PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 [17] 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:06
11 – لم يبق إلا الغضب





احتسى لوغان العصير , وهو ينظر إلى الاجتماع العائلى الصاخب بعدوانية . ماذا يفعل هنا ? www.rewity.com



إنه سؤال غبي ..منتديات روايتى. فهو يعرف تماما ماذا يفعل هنا ... فقد اقتنع جده بإقامة حفلة خطوبة لميغ ودانيال قبل أسبوعين من زفافهما ... وفى العادة , كان لوغان يتجنب هذا النوع من اللقاءات العائلية .. ويكره أن يحضرها .. ماعدا لسبب واحد ..www.rewity.com



لكن يبدو ان هذا السبب الوحيد , ليس هنا حتى الان !



بعد مضى عشرة أيام على رؤية دارسي , ظن لوغان انها ستكون واحدة من الضيوف فى قصر جده فى نهاية هذا الاسبوع .منتديات روايتى.. فمن الطبيعى ان تكون ابنة دانيال ضمن المدعوين .. وكان هو قد وصل منذ وقت قصير , بعد تأخر رحلته . فلم تتح له سوى فرصة قصيرة للاستحمام بسرعة , وتغيير ملابسه قبل النزول الى الطابق الارضى لينضم الى المدعوين فى الصالة الرئيسية .www.rewity.com



لكن , سرعان ما سيستعد الجميع للعشاء , ولم يظهر بعد أي أثر لدارسي .



ببساطة لم يخطر له انها لن تحضر حفلة خطوبة والدها . ولو خطر هذا بباله ,منتديات روايتى. لما أزعج نفسه مطلقا بالحضور الى هنا !



نصحه ابن خالته برايس بجفاء وهو يقف الى جانبه : " ابتهج يا لوغان "www.rewity.com



كان الاثنان يشكلان ثنائيا رائعا ووسيما . لكن عينى برايس كانتا خضراوين بينما عينا لوغان زرقاوان .



- كان من الممكن الا يحدث هذا .www.rewity.com



لم يكن واثقا مما حدث . كان يعرف فقط انه اشتاق الى دارسي فى الايام العشرة الاخيرة ,منتديات روايتى. ولكنه كان متأكدا من أنه على الأقل سيراها فى قصر جده فى نهاية هذا الاسبوع .. وراح يلوم نفسه لأنه لم يسأل امه عما إذا كانت دارسي ستحضر . بدلا من ان يكون واثقا من ذلك !www.rewity.com



سأل : " باعتقادك , كم من الوقت يلزمني بعد العشاء لأتمكن من الاعتذار والذهاب الى الفراش ؟ "



ضحك برايس للقلق الواضح عليه : منتديات روايتى." لقد ظننت انك والخالة ميغ توصلتما الى نوع من الهدنة فى الاسابيع الاخيرة ؟ "



ورفع حاجبين ساخرين .www.rewity.com



وضع لوغان كأس العصير الفارغ من يده , واكد بحدة : " هذا صحيح .. لكن كما تعرف جيدا , انا اكره هذا النوع من الحفلات . حيث كل أفراد العائلة يحاولون التصالح معا , ويفشلون فشلا ذريعا "www.rewity.com



واخذ يراقب جده وهو يلعب دور المضيف العظيم للعائلة والاصدقاء على حد سواء . وكان تصرفه هذا تجاه الاصدقاء زائفا . طبعا .منتديات روايتى. فعشيرة ماك دونالد ليست معروفة بسلوكها الاجتماعى المميز . واضاف متسائلا :



" فى الواقع . انا مندهش لرؤيتك هنا كذلك "www.rewity.com



كان برايس يعيش حياة منعزلة . وغالبا ما يختفى عن الساحة الاجتماعية لمدة أشهر .منتديات روايتى. لكن بما انه هنا فى نهاية هذا الاسبوع . فلابد انه جاء فى مهمة ما .



نظر برايس اليه ممازحا : " اتساءل اى من الجميلات العازبات هي دارسي ؟ "www.rewity.com



تصلب لوغان مجفلا , واستدار اليه بسرعة : " هل تحدثت الى فيرغوس ؟" samirf



ابتسم ابن خالته بمرح : " يمكنك المراهنة بحياتك على ذلك . لاشئ سوى مقابلة تلك المشاكسة كان سيقنعنى بالمجئ الى هنا !"



ونظر الى الضيوف الضاحكين المثرثرين بالقرف ذاته الذى بدا على لوغان قبل قليل .www.rewity.com



رد لوغان ساخطا : " ليست من اللواتي يقبلن بعلاقات عابرة يا برايس "


بدا على ابن خالته تعبير البراءة : "لم اعتقد ولو للحظة انها كذلك .منتديات روايتى.. اردت فقط ان التقى بالسيدة الشابة التى تغلبت على ابن خالتى المتعجرف الواثق من نفسه ! "www.rewity.com

رد لوغان متعمدا : " تلك العجرفة سمة فى العائلة .. واخشى ان يكون الحظ قد جافاك . لأن دارسى ليست هنا ! "



قال برايس بتأثر : "اه "www.rewity.com



سأل لوغان بارتياب : " ماذا تعنى ؟ "



رد برايس ببراءة مصطنعة : "لا شئ "



عبس لوغان مرة اخرة . وقد اصبح العبوس مألوفا لديه مؤخرا .www.rewity.com ذلك انه لم يجد ما يبتسم له ! فى الواقع اعماله ما زالت ناجحة , لكنها فقدت على ما يبدو روح التحدى فى الاسبوعين الاخيرين . ولكي يكون صادقا تماما مع نفسه ,منتديات روايتى. يجب ان يعترف بأنه اشتاق الى وجود دارسي حوله لتهدده , وترفسه , وترمى الاشياء عليه ..www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:19
"]يجب ان يكون راضـيا لأن حياته عادت الى طبيعتها الهادئة ! لكنه لم يكن كذلك .samirf



وتكور فمه بتجهم : " أنا .. "



قال برايس ببطء , مسلوب اللب ونظره مثبت على مكان ما عبر الغرفة المزدحمة : " عن إذنك يا لوغان , لقد رأيت شخصا يستحق نظرة ثانية "www.rewity.com



كان معظم النساء الموجودات هنا هذا المساء , عازبات ام لا , جميلات ويستأهلن نظرة ثانية فى الواقع ,منتديات روايتى. وثالثة كذلك . لكن , ما من واحدة منهن لفتت انتباه لوغان . لكنه شكر هذه السيدة بالذات , كائنا من تكون , لإبعاد ابن خالته عن الموضوع الذى يعتبره لوغان شخصيا جدا .www.rewity.com



- هيا . اذهب , أى واحدة هي ؟



تمتم برايس : "لقد اختفت لتوها . لكن اه . انها " موناليزا " بشعر احمر .." samirf



وانطلق مصمما عبر الغرفة المزدحمة .



" موناليزا " بشعر احمر .. www.rewity.com



هناك امرأة واحدة يمكن للوغان ان يفكر فيها , وهي تتناسب مع هذا الوصف .. دارسي !



او لم يكن يذوب حرارة كلما أطلقت تلك الابتسامة الغامضة ؟ أو لم تكن تلك هى الابتسامة التى تصور من أجلها فى الأيام العشرة الماضية ...؟منتديات روايتى.رأى برايس ينحنى نحو امرأة قصيرة . لابد أنها دارسى !www.rewity.com



إنها هنا ... لا يستطيع الانتظار إلى أن ...



سأل صوت أنثوى : " لوغان ... أليس كذلك ؟ "



استدار بحدة ، وهو يعبس توترا ،منتديات روايتى. فرأى شقراء طويلة كانت أمه قد عرفتها عليه فى وقت سابق الليلة ، تقف إلى جانبه وتبتسم له بجاذبية .www.rewity.com



عرف لوغان أنه فى أى وقت آخر ، وفى ظروف أخرى ، كان سيستجيب إلى هذه الدعوة .... لكن ليس الآن ، وهو متأكد أن دارسى فى هذه اللحظات برفقة ابن خالته الخطير الفاتن .منتديات روايتى.قال منصرفا بحدة ، واهتمامه متجه عبرالغرفة يحاول أن يلمح المرأة التى يتكلم برايس إليها : " فيونا .... أليس كذلك ؟ "



صححت له الممثلة : " فرانسيسكا داروين "www.rewity.com



بدا واضحا أنها لم تنزعج لعدم تذكره اسمها وأكملت كأنها تساعده على التذكر : " أنا ألعب دور شقيقة ميغ فى المسلسل التليفزيونى الذى تصورها الآن ... "www.rewity.com



رد بأدب .... وهو لم يكن يعرف حتى اللحظة أن دور أمه يشمل شقيقة :



- إنها رائعة ... أليست كذلك ؟ samirf



ونظرت فرانسيسكا بإعجاب إلى حيث كانت ميغ تبتسم بحب لخطيبها وهما يتحدثان معا بصوت منخفض .www.rewity.com



لم تكن الملاحظة بحاجة إلى رد ، حقا ... وبكل صدق ، لم يكن لدى لوغان أى ردا فهو لم يكن راغبا أساسا بأن يجرى هذا الحديث أبدا ... منتديات روايتى.ويفضل أكثر أن ينضم إلى برايس ودارسى ! خاصة وهو يسمع أن هذه المرأة الشابة الجميلة تكن كل الإعجاب لأمه .www.rewity.com



من الواضح أن دانيال سيمون ، الرجل الشريف الوقور ، كان يحب ميغ ، ودارسى المتهورة الصادقة بدأت تعجب بها كذلك . منتديات روايتى.وفرانسيسكا هذه المرأة الشابة التى تعمل معها يوميا لاشئ لديها تقوله سوى الاعجاب بها .... هل يمكن أن يكونوا جميعا على خطأ بخصوص ميغ ، وهوعلى حق ؟ أم أنه هو المخطئ ؟ samirf



على أى حال ، ليس الوقت مناسبا للتفكير بهذا الأمر الآن .



- أنا آسف أنسة داروين .....www.rewity.com



- ردت بحرارة : " فرانسيسكا .... هذا القصر رائع ، أليس كذلك ؟ " samirf



ونظرت حولها بإعجاب ، يبدو أنها لا تعى أن لوغان يحاول أن يعتذر منها .www.rewity.com



قال لوغان موافقا : " إنه هكذا فعلا .... لكننى حقا مضطر ... "



- لوغان ...... جئتك بشخص يريد أن يسلم عليك .



قاطعه برايس بخفة . samirf



عرف لوغان قبل أن يستدير أنها دارسى ، فحتى لو لم تكن أحاسيسه قد نبهته لوجودها ، فقد استطاع أن يشتم رائحة عطرها التى يعرفها جيدا .www.rewity.com



كانت تبدو رائعة ، فى فستان رمادى لماع يصل إلى الركبتين ، يشع كلون عينيها المليئتين بالألغاز ،منتديات روايتى. ويلتصق بجسمها المتناسق . أما شعرها فبدا كستارة حمراء ناعمة منسدلة على كتفيها . وعيناها كبيرتان مضيئتان وخداها يتألقان بلون أحمر خفيف أما شفتاها فتلمعان بلون قرمزى بديع .



حيته بصوت أجش : " لوغان "www.rewity.com



رد بخشونة ونظرته القاتمة تكاد تأكلها .... إن لم يكن شئ آخر فيه ...



- دارسى samirf



كانت تبدو أكثر نحولا مما يذكر ، واستطاع أن يرى ان دارسى لا تشعر بالسعادة .www.rewity.com



كانت تنظر متسائلة إلى فرانسيسكا داروين ، وبدا واضحا أنها تتوقع من لوغان أن يعرفهما ببعضهما .منتديات روايتى... فى حين لم يكن لوغان يرغب سوى بحملها إلى خلوة ليعانقها .



قدمت الممثلة نفسها ، مصافحة دارسى باختصار : " فرانسيسكا ... وأعتقد أنك ابنة دانيال ؟ "www.rewity.com



وجهت سؤالها باهتمام ودى .



فأكدت دارسى بتكلف : " أجل " samirf



قال برايس يشرح سبب تأخرها فى الوصول ويده على مرفقها كأنه يحاول مواساتها : منتديات روايتى." المسكينة دارسى كانت تتجول فى القصر وضاعت بين الأمواج والأقبية وهى تحاول منذ خمس عشرة دقيقة أن تجد طريقها إلى هنا "www.rewity.com



إن هذا يفسر بسهولة سبب عدم نزول دارسى إلى هنا عند وصول لوغان . لكن الآن وقد وصلت ، وجد لوغان نفسه يرغب فى إبعاد يد برايس عن ذراعها ...منتديات روايتى.



قالت دارسى بتأنيب ناعم ... بعد أن تذكرت تلك اللوحة فى شقة لوغان والتى رسمها برايس .www.rewity.com



- لماذا لم تقل لى إن ابن خالتك هو برايس ماك اليستر ؟



لم يكن قد أخبرها ان ابن خالته هو الرسام العالمى ... لأنه لم يخطر بباله أن يفعل هذا . فقد تربى الرجلان معا ... منتديات روايتى.وهو ببساطة لم يفكر يوما فى أن برايس هو من عائلة ماك اليستر ، كما أنه لم يفكر أبدا بنجاح فيرغوس ككاتب ، أيضا .منتديات روايتى. لقد كان الرجال الثلاثة ناجحين كل فى الحقل الذى اختاره . لكنهم بالنسبة لبعضهم البعض مجرد أنسباء .... ورفاق عمر .www.rewity.com


لكنه استطاع أن يرى من العتب الذى يظهر فى عينى دارسى القائمتين ان التفسير لن يبدل شيئا من الحرج الذى شعرت به ساعة تعرفت إلى برايس ،samirf وعرفت أنه هو رسام اللوحة التى تمثل قصر جده والتى أعجبت بها كثيرا فى شقة لوغان قبل أسبوعين ! ألا يمكن أن يفعل شيئا مناسبا أمام هذه المرأة ؟www.rewity.com



كان لوغان يبدو رائعا ! وكانت دارسى تتوقع رؤيته مرة أخرى هذا الأسبوع وتخشاها فى الوقت نفسه ..منتديات روايتى.... توقعت رؤيته لأن الأيام العشرة الأخيرة بدت وكأنها دون نهاية ... وخشيت رؤيته ، لأنها كانت واثقة من أنها حين تراه مرة أخرى سيكون برفقة المرأة التى تعنى له الكثير فى حياته كما هو واضح ،منتديات روايتى. إلى درجة أنها تمكنت من التأثير على قراره فيما يتعلق بحضور زفاف أمه . samirf



فرانسيسكا .... طويلة ، شقراء ، مغرية فى فستان أسود ضيق .www.rewity.com إنها امرأة تملك كل ما لا تملكه دارسى ، حتى اسمها جميل .



قال لوغان بخشونة : " وهل هذا مهم ؟ " samirf



ما هو المهم ..........؟

www.rewity.com


ردت وهى تدرك أنه يشير إلى ملاحظتها بخصوص ابن خالته : " حسن جدا .... لقد شعرت بالسخافة لأننى لم اكن أعرف "



هذه العائلة غنية بالمواهب وبشكل كبير ،منتديات روايتى. ممثلة مشهورة ... رجل أعمال مليونير ...... رسام عالمى متجدد ..... حتى الجد ، هيوغ ماك دونالد بقصره ،منتديات روايتى. ومظهره الجميل المميز الذى يشبه مظهر لوغان ، إنها عائلة مخيفة .وأحست دارسى بأنها خارج مستواها مع مثل هذه الصحبة .www.rewity.com



كانت تعرف ان نهاية الاسبوع هذه فى اسكتلندا ستكون صعبة . لكن , من اجل ميغ ووالدها كان عليها المجئ الى هنا .منتديات روايتى.. غير ان رؤية لوغان وجمال طلعته جعلتها تعرف انها ستكون اكثر صعوبة مما تخيلت . لكن الحمد لله ان برايس ماك اليستر موجود هنا لوحده كذلك , وانه ميال الى الصداقة !www.rewity.com



طمأنها برايس بسهولة : " لا تفكرى بالامر يا دارسي . بل ركزي على التفكير باقتراحي . هممم ؟ " samirf



قال لوغان بقسوة : "وهل تقدمت باقتراح يا برايس ؟ "



تطلعت دارسي اليه مقطبة , واللون الحار على وجنتيها : " لقد اقترح على ابن خالتك ان يرسمني "www.rewity.com



ولم يعجبها ابدا تلميح لوغان . ولول انها لم تأخذ اقتراح برايس ماك اليستر بجدية . بل كانت واثقة انه يحاول ان يبنى علاقة صداقة معها . على اى حال فالرجل مشهور عالميا .



قالت المرأة بإثارة : " كم هذا رائع ! "www.rewity.com



رفع لوغان حاجبيه ساخرا : " حقا ؟ هل هذه طريقة جديدة لدعوتها الى محترفك لترى لوحاتك ؟ "منتديات روايتى.



احست دارسى ان غضبها قد بدأ يتصاعد . وهذا شئ لم يحدث معها ابدا فى الايام العشرة الاخيرة . ما الذى يبقيها غاضبة هكذا طوال الوقت عندما تراه ؟www.rewity.com



رد برايس بجفاء . وهو يبتسم لها مطمئنا : " بالكاد . لكن اذا كان ذلك يزعجك الى هذا الحد . يمكنك ان تجيء معها ؟ "



رفعت دارسي نظرها نحو برايس متسائلة .منتديات روايتى. لماذا ينزعج لوغان بحق السماء لما تفعل ؟ الا اذا كان برايس ببساطة يسخر من دور لوغان المستقبلي كأخ غير شقيق ؟ حسن جدا . يمكنه ان ينسى هذا . انها اكبر سنا من ان ترحب بحماية اخ على كره منه .www.rewity.com خاصة حين يكون هذا الاخ لوغان !



بدا واضحا من تعبير لوغان العابس انه لم يكن معجبا بسخرية ابن خالته. samirf



انها فعلا عائلة وسيمة بشكل غير عادي . لوغان . www.rewity.comفيرغوس وبرايس , ويبدو ان فيرغوةس لن يحضر هذه الحفلة . لكن بالنسبة لها يكفيها ان تتعامل مع لوغان وبرايس فى وقت واحد ! samirf



قال لوغان بحدة : "اشك فى ان يكون هذا ضروريا . انت . "



وسكت مع سماعه الدعوة الى العشاء .www.rewity.com



تنهدت دارسى بارتياح . منتديات روايتى.هذا اللقاء مع لوغان كان صعبا كما تصورته . فمن الواضح ان ليس هناك ما يقولانه لبعضهما . لكن نظرة واحدة اليه اكدت لها ان مشاعرها نحوه لم تتغير . انها لا تزال تحبه !www.rewity.com



لكن ارتياحها كان قصيرا بحيث دام فقط حتى وصولهم الى القاعة الطعام . وما ان جلس هيوغ ماكدونالد وضيفا الشرف , ميغ ودانيال حتى وجد الجميع امكنة لأنفسهم . منتديات روايتى.ووجدت دارسى نفسها جالسة بين برايس ولوغان وجلست فرانسيسكا الى الجهة الاخرى للوغان .www.rewity.com



قال لوغان لدارسي بصوت منخفض : " كيف حالك ؟ "



اكدت له دارسى بارتباك , دون ان تلتقى بنظرته : " جيدة جدا . شكرا لك"www.rewity.com



واحست بخجل اذ ادركت مجددا انها لا تزال تحبه .



لم تكن الايام العشرة الاخيرة سهلة عليها .منتديات روايتى. لكن وجودها الان قربه , وفرانسيسكا الى جانبه الاخر كان عذابا لها .



سألت بأدب : "وانت ؟ "www.rewity.com



رد بحدة : " بخير . هل ستقبلين عرض برايس ؟ "



هزت رأسها تبتسم بخشونة : " كان فقط يلاطفنى "



ترقق فم لوغان : " برايس لم يكن يوما لطيفا بالنسبة لعمله "samirf



ابتلعت ريقها بقوة , وقالت محتجة : "اعتقد انه فى هذه الحالة كان لطيفا "www.rewity.com



قاطعهما برايس باهتمام : " هل ذكر اسمى بغير احترام ؟ "



نظر لوغان الى ابن خالته , وعيناه تبدوان كقطعتى ثلج زرقاوين : " يبدو ان دارسى تعتقد انك لست جادا فى اقتراحك بأن ترسمها "www.rewity.com


www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:23
اكد برايس ماك اليستر لها فورا : "اوه . لكنني جاد . بل جاد جدا ..منتديات روايتى. فى الواقع لدي شعور أن لوحة دارسي ستكون اللوحة الأساسية فى معرضي القادم "



قال لوغان : " لكن لعلها لا تريد ان ترسمها "www.rewity.com



واستدار نحوها يسأل : " هل تريدين ؟ "



لم تصدق دارسى ان فنانا مثل برايس ماك اليستر , قد يفكر فيها كموضوع لإحدي لوحاته .منتديات روايتى. لكنها لم تكن متأكدة من انها تريد ان تظهر امام الاف الناس , كما انها لا تريد ان تكون سبب خلاف بين أبناء الخالة . وان تقوم بدورها من اجل والدها www.rewity.com, وان تكون داعمة لزواجه المستقبلى , قبل ان تختفى الى عالمها الخاص الغامض . لكن اهتمام برايس ماك اليستر يرسمها , سيجعل هذا امرا صعبا .www.rewity.com



قالت بخفة : "انا واثقة من انه يمكن مناقشة هذا الامر فيما بعد , واعتقد ان جدك على وشك ان يقترح نخبا للخطيبين "



واحست بشئ من الارتياح عندما وقف هيوغ ماك دونالد على رأس المائدة.www.rewity.com



طال العشاء , وهذا الامر لم يكن ممتعا بالنسبة لدارسي . كان الطعام رائعا , ويليق بكل تأكيد بمستوي الشيف سيمون . لكن الصحبة هي التي جعلته لا يحتمل .منتديات روايتى. وبالرغم مما قاله لوغان عن ابن خالته , فقد كان برايس لطيفا جدا , وتكلم كلاهما فى العديد من المواضيع .منتديات روايتى. لكن حديث لوغان مع فرانسيسكا جعل الامر بمثابة كابوس بالنسبة لدارسي التي بالكاد لمست طعامها .



- هل تتبعين حمية ؟ www.rewity.com



استدارت بحدة لتنظر الى لوغان , وادركت انه كان يراقبها خلال ذلك الوقت , كي يعي انها لم تأكل كثيرا من الطعام , بالرغم من انها كانت تظنه منغمسا فى جمال فرانسيسكا .



هزت كتفيها : " لست جائعة كثيرا "www.rewity.com



سأل : " ستبدأين عملك الجديد قريبا , أليس كذلك ؟ "



أدهشها أنه تذكر ذلك . وهذا صحيح , ستبدأ عملها فى حضانة الاطفال فى الاسبوع القادم .



امتدت يده لتمسك يدها : " متوترة ؟ "www.rewity.com



لم تكن متوترة . لكنها اصبحت كذلك الان . ماذا يفعل لوغان ؟ بل وماذا ستظن به فرانسيسكا وهو يلمسها هكذا ؟ samirf



تابع لوغان بلطف : " يجب الا تكونى متوترة , اتعرفين هذا ؟ انا واثق ان الاولاد سيحبونك "



كم تتمنى ان يحبها هو !www.rewity.com



كانت قد ذهلت بعد ظهر اليوم حين وصلت الى القصر مع والدها وميغ .منتديات روايتى. اذ اقلتهم خلال الرحلة عبر الريف من المطار سيارة فخمة مناسبة لعظمة منزل ميغ العائلى . بدأت الرحلة صعودا من الطريق العام وبدت طويلة , ورأت خلالها الاف الغزلان ترعى فى الحقول ..www.rewity.com



أما القصر بحد ذاته فيبدو كأحد قصور القصص الخرافية !



تبين لدارسى ان هيوغ ماك دونالد صورة عن لوغان . مما اعطاها فكرة عما سيكون عليه لوغان بعد اربعين سنة . مهيب تماما !www.rewity.com



خصصت لدارسى احدى غرف النوم فى البرج الشمالى . واختارت القبول باقتراح هيوغ ماكدونالد ان ترتاح حتى موعد العشاء . ليس لأنها فعلا تحتاج الى الراحة ,منتديات روايتى. بل لتعطى نفسها فرصة لتستجمع دفاعاتها المشتتة لأنها تتوقع رؤية لوغان ذلك المساء .www.rewity.com اما القصة التى اخبرتها لبرايس بأنها ضاعت فى القصر المتسع , فقد كان فيها بعض المبالغة ., منتديات روايتى.فهي ببساطة تأخرت فى النزول الى الطابق الارضى قدر ما استطاعت دون ان يفوتها العشاء . وهكذا تأخرت عن رؤية لوغان مع فرانسيسكا الجميلة , قدر ما استطاعت !www.rewity.com



لكن , فى الحقيقة , لم يوفر عليها ذلك الكثير من الالم الذى احست به لرؤيته مع المرأة الاخرى . واضطرارها لتقبل أهمية فرانسيسكا فى حياته.www.rewity.com



سحبت دارسى يدها من قبضة لوغان بلطف , واكدت له : "انا اتطلع شوقا لبدء عملي " samirf



اشتد ضغط لوغان على فمه لأنها نزعت يدها , وضاقت نظرته : " إذن . لماذا لا تأكلين ؟ "www.rewity.com



وقطب : " هل لأنك ما زلت منزعجة بشأن والدك وامي ؟ "



- لا .. مطلقا .



وبدت ابتسامتها محبة وهي تنظر عبر المائدة الى الخطيبين . لم يكن هناك شك فى مشاعر الحب بينهما . وتمتمت : " انهما زوجان رائعان . اليس كذلك ؟ "www.rewity.com



اكد لها بجفاء : "رائعان "



نظرت اليه مقطبة قليلا : " لكن . اما زال لديك شكوك .؟ "



- هذا ليس من شأنى . منتديات روايتى.أليس كذلك ؟



لا . ليس من شأنه . لكن مشاعره نحو الزواج , اى زواج , مازالت تخيفها.www.rewity.com



نظرت الى فرانسيسكا الجميلة وهي تتحدث الى الرجل الجالس الى يمينها . منتديات روايتى.هل تعرف هذه المرأة رأى لوغان فى الزواج ؟ واملت دارسى هذا بصدق , والا فالمرأة الاخرى ستتلقى صدمة رهيبة . samirf



مع ان فكرة زواج لوغان من امرأة اخرى كادت تجعل دارسى تحس بالاغماء.www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:25
ابتلعت بصعوبة : "انا .. "



قال : "ستقام حفلة راقصة بعد العشاء فى " الصالون " الرئيسي "



وكأنه عرف انها كانت على وشك ان تعتذر وتهرب الى غرفة نومها ..! samirf



قاطعهما برايس : " لقد وعدتنى دارسي بالرقصة الاولى يا صاحبي "www.rewity.com



وامسك بيد دارسى بحزم : "لكننى واثق من انها ستخصص لك رقصة , فيما بعد ! "



استدارت دارسى لتنظر الى برايس بحيرة .منتديات روايتى. ولتواجه غمزة منه تنم عن مؤامرة ! برايس ماك اليستر يعرف . بطريقة ما , انها تحب لوغان ! السؤال الان هو . هل سيخبر ابن خالته ؟www.rewity.com



تبخر كل تفكير بالهرب السريع الى غرفة نومها بعد ان عرفت انها لن تستطيع السماح لبرايس ماك اليستر ان يفعل هذا . يجب ان تكلم برايس اولا. يجب ان تتوسل اليه لو اضطرت , منتديات روايتى.لكي لا يخبر لوغان عن مشاعرها نحوه , لانها لن تستطيع تحمل اشفاق لوغان المحرج .www.rewity.com



ابتسمت لبرايس ابتسامة عريضة فارغة : "يبدو لي هذا رائعا !"



ورأت لمعان الخبث فى عينيه الخضراوين القاتمتين , وهو يتلقى رسالتها . samirf



ردد لوغان ببرود : "رائع . لكن يجب ان تنتبه لقدمي دارسى , برايس " ونظر الى دارسي .www.rewity.com



قال ابن خالته مادحا بنعومة : "انا واثق انها ترقص بشكل رائع جدا " samirf



تابع لوغان : "يجب ان تحذر ركلاتها "



وعرفت دارسى الى ماذا يلمح بالضبط منتديات روايتى.. ولون الغضب خديها : "انا واثقة من ان برايس لن يكون قليل التهذيب كي اضطر الى ركله !"www.rewity.com



قال برايس ماك اليستر ممازحا : " يجب ان اقول يا لوغان ., اننى اجد صعوبة فى ان اصدق ان هناك مبررا لتصرفك غير المهذب مع شابة جميلة مثل دارسى "



رد لوغان : "الامر سهل جدا .. صدقنى "www.rewity.com



استدارت دارسى لئلا يرى الدموع المفاجئة فى عينيها . فالغضب كان اخر ما تريد ان تثيره فى لوغان . لكن , وعلى ما يبدو , الغضب هو كل ما بقى بينهما .www.rewity.com


( نهاية الفصل الحادي عشر )



12- لا !



همس برايس من جانب لوغان : "انها فاتنة تماما يا لوغان "



كان الرجلان يقفان فى الصالون الرئيسى , وفيما دارسى ترقص مع ابيها. www.rewity.com



لم يزعج لوغان نفسه بالتظاهر بأنه لا يعرف عمن يتكلم ابن خالته :منتديات روايتي . "انها كذلك فعلا "



لقد ادرك ان مجرد المحاولة ستبدو سخيفة , لأن برايس انهى رقصه معه لتوه !www.rewity.com



نظر برايس اليه : "اذن , لماذا لا تقول لها هذا ؟ "



- ولماذا أفعل بحق السماء ؟ samirf



قال برايس بصراحة : " لأنك تحبها "www.rewity.com



كاد لوغان يختنق وهو يشرب جرعة العصير , واخيرا تمكن من ان ينفجر قائلا : " انا .منتديات روايتي . . انا ماذا ؟ "



كرر برايس : " تحب دارسى , منتديات روايتي . يجب ان اقول اننى معجب بذوقك . لقد فكرت دوما انك لو وقعت فى الحب , وقد كنت اشك فى حدوث هذا لسنوات ,منتديات روايتي . ستختار امرأة غير مناسبة قطعا . لكن دارسى متواضعة , فاتنة , جميلة , وروحها مرحة "www.rewity.com



اخيرا استعاد لوغان وعيه بما يكفي ليحتج : "انا لا احب دارسى . كنت اعرف دائما ان الجانب الفنى منك يجعلك رومانسيا يا برايس .لكنني لم اكن ادرك انه يجعلك تتوهم ايضا !" samirf



رفع ابن خالته حاجبين عاتبين , منتديات روايتي . وقال : " هذا غير صحيح ! "



رد لوغان : " اذن انت فعلا واهم "www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:27
رد : " ولا هذا ايضا . لوغان , هل تنوى ان تبقى مغفلا طوال حياتك "



رد لوغان متصلبا : " لم اكن اعرف اننى مغفل " samirf



- ستكون كذلك منتديات روايتي . اذا تركت دارسى تخرج من حياتك .



قال بجفاء : "هذا مستحيل . فبعد اسبوعين سيتزوج والدها امي . وهذا بالتالى يجعلنا بطريقة ما شقيقين "www.rewity.com



نظر برايس اليه متسائلا : "وانت سعيد لهذا . أليس كذلك ؟ "



ضحك لوغان بسخرية وهو يهز رأسه :منتديات روايتي . "ليس لدى فكرة عما تتكلم يا برايس " samirf



نظر اليه بارتياب وقال : "لا ! لم يعجبك ان امسك ذراع دارسى , وحين كنت ارقص معها منذ دقائق , منتديات روايتي . بدوت على استعداد لكي تخنقني "www.rewity.com



اللعنة على برايس . انه مراقب متمرس . ولا . لم يعجبه قرب برايس من دارسي . لكن الوصول الى حد القول انه يحبها امر سخيف . فهما لا يعرفان بعضههما سوى منذ اسبوعين .منتديات روايتي . وقد كانا اسبوعين عاصفين . فالامر بكل بساطة انه يشعر برغبة فى حمايتها , ليس الا .www.rewity.com



قال لوغان : " كنت اتساءل فقط فى اى مرحلة من الامسية ستركلك "



ابتسم برايس : " لن تفعل " samirf



دهش لوغان : " اوه .. ؟ وما الذى يجعلك متأكدا ؟ "www.rewity.com



حذره برايس بنعومة : " كل ما اتمناه هو الا يكون الوقت متأخرا حين تقرر ان تصحو يا لوغان "منتديات روايتي .



ضاقت عينا لوغان : " متأخر علام يا برايس ؟ "samirf



لم يكن لوغان مسرورا لمناقشة امر دارسى هكذا . ولم يكن يعجبه ان يتكلم برايس عنها ابدا .www.rewity.com



لكن هذا لا يعنى انه يحبها . كانت ضعيفة جدا يوم التقاها . ولا تزال هكذا فى احيان كثيرة . منتديات روايتي . وهو لا يحب ان يراها تتعرض للأذى .samirf



اقترح عليه برايس مع انتهاء عزف الموسيقى وعودة دارسى ووالدها الى ميغ : " لماذا لا تدعوها للرقص ؟ "



ولماذا لا يفعل ؟www.rewity.com



سأله برايس : " خائف يا ابن خالتى ؟ "



رد لوغان بحدة : "هذا تحليل نفسى معكوس . من المفترض الان ان اركض الى دارسى واطلب منها ان ترقص معي لمجرد ان ابرهن لك خطأك . منتديات روايتي . صحيح ؟ "samirf



لم يهتم برايس : " كنت فقط اتساءل لماذا لا ترقص مع اختك المستقبلية "www.rewity.com



- ربما لأن ابن خالتى يقف كشوكة فى الخاصرة .



اكد له برايس من دون تراجع : " وسأستمر على هذا الحال الى ان تطلب منها ان ترقص معك " samirf



حدق لوغان به : "منتديات روايتي . لماذا تهتم انت لهذا الامر ؟ "



شجعه برايس : " انها ترقص كالحلم يا لوغان . خفيفة جدا بين ذراعيك ., ومثيرة جدا فى الوقت عينه . انا .."www.rewity.com



ونظر الى وسط الصالون : "اوه . تأخرت كثيرا يا لوغان . لقد وصل جدي اليها اولا ! "



استدار لوغان ليرى جده يقود دارسى منتديات روايتي . الخجولة الى حلبة الرقص الكبيرة وسط الغرفة .samirf



بدا جده وسيما فى بذلة السهرة السوداء والقميص الابيض . كان اللون الرمادي يغزو شعره أما نحول جسمه , منتديات روايتي . فلا يظهر فيه اى أثر للسن . وكان يقود دارسى مخدرة الاحساس فى رقصة " فالس " .



كان الاثنان يتكلمان بصوت منخفض وهما يرقصان وتمكن لوغان من ان يرى ان دارسى تسترخى ببطء ,منتديات روايتي . وتتحرك برشاقة اكثر مع الموسيقى . خطواتها تتوافق بكمال مع خطوات جده .www.rewity.com



راح لوغان يتساءل عما كان جده ودارسى يتكلمان الان بالضبط . ومهما كان الموضوع بدا واضحا انهما يستمتعان بصحبة بعضهما .منتديات روايتي . فقد ضحكا معا عدة مرات قبل ان تتوقف الموسيقى , حيث قاد هيوغ دارسى الى والدها وميغ بكل وقار .samirf



قال برايس ضاحكا : " الشيطان العجوز , لابد انه تمتع كثيرا بهذا "www.rewity.com



اعترف لوغان بجفاء : "ربما . منتديات روايتي . واعتقد اننا سنعرف فورا كم تمتع "



وتقدم جده يشق طريقه نحوهما مصمما .samirf



قال الجد مهاجما : " ما بالكما ايها الشابان ؟ "



واخذ كاس عصير ثم تابع قائلا : "www.rewity.com



- انتما وسط الكثير من النساء الجميلات , وتجبنان كغبيين !



ضحك برايس : منتديات روايتي . "استثنى نفسى من قولك هذا "



ورد لوغان : " ونحن لا نجبن فى اى مكان يا جدي "samirf



نظر العجوز الى لوغان نظرة ثاقبة :منتديات روايتي . " وانت ألن ترقص ايضا ؟ فى الواقع , لم ارك ترقص اليوم يا لوغان . ماذا دهاك . هل الصحبة ليست من مستواك ؟ "www.rewity.com



- لا فمعظم هؤلاء الناس من لندن .



قال هيوغ بإعجاب : " كانت فتاة جميلة "samirf



قال برايس : " من .. دارسى ؟ "

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:29
هز هيوغ رأسه : "الاسم غريب قليلا . لكن الفتاة رائعة . اعتقد ان ميغ وسيمون قد يدبران زوجا لها .منتديات روايتي . لقد حان الوقت ليستقر احدكم ويجعلنى " الجد الكبير " .www.rewity.com



وثبت نظرته الفولاذية على حفيديه .



احتج لوغان : "اوه . ارجوك . ليس انت ايضا "samirf



ووضع الكأس الفارغة على طاولة جانبية : منتديات روايتي . " لو عذرتماني , كلاكما ! "



استدار هيوغ ليسأل برايس : "ماذا قلت ؟ "www.rewity.com



لم يبق لوغان قريبا بما يكفى ليسمع الرد , بل سار عبر الغرفة وصول الى جانب دارسى .



سأل لوغان متصلبا : منتديات روايتي . "هل ترقصين ؟ "



كاكانت قد استدارت لتبتسم له وهو يقترب . لكن ابتسامتها تلاشت وهى تستوعب تعبيره الغاضب .www.rewity.com



وسألت : " هل انت واثق من ان هذا ما تريده ؟ "



لا . فما يريده حقا .منتديات روايتي . هو ما يريد ان يفعله كل مرة يرى فيها دارسى ! ان يحملها الى مكان ما ويعانقها . وفى هذا الظرف , كان الرقص معها هو الاقرب الى ذلك .منتديات روايتي . اذن فليكن الرقص .



لكنه غير رأيه : " ربما رقصت بما يكفى لأمسية واحدة , فهل تفضلين الخروج لنتمشى بدلا من الرقص ؟ "www.rewity.com



ربما لن ترغب بذلك . تأوه فى سره وهو يرى الحيرة على وجهها المعبر . هل يرغب حقا فى الخروج ليتمشى مع امرأة تبدو ساخطة اكثر منه ؟ بالتأكيد لا !samirf



اخذ نفسا عميقا مهدئا وقال بخجل : منتديات روايتي . "سأحاول مجددا , دارسى هل يهمك ان نسير فى الخارج لنتنشق الهواء النقي ؟ "



ابتسمت ابتسامتها الخجولة تلك وردت : "شكرا لك لوغان , اجل . اود هذا"www.rewity.com



مد ذراعه لها وخرجا من الابواب الزجاجية التى تقود الى الخارج نحو الحديقة المعطرة بالورود .



تمتمت دارسى حالمة وهي تنظر من فوق الجدار : "أي مكان جميل هذا!"www.rewity.com



لقد كان القصر والارض التابعة له , يسبحان بضوء القمر .منتديات روايتي . وكأن نوره ينعكس على فستانها الفضي الرمادي , ليعطيها ملامح سماوية . ووجد لوغان نفسه مشلولا فى تلك اللحظة .samirf



استدارت دارسي اليه : " ما الأمر ... لوغان ؟ "



تحركت ذراعاه حول خصرها , وانحنى يضمها اليه .www.rewity.com



منتهى السعادة . كانت هذه هى المرة الأولى التي يشعر فيها أنه سعيد .منتديات روايتي . منذ اخر مرة ضمها هكذا .samirf



كانت منسجمة معه تماما . ولم يكن يريد لهذا العناق ان يتوقف . بل اراد ان يستمر فى احتضانها . انتزعت نفسها منه مبتعدة . ووجهها مصدوم تحت نور القمر : " لا ! لا نستطيع فعل هذا يا لوغان "www.rewity.com



وترقرقت الدموع فى عينيها .



شعر بالصدمة للحظة .منتديات روايتي . لقد كان ضائعا تماما فى سعادة عناقها وقربها منه.



قالت مختنقة : "أرجوك . دعنى أذهب "samirf



اشتدت ذراعاه كالفولاذ حولها وهي تحاول التملص . فكررت بصوت باك :منتديات روايتي . " أرجوك ! "



ارتخت قبضته , لكنه لم يتركها . وهمس : "لن أؤذيك يا دارسي . كان يجب أن تعرفي هذا .منتديات روايتي . لن أفعل أبدا ! "www.rewity.com



كانت دوما تقوم بأشياء تستحق انتقامه منها . الا انه لم يتخذ يوما خطوة غاضبة نحوها . حتى تحت ضغط أقصى الاستفزاز .



أصبحت فجأة جامدة بين ذراعيه ,منتديات روايتي . تتعمد ألا تنظر اليه , وقالت بخشونة : " إذن , دعنى أذهب "samirf



تأوه : " لماذا ؟ لا داعى لنعود الى الصالون . يمكن ان ندخل القصر من باب جانبى , منتديات روايتي . ونصعد الى الجناح الخاص بي "



انتزعت نفسها من بين ذراعيه : " لا .. ! "www.rewity.com



واستدارت لتعود الى الداخل واغلقت الباب بهدوء خلفها .



وقف لوغان مذهولا لدقائق طويلة . ماذا فعل ؟ ماذا قال ؟ ماذا .. ؟samirf



استدار بحدة لإحساسه بحركة خلفه , منتديات روايتي . وكانت خيبة أمله قوية لأن برايس وليس دارسي هو من خرج لينضم اليه .www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:31
قال له برايس : "لقد عادت دارسي الى الداخل وهي لا تبدو هادئة كعادتها . لذا فكرت ان من الافضل ان اخرج واتأكد من انها لم ترم بك فى البركة"samirf



لا .. لم تفعل هذا . لكن فى الدقائق القليلة الاخيرة , عرف لوغان انها فعلت شيئا أسوا من هذا بكثير .منتديات روايتي . بل أشد سوءا مما يمكنه ان يحتمل !www.rewity.com



كيف يفعل هذا ؟ كيف يستطيع ان يضمها ؟ بينما المراة الاخرى فرانسيسكا , منتديات روايتي . موجودة فى الصالون مع كل ضيوف حفلة الخطوبة ؟



لطالما كانت تعرف ان لوغان متعجرف منتديات روايتي . . وانه لا يؤمن بالحب , هذا عدا الزواج , لكنها , لم تفكر يوما انه قد يتصرف بمثل هذه الطريقة المتعجرفة . وفى منزل جده ! samirf



ماذا ستفعل الان ؟ لن تستطيع البقاء هنا فيما قد يعود لوغان الى الحفلة فى اى لحظة , وهذا امر مؤكد .منتديات روايتي . ببساطة , لن تستطيع مواجهته بعد وقت قصير مما حدث فى الخارج . لكنها لا تريد ايضا تكدير والدها أو ميغ بالانسحاب باكرا .www.rewity.com



فجأة , جاء هيوغ ماك دونالد لنجدتها . فقد وقف ليعلن أن الوقت يقترب من منتصف الليل , منتديات روايتي . وانه سيرقص اخر رقصة " فالس" مع اجمل امرأة فى الغرفة قبل أن يحين الوقت لذهاب الجميع الى النوم أو الى منازلهم .www.rewity.com



لكن دارسى لم تعد واثقة من انه انقذها ابدا , حين تبين ان خياره وقع عليها كأجمل امراة فى الغرفة . ووجدت نفسها فجأة تتأرجح بين ذراعيه مع بدء الفرقة الموسيقية بالعزف !samirf



تمتم بلطف فى أذنها وهو يديرها على انغام الموسيقى : "ابتسمى , أيتها الفتاة السخيفة . منتديات روايتي . لا تدعى احدا من أسرة ماك دونالد يعرف انه تغلب عليك"www.rewity.com



نظرت دارسى اليه مجفلة : " ماك دونالد .. ؟ لكنك .."



قال هيوغ بغمزة شريرة : "لعل والدة لوغان تزوجت من احد افراد أسرة ماكنزى منتديات روايتي . . لكنه ماك دونالد اكثر من اى شخص اخر . إنه بطئ قليلا مع السيدات . أليس كذلك ؟ "samirf



واطلق ضحكة مرتفعة لتعبيرها المصدوم : "زوجتي رحمها الله , اضطرت لضربي على رأسى بمقلاة لأدرك أننى أحبها ! "www.rewity.com



ضحكت دارسي بصوت منخفض : "اعتقد اننى اود سماع هذه القصة فى يوم ما " منتديات روايتي . لكنها كانت تعرف ان مثل هذه الطريقة لن تنفع مع لوغان .www.rewity.com



وعرفت كذلك ان هيوغ طيب النية فى مزاحه . لكنها سبق وفعلت اشياء فظيعة للوغان . وكل ما نجحت فى فعله , انه دعاها للصعود معه الى جناحه . وهذا بالكاد يكون إعلانا للحب !



قال هيوغ مفكرا : "اوه .. لقد جربت هذا .منتديات روايتي . أليس كذلك ؟ لطالما كان غبيا مع النساء "samirf



وتنهد : " لو كنت أصغر سنا بأربعين سنة لطلبت يدك ! "



ضحكت دارسى مرة أخرى : "لو كنت أصغر بأربعين سنة , لقبلت ! "www.rewity.com



ابتسم هيوغ لها بإعجاب مع توقف الموسيقى عند منتصف الليل تماما . وبدا فى تلك اللحظة شبيها بحفيده الى حد بعيد .samirf



وانحنى يقبل خدها بحرارة .



- سأتطلع شوقا لرؤيتك مجددا وفى وقت قريب .www.rewity.com



فى حفل الزفاف طبعا . بعد أسبوعين . ولكنها لا تتطلع الى الموعد بشوق على اى حال.منتديات روايتي . خاصة بعد المسار الذى اتخذته الامور بينها وبين لوغان . فبعد هذه الليلة ! لن تكون المناسبة مشوقة قطعا !www.rewity.com



لسوء الحظ , كان لوغان أول شخص رأته وهي تستدير لتغادر حلبة الرقص . كان واقفا يحدق فيها بعينين زرقاوين لامعتين , غاضبتين .samirf



قالت ميغ تسترعي انتباه دارسي وهي تمد يدها لتضغط على ذراعها بمحبة :



- أليس أبي رائعا ؟



رددت دارسي : "رائع "www.rewity.com



قالت ميغ بحرارة : "دانيال وانا سنتناول شرابا ساخنا فى المكتبة قبل النوم . منتديات روايتي . هل تنضمين الينا ؟ "



هزت دارسي رأسها : "لقد كانت أمسية رائعة , لكنى أشعر بالتعب قليلا "www.rewity.com



وتحركت لتقبلهما بحرارة : " لماذا لا تسألين لوغان ! يبدو انه بحاجة الى شراب ساخن مهدئ "samirf



ولم تنتظر لترى ما إذا كانا قد قبل اقتراحها واسرعت تخرج من الغرفة . لقد كانت امسية رائعة . منتديات روايتي . بل فظيعة . مثيرة . محطمة للقلب ! أمسية أملت ألا تتكرر.www.rewity.com



ترددت قليلا بعد خروجها الى الردهة الرئيسية . وقد واجهها أربعة سلالم . كل منها يقود الى برج ,منتديات روايتي . فأى واحد هو الذى يقود الى البرج الشمالى ؟ هذا هو السؤال .www.rewity.com



سمعت صوتا ساخرا خلفها : " هل تتأخرين هنا , على أمل ان يظهر برايس ويرافقك الى غرفة نومك ؟ "www.rewity.com



اجفلت دارسى , وقوت نفسها قبل أن تستدير لتواجه لوغان بوجه متحجر . وعينين جافيتين !samirf



ماذا يريد هذا الرجل منها ؟ ماذا يظنها ؟ منتديات روايتي . هل يظن فعلا انها قادرة على التسلل معه الى غرفته فيما صديقته تنتظره ؟



هزت رأسها بحزن : "انا فقط احاول اكتشاف اى سلم يقود الى البرج الشمالى "www.rewity.com



وكان التعب قد نال منها فلم تحاول انكار التهمة الاخرى فى سؤاله . لقد كان برايس لطيفا معها ,منتديات روايتي . لا شئ اكثر , ولن تهين ذلك اللطف بمحاولة الدفاع عن برايس , او عن نفسها .



بدا ان لوغان لم يتأثر .samirf



- فكرى باتجاهات البوصلة دارسى .منتديات روايتي . الشرق , الغرب , الجنوب ..www.rewity.com



واخذ يشير الى الاتجاهات .. فقاطعته : " حسن جدا لوغان . لقد فهمت . اعذرنى ان لم اكن كشافة بارعة "samirf



واستدارت بسرعة قبل أن يرى لوغان الدموع فى عينيها واتجهت الى السلم المقابل .



- دارسى ...www.rewity.com



- لوغان .. انا مسرورة لاننى وجدتك .. كنت ابحث عنك فى كل مكان !



كان من السهل على دارسي ان تتعرف على صوت فرانسيسكا داروبن , وهي تسرع نحو السلم العريض ,منتديات روايتي . وساقاها ترتجفان بحيث لم تعد واثقة من انها ستصل الى غرفتها .www.rewity.com



رد لوغان على المراة الاخرى : " كنت هنا "



وصلت دارسى الى اعلى السلم قبل أن تخذلها ساقاها , واستدارت الى الزاوية لتستند بضعف الى الجدار .منتديات روايتي . . وبدأت دموعها تنهمر .samirf



يجب ان تتحرك . عليها ان تتحرك قبل أن يصعد السلم ويراها . www.rewity.comلكن ساقيها ما عادتا قادرتين على التحرك . لوغان يكرهها !samirf



عادت فرانسيسكا للكلام مجددا : " اردت فقط ان اقول لك ان الامسية كانت رائعة ,منتديات روايتي . وامل ان نتقابل مرة اخرى "



رد لوغان بنفاد صبر واضح : "ربما " www.rewity.com



لم تتوقف دارسى لتسمع المزيد من الحديث , منتديات روايتي . وابتعدت عن الجدار لتسير باضطراب عبر الممر نحو غرفة النوم التي خصصت لها . أضاءت النور ثم اقفلت الباب وراءها .www.rewity.com



لم تفهم . لقد ظنت ان فرانسيسكا داروين جاءت الى هنا مع لوغان . فقد رأتهما معا حين دخلت الصالون ,منتديات روايتي . وفهمت ان هذه المرأة هي صديقة لوغان . لكن ,منتديات روايتي . بعد الحديث الذى سمعته لتوها , يبدو جليا انها كانت مخطئة . واذا لم يأت مع فرانسيسكا . فهو لم يأت الى هنا مع احد .www.rewity.com



إذن . أين هى تلك المرأة , صديقته ؟



لكن , إذا لم يكن هناك امرأة اخرى .منتديات روايتي . . ماذا او من جعله يغير رأيه ؟


( نهاية الفصل الثاني عشر )

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:33
13- الحب يصنع المعجزات




لماذا لاتكف هذه المراة عن الثرثرة وتذهب ؟ .فكر لوغان فى سره مع استمرار فرانسيسكا داروين فى الكلام . ألم تدرك بعد أنه غير مهتم بها ? www.rewity.com
الشئ الوحيد الذى يهتم به هو أن دارسى بدت متكدرة حين تركته منذ دقائق . منتديات روايتي . وعرف انها تكدرت بسبب لؤمه معها , لكن يبدو انه لم يكن قادرا على منع نفسه . لأنه يحبها ..www.rewity.com



الحب . لقد أدرك لحظة ابتعدت عنه فى الحديقة , انه وقع فى حبها منتديات روايتي .. وان حبه لها كان سببا فى تلاشئ كل المعاني من حياته . وهو الذى كان يظن انه لن يشعر بهذا الاحساس نحو أى امرأة .. وهذا ما أرعبه !www.rewity.com



فالحب , كما كان يعتقد , امر مخيف , لأن سعادة الحياة كلها تنحصر فى شخص واحد منتديات روايتي .. لكنه يدرك الان ان الحب يشمل كذلك البهجة , والاحساس بالسرور فى وجود الشخص الاخر , samirfوالسعادة فى كل حركة , فى كل كلمة تقال , والحاجة لحماية الاخر .منتديات روايتي . وللمرة الاولى فى حياته , أحس لوغان بالكمال . وكأنه وجد نصفه الاخر , ودارسي هي ذلك النصف الاخر .www.rewity.com



لم يعرف لوغان شعورا كهذا من قبل . الشوق اليها , ولتلك الابتسامة التي توقف القلب . كم كان يرغب في أن يعبر لدارسي عن مشاعره . لكن إحساسه بالرعب منعه .منتديات روايتي . لأنها لا تحبه .منتديات روايتي .



لقد عرف هذا عندما كانا فى الخارج , فقد أرادت الابتعاد عنه .. ولم تستطع الانتظار لتهرب . فماذا سيفعل الان ؟



تقدم برايس ليتدخل بلباقة فى الحديث .www.rewity.com



- سأرافقك حتى الباب فرانسيسكا .



ونظر الى لوغان نظرة قلق قبل ان يمسك بحزم ذراع فرانسيسكا , منتديات روايتي .ويتحدث اليها وهما يبتعدان .



- لوغان .. ؟www.rewity.com



استدار مذهولا لينظر الى امه . هل أحبت والده بهذه الطريقة التي يحب بها دارسي ؟منتديات روايتي . وهل تحب الان دانيال بالطريقة نفسها ؟ اذا كان الامر كذلك فأقل ما يدين به لها هو الاعتذار عن الطريقة التى عاملها بها , ليس لأشهر فقط بل لسنوات .www.rewity.com



ابتسمت له ميغ بلطف : " دانيال وانا سنشرب شرابا ساخنا فى المكتبة , تعال وانضم الينا " ولم تنتظر رده ,منتديات روايتي . بل دست يدها تحت ذراعه وسار الثلاثة نحو المكتبة .www.rewity.com



كانت النار المشتعلة تعطي وهجا دافئا , لكنها حرارة لم تكن تلامس لوغان.samirf



اكتشافه انه يحب دارسى , وان الحب ليس متبادلا , كان سيئا بما يكفى منتديات روايتي .. فكيف له ان يبدأ بالاعتذار من أمه بعد رفضه هذا مرارا عبر السنوات ؟www.rewity.com



نظرت اليه بقلق : " لوغان .. ؟ "samirf



لم تكن أمه قد رأته بهذه الحالة من قبل , وبدت مترددة . فراحت تنظر بقلق الى دانيال وكلاهما ينظر الى لوغان بارتياب .منتديات روايتي .



كانا على الارجح يتوقعان منه قول شئ او فعل شئ قد يفسد عليهما سعادتهما بهذه الأمسية ,منتديات روايتي . ومن يستطيع لومهما ؟ لقد كان غبيا .. أنانيا وغبيا . وليس له اى حق بأن يملى على هذين الشخصين ما يجب أو ما لا يجب أن يفعلاه فى حياتهما .www.rewity.com



خرجت أنفاسه متحشرجة قبل أن يضع فنجان الشراب الساخن على الطاولة , ويسير ليمد يده الى دانيال ..منتديات روايتي . ويقول بهدوء : "أود أن أقدم لكما , ولو متأخرا , احر التهاني "www.rewity.com



ولم يتأخر الرجل المسن لحظة فى قبول تلك المصالحة الحارة .



استدار لوغان الى امه : " أتمنى ان تكونا سعيدين معا .. أمي "



تقدم لوغان ليحتضن أمه .منتديات روايتي . واحس بارتجاف جسمها وهي تبكي بصوت منخفض . فمرات ومرات, تقربت أمه منه خلال السنوات العشرين الماضية .. وقد صدها مرات ومرات samirf. لكن حبه لدارسي الان ,منتديات روايتي . سمح للحب أن يعود الى قلبه , وعرف انه لم يتوقف أبدا عن حب امه . وانه لن يستطيع ابدا ان يفعل .www.rewity.com



قالت الأم مختنقة : " لقد جعلتنى سعيدة يا لوغان "



واحاطت وجهه بيدها وهي ترفع نفسها لتقبل خديه .



وشجعها بصوت أجش : منتديات روايتي ." كونا سعيدين معا .. همم ؟ "www.rewity.com



رفعت الام نظرها اليه متفحصة : " وأنت .. ؟ هل انت سعيد ؟ "



رد بخشونة : " إذا لم أكن سعيدا , فلا ألوم سوي نفسى "



لقد أختار ان يعيش بالطريقة التي عاشها ,منتديات روايتي . وقسي قلبه ضد الحب . ولن يلوم احدا سواه إذا ما وجد نفسه الان وحيدا .www.rewity.com



- دارسي ...



قاطع لوغان ملاحظة دانيال المترددة : " شابة جميلة وفاتنة "



والتقى بنظرة الرجل المسن مباشرة .www.rewity.com



هل يعرف دانيال ؟ هل فضح لوغان نفسه بطريقة ما ؟ هل كانت مشاعره نحو دارسي واضحة للجميع ما عداه ؟ منتديات روايتي .هل تعرف دارسي ؟www.rewity.com



أضاف بصراحة : " انها موضع فخر لك دانيال "



وأحس بالخوف لفكرة ان تعرف دارسي كيف يشعر نحوها . هل كان هذا هو سبب هروبها منه ؟www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:35
وضع دانيال ذراعه حول كتفي ميغ وقال بمحبة : " لم أكن واثقا من هذا حين رمت عليك البيض المخفوق "samirf



هز لوغان كتفيه : " كنت استحق هذا على الارجح .منتديات روايتي . على الأقل كانت هي صادقة فى مشاعرها "www.rewity.com



وهذا أمر لم يكنه منذ وقت طويل .. أو لم يحن الوقت ليكون صادقا تماما فى مشاعره . مهما كانت الكلفة علي كبرياؤه ؟



استقام فى وقفته قائلا : "إذا كنتما لا تمانعان , سأترككما لوحدكما الان . ما هذه السخافة . طبعا لن تمانعا "www.rewity.com



وهز رأسه لسخافته , وأضاف : " اعتن بامي يا دانيال "



اشتدت ذراع دانيال حول كتفي ميغ : منتديات روايتي ."اعتمد علي في هذا "samirf



لزمه بضع دقائق فقط ليعرف ما أراد أن يقوله , فراح يشق طريقه الى الطابق العلوى .منتديات روايتي . لكنه لم يتلق ردا حين طرق باب غرفة دارسي . لابد أنها نامت .www.rewity.com



عليه أن ينتظر حتى الصباح ليتمكن من قول ما يريده , لم لا ؟ لقد انتظر خمس وثلاثون سنة . وليلة سهاد اخرى لن تقتله ! او على الأقل هذا ما أمله ! ليلة دون نوم هي على الأقل ما يجب أن يتوقعه .منتديات روايتي . وكل ما أمله هو ألا يفقد أعصابه فى ليلة واحدة !www.rewity.com



تلقى صدمة حياته حين رأى دارسي تسير فى الممر باتجاهه . لم تكن مستكينة فى الفراش أبدا . بل لاتزال مرتدية ذلك الفستان الرمادي الضيق.samirf



وبدت مصدومة حين رفعت نظرها ورأته ! لو تجرأ .. لو قام بتعليق واحد عن سبب وجودها هنا .www.rewity.com



حياها بخفة : " دارسي .منتديات روايتي . هل ضعت مجددا ؟ "



ولم يبد فظا او ساخرا .samirf



لكن هذا لا يضمن لها , منتديات روايتي .انه لن يكون فظا ساخرا .. أنه .



عرض عليها بلطف : " هل ترغبين فى أن أرشدك الى غرفة نومك ؟"www.rewity.com



تابعت دارسي النظر اليه بحذر : " آه . فى الواقع . انا .. ابى وامك دعياني لشرب شراب ساخن معهما فى المكتبة . وعندما لم أتمكن من النوم , فكرت فى أن أنضم اليهما على اي حال "



هز لوغان رأسه : " لقد تركتهما لتوي . انا .منتديات روايتي .. أعتقد , انهما على الارجح يودان البقاء لوحدهما قليلا "www.rewity.com



وتصاعد احمرار الحرج الى خديها : "بالطبع .. هذا سخف مني "



قال متفرسا : " ما رأيك بالانضمام الى في غرفة الجلوس لشراب ساخن ؟منتديات روايتي . ارغب فى الكلام معك علي أي حال "www.rewity.com



عاد اليها تشوشها مضاعفا .منتديات روايتي . كانت تشعر أنها مدينة للوغان بتفسير لتصرفها فى الحديقة بعد أن ادركت سوء فهمها فيما يتعلق بفرانسيسكا . فراحت تبحث عنه لتعتذر وهي تعرف انها لن تستطيع النوم اذا لم تفعل .منتديات روايتي .. وبعد أن سألت احدي الخادمات عن غرفته . كان ارتياحها كبيرا حين دقت على الباب . ولم يرد عليها , وقد عرفت انه كان فى الطابق الارضى مع ابيها وميغ .www.rewity.com



لكن , ألم تزل مدينه له بالتفسير ؟



تقبلت دعوته بارتباك : "شكرا لك "



ورافقته نزولا على السلم .www.rewity.com



كانت غرفة جلوس العائلة أقل رسمية من الغرف التى رأتها حتى الان, نار دافئة فى الموقد , وأثاث قديم مريح ,منتديات روايتي . وكتب ومجلات متروكة هنا وهناك , وصورعائلية فى كل مكان . ما من شك أن بعضها للوغان حين كان صبيا , وتمنت دارسي بشوق أن تتقدم وتنظر إليها .www.rewity.com



مد لوغان كوب كاكاو ساخن : " هاك "



أخذت منه الكوب , واحتست الشراب الساخن ,منتديات روايتي . لتستمد الشجاعة من حرارته ..www.rewity.com



- لوغان .



- دعينا نجلس ..samirf



وأشار الى كنبة خلفهما . وانتظر الى ان جلست قبل أن يجلس إلى جانبها .www.rewity.com



على الفور ارتبكت دارسي مجددا . منتديات روايتي .قربها من لوغان فى اى وقت كان بمثابة عذاب لها . لكن وجوده فى هذا المزاج الغريب أصعب من أن تحتمله .www.rewity.com



أخذ ينظر إلى السائل الحار بين يديه ,منتديات روايتي . وقال بصوت منخفض : " أعتقد أنك ستسرين إذا علمت أننى تصالحت مع أمي "



سألت بتأثر : " حقا ؟ "www.rewity.com



وقفزت الدموع إلى عينيها : " اوه ... لوغان .. هذا رائع ! "



وكانت تعنى ما تقول . مع أن لوغان لن يقدر لها هذا .منتديات روايتي . لكنها تعرف انه من الافضل له الا يكون هناك أي ارتباط فى حياته .samirf



هز رأسه ونظر اليها بعينين ملتهبتين : " والان ارغب في ان أتصالح معك "www.rewity.com



تراجعت دارسي فى المقعد قليلا : " معى .. ؟ "



هز رأسه ثانية وتنهد : منتديات روايتي ." اذا كنت قد اخفتك او كدرتك سابقا حين كنا فى الخارج "www.rewity.com



احتجت : " اوه .. لكنك لم تفعل هذا "



اخر ما احست به بين ذراعيه هو الخوف !www.rewity.com



بدا مرتبكا : " حقا , على اى حال , منتديات روايتي .واضح اننى فعلت شيئا خاطئا . واعتذر لهذا . اخر ما يمكن ان افكر فيه هو اخافتك او تكديرك "www.rewity.com



فجأة سمعت دارسي صوت الساعة الكبيرة القديمة خلفهما , واحست بصمت القصر بعد ضجة الحفلة الصاخبة . وادركت كذلك ان اي كلام مهما يكن , منتديات روايتي .يجب أن يأتى الان منها .samirf



عضت على شفتها من الداخل : " انت لم تفعل اي شئ لوغان .. انا .. انا ظننت ان فرانسيسكا داروين كانت . اعتقدت انها ستبقى هنا فى القصر .. معك ! "www.rewity.com



نظر لوغان اليها بتساؤل ثم قال ببطء : " ولماذا بحق الله تظنين هذا ؟ "www.rewity.com



وقفت دارسى , وتحركت مبتعدة عنه .منتديات روايتي . لم تكن قادرة على التفكير وهي جالسة إلى جانبه !samirf



- كانت معك حين انضممت انا وبرايس اليكما . وجلست الى جوارك للعشاء .منتديات روايتي . وجعلتك تغير رأيك حول ان تكون شاهدا على الزواج بعد الغداء ذلك اليوم !www.rewity.com



بدا لوغان وكأنه يحاول فهم ما تقوله .



وتابعت دارسي بإحباط : منتديات روايتي ." كان واضحا لي ان من تناولت الغداء معه منذ عشرة أيام قد دفعك الى تغيير رأيك "



مط شفتيه : " انت محقة . لقد فعل . واعتقدت انه امرأة ؟ "



- بالطبع كانت ..www.rewity.com



ونظرت اليه مترددة : " ألم تكن امرأة ؟ "



هز لوغان رأسه , وقال معترفا : " كان فيرغوس . ولو ان من غير رأيى فعلا هو امرأة "www.rewity.com



تنهدت دارسي بثقل : " هذا ما ظننته "



وضع لوغان كوبه من يده ووقف على بعد خطوات منها ,منتديات روايتي . وقال لها بصوت اجش : " تلك المراة كانت انت .. دارسي "



اتسعت عيناها : " انا ؟ لكن .. "www.rewity.com



تنهد : " فيرغوس وبرايس سيحضران العرس . وكلاهما جذاب وعابث من الطراز الاول .منتديات روايتي .. وانت .. "samirf



كتمت أنفاسها , راغبة فى ان يكمل , وحين لم يفعل , حثته : " وماذا لوغان ؟ "www.rewity.com



اخذ نفسا عميقا : " دارسي . ماذا كنت تفعلين حقا وانت تتجولين فى البرج الان ؟ "samirf



اعترفت : " ابحث عنك . لقد سمعت فرانسيسكا تتحدث اليك وهي تغادر , وادركت اي غلطة فظيعة ارتكبتها .. منتديات روايتي .وانا .. احتجت ان اقول لك هذا "www.rewity.com



- أنا أخطي معك دائما



- لماذا ؟



- لانك ..www.rewity.com



قالت : "لأننى ! لأننى ماذا لوغان ؟ "



بدا أنه يعيش معركة داخلية مع نفسه .. اخيرا تنهد بعمق قبل أن يبتسم لها : " انت ذكية , مرحة ,منتديات روايتي . جميلة , فاتنة , مثيرة. ."



- لوغان ..www.rewity.com



أنهىك لامه : " لقد قررت ان احضر الزواج . كي لا يأخذ مني أحد هذين النذلين الجذابين المرأة التى أحبها ! "samirf



حدقت دارسي فيه ,منتديات روايتي . وهي تبتلع ريقها بتشنج , واثقة من انها لا يمكن ان تكون قد سمعته بشكل صحيح . لوغان يحبها ؟ لكنه لا يؤمن بالحب .. لقد سبق ان قال لها هذا .www.rewity.com



استدرك بألم : " انا صدمتك فعلا"



ترددت : " لم أصدم . أنا .منتديات روايتي .. أنت حقا تحبنى ؟ "



وشعرت أن قلبها يكاد ينفجر داخل صدرها .www.rewity.com



اكد لها : " انا احبك حقا . ولا استطيع تصور أي شئ أكثر روعة من السير منتديات روايتي . وانت الى جانبى لما تبقى من حياتى , وان تكوني معي لنتحدث , لنضحك , لنبكي معا , منتديات روايتي .اذا كان هذا ضروريا .. ولن امانع ابدا لو احسست أحيانا برغبة فى رمي البيض علي "samirf



كانت دارسي لا تزال تحملق فيه غير مصدقة : " أنا .. هل تعرف ان جدتك ضربت جدك على رأسه بمقلاة لتجعله يدرك أنه يحبها ؟ "www.rewity.com



بدا مذهولا : "جدتي الحلوة المهذبة , فعلت هذا ؟ "



هزت دارسي رأسها : "منتديات روايتي . على ما يبدو "



- وهل نجحت .. ؟ واضح أنها نجحت . لقد بقيا سعيدين معا لأكثر من خمسين سنة .www.rewity.com

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:37
ورفع نظره اليها بحدة : " دارسي .. اتحاولين ان تقولي لي ., وبأسلوبك الفريد من نوعه , منتديات روايتي .إنك فعلت تلك الاشياء لأنك تحبيننى ؟ "www.rewity.com



خطت الى الامام نحوه , واصبحت على بعد إنشات منه .. وقالت بصوت مرتجف : "لوغان ماكنزي ..منتديات روايتي . أنا أحبك كثيرا "



رد بخجل وهو يمد يده ليمسك كتفيها : " دارسي سيمون .. وانا أحبك كثيرا كذلك .. هل تتزوجيني ؟ "www.rewity.com



اخذت نفسا عميقا : " الزواج لوغان ؟ الا تريد ان تعتاد على فكرة الحب اولا ؟ "samirf



وكانت محاولة للمزاح ,منتديات روايتي . ولو ان صوتها تكسر لشدة العاطفة .



قال بتأكيد : " لا .. لا أريد أبدا ان اعتاد على هذا الشعور . انه رائع .. مبهج "www.rewity.com



واشتدت يداه على ذراعيها وهو ينحني ليعانقها بلطف .. ومن ثم بشوق شديد .samirf



لم يعد لدي دارسي فكرة كم من الوقت بقيا بين ذراعي بعضهما .. وكان هذا رائعا !www.rewity.com



أخيرا اعترف لوغان : " اعتقد اننى وقعت فى حبك منذ اليوم الأول "samirf



ردت دارسي وهي تريح رأسها علي صدره : " لا أصدق هذا . لقد بكيت على قميصك وبدوت من دون ترتيب "www.rewity.com



ضحك لوغان : " دموعك هى التى جعلتنى اشعر بك كإنسانة دارسي , اما ابتسامتك ..منتديات روايتي . فقد خطفت أنفاسي .. هل تتزوجينني ؟ "



أجابت : " اجل "www.rewity.com



ولم تعد قادرة على تصور اى شئ اكثر روعة من ان تكون مع لوغان لبقية حياتهما .samirf



حثها متشوقا : " قريبا ؟ "



ردت : " قريبا جدا "www.rewity.com



وعرفت انها لا ترغب في اي شئ اكثر من ان تكون لهذا الرجل لما تبقى من حياتها ,منتديات روايتي . وقالت بصوت منخفض : " ما زلت لا أصدق هذا يا لوغان "www.rewity.com



دفنت وجهها فى قميصه : " أعدك بألا أركلك ابدا أو أرمي البيض المخفوق عليك ثانية "www.rewity.com



ضحك لوغان : " لا تعدي بأشياء لن تتمكنى من الوفاء بها يا حبي , فأنا واثق من أننى سأفعل احيانا أشياء تزعجك ..منتديات روايتي . أنا أحب غموضك دارسي . فى الواقع . أنا أتوقع ان تمنحينى توأما . أو حتى ثلاثة , فى يوم ما كنوع من المقاومة ! "samirf



يا لها من فكرة رائعة !www.rewity.com



فى الواقع ,منتديات روايتي . يعد المستقبل مع لوغان بأن يكون مليئا بالأحداث الرائعة !




( تمت بحمد الله )
قامت بكتابتها الاخت...samirf




تمنياتي لكم باستمتاع دائم....


مع حبي......

¤حبيتكم فجيتكم¤
03-10-2009, 03:47
.. عدت من جديد ..


حبيت انوه انو الاجزاء اللي قمت بتنزيلها تم اقتباسها من منتدى آخر ومن زميلة اخرى..
يعطيها العافيه يارب..


اما الاجزاء الاولى قام بكتابتها باقي زميلاتي في المنتدى ..

يعطيهم العافيه والصحه يارب..

ويوفقهم في حياتهم وجميع من قرأ..





مع حبي......

الغصن الوحيد
03-10-2009, 06:27
يعطيك العافية حبيبتي على الجهد الطيب لرواية الغجريه

dodi j
03-10-2009, 13:03
رواية رائعة يعطيكم العافية

قيد الوافي
04-10-2009, 08:33
مرحبا بحر الغمووض حبيت اقولك الف شكر وترى الروايه تحملت معي ويعطيك العافيه ياعسل


اختك /قيد الوافيه

وتقبلي مروري

الغصن الوحيد
04-10-2009, 08:43
روعه ومتعه وناسه جنان اللي تبون هاذي الروايه تجنن(مصارع الثيران) انا من زمان ادور عليها فيعطيك الف عافيه ياعمري تسلمين على الجهد الطيب

@ NESREEN @
05-10-2009, 04:07
السلام عليكم صباااايا

كل عام وانتم بالف خير .
ع البركة نزول الروايات الجديدة ...
وتسلم ايد من كتب ونزل... والذاااات ماري ..
تحياتي لكم ....

وانتظروا روايتي الجديدة ...
خطيبة للإيجار

تحياتي ..

الغصن الوحيد
05-10-2009, 05:30
تسلم يمينك على الروائع ماهي رائعه بل روائع تجنن يعطيك الف عافيه على رواية (اسكني قلبي)

dodi j
05-10-2009, 08:44
.. بإنتظار الرواية شكلها حلوة ... واسمها حلوو ..

ماري-أنطوانيت
05-10-2009, 13:54
http://www.hotagri.com/data/media/73/33.gif (http://www.hotagri.com)

يسلمووووو حبيباتي

~*~ جين اوستن ~*~

~*~ نايت سونج ~*~

~*~ NESREEN ~*~

~*~ حبيتكم فجيتكم ~*~

سلمت الايايدي ^__^

نايت سونغ
05-10-2009, 15:52
مشكورين ع الروايه استنى تكتمل واقراها مااحب اتشقق من الحماس :p

ههههه يعطيكم العافيه ماري,نايت سونع ^^ ع الاجزاء الي نزلتوها ..

تحيآتي/بحر الغموض~


العفوووو يا البي انتي المشكوره علي التشجيع

و سلامتك من التشقق :d هههههههه

الله يعافيكي يا ئمر ::سعادة::

نايت سونغ
05-10-2009, 16:00
مشكوره بحر الغموض على الروايه الرائعه
ماري انطوانيت الروايه من البدايه مشوقه يعطيك العافيه انتي ونايت سونغ و جين اوستن
وبنتظار التكمله




اهلييين النور

الله يعافيكي يا عسل

انشالله تكون عجبتك الرواية

نورتينا ::سعادة::

نايت سونغ
05-10-2009, 16:07
هلااااااا ماااااااري

يسلمك ربي

نحنا يلي تعبناكي معنا ههههه

::سعادة::


@ nesreen @ تسلم ايدكي انتي كمان و ناطرين

روايتك ما تتأخري علينا ههههههه ::جيد::

@ NESREEN @
06-10-2009, 01:02
هلا مااري
ولو حبيبتي ماعملناشئ قدااام جهودك الجبارة
مرحبا نايت ...

الليلة او بكرة بالكتير
راح انزلها ...
وتسلمين ياقمر

مرام مجدي
06-10-2009, 02:57
السلام عليكم
وحشتووووووووووووووووني ووحشني مشروعكم المميز وروح التعاون الحلوه
تمنياتي لكم بالاستمراريه
والى الامام

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:23
(خطيـبـة بالإيـجـار)


(208)

ليندساي آرمسترونج
روايات أحلام الجديدة

الملخص

قال ليتون ديكستر :
- لا فتاة تود ان تكون أعلى خوخة على الشجرة بحيث لا يصل اليها احد ...

ودت فيفيان لو توجه لكمة الى وجهه الوسيم لتبرهن لهذا
الرجل المغرور ان قوله لا ينطبق عليها ..

لكن مفاجآت ليتون لم تنته بعد :
- اذا اردت انقاذ شركتك من الافلاس , عليك ان تلعبي دور خطيبتي لمدة اسبوع ..
ظن ليتون انه يستطيع الوصول اليها بهذه الطريقة ,

ولكن فيفيان ستثبت له انه لن يصل إلا الى المتاعب ...

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:25
>

1- لقاء الماء بالنار !

قال ليتون ديكستر :
- ما من فتاة تود ان تكون أعلى خوخة على الشجرة بحيث لا يصل اليها احد ...

اخذت فيفيان فلوري نفسا حذرا , لتخفي بذلك رغبتها في القيام بردة فعل عنيفة كأن تسدد لكمة الى فكه الجميل .
كان ليتون رجلا جذابا , بعينين شديدتي الزرقة , وشعر قاتم اللون واسنان ناصعة البياض , وقد تميز بابتسامة ساحرة هي مزيج من المكر والتكاسل .

ارتدى بنطلونا كاكي اللون وقميصا بمربعات كحلية وقرمزية وسترة من التويد وان توقعت ان يرتدي ملابس اكثر تكلفا وأنقا , تليق برئيس شركة كلوفر التي تنتج الكثير من الكماليات.
ان أي رجل يخضعها لمثل هذا الفحص الدقيق , انما يجر على نفسه بالكراهية والدمار . لكن المشكلة الوحيدة هي انها ليست في وضع يسمح لها بالتشاجر مع هذا الرجل .

كانت قدرة شركة كلوفر جلية في هذا المكتب فلم يكن يتميز بالمناظر الرائعه التي يطل عليها وحسل , انما كان تحفة ثمينة لا تضاهي بجمال زخارفه ويكوره البديع ,
من الستائر المخملية السميكة الزرقاء والسجادة البيضاء , واللوحات الزيتيه الفائقة الجمال , الى المكتب الفخم ذي السطح الزجاجي والذي لا يعلوه سوى جهاز واحد ومفكرة مكتب وبعض الصور الفوتوغرافية التي كانت قد احضرتها .

وهكذا تظاهرت بعدم الاكتراث لنظراته التي راحت تنتقل متمهلة بين وجهها وشعرها المجعد الكثيف الذهبي , وقوامها الرشيق في ثوبها الفيروزي الحريري وساقيها في الجوربين الشفافين . اما ما اغاظها في كل هذا فهو انها حافية القدمين ولسبب مزعج مقلق.

كانت قد خلعت حذائها في المصعد المكسو بالسجاد وهي متوجهة الى مكتب ليتون اذ ارادت ان تريحهما قليلا لشدة ما آلماها . ولكن المصعد توقف فجأة بعد انقطاع التيار الكهربائي فتملكها الذعر , وهكذا عندما عاد التيار مجددا وتوقف المصعد عند الطابق الذي تقصده وفتح ابوابه اندفعت الى الخارج وهي ترتجف خوفا وارتياحا .. من دون ان تنتبه الى انها حافية القدمين فيما تابع المصعد تحركه .

راحت تضغط مذعورة على الازرار فتوقفت عندها ثلاثة مصاعد انما لم يكن بينها ذاك المنشود . وادركت ان حذائها الفيروزي الجميل الذي يناسب ثوبها تماما , رغم انه غير مريح لا يزال يصعد ويهبط بين الطوابق .

كانت لا تحسد على موقفها وهي تتوجه نحو موظفة الاستقبال لتشرح لها قصة الحذاء بعد ان تأخرت على موعدها , ثم وهي تسير الى موعدها حافية القدمين , وقد احست وكانها في جهنم , لتشرح قصتها من جديد وانما هذه المرة .. لرجل .

دفعته قصتها الى توجيه ابتسامته الماكرة اليها , فوجدت نفسها تتساءل عما يفكر فيه ويخفيه وراء ابتسامتها ايحسبها شقراء تحب لفت الانظار ؟

سألها ليتون وهو يربت على الصور الموجوده على مكتبه :
- الا توحي لك هذه الصور بالتمثال , يا آنسة فلوري ؟

فقطبت جبينها وقالت معترفة :
- لا , نعم , اسمع ... لم يخطر هذا ببالي قط . كما انني لم افهم تماما ما عنيته بكلامك عن الفتيات والخوخة في اعلى الشجرة ياسيد ديكستر . ولكن صدقني , جوليانا جونز مسرورة لاحتمال اختيارها عارضة اساسية للشركة .

ثم سكتت وانحنت فوق المكتب لتدير الصور نحوها :
- اتبدو غير سعيدة برأيك ؟

- لا . لكنها تبدو لي متيبسة بعض الشيء اذا ادركت ما اعني . العينان رائعتان ولكن ينقصهما بريق الانوثة .

لم تستطع فيفيان ان تمنع ردها السريع والساخر :
- هذا لأن احدا لم يصل اليها شعرها رائع صدقني ان الفتيات كلهن يتمنين لو يتملكن شعرا مثله.
اضافت جملتها الاخيرة بسرعة لتغطي التلميح الذي تضمنه كلامها .

اخذ ليون يتأمل مطولا شعر جوليانا الاسود الامع المنسدل على كتفيها , ثم رفع نحوها تلك الابتسامة الماكرة واخذ يتفحصها مجددا .
هذه المرة لم تتمكن فيفيان من ضبط نفسها فتملكها شعور بالانزعاج وعلا الاحمرار وجهها . ولعل شعورها هذا ناجم عن عينيه الكسولتين واليقظتين اللتين بدتا وكانهما تسيران اغوار نفسها .

ثم هز كتفيه ببساطة وقال :
- اظن ان فكرة استغلال شعرك انت في الاعلانات افضل يا آنسة فلوري وفي الحقيقة اظنك ستنجحين كعارضة اساسية للشركة .

- هل لأني ابدو وكأن احدهم وصل اليّ؟

حملت عينا فيفيان غضبا صادقا وعارما . ليس بسبب تلميحه وحسب بل لأنها كرهت ان يفكر بها بهذه الطريقة .
- يا سيد ديكستر ...

عندها قرع باب المكتب بخفه ثم فتح ليطل منه رأس موظفة الاستقبال :
- آسفة , ولكن بالنسبة لحذائك يا انسة فلوري ...

فالتفتت فيفيان اليها بلهفة :
- هل وجدته ؟

-كلا للأسف . لقد فتش الحارس المصاعد كلها , وسأل كافة المكاتب الموجوده في البناية لكن يبدو ان احدا لم يره .

فردت فيفيان غير مصدقة :
- هناك من اخذه اذن . كيف يمكن لأحدهم ان يفعل هذا؟ آه ارجو ان يؤلم الحذاء قدمه التي اخذته كما آلم قدمي .

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:28
تدخل ليتون برزانه بالغة مصطنعه قائلا :
- من يسمع كلامك يظن انك تشعرين بالارتياح لتخلصك من ذاك الحذاء
فالتفتت اليه تواجهه:
- انك بالغ الذكاء , يا سيد ديكستر . لكن المشكلة الاساسية هي كيف سأنتقل حافية القدمين ؟ يفترض انك فكرت في الامر .

- ان كانت سيارتك في الموقف تحت الارض فما عليك الا ان تقفزي من المصعد اليها .

- لم احضر بالسيارة, بل جئت بالقطار ومن ثم استقليت سيارة اجرة .

رفع حاجبيه وكأن تصرفها هذا بدا له سخيفا وصعب الفهم . فما كان منها الا ان صرت على اسنانها وقالت :
- ان الطريق الرئيسي بين بريسبن وشاطئ الذهب غارق في الفوضى هذه الايام لأنهم يوسعونه . ولم أشأ ان اتأخر عن الموعد اذا قطعوه , لهذا كان القطار الخيار الافضل . وفي الواقع كانت الرحلة في القطار مريحة جديا .

قالت موظفة الاستقبال وهي تنظر الى ليتون :
- هل لي ان ادلي برأيي ؟

اومأ لها برأسه فأضافت :
- بما ان احدهم سرق حذائك يمكنني ان ارسل احدى الفتيات لتشتري لك حذاء اخر يا آنسة فلوري .

فقال ليتون :
- فكرة نيرة يا سيدة هاربر . افعلي ذلك في الحال . و.. سندفع نحن ثمنه .

ثم نظر الى فيفيان التي قالت :
- بإمكاني ان ادفع ثمن حذاء ...

فرد بحزم :
- لا لا . مادام سرق في هذا المبنى فنحن المسؤولون. ماهو مقاس حذائك ؟

- 6 ونصف... ولكن اسمع ...

نهض واقفا ودار حول المكتب لينظر الى قدمي فيفيان :
- أي لون تقترحين ياسيدة هايبر ؟

- بيج فحقيبة يدها بيج . واقترح الا يكون بكعب عال . هل كانت هذه مشكلة حذائك يا انسة فلوري ؟

اخذت فيفيان نفسا عميقا وانفجرت فجأة ضاحكة :
- لا اتذكر يوما اسوأ من هذا اليوم . شكرا لكما لكنني اصر على دفع ثمن الحذاء فأنا من تركته في المصعد .

مدت يدها الى حقيبتها فقالت المراة الاخرى وهي تخرج :
- لن اخذ النقود مادام السيد لم يغير رأيه .

عاد ليتون الى مقعده ثم شبك يديه واسند اليهما ذقنه .. اما فيفيان فأغلقت حقيبتها ووضعتها على الارض وعادت تركز على العمل . تذكرت وكالة والاعلانات حيث تعمل
والفائدة التي سيجنونها ان هم حصلوا على اعلانات الشامبو في شركة كلوفر .

عادت تتأمل الصور الفوتوغرافية وتقاطيع وجه جوليانا الناعمة الجميلة . ثم قالت بجدية :
- حسنا , لعل رأي الرجال في النساء مختلف , ولكن قد يدهشك ان تعلم ان النساء يلبسن من اجل النساء الاخريات غالبا . وهن اللاتي يشترين الشامبو الذي تنتجونه. وقد عرفنا الآن ما يدور في ذهنك , يمكننا تنفيذ الاعلان بطريقة مختلفة بعض الشيء. يمكن ان نصور فيلما دعائيا فرحا بدل ذلك الجدي .

- لا اظنك تتحدثين عن نفسك على أي حال ؟

فتحت فمها لتطلب منه الا يعود الى هذا الموضوع مجددا لكنها عادت واطبقته ثم قالت :
- لم اعمل كفتاة اعلانات من قبل ولهذا قد ابدو اكثر تيبسا من جوليانا وان لم تكن تبدو متيبسة حقا . كما ان ها قد يجرحها ... .
وسكتت فجأة وقد اعتراها الاضطراب .

لم لا تجربين ذلك ؟

فمالت برأسها جانبا وقال مقبطة :
- انت غير جاد طبعا .

- على العكس .

-لماذا ؟

فأجاب ببساطه:
- احب هذا النوع من الجمال , بالمناسبة, هل تقبلين دعوتي لتناول الغداء ؟ بعد ان يشتروا لك حذاء بالطبع .

احست فيفيان بدوار لهذا المنحنى المفاجئ الذي اخذته الامور .

لاحظ ليتون وقع كلماته عليها وضحك في سره. تأملها فرأى امراة لا يكاد طولها يتجاوز الـ155سم هي كتلة من الحيوية البالغة تتدفق من جسد رشيق .
هل هذا ما دفعه للاستشهاد بذاك المثل الشعبي عن الفتيات والخوخ , الذي قرأة صدفة عند الصباح؟ ولعله قاله لكي يثيرها . واذ بتلك العبارة التي استشهد بها تفقد لسوء الحظ , تلك الفتاة المجهولة , جوليانا جونز وظيفتها .. فهي تبدو كلوح من الخشب مقارنة مع هذه الفتاة وتبا لذلك !

قاطعت فيفيان افكاره المحيطه , بسؤاله :
- الغداء ...اين ؟

- في الجهة المقابلة مطعم يتيميز بطعام لذيذ وخدمة ممتازة لدي عرض لك يا آنسة فلوري .

طرفت فيفيان بجفنيها وسألت بسرعه :
- اهو عمل , ام .... ؟
سكتت فجاة لكن ما عنته كان واضحا .

فقال ساخرا :
-عمل طبعا .

رفضت ان تحمر خجلا وردت عليه متمتمه :
- المعذرة لكن لا يمكن للمرء ان يتنبأ بنوايا الرجال .

فقال بجد :
- هذا صحيح .

وسادت لحظة صمت عادت لتقول من بعدها .
- انت تسخر مني منذ وطأت قدمي هذا المكتب ولا بأس . قد ابدو مضحكة ولكن هذا يكفي .

طرق الباب فلم يضطر ليتون الى الجواب , ودخلت السيدة هابر تحمل 3 علب احذية :
- قصدت بنفسي متجر الاحذية واحضرت هذه لتختاري من بينها يا آنسة فلوري .

كتمت فيفيان اشمئزازها من ليتون واخذت تجرب الاحذية .
قالت لها المرأة :
- امشي قليلا , قبل ان تقرري ما تختارينه ... شخصيا افضل الحذاء الذي تنتعلينه الآن فهو انيق وعملي ايضا . ما رايك يا سيد ديكستر ؟

- شخصيا , اعجبني الثاني . ربما ليس عمليا جدا لأنه مفتوح من الخلف لكنه يناسب قدميها .

وقفت فيفيان وسط مكتبه ووضعت يديها على وركيها ثم راحت تتساءل عما اذا كانت في مستشفى للمجانين.

فقد اتكأ الى كرسيه وعاد يتأملها وكانهما وحيدان في الغرفة فيما هي تستعرض نفسها وكانها امراة جديدة سيضمها الى حريمه .
ولم تزعجها نظراته وحدها وانما محاولاته لجعلها تعي جمالها في ثوبها الفيروزي الحريري . كانت تحب هذا الثوب للغاية .

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:31
ليس للونه فحسب بل لتفصيله اذ لم يكن فاضحا انما بسيطا انيقا ومناسبا جدا للعمل . فكيف يمكن لثوب اعتادت ان ترتديه ان يجعلها تنتبه لتناسق جسمها ؟
لكن لم يكن الثوب هو السبب بل ليتون نفسه وطريقته في النظر اليها مما زاد الطين بله انه بدا خبيرا في النساء , يحيث يمكنه ان يطلق عليهن حكما صحيحا وتملكها الرعب وهي تتخيل نفسها وقد اصبحت واحدة في نسائه .

قالت بحزم وهي تشير الى الحذاء الذي كانت تنتعله :
- سأخذ هذا الحذاء ياسيدة هاربر فهو .. انه مريح قدمي اكثر من الحذائين الاخرين .

ثم رمقت ليتون بنظرة انتصار واضافت :
- اشكرك كثيرا فقد ازعجتك لكنني اصر على دفع ثمنه .

فردت المرأة وهي تضع الحذائين الاخرين في علبتهما:
- حسنا , سأدعك تنهين الامر مع السيد ديكستر علما ان ثمنه قد دفع .سأعيد هذين الى المتجر في الحال .

جلست فيفيان ومدت يدها الى حقيبتها , قائلة :
- ان السعر مدون على العلبة لذا ...

واخذت من حافظة النقود المبلغ المطلوب , ثم وضعته على المكتب ولكن الهاتف رن واستغرق الاتصال 5 دقائق تقريبا فأخذت في هذه الاثناء تتململ وتتحسس النقود .

وعندما انتهت الكالمة , وقبل ان يتمكن من الكلام , قرعت السيدة هاربر الباب مجددا بدت عليها خيبة الامل حين دخلت وهي تحمل بين يديها حذاء فيروزي اللون وتقول باضطراب :
- اخذه شخص من المصعد لكن لم يكن لديه الوقت الكافي لتسليمه للحارس قبل الآن , وكنت انا قد اعدت الحذائين الى المتجر .

اغمضت فيفيان عينيها وقالت:
- انا احتاج الى شراب .

- فلنخرج لتناول الغداء اذن .





فتحت عينيها ونظرت اليه بحذر :
- لم اقل هذا .

- يجب ان نناقش العرض .

ترددت للحظة ثم هزت كتفيها حين تذكرت هدف زيارتها الحقيقي . عليها ان تنجح في اقناعه بتكليفها بحملة اعلانات شامبو شركة كلوفر .
******
لم تكن منطقة ايفنديل الصناعية منطقة واسعه انما نجد فيها بعض الحدائق والساحات ومطاعم صغيرة تتألق بألوان زاهية . ولاحظت فيفيان انها منطقة حيوية للغاية يجري في الجهة الغربية منها نهر نيرنغ .

كما تمتد في الجهة المقابلة مباني ساحل الذهب ومنطقة البنوك والحدائق العامة فضلا عن مركز للفنون والمسرح .

اختار ليتون مطعما محاطا بشجيرات قصيرة يضج بالحياة والالوان الزاهية , تفوح منه رائحة الطعام الشهية . اصطف الزبائن عند المدخل لكن ليتون لم ينتظر , بل اقتاده النادل على الفور الى المائده المخصصة له .
وطلب كأسي عصير في انتظار جهوز طعامهما .

وارتشفت بعض العصير ثم ما لبثت ان علقت :
- هل تصدق ان شخصا ما قد يعاني ما عانيته اليوم يا سيد ديكستر ؟ لا اعني ان تسخر مني مجددا , ولكن عليك ان تعترف بأن فقدان حذائي يمكن وصفه بالمصيبة .

ابتسم لها ابتسامة عريضة واجاب :
- اعترف .

وفكرت فيفيان في قرارة نفسها في ان علاقتهما الآن تبدو مجرد تقارب ودي . ولا وجود لأي نوع من الانجذاب على الاطلاق .

- والآن ماهو عرضك ؟ أمل ان يحسن يومي هذا !

