماد تحت الكم , ولكنه عدا ذلك , كان طبيعياً تماماً .
دخلا مخزن الغلال , وكانت روائح الشعير و الخيل تطغى على روائح الغبار ورائحة أشجار المطاط اللاذعة التي كانت تملأ الجوّ . وتنفست ستيفاني بعمق ثم ابتسمت . لقد كانت دوماً تحب روائح مزارع الماشية . وإذا هي أغمضت عينيها تصورت نفسها في وطنها كاليفورنيا . وشعرت لحظة بالحنين إلى الوطن . وقف ألبرت عند حصانه دوف حيث أخذ يتفحصه . وصهل الحصان بلطف , ثم دسّ أنفه في كتف ألبرت الذي خاطبه قائلاً :" إهدأ , يافتى , ودعني أنظر إليك ."
فسألته ستيفاني :" هل أصابه ضرر هو أيضاً ؟"

نسمة عطر
03-07-2011, 23:27
فأجاب :" نعم , بعض الجروح البليغة . لقد عالجه جدّي ولكنني لن أخرج عليه للعمل مرة أخرى إلاّ بعد أن يشفى تماماً . لقد كنت رائعاً اليوم يا زميلي ." وأخذ يربت على رقبته بينما كان يراقب حركاته في نفس الوقت .
فقالت ستيفاني برقة و هي تمرّ بيدها على أنف الحصان الدافئ :" لقد أنقذك حقاً , أليس كذلك ؟" وغمرها نحو الحصان شعور بعرفان فهو لو كان جمح , لفقدت ألبرت حتماً . فماذا كان سيحدث لسارة ؟
قال لهاو هو يجلسها على كيس قش :" تعالي . لقد أردت أن أتحدث إليك على انفراد و أنت ِ تعرفين أنّه ليس بإمكاننا ذلك وجدّي معنا إنني أريد أن أوافق على زيارة ساندي لنا كما طلبت . أريدها أن ترى أنّ سارة تعيش معنا برفاهية و رعاية تامة منا , وذلك لكي تخبر والديها بهذا . إنّ ساندي هي خالة سارة , وأنا لا أريدها أن تنشأ جاهلة بتلك القرابة ."
فهوى قلب ستيفاني و قد تذكرت ما سبق و أخبرها به جون من أن ألبرت وساندي كانا حبيبين معاً فترة من الزمن . هل هذا هو السبب الحقيقي الذي لأجله وافق على زيارتهم لهم ؟ وماذا لو اكتشف ألبرت , عندما تصل تلك المرأة , أنّه مازال منجذباً إليها ؟ هل يا ترى سيغير رأيه في زواجهما هذا و الذي هو زواج مصلحة ؟ إنّ فسخ هذا الزواج سهل جداً . وإذا حدث ذلك ,فماذا سيجري لحصتها في الإرث ؟ وكيف ستتمكن من ترك سارة؟
" ستيفاني ؟"
فرفعت نظراتها إليه محاولة أن ترسم على وجهها ابتسامة مشرقة وهي تقول :" افعل ما شئت , يا ألبرت فهذا بيتك . وأنا سأبذل وسعي في الترحيب بها ."
رد عليها بحدة :" بل هذا بيتنا نحن الاثنين , وأكثر الحفاوة ستكون عليك أنت ِ , فأنا سأكون في العمل أثناء النهار بينما ستكون هي تحت قدميك طوال النهار ."
فأصبحت ابتسامتها حقيقية . إنّ تعبير تحت قدميك هذا لا ينبئ عن اهتمامه بها .
سألته :" و كم ستمكث هنا ؟"
فهز كتفيه و هو يقترب بوجهه منها قائلاً :" لا أدري . ليس أكثر من أسبوع ."
فسألته :" وما هي اهتماماتها ؟"
أجاب :" إنّها , كما أذكر , تحب مجلات الأزياء . فهي تعمل في أحد دور الأزياء في ملبورن ."
قالت :" ربما لن نجد اهتمامات مشتركة تجمعني وإيّاها ."
فقال بصوت رقيق متملق :" ربما كان هذا صحيحاً . فهي لم تأتِ إلى هذا المنزل قط من قبل , فقد كنت أراها في ملبورن فقط . إنّها تحب الحفلات و الرحلات و الملابس العصرية , بينما أنتِ لا يبدو عليك الاهتمام بمثل هذه الأشياء ."
فتشابكت نظراتهما , ثم هزت رأسها وسألته :" هل علينا أن نقيم سهرة لأجلها عندما تحضر ؟"
فأجاب :" سنرى ما إذا كنا سنقيم مأدبة عشاء , وسأعطيك ِ قائمة بأسماء الجيران والأصدقاء الذين سندعوهم ."
فقالت :" آه , لقد نسيت أن أخبرك . لقد قابلت أحد أصدقائك في المدينة ذلك اليوم , ستيفن كاسيدي ."
وسرعان ما تغيرت أساريره كما أنّ عينيه ضاقتا واحتلتهما نظرة عدائية تقريباً , ثم كرر قولها :" ستيفن كاسيدي ؟"
أومأت برأسها وقد حيرها ما رأت من التغيير الذي انتابه , وقالت :" نعم , وقد قال إنّه صديق لك ."
سألها :" وكيف تعرفت إليه ؟"
أجابت :" لقد أوقفني وأنا بجانب السيارة و عرفني بنفسه . لقد تصرف بلطف ببالغ اللطف ." وتساءلت عن سبب تغير ملامح ألبرت لدى سماعه اسمه .
قال :" ابقي بعيدة عنه يا ستيفاني ."
فقالت :" ماذا ؟ لماذا ؟ أليس هو من أصدقائك ؟"
فأجاب :" كان ذلك في الماضي . أما الآن فأريدك أن تبقي بعيدة عنه ."
فسألته بحيرة :" ولكن , لماذا يا ألبرت ؟"
فقال:" إنّه............"
وهنا بلغ مسامعهما صرخة ثاقبة اخترقت الأجواء , تبعها عويل طفلة صغيرة .

نسمة عطر
03-07-2011, 23:29
صديقاتي الغاليات أتمنى لكم قراءة ممتعة

نسمة عطر
03-07-2011, 23:34
يوكي العفو وإنشاء الله
ما رح طول بتنزيل باقي الفصول ::جيد::

نسمة عطر
03-07-2011, 23:35
صبا الغالية تشكري على روايتك ولا
يهمك رح نعيد قرائتها مرة ثانية ::جيد::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::

أنا إيمان
04-07-2011, 07:45
امونة يا قلبي انشالله الف مبروك مقدما ...انشالله ربي يتمم لك على خير ياحبيبتي ويوفقكم ......

لا تعتابين موني حرام هي يا قلبي تبي تفرحنا معكم ...وعشان ندعي لك بالتوفيق والسعادة وانتي بعد اكثري من الدعاء...

يلا حبيبتي خلينا نشوفك شوي في المشروع ترى صايرة ما تنشافين ابد ...الف مبروك مره ثانية وعسى ربي يوفقك ويهنيك ويسعدك انشالله يا قمر ...
:موسوس::موسوس::موسوس::o:o والله خجلتيني يالغصن ما ادري ايش اقول كله من موني هذي اللي ما تقفل فمها مدري اصابعها
الله يبارك فيك وعقبال كل البنات :o

أنا إيمان
04-07-2011, 08:34
سلام سلام سلام بقوه .. لبنات المشروع تحية اخوه
يوكي " ملح سابقاً " وحشتيني وحشتيني وحشتيني من زمااااااااااان عنك ومبروك الإسم انا من زمان ما دخلت المشروع وما كنت اعرف ايش اخباركم ما كنت ادري ان يوكي تعبت ولا صبا عمري الف سلامه عليك ايش فيكم الصيف جاي والونس والفله

يوكي 111
04-07-2011, 10:34
سلام سلام سلام بقوه .. لبنات المشروع تحية اخوه
يوكي " ملح سابقاً " وحشتيني وحشتيني وحشتيني من زمااااااااااان عنك ومبروك الإسم انا من زمان ما دخلت المشروع وما كنت اعرف ايش اخباركم ما كنت ادري ان يوكي تعبت ولا صبا عمري الف سلامه عليك ايش فيكم الصيف جاي والونس والفله
تسلمي ياالغلا كله
ربي يعزك ويصلح دربك يا قمر
هههههه
الصراحة أنا عندي مشكلة مع الصيف
ممنوعة من الحر و السخونة
لكي حبي يا قمر

ساكنه القلوب
04-07-2011, 14:13
:eek::eek::eek:الف سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالامات عليك ياقلبي ياغصونة ياوردة بيضاءقدامك العافية يارب دووووووووووووووم :)حاولي ترتاحي قد ماتقدري واقلك قبل الزحمة الشربة قبل اللحمة :d:d:dرمضان مبارك عليك وعلى اهلك وعلى الامة وعلى الاخوات ورداتي الافي المنتدى;););) ودام الجميع في صحة وعافي يارب دووووم ودمتم في قلبي سكنة::سعادة::::سعادة::::سعادة::

جين أوستين
04-07-2011, 22:43
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله غبت كم يوم و لقيت مجموعة فصول ::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::

شكرا لكِ يا قمر

نسمة عطر
04-07-2011, 23:45
الفصل الخامس
قفزت ستيفاني من مكانها , ثم ركضت خارجة من المخزن نحو مصدر الصوت , وألبرت بجانبها , وكان آتياً من المنزل . كانت سارة تصرخ و الدموع تبلل وجنيها . و كان جون يحتضنها بشدة محاولاً تهدئتها . وسألته ستيفاني لدى وصولها :"ما الذي حدث ؟ " فاندفعت سارة نحو ستيفاني ثم تشبثت بعنقها بقوة , وبعد ذلك هدأ الصراخ وأخذت تبكي كمن يعاني ألماً .
قال جون : " لقد لسعها شيء ما , ربما نحلة ." وأمسك بقدمها وأخذ ينظر في البقعة البيضاء الصغيرة البادية في تلك القدم الملوثة بالتراب .
أخذت ستيفاني تهدهد الطفلة و هي تسرع بها نحو المطبخ , وهي تقول لها :" فلنغسل لك قدمك يا حبيبتي ثم نرى ما هناك ." وفي دقيقة واحدة كانت القدم قد غسلت وانتشل ألبرت منها الحمة الصغيرة التي كانت سببت المشكلة ,وإن يكن بكاء سارة لم يتوقف كما أنّ مكان اللسعة ظلّ أحمر اللون .
أخذت ستيفاني تمسد ظهر الطفلة تسكتها , وتمسح دموعها , ثم تمعن النظر في مكان اللسعة وهي تسأل :" هل ستتحسن حالتها ؟"
فأجاب ألبرت :" أظن ذلك . سأحضر لها مضاداً للحساسية . حاولي أنت ِ أن تجعليها تكف عن البكاء"
وغاب لحظات عاد بعدها بحبة دواء سرعان ما سحقها ثم وضعها في ملعقة وأضاف إليها بعض الماء ثم مدّ بها يده إلى الطفلة لتشربها . ولما نفرت من ذلك , أخذ يلاطفها متملقاً إلى أن ابتلعت الدواء في النهاية . وبدت أجفانها منتفخة , ولم تعلم ستيفاني ما إذا كان ذلك من البكاء أم من الحساسية التي خلّفتها اللسعة . ولكنها ما لبثت أن أخذت أنفاسها تصفر.
قالت ستيفاني تخاطب ألبرت :" إنّ حالتها تسوء , ياألبرت .أليس من الأفضل أن نعرضها على طبيب ؟"
أجاب :" إنّ أقرب طبيب هو في المدينة وهي على مسافة ساعة من هنا . أظن الدواء المضاد للحساسية سيفيدها , ولكنه بحاجة إلى بعض الوقت لتظهر فعاليته . وربما أفادها كمادات باردة ." وخامر ستيفاني شيء من الخوف لردة الفعل السريعة في جسم سارة للسع النحل . ولكن ألبرت بدا هادئاً واثقاً . فاستمدت منه القوة وهي تتناول المنشفة المبللة بالماء البارد التي قدمها لها وابتدأت تمسح وجه الطفلة وجسدها .
و في المطبخ , أجلست ستيفاني الطفلة على كرسي وابتدأت تهزها , وهي تقول لألبرت :" إننا بحاجة إلى كرسي هزاز."
فسألها بلطف :" وهل هذا علاج آخر من كاليفورنيا ؟ إنّها ستكون بخير . انتظري فقط إلى أن يسري مفعول الدواء ."
فقالت :" وإذا لم يحدث هذا ؟"
فقال :" عند ذلك نستدعي الطبيب."
فقالت :" إنّ العيش في مثل هذا المكان النائي ليس من السهولة التي كنت أظنها . فأنا لم أكن أدرك مقدار بُعد العناية الطبية ." ذلك أنهم احتاجوا إلى هذه العناية مرتين في هذا النهار . لقد كان الطبيب في كاليفورنيا لا يبعد عنهم أكثر من خمس دقائق . ولكنها لم تعد في كاليفورنيا الآن . وقال يخاطبها :" قلت أنّكِ تعلمت الإسعافات الأولية , وكذلك نحن جميعاً . إنّ بإمكاننا أن نستدعي الطبيب المتجول عند الضرورة , أو أن نذهب إلى المدينة بالسيارة ."
فتمتم جون :" يا ليت كان هذا بهذه السهولة عندما مرضت زوجتي روز , فلو كنا استطعنا إحضار طبيب إليها بسرعة , لما ماتت ."
فقال ألبرت عندما توقفت سارة عن البكاء :" ها هي ذي تتحسن ." وكأنما أعجب الطفلة ما رأته حولها من اهتمام بها , فالتصقت بصدر ستيفاني وهي تنظر إلى عمها بخجل .
قال ألبرت :" أظن الأزمة انتهت ."
قال جون وهو يخرج من الغرفة :" ما دامت الأزمة قد انتهت , فأنا ذاهب إلى المكتب . نادياني إذا شعرتما بحاجة إليّ ."
قال ألبرت عندئذ لستيفاني :" إنني بحاجة إلى أن تتعود عليّ طفلتي . لقد ابتدأت بالإجراءات القانونية التي تجعل من سارة ابنة لنا , ما يمنحها الشعور بالإستقرار إذ تدرك أننا أبواها وليس مجرد عم وعمة ." فأومأت برأسها مدركة أن ألبرت يزيد من توثيق العلاقة بها . إنّه لن يهجرها في المستقبل , ولا في أي وقت كان , كما أنّه لن يكون مثل مايكل . وجابهتها حقيقة ذلك وهي تراه يحمل الطفلة . لقد كان إلى قوته وكبر جسمه , يعاملها بكل رقة ومحبة , وتاقت نفسها فعلاً إلى تلك الرقة و المحبة . وغامت عيناها بالدموع فأشاحت بوجهها كي لا يراها . هل من الممكن أن تكون وقعت في غرام زوجها ؟ إنّها تتمنى أن لا يكون ذلك , فقد كان في منتهى الوضوح حين قال لها أنّه لا يريد أن تحبه امرأة ومن الأفضل لها أن تتذكر مايكل وخيانته .فهذا سيهدئ من أي شعور بالحب قد يساورها . وعاد ألبرت يقول :" إذن فأنتِ موافقة على أن نكون لها أباً وأماً ؟"

نسمة عطر
04-07-2011, 23:47
فأجابت بلطف وهي تحبس مشاعرها بينما فتحت الصنبور لتتدفق المياه في الحوض :" نعم . إنني موافقة ." أخذ ألبرت وستيفاني يلعبان مع سارة إلى أن حان وقت نومها . وعندما وضعتها ستيفاني في سريرها , خرج الاثنان من غرفتها مغلقين الباب خلفهما . وقال ألبرت وهما يتجهان نحو السلم :" لقد اتصلت هاتفياً بساندي بينما كنت تغسلين الأطباق وهي ستكون هنا في نهاية الأسبوع القادم ."
فقالت :" أبهذه السرعة ؟ كم ستبقى هنا ؟" وأخذت تفكر في أنّه لم يكتمل الأسبوع بعد على زواجهما , وها هما يتوقعان ضيوفاً .
أجاب :" ستمكث أسبوعاً "
وخطر لستيفاني خاطر مفاجئ , فتوقفت , ثم رفعت بصرها إلى ألبرت الذي توقف بدورها ينظر إليها مستطلعاً . وسألته :" وأين ستنام هي ؟"
أخذ يحدق فيها في عتمة القاعة وقد بان الغموض في ملامحه , فأخذ قلبها يخفق بعنف . ثم قال :" في غرفتكِ , أما أنتِ فستنامين معي في غرفتي ." وكانت نظراته تتحداها أن تقدّم حلاً آخر . ذلك أن الغرف الأخرى في المنزل لم تكن مؤثثة على الإطلاق . وهكذا لم يكن ثمة مكان آخر تنام فيه ساندي . وتابع قائلاً : من المهم جداً أن تعتقد ساندي أنّ زواجنا ثابت متين . لا أريد أن يحول حائل بيننا و بين حضانة الطفلة . فهي تتوقع أن تنامي معي . إنني آسف لحضورها السريع هذا , ولكن هذا سيحدث على كل حال سواء عاجلاً أم آجلاً."
كان كلامه منطقياً . خصوصاً إذا كان عليهم إقناع ساندي بترك سارة معهما , ولكن المنطق شيء , والواقع شيء آخر . فهي لم تستطع أن تهضم فكرة أنّه يريد منها أن تشاركه غرفته في غضون أيام قليلة .
اقترب منها ألبرت وهو يتمتم :" لقد حان الوقت لتحقيق زواجنا عملياً , يا زوجتي . ويجب أن تعلمي أنّك لي طول الحياة."
ارتجفت وهي تفكر في قوله هذا . أتراه سيمتلكها ؟ ولكنه زوجها وله الحق في ذلك , ولكن زواجهما هو زواج مصلحة وليس نتيجة حب . فلماذا تغيير الأمور ؟
وأخذ يحدق فيها بعينين ضيقتين , متأملاً ضيق تنفسها وتوهج وجنتها , والاضطراب والذعر اللذين رآهما في عينيها . ثم قال :" هل تريدين أن تنتظري إلى أن تأتي ساندي , يا ستيفي , أم تأتين إلى غرفتي الليلة ؟"
شعرت لجزء من الثانية , بأنها تريد أن ترى نتيجة كل هذا المشاعر التي تحس بها , وإلى أين تؤدي بها .
هزتها هذه الفكرة هزتها وأخافتها , فتراجعت إلى الخلف وهي تحدق فيه بذعر . ليس ثمة حب بينهما . وربما لن يكون أبداً . أنّها تحترمه وتكن له بالغ المودة . ولكن هل يكفي هذا ؟
وقالت بصوت رقيق:" كلا........بل أفضل الانتظار ." كانت تشعر بالخوف من تحقيق ذلك دون حب من أي منهما , كانت خائفة من المستقبل . وجذب هو نفساً عميقاً , ولكنه لم يجادلها في ذلك , بل أومأ بصمت , ثم تركها وتحول ينزل السلم متثاقلاً , وبقيت هي واقفة تحملق في أثره متسائلة عما إذا كانت أخطأت في تصرفها .
عندما غادرت ستيفاني الحمام تلك الليلة بعد أن مكثت مدة طويلة في الحوض المليء بالماء الدافئ , كانت تشعر بالإسترخاء والنعاس . فقد كان يوماً حافلاً . وكانت ترتدي البيجامة القطنية وقد جمعت شعرها أعلى رأسها لتحفظه من البلل .
كان ألبرت متكئاً على الجدار بجانب غرفتها , و ترددت حين رأته , ثم اتجهت إلى غرفتها ببطء وقد بدت عليها علامات الإرهاق . وعندما تلاقت أعينهما , تذكرت أول مرة رأته فيها في المطار . لم يكن يرتدي قبعة الآن وكان شعره القاتم يلمع في ضوء الردهة . سألته وهي تقف بجانب بابها :" هل تريد شيئاً ؟" فأجاب :" أريد أن أشكرك لعنايتك بي وبسارة هذا النهار . لقد كان عملكِ ممتازاً ."
كان صوته بالغ الرقة . وأجبته قائلة :" إنني مسرورة لرأيك هذا . إنني لم أكن أدرك, في الواقع , مبلغ بعدنا عن الطبيب ."
فقال :" لقد استطعنا التصرف بشكل حسن لسنوات عديدة , وسنتمكن من ذلك في المستقبل ."
فأومأت برأسها , شاعرة بعدم الرغبة في تركه , ولكن دون أن تستطيع النطق .
وسألته :" هل تريدني أن أفحص الضماد؟"
فابتسم , وهو يقول :" ليس الآن . لقد شعرت بالفخر بكِ أيتها الأمريكية .لم يتملك الذعر ولكنكِ تصرفت وكأنكِ نشأتِ في هذا المكان .إنّكِ رفيقة ناجحة ."
وأفرحها صوته وقد سرت البهجة لما سمعت في كيانها . لقد ملأها هذا الإطراء منه لها , بالزهو .
وتابع قائلاً :" إننا هنا نعتمد على أنفسنا , أكثر مما يفعل سكان المدن ."
قالت :" ذلك لبعدكم عن الطبيب ."
قال:"هذا صحيح . أظننا سننجح , يا ستيفي ." ثم اجتاز الردهة ومضى إلى غرفته.
وقفت جامدة في مكانها دون أن تتمكن من الحراك , شاعرة بالدوار قبل أن تتحول , في النهاية لتنشد الأمان في سريرها .
ومع الأيام ,أخذ يزداد تأثر مشاعرها لوجود ألبرت بجانبها . فكان أحياناً يستند إلى الجدار متحدثاً إليها ببساطة أثناء غسلها ألطباق , ويحرص على أن يكون موجوداً كل ليلة ليضع معها سارة في الفراش .
وذات مساء , حين كان يراقبها وهي تغسل الأطباق ,نظرت إليه بخجل قائلة :" هل تدرك أنّه مرّ على زواجنا الآن أسبوع تقريباً ؟"
فأومأ برأسه وقد بان الاهتمام فجأة في عينيه , وتابعت هي تقول :" ومع هذا أشعر بأن الواحد منا لا يعرف عن الآخر أكثر مما كان يوم وصولي من بلدي ."
هزّ كتفيه قائلاً :" إنّ أمامنا وقت نتعرف فيه إلى كل شيء , وهذا يجعل الحياة أكثر متعة . ماذا تريدين أن تعرفي بالتحديد ؟"
أجابت :" لاأدري ." ثمة ألف سؤال تتطلب أجوبة . فمن أين تبدأ ؟ وسألت :" هل كنت ترغب دوماً في إدارة المزرعة ؟"
أجاب :" نعم."
نظرت إليه مترقبة وهي تنشف الطبق :" نعم فقط؟ هلاّ أسهبت في شرح تفاصيل ذلك ؟
فضحك قائلاً :" وكيف تريدينني أن أسهب ؟"
فقالت :" أن تقول مثلاً ,ــ نعم لقد أردت أن أدير المزرعة لأنني أحب الأبقار ــ أو شيئاً كهذا ."
فقال :" ستيفاني , ليس هناك من يحب الأبقار . فهي غبية وتسبب كثيراً من الإزعاج ."
قالت :" ربما أنت تحب الانطلاق في البراري إذن ."
أجاب :" نعم ."

نسمة عطر
04-07-2011, 23:49
فقالت :" آه يا ألبرت . كيف لي أن أعلم عنكَ أي شيء إذا كانت أجوبتك هي نعم ." وضربت بقدمها الأرض وقد بانت عليها خيبة الأمل ما جعله يضحك منها , ثم يمد يده يأخذ منها منشفة الأواني فيضعها جانباً ثم يقودها خارجاً إلى الفناء ومن ثم إلى الطريق العام , حيث قال :" ما رأيك في أن نتمشى قليلاً أخبرك أثناءها عن كل ما تريدين معرفته ؟ "
أجابت بخشونة بعد إذ ساءها أن يضحك منها لا بأس ."
فابتدأ قائلاً :" عندما كنت غلاماً يافعاً , استولت عليّ فكرة أنني سأدير المزرعة يوماً ما , ولكن أبي كان يسكن هنا عندما منت أنا صبياً , وكان طبيعياً أن أفكر في أنه سيستلم المزرعة من جدّي وسأتبعه أنا , أو سنتبعه أنا وإدي وفي السنوات الأخيرة عملنا معاً . ولكن أبي رحل إلى ملبورن عندما ذهبت أنا إلى الجامعة ."
فسألته :" لماذا؟ ألم يكن يحب العيش هنا ؟"
أجاب :" لقد كانا هو وجدّي متضادين على الدوام , وبجانب ذلك , أظن أن شيئاً في قلبه قد تحطم عندما هجرته أمي , فانتظر إلى أن كبرنا تقريباً وصار بإمكاننا الإستغناء عنه , ثم رحل ."
فسألته :" وهل رحلت أمك عندما كنت أنت صبياً صغيراً ؟"
أجاب :" نعم . لقد كان إدي طفلاً رضيعاً , وكنت أنا في حوالي الرابعة ."
فعادت تسأله:" وهل كانت جدّتك في ذلك الوقت متوفية ؟"
أجاب :" نعم .لقد ماتت قبل أن يتزوج أبي بوقت طويل . لقد انتقل أبي إلى ملبورن ليدير شركة سفن , مفضلاً ذلك على الماشية . ويبدو أنّه وجدّي , قد أصبحا الآن أكثر تفاهماً كذلك , وهو الذي عرّف إدي بكلير زوجته ."
قالت :" كنت أتساءل كيف تعارفا ."
أجاب :" لقد بقي إدي شهوراً يمضي هناك أوقاتاً أكثر مما يمضي هنا , ومن سوء الحظ أن كلير ظنت أن الحياة هنا ستكون كما كانت أثناء شهور الحب ّ والغزل , لتجد أنّ الأزهار وحفلات العشاء و الرحلات قد انتهت لتبدأ الحياة الحقيقية ."
سألته :" أتراها شعرت بالحنين إلى الحبّ الشاعري ؟"
أجاب :" لقد شعرت بالحنين إلى جوّ المدينة . كان على إدي أن يدرك أنها غير مناسبة للحياة هنا . كانا يتشاجران على الدوام . كانت تريده أن يذهب للعمل مع أبي . ولكنه كان مغرماً بالمزرعة , ويريد العمل فيها . كانا غارقين في الحب ولهذا أصرا على الزواج . أظن من الأفضل لو لم يتزوجا ."
لم تعرف ستيفاني ماذا تقول , في أمها وكيف كانت حياتها مليئة بالمشاعر والإضطراب , وكل ذلك باسم الحب . أتراها كانت مثل كلير ؟
وقالت توافقه :" إنهم يعطون الحب أهمية أكثر مما يستحق ."
فقال :" إنّكِ تقولين ذلك بالنسبة إلى أمك ِ , أليس كذلك ؟ "
أجابت :" نعم"
فزم شفتيه وهو يراها تحصر جوابها بنفس الكلمة التي سبق واستعملها من قبل . ولكنها ضحكت منه تتحداه أن يعترض .
قال آمراً :" أخبريني عنها "
قالت :"ليس ثمة الكثير ليقال . إنّها ميتة الآن " وكان صوتها وهي تنطق بذلك جامداً كعادتها كلما أتت على ذكر والدتها , تزيح بذلك الألم الذي كان يرافق هذه الذكرى .ولكن ألبرت أصرّ على السؤال :" هل كنتِ تعيشين معها في حداثتكِ؟"
أجابت :" لقد تطلق أبي وأمي عندما كنت صغيرة , فعشت معها . لقد تزوجت ست مرات من بعد أبي . ونالت حق حضانتي , ولكنها كانت ترسلني إلى جدّتي على الدوام . وعندما تركت كلية الدراسة جعلت مقرّ إقامتي مع جدّتي "
سألها :" وبعد ذلك ؟"
أجابت :" وماذا بعد ذلك ؟ إن ّالحب وهم . وكانت تفتش عنه باستمرار . فلم تشأ أن تدعني معها . خصوصاً عندما كبرت أنا وكانت هي تحاول جهدها أن تبدو أصغر من سنها ."
سألها :" وهل هذا هو السبب في أنّكِ لم تتزوجي ؟"
فقالت:" ولكنني متزوجة."
فقال وقد فرغ صبره :" عنيت قبل أن نتزوج"
قالت :" نعم . إنها لم تكن مثالاً للوفاء الزوجي . فقد تزوجت ست مرات . فهي تبقى إلى أن تتعسر الأمور , عند ذلك ترحل . أو يرحل زوج الشهر الواحد . الحب لا يدوم أبداً , بالنسبة إليها . ولكنها ليست السبب الوحيد لعزوفي عن الزواج , فقد كنت مخطوبة مرة . وكنت أظن أنني سأتزوج وأعيش بعد ذلك سعيدة . ولكنه لم يكن من النوع المخلص . ومن حسن حظي أن أكتشف ذلك قبل الزواج وليس بعده "
سألها :" من هو؟"
قالت :" اسمه مايكل اولان , وكان متعهداً لاستيراد البضائع لأحد المخازن في لوس أنجلوس"
سألها بخشونة :" وهل أحببته؟"
أجابت :" ظننت نفسي أحبه . ولكن نسيانه لم يأخذ مني وقتاً طويلاً , ولهذا لا أظن أنني أحببته حقاً . وأظن أنه أثّر فقط على مشاعري "
فقال :" إنّكِ إذن لم تعرفي الحب أبداًَ "
قالت بمرارة :" ربما ليس هناك شيء يدعى الحب الحقيقي "
فقال :" الحب هو تفتح في المشاعر مفروض أن يثمر أحسن العلاقات . ولكن هذا لايحدث . لقد كنت أنا نفسي خاطباً مرة , منذ مدة طويلة . لقد فسخت الخطبة عندما اكتشفت علاقة لجنيفر مع رجل آخر . ربما نحن الاثنين متشابهين في هذا الشيء "
فقالت :" إنّ البعض يعيشون حياة زوجية سعيدة ."
قال :" إنّهم ليسوا كثيرين , هذا إدي مثلاً . لقد كان يحب كلير ولكنهما كانا يتشاجران طوال الوقت , كانت هي تدّعي أنّها تحبه , ولكنها تركته لتفتش عن حياة أكثر صخباً . وأمي هجرت أسرتها لأنها لم تشعر بأنّها محبوبة تماماً "
فقالت برقة و بحزن :" إنّ دوام زواج ما , هو شيء عجيب "
قال :" إنّ زواجنا سيدوم لأنّه مؤسس على احتياجات مشتركة . وليس على مجرد مشاعر هائمة "
فتسارعت دقات قلبها , وألقت نحوه نظرة سريعة . كان صحيحاً أن لهما احتياجات مشتركة .ولكن ما بينهما كان أكثر من ذلك . لقد كانت تحب وجودها معه , وكانت تنتظر انتهاء النهار لكي تراه . كانت تشتاق إليه . إلى كلماته وأحاديثه . إنّ مجرد مغازلات قليلة بينهما أثارت إعجابها فكيف لو أنّه وقع في حبها ؟ هل سيجعل هذا زواجهما أفضل ؟
قال :" إذا كنا صادقين مع بعضنا يا ستيفاني , فستكون حياتنا معاً طيبة , دون كل تلك المشاعر المتقلبة التي يسمونها الحب "

نسمة عطر
04-07-2011, 23:51
فأومأت برأسها شاعرة بخيبة الأمل . ربما كانت ذات قلب شاعري دافئ , ولكنه كان نزيها ً معها . عليها أن تجعل من زواج المصلحة هذا علاقة تدوم الحياة كلها .
وعندما عادا إلى المنزل , توجه ألبرت رأساً إلى المكتب فأخذت تنظر إليه وهو يبتعد , تتأمل كتفيه العريضتين وخطواته الواثقة . وأخيراً قررت أن شيئاً من الحب بينهما لن يؤدي إلى أي ضرر.
مسحت ستيفاني يديها بجانب بنطالها شاعرة بالعصبية من المقابلة المنتظرة , وقد وقفت خارج المكتب تتأمل الباب وهي تسحب نفساً عميقاً . فهي قد أتمت هنا الأسبوعين تقريباً ومنذ تلك الليلة الأولى وصراحة جون معها جعلتها تتجنبه قدر إمكانها . و لكنها الآن جاءت تريد مقابلته .
وسحبت نفساً آخر عميقاً , ثم نقرت على الباب المفتوح , ناظرة إليه وهو يستدير من أمام الكمبيوتر ليراها واقفة بالباب . وكما كانت تتوقع . بان العبوس على ملامحه لدى رؤيته لها .
سألته بصوت حاولت أن لايبدو مرتجفاً :" هل أستطيع ا لكلام معك لحظة ؟" كانت تحاول دوماً أن تبدو قوية إزاءه بعكس ما كانت تشعر به فعلاً .
أومأ برأسه وهو يشير إلى كرسي أمام المكتب , فأغلقت ستيفاني الباب خلفها بحذر ثم سارت نحو الكرسي . استند إلى الخلف وهو يتأملها قائلاً :" أهو حديث خاص ؟أتريدين الخروج؟"
فهزت رأسها نفياً وهي تجلس على حافة الكرسي قائلة :" كلا , لا أريد الخروج . إنني أعلم أنك لا تراني مناسبة لألبرت . ولكنني أحاول جاهدة أن أكون زوجة صالحة له . فأنا لست فتاة عابثة جئت لآخذ نصيبي من ميراث كاثرين ثم أرحل . لقد التزمت بعهد وسأحافظ عليه . وهذا ليس سبب قدومي إليك , وإنما أريد أن أعرف ما هو نوع الكيك المفضل لدى ألبرت "
عند ذلك استقام جون في جلسته وهو ينظر إليها مبهوتاً , ثم سألها :" الكيك المفضل ؟"
أجابت " نعم , فاليوم هو , كما تعلم , ذكرى مولده , وقد قررت أن أقدم له كيك مكان الحلوى بعد العشاء هذه الليلة وأظنك ستقدم له الهدايا بعد العشاء ما دمت لم تقدمها بعد الفطور ."
كانت تتحدث باندفاع وهي تحدق فيه بهدوء , بينما قلبها يخفق قلقاً . فهي لاتدري ماذا ستفعل لو أنه سخر منها.هزّ جون رأسه وهو يقول :" ذكرى مولده ؟ إننا لا نفعل الكثير في هكذا مناسبات "
قالت :" إنني لن أقوم بالكثير . سأصنع فقط الكيك الذي يحبه , والبفتيك للعشاء . فأنا أعرف أنه يحبه "
سألها " هل هذا من جملة ذلك الإهتمام الذي كان يتحدث عنه؟"
ابتسمت قائلة :" هذا ليس بالكثير . مجرد كيك"
قال :"ولكنه سيكون أكثر مما ناله قط في حياته "
فنظرت إليه بذهول وقالت :" ماذا تعني ؟"
أجاب :" عنيت ما أقوله . فنحن لا نقوم بشيء في ذكرى ولادة الأشخاص "
فهتفت :" أبداً؟؟!!"
قال :" ربما عندما كان صغيراً قبل أن ترحل أمه . كان ذلك منذ وقت طويل لا أتذكره "
قالت :" حسناً إنني أريد أن أصنع له كيك , وأريدها أن تكون من النوع الذي يحبه "
فقال :" الشوكولاته . إنه دوماً يحضر هذا النوع عندما يذهب إلى مكان ما " وسكت وكأنه لم يرها من قبل , ثم تابع قائلاً :" أتعلمين أنّ ساندي لامب ستصل غداً ؟"
فأومأت برأسها . وهل تستطيع أن تنسى ؟ لقد كان الخوف يملأ نفسها لهذا . وسألها :" وهل بإمكانك التعامل معها ؟" فأمعنت فيه النظر لحظة وهي تتساءل عما إذا كان قد تكهن بخزفها من هذه الزيارة . ثم قالت بهدوء :" أظن ذلك " إنّها ستسعى جهدها مهما كان الأمر . وهل بإمكانها أكثر من ذلك ؟ووقفت تستعد لمغادرة مكتبه
و فقد أنجزت ما جاءت لأجله .عندما وصلت إلى الباب أوقفها جون قائلاً :" إنني سأذهب إلى المدينة بعد قليل . وسأحضر إليكِ الكرسي الهزاز الذي أشرتِ إليه ذلك النهار "
فأومأت برأسها وهي لا تدري ما تقول . وفتحت الباب لتخرج منه .تاركة إياه مفتوحاً قليلاً , ومن ثم اتجهت نحو المطبخ . هل كان يعني بذلك هدية الصلح ؟ وساورها خاطر مفاجئ فاستدارت على عقبيها تنظر إلى الباب المفتوح فانتبه إليها فسألته :" هل من الممكن أن تحضر لي معك بعض الشموع أيضاً لأجل الكيك؟"
فأومأ وهو يعود إلى شاشة الكمبيوتر . وخيّل إليها لحظة أنّها ترى في عينيه نظرة هازلة . وكانت قد اعتادت هذه النظرة في عيني ألبرت .

نسمة عطر
04-07-2011, 23:54
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله غبت كم يوم و لقيت مجموعة فصول ::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::

شكرا لكِ يا قمر
العفو وبتمنى الك قراءة ممتعة

أنا إيمان
05-07-2011, 08:02
نسمه يا نسمه بسرعه خلصي الروايه مرررررررره شكلها حلوه
تسلميلي يالغاليه

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:35
:d:d:dمتابعين معك يانسومة حلوة وردة صفراااااااااااااااااء ههههههههههه وتسلم الايادي النااااااااااعمة ودمتي لي في قلبي سكنة::سعادة::

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:39
:)كيفك ياجين ياوردة حمراااااااااء وحشتيني ومنتظرين روايتك بشووووووووق اتمنى اقرها قبل رمضان ;)عشان رمضان بكون مشغولة والك الفتحية ودمتي لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:42
:)لوووووووووووووووووووووووووولي ي ي الف الف مليااااااااااااااااار مبرووووووووووووك ياايمان ولا تنسينا من حلاوت الملكةههههههههههههههههههههه:dواتمنى الك كل السعااااااااااااااااادة مع فارس احلامك وقبال مونى ودمتي لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:44
احلا تحية الك يايوكي اسم جميل ووروووووووود جميلة كيفك وحشتينا وانشاء الله يكون الاهل كمان تمام ودمتى لي في قلبي سكنة::سعادة::

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:48
;)موعدنا انشاء الله مع رواية الرفيقات او اهديتك عمري اختارو؟؟؟؟:rolleyes:{بعد جين طبعا"} اذا مافي مانع ودمتم لي في قلبي سكنة::جيد::

ساكنه القلوب
05-07-2011, 14:51
:confused:بنات طمنوني على عصونة كيف صارت الاحين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟تمنياتاتي لك بالشفاء العاجل ودمت لي في قلبي سكنة::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::: :سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعاد ة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة:::: سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة ::::سعادة::::سعادة::::سعادة::
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعا دة::::سعادة::::سعادة::
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::
::سعادة::::سعادة::::سعادة::
::سعادة::::سعادة::
::سعادة::

يوكي 111
05-07-2011, 22:24
احلا تحية الك يايوكي اسم جميل ووروووووووود جميلة كيفك وحشتينا وانشاء الله يكون الاهل كمان تمام ودمتى لي في قلبي سكنة::سعادة::
تسلمي ياأميرةالرومانسية
الحمدو لله تمام
أولادي بيسلمو عليكي
ربي يصلح لكي حالك ويعطيكي كل ما تتمنيه
مع حبي

يوكي 111
05-07-2011, 22:26
نسومة
تسلمي الرواية عن جد رائعة
معاكي ونستناكي ياقمر
لكي تقديري
تحياتي

يوكي 111
05-07-2011, 22:29
جين
كيف أحوالك ماشاء الله منورة المشروع
بتواجدك الدائم
تسلمي من كل شر يا وردة المشروع
لكي تحياتي

يوكي 111
05-07-2011, 22:35
غصونة كيف أحوالك ياقلبي
أخبار الصداع
ربي يبعد عنك الالم ويشفيكي شفاء" عاجلا"
وترجعيلنا بألف سلامة
ياقمر ونجوم المشروع
لكي دعواتي الخالصة
مع حبي

نسمة عطر
05-07-2011, 22:56
الفصل السادس

صنعت ستيفاني كيك الشكولاته دسماً رائعاً . وبالغت في تهوية المطبخ لكي لا تكشف الرائحة , المفاجأة . وقد جعلت سارة تلعق الوعاء الذي استعملته في مزج المواد وهي تضحك لتلطيخ الطفلة وجهها بالشيكولاته . وشعرت بالسرور لعدم حضور ألبرت للغداء . ذلك أنّ نظرة واحدة إلى سارة ستفضح كل ما حرصت على كتمانه .
وتأنقت قليلاً للعشاء إذ ارتدت ثوباً ناعماً أزرق اللون , ذا ياقة من الدانتيل واسعة . وجعلت شعرها مسترسلاً على ظهرها بتموجات لامعة . وعندما نزلت الدرج كانت مسرورة بما صنعت .
ساد جوّ العشاء روح طيبة حتى أنّ ستيفاني لم تشعر بأي عداء نحوها من جون . لم يكن ودوداً بشكل خاص وإنما فقط غير عدائي . وقد استمتع وكذلك ألبرت بالعشاء . وعندما أخذت ستيفاني ترفع الأطباق قالت :" انتظرا . فإنّ لديّ شيئاً لكما " واتكأ جون إلى الخلف في كرسيه وأخذ يراقب وجه ألبرت .
فنظر إليه ألبرت يسأله :" هل ثمة شيء خطأ"
فأجاب جون وفي عينيه نظرة هزل :" كلا"
دخلت ستيفاني إلى غرفة المؤونة حيث كانت أخفت قالب الكيك فأشعلت الشموع فيه بيدين مرتجفتين .
رفعت بصرها لترى ملامح ألبرت الذاهلة عندما وقعت نظراته على قالب الكيك ورأى ما أحضرته إليه , فكادت دموعها تسيل للتعبير الذي بدا في ملامحه تلك , وازدردت ريقها بصعوبة . أصحيح أنّه عاش كل هذه السنوات دون أن يصنع له أحد كيك في ذكرى مولده ؟
غنت له برقة وشاركها جون الغناء . وأخذت سارة تخبط على كرسيها العالي , وهي تهتف ضاحكة لمنظر الشموع . قالت وهي تضع الكيك أمامه :" يمكنك الآن أن تطلب ما تتمناه قبل أن تطفىء الشموع " وكانت تشعر بسرور طاغ ٍ لما فعلت ما جعل السرور يكسو ملامحه , وأطفأ الشموع وأخذت سارة تصفق .
سألها وهو يرفع الشموع من القالب :" كيف علمت ِ أنّ اليوم يصادف يوم مولدي ؟"
أجابت :" لقد رأيت تاريخه عندما كنا نمضي شهادات زواجنا " ودخلت إلى غرفة المؤونة مرة أخرى لتعود وفي يدها علبة صغيرة ملفوفة بورق فضي وشريط أبيض , وهي تقول بخجل واضعة العلبة بجانبه على المائدة :" وهذه لك أيضاً " ثم تحوّلت تحضر صحوناً وشوكاً للحلوى . نهض جون بدوره قاصداً غرفة الطعام ليعود وبيديه ثلاث هدايا ملفوفة واضعاً إياها بجانب ستيفاني قائلاً :" وهذه أيضاً " ثم عاد إلى كرسيه .
وصبغ شيء من اللون وجني ألبرت وهو يرى العلب أمامه . ورفع عينيه ببطء ناظراً إلى جدّه , ثم إلى ستيفاني , وكانت ملامحه جامدة ولم تستطع أن تدرك ماهية تفكيره . ولكن ذلك اللون الخفيف الذي صعد إلى وجنتيه نسّ فؤادها وهي تفكر في تلك السنوات التي لم يفكر فيها أحد بذكرى مولده . ربما هو كبيروقوي و مكتف ِ ذاتياً , ولكنه يظلّ بحاجة ماسة إلى لمسة حب رقيقة . وكانت هي فقط الشخص الذي بإمكانه أن يقدّم له هذا . تقدّم إليه كل ما تستطيعه من رعاية تعوّض بها تلك السنوات الموحشة واستدارت تقطع الكيك .
تمتم برقة وهو يتناول الهدية الأولى :" هل هذا هو سبب ارتدائك هذا الثوب ؟" وفتح هدايا جدّه أولاً كانت عبارة عن قميص للعمل أزرق داكناً وطقم مناديل يد من جون وألبوم للصور من سارة , وسرعان ما وضعهما جانباً ليتحول إلى هدية ستيفاني . وتمهل لحظة متأملاً الورق الفضي والشريط الأبيض ثم مزقه ونظر داخل العلبة . كان كامناً في القطن علاقة مفاتيح فضيّة كبيرة محفور عليها شعار كاليفورنيا .
وعندما أخذ يتأمل الهدية هذه , قالت له ستيفاني بمرح :" إنّها شيء بسيط من كاليفورنيا مني إليك"
وعندما نظر إليها , سرى في كيانها الدفء لابتسامته وهو يقول :" أشكرك هل أحضرتها معك ِ ؟"
فأجابت :" نعم لقد أحضرتها في الواقع لتكون هدية عرسنا , ولكن عندما لم نتبادل الهدايا , احتفظت بها لمثل هذا اليوم "
تقابلت عيناها بعينيه الذاهلتين كان في إدراك ألبرت فجأة مبلغ ما كان عليه عرسهما من كآبة , وما كان في استقبال أسرته لها من نقص في الترحيب كان في ذلك ما صدمه بقوة وجعل ستيفاني تشعر بندمه هذا عندما اشتبكت نظراتها بنظراته.
تمتم ألبرت :" كان عليّ أن أشتري لك ِ شيئاً . إنّ النساء يهتممن جداً لمثل هذه الأشياء"
فقالت :" هذا هراء "
قالت ذلك وهي تتجنب التفكير في خيبة الأمل التي كانت شعرت بها عندما أدركت أنه لم يحضر لها أيّ شيء , فقد كانت تتوقع شيئاً كهذا , ولكنها أدركت حماقتها عندما وجدت أنّه لم يكن قد توقع أن يكون بينهما شيء خارج عن اتفاقية المصلحة تلك , فهو حتى لم ينتظرها لكي تغيّر ثوبها بثوب الزفاف الأبيض الذي كانت أحضرته معها . وتابعت تقول محاولة أن تبعد الألم من صوتها :" لقد كانت فكرة شاعرية حمقاء مني , فإنّ ما بيننا ما هو إلاّ اتفاقية عمل وليس علاقة حب " لم يكن هدفها هو أن تفسد هذه المناسبة , فقد كانت تريد أن يكون هذا يوماَ خاصاً به . قالت محاولة أن تبرّد التوتر الذي ساد الجوّ :" كُل من هذا الكيك . إنّ جدّي أخبرني أنه النوع الذي تحبه " فأخذ ألبرت يحدّق في وجهها الذي أشاحت به ,وقد بان في وجهه الغضب والإشمئزاز من نفسه . وأخيراً ,, تقبّل منها قطعة الكيك .

نسمة عطر
05-07-2011, 22:58
ساد الوجوم فترة تناول الحلوى . وشعرت ستيفاني بالغضب من نفسها لإفسادها الجو الجميل الذي كان سائداً لم يكن هذا ما قصدت إليه . إنها شرحت فقط سبب إحضارها للهدية الفضية . حتى أنها لم تعلم ما إذا كانت أعجبته.
قال جون بعد الصمت المتوتر الذي ساد لحظة طويلة : " إنني لم أفكر قط في المسألة من وجهة نظرك وأنت التي قطعت كل تلك المسافة البعيدة متطلعة إلى شيء ما تاركة بيتك ووطنك لأجل رجل لا تعرفينه " فقالت باسمة :" أو ليس من المبهج أن نرى أن هذا المشروع قد نجح ؟"
وعندما انتهى الجميع من الأكل , وقف ألبرت مخاطباً جده :" هل يمكنك يا جدي غسل الأطباق هذه الليلة وتهتم بسارة؟ إن لي حديثاً مع ستيفاني "
وقبل أن يسمع جوابه , جذبها من حول المائدة , وحمل هديتها ثم خرجا من المطبخ ولكن بدلاً من أن يخرجا إلى الفناء خارج المنزل , اتجها نحو السلم صاعدين إلى غرفته.
وعلى الفور , أغلق ألبرت باب غرفته , ثم أدارها نحوه وقد بدا على وجهه تعبير لم تره قط من قبل . سألته بقلق :" هل ثمة شيء خطأ " أجاب وهو يلقي بالهدية على السرير بخفة :" لا شيء أبداً . كل ما في الأمر أنني لن أنتظر إلى ليلة الغد لكي تشاركيني غرفتي . فلتكن منذ هذه الليلة "
فقفز قلبها في صدرها لكلماته هذه . ما زال هذا الأمر مبكراً فهي غير مستعدة له . ومع ذلك , فقد غمرت كيانها الأحاسيس , ما جعلها تنسى مخاوفها واحتجاجها .
فتحت ستيفاني عينيها في الصباح لتجد أنها وحدها استيقظت ببطء وقد أدركت على الفور أن ألبرت غير موجود . نهضت مستندة إلى مرفقها تنظر في أنحاء الغرفة لم يكن هناك أثر لحذائه . لابد أنه ارتدى ثيابه وخرج . ألقت نظرة على ساعتها لتجد أن الوقت ما زال باكراً . إنّ عليها أن تنهض وتستعد للنزول لتجهيز الفطور .
كانت سارة ما تزال نائمة , فأسرعت نحو المطبخ حيث توقفت فجأة وهي ترى زوجين من الأعين تستديران إليها وتورد وجهها شاعرة بالإرتباك . فهي لم تكن تدرك ما ستشعر به من حرج حين تدخل الغرفة عالمة أنه يدرك تماماً ما كان بينهما الليلة الماضية . ولم يبد على جون ما يفصح عما يفكر فيه . واتجهت وهي تكاد تتعثر في خطواتها , نحو الثلاجة تخرج البيض . ولاقاها ألبرت هناك ثم سألها وهو يمدّ يده يخرج الزبدة" هل نمت جيداً ؟" ولاحظت أنه قد وضع علاقة المفاتيح التي سبق وأهدتها إليه الليلة الماضية , فتسارعت خفقات قلبها وأومأت بالإيجاب وهي تتجنب النظر إليه شاعرة بالخجل واقتربت من الموقد . كانت بحاجة للاستغراق في عملها المعتاد لكي تستعيد توازنها .
كان ألبرت قد توقف عند الباب قبل أن يخرج , قائلاً لها " سأكون هنا عند الظهر لأذهب إلى المدينة لإحضار ساندي وسنعود حوالي الثالثة بعد الظهر "
فسألته : " هل تريد غداء ؟"
أجاب :" أريد سندويش فقط آكله على الطريق " وتردد وكأنه يريد أن يقول شيئاً آخر ولكنه عاد فمشى خارجاً. بعد أن استيقظت الطفلة وألبست ثيابها وأطعمت , لم تجد ستيفاني صعوبة في نقل ثيابها وحاجاتها إلى غرفة ألبرت . وعندما وضعت ثيابها في خزانته الواسعة , أمسكت بثيابه تتشم رائحته فيها وقد أغمضت عينيها . وضعت على السرير في غرفتها القديمة , ملاءات جديدة , وفتحت النوافذ للتهوية وجعلت الغرفة تبدو في أحسن مظهر كيلا تجد ساندي ما تشكو منه . ولكن أملها خاب حين لم يدعها ألبرت لترافقه هي وسارة , لإحضار سندي . ووقفت على الشرفة الأمامية تراقبه وهو يبتعد . ولاحظت أنه أخذ السيارة اللاندروفر كما أنه استحم قبل ذهابه . وتمنت لو كانت تستطيع فهمه بشكل أكثر . كما تمنت لو أنها لا تشعر بمثل هذا القلق بالنسبة لساندي لامب .
كانت ستيفاني جالسة على الكرسي الهزاز الجديد في الشرفة عندما عاد ألبرت . وكانت سارة بجانبها تلعب بدميتها فرفعت رأسها حين سمعت صوت السيارة , واندفعت نحو ستيفاني تستند على ركبتيها وهي تراقب السيارة أثناء اقترابها . ووضعت ستيفاني يدها على رأس الطفلة تبتسم لها وكان ثوب هذه مغبراً . وكان شعرها قد طال قليلاً فش بت ستيفاني أطرافه كي لا تبدو كصبي . ملأ الدفء قلبها وهي تتأملها بمحبة بالغة . هل ستحبها خالتها ؟ ومّت يدها تخرج اصبع الطفلة من فمها وتعتصر يدها في راحتها .ثم وقفت وهي ترى السيارة تقف أمام الشرفة .
كانت المرأة التي برزت من السيارة طويلة ممشوقة القوام . وكان شعرها قصيراً مقصوصاً على أحدث طراز كما أن زينة وجهها كانت تبرز أجمل ما فيه وهما عيناها البنيتان القاتمتان . وأدركت ستيفاني من الطريقة التي تشبثت فيها بيد ألبرت وهو يساعدها على النزول من السيارة , والطريقة التي ابتسمت له فيها ناظرة إليه من زاوية عينيها , أدركت أنّ ساندي إنما تهدف إلى شيء ما . قام ألبرت بتقديم المرأتين الواحدة إلى الأخرى . دون أن يبدو عليه أنه كان منتبهاً إلى يد ساندي المتشبثة بيده
قالت ساندي :" لم أرفض فقط تصديق ما أخبرني به ألبرت من أنه تزوج. وإنما شعرت بصدمة لهذا" وكان في عدم الاستحسان الذي بدا على ملامحها وفي عينيها ما أنبأ ستيفاني بأنها لم تستطع تصديق أن يتزوج امرأة مثلها . ولكن ستيفاني لم تفعل أكثر من مجرد الإيماء والإبتسام وهي تقود سارة إلى خالتها قائلة :" وها هي ذي سارة . منذ متى لم تريها ؟"
أجابت ساندي وهي تبتسم للطفلة :" منذ قبل موت كلير مرحباً يا ابنة أختي الصغيرة "
وعندما ابتسمت سارة بخجل ورفعت يديها إليها لكي تحملها هذه , تراجعت ساندي على الخلف بسرعة وهي تقول :" كلا , كلا يا حبيبتي . يجب أن لا تلمسي بنطال خالتك ِ " ورفعت نظراتها إلى ستيفاني قائلة :" سأنتظر إلى أن تنظف قبل أن أمسك بها . فهي قذرة بمجملها "

نسمة عطر
05-07-2011, 23:01
واستدارت إلى ألبرت باسمة تخاطبه قائلة :" إنني متلهفة إلى أن تريني أنحاء المزرعة . فقد كانت كلير تتحدث كثيراً عنها . إنني أكاد أموت شوقاً إلى ذلك "
فقال لها وهو يرى ستيفاني تحمل سارة :" لاأظن اللون الأبيض صالح للبس في هذا المكان "
كانت ستيفاني تفكر وهي تحتضن الطفلة أنها أصغر من أن تتأثر من رفض خالتها لها . ولكنها هي نفسها غضبت للطفلة .
فأجابت ساندي بلهجة سعيدة :" لقد أحضرت معي بعض الملابس الأخرى حتى الجينز . إنني واثقة من أن ملابسي مناسبة لهذا المكان "
لم تكن ستيفاني قد توقعت أنها ستحب ساندي , وهذا الذي حدث , كما أنها لم تتوقع هذه الموجة الجارفة من الغيرة التي اكتسحتها وهي ترى ساندي تبتسم لألبرت فيبادلها هذا الإبتسام . وأخذت تنظر إليهما وهما يخرجان الأمتعة من السيارة . وكانت ساندي تثرثر كيفما اتفق مع ألبرت وهي تحمل حقيبة صغيرة بينما كان هو يحمل حقيبتين كبيرتين . إلى متى هي مصممة على البقاء هنا؟ وأين هو حبها المفترض لإبنة أختها ؟ ‘نّ نيتها كما يبدو , موجهة إلى ألبرت أكثر مما هي إلى سارة . وتذكرت ما سبق وقاله جون من أنهما كانا على علاقة في الوقت الذي تزوج فيه إدي وكلير . إلى أيّ حدّ وصلت بهما تلك العلاقة ؟ وانقبض قلبها وشمل كيانها شعور بالوحشة وتمنت لو أنهما لم يذهبا بعيداً في تلك العلاقة , فهي لم تكن تطيق هذه الفكرة .
قالت ساندي لألبرت وهو يضع حقائبها بجانب الخزانة :" ما أجمل هذه الغرفة "وكانت ستيفاني قد لحقت بهما على السلم بقصد غسل جسد الطفلة لكي تكون لائقة لتحملها خالتها . فوقفت قليلاً عند العتبة تنظر إلى ساندي وهي تتفحص الغرفة وتضيف قائلة :" إنّها مجهزة بشكل كاف شكراً يا ألبرت " قالت ذلك بصوت خفيض وهي تبتسم له . فقال :" يجيبها :" اشكري ستيفاني فهي التي زينتها وهي تعيد الآن تنظيم المنزل بكامله " ولم يلحظ التماع الغضب في عينيها لسماعها أنّ ستيفاني هي التي زينت الغرفة وكان هو يتابع قائلاً " ناديني إذا احتجت لأي شيء " فأجابت :" إنني متأكدة من أنّ ستيفاني قد فكرت في كل شيء , فإذا كان ما يزال هناك ما أحتاجه فسأطلبه منها " ومع أنّ هذه الكلمات كانت حسنة , فإنّ لهجتها وهي تنطق بها لم تكن كذلك قطعاً . وابتعدت ستيفاني قبل أن تغلبها نفسها فتجيب على هذا التحدي الخفي .
بعد أن غسلت ستيفاني الطفلة وألبستها ثياباً جديدة لكي تناسب مستوى خالتها , حملتها وأقبلت بها إلى غرفة ساندي تقرع الباب . وعندما لم تسمع جواباً , تملكتها الحيرة ونزلت إلى الطابق الأسفل وهناك سمعت أصواتاً مختلطة على الشرفة فاندفعت إلى الشرفة لترى ساندي تقوم بمشهد لا يمكن أن يوصف به إلاّ أنه غزل , حسب رؤية ستيفاني له . فقد كانت تجلس على كرسيها الهزاز الجديد , وجون وألبرت إلى جانبيها يضحكان بطلاقة لشيء كانت قالته ولكنهم يعرفون بعضهم بعضاً بالطبع , منذ وقت طويل . وشعرت ستيفاني بنفسها للحظة غريبة عنهم كضيفة يتحملونها بالرغم عنهم.
وقالت ساندي وهي ترى ستيفاني تحمل الطفلة :" ها هي ذي ابنة أختي الغالية . تعالي إليّ يا عزيزتي . لقد أحضرت لك ِ دمية حلوة وكتاباً لتقرأيه " كانت ابتسامتها جذابة وهي تمدّ يديها إلى سارة بشوق فتجلسها على ركبتيها وتهزها ببطء وهي تتابع قائلة :" لا يمكنني أن أصدق كم كبرت . وكم تبدين صحيحة معافاة " وابتسمت لألبرت وهي تقول ذلك . مال ألبرت بكرسيه إلى الخلف و هو يرمق ساندي بعينين ضيقتين . وارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة عندما قالت إنّ سارة تبدو صحيحة معافاة وقال :" كان يجب أن تريها قبل أن تأتي ستيفاني وتعتني بها . لقد كانت تبدو كالمشردين "
عادت ساندي تتكلم إليهما بصوت خفيض متجاهلة وجود ستيفاني , فقالت :" كان عليّ ان أحضر قبل الآن ولكنني لم أدرك صعوبة الأمر بالنسبة إليك . لقد كان بإمكاني أن أعتني بسارة فهي أيضاً ابنة أختي يا ألبرت . لقد كان علينا أن نشترك في حمل هذا العبء " وكان يبدو وكأنها كانت تتحدث إلى ألبرت فقط .
فأجاب :" إنّها بخير هنا , أما أنت ِ فلديك ِ عملك ِ في ملبورن "
قال جون لستيفاني حين رآها ما تزال واقفة :" أحضري كرسياً اجلسي عليه " أما ألبرت فلم يلق ِ نحوها حتى بنظرة .
فهزت رأسها وكأنها انتبهت فجأة من غيبوبة , وقالت " كلا , شكراً أريد أن أباشر بتحضير العشاء " واستدارت متجهة إلى المطبخ ونفسها تغلي بالغضب والغيرة . من تظن نفسها ساندي لكي تحاول اجتذاب زوجها ؟ إنّ ألبرت رجلها هي وكلما كان إدراك ساندي لذلك سريعاً , كان ذلك أفضل . ثم ماذا كان يقصد بتركيز اهتمامه عليها بهذا الشكل ؟ ألم يتذكر أن لديه زوجة محبة ؟
وجمدت ستيفاني في مكانها وهي تصل بأفكارها إلى هذا الحد . نعم لقد أحبت ألبرت . ولكنها لم تكن تقصد الوقوع في الحب , لا الآن ولا فيما بعد . ولكن لم يكن بيدها حيلة . وفي الواقع , كان يمثل لها كل ما كانت تتمناه في حياتها فهو قوي , وموضع ثقة ويقدّر المسؤولية وجذاب . وفكرت لحظة . إنّ حب السيطرة والغطرسة وإلقاء الأوامر لم تكن من الصفات التي كانت تتمناها في الرجل ولكنها كلها اجتمعت لتكوّن شخصيته هذه . وابتسمت متعجبة . إنها تحبه , فهل يمكن لزيارة ساندي أن تهدّد هذا الحب ؟ وهل سيعود ألبرت فيعتقد أنّ المرأة الاسترالية تناسب ذوقه أكثر ؟ وأن خالة سارة أفضل لها من امرأة غريبة من أميركا ؟
عندما كانت ستيفاني تستعد للنوم تلك الليلة , أخذت تتساءل كيف سيكون بإمكانها أن تتعامل مع ساندي أثناء الخمسة أيام التالية , إذا كان بعد ظهر اليوم هو المثال لذلك ؟ فإنّ ستيفاني سوف تجن قبل أن ترحل هذه المرأة

نسمة عطر
05-07-2011, 23:03
تذكرت كل كلمة قيلت أثناء العشاء وكأنها كانت مسجلة . كانت المرأة مزعجة , ولكنها مسلية نوعاً ما . فقد كانت وهي تصف بعض جوانب حياتها في ملبورن , ساخرة لاذعة , إنما مسلية وممتعة . كما أبدت اهتماماً صادقاً بسارة وتقدم نموها , رغم أنها لم تشأ أن تحملها أو أن تمضي معها بعض الوقت . ولكن استياء ستيفاني كان كبيراً وهي ترى ما اعتبرته تقرباً من ساندي نحو ألبرت . ولم ينفعها لتعليل شكوكها هذه معرفتها بغيرتها وإنّها ما زالت قليلة الثقة بعلاقتها الجديدة . كانت ساندي قد قالت :" إنني متلهفة إلى التفرج على المزرعة يا ألبرت . هل بإمكاننا أن نبدأ بذلك بعد العشاء مباشرة ؟ إنّ وقتي قصير هنا ولا أريد أن يفوتني رؤية شيء "
فاندفعت ستيفاني تقول قبل أن يتمنك ألبرت من الإجابة :" وماذا عن سارة ظننتك ِ جئت ِ لرؤيتها " لقد شعرت بالضيق لفكرة أنّه سيطوف مع ساندي ليريها كل شيء , فهي نفسها لم يطف أحد بها بعد بكل أنحاء المنزل وكذلك داخل المزرعة . أما كان الأجدر بألبرت أن يريها هي ذلك أولاً ؟ قالت :" ألن تذهب سارة إلى فراشها قريباً ؟ إنّ هذا الوقت هو الأنسب لاكتشاف المكان . وغداً سأمضي معها وهي مستيقظة الكثير من الوقت " كان جواب ساندي يبدو منطقياً ولكن ستيفاني شعرت بالغيظ .
قال :" ألبرت وهو يعبس في وجه ستيفاني وكأن رأيها لم يعجبه :" يمكننا ان نرى بعض نواحي المزرعة بعد العشاء قبل أن يحل الظلام . بينما تهتم ستيفاني بالطفلة "
لقد سقط قلبها حينذاك . فقد كان وقتهما الخاص بعد العشاء عادة . وهذا طبعاً لا يعني أن بإمكانهما أن يختفيا معاً كلياً ليمضيه مع ساندي . ها قد تحول الغروب إلى ليل الآن وهما لم يعودا بعد وكانت ستيفاني قد جلست على الشرفة مع جون بعد أن وضعت سارة في فراشها , وكان الاثنان صامتين مستغرقين كل في أفكاره الخاصة . وقد بذلت ستيفاني جهدها لحمل نفسها عن الامتناع عن إحصاء وقت غياب ألبرت وساندي بالدقائق , ولكن هوذا الليل قد حل . وهما لم يعودا بعد .