فرمقها بنظرة هازلة تعني انها لم تخدعه مطلقا:
- اريدك ان تتظاهري بأنك خطيبتي وذلك لمدة اسبوع يا آنسة فلوري .

كانت فيفيان ترتشف شرابها فكادت تختنق وهي تقول:
- ظننت .. ظننت.. قلت لي ان الامر يتعلق بالعمل .

- وهو كذلك .. قلت ان تتظاهري بذلك .

ثم تمتم للنادل الذي كان يضع الطعام امامهما :
- آه , شكرا .

نظرت فيفيان الى طعامها ثم رفعت عينين جادتين نحو ديسكتر الذي اضاف :
- يبدو انني صدمتك .

- هذا صحيح. هل لك ان تشرح لي لما علي ان اتظاهر باني خطيبتك ؟

- حسنا لا تدعي طعامك يبرد . في الواقع , لدي التزامات اجتماعية لمدة اسبوع .. حيث قد اصبح .. فريسة لبعض النساء . فإن كنتي خطيبتي سيلزمن حدهن , اليس كذلك ؟

رطبت فيفيان شفتيها وابتلعت ريقها مرارا وهي تحاول استيعاب اقواله. ثم جازفت وطرحت عليه سؤالا:
- هل تنخدع بك النساء ؟

- نعم للأسف . وان كنت لا اعلم السبب .

فقالت بعجب :
- الا تعلم السبب ؟ الا تظن ان الامر يتعلق بثرائك ووسامتك وشبابك ؟

- ان كان ما تقولينه صحيحا فلا يبدو انه اثر فيك . اكاد اقسم انك حاولت جهدك كي لا تصفعيني منذ قليل .

- انت على حق .

نظرت اليه متأمله , وهي تتساءل لما يساورها شعور بأنه يتلاعب بها , ويسخر منها ؟ بدا ليتون كنمر خداع يلهو بفريسته .
- في الواقع مازلت ارفض أي عرض لا علاقة له بالعمل .

فقال بتكاسل :
- الا يمكننا اذن ان نبني علاقة صداقة لمدة اسبوع ؟ اعني انك لن تواجهي مشكلة النساء الاخريات, وستكونين عازلا جيدا بيني وبينهن .

ردت بحزم :
- لا . لا يمكنني ذلك . هل انت مجنون ؟ لا تقل لي انك عاجز عن حماية نفسك , فأنت كبير كفاية .
اضافت جملتها الاخيرة بسخرية .

فضجك عاليا وقال :
- لا لست مجنونا... ماذا لو قلت انني قبلت بجوليانا جونز و .... ستعطي وكالتك , عقد عصير كلوفر ؟

راحت فيفيان تحدق فيه بذهول بينما تابع كلامه قائلا :
- سيكون الامر بالغ الاهمية اننا نفكر منذ مدة بعرض انتاجنا من العصير بحلة جديدة من حيث الشكل والملصقات اصحيح انك شريكة في الوكالة؟

- نعم حسنا , بأسهم تعادل 10% فقط ولكن ... ولكن آرائي حول اعلان الشامبو لم تعجبك مما جعل الامور تختلط علي ...

- ربما كانت اعجبتني لو لم أرك .

حدقت فيه مجددا وهو يقول :
- كما ان اعلانكم عن العسل اعجبني جدا لهذا اتصلنا بكم . اعتقد انك لعبت دورا كبيرا في تحضيره .

فردت بتخاذل :
-هذا ... هذا صحيح .

- وانك حصلت على مرتبة الشرف من كلية الفنون ؟

- انت تحفظ دروسك بشكل جيد , يا سيد ديكستر .

- هل تعتبرين فترة اسبوع من وقتك اهم من الربح الذي قد يعود على شركتك ؟

- لكن هذه رشوة صريحة وابتزاز .

- حسنا , انها مسألة اخذ وعطاء ...

فقاطعته :
- لا , كيف لي ان اعرف ما ينتظرني ؟ قد يكون ... قد تكون .. لا ادري ..

- قد اكون ولكنني لست كذلك . دعيني اعطيك مزيدا من التفاصيل . ستتزوج اختي قريبا وفي الاسبوع الذي يسبق العرس تقام عادة حفلات يومية صاخبة . ستكون امي موجودة في المنزل وستقام الحفلات في مزرعة الاسرة لهذا لن تضطري الى البقاء معي على انفراد . كما ان امي من الوجوه البارزة في المجتمع صدقيني .

كانت فيفيان تأكل من دون ان تستمتع بطعامها , فقالت له :
- وهل يقيم الاغنياء اعراسهم بهذا الشكل ؟

- الا يفعل معظمنا هذا ؟

- ليس في مزرعة الاسرة يا سيد ديكستر .

- ستمضين وقتا مسليا يا فيفيان .

- لكننا لا نستطيع الادعاء بأننا مخطوبان من دون ان نثبت ذلك من حين لأخر .

- يسرني ان احترم رغبتك في عدم اظهار عواطف معينه. يمكننا ان ندعي ان الخطبة مازالت غير رسمية .

انهى طعامه ثم ازاح صحنه جانبا فقالت له :
- وماذا عن امك واختك ؟ كيف ستكون ردة فعلهما ان احضرت معك الى المنزل فتاة غريبة حتى وان كانت الخطبة غير رسمية ؟

- امي واختي لا تعارضانني عادة .

تأوهت محبطة :
- اتصور ذلك . ولكن لا بد ان هناك ... ان هناك سببا آخر .

- هذا صحيح . احسست برغبة في الاعلاء من قدري بنظرك .

انهت فيفيان طعامها وشربت جرعة من ماء وكأنها تؤجل النظر في عيني ليتون الداكنتي الزرقة فقد لامست اعماقها كلماته التي قالها بهدوء , شعرت بتلك القشعريرة الغريبة التي تملكتها مجددا . ما معنى هذا ؟ فهي لاتشعر بالانجذاب الى هذا الرجل , بأي شكل من الاشكال .

واخيرا قالت :
- اذا كان الامر كذلك, فما عيب الطرق التقليدية في جذب الفتيات يا سيد ديكستر ؟ لم لا تعتمدها بدلا من الرشوة ؟

تشابكت نظرات عينيه بنظراتها :
- هناك سببان , فأنا احب التحدي ... واشعر بانك ستكرهين الحركات التقليدية . اما ما قد تفعلينه كي تحسني عملك, فهذا سبب آخر .

اندفعت فيفيان تقول من دون تفكير :
- هل هذه الاتفاقية صادقة وشريفة ؟ جوليانا جونز وعقد لإعلانات عصير كلوفر مقابل اسبوع من وقتي اتظاهر فيه بأنني خطيبتك ؟

فأوما ايجابا
فقالت :
- اتفقنا اذن .
*******

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:33
وفي الصباح التالي سألها ستان غودمان اقدم شركاء مؤسسة غودمان وشركاه :
- كم عمرك يا فيفيان ؟

- 25 عاما تقريبا .

- الست اكبر من ان تنخدعي بلعبة كهذه ؟

- لم استطع منع نفسي , وفضلا عن ذلك لاحظ العقد الذي حصلت عليه للشركة .

- وماذا سيحصل ان لم تتظاهري بأنك خطيبته وحسب بل انتهى بك الامر الى الوقوع في شباكه ؟
راح يتأملها من خلف نظارتيه .

- لم نأت على ذكر هذا , في الواقع . ولكن ان كنت تعتبر اني عاجزة عن صد رجل ما لمدة اسبوع فأنت تظلمني .

- انه ليس مجرد رجل ما .

هزت كتفيها بضيق وردت :
- لا بأس . هناك الكثير من النساء اللواتي يحمن حوله , لكنني نفرت منه منذ رأيته في الواقع , يجهل ليتون المأزق الذي اوقع نفسه فيه .

اسبل ستان بيديه يائسا , وهو يقول بتضرع :
- ان كنت عاجز عن اقناعك بالعدول عن هذا الامر , فعديني بألا تقومي بأي تصرف احمق .

ترددت فيفيان , فهي تعلم ان ستان سيحافظ على وعده لها , ولا يتحامل عليها فيما لو رفضت عرض ليتون . لكنها تعلم ايضا ان الوكالة بحاجه الى عقد شامبو كلوفر وعصير كلوفر .

كان احد الشركاء القدامى قد انتقل الى شركة اخرى منذ ايام قليلة وحمل معه ايضا بعض العقود المهمة لديهم . لهذا لم تشأ الخروج صفر اليدين من مكتب ليتون في الامس , علما ان ستان يجهل اطلاعها على الورطة التي يعانون منها .

كانت ترى تأثير ما جرى عليه . فقد خسر الكثير من وزنه , وبدا عليه التعب والضعف . ومن جهة اخرى لم تشأ ان يظنها تتجاوز واجبها نحو الوكالة فتزيد بهذا من مشاكله .

لهذا قالت له وقد بدا عليها التفكير العميق :
- ستان , اظن ان الوقت قد حان كي يقوم احدهم بخطوة ما . ولكن ثق بي فسأحاول المستحيل كي لا تخسر صفقة العصير او الشامبو .

- وماذا عن رايان دمبسي ؟
حدقت فيه مدهوشة , لأنها نسيت كل ما يتعلق برايان الذي كان يعمل في الوكالة نفسها .

- لقد انتهت علاقتي به منذ وقت طويل .

رفع ستان حاجبيه فترددت فيفيان ثم قالت لهدوء :
- اعرف ما تظنه تعتقد انه حطم فؤادي ولكن هذا غير صحيح .

حدق فيها ستان البالغ من العمر 50 عاما , وفكر في هذه الفتاة التي توقع نفسها في المشاكل غالبا , ثم تنهد في قرارة نفسه.. فهو يعرف فيفيان منذ نعومة اظافرها , ويشعر انه يعرفها اكثر مما تعرف هي نفسها .

كان ريتشارد فلوري والد فيفيان صديقه المقرب . وعندما ماتت امها , وهي في الـ6 من عمرها , تحطم قلب ابيها ولم يتزوج مرة ثانية .
وبما انه مهندس مدني , فقد اعتاد ان يسافر كثيرا ويصطحب معه في بعض الاحيان ابنته فيفيان , وفي احيان اخرى كانت تبقى في المدرسة الداخلية فأعتاد ستان وزوجته ايزابيل ان يستضيفاها اثناء عطلة نهاية الاسبوع .

ولشدة ما كانت تكره الانفصال عن ابيها الحبيب نشأ في نفسها خوف من الزواج وتحول الاحساس بالخسارة الذي صحب اباها الى قبره الى خوف من علاقة مع رجل ما , كي لا تفقده في ما بعد . كان ان نمط حياتهما لم يكن يتماشى والعلاقات الاجتماعية , اذ سرعان ما كانا يفترقان عن اصدقائهما وعن الامكنة التي يألفانها .
وعندما بلغت الـ18 توفي ابوها .

اما العلاقة الوحيدة التي ربطت فيفيان برجل . فعززت خوفها من الالتزام الجاد فقد هجرها رايان دمبسي .
ولكن هذا لا يعني انها منطوية على ذاتها تفتقر الى الاصدقاء وانها لم تستغل قدراتها الى اقصى حد بمساعدته هو .

قال ببطء :
- فيفيان هل تعين انك دوما تبعدين الرجال عنك ؟

فأجابت بهدوء وهي تطرف بعينيها :
- انا .. نعم يا ستان واظنني اعرف السبب لنشأتي دور في ذلك .. ابي وما الى ذلك .. ثم رايان ... اشكرك على اهتمامك بي .

ابتلعت ريقها وتنحنحت وقد امتلأت فجأة عزما وتصميما على كسب شركة كلوفر لحساب غودمان هذا الرجل الذي لعب دور البديل لأبيها والذي قادها الى مهنتها هذه .

وتابعت تقول بحذر :
- اظنني افترضت ان الزمن سيحل الامر , وكلي ثقة بأن هذه ما سيحصل. ولكن الامر لا يهمني كثيرا صدقني .

- على أي حال, اكره ان اراك تتألمين من جديد .. وهذا ... هذا لعب بالنار .

- لماذا ؟ ألأنه الرجل الذي يقاوم ؟

لكن ستان لم يجب , بل اكتفى بالنظر اليها مطولا , حتى تحولت هي عنه وبعد لحظات قالت له :
- اظنني افهم ما تعنيه . لو ان الفضول لم يتملكني لما وقعت في هذه الورطة . ولكن الا ترى ؟ لقد اصطادني كما تصطاد السمكة , ولعله يظن انه حصل علي . ولكن هذا غير صحيح , وسيعلم لاحقا السبب .

- متى ستذهبين ؟

- بعد 3 ايام .

واعلمته بموعدها التالي في مكتب ليتون ديكستر ثم اضافت ضاحكة :
- اصبح كل شيء جاهزا لقضاء فترة من المرح والتسلية في مزرعة الاسرة .

ثم قطبت جبينها وقالت :
- آه نسيت ان اسأل عن مكانها .

- يمكنني ان ازودك انا بهذه المعلومات تقع في منطقة هاوكبري وتبلغ مساحتها حوالي 100 فدان . وتضم ملعبا وبحيرة واسطبل خيول ....

اخذت فيفيان تضحك وقالت :
- ستان اذا كنت تحاول ان ترهبني فهناك شيء لاتعلمه عني .. وهو اني احسن لعب الكروكيت فقد تعلمت ذلك في المدرسة فضلا عن كرة المضرب والفروسية .

لكن بعد يومين, لم تعد تشعر بمثل هذه الثقة .
كانت حقيبة ثيابها مفتوحة على سريرها تحيط بها اكوام من الثياب , وقد تسللت اشعة الشمس الغاربة الى شقتها على ضفة نهر بربرسيين كانت تعشق شقتها وتعشق النهر والجسر الذي تطل عليه .

تنهدت وهي تنظر الى الفوضى التي خلفتها على سريرها , ثم سارت نحو النافذة المطلة على هذا الجمال كله . وكانت قد اختارت لهذه الجهة من الشقة اللونين الاخضر والاصفر ...توقفت وهي تفكر اتراها تصرفت بحماقة حين قابلت الاشتراك في هذة اللعبة ؟

تقدمت نحو الاريكة وجلست عليها متكدرة , وراحت تتذكر تحذير ستان . فهو لم يحذرها من نتائج موضوع ليتون وحسب , بل نبهها الى وضعها النفسي ولا سيما انعزالها وانطوائها على نفسها منذ كانت في الـ18 من عمرها .

ولكن هل يعني ذلك انها لم تقابل الرجل المناسب بعد ؟ وماذا عن رايان...؟ حسنا ظنت حينذاك انه هو فتى احلامها واضطرت حين تذكرت كيف تخلت عن حذرها
واعتقدت انها تجاوزت خوفها من الارتباط الجدي وان الوقت قد حان ليتزوجا لكنها اكتشفت بعد ذلك ان الرجل الذي ظنت انها مغرمة به لم يكن يشاطرها الرأي نفسه .

فجل ما كان رايان دميسي يبحث عنه هو المرح والصحبة والاهتمامات المشتركة...نعم , ما كان يربطه بها , ولم يكن يفكر في الزواج . وحين اكتشفت حقيقة مشاعره احست بالألم يعتصر فؤادها .

فكانت هذه التجربة درسا قاسيا لها علمها ان تتوخى الحذر من علاقتها مع ليتون ديكستر, اذا ما تبين انه الرجل غير المناسب لها .
وستحصنها خبرتها هذه ضد أي مشاعر ستخالجها وستدرك عندها انها تلعب بالنار .
ولكن هل يعقل ان يكون الرجل المناسب ؟ فهو يبدو واقعيا بعيدا عن الحل والشاعرية كما قال بنفسه . فقد استخدم الرشوة لإقناعها. ودفعها كل هذا الى مقاومة الشعور الغريب الذي يتملكها إزاء جاذبيته الطاغية .

على أي حال , يمكنها ان تتراجع عن هذا الاتفاق في أي لحظة , لا سيما وقد اوضح لها ستان موقفه ... فهو لم يشأ ان تحضر للوكالة عقد اعلانات عصير كلوفر بأي ثمن او وسيلة . كما ان ليتون ديكستر اعطاها رقم هاتفه كما فعلت هي , وذلك تحسبا لأي طارئ على حد قوله .

لا زال ذلك الرقم في مفكرتها في حقيبة يدها الموضوعه على المنضدة الى جانب الهاتف .

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:39
مدت يدها الى الحقيبة واخرجت المفكرة لتقلب صفحاتها وما ان عثرت على الرقم المطلوب حتى رن جرس الهاتف فرفعت السماعة .

- آلو ؟ فيفيان فلوري .

- انا ليتون ديكستر يا فيفيان .

جمدت اوصالها وراحت تتساءل كيف نسيت ذاك العمق في صوته الابح . رطبت شفتيها وهي تجيب :
- آه , مرحبا .

- اتصل بك لأطمئن على اتفاقتنا , الا زالت قائمة ؟ ان فترت حماستك اعلميني حالا .

سكتت للحظات وقد احست بدفق من المشاعر المتضاربة , شعرت بالغيظ اذ بدا صوته عمليا وغير شخصي وسرت القشعريرة في جسمها حين اشار الى فتور حماستها .

- كلا ليتون . اظنك لا تمانع ان ناديتك باسمك ؟ لا , لم تفتر حماستي ماذا عنك انت ؟

لم يجب على سؤالها بل قال :
- حسنا .. اسمعي ! طرأ تغيير طفيف على الخطة . انا حاليا في بريسيين وانوي ان استقل الطائرة الى البيت في صباح الغد من ناليس من كولانغانا . ما رأيك لو تناولنا العشاء معها هذه الليلة ؟ فهكذا يمكنني ان احدثك عن اسرتي , وان اصطحبك معي غدا صباحا الى المطار .

قالت ببطء , وهي تفكر في ان هذا التغيير قد يشكل منفذا جديدا للهرب .
- يبدو هذا .. جيدا . آه لكني لم احزم امتعتي بعد , ما رأيك لو قصدنا مكانا قريبا من بيتي ؟ كضفاف النهر مثلا ؟

- لا بأس .

ذكر لها مطعم تحبه لشرفته المطلة على النهر ثم اضاف :
- في الـ6,30 الى اللقاء واقفل الخط .

نظرت فيفيان مطولا الى السماعة وودت لو ترميها ارضا لكنها لم تفعل بل عزمت على معاملة هذا الرجل بالمثل .

شقت طريقها بين جموع الساهرين الذين يستمتعون بجمال الامسية وسحر النهر , توجهت نحو الطاولة التي جلس ليتون إليها .

بدا هذه المرة غاية في الاناقة في بذلته الرمادية وقميصه الابيض وربطة عنقه الكحلية . اما هي فارتدت ملابس بسيطه بنطلون ابيض انيق وكنزة بيضاء ناعمة مطرزة بصفات بحرية تصل الى خصرها الرشيق
وانتعلت حذاء خفيفا وردي اللون .

كان شعرها وكالعاده خصلات مجعده ثائرة كما لم تتزين ولم تضع أي مجوهرات .
اخذ يتأملها وهي تقترب منه . وعندما وصلت الى الطاولة التي اختارها راحا يحدقان في عيني بعضهما البعض للحظات بدت طويلة ومشحونة .

لم تر فيفيان في عينيه القاتمتي الزرقة أي تعبير ولك بدا فمه متوترا للغاية . وسورها شعور بأن الماثل امامها نسخة اخرى لليتون .تختلف عن ذاك الساخر الماكر الذي التقته منذ يومين .

كان رجلا يعكس الصورة التقليدية لرئيس شركة كبرى , ولم يكن شخصا يستخف به .
بدا كالنمر الطليق وابعد ما يكون عن المزاج العابث . اخذتها افكارها هذه الى عالم من الاحلام , فأحست باضطراب شديد . ولكن لسبب أخر ....

لاذت بالصمت فيما راحا يتبادلان نظرات مشحونة ثم تململت بقلق وقد شعرت بنظراته الخبيرة تقيمها من جديد لكنها عجزت عن قطع هذا التواصل بينهما وعن غض طرفها بل شدتها نظرة عينيه الزرقاوين اليها .

لكنه قام بالمبادرة اذ وقف وابتسم لها ابتسامة متكلفة وسحب الكرسي لتجلس عليه :
- يبدو وكانك بدأت عطلتك , يا فيفيان .

فردت وهي تجلس :
- شكرا على عكسك انت .

- كنت مشغولا للغاية اليوم , غدا سأرتاح .

اشار الى النادل ثم ناولها قائمة الطعام فختارت طبقا من القريدس وسلطة يونانية وحذا هو حذوها وعندما ابتعد النادل اخرج من جيبه علبة مخملية وضعها امامها .

فرفعت عينيها العسليتين الي وجهه وقالت ساخرة :
- لا اظنه ... خاتم خطبة ؟

- انه خاتم من نوع اخر .

جاهدت فيفيان لتكبح غضبها الصارم وامسكت بالعلبة لتفتحها رأت خاتما من البلاتين مرصعا بماسات صغيرة وفي وسطه ماسه مربعة الشكل وردية اللون لم تكن هذه الماسه كبيرة لكنها اذهلتها بلونها الاخاذ واشعاعها الرائع .

- حسنا انه جميل يا ليتون . ولكن بما ان الخطبة غير رسمية سأضعه في يدي اليمنى .

كان الخاتم ضيقا بعض الشيء على اصبعها فأدركت انه سيناسب يدها اليسرى تماما .
- كيف عرفت مقاس اصبعي ؟

- ذكرت للصائغ مقاس حذائك ويبدو ان هذا الامر ساعده لكني افضل ان تضعيه في يدك اليسرى .

- اما ان أضعه في اليمنى واما ان تأخذه يا سيد ديكستر .

- اتوفرين يدك اليسرى لخطبة حقيقية .

- نعم .

- وهل تقدم احدهم لخطبتك يا فيفيان ؟

رفعت حاجبيها وقالت :
- اتعني هل عرض علي احدهم الزواج ؟ لا . ولكن هذا لا يعني ان الامر لن يحدث . ماذا عنك انت ؟ هل فكرت في الزواج جديا , يا ليتون ؟

- لا , ولكن هذا لا يعني انني لم اتلق بعض ... الاقتراحات .

هزت كتفيها وردت :
- هذا مؤسف . اعني الا تعلم ما اذا كن يردنك انت ام مالك ؟ ما تحتاجه حقا هو ان تقع في غرام فتاه ثرية فاذا لم تكن ثروتك هي الحافز يمكنك حينذاك اذا ما فشلت ان تبحث عن العلة في شخصك .

- مثل ماذا ؟

وصل العصير في هذه اللحظة من الحديث فتحول انتباه فيفيان في الحال ثم قالت :
- متحفظ , انيق نسبيا . انما فاتر للغاية ارجو الا يزعجك رأيي هذا .

طرف ليتون ديكستر بخفيه وسألها :
- ما الذي يعجبك في الرجال يا فيفيان ؟

وحملقت فيه ثم ارتسم المرح في عينيها اسدلت اهدابها وهي تجيب :
- الجريء المفعم بالحيوية . افضل الشاب من اصل لاتيني , لا سيما ان كان شعره طويلا .. ولا مانع عندي من ان يضع في اذنه قرطا غريب الشكل واتمنى ان يجيد الطهي . كما احبه راقصا ماهرا لأنني اعشق الرقص كما يمكن ان اقضي وقتا ممتعا مع شاب يميل الى ارتداء الملابس الملونه الغريبة .

بقي صامتا وعندما رفعت نظرها اليه لاحظت نظراته الساخرة عندها قال :
- ظننتك تتحدثين عن الورقة الملصقة على زجاجة عصير كلوفر يا فيفيان ؟

فضحكت واجابت :
- كنت افعل .. أسفة ... لم اشأ تضييع الفرصة ولكن لا تنبذ الشبان اللاتينين بشكل آلي يا ليتون , لأنهم المفضلون عندي من بين الرجال , بالمناسبة , عندي افكار جديدة لملصقات اعلان العصير , اتحب ان تراها ؟

أوما بالايجاب فأخذت تفتش في حقيبتها , وبعد لحظات رفع رأسه قائلا:
- ها قد استعدت شخصيتك الحقيقية يا فيفيان فلوري .

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:41
نهاية الفصل الاول

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:45
2- الرجل ذو الوجهين
تعاقبت على وجه فيفيان تعابير وانفعالات مختلفة .
فسألته ، وهي تشير الى الأوراق الأنيقة :
- هل أعجبتك؟.

راح يتأمل الرسوم مجددا . حملت كل لوحة ، رسم رجل وامرأة . في الأولى ، رجل وامرأة يجلسان على حائط صغير وقد لف كل منهما ذراعه حول كتف الآخر ، وراحا يتأملان حقلا من القمح .
كان ثوب المرأة يتطاير حولها فيما ارتدى الرجل ثيابا سوداء....
وبدا شعره الطويل مربوطا الى الخلف .

ومثّل الرسم الثاني رجل وامرأة يمسك احدهما بيد الآخر ويقفان قرب شجرة سرو سامقة .
أما الرسم الثالث فكان لرجل يعانق امرأة قرب جدول ماء.

استخدمت فيفيان البنفسجي والذهبي والأخضر والأزرق في رسومها .
وكتبت الى جانب الصورة وبشكل عمودي كلمة ( كلوفر ).

- أعجبتني كثيرا ، ما الذي جعلك ترسمينها ؟

أسندت ذقنها الى يديها وهي تقول :
- كنت أفكر في العصير . .. أفكر كيف كمنتج حيوي ، مستخرج من الطبيعة الأم.
وفكرت في المشاعر الإنسانية خصوصا ، وهو ما لا تعبر عنه الملصقات القديمة.

ومررت إصبعها على الورقة الملصقة على زجاجة ( كلوفر) ثم أكملت :
- يجب أن يُشرب احتفالا بالحب ، بوجبة طعام لذيذة ، أو حتى لمجرد أن ...

وسكتت ، فقال يحثها :
- تابعي حديثك.

- لقد أسأت فهمي . على أي حال أنت لم تختبر شعور من سرق حذاءه.

تغيرت تعابير عينيه وبدا فيهما المرح ، ثم أخذ يضحك ، فشاركته فيفيان الضحك،

وقالت :
- هيا ، أخبرني عن أسرتك التي أنا على وشك خداعها .

أحضر النادل الطعام ، وعندما انصرف ، قال :
- من الأفضل أن أبدا بأمي ...إنها أرملة منذ عشر سنوات ، وتؤمن بالقيم الأخلاقية .
وهي عنصر فعال في ميدان العمل الإنساني ، إذ تدعم مؤسسات خيرية عدة ، كما أنها من النوع الصريح للغاية .
ثم هناك مرغريت ، أختي .إنها في الثانية والثلاثين من عمرها ، ستتزوج من رجل يدعى (إيدي ) .
ونحن نناديها باسم ( ماغ) . وأخي الأصغر ( رالف ) وهو العضو الوحيد الذي يسيء إلى سمعة الأسرة.

- من أي ناحية؟

- إنه فنان .

فقالت باحتجاج :
- وما العيب في ذلك؟

فرد بجفاء :
- لا شيء ، ولكنه ينفق مبالغ طائلة على ...
ثم هز كتفيه ولم يكمل كلامه .

- ما نوع الفن الذي يهواه؟

- الموسيقى . انضم الى فرق روك فاشلة جدا .

- أفترض أنك ووالدتك لا تميلان الى الفن؟

وتابعت حديثها ضاحكة :
- وإلى موسيقى الروك خصوصا ؟

- لقد قامت الدول على المهن والتجارة .

- لا أعني هذا . ولكن لعل رالف المسكين يعاني من عقدة نقص لأنه لا يتمتع بحسك العملي .

فكر ليتون قليلا وأجاب :
- قد تكونين على حق ولكن رالف حر في خياراته .

فقالت ممازحه :
- يحمل صوتك نبرة حذر وعدم حماس ، ياليتون ..ولكن هذا ليس من شأني ، كم يبلغ عمره؟

- السادسة والعشرون ..

فسألته بفضول :
- وكم يبلغ عمرك أنت؟

- خمسة وثلاثون عاما ، فرق السن كبير ، في الواقع . لا بد أن عمرك أنت ...أربع وعشرون سنة؟

- بل خمسة وعشرون وسأبلغ السادسة والعشرين قريبا . هل تعتبرني صغيرة في السن؟

- ما الذي جعلك تظنين ذلك؟

فهزت كتفيها ، وقالت :
- لا أدري ، أنه مجرد سؤال ، لقد سألتني أنت عما يعجبني في الرجال

- أظنني أشرت الى ذلك في اجتماعنا الأول . وأنت لم تتصرفي عكس الطبيعة حين سألتني عما يعجبني في النساء.
واستند الى الخلف ، حاملا كأس شرابه في يده .

- عندما تتكلم بهذه الطريقة ، يا ليتون ديكستر ...
لكنها لم تكمل جملتها بل سكتت وقد تملكها الإحباط .

انتظر نهاية جملتها ، رافعا حاجبه ببرودة ، وأدركت أنه يسخر منها .

فتابعت تقول وهي تصر على أسنانها من فرط غيظها :
- تزعجني الى أقصى حد . كنت تنظر إلي وكأنني مومس

- على المرء أن يكون قويا ليقاوم كافة الإغراءات .

فشهقت :
- كيف تعترف بهذا ؟

فتمتم يقول :
- لأنني إنسان .

- هذا يجعل الأمر أسوأ ...إذا كان هذا ظنك بي ، وتريد أن تتراجع عن اتفاقنا ، فاعلمني بذلك.

- لا أريد التراجع ، فهل تريدين أنت ذلك ؟

تشابكت نظراتهما ، وبدت السخرية في عينيه في حين التمعت عيناها غضبا .
- إن كنت ستعاملني كمومس ..وإن كنت ستتعالى عليّ وتطلق أحكاما مسبقة فأنا ...

فقاطعها قائلا :
- أنا أسف ، لن أكرر ذلك . فمن المؤسف أن نخسر نبوغك وإبداعك .

أدارت فيفيان عينيها نحو الرسوم . فقال :
- إنها مدهشة في الواقع . إنها أكثر شاعرية مما يتوقعه المرء عنك .

ردت عليه بحدة :
- أنت لا تعرف شيئا عني . هكذا تعمل العقول المبدعه ، يسيرها الإحساس ..بالإشياء.

- لا بد أنك تحسين بالحب الشاعري ..ولكن قبل أن نعود إلى اتفاقنا ، أنحن في جلسة عمل أم ترفيه ؟

فتحت فمها لتجيب ثم عادت وأطبقته . عندما تراءى لها وجه ستان غودمان المرهق . قالت دون اكتراث :
- بل في عمل ، ياسيد ديكستر . لهذا علي أن أذهب إلى بيتي لأحزم أمتعتي .
قيل لي إنه علي أن أحمل معي ثيابا للسباحة ..والتنس ..وركوب الخيل ..وحتى الكركت .. هذا ما عدا ملابس السهرة والرقص وما إلى هنالك؟

- من قال لك كل هذا؟

- شريكي ورئيسي في العمل ، ستان غودمان ، هل هو مخطىء ؟
لم أسألة كيف علم بكل هذه التفاصيل عن مزرعتكم هارفست مون.

فقال ليتون ديكستر وهو يقف :
- معلوماته صحيحة.

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:49
وقفت فيفيان بدورها وانتظرا حتى سددا الحساب ، ثم خرجا جنبا إلى جنب . وفي الخارج ، سألها :
- هل يمكنني أن أوصلك حتى باب شقتك .

فأجابت :
- آه ، لا داعي لذلك . أقيم على بعد خطوات فقط
...ثم سكتت فجأة ، وقد بدا عليها الإرتباك .

>






فتمتم :
- لم أكن أفكر في أكتشاف مكان إقامتك عنوة ، لكن يجب أن أعرف من أين أقلك غدا إلى المطار .

وكانا على وشك الوصول إلى الممر المؤدي إلى النهر ، والليل قد أسدل ستاره ، لكنه استطاع أن يرى الأحمرار يصبغ وجهها .عرفت ذلك من ابتسامته الساخرة.

فقالت بسرعة مدافعة عن نفسها :
- كم دفعت ثمن هذا؟

ورفعت يدها اليمنى التي تحمل الخاتم . فهز كتفيه:
- حوالي ..الستين ألف دولار.

خلعت فيفيان الخاتم ، وأخرجت علبته من حقيبتها ثم ناولته إياهما ، قائلة: (خذ ، لن أضعه ).

- لماذا؟

نظرت إليه بثبات وقالت:
- لدي أسباب عملية تدفعني للعب هذا الدور . لعلي علقت كالسمكة في الصنارة ،
ولكني لا أود أن أضع في جسمي ستين ألف دولار من ثروتك.

- يا للفصاحة !
وأخذ العلبة ليضعها في جيبه .

تسارعت أنفاسها ، ثم عاودت السير وهي تقول :
- كما أنني أكاد لا أضع المجوهرات ، ما عدا لآلىء أمي . وأكتفي بوضعها في المناسبات الكبرى . لهذا قد أفقد هذا الخاتم بسهولة.

- إن هذا الخاتم مؤمن عليه . بالمناسبة ، كلما تزينت بالجواهر كلما زاد جمالها .

- أشكرك على هذه النصيحة ، ولكن....

ثم سكتت محبطة ، لتضيف بعد حين : ( صدقني ، أنا لا أحب المجوهرات ، وإن كنت أشعر بالحنين إلى لآلىء أمي ).

- أظن أن اللآلىء ستبدو مذهلة عليك ، يا فيفيان.

توقفت واستدارت لتواجهه . لكنه حافظ على هدوئه ووقف يتأملها ، وقد دس يديه في جيبي بنطلونه .
- في الواقع ، أكاد أراك تضعين اللآلى وحدها...

قالت له بلهجة متوترة:
- ألم تتفق على عدم اعتماد أسلوب الكلام الذي يحمل أكثر من معنى ؟

- اتفقنا على ألا أجعلك تشعرين وكأنك مومس ، لكن ما قلته تعبير عن عاطفة صادقة.
لأننا ، يا فيفيان ، لا يمكن أن نمنع نفسينا من الأنجذاب لبعضنا البعض.
فهذا الشعور موجود ...بيننا).

فقالت بلهجة لاذعه ، بالرغم من أرتجاف صوتها :
- أتظن ذلك؟ أشك . ومن ناحية أخرى ، أنت تعاقبني لأني أعدت لك خاتمك . وهذا ما أعتبره تصرفا دنيئا .

فبدت على وجهه ابتسامة شيطانية وقال:
- حسنا ، وهل أصبت الهدف؟

صرفت بأسنانها وأسبلت أهدابها ، وقد بدا عليها الأرتباك .

- ظننتك تستمتعين بالتنافس ، يا فيفيان .

- أنت مخطئ وهذا رأيك الشخصي . لنعد إلى ما كنت أقوله قبل ...

- قبل أن أطلعك على أفكاري ؟ كنا نتحدث عن السبب الذي جعلك تخلعين خاتمي من إصبعك.

نظرت إليه بمرارة ، ثم عاودت السير مجددا وهي تلوح بحقيبتها :
- هذا صحيح . كنت سأقول إن غدم اهتمامي بالمجوهرات يشكل سببا كافيا كي لا تشتري لي خاتما .

- سأستعمل هذا العذر إذا ما سمعت تعليقا بهذا الشأن .

رفعت بصرها إليه ، ثم انفجرت تقول:
- تبا ! هل اشتريته لي خصيصا أم ...ماذا؟

سكتت فجأة ، لأن الكلمات خرجت بشكل عفوي ، من دون أن تدرك أن هذا ما يعذبها في عقلها الباطن .
بدت في عينيه نظرة غامضة وقال:
- سأخبرك يافيفيان حين تقررين وضعه في أصبعك.

عندما انفتح باب المصعد في الطابق السفلي ، دفعت حقيبتها إلى خارجة و أتبعتها بحقيبة يدها وأمتعتها الأخرى فكادت تصطدم بليتون ديكستر .

عندها ، قالت لاهثة :
- آه ، أسفة .

- لا بأس ، بالرغم من أني لم أصطدم من قبل بحقيبة على عجلات.

- أنا لا أحب ..المصاعد . وخاصة بعدما حصل لي في مصعدك.

- لماذا تسكنين إذن في بناية شاهقة؟

فهزت كتفيها قائلة :
- أقيم في الطابق الثالث . وأنا أستعمل السلالم في أغلب السلالم في أغلب الأحيان ، وهذا مفيد للقوام.

راح ليتون يتأمل قوامها ، ثم تمتم قائلا : ( أعترف أني أوافقك الرأي ).

كان يرتدي بنطلونا كاكي اللون وقميصا مقلما باللونين الأزرق والأبيض وقد ثنى الكمين إلى أعلى : ( بالمانسبة ، وكنت سيارتي أمام الباب الأمامي لهذا علينا
لهذا علينا ألا تضيع الوقت ).

فقالت له بحدة : ( آه ، لا ! يمنع وقوف السيارات هنا) .

ثم ما لبثت أن تغيرت ملامحها عندما وقعت عيناها على سيارة رولز رويس رماديه أمام الباب:
( أنا واثقة من أنهم سيستثنون سيارتك ، وإن كان هذا لا يعجبني ).

- لن أكرر فعلتي .

خرجا من الباب ووضع لها حقائبها في صندوق السيارة ثم صعد إلى جانبها وهو يقول : ( إنه يوم رائع للطيران) .

فقالت وهي تنظر إلى السماء الصافية :
- نعم ، والحمد لله .

-إذن ، أنت لا تستعملين المصاعد إلا عندما تحملين أغراضا كثيرة؟

اتكأت فيفيان إلى ظهر مقعدها وقد أعجبتها رفاهية السيارة البالغة.
- طبعا لا ، فأنا لست من هواة صعود السلالم ، وأضطر لاستعمال المصاعد في العمل وفي أوقات أخرى.

أما في بيتي فأفضل أن أمشي . كما أن المسؤول عن المبنى لطيف للغاية .
وعندما أشترى حاجياتي أتركها عنده فيحملها إلى شقتي .
أنهت كلامها ولاذت بالصمت معظم الوقت . ولم يبد عليه أنه لاحظ صمتها،

إذ تلقى اتصالين هاتفيين أثناء الرحلة . وفيما استسلمت للاسترخاء.
صب هو اهتمامه على القيادة وعلى أعمالة .

وقالت له فجأة عندما تجاوز المنعطف المؤدي إلى المطار المحلي : (أظنك تجاوزت المنعطف)

فالتفت إليها قائلا :
- لا ، نحن ذاهبان إلى مركز ( الملاحة الجوية العامة)

ابتلعت ريقها وقالت:
- أنت لا تعني ..لست متوجها إلى مركز الطيران التجاري؟)

- بل أعني ذلك.

تابع سيره ، وتجاوز بسيارة الرولز سلسلة من البوابات إلى أن توقف أخيرا أمام أحد المدارج حيث وقفت طائرة وحيدة .

- أنت لست جادا؟

اضطربت فيفيان حين سمعت صوتها المرتفع ، في حين قطب جبينه .
- سنستخدم هذه الطائرة لننتقل إلى المزرعة . صدقيني إنها أفضل طريقة للسفر ، فهي توفر علينا رحلة طويلة بالسيارة إلى المزرعة ، و ..

فقاطعته وهي ترتجف :
- قد تكون أفضل طريقة للسفر بالنسبة لك ، لكن ليس بالنسبة لي .

- اسمعي يا فيفيان ! عندما أنهيت دراستي ، التحقت بالقوات الجوية ،
وعملت كطيار لسنوات عدة ، يمكنني ، في الواقع أن أقود طائرة أكبر منها وأكثر تطورا.

لكنها قطعت كلامه قائلة برزانة:
-أنت لا تفهني ، ماذا أفعل برأيك في الدقائق العشرين الأخيرة ؟

- ماذا ؟ كنت هادئة بعض الشيء ، ولكن ... ليس لدي أدنى فكرة.

فردت بعنف :
_ تماريني ، أخبرتك أني لا أحب العلو ..حسنا ، أنا أكرة الطيران أيضا . وعلي أن أقوم بسلسة من التمارين للإسترخاء كل ما استقليت الطائرة.
يمكنني الآن أن أركب طائرة تجارية ، بفضل الطبيب النفساني ، ولكن لا يمكنني أن أستقل شيئا خفيفا صغيرا كهذا).

ساد صمت مطبق للحظات ، راح بعده يضحك برقة ، فقالت له بانزعاج :
( هل ترى في هذا أمراً مضحكاً..)

- فيفيان ..هذه ليست شيئا خفيفا صغيرا . يمكنها أن تنقل تسعة أشخاص ، وهي سريعة جدا ومعجزة التقنية الحديثة . آه ، حسناً ..نعم ، أنا أضحك ، لأنني أفكر في كافة الجوانب ..المصاعد ..










العلو ثم الطائرات ، في حين كنت أظنك فتاة عصرية.

فقالت عابسة : ( أنا فتاة عصرية غالباً)

- هل أنت واثقة من أنها مشاكلك النفسية الوحيدة ؟ أود أن أعرف كي لا أقترف الغلطة نفسها مرة أخرى.

فما كان منها إلا أن نظرت إليه بمرارة وردت:
- نعم.

- لا بأس ، فلنرى إذن ما يمكنني فعله لحل هذه المشكلة.

وبعد نصف ساعة ، كانت تجلس إلى جانبه في قمرة القيادة .
كان الإنجاز رائعا ، رغم أنها لم تصل إلى مرحلة الإعتراف بذلك.
قدمها أولا إلى الميكانيكيين المسؤولين عن صيانة الطائرة فأخذوها بجولة في الطائرة.
وتأثرت بخبرتهم وحماستهم وباحترامهم البالغ لليتون ديكستر.

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:52
لم يسمح للتوتر الذي ساد بينهما بالظهور ، كما كتمت خوفها من العلو.
كان يعاملها كصديقة راشدة . فسألها ، والطائرة تتحرك على أرض المطار:
- هل أنت على ما يرام؟

كانت تضع سماعتين على أذنيها بعد أن علّمها كيف تستعمل الميكروفون عندما يتحدثان ،
وتستمع إلى برج المراقبة في الوقت نفسة . كما علمها كيف تحافظ على رباطة جأشها.

- لا تنسي ، أنا أعلم ما أفعل . بما أنك وافقت على ركوب السيارة معي .
أعلمك أن قيادة الطائرة ليست أصعب بالنسبة لي .
وسلامتي الشخصية هي بأهمية سلامتك عندي .

ابتلعت فيفيان ريقها ثم أومأت ، فأكمل قائلا:
- كما أنك هنا لتستمتعي بوقتك . وهو يوم جميل للتحليق فوق خليج ( موريتون) .

وكان على حق ، إذ أشار إلى جزر ( سانت هيلينا ) و ( موريتون ) و( يبل) ثم حلقا فوق الساحل ، ومرا فوق ( سيرفرز باردايس )

وبدأت تسترخي ، شيئا فشيئا ، لكنها لم تفلح كليا ..
وشكت في أن تتمكن من ذلك يوما ما ..لكن الرحلة كانت هادئة ، لم تشعر خلالها بالتوتر الذي يدفعها عادة إلى التشبث كلما مالت الطائرة .
كما أنه أضفى على الرحلة طابعا مميزاً.
حين أخذ يشير إلى المدن والأنهار على طول الساحل .

وبعد ساعات ، أعلمها أنهما على وشك أن يحطا على المدرج الخاص لمزرعة ( هارفست مون ) فبدا عليها التوتر وراح العرق يتصبب منها.
ولم تعد قادرة على التركيز على المناظر الطبيعية .لمست الطائرة الأرض بخفة ونعومة ، واستدار بها ليقف على المدرج .

عندئذ شعرت بتراخ في عضلاتها ، ولم تقو على الحركة مما جعله يساعدها على نزول السلم.

لا بد أنه أدرك ما أصابها ، إذ قال لها برقة دون أن يترك يدها : ( أنت شجاعة جداً ، يا فيفيان)

تملكها شعور بالسرور سرعان ما تبعه شعور آخر عرفته من قبل .

- أسفه ، يا ليتون ، لكني على وشك التقيؤ.

فوضع ذراعه حولها ، وقال:
- لا ، يا فيفيان ، لن تتقيئي ، تنفسي بعمق.

- لا يمكنك التحكم بذلك ، يا ليتون...

فرد بصوت هادئ ، واثق:
- بل أستطيع ، إفعلي فقط ما أقوله لك ، خذي نفساً عميقاً ، ولا تنسي أنك على الأرض.
والهواء نقي منعش . أنت لست وحيدة وأنا معجب بك للغاية . خذي نفساً عميقاً مرة أخرى.

خففت عنها طريقته في الكلام الهادئة الواثقة ، بشكل لا يوصف ، كما أن وجود ذراعه حول خصرها بعث فيها شعوراً بالأمان ..فأخذت تتنفس بعمق.

إلى أن مرت الأزمة بسلام ، فقالت متعجبة:
- لا أدري كيف فعلت هذا .

وخفق قلبها ، حين ابتسم لها وقال:
- إنه قيء ناتج عن ردة فعل عصبية وليس عن مرض .

- لا بد أن الأمر كذلك ، فأنا أشعر بالغثيان عندما أتوتر أو أصاب بالدوار في المواقف الصعبة.

فتمتم يقول :
- أنت تعانين من مشكلة ما ، يا فيفيان ، أليس كذلك؟
أعلم أنك لم تصابي بالدوار معي ، ولكن هل سببت لك الغثيان قط ؟
في ما عدا حين أصريت عليك لتركبي الطائرة معي ؟

فأجابت ببطء :
- حسنا ، لا .. وهذا غريب ، لأنك ...لأنك تثير في أحياناً ردة فعل لم أعهدها من قبل .

رفع حاجبه ساخراً ، وسألها : ( مثل ماذا؟)

عبست ، وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها عن أنظاره ، ولكن هذا جزء من المشكلة . إنها جاذبية ليتون ديكستر البالغة .
فكيف شعرت مثلاً بالأمان والحماية حين أسندها بذراعه .
وأنقذها من ردة فعل تخجلها ، فيما يتملكها الآن شعور مختلف ؟

أحست بقربة منها وبالجاذبية التي تتطاير من عينيه ، وتنبعث من تسريحة شعره .
وملامحه التي تتغير ما بين الهزل حيناً ، وبين القوة والثقة حيناً آخر .
فقد كان وسيماً ، قوي البنية وهذا ما يجعلها تشعر بأنوثتها ، وأحست بأنها تتخبط في بحر لا تعرف قراره.

مما أخافها وأربكها . إن مشكلتها البالغ به وشعورها بقوة نظراته التي تجول على وجهها وعلى قدها الرشيق وإحساسها بالسعادة لأنها ترى أنها تجذبه ..
هذا الرجل يحرك فيها مشاعر لم تعرفها من قبل ، مشاعر لم يسبق أن جعلها تشعر بها أي رجل هذا ما يخيفها .

أدركت أنه تكهن بما يجول في ذهنها ، أو لعله فهم ردة فعلها حين انتابتها تلك الرجفة المفاجئة ..
علمت أنه سيعانقها ولن تكون قادرة على منعه ..
وأنها أجابت على سؤاله ، بلغة أبلغ من الكلام .

وبعد دقائق ، كانت تقف مرتجفه بين ذراعيه تريح جبينها على كتفه وهي تتنفس بعمق
بينما هو يمرر أصابعه في شعرها ويضمها إليه . ولكن ما أن أحست بأنها ، من الشجاعة ،

بحيث يمكنها أن ترفع عينيها إليه دون إن تكشف عن مشاعرها حتى سمعت صوتاً يقول :
- المعذرة .

فوجئت بالصوت الغريب ينبعث من وراء كتف ليتون ، فأجفلت وكادت تقفز لو لم يشتد ضغط ذراعي ليتون عليها .
ولم يطلق سراحها على الفور ، بل احتفظ بيدها في يده ، واستدار ليرى من ذا الذي وصل .

كان شاباً طويل القامة ، رمادي العينين . وقد ربط شعره الأسود إلى الخلف .
ووضع في أذنه قرطاَ فضياَ ، اتكـأ الدخيل إلى صندوق سيارة ( لاند روفر ) وراح يتأملها . نظرت حولها بارتباك وقد أحمر وجهها لأنه وصل بالسيارة دون أن تنتبه إليه.

استقام بوقفته ، ثم أنحنى أمامها ، قائلا :
- عذرا ، يا سيدتي . لكني منتدب لأصطحابكما ، أنت وليتون ، بعد أن أتصل بالمنزل .

فرد ليتون ببطء من دون أن يفلت فيفيان : ( شكراً يا رالف . أقدم لك خطيبتي فيفيان فلوري ) .

فهتف رالف بارتباك : ( ماذا؟)

عندها تمتم ليتون :
- لقد سمعتني . هذا أخي رالف ، يا فيفيان . لقد حدثتك عنه قليلاً.

- نعم ، نعم .

كان هذا جلّ ما استطاعت قوله ، إذا تدفقت الأفكار المختلفة إلى ذهنها .
فعندما وصفت لليتون ( حبيبها اللاتيني ) ، كما سمته ، وصفت رالف ديكستر .
وعندما عرفه ليتون عليها صعق لدرجة أخرسته ؟ ترى ألم يخبر ليتون أحداً بأنه سيحضر رفيقة معه ؟

إذ يبدو جلياً أنه لم يأتِ على ذكر خطيبته ..وكيف جرفتها مشاعرها بحيث لم تسمع رالف حين وصل ؟
ويبقى السؤال الأهم ، ألم يسمعه ليتون مثلها ؟ أم أنه استغل الفرصة ؟

قطع ليتون سيل أفكارها ليقول : ( ساعدنا يا أخي )

- حسنا . ولكن أولاَ ، أهلاً بك فيفيان ! لقد أعجبني ذلك . يعجبني منك كل شيء ، في الواقع !

ومد يده بابتسامة صبيانيه عريضة ، مضيفاً :
- أهلاً ومرحباً بك في بيتنا ! سيكون ..أسبوعاً رائعاَ .

صافحته فيفيان وهي تبتسم بوهن :
- شكراً ..هذا ..هذا يبدو جميلاً .

ونظرت حولها للمرة الأولى ، ولكنها لم تر ما يلفت نظرها ، بل مدرج من الأسمنت وحظيرة صغيرة للطائرات ودغل يحيط بها .

غمزها رالف وهو يلاحظ استغرابها ، ثم قال :
- أفهمك جيداً ، نحن بعيدون عن البيت ميلاً كاملاً لكن الأمور ستتحسن .

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:54
وتدخل ليتون قائلاً بشيء من الجفاء :
- أظن أن الغداء جاهز وبإنتظارنا .

حمل رالف حقيبتها ، وعلق : ( إن التأخر عن وجبة الطعام خطيئة كبرى ، يا فيفيان . اصعدي إلى السيارة وسأساعد أنا ليتون في نقل بقية الأمتعه ) .

لكن ليتون أحتل مقعد القيادة إلى جانب فيفيان بينما جلس رالف حزيناً في المقعد الخلفي ، وسأله ليتون :
- من في المنزل ؟

- ( ماغ) و ( إدي ) واللايدي ( واين رايت )

وسكت ثم ابتسم ابتسامه عريضة عندما أخذ ليتون يطلق الشتائم والسباب .
تابع بعدها يقول : ( اثنتان من وصيفات العروس ، إبنة عمنا ماري مع أولادها ، ثم ..فيرجينيا).

ساد صمت قصير غريب قال ليتون بعده بشكل عفوي :
- آه حسنا ، سيكون العدد كافياً لنلعب بعد الغداء ، إلا إذا ..هل تلعبين الغولف ، يا فيفيان؟

- لا ، أجيد التنس والكروكت فقط ..

فتأوه كل من ليتون ورالف ، بينما تابعت تقول : ( لا ألعب الفولف ، لكني أجيد السباحة وركوب الخيل ) .

فقال رالف لأخية وهو يمد رأسه بينهما من المقعد الخلفي :
- ألا تعرف إن كانت تلعب الغولف أم لا ؟ إنكما غريبان حقاً.

فاضطربت فيفيان ، بينما رد ليتون بهدوء :
- من الغريب أن هذا لم يخطر على بالي .

فضحك رالف ، ثم تظاهر بالجدية وهو يسأله :
- متى تعرفتما إلى بعضكما البعض ؟

- من مدة كافية ، هذا هو المنزل ، يا فيفيان ، إنه من عصر فيلم ( ذهب مع الريح ).

كان المنزل جميلاً ، برأي فيفيان ، ويقوم على هضبة . كما تمتد أمامه مروج خضراء تنحدر نحو النهر حيث رصيف ترسو قربة قوارب .
يتألف المنزل من طابقين ، وقد طلبت جدرانه باللون الأصفر الفاتح بينما دهنت النوافذ بالأبيض . يتميز المنزل بشرفة تلتف حوله .

ولا حظت فيفيان ، عندما توقفت بالسيارة ، مجموعه من الأشخاص ، يجلسون إلى مائدة كبيرة على الشرفة.
يتناولون الغداء . أغمضت عينيها للحظة .

وتمنت لو كانت على بعد الآف الأميال ثم قالت بعفوية :
- ألا تظن أنه من الأفضل ألا نخبرهم بالأمر على الفور ؟

فقال رالف على الفور :
فكرة جيدة جداَ . فهذا الخبر سيحدث ضجة بين الحضور.

فرد ليتون ببطء :
- شكرا على نصيحتك ، يا رالف ، لكنني سأتصرف.

ورمق أخاه شزراً ثم التفت إلى فيفيان مضيفاً : ( هذا أمر تافه مقارنة مع الإنجاز الذي حققته اليوم ).

وللحظة ، وفيما كانت عيناه الزرقاوان تنظران إليها ، وقد ارتسم فيهما المرح والدفء معاً .
راح قلبها يخفق بسرعة وغرابة وهي تتساءل محتارة عما إذا كان الأمر جدياً وحقيقياً .
وعما إذا كانت مخطوبة بالعفل لليتون ديكستر .

وبللت شفتيها بلسانها ، قائلة:
- أنا ..أنا لست واثقة من ذلك .

وقال وهو يخرج من السيارة : (ثقي بي )

كانت الدقائق العشر التالية مربكة للغاية ، إذ بدا أن ليتون لم يخبر أحداً بأنه سيحضر معه رفيقة . ناهيك عن خطيبة ..ولا يعني ذلك أنه كشف عن الأمر ، ساورها شعور بأنه أخذ بنصيحة رالف .

وساد جو منع أي مناقشة ، بالرغم من الدهشة التي أصابت الجميع .

ولم يأت أحدهم على ذكر الموضوع ، حتى أمه . علما أنها علقت قائلة : ( ما هذا ، ليتون ؟ كان عليك أن تخبرني بأنك ستحضر معك صديقة !
عفواً يا عزيزتي ) ، ثم تابعت تقول لفيفيان : (هذا لا يعني أننا لا ترحب بك ، لكن علي أن أجهز لك غرفة ، إلا إذا كنت لا تنوين البقاء).

كانت أميليا ديكستر امرأة ملفته ، بطولها الفارع ونحافتها ، وتسريحة شعرها الأصهب القصير.
كما تميزت بأناقتها البالغة ، إذ أرتدت بنطلوناَ ضيقاَ من الجينز وقميصاً ناصع البياض وتزينت بمجوهرات مختلفة من سلاسل ذهبية وخواتم ماسية.

أما فيفيان ، التي توقعت امرأة مختلفة كلياً ، فأرغمت نفسها على عدم إبداء الدهشة ، وقالت :
- آه ..كنت أنوي البقاء ، ياسيدة ديكستر ، لكني لم أتوقع ألا تكوني على علم بحضوري .

فردت الأم باستسلام : ( إن تصرفات ليتون استقلالية ، مع الأسف . على أي حال ، نحن نرحب بك ، بما ندعوك؟)

- فيفيان .

سبق ليتون فيفيان إلى الرد ، وقال : ( فيفيان فلوري ).ثم أخذ يعرفها على الجالسين حول المائدة كل بدوره ، ثم أضاف : ( بالمناسبة ، نكاد نموت جوعاَ وعطشاً )

وجذب أحد الكرسيين الخاليين لتجلس فيفيان ثم جلس على الآخر.
يعدما ، استأنفوا تناول الغداء ، بينما راحت فيفيان تسجل انطباعاتها حول الموجودين .
اللايدي واين أقرب وأعز أصدقاء أميليا ، كانت تتحدث بغطرسة ولا تخفي ذكاءها الحاد .
أما مرغريت ، عروس المستقبل ، فكانت امرأة فاتنة ، وبدا جليا أنها مولعة بأخيها .

كانت على وشك الزواج من رجل هادئ متواضع يناديه الجميع باسم ( إدي ) .
وبدت إبنة عم ليتون ، ماري متعبة للغاية .
كما عرفها ليتون على وصيفتي العروس وبقي شخص واحد هو فيرجينيا ديكون.
وقد عرفوها بها ، من دون أن يفسر لها أحدهم ماهي صلتها بالأسرة أو العروس.
وأدركت فيفيان تدريجيا أن الكل مهتم بفرجينيا هذه التي تبلغ قرابة الثلاثين من عمرها.

وهي امرأة ذات جمال ملفت ..وبينما كان شعر مرغريت قاتما كشعر أخيها .
بدت هذه الفتاة الشقراء باهته بعينيها الزرقاوين الباردتين وبشرتها الرقيقة .
وتساءلت فيفيان عما إذا كانت مريضة ، إذ بدت شاحبة ، هادئة ، ومتحفظة في إبدا مشاعرها.

بادرت اللايدي ( واين رايت) إلى وضع حد لهذا الغموض ، عندما أزيلت الأطباق الفارغة وقدمت الحلوى .

فرفعت كأس شرابها وقالت:
- لندع التحفظ جانبا . هل أستنتج إذن ، أن علاقتك مع فرجينيا أصبحت من الماضي ، وأن مستقبلك مع فيفيان ، يا ليتون ؟ أم هذه المصادفة؟

- مارلين!

حدقت إميليا في صديقتها الحميمه غاضبة بينما ساد صمت مطبق . فهزت مارلين كتفيها ، وقالت:
- أنا عرابته .

فرد ليتون بهدوء مخاطباً فرجينيا ديكون : ( أصبحنا في ذمة التاريخ منذ وقت طويل .
أليس كذلك يا جيني ؟ ا تدعيهم يزعجونك أو يؤذونك).

التفتت فيفيان مدهوشة إلى الفتاة الأخرى ، وأدركت أنها عاجزة عن إخفاء صدمتها.
عندها ، قالت فيرجينيا ديكون:
- إذا كانت ذاكرتي جيدة ، يا ليتون ، فأنا التي طلبت منك الرحيل .

ثم رفعت نحوه عينيها الزرقاوين الباهتتين والرائعتي الجمال ، وأضافت :
( لا تقلق ، فلن أدعهم يفعلون ، هل ..علي أن أقدم التهاني ؟)

- لم يصبح الأمر رسمياً بعد.

فما كان من إميليا إلا أن هتفت بدهشة بالغة : ( ماذا؟)

فتمتم رالف من دون أن يوجه كلامه إلى شخص معين : (لقد أخبرتكم)

- كان عليك أن تخبرني !

كانا قد أنهيا طعام الغداء ، فتوجها ، هي وليتون ، نحو رصيف الميناء تحت أشعة الشمس الدافئة يمشيان على العشب الأخضر.

وراحا يتأملان منظر النهر الرائع ، وكانت إميليا قد تطوعت ، بعد الغداء ، لترافق فيفيان إلى غرفتها ، لكن ليتون اقترح أن يتمشيا أولاَ.

وحين لم يرد على فيفيان ، وقفت واستدارت تواجهه بحزم:
- كان عليك أن تخبرني بأنك تريد تجنب امرأة معينة ، ياليتون ديكستر ، كما كان عليك أن تخبرهم بأني سأرافقك !
أم تراك تستمتع بإحراج الناس وإذلالهم ؟

فأجاب برقة :
- هذا أمر يخصنا ولا يعني سوانا ، يا فيفيان.

ثم أمسك بيدها وتابع السير فلم تجد بداً من اللحاق به ، ولكن ذلك لم يمنعها من التعليق باستياء :
- هراء إنها أسرتك ، وستكون هذه مناسبة خاصة .لكنك أشعت الاضطراب ، كما وضعتني في ...موقف محرج ، كنت قد بدأت ..اميل إليك ، ولكني الآن ..
وهزت رأسها من دون أن تضيف أي كلمة أخرى.

ووصلا إلى رصيف الميناء ، فتمتم يقول : ( لقد لا حظت ذلك).

فعبست وقالت : (ماذا؟)

نظر إليها والشرر يتطاير من عينيه ، ثم سألها : ( وكيف بدأت تميلين إلي ؟)

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:57
توقفت فجأة ، وتسمرت في مكانها :
- كان ذلك .. كان ذلك مختلفاً.

- آه ، وكيف ؟

فهزت كتفيها بعجز ، وردّت :
(كان ذلك مرتبطاً بنجاتي من الرحلة الجوية دون أن أذل نفسي ).

- أتعنين أنه كان احتفالاً بشجاعتك؟

فهزت رأسها متأملة واعترفت :
(حسنا ..هذا صحيح)!

- أتعنين أني لو كنت ..قصيراً ، سميناً ، أصلع ، أو عجوزاً لعانقتني بالطريقة نفسها؟

سحبت يدها من يده ، وتراجعت حتى الحاجز الخشبي للرصيف . رأت زورقاً بخارياً يرسو هناك ، وآخر أصغر منه في الناحية المقابلة .

كما لاحظت طوقاً مربوطاً في الحاجز ، وهتف ينبهها:
- حذار يا فيفيان .

ثم أضاف قائلاً :
( ألن تجيبي على سؤالي ..أم أنك لا تستطيعين ؟)

فالتفتت إليه وقالت بإحباط :
( هذا لن يغير شيئاً ، ياليتون!)

وأشارت بيدها نحو المنزل قبل أن تكمل :
( ذلك...)

فقاطعها ، ليقول :
- تمهلي ، سنناقش الأمور تباعاً ، لماذا عانقتني بتك الطريقة؟
بدوت وكأنك تكتشفين جوانب خفيه من أمر ما .
هل عليك أن تتأرجحي على الحاجز الخشبي بهذا الشكل؟

فردت بحدة :
- أنا بخير ، أنا أحب الوقوف هنا ولا أخاف ذلك . فأنا أتمتع بحس التوازن .

فأجاب بنفس اللهجة :
- كيف نسيت إذن ما حدث لك حين نزلنا من الطائرة ؟ ألم تفقدي توازنك؟

مالت رأسها جانباً ونظرت إليه بصبر لا تشعر به ، ثم قالت وكأنها تحدث طفلاً صغيراً :
- حسناُ ، إذا أردتني حقاً أن أتكلم ، فاعلم أني لا أحب العناق عادة . في الواقع ، تعلمت كيف أتجنب ذلك كما أتجنب الوباء!
حتى مع من أحببتهم أكثر منك بكثير ، يا سيد ديكستر ، فلماذا نناقش هذا ؟ إنه ...

- فيفيان ...

- لا يا ليتون ، أنت من أثار الموضوع ، ويجب أن تطرحه للمناقشة . كنت أرتجف في داخلي .
إنما كنت أشعر ببهجة بالغة . نعم ، أنت السبب في نجاحي
أما العناق . يبدو أنك خبير . لكن حماستي فترت الآن . صدقني .

فسألها بفروغ صبر وفظاظة :
- وما معنى ذلك بحق الجحيم؟

حملقت فيفيان فيه وأجابت :
- كيف يمكنك أن تسأل وحبيبتك السابقة تجلس هناك تنتظرك ، في حين اصطحبني معك بصفتي حبيبة المستقبل.
ولم أقل الخطيبة ؟ سامحني ، ولكن هذه ( الأتفاقية الشريفة السوية )لم تعد تحظى بموافقتي المطلقة...

- إنها ليست حبيبة سابقة ، يافيفيان ..إنها زوجتي السابقة .

أصابت فيفيان الذهول . فتراجعت خطوة إلى الوراء دون وعي وسقطت في النهر

@ NESREEN @
06-10-2009, 03:59
3
- جرفها التيار !


غطس ليتون خلفها بعد ان جعلتها الصدمة تتخبط عاجزة .
ولكن عندما امسك بها لينقذها اخذت تغمغم باحتجاج:
- لا بأس يمكنني ان اسبح .

- اهدئي ايتها المعتوهة التيار هنا سريع جدا اخرسي فقط افعلي ما اقوله لك .

وعندما تمكن من سحبها الى الضفة تجمع لسوء حظها حشد من الناس ليتفرجوا كما قفز رالف الى لوحة التزلج على الماء واندفع نحوهما .
امتدت ايد كثيرة تساعدهما على الصعود الى الضفة, حيث استلقيا على العشب مرهقين متوتري الاعصاب وتعالت اصوات قلقة ولكن بتحفظ كما يفعل الناس حين يحاولون جهدهم الا يضحكوا .

ولكن اسوأ ما حصل لها كان حين انتصب ليتون جالسا والغضب يتملكه , ثم قال بعنف :
- انت كارثة متنقلة , كيف يمكن لفتاة في الـ25 من عمرها ان تورط نفسها في هذه المتاعب كلها ؟

ساد الصمت المطبق مجددا ثم جلست فيفيان وسعلت وازاحت شعرها عن عينيها ثم راحت تتأمل ثيابها المبتلة الموحلة الممزقة وحذاها الايطالي الانيق الذي استحال خرقة مخدشة بسبب المياه .

وقالت :
- انت المشكلة فأنت تهتم بالاشياء التافهة وتفتقر الى روح النكتة فأذهب الى الجحيم !

ثم وضعت رأسها بين يديها واخذت تضحك وتضحك حتى اوشكت على البكاء .

وفي الساعة الـ7 من ذلك المساء سمعت قرعا على الباب . كانت غرفة النوم التي خصصت لها قد طليت باللون الليلكي وهي تطل على النهر .
غرفة فسيحة لها حمامها الخاص وباب يفتح على الشرفة العلوية . كما كان جوها يعبق بشذا الياسمين .

اغتسلت مرتين بعد الحادثة ثم نامت نوما عميقا لساعتين وكانت اميليا ديكستر قد سارعت الى نجدتها واخذت تخفف عنها . بعد تلك المهزلة على ضفة النهر فصلت بينها وبين ليتون لا بل اخذت فيفيان تحت جناحها وجعلتها تشعر بأنها ضحية حادث مشؤوم وليست معتوهة كما نعتها ليتون .

احضرت لها ثوب حمام ورافقها الى غرفتها حيث رتبت حقيبتها وبقية امتعتها ثم طلبت منها باهتمام صادق . ان ترتاح .
ورغم انها لم تكن تلبس سوى عباءة خفيفة فوق ملابسها الداخليه , وقد لفت شعرها بمنشفة توجهت نحو الباب تفتحه بعد ان ظنت ان القارع ليس سوى اميليا.

لكنها اخطأت في ظنها اذ رأت ليتون يقف في الباب وهو يرتدي بنطلونا من الجينز وقميصا رماديا وسترة رياضية رمادية اللون كما يحمل في يديه كأسين .

فقالت بفتور :
- آه هذا انت .... اسمع انا اسفة جدا لما فعلت ! كانت حماقة بالغة مني . كما انني اسأت التصرف فلم اشكرك حين انقذت حياتي ... .

فقاطعها فجأة :
- انسي الامر . هل يمكنني الدخول ؟ لقد احضرت كأسين من العصير لكلينا .

تفرست فيه للحظة لكنها عجزت عن فك رموز اساريره فتراجعت مكرهة كي يمر ثم اغلقت الباب خلفة .

كان في زاوية الغرفة كرسيان حول طاولة صغيرة مستديرة . فوضع الشراب عليها عندها . قالت له تنظر الى الكأسين :
- هل هذه اخر امنية لي قبل ان تصحبني الى الخارج وترميني بالرصاص ؟

مضت لحظات لم ينبس خلالها ببنت شفة . وقد بدا عليه بالجمود وراحت نظراته تجول على وجهها . وتتأمل جسمها . فشعرت بتوتر غريب وكانه تحذير من خطر داهم , خطر سبق وعرفته في علاقتها مع ليتون , انه انجذاب غريب يشدها نحوه بالرغم من العدائية التي تميزت بها علاقتهما .

تعلم انها قد تغضب منه ... وهذا ما تشعر به الآن .. لكن شعورها بالغضب لم يبدل بالمعايير الاخرى التي ربطت بينهما فانجذابها نحوه كسر حاجز الجليد الذي بنته لحماية نفسها , لا سيما بعد ان اختبرت الشعور الذي انتابها حين ضمها بين ذراعيه وعانقها .

اثارت نظراته المتفحصه احاسيسها فارتجفت وقد فاجأتها ردة فعلها هذه التي لم يثرها فيها احد سواه . كانت هذه المشاعر موجهة نحو الرجل الذي اعطاها الثقة بالنفس وعاملها كمثيل له . ذاك الرجل الذي بدا لها قادرا لا يخاف وبطلا جذابا للغاية .
و
هو مازال بطلا بنظرها بشعره الاشقر الداكن وخطوط وجهه وكتفيه العريضتين وجسمه القوي , لكن مزاجه المتقلب اخافها واخيرا سألها :
- ماذا تعنين ؟

- انا ... حسنا , اظننا وصلنا الى مفترق الطرق .

وسكتت ثم لطفت من حدة صوتها واضافت :
- لا اعني اني الومك , ولكن يبدو اننا لا نستطيع الاستمرار اكثر ... وبعد ما حدث لا الموك ان الغيت اتفاقية عصير كلوفر ... .

فرد بجفاء :
- هذا نبل منك يا فيفيان . ولكن لم يكن هذا في نيتي .

- انا ... انت ... انت طلبت مني ان انسى الامر عندما اخذت اعتذر .

فقال وقد ارتسم على شفتيه طيف ابتسامة :
- كم مرة راجعتي هذا الحديث الرسمي القصير ؟

اجفلت بشكل ملحوظ ثم قررت ان تتابع كلامها بشجاعة :
- على أي حال افترض اني سأغادر مزرعة هارفست مون جوا مع بزوغ الفجر .. علما انه بامكانك ان توصلني الى اقرب محطة , لعود بنفسي الى بيتي وانا افضل ذلك في الواقع .

- بعد الشجاعة البالغة التي اظهرتها في الطائرة ؟

هزت كتفيها وجلست فجلس قبالتها ثم قال بسحرية :
- فضلا عن انك نلت اعجاب معظم الموجودين هنا .

فغرت فمها مذهولة ووضعت كأسها على المنضده دون ان تتذوقه ثم نزعت المنشفة عن شعرها ودست اصابعها فيه .

بعد ذلك سألته بحذر :
- لأنني ... ؟

فاستقرت عيناه على خصلات شعرها المبتله وقال :
- لأنك قلت لي ان اذهب الى الجحيم نعم , ولشعورهم بالذنب ايضا .

- ولماذا يشعرون بالذنب ؟

- فيفيان , انا ويني تطلقنا منذ اكثر من 3 سنوات . ولأنه ما كان ينبغي ان تكون موجوده . كما لم اكن اعلم انها ستكون هنا . لقد حاكت المؤامرة امي واختي ومارلين ولا ادري لم عليّ ان امتثل لرغبة عرابتي التي تشبه الساحرات . لكنهن تأمرن كي يلموا شملنا .

فقالت فيفيان ببطء :
- ومع ذلك , لو لم ترد فرجينيا ذلك لما تجاوبت معهن .

- يستحيل ان نعود كما كنا . لقد انتهى كل شيء بيننا .

- لا تطلق كلاما مبرما يا ليتون . اعني هل لكبريائك دور في الامر , مثلا لا سيما وانها هي التي طلبت الطلاق .

اطلق شتمة ثم قال بتضجر :
- ارجوك يا فيفيان . ليس لديك ادنى فكرة ..

وسكتت ثم استند الى ظهر كرسيه.
احكمت لف عباءتها حول ركبتيها قائلة :
- انت على حق طبعا . ولا ارى كيف يمكنني ان اقدم نصيحة حول امر لا اعرف عنه سوى القليل ...

- هذا كرم بالغ منك .

فرمقته بنظرة غاضبة , وقالت :
- حسنا , نعم , لكني مازلت اتساءل عما ... حتى وان كنت تجهل ان زوجتك السابقة ستكون هنا .. اذا كنت قد رشوتني لمرافقتك بهدف حمايتك من اسرتك .... الغاضبة على ما يبدو ... وليس للتخلص من النساء اللواتي يلاحقنك كما قلت لي , وهذا امر مختلف !

- انتِ على حق كنت واثقا من انهن يدبرن شيئا ما في الخفاء . لكنني قللت من شأنهن .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:01
وضعت فيفيان كأسها على الطاولة بشيء من الحدة وتمكنت بعد جهد من كبح كلماتها التي اوشكت على التفوه بها فرفع حاجبه :
- لكنني لم اخفِ عنك الاسباب الاخرى التي جعلتني اطلب منك ان تمثلي دور خطيبتي .

فنظرت اليه متأمله بينما تابع يقول بلطف انما بلهجة لاذعة :
- انت التي قررت تجاهل انجذاب احدنا الى الاخر , وانت وفي هذه اللحظة بالذات منزعجه من فكرة وجودك هنا لحمايتي وحسب .

فتساءلت بعصبية ان كان على حق بالفعل ؟ وتململت تحت وقع نظراته ثم انتصبت وقفه وسارت نحو النافذة .

- اذا كنت تظن ان هذا يشكل عذرا لك يا ليتون فهل لي ان ادلي بملاحظة ؟ عندما تنظر الي وكأنني سأكون احدى النسوة في حريمك تثور ثائرتي وتظهر طباعي السيئة .

فسألها ببراءة :
- متى فعلت ذلك ؟

استدارت نحوه واجابته بحده :
- انت تفعل ذلك باستمرار .











- لم يكن لدي يوما حريم ولا انوي انشاء واحد . لكنني انكر انك تجذبينني وتثيرين اهتمامي . فهل تنكرين هذا انت ؟

حولت فيفيان نظراتها عنه وحاولت ان ترغم نفسها على الاسترخاء لكن التوتر تملك كيانها عندما اخذت تتصارع مع الصدق والكبرياء وهي تشعر بالحذر البالغ بينما تابع يقول :
- لو لم يحدث ذلك لكان امرا غير طبيعي ناهيك عن تجاوبك مع عناقي .

حاولت ان تتكلم فلم تستطع وشدت على يديها لتخفي انفعالها . انتظر لحظات ردها وهو يراقبها بحذر ثم قال بعدها :
- لماذا عليك الاعتراف بذلك يا فيفيان ؟

فأجابت بعنف :
- لأنني اريد ذلك .

- لقد ايقظ كل منا احاسيس الاخر .

سكت وقد لاحت على شفتيه ابتسامة خفيفة :
- شخصيا , لا اظن ان اعترافك بمشاعرك احتفالا بشجاعتك وحسب , انما احتفالا بقلبك وروحك ايضا , احتفالا بالحياة .

اغمضت فيفيان عينيها للحظة وهي تفكر في انها لن تتمكن بعد اليوم من الاستلقاء في شريرها من دون انا تفكر فيه ... صرت بأسنانها وحولت افكارها وهي تعترف بانها قللت من شأن ليتون كما انها غالت في تقدير رباطة جأشها ونهض واقفا وهو يقول :
- وهكذا لا ادري يا فيفيان ان كان علينا الا نتابع ما بدأناه اليس كذلك ؟

فصلتها عنه مسافة قصيرة واحست بضرورة الابتعاد عن هذا الرجل بشكل ما وعن تأثيره عليها .
لم يكن الامر يتعلق بجاذبيه هذا الرجل المدمرة . انما بالتفاصيل الصغيرة التي يتميز بها بها كالتواء حاجبه عندما يمزح وساعة معصمة التي تعكس رجوليته , ويديه الطويلتين القويتين , اللتين خلقتا الرضوض في جسمها حين انقذها من الغرق في النهر . ومع ذلك , اتسم عناقه بالرقة المتناهية واللطف .

شعرت بالدم يتصاعد الى وجهها . فمدت يديها تحكم لف العباءة حول جسمها . تابع هو حركتها العفوية بعينيه اللتين ضاقتا حين استقرتا عند اعلى ذراعها وسألها مقطبا جبينه :
- هل انا من تسبب بذلك ؟

- ماذا ؟

فتقدم منها ولمس رضة على ذراعها وقال :
- هذه الرضة ؟

فتأملها ذراعها وقالت :
-آه , نعم , وهناك غيرها . لكنني افضل هذه الرضوض على ان اكون جثة طافية على وجه الماء .
وضحكت .

- وان يكن , انا اسف فعلا .

- لا بأس .

فقال بهدوء :
بشرتك كالحرير يا فيفيان وقوامك جميل , كما ان عناقك لا مثيل له .

كيف ؟ ولم تنطق بهذا السؤال , بل تركت عيناه تنطقان به . لكنها لم تجد جوابا , وسمعته يقول برزانه فائقة :
- اتساءل دائما عما اذا ترك فيك رجل ما , رضوضا نفسية .

ابتلعت ريقها ثم قالت بخشونه :
- هل لأنني لم ارتمي بين ذراعيك ياليتون ؟

- بل لأنك ارتميت بينهما عندما لم تتمكني من ضيق نفسك ولكنك لم تعترفي بذلك .

وعجزت عن الرد , بدا وكأنهما في دوامة تحمل ذكريات الرحلة في الطائرة ,وكأن لنظرات المقدرة على اعادتها الى الماضي . شعرت وكانه يسيطر عله عقلها واحاسيسها ويسريها كما يشاء .

لكنه في الواقع لم ينطق بكلمة واحده ولم يتحرك ساكنا ولم يكن بالطبع بحاجه لذلك . فقد ادركت المشاعر التي يثيرها فيها وعلمت ان وجوده قربها كاف لارباكها وبعث الاضطراب فيها .

قالت له بارتباك وبلهفة :
- اسمع .

ثم عضت على شفتها وتنهدت بعد ان تجلى لها المازق الذي ورطت نفسها فيه . لو خبرته ان شركة غودمان وشركاه في مازق حرج ولهذا واقفت على القايم بهذا العمل ,
ألن يمنحه هذا سببا ليطيح بأي اعتبارات تقف في طريقها ؟ ومن ناحية اخرى , انها بحاجة ماسة لسبب يبرر وجودها هنا ... وعادت تقول :
- اسمع , لم يكن في نيتي ان اقدم التنازلات واتحمل فظاظتك لأحصل على اتفاقية شامبو كلوفر او العصير , ولكن من اجل مصلحة الوكالة... .

فقاطعها وهو ينظر اليها ساخرا :
- انسي امر الشامبو, فقد حصلت على اتفاقيته على أي حال .

فتابعت تقول بلهجة املت ان تشل لهجة ليتون الهادئة المنطقية :
- وفضلا عن ذلك ...

واذا بها تدرك فجاه ما قاله فهتفت :
- ماذا ؟

- لقد حصلت على الإتفاقية يا فيفيان وليس على جولينا جونز ان تقلق اذ لن تحتاجي الى تغيير شعرة من رأسها .

- اتعني انن لن اخسر حتى لو رفضت الامتثال لأوامرك ؟

- بالضبط , وسادعك الآن ترتدين ثيابك فالعشاء بعد نصف ساعه .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:04
عندها سألته بذهول :
- وماذا عن اتفاقية العصير ؟

- آه قد تاخذ وقتا اطول .

فقالت بمراره:
- اذن علي ان اتابع هذه المهزلة حتى احصل عليها . ماكنت لأقبل بهذه الصفقة لو علمت بمسألة زوجتك السابقة . نعم , ان اتفاقية مهمة لغودمان لكنني قلت واكرر , ان مجموعة من النساء تركض وراءك شيء وزوجتك السابقة شيء اخر .

فأجابها ساخرا .
- انا واثق انها توافقك الرأي . وبالمناسبة . لقد قررت البقاء فهي صديقة حميمة لأختي ماغ . ظننت اننا اعطينا عذرا جيدا آخر لبقائك ... منذ دقائق فقط وكذلك هذا الصباح .

لم تجد فيفيان ما تقوله فضحك برقة وتقدم نحوها ليلامس وجنتيها التي اصطبغت بلون احمر فان ثم اضاف :
- لم لا تبقين كما انت ؟ الكل يعرف هنا اننا لسنا ملائكة .

ثم خرج وتهاوت فيفيان على كرسيها لكن افكارها الغاضبة لم تثمر سوى قرار واحد . وهو ان ليس امامها سوى الباقء لهذه الليلة على الاقل .
وبعد نصف ساعة , جاءت اميليا لتصحبها الى الاسفل .

- جميل جدا .

علقت اميليا بهذه الكلمات على ثوب فيفيان القصير المصنوع من قماش الكريب . كان الثوب من دون كمين ياقته مفتوحة كشفت عنقها , وتفصيله ضيق واظهر قوامها الرشيق .. وارتدت فوقه قميصا شفافا لتخفي رضوض ذراعها كما انتعلت حذاء بسيطا يناسبه .

اما اميليا فقد ارتدت ثوبا واسعا من الحرير المتعدد الالوان .
- كيف تشعرين الآن يا عزيزتي ؟ لقد طمانني ليتون الى انه سوى الامور .

فرفعت حاجبها بتهكم وقالت
- ما عنى به ليتون بكلمة تسوية هو اشبه بالجدل بمحدلة ... آه آسفة ياسيدة ديكستر . ماكان لي ان اقول هذا فغالبا ما يزل لساني .

- قولي ما يريحك يا فيفيان . ارجو الا تشعري بانه عليك توخي الحذر معي .

فهزت فيفيان كتفيها وردت :
- حسنا قد لا اتمكن من ذلك .. لكنه ابنك .

- هذا لا يعني انني ارضى ان ينال ليتون دائما ما يريده ! هل ننزل الى الطابق السفلي ؟ لقد حضرنا مقصفا للعشاء الليلة .

- انا جائعه جدا سيدة ديكستر , ويمكنني ان اكل بنهم .. يبدو ان للغرق علاقة بالامر ...

وابتسمت فيفيان ابتسامة عريضة فحدقت اميليا فيها مفكرة , ثم قال بصراحه :
- انا لا احب الطلاق , يا فيفيان وعلي الاعتراف بذلك لهذا عشت على امل ان يتصالحا , ومازلت ولو كانت الظروف مختلفة لأحببتك على الفور يا عزيزتي .

وتأبطت ذراع فيفيان تضيف :
بالمناسبة ارجو ان تناديني بأسمي اميليا . قد اكون عجوزا ولكن عندما تناديني سيدة ديكستر تجعليني اشعر بأنني اكبر سنا .

أقيم المقصف في حديقة داخلية خلف المنزل . واستبدلت المائدة الكبيرة بموائد صغيرة مستديرة . لم تكن الاماكن محددة . انما جلس الحاضرون كيفما اتفق




اما الطعام فكان متنوعا وزينت الموائد بسلال من فواكه الموز والفريز والكيوي وخصصت البوظة بالفاكهة للتحلية .

ووجدت فيفيان المكان خلابا , فراقها ضوء الشموع واعجبتها الطاولات والكراسي المصنوعه من الحديد المشغول . يمكن للمرء ان يدرك بسهولة ان صيانة هذه المزرعة تتطلب مبالغ طائلة . ودفعتها هذه الفكرة الى التوقف عن الاكل والنظر الى ليتون مطولا بعد ان ظلت تتجاهله حتى جلس بقربها .

فسألها بعد حين :
- اتراني ارتكبت خطأ ما ؟

- لا ابدا ! كنت افكر فقط في انك حتما غني جدا .

فزم شفتيه ونظر الى ساعته ثم وقف وهو يتمتم :
- من دون تعليق . ارجو المعذرة , انتظر اتصالا هاتفيا هاما من سنغافورة ولن اتأخر .

فقالت بمرح :
- تفضل .

وعندما ابتعد ليتون قالت مارلين :
- يتصور المرء انك على علم مسبق بمدى ثرائه يا فيفيان .

كانت تجلس قبالتها ويفصل بينهما رالف . فيما ترك ليتون مكانا شاغرا بين فيفيان وادي .

وبالرغم من ان فيفيان استاءت لأطلاقها تعليقا احمق على مسامع الاخرين الا انها ردت بمرح :
- لم اكن انتقده , ليس كثيرا على أي حال .

- ما ظننا انك ستتذمرين يا عزيزتي.

تململ رالف وادي بضيق عندما وضعت فيفيان شوكتها وسكينها في الصحن واخذت تحدق في المرأة الاخرى . كانت مارلين واين رايت في الـ60 من عمرها ولكنها خلافا لصديقة عمرها اميليا ديكستر لم تكن تستعمل وسائل اصطناعية لأخفاء عمرها بل ذكرت فيفيان بنسر فضي الرأس بعينيها النفاذتين المثقلتي الاجفان .

فقالت بهدوء :
- حسنا , فلندع التحفظ جانبا , يا لايدي واين وايت . هل اسعى وراء الذهب والمال ؟ بالطبع وليتون المسكين يعرف هذا تماما ولكنه عاجزا عن المقاومة . ومع ذلك فأنا لا انفك اقول لنفسي انه رجل في الـ 35 من عمره. ويجب ان يتعلم كيف يعتني بنفسه , الا تظنيني ذلك ؟

تنفست اللايدي واين وايت بغضب ثم حملت صحتها وتركت المائدة مستاءة مجروحة .

فقال رالف بصوت خافت :
- آه يا الهي .

ثم وارى وجهه بمحرمة ليخفي ضحكة غلبته وتابع يقول :
- فيفيان اين كنت غائبة معظم ايام حياتي ؟

اما ادي الذي كان يغالب الضحك ايضا , فكاد يختنق بشرابه وهو يقول بصوت مهتز :
- ناهيك عن حياتنا انا وماغ !

لكن فيفيان التي عادت الى عالم الواقع اغمضت عينيها وهي تقول :
- ما الذي جعلني اقول هذا ؟

فرد رالف :
- لا تندمي , لقد آن الآوان كي تلقن درسا.

فعلقت فيفيان :
- لكنني نادمة على ذلك .

- هذا صحيح , ولكن ... آه , يا الهي .. اين ذهب الجميع ؟ لا اريد الانفراد بك مجددا هذا المساء .

تمطى الى الخلف ثم نظر اليها ساخرا :
- لقد خلد معظمهم الى النوم , ليمنحوننا بلباقة الفرصة لنبقى وحيدين . اما رالف وايدي فليس لديهم أي مشكلة معك يا فيفيان .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:07
- ربما لكنهما رجلان .

- احدهما اخي , اما الاخر على وشك الزواج بأختي .

- آه , انا لا اقصد هذا ! حسنا ربما في ما يتعلق برالف , رغم ان نظرة الرجال الى النساء تحتلف باختلافهم , اليس كذلك ؟

واستقامت في جلستها فجأة , لتسأله بحده :
- اظنك تحذرني من التقرب من أي منهما , اليس كذلك ؟

- كل ما اعنيه ان تجاوبك مع الرجال الاخرين يمكن ان يؤثر على نظرة بعض النساء الحاضرات ... اليك .

قالت غير مصدقة :
- لكنني تعرفت اليهما لتوي ,ولم تسنح لي الفرصة لأتقرب من أي منهما .. هذه سخافة لا تتماشى مع شخصيتك يا ليتون .

فابتسم ابتسامه خفيفة واجاب :
- لقد لعبت النار كشريكه لرالف , وقد افهمتني انك تجدين هذا النوع من الرجال مثيرا جدا .

-قلت هذا فقط كي احرجك .

- احقا ؟

- نعم بالطبع . ما معنى هذا على أي حال ؟ اتراك تتساءل الآن عما اذا كنت حقا صائدة ثروات ؟

وحدقت فيه في ضوء مصباح الشرفة الباهت وقد بدت في عينيها الرغبة في الشجار :
- لا تنسى انني لا اريدك ولا اريد اخاك .

امسك بيدها ينظر اليها :
- هذا ما تقولينه , لكننا لن نناقش الامر الآن . لا كنت فقط انبهك . قد يكون رالف مرحا وطيب الصحبة لكنه يعاني من عيب واحد . وهو انه لا يحبني ويحاول عرقلة شؤوني دائما لا سيما مع النساء .

فغرت فمها مذهولة وسألته :
- آه لا ... هل هذا ما حدث مع جيني ؟

فأجاب ليتون بلهجة هادئة جعلت فيفيان ترتجف :
- لا , والا لما بقي هنا . لكن وضعك مختلف .

فاستفهمت بتوتر :
- لانه شعر ان علاقتي بك غير طبيعية ؟

فقال بلطف:
- او شيء من هذا القبيل .

فتكلمت بصعوبة :
- يا الهي .. ما الذي اوقعت نفسي فيه ؟

- انها اسرة .. امر لا تعرفين عنه الكثير , كما اعتقد . يمكنها ان تكون جنة تغلي بالعواطف في الاوقات الطيبة . او جهنما تستعمر فيها النيران اذا ما تعقدت الامور .

فقطبت جبينها :
- وكيف عرفت انه ليس لدي اسرة ؟

فهز كتفيه :
- من رب عملك السيد غودمان .

- هل تحريت عني ؟

- ابدا , لقد اتصل بي ونبهني الى اشياء معينه .

فقالت بلطف :
- هل فعل سنان ذلك ؟

وفجأة ترقرقت الدموع في عينيها وسالت على وجنتيها فنظر اليها ثم لف ذراعه حول كتفيها وقال :
- لا تحزني .

- لا استطيع التغلب على هذا الشعور , لا ادري لماذا , اعني لا ادري لم الآن بين كل الاوقات . اظنني سأفتقد ابي دائما . ولكن ...

هزت كتفيها واراحت رأسها على كتفه فقال:
- كان يوما حافلا وهذا يكفي لجعل أي شخص سريع الانفعال فقد بدأت يومك بالطيران وارغمت على السباحة ثم واجهت مجموعة من الغرباء الذين ساور بعضهم الشكوك حولك .

- نعم , وأولهم اختك . لقد تجنبتني هي وزوجتك السابقه طوال السهرة .

فسألها بهدوء :
- هل ازعجك هذا ؟

- اعرف انه لا ينبغي ان انزعج لكنهما تبدوان لطيفتين , ولهذا نعم ازعجني , ولكن .. لا اظن ان هذا سيؤرق نومي .
وتثاءبت

- يسرني ان اسمع هذا .

- المشكلة الوحيدة هي انني لا اشعر بالقدرة على الحراك حاليا .

ضحك برقة ثم قبل جبينها :
- يمكنني ان اتحلى بالرجولة فأحملك الى السرير .

- الا تظن انها ضريبة على رجولة معظم الرجال ان يضطروا الى صعود سلالم كسلالم بيتكم , حاملين بين ذراعيهم زوجاتهم قبل ان .. حسنا , اتدري ماذا ؟ بضع درجات امر مختلف ...

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:09
وسكتت ثم اخذت تضحك .

- فيفيان ان معرفتك وحدها درس نافع وعلى أي حال لن احاول ان اثبت لك انك مخطئة حول هذا الموضوع . لكنك تغريني لأثبت لك خطاك بالنسبة الى العناق .

- لا ينبغي ان تفعل ذلك , كنت اشعر بشيء من الراحه والآمان .

وقطبت جبينها ثم اضافت :
تبدو وكانك شخصان في شخص واحد , الرجل الذي جعلني اصعد الى الطائرة معه مثلا ... عود الكبريت الذي سيحرق اصابعي .

وتحولت لهجتها الى الجفاء فجأة عندما لفظت جملتها الاخيرة فقال بابتسامة خفيفة :
- بما ان هذا يشكل اعترافا معينا يا فيفيان فهو .. حسنا .. افترض انها خطوة اولى .

استقامت في وقفتها ونظرت في عينيه قائلة :
- ما من مستقبل لنا معا , حاليا . ما من شيء حقيقي يربط بينا يا ليتون .

- لا ؟ آه حسنا , انك على الاقل تحددي ذلك بكلمة حاليا .

وابتسم بجفاء ثم اضاف :
- قليل من الرحمة , وربما صدفة .. او شيء من هذا القبيل .

فعادت تقطب جبينها وتقول :
- انت رجل غريب الاطوار .

- لماذا ؟

- حسنا احيانا تبدو عاديا جدا واحيانا اخرى تبدو من اصحاب المال وارباب الصناعة . انما في هذه اللحظة تبدو .. متواضعا , وكأن ما بيننا ليس اتفاقية .

فرفع حاجبيه ولم يقل شيئا

وتابعت تقول ببطء وكانها تحدث نفسها :
- ثم قد تكون هذه لعبة .

- اتعلمين , لم لا تنامين على هذه الفكرة , ثم تعلميني بما استقر عليه رأيك في الصباح ؟

اخذت تحدق فيه برزانه .. ثم القت عليه فجأة تحية المساء واختفت من الباب , وتركت ليتون غارقا في التفكير .
وقطع عليه رالف حبل افكاره اذ برز من وراء زاوية الشرفة كظل قاتم وجلس الى جانبه على المقعد الخشبي .

- لم تتعرف اليها بالرشوة اليس كذلك يا ليتون ؟

فأجاب بجفاء :
- كان علي ان اتوقع وجود احدهم في الجوار ولا سيما انت .

- لا ادري ما الذي فاتني فأنا هنا منذ لحظات فقط . ولكني سمعت كلمة اتفاقية . ولكن لماذا ؟

- ماذا تعني ؟

- هل كان عليك ان تستأجر فتاة؟ اود ان اعلم نوع الاتفاقية ومحتواها . مال ؟ وظيفة ؟ ولا تظن اني الوحيد الذي يحاول التكهن بالامر يا اخي.

ثم اضاف ساخرا :
- فماغ تفكر في الموضوع نفسه , لهذا .... .

- المعذرة .

فالتفت الاثنان واذا بفيفيان تقف على بعد خطوات بدا عليها الاضطراب وراحت تلهث وكأنها نزلت السلالم لتوها فهب ليتون واقفا وسألها :
- ما بك ؟

فأجابت بلهجة مأساوية :
- خاتمي لم اجده . آه ارجوك, قل لي انني اعطيتك اياه لتحفظه عندك وانه لم يستقر في قاع النهر .

فتح ليتون فمه ثم عاد واطبقه وقال بعد لحظات بصوت يرتجف :
- انه معي , ولكن اذا وعدتني بانك لن تقعي في النهر مجددا سيكون آمنا في اصبعك .

-آه, الحمد لله .

وتنفست بارتياح ثم وضعت يدها على صدره ووقفت على رؤوس اصابعها لتطبع قبله على خده وهي تقول :
- هل يمكنني الحصول عليه الآن ياحبيبي ؟ اعدك بألا اقوم بأي عمل احمق لأني افتخر به جدا .

- لم لا ؟ فلنذهب ونحضره .

رافقها الى مكتب في الطابق الارضي . وبعد ان اغلق النوافذ باحكام واسدل الستائر فتح خزنة خلف لوحة كبيرة .

ثم قال بلهجة آسفة :
- افهم من هذا انك سمعت الحديث ؟

فقالت بغضب :
- نعم سمعت . واذا ظن احدهم اني سأبقى هنا كفتاه مستأجرة , فهو مخطئ .

اخرج ليتون الخاتم واقفل الخزنة , ثم قال :
- لم عدت ؟ وكيف سمعت ما جرى ؟

فردت بجمود :
- عدت لأشكرك على مافعلته اليوم فأنا لست جاحده .

فتح علبة الخاتم ووضعها على المكتب . ثم نظر اليها متأملا . ظهرت تحت عينيها ظلال الارهاق لكن التمرد والحيوية كانا يتفجران من جسمها كله .

- يستحق هذا جائزة الاوسكار .

- عندما يشرع الناس في الاساءة الى سمعة شخص ما يمكنه ان يصنع العجائب .

- هذا ما اراه ولكن هذا ...

واخرج الخاتم من العلبة , وهي يضيف :
- يؤكد اللعبة , وهذا مارضيت بحزم القيام به من قبل .

ودت يدها اليه ليلبسها الخاتم قائلة :
- كنت اعلم انك لن تعترض .

لم يناولها الخاتم على الفور انما راح يقلبه مفكرا ثم قال بابتسامة صفراء :
-ربما تندمين عندما تهدأ اعصابك .

- لا لن اندم .

ثم القت برأسها الى الخلف وقالت :
- لا بأس . كنت مجنونه عندما وافقت على هذا . ولكني سألعب اللعبة على احسن وجه . لا تجادلني يا ليتون , فانا متعبة .

لوى شفتيه واجاب :
- لا تقولي اني لم احذرك , أي يد تريدين ؟ اليمنى ام اليسرى ؟

فقالت بدعابة ماكرة :
- اليسرى انما حذار ان تجرفك عواطفك او تركع على ركبتيك .

وضع الخاتم في اصبعها دون ان يركع لكنه اخذها بين ذراعيه وضمها اليه فقالت باحتجاج :
- ليتون !

وعندما تشابكت نظراتهما رات في عينيه نظرة ماكرة . ثم قال لها برقة :
- ربما علي ان آخذك غالبا في رحلات جوية .

- لا اظنها فكرة جيدة جدا .

فرفع حاجبيه مستفهما :
- ربما ستعتادين عليها فلا تجدين دافعا لعناقي ....بلهفة .

ووضع يديه حول خصرها فقالت بجهد :
- نعم لا ... اعني ... .

وسكتت بيأس اذ عجزت عن فهم ما تعنيه ووجدت صعوبة بالغة في التركيز .
- اخبرني عن اولئك الرجال الذين احببتهم اكثر مني ولكنك كنت تكرهين عناقهم .

فعضت على شفتها وقالت :
- لم يكن ذلك صحيحا كليا .. اعني , لم يكن لدي اصدقاء كثيرون ...

- هذا ما افهمتني اياه .

طردت من ذهنها المشاعر التي اثارتها نظراته وكلماته .

- هممم ... لا بأس . ان اردت ان تعرف حقا فما قلته صحيح . لم اكن احب العناق ولم افكر فيه ابدا .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:12
قطبت جبينها حين تراءى لها رايان وكان التجربة الوحيدة في حياتها التي يمكنها ان ترجع اليها لتقارن بين ما اثاره فيها من مشاعر وبين تأثير ليتون عليها .

وانفرجت شفتاها وارتفع حاجباها فقد تطلب منها اكتشاف مشاعرها نحو رايان 6 اشهر . حين انه لم يتطلب مع ليتون سوى 4 ايام من ....

وقطع حبل افكارها , حين سألها :
- هل تقارنينني بعاشق سابق , يا فيفيان ؟

واحمر وجهها وتململت محرجه لكنها لم تنطق بكلمة واحده .

- هل ستخبرينني الى أي حد نجحت حتى الان ؟

- لا طبعا .










- لست اذن من الفتيات اللواتي يجرين المقارنات .

فقالت بلهجة انتصار :
- من اعطاك حق طرح سؤال مماثل يا ليتون ؟ فانا لا ارى مبررا لذلك .

ضحك ليتون ثم اجابها :
- انت تضعين خاتمي يا فيفيان .

- وانت تعهدت لي باتفاقية شريفة .

فقال بمرح :
- ومع ذلك علي ان اغريك يا عزيزتي .

فقاطعته وهي تتنهد :
- انا من قام بالخطوة الاولى . لا بأس , انا اتحمل الادانة .

فقال بهدوء :
- لست البادئة .. بل حدث ذلك ولم تنفري منه .

- اعرف ذلك .

تنهدت مجددا ونظرت الى عينيه ببراءة واضافت :
- لكني مازلت خائفة من ان احرق اصابعي بهذه النار . واثناء فترة الاتفاقية لن ادع الامر يزيد عن الحد الحالي .

فقال ببساطه :
- لا بأس .

ثم حملها بين ذراعيه وتوجه الى الاريكة فشرعت تقول :
- لا اريد ...

فأمرها قائلا:
- استرخي يافيفيان .

ثم انتظر قبل ان يضيف :
- هل انت مرتاحه ؟

- ليس لدي خيار اخر .

وكانت قد جلست بجانبه ولف ذراعه حول كتفيها , ثم قال بنظرة ماكرة :
- لا, ليس لديك أي خيار حاليا . فنحن بحاجة الى التفاهم حول بعض المسائل .

تنهدت وتململت قليلا لترتاح في جلستها فخف ضغط ذراعه حولها خلعت حذائها وثنت ساقيها على الاريكة ونظرت اليه مستفهمه :
- ماذا ؟

- هل تقاومين من اجل اتفاقية العمل ام لأنك خائفة من التورط برجل ؟

فنظرت الى الخاتم في يدها ثم شدت قبضتها وهي تجيب :
- الاثنان معا . اعلم انه ما كان علي ان اوافق منذ البدء . لكنك انت من .... .
وسكتت يائسة .

- هل تحديتك بحيث عجزت عن الرفض ؟

- بالضبط . كان علي ان اصر على رأيي الاول , حول كيفية التأثير على فتاة دون ان تعمد الى رشوتها .

- لم لا تدعينني اجرب ؟

- كأن تعانقني كلما طاب لك ذلك ؟

راحت تنظر الى الخاتم وتتامله ثم خطرت لها فكرة فسألته :
- هل اشتريته من اجلي, يا ليتون ؟

- نعم .

فانتفضت وكأنما اصابتها رصاصة فتابع يقول :
- لكنه استثمار جيد في الوقت نفسه .

فهدأت واجابت :
- كان علي ان ادرك ذلك . آه حسنا لقد ربحت شيئا وخسرت شيئا اخر ... ظننت للحظة اني تركت اثرا كبيرا عليك , مما منحني طاقة وشعورا بالقوة . لكني عدت الى ارض الواقع وسأخلد الى النوم .

- لكنك لم تجيبي على سؤالي يبدو انك تتجنبين الموضوع .

- لا ... لا ادري . انا ... .

- اجيبي على سؤال وحيد قبل ان تخلدي الى النوم , اننا على أي حال جالسان هنا كعاشقين .

تحركت وقد ادركت انها قد القت برأسها مجددا على كتفه وان ذراعه ما زالت حول خصرها . فعبست قائلة :
- ماذا ؟

- من هو ؟

- شخص كنت اعمل معه , وهذا كل شيء .

- وظننت انك احببته ؟

فسكتت للحظة واجابت :
- ظننت ذلك , نعم . ظننت ان مشاعرنا متبادله لكني كنت مخطئة . وماذا عنك انت ؟

تركها ونهض واقفا فانتظرت للحظة ثم وقفت بدورها .
وبالرغم من انها سمعت هاتفا في داخلها يحذرها , هاتفا ينبهها من الاهتمام به وبعلاقته مع جيني . الا انها لم تستطع ان تكبح فضولها .

فسألته :
-لابد انك احببت جيني كي تتزوجها ؟

كانا يقفان وجها لوجه وقد رفعت عينيها اليه .

رفع يده وكأنه يريد ان يلمس وجنتيها ثم بدل رأيه وانزلها قائلا :
- نعم هذا ما ظننته على الاقل. لكن شعوري نحوها مات بشكل طبيعي عندما اكتشفت انها في الواقع باعت نفسها لي , وانها تعمدت ان تحمل مني كي ... تثبت الاتفاقية .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:14
4- هدوء ما قبل العاصفة

في صباح اليوم التالي ، استيقظت فيفيان باكراً ، في سريرها .
ثم عادت تستلقي على ظهرها وهي تتأوه بعد أن رفعت يدها اليسرى لتتأمل الماسة المتألقة في أصبعها .

كانت ما تزال في مزرعة ( هارفست مون) في غرفتها المترفه بسجادتها الليلكية وستائرها الزرقاء وأغطية السرير البيضاء.
ولم تنتقل أثناء الليل ، على أجنحة اليمام إلى عالمها الآمن ...

فظهرت على شفتيها ابتسامة سرعان ما بهتت ، لأنها كانت واثقة من أنها تسير في حقل ألغام.
حقل لم تزرعة لها أسرة ديكستر وحدها ، بل هي زرعته لنفسها .

لم تبق لتسأل ليتون مزيداً من التفاصيل ، أو لتطرح عليه أسئلة كانت تتحرق شوقاً لمعرفة الجواب عليها .
لماذا باعت جيني ديكون نفسها لليتون ديكستر؟

وماذا حدث للطفل ؟ فقد هربت منه، وهي تتمتم بتحية المساء ، ولم تنتبه أنها نسيت حذائها في المكتب إلا حين وصلت إلى غرفتها.
لكنها لم تعد لتحضرة.

لم يكن الجو بارداً ، لكنها جذبت أغطية السرير والتفّت بها عندما تملكتها قشعريرة ، لأنه في الأمس ، وبعد أن عرفا بعضهما لمدة ثلاث أيام فقط.
احتال عليها ليعانقها بطريقة مذهلة ..لماذا؟

وأجابت نفسها بأنها ليست سوى طريقة لتعلق في شباكه ...لم تعد تنكر أن جاذبية ليتون تزداد بنظرها إلى درجة خطيرة...إلى درجة ..لا ، لا . لكن الصدق أرغمها على الأعتراف بذلك.
أجفلت وهي تفكر في حقيقة ما يعتريها ، وأعترفت بأنه قام معها بالمعجزات .

لقد ساعدها لتقوم برحلة في طائرة صغيرة . كما مدها بالشجاعة فجعلها تشعر بأنها مرحب بها بدلاً من أن تشعر بالبلاهة المطلقة .
وبالرغم من أنه أساء إليها حين وصفها بالكارثة المتنقلة ، إلا أن اللوم يقع عليها . والخطأ خطأها هي .

فقد أنقذ1 حياتها من غرق محتمل .ومنحها اتفاقية ( شامبو كلوفر (.
وإن لم يوافق بعد على توليها حملة ( عصير كلوفر(.

فكرت بشيء من اليأس بأن ما يجري أشبة بالأرجوحه . كيف يمكنها أن تشعر معه بالراحة والأمان أحياناً .
وبالذهول والرعب أحياناً أخرى.

وهي بين ذراعية ! وذكرت نفسها بأنه ضغط عليها لترافقة ، واستخدم وسائل ملتوية ليقنعها.
وأنه لم يكن صريحاً وواضحاً أبداً معها . لتظهر الآن هذه القضية الجديدة ..زوجة سابقة وطفل ..

سمعت طرقاً خفيفاً على بابها ، فسألت بحذر:
- من الطارق؟

أجابها صوت فتاة مرح:
- الفطور ، ياسيدتي .

-أدخلي!

وجلست فيفيان بينما دخلت فتاة ترتدي ملابس خدم وردية تجر عربة عليها فطور ،

فقالت فيفيان:
- لم أتوقع هذا.

فأجابت الفتاة :
- نظمت السيدة ديكستر رحلة بحرية لهذا اليوم . لهذا طلبت مني أن أعلمك بأنها تريد من الجميع الحضور إلى رصيف الميناء عند الساعة العاشرة.
ستبحرون نحو مطعم ممتاز حيث ستتناولون الغداء ، وبعد عودتكم ستقام مسابقة في لعبة ( الكريكت(.
أتريدين القهوة أم الشاي . يا سيدتي ؟

- قهوة . تبدو رحلة جميلة . إنه فطور رائع ، شكرا يا ...بليندا.

عند العاشرة إلا ربعاً . توجهت إلى رصيف الميناء . بعد أن أمضت وقتاً طويلاً في التجول في الأنحاء .
لطالما ساعدها السير على التفكير في مشاكلها بوضوح وحلها ، لكنه لم يلهمها في هذه المره .

إلا أنها شعرت بتحسن ..لم تكن تعلم كيف ستواجه ليتون ديكستر بعد أن هربت منه في الليلة الماضية .
لكن المشي نحو مهبط الطائرة منحها ثقة بنفسها ، وأشعرها أنها مسؤولة عن مصيرها.
بدت ملابسها مناسبة لهذه الرحلة . إذ أرتدت سرولاً قصيراً أبيض اللون .
وقميصاً أبيض مطرزاً بالأصداف ، وقبعه وردية اللون . تتناسب وحقيبة اليد التي حملتها وأنتعلت حذاء رياضياً .

كما ارتدت تحت ملابسها لباس بحر برتقالي اللون ووضعت نظارات شمسية فاكتمل مظهرها .ووضعت في حقيبتها ملابس بديلة ومنشفة فيما لو سقطت في النهر مره أخرى وكنزة خفيفة .
وكان الخاتم في يدها اليسرى ، بالطبع .

لم تصادف أحداً أثناء نزهتها ، ماحمدت الله عليه ، وكانت أول الواصلين إلى مكان الأجتماع .
في ما عدا ليتون الذي وجدته على ظهر المركب يعالج المحركين القويين . كان نهاراً رائعاً ، تألقت فيه الشمس ، فبعثت الدفء في الكائنات .

وفكرت بحسرة في حظها العاثر ، وهي تنظر إليه دون أن يراها . لكن ربما ينبغي أن تحدثة قبل أن يحضر الجميع .
فبادرته بشيء من الحذر :
( صباح الخير(.
رفع رأسه ، ثم حك وجنته بيده ، فلطخها بالشحم ، وتمتم يقول :
- أتراها الآنسة فلوري ، خطيبتي بالإكراه ، المتألقة كل هذا التألق .

وضعت فيفيان يديها على وركيها ، وسألته :
- هل أنت مستاء مني حقاً ، يا سيد ديكستر؟

- لا ، أبداً .
لكنه أنزل غطاء المحرك بشيء من العنف .

- تبدو وكأنك تنظر إلى الدنيا نظرة حاقدة حالياً ، أم أنني أتخيل ذلك؟

فرد عليها بسرعة :
- وأنت تبدين وكأنك عدت للتأرجح على حاجز الرصيف ، يا فيفيان.

ابتعدت عن الحاجز بسرعة ، وقالت :
- أسفة ، أنا ..لا ، لن أقولها .

فقال بمرارة :
- أرجو ألا تمتنعي عن ذلك من أجلي .

ثم أنزل غطاء المحرك الثاني وتوجه إلى الرصيف .
نظرت إليه بحذر ، في بنطلونه الكاكي وقميصه الأصفر وحذائه الجلدي الخفيف .
كان شعره يغطي عينيه ، لكنه بدا عملاقاً أنيق المظهر بالرغم من مزاجه الكئيب المرتسم على ملامحه .

هزت كتفيها وقالت :
- حسنا، أردت فقط أن أقول إن السبب الوحيد لسقوطي أمس في الماء هو شعوري بالدهشة ، الدهشة البالغة .

فشبك ذراعيه على صدره ، معلقاً :
- وهذا ما جرى الليلة الماضية ، على ما أظن؟
- نعم . الحياة بين الأثرياء والمشهورين مختلفة عن الحياة التي اعتدتها .

- هراء ، هذا يحدث لجميع الناس .

فقالت محذرة وهي تنظر إلى الجموع القادمة خلفه :
- ها ..ها أن الجميع يقتربون منا ، يا ليتون . أمك ، عرابتك ، أختك ، زوجتك السابقة ، إدي ، رالف ، وصيفات العروس ، انة عمك ماري ، ثم ...
رباه ، بعض الأولاد ، كنت أتساءل عما إذا حجزتهم في حديقة الحيوانات ولكن هل سيسعنا هذا المركب جميعاً ؟
وأشارت نحو المركب الذي كان على متنه .

- الجميع ما عدا اثنين . أنا وأنت سنذهب في هذا .

وأشار إلى مركب أصغر ربط إلى الناحية الأخرى من الرصيف .

فتحت فمها لكن القادمين اقتربوا منهما ، وسمعت رالف يقول بصوت مرتفع :
- أتراهما عصفوري الحب ؟ صباح الخير يا فيفيان . أراك لم تفقدي الخاتم بعد ، أرنا إياه .

أما المهزلة الكبرى فجرت بعد ذلك ، حين أمسك رالف بيدها ، وصفر طويلاً وهو يعرض الخاتم على إميليا ديكستر لتتفحصه .

فقالت والدة ليتون بفتور :
- جميل ..جداً.

فعلقت مارلين واين رايت وهي تتأمله من فوق كتف إميليا :
- ليس جميلاً وحسب ، إنما ثمين جداً ، كما أتصور .

ردت فيفيان وهي تسحب يدها بهدوء :
- أعتقد أن ثمنه ستون ألف دولار . أنا واثقة من أنكما تتساءلان عما إذا كنت أستحقه ، ولكن ...

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:17
تدخل ليتون قائلا :
- أنا واثق تماماً من أنك تستحقينه ، يا فيفيان . حسناً يا رالف ، أنت ستأخذ المجموعة الرئيسية .
أما أنا وفيفيان فسنستقل المركب الأصغر ، فليصعد الجميع على متن المركب .

ساد الصخب والفوضى عملية الصعود إلى المركب .
ورتبت أغراض كل منهم على ظهر المركب الأكبر ، فيما جلست فيفيان على الحاجز الخشبي تؤرجح ساقيها .
كان هناك أربعة أولاد ، ولدان وبنتان ، تتراوح أعمارهم ما بين الثالثة والعاشرة.









بدوا جميعاً في منتهى الحماس والبهجة ، ولم يظهر على أي منهم صلة بليتون أو جيني ، في الواقع ، جاءت جيني وجلست قرب فيفيان أثناء تشغيل محركات ( سفينة نوح) كما يسميها ليتون.

وبدا أن مزاج هذا الأخير قد تحسن ، إذ تعامل برفق مع الأطفال ، وراح يلبسهم سترات النجاة ليضعهم بعد ذلك على السلم . حيث ينتظرهم رالف وإدي .

قالت جيني بصدق واضح :
- إنه جميل
-
إنه ...آه ، الخاتم . هذا رأيي .

- لا تبدو عليك الثقة المطلقة .
قالت جيني كلماتها هذه ، وقد التمعت في عينيها الأخاذتين الفاتحتي اللون ، ومضة مرح ، ثم أضافت :
- لا تهتمي باللايدي واين رايت ، فهي شوكة في إصبع جميع الحاضرين .

نظرت فيفيان إليها ، إلى شعرها الطويل الأشقر المربوط إلى الخلف تحت القبعة الزرقاء . كانت ترتدي سروالاً قصيراً وقميصاً أبيض واسع .
وبدا أنها تحاول الظهور بمظهر عفوي بسيط إلا أن ملابسها عكست أناقة بالغة .
وكان قوامها ، وهي أطول من فيفيان ، نحيفاً رشيقاً .

قالت لها فيفيان:
- أنا ..لم أكن أعلم بأمرك . إني أسفه .

رفعت المرأة حاجبيها وردت :
- أعلم ذلك . فليتون حريص جداً في ما يخبره للآخرين .

- أنت على حق . هذا ما جعلني أسقط في النهر في الأمس . لم أكن أعرف أنه كان متزوجاً . هل أستطيع أن أطرح عليك سؤالاً؟

فأجابت جيني ديكون ببطء :
- نعم ، علماً أني قد لا أستطيع أن أجيبك ..

- هل تحبينه ؟ هل سبق لك ذلك ؟

- آه ، نعم . لكن حب ليتون يؤدي بك إلى تحطيم قلبك . ... حسناً ، أظنهم بحاجة إلي الآن .
ثم وقفت وهبطت السلم .

وقفت فيفيان بدورها وراحت تنظر مع ليتون إلى رالف وهو ينطلق بالمركب بحذر .

عندها سألها :
- مستعده ؟
-
تماماً .

- أتخافين المراكب ؟

فقالت بغضب وهي تنزل إلى المركب ، دون أنتظار مساعدته :
- أبدا.

ثم جلست على أحد المقعدين المنجدين . فتبعها ، لكنه لم يشغل المحرك على الفور :
- أرى أنني جرحتك .

فردت عليه بحدة :
- نعم ، وليس هذا فحسب . بل خيبت ظني . في الأمس تعاطيت بشكل رائع مع خوفي من الطيران . واليوم قضيت على كل ذلك بضربة واحدة!

سكتت فجأة ، وشبكت ذراعيها على صدرها ، وهي تحدق في المركب الكبير ، عابسة .
قال ، وقد أرتسمت على شفتيه ابتسامة طفيفة :
- بكل تواضع ، أطلب صفحك ، يا فيفيان ، لاأريد أن يكون في سجلي عندك نقطة سوداء .

- هراء .

والتفتت إليه ، وتراجعت حدة غضبها دون سبب واضح ، حين أخذ يضحك ، ثم قال لها :
- لم أر قط من تأخذ معها حقيبة محشوة مثلك . أرجو ألا تضطري إلى تغيير ملابسك . هل أنت جاهزة؟

ترددت ، ثم أومأت إيجاباً .
فتح غطاء المحرك ، ووضع قبعته ونظارته الشمسية ، ثم شغّل المحرك وبعد دقائق ، شقا طريقهما في النهر .
كانت الرحلة منعشة مليئة بالبهجة .

سألها :
- هل تزلجت من قبل على الماء ؟

- لا .. ولكنني واثقة من أن الأمر ممتع .

وأحست فيفيان مع مرور الوقت بتحسن كبير .
أبطأ ليتون سرعة المركب ثم استدار به فخلف وراءه خطاً فضياً على المياه السمراء .
واتجه بالمركب نحو شاطئ جميل صغير يحيط به دغل كثيف .

- ظنت أننا سنلحق بهم .

فأشار إلى جهاز اللاسلكي الموضوع أمامه ، وقال :
- يمكن لرالف أن يتصل بنا في حال حصول أي طارئ . هل فكرت في إحضار ثوب سباحة معك؟
-
إنني أرتدي واحداً ..أتراها فرصة لتتخلص من بقية المجموعة ؟
-
ليسوا بحاجة لنا حالياً .. إنهم كثيرون.
وضغط على أحد الأزرار فتعالى صوت سلسلة المرساة .
وقفت فيفيان تطيل النظر إلى المياة .
-
يمكنني أن أقفز من المركب ، هل المياة عميقة كفاية ؟
فأومأ برأسه .
-
وماذا عن المد والجزر ؟
-
سيبدأ المد بعد قليل . لن تتعرضي لأي مشكلة .
-
آه ، ولكن كيف أعود إلى المركب ؟
ففتح ليتون خزانة صغيرة وأخرج منها سلماً من الحبال علقه بجانب المركب .
- على هذا .
-
أرى أنك اتخذت احتياطاتك لكل شيء .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:20
خلعت ثيابها ، ثم وضعت خاتمها في علبته التي كانت في حقيبتها . وبعد تفكير قصير . أخرجت قميصاً طويلاً من حقيبتها وارتدته.
فسألها ساخراً وقد راح يخلع ثيابه :
- هل ستسبحين أم ستسيرين على الماء ؟
فأجابت وهي تقفز إلى الماء :
- بل لأحمي بشرتي من أشعة الشمس .
وما إن عادت للظهور على وجه الماء ، حتى أخذت تسبح نحو الشاطئ .
ورغم أن ليتون قفز بعدها بلحظة . إلا أنها غلبته . قال لها بعد أن وقفا والمياة تنساب عن جسميهما :
- أنت رائعة يا أنسة فلوري .
رفعت فيفيان شعرها عن عينيها ثم ضحكت ، قائلة :
- أنا مسروره جداً لأني رائعه في بعض الأمور .
ضاقت عيناه مفكراً . ومع أنه لم ينطق بأي كلمة ، إلا أنها شعرت أنه أكتشف نيتها في أن تحافظ على جو مرح بينهما .
رغبت بهذا لأنها ، لسوء حظها ، لا تعرف ما يمكنها أن تفعل غير ذلك . فعندما رأت ليتون ديكستر بسرواله القصير الأزرق .
وكتفيه العريضتين ، وخصره النحيف وساقيه السمراوين الطويلتين اضطرت لأبتداع خطة ما تحمي بها نفسها .
قال لها :
- أنت بارعة جداً في عملك.
ثم تقدمها إلى صخرة مسطحة يتوسطها حوض طبيعي مليء بالماء ، فمسح الماء الساخن عن سطحها ، ليتمكنا من الجلوس دون أن يحرقا جلدهما .

وأجابته مازحة:
- هذا مختلف . علماً أني قد أكون كارثة متنقلة حتى في العمل .

- علاقة عمل ؟
جازف بهذا القول وهو ينظر إليها وقد ارتسم على شفتيه طيف ابتسامة.

- كما رأيت ، هذه هي الجنة .
ووقفت ثم غطست في الماء مجدداً . وبعد حين. عادت إلى حيث استلقى ليتون ، ثم جلست إلى جانبه وهي تشير إلى الدغل ، قائلة:
- بوجود هذا الدغل ، لن يتمكن أحد من الوصول إلى هنا بالبر ، أو حتى سيراً على الأقدام.

- إنه مكاني الصغير الخاص ، وهو المفضل لدي .

- حسنا ، شكراً على مشاركتي إياه ، خاصة وإني ..قد لا أكون الشخص المفضل لديك ، حالياً.

- من قال هذا ؟

- ربما لم تقله بلسانك ، ولكن موقفك هذا الصباح ، أشار إلى ذلك بوضوح .

ساد صمت قصير ، قال بعده :
- كنت أنظر إلى العالم نظرة حاقدة ، هذا الصباح ، أو لعل العيب فيّ أنا .
فنظرت إليه من تحت أهدابها وسألته :
- أتعني أنك مستاء من نفسك ؟

- ماذا سيكون موقفك ، لو كنت مكاني ، مع زوجة سابقة وخطيبة مكرهه تحت سقف واحد؟ هذا عدا عن الباقين ؟

فضحكت وأجابت :
- رباه ، لا أحسدك أبداً ، وهذا ما يجعلني لا أصدق أن ما يحدث حقيقة واقعه !

ثم سارعت تؤكد له :
- ليس ما يخصني ، وإنما بالنسبة للأمور الأخرى ، أظنها ما زالت تحبك .
أضافت جملتها الأخيرة ، برزانه وجدية مفاجئة .

- هل هذا ما قالته لك عند الرصيف ؟








- نعم .. لا .. أعني عندما سألتها فقط .

فتمتم بمكر :
- هذه فتاتي فيفيان.
ووضع يده على يدها على الصخرة :
- ولكن لم سألتِ ، وأنت مصرة على أن لا شيء حقيقي يربط بيننا ؟
أمعنت التفكير قبل أن تجيب :
- لا أدري ، أظن أن الفضول أفقدني الحكمة

- لقد هربت مني الليلة الماضية .

فهزت كتفيها :
- هذا أفضل من السقوط في النهر.
-
لماذا هربت مني ، يا فيفيان ؟

فتنهدت فجأة ، وقالت:
- أنت ، وهذا الوضع كله . أظن أن هذا كثير علي ّ.

فسألها ساخراً:
- ألهذا قررت أن تستمري بلعب دور الفتاة الأجيرة بالرغم من كل ما حصل ؟

- لم أحصل بعد على اتفاقية عصير كلوفر . ولكن أثناء لعبي دور الفتاة الأجيرة لأسباب معينه ، أنصحك بعدم أستغلال الموضوع .

- ألهذا السبب لبست قميصاً فوق لباس البحر .

- نعم! فأنا أعرف تأثير لباس البحر . ومن يلومني لحمايتك من نفسك ؟

راح يضحك ، فسألته غاضبة :
- لماذا تضحك ؟

فقال ، والأبتسامة لا تفارق محياه :
- أسف يا فيفيان . ولكني لم أكن أتوقع ذلك ، وأنا أصدقك . اسمعي ، اخلعي قميصك ، أنت آمنة معي ، فمزاجي ليس ملائماً اليوم .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:22
- شكراً ، ولكنني سأبقية على جسمي على أي حال ، إذ علينا أن تفكر في الشمس .

- كما تشائين .
وشبك ذراعية على صدره ثم أضاف :
- لكن هذا لن يمنعني من أخبارك بأن قوامك متناسق جداً . وأن بشرتك ناعمة ولونها بلون الذهب.
انفرجت شفتاها ، وهو يصفها بهذا الشكل ، وبقيت على حالها للحظات بعد سكوته ، ثم قالت :
- إن لم يكن هذا مزاج السلطان ، فأنا محظية ولكنني أؤكد لك أنك مخطئ .

- أنا واثق من أنك ستكونين محظية رائعة ، يا فيفيان ، ولكن قبل أن تفكري في ضربي ، علينا أن ننضم إلى المجموعة .

فتأوهت وقالت :
- هل يجب أن نلحق بهم ؟ ألا أستطيع التظاهر بالصداع ؟
لن يتطلب الوصول إلى مكان وجودهم سوى دقائق و ...
-
لا ، إذا كنت تودين الحصول على أتفاقية عصير كلوفر .

شعرت وكأن ماء بارداً أنسكب عليها ، ولم يفدها هذا الشعور غير العقلاني ، فقالت بجفاء :
- سر أمامي إذن ، يا سيد ( عصير كلوفر.(

ثم قررت ألا تنتظر ، فقفزت إلى الماء . وبالرغم من أنها سبقته في العودة إلى المركب .
إلا أنها لم تتمكن من الصعود إليه ، فالأمر لم يكن سهلاً كما ظنت ، وعندما وصل إليها ، قالت له :
- تباً لهذا السلم اللعين ! فهو لا ينفك يتوارى تحت المركب .

- هناك طريقة معينه لصعوده يا فيفيان . دعيني أسبقك كي أساعدك .

ولم يكن أمامها إلا أن توافق . لكن بالها لم يرتح حين رأته يقفز إلى سطح المركب بطريقة أبرزت قوة جسمه ، فحبست أنفاسها لا إرادياً .
ثم مد يده إليها وسحبها إلى ظهر المركب بقوة عضلاته .

ووقفت بين ذراعيه هادئة لاهثة ، وشعرت بالغباء عندما ساعدها على الوقوف على قدميها .

قالت وهي تلهث :
- هذا أصعب مما يبدو عليه .

- إن الصعود يستدعي قوة في الذراعين والكتفين .

ترافقت كلماته مع مرور مركب آخر رشهما بالماء وهز مركبهما . إلا أنه بقي صامداً . وقدميه المتباعدتين ثابتتين بقوة كشجرة راسخة .
وأدركت أنها لو كانت مكانه لسقطت على وجهها .
تنهدت بهدوء وهي تشعر بالأمان بين ذراعيه . كما راح قربه يثير مشاعرها .

وعجزت عن الأبتعاد عنه . لا بل لم تشأ أن تفعل . لكنه أفلتها ببساطة وتناول قميصه ، ثم قال بلهجة عادية :
- سأدير لك ظهري إذا شئت أن تغيري ملابسك هنا ، أو يمكنك أن تقومي بذلك في المطعم .

بقيت صامته وقد تملكها شعور بخيبة الأمل ...وبعد حين ، قالت بهدوء :
- شكراَ ، لكنني قد أحتاج إلى مرآة ، لهذا سأبدل ملابسي في المطعم .
ثم وضعت قبعتها ونظارتها الشمسية وجلست .

بدأ يتحرك بالمركب . لم يدر بينهما أي حديث سوى تعليقات حول المركب وأمور عامة أخرى .
أثناء الرحلة إلى المطعم والتي استغرقت عشر دقائق . أما المطعم فمبنى ريفي خشبي .
ذو شرفة فسيحة في الطابق الثاني تشرف على النهر .

وكانت بقية المجموعة قد سبقتها إليها ، سألته عندما اقتربا من الرصيف .
- هل أحد هؤلاء الأطفال أبنك؟

نظر إليها ، فأخذت تتساءل عما إذا كان هناك أثر للكآبة في عينيه.
- لا ، فقد أجهضت جيني .

إنك هادئة جداً ، يا فيفيان .
طرحت عليها ماغ هذا السؤال ، بعد أن انتهى الغداء ، كانت الوجبة وبفضل إميليا ، هادئة .
فلم يبد أحدهم أي معارضة على خطبة ابنها لفتاة غريبة كلياً.
كما كان الغداء فرصة ، سمحت لفيفيان بمراقبة تصرات أسرة ديكستر .
أحسن رالف التصرف . وبدا ظريفاً ، حلو المعشر ، حنوناً مع أخته ماغ .

وظهر تقارب بينه وبين ليتون ، رغم الإختلاف بينهما ، وبدا جلياً أن إميليا تستمتع بهذا الأنسجام الظاهر بين أولادها الثلاثة .
كما تجلت في نظراتها نحو ابنها الأصغر خيبة أمل ممزوجة بولع بالغ . ولأول مرة ، تقدمت ماغ ، شقشقة ليتون ، لتجلس قرب فيفيان .
بعد أن تفرقت المجموعة في الأنحاء . فنزل بعضهم إلى الطابق الأسفل ، ليصطادوا السمك مع الأولاد .

كانت ماغ بسيطة الملبس كالباقين ، وتشبة ليتون كثيراً ، ويبدو عليها أنها تعرف جيداً ما تريد وكيف تحصل عليه .

قالت فيفيان : ( لقد أكلت كثيراً ، وتعرضت لحرارة الشمس وإلى ما هنالك).
بدا الأسف في صوتها ، وشعرت بالتوتر لأنها تعلم ما سيأتي بعد ذلك فأضافت : ( كان الطعام رائعاَ) .

- نعم ، إنه رائع دوماً ، وبعض الناس يقصدون هذا المكان بالطوافات .

- الحمد لله لأني لست مضطرة لذلك .

- أخبرني ليتون أنك تكرهين الطيران .

وعندما رفعت فيفيان حاجبيها أكملت ماغ حديثها ، قائلة : ( لا تظهري كل هذه الدهشة ، إنه أخي ، فلم عليه ألا يخبرني شيئاً عنك؟)

- لا ..أنا فقط.. أشعر بالحرج من هذا الأمر ..أعني الطيران.

وسرعان ما جاء السؤال ، الذي كانت فيفيان تخشاه ، إذ سألتها ماغ مقطبة الجبين :
- منذ متى تعرفينة؟

فردت متلعثمة : ( ليس من مدة طويلة ..لقد تطورت الأمور فجأة بيننا ).

ثم لم تستطع منع نفسها من أن تضيف باكتئاب : ( إسمعي ، أنا آسفة إذا ما أحدثت بعض الفوضى ، في هذه المناسبة الخاصة . لم أكن أدرك ..أعني ..لم أكن أعلم أنني سأسبب مثل هذا الأزعاج).

جمدت ماغ في مكانها للحظات . وراحت تتفرس في ملامح فيفيان المكتئبة بتمعن ، ثم قالت :
- إدي معجب بك ويراك أهلاً لليتون ، في الواقع إغتاظ إدي مني ، لأني شاركت في المؤامرة المفاجأة ليتون بجيني مع إني أؤمن كثيراً بحسن رأيه ..

ولوت شفتيها مازحة ثم أكملت: ( و إلا لما تزوجته ..لكنه لا يعرف كم تحب جيني ليتون أو .. حسنا، لم أكن أعرف إدي عندما كان ليتون وجيني معاً ، ولهذا هو لا يعلم ..كيف كانا ..)

ابتلعت فيفيان أمراً عظيماً فرقهما ، وليتون يمكن أن يكون أحياناً عنيداً للغاية .
وأظن أن السبب يعود لأنه ورث شركة كلوفر وهو صغير السن.
فكان عليه أن يطهّرها من عناصر السوء وأن يحافظ على استمرارها ، ولكن ، حسناً ، لقد ظننت فقط..

وسكتت ثم هزت كتفيها بيأس قبل أن تختم كلامها بالقول : ( ظننت أنه من المفيد لك أن تعلمي ..) وسكتت.

إستقامت فيفيان في جلستها ثم أخذت تعبث بخاتمها دون وعي ، وقالت لها : ( إسمعي )
ثم سكتت لتطلب من الله أن يرشدها ، قبل أن تضيف : ( إن أخاك في مأمن معي ، يا ماغ.. لن أدعه يتزوجني كردة فعل أو انتقاماً من زوجته الأولى ، أعدك بذلك).

فنظرت إليها ماغ مذهولة ، وسألتها : ( كيف يمكنك أن...تقولي هذا ).

فأجابت فيفيان مكشرة : ( لم أعلم بأمر جيني قبل قدومي إلى هنا . ولهذا ... أظن أن الأمور تحتاج إلى أعادة تقييم . وبالمناسبة أنا لست صائدة ثروات ).

فقالت ماغ ببطء : ( فهمت).
ثم أضافت : ( لو كانت الظروف مختلفة لأحببتك ، يا فيفيان ).








هذا ما قالته أمك لي . وأتمنى ، يا ماغ ، من كل قلبي ، أن تصدقيني وألا تدعي هذه السحابة تعكر عليك صفو عرسك.

ثم أكملت بعد تردد قصير :
- كما ليس في نيتي أن أشترك في أي مواجهة بين ليتون وجيني ، أو أن أخلق مزيداً من المآسي .

ونهضت وهي تقول :
- من الأفضل أن أتخلص من هذا الغداء وإلا ازداد وزني.
ونهضت ماغ بدورها ، وفاجأت فيفيان حين تأبطت ذراعها قائلة : ( وأنا أيضاً .
وأقسم أني سأخسر كيلو غراماً قبل العرس ، ما رأيك لو أقنعت أمي بأن تستبدل الكريكت بكرة المضرب حين نصل إلى البيت ؟
هل تجيدين هذه اللعبة ؟ (

- نعم ، وأراها فكرة جيدة جداً .

- يبدو أنك كسبت أختي إلى جانبك ، كيف فعلت هذا؟
طرح عليها ليتون هذا السؤال بعد أن انطلقا خلف المركب الكبير .
-
أخبرتها أنك آمن معي ، ياليتون ، وإني لن أدعك تتزوجني كردة فعل على ما جرى مع زوجتك الأولى ...إذا أردت الحقيقة .

جمدت يداه على عجلة القيادة ، ونظر إليها غير مصدق ، ثم أخذ يضحك .

فقالت تحذره :
- ليتون ستصطدم بمركب آخر.

- آسف ، كان علي أن أعلم أن السبب هو شيء مبتكر وفي منتهى البراعه ،
هذا إن لم يكن جوهرياً ، يا فيفيان فلوري .

- شكراً لك .

- ولكن من قال إن ما قمت به هو ردة فعل ؟

فهزت كتفيها :
- هي التي فعلت . وأظنها أصبحت أكثر سعادة الآن .
خصوصاً في هذا الأسبوع المميز في حياتها . ولا يعود ذلك لجهد بذلته أنت. يا ليتون.

أضافت جملتها الأخيرة بلهجة لاذعة ، فأجاب :
- لو لم يتطفلوا على حياتي ويتدخلوا في مالا يعنيهم ، لما حدث هذا .

فعادت فيفيان تهز كتفيها وكأن الأمر لا يعنيها ، فنظر إليها وسألها :
-وهل صدقتك؟.

صرت بأسنانها ، وقالت باقتضاب :
- صدقتني .

ثم سردت له الحديث الذي دار بينها وبين أخته.
فعلق قائلا : ( إعادة تقييم)؟.
وابتسم ضاحكاً ثم أضاف : ( أنت تحفة نادرة(.

- لا أظنك تتوقع مني أن أبقى لألعب دور الشرير في القصة.

فقال وكأنه يحدث نفسة : ( لا أدري ماذا أتوقع ، كنت هادئة جداً على الغداء.(
-
إنها طريقة جيدة للإبتعاد عن المشاكل .

- ولا علاقة لذلك بمواجهتنا السابقة ؟

فقالت بجرأة وهي تعض شفتيها : ( لا(
-
كنت أتساءل فقط عما إذا كانت تصرفاتي قد جرحتك .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:25
فرمقته بنظرة ، وقالت :
- لا ، مطلقاً ، كل ما في الأمر أني لا أريد أن أكون واضحة كل الوضوح.

كانا يبحران والصمت يلفهما . وما لبث ليتون أن زاد سرعة المركب ، مما جعل المحرك الخلفي يهدر .
وهكذا ، لم يعد بإمكانهما تبادل الأحاديث من دون صراخ ، فلاذت فيفيان بالصمت.
وراحت تتساءل عن أثر كلماته عليها . فقد كذبت عليه حين أدعت أن ما جرى بينهما لا شأن له بهدوئها.
ولم تشأ أن تعترف له يأن هذا ما جعلها صامتة أثناء الغداء على غير عاده.

كانت تفكر في مدى تأثيره عليها ، في حين أنها لا تثير لديه أي شعور .
كانت مبارة التنس سريعة نشيطة ، لكنها لم تكن جادة . وبعد انتهائها .
توجه الجميع إلى البحيرة ، وهناك ، أعلنت إميليا أنهم سيقيمون حفلة شواء عند المساء ، وأن أمامهم ساعتين للراحة .

استلقت فيفيان على سريرها ، وبقى ذهنها مشغولا بالتطورات الجديدة .
هل رالف وجيني صديقان، أم أنها تصورت ذلك؟ لعبا كفريق في مبارة التنس .
وعندما فازا أخذها بين ذراعيه وعانقها مطولاً. وبعد السباحة في البحيرة ، أخذ رالف طبلتين وأذهلهم جميعاً ببراعته .

لكن جيني كانت أكثر الحضور تحمساً له...وتساءلت فيفيان عما يعني هذا كله ؟ أترى جيني تستغل شقيق ليتون لتسترده هو ؟
لا بد أنها غفلت . إذ دخل ليتون إلى غرفتها ، للبحث عنها بعد مرور ساعتين ونصف.
لم تستيقظ حين طرق الباب ، كما لم تسمع الطرق .لكنها استبقظت مترنحه ، متوعكه ،كان الظلام سائداً ، وهي مشعثة الشعر .

مشوشة الذهن ، دخل وأشعل المصباح قرب سريرها . عندما نظرت إلى الساعة ، ختفت بذهول ويدها على فمها .

- آه ، لا .

فقال بهدوء وهو يجذب كرسياً ليدنيه من السرير : ( لا بأس ، يا فيفيان (
فسألته بخشية وهي تمرر أصابعها في شعرها : ( أحقاً لا بأس في ذلك؟(
كانت فيفيان قد خلعت لباس السباحة وارتدت قميصاً طويلاً من الساتان ، قبل أن تندس تحت الملاءة . كان قميصها مطرزاً بشكل رائع ، بأزخهار وردية اللون . وبالرغم من أنه محتشم إلا أنها سحبت
الملاءة قليلاً والتفت بها .

وجلس هو قائلاً:
- بالطبع ، فليس هناك سوى حفلة الشواء ، ولابد أنك متعبة جداً ، كي تنامي بهذا الشكل .

فأجابت وهي لا تزال تشعر بالدوار :
- لا بد أنني كذلك ، إنما لم ألاحظ . كنت قد قررت أن أنام نصف ساعة فقط.
ثم نظرت إلى نفسها وأضافت : ( آسفة لاستقبالك بهذا الشكل ، أظن أن الجميع في الطابق الأسفل . وأنهم يستمتعون بوقتهم.(
فأومأ برأسة بالإيجاب ، وجلست مستندة إلى الوسائد وسألته : ( أتراني أخطأت في شيء ما ؟)

- مالذي يجعلك تظنين ذلك؟

تأملته مقطبة . كان يرتدي بنطلوناً من الجنز الأزرق وكنزة بيضاء بياقة بحرية .

- أنا فقط ..أشعر بشيء ما .

- قد أكون مكتئباً بعض الشيء .
وسكت قليلاً ثم قال : ( أتريدين شيئاً ما؟.(
فطرقت بعينيها غير قادرة على فهم قصده.

-أعني أن تأكلي أو تشربي ؟

فجلست وهي تتمطى ، ثم قالت :
- لا أريد سوى فنجاناً من الشاي وشطيرة ، وأن أستلقي بعدها مع كتاب .
ولكني لا أظن أن هذا سيساعدني على نيل اتفاقية ( عصير كلوفر.(

فقال ، وقد ارتسم على شفتيه طيف ابتسامة :
- يحق لك باستراحه . وكنت سأسعى للحصول على مهلة لكلينا غداً . كم تحتاجين من الوقت لتستعّدي لحفلة راقصة؟

أخذت تفكر في الأمر . لقد أحضرت معها ثوباً مناسباً للحفلات الراقصة.
راحت تتأمل أظافرها ، ثم عادت تلعب بخصلات شعرها الطويل ، ونظرت إلى ليتون بمكر ، قبل أن تقول : ( نصف ساعة . لماذا؟(
فبادلها نظرتها بنظرة مرح ماكرة مشوبة بالإعجاب .
- فيفيان ، أكثر الرجال يعبدونك من أجل هذا فقط. ملاذا ؟ حسنا ، ستُقام حفلة راقصة هنا مساء الغد.
ونزولاً عند رغبة الجميع ، وكي يستعدوا لها ، منحو يوم راحة . ففكرت في أن تلعب ( الهوكي.(

- أين .

فأجاب بوقار : ( في بالم يبتش ) إنه مكان جميل . يمكننا أن نسبح ، ونتناول الغداء الخ ...
وليس عليك أن تجتمعي بالأسرة قبل مساء الغد ) .

- هذا إغراء كبير ، ياليتون . ولكن هل علينا الذهاب بالطائرة ؟

فنظر إليها برقة ، وقال : ( لا ، سنذهب بالمركب .(

كانت يداها ممسكتين بالغطاء ، فنظرت إليهما عندما إنقبضتا لا إرادياً .
فقضاء يوم كامل بعيداً عن الأسرة وعن مهزلة دور الخطيبة سيكون بمثابة الفردوس بالنسبة لها . ولكن تمضية يوم كامل ،
وحيدة ، مع ليتون ديكستر ، يحمل نوعاً آخر من الأرهاق لأعصابها ، فكيف ستتمكن من مقاومته ؟

- أعدك ألا أفعل شيئاً ترفضينه ، يا فيفيان.

تنهدت ورفعت نظرها إليه ، ولم تستطع تحويل عينيها عنه . طفت مشاعرها ، برزت تلك الجاذبية التي لم تعد قادرة على إنكارها .
تأججت أحاسيسها ، وألهيها الشوق والحنين إليه . ودت لو تخفف عنه ما يزعجه .
وكانت واثقة من أن هناك ما يزعجه . . .

لكنها لن تدعه يستغلها ، فهذا خطر ، وحماقة ، قد تتسبب بتحطيم قلبها .

ثم تذكرت جيني ورالف ، فاتضحت الأمور ، أرخت أهدابها ، وسألته :
-هل هذه اتفاقية شريفة؟ .

- الأمر كله عائد لك .

فارتجفت ، ووقف وهو يقول :
- أنا لست ( كازانوفا ) ملك العشاق ، يا فيفيان .

فردت بشيء من الكآبة : ( أعرف هذا ... لا بأس(
-
يا للفتاة الطيبة ، آه ...

والتفت حين سمع طرقاً على الباب ، ثم قال لها :
- ها قد جاء عشاؤك ، تصبحين على خير .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:27
[عروس البحر تغني
center]5-
قال ليتون :
- تلك هي منارة بارانجوى.

كانا قد خرجا باكرا من مزرعة هارفست مون وابحرا ساعه كامله ليصلا الى بيت ورتر . هناك ارسى ليتون المركب في حوض للسفن وانتقلا منه الى سيارة رانج روفر كانت متوقفه في المرآب .
ويبدو انه اعتاد ان يحتفظ بسيارته هناك .

سحرت المياه الصافية التي ابحرا فيها فيفيان كما لفتتها الصخور الشاهقة والمراكب والشواطئ الصغيرة الجميلة والجزر والخلجان وفتنتها المساكن التي لايمكن الوصول اليها الا بواسطة المراكب . كان يوما رائعا ارسلت فيه الشمس اشعتها خيوطا ذهبية لتدفئ الارض .

سبحا لبعض الوقت في مياه بالم بيتش حيث المقاهي الحيوية الممتده على الرصيف والمتجر الصغيرة . وقاما بجولة حول الرأس البحري . واثبت ليتون في فترة الصباح انه مرافق رائع مميز فقد استرخت وتسلت حتى نسيت خوفها مما قد يسببه لها هذا النهار من توتر .

سألها:
- هل انت جائعه ؟

فابتسمت قائلة :
- كاد يحين وقت الغداء .

- فلنتناول الغداء اذن .

لكنه لم يصطحبها الى مطعم بل عاد بالسيارة كيلو مترات متعدده ثم انعطف ليسلك طريقا ضيقا بمحاذاة المحيط . امتدت الطريق بين اشجار متشابكة ونباتات كثيفة ولم تر حين توقفا سوى باب مرآب خشبي انفتح دون صوت حين ضغط على زر التحكم عن بعد .

سألته :
- ما هذا ؟

- انها استراحتي ..لعله المكان الوحيد الذي ادعوه بيتي .

وعندما اجفلت بشكل جلي وضع يده فوق يدها واضاف :
- لم احضرك الى هذا المكان لأغويك . اردتك ان تريه وحسب .

نظرت في عينيه فوجدتهما رزينتين وداكنتي الزرقة .
دخلت الى البيت من باب المرآب بشيء من الحذر . ولكنها ذهلت لما رأته. بنى المنزل على طرف جرف ينحدر انحدارا شديدا نحو المحيط وكانت المناظر التي يطل عليها رائعه للغاية . كما كانت الغرفة الفسيحة رائعه وتنتهي بما يشبه سح سفينة خشبي انيق .

لكن جل ما اذهلها في استراحة ليتون هذه هو الوحده اذ بدا بيته وكأنه كهف مضاء بين الصخور بعيد عن كل ضوضاء شاطئ بالم بيتش وحركة بيت ووتر وعن العالم اجمع .

- حسنا ؟
استدارت فرأته يقف خلفها وينظر اليها بمرح كان يرتدي سروالا قصيرا وقميصا قرمزيا بينما ثوبا مكشوفا فوق لباس البحر . كان شعرهما مشعثا ووجهاهما متوهجين من الشمس .

هزت رأسها وقالت :
- لا اظن ان الكلمات ستفيها حقها .. هذا رائع .

-شكرا . والآن اذا سارت الامور كما نريد فلابد ان جنيتي قد جهزت لنا الغداء لنلق نظرة .

كان المطبخ الذي قادها اليه رائعا ايضا وكان تصميمه اشبه بمبخ سفينه ويحتوي على كثير من الآنية والاجهزة المعدنية . فتح الثلاجة وقال :
- نعم , لقد جهزت الغداء.

ووقف جانبا كي يسمح لفيفيان بالقاء نظرة .
لم تكن الثلاجة تحتوي على الكثير , عدا الزبدة والحليب . ولكنها رأت طبقا كبيرا من القريدس المسلوق وغير المقشر وطبق من المحار وليمونتين .وتنهدت مسرورة .

- هل اعجبك هذا ؟

-ومن لا يعجبه قريدس بارد يؤكل بالاصابع في يوم حار ومحار . جنيتك هذه نابغة حقا كيف علمت انني اعشق الحلوى بالشوكولا ؟

حملا الطعام الى الشرفة وتوجها الى السطح .

شهقت فيفيان ثم وقفت قرب الطاولة وقالت :
- لا اظنني قادرة على التقدم خطوة اخرى بعد .

كشر ليتون وضرب على جبينه قائلا :
- نسيت خوفك من العلو . اتعلمين يا فيفيان ان هذا السطح ليس اعلى من شقتك في الطابق الثالث بكثير؟ ومع ذلك سنبقى هنا .

فقالت وهي تجلس الى الطاولة :
- شكرا انا مرتاحة هنا تماما .

راحا يتناولان المحار وكان لذيذا مع عصير الليمون بعدها بدا بتقشير القريدس فراح يقشر واحدة منها ويأكلها فيما تقشر هي عددا منها اولا ثم تأكلها لاحقا .
وتعالى ضحكهما وهما يحاولان تحليل صفات كل منهما استادا الى طريقته في الاكل .
ارتفعت الشمس الى قبة السماء فأحضر ليتون قبعتين من القش ليتقيا اشعتها القوية . وكان البحر الممتد امام ناظريهما صافيا .

قالت وهي تغسل اصابعها في وعاء مخصص ثم تنشفها بمحرمة من قماش .
- هذا رائع جدا , الاحتفال بالبحر , وطعامه , والاكل بالاصابع ... والشمس وهذا الجزء من العالم .

وسكتت مقطبة جبينها ثم اضافت :
- الا تعتبر هارفست مون بيتا لك ؟

- لا , فقد بناه والدي ثم آل الى امي بعد وفته . هي جعلته على حاله هذه كتعويض عن فقدان ابي . انه منزل ممتازا لأسرة ولكن ليس لي , يمكن لماغ وادي ان يعيشا فيه على الرحب والسعة اذا ما ارادا ذلك .

- وماذا عن رالف ؟

- وهو ايضا اذا شاء.

ونظر الى القريدس في يده مفكرا , ثم رفع نظراته الى فيفيان وقال :
- لكن رالف لا يمكث ابدا لفترات طويلة هناك .

- انت وماغ متشابهان جدا .لكن رالف مختلف عنكما .انا واثقة من ان امك شغوفة به وان كانت لا تظهر ذلك .

بدا المرح في عيني ليتون حين قال :
- كانت علاقتي بماغ حميمه ولم تكن امي تنوي انجاب المزيد من الاطفال . لهذا , اتى رالف بعد فترة طويلة واظنها تشعر بضرورة حمايته لأنه كان مختلفا .

- هل ... كانت جيني تحب العيش في هارفست مون ؟

- هذا ممكن , نعم اظنها كانت تريد ذلك .

وهز كتفيه فسألته :
- لم حطمت قلبها يا ليتون ؟ الا اذا كان العكس صحيحا .

لمعت عيناه بشرارة غامضة ثم قال متاملا :
- اتراها ماغ , ام جيني نفسها , هي التي تركت لديك هذا الانطباع ؟

لم تجب فيفيان بل قالت :
- يمكنني ان اكون مستمعه جيده . ولكن فقط اذا شئت ان تخبرني , كما اني اتمتع بحدس صائب في الليلة الماضية مثلا , كنت .. لم تكن على ما يرام فساورني شعور بأنك تحتاج الى الابتعاد اليوم مثلي انا تماما .

تشابكت نظراتهما لكن نظراته بقيت غامضة .
- منذ ليلتين رفضت ان تعرفي شيئا عن ذلك .

حركت كتفيها بتملل وردت :
- اظنني فكرت منذ ذلك الحين بأننا يمكن ان نكون صديقين ولكنك لم تشأ ... قالت جملتها الاخيرة بهدوء وهي تتأمل البحر.

- صديقان فقط ؟






وعضت على شفتها وهي تضيف :
- انها البداية . انها افضل من كل ما نقوم به بأسم عصير كلوفر مثير .

لوى شفتيه وقال :
- هل يعني هذا انك عندما ستحصلين على اتفاقية العصير ستفكرين في انشاء علاقة جدية ؟[/center]

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:30
عادت نظراتها لتستقر عليه وهي تبتلع ريقها واجابته بتلعثم :
- انا ... لا ادري, لقد سبق وهجرت مرة , ولهذا نعم , اظنني مجروحة بعض الشيء .
وسكتت ثم نظرت اليه بأسى مضيفة :
- اعلم ان ما اقوله جنون , لكنه مفيد . ان كان لديك نقاط ضعف فقد لا اشعر اني ادخل عرين الاسد دون ان اعرف ما ينتظرني .

تبدلت تعابير وجهه ثم قال بابتسامة عريضة :
- اضمن لك ان الاسد لن يفترسك .

- كنت اتحدث بشكل مجازي .

فقال والابتسامة لا تزال على محياه:
- اعلم هذا , حسنا .

لكن فيفيان قاطعته فجأة عندما لمعت في رأسها فكرة :
- ما قصدته هو ان زوجتك هجرتك رغم رغبتها في العودة اليك الآن . كنت اتساءل فقط ولأنك اختبرت هذا الشعور , ما اذا كنت تفهم ما اشعر به اكاد اموت خوفا من ان يتكرر ذلك مرة اخرى .

قالت ذلك بصراحه مؤلمة واكملت :
- حسنا يكون شعور الانسان افضل ان لم تعتمد سعادته على شخص اخر .

تبدد من وجهه كل اثر للمرح , وراح يتفرس فيها .. تأمل الطريقة التي تحرك بها عنقها والتي تنقبض بها يداها , وظلال العذاب في عينيها البنيتين , وخطوط جسمها المتوتيرة ثم سألها بهدوء :
- كيف حدث هذا ؟

- كنت اعمل معه في وكالة غودمان وكان هو اول ...
ثم سكتت وعضت على شفتيها لتضيف بعد حين :
- اول رجل ارتبطت به بعلاقة جديه فقد فقدت امي في طفولتي ولم ينس ابي حزنه قط وعشت طفولة غير مستقرة لهذا نشات وحيده وخائفة من .. اليس هذا ما اخبرك به ستان ؟ انه ...احيانا اعتقد انه يعرفني اكثر مما اعرف نفسي .

- ليس تماما قال لي انك يتيمه , وانه اخذك تحت جناحه وكانك ابنته بالتبني كما اخبرني انك قد تكونين عنيدة احيانا لفرط تحمسك لعملك اذن جعلك ذاك الرجل تعتقدين ان علاقتكما تتجه الى نهاية معلومة , ثم هرب ؟

فقالت بشيء من الحيرة :
- نعم , لا , ربما تصورت علاقتنا اعظم مما هي عليه . فقد تعلقت به جدا وما كنت لأفعل هذا لو لم .. يبدو انني تصورت مستقبلا لعلاقتنا لم يكن يفكر هو فيه .

- هل مازلت تحبينه ؟

- لا . اذا كنت تعني اني تعيسة , اشعر بالحرمان او ما اشبه , فلا . هذا من الماضي , ولكن حينذاك كنت .. تعيسة جدا .

حدق ليتون فيها مطولا ثم حول نظراته عنها قبل ان يقول :
- بالنسبة الي كان الامر مختلفا . فأنا من طلب منها الرحيل , لكن وفي لحظة سخرية حمقاء طلبت منها ان تدع الجميع يظن العكس .

فغرت فمها وسألته :
- لماذا ؟

- هل نزيل هذه الفوضى عن المائدة اولا ثم نحضر القهوة لنرتشفها مع الحلوى ؟

- اذا شئت .

وهذا ما فعلاه وبقيا في الداخل لأن حرارة الجو ارتفعت فأخذت الشوكولاته تذوب على الحلوى .
سكبت القهوة وقطعت قالب الحوى ثم جلسا وقد فصلت بينهما طاولة منخفضة .

بادرته قائلة فجأة :
- اذا بدلت رأيك ولم تشأ ان تخبرني لا بأس .

- لا , لم اغير رأيي في الواقع ... حسنا , اشعر بحاجه الى القيام بذلك تعرفت الى جيني عن طريق ماغ وكان ذلك بعد مرور ست سنوات على وفاة ابي , كنت ...
وسكت وسرح بنظره الى البعيد , ثم اكمل قائلا :
- .... كنت قد تحررت من اوهام الحياة .

- لماذا ؟

- اظنني لم اكن اتوقع ان اتحمل المسؤولية لشركة كلوفر بهذه السرعه , او لم اشأ ذلك . ولا يعني هذا انني كنت اريد ان اتخذ الطيران كمهنة لي . ولكن قبل ان يتوفى ابي كنا قد قررنا اقامة مصنع للطائرات وهذا ما كنت اريده حقا , لا العصير والشامبو ولا أي شيء اخر , ولكن كان هذا مستحيلا .

انتظرت فيفيان بصمت كي يكمل حديثه وراحت تكون انطباعا جديدا عن ليتون , فكرت في وهو يترك القوات الجوية والاحلام التي داعبت خياله ليواجه امبراطورية من الاعمال .
كما تخيلته فتى خالي البال تكونت شخصيته وتغيرت بسبب هذه المسؤولية الضخمة وتساءلت عما اذا كان هذا هو سبب الناحية الحاقده والساخرة من شخصيته .

ومع ذلك , لم يكن من الصعب ان تتخيله عاشقا مدمرا يمكنه ان ينال ما يشاء .. واخيرا تابع يقول :
- كان الامر مستحيلا لآن وضع الشركة كان مهزوزا قليلا بسبب موت ابي المفاجئ وكذلك الوضع الاقتصادي العام انذاك. وقد استلزم انقاذها من الافلاس الكثير من الجهد والعمل فكيف يمكنني ان افكر بالطيران ؟

لفظ سؤاله الاخير بجفاء ساخر فسألته جادة :
- هل تعني ان جيني دخلت حياتك حين كنت ضائعا نسبيا ؟

فألقى براسه الى الخلف مفكرا وقال :
- ربما . لكنني لم اكن افكر في الزواج وان كنت منجذبا اليها ..

- هذا ليس صعبا , فهي .. جميلة جدا .

رفع ليتون رأسه ونظر الى فيفيان ساخرا :
- شكرا . هل يفترض ان اشعر بتحسن ؟ يمكن لأي رجل ان يواجه المشكلة نفسها .

فعبست واجابت :
- آسفة . لم اقصد الاستعلاء عليك .

فضحك بهدوء وقال :
- لعلك لم تصلي الى هذا الحد يا انسة فلوري . على أي حال , وقبل ان تصل الامور .. الى ذلك الحد بحسب التطور الطبيعي لها , تزوجنا عندما اكتشفت انها حامل , رغم ان هذا ما كان يجب ان يحدث عمليا .

وعندما رفعت حاجبيها قال :
- كانت قد اخبرتني انها تتناول حبوبا لمنع الحمل . ولكن الحبة قد تخذلك او هذا ما اعتقدته انا . اما ما لم انتبه له فهو الازمة المالية الخانقة التي كانت اسرتها ترزح تحتها . كانوا وما زالوا رعاة ماشية .

فقاطعته غير مصدقة :
- الم تكن تعرف ماضيها ؟

- بلى , فهي من اسرة عريقة من غرب ويلز . لم تكن نعرفهم شخصيا لكني اجتمعت بهم طبعا . وقد تركوا اثرا طيبا على امي . مثلي تماما فأسم ديكون مذكور في سجلات الاسطول الحربي . ولاحظت انهم كانوا اغنياء في ما مضى . اما احتمال افلاسهم وامكانية ان يخسروا مزرعتهم فهو سر لم يبوحوا به لأحد . كما كانت والدة جيني تتظاهر بأنهم في احسن حال وذلك حتى النهاية المرة .

فسألته بحزن :
- وكيف حدثت النهاية المرة ؟

- انها سلسلة من الاحداث. اجهضت جيني بعد ان تزوجنا بأسابيع.. وكان قد مر على حملها 3 اشهر . كان مقدرا لها ان تخسر الجنين بحسب الاطباء . لكن لم اكن واثقا تماما من ذلك . كانت ... تصرفاتها غريبة بعد عودتنا من شهر العسل , اذ بقيت اعصابها متوترة وذات يوم اقبلت باكية واخبرتني ان اباها يهدد بالانتحار بسبب مشاكله المالية ثم توسلت الي لأساعده وحينذاك بدأت اتساءل .

فعادت تسأله بحزن :
- وما الذي دفعك الى الاقدام على ما فعلته ؟

- وجدت رساله من امها , ولم يكن فيها أي التباس . ذكرت فيها ان حالتهم ميؤوس منها ولكن بما اني تزوجت جيني , بالرغم من خسارتها للجنين , فلا بد انها اصبحت واثقة مني ويمكنها ان تطلب مني مساعدتهم لدفع رهن المزرعه .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:32
-
آه ...

فقال بجفاء :
- وكما قلت انت , ولأفيها حقها . لقد تعرضت لكثير من الضغط من اهلها , ولا سيما من امها . كان اسمهم ذا ماض مجيد . وكان لها 3 اخوة اصغر منها سنا , ومازالوا في المدرسة او الجامعة . واظن ان انعدام الكرامة بدا واضحا على وجه جيني نفسها .

- لكنني لا افهم لماذا تساندها اسرتك ؟

- لأنهم لا يعلمون ما جرى .

- وهل دعت الرهن .

- آه نعم . كان هذا جزءا من الاتفاقية , وقد سرتهم جميعا . اذ نص الاتفاق على الا يعلم بذلك احد , حتى ما واسرتي .

- فهمت لهذا طلبت منها ان تفهم الجميع انها هي التي تركتك .

- تماما . اما الجزء الاخر من الاتفاقية فنص على ان يكون دفع الرهن عن الاسرة مقابل الطلاق .





وظهر الذهول على وجه فيفيان .

فقال وقد ارتسم على وجهه طيف ابتسامة :
- كان يمكن للأمور ان تسوء اكثر . ولكن ان اكتشف انني كنت مخدوعا او مغفلا لم يكن بالامر السهل .

فازداد الذهول في عينيها , وقالت :
- انت تعني انها حاولت الحصول على المزيد من المال منك ؟

- لا . لكني انذاك , كنت من الحرص بحيث لم اسمح لها بذلك كما اكتشفت انها لم تستعمل وسائل منع الحمل عمدا . ان هذا النوع من الغش واستغلال حياة شخص اخر لتحقيق المآرب جرحتني في الصميم . وهذا ما لا استطيع الصفح عنه ابدا .

فتنفست فيفيان بعمق وسألته :
- ولكن قل لي يا ليتون , كيف استطاعت ان تخدعك؟ ليس في مسألة الحبوب ولكن في مسألة حبها لك ؟

ساد صمت طويل عادت فيفيان لتقول بعده هامسة :
- هل احبتك في تلك الفترة ؟

فأجاب باقتضاب :
- هذا ما قالته .

- وهل فكرت في انه يمكن للحب ان يجمعكما الى الابد بالرغم مما فعلته ؟

- نعم .
ووضع فنجانه على الطاولة ثم اضاف:
- وانا اسف اذا فكرت هي في الامر نفسه . لكني اشك في ذلك فأنا اعلم ان هذا غير صحيح .

وعندما رأها تفتح فمها قال محذرا :
- فيفيان اياك والقاء محاضرة حول الكبرياء .

سكتت لتقول بعد لحظة :
- بصفتي فتاتك المأجورة فأنا مؤهلة لأن اشكك ياليتون .
وترددت حين رمقها بنظرة ساخرة ثم قالت :
- شكرا لأنك اخبرتني كل هذا .

نظر اليها فقالت بلهجة منطقية :
- حسنا , يجب ان اعترف ان هذا يجعل الامور مريبة نوعا ما .

حول نظراته عنها ثم عاد ينظر اليها قائلا :
- احد الاسباب التي جعلتني استخدمك يا فيفيان , هو عدم ثقتي بالحصول عليك بطريقة اخرى اسمعي .. كان ذلك تصرفا من وحي الساعه اعني ان احملك جزءا من المسؤولية مع الاسف . منذ اللحظة التي دخلت فيها الى مكتبتي حافية القدمين تملكني الفضول نحوك .

فقالت بشيء من المرارة :
- ذاك الحذاء الذي كلفني مبلغا ضخما , لم يكن يستحق سنتا واحدا كما سبب لي الكثير من المشاكل .

- هذا وقف على النتيجة التي حصلت عليها بسببه .

هزت كتفيها ثم قطبت جبينها وهي تنظر اليه . اذ ادركت فجاة ان تغييرا ما قد حصل وانه انتقل الى موضوع آخر . ثم خطر لها انهما وثقا ببعضهما , وتكلما في امورهما الشخصية ولكن , بدلا من ان يعزز ذلك علاقتهما فتح فجوة بينهما وسعتها كلماته الاخيرة .

قضت كلماته على شعور الصداقة البسيط الذي نشأ بينهما في فترة الصباح واثناء الغداء . كلمات تناقضت والاحساس الذي جعله يرغب في ان يريها استراحة كلمات اثارت في داخلها قشعريرة غريبة .
اتراه ندم لصالحتها حول زواجه الفاشل ؟

- فيفيان ؟

استفاقت من تأملها مجفلة وقالت:
- آسفة ... نعم ؟

- اتريدين ان تستحمي وتغيري ملابسك قبل ان نعود ؟

- آه , نعم . شكرا

ولكنها شعرت مجددا وكأن ماء باردا انسكب عليها . وربما بدا هذا عليها .
اذ ظهرت الرقة في عينيه وهو ينظر الى وجهها الا انه حول نظراته على الفور ونهض واقفا.

ثم قال :
- سأريك غرفة نوم الضيوف .

استغرق حمامها وقتا طويلا لآنها حاولت ان تتخلص من الملح والرمال التي علقت بجسمها , ومن الشعور الغريب الذي انتابها . احست انها اشبه بحبة رمل على الشاطئ تافههة وحيدة تتقاذفها الامواج.
ثم ارتدت الثياب التي احضرتها معها سروالا قصيرا وقميصا قصير الكمين .
جلست خلف طاولة الزينة وحملت بيدها الفرشاة لتسرح شعرها لم تكن غرفة النوم تحتوي الا الضروري من الاثاث . لكنها لم تكن رخيصة او قبيحة.

نظرت فيفيان الى صورة الغرفة المنعكسة في المرآة وفكرت في انها تحتاج الى لمسة ما ... لمسة تمنحها لونا وحياة . لكن عينيها ضاقتا حين وجدت نفسها تفكر معذبة , في ما يمكن ان يقودها الى مفتاح لحل لغز ليتون .

وفي هذه اللحظة بالذات قرع الباب ودخل , ولأن فكرها انحصرت فيه عجزت عن النطق وراحت تنظر اليه في المرآة . بدا وكأنه انهى حمامه للتو بشعره المبتل القاتم الممشط وقد ارتدى سروالا قصيرا وقميصا ازرقا .

رأته يقطب جبينه فتمنت لو تستطيع ان تقول ما يخفف عنه , لكنها بقيت عاجزة وفي الواقع حدث ما لم يكن في الحسبان , اغرورغت عيناها بالدموع فخفضت بصرها بسرعه ثم رفعت الفرشاة بيدها .

- فيفيان ؟

فأجابت وهي تشهق بصوت منخفض :
- لحظة واحده .. شعري .

وضع يده على يدها ثم اخذ الفرشاة منها ادارها نحوه , وسألها :
- ماذا حدث ؟

فتحت فمها لترد عليه فشعرت بدوار قوي مما انقذها من ضرورة الكلام .
- آه لا شيء ..لعله المحار والقريدس والشوكولا لقد اكلت منها بنهم .

سكتت وتنفست بعمق . لكن الدوار عاودها مجددا فوضعت رأسها بين يديها بارتباك وبأس .
جذبها لتقف على قدميها مقاما كل محاولاتها المذعورة للافلات منه .

وحين اصبح الدوار اسوأ أمرها :
- قفي ثابته .

ثم عاد يمسك بها ويضمها اليه ويمسح بيده على شعرها , وبعد 5 دقائق شعرت بتحسن فأخذت نفسا عميقا وهمست تقول :
- لا ادري كيف تفعل هذا , يا ليتون , ولكني اشكرك ولن اهتم بشعري , سأجمعه تحت القبعه ..

ابعدها قليلا عنه ثم تفرس في عينيها :
- ما الذي جعلك حزينة ؟

- انا ...
وتنحنحت .

- كنت تبكين... لماذا ؟

اغمضت عينيها واطلقت آهة خفيفة وهو يضم وجهها بين يديه آهة صغير بائسة :
- لا ادري . لا شيء ..حقا .

فقال برقة :
- اخبريني , انظري الي يا فيفيان .

رفعت اهادبها وكانت مبتله فقالت بصوت خفيض :
- لا استطيع . انا لا اعلم ... ولهذا ..

- لابد ان لديك فكرة .

فابتلعت ريقها , وقالت :
- انا ... حسنا شعرت وكأني حبه رمل على الشاطئ . يتملكني احيانا شعور بالوحده . وهذا كل مافي الامر . ولكنه شعور لا يدوم .

وهزت كتفيها ثم اضافت :
- اظنها من الاوقات الغريبة التي اكون فيها تلك الشقراء المصابة بالدوار التي رأيتها في البداية .
حاولت ان تبتسم لكنها لم تستطع . همس لها كلمات لم تسمعها ثم عانقها .

وتمتمت عندما ضمها بين ذراعيه :
-آه , لا , ارجوك دعني .

- لسبب ما لا احتمل رؤيتك حزينة .

فقالت بعجز :
- هذا يزيد الامر سوءا .

لكنه لم يهتم بما قالته , بل ضمها اليه اكثر , فشعرت بأحاسيسها تدفعها الى احضانه كما يدفع المد المياه نحو الشاطئ . تملكها مشاعر لم تختبرها من قبل فأحست ببهجة عجيبة عجزت عن مقاومتها .
احست بين ذراعي هذا الرجل الضخم بانوثتها وصغر حجمها . وادركت تأثير الرجولة المتدفقة منه على حواسها , فاستسلمت لعناقه .

حدقا في عيني بعضهما البعض . فشعرت فيفيان وكانها تغرق في بحر عينيه , اذ راحتا تنطقان بشوق اليه . وكأن ليتون ديكستر لا يفكر سوى بشخص واحد .. هو فيفيان .
وترك شعورها بانها الوحيدة في عالمه تأثيرا بالغا عليها .

انحنى نحوها ليأخذها بين ذراعيه واحاطت عنقه بذراعيها هامسه :
- انت كالشجرة احيانا , قوي جدا .

- وانت كعروس البحر , تغنين لي اغنية لا استطيع مقاومتها

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:35
جمدت فيفيان مكانها , وانزلت يديها ووضعتهما على صدره , وهي تحدق في عينيه , ثم رمشت بعينها , اذ اعادتها كلماته هذه الى شيء من التعقل .

كان قد قال شيئا مشابها من قبل وهي تتذكره جيدا . قال ان عليه ان يكون قويا ليتمكن من اغراء اللذات الارضية . قالها بلهجة الازدراء .
ثم هزتها قناعتها الذاتيه بأن ما جرى ينبغي ان يكون اختبارا . اختبارا لاستقامتها , اختبارا لقدرتها على المقاومة , حتى وان كانت تحتاج الى شيء منه .

اصبحت تعرف الكثير عنه .القصة الحقيقية لزواجه من جيني ديكون والتحذير من نتيجة تورطها معه , فقد اوشك قلبها ان يتحطم ذات يوم . ولم تكن واثقة من ان هذا لن يتكرر وبشكل اسوأ ..

اضطربت وابتعدت عنه فسألها وقد ضاقت عيناه :
- لماذا ؟

- انا ...

وتعلثمت ثم تنهدت وقالت :
- ليتون .. انا ...
ولكن لم تستطع ان تعبر عن افكارها بالكلمات .

وقف يتأملها وهو لا يزال ممسكا بها , ثم قال بشيء من السخرية :
- لن احاول , اغوائك , على أي حال , يا فيفيان ؟

توهج وجهها وراح السخط يغلي في داخلها , فقالت :
- لم اكن انتظر منك ذلك .

فرفع حاجبه قائلا :
- ايا كان ذلك الشخص الذي صدمك فقد خلف فيك جرحا يصعب شفاؤه صدقيني .

حاولت ان ترفع يدها لتصفعه فأمسك بيدها وهو يهز رأسه ساخرا :
- الا يمكنك ضبط نفسك .

فقالت متلعثمة :
- ما كان عليك .. ماكان عليك ... اعني .

فرد ببطء:
- الثأر مني ؟ لا , حسنا ليس بهذه الطريقة . اعلم انك لا تنفرين مني . يبدو انك احرزت تقدما في هذا المجال .

اطبقت فيفيان اسنانها واغمضت عينيها بشدة ثم قالت بعنف :
- كفاك سخرية , ياليتون ديكستر ! انت من يتغير ويتبدل ويتلون . انت من احضرني الى هنا وحدثني عن زواجه ثم منعني من التحدث عنه ! انت الذي قارنني بعروس البحر , وكأن مهمتي تنحصر في اغوائك . انت من اخبرني انه عليك ان تكون قويا لتتمكن من مقاومة الملذات الارضية التي امثلها انا . ولن اذكر انك في مزاج ملائم يوما وخلاف ذلك في يوم اخر ...

سكتت وراحت تتنفس بعمق وقد اغرورقت عيناها بالدموع مجددا رغما عنها . واخذت تمسح دموعها بضيق وهي تقول :
- لا ادري ما الذي حصل لي . لكن ان كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على اتفاقية كلوفر فالتعامل انتهى بيننا .

ختمت كلامها بكبرياء بالرغم من دموعها الجارية .

- خذي .
تركها ودس في يديها منديلا كبيرا اخرجه من جيبه . ثم عاد يضع ضراعه حولها بينما راحت تمسح دموعها وتحبس انفاسها لتتجنب الدوار الذي هددها من جديد .

وعندما هدأت امسك بيدها ليقودها الى غرفة الجلوس وقال بجدية وحزم :
- اجلسي سأحضر لك ما تشربينه .

غاصت فيفيان في الاريكة , كانت وما تزال ترتجف لفرط انفعالها فتناولت منه فنجان الشاي الذي احضره شاكرة . وكان قد سكب واحدا لنفسه فسار نحو الباب الزجاجي وقف يحدق في البحر .

ثم استدار نحوها قائلا :
- المشكلة هي انني ظننت اننا من نوع واحد .

فنظرت اليه بعجز , وسألته :
- من أي ناحية ؟

اخذت نظراته تتأملها , وقال برزانة :
- بأمكاننا ان نتحكم بانفسنا .

فاخذت تطرف بعينيها وهي تقول :
- لم افهم ما تعنيه .

- كأي شخصين ينجذب احدهما الى الاخر , انما لا يريدان الالتزام بعهد طويل الامد .

فسألته غير مصدقة :
- هل هذا ما فهمته , يا ليتون ؟

فقطب جبينه , وقال :
- لقد ادعيت نظراته على الخاتم في اصبعها .

فغرت فمها ولم تنطق بأي كلمة . وبعد لحظة , جلس بجانبها فنظرت اليه من خلال اهدابها :
- لم اكن انوي التورط معك , وقد اخبرتك بذلك ..

- وبرهنت ذلك الآن ...
وكان في صوته سخرية ومكر شيطاني .

ارتجفت من شدة غيظها . وفكرت في ان تعلمه كيف كادت تنجرف وراء مشاعرها , وكيف ردعتها كلماته وجذبتها بعيدا عن حافة المجهول , لكن الحكمة تغلبت عليها :
- آه , اذا اعطيت بقدر ما اخذت فلهذا سببان .اولا , لأبرهن لك انك لست ذاك الرجل الذي لا يقاوم , وثانيا من اجل غودمان .

سكتت وعلقت الكلمات على شفتيها مجددا , لن تطلعه على ورطتهم المالية, ولن تخبره بمدى حاجتهم الى المال الذي ستكسبه من الاتفاقية , لاسيما بعد ان سمعت منه قصة جيني .

وارتجفت حين راودتها هذه الفكرة , ثم تابعت تقول بصعوبة :
- اذن , وبالرغم من ... انجذابك الي , لم تفكر قط بأي نوع من الالتزام ؟

- نعم .

فسألته وهي غير قادرة على اخفاء الالم في صوتها :
- و.... ألم يغير أي شيء في رأيك هذا ؟

- فيك اشياء كثيرة مخيبة . لهذا اكره ان أؤذيك .

اخذت نفسا عميقا , واحست وكانها كشفت اوراقها كلها .
فقالت وهي ترتعش :
- ما الذي جعلك تغير رأيك ؟

- تصرفاتك كفاحك حتى النهاية , ما اخبرتني به اليوم , والذي يفسر سبب مقاومتك لي .

اخذ يعبث بالخاتم في اصبعها واضاف :
- انت الفتاة التي تحطم قلبها , يا فيفيان .

وحدق في عينيها فجأة فقالت غير قادرة على تجنب عينيه :
- نعم , لهذا السبب كنت واثقة من قدرتي على التعامل معك , كنت مخطئة لكن جزءا من مشكلتي هو ... انني اشعر احيانا بالامان معك . فأنسى تلك الجبانه في داخلي , تلك التي تخاف ركوب الطائرة والعلو والمصاعد والتي تصاب بالدوار وتسقط في الانهار وتفقد حذاءها .

ترك يدها لكنه لف ذراعه حول كتفيها واستند معها الى الخلف وهو يقول :
- وهذا ما جعلني اخبرك بالحقيقة عن جيني . لقد قررت , اثناء الغداء ان الوقت حان كي نوقف هذه المهزلة .. ظننت ان اقل ما ادين به لك هو تقديم تفسير .لكن نواياي الطيبة لم تمنع تأثري عند رؤيتك محرومة .

سألته وهي ترتجف :
- هل عدم رغبتك .. بالالتزام هو بسبب جيني ؟

- نعم ولا . يفترض ان اتوخى الحذر بعد تجربتي مع جيني , وهذا امر طبيعي . لكن المشكلة الحقيقية هي اني لست الرجل المناسب لفتاة مثلك .- وكيف ذلك ؟

- اظن ان آخر ما تحتاجينه هو رجل دائم التنقل والترحال مثلي لا سيما الآن وقد اوشكت على تحقيق احلامي .

بدت مشوشة واذ بها تدرك فجأة ما عناه فسألته :
- مصنع الطائرات ؟

- نعم . سيتطلب هذا الكثير من الوقت والجهد , وسانشغل به لسنوات .

حدقت في عينيه الزرقاوين , ومضت لحظات طويلة شعرت خلالها بالشكوك والمخاوف تساورها ازاء هذا الرجل . تذكرت مشاعرها وهي بين يديه وكيف استطاع ان يلهب احاسيسها ,
وان يجعل الشوق يكتسح كيانها بنظرة منه . كما تذكرت كيف ضحكا واستمتعا بقضاء الوقت معا ... فأحست وكأن عالمها ينهار من حولها كمنزل من ورق .

وارغمها هذا على مواجهة الواقع , وتبين لها ان ليتون كان على صواب فيما قال عنها لكنه اخطأ في نقاط اخرى , والا لما تملكها هذا الشعور بالحزن والكآبة , وهذا الاحساس بالوحدة الآتية .. والهجر .

وسالها بهدوء :
- اتفقنا ؟

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:37
تبا لك يا ليتون ديكستر . واغرورقت عيناها بالدموع مجددا . هاهي جالسة ورأسها على كتفه من جديد وقلبها محطم ثم يوجه اليها مثل هذا السؤال .. اين كرامتها وكبرياؤها ؟ وكيف تستطيع استعادتهما ؟ كيف يمكنها ان تنهي هذه المسألة الآن والى الابد ؟

فقالت بصوت اجش :
- نعم حسنا , سأكون مجنونة لو فكرت في المنافسة . ولو كانت مع أي شيء اخر عدا الطائرات لجربت حظي . لكن حسنا لقد فهمت !

استقامت في جلستها عندما هب لنجدتها احساس لعله الكبرياء .. واخذت تتساءل عما اذا كان احس بأنها تحاول استعادة كرامتها وعالمها اجمع , بهذه الشجاعة التي تظهرها .

نظر اليها متأملا ولكن قبل ان ينبس ببت شفة بادرته بالقول :
- بالمناسبة , افضل الا احضر الحفلة الراقصة هذه الليلة . اظنك على حق حين قلت انه علينا انهاء هذه المسالة الآن والى الابد .
ثم خلعت خاتمه وناولته اياه .

اخذ يقلبه بين اصابعه ويتفحصه وقد قطب جبينه . ثم سألها :
- هكذا .. دون ندم او اسف ؟

ورفع عينيه فجأة ينظر في عينيها فأجابت ببساطه :
- بل اشعر بالاثنين معا , لكني سأتغلب على ذلك .

ثم ابتسمت له بمرح واضافت بأسى :
- واقول لك بصراحه اني سأرتاح لو ... عدت الى التعقل . فمنذ قابلتك وانا اشعر وكأنني " اليس في بلاد العجائب " او كأنني في مستشفى مجانين .

ومضت عيناه ومضة غريبة لكنه اكتفى بالقول :
- امتعتك في هاوفست مون .

سكتت محبطة ثم اشرق وجهها وهتفت :
- ربما يمكنني قضاء الليلة هنا , او في مكان اخر في بالم بيتش ثم تقوم انت بارسال امتعتي غدا . وهكذا يمكنني ان ارحل من دون مشاكل .

- افضل ان تاتي الى الحفلة الراقصة .

حدقت فيه وتذكرت فجأة كيف بدا تلك الليلة حين تناولا العشاء في بريسبين . يومها كان ليتون الصلب البارد

- ولكن لماذا ؟

فهز كتفيه وقال :
- لم ننته من موضوع اتفاقية عصير كلوفر .

- ماذا ؟

- لم تحصلي عليها بعد , يافيفيان وانا اعرف حاجة غودمان الماسة اليها .

لم تملك سوى ان تدحق فيه بذهول بالغ وغضب واضح على وجهها بينما تابع يقول بجدية :
- فقد خسرتم الكثير من عقودكم , مؤخرا .

فاتهمته بصوت منخفض :
- هل كنت تعلم ؟ كنت تعلم منذ البداية ؟

- نعم واي فرق يحدثه هذا ؟

فوقفت فيفيان وحملقت فيه :
- اتعني انك كنت تعلم السبب الحقيقي الذي جعلني اشترك في هذه المهزلة السخيفة يا ليتون ؟

- بل هو احد الاسباب . نعم , والسبب الاخر هو انك عجزت عن المقاومة والرفض .
سأخبرك بشيء ما ! كان هذا السبب الوحيد الذي منعني من ترك مكتبك حين تحدثت اول مرة عن الفتيات والخوخ .

فذكرها بمرح :
- ولأنك كنت حافية القدمين .

- لم يكن لذلك أي اهمية . كنت لأعود الى بريسببن حافية القدمين لو لم اكن افكر في غودمان .

- حسنا . هنا كتمان مصلحتك في انقاذ وكالتك . ولا بد انك تعتبرين الرقص متعه مقارنة مع السير الى برسبين حافية القدمين .

ابتلعت ريقها واحست بغضب عارم لم تخبره من قبل . شعرت برغبة في الثأر منه لخداعه لها . كيف يمكن لهذا الرجل ان يثير مشاعرها بهذا الشكل ؟ كيف يحافظ على هدوءه بعد ان اكتشف مشاعرها الدفينه ونبذها ؟ وهاهو يبتزها الآن ..

واخذت نفسا مرتجفا وقالت :
- لا تظن اني لا اعرف سبب فعلتك هذه يا ليتون .

رفع حاجبيه وانتظرها كي تفصح عن قصدها . تاملت هذا الطول الفارع وهذه القوة , كل الاشياء التي ظنت انها تحبها فيه .
هاتان العينان الداكنتان الزرقة وتلك الابتسامة الكسول , قوته ورقته , الشعور بالامان معه . انه الشخص الوحيد الذي ساعدها في التغلب على مخاوفها وعلى شعورها بالغثيان .. وها هو الآن امامها بهذا الشكل !

اغمضت عينها للحظة , ثم تابعت تقول :
- سأخبرك . انت بحاجة الليلة لدرع واقي , اليس كذلك , يا ليتون ؟ فقد تكشفك هذه الحفلة على حقيقتك امام جيني وهي في ابهى حلتها .
ليس هذا وحسب ... فقد تكشفك اما زوجتك السابقة التي تستغل اخاك كي تثير غيرتك .

تشابكت نظراتها طويلا . ظهر الغضب في عينيها , في حين ان عينيه لم تملا أي تعبير . ولكن متى استطاعت ان تقرأ في عينيه ما يريد اخفاءه ؟

- اتظنني لم الاحظ ما يجري بينهما في الامس ؟ اتظنني لم ادرك انهما سبب رغبتك في الابتعاد عن المنزل اليوم ؟

وقف فبدا كالمارد امامها . لكن فيفيان لم تتراجع خطوة واحده بل اكمل كلامها :
- فهل تخطط لأستغلالي في اثارة غيرتها هذه الليلة , يا ليتون ؟ لم لا تعترف بذلك ؟ فعندها احدد موقفي .




>

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:39
6- الجــزرة والحمــار

-
يمكنك أن تتخذي الموقف الذي تريدين ، يا فيفيان . ولكن إذا كنت تريدين
الحصول على اتفاقية ( عصير كلوفر ) فستعودين معي إلى ( هارفست مون ) الليلة .

قال كلماته هذه بلطف ولكن بطريقة مسمومة بعثت القشعريرة في جسمها .
- و إذا ..رافقتك ؟

فابتسم ابتسامة مصطنعة ، وقال :
- عندها أوقع الإتفاقية.

واحتارت حين سمعت نفسها تقول :
- ماذا عن باقي أيام الأسبوع حتى يوم الزفاف ؟

فنظر إليها ساخراً ، وقال :

-
هل تعرضين علي المساعدة حتى يوم العرس ؟

أوترضين أن تستمري في هذه اللعبة ، التي قذفت بها لتوك في وجهي ؟
هذه تضحية لم أتوقعها . إلا إذا ...
وسكت ثم أخذ يتأملها ، قبل أن يضيف :
- إلا إذا كنت تسعين للحصول على المزيد من المال
بطريقة ملتوية ، يا فيفيان !

عضت على شفتها لتوقف سيل الكلمات التي خطرت ببالها .
وأخذت تقاوم رغبة تملكتها ، رغبة في صفعه . لكنها قالت بعد حين :
-
لم يخطر الأمر على بالي أبداً . لكن بما أنك ذكرته ..فلم لا ؟

وما فائدة أن تثير غيرتها لليلة واحدة وترسلني بعدها إلى بيتي ذليلة ؟
بإمكاني الآن ، وبعد أن عرفت حقيقة الموقف ، أن أؤدي بشكل أكثر إقناعاً .
فتتمتع بالأمر مقابل ما أنفقه من مال إذا كان هذا ماتريده . نرى أن ...

فقال بخشونة يحذرها :
- فيفيان .

- دعني فقط أنهي حديثي . أعترف أنني لم ألعب دوري .
كما يجب ، لأنني كنت أتخبط في الظلام .
وابتسمت لتخفي حنقها ، ثم أضافت :
- آه ، نعم ، يا ليتون ، وبما أني اطلعت على حقيقة الوضع
يمكنني حتى نيل جائزة ( الأوسكار ) للأداء الجيد .

رأته يتململ فجأة ، فأجفلت لا إرداياً ، رغم أنها لم تحول عينيها عن عينيه .
ثم رأته يسترخي ، فشعرت بالارتياح . أحست بسعادة جنونية حين أدركت أنها أغضبته .
وإن ارتاحت حين شعرت أن حدة هذا الغضب قد تراجعت .
ومع ذلك لاحظت أنها تحبس أنفاسها في إنتظار ما سيحصل ...