نسمة عطر
06-07-2011, 22:58
الفصل السابع

صعدت ستيفاني إلى السرير الواسع وذكريات الليلة تتزاحم في رأسها . وأطفأت النور وهي تتساءل أين عسى أن يكون زوجها الآن وماذا يفعل , لقد أصبحت تعتقد الآن بعد أن أمضيا ليلة معاً , أنّ علاقتهما قد أصبحت مختلفة بشكل ما ...أصبحت أقوى . ولكن يبدو أنه يتوخى البقاء بعيداً عنها . كيف أمكنه أن ينسى كل شيء ؟ ألم تعن الليلة الماضية شيئاً بالنسبة إليه ؟
وعندما فتح ألبرت الباب بعد ذلك بفترة قصيرة , دخل شعاع من نور القاعة إلى الغرفة المظلمة إلى السرير .
وناداها بصوت هادئ :" ستيفاني ؟"
فقالت بلطف , مخفية غضبها :" إنني مستيقظة إذا شئت أن تضيء المصباح " كانت شاعرة بالارتياح لعودته أخيراً . ورفضت أن تنظر إلى الساعة . إذ لم تشأ أن تعلم كم تأخر خارجاً .
قطبت جبينها قائلة ببرود :" إنّ بإمكاني أن أشم عطرها تفوح منك " وشعرت فجأة بالألم , إنّه لم يعدها بالحب ولكنه تحدث عن الإخلاص والصدق . هل كان ذلك مجرد كلام ؟ وهل هو مثل مايكل ؟ هل كان حديثه عن الإخلاص يطبّقه عليها فقط؟
فأجاب بصوت متعب :" لقد تشبثت ساندي بذراعي طوال الوقت خوفاً من الوقوع . ما كان لها ان تحتذي ذلك الحذاء العالي الكعب الذي لم تستطع معه أن تحتفظ بتوازنها " ابتسمت ستيفاني بحزن . لشد ما هي حاذقة ساندي هذه ربما كان عليها هي أن تجرب هذه الحيلة . ولم تستطع مغالبة نفسها فقالت :" ولكنكما تأخرتما كثيراً " كانت تتمنى لو تستطيع أن تصرخ بذلك , طالبة منه أن يخبرها أين كانا وماذا يفعلان . أن تذكره بأنه تزوجها منذ أسبوعين وما كان له أن يمضي ساعات الليل في الخارج مع امرأة أخرى . فأجاب :" إنّ هناك الكثير الذي أرادت رؤيته , فهي لم تزر المزرعة من قبل "
فقالت :" ولا أنا كان عليك أن تأخذيني أنا أيضاً " شعرت برأسه يتحول إليها يحدق فيها , ثم سألها :" إذا كنت قد أردت ِ الذهاب , فلماذا لم تقولي ذلك ؟"
فتمتمت :" لقد قيل لي أن لأبقى مع سارة , هل تذكر ؟ ثم إنني لا أحب أن اقحم نفسي حيث لا يكون مرغوباً بوجودي " فقال بحدة :" لا تبدأي بتخيل أشياء غير موجودة . إنّك ِ تتكلمين مثل كلير "
فسألته " هل كان لديها أسباب تجعلها تشك في إدي ؟"
فقال :" تشك فيه بماذا ؟ أرجوك , إنني لم أفعل سوى أنني أريت زائرة أنحاء المزرعة وكانت تلقي عليّ الكثير من الأسئلة . وهذا أخذ مني وقتاً . يبدو أنك تشعرين بالغيرة "
فقالت بسرعة كيلا يفكر في الأمر أكثر من ذلك :" كلا " فقال :" نامي إذن " ثم لطف من لهجته الآمرة حين أضاف :" إنني متعب ولدينا عمل كثير غداً "
فانتظرت ستيفاني لحظة , ولكنه لم يزد شيئاً . وابتعدت عنه ببطء , وقد انتابتها خيبة الأمل لأنه لم يحاول ملاطفتها . وشعرت في هذا السرير الواسع بالوحدة والوحشة وجافاها النوم ولم يبق َ معها سوى أفكارها المعذبة .
" هل لديكم مشاكل مع القانون ؟ " ألقت ساندي هذا السؤال عصر اليوم التالي عندما كانت تجلس مع ستيفاني في الشرفة . كانت سارة نائمة , فخرجت المرأتان تبتغيان الهواء المنعش في الشرفة المسقوفة .
نظرت ستيفاني إلى حيث وقفت أمام المنزل سيارة حكومية , وابتسمت حين رأت ستيفن كاسيدي يخرج منها . ولكنها تذكرت كلمات ألبرت لها بأن تبقى بعيدة عن هذا الرجل , ولكن لم يكن في إمكانها ان تركض إلى داخل المنزل لتصفق الباب في وجهه عندما يأتي إلى زيارتهم . وقفت ونزلت الدرجات القليلة نحوه ترحب به . وبقيت ساندي جالسة تنظر إلى ما يجري بعينين نهمتين . كان هو يناولها باقة من الورود الوردية اللون قائلاً :" لقد فكرت في مفاجأتكم بهذه الزيارة لأرى كيف تكيّفين نفسك مع الحياة في هذا المكان النائي "
فقالت :" ما أجمل هذا المكان هذا . إنني أعشق الورود فهي أزهاري المفضلة . لقد فكرت في زراعة بعض الورود حول المنزل عندما أنتهي من تنظيمه . تفضل . إننا نستمتع بالظل على هذه الشرفة , هل ترغب في شيء من عصير الليمون أو الشاي المثلج؟"
فأجاب :" عصير الليمون "
كان يماثل ألبرت في حجم جسمه تقريباً , فملأ المساحة بجانبها . وقدمته إلى ساندي ثم دخلت المنزل تضع الورود في الماء وتحضر كوباً من عصير الليمون له . وعندما عادت إلى الغرفة كانا يتحدثان معاً دون كلفة و عندما جلست في مقعدها كانت ساندي تبتسم بخبث لستيفن قائلة :" لقد تذكرت الآن فقط لماذا اسمك مألوف ليّ لقد كنت صديقاً مقرباً من أختي كلير , أليس كذلك ؟"
فنظر إليها مجفلاً وأجاب :" إنني لم أدرك أنك ِ أخت كلير ."
قالت :" ليس ثمة سبب يجعلك تدرك هذا . هل جئت الآن لزيارة زوجة ألبرت ؟" وأخذت تنقل نظراتها بوقاحة بينه وبين ستيفاني . فأجاب وهو يمعن فيها النظر بعينين ضيقتين :" إنّها زيارة صداقة فقط "
قالت :" هذه شهامة منك , فهي غريبة في استراليا كما تعلم , وليس لها الكثير من الأصدقاء "
فقال :" أعلم ذلك إنها ستتعرف إلى الناس مع مرور الزمن "
أحست ستيفاني أنّ ثمة شيئاً لا تفهمه , وبمعنى خفي وراء هذا الحديث . ولكنها لم تستطع أن تدرك بالضبط ما هو . فقد كانت كلمات ألبرت لها بأن تتجنب هذا الرجل , تترد في ذهنها . ولكنه يبدو ودوداً لا ضرر منه . وأنّ زيارته لها على الشرفة وفي حضور ساندي لن تغضبه بكل تأكيد . استدار ستيفن إلى ستيفاني يقول مبتسماً :" إنّك ِ لم تذهبِ ثانية إلى المدينة , أليس كذلك ؟
أجابت :" كلا , فإنّ أشغالي كثيرة هنا , لقد كنت ذهبت مرة واحدة لشراء بعض الحاجات "

نسمة عطر
06-07-2011, 22:59
قال :" سمعت أنّك ِ تنظمين المكان "
فعجبت ستيفاني كيف سمع بذلك . وأجابت :" قليلاً . يبدو أنّ احداً لم يهتم بتنظيمه منذ سنوات " واستدارت إلى ساندي قائلة :" لقد تملكتني الدهشة عندما وجدت أنّ كلير لم تفعل للبيت شيئاً "
فهزت كتفيها قائلة " لقد كانت تلح على البرت ليبني لهما بيتاً مستقلاً . فقد كانت تشعر بنفسها هنا كالغريبة , فلم تشأ أن تضيّع وقتها في تزيين البيت بينما كانت قررت الانتقال منه "
سألها ستيفن برقة :" ألم تكن سعيدة في المزرعة ؟" فأجابت :" كلا , لقد كانت ابنة المدينة . فقد كان غرامها بإدي أمراً سيئاً " وهزّت ساندي كتفيها وهي تتابع :" ولكنه كان ثرياً , وانا متأكدة من أنّ ذلك كان سبباً مهماً في انجذابها إليه "
فسألت ستيفاني بحيرة :" كان ثرياً ؟"
ضاقت عينا ساندي وهي تتفرس في ستيفاني قائلة :" لا تحاولي أن تخبريني أنّك ِ لم تكوني تدركين مبلغ ثراء آل دوغلاس . فهم يملكون إلى جانب المزرعة هذه , أسهماً في مناجم ذهب وكذلك في مناجم أحجار كريمة , هذا إلى جانب شركة سفن . مع أنّ الشخص لا يمكن أن يصدق ذلك عندما يرى هذا المكان . إنّه يحتاج إلى إصلاحات بكل تأكيد "
قالت ستيفاني :" يبدو لي أنه لم تدخل امرأة هذا المنزل منذ أكثر من ثلاثين سنة , هذا طبعاً باستثناء إقامة كلير المؤقتة هنا .فلا عجب أن المكان لا يبدو مغرياً للناظرين . أنما هذا صحيح فأنا لم أكن أعلم شيئاً عن ذلك الثراء الطائل " وساورها الغضب ألم يكن ألبرت يوليها ثقة كافية لكي يخبرها أنه يملك غير هذه المزرعة ؟ وكيف جرؤ جون على القول إنّها إذا أنفقت بعض النقود في المدينة فستجلب لزوجها الإفلاس ؟ كانت ما تزال متأثرة من قوله هذا منذ ذلك الحين . والآن بالنسبة لأقوال ساندي , فذلك المبلغ التافه الذي كانت أنفقته ما كان لهم أن يلحظوه . فقالت ساندي بإزدراء :" حسناً . ربما كانت عائدات تلك الأموال تستنفده أعمال المزرعة لأنها ل تنفق , بالتأكيد على الملابس أو الأثاث "
وتاهت نظرات ستيفاني بعيداً . ربما ألبرت يعاني من ضائقة في السيولة النقدية , فوجد أن من أفضل طريقة للحصول على ذلك هو الزواج منها . أتراه كذب عليها في ذكر السبب الحقيقي لزواجهما ؟ هل كانت سارة مجرد عذر فقط؟ وهل كان السبب الحقيقي هو الحاجة إلى المال ؟
في هذه اللحظة , سمع صوت سارة تصرخ من غرفتها مستيقظة من النوم . وعندما نهضت ستيفاني , وضعت ساندي كوبها على المنضدة وهي تقول :" سأذهب أن إليها وابقي أنت مع صديقك " ثم قفزت من مكانها مسرعة إلى الداخل . عند ذلك قال ستيفن يخاطب ستيفاني :" لم أكن أتوقع أن أرى أياً من أقارب كلير في مزرعة آل دوغلاس . فقد سمعت في المدينة أن ألبرت يعمل على نيل حق حضانة سارة . لماذا هي هنا ؟"
فأجابت ستيفاني :" جاءت لزيارة سارة , لقد كان ألبرت قلقاً من أن تراجعه في قضية الحضانة . فوالداها يريدان أن ينشئا سارة كما تعلم . ولكنها لم تأت ِ على ذكر هذا حتى الآن"
فقال متأملاً :" إنّها لا تشبه أختها "
فسألته :" وكيف كان شكل كلير ؟ إنني لم أر َ لها أيّ صورة . أرجو أن يكون لدى والديها بعض الصور لها لكي ترى سارة عندما تكبر كيف كانت أمها "
فأجاب :" كانت كلير صغيرة الجسم ذات شعر فاتح اللون وعينين بنيتين كعيني ساندي , ولكن كلير لم تكن قوية كما تبدو ساندي . فقد كانت أكثر خيالاً وشاعرية من أن تتزوج وتعيش في مزرعة نائية كهذه . لقد كانت الحقيقة جداً قاسية عليها " كان ستيفن يقول هذا بلهجة رقيقة ونظرات شاردة .
فقالت ستيفاني :" وهكذا رحلت "
فقال:" لقد حاولت أن تحمل إدي على الإنتقال إلى ملبورن أو حتى إلى سيدني ولكنه كان بالغ العناد . لقد كان يريد البقاء في راوستين هنا "
قالت :" ولكنها كانت تعلم أن عمله هو هنا " وتساءلت هي نفسها عما إذا كانت كلير تزوجت إدي وهي تفكر في تغييره . فأومأ ستيفن برأسه قائلاً :" نعم . ولكنني لم أحضر إلى هنا لأتحدث إليك ِ عن أشخاص لا تعرفينهم . في المرة القادمة التي تأتين بها إلى المدينة سنتناول معاً فنجاناً من القهوة وسأطوف بك ِ الأماكن هناك "
فقالت :" ربما ذهبت إلى هناك الأسبوع القادم " ولكنها فكرت في أن تنتظر إلى أن يرافقها ألبرت إلى المدينة فالمفترض به أن يطوف بها أماكن المدينة . وقالت تغيّر الموضوع :" عندما ترحل ساندي , أريد أن أكمل تنظيم وتزيين المنزل ثم أغرس حديقة . من أين أحضرت هذه الورود؟"
فقال :" من محل بيوتي فلاورز , فهي تملك منزلاً في المدينة وحائق واسعة قريباً منه "
سألته :" هل اشتريت هذه الورود منها ؟"
أجاب :" نعم . لقد قلت لها إنّها لامرأة رائعة الجمال لم تتعود بعد على كآبة البراري "
لم تشعر ستيفاني بالارتياح لهذا الاطراء الذي لا لزوم له فهي امرأة متزوجة , فلماذا يتحدث إليها بهذا الشكل ؟ " وقالت له :" إنّها جميلة , وقد سرني أن أعلم أنها تنمو في هذه المنطقة , ولكنك مخطئ فأنا لا أجد البراري هنا كئيبة فإنّ لها جمالها الخاص "
قال :" لقد اعتدت أنا عليها , ولكن بإمكانك أن تقومي برحلة إلى سيدني من باب التغيير . فهناك المنطقة خضراء استوائية "
فقالت :" لا بد أن أذهب يوماً ما " وكانت تفكر في كل تلك الأماكن المختلفة التي تحب زيارتها في استراليا . وتساءلت , هل يأخذ ألبرت إجازات ؟ هل هو يحب الرحلات ؟ قال وهويقف :" حسناً , إنّ واجب العمل يناديني . يجب أن أذهب . تذكري أن تتصلي بي عندما تأتين مرة أخرى إلى اديلايد " ومدّ يده ليصافحها , ثم تركها وهو يبتسم بأسف . أخذت تنظر إليه باضطراب وهو يبتعد بسيارته , وهي تتساءل عن سبب قدومه . كانت متأكدة من أن السبب هو أكثر من مجرد زيارة طارئة . فالمسافة من المدينة إلى هنا كانت أكثر من ساعة بالسيارة . أتراه كان يعلم أن ساندي هنا فأراد أن يراها ؟ هل كان يظن ألبرت هنا ؟ كلا , فهو حتى لم يسأل عن صديقه

نسمة عطر
06-07-2011, 23:00
وجمعت الأكواب الفارغة وعادت لتباشر في إعداد العشاء . " كيف أمضيت الوقت مع سارة اليوم؟ " ألقى ألبرت بهذا السؤال إلى ساندي حالما اتخذ الجميع أماكنهم حول مائدة العشاء ذلك المساء في غرفة الطعام , فقد رفضت ستيفاني أن تقدم الطعام في المطبخ أثناء وجود ضيوف .
أجابت ساندي :" لقد كانت هادئة . لقد أمضينا معاً وقتاً طويلاً . أليس كذلك يا حلوتي ؟ " وابتسمت لإبنة أختها ثم لألبرت وهي تقول له :" وأنا متأكدة من أن ستيفاني كانت مسرورة لكوني هنا أعتني بالطفلة أثناء استقبالها لزائرها . فإنّ وجود الأطفال مزعج أثناء استقبال الزوار " فاستدار ألبرت نحو زوجته يسألها :" هل كان لديك ِ زائر ؟ من هو ؟"
فتمتمت ساندي قبل أن تتمكن ستيفاني من الجواب :" أظنه صديقاً خاصاً "
فتجهم وجه ألبرت وعاد يسألها وهو ينتظر جوابها بعينين ضيقتين :" لم أكن أدرك أنّك ِ وجدت الفرصة لاتخاذ أصدقاء هنا , من هو "
فبللت ستيفاني شفتيها بلسانها وقد جفتا فجأة لمنظر وجهه المتجهم هذا . وأجابت :" إنّه ستيفن كاسيدي مرّ من هنا " ورأت الغضب يشع من عينيه , فتوقف قلبها عن الخفقان وترددت في ذهنها صدى تحذيره منه ونصحه بأن تبتعد عنه .
و قال لها بحدة :" لقد سبق وطلبت منك ِ الابتعاد عنه "
فقالت ساندي بنعومة مبدية الندم والمكر في نفس الوقت :" آه ستيفاني أنني آسفة جداً لم أكن أدرك أنه ما كان لي أن أذكر شيئاً . رغم أنه ما كان لك ِ أن تضعي وروده هذه على المائدة "
فحدق ألبرت في تلك الورود ثم في ستيفاني وقد توترت شفتاه وأظلمت عيناه . كان غضبه واضحاً , فقالت تدافع عن نفسها :" إنني أعلم أنك قلت لي أن أبتعد عنه , ولكنه جاء فجأة . ماذا كان عليّ ان أفعل ؟ أغلق الباب في وجهه ؟ لقد قال إنه صديقك " فشعرت بالعيون موجهة نحوها فأدركت أن رجلي الأسرة يعتبرانها مخطئة , ولكنها لم تدرك السبب . قال بغضب وعيناه كالفولاذ :" لقد كنت صديقه ذات يوم , ولكنه لم يعد كذلك الآن . ليس عليّ أن أعطيك سبب ما أطلب منك أن تقومي به إنني صاحب هذا المكان وعليك ِ أن تتبعي الأوامر . إنني لا أريد أن أكرّر ما أقول . إن مرة واحدة يجب أن تكفيك . هل هذا واضح ؟"
فحدقت ستيفاني فيه غير مصدقة , لم تصدق أن من الممكن أن يلقي إليها بالأوامر وكأنها من عمال المزرعة . لم تصدق أنه يؤنبها بهذا الشكل أمام الجميع . وتذكرت حين كان يخبرها عن وجوب ابتعادها عن ستيفن وكيف أن سارة صرخت في ذلك الحين إذ لدغتها نحلة , فركضا إليها قبل أن يكملا الحديث . أتراه لم يكن عازما ً عند ذلك على أن يخبرها بسبب وجوب ابتعادها عن ذلك الرجل ؟ هل عليها الامتثال لأوامره على الدوام دون سؤال أو معرفة السبب ؟
وقبل أن تدلي بأيّ احتجاج , قالت ساندي :"
لقد تذكرت لتوّي يا ألبرت أين سبق وسمعت بهذا الاسم . أليس هو الرجل الذي هربت معه كلير؟"
وساد صمت عميق . واستدارت ستيفاني تنظر إلى ساندي بذعر وذهول وقد اتسعت عيناها ببراءة . كانت ساندي مسّرة أنظارها على ألبرت وأخذت ستيفاني تحدق في الوجوه واحداً بعد الآخر . كان الغضب والاستياء يكسو وجه جون . وعندما تقابلت عيناها بعيني ألبرت مرة أخرى ارتجفت لما ظهر فيهما من إدانة واضحة . فهمست وقد انتابها الذهول للاشمئزاز الذي رأته على ملامحه :" ‘نني آسفة فلم أكن اعلم " ولكن منظره قتل الرجاء في صدرها , ذلك أنه لم يكن في نظراته إليها أي حب أو التزام . وشعرت وكأنها حوكمت لذنب فعلته .
وشيئاً فشيء , عاد الحديث طبيعياً حول المائدة ولكن ستيفاني كانت مستثناة من ذلك . فأبقت عيناها على صحنها وأنهت عشاءها بصمت . ما الذي كانت تفعله هنا ؟ ما كان لها أن تنضم إلى أسرة ر تعرفها لمجرد أنها كانت تتوق إلى أن تكون لها أسرة ...وليس هذا فقط , فقد كان ذلك لحاجتها إلى المال لتوفر لجدتها العلاج .
قالت ساندي عندما فرغوا من الطعام :" إنني أحب كثيراً أن أحمّم سارة الليلة . أرني أين توجد الأشياء يا ألبرت "
وحملت سارة تقبلها وتتابع قائلة :" ليس لديّ الوقت الكافي لأزورها على الدوام , ولهذا أريد أن أمضي معها أكبر قدر أستطيعه من الوقت " وكانت تتحدث متجاهلة ستيفاني تماماً .
اغرورقت عينا ستيفاني بالدموع شاعرة بغصة وهي ترفع الأطباق وحدها عن المائدة ثم تبدأ بغسلها في المطبخ . لقد ترك الجميع غرفة الطعام بسرعة تاركينها تنظف المكان بمفردها . وحاولت جاهدة مغالبة الدموع لا تريد ان تبكي . لقد كانت غلطتها بيئة , فهي لم تكن تعلم تاريخ ستيفن وكلير ولكنها كانت تعلم ان ساندي قد عرفت شخصية ستيفن منذ البداية أثناء زيارته . أما ادعاؤها ذاك أثناء العشاء فلم يخدع ستيفاني .
ولكن هذا غير مهم , فقد خدع ألبرت وقد حصل الضرر وجون لم يرض َبها منذ البداية . أترى ألبرت قد ندم الآن على هذا الزواج السريع ؟ وشعرت وكأنها منبوذة.

نسمة عطر
06-07-2011, 23:01
إنها هنا منذ أكثر من أسبوعين , تبذل غاية ما بوسعها في الطبخ والتنظيف وجعل المنزل يبدو بيتاً حقيقياً , ومع هذا دخلت ساندي المنزل لتفسد كل شيء في يومين فقط. ويبدو أن ألبرت يعطيها المجال لذلك .
وعندما أنهت غسل الأطباق , خرجت من الباب الخلفي متجهة نحو مخزن العلف , وعندما دخلت , جذبت كيساً من القش إلى جانب الحائط وجلست مستندة إليه , تراقب الجياد وهي تمضغ علفها بصوت مسموع بينما تنظر غليها بفضول . وتجمعت الدموع في عينيها وهي تتذكر ما حدث على مائدة العشاء , فأغمضت عينيها وهي تغالبها ولكن عبثاً . فقد انهمرت على وجنيها , وبقيت لحظات أراحت فيها نفسها بالبكاء. أتراها أخطأت بالقدوم إلى استراليا ؟
ومسحت وجنتيها وحاولت أن تفكر . لا يمكن أن تسمح لساندي بأن تحطم زواجها . إنها مازالت تريد هذا الزواج , أن تربي سارة , أن تعيش مع ألبرت , حتى أنها قد يصبح لديها أولاد في المستقبل . ولكن هل مازال هو يريدها ؟ وماذا باستطاعتها أن تفعل لكي تنجح بهذا كله ؟ وتمنت لو بإمكانها أن تتحدث مع جدتها , ولكنها الآن في المستشفى تتلقى علاجها ؟. وشعرت بحنين إليها , فهي لم تشعر قط بمثل هذه الوحدة من قبل . وعثر عليها ألبرت هناك بعد نصف ساعة تعبث بحزمة من القش .
" ستيفاني ؟" فرفعت بصرها تنظر إليه وهو يتقدم ليقف بجانبها . وانقبض قلبها ألماً لرؤيته . لشد ما هو حبيب غال . إن حبها له مذهل , إنها لاتدري كيف حدث هذا ولماذا ....إنها تحبه فقط وهذا يكفي .
قالت له برقة وهي ترفع بصرها إلى وجهه المكفهر :" إنني آسفة إذ تحدثت إلى ستيفن بعد أن منعتني أنت من ذلك "
فانحنى فوقها إلى أن أصبح وجهه بمحاذاة وجهها وقال :" إنني آسف لتأنيبك أمام الآخرين . كان هذا خطأ مني "
فهزت كتفيها وهي تنتزع عينيها من عينيه . لم تكن تستطيع تحمل رؤية الاشمئزاز في وجهه مرة أخرى كما سبق ورأته أثناء العشاء . قال :" لم تكن كلير سعيدة هنا في المزرعة , فكانت تذهب إلى مدينة اديلايد يومياً تقريباً . كنا نعلم أنها تريد من الحياة أشياء أكثر من مجرد إدارة منزل في مزرعة . ولكن إدي كان مغرماً بالمزرعة فلم يقبل بالانتقال إلى المدينة فصمم على أن يبني لها بيتاً ظاناً أن ذلك قد يجعلها سعيدة كان عليّ أن أشرح لك كل هذه الأمور "
كانت ستيفاني تنظر إلى اصبعها وهي تدير خاتم الزواج . وحاولت أن تكز أفكارها على كلامه لتفهم ما يقول . وكان هو يتابع قائلاً :" على كل حال , لقد رحلت ذات يوم . لقد جاء ستيفن لأجلها وأخذها إلى سيدني ومن هناك استقلت الطائرة مبتعدة "
فسألته :" هل كانت تخرج مع ستيفن ؟ أم أنه أوصلها فقط من هنا إلى المدينة؟"
ففكر البرت لحظة وقد بدت الحيرة عليه ثم قال :" لقد هاربة معه طبعاً "
فسألته :" والآن ما الذي تتوقعه ؟ ان أهرب معه ؟"
فحدق في عينيها لحظة طويلة بصمت وكأنه يبحث حقيقة الوضع , ومعرفة أسرارها , ثم قال :" ربما إنني أعلم أن ليس ثمة حب بيننا وأننا نحن الاثنين , نعلم حقيقة زواجنا هذا . ولكنني لا أريد أبداً أن أراك ِ مغرمة بشخص آخر . لقد عرفت الشروط من قبل أن تتركي كاليفورنيا وهي أنني أريد من زوجتي الإخلاص والإستقامة "
فهمست وقد انكسر قلبها لخشونة كلماته :" ولكن ليس الحب؟" كانت تتوق إلى الحب من زوجها الوسيم . تتوق إلى أن تغدق عليه الحب الذي تشعر به نحوه .
فقال :" كلا إنني لا أتوقع الحب . إنّ هذا لم يكن جزءاً من الاتفاقية "
فسألته :" لماذا تزوجتني ؟"
أجاب :" لقد تحدثنا في هذا الموضوع عند البداية . لقد أردت أماً لسارة "
فنظرت إليه تسأله :" أليس لأجل المال ؟"
كانت تريد ان تسبر غوره من وراء جوابه . هل سيخبرها الآن بالحقيقة بعد أن لم يعد الأمر مهماً؟
فقال :" لو كنت تزوجتك لأجل المال , هل كان هذا يجعل دوافعك أفضل ؟ انظري حولك إلى هذه المزرعة المزدهرة هل يبدو علي ّ أنني بحاجة إلى المال ؟"
أجابت :" إنّ دوافعي لم تكن أبداً موضع سؤال . لقد علمت أنت منذ البداية أنني بحاجة إلى المال لعلاج جدتي "
فقال بحدة وقد بان العنف في عينيه :" إننا نحن الاثنين , استفدنا من وراء هذه الاتفاقية "
فقالت وقد ثار غضبها :" ربما كان أحدنا مستفيداً أكثر من الآخر "
فسألها :" ماذا تعنين بذلك ؟"
فأجابت :" أعني أنني تركت كل شيء لأحضر إلى هنا حتى المال لا ينفعني كثيراًَ إذا استثنينا علاج جدتي . فأين بإمكاني إنفاقه هنا ؟"
قال :" لقد فات الأوان لتغيير رأيك . لقد سبق وعرفت ما ينتظرك قبل مجيئك " كان صوته خشناً فاتراً وهو يتابع قائلاً :" لن تكون هنا حفلات صاخبة . ولا رحلات إلى ملبورن وسيدني . كلا ولا علاقات مع رجال آخرين . هذا ما كانت تنص عليه اتفاقيتنا "
فردت عليه بعنف :" ولا علاقات مع نساء أخريات "
قال :" لستُ من ذلك النوع "
فشعرت بنفسها تنوء تحت وطأة الهزيمة , وشعرت بالأمل يضمحل في أعماقها . الأمل في أن يحبها يوماً ما . لقد كان أوضح بصراحة أن لا وقت لديه لمثل هذه الحماقة . وهذا التعليق المهين الذي أدلى به الآن يثبت ذلك . ليس بإمكانها أن تلوم سوى نفسها لتعلقها بهذا الأمل المضحك.

نسمة عطر
06-07-2011, 23:03
إنها هنا منذ أكثر من أسبوعين , تبذل غاية ما بوسعها في الطبخ والتنظيف وجعل المنزل يبدو بيتاً حقيقياً , ومع هذا دخلت ساندي المنزل لتفسد كل شيء في يومين فقط. ويبدو أن ألبرت يعطيها المجال لذلك .
وعندما أنهت غسل الأطباق , خرجت من الباب الخلفي متجهة نحو مخزن العلف , وعندما دخلت , جذبت كيساً من القش إلى جانب الحائط وجلست مستندة إليه , تراقب الجياد وهي تمضغ علفها بصوت مسموع بينما تنظر غليها بفضول . وتجمعت الدموع في عينيها وهي تتذكر ما حدث على مائدة العشاء , فأغمضت عينيها وهي تغالبها ولكن عبثاً . فقد انهمرت على وجنيها , وبقيت لحظات أراحت فيها نفسها بالبكاء. أتراها أخطأت بالقدوم إلى استراليا ؟
ومسحت وجنتيها وحاولت أن تفكر . لا يمكن أن تسمح لساندي بأن تحطم زواجها . إنها مازالت تريد هذا الزواج , أن تربي سارة , أن تعيش مع ألبرت , حتى أنها قد يصبح لديها أولاد في المستقبل . ولكن هل مازال هو يريدها ؟ وماذا باستطاعتها أن تفعل لكي تنجح بهذا كله ؟ وتمنت لو بإمكانها أن تتحدث مع جدتها , ولكنها الآن في المستشفى تتلقى علاجها ؟. وشعرت بحنين إليها , فهي لم تشعر قط بمثل هذه الوحدة من قبل . وعثر عليها ألبرت هناك بعد نصف ساعة تعبث بحزمة من القش .
" ستيفاني ؟" فرفعت بصرها تنظر إليه وهو يتقدم ليقف بجانبها . وانقبض قلبها ألماً لرؤيته . لشد ما هو حبيب غال . إن حبها له مذهل , إنها لاتدري كيف حدث هذا ولماذا ....إنها تحبه فقط وهذا يكفي .
قالت له برقة وهي ترفع بصرها إلى وجهه المكفهر :" إنني آسفة إذ تحدثت إلى ستيفن بعد أن منعتني أنت من ذلك "
فانحنى فوقها إلى أن أصبح وجهه بمحاذاة وجهها وقال :" إنني آسف لتأنيبك أمام الآخرين . كان هذا خطأ مني "
فهزت كتفيها وهي تنتزع عينيها من عينيه . لم تكن تستطيع تحمل رؤية الاشمئزاز في وجهه مرة أخرى كما سبق ورأته أثناء العشاء . قال :" لم تكن كلير سعيدة هنا في المزرعة , فكانت تذهب إلى مدينة اديلايد يومياً تقريباً . كنا نعلم أنها تريد من الحياة أشياء أكثر من مجرد إدارة منزل في مزرعة . ولكن إدي كان مغرماً بالمزرعة فلم يقبل بالانتقال إلى المدينة فصمم على أن يبني لها بيتاً ظاناً أن ذلك قد يجعلها سعيدة كان عليّ أن أشرح لك كل هذه الأمور "
كانت ستيفاني تنظر إلى اصبعها وهي تدير خاتم الزواج . وحاولت أن تكز أفكارها على كلامه لتفهم ما يقول . وكان هو يتابع قائلاً :" على كل حال , لقد رحلت ذات يوم . لقد جاء ستيفن لأجلها وأخذها إلى سيدني ومن هناك استقلت الطائرة مبتعدة "
فسألته :" هل كانت تخرج مع ستيفن ؟ أم أنه أوصلها فقط من هنا إلى المدينة؟"
ففكر البرت لحظة وقد بدت الحيرة عليه ثم قال :" لقد هاربة معه طبعاً "
فسألته :" والآن ما الذي تتوقعه ؟ ان أهرب معه ؟"
فحدق في عينيها لحظة طويلة بصمت وكأنه يبحث حقيقة الوضع , ومعرفة أسرارها , ثم قال :" ربما إنني أعلم أن ليس ثمة حب بيننا وأننا نحن الاثنين , نعلم حقيقة زواجنا هذا . ولكنني لا أريد أبداً أن أراك ِ مغرمة بشخص آخر . لقد عرفت الشروط من قبل أن تتركي كاليفورنيا وهي أنني أريد من زوجتي الإخلاص والإستقامة "
فهمست وقد انكسر قلبها لخشونة كلماته :" ولكن ليس الحب؟" كانت تتوق إلى الحب من زوجها الوسيم . تتوق إلى أن تغدق عليه الحب الذي تشعر به نحوه .
فقال :" كلا إنني لا أتوقع الحب . إنّ هذا لم يكن جزءاً من الاتفاقية "
فسألته :" لماذا تزوجتني ؟"
أجاب :" لقد تحدثنا في هذا الموضوع عند البداية . لقد أردت أماً لسارة "
فنظرت إليه تسأله :" أليس لأجل المال ؟"
كانت تريد ان تسبر غوره من وراء جوابه . هل سيخبرها الآن بالحقيقة بعد أن لم يعد الأمر مهماً؟
فقال :" لو كنت تزوجتك لأجل المال , هل كان هذا يجعل دوافعك أفضل ؟ انظري حولك إلى هذه المزرعة المزدهرة هل يبدو علي ّ أنني بحاجة إلى المال ؟"
أجابت :" إنّ دوافعي لم تكن أبداً موضع سؤال . لقد علمت أنت منذ البداية أنني بحاجة إلى المال لعلاج جدتي "
فقال بحدة وقد بان العنف في عينيه :" إننا نحن الاثنين , استفدنا من وراء هذه الاتفاقية "
فقالت وقد ثار غضبها :" ربما كان أحدنا مستفيداً أكثر من الآخر "
فسألها :" ماذا تعنين بذلك ؟"
فأجابت :" أعني أنني تركت كل شيء لأحضر إلى هنا حتى المال لا ينفعني كثيراًَ إذا استثنينا علاج جدتي . فأين بإمكاني إنفاقه هنا ؟"
قال :" لقد فات الأوان لتغيير رأيك . لقد سبق وعرفت ما ينتظرك قبل مجيئك " كان صوته خشناً فاتراً وهو يتابع قائلاً :" لن تكون هنا حفلات صاخبة . ولا رحلات إلى ملبورن وسيدني . كلا ولا علاقات مع رجال آخرين . هذا ما كانت تنص عليه اتفاقيتنا "
فردت عليه بعنف :" ولا علاقات مع نساء أخريات "
قال :" لستُ من ذلك النوع "
فشعرت بنفسها تنوء تحت وطأة الهزيمة , وشعرت بالأمل يضمحل في أعماقها . الأمل في أن يحبها يوماً ما . لقد كان أوضح بصراحة أن لا وقت لديه لمثل هذه الحماقة . وهذا التعليق المهين الذي أدلى به الآن يثبت ذلك . ليس بإمكانها أن تلوم سوى نفسها لتعلقها بهذا الأمل المضحك.

نسمة عطر
06-07-2011, 23:05
قالت :" إنني لا أشعر بشيء تجاه ستيفن كاسيدي , ولن يكون ذلك أبداً , إنني لن أهرب منك , يا ألبرت . إننا متزوجان وأنا ملتزمة بالقسم "
فتركها ووقف مشرفاً عليها قائلاً :" اهتمي بالحرص على هذا الأمر إذن . عودي إلى البيت الآن فإنّ لدينا ضيفة علينا الاهتمام بها " ................................(ما أثقلك )
عندما جاء ألبرت إلى غرفة نومه , كانت ستيفاني نائمة ولكنه أيقظها بهمساته , لم يقل لها كلمة واحدة . ولكنها هتفت في قلبها بحبه مرة بعد مرة , متسائلة عما إذا كانت ستبوح به يوماً ما ....متسائلة عما إذا كان سيشعر يوماً بشئء نحوها أكثر من كونه يراها ملائمة , مرضية .
تساءلت عما إذا كان هذا هو شعور أمها كلما تخيلت نفسها غارقة في حب جديد . وكيف كانت تحتمل الهجران عندما كان أزواجها يرحلون . كانت مشاعر ستيفاني حلوة مرة . إنها تحب هذا الرجل , ومع هذا عليها أن تعترف بأنه قد لا يهتم بها أبداً أو يعتبرها أكثر من وسيلة لتزويد سارة بأم , هل كان من الأفضل لها لو تأت ِ إلى استراليا ؟
قال لها فجأة :" ستيفاني هل قالت لك ِ ساندي شيئاً عن سارة ؟"
فأجابت :" كلا , لماذا ؟ هل أنت قلق بالنسبة لموضوع الوصاية ؟" أجاب :" نعم , لقد سألتني عن ذلك من أول ليلة . لقد دهشت إذ علمت أنني متزوج . وعندما أخبرتها أنني تزوجت لكي أوفر أسرة راسخة لسارة , بدا عليها الرضى . ولم تعد تثير القضية مرة أخرى ,ولكنها تجعلني أشعر بعدم الارتياح " فغاص قلب ستيفاني . إذن فقد علمت أن زواجهما إن هو ليس إلا اتفاقية عمل , وليس زواجاً حقيقياً حتى ولو لم يكن ألبرت قد قال صراحة , فإن ساندي ستستنتج ذلك من الطريقة التي عوملت هي بها وكأنها ليست زوجة بل أشبه بموظفة .
تابع هو قائلاً :" إنّ من المهم أن تفهم هي أن سارة ستعيش في بيت راسخ محب . هذا هو السبب لغضبي ذاك بالنسبة لستيفن . إنني لا أريدها أن تظن أن ثمة شيئاً قد يبدد رسوخ حياة سارة , إنني لا أريد أن تنشأ سارة في ملبورن , فهي ابنة إدي . إنني أريدها أن تعرف بيته وموطنه "
فقالت ستيفاني بلطف :" إنني متفهمة لهذا " وشعرت فجأة بالفضول , وحاولت مرة أخرى أن ترى وجهه في الظلام وهي تقول له:" هل لهذا السبب نتشارك في غرفة نوم واحدة ؟ لكي يبدو زواجنا أمام ساندي طبيعياً قدر الإمكان ؟" وأمسكت أنفاسها بانتظار جوابه .
فنهض مستنداً إلى مرفقه مائلاً فوقها وكأنه يريد أن يراها في الظلام وقال :" إنني لا أتحدث عن هذه الأمور مع ساندي ."
فهمست :" فلماذا إذن "
أجاب :" إننا متزوجان . وعلاقة الزوج بزوجته هي سنّة الطبيعة "
فكررت قائلة :" سنّة الطبيعة ...." لقد صدمها ما سمعت . إنّ ألبرت يؤكد اتفاقية العمل هذه بينهما في كل لحظة . ولم تستطع الكلام خوفاً من أن تبدو خيبة الأمل في صوتها . وعاد يقول :" ولكن يجب أن يتضح الوضع بينك ِ وبين ستيفن كاسيدي . لا أريد أبداً ان تعود ساندي إلى والديها بشيء يفهم منه أن ارتباطنا ليس قوياً , مما يؤخر اجراءات المحكمة "
وكان يتكلم غير واع لتعاستها . وقالت :" ليس ثمة شيء بيني وبين ستيفن " وأخذت تغالب دموعها قبل أن تنهمر فهي لا تستطيع أن تخبره بسبب بكائها . إنّه لن يفهم أبداً وهمست :" وماذا إذا جاء مرة أخرى ؟"
فأجاب :" سأتولى أنا أمر ستيفن كي لا يعود مرة أخرى ؟" فسألته :" وساندي؟"
قال :" سأهتم بأمرها هي الأخرى . إنها لن تمكث هنا طويلاً "
فتمتمت :" لا أظنها تعتقد بصدق زواجنا "
فقال :" ستعتقد ذلك قبل رحيلها "
وابتدأ النوم يستولي على ستيفاني ونفسها ما زالت تشعر بشوق إلى ألبرت . هل من الممكن أن يشعر نحوها بالحب يوماً ؟"

نسمة عطر
06-07-2011, 23:07
عزيزاتي الغاليات
انا كتير سعيدة::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة:: ::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة:: لأنو الرواية أعجبتكم
قراءة ممتعة ::جيد::

جين أوستين
07-07-2011, 20:01
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لكِ يا غاليتي على الفصول الثلاثة

مجهود رائع فعلا ::جيد::

Seba queen
07-07-2011, 21:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لكِ عزيزتي على الرواية ... أكيد تعبت لحتى نزلتيها

و عشان كده أنا حاسة بالذنب بسبب اللي حبلغك به :(

تم كتابة القصة مسبقا في المشروع!! وهذا رابط الراوية : العروس الأسيرة (http://www.mexat.com/vb/threads/269250-%2A%C2%A7%C2%AE%2A%C2%A7%2A-%C2%A8%C2%A8%C2%A8%C2%A4%C2%A6%C2%A4%C2%A8%C2%A8-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%A7-%C2%AE%2A%C2%A7%2A-%C2%A8%C2%A8%C2%A8%C2%A4?p=6805104&viewfull=1#post6805104)

أتمنى من الكل ان يشوف اللستى اللي حاطاها قبل ما ينزل رواية و اللستة موجود رابطها في توقيعي وهي اصلا المقال الوحيد اللي انا حاطاه، فإما تضغط على الرابط في التوقيع أو تضغط على المقال
شكرا إلك أخت جين
بس أنا اطلعت على الدليل إلي انتي حاطاه
اسم الرواية مش موجود
في رواية العروس المتمردة وأسيرة الصحراء
وكمان كنت سألتكم قبل هيك إذا الرواية نزلت بالمشروع ولا لأ وحكيتو إلي لا ما نزلت
وبناء على هيك أنا نزلتها
عالعموم حصل خير
وانشالله مرة تانية إذا الله راد بنزل رواية ما تكون نزلت قبل هيك
وشكرا إلك كتيييير جين مرة تانية

Seba queen
07-07-2011, 21:40
الف مبروك إلك يا يوكي ( ملح سابقا ) على الاسم الجديد
وألف سلامة عليكي
انشالله تكون هلأ صحتك تمام وبخير
طمنيني عنك ، وسلامي لكتاكيتك

Seba queen
07-07-2011, 21:42
حبيبتي غصووووووووونة
ألف سلامة عليكي يا قلبي
طمنيني عليكي وعلى صحتك
انشالله تكوني بخير وصحتك تمام
والله إلك وحشة يا قلبي

Seba queen
07-07-2011, 21:47
سلام لكل الحلوين أخباركم والله واحشيني مووووووتــــ
كيفكم اليوم .. أنشاء الله طيبين؟!!
شكراً صبو على روايتك الحلوه .. تسلمي ياقلبي .. سلمي لي على الحلوين ..


هلا حبيبة قلبي موني

وحشتيني يا قمر

تسلميلي انشالله

Seba queen
07-07-2011, 21:52
صبــــــــا
كيفك؟؟ وكيف الاحوال عندكم؟؟
وكيف الاولااااد...سلميلي عليهم
سلاااماتي لكي
هلا حبيبة قلبي
احنا تمام الحمدلله وبخير
تسلمي على سؤالك يا قلبي تسأل عنك العافية يارب

Seba queen
07-07-2011, 22:03
صبا الغالية تشكري على روايتك ولا
يهمك رح نعيد قرائتها مرة ثانية ::جيد::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::

تسلميلي حبيبتي نسوووووومة العسوووووووولة
وشكرا إلك يا قلبي على الرواية الرائعة

نسمة عطر
08-07-2011, 01:14
الفصل الثامن

عندما استيقظت ستيفاني عند الصباح . كان السرير خالياً . فتمطت ببطء وهي ترى باب الحمام مغلقاً . إنه لم يخرج بعد . وألقت نظرة على الساعة , ما زال ثمة وقت كاف لموعد الفطور . إنها ستنهض بعد خروجه . وأخذت تراقب باب الحمام منتظرة . خرج ألبرت من الحمام مرتدياً ثياب الخروج التي كانت عبارة عن بنطال جينز وقميص أزرق باهت .اقترب من السرير قائلاً :" صباح الخير ؟ البسي بنطال جينز هذا النهار لأنني سآخذك مع ساندي في جولة حول المزرعة "
فأشرق وجهها وقالت :" لشد ما أحب ذلك . فأنا بأشد الشوق لرؤية المزيد من المزرعة منذ قدومي . هل سنمتطي الجياد؟"
فقال وهو يسير نحو الباب :" إننا سنستقل الشاحنة . هيا أسرعي لكي نتناول الطعام بسرعة "
وما لبثت أن قفزت من السرير تتهيأ للنزول , فارتدت بنطال جينز فوقه قميص جميل تماثل زرقته زرقة عينيها , وجعلت شعرها ذيل حصان . ووضعت على وجهها وعينيها زينة خفيفة , وعندما انتهت , شعرت بالرضى عن نفسها إذ تبدو تماماً زوجة لصاحب مزرعة ماشية , استدارت خارجة تستقبل يوماً جديداً . كان جون قد تطوع للعناية بسارة , وهكذا خرجت ستيفاني من المنزل مرتاحة الذهن وقد ملأتها الإثارة لرؤية مزرعة راوستين .
ارتدت ساندي بنطال جينز يعلوه قميص أصفر أنيق التفصيل مع فتحة عنق واسعة أكثر مما ينبغي كما رأت ستيفاني . ولكنها لا تريد أن تشغل بالها هذا اليوم . فإذا أصيبت ساندي بحروق فالذنب في ذلك ذنبها . ألقت ستيفاني نظرة سريعة على ألبرت وهو ينظر غليها وإلى ساندي تصعدان الشاحنة . والتقت عيناها بعينيه فحدق فيهما لحظة طويلة , ثم رقت ملامحه قليلاً ويربت على المقعد بجانبه قائلاً :" أسرعي يا حبيبتي لكي تتمكن ساندي من الصعود ." وارتجفت بالرغم منها لهذه الملاطفة البسيطة , فصعدت تجلس إلى جانبه وهي تتمنى لو أنه يلاطفها بهذا الشكل عندما يكونان بمفردهما , وليس فقط لكي يدع ساندي ترى ذلك .
وعندما صعدت ساندي وصفقت الباب اتجهت فوراً ناحية النافذة قائلة :" إنّ الجو حار منذ الآن , فماذا سيكون عليه الحال فيما بعد ؟" وكانت توجه سؤالها هذا على ألبرت فأجاب وهو يدير المحرك :" سيكون حاراً"
كانت السيارة تتحرك بسرعة وعنف هادرة فوق الأرض سعلت ساندي وهي تلوّح بيدها أمام وجهها قائلة :" إنّ هذا الغبار شنيع يا ألبرت . هل بإمكانك أن تبطئ قليلاً ؟"
فقال :" ارفعي زجاج نافذتك قليلاً فقد يتحسن الحال لأنني إذا أبطأت عن هذا فلن نصل إلى أي مكان "
فسكتت , ثم أخذت تلوّح بيدها مرة أخرى . لتقول بعد فترة :" ها إنّ الحرارة ازدادت , لا عجب أن تبدو كل يوم وكأنك تمرغت في التراب " ثم عادت تنزل زجاج النافذة كما كان فعاد إليها السعال , ثم قالت :" ماذا لو غيّرت ستيفاني مكانها معي ربما ؟ لا يؤثر عليها الغبار إلى هذا الحد ؟" فأبطأ ألبرت ثم أوقف الشاحنة وهو يقول :" يمكننا أن نجرب , هل من بأس في ذلك يا ستيفاني ؟"
فأرادت أن ترفض, ولكن التهذيب تغلب عليها فقالت :" سأجرب ذلك "
وبعد لحظات تابعوا السير وقد أصبحت ساندي في الوسط . ولم تجد ستيفاني الغبار رديئاً , فقد كان يأتي أحياناً أفضل كثيراً من الحرارة في الداخل مع إغلاق النافذة , وأصبح بإمكانها التمسك بالباب والمحافظة على توازنها بشكل أفضل .
ولكن أصبح لدى ساندي مشكلة التقافز هنا وهناك الآن وبسرعة أمسكت بذراع ألبرت للاحتفاظ بتوازنها . ورأت ستيفاني هذه الحركة فأرادت أن تنزع تلك اليد بعيداً وتوبخها للمسها زوجها ولكنها لم تقل شيئاً , وأخذت تنظر من النافذة إلى المناظر المتتابعة , وسرعان ما أخذت تملي نظرها من المواشي التي كانت ترعى العشب محاولة أن تتجاهل ضيفها , وقد أذهلها ما تشعر به من غيرة محرقة . ولكن ألمها تضاعف عندما لم يدل ألبرت بأي تعليق .
وقف أمام بركة تحف بها الوحول , وقال :" هذه إحدى الحفر التي سبق وحدثتك ِ عنها يا ستيفاني "
وخرج من السيارة فتبعته ساندي بسرعة ووقفت بجانبه بينما وقف هو ينتظر ستيفاني . وعندما وصلت إليه أخذت تنظر حولها متعطشة . كانت المياه في بركة صافية وبدت باردة في هذا النهار الحار . وكانت المواشي ترعى حولها .
قالت ساندي متأففة من الجو الحار :" إنّ الجو حار حقاً الآن "
فاستدار ألبرت إلى ستيفاني . ودون أن يفوه بكلمة , رفع قبعته عن رأسه ووضعها على رأسها يميله لتظلل وجهها . وعندما نظرت إليه مجفلة , ابتسم قائلاً :" لا أريدك أن تصابي بضربة شمس "
فقالت ساندي بوقاحة وهي تنظر إلى القبعة على رأس ستيفاني :" أليس لديك واحدة لأجلي ؟"
فأجاب :" آسف , فلم أحضر أي قبعة إضافية . ليس عليك ٍ خطر كبير بالنسبة إلى أن ّ عينيكِ بنيتان , إنّ ذوي العيون الزرقاء بالغو الحساسية "
كان جوابه هذا عفوياً وهو يستدير نحو البركة وكادت ستيفاني تنفجر سروراً لاهتمامه هذا بها , ولكنها تبعت ألبرت دون أن تنظر إلى ساندي شامتة , وقالت تسأله :" أخبرني أكثر عن برك الماء هذه " فأخذ يشرح لها كيف تزودهم الآبار الأرتوازية بالمياه باستمرار وكيف أن جده ثم هو بعد ذلك قد حفرا العديد من البرك لإرواء الأراضي المعشبة .
فسألته :" ألا تجف هذه البرك أبداً ؟"
أجاب :" نادراً ما يحدث هذا . إننا نعتمد عليها لتزويدنا بالماء دوماً . وطبعاً في فصل الأمطار تفيض عندنا المياه فتغرق السهول . ولكن المياه عادة تمكث في السواقي , ثم تكتسي الأراضي بالأزهار بشكل رائع , فيشعر المرء بالرغبة في قضاء اليوم كله بالخارج مستمتعاً بمرآها "
فنظرت ستيفاني حولها محاولة تصور فصل الأمطار وشعرت بلهفة لرؤية ذلك كله . وأخذت تراقب بعض الماشية باسمة ثم سألته " هل هذا هو نوع الأبقار الذي كنت تحدثني عنه ؟"

نسمة عطر
08-07-2011, 01:16
فأومأ قائلاً :" نعم , فهي تعطي نسبة جيدة من اللحم الهبر"
سألته ستيفاني :" هل تسوقون الماشية من مرعى لآخر بالتناوب , أم أنها تنقل كما تريد ؟"
أجاب :" إننا ننتظر لنرى حالة الأرض . فإذا ابتدأت بالأمحال , وكانت الأبقار لا تتنقل بشكل طبيعي , فإننا نرغمها على ذلك , وعلى كل حال فهي عادة لا تنفك عن التجوال . ولدينا ما يكفي من برك المياه في المزرعة , ولهذا فالمياه هنا ليست مشكلة "
فسألته :" ومتى تسوقون الماشية ؟" ورفعت عينيها فرأت الغضب في عيني ساندي , فأجفلت وأخذت تحدق في تلك المرأة لحظة طويلة , ثم ادركت كل شيء فحوّلت نظراتها بعيداً قبل أن تنفجر منها ضحكة عالية . كانت ساندي في غاية الإستياء لقلة معلوماتها عن الماشية .
وأجابها هو " نفعل ذلك في الربيع , ونجمع العشب في الخريف . أحياناً نأخذ ببيع الماشية مبكراً إذا كانت السنة رديئة وكانت الأرض ممحلة "
فقالت ساندي بضيق :" من الصعب أن يصدق المرء أن البفتيك الذي نأكله في ملبورن يأتي من لأبقار كهذه "
فقال " يصحح كلامها :" إنها ثيران وليست أبقار "
فقالت ستيفاني :" ليس البفتيك فقط , وإنما هناك الكثير من المنتوجات الأخرى للأبقار " وكانت تتكلم ناظرة إلى المرأة الأخرى شاعرة بالسرور لشعورها بأنها بمعلوماتها هذه , تمثل زوجة ملائمة تماماً لألبرت أكثر من أي امرأة أخرى مثل ساندي .
و في الوقت الذي وصلوا فيه لإلى المنزل عائدين من نزهتهم , كان الضجر قد تملكها من معابثة ساندي لألبرت وتساهل هذا معها . صحيح أنه لم يقم بشيء يشجعها على ذلك , ولكنه أيضاً لم يصدها بطريقة ما . كانت ستيفاني تغلي من الغضب في داخلها , متمنية لو أنها طالبت بالجلوس إلى جانب ألبرت , أو أنه أصرّ على ذلك . متمنية لو أنه أوضح لساندي أنه متزوج وأن عليها أن تبعد يدها عنه .
عندما دخلت الشاحنة الفناء , قابلهم جون , وكان مستنداً إلى عمود الشرفة الأمامية حين رأى ستيفاني تنزل من الشاحنة ثم تندفع كالعاصفة نحو المنزل . وعندما اقترب ألبرت وساندي إلى حد استطاعا معه السماع , كان هو يقول لستيفاني :" ثمة هدية وصلت إليك ِ , يا ستيفاني ." قال ذلك وعيناه تنتقلان إلى ألبرت ثم تعودان إليها .
فقالت :" هدية ؟ ممن ؟"
قال جون :" لقد وضعتها خارجاً قرب السقيفة "
فسأله ألبرت وقد بدت الخشونة على ملامحه :" ما هي تلك الهدية ؟"
وكانت هي قد أسرعت حول المنزل , ثم توقفت وهي ترى أربع فسائل ورد مسندة إلى الشرفة , كانت قد سبق وأزهرت , اثنتان منها حمراوان وواحدة بيضاء وأخرى زهر .
وهتفت :" آه , ما أجملها " وانحنت تتشم أريجها وهي تتلمس أوراقها بخفة .
وقالت ساندي ببطء وهي ترى الورود :" لابد أنها من صديقك الذي في المدينة "
فنظر ألبرت إليها عابساً وهو يسألها :" ماذا تعنين ؟" فأجابت بخبث :" لقد كانت ستيفاني تحدثت بشغف عن الورود ومبلغ حبها لها عندما كان ستيفن كاسيدي هنا ويظهر أنه أراد أن يسر السيدة "
فسأل ألبرت جده :" هل هي من ستيفن ؟" فأجابه هذا بهزه من كتفيه .
فمدت ستيفاني يدها إلى البطاقة المعلقة بإحدى الفسائل وقد ابتدأت تشعر بالذعر خوفاً من أن تكون ستيفن , فهذا سيزيد من المشاكل , ولكنه كان الوحيد الذي تحدثت إليه عن رغبتها في غرس حديقة حول بيتها . ( أرسل إليك ِ هذه لكي تبدأي بها حديقتك . إنها ستزيد من جمال مكانك النائي –ستيفن )
فازدردت ريقها , ثم استدارت تواجه ألبرت . وكان غضبه الآن قد أصبح واضحاً . وببطء ناولته البطاقة , فاختطفها من بين أصابعها وأخذ يقرأها , وعندما انتهى جعد الورقة في يده جاعلاً منها كرة , ما أدركت هي منه أنه كان غاضباً , ولكنها لم تخطئ بشيء , وهي لن تدعهم يلقون اللوم عليها مرة أخرى فقالت :" لقد سبق وقلت انك ستتولى أمره "
فحدق في عينيها بعينين ضيقتين فترة طويلة , فشعرت لنظرته تلك برجفة بالرغم منها . ثم أجابها قائلاً :" لقد فكرت في الإنتظار إلى أن أذهب إلى المدينة وأقابله , ولكن يبدو أنني استهنت بمقدار الجاذبية "
قالت " ألبرت إنها مجرد ورود , لقد كنت ذكرت له أنني أفكر قي غرس حديقة عندما انتهي من تنظيم المنزل . إنه فقط يظهر بإرسالها حسن الجوار "
فقال :" إنك زوجتي ياستيفاني . فإذا كنت ترغبين في فسائل ورد فسأشتريها لك . القي بهذه بعيد اً"
فتمتمت ساندي وهي تزيد من اقترابها من ألبرت :" ربما هي تمثل بالنسبة إليها معنى خاصاً"
فنهرتها ستيفاني بقولها :" اقفلي فمك يا ساندي ((يعني اخرسي )) فهذا أمر بيني وبين ألبرت ولا أريدك أن تزيدي الوضع سوءاً بمثل هذا الدس منك ِ "
فقال ألبرت آمراً " ستيفاني . هذه فظاظة منك لا تغتفر . إن ساندي هي ضيفتنا , هيا اعتذري إليها حالاً "
فسحبت نفساً عميقاً وعيناها مشدودتان إلى عينيه ولمع التمرد في عينيها , وتساءلت لحظة عما يمكن أن يفعله إذا عصت أمره هذا ....ولكن الحق معه , فقد كانت فظة حقاً وأخيراً , نظرت إلى ساندي قائلة :" أرجو منك المعذرة يا ساندي فما كان لي أن أخاطبك بهذه الطريقة " ثم استدارت صاعدة الرجات القليلة ركضاً إلى الشرفة ومنها إلى داخل المنزل , وانصفق الباب خلفها دون أن تلحظ ذلك , إذ كانت الآن تصعد السلم إلى غرفتها ودموعها تحجب عنها الرؤية , وأسرعت بركضها وهي تسمع الخطوات القوية خلفها , ووصلت إلى غرفتها في الوقت الذي كانت فيه يد ألبرت تمسك بها توقفها . ترددلحظة , ثم سحبها إلى غرفة النوم مغلقاً الباب خلفهما .
قال لها وهو يصر على أسنانه غضباً :" لقد طابت من جدي أن يتخلص منها "
فقالت وهي تحاول أن تخلص ذراعها من قبضته , مغالبة دموعها :" إن الذنب ليس ذنب الورود . إنها جميلة وأنا لا أريد ان يلقى بها بعيداً "

نسمة عطر
08-07-2011, 01:19
فقال :" إنني لا أريد أن تحييني ورود ستيفن كلما جئت على البيت . لقد كانت كلير تقوم بمثل هذه الألاعيب مع إدي فأحالت حياته إلى جحيم . إنني لم أحتمل شيئاً كهذا منك هل هذا مفهوم ؟" ومد ّ يده يمسح دمعة تدحرجت على خدّها وقد بان على ملامحه الحقد .
فقالت :" إنني لا أقوم بأية ألاعيب . إنني لم أطلب منه إرسال زهور , حتى أنني لم أطلب منه قط أن ألقاه . لقد سبق وقلت أنك ستتولى أمره . فقم بذلك وكفّ عن توجيه اللوم إليّ " كانت تتحدث بما يقرب من الصياح . فقد رأت نفسها مظلومة . فهي لا تهتم بستيفن كاسيدي , فلماذا لا يفتأ يسبب المشاكل بينها وبين زوجها ؟
قال :" الشيء الثاني الذي لن أحتمله منك هو فظاظتك ِ نحو ساندي . إنها ضيفتك ....ضيفتي أنا إذا كنت ِ لا تريدينها إنني أحاول أن لا أدع مجالا ً لآل لامب يرفعون فيه قضية طلب وصاية . وخشونتك ِ وإبداء صعوبة في طباعك لا تساعد على توفير جو صالح لتنشئة طفل "
قالت :" إنك تنحاز إلى جانبها . فأنت تعرفها منذ مدة طويلة , ربما كان عليك أن تفكر في العودة إليها , بعد أن مات إدي وكلير , ومن ثم تتزوجها , ومن الواضح أن هذا ما تريده هي " وسحبت ذراعها من يده مرة أخرى .
قال:" إنني زوجك أنت ِ طول الحياة , فاجعليه زواجاً ناجحا يا حبيبتي . لقد سبق وأخبرتك أنني أتشبث بما هو لي , وأنت ِ لي , فافهمي هذا جيداً . إن ساندي ستتركنا قريباً ولكنك ستبقين هنا وستبقين على الدوام , بعيدة عن ستيفن كاسيدي "
استدار تاركاً الغرفة بسرعة . بقيت ستيفاني واقفة حيث هي وقد أذهلتها قوة غضبه . وأنصتت إلى وقع خطواته تهبط السلم وعلمت من انصفاق الباب الخارجي . أنه خرج من المنزل . وبعد ذلك بدقائق سمعت همهمة أصوات من الشرفة ولكنها رفضت التصنت . لقد أوضح لها كل شيء فهي لا تريد أن تسمع المزيد .
كان الجو عل العشاء متوتراً , وتناولت هي طعامها بصمت , وحاولت جاهدة تجاهل الحديث الذي دار حولها . ونظرة منها على الشرفة , قبل العشاء أنبأتها أن فسائل الورود قد اختفت . ما الذي فعله جون بها يا ترى ؟ كانت ساندي تتحدث بحماس عما رأته في رحلتها هذا النهار , كما حدثتهم بأقاصيص مسلية عن ملبورن ....وبقي ألبرت صامتاً بجانب ستيفاني , ولكن جون كان يضحك لنوادرها الشيقة , كما أخذ هو أيضاً يحدثهم بأقاصيص عن الأيام القديمة في مزرعة راوستين . وقالت ساندي لألبرت بمرح , وهي تنهي عشاءها , بعد أن تجاهلت ستيفاني طيلة عشاءها : هل لك أن تساعدني على تحميم سارة يا ألبرت ؟ إنها بنفس القذارة التي كنا نحن عليها عندما عدنا من رحلتنا عصر اليوم "
فألقى نظرة خاطفة على ستيفاني , ولكن نظراتها كانت مسمّرة على صحنها . فأجاب :" بكل تأكيد . ويمكننا أن نقرأ لها قصة بعد الاستحمام . فهي قد أحبت ذلك الكتاب الذي أحضرته لها "
عضت ستيفاني شفتها تمنع نفسها من قول أي شيء , لم يكن لدى سارة أي لعب , قبل مجيئها هي , ولكنه لم يسبق أن ذكر شيئاً عن الدمية والأحجار التي اشترتها هي لها . إنه يذكر فقط هدايا ساندي .
بعد الانتهاء من غسل الأطباق , خرجت ستيفاني إلى الشرفة وكانت خالية , فقد كان جون في المكتب , وألبرت وساندي مع سارة في غرفتها . وجلست على الكرسي الهزاز لحظة محاولة تهدئة أعصابها . ما الذي جعل الأمور تسوء بهذا الشكل في هذه المدة القصيرة ؟ ودون أن تفعل هي شيئاً
وأخيراً نهضت متجهة نحو الاصطبل , وهناك أخذت تفتش حول الأبنية الخارجية على أن وجدت فسائل الورود ملقاة على كومة من السماد . فأبعدتها عن مكانها هذا برقة وأسندتها إلى جدار الاصطبل , كان قد انكسر منها عدة أغصان , عدا ذلك كانت النباتات ما تزال صالحة , وقررت أن تعيدها غداً
وأثناء عودتها إلى المنزل ترددت حين سمعت صوت جون على الشرفة . وعندما أجابته ساندي , استدارت ستيفاني داخلة على المنزل من باب المطبخ , حيث صعدت بهدوء إلى غرفة النوم . كان من المستحيل أن تبقي رحلتها إلى المدينة سراً عن ساندي , وهكذا لم تحاول ستيفاني ذلك . وعلى الفور , بعد الإفطار , استقلت السيارة متجهة بها نحو الاصطبل حيث وضعت النباتات في المقعد الخلفي . ثم وقفت بجانب المنزل حيث حملت سارة معها . وعندما رأت ساندي تنظر إليها بدهشة . أخبرتها بهدوء أنها ذاهبة لتأدية مهمة قصيرة ثم انطلقت .
عادت إلى المنزل عند العصر . فقد تعمدت التأخر في مدينة أديلايد , حيث زارت محل بيوتي فلاورز , وذلك لكي لا تمضي وقتها مع ساندي , وكانت تريد أن تعود قبل عودة ألبرت فقط كان من الأهمية بمكان أن هي التي تخبره عما فعلت وليس ساندي .
عندما وصلت ستيفاني , كان المنزل يبدو مهجوراً فحملت سارة إلى المطبخ حيث ابتدأت في تحضير العشاء وأخذت الطفلة تعبث على الأرض بينما حرصت ستيفاني على انتظار ألبرت ولم تشأ التفكير في ما قد يكون تصرف عندما يعلم بما فعلت , كانت تريد فقط أن تكون وحدها معه . وعندما أطلّ ممتطياً صهوة حصانه , كادت تصاب بالذعر . وأخذت تراقبه من نافذة المطبخ وهو ينزل عن الحصان ثم يدخله الاصطبل , ومن ثم يتجه نحو المنزل مغبراً , متعباً رائع الجاذبية . أخذت تنظر إليه إلى ان اقترب داخلاً المطبخ , عند ذلك استدارت تواجهه " ألبرت " هل كان ذلك الصوت الخائف صوتها ؟
فابتسم لها ثم انحنى ليرى سارة . تنحنحت ستيفاني وهي تتقدم نحوه قائلة بسرعة :" ألبرت . لقد أعدت فسائل الورود"
نظر بحيرة قائلاً :" ماذا ؟" ونهض ببطء إلى أن وقف مشرفاً عليها , وهو يسأل :" ما الذي تعنيه بقولك أنك أعدت الفسائل ؟"
فنظرت إليه تجيبه :" كانت نباتات رائعة الجمال وما كان ثمة حاجة إلى رميها لمجرد أنك لا تحب مرسلها , لقد أعدتها إلى محل بيوتي فلاورز "
فقال :" ظننت أن جدي رمى بها بعيداً "
فقالت :" لقد ـعدتها من حيث رماها "

نسمة عطر
08-07-2011, 01:22
قال أعدتها ؟ هل تعني لك ِ تلك الورود كثيراً ؟"
قالت :" كلا , إنها لم تكن تعني شيئاً بالنسبة إليّ . ولكنها كانت نباتات جميلة وتعني شيئاً بالنسبة لمن غرسها أياً كان . لقد سرّت صاحبة المحل عندما رأتها حيث أنني لم أستطع استعمالها "
فأخذ يحدق فيها غير مصدق , ثم هزّ رأسه قائلاً :" إنّك ِ امرأة عنيدة الرأس . ماذا تظنينني فاعلاً بك ِ "
ففتحت فاها تحاول أن تجيبه , ولكته كان أسرع منها وهو يقبّل جبينها.
" آسفة , ما قصدت أن أتطفل عليكما " قالت ساندي هذا بعد أن وقفت عند الباب فجأة لدى رؤيتها هذا المشهد .
بقي ألبرت محدّقاً بستيفاني , متجاهلاً ساندي كلياً ثم دون أي كلمة استدار خارجاً من المطبخ متوجهاً إلى الحمام
قالت ستيفاني :" ليس ثمة أي تطفل " وعادت تستدير إلى الموقد لتلاحظ الطبخ وهي تتابع قائلة :" كنت فقط أحيي زوجي بعد فراق النهار "
فقالت ساندي وهي تجلس :" يا له من موقف مؤثر . إنني أتساءل عما إذا كان سيشعر بهذا الحب عندما يعلم أنك ِ ذهبت هذا النهار إلى المدينة لرؤية ستيفن "
فاستدارت ستيفاني تواجهها قائلة بثبات :" لقد سبق وأخبرت ألبرت أنني أرجعت فسائل الورد . وأنني أمضيت النهار في محل بيوتي فلاورز متفرجة على حديقتها آخذة منها نصائح عن الوسيلة لاستنبات الورود في منطقتنا النائية هنا , وإذا كنت ترتابين في كلامي يمكنك أن تسأليها وكذلك بإمكان ألبرت أيضاً . فأنا لم أر أحد"
بقيت ساندي صامتة برهة , تنظر إلى سارة وهي تلعب بالأطباق , ثم سألت :" أليس لديها أية ألعاب حقيقية ؟"
أجابت :" طبعاً , ولكنها تحب الطرق على الأطباق عندما أطبخ "
قالت ساندي بلطف :" عندما تأتي سارة للإقامة معنا , سيكون لها ألعاب كثيرة لا تحتاج معها إلى اللعب بالأطباق "
فنظرت إليها ستيفاني بحيرة وسألتها :" ماذا تعنين ؟" فأجابت :" أعني عندما تأتي سارة إلى ملبورن , ألم يخبرك ألبرت ؟ إنه لا يريدها أن تنشأ جاهلة أهل أمها "
فقالت ستيفاني :" ما كنت أدري أنك ِ قررت أخذها لزيارة جديها , متى سيكون ذلك ؟
أجابت :" لم أقرر بعد , ولكن هذا أمر لا يعنيك ِ في الواقع فأنا خالتها "
قالت ستيفاني :" وانا أيضاً زوجة عمها وعندما تنتهي قضية الحضانة سأكون أمها "
فقالت ساندي وهي تقف قائلة بلطف :" مازال الوقت مبكراً للتحدث عن الحضانة . هل يمكنني المساعدة بإعداد العشاء ؟"
أجابت :" إنّ كل شيء قد انتهى الآن " وأخذت تنظر إليها تفكر في قولها هذا . ماذا كانت تعني بقولها إن الوقت مازال مبكراً ؟ ألم يبدأ ألبرت بعد بإجراءات الحضانة ؟ هل كانت ساندي تلمّح إلى أن ثمة مشكلات بالنسبة إلى الحضانة ؟ وأثناء العشاء , ألقت ساندي قنبلتها عندما قالت :" أتدري يا البرت ؟ أظن أنني سأبقى مدة أطول هنا لأذهب معك في تلك الرحلة التي تخيمون فيها "
فرفع رأسه وأخذ يحدّق فيها بصمت لحظة , ثم أومأ برأسه قائلاً ببساطة :" هذا حسن يمكننا أن نشرع بالرحيل بعد غد . وسنغيب عدة ليال . هل يمكنك امتطاء الخيل طوال تلك المدة؟"
وشعرت ستيفاني بالغثيان . أية رحلة يخيمون فيها تلك ؟ هل دعا ألبرت ساندي إلى رحلة مخيم؟

مونـــــي
08-07-2011, 13:29
هلا حبيبة قلبي موني

وحشتيني يا قمر

تسلميلي انشالله


صبا ياقلبي أنتِ والله العظيم لك وحشه من جد
بالله خليك دايم على تواصل لاشفتك أتطمن والله كيفك أخبارك وكيف الحلوين أنشاء الله طيبين ؟؟
يلا ياقلبي حبيت أسلم عليك وأنتبهي على نفسك ..