قال بجفاء :
-
لا بأس . ( عصير كلوفر ) مقابل الأوسكار لنجاحك في دورك هذه الليلة .

وقد نتناقش في الأمر فيما بعد .
لكني ، في الواقع ، فررت أن أدّعي أني مضطر للمغادرة لاحقاً بسبب العمل .
لكن ماغ لن تسامحني أبداً إن لم أحضر حفلة الليلة .
فهذه أهم ليالي هذا الأسبوع . لكنها ستتغاضى عن غيابي بقية أيام الأسبوع .

لم تستطع إخفاء خيبة أملها ، وزاد في ذلك ضحكة رقيقة ، بدرت منه حين قرأ تعابير وجهها .

وسألها بكسل :
- أتشعرين أنك وقعت في الفخ الذي نصبته لغيرك ؟

- وقعت في شيء ما ، لكنك البادئ .

- نعم ، أنا المذنب .

كانت ملامحه ساخرة وباردة ، فيما راحت عيناه تتأملانها ، وأضاف :
- جاهزة ؟

شدت فيفيان قبضتي يديها وفتحت فمها . ولكن حين تراءت لها صورة ستان غودمان ، سكتت ولم ترمِ بأتفاقية ( عصير كلوفر ) في وجه ليتون ديكستر .
بل أجابت :
- نعم

- لا تنسي خاتمك !
وأعاده إليها .

في الواقع ، كان أمامها ساعتان لتستعد للحفلة . وكانت رحلة العودة سريعة .
فلم يتوقفا لتأمل المناظر في الطريق . ولم يتبادلا الأحاديث . وكان في المنزل هرج ومرج .
فهربت إلى غرفتها دون أن يلحظها أحد . وغاصت في فراشها .

وهي تشكر الله على هاتين الساعتين من الراحة ، إذ كانت تشعر بالاضطراب والإنهاك .
وكأن مصائب الدنيا قد نزلت على رأسها .
كما أخذت تعنف نفسها على ما فعلته . وما قالته . تقلبت في فراشها .
وأسندت خدها إلى يدها ثم راحت تحدق في السقف .

أخذت تتساءل عمن يستطيع أن يلومها . فجيني كانت على حق !
حب ليتون ديكستر يحطم القلوب . وتساءلت عما كان ليحدث لو أعترفت له بحبها الليلة مثلاً ؟
هل كان سيكتفي بإعطائها اتفاقية كلوفر وبالتربيت على رأسها ؟
تململت في فراشها ، وتمنت لو لم يكن لهذه الإتفاقية أو وكالة غودمان أي وجود . فقد عقدا الأمور .

ومن جهة أخرى ، كانت واثقة من أنها لم تخطى حين رفضت الخضوع لليتون .
ولا بد أن ما جعلها تعود إلى المنطق والعقل هو قناعة راسخة في أعماقها .
جلست فجأة في فراشها . وعبست كي يصفو ذهنها ، ثم خطر لها أنها إذا استطاعت أن تفصل العمل عن الأمور الشخصية .

وأن تعترف بحبها لليتون ، فهل سيتمكن هو من أن يفعل ذلك .
أم أنه حقاً من الرجال الذين لا يحبون الزواج والارتباط بامرأة ؟
أو أن الأمر أبسط ، وهو ما زال يحب جيني . . .
رغم كل ما جرى ؟ أخذت تفكر في ذلك وتتأوه .. وكـأنها شجرة في مهب الريح ، تتساقطأوراقها الخريفية ، لتتركها عارية ، ضحية العوامل الخارجية .

اغرورقت عيناها بالدموع . فمسحتها وهي تفكر بأسى أنها ذرفت اليوم دموعاُ لم تذرفها منذ سنوات .
لكن حبه لجيني هو التفسير الوحيد لما جرى .
وهذا ما واجهته به منذ ساعه ، وما يفسر سبب بقائها في ( هارفست مون .(

لم تثر هذه المرأة إعجابها . ولا يعود السبب فقط إلى أنها أوقعت ليتون في شباكها .
بل لأنها تستغل رالف . ولكن من تكون هي ، على أي حال . كي تدين امرأة أخرى لأنها أحبت ليتون ديكستر ؟
وإن كانا يحبان بعضهما بعضاً بالرغم مما حدث .
فمن هي كي تنصب نفسها قاضياً وتدينهم ؟

لقد نبذها اليوم بشكل جلّي ، رغم رقته . وذلك من أجل مصنع طائرات .
فماذا ستفعل الليلة ؟
أخذت تتساءل بشكل محموم ، ثم جلست في الحوض فجأة وقد اتسعت عيناها .

وراحت تحدث نفسها بصوت مسموع :
-
لكن هذا سيفقدك اتفاقيه ( عصير كلوفر ) بالتأكيد .


ثم أجابت نفسها : ( وقد حان الوقت كي تواجهي الحقيقة . وضعتك هذه الإتفاقية في موقف صعب للغاية. لكنها لن تجعلك تتخلين عن الأخلاق والقيم ، يا فيفيان فلوري .
فهي ليست الإتفاقية الإعلانية الوحيدة في العالم . آه ، كم كنت حمقاء .

ارتدت فيفيان ثوباً من الحرير الخالص . ذا لون وردي فاتح . يبدأ من فوق صدرها ثم يضيق عند خصرها ووركيها .
ليصل بعد ذلك حتى كاحليها ، كان قماش الثوب الحريري ناعماً ، يصدر حفيفاً كلما تحركت .

أما تفصيل الثوب فأبرز أنوثتها ورشاقة قوامها . تزينت بالحلية الوحيدة التي تملكها ، والتي نادراً ما تضعها ، وهي عقد اللؤلؤ ورثته من أمها . كان العقد ملتفاً إذ علقت لآلئه الضخمة في سلسلة فضية ، بشكل متباعد .
كما انتعلت حذاء بسيطاً ، بكعب معتدل ، بقماش كقماش الثوب الحريري .

وربطت شعرها إلى الخلف بشريطة ، مما جعلها تبدو مختلفة وغامضة بعض الشيء .
وهذا ما كانت تريده حقاً . أن تبدو فتاة مختلفة الليلة .. وعندما دخلت الخادمة لتسألها إن كانت تحتاج إلى مساعدة ، طلبت منها فيفيان بعض أدوات الزينه .
سارعت الخادمة إلى إحضار مستحضرات التجميل .
وساعدت فيفيان في إكمال زينتها . فوضعت ظلاً خفيفاً فوق عينيها . والقليل من حمرة الخدود ، واستخدمت أحمر شفاه يميل إلى اللون البرونزي .

قالت الخادمة بليندا بحماسة :
- تبدين مختلفة للغاية ، لا بل رائعة

- حسنا ، فهذه حفلة راقصة . والآن ، ماذا علي أن أفعل ؟
ونظرت إلى نفسها في المرآة مجدداً ، ثم وقفت بقامتها وتنفست بعمق .

- الكل في المستنبت الزجاجي . لتناول الكوكتيل قبل أن يصل بقية الضيوف .
وقد أعدّت طاولة العشاء هناك ، وستقام الحفلة الراقصة على الشرفة خارج المستنبت.

>

إن الليلة رائعة ، يبدو أن السيدة ديكستر قادرة حتى على تنظيم الطقس .

توترت أعصاب فيفيان للحظة . وخطر لها أنها تحب كل من إميليا وماغ ديكستر لكن لعلهما لا تحبانها .
ثم هزت كتفيها وهي تتذكر تعليقاتهما ، كما ذكرت نفسها بأن ما قد يحصل الليلة هو ما رغبتا به بالفعل .

أخذت فيفيان الخاتم عن طاولة الزينة وضعته في إصبعها للمرة الأخيرة .
كان المستنبت الزجاجي يتألق بأضواء الشموع ، فبدأ كحديقة أوهار متعددة الألوان ، وعندما وصلت كان الجميع قد سبقها إليه .

تألقت إميليا بثوب انساب على جسمها برقة ، أما ماغ فاختارت ثوباً أخضر ، وابنة العم ماري ثوباً وردياً .
وارتدت إحدى وصيفتي العروس ثوباً توتي اللون والأخرى ثوباً حريري أزرق .
ووقع خيار اللايدي واين رايت على ثوب قرمزي الألوان الزاهية .
لكنها بدت مذهلة في اللون الأسود .

ارتدت جيني ديكون ثوباً أسود ضيقاً أبرز تفاصيل جسدها المثيرة .
وكشف قسمه الأعلى عن عنق عاجي ، وعلق بشرائط رفيعه اللون ، وكان للثوب ذيل صغير فضي الحواشي .
كما انتعلت حذاء أسود ، ورفعت شعرها فوق رأسها ، ولبست في أحد معصميها سواراً ماسياً .

بدا جمالها ملوكياً ، في هذا الثوب الذي يتناقض مع بشرتها الناصعة البياض ، وأحست فيفيان أنها تافهة.
صغيرة الحجم مقارنه معها . لكن هذا لم يزعجها بل أضرم روح القتال فيها .
وتوجهت نحو المجموعة مرفوعة الرأس .

جلس ليتون و إدي هناك ، وقد ارتديا بذلة سهرة تقليدية وقميصاًَ أبيض .
في حين اختار رالف بذلة بنية وقميصاً ملائماً . وفكرت فيفيان أن ما ينقصة بشعره الطويل والقرط في إذنه . هو قبعة إسبانية .

وعندما التفت الجميع نحوها ، وهي تقترب منهم ، وقالت :
- مرحبا ، تبدون جميعاً غاية في الأناقة ، لا سيما أنت ، رالف .
ورفعت كأسها نحوه .

لمحت ليتون يقطب جبينه قليلاً ، لكنها سارت برزانة لتقف إلى جانبه .
وكلمة ( رزانة ) هي أفضل ما يصف سلوكها في الساعتين التاليتين عندما بدأ
الضيوف بالتوافد .

جلست قربه أثناء تناولهما الطعام . ولكن أحاديثهما اقتصرت على العام منها .
كان رالف وجيني على المائدة نفسها ، فضلاً عن ثمانية أشخاص آخرين .
وهكذا تمكنت من تجاهله نسبياً ، كما لم تتخاصم معه . وراحت تتأمل زوجته السابقة وأخاه .

فشعرت بعزيمتها تقوى لأن جيني ديكون بدت متألقة ، جميلة جداً وخالية البال . كما بذل رالف جهده لإرضائها .

قال ليتون عندما رُفعت صحون الحلوى :
- هل هذا ما تسمينه الفوز بالأوسكار ، يافيفيان ؟

فأجابت وهي ترتشف قهوتها :
- لم أبدا بلعب دوري بعد

- إذن ستنتقلين من تجاهلي إلى النقيض ؟
ورفع حاجبيه ، وراحت عيناه تجولان على مفاتنها في ثوبها الوردي الجميل .

- كل شيء في وقته . أنا بحاجه للاستعداد ، لهذا ....

فقاطعها قائلاً :
- تبدين مختلفة . لا أظنني رأيتك متبرجة من قبل ...
-
أنا لا أفعل هذا غالباًَ . ولكننا في حفلة راقصة . وظننت أنك لن تلحظ ذلك.

- إن أحد الأسباب الأولى التي جذبتني إليك ، هو شكلك الطبيعي .

- آه .

وحملقت فيه للحظة بدهشة ، ثم حولت نظراتها بعيداً منه بشيء من الإرتباك بينما أضاف مفكراً :
- إنني ، في الواقع ، أفضلك طبيعية الشكل .

- أنت لا تملكني ، يا ليتون.
جاءت كلماتها هذه نتيجة لشعورها بالظلم . وكـأنها خلقت لتشعر بالذنب حيال أمور عديدة كتزيين وجهها مثلاً.

- حقاً ؟ بدأت أشعر أنه بإمكاني ذلك ، إن لم يكن جسدياً فروحياً .

كان في عينيه سخرية خالصة ، لكنه أضاف :
- لكني أفضلك طبيعية لأن هذا يضيف غموضاً إلى غموض فيفيان فلوري .
هل تودين أن ترقص ؟ لعلك لم تلاحظي ، لكن الفرقة بدأت العزف على الشرفة .

- بكل تأكيد .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:41
في الخارج وبين ذراعية ، قالت :
- يبدو أنك نسيت الشيء الوحيد الذي لن أفعله للحصول على اتفاقية ( عصير كلوفر ) يا ليتون.
والآن إذا شعرت أن بإمكانك أن تمتلكني بالمفهوم التجاري ، لوافقتك على ذلك.

رقصا صامتين لدقيقة أو نحوها ، مما شكل محنة مؤلمة بالنسبة لفيفيان .
لكن غضبها الشديد منحها الشجاعة لتتجاهل تأثيره عليها .
لا سيما وهي بين ذراعيه .

فقال ببطء :
- أرجو المعذرة على شكوكي ، يا فيفيان . لكني لا أستطيع منع نفسي من التساؤل عما إذا كان وضعنا هنا أشبه بالجزرة والحمار .
أنت الجزرة وأنا هو الحمار .

توقفت عن الرقص . لكنه شدها إلى الخلف . وهكذا عادت إلى الخطوات الراقصة من جديد.
وسمعته يقول ببساطة ساخرة :
- ألا توافقيني الرأي ؟
-
كلا .
جاءت كلمتها مقتضبة حازمة . لكنه اكتفى بالإبتسام.

- ما الأمر إذن بالضبط ؟

فابتلعت ريقها ، وأجابت :
- حسنا ، من المضحك أن الشكوك نفسها تساورني ، وهي أنك أردت امتلاكي مقابل اتفاقية كلوفر رغم طمأنتك لي بأن اتفاقنا سيكوننزيهاً وعادلاً .
ولكن لعلي كنت مخطئة .

وهنا ، جاء دوره ليتوقف عن الرقص .
- هناك شيء واحد أنصحك بالأ تنسيه مهما جرى ، وهو أنك تميلين إلي ... والأنجراف أحياناً .

فسألته بلهجة خافته تموج غضباً :
- ما معنى هذا ، يا ليتون؟

- معناه أنني لو كنت مكانك لما حملّت كلمة جزره أبعاداً أخرى .
هذا كل ما في الأمر . لأني بدأت أغير رأيي بفكرة الفتاة المحطمة القلب .
بدأت أظن أن مؤسسة غودمان هي أهم عندك من أي شيء آخر .

أجفلت بشكل كلي ، مما جعله يبتسم ويرفع يدها التي تحمل الخاتم ، إلى فمه ليقبلها .

لكنها قالت بصوت لا يكاد يسمع :
- من كان بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة.

- هذا ممكن ، ولكن ليس لدي ما أخسره ، والآن علي أن أراقص بعض الحاضرات.
وأنا واثق من أنه لن ينقصك مرافقون .

كان ما يزال ممسكاً بيدها ، فرفعها ليلمسها بشفتيه مرة أخرى وأضاف :
-ودعينا نقول إلى اللقاء مجدداً ، لننهي ما في ذهنك في الحلقة التالية من هذه القصة البطولية المثيرة .

لمعت عيناها وهي تجذب يدها ، قائلة :
- لم لا ، يا سيد ( عصير كلوفر ) لم لا ؟

- رالف .

فالتفت رالف ، ورفع عينيه عن جيني ديكون التي كانت ترقص مع رجل طويل القامة ،
فضي الشعر ، ليجيبها بلطف :
- آه ، الخطيبة . كيف الحال ، يا فيفيان ؟ أراك لم تفقدي الخاتم بعد ؟
- لا ، إنها سهرة رائعه ، أليس كذلك ؟ لكنني عطشى حقاً.

وجلست فيفيان عند مائدة صغيرة مخصصة لشخصين . وبعد لحظة ، جلس رالف قبالتها ، وعندما مرّ النادل بهما ، ناداه ثم أخذ عن صينيته كأسي عصير .
كانت الحلبة تعج بالراقصين ، وقد ربط بعضهم بالونات في معاصمهم .
وبدت هارفست مون كأنها شبح في سماء منتصف الليل المضاءة.

رشفت فيفيان كأسها ثم تنهدت . فمال رالف برأسه نحوها ، وسألها :
- أين ليتون ؟ لا تقولي لي إنه هجرك؟

- لا ، إنه يراقص بعض الضيفات ، رالف ، ما أجمل هذا ..

وأشارت إلى باحة الرقص ، ثم أكملت :
- ألا يمكن للموسيقى أن تكون أكثر حيويه ؟

قطب رالف جبينه ، حين أحس بإشارة غامضة ، ثم ظهر في عينيه الرماديتين وميض مفاجئ ، وسألها :
- أتريدين موسيقى أكثر حيويه ، يا فيفيان؟

نظرت إليه من فوق حافة كأسها ، وأجابت :
- رالف ، أنا مغرمة بالموسيقى ، لا سيما اللاتينيه منها .
أردت ، في صغري ن أن أكون راقصة ، وهذا ما كنت أطمح إليه .
ظننت أنك ربما ..لا أردي لماذا ..لكني اعتقدت أنك تشاطرني هذا الميل .
خرجت كلماتها الأخيرة بلطف بالغ .




أراد رالف أن يتكلم ، إلا أنه عاد وسكت مقطباً جبينه ، ليقول بعد حين :
- هل أختلفت أنت وليتون؟

ترددت فيفيان ، أسبلت أهدابها وهي تتذكر كل كلمة قالها ليتون على حلبة الرقص ،فردت منكره :
- لا ، أبداً .

ثم رفعت بصرها لتحدق في عيني رالف ، وهي تضيف :
- لا تقل لي إنك لم تكن تعلم أنني فتاة خطيبة مأجورة .

حملق رالف فيها دون أن ينطق ببنت شفة ، فقالت :
- حسنا ، لقد أنتهت اتفاقيتنا . لطالما كانت عملية تجارية .
وهزت كتفيها ، ثم أكملت :
-لا أردي لم لا أخرج من هنا بشكل مثير ثم ...

وبانت على وجهها الرزانة فجأة ، حين قالت :
- سيمنحك هذا الفرصة لتحل ارتباطك بجيني هذه الليلة .
فهذا تصرف سيء ، لأنه أخوك ، وهي زوجته السابقة .

فقال بحذر :
- دعيني أفهم جيداً . نحن ، أي أنا وأنت ، سنصبح محطاً للأنظار هذه الليلة .
وبهذا تبقى جيني وحيدة . وكذلك ليتون . هل هذا ما تحاولين القيام به ؟
أن تعيديهما إلى بعضهما البعض ؟

ونظر إليها غير مصدق . فأجابت :
- بل هذا ما ترغب فيه أمك وأختك وجيني نفسها . رغم أنني لا أوافقها على أساليبها ) .

كلماتها الصريحة دفعت الأحمرار إلى وجه رالف . ثم عادت تقول بهدوء :
- أظن من الصعب عليك أن تعيش في ظل هذا الأخ الأكبر الناجح .

قال رالف بمرارة :
- أنت على حق
ثم نظر إليها متفحصاً ، وأضاف :
-لا أدري لم يتملكني شعور بأنني أنتقل من سيء إلى أسوأ ؟
-
أنا لا أطلب منك أن تتعاون معي ، يا رالف ، أرقص معي هذه الليلة وحسب.
فأنا هنا لأداء مهمة معينه . وأنا آسفة لهذا . لكني تخليت عن دوري ، فلم لا تضع قلبك وروحك في موسيقاك حتى وإن لم تكن مناسبة لتقاليد أسرة ديكستر ؟
إن نقرك على الطبول في الأمس مسّ روحي ، وستنجح يوماً ما .

- هل تعنين ذلك حقاً؟

- نعم ، بكل تأكيد . ولكن لماذا لا ترتبط بفرقة موسيقية ؟

فقال رالف بأسى :
- حسنا . ولكن إذا اعتقلونا ، أنا وأنت ، عند الفجر ، وأعدمونا فتذكري أن هذه الفكرة فكرتك.
باشرا العمل بالخطة على الفور . ودب الحماس في الفرقة الموسيقية ، فبعثت البهجة في نفوس معظم المدعوين ، وهم في سن ماغ و إدي .
عندها ، أصبح جلياً أن نجمي السهرة هما فيفيان ورالف .

قال لها ، فيما كانا يرقصان :
- لديك حس موسيقي رائع ، صدقيني ، أنت خسارة في ليتون يا فيفيان !

وضع ذراعه حول خصرها ، وكان رأسها يصل إلى كتفه ، وقادها إلى حلبة الرقص .
أفسح الراقصون لهما المجال ، وراحوا يصفقون لمهارتهما البالغة وأثار رقصهما إعجاب الموجودين كلهم .
الموجودون كلهم تقريباً !

إذ انتهز رالف وفيفيان غياب ليتون ، فرقصا معاً طوال الوقت كما تبادلا الأحاديث بشكل حميم ، وتعالت ضحكاتهما .
وبما أنهما راقصان بارعان ، وجدا في الموسيقلا والأنغام قاسماً مشتركاً .
وبعد حين اختفيا عن الأنظار لعشرين دقيقة تقريباً .

ابتعدا ليتمكنا من التقاط أنفاسهما وشرب بعض العصير المفضلة ( لابامبا) .
ودن أن يمسك أحدهما بالآخر . قدما عرضاً جعل المدعوين يحيطون بالحلبة مجدداً وهو يصفقون .
وفي الختام ، رفعها رالف عالياً بين ذراعيه وعانقها بحماس وهو يقول لها إن الرقص معها متعة.
وجعلتها الموسيقى ، والمرافق الرائع ، تتألق وتضحك وتبادله عناقة .

تلا عرضهما موسيقى ناعمة حالمة ، فحبس رالف و فيفيان أنفاسهما . وهما يرقصان معاً بهدوء .
وعند ذلك ، أكتشفت فيفيان أفراد أسرة ديكستر على حقيقتهم .

بدت إميليا غاضبة مذهولة . بينما ألقت اللايدي واين رايت ، التي جلست قرب صديقتها ، على فيفيان نظرة أحتقار صاعقة .
وكان إدي وماغ يرقصان ، لكن بدأ أنهما يتناقشان بجدية وشيء من الحدة .
كانت جيني ديكون تقف وحيدة قرب حلبة الرقص ، بدت طويلة القامة ، مهيبة الطلة .
وباردة كالثلج ، لكن ما أن تشابكت تظراتهما للحظة ، حتى قرأت فيفيان فيهما غضباً عارماً ساخراً .

أنت تستحقين ذلك ، يا جيني . ولا أدري لم تغضبين ، فقد فتحت لك ولليتون المجال .
إلا إذا كنت تكرهين أن يسرق غيرك الأضواء . وتحبين أن تكوني نجمة كل حفلة .
أما ليتون ، الذي تجاهلته وتجنبته في الساعات الثلاث الماضية .

فجعلها تتوقف وقد تملكها الرعب . كان يستند إلى عمود الشرفة ، وقد عقد ذراعية بينما نطقت ملامحه وعيناه الزرقاوان العميقتان باحتقار واضح .

قالت ، وقد راعها أن تكتشف أن صوتها يرتجف :
- رالف ، هل يمكنني الإعتماد عليك لتحسن التصرف حتى نهاية السهرة ؟

فنظر إليها رالف مازحاً ، وسألها :
- ماذا تعنين ؟

- حسنا ، أظني فعلت ما فيه الكفاية . سأخلد إلى النوم . لكن أريدك أن تعدني بأنك ستبتعد عن جيني .

أخذ رالف يحتج بأن السهرة لا تزال في أولها . لكنها تجاهلت كل اعتراضاته ، وذكرته بأن الليلة هي ليلة أخته ماغ .
وعليه أن يعيد تسليط الأضواء عليها .

وأصرت عليه بقولها :
- عدني بهذين الأمرين ؟

وأخيراً وعدها بذلك . فابتعدت عنه . ووقفت لبرهة بعيداً عن أنظار أفراد الأسرة لترى ما سيحدث .
لم يخلف رالف بوعده . بل توجه مباشرة نحو ماغ ، وأخذها من بين ذراعي إدي .
بدت ماغ سعيدة عندما شاركهما الجميع الرقص . وتعالت ضحكتها .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:44
تنهدت فيفيان بارتياح وهي تبتعد ، لكن حين عبرت المستنبت الزجاجي سمعت أحدهم يقول :
- من هي الفتاة ذات الثوب الوردي ؟

فجاء الجواب :
- ظننتها صديقة ليتون ، ولكن ثمة غموض في الموضوع . أظنها صديقة رالف .

عضت فيفيان على شفتها وركضت نحو المنزل ، وتوجهت إلى غرفتها .
كانت الغرفة غارقة في الظلام فلم تشغل النور ، وهي تبحث عن المفتاح لتقفل الباب .
استندت إليه وهي تتنفس بعمق تحاول ألا تلفت الأنتباه إليها .
حثتها غريزتها ، في الواقع ، على حزم أمتعتها والتسلل بعيداً عن المنزل .
ولكن كيف ؟

هزت رأسها ، ثم توجهت نحو الشرفة . وإذا بها تتسمر هلعاً حين أضيئ المصباح فجأة .التفتت نحو المصباح الموضوع على الطاولة فرأت على ضوئه ليتون يجلس على كرسي .
كان قد حل ربطة عنقه وخلع سترته ومدّ ساقيه أمامه وحمل في يده فنجاناً من الشاي .

وضعت يدها في قلبها الذي أخذ يخفق بعنف وأغمضت عينيها :
- لقد أخفتني جداً ! ما الذي تفعله هنا ؟ كيف علمت أني سآوي إلى الفراش ؟

- لم أكن أعلم .

فابتلعت ريقها :
- إذن ، إلى متى كنت تنوي البقاء هنا ؟
- بقدر ما أريد .

فقالت متلعثمة :
- ولكن .. ولكن هذه غرفتي ، لا يحق لك أن تكون هنا .

- إنه بيتي . أين رالف ؟ أرجو ألا تكوني قد اتفقت معه على أن يتسلق أنابيب المياة إلى غرفتك . سيؤذي نفسه .

وحملقت فيه :
- يتسلق ؟ ما الذي تتحدث عنه ؟ لا أظنك تتصور ..لا أظنك تصورت لحظة ..

تأملتها عيناه بتمعن . ثم ارتشف جرعة من شرابه ليضع الفنجان بعد ذلك على المنضدة :
- أنت من أخبرني عن العشاق اللاتينيين ، يا فيفيان . وفهمت الآن ما كنت تعنينه .
ولكن يمكنه أن يصل إلى هنا عبر أحدى الغرف الآخرى التي تطل على الشرفة . هل هذه هي الخطة ؟

سارت فيفيان مترنحه عدة خطوات ثم ارتمت على حافة السرير :
- لا ...آه ..لا ... ما من خطة بيننا ..ليست الخطة من هذا النوع على أي حال .

فابتسم ابتسامة صفراء ، وقال :
- كنت واثقاً من وجود خطة ما بينكما لكن أخبريني .

بللت شفتيها ، وأكملت :
- ما بدا صداً لك الليلة . كان في الواقع شيئاً مختلفاً تماماً .. وأظن هذا ما جعلك قاسياً معي .
نظرت إليه بلهفة ، وقلبها يخفق بسرعة .

- أما كنت لتتصرفين مثلي لو كنت مكاني ؟
فما زلت تضعين خاتمي ، ومع ذلك تظهرين للعالم أجمع أن أخي وحده من يهمك ..

- هذا غير صحيح ، والسبب الوحيد الذي جعلني أضع خاتمك هو .. حسناً ، أنت تعلم السبب.

- نعم . هذا جزء من الأتفاقية بيننا . تمثلين دور خطيبتي ، وتحصلين بالمقابل على إتفاقية ( عصير كلوفر ) .
ولكنك لم تمثلي الليلة ، يافيفيان ، سوى دوراً فاجراً ..



هبت من السرير ، وواجهته ويداها على وركيها :
- إياك أن تجرؤ ...

لكنه قاطعها بقولة :
- وربما أخطأت حين استعملت كلمة ( تمثيل ) فما فعلته نابع من القلب .
لهذا جاء طبيعياً منك يا فيفان .

فقالت وهي تصر على الأسنان :
- هكذا إذن ؟ حسناً ، دعني أخبرك أني قضيت الليلة وقتاً رائعاً .
وإن كنت تظن أن حالي أسوأ من حال زوجتك السابقة فأنت مخطئ .
فالنظرة التي رمقتني بها جيني ، منذ فترة قصيرة ، كادت تقتلني .
لو أن النظر يقتل . ولا أعلم لماذا ؟
هل هذا لأن صحبة رالف أفضل من رفقتك أنت ؟

واستدارت نحوه بعنف وحرارة المعركة بادية جلياً في عينيها ، فقال وهو يضع يديه على كتفيها :
- فلنختبر ذلك ، إذن .

فقالت بصوت خافت وهي تحملق فيه متشككة :
- ليتون ..إياك

- بل علّي أن أفعل ذلك ، يا فيفيان . ألم تتحديني ؟
أخذت أصابعه تلامس وجنتيها .

- لا ، آه ..لا .

وبدأت تستوعب الدمار الذي خلفته الليلة ، فظهر الذعر في عينيها .
لكنه تجاهل كلماتها ، وتلك النظرة في عينيها ، وما أعتراها .
أغمضت عينيها . ووقفت جامدة بين ذراعية ، وهو ينزع الدبابيس من شعرها .
تركه ينسدل على كتفيها وراح يمرر أصابعه فيه .

قال :
- هذا أفضل

وأمسك بذقنها في يده ، ليرفع وجهها نحو الأعلى ، فرفت بأهدابها .
وأكمل قائلاً :
- تعجبيني الآن أكثر بعد أن أزيل التبرج عن وجهك . كما أن ثوبك جميل .

فتحت فمها غير مصدقة ، ثم همست :
- هل أنت جاد ؟
فرفع حاجبيه ، وقال :
- آه ، نعم ، يا فيفيان

وترك ذقنها ليمسك بوجهها بين يديه ، ويتفرس في ملامحه . أحست بقلبها يرتجف ، وخافتأن تعترف له بحبها ، فتفسد الخطة التي رسمتها مع رالف .

دفعت يده عنها :
- سأبدا في الصراخ إن لم تخرج من غرفتي
-
لن يسمعك أحد فالموسيقى صاخبة ، ولكن يمكنك أن تفعلي ذلك لتشعري بالتحسن.

صرخت وهي ترتجف :
- ماذا ؟

- أظن أن كل هذا تمثيل ، أليس كذلك يا فيفيان ؟ أعني تريدين طردي من الغرفة لتستقبليه هو .

وقرأت في عينيه سخرية بالغة .
سألته وقد جف حلقها :
- هل هذا سبب تعاوني مع رالف برأيك ؟

- ليس لدي أدنى فكرة ولا يهمني أن أعلم .
ولكن لدينا عمل لم ينته بعد .

وضمها بين ذراعيه . فقالت متوسلة :
- أيمكن ..أيمكن أن نتحدث بالمنطق بدلاً من ذلك ؟
بدت الأمور بغير شكلها الصحيح ، ترى أن ...

فتمتم يقول :
- يدهشني أن يحدث ذلك معك
مالت نحوه فجأة . إذ أدركت أنها فعلاً كارثة متنقله . بحسب قوله .
فقد خرجت الأمور عن مسارها الطبيعي ، ولم تنته لعبتها كما أرادت .
ضمها إليه ، فلم تقاوم، لأنها فقدت ما تبقى لها من إرادة أو مقاومة ،
لكنها لم تتجاوب معه أيضاً . وما لبثت أن تملكها الرعب فأخذت تبكي .

رفع رأسه وقال ساخراً :
- آه ، ما هذا ؟ مهما كان رأيي بك يا فيفيان ، فأنت أشجع من أن تنهاري هكذا .

لكنها دفنت رأسها في كتفه وأخذت تشهق بمرارة .
ثم ابتعدت عنه وجلست على طرف السرير وهي تحاول أن تغالب دموعها . فقال محذراً :
- ستصابين بدوار .

لم تهتم بكلامه ، فجلس إلى جانبها ، ووضع فنجاناً بين يديها .
ثم رفع الشراب إلى شفتيها ، ففعل فعله .

جفت عيناها خلال دقائق ، وقالت :
- شكراً ، أظن أن ما جرى أنهكني قليلاً.

قال ببطء ، وهو مقطب الجبين :
- هل تودين أن نتكلم بالمنطق الآن ؟
ارتشفت مزيداً من الشاي ، وأضافت :
- حسناً ، لا تلق اللوم على رالف ،فقد كانت الفكرة فكرتي ، آه ، كيف يمكن للمرء أن يهرب من هنا ؟لأنني بحاجة إلى ذلك .

ثم نظرت إليه .
كان العبوس ما يزال في عينيه عندما استقرتا على وجهها الذي غسلته الدموع .
راح يتأملها بتمعن ، ويتأمل تصرفاتها ، كيف تشبثت يداها بالفنجان الذي أراحته على حجرها وعلى ثوبها الحريري الوردي .

ثم خطر له أنها لا تتراجع أبداً ، حتى وعيناها تعكسان رعبها ، ومهما كانت الخطة التي وضعتها الليلة للحصول على اتفاقية عصير كلوفر ، ومهما كانت الكوارث التي تلاحقها ، فشخصيتها تتميز بشهامة وشجاعة غير عاديتين .
أخذ الفنجان من بين يديها ووضعه على الأرض.
ثم أتكأ إلى الخلف وهي بين ذراعية .

ولم يفلتها حتى هدأت ولم تعد ترتجف ، وتوقفت نهائياً عن البكاء .
أحس بشعورها بالدفء والحنان بين ذراعيه .
وبالأمان ، بعيداً عن ذلك الشعور حيال فتاة ، يبدو أنها تكرس جهودها لهدف واحد وهو الحصول على إتفاق تجاري .

لقد خدعته مع أخيه ، كما عانقته مرتين باندفاع . وها هي تهدده بالصراخ إن لم يغادر غرفتها .
لكنه كان واثقاً من أمر واحد ، وهو أنه لن يتمكن من أخراجها من حياته إلا إذا محا رالف من ذهنها ؟
قطب جبينه ، حين خطرت له هذه الفكرة .

لكنها لم تبعده عنها ، فما من شيء يستطيع أن يدفعه إلى ذلك الآن.
مرر يده على شعرها فتململت فيفيان ونظرت أليه بمزيج من الدهشة والحذر .
لكنه قضى على حذرها حين عانقها وهو يمسكها برفق .

دفعتها مشاعرها الجياشة إلى التفكير . فهي منهكة ، وسريعة الأنفعال .
تلفها الكآبة . ويعتصرها الآلم من نبذه لها في السابق .
وستحمل هذه الأحاسيس معها بقية حياتها .

لكن ما زال لديها ذاك الأمان مع ليتون ديكستر ، رغم ما قاله،ورغم الكلمات التي حكمت عليها بالهلاك منذ البدء .
شعرت أنهما وحيدان على هذا الكوكب . وملأ قلبها المجروح بالبهجة .
لماذا ؟ لأن عطفه وحنانه لا يمكن أن يكونا لمجرد الثأر منها .
فقد شعرت بحاجته الماسة إليها .

شعرت بأنها خلقت له ولأجلة . وأنها مناسبة لليتون ديكستر . تملكها شعور بالثقة . واحست بأنه جزء من قلبها . وأنها لا تريد أن تنسلخ عنه.
ودّت لو تكتشف أسرارها كلها لليتون ديكستر الذي امتلك فؤداها وشغل أفكارها .
، هذا الرجل الذي بدّل حياتها ، وجعلها تشعر بالدفء والأمان .

ثم قرع أحدهم الباب ...
أجفلت ، لا بل أجفلا معاً . ثم تعالى صوت من وراء الباب ، يقول :
- فيفي ، افتحي الباب .. أنا رالف .

رأت نظرة قاسية ترتسم في عيني ليتون ، وتوترت شفتاه .
وشعرت فجأة بضغط ذراعه حول كتفيها ، قرأت في عينيه أمراً حذرها من أن تتكلم.
أطاعته ، هذا ما كانت ستفعله على أي حال . لكن رالف قرع الباب مرتين قبل أن تبتعد خطواته .

تركها ليتون وهبّ وافقاً بسرعة.
جلست حائرة وراحت تمرر أصابعها في شعرها .

فتحت فمها لتتكلم ، لكنه سبقها بالقول :
- آسف إن كنت قد سبقت رالف ، ولكن كان عليك أن تحذريني .
شعرت فيفيان بالدم يهرب من وجهها :
- أنت لم تسبقه ، إنه.. ليس لدي فكرة - ..

- فيفي
نظر إليها بسخرية بالغة ، ثم أضاف :
- ارحميني من التفسيرات الكاذبة ، إذا كانت هذه هي الخطة ، فقد نجحت...
فانفجرت تقول والصدق مرتسم في عينيها :
- لا أفهم ما تعنيه
فرد بخشونة :
- سأشرح لك الأمر إذن . تقربت من رالف كي أتعلق بك وأهتم بك ، أليس كذلك؟

- لا ..هذا غير منطقي ، لم أفعل هذا .

فقال ساخراً :
- هددت بالصراخ ، ثم بدأت بالبكاء ، حتى أنك جعلتني أظن أنك غاية ..في الشجاعة.
أردت أن تشعريني بالذنب ، وألا تحسي به أنت .
ولم تجدي طريقة أفضل من استغلال رالف كي ...تدفعيني إلى نقطة الاعودة ، يا فيفيان .

حملقت فيه وفغرت فاها مذهولة .. فابتسم إبتسامة باردة . .
تجمد لها قلبها .
- لا تقولي لي إنك لا تعرفين عن الرجال ما يكفي لكي تعلمي هذا .

- ولكن لم قد أفعل هذا ؟

- لماذا ؟ كي تبقي متمسكة بادعائك الدائم بأنك لن تستسلمي وتخضعي لي من أجل الفوز بالأتفاقية .

وكانت لهجته لاذعه ، فلم تستطع فيفيان سوى أن تحملق فيه بذهول تام، وتابع :
- كما أنك أبديت إعجابك برالف أيضاً ، ولكن كان ينبغي أن يخطر بباك أنك لن تحصلي على كل شيء مجاناً . وأن رالف سيأتي ليطالب بأجره .

-لا ! إسمع ...

- ألم تستغليه هذه الليلة ؟ وقلت إنك استمتعت بكل دقيقة معه؟

- لا ، حسناً ، نعم ، ولكن...

وسكتت بعجز ، وراحت تنظر إليه ، عاجزة . ثم قال ببطء .
- وهكذا ، حصلت على الأخوين ديكستر . صدقيني يا فيفيان إن هذا إنجاز مميز.
لكن هذا الأخ ، وهو أنا ، على وشك أن ينسحب من هذه اللعبة .

ثم انحنى متمهلاً ، وأخذ وجهها بين يديه ، فشهقت .
- سألقي نظرة أخيرة على فتاة كادت أن تستغفلني .

وأخذت عيناه الزرقاوان اللعينتان تطوفان فوق وجهها .
تمعن في كل تفصيل أصبح الآن يعرفه جيداً . وكل بقعة ناعمه حساسة منه.

ثم قال برقة :
- آه ، نعم

وعاد بنظراته إليها ، مثقلة بالسخرية واحتقار لم تر مثيلاً لهما .
وأضاف :
- أنت جميلة جداً ، وممثلة بارعة ، يا فيفيان .. وبدأت أتساءل أيضاً عما إذا كان خوفك من الطيران والمرتفعات والمصاعد ادعاء منك. لكن اعلمي ما يلي :
- لقد حصلت على ( عصير كلوفر ) مقابل جهودك المضنية .

ترك وجهها ، وحمل سترته وربطة عنقه ثم خرج عبر الشرفة .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:46
7- الثمـــــــن

- سيدة ديكستر ؟ أنا فيفيان فلور ي . . أرجوك هل تسمحين لي بالدخول ؟
فأنا أحتاج للتحدث إليك .

بعد نصف ساعة ، وكما قرع رالف بابها من قبل .
هاهي تقرع باب والدته. كانت الحفلة ما تزال مستمرة ، ولكن فيفيان نظرت خلسة
من شرفة الطابق الأعلى فرأت أن عدد المدعوين يتناقص وأن خطأ من الضوء
تسلل من تحت باب إميليا ديكستر .

طرقت الباب مجدداً ، فانفتح فجأة . كانت إميليا قد أزالت الزينة عن وجهها وارتدت
عباءة بيضاء فوق قميص نومها . لكنها لم تفقد شيئاً من مظهرها المستبد .

قالت وقد بان النفور في ملامحها :
- فيفيان! أنت آخر شخص أريد التحدث إليه . لا سيما في هذا الوقت من الليل . أذهبي إلى فراشك.
فقالت فيفيان متضرعة :
- لا ، أرجوك ، لا تصفقي الباب في وجهي ، أنا حقاً بحاجة إلى شخص يفهمني و ...
بحاجة إلى المساعدة .

ترددت إميليا ثم قطبت حاجبيها وهي تنظر إلى وجه فيفيان الشاحب واضطرابها البادي .
- صدقيني ، أجد أنك سببت ما يكفي من المشاكل . هيا ، أدخلي ، إنما أحذرك ! عليك أن تحسني التصرف .

ثم ابتعدت عن الباب ، وتركت فيفيان تدخل وتغلقه خلفها .
كانت الغرفة واسعة ، تحتوي أريكة أمام المدفأة وعدداً من المقاعد المغطاة بقماش قطني نقشت عليه رسوم زاهية.

قالت والدة ليتون:
- إذن ..كيف يمكنك أن تفعلي ذلك ؟ لا أدري ما هي اللعبة التي تلعبينها ..

فقاطعتها فيفيان :
- يا سيدة ديكستر ، هل لي ، أولاً أن أوضح شيئاً ؟ ربما مازلت تكرهينني ، ولكن الأمر ليس كما تظنين .

ثم تنفست بعمق وأخبرت إميليا ديكستر القصة بأكملها .
وعندما انتهت من الكلام ، فتحت إميليا فمها وأغلقته مراراً .
إلى أن قالت أخيراً :
- حسنا ، هذا يفسر بعض الأمور ، ولكن. .

ونظرت إلى فيفيان بشيء من العجز ثم أضافت :
- وكيف أتأكد من أن كل ما رويته صحيح ؟

أخرجت فيفيان علبة الخاتم المخلمية ، قائلة :
- أرجو أن تعيدي هذا الخاتم لليتون ، وما أردت أن ألبسه .
ولكن تلك قصة أخرى . يمكن لرالف أن يطلعك عليها إذا أراد أن يكون صادقاً بهذا الشأن . وسيخبرك لماذا فعلنا ما فعلنا . لا أردي لماذا قرع بابي هذه الليلة .
لكني أوضحت له أنه لا يمكن أن يحدث بيننا شيء . كما أوضحت له أن عليه ألا يتدخل بين ليتون وجيني . حتى وإن أرادت هي ذلك . وأن هذه فرصته للخروج من ذلك الدور . . .إنها فرصة لنا نحن الاثنين للخروج من هذا الدور الذي تلعبه . ولعلنا . . بهذا ، تتمكن من جمع شملهما .

فقالت إميليا وهي تتنهد :
- جيني ، حسناً ، أتصور أن لديها أسبابها.ورالف وليتون .. لطالما كان أحدهما ينافس الآخر .

- أعلم هذا .. ويا ليتني فكرت قليلاً في ذلك . لكن لم يخطر ببالي أن الحقد بينهما سيزداد بسببي . لم أكن أظن حقاً أن هذا ..

وسكتت فيفيان ثم عادت لتقول :
- ليت هذا لم يحدث ! كان علّي أن أخبر أحدهم بالحقيقية لأني شعرت بالذنب حيال أسبوع زفاف ماغ . لكن لم يكن لدي فكرة عما يجري حين جئت إلى هنا .

أخذت إميليا تنظر إليها مطولاًَ بإمعان . كانت فيفيان قد استحمت وشعرها مازال مبتلاً .
وظهرت حول عينيها هالتان زرقاوان ، أما وجهها فبدا شاحباً وملامحها مرهقة .

وسألتها ببطء:
- هناك أمر واحد لم أتأكد منه بعد . ما الذي أبقاك هنا بعد أن بدأت تتفهمين . .. الأمور ؟
أهو ليتون نفسه أم أتفاقية عصير كلوفر ؟

فنظرت فيفيان إلى البعيد ، ثم قالت:
- حصل سوء تفاهم حول هذا الموضوع ، أيضاً ، لكنني لا أستطيع أن ألومه
لو ظن أنني كنت... متلهفه للحصول على الإتفاقية ومستعدة لإقامة علاقة قصيرة الأمد . ولكن ذلك لم يناسبني .

- إذن ، ألم تقعي في غرامه يا فيفيان؟
وطرح السؤال الذي كانت تخشاه وترجو أن تتجنبه .

لكنها لم تستطع تجنب عيني إميليا القاتمتي الزرقة كعيني أبنها . قالت:
- ظننت ذلك في البداية . ولكن لا ، لم يحدث هذا . أردت أن أطلب منك أن تقولي لليتون إنني لا أستطيع قبول اتفاقية عصير كلوفر الآن ، أو حتى الشامبو . ستمحو وكالة غودمان أسم كلوفر من دفاترها نهائياً .

- لم لا تخبرينه كل هذا بنفسك؟

- لا أريد أن أرى ليتون مرة أخرى ..أنا .. من المستحيل أن أشرح له الأمور ، وعلى أي حال ..حان الوقت ..لذلك..أرجوك ، كيف يمكنني مغادرة المكان؟
الآن ، صدقيني ! لقد نلت كفايتي وحزمت أمتعتي . هل من الممكن أن أطلب سيارة أجرة بواسطة الهاتف ؟
وشدت قبضة يديها حتى أبيضت مفاصل أصابعها .

هزت إميليا رأسها ببطء ، وقالت :
- لا . إننا بعيدون جداً عن الحضارة . ولكن بإمكاني مساعدتك . حسنا ، يا عزيزتي .
لم لا تبقين في غرفتي قليلاً ؟ إن البستاني عندنا يعمل أيضاً سائقاً عندي .
سأرى إن كنت أستطيع إيقاظه .

فسألتها متوترة :
- ألا يمكنني الإنتظار هنا ؟

نظرت إميليا بحدة ، وقالت :
- لا أظنك ..خائفة من ليتون؟

أغمضت فيفيان عينيها وتساءلت كيف تخبر أمه بأنها لن تستطيع تحمّل مواجهة أخرى معه .
وبللت شفتيها ، وأجابت :
- لا ، طبعاً ، ولكن.

وسكـتت فقالت إميليا فجأة :
- لا بأس ، إجلسي . ثم غادرت الغرفة .

وبعد عشرين دقيقة ، نزلت السلالم برفقة إميليا التي قادتها نحو سيارة الرانج روفر الزرقاء المتوقفه أمام الباب .









- أمتعتك في السيارة ، يا فيفيان . وأرجو أن تسامحيني ، لكن يبدو أنها أفضل طريقة للرحيل .

-آه ، عندما أصل إلى محطة القطار ، يمكنني أن أهتم بنفسي ياسيدة ديكستر ، شكراً على مساعدتك لي .

هزت إميليا كتفيها ، ثم عانقت فيفيان التي بدت الدهشة على وجهها وأضافت :
-اعتني بنفسك
صعدت فيفيان إلى السيارة وقالت مخاطبة السائق :
- مرحبا ، آسفة لهذا ..

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:48
ثم سكتت وكأن رصاصة أصابتها . لأنها لم ترَ رجلاً غريباً يستعد لقيادة السيارة ، بل ليتون نفسه . وما إن أغلقت إميليا باب السيارة ، حتى أقلع بها .

قالت فيفيان بيأس :
- كيف يمكنها أن تفعل بي هذا ، بعد كل ما .. قلت لي إن أمك هي مثال للوقار .

- وهي كذلك ، إربطي حزام مقعدك . ولو لم تصادفني أثناء بحثها عن ( ريتشاردز) لهربت انتِ!

- أهرب بماذا ؟ تجعلني أبدو كمجرمة فارة ، إلى أين نحن ذاهبان؟

- إلى أي مكان يبعدنا عن مستشفى المجانين هذا . إلى أين تريدين الذهاب ، يا فيفيان ؟

-إلى مكان متحضر ، حيث أجد قطارات وسيارات أجرة وطائرات وبيوت ، وذلك كي أصل إلى بيتي !

وأخذت تبحث عن حزام الأمان لتضعه وهما يجتازان مجموعة جميلة من البوابات لم ترها من قبل .

- فيفيان؟

- لا أريد أن أتحدث عن ذلك يا ليتون ، فقد انتهى الأمر بيننا ، لقد أصدرت حكمك علّي .. حسنا ، وأنا أصدرت حكمي الآن.

- قالت لي أمي إني ربما أسأت الحكم عليك.

فقالت بضعف :
- وإن يكن ، هذا لن يغير الوضع ، ولا يعني شيئاً ، فقد انتهى ما بيننا وأرفض التحدث عن الموضوع .

- لم تدخل في التفاصيل ، قالت إنه علي ، فقط ، أن أصغي إليك . لعلك أفضيت لها بأمر ما حرّكمشاعرها وأكسبك عطفها .

ألقت فيفيان براسها إلى الخلف ورفضت الكلام .
- هل هي أكاذيب أخرى ، يا فيفيان ؟ هل هذا سبب لهفتك للهرب دون أن تواجهيني ؟

لم ترفع رأسها ، لكنها التفتت تتأمل الظلام من النافذة :
- نعم ، لقد أخبرتها كذبة
-
لقد تساءلت عن ذلك .

- أحقاً ؟ لا بد أنك سعيد لاكتشافك شخصيتي .

فقال متجهماً :
- فيفيان ، إذا كان لديك ما تقولينه ، فقوليه الآن.
-
حسنا ، ما هي المسافة المتبقية إلى أقرب محطة قطار ؟

اعترض بحزم ، لكنها رفضت الكلام بعناد ولم ترهب تهديده . ورفضت أن تظهر مدى الحزن الذي يتملكها . انطوت على نفسها ،وبعد أميال عدة استغرقت في النوم.

كان الفجر قد بزغ لتوه عندما توقف أمام مطار ( ماسكوت).
طرفت فيفيان بعينيها ، وتمطت ونظرت حولها وقد أصابها دوار .

ثم استدارت نحوه ، مذهولة وقد تذكرت كل ماجرى . فقالت متلعثمة :
- هل هذا ؟ هذا هو المطار . إسمع ، لم أتوقع منك أن تقطع كل هذه المسافة .
كان بإمكاني أن أستقل القطار أو أي وسيلة نقل أخرى .

أسند ليتون مرفقه إلى عجلة القيادة وأخذ يتأملها بنظراته . ثم قال باقتضاب:
- قبل بزوغ الفجر؟ ربما لن تتمكني من ذلك . ولكن هل هذا هو المكان الذي تريدين أن تكوني فيه؟

وأدركت من نظراته أنها تبدو مشعثة الشعر ، مهملة ، ففركت وجهها وحاولت تمشيط شعرها بأصابعها .
وهي تقول مشتتة الذهن :
- حسنا، نعم، إنه المكان المفضل الذي سأغادر منه إلى بيتي...
-
انزلي من السيارة إذن ، وسأحضر لك أمتعتك.

جلست على حقيبتها . بينما ذهب ليحجز لها مكاناً على الطائرة.
اختار لها مقعداً في الدرجة الأولى . على متن أول رحلة إلى ( بريسبن ) ، التي ستنطلق بعد ساعة.
ثم قادها إلى قاعة خاصة مترفة . واقترح عليها إصلاح مظهرها في غرفة الزينة.

دخلت مسرورة ، فغسلت وجهها ، وحاولت أن تسرح شعرها ، وأن ترتب مظهرها ،
فيما كانت تسعى لتنظيم أفكارها . وعندها عادت إلى القاعة وجدت أنه ينتظرها .
وكان قد طلب قهوة وشطائر لهما .

تنهدت وهي تجلس أمام فنجان القهوة الساخن ، وأخذت تشم عبيره ، ثم قالت بصوت أجش :
- شكراً ، أنا حقاً بحاجة إلى هذا ، ولكن ما كان لك أن ...

- فيفيان ، إذا قلت هذا مرة أخرى سأخنقك.

رفعت فنجانها ونظرت إليه من فوق حافته. لقد تركت هذه الليلة آثارها على وجهها ...
وفضحت لها المرآة كل ذلك ، إذ رات كدمات كالرضوض تحت عينيها .
وشحوب غير طبيعي في وجهها . كم تمنت لو حملت معها بعض أدوات الزينة !
وأحست بإرهاق بالغ لم تستطع التخلص منه ...

أما هو فلم يبدُ عليه الأعراض نفسها . ولو كان يحتاج لحلاقة ذقنه . بدا ضخماً ، مليئاً بالحيوية ، واثقاً من نفسه رغم مزاجه المعكر .
فكرت في كل هذا بمرارة ، فوضعت كوبها من يدها وراحت تدعك جبينها بأصابعها .

- هناك أمران ، يا ليتون ، لقد سّلمت الخاتم لأمك ، كما إني لا أريد اتفاقيات كلوفر على الأطلاق . إننا ، أعني مؤسسة غودمان ، ستشق طريقها من دونك.

- هل هذا بسبب ما قلته لك ؟

فقالت بثبات تطلب منها جهداً بالغاً ، :
-ما كان علي أن أعقد اتفاقاً مماثلاً معك ، لأنني أجد نفسي مكرهة ، أخلاقياً ، على قبول أي شيء منك.
نظر إلى ساعته ، وقال :
- فيفيان ، منذ أربع ساعات كنت أضمك بين ذراعي ..

هزت كتفيها وعادت ترفع فنجان القهوة ، وأضاف :
- ألا تريدين التحدث في الموضوع؟

صاحت بها كل خلية من جسمها تطالبها بأن تخبره بأنه الوحيد الذي أحبته ، لكنه ضرب بهذا الحب عرض الحائط. لكنها كانت تعلم أنها لن تثق مجدداً بليتون ديكستر ..
ولم ترّ فائدة من محاولة التفاهم معه . ولن تخبره عن رالف ، وجيني ديكون. . .
ناهيك عن مشاعرها الخاصة ؟

وأخيراً قالت :
-لا !

فقال متجهماً :
- وماذا عن نتائج ما حصل ؟

فأغمضت عينيها :
- لا تقلق ، يا ليتون ، لن أحّملك ذنباً

بقي صامتاً للحظات ، لكنها أحست بنظراته تخترق أعماقها . ثم قال :
- أليس لديك ما تضيفينه ، يا آنسة فلوري ؟

- أنا لست في قفص الشهود في المحكمة ، يا ليتون .
ولمعت عيناها غضباً .

استند إلى الخلف ، ولكن قبل أن يتاح له الوقت ليتكلم ، تابعت تقول :
- هناك ، في الواقع ، شيء أريد أن أضيفه . إذا لم تكن قادراً على إخراج جيني ديكون من قلبك ، كف إذن عن تعذيب نفسك.

قرع جرس تبعه تنبيه إلى قيام رحلتها في الطائرة . واتسعت عينا فيفيان حين أدركت فجأة ما هي مقبلة عليه ... ستركب الطائرة.

فقالت وقد تملكتها الكآبة والوحشة :
- آه ، لا ،،، هذا آخر ما أحتاج إليه الآن
فرد بجفاء :
- لقد طمأنتني إلى أن هذا ما تريدينه حقاً.

- هذا صحيح ، ولكن لم يكن لدّي الوقت لأعدّ نفسي .

قال وهو يراقبها بعينين ضيقتين :
- ما زال أمامك عشرون دقيقة تقريباً قبل إقلاع الطائرة.

بدا الإحباط عليها وشحب وجهها ، وأضاف :
- لم لا تتذكرين كم كنت شجاعة معي ؟

- هذا آخر ما أريد التفكير فيه...
سكتت فجأة وعضت على شفتيها ، لكنها أكملت قائلة :
- آه ، ربما أنت على حق . إذا أمكنني ذلك ، فهذا حسن . نعم.

ووقفت بعزيمة واضحة ارتسمت على خطوط جسمها ، ثم مدت يدها إلى حقيبة يدها :
-لا بأس ، ليس عليك أن ترافقني أكثر يا ليتون، فأنا أعرف البوابة ، لهذا .... لنقل وداعاً الآن ، أنا آسفة لانتهاء كل شيء بمثل هذا الفشل الذريع. لكن ، على الأقل ، يمكنك أن تعود إلى ( هارفست مون) وتساعد ماغ على الاستمتاع بأسبوع عرسها .

فوقف قائلاً :
- سأرافقك حتى البوابة ، يا فيفيان .

- إن هذا يطيل ...
وسكتت فجأة .

ثم وقف يراقبها كالصقر .



>

فقالت وهي تنظر إلى البعيد :
- لا ، أبداً ، أنا فقط .. لا أحتاج إلى من يمسك بيدي .

فقال بمودة مفاجئة :
- لا بأس . لن أفعل ذلك ، لكني أريد أن أراك داخل الطائرة.

فردت بعنف :
-لا تخف ، لن أفلت منك لأهرب عائدة إلى هارفست مون، أليس هذا ما يقلقك؟

فقال ببطء :
- لا ، أبداً ، أنا في أثرك يا فيفيان.
خرجت من القاعة مرفوعة الرأس . فتبعها إلى جانبها صامتاً حتى وصلا إلى البوابة .
عند ذلك ، وقفت ونظرت من النافذة الزجاجية الكبيرة إلى الطائرة . ثم ابتلعت ريقها وأخذت تربت على جيبي بنطلونها الجينز .
وتبحث في حقيبة يدها عن تذكرتها بشيء من الأضطراب .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:51
-إنها هنا .
أخذ حقيبتها من يدها ، وأخرج من الجيب الخارجي تذكرة السفر ، ثم وضع ذراعه حولها .
همست :
- ليتون .

اتسعت عيناها بحذر حين راحت ذكرياتها معه تتدفق إلى ذهنها .
أخذ يتأمل قطرات العرق على جبينها ، وسمعته يتأوه قائلاً:
- فيفيان ، يمكنك أن تفعلي هذا ، أنت فعلاً رائعة ، وأنا آسف إن قلت لك العكس . هل تريدين إخباري شيئاً ما ؟

فغرت شفتيها . وحدثها فؤادها بأن تكون صادقة معه . لكن، و مثلما كان ستان غودمان يتراءى لها أحياناً .
تراءت لها جيني ديكون الآن ، كما تذكرت الفراغ الهائل المخيف الذي تركها فيه قبل خمس ساعات فقط.
حين نبذها من جديد . وبقيت حائرة لا تدري كيف ستواجه هذا كله .

فقالت بهدوء تام :
- لا ، وداعاً يا ليتون . سأكون بخير .
ثم ابتعدت دون أن تنظر إلى الوراء .

عندما دخلت إلى شقتها . ووقفت تنظر حولها ، لم تصدق أنها لم تفارقها إلا منذ أربعة أيام . ووجدت نفسها تفكر متأملة بأن هذه الأيام الأربعة مضت كالحلم ،
فقد حدث الكثير في ذلك الوقت القصير ، وكيف يمكن لشخص أن يقع في الغرام في أربعة أيام ؟

أغمضت عينيها وقد شعرت بإرهاق شديد ، ولم يكن أمامها سوى أن تلجأ إلى سريرها رغم أن الوقت لا زال مبكراً . وهذا ما فعلته .
ولكن لساعة تقريباً . وبدلاً من أن تستغرق في النوم . تدفقت أحداث تلك الأيام إلى ذهنها . وراحت تتساءل عما فعلت ، وعما ستفعل ، وعما عليها أن تفعل . .
ما الذي يحدث الآن في هارفست مون ؟وأي تفسير أعطي لهربها تحت جنح الظلام؟

أترى أطلعت إميليا ليتون على ما أخبرتها به؟وإذا فعلت ، فأي فرق سيحدث الآن؟
لا شيء ، على الأرجح ، إلا إذا قرر رالف أن يعترف بكل شيء .
ويبدو هذا بعيد الأحتمال ، كما أنها أدّت دورها ببراعه. وضعت أساساً لهذه القصة عندما أثارت غيظ ليتون .في ذاك المطعم على ضفاف النهر ، وهي تصف الرجال الذين تفضلهم .

لكنها لم تكن تتصور أن شقشقه يحمل الصفات ذاتها . هل تصرفت بسذاجة بالغة حين ظنت أن رالف سيتقيد بتحذيرها . ولن يحاول أن يخلق شيئاً بينهما من لا شيء ؟
وتملكتها الكآبة لأن الجواب واضح.وإلا لماذا جاء ليطرق بابها في ذلك الوقت من الليل ؟

ولكن لعل أكبر خطأ اقترفته هو أنها استمرت في تلك المهزلة لمدة طويلة جداً .
باسم مؤسسة غودمان . وهذا هو الشيء الوحيد الذي تمكنت من تصحيحه..استيقظت من نومها مع غياب الشمس . نهضت واغتسلت وحضرت شيئاً تأكله .

ثم جلست إلى طاولة الكتب بجانب المجيب الآلي الذي ما أنفك يضيء وينطفئ بجنون دون أنقطاع .كانت الرسائل اجتماعية . أما الأخيرة فوصلت قبيل وصولها إلى البيت هذا الصباح.أخذت تنظر إلى الجهاز مذهولة .

حين أخبرها مساعد غودمان الشخصي أن ستان أصيب بنوبة قلبية خفيفة منذ يومين .
وأن خبر حصول مؤسسة غودمان على اتفاقيتي عصير لكوفر والشامبو قد أنعشه .
حين سمعه من ليتون ديكستر نفسه هذا الصباح.

وهمست :
- ماذا ، آه ، لا .

أتراه يعلم بالنوبة القلبية التي أصابت ستان؟كانت الساعة الثامنة والنصف في الصباح التالي . وفيفيان في مركز عملها أمضت في مكتبها ما يقارب الساعة وهي تذرعه جيئة وذهاباً . كالأسد السجين في قفصة .

كانت قد اتصلت ، بإيزابيل ، زوجة ستان ، في الليلة الماضية . وأخبرتها هذه الأخيرة أن زوجها في المستشفلا وسيغادرها في اليوم التالي .
إنما عليه أن يرتاح لفترة. وتابعت إيزابيل غودمان تقول إن ستان تحسن بشكل ملحوظ حين علم بخبر اتفاقية كلوفر . وطلب منها أن تشكر فيفيان من أعماق قلبه .

كما أنه كلفها أن تخبر فيفيان بأنه واثق من أنها ستقوم بحملة دعائية ناجحة ومميزه لعصير كلوفر . وقالت لوسي هوايت مساعدة ستان الشخصية ، مكشرة :
- لا ، لم أخبره عن صحة ستان لأن ... حسناً ، لم أشأ أن أعرض الصفقة للخطر !
فهي ، تقريباً ، الشيء الوحيد الذي سينقذنا . وعلى أي حال ، أنت الأساس الآن وليس ستان.

جلست فيفيان خلف مكتبها متثاقلة :
- ماذا قال ليتون ديكستر ؟ما الذي قاله بالضبط؟

كانت لوسي هوايت سيدة في الخمسين من عمرها ، مفعمه بعواطف الأمومة ، ونظرت إلى فيفيان مقطبة :
- هل هناك مشكلة ، يا فيفي؟

هزت فيفيان رأسها :
- أريد أن أعلم ، أنا ..إنه ... لقد تركته دون أن أتأكد من الأمر ، في الحقيقة .

بدا جلياً أن لوسي موضوع الإتفاق الذي عقدته فيفيان مع ليتون كي تحصل على اتفاقية كلوفر . إنبسطت أسارير وجه لوسي ، وقالت:
- عندما أخبرته أن ستان غير موجود ، قال إن هذا غير مهم.
وطلب أن أخبرك أن التصاميم التي وضعتها للصقها على الزجاجات أعجبته جداً .
وأعطاني أسم شخص لنتصل به في مكتب العقود. واسم شخص آخر للتعاقد معه حول مختلف أنواع العصير التي ينتجونها ..ويبدو أن أعمالنا كلها يجب أن تمر عبر هذا الشخص ليوافق عليها . وهو نفسه سيغيب لفترة ، كما قال ، يا فيفي.

وتابعت بابتهاج :
- هذا عظيم! ليس الملصقات وحسب بل الإعلانات في المجلات وفي التلفزيون أيضاً.
إنك فتاة ماهرة ذكية للغاية.
أحست فيفيان بالتعاسة . ما الذي ستفعله الآن ؟
ها هي مقسومة بين وفائها لستان غودمان الذي كان كأب لها والذي لطالما ساعدها في عملها ،وبين تشويه سمعتها وإثارة الشبهات حول أخلاقها ؟ولكن أليست تبالغ في تقييم الوضع؟ وماذا عن ليتون... ماالذي دفعه إلى هذا ، إلا إذا كان هذا اختباراً من نوع آخر؟
أم هو نابع من حسن أخلاقة رغم اعتقادة بأنها خدعته ، وحاولت أن تستغل أخاه ؟
ربما روت له أمه ما جرى ، ولكن إذا طلب من لوسي أن تخبرها بإنه سيغيب لفترة طويلة ،فمعنى هذا أن ما قالته لم يشكل أي فرق لديه .

أما لأنه لم يصدق وإما لأنه .. لطالما قال أنها ليست له ، حتى بعد ما جرى.
إذن، هذه الاتفاقيات مكافأة لها ، لا بد أنه كأفأها بحقد. . . ليجعلها تشعر بأنه .. تغلب عليها ، وسيقول إنه نفذ جانبه من الإتفاقية . أم لعله ندم على ما حدث ؟ وسمعت هاتفاً في داخلها ، يحذرها من القبول ،ويدعوها للرفض ، لأنها ترفض أن تشعر بالامتنان حياله ،ولا تريد أن تدين له بشيء .

بللت شفتيها بلسانها ، وأدركت أن لوسي خرجت لاعتقادها بأن فيفيان تركز على الحملة الدعائية . ورأت أمامها فنجان شاي لم تتنبه لوجوده من قبل .

أدنته منها ، ثم دفنت وجهها بين يديها وأخذت تتنفس بعمق . فها هي تشعر بالدوار مجدداً ، كما يحدث لها دوماً أثناء الأزمات . وكلما فكرت في ذلك أكثر ، كلما شعرت أنها وصلت إلى طريق مسدود .لم تكن قادرة على ترك ستان غودمان ، وهو في أمس الحاجة لها .
ولا تستطيع أن تصدمة وتقول له أنها رفضت اتفاقيات كلوفر .

كما أنها لا تستطيع أن تخرج ليتون ديكستر من حياتها وقلبها كما كانت قد قررت .
عبر رفض مؤسسة غودمان التعامل مع كلوفر .

>







أدركت أنها لا تستطيع حتى أن تستغل مرض ستان كعذر لها لتتراجع عن قرارها .
فاختلاق الأعذار لا يتماشى وطبيعتها ، وتمتمت لنفسها : ( وإذا ظن أني استسلمت ، فليظن ما يشاء .(

اتكأت إلى الخلف وأغمضت عينيها وهي تساءل بحزن عن الخيار الذي كان أمامها منذ ليلتين . لأنها كلما فكرت في الأمر ، وجدت أنها كانت تحت رحمة أشدّ الرجال خطورة بسبب جاذبيته المفرطة . وسواء كان مدفوعاً برغبته في التفوق على رالف ، أو في إخضاعها له مقابل منحها الحملة الدعائية ، لم يكن لديها جوابمقنع على الطريقة التي يثير بها مشاعرها .

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:53
وهمست لنفسها بصوت مسموع :
- وهكذا عيشي وتعلمي ، وإن كنت تظنين أنك تعرفين كل شيء ، فليكن هذا درساً لك ، يا فيفيان فلوري ..

- فيفي ، هذا رائع!
هذا ما قاله غودمان ، بعد ثلاثة أسابيع . وكان هذا أول يوم يعود فيه إلى المكتب .
وأمضى ستان عطلة طويلة برفقة زوجته التي جنبته الأعمال كلها .
وهكذا ، بدا الآن قوياً نشيطاً وقد لوحت الشمس بشرته .

لكنه قطب جبينه فجأة ونظر إلى فيفيان بإمعان :
-هل أنت بخير ؟
فقالت مازحة :
-أنا بخير حقاً ، كنت أعمل بجد في الحملة الدعائية كلوفر.أنت تعرف الحال عندما ينزل عليك الإلهام ولا تريد أن تفقده .
فقال ببطء :
- لم أرك يوماً بمثل هذه النحافة وهذا الشحوب ، ماذا حدث مع ليتون ديكستر ؟

- لم أستطع حضور العرس ، فقد اتفقنا على الحملة قبل ذلك.
في الواقع تعقدت الأمور قليلاً . لأن أسرته حاكت مؤامرة ضده ، ودعت زوجته السابقة ،بغرض إصلاح الأمور بينهما ، حسناً ، رافقته لأخدع مجموعة من النساء.
فوجدت هناك زوجته السابقة التي ما زالت تحبه وهذا أمر مختلف .

فبدت عليه الدهشة ، وقال :
- لم أكن أعرف ذلك!

- أنه كان متزوجاً ؟ أنا أيضاً لم أكن أعرف .
ورفعت حاجبيها بشكل معبر وهي تضيف :
- لقد سقطت في نهر هاوكسيري عندما علمت بالأمر ...وهكذا ...

وأخذت تضحك بصوت خافت :
- حصل بعض الألتباس ، لكنني ما أبتغيه ، يا ستان، أتظن حقاً أنها جيدة؟
وأشارت إلى الأوراق الملقاة على مكتبة .

- أنها رائعه . أعجبني جداً الطراز اللاتيني الذي استعملته ..أعلم أنه عصير استرالي ، لكن الطابع العالمي سيمنحه ثقة،لا سيما وأنه سينزل إلى سوق التصدير . كما سيسوق في الوطن ، هل جعلت هذه الصورة مثالاً لشخص ما؟

نظرت فيفيان إلى الصورة المبهمة التي تشبة رالف وتساءلت عما إذا كان لدى ستان غودمان فكرة عن العذاب الذي عانتهحين استعملت هذا الشكل .
لكن تلك الفكرة راودتها منذ بدأت تحضر لإعلان العصير ، وكان من المستحيل زعزعتها تقريباً.

وفي النهاية أقنعت نفسها بأنه لن يكون من التفاهة بحيث يعترض عليها ، إذ لم تصل إلى شيء آخر.لكنها تصورت أنه قد يعتبر فكرتها تحدياً له ، مما أضاف إلى أضطرابها الداخلي وجعلها تفقد شهيتها بشكل شبة منتظم.

قالت لستان بضيق :
- لقد رسمت هذه ، أيضاً ، فقط في حال ..حسناً ، كبديل .

تفرس ستان في ما قدمته له ، ثم قال بشكل قاطع :
- لا ، أظن أن رسوماتك الأولى هي الأفضل ، يا فيفي ، ونحن سنعتمدها .
لا بأس ، سنراجع هذه ثم نرسلها لأخذ الموافقه عليها . وأظنك بحاجة إلى الراحة ، يا عزيزتي .

فقالت ضاحكة :
- هناك عطلة أسبوعية طويلة قادمة ، ، يا ستان ، وقد آخذ يوماً إضافياً لأذهب إلى..صيد السمك .وبالمناسبة ، يسعدني أن أراك بصحة جيدة.

- فيفي ، علي أن أشكرك على كل ما فعلته ، وذلك من أعماق قلبي .

كلماته هذه جعلت عملها ذا قيمة . وعندما أخذت الوكالة كلها تنتظر ،
ممسكة أنفاسها ، موافقة شركة كلوفر على أقتراحات الوكالة بشأن إعلانات العصير ، قدرت فيفيان ما أقدمت عليه .

لكن وحتى صباح يوم الجمعة لم يرد أي جواب . ومجدداً ، لم تستطع أن تتناول أفطارها .كان عليها أن تكف عن هذا التصرف . هذا ما فكرت فيه فيفيان وهي تغسل وجهها .
وأراحت جبينها على المرأة في الحمام الملحق بالمكتب .

ستبلغ السادسة والعشرين من عمرها بعد يومين . ولهذا عليها أن تتعلم كيف تضبط أعصابها .نشفت يدها ثم وقفت حين سمعت رنين تليفون المكتب .
لابد أن سكرتيرتها ، الجديدة والصغيرة السن . قد هرعت لترفع السماعة .

لأن فيفيان سمعتها تقول :
- أنا آسفة ، ولكن الأنسة فلوري غير موجوده حالياً.فهي ليست بصحة جيدة ، هل أطلب منها أن تتصل بك؟

اندفعت فيفيان إلى المكتب . لكن ليندا كانت قد أقفلت السماعة ، فبادرتها قائلة :
- ليندا ، إنك تجعلين الناس يظنون أنني مريضة .أنني بألف خير ، وكل ما عليك أن تفعليه هو أن تناديني . من كان المتكلم؟

- إنها امرأة ، لكنها لم تذكر أسمها ، قالت إنها ستعاود الاتصال بك.هل أنت واثقة من أنك بخير؟لا يبدو عليك . منذ أيام وأنت مريضة . لم لا تستشيرين طبيباً؟

- سأ ..سأفعل ، لكن لا تنشري هذا الخبر في كل أنحاء العالم .

قالت فيفيان نادمة عندما رأت الفتاة تطرق بكأبة :
- آسفة ، لكن ما من شيء هام يستدعي القلق.
-
إن كان هذا رأيك.

- نعم ، لا بأس ، فلنبدأ العمل ، لدي بعض الرسائل التي علي أن أكتبها .

حلت الساعة الخامسة والنصف ، ولم يرد أي خبر من شركة كلوفر .
وهكذا غادرت فيفيان إلى بيتها ، وهي مقتنعه بأن الوكالة خسرت الإتفاقية بسببها وبسبب رسمها المشابه لرالف .

كان المساء حاراً رطباً ، فاستحمت وارتدت قميصها الأسود المطرز .
ثم حضرت لنفسها الطعام ، فأعدت لحوماً باردة وسلطة . لكنها فقدت شهيتها ولم تلمسها . كما لم تعد خطة لقضاء عطلة أسبوعية .

وأدركت أنها لن ترتاح ، حتى ينتهي هذا العذاب ..عذاب ترقب جواب شركة كلوفر .
ثم رن الأنترفون في مدخل البناية . وعندما ضغطت على الزر لتجيب جاءها صوت ليتون ،فقالت وهي تشهق :
- أنت! ما الذي...
فقال آمراً :
-دعيني أدخل يا فيفيان .

- ولكن ...

فقال مهدداً :
- لن أرحل ، فإذا أردتني أن أثور غضباً . أو إن كنت جبانة وتخافين مواجهتي ...

- أنا لست كذلك .

- إذن دعيني أدخل يا فيفيان .

ضغطت على الزر وهي تصرف بأسنانها .
ثم ألقت نظرة على مظهرها فهرعت إلى غرفة نومها كي تخلع قميصها المطرز وتلبس بدلاً منه سروالاً قصيراً أبيض اللون وبلوزة صفراء . كانت تزرر قميصها عندما رن جرس الباب .

وهي لا تزال حافية ، لكن وقبل أن تجد حذاء تلبسه ، عاد الجرس يرن ويرن دون توقف . لهذا تخلت عن البحث عن الحذاء ، وركضت حافية القدمين لتفتح الباب ، قائلة بحده:
- من تظن نفسك ، يا ليتون ديكستر ؟

أخذت نظراته تتأملها ، لتستقر أخيراً على قدميها الحافيتين .
كان يرتدي بذلة رسمية هي نفسها التي لبسها حين كانا معاً في ( بريسين) . كما ارتدى القميص الأزرق وربطة العنق الكحلية وحمل حقيبة أوراق .
وبدا مثالاً لملوك المال النافذين .

قال :
- التاريخ يعيد نفسه ، يا فيفيان ..أراك دون حذاء ، أرجو ألا أكون قد جعلتك تنهضين من الفراش ..أو عطلتك عن شيء ما ؟
ثم رفع نظراته إلى قميصها . فنظرت بدورها وشتمت نفسها حين رأت أنها زررت قميصها بشكل خاطئ .

قالت :
- لا ، ولكن ..

تشابكت نظراتهما ، فأجفلت وهي ترى الغضب العارم والسخرية البالغة في عينيه ، وقاطعها قائلاً:
- أنا بالنسبة لمن أكون.

حاولت أن تتكلم ، لكنه لم يدعها تفعل ، بل قاطعها مجدداً ، ليقول :
- ألا يمكن أن تتعقلي ؟ فأنت تبدين مريضة..

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:55
8- أنت صخرتي !
فتحت فيفيان فمها ذاهلة و اجتاز العتبة و أغلق الباب ، ثم ألقى بحقيبته على الأرض . تراجعت خطوتين ثم تعثرت ، فمد يده و أمسك بمعصمها ليمنعها من السقوط .

فهمست :
-من...من أخبرك بأني مريضة؟

- سكرتيرتك .هذا ما قالته للسيدة هاربر عندما حاولت أن تتصل بك من طرفي هذا الصباح ، ولكن يكفي أن انظر إليك لأدرك أنك مريضة.

فتحت فيفيان فمها ، لكنها لم تستطع النطق. ومنعها الذهول من المقاومة عندما جرها بيدها إلى غرفة الجلوس و طلب منها أن تجلس. غاصت في الأريكة الصفراء و أخذت تحملق فيه غير مصدقة و هو يخلع سترته و يفك ربطة عنقه ، ثم يمد يده إلى جيبه ليخرج بعض الأوراق ثم قال متجهم الوجه :
- إذن، قررت الاستمرار بعلاقتك مع رالف.
و ألقى بالأوراق على الطاولة أمامها.

نظرت إلى رسوماتها ، ثم أجفلت و قالت بصوت أجش :
-ليتون ، لقد رضيت أنت على هذه الفكرة ، حتى قبل أن أعلم أن رالف موجود في هذه العالم.

-و أنت أكدت لي ، يا فيفيان ، أنك لن تمسي اتفاقية كلوفر لأنك لن تبيعي نفسك...ثم هذه....و أشار إلى الأوراق.

فصرخت :
- أنت الذي أجبرني على قبولها. أعني أنك، في الواقع ، أعطيتها لغودمان دون أن تخبرني.

فقال معنفا :
- كان يمكنك أن تتراجعي..تحنثي بوعدك و تخبري رئيسك بما حدث. و كيف تشعرين بأن هذه الإتفاقية تتعارض مع أخلاقك.
-
لا ، إنني...
سكتت و حاولت أن تتمالك نفسها ،لكن اضطرابها لم يهدأ بسبب هذه الصدمات الكبيرة.
فأغمضت عينيها قائلة :
- و أي فرق يمكن أن يحدثه هذا؟.

- سأخبرك يا فيفيان.
و جلس أمامها ثم أضاف:
-لو كنت زوجتي ، لفضلت أن تحتفظي بمستواك الأخلاقي الرفيع. وألا تحاولي أن تتباهي ، وتستمري في المباهاة برالف أمامي.

شحب وجهها و راح رأسها يدور، و أخذ العالم يختفي من أمامها.
لم يغم عليها ، لأن تصرفه الفوري أنقذها من ذلك. فقد هب واقفا و جلس بجانبها ، ثم دفع رأسها برفق إلى الأسفل بين ركبتها ، إلى أن أخذت تحتج بضعف و صوت متلعثم بأنها أصبحت بخير.

فقال بجمود:
- حسنا .

ثم ساعدها على الجلوس و أضاف :
- هل تريدين شرب شيء من القهوة؟.
-
نعم، و لكن هناك زجاجة مياه معدنية بنكهة المانجا في الثلاجة، ستكون ...أفضل....

توجه إلى المطبخ و أحضر الشراب في كأس. وعندما عاد لاحظ طبق اللحم البارد و السلطة فحمله معه أيضا ثم سألها:
- منذ متى و أنت مريضة؟ ألم تذهبي إلى الطبيب بعد؟

- لم أذهب إلى الطبيب و لكنني بخير...المشكلة بكل بساطة أنني أعاني من بعض الضغط.

فقال و هو يعود للجلوس بجانبها:
- إذن فأنت لا تعترفين بأنك مريضة؟
ثم بادرته بلهجة لاذعة لتغير مجرى الحديث:
- هذا....
و سكتت ثم غيرت لهجتها :
- هل أنت...هل أمك...؟
و لم تستطع أن تتابع.

- أطلعتني على ما أخبرتها به ؟ نعم ، لقد فعلت. و صعب علي تصديق ذلك نوعا ما ، خصوصا عندما لم ترفضوا اتفاقية كلوفر.

فقالت فيفيان بعد صمت طويل مزعج :
- وماذا عن رالف؟.

- أعطاني تفسيرا يتفق مع ما قلته أنت لأمي. لكنه كان يشعر بالخجل و الذنب حيال ما حصل ، لاسيما حين طرق بابك في الساعة الواحدة و النصف صباحا. فقد جاء ليخبرك ، وعلى حد قوله ، بأنه لم يستطع العثور علي و لهذا يبدو أن الخطة فشلت. هل كنت تصدقين ذلك، لو كنت مكاني ، يا فيفيان؟

فأجابت باكتئاب :
- نعم ، حسنا ، ربما كانت تلك حجة لشيء آخر ، ولكن....
سألها و هو يتأملها بسخرية :
- شيء آخر؟.

فأجابت بكل حزم:
- لم يكن بتوصية أو برغبة مني. و ما كنت لأرضى بذلك و لا يهمني سواء صدقتني أو لم تصدقني ، يا ليتون.

فلوى شفتيه ، و قال :
- ما أغرب ما يمكن أن يفعله كأس مياه معدنية و قطعة جبنة.

فأجابته بحدة:
-لقد بدأت لتوي أتغلب على الصدمة التي تلقيتها منك.
ثم تناولت قطعة اللحم وورقة خس و قالت :
- لا بأس ، دعنا نبدأ بالأهم. سأخبرك لماذا لم يكن أمامي أي خيار سوى قبول اتفاقية كلوفر ، خصوصا بعد أن أعلمت أنت مؤسسة غودمان بموافقتك.
-
فهمت.
رد عليها باقتضاب دون أن يعكس وجهه أي انفعال أو تعبير.

-وهكذا لعلك تظن أنك اشتريتني ، ولكن هذا لا يهمني. كان ستان بمثابة أب لي. كما أنني لم أكن أحاول أن أتباهى برالف أمامك...لكنني ما كنت لأقدم للوكالة عملا كهذا طوال حياتي.

و أشارت إلى الرسومات الملقاة على الطاولة ، ثم أضافت:
- و لا حتى بنصف جودته. لقد سبق و قدمت أعمالا أخرى لكن ستان رفضها ، أما هذه فقد فازت بالقبول.
و بان العجز في صوتها:
-حسنا ، أعتقد أنك و جيني لن تنسيا بعضكما البعض أبدا. و لكن هذا غير مهم و لا صلة له بموضوعنا.
و سكتت فجأة ،معنفة نفسها لقولها هذا.فهو أشبه باعتراف بأنها تظنه لا يحبها..مما ينبغي أنه لا يشكل أي فرق.

فقال :
- و هو كذلك فعلا.

فنظرت إليه و طرفت بعينيها.

فعاد يقول :
- غير مهم و لا صلة له بموضوعنا. و لكن تابعي يا فيفيان .

فصرفت بأسنانها:
- لا إنك تظنني مجنونة ، يا ليتون. أنت تهزأ بي و تحتقرني...تعتقد أنه بإمكانك أن تشتريني. لقد شككت بي بسبب تصميم وضعته يشبه أخاك ، ولن أذكر تلك الخطط الرخيصة التي وضعتها ، كما أكره التفكير فيها.

فقال برزانة :
- كان ذلك نوعا من ردات الفعل الفورية.

-كما إنني أرفض التفكير في ما يمكنك أن تبتدعه من إهانات إذا قصدت.
و ارتجفت بشكل واضح، ثم أكملت قائلة :
- لكنك أخبرتني بنفسك أنه ليس لديك الوقت لأي شخص، لا سيما أنا.

- و من قال إنه ليس لدي وقت لك؟

لم ترد أن تدخل غمار هذا السؤال و ما قد يتبعه لذا حاولت أن تغير الموضوع سألته :
- هل لازلت تحب جيني؟.
-يبدو أنا نعود دائما إلى إثارة هذا الموضوع ، و لكن....

لكن فيفيان وقفت و قد عادت ترتجف ، و شحب وجهها :
- ليتون ، لقد استمر هذا طويلا. أنا لست مريضة.

-إنك لم....
و لم ينه كلامه ، لكنها لم تره من قبل بمثل هذه الصرامة و البرودة. و بدا و كأنه كشف لها عن رأيه فيها.

-لا! أنا لست مريضة!

-و لكن ، كيف يمكنك أن تكوني متأكدة إلى هذا الحد؟

عادت فجلست و هي تفرك و جنتها غير مصدقة :
- هل علي أن أعطيك درسا في علم الأحياء؟.

فسألها بخشونة :
- و لكن لماذا تبدين بهذا المظهر؟.

-تعرضت لكثير من التوتر و الضغط أثناء مرض ستان .
و نظرت إليه فقرأت في عينيه عدم التصديق ، فأغمضت عينيها للحظة و قالت :
- لقد أخبرتك مرة...المرتفعات ، الطيران ، ضغط العمل ، المصاعد...هذا كل ما في الأمر .

أمعن النظر فيها فرأى أن وجهها ما يزال شاحبا فقال:
- اسمعي ... لا تبدين لي بخير. سأحضر فنجانين من الشاي....

غاب قليلا ثم عاد يحمل فنجانين من الشاي قدم أحدهما لها.
شربت رشفة ثم تنفست بعمق.
-أظنني أثرت الشكوك، كما حدث أثناء الاتصال الهاتفي. وقد قلت لسكرتيرتي إنها ستنتشر ، بهذه الطريقة ، إشاعة بأنني مريضة ، لكن لم يخطر على بالي لحظة... حسنا ، لم أكن أعلم أنك أنت من اتصل ، على أي حال.لماذا اتصلت بي؟

فقال و هو يتناول الأوراق فجأة و يكورها في يده :
- لأتحدث معك في هذا الموضوع .

أخذت تنظر إليه بحذر و قد فغرت فمها.
-و لكن...
وسكت ثم نظر إليها :
- إذا حملت الأمور أكثر مما ينبغي...بمساعدة السيدة !هاربر ، فلأني ظننت أني حصلت على فرصة أخرى.

بدا الأسى في صوته و هو يلفظ كلماته هذه ،
فنظرت إليه بحيرة :
- بشأن ماذا لا أفهم .

- فرصة أخرى معك يا فيفيان.





>

@ NESREEN @
06-10-2009, 04:58
فشهقت و ردت :

- ولكن ....لكن لديك الكثير ضدي ، و قد أدركت ذلك لتوي. يكفي أني كارثة متنقلة، يا ليتون. لا أستطيع تصديق ذلك.



فجلس بجانبها ، وقال ساخرا :

- و لاأنا.

ثم هز كتفيه ، وأكمل:

- لقد تركتك و رحلت. و حدث نفسي عن كل عيوبك... لم أشأ أن أستمع إلى أمي ،أوإلى رالف. و أقنعت نفسي بأن كل شيء انتهى...


و سكت و هو يتنهد ثم أضاف :

- و لكن عندما رأيت هذه .

و أشار إلى الرسوم التي صممتها :

- أدركت أن ذلك غير صحيح. لم أصدق كم أغضبتني هذه الرسوم. ثم، اعتقدت أنك مريضة ، فزاد قلقي و غضبي ، و لكن ليس لهذا السبب.



فهمست حابسة أنفاسها :

- لماذا؟



التفت ينظر إليها أخيرا. و استطاعت للمرة الأولى أن ترى نوعا من العذاب في عينيه :

-لأني أقنعت نفسي بأنك لا تهتمين برأيي. فأنت لم تحاولي أن تشرحي لي الأمور. لقد قلت لي إنك كذبت على أمي... وبعد ذلك رحلت ، ثم استلمت اتفاقيات كلوفر.



تملكها شعور بالحنان جعل دمها يجري في عروقها من جديد و كأنها لم تكن حية من قبل. وجلست صامتة مذهولة .


بينما تابع هو :

- و منذ دقائق قليلة ، أرجعت سبب شحوبك و هزالك الباديين عليك و غير ذلك ، إلا أن ظغط العمل و حسب. و كأنك تقولين أن فراقك عني لا يؤثر فيك أبدا.



ابتلعت ريقها :

- لقد كذبت فعلا على أمك، فقد سألتني إن كنت أحبك، فأجبتها بالنفي. ولكنها الكذبة الوحيدة التي قلتها لها.


-فيفيان....



-لا ، يا ليتون


ووضعت يدها على يده و أضافت:
- دعني أنهي حديثي ، هناك مشاكل كثيرة بيننا...فأنت قلت إنك لست لي...لم أجد تفسيرا لهذا سوى جيني ، وأنا ما زلت غير واثقة...


- جيني خرجت من حياتي مرة و إلى الأبد. و قد حدث هذا قبل أن أكتشف أنني أحببتك.

-لكنك قلت إن زواجكما كان ليستمر...

- أعلم هذا. و لكن من أجل الطفل فقط. لأمنح ذلك الطفل أبا شرعيا، لأنني أعتقد أن الأولاد يستحقون ذلك و أن عليهم أن يولدوا في إطار الزوجية ، حتى و إن لم يدم الزواج. و لكن أي أمل لها بإعادة إشعال الحب بيننا حكمت عليه بالموت حين استغلت رالف.لأنها أظهرت بذلك و جهها الحقيقي مرة أخرى. لهذا لم أهتم للأمر مثقال ذرة.

فقطبت فيفيان جبهتها و تابع بجهد:
- لكن حين ظننت أنك تلهين مع رالف ، كدت أقتلكما معا.

-و لكن في الليلة التي سبقت ذهابنا إلى بيتش ، ظننت أنك...لاحظت أنك متكدر و ظننت أن السبب هو رالف و جيني. لهذا السبب أردت الابتعاد عن المنزل.

-هذا صحيح، ولكني شعرت بالاشمئزاز منهما، وهذا كل شيء .

أخذت تفكر لدقائق ثم قالت بشيء من العجز :
- ما زلت لا أفهم لما أصريت علي لأحضر الحفلة الراقصة؟.

-في بالم بيتش ، لم يثر مشاعري بهذا القدر سوى أنت. شعرت و كأنني هوجمت على جميع الجبهات.
وبدا في عينيه أول أثر للمرح منذ مجيئه و أضاف :
- قررت ، بعد تصريحك المؤلم ، ألا يستمر التعاون بيننا... وإذا بي أجد نفسي أعانقك.

ورفعت حاجبيها مستفهما ثم أكمل :
- لكن الضربة القاضية جاءت عندما بدا أنك قادرة على تجاهل هذه المشاعر و هذا الانجذاب الذي يشد أحدنا إلى إلى الآخر... و رغم أنني أنا من ابتعد عنك ، و جدت نفسي فجأة عاجزا عن فراقك ، ولم أستطع أن أدعك ترحلين.

فتحت فمها غير مصدقة ، بينما تابع هو يقول :
- و هكذا لم يكن للأمر علاقة بكلوفر أو بجيني...أنا و أنت فقط ، يا فيفيان.

وضعت يديها على خديها و هي تشعر بالدم يجري فيهما ، ثم قالت بتعاسة :
-وأنى لي أن أعرف كل هذا؟ لو علمت ، لما تفوهت قط بتلك الأشياء التي قلتها...أوه .

- أعلم هذا. إن الذنب ذنبي أنا ، لكن الحقيقة هي أنني أصبحت عاجزا عن التفكير بشكل سوي منذ دخلت مكتبي حافية القدمين. وكان كلامك صحيحا. كنت مثقلا بإرث المرارة و عدم الثقة بالنساء بشكل عام.

فسألته بحيرة:
- وكيف استطعت أنا أن أغير كل هذا ؟ لقد قدمت إلى هنا و أنت تحمل في قلبك كرهك لي...و لكل ما يتعلق بي.

-لقد دخلت بيتك ، كارها حقيقة أنني وقعت في غرامك ، و لم تظهري أنت أي ذرة اهتمام بي.

لم تستطيع أن تتكلم ، و إنما أخذت تحدق فيه بعينين تدفقت منهما مشاعرها الجامحة كلها. ثم و قفت و صارت نحو الباب الزجاجي. كانت الشمس قد غابت ، واصطبغت السماء بلون وردي متألق. فيما كانت تحدق في المشهد الرائع ، لم تسمعه يلحق بها لكنها شعرت ، غريزيا ، بأنه يقف خلفها مباشرة.

التفتت قليلا و قالت بشيء من اليأس :
-أنا فعلت ذلك و لكن...

و سكتت تغالب دموعها ثم أضافت :
- فكرت حقا...أنه يمكنني إصلاح الأمور بينك و بين جيني أثناء الحفلة. و لكن النتيجة ارتدت علي. ثم عندما تركتني بتلك الطريقة.

و ابتلعت ريقها عندما تحرك بضيق و قالت :
- أدركت أنني لن أثق بك مجددا يا ليتون. أنا... ما كنت أقبل بذلك من رجل لا أحبه لكنني أدركت أن الأمر مختلف بالنسبة لك.

- فيفيان...

فقالت بهدوء بالغ :
-لا ، لم تكن تثق بي حينذاك. عندما كشفت لك عن مكنونات نفسي...آسفة ، لكنني عاجزة عن تكرار ذلك .لا بأس...إنني محطمة الآن بسبب ما جرى ، لكنني سأتغلب على ذلك مع مرور الزمن. كما أنني لن أستطيع خوض هذه التجربة مرة أخرى.

سألها بعد صمت طويل :
- هل تظنين حقا بأن عليك ذلك؟.

فنظرت إلى البعيد و سمعته يقول :
- أنا لا أحاول أن أقلل من شأن ما فعلت ، و لكن إذا نظرت إلى الأمور من زاوية أخرى لرأيت قصة مختلفة ، يا فيفيان.

-لا بل أعني...

- فيفيان..

لم يحاول أن يلمسها ، ولكنها رأته يجاهد ليمنع نفسه من ذلك. رأت شريانا ينبض عند فكه و مشاعر عنيفة في عينيه لم تر مثيلا لها من قبل. بدا و كأنه يركز على أمر حيوي ، هو مسألة حياة أو موت :
- أتظنين أني كنت لأقصد بيتك لو أنني ما زلت الرجل نفسه الذي اجتمعت به أول مرة ؟ لو أنني ما زلت ذلك المتحرر من أوهام الحياة و الباحث عن نوع من التحدي العاجز أو ، بصراحة أكثر ، عن علاقة رخيصة؟.

سكت قليلا ، و هو يتأمل خصلات شعرها الثائرة و جسدها الرشيق في قميصها الذي ما زال مزررا بشكل خاطئ و سروالها القصير الأبيض ، ثم نظر إلى وجهها الشاحب ، و قدميها الحافيتين ، و تابع يقول :
- أتظنين أني كنت اهتميت لأمرك بأي شكل ؟...هل تظنين حقا أني كنت سأدع رالف يؤلمني بسبب فتاة لا تعني لي شيئا؟ و هل كنت أطلب منك الزواج رغم , أننا لم نعرف بعضنا إلا منذ شهر و قد أمضينا ثلاثة أسابيع منه في خصام ، إن لم أكن جادا تماما؟

فقالت بعجز :
-حسنا هذا شيء آخر في الواقع لم نعرف بعضنا سوى لأيام قليلة فقط.

فقال بصوت خافت :
- و مع ذلك بعد تلك الأيام القلائل أدركت أنني لن أكون الرجل نفسه مرة أخرى. أدركت أنني لن أرتاح أبدا إن لم أكن حاضرا...حاضرا من أجلك. لتتغلبي على خوفك من المصاعد و العلو و الطائرات و الدوار.

وأغمض عينيه فجأة و قال :
- لا أستطيع أن احتمل فكرة وجود رجل آخر في حياتك فيفيان . و لا أستطيع أن أتصور بقية حياتي من دونك ، إلا إذا كانت جهنم بعينها.

فهمست :
- ليتون
ثم هزت رأسها وكأنها تجلو ذهنها :
- لا تنسى المشاكل الكثيرة التي أقع فيها...

- و لماذا تظنينني أحبك إلى هذا الحد إذن؟

فتلعثمت غير مصدقة :
-هل...هل لهذا الأمر أيضا؟

- لهذا أيضا.أريد أن أعيش إلى جانبك يا فيفيان أريد أن أحبك و أضحك معك و أحميك و أن يصبح لدي أطفال منك.

فبللت شفتيها و سألته :
- وماذا عن مصنع الطائرات؟

- فليذهب إلى الجحيم. كان ذلك عذرا فقط على أي حال.

فحملقت فيه :
- أتعني أنه ليس لديك مصنع؟

- لا ، سأبني و احدا يوما . لكنه عمل آخر و حسب ، بينما أنت يا فيفيان ستكونين حياتي بهجتي.

فسألته :
- إذن لن تشك بي و لن تخاصمني؟

فابتسم لها و بدت الرقة جلية في عينيه مما جعلها تشعر بأنه سيغمى عليها مجددا.
- لا أستطيع أن أعد بذلك و أنا متأكد من أن هذا الشعور سيتملكك أنت أيضا في بعض الأحيان.ما دمنا نعلم أننا روحا واحدة في جسدين...

وأمسك بها ينظر في عينيها بعمق.
و استسلمت فيفيان لعناقه بصمت مستكينة بين ذراعيه و كأنهما ملاذها

-هذا حسن...حسن جدا.
علق بهذه الكلمات برقة بالغة و هو يضمها إليه. بينما أخذت ترتجف كورقة في مهب الريح. ثم أضاف:
- ثقي بي

لم تعرف فيفيان هذا الإحساس بالأمان من قبل ها هي أخيرا تكتشف جوانب شخصية هذا الرجل. رجل أحبها و أحب مخاوفها كلها. كانت كمن وصل أخيرا إلى بر الأمان فهدأت تدريجيا ثم رفعت رأسها إليه.





- إنه شيء غريب لكني أحيانا أشعر بثقة بك لم أشعر بمثلها حيال أحد آخرقٌط.

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:08
فشهقت و ردت :

- ولكن ....لكن لديك الكثير ضدي ، و قد أدركت ذلك لتوي. يكفي أني كارثة متنقلة، يا ليتون. لا أستطيع تصديق ذلك.



فجلس بجانبها ، وقال ساخرا :

- و لاأنا.

ثم هز كتفيه ، وأكمل:

- لقد تركتك و رحلت. و حدث نفسي عن كل عيوبك... لم أشأ أن أستمع إلى أمي ،أوإلى رالف. و أقنعت نفسي بأن كل شيء انتهى...


و سكت و هو يتنهد ثم أضاف :

- و لكن عندما رأيت هذه .

و أشار إلى الرسوم التي صممتها :

- أدركت أن ذلك غير صحيح. لم أصدق كم أغضبتني هذه الرسوم. ثم، اعتقدت أنك مريضة ، فزاد قلقي و غضبي ، و لكن ليس لهذا السبب.



فهمست حابسة أنفاسها :

- لماذا؟



التفت ينظر إليها أخيرا. و استطاعت للمرة الأولى أن ترى نوعا من العذاب في عينيه :

-لأني أقنعت نفسي بأنك لا تهتمين برأيي. فأنت لم تحاولي أن تشرحي لي الأمور. لقد قلت لي إنك كذبت على أمي... وبعد ذلك رحلت ، ثم استلمت اتفاقيات كلوفر.



تملكها شعور بالحنان جعل دمها يجري في عروقها من جديد و كأنها لم تكن حية من قبل. وجلست صامتة مذهولة .


بينما تابع هو :

- و منذ دقائق قليلة ، أرجعت سبب شحوبك و هزالك الباديين عليك و غير ذلك ، إلا أن ظغط العمل و حسب. و كأنك تقولين أن فراقك عني لا يؤثر فيك أبدا.



ابتلعت ريقها :

- لقد كذبت فعلا على أمك، فقد سألتني إن كنت أحبك، فأجبتها بالنفي. ولكنها الكذبة الوحيدة التي قلتها لها.


-فيفيان....



-لا ، يا ليتون


ووضعت يدها على يده و أضافت:
- دعني أنهي حديثي ، هناك مشاكل كثيرة بيننا...فأنت قلت إنك لست لي...لم أجد تفسيرا لهذا سوى جيني ، وأنا ما زلت غير واثقة...


- جيني خرجت من حياتي مرة و إلى الأبد. و قد حدث هذا قبل أن أكتشف أنني أحببتك.

-لكنك قلت إن زواجكما كان ليستمر...

- أعلم هذا. و لكن من أجل الطفل فقط. لأمنح ذلك الطفل أبا شرعيا، لأنني أعتقد أن الأولاد يستحقون ذلك و أن عليهم أن يولدوا في إطار الزوجية ، حتى و إن لم يدم الزواج. و لكن أي أمل لها بإعادة إشعال الحب بيننا حكمت عليه بالموت حين استغلت رالف.لأنها أظهرت بذلك و جهها الحقيقي مرة أخرى. لهذا لم أهتم للأمر مثقال ذرة.

فقطبت فيفيان جبهتها و تابع بجهد:
- لكن حين ظننت أنك تلهين مع رالف ، كدت أقتلكما معا.

-و لكن في الليلة التي سبقت ذهابنا إلى بيتش ، ظننت أنك...لاحظت أنك متكدر و ظننت أن السبب هو رالف و جيني. لهذا السبب أردت الابتعاد عن المنزل.

-هذا صحيح، ولكني شعرت بالاشمئزاز منهما، وهذا كل شيء .

أخذت تفكر لدقائق ثم قالت بشيء من العجز :
- ما زلت لا أفهم لما أصريت علي لأحضر الحفلة الراقصة؟.

-في بالم بيتش ، لم يثر مشاعري بهذا القدر سوى أنت. شعرت و كأنني هوجمت على جميع الجبهات.
وبدا في عينيه أول أثر للمرح منذ مجيئه و أضاف :
- قررت ، بعد تصريحك المؤلم ، ألا يستمر التعاون بيننا... وإذا بي أجد نفسي أعانقك.

ورفعت حاجبيها مستفهما ثم أكمل :
- لكن الضربة القاضية جاءت عندما بدا أنك قادرة على تجاهل هذه المشاعر و هذا الانجذاب الذي يشد أحدنا إلى إلى الآخر... و رغم أنني أنا من ابتعد عنك ، و جدت نفسي فجأة عاجزا عن فراقك ، ولم أستطع أن أدعك ترحلين.

فتحت فمها غير مصدقة ، بينما تابع هو يقول :
- و هكذا لم يكن للأمر علاقة بكلوفر أو بجيني...أنا و أنت فقط ، يا فيفيان.

وضعت يديها على خديها و هي تشعر بالدم يجري فيهما ، ثم قالت بتعاسة :
-وأنى لي أن أعرف كل هذا؟ لو علمت ، لما تفوهت قط بتلك الأشياء التي قلتها...أوه .

- أعلم هذا. إن الذنب ذنبي أنا ، لكن الحقيقة هي أنني أصبحت عاجزا عن التفكير بشكل سوي منذ دخلت مكتبي حافية القدمين. وكان كلامك صحيحا. كنت مثقلا بإرث المرارة و عدم الثقة بالنساء بشكل عام.

فسألته بحيرة:
- وكيف استطعت أنا أن أغير كل هذا ؟ لقد قدمت إلى هنا و أنت تحمل في قلبك كرهك لي...و لكل ما يتعلق بي.

-لقد دخلت بيتك ، كارها حقيقة أنني وقعت في غرامك ، و لم تظهري أنت أي ذرة اهتمام بي.

لم تستطيع أن تتكلم ، و إنما أخذت تحدق فيه بعينين تدفقت منهما مشاعرها الجامحة كلها. ثم و قفت و صارت نحو الباب الزجاجي. كانت الشمس قد غابت ، واصطبغت السماء بلون وردي متألق. فيما كانت تحدق في المشهد الرائع ، لم تسمعه يلحق بها لكنها شعرت ، غريزيا ، بأنه يقف خلفها مباشرة.

التفتت قليلا و قالت بشيء من اليأس :
-أنا فعلت ذلك و لكن...

و سكتت تغالب دموعها ثم أضافت :
- فكرت حقا...أنه يمكنني إصلاح الأمور بينك و بين جيني أثناء الحفلة. و لكن النتيجة ارتدت علي. ثم عندما تركتني بتلك الطريقة.

و ابتلعت ريقها عندما تحرك بضيق و قالت :
- أدركت أنني لن أثق بك مجددا يا ليتون. أنا... ما كنت أقبل بذلك من رجل لا أحبه لكنني أدركت أن الأمر مختلف بالنسبة لك.

- فيفيان...

فقالت بهدوء بالغ :
-لا ، لم تكن تثق بي حينذاك. عندما كشفت لك عن مكنونات نفسي...آسفة ، لكنني عاجزة عن تكرار ذلك .لا بأس...إنني محطمة الآن بسبب ما جرى ، لكنني سأتغلب على ذلك مع مرور الزمن. كما أنني لن أستطيع خوض هذه التجربة مرة أخرى.

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:10
سألها بعد صمت طويل :
- هل تظنين حقا بأن عليك ذلك؟.

فنظرت إلى البعيد و سمعته يقول :
- أنا لا أحاول أن أقلل من شأن ما فعلت ، و لكن إذا نظرت إلى الأمور من زاوية أخرى لرأيت قصة مختلفة ، يا فيفيان.

-لا بل أعني...

- فيفيان..

لم يحاول أن يلمسها ، ولكنها رأته يجاهد ليمنع نفسه من ذلك. رأت شريانا ينبض عند فكه و مشاعر عنيفة في عينيه لم تر مثيلا لها من قبل. بدا و كأنه يركز على أمر حيوي ، هو مسألة حياة أو موت :
- أتظنين أني كنت لأقصد بيتك لو أنني ما زلت الرجل نفسه الذي اجتمعت به أول مرة ؟ لو أنني ما زلت ذلك المتحرر من أوهام الحياة و الباحث عن نوع من التحدي العاجز أو ، بصراحة أكثر ، عن علاقة رخيصة؟.

سكت قليلا ، و هو يتأمل خصلات شعرها الثائرة و جسدها الرشيق في قميصها الذي ما زال مزررا بشكل خاطئ و سروالها القصير الأبيض ، ثم نظر إلى وجهها الشاحب ، و قدميها الحافيتين ، و تابع يقول :
- أتظنين أني كنت اهتميت لأمرك بأي شكل ؟...هل تظنين حقا أني كنت سأدع رالف يؤلمني بسبب فتاة لا تعني لي شيئا؟ و هل كنت أطلب منك الزواج رغم , أننا لم نعرف بعضنا إلا منذ شهر و قد أمضينا ثلاثة أسابيع منه في خصام ، إن لم أكن جادا تماما؟

فقالت بعجز :
-حسنا هذا شيء آخر في الواقع لم نعرف بعضنا سوى لأيام قليلة فقط.

فقال بصوت خافت :
- و مع ذلك بعد تلك الأيام القلائل أدركت أنني لن أكون الرجل نفسه مرة أخرى. أدركت أنني لن أرتاح أبدا إن لم أكن حاضرا...حاضرا من أجلك. لتتغلبي على خوفك من المصاعد و العلو و الطائرات و الدوار.

وأغمض عينيه فجأة و قال :
- لا أستطيع أن احتمل فكرة وجود رجل آخر في حياتك فيفيان . و لا أستطيع أن أتصور بقية حياتي من دونك ، إلا إذا كانت جهنم بعينها.

فهمست :
- ليتون
ثم هزت رأسها وكأنها تجلو ذهنها :
- لا تنسى المشاكل الكثيرة التي أقع فيها...

- و لماذا تظنينني أحبك إلى هذا الحد إذن؟

فتلعثمت غير مصدقة :
-هل...هل لهذا الأمر أيضا؟

- لهذا أيضا.أريد أن أعيش إلى جانبك يا فيفيان أريد أن أحبك و أضحك معك و أحميك و أن يصبح لدي أطفال منك.

فبللت شفتيها و سألته :
- وماذا عن مصنع الطائرات؟

- فليذهب إلى الجحيم. كان ذلك عذرا فقط على أي حال.

فحملقت فيه :
- أتعني أنه ليس لديك مصنع؟

- لا ، سأبني و احدا يوما . لكنه عمل آخر و حسب ، بينما أنت يا فيفيان ستكونين حياتي بهجتي.

فسألته :
- إذن لن تشك بي و لن تخاصمني؟

فابتسم لها و بدت الرقة جلية في عينيه مما جعلها تشعر بأنه سيغمى عليها مجددا.
- لا أستطيع أن أعد بذلك و أنا متأكد من أن هذا الشعور سيتملكك أنت أيضا في بعض الأحيان.ما دمنا نعلم أننا روحا واحدة في جسدين...

وأمسك بها ينظر في عينيها بعمق.
و استسلمت فيفيان لعناقه بصمت مستكينة بين ذراعيه و كأنهما ملاذها

-هذا حسن...حسن جدا.
علق بهذه الكلمات برقة بالغة و هو يضمها إليه. بينما أخذت ترتجف كورقة في مهب الريح. ثم أضاف:
- ثقي بي

لم تعرف فيفيان هذا الإحساس بالأمان من قبل ها هي أخيرا تكتشف جوانب شخصية هذا الرجل. رجل أحبها و أحب مخاوفها كلها. كانت كمن وصل أخيرا إلى بر الأمان فهدأت تدريجيا ثم رفعت رأسها إليه.





- إنه شيء غريب لكني أحيانا أشعر بثقة بك لم أشعر بمثلها حيال أحد آخرقٌط.



فكرر كلامها ببطء:
- إنه شيء غريب لكنني لم أعرف ما كنت أبحث عنه حتى دخلت أنت حياتي ، ببراءتك و عدم زيفك..لا يمكنني صياغة صفاتك الأخري في كلمات ولكن قد أتمكن من أظهر لك مدى حبي.



فقالت تجيبه :


- و أظنني قد أتمكن من أن أبرهنلك...عن عمق شعوري نحوك



********

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:12
قالت فيفيان والنعاس يتملكها :


- لم تخبرني بعد


ثم سكتت.



- ما الذي لم أخبرك به؟


ووضع ذراعه حول كتفيها و هما جالسان على الأريكة.



ابتسمت له ثم أراحت رأسها على مرفقها و نظرت إليه بمكر:


- أشعر و كأنني في الفردوس معك...



فقاطعها :


- يسرني ذلك.



و ضمها إليه ليظهرلها شوقا و حنينا عميقين.


- تابعي كلامك يا فيفيان


و أخذ يمرر أصابعه على و جهها الناعم.



فقالت بجهد :


- نعم لم تخبرني بعد ماذا كنت تعني حين تحدثت عن الفتيات و الخوخ والأشجار



- لاشيء.



فقالت :


- لاشيء؟



- حسنا...
رفع رأسها نحوه و تطاير من عينيه شرر ماكر ثم قال :


- كانت هذه الجملة حكمة اليوم على الروزنامة في المكتب. وخطر في بالي أنها قد تحدث لديك ردة فعل.



فشهقت :


- ليتون ديكستر...هذا.



قال بوقار خطير :

-
مهمايمكن أن ستقولينه أوافقك عليه . تعصبي لكنني سأخبرك شيئا يا فيفيان. حصل ذلك حين خطرفي بالي أن جوليانا جونز قد تكون رائعة الجمال لكنها لا تقارن بك .و أعلم الآن أنهما من امرأة يمكنها ذلك بالنسبة لي.



ارتجفت فيفيان و تنهدت ثم أحاطت وجهه بيديها:


- أحبك يا ليتون



-وأناأحبك يا فيفيان



*******

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:14
-

كيف تريدين ان يكون عرسك؟



كانا في غرفة الجلوس و يجلسان على الأريكة.

تحركت فيفيان و رفعت و جهها نحوه :


- آه نسيت أن أسألك كيف انتهى الأمر



فنظر في عينيها و قال:

-
انتهى كل شيء بشكل حسن .سلمت ماغ في الكنيسة إلى الرجل الذي تحب. و كل الصدمات و المشاكل التي سبقت ذلك و انتهت لأنهما كانا في غاية السعادة.



- أنا سعيدة جدا لهذا ، و إلا ما كنت سأصفح عن نفسي.



أخذ يعبث بشعرها :


- على أي حال أنا أوافقك الرأي على انتقادك المبدئي لنظام الزفاف عندنا.



ابتسمت فيفيان دون أن يراها:


- أفهم من هذا يا ليتون أنك تفكر في أن تنكر علي أسبوع الاحتفال بالعرس في الأسرة وكل ما يعنيه ذلك.



فقال بجدية :


- لا أدري ما إذا كان الوضع في الأسرة مناسبا ، فأمي و اللايدي واين رايت قد تشاجرتا، و رالف رحل إلى المكسيك..



فمدت يدها ووضعت أصبعها على فمه تسكته لتقول:

-
ماذا عن جزيرة معزولة ، يا ليتون؟ لأنني لن أتحمل مشقات أسبوع عرس آخر في "هارفست مون"



ضحك و أحنى رأسه يتأملها:

-
ما رأيك بحل وسط؟ احتفال بسيط و غذاء. ربما في بالم بيتش، على ان يقتصر ذلك على الأسرة. و بعد ذلك بحث عن جزيرة نائية.



- يبدو ذلك رائعا. متى؟



- في أقرب وقت ممكن .علينا أن نبحث عن خاتم و ...



فاستقامت فيفيان في جلستها و حملقت فيه ، فقال بهدوء:

-
يا حبيبتي سنختار هذا الخاتم معا. فأنا أكره أن تشعري أن لك علاقة بفتاة مستأجرة.



- آه...حسنا أظنك ستبيع الخاتم الآخر. لقد سبق و قلت إنه استثمار جيد.



- كان كذلك فعلا و لكنه لم يعد كذلك بعد الآن.



قطبت حاجبها وهي تتصور الماسة الوردية:

-
ماذا تعني ؟



-لقد أصبح في قاع نهر "هاوكسيري"



فشهقت:


- ليتون! كيف حدث هذا؟



-لقد ألقيته هناك من آخر رصيف الميناء



فنظرت إليه غير مصدقة و سألته:


- و لكن لماذا؟



- لأنه يمثل كل خطأ ارتكبته منذ أن وقعت عيناي عليك يا فيفيان.


وألقى برأسه إلى الخلف متأوها :


- لقد خرجت ذات مساء مصمما على بيعه لكنني وجدت نفسي عند الميناء فتذكرت كيف سقطت من هناك و أوشكت على الغرق.



فنظرت في أعماق عينيه بينما تابع يقول:

-
كل ما قمنا به معا قلناه لبعضنا البعض مر حينذاك أمام عيني. و اكتشفت أنني أكره تلك الماسة الوردية كثيرا. لهذا قذفته إلى النهر لكن ذلك لم يمنحني سوى راحة قصيرة الأمد ،لأنني ما كنت أكره سوى نفسي ثم شعرت بالذنب لإضاعتي كل ذلك المال فدفعت إلى المؤسسات الخيرية في الصباح التالي مقدار ثمنه.



فقالت برقة :


- هناك نوع واحد من الخواتم سيعنيلي الكثير و هو خاتم الزواج " المحبس" بسيط و حسب. و لكنني لن اتمكن من التعبير لك عن مبلغ زهوي للبسه.



- حبيبتي...



-لا ، أنا أعني ذلك يا ليتون . أنسيت أنني فتاة لا تحب المجوهرات؟ و أظنني سأبقى كذلك دائما.
وسكتت.



-سيبقى شيء من فيفيان فلوري في فيفيان ديكستر دائما.



- آسفة لذلك .هل لديك مانع؟



فأجاب ببساطة :


-على العكس بل يشرفني ذلك.




********

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:16
وتزوجت بعد أسبوعين ، بثوب أبيض شفاف في منزله في بالم بيتش و في حفل اقتصر على أفراد الأسرة. و قد حضر الزفاف ستان غودمان و زوجته ايزابيل واللايدي واين رايت التي بدا أنها تصالحت مع إميليا ديكستر.



اختارت فيفيان أزهارا ناعمة تزين بها شعرها وثوبا أبيض بسيط الطراز أما الخاتم الوحيد الذي وضعته في أصبعها فكان محبسا من الذهب لكن سعادتها و تألقها واضحين مما حمل والدة ليتون على القول لعرابته و صديقتها الحميمة :

-
كدت لاأعرفه. فهو يبدو مختلفا.



و غالبت دموعها بجهد و هي ترى ابنها ينظر في عيني فيفيان و مشاعر الحب الخالص تبدو في عينيه و تمتمت مارلين واين رايت بشجاعة:


- لطالما اعتبرتها فتاة شجاعة



وتمتم رالف قائلا لأخته ماغ:


- يا للروعة! كيف تمكنت فيفيان من أن تحقق ذلك؟



لكن ماغ ضحكت بعجز و هي تتوجه لمعانقة أخيها و عروسه.



وعندما رحل الجميع خرج العروسان إلى الشرفة كانت الشمس تنحدر نحو المغيب فراحا يتأملانها و قد لف أحدهما ذراعه حول الآخر.



و قالت فيفيان:


- أشكرك على هذا العرس الجميل



- كان مبعثا للسرور و كنت أجمل شيء فيه



و نظر إليها متأملا للحظة طويلة :


- و الآن أعلم أنك تـثقين بي حقا



- حسنا... هذا صحيح..و لكن هل لأنني تزوجتك؟



ثم استدارت تواجهه :


- و لهذا أيضا و لأنك وقفت معي هنا.



و لامس وجنتها بيده اتسعت عيناها ثم نظرت إلى أسفل لترى البحر يزبد و تتلاطم أمواجه لكنها لم تخف و قالت غير مصدقة :


- لم أفكر قط في المرتفعات



ثم سكتت قليلا قبل أن تضيف قائلة :


- ليتون أنتلا تشك في حبي لك أليس كذلك؟



بعد لحظة تفكير طويلة أجابها :


-أتساءل أحيانا عن السبب و هذا كل ما في الأمر. أحيانا أتذكر الأشياء التي قلتها أو فعلتها و لا أدري كيف استطعت أن تصفحي عني...



فتمتمت و هي تلقي بنفسها بين ذراعيه :

-
هذا سهل جدا أنت صخرتي شجرتي بهجتي. و كل ما حدث بيننا قد أشعل حبي و قواه ليجعله ذهبا خالصا نقيا.



فقال أخيرا بعد أن أخذ يحدق كل منهما في عيني الآخر :

-
آه يا فيفيان . يسعدني رأيك هذا بي كثيرا ، لأنني ... لم أتصور يوما أن بإمكاني أن أحب بهذا الشكل.



قالت و هي ترتجف:


- ولا أنا



ثم تشبثت به عندما أخذ يعانقها بحرارة.

@ NESREEN @
06-10-2009, 05:18
( تمـت بحمـد اللـه )

الغصن الوحيد
06-10-2009, 06:45
الف شكر حبيباتي صحيح تاخرتوا واعصابي اتعبت وانا اقرا بس تستاهل الروايه التعب مشكورة والله يوفقكم ويسعدكم

dodi j
06-10-2009, 21:58
مشكورة عالرواية الرائعة نسرين ..

khadija123
07-10-2009, 15:24
السلام عليكم
كيف الحال إنشاء الله بخير
شككككككككككككككككككككككككككككرااااااااااااااا على الرواية
إلى اللقاء

قيد الوافي
08-10-2009, 06:43
مرحـــــــــــــبا بحر الغموووض حبيت اقولك شكرا حبيبتي لان الروايه خلاص تحملت نعي منثاني مررره ويعطيك
العافيه والف شكر لك
وتقبلي مروري


أختك/قيد الوافيه

ماري-أنطوانيت
08-10-2009, 13:53
http://www.hotagri.com/data/media/73/39.gif (http://www.hotagri.com)

الف شكر عزيزتي NESREEN على الروايه

سلمت الانامل^_^

نايت سونغ
09-10-2009, 00:47
يسلموووو::سعادة::وووو نسريييين

ما حبيت رد الا لما خلصها

يعطيكي العافيه يا عسل

حلوو ::جيد:: ووي كتييير

ماري-أنطوانيت
09-10-2009, 16:07
سلااااام بطعم النعناع
http://www.love-m.com/up//uploads/images/lovem-7f645b87bc.gif (http://www.love-m.com/up//uploads/images/lovem-7f645b87bc.gif)



[]~* خًطٍَوٌآإتً مٌتًهٌوًرٍةً *~[]

العنوان الأصلي لهذه الرواية بالانكليزية :
[]*~Desperate Measures~*[]

~* سارة كرافن *~

(روايات عبير)
..:: 11 فصل ::..

فيليبا روسكو تحتاج إلى مبلغ كبير من المال و بسرعة ، لأن حياة والدها تعتمد على ذلك . رجل الأعمال ، الفرنسي و الثري ، ألان دي كورسي يحتاج إلى زوجة... لدواعي اعماله فقط .

لقد كان آلان مسرورآ جدآ ، بإعطاء فيليبا المبلغ الذي تحتاج إليه ، ولكنه طالبها بالمقابل بالزواج منه ، وليس
فقط زواجآ اسميآ . ولم تستطع فيليبا شيئآ إلا الرضوخ لشروطه .
ولكنها لم يدر في بالها ، أنها ستقع تحت سحره . وهل تستطيع فيليبا منع نفسها من الوقوع في حبه ،أو هل أصبح هذا الزواج خطوة متهورة ...؟


" إذاً ... أنت فـيليبا ؟"
" أجل ." ابتلعت ريقها ، وحدقت إليه بعينين مسمرتين ، وقد أحست بجفاف حلقها واضطراب نبضاتها :" و أنت ... السيد كورسي ."
ابتسم قليلآ ، بسخرية :" آه ، على ما أظن ، في هكذا ظروف ربما نستطيع أن نخاطب بعضنا من دون تشريف . ان اسمي هو آلان
" أي ظروف ؟" شعرت فجأة بالخوف ." أنا ... أنا لا أفهم ، يا سيد ."
" ألم يخبروك ؟" التقت عينيه الخضراوان بعينها وتجمدت نظراتهما ." إذاً المهمة... سيكون الشرف لي ، على ما يبدو ، إن قدرنا يا آنسة ، أنا و أنت ، أن نتزوج ."



# قمن بكتابتها العزيزات shining tears , الشخه زوزو , احن الوفاء #


http://www.love-m.com/up//uploads/images/lovem-7f645b87bc.gif (http://www.love-m.com/up//uploads/images/lovem-7f645b87bc.gif)

عبود البرنس
09-10-2009, 20:38
سلام معطر برائحه الورد لعشاق روايات عبير واحلام

اخيراّ راح نشوف روايه من ابداع الاخوات المبدعات اللي عودونا على احلى وامتع الروايات

بانتظار الروايه بفارغ الصبر

وبانتظار عودتكم للمنتداكم وعودتكم لقراءكم

أخوكم /:d عبود البرنس

نجمات
10-10-2009, 02:13
ياليت لو تنسبون كل رواية لقسمها أحلام أو عبير واذا أحلام لو يُذكر رقمها ( طرارة ومتشرطة ):p

holako22
10-10-2009, 05:41
السلام عليكم ياحلوين
اشكركم كثيرا ع الجهد الي تبذلونه لانزال الروايات
بس لكتابة ناعمة جدا
مرسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسي

khadija123
10-10-2009, 08:16
السلام عليكمكيف الجميع أتمنى أن تكون بخير إنشاء الله
احببت أن أشكر الأخت nesreen على الرواية الجميلة رغم أنني لم أتممها بعد
تسلم الأنامل::جيد::

khadija123
10-10-2009, 08:24
هده الرواية خًطٍَوٌآإتً مٌتًهٌوًرٍةً يا حبيبتي نجمات رواية أحلام وهي رواية رائعة لقد قرأتها أزيد من مرتين::جيد::::جيد::
أتمنى أن يستمتع بقرائتها الجميع
وشكرا ل ماري-أنطوانيت والعزيزات shining tears , الشخه زوزو , احن الوفاء
إلى اللقاء

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:44
مساء الخير على الجميع
احم احم زمان عن الروايات وأهلها اخباركم ان شاء الله تكونوا بخير
ايوا حبيت اوضح ها اوضح انو شاينيغ مالها في هالراوية نصيب ان شاء الله في غيرها انا ولحن الي كتبناها

والحين اخليكم مع الروايه <<<_

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:46
"][]~* خًطٍَوٌآإتً مٌتًهٌوًرٍةً *~[]

العنوان الأصلي لهذه الرواية بالانكليزية :
[]*~Desperate Measures~*[]

~* سارة كرافن *~


فيليبا روسكو تحتاج إلى مبلغ كبير من المال و بسرعة ، لأن حياة والدها تعتمد على ذلك . رجل الأعمال ، الفرنسي و الثري ، ألان دي كورسي يحتاج إلى زوجة... لدواعي اعماله فقط .

لقد كان آلان مسرورآ جدآ ، بإعطاء فيليبا المبلغ الذي تحتاج إليه ، ولكنه طالبها بالمقابل بالزواج منه ، وليس فقط زواجآ اسميآ . ولم تستطع فيليبا شيئآ إلا الرضوخ لشروطه .
ولكنها لم يدر في بالها ، أنها ستقع تحت سحره . وهل تستطيع فيليبا منع نفسها من الوقوع في حبه ،أو هل أصبح هذا الزواج خطوة متهورة ...؟


" إذاً ... أنت فـيليبا ؟"

" أجل ." ابتلعت ريقها ، وحدقت إليه بعينين مسمرتين ، وقد أحست بجفاف حلقها واضطراب نبضاتها :" و أنت ... السيد كورسي ."
ابتسم قليلآ ، بسخرية :" آه ، على ما أظن ، في هكذا ظروف ربما نستطيع أن نخاطب بعضنا من دون تشريف . ان اسمي هو آلان ."
" أي ظروف ؟" شعرت فجأة بالخوف ." أنا ... أنا لا أفهم ، يا سيد ."
" ألم يخبروك ؟" التقت عينيه الخضراوان بعينها وتجمدت نظراتهما ." إذاً المهمة... سيكون الشرف لي ، على ما يبدو ، إن قدرنا يا آنسة ، أنا و أنت ، أن نتزوج ."[/COLOR]

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:48
[]~*‘‘ الفصل الأول ‘‘*~[]


" لكن هذا العلاج جديد جدآ ! يقول الاختصاصي إنه سيكن ذا مفعول قوي على والدي ... وربما يشفيه نهائيآ . لكنه باهظ الثمن وموجود في اميركا فقط ، وليس لدينا المال الكافي في الوقت الحاضر ."
أحنت فيليبا روسكو رأسها إلى الأمام ، عيناها البندقيتان مثبتتان على وجه الزوجة السابقة لوالدها المتحفظ . " مونيكا ، انت ملاذي الوحيد . ساعدينا ... أرجوك !"
" هذا مستحيل ." هزت الليدي أندرهاي رأسها على نحوٍ حاسم ." ما تطلبينه هو فوق قدرتي ، لا أستطيع أن أطلب من لينوكس بعض المال لأقرضه لزوجي السابق ." توردت وجنتاها . " ولطالما كان ... يغار من كيفين ."
" لقد كان شريكين في العمل ."
لكن هذا كان في الماضي و على كل حال ، لينوكس يرى أن المجلس كان كريمآ جدآ معه ... هجرهم بتلك الطريقة الغريبة من أجل الرسم !" تجمدت شفتا مونيكا . " وهجرني أيضآ ."
أنت التي تركته ! أرادت فيليبا أن تصرخ . أنت التي رفضت المجازفة بحياتك الإجتماعية من أجل أن يحقق والدي حلمه . ها أنت تعيشين في النعيم مرة ثانية .
لكنها لم تقل شيئآ . استطاعت أن تتذكر وجه والدها عبر السنوات الماضية ، منهكآ و حزينآ ، وصوته الأجش يخاطبها . " يجب ألا تلومي مونيكا ولا أن تكوني قاسية . إني احاول ذلك . أحبتنا على طريقتها الخاصة ، لكنها لا تستطيع العيش من دون مال . إنها بحاجة إليه كما الناس بحاجة إلى تنشق الهواء . ومن المحتمل أنها ستذهب حيث المال الوفير ، وسيُحسن لينوكس معاملتها ."
تأكدت فيليبا من ذلك وهي تجول بنظرها في غرفة الاستقبال الأنيقة . إن بيع أي من تلك الصور أو الأثريات القديمة سيمكنها من دفع علاج كيفين روسكو .
" على كل حال، عرفت أن والدك قد نجح إلى حد بعيد في رسم هذه اللوحة الثمينة . ألا يستطيع الرسم المزيد ليمول علاجه ؟" نظرت مونيكا بتململ إلى ساعتها .
هزت فيليبا رأسها شاكرة لأن كيفين لا يستطيع سماعها . " المرض ، أو الفيروس الذي سببه ، تملك عضلات جانبه الأيمن في البداية ثم يجد ... صعوبة في استعمال يده اليمنى ، لن يقدر على الرسم ثانية ."
عضت مونيكا شفتها السفلى المرجانية اللون بشدة .
" لقد ... فهمت . حسنآ ، الوضع مأساوي جدآ ولكن بالطبع لو أنه بقي في الشركة لكانت شركة التأمين تكفلت بكل مصاريف العلاج ." وهزت رأسها وأردفت :" إني آسفة ، يا عزيزتي ، لا أستطيع مساعدتك ."
لوت فيليبا يديها بأصابعها البيضاء في حضنها .
" مونيكا ، يجب أن أحصل على المال بطريقة أو بأخرى قبل فوات الأوان . يقول الأختصاصي إنه في حال فقد المزيد من بنيته العضلية ..." توقفت عن الكلام ، بدا صوتها ضعيفآ.
" سأفعل اي شيء ... سأوافق على كل شروطك . سأرد لك القرض حتى لو أستغرق ذلك بقية حياتي ، ولكن عليّ ان أحصل عليه . إذا كنت قد اهتممت بوالدي يومآ ، ساعديني على إيجاد حل ."
توردت وجنتا مونيكا مرة ثانية ."بالطبع اهتممت . لكن ماتطلبينه غير معقول الآن ." توقفت ." هل حاولت أن تتقدمي بطلب إلى إحدى مؤسسات التسليف ؟"
" نعم ، ولكن ليس في حوزتي أيّ ضمانة . لا أستطيع حتى أن أكفل فعالية العلاج أو أن والدي قادر على الرسم من جديد ."
" إني أشفق عليه . لم ينخذ أية تدابير تؤمن له مستقبله ، قبل أن يتخلى عن مركزه بتلك الطريقة المجنونة ." قالت مونيكا باقتضاب .
" لم يفكر بأنه سيمرض يومآ ." احتجت فيليبا ." كان يتمتع بصحة جيدة حتى الشتاء الماضي ...كان سعيدآ جدآ ..." توقفت لأنها أحست بالذنب ، لأن كلامها بدا غير مناسب اطلاقآ ، ورأت في وجه مونيكا من خلال تقلص عضلاته أنها تشاركها الرأي .
"أخشى ان أطلب منك الرحيل ." قالت وهي تنهض عن الكرسي ." سيحضر لينوكس في أيّ لحظة ، وأفضل ألا يراك هنا . سنقيم حفلة على شرف –رئيس شركة دي كورسي العالمية اليوم وعليّ القيام ببعض الأعمال . إنني آسفة يا فيليبا ، ليس لدي ما أقترحه .ط ترددت ثانية . " قد يكون هناك علاج مماثل في هذا اليلد وربما على حساب المنظمة العالمية للصحة ."
" كلا ، هذا علاج جديد كما أخبرتك . في الواقع ، ما زال في المرحلة التجريبية ." قالت فيليبا بتوتر وهي تنهض بدورها :" إني آسفة لإزعاجك ، لقد كنت أملي الأخير."
كانت هتم بالخروج عندما فُتح الباب ودخل منه لينوكس أندرهاي . تجمد في مكانه عندما رآها .
" فيليبا ، أليس كذلك ؟ كيف حالك ؟" ابتسم لها بتهذيب ، لكن من دون حماس ، ثم رمق زوجته بنظرة ارتياب .
" عليها أن تذهب بسرعة ." قاطعته مونيكا . وضعت ذراعها حول فيليبا ." سأرافقك إلى الخارج ، يا عزيزتي ."
كانت شفتا مونيكا مطبقتين عندما وصلا إلى الرواق .
" من المؤكد أنه سيتساءل عن سبب زيارتك ." قالت بغضب .
" لا أريد أن أبدو فظة ، إني أشعر بمحنتك ولكنك تعقّدين الأمور أحيانآ ."
" ماكنت قد جئت إلى هنا لو لم أكن يائسة تماماً ." قالت فيليبا بهدوء . ناولت الليدي أندرهاي ورقة صغيرة ." هذا رقم الفندق الذي انزل فيه . إذا فكرت بشيء ... بطريقة استطيع بها جمع المال ، يمكنك الإتصال بي خلال اليومين القادمين ."
أخذتها مونيكا بنفور ." حسنآ ، ولكنني لا أعدك بشيء ."
الحياة غير عادلة ،فكرت فيليبا بمرارة وهي في طريقها إلى الفندق . استبدلت مونيكا ببساطة بيتها السابق المترف ببيت آخر . إذا كان هَجْرها كيفين ، بعد خمس

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:50
سنوات من الزواج ، قد سبب لها حزنآ فستجهد في إخفائه . ولكن من المحتمل أنها استطاعت أن تتغلب عليه لأحساسها بالإهانة .
عندما كانت مونيكا تنال مرادها كانت ولا ألطف . وعندما تشعر بالخداع ...
عبست فيليبا بسرية . بقي كيفين أرملآ لعدة سنوات فقد دلل زوجته الثانية كثيرآ وهي في المقابل وجدت متعةً بالغةً في ذلك . عندما أعلن في البداية أنه ينوي التخلي عن مركزه في الشركة ، وعن ممتلكاته في لندن وفي غربي ساسكس، أخدت مونيكا الأمر كمزحة مزعجة ثم كانحراف مؤقت .
وعندما أدركت جديته وعزمه الشديد غضبت كثيبرآ . ماتزال فيليبا ترتعد عندما تتذكر نوبات الغضب التي تحممّلها كيفين بصبر شديد .
على كل حال ، استسلمت مونيكا تمامآ لتسوية الطلاق السخيّة التي بدت تناسبها بشكل ملائم ، ومن ثم للينوكس أندرهاي الذي أعجب بجمالها الارستقراطي .
حقق كيفين كل ماتمناه في البداية . لقد حصل على سعر كبير لممتلكاته ولم يكن بحاجة لحد بعكس ماتكهنت به مونيكا . إستمتع هو و فيليبا بعدة سنوات من السفر حول منطقتي الدوردوني و البروفانس الفرنسيتين بينما كان يعمل . يتميز كيفين روسكو ، كما قال أحد النقاد ، بالقدرة على التعبير بلوحاته عن قوة الحرارة و الظل التي تحدثها المناطق الجنوبية الفرنسية .
اعتقدا بأنهما سيعيشان في سعادة أبدية ، فكرت فيليبا وهي تعض شفتها السفلى حتى سال منها الدم . ولم يدركا كم كان الوقت قصيرآ .
لن أفكر بهذه الطريقة ، أنّبت نفسها بقسوة . ساحصل على المال بطريقة أو بأخرى و سأعمل على أن يتلقى والدي العلاج في أميركا .
لكن كيف ؟ تساءلت وهي تسند رأسها إلى نافذة القطار وأخذت تفكر ، بقي طريقة قليلة لم تسلكها ، لقد جربت كل الطرق التقليدية .
ربما عليّ أن أتخذ بعض الخطوات المتهورة .
يُقال ان فتيات الملاهي ، يكسبن كثيرآ من دون أن يدفعن ضرائب . أدارت رأسها قليلآ لتدرس انعكاسها في زجاج النافذة . المتفائلون بهوس فقط ، سيظنون أن هؤلاء الناس يطلبون فتيات نحيفات ذوات صدور صغيرة ، وشعر مستقيم وخبرة قليلة جدآ .
ساواجه الواقع ، فكرت فيليبا . ليس عندي خبرة على الإطلاق .
كانت شاكرة لأن والدها لا يعرف بما تعتزم القيام به ، حتى ولو كان ذلك بشكل غير جدي . إنه اعتقد أنها تحاول بيع لوحته الأخيرة التي رسمها قبل أن يستفحل مرضه العضلي .
حتى تلك اللوحة كان ميؤوسآ منها . تصرف صاحب المعرض معها بلطف و بتفهم ، لكن اللوحة كانت دون مستوى أعمال كيفين روسكو . قد لايشتريها أحد لأنها غير واقعية .
إنها بحاجة إلى معجزة ، فكرت فيليبا .
تمددت على السرير في غرفتها الصغيرة و الوحيدة . وفيما تحاول أن تقرأ قصة بوليسية اشترتها في المحطة ، رن جرس الهاتف فجأة .
فكرت أنه قسم الأستقبال ، يريد ان يسأل عن موعد رحيلها .
رفعت السماعة وإذا بصوت زوجة والدها السابقة الجاف يقول :" هل باستطاعتك الحضور الآن ؟ هناك شيء مهم أود أن أناقشه معك ."
" هل يتعلق بالمال ؟" وثب قلبها من مكانه . " هل وجدت حلآ ؟"
" ربما ."
" ولكن هذا رائع ! ماهو ؟"
" لا أستطيع مناقشته على الهاتف ." استعادت مونيكا طبيعتها الباردة ." سوف نرى ... إذا كان رائعآ ." توقفت قليلآ . " قد يسهل الأمر إن جئت بمظهر انيق ." أقفلت الخط .
أنيق ! فكرت فيليبا بارتباك وهي تتذكر تفاصيل ثوبها الشفاف الذي أحضرته معها . معظم ثيابها لا تناسب متطلبات مونيكا الصارمة .
و أخيرآ سوت الأمر ببنطال من الجينز و بقميص أبيض طويل الكمين . سرحت شعرها البني حتى التمع ثم ثبتته وراء أذنيها بمشطين على شكل فراشة .
بكلمة واحدة أقلتها سيارة الأجرة إلى ساحة لاودن .
وجدت مونيكا نفسها بمفردها واقفة قرب المدفأة الرخامية في غرفة الاستقبال ، وفي يدها كأس من الشراب . استدارت في الوقت الذي ظهرت فيه فيليبا ، ثم صرخت :" يا إلهي ، قلت أنيقة وليس كطالبة فنون جميلة !"
" أنا كذلك بالفعل ." قالت وهي ترفع ذقنها بتحد :" على كل حال ، هل ثيابي مهمة لهذه الدرجة ؟ هل سيعرض عليّ العمل في حقل الأزياء ؟"
" ليس هناك ضمانة بأنه سيعرض عليك شيء ." قالت مونيكا بحدة :" عندما يراك سيغير رأيه ، ومن يستطيع أن يلومه ؟"
" هو ؟" قطبت فيليبا جبينها . " من هو ؟"
" آلان دي كورسي ، رئيس شركة دي كورسي العالمية . لديه عرض لك و عليك أن تستمعي إليه جيدآ ، إذا كنت فعلآ بحاجة إلى المال كما تدعين . مع انني أجد الأمر غير معقول ... ولا مجال للتفكير فيه ." شربت مونيكا بعض الشراب . " غنه ينتظرك في المكتبة ، و الأفضل ألا تدعيه ينتظر طويلآ ."
سارت فيليبا بضع خطوات نحو المكتبة ، وهي في شبه دوامة . كانت نادرآ ما ترى زوجة ابيها منهارة ... ليس منذ أن عرفت بخطط كيفين للمستقبل . من الواضح حفلة العشاء المهمة لم تجرِ كما خططت لها .
لقد سمعت بمؤسسة دي كورسي العالمية ، بالتأكيد . ومن لم يسمع بها ؟ ماذا يمكن أن يطلب شخص له علاقة بتلك المؤسسة الكبيرة من شخص تافه مثلها ؟ الأمر غير معقول كما قالت مونيكا .
توقفت أمام باب المكتبة ، تتساءل إذا كان عليها أن تدق أم لا . غيرت رأيها بسرعة ، أدارت مقبض الباب ودخلت غلى الغرفة .
كانت كل الأضواء مشعة ، توقفت فيليبا قليلآ ن وهي تطرف عينيها بعد ظلام الرواق النسبي . عندما اعتادت عيناها على الوهج ، ورأته ، تجمدت في مكانها من وقع المفاجأة

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:52
رئيس شركة مهمة كدي كورسي ، يجب أن يكون أكبر سنآ ، فكرت وهي تشعر بدوار . رجل بدين ، متوسط العمر وناضج ... مثل لينوكس أندرهاي .
لكن هذا الرجل شاب وجذاب جدآ ، تفحصت عيناها الثاقبتان جسده الرائع وشعره الأسود الكثيف الذي يتموج من اعلى جبينه إلى الوراء . اقتربت منه حتى تمتع نظرها بعينيه الخضراوين اللتين تزينهما رموش كثيفة و بشفتيه الممتلئتين و القاسيتين .
كان طويل القامة ، أظهرت بدلته الرسمية الأنيقة منكبيه العريضين ، ووركيه النحيلين .
بدا مندهشآ هو أيضآ ، كان حاجباه السوداوان يتحركان فوق قصبة أنفه الطويلة تلقائيآ ، وهو يتفحصها ببطء من أعلى إلى أسفل .
شعرت يداها بالرطوبة فجأة فمررت كفيها على بنطالها . بددت هذه الحركة الصمت الذي طوقهما وتحرك هو أيضآ على نحو مفاجئ وكأنه كان غاضبآ من شيء .
عندما تكلم بدا صوته باردآ و ضعيفآ وكأنه في حالة تأمل .
" إذآ ... أنت فيليبا ."
"نعم ." اجابت بصعوبة وهي ماتزال تحدق إليه شبه مخدرة ومدركة ان حلقها جاف و أن نبضات قلبها تتسارع بشكل مزعج . "وأنت ... السيد دي كورسي ."
ابتسم بسخرية : " أعتقد أن علينا في مثل هذه الظروف أن نكون أقل رسمية . إسمي آلان ."
"أي ظروف ؟" شعرت فجأة بالخوف . يا إلهي لا أرغب أن أكون عاهرة . " أنا ... أنا لا أفهم ، ياسيد ."
" الم يخبروك ؟" التقت عيناه الخضراوان بعينيها وتجمدت نظراتهما ." أذآ المهمة... سيكون الشرف لي ، على ما يبدو ، غن قدرنا يا ىنسة ، انا و انت ، أن نتزواج ."
بدت فيليبا للحظة ، وكأنها فاقدة الحس . لم تستطع الحراك أو الكلام ... أو حتى التفكير بشكل منطقي . غير معقول . لكن يبدو أن الأمر أسوأ من ذلك ز إنه الجنون بحد ذاته . مازالت كلماته تتخبط في رأسها . لابد أن رئيس شركة دي كورسي العالمية أصيب بالجنون ، ولا احد يعرف بذلك غيرهما .
" الأفضل ان تجلسي ." أضاف آلان دي كورسي باقتضاب :" قبل أن تنهاري ." ألقى نظرة خاطفة على وجهها ، ثم ثبت نظره على بنطالها الضيق ، عبس ثانية . "كم تبلغين من العمر يا مدموزيل ؟".
"عشرون سنة ." مررت لسانها فوق شفتيها الجافتين .
" هل قلت ... نتزوج ؟"
أومأ برأسه من دون أن يبتسم .
بلعت ريقها بصعوبة . " لكنني لم أرك في حياتي من قبل ... حتى أنني لم أعرف بوجودك حتى هذه الليلة ."
" أنا أيضآ ، ولكنني لا أعتبر ذلك عائقآ ." أحضر لها كرسيآ ذا مسند عال و أجلسها عليه ، ثم وضع كرسيآ آخر في مواجهتها ." قبل أن تتهميني بالجنون ، اسمحي لي بتوضيح بسيط . إني بحاجة إلى أن أكون متزوجآ ، يا مدموزيل ، وبأسرع وقت . وكنت عازمآ على نشر إعلان في الجريدة اطلب فيه زوجة قبل أن آتي إلى حفلة الليلة ."
" لابد انك تمزح ." قالت فيليبا بسخرية :" لن أسامح مونيكا ... أو لينوكس أبدآ . أعتقدت أنني تصرفت بغباء ... عندما أخبرتهما بأنني بحاجة ماسة إلى المال ."
" إنني لا أمزح ." قال آلان دي كورسي بهدوء :" كنت شارد الذهن خلال العشاء ، واستطاعا إقناعي بالتحدث عن متاعبي . اقترحت زوجة والدك السابقة عليّ حلآ سينقذنا نحن الإثنين . لذلك طلب منك الحضور إلى هنا الليلة . ولذلك نحن معآ .ط
أخذت نفسآ عميقآ ." إني ... لا أصدق . هذا جنون !" رمقته بنظرة ازدراء .
" كنت تنوي أن تنشر إعلانآ في الجريدة ، حقآ ! أنت آخر شخص في العالم ، بحاجة إلى أن يلجأ إلى وسيلة كهذه ."
ابتسم لها بلطف ." شكرآ على هذا الإطرأ ... إذا كان هكذا فعلآ . في الحقيقة ، أعرف القليل من النساء اللواتي بعمر مناسب وخلفية جيدة و أقل من اللائي يسمحن لأنفسهن بالزواج في هذه الطريقة ، من دون فترة التعارف التقليدية ... أو التعهد بالحب و الإخلاص لمدى الحياة . أي شيء أقل ، سيعتبرنه إهانة ."
" ألا تعتقد بأن الأمر يهينني ؟" تصلبت فيليبا في مكانها .
هز آلان دي كورسي كتفيه بلا مبالاة ." فيما عرفته الليلة عنك ، لا اعتقد أن في استطاعتك أن تتحملي رد الإهانة ."
اجاب بصدق :" عرفت أنك في حاجة إلى بعض المال لتدفعي تكاليف علاج والدك في الولايات المتحدة ، ولتبقيه في عيادة خاصة . إذا تزوجت مني ، سأحرص على تنفيذ كل طلباتك . أنت بحاجة إليّ لتأمين مستقبل والدك ، يا مدموزيل . و أنا بحاجة إليك لمستقبلي . هل نعقد صفقة ؟"
لقد نصحتها مونيكا بالإستماع إليه . وجدت فيليبا نفسها ترتجف .
" أولآ ، عليك أن تفسر لي حاجتك إلى الزواج بسرعة . لماذا لا تبحث ، عن زوجة ... تهتم بها فعلآ ؟"
"الزواج ورقة يانصيب ." قال بسخرية :" كنت دائمآ أتجنب شراء بطاقة . لكن الآن أهلي يضغطون علي بشدة ."
توقف قليلآ ثم تابع :" ورثت الشركة عن جدي . ومنذ ذلك الحين ، وعمي لويس يحقد علي لأنني سلبته هذا الحق . بدأ يعمل ضدي منذ سنتين ، ويحاول الاعتراض دائمآ على الصفقات الملتزم بها حتى ... يشوه سمعتي ويضعف سلكتي ، وذلك باتهامي بقسوة أمام أعضاء المجلس أني زير نساء طائش ."
رمقها بنظرة سريعة ." ابتسمت أخيرآ ، يا مدموزيل ، أنا أيضآ أجد الوضع مضحكآ . لكن أصبح جديآ مؤخرآ . لقد ارتبط اسمي بامرأة متزوجة من رجل مهم في الحكومة . ولمحت بعض الصحف إلى ذلك ... وانتشرت شائعات في الوسط الإجتماعي الذي أنتمي غليه ... تعرضت للشائعات سابقآ –أنا لست قديسآ – ولكن هذه المرة أستطاع عمي أن يستغلها لمصلحته ، وأن يثير مجلس الشركة ضدي على أن تصرفاتي مخزية ، وستتسبب بفضيحة للشركة مما سيضعف الشركة . وعليه ، دعا إلى اجتماع طارئ سيعقد بعد أسبوعين لمناقشة الوضع ، ولمطالبتي بتقديم الاستقالة . إنه يخطط للا ستيلاء على مركزي ، ومخالفة إرادة جدي ، وهذا احتمال غير مشكوك فيه . وقد يؤدي إلى كارثة . هل فهمت المشكلة ؟"
عضت فيليبا شفتها ." أعتقد ... ذلك . لكن ربما كان عمك على حق ... وربما كنت أنت فعلآ شخصآ مستهترآ . إذا كنت على علاقة مع تلك المرأة ... فلا داعي لأن تنكر أمامي ..."
تغير تعبير وجهه ." عمي ، يا مدموزيل ، يقكر بطريقة بروجوازية لا تطاق ، وهو يعرف جيدآ أن حياتي الخاصة لا تؤثر بتاتآ على عملي ."
تردد قليلآ ، بدا نادمآ على شيء ." هناك عامل آخر . لدى عمي ابنة تدعى سيدوني . ولقد لمح لي عدة مرات بأنه سيوقف معارضته إذا عرضت الزواج على ابنته ."
"أليس حلآ مناسبآ ؟"
"ماكنت اقترحت ذلك لو التقيت بها يومآ . انها امرأة معقدة و متلسطة وذات مزاج سيء ."
"ربما أنا كذلك ."
" هذه مجازفة عليّ القيام بها ." تفحصت عيناه وجهها وجسدها بشكل مزعج ."تبدين
إنسانة واضحة وابنة مخلصة ومحبة . هذا ما أكدته لي الليدي أندرهاي . ولهذا السبب اقترحت هي وزوجها أن أجري المقابلة معك ."
توقف عن الكلام ." علينا اتخاذ بعض الخطوات المتهورة أحيانآ لمعالجة مشكلاتنا ، ألست موافقة ؟"
خطوات متهورة ، فكرت فيليبا . هذا قولها ، يرتد عليها كي يلازمها .
" حسنآ ... ربما . ولكن ... الزواج ..."
راقبها للحظة طويلة ." أنت خائفة من مضمون هذه الكلمة وبحاجة إلى معرفة طبيعة العلاقة التي أعرضها ؟"
أحست فيليبا بحمرة الخجل تعتلي كامل وجهها ." نعم ."
" حسنآ ، هذا طبيعي ." بقي صامتآ لعدة دقائق ." لست وحشآ ، يا فيليبا ، ولكنني بحاجة إلى أن أضمن استمرارية عائلة دي كورسي . سأطلب منك يومآ أن تمنحيني طفلآ . أعدك بأنني سأنتظر حتى تصبحي مستعدة . هل هذه هي الضمانة التي تريدينها ؟"
" نعم ... كلا ... لا أعرف ." شبكت فيليبا يديها باحكام .
"هذا سخيف ، إنه وضع مستحيل !"
"كما تقولين . ولكنه حل عملي لمصاعبنا المشتركة ."
"هل هذا كل ما يهمك ؟"
"وماذا غير ذلك ؟" بدا مبنهجآ .
" ماذا عن ...الحب؟."
"ماذا عنه ، بالفعل ؟" ضحك الآن بجرأة . لاحظت أن أسنانه بيضاء و جميلة مع أنه لا دخل لذلك بالموضوع ." كما ذكرت ، يا مدموزيل ، سابقآ ، لقد التقينا منذ برهة . وأشعر أن أي محاولة ودية للتقرب منك ستؤول إلى الفشل طالما لم يحن الوقت ..."
" لم أقصد ذلك ." قالت بتوتر .

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:55
" لا ؟ اذآ أنت على علاقة مهمة مع شخص آخر ؟"
أثارتها نبرة صوته المريبة ، ورفعت ذقنها بتحدٍ ، وازداد تورد خديها .
" هل الأمر مستحيل لهذه الدرجة ؟"
"إنه بعيد الاحتمال ." قال بشكل بغيظ :" أنا واثق من طبيعتك البريئة ... و المزعجة."
حملقت به ." في الحقيقة ، كنت أتساءل عما سيحدث بعد أن نتزوج لو أن أحدآ منا تعرف إلى شخص آخر ."
" الزواج ليس عائقآ دائمآ لعلاقة كهذه ." قال برقة :" ما دامت سدادة الرأي موجودة."
" وجهة نظر ساخرة و بغيضة !"
" إني أحاول أن اكون عمليآ ." أجابها دي كورسي على نحو حاسم :" على كل حال لم نتزوج بعد ، لِمَ نبحث عن مصاعب ليست موجودة ؟"
"آه ، طبعآ ، كل شيء سيسير على مايرام ." ابتعدت عنه قليلآ وهي تشعر بمرارة كلامه ." أستطيع أن أفهم ذلك ,"
بقي صامتآ لعدة دقائق ثم قال بهدوء :" فيليبا ، لم يكن الزواج أمرآ سهلآ أبدآ . حتى لو كنا التقينا من قبل و أحببنا بعضنا البعض ، فسيكون هناك أيضآ ... بعض التعديلات . وضعنا غير عادي ، لكن من يستطيع أن يقول إن الزواج الذي ينشأ من صداقة واقتناع متبادل لا يمكن أن ينجح في آخر الأمر ؟"
" ولكننا لسنا صديقين ."قالت بصوت مخنوق .
" ليس بعد ، ربما ، لكن هل هذا الاحتمال بعيد جدآ ؟"
"تمامآ ، كما قلت ." هزت رأسها ." عليك أن تسأل شخصآ آخر ."
هز كتفيه بلا مبالاة ." كما قلت ، استطيع أن أضع اعلانآ . لكن إلامَ ستلجأين ؟ أنت بحاجة ماسة إلى المال . أو هل بالغت زوجة والدك بذلك ؟"
" كلا ." أحنت فيليبا رأسها بحزن ." إنها على حق . ولكنني ... لم أفكر أبدآ بأن الأمور ... ستصل إلى هذا الحد ." نظرت إليه ." لن تفكر ... بإقراضي بعض المال."
"فقط بشهادة زواج كضمان . أريد أن أحظى بالاحترام من خلال الزواج بك ، يا حبيبتي . لقد امضيت وقتآ طويلآ في بلدك . سأخبر عائلتي و أصدقائي بأننا تقابلنا في زيارة سابقة ، وبأنني أتودد إليك منذ ذلك الحين . كتمنا خبر زواجنا بسبب صحة والدك السيئة ." طقطق أصابعه و استطرد :" وهكذا ! سأبدد كل الشائعات بضربة واحدة ."
تنهدت بشدة ." الأمر ليس سهلآ . لا أستطيع أن أعطيك جوابآ اليوم ... الليلة . عليك أن تمنحني بعض الوقت لأفكر ... لأقرر..."
"هذا معقول جدآ . إني أقيم في فندق سافوي . بإمكانك الاتصال بي ." نهض عن كرسيه ، ولحقته فيليبا ." لا تدعيني أنتظر طويلآ يا مودموزيل , الوقت ثمين لكلينا ... هل كان الوضع اختلف لو اخبرتك في البداية بأنني اقتني إحدى لوحات والدك ؟"
"أوه ؟" افترقت شفتاها بانذهال تام ." أي واحدة ؟"
"جسر مونتاسكو . من المؤسف أن ندع هذه الموهبة... تنهار ." سمح لكلمته بأن تتمكن منها ثم ابتسم ." والآن ، هل تسمحين لي بايصالك إلى البيت ؟"
" كلا ، شكرآ ." تراجعت فيليبا عفويآ خطوة إلى الوراء بعيدآ عنه . وشعرت وكأنها حجزت مع نمر في قفص في لحظة غفلة ، وبأنها سعيدة الحظ لتمكنها من النجاة .
إذا تزوجته ، لن يكون هناك مجال للهرب ، فكرت و الخوف يتملكها . سأضطر لأن أعيش معه ... تحت سقف واحد . وفي آخر الأمر سأشاركه ... المخدع .
لم تستطع التركيز ، وكان عقلها يرفض قبول هذا الإحتمال .
ماذا عن المال ؟ لقد وعدها بتنفيذ كل رغباتها . هذا ما عليها أن تتذكره . إنها بحاجة إلى معجزة ، ربما هذا ما كان دي كورسي يعرضه عليها الآن .
لكنها لا تشعر أن هذا العرض هو المعجزة ، بل كسيف ذي حدين خطير لا يمكن التكهن بعواقبه .
لاحظت ، أنه كان يراقبها عن كثب ، وأن عينيه ضاقتا فأسرعت بالكلام .
" سأعلمك غدآ بقراري ... أعدك بذلك ."
"إذا سأنتظر جوابك بفارغ صبر ." تقدم نحوها و قبل أن تعي ماينوي القيام به ، رفع يدها إلى شفتيه وقبَّلها . شعرت بأن يدها تحترق ، برغم أن حركته كانت خاطفة .
نظر إلى عينيها وهو يبتسم ." أتمنى لك ليلة هانئة يا حبيبتي . وإذا شعرت بالقلق فكري جيدآ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 15:58
[]*~‘‘ الفصل الثاني ‘‘~*[]


عندما أستيقظت باكرآ في الصباح التالي لتحجب عنها أشعة الشمس المتسللة من خلال الستائر ، فكرت في البداية بأن كل ماجرى لها البارحة هو مجرد حلم مزعج منافٍ للعقل .
أمور كهذه لا تحصل ابدآ ، قالت لنفسها ، وهي تجثم تحت الأغطية . ليس في عالم الواقع . إن فتاة مثلها ، ليست على قدر كبير من الجمال ، لا يعقل أن تتلقى عرض زواج من مليونير فرنسي مهما تعددت الأسباب ، ومهما بدت الأمر عمليآ . حاولت أن تتذكر كلامه ، ولكن عقلها رفض التعاون بسبب الانطباعات المضطربة الكامنة فيه .
لابد أنها في حلم ، قالت لنفسها وهي في حالة ارتباك شديد . لقد شوش ضيف مونيكا ذهنها كليآ ، هذه هي الحقيقة . هناك تفسير منطقي لكل شيء .
بسطت ذراعيها فوق رأسها ، ثم وضعتهما ببطء أمامها . لقد اعتادت رؤية يديها الصغيرتين ملطختين بالدهان . لكنها الآن تستعملهما لرعاية كيفين وهي فخورة جدآ بذلك . فجأة ، وهي تنظر إليهما ، أعادتها إحدى الصور العالقة في رأسها إلى الواقع الذي لا يمكن تجنبه . جلست منتصبة كالسهم ، تكبت صرخة مروعة .
يا إلّهي ، فكرت . لقد قبَّل يدي ! جلست للحظة ، وهي تحملق في أصابعها ، وكأنها تتوقع رؤيتها موسومة بعلامة على بشرتها . عرفت أنه لا توجد طريقة تستطيع بها أن تحلم بذلك الإحساس بالذات .
إذآ كل شيء حقيقي . في هذه الحالة ماذا عليّ أن أفعل ؟
أولآ بإمكانها أن تجيب على الهاتف الذي رنّ في الوقت المناسب .
"حسنآ ." هذا أول ما قالته مونيكا بعد ان سمعت فيليبا تلقي التحية .
بلعت فيليبا ريقها بصعوبة . " عمَّ؟" ردت بصوت خفيض .
تنهدت مونيكا بتوتر :" أرجوك ، لا تتغابي علي ." أمرتها بحدة ." ماذا قررت ؟ هل ستقبلين عرض آلان دي كورسي ؟"
ذرات من الغبار ، تسبح في شعاع الشمس العريض المتسلل عبر الستائر الرقيقة .
على الأرجح ، فكرت فيليبا وهي تمسك السماعة بإحكام ، وكأنها صلتها الوحيدة مع الواقع . إني واقعة في مأزق لا أعرف ماهيته ، ولا أستطيع السيطرة عليه . إني في دوامة ، عاجزة عن التصرف .
"فيليبا ؟" بدا صوت مونيكا متلهفآ ." هل مازلت معي ؟ سألتك عما ستفعلينه ."
قالت بهدوء :" لا اعتقد أنه لدي خيار حقآ . سوف ... سوف آخذ ماله ."
" ليس المال فحسب ، يا عزيزتي ." ضحكت مونيكا بسخرية :" ستحصلين على شقة في باريس ، وعلى بيت ريفي ، ودارة في نيس . إنها البداية فقط يا عزيزتي . ولا تنسي أن آلان هو أحد الرجال الأكثر جاذبية وتأهيلآ في فرنسا . لقد أحسنت الاختيار."
" حقآ ؟" سألت فيليبا . شعرت وكأن في قلبها حجرآ .
"الأفضل أن تتزوجي في لاودن ، هل يستطيع كيفين حضور الإحتفال ؟"
انتفضت فيليبا من مكانها وكأنها تلقت ضربة ." كلا ، أتمنى أن يتم ذلك وهو قد بدأ العلاج في أميركا ."
"حسنآ، كما تريدين . سأحضر لك غرفة ، أتوقع حضورك بعد ساعة لأننا سنقوم بجولة في الأسواق ."
"لماذا ؟"
ارتجف صوت مونيكا بشكل مثير :" يا عزيزتي ، مع أن الاحتفال سيجري بشكل هادئ ، وبسرية تامة ، لا يمكنك أن تتزوجي في بنطال من الجينز . سأتكفل أنا و لينوكس بجهاز العرس كهدية لك ."
" ليس من الضروري ..."
" هذا هراء ." قالت مونيكا بحزم ." سأراك لاحقآ ." وأنهت مونيكا المكالمة .
بعد ساعة من الوقت، وجدت فيليبا نفسها في جناح آلان دي كورسي . كان يجلس إلى طاولة قرب النافذة ، يتناول فطوره ويقرأ جريدة عندما دخلت عليه ، ولكنه نهض بسرعة ، ليرحب بها بلطف .
" إني آسفة ."قالت فيليبا عندما كانا بمفردهما :" كان عليّ أن أتصل أولآ . من الواضح أنني أبكرت ..."
" لا على الاطلاق ." أشار إليها بالجلوس إلى جنبه ." هل تناولت الفطور ؟"
لاحظت فيليبا بإحراج ان الطاولة معدة لشخصين ." آه ... انك تنتظر ضيفآ ."
ابتسم لها . لاحظت ان ثيابه غير رسمية هذا الصباح ، فهو يرتدي بنطالآ ازرق ، وقميصآ ملائمآ مفتوحآ قليلآ يظهر عنقه الملوح بحرقة الشمس وشعر صدره الكثيف.
" كنت اتوقع حضورك ، يا عزيزتي . هل تريدين بعض القهوة ؟" أمسك بالوعاء وصب بعضآ منه في فنجان ، ثم قدم لها السكر و الكريما التي رفضتها .
أخذ آلان دي كورسي تفاحة من سلة الفواكه وبدأ يقشرها .
"هل فكرت جيدآ ؟"
أومأت برأسها بصمت .
"إذآ ... ماهو جوابك ؟"
أخذت الملعقة وأخذت تحرك القهوة اللذيذة ، متعمدة عدم النظر إليه .
"سأتزوجك ، ولكن هناك شروط ."
"توقعت ذلك ." قال بسخرية :" ماهي ؟"
"يجب أن يبدأ ابي بالعلاج في اسرع وقت ممكن ... ويجب أن لا يعرف شيئآ عن...اتفاقنا ."
"هل ستخفين عنه خبر زواجنا ؟ لكن لماذا ؟"
"لأنه إذا علم بالحقيقة سيرفض الذهاب إلى أميركا ... لأنه سيظن أني أضحي بنفسي من اجله . لن أجازف بذلك ."
"فهمت ، لكنني غير متأكد من قدرتك على الاستمرار بكتم الأمر ، عليك إخباره يومآ ما ."
توردت وجنت فيليبا ." تعني ، عندما ... إذا أصبحت حاملآ ؟ سأتخطى ذلك في الوقت المناسب ."
"لم أقصد ذلك تمامآ ." قال آلان ببطء :" إذا نجح العلاج ، سيفكر بمزاولة حياته السابقة التي أنت جزء مهم منها . ألم تفكري بأنه سيلاحظ أنك تزوجت ؟"
" إذا نجح العلاج ... أو إذا شفي نهائيآ ، سأصارحه بكل شيء ، لأن وضعه يكون مؤاتيآ ، وأتمنى أن يتفهم تصرفي ."
قالت بهدوء ثم عضت شفتها ." وإذا فشل لن يهم بعد ذلك ."
ترددت ثانية . " كنت أتساءل إذا كنت تود أن أخضع لفحص طبي ."
وضع التفاحة على الطاولة وحدق إليها ." لماذا ؟ هل أنتن مريضة ؟ هل تعتقدين أن مرض والدك وراثي بطريقة ما ؟"
" آه ، كلا ." بدا وجهها كزهرة الفاوانيا ." لقد أعربت لي عن رغبتكك في الحصول على ... وريث . وفكرت بأنك تريد أن تتأكد من قدرتي ..."
رفع آلان يده باحتجاج ." إني لا أطارد حيوانآ صغيرآ ."
قال بغضب وأضاف :" أعتقد أن الأمر سيأخذ مجراه الطبيعي في الوقت المناسب ، اليس كذلك ؟"
تمتمت شيئآ وهي تشعر بالاحراج من كلامه .
"لم أسمعك ." قال بنفاد صبر ." لماذا لاتنظرين إليّ عندما تتكلمين ؟"
رمقته بنظرة يائسة ." قلت ... إن الأمر لن ينجح . أعني ، أن مامن أحد ... سيصدق ذلك ."
" لما لا ؟"
"حسنآ،فقط ...انظر إليّ!"
"إنني أنظر . أنت نحيفة جدآ ، وشعرك بحاجة إلى قص . هل هناك شيء آخر يقال؟"
شبكت فيليبا يديها بتوتر في حضنها." أعتقد أنني لن أجيد دور الزوجة لأحد ... خاصة لمليونير يملك منازل في كل أنحاء فرنسا . لا أعرف ماذا تتوقع مني ..."
"صدقيني ، اتوقع القليل . في البداية سأكتفي بظهورك إلى جانبي أمام الناس . أما بالنسبة لمنازلي ...فلدي فريق عمل كامل يهتم بها ." رمقها بنظرة ساخرة ."مهمتك لا تتضمن تنظيف الغرف و تحضير الطعام ."
"ولكنك تريدني بالطبع أن أتصرف كمضيفة ... لم أقم بذلك من قبل ." ضعف صوتها وهي تتذكر الأيام المشمسة التي قضتها مع كيفين في جنوبي غربي فرنسا ، الصداقة الحميمة ، الأسواق ، النوادي الليلية ."
"بإمكانك أن تتكلمي بصوت عالٍ ، وتعبري عن نفسك بحرية . سأكون إلى جانبك دائمآ ... وسأحذرك من إثارة بعض المواضيع التي من الأفضل تجنبها مع أشخاص معينين ."
"علي أن أرتدي ... ثيابآ مختلفة ."
"هل كنت تنوين أن تمضي بقية حياتك في ذلك الجينز البائس ، يا صغيرتي ؟"
"بالطبع لا ." بقيت فيليبا صامتة لعدة دقائق ثم قالت بتوتر ." لا أعتقد أنك تلاحظ كم ستختلف حياتي ."
"وحياتي أيضآ . تأكدي من أن فكرة الزواج لا تعجبني أكثر منك ، يا عزيزتي ."
"حسنآ، أعتقد أن من الأنسب لك أن تتزوج ابنة عمك ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:00
قالت بعناد ثم رشفت قهوتها ." يجب أن تخبرها بحقيقة شعورك نحوها ، إلا إذا كانت مستعدة للتظاهر ..."
"ليست مستعدة أبدآ ." قال بسخرية ." إنها تتمنى ذلك . ووتوقع مني أن اتصرف معها كحبيب متيم ... وأن أفسر لها غيابي عنها كل لحظة حتى أوفر عليها الدموع ، الغيرة و الانفعال . لن أحتمل ذلك أبدآ ."
" أستطيع تصور الأمر ." قالت فيليبا بنفور :" اخشى أنه ليس من المفترض أن أطرح عليك أسئلة كثيرة ؟"
"اسألي ما تشائين ، يا عزيزتي ." رمقها بنظرة مبهمة . "لكن لا تلوميني إذا لم تعجبك الأجوبة ."
دفع بكرسيه إلى الوراء ثم وقف ." لدينا يوم حافل بالأعمال . سأتصل بالمحامي ، ثم بمصرفي في لندن ، ليتخذا التدابير اللازمة المتعلقة بعلاج والدك ." دار حول الطاولة ، ثم توقف وهو ينظر إليها بابتسامة ." أتمنى ألا تهربي بالمال ، يا عزيزتي. لأن هذا لن يفرحني أبدآ ."
"سوف أفي بوعدي ." رفعت فيليبا ذقنها بتحدٍ. "علينا ... أن نثق ببعضنا البعض ،يا مسيو ."
"هكذا يبدو . هل سنختم جلستنا بالطريقة العادية ؟"
سمحت لأصابعه بأن تطوق أصابعها ، وذهلت عندما وجدت نفسها تنساق إليه قبل أن تستطيع المقاومة . وضع آلان ذراعيه حولها بإحكام . شعرت بضغط ذراعيه القاسيتين على كتفيها .
حاولت بيأس إبعاده عنها ، لكنه منعها . لقد أخطأت عندما سمحت لنفسها بالتفكير فيه كرجل أعمال جذاب .
شعرت بقوة عضلاته الحديدية . ومع ذلك كانت كلماته تلاطف أذنينها ببطء و برضى تام .
فقالت بصوت أجشّ ، عندما استطاعت أن تتكلم :"ما كان يجب أن تفعل ذلك ."
"معك حق ." وافقها وهو يمرر يده على ذقنه بأسف .
"عليك أن تتذكر وعددك بعدم ... مضايقتي . وبمنحي بعض الوقت ."
رفع آلان حاجبيه ." كل هذه الجلبة من أجل ترحيب بسيط ! ماذت لو قبلتك..." ابتسم لها ." تعالي أريدك بقربي و أنا أحلق ، بعدها سأريك الفرق ."
"كلا ." تراجعت خطوة إلى الوراء . وهي مدركة أنها تلهث ، وأنه لاحظ ذلك . "يجب أن أذهب وأتكلم مع أبي و طبيبه ... لأزف لهما الأخبار الحسنة ... ولأقوم بالترتيبات اللازمة ."
لم يحاول آلان أن يؤخرها ." كيف سأتصل بك ؟"
"سأكون في لاودن . دعتني مونيكا للبقاء معها ... حتى يحين موعد الزفاف ."
أومأ برأسه ." إذآ سأراك هناك ، اورفوار ."
حتى نلتقي ثانية ، فكرت فيليبا عندما وجدت نفسها في الرواق و بأمان ، بعد أن أغلق الباب بينهما . وقفت للحظة ، لتسمح لدقات قلبها بأن تخفف من حدتها . لم تكن واثقة من أنها تريد أن تلتقي بشخص مزعج مثل آلان دي كورسي مرة ثانية ، وخاصة في مثل ظروفها .
اتمنى لو أنه ودعني من دون أن يعانقني ، فكرت فيليبا .


بعد أسبوع ، غادر والدها إلى أميركا برفقة ممرضة خاصة . اختلقت له قصة وهمية بأن المال ترك في صندوق تقاعد الشركة و أهمل تسجيله . لم تكن واثقة من أنه صدقها ، ولو كان في صحة جيدة لقام ببعض التحريات . بدا سعيدآ جدآ لدرجة أنه لم يستجوبها بدقة ، وكانت شاكرة لذلك . تزوجت فيليبا آلان دي كورسي بعد ثلاثة أيام من رحيل والدها .
مرت أيام تلك الفترة بلمحة بصر . استكانت فيليبا بعض الشيء ، وسمحت للأحداث بأن تأخذ مجراها بنوع من السلبية ، لم تكن من طبيعتها .
شعرت وكأنها في حلم وأن كل ما يحدث حولها بعيد الشبه تمامآ عن الواقع . جربت الثياب بشرود تام .راقبت مزين الشعر وهو يقص شعرها الطيع والأملس على نحو قصير جدآ ليجعله أكثر اشراقآ ، استمعت إلى كلام مونيكا المزعج من دون أن تفقه كلمة واحدة مما قالته .
اصطدمت بالواقع أخيرآ ، عندما وجدت نفسها على متن طائرة متوجهة إلى باريس بفستان صوفي أنيق كهرماني اللون اختارته لها مونيكا . حدقت بخاتم زواجها الذهبي، وحاولت أن تتذكر شعورها عندما وضعه آلان في إصبعها قبل بضع ساعات.
كانت مخدرة ، فكرت فيليبا . ومازالت حتى هذه اللحظة .
لكنها لن تضطر إلى تحمل شهر عسل . سيستغنيان عن هذا التقليد في في الوقت الحاضر ، هذا ماقاله آلان لها ، لأنه أمضى وقتآ طويلآ في لندن . إذآ هما ذاهبان مباشرة إلى شقته الباريسية .
"أتمنى ألا تجديها مملة ."
"آه ، لا ." تمتمت فيليبا وهي تحاول جاهدة إخفاء ارتباكها . سيكون الوضع محرجآ بعد أن تشاركه سقفآ واحدآ . لن تستطيع تحمال فكرة وجودهما وحيدين في جناح عرائس مع كل ما يتضمنه من واجبات . كان آلان يعرف ما يدور في رأسها ، لكنه لم يقل شيئآ ، بل اكتفى بالابتسام لها بين الحين و الآخر بشكل تهكمي .
وضعت يدها على عنقها تتلمس عقد اللؤلؤ الذي قدمه لها آلان كهدية الزواج .
"رائع !" صرخت مونيكا عندما كانت تساعد فيليبا على تغيير ملابسها .
"نعم ... لكنه ألا يرمز إلى الدموع ؟" شعرت فيليبا بالانزعاج بينما كانت مونيكا تثبت المشبك .
"كلا ، يا عزيزتي ، إذا كنت واعية تمامآ ." حملت ابتسامة مونيكا معنى الحسد بعيدآ عن أي حقد . " تمتعي بهذه الغنيمة ، مدام دي كورسي . لأنك ربما لن تجدي غيرها ."
أضافت بسخرية ثم نظرت إلى ساعتها ." علينا أن نسرع . زوجك ينتظرك ."
زوجك . اختلست فيليبا النظر إلى هذه الظاهرة غير المتوقعة و المثيرة التي تجلس إلى جانبها ، يبدو أنه منهمك في قراءة مجموعة من الأوراق ، يحتفظ بها عادة في حقيبته الجلدية .
لا تعرف إذا كان عليها أن تشعر بالسعادة أم بالحزن لانهماكه عنها . ثم رأت أن تصرفه ، حتى لو لم يكن إطراء لها ، فإنه بالتأكيد مريح . على الأقل لن تضطر إلى مسايرته .
في خلال الأيام العشرة الماضية كانت ترى آلان يوميآ تقريبآ ، ولكنها لم تعرفه أفضل مما فعلت في أول أمسية لهما عندما توجهت إلى المكتبة في لاودن .
لم تتعدَ علاقتهما حدود الصداقة كما وعدها ، ولم يحاول عناقها مع أنها كانت ترغب في ذلك . اعترفت لنفسها بأنه شخص ساحر ، حاول إغراءها بالكلام حتى يكتشف ميولها في الأدب و الموسيقى و الفنن وإذا كانت تفضل الباليه أم الأوبرا ، كرة المضرب أم السكواتش ، حتى أنه سألها عن طعامها المفضل .
ربما يريد أن يجمع ملفآ عنها أو ... أن يخزن هذه المعلومات في كومبيوتر الشركة حتى يستعملها كمراجع في المناسبات الخاصة .
بدأت فيليبا تدرك كم كان موجزآ في الحديث عن نفسه ، هذا الغريب الذي تزوجها على السراء و الضراء .
على السراء و الضراء . كررت فيليبا هذه الكلمات في رأسها ، وارتجفت فجأة .
لم تنتبه فيليبا للوقت ، ولكن يبدو أن الطائرة تهبط . كان الاستقبال في المطار بسيطآ، ووجدت نفسها في سيارة ليموزين يقودها سائق خاص . فكرت أن عليها أن تتكيف مع هذه الشكليات وإن كانت تكرهها .
قبل أن تكون مستعدة كليآ ، وجدت نفسها تسير إلى بناء مهيب في إحدى أحدث المناطق ، وتصعد في مصعد إلى شقة فخمة .
أخبرها آلان أن الشقة ليست جزءآ من الممتلكات التي ورثها ، وأنه اشتراها بنفسه منذ بضع سنوات ، لأنها قريبة من مراكز عمله . أخبرها أيضآ أن هناك امرأة تدعى هنرييت ترعى شؤونه ، ويساعدها في بعض الأحيان زوجها جيسكار . وأنهما الآن بانتظار سيدهما وعروسه الحلوة .
عندما تمت كل المقدمات ، أخذها آلان على حدة . " هل ستكونين بخير إذا تركتك هنا ؟" سألها بصوت خفيض ." إني بحاجة لأن أذهب إلى المكتب ، ولا أعرف متى أعود ."
"لا أمانع أبدآ ... سأكون بخير ." تمتمت فيليبا وهي تشعر بتورد خديها بسبب نظرته الفضولية .
"لا أشك في ذلك ." مرر آلان أصابعه على خدها الأحمر ، واستدار نحو مدام جيسكار ." لن أكون هنا على العشاء ، هنرييت تأكدي من تلبية كل طلبات السيدة ." رفع يد فيليبا الضعيفة ثم طبع عليها قبلة سريعة .
" إلى اللقاء ، يا حياتي ."
إذا كان آل جيسكار يعتبرون تصرف آلان شاذآ ، كونه عريسآ جديدآ ، فإنهم برعوا في إخفاء آرائهم . وجدت فيليبا نفسها مراقبة في كل حركة تقوم بها . تأكدت أيضآ ،

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:02
من النظرات الخفية التي تبادلاها بأن زواجها ليس الصدمة الوحيدة لهما ، ولكن آل جيسكار اعتبروها اسوأ زوجة يمكن أن يقع اختيار دي كورسي عليها . لابد أن افتقارها إلى الخبرة و التكلف واضح بشكل مثير للشفقة ، فكرت بمرارة ، إذا لم تقدر على خداع الخدم فكيف تأمل بخداع عائلته و أصدقائه ؟
استطاعت أن تكبت تنهيدة فرج ، عندما قادتها مدام جيسكار بطريقة غير ودية إلى غرفتها . غرفة جميلة مهندسة بأسلوب عصري ومحاذية لغرفة آلان . على الرغم من موقفه الحيادي الذي اتخذه نحوها ، فما زالت تخاف حتى الآن في سرها ، من مواجهة تدابير المنامة إذا طالب بحقوقه . من الأفضل لها أن تعرف أنه يمكن الوثوق به بعد كل هذه الأحداث .
قررت أن تستكشف معالم الشقة بمفردها من دون حضور مدام جيسكار البارد إلى جانبها . وجدت المكان متزمتآ وكئيبآ . ذكّرها ديكوره الأنيق بفخامة لاودن الأثرية .
ليس مريحآ على الإطلاق ، فكرت فيليبا وهي تسمع طقطقة حذائها على الأرض المصقولة . بدت الستائر و الأثاث وكأنها تحذرها من لمسها . وجدت نفسها تتساءل عن الوقت الذي أمضاه آلان هنا .
لكن هناك لمسة مألوفة أضفت سعادة روحية على جو البيت ... لوحة كيفين لجسر مونتاسكو المعلقة فوق المدفأة الرخامية الرائعة في غرفة الصالون . وقفت ويداها وراء ظهرها تحملق بها . أحبت الوقت الذي أمضياه في مونتاسكو .
تنهدت بصمت وهي تتذكر السقوف الناتئة على التلال المنحدرة نحو النهر ، وبرج القصر المدمر الذي يعلو الممر الضيق . لقد استأجرا بيتآ في أعلى القرية ، تحيط به أشجار عالية . تاقت للعودة إلى الماضي ، وإلى رؤية البيت وهو يسبح بين الغيوم . حين كان كيفين يرسم ، كانت هي تقوم ببعض الأعمال المنزلية ، ثم تتجول في السوق الصغيرة و المبهجة لتحضر بعض الوجبات الرائعة و الغريبة لكليهما . لكن والدها لم يتذمر أبدآ ، فكرت و الابتسامة ترتجف على شفتيها .
عندما استدارت وهي تصلي بصمت من أجل شفاء والدها ، لاحظت الساعة الرائعة التي احتلت موقعآ فخورآ على رف الموقد .
يبدو أن آلان لا يستعجل العودة . ليس لأنها تريد تريده بقربها ، بالطبع ، لكنها ذككرت نفسها بسرعة أنه كان بإمكانه أن يساعدها أكثر حتى تتكيف مع محيطها الجديد . ألم يلاحظ كم كانت تشعر بالغربة و الوحدة ؟ سألت نفسها باستياء .
حاولت مشاهدة التلفاز ، ولكنها وجدت أنه يتطلب تركيزآ بفوق قدرتها ، ومعرفة أشمل باللغة الفرنسية ، وقد ادركت ذلك بصعوبة . عليها أن تخضع لتدريب كثيف في اللغة قبل أن تقوم هي وآلان بأية مهمات اجتماعية ، مع أنها لاتتخيل نفسها تقوم بدور المضيفة في محيطهم المرعب .
على الرغم من تسريحة شعرها الحديثة وثوبها الجديد ، مازالت غريبة عن محيطها. كانت فكرة بائسة و غريبة ، تقلص حلقها فجأة .
آه ، كلا ، قالت لنفسها بحزم . لن تبدئي بالبكاء . أنت متعبة فقط بعد هذا اليوم الحافل . الأفضل أن تأوي إلى الفراش ...
وفي الصباح ستتمكنين من المحافظة على دورك في هذه الاتفاقية وامتلاك اسلوب هذه الحياة الجديدة .
كانت في طريقها عبر الرواق العريض عندما رن جرس الهاتف . ترددت للحظة ، قد يظهر آل جيسكار ويظنون انها تتعدى على حقوقهم ، لكن عندما استمر رنينه ولم يرد أحد ، رفعت السماعة بحذر شديد .
"آلان ؟" كان صوت امرأة ناعمآ ، دافئآ وأبح ." هذا أنا ، يا حبيبي ."
شعرت فيليبا للحظة وكأنها تحولت إلى حجر . لكن لماذا هي تفاجأت ؟ لم يكتم آلان عنها نزعاته . وبسبب ذلك هي موجودة هنا . لكنها لم تتوقع هذه المواجهة بهذه السرعة .
قالت باقتضاب "السيد دي كورسي ليس موجودآ ، مدام ."
"ومن أنت ؟" بدا صوتها خليعآ .
"زوجته ." قالت فيليبا ، ثم أعادت السماعة إلى مكانها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:05
[]~*" الفصل الثالث "*~[]