تحياتي لك .. مونـــــــــــــــي

مونـــــي
08-07-2011, 13:52
ســــلام لكل الحبايـــب اللي وحــشوني
لي كم يـــوم ماني لاقيـــة وقت أدخــل وأشوف الخبـــــاركم .,. هاليوميـــن مره زحمــه
أسواق وزواجــات وتعرفون أنـــتو الحوســـة ..,,..
المهم كيف حالـــكم كلكم
غصونه \\ أنجل مره مختفيه سلامات \\ ويوكي \\ خديجه من زمان عنك ليه هالغيبه الطويله \\ نايت سونغ \\ ليدي كلير \\ كيوت قيرل \\ نسمة عطر واصلي روايتك مره حلوه \\ ساكنة القلوب أخبارك ؟؟ \\ والله الحبايب كثير يمكن ماتحضرني أسماء كثير من البنات كلكم والله في البال الله يحفضكم ويخليكم لأهاليكم أنتبهو على حالكم ..


أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .. مونـــــــي

الغصن الوحيد
08-07-2011, 21:46
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته ...

مرحبا يا اعز الناس ..

وحشتوني كثير كلكم ..الله يعطيكم الف عافية على السؤال ..وسألت عليكم العافية حبيباتي ..

مشالله المشروع مزدهر وفي عودات رائعة حق حبيبات قلبي الغايبات وفي روايات مشالله انزلت وخلصوها وانا مشتاقة اشوف الجديد ورسايلكم وكلامكم ...

الله لا يحرمني منكم يا الغوالي ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 21:58
والله يا بنات ترى لسى ما دريت بالضبط من نزل روايات ولكن اعذروني راح ارجع واقراهم انشالله ....

ساكنة القلوب يا قلبي سوسو كيفك يالغلا انشالله تمام ..

انا والله الحمدلله على كل حال ما زال الصداع مستمر وزني وشكلي صاروا حركات بس انشالله تتحسن الامور ..

حبيبتي انا آخر مره كنت في المشروع كانت روايتك ما خلصت بس من جد روعه تجنن جدا استمتعت فيها الله يعطيك الف عافية يا قلبي ةتسلم اناملك يا قمر ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:02
حبييبتي صبويا ...

الحمدلله اللي شفناك مره ثانية ..والله فرحت يوم شفتك رجعتي انتي والبنات حياكم الله يا قلبي وعسى ربي ما يحرمنا اياكم ..

وانتي بعد نزلتي روايه بس مدري ترى اسى ما قريتها ولكني عارفة اختيارتكم تجنن وحلوة والله يعطيك الف عافية على الروايه يا قلبي ..

كيف الكتاكيت انشالله بخير ...

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:09
حبيبة قلبي ملح صرتي الان يوكي ..امممم لازم لي وقت عشان اتعود على الاسم الجديد ..من جد تحبين الانمي ...ههههه...

اخبارك يا قلبي وحشتينا انشالله انتي بخير والكتاكيت والاهل من زمان عنك الحمدلله رجعتي ...

الله يعينك يا قلبي على مشكلة الصداع ..انا مشكلتي من يوم كنت صغيرة ولكن الان زايد مع ضغوط الحياة الله يسهل الامور انشالله ..

والله مدري بعد يوكي حبيبتي ان نزلتي رواية كأني شفت ....لازم اتأكد على العموم تسلم اناملك والله يجزاك كل خير يا قلبو ...

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:11
حبيبتي كيوت يا هلا ومسهلا فيك ..

الله يسلم قلبك ..وش اخباركم وحشتونا انتي وانجل تيرس هي اعرست ولا لسى اقصد تزوجت ولا لسى ..

وانتي كيف اختبارتك والنتيجة انشالله طيبة يا قلبو ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:13
نسومة حياتي وش اخبارك ..

انشالله امورك طيبة ..اشوفك منزلة رواية انتي ولمحت اسمها وفعلا شكلها حلوة على قولة البنات ...الله يعطيك الف عافية ويجزيك كل خير يا قلبو ...

يوكي 111
08-07-2011, 22:17
ياهلا والغلا ومية ملبون مرحبا
بحبيبة قلبي غصونة
يا الله لكي وحشة يا قمر وألف حمد لله على سلامتك نورتي المشروع بطالتك الرائعة تسلمي يا غاليتي
لكي حبي

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:18
موني يا قمرية حبيبتي ..كيفك ...انشالله امورك طيبة ..

الله يسلم قلبك حبيبتي ...انشالله انا احسن وانشالله ما تصير قطاعتي كثيرة عن المشروع ..

من جد العطلة الله يعين على الزحمة والزواجات والجمعات الله يعينكم يا قلبو ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:22
امونة حبيبتي يا زينها اللي تخجل ...

والله فرحتيني يا قلبي كيفك انشالله تمام ..وكيف الاهل كلهم ...

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:24
جين يا جين حبيبتي كيفك انشالله امورك طيبة ..

مدري بعد انتي نزلتي رواية ..والله جايز لأن مشالله في غيبتي صارت تغيرات وتحديثات حلوة ..على العموم الله يعطيك الف عافية انتي ماتقصرين دايم تقدمين حلو في المشروع ...

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:26
هلا بقلبي يوكي تسلمين حبيبتي على الترحيب الحار والحلو هذا ...الله لا يحرمنا هالطلة الحلوة يا قمرية ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:37
موني حبيبتي انتي بعد نزلتبي رواية بس لسى ما قريتها تسلم اناملك يا قمر ..

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:40
حبيبة قلب امها وينها انجول ...؟

وش فيك غايبة عن الانظار لا يكون اعرست واحنا ما ندري ...

لا حس ولا صوت ولا خبر ..وش اخبارك طميننا عليك ...يا قلبو ...

الغصن الوحيد
08-07-2011, 22:41
حبيبة قلب امها وينها انجول ...؟

وش فيك غايبة عن الانظار لا يكون اعرست واحنا ما ندري ...

لا حس ولا صوت ولا خبر ..وش اخبارك طميننا عليك ...يا قلبو ...

أنا إيمان
09-07-2011, 14:30
امونة حبيبتي يا زينها اللي تخجل ...

والله فرحتيني يا قلبي كيفك انشالله تمام ..وكيف الاهل كلهم ...
[size=5اهلين اهلين بالغصن الوحيد .. انا تمام والأهل كلهم بخير الحمدلله ... والله يا بنات لو تشوفوني كل يوم سوق ادورلي فستان للملكه ماني لاقيه ومره محتاره إذا الموديل حلو اللون مو حلو وإذا اللون حلو الموديل اهبل .. هم والله
المهم ياحلوين انا عندي روايه .. روايه على قول اخوانا المصريين " ماحصلتش " إسمها مكالمات منتصف الليل ... جناااااااااان مره حلوه بس بنزلها انشالله لما الكل ينزل الروايات اللي عندهم يعني بعد الزحمه ...ايوا قبل لا انسى قولولي إذا كانت في المشروع او لا ؟ طيب حبايبي
ومع السلامه تحياتي للكل بااااااااااااااااااااي [/size]

*طيار الكاندام*
10-07-2011, 16:49
مرحباً ، أتمنى أن تطّلعوا على موضوعِ التكريمِ أخواتي ^^


http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=1474736&d=1309443395 (http://www.mexat.com/vb/threads/927550)

حِكاياتْ ألفُ ليلةٍ ولَيلَة ..حفرت داخِلها ليالٍ ربيعيّة أُخرَى

/

و مباركٌ مقدّماً

جين أوستين
11-07-2011, 00:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبروووووووووووووووووووووك لنا على حصولنا على الميداليات ::سعادة:: وشكرا لك أخي طيار كندام على تبليغنا :d

ساكنه القلوب
11-07-2011, 09:29
:):):)الف مبرووووووووووووووووووووووووووووووووك على المنتدى وعلى كل الاعضاء المتميزين ومزيد من التقدو والرواااااااااااااااات والقصص والف ليلة وليلة :d:d:d:dتحياتي للكل دون تميز::سعادة::ودمتم في قلوب الجميع سكنة

يوكي 111
11-07-2011, 16:31
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13104017471.gifلنا على التكريم
مبارك للجميع يا حبايب قلبي

يوكي 111
11-07-2011, 16:32
شكرا" أخي طيار كاندم على تبليغنا
تسلم و ألف شكر

الغصن الوحيد
11-07-2011, 20:10
مراحب حبيبات قلبي ..

وش اخباركم ..يا حلوين ...

الف الف مليون مبروك على التكريم الحلو ..تستاهلون حبيباتي كل خير ...

الغصن الوحيد
11-07-2011, 20:11
مراحب حبيبات قلبي ..

وش اخباركم ..يا حلوين ...

الف الف مليون مبروك على التكريم الحلو ..تستاهلون حبيباتي كل خير ...

الغصن الوحيد
11-07-2011, 20:17
صبا يا كوين مراحب ومرحبتين واهلا واهلين ..

وش اخبارك يا قلبي ..منورة كالعاده طبعا ....

ساكنه القلوب
12-07-2011, 09:19
:d:d:d::سعادة::هلا وغلا والف مراااااااااااااااااااااااااحب واشرقت وانورت بالطلة الحلوة باستاذتنا غصونة يااحلا وردة بيضاااااااااااااااااااء نورت المنتدى وحشتيييييييييييييييييييييني كيف صياير الحين واخبارك وعلومك ياقلبي :){حاولي تأكلي الفواكة الصفراء }ترى مفيدة وتقوى البصر وخففي من شرب القهوة والشاي ;)وسامحيني اذا ثقلت عليك ياقلبي انتبهي على صحتك ياقلبي ودمتي لي في قلبي سكنة::سعادة::::سعادة::::سعادة::

ساكنه القلوب
12-07-2011, 09:27
::سعادة::هلا وغلا باالحلوة يوكي كيفك ؟ياقلبي وكتاكيتك الحلوين كيفهم احلا تحية الك والهم ياقلبي ودمتي لي في قلبي سكنة:)

ساكنه القلوب
12-07-2011, 09:31
::سعادة:::);)كيف ياوردة ياحمراااااااااااااااااااااااااء وكيف اخبارك وايش الجديد من رواياتك؟:confused::رامبو:منتظرين احداث رواياتك واحتمال اغيب شهر رمضان كامل عشان شغل البيت والعبادةوفي العيد نلتقي بأذن الله:o اتمنى الك والى جميع الاخوات المزيد من التقدم والازدهار:rolleyes::):rolleyes::);) ودمتي ياارق واروع وردة حمراء رمنسية مبدعة في اعماق قلبي وعقلي سكنة::سعادة::

ساكنه القلوب
12-07-2011, 09:35
اخواتي في المنتدى ابغ سئلكم سوئل ومكسوفة:o:confused:كيف :confused:لمن ابغا اكتب الرواية واخزنها وبعدين ارسلها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ومنكم السمح :cool::محبط:ودمتم في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
12-07-2011, 09:37
وبعد سوائل:rolleyes::confused::):o ابغا اغير صورتي كيف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟واسفة على الازعاج ودمتم ودام الجميع في قلبي سكنة

يوكي 111
12-07-2011, 09:57
غصونة
حبيبت قلبي كيف أخبارك
أتمنى تكوني باحسن حال
مبروك علينا الاوسمة حبيبتي
في أمان الله

يوكي 111
12-07-2011, 10:00
جين
مبروك عزيزتي
على العضوية المميزة والفعالة
تستحقيها عن جدارة
موفقة ودائما" في تميز والرقي
تحياتي

يوكي 111
12-07-2011, 10:03
ساكنة أميرة الرومانسية
تسلمي ياعيون يوكي
مبروك لنا يا قلبي تحياتي

يوكي 111
12-07-2011, 10:19
الصوره الشخصية000
الذهاب الى لوحة التحكم ثم تغيير الصورة الشخصية
اذا ارت عدم وضع صوره شخصية اضغط على المربع
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=310668&stc=1&d=1187342227

ضع رابط الصوره هنا
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=310669&stc=1&d=1187342227

او ارفعها من الكمبيوتر
http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=310670&stc=1&d=1187342272

وختار الصوره ثم

http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=310671&stc=1&d=1187342272


عزيزتي ساكنة هذا شرح لتغيرالصورة الرمزية

[CENTER]للامانة منقول


وهذا شرح الاخت العزيزة أنجل لايف

يوكي 111
12-07-2011, 20:07
كوين يا الغلا
فينك يا قمر وحشتيني
أخبارك وكتكيتك الصغار
سلامي لكي يا قلبي

يوكي 111
12-07-2011, 20:13
أنجلولة* ونسومة* وهناء وشرين يوة أقصد أيمو وموني *
هههههههههههه
و نايتو* وخديجة* وكلير*
وباقي الاصدقاء حبايب قلبي
فينكم وحشتونى
سلامي لكم جميعا"
لكم حبي

جين أوستين
12-07-2011, 21:37
::سعادة:::);)كيف ياوردة ياحمراااااااااااااااااااااااااء وكيف اخبارك وايش الجديد من رواياتك؟:confused::رامبو:منتظرين احداث رواياتك واحتمال اغيب شهر رمضان كامل عشان شغل البيت والعبادةوفي العيد نلتقي بأذن الله:o اتمنى الك والى جميع الاخوات المزيد من التقدم والازدهار:rolleyes::):rolleyes::);) ودمتي ياارق واروع وردة حمراء رمنسية مبدعة في اعماق قلبي وعقلي سكنة::سعادة::

انا الحمدلله بخير واتمنى تكوني مثلي ::سعادة::

انا حاليا بأكتب رواية وما خلصتها لسة... وانا مستعدة انزلكم رواية كتبتها من زمان اسمها اليخت من روايات عبير

طبعا بعد ما تخلص العزيزة نسمة و إذا مافي احد في الطابور حاليا

حتى أنا حيكون حضوري مررررة قليل في رمضان

جين أوستين
12-07-2011, 21:41
جين
مبروك عزيزتي
على العضوية المميزة والفعالة
تستحقيها عن جدارة
موفقة ودائما" في تميز والرقي
تحياتي


شكرا لكِ عزيزتي ::سعادة:: فرحتيني بكلامك الحلو :o

وان شاء الله كل اللي ما أخد ميدالية ياخدها المرة الجاية يااااااااااااااااااااا رب.... قولوا آمين ::جيد::

ساكنه القلوب
14-07-2011, 13:55
:d:d:d:d::سعادة::الف شكر الك يايوكي بجد افتينى الف شكر الك ياقمر ترى اموت على الانمى {اتمنى اتابع ليدى ..ليدى وارثر وسارة وادور}الجزء التاني واثالث ؟ياقمر ودمتى لي في قلبي سكنة

ساكنه القلوب
14-07-2011, 13:59
::جيد::سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالا لالالالالالام يااخواتكيفكم انشاء الله تمام ورمضان هلا ياحلوين باقي ايام قيليلة ويطل علينا :rolleyes:يارب يجعلو رحمة ومغفرة وعتق من النار آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين وتحياتي الكم ياوردااااااااااااااتي::سعادة:: وسلامي الكم ::سعادة::ودمتم لي في داخل اعمااااااااااااق قلبي :dوعقلي:D سكنة;)

يوكي 111
15-07-2011, 13:44
شكرا لكِ عزيزتي ::سعادة:: فرحتيني بكلامك الحلو :o

وان شاء الله كل اللي ما أخد ميدالية ياخدها المرة الجاية يااااااااااااااااااااا رب.... قولوا آمين ::جيد::


http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13105303182.png
لا شكر ولا حاجة أنتي تستحقي كل خير

وعقبال كل الاصحاب

آآآآآآآآآآآآآآآآمين

يوكي 111
15-07-2011, 13:54
:d:d:d:d::سعادة::الف شكر الك يايوكي بجد افتينى الف شكر الك ياقمر ترى اموت على الانمى {اتمنى اتابع ليدى ..ليدى وارثر وسارة وادور}الجزء التاني واثالث ؟ياقمر ودمتى لي في قلبي سكنة

http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13107375421.gif
عفوا" حبيبتي ده أقل واجب أي خدمة أنتي بس أطلبي
بنسبة (ليدي..ليدي) وضعته لكي في الملف الشخصي عندك في ملاحظات الزوار
تحياتي

Seba queen
16-07-2011, 10:46
هااااااااااااااااااااااااااااي
كيفكم يا صبايا يا حلوين
وحشتوني كلكم بلا استثناء
وينكم ما حد مبين

Seba queen
16-07-2011, 10:48
كيفك غصوووووووووووووووونة حبيبة قلبي
وحشتييييييييييييييييييييييييييييني جدا يا قلبي

Seba queen
16-07-2011, 10:51
أنجل حبيبة قلب التيتة
كيفك وشو أخبارك
مشتقالك

Seba queen
16-07-2011, 10:53
أموووووووووووووووووووونة يا عسوووووووووووووووووولة
كيفك يا قلبي وحشتيني

Seba queen
16-07-2011, 10:54
موووووووووووووووووووني
وين غاطسة يا قمر
مشتقالك

Seba queen
16-07-2011, 10:56
يوووووووووووووووكي
أخبارك حبيبتي
وحشتيني
طمنيني عنك وعن كتاكيتك

Seba queen
16-07-2011, 10:59
نسووووووووووووووومة العسووووووووووولة
وينك يا قمر
أخبارك طمنيني عنك

Seba queen
16-07-2011, 11:01
جين أوستن
كيفك وشو أخبارك
وحشتوني كلكم

Seba queen
16-07-2011, 11:02
خديجة حبيبة قلبي
وين غاطسة من زمان عنك يا قلبي
طمنينا عنك حبيبتي

Seba queen
16-07-2011, 11:05
أماريج ونايت وكلير وساكنة القلوب وكل الصبايا الحلوين إلي ذكرتهم وما ذكرتهم
سامحوني ما بتحضرني هلأ كل الأسماء
بس كلكم وحشتوني يا صبايا المشروع

Seba queen
16-07-2011, 11:14
حبيبات قلبي
قرب رمضان شهر الرحمة والغفران
حبيت أحكيلكم كل عام والجميع بألف خيييير
http://islam.maktoob.com/islamic-photos/3172/

ساكنه القلوب
16-07-2011, 14:17
::سعادة::[color="#ff0000"]هلا وغلا بيكي ياصبا بجدانت كمان وحشينامررررررررررررررررررررررررررررة :);)ورمضان عليك ياقمرة يارب بالبركة عليك وعلى المنتدى والامة وتسلمي على سوئلك كلك زوق ودمتى لي في قلبي سكنة[::جيد::/color]

ساكنه القلوب
16-07-2011, 14:45
سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالام يااخواتي الافي المنتدى حبيت اسلم واسئل عنكم والى الملتقاء بعد رمضان ياحلوين ودمتم لي في قلبي سكنة:)

ساكنه القلوب
16-07-2011, 14:49
جين ياوردة حمرااااااااااااااااااااااء من جد دووووووووووم متميزة في رواياتك اتمنى لك دوم الحصول على اكبر واغلا هدية تستحقينها وتتمنينها من اعماق قلبي السااااااااااااااااااكن ومشتاااااااااااااقة اقرء رواياتك و:rolleyes::مكر:على احر من الجمر وتسلم اليداتك الحلوة المبدعةوبجد الف مبرك مقدما" ومخرا":d وحاسة انك تبحصلي على ميدالية غير متوقعة الك ياقلبي :Dودمتي لي في قلبي سكن

ساكنه القلوب
16-07-2011, 14:52
::سعادة::تسلمين يااحلا قمرة يوكي وانمي بجد عجزلساني على شكرك الف شكر الك :d:d:dالى مااااااااااااااااااااااااالانهاية من ;)داخل قلبي الساكن ودمتى لي في قلبي سكنة:)

ساكنه القلوب
16-07-2011, 14:53
::سعادة::احلا واروع سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالال الالالالالالالالالام الى كل الاعضاء ودمتم لي في قلبي سكنة:):)

نسمة عطر
17-07-2011, 00:27
الفصل التاسع

توقف جون عن الطعام سائلاً حفيده :" ماذا ؟ هل قدمتم موعد الرحلة ؟ وهل سنذهب أنا وستيفاني معكم ؟"
فأجاب ألبرت :" طبعاً "
فسألته ستيفاني :" اية رحلة هذه ؟"
فأجابها :" إننا نذهب على ظهور الخيل جنوباً للتفتيش عن مراع معشبة للماشية . وهذا يستغرق عدة أيام لبعد المسافة . بهذه الطريقة يمكنك أن تزيدي معرفتك ِ بالمزرعة "
فقالت ساندي عابسة وكأنه لم يعجبها أن تذهب ستيفاني معهم :" يجب أن يبقى هنا من يعتني بسارة "
فقال جون :" ليس ثمة مشكلة . لقد كانت جودي تعتني بسارة قبل مجيء ستيفاني , وأعتقد أن بإمكانها رعايتها "
لقد آلم ستيفاني أن يكون ألبرت قد حدث ساندي عن هذه الرحلة دون أن يذكرها لها هي , وخفضت نظراتها إلى صحنها . لماذا أخبر ساندي بذلك أولاً ؟ وإذا كان هذا الزواج زواج مصلحة , فهل معنى ذلك أن يحتكر المصلحة هذه لنفسه ؟وعندما انتهى الجميع من تناول الطعام , سألته ستيفاني :" هل بإمكانك أن تساعدني على إخلاء المائدة , يا ألبرت ؟" ولم تهتم بالألم الذي شاب لهجتها وهي تقول ذلك . لقد تعبت من كثرة ما شعرت بالإهمال . وهي ستبحث معه كل شيء الليلة .وبدت عليه الدهشة لطلبها هذا . بينما قال جون :" إن هذا عمل المرأة "
فاستدارت ستيفاني إليه قائلة :" لا تكن أحمق . من كان يقوم بذلك قبل حضوري ؟"
وتملكها الغضب . لا عجب أن كلير لم تكن سعيدة هنا . هل انفردت ولو مرة واحدة بزوجها هنا ؟
قال ألبرت مخاطباً جده :" سأساعدها بإخلاء المائدة بينما تغسل الأطباق , وأنت وساندي تأخذان سارة إلى الشرفة "
نهض وابتدأ يجمع الأطباق ويتجه بها نحو المطبخ . بينما ملأت ستيفاني حوض الغسيل بالماء وتحولت تأخذها منه .
قال لها " إنكِ لا تريدينني أن أساعدك بالأطباق يا ستيفاني , فماذا تريدين ؟
سألته :" هل دعوت ساندي إلى هذه الرحلة ؟"
قال :" لقد كنت أحدثها في أول ليلة كانت فيها هنا عن أننا أحياناً نقوم برحلة تستغرق أياماً نفتش فيها عن مراع في الجنوب . فأنا لم أدعها أبداً إلى هذه الرحلة الثانية إنني لم أكن أريد الذهاب قبل أسابيع . إنك ِ سمعت جون حين قال أننا قدمنا الموعد . إنني سأحتاج إلى يوم للإعداد لذلك وسنذهب بعد غد حيث نمضي ثلاثة أيام أو نحو ذلك , ثم تذهب هي في طريقها إلى ملبورن "
فقالت بضيق :" لِمَ كل هذا ؟ أما كانت ستذهب قبل ذلك لولا هذه الرحلة ؟"
فأجاب :" إنني أحاول أن أستوضح بعض الأشياء "
سالته :" هل تلك الأشياء عن سارة ؟"
فأجاب :" نعم , إلى بعض الأشياء الأخرى , ولكن ساندي لن تمضي هنا مدة طويلة . إنك ستستمعين بالرجلة . يا ستيفي . لقد قلت إنك ِ اعتدت ركوب الخيل . هل أقمت مرة في مخيم من قبل ؟"
فأجابت :" نعم . هل تريدني حقاً أن أذهب ؟"
فأجاب :" طبعاً . إنني بحاجة غلى ذهابك ِ معي . إنك لن تتركيني وحدي مع تلك الهرة التي تبحث عن فريسة . والآن هل ستذهبين ؟"
ولمع الهزل في عينيه . فسألته وقد جف فمها :" هل تبحث عن فريسة ؟"
وقال :" لا تقلقي لذلك . فبإمكاني تدبير أمر ساندي ولكنني أريد ان تاتي . هل بإمكانك ِ ركوب الخيل كل تلك الأيام أثناء النهار ؟"
قالت :" نعم , بإمكاني ذلك "
فتركها وهو يتنهد بطريقة مبالغ فيها . واستدار خارجاً وهو يقول :" سأحضر بقية الأطباق من على المائدة "لم يسبق أن انتهت من هذا العمل , بهذه السرعة من قبل ولكنها كانت تعلم أنهما لن يستطيعا التسلل إلى غرفتها بعد الانتهاء من عمل المطبخ . فهما لم يكونا بمفردهما كما أن ّ لديهما ضيفة ينبغي الاحتفاء بها . وتوهج وجهها لهذه التخيلات . فسألها البرت باقتضاب :" والآن ما هذا ؟" كان جالساً على كرسي وساقاه أمامه على المائدة وهو ينظر إليها وهي تعمل , فرأى توهج وجهها فقالت :" لا شيء " كيف يمكنها أن تخبره بما تفكر فيه ؟ " ما الذي جعلك ِ تحمرّين خجلا ً؟"
فاحمرّ وجهها خجلاً مرة أخرى , وحاولت أن تحوّل عينيها عن عينيه فلم تستطع . فازدردت ريقها ثم هزت رأسها قائلة بحنق :" إنها فكرة حمقاء "
فقال :" أخبريني " وكان هذا أمراً . فاستدارت نحو حوض قائلة بحنق :" لابأس . كنت أفكر في أننا لو كنا نعيش وحدنا لما كان علينا أن نسرع بغسل الأطباق لكي نكون بمفردنا لبعض الوقت , ولكنا أكثر حرية "
فضحك قائلاً :" لا عجب أن إدي كان يتكلم دوماً عن بناء بيت له ولزوجته . إنني لم أفهم السبب سوى الآن . هيا , انسي أمر هذه الأطباق " وأمسك بيديها المبللتين ثم جرّها من المطبخ . فسألته وهي تركض لتلحق بخطواته :" قف يا ألبرت . ما الذي تفعله ؟"
فأجاب :" إنني آخذ زوجتي إلى حيث نكون بمفردنا "
بعد يومين , كان ألبرت يوقظها باكراً وهو يقول :" استيقظي يا ستيفاني . فأنا أحب أن نشرع بالسير باكراً لنستغل برودة البكور "
أزاح شعرها عن وجهها , وكان قد ارتدى ملابسه كاملة فنفضت النعاس من عينيها وهي تومئ قائلة :" ساكون جاهزة خلال دقائق "
فقال :" ارتدي قميصاً بأكمام طويلة منعاً لحروق الشمس "
كانت آخر شخص نزل إلى المطبخ . وكان جون وساندي قد أنهيا فطورهما . وألبرت يرشف القهوة وجودي كمب تطهي الطعام أمام الموقد .
قالت ستيفاني :" آسفة لتأخري "
فقال ألبرت :" إنك ِ لم تتأخري فما زال ثمة وقت تتناولين فيه الفطور . إنّ ادغار يجهز الجياد كما أنّ بول قد حمّل الأمتعة . إننا سنشرع في السير حالما يستعد الجميع "
بداعلى ساندي التعب والدوار لنهوضها بالكراً بهذا الشكل لكنها بدت رائعة ببنطالها الجينز البالغ الأناقة . بينما كان جون يأكل طعامه متجاهلاً الجميع
ومع بزوغ الفجر تركوا المنزل . وابتدأ نور النهار ينتشر شيئاً فشيئاً , وكان نسيم الصباح بارداً منعشاً .
سار ألبرت في المقدمة , وسرعان ما أصبحت ساندي بجانبه تحدثه وتلقي عليه الأسئلة عن أنواع النباتات التي يمرّون بها . فشعرت ستيفاني لهذا المشهد بفيض الغيرة المعتاد يغمر نفسها , وتمنت لو يناديها ألبرت ويحدثها عن النباتات هي الأخرى , فقد كانت حديثة العهد في استراليا ولكنها لم تجد وسيلة تنضم بها إليهما . كان جون يسير بجانب ستيفاني , أما بقية الرعاة فقد كانوا يسيرون أزواجاً خلفهم .
سألها جون :" لقد أخبرني ألبرت أنك ِ أرجعت ِ فسائل الورود إلى بيوتي فلاورز "
فلم ترد عليه في البداية إذ كانت تنظر إلى ألبرت وهو يحدث ساندي . ولكنها ما لبثت أن قالت :" هذا صحيح "
فسألها" وماذا قلت ِ لستيفن ؟"
فأجابت :" لم أقل له شيئاً . أظن أنه كان علي ّ ان أكتب إليه رسالة أشكره عليها . فمن سوء الأدب أن أتجاهل هذه اللفتة منه "
فقال جون :" إنك ِ تعلمين أنه قد أحدث شرخاً في العلاقة بين إدي وكلير "
فقالت :" لقد أخبرني ألبرت بهذا . ولكن ربما لم يكن هو السبب كله في ذلك . لقد ابتدأت أدرك شيئاً عن ماهية شعور كلير ذلك الحين "
فقال راضياً :" كنت اعلم أنك ِ لن تبقي هنا طويلاً "
فاستدارت تنظر إليه بعينين لامعتين وهي تقول :" والآن اسمع يا جون دوغلاس , فأنت لا تفقه هذه الأمور إنني سابقى هنا . إنني متزوجة من ألبرت ومصممه على البقاء كذلك . ولكن من الصعب أن نشعر بأننا عريسان خصوصاً في نوع زواجنا هذا حيث لا نجد وقتاً ننفرد فيه ببعضنا . هل فكرت في ذلك قط ؟ إنك تعلم كل شيء أقوم به أثناء النهار.....متى أدخل الحمام ومتى اكون مع سارة أو مع ......"وسكتت فجأة شاعرة بالحرج مما كانت ستتفوه به ولكن جون قهقه ضاحكاً وهو يكنل كلامها :" أو مع ألبرت في غرفتكما "
فردت عليه بحدة :" نعم...إنّ ذلك يجعل الأمور في منتهى الشذوذ "
فأخذ ينظر إلى ألبرت وساندي أمامه وهو مستغرق في التفكير . ثم أومأ قائلاً :" ربما كان كلامك صحيحاً خصوصا ًمع امرأة مثلك . فأنت ليس لديك فكرة جيدة عن الرجال "
فأجابت :" إنّ فكرتي عنهم ليست بأسوأ من فكرت وفكرة ألبرت عن النساء "
فقال :" هذا صحيح . ولكن لدينا أسبابنا "
فقالت :" هل تظن أنه ليس لي أسبابي أنا أيضاً ؟"
فقال :"لها إنكِ تحبينه وهذا ظاهر عليك ِ إنه سيرى ذلك يوماً ما لقد رأت ذلك ساندي فلم يعجبها الأمر "
فتصلب جسدها وهي ترد عليه قائلة :" إنه لا يريدني أن أحبه "
فقال :" هذا فقط لأنه لا يدري شيئاً عن الحب . فقد رحلت أمه عندما كان طفلاً صغيراً . وخطيبته خانته مع رجل آخر . وحب كلير لم يكن من القوة بحيث يثبت مع إدي . هذه هي فقط النماذج التي عرفها ألبرت لحب المرأة "
فنظرت إليه بحدة قائلة :" أتراك تكشف لي عن مواطن الضعف في ألبرت ؟"
قابل نظراتها بمثلها قائلاً :" إنني فقط أوضح لك ِ شخصيته "
فأمعنت النظر في عينيه لترى ما عسى أن يخفيه . ولكنها لم تجد شيئاً سوى الصدق واغرورقت عيناها بالدمع وهي تراه أمامها , والغيرة من ساندي تعصف بكيانها . لماذا لا يريد أن يسير بجانب زوجته لشد ما تتمنى لو يحبها . كان يتهادى على صهوة جواده راسخاً رائعاً . كان رجلاً قوياً , كفؤاًَ , ناجحاً ومع ذلك بالغ الرقة يشهد على ذلك شعوره بمسؤوليته تجاه ابنة أخيه . إنه رجل صادق العهد .
ونكزت حصانها متجهة إلى حيث أصبحت على يمين ألبرت فقال لها :" هل أنت مسرورة ؟"
أجابت :" نعم مع أنني أتوقع أن يتقرح جلدي في آخر النهار . لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة امتطيت فيها طيلة يوم كامل . ما المسافة التي سنقطعها اليوم ؟"
فأجاب :" من ثماني إلى عشرة ساعات "

نسمة عطر
17-07-2011, 00:31
فعادت تسأل :" وفي اليوم التالي ؟"
أجاب :" سنستمر في السير جنوباً إلى أن أعيد إحصاء البرك الموجودة لكي نلائم معها قطعان الماشية في المنطقة . إننا سنقوم بمسح شامل نعود بعده إلى ركوب الخيل "
والتفت ألبرت إلى ساندي قائلاً وهو يهز جواده :" من الأفضل أن ترافقي جدي يا ساندي . فإننا سننطلق راكضين "
وابتسمت ستيفاني مبتهجة وهي تنكز حصانها وسرعان ما كانا يطويان الأرض مخلفين وراءهما ساندي وبقية الرجال .
وعندما شدا لجامي الحصانيين بعد فترة , ضحكت ستيفاني بسرور واضح هاتفة :" ما كان أروع هذا "
فقال :" إنك ِ فارسة جيدة . سأخصص لك ِ جواداً "
فقالت :" ليس لديّ الكثير من الوقت للركوب بوجود سارة "
فقال :" عندما تكون نائمة , هناك بعض الأشخاص قربها . أو يمكننا ان نذهب للركوب عند المساء إذا كنت تحبين هذا "
فأومأت برأسها دون أن تتكلم . فقد كانت تعلم أنه يكون متعباً في نهاية اليوم فإن آخر ما يريده في ذلك الحين هو أن يعود إلى صهوة الحصان . ولكنها تأثرت من عرضه هذا على كل حال . عندما وصلا إلى مساحة صغيرة تغطيها بعض الأشجار ترجل ألبرت عن ظهر حصانه , تتبعه ستيفاني حيث جلسا تحت ظل شجرة وهو يقول :" سننتظر هنا إلى أن يصل الآخرون , وبعد الغداء نتابع طريقنا , لقد صممت على النزول بجانب بركة معينة حيث ننصب الخيام لقضاء الليل "
بعد مضي بعض الوقت , وصل الآخرون وشعرت ستيفاني بالأسف لذلك .
وصلوا إلى البركة التي ذكرها ألبرت في أواخر العصر وابتدأ الرجال ينصبون الخيام بسرعة , ثم ذهبوا للتفتيش عن الماشية في البراري . ابتدأت ستيفاني بإعداد العشاء بينما جلست ساندي جانباً تشكو من آلام عضلاتها . وعندما عاد الرجال , تغير مزاجها بشكل غريب , إذ أشرق وجهها على الفور وتملكها الحماس بالنسبة إلى الرحلة , وجلست بجانب ألبرت تخبره كم كانت مسرورة .
قالت ساندي لألبرت وهي تناول القهوة :" إنّ بيتك بحاجة إلى تنظيم وبإمكاني المساعدة في ذلك إذا شئت "
فقال :" ببساطة إنّ ستيفاني ستهتم بالأمر "
ولاحت على شفتيه ابتسامة خفيفة . فشعرت ستيفاني بفيض من الدفء يغمرها فبادلته ابتسامته بخجل .
وفجأة قال جون من جانب النار :" إنه منزل ستيفاني وهي الوحيدة التي لها الحق في تنظيمه بالشكل الذي يروق لها "
فاتجهت جميع العيون إليه وتملك ستيفاني الذهول أهو جون من يدافع عنها , ويقول إن ّ المنزل منزلها ؟ جون ؟ ولم تستطع ان تصدق ذلك .
وتأثرت ستيفاني لوقوف جون بجانبها وسألت ساندي البرت :" إنني متعبة . هل أحضرت مرهم التدليك معك . إنني لم أتعود ركوب هذه المدة الطويلة "
فأومأ ألبرت برأسه قائلاً :" سأحضره لك ِ " ونهض ثم اتجه إلى حيث أمتعة المخيم . وعندما عاد ألقى إليها بزجاجة قائلاً :" أرجو أن ينفعك ِ . هيا بنا يا ستيفاني . لقد حان وقت النوم "
فنظرت إليه باستغراب تسأله :" ماذا "
فحمل كيسي النوم تحت ابطه . وقال لستيفاني :" النوم يبدو وكأنك ستقعين نائمة حيث أنت ِ "
فأمسكت بيده ونهضت وهي تنظر حولها تسأله "أين؟ " فقال :" إننا نفتش عن مكان بعيد عن كل شخص . لا تقلقي فالجميع يعلمون أننا في شهر العسل "
فقالت بارتباك :" أوه . يا ألبرت.....إنّ كل شخص سيظن الآن......."وسكتت فوراً فوقف وهو يقول لها :" هذا ما أريدهم أن يظنوه عندما نبتعد من هنا " واستمر في طريقه بثبات بخطوات واثقة . وسرعان ما أصبحت نيران المخيم نقطة مضيئة وراءهما . ولم يعودا يسمعان منه حساً عند ذلك قال ألبرت شاعراً بالرضى وهو يلقي بكيسي النوم على الأرض :" هوذا مكان مناسب "

نسمة عطر
17-07-2011, 00:37
صديقاتي العزيزات والغاليات على قلبي أنا آسفة جداً لتأخري في إكمال الرواية
بس ظروف قوية منعتني واهمها انو الجهاز عطل
وبعض الحالات المرضية اللي سبحان الله اجتمعت كلها مع بعض بس
الحمد لله رجعت الأمور طبعية وإنشاء الله رح كمل الرواية
أنا آسفة مرة ثانية :مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك:

نسمة عطر
17-07-2011, 00:38
رمضان مبارك على الجميع ومباركة طاعتكم

جين أوستين
17-07-2011, 13:19
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و رمضان مبارك لكِ أيضا عزيزتي و لكل العضوات الغاليات عليّ ::سعادة::

وبالنسبة للرواية فما في مشكلة ::عادة:: المهم تكوني بخير وبصحة والحمدالله على سلامتك

نسمة عطر
18-07-2011, 00:33
عند الصباح انتشروا في البراري يحصون المواشي وقسّم ألبرت المجموعة أزواجاً , فجعل ستيفاني مع جون ولم تعترض هي . ولكنهم عندما تحركوا أدركت أن ألبرت سيكون مع ساندي , فغاص قلبها واستدارت مبتعدة دون أن تنطق بكلمة
اتجهت هي وجون غرباً , أولاً ثم جنوباً وأشار هو إلى مجموعة من الماشية . وشرح لها قليلاً الطريقة التي يجمعونها بها . وتركز الحديث بينهما على الماشية والمزرعة , ولكن ستيفاني وجدته ممتعاً . إنما تمنت فقط لو أن ألبرت هو مرافقها وليس جون . لماذا اختار مرافقة ساندي ؟
سالها جون عندما جلسوا للغداء :" هل تتحملين طول الركوب بشكل جيد؟"
فابتسمت قائلة :" نعم رغم آلام العضلات التي شعرت بها "
فقال :" إنك ِ بحاجة إلى الاحتفاظ بلياقتك ِ الجسدية إذا أردت أن ترافقي ألبرت في مثل هذه الرحلات . فهو يقوم بعدة رحلات في السنة , لقد اعتادت روز أن ترافقني في رحلاتي " وشردت نظراته وقد تاهت به الأفكار ثم تابع يقول :" كان ذلك منذ وقت طويل جداً "
وصلوا قبل المساء إلى حيث ألقوا الرحال , وكان إدغار وبول قد سبق ونصبا الخيام بينما لم يصل الآخرون بعد وجلست ستيفاني قرب النار وقد تملكها التعب وأخذت تراقب ادغار وهو يطهو العشاء مسرورة لكون ألبرت قد جعل العمل بينهم بالتناوب , فقد بلغ بها التعب أن لم تستطع أن تأكل تقريبا؟ . وتاقت إلى النوم , فتساءلت ما إذا كان لديها وقت لغفوة بسيطة فبل العشاء .
وابتدأ بقية الرجال يتوافدون حيث أخذوا بالعناية بالجياد . ووزع ادغار الطعام وابتدأت ستيفاني تاكل وهي تتساءل أين عسى أن يكون ألبرت وساندي الآن ....ولكن , ما أن انتهوا من الطعام , حتى كان ألبرت وساندي يدخلان المخيم . وأخذت عينا ستيفاني تتنقلان بينهما , ولاحظت ما كان ظاهراً على وجه ساندي من رضاء خبيث . والتوتر الغامض الذي كان يبدو على وجه ألبرت .
سألها البرت وهو يجلس إلى جانبها وطبقه مملوء بالطعام ك" هل استمتعت بهذا النهار ؟"
فأومأت برأسها وهي ترى النظرة المتملكة التي كانت تكتسح بها البرت .
وقالت له بلهجة عفوية دون ان تنظر إليه :" لقد أطلتما الغيبة "
فأجاب بلهجة لا تنبئ عن شيء " إنّ ساندي لا تستطيع الاسراع في السير "
جلست ساندي إلى جانبه تقول له وهي تمنح ستيفاني ابتسامة مخاتلة :" لقد أمضينا يوماً رائعاً . أليس كذلك يا ألبرت ؟ لقد تعلمت الكثير . إنني في غاية الشوق إلى الغد حيث وعدني ألبرت بأن يريني بركة مياه طبيعية غير ارتوازية "
فأومأ ألبرت برأسه ثم نهض يحضر فنجان قهوة . بينما قالت ساندي لستيفاني مخفضة من صوتها :" وربما سبحنا في البركة تلك فالجوّ يصبح شديد الحرارة في وسط النهار "
فقالت ستيفاني وهي تتمنى لو أن البرت كان دعاها للسباحة بالنسبة إلى الحر الشديد وسط النهار :" لم اكن أعلم أنك ِ أحضرت ِ معك ِ ثوب سباحة "
فضحكت ساندي قائلة وهي تنظر ناحية ألبرت :" إنني لم أحضر معي ثوب سباحة ولكنها ليست المرة الأولى التي أسبح فيها بثيابي , وكذلك بالنسبة إلى ألبرت كما اظن "
فتصلب جسد ستيفاني , كيف يجرؤ ألبرت على أخذ ساندي للسباحة دون أن يدعوها هي أيضاً ؟ ثم كيف يسبح مع امرأة أخرى . إنه زوجها هي وعليه أن يتذكر ذلك ونهضت بخفة لتندفع نحو زوجها وقد بلغ بها السخط , وكان هو يتحدث إلى ادغار . وقالت له ببرود :" أريد ان اكلمك"


الفصل العاشر

ألقى ألبرت بصحنه في مكان الغسيل , ثم امسك بذراعها مبتعداً بها عن نيران المخيم وهو يقول :" لا بأس . فلنسمع تبدين في غاية الانفعال يا ستيفاني " وكان في صوته رنة هزل خفيفة .
فحدقت فيه قائلة :" ستكون أنت كذلك لو كنت وجدتني أطوف بحماقة مع رجل آخر . أليس كذلك ؟"
فوقف , ثم أدارها بعنف حتى واجهته , ثم نظر في عينيها قائلاً :" مع من تعنين أنني أطوف بحماقة ؟ ساندي ؟"
فأجابت :" لقد قالت أنك ستأخذها للسباحة في إحدى البرك الطبيعية غداًَ "
فقال :" إنني لم أقل هذا قط . لقد حدثتها عن البركة . فإذا كانت تريد أن تسبح فهذا شأنها . فالجو يصبح حاراً أثناء النهار , وكانت تشكو من هذا طوال بعد الظهر , ماذا جرى ؟ هل أنت ِ خائفة من أنني لن أستطيع مقاومة جاذبيتها إذا هي سبحت أمامي ؟ لقد أقسمت عند زواجنا , نفس اليمين الذي أقسمته أنت ِ يا سيدة دوغلاس , وسألتزم بيميني هذا كما قلت إنك ِ ستلتزمين . إننا متزوجان , نحن الاثنين , وهذا يعني أنني لن اخونك ِ مع امرأة أخرى "
وكان صوته خشناً وهو يتكلم ,ولكن ستيفاني سمعت كل كلمة قالها . فقالت وهي ترتجف :" ولكنه ليس زواجاً طبيعياً "
فقال :" بل إنه كذلك "
فقالت :" ولكننا ......."
فقاطعها قائلاً :" ربما لم يكن زواجنا قائماً على الأساس المتعارف عليه , ولكنه ابتدأ يصبح زواجاً طبيعياً بكل تأكيد . فدعي عنك ِ كل الأفكار المتجهمة والمظلمة هذه واجهلي من هذا الزواج ناجحاً هل فهمت ِ ؟"
فأومأت برأسها وهي تنظر إليه بعينين متسعتين بان فيهما الألم . وعاد يقول آمراً إنك ِ سترافقين ادغار غداً "
وأدار ظهره عائداً إلى حيث نيران المخيم .
في اليوم التالي , لم تتكلم إلى ألبرت , وحاولت أن تتجاهل الألم الذي كانت تشعر به وهي تتصوره مع ساندي أثناء النهار . واستعدت لمرافقة ادغار و هي تبتسم باستحياء للفتى . ليس ذنبه هو أن جعلها زوجها مرافقة له . وهكذا كانت وادغار أول من ترك المخيم .
رغم تشوقها إلى صحبة ألبرت, استمتعت ستيفاني بالنهار , فقد شجعت شخصيتها الأليفة ادغار على أن يسهب في شرح طبيعة عمله في المزرعة . وحدثها عن الرعاة الآخرين ,ومن أين أتوا , ومتى ابتدأوا العمل في المزرعة . وما هي مهماتهم بالضبط . أخبرها بأن أسرته من جونزلاند وسألها عن أسرتها . وانهالت عليه بالأسئلة ما وجدت معه آخر النهار قد أصبحت تعرف الكثير عن المزرعة . كانت الشمس قد اقتربت من الغروب عندما عاد ادغار وستيفاني إلى المخيم . وبنظرة سريعة من ستيفاني في الأنحاء أدركت معها أن ألبرت وساندي لم يعودا بعد فغمرتها الكآبة
وعندما ترجلت عن صهوة الجواد أقبل جون غليها قائلاً :" ستيفاني لقد حصل حادث فقد أصيبت ساندي في كاحلها فاستدعينا الاسعاف لقد جاء برينس بطائرته حيث أخذها وألبرت عائدين إلى المنزل "
فسألته غير مصدقة :" هل عاد معها ألبرت ؟"
فأجاب :" كان على شخص ما أن يعود معها , فهي ضيفتنا . لم يكن باستطاعتنا إرسالها بمفردها . لقد أخبرني بول بذلك عندما عدت إلى المخيم "
سألته في محاولة منها لاستيعاب ما سبق وأخبرها به ألبرت سألته قائلة :" وكيف حدث هذا ؟" لم تستطع تركيز أفكارها فقد كانت منحصرة في ألبرت وساندي وحدهما في المنزل بينما هي على بعد أكثر من مئة ميل وعدة أيام سفر على صهوة الجياد. فأجاب :" لاأدري .أنّ لدينا أجهزة راديو صغيرة . فنادى ألبرت بول الذي كان يحتفظ بالراديو الرئيسي بين الأمتعة فوجدهم واستدعوا الاسعاف وقد أعاد بول جواديهما "

نسمة عطر
18-07-2011, 00:37
أومأت ستيفاني برأسها شاعرة بالغثيان . والآن ؟ ألبرت وساندي في المنزل وحدهما لعدة أيام فماذا يعني هذا ؟
وسألته:" هل سنعود الآن ؟"
فأجاب :" كلا , غداً سنذهب شرقاً وبعد ذلك نعود "
وفي اليوم الخامس من عودة ألبرت وساندي إلى البيت كانت تدخل المنزل الرئيسي هذا مجموعة متعبة تعلوها الأقذار والتراب . كانت الأوجاع العضلية التي عانت منها ستيفاني في بداية الرحلة , قد شفيت , لتسعر بعد ذلك بالزهو إذ اجتازت الامتحان . ولكنها كانت متشوقة لرؤية ألبرت إنما تكاد تشعر بالخوف لما قد يكون بسبب افتراقهما هذا .
كانت سارة تلعب خارجاً , فسمعت صوت الجياد القدمة , فركضت تستقبلهم فرحة لرؤية ستيفاني وجدها , فنزل جون عن حصانه واحتضنها بسرعة ثم حملها ليسلمهما إلى ستيفاني قائلاً :" احمليها في دورة على صهوة الحصان فهي تحب ذلك "
فقطعت بها ميلاً في دقيقة ما جعل الطفلة بغاية السعادة فقد كانت ستيفاني ببالغ الشوق إليها فضمتها إلى صدرها وهما يدوران حول الفناء .
وتساءلت أين يمكن أن يكون ألبرت الآن . ونزلت عن صهوة حصانها بعد أن ناولت الطفلة لجون , ثم سلمت حصانها لادغار شاكرة وهو يقول لها :" اذهبي واغتسلي فأنا سأعتني بالحصان , إنّ سرورنا كان كبيراً بوجودكِ معنا "
فابتسمت ستيفاني واستدارت تصعد الدرجات مع جون وهي تسأله :" أين ألبرت ؟"
فأجاب :" تقول جودي أنه أخذ ساندي غلى المدينة لمراجعة الطبيب بالنسبة إلى كاحلها , لقد كسرته , كما تعلمين . وكانوا وضعوا لها جبيرة "
إذن فهي لم ترحل . أتراها قررت السكن معهم ؟ وشعرت ستيفاني بالمرارة ولكنها قالت :" حسناً إنّ هذا يعطينا فرصة نغتسل فيها " وابتسمت لسارة فقد أصبحت تماثلها في القذارة عندما كانت هذه تلعب أحياناً في الفناء . فقال جون :" لقد كانت جودي باشرت في اعداد العشاء وسأنهيه أنا فاذهبي واستريحي "
فقالت :" ولكنك متعب أنت أيضاً "
فأجاب :" قليلاً ولكنني معتاد على ذلك . فاذهبي واستحمي "
فأسرعت صاعدة إلى غرفتها , شاعرة بالسرور لهذه الهدنة الجديدة بينها وبين جون . واغتسلت وارتدت ملابس نظيفة وهي تفكر في ألبرت . هل اشتاق إليها يا ترى , كما اشتاقت هي إليه ؟ وكانت تلبس ثيابها عندما وقفت الشاحنة أمام المنزل فانترت أن يصعد ألبرت لرؤيتها .
ومرت الدقائق ولم يصعد إليها ألبرت وسمعت تمتمة أصوات ثم دخل الرجلان إلى المكتب . وحدقت ستيفاني إلى نفسها في المرآة ببطء وقد ملأتها الخيبة . إنه لم يصعد بسرعة ليرى زوجته , فهو سيراها فيما بعد عند العشاء وجاءها جواب تساؤلها منذ فترة , وهو أنه لم يشتق إليها وعندما أتمت ارتداء ملابسها , نزلت السلم إن ّ عليها أن ترى ما ابتدأت به جودي للعشاء , وتجهز المائدة فتشغل بذلك نفسها . إنها لن تبحث عن ألبرت , فقد علم بعودتها وإذا هو أراد رؤيتها فبإمكانه أن يجدها .
وعندما كانت تمر بجانب الهاتف في القاعة تصاعد رنينه فتناولت السماعة بحركة آلية دون أن تفكر في لأن شخصاً في المكتب كان سيجيب عليه
وقالت :" آلو"
وجاءها الجواب :" ستيفاني ؟ إنني ستيفن كاسيدي كيف حالك ؟
شعرت بالارتباك وقالت تجيبه :" إنني بخير يا ستيفن "
فقال :" لقد اتصلت منذ عدة أيام فأخبرتني جودي أنك ِ ذهبت ِ مع ألبرت في رحلة . وقد رأيت ألبرت اليوم في المدينة فعلمت أنك ِ رجعت ِ . هل أعجبتك ِ الورود؟"
فقالت :" أوه ستيفن ....."
لماذا لم يتصرف معه ألبرت كما كان قال إنه سيفعل ؟ فهي قد أصبحت الآن في مأزق حرج تماماً وعادت تقول :" لقد أحببت الورود في الواقع , فهي جميلة ولكن لم يكن بإمكاني الاحتفاظ بها . إنني ....لقد قمنا بهذه الرحلة ولم نعد سوى اليوم وأنا أريد أن أنهي زخرفة المنزل وتنظيمه قبل أن أبدأ بغرس الحديقة وغير ذلك , وهكذا أرجعتها إلى بيوتي فلاورز . ولكنها جميلة جداً وأنا شاكرة لك التفكير بي "
ساد الصمت لحظة , قال بعدها :" إنني مسرور لأنها أعجبتك ِ .كيف كان شعورك ِ عندما رأيت ِ المزيد من المزرعة "
أجابت :" إنها رائعة . ومن الصعب تصديق مبلغ اتساعها وقد تعلمت الكثير عن العناية بالماشية "
وهنا دخلت ساندي القاعة وعيناها على ستيفاني وعى وجهها ابتسامة ماكرة وأدركت ستيفاني على الفور أن هذه المرأة ستسبب المشاكل إذا هي علمت أن ستيفن هو المتكلم .
وكان ستيفن يقول :" عندما كنا أولاداً كنا أنا وألبرت نذهب إلى المزرعة حيث كنا نمضي أسابيع أحياناً كانت رائعة ولكن المواشي لم تهمني قط كما هو الحال مع ألبرت "
قالت برقة :" إنّ علي أن أتركك الآن لأنني أطهي العشاء "
فقال :" بالتأكيد إلى اللقاء عندما تذهبين إلى المدينة في المرة القادمة "
أقفلت ستيفاني السماعة بلطف ثم نظرت إلى ساندي وسألتها بأدب :" كيف حال كاحلك ؟"
فأجابت :" إنه بخير . مع من كنت تتحدثين في الهاتف ليس مع ستيفن طبعاً "
كانت ستيفاني تقلب الأمر في ذهنها في ما لو أن ّ من الأفضل أن ترد بالإيجاب أو النفي , عندما فتح باب المكتب وخرج الرجلان منه .
" ستيفاني , مرحباً هل استمتعت ِ بالرحلة ؟" كان هذا هتاف ألبرت وهو يقترب منها , عندما وقعت عيناه على التعبير الذي بدا على ملامح ساندي فتراجع وقد بدا الحذر على وجهه دون أن يتقدم ليعانقها .
فأجابت ستيفاني باقتضاب :" لقد استمتعت بها " بينما أخذت تفكر في أنه بعد غيبتها عنه عدة أيام لم يجد ما يقوله لها سوى سؤالها عما إذا كانت استمتعت بالرحلة وتنهدت . ما الذي كانت تتوقعه ؟ لقد كان أخبرها بصراحة أنه لا يريد الوقوع في الحب .
وقالت ساندي وعيناها على ستيفاني :" لا أستطيع تصديق ذلك تغيبين أسبوعاً وعندما تعودين تتصلين بستيفن كاسيدي حتى قبل أن تحيي زوجك ِ ؟"
فغاص قلب ستيفاني وهي ترة الغضب في عيني ألبرت فقالت :" إنني لم أتصل بستيفن بل هو الذي اتصل "
فسألها بصوت مخيف :" وكيف علم بعودتك ِ ؟"
فأجابت :" لقد رآك وساندي في المدينة اليوم "
فقال :" وهكذا أسرع يتصل بك ِ ؟"
فقالت :" كان يريد الاستعلام عن وصول الورود . وكان من المفروض أن أرسل إليه خبراً بوصولها , إنّ تجاهله من سوء الأدب "
فقال :" يالسوء الأدب .......لقد قلت لك ِ .........."
فقاطعته :" لقد قلت لي أنك ستتصرف بالنسبة لهذا الأمر فمتى ؟ هل بعد ان يزورنا عشر مرات؟ إياك أن يجن جنونك عليّ إذا هو زارنا . فإذا كان هذا الأمر لا يعجبك فتصرف "

مونـــــي
18-07-2011, 00:39
سلام ياشباب .. عفواً أقصد يابنات كيف الحال ؟؟؟؟
والله ياجماعه واحشيني أوي أوي أوي
كيف حالكم من يوم ما تركتم إلى الآن .. صار شي مين تخرجت مين تزوجت أنخطبت شي ؟؟
المهم يلا ياحلوين ترى جايبه لكم عضوه جديده من بلدياتي هههههه
من جد تراها غاليه عندي حيل يعني بنت عمي وبنت خالتي وخطيبة أخوي و صديقتي ... شفتو !!!!
هيا أبغاكم ترحبو فيها ..........

ويلا عاد خلونا نسمع أخباركم أول بأول ها ... والله هاذي الفتره مره مشغولين يعني ماراح أدخل كثير ...
وعلى فكره إيمان تسلم عليكم السلام الكثير
هيا حبايبي نسلم عليكم فأمان الله



تحياتي لكم ..... مونــــــــــــي...

نسمة عطر
18-07-2011, 00:40
واندفعت كالعاصفة داخلة غلى المطبخ .
وعندما سمعت باب المكتب ينصفق بعنف , قفزت من مكانها . وبعد لحظة فقط دخل جون قائلاً :" إنه يتولى الآن الأمر بنفسه "
فقالت :" إن حفيك يؤدي بالمرء إلى .......إلى ......." وكانت من شدة الغضب بحيث لم تستطع أن تفكر في كلمة قوية تشفي غليلها . لقد جعلها مجنونة فأومأ جون برأسه وقد بدا التفكير على وجهه.
بقي ألبرت صامتاً أثناء العشاء بينما جلست ساندي وعلى وجهها ابتسامة راضية , وعيناها تتنقلان بين ألبرت وستيفاني أما جون وستيفاني فقد كانا يديران الحديث بالكلام عن سارة واسترجاع ذكريات الرحلة .
عندما أنهى ألبرت عشاءه وقف يعتذر قائلاً " إنني ذاهب لأتحدث إلى ادغار " ثم شمل المائدة بنظرة وخرج دون كلمة أخرى .
قال جون وهو ينهض :" إنني سأغسل الأطباق الليلة يا ستيفاني فامضي أنت بعض الوقت مع الطفلة "
أومأت برأسها وقد تملكتها الدهشة لهذا العرض منه . ألم يكن هو الذي قال منذ أيام إنّ غسل الأطباق هو من أعمال المرأة ؟ وحملت سارة مسرورة أن وجدت شيئاً تقوم به , ثم صعدت بها السلم وحيث أن قدم ساندي في الجبيرة , فإن قدرتها على الحركة كانت محدودة ولهذا لم تتصور ستيفاني أن ساندي قد ترغب في البقاء مع سارة مدة طويلة الليلة .
أو ربما مع ألبرت .
واستمتعت باللعب مع الطفلة وعندما لاحظت مقدار اللعب في الغرفة , تساءلت عن عدد المرات التي ذهب فيها ألبرت وساندي غلى المدينة . ولكنها شعرت بالسعادة لرؤية سارة تتلقى بعض الاهتمام من خالتها .
وتركت ستيفاني غرفة الطفلة بعد أن نامت هذه ووقفت عند قمة السلم تتساءل عما إذا كان من الأفضل لها أن تذهب إلى غرفتها وتقرأ قليلاً قبل أن تنام . ولكنها ما لبثت أن رفعت رأسها بكبرياء , عليها أن لا تظهر الهزيمة أمام ساندي . فإن لها كل الحق في أن تجلس معه في الشرفة إذا هي شاءت ذلك . وهكذا مشت بحزم هابطة السلم وحذاؤها يحدث صوتاً مسموعاً على الأرض الخشبية وسمعت صوت ساندي يهتف برقة :" أوه ألبرت " إذن فقد كانا هما الاثنان في الشرفة فسحبت نفساً عميقاً ثم دفعت باب الشرفة لتقف على العتبة مصعوقة
كانت ساندي جالسة قرب ألبرت . وبقيت ستيفاني واقفة تحدق فيهما غير مصدقة عينيها , و لا مقدار ما احست به من ألم لهذا المنظر . لقد كان هو نفس مشهد مايكل من كل نواحيه مرة اخرى كانت مصعوقة محبوسة الأنفاس وتساءلت عما إذا كان قلبها سيتحطم لم تستطع تصديق ذلك . " ستيفاني " صرخ ألبرت باسمها وهو يبعد ساندي عنه وكل تلك الكلمات الرائعة التي أسمعها إياها تلك الليلة في المخيم كانت مجرد .........كلمات . كلمات لا تعني شيئاً واستدارت على عقبيها لا تعرف إلى أين تذهب لتتخلص من كل هذا الألم إنها لا تستطيع التصديق .
" ستيفاني انتظري " وقبض على ذراع ساندي وجرها على أرض الشرفة إلى أن وصل إلى ستيفاني فأمسك ذراعها هي الأخرى بيده الثانية ممسكاً بذلك , بالمرأتين وقد بدا العزم على وجهه عنيفاً في الضوء المنبعث من القاعة .
قال وعيناه لا تتركان عيني ستيفاني :" أخبرها يا ساندي . أخبيها بسرعة "
فقالت بصوت خفيض شجي وعيناها هي أيضاً على ستيفاني بينما ارتسمت على شفتيها ابتسامة متحدية قالت :" ماذا يا حبيبي ؟" فالتفت إليها وهو يهزها قليلاً ويقول بصوت كالثلج :" أيتها الأفعى أخبريها عما حصل , وإلا فستسيرين مشياً إلى سيدني الآن في هذه اللحظة "
فلعقت ساندي شفتيها ثم هوت كتفيها قائلة :" لقد فقدت توازني . فهذه الجبيرة جديدة لم أتعود عليها بعد " كانت تتكلم بلهجة وقحة وهي تحاول جذب ذراعها من قبضته القوية .
قالت ستيفاني وهي ترفض النظر إلى أي منهما " فهمت " وكانت تعلم أن ليس بإمكانها أن تتخلص من قبضته فلم تحاول ذلك .
فقال ألبرت :" ويحك . يا ستيفاني . لا تتصوري أشياء غير موجودة "
وقالت بحزم :" كلا لن أفعل ذلك , لقد جئت فقط لأخبرك بأنني سأذهب إلى الفراش باكراً إنني متعبة جداً من عناء الرحلة وهذه هي أول ليلة أنام فيها في سرير "
وجذبت يدها من يد ألبرت واستدارت عائدة فصعدت السلم مرة أخرى متى تراها ستتعلم ؟
لا شيء قد تغير ولن يتغير شيء في المستقبل هل هذا هو نوع الحياة التي أرادت ؟ وأغلقت الباب ببطء ثم استندت إليه لحظة طويلة تتساءل هل يكفي أن يكون لديها سارة ؟ استيقظت أثناء الليل وهي تحس بألبرت إلى جانبها . إنها تريد أن ينجح هذا الزواج . ماذا بإمكانها أن تصنع لكي لا يتحطم بسبب ساندي ؟ هل يكفي الإخلاص والثبات من جانبها ؟ هل من الممكن أن يحبها ألبرت يوماً ما ؟
لقد كانا قد ابتدآ يبنيان مستقبلهما . وهذا لن يتحطم في ليلة واحدة . إنها ستعطي الأمر مهلة أخرى . ربما سترى في ألبرت ما يطمئنها إلى أن لديهما فرصة بعد .
وعندما استيقظت عند الصباح كان هو قد خرج منذ وقت طويل فقد كان الفراش بارداً فارتدت ثيابها وهبطت السلم بسرعة لتعد طعام الفطور .وعندما كانت تضع الكعك في الصحون دخل ألبرت من حيث كان في الفناء وهو يقول :" يبدو أن المطر سيهطل هذا النهار " وسار نحوها مباشرة يحدق فيها برهة كان يبدو عليه الرضى وأخذ قلبها يخفق بسرعة وحدقت في عينيه ولكنه ابتسم لها ومن ثم توجه إلى المائدة واحمر وجهها ثم أسرعت بإعداد الطعام .

مونـــــي
18-07-2011, 00:42
صح !!!! نسيت أقولكم شي ...


رمضان مبارك علينا وعليكم كل عام وأنتو بخير



مع السلامه

نسمة عطر
18-07-2011, 00:44
غالياتي العزيزات
إنشاء الله بكره رح يكون الفصل الأخير
وآسفة مرة ثانية على التأخير:مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك:: مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::م رتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مر تبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرتبك::مرت بك::مرتبك::مرتبك::مرتبك:

نسمة عطر
18-07-2011, 00:46
موني الغالية رمضان مبارك على
كل الأمة الإسلامية
ومرحبا فيك ِ وبكل حبايبك وتحياتي لأمونة

يوكي 111
18-07-2011, 04:19
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13109626571.jpeg http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13109626573.jpeg http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13109626572.jpg

جين أوستين
18-07-2011, 04:43
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلييييييييين موني و اهلا بصديقتك وقريبتك ان شاء الله نشوفها قريب ::سعادة:: ورمضان كريييييييييييييييييييم للجميع

ما شاء الله عليكِ يوكي الصور اللي حاطاها روووووووووووووعة فعلا

وطبعا منتظرين الفصل الأخير على أحر من الجمر ... ولا تقلقي على التأخير (ما طولتي كثير ::جيد::)

بس محد بلغني مين اللي حتنزل بعد نسومة ؟؟ لأن زي ما قلت من قبل عندي رواية اليخت من روايات عبير القديمة وحابة أنزلكم هي :رامبو:

ساكنه القلوب
18-07-2011, 11:15
:d:d:dسلالالالالالالالالالالالالالام ياحلوين ورمضااااااااااااااااااااااااااااان مبارك عليكم وعلى الامة :)وهلا وغلا بمونى وايمان وخطيبت اخوهم ;)وهلا وغلا بنسومة والف سلالالالالالالالالالالالامات قدامك العافية وماتشوفين شر ::سعادة::وهلا وغلا بالحلوة يوكي ترى دوووووم تتحفينا بابداعاتك صور جميلة مثلك ;)وهلا وغلا كماااااااااااان بالورة الحمرااااااااااااااااااااء جين متنظرين روايتك يقمر:rolleyes:وفين الحلوة غصونة ونايت وخديجة وكلير وانجل وكيوت ولينا والملاك ونسرين وجانيت ووسونات وكوين :مندهش::محبط::مرتبك::eek::eek:::سعادة::انشاء الله يكن في الف خير يارب وعااافية ورمضان مبارك ورحمة ومغفرة يارب عليكن جميعا"يااخوات لكم محبتي ودمتم لي ي قلبي سكنة::سعادة::::سعادة:::D:D

جين أوستين
18-07-2011, 14:29
أهليييين سكونة أو ايش رأيك القطة البيضاء ::سعادة:: ( أقصد البسة الموجدة في الصورة اللي حاطاها :p )

بما ان اسمي الوردة الحمراء ... لازم أسميكِ القطة البيضاء ;) ايش رأيك ؟

وان شاء الله .. بعد ما تخلص نسومة أحطلكم رواية اليخت ( بعد ما أتأكد مرة ثانية انها غير موجودة )

نسمة عطر
19-07-2011, 00:47
قال جون :" إن هذا وقت هطول بعض الأمطار . إنّ ابتداء العواصف يسعدني على الدوام . وبعد ذلك أعتاد عليها ولكن مضت شهور الآن منذ أمطرت السماء آخر مرة "
فسألت ستيفاني وقد ابتدأت تتناول الطعام :" هل سينبت هذا المطر الأزهار البرية ؟"
فأجاب ألبرت :" لا نعرف كم سينزل من المطر لأول مرة . إنني سأخرج هذا الصباح ولكنني سأعود باكراً . إذا لا لزوم للبلل بالمطر في هذا الوقت المبكر من الفصل "
فسألته " هل يمكنني القدوم معك ظ"
فأجاب :" ليس اليوم ابقي مع سارة فقد اشتاقت إلك ِ أثناء غيابك "
وتساءلت عما إذا هو اشتاق إليها أيضاً . واومأت برأسها فهي لم تتوقع منه حقاً أن يدعوها للذهاب معه ولكنها أرادت أن تفعل شيئاً يقوّي من الرباط الذي بينهما وقال لها وهو يتهيأ للخروج :" خذي شيئاً لساندي لكي تأكل فإن من الصعب عليها التجوال بهذه الجبيرة وبعد ذلك أن ترتدي ثيابها على مهل "
فأومأت ستيفاني برأسها وهي تحدق في صحنها , أن تكون ممرضة لساندي هوآخر شيء تريده ولكن هذه المرأة ضيفتها وعليها أن تقوم بواجبها نحوها
وعندما صعدت بصينية الطعام , بعد ذلك إلى غرفة ساندي كانت هذه مستيقظة ولكنها ما زالت في الفراش وعندما دخلت ستيفاني بدا على هذه خيبة الأمل . وقالت لها :" شكراً يا ستيفاني لقد اعتاد ألبرت أن يحضره لي ولكن يبدو أنه سلمك هذه المهمة بعد عودتك " وابتسمت بمرح وشعرت ستيفاني بالاستياء وهي تعلم أن البرت كان يحضر إلى غرفة ستيفاني كل صباح . إنها ستحاول في المستقبل أن لا تلجئه إلى ذلك
وقالت لها :" هل تريدين شيئاً آخر ؟" لقد كانت بشوق إلى رؤية سارة ولكن ساندي قالت " إنني آسفة لما حصل أمس لقد قال لي البرت أنه ما كان لي أن أغيظك بذلك الشكل . ولكنني حقاً تعثرت ووقعت على الكرسي بقربه وكنت محظوظة أن أمسك بي فلم أقع "
كانت تتحدث وهي تمعن النظر في وجه ستيفاني ولكن هذه هزت كتفيها قائلة :" سأذهب إلى سارة الآن وإذا احتجت إلى شيء ناديني "
فسألتها:" هل ألبرت هنا ؟"
فأجابت :" كلا فقد خرج "
فتمتمت بمكر :" أظنه بحاجة إلى ملاحظة العمل خارج البيت بعد أن بقي أياماً في المنزل " ولكن ستيفاني رفضت أن تنجز إلى مثل هذا الاستفزاز الواضح فلم تزد عن أن ابتسمت وهي تدخل إلى غرفة سارة تخرجها من سريرها وتلبسها ثيابها . وما أن عادت لتأخذ الصينية من غرفة ساندي , ثم أنهت غسيل الأطباق حتى كانت تغلي من الغضب . فقد دأبت ساندي على ذكر التعليقات المختلفة عما كانت تفعله مع البرت مع التلميحات الخفية الماكرة إلى أشياء حدثت بينهما ولم تعرف هل تصدقها أم لا , ولكن الحقيقة كانت واضحة وهي أنها كانت تريدها أن تجن بمثل هذا الكلام . وأرادت أن تهرب منها إلى مكان تتنفس فيه
وعندما تصاعد رنين الهاتف , أسرعت ترفع السماعة إذ أن جون كان قد خرج هو أيضاً
" ستيفاني دوغلاس ؟"
" نعم"
" هنا ألفريد ستيوارت من مكتب البريد في مدينة بولنغ كريك إن لدينا عدة صناديق كبيرة لك وصلت هذا الصباح فقط "
وابتسمت ستيفاني . ما أبدع هذه الفرصة لكي تهرب فترة من هذا البيت . فقالت :" هذا عظيم . سأحضر اليوم لأخذها إنها أشيائي وصلت من أميركا سأحضر حالاً " ووضعت السماعة باسمة إن لديها عذراً مشروعاً للذهاب إلى المدينة والتخلص من رؤية ساندي عدة ساعات . ولم تستطع الصبر عن احضار حاجاتها التي قد تشعرها وهي تراها حولها بأنها في بيتها حقاً
قالت لها ساندي وهي خجلى داخلة إلى القاعة من غرفة الجلوس :" أظن من اشراقة وجهك أن الذي اتصل بك ِ هاتفياً هو ستيفن كاسيدي " كانت تحمل في يدها مجلة أتراها كانت تسترق السمع ؟"
فأجابتها بضجر :" لا تكوني حمقاء , ولكن عليّ أن أذهب إلى المدينة لفترة قصيرة هل لك ِ أن تنتبهي لسارة ؟"
فأجابت :" طبعاً فأنا خالتاه أليس كذلك ؟"
فقالت ستيفاني :" سأطعمها ثم أرقدها في سريرها هل تستطيعين تدبير أمرها إذا هي استيقظت قبل أن يعود أحد ؟" وكانت تتساءل كم تراها ستغيب في المدينة ؟ لا أقل من ثلاث ساعات .
فأجابت ساندي :" بالتأكيد , فأنا لست عاجزة كلياً عن الحركة رغم بطئي , ماذا تريدين أن أخبر ألبرت ؟" وألقت سؤالها عالياً بخبث , فقطبت ستيفاني جبينها ثم رفعت رأسها عالياً وهي تقول :" لا تتعبي نفسك ِ بذلك فأنا سأتصرف مع ألبرت "


الفصل الحادي عشر
ما أن شرعت ستيفاني في السير نحو المدينة حتى تذكرت ما سبق وقال ألبرت من أن المطر سيهطل ومن منظر الغيوم الكثيفة السوداء من الشمال أدركت أن ثمة عاصفة هوجاء قادمة ولكن الشمس مازالت تشرق على المنزل وربما يتأخر المطر عدة ساعات وترددت لحظة وهي تنظر إلى الأفق ولكنها عادت تقود السيارة بسرعة إنها تريد أن تذهب إلى المدينة لتتخلص من صحبة ساندي ثم أنها كانت تقود سيارتها تحت المطر طوال حياتها فإلى أي حد يمكن أن تكون عليه العاصفة من العنف ؟
وبوصولها إلى ضواحي المدينة أدركت ستيفاني مبلغ العنف الذي ستكون عليه العاصفة فقد ابتدأ المطر يهطل كالسيل , حتى لم تعد مساحات السيارة تفيد شيئاً وما أن أصبحت على بعد عشر دقائق من المدينة حتى شعرت وكأنها تسير تحت خراطيم مياه الإطفاء وابتدأت البرك تتجمع في جنبات الطرق حيث لم يعد بإمكان الأرض امتصاص المياه بالسرعة الكافية وكانت تجري تحت الجسر الخشبي قرب المدينة مياه موحلة وكاد المطر يحجب عن عينيها الرؤية لقد أدركتها العاصفة وكان كل أملها هو أن يكون مدخل مكتب البريد مسقوفاً فلا يغرق صناديقها المط وهي تحملها في سيارتها .
ولكن لا شيء استطاع أن يمنع عناه البلل وقد أدركت هذا عندما كان موظف البريد يساعدها على تحميل صناديقها في السيارة ز فقد كانت صناديقها بارزة من صندوق السيارة وسرعان ما أغرق المطر الثقيل والريح الكاسحة الغطاء البلاستيكي الخفيف الذي غطت به الأمتعة كما ابتل شعرها وكذلك بنطالها ولكنها أنهت أخيراً تحميل الأمتعة في الصندوق و المقعد الخلفي من اللاندروفر كان هذا بقية أشياءها فقد باعت كل شيء ما عدا أشياء قليلة أحضرته معها عند مجيئها إلى استراليا كانت تمثل كل ما تملكه في هذا العالم إن عليها أن تتصل بجدتها هذا المساء لتخبرها بأنها استلمت الصناديق وتسألها عن أحوالها وربما حدثتها عن ألبرت .
وبدا الجو مظلماً تقريباً رغم أن النهار كان في منتصفه , وأخذت الرياح تطوح بالسيارة ما أرغمها على السير ببطء خلال المدينة ثم استدارت إلى الطريق الذي يقود إلى مزرعة راوستين . ربما سترى المزرعة بعد كل هذا المطر , ولكنها الآن لم تكن ترى سوى مدينة اديلايد التي استحالت الآن إلى نهر واسع موحل يحيط بالجسر الصغير , وأوقفت ستيفاني السيارة وأخذت تحدق من خلال الزجاج الغائم بفزع كان عليها لكي تصل غلى الطرف الآخر أن تخوض كل هذه المياه بينما هي لا تدرك مبلغ عمقها ولا أين تنتهي جوانب الجسر وتملكها الخوف ونظرت إلى يسارها حيث المياه المتموجة وتساءلت عما إذا كان يحسن بها أن تحاول ولكن أتراها ستصل إلى منتصف الطريق فتغرقها عند ذلك المياه ؟
عندها رأت في المرآة وهج ضوء استدارت لترى سيارة ستيفن الرسمية تقف خلفها وبعد لحظات كان يقف عند نافذتها وقد ارتدى معطفاً واقياً من المطر تنساب عليه المياه فأنزلت زجاج سيارتها وشعرت بالمطر يصفعها في وجهها بشدة فهتف بذعر:" ستيفاني ماذا تفعلين هنا " فقالت :" إنني أحاول العودة إلى منزلي ولكنني خائفة من الخوض في هذه المياه "
فقال:" لقد جئت أنا لأفحص الأمر , فمثل هذا الطوفان يحدث عادة في مثل هذا الجو إنني لا أحبذ لك أن تحاولي المرور . فهذا صعب بالنسبة إلى سيارة بأربع عجلات فالتيار قوي جداً أحياناً إن المياه ستتراجع حالما يتوقف المطر وهذا لا ياخذ أكثر من ساعتين "
فقالت :" ساعتان ؟" وعدا هو يقول :" عودي إلى المدينة وعندما تغور المياه يمكنك أن تذهبي إلى المنزل , يمكنك أن تتصلي هاتفياً بأسرتك إذا كنت ِ تخشين أن يقلقوا لأجلك ِ
كانت هذه نصيحة حسنة . فهي لم تكن تريد ان تجازف حقاً إنها ستذهب إلى مقهى شتراوس حيث تتناول شيئاً تشربه ثم تنتظر انتهاء العاصفة .
بعد ذلك بدقائق كانت ستيفاني تشرب الشاي في المقهى وكانت قد جففت شعرها في استراحة السيدات قدر الامكان , ثم خلعت سترتها المبللة ووضعتها على ظهر الكرسي ثم جلست قريبة من المدفأة كان الشاي جيداً .

نسمة عطر
19-07-2011, 00:51
جلست إلى نفس المائدة التي كانا هي وألبرت قد جلسا إليها في أول يوم لها في هذه البلاد وتذكرت الحديث الذي كان دار بينهما في ذلك الحين لقد حدث الكثير في الأسابيع القليلة التي تلت ولكن انجذابها لذلك الرجل لم ينقص أبداً وتمنت لو كان معها هنا . فالخوف من العودة إلى المنزل ما كان ليتملكها وهو وراء المقود .
دخل ستيفن إلى المقهى فاندفعت معه هبة من الهواء البارد وعندما نظر حوله إلى مائدة خالية وقعت عيناه على ستيفاني فتوجه رأساً إليها حيث خلع معطفه الواقي ونشره على كرسي , ثم جذب الكرسي الذي أمامها وجلس عليه وهو يسألها :" هل اتصلت ِ بالمنزل ؟"
فأجابت :" كلا . كنت آمل أن يتوقف المطر " فهز رأسه قائلاَ :" لن يتوقف بهذه السرعة هنالك كابينة هاتف خارج المقهى ضعي معطفي عليك لكي لا تتبللي "
فارتدته وكان واسعاً عليها ولكنه سيحميها من المطر على الأقل وعندما خرجت تملكتها الدهشة لدرجة البرودة التي أصبح عليها الجو فقد كان المقهى دافئاً ووضعت قطعة النقد في آلة الهاتف وسرعان ما سمعت الرنين من الطرف الآخر كان الخط مليئاً بالأصوات المخرشة الحادة الناشئة عن العاصفة , فأبعدت السماعة عن أذنها قليلاً
جاءها صوت جون :" آلو "
فقالت :" أنا هنا ستيفاني يا جدي "
فهتف :" أين أنت ِ الآن يا فتاة في مثل هذه العاصفة الممطرة "
فأجابت :" إنني في المدينة " كانت الأصوات المخرشة فظيعة وعادت تقول :" لقد أغلق ستيفن الجسر "
فهتف بها بصوت بدا ضعيفاً غير واضح :" ارفعي صوتك ِ يا ستيفاني , فأنا لا أسمعك جيداً "
فرفعت صوتها تقول :" إنني لن آتي إلى المنزل ......" وهنا ارتفع صرير حاد في الخط فهزت رأسها وعادت تحاول مرة أخرى صارخة :" إنني لن آتي قبل أن يتوقف المطر لكنني بخير "
ولكنها لم تسمع سوى التخرشات في الخط
وعادت تصرخ :" جدي "
ولكن لاشيء
فأعادت السماعة ببطء وهي تخلع المعطف :" أشكرك يا ستيفن "
سألها " هل استطعت ِ الاتصال "
أجابت :" أظن ذلك . فقد كان هناك الكثير من الأصوات المخرشة ثم سكت الخط ولكنني أخبرت جون بأنني هنا "
وعندما عادت إلى مقعدها لاحظت أنه طلب فنجاناً من القهوة وانتبهت فجأة إلى غرابة الموقف إذ تجلس معه إلى المائدة بعد أن كان البرت قد طلب منه الابتعاد عنه وتساءلت عما تراه قد قال بالضبط لستيفن في الهاتف .
وقال ستيفن وهو يميل برأسه ساخراً " لولا خوفي من أن يقطع ألبرت رأسي لدعوتك ِ إلى منزلي لتنتظري انتهاء العاصفة إنه ذو نزعة استبدادية متملكة أترينني تجاوزت حدودي معك ِ بشيء يا ستيفاني ؟ لم أهدف إلى هذا قط "
فهزت رأسها قائلة :" كلا لقد استاء ألبرت بالنسبة إلى الورود ولكن .........." ولم تعرف ما عليها أن تقول .
وعاد هو يقول :" ولكنه مستبد نعم لقد أدركت ذلك تماماً عندما اتصل بي لكي أبتعد عن زوجته لقد قال ذلك بكل صراحة " وأنهى قهوته ثم نهض وهو يقول :" عليّ أن أذهب الآن إلى العمل سأخبرك عندما يصبح الجو ملائماً لمتابعة طريقك ِ إلى منزلك ِ "
فابتسمت له شاكرة وأخذت تتابعه النظر وهو يخرج . كانت ستيفاني تتناول ثالث كوب قهوة وتنهي رسالة كتبتها على ورقة أحضرها إليها النادل عندما عاد ستيفن متجهاً رأساً إليها فابتسمت له قائلة وهي ترى المطر يسيل من معطفه :" أرى الجو مازال ممطراً ؟"
فأجاب :" نعم ولكنه خف قليلاً . لقد ذهبت لرؤية الجسر فوجدته مازال مغلقاً , حتى ينخفض منسوب المياه إلى حد يكفيك ِ للمرور بعد ساعة أو نحوها . وسأذهب معك ِ لكيلا تقعي في أي مشكلة "
طلب ستيفن فنجاناً من القهوة , ثم جلس مع ستيفاني ريثما يحضره النادل إليه .
سالته :" هل وقعت حوادث ؟"
فأجاب :" أبداً فمعظم الناس مكثوا في بيوتهم عندما رأوا العاصفة "
فقالت :" كما كان يجب عليّ أنا ان أفعل "
فأومأ قائلاً :" ولكنك ِ لم تكوني تدركين ما سيبلغ إليه الأمر من السوء "
فقالت :" كلا . فالمطر لم يبدأ بالهطول إلا بعد أن وصلت المدينة تقريباً . وسرعان ما أخذ يهطل مراراً حتى لم أعد أرى طريقي "
قال :" إنه ليس جونا المعتاد ولكنه كذلك ليس مستغرباً "
وفي تلك اللحظة , اندفع الباب مفتوحاً ودخل منه البرت دوغلاس كان يرتدي سترة جلدية ينساب منها الماء عندالكتفين وبنطال جينز وحذاء طويلاً كما كانت قبعته مبتلة بالماء . توقف لحظة التمعت بعدها عيناه وهو يرى ستيفاني فمشى نحوها وحذاؤه يحدث صوتا ً غير عادي جعل الأحاديث تتوقف والعيون تتحول إليه .
كان يحمل في يده باقة كبيرة من الورود الحمراء كان الماء يقطر من براعمها المتفتحة . وضاقت عيناه وهو يرى ستيفن يقف ثم يستدير ليواجهه , وما لبثت نظراته أن تلاقت بنظرات ستيفاني خلف ستيفن و دون أن يحول نظراته تلك اندفع نحو المائدة بعنف ثم ألقى بالورود المبللة على الأرض . بدا لعينيها طويلاً مخيفاً . وشعرت برذاذ الماء من الورود يصيب قميصها فرفعت بصرها إليه وهي تزدرد ريقها فقد كان في أشد الغضب .
ولكنه استدار نحو ستيفن قائلاً :" ما الذي تفعله هنا مع زوجتي ؟"
لم تسمع ستيفاني قط من قبل صوتاً يحتوي مثل هذا الغضب وتسمرت في مكانها إزاء هذا المشهد كان عليها أن توضح الأمر ولكنها لم تعرف بالضبط السبب الذي جعل ألبرت معها مجنوناً بهذا الشكل . هل هذا فقط لأنه رأى ستيفن معها ؟ ولكنهما الآن في مكان عام .
وقبل أن تقول شيئاً , قال ستيفن :" إننا نتحدث فقط عن الوقت الذي يكون فيه الجسر صالحاً للسير فوقه أظنك جئت عابراً عليه "
ولكن ألبرت أجابه بعد نظرة سريعة ألقاها على المائدة وقد تقبضت يداه والشر يلمع في عينيه , أجابه قائلاً :" هل إعطاؤها الخبر عن الجسر يلزمه تناول قهوة ؟ إن ذلك لا يسستغرق ثلاث ثوان "
ونظرت ستيفاني إلى الورود الملقاة أمامها بكل روعتها وقد ملأ أريجها الجو , وقطرات الماء تلتمع على أوراقها كالبلور . من أين أحضر هذه الورود ؟ إن ذلك يحمل دلائل شتى وتوقفت عن الاستماع إلى ما كان يدور بين الرجلين وهي تحاول أن تستنتج تلك الدلائل . ذلك أنه لا يوجد ورود في المزرعة فمن أين أحضرها البرت ؟ وهي تعرف أن بيوتي فلاورز هي الوحيدة التي تستنبت الورود أتراه ذهب إلى هناك وقطفها تحت وابل المطر ؟"
والورود الحمراء تعني الحب فهل يدرك ألبرت ذلك ؟ ورفعت رأسها تحدق فيه وكان يبدو وكأنه يهم بضرب ستيفن .
وقالت برقة بالغة وعيناها تنطقان بالتساؤل والأمل والحب :" ألبرت "
فنظر إليها قائلاً بحدة :" سيكون تصرفي معك ِ بعد أن أنتهي منه "
نهضت ستيفاني وارتدت سترتها الخفيفة وجمعت رسائلها ووضعتها في حقيبة يدها . ثم حملت باقة الورود بين ذراعيها لتستدير بعد ذلك حول المائدة وتقف بين الرجلين وشحن الجو بالتوتر ولكنها لن تدع هذين الرجلين اللذين كانا صديقين ات يوم لن تدعهما يتقاتلان بسببها
قالت لألبرت :" أشكرك لقدومك لأجلي كنت أظن سأمكث هنا ساعات "
فقال :" إنك ِ لم تتمكني من الهرب أليس كذلك ؟" والتفت إلى ستيفن عابساً وهو يقول :" إنني آسف لأجلكما إذ أفسد المطر خطتكما . ترى أنني لا أتنازل عن زوجتي بالسهولة التي تنازل بها إدي عن زوجته "
فسأله ستيفن بحيرة :" ما هذا الذي تتحدث عنه ؟"
فأجاب :" لقد أخبرني جدي أن ستيفاني اتصلت به لتخبره بأنها غير راجعة ولكنها ستفعل حتى ولو تبعتكما أنتما الاثنين إلى سيدني أو ملبورن أو حتى كاليفورنيا إنها زوجتي وأنا اتمسك بما املك " وشدد من قبضته على يد ستيفاني . ولكنها لم تنتبه إلى الألم , بعد أن سمعت ما قاله من أنه سيتبعها حتى إلى كاليفورنيا لو احتاج الأمر وأخذ قلبها يخفق بسرعة . هل من الممكن أن يقول شيئاً كهذا لو لم يكن يحبها ؟

نسمة عطر
19-07-2011, 00:55
قالت :" لقد انقطع الخط "
فنظر غليها يسألها :" ماذا ؟"
أجابت :" انقطع الخط عندما كنت أتحدث مع جدك فلم يسمع بقية كلامي . لقد كنت قلت أنني لن أعود إلى البيت قبل انقطاع المطر "
فسألها :" وماالذي أتى بك ِ إلى المدينة على كل حال ؟"
أجابت لقد وصلت بقية أمتعتي من كاليفورنيا هذا الصباح فجئت لآخذها ولم أكن أعلم أن العاصفة ستهب بهذا الشكل حتى في كاليفورنيا لا نشهد عواصف كهذه " فسألها :" أتعنين أنك ِ لم تكوني هاربة مع ستيفن ؟
فسمعت ستيفن يتمتم بسباب خلفها ولكنها لم تحول نظراتها عن وجه الرجل الذي تحب وهي تقول :" ولماذا أهرب مع ستيفن ؟ إن أسرتي هي في مزرعة راوستين وحبي هناك "
وقال ستيفن بصوت اخترق عنفه سكون المكان :" ليكن في علمك ِ فقط يا ألبرت أنني لا أهرب مع زوجات رجال آخرين "فتشابكت نظراتهما , وساد الصمت بين الرجلين لحظة طويلة سأله ألبرت بعدها :" وماذا بالنسبة إلى كلير ؟"
فأجفل ستيفن سائلاً :"ماذا عنها ؟ هل تظن أنني كنت هربت معها ؟ لقد كنت ذلك اليوم مسافراً إلى سيدني فجاءت إلى طالبة مني أن أوصلها معي . ولم أعلم إلا فيما بعد أنها كانت هاربة من منزلها هل كنت تظن طوال ذلك الوقت أنني كنت هارباً معها ؟"
فأومأ ألبرت برأسه إيجاباً
فمد ستيفن يده يأخذ معطفه يرتديه , ووضع قبعته على رأسه ثم نظر أولاً إلى ستيفاني , ثم إلى البرت وقال :" للأسف . إنني لن أمدّ إليك يدي بعد الآن إذا كنت تصدق ذلك عني بعد صداقة بيننا دامت خمسة وعشرين عاماً "ثم استدار وغادر المقهى .
اتجه ألبرت وستيفاني خارجين من مقهى إلى حيث كان المطر ما يزال ينهمر . فارتجفت ستيفاني من البرد المفاجئ بعد دفء المقهى . ولكن المطر لم بعد بمثل عنفه السابق كما أن الريح سكنت . ربما بإمكانهما الذهاب الآن إلى البيت وأشارت إلى حيث كانت سيارتها قائلة :" إن اللاندروفر هناك "
فأومأ ألبرت قائلاً :" إنك ِ ستأتين معي وسأرسل فيما بعد أحد رجالي لاحضارها "
وفي لحظات كانت الشاحنة تغادرهما المدينة دون أن تتوقف عند المياه التي كانت تغمر الجسر وإنما عبرته ببطء والمياه تغمر العجلات وسرعان ما كان يتجه بها نحو مزرعة راوستين
قال ببطء :" لا يمكنني أن أصدق أنك ِ كنت مع ستيفن "
فردت عليه قائلة :" إن ّ جلسة إلى فنجان قهوة لا تقارن بخمسة أيام منفردين معاً يا حبيبي ألبرت " قالت الكلمتين الأخيرتين تقلد بهما مخاطبة ساندي له . كانت ما تزال حائرة بالنسبة للورود . ليست من عادة ألبرت أن يحضر إليها أزهاراًَ , حتى أنه اعلن مرة أنه لن يحضر لها أبداً مثل هذه الأشياء ........ولم تستطع أن تعرف ما يجول في ذهنه ولكنها جلست إلى جانبه بهدوء مسرورة بالأزهار الجميلة وكانت قد نشفت في حرارة الشاحنة فملأ أريجها جو العربة .
الورود الحمراء ترمز إلى الحب فلماذا أحضرها لها . وسالته :" أصحيح أنك كنت ستذهب إلى كاليفورنيا لاحضاري "
فقال :" لقد قلت هذا . أليس كذلك ؟"
فسألته :" أولاً , ما الذي جعلك تظن أنني هربت " لقد أدهشها أن يفكر بمثل هذا . ذلك ان جده سبق ولاحظ حبها له , فهل من الممكن أن لا تراود البرت ولو فكرة بسيطة عن شهورها نحوه .
قال :" لقد أخبرتني ساندي أنك ِ ذهبت ِ مع ستيفن بعد أن اتصل بك ِ هاتفياً هذا الصباح "
وساور ستيفاني , لحظة شعور بالذنب . فهي لم تستنكر ما تكهنت به ساندي عن تلك المخابرة عندما دخلت عليها القاعة و كانت هذه هي النتيجة فقالت ستيفاني متأملة :" ألم تشعر قط بأن ساندي تستمتع بإثارة المشاكل بيننا ؟" كانت تستعيد في ذهنها كل الآلام و العذاب الذي سببته لها التعليقات الخبثة الماكرة لتلك المرأة والغيرة غير المحدودة التي كانت تشعر بها .
فأجاب :" بالتأكيد . فهذه هي أساليبها . وأنا أدركت ذلك منذ البداية . المهم هو أن لا تدعيها تؤثر عليك"
فتمتمت قائلة :" الكلام أسهل من العمل "
فقال :" إذا شعرت هي أن بإمكانها التأثير عليك فستتابع ذلك . وعندما تدرك أن ليس باستطاعتها ذلك فسيتملكها الضجر وتسكت ما الذي جعلك تستائين منها ؟"
قالت بحزن :" إن ساندي تشعر أن زواجنا ليس زواجاً حقيقياً , فهي لا تفتأ تدلي بتعليقات خبيثة عن ذلك أظنها أضعفت ثقتي في إمكان نجاح زواجنا "
فقال :" لقد سبق وبحثنا هذا الأمر من قبل إن زواجنا هو حقيقي . ربما لم تكن الظروف التي أدت إليه طبيعية , إنما لا تخطئي التقدير , فهذا هو الزواج الحقيقي . أنت ِ تفرغين طاقتك ِ في البيت , وأنا افعل نفس الشيء ونحن معاً نبني حياة , ونربي سارة . ما هو الشيء غير الحقيقي في ذلك ؟" فبقيت صامتة مدة طويلة لا تعرف كيف تعبر عن نفسها دون أن تكشف له عن حبها اليائس .
أجابت :" حسناً , ظننت أنه قد يكون بيننا شيء أكثر من هذا شيء يجعله يبدو حقيقياً "
فقال:" مثل ماذا ؟"
فأجابت :" التحدث معاً كما فعلنا عند قدومي من السفر المشاركة في الآراء والأحلام . أشياء كهذه ...." وسكتت لم تكن واثقة من أن هذه هي فقط الأشياء المفقودة في زواجهما . ولكنها كانت قد استمتعت في أول أسبوع عندما أخذها للتمشي وحدهما حول المنزل .
فقال :" إنني لست محدثاً جيداً يا ستيفاني . كما أنه ليس لدي فكرة عن الحياة الزوجية أكثر مما لدينا , فأنا لم أرى سوى زواج إدي وكلير وكانا يتشاجران على الدوام كانت شقية في المزرعة بينما كان هو لا يستطيع العيش في المدينة . ففكرت في أننا متلائمان حيث أنك من الأرياف ومعتادة على المواشي , ولا تحلمين بالثياب الجميلة والرحلات إلى المدينة "
فقالت :" إننا متلائمان حقاً " ذلك أن آخر شيء كانت تفكر فيه هو ان يظنها شقية مثل كلير . وتابعت :"ولكنك كنت بعيداً عني أثناء رحلة المخيم "
فقال :" بعيد ؟ كنت أشتغل فأنا لم أخرج في هذه الرحلة لأجل المتعة يا ستيفاني . لقد كان عملاً وبجانب هذا فقد أردت استغلال تلك الرحلة لمساعدتك . لقد جعلتك ِ تسيرين مع جدي لكي يعرف الواحدمنكما الآخر بشكل أفضل لقد أذهلني حقاً عندما انحاز إليك ِ أثناء العشاء تلك الليلة رغم أن هذا ما كنت أتمناه على الدوام "
فقالت :" ثم جعلتني مرافقة لإدغار . لماذا كان عليّ أن أذهب معه "
فابتسم قائلاً :" كنت تريدين أن تكوني معي , أليس كذلك؟" وعندما أومأت برأسها لمعت عيناه , ثم قال :" إنّ بإمكان إدغار أن يخبرك بكل شيء عن المزرعة وكيف تسير الأمور من وجهة نظره . كما أن ذلك يعطيه فرصة لمعرفتك ِ "
قال :" لقد ابتدأنا بتشكيل روابط تدوم مدى الحياة فنحن متزوجان ونحن نربي سارة . ونحن متلائمان "
فاكتسحتها الموجة المعتادة من الدفء .إنهما فعلاً متلائمان وفي كل الأوقات لشد ما تحبه .
سألها وعيناه على الطريق :" ماذا تريدين أكثر من هذا يا حبيبتي ؟"
قالت :" ربما ماأريد هو الحب "
فقال ببساطة :" إذا كان ما تريدينه هو الحب , فإن لديّ قلباً مليئاً بالحب لك ِ يا حبيبتي "

نسمة عطر
19-07-2011, 01:02
الفصل الثاني عشر

أوقف الشاحنة ببطء إلى جانب الطريق مبقياً الأضواء منارة ثم أطفأ المحرك واستدار ينظر إليها . إنه يحبها وهمست :" آه يا ألبرت كم أحبك . إنني لا أستطيع أن أصدق أنك تحبني . لقد كنت مستميتة شوقاً إلى حبك هذا ولكن لم يكن يبدو عليك أيّ تغيّر عما كنت عليه منذ اليوم الأول "
فقال :" ربما السبب هو أنني وقعت في حبك ِ منذ اليوم الأول ذاك . منذ رأيتك ِ تهبطين من طائرة برينس "
فهمست قائلة :" أظن أنني أنا أيضاً وقعت في غرامك تلك اللحظة ولكنني تأكدت من مقدار حبي لك عندما وصلت ساندي لقد شعرت ببالغ الغيرة منها ولكنني كنت خائفة من أن أكون مثل أمي . فقد سبق وظننت أنني أحب مايكل إن ما أشعر به نحوك هو أقوى كثيراً وأكثر دواماً كما أنه مختلف نوعاً ما حتى ستيفن لم أشعر نحوه بكثير من المودة . كما أن أياً من رجال المزرعة لم لأر فيه أي جاذبية خاصة . لا يمكن أبداً أن أحب شخصاً آخر كما أحبك "
فقال :" إنني مسرور لسماع ذلك يا حبيبة . لم أكن في البداية واثقاً من شعوري أنا أيضاً , إذ كلما حاولت الاقتراب منك أراك تبتعدين عني كنت خائفاً من استعجال الأمور "
فقالت :" هذا لأنني كنت أعتقد بأنك لا تثق بالحب فقد كنت تكرر ذلك , لماذا لم تخبرني ؟"
فأجاب :" لم أكن أدري متى أوقعني الحب ولكن التفكير بك ِ وبستيفن أوجد في نفسي من الغيرة ما أوجدته ساندي في نفسك . كنت خائفاً من أن تهربي معه . هل تشعرين ببرد ؟"
فهزت رأسها قائلة :" كلا ما دمت معك " كان قلبها يتفجر بالسعادة .
وعاد هو يقول :" منذ أول لحظة رأيتك فيها , شعرت بانجذاب نحوك . لم تكوني أبداً كما توقعتك من وصف عمتي كاثرين لك , لقد أعُجبت بك منذ البداية "
فقالت :" وأنا كذلك لكنني ظننت هذا من ناحيتي فقط لقد أحسنت إخفاء الأمر عني "
فقال :" من يقول هذا ؟ الآنسة التي تقول دوماً انتظر بعد ؟ كنت ظننت أنك أتيت إلى غرفتي تلك الليلة لتبقي معي , ولكن كل ما كنت تريدين هو مفتاح السيارة . صدقيني لم أستطع النوم تلك الليلة "
قالت:" إننا في حالتنا هذه لن نصل إلى ما نريد مطلقاً "
وبعد فترة ابتدأت ستيفاني تقول :" بالنسبة إلى ساندي..........."
فقاطعها قائلاً :" سنرسلها إلى بيتها غداً إنني لاأدري متى تعود إلينا ولكنها ستزورنا من وقت لآخر يا ستيفاني فهي خالة سارة وأنا أريد أن تتعرف سارة إلى كل أفراد عائلتها "
فقالت :" أعلم هذا" وتنهدت إنها ستكون مرتبطة بساندي إلى الأبد ولكن وجود سارة يستحق ذلك كما ان ستيفاني تعلم الآن أن بإمكانها من الآن فصاعداً مواجهة ساندي بمقدار أكبر من الشجاعة والثقة بحب البرت
قال:" عندما تكبر سارة قليلاً , سنسمح لها بزيارة جديها وخالتها في ملبورن "
فقالت :" لقد كانت ساندي ذكرت شيئاً كهذا "
فقال :" عندما ننتهي من الأوراق القانونية ولا يعود علينا أن نقلق بالنسبة إلى معركة الوصاية . عند ذلك نسمح لها بالزيارة , ولكنها ستكون دوماً ابنتنا الصغيرة "
فتمتمت ستيفاني :" إنها شخص آخر وقعت في حبه لأول مرة "
وقالت:" إنني لا أصدق أنك أحضرت لي وروداً . لابد أنك قطفتها تحت المطر " فهمهم بالإيجاب .
فسألته :" لماذا ؟"
بقي صامتاً مدة طويلة , ثم هز كتفيه قائلاً :" ربما يحسن أن تعلمي هذا أيضاً لقد ثارت ثائرتي عندما دخلت المنزل وأخبرتني ساندي أمك ذهبت إلى المدينة لرؤية ستيفن وانت تعلمين شعوري نحوه . عند ذلك وقبل ان اخرج لأعيدك إلى المنزل قال لي جدي انك اتصلت هاتفياً وأخبرته أنك غير راجعة كما أنه سمع شيئاً عن ستيفن"
فقالت :" إنه لم يسمع تماماً ما قلته لأن الخط كان سيئاً لقد قلت إن ستيفن أغلق الطريق "
فقال :" هذا صحيح ولكنني لم أكن أعرف هذا حينذاك وهكذا اصابني الجنون "
فارتجفت وهي تتصوره غاضباً وتابع هو يقول :" ولكن جدي أوقفني قبل خروجي قائلاً إن النساء يحببن الأشياء الشاعرية ويحتجنها , ثم سألني أين هي الشاعرية في علاقتنا حتى أن رجلاً غريباً مثل ستيفن أحضر أزهاراً
فسألته :" هل لأجل هذا ذهبت تحضر لي ازهاراً ؟"
فأجاب :" لقد فكرت أثناء القيادة في قوله هذا عندما خفت ثورة غضبي فكرت في خلوّ حياتك معي من الشاعرية لقد وصلت من بلدك لتنغمسي على الفور في أعمال المنزل لقد ذكرت مرة اننا لا نحظى بفترة انفراد وكانت هذه نفس الشكوى التي كانت كلير ترددها تذكرت السعادة التي بدت عليك عندما تلقيت الورود تلك . عند ذلك فكرت أن في إهدائي إليك شيئاً من الورود تسهل عليّ أمر مجيئك إلى المنزل "
فقالت بجفاء :" إذن فقد كنت تقصد بها عودتي إلى المنزل ؟"
فقال :" بطبيعة الحال , فأنت زوجتي "
سألته :" هل كنت تعلم ان الورود الحمراء تعني الحب ؟"
أجاب :" طبعاً وأريد أن تكون ورودي هي الوحيدة التي ستتلقينها في المستقبل . سأشتري لك دزينة من فسائل الورد تغرسينها فتزودك بالورد يومياً في حياتك إذا شئت "
فقالت وهي تشعر بالسعادة تطفح من كيانها :" غنني أريدك أنت يومياً في حياتي أكثر مما أريد الورد "
فقال :" ستحصلين على هذا يا حبي الوحيد ستحصلين على هذا . هل تقبلين أن تنجبي مني أطفالاً يا ستيفاني ؟"
فابتسمت وهي تومئ برأسها قائلة :" طبعاً ما أروعه من أب وهو الزوج المدهش ما الذي سيسفر عنه حبهما أكثر من هذا بعد ان ادركا عمق المشاعر التي تجمعهما وخطر ببالها أمها وكلير وحتى والدة ألبرت إنها لن تكرر حماقتهن تلك . إنها ستتمسك بحبها وزوجها إلى الأبد مستمتعة بقوة الحب والالتزام الذي يجمعهما وارتفعت عيناها إلى زوجها ثم أخذت تحدق مبهورة إلى مياه المطر التي كانت تنساب على الزجاج الأمامي لقد كان يوماً رائعاً .

نسمة عطر
19-07-2011, 01:05
الفصل الثاني عشر

أوقف الشاحنة ببطء إلى جانب الطريق مبقياً الأضواء منارة ثم أطفأ المحرك واستدار ينظر إليها . إنه يحبها وهمست :" آه يا ألبرت كم أحبك . إنني لا أستطيع أن أصدق أنك تحبني . لقد كنت مستميتة شوقاً إلى حبك هذا ولكن لم يكن يبدو عليك أيّ تغيّر عما كنت عليه منذ اليوم الأول "
فقال :" ربما السبب هو أنني وقعت في حبك ِ منذ اليوم الأول ذاك . منذ رأيتك ِ تهبطين من طائرة برينس "
فهمست قائلة :" أظن أنني أنا أيضاً وقعت في غرامك تلك اللحظة ولكنني تأكدت من مقدار حبي لك عندما وصلت ساندي لقد شعرت ببالغ الغيرة منها ولكنني كنت خائفة من أن أكون مثل أمي . فقد سبق وظننت أنني أحب مايكل إن ما أشعر به نحوك هو أقوى كثيراً وأكثر دواماً كما أنه مختلف نوعاً ما حتى ستيفن لم أشعر نحوه بكثير من المودة . كما أن أياً من رجال المزرعة لم لأر فيه أي جاذبية خاصة . لا يمكن أبداً أن أحب شخصاً آخر كما أحبك "
فقال :" إنني مسرور لسماع ذلك يا حبيبة . لم أكن في البداية واثقاً من شعوري أنا أيضاً , إذ كلما حاولت الاقتراب منك أراك تبتعدين عني كنت خائفاً من استعجال الأمور "
فقالت :" هذا لأنني كنت أعتقد بأنك لا تثق بالحب فقد كنت تكرر ذلك , لماذا لم تخبرني ؟"
فأجاب :" لم أكن أدري متى أوقعني الحب ولكن التفكير بك ِ وبستيفن أوجد في نفسي من الغيرة ما أوجدته ساندي في نفسك . كنت خائفاً من أن تهربي معه . هل تشعرين ببرد ؟"
فهزت رأسها قائلة :" كلا ما دمت معك " كان قلبها يتفجر بالسعادة .
وعاد هو يقول :" منذ أول لحظة رأيتك فيها , شعرت بانجذاب نحوك . لم تكوني أبداً كما توقعتك من وصف عمتي كاثرين لك , لقد أعُجبت بك منذ البداية "
فقالت :" وأنا كذلك لكنني ظننت هذا من ناحيتي فقط لقد أحسنت إخفاء الأمر عني "
فقال :" من يقول هذا ؟ الآنسة التي تقول دوماً انتظر بعد ؟ كنت ظننت أنك أتيت إلى غرفتي تلك الليلة لتبقي معي , ولكن كل ما كنت تريدين هو مفتاح السيارة . صدقيني لم أستطع النوم تلك الليلة "
قالت:" إننا في حالتنا هذه لن نصل إلى ما نريد مطلقاً "
وبعد فترة ابتدأت ستيفاني تقول :" بالنسبة إلى ساندي..........."
فقاطعها قائلاً :" سنرسلها إلى بيتها غداً إنني لاأدري متى تعود إلينا ولكنها ستزورنا من وقت لآخر يا ستيفاني فهي خالة سارة وأنا أريد أن تتعرف سارة إلى كل أفراد عائلتها "
فقالت :" أعلم هذا" وتنهدت إنها ستكون مرتبطة بساندي إلى الأبد ولكن وجود سارة يستحق ذلك كما ان ستيفاني تعلم الآن أن بإمكانها من الآن فصاعداً مواجهة ساندي بمقدار أكبر من الشجاعة والثقة بحب البرت
قال:" عندما تكبر سارة قليلاً , سنسمح لها بزيارة جديها وخالتها في ملبورن "
فقالت :" لقد كانت ساندي ذكرت شيئاً كهذا "
فقال :" عندما ننتهي من الأوراق القانونية ولا يعود علينا أن نقلق بالنسبة إلى معركة الوصاية . عند ذلك نسمح لها بالزيارة , ولكنها ستكون دوماً ابنتنا الصغيرة "
فتمتمت ستيفاني :" إنها شخص آخر وقعت في حبه لأول مرة "
وقالت:" إنني لا أصدق أنك أحضرت لي وروداً . لابد أنك قطفتها تحت المطر " فهمهم بالإيجاب .
فسألته :" لماذا ؟"
بقي صامتاً مدة طويلة , ثم هز كتفيه قائلاً :" ربما يحسن أن تعلمي هذا أيضاً لقد ثارت ثائرتي عندما دخلت المنزل وأخبرتني ساندي أمك ذهبت إلى المدينة لرؤية ستيفن وانت تعلمين شعوري نحوه . عند ذلك وقبل ان اخرج لأعيدك إلى المنزل قال لي جدي انك اتصلت هاتفياً وأخبرته أنك غير راجعة كما أنه سمع شيئاً عن ستيفن"
فقالت :" إنه لم يسمع تماماً ما قلته لأن الخط كان سيئاً لقد قلت إن ستيفن أغلق الطريق "
فقال :" هذا صحيح ولكنني لم أكن أعرف هذا حينذاك وهكذا اصابني الجنون "
فارتجفت وهي تتصوره غاضباً وتابع هو يقول :" ولكن جدي أوقفني قبل خروجي قائلاً إن النساء يحببن الأشياء الشاعرية ويحتجنها , ثم سألني أين هي الشاعرية في علاقتنا حتى أن رجلاً غريباً مثل ستيفن أحضر أزهاراً
فسألته :" هل لأجل هذا ذهبت تحضر لي ازهاراً ؟"
فأجاب :" لقد فكرت أثناء القيادة في قوله هذا عندما خفت ثورة غضبي فكرت في خلوّ حياتك معي من الشاعرية لقد وصلت من بلدك لتنغمسي على الفور في أعمال المنزل لقد ذكرت مرة اننا لا نحظى بفترة انفراد وكانت هذه نفس الشكوى التي كانت كلير ترددها تذكرت السعادة التي بدت عليك عندما تلقيت الورود تلك . عند ذلك فكرت أن في إهدائي إليك شيئاً من الورود تسهل عليّ أمر مجيئك إلى المنزل "
فقالت بجفاء :" إذن فقد كنت تقصد بها عودتي إلى المنزل ؟"
فقال :" بطبيعة الحال , فأنت زوجتي "
سألته :" هل كنت تعلم ان الورود الحمراء تعني الحب ؟"
أجاب :" طبعاً وأريد أن تكون ورودي هي الوحيدة التي ستتلقينها في المستقبل . سأشتري لك دزينة من فسائل الورد تغرسينها فتزودك بالورد يومياً في حياتك إذا شئت "
فقالت وهي تشعر بالسعادة تطفح من كيانها :" غنني أريدك أنت يومياً في حياتي أكثر مما أريد الورد "
فقال :" ستحصلين على هذا يا حبي الوحيد ستحصلين على هذا . هل تقبلين أن تنجبي مني أطفالاً يا ستيفاني ؟"
فابتسمت وهي تومئ برأسها قائلة :" طبعاً ما أروعه من أب وهو الزوج المدهش ما الذي سيسفر عنه حبهما أكثر من هذا بعد ان ادركا عمق المشاعر التي تجمعهما وخطر ببالها أمها وكلير وحتى والدة ألبرت إنها لن تكرر حماقتهن تلك . إنها ستتمسك بحبها وزوجها إلى الأبد مستمتعة بقوة الحب والالتزام الذي يجمعهما وارتفعت عيناها إلى زوجها ثم أخذت تحدق مبهورة إلى مياه المطر التي كانت تنساب على الزجاج الأمامي لقد كان يوماً رائعاً .

نسمة عطر
19-07-2011, 01:20
الخاتمة
جدتي العزيزة :
ها انا أخيراً أرسل الصور التي كنت وعدتك بها الأولى هي صورة ألبرت أليس رائعاً إنني في غاية السعادة يا جدتي لقد كنت نفيت وجود الحب بعدما رأيته من مايكل ولكن البرت أثبت لي انني مخطئة لم تكن لدي فكرة قبل الآن عن هذا الإحساس الرائع الذي يمكن أن تصل إليه الحياة إن حبي له دون حدود وكذلك حبه لي وأنا اعلم أن سعادتي هذه ستدوم طوال عمري لقد تحدثنا عن اتخاذ منزل مستقل لنا ولكننا عدنا فصممنا على البقاء مع الجد إنما منعه ألبرت من الدخول إلى المطبخ بعد العشاء آسفة إن هذه نكتة خاصة بناأنا وألبرت .
الصورة التالية هي لابنتنا ستأخذ القضية أسابيع قليلة فقط تصبح بعدها الحضانة حقيقة واقعة لقد ابتدأت تتحدث الآن عن كل شيء ولكنني لن أغير شيئاً من ألفاظها وكل ما أتمناه هو ان ياتي أولادنا بمثل حلاوتها .
نعم إن جيلاً آخر هو في طريقه إلى العالم لكي تفيضي عليه حبك ِ واعزازك أرجوك أن تسرعي بالشفاء لك تكوني هنا فتحضري الحدث السعيد وهو سيكون في الربيع حيث البراري في هذا الفصل رائعة الجمال إن ألبرت يتمنى بتناً فقلت له أن ليس بإمكاني أن أعده بذلك ولكنه عاد فقال هذا غير مهم
إنني مشتاقة إليك ِ يا جدتي ولكنني لن أغير شيئاً في حياتي رغم المسافة التي تفصل بيننا إنني الآن بعد أن علمت بحب ألبرت لي بإمكاني أن أواجه كل شيء حتى ساندي هذه أيضا نكتة عائلية خاصة .
إنني بغاية السرور لتقدم صحتك واتمنى أن تتماثلي إلى الشفاء قريباً فأنا لا أستطيع انتظار حضورك إلى هناك ورؤية كل شيء وترين ألبرت الذي ستحبينه جداً
تقبلي حبي
ستيفاني


انتهت

ساكنه القلوب
19-07-2011, 10:35
تسلم الايادي الحلوة يانسومة الف شكرودمتى لي في قلبي سكنة::سعادة::::سعادة::::جيد::::جيد::::جيد::

جين أوستين
19-07-2011, 11:31
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا نسومة على القصة الروعة .. ::جيد::

بنات إذا ما في أحد حينزل ... أنا حنزل روايتي اليوم :رامبو:

جين أوستين
19-07-2011, 12:35
اليخت



فلورا كيد



10



gallant's fancy




كانت في الحقيقة تائهة, إلا أنها لم تتأكد مما إذا كان ذلك الاحساس الغريب الذي تعانيه مرده حاجتها إلى القوت, أو هو نتيجة غرقها الذي كاد أن يودي بها إلى التهلكة, أو أن ألامر كله يعود إلى وجود روجر قريبا منها. أنا شاكرة لك انقاذك إياي من الغرق. وما الذي يجعلك تعتقدين أني المنقذ؟ أظن أني سمعتك تكلمني. خيالك واسع, يا ميراندا. لم أقل شيئا. كنت مشغولا بالابقاء عليك عائمة, بينما بدوت مصممة على الغرق, لماذا؟ لم أرد الغرق. فقط سبحت عميقا على الرغم تحذيري لك. لم أعرف كم سبحت في العمق, حتى شعر بالتيار يجذبني. حاولت الرجوع, لكني كنت متعبة, فأنا لم أقصد اغراق نفسي, ولن أقوك بعمل كهذا. أنا آسفة للازعاج الذي سببته لك. حالما أشفى سأعود إلى اليخت. مستحيل فاليخت رحل هذا الصباح.

جين أوستين
19-07-2011, 12:42
1-ميراندا تحلم كثيرا, ولكنها تحتفظ بأحلامها في سرها لأنها تعرف أن امكانيات تحقيقها بعيدة. حتى بادرتها رئيستها ذات صباح:" ما رأيك في رحلة إلى البحر الكاريبي؟".


قالت موظفة المكتب الجديدة:
-السيدة فيبس تريد أن تراك في مكتبها الآن آنسة ميراندا بنسن.
فسألت فندي شو احدى زميلات ميراندا العاملات على الآلة الكاتبة:
-ما الذي كنت تنوين عمله يا ميراندا, عندما كنا غافلين عنك؟
وقالت جين تايلر مازحة وهي عاملة أخرى على الآلة الكاتبة:
-إن فيبس تود رؤيتك في مكتبها لتعرف إذا كنت قد ارتكبت خطأ ما. هل أنت متأكدة أنك لم ترتكبي أي خطا, يا ميراندا؟
ابتسمت ميراندا للمزاح الذي تعودته خلال سنوات أربع كعاملة على الآلة الكاتبة في شركة ترانسمارين هولدينغ حيث كانت تعمل بجد يوميا, مكتفية بأن تكون موظفة عادية في شركة عالمية كبرى. ذات فرع في لندن, علما أن مصالحها كانت منتشرة في العالم كله. مرة واحدة فقط خلال تلك المدة دعتها السيدة فيبس التي كانت مسؤولة عن قسم الطباعة إلى مكتبها, وكان ذلك منذ ثلاثة أشهر.
يومها حلت مكان جانيت كولي سكرتيرة دوغلاس انغرام أحد أقوى المديرين العاملين في الشركة. إذ مرضت الآنسة كولي بينما رئيسها وسط مفاوضات مهمة تتعلق بشراء ممتلكات, وفي أيام قليلة تعلمت ميراندا كيفية الاطلاع على احدى (صفقات ترانسمارين الكبيرة).
ولأنها عرفت أنها لم ترتكب خطأ, سحبت ورقة مطبوعة باتقان من الآلة الكاتبة ووضعتها بعناية في ملف. وسرحت شعرها الأسود الناعم المنسدل على كتفيها ثم نفضت فستانها الأزرق البحري وحملت حقيبة يدها وتوجهت إلى مكتب السيدة فيبس.
قرعت على الباب, فسمعت السيدة تأذن لها بالدخول. فتحت الباب الزجاجي ودخلت المكتب.
-هل تودين رؤيتي يا سيدة فيبس؟
كانت برندا فيبس جالسة خلف مكتب عريض وفي يدها رسالة. شعرها مصفف بعناية, لباسها الأسود تزين ياقته شريطة بيضاء. وعلى أنفها نظارتان لهما اطار أسود. كانت ميراندا دائمة الاعجاب برئيستها إذ كانت برندا فيبس بالنسبة لها مثال المرأة الناجحة. ودليها إلى ذلك أنها كانت تقوم بمسؤوليات عملها في المكتب دون أن تقصر في التزاماتها حيال عائلتها. لقد كانت ميراندا تأمل في أن تصير يوما مثلها أما لطفلين رائعين, وزوجة رجل لطيف مثل جوروج فيبس ورئيسة قسم العمل على الآلة الكاتبة, أو سكرتيرة فعالة لدى أحد المديرين الكبار.
كانت لميراندا أحلام أخرى, لكنها احتفظت بها في سرها, ذلك أنها كانت تعرف أن امكانات تحقيقها بعيدة. ورغم هذا, كانت هذه الأحلام تشغلها دائما وهي في طريقها إلى العمل دون أن تؤثر عليها سلبا.
عاودتها أحلام اليقظة هذه في حضرة السيدة فيبس فتلونت وجنتاها وبدت في عيناها الرماديتان ملامح حالمة شاحبة. لاحظت برندا فيبس هذا اللون وهذه الملامح فبدا وجهها الصارم أكثر سماحة. وفكرت والحزن يعتريها, لكن بمحبة, كم هو رائع أن يكون الإنسان فتيا مثل ميراندا.
-صباح الخير, ميراندا . نعم, أريد رؤيتك. تفضلي واجلسي.
جلست ميراندا على كرسي جلدي عريض, ركبتاها متلاصقتان ويداها في حضنها, تماما كما علمتها العمة كلارا. وبدت بشعرها المتساقط شلالا هلى كتفيها وخديها المخضبين وعينيها الصافيتين كأنها فتاة مدرسة مثالية رغم أنها في الثالثة والعشرين من العمر.
اعتدلت برندا في كرسيها, وأسندت ذقنها بيديها. وانتقت كلماتها بدقة:
-ما رأيك في رحلة إلى البحر الكاريبي؟
لدى سماعها كلمة كاريبي تراءت لميراندا بسرعة خريطة الجزر الواقعة شمال أميركا وجنوبها. إنه مكان ساحر الجمال... شواطئ رملية ذهبية تحت شمس ساطعة تظللها أشجار النخيل. مكان يمكن للمرء أن يحقق فيه أحلامه.
استعادت حضورها الذهني وسألت:
-وكيف السبيل إلى ذلك؟
-باستطاعتك السفر كسكرتيرة لدوغ انغرام.
-ولكن ماذا عن الآنسة كولي؟ ألا يريد أن يأخذها؟
اوضحت برندا:
-كان لابد لها من أن تأخذ اجازة اضطرارية. ذلك الألم الذي عانته في الخريف عاودها الآن. السيد انغرام سأل عنك لأنك اشتركت في المفاوضات الأولى حول شراء عقار في جزيرة هناك.
-نعم, أذكر. فالصفقة لم تتم لأن السيد انغرام اكتشف في اللحظة الأخيرة أن اتفاقا مع شخص آخر, له حصة في الأرض موضوع الحديث على الجزيرة, كان ضروريا. عندئذ قال السيد انغرام أنه سيحاول العثور على هذا الشخص واقناعه ببيع حصته.
قالت ميراندا هذا باسلوب يدل على خبرة واطلاع مهني مما حاز اعجاب برندا.
-حسنا. يسرني أنك تذكرين التفاصيل. واضح انك كنت مهتمة, والاهتمام في هذه القضية ضروري إذا أردت أن تكوني سكرتيرة جيدة. ربما كان اهتمامك هذا هو الذي عزز أسهمك وأوصى بك لدى دوغ انغرام. هل أفهم من هذا أنك تقبلين؟
-طبعا.
بدت ميراندا فتاة متحمسة, وهجرتها برودتها إذ تراءت لها فرصة العمر أمامها. فجأة تذكرت جو وتغيرت قسمات وجهها. وسألت بشيء من التحدي:
-كم من الوقت ستستغرق الرحلة؟
-شهرا, ستة أسابيع, ربما أطول. هل هذا مهم؟
-نعم. تعرفين, ربما... أعني أني آمل في الزواج في حزيران.
بحثت نظرات برندا المتفحصة في أصابع ميراندا المتشابكة. فلم يقع نظرها على خاتم خطوبة في يدها اليسرى. قالت بصوت خافت:
-لكنك لست مخطوبه.
-كلا. ما من شيء رسمي. فقط...
وتحت تلك النظرة الحادة القوية لبرندا تلاشى صوتها تدريجيا. وعلقت برندا بنبرة جافة:
-إذن, لو كنت مكانك يا ميراندا لأخبرته بهذا العرض. أنا متأكدة أنه سيتفهم, وإذا كان بالفعل يحبك, فلن يكون عقبة في سبيل ترقيتك. هذه ترقية, آمل أن تدركي ذلك.
-نعم, سيدة فيبس, إني أدرك ذلك. إني شديدة الامتنان لمجرد أن فرصة السفر هذه اتيحت لي...