كانت فيليبا ترتجف بانفعال ، وبإحساس آخر أقل تحديدآ ، عندما أغلقت باب غرفتها وراءها . إذا رنّ الهاتف ثانية ستنفجر بالبكاء قبل أن تردّ عليه ، قالت لنفسها .
التغاضي عن مغامرات آلان العاطفية ، كما اتُفق شيء خاص ، وتلقي الرسائل منهن شيء آخر .
تجمدت في مكانها للحظة ، لتأخذ نفسآ عميقآ حتى تستعيد توازنها . لابدّ أن مدام جيسكار أفرغت لها حقيبتها .
لاحظت ذلك ،وهي تجول بنظرها في الغرفة . كانت أدوات زينتها بانتظارها ، وأحد ثياب نومها الذي أصرت مونيكا على شرائه ، ملقى على شكل مروحة فوق السرير .
نظرت فيليبا إليه بنفور . لقد كلفت ثيابها الداخلية أكثر مما اعتادت لدفع ثمن ثياب كاملة في كلية الفنون ، فكرت بتوتر . ياله من تبذير للمال على رداء لن يراه أحد غيرها !
لم تجد فيليبا السرير مريحآ . نظرت إلى غطاء السرير الحريري الأخضر و المزين بكشاكش عريضة وتساءلت إذا كانت ستتمكن يومآ من أن تنام وسط هذه الترف .
هزت رأسها بشدة وهي تعترف لنفسها بأنها ضيقة التفكير . ربما سيريحها حمام دافئ قليلآ.
دهشت فيليبا لفخامة غرفة الحمام . شعرت بتوترها يزول تدريجيآ عندما غاصت في المياه العبقة .
جففت جسمها بمنشفة الحمام الكبيرة الناعمة ، ثم عطرت نفسها بمستحضر كان موضوعآ فوق المغسلة ، قبل أن ترتدي ثوب نومها . نظرت إلى نفسها في إحدى المرايا الطويلة ثم عبست ، ثبتت رباط صدرها الصغير ، وكانت تنورتها الساتان مشقوقة من الطرفين . بدت كطفلة تلعب دور امرأة بشعرها المتدلي كمياه المطر حتى كتفيها ، فكرت باستخفاف .
أبعدت شعرها البني الناعم عن وجهها ثم مشت إلى غرفة النوم ، أطلقت صرخة عندما وجدت نفسها وجهآ لوجه أمام آلان .
بدا مصدومآ مثلها ، لاحظت ذلك ووجهها يضطرم .
كان مايزال في بذلته السوداء الرسمية التي تزوج فيها ، ولكن من دون السترة وربطة العنق الحريرية ، و الصديري غير مزرر .
" ماذا تفعل هنا ؟" بدا صوتها أجش ومحرجآ وهي تبحث عن رداء ، أو أي سترة تحجبها عن التعبير المثير الذي ظهر في عينيه الخضراوين . " ماذا تريد ؟ الوقت متأخر جدآ ."
قال ببطء :" بما أنك قلتها الأفضل أن تذهب ." كانت لهجتها مقتضبة ، وحاجباه السوداوان مرفوعين بغطرسة .
"كما أحضرت بعض الشراب لنشرب نخب مستقبلنا ."
أشار إلى دلو الثلج و الكأسين المنتظرين على طاولة ملائمة . " لا أعتقد أن هذا ضروري . ولكنه تقليدي ... بالنسبة لليلة زفاف ."
"ولكنها ليست ... ليس تمامآ ... اعني بأننا لسنا ..."
توقفت فيليبا لأنها أحست بالتهاب وجنتيها ." أنت تعرف ماذا أعني ."
صبّ آلان الشراب في الكأسين ثم ناولها واحدة ." لست متأكدآ من ذلك ."
أخذت الكأس وأمسكتها بارتباك ." قلت إنك ... ستنتظر ."
ذكرته بصوت مرتجف :" بأنك ستمنحني بعض الوقت حتى ... أعوّد نفسي ."
أخذ رشفة من كأسه وهو يراقبها بتأمل من فوق حافة كأسه و قال :" إلى متى ، ياعروستي الكسولة ؟ هذه السنة ، السنة القادمة ، يومآ ما ... أو أبدآ،ربما؟"
مررت فيليبا لسانها على شفتيها الجافتين ." سأفي بوعدي ... عندما يصبح الأمر ضروريآ . لكن ليس بعد ."
"وإذا أخبرتك بأن الأمر ضروري الآن ... الليلة ؟"
"لن أصدقك ." تراجعت خطوة إلى الوراء وهي ما تزال تحمل كأسها ." أرجوك توقف عن هذا الكلام واتركني في أمان كما وعدت ." توقفت لتستجمع شجاعتها. "إلى جانب ذلك ، هناك شخص آخر يتوقع حضورك ."
رفع حاجبيه السوداوين معآ . " ما معنى ذلك ؟"
"أكون شاكرة لك لو طلبت من عشيقتك أن لا تتصل بك إلى هنا مرة ثانية ." رفعت فيليبا ذقنها بتحدٍ ." ربما الأفضل أن تحذرها بأنك الآن رجل متزوج ، اسميآ على الأقل . بإمكانها أن تتصل بك في المكتب . أنا متأكدة من أن سكرتيرتك معتادة على هذا النوع من المكالمات ."
خيم صمت طويل منذرآ بسوء . عندما تكلم كان صوته باردآ :" كيف تجرئين على التكلم معي بهذه الطريقة ؟"
"وكيف تتوقع مني أن أتصرف مع نسائك ؟" قالت فيليبا متحدية ، ولكنها شعرت بالخوف فجأة ، وتمنت لو أنها لم تستعجل ذكر ذلك . لكنها لا تستطيع أن تتراجع عن كلامها الآن :" من الواضح أنها تنتظرك ، لذلك لن أضيع المزيد من وقتك ."
" عندما أريد أن أعرف رأيك في حياتي الخاصة سأطلب ذلك بنفسي ، يازوجتي ." قال بتوتر شديد :" على كل حال ، لا أنوي أن أمضي هذه الليلة في أي مكان آخر سوى هنا ."
خيم صمت آخر عميق . أخذت فيليبا نفسآ عميقآ ." عندما تقول هنا ، أتمنى أنك لا تعني ..."
منحها ابتسامة قاسية ومختصرة ." أعني تمامآ كما تفكرين ، يا جميلتي ."
"لا ... آه ، لا !" تراجعت خطوة ثانية بعيدآ عنه ." لقد وعدتني ..."
" اسممعيني جيدآ ، لقد أخبرت عمي هذا الصباح بزواجنا . عندما نجح في التغلب على كدره ، أصر عليّ أن نتناول العشاء معه غدآ مساء ... حتى يتعرف وعائلته إليك ، لم أستطع الرفض يا فيليبا ."
" لكنه لا يستطيع ذلك ! " رمقته بنظرة توسل ." أرجوك ... يجب أن نتنجب هذه الدعوة . لست مستعدة ، لمواجهة أحد بعد ."
"هذا ما أحاول قوله ." تشدق آلان في الكلام :" إنهم يتوقعون ، عمي وزوجته وابنة عمي سيدوني أن يتعرفوا إلى زوجتي الحبيبة ، ليس إلى عذراء مذعورة . علينا أن نقدم لهم زواجآ طبيعيآ ، هل بدأت تدركين الضرورة ؟"
"كلا ، لا أستطيع مقابلتهم بعد . عليك أن تفكر بعذر ما ."
قالت بصوت أجش .
وضع آلان كأسه على الطاولة . تفحصت عيناه الخضراوان وجهها ، وجسدها وبطريقة جعلتها تشعر كأنها عارية ."عليَّ أن أجد طريقة لإقناعك ."
"أخرج من غرفتي ." ضعف صوتها :" لا تقترب مني ... وإلا ملأت البيت صراخآ!"
"حقآ ؟" رفع حاجبيه بسخرية ." ومن سيسمعك ... أو يهتم بك ؟ لقد دُرب آل جيسكار جيدآ على عدم التدخل ."
"أيها ... الوغد !"
"لن تنفعك هذه الأسماء في شيء . لدينا صفقة ، أنت و أنا . ولقد أُنجزت بسخاء من جهتي على الأقل ، وسأستمر في ذلك ما دمت أتلقى سخاء ... مماثلآ منك ، يا عزيزتي ." أشار إليها . " تعالي إليّ."
"عندما أراك في الجحيم أولآ ! لقد وعدتني ... وكذبت عليّ ." كان الخوف يسيطر عليها ، وأحست به يطبق على حلقها ." لا تستطيع أن تفعل ذلك ! إنك حتى لا تريدني ..."
"وما أدراك بالرغبة ، يا صغيرتي البريئة ؟" قال آلان بلطف .
"أعرف أنني لا أريدك ."
تجمد كلامها في الهواء .رمقها بنظرة طويلة ، وأخذ صديري بدلته من ددون تردد ، ورماه على الأرض .
راقبته وهي تتنفس بصعوبة . لاحظ آلان الاضطراب البادي في عينيها ."هل أجعلك تتوسلين حتى تكوني ملكي ؟" قال بتهذيب ساخر .
صرخت فيليبا كحيوان مطارد ورمت الشراب على وجهه .
تجمد مكانه للحظة ، ثم أمسك بقميصه ليزيل السائل من على وجهه و صدره ، وعيناه لم تفارقا عينيها .
"عليك أن تظهري احترامآ للشراب ، واحترامآ أكبر لي يا جميلتي . مع أنني سأضطر إلى تلقينك درسآ ."
وقع الكأس من يدها المرتجفة وتدحرج على السجادة الكبيرة وهو يقترب منها .
حين عانقها سابقآ كان ناعمآ معها . لم تستعد أبدآ ... لهجوم كهذا . حاولت أن تبعد رأسها ، لتتخلص من ضغطه الخانق ، لكنه لم يسمح لها بذلك . لاجدوى من محاربته. كان خبيرآ و مصممآ على نحو خطر . أثارتها قوته البدنية ومداعباته الوقحة .
استطاعت أن تعي في خلال لحظات قليلة أنه يبرهن بالحاح مخيف وبسرعة على معنى الرغبة ، وما تتطلبه منها قبل أن تنتهي هذه الليلة .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:08
لقد كذب عليها ،وخالف وعده ، ولن تسامحه على ذلك . إذا أرادها عليه أن يمتلكها بالقوة . قالت لنفسها بشجاعة . لأنها لن تستسلم له مهما كلفها ذلك .
"يا إلهي ." قالت وهي تلهث :" اطفئ الأنوار على الأقل ."
"كلا." أدار وجهها نحوه بلطف لكن بتصميم ." أريد أن أرى ما اشتراه مالي ."
أغمضت عينيها وأسنانها تنغرز في شفتها السفلى وهو يتفحصها بدقة .
"ممَ أنت خائفة ؟" سألها أخيرآ.
"لست خائفة ... إني مشمئزة . أعتقدت بأنني أستطيع أن أثق بك،لكنك كذبت علي."
ضحك بنعومة ." والآن سأطارحك الغرام ،يا صغيرتي . لِمَ لا تتوقفي قليلآ عن محاربتي بعقلك العنيد ، وتتمالكي نفسك ؟من يدري؟ ربما ستتفاجئين ."
"بما أنني أُهنت وخُدعت بقسوة ." قالت بغضب .
"تعتبرين وجودي معك إهانة ؟" بدا صوته باردآ ." أقدم لك أسفي الشديد ، يا مدام . لكن هذا لن يغير شيئآ . بإمكانك أن تتصرفي كطفلة ،لكن الليلة سأعلمك معنى أن تكوني امرأة . ستجدين الأمر سهلآ إذا عدلت عن كرهي ." أضاف بطريقة جافة.
"لن أغفر لك أبدآ !" قالت بحدة .
تلألأت أسنانه ، وهو يتظاهر بالتبسم ." كما تريدين ." بدأ بعناقها ثانية .
لن أتحمل ذلك . فكرت فيليبا .
"افعل ما تشاء بي ، ثم اتركني بسلام ."
"في الأحلام ، يا حبيبتي . ألا يمكن أن نقوم بتسوية ؟" بدا صوته دافئآ ، وكأنه يحاول تلطيف الجو .
وجدت فيليبا نفسها ترتعد فجأة ، وترغب في التجاوب معه بالطريقة التي يريدها .
رفعت رموشها قليلآ ، ونظرت إلى وجهه لترى نشوة الإنتصار في عينيه الخضراوين ،عندما لاحظ صراعها الداخلي .
كان تعبير رجل ، معتاد على امتلاك النساء . هذا المغرور المتكبر لا يريد أن يفشل مع عروس صفقته .
استطاعت أن تحرر يدها منه ثم صفعته بقوة على وجهه .
وبدأت تحاربه بشدة ، وهي تعارك للتحرر منه ويداها تضربانه وأظافرها تشد على كتفيه وصدره .
"فيليبا ." كان صوته ينم عن الغضب ." بحق السماء ، لا ! ليس هكذا ، توقفي ، كفى ذلك ."
"أكرهك ، وسأكرهك دائمآ ." قالت بصوت خفيض .
"وسأساعدك على ذلك ."
أغمضت عينيها بشدة لتمنع سقوط دموعها .
حاولت أن تتذكر أي شيء تعلمته في المدرسة ، أو حصل معها في البيت حتى يبعدها عن التفكير بآلان وبقوته .
أخيرآ بعد أن تأكدت بأنه نائم حاولت أن تنسحب ببطء . وبسرعة أمسك آلان ذراعيها. "ماذا تفعلين ؟"
"أريد أن أذهب إلى الحمام ."
أسند آلان رأسه على مرفق واحد ثم تفحصها .بدا وجهه ساخرآ و باردآ .
"لماذا ؟ حتى تمحي أثري عليك ؟"
"نعم ." عضت فيليبا شفتها .
"اتساءل إذا كان بمقدورك ذلك . ربما لا أريدك يا عروستي الحلوة أن تتركيني بهذه السرعة . قد أريدك بعد لحظات قليلة ."
حدقت إلى وجهه الداكن ، وعيناها تتسعان من هول المفاجأة ثم ضحك بقوة .
"ربما ، لن أريدك ثانية ." قال وهو يرفع نفسه بعيدآ عنها .
انزلقت فيليبا من السرير ، شدت ثوب نومها ثم ارتدته بسرعة . كانت ترتجف بقوة ، وجسدها يؤلمها بطريقة غريبة .
أحست بنظرات آلان تلاحقها وهي تتجه إلى الحمام ، وكانت خائفة من أن يحاول ... الاقتراب منها مرة ثانية .
ولحسن حظها كان الباب يثبت بالرتاج ، أحكمت إغلاقه غير آبهة إذا كان قد سمعه أم لا .
خلعت ثوبها ، رمته على الأرض بغضب ، ثم أدارت مقبض صبورة الماء لتغسل كل شبرٍ من جسدها .
لفت نفسها بمنشفة وهي تحدق إلى المرآة .
بدت كهرة خائفة بشعرها المبلل و الملتصق برأسها ، وبعينين كبيرتين تبرزان وجهها الشاحب . رفعت طرف المنشفة لتمسح الماء من على وجهها و عنقها ، وهي تراقب نفسها بحذر ، وكأنها خائفة من أن تنهار إذا شدت بقوة . لقد سمعت ، وربما قرأت في مكان ما أن معرفة المرأة تبرز من عينيها . لكنها لم ترَ سوى الاضطراب والألم .
تنهدت وهي تلاحظ آثارآ على كتفيها قد تتحول كدمات زرقاء غداآ .
لن يحصل هذا مرة ثانية . فكرت ، وهي ترفع ذقنها متحدية . من الآن و صاعدآ ، لن تسمح لأحد بجرحها أو بإهانتها . لقد أصبحت الآن زوجة لآلان دي كورسي ، من دون إرادتها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى . عرفت الآن أسوأ ماقد يحصل لها ، والله يعلم ماذا سيفعل في المستقبل ...
لن يقول أحد بعد اليوم بأنها عذراء .
لقد مضى وقت طويل قبل أن تجبر نفسها على العودة إلى غرفة النوم ، ولكن عندما فعلت كان آلان قد خرج منها .
وقفت للحظة وهي تحملق بالسرير الفارغ الجميل ، بأغطيته و أوسدته المبعثرة . ثم دست نفسها تحت الملاءة حتى عنقها . أطفأت النور ، ثم لفت نفسها بوضع دفاعي وذراعاها تطوقان جسدها .
زاد الألم في داخلها لكن ماذا عليها أن تتوقع غير ذلك ؟
فكرت بمرارة .
لقد اعتدى عليها .
عضت شفتها السفلى حتى سال الدم منها . كل السحر ... والاعتبارات االتي أظهرها آلان لم تكن سوى مظهر كاذب .
لست وحشآ ، هذا ما قاله لها في لاودن . لكنه كذب . وهو أسوأ من ذلك . كان ...حيوانآ .
وأنت ؟ قال صوت في داخلها . ماذا عنك ؟ لقد رميت االشراب على وجهه ، ضربته ، وحاولت خدشه بأظافرك ، هل من المفروض أن تتساءلي عن تصرفه الوحشي ؟ أنت أيضآ كنت غاضبة ، ليس منه بل من نفسك ، لأنك كنت تتمتعين بما كان يفعله بك – أنت التي رغبت فيه – لكن كبرياءك منعتك من ذلك . حاربته بدل ذلك ، وخسرت .
تحركت فيليبا بتململ في السرير ورأسها يتقلب على الوسادة . حاولت أن تمنع نفسها من التفكير في آلان ... لكنها لم تقدر .
كلا ، لم يكن الوضع كذلك . كان حقيرآ ... لقد أجبرني . إني أكرهه .
بتأوه ، انقلبت على معدتها ، لتدفن وجهها في الوسادة . اللعنة عليه . صرخت بصمت. لعنة الله عليه !

مرت ساعات قبل أن تغرق في نوم عميق . عندما استيقظت كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة صباحآ .
فتح باب غرفتها ، وهي تحاول الجلوس . وكما كان مفترضآ ظهرت مدام جيسكار بصينية الفطور .
"ميرسي ." قالت فيليبا بالفرنسية ، وهي تشد الغطاء عليها لتحجب جسدها عنها : " إني آسفة إذا سببت لك أي إزعاج ."
رمقتها مدبرة المنزل بنظرة ذهول مهذبة . " أنا في خدمتك ، يا مدام ."
توجهت نحو خزانة الثياب واختارت رداء ثم أحضرته إليها بوجه خالٍ من أي تعبير.
"ترك مسيو دي كورسي البيت منذ بضع ساعات ، مدام . وقد طلب مني أن أخبرك بأنه سيتناول الغداء معك ."
شكرتها فيليبا مرة ثانية بهدوء ، والدم يتدفق إلى وجهها ، وهي تراقبها تخرج من الغرفة .
إن تصرف هذه المرأة يشير إلى أنها معتادة تقديم الفطور لفتيات آلان دي كورسي الجميلات . وحقيقة أنه متزوج شرعيآ لم يغير شيئآ.
شربت فيليبا عصير الدراقن ، ثم تذوقت شراب الشوكولا الساخن ، وفطيرة كانت مغلفة بمحرمة ، من دون أية شهية .
خلال ساعات الاستيقاظ قبل الفجر وبعد تفكير طويل ، تأكدت من أنها أوقعت نفسها في فخ ، وعليها أن تتحمل وحدها مسؤولية ذلك . مهما يكن زواجها مشؤومآ ، فهي لا تستطيع التراجع الآن مع أن كل عصب فيها يحثها على ذلك . لكن المال سيتوقف عن كيفين ، أفهمها آلان ذلك بوضوح الليلة السابقة . إذآ عليها أن تتخطى الأيام... وتتحمل الليالي بطريقة ما .
استحمت بسرعة ثم ارتدت تنورة خمرية اللون و قميصآ ملائمآ . كانت ما تزال شاحبة اللون ، وتحيط عينيها دوائر سوداء ، لكنها لم تحاول إخفاءها بأدوات الزينة . بدت كأي فتاة بعد ليلة زفافها ... ما عدا أن معظم العرائس متألقات وربما متعبات .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:10
كان صباحآ طويلآ . اكتشفت فيليبا بأن الوقت يمر بسرعة في محيطها الجديد ، ولايحتاج إلى تدخل منها . كانت متاكدة من أن مدام جيسكار سترفض أي مساعدة تقدمها لها .
تجولت في الشقة بقلق وبتوتر . على الرغم من المناظر الخلابة المطلة على باريس من خلال النوافذ والتي لم تلاحظها ليلة البارحة ، وجدتها عادية جدآ وتساءلت إذا كانت ستشعر يومآ بالراحة هنا .
لكنها لن تمضي بقية حياتها وهي تحدق إلى هذه المناظر . يجب أن تشغل نفسها بطريقة ما حتى لا تفكر بآلان .
عندما اقترب موعد الغداء ، ازداد توترها . جعلها صوت آلان في الرواق تخطو بسرعة إلى أحد مقاعد غرفة الصالون . أثنت قدميها على المقعد ، وتظاهرت بقراءة مجلة ، وهي تأمل أن تبدو هادئة ومسترخية .
سمعت خطواته تقترب منها ، وثبتت نظرها على الصورة الموضوعة في حضنها حتى شعرت بأنها تتراقص أمامها بجنون .
"بونجور ." اضطرت لأن تنظر إليه ، عندما حطم آلان الصمت . بادلته التحية ، وانزعجت عندما وجدت نفسها تتلعثم .
"كيف كان صباحك ؟" جلس بقربها على الأريكة المخملية لكن من دون أن يلمسها.
"ممتاز ... وأنت ؟" تساءلت بشكل هستيري ، هل هكذا ستكون اللعبة ، ثرثرة لا قيمة لها ؟
"مشغول ." توقف قليلآ ." هل أحضر لك شيئآ ؟"
"عصير الإجاص ... إذا أمكن ."
"ستجدين كل ما تطلبينه ." قال بتهذيب .
جلست فيليبا وهي تحكم قبضتها على الكأس الذي أحضره لها . صبّ لنفسه كأسآ من الشراب ، قبل أن يستعيد مكانه قربها و بحذر .
قال بعد صمتٍ طويل :" بالنسبة لليلة البارحة ..."
"الأفضل أن نتجنب الموضوع ."
"أعتقد هذا ضروريآ ." كان اعتراضه لطيفآ ولكنه عنيد . " تصرفي لا يغتفر أبدآ . لا أستطيع سوى أن أقدم أسفي الشديد ."
كان تعبير وجهه باردآ كصوته . لاحظت أن هناك علامة على خده نتيجة غرز أحد أظافرها ، عندما اختلست النظر إليه من تحت رموشها .
"حقآ لا يهم . أنا زوجتك ، وكان عليّ أن أتوقع ... شيئآ من هذا القبيل ." أخذت نفسآ عميقآ ." قلت إنك تريد وريثآ . حسنآ ، ربما حصل ذلك – وستتمكن عندئذٍ – من تركي وحيدة في المستقبل ."
قال آلان باقتضاب :" أشك يا زوجتي ، في أن تسير الأمور بشكل مريح . على كل حال ، لنأمل أن تكوني على حق ." ارتشف بقية مشروبه ، ثم جلس للحظة وهو يحدق إلى كأسه الفارغة .
كان وجهه خاليآ من أي تعبير ، لكن فيليبا لاحظت فجأة وبخوف غضبآ في عينيه يفوق كل ماخبرته البارحة – حنقآ يكاد يكون ملموسآ . كان يخالجها شعور غريب ، كأن قطعة الكريستال الناعمة التي في يده ستتحطم في أي لحظة على الموقد ، وتنثر شظاياها البراقة في كل أنحاء الغرفة .
أصدرت صوتآ خفيفآ ، ثم رفعت يددها عفويآ لتمسك ذراعه . فرمقها بنظرة ، وشعرت بالتوتر يُخمد بينهما تمامآ وبسرعة ، كأن سلكآ كهربائيآ قد فصل .
وضع آلان كأسه على الطاولة ، ثم وقف . ابتسم لها من دون أن ينظر إليها . " إني جائع ، هل نذهب لتناول الطعام الآن ؟"
أومأت برأسها من دون كلام . تركا الغرفة وعبرا الرواق إلى غرفة الطعام ، في الوقت الذي أحضرت فيه مدام جيسكار الحساء .
أكملت الوجبة بصمتٍ تام . راقبت آلان خفية عبر الزهور المنعكسة من خلال بريق الطاولة المصقولة . لقد اكتشفت ليلة البارحة ، كم يمكنه أن يكون قاسيآ ، وعلى حساب كرامتها . لقد عرفت الآن أن طبعه حاد أيضآ . تساءلت عما ستتكشف عنه الأسابيع و الأشهر ... أو حتى السنوات القادمة .
ثم أضاف :" لم تأكلي شيئآ ، ألم يعجبك الطعام ؟"
"آه ، كلا ، إنه رائع . إني متعبة فقط ..." توقفت فجأة ، وهي تشعر بتورد خديها، وتتوقع ردآ ساخرآ منه .
لكن كل ما قاله :" خذي قسطآ من الراحة بعد الظهر . عليك أن تبدي متألقة في السهرة ، تذكري ذلك ."
حافظت على ثبات صوتها :" من الصعب أن أنسى في هذه الظروف ."
"هذا صحيح . لسوء الحظ ليلة البارحة لم تكن رائعة ... لكلينا ." كانت ابتسامته مختصرة ومشدودة ." سأحاول التصرف بلباقة أكثر لاحقآ .لاعليك أن تخافي وجودي عندما نعود . أعدك بأن أتركك في سلام ."
"شكرآ." ردّت بشيء من التردد .
"ليس عليك انتظاري ، إذا أنهيت طعامك .لِمَ لا تأخذي قيلولة ؟"
دفعت بكرسيها إلى الوراء ، وهي تتمتم شيئآ لا علاقة له بحديثهما .
أغلقت باب غرفتها وأسندت نفسها إليه ، وهي تحملق في السرير ، مدركة لهاثها وكأنها في سباق ماراتون .
إنها في أمان الليلة ، لكن هذه ضمانة مؤقتة . عاجلآ أم آجلآ سيفتح باب الغرفة ، وسيتوقع منها استسلامآ تامآ له ... وستسمح لنفسها بأن تُتستغل ، لأنها اشتريت ودُفع ثمنها ، وهو يريدها مقابل ماله .
اغرورقت الدموع في عينيها ، وشعرت بتقلص في حلقها .
"لا أعتقد أنني أستطيع تحمل ذلك ." قالت بصوت عالٍ للفراغ الذي يسود الغرفة .
لقد عرفت قبل أن يتلاشى صوتها أن الخيار ليس في يدها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:12
~*‘‘][ الفصـل الراـبع ][‘‘*~



كانت فيليبا تلهث بتوتر ، وهي تجلس إلى جانب آلان في تلك الأمسية في سيارة الليموزين ، التي انطلقت بهما بسرعة مفرطة عبر شوارع باريس إلى ضواحي المدينة ، حيث يعيش لويس دي كورسي مع عائلته .
كان البيت متواريآ وراء جدار عالٍ . استطاعت فيليبا أن ترى بعض قمم المداخن القبيحة ، وهما ينتظران الأبواب الالكترونية حتى تمنحهما اشارة الدخول .
"لدى عمي هوس من اللصوص ." تمتم آلان في أذنها : "يشعر أنه إذا لم يكن حذرآ حتى ولو دقيقة ، سيقتحم اللصوص منزله ويسرقون مجموعة خزفه الصينية العديمة الذوق ، أو يعتدون على ابنة عمي سيدوني . اعتقد أنه يغالي في تقدير نوع كهذا من الرجال ."
لم تضحك فيليبا . مسَّدت ثنية تنورتها الخضراء المزرقّة و القصيرة بيد مرتعشة .تميز أعلى فستانها الحريري بعنق دائري وبكمين طويلين ، وتمنت أن يناسب فستانها هذه الأمسية بشكل كافٍ . كان ارتداء ملابس هذه الأمسية غير المرغوب فيها بمثابة ارتداء زي مسرحي حيث كانت هي الممثلة البديلة ، ومع ذلك متوقع منها تأدية دور الشخصية الرئيسية .
الثياب مناسبة ، فكرت فيليبا ، بينما كانت السيارة تسير على الطريق الخاصة بين مشاتل الزهور . أما الفتاة التي ترتديها فلا .
بدا البيت المربع الشكل ، جامدآ و مملآ . كان هناك عدد كبير من السيارات المصطفة إلى جانب الطريق الخاصة . أحست فيليبا بانزعاج آلان الذي كان يشتم في سره .
"يا له من عشاء عائلي هادىء !" قال بتوتر ، ثم نظر إلى فيليبا وهو يهز كتفيه : "إني آسف ، لم أنوِ أن أخضعك لمناسبة كهذه بهذه السرعة ."
رفعت فيليبا ذقنها :" لن أتكلم إلا عند الضرورة ولن استعمل إلا السكاكين المناسبة ." أكدت له بفظاظة .
"انت تعرفين جيدآ أنني لم أقصد ذلك ."
فتح الباب خادم في سترة بيضاء ، حياهما بطريقة جليلة وأخبرهما أن السيد دي كورسي وزوجته ينتظرانهما في غرفة الاستقبال .
"هل نحن آخر من وصل يا غاستون ؟" رتب آلان ربطة عنقه للمرة الأخيرة .
"على الاطلاق ، يا مسيو ." أكد له غاستون ، وهو يقودهما عبر رواق مزخرف باتقان .
شبك آلان أصابع فيليبا الباردة بأصابعه ." تشجعي ، يا جميلتي ." همس لها عندما فتح غاستون باب الصالون المزدوج وأعلن عن قدومهما .
تجمدت كل الأحاديث في الغرفة على نحو مفاجىء .
وأصبحت فيليبا قبلة أنظار الجميع . سوت كتفيها وهي تشعر بتورد وجنتيها . لاحظت بعد أن ألقت نظرة ثانية حولها ، أن الغرفة تحتوي على أكثر من عشرين شخصآ ، وأن أحدهم يتقدم نحوهما .
لويس دي كورسي رجل متين البنية متوسط الطول ، أصلع بعض الشيء وله لحية أنيقة . ابتسم لهما من بعيد . بدت عيناه الداكنتان قاسيتين .
أحنى رأسه ليطبع قبلة على يد فيليبا ."ابنة أخي الجديدة ، إني سعيد جدآ بلقائك . ما كان يجب أن يخفيك عنا كل هذه المدة ، أو على الأقل كان من المفروض أن يوجه لنا دعوة لحضور زفافكما .كنت آخر من علم به ... لن أسامحكما أبدآ ."
شعرت فيليبا بالاحراج . لكن آلان قد سبق وحذرها من هذا التعليق .
"أجبرتنا صحة والدي الضعيفة على أن نجري الإحتفال بشكل هادىء وسري ."
"هادىء فعلآ . لم يكن لأي من أصدقائي في لندن أي فكرة عن هذا الزواج." قال لويس دي كورسي وهو ما يزال يبتسم .استدار قليلآ ليشير إلى أحد الأشخاص بالقدوم :" جوزفين ،اسمحي لي أن أقدم لك عروس آلان . سيدوني ، تعالي ورحبي بابنة عمك ."
لم تبد مدام دي كورسي أي حماس بهذا اللقاء غير المتوقع . صافحت فيليبا بنفور ثم أخلت السبيل لابنتها .
فكرت فيليبا في البداية أن سيدوني دي كورسي هي تمامآ كما وصفها آلان لها بفظاظة .بدت بشرتها شاحبة ، ملطخة ببثور الشباب ،وشعرها خشنآ ومن دون لمعان. كانت بدينة أكثر مما ينبغي ، وساعدها فستانها الأصفر الشاحب المفصل على حجم صدرها ووركيها في إبراز معالم جسمها . ابتسمت لفيليبا على نحو مقتضب ، لكنها سرعان ما غيرت تعبير وجهها عندما استدارت نحو آلان .
"تبدو في حالة حسنة ، يا ابن عمي ." بدا تورد وجنتيها غير لائق ."من الواضح أن الزواج يناسبك ."
يا إلهي . فكرت فيليبا أنها واقعة في حبه وتتألم كثيرآ . لم أتوقع ذلك ...
قاطعها لويس دي كورسي بلطف :" اسمح لي أن أقدم عروسك إلى باقي الضيوف ، الذين أتوا خصيصآ للقائها . ومع ذلك هذا يوم عظيم لعائلتنا ."
وكابوس لي . فكرت فيليبا وهي تُقاد حول المجوعة . كان كل شيء رسميآ وعلى الأصل . ابتسمت للجميع بتهذيب حتى شعرت بألم في جوانب فمها .استهل لويس دي كورسي المقدمات بالإنكليزية .كانت مُدركة أنها تعامل باهتمام شديد ، ولقد كرهت مجاملاتهم . كانت فرنسيتها التي اكتسبتها من خلال رحلاتها مع كيفين أشمل من معلومات تلميذة عادية . على كل حال ، لقد استفادت كثيرآ منها لأنها استطاعت أن تترجم لنفسها الهمسات التي لاحقتها في كل مكان . فهمت أنها "- صغيرة جدآ – ". وسمعت ثرثرة أكثر ، مليئة بالحقد ." لن تتفوق على ماري لور ، يا عزيزتي ."
وثب قلبها من مكانه لكنها أبقت على ابتسامتها . ماري لور . فكرت أنها من المحتمل أن تكون المرأة المتورطة ، مع آلان . على الأقل ، لديها الآن اسم ترفقه بذلك الصوت المثير على الهاتف .
كانت قد انتهت من جولة التعارف عندما فُتح الباب ، وأعلن غاستون عن وصول آخر المدعوين . رجل أشيب طويل له شارب عريض ، وامرأة أصغر سنآ ، شقراء و جميلة جدآ . أبرز فستانها ، الأسود الحريري و الغالي الثمن ، مظهرها المثير.
"البارون رينيه سومرفيل وزوجته البارونة ماري لور سومرفيل ."
لم تكن الغرفة فقط هادئة ، لاحظت فيليبا . بل كانت مشحونة بالتوتر ، وبنوع من الترقب المثير الذي كاد أن يكون ملموسآ . كانت تشعر أن الجميع يحبسون انفاسهم. نظرت إلى آلان الذي كان يقف على مقربة منها بارتياب . فكرت للحظة أنه قد تصلب في مكانه . بدا شاحبآ ومتوردآ من شدة الغضب . بدأت تتساءل ، وقلبها يخفق بسرعة .
أسرع لويس دي كورسي نحوهما وهو يبتسم بشدة ويداه ممتدتان للترحيب بهما ."آه، عزيزي ، يا لها من متعة لأنك استطعت أنت وزوجتك الساحرة الإنضمام إلينا ! هذه مناسبة مفرحة ، أنت تفهمني . إننا نحتفل بزواج ابن أخي آلان من فتاة انكليزية صغيرة و فاتنة . اسمح لي أن أقدمها إليك ."
لاحظت فيليبا أن آلان صار إلى جانبها . أصبح وجهه جامدآ ، لكنها شعرت بغضبه الشديد عندما أمسك بيدها وقادها إلى الأمام .
هذه المرأة ... هذه البارونة هي عشيقة آلان . هذه ماري لور . فكرت باشمئزاز .
لقد خطط عم آلان جيدآ حتى يحرجهم جميعآ ... دعا البارونة وزوجها إلى العشاء الليلة ليفرض هذه المواجهة ، ولتنشط الشائعات ثانية ، وليدمر حياة آلان كليآ .
كان البارون يسحب نفسه وهو يشعر بالإهانة ، وملامح وجهه باردة كالجليد :"يا عزيزي دي كورسي ، هذه مناسبة عائلية و الأفضل ألا أتدخل أنا وزوجتي . اسمح لنا بالانسحاب كي تتفرغ كليآ ... لاحتفالك ."
هذا ما أراده دي كورسي تمامآ ، لاحظت فيليبا بسرعة . لقد هندس ببراعة حتى ينسحب البارون لشعوره بالاحراج ،ليسبب فضيحة ثانية ، تغذيها ذخيرة جديدة يستغلها في اجتماع مجلس الشركة الطارىء .
تقدمت فيليبا نحوه قليلآ ، ثم ابتسمت . قالت بفرنسية صحيحة :" أرجوك ، لا تذهب يا مسيو . إني استمتع بوقتي كثيرآ ، وسأشعر بالإنزعاج و بالذنب لو أن أحدهم ترك قبل الموعد المحدد ." جعلت صوتها يبدو مثيرآ :" إلى جانب ذلك ، هناك الشراب ! بالتأكيد ستبقى و تشرب نخب سعادتي ! "
توقف البارون قليلآ ، ونظرته المحدقة ترفرف بين فيليبا وآلان . وأخيرآ قال :" من يستطيع أن يقاوم هذه الدعوة الرائعة ، يا مدام ؟ سنبقى ونشرب نخب ... صحتك . هيا ماري لور ." أمسك ذراع زوجته ثم قادها إلى الداخل .
عندما تجاوزتهم البارونة ، أشتمت فيليبا رائحتها المسكية المثيرة ولاحظت أنها اختلست إليها نظرة سريعة شاملة تقييمية بعينيها البنفسجيتين . يبدو ان ماري لور سومر فيل تشارك الرأي الاجماعي ، وهو أن فيليبا لا يمكن أن تتفوق عليها .
أحست فيليبا بالغضب يسري في عروقها ، وبشيءٍ آخر لم تستطع تحديده . من المحتمل أن آلان قد ناقش زواجه مع عشيقته وأخبرها عن الاتفاقية . لكن هذا لا يعني أنها استحقت احتقار المرأة الأخرى . حدثت نفسها بقساوة . من هي ماري لور حتى تنتقدها ... أو تحاكمها ؟ وعلى أي أساس تزوجت هذا البارون الذي هو بعمر والدها؟
شعرت فيليبا بالارتياح عندما أعلن غاستون عن بدء العشاء . كانت وجبة مملة و طويلة . افترضت فيليبا أن الطعام شهي ، لكنها لم تتذوق سوى القليل . أرادت أن

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:15
تتحدث إلى آلان ... لتقول له إن زواجهما الزائف لم يخدع أحدآ حتى هذهه اللحظة ... لكنه كان جالسآ إلى الطرف الآخر من الطاولة .
"أخبرينا ، يا عزيزتي ." قالت جوزفين دي كورسي وهي تميل رأسها نحو فيليبا بعيني جامدتين كعدستين مصنوعتين من البلور الحجري :" أنت وآلان ... قصتكما رومانسية جدآ ... وسريعة أيضآ ! ومذهلة فعلآ . والسؤال الذي نود جميعآ طرحه ... كيف التقيت بآلان ؟"
أدركت فيليبا بحزن أنها كانت محط اهتمامهم مرة ثانية ، فأجبرت نفسها على الابتسام :" هل هي فعلآ سريعة ؟ أشعر وكأنني عرفت آلان دائمآ . التقينا بواسطة والدي ، كيفين روسكو ، رسام تميز بلوحاته الطبيعية . اشترى آلان إحدى لوحاته... جسر مونتاسكو ."
خيم صمت عميق . اختلست فيليبا النظر إلى آلان الذي بدا منهمكآ بتقشير تفاحة .
"إذآ أنت ابنة فنان ." قال لويس دي كورسي أخيرآ بمرح :" ربما ستزوديننا ببعض من الثقافة الفنية المفقودة في عالمنا التجاري الجاف ." ضحك بحماس ، وبتشجيع من بعض المدعوين :" هل تشاركينه اهتمامه في الرسم ، يا عزيزتي ؟"
"اهتمامه ، ربما ، لكن القليل من موهبته مع أنني كنت تلميذة معهد فنون عندما قررنا أنا وآلان أن نتزوج ." أجابت فيليبا بهدوء :" في الواقع ، إني أفكر بمتابعة دراستي في باريس مع ... زاك غوردانو ."
"هذا رائع ." قال لويس دي كورسي ببطء :" لدى السيد غوردانو سمعة طيبة كمعلم."
هزت فيليبا كتفيها بلا مبالاة :" أتمنى لو أستطيع إقناعه بقبولي كتلميذة عنده ."
"لا داعي للقلق بعد اليوم ." قالت سيودني بفظاظة :" بصفتك مدام دي كورسي ، ستنفتح كل الأبواب لك ."
"ليس مع زاك ." قالت فيليبا ببرود :" كل مايهمه هو الرسم وليس المكانة الاجتماعية. ربما يساعدني كونه صديقآ لوالدي ." أضافت بصوت خافت وهي ترجع رأسها إلى الوراء .
"من الواضح ، يا ابن أخي أن زوجتك صاحبة موهبة مهمة ." علّق لويس .
"كل يوم أمضيه معها يخبأ لي مفاجأة جديدة و مبهجة ." قال آلان بلطف .
رمقته فيليبا بنظرة مبهمة من تحت رموشها . لم يكن وجهه معبرآ كثيرآ ، لكنها أحست بإعجابه بكلامها المندفع .
بعد انتهاء العشاء ، تحولت الحفلة إلى الصالون . كانت الأحاديث متقطعة و مملة . بدا كل واحد منهم مقتنعآ بعدم حصول أي مفاجآت بخلاف ما توقعوا ووُعدوا . كان البارون وزوجته أول من غادرا ، ولم يمض وقت طويل حتى أعلن آلان عن رغبته في الانسحاب .
"بهذه السرعة ؟ هل مللتنا ؟" سأل عمه .
"مازلنا ، أنا وزوجتي في شهر العسل ، أنا متأكد من أن الجميع سيتفهم وضعنا ."
بدأت فيليبا تشعر بالارتياح عندما وجدت نفسها في سيارة الليموزين وهي تنطلق بهما إلى الشقة .
"كانت أمسية مروعة ." قالت بانفعال .
"والتي عالجتها برباطة جأش . أرجوك تقبلي شكري ."
توقف آلان قليلآ :" بالطبع فَهمتِ في الحال لماذا دعانا عمي الليلة ؟"
"كان الأمر واضحآ ." أخذت فيليبا نفسآ عميقآ آلم صدرها :" إنها جميلة جدآ ... مدام سومرفيل ."
"نعم ." لم تفهم فيليبا حقيقة شعوره ولم تستطع قراءة تعبير وجهه بدقة بسبب الظلمة. لم يضف شيئآ ، وبعد دقيقة أو دقيقتين تنهدت فيليبا بصمت وأرخت نفسها كليآ على المقعد مستسلمة لرحلة صامتة .
عنددما وصلا إلى الشقة استأذن آلان منها بتهذيب ليتحدث إلى آل جيسكار . توجهت فيليبا مباشرة إلى غرفتها لأنها أحست بصداع خلال الأمسية ، لم تخفف رحلة العودة من حدته .
من الواضح أنه يفكر في تلك المرأة ، اعترفت فيليبا لنفسها وهي تنزع الثياب عنها وتنظف وجهها من مستحضرات التجميل . لا بدّ أنه أحس بالاهانة عندما واجه عشيقته وزوجها ، ولا بدّ أن رؤيته لها أنعشت ذكرياته ، وزادت من مرارة انفصالهما القسري .
على حد علمها ، لم يتبادلا أي نظرات ، أو حتى كلمة واحدة ، إلا إذا كانت لديهما طرقهما السرية و الخاصة بالعشاق . ممن المحتمل أنهما ينويان المضي في علاقتهما في وقت ما في المستقبل .
لكن على آلان أن يكون حذرآ ، فكرت . البارون رجل غيور مرتاب ولن يتردد ، إذا حُرض ، في الانتقام لنفسه علانية . وربما يكون انتقامه هذه المرة نهائيآ .
من الآن و صاعدآ على آلان أن يعالج أموره بنفسه . كل ما تريده الآن هو أن تتمدد على السرير و تغرق في نوم عميق .
لم تكن قيلولتها ذلك النهار أكثر من نوم خفيف مقلق ، قطعته بعض الأحلام المزعجة. لم تستطع أن تمنع ذكريات ... وصور تلك الأمسية السابقة من تملك تفكيرها . أو ربما لم ترد فعلآ أن تنسى ...
توردت وجنتاها وشعرت بقلبها يخفق بصوتٍ عالٍ . لا يمكن أن يكون الأمر كذلك ، وبخت نفسها وهي تحل رباط جوربها . كل مافي الأمر أنها كانت تعبة ولا تقوى على أي تفكير منطقي .
كانت تقف في ثيابها الداخلية الحريرية ، وبقدم واحدة على المِزْيَنة تحاول أن تنزع عنها جوربها الرقيق عندما سمعت طرقآ خفيفآ على الباب ، ودخل آلان .
توقف في الحال ، رفع حاجبيه بإعجاب تام عندما لاحظ طريقتها في خلع الثياب .
"إني آسف ." تمتم وهو مدرك تمامآ تطفله .
استعادت فيليبا توازنها بسرعة بعد أن أحست بلهيب يسري في عروقها . أخذت رداءً قطنيآ شاحب اللون وثبتته حولها .
"هل كان من الضروري أن تقتحم غرفتي بهذا الشكل ؟" سألت بامتعاض .
هز كتفيه بلا مبالاة :" لم أظن أنك ستبدأين بنزع ثيابك بهذه السرعة . وأريد أن أتحدث إليك . هل تنكرين عليّ حقي في ذلك ؟"
"كلا ." قالت بصوت خفيض :" ألا يمكنك الانتظار حتى الصباح ؟ إني متعبة ومتوترة بعد هذه الأمسية ..."
"إني أعتذر بالنيابة عن عمي ." كان صوته كئيبآ :" سيذهب إلى أبعد الحدود ، على مايبدو حتى يحرجني ويشوه سمعتي . هذه المرة فقط وبفضلك أنت ، لم تنجح خطته."
"ربما ستنجح في المرة القادمة ." أخذت فيليبا الفرشاة وبدأت تسرح شعرها . لم تنظر إلى آلان ." لم نخدع أحدآ بقصة زواجنا . الجميع يعرف أن علاقتك بالبارونة مستمرة ."
"يالهم من أذكياء ." قال آلان بسخرية :" إذآ علينا أن نجد طريقة لاقناعهم بأنهم على خطأ ." علقت هذه الكلمات في الصمت الثقيل . ثم قال فجأة :" ماذا عنيت بمتابعة دراستك الفنية ؟"
"تمامآ كما قلت ." قررت ألا تخبره أنها فكرت بها عفو اللحظة . ليعتقد أنه قرار مدروس :" كان أبي دائمآ يرغب في أن أدرس الرسم مع زاك غوردانو ."
"وماذا عن رغبتي أنا ؟ ألم تأخذيها بعين الاعتبار أبدآ ؟"
"وما الذي سيزعجك لو أنني بدأت بالرسم ثانية ؟" حدقت فيليبا إليه بعينين هادئتين .
"الأفضل أن ... تؤجلي مشاريعك لفترة . حتى تتفرغي لدورك كزوجة لآلان دي كورسي ، ربما ؟"
توهج وجهها فجأة وسارعت تقول :" لا تكاد دراستي تملأ فراغي . وهناك من يدير الشقة ، ولا أعتقد أن آل جيسكار سيرحبون بتدخلي ."
"لم أعن ذلك أبدآ . هناك جوانب أخرى من علاقتنا بالاضافة إلى إدارة الشقة ."
كانت فيليبا صامتة لعدة دقائق ثم قالت بهدوء :" اعتقدت أنني تعلمت كل ما أحتاجه بالنسبة ... لذلك أيضآ ."
"كلا ، يا حبيبتي ." كان صوته ناعمآ :" لا أعتقد أنك بهذه السذاجة ." تقدم نحوها ثم أخذ الفرشاة من يدها المرتعشة ووضعها على المنضدة . أطبق يديه على يديها وإبهامه يداعب معصمها على نحو عبثي :" المعاشرة فن أيضآ ، يا زوجتي ، ودروسك في الأمس لم تكن سوى البداية ."
كادت نبضاتها تصاب بالجنون فجأة فأخذت تتسارع بقوة ، وكانت فيليبا تدرك كل نبضة منها .
أبعدت يدها عنه ." أعتقد أنك تمزج الحب بالمعاشرة ، يا مسيو ." قالت بصوت أجش: " هل لي أن أذكرك بأنك وعدتني أن تتركني في سلام الليلة ؟"
ابتسم لها ." لقد أسديت لي خدمة عظيمة اليوم ، يا فيليبا ، عندما أقنعت هنري بالبقاء.
ألا تسمحين لي حتى أن أشكرك بعناق ؟"
هزت رأسها ." لقد عقدنا صفقة ." قالت بجدية :" ولقد التزمت بها ... على الأقل من ناحيتي أنا ."
قال بعد لحظة صمت :" كما تريدين . على كل حال ، أتمنى عليك أن تعيدي النظر في مشاريعك الفنية ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:20
"كلا ." رفعت ذقنها تحديآ :" لقد قررت . إني بحاجة إلى أن تكون لي حياتي الخاصة . أنا لست سجينتك ."
" لا أظن أن هناك قفصآ يسعك ..."تريدين أن تتحدي رغباتي ؟" قال باقتضاب .
"إذا كانت غير منطقية كهذه ... حتمآ ." توقفت برهة :" إني لا أتدخل ... بهواياتك . أعتقد أن عليك منحي هذا الحق ."
خيم صمت آخر .
قال آلان ببطء :" أعتقد ، أنه كان عليّ أن آخذ منك عهدآ بالاطاعة ."
"كنت سأرفضه ." قالت على نحو حاسم .
"حسنآ ، إني موافق ، يا زوجتي ، بشرط ألا تسمحي لفنك أن يؤثر على واجباتك الاجتماعية ، سأقيم بعض الحفلات في الأسبوع القادم على شرف أعضاء مجلس شركة دي كورسي ، وأتوقع منك مساندتي ، يا زوجتي المخلصة و المجتهدة ." أضاف بسخرية :" هل أوضحت ذلك بشكل كافٍ ؟"
"تمامآ ، لن أخذلك ." قالت وهي تومىء برأسها .
"أعرف ذلك ، يجب أن نقنع الجميع بزواجنا ." بدا صوته عميقآ ، وعيناه الخضراوان تتفحصانها من رأسها حتى أخمص قدميها بتقييم حسي . رفع يده وداعب ذقنها ، ثم أبعد شعرها عن وجهها ، وقال بهدوء :" هل أنت متأكدة ، يا حبيبتي ، من أنك تريدين أن تمضي الليلة بمفردك ؟"
حاولت أن تتتكلم ، لكن بدا عقلها وكأنه توقف عن العمل . كان قريبآ جدآ منها، فكرت وهي شبه مخدّرة . كان في صوته رنة تختلف عن الطريقة التي كان ينظر بها إليها ، الابتسامة في عينيه ....
شعرت بإثارة غير مألوف ، جمّدت شفتيها وهزت كيانها . وجدت نفسها تتساءل بجنون ، كيف سيكون الأمر لو أنها استسلمت له بملء إرادتها ... ومنحته من دون قيود كل ما يطلبه منها . وفي المقابل ستعرف كل شيء ... كما عرفت ماري لور ...
اجتاحتها هذه الفكرة كمطر غامر بارد نقلها من عالم الخيال إلى عالم الواقع ، وهي تتذكر ما مر بها من أحداث اليوم .
إنه يريد ماري لور لا هي . لا بدّ أنه تألم كثيرآ عندما رأى عشيقته ، وها هو الآن يصب غضبه على الفتاة ، التي جعلها شريكته في أسخف صفقة زواج . لأنها امرأته، ومتاحة له ، وبإمكانه أن يستغلها لساعة أو لساعتين حتى يجد متعة حسية مؤقتة . هذا آخر ما تستطيع تحمله ، وهي بحاجة لأن تتذكر ذلك .
أنا ، فكرت فيليبا وهي ترتجف ، ربما قد سمحت بذلك . ربما سمحت لفضولي أن يقودني إلى خيانة نفسي ومبادئي . لأنه بالنسبة لي قد لا ينتهي الأمر عند ذلك الحد . بدلآ من ذلك قد تكون بداية .
لم تستطع التفكير من شدة الخوف و الرفض .
سمعت نفسها تقول بلطف و حزم :" أتمنى أن تتركني في سلام كما وعدت . لست بديلة لعشيقتك ، يا آلان ."
تجمد في مكانه ، وهو ينظر إليها . بدا وجهه خاليآ من أي تعبير .
"لست بحاجة إلى من يذكرني ." قال بقسوة :" كما أنك لا تشبهينها على الإطلاق ."
افترضت أنها استحقت تعبيره ، لكن الألم سرى في جسدها على الرغم من ذلك . وجدها جذابة ليلة البارحة ، ولكن بمقارنتها مع جمال ماري لور المدمر ، ليس لديها الكثير لتقددمه له ، ماعدا ربما بعض القيم الشخصية .
"قبل أن اتركك لعزلتك ، يا زوجتي العزيزة ، يجب أن أخبرك عن السبب الذي دعاني إلى المجيء إلى هنا . لقد اتصلت بالعيادة لأطمئن على صحة والدك . لا يستطيع الأطباء أن يؤكدوا فعالية العلاج في الوقت الحاضر ، ولكنهم يودون أن تعرفي أنهم متفائلون ."
حدقت فيليبا إلى السجادة ، وعيناها تترقرقان بالدموع . "شكرآ ." كان صوتها لطيفآ .
"لا شكر على االواجب ." قال آلان بتهذيب :" من المفيد أن نتذكر تمامآ لماذا نحن هنا في هذه اللحظة . وسيكون الأمر سخيفآ إذا توقعنا من بعضنا البعض أكثر مما يمليه اتفاقنا علينا ."
"سخيف جدآ ." حاولت أن تبقي صوتها جامدآ .
"إذآ كل واحد منا يعرف حدوده ." شعرت بالخوف يسري في عروقها ."لكن افهمي هذا ، صفقتنا ستستمر . عليك أن تحذري من مخالفة أوامري في المستقبل، لست بحاجة إلى أي تعهد شفهي حتى أجبرك على إطاعتي ولن أتردد في فرض ذلك في هذه الغرفة أو حتى أمام الناس إذا أعتقدت أن الأمر ضروري ."
أسندت فيليبا نفسها على المزينة وأصابعها تمسك بحافتها المنحوتة بإحكام وقلبها يخفق بسرعة ." لن أنسى ." قالت على نحو فظ .
ابتسم لها آلان ."حسنآ ، إذآ أتمنى لك ليلة سعيدة ."
راقبته وهو يخرج من غرفتها ويغلق الباب وراءه .
لا ، لن تنسى أبدآ ، فكرت . لقد مُنحت وقتآ إضافيآ ، هذا كل ما في الأمر . لا يمكنها أن تهرب من العقد الذي وقعته مع آلان دي كورسي . يجب أن تتحمل نتائجه أيضآ .
حدقت إلى السرير بجسد مرتعش .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:29
الفصلين الخامس والسادس كتبتهم لحن الوفاء



الفصل الخامس



رجع زاك غوردانو الى الوراء واضعا يديه على وركيه .
لم يقل شيئا في البدايه , حسبت فيليبا انفاسها عندما اوما براسه .
" لاباس بها . انها افضل ما انتجت حتى الان " ابتسمت فيليبا بفرح .
اشرقت ابتسامة فيليبا :" هذا الطف كلام سمعته في حياتي "
رفع زاك حاجبيه الكثيفين :"ولقد تزوجت فقط .. من شهر ؟"
" سته اسابيع "صححت فيليبا ,وبدا تعبيرها فجاة جافا .
"فترة طويلة؟" قال زاك بسخريه :" يالهي , لاعجب ان شهر العسل والكلام الجميل قد انتهيا !"
اضطرت ان تبتسم رغما عنها ! "نعم ... حسنا ,هل حقا تعتقد ان عملي يتحسن؟"
"ربما " توقف زاك وهو يفرك لحيته؛ تفحصت عيناه الدكنتان وجهها بدقه."اني اسال نفسي باستمرار... لماذا تريدين القيام بذلك؟ لا اعتقد انك بحاجه الى الرسم . انت متزوجه من مليونير .وليس عندك اي مسؤوليات"
نظرت فيليبا الى اللوحه التي على المسند :"هل هذه مشكله؟"
"لابد ان هناك سرا ... ماذا عساي ان اقول ؟انت كتومه جدا .... وهذا سيمنعك من الرسم بحريه .مازلت في بدايه الطريق .والافضل لك ان تتراجعي قبل فوات الاوان .اذا ساسالك ثانية ...لماذا تهتمين؟"
بدت فيليبا منزعجة؛"هل انا اضيع وقتي .... ام وقتك ؟هل هذا ماتحاول قوله؟"
"كلا,لو فكرت في ذلك ،لكنت صارحتك من اول يوم بالحقيقه "
بقيت فيليبا صامته للحظة ثم قالت ببطء:"اعتقد ان هناك اسبابا عديدة .اريد ان احقق ذاتي ،وان اثبت لآلان ان لي حياتي الخاصه .وهذا ليس بالامر السهل ."
توقفت قليلا ثم استطردت :" هناك والدي بالطبع.كان دائما يشجعني على الرسم .عندما اكافح لمتابعة دراستي في الرسم هنا ، اشعر وكانني اساعده على محاربة مرضه في نيويورك .الايبدو هذا سخيفا؟"
" ابدا،على الاطلاق" قال لها بتهذيب :"ماهي آخر اخبار كيفين؟"
عبست فيليبا ."يتحسن ببطء,انني اتصل بالعيادة يوما بعد يوم .لا يمكنهم التكهن في الوقت الحاضر بالاتجاه المحتمل الذي سيتخذه هذا المرض ، لكن كل شيء يسير على مايرام من دون اي مضاعفات . مازلت اعيش في الامل "
" اتمنى له الشفاء العاجل" ربت زاك على كتفها: " اخبريني ,مدام دي كورسي , ماراي كيفين بزوج ابنته ؟"
بلعت فيليبا ريقها بصعوبه:" في الحقيقة ،هما لا يعرفان بعضهما البعض جيدا " راوغت فيليبا في اجابتها .
هز زاك راسه :" ارغب يوما ما ان اسمع قصة زواجك ، وكذلك سيلفيا .تقول ان في عينيك حزنا عميقا بالنسبه لعروس ، مع ان زوجك رجل جذاب جدا ،وترغبه النساء كثيرا . هذا ما تقوله سيلفيا"
هزت فيليبا كتفيها من دون مبالاة "اعتقد انه يجب على معظم الزيجات ان تمر في فترة تعديل "
"فهل هذا ينطبق عليك ؟"
" اعتقد ذلك . اخبر سيلفيا بالاتقلق علي "
"سافعل ، وفي الوقت نفسه ،ساقول للشمس بالاتشرق غذا " توقف زاك ثانيه ثم استطرد :" بما اننا نتحدث عن زوجتي ، لقد وعدتني ان تحضر لي الليلة حساء السمك وتقول انه سيكفينا نحن الثلاثه"
" آه ، لااستطيع " هزت فيليبا راسها باسف :" على ان اذهب الى حفله عشاء اخرى مع انني افضل ان ابقى معكما "
" ربما في وقت اخر " قال زاك :" ساراك غذا،يا عزيزيتي"
كانت فيليبا مستغرقه في تفكير عميق وهي تنزل الدرج الذي يفصل المحترف عن الشارع ببطء . كانت ترى ان عملها مازال في طور التجربه .تسءلت عما اذا كان موقف آلان قد اثر عليها . فعدم موافقته على قرارها بدا واضحا وحازما .
مع ذلك ليس بمقدورة ان يتذمر . وخاصة انها تلتزم بالاتفاقيه دائما وهي حاضرة عندما يحتاج اليها .لقد بدات تتغلب على خجلها وتأخذ كامل حريتها في الكلام . لقد لعب آلان دوره أيضاً ببراعة ... لاتستطيع أن تنكر ذلك . كان متنبهاً ومحباً, كل كلمه وكل حركة عبرتا عن افتخاره بها كزوجة .
اعتادت ان تسمعهم يقولون :" فاتنه" فلا أحد , على حد علمها , حاول ان يقارنها بامرأة أخرى . وبهذه الطريقة , كان لديه على الاقل سبب حتى يرضى عنها .
عضت شفتها .لكن هذا لم يكن بالطبع أساس المشكلة. لكان اعتُبر زواجهما ناجحاً,لو انه يستمر فقط امام الناس . ولكن الوضع يسوء عندما يصبحان بمفردهما. لم يتشاجرا أو يقوما بأي شيء من ذلك , اعترفت بحزن .تمنت لو انه حصل بينهما بعض الخلافات . كانت في الواقع تجد نفسها أحيانا تُحرض آلان عمداً, حتى تحصل منه على ردة فعل . لكن من دون فائدة.
كان دائما لطيفاً معها , وحتى ساحرا بطريقة متحفظة. لم يغير تصرفه النهذب إلا في المناسبات النادرة عندما كان يزورها في الغرفة النوم .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:33
شعرت بتوهج وجهها . لم ترغب فعلا في ان تفكر في هذه اللقاءات المحرجة والمختصرة في الضلمة والتي اضطرت الى ان تتحملها رغما عنها .
فكرت ان عليها ان تكون شاكرة للتقدير الذي اظهره لها . على الاقل لم تكن هناك محاولات مزعجة لمراودتها ! لكن الامتنان لم يكن الاحساس الوحيد الذي شعرت به وهي متشنجة ترتعش , كانت تشعر بحزن وبفراغ عميقين في كل مرة يتركها .
ربما لديه حق شرعي بما يفعل , لكن هذا لايعني انها مجبرة على ان تحب ذلك . استطاعت ان تقيم لنفسها حاجزا ساعدها .... على مقاومة جاذبيته المدمرة والذي مايزال يعذبها . لن تتحمل استسلامها له ولو للحظة. عرفت ذلك لإحساسها الدائم بتوق غريب اليه , ولقد كرهت ضعفها تجاهه.
وماهو دور ماري لور سومرفيل في حياته ؟ لاتستطيع سوى التكهن . بالتأكيد كانت هناك ليال لم يعد فيها الى الشقة. لم يقدم لها اي اعذار , وهي لم تسأله . كان يعلم بالمخاطر الكامنه في علاقة كهذه.
أُجل اجتماع المجلس الطارىء, والذي كان سيقد للنظر في شأن آلان. واجبر لويس دي كورسي على الاعتراف بفشل حملته الهادفه الى إزاحة آلان من منصبه كرئيس إدارة مجلس الشركة بعد ان اصبح رجلا متزوجا محترم. لكن هذا لايعني انه توقف عن مراقبته والانتظار حتى يرتكب غلطة او هفوة صغيرة . سيكون استئناف علاقته , مهما كانت سريه , بالبارونه الجميلة العذر الملائم الذي يبحث عنه عمه . فكرت فيليبا وهي تعض شفتها . اما بالنسبه لها , رايها الخاص في هذا الموضوع ... حسنا , هذا الجانب من الحياة آلان لادخل لها فيه , أليس كذلك ؟
السخريه في ذلك الامر ,هو الحسد العلني , الذي لمسته من معظم النساء . لقد تصورن انها تعيش حياة مترفة سعيدة . لو انهن عرفن الحقيقة !فكرت,وهي تتنهد بضعف.
بدا الشارع مكتظا بالناس على غير عادته . نظرت حولها ولفت نظرها شابان نحيلان شعرهما مزيت ويرتديان ثيابا من الدنيم الازرق. رفعها واحد منهما الى الرصيف ,بينما حاول الثاني خطف حقيبتها.
صرخت فيليبا ,وهي تتشبث بالرباط ,وتسمع في مكان ما قربها صوت رجل آخر.
أرخت فجأة قبضتها ورات اللصين يختفيان كليا في الشارع الثاني .
"هل انت بخير,هيا آنسة؟" ساعدها الرجل بلطف على الوقوف ,وجمع أغراضها المبعثرة على الرصيف.
"نعم ,شكرا" كانت ركبتا بنطالها الجينز ممزقتين, والدم يتدفق منهما. ستصبحان كدمتين غذا , فكرت وهي تسند نفسها إزاء الحائط وتحاول ان تستعد انفاسها وتلقي نظرة أولى على منقدها.
شاب جذاب شعره أسود.بدا قلقا,على الرغم من ابتسامته وهو يناولها الحقيبه.
"لكنها كانت صدمة لك . هناك مقهى في آخر الشارع . ما رأيك في تناول فنجان قهوة أو ... شراب . إني أصر"
ارتاحت فيليبا عندما قدم لها ذراعه . لأنها كانت تشعر بألم في قدمها كلما تحركت . كان المقهى على بعد مئة متر . أجلسها الى اول طاوله ثم استدعى الخادم بنقرة من اصبعه. أحضرت القهوة والشراب بسرعة فائقة.
" هذا أفضل؟" سألها وهي ترتشف القهوة.
"بكثير.اني ممتنة لك ,ياسيد..؟"ترددت فيليبا.
"فابريس دي ثييري،في خدمتك، يا آنسة" كانت عيناه دافئتين,وتتغزلان بها بشكل مثير.
توردت وجنتاها :"في الواقع ,مدام دي كورسي.فيليبا دي كورسي"
بدا مندهشا ,ثم تحول تعبيره الى أسف :" تبدين صغيرة جدا لتكوني امرأة متزوجة"نظر الى ثيابها.
"إني أدرس الرسم مع زاك غوردانو.كان الشارع دائما هادئا,لم أتصور أبدا.."
"بالطبع .ربما كانا يراقبانك... آملين مباغتتك"
"إني أتساءل عن السبب"قالت بصرامة:"ليس معي اي شيء له قيمة "
"عندما يكون الانسان مفلسا يجد بضعة فرنكات مبلغا كبيرا"ابتسم لها " اخبريني عن رسمك"
ازداد تورد وجنتيها ." انه عمل مؤقت .فهل انت تهتم بالرسم ؟"
" إني أهتم بعدة أمور" قال :" لكنني أعمل الان في مجال المحاسبة"أحنى راسه الى الامام "تبدين حزينه .هل تاذيت ,ربما ,اكثر مما قلتِ؟"
هزت فيليبا رأسها:" كلا ... حسنا ,لكن ... زوجي لم يوافق على فكرة الرسم.والآن بعد هذا الحادث سيصر عليّ ان استعمل السيارة مع السائق الخاص ,وهذا سيحد من حريتي "
"وهل يهمك ذلك ؟"
"كثيرا "واجبرت نفسها على ابتسامة ندم ."لقد سرق اللصان أكثر مما لاحظا"وضعت فنجان القهوة على الطاوله ثم نظرت الى ساعتها ." ياإلهي لقد تأخرت في الذهاب الى البيت . يجب ان أجد سيارة أجرة.."
"لدي سيارة ,هل لي ان اوصلك الى مكان ما ؟"
ترددت فيليبا :" لا أحب ان أفرض نفسي ... لقد كنت لطيفا معي .."
" أي شخص كان فعل ذلك " قال وهو يشير الى الخادم ليحضر الفاتورة:"ماهو عنوانك "

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:35
رفع حاجبيه بسخريه بعد ان اخبرته :"إذا انت زوجة ذلك الرجل دي كورسي؟"
أومأت برأسها :"هل هذا يعني انك غيرت رأيك ؟"
"بالطبع لا,لكن زوجك على حق"كان يعبس ."من الخطر ان تسيري في شوارع باريس من دون حمايه .لكنني سآخدك الى البيت مباشرة .ربما لن يغضب كثيرا"
"علي ان اشكرك ثانيه لانقاذي"قالت فيليبا عندما اقتربت سيارته من مبنى الشقة .
"هذا من دواعي سروري "وتناول يدها ,وطبع عليها قبلة.ابتسمت عيناه لها ."مازلت اعتقد انك صغيرة على الزواج " تمتم :" الى اللقاء ,مدام دي كورسي"
"الى اللقاء ,مسيو دي ثييري"شعرت فيليبا بلهاثها,وهي تترجل من السيارة . من الممتع ان يعامل المرء كشخص جذاب وليس كشخص مفيد فقط ,فكرت وهي في المصعد .عندما وصلت الى الباب ,لاحظت بخوف ان المفاتيح ليست معها .
لابد انها وقعت ,ولقد افتقدتها عندما كنت اجمع الاغراض.فكرت ,وهي تضغط على الجرس الكهربائي .
فتحت مدام جيسكار لها الباب بتكشيرتها المعتاده ."لقد سأل عنك السيد" اتسعت عيناها ."ماذا حصل؟ثيابك ممزقه وهناك دم!"
"حاول أحدهم خطف حقيبتي لكن لحسن حظي أوقف عند حده في الوقت المناسب "حاولت فيليبا تغيير الموضوع :"أنا آسفه ,إذا كان السيد ينتظر .سارتب نفسي حالا"
دخلت الى غرفتها .أخذت تنورتها المطرزة وسترتها البيضاء من خزانة الثياب وبعضا من ثيابها الداخلية وتوجهت الى الحمام لتاخذ دشا.
كانت قد عادت الى غرفة النوم في ثيابها الداخلية الحريريه تضع بعض المساحيق على وجهها عندما فتح الباب من دون اي انذار .
"لم استوعب كلام هنرييت .هل تعرضت للسرقة فعلا؟"
كان صوته قاسيا :"كيف حدث ذلك "
تنهدت فيليبا .الان ستبدا الاتهامات ,فكرت.
" كنت خارجه من محترف زاك عندما حاول رجلان سرقة حقيبتي ,ثم ظهر رجل آخر ساعدني على التخلص منهما. لم يأخذا شيئا" أضافت بهدوء.
رفع آلان حاجبيه :"لايمكن ان تكون فعلتهما مقصودة,إذا كان حضورشخص واحد أرعبهما .من حسن حظك انه كان هناك "
" نعم ,بالتاكيد " وافقت فيليبا بحماس :"كان رائعا حتى ... انه دعاني الى مشاركته القهوة ,ثم أوصلني الى البيت "
وقف آلان قرب النافذه ثم نظر الى الشارع "هل تعرفين اسم المنقذ الشجاع ؟"
"بالطبع .فابريس دي ثييري"
"يجب ان أجده ...أقدم له مكافأة"
"كما تريد ...لكن لا أظن انه يتوقع اي شيء كان .... لطيفا جدا "
ارتعشت فيليبا وهي تمسك بدلتها المطرزة. لقد نظفت جروحها في الحمام ,ولكنها مازالت تؤلمها.
"هل جرحت؟"اقترب منها عابسا.
"لقد وقعت .الأمر ليس خطيرا"
"لا اظن ذلك " واجلسها على حافة السرير ثم جثا امامها ليفحص العلامات التي على ركبتيها.
"صدقني ,انها ليست خطيرة"شعرت بالاحراج...ويده تداعب ركبتها.
"هل استعملت المطهر؟أليس من الافضل ان تضعي بعض الضمادات؟"
"انها خدوش بسيطة,ولم تعد تنزف"ابتعدعنه قليلا.
"آلان ... ارجوك ,اريد ان استعد للسهرة .سنتأخر"
"لا داعي للعجله"كان صوته أجش:"ماكان يجب ان يحدث ذلك "واحنى رأسه ,ولثم الجرح الذي على ركبتها بسرعة.
جعلتها لثمة شفتيه تتوق الى مداعباته الجريئه.كادت تصدر عنها تنهيدة,لكنها اخمدتها.تحركت بقلق,ولكن يديه اوقفتها.
"لاتهربي"اصبح صوته غاضبا:"هل تجدين لمستي بغيضة فقط,ام انك جفلت ايضا من ذلك الغريب؟"
"الامر ...مختلف .كان ... لطيفاً"
"هل هذا ماكنت تريدينه من الرجل , يازوجتي البريئة...فقط ..اللطف؟" انتقلت اصابعه فوق بشرتها ,فجعلتها تحترق وتتلون.
وضعت فيليبا يديها حول عنقه بملء إرادتها حتى تشعر بقوته تحميها .طوقهما صمت عميق ,لم يقطعه الاصوت تنفسها.
برغم ان طرق الباب كان سريعا ورسميا ,الا انه ,بدا كضربة مطرقة مزقت رقة عالمهما المبهج في لحظة.
"سيد آلان .... مدام !" كان صوت مدام جيسكار ."يقول مارسيل ام السيارة اصبحت جاهزة"

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:38
"يا إلهي!" تراجعت فيليبا الى الوراء لتحرر نفسها من ذراعي آلان .عكست مرآة مزينتها وجهها المتوهج بالمتعه والاستسلام من دون رحمة."دعني أذهب ... يجب أن.."
"ماذا ؟"حدقت عيناه الخضراوان بها "مارأيك لو اخبر مارسيل بان يذهب هو والسيارة الى الجحيم ,ونمضي الليلة هنا ؟"
" الجميع يتوقع حضورنا الحفلة "بدا صوتها مرتعشا"لايمكن إهانة الناس"قالت بسرعه,وهي تغطي نفسها:"مايزال عمك يبحث عن عذر .."
"أعتقد ذلك " تجاوزها آلان بوجه جامد ساخر "ليس هو فقط من يبحث عن عذر" وقف أمام المزينه ليمسد شعره المبعثر وليرتب ربطة عنقة."سأنتظرك في غرفة الصالون"
أخذت فيليبا ثيابها .تتلمس مكان الازرار والزمام باصابع مرتعشة.
وضمت احمر الشفاه من جديد على شفتيها بسرعة ثم تركت شعرها ينسدل حول وجهها المتورد. وقفت للحظة تحدق الى نفسها في المرآة,وهي لاتصدق ماحدث لها .
لو لم تدق مدام جيسكار على الباب ,لكانت ارتكبت غلطة فظعية,لا يمكن إصلاحها .لقد جعلها آلان تستلم له بسهولة .... وكان على وشك ان يستعبدها كليا.
ارتعدت وهي تمسك حقيبتها السوداء.عليها ان تكون اكثر حذرا من الآن وصاعدا , قالت لنفسها ,وهي تتجه الى الصالون .
اقيمت الحفلة في بيت كبير خارج باريس . كان المساء دافئا,وابواب المدخل مشرعة حتى يتمتع الضيوف الاكبر سنا من آلان وفيليبا بمناظر الحدائق الخلابة.
كانت شاكرة لانها استطاعت ان تهرب الى الحديقة.وكانت تعي نظرات آلان المثبته عليها وهما في السيارة .لم يتكلما كثيرا, ولقد عرفت ان لقاءهما اعترض, لكن لم ينته تماما.والان بعد ان خانتها رغباتها, كانت متاكدة بان آلان لن يكتفي بعد اليوم بسلبيتها المحرجة, والتي طالما اظهرتها بين ذراعيه.
لم تستطع تفسير ضعفها .لابد ان الحادث الذي تعرضت له اضعف مقاومتها, فكرت بحزن, وهي تتكىء على المنور الحجري , وتمسك كاس الشراب الذي لم تمسه.
الآن سيبدا آلان بمطاردتها.. هذا الصياد الذي يعرف ان ضحيته ضعيفة,يامل ان يحرز انتصارا نهائيا وسريعا. سيقضي عليها .
عبست فيليبا ,لانها احست بانها تبالغ في تصوير الامور .لكن الا يمكن ان يكون استسلامها لآلان موتا بحد ذاته عندما تسمح لنفسها ان تصبح لعبته لساعات عدة يتركها من بعدها ثم يذهب باحثا عن متعه اخرى بعد ان يمل منها ؟
بدا جسدها متقلصا بوضوح . هذا امر لاتستطيع ان تسمح به ... او ان تفكر فيه .لايمكنها ان تمنح نفسها له . لانها حالما تفعل سيستملك قلبها ,وروحها بيدين قاسيتين جارحتين.والنتيجة ستكون كارثية.
رفعت ذقنها بتحد. لن تكون ضحيته ولا دميته ... يستعملها ,لانه مل من حشمة الزواج التي فرضت عليه,ولانه اعتقد ان الامر سيكون مسليا اذا فتن زوجته المعاندة.
"مدام دي كورسي ،لقد بحثت عنك في كل مكان " عرفت فيليبا صوت مضيفتها الناعم . تنهدت حتى تهيء نفسها لتعارف جديد .
"اسمحي لي ان اقدم لك احد اعز اصدقائي , السيد جيرار دي غريسي . لقد اتى مع ابنته التي تقول انها تشرفت بمعرفتك في مناسبة سابقة"
استدارت فيليبا ثم ابتسمت لها بتهذيب.
لم تلاحظ الرجل الاشيب الذي كان يحني راسه ليطبع قبلة على يدها . كانت عيناها مثبتتين على المرأة التي كانت الى جانبه في ثوب ازرق مثير .
" مدام دي كورسي " كانت تبتسم لها بعينيها البنفسجيتين المليئتين بالحقد :" هل تذكرينني جيدا ؟"
قالت ماري لور سومرفيل .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:40
الفصل السادس

اطلقت فيليبا لهاثا صامتا . وفي الوقت نفسه انسل الكاس من قبضتها, وتحطم على البلاط, وتناثرت محتويات على تنورتها الصفراء المطرزة.
صرخت مضيفتها مستعمله وتجاهلت اعتذارات فيليبا المضطربة .قائلة انه من الافضل تنظيف التنورة قبل ان يلطخها الشراب بشكل يتعذر إصلاحه . استدعت مدبرة المنزل التي اعتبرتها كنزا وطلبت منها معالجة الوضع .
آخر شيء تذكرته فيليبا وهي ترافق مدبرة المنزل هو ابتسامة ماري لور الماكرة والمنتصرة . وتعبير آلان الراعد وهي تتجاوزه في المدخل .
استشاطت غضبا من تصرفت كالحمقاء, هذا ماسيقوله آلان . كان من المفترض ان تبتسم لها وتتجاهلها كليا.
في الوفت نفسه ليس لمضيفيها , مسيو لوغري وزوجته,ضلع في ترتيب هذه المواجهة الثانيه بين ماري لور وبينها . كانا لطيفين جدا , وهما من اعز اصدقاء والدي آلان, كما انهما زميلان في العمل , ولهما نشاطات خيريه عديدة . ربما لم يعرفا بعلاقة آلان وماري لور . بالطبع من حق والد البارونه ان يطلب منها مرافقته الى العشاء رسمي ، إذا كانت زوجته مريضه . كلا ، انها فقط احدى الصدف الشؤومة , وآلان تصرفها الاحمق ، أو ردة الفعلها المغاليه لحضور ماري لو , سيحث الالسن على الثرثرة , فكرت بيأس.
و أخيرا عادت اليها التنورتها ، نظيفه تماما لكنها رطبه بعض الشيء . استطاعت ان تنظم الى الضيوف في غرفة الطعام وبدات الاسئلة تنهمر عليها باهتمام وحماس شديدين .
أخبر آلان الضيوف عن حادث السرقة ,التي تعرضت له ذلك اليوم .في وضح النهار ... يالها من صدمة ! يالهذا الاجرام !لا عجب انها متوترة الاعصاب لكن ماالذي جعلها تسير بمفردها في الشارع ؟
" كنت خارجة من محترف الرسم " قالت فيليبا بضعف :"إني اعمل هناك كل يوم .لم اتوقع ابدا حدوث شيء كهذا "
"نعم ,انت فنانه " مالت ماري لور براسها الى الامام .بدا تعبيرها ساخرا :" مازلت تتابعين ؟ الم تملي من ذلك بعد "
" ابدا , الرسم مهم جدا بالنسبه لي "
هزت ماريلور كتفيها بلا مبالاة :" هل هذا يعني ان هناك نقصا في حياتك وتحاولين ان تعوضيه بالرسم ؟"
تضاهرات بالاندهاش :"كيف يمكن ان يحدث ذلك ؟ اتمنى الا يكون آلان العزيز قد اهمل واجباته كزوج "
خيم صمت مفاجىء , واسرعت مدام لوغري لراب الصداع الذي احدثته البارونه وراحت تتحدث عن خطط اللجنة المحليه , ومنها الاحتفال بيوم الباستيل , واصبحت الاحاديث عاليه
استرخت فيليبا على معقدها وقلبها يخفق بسرعة .كان آلان يجلس في الطرف الآخر من الطاوله , ولم تجرؤ على النظر إليه. ماذا بحق السماء كانت تحاول البارونة ان تفعل؟ىسألت نفسها بارتباك , كانت تعلق باستمرار على كل شيء, وكانها تحاول ان تخلق المتاعب وتعزز الاقاويل . مع ان من مصلحتها ايضا الا يحصل المزيد من الفضائح . اذا ما الذي يجري؟
اجبرت فيليبا نفسها على تناول الطعام والتحدث بلطف الى بعض الضيوف بشكل طيبعي . تمنت لو ان تعليقات ماري لور تؤخذ كنموذج للمرأة الحقودة, والا يوليها الضيوف اهتماما كبيرا, قالت لنفسها من دون اقتناع راسخ. بعد ذلك قدمت القهوة في الصالون وسمعت موسيقى مصاحبه للحوار والاحاديث .تجنبت فيليبا الاختلاط بالمجموعه القائمة الى جوار مكان ماري لور.
انني اتصرف بسذاجة , قالت لنفسها , باجتنابي لها في هذه الطريقة ,انني اضع نفسي في موقف دفاعي,وهذه من مصلحتها . يجب ان اؤكد لها انني غير مكترثه لوجودها وغير منزعجه من حركاتها. المشكله انني اتذكر دائما تعليق تلك المرأة :"لن تتفوق على ماري لور" واصدقه ايضا.
بدات امسية طويلة وكانت فيليبا في حالة متوترة ,لا تسمح لها ان تستمتع باحاديث الضيوف ,برغم انهم لايمكن ان يكونوا اكثر لطافة. لكن اصروا عليها ان تخبرهم عن الحادث السرقه مع انها كانت تفضل ان تنساه تماما . شعرت فجأة بضيق في صدرها من كثرة الضجيج والثرثرة والاختناق من رائحة السائر الممزوجة برائحة العطور الغالية الثمن التي ملات الغرفة.
واحتاجت لان تكون بمفردها في الهواء الطلق لعدة دقائق. اغلقت ابواب المدخل خلال العشاء ,لكن كان واحد منها مفتوحا جزئيا . انسلت فيليبا بسريه من خلاله الى الظلمة.وقفت ثابته في مكانها , تاخذ نفسها عميقا , وتتنشق رائحة الازهار . لاحظت فجاة انها ليست بمفردها , ورات حركة في الظلام , وسمعت تمتمة اصوات خفيضة.
عبست قليلا, وهمت بالدخول.
"آلان " دوى هذا الاسم في اذنيها بطريقة مثيرة , لا يمكن تجاهلها او نسيانها. استدارت ناحية الصوت واختلست النظر الى حيث كانت هناك عريشه متشابكة مع شجيرات صغيرة . وكان احدهم استدعى القمر من وراء الغيوم

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:43
حتى تراهما سويا متلاصقين . كانت ماري لور تضع ذراعيها حول عنق آلان , وهما ملتصقان تماما .
" آلان حبيبي "
لم ترد ان تسمع ... او ان ترى المزيد . كانت منذ عدة ساعات في الوضع نفسه ,فكرت , والالم يعصر قلبها وراحت تتلمس طريق العودة الى الصالون .
ربما لم يكن وجودها صدفة الليلة .ربما خططا لذلك بتلك الطريقةحتى يختطفا بعض اللحظات المحرمة عليهما ايضا. تصرفا بذكاء . لم تلاحظ خروجهما من الغرفة , او حتى اي شخص اخر . كانت امسية رائعة وممتعه. وكان الجميع مستغرقين في احاديثهم وسمرهم, وهذا ما اعتمد عليه العاشقان.
في هذا الوقت , وخلافا للمعتقد السائد , كانت الزوجة اول من يعلم . ذلك ليس صحيحا بشكل تام , لقد علمت بذلك من قبل .
لهذا تزوج آلان منها , انها غطاء مموه .برؤيتهما معا,توضح لها كل شيء.
"فيليبا " قفوت عندما ظهر آلان فجاة بجانبها , ويده تمسك يدها .
بدا وجهه متجهما وهو ينظر اليها ." هل كنت انت ... منذ قليل تقفين على الشرفة؟" بعدما هزت راسها بصمت, استطرد :" اعتقد ذلك " قال بصوت اجش , من بين اسنانه, وهو ينظر حوله :" انا بحاجه الى ان اتحدث اليك . ساجد السيدة لاغري واعلمها بانصرافنا"
" كلا , شكرا " حررت نفسها بلطف وبكرامه:" لا اريد ان اذهب , اني ... استمتع بوقتي " اضافت بتحد :" لا انوي امن احطم كأسا ثانيا, او حتى ان اتصرف بحماقه باي طريقة , ارجوك لا تقلق علي "
"هل تعتقدين ان هذا يهمني ؟" قال بفظاظة :" يجب ان اتحدث اليك سرا ... لأفسر ."
" لقد فسرت عندما التقينا " حدقت فيليبا الى فنجان القهوة. وكانه العمل الاروع والاكثر خيالا في عالم الانسان وقالت :" لا امانع , آلان . انك تدفع لي بسخاء حتى اؤمن لك الحماية ولاتغاضى عن ... نزواتك . هذا ما سافعله دائما "
ابتلعت غصة من حنجرتها ." لكنني لن اسمح لنفسي ان اكون احدى نزواتك بعد اليوم . وسوف ازود في المستقبل باب غرفتي بقفل ومفتاح "
تسرب الصمت الذي خيم بينهما الى عقلها , واخذ يطرق في اذنيها.
"حسنا ,ساحقق لك رغبتك" قال بهدوء وبلطف أخيراَ.
"هناك شيء آخر" تابعت النظر الى فنجانها واضافت :"لا اعتقد ان احدهم افتقدك هنا , لكن ليس من الحكمه ان تستغل مناسبات كهذه , خاصة بعد ان لفتت مدام سومرفيل الانظار الينا في هذه السهرة"
"اني ممتن لك لهذه النصيحة , لكن في هذه الحالة , لن نحتاج انا ومدام سومرفيل بعد آلان الى رعايتك " قال بصوت قاسِ
"فهمت " قالت وابتعدت عنه
لكن هذا ليس صحيحا . الملاحظة التي تستوعبها ... لم تتقبلها ... ضربتها كصاعقة . جمدتها تماما مع فنجان القهوة في يدها .
في الحقيقة , ارادت ان تبكي , ان تصرخ , ان تضرب الارض بقدمها , ان ترمي ما تبقى من فجانها على قميص آلان النظيف وان تخدش وجهه باظافرها حتى يسيل منه الدم .
ثم ستجد ماري لور و ... أخذت نفسا عميقا , الافضل ان تتوقف هنا .
شعرت ان القوة وبشاعة الموقف تكادان ان تسيطرا عليها ,كما فعلت تلميحات آلان اللاذعة.
الغيرة فكرت . هذا ما اشعر به , لكن لايمكن ذلك . هذا يعني انني اريد آلان لنفسي . ربما انا واقعة في حبة .هذا مستحيل . لايمكن ان يكون ذلك صحيحا.
لو كان ذلك صحيحا , ماذا باستطاعتي ان افعل ؟ كيف ساتحمل ذلك ؟
رفعت كتفيها . فكرت بقوة ، لن اسمح بذلك .
"عفوا , مدام " بادرها شخص كان يقف الى جانبها ويرمقها بنظرة مبهمة . كانت تتكلم بمفردها بصوت عال ومن دون ادراك .
ضحكت فيليبا ,واعتذرت كإنسان آلي . وسمحت لنفسها بالانضمام الى احدى المجموعات والانخراط في الحديث معهم .
كانت فيليبا تشعر كل الوقت بوخز في راسها وكان بخارا ساخنا يتصاعد فيه . وجاء رجاؤها الصامت اليائس.
يا إلهي , لاتجعلني احبه . ارجوك , لاتجعلني احبه .
ليس باستطاعتها سوى ان تامل , بيأس , ان تستجاب صلوتها .
" مابك اليوم ؟" سالها زاك بغضب واشار الى لوح الرسم الخاص بفيليبا :" كان من المفترضى ان تكون لوحتك اقل تعقيدا . طلبت منك ان ترسمي السيدة التي على المنصة ... مثال فقط ، على جمال الجسم الانساني . منذ متى قررت ان تتجهي الى التكعيبية؟"
توردت وجنتا فيليبا واجابت :" ابدا .ذلك فقط ... حسنا ، لكنني كما تعرف , اجد صعوبه في رسم الاحياء "
" قولي ذلك ثانيه !" حدق زاك في لوحتها ثم تاوه :" وفقا لهذه , تبدو جيني وكان لديها حوالي عشر عاهات اساسيه . ربما ستقيم علينا دعوى" استدار نحو المثال التي بدت منزعجه , وتبحث عن ردائها بتوتر وقال :" انت لا تريدين ان تنظري اليها . ستعكر مزاجك"

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:45
ابتسمت جيني بهدوء ثم ذهبت لترتدي ثيابها .
رمق زاك فليبا بنظرة تساؤلية :" إذآ ما المشكلة ؟ حادث السرقة ؟ يقولون إن البرق لا يصيب المكان نفسه مرتين ."
ابتسمت له فيليبا :" أتمنى ذلك . هناك أشياء كثيرة تشغل بالي ."
"كيفين ، بالتأكيد . يا عزيزتي ، ماذا عساي أن أقول ؟ عليك أن تثقي بالأطباء . لن تحسّني حالته في نيويورك بالقلق عليه في باريس ."
"أعرف ذلك ." كانت فيليبا تشعر بالذنب لأنها لم تفكر بوالدها خلال الأربع وعشرين ساعة ." إني آسفة يا زاك . لقد ضيعت وقتك ، أليس كذلك ؟"
أخذ زاك لوح الرسم ثم وضعه في مكان آخر ." اذهبي إلى البيت ، يا فيليبا وحاولي أن ترتاحي . اقنعي زوجك الوسيم بأخذك إلى العشاء خارجآ ." نظر إليها بعبث :"لا اتصرف هكذا ، إلا مع المبتدئين ."
توردت وجنتاها ."ربما كان ...مشغولآ ."
"إذآ قولي له بأن يرتاح أيضآ .أريدك هنا غدآ جاهزة للقيام بعمل حقيقي ." قال متجهمآ.
القول أسهل من الفعل ، فكرت فيليبا بحزن وهي تنزل السلالم . لم يحاول آلان التحدث إليها في الليلة السابقة وهما في طريق العودة إلى البيت . تمنى لها ليلة هانئة ثم دخل غرفته وتركها تردد لنفسها مرارآ وتكرارآ ...إن هذا ما أردته بالتحديد .
بقيت تقول ذلك على فترات ليلة طويلة ومملة .وفي وقت ما قبل الفجر استسلمت للهزيمة .نهضت عن السرير وزحفت عارية القدمين إلى غرفة آلان .كانت خاوية وغير مستعملة . حدقت فيها لمدة طويلة ثم عادت بصمت إلى غرفتها ، وبكت.
وصل صانع الأقفال قبل أن تنهي فطورها . بدت مدام جيسكار غاضبة وهي تراقبه يعمل .لم تكن فيليبا متأكدة ما إذا كان عليها أن تلومها أم لا .
أخبرتها مدبرة المنزل بهدوء أن مارسيل سيكون جاهزآ خلال لحظات حتى يوصلها إلى مكان عملها .هذه أوامر السيد آلان .
خرجت إلى الشارع وبحثت عن السيارة ،لكنها لم تكن في انتظارها .ياللعجب،فكرت وهي تنظر إلى ساعتها .إنها في وقت أقل بساعة من المعتاد.
"مدام دي كورسي ." استدارت وجلة في الوقت المناسب ورأت فابريس دي ثييري يتقدم نحوها .
"أتمنى ألا تكوني ظننت أني لص آخر ." شعرت بدفء ابتسامته حين أضاف :"أردت أن أراك لأرجع لك هذه ." ناولها حلقة مفاتيح من جيبه :"لابد وأنني أخذتها خطأ البارحة ."
"شكرآ لك . لم أجرؤ بعد على الاعتراف بفقدانها ."
"هل زوجك مخيف لهذه الدرجة ؟" بدا صوته مرحآ ،لكن نظرته كانت جدية .
"كلا ... على خلاف ذلك تمامآ ." قالت فيليبا بسرعة .
"أنت مبكرة ، وأنا سعيد لأني وجدتك ."
"ليس تمامآ ." تنهدت فيليبا وأضافت :"علي أن انتظر السائق في المستقبل ."
"هذا تصرف منطقي ."
"نعم ،لكنني لا أريد ذلك ."
نظر إلى ساعته ."هل لديك وقت ، ربما لتناول فنجان قهوة آخر ؟"
ترددت فيليبا . هذا التصرف المنطقي سيرفض بلباقة ، ولقد عرفت ذلك .
"سترفضين ، أليس كذلك ؟" قال فابريس دي تييري بأسف :"أنا لا ألومك .زوجك رجل مرعب .لا يتمنى لك أن تصادقي رجلآ عاديآ مثلي ."
حدقت فيليبا إليه ."هل تعتقد حقآ ذلك ؟"
"بالطبع ." وبدا محرجآ ."بعد أن تركتك ،قمت ببعض التحريات .لولا المفاتيح لما كنت فكرت بالإقتراب منك ."
رفعت فيليبا ذقنها وقالت :"مسيو دي ثييري ،سأكون مسرورة لتناول القهوة معك."
عرفت مايكفي ،خلال نصف ساعة ،من المعلومات عنه ، فاكتشفت أن والديه يعيشان في روين حيث مقر عمل والده وأنه ابن وحيد . كان فابريك يعمل في باريس ،يتابع تدريبه في المحاسبة مع شركة عالمية . ويمارس في الشتاء لعبة الرُكبي ،وهو يستمتع بالأفلام اليابانية . تدفقت منه هذه المعلومات بشكل عفوي .
من الممتع ،لاحظت فيليبا ، أن تجلس المرأة في وضح النهار مع شخص ،يجدها بوضوح ،جذابة وإذا تمتم صوت في داخلها محذرآ بأن هذا الوضع محفوف بالمخاطر ، ستتجاهله بالتأكيد . وإذا عارض آلان رفقتها الجديدة ما النفع عندئذ ؟ سألت نفسها بتحد . ليس من حقه أن ينتقدها بعد أن رأته على الشرفة الليلة السابقة. كانت بكل بساطة تتناول فنجان قهوة في مقهى على الرصيف .إذآ ما الداعي لتذمره؟ لم تكن بصدد المباشرة في علاقة حب .
لم يسكّن بريق الاعجاب في عيني فابريس ، والطريقة التي كان يميل بها نحوها،حتى كاد أن يلمس يدها ... كانت هذه الأمور بلسمآ لجروحها النفسية التي سببها آلان . شعرت بالاهانة وهي تتذكر كيف سمحت له بعناقها ... بلمسها . وكيف نسيت أنه كان يداعبها كلمتين لبضع ساعات ، مع أن قلبه وعقله وروحه كانت ملكآ لامرأة أخرى .
تنهدت سرآ وهي تفكر في ماري لور . نعم ، إنها جميلة ، ويحلم بها أي رجل . لكن فيليبا وجدت نفسها تتمنى لو أنه أحبها أكثر ، أو فكرت بأنها تستحق افتتان آلان بها . هل كان مسلوب العقل لدرجة أنه تعامى عن حقدها وفسقها ،أو أنه لم يعد يهتم ؟
"فجأة ." قال فابريس بلطف :"أشعر وكأنني أكلم نفسي ."
"إنني آسفة ...هذه كانت فظاظة مني ." رشفت باقي قهوتها أضافت :"هناك عدة أمور تشغل بالي ."
هز رأسه بشجاعة :" إني أفهم . وربما أنا أعرف أكثر مما تظنين ."
ضحكت وهي تمسك حقيبتها :" بعد فنجانين من القهوة ؟ أشك في ذلك ."
"أعرف ،على سبيل المثال ، أنك غير سعيدة ، وأن زوجك يعيش حياة خاصة به وحده."
عضت فيليبا شفتها ."لست مستعدة لمناقشة زواجي معك ، أو مع أي شخص آخر ، يا مسيو ."
"الآن أغضبتك !" إني اعتذر ، لست بوضع يسمح لي بمحاكمتك ." لمست يده أصابعها ." أرجوك قولي إنك سامحتني ، وإنك ستتناولين القهوة معي مرة ثانية ؟"
عرفت فيليبا أن هذه هي اللحظة الملائمة للتراجع ، للابتسام بتهذيب ، وللانسحاب من دون أي ارتباطات . إنها امرأة متزوجة ولايحق لها أن تتواعد مع شخص آخر ، مهما كان اللقاء بريئآ . لو كنت فعلآ زوجة آلان ، لما كنت فكرت بذلك أبدآ . ولكن بما أن ...
"بماذا تفكرين ؟ في أن زوجك سيغضب لو عرف أنك جلست في وضح النهار وتحدثت ... وابتسمت قليلآ ؟"
" ولماذا سيمانع ؟" قالت بنفور :" إن لي حياتي الخاصة أيضآ ."
"إذآ هل سأراك مرة ثانية ؟ علي أن أسأل ، أنت تفهمين لأن ليس لدي أي شيء آخر يخصك أستطيع أن استعمله كعذر ."
نظرت فيليبا إليه باندهاش ."هل هذا يعني أنك تعمدت الاحتفاظ بمفاتيحي ؟" سألت ببطء :" هذا عمل طائش ، يا سيد ."
هز رأسه ، ثم ابتسم بأسف :" هل تسامحينني ؟ أعرف أن ذلك خطأ ، لكنني لم أتحمل فكرة عدم رؤيتك ثانية . سنلتقي هنا غدآ وفي الوقت نفسه ."
"ربما ، لا أعرف ."
أطبق يديه على يديها و قال :" سأنتظر حتى تأتي أورفوار يا فيليبا ."
"أورفوار يا فابريس ." كانت ابتسامتها وهي تسحب يدها من يده خجولة ومترددة .
كان لطيفآ ،قالت لنفسها على نحو دفاعي وهي تسير إلى محترف زاك حيث كانت تنتظرها السيارة . لقد اعجبت به ، من الممتع أن يكون لديها صديق ... شخص يعوض عليها وحدتها .
ربما بمساعدة فابريس ، إلى جانب دراستها طبعآ ، لن تتألم كثيرآ من زواجها الزائف بعد آلان . ربما ستتعلم في الوقت المناسب أن تتحمل وجود ماري لور في حياتها .
تساءلت فجأة إذا كان آلان سيتحمل فابريك .ليس له الحق ،بالطبع ،إذا أخذ تصرفه بعين الاعتبار ، ولكنها تعلم أنه قادر على العيش بازدواجية .
لكنني لا أحاول أن أقيم علاقة غرامية مع أحد ،فكرت فيليبا بحزم . لا أريد أن أتورط... لا مع فابريس ولا مع آلان .
جفّ حلقها من كثرة ما آلمتها الفكرة .
لا أريد أن أهان ثانية ،قالت بصمت ، أو أن أمضي المزيد من الليالي المؤرقة في البكاء . أريد فقط أن أجلس في وضح النهار و أتحدث ... وأبتسم قليلآ .
ليس هناك أي ضير في ذلك ،حقآ ؟
تراءى لها فجأة آلان القاسي وعيناه الخضراوان تشعان بغضب شرس كما في الليلة السابقة . ارتجفت وهي تتذكر ردة فعله الشرسة عندما استفزته قبلآ ، في ليلة زواجهما .
مهما كانت نواياها بريئة ، فكرت وهي تعبر الشارع ، عليها أن تكون حذرة جدآ . فآلان دي كورسي ، رجل لا يمكن خداعه .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:47
ونرجع للشيخة زورو هاها