جين أوستين
19-07-2011, 12:44
-اقبليها أو, ارفضيها وعودي إلى قسم الطباعة حتى تصيري زوجة عادية كسواك من الفتيات. وكما تعرفين, تبنت الشركة حديثا سياسة جديدة. فهي لن توظف في المستقبل متزوجات, يعملن على الآلة الكاتبة الا على أساس دوام جزئي. بينما ستهتم من ناحية ثانية بتوظيف آنسات يبرهن على قدرتهن في السكريتاريا على أساس دوام كامل.
تطلعت ميراندا في عيني برندا القاسيتين وللحال طردت من ذهنها كل فكرة تتعلق بجو وقالت:
-إني أقبل عرضك.
كان لديها شعور غريب بأنها اتخذت أخطر قرار في حياتها.
وأردفت:
-ماذا علي أن أعمل؟
-انك فتاة طيبة.( وعادت إلى برندا ابتسامتها الدافئة ثانية) سأشرح لك الآن كل شيء. دوغ انغرام موجود الآن في نيويورك, جيث تمكن من الاتصال بالشخص
الذي ستكون موافقته ضرورية قبل أن تشتري شركة ترانسمارين العقار في جزيرة فورتوغا. وقد دعا هذا الشخص إلى القيام برحلة سياحية استجمامية إلى الجزر على يخت الشركة الفخم. وفي أثناء الرحلة يريد أن يزور الجزر حيث تمتلك ترانسمارين الفنادق, أو حيث تبني أماكن للاستجمام. وعلى اليخت سيكون أفراد من العائلة الذين كانوا اتصلوا بنا قبلا ويردون بيع حصصهم. طبعا, الغاية هي البحث في مسألة الشراء واشاعة الانطباع بأن ترانسمارين تريد مساعدة المناطق المختلفة عمرانيا. هذا واعتقد أن دوغ انغرام بطلبه إياك لتكوني سكرتيرته دل على ذوق رفيع, لأني أعرف أنك ستكونين مضيفة جيدة.
-مضيفة؟ (هتفت ميراندا) ولكن ألن تكون السيدة انغرام هناك؟
-زلدا ستكون هناك, لكنها في حاجة إلى المساعدة, فهناك أفراد آخرون من العائلة. نساء, أخوات, بنات وأبناء. وأنا أعرف من مراقبتي إياك في العمل أن مرافقة هذه الفئة المختارة لن تزعجك. إنك أهل لمهمة كهذه.
تمتمت ميرانادا:
-العمة كلارا.
قالت برندا بابتسامة خفيفة:
-تماما.
كانت تعرف كل شيء عن كلارا بنسن التي كانت تعلم الأدب الانكليزي في احدى الثانويات والتي كانت تهتم بتربية طفلتين لأخيها الذي قتل مع زوجته في أثناء تمضيتهما عطلة في أوروبا.
-ولكن لنعد إلى العمل. اليخت يرسو في مرفأ سان خوان في جزيرة بورتوريكو. ودوغ انغرام يرغب فب انضمامك إليه بأسرع ما يمكن. في استطاعتي حجز مكان لك على احدى الرحلات السياحية التي تنظمها شركتنا. في امكانك أن تتركي غاتويك بعد غد. أتعتقدين أنك ستكونين جاهزة؟
بدت ميراندا تلك اللحظة في دوامة من أفكار شتى.كان يصعب عليها دائما كعاملة على الآلة الكاتبة أن تشتري لنفسها ما يحلو لها من ثياب. خزانتها تقتصر على ما هو ضروري. ولم تكن تملك في ذلك الوقت من السنة فستانا مناسبا للصيف. ناهيك عن ملابس السهرة والبحر. واذ لاحظت برندا ملامحها المنقبضة, قالت مبتسمة:
-في استطاعتك الحصول على سلفة لشراء ملابس جديدة. أنصحك بالألبسة القطنية كي تتجنبي لسعة الحر. كما تستطيعين أن تجدي ملابس ملائمة لرحلتك في أي مخزن جيد. وإذا لم تتمكني هنا من شراء ما أنت بحاجة إليه فما عليك سوى الانتظار حتى تصلي إلى الجزر العذراء. زلدا انغرام تقول أن المحلات هناك تبيع ملابس رائعة.
قالت ميراندا بشيء من الخوف:
-أخشى أن يكون الوقت دهمني.
قالت برندا:
-خذي ما تبقى من اليوم وغدا عطلة. أفضل ألا تذكري أي شيء عن رحلتك لبقية البنات في المكتب. سيعرفن بها فيما بعد.
وطوت الرسالة التي كانت تقرأها ثم أعادتها إلى المغلف وسلمتها إياها.
-إنها لك من السيد انغرام. فيها مزيد من التعليمات. لابد من القول أن عائلة غالنت تبعث على الاهتمام. طبعا التقيت طومس غالنت حين كان هنا.
قالت ميراندا بشيء من العفوية التي فطرت عليها والتي كثيرا ما أضحكت رفاقها في العمل:
-نعم, التقيته.
لم ترتح إلى الطريقة التي كان طومس غالنت يراقبها فيها خلال المرات القليلة التي التقته في متكب السيد انغرام. بدا شديد الاهتمام بساقيها الظاهرتين تحت تنورتها القصيرة, على رغم أنه في الخمسين من عمره.
-فاسدون في معظمهم على ما أظن. (قالت برندا مازحة) وهذا قلما يدهشنا عندما نفكر في أنهم غالبا يتحدرون من سلالة قرصان. في أي حال أعتقد أنك قادرة على الاهتمام بنفسك.
-آمل ذلك.
-ربما كانت كلمة تحذير لا تذهب سدى. تذكري أن هؤلاء الناس, رغم أسمائهم ولكنتهم الانكليزية ليس لهم سلوك البريطانيين ولا خلقهم, عاشوا وسط البحار طويلا. حسنا, هل امضي وأحجز لك مكانا في الطائرة؟
أجابت ميراندا:
-نعم, أرجوك.
في طريقها إلى بيتها, ذلك المساء, في القطار السريع إلى دارتفورد في كنت حيث تعيش مع عمتها وأختها الصغرى دوروتي, قرأت ميراندا للمرة الثانية رسالة دوغ انغرام, هذه الرسالة التي ناولتها إياها السيدة فيبس.

جين أوستين
19-07-2011, 12:45
بعد شرحه لها كيفية الوصول إلى مطار سان خوان, طلب منهااحضار شريط التسجيل الذي كان سجل عليه محادثاته مع طومس غالنت في الخريف, وأن تحضر كذلك نسخة عن المراسلات التي تبادلها مع ذلك السيد في الأشهر الأخيرة.
" إنه زبون مراوغ. ( تابعت الرسالة تقول) إنه يطلب الآن مبلغا أكبر لعقاره لأن عليه, كي يبيعه من دون موافقة الشريك الآخر, أن ينقض اتفاقا قديما ينص على استحالة التصرف بحصة واحدة من دون موافقة الأطراف الأخرى... على كل, تمكنت من الاتصال بصاحب الحصة الثانية روجر غالنت ابن عم طومس. دعوته إلى القدوم إلى الجزر. هدف العملية الأول اقناعه بالموافقة على البيع, وإذا أمكن, أن يبيعنا حصته هو بالذات."
وتضيف الرسالة:" بما أنه يبدو أنانيا, عابثا لا يهتم بالملكية على الاطلاق, أعتقد أن لدينا حظا طيبا في اقناعه بالبيع. وما يدعو إلى الاهتمام أكثر أنه موسيقي, وله أغنيات شعبية عدة معروفة وربما سمعتها, وإلا فعليك التعرف عليها. كوني جاهزة لاطرائه, لأني أعرف من مصدر وثيق أنه ضعيف أمام السحر الانثوي لذا من الضروري التأثير عليه."
طوت ميراندا الرسالة ووضعتها في المغلف. بدا أنه لم يكن لديها مجال للاختيار بين آل غالنت. فجميعهم متشابهون في نظرتهم إلى الحياة و النساء, وهي لم تكن متلهفة للقاء أي واحد منهم.
دخل القطار دارتفورد. وتركت المحطة مع عدد من الركاب لمواجهة الريح الشرقية التي كانت تهب عبر نهر التايمز من بحر الشمال.
رفعت مبراندا ياقة المعطف حتى أذنيها. وأسرعت وسط الشوارع المحاطة بمنازل شبه متفرقة تنبعث منها أضواء تشق ليل الشتاء المخيف. إنها تعيش مع العمة كلارا منذ زمن طويل دون أن تعرف عائلة أو أما سواها. كان والدها الأخ الأصغر للعمة كلارا. كان موهوبا, غير أن زواجه من امرأة أقل منه مستوى كان فاشلا.
لم يكن مهما بالنسبة إلى كلارا بنسن أن تكون زوجة أخيها محبة وكريمة, وأن تحب زوجها حبا عميقا. بل كانت القضية بالنسبة إليها أن كاترين كانت عاطفية, وأنها كانت تعبر علنا عن هذه العاطفة حيال زوجها فتعانقه مثلا من دون أي مراعاة لوجود أناس آخرين معهما. وبما أن كلارا لم تكن تستحسن هذا التصرف, حاولت ما في وسعها خنق هذه المشاعر في ابنتي أخيها. ونجحت إلى حد ما مع ميراندا التي كانت تخفي أحاسيسها وراء مظهر متزن بارد.
لم تكن كلارا ناجحة مع دوروتي, ابنة أخيها الصغرى, إذ كانت هذه تبدي دلائل تحرر في سن مبكرة, واكنت تمارس وهي لا تزال مراهقة كل الصرعات الجديدة. و على هذا الأساس تكهنت ميرندا أن أختها دوروتي لا بد سمعت عن غالنت وموسيقاه, بينما هي, بميلها إلى الموسيقى الكلاسيكية, لم تسمع به قط.
أخيرا وصلت إلى البيت وانفتح الباب حين أدارت المفتاح في القفل, وطريق الدار الضيقة المظلمة رحبت بها كالعادة.
هتفت عمتها من المطبخ:
-أهذه أنت, ميرندا؟
أجابت ميراندا وهي تعلق معطفها:
-آسفة يا عمتي. كان علي شراء بعض الأشياء.
وقالت فجأة:
-احزري, اني مسافرة إلى جزر البحر الكاريبي!
-لست جادة فيما تقولين!
وقفت دوروتي في مدخل غرفة الطعام حيث كانت تجهز المائدة للعشاء. كانت أطول من ميرندا, أكثر امتلاء ونموا من أختها, وهي في العشرين وكلها عزيمة.
-لا بل إني مسافرة فعلا. سأسافر جوا يوم يوم الجمعة إلى سان خوان بصفة سكرتيرة للسيد انغرام مدة شهر أو ستة أسابيع.
صرخت دوروتي:
-وماذا عن جو؟
وقبل أن تجيبها أطلت العمة كلارا من باب المطبخ, طويلة ضخمة. شعرها الرمادي منفلت من رباطه, مما يوحي بأنها لا تهتم بمظهرها. وفي الحقيقة كان شعرها دقيقا يصعب ربطه.
كانت تبتسم هذه المرة, وهذا نادرا ما يحدث, بشهادة طالبات المدرسة التي كانت فيها معلمة.
-كنت أشعر دائما أن هذه هي رغبتك يا ميرندا.( قالت بصوت عميق) وأنا سعيدة لأنك لا تدعين أحدا يمنعك من عمل ما تريدين. حقا, ماذا عن جو, هل يحق له أن يمنعك من السفر؟
أجابت دوروتي وعيناها الزرقاوان تلمعان:
-إذا كان سيتزوج ميري, فله كل الحق.
ردت العمة كلارا:
-كلمة (إذا) هي الأساسية. من عامين تقريبا وهو يحكي عن الزواج. بالمناسبة, لا حب أن تختصري إسم أختك بهذه الطريقة. ميرندا إسم جميل, أنا اخترته من إحدى أفضل الروايات الأدبية عندي.
قالت ميراندا بلطف:
-لم يقل جو أي شيء محدد لأنه كان يحاول توسيع عمله وتطويره قبل أن يلتزم أي موقف.
كانت تحاول الدفاع عن جو لعدم طلب يدها وتحديد تاريخ موعد الأكليل.
-إذن, ليس له الحق في قول أي شيء يثنيك عن السفر. ليست له كلمة في الموضوع مطلقا, وفي اعتقادي انه ليس جديرا بك ميرندا... من الافضل نسيان هذه القضية. العالم مليء بالشبان امثال جو. والآن تعالي تناولي الطعام قبل أن يبرد.
طال وقت العشاء أكثر من العادة, ذلك أن الحديث عن رحلة ميرندا نال القسط الأعظم منه. وكانت هذه لا تزال في الطابق العلوي تغير ثيابها حين حضر جو كما هي العادة مساء كل اربعاء وسبت. كان يدعوها, ومن دون استثناء, منذ أن تعارفا من سنتين, مما جعل الجيران يعتقدون أنه كان يخرج معها بقصد الزواج.
وقبل أن تنزل إلى غرفة الجلوس كانت دوروتي قد أخبرته عن الرحلة الكاريبية.
بادرها قائلا بطريقته الخاصة:
-مفاجأة اليس كذلك؟
كان ممتلئ الجسم, في الثامنة والعشرين من العمر, شعره أسود أجعد, وقسمات وجهه حية. كانت ميرندا تراه جميلا, متجاهلة ثقل وزنه. وكان أبوه يملك شركة بناء, حيث صار هو أخيرا شريكا له فيها. كان طموحا وقويا يسعى دائما إلى تحسين وسائل عمله.

جين أوستين
19-07-2011, 12:46
أجابت ميرندا:
-نعم, هذا صحيح. ولكن هذه ترقية.
حدجها بنظرة حادة محاولا معرفة شعورها الحقيقي حول عملها الجديد.
-لا شك أنهم يقدرونك كثيرا حتى يوكلوا إليك هذه المهمة.تكونين حمقاء إذا ما رفضتها.
ثم قال بشيء من اللياقة:
-ربما هي خبرة جيدة, وقد تأتيك بالخير فيما بعد.
أحست بالخيبة. فرغم كل شيء لا يبدو أنه سيعرض عليها الزواج. ومع أنها ستغيب ستة أسابيع, وربما ثمانية, لم يبد أن هذا كان يهمه.
قالت بنعومة:
-سأغيب نحو شهرين.
-هذا ما قالته دوروتي. حسنا, المدة ليست طويلة. لا أريد القول أني لن اشتاق اليك, بل على العكس, لكني في الوقت الحاضر مشغول جدا, وهكذا سيكون وضعي في الأشهر القليلة المقبلة, لهذا لن يكون قي مقدوري رؤيتك كثيرا. على أي حال, حين تعودين...
توقف قليلا.
سألت وهي تحبس أنفاسها:
-نعم؟ حين أعود؟
-سيعرف واحدنا شعوره أكثر حيال الآخر, أليس كذلك؟ يمكننا أن نعتبر هذا حكما لنرى إذا كان الغياب سؤثر في علاقتنا. أنا لست ماهرا في أمور الحب.
بدا جو مرتبكا لأول مرة مذ عرفته.
-أتعرفين ما أعني يا ميرندا؟
-نعم, أعرف ما تعني, يا جو.
أجابت بصوت رقيق غريب, لكنه لم يلاحظ هذا.
-حسنا, هذا ما كنت متأكدا منه. متى تسافرين؟ يوم الجمعة؟ ربما سأجد الوقت لأوصلك إلى المطار وأودعك.
إنه مستعد لذلك. يفرحه أن يوصلها مع دوروتي والعمة كلارا بسيارته الجديدة. وباحساس المنهزم وافقته ميرندا. وأمضين بقية السهرة يستمعن اليه يحدثهن عن مشاريعه الجديدة.
شعرت ميرندا بارتياح لابتياعها ما تحتاج إليه, في يومها الأخير في انكلترى, وهكذا كان, إذ أمضت يوم الخميس تنتقل من متجر إلى آخر تتبضع ما تحتاج إليه من ألبسة صيفية و أحذية, كذلك دوروتي أخذت يوما واحدا اجازة ورافقتها, وكانت خير معين لها في اختيار الألبسة.
في أثناء تناولهما غداء خفيفا سألت ميرندا أختها عن روجر غالنت و أغانيه.
-هل سمعتك جيدا؟ ( سألتها دوروتي) آه, أقسم لك ميري, أنه يؤلف أروع المعزوفات. والعاطفة في أغانيه ليست من هذا العالم. لابد أنك سمعت أغنية "نجوم في البحر" الجميع سمعها. حتى العمة كلارا قالت مرة أن لحنها جميل. إنها كذلك بالفعل. طبعا, أنت غارقة في الموسيقى الكلاسيكية إلى درجة أنك لا تصغين إلى أبة قطع موسيقية محترمة. في الواقع إن الأغنية تلك كانت مقطعا موسيقيا في فيلم اميركي عن الكاريبي. لكن لماذا تسألين؟ آه, يا ميرندا, هل ستلتقينه في هذه الرحلة؟
ارتفع صوت دوروتي, وهي تقوم و تقعد بحماسة على كرسيها, مما لفت إليها انظار رواد المقهى.
همست ميرندا:
-اسكتي, يا دوروتي. الجميع ينظرون إليك. ماذا ستقول العمة كلارا؟
-لا يهمني. كيف تبقين لا مبالية حيال لقائك شخصية كهذه؟
-إذا كان مثل ابن عمه طومس, فاني لا اريد لقاءه. انه على الأرجح في الخمسين, على وشك أن يشيخ.
-آه, كلا, إنه ليس كذلك. وهذا هو الشيء العجيب فيه. كانت موسيقاه في ذروة نجاحها وهو في العشرين من العمر. ( علقت دوروتي بجدية) كان هذا من ستة أعوام. آه, يجب أن تصغي إلى كيت ويليامز يغني هذه الأغنيات. إنه يبعث الارتعاشة في اعماقي!
بدت دوروتي ثانية على وشك الاغماء, وتملكت ميرندا رغبة لا تقاوم في أن تضحك لتصرف اختها المبالغ فيه.
وسألتها:
-ولكن من هو كيت ويليامز؟
-جهلك يا ميرندا يخيفني. ( قالت مقلدة العمة كلارا) أحقا تسألين عن كيت ويليامز؟ الا تذكرين أنه كان يغني في ناد ليلي في الطرف الغربي من المدينة العام الفائت؟ ألا تقرأين صفحة التسلية في الصحف؟ إنه مغن من هنود الغرب, وهو فوق ما يتصوره العقل.
-ما علاقته بروجر غالنت, عدا أنه يغني أغانيه؟ (سألت ميرندا وفي ذاكرتها ما قاله لها السيد انغرام أن عليها جمع ما امكنها من المعلومات عن روجر غالنت).
-انهما صديقان من نفس الجزيرة والأغنية التي أخبرتك عنها وضعتهما على طريق الشهرة. لقد أحسنت بسؤالك و إلا لكنت سافرت إلى سان خوان دون معرفة أي شيء عنه. وليس هذا مستحسنا. لدى عودتنا إلى البيت سنعرج على منزل سيو, عندها تسجيل لكيت ويليامز يغني مختارات من أغاني روجر غالنت. هناك سيكون في استطاعتك سماع أي موسيقى من تأليفه.
بعد ظهر ذلك اليوم جلست ميرندا في غرفة سيو غرين المتميزة بفوضاها. كانت سيو غرين أفضل صديقة لدوروتي. وأخذت تستمع إلى صوت كيت ويليامز يغني "نجوم في البحر" بمرافقة الغيتار. على سرير سيو المفرد, وهي فتاة سمينة شقراء عيناها زرقاوان مستديرتان, تمددت كل من سيو و دوروتي. فمهما فارغان, جسماهما متراخيان وكلتاهما غارقتان في موسيقى الأغنية وفي صوت الذي يغنيها. كانت الكلمات حزينة, عاطفية, تحكي قصة حب ضائع. أما الموسيقى فقد كانت شيئا آخر, لم تكن دائما في المنحنى المنتظر, وتلفت المرء بتمايز أنغامها, وهذا كان شيئا غير مألوف في أغنيات شعبية من هذا النوع. كان فيها العمق والتنوع. ألفها شخص يجيد الموسيقى و ليس متطفلا على عالمها.
وينمى هي تصغي, قلبت ميرندا غلاف الاسطوانة وقرأت ما كتب عليه, لمحة عن كيت ويليامز وكيف أنه كان يغني في ناد ليلي مظلم في سان خوان حين دخل صديقه القديم روجر غالنت.
قال كيت ويليامز:
"قتاة التقيتها في سانت طومس أعطتني هذه القصيدة. عرضتها على روجر الذي لحنها وفي تلك الأمسية غنيتها في النادي. سمعها المخرج السينمائي نيوتن الذي كان في سان خوان يخرج فيلما. جاءني طالبا مقابلة مؤلف اللحن. وهذا ما جعلني و روجر نقدم موسيقى هذا الفيلم المذكور".
القصة المختصرة لم توفر لها معلومات كافية عن روجر غالنت. كل ما هناك أنها أعطتها لمحة مقتضبة عن عالم آخر وحياة أخرى. قصة النجاح السريع هذا كانت برهانا على أنه ليس من الضروري أن يكون المرء تخطى الثلاثين حتى يحقق النجاح.
في صباح اليوم التالي وكما وعدها, أوصلها جو إلى المطار. قدم اليها باقة الورود دون أن يفكر بما يمكنها أن تفعل بها في الطائرة, وعلبة كبيرة من الشوكولا. بهرها سخاؤه ولم تتمالك ميرندا دموعها حين قبلها على خدها للمرة الثانية وطلب منها الكتابة اليه. في الحقيقة, كانت المناسبة تستحق رحلة كهذه, لمجرد أن تسمع اطراءه وتتسلم هداياه. هكذا حدثت نفسها وهي تسير في الممر إلى الطائرة, ولكن لو أنه طوقها بذراعيه ورجاها ألا تذهب طالبا الزواج منها لكانت شعرت بسعادة أكبر.
لكن الحماسة التي ولدتها الرحلة بددت دموع الفراق. أخذ جميع المسافرين يتوجهون نحو الطائرة التابعة لهولدينغ ترانسمارين التي كانت تستخدم قاعدة سان خوان لرحلات أسبوعية بين جزر الكاريبي.
جلست ميرندا في مقعد بين اثنين, احتلت الأول امرأة بدينة متوسطة العمر ذات شعر أشقر, ووجه كثير الحمرة والمساحيق واحتل الثاني رجل مثلها مكتنز الوجه.
قدمت المرأة الشقراء نفسها دون تردد. كان اسمها ماري موات. من سكان وسط البلاد.

جين أوستين
19-07-2011, 12:47
-رغم محبتي لبلدتي, أنا سعيدة أن أبتعد عنها في هذا الوقت من السنة.
هذا ما باحت به إلى ميرندا:
-إذا ما رأيت أي شيء يستحق الرؤية من خلال هذه النافذة فسأدعوك إلى رؤيته. فالطيران سيكون مملا, مدته تسع ساعات, كما يقولون. يمكننا أن نتصاحب من البداية. هل أنت أيضا في رحلة الاستجمام هذه؟
وقبل انقضاء الساعة الأولى كانت ميرندا قد اخبرت السيدة موات بكل شيء عن وظيفتها, كما أنها سمعت من السيدة عن رحلاتها الاستجمامية في الشتاء إلى حيث المناخ الدافئ. كانت امراة حيوية واسعة الاطلاع, طيبة المعشر كما هي الحال بالنسبة إلى الكثيرات من أرامل انكلترا.
-انها رحلتي الأولى إلى الكاريبي (قالت السيدة موات) سأقوم بزيارة الكثيرين. سأتعرف إلى رئيس القضاء الأعلى لاحدى الجزر وسأزور ابنة صديقة لي في كندا, أبحرت إلى هناك مع زوجها على متن قارب شراعي. تصوري, هذه الأميال كلها في قارب صغير! ستة أسابيع فقط, آه أنظري, الغيوم أخذت تنقشع. في استطاعتي رؤية المحيط. أنظري.
تطلعت ميرندا, وكانت مدهوشة لرؤية مساحة زرقاء تحتها بآلاف الأقدام, إنها المحيط الأطلسي. حتى أنها تمكنت من رؤية سفينة كبقعة صغيرة تتحرك ببطء في مياه المحيط.
أحضرت المضيفة المقبلات, وعرفت ميرندا أن الجالس إلى يمينها كان هاري ولتون وهو تاجر لندني في أول رحلة له إلى الكاريبي أيضا.
-لم يكن في استطاعتي احتمال طقس الشتاء في انكلترى اسبوعا آخر. ( قال ولتون) لهذا طلبت من سكرتيرتي الاتصال بوكيلي للسفر لتستعلم عن رحلات الاستجمام, فاقترح سان خوان وقضاء اسبوعين في التنقل بين الجزر. وها أنا هنا مع ليلي. ها هي ليلي, زوجتي, جالسة في الأمام. آه, بالكاد يمكنني الانتظار حتى أحس بأشعة الشمس تلفح جلدي. و الآن ماذا تودين أن تشربي؟ عصير الفاكهة؟
أشياء كثيرة كانت تحدث في الطائرة فلم تشعر ميرندا بالضجر. راقبت المضيفات يحركن العربات بين المقاعد ويخدمن كل واحد بابتسامة عذبة. وبالكاد انتهين من تقديم المشروبات حتى عدن بوجبة الطعام. لم تعرف ميرندا تماما أية وجبة هي, ذلك أنها لم تكن متأكدة من الوقت.
حين انتهت السيدة موات من وجبة الطعام نامت واخذت تشخر قليلا. كذلك غفا السيد ولتون و أخذ يشخر هو الآخر. أما ميرندا فتناولت مجلة تتصفحها وهي تتساءل عمن سيكون في انتظارها في مطار سان خوان.
بعد الشاي خاطبهم قبطان الطائرة. كان عليهم ضبط ساعاتهم لدى اقترابهم من سان خوان إذ كانت الساعة شارفت الرابعة لعد الظهر. كان الطقس عاصفا والمطر ينهمر و الحرارة اثنتين وعشرين درجة.
عاودت الحماسة ميرندا. قريبا ستكون على أرض أجنبية لأول مرة في حياتها. ومع أنها تركت انكلترا منذ ساعات, فإنها لم تشعر أنها تركتها, لأن الطائرة كانت بريطانية وكذلك المسافرين الذين حولها. نصف ساعة وتكون في بورتوريكو, وهذه حاليا جزء من الولايات المتحدة, لكن الاسبان هم الذين يسكنونها منذ البداية ولغة سكانها اسبانية.
كانت هناك جلبة حماسية بين المسافرين. واكتشف كل من السيدة موات والسيد ولتون أن لهما معارف مشتركين. ليلي والتون اعتدلت في مقعدها تتحدث مع ميرندا. وبدا أن الضحك واللطف هما الشعور السائد في الطائرة.
اتكأت السيدة موات إلى ظهر مقعدها كي تتمكن ميرندا من التطلع عبر النافذة. رأت البحر أقرب. تبعثر زرقته أمواج كبيرة من الزبد الأبيض... وبانت لها الجزيرة عالية تنعكس أضواؤها في المياه مؤلفة مهرجانا من الألوان المتلألئة.

جين أوستين
19-07-2011, 12:48
وأخيرا, عندما نظرت إلى تحت, رأت زرقة المياه في قاع البحر تتحول ارجوانية, ثم أقل عمقا. وعند الرمال الشاحبة الصفراء صارت موجا مزبدا يتكسر عند أطرافها, وأشجار النخيل ترفع أوراقها العريضة في الريح. ثم بانت ناطحات السحاب ما وراء الشاطئ و النخيل, تطل على سطوح مستوية لمنازل متواضعة و أكواخ خشبية. وخلفها التلال مغطاة بالعشب الأخضر, كغابات بورتوريكو الشديدة الإخضرار. ثم اختفى كل شيء من أمام بصرها بسبب عاصفة استوائية ماطرة أخذت تضرب البلدة.
أخذت الطائرة تهبط ثم لامست المدرج, وابطأت في اندفاعها حتى وصلت أمام بناية المطار حيث توقفت. وللحال دبت الحركة بين المسافرين فوقفوا وراحوا يجمعون معاطفهم وحقائبهم من تحت المقاعد.
أول انطباع أخذته ميراندا عن سان خوان, أن هواءها دافئ, رطب بسبب المطر الإستوائي, ومشبع برائحة البحر. وتناهت إليها ضحكات بورتوريكيين قدموا معها على الطائرة, ثم لاحظت دموعهم وهم يلتقون أقارب وأصدقاء جاءوا لاستقبالهم كما طربت للغة الاسبانية ذات النبرة الموسيقية في كل مكان حولها.
وقفت إلى جانب السيدة موات في قاعة الوصول للمطار, وأخذت تراقب بشغف اللقاءات العائلية: بنات جميلات يرتدين ثيابا اميركية على آخر طراز, ألوان بعضها صارخ متنافر, شبان ممشوقون أكتافهم عريضة, شعرهم كث أسود, وملامح تعود بالذاكرة إلى الاسبان القدامى, على مناكبهم قيثارات. كانت القيثارة في الواقع عبارة عن رمز, وراح أحدهم يعزف على قيثارته ويغني بالاسبانية أغنية حب, مما أفرح العائلة والرفاق الذين أتوا لاستقباله.
لم يكن البورتوريكيون وحدهم الخارجين من الطائرة الأميركية. بل كان هناك اميريكون أيضا, سواح قصدوا هذا البلد الدافئ لقضاء عطلة منتصف الشتاء. نساء متوسطات العمر, صففن شعرهن بعناية, ورجال في ثياب خفيفة يحملون حقائب تميزها أسماء نوادي غولف, وهذا رمز آخر يشير إلى المرتبة والمركز. بدا اللون الأبيض غالبا على ثيابهم. بناطيل وسترات بيضاء. بذلات بيضاء مزركشة بالأحمر أو الأزرق. بلوزات بيضاء, جزادين بيضاء, أحذية بيضاء.
رفع ولتون إحدى حقائبها وقال بمرح:
-ها أنت هنا الآن. علينا اللحاق بالباص الذي سيأخذ إلى سفينة الرحلة الاستجمامية. هل كل شيء على ما يرام؟
-نعم شكرا.
قبلتها ماري موات على خدها, مما أثار دهشتها.
-انتبهي أيتها العزيزة, ولا تضيعي. لقد سرني السفر معك, يا ميرندا, وتذكري زيارة لورا بالتون في حال مرورك في غرينادا. ستكون سعيدة للقائها شابة مثلك آتية من وطنها الأم.
تركاها, ولأول وهلة تدفقت الدموع إلى عينيها. كانا رباطها الأخير بالوطن حتى تلتقي السيد انغرام. مسحت دموعها, لم ترد أن تبدو عاطفية وسخيفة. فالعمة كلارا نادرا ما كانت تستحسن التعبير عن الأحاسيس في العلن. على أي حال, لم يمض على معرفتها بماري وهاري سوى ساعات قليلة, لذا يجب ألا تهتم بهما كثيرا. كل ما في الأمر أنهما مواطنان طيبا المعشر خفيفا الروح من الذين في استطاعتها الركون إليهم في بلد غريب.
وصلت حقيبتها الثانية, رفعتها متعجبة من ثقلها. وخف الجميع عبر الأبواب الزجاجية, إما إلى سيارات الأجرة و إما إلى الباصات. كانت مهمتها التالية إيجاد المكتب الذي كان مفترضا أن تجد فيه رسالة من السيد انغرام كما سبق وذكر هذا في تعليماته إليها. تطلعت حولها, فلمحت المكتب عند زاوية كبيرة. حملت حقائبها, وجرت نفسها إليه. وصلت و العرق يتصبب منها إذ هي لم تعتد على مثل هذه الحرارة. وتمنت لو تحصل على شراب بارد منعش.
الشاب الذي وراء المكتب كان يتكلم الانكليزية بلكنة اميركية يشوبها سحر لاتيني. وبالفعل كانت في حوزته رسالة لها من السيد انغرام. وأدركت من قراءتها الرسالة أنه لم يتمكن للأسف من إرسال أحد لملاقاتها. وكان عليها بالتالي أن تستقل التاكسي إلى المرفأ وتسأل عن نادي اليخوت سي كويست و أي سائق تاكسي يعرف أين ترسو المراكب المخصصة للرحلات الاستجمامية.
أخفت تبرمها من عدم وجود أحد لملاقاتها, ومن احتمال أن يخطئ السائق فهم التعليمات التي عليها أن تعطيها له. ابتسمت ميرندا للموظف بثقة وتهذيب. وما إن استدارت لتخرج حتى وجدت نفسها تدوس قدم شخص كان يقف خلفها.
-آه إني آسفة! آمل ألا أكون آذيتك؟
قالت تعتذر بصدق, ورفعت عينيها فاصطدم نظرها بنظارتين شمسيتين ساطعتين. كان الوجه حول النظارات نحيلا ورجوليا لوحته الشمس قليلا. فمه حسن الشكل مقوس في ابتسامة سحرية خفيفة.
قال لها:
-أنت بعيدة عن الوطن.
كانت لكنته انكليزية من دون شك, وكان يرتدي الجينز كما هي حال كثير من الشبان, مما جعله يبدو كأي شخص آخر.
كانت ميرندا تحدق في نظارتيه المعتمتين وتتمنى لو ينزعها عن عينيه.
قال لها:
-اعتقد أنك من لندن.
وللحال لاحظت شيئا غير انكليزي في كلامه, كان فيه شيء من هنود الغرب.
أجابت ميرندا:
-صحيح.
بدت مرتبكة وهي تخاطب رجلا غريبا وكأنه يعرفها من زمان. أشاحت بوجهها عنه وهمت بالتقاط الحقائب.
-اسمحي لي.
وقبل أن تستطيع اكمال سيرها كان قد حمل أثقل حقائبها. بينما أمسك بيده الثانية حقيبته التي كانت مغطاة بشارات عديدة, مما يدل على الأسفار الكثيرة التي قام بها.
-لكنني سأدعو حمالا.
-جميعهم مشغولون, كما تلاحظين إذا ما تطلعت حولك. إلى أين أنت ذاهبة؟
-إلى الميناء.
-أنا أيضا.( قال بصوت خافت) سنذهب معا.
ترددت مرتابة, فابتسم لها بلياقة وسحر وبانت اسنانه البيضاء المتناسقة.
-تعالي.
وبثقة متزايدة مصدرها ابتسامة المحببة ولكنته الانكليزية المألوفة, تبسمت ميرندا له. رفعت حقيبتها الأخرى وأسرعت وراءه, وهو يحث الخطى على رغم مظهره الوقور.
أوضحت له:
-أشرطة التسجيل هي مصدر ثقل الحقيبة.
سألها متطلعا إليها برفع حاجبيه:
-أشرطة تسجيل؟
-نعم, طلب مني رئيسي احضارها.
-هو الذي ستلتقينه في الميناء؟
-نعم. سنبحر في رحلة إلى الجزر.
-الآن؟ وماذا ستقول زوجته؟
-ستكون معنا. إنها رحلة عمل, وليس كما تظن.
قالتها بجدية وبنبرة مؤنبة مداعبة في آن, لكنه تبسم لها, فأحست بالاحمرار في خديها.
خرجا إلى الهواء الرطب, وللحال اندفعت صوبهما سيارة كبيرة وتوقفت أمامهما.
نادى الرجل على السائق بالاسبانية فلوح هذا بيده مبتسما, وخرج من التاكسي ودار حول السيارة ليفتح الصندوق ويساعد الغريب في وضع الحقائب.
فتح الرجل باب السيارة الخلفي, داعيا ميرندا إلى أن تدخل.
-هذا لطف كبير, سيد...

جين أوستين
19-07-2011, 12:50
قالتها بتردد ثانية.
-هذا من دواعي سروري. ( أجابها باقتضاب) لنستقل التاكسي نفسه مادمنا في الاتجاه ذاته. اعتبري عملي شكرا للخدمات الكثيرة التي قدمت إلي يوم كنت في لندن, إذا كان هذا التبرير يجعلك تقبلين خدماتي من دون ارتباك.
صعدت إلى السيارة, جلس إلى جانبها وأغلق الباب, وبسرعة انطلقت السيارة بهما مبتعدة عن المطار إلى طريق ضيقة على جانبيها أشجار نخيل. كان المطر قد توقف وسطعت الشمس, أشعتها تكاد تؤذي العيون.
فتحت ميرندا حقيبة يدها لتتناول نظارتيها الشمسيتين, فسحبت عن غير قصد رسالة السيد انغرام. وقعت الرسالة على أرض التاكسي فانحنى يلتقطها, ولاحظ الاسم والعنوان على الغلاف قبل اعادتها إليها.
سألها إن كانت ميراندا:
-نعم.
قالت له بشيء من عدم الرضا, وسحبت الرسالة من يده.
-ميراندا ( قال يلفظ اسمها بتأن). كم هو رومنسي هذا الاسم بالنسبة إلى فتاة انكليزية. هل أنت ميراندا شكسبير, تلك البريئة العاطفية في مسرحيته "العاصفة"؟ ميراندا الحائزة على كل اعجاب, الكاملة التي لا مثيل لها, خلاصة فضائل البشر؟
انزعجت لكلامه هذا كما لم تنزعج من قبل. الا أنها اخفت مشاعرها وراء نظارتيها المحكمتين بعناية على أنفها. ومن خلف زجاجهما الأسمر تفحصته بدقة.
لم يتبادر إليها ساعة التقته في قاعة المطار أنه يكبرها سنا بكثير, أما الآن فقد تأكدت أنه في نحو الثلاثين من عمره, بل قد يكون بات في المقلب الثاني من عمره.
إلا أنه كان على شيء من الأناقة لم تلاحظها بادئ الأمر. وقد يعود هذا, في ظنها, إلى أنه كان يرتدي تحت سترته الزرقاء قميصا وربطة عنق. صحيح أن طوق القميص كان مرتخيا وحل ربطة العنق بسبب الحرارة, غير أن كليهما من نوع ممتاز وينمان عن زوق رفيع. أما شعره فبدا حديث التقليعة مقصوصا مصففا يلمع, بلون الكستناء, وبسمرة حمراوية داكنة. تمنت ميراندا رؤية عينيه, ذلك أن رؤية عيون الآخرين تجعل معرفتهم أسهل. ويبدو أنه أدرك هذه الحقيقة فتعمد حجبهما.
سألها فجأة, مما جعلها تجفل:
-هل اكتفيت؟
-اكتفيت؟( سألته بدورها وهي تنظر إلى فمه عساها تعثر على مفاتيح شخصيته).
كان حازما في حساسية, صارما في راحة, يميل إلى الابتسام متى تكلم.
-مني. كنت تقيسينني كما قاست ميراندا الأخرى فرديناند حين تحطمت سفينته على جزيرتها. كانت تظن أنه روح من العالم الثاني حتى أكد لها والدها أن فرديناند كان بشرا. هكذا يمكن أن أصف نفسي. إنك في مأمن. لست خاطفك, بل أعرض عليك شيئا من ضيافة الجزيرة.
-آه, هل تعيش هنا, إذن؟
-ليس هنا, ولا في أي مكان آخر بصورة دائمة في الوقت الحاضر, لكني ولدت ونشأت على جزيرة في الأندوس الغربي.
هذا يفسر لهجته, قالت ميراندا في سرها, إذ تذكرت من دراستها الجغرافيا في المدرسة أن العدد من جزر الأندوس الغربية كانت مستعمرات بريطانية سابقا, وأن غالبيتها لا تزال منضوية في الكومنولث.
كانت سيارة التاكسي مسرعة من دون اعتبار لوعورة الطريق ولا لقوانين السرعة وظهرت اكواخ خشبية قديمة بين غابات الموز والنخيل وأشجار التمر وقد تفتحت براعمها زهورا صفراء ووردية لامعة. هنا وهناك على جانب الطريق سيارات عتيقة معطلة كان البورتوريكيون يتخذون منها دكاكين يبيعون فيها أغراضا متنوعة.
وحين استوضحت ميراندا مرافقها عنهم, أجاب:
-انهم باعة متجولون, يبيعون برتقالا مقشرا, سراطين وأراجيح وسلالا من جوز الهند ذي العصير الأكثر انعاشا لدى اشتداد الحر.
وصلا إلى مفترق حيث تتصل الطريق بأخرى عريضة عليها شاحنات وسيارات و باصات زرقاء وبيضاء مسرعة. لم تكن هناك شارات سير, فأخذ السائق خطه, وانحرف بسيارته إلى اليمين وانطلق في مجرى السير, مما دفع بسائقي السيارات الذين فوجئوا به إلى إطلاق أبواق سياراتهم عاليا, حتى أن إحدى السيارات تخطته وأمطره سائقها, وهو في محاذاة سيارته, ببعض الشتائم, فرد سائق التاكسي عليه بمثلها. ورمقت ميراندا مرافقها وقد دهشت لما رأت, وما سمعت. أما الرجل الغريب فكان يراقب ويصغي, وابتسامة خفيفة على فمه. وحين تحركت السيارة الأخرى إلى الأمام في أثر السيارات الأخرى, مال إلى الأمام صوب السائق وحدثه بالاسبانية.
ثم قال لميراندا:
-طلبت منه أن يسلك الطريق الفرعية في المناطق الآهلة بدل الخط السريع هذا. بهذا يمكنك رؤية المنطقة عن كثب. مع الأسف, إن شوارع سان خوان متخمة بالبنايات العالية. في أواسط الأربعينات قرر الحاكم أن شيئا ما يجب أن يتم لتشجيع السواح على زيارة الجزيرة. لهذا انطلقت حملة كبيرة في هذا الاتجاه,
فشيدت فنادق عالية وفخمة. ومع أن السياحة بدأت بفتور أولا إلا أنها قويت فيما بعد. الفنادق في كل مكان. عندئذ ظهرت مشاكل تبعها تراجع في العمران. ستلاحظين الكثير من الفنادق المغلقة.
-على هذا الأساس بفضل أصحاب شركة ترانسمارين عدم البناء هنا.

جين أوستين
19-07-2011, 12:51
أجابته ميراندا مداعبة وهي تتأمل الفيلات ذات الطابع الاسباني القديم والشرفات الحديدية المزدانة بزهور قرمزية حمراء.
-ترانسمارين؟ ( سألها مرافقها والاهتمام في صوته) لاحظت العنوان على رسالتك. ما علاقة فتاة طيبة مثلك بهؤلاء القراصنة؟
فوجئت بتهجمه على الشركة التي تعمل فيها وأجابته ببرودة:
-اشتغل عندهم. كنت في قسم العمل على الآلة الكاتبة في المكتب الرئيسي في لندن, وبسبب مرض سكرتيرة السيد انغرام جئت مكانها فيما كان يجري المفاوضات الأولية لشراء عقار كبير على جزيرة فورتوغا. قد تكون سمعت بها.
-نعم, سمعت بها.
كان في صوته هذه المرة مزاح جاف, فتذكرت أنه من الأندلس الغربي و لا بد طبعا, أنه سمع بفورتوغا.
وسألها بعدم اكتراث:
-وهل هذا ( الانغرام) الذي تتحدثين عنه هو الرئيس الذي ستلتقينه في المرفأ؟
-نعم. إنه المسؤول عن شراء العقارات في المنطقة الغربية. إنه فائق الذكاء, فقد أتم صفقات خيالية, لقد دعا عائلة صاحب العقار في جزيرة فورتوغا إلى القيام معه برحلة بحرية لاطلاعها على بعض فنادق ترانسمارين وأماكن الراحة.
-ولكن لماذا يريد فعل ذلك؟
-يبدو أن موافقة أحد أفراد العائلة ضرورية لتحقيق عملية البيع, لهذا دعاهم عساه يبت في الأمر بطريقة ودية. كذلك يقول السيد انغرام أن العقبة هي في أحد أفراد العائلة, فهم أناني لا يهتم بالعقارات موضوع الصفقة, مع أنه يملك نصفها, وهو لا يعيش هناك مطلقا. واعتقد أنها ستنتهي إلى الخراب, وهذا عار, في الوقت الذي يمكن تحويلها إلى مكان استجمام لقضاء عطلات جميلة فضلا عن إفساح مجال العمل لابناء المنطقة في مشروع كهذا.
-وهل التقيت أحدا من العائلة المذكورة؟
-نعم, الذي يريد البيع. قدم إلى مكتب لندن في الخريف. إنه متشوق إلى أن يرى شركة ترانسمارين تلتزم هذا المشروع.
-كيد, انما بثمن.
أجابها بملاحظة مبهمة جعلتها تلتفت إليه وتحدق فيه بينما ينظر خارج السيارة متظاهرا بعدم الاهتمام.
لاحظت ميراندا بعض المنازل. لمعالمها الهندسية جمال فريد. كانت لها حدائق جميلة تحوي شتى أنواع الورود. وأعجبتها الطرق الضيقة وعند أطرافها البحر يلمع تحت الشمس وأمواجه الفاتحة الزرقة تتكسر فتستحيل زبدا عند الشاطئ الذهبي.
انعطفت سيارة الأجرة إلى طريق رئيسية, حيث اصطفت بنايات حديثة من الاسمنت, شديدة البياض تحت الشمس. بعضها دل في هندسته على أثر اسباني, القناطر مغربية فخمة شرفاتها من حديد. فجأة لاحظت إلى اليمين حجرا أسمر دافئا يتوهج كالذهب تحت أشعة الشمس, وأبراجا ضيقة مستديرة الرأس, وجدرانا كبيرة مائلة.
سألته وقد أعجبها هذا المظهر الاثري:
-ما هذا؟
-حصن سان جيرونيمو. إنه واحد من سلسلة حصون بناها الاسبان لحماية الميناء من القراصنة البريطانيين و الفرنسيين. سان خوان قديمة بالنسبة إلى عالم اليوم. عمرها أربعمائة وخمسون سنة, منذ قدوم المحتلين إلى هنا.
فجأة استطرد يسألها:
-ماذا ستفعلين في هذه الرحلة العملية التي نظمها رئيسك؟
-أسجل الملاحظات, أطبع رسائل وأساعد السيد انغرام في عملية الترفيه.
-وتساعدين على تليين قلب ذلك العاصي في العائلة الذي لا يريد البيع؟

جين أوستين
19-07-2011, 12:52
كان سؤاله ذكيا و موحيا بالمعاني, مما لم يعجب ميراندا.
-سأعرف كيف أقوم بذلك. (أجابته بجدية) ثم إني لا أظن أن السيد انغرام يلجأ إلى أساليب كهذه.
-وأنت؟
كان في سؤاله شيء من السخرية.
-كل ما سأفعله هو إظهار الفوائد التي تقدمها شركة ترانسمارين, هذه الفوائد التي ستفوق ما تقدمه أي جماعة أخرى.
-هل مكثت في أي من فنادق ترانسمارين؟
-كلا.
-إذن, أنت لا تعرفين الكثير عنها, أليس كذلك؟ كذلك لا أعتقد أنك فكرت بشعور أهالي الجزر الذين يتضررون في المدى الطويل من مؤسسات أمثال الترانسمارين بدلا من تركهم ينمون إمكاناتهم الذاتية بأساليبهم الخاصة.
-لكنهم يستفيدون كذلك من وظائف وتسهيلات جديدة.
-ليس دائما, وهنا المشكلة. نحن في طريقنا إلى البلدة القديمة الآن, هنا سترين الجمال الحقيقي, قليل من القدم و الانحلال, ومع هذا هي بلدة رائعة الجمال. فجأة, يأتي أحدهم ليبدي اهتمامه بها واستعداده لينفق على تحسينها.
كانت سيارة الأجرة تعبر شوارع ضيقة بين منازل عالية الجدران, نوافذها طويلة وأنيقة مشرعة على شرفات حديدية دقيقة وبواباتها الجميلة تحمي باحات خضراء وشجيرات تنعكس أشكالها في مياه الينابيع وقريبا من المرفأ بنايات متصدعة جرداء اللون تقوم على أعمدة خشبية.
فجأة وصلا إلى شارع عريض يحاذي الميناء حيث مساحة من المياه وسيعة كانت تلمع تحت الشمس. وسفن كبيرة للنزهة ترفع مراسيها. طلاؤها أبيض مضيء, أعلامها البهيجة ترفرف مرحة في الريح.
انعطف السائق إلى الشارع وسألها بالانكليزية عن اسم الرصيف الذي يقصدانه. ولما تطلع الرجل نحوها متسائلا بدوره أدركت ميراندا أنها لا تعرف العنوان. فأقرت بجهلها وأعطته اسم اليخت. أبلغ الرجل الاسم إلى السائق الذي أومأ برأسه قائلا كلاما بالاسبانية.
تمتم صاحب النظارتين الشمسيتين :
-يقول السائق إنه نقل أحدهم إلى اليخت الذي تقصدين, وهو على الرصيف.
بدا باردا ومغلقا على ذاته. وأحست بأن الدفء الذي لاقاها به تبدد عن قسماته كما أحست بالأسف أن انسانا بهذا اللطف وهذه المساعدة سيفلت من حياتها إلى الأبد.
خرجت إلى الرصيف, كانت الشمس حادة تخترق خيوط سترتها وتلصقها بجلدها. كانت ساقاها دبقتين تحت جوارب النايلون, وتمنت لو تغطس في المياه الزرقاء. أخرج مرافقها محفظته, ونقد السائق أجرته قبل أن ينطلق هذا مبتعدا. اقترب حمال ووضع الحقائب على عربته. اذ ذاك تأكد لها أن الرجل ذا النظارتين سيرفقها حتى اليخت.
دخلا قاعة باردة وعبرا ممرا, وخرجا من الطرف الىخر واتجها إلى حيث رسا مركب للنزهة كبيرة يلمع. كان الناس يصعدون إليه. حين عبرا مقدمته رأت ميراندا الاسم وتحققت أنه المركب الذي سيقل ماري موات و ولتون في رحلة استجمام بحرية لمدة اسبوعين.
أخذ التعب ينال منها وهي تسير خلف الحمال والرجل ذي النظارتين. كان يومها طويلا, وقد بدأت تحس بآثاره. بينما بدا الغريب الداكن البشرة بلون النحاس غير آبه بالحرارة. كان يسير على هواه وهو يتحدث إلى الحمال. وقدرت ميراندا بادرته في مرافقته اياها إلى هنا. إذ لم يكن ليكترث إليها كثيرون غيره.
كانا قريبين كفاية من قارب صغير مربوط وراء يخت النزهة فاستطاعت أن تتبين اسمه المحفور بأحرف ذهبية عند مقدمه.
قال الرجل مشيرا إلى المعبر:
-ها قد وصلنا...
وبتردد خطت ميراندا صوبه تتساءل إذا كانت لحظة الفراق قد دنت.
-سآتي معك.
قالها بصوت خافت, مما جعلها ممتنة له, من دون أن تدعه يلاحظ ذلك لأنها كانت نضع على عينيها هي أيضا نظارتين شمسيتين.
انعطفت وراحت إلى المعبر الذي كان فوق مساحة من الماء ضيقة تفصل اليخت الأبيض عن المرسى. على متن القارب وجدت نفسها أمام بابين من الزجاج. فتحت أحدهما, ودخلت مكانا مبردا.
نزعت عن عينيها نظارتين بتمهل لتعتاد الضوء الخفيف بعد نور الشمس القوي خارجا, لهذا لم تنتبه إلى شابة في الممر سمعتها تهتف:
-ماذا تفعل هنا يا روجر؟
-كما تفعلين.
لم تستطع حرارة صوته أن تخفي برودة ما في داخله.
-إني هنا للبحث في مستقبل أملاك غالنت.
التفتت ميراندا نحوه وعيناها الرماديتان الواسعتان تتهمانه. كان قد ازاح نظارتيه فظهرت عيناه إذ التقتا عينيها, خضراوين بشفافية الجليد.
-نعم ميراندا. ( قال يرد نظرتها المتهمة) أنا هو المتمرد في عائلة غالنت, أنا هو الأناني الذي يرفض بيع حصته. أنا روجر غالنت , وأريد أن أقدمك إلى واحدة من أبناء عمي, خوانيتا غالنت خوانيتا, هذه ميراندا بنسن, سكرتيرة انغرام.

جين أوستين
19-07-2011, 12:54
2-لم تتخيل ميراندا أن مهمتها شائكة إلى هذه الدرجة. وجدت نفسها ممزقة بين مصالح الشركة التي تعمل فيها وبين عائلة غالنت التي تحبها. وخصوصا روجر, الموسيقي الذي له أكثر من موهبة!






وقفت ميراندا جامدة هادئة محاولة التغلب على عاصفة الغضب التي هددت تماسكها. كان غضبها ممتزجا بشعور من الخيبة, ذلك أن الشاب الذي صاحبها في المطار ورافقها إلى اليخت خدعها. وأحجم عن ذكر اسمه عمدا وتركها تفصح عن خطط الترانسمارين.
-كيف حالك؟ إني سعيدة بوصولك سالمة. كنت في انتظارك. السيدة انغرام رغبت في الذهاب إلى شاطئ لوكويلو لتمارس هواية السباحة, فأخذها السيد انغرام وطلب مني استقبالك. يا له من حظ أن تحضري وروجر معا إلى اليخت.
على رغم اسمها وملامحها الاسبانية كانت خوانيتا تتكلم الانكليزية بلكنة كالتي لروجر. كانت الكلمات تفيض منها بسرعة كأنها خائفة أن يقاطعها أحد قبل أن تقول كل شيء. كانت في نحو الثالثة والعشرين من العمر, شعرها أسود كالليل, عيناها رماديتان ضاحكتان وملامحها كاستيلية, ترتدي تنورة فضفاضة وقميصا يصل إلى ما دون كتفيها. ابتسمت ميراندا بجهد كبير وشكرتها.
-لم يكن هناك داع لأن تزعجي نفسك. ( أجابتها الشابة الذهبية البشرة).
ثم التفتت إلى ابن عمها وقالت:
-من زمن طويل لم يلتئم شمل العائلة هكذا, يا روجر.
-جميعنا؟ ( استوضحها ببرودة) هل مارني هنا؟
بدت خوانيتا على غير ما يرام, وهربت الضحكة من عينيها.
-نسيت مارني. ( اعترفت بصوت خافت).
رد بحدة قائلا:
-معظمكم ينساها أكثر الاحيان.
ولاحظت ميراندا, اذ رمقته, أن روجر كان غاضبا بمقدار غضبها هي والشرر يتطاير من عينيه وفمه الجميل تقلص.
-لمجرد أنها ضريرة لا يعني عدم وجوب حضورها في أي حال, أي صفقة بيع يجب أن تشملها مباشرة. هل عرفت أن طومس لم يعلمها برغبته في البيع؟ كما لم يعلمني بالأمر أنا أيضا.
-إذن كيف عرفت الأمر؟( سألته خوانيتا).
التفت ينظر إلى ميراندا بعينين خضراوين تشعان, وأجاب بلباقة:
-عرفت في طريقي إلى هنا. الآنسة بنسن أخبرتني.
أحست ميراندا بقواها تكاد تخور وتمنت لو تجد حائطا قربها لتلطمه. واقتضى منها هذا الموقف كل ما عندها من برودة لتبدو وكأن شيئا غير عادي لم يحدث. وهي لم تستطع إلى الآن أن تتعامل مع روجر غالنت كما يجب. كشفت كل شيء حتى قبل شروعها في المهمة الجديدة.
سألته خوانيتا وقد أخذتها الحيرة:
-ولكن لماذا جئت إذا كنت لا تعرف الهدف من رحلة الاستجمام هذه, ومن الذي دعاك؟
-قدمني كيت ويليامز إلى انغرام خلال حفلة في نيويورك. وذكر لي هذا الأخير أنه سينظم هذه الرحلة إلى الجزر. وقال أنه يرغب في تسميتها فورتوغا, وكذلك دعاني إلى الالتحاق بها. ولأنه لم يكن لدي ما هو أفضل رأيت أن أقبل الدعوة. لم أكن أعرف أنه يعمل في الترانسمارين, أو أن شركته كانت مهتمة بشراء العقار. وإلا لما أتيت. متى بدأت هذه المفاوضات, يا خوانيتا؟ هل تعرفين؟
-كل ما أعرفه هو أن والدي ذهب إلى لندن الخريف الماضي للاجتماع بمسؤولي الترانسماؤين. كان يجس نبض المهتمين بتنمية الفنادق وأماكن الاستجمام بغية بيع العقار المسمى الفولي. تقدمت الترانسمارين بأفضل عرض. عندئذ اكتشف السيد انغرام أن الفولي لا يباع من دون أن يباع الآخر المعروف باسم الفانسي ولهذا السبب اتصل بك.

جين أوستين
19-07-2011, 12:55
تمتم روجر علامة الموافقة ثم قال معلقا:
-وبدهاء عظيم اقنعني بالمجيء إلى هنا. لماذا يريد طوم البيع؟
اجابته خوانيتا بخجل:
-أظن أنه في ضيق مادي. أرجو الا تغضب, يا روجر. انك تعرفه.
-اعرفه جيدا. ( غمغم روجر بمرارة) هل أتى رامون معك؟
-نعم.
وأضاء وجه خوانيتا بالضحك.
-لدينا الكثير لإبلاغك إياه. اننا ننتظر مولودا في حزيران.
لمعت ابتسامة شاحبة في وجه روجر النحيل:
-حسنا. اعتقد أنه من الافضل أن تفعلي ما قاله انغرام وأن تأخذي سكرتيرته إلى حجرتها. من المفروض وجود من يحمل حقائبها. ثم اني في حاجة إلى شراب منعش.
قالت خوانيتا:
-هناك مقصف. اليخت رائع يا روجر يحوي كل شيء.
-ثقي بأن لدى ترانسمارين كل شيء. ( قال روجر متهكما, ملتفتا إلى ميراندا ببرودة, وابتعد يصعد درجات مغطاة بسجادة. رأته ميراندا يختفي فداخلها شيء من الراحة).
-أنت تعبة من دون شك. ( خاطبتها خوانيتا بصوت حنون وبشيء من القلق بان في عينيها العسليتين وهما تتفحصانها) أعلم جيدا معنى السفر بالطائرة كل هذه المسافة. كنت أتلقى دروسا هناك.
وذكرت خوانيتا اسم مدرسة مخصصة للبنات في غرب انكلترا, وسألتها إذا كانت تعرفها. فردت ميراندا بانها سمعت بها لكنها تحاشت أن تذكر لها أن هذه المدرسة أرقى بكثير من المدرسة التي تعلمت هي فيها.
-من هنا. ( قالت خوانيتا وكأنها معتادة على اعطاء الأوامر) حجرتك قريبة منا. أخي يأتيك بالحقائب فيما بعد. لو كنت مكانك لاستحممت وحاولت النوم. وحين يعود الآخرون من لوكويلو نتناول عشاءنا ونذهب إلى نادي ليلي لمشاهدة رقص الفلامنغو . زوجي رامون من بورتوريكو. عائلته اشترت مصفاة غالنت من سنوات. إنهم مشهورون بصناعة العصير. آمل في أن يأتي روجر معنا إلى النادي. إنه المكان الذي كتب فيه موسيقى النجوم في البحر. هل عرفت انه مؤلف موسيقي؟
توقفت خوانيتا عن الكلام, ربما بسبب تعبها الناتج من نزولها الدرج إلى الطابق السفلي الذي يفضي إلى رواق عريض شبيه بالرواق الذي كانا فيه لتوهما والذي يمتد من مقدم اليخت إلى مؤخره.
أجابت ميراندا دون أن تخفي برودة في صوتها:
-أخبرني السيد انغرام.
والتفتت خوانيتا إليها قائلة:
-انك منزعجة. لم يكن روجر لطيفا, إنه ليس دائما كذلك. حتى لو كان مضطربا, فهو لا يظهر غضبه, خلافا لي. حين, اغضب, تعرفين.
وضحكت خوانيتا.
-آمل ألا يرحل روجر. فأبي يحاول الاتصال به منذ فترة للبحث في مستقبل اراضي غالنت, ولكن روجر لا يجيب على رسائله. إنه يتهرب كثيرا ويكره العمل. الموسيقى همه. يبدو أحيانا غريبا ومأخوذا إلى عالم آخر, وهذا يزعجنا.
انعطفت في ممر ضيق يمتد على طول جانب اليخت. تبعتها ميراندا والقلق على مستقبلها يستبد بها فجأة.
-آمل ألا يرحل. ( قالت ميراندا) انه يعرف سبب دعوته إلى هذه النزهة البحرية, وإذا رحل قبل قدوم السيد انغرام سأكون في مأزق. كنا قادمين معا إلى الميناء, وفي أثناء الحديث اعلمته بسبب مجيئي إلى هنا وغاية السيد انغرام من دعوته للآخرين, وهذا قبل أن أعرف من يكون. كيف كان في مقدوري معرفته؟
وقفت خوانيتا خارج باب ضيق محدقة في ميراندا.
كان في استطاعتك معرفته من صورة ربما اطلعت عليها من قبل. ( ردت خوانيتا) طالما أنه في هذه الملابس والنظارتين السوداوين سيكون من الصعب التعرف إليه, وربما لهذا السبب أراد أن يبدو كذلك على ما أظن.
قالت ميراندا بشيء من الغضب:
-ما رأيت صورته أبدا من قبل. وما سمعت به أو بموسيقاه حتى أول من أمس.
-لم تسمعي به حقا؟( سألتها خوانيتا متعجبة) آه, انه يحب معرفة ذلك. انه انطوائي ويكره الدعاية التي ترافق أغانيه. من هنا خوفي الا يأتي معنا الليلة إلى النادي, ذلك أن لويز بينتز قد يثير ضجة حوله ويسلط عليه الاضواء. ما هو المأزق الذي ستقعين فيه إذا رحل قبل وصول دوغ انغرام؟
-قد أخسر وظيفتي وأنا لم أبدا بها بعد.
-لا تخافي, لن أدع هذا يحصل. والآن هذه حجرتك.
فتحت خوانيتا الباب, ودخلتا إلى مقصورة صغيرة مرتبة تحتوي على سرير, خزانة, علاقة ثياب وحمام. وكان الضوء يتسرب إليها من كوتيها الصغيرتين.
-بيننا بابان, وهذا شيء مفرح, عندك راديو.
لم تعرف ميراندا كيف تخاطبها, فلقبتها سنيورة.
-أرجوك ناديني نيتا. 0قاطعتها خوانيتا ضاحكة) إن كلمة سنيورة كلمة اسبانية فيها كثير من التكلف بين انكليزيتين. عليك أن تتذكري دائما أني درست في انكلترا وأني ابنت طومس غالنت. مع أني أشبه أمي البورتوريكية وطبعي لاتيني.
-ولكن أكيد أن السيدة غالنت والدتك.
لاحظت ميراندا متذكرة جمال دون غالنت الفضي كأشعة الشمس شاحبة وذلك في عتمة مكتب في لندن بعد ظهيرة أحد الأيام من شهر تشرين الثاني.
-دون زوجة أبي. تزيدني بست سنوات فقط. التقاها أبي في ميامي. يومها كانت تغني مع فرقة في ناد. حين التقت روجر أحبته, لكنه كان في عالم آخر, وهكذا صارت من نصيب والدي.
قالت خوانيتا ذلك بشيء من العبوس والتهكم.

جين أوستين
19-07-2011, 12:56
-أحكي كثيرا, واشعر أنك تعبة وغير قادرة على الاهتمام بتعقيدات عائلة غالنت. سأبحث عن أخي كارلوس الذي على رغم اسمه الاسباني تلقى دروسه كبقية الاميركيين فب الولايات المتحدة. ناديه تشك, برضاه. سيحضر إليك حقائبك.
وخرجت, فبدت الحجرة غارقة في الهدوء من دون حضورها الحي المشع.
تهالكت ميراندا على السرير مرهقة ورمت بحذائها. احست بقدميها أكبر حجما مما هما في الحقيقة. نظرت إلى نفسها في المرآة وتعجبت كم هي باردة وجامدة. لباسها الأزرق البحري ل يزل كما كان, وشعرها ناعم. وحدها دلائل الحر دمغت خديها المحتقنين, وبدت عيناها أكثر اتساعا. خلعت جاربيها. كانت بشرة ساقيها بيضاء. وتذكرت خوانيتا, وكانت سعيدة أن هذه فتية ولطيفة. لطفها محا إلى حد ما الخيبة التي شعرت بها حين عرفت أن مرافقها من المطار كان روجر غالنت.
وتساءلت عما دفعها إلى أن تفصح عن خطط الترانسمارين لشراء عقارات غالنت وتنتقد بلا تحفظ شخصا لم تكن تعرفه, هذا الشخص الذي رافقها وكان موضوع حديثها بالذات؟ كان عليها أن تتذكر أن السكرتيرة يجب ألا تثرثر للجميع عن أعمال رئيسها. لكن غالنت كان لطيفا إلى درجة كان من الصعب عليها عدم التحدث إليه.
"هذا ليس عذرا, يا ميراندا", هكذا تخيلت ميراندا العمة كلارا تحذرها من التحدث إلى الغرباء. لكنها عصت هذه النصيحة وانخدعت.
راجعت القضية بدقة ورأت أن روجر ربما كان غاضبا لأن السيد انغرام خدعه كذلك, وهي لا توافق على حيل رئيسها في اقناع مؤلف موسيقي بالالتحاق بنزهة الاستجمام البحرية للبحث في مستقبل عقارات غالنت. قبل برهة وجيزة كانت تدافع عن السيد انغرام قائلة أنه لا يلجأ إلى أساليب غير أخلاقية. كم كانت غبية بالنسبة إلى روجر الذي عرف تماما مدى احتيال السيد انغرام.
سمعت طرقا على الباب فانتصبت بسرعة على قدميها. فتحت الباب, فإذا بشاب من عمرها كبير وقوي يرتدي زيا رياضيا قصيرا, شعره طويل أسود, داكن, عيناه على شيء من الزرقة الناعسة. حقيبتان عند قدميه. تنهد ومد يده الكبيرة.
-أنا تشك غالنت. طلبت مني خوانيتا احضار حقيبتيك. سعيد للتعرف إليك.
سلمت عليه ميراندا وابتسمت.
-شكرا. هل لك أن تضعهما هناك؟
وضعهما بسهولة قرب الخزانة وعاد لينظر إليها ثانية.
-آمل أن تتعشي معنا الليلة. يسعدني أنك لست متوسطة العمر أو متزوجة كالأخريات هنا. بدأت أشعر أني أخطأت في القدوم إلى هنا, لكن حضورك وروجر جعل الوضع أكثر حيوية. دوغ ينعش الجو دائما حتى ولو على حساب والدي. إنه رائع, ولكن خبيث. أتسبحين؟
-قليلا.
-عظيم. ربما نسبح أو نغطس.هناك الكثير من التجهيزات على اليخت وقارب شراعي صغير. آمل في أن أراك ثانية.
تمتم ذلك وهو يخرج.
فتحت ميراندا احدى حقيبتيها وأخذت مناشفها وقميص النوم. كانت ترغب في الاستحمام والنوم بين أغطية خفيفة في غرفة مكيفة الهواء.
نامت عميقا, ورأت حلما خلاصته أنها كانت تسبح في مياه خضراء دافئة تدغدغ بشرتها كما يفعل الحرير. وبعد هنيهة أدركت أنها كانت تحت الماء تهبط وتعلو كسمكة. كانت رغبتها كبيرة في الخروج من مسالك المرجان الضيقة إلى سطح الماء لكن شيئا ما كان يمسك بقدمها, وكلما صارعت, كلما عقلت به أكثر. تطلعت إلى الوراء فرأت عشبة بحرية بنية غامقة. وحين حدقت فيها صارت العشبة شعرة, كان أحدهم يسبح إلى جانبها واضعا قناعا بحيث أنها لم تتمكن من رؤية عينيه أو وجهه. وارتفع صوت:
-أنت ممسوكة الآن, لا مهرب. قبضت على أوهام غالنت, يا ميراندا.
كان صوت يردد اسمها مرة بعد أخرى. فتحت عينيها فإذا بمن ينحني فوقها. شعر رمادي أجعد, حلق الماس في الاذنين وعنق مستدير ممتلئ, ملامح ذات ابتسامة متألقة. إنها زلدا انغرام.
-حان الوقت يا ميراندا. سنتعشى معا على الشاطئ, و دوغ يرغب في لقائك قبل الذهاب.

جين أوستين
19-07-2011, 12:58
جلست ميراندا وإحدى قدميها ملتفة بغضاء, وهذا ما جعلها تحس في الحلم بالقيد حول رسغها. تطلعت بصعوبة في الضوء الصادر عن لمبة موضوعة على الخزانة الصغيرة. ومن ثم إلى النوافذ الضيقة ذات الستائر البيضاء والزرقاء. لا شك أن الظلام مخيم في الخارج. و أدركت أنها كانت تحلم.
-كم الساعة؟
-السابعة والنصف. آمل أن تكوني أحسن حالا بعد هذه الإغفاءة القصيرة. حسنا فعلت بنومك هذا بعد تلك الرحلة الطويلة. عسى أن تكوني قد جلبت ما ترتدينه للعشاء خارجا. هل لديك رداء طويل؟
كانت زلدا ترتدي لباسا أسود ناعما أكمامه طويلة وطوقه ضيق, مما جعلها تبدو أكثر رشاقة.
-لدي تنوره طويلة وبلوزة.
أجابت ميراندا:
-عظيم. والآن البسي بسرعة واذهبي إلى مكتب دوغ, ومعك أشرطة التسجيل وملف المراسلة. لن يبقيك طويلا, سيضعك في الصورة بالنسبة إلى المدعوين. سننعم بالوقت. تصوري راقصي الفلامنغو, ونحن لسنا أسبانا!
ولما خرجت السيدة انغرام ارتدت ميراندا التنورة الطويلة ذات الزرقة العميقة, وبلوزة بيضاء كانت قد اشترتها لمناسبات كهذه. مشطت شعرها وتبرجت, حملت الأشرطة و سجلات الرسائل التي أتت بها وتوجهت إلى حجرة دوغ انغرام التي اتخذ منها, في نفس الوقت, مكتبا له في أثناء الرحلة.
بدا طويلا وأنيقا, أكثر جمالا في سترته البيضاء وقميصه الأبيض, وربطة عنق وبنطال قاتمين. وأظهر لباسه الرسمي قامته المستقيمة وشعره الذي غزا أطرافه الشيب. والنهار الذي قضاه في الشمس لوح وجهه فبرز لون عينيه الرمادي, وجعله يبدو الخمسين من عمره.
-إني سعيد برؤيتك يا ميراندا.
حياها ببرودة:
-ضعي الأشرطة هناك. آسف أني لم أكن هنا حين وصلت مع روجر غالنت. ظننت أنه آت بطائرة قد تتأخر من نيويورك. أردت أن أكون هنا لأشرح له سبب وجود أكثر أقربائه وسبب الرحلة البحرية. في أي حال, من الحديث القصير الذي كان معه أشعر بأنك قمت بهذا الأمر قبل الذهاب إلى العشاء.
كان هناك صمت مخيف بينما كانت عيناه القاسيتان تخترقان عينيها. رطبت ميراندا شفتيها وقالت بنعومة:
-كان غاضبا.
-طبعا, ولكن يبدو أنه تقبل الأمر من فتاة جميلة مثلك أحسن مما لو كان عرفه مني. كان على ما يرام في المقصف وبدا سعيدا لرؤية السيدة دو غالنت. يجب معاملتهم بلباقة فائقة.
-آسفة, يا سيد انغرام...
وتوقفت ميراندا عن الكلام حين رفع يده مبتسما.
-لا أعذار ولا شروحات هذه المرة, يا ميراندا. أعرف أنك لم تكوني على علم بهوية مرافقك. ممكن تحويل هذا الخطأ البسيط إلى مصلحتنا.
-وكيف؟
-من الحديث القصير معه شعرت أنك حزت على إعجابه, لهذا أتمنى لو تستغلين اهتمامه بك كي نتمكن من إقناعه ببيع حصته من الأرض.
توقف السيد انغرام متأملا, وتابع يقول:
-إنه ليس بالإنسان السهل, كما اكتشفت في نيويورك. فلو أني أعلنت مسبقا كل شيء لما قرر المجيء إلى هنا. على أي حال, ممكن أن يكون أكثر طاعة للمرأة. و الآن بما أنك هنا مع بقية العائلة المهتمة ليس فقط برؤية فورتوغا ملجأ للراحة, بل بالحصول على المال أيضا, أرجو أن يترك برجه العاجي ويقبل عرضنا لشراء العقار.
رغم أنها دهشت لفكرة إثارة اهتمام رجل بها لأجل غاية معينة هو لا يريدها, أجابت ميراندا بشيء من الشعور بالواجب:
-نعم سيد انغرام, ربما كان من المفيد لو أعرف القليل عن العقار موضوع الصفقة. لا أعرف من يملك ماذا.
-أوافقك الرأي. من الأفضل أن تطلعي على المشروع بكل تفاصيله, عندئذ تكون الأخطاء أقل.
ورغم ابتسامته الحلوة, شعرت ميراندا بالحمرة في خديها.
تابع السيد انغرام:
بالنسبة إلى طومس انغرام اللئيم فان لفورتوغا تاريخا مهما و رومانسيا. سكنها بادئ الأمر اسباني من عائلة فورتوغا ثم جاءها قرصان يدعى ريتشارد غالنت أحبها ورأى فيها واقع أحلامه تماما كما أحبتها ابنة الأسباني. فاحتاجها وذبح الأسباني وتزوج ابنته, وسمى الجزيرة غالنت فانسي.
تذكرت ميراندا حلمها الأخير فجأة, فرمقها بنظرة غريبة, وسألها:
-هل هناك من شيء؟
-كلا. كل ما في الأمر أن الاسم غريب.
-لكنه اسم وصفي. ( قال السيد انغرام) وحتى نختصر القصة, عادت الجزيرة في السنوات الأخيرة إلى اسمها الأصلي, واسم غالنت فانسي أطلق على الأرض التي يملكها ابن القرصان الأكبر, بينما أطلق اسم غالنت فولي على أرض الابن الأصغر. وبناء على اتفاق قديم, ما من قطعة يمكن بيعها من دون الأخرى. وكما هو واضح, أن السيد طومس غالنت صاحب غالنت فولي, والسيد روجر غالنت صاحب الفانسي وبيت الأخير في بقعة رائعة وهو كان مشغولا إلى فترة قريبة. من الممكن أن يكون أساسا عظيما لفندق جديد.
-اعتقد أنه لا يزال مشغولا. ( قالت ميراندا بهدوء).
-وكيف عرفت؟ ( سألها بنظرة تقدير).
-السيد روجر ذكر شيئا من هذا لابنة عمه. أشار إلى سيدة تدعى مارني, وهو يظن أنها يجب أن تشاركه في المفاوضات المتعلقة بصفقة البيع.
-اعتقد أن لك أذنا يقظة, فأنت تلتقطين كلمات عابرة تفيدنا. حاولي التعرف أكثر إلى شخصية مارني. والآن يجب ألا نترك الآخرين ينتظرون. تذكري فقط ما قلته لك واعملي ما تقدرين عليه.
-سأقوم بالمستطاع.
-أنا متأكد من هذا, ولهذا السبب بعثت في طلبك.
نشر الليل ستارا مخمليا أسود عبر السماء مرصعا بنجوم ماسية مضيئة. وفي المرفأ تلألأت مراكب النزهات بالأضواء المعكوسة في المياه القاتمة فبدت نجوما في البحر. وكان الهواء دافئا وعاطرا.
بدا الجو لميراندا ساحرا, وأحست أن معنوياتها مرتفعة بالنسبة إلى ما سيستجد وهي تمشي في شوارع بلدة سان خوان القديمة إلى المطعم حيث العشاء.
كان الشارع ضيقا تمتد على جانبيه أسوار أسبانية عالية. ومن خلال أبواب إحدى الحانات المفتوحة ذات القناطر لمحت زجاجات على الرفوف تلمع, وضوءا على وجوه الرجال, وهمهمة ناعمة تصحبها أنغام قيثارة حارة.
قطعت شارعا اصطفت على جانبيه محلات مضيئة, كان يعج بسيارات كبيرة تتحرك ببطء وكل سيارة تقل بورتوريكيين ساعين وراء المتعة. ولاحظت إلى اليسار مجمعا ضخما يشع أنوارا, وأشجارا ناعمة ترمي بظلها الرقيق على حجر أجرد, وفي الوسط شاب على مسرح خشبي يخطب في جماعة من الشبان الناضجين.

جين أوستين
19-07-2011, 12:59
المطعم الذي اختاره دوغ انغرام كان جوه دافئا و مرحبا, ديكوره أسباني الطابع, جدرانه قاتمة الحمرة وخشبه داكن, أما سقفه فواطئ. بدا صاحب المطعم حسن المظهر يرتدي بدله رمادية مخملية وقميصا مخرما وربطة عنق. حياهم فردا فردا وقادهم إلى المائدة.
لحسن حظها جلست ميراندا إلى نفس المائدة التي جلست إليها خوانيتا و رامون و تشك. وإلى المائدة الثانية جلس السيد انغرام وزوجته, دون التي بدت غارقة في أنواع الحلي المختلفة من فضة وعقيق تتوهج في تلك الحجرة الخافتة الضوء. وإلى جانب دون جلس روجر, وبدا هذه المرة غير ذلك الشاب اللطيف في بنطلونه الجينز الأزرق الذي رافق ميراندا من المطار تلك الظهيرة. إنه الآن جذاب, أنيق ببذلته الطحينية الخفيفة وقميصه الأسود وربطة عنقه الفاتحة. بدا صعب المنال بالنسبة إلى ميراندا, وأحست بشيء من الانكماش والخوف من المهمة التي أوكلها إليها السيد انغرام. كيف سيكون في استطاعة فتاة ريفية بسيطة مثلها تشجيع أمثال روجر غالنت الذي كان في دخوله مكان ما, أو في جلوسه إلى المائدة يثير فضول النساء واهتمامهن البالغ؟
كان رامون, زوج خوانيتا, طيب المعشر, قصيرا ونحيلا, أسود الشعر متموج, أسود العينين وصاحب ابتسامة خاطفة تحت شاربين أسودين متهدلين. أخبر ميراندا أنه من عشاق الحفلات, وأنه مصمم على الاستمتاع بهذه الحفلة.
قال لها مفاخرا"أن بورتوريكو بمثابة قطعة حلوى على مائدة الجزر الكاريبية. ما عندنا عالمي, وهذا بفضل السفن الأسبانية التي اعتادت الإبحار إلى هنا. ما من أحد كان يأتي هنا دون أن يحضر معه نباتات من أنحاء الإمبراطورية الأسبانية. ونتيجة لهذا نحن نزرع البرتقال الأسباني, الموز الأفريقي, أناناس البحر الجنوبي وقصب السكر الهندي".
أكلت ميراندا شبعها, وقد أقنعها كلامه, من الحساء المكون من البندورة و الباذنجان. وفي أثناء تناول الطعام كانت القيثارات تعزف, إضافة إلى موسيقى أسبانية ذات تراث قديم, أنغاما من أمريكا اللاتينية.
حين انتهوا من الطعام خرجوا إلى الشوارع الضيقة يقصدون ناديا ليليا. وبدا لها النادي من الخارج كإحدى الحانات الصغيرة التي مرت بها ميراندا في طريقها إلى المطعم. لكنهم عبروا صالة الحانة الصغيرة ودخلوا حجرة داخلية محجوبة بستار مخملي أحمر, جدرانها بيضاء, قناطر تؤدي من فسحة إلى أخرى, وعلى كل مائدة شموع متفرقة وفي الوسط كان الضوء مركزا على راقص يتحرك ببطء وكعبا حذائه يضربان الأرض بإيقاع, وهو يؤدي رقصة على المسرح.
أخذت ميراندا بالراقص لفترة غير قصيرة. كان بنطلونه ضيقا, قميصه أسود طويل الأكمام, وقبعته سوداء مائلة على وجه أسمر ضامر. كانت مسحورة برقصه ولم تفارق نظارتها خطواته إلا بعد وقت طويل. ثم شرد بصرها باحثة عن روجر, تتساءل في الوقت نفسه عن حقيقة شعوره لعودته إلى المكان الذي فيه كتب موسيقى الأغنية التي جلبت له و لصديقه كيت ويليامز النجاح.
كان يجلس إلى مائدة أخرى مسندا ظهره إل ظهر كرسيه من دون أن يشاهد الراقص, إذ كان يحدق فيها. وفي نور الشموع ظهرت تقاسيم وجهه الحقيقية وفي عينيه شعلتان ترقصان.
لم تتمكن من إخفاء احتقان وجهها حيال نظراته الآسرة, وبدا جو الحجرة الكهفية حولها خانقا رغم الهواء المكيف. عزف القيثار المستمر وطقطقة أقدام الراقص أثارا غليان دمها وزادا من سرعة نبضها. كانت تعي بوضوح ما يدور حولها... رائحة دخان السكائر الغنية ممتزجة بعطور قوية من بعض النساء, وبشرة شديدة البياض أو سمراء تعكسها ألبسة داكنة أو متنوعة الألوان , وأحلام استوائية تراود زبائن المكان تعلنها رفة عين أو توتر عصب. إلا أن الشيء المميز الذي وعته أكثر أي شيء آخر كان تحديق رجل فيها وخطوط فمه تبرزها ابتسامة جذابة.
ماذا حل بها؟ ما هذه المخلوقة التي يخفق قلبها ويتخضب خداها بسبب نظرة غريب إليها وابتسامته لها بطريقة مغرية؟
ربما السبب هو المكان, القيثارة, وهج الشموع, إيقاع الأقدام الراقصة والأحاسيس الكامنة. كل هذا ربما كان فوق طاقة فتاة مثلها نشأت في جو بارد تحكمه عمة عانس.
أحست بالحنين إلى برودة بيت العمة كلارا وإلى الحياة البسيطة معها. وأحست بالعطش فتناولت كأسها التي كانت أمامها, وكانت جرعة طويلة وباردة.
توقف الرقص فجأة, فعلا تصفيق حاد, مما جعل الراقص ينحني مرات عدة. رشفت ميراندا من عصير الفواكه اللذيذ متطلعة ثانية بطرف عينها, ولكن هذه المرة خلسة, إلى روجر الجالس إلى مائدة مجاورة.
تملكها العجب, إذ كان مقعده خاليا, كذلك المقعد المجاور حيث كانت دون غالنت. يبدو أنهما ذهبا حين كان التصفيق في ذروته وفي غفلة من الآخرين.
في الحقيقة, لم يلاحظ طومس غالنت غياب زوجته إلا لدى مغادرتهم النادي الليلي إلى الشوارع الضيقة حيث هيئات بشرية كانت تتحرك على الشرفات. وسلالم بانت درجاتها تحت أضواء خابية تقود من أبواب مقنطرة إلى البيوت المنتشرة.
قال تشك:
-بوب فقد صوابه, اسمعوه يرغي ويزبد.

جين أوستين
19-07-2011, 13:00
وتناهت من الخلف زمجرة طومس غالنت, وبلغة لا تحفظ فيها اتهم ابن عمه بسرقة زوجته.
قالت خوانيتا بإصرار وهي مسرعة في الشارع تشد ميراندا معها:
-دعينا نبتعد عنه. لقد عرف أن دون ستروح معه إن هو دعاها إلى ذلك, وقد فعل ذلك لإزعاج والدي. يجب أن تعرفي, يا ميراندا, أننا كنا عائلة رائعة. أنا واثقة من ذلك. جميعنا, تشك, مارني وأنا طبيعيون. هذان الاثنان يتصرفان كقرصانين, واحدهما يسرق الآخر, إنهما تافهان.
أسرعتا في الشارع, كانت خطاهما تحدث طقطقة على بلاط الرصيف غير السوي.
-يسرقان؟
قال رامون وقد لحق بهما حاضنا زوجته الغضبى يهدئ من روعها:
-من كان يسرق؟
-كنت أقصد أبي و روجر. إنهما أمثال عائلة غالنت القديمة, أي أبناء ذلك القرصان الذي يقال أنه استعمر فورتوغا.
-وماذا سرقا هذه المرة؟
سألها تشك الذي كان إلى جانب ميراندا, التي بدت مندهشة حين طوق خصرها بطريقة غريبة:
-هذه المرة دون.
ردت خوانيتا بحدة:
-وسابقا كانت جوزفين.
-المعذرة, لكني لا أفهم شيئا.
قال رامون ضاحكا:
-ومن هي جوزفين؟
-كانت موظفة عند أبي في فورتوغا. وقد ذكرت مارني...
فجأة سكتت خوانيتا.
-هيا, ماذا قالت مارني؟ ( سألها تشك بإلحاح).
تمتمت خوانيتا:
-آه, لا شيء, لا شيء مهما, ربما هي على خطأ.
ثم بنبرة جديدة أضافت تقول:
-أنظري, يا ميراندا, نحن عند بوابة كنيسة. أليست جميلة؟
كان آخر الشارع مقفلا في وجه السيارات بواسطة سلسلة حديد امتدت بين حجرين قديمين على جانبي الطريق. ما وراء السلسلة قام برج ضخم ذو مدخل بشكل قنطرة, داخله مدهون بالأبيض وفي الطرف الآخر قنطرة ثانية حيث بوابة من الحديد, وفي رأس البرج قبة منحوتة في داخلها جرس. كانت البناية مضاءة بواسطة قناديل معلقة فوق الطريق وأخرى قديمة برزت من جنبات الأبنية. وفي بريق الضوء هذا تراءى لميراندا أن حجر البوابة القديمة الذهبي يتوهج بفخامة سماوية كبوابة النعيم.
ابتعدوا عن البوابة وساروا في شارع آخر مظلم متوجهين إلى الميناء.
-ومن هي مارني؟
سألت ميراندا تشك, وهي تتساءل عما يمكن أن يقول جو لو رآها الآن في سان خوان تتسكع في الأولى صباحا مع شاب يطوق خصرها.
أجابها تشك:
-إنها أخت روجر, وإذا وصلنا إلى فورتوغا في هذه الرحلة ستلتقينها, فهي تعيش في البيت المعروف بغالنت فانسي. إنها في عزلة نوعا ما لأنها عمياء.
بلغوا أسفل الهضبة وقطعوا الشارع العريض ووصلوا إلى المرسى حيث المركب. في هذه الأثناء كانت سفينة الرحلات الاستجمامية تترك مرساها, المياه تندفع والآلات تهدر, وعلى متنها كان المسافرون يودعون سان خوان وهم في طريقهم إلى الجزر.
-سنسافر عند الفجر.
قال تشك صاعدا وراء ميراندا إلى اليخت.
-سمعت دوغ انغرام يقول انه يأمل في بلوغ سانت طومس غدا عند الظهيرة. نرجو أن تكون رحلة موفقة.
ومن طريقة دخولهم الحجرات الممتدة على جانبي المركب بدا الجميع على استعداد للانتظار حتى الفجر, إلا ميراندا أدركها الإرهاق فجأة في مفاصلها وبان تحت عينيها. وبدا أن قدرتها على الاستمتاع قد زالت. وعندما ناداها, اعتذرت و ألقت عليهم تحية المساء.
نهض تشك ليرافقها حتى باب حجرتها. وقبل أن تدخل مال إليها ملامسا خدها.

جين أوستين
19-07-2011, 13:03
-أعقد أنك لم تتكيفي بعد يا ميراندا, ربما استغرق هذا يوما أو يومين بسبب الاختلاف في الوقت.
في تلك اللحظة تناهى إليهما صوت طومس غالنت وهو في طريقه إلى حجرته حيث كانت زوجته في انتظاره.
-كيف لي أن أعرف المكان الذي ذهبت إليه؟ التفت لأقول شيئا, فإذا بك اختفيت, وهكذا ظننت أنك رحت معه إلى مكان ما طوال الليل. حسنا أنا مخطئ.
انغلق الباب بعنف, وتحول صوت طومس من داخل حجرته إلى زمجرة مخنوقة.
قال تشك يخاطب ميراندا:
-إنه ليس دائما كذلك, إنه يشعر بعدم الثقة حين يتعلق الأمر بزوجته دون. إنها تصغره سنا وجذابة جدا, و في استطاعة روجر, إذا ما أراد, أن يصير طريفا في أكثر من معنى, وإن كنت لا تعرفين معاني هذه الكلمة, اقترح عليك نبشها في القاموس قبل أن تستسلمي إلى سحره القاتل. طاب مساؤك, يا ميراندا. أرجو أن نسبح معا غدا.
نامت ميراندا الليل كله من دون أحلام, حتى أفاقت على ضربات آلات الديزل الرتيبة. بقيت مستلقية تنظر إلى الضوء المعكوس على سقف الحجرة الأبيض محاولة أن تتذكر أين هي وما حدث.
تذكرت أحداث اليوم السابق, وتلاحق في خيالها شريط الأوجه والمشاهد, فنهضت من فراشها بسرعة مما أفقدها توازنها. كان اليخت مبحرا, حركته خفيفة إلى درجة لا تسبب دوارا.
ومن خلال الكوة رأت زرقة البحر العميقة بتموجاته الخفيفة وقد ذهبتها الشمس, وفوقها تقوست السماء الصافية ذات الزرقة الشاحبة.
تحمست بسرعة, يجب ألا تضيع لحظة من هذه المغامرة, لبست ثيابها بلمح البصر وكانت الساعة السابعة. كان السيد انغرام قال لها أنه لن يحتاج إليها صباحا, أحست أنها حرة بضع ساعات لتفعل ما تشاء. وقررت أن تصعد إلى أعلى مكان على سطح اليخت لتكتشف ما في وسعها رؤيته.
ومع أن رائحة الفطور كانت تعبق في الهواء فلم يكن من أحد على السطح. دخلت ميراندا بابا, ومنه إلى السطح. هبت نسمة الصباح رافعة تنورتها إلى أعلى, مما جعلها تتمنى لو ارتدت بنطلونا. وحتى لا تضيع
الوقت ضمتها إلى خصرها وصعدت الدرج إلى أعلى السطح.
اقتربت من حافة المركب قدر المستطاع واتكأت على الدرابزين وبانت لها الجزر في المسافة الزرقاء. إلا أنها لم تستطع التحديق طويلا لانعكاس وهج الشمس في عينيها. ولأنها نسيت نظارتها اضطرت إلى أن تظلل عينيها بيديها, وللحال رفع الهواء تنورتها الخفيفة.
-يبدو أن لديك مشاكل هذا الصباح.
قال صوت يتخلله المزاح.
وحين التفتت إلى الخلف رأت روجر متكئا إلى جانبها على الدرابزين. وكما كان ممكنا أن تتكهن كان يرتدي ما يناسب الطقس... بنطلونا أبيض مشدود الخصر, قميصا قطنيا أزرق مفتوح العنق وحذاء رياضيا خفيفا. كان شعره المسرح نحاسي البريق وعلى عينيه نظارتان شمسيتان.
-لم أتصور أن يكون الهواء نشطا بهذا الشكل. أو مشرقا إلى هذه الدرجة والصبح في لحظاته الأولى. يجب أن تلبسي قبعة, ميراندا.
قالت له متلعثمة:
-آه نسيت ذلك. لم أحضر معي واحدة.
-إذن سأشتري لك واحدة في سانت طومس. ( أجابها مبتسما) سوف لن ندع شمسنا القوية تؤذي هذه التقاطيع الانكليزية. هل صفحت عن الذي حدث البارحة؟
-آه, نعم.
قالت ميراندا بعفوية. فهي دائما كانت غفورة, أما هو فقد بدا طيبا ذلك الصباح الباكر إلى درجة أنها نسيت تعليمات السيد انغرام وتحذير تشك. ردت بطيبتها المعهودة:
-وشكرا لشرحك القضية للسيد انغرام, لو أنك غادرت قبل عودته من الشاطئ ذلك اليوم لكنت فقدت وظيفتي.
أجابها بتأمل:
-لا أريد أن أكون سبب ذلك.
-أخشى أن يكون السيد انغرام قد خدعك. إني آسفة لذلك.
قالت هذا بتردد, أما هو فالتفت إليها بحدة. ثم ابتسم ابتسامة أظهرت غمازتين في خديه الناحلين بينما الريح ترفع شعره الكستنائي عن جبينه وهو يتكئ على الدرابزين يواجهها.
-هذا لطف منك يا ميراندا, هل لي أن أفهم من هذه الملاحظة أن أساليب دعوته لي إلى القدوم إلى اليخت لمقابلة أبناء عمي لم تلاق استحسانك؟
-طبعا, لأن أحدا لم يستشرني في ذلك. ( أجابته برزانة عمقت ابتسامته). ولكن حين عرفت أنه خدعك صرت منزعجة. إذ لا خبرة لي في صفقات كبيرة كهذه. إنها المرة الأولى التي اشتغل فيها سكرتيرة. لدي الكثير لأتعلم.
-دعيني أساعدك. كل شيء مسموح في الحب والحرب, و أنت يجب أن تعتبري أعمال الشركات, كشركتكم مثلا, نوعا من الصراع. صراع من أجل القوة.
توقف قليلا, وأضاف متنهدا:
-وماذا تعرفين عن الحب؟ أم أن علي شرحه لك؟
-قليلا. ( أجابته ميراندا) إلا أني لا أتفق معك على أنه كالحروب.
-بالنسبة إلينا هو كذلك.
قالها متمتها, وللحال تذكرت ألأمسية السابقة حين غادر النادي الليلي مصطحبا زوجة ابن عمه. وقال معلقا بصراحة تبعث على الدهشة:
-أنت لا تبدين عاشقة أو أنك عشقت في حياتك, ميراندا.
-طبعا, أعرف الحب, وحال رجوعي إلى انكلترا سأتزوج.
-من شاب تعرفت إليه من سنين, ذي أخلاق, يحافظ عليك ويحميك بقية العمر.( قالها بجفاء) إنه يستحق التهنئة لاختياره إياك.
ابتعد قليلا عن الدرابزين وراح يتطلع إلى البحر. أحست تغيرا في نبرته, ورمقته بنظرة قلقة. كان هناك ظل من المرارة عند طرفي فمه. بدا مستغرقا وأفكاره مأخوذة إلى مدارك لم تدركها نفسها يوما, وبدا وهو في هذه الحال غير سعيد.
سألته بعصبية عساها تخترق الحاجز الذي أقامه حوله:
-هل البحر دائما بهذه الزرقة؟
أجابها بغموض:
-تقريبا.
وساد الصمت, الصمت الذي صار أكثر بروزا بسبب صوت محرك اليخت الذي كان يقترب من جزيرة. لم تعد الزرقة ظاهرة, بل سلسلة من تلال منحنية غطتها خضرة كثيفة.
سألته ميراندا وأعصابها لا تزال مشدودة:
-هل تلك سانت طومس؟
حاول رفيقها قدر المستطاع إزالة الجو الجدي, فالتفت إليها ثانية.
-إنها كذلك. وهي كانت مقصد المكتشفين أمثال بلاكبيرد وهنري موغان. في الحقيقة, إحدى هذه التلال كانت تدعى تله بلاكبيرد لأنه بنى عليها برج مراقبة. ويقال أن السيد فرانسيس دريك جاء إلى هنا, كذلك يقال أنه هو الذي أعطى الجزر العذراء أسماءها تيمنا بإليزابيث الأولى التي كانت عذراء. وثمة رواية ثانية تقول أن كولومبس هو الذي اكتشفها و أعطاها هذا الاسم. وأخيرا احتل الدانمركيون بعض هذه الجزر, ولهذا السبب تعثرين على أسماء دانمركية و أسبانية و انكليزية و فرنسية. هل تناولت الفطور؟
-كلا.
-دعينا نفطر معا إذن, فأحدثك بإسهاب عن قراصنة الانكليز الأشرار, وأنت بدورك يمكنك أن تخبريني...
وهنا توقف وبخبث أضاف:
-تخبرينني ما تعرفين عن مشاريع الترانسمارين.
في الأيام التي تلت, وحتى بعد مضي سنوات, لم تنس ميراندا ذاك الصباح في البحر الكاريبي حين فطرت مع روجر على سطح اليخت المندفع في المياه الزرقاء المتلألئة.

جين أوستين
19-07-2011, 13:06
جلسا إلى مائدة صغيرة تحت مظلة خارج الصالون الرئيسي حيث كان في خدمتهما بيلي الذي بدا في غاية الجاذبية ببشرته السمراء تحت قميص بيضاء حاكت بياض أسنانه. وفي أثناء الطعام لم يتحدثا عن القراصنة أو الترانسمارين, بل واحدهما عن الآخر. هو عرف كل شيء عن العمة كلارا و دوروتي وقيلا عن جو. وهي بدورها عرفت كل شيء عن جدته التي رحلت من اسكتلندا إلى ترينيداد كي تدرس الموسيقى لفئة من البنات, حيث التقت روبرت غالنت وتزوجته. كانت تلك فيونا, وهي التي اكتشفت في حفيدها موهبة الفن وأهدته بيانو, وعليه, كما يذكر, بدأت أولى مؤلفاته الموسيقية.
وحين انتهيا من الطعام كان اليخت يدخل خليجا مغلقا تقريبا. ولأول مرة وقعت عينا ميراندا على مدينة شارلوت أمالي المدينة الرئيسية في سانت طومس تيمنا بملكة دانمركية.
ربط اليخت إلى الرصيف المواجه للبلدة من جهة المرفأ الشمالية. كانت هناك يخوت أخرى. تركت ميراندا اليخت بصحبة روجر, وخلال دقائق معدودة كانا في ممر جميل بين بنايتين يؤدي إلى الشارع التجاري. كان الممر تحت ظلال النخيل وأشجار أخرى استوائية وعلى الجانبين كانت الدكاكين ببضاعتها المتنوعة, من القطع الفنية المصنوعة من قبل فنانين محليين إلى الأعمال اليدوية المستوردة.
بدت بلدة ناشطة كأية بلدة فيها مرفأ, مليئة بالبضاعة من بلدان العالم. تاريخها ظاهر في هندستها, بيوتها ذات النموذج الدانمركي ويميزها طابع أسباني. هنا وهناك كانت إشارة إلى نموذج من الاستعمار الفرنسي. أما البنايات الجديدة فقد كانت أمريكية الهندسة.
وكما وعدها روجر, فقد اصطحبها إلى محل تجاري كبير يحمل اسما دانمركيا عرضت فيه أنواع فاخرة من الثياب بطريقة مغرية. اختار لها قبعة ودفع ثمنها. كانت قبعة قش مفتوحة بيضاء إطارها عريض. وحين سألته عن ثمنها بدا كأنه لم يسمعها. ثم اصطحبها إلى ممر أخر وارف الظلال وجلسا في مقهى هناك.
بعد فترة زارا متاجر كثيرة واشترت حاجيات
السباحة, ثم تجولا في الشارع الرئيسي المليء بسياح يبحثون عن تذكارات يشترونها للعودة بها إلى بلادهم.
توقفت ميراندا عند زاوية تتأمل مجموعة من الأصداف الكبيرة تعرضها بائعة في الشارع. كانت تلك صبية شعرها الطويل الأشقر يعكس سمرة وجهها الذي لوحته الشمس. وأوضحت لميراندا أنها غطست مع أخيها وراء الأصداف الجميلة فأكلا لحمها. ثم نظفا داخلها وعقماها للبيع ودهشت ميراندا حين بادر روجر إلى شراء صدفة وقدمها إليها.
وهنا قالت ميراندا بخجل بينما عيناها على الصدفة الزهرية التي بين يديها:
-يجب ألا تمنحني الهدايا. أرجو أن تدعني أدفع ثمن هذه و ثمن القبعة.
-جرحت شعوري, لماذا لا يجوز أن أهديك ما تحبين؟ إنها ليست رشاوى, فأنا لا أريد شيئا في المقابل.
وقفا على طرف رصيف وجها لوجه والتوتر باد في محياهما رغم الشمس الساطعة, والألوان اللامعة وجمهرة السياح المرحة. عادت الذاكرة بميراندا إلى النادي الليلي في سان خوان حيث كان يبتسم لها بإغراء. إنه الآن لا يبتسم, فمه عابس, وتمنت لو ترى عينيه:
-لم يكن لائقا قول ذلك.
قالت له في هدوء, كان صوتها يرتجف قليلا, وعيناها في ظل قبعتها البيضاء العريضة واسعتين تتألمان.
-كلا, ليس الأمر كذلك ولكنك تعتبرين الهدايا هذه بمثابة رشوة, أليس كذلك؟ نسيت أن البريطانيات لا يقبلن هدايا من الرجال.
وفجأة أظهر شيئا من الشك فعض شفته السفلى بأسنانه البيضاء. غير أن هذا الشك لم يطل, إذ ابتسم لها برقة.
-أرجوك ميراندا أن تقبلي هذه الصدفة, لأن وجودي معك هذا الصباح أسعدني. رأيت هذه البلدة خلال عينيك, فإذا بها مكان ساحر جميل بدلا من كونها سوقا تجاريا كما أعرفها!
ناولها الصدفة ثانية فتوهجت بنور معكوس, مما جعل جمالها الطبيعي مصدر فرح أبدي. وقد عرفت ميراندا أنها كلما تطلعت إلى هذه الصدفة في المستقبل ستذكر الصباح الذي أمضته مع روجر في بلدة شارلوت أمالي.
-شكرا, انك لطيف جدا.
قالت له هذا والتلون في خديها ينافس تلون الصدفة.
-لا, لست لطيفا, لا تنسي هذا. ( قال بخشونة) اعتقد أنه من الأحسن العودة إلى اليخت. أظن أن هناك نية في الخروج بعد الظهيرة إلى الفندق الجديد الذي تبنيه الترانسمارين على الجانب الآخر من الجزيرة. سوف نتنزه في اليخت ونرسو في الخليج. سوف نبحر بمحاذاة الشاطئ لمشاهدة البناء وفخامة الهندسة والتسهيلات الفائقة في المنتجع الذي تقدمه الترانسمارين إلى العالم كله.
كان التهكم في صوته يحرجها, كان يتهجم على ما تعتبره صحيحا في الشركة التي تعمل بها, ولسبب ما كان يكره المؤسسات الكبيرة, ولو تبع شعوره لكان سافر البارحة بعد الظهر حين اكتشف السبب الحقيقي وراء الرحلة البحرية, غير أنه فضل البقاء. لماذا؟ كانت متواضعة لدرجة أنها لم تفكر أنه بقي لمساعدتها في الخروج من وضع صعب. فهل بقي لأنه التقى زوجة عمه ورغب في إحياء علاقة ماضية؟ أو هل كان لديه سبب أعمق؟
وحين وصلا كان اليخت جاهزا للإبحار. صعد كل من روجر و ميراندا إلى السطح المشمس حيث وجدا دون وتشك يتمتعان برشف شرابهما قبيل الغداء.
سألهما تشك متقدما صوب ميراندا ومتطلعا إليها بشوق, ومن ثم إلى روجر بغضب:
-أين كنتما؟
-كان عليك النهوض أبكر. ( قال له روجر متهكما) لكنت عندئذ صحبتها إلى السوق.
مر بهما إلى المقصف حيث كانت دون مسترخية على كرسي تشرب من كوب عصير مثلج. كانت ترتدي معطفا بحريا طويلا من دون أكمام نسج من خيوط مجدولة, ومن خلال فتحاته كانت بشرتها الناعمة النحاسية تلمع بتحد.
سألها روجر, وهو يقف خلف المقصف:
-ماذا تريدين أن تشربي, ميراندا؟
أجابته وهي على إحدى الكراسي المريحة:
-شراب يطفئ العطش.
كانت سعيدة لعودتها إلى اليخت المبرد لأن حرارة النهار أتعبتها.
تدخلت دون:
-جربي هذا. إنه عصير الموز مخلوطا بالأناناس.
قال روجر بعصبية:
-ليست هذه الطريقة الفضلى للشرب. أين طوم؟ نائم منذ البارحة؟
بدا روجر في تلك اللحظة شخصا آخر سطحيا, صوته عنيف, عيناه ضيقتان حادتان, فمه قاس. كانت ميراندا تحدق فيه مدهوشة للتبدل المفاجئ في سلوك فارسها اللائق صباحا.
-هل كان مجنونا الليل الفائت؟( تنهدت دون) كان علي عدم الذهاب معك يا روجر.
رد عليها وهو مشغول بزجاجات عصير الفواكه:
-تأسفين الآن؟
-لا, لكن اندهشت لاعتراضه على ذهابي معك. عادة هو لا يهتم حين أروح مع آخر.
سألها تشك:
-أين رحتما على كل حال؟

جين أوستين
19-07-2011, 13:07
تمتمت دون متحدية وهي تنفث دخان سيكارتها في اتجاهه:
-هذا سر.
-رحنا إلى حانة أخرى في سان خوان القديمة, كي أتحاشى الضوء الذي كان بينتز مزمعا أن يسلطه علي. هذا شرابك يا ميراندا. إنه خاص ليطفئ العطش.
قدم لها الشراب مبتسما فشكرته. وراح يتكئ على المقصف قريبا من دون.
قالت له دون بإلحاح:
-روجر, يجب أن أكلمك على انفراد.
-ليس قبل الغداء. كما أني أرفض الحديث إطلاقا حول غالنت فانسي.
سألته دون متأففة:
-لماذا لا توافق على البيع؟
-لأنها بيت مارني على رغم أنها ملك لي بحسب القانون.
-ولكن يمكنها العيش في مكان آخر. ( قالت له بإصرار متجاهلة رغبته في عدم البحث في الموضوع) يمكنها السكن في أي مكان. إنها عمياء, ولا فرق عندها أين تعيش.
امتعضت ميراندا من حديث دون اللامبالي وتطلعت إلى روجر لترى ردة فعله. فبدا هذا غير متأثر لكلامها سوى تقطيبه خفيفة بين حاجبيه.
أجاب ببرودة:
-هناك فرق كبير. مارني تعرف الفانسي وتحبها. أهل الجزيرة يعرفونها ويحبونها. هناك فرق كبير للأعمى أن يحس أنه محاط بأشياء وأناس مألوفين. فلو عاشت في أي مكان آخر لذبلت وماتت.
صوته البارد ارتجف قليلا وأضاف بنبرة خفيضة:
-عندئذ سيكون هذا, كما عماها, حملا ثقيلا على ضميري.
صرخت دون بغضب:
-ولكن طوم في حاجة إلى المال, وأنت تعرف أنه لا يقدر على بيع الفولي دون الفانسي.
-هذا من سوء حظ طوم. ألم يخطر في باله أن هناك آخرين تجب استشارتهم قبل بيع أي شيء إلى الترانسمارين؟ كيف يعرف ما يريده أهل فورتوغا؟ ولا مرة فكر بهم كل حياته الأنانية الكسولة.
صار صوت روجر أكثر برودة, باردا كالجليد. ولو أنه صادف في تلك اللحظة دخول غريب لاعتقد أنه يكره ابن عمه.
-هل هو متأكد أنهم يريدون تنمية الجزيرة كسواها من الجزر؟ وهل يعرف أن لا علاقة لأوبري فينسنت و سام ويليامز بالموضوع؟
-من المؤكد أن أي شيء أحسن من التعفن بين أشجار الموز وقصب السكر. ( أجابته دون بانفعال) آه, كل أهالي الجزر من طينة واحدة, رومانسيون يعيشون في الماضي. وأنت بالذات لا تقل أنانية عن طوم. منذ متى تهتم بالجزيرة؟
أجابها بهدوء:
-صحيح أني لم أفعل سوى القليل, ولكن لن أدع ترانسمارين تشتريها.
-أنت لا تريد أن تبيعها فقط حتى تقهر طوم. إنك لم تفعل شيئا سوى التنعم بعائداتك منذ أن ألفت موسيقى تلك الأغنية. كذلك كيت ويليامز لم يقم بأي شيء, لهذا لا أظن أن عائلة ويليامز ستتأثر كثيرا.
-من المؤسف أن طوم لن يتزوج المرأة التي تناسب مدخوله ( قال روجر بصوت ناعم رغم اللمعان الخطر في عينيه) لماذا علي أن أبيع بيت مارني حتى تلبسي جلد النمس يا دون؟ لماذا؟
وقفت دون برهة. رمت ما تبقى من شرابها على روجر الذي عرف مسبقا ما في نيتها, فتحاشى محتوى كوبها واندلق عصير الفاكهة على الأرض من دون أن يصيبه.
صرخت في وجهه:
-أكرهك, يا روجر غالنت, أكرهك! أتسمع؟
-اسمعي, كل واحد على هذا اليخت يسمع. أما قلت لك أني لا أريد البحث في الموضوع معك؟ لما لا تنسيه في أثناء هذه النزهة, فنتمتع بها؟
تطلع إلى ميراندا منفرج الأسارير. أخذت ميراندا بهذا الانفجار, إنها غير معتادة على رؤية تصرف عنيف غير ملجوم كهذا.
خرجت دون وهي تصب لعناتها في حين التفت روجر إلى تشك وسأله:
-لماذا طوم في ضائقة مادية؟
-حسنا, لقد أصبت الهدف بإشارتك إلى جلد النمس( أجابه تشك بانزعاج) كلفته دون مصاريف باهظة, كذلك هو يدفع للوالدة معيشتها.
-دائما كان طماعا, وها هو اليوم يدفع الثمن( علق روجر ببرودة) وماذا عنك؟ هل انتهيت من دراسة الحقوق؟
-كلا. كان لابد من تعطيل سنة لأن بوب لم يدفع القسط. آه, يجب ألا تبدو هكذا متأثرا, فأنا أشتغل, و لكني جئت مع هذه الزمرة, لأني, كوريث طوم, مهتم بأمر العقار. هل من طريقة لاجتناب هذه العملية؟
-لا أعرف, أنت محامي, لماذا لا تحاول معرفة ذلك؟
اقترح تشك بأمل:
-لو نقدر أن نبيع الفولي دون الفانسي.
أجابه روجر بتهذيب:
-يبدو أنك نسيت نقطة مهمة. فانغرام يقول أن الفولي من دون الفانسي لا تهمه. اكتشف أن بيت الفولي مبني على مستنقع, لهذا سينهار.
قال تشك بتذمر:
-ولكنك أنت الذي أخبرته.
-طبعا. ( نظر إلى ميراندا وأضاف بمرارة).
-حسنا, يا ميراندا, هناك الكثير لإعلام رئيسك, أليس كذلك؟
التقطت أنفاسها بصورة مفاجئة.
-هل تظن أني سأخبره كل شيء؟
قالت محتجة واللوم في عينيها الصافيتين الرصينتين. كانت قد أنهت شرابها جالسة والصدفة بين يديها, هادئة, خداها يعكسان كلؤلؤ الصدفة.
اختفى شيء من قسوة وجهه وحدة نظراته عندما التقت نظراتهما لحظة بدفء.
-لا أظن أنك تفعلين ذلك بإرادتك, ولكن حين يسألك عما تحدثت معي كل هذا الصباح, فلا بد من إبلاغه شيئا, أليس كذلك؟
كان على حق, طبعا, وصعب عليها أن تقول للسيد انغرام أن حديثها مع روجر ذلك الصباح تطرق إلى مواضيع مختلفة, من العمة كلارا إلى أغنيات روجر حين كان طفلا, هذه الأغنيات التي تنبض أنغامها في موسيقاه.
كلا, إنها لا تستطيع أن تخبر السيد انغرام عن صباحها مع روجر. ذلك كان سرا ستحضنه طوال حياتها. إنها ستتذكر في المستقبل, وهي وحيدة في بيتها الريفي في انكلترا, الفرح الخطر الذي عرفته في شوارع شارلوت أمالي الوارفة الظل مع شاب أهداها صدفة, وإنها ستساءل نفسها إن كان قد حدث هذا بالفعل.
وهكذا بعد الغداء, حين كانت تطبع رسائل للسيد انغرام, أخبرته بالقليل الذي تعرفه عن مارني العمياء وعن السبب الذي من أجله لا يرغب روجر في بيع غالنت فانسي. أصغى باهتمام, ورمقها بنظرة حادة, قائلا:
-حسنا, اعتقد أنه في الإمكان معالجة هذه القضية الصغيرة. لا أظن أن امرأة عمياء ستكون العائق لمدة طويلة. شكرا للمعلومات.
أثار موقفه رعدة فيها. تطلعت إليه بتمعن وأحست أن عينيه باردتان ودون شعور. لم يكن يهتم بالآخرين, إذ أن هاجسه التجارة وطموحه إقامة الصفقات الكبيرة.
-بعد الظهر أحب أن تأتي معنا إلى موقع الفندق لتأخذي بعض الملاحظات. غدا نترك سانت طومس لزيارة بعض الجزر العذراء. قررت قضاء أسبوع فيها كي أقيم جوا من الثقة المتبادلة. سيكون وقتا لذيذا, كوني لطيفة مع روجر. وفي الوقت نفسه دعي تشك مرتاحا. عنده فورة الشباب, إنه في حاجة إلى المال كي يتابع دراسته الجامعية, وربما شجع والده على البيع لسوانا إذا تأخرنا. ربما علينا إشراك السيدة غالنت في عملية الإقناع. كانت صديقة روجر سابقا, وأظن أن الوقت حان لإحياء هذه الصداقة.

جين أوستين
19-07-2011, 13:08
3-كم من المفاجآت تنتظرها هنا تحت الشمس الاستوائية. هل تخاف أن تكتشف أنها امرأة ولم تعد تلك المراهقة التي تقضي نصف وقتها حالمة؟ عندما تعود, لن تكون هي ذاتها. ستكون لها ذكريات تعذبها!




كانت شمس بعد الظهيرة حادة تشع في سماء صافية, مكونة شرارات تنعكس على صفائح اليخت المعدنية الملساء والذي كان مربوطا إلى مرسى صغير عند جزيرة من الجزر العذراء كانت مهجورة قبل أن تصبح حقلا لمشاريع إنمائية بواسطة الترانسمارين.
منذ رحيلها عن سانت طومس, قضت جماعة اليخت سبعة أيام كسولة بين الخلجان الصغيرة ومداخل الجزر العذراء. الطقس الرائع, والشمس والريح المؤاتية, الحياة المتراخية, هذه كلها أشاعت تدريجيا جوا من الثقة طالما سعى السيد انغرام إلى تحقيقه. كل واحد بدا على وفاق مع الآخر, والتوتر الذي حدث بين دون و روجر مساء ذلك اليوم في سان خوان, تبخر.
وفي جزيرة تورتولا التي كانت الأكبر في مجموعة الجزر البريطانية والتي كانت ملجأ للقراصنة حتى أواخر القرن التاسع عشر’ في هذه الجزيرة, رافق السيد انغرام الجماعة إلى فندق جديد. وكما الحال في سانت طومس, فقد انضمت ميراندا إليهم لتسجيل الملاحظات.
كانوا الآن على هذه الجزيرة الصغيرة التي كانت تضج بالعمران, تماما كما تصور السيد انغرام أن فورتوغا ستنمو فيما لو تمكنت الترانسمارين من شراء عقار غالنت.
وفي طريق عودتهم, وهي تسير متخلفة عن رجال المجموعة إلى اليخت, رأت ميراندا أن هناك تشابها بين روجر و طومس رغم الفوارق في سلوكهما. كان طومس أنيقا, طويلا دقيق الملامح مثل روجر. غير أن شعره الخفيف كان فاتح السمرة وعينيه باهتتي الزرقة كعيني تشك. لابد أنه كان جذابا قبل سنوات, ولكن الحياة المرفهة زادت في وزنه كثيرا.
بدا متحمسا عند كل فندق, كما على هذه الجزيرة الصغيرة. وحتى يجعل ابن عمه الأصغر متأثرا مثله كان يعبر عن دهشته لرؤية كل شيء, وبين وقت وآخر كان يأخذ بذراع روجر لافتا انتباه إلى شيء ما. أما روجر من ناحيته فقد حافظ على جو من الغموض, بينما رامون و تشك شاهدا كل شيء بتردد وكان واضحا أنهما يتمنيان لو كانا في مكان آخر.
-هناك طريقة واحدة للانتعاش بعد جولة تفتيشية في حرارة النهار, إنها السباحة.( قالها تشك وهو يبطئ في سيره ليصير في محاذاة ميراندا) أتعرفين, أعتقد أن أغنية نويل صحيحة. الكلاب و الانكليز وحدهم يروحون في عز النهار ويفعلون ما فعلنا, وقد كان الكثير من الانكليز هنا اليوم. أما الذين في عروقهم دم لاتيني, مثلي و رامون, فإنهم يفضلون القيلولة في وقت من النهار كهذا. هل تعتقدين أن روجر كان مسرورا هذه المرة؟
-تصعب معرفة هذا. ( أجابته).
-انه شاب انزلاقي, أين اختفى؟ طلبت منه أن يسبح معنا, ولكن كعادته, قدم عذرا مبهما كما يفعل كل يوم بعد الظهيرة.لا أفهمه. إن الغطس في مياه هذه الجزر ساحر. انه سمكة باردة تحت الماء كما هو فوقه, يسبح ويغطس كأحسن ما يكون, ولكن أظن انه وجد ما هو أحسن. كم تحتاجين من الوقت لارتداء ثياب السباحة؟
-حالا.
وراحت ميراندا إلى حجرتها متلهفة للبرودة.
على صندوق الجوارير كانت الصدفة تلمع بوهج سري. نزعت ثيابها الملتصقة من العرق, أخذت دشا سريعا وارتدت البكيني. وبدت بشرتها تكتسب سمرة ذهبية, على رغم أنها كانت تحاول ألا تحرق بشرتها أكثر مما يجب.
اعتمرت القبعة البيضاء التي أهداها إياها روجر وانتعلت صندلا وارتدت سترة على شكل منشفة حتى الخصر. حملت حقيبتها البحرية التي حوت منشفة وزيتا ضد لذعة الشمس, وتركت الحجرة مسرعة في الممشى.
كان اليخت هادئا, ظنت أن خوانيتا و رامون يستريحان كعادتهما, كذلك السيدة انغرام, و أن السيد انغرام في مكتبه يخطط. ألا يعرف هذا الرجل الراحة؟ لا بد أنه كان مسرورا بما يقوم به كل واحد.
مع أنها كانت تشعر أنه من المستحيل التقرب من روجر نظرا إلى حيائها, فإن صداقة كانت تنمو بينهما نتيجة كل لقاء صباحا على متن اليخت قبل الفطور كي يشاركها إما في رؤية وصول اليخت أو في رؤية البحارة. بدا في كل هذه المناسبات السحرية لذيذا, مسليا, غزير المعلومات. مرة أو مرتين, تذكرت ما ينتظره منها السيد انغرام, فكانت تمتدح فنادق الترانسمارين وتبين الفوائد التي ستجنيها فورتوغا من اهتمام شركة هولدينغ بالجزيرة, ولكن ما إن تراه يتراجع لتوه أو بلباقة ويغير الموضوع, حتى تتوقف عن الحديث مفضلة الإصغاء على التحدي, محاولة قدر الإمكان الاحتفاظ به.
ذلك كان الوقت الوحيد للتعاطي معه, لأنه كان يميل إلى أن يذهب وحده بعد الظهر. وفي الأمسيات كان الآخرون حاضرين دائما, ولا مجال للاختلاء معه.
تعودت أن تمضي معظم أوقاتها مع تشك. سبحت معه لأول مرة في مياه الكاريبي الدافئة, وتنزهت معه على طول الشاطئ, كذلك رقصت وإياه في الأماكن الليلية القليلة التي زاراها في أثناء الرحلة. والآن هاهو يأخذها إلى الغطس.
كان ينتظرها في الممر لابسا الشورت الأسود للسباحة ومنشفة حول عنقه. تطلع إليها بإعجاب لدى وصولها ولف برفق ذراعه حول كتفيها, و انطلقا.
قال لها:
-هناك خليج صغير عبر الجانب الآخر من البر الداخل في البحر. سنصله بالتسلق خلال الجفنات.
تسلقا الصخور حيث كانت أمواج البحر تتكسر أسفلها فتستحيل صفحات لماعة بيضاء. وبين الجفنات كانت هناك أصداف بأحجام مختلفة شدت انتباه ميراندا واستوقفتها.

جين أوستين
19-07-2011, 13:10
-في استطاعتك تمشيط الشاطئ في أثناء العودة( قال بإصرار) هيا بنا.
صعدا المرتفع البسيط, وهبطا إلى الجانب الآخر. ومن خلال أوراق الجفنات وشجر النخيل رأت الرمل الأبيض منحدرا على طول مياه ناعمة زرقاء مخضوضرة. وما إن سارا خطوات إلى الأمام حتى اتسعت الفرجة إلى الشاطئ وشملت أشياء عدة. حقيبة بحرية بيضاء لامرأة, منشفتان ملونتان مرميتان دون اكتراث, جسمان نحاسيان يلمعان.
-آه, كلا!
جمدت ميراندا وأشاحت بنظرها بعيدا. أرادت أن تعود راكضة, غير أن رجليها خانتاها.
-و الآن نعرف أي مكان يقضي بعد الظهيرة ( قال لها تشك برقة) لهذا بوب قلق.
قالت له ميراندا:
-تعال نسبح في مكان آخر.
-كلا, أو تريدين أن تفوتنا هذه اللحظة قبل أن تؤدي إلى شيء آخر؟
وقل أن يتأكد مما إذا كانت ستنزل معه هبط المنحدر صارخا:
-إني أراكما! وإذا كنتما لا تستطيعان إخفاء نفسيكما في الرمال, فاختفيا في الماء!
رفع روجر رأسه. رأى تشك متقدما يعفر الرمل, فنهض وركض إلى البحر بخطى طويلة. بدا قويا , متناسقا, مرتديا أقصر ما يمكن للسباحة, وهرول مسرعا فوق الرمل. واندفع في الماء تاركا وراءه رذاذا لمع تحت الشمس. رفع ذراعيه فوق رأسه وعضلات كتفيه القويتين نفرت تحت جلدة. انحنى بجسمه واختفى غاطسا تحت سطح المياه الهادئة الموج.
بعد أن تركها روجر غالنت, حاولت دون حماية نفسها من الرمل الذي رماها به تشك. وصرخت به عاليا وهي تضع يديها على وجهها:
-آه, إنك كريه, كنت أتمتع بالشمس, وها أنت تفسد علي كل شيء.
أجابها تشك, ملتفتا إلى حيث روجر الذي كان يسبح بقوة:
-أراهن أنه هو الذي كان يفسد لذتك.
ردت دون شعرها الفضي الأجعد واتكأت على مرفقيها متطلعة إلى ابن زوجها.
-إذا, هذا ما يزعجك, أيها الصغير. هل ستخبر والدك؟ حان لك أن تكبر و تكف عن هذه القصص.
-احترزي من روجر, و إلا فإن مشكلة جدية ستنشأ له مع بوب, و هذا ما نحاول تجنبه. و إذا لم تفعلي, فإني سأجعلك تأسفين للنظرات المغرية التي كنت تنظرين بها إليه. لا تعتقدي أن أحدا لم يلاحظ ذلك.
-وهل تظن أني غير قادرة على الاهتمام باثنين في الوقت نفسه أو حتى بثلاثة؟
ردت عليه متحدية بينما كان بصرها ينزلق بإيحاء على كتفيه الكبيرين وصدره العريض حيث لمعة حول عنقه ميدالية معلقة بسلسلة.
-أظن أنك غير قادرة على إيقاع ذلك الغالنت في شباكك ( قال مشيرا برأسه إلى روجر).
-وهذا ربما ما جعلني أحس أن مغامرتي معه مثيرة ( أجابته في الحال, وتطلعت إلى ميراندا) أراك ما تزالين شاحبة. أليس كذلك؟ انك غير معتادة على الشمس, كما أن بشرتك رقيقة. ستكونين مثل سرطان مسلوق هذا المساء إذا لم تحترزي. لا شيء أسوأ من بشرة حمراء تتقشر.
وفي انحناءة, وقفت واندفعت إلى الماء, تقوس جسمها و اختفى. ثم ظهرت ثانية في لحظة وهي تسبح خلف روجر بمثل سرعته.
حين تطلعت ميراندا إلى تشك رأته يحدق إليهما في الماء, وعلى وجهه تعبير شك وريبة. عبوس ثقيل جعل حاجبيه الكثيفين الأسودين يلتقيان فوق أنفه البارز. كانت عيناه تضيقان, وعلى فمه شارة غير سارة. وذكرتها بشرته الخشنة وملامحه الصقرية بصورة رأتها مرة لغاز يدمر بلادا احتلها.
التفت إليها وابتسم, وللحال تبدلت صورته وعاد تشك من جديد كسولا ولكن خفيف الظل, وهو ما أحب شيئا أكثر من السباحة والاسترخاء في الشمس.
-دون غاضبة لأننا قطعنا عليهما خلوتهما, وهي تلومك لذلك. غير أنها على حق, عليك اليوم ألا تعرضي جسمك للشمس كثيرا. دعيني أدهن ظهرك بالزيت, لا أدري متى سيلتقيان بعد الظهيرة.
تعجبت ميراندا, إنها لم ترد أن تهتم للأمر. كانت يد تشك كبيرة ولطيفة ولكن من دون حرارة بينما كان يدهن كتفيها بالزيت, وهنا خرج روجر من الماء, بدا طويلا وجميلا, شعره كأعشاب بحرية حمراء قانية, ولما وقف هنيهة يتطلع نحوهما بان صدره الناعم وكنفاه وقد علقت عليهما نقط لؤلؤية. لامس عدة الغطس بقدم حافية وقال:
-أين وجدت هذا؟
قال له تشك:
-في اليخت. توجد عدة للغطس و فلك شراعية, في استطاعتنا الإبحار غدا.
-لا بأس. من سيغطس الآن؟
-ميراندا و أنا.
-إلى أين تقدرين أن تسبحي, ميراندا؟ ( سألها روجر بصوت نبرته حادة بددت لامبالاته).
تطلعت إليه. كان يراقب تشك الذي كان يفرك كتفها اليمنى بالزيت, وعلى زاوية فمه الصارم المستقيم ابتسامة خفيفة.
-لا أدري, لست متأكدة.

جين أوستين
19-07-2011, 13:11
-ما يساوي مرتين طول حوض سباحة عادي؟
ذكرها سؤاله بحوض السباحة حيث اعتادت أن تسبح في عطلة الغداء مع صديقاتها في مكتب لندن. كان قاع الحوض أزرق كي تبدو المياه استوائية اللون, وعلى الحائط ألقرميدي رسمت أشجار نخيل.
-قد يكون في إمكاني أن أقطع اربعمئة ياردة.
-هل سبحت سابقا تحت الماء؟
-كلا, ليس تماما.
-يجب أن تتمرني أولا, قبل أن تستعملي عدة الغطس. فالحوض محمي هناك أكثر, وأنت يا تشك اذهب وأحضر أجهزة أخرى, وأنا سأجعل ميراندا تتمرن حتى أتأكد أنها لن تتأذى.
كانت تنهيدة تشك مسموعة, على شاكلة انفجار.
-بل اذهب أنت وأحضر الأجهزة, وأنا سآخذ ميراندا للتمرين. يبدو أنك نسيت أنك بعد هذه الظهيرة ستلهو مع واحدة في عمرك ووزنك, كما هي العادة طوال هذا الأسبوع.
تلفت إلى دون التي كانت قادمة من جهة البحر بشعرها الفضي المتلألئ بنقاط من الماء, وبقامتها الرقيقة الضامرة الخصر, بدت كأنها عروسة البحر التي تقود الرجال إلى هلاكهم.
تبسم روجر متطلعا إلى تشك.
-هل يعني أنك تغار؟ ( وتراجع حين وقف تشك محاولا ضربه بقبضته) حسنا, قل لي أين الأجهزة, ومن ثم نغطس نحن الأربعة.
ضبط تشك ثورته وأخبره عن مكان الأجهزة, فانطلق روجر يصعد الصخور.
-لا شيء يؤثر فيه. ( قال تشك متعجبا و بغضب) لو قال لي ما قلته له لنفخت في راحة كفي و صفعته.
-كدت تفعل ذلك ( قالت له دون وهي مقبلة) أين ذهب روجر؟
-ليخفي نفسه عنك ( قال تشك بخبث) تعالي, ميراندا, دعينا نسبح عند الجانب الآخر من الحوض.
كانت مياه الحوض صافية وعميقة, كانت مثالية للسباحة والغطس. سبحا برهة, ولما اكتفيا, سبحت وحدها بعيدا تحت الماء دون جهاز وبعدما علمها كيف تستخدمه اندفعا معا إلى وسط الحوض وغطسا تحت سطح الماء المتلألئ.
في أعماق المياه كان عالم بارد شفاف حيث تموجت أعشاب جميلة طويلة السيقان بين جذوع من مرجان أبيض. زرافات من السمك الاستوائي, ذات لون فضي وياقوتي, وأخرى لونها ذهبي وزمردي, كانت تسبح بين الأعشاب, والرمل الشاحب المنبسط في القاع كان مبرقعا بقناديل بحرية ملونة من كل الأشكال والأحجام.
حين رجع إلى الشاطئ كانت دون وحدها تدخن بعصبية وبتجهم.
-لم يعد روجر, ماذا قلت له؟ ( سألت تشك بنرفزة).
-أخبرته عن مكان أجهزة الغطس, فقال أنه سيأتي ببعضها كي يغطس معك أيضا. ( أجابها في صورة طبيعية). ربما لم يجد شيئا.
-لاشك أنك قلت له أكثر من هذا.( علقت دون بنبرة عدائية) قلت شيئا لم يعجبه, ففضل عدم الرجوع. انك لعين وعلى رغم أنك تشبه أمك , فإن لك طبع غالنت وهو التدخل في مالا يعنيك. تماما كما فعلت مارني... و تذكر ما حدث لها.
-لا بأس, يا دون. لن تكوني وحيدة مدة طويلة إني أرى معجبا آخر.
كان في صوت تشك تحذير, كل من ميراندا و دون التفتتا صوب الشاطئ. كان دوغ انغرام يقترب, مرتديا لباسا بحريا قاني الحمرة. ارتاحت ميراندا لرؤيته, لأن النقاش بين تشك وخالته بدأ يخيفها. كانت مسرورة لرؤية بشرة السيد انغرام كبشرتها شاحبة, وفي يديه جهازان للغطس. خاطب دون مبتسما:
-التقيت روجر, قال أنك هنا. هذه بقعة ساحرة, ولكن طومس يقول أن الحوض في فورتوغا أجمل. هل من شيء خلاب تحت الماء؟
وبشيء من الشعور بالواجب وصفت له ميراندا ما رأت, ملاحظة أنه لم يكن مصغيا, تبدد عبوسها, واتكأت إلى الخلف على مرفقيها كأنها عرفت أنها في وضعيتها هذه ستكون شديدة الإغراء.
-سأرى بنفسي.( قال السيد انغرام حين انتهت ميراندا من كلامها) أتحبين أن تأتي معي, سيدة غالنت؟
رفعت بصرها إليه ببطء, ولمعت عيناها بإثارة في الشمس حين تفرست فيه صعودا ونزولا.
-إني أحب ذلك, سيد انغرام.
سمحت له بأن يساعدها في وضع جهاز الغطس, على رغم أن ميراندا كانت تحس أن دون تتقن استعماله.
راقبهما تشك يبتعدان على الرمل نحو الماء اللامع وشيء من الثورة في وجهه, ثم راح يجمع أجهزته.
-دعينا نذهب إلى مكان آخر لنستحم في الشمس.( قال لها متمتما).
تمشيا على طول الشاطئ وفوق الصخور. كان الرمل دافئا وناعما تحت أقدامها, وبعد السباحة أحست ميراندا بالارتياح. كان المكان جميلا, عبارة عن رمال متوهجة, النخيل في محاذاتها من جانب, و البحر من الجانب الآخر.
قال تشك فجأة:
-أعجب مما يبتغيه رئيسك, واضح أنه سبب عدم عودة روجر إلى الشاطئ.
-وأنا كذلك متعجبة.
تمتمت ميراندا متظاهرة أنها لم تفهم ملاحظته التي حطمت جوها الكسول المرتاح, وتذكرت أن السيد انغرام يريد استخدام دون لإقناع روجر ببيع غالنت فانسي.
حين تسلقا الصخور هذه المرة توقفا لجمع الأصداف. كان لدى ميراندا مجموعة منها في حجرتها, وكانت اشترت دليلا من مكتبة لأنواع الصدف المتوافرة في الكاريبي وهي الآن قادرة على التمييز بينها.