*~‘‘"][ الفصـل الـسابع ]["‘‘~*



" لا أستطيع . "هذا مستحيل ، وأنت تعرف ذلك ." قالت فيليبا .
أخذ فابريس يدها وضغط عليها بشدة . "لماذا ترفضين ؟ إنه مجرد حفل موسيقي ، لا أكثر . لقد قلت إنك تستمتعين بموسيقى رافيل ودوبوسي كثيرآ . لماذا لا تكوني ضيفتي ؟"
تنهدت فيليبا و قالت بلطف :" فابريس ." أنا امرأة متزوجة ."
"هل حضورك حقآ سيفسخ عقد زواجك ؟ يا إلهي ، فيليبا ، إني اؤكد لك أن زوجك ليس عنده مثل هذه الوساوس ."
تجمدت فيليبا على نحو دفاعي :" إني لا أفهم ."
هز فابريس رأسه وتمتم :" هذا الاخلاص ... لا يستحقه ، يا فيليبا . يجب أن تعرفي ذلك . الرجل معروف بنزواته التي لا حد لها . علاقاته صاخبة جدآ ."
"يجب ألا تتحدث عن آلان بهذه الطريقة ." قالت فيليبا بحدة عندما سرى الألم في جسدها :" إذا كنت ستتابع ... لن أقدر على رؤيتك ثانية ."
"لا تقولي ذلك ." أحكم فابريس قبضته على يدها وأضاف :" لقد أصبحت هذه اللحظات القليلة معك ، كل حياتي . لا يمكنك أن تحرميني منها ."
" لايجب أيضآ أن تتفوه بأشياء كهذه ." توهج وجه فيليبا ، وحررت يدها من قبضة يده ثم أضافت :" لقد وعدت بأن تكون صديقي يا فابريس ."
"إذآ دعيني أرافقك إلى هذا الحفل كصديق ." قال بحزم .
"أنت عنيد جدآ !"
بدأت تجد اهتمامه المتزايد محرجآ ، ومع ذلك ، اضطرت لأن تثق بأن مرافقتها لها كانت بمثابة حبل إنقاذ نفسي خلال الأسابيع الفائتة ، نظرآ للصراع المستمر بين آلان وبينها .
عضت شفتها . لقد وضع القفل الذي أصرت على حصوله في مكانه . لكنه ظهر أنه غير ضروري البتة . لم يحاول آلان التقرب منها منذ خلافهما الأخير .
في الواقع ، كان يتغيب عن باريس كثيرآ بحجة العمل ، وكانت تمضي معظم الليالي تحدق في الظلام وتتساءل ...
عندما يكون في البيت ، كانا يلتقيان على الطعام فقط ، أو عندما تكون هناك مناسبة إجتماعية ، يصر على استصحابها إليها ليلعب هو دور الزوج المحب و المخلص .
من الواضح ،فكرت بتعاسة ،بإمكان المرء أن يخدع بعض الناس معظم الوقت . كانت طريقتها في التجاوب معه مذهلة عززها خجلها الطبيعي كونها فتاة متزوجة حديثآ.
في الشقة ، كان شعور فيليبا بالقلق يتزايد باستمرار .
كان تصرفه معها دائمآ لطيفآ ،لكن متحفظآ . لم تشعر سوى بالنفور عندما كان يقف في إحدى الحفلات إلى جانبها ، أو يلمسها في المناسبات النادرة . كانت تعرف جيدآ أنهما بعيدان جدآ في الواقع ، مهما بديا متقاربين أمام الناس .
ولذلك لجأت إلى فابريس ، وإلى العلاقة البريئة التي عرضها في البداية .
لكنها كانت بالطبع ساذجة ،عندما فكرت بأن هذا النوع من العلاقات يمكن أن يستمر بشكل غير محدد . لم يكن فابريس من النوع المرهق فقط بل رجل عادي جذاب . و الآن بدت علاقتهما تقترب من مرحلة لا يمكن التراجع عنها ، وهي لم تكن متأكدة بعد من شعورها .
السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسها هو : هل تريد حقآ أن تقيم علاقة مع فابريس أم مع أي شخص آخر ... مهما كان تصرف آلان حيال الموضوع ؟
الجواب الغزيري الذي فرض نفسه بشكل ثابت كان صوتآ سلبيآ.
ليس من العدل أن تبقي فابريس على أمل ، ولاسيما أنها تعرف جيدآ أنها لن تتمادى معه ، فلا مستقبل لعلاقتهما ، وعليها أن تشرح له ذلك .
مع أنها كانت مدركة أنانيتها ،فهي غير مستعدة الآن لأن تتخلى عن فابريس . فهو كان يمثل لها العلاقة الانسانية ذات الدفء في حياتها القاحلة . كان زاك و سيلفيا رائعين معها . لكن رؤيتهما معآ ، ومراقبة بنية زواجهما القوية ومقارنتها بحياتها الزوجية الخاوية ، كانت شيئآ لا يحتمل .
كانت تعرف أن عملها أصبح تافهآ و سطحيآ . وكان زاك ينتقدها وينبهها دائمآ لشدة قلقه عليها .
"أنت بحاجة إلى بعض التركيز ." قال لها ذلك مرارآ :" ربما عليك أن تبتعدي عن أجواء باريس لبعض الوقت وتطلقي العنان لفنّك . ربما ستجدين ذاتك ."
ابتسمت وقالت إن الفكرة رائعة لكنها مستحيلة الآن . ربما يومآ ما في المستقبل ...
كان تعهدها لآلان دي كورسي ، وليس لرحلة البحث عن الذات التي يمكن أن تنجح أو تفشل .
لكنها كانت تعرف شيئآ واحدآ عن نفسها ، وهو إذا رجع الزمن بها إلى الوراء ووجدت نفسها مرة أخرى في مكتبة لاودن ، ستهرب بعيدآ عن آلان ، ولن تخضع نفسها لزواج زائف .
إن حقيقة عدم كذبه بالنسبة لنمط حياته ، وموافقتها على كل الترتيبات ، لم تغيرا من الأمر شيئآ ، ولم تقدما أي تعزية لها .
كان همها الوحيد في ذلك الوقت كيفين ، وحياة الرفاهية التي قدمها آلان . لم تأخذ بعين الاعتبار مشاعرها واحتياجاتها ، وخاصة أنها ستعيش مع شخص جذاب كآلان. كان عليها أن تتفهم مدلولات الوضع وأن تراعي قلة خبرتها وضعفها قبل أن توافق على شروطه .
مع ذلك ، كانت يائسة كما قال حينها ، لكن لو كان بمقدورها أن تتنبأ بالذي كان ينتظرها لكانت رفضت الصفقة ونصحته بأن يجد شخصآ آخر .
لقد فات الأوان الآن ، وعزاؤها الوحيد هو معرفتها بتحسن صحة والدها . لقد استطاع الاختصاصيون تحديد الفيروس الذي تمكن منه ، ولم تحصل أي مضاعفات. لقد استعاد والدها في الواقع ، بعضآ من قابلية التحرك في يده وجنبه الأيمن . لقد حاصروا المرض ، وهذا الأمر كان كافيآ لشعورها بالإمتنان .
لم يجعل ذلك من زواجها بآلان عملآ صائبآ ، لكنه ساعدها على تبرير الخطوات المتهورة التي اتخذتها وقالت في سرها ، إذا كان كيفين على طريق الشفاء ، فإن ذلك مبرر كاف لمعاناتها في الوقت الحاضر .
"فيليبا؟" أعادها صوت فابريس إلى الواقع :" أين كنت ؟ لم تسمعي أي كلمة مما قلته!"
"إني آسفة . كنت أفكر في والدي ."
"والدك ؟" كان وجهه كئيبآ .
لاحظت أنها حطمت غروره قليلآ ، وأسرعت لإصلاح الوضع ." سأفكر في دعوتك، إني أعدك ."
"هذا رائع ! سأنتظر قرارك غدآ أليس كذلك ؟"
"لا تستعجلني ." أجبرت نفسها على الابتسام .
"لن أفعل ذلك ابدآ . لا أتحمل رؤيتك حزينة وأنت تحاولين التظاهر بالنقيض . ألا تستحقين بعض السعادة ... وأن تكوني شخصآ محبوبآ وجزءآ مهمآ في حياة رجل ؟"
أزعجتها العاطفة التي كانت في صوته . لم يتكلم معها بهذه الصراحة من قبل، فكرت. ثم اختلست نظرة إلى ساعتها وقالت :" يجب أن أذهب . مارسيل ينتظرني، وإني أجد صعوبة في خلق الأعذار لعدم انتظاري له خارج المحترف ."
"وأنت خائفة من أن يخبر زوجك ؟" نهض فابريس عن كرسيه بتحدٍ عندما أرجعت كرسيها إلى الوراء وأضاف :" ولماذا يهتم ؟ فهو لا يلتقي ببارونته الحسناء لمجرد أن يتناول القهوة معها ، إني اؤكد لك ذلك ."
أحنت رأسها ." أعتقد ذلك . ومع ذلك ، يجب أن أذهب . أورافوار ، يافابريس." وافقته بتكلف .
وضعت حقيبتها على كتفها ثم سارت إلى المحترف . انذهلت عندما اكتشفت أن هوية عشيقة آلان معروفة أيضآ خارج وسطهم الاجتماعي . هذا ما كنا نحاول أن نتجنبه .
بماذا يفكر آلان ؟ هل هو مهووس بها لدرجة أنه لم يعد يفكر بشكل منطقي ؟ هل قرر أن عشيقته تستحق الخسارة المحتملة لشركته ؟ بعد أن زود عمه بسلاح ليستعمله ضذه .
نظرت إلى ساعتها ثانية وأبطأت خطواتها . كانت لأول مرة مبكرة على مارسيل . لكن هناك بعض المحلات التجارية التي طالما أرادت رؤيتها . باستطاعتها أن تضيع بعض الوقت هناك .
كانت تنظر إلى القماش الذي احتل في احدى صالات العرض واجهة بكاملها ، عندما سمعت صوتآ وراءها :" إذآ هذه أنت . اعتقدت ذلك ."
استدارت فيليبا لتواجه نظرة سيدوني دي كورسي الباردة .
"مرحبآ ." قالت بتهذيب وهي تخفي فزعها :" لم أكن أعرف أنك مهتمة بالرسم التجريدي ."
قالت سيدوني :" أبدآ ، لكن هناك محل قريب من هنا أشتري منه عادة ثيابي . هل هذا ما تفعلينه ... تتسوقين ؟"
بدا صوتها عبثيآ وتساءلت فيليبا إذا كانت قد رأتها مع فابريس

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:49
فابريس .
"كلا ، كنت في محترف الرسم . انتهت الحصة اليوم باكرآ ."
"أوه ، نعم ." قالت سيدوني بسخرية :" دروس الرسم . إذا كانت تبهجك ما الضير في ذلك ؟ أنت بحاجة إلى شيء تعتمدين عليه بعد أن يطلقك آلان ."
أحكمت فيليبا أصابعها على حقيبتها ، لكنها أبقت ملامحها هادئة .
"هل ينوي آلان أن يطلقني ؟" سألت باستخفاف :" لم يذكر لي ذلك ."
"ألم تعرفي بعد أن البارون سومرفيل أصيب بذبحة قلبية وهو مريض جدآ ؟ في الواقع لن يعيش أكثر من أسبوع ." تظاهرت سيدوني بالإندهاش :" ربما أخفى آلان عنك هذه الأخبار لأنه أشفق عليك . ليس من الملائم لك أن تعيشي معه وأنت على معرفة بدورك كبديل مؤقت . بالطبع ، بعد أن يموت البارون وينتهي دورك سيختلف الوضع . الجميع يسألون كم ستأخذ ماري لور من الوقت وهي تمثل دور الأرملة الحزينة ."
ضحكت سيدوني :"مسكين آلان ، لابد انه غاضب ! لقد خاض كل هذه المشقة حتى يتزوجك ، وعليه الآن أن يواجه الطلاق . لو أنه انتظر بضعة أسابيع أخرى ، لكانت ماري لور حرة في أي حال . الكل يجد الوضع ممتعآ ، أنت تفهمينني ."
"إني أصدقك تمامآ ." جاهدت فيليبا حتى تخفي غثيانها الذي كاد أن يغمرها وأضافت:" ستحل مشكلاتهما عندما أصاب أنا أيضآ بذبحة قلبية ... وأختفي فجأة من حياتهما ."
ضحكت سيدوني ثانية :" لا أعتقد أن آلان وصل إلى هذا الحد . أنا متأكدة من أنك ستجدينه كريمآ إذا وافقت على الطلاق من دون أن تفتعلي أي متاعب ."
كان قلب فيليبا يطرق ببطء وبألم بين أضلاعها .
"في تلك الحالة ، لا داعي لأن أقلق ." أجبرت نفسها على الابتسام ." أتمنى أن يكون تسوقك ناجحآ ." تفحصت فيليبا فستانها الأصفر الباهت ."أنصحك بتغيير المحل الذي تختارين منه ثيابك ." أضافت فيليبا وابتعدت عنها وهي مدركة نظرة سيدوني الحانقة .
توقفت فيليبا في آخر الشارع ، ثم أسندت نفسها إلى الحائط للحظة . كانت ترتجف وقدماها لا تقويان على حملها . تملكها الغضب واليأس وشعرت أنها على وشك أن يغمى عليها .
هل كانت هذه نية آلان فعلآ ؟ هل يريد طردها حتى يتزوج ماري لور ؟ هل سيرشيها بالمال ؟ ضغطت أظافرها على راحتي يديها بقوة .
لقد بدا شارد الذهن فعلآ في الفترة الأخيرة ، لكن نظرآ لوضعهما الحالي لم تجرؤ على أن تسأله عما كان يزعجه .
أغمضت عينيها . يبدو أن الجميع متأكد من أن البارون لن ينجُ من ذبحته القلبية ، هذا ما أكدته سيدوني . صحيح أنه كان أكبر سنآ من زوجته ، لكن هذا لا يعني أنه يستحق الموت .
من المؤلم أن يُقضى على الانسان بهذه السهولة . لكن ، على الأقل لا يعرف . لم يوقفه أحد في الشارع ويخبره أنه لم يعد مرغوبآ في وجوده ، وأن باريس كلها تتساءل عن هوية وريثه .
"مدام ؟" كان مارسيل يتقددم نحوها ، والقلق ظاهر فوق وجهه . بدا قلقآ ." هل أنت مريضة ؟"
لاجدوى من التظاهر بأن كل شيء على مايرام ، بينما هي تستند إلى الحائط ، ترتجف كورقة في مهب الريح وبوجه شاحب .
"شعرت بدوار ، هذا كل ما في الأمر ." قالت .
ساعدها مارسيل على الدخول إلى السيارة وأبقى نظره من خلال المرآة عليها فيما ينطلق بها إلى البيت بحذر شديد .
ربما لا يريدني أن أتقيأ على الفرش الفخم . فكرت فيليبا والدموع تنهمر من عينيها .
لابد أنه أستعمل هاتف السيارة بينما كانت تصعد إلى الشقة لأن مدام جيسكار كانت في انتظارها في قلق واضح .
قبل أن تعي ما كان يحصل ، وجدت نفسها مستلقية على السرير ، وحذاؤها مرميآ على الأرض ، الستائر مسدلة وقطعة قماش معطرة موضوعة على جبينها ، وإلى جانبها قدح يصدر بخارآ ينتظرها على الطاولة . لم يكن لديها أي فكرة عما في داخله، لكنها شعرت بالانتعاش وبالاسترخاء بعد أن شربته . لم تستطع النوم لأن الأحلام لاحقتها حتى هناك ووجدت نفسها تركض داخل كنيسة كبيرة ، تحاول أن تصل إلى المذبح حيث كان يقف آلان ، ولاحظظت أن يديه ممدودتان ...لكن ليس لها.
نادته باسمه ، بألم ، وسمعت إجابته . فتحت عينيها فوجدته ينحني فوقها .
"ما بك ؟ لقد أخبرتني مدام جيسكار أن مارسيل وجدك مريضة في الشارع ."
"ليس تمامآ." حاولت فيليبا أن تجلس قائلة :"شعرت بدوار للحظة . لاشيء مهمآ ."
"حقآ ؟" جلس على حافة السرير وهو مقطب الجبين . بقي صامتآ للحظة ثم قال :"فيليبا ، هل يعقل أن تكوني حاملآ ؟"
توردت وجنتاها بسرعة "كلا ، بالطبع ." وفكرت للحظة أنه كان مهتمآ بها ، لكن سرعان ما تبدل تعبير وجهه وخاب أملها .
بالطبع ، فكرت والغضب يتملكها من جديد ، زوجة حامل ، سيكون من الصعب نبذها . وإذا كان لابد من وجود طفل ، فهو يريده من المرأة التي يحبها ، برغم أنها لاتبدو مستعدة لتشويه مظهرها لمدة تسعة أشهر .
"من حسن الحظ أن هذا بعيد الاحتمال ."
"كلا ؟" كان مايزال عابسآ وهو ينظر إليها بفم ساخر .
"أنت أدرى بذلك ، بالطبع ." حدق إلى الأرض للحظة ثم قال ببطء :" سأتركك حتى ترتاحي قليلآ ، يازوجتي ، لكن علينا أن نتحدث بجدية قريبآ ، أنت وأنا ."
وثب قلبها من مكانه ."-ليس من الضروري ..."
"أنت على خطأ ." قاطعها آلان ، بدت ابتسامته حزينة .
"أؤكد لك ، يا حبيبتي ، أن هذا ضروري جدآ ." ورفع يدها وقبّلها برفق وغادر الغرفة .
بعد أن تركها بمفردها ثانية ، لم تستطع فيليبا منع دموعها من السقوط . كانت تعرف بما سيناقشها ، وأرادت أن تخبره أنها لا تمانع ، وأنها ستوافق على الطلاق بشرط أن يبقى علاج كيفين مستمرآ .
أريد حريتي فقط ، فكرت ، وبأسرع وقت .
لكن هذا لا يحتمل . اعترفت بذلك ، وهي تحدق في ظلمة المساء . فهي لن تتحمل فكرة هجره لها . وعرفت ذلك ، في قلبها ، أنها لن تكون حرة أبدآ .

أيقظتها مدام جيسكار في الصباح التالي ومعها صينية الفطور .
"هذا لطف منك ." قالت على نحو مربك ، وهي تحاول الجلوس .
"هذا واجبي ، مدام ." تفحصتها بدقة ." كيف حالك هذا الصباح ؟"
"حسنة ، لابد أنني أصبت بالشقيقة ."
بدت مدام جيسكار وكأنها أصيبت بخيبة أمل وهي تخرج من الغرفة .
يا إلهي ، الجميع يعتقد أنني حامل ! فكرت فيليبا وهي ترشف عصير الإجاص .
بخلاف آلان ، كانت مدام جيسكار تتمنى ذلك . ربما هي تخفي هذا الوجه اللطيف من طبيعتها وراء سلبيتها المصطنعة و المدربة عليها جيدآ .
عندما أمسكت الكعكة المحلاة ، لاحظت وجود مغلف وفي داخله ورقة بخط آلان .
"لقد وصلت هذا الصباح . أعتقد انها ستفرحك . لن أعود إلى البيت إلا في وقت متأخر في المساء ، ربما ستكونين جاهزة لمناقشتها معي غدآ ." كانت موقعة بأحرف إسمه الأولى .
كأنها مذكرة قضائية ، فكرت بمرارة ، لكنها كانت في الواقع أول اتصال خطي تتسلمه منه وهذا جعل المذكرة بطريقة خاصة .
عندما أخرجت الأوراق المطبوعة من المغلف اكتشفت باندهاش أنها تقرير مفصل عن كيفين من العيادة .
لم تعن لها شيئآ المصطلحات الطبية التي استعملت كثيرآ لكن كانت الخلاصة في النهاية أكثر وضوحآ ، ومن المممكن فهمها .
مع أن العلاج كان تجريبيآ ، لكنه كان ناجحآ من دون أي مضاعفات . واستبدلت الأدوية بالتمارين الرياضية التي تجاوب معها تمامآ . يقول الطبيب إنه ليس من الضروري إبقاؤه لعدة أسابيع أخرى في العيادة ، مع أن المريض سيستمر في تلقي العلاج ربما لبقية حياته ، ومن الأفضل أن يخضع بعد عودته إلى البيت لعلاج طبيعي .
استوعبت هذه الكلمات " عودته إلى البيت " بسيل من الدموع . كيفين بخير . فكرت غير مصدقة ، بإمكانه أن يرسم ثانية .
وضعت صينية الفطور جانبآ ونهضت عن السرير بسرعة البرق . زاك ، فكرت . سأتصل به حالآ . سيفرح كثيرآ . لبست رداءها ثم توجهت إلى غرفة الاستقبال . كانت جريدة الصباح ملقيّة إلى جانب الهاتف ، أمسكتها بنفاد صبر، وحدقت إلى صورة البارون سومرفيل

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:52
عرفت معنى ذلك بسرعة . جلست على احد الكراسي تقرأ النعي المرفق بترجمة موجزة عن حياة الفقيد ، عمله في الحكومة ، وانجازاته العسكرية في الهند الصينية . وقد ذكروا زوجته أيضآ ، وأن لا أولاد له . وصرحوا بأن ممتلكاته وثروته المستقبلية ستنتقل إلى ابن عم مجهول .
وضعت فيليبا الجريدة برفق على الطاولة ثم حملقت في الحائط العاري . هناك أشياء أهم لم تذكر . مثل خطط الأرملة الحزينة للزواج ثانية . هل ذهب آلان إلى هناك ... ليكون مع ماري لور ؟ ولذلك أخبرها بأنه سيتأخر ؟ إذا كان تفكيرها صائبآ ، فهذا غير لائق أبدآ .
ماري لور حرة ، وكيفين شفي ، فكرت . هذا يلغي كل التزامات الطرفين . وهذا ماسيخبرني به غدآ.
وقفت ببطء . شعرت فجأة بالبرد يلفحها ، وأحكمت حزام ردائها وهي ترتجف.
ربما لم تكن مستعدة لأن تقف موقف المتفرج بخنوع ، وتنتظره حتى يملي عليها أوامره الصارمة , وربما لا تريد أن ترى ماري لور وهي تأخذ مكانها . وتعرف أن الجميع يتحدث عنها ، ويشفق عليها . كلا ، هذا شيء لا يمكن توقعه الآن .
يجب أن أفعل شيئآ ، فكرت . وإلا لن أستطيع تحمل ذلك .
تجولت في الصالون وحدقت إلى لوحة والدها المسلطة عليها أشعة الشمس . كانت في كل مرة تدخل فيها إلى الغرفة تجد نفسها مشدودة إليها وتبتسم للذكريات التي كانت تثيرها .
سأفتقدها ، عندما أذهب ... فكرت فيليبا ، توقفت لبرهة عن التفكير ثم تنهدت حين حلت الإثارة محل الشعور بالبرد .
كانت بحاجة إلى مكان ما تذهب إليه . وقد أخبرها زاك أنها بحاجة إلى بعض العزلة لترسم . هذا ما يجب أن تفعله .
ستأخذ مايكفيها من الثياب ، وبعض المال الذي خصصه لها آلان لإعالتها، وستذهب إلى مونتاسكو . ستستأجر مكانآ ما ... ربما البيت القديم بالطبع إذا ما زال موجودآ ... وترسم فقط ، ربما سينفد منها المال ، وسترى عندئذٍ إذا كان بمقدورها أن تنجح ، تمامآ كما فعل والدها من قبل .
وبعد أن يُسمح لكيفين بترك العيادة ، سيكون لديها بيت على الأقل يجمعهما معآ، حيث سيكون في مقدورهما أن يعملا بحرية و البدء بحياة جديدة .
سنتشارك المحترف ، فكرت ، كما خططنا دائمآ .
ربما لم يكن كيفين بحاجة ليعرف عن آلان . وهي تفضل أن تبقي هذا الجرح سرآ.
تمنت ، وليس للمرة الأولى ، لو كان باستطاعتها أن تقود سيارة . كان الأمر سيسهل عليها لو أنها وضعت حقيبتها وأدوات الرسم في السيارة ، بدل أن تحملها طوال رحلة القطار الصعبة و المعقدة .
ستكون راضية أكثر عندما تعرف أنها هي التي تخلت عن هذا الزواج . لن تعطيه الفرصة حتى يطردها بنفسه ، لأنها هي التي ستتركه أولآ . وسيكون مرتاحآ من دون شك ، لأنها أخذت الأمور على عاتقها ، ولن يشعر بأن كبرياءه قد جرحت .
إنني مسرورة . أتمنى أن يضحك الجميع عليه .
ألقت نظرة أخيرة على الصورة ، ثم استدارت بعيدآ . عليها أن ترتدي ملابسها، وأن ترسم بعض الخطط
***

رفع زاك حاجبيه عندما أخبرته بقرارها .
"إنها فكرة صائبة ، يا عزيزتي ، ولكنني لست واثقآ من دوافعك ." قال :" الذهاب في رحلة شيء و الهروب شيء آخر ."
هزت فيليبا كتفيها من دون مبالاة :" ظروف يائسة تتطلب خطوات متهورة . هذه أصبحت حكمتي في الحياة ."
"حقآ ؟" رمقها بنظرة شك ." ولا تنسي أن رسمك أيضآ ميؤوس منه ، وبحاجة إلى جهد كبير منك . حاولي أن تجدي المكان المناسب ." احتضنها بمحبة ."وعودي قوية إلي ."
كان فابريس ينتظرها في المقهى . وقف عندما أقتربت من الطاولة ، وبدا وجهه جديآ .
"فيليبا ، هل رأيت جريدة الصباح ؟"
"نعم ، رأيتها ." جلست وأشار إلى الخادم ليحضر القهوة .
"فابريس ، هناك شيء يجب أن أخبرك به . إني راحلة ، وقريبآ جدآ . أنوي أن أستأجر بيتآ هناك وأتفرغ للرسم كليآ ."
بدا مصدومآ ."تعنين أنك ... ستهجرين زوجك ؟"
"سأرحل بداعي الرسم فقط .أحتاج إلى بعض العزلة ."
"لا ." أحنى فابريس رأسه نحوها وبدا متوترآ :" يجب ألا تبقي وحيدة . فأنت مازلت شابة ولا تستحقين ذلك . فيليبا ، حياتي ... ليس كل الرجال قساة كآلان دي كورسي . دعيني أبرهن لك عن ذلك . أريد أن أكون إلى جانبك ... وأن أحبك ."
عضت فيليبا شفتها وهي تخفي فزعها . كان يجب أن تفكر بذلك .
"كلا ، يا فابريس ." قالت بلطف :" هذا مستحيل . لست بحاجة إلى علاقة ... غرامية ."
"ربما ، ليس بعد ، ولكن سيحصل ذلك بالتأكيد ، وأستطيع أن أكون صبورآ ." أخذ يدها وداعب كفها بإبهامه ." دعيني أرافقك ، فيليبا . سأهتم بك وأحميك.لن أطلب منك شيئآ بالمقابل . ستسير الأمور وفق إرادتك . أعدك . لقد استحق موعد عطلتي وباستطاعتي أن آخذها في أي وقت . وسأوصلك إلى أي مكان عندما ترغبين بذلك . غدآ إذا أردت ."
حملقت فيه . كان العرض مغريآ ، مع أنه كان حافلآ بالمخاطر . كان فابريس يعرف أنه لن يصبر طويلآ ، لأنها ستكون مسألة وقت قبل أن تحثها الوحدة على الاستسلام له . سيكتشف غلطته في وقت قريب .
إذا أرادت فعلآ أن تنتصر على آلان ... تحطم كبرياءه ... هل هناك أفضل من هذه الطريقة ؟ من العدل أن تدعه يظن أنها تركته من أجل رجل آخر .
"ستمل كثيرآ ." قالت ببطء :" أنا أنوي فعلآ أن أرسم بجدية . سأستأجر مثَالآ و..."
"بامكاني مساعدتك ." قال بحماس :" باستطاعتي أن أحضر الطعام لكلينا. وباستطاعتي أن أكون حتى مثالك ، ولِمَ لا ؟"
كان بمقدور فيليبا أن تفكر بعدة أسباب ، لكنها أبقتها لنفسها . ستكون هناك فوائد كثيرة نتيجة تركها باريس مع فابريس .
إذا استقلت القطار سيقتفي آلان أثرها ، وهي لاتريد ذلك . تريد فقط أن تختفي من حياته ، على الأقل مؤقتآ ، وستترك له مذكرة تخبره فيها أن محاميها سيتصل به لمناقشة الطلاق .
لاتريد أي اتهامات أو أي محاولة لإبقائها ، حتى تتابع دورها كبديلة لماري لور كي تنتهي هي بدورها من فترة الحداد . لا يستطيع أن يضغط عليها بعد الآن ، وخاصة بعد أن استرد كيفين صحته . لكن بامكانه ان يحاول حتى اقناعها ...
لن تستطيع تحمل ذلك . هي بحاجة لأن تبتعد عنه ، وفي أقرب وقت . وباستطاعتها أن تعالج موضوع فابريس ، اليس كذلك ؟
نظرت إليه وابتسمت قائلة :" غدآ ، يناسبني تمامآ وفي أبكر وقت ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:54
~\\*][ الفصل الثـآإمنـ ][*\\~


بدأ المطر ينهمر في جنوبي بريغو . فيما هي تراقبه يضرب بعنف على الحاجب الزجاجي ، فكرت فيليبا أنه يطابق مزاجها تمامآ .
اختلست نظرة جانبية إلى رفيقها .ولاحظت انفعاله ، ينظر من خلال المرآة إلى الخلف بخوف شديد . ربما بدأ يدرك بأن الهرب مع زوجة آلان دي كورسي لم يكن العمل الأكثر صوابآ في حياته ، فكرت مستاءة . إذا كانت محقة في تفكيرها ، عندئذٍ لن ينزعج عندما تخبره أن لا مكان له في حياتها حتى ولو مؤقتآ .
حاولت جاهدةً أن تبرر موقفها من فابريس ، على أساس انها ستقع يومآ ما ، ربما في المستقبل البعيد في حبه . لكنها عرفت أن هذا لن يحصل أبدآ . كان قلبها ملك آلان وحده ، وسيظل دائمآ حتى لو يرفضها .
يا لها من مشكلة ! فكرت ، وهي تراقب المطر بنفور .
لكن عليها أن تعترف بنجاح هروبها والذي لم تعترضه أي عقبات . استمدت قوتها من فابريس الذي اتصل بدوره بمدام بيتون في مونتاسكو بالنيابة عنها وتأكد من امكانية استئجار البيت القديم ، بينما كانت هي تبتاع أدوات الرسم .
تذكرت مدام بيتون الآنسة روسكو مرحبة ، وأخبرته بأن البيت سيكون تحت تصرفهما لمدة شهرين على الأقل .
لم يتبق لديها سوى توضيب حقيبتها الصغيرة ، بعد أن اطمأنت إلى أن أدوات رسمها أصبحت في سيارة فابريس .
وضعت فيها بنطالها الجينز وبعض القمصان والكنزات الدافئة وحذاءها الرياضي وكل مستحضرات التجميل وتأكدت من عدم لمس جهاز عرسها . تركت عقدها اللؤلؤي وخاتم زواجها وكل المجوهرات التي أهداها إياها آلان مع مذكرة قالت فيها إنها هربت مع رجل آخر ... حسنآ، برغم أنها تكاد تكون نصف الحقيقة ، فكرت على نحو دفاعي ... وطلبت منه ألا يبحث عنها .
سحبت فيليبا بعض المال من حسابها الخاص أيضآ ، ومبلغآ صغيرآ من مصروفها يكفيها لمدة شهرين .
فيما بعد ، يجب أن تعتمد على دخلها الخاص . هناك دائمآ سياح في جنوبي – غربي فرنسا يتمنون الحصول على لوحات تمثل طبيعة هذه المنطقة . ستحاول أن تستغل الوضع ، قالت لنفسها بتفاؤل .
كان هروبها من الشقة بعد فجر ذلك الصباح بوقت قصير سهلآ ، وساعدها على ذلك غياب آلان عن البيت .
حاولت أن تخفف من آلامها بقولها إن عليها أن تكون شاكرة لأنها عالجت الاقفال وجهاز الانذار من دون أن تحدث أي صوت وأسرعت إلى حيث كان ينتظرها فابريس في السيارة من دون أن يراها أحد .
تساءلت ماذا ستكون ردة فعلها ، لو حاول فابريس التودد إليها في طريق الرحلة ؛ لكنها لم تكن بحاجة إلى أن تقلق . لقد بدا مغلوبآ على أمره . وشارد الذهن على نحو مفاجىء وكان من الواضح أنه يخشى أن يتبعه أحد ، أكثر من اهتمامه يلعب دور العاشق . وهي تشعر بالامتنان لذلك . تمنت لو كان تصرفه أقل توترآ.
"إهدأ ." قالت بانزعاج ، عندما نظر مرة مرة ثانية إلى الوراء :" لا أحد يلاحقنا . باعتقادي ، أنه ان أزعج آلان نفسه بملاحقتي ، فهو سيعتقد أنني في طريق العودة إلى انكلترا ، وسيبحث عني في المرافىء ، فقط ."
"لا نستطيع التكهن بما سيفعله ؟" تمتم فابريس . بدا عابسآ وخائفآ قليلآ ، بخلاف شخصيته الساحرة التي عرفتها في باريس . هل سيُوقف فابريس دي تييري سيارته ويعود أدراجه ، فكرت بأسف .
أرادت أن تأكل شيئآ ، لكنه أصر على متابعة الطريق ، ووعدها بأن يشتري بعض الخبز و الجبن من أحد المتاجر ، ويقوما بنزهة في الهواء الطلق .
لكنها لا تستطيع أن تتذمر من قيادته . ربما كان يسرع من شدة الخوف ، لكنهما اكتسبا بعض الوقت حتى يصلا إلى مونتاسكو قبل المساء . لقد وعدتها مدام بيتون بترك بعض المؤن الغذائية في البيت . وإذا استطاع فابريس أن يخفف من توتره ، ففي إمكانه أن يبرهن لها عن قدرته في الطهي .
كانت معتادة على شمس مونتاسكو الساطعة كما رسمها والدها بالضبط . من الغريب أن تجد شوارعها المألوفة لها ، مهجورة تقريبآ تحت السماء الملبدة بالغيوم ، والمطر الذي ينهمر بغزارة أكثر من أي وقت مضى .
عبرا الجسر ثم انحرفا عن الطريق الضيقة مرورآ بمنحدر ثم بمنعطف قادهما إلى البيت .
وثب قلب فيليبا من الفرح وهي تميل برأسها إلى الأمام حتى ترى شكل البيت . إنها تشعر وكأنها عائدة إلى وطنها .
كان بيتآ بسيطآ ، سقفه مزين بالقرميد ، وعلى السطح ، غرفة صغيرة كان كيفين يستعملها كمحترف ، وستفعل هي الشيء نفسه .
"إبقي هنا ." أمرها فابريس بتهذيب عندما أوقف السيارة أمام البيت :"سأحضر الحقائب ."
شعرت بالذنب وهي تراقبه يجاهد ، لإحضارها تحت المطر الغزير دفعة واحدة . لكنه عندما عاد ثانية ، أحضر معه مظلة .
ناولها المظلة و قال :" استعملي هذه . سوف أوقف السيارة في الكاراج في الخلف ."
سمعت صوت محرك السيارة وهي تسرع إلى البيت . دفعت الباب بقوة وتوجهت إلى غرفة الجلوس مباشرة . كانت الأنوار مضاءة كلها ، جعلت المكان يبدو أكثر إبهاجآ .
اشتمت أيضآ رائحة شهية تصدر من المطبخ .
تنهدت فيليبا بارتياح وهي تنظر حولها وتغلق مظلتها المبللة . لم يتغير أي شيء ، فكرت فيليبا وهي تنظر إلى الخزانة القديمة بأطباقها الزرقاء و البيضاء ، و الطاولة الكبيرة التي تتوسط الغرفة و المغطاة بقماش زيتي .
وضعت المظلة في المغسلة ورمت محفظتها الصغيرة على الطاولة ثم صعدت السلالم مع حقيبتها . لم يكن البيت كبيرآ ، ولكن كانت هناك غرفتان للنوم وحمام صغير . فتحت باب الغرفة ودخلت . يبدو أن مدام بيتون رتبت كل شيء ، حتى السرير الكبير بغطائه المخملي .
تفحصته فيليبا بحزن ... كان كبيرآ جدآ لشخص واحد ، واحتل مع الدريسوار كل مساحة الغرفة تقريبآ .
وضعت حقيبتها في إحدى الزوايا ، ثم راحت تتفحص باقي الغرف . فتحت باب غرفة النوم الثانية ، وتوقفت . كان السرير عاريآ تمامآ .
ومع ذلك طلبت من فابريس بكل صراحة أن يخبر مدام بيتون أن تحضر الغرفتين . ربما لم تفهم كلامه جيدآ بسبب رداءة الاتصال .
من ناحية أخرى ، وعلى الرغم من تصرفات فابريس الشهمة ، ربما هو يحاول أن يجبرها على مواجهة نهائية . ويضعها تحت الأمر الواقع ، حتى تضعف مقاومتها . يجب عليه أن يعيد النظر في ذلك !
كان صوت المطر وهو يتساقط على السطح عاليآ وموحشآ .
خطر في بالها ، وليس لأول مرة ، أنها تصرفت بطيش ، عندما أتت إلى هذه البقعة المعزولة مع رجل لم تعرفه جيدآ .
حاجتها اليائسة للهرب من باريس لتنقذ كبرياءها ، وذلك بأخذ المبادرة بتركها لآلان قبل أن يطردها من حياته ، شوشا تفكيرها .
آخر شيء تريده في هذا العالم ، لاحظت بأسف ، هو قضاء ليلة حتى لو كانت واحدة مع فابريس تحت سقف واحد . كانت شاكرة لمساعدته لها ، ولكن هذا لن يمنحه الحق في التمادي معها .
تنهدت . عليها أن تحضر له الطعام أولآ ثم تطلب منه بصراحة ... أن يجد مكانآ آخر في مونتاسكو لينام فيه ، حتى لو اضطرت لأن تدفع مالها كله .
تمنت لو أنه يذهب من دون أي اشكالات . لم تعد بشيء . لكن وجودها معه هنا ، وضعها في موقف حرج .
سمعت باب الطابق الأرضي يُغلق . شبكت كتفيها . قررت أن تنزل وتواجهه قبل أن يصعد ويجدها في غرفة النوم .
أخذت نفسآ عميقآ ونزلت السلالم ، وهي تفكر بما ستقوله . كان يقف وظهره مواجهآ لها ، ينفض الماء عن معطفه . والآن ، بعدما أصبحت بمفردها معه ، بدا أطول قامة وأعرض بنية ... بالاجمال كان يبدو رائعآ في هذا المحيط الضيّق و العادي ، أو هل أنها تتوهم فقط ؟
"فابريس ..." عرفت أن صوتها كان ناعمآ ، لكنه كان متوترآ ."فابريس،كنت أفكر..."
توقف الكلام في حلقها ، عندما استدار لمواجهتها . أحكمت قبضتها على حافة الدرابزين ، حتى أبيضّت مفاصل يدها عليه . وتلاش صوت المطر بفعل ضربات نبضها العنيفة ، وهي تحملق فيه . إنها لا تحلم ، فكرت ، لكنه كان واقفآ أمامها بلحمه ودمه ، شحمه وعظمه . يا إلهي ... آلان .

الشيخة زورو
10-10-2009, 16:56
قال بلطف ، لكن من دون أن يبتسم :"ماذا كنت تفكرين ، مدام؟أعتقد أن لديك الكثير من الطعام ."
"أنت !" كان صوتها أجش ." ماذا تفعل هنا ؟"
"هو من المفترض ألا يتواجد الزوج إلا مع زوجته !"
وضع معطفه على الكرسي ، ثم تقدم خطوة نحوها . تراجعت فيليبا :"لاتقترب مني،أين فابريس ؟"
هز آلان كتفيه بلا مبالاة ."أعتقد أنه مازال في المرحلة الأولى من رحلة العودة إلى باريس. قد تجدين ذلك مؤسفآ ، تشعرين بالندم ؟" ابتسم بسخرية :"إني آسف، يا زوجتي ، سأعمل المستحيل حتى ... أعوض عليك ."
بدت هذه الكلمات ، وكأنها تجمدت بينهما في الهواء .
وفجأة بدا الدرابزين الخشبي تحت أصابعها الشيء الوحيد الثابت في هذه الدوامة .
أرجعت رأسها إلى الوراء و قالت :" لست بحاجة إلى مؤاساة أحد . ولا أريد شيئآ منك ، آلان سوى حريتي .ممكن أن يكون طلاقنا سريعآ ومن دون أي عقبات كما تريد . لقد أعدت إلي أبي ولن أطلب منك أي شيء آخر . أقسم لك بذلك. فقط طلاق هادىء."
"تجعلين الأمر يبدو سهلآ ." قال بلطف :"ربما أنا لست مستعدآ لأن أتخلى عنك . ربما لا تريدين شيئآ مني ، لكن أنا أريد الكثير منك ."
"أنت مجنون !" بدأ قلبها يخفق بسرعة ." ماذا علي أن أقول حتى أقنعك بأن هذه ... المسرحية قد انتهت ؟ لقد هجرتك آلان لأبدأ حياة جديدة . لا أعرف كيف وجدتني..."
"الأمر كان سهلآ . وضعتك أنت ومنقذك تحت المراقبة منذ أن تعرضت لحادث السرقة ."
"ماذا فعلت ؟" ارتفع صوتها :"إني لا أصدق ذلك !"
"لماذا ؟ هل اعتقدت بأنني لن أقوم بأي خطوة لأحمي مصالحي ... وأنني سأتخلى عنك بهذه البساطة ؟" كان صوته ساخرآ :"كان كل شيء مدروسآ،صدقيني،وخاصة مقابلتي مع حبيبك المفترض البارحة . يجب ألا تثقي بالناس جميعآ ، يا حياتي . شاب مثله يُشترى بسهولة ، لا يستحقك ."
"يُشترى؟إني لا أفهم ."
"هذا واضح ." قال بطريقة جافة :" أتمنى ألا تكونين قد تعلقت به كثيرآ ،يافيليبا. وخاصة أن عمي دفع له حتى يغويك ."
صرخت وجلست على السلالم . قالت بصوت أجش :"أنت تكذب ."
"إذا كنت أكذب فعلآ ، لماذا لم يبق ويساندك ؟ وتطلبين مني أن أخرج من حياتك ؟" بدا آلان متعبآ فجأة . "أثار حادث السرقة شكوكي . كل شيء كان مدروسآ بدقة بالغة. لذلك قمت بببعض التحريات ، واكتشفت أن فابريس كان يعمل عند عمي لويس ، وكان يزوره يوميآ ، وربما يقدم له التقارير عن علاقتكما ."
"هذا غير معقول ! لماذا فعل عمك لذلك ؟"
"الأمر بالنسبة له معقول جدآ . فهو يتمنى أن يتداعى زواجنا. ويبدو أنه أخبر الجميع بأن خياناتي الزوجية ، ستقودك إلى حافة الانهيار . يتكلم عنك باهتمام وبعاطفة... زوجة ابن أخيه البريئة و المخدوعة . يقول بأنك حزينة جدآ ... ولكن لايلومك أحد إذا هربت مني . وبذلك ... يحصل على الفضيحة التي طالما انتظرها ، ويجد لعذر الكافي ليخوله مهاجمتي ثانية ، وتشويه سمعتي ، ويؤكد بعد ذلك لمجلس الشركة أنني غير جدير برئاستها . والأشخاص الذين استمعوا إليه في المرة االسابقة ، سيستمعون ثانية، وربما بانتباه أكثر ."
أخذت فيليبا نفسآ عميقآ :" لا يعقل أن يكون هناك شخص بهذه الحقارة . لن أصدق أي كلمة مما تقول ."
"اعتقدت بأنك ستقولين ذلك ." سحب آلان مغلفآ من جيب معطفه ."لقد أجبرت صديقك على الاعتراف خطيآ . كان صريحآ جدآ . هل تريدين قراءته ؟"
"كلا ."
"لا تيأسي ، يا عزيزتي . يبدو أنه استمتع برفقتك كثيرآ ."
توقف قليلآ ." أتمنى ألا تكوني سهلت عليه مهمته ." ابتسم ، لكن كانت عيناه قاسيتين.
أحنت فيليبا رأسها :"إذا كنت فعلآ تراقبني ، وقرأت هذه المذكرة فهذا يعني أنك تعرف الإجابة مسبقآ ."
"ومع ذلك ، أحب أن أسمع تأكيدك الشخصي ." بدا صوته مصممآ ." أخبريني ، يا زوجتي العزيزة ، هل منحته نفسك ؟"
"كلا." قالت على نحو حاسم .
"إذآ ، كانت هذه ستكون أول مرة لكما . يا صغيرتي المسكينة ، هل أفسدت عليك مشاريعك ؟" كان صوته ساخرآ .
"في هذه الحالة ، أقل ما يمكن عمله بعد أنن حرمتك من حبيبك ، هو أن أجد لك بديلآ."
"ماذا تعني ؟"أصبح صوتها فجأة جافآ .
"أعني بأن زواجنا لم ينته . بخلاف ذلك ، إنه على وشك أن يبدأ ." تفحص آلان الغرفة وأضاف ." ربما هذا ليس المكان المناسب لقضاء شهر العسل لكنه سينفع ."
"شهر العسل ؟" صرخت فيليبا بغضب ووقفت بسرعة . "أي لعبة تلعبها معي الآن، يا آلان ؟"
"ليس هناك أي لعبة . أنت زوجتي ، ولن يمتلكك أحد غيري . لقد حان الوقت لأوضح لك ذلك ."
"ولقد حان الوقت لأوضح لك شيئآ أيضآ ." قالت فيليبا بصوت عال :" جئت إلى هنا حتى أبدأ حياة جديدة خاصة بي ... لأرسم ... لأجد بيتآ لوالدي يأويه، بعد أن يعود من الولايات المتحدة . ليس لك مكان هنا ."
"ومع ذلك كان يوجد مكان لفابريس دي تييري ."
"ليس بالطريقة التي تفكر بها ." نظرت إليه ." ومن أنت حتى تحاكمني على تصرفاتي بعد أن ..." توقفت ، وأخذت نفسآ عميقآ ." كنت بحاجة إلى من يقلني إلى هنا ، فابريس كان ... سيهتم بشؤون البيت فقط ، ويكون مثالي ، هذا كل مافي الأمر."
"آه ، كلا ، يا جميلتي . أنتِ لستِ بهذه السذاجة ، ولا أنا أيضآ ."
"فكر كما تريد ." قالت له بتحد ، وهي تعيد إلى ذهنها ذكريات هواجسها :" أرجوك، لا تحكم علي بمقاييسك المنحطة . لا أريد حبيبآ . جئت للعمل فقط ، ولأبدأ حياتي من جديد."
"وماذا عن حياتنا معآ ؟" كان صوته هادئآ .
"ليست لدينا أي حياة ." عضت فيليبا شفتها ."أنا لست بزوجتك . لم أكن كذلك أبدآ.الأفضل أن نفترق . عندئذٍ يمكنك أن تتزوج ... من صديقتك ."
"شكرآ لأنك سمحت لي بذلك ... لكن هل أنت متأكدة بأنها تريد الزواج مني ؟ فهي الآن أرملة ثرية ." قال آلان ببطء .
نظرت فيليبا إلى الأرض وهي تتذكر ماري لور بين ذراعي آلان ."هذا شأنك الخاص." قالت بصوت خفيض .
"هذا صحيح . لكن ما زال هناك بعض الأمور المعلّقة ، والتي تحتاج لمناقشة ، يا زوجتي ."
"اعتقدت انك ستكون مسرورآ ... وممتنآ بعد أن أخرج من حياتك . السعادة أمامك الآن ... ولن يمنعك أحد من التمتع بها . ولن يتجرأ عمك على افتعال فضيحة ثانية ، بعد أن تتزوج البارونة ."
رفع آلان حاجبيه و قال :" يبدو أنك خططت لكل شيء ."
"كان لدي متسع من الوقت لأفكر بالموضوع ... وأتخذ القرار المناسب ."
نظر آلان حوله :" هذا هو ؟"
"أعتقد ذلك ." رفعت ذقنها ." لا أعتقد أن المكان يليق بك ، لكنك جئت إلى هنا ، بملء إرادتك ."
"لا أحتاج إلى من يذكرني بذلك . هل لي أن أذكرك بشروط اتفاقنا ؟"
لفت فيليبا ذراعيها حول جسدها على نحو دفاعي ." لن أعود إلى باريس وانتظرك حتى تطلقني ." قالت :" لا داعي لبقائنا معآ بعد الآن . لقد تحسنت صحة كيفين ، وأنا ممتنة لك ، وسأظل دائمآ . فعلت ما بوسعي لأقوم بدوري جيدآ ، وإني آسفة إذا كنت تشعر بأنني لم أستحق مالك . بصراحة ، لن أتحمل أكثر ."
"لم أكن أفكر بقيمة الأشياء ." قال ببطء :" هل تناسيت رغبتي في الحصول على وريث ؟ أوضحت لك ذلك عندما طلبت منك الزواج ."
وجدت صعوبة في التنفس ، وهي تحدق فيه غير مصدقة . "كلا ، لم أنسَ . لكن الوضع يختلف . في هذه الظروف لا يمكن أن تتوقع مني ..."
"لماذا ؟" كان صوته ناعمآ ، وعيناه باردتين .
حاولت أن تضحك :" لأن هناك حياة ثانية تنتظرك . بإمكانك أن تكوّن عائلة عندما تتزوج ثانية ."
"ربما لدى العروس المفترضة أفكار أخرى ، تمنى زوجها السابق الحصول على وريث ، لكنه مات دون أولاد في النهاية ."
إذآ لم يكن مسلوب العقل ، فكرت فيليبا بحزن . كان يعرف حقيقة ماري لور ، ومع ذلك أرادها له . طردت الفكرة من رأسها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:00
"عليك مناقشة ذلك معها ، هذا لا يخصني ."
"يخصك بالتأكيد ، يا عزيزتي ." أسند آلان مرفقه على طاولة المطبخ وابتسم. "تتكلمين عن طلاقنا وزواجي مرة ثانية بثقة تامة ، أنت مخطئة . أنا مقتنع بما عندي، ولا أريد أن أغير حياتي . هل فكرت بذلك ؟"
"لا يمكن أن يكون ذلك صحيحآ . لا أحد يستطيع . ألا تريد أن تكون سعيدآ ... بزواج حقيقي من المرأة التي تحبها ؟"
وافق قائلآ :" بالطبع لكن إذا كان الأمر مستحيلآ ، لن أكون أول رجل يرضى بالبديل."
رمقته فيليبا بنظرة احتقار و قالت :" ربما لا أريد أن أكون الزوجة الخنوعة و التي يتوجب عليها أن تتغاضى عن نزوات زوجها . هل فكرت بذلك ؟"
"خنوعة ؟" تمتم آلان :" كلمة لا تلائمك أبدآ ، يا حبيبتي ."
"أنا مسرورة لأنك فهمتني ." قالت :" ولن أسمح لنفسي بأن أُستعمل كآلة لإنجاب الأطفال ."
"تتصورين الأمر كأنه عمل آلي !" ضحك بصوت عالٍ .
"كم مرة يجب أن أقول لك ذلك ؟ لقد هجرتك ، ياآلان . لم يكن يتعين علي أن أوافق على الزواج منذ البداية . لقد كانت غلطة فظيعة ."
"نعم ." هز برأسه ." لكنها كانت غلطة ، ويجب أن نستمر في تحملها لفترة ." توقف برهة ." على الأقل حتى أحصل على طفل ." تفحصت عيناه الخضراوان بصورة أثارت كيانها ."هل أن أمر إنجابه صعب للغاية ؟"
تملكها الغضب عندما فكرت مليآ في طلبه . لو كانت الظروف مختلفة لاعتبرت الأمر رائعآ ، وكأنها تعيش في جنة . لكن في الحقيقة هو لا يحبها ... وهي مجرد امرأة ملائمة لأن تكون أمآ لولده ، وهذا هو الجحيم بحد ذاته .
نظرت إليه وهزت كتفيها :" لقد خططت لمستقبلي جيدآ ، ولن يغير كلامك قراري، يا آلان . لقد انتهى كل شيء ."
"تتكلمين بثقة تامة . ومع ذلك لأول مرة منذ زواجنا الغريب ، نحن بمفردنا تمامآ . عندما تمر الأيام ... و الليالي ... ألا تعتقدين أن باستطاعتي أن أقنعك بأن تكوني لطيفة أكثر معي ؟"
"متى كان الجو لطيفآ بيننا ؟" أحست بمرارة صوتها .
"نادرآ ، هذا صحيح ، ولكن لن تسير الأمور دائمآ هكذا. يمكننا ... المحاولة من جديد."
بدا صوته حزينآ ... ومتواضعآ تقريبآ ، وحبست فيليبا أنفاسها . أرادت في هذه اللحظة أن تعبر المسافة التي تفصلهما ، وتلقي بنفسها بين ذراعيه . سيكون الأمر سهلآ، ولكن مهلكآ . عندما أحست بضعفها ، حاولت أن تعاود هجومها .
"ماذا عن مدام سومر فيل ؟ هل طلبت منها الإذن لهذه المصالحة المؤثرة ؟"
"هي تعيش الآن في عزلة ."
"آه ، إني أفهم ." وقفت فيليبا . انتهت لحظة ضعفها و حزنها ، وأصبحت متوترة ثانية :" كم أنا غبية ! لا يمكنك رؤيتها وهي في فترة حداد . لذلك فكرت بأن تسلّي نفسك معي قليلآ . يالها من قصة ! لا تكون الزوجة عادة مدركة هذه الأمور ."
"كيف تجرؤين ؟" تقدم آلان خطوة نحوها ." اسمعيني جيدآ ، أيتها الغبية الصغيرة..."
"لقد سمعت مافيه الكفاية . أريدك أن تذهب ، يا آلان . اذهب ... الآن . ألم تفهم بعد؟"
"أنت التي لم تفهمي . بالله عليك ، يا فيليبا لقد أتيت كي أراك ... وأتحدث إليك ..."
"لقد ضيعت وقتك ." تقدم خطوة أخرى نحوها ، وتراجعت هي بدورها على السلالم ويداها ممدودتان إلى الأمام ، وكأنها تدفعه عنها بعيدآ . " كلا !" بدا صوتها هستيريآ. "لا تلمسني ... لا تقترب مني ..."
"يا إلهي ." همس أخيرآ :" أنت خائفة مني . هل تجدينني فعلآ مرعبآ ؟"
ارتجفت :" إذهب ... أرجوك ."
"حسنآ ." كان هادئآ ."إذا كانت هذه رغبتك ." أخذ معطفه ، ثم وضعه على كتفه ، ولم تفارق عيناه عينيها ثم مشى باتجاه الباب .
عندما وصل إلى المدخل استدار . كان يبتسم ، ولكن بدا وجهه متجهمآ كالشتاء .
"الأمر مضحك . من بين كل النساء ، زوجتي هي الوحيدة ، التي لا أستطيع الحصول عليها . إلى اللقاء ، يا جميلتي ، أتمنى لك التوفيق ."
راقبت فيليبا الباب وهو يغلق وراءه . عندما أصبحت بمفردها ، نزلت السلالم ، تتلمس طريقها كالعمياء .
لقد ذهب آلان . لقد كانت قوية ... وجريئة معه لدرجة أنها استطاعت أن تبعده عنها . الآن كل ما عليها أن تواجهه الوحدة ، نتيجة جرأتها ... في كل يوم تبقى من حياتها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:05
\\~* الفصلـ التـآسع *~\\


كانت ماتزال جالسة تحدق في الفراغ ، عندما فُتح الباب بعنف ، بعد عدة دقائق ، ودخل آلان بوجه متوعدٍ.
قفزت من مكانها ، مصدومة ، فسقطت الكرسي إلى الوراء : محدثة ضجيجآ .
واجهها بشراسة من عبر الطاولة التي نفصلهما ، وعيناه تقدحان شررآ ويداه مرفوعتان لإسكاتها عندما حاولت أن تتكلم .
"نعم ، لقد عدت ، لكن ليس بملء إرادتي ، إني أؤكد لك ذلك ، إذآ أرجوك أن تعفيني من اتهاماتك التي كنت على وشك أن تنطقيها بلسانك اللاذع ."
"إنك مخطئ ." ارتجف صوتها ."لا تستطيع أن تلومني لأنني فوجئت . اعتقدت بأنك في طريقك إلى باريس ."
"كنت أنوي ذلك . لكن يبدو أن حبيبك لديه أفكار أخرى ..." توقف ."إطارات السيارة كلها مشقوقة . لن أذهب إلى أي مكان الليلة ."
"هل فعل فابريس ذلك ؟" عضت فيليبا شفتها ." لكن لماذا ؟"
هز كتفيه على نحو مقتضب وأجاب :" الحقد ، أعتقد . أراد أن ينتقم لأنني اكتشفت حقيقته ... وأفسدت عليه لعبته معك ." ابتسم لها بنفور :" ربما أخطأت في الحكم عليه، يا زوجتي . وربما لم تكن المسألة مادية فقط . ربما أرادك لنفسه ."
"أتمنى ألا تتوقع مني أن أشعر بالإطراء . إني آسفة بالنسبة للسيارة ، لكن هذه ليست نهاية العالم . هناك مرآب في مونتاسكو . ستجد عندهم ما يكفي من الإطارات .
"إني متأكد ." قال :" غدآ ."
هز رأسه بسخرية وهو يرى نظرة الرعب في عينيها ."لا أنوي أن أمشي كل الطريق تحت المطر كي أصل إلى مكان المرآب ، الذي من دون شك ، قد أقفل الآن."
"وربما لا ..."
"لست مستعدآ لأبرهن لك ذلك ، بطريقة أو أخرى ." قال بلطف ."إني على وشك أن اكون ضيفك الليلة ..."
"هذا مستحيل !" لوت يديها بضعف ." بإمكانك أن تمضي الليلة في السيارة أو ... هناك فندق صغير في آخر البلدة ..."
"أتمنى أن تزدهر أعماله ." قال آلان بعبث :" لن أكون أحد زبائنه . ولن أعرض نفسي للمرض في السيارة . أنت لست مضيافة ، يا عزيزتي ."
توردت وجنتاها :" لا تتوقع ذلك مني ، أبدآ ."
"أنا أيضآ ." تابع آلان ساخرآ :" هل تتوقعين مني أن أفرض نفسي على فتاة ، كانت منذ نصف ساعة ترتعد مني . لقد اكتفيت من ذلك في ليلة زواجنا ، إذا كنت تتذكرين."
توقف بتعمد ، وارتفع حاجباه بسخرية عندما نقزت .
"أرجوك توقفي عن النظر إلي ، وكأنك فأرة وأنا هرّ جائع . دعينا نحاول أن نتصرف كأشخاص متمدنين على الأقل لما تبقى من هذه الليلة ."
"ربما أنت الذي شق إطارات السيارة ." قالت فيليبا ونبرة التمرد في صوتها .
تنهد :" ربما أنا الذي أنزل المطر ، وأخّر الساعة حتى أمتع نفسي لبضع ساعات أخرى برفقتك ، أيتها المرأة السليطة اللسان ، الصغيرة . على كل حال ، لم أفعل أي شيء من ذلك ." مشى حول الطاولة ثم أنهض الكرسي الذي على الأرض ."أرجوك، أهدئي قليلآ ." أشار إلى الفرن :" هل ستتناولين ذلك الطعام أم ستدعينه يحترق ؟"
هزت فيليبا كتفيها معلنة استسلامها :" أعتقد أننا سنتناول العشاء ."
"لقد تناولنا الطعام معآ عدة مرات من قبل . لن يكون الأمر مؤلمآ لهذه الدرجة ." قال على نحو فظ :" الفرق أن هنرييت لن تكون معنا حتى تخدمنا ."
"كلا ." قالت . كانت تتذكر ما قاله لها في أول يوم من زواجهما عندما كانا معآ وبمفردهما ، وأفزعتها هذه الصورة .
يعتقد أنني خائفة منه ، فكرت . لكنه مخطئ . إني خائفة من نفسي ... خائفة من أخون مشاعري . لأنه إذا عرف ، سأصبح تحت رحمته إلى الأبد ، ولن أقدر على تحمل ذلك . لن أكون الزوجة اللطيفة ، التي يدعي زوجها عندما يتغيب عن البيت ، أنه في المكتب يعمل حتى ساعة متأخرة . أفضل أن أعيش بعيدآ عنه ولا أتحمل تلك الأكذوبة .
رتّبت الطاولة ووضعت بعض السكاكين و الملاعق . قطّع آلان الفطيرة التي أعدتها مدام بيتون ثم فتح زجاجة شراب .
شعرت بالتوتر من هذه الألفة البسيطة . وجدت نفسها تفكر ، لو ... وطردت الفكرة من رأسها قبل أن تترسخ في ذهنها . هذا ما كانت تخاف منه ، فكرت . الألفة الصادقة في تحضير الطعام معآ . هذا ماهو معنى الزواج الحقيقي . هذا هو الخظر بحد ذاته .
أكلت فيليبا جيدآ على الرغم من الصراع النفسي في داخلها . لم يحاول آلان أن يجرها إلى الحديث ، وكانت شاكرة لذلك .أنهيا الوجبة بالجبنة و الفواكه ، وبما تبقى من الخبز .
"قهوة ؟" دفع آلان كرسيه إلى الوراء ، وأمسك بالابريق .
"هل تجيد تحضير القهوة ؟" لم تستطع فيليبا إخفاء دهشتها .
"بالطبع ." قال بحدة :" وستتعجبين أكثر ، يا زوجتي ، لو عرفت بأنني أجيد الطهي. عندما كنت صغيرآ كنت أذهب في رحلات صيد مع والدي . كان يؤمن بالاكتفاء الذاتي ."
"وهل كانت والدتك ترافقكما ؟"
ضحك و قال :" كلا . كانت مثلك مهتمة بالرسم و الألوان المائية . كانت مجرد تمضية وقت بالنسبة لها ، أشك في أن عملها كان فيه سحرآ أكثر من الموهبة ، لكن والدي كان يجده رائعآ . لقد أطّر كل أعمالها ، وعلّقها في بيتنا في فونتانبلو ."
كادت أن تقول :" أتمنى أن أراها ، يومآ ما ." لكنها توقفت في الوقت المناسب .
تساءلت عن شكل هذا البيت ، وبيوت آلان الأخرى أيضآ .لم يقترح عليها قط زيارة احدها ، فكرت ، وهذا يؤكد عدم أههميتها في حياته .
"هل عاش أهلك في فونتانبلو ؟"
هز رأسه ايجابآ :" طوال حياتهما معآ . لقد كان بمثابة بيت العائلة ." كان في صوته حنين ، وكأنه يستدعي ذكريات الماضي الجميلة ، فكرت وخفق قلبها .
"يبدو أنهما كانا سعيدين معآ ."
"نعم ، أعتقد ذلك ، على الرغم من كل شيء ." لاحظ نظرتها المتسائلة وهز كتفيه مستطردآ :" كان زواجهما مدبرآ أيضآ . واجها الكثير من المتاعب في بداية زواجهما. لكن من ليس عنده متاعب ؟" أضاف بسخرية .
"نعم ." قالت ثم دفعت كرسيها إلى الوراء ." لا أعتقد أنني سأشرب القهوة ، سأصاب بالأرق إذا فعلت ويجب أن أبدأ العمل باكرآ ، غدآ ."
"لكنك نسيت شيئآ آخر . عليك أن ترشديني إلى المكان الذي سأنام فيه ." قال آلان برقة .
"أوه ، نعم ." عضت شفتها ." هناك غرفتان واحدة فقط مجهزة . تجلب مدام بيتون كل الشراشف من المزرعة و ..."
"غرفة واحدة ." ابتسم آلان ."مسكين فابريس ! إني أفهم سبب خيبته ورغبته في الإنتقام مني ."
"لقد ارتكب غلطة فادحة وأنت كذلك ." قالت فيليبا باختصار :" لم يكن في نيتي أبدآ أن أتركه ينام في مخدعي ."
"أعتقد أنه كان عليك في هذه البقعة النائية ، يا عزيزتي ، أن تكوني أكثر حكمة وتفهمي نواياه ." كان صوته قاسيآ .
"ألم يخطر في بالك أنه من المحتمل أن تجدي نفسك في وضع لن تقدري على معالجته ؟"
توردت وجنتاها ودافعت :" لكنني أوضحت له الأمر جيدآ . كان يبدو دائمآ...محترمآ." قالت بضعف .
"هذا المأجور الذي شق إطارات سيارتي ." لاحت ابتسامة غاضبة ."كان سينقض عليك قبل أن تتلي حتى صلواتك ، أيتها الغبية الصغيرة ."
رفعت ذقنها و قالت :" كنت يائسة ، وعندما أيأس أتصرف دائمآ بغباء ... كما يجب أن تعرف ذلك ."
"وزواجنا مثال على ذلك ." فاجأتها المرارة في صوته . "الأفضل أن ترشديني إلى الغرفة ، يا مدام . لدي دثار سميك في سيارتي . سأستعمله لهذه الليلة فقط ."
هزت رأسها بصمت ، ثم قادته إلى الطابق العلوي . كان باب غرفتها مفتوحآ ، واستطاع آلان أن يرى السرير العريض و النظيف ، لكنه لم يعلّق .
وجدت نفسها تتساءل فجأة ، وبجنون كيف ستتصرف لو أن آلان أخذها بين ذراعيه ، ودفعها بالقوة إلى الغرفة وإلى السرير الناعم ...
فتحت باب الغرفة الصغيرة ثم قالت وهي تلهث :" ستنام هنا . و الحمام في آخر الممر . أتمنى أن تجدها مريحة ."
"هذا صعب جدآ . بون سوار ، يا فيليبا ."
ردت له تحية المساء ثم أسرعت إلى غرفتها . فكرت في أن تقفل الباب بالمفتاح ، ولكنه صدئ، وهي لا تريد على كل حال ان تبالغ في تصرفها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:07
سمعت خطواته على السلالم ، وهو يعود بعد فترة قصيرة ، ربما مع دثاره بعدما خيم الهدوء . نزعت عنها ثيابها بسرعة ، استحمت ، ثم زحفت تحت غطاء السرير المخملي .
لكن النوم جفاها . فكرت وهي تحدق في الظلمة ، لم تستطع النوم ، ولن يكون الأمر سهلآ إذا كانت ستستمر وتتظاهر بعدم الإهتمام ... وأن زواجهما كان غلطة هي مستعدة لإصلاحها . ومع ذلك يجب أن تتقبل الوضع .
لأن آخر شيء تريده ، هو أن تمنح نفسها له وتدع آلان يعرف بأنها تحبه .
طلاق هادئ ، فكرت . هذا ما تحتاجه . جرح يمكن أن يلتئم ... في آخر الأمر .
بعد بضع ساعات فقط ، فكرت . بضع ساعات أخرى فقط . كررت هذه الكلمات في رأسها مرارآ ، كأنها صلاة الألم الخاصة ، حتى نامت أخيرآ .
كانت الشمس تزحف من خلال الستائر عندما فتحت عينيها في الصباح التالي . نظرت إلى ساعتها ثم انتصبت في جلستها . كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة .
ارتدت ثيابها بسرعة و أسرعت متجهة نحو السلم واختلست نظرة إلى غرفة آلان . لم يكن له أثر . ربما رحل ، فكرت وهي تترنح في مشيتها .
كانت الغرف في الطابق الأرضي فارغة أيضآ لكنها اشتمت من هناك رائحة القهوة وشاهدت طبقآ وصحنآ في المغسلة ، من الأرجح أنه تناول فطوره .
كانت تعد لنفسها بعض القهوة ، عندما سمعت صوت محرك السيارة . نظرت من خلال النافذة التي فوق المغسلة ، فرأت شاحنة كبيرة تجر سيارة آلان وراءها .
ظهر آلان بعد لحظات قليلة ، وهو يمشي ببطء ورأسه منحنٍ .
"ماذا حدث ؟" أسرعت لمواجهته عندما دخل من الباب "لماذا أخذوا سيارتك ؟ ألم تجد عندهم الإطارات المناسبة ؟"
"الكثير ." قال :" هذه ليست المشكلة . لقد عبث صديقك فابريس بالمحرك أيضآ . يعتقدون أنه بحاجة إلى قطعة غيار جديدة . وسيتطلب ذلك بعض الوقت . ربما يومآ أو يومين ."
"كلا !" ضربت كفها على اللوح الخشبي وهي تشعر بالاحباط ." هذا لا يمكن أن يحصل أبدآ !"
"إني أؤكد لك أنه حصل ." قال آلان بحدة :" لست الوحيد المنزعجة من ذلك ، صدقيني ."
"لكنك لست بحاجة إلى الانتظار حتى تصلح سيارتك . بإمكانك أن تستأجر سيارة..." "سيارتي مهمة لي كثيرآ ." قال على نحو مقتضب :" أفضل أن أبقى هنا حتى أراقب عملهم ."
"لكنك وعدتني بأن تذهب . لا يمكنك أن تبقى هنا !" لاحظت الذعر الذي بدا في صوتها،وحاولت أن تضحك :" أعني أنا بحاجة للبقاء بمفردي . أخبرتك بذلك ."
"رغم ذلك ، الوحدة التامة لم تكن جزءآ من خطتك الأساسية ." كان وجهه خاليآ من أي تعبير ." هل اعتقدت أنك كنت ستقدرين على طرد فابريس دي تييري بهذه السهولة ؟"
"ربما لا ." اعترفت عابسة ." لكنه كان سيفيدني ." رمقها بنظرة ساخرة وتوردت وجنتاها من الغضب ." كلا ، ليس بتلك الطريقة . كان سيصبح عارض ."
كان صوته قويآ :" هل تعنين بثيابه أم من دون ثيابه ؟"
زمت فيليبا شفتيها ." في الواقع ، الحالتين ، لكن ..."
"رائع ." قال آلان بلطف :" هذه القصة تتحسن أكثر و أكثر ."
"هذه ليست قصة . أنا بحاجة إلى أن أعمل على لوحة طبيعية – أوامر زاك – ولذلك أحتاج إلى عارض . والذي سأضطر الآن أن أجلب واحدآ بالأجرة ." وجهت إليه نظرة محرقة ." العرض ليس بشيء فاسق بالنسبة للرسام ، جسد الانسان تركيب من الظلمة و النور ... المسطحات و الزوايا ."
"أتساءل إذا كان دي تييري سيأخذها من هذا المنطلق ." أردف آلان بنفور :" ربما كان سيوافق معي على أن الفتاة هي متعة لكل الحواس وليس فقط العين ."
"أنا متأكدة من أن هذه وجهة نظرك ." ردت فيليبا بحدة . "لكن تأكد أنه ما كان سيجد فتيات عاريات هنا . وعلى كل حال أنت لست فنانآ ."
ضحك :" إني أوافق مع أبي على أن فنانآ واحدآ في العائلة يكفي . سأذهب إلى المزرعة لأبحث عن سرير مناسب . لا أنوي أن أقضي ليلة أخرى تحت سجادة السيارة ."
راقبته فيليبا ، وهو يعبر الساحة إلى البوابة الخارجية ، وهي تسكب لنفسها بعض القهوة . تنهدت . كان وسيمآ ، فكرت بحزن .
لماذا لم يتقبل موقفها وبقي في باريس ، مكانه المناسب ؟ لماذا لحق بها إلى هنا ، يعذبها ، يلهيها ... ويهينها بكلامه ويؤكد لها استمرارية اتفاقهما ؟ سألت نفسها بتوتر. كل يوم يفرض عليها أن تبقى معه تحت سقف واحد ، كان بمثابة جرح جديد .
يبدو أن العمل ، هو الأمر الوحيدة الذي سيريح أعصابها المتوتر .
عندما انتهت من تناول فطورها صعدت إلى الطابق االعلوي . هذا البيت استأجره الفنانون بانتظام من قبل ، وقد استعملوه بمثابة محترف ، ولذلك كانت الغرفة الكبيرة فارغة تمامآ .
تجولت فيليبا في المكان حتى وجدت طاولة صغيرة . وضعت عليها قماشآ أصفر قبل أن تصنع أدوات رسمها . أحضرت من المطبخ إبريقآ وبعض الأقداح وزجاجة شراب وسلة مليئة بالفاكهة و الخضر . تطلب منها بعض الوقت حتى استطاعت أن تضع كل هذه الأشياء في أماكنها الملائمة .
كانت تتفحص نتيجة عملها عن بعد ، عندما صعد آلان السلالم الخشبية .
"لم توافق مدام بيتون على استضافتي عندها ." قال بعبث :" اندهشت عندما سمعت أن هناك أكثر من سرير واحد سيُستعمل . إنها إنسانة رومانطيقية ، مع أنها أصرت على مناداتي بالسيد دي تييري ."
توردت وجنتاها :" نعم ... حسنآ ، لقد اتصل بها فابريس وأعتقد انها تفكر ..."
" إن ما تفكر فيه واضح جدآ ، لقد طُلب منها أن تحضر غرفة واحدة ."
ازداد تورد خديها ." لم أفعل ذلك ." قالت على نحو حاسم :" لكن لحسن الحظ ، لم يعد هذا مهمآ ."
حولت نظرها ثانية إلى الطاولة بتعمد ثم هزت رأسها :" هناك شيء ناقص ."
وقف آلان إلى جانبها ." الإرتفاع ." قال بعد لحظة :" لماذا لا تستعملين الزجاجة كشمعدان ؟"
"أجل ، أنت على حق ." قالت ، وهي تشعر بالانزعاج لأنه استطاع أن يلاحظ ذلك بوضوح ، مع أنها تفحصته جيدآ . لم تكن تركز ، فكرت :" يجب أن يكون هناك بعض من الشمع في المطبخ ."
نزلت السلالم وهي مدركة أنه يتبعها ، عبرت الباب المزدوج إلى الجزء الرئيسي من البيت .
وجدت هناك حزمة على طاولة المطبخ . فاقترب آلان منها و قال :"لو كنت في مكان فابريس لما قبلت بغير هذا الأرنب لعشاء الليلة ."
"يا للسماء !" حاولت فيليبا أن تتكلم بهدوء ، وهي تأخذ بعض الشموع من درج الخزانة .
"ليس لدي أي فكرة عما سأفعله بأرنب ."
"لكن أنا لدي ." قال لها آلان :" هل تفضلينه مع حساء البصل و العشب ، أم مع الخردل فقط ؟"
"مع البصل و العشب ، أعتقد ." قالت بضعف .
"حسنآ ." قال بنشاط :" سأناديك عندما أنتهي من إعداده ."
"لا تزعج نفسك ..." بدأت الكلام ، لكنه قاطعها .
"هذا من دواعي سروري ، يا حياتي ." كان في ابتسامته مسحة من السخرية ."تعويض بسيط ، ربما لأنني جعلتك تعانين من حضوري المزعج ."
يا إلهي ، فكرت . لو أنه يعرف ... قالت بضعف :" شكرآ لك ." وأسرعت إلى المحترف .
تدربت كثيرآ على موضوعها . حاولت أن تركز ، وعندما جاءت فترة ما بعد الظهر ، لم تكن راضية أبدآ من عملها . بدا رسمها متكلفآ ... وعشوائيآ ، فكرت بتململ . لكنها بدأت العمل ، على الأقل .
كانت تنبعث من المطبخ رائحة طعام شهية ، فركت أنفها بإعجاب ، وهي تتوجه إلى هناك .
كان آلان جالسآ إلى الطاولة يُقطع الجزر إلى شرائح . نظر إليها وسألها :"هل انتهيت لهذا اليوم ؟"
"أعتقد ذلك ." جلست في مواجهته وراقبته :" هل كنت تحضر الطعام طيلة فترة ما بعد الظهر ؟"
"على الإطلاق . تجولت في القرية قليلآ ، ثم لعبت البليارد مع بعض سكان المنطقة."
حملقت فيليبا فيه ." ألم تشعر بالملل ؟" رفع حاجبيه . " أعني أنها مختلفة عن نمط حياتك . لابد أنك تشعر وكأنك منعزل عن عملك ... وعن كل شيء ."
"أنت لا تعتقدين أن باستطاعتي الاسترخاء ؟"
"ليس تمامآ ." قالت ببطء :" لكنك تبدو دائمآ مليئآ بالقوة و النشاط . اعتقدت أنك ستجد الحياة هنا ... مخيبة ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:09
بدا مندهشآ ." إذا كنت أشعر بالخيبة ، تأكدي أن لا علاقة لذلك بالمكان ، صدقيني ."
لاحظت فيليبا بغيظ أن ليس لديها الكثير لتقوله .
كان الأرنب شهيآ ، خفيفآ وله نكهة خاصة مميزة مرفقآ ببطاطس صغيرة وجزر مغمس بالزبدة .
"ما رأيك ببعض الجبنة ؟" راقبها آلان وهي تلتهم الحساء مع قطعة خبز .
هزت رأسها و قالت :" لا أستطيع . أنت طاهٍ ماهر حقآ ." ترددت ثم أضافت :" أنت إنسان مدهش أحيانآ ، يا آلان ."
"هل تعتقدين ذلك ، يا حياتي ؟" كان صوته جافآ ."لقد اعتقدت ان بإمكانك أن تتنبأي بكل تصرفاتي ."
"كلا ." عضت فيليبا شفتها ." لم أتوقع أبدآ أنك ستتبعني إلى هنا ."
"هل اعتقدت أنني كنت سأتخلى عنك بهذه البساطة لنوايا مسيو دي تييري ، المشكوك فيها ؟" سأل و أضاف :" كلا يا فيليبا ، لقد أخبرتك ، إذا كنت تتذكرين ، بأن علينا أن نتحدث بجدية ، أنت و أنا ."
"نعم ، الأفضل مناقشة الموضوع من خلال المحامين ." تقلص حلقها .
خيم صمت ، ثم أضاف بلطف :" بالطبع ... إذا كان هذا ما تفضلين ."
"أعتقد ذلك . علينا أن نكون واقعيين على كل حال ."
"نعم ." نهض عن كرسيه ثم بدأ بتنظيف الطاولة .
"دعني أقوم بذلك ." وقفت فيليبا و قالت :" ليس من العدل أن تقوم بكل شيء."
"أنت من أنصار العدالة ، أليس كذلك ، يا زوجتي ؟ أنت تلتزمين بالقانون على نحو صارم في كل الظروف . لا تفسحين المجال لأي مفاوضات ." كان وجهه متجهمآ عندما نظر إليها .
"إني لا أفهم كلامك ." تلعثمت في كلامها .
هز آلان كتفيه ."لا يهم ." توقف برهة ."سأذهب إلى نادي القرية لبعض الوقت ، إذا كنت لا تحتاجين إلى مساعدتي . سترتاحين من رفقتي لساعو أو لساعتين ."
"شكرآ لك . أعتقد أن ليس لديك أدنى فكرة متى ستصبح سيارتك جاهزة ؟"
تصلب وجهه وأجاب :" ليس بعد . ربما ستأخذ بعض الوقت ."
" يا إلهي ." قالت بصوت جامد ويداها مثبتان على جانبيها :" أتمنى أن يسرعوا ... أن ينتهوا من تصليحها ."
ارجع رأسه إلى الوراء ، ونظر إليها :" أنا أيضآ ، يا مدام . و الله هو شاهدي . ربما بعدها نستطيع أن نعيش بسلام ."
جرحها صوته القاسي . كانت على وشك أن تنطق باسمه ، لكنه أغلق الباب وراءه بعنف و ذهب .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:11
\\~{* الفصلــ العــآإشـر *}~\\


لم تنم فيليبا تلك الليلة جيدآ . كانت تتقلب طوال الوقت على فراشها بتململ ، تنتظر عودة آلان ، لم تستطع عندما تركها أن تطرد صورة وجهه المتصلب من ذهنها .
كما لم تستطع أن تنسى أيضآ كم كانت متلهفة لأن تركض خلفه ... لتطلب منه البقاء.
ماذا كنت سأحرز ؟ سألت نفسها ، وهي تضغط على الوسادة بشدة ، سوى الأسى .
عاد آلان في وقت متأخر من المساء . سمعت صوت الباب يُغلق ثم صدى خطواته وهو يرتقي السلالم بهدوء .
تجمدت في مكانها وحملقت في الفراغ ووانتظرت بتوتر . اجتاحت جسدها موجة من الخوف والإثارة عندما توقف أمام غرفتها .
لو فتح الباب و دخل ، ماذا ستقول له ؟ وماذا ستفعل ؟
تضاربت هذه الأسئلة في ذهنها لكنها لم تستطع أن تجد لها جوابآ . ثم سمعته أخيرآ يسير بعيدآ ويفتح باب غرفته و يغلقها . تنفست ببطء مرة ثانية وسمحت لجسدها بالإسترخاء من جديد .
لقد هربت مرة أخرى ، لكن ليس منه بل من نفسها . عرفت ذلك وهي تنقلب على بطنها وتدفن وجهها في الوسادة .
يا إلهي ، فكرت ، يجب أن أكون حذرة ...
غفت بشكل متقطع ، واستيقظت باكرآ . ارتدت ثيابها ونزلت بهدوء وهي تحمل صندالها حتى لا توقظ آلان . أعدّت بعض القهوة ثم توجهت إلى المحترف مباشرة .
كان عملها في اليوم السابق غير واعد كما تتذكر . أعادت ترتيب الطاولة مرة ثانية ، وأحضرت كرسيآ وسكينآ من المطبخ .
أرادت أن تبدو الطاولة أكثر حيوية ... وكأن شخصآ كان يعمل في إعداد الخضر عليها ، لكنه دفع بكرسيه إلى الوراء ونهض لسبب ما .
تراجعت خطوة إلى الوراء وهي تهز رأسها ثم وضعت المسند وأعدت لوحة خلط الألوَان . بدأت تعمل بتوتر شديد وكادت ترمي الطلاء على القماش ، وهي تحاول أن تتخلص من تشنجها وشكّها يتملكانها .
هذه هي الحياة التي اختارتها ، وعليها أن تستغلها إلى أقصى حد . كانت ترفض دور مدام دي كورسي ، الذي لعبته سابقآ على نحو غير ملائم وغير ناجح . وعليها أن تتعلم الرسم بكفاءة حتى تكسب رزقها ، وهذا ما كانت تنويه دائمآ .
لكن مرض كيفين وقف عائقآ أمامها ، بكل نتائجه المشؤومة .
تنهدت فيليبا بصمت . ربما ستستطيع يومآ ما أن تنسى أنها كانت زوجة آلان دي كورسي . لم يدم زواجهما الشاذ إلا بضعة أشهر ، وليس عمرآ كاملآ ، عليها أن تشفى منه .
هي الآن في المرحلة الأولى من الشفاء ، بعد أن تركته .
لم يكن يتوجب عليه أن يلحق بها ، ويتحدث عن شهر العسل ... والأولاد. كان ساخرآ... وحقيرآ عندما أدرك أنهما لن يشتركا في زواج حقيقي ... أبدآ . عندما لم يحبها .
وجدت نفسها تتساءل كيف سيكون الأمر لو أنها وآلان التقيا لتوهما ... لو أنها كانت ترسم ، وتعطلت سيارته ، وتعارفا بطريقة ما .
أوقفت تسلسل أفكارها على نحو مفاجئ . لو كانا غريبين ، لكان آلان تجاوزها ددون أن يعيرها حتى نظرة واحدة . كانت آخر امرأة في العالم يتوقع أن يقع اختياره عليها. ربما كانت ستكسب بريقآ سطحيآ ، لكنها ما زالت في الواقع الفتاة التافهة الشاحبة التي رآها في شقة لاودن في أول لقاء لهما . إنها ليست فقط ساذجة ، اعترفت بحزن، بل باردة أيضآ .
"هل أنت بخير ؟"
أجفلها وصول آلان الصامت إلى المحترف وكادت أن تصرخ .
"هل كان من الضروري أن تزحف إلى هنا بهذه الطريقة ؟"
"دخلت بشكل عادي ." قال بهدوء :" كنت مستغرقة في التفكير لدرجة أنك كنت غافلة عن أي شيء آخر ."
"آه ." تورد وجهها قليلآ ، وكانت شاكرة لأنه لم يكن لديه أي فكرة عن فحوى أفكارها.
"لقد أحضرت لك بعض الحساء ." وضع الصينية التي كان يحملها على الطاولة ."لم تتناولي فطورك بعد ، ولن تقدري على العمل من دون طعام ."
"إني لا أعمل كثيرآ في هذه اللحظة ." شعرت بجوع شديد عندما وقع نظرها على حساء الخضر الشهي .
"أين أصبح رسمك ؟" وقف آلان إلى جانبها ، يتفحص القماش باندهاش .
"ستنجح لو كانت مجرد تمرين دراسي ... أو علاج ." ثم أضافت بصوت خافت : "لكنها لا تعبر عما في داخلي ... لا شيء مما أريد التعبير عنه . كالعادة ... ناقصة ."
"أعتقد أنك تقسين على نفسك ." قال آلان :"ستتحسنين بعد أن تأكلي . الجوع يجعل الإنسان يائسآ."
تقدم من الطاولة وأخذ سكينآ ."وأخيرآ وجدتها . لقد بحثت عنها في كل مكان ."
"إني آسفة ." قالت ، فيما شعرت بقلبها ينبض بالإثارة وهو إلى جانبها : " آلان ، أرجوك أن تبقى في مكانك للحظة ... كما أنت ؟"
نظر حوله ، وارتفع حاجباه :" لماذا ؟" ضحك عندما رآها تضع بعض الخطوط العريضة على قماشها ."هل أنت جدية ؟"
"أكثر من أي وقت ." كان في صوتها الحاح ." قف هناك فقط و لا تتحرك ، أرجوك."
عرفت آلان لماذا الصورة كانت تبدو فارغة . لأن آلان لم يكن فيها . حاولت أن تستثنيه منها جسديآ ، وحاولت بدل ذلك أن تفرض شخصيته وحيويته من دون حضوره الفعلي .
حينما وقف آلان قرب الطاولة ، اتضح لها كل شيء .
لكن لاحظت بعد ذلك أنها أرادت أن ترسمه ، منذ اللحظة التي رأته فيها في لاودن. كانت هذه أحد الأشياء التي خطرت على بالها . وربما ستكون فرصتها الوحيدة لأن تفعل ذلك .
كانت ترسم وتحتسي ، بين الحين والآخر حساءها البارد بناءً على طلبه . جعلته يتخذ أوضاعآ فتية ، وقوفآ أحيانآ وجلوسآ أحيانآ أخرى . كان يبدو فرحآ، لكن مرتبكآ بالتأكيد ، ومع ذلك استجاب لها .
"اسمحي لي أن أشتري هذه التحفة الفنية بعد أن تنتهي منها ." قال ، وهو يقطع الطماطم إلى شرائح صغيرة :" إني أرفض أن يراني زملائي ، وموضفو شركة دي كورسي في هذا الوضع الحميم ."
"لا تتحرك ... أدر رأسك قليلآ . هذا رائع . والآن ، إثبت في مكانك ."
تنهد :" حاضر يا حبيبتي . أنت مجنونة ، هل تعرفين ذلك ؟"
ربما ، فكرت فيليبا . ولكنني أشعر فجأة بالنشاط ، وأنا متأكدة بأنني سأنجح .
كان آلان طوال الوقت ، حتى في فابريس ، يجول بينها وبين الصورة التي كانت تحاول أن تنقلها إلى لوحة . حاولت كثيرآ أن تقاوم وأن تطرده من مخيلتها ، لكنها عرفت الآن أن عليها أن ترسمه وتجعله النقطة الأساسية في لوحتها على الأقل .
ربما ستستطيع بهذه الطريقة أن تتخلص منه إلى الأبد .
حاولت العمل بنوع من اليأس على وضع اللمسات الأخيرة ، وآلان جالس ، ووجهه الداكن مصمم على إنجاح مهمته كما ، رأته في الليلة السابقة .
مر الوقت بسرعة ، ولم تلاحظ ذلك حتى قال أخيرآ :" يا عزيزتي ، بعيدآ عن هذا التشنج الذي أحاول أن أتحمله من أجل الفن ، ما لم أتحرك بسرعة ، لن يكون هناك عشاءٌ."
"لم أفكر بذلك ." اعترفت بأسف ." كان يجب عليك أن تأخذ بعض الراحة .إني آسفة."
"لاتعتذري . إني متأكد من أن هذا الشقاء سيفيدني ."
وقف وتمطى ، وعضت فيليبا على شفتها وهي تراقب حركاته العفوية الرشيقة .
قالت وهي تتلعثم قليلآ :" هل لك أن تجلس لي مرة ثانية غدآ ... أرجوك ؟"
رمقها بنظرة تساؤلية صادقة ثم هز كتفيه ."إذا كانت هذه رغبتك ."
بالتأكيد ، فكرت . ربما هذا جنون ، ولكن هذا ما أريده أكثر من أي شيء آخر في العالم .
وقفت وهي تحدق إلى المسند بعد أن ذهب . ما زال الوقت باكرآ حتى تحكم على اللوحة ، ولكنها ستكون شيئآ يبعدها عن حقيقة انهيار زواجهما ، شيئآ يذكرها به .
تقلصت معدتها من كثرة الألم . شيء تعذب به نفسها خلال وحدتها الأزلية ، فكرت بحزن وهي تنظف الرسم بالفرشاة .