جين أوستين
19-07-2011, 13:12
على الشاطئ الثاني وجدا مكانا مناسبا للراحة, وتمددا في الشمس يتبادلان أطراف الحديث. انه لم دواعي السرور أن ينقضي بعد الظهر هكذا. وهذا ما فعلت مرات عدة مع تشك, مع أن الحديث معه لم يكن له سحر الحديث مع روجر, ذلك أن تشك كان مهتما بنفسه فقط.
هو, مثل خوانيتا, كان قد قضى سنواته المبكرة في فورتوغا قبل قدومه إلى سان خوان حين افترق والداه, لكنه على عكس خوانيتا صمم على متابعة دراسته في الولايات المتحدة وليس بريطانيا. وأراد أن يدرس الحقوق ويعود إلى بورتوريكو.
حاولت ميراندا بلباقة أن تعرف المزيد عن روجر و مارني.
-إنهما مختلفان عن خوانيتا وعني. أمهما من انكلترا, وهكذا درسا في انكلترا في مدارس خاصة. بلكنتهما الانكليزية و بولائهما المبالغ فيه و تمسكهما بالتقاليد. بهذه كلها يجعلانني أحس أكثر انكليزية من الانكليز. ثم إني عندما أجد روجر يتصرف مع دون بالطريقة التي رأيته فيها بعد الظهر أعجب منه. ربما الدم اللاتيني الحار في عائلته يثور فيه بين وقت و آخر.
-أو ربما هو يقضي أوقاتا طويلة في الشمس.( تمتمت ميراندا بكسل شاعرة بأنها يجب أن تعود لأنها جلست طويلا في الشمس ذلك النهار).
-ماذا تقصدين؟ (سألها تشك وهو يقترب منها).
فتحت عينيها فرأته منحنيا فوقها.
-قبل المجيء إلى هنا قيل لي إني سألتقي أناسا يشبهون الانكليز ويتكلمون الانكليزية, لكن تصرفاتهم أبعد ما تكون عن تصرفات هؤلاء, لأنهم و أباهم عاشوا طويلا هنا في الشمس. والآن رأيت هنا تأثير شمس النهار في كل واحد, وأنا أفهم جيدا ما يعني هذا.
-وأنا أعرف, نهار تحت الشمس الاستوائية يزيل الانكماش والتمنع. هل زال تمنعك, يا ميراندا؟
رق صوته, ونار متوهجة في عينية. فمه ذو شفتين مكتنزتين قانيتي الحمرة, مثير كفم والده. لم ترد ميراندا الاقتراب, أغمضت عينيها جو, وكل وما رأت كان فما آخر, فما ثابتا وحساسا, فم روجر.
فتحت عينيها بسرعة كي تطرد هذه الأفكار الناتجة من مكوثها طويلة في الشمس.
-أنت مليئة بالتمنع, أليس كذلك؟ ( قالها تشك منحنيا صوبها أكثر). مشهد روجر و دون يتعانقان على رمل الشاطئ المهجور بعد الظهيرة أحدث فيها ما يشابه هزة عاطفية.
-لا بد من الاعتراف إني غير معتادة على رؤية الناس يتصرفون هكذا بعدم اكتراث خلال النهار وفي العلن, خصوصا حين يكون واحدهم متزوجا.
قالت ميراندا محاولة أن تجد طريقة لاجتناب قبلة تشك من دون أغاظته. أن تتصرف بلباقة في حال كهذه, كان خارج تجاربها.
-في العلن؟ لا شيء علني على شاطئ رملي مهجور مغطى بالنخيل ومغسول بالبحر الأزرق. وفي الحقيقة, إن هذا المكان هو الأكثر رومانسية في العالم.
بقيت عيناها مفتوحتين في السماء من خلال أوراق النخيل, إذ أنه من الخطر إغماضهما.
فجأة سيطرت روحها المرحة عليها وراحت تضحك عاليا, وهنا قعد تشك وأخذ يحدق فيها بعينين غاضبتين.
-على أي شيء تضحكين؟
أجابت:
-عليك. (ناسية بهذا كل لباقة). صح قول روجر. إنك كنت تحسده اليوم بعد الظهر, أليس كذلك؟ كنت تحسده لأنه كان في قمة تمتعه. وهكذا فكرت أن تستمتع مثله فوجدتني أمامك ولكن عبثا تحاول, تشك. أنا لست كما تظن. لا آخذ الحب بهذه السهولة كالآخرين, إنه بالنسبة إلي شيء مميز وشخصي.
حملق بها. وأدركت أنها جرحت شعوره.
-انك أكثر من معقدة. انك جليدية, لم تمكثي طويلا في الشمس.
-إني عائدة إلى اليخت, اعتقد إني مكثت في الشمس ما فيه الكفاية, علي أن أبعث برسالة إلى صديقي, حتى الآن أرسلت إليه بطاقات, وهو الآن ينتظر رسالة.
-حسنا. (بدا خجولا كولد صغير حرم من شيء أراده بإلحاح). إذن عندك صديق في بلادك. أما من مفاجآت أخرى لديك؟ من المضحك أنك لم تخبريني عنه سابقا, اعتقد أن هذا شخصي وخاص, وأنك جادة معه.
-نعم, سنتزوج حين أعود إلى انكلترا. (قالت ميراندا).
-آسف إني حاولت استغلال الوضع. ولكن كان في وسعك إعلامي بالأمر.
كانت الكتابة إلى جو أصعب مما توقعت. وتراءى لها شخص صديقها, وهي في حجرتها تسمع الأمواج تلطم جوانب اليخت ونسمة المساء الباكر تلاعب ورق النخيل فتحدث هذه حفيفا. كانت تتأمل الصدفة القرمزية تلمع, حاولت أن تتصوره معها ماشيا إلى جانبها على الرمال بعد الظهر يسبح في المياه الدافئة الحريرية يعانقها في ظل النخيل, ولكن على رغم هذا لم تقدر على الكتابة.
حاولت شيئا آخر, أن تتصوره معها يتناولان طعام الإفطار على متن اليخت المشمس, يرافقها عبر الممرات الوارفة الظلال واضعا على رأسها القبعة وهو ينظر إليها من الخلف نظرات متفحصة ناقدة, تصورته يشتري لها صدفة ويهديها إليها بكلمات قليلة مخلصة. وعلى رغم هذا لم تقدر على الكتابة.
انه لا يناسب هذا المكان و أجواءه, وحين حاولت أن تقارنه بأفراد عائلة غالنت المتحررين رأته كائنا بليدا, طائرا يرفرف خارج سربه.
مزقت ميراندا الورقة ورمتها في سلة المهملات. غدا ستحاول الكتابة إليه عندما تكون أكثر هدوءا.
كان العشاء على الشاطئ لحما مشويا, ولأن الملاحين أخذوا إجازة حتى المساء اهتم السيد انغرام و السيدة قرينته بتحضير الطعام.
وقفت ميراندا تساعد في سكب المقبلات, وحين جاء دور روجر لم تنظر إليه. بهد رؤيتها له عند حوض السباحة أدركت بوضوح أنه يستحق السمعة التي اكتسبها كمستهتر بكل ما للكلمة من معنى, وهي لن تخدع نفسها بالتصور أنها يمكن أن تصادقه.
لم يكن لديه ما يقول, وبعد أن أخذ نصيبه من المقبلات تراجع وراء موقد النار, ربما ليكون قرب دون.
كانت الحيوية تملأ خوانيتا فأخذت تتكلم بحماسة عن بركة طيور الفلامنغو التي وجدتها مع رامون بعد الظهر. عاكسها رامون بلطف ومحبة, وبينما كانت تراقبهما تذكرت ميراندا جو وتساءلت إن كانت ستحظى بسعادة كهذه بعد زواجها به.

جين أوستين
19-07-2011, 13:14
لم تذهب بأفكارها بعيدا لأن دوغ انغرام راح يحدثها بنبرة ذات معنى.
-أتذكرين قولي أن السيدة غالنت قادرة على التأثير في روجر؟
وافقت ميراندا بينما كانت تملأ صحنه بالمقبلات.
-تكلمت في الموضوع مع دون, وقد كانت سعيدة أن تفعل ما اقترحت. لسوء الحظ, رآها تشك بعد الظهر معه في وضع مشبوه, وهي خائفة الآن من أن يعرف زوجها بالأمر. لهذا عليك أن تتدبري الأمر, دعي زوجها يشعر بالراحة وبأننا ما زلنا مهتمين به. ستحاول زلدا ما في استطاعتها, ولكن طومس, كبقية أفراد غالنت الآخرين, له عينان دائمتا التجوال, وهو يحب النساء الشابات, وأنت تعرفين ما أعني.
-نعم, أعرف ما تقصد, سيد انغرام. ( أجابت ميراندا).
لم تكن متأكدة إذا كان دورها مرده تصورها عين طومس غالنت المتنقلة, أو هو فكرة تسليته بينما زوجته تحاول بإغراءاتها إقناع روجر بتغيير رأيه حول بيع غالنت فانسي.
لم يكن من الصعب التحدث إلى طومس الذي بدا ضائعا إلى حد ما بسبب اختفاء زوجته في الظلال, خاصة أن زلدا انغرام تقوم بتسلية المدير وزوجنه, هذا المدير المسئول عن تنمية الجزيرة. لهذا كان طومس مسرورا بمرافقة ميراندا والتحدث عن الحفلات التي أقامها في فورتوغا.
-انه مكان جميل. ( قال مبتسما). جنه طبيعية. بيع هذا المكان يمزقني, لكني أؤمن بالتقدم. لا نقدر أن نعيش دائما في الماضي, وهذا ما كنا نفعل في فورتوغا, نحن أبناء غالنت, نتصور أنفسنا مالكي مزارع.
-وقراصنة.(علقت ميراندا مازحة, فضحك من كل قلبه).
-دائما سنبقى هكذا. في داخل كل واحد منا قرصان على رغم محاولتنا الظهور مظهر المتمدنين. إن كنت مهتمة بالقراصنة فإنك ستحبين ابن عمي روبرت, والد روجر. كان جدا رائعا. كنا صديقين حميمين لم نكن نتقاتل.( ضحك طومس ثانية) كان في مقدوره أن يحدثك طويلا عن القراصنة في عائلة غالنت. كان يكتب تاريخ فورتوغا.
-ماذا حل به؟
-مأساة. ( تنهد طومس عميقا) كان بحارا عظيما يملك قاربا كبيرا يبحر في الكاريبي كأجدادنا القراصنة. عبر المحيط مرارا وتكرارا كما لو كان يعبر القناة الانكليزية. كانت صدمة كبيرة لي حين غرق. كان مبحرا في طريق العودة مع زوجته ماري... كانت طيبة, في خديها تورد وابتسامة مرحة, إلى فورتوغا من ترينيداد مصطحبين ابنهما الأكبر فرنسيس. كان روبرت هناك يهتم بشؤون كثيرة, ضربتهم عاصفة وغرق القارب, شيء رهيب. لم أفهم كيف أن بحارا مثل روبرت علق في عاصفة, ولكن يحدث هذا لأحسن البحارة أحيانا.
-متى حدث هذا؟
-دعيني أتذكر, كان روجر في الخامسة عشرة من عمره, أي منذ ستة عشرة عاما. وهذا ما جعلني مسئولا عنه. في وصيته طلب مني روبرت أن أكون وصيا على كل واحد من أولاده الذين هم دون سن الرشد في حال وفاته. (كان تنهد طومس ثانية عميقا). ليته لم يفعل ذلك. عرفت كل أنواع المشاكل مع ذلك المحتال, لن تصدقي كم مرة وقع في مأزق حرج, ليس فقط في فورتوغا ولكن في مدرسة في انكلترا. مؤذ من يوم ولادته. كان عزيزا على قلب أمه. فقط لأنه قدر أن يغني ألحانا و يؤلف أغنيات. عذبني ولما يزل. أنا لا أقول أن الحادث لم يزعجه. لقد انزعج, غير أنه لم يهتم بزراعة قصب السكر أو أي شيء آخر, كل همه يدور حول الموسيقى.
-وماذا عن مارني؟
-كانت في سن تؤهلها للعناية بنفسها, وهكذا فعلت. إنها قديرة. حازت شهادة في الكيمياء, كان ممكنا أن تحل محل روبرت في صناعة التقطير, ولكن حدث أن أصيبت بالعمى, بعت حصصي وحصصها لمن عرض ثمنا أعلى. روبرت لم يكن من الطراز نفسه, كان رجل أعمال, وكذلك فرنسيس. موهبتي الوحيدة هي في اختيار المرأة غير المناسبة لتكون زوجتي.
تنهد ثانية بعمق وتلفت حوله, محدقا في الظلال كأنه يحاول اختراق ظلمتها بحثا عن دون.
ضغطت ميراندا على نفسها وحولت الحديث إلى ما هو أقل إزعاجا. وكانت مرتاحة لظهور السيدة انغرام واقتراحها أن يصعدوا جميعا إلى سطح اليخت لتناول المرطبات ولعب الورق لمن شاء ذلك. واتفقوا على أن يبحروا باكرا.
شعرت ميراندا بارتياح لكونها قررت أن تتمشى وحدها على الشط, فهي لن تعيد هذا المشوار ثانية. رغبت أن تتذكره في المستقبل كمكان يعمه الهدوء والجمال.
كان القمر يتوارى رويدا, وعلى الرمل رمت أوراق النخيل ظلالها. وعلى أطراف الرمل كلن البحر دائم الهمس تتموج فيه انعكاسات النجوم. نجوم في البحر أغنية حزينة عن حب ضائع. عجبت ميراندا للشعور الذي كان روجر غالنت يخفيه وراء مظهره اللامبالي, هذا الشعور الذي أبدع الموسيقى العذبة.
وفجأة لاحظت ظلا على الرمل وراءها, توقفت فتوقف الظل, مشت فمشى خلفها. وبدت حائرة وهي تحدق فيه. توقفت فجأة فتوقف.
-من أنت؟ لماذا تلاحقني؟
-حتى أتأكد أنك لن تسقطي في مستنقع ما. (أجابها روجر مقتربا منها).
-آه, وهل هناك مستنقع؟
-نعم, كنت تتقدمين صوبه, ليس من الصواب أن يتمشى الإنسان ليلا على هذه الجزر, هناك أنواع مختلفة من الأخطار.
-كان لزاما أن تخبرني أنك هنا بدلا من التظاهر عكس ذلك.
-ظننت أنك تفضلين أن تكوني وحدك. ألم تفاجئي بما رأيت بعد الظهر؟
-نعم فوجئت.

جين أوستين
19-07-2011, 13:14
هكذا شعرت من خمس دقائق عندما كانت وحدها, أما الآن وهي معه, كانت مسحورة به رغم كل ما فعل.
-ربما كنت مأخوذا بالمناظر. يقول تشك أن ما من مكان أكثر رومانسية من شاطئ مهجور تحت شمس استوائية.
-كان يصف تأثير مكان كهذا عليه, كما اكتشفت مؤخرا بعد الظهيرة.
-وهل رأيتنا؟ (سألته مندهشة وخداها يحمران خجلا) كان يحاول أن يكون مثلك. لا معنى لذلك.
-ولكن لماذا تعتبرين وجودي مع دون ذا معنى خاص؟
-لا أعرف, بدا وجودك معها شيئا آخر, إنها متزوجة من ابن عمك.
-بينما أنت موعودة بالزواج, ليس إلا. هناك فرق كبير. دون تزوجت طومس لأمواله, أما الآن فهو مفلس وتقدمه في السن عنها بفارق كبير واضح جلي, إنها فتية وموهوبة, وهي راغبة في سواه, في من هو أكثر فتوة, وأغنى.
-راغبة فيك؟
-تماما. على الأقل, هذا تفسيري لعودتها إلي و للبحث عني بعد الظهر كي تشاركني في التمتع بالشمس. طبعا, قد يكون هناك سبب آخر.
-كلا, لا أحب ذلك. (أجابته بجفاء).
-أعتقد أن هذا لا ينسجم مع رأيك المثالي بالزواج. إذا كان هذا هو الأمر فإنك ستصادفين مفاجآت عدة هنا تحت الشمس الاستوائية, حيث الجاذبية الحسية تينع في الحرارة وفي هذا الجو الرومانسي. وهذا ما عرفته مع تشك بعد الظهيرة.
-ليس الأمر كذلك, لست ميالة إلى تشك.
-هل تخافين من اكتشاف شيء في نفسك لا ينسجم مع القيم الأخلاقية التي فرضتها عليك العمة كلارا؟ هل تخافين أن تكتشفي أنك امرأة, وأنك لست مراهقة تقضي نصف وقتها تحلم؟ كان على صديقك جو ألا يدعك تبتعدين عنه, كان عليه الاقتران بك بدلا من السماح لك بالمجيء إلى هنا. إنك لن تكوني الإنسانة ذاتها لدى عودتك إلى انكلترا. ستكون لك ذكريات تعذبك.
توقف قليلا ثم سألها:
-ماذا يفعل هذا الشاب الرصين؟
-انه يتعاطى مهنة البناء.
-آمل ألا يكون بناء الفنادق؟
-كلا, بناء بيوت. بالمناسبة, لا أعتقد أنك تحب الفنادق التي شاهدناها في سانت طومس و تورتولا, أليس كذلك؟
-هل كان واضحا؟
-نعم. بدوت ضجرا, وكنت خشنا مع السيد انغرام.
-قصدت أن أكون هكذا, عنده نوايا قاسية.
-ربما تحب الفندق على غرينادا أكثر.
قالت بسرعة مصممة أن تستخدم اللحظة كي تدعم مصالح الترانسمارين كما أشار عليها السيد انغرام.
-صمم كي يناسب الهندسة المحلية, إنه ليس عاليا بل مبني كأكواخ ذات طابع محلي متلاصقة ذات طبقتين, حولها ملاعب حيث الينابيع والأحواض الملأى بأنواع السمك. بالكاد هو مرئي من البحر أو الطريق, انه منسجم مع المناظر المحيطة, فيه حوض سباحة ومحلات تجارية. كما أنا متشوقة إلى رؤيته.
-على الوجه الأكمل, يا ميراندا.

جين أوستين
19-07-2011, 13:16
قال هذا متهكما ما جمدها. هل يمكن أنه فهم ما كانت ترمي إليه؟
-انك تستحقين الإعجاب لإخلاصك لرئيسك و لصاحبك الشاب. ولكن يؤسفني أن أقول لك انك تضيعين الوقت. لا شيء أراه أو أسمعه عن فنادق الترانسمارين أو عن المنتجات يجعلني أغير رأيي بالنسبة إلى بيع غالنت فانسي.
-ولكن ماذا سيفعل ابن عمك؟
-كما وقع في هذه المشكلة يجب أن يكون قادرا على الخروج منها, لست مدينا له بشيء. خدعني ومارني مرة, كنت يومها دون السن القانونية وكانت مارني في انكلترا. هذه المرة لن أتركه يعاود الكرة. حين ترين غالنت فانسي ستفهمين موقفي, وحين تلتقين أختي مارني ستعرفين لماذا لا أريد بيع بيتها لتعيش في لندن أو في نيويورك, أو في أي مكان آخر.
-منذ متى هي عمياء؟
-من نحو عشر سنين.
-أما من شيء يمكن عمله لشفائها؟
-كلا.
-كيف أصيبت بالعمى؟
-في حادث.
-آسفة. (تمتمت بصوت خافت)
-شكرا. (أجابها بصوت رقيق كأنه شعر بأنه جرحها لرفضه توضيح ماهية الحادث) أتمنى أن تلتقي مارني, بينكما أشياء مشتركة. إنها مثلك مخلصة ومتمسكة بالتقاليد.
صمت قليلا ثم أضاف:
-رأيت شيئا آخر بعد الظهيرة من غير المفروض أن أراه. السيد انغرام قدير. قد يكون مفيدا معرفة ما كان يبحث فيه بهذه السرية مع دون. انك تعرفين موضوع حديثهما, أليس كذلك؟ هل ستخبرينني؟
-لا أظن أني سأفعل ذلك.
-لا تظنين, ولكن ماذا تشعرين؟ هذا هو المهم.
شعرت ثانية أنها تود لو تقطع كل علاقة معه, لو تبتعد عنه قدر المستطاع, لو تبتعد عن صوته المؤثر, الذي كان قريبا يهمس عند أمواج الشط وتحت النخيل في الريح.
-هل ستخبرينني, يا ميراندا؟
-وماذا تفعل إذا لم أخبرك؟
ضحك, كانت ضحكته دافئة مما جعلها تضحك بدورها, نازعا عنها كل مقاومة.
-ليس لدي سوى القليل لأفعله. دائما كنت أعتبر نفسي مثقفا إلى درجة أني لا ألجأ إلى العنف. ربما في استطاعتي أن أخيفك.
أغمضت عينيها, جسمها فقد جموده وصار لينا وسرى فيها شعور رائع وغمرها, شعور يشوبه الألم, تشوبه الرعشة. كان المطر يسقط على أوراق النخيل العريضة, وكانت الريح تشتد.
-ليس هذا عدلا. (صرخت ميراندا به, كان صوتها غريبا ومخنوقا) ليس من الحق أن تستقوي على امرأة لا عون لها.
-ما من امرأة من دون معين. قلت لك أن كل شيء حق في الحب والحرب, وهناك حرب بيني وبين انغرام. لم أنس أنه خدعني بالالتحاق بهذه الرحلة البحرية, انك تعرفين ما وراء حديثه مع دون, وأنت ستخبرينني به حتى لو أبقيتك هنا طوال الليل.
حاولت الهرب, لكنه منعها لاويا يدها وراء ظهرها.
-أيها الحيوان ( صرخت به محاولة الإفلات منه, ولكن من دون جدوى) ظننتك قلت انك لا تلجأ إلى العنف!
قالت له هذا وهي تحاول أن تتحرر منه.
-أنت بدأت العنف بأن طعنتني. لا تعتقدي مطلقا إني لن أرد بالعنف عليك لمجرد انك امرأة. فأنا أؤمن بالمساواة إلى النهاية. والآن, يا ميراندا, اخبريني ما الذي كان يدبره انغرام مع دون, وإلا سنبقى الليل كله هنا.
-انك لا تقدر أن تحتفظ بي هنا. (ردت عليه وهي تلهث من التعب).
-بلى, إني أقدر. (أجابها بهدوء).
حاولت ميراندا المقاومة, لكنه قبض عليها بقسوة وجرها وراءه فتبعته.
أمرها بالجلوس, فجلست, وإلى جانبها جلس قابضا على معصمها.
-الآن في استطاعتك إخباري ما كان انغرام يدبره مع دون.
جلست ميراندا هادئة, نار الثورة فيها كانت تخمد, لم تزل في أعماقها مدهوشة لما فعلت على الشاطئ. ماذا ستقول العمة كلارا عن ميراندا الواعية لو رأتها تصارع هذا الرجل كهرة برية؟
-أيها الوحش. (قالت له وهي تحاول الابتعاد عنه).
غير أن يده شدتها حتى آلمتها.
-لست وحشا, ما أنا إلا رجل عادي يحاول حماية من يحب, والإبقاء على ما تبقى من إرث بعيدا عن قراصنة القرن العشرين, وهذا باستخدامي كل ما عندي من سلاح. اخبريني, ميراندا.
-ما عساهم يفكرون إذا عرفوا أننا كنا معا طوال الليل؟ دعنا نعد إلى الفندق.
-لا أهتم بما يفكرون, ولكن يمكن اجتناب كل سوء تفاهم بإخباري ما أريد معرفته. عندئذ اصطحبك إلى اليخت.
مال صوبها هامسا في أذنها. أحست به قريبا منها, وشعرت بالرغبة في أن تتركه يستمر, ولكن فجأة تذكرت مارني العمياء التي من أجلها كان يحاول الإبقاء على البيت, وراحت تعترف بصوت خافت:
-يأمل السيد انغرام في أن تضغط عليك دون كي تبيع غالنت فانسي. لا أعرف تفاصيل خطته.
-إذن, كنت على حق.
برودة صوته جعلتها تقشعر.
-يبدو أن انغرام سيلجأ إلى كل حيلة حتى ينال مبتغاه. وهو لا شك, طلب منك الشيء ذاته.
-نعم. لكن لا أريد هذا, فأنا لست أهلا لتحقيق هدفه.
-كلا, أنت لست كذلك. ماذا كان اقتراحه؟
-أن أكون طيبة معك, أن أكتشف سببا لعدم إرادتك البيع, وأن أفعل كل شيء, إلا... إلا.
-إلا ماذا؟ (كان صوته حادا).
-قال انه لا يتوقع أن أتعدى الحدود اللائقة.
-وهل ذكر سبب اعتقاده انك و دون تصلحان لذلك؟
-نعم. ( أجابته بسرعة) قال انك ضعيف أمام النساء. وبادئ الأمر لم أعرف أن قوله كان صحيحا.
-ربما كان قوله هذا صحيحا, ولكن, على رغم هذا, لن أبيع بيت مارني و إرثي من أجل امرأة. أتفهمين؟
-نعم, آه طبعا, لكني آسفة, فأنا غير قادرة أن أخبرك أكثر. في الحقيقة, لا أعرف كيف اعتقدت السيدة غالنت أنها تستطيع التأثير عليك.
-أخبرتني ما فيه الكفاية, فأنا الآن مستعد لكل شيء, سأعامله كما يستحق. شكرا ميراندا. آسف لأني أخفتك, ولكن كان لابد من أن أعرف حقيقة الأمر.
اتكأت بحزن على الحائط, متردد في أن تترك ظلمة الكوخ اللطيفة حيث جرى مشهد انكسارها. كان المطر يتساقط في الخارج, وحين انفتح الباب سمعت صوت انهماره.
-لم تعد تمطر بقوة. (قال روجر) هل تجازفين بالركض إلى اليخت؟
-لا مفر من ذلك. لا أقدر على البقاء معك مدة أطول! (صرخت بصوت مخنوق).
هبطا إلى الشاطئ, كان الرمل رطبا, وهذا ما أعاق سيرهما, ولكن رغم كل صعوبة, أسرع, وأسرعت وراءه.
كانت السيدة انغرام في مدخل صالون اليخت. كانت في حال عصبية, وفي ريبة ظاهرة. رمقت ميراندا قائلة:
-كنت أتساءل ما حل بك. إنها الساعة الواحدة صباحا, وأنت تعرفين أننا سنرحل باكرا. من الحماقة التجوال بعيدا حتى الآن, دوغ يرغب في رؤيتك في الصباح كي تبرري تصرفك الغريب. أين وجدتها, روجر؟
-قرب مستنقع, كان لابد لنا من الاحتماء من العاصفة, وإلا لكنا رجعنا قبل الآن.
دخلت ميراندا حجرتها, أغلقت الباب خلفها كأنها بهذا أرادت أن تمحو من ذاكرتها ما حدث لها الليلة على الشاطئ.

جين أوستين
19-07-2011, 13:17
4-ما سبب حزنه هل هو موت أبويه؟ هل هو عمي أخته؟ هل الحزن هو سبب سلوكه الجنوني أحيانا؟ تمشيا على البحر متشابكي الأيدي صامتين, فهما لم يعودا في حاجة إلى الكلام...



كان الصباح منعشا صافيا بعد هدوء العاصفة, سماء زرقاء فوق بحر أزرق, و ألوان فضية تعكس الأمواج تحت الشمس, وسمك يتطاول إلى سطح الماء بحركات بهلوانية.
كعادتها في كل صباح, وقفت ميراندا على سطح اليخت تراقب الرمال الشاحبة و النخيل, وخلفها جفنات خضراء تغيب في الزرقة البعيدة. لم تنتظر طويلا, كان عليها زيارة السيد انغرام في مكتبه كي تقدم إليه تقرير عما حدث. وحين رأت روجر يقترب صوبها هربت إلى الجانب الآخر حتى لا تقابله, وأخيرا إلى الصالون ومنه إلى المكتب.
كان السيد انغرام لطيفا, تطرق إلى الموضوع مباشرة. سألها إذا نجحت في مهمتها مع روجر. أجابته أنها لم تنجح وهي تشعر بالذنب. وهنا سألها غاضبا إذا كانت قد أهدرت وقتها الليلة الماضية.
-ظننت أنا فرصة سماوية حين تطوع للبحث عنك.
-أنا... أنا... حاولت. (وبشيء من الاشمئزاز تابعت) لا قدرة لي على تحقيق طلبك, هذا مستحيل, لست الشخص المناسب لذلك.
-هل هو خطر إلى هذه الدرجة؟
أجابته وقد احمرت وجنتاها:
-لا أريد أن يكون لي أي شيء معه.
-حسنا, أنا نفسي لا أدعي أني سعيد في العمل. يجب وضع الأحاسيس الذاتية جانبا إذا كان النجاح هو الغاية, ولكن ربما كنت صغيرة لتفهمي ما أقول. سنترك أمر روجر للسيدة غالنت المتمرسة. والآن علي كتابة بعض الرسائل. بعد زيارة الجزر أود أن أقضي قرابة يومين في المكتب الرئيسي. ربما توجد رسائل تنتظرنا بما فيها رسائل من أهلك.
ذكرى الرسائل من العمة كلارا و دوروتي وربما من جو أفرحت ميراندا, وهكذا ذهبت إلى العمل مسرورة لإعفائها من مسؤولية التودد إلى روجر.
توقعت ميراندا أن يترك روجر اليخت بعد أن عرف الحقيقة, كذلك توقعت أن يختفي من حياة دون. ولكن لدهشتها ولخوفها في آن, أخذ يبدي اهتماما أكبر بها. كانا معا في كل شيء, وكل منهما يتمتع بالآخر, وهذا سهل عليها الابتعاد عن روجر.
وذات صباح اختفيا معا. ما من شيء قيل حول هذا الاختفاء, ما من شيء قيل حول عدم رجوعهما إلى الغداء, أو عندما لم يسبحا بعد الظهر كالمعتاد في مسبح المطعم الخاص.
وحين حلت الظلمة الاستوائية المفاجئة ظهرت علامات القلق على طومس. قال انه سيبقى على سطح اليخت في انتظار عودتهما.
وعند العشاء كان طومس في حالة عصبية. وأخيرا رجعا بعد منتصف الليل بقليل في سيارة أجرة. صعدا إلى اليخت وعلامات الانشراح بادية عليهما. ما من شك أن دون تمتعت برفقة روجر, مما جعل زوجها طومس يعنفها على غيابها طوال النهار.
وفي اليوم التالي استيقظت ميراندا باكرا, رأت الجبال و الزرقة الداكنة فوق البحر. وأدركت أن محاولاتها في تجنب روجر كانت ناجحة حتى الآن,كما أنه لم يقم هو بمحاولات للتقرب منها, ذلك لأنه بدا منشغلا مع دون.
لم يكن سهلا على ميراندا تبرير محاولاتها هذه. حاولت ذلك بتظاهرها أنها لا تحبه, لكنها عرفت تماما أن هذا غير صحيح. والأصح أنها كانت خائفة منه, لأنه حولها إلى امرأة تضرب وترفس وتصارع. كانت امرأة مختلفة قبل تلك الليلة العاصفة على الشاطئ.
بقيت طويلا على سطح اليخت. ثم ظهر روجر وتقدم صوبها, اتكأ على الدرابزين و تطلع إلى الجزيرة. مرفقه لامس مرفقها, فابتعدت عنه قليلا, وهنا نظر إليها قائلا:
-هل ستهبرين كعادتك كل مرة اقترب فيها منك؟ ما من حاجة إلى ذلك. فأنا لن أحاول الحصول منك على معلومات, إذا كان هذا ما يخيفك.
-كلا, لست خائفة من ذلك, فقط أريد التمتع بالصباح, وقد كان تمتعي به رائعا حتى مجيئك.
ضحك وعيناه تلمعان بين رموش قصيرة سوداء.
-وهل ستجربين مخالبك؟ إذا أردت خدشي, عليك فعل شيء آخر.
تأسفت للصباحات التي قضتها معه. كرهته فجأة, كانت كراهيتها له من العنف بحيث أصابها الذهول, ذلك أنها لم تكره أحدا في حياتها من قبل.
-أكرهك.
-أنت لست أول من قال هذا, لقد سبقتك كثيرات.
وهنا تذكرت دون وهي ترميه بكأسها قائلة أنها تكرهه. وحالا حقدت على نفسها, لأنها لم تكن بأحسن من دون.
تأملها مليا, تأمل وجنتيها السمراوين بفعل أشعة الشمس.
-اعترف أنك لم تقولي سابقا شيئا بهذه الحدة.
وتملكتها الخيبة لأنه لم يبد غاضبا لكلامها. ألا يفقد أعصابه أبدا؟ حتى أنه عندما تشاجرا على الشاطئ لم يغضب.
-أعني ما أقول, لا أقول أي شيء لا أعنيه. أكرهك لأن...آه, لأن...
أدركت أنها إذا أخبرته لماذا تكرهه, فإنه سيمتلك سلاحا جديدا ضدها, وهكذا توقفت, صدرها يرتفع ويهبط تحت قميص من القطن الأزرق, عيناها داكنتان و قلقتان, بلون البحر عند هبوب العاصفة.
-لأني أيقظتك من الحلم إلى الحقيقة. صاحبك جو ليس كما يجب, هل يتوقع أن تتزوجيه من دون معرفة شيء في أمور الحياة؟
-إني أعرف حقائق الحياة.
لكنه لم يكن خطيبها, ولأنه لم يكن خطيبها ولن يكون, سيطر عليها شيء من الخوف. ولكي لا يكشف ما في قلبها أدارت رأسها إلى الجهة المعاكسة.
-هل تخطيت الحدود؟ هل من الممكن أن أكون على حق, و أن جو لم يكن يطلعك على أسرار الحب؟
ظلت صامتة وأعلن صمتها ثانية ما في قلبها.
-إذن لماذا الزواج منه؟
-كفى, لقد تخطيت الحدود, لا علاقة لك بحياتي الخاصة. على كل حال, بالكاد أعرفك.
-بل يعرف واحدنا الآخر من سنوات, ميراندا.
-بعد أسابيع قليلة أعود إلى لندن, وكل شيء يصير ذكرى.
-ذكرى توقظك في الليالي. بالمناسبة إني أسافر أحيانا إلى لندن, ولي فيها شقة. في استطاعتنا أن نلتقي, في لندن أماكن رومانسية.
-لا, لن يكون في استطاعتي لقاؤك, هذا غير أخلاقي, لا أريد أي علاقة بك.
-بسبب ما قاله انغرام عني؟ بسبب دون؟ إذا قلت لك لماذا...
قالت صارخة, مقاطعة إياه:
-لا أحب أن أسمع!
راحت تبتعد, لكن يده على ساعدها أوقفتها.
-لا تهربي, أعدك بأني لن أغضبك. نحن قريبان الآن من خرائب سانت بيار, انظري, هناك برج إحدى الكنائس, إنه يذكرني بقصة سمعتها عن أحد الناجين من الهلاك. كان يعزف الحان موسيقاه في الكنيسة, حين ثار البركان, فاحتمى تحت آلته الموسيقية ونجا كي يخبر الحكاية. الحكاية تسحرني لأني أحب أن أعتقد أنه نجا بسبب حبه للموسيقى.

جين أوستين
19-07-2011, 13:19
تطلعت إليه. في الصباح الصافي بدا وجهه الجميل مظللا, تذكرت أنه وصف نفسه مرة بالحزين, ما سبب حزنه؟ هل هو موت أبويه حين كان طري العود؟ هل هو عمى أخته؟ ماذا أضافت جوزفين إلى حزنه؟ هل الحزن هو سبب سلوكه الجنوني أحيانا؟
-المصيبة أثرت بشكل خاص على أهالي الجزيرة. زرعت فيهم وفي أبنائهم أفكارا مختلفة. بين ليلة وضحاها شعروا بالقلق من الوجود قريبا من بركان يمكن أن يثور في أية لحظة.
كانت الشمس حارة على رأسها, لهذا كان لابد لها من الجلوس في الظل لتدليك جسمها بالزيت.
أخيرا في الصباح وصل اليخت إلى المرفأ. وبعد الاتفاق على موعد الغداء, اصطحبت السيدة انغرام و خوانيتا إلى المدينة لابتياع بعض الحاجيات. وفي شوارع المدينة كانت المتاجر الحاوية أنواع الثياب, والنساء في ألبستهن الوطنية و بعضهن في ألبسة عصرية, يبعن الفواكه.
كانت السوق على امتداد جسر ضيق عند مدخل المدينة. وعلى الضفة الأخرى قوارب صيد مطلية بالأزرق والبرتقالي, بينما كان الصيادون يعرضون الأسماك الطازجة.
حرارة النهار أجبرتهن على العودة إلى مركز المدينة الرئيسي, إلى مقهى رصيف حيث اللقاء مع الآخرين.
-إني سعيدة الآن لوصولنا باكرا. المجيء في هذا الوقت يتيح لنا المجال لمشاهدة المكان. لا بد من القول أن بعض النساء جذابات.
تلفتن لاشباع فضولهن, ثلاثة أشخاص على المائدة القريبة: امرأتان ورجل. واحدة لفتت الانتباه, طويلة ونحيلة, تلبس بنطلونا أبيض وقميصا أخضر, ذات قسمات شاحبة وشعر طويل أشقر.
-إنها تشبه جوزفين, أليس كذلك يا دون؟ ( سألتها خوانيتا).
-كيف لي أن أعرف ذلك ولم أرى جوزفين قبلا؟( أجابتها دون بعصبية).
-آه. أتقصدين جوزفين نابليون؟ ( سألتها السيدة انغرام ببراءة).
قالت دون من طرف فمها:
-لا. إنها تقصد جوزفين روجر.
سألتها السيدة انغرام:
-ومن هي؟ صديقته؟
-كان هناك علاقة بينهما. من الصعب المعرفة بالتأكيد, وروجر لن يقول( أجابتها دون بمرارة خفية) الأرجح عند الفرنسيين كلمة لذلك. أنهم يسمونها وسيطة خطرة. هل تظنين أنها النعت الصحيح, خوانيتا؟ تعرفين أكثر مني في هذه المواضيع, رغم أني سمعت من مصادر موثقة أن لطوم ضلعا فيه.
بدت خوانيتا قلقة, وخاطبت زوجة أبيها قائلة:
-انتبهي لما تقولين يا دون.
-لماذا؟ فأنت لا تفشين سرا إذا قلت أن رجال غالنت ليسو أتقياء. ( وفجأة ضحكت وأكملت) روجر وأنا كنا البارحة في حفلة راقصة. وافق مدير الفندق على أن أغني في الملهى, غنيت بعض من أغنيات روجر, مما أثار الحضور.
قالت خوانيتا:
-أنا ذاهبة.
كانت تراقب المرأة اللابسة الأبيض و الأخضر.
-آه, يا الهي ... روجر قادم. لنفرض أنها جوزفين, و يراها.
-ستكون ردة فعله موضعا للنظر, خصوصا أن الكل يعتقدون أن جوزفين ميتة.
قالت خوانيتا:
-لم يكن هذا أكيد. فقد اختفت.
سألت دون بجفاف:
-حسنا؟ هل نحن الآن أكثر معرفة؟
-في الحقيقة, لا. روجر يخفي دائما أحاسيسه الحقيقية, وهو دائما الإهتمام بالمرأة الجميلة. (قالت خوانيتا متنهدة) ها رامون و تشك في صحبة الوالد, وهكذا يمكننا الذهاب إلى الغداء حالا, فأنا جائعة كثيرا.
وبعد الغداء ركبت ميراندا السيارة مع السيدة انغرام و خوانيتا و تشك لرؤية مكان ولادة جوزفين زوجة نابليون.
بعد ذلك كانت نزهة في السيارة على الجزيرة. شواطئ بيضاء تلمع, شباك صيد معلقة, زهور برية, قرى صغيرة تحت الشمس و أشجار عالية على طول الطريق.
عادوا إلى اليخت و أخذوا حاجيات السباحة و الألبسة المسائية قبل عبور الخليج إلى الفندق حيث العشاء و الرقص. وحده السيد انغرام كان على اليخت, أما روجر فلم يكن قد رجع بعد. وفجأة قال السيد انغرام بلهجة صارمة:
-أود أن أتحدث معك يا ميراندا قبل أن تخرجي إلى السباحة.
-نعم, يا سيد انغرام. هل من رسائل لي؟
-كلا. ربما لك بعض الرسائل في غرينادا حيث سنكون غدا. يجب ألا نستمر هكذا من دون نتيجة, فالشركة تضغط علي. هناك جزيرة أخرى للبيع. لابد من التوقف عن محاولاتنا مع عائلة غالنت, و السفر إلى الجزيرة المذكورة, رغم عدم شعوري بالارتياح أن رجلا ماجنا مثل روجر قد هزمني.
-روجر لن يسمح بالصفقة, إنه يفضل أخته على كل شيء.

جين أوستين
19-07-2011, 13:20
-أخته! إنها المفتاح, علينا رؤيتها, ربما هناك فرصة شكرا لك, يا ميراندا. والآن اذهبي إلى الفندق وطيبي خاطر تشك الذي بدأ يفقد صبره.
ذهبت ميراندا إلى الفندق حيث انضمت إلى تشك و خوانيتا و رامون. وهنا قال تشك مخاطبا خوانيتا:
-علينا حل قضية روجر.
-أعرف. إنه و دون يتصرفان بطريقة غير مستحبة,
-ليس هذا ما أعني. فأنا مهتم بصفقة الترانسمارين, يجب أن أحصل على المال. بوب مديون حتى أذنيه, وأنا كذلك.
-آه يا تشك( قالت خوانيتا بلطف) رامون يساعدك.
-طلبت منه المساعدة, ولكن بلا نتيجة. يبدو الآن أن الطريقة الفضلى هي في إقناع روجر بالموافقة على البيع. إنه لا يعيش هناك, وما من مصلحة له في تنمية المكان.
-ليس في استطاعتنا فعل أي شيء إلى أن نلتقي مارني ونكلمها في الموضوع, فإذا وافقت فإن روجر لن يعترض.
-ربما نحصل على موافقتها إذا جعلناها تعرف كم هي ضرورية و مفيدة لنا جميعا هذه الموافقة. و روجر مستعد أن يلبي لها كل طلباتها فهي تجعله يشعر بالذنب لأنه المسئول عن عماها. هل لديك فكرة عن السبب؟
-لا. إلا إني أعرف أنها الوحيدة التي تعرف الحقيقة عن جوزفين. هل قلت لك أننا رأينا واحدة تشبهها في المقهى هذا الصباح؟
انخفض صوتها, ولم تعد ميراندا تسمع أي شيء. بكلمات قليلة استعادت ذكرى تلك المرأة التي شاهدتها في المقهى, و ابتسامتها لروجر, وتردده حيال لقائها, و ملاحقته لها بعينيه. هل ظن هو أيضا أنها جوزفين؟ و أية علاقة كانت لها معه؟ وحدها مارني تعرف الحقيقة.
تنهدت ميراندا تخفي رأسها تحت ساعديها. ودت لو تسمع هذا الحديث. جفلت ثانية من الطريقة التي يتعامل بها أفراد غالنت بعضهم مع بعض. جميعهم أشرار.
تمنت لو كان هناك واحد منهم خارج هذا الصراع كي تتحدث معه. مشكلتها أن أحاسيسها دائما كانت تجرفها. ربما من الأفضل لها لو تتزوج جو, فهو رزين و سليم الطوية.
فجأة بكت. هل من رسالة تنتظرها في غرينادا؟ هل افتقدها جو في الأسبوعين الأخيرين؟ حاولت أن تتخيله فلم تستطع. كذلك كانت حالها بالنسبة لعمتها كلارا و دوروتي. في الحقيقة ليس من السهل عليها أن تتخيل مكان ولادتها المجلود بالريح الباردة وهي على هذا الشاطئ تحت الشمس الناعسة.
-أسرعي, ميراندا( قال لها تشك بإلحاح) سباحة أخيرة قبل تبديل ثيابنا للعشاء وبعد هذا سنقضي أجمل أمسية معا.
كانت الشمس تغيب تاركة وراءها غيوما قرمزية. أما تشك فقد كان في أحسن حالاته, كان مرحا و مستعدا لأنواع المزاح, وكان يعتقد أن الأمل لم يمت بعد في إقناع روجر ببيع حصته.
ذهبت معه للسباحة, ومن ثم مع خوانيتا لارتداء لباسها البسيط الذي جاءت به من انكلترا. كان لباسها شاحب اللون ز عاليا عند الخصر, وكان شعرها مرخيا على شيء من الفوضى. وحين تطلعت في المرآة بالكاد تعرفت على شكلها, إذ بدت صبية أنيقة.
قصدوا المقصف قبل العشاء. كان وجود روجر مفاجئا, كان يتحدث مع السيدة انغرام, غير أنه تطلع إلى خوانيتا و ميراندا حين دخلتا. تبسم لخوانيتا رافعا يده محييا, نظرته عبرت ميراندا لتعود إليها حتى كأنه لم يميزها للوهلة الأولى. لم يبتسم أو يلوح لها إذ كان يتأمل مظهرها ببطء, لكن أثرا غريبا بان على وجهه قبل أن يعاود النظر إلى السيدة انغرام و يمنحها اهتمامه الكلي.

جين أوستين
19-07-2011, 13:22
لم يكن من أثر لدون, وحين سأل طومس روجر عنها أجابه الأخير أنه لا يعرف شيئا عن مكان وجودها, وعندما لاح الغضب على وجه طومس تدخل السيد انغرام بلباقة واضعا ذراعه حول كتفي طومس, ودخلا معا غرفة الطعام.
وبعد العشاء حان موعد الرقص تحت أضواء خافتة وسط موائد وكراسي صغيرة. بادئ الأمر استمعوا إلى بعض الأغنيات المحلية و شاهدوا الرقص الشعبي برفقة القيثارات و الطبول. ثم ظهرت فرقة رقص صغيرة وراحت تعزف أنغاما راقصة معروفة, بدأ الرقص كل اثنين معا. في هذا الوقت اتكأت السيدة انغرام وأخذت تتبادل الحديث مع واحد خلفها في الظل. تطلعت ميراندا في الاتجاه نفسه فرأت روجر جالسا وحده بهدوء.
تنهدت الريح خلال النخيل حاملة معها رائحة الزهور, وفي السماء المخملية خلف الأضواء الملونة كانت النجوم تشع معكوسة في البحر.
بدأت الفرقة الموسيقية تعزف نغما راقصا رومانسيا, وشاهدت الراقصين يلتحمون. لامست يد كتفها فعرفت للحال صاحبها للرعشة التي تسربت إلى أعصابها.
سألها روجر:
-أترقصين معي؟
كانت خائفة أن ترقص معه على ذلك النغم الرومانسي, غير أنها لم ترفض لئلا تبدو غليظة, ومن دون أن تنظر إليه أحنت رأسها ونهضت ووضعت يدها على كتفه بينما أحاط ساعده بخصرها وراحا يرقصان.
أرادت أن تتراجع و تتصلب في أثناء الرقص معه, محاولة الإبقاء على مسافة بينهما, لكنها بعد ثوان وجدت نفسها تقترب منه ورأسها على كتفه. رقصا معا من دون عناء أو تصنع كأنهما خلقا ليكونا رفيقين.
سألها روجر برقة:
-ماذا فعلت اليوم؟
-ذهبنا إلى بيت جوزفين ( أجابته من دون تفكير) أعني مكان ولادة جوزفين نابليون.
-كانت امرأة قوية, شغلت نابليون أكثر من جيوش أوروبا مجتمعة. على كل, أهذا كل ما فعلت؟
-تنزهنا حول الجزيرة. الآن أفهم سبب تسميتها جزيرة الزهور.
-الفرنسيون يسمونها الجزيرة التي إليها بدأ يعود الإنسان.
-وهل زرتها من قبل؟
-هذه زيارتي الثانية.
وبسرعة أرادت ميراندا معرفة من هي جوزفين, فقالت:
-رأينا هذا الصباح امرأة فائقة الجمال في المقهى, بشرتها سمراء, شعرها أشقر. وذكرت خوانيتا إنها تشبه امرأة عرفتها, امرأة كنت تعرفها.
-خوانيتا تكثر من الكلام, إنها عادة سيئة عند النساء. لا تقعي فيها يا ميراندا, فأنا أريدك كما أنت, هادئة و متحفظة, رأيت المرأة التي تقصدين, لم تكن جوزفين.
توقفت الموسيقى, بينما ظلت الطبول تقرع. ظهر رجل في دائرة مضاءة و أعلن عن مغنية تلك الليلة دون أن يسميها.
وثانية عزفت الموسيقى, موسيقى أغنية نجوم في البحر, فأخذ روجر و ميراندا بعيدا عن المسرح إلى زاوية معتمة عند درج يؤدي إلى حديقة الفندق. أضاء المسرح, فظهرت امرأة طويلة وجذابة يلفها ثوب جميل يزيد من تألق شعرها المسرح على كتفيها وراحت تغني بصوت مؤثر... جميلة تملأها الحيوية, تغني الأغنية التي جلبت الشهرة لروجر.
إذن خوانيتا و تشك على حق في اعتقادهما أن دون و روجر يتآمران على طومس. هكذا قالت ميراندا في نفسها متطلعة إلى طومس كي ترى تعابير وجهه. غير أن روجر سحبها وراءه مسرعا إلى ظلمة الحديقة العطرة.
أحست بنشوة عارمة وهي تعدو معه في تلك الليلة الدافئة, شعرت بالمرح و الانتعاش. وعند بلوغها الشاطئ الرملي توقف روجر و التفت إليها وراح يغني قصيدة من العاصفة لشكسبير كان قد لحنها, قصيدة مطلعها:" تعالي إلى هذه الرمال الشاحبة".
وحين توقف عن الغناء جذبها إليه, فارتدت ميراندا إلى الوراء متسائلة:
-لماذا جئنا إلى هنا؟
-أولا, حتى نتجنب غضب طومس لدى رؤيته زوجته تغني.
-أيها الجبان, لقد شجعت دون على الغناء كي تعذبه.
-بل فعلت هذا تلبية لإرادتها. إن غناءها رائع, ومن المؤسف أن تظل موهبة كهذه مهملة طوال حياتها.
-ولكن سيغضب هذا ابن عمك, لأنها ستتركه في النهاية إذا استمرت في هذه المهنة.


لم يجب روجر,رأت أنه ما زال يمسك بيدها مصغيا إلى النغم البعيد. كذلك كانت ميراندا تصغي. قالت هامسة بحياء:



-أحب موسيقاك.



-شكرا (أجابها بتهذيب وغموض).



-يجب أن تفرح لنجاحها.



-ليس بالضبط. ليست الموسيقى التي أريد تأليفها, ألفتها من أجل صديقي كيت و ويليامز.



-وما الموسيقى التي تريد تأليفها؟



-ربما موسيقى أحسن من موسيقى الأفلام.



وحين توقفت الموسيقى البعيدة وعلا التصفيق, قال روجر:



-لقد نجحت.



تساءلت ميراندا بشعور مشوب بالحسد عما ميراندا بشعور مشوب بالحسد عما إذا كان يحب دون ويريد إقناعها بهجر طومس إلى الأبد. حاولت الإفلات منه, فلم تستطع.



-وعدتني أنك لن تغيظني.



-ذلك الوعد كان في النهار, أما الآن, فإنه الليل الاستوائي الناعم, ونحن ثانية على شاطئ رملي تحت النخيل, وفي وضع رومانسي رائع.



تمشيا على طول شاطئ البحر الهامس متشابكي الأيدي صامتين, فهما لم يعودا في حاجة إلى الكلام, لا شيء سوى سحر أنغام البحر وعطر الزهور وهمس النخيل.



-من كانت جوزفين؟



-هل يجب أن تعرفي؟



-وهل من اعتراض؟



-ما دمت لا تستخدمين معرفتك ضدي.



-لن أفعل ذلك.



-كانت جوزفين مدبرة منزل طومس لوقت قصير, كانت جميلة, جذابة كالمرأة التي رأيتها اليوم.



-ماذا حل بها؟



-هربت.



-لماذا؟



لم يجب روجر. وصلا الدرج المؤدي إلى مكان الرقص. أفلت يدها, فأمسكت بذراعه لشعورها أنه سيتركها للحال.



-لماذا, روجر؟



-لا أستطيع أن أخبرك. طبت مساء, هنا طريق كل منا في اتجاه مخالف.



ثم أسرع مبتعدا في الظلال, وظلت وحدها.

جين أوستين
19-07-2011, 13:23
5-كل شيء كان أغنية قصيرة, أو ربما حلما للذكرى بين حين وآخر, حلما لم يتحقق. سبحت إلى حيث صارت المياه عميقة, إلى حيث الخطر. وفجأة سمعت صوتا يقول:"لن أتركك تغرقين!"




نهضت ميراندا باكرا كي ترى اليخت يترك المرفأ لحظة كانت السحب القرمزية وراء جزيرة الزهور, وشعورها أنها لن تعود إلى هذه الجزيرة كان أعمق من أو يوصف. بدت هادئة ومتماسكة, شعرها يتطاير إلى الخلف, ولولا أثر الشمس على وجهها لكانت نفس الفتاة التي تركت مطار سان خوان من أسبوعين, إلا أنها كانت تعرف أنها داخليا تغيرت كثيرا.
لن تكون هناك نزهات مع روجر بعد الآن على الشواطئ, وفي الليل. كل شيء انتهى, كل شيء كان أغنية قصيرة, أو ربما حلما للذكرى بين حين وآخر, حلما لم يتحقق.
وبينما هي على سطح اليخت رأت جزرا ضبابية تعبر, فشعرت بشيء من الارتياح لسماعها المياه ترتطم باليخت الذي كان يندفع جنوبا. قريبا تكون في غرينادا حيث رسالة من جو ربما في الانتظار.
لم ينضم إليها أحد ذلك الصباح على اليخت, وما من أحد كان يتناول فطوره. وحده بيلي الذي كان متحمسا للعودة إلى مسقط رأسه, قال لها:
-نعم, أيتها السيدة, إنها جزيرة حلوة, لن تنسي توابلها.
سألته ميراندا وهي تأمل في أن يكون سكان غرينادا جميعهم مثل بيلي طيبين:
-وهل التوابل وحدها تنمو هناك؟
-هناك الموز, و التفاح السكري, و الأطفال.
فجأة ظهرت دون. إذا سمحت, قهوة سوداء و الكثير منها. لا شيء آخر.
جلست دون قبالة ميراندا تتأمل خديها المضيئين وشعرها الشمسي. وسألتها بوقاحة:
-أما من غالنت يشاركك في هذه الصبيحة اليوم؟
أجابتها ميراندا محاولة أن تتجنب الموضوع:
-كان غناؤك رائعا الليلة الفائتة.
-لا تغيري الموضوع, كم بقيت على الشاطئ مع روجر الليلة الماضية؟ طبعا, مدة كافية للحصول منه على معلومات. لماذا خرجت إذا كان غنائي أعجبك؟ أظن أنك وجدت الوقت مناسبا لتنفردي به بعض الوقت, ما من امرأة قادرة على الاحتفاظ به.
-ولا حتى أنت؟
-كان في استطاعتي الاحتفاظ به لو قبلت شروطه. إنه مهتم بعلاقات قصيرة مع النساء. كنت يومها رومانسية جاهلة أسعى وراء علاقة دائمة, وهذا ما قدمه طومس, فقبلت.
-لا رغبة عندي في الاحتفاظ بأي رجل, لا سيما روجر, فهو ليس من النوع الذي يجذبني. هذا إلى أني سأتزوج فور عودتي.
-آه, شيء يثير الاهتمام, وهل روجر على علم بذلك؟
-نعم.
-أفهم الآن لماذا حزت إعجابه لفترة. انك غير النساء اللواتي يعرفهن, فهو يريد سبر أغوارك. يريد أن يعرف إذا كان في هذه المياه الهادئة من أسرار, وربما خاب أمله حين عرف انك فتاة طيبة تنتظرين الزواج من آخر عادي. مسكين روجر! إنها ليست المرة الأولى التي تنهار فيها أحلامه, وانهيار هذه الأحلام يجعله عاشقا قاسيا ومثيرا للاهتمام.
-وهل هو حبيبك؟
-ليس حتى الآن, غير أنه سيكون فور انتقامه من طومس.
وعند ظهور الخادم بيلي حاملا القهوة توقف حديثهما, فتركت ميراندا المائدة. ظلت مشغولة طوال النهار بكتابة بعض الرسائل للسيد انغرام الذي بدا متعبا و قلقا, وحين انتهت من الرسائل أرادت الخروج لرؤية الجزر عند المغيب. وهنا سألته:
-هل هذا كل شيء؟
أجابها, وكأنه استيقظ من تأمل عميق:
-اجلسي, يا ميراندا. هل رأيت ما حصل من سوء بين طومس و زوجته الليلة الماضية في الفندق؟
-كلا, كنت أتمشى خارجا.
-مثل روجر غالنت, فعل حسنا بالاختفاء تلك اللحظة. يبدو أنها وعدته يوم تزوجا أنها ستترك الغناء في النوادي الليلية.
-لكن صوتها جميل.
-ربما, لكن ذلك لم يكن مساعدا لي, اتهمني طومس أمام الجميع بأني أشجع علاقة دون و روجر, كانت التهمة مربكة.
تطلعت ميراندا إلى يديها وهي تخفي ابتسامة. ألم يكن هذا بالضبط ما فعله السيد انغرام؟ شجع دون على ملاحقة روجر فارتد كل شيء عليه, ملحقا به ضررا لم يتوقعه؟
-على كل حال, لم نتمكن من تحقيق أي شيء.
تابع السيد انغرام يقول:
-لا استطيع الحصول على أي تعهد من روجر, أملي هو في أن تبقي تشك سعيدا. حتى الآن لم تقدمي المساعدة المطلوبة, وعندي بعض الشكوك انك تركت أحاسيسك تلعب دورها في القضية.
تركت ميراندا المكتب شاعرة بنهاية جو الاسترخاء. وبقي طومس في حجرته كل النهار. أما تشك فبدا هادئا و خوانيتا و رامون لم يظهرا للعيان.
وحدهما دون وروجر لم يظهرا متأثرين بأحداث الليلة السابقة, كانا يتحدثان بهمس, وأحيانا يضحكان.
-إنها لا تعرف الحياء (قالت السيدة انغرام عن دون) هكذا هم جميع الذين يرتبطون بعالم اللهو.
كان اليخت يبحر تاركا وراءه في المياه نجوما, وبينما كانت ميراندا متكئة على درابزين اليخت سمعت همسا وراءها مصدره روجر و دون, فتركت المكان متجاهلة الغيرة التي شعرت بها و متسائلة في نفس الوقت عن سبب شعورها بالأذية الناتجة من صحبة روجر لدون.
دخلت حجرتها, وراحت تصغي إلى الموج المتلاطم على جوانب اليخت. غدا, متى أفاقت, ستكون في المرفأ, و بالتأكيد هناك رسائل تنتظرها من العمة كلارا ومن جو, مما سينسيها الألم الذي سببه إهمال روجر لها.
نامت على هدير محرك اليخت, وحين استفاقت كان اليخت قد توقف. نظرت من كوة اليخت فرأت سطوح البنايات مغطاة بقرميد يلمع تحت الشمس. وخرجت إلى السطح, ومنه رأت الأشرعة و القوارب يقودها أولاد سمر قادمون لملاقاة اليخت المتجه إلى المرسى.
نزلت ميراندا من اليخت بلباسها الصيفي و نظارتيها الشمسيتين. رأت أهالي الجزيرة ينتظرون السياح, وبسرعة أحاطوا بها معلنين أسماءهم و استعدادهم لمساعدتها في مشاهدة الجزيرة.
ضحكت من دون أن تعرف من تختار من هذه الوجوه الباسمة, وأخيرا وقع اختيارها على فتى بدا أكثر فتوة وأكثر حاجة من الآخرين.
اتجهت معه إلى وسط المدينة في سيارة قاصدة لورا بالتون.
ولدى بلوغ الشارع المقصود ترجلت من السيارة لترى إن كانت لورا في محلها التجاري, بينما بقي الفتى في السيارة ينتظر.
كانت لورا في السابعة و العشرين من العمر تقريبا, شعرها أشقر, زرقاء العينين, تتوق إلى رؤية إنسان من انكلترا.

جين أوستين
19-07-2011, 13:25
اصطحبت ميراندا إلى الغداء. عبرتا بيوتا خشبية ذات شرفات, أمامها نسوة يتبادلن الأحاديث. وفي الطرقات بنات مدارس عائدات, وعلى ملعب قريب من معمل كان فريقان يلعبان الكريكت.
عند وصولهما إلى البيت تركهما الفتى على أن يعود في وقت لاحق. وفي البيت تناولتا الغداء وتجاذبتا أطراف الحديث. وحين سمعت لورا من ميراندا عن رحلتها بين الجزر, قالت لها:
-رحلتك خيالية. أنا مهتمة بأخبار عائلة غالنت, لا أظن أن هذه العائلة على استعداد لبيع عقارها.
-وهل تعرفين أحدا منهم؟
-سمعت بهم. كل واحد هنا يسمع عن روجر غالنت بسبب أغنيته. كذلك أخته مارني تعرف تماما كيف تستغل إمكانات عقارها في هذه الجزيرة.
-ولكن, كيف يمكنها ذلك؟ أليست عمياء؟
-إنها كذلك, لكن عندها إحساسا بالأرض. غرست كل أنواع أشجار الفواكه, ومدير أعمالها أوبري يقوم بالعمل وهي تقدم إليه الأفكار. يقال أنهما متحابان, غير أن أوبري لن يتقدم بطلب الزواج منها.
-لماذا؟
-لا أدري. قد تعرفين متى وصلت إلى هناك. أما في خصوص روجر فقد قام بزيارة أخته مرة هنا, ومع أنه يبدو قريبا في الظاهر, فإنه صعب, عنده تحفظ عميق كأنه لا يريد أن يعرفه الآخرون.
وافقتها ميراندا, ثم انتقلتا إلى مواضيع أخرى وهما تتناولان الغداء على الشرفة المطلة على البحر. مضى الوقت بسرعة. وبعد ساعتين تابعت سياحتها مع الفتى الذي كان يقود سيارته بطريقه جنونية مستخدما الزمور عند المنعطفات كي يتأكد من عدم وجود صغار على الطريق.
وبانت الحقول المزروعة بعد مساحات الموز, ثم انعطفا نحو طريق جديد بين صفوف شجر النخيل الطويلة.
وعادت إلى الفندق بعد أن دفعت للفتى أجرته شاكرة إياه.
وحين وصلت إلى مكان الاستقبال عرفت من امرأة هناك أين هي السيدة انغرام.
كم أنا سعيدة لرؤيتك, يا ميراندا(قالت السيدة انغرام بصوت هادئ) نحن في حالة رهيبة, ليتك لم تذهبي لزيارة صديقتك, روجر ودون اختفيا من جديد, و دوغ يتفاوض مع شخص عنده جزيرة مستعد لبيعها إلى الترانسمارين. خوانيتا و رامون عادا إلى سان خوان, مع الأسف. إذ أن خوانيتا لم تكن في حالة جيدة, فرأى رامون أنه من الأفضل أن يعيدها إلى المنزل لتكون قريبة من الطبيب.
سألتها ميراندا متطلعة حواليها:
-وأين تشك؟
-ذهب إلى الشاطئ. ابحثي عنه, فأنا خائفة من أن يختفي كذلك, ونبقى مع طومس الذي لا يطاق.
كان الشاطئ من أجمل ما رأت ميراندا, كان ممتدا أميالا و أميالا. وجدت تشك تحت نخلة يساوم جماعة من البائعات.
رآها تقترب, وحياها بابتسامة عريضة, قال:
-إني أحاول أن أساومهن على ثمن هذا القميص قدر المستطاع.
كان الكثير من الضحك و المزاح في أثناء المساومة, وحين انتقلت البائعات إلى مكان آخر من الشاطئ قال تشك مازحا:
-آمل أن يعجب الرفاق في واشنطن بقميصي. وأنت, هل فكرت بما ستفعلين في لندن بهذه التنورة التي اشتريت؟
-سألبسها في المنزل, وحين أفعل, سأذكر أنك ترتدي هذا القميص في واشنطن.
-صحيح؟ خبر مفرح, انك طيبة, ما علاقتك بقراصنة أمثالنا؟ إني سعيد انك جئت إلى الشاطئ لو كان في حوزتي من المال ما يكفيني لعدت إلى بلادي حالا. تعبت ن نزهة انغرام البحرية. إنها لم توصلنا مع روجر إلى أية نتيجة, لماذا لا يعترف انغرام بالهزيمة؟
لم تجبه ميراندا, وخوفا من أن يصير عاطفيا عرضت عليه السباحة, فقبل. وبعد السباحة عادا إلى الفندق, ومنه إلى اليخت لأن السيد انغرام كان يريد السفر حالا إلى فورتوغا.
تأخر السفر قليلا بسبب عدم وصول دون وروجر, وأخيرا بان روجر مع امرأة سمراء غير دون.
سأله زوجها طومس:
-أين دون؟
-لا أعرف. قالت أنها قد تعود إلى اليخت, هل بحثت عنها في الحجرة؟
وهنا تدخل السيد انغرام قائلا بلهجة مثيرة:
-أريد الوصول إلى فورتوغا بأقصى سرعة.
أجابه روجر ببرودة:
-ولماذا لا تصدر أوامرك بالرحيل؟


وهكذا كان. عندها هبطت ميراندا إلى حجرتها واستحمت. فكرت في أن تبوح لروجر بالضغط الذي ستتعرض له أخته, غير أنه أحجمت عن ذلك. ألم يقل لها تلك الليلة في حديقة الفندق أنهما سيفترقان؟ عاصفة من الأحاسيس كانت تجتاحها, كانت تتحرق شوقا إلى روجر وإلى السير معه تحت النجوم. دقة على الباب أجفلتها, نظرت إلى المرآة جامدة, خداها قرمزيان, وعيناها تبرقان بغرابة.
-أنت هنا, يا ميراندا؟ أنا زلدا, أتسمحين لي بالدخول؟ (دخلت الحجرة وجلست على الفراش تقول) اختفت السيدة غالنت, إنها ليس في حجرتها.
-أين اختفت؟
-هنا المشكلة, لم تذكر أي شيء في البطاقة التي تركتها لزوجها طومس. فقد كتبت أنها لن تعود معنا إلى فورتوغا. طومس يكاد ينفجر. إنه يتهم روجر بمعرفة تحركاتها.
-وماذا كان جواب روجر؟
-إنه يعرف, لكنه لن يفضي بالسر قبل بلوغ فورتوغا.
-وماذا حدث؟
-مشهد رهيب, جن جنون طومس. رمى روجر بنعوت بذيئة. كنت أفضل لو رد روجر عليه, غير أنه جلس يراقب طومس و كأنه ظاهرة غريبة. عندئذ تدخل تشك واقترح على والده أن يجلس مع روجر للاطلاع منه على حقيقة الأمر. آمل في بقائهم معا حتى نصل إلى فورتوغا. في الحقيقة, سئمت كل هذه العملية, دوغ و أنا نحاول تسلية أناس غريبي الأطوار, ما من أحد أصعب من طومس غالنت أو أكثر غموضا من روجر غالنت. على كل, أرجو ألا تذكري أي كلمة قلتها لك. إن دوغ يعلق آمالا كبيرة على الآنسة غالنت,أما إذا كانت مثل أخيها فإننا سنفقد كل شيء.
وصل اليخت إلى فورتوغا حيث رسا في المرفأ. وهنا تقدم أحدهم من روجر الذي خرج من حجرته بينما اليخت يقترب من المرسى. قدم نفسه إلى أفراد عائلة انغرام على أنه سام ويليامز, شقيق كيت المغني, ومن ثم أعلن أنه وأبناء عمه سيقضون الليل على شاطئ غالنت فانسي, وأنه سيرسل في الصباح التالي سيارة تقل عائلة انغرام و ميراندا إلى منزل في الطرف الآخر من الجزيرة.
مر الليل هادئا, وفي صباح اليوم التالي تأخرت ميراندا في النوم. في الحقيقة, لم تكد ترتدي ثيابها حتى جاءتها السيدة انغرام تقول أن السيارة جاهزة لتقلهما إلى حيث مارني غالنت.