أعد لحم بقر بالخل الأحمر لعشاء تلك الليلة . تحدثا خلال الوجبة بتهذيب كالغرباء ، وبعد أن انتهيا ، نظفت فيليبا الطاولة وغسلت الأطباق .
عندما عادت إلى الطاولة ، كان آلان يسكب لنفسه بعض الشراب ، ويحدق في رقعة الشطرنج .
قال :" هل تتفضلين و تشاركينني ؟"

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:13
"الشراب أو الشطرنج ؟"
هز كتفيه ." واحدآ ... أو الإثنين ."
سحبت فيليبا كرسيآ مرحبة بكأس الشراب الذي قدمه لها .
"لمأعرف أنك تلعب الشطرنج ." قالت ، ثم توقفت على نحو مفاجئ . يبدو أن كل ما قالته كان يهدف إلى لفت انتباهه لغرابتها التامة ، ومع ذلك لم تكن هذه نيتها .
"أنا استمتع بحل مشكلات هذه اللعبة ." قال بعد برهة قصيرة :" بخلاف مشكلات الحياة العادية ، فيها قوانين ... وأساليب ."
"نعم ، أعتقد ذلك ، كنت ألعبها مع كيفين كثيرآ ."
ابتسم لها :" أتمنى أن يكون قد علمك جيدآ ."
"بشكل كاف ، لقد قهرت العديد من الأشخاص . ربما أنت لست بارعآ كما تظن ."
"مشادة كلامية ! " بدا متحمسآ ."ما رأيك لو نجعلها مباراة حامية وذلك بوضع رهان بسيط ؟"
عبست فيليبا ." أي نوع من الرهان تقصد ؟" سألت بارتياب . لمست إحدى قبضتيه بعد أن بسطهما لها واكتشفت أنه حاز على الحجارة السوداء .
"إذا خسرت ، سأستمر في تحضير الطعام ."
"وإذا ربحت ؟"
"عناق واحد ." تأرجحت يده فوق رقعة الشطرنج وهو ينتظر حركتها الأولى . والتمعت عيناه الخضراوان بالتحدي ." اتفقنا ؟ أم ، ربما لست واثقة من قدرتك ؟"
"عندي ثقة تامة في نفسي ." رفعت فيليبا ذقنها ." أعتقد أنك ستتعب كثيرآ من تحضير الطعام قبل أن تعود إلى باريس ."
هز آلان كتفيه من دون مبالاة :" سنرى ." نقل ملكه بقوة إلى الصف الرابع ، وكذلك فعلت فيليبا ."هل تنوين أن تحضري والدك فعلآ إلى هنا بعد أن يُسرّح من العيادة ؟"
"نعم ، أعتقد ذلك . كنا دائمآ سعيدين هنا ."
"وهل اعتقدت أن بمقدورك استرداد هذه الذكريات ؟" كان اهتمامه مركزآ على رقعة الشطرنج . نقل ملكته إلى مكان الفيل في الصف الثالث .
"ولما لا ؟"
هز كتفيه ثانية ." لا أعتقد أن باستطاعتنا أن نرجع الماضي ، وإذا كان الأمر ممكنآ ، سأحذو حذوك ."
"سترجع إلى الحياة العزوبية ، من دون شك ."
"تمامآ ." وضع آلان فيل الملك امام فيل الملكة في الصف الرابع .
لم تتوقع منه الجواب ، وتصلبت مستاءة ويدها تتأرجح على فارس الملكة .
"حسنآ ، ستصبح حرآ قريبآ ." قالت بنفور :"أو هل كنت تفضل لو أنك لم تتزوجني أبدآ ."
"بالتأكيد ، يا عزيزتي ." كان صوته ساخرآ ." على كل حال ، لم يكن زواجآ بالمعنى الصحيح ."
انتصبت فيليبا في جلستها ." لماذا إذآ لحقت بي ؟" سألت ، وهي تنقل فارسها إلى الصف الرابع .
"لأنه ، مهما كان الوضع غير مقبول ، إن صفقتنا ما زالت مستمرة ." قال بهدوء .
"التزمت بها من ناحيتي فقط ."
"حقآ ؟" بدا مندهشآ .
"كانت ... غلطتك . لقد أفسدت كل شيء ، عندما نكثت بوعدك ." أدركت أن كلامها يبدو سخيفآ .
"معك حق ." قال بسخرية :" كنت متوحشآ معك . أجبرتك على مطارحتي الغرام، و القيام بأشياء مقرفة . لكنني كنت غبيآ عندما فكرت بأنه بوسعنا أن نجعل زواجنا ... أشد ترابطآ . ربما كنت تفضلين أن أحصل على توقيعك ، قبل أن أتجرأ على لمسك."
أخذت فيليبا نفسآ عميقآ ." كنت أفضل لو أنك لم تلمسني أبدآ ."
"لقد جازفت في ذلك ." قال بلطف .
"أتمنى ألا تتوقع مني أن أعتذر لك لأنني خيبت أملك ." هز كتفيه غير مبال ."ربما علينا أن نعترف بأننا خيبنا آمال بعضنا البعض ."
"هذا استسلام بالفعل ." عضت فيليبا على شفتها ." ألست خائفآ من أن تشوه سمعتك كحبيب ؟" ضحكت ." كلا ، بالطبع ... كم أنا غبية ! هناك البارونة وستساندك بالتأكيد ."
"أوه ." قال آلان برقة :" حبيبتي ماري لور . هل أخبرك عنها ؟ و بالتفاصيل أيضآ؟"
التهب وجهها وصرخت :" كلا ... هذا غير ضروري ، شكرآ لك ."
"تبدين وكأنك مهووسة بها ، اعتقدت أنك ستجدين الحديث عنها ممتعآ ." نظر إليها ، اختلس نظرة إلى رقعة الشطرنج ، كان حاجباه مرفوعين ." على أي حال ، لقد كنت صريحة معي بالنسبة لفابريس ، أليس كذلك ؟"
"الأمر مختلف ، وأنت تعرف ذلك ."
"حقآ؟" التمعت عيناه الخضراوان .
"نعم ." دفعت فيليبا كرسيها إلى الوراء ، ووقفت ."لا أريد أن اسمع عنها ، أو عن باقي نسائك . هل تستطيع أن تفهم ؟"
"نعم . لكن هناك أشياء أخرى عليك ان تدركيها عني ، يا فيليبا ."
"أعرف ما يكفي ." قالت بتوتر :"كنت مجرد بيدق أليس كذلك ؟ شيئآ تستعمله ضد عمك،ثم تتخلى عنه في الوقت المناسب . فقط بيدق ، ليس للبيدق الحق في "كش"الملك ، أليس كذلك ؟ وهو مافعلته تمامآ عندما تركتك . وهذا شيء لا تستطيع أن تصفح عنه . ولذلك أنت موجود هنا لتعذبني بهذه الطريقة . حسنآ ، لقد انتهت لعبتك الآن ، وزواجنا أيضآ . وليس بمقدورك أن تفعل شيئآ حيال ذلك ." أضافت بتوتر .
"هل أنت متأكدة ؟" ابتسم ." ما زال هناك شيء واحد . وأنا أحب أن أربح . إذآ..." أمسك ملكته . قال برقة :" الملكة البيضاء أخذت الحصان الأسود رقم 2 ، يا حبيبتي . وكش ملك ، يا عزيزتي ."
أخذت فيليبا نفسآ عميقآ ، وحولت انتباهها إلى رقعة الشطرنج أمامهما ."لكن ذلك ليس صحيحآ." بدأت ."لا يمكنك أن ..."
"أن أقوم بهذه الحركة ، يا عزيزتي . أنا متأكد بأنك سمعت بها ."
بالطبع سمعت بها . فتجنب هذا الخطأ الشائع بين اللاعبين المبتدئين ، كان أول الأشياء التي علمها اياها كيفين ومع ذلك وقعت به مباشرة .
"آه لا !" صرخت :" لا أصدق !"
لكن رقعة الشطرنج كانت أمامها ، وتشهد على الانتصار المذل و السريع .
"الشطرنج يتطلب تركيزآ ، يا جميلتي . هل تريدين الانتقام مني ؟ أو أن نبدأ لعبة جديدة ... برها ثانٍ، بالطبع ؟"
"كلا ، شكرآ ." قالت بلطف ونظرت إلى ساعتها ." هزيمة واحدة تكفي . على كل حال ، أنا متعبة .الأفضل أن أذهب إلى غرفتي ."
"لحظة ." قال بهدوء :"بعد أن آخذ حقي ."
عضت فيليبا على شفتها . لم يكن يتوجب عليها أن توافق على الرهان ، لكنها كانت متأكدة من فوزها ، أو على الأقل تنتزع منه التعادل . لكن الآن ..."
ابتلعت ريقها ." لم نحدد الوقت تمامآ ." بدأت تقول :"سأعانقك عناق الوداع عندما ترحل ."
"إنني مرتبك ." قال بسخرية :" ولكنني أعتقد ان الدين يجب أن يسدد في أسرع وقت ممكن ، أليس كذلك ؟"
دفع بكرسيه إلى الوراء ووقف .
وقفت فيليبا أيضآ . قالت وهي ترتجف :"آلان ، انتظر ! لا اعتقد أنك عنيت ذلك ."
"هذا كان تفكيرآ طائشآ ، يا جميلتي ." اقترب منها وطوقها بذراعيه . تصلب جسدها استعدادآ للمقاومة ، لكنه أحس بردة فعلها .
قال بهدوء :" محاربتي ، يا فيليبا ، ليست تصرفآ غير حكيم . إنه ليس سوى عناق ، في النهاية ."
أغمضت عينيها . فقط عناق ، كررت بصمت . فقط عناق . لكن متى آخر مرة أحست فيها بمتعة عناقه ؟ كان ذلك منذ وقت طويل ... وكأنه دهر ...
كان عناقه رقيقآ وناعمآ . داعبها ، جسمها بخفة الريش وبشكل مغوٍ وواعد .
هذا ليس عدلآ ، تملكت هذه الكلمات تفكيرها . كانت تفضل الإلحاح ، أو شيئآ من القوة ... شيئآ يشعرها بالامتعاض . ليس هذا ... السحر الناعم .
شعرت بالإثارة وهي تحبس أنفاسها . حاولت أن تقول "لا." لكنها لم تطلق سوى تنهيدة صغيرة .
رفع آلان يده وداعب شعرها حتى جعل خصلاته تلتف حول أصابعه . عناقها ببطء ثانية . لاحظت على الرغم من اضطراب تفكيرها أن بإمكانه أن يمدد هذا الإنتظار... هذه الرغبة ... إلى الأبد . لقد تعمد أن يجعلها تسأل وترجو هذه المرة .
هل أجعلك تتوسلين إلي ؟ لقد سألها ذلك مرة . شعرت بالذل و الخوف . ربما سيطلب منها أن تدفع ثمن ذلك الرفض ، وربما سيكلفها الثمن روحها .
ببطء... ثبتها بحيث لم تعد عاجزة في عناقه ، لكن واقفة في مواجهته بعيدآ قليلآ عنه. التقت أعينهما في استسلام غريب .
سألت عيناه . جاوبت عيناها . تحرك ، الغى المسافة التي تفصلهما عن بعض .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:16
توقف ، وحدق بالباب وهو يعبس .
"هناك من يطرق على الباب ..." قال وكأنه يحدث نفسه .
"سيد دي كورسي ! أنا مدام بيتون . لدي رسالة لك ." تلاشت هذه اللحظات الدافئة بثانية .
رفع آلان حاجبيه ولوى فمه بسخرية :" لابد أن لديك ملاكآ حارسآ ، يا زوجتي ."
صعددت فيليبا السلالم بسرعة ، وأصابعها ترتجف مع أنها لم تر مدام بيتون، وهي تدخل الغرفة .
"سيد دي كورسي ؟" كانت المرأة الطيبة مرتبكة و غاضبة . "لكن كيف ذلك ؟ لقد فهمت انك مسيو دي ثييري . عندما تحدثنا على الهاتف كان ذلك الاسم الذي سمعته."
بعد برهة قصيرة ، قال آلان بهدوء :" آسف إذا كان هناك سوء فهم ، يا مدام . أنا فعلآ آلان دي كورسي ، ولقد تم الحجز بواسطة ... شريكي ."
"والآنسة روسكو ... أين هي ؟"
"سأناديها ." رفع آلان صوته :" فيليبا ، انزلي ، يا عزيزتي . لدينا زائر ."
نزلت فيليبا السلالم بكسل . لقد ارتجفت كثيرآ وكانت مدركة أن شعرها مبعثر ، وتنفسها مضطرب .
ولكنها ابتسمت على الرغم من نظرة آلان الساخرة ."بون سوار مدام ."
"فيليبا الصغيرة !" بدت مدام بيتون مندهشة ."لقد تغيرت كثيرآ ، يا صغيرتي! ماكنت سأعرفك ". احتضنتها بحنان . "وكيف حال والدك العزيز ؟"
"بحال حسنة . اعتقد أنه سينضم إليّ قريبآ ."
"ينضم إلينا ، يا عزيزتي ." صحح آلان بلطف :"ألم يحن الوقت بعد لتخبري مدام بيتون ... أننا متزوجان ؟"
اتسعت عينا مدام بيتون ."أنت متزوجة ؟ إذآ هذا شهر عسل ، يا صغيرتي ."
نظر آلان نظرة ساخرة باتجاه زوجته ."تقريبآ." قال آلان وهز كتفيه :"إنها...عطلة عمل ."
أصدرت مدام بيتون صوتآ عبّر عن ابتهاج شديد "عمل ؟ لكن عندما يتواجد الرجل مع زوجته بمفردهما ، عليهما أن يفكرا بالمتعة فقط ، أليس كذلك ؟ يجب ألا تسمح لها بالعمل . لو كنت مكانها لاختلف الأمر ، إني أؤكد لك ذلك ."
"أنت تحرجينني ، مدام ." ابتسم لها آلان بعبث ." هل تودين تعزيتي ، ربما ؟"
"لست بحاجة ، بوجود عروس فتية إلى أي تعزية ." تنهدت مدام بيتون بصوت عال: "لو كنت أصغر بعشرين سنة ..."دفعته بمرفقها بطريقة وقحة .
"لكنني نسيت مهمتي ." قالت أخيرآ وهي ما زالت تهتز من الضحك :"اتصل بي السيد بارتان من المرآب . لقد عاد أخوه من بوردو مع قطعة الغيار . وسيركبها غدآ."
"رائع !" نظر آلان إلى فيليبا ."هذا ماكنا ننتظر سماعه ، أليس كذلك ، يا عزيزتي؟"
من مكان ما ، ميت في داخلها ، سمعت فيليبا نفسها تقول :" نعم ."
"هذا حسن ." نظرت مدام بيتون إليهما ."لن أتطفل عليكما بعد الآن ." أضافت بحزم بعد أن رفضت دعوة آلان لتناول القهوة أو الشراب . احتضنت فيليبا ثانية ."كوني سعيدة ، يا صغيرتي ." أمرتها وهي تلوح لها بيدها مودعة .
خيم صمت عميق ، حطمه آلان أخيرآ .
"قلت منذ لحظات إنك تودين الذهاب إلى غرفتك . ربما الأفضل أن تفعلي ذلك ." كان وجهه خاليآ من أي تعبير .
"هل هذا ما تريده ؟" لم تصدق أنها قالت ذلك فعلآ . أين كبرياؤها واحترام ذاتها .
هز كتفيه ثانية ."ما أريده ، هو أن أذهب بعيدآ من هنا ."قال بجفاء ورمقها بنظرة تهكم .
"في النهاية ، لم يكن سوى عناق ، يا جميلتي ."
همست :" نعم ، بالطبع ." استدارت وابتعدت عنه و الدموع تترقرق في عينيها .

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:19
\\~*[ الفصلـ الحـآإدي عشـر ]*~\\



ساد الظلام كل مكان ، يحوم حولها ، ويخنقها . وكان أيضآ في داخلها يزيد من آلامها ووحدتها .
فقط عناق . انطبعت الكلمتان في ذهنها بأحرف من نار . هكذا اعتبرها آلان . كانت على وشك أن تمنح نفسها له ، ومن دون تحفظ لأول مرة ... وبرغم ذلك ، هو مصمم على الرحيل غدآ من دون أن ينظر إلى الخلف .
كان من غير المجدي أن تُذكّر نفسها بانها هي التي أرادت رحيله ... وألحت عليه بذلك أيضآ . كانت تنوي بمجيئها إلى هنا أن تفصل نفسها عنه نهائيآ . وهو مستعد الآن لأن يحقق لها هذه الرغبة .
كان يجب أن يحصل ذلك ، قالت لنفسها بحدة مرارآ وتكرارآ . لايمكن لزواجهما أن يستمر وبشروطه هو . وهي غير مستعدة لأن تعيش على هامش حياته . تنتظر حتى يلاحظ وجودها ، إذا كان عنده وقت .
وعندما ينفصلان ، لن يكون عندها أي شيء تؤنب به نفسها أو تتذكره بخجل .
لم تجد له أي أثر عندما تجرأت أخيرآ ، ونزلت في الصباح . فكرت للحظة أنه ذهب من دون أن يودعها . ولكنها ، بعد أن تفحصت غرفته ووجدت ثيابه ، عرفت أنه ما زال هنا . لابدّ إنه في مونتاسكو يراقب تصليح سيارته .
أخذت قهوتها إلى المحترف واستعدت للعمل . نظرت إلى لوحة آلان طويلآ ، ربما كانت سطحية ، ولكنها أفضل ما أنجزته . ربما لأنها تنظر إليها بعيني الحب ، فكرت بحزن .
سمعت صوت السيارة بعد ساعة . وثب قلبها من مكانه وبدأت تعدل من إشراقة اللوحة بتركيز عنيف . وأخيرآ صعد ووقف أمام الباب .
"هل أُصلحت السيارة ؟" قالت بهدوء .
"تقريبآ ."
"أعتقد أنك سترحل الآن ." بدلت مكان المسند .
"بعد قليل ." قال :" أعتقدت أنك تريدينني لجلسة أخرى ."
هزت فيليبا كتفيها ." لا أريد أن أسبب لك أي إزعاج ."
"على الاطلاق ." ومشى إلى جانبها ونظر إلى القماش . "هل ينقصها الكثير ؟"
"ليس مع نشاط كهذا ." قالت :" باستطاعتي أن أنهي الباقي من ذاكرتي ، إذا اضطررت ." يا إلهي كم ذلك صحيح !
"فهمت ." كان وجهه ساخرآ ." لم أكن عادلآ معك ، يا زوجتي عندما حاولت منعك من متابعة دراستك ، لديك موهبة حقيقية . أتمنى أن تطوريها إلى أقصى حد ." كانت ابتسامته ودودة ولكن مؤلمة ."هل يمكن لي أن أشتريها ؟"
هزت رأسها :" إلا هذه . لأنني استحققت بها لقب رسامة . أنا متأكدة أنك تفهم ."
"لا أعتقد أن التفهم كان له دور كبير في علاقتنا ." قال بشجاعة :"ولكنني أعدك بالمحاولة ." توقف برهة ."ماذا عن آخر جلسة ؟ هل تريدينني أن أتعرى لك ؟"
تنهدت فيليبا . بدا صوته عاليآ في هذا المحترف الهادئ . حاولت أن تبتسم :"أنت... أنت لا تعني ذلك ، بالتأكيد ؟"
"ولم لا ؟ ستكون تجربة جديدة لي ... كما لمعظم الرجال ... عندما أخلع ثيابي لإمرأة ليست مهتمة سوى بتركيب الضوء و الظلمة و المسطحات و الزوايا ." نظر إليها نظرة ساخرة :" أليس كذلك ، يا حياتي ؟"
"حسنآ...أجل ."
"بالتأكيد ." كان قلبها يخفق بجنون .
"إذآ، لماذا لا تطلبين مني ذلك ؟" توقف لبرهة ."أو أنك لا تجدينني ممتعآ بشكل كافٍ؟ ربما تشعرين أنك تعرفينني جيدآ ؟"
رفعت القماش عن المسند من دون أن تنظر إليه ."الأمر ليس كما تتصوره ."
يا إلهي ، فكرت بطريقة هستيرية ، لم تعرفه أبدآ . ليس بتلك الطريقة .
استطاعت أن تطلق شبح ضحكة :"إنك ...تفاجئني.لكن إذا كان عرضك جديآ ، يا آلان، علي عندئذٍ أن أقوم ببعض الرسومات التمهيدية لك . إنني بحاجة إلى التمرين."أضافت بضعف .
"يبدو أننا نفاجئ بعضنا البعض طوال الوقت ." نظر حوله ."أعتقد انك تفضلين أن نبدّل المكان ؟"
أبعدا الطاولة قليلآ ثم رتبا منصة بديلة عن العلب وبعض الستائر الذهبية ، اكتشفتها فيليبا في حقيبتها في اليوم السابق . أمضت بعض الوقت وهي تثني القماش المطرز حتى تجعله مناسبآ وهي تشعر كأنها في عالم من الأوهام .
يا إلهي ، فكرت ، من غير المعقول أن أفعل ذلك أو أن أسمح به . لأنني لا أستطيع أن أكون موضوعية . وأن أعتبر ذلك تمرينآ مفيدآ .
استدارت بعيدآ ، وأخذت لوح الرسم بيدين مرتعشتين . لم يسبق لها أن رأت آلان بوضع كهذا . ليس تمامآ . كانت محرجة جدآ وغاضبة في أول لقاء لهما ، ومنذ ذلك الحين . أصبحت مناوشاتهما في الظلمة . ستكون هذه لحظة صدق بالنسبة لها .
وأدركت أن هذه اللحظة قد حانت عندما قال :"إنني جاهز ."
استدارت ببطء لتواجهه . كان رائعآ . لايمكن أن تصفه بكلمة أخرى ، يداه على وركيه ، ورأسه مرتد قليلآ . تحمّل تفحصها المدهش و المفرط .
"هل ستبدئين برسمي ، يا جميلتي ، أم تضعيني في ذاكرتك ؟"
بدأت بوجه متورد :"آه ، اجلس من فضلك ...بشكل جانبي . اخفض كتفك . لا ،هذا كثير ."
"الأفضل لو ترشديني بنفسك ."
ترددت لحظة ثم اقتربت منه ، تضع يديها على كتفيه الدافئتين ،وتعدّل جلسته بشكل ملائم ، تستمتع بنعومة بشرته ، وبقوة عضلات ظهره وذراعيه .
قالت :"أخبرني هذه المرة عندما تشعر بالتعب أو ... بالبرد ."
"أو حتى بالدفء ." قال على نحو مقتضب :"هل تعرفين شيئآ ، يا عزيزتي؟أعتقد أن هذه هي أول مرة تلمسينني بها بملء إرادتك ."

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:22
انتزعت فيليبا يديها بسرعة :"تذكر وضعك ، أرجوك ." قالت ثم عادت إلى لوح الرسم .
كانت بدايتها سيئة ، وراحت تطرح ورقة وراء ورقة .
"هل من خطب ؟" سأل آلان أخيرآ :"تبدين منزعجة ، ربما من الأفضل أن أرتدي ثيابي ، وأجد لك إناء زهور ."
عضت على شفتها :"كلا ، شكرآ . ربما كان وضعُك خاطئآ ."
جلس آلان وهو يهز كتفيه ."يمكن معالجة ذلك بسهولة ." أسند رأسه على مرفقه وثنى قدمآ واحدة ."هل هذا أفضل ؟"
"نعم ." اقرت مكرهة . بدا مسترخيآ تمامآ ، وكأننه كان يمارس العرض طوال حياته.
أتمنى لو أكون بهذه الجرأة ، فكرت .
حاولت أن تتظاهر بعدم الاكتراث وهي تتفحصه وتلاحظ خطوط جسده المتناسقة .
في الوقت نفسه ، لاحظت أن هناك شيئآ مميزآ بوضعه ... شيئآ توقعيآ وجارحآ . كان هذا باديآ في ابتسامته ، وعينيه . كانت مثيرة ... وغامضة . لم ترتبك ولم تتلاعب بالخطوط . هذه المرة كانت يداها وعيناها تعملان بتناسق تام . عليها أن تنجح ،فكرت بحماس . لا يمكنها أن تخسر . ليس الآن .
"هل يمكنني أن آخذ قسطآ من الراحة ؟" افترض موافقتها . جلس آلان وأمسك رداءه.
وضعت فيليبا قلمها ، وأحست بتشنج عضلات كتفها وعنقها .
"هل تسمحين لي برؤيتها ؟" وقف آلان إلى جانبها .
"عندما تنتهي ." قالت بصوت أجش ، وضع يديه على كتفيها وبدت لمسته لاذعة ، وحافلة بذكريات الليلة السابقة ، فكرت بتململ .
"حان وقت استراحتك أيضآ ." داعبت أصابعها كتفيها . "جسمك بحاجة إلى الإسترخاء ."
بدأ بتدليك عضلات عنقها وكتفيها بلطف أولآ ثم بقوة .
حاولت أن تنسحب ."إنني بخير ، حقآ ."
"كفي عن ذلك ."قال :" دعيني أقوم بذلك ."
استسلمت لخدماته بتنهيدة عميقة . كانت لمسته سحرية ، حميمية ، وموضوعية بطريقة غريبة .
لكن كانت حركاته العنيفة ، تخلق توترآ وتشنجآ في كل مكان من جسمها .
"استرخي ." أمرها بلطف .
كيف باستطاعتها ذلك ، وها هي تتجاوب وتنتعش مرة ثانية تحت لمسته .
شعرت بأصابعه تنزلق ببطء على كتفيها .
"كلا !" حاولت أن تبعد يديه .
"اهدئي ." قال :" ثقي بي ." تراقصت شرارات صغيرة وراء أجفانها المطبقة .
ثقي بي ، هذا ما قاله ، ولكن الخيانة كانت مرة ثانية تصدر من ذاتها . من الحاجة إليه .
ثم فجأةً انتهى كل شيء . توقفت يداه الدافئتان عن وخزها وتحرك بنشاط . أمسك لوح رسمها ، و القلم وناولهما لها . " هل نتابع ؟"
حدقت فيليبا باللوحة حتى أصبحت الخطوط تتراقص أمامها . كانت ترتجف لدرجة أنها لم تستطع أن تمسك بالقلم ، وكان فمها جافآ . كانت تلتهب ، وكأنها مصابة بحمى. توسع التوق الذي في داخلها إلى ألم وجوع ، لا يمكن إنكارهما بعد الآن .
أوقعت لوح الرسم على الأرض ووقفت ، واقتربت منه .
لم يتكلم آلان أو يتحرك ، لكنها سمعت صوت أنفاسه وهو يراقبها .
جثت على ركبتيها إلى جانبه ." آلان ؟" كانت ترتجف ." إني أتوسل إليك ؟"
هل أجعلك تتوسلين إليّ ؟ لقد أجابت الآن على سؤاله باستسلام تام .
"يا إلهي !" قال بحدة . حملها عن الأرض وأجلسها على المنضدة .
بدت عيناها واسعتين وغير واضحتين ، وهي تنظر إليه وكل عصب فيها يساوق مع هذا السحر الجديد و الخطير .
كانت حواسها تضعف ، وتغرق في بهجة متموجة ودافئة حملتها إلى أرض الأحلام .
كانت راضية من النتيجة ومن نفسها . لقد استسلمت له أخيرآ . لكن أحست بالبهجة لأول مرة .
فتحت فيليبا جفنيها ، ووجدت نفسها مستلقية على منضدة ذهبية . شعرت للحظة وكأنها فاقدة الحس ، وأنها كانت نائمة تحلم . عندما اصطدمت بالواقع ورأت حقيقة عالمها الذهبي ، بدأت تتذكر ...
كانت شمس فترة مابعد الظهر تتدفق من خلال نوافذ المحترف تنير كل زاوية ، وكل شق بضوء دافئ .
كانت فيليبا ممددة على الأرض يلفها شرشف ذهبي مطرز .
جلست ببطء ، ودفعت شعرها بعيدآ عن عينيها تستوعب ، تستكشف ما حولها .
بدأ احساسها بالكسل يتلاش ، أين آلان ؟ تساءلت .
أرادته بقربها عندما تستيقظ . أرادت ذراعيه حولها .
ربما أتعبته . فكرت وهي تشعر بالذنب والابتهاج . لا تعرف كم من الوقت مرّ.
لم تتصور أبدآ حتى في أسوأ أحلامها ، أن بإمكانها أن تصل إلى هذا العمق .
لابد أن آلان قد ذهب ليجد مكانآ أكثر راحة لينام .
كان لوح الرسم مرميآ على الأرض ، التقطته فيليبا ونظرت إليه مبتسمة .
لن أنهي هذا ، فكرت . سوف أحفظه في مكان ما حتى يذكرني دائمآ بهذا اليوم ، بداية حياتي الباقية مع آلان .
حملت اللوح بين يديها ، ونظرت نظرة أخيرة إلى المحترف قبل أن تذهب إلى الطابق الأرضي .
توقعت أن تجده في الغرفة ، ورائحة قهوته منتشرة في كل مكان . لكن الغرفة كانت فارغة . لم يكن هناك أي صوت في البيت . في الواقع لا أثر لأي حياة . إذآ لا بدّ أنه نائم .
وضعت فيليبا لوح الرسم على الأرض وصعدت ثانية . دفعت باب غرفة آلان ووقفت للحظة ، تحاول أن تستوعب ما رأته .
كانت الغرفة مهجورة ، فارغة ، و السرير عاريآ ومطويآ بترتيب . أمسكت عضادة الباب بطريقة آلمت أصابعها من كثرة الشد .
سمعت صوتها يرتجف ويقول :" لا ... يا إلهي ، أرجوك ... لا ."
لكن لا جدوى من الانكار . لقد ذهب آلان من دون أي شك ... كما وعدها أن يفعل . كل ماحدث بينهما . كل الحاجات اللاهثة و الملحة والتي لم تعرف أي حدود ، كل هذه البهجة المخيفة و المربكة لم تؤثر على قراره .
نزلت السلالم ، وفتحت الباب بعنف ، لم تجد أي أثر لسيارته ، أحست فجأة بدوار وهي تجثو في المدخل . بدا دفء الشمس على وجهها ، وكأنه يسخر منها الآن .
أرادت أن تبكي ، لكن لم تسعفها الدموع . كيف بإمكانه أن يرحل من دون أن يكلمها، حتى كلمة واحدة . نعم ، لقد اتفقا على الانفصال ، لكن كان ذلك من حياة ماضية . ألم يلاحظ كم تغيرت ؟ وكيف تشعر الآن ؟
الحقيقة المرفوضة واجهتها ... لقد لاحظ بالتأكيد ، لكنه لم يبالِ . ربما هو معتاد على هذا النوع من التجاوب مع نسائه . الحب بالنسبة له شيء فارغ . كما أفهمها مرارآ ، لقد امتلكها ، هذا كل مافي الأمر .
لقد استمتع أيضآ بانتصاره ، فكرت بحزن . استمتع بانهيارها . دمر كل مقاومتها ، وحولها إلى حيوان صغير خانع .
أحب أن أربح ، أخبرها بذلك ليلة البارحة . وقفت ومشت إلى الطاولة ، هذا ما رأته في لوحتها ، لكنها لم تلاحظ ذلك من كثرة إثارتها .
لقد تلاعب بها بشكل مثير للشفقة !
أمسكت اللوحة ومزقتها حتى دُمرت نهائيآ . ثم جمعت أجزاءها ، ووضعتها في الفرن وراحت تراقبها ، و النار تلتهمها .
كانت تحترق هي أيضآ ... بتذلل وندم . يا إلهي ، ألم تنل ما يكفي من التحذيرات ؟
عليها أن ترحل هي أيضآ ، لايمكنها أن تبقى هنا في هذا البيت و الذكريات تطوقا من كل مكان . عليها أن تجد بيتآ في مكان آخر ، وتنظم حياتها من جديد قبل أن يعود كيفين .
ستحزم حقائبها ، وتتوجه إلى مونتاسكو ، وتركب أول قطار إلى أي مكان .
عليها أن ترتب المحترف أولآ ، فكرت . لا يمكنها أن تأخذ معها كل معداتها . ستُبقي البعض منها هنا . ربما سترجع يومآ ما لإحضارها .
اقتضى منها بعض الوقت حتى نقلت أغراض الرسم من المحترف إلى الطابق الأرضي . كان المسند ثقيلآ ووجدت صعوبة في حمله ، لكنها كانت مسرورة لأنه جعلها تركز على عملها وتنسى آلان قليلآ .
تركت أقمشتها غير المستعملة . وضعت لوح الرسم و الطاولة في احدى الزوايا وغطتها بشرشف سميك .
كانت على وشك أن تصعد إلى غرفتها وتوضب ثيابها عندما سمعت سيارة . توقفت وهي تحملق إلى الباب المفتوح . سيارة آلان ، فكرت وعضلات حلقها تتقلص على نحو مؤلم . لايمكن ذلك . لابدّ أنها تهذي . لقد ذهب آلان ولن يرجع

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:24
راقبته مذهولة وهو يترجل من السيارة ، يعبر ساحة البيت إلى الباب . لم تعرف سبب رجوعه ، ولم ترد أن تعرف .
لن تستطيع مواجهته ... لا تستطيع أن ترى علامة الانتصار في عينيه،أو الشفقة .
حاولت أن تغلق الباب ، لكن آلان سبقها و دفعه بكتفه بعنف .
"هل أنت مجنونة ؟" سألها ، وهي تتراجع عنه بعيدآ . نظر حوله ورفع حاجبيه : "لماذا كل أغراضك هنا ؟"
"لأنني راحلة . وسأرسل عنواني إلى محاميك بعد أن استقر ."
ردد وراءها ببطء :" محاميك بعد أن استقر ... عما تتحدثين بحق السماء؟"
"الطلاق ." رفعت ذقنها ." ألم نتفق على ذلك ؟ لاداعي لقول المزيد .لمَ عدت؟"
بقي صامتآ للحظة . بدا وجهه شاحبآ ثم ابتسم .
"حسنآ ، كما تريدين ، يا مدام . لن أضيف شيئآ . اعتقدت بأن علينا أن نودع بعضنا البعض . لكنني لن أؤخرك أكثر ."
تجاوزته فيليبا ، وصعدت السلالم إلى غرفتها . فتحت الباب ووقفت . كانت الفوضى تعم الغرفة ، وكأن لصآ قد دخل الغرفة .
ثم ، وببطء أدركت سبب هذه الفوضى .
صدمت لأن ما رأته كان ملابس آلان . وجالت بنظرها على قمصانه وكنزاته وحقيبته الجلدية وكل أغراضه المبعثرة على السرير .
سمعت خطواته ، واستدارت ببطء . كان وجهه خاليآ من أي تعبير . قال باتزان : "إني آسف ، لقد تصرفت بوقاحة ، ربما من الأفضل أن أحزم أغراضي أولآ ."
كان يهم بالمرور أمامها ، فأمسكت فيليبا بذراعه .
سألت بصوت أجش :" لماذا وضعت أغراضك في غرفتي ؟"
"هل أنت بحاجة إلى هذا السؤال حقآ ؟" وأضاف بصوت قاسٍ :" لأنني فكرت ... وتمنيت أن أنام هنا أخيرآ ."ضحك .
"كم كنت غبيآ ! لم تعن لك شيئآ الجنة التي تشاركناها منذ ساعة أو ساعتين ." أبعد يدها على كتفه ." لا تلمسيني ."
"آلان ، لا ، أصغ إليّ." أمسكت قميصه ."أعتقدت أنك رحلت وأنك هجرتني إلى الأبد . قلت إنك ستفعل ذلك بعد أن تنتهي من تصليح السيارة . لم أرك عندما استيقظت ولم أبحث هنا ، لم أعتقد ..." أخذت نفسآ عميقآ ."كنت تعيسة جدآ . أردت الموت . ولهذا كنت راحلة لأنني لا اتحمل أن أبقى هنا بمفردي ."
بدا آلان غير مصدق ، لكنه لم يبعدها عنه ." أترككِ ؟ هل حقآ تعتقدين ذلك؟" هز رأسه ."لا ، يا حبيبتي ، لم أنوِ ذلك أبدآ على الرغم مما قلته . حتى من دون تدخل السيد دي تييري ، كنت سأجد عذرآ ما لأبقى ، وأحقق ما جئت من أجله ."
"ماهو ؟" همست .
ابتسم ."أنت ، يا زوجتي الصغيرة . جسدك ، قلبك و عقلك العنيد ." أمسكت يداه يديها ، ولاحظت أنهما يرتجفان . قال :" فيليبا ، لا تتظاهري بعد اليوم . انت تعرفين أنني أحبك . هل تبقين هنا معي ونمضي شهر عسل من جديد ؟ ونبدأ زواجنا على أساس الحب و الصدق ؟"
"آلان ، أنت الذي يتضاهر . أنت الذي لا يريدني ، بل تريد البارونة . أنا لا أستطيع أن أتحمل ذلك مهما كنت أحبك . هذا كثير عليّ ."
قال بلطف :" لم أكن أبدآ مهتمآ بماري لور . عندما التقيتها أول مرة وجدتها مغرية ، كانت تجربة مثيرة ، هذا كل مافي الأمر ."
"كيف يمكنك أن تقول ذلك ؟" همست :" لقد رأيتكما معآ ، في الحفلة ، على الشرفة . أنت تعلم ذلك . كنت تعانقها ..."
"كلا ." عانقها وداعب شعرها . " لقد انتهى كل شيء بيننا منذ وقت طويل . هي التي لحقت بي ورمت بنفسها عليّ . وفي تلك اللحظة عرفت ..."
"عرفت ماذا ؟" كان صوتها ينم عن التهديد .
"إنها استؤجرت مثل صديقك فابريس من قبل عمي ." قال عابسآ . نظر إلى عينيها وهز رأسه ." أنت تجدين الأمر صعب التصديق . وأنا كذلك ... في البداية . التقيت بتلك المرأة مصادفة . أوضحت لي أنها تريدني . وأنا صدقت كل ما تريدني ، هي أن أصدقه ."
ابتسم بسخرية :" أصابتني الصدمة عندما انتشرت الفضيحة . لم أكن الرجل الأول في حياتها . كان كل شيء مرتبآ بطريقة ما . قمت ببعض التحريات ، واكتشفت أنها غارقة في الديون . كان البارون رجلآ غنيآ ، لكنه لم يكن كريمآ ، وكانت هي تحب المغامرة . لايوجد أي كازينو في جنوبي فرنسا لم ترتده . كانت السلاح المثالي لعمي. لذلك انهيت علاقتي بها ..."
توقف قليلآ ثم استطرد :" كان لدي بالطبع العذر المثالي كنت عازمآ على الزواج ."
"فهمت ."
"كلا ، لم تفهمي أبدآ ، يا زوجتي ." داعب وجهها بيده . "اوقفت كل علاقاتي منذ تلك الليلة في لاودن حيث رأيتك لأول مرة . ألم تعرفي ذلك ."
"وكيف لي أن أعرف ؟ لم أكن جميلة ولم أكن انتمي لعالمك ..."
"لست جميلة ؟" سألها بنعومة :" أنت لا ترين جيدآ بالنسبة لفنانة . وما يعرف العالم الذي أنتمي إليه عن إخلاصك وحبك ؟ وجدت نفسي أفكر الليلة بأنك لا تهتمين سوى بوالدك أو أنك ستفكرين يومآ ما بي . لم أكن أصدق ما كان يحدث لي . عندما كنا في الفندق ، كنت حائرآ أسأل نفسي ، ماذا عليّ أن أفعل ، إذا لم تأتي إليّ ، مع أنني كنت أعرف بأنني سألاحقك أينما ذهبت ."
نظرت إلى عينيه ، رأت ألمها ، وترددها منعكسين فيهما . " آلان ..."
عندما رفع رأسه التمعت عيناه . " قولي بأنك تحبينني . قولي ذلك حتى تصبحي زوجتي بصدق هذه المرة . قولي بأنك لن تتركيني أبدآ مرة ثانية ."
"أنت الذي كنت دائمآ ترحل ." احتجت .
"كنت دائمآ بمفردي في باريس . وتلك الليالي التي كنت تتغيب فيها عن الشقة ..."
"هل اعتقدت أنني كنت سأتحمل البقاء معك ، أراقب كرهك لي ونفورك مني كلما حاولت التقرب منك ؟ لم ألمْك لذلك . كنت أنوي أن انتظر وأصبر ، لكنني تصرفت كالوحش ."
تأوه وأضاف :" لم أتجرأ على لمسك في لندن حتى لا أخيفك ، ولكنني نسيت كل شيء في ليلة زواجنا بعد أن أصبحت ملكي . كنت أريدك بجنون ، وكنت متأكدآ . من انني سأستطيع أن اجعلك تريدينني ." بعد ذلك ، كرهت نفسي . لم أنم طوال تلك الليلة . لم تفارق عيناك المجروحتين خيالي ولم أفكر سوى بأنني حطمت كل شيء بيننا إلى الأبد . كنت انام في الشركة . كان علي أن أبقى بعيدآ لأنني لم أثق بنفسي . أعرف انك كنت غير مستعدة لتحمل أقل اتصال بيننا ، لكن كانت هناك أوقات احتجت فيها للمزيد ، وكنت خائفآ من أن أصدمك أو أشعرك بالاشمئزاز أو أزيد الحواجز التي بيننا ."
"اعتقدت أنك مع ماري لور . أنت أوحيت لي بذلك ."
"حسنآ ، تساءلت إذا كان موقفي سيشعرك بالغيرة ، وخاصة بعد ان لمست بعض الإهتمام . كان أملي الوحيد ، قلت لنفسي . إذا كنت فعلآ لا تبالين كما أوضحت ، عندئذٍ فلن تؤثر علاقتي عليك . قررت ان اضللك قليلآ ، طبعآ بمساعدة ماري لور ، اعني بمحاولاتها لاسترجاعي ."
أحنى رأسه ولثمها بلطف ."هل بإمكانك ان تسامحيني ؟ لقد نلت عقابي إذا كنت قد جرحتك عندما فكرت بأنك واقعة في حب فابريس . عرفت معنى الغيرة الحقيقي ولاحظت أن استعمالي لماري لور كطعم أوقعني في فخ . أصررت على التحرر مني حتى أتزوجها . وعندما حاولت أن أفسر لك وأخبرك بالحقيقة رفضتِ سماعي ."
"اعتقدت أن هذه رغبتك . الزواج من المرأة التي تحبها ."
"كنت أقصدك . أردت أن يكون زواجنا صادقآ ، وأن نمضي بقية حياتنا معآ ، على أمل أن تقعي في حبي يومآ ما ." تنهد ." أعتقدت أننا لو أنجبنا أولادآ ، واهتممت بهم، ربما كنت ستحبين في آخر الأمر والدهم . كنت يائسآ جدآ ."
"أنا كنت يائسة أيضآ ." اعترفت بصوت خفيض :" ولذلك هربت . عندما فكرت اليوم بأنك هجرتني ، أردت الموت ."
"كنت غارقة في النوم ولم أشأ إزعاجك . فكرت في إنهاء مهمتي قبل أن تلاحظي غيابي ." قال على نحو مقتضب :" اتصلت بباريس وأعلمت زملائي بأنني سأذهب في رحلة شهر عسل جديدة ، ولا أريد أن يزعجني أحد . أحضرت بعض الطعام أيضآ . عليّ أن أحافظ على قوتي ، أنت تفهمين ."
"حقآ ؟" نظرت إليه بعبث .
"سيكون عملي كعارض صعبآ للغاية ، خاصة إذا كنت مجبرآ على إقامة علاقة مع الفنانة ."
"يا إلهي ." وضعت يدها على فمها ." لقد تذكرت ... لقد مزقتها ... صورتك الجميلة."
"سأتيحُ لك فرصآ أخرى ، إذا شئت ." طبع قبلة على أنفها . " لا أنوي أن أرتدي خلال هذا الأسبوع الكثير من الثياب ."
"فقط ؟"
"لا ، سنسافر إلى الولايات المتحدة لإحضار والدك وسيبقى معنا في فونتابلو ."
"أتمنى ألا يصدمه خبر زواجي ." بدت قلقة .
"سيسامحنا عندما يرى سعادتنا ."
"هل سنكون سعيدين ؟"
"كثيرآ ." عانقها .
"ليس علينا سوى أن نأكل ، نشرب ، ونستمتع بأشعة الشمس ، وببعضنا البعض ."
"عليّ أن أرسم أيضآ ." ذكرته بابتسامة . سوف أنقل أغراضي إلى المحترف مجددآ.
"لاحقآ ." أمسك يدها ، وثبتها على أزرار قميصه ."بعد ليلة زواجنا !"
قالت وهي تعبث بشعره بأصابع مرتعشة :"لكنها انتهت منذ عصور ."
"خلاف ذلك . ستبدأ الآن ، وستستمر إلى الأبد . هل أنت موافقة ؟"
"نعم يا حبيبي ." نظرت فيليبا إلى عيني زوجها بمحبة وثقة .


\\~*{ تًمٍـــتْ }*~\\

الشيخة زورو
10-10-2009, 17:27
اتمنى تنال اعجاب الجميع
وانا نزلتها كاملة لان نت مافيه انا الحين منزلة الروايه بالشحاته
وان شاء الله الي عودة بروايات جدد انا وخواتي

ايوا ماري عنوني تقول الك شانينغ انها تعتذر لان النت هالفترة قطع مرة الثانية وروايه شهر عسل مر الي الله يمرمرها مثل ما مرمتكم تعتذر لانها ماراح تقدر تكتب الفصول الي سئلتك عنها لانها مثل ما قالت الك كتبتها وضاعت من الجهاز <<<< ايوا ما خليتي شيء قلتي السالفة كلها
عموما هي تعتذر منك

وسي يا وتحياتي للجميع

عبود البرنس
10-10-2009, 20:26
سلمت الايادي

واتمنى ان نرى المزيد من الروايات

وان تعودوا جميعا الى الكتابه واشكركم على الروايه الجميله

وبانتظار جديدكم

عبود البرنس

النـــــــــور
11-10-2009, 17:07
يعطيك العافيه الشيخه زورو
على الروايه الرائعه وبنتظار جديدك

نادقنديل
13-10-2009, 17:28
م:p

نايت سونغ
15-10-2009, 18:37
يسلمووووو شيخه زوزو

يعطيكي الف عافيه علي الرواية

حلوي ::جيد:: كتيير

الغصن الوحيد
19-10-2009, 18:45
يعطيكم الف عافية على حورية الغابه ولو ان نفسيتي اتعبت شوي مع البطلة حرام تعذبت معه بس على العموم تسلم اياديكم والله يوفقكم

الغصن الوحيد
21-10-2009, 06:29
تسلمون ياغاليات على رواية من اجل حفنة من الجنيهات بتجنن يعطيكم العوافي

khadija123
21-10-2009, 14:28
السلام عليكم
كيف الحال أتمنى أن يكون الجميع في أحسن الصحة و بخير

ŦloOora
22-10-2009, 01:04
مـــرحبا ...
كيف الحال للجميع ؟
انا متابعاكم من الموضوع الاول بس بجد يعطيكم العافية ..
روايات روووعة
حابة اشكر ماري انطوانيت والبنات اللي يساعدوها بالكتابة ..
وحابة اساعدكم اذا كنتوا بحاجة لمساعدتي ..
لأني فااضية اغلب وقتي ..
سلام

الغصن الوحيد
24-10-2009, 12:30
تسلمين ياوردة على الرواية الحلوة يعطيك الف عافية حبيبتي

الغصن الوحيد
25-10-2009, 13:47
يعطيك العافية اختي وتسلم يمينك على الرواية الحلوة

smaher
25-10-2009, 17:23
انا متابعه التوبيك بتاعكوا ومشرعكم

حلو اوى وعاجبنى

وانا عندى روايه اسمها كاذبة ولكن..

هنزلها علشان خاطركم

smaher
25-10-2009, 17:31
كاذبة ولكن....



كاثرين روس


روايــــات احـــلام




الملخص




كاذبة ولكن....




بيني كينيدي مستعدة لفعل أي شيء كي تنقذ منزلها العائلي من براثن لوكاس داريان.....حتى لو اضطرت أن تنتحل صفة سكرتيرته الخاصة!




ولكن ما لم تحسب له بيني حساباً هو أن تقع ضحية لسحر مديرها المتعجرف.... وسرعان ما وجدت نفسها مقربة منه كثيراً.....



ولكن ماذا إذا أكتشف حبيبها اللاتيني هويتها الحقيقية!




وبأي طريقة سينتقم منها؟

smaher
25-10-2009, 17:34
1_ كاذبة ولكن.....







تري ماذا يقول المثل...؟ شيئاً معناه إبقاء الأصدقاء قريبين منك والأعداء أشد قرباً..... تسمرت بيني وهي تدخل إلي المكاتب الرئيسية لشركة لوكاس للشحن. حسناً, إنها تخطو خطوتها الأولي نحو معسكر العدو, لكنها تشعر بأنها تقوم بعمل مفيد عوضاً عن الجلوس بانتظار المصيبة, كما يفعل والدها.



شعرت بلفحة من الهواء البارد تضرب جسمها وهي تدخل من الخارج إلي داخل المكتب, من الهواء الاستوائي الكاريبي إلي المكتب البارد بهواء المكيف. ارتعشت, أتراها ترتعش من البرد أو من التفكير بردة فعل والدها إذا عرف بما تنوي فعله. فمنذ بضعة أسابيع، حين اتصلت بوالدها وعرضت أن تتصل بلوكاس شخصياً وتطلب منه المزيد من الوقت لتسديد ما عليه، استشاط والدها غيظاً وصاح:



- لوكاس هو الشيطان بحد ذاته.



ردت بهدوء: ( ولكنك لست واثقاً يا أبي، فقد كنت تواجه مشاكل مع والد لوكاس، وقد توفي الآن. ولعل ابنه أفضل منه).



تضاعف غضب والدها: ( تتصرفين بسذاجة بالغة أحياناً يا بيني. فلوكاس داريان نسخة طبق الأصل عن والده، وأسمعي جيداً ما أقوله: أفضل أن أغرق في الديون وأخسر كل ما أملك علي أن أدين لعضو من أعضاء هذه العائلة بخدمة ما).



كان بإمكان بيني أن تنسي الأمر, فبعد التفكير هذا الأمر لا يعنيها، إنه عمل والدها. فهي تملك مهنة خاصة بها بعيدة كل البعد عن هذه الأجواء، فهي مديرة في منتجع جمالي متنقل راق جداً. إلا أنها، وبعد أن اتصلت بوالدها أكثر من مرة عرفت أن غضبه قد استحال انهياراً، وأيقنت أنها تهتم لأمره كثيراً، لذا لا يمكنها الوقوف ومشاهدته علي هذه الحال. تمنت لو نملك مبلغاً كافياًمن المال لتكفله، لكن هذا الأمر لن ينجح. لذا، فالحل الثاني يقضي أن تأخذ إجازة من العمل وتسافر إلي مكتب لوكاس داريان الرئيسي في بورتوريكو.



ربما يفترض بوالدها التخلي عن العمل والتقاعد. فقد عانت صناعة السكر من متاعب مؤخراً، وكان والدها يناضل منذ بعض الوقت لتحسين وضع عمله. ولكن لا يفترض به أبداً خسارة منزل العائلة والأرض أيضاً. فهذا المنزل ملك للعائلة منذ ثلاثة أجيال.... وهو أثمن من أن يتم التخلي عنه دون مقاومة....



- هل أستطيع مساعدتك؟



نظرت عاملة الاستقبال بريبة فيما اقتربت بيني منها. كانت امرأة شابة في بداية العشرينات, شعرها أشقر وقد ظهرت علامات الاستياء في عينيها الزرقاوين.



- جئت أقابل لوكاس داريان.



قالت بيني هذا بكل ما أوتيت من ثقة بالنفس، متجاهلة واقعاً صغيراً يقضي بأنها لم تضرب معه موعداً.



- آه, لا بد أنك ملدريد بانكروفت، المساعدة الشخصية الجديدة للسيد لوكاس.



اختفت فجأة معالم الاستياء من وجه عاملة الاستقبال وابتسمت بدفء لبيني: ( آه، كم سررت لرؤيتك....).



وقبل أن يتسنى لبيني قول أية كلمة، رن الهاتف بجوار المرأة فاستدارت تجيب عليه.

شعرت بيني بأنها في مأزق. فإن اعترفت بأنها ليست ميلدريد، المساعدة الشخصية الجديدة، فهي علي ثقة أنها لن تتخطي عاملة الاستقبال ولن تري لوكاس داريان اليوم. فقد سبق أن اتصلت مرتين، محاولة تحديد موعد، وقيل لها بأنه عليها الانتظار حتى آخر الشهر للحصول علي موعد. إلا أن والدها لا يملك كل هذا الوقت. فقد تسلم أمراً بإخلاء المنزل قبل الخامس والعشرين من الشهر الحالي.

آه, مرحباً!
ضحكت عاملة الاستقبال لما قيل لها عبر الهاتف وتابعت:
- لا، باتت الأمور تتحسن الآن، فقد وصل المخِ لص أخيراً، بوصول المساعدة الشخصية الجديدة. لذا يفترض بهذا أن يخفف عني بعض الضغط.... الحمد لله. نعم، يمكنني الخروج للعشاء الليلة....
دوى صوت آت من المكتب الداخلي: ( شونا!! هلا أحضرت لي الملفات التي طلبتها منك منذ نصف ساعة!).
- علي أن أذهب بول.
أقفلت شونا الخط بسرعة وابتسمت لبيني.
- إنه المدير, ولكن لا تقلقي، فالكلب الذي ينبح لا يعض.... أعني أنه لطيفا جداً لا تقلقي.
- أريد هذه الملفات اليوم، ما لم أكن أزعجك.
- آتية سيد داريان.
احمرت خجلاً وهمست وهي تبحث بين كومة من الأوراق وضعت بجانبها من دون ترتيب:
- لقد قطعت صديقته علاقتها به منذ بضعة أسابيع، واستقالت مساعدته الشخصية لأنها ستتزوج، وهو غارق في العمل حتى أذنيه..... محاولاً تنظيم أعمال والده المتوفى. أما أنا، فيترتب علي عاتقي مسؤوليات كبيرة وكثيرة....
همست بيني: ( أحقاً؟).
سرت لمعرفتها بأن العدو يعاني من المشاكل، ولم تستطع منع نفسها من التمني أن يكون تعيساً للغاية. فهو يستحق ما يناله بسبب الطريقة التي عاملت بها عائلته والدها، وقفت تتفرج علي شونا وهي تبحث بين الأوراق وأصابعها ترتجف وتمتمت:
- أين وضعت هذه الملفات بحق السماء! كانت معي منذ لحظات! ألا ترينها؟ إنها موضوعة في ملف أخضر اللون.
أحبت بيني هذه الفتاة البسيطة المنهمكة في العمل: ( أليست هناك؟).
وأشارت بيني إلي ملفين موضوعين علي الرف بجانب فنجان وصحن وضعا علي صينية فضية.
هتفت شونا: ( الحمد لله! آه! لقد نسيت قهوته وقد بردت الآن ها قد نلت نقطة سوداء أخرى.....).
قالت بيني بعطف: ( حسناً، لا يمكنك القيام بكل شيء دفعة واحدة).
ابتسمت المرأة بامتنان: ( لا ... أنا مسرورة جداً لأنك هنا).
جاءت كلماتها صادقة للغاية إلي حد أن بيني بدأت أن تشعر بالذنب لأنها ليست ميلدريد المساعدة الشخصية الجديدة.
- شونا! لم تستغرقين كل هذا الوقت؟
ظهر لوكاس داريان وقد فقد صبره.
جال نظر بيني عليه بدءاً من الحذاء الأسود اللماع صعوداً إلي البذلة السوداء الرسمية. كان طويلاً جداً ونحيفاً أيضاً إلا أن كتفاه عريضتان وتسمر نظرها علي عينيه الغامقتين وشعرت بالدهشة. فلوكاس داريان مختلف تمام الاختلاف عما توقعته، إنه خلاب جداً!
إنه في السادسة والثلاثين من عمره تقريباً، عيناه خلابتان، ووجهه جميل، فكه قاس ومربع يوحي بالقوة والعزم، وشفتاه مثيرتان للغاية وأجبرت نفسها علي تمالك أعصابها.
حسناً، إنه جذاب... جذابا إلي حد يليق به لعب دور البطولة في فيلم رومانسي! ولكن، لا يمكنها أن تنسي من هو فعلاً، إنه لوكاس داريان، عدو والدها، وليس بطلاً سينمائياً يسرق الألباب.
قالت شونا بهدوء: ( أعرفك إلي ميلدريد بانكروفت يا سيد داريان، مساعدتك الشخصية الجديدة).
ظهر حس المفاجئة في عينيه: ( أحقاً؟ أنت مختلفة تماماً عما توقعته).
وجال بنظراته عليها وكأنه يقيمها فشعرت بالدم يجري ساخناً في عروقها.
همست وهي ترفع ذقنها بتحد: ( وأنت أيضاً مختلف تماماً عما توقعت).
سألها فوراً: ( وماذا توقعت؟).
في الواقع، توقعت أن تراه شبيهاً بوالده، فقد سبق أن التقت ذلك الأخير مرتين. إنه طويل ووسيما كابنه, ولكن الشبه بينهما يقف عند هذا الحد. فلورانس داريان يتمتع بسمات انكليزية، شعر أشقر باهت، وعينان زرقاوان باهتتان، وأنف ارستقراطي، ولكن لا .. لوكاس مختلف تماماً عن والده البارد الارستقراطي .. ومن الواضح أنه يشبه والدته الإسبانية.
- حسناً ...
قاطع لوكاس حبل أفكارها، وعرفت أنه ينتظر جواباً منها.
فارتجلت: ( حسناً، أنت أصغر سناً مما توقعت).
فإن أطلعته علي حقيقة هويتها، فقد لا يسمح لها بالدخول إلي مكتبه والتحدث إليه.


ابتسم لوكاس: ( كنت سأقول لك الشيء ذاته. فبحسب سيرتك الذاتية التي أرسلتها لي الوكالة، توقعت أن تكوني في الخمسين من العمر علي الأقل).
أحمرت بيني من دون أن تفقه السبب. من الواضح أنه يعلم أنها ليست ميلدريد بانكروفت.
- آه ... حسناً ... يمكنني أن أفسر لك...
مر لوكاس من أمامها ليتوجه إلي عاملة الاستقبال التي بدت مسمرة تراقب ما يجري، قال:
- شونا! أحضري لنا فنجانين من القهوة متى تسني لك الوقت لذلك.
ثم تحدث إلي بيني: ( تفضلي إلي مكتبي).
يبدو أن الأمور تسير علي ما يرام، فكرت بيني مبتسمة. لقد عرف أنها ليست مساعدته الشخصية، وبالرغم من هذا قرر تخصيص بعض الوقت لها.
- شكراً لك.
ابتسمت له ابتسامة مشرقة وهي تدخل مكتبه. إلا أنه لم يبادلها الابتسام، الأمر الذي كان غريباً قليلاً بالنسبة لها. فبيني امرأة جميلة في الثامنة والعشرين من عمرها. شعرها أشقر طويل، وعيناها لوزيتان خضراوان، ووجهها صغير ناعم، وقد اعتادت أن يبتسم لها الرجال دائماً.
بدا المكتب مظلماً مقارنة بالضوء الساطع في ردهة الاستقبال، وقد احتاجت عيناها نحو دقيقة لتعتادا علي الضوء. كانت الجدران مزينة برفوف من الكتب، أما المكتب في وسط الردهة فكان غارقاً بالملفات.
رأت خلف المكتب خزانة ملفات وجراراً مفتوحاً علي مصراعيه كما لو كان أحدهم يبحث عن شيء فيه، في زاوية المكتب طاولة أخرى تكدست عليها صناديق ملأي بالكتب والملفات.
قادها إلي الكرسي المجاور لمكتبه، وراقبها وهي تجلس. لاحظت نظرة الاهتمام التي ظهرت في عينيه. أقله ليس محصناً تماماً تجاهها! لقد اختارت بتأن فستانها الأخضر الفاتح هذا الصباح، وهي تعلم أنه يبرز قامتها الهيفاء. علمت بيني إن كانت ستطلب الرحمة من عدو والدها، فستحتاج إلي كافة أنواع المساعدة.
جلس علي كرسيه قبالتها وأسند ظهره إلي الخلف يراقبها بعينين ضيقتين: ( من الواضح أن سيرتك الذاتية ليست دقيقة تماماً).
تفاجأت بيني، فقد ظنته علم حتماً أنها ليست ميلدريد. وقبل أن تتمكن من صياغة الرد تابع كلامه: ( لنرى... لديك عشر سنوات من الخبرة في "دانوفات" ... وخمس سنوات بصفتك المساعدة الشخصية للسيد غوردون مايسون ... ثم وظيفتك الأخيرة... ثلاث سنوات في خدمة مونتغومري كليف في باربادوس! فما لم تبدأي العمل وأنت في العاشرة من العمر، أقول أن شيئاً ما ليس صحيحاً يا آنسة بانكروفت).
انزعجت من اللهجة الساخرة التي يتحدث بها معها.
- أو هل لي بمناداتك ميلدريد؟
واقترب إلي الأمام كما لو أنه مهتم بسماع ردها.
فقدت أعصابها للحظة، ولعل السبب في ذلك هو طريقة حديثة أو عينيه، وبعد جهد تمكنت أن تقول: ( آه... يمكنك مناداتي ميلدريد إن شئت ... ولكن اسمي ....).
بدت وكأنها تعاني من مشكلة في النطق، فقالت في نفسها بحزم: ( تمالكي نفسك يا بيني، قولي له من أنت، وأخبريه بمدي قلقك علي والدك. واذرفي الدموع حتى، أن دعت الحاجة لذلك....
- جيد، ميلدريد إذاً!
لم يمنحها فرصة لتكمل حديثها، بل رجع إلي الوراء وقد بدت علي وجهه ابتسامة رضي.
طقطق بأصابعه علي المكتب. وبسبب توتر أعصابها، شعرت أن صوت الطقطقة هذا أشبه بقرع الطبول قبل عملية الإعدام.
- في الواقع، إن كنت مؤهلة لهذه الوظيفة، فأنا مستعد للتغاضي عن بعض البلاغات في سيرتك الذاتية. فكما تلاحظين، أنا بحاجة ماسة إلي موظفين، لذا يمكننا أن نجرب عملك هنا لمدة أسبوعين، ما رأيك؟
- في الواقع لوكاس، حصل سوء تفاهم، وأشعر بأن علي إخبارك.....
- حقاً ميلدريد، لا أحتاج إلي سماع الشروحات حول السيرة الذاتية ولا أريد هذا. من الواضح أنك أثرت إعجاب الوكالة لأنهم قالوا أنك تستحقين أن أنتظرك، وهذه الوكالة تتمتع بسمعة طيبة. فإن كنت تستطيعين استلام العمل بأقرب فرصة ممكنة سيكون الأمر رائعاً.
دخلت شونا وهي تحمل صينية القهوة. فقال لوكاس ضاحكاً:
- نحن بحاجة ماسة إلي المساعدة هنا أليس كذلك يا شونا؟
أومأت شونا وابتسمت إلي بيني: ( آه نعم، فأيلين، مساعدة السيد داريان الشخصية السابقة قد غادرت دون أن تقدم إنذاراً مسبقاً وتراكم العمل هنا بشكل جنوني. فكل تلك الصناديق بحاجة إلي ترتيب وفرز وأنا عاجزة من القيام بكل شيء بمفردي).
أزاح لوكاس بعض الأوراق وتناول الصينية من شونا:
- شونا لا تحولي لي أي اتصال ريثما أنتهي من الكلام مع ميلدريد.

smaher
25-10-2009, 17:37
وما أن أقفلت شونا الباب، ابتسم لوكاس وقال:
- مسكينة شونا، فهي تبذل جهداً كبيراً لتتأقلم.
- نعم، لقد لاحظت هذا.
- ثمة عمل كثير في هذا المكتب، فنحن نتعامل مع شركات كبري في الكراييب، ومع شركات استيراد وتصدير من مختلف الجزر. وفوق كل هذا لدينا أعمال والدي لتصفيتها، فقد توفي منذ ستة أشهر ولم تكن أعماله مرتبة كما يجب.
- آسفة.
شعرت بضرورة تقديم التعازي بالرغم من عدم شعورها بالأسف فعلاً.
- حسناً... لكن العمل ليس صعباً كما يبدو. فقد اضطررت مؤخراً إلي إعفاء المحامي المسئول عن أعمال والدي من مهمته لأنه كان يتصرف كما لو أنه المالك بالرغم من عدم درايته بأمور شتى. لذا، تم نقل كافة الصناديق التي ترينها أمامك، والخزائن خلفي بالإضافة إلي غرفتين مليئتين بالمستندات في المنزل من مكتب أبي إلي، وها أنا أحاول إيجاد طريقي وسط هذه الفوضى العارمة، وهنا يأتي دورك، فأنا أريدك أن تفرزي هذه الفوضى، وترتبي الملفات وتنظمي......
- لوكاس، أشعر بأننا نتصرف بطريقة خاطئة. فكما تري فقد أساءت شونا فهم الموقف تماماً عندما دخلت مكتبك. أنا.....
- هل تتناولين الحليب والسكر مع القهوة؟
- الحليب فقط.
وتساءلت غاضبة لم لا يصغي إليها؟
تابع كلامه: ( الحقيقة أن عدداً من مستندات والدي الهامة قد ضاعت. صكوك ملكية وغيرها من المستندات حول منزل قديم في أربودا.... لعلك لم تسمعي بهذه الجزيرة من قبل. إنها جزيرة جنوبي جزر العذراء البريطانية).
شعرت بيني ببعض الانزعاج. طبعاً سمعت بجزيرة أربودا، فقد ترعرعت علي هذه الجزيرة، ويبدو أنه يتحدث عن عقار والدها.
- بالطبع سمعت بها. أتحاول أن تقول أن صكوك هذا العنوان قد ضاعت؟
- حسنا، إنها ليست ضائعة تماماً، بل هي في مكان ما وسط هذه الفوضى. ولكنني بحاجة إلي إيجادها بسرعة. فقد كان والدي بصدد إعادة إمتلاك العقار عندما توفي. فقد كان يحتفظ بالصكوك كضمانة إضافية لأن الرجل العجوز الذي يعيش هناك ويدعي ويليام كيندي، يدين له بالمال منذ سنوات. لقد كانا شركاء في العمل، إلا أن والدي واجه مشاكل معه، ففض الشراكة. قال لي أنه ترك الدين إلي هذا اليوم بدافع الشفقة، فكينيدي لن يستطع يوماً ما تسديد ما عليه. لذا يستحسن به ترك المكان الآن قبل أن تتراكم عليه المزيد من الديون.
- أحقاً؟
شعرت بيني بأن نبرة صوتها قد قست. كيف يجرؤ علي الحديث عن والدها بهذه الطريقة؟ لقد عمل والدها جاهدا طيلة حياته.... كان رجلاً نزيهاً .... صادقاً.... مختلفاً تمام الاختلاف عن والده. فلورنس داريان لم يكن سوى قرصان... يجر والدها إلي الإفلاس ثم يحاول سلبه أرضه. أسوأ ما قام به والدها في حياته كان الدخول في شراكة مع ذلك الرجل...
- لسوء الحظ، أعجز عن المضي قدماً في استعادة الأرض ما لم أجد المستندات اللازمة.
تابع لوكاس كلامه من دون أن يلاحظ مدى غضب بيني: ( وما لم أجد هذه المستندات في خلال أسبوعين أو ثلاثة كحد أقصي، فستتهدم المشاريع التي بناها والدي حول هذا المكان).
سألته بيني، وهي تحاول جاهدة ألا تظهر أنها مهتمة أكثر من اللزوم:
- وما هي مشاريع والدك؟
- يملك والدي أرض الشاطئ المجاور، وثمة مشروع لبناء نحو مئة منزل هناك. وسيؤمن عقار ويليام كينيدي منفذاً إلي الطريق الرئيسية بعيداً عن الشاطئ.
سيبنون مئة منزل علي طول الشاطئ الرائع الذي لم تمسه يد الحضارة بعد! شعرت بيني بأن قلبها توقف عن الخفقان. صحيح أنها لم تعد تعيش في أربودا وبأنها تقضي معظم وقتها في العمل ولكن كلما أخذت إجازة كانت تعود إلي المنزل... وهي تحب قضاء بضعة أسابيع بمفردها تتمشي علي الشاطئ. فالمناظر الطبيعية التي تحيط بمنزل العائلة هي الأروع والأكثر بعداً عن المدينة في منطقة الكراييب. إنه موطن طبيعي لأعداد كبيرة من النبات والحيوان التي بات يندر وجودها. ترى كيف تمكن لورانس داريان من الحصول علي ترخيص لبناء مئة منزل؟
وتابع كلامه ليقطع حبل أفكارها:
ولسوء الحظ تنتهي رخصة بناء المنازل في غضون شهر.، فإن لم نبدأ العمل قبل هذه المدة لن نستطيع الحصول علي رخصة بناء ثانية بسبب تغير الإدارة المسئولة عن التخطيط المدني في أربودا.
- أتعني أن والدك رشي أحد المسئولين في مكتب التخطيط وهذا الشخص لم يعد هناك لتسوية الأمور؟

تنهد لوكاس: ( نعم، علي الأرجح. علي كل حال يمكننا البدء بأعمال البناء من دون الحصول علي أرض كينيدي، لكن ما لم نحصل عليها خلال الأسابيع المقبلة، فستفشل الخطة بأكملها).


قالت بنبرة جافة: ( يا للأسف)!


- نعم.... أليس كذلك؟


ارتشف القهوة وقال: ( إذاً، كما ترين، كلما أسرعت في فرز هذه الملفات كلما زادت فرصتي في الانتهاء من المشروع الأخير الذي كان والدي يعمل عليه).


لم تنطق بيني بكلمة فقد كان عقلها يعمل علي تحليل أمور أخري. فإن لم يتم العثور علي المستندات المطلوبة، لن تجري أعمال البناء، كما أن الموعد المحدد ليخلي والدها الأرض سيتأجل.


ولكن هذا التصرف غير نزيه، وهي ليست بشخص غير نزيه. أضف أن ميلدريد الحقيقية قد تظهر في أية لحظة


وتكشف سرها.


ولكن، ألم يكن والد لوكاس غير نزيه في تعامله مع والدها، كما أنه حصل علي طريقة البناء بطريقة مزورة؟ وبالتالي، فهي ستعمل علي إعادة الأمور إلي وضعها الطبيعي ليس إلا.


في الواقع، إن أخفت مستندات أرض والدها، فستحافظ علي أرض رائعة الجمال وستكسب بعض الوقت الإضافي لوالدها. فخلال بضعة أسابيع سيحصد قصب السكر وسيملك والدها ما يكفي من المال ليسدد دفعة من المال تساعده علي إيفاء دينه.


وفجأة سألها لوكاس: ( إذاً متي تظنين أنك قادرة علي البدء بالعمل؟).


أخذت بيني نفساً عميقاً. ستتدبر أمرها حتماً لبضعة أيام، وتعمل كمساعدة شخصية. فهي تملك بعض الخبرة في مجال عمل السكرتيرات، وردت بسرعة قبل أن تتمكن من تغيير رأيها: ( ما رأيك إذا بدأت الآن؟).



نهاية الفصل الاول

smaher
25-10-2009, 17:39
2- فتاة تحب الحرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تستطع بيني أن تنام تلك الليلة. قضت الليل بطوله تتقلب في فراشها وقد شعرت بالندم لتسرعها وادعائها أنها مساعدة لوكاس داريان الشخصية.
ما فعلته جنون مطبق، فقد تظهر ميلدريد بانكروفت غداً وستقع عندها مشكلة كبيرة. وقد يتصل لوكاس بالشرطة، وقد تحاكم بتهمة التزوير.
لم تخالف طيلة حياتها القواعد والقوانين. والآن وبسبب لحظة جنون من الممكن أن تقع في مأزق كبير. ولكنها انزعجت كثيراً من الصفات التي نعت بها لوكاس والدها، فقد كان والدها رجل أعمال محترم قبل أن يتورط مع لورانس داريان.
أما كلام لوكاس عن كرم أخلاق والده وتحمله كل هذا الوقت كي يسدد له كينيدي بدافع الصداقة فأمر محض رياء وكذب. لقد أراد لورانس أن يفلس والدها والخلاف الذي وقع بينهما منذ سنوات عديدة لم يكن بدافع المال بل بسبب حب امرأة.... وهذه المرأة ما هي إلا والدة بيني.
فقبل أن تتزوج والد بيني، كانت كلارا تواعد لورانس داريان، وكانت متيمة بحبه حتى الجنون. ثم اكتشفت أنه متزوج وله أبن وزوجة في بورتوريكو. انهارت كلارا والتجأت إلي ذراعي ويليم كينيدي بحثاً عن العزاء، وبعد شهرين تزوجا.
جن جنون لورانس وعاد إلي بورتوريكو مهدداً بالانتقام وتاركاً أعماله غير المنتهية مع ويليم، وعاد والد بيني إلي إدارة ممتلكاته محاولاً نسيان أمر لورانس داريان. وولدت بيني بعد مرور عام علي زواج والديها وبدا الزوجين سعيدين للغاية. عاشت بيني طفولة مثالية، ولم يكن أحد يتحدث عن لورانس داريان إلا بإيجاز ومن دون إعطاء أهمية كبرى للموضوع. إلا أن بيني شكت أن والدها لم يكن واثقاً تماماً من حب والدتها له، وأنها قبلت به لنسيان حبها.
ولكن عندما بلغت بيني السادسة عشر من عمرها، توفيت والدتها، وتغير كل شيء.
ظهر لورانس داريان في الدفن، وقدم تعازيه لوالدها وتعانق الرجلان وبدا وكأنهما استعادا صداقتهما... وفيما بعد علاقة العمل التي كانت تجمعهما. فلم يكن قد وضع حد قانوني لشراكتهما، لذا سهل استكمال الأمور من حيث توقفت.
لم ترتح بيني لهذه العلاقة بين والدها ولورانس داريان. تذكرت جلوس الرجلين علي الشرفة يحتسيان الشاي حتى وقت متأخر من الليل.... وتذكرت تلك النظرة القاسية التي كانت تظهر في عيني لورانس كلما ذكرت والدتها المتوفاة. وعندما أخبرت والدها بمشاعرها، صرف النظر عن الموضوع وقال لها أنها تتوهم ليس إلا. ولكنها لم تكن تتوهم، فقد عقد لورانس العزم بكل شر وقوة علي إفلاس والدها. وعندما أيقن ويليم هذه الحقيقة كان الأوان قد فات.

smaher
25-10-2009, 17:44
لم يكن حكم والدها علي الأمور صائباً لا لأنه عديم الفائدة أو غبي، بل لأنه كان في حداد، وقد استغل لورانس هذا. حتى أنه استطاع الحصول علي سندات ملكية عقارهم. والآن، وبعد مرور نحو ثلاثة عشر عاماً علي الموضوع، وبالرغم من موته، ما زال مصراً علي الانتقام. عادت بيني تتقلب في فراشها، فإن سنحت لها فرصة للتعادل مع آل داريان، ألا يحق لها استغلالها.
وتذكرت آخر مرة رأت فيها لورانس داريان وسألته لم يعامل والدها بهذه القسوة. ابتسم ببرودة الثلج، وتمتم قبل أن يدير ظهره وينصرف: ( أنا أسوي دائماً حساباتي القديمة).
إذن ألم يحن دورها لتسوي الحسابات؟ ألم يحن وقت انتقامها لوالدتها التي تأذت كثيراً بسبب هذا الرجل؟ ولوالدها أيضاً...
وأخيراً، بعد أن طلع الفجر، استسلمت بيني للنوم. ولكن صفو نومها تعكر بأحلام لا بل كوابيس مزعجة. كان لورانس داريان يلاحقها في أروقة مظلمة وحين أمسك بها أخيراً قال لها:
- إن كنت تظنين أنك قادرة علي خداع فرد من أفراد عائلتي، فأنت مخطئة جداً.
جعلت لمسة يده التي وضعها علي كتفها دمها يغلي، ولكن فيما كان يدير وجهها لتواجهه، حدث شيء ما. لم يكن الوجه البارد الذي يحدق فيها هو وجه لورانس، بل وجه لوكاس.
تمتم وهو يحدق إليها: ( ثمة ثمن لخيبة الأمل).
وفجأة تحول شعورها في الحلم من الخوف إلي الإثارة، وقال:
- آمل أنك قادرة علي التسديد....
- وما هو الثمن؟
انحنى نحوها فاستيقظت حواسها كلها كما أنها قد قفزت من طائرة علي علو ثلاثة آلاف قدم...
وقفزت من مكانها علي صوت المنبه. كان قلبها يخفق بقوة وشعرت بدوار. لم يسبق أن راودها حلم بهذه الغرابة. وحتى الآن وبعد أن استيقظت، ما زالت تشعر بانزعاج... انزعاجا حقيقي لم تعرف له مثيلاً.
أزاحت عنها الغطاء وتوجهت إلي الحمام لتستحم. من الواضح أنها تناولت العشاء في وقت متأخر ليلة أمس... أو لعله الحر في الغرفة. فالمكيف معطل والمروحة لا تفي بالغرض.
إذا كانت تنوي البقاء في الفندق لليلة أخري عليها أن تعلم مكتب الاستقبال. ترى هل يفترض بها أن تبقي لليلة أخرى؟ أعليها أن تعاني خيبة الأمل؟ أو عليها العودة إلي المنزل ومواساة والدها... ومساعدته علي حزم ممتلكاته والاستعداد للرحيل؟ قالوا لها في الشركة أنها قادرة علي أخذ إجازة لمدة خمسة أسابيع لتملك ما يكفي من الوقت لتنظيم عملية الانتقال.
شعرت بالغضب لمجرد التفكير في الانتقال. لِمَ يفترض بوالدها ترك منزله؟ هذه الفكرة مزعجة جداً. لمَ يجب أن ينجو لورانس داريان بفعلته؟ لا، عليها أن تبقي هنا، وتلعب دور ميلدريد بانكروفت أقله لهذا اليوم.
لعلها ستكون محظوظة وتجد الأوراق فوراً.... وتضعها في مكان ما لن يخطر ببال لوكاس البحث فيه ثم السفر مجدداً إلي ميامي والالتحاق بسفينتها.
لن يربط لوكاس بينها وبين الأوراق التائهة... وقد لا يعرف حتى هويتها الحقيقية. وحتى لو فعل، فإخفاء الأوراق لا يعتبر جريمة.
- ميلدريد...؟ ميلدريد...؟ ميلدريد... هل أنت صماء؟
نظرت بيني إلي الأعلى فلاحظت أن لوكاس يتكلم معها:
- آه عذراً! كنت شاردة الذهن!
اقترب لوكاس من مكتبها وحدق إليها: ( بم كنت تفكرين بحق السماء؟).
لم يكن اقترابه منها مريحاً لها، كما لم تكن نظراته وابتسامته أيضاً.
- كنت أفكر...
حاولت التفكير بحجة مقنعة، فقد حضرت إلي المكتب في التاسعة صباحاً، ولم تخرج للغداء، والآن حان وقت العودة إلي المنزل... ولم تجد بعد أي أثر للأوراق التي تبحث عنها، وهي لم تفرغ إلا خزانتين.
- كنت أفكر بأنه لا بد حان وقت العشاء.... فقد بدأت معدتي تؤلمني.
- لا يفاجئني هذا، فأنت لم تتناولي الغداء، كما أنك تعملين بجد.
ونظر برضي إلي الطريقة التي نظمت فيها الأوراق وبوبتها وقال:
- أنت دقيقة جداً.
تنهدت بيني، فهي دقيقة ومنظمة في إدارة المنتجع، وترتيب مكتب لوكاس أمر سهل بالرغم من استغراقه بعض الوقت.
قال لوكاس وهو ينظر إلي ساعته: ( يستحسن إذن أن تتوقفي عن العمل لليوم، فقد غادرت شونا منذ نصف ساعة.
تفاجأت بيني لأنها لم تسمع المرأة الأخرى تغادر:
- أحقاً؟ لم أع أن الوقت متأخر إلي هذا الحد.
ابتسم لوكاس: ( لديها موعد مهم ولم يطاوعني قلبي علي القول لها أنها تغادر باكراً فقد بقيت لساعات بعد الدوام خلال الأسابيع المنصرمة).
فكرت وهي تنظر إليه بأنه قادر علي التصرف بلطف، كما أنه يبدو وسيماً للغاية في هذه البذلة الداكنة اللون. وتساءلت إن كان يمارس الرياضة ليحافظ علي هذه البنية الرشيقة أو تراه اكتسبها من دون عناء. وفجأة.. وجدت نفسها تتذكر الحلم الذي راودها هذا الصباح... فأجتاحها الخدر في مختلف أنحاء جسمها لهذه الفكرة.
وبسرعة، أشاحت بوجهها بعيداً، لا فائدة من التفكير بهذا الحلم، فهو لا يعني شيئاً... ثم ركزت انتباهها علي كومة الأوراق الأخيرة الموضوعة علي مكتبها. فالانجذاب نحو لوكاس داريان لا يعني سوى المتاعب. فبغض النظر عن سحره لا بد أنه شبيه بوالده... كما أنه قد يكون متزوجاً... ولكن ألم تقل شونا شيئاً عن تعكر مزاجه لأن صديقته قطعت علاقتها به؟ حسناً لعله غير متزوجا؟ لكن ما همها هي؟؟
- علي فكرة ميلدريد، أحتاج لمعرفة بعض التفاصيل عنك كي أتمكن من إدراج أسمك في الملفات. أنت تعلمين، الأمور المعتادة، رقم حسابك المصرفي وغيره كي أتمكن من تحويل راتبك مباشرة إلي المصرف و...
- إن كنت لا تمانع، أفضل الانتظار حتى انقضاء أسبوعي التجربة قبل أن تدرج أسمي في الملفات وغيره.
قاطعته بيني بكل ثقة، وتفاجأت لأنها بدت واثقة من نفسها إلي هذا الحد علماً أن قلبها يخفق بسرعة خوفاً ورعباً.
نظر إليها لوكاس مباشرة، وقد جالت عيناه السوداوان علي وجهها:
- ولم هذا؟ أتفكرين بعدم البقاء؟
- لا...
حاولت بيني أن تبتسم، عليها أن تلعب هذا الدور بحذر شديد، لأنه إن عرف لوكاس بأنها محتالة، فستسوء الأمور كثيراً، وبسرعة كبرى أيضاً.
- أفضل فقط إبقاء الأمور غير رسمية إلي أن تجعل وظيفتي دائمة.
تنهد لوكاس: ( حسناً، هذا حقك. يستحسن بي إذن أن أحسن التصرف إذا أردت الاحتفاظ بك).
شعرت بيني برغبة في الاستسلام وبمبادلته بعبارة لطيفة. فبسبب أسلوبه اللطيف، يسهل عليها تقبل أي شيء فيه. فكرت بهذا وهي تنظر إلي الدفء البادي في عينيه... دفء يجعل من السهل علي المرء التجاوب معه... لكنها فضلت أن تلزم الحذر، فهزت رأسها وقالت:
- نعم، هذه فكرة جيدة.
وابتسمت له قبل أن تدير ظهرها وتعود إلي كومة الأوراق المتبقية.
أردف لوكاس: ( إذاً ما رأيك لو أحسن التصرف وأوصلك إلي المنزل؟).
- ما من ضرورة. شكراً، هذا لطف منك.
ومرة جديدة ابتسمت له ببرودة ثم تابعت عملها.
كانت تدعي انهماكها فيما تفعله، إلا أنها كانت منتبهة كثيراً إلي قربه منها وتمنت لو أنه يبتعد.
- أعلم أنه ما من ضرورة لذلك، ولكنني أعرض عليك أن أوصلك.
بدا لوكاس منزعجاً من ردودها الباردة فتابع: ( في أي منطقة تسكنين يا ميلدريد؟).
أثار هذا السؤال البسيط الريبة في قلب بيني. وتمنت لو أنها تعرف شيئاً عن تلك المرأة التي انتحلت أسمها. نظرت إليه وقد بدا الضياع واضحاً في عينيها الخضراوين. إنها تكره ما يجري معها... فهي لا تجيد الكذب... سيكشف أمرها حتماً.
وفجأة تذكرت ما قاله لها لوكاس عندما كان يجري معها المقابلة. كانت ميلدريد تعمل كمساعدة شخصية للكولونيل مونتغومري كليف في باربادوس طيلة ثلاث سنوات. وتمسكت بهذه الذكري كغارق يتشبث بمركب الأمان.
- منذ أن تركت باربادوس، أعيش حياة الترحال. إذ بقيت كمية كبيرة من ممتلكاتي موضبة والآن أنا أقيم في فندق في سان خوان.
بدا كلامها مقنعاً. ودهشت بيني لطلاقتها.
- إذاً أنت لست واثقة من رغيتك بالبقاء هنا والإقامة في بورتوريكو، صح؟
أومأت بيني، وقد رضيت أن توافق علي نظريته وهي تأمل أن يتوقف عن طرح الأسئلة.
- حسناً، لا أظنك ستندمين علي مجيئك إلي بورتوريكو، فهي جزيرة جميلة جداً. من أين أنت أصلاً؟
لم تتوقع سؤاله: ( حسناً، أنا...).
سعلت بيني، إن قالت له إنها من أربودا، فلن يطول به الوقت حتى يدرك الحقيقة.
- أنا من باربادوس.
- جزيرة جميلة، لا بد أن حياتك فيها أمر جميل ورائع.
- نعم... رائع...
أحست بيني باحمرار وجهها وشعورها بالانزعاج.

smaher
25-10-2009, 17:46
- أما زالت عائلتك في باربادوس؟
- آه..
سعلت مجدداً وحاولت أن تأخذ نفساً عميقاً.
- هل أنت بخير؟
وتقدم منها وربت علي ظهرها وهي تحاول أن تتنشق كمية كبيرة من الهواء.
همست: ( شكراً... أنا بخير..).
وقف وذهب ليحضر لها كوب ماء من براد الماء الموضوع خارج باب المكتب. راقبته بيني بحذر من تحت رموشها. أتراوده الشكوك بشأنها؟ يبدو أنه يطرح الكثير من الأسئلة.
تمكنت من استعادة رباطة جأشها قبل أن يعود، إلا أنها ادعت عدم حصولها علي كمية كافية من الهواء وذلك تحسباً لرغبته بطرح المزيد من الأسئلة. إلا أن لوكاس لم يتابع الحديث بل وقف في مكانه يتفرج عليها وهي تشرب الماء البارد.
همست وهي تضع الكوب جانباً: ( شكراً لك).
- أنت علي الرحب والسعة.
ابتسم ومد يده ليطفئ المصباح الموضوع علي مكتبها، وأردف:
- هيا لنذهب من هنا، أظن أن كلينا قد عمل بما فيه الكفاية ليوم واحد.
تناولت بيني حقيبة يدها، وقد سرت بالوقوف، فقد أرادت أن تبتعد عنه بأسرع ما يمكن كيلا يطرح عليها المزيد من الأسئلة. فقالت باقتضاب: ( حسناً، سأراك غداً صباحاً).
نظر إليها ورفع حاجبيه: ( غداً السبت يا ميلدريد).
- أحقاً؟
حزنت بيني، فآخر ما تحتاج إليه في هذا الوقت هو عطلة نهاية الأسبوع، من الضروري جداً أن تجد الأوراق التي تبحث عنها قبل أن تظهر ميلدريد الحقيقية ويفتضح أمرها ...
همست: ( لقد فقدت الإحساس بالوقت).
- في الواقع، كنت سأسألك إن كنت لا تمانعين في العمل بضع ساعات إضافية نهاية هذا الأسبوع.
قال هذا وهو يطفئ الضوء الآخر ويمسك الباب لتخرج، ثم تابع:
- في الواقع أحتاج إلي هذه المستندات بسرعة والوقت لا يعمل لصالحي.
- نعم، أفهم تماماً ما تعنيه. لا أمانع أن أعمل في عطلة نهاية الأسبوع.
ابتسم لوكاس: ( هذا عظيم، وسأجعل الأمر يستحق العناء علي الصعيد المالي طبعاً).
أومأت بيدها كمن لا يهتم، فآخر ما يشغل بالها في الوقت الحالي هو مبلغ المال الذي سيدفعه لها لوكاس، فهي لا تنوي البقاء حتى قبض مستحقاتها علي أية حال.
- سنسوى هذه المسألة لاحقاً عندما أقرر أن أبقي. أو لعلك اتخذت قرارك وتريدني أن أبقي...
رد لوكاس مبتسماً وهو يفتح لها الباب الخارجي.
- أشعر أنه من النادر ألا يرغب أصحاب العمل بأن تبقي للعمل لديهم، أليس كذلك؟
- تواضعي يحول دون إجابتي علي هذا السؤال.
لم تستطع بيني ألا تبتسم. يبدو أنه لا يشك في شيء، كل ما في الأمر هو أن ضميرها يؤنبها.
قال لوكاس وهو يقفل باب المكتب: ( إذاً إلي أين أقلك، فسيارتي في الأسفل).
- سأستقل الباص يا لوكاس....
- لا تتصرفي بسخافة.
وابتعد عنها متجهاً نحو مدخل المرآب، من دون أن يترك لها أي مجال لتغير رأيها.
من جهة، سرت لأنها وجدت من يقلها فهي تشعر بالتعب والحر، ومن جهة أخرى، سيعرف لوكاس أين تقيم.... وسيستطيع الحضور إلي الفندق والتحري عنها.

فتح لوكاس باب سيارة مرسيدس رمادية اللون فجلست في المقعد المجاور لمقعد السائق.
سألها وهو يخرج من المرآب متوجهاً إلي الشارع المزدحم بالسيارات: ( حسناً، إلي أين؟).
- أقيم في حي سان خوان القديم.
علق لوكاس وهو ينتظر أن يتحرك السير: ( مكان جميل أليس كذلك؟).
- إنه خلاب.
- في أي فندق تنزلين؟
- كاساديل ملاريندا. إنه فندق جميل قرب...
- أعلم تماماً أين يقع.
- آه...
صمتت. تمنت لو أنها لم تقل هذا، فلسبب ما شعرت بأنها ضعيفة. وراحت تتساءل إن كان يعرف مالكي الفندق أيضاً، وتخيلت أن يقابل في يوم ما أصحاب الفندق في مكان عام، ويقول لهم تقيم مساعدتي الشخصية ميلدريد لديكم، ويري نظرة الاستغراب في عينيهم.
شعرت برعشة قوية. فنظر لوكاس إليها: ( هل مكيف الهواء قوي بالنسبة إليك؟).
- لا، أنا بخير.
- ولكنك ترتجفين. افتحي النافذة قليلاً ودعي بعض الهواء الساخن يدخل إن شئت.
- شكراً.
لا يفوت لوكاس داريان شيء أبداً.
زادت سرعة السيارة قليلاً عندما خفت زحمة السير ودخل بعض الهواء الساخن يداعب شعر بيني ويقربه من وجهها.
سألته وهي تحاول إدعاء عدم المبالاة: ( كيف تعرف مكان الفندق الذي أنزل فيه؟).
- إنه ذائع الصيت والجميع يعرف مكانه.
لا يبدو أنه يعرف أصحاب الفندق... الحمد لله.
تابع لوكاس ببرود: ( كنت أفكر أنه يستحسن بك أن تعملي غداً في منزلي. لدي غرفتان مليئتان بملفات والدي، لذا كلما أسرعت بالبحث فيهما كلما كان ذلك أفضل).
غرفتان! قضت اليوم بطوله ترتب خزانتي ملفات صغيرتين فكم سيستغرق من الوقت البحث في غرفتين مليئتين؟
وتابع لوكاس كلامه عندما لم تجبه بشيء:
- ولكن لا تقلقي، سأساعدك علي ترتيبها غداً إذ لدي الوقت.
- آه حقاً! ما من داع لذلك!
فآخر شيء تريده هو السماح للو كاس بمراقبتها تعمل.
- سننهي العمل بسرعة أكبر إن عملنا سوية.
- أظن أنك محق.
لم يعد من مجال لتقول له شيئاً.
استدار لوكاس نحو الشمال، وارتجت السيارة علي الطريق المليئة بالحصى لدي دخولهما شارع سان خوان. كانت الأبنية ذات الطراز الإسباني منتشرة علي طول الشوارع الضيقة، وكانت مطلية بألوان فاتحة وشرفات حديدية مليئة بالأزهار.
قالت وهما يقتربان من تقاطع الطريق الذي يؤدي إلي الفندق:
- يمكنك أن تنزلني هنا إن شئت.
- سأوصلك أمام باب الفندق، لا مشكلة.
رد لوكاس بنبرة لا تحتمل الرفض ثم سألها وهو يسلك الطريق الفرعية:
- ما الذي جعلك تقررين المجئ إلي بورتوريكو؟
شعرت بأنفاسها تنقطع: ( لقد عرضت علي الوكالة الوظيفة، فبدت مثيرة للاهتمام... إذ أنني أحب التنقل ورؤية أماكن مختلفة...).
- أنت فتاة تحب الحرية إذاً؟
- نعم، أظنني كذلك.
أقله الآن بيني تقول الحقيقة. فهي تحب السفر وقد كان هذا أحد الأسباب التي دفعتها لقبول العمل في منتجع سياحي متنقل علي سفينة.
توقف أمام الفندق: ( هذا أمر مشترك بيننا، فأحد الأسباب التي دفعتني إلي تأسيس شركة شحن ولعي بالشواطئ النائية)

smaher
25-10-2009, 17:49
- هل ساعدك والدك علي تأسيس شركتك؟
- لا، لم يهتم يوماً بالتجارة البحرية... بل البرية فقط.
- وهل كنت تعمل معه في صفقاته؟
لم تعلم لم سألته هذا السؤال، وظنت