جين أوستين
19-07-2011, 13:26
كان بيت مارني مدهشا, قرميده انكليزي أحمر, كلاسيكي في بنائه, متناسق و قائم على أعمدة بيضاء. وعمد المدخل ثلاثة أشخاص كانوا في انتظار الضيوف.
بين هؤلاء الثلاثة كانت مارني التي بدت شبيهة بأخيها من حيث قسمات الوجه, شعرها فاتح يخالطه الشيب, وعيناها تحت نظارتين شمسيتين, وهذا ما جعلها تبدو أصغر من عمرها الحقيقي. كان روجر يقف خلفها, وإلى جانبه رجل ممتلئ, أسود الشعر. إنه أوبري فينسنت, مدير العقارات.
حين تقدمت ميراندا بحياء لتسلم على مارني, بادرتها هذه بالقول:
-إذن, أنت ميراندا, ميراندا الكاملة التي لا مثيل لها. آمل ألا يكون لديك مانع إذا ما لامست وجهك, إذ في مقدوري معرفة الكثير عن الشخص من خلال تقاطيع وجهه. إنها ميزة ورثتها عن أمي التي كانت صغيرة وجميلة, أما روجر فإنه أشبه بالقرصان, مع أنه يحاول أن يبدو غير ذلك.
ولاحقت بيديها تقاطيع وجه ميراندا.
-شعرك جميل يا ميراندا, إنه حريري وناعم, لكن شفتيك حساستان, ويظهر انك تأذيت حديثا, عسى ألا يكون السبب أخبارا سيئة من الأهل.
وهنا تذكرت ميراندا الرسالة التي وصلتها أخيرا من العمة كلارا, وفيها أخبار مذهلة, لكن كيف تمكنت مارني العمياء من معرفة هذا كله؟
-آسفة يا ميراندا, ستتوطد معرفتنا أكثر عندما يحين الوقت, ربما تخبرينني عندئذ عن سبب ألمك. ما لون عينيك؟ فاللون شيء لا استطيع تحسسه.
-لونهما أزرق كأكثر الانكليزيات. ما أنا إلا فتاة عادية.
-غير صحيح, فأنت لست عادية, أنت لطيفة تحتفظين بأفكارك وأحاسيسك لنفسك. فالمرأة التي يبعث ذكرها الخوف في رجل لئيم مثل روجر لا يمكن أن تكون عادية. على كل, أنا أهمل واجباتي كمضيفة, هاتي يدك ودعينا ننتقل إلى الغداء.
بعد الغداء ذهب السيد انغرام وزوجته مع مارني, وبعد دقائق تبعهم أوبري, فوجدت ميراندا نفسها وحيدة مع روجر. وحين لم تعرف ما تقول له حاولت اللحاق بالآخرين, فإذا به يقف في طريقها, ويقول:
-سنقضي بعد الظهر في العمل. اقترح عليك البقاء هنا في الخارج, في استطاعتك التنزه في الحديقة. إني متأسف لأني لا أستطيع أن أدبر لك جليسا يؤنسك, ذلك أن تشك ليس هنا.
-أين هو, وأين والده؟
-أمورهما ليست من اختصاصك. حاولي نسيانهما.
-ولكن ربما احتاج إلي السيد انغرام, فأحيانا يطلب مني تسجيل الملاحظات.
-أعرف ذلك. إنه يحتاج إليك حين لا تكون هناك مسجلة, ولكن ليس هذه المرة, يا ميراندا, هذه المرة أنا أعطي الأوامر, لن يتسجل أي شيء يقال.
والتحق روجر بالآخرين, بينما راحت ميراندا إلى البحر للسباحة. ولكن قبل بلوغها الشاطئ, تذكرت رسالة عمتها, فجلست تحت شجرة وراحت تقرأها. علمت من الرسالة أن أختها دوروتي هربت مع جو وتزوجته. "فعلت هذا من دون ندامة, لأنها أحبت جو من زمن, وكانت تعرف أنه يفضلها عليك رغم أنه كان مترددا بادئ الأمر في الإقدام على هذه الخطوة".
توقفت ميراندا عن القراءة, وقعت الرسالة من أصابعها, وراحت تتأمل زرقة البحر الكاريبي تحت الشمس. لقد تزوج أختها دوروتي, لن يكون في استقبالها لدى عودتها في المطار فاتحا ذراعيه قائلا لها كم افتقدها. إن الزواج الرومانسي كان لأختها, وليس لها.
من الغريب أن ميراندا لم تتألم لخداع أختها لها بل أنصب كل لومها على نفسها بالذات لأنها كانت تتخيل أن جو يحبها, وأنها تحبه. هنا, عند هذا البحر الأزرق, وعلى آلاف الأميال عن بلادها, رأت أن جو كان أكثر واقعية عندما قال لها مباشرة قبل سفرها, أن الغياب سيمنحهما فرصة لاكتشاف مدى حبهما لبعضهما. إنه لم يسايرها قط, بل هي التي كانت بسيطة ومملوءة بأحلام رومانسية.
فجأة شعرت أنها حرة. وقفت على قدميها على قدميها وركضت فوق الرمل الناعم غاطسة في المياه. وكالعادة, كانت المياه تلامسها برقة, كانت الأمواج تغريها بالسباحة و بالغوص, وأخيرا عرفت سبب تعلق روجر بأرضه.
سبحت إلى حيث صارت المياه عميقة, إلى حيث الخطر, إلى المكان المليء بالتيارات, فسقطت في تيار بين صخرتين. وعبثا حاولت الخروج, تعبت, جمدت أعصابها. و شارفت على الغرق. وفي هذه اللحظة سمعت صوتا يقول:
-لن أتركك تغرقين, ليس الآن بما انك في غالنت فانسي, ميراندا...
كان هذا صوت روجر غالنت الذي حملها إلى الشاطئ ولفها بغطاء.
سألت بصوت متعب:
-ماذا جرى؟
-سبحت بعيدا و سقطت في التيار. انك شديدة التعب, ستكونين بعد لحظات في فراشك في البيت.
-ولكن علي بالذهاب إلى اليخت.
-ليس الآن, أيتها الصغيرة, مارني ستهتم بك.
وحملها إلى البيت. تمكنت من سماع مارني تقول:
-لا تقلقي, استريحي الآن. روزي تقوم بإسعافك. إنها أفضل ممرضة على هذه الجزيرة.
كانت روزي لطيفة صارمة, وكانت ميراندا مرهقة حتى النهاية. وقبل أن تنتهي روزي من تجهيز الفراش كانت ميراندا مستغرقة في نومها. نامت نوما عميقا, وكان آخر ما رأته رسم كيوبيد, رمز الحب, مرسوما في السقف.

جين أوستين
19-07-2011, 13:34
6-اليخت رحل هذا الصباح. تركوها وحدها على الجزيرة مع هذا الرجل الذي يكون طيبا أحيانا,أو مأخوذا في عزلة مع ذاته. وهنا معاناتها...في أن تكون قريبة منه جدا وبعيدة في نفس الوقت!



استفاقت ميراندا في اليوم التالي, وراحت تجول ببصرها من دون هدف, ومضى عليها بعض الوقت قبل أن تتذكر كل شيء. وعندما عادت إلى رشدها رأت مارني إلى جانبها. سمعتها تقول:
-أخيرا استفقت أيتها العزيزة, لا بد أنك جائعة, لا شيء كالنوم, إنه يشفي الأعصاب.
-هل نمت طويلا بعد الحادث الذي أدى إلى فقدان بصرك؟
-نمت وقتا طويلا.
-وكيف حدث ذلك؟
-ذات مرة أزعجت امرأة, وكنا معا في المختبر الذي يخصني, فرمتني بالأسيد.
-لماذا؟ ماذا فعلت لها؟
تنهدت مارني ثم وضعت يدا فوق يد, واتكأت على الكرسي:
-من عشر سنين كنت بسيطة, وكنت متمسكة بالأخلاق و مستقيمة, لم أتردد في القول لأي كان أنه على خطأ.
-ومن كان في اعتقادك على خطأ؟
-امرأة اسمها جوزفين. كان ابن عمي طومس في حاجة إلى من يهتم بمنزله بعد أن هجرته زوجته مع الأولاد. فاختار جوزفين لهذا الغرض, كانت جميلة, وفي الحقيقة كانت له أكثر من مدبرة منزل. اعترف لك بهذا, يا ميراندا, لأني أشعر أنك مثلي بريئة. ذات صيف قضى روجر عطلته في البيت. كان آنذاك في الواحدة والعشرين من العمر, شابا, ولكن بالنسبة إلي كان أخا عاشقا للموسيقى وقادرا على الأذية في نفس الوقت. أمضى عطلته, كما تعود, في السباحة, في الغطس, في التزلج على المياه, وأحيانا مع رفاقه القدامى. ثم لاحظت أنه كان يتردد على غالنت فولي عند طومس, ورحت استغرب بادئ الأمر, خصوصا أنهما لم يكونا رفيقين. وصدفة عرفت أنه كان يلتقي جوزفين, فانزعجت. ما كان علي أن أنزعج, خفت أن يعرف طومس, وخفت مما قد تسببه لروجر, خصوصا أنه أصغر منها سنا, وبريء مثلي. وارتكبت الخطأ, فبدلا من مفاتحة روجر بالأمر طلبت من جوزفين موافاتي إلى المختبر في البيت.
-وماذا قلت لها؟
-طلبت منها أن تترك أخي, و أنذرتها أني سأخبر طومس بما تقوم به خفية ففقدت صوابها وتناولت أقرب شيء طاولته يدها. كان أنبوبا يحوي مادة حارقة, ورمتني به, وبينما كنت أصارع الألم, هربت ولم تظهر ثانية إلى الآن.
-وهل كنت على حق؟
-كلا. عرفت أخيرا أن في استطاعة أخي الاهتمام بشؤونه. كان يحاول في أوقات فراغه تعذيب طومس. وعلى كل, فقد أجريت أكثر من عملية جراحية, لكن من دون جدوى, فرجعت إلى فورتوغا لتنميتها غير أن روجر كان قد رحل, رحل في طريقه وحديدا حتى كتب تلك الأغنية التي أوصلته إلى الشهرة.
قالت ميراندا:
-دائما يشعر أنه مسئول عما حدث لك.
-وهل قال لك ذلك؟
-ليس مباشرة, لكني سمعته يخبر خوانيتا وتشك أنه لن يبيع غالنت فانسي لأنها بيتك, وأنك إذا عشت في مكان آخر ستذبلين و تموتين, وذلك سيضاعف من وخز ضميره.
-هذا صحيح, لا أقدر العيش في مكان آخر, إن هذا المكان مهم بالنسبة إلي إلى درجة أني أنسى انه يخص روجر بالوراثة. إنه يبدو أبدا مأخوذا , متى انكب على عزف الموسيقى. إنه يؤلف الآن, أتسمعين البيانو؟
-اسمعه.
وهنا توقفت مارني تقول:
-يكفي ما حكيت عن مشاكلي اليوم. سأقول لروزي أن تجهز لك الطعام, و لروجر انك استفقت. هل تمانعين مجيئه لرؤيتك؟
كانت تتمنى رؤيته لشكره على إنقاذه إياها.
-أحب رؤيته.
قالت هذا ببساطة, فابتسمت مارني منحنية قبل أن تخرج.
تنهدت ميراندا, إنها تعرف أن ما أخبرتها به مارني كان بمثابة إنذار لها كي لا تأخذ روجر في صورة جدية. و بينما هي غارقة في تصوراتها, سمعت صوتا مازحا يقول:
-فوضى حلوة في اللباس تثير المشاعر.
كان هذا روجر.
-لم أعرف أنك هنا.
أجابته بخجل وهي تحاول شد الغطاء حتى كاد يخفي وجهها, مما أضحكه.
-أعرف ذلك, كنت مشغولة بتأمل رسم كيوبيد, صرت تعرفين كل ثنية فيه.
-من رسمه؟
-زوجة روجر غالنت التي بنت الجزء الأمامي من المنزل عندما احترق جزء من البيت الأسباني القديم.
أجابته بحياء:
-إنها غرفة حلوة.
اقترب منها حاملا حقيبتها البحرية الصغيرة, وهنا تذكرت ميراندا الرسالة التي كانت تقرأها على الشاطئ.
-جئتك بهذه. (و ألقى الحقيبة الصغيرة على الفراش) لقد كانت على الشاطئ.
جلس على طرف فراشها, وراح يتفحصها بنظراته, فتمنت لو أنها رفضت لقاءه.
-إذا اتكأت على الوسادة ستشعرين براحة. (قالها بلطف, مبديا اهتمامه بوضعيتها) هكذا أحسن. كيف تشعرين؟
-ضائعة قليلا.
كانت في الحقيقة تائهة, إلا أنها لم تتأكد مما إذا كان ذلك الإحساس الغريب الذي تعانيه, مرده حاجتها إلى القوت, أو هو نتيجة غرقها الذي كاد أن يودي بها إلى التهلكة, أو أن الأمر كله يعود إلى وجود روجر قريبا منها.
-أنا شاكرة لك إنقاذك إياي من الغرق.
-وما الذي يجعلك تعتقدين أني المنقذ؟
-أظن أني سمعتك تكلمني. قلت...
-خيالك واسع, يا ميراندا. لم أقل شيئا. كنت مشغولا بالإبقاء عليك عائمة, بينما أنت مصممة على الغرق, لماذا؟
-لم أرد الغرق. فقط سبحت عميقا.
-على رغم تحذيري لك؟
-لم أعرف كم سبحت في العمق, حتى شعرت بالتيار يجذبني. حاولت الرجوع, لكني كنت تعبة, فأنا لم أقصد إغراق نفسي, ولن أقوم بعمل كهذا. أنا آسفة للإزعاج الذي سببته لك. حالما أشفى سأعود إلى اليخت.
-مستحيل, فاليخت رحل هذا الصباح.
-آه! ماذا أفعل؟ متى يعود السيد انغرام؟ لماذا رحلوا من دوني؟

جين أوستين
19-07-2011, 13:39
سألته, وفي صوتها هلع. وأحست أنها تركت وحيدة بلا معين, تحت رحمة هذا الرجل الذي بوجوده قربها, كان يشيع في أحاسيسها شتى المخاوف.




-لأنه فشل في شراء أ**** غالنت, أسرع انغرام إلى جزيرة قصب السكر لإتمام صفقة. كان عليه أن يفعل ذلك لتبرير نفقات الرحلة البحرية. على كل, ما من أحد يلومه لذلك. إنسان مثله معتاد على النجاح لا يستسلم للهزيمة بسهولة.


-وكيف هزمته في اعتقادك؟
-حين أخبرته أن الأ**** بيعت لمؤسسة ثانية.
-أية مؤسسة؟
-مؤسسة مارني و أوبري. أنهما شريكان في مشروع جديد لإنماء فورتوغا وجعلها سياحية.
-وكيف أقنعت طومس ببيع مارني و أوبري حصته؟
-خطفت دون وأبقيتها رهينة.
-انك قرصان!
-ربما. الحالات اليائسة تدعو إلى تصرفات يائسة.
-لكن لماذا قررت استخدام دون؟
-عند زواجها من طومس وعدته بالإقلاع عن الغناء. وما فعلت هو أني منحتها فرصة للغناء, وصار رجوعها عنه مستحيلا, فأقنعتها بالسفر إلى نيويورك كي تغني في نواديها الليلية, بهذا تمكنت من مساومة طومس. هل أنت آسفة لخسارة انغرام و الترانسمارين؟
-ليس تماما. أعرف الآن لماذا تريد الاحتفاظ بغالنت فانسي. أن مارني قد فعلت العجائب.
هنا مد روجر يده إلى جيبه وتناول رسالة وسلمها إليها قائلا:
-إنها من انغرام.
-شكرا.
وحين فضتها سقطت منها حوالة مالية من دون تعليق أو كلمة. قالت:
-أنتظر رجوعهم لاصطحابي, إنهم لن يعودوا إلى سان خوان من دوني.
-هذا ما أتوقعه. ولكن إلى أن يحين ذلك يمكنك البقاء هنا حتى الشفاء. ماذا ستفعلين في لندن؟
-سأعود إلى ممارسة وظيفتي السابقة. فأنا لا أصلح لأن أكون سكرتيرة خاصة, لأني سرعان ما أتأثر واتخذ المواقف.
-أنا سعيد انك وقفت إلى جانبي. على كل, من الأوفق أن أخرج من هنا, وإلا فإن مارني ستلومني لوجودي معك وحدي في هذه الحجرة الصغيرة. إنها محافظة و متمسكة بأخلاق صارمة.
-طبعا, أنت لا تشاركها في هذا.
-عندي قيم أخلاقية تناسب هذا العصر, إنها قيم واقعية. إن تحفظ مارني الصارم يؤدي إلى الضرر بالآخرين و بنفسها, فهي ترفض الزواج من أوبري لأنها عمياء, فما هذا الموقف المثالي؟ كذلك هو لا يتزوجها لاعتقاده أنه لا يليق بها. إنهما يمضيان العمر منفصلين بدلا من الزواج. أي شيء هذا إن لم يكن مراءاة؟
-ولماذا يعتقد أوبري أنه لا يليق بها؟

جين أوستين
19-07-2011, 13:40
-لأن والده كان بحارا وأمه منحدرة من عائلة كان أفرادها رقا و عبيدا. هو يظن أنها ارفع مستوى لأنها من عائلة غالنت,و لأنها تعيش في منزل جميل. وهذا كله هراء. الحب الذي بينهما لا يرقى إليه حب آخر. و عليهما ألا يأخذا أي اعتبارات أو تقاليد قد تقف حاجزا في طريق سعادتهما. في أي حال, لن يعيشا في بقعة غير هذه, وهنا لا وجود لهذه التقاليد البالية.
حاولت ميراندا التخفيف عنه نتيجة شعوره أنه مسئول عن عمى مارني فقالت:
-أخبرتني مارني عن جوزفين. إنها لا تلومك إطلاقا, هي تدرك الآن أنها أخطأت في تدخلها فيما لا يعنيها.
-ربما أخبرتك القصة كي تتعظي بها.( بان الضيق على وجهه وهو يمشي في اتجاه الباب) لا وقت أكثر لدي لتبادل الحديث. يجب أن أذهب.
-سمعتك تعزف على البيانو.
-كنت أحاول أن أؤلف لحنا لرقصة باليه عنوانها:لحني إلى ميراندا.
-تعني ميراندا شكسبير؟
-ومن سواها؟ أرجو أن تعتبري هذا بيتك. لا تستعجلي السباحة. دعيني أعرف متى ستغامرين في المحيط حتى أرافقك.
أحبت ميراندا حجرتها في غالنت فانسي, كما أحبت المكتبة أو ما سمي غرفة الموسيقى حيث كان روجر يقضي معظم وقته يؤلف لحن ميراندا شكسبير. في الحقيقة كانت ميراندا سعيدة في إقامتها.
كانت تتوقع عودة انغرام خلال عشرة أيام, وهي لم تضيع وقتها سدى, فانطلقت تتمتع بوجودها في تلك الربوع ما استطاعت. كتبت لعمتها كلارا تخبرها بما حدث معها, كذلك أرسلت كلمة إلى أختها دوروتي وجو تتمنى لهما كل السعادة و حياة هانئة. ثم مضت توزع وقتها كل صباح إما في رفقة أوبري إلى البلدة والريف, وإما في تبادل الحديث مع مارني. كما كانت تمضي بعد ظهيرة كل يوم في رفقة روجر على الشاطئ, يسبحان.
وكانت فترات السباحة هذه مزيجا من البهجة و المعاناة بالنسبة إليها. فهو أحيانا يكون طيب المزاج فيأخذ في مشاكستها بأي وسيلة يتفتق عنها ذهنه, أو هو أحيانا يكون هادئا, مأخوذا في عزلة مع ذاته, فينتحيان مكانا على الشاطئ, و يتبادلان أطراف الحديث. وهنا كانت معاناة ميراندا... في أن تكون قريبة جدا منه, و بعيدة في نفس الوقت.
لم يحاول قط استغلال وجودهما وحيدين كما لم يستغل و براءتها. وكانت تعاودها دائما, وهي في هذه اللحظات الحالمة, حقيقة عودتها قريبا إلى حيث عاشت قبلا, لتفتقد قربه, وميلها إليه...
ذات مرة ذهبت مع أوبري لتشاهد آثار غالنت فولي وأنقاض البيت الذي هجره طومس منذ عشر سنين, حيث أراد كل من مارني و أوبري إقامة منتجعات سياحية مكانه لمن يرغب في عزلة تامة.
-في الحقيقة إنها جنة( قالت ميراندا) من المؤسف أن مارني غير قادرة على التمتع برؤيتها.
-لكنها تشم و تشعر.
-ومع هذا, فإن عماها عقبة تمنعها من السعادة الحقة.
-ما هي السعادة الحقة؟ و لماذا لا تعرفها مارني؟ ماذا تبغي من الحياة أكثر من العيش في مكان تحبه؟
-ربما تحب لو يكون لها رفيق يريحها في زمن الليالي الموحشة.
-هل تريدين القول أن مارني ترغب في أن تكون محبوبة, وإن هذا غير ممكن بسبب فقدان بصرها؟
-نعم. إنها تعتبر الارتباط بامرأة عمياء خطأ. لهذا كان على من يحبها أن يصر على تغيير هذه الفكرة فيها.
-أمتأكدة من ذلك؟
-متأكدة تماما. روجر أخبرني بالأمر.
-إني أكثر سكان هذه الجزيرة إصرارا وحبا. وسترين قريبا مقدار إصراري و حبي.
وفي اليوم التالي كانت مارني مضطربة, وبعد الغداء بقيت ميراندا معها بدلا من الذهاب للسباحة.
-إني مازلت أعجب كيف استطاع أن يحملني من الشاطئ ثم عبر الهضبات التي تفصل الشاطئ عن المنزل وأن يوصلني إلى غرفتي من دون أن يظهر عليه عناء أو تعب.
ثم استطردت:
-أوبري قوي, عيناه رماديتان, صافيتان كالبلور, ربما هما كذلك لأنه أسمر البشرة.
لم تقل مارني شيئا, وتابعت ميراندا:
-إنه شديد الحساسية, وهذه الحساسية تعيقه عن تحقيق السعادة الحقة.
-وما معنى السعادة الحقة؟
-الحياة مع من نحب( أجابتها ميراندا) إنها شركة في كل شيء.
-ولماذا لا يقدر أوبري على تحقيق ذلك؟
-لأنه يشعر أنه لا يليق بالمرأة التي يحب.
-كل امرأة يحب أن يسعدها حب أوبري. ما أحمقه. انتظري حتى المساء. سأتكلم معه.
وفي الأيام التي تلت, تطورت العلاقة بين الشريكين إلى مرحلة جديدة. وراحا يقضيان الوقت الطويل معا أكثر من السابق. ولم تعرف ميراندا إذا كان روجر قد لاحظ الفرق. كل ما أدركته هو أنه توقف عن السباحة معها لانشغاله بالموسيقى. لم تكن تعرف أن تأليف الموسيقى يتطلب عناء كهذا.

جين أوستين
19-07-2011, 13:46
-انك تشاهدين شيئا, نادرا ما يشاهده سواك. روجر في العمل. عليه أن ينتهي من المعزوفة في وقت محدود. كذلك هو مصمم على النجاح. شيء رائع بقاؤه هنا رغم أنه في عمل مستمر, وهذا كله بفضلك.




سألتها ميراندا مذهولة:


-بفضلي أنا؟
-أخبرني أنه كان يبغي الرحيل بعد اكتشافه نوايا انغرام. غير أنه فضل البقاء حتى لا تخسري وظيفتك. إني سعيدة لبقائه, و إلا لكان طومس قد خدعنا جميعا. وهل أنت سعيدة في وجودك معنا؟
-لم يكن من مهرب. المكان ساحر, وأنت لطيفة, مضى أسبوعان على سفرهم.
-لكنهم لن يعودا عزيزتي.
-لن يعودوا؟ يجب أن يعودوا. كيف الوصول إلى سان خوان لأخذ الطائرة إلى لندن؟
وشعرت ميراندا بالخوف و الحيرة في آن.
-ألم يترك لك السيد انغرام ورقة يشرح فيها كيفية سفرك؟
-كلا. فقط رسالة فيها حوالة مالية. ومن قال لك أن انغرام غير عائد؟
-روجر. قال له السيد انغرام أن رجوعك إلى لندن يجب أن يتم على حسابك, وإنه في غنى عن خدماتك بعد عودتك.
-آه! لم يخبرني, لقد خدعني.
قالت هذا من دون أن توضح من هو الذي خدعها.
-أهكذا تعتقدين؟ بالنسبة إلي, هذا شيء واضح. أنا سعيدة لوجودك هنا, في استطاعتك البقاء هنا حتى آخر العمر.
-يجب أن أذهب. يجب أن أذهب.
قالت هذا خائفة من الحب الذي بدأ يطاولها و يحكم الطوق حول مشاعرها.
خرجت تبحث عن روجر و الغضب في كل خطوة من خطواتها وفي كل نظرة. وعرفت أنه لابد أن يكون في غرفة الموسيقى منكبا على مقطوعته الموسيقية. فتحت الباب, وهي تحاول أن تجد من غضبها و تتمالك نفسها. رأته جالسا إلى طاولته, وقد برزت قسمات وجهه الجذاب في الظل الذي كان نور المصباح يطرحه على الطاولة. بدا مستغرقا, غير شاعر بما حوله. بادرته بصوت قوي حاولت أن تخفي وراءه غضبها وخيبتها:

جين أوستين
19-07-2011, 13:48
-لماذا قلت لي أن انغرام سيعود إلى فورتوغا لاصطحابي؟
وبهدوء أجابها:
-لم أقل شيئا من هذا, على ما أذكر. كل ما هناك هو أنك سألت عن موعد عودته, فلم أجبك.
-لكنك كنت تعرف أنه غير عائد. لقد خدعتني.
-حسنا. لقد خدعتك. ألست سعيدة بالبقاء هنا؟
-طبعا, أنا سعيدة, لكني لا أريد فرض إقامتي عليكما طوال هذا الوقت.
-إذا كان هذا ما يزعجك, فما من مشكلة. إن أهالي الجزيرة فخورون بضيافتهم.
-ولماذا لم تخبرني الحقيقة؟
قال لها:
-حسنا. إذا كان هذا ما ترغبين, فسأخبرك حرفيا رأيه فيك. لقد قال أن لا فائدة ترجى من عملك, وأنك لست أهلا لتكوني سكرتيرة, خصوصا خلال الرحلة التي قمنا بها, إذ فشلت في تحمل المسئولية التي ألقيت على عاتقك.
-لا! هذا ليس كلاما منصفا( ردت صارخة و الغضب يملأ عينيها) لقد طبعت له كل الرسائل التي طلبها مني, كما دونت جميع الملاحظات التي كانت تهمه معرفتها.
أجابها روجر موضحا:
-لا أعتقد أن هذا ما أراده فعلا منك, بل هي المهمة الخاصة التي كلفك إياها. أتراك نسيت أنه طلب منك التأثير علي لإقناعي ببيع حصتي من العقار, وفي الوقت نفسه كبح جماح تشك قبل أن يفقد صبره؟ لقد قال انك فشلت في المهمتين, في نظره. وعندما اقترحت عليه أن تبقي هنا فترة تستعيدين خلالها نشاطك بعد حادثة غرقك, لم يبال لأمرك كثيرا, وكان جوابه أن أعطاني هذه الحوالة المالية, و بالتالي لم تعودي سكرتيرة في شركة الترانسمارين.
وقفت ميراندا مكانها, بلا حراك, تحدق فيه, والأسى يملأ قلبها. تتصور رد فعل عمتها كلارا متى عرفت أن ابنة أخيها فشلت في وظيفتها, وهي الآن عاطلة عن العمل, حتى أنها لا تملك توصية تخولها إيجاد عمل آخر.
أردف روجر يقول:
-إلا أني لم أرغب في اطلاعك على هذا الأمر قبل الآن, لأنك كنت تعانين صدمة أخرى, ولم أشأ أن أضيف إلى همومك هما آخر.
ما رمى إليه روجر بكلامه, هو الرسالة التي كانت تلقتها من عمتها بشأن علاقة شقيقتها دوروتي و جو.
عاودها الغضب ثانية. فسألته قائلة:
-وكيف عرفت بالأمر؟
أجابها وفي بريق عينيه دلالة حزن و شفقة:
-لقد عثرت صدفة على الرسالة.
هتفت وفي نبرة صوتها اتهام:
-...وقرأتها, بالطبع؟
-نعم, قرأتها.
-أليس لديك أي رادع أخلاقي, يمنعك في الأقل من قراءة رسائل الناس الخاصة؟
-كان الهواء يتقاذف الرسالة على الشاطئ. قرأتها اعتقادا أني قد أجد فيها ما يبرر ذهابك إلى عرض البحر وحيدة. خصوصا بعد الإنذار الذي وجه إليك.
اقترب منها, مشرعا ذراعيه, وقال:
-تعالي ميراندا, لم أقم بأي عمل قد يؤذيك. بل على العكس, عندما كنت وحيدة لا مكان أو إنسان تلجئين إليه, آويتك و اهتممت بك ورعيتك. قد أكون أخطأت في قراءتي رسالتك, لكني كنت قلقا عليك, عندما رأيتك تسبحين بعيدا عن الشاطئ, مع علمي أنك لا تجيدين السباحة كثيرا. ألن تسامحيني على خطأي هذا؟
وفيما هو يقترب منها, أخذت هي تتراجع, وخشيت أن تغفر له فعلته, لظنها أنه قد استغل سماحها و تقع بالتالي في شراكه.
هتفت فيه بصوت مرتجف:
-ابق بعيدا عني وإياك أن تلمسني!
لكنه لم يعر تهديدها بالا, وبانت في عينيه ابتسامته المعهودة, وأخذ يقترب أكثر منها, ثم قال:
-لا تخافي, ميراندا. كل ما أبغيه هو مصالحتك. فلنتصافح, ولنكن أصدقاء ثانية.
لم تأمن نواياه, على رغم تطمينه إياها, وقدرت أنه بعمله هذا إنما يمهد طريقه لاستسلامها فينال مأربه. فردت بعصبية قائلة:
-شكرا لك توددك, غير أني لست في حاجة إليه. اذهب واعرضه على نساء لا يمانعن في أن يحققن ما تريد.
خيم صمت ثقيل أثر كلامها هذا. ثم رفع روجر نظره نحوها, وقال:
-حسنا, لكن لا تنسي أني سأجعلك تدفعين ثمن ما نطقت به.
وانفتح الباب وظهرت هيئة نحيلة, ورأس منحني يصغي:
-روجر. أنت هنا؟ نعم, أنت هنا. أسمعك تتنفس. هل من أحد معك؟
-أنا هتا, يا مارني, هنا مع ميراندا.

-آه, كم أنا سعيدة, لقد كانت منزعجة لاعتقادها أن أحدا قد خدعها. أما الآن, فكل شيء على ما يرام. أليس كذلك, يا روجر؟

-كل شيء على ما يرام, لا سبب للخوف. فأنت لم ترتكبي أي خطأ.

-بل على العكس, لم يكن من واجبي قول أي شيء لجوزفين.

-إنها غلطة, دفعنا ثمنها معا, جوزفين تخص الماضي, دعينا ننسها.

-ميراندا تقول أنها ستعود إلى بلادها, فهل ستسمح لها بالعودة؟

-وكيف في إمكاني أن أمنعها إذا أرادت العودة؟ متى تودين الرجوع, يا ميراندا؟

-غدا.

-لا مانع في ذلك. والآن أرجو المعذرة, أريد أن أنتهي من مقطع موسيقي قبل العشاء.

جين أوستين
19-07-2011, 13:49
7-رفضته رغم حبها الكبير له, خوفا من أن تكون تجربة عابرة في حياته, لا أكثر. لم تكن نظراته هذه المرة ساحرة و جذابة, بل حيية كأنه لم يكن متأكدا من ردة فعلها... أم أن ما رأت كان خيالا؟



في اليوم التالي وصلت سيارة أجرة. ودعت مارني وبكت, و كانت سعيدة أن روجر لم يظهر.
وعادت إلى انكلترا لتستأنف الحياة من جديد. لم يكن عندها شيء: جو تزوج دوروتي, و الترانسمارين استغنت عنها. كل ما بقي لها عمتها كلارا التي كانت تصغي إليها وهي تقص عليها ما حدث لها في رحلتها, وفي نهاية كل حكاية كانت تسألها:
-فيك الكثير من طباع أمك, يا ميراندا, لقد أحببت هذا الذي أسمه روجر, أليس كذلك؟
وكانت ميراندا تنكر ذلك باستمرار, غير أن عمتها كانت تقاطعها:
-نكرانك هراء, بقدر ما تعرفين يصير العبء أخف.
غير أن ميراندا كانت تعترف لنفسها في وحدتها. كانت تذكره و تبكي, لقد أحبت رجلا همه الوحيد الموسيقى. رفضته على رغم حبها الكبير له, رفضته خوفا من أن تكون تجربة عابرة في حياته, لا أكثر. أحبته كيي تصير زوجته, كي تعيش معه حتى النهاية, كي تقاسمه الأحزان و الأفراح.
وأخيرا وجدت ميراندا وظيفة. وذات يوم دخلت المنزل فسمعت عمتها كلارا تقول بصوت عال:
-تعالي, يا ميراندا, نحن هنا.
وفجأة رأته, كان روجر.
التقت عيناها عينيه للحظة خاطفة, وابتسم لها. لم تكن نظراته هذه المرة ساحرة و جذابة أو تحتضن دعوة لا يمكن تجاهلها كما في كل مرة ينظر إليها. بل على العكس من ذلك, بدت نظراته حيية كأنه لم يكن متأكدا من رد فعلها حيال رؤيته ثانية... روجر غير متأكد و متردد!! أم أن ما رأت كان خيالا؟
-لماذا أنت هنا, يا روجر؟
سلمت عليه, و أحست بالقشعريرة في كفها. من زمان لم تكن بهذه الغبطة.
-هنا في انكلترا أو هنا في البيت؟
-هنا في البيت.
-كي أراك. كذلك أريد التعرف إلى العمة كلارا.
-كنا نتحدث عن مسرحية شيكسبير العاصفة. إنه يؤلف قطعة موسيقية ستعزف الخريف المقبل في لندن. لهذا هو في انكلترا حيث يقضي بضعة أشهر. أين شقتك, يا روجر؟
لم تسمع ميراندا جوابه. كانت تتذكر قوله:"قد نلتقي في لندن, لدي شقة فيها".
ثم قال بصوت متأفف:
-يسعدني جدا إذا ما قبلتما, أنت و عمتك, دعوتي إلى العشاء هذا المساء.
-اذهب أنت و ميراندا (سارعت العمة كلارا تقول من دون تردد) فهي لا تخرج إلا ما ندر. أما أنا فعلي أن أذهب إلى المعهد حيث أتابع دروسا خصوصية.
حدقت ميراندا في عمتها بدهشة لا تحفظ فيها, لعلمها أن هذه الأخيرة لا تذهب إلى المعهد مساء الجمعة. إضافة إلى أن العمة لم تكتفي بالكذب بل هي غمزتها بطرف عينها!
-اذهبي و بدلي ثيابك, ميراندا (قالت العمة بلهجة تحمل معنى الأمر) البسي أجمل ما عندك, بينما أخبر روجر أي المطاعم في المدينة هو الأفضل لتناول العشاء.
حارت, وهي في غرفتها, في اختيار ثوب للسهرة. ذلك أن ذهنها كان في دوامة. أخيرا, ارتدت ثوبا عاديا بسيطا أبرز جمالها ورشاقة قوامها.
السيارة التي استأجرها روجر, كانت متوقفة قرب المنزل. جلست إلى جانبه, وانطلقا إلى حيث نصحته العمة كلارا.
في الطريق, كانا في البدء صامتين, التوتر على أشده داخلهما, وأخيرا بادرته بالقول:
-كيف حال مارني؟
أجابها:
-قالت لي أن أشكرك على الرسالة التي بعثت بها إليها.
ضحكا معا ضحكة مسترسلة. وعاد الجو نقيا من أي تشنج.
-مارني بخير. لقد أعلنت, هي و أوبري, خطوبتهما. سيتزوجان في نهاية حزيران. وهي تود لو تعودين إلى فورتوغا لحضور حفلة زواجهما. هل ترغبين في ذلك؟
فجأة أحست بالارتباك.
-إني سعيدة لكليهما, ولكن كيف أستطيع الذهاب؟ إنها رحلة طويلة. و لا يمكنني تأمين كلفة السفر. كما أن الوقت لا يسمح لي. لقد وجدت وظيفة أخرى. وليس سهلا أن أطلب إجازة ولم يمض شهر بعد على بدئي العمل.
كانت الكلمات تتدفق من فمها بتسارع لم تستطع معه تمالك نفسها. أوقف روجر السيارة إلى جانب الطريق. وأطفأ محرك السيارة. وكانت الأضواء خفيفة إلى درجة بالكاد يستطيع المرء أن يميز الظل من صاحبه. التفت نحوها, و بصوت هادئ ملؤه الحزم, قال:
-كفى, ميراندا.
امسك يدها المرتعشة, وأضاف:
-لابد أنه كان شهرا صعبا عليك مذ تركت فورتوغا, أليس كذلك؟
وبصوت خافت مستسلم, قالت:
-نعم.
-كذلك كان الأمر بالنسبة لي. لقد عانيت الكثير بعد رحيلك و ندمت لأني سمحت لك بالذهاب. ووجدتني وحيدا, افتقدك كل لحظة, لذا ترينني هنا, الآن, بقربك. هل تقبلين حضور حفلة زواج مارني, كزوجة لي؟
هجعت يدها في راحة يده, ونظراتها في عينيه. ثم مدت يدا تتحسس قسمات وجهه. وأخيرا قالت:
-إني أتأكد فقط من أنك هنا, معي, وإني لا أتخيل الحقيقة.
ابتسم قائلا:
-إني هنا فعلا بجسمي و عقلي وروحي.
واستطرد:
-حسنا, ما هو جوابك؟
-أريد أن أتأكد أولا أنك لم تعرض علي الزواج لأنك لم تستطع أن تنال مني بطريقة أخرى, لأني اعتبر الزواج رباطا مقدسا قويا لا يمكن حل وثاقه.
نظر إليها بعبوس و قال:
-وهل تظنين أن رأيي في الزواج يختلف عن قناعاتك؟ و لماذا في اعتقادك, لم أتزوج إلى الآن؟ أليس لأني لم أكن وجدت بعد المرأة التي تستحق أن تكون شريكة حياتي إلى الأبد؟ و لماذا أنا هنا معك؟ أليس لأني أحبك؟
-آه, كيف لي أن أعبر عن أسفي على كل ما فعلت, أو قلت؟
-لا تقولي شيئا. فقط دعيني أعرف إن كنت تقبلين دعوة مارني.
-سأذهب أنى ذهبت, فأنا أحبك يا روجر.
وفي الليل الداهم راحت السيارة تشق الظلام.

جين أوستين
19-07-2011, 13:50
النـــــــــــــــــهاية

اتمنى لكم قراءة ممتعة

و آسفة إذا نزلت الراوية قبل أحد !!

Seba queen
19-07-2011, 21:38
شكرا إلك نسوووووووووووووومة العسوووووووووولة على هالرواية الرائعة
فعلا رواية ممتعة
بانتظار جديدك
::جيد::

Seba queen
19-07-2011, 21:40
جين يا جين يا وردا حمراء
تسم إيديكي على هالرواية الروووووووووووووووعة
فعلا استمتعت بقراءتها

أنا إيمان
19-07-2011, 22:38
[color="#800080"][السلام عليكم ورحمة الله بنات وحشتوووووووووووووني وشهر مبارك حبايبي
وحشتيني يا ساكنة القلوب و جين اوستين و يوكي وصبا كوين و الغصن و كيوت قيرل والكل بدون إستثناء
بااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي /color]

نسمة عطر
19-07-2011, 23:21
شكرا إلك نسوووووووووووووومة العسوووووووووولة على هالرواية الرائعة
فعلا رواية ممتعة
بانتظار جديدك
::جيد::

العفو عزيزتي
شكراً على تشجيعك وإنشاء الله بعد العيد لنا لقاء
وكل عام وأنت ِ وكل أهلنا بفلسطين بألف خير

نسمة عطر
19-07-2011, 23:34
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا نسومة على القصة الروعة .. ::جيد::

بنات إذا ما في أحد حينزل ... أنا حنزل روايتي اليوم :رامبو:



جيني العزيزة
العفو يا قلبي وشكل روايتك حلوة
شكراً إلك لأنك ِ أبداً ما بتخلينا ننطر (مو متل بعض الجماعة طبعاً بقصد الداعية )
وسؤال يمكن سألتك كتير عنه شو صار بموضوع مسابقة أفضل تقرير

نسمة عطر
19-07-2011, 23:49
تسلم الايادي الحلوة يانسومة الف شكرودمتى لي في قلبي سكنة::سعادة::::سعادة::::جيد::::جيد::::جيد::

ساكنة قلبي الغالية
الله يسلمك وكلك ذوق ورقة
وأكيد منتظرين روايانك بعد شهر رمضان المبارك ورح تكون أحلى عيدية
ودمتي لي
نننننننننننسسسسسسمة::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::::س عادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة:::):):):) :):):):)

بنت عم إيمان
20-07-2011, 00:01
:ضحكة::ضحكة:
هاااااي صبايااا
انا عضوه جدييييده معاكم زي ماتعرفوا وانا اخر الثلاثي موني وايمو واتمنى الترحيب الحااااار
عشان اتحمس خخخخخ::جيد::

نسمة عطر
20-07-2011, 00:02
يوكي شكراً كتير على البطاقة المبدعة وإنشاء الله رمضان خير عليك ِ وعلى أولادك
وكل محبيكِ آمين يا رب
عندي طلب منك وبتمنى مايكون غليظ
بصراحة أنا حاولت أدخل على الإنمي
بس ما عرفت من وين بدي أبدأ
وأنا كمان من عشاق ليدي ليدي فممكن أعرف كيف بدي أدخل على هذا الموضوع وآسفة إذا
كان طلبي غليظ ودمتي في قلبي
نسمة

جين أوستين
20-07-2011, 00:03
جيني العزيزة
العفو يا قلبي وشكل روايتك حلوة
شكراً إلك لأنك ِ أبداً ما بتخلينا ننطر (مو متل بعض الجماعة طبعاً بقصد الداعية )
وسؤال يمكن سألتك كتير عنه شو صار بموضوع مسابقة أفضل تقرير

العفو ^__^ كل الموضوع إني لسة ما بدأت أنزلكم قصص باكتبها حاليا ولا شفتِ الانتظار عن جد!!! ( بمزح :d )

بالنسبة للمسابقة .. فالنتائج ما نزلت حتى الآن ... وزي ما وعدتك , ان شاء الله سواءً فزت أو لأ رح ابلغك النتيجة أول ما أعرفها ::جيد::

جين أوستين
20-07-2011, 00:05
:ضحكة::ضحكة:
هاااااي صبايااا
انا عضوه جدييييده معاكم زي ماتعرفوا وانا اخر الثلاثي موني وايمو واتمنى الترحيب الحااااار
عشان اتحمس خخخخخ::جيد::

أهلييييييييييييين و سهلييييييييييييين ,,, وأنا أقول ايش حيكون اسمك !! لكن ما خيبتي ظني :d ... ان شاء الله تنبسطي في المنتدى زينا .. وأظن انك تحبي الروايات الرومانسية ؟

جين أوستين
20-07-2011, 00:07
[color="#800080"][السلام عليكم ورحمة الله بنات وحشتوووووووووووووني وشهر مبارك حبايبي
وحشتيني يا ساكنة القلوب و جين اوستين و يوكي وصبا كوين و الغصن و كيوت قيرل والكل بدون إستثناء
بااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي /color]

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كيف حالك اموني ... والله غبتي عن جد!!

:eek: على طول بااااااي ؟؟؟!! ما لحقنا !!!

جين أوستين
20-07-2011, 00:08
جين يا جين يا وردا حمراء
تسم إيديكي على هالرواية الروووووووووووووووعة
فعلا استمتعت بقراءتها

شكرا لكِ ملكتنا الغالية ::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة:: يسعدني انك استمتعتِ بقراءتها وان شاء الله حتشوفو روايات أكثر و أكثر مني في المستقبل :رامبو:

مونـــــي
20-07-2011, 00:13
يــــــــــــا هلا ويامرحبا ...
عبـ... أوه أقصد يابنت عم أختي إيمان ... لفه مال أمها داعي هههههههههه
المهم والله مره فرحانه أنك سجلتي معنا صرنا شله:رامبو: ... وترى أدري بعدين بتسوين زيي وتغيرين أسمك وقابليني ها!!
ويلا ياحلوه شدي حيلك ونزلي لنا روايه حلوه على ذوقك الحلو ها .. ترى مدحنا فيك لين قلنا بس
لا تخيبين ضني
المهم ترى البنات هنا جناااااااااااان ؟؟؟ حلوين وطيبين وعلى كيفك ولا أوصيك عليهم لاتسوين مشاكل في الشله
يلا مع السلام يابنت العم

تحياتي لك مونـــــــــــــــــي

مونـــــي
20-07-2011, 00:24
سلام يابنات كيفكم كلكم والله واحشيني موت
كيفك جين شاده حيلك ماشاء الله ....يلا أكيد حلوه وتسلمي
وصح شوفي بنت عمي فوق راسي تقول أشكريها على الترحيب الحلو ههههههههه وهي من جد والله فرحت >>>مسكينه :cool:




غصونتي وينك يا حلوه الحلوات والله واحشتني مره مره وعلى فكره أنجول وينها يعني بما أنك أمها قلت أسألك !!!!





صبا ياقلبي أنا كيفك وكيف البزوره ,’,مو متعبينك ؟؟!!





يوكي يوكي يوكي كيفك أخبارك شرين أوه .. أقصد إيمان تسلم عليك





ويلا ياحبايبي مع السلامه أنتبهو على حالكم

مونــــــــــــــــي

جين أوستين
20-07-2011, 00:54
أهلييييييين موني ::سعادة::

الحمدلله خطيبت أخوكِ ( أسهل كده ) عجبها الترحيب وإذا محد منزل رواية ... إذا منتظرين رواية من إديها الحلوة ::سعادة:: طبعا إذا فاضية ,,, أنا ما بضغط عليكِ

وشكرا لكِ موني .. وان شاء الله القصة ما تخيب ظنك :rolleyes:

يوكي 111
20-07-2011, 01:14
نسومة تسلم أيدك على لرواية الرائعة

يوكي 111
20-07-2011, 01:17
جين
ماشاء الله أبداع وتميز كالعادة حبيبتي
سلمت يداكي الحلوين
لكي فائق أحترامي وحبي
تحياتي

يوكي 111
20-07-2011, 01:20
ساكنة حبيبت قلبي
شكرا" حبيبني أسعدني كلامك
تسلمي يارب من كل سوء
لكي حبي

يوكي 111
20-07-2011, 01:22
كوين الغالية كيفك والاولاد
كل عام وأنتم بصحه ومليون هنا

يوكي 111
20-07-2011, 01:24
هناء وشرين
أيمو وموني ألف مليون مرحبا
وحشتوني يا أمرات سألت عليكم العافية
لكم حبي

يوكي 111
20-07-2011, 01:30
هلا وحلا وألف مليو ن مرحبا
ببنت عم هناء وشرين
يوه أيمو وموني
نورتي المشورع ياسكر أي أحد من طرف هناء وشرين
يكون فوق الراس وجوه العين كمان
شرفتي العصابة يا قمر
ههههههههههههههه
نحياتي

الليدي كلير
20-07-2011, 06:34
كل عام وانتم بخير
بقرب حلول شهر رمضان الكريم ::جيد::
أعاده الله عليكم وعلي عائلتكم بالخير وبركات واليمن
اشتقتلكوووووووون كتير يا أحلا صبايا :p
موووووااااااااااااه كبير مني لكم::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::

جين أوستين
20-07-2011, 07:26
جين
ماشاء الله أبداع وتميز كالعادة حبيبتي
سلمت يداكي الحلوين
لكي فائق أحترامي وحبي
تحياتي


شكرا لكِ عزيزتي ... الاحترام و الحب متبادل .. صدقيني ::سعادة::

جين أوستين
20-07-2011, 07:28
كل عام وانتم بخير
بقرب حلول شهر رمضان الكريم ::جيد::
أعاده الله عليكم وعلي عائلتكم بالخير وبركات واليمن
اشتقتلكوووووووون كتير يا أحلا صبايا :p
موووووااااااااااااه كبير مني لكم::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::


و كل عام و أنتِ بخير أيضا ::سعادة::

والله وحشتينا انتِ كمان غاليتي كلير ... لماذا كل هذه الغيبة الطويلة!!!

يوكي 111
20-07-2011, 13:01
كل عام وانتم بخير
بقرب حلول شهر رمضان الكريم ::جيد::
أعاده الله عليكم وعلي عائلتكم بالخير وبركات واليمن
اشتقتلكوووووووون كتير يا أحلا صبايا :p
موووووااااااااااااه كبير مني لكم::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::



يا الله
كم لكي وحشة أنتي ونايتو
أية أخباركم والاهل تمام أنشاء الله
انتم مختفين ليه
طولي علينا وطمنونا عليكم يا قلوبي
وكل عام وأنتم بمليون صحة وهناء
تحياتي

يوكي 111
20-07-2011, 13:05
العفو جين
أكيد طبعا" الاحترام والحب متبادل مع كل الاصدقاء
وكل عام وأنتي متألقة ومبدعة
تحياتي

يوكي 111
20-07-2011, 13:08
غصونة
كيفك يا قمر
وحشتيني ياسكر
طمنيني عليكي يا قلبي
كل سنة وأنتي في أحسن حال
مع حبي

يوكي 111
20-07-2011, 13:10
أنجولة
حبيبت عمتو
فينك يا قمر قلقتيني عليكي ولا حس ولا خبر
طمنيني عليكي ياقلبي
وكل عام وأنتي بخير

~east_rose~
20-07-2011, 21:03
السلام عليكم..
كييييفكم يااابناااااااااااااات المشرووووووووووووووع.. من زمااااااااااااان عنكم.. اشوووف في وجيه جدييييييييييدة ..
وحشتوووووووووووووووونى مرررررررررة..
سلام خااااااااااااااص لمااااري حبيبة قلبي.. وجين اوستييين..
بجد بجد وحشتونى يبنااااات..
ماااشاء الله شادين حيلكم..
الرواااايااات الاخيييرة مرررة حلوة..
مشكووووورين..
تحياااتي

ساكنه القلوب
21-07-2011, 12:25
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::احلا وارق التحايا والسلالالالالالالالالالالالام الى الاعاضاء والى الاانضمو لينا مرحبتين :Dواتين :dوتلالالالالالالالالالالالالالات:d مرااااااااااااحب :);)هههههههههه وكل عام وانتن والكل الحبيااااااااااايب في صحة وسلالالالالالالامةوالف شكر الك ياوررررررررررررررررررردحمرااااااااااااء على الرواية حلوة::جيد::ودمتم لي في قلبي سكنة

جين أوستين
21-07-2011, 13:21
السلام عليكم..
كييييفكم يااابناااااااااااااات المشرووووووووووووووع.. من زمااااااااااااان عنكم.. اشوووف في وجيه جدييييييييييدة ..
وحشتوووووووووووووووونى مرررررررررة..
سلام خااااااااااااااص لمااااري حبيبة قلبي.. وجين اوستييين..
بجد بجد وحشتونى يبنااااات..
ماااشاء الله شادين حيلكم..
الرواااايااات الاخيييرة مرررة حلوة..
مشكووووورين..
تحياااتي

أهلييييييييييين بالفعل مرة فترة طويييييييييلة ::سعادة::

نورتي الموضوع عزيزتي .. و أتمنى تكوني بخير و سعيدة و بصحة وعافية ::سعادة:: وان شاء الله نشوفك دائما في الموضوع

جين أوستين
21-07-2011, 13:22
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::احلا وارق التحايا والسلالالالالالالالالالالالام الى الاعاضاء والى الاانضمو لينا مرحبتين :Dواتين :dوتلالالالالالالالالالالالالالات:d مرااااااااااااحب :);)هههههههههه وكل عام وانتن والكل الحبيااااااااااايب في صحة وسلالالالالالالامةوالف شكر الك ياوررررررررررررررررررردحمرااااااااااااء على الرواية حلوة::جيد::ودمتم لي في قلبي سكنة

العفو يا قطتي البيضاء ^.^ و يسعدني ان القصة عجبتك و دمتي في قلبي أيضا ::سعادة::

ساكنه القلوب
23-07-2011, 15:03
سلالالالالالالام ياخوات مين مجهزة روايتها؟؟؟؟؟وابغااسئلكم كيف اكتب الرواية كاملة على مررة الايام وبعدين انزلها مرة واحدة:confused:؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟افدوني يجزاكم الله الجنة وماتتمنو ؟؟؟؟؟؟ودمتم لي في قلبي سكنة:محبط:

ساكنه القلوب
23-07-2011, 15:06
ايش ريكمانزل الرواية والا اخليها بعد العيد هاه ؟؟؟؟ماسمع الرد ههههههه اشوفكم على خيربااااي ودمتم ليفي قلبي سكنة سكنة
احلا سلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالال الالالالالام مربع وبالميري الى فريق اعضاء المنتدى كيفكم
انشاء الله تمااااااااااااام وكمان حابة اوريكم ملخص برضو حلو من روايات احلام من دار الحرية للنشرو التوزيع واسمها الرفيقات الملخصحين صدمت صدمتها العاطفية الاولى والتي كادت أن تنتهى بفضيحة .قررت أن تهجرعالم الرجال.وصارت كل خططها لحياتها خالية من أى تضاريس رجالية ثم التقت باتريسيا ب(هانزستانواى)الرحالة وجامع التحف النادرة
قاومت..تماسكت..لكن إلى أى حد..وماهو سر ذلك السحر الرهيب في عينيه اللتان كانتا كقطعتى صوان تقدحان شررا"فتشعل النار فيها ومن حولها؟اتمنى تعجبكم كمان لان حتى لو كنت اخر ى وحدة مو مشكلة حابة اشاركم معايا الرويات الامعي ودمتم لي في قلبي سكنة

جين أوستين
23-07-2011, 17:29
سلالالالالالالام ياخوات مين مجهزة روايتها؟؟؟؟؟وابغااسئلكم كيف اكتب الرواية كاملة على مررة الايام وبعدين انزلها مرة واحدة:confused:؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟افدوني يجزاكم الله الجنة وماتتمنو ؟؟؟؟؟؟ودمتم لي في قلبي سكنة:محبط:

اهلييييييين عزيزتي .. اكتبي القصة في برنامج microsoft word لحد ما تخلصيها لو تبغي .. أظن ان الكل يكتبها في دا البرنامج :)

ساكنه القلوب
23-07-2011, 20:21
::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعا دة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::مشكووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووو الك يااحلا وارق وانعم واجمل واحب ووووووووووووودة حمرااااااااااااء وربي يحقق لك الاتتمنى ياقلبي ودمتي لي في داخل اقمااااااااااااااااق قلبي سكنة:)

ساكنه القلوب
23-07-2011, 20:30
:confused:غالية جين الوردة الحمراء:)فين احصلها الاقلتي عليها ؟فين يعنى في اي مكان ؟:مرتبك::(:confused:معليش ماعندي خبر في الاب كثير يادوب افتح الخط ؟ههههههههههههه:rolleyes:ودمتي لي سكنة

AYOO**
23-07-2011, 22:06
بسم الله الرحمن الرحيم
هذي الراواية أنا اشتريتها من المكتبة وعجبتني وحابة أكتبها لكم
وإنشاء الله تعجبكم

عجبني كثيير المشروع

نبدأ
اسم الرواية:سجينة الغجر

المؤلف:آن هامبسون

الكاتبة:عبير

الملخص:



"لايأتي الحب على أجنحة من حرير.. بل يجيء كدفق صاخب يجتاح القلب ويأسره .. وفي شباك ألاسر قلما يفكر المحبوب في الخلاص من قيود أقوى من الفولاذ .

وعندما قامت (لين) برحلتها إلى أيرلندا .. لتنفض إرهاقات العمل الطويل بين الربوع والبحيرات والجبال , لم تكن لتصدق أن رحلتها ستتحول إلى كابوس مرعب .. وسجن حقيقي مؤلم .

فقد تصادف أن تعطلت سيارتها بقرب مخيم للغجر .. وأفلتت بمعجزة من الغجري المتشرد القذر .. لكنه طاردها في الغابة وسجنها داخل عربة حقيرة .. وأجبرها على الزواج على طريقة الغجر .. وباتت الفتاة الرقيقة الجميلة أسيرة السجن والمعاناة والالم .

AYOO**
23-07-2011, 22:08
لكن الحب تسلل إلى قلبها المحزون .. ولم تفلح في مقاومته ... !!

جين أوستين
23-07-2011, 23:13
:confused:غالية جين الوردة الحمراء:)فين احصلها الاقلتي عليها ؟فين يعنى في اي مكان ؟:مرتبك::(:confused:معليش ماعندي خبر في الاب كثير يادوب افتح الخط ؟ههههههههههههه:rolleyes:ودمتي لي سكنة


ححاول اني أشرح .. وان شاااااااااااااااااء الله أقدر اوضحلك يا قطتي البيضاء ( مع انك شلت الصورة ) ::سعادة::

بعد ما تفتحي الجهاز .. اضغطي على ابدأ ( حيكون شكلها إما كده http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTyfKfb3VL1XURTYPIUlqNzY_EB_C44I TVf6he5p2AT2XPW2ym2VA أو http://t3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTCsSQQxkXbWYp4IBTcJaAjs9n32BRc7 k4l5AwoMTa6zsKjPJzq1Q حسب نوع جهازك ) بعدها لو كان نوعه widows vista أو 7 , حتلاقي مكان للكاتبة أول ما تفتحي ابدأ يشبه الموجود في الماسنجر تكتبي فيه microsoft word مثل هذه الصورة ( الكلمة مختلفة ) http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcRgJrPrF8_QWoiDeI2N9qDfS3LaewjKv t9-ASkyIbvXDz-Gl8vQ حتتغير الأشياء الموجودة في القائمة في الأعلى و حيظهرلك البرنامج لو كان موجود في جهازك .. اضغطي عليه .. رح تتفتح صفحة بيضاء تقدري تكتبي فيها الرواية http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcT7FKhl37Ng2sdjr3sYXSFh0Fab7H9Ig Rn5htlohgo2nCjyMDTvkOWZADviKQ طعبا ممكن يكون شكله مختلف عن الموجود في جهازك .. لكن البرانمج هو نفسه .. ^_^

لكن لو كان جهازك widows xp حتلاقي في القائمة كلمة بحث اضغطي عليها و اكتبي نفس الكلمة اللي ذكرتها في الأعلا ..

وفي طريقة أخرى تناسب أي جهاز طبعا.. و هي انك بعد ما تدخلي ابدأ اضغطي على برامج ( إذا كان انجليزي programs ) بعدها حتجيكي لستة بكل البرامج الموجودة في جهازك دوري فيها على كلمة microsoft ( ممكن تلاقيها و يتفرع منها برامج أخري ( تعرفي ان يتفرع منها بسبب السهم الموجود بجانب الكلمة) لو دورتي حتلاقي
microsoft word office أهم شي ركزي على كلمة microsoft word من دون الاهتمام ايش معاها و طبعا اضغطي على الكلمة حتى تدخلي البرنامج :d

ان شاء الله يكون شرحي سهل و مفهوم وما أكون لخبطتك زيادة :ميت: ... أرجوووووووووووووووووووووك بلغيني لو حستي من الشرح و ان شاء الله أحاول أني اوضح بشكل أفضل ::سعادة::

جين أوستين
23-07-2011, 23:23
بسم الله الرحمن الرحيم
هذي الراواية أنا اشتريتها من المكتبة وعجبتني وحابة أكتبها لكم
وإنشاء الله تعجبكم

عجبني كثيير المشروع

نبدأ
اسم الرواية:سجينة الغجر

المؤلف:آن هامبسون

الكاتبة:عبير

الملخص:



"لايأتي الحب على أجنحة من حرير.. بل يجيء كدفق صاخب يجتاح القلب ويأسره .. وفي شباك ألاسر قلما يفكر المحبوب في الخلاص من قيود أقوى من الفولاذ .

وعندما قامت (لين) برحلتها إلى أيرلندا .. لتنفض إرهاقات العمل الطويل بين الربوع والبحيرات والجبال , لم تكن لتصدق أن رحلتها ستتحول إلى كابوس مرعب .. وسجن حقيقي مؤلم .

فقد تصادف أن تعطلت سيارتها بقرب مخيم للغجر .. وأفلتت بمعجزة من الغجري المتشرد القذر .. لكنه طاردها في الغابة وسجنها داخل عربة حقيرة .. وأجبرها على الزواج على طريقة الغجر .. وباتت الفتاة الرقيقة الجميلة أسيرة السجن والمعاناة والالم .

شكرا لكِ عزيزتي على المجهود.. لكن للأسف الرواية موجودة مسبقا في المشروع وهذا رابط الرواية هنا (http://www.mexat.com/vb/threads/269250-%2A%C2%A7%C2%AE%2A%C2%A7%2A-%C2%A8%C2%A8%C2%A8%C2%A4%C2%A6%C2%A4%C2%A8%C2%A8-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D9%86%D8%B5%D8%A7-%C2%AE%2A%C2%A7%2A-%C2%A8%C2%A8%C2%A8%C2%A4?p=6367599&viewfull=1#post6367599) اتمنى ان لا يشعرك هذا بالانزعاج وعدم كتابة شيء آخر هنا في المستقبل :(

و أتمنى أن تكملي روايتك في الموضوع السابق وان شاء الله أستمر معك حتى تنهيها ^.^

جين أوستين
23-07-2011, 23:25
آآآآآآآآآآآآآآآآه نسييييييييييييييت كيف أنسى شي مهم زي دا !!!!!

أهلا بكِ عزيزتي أيو في المشروع و في المنتدى كله ^___^ اسعدتينا بوجودك عزيزتي .. وان شاء الله تنبسطي و تتسلي معانا ::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::::سعادة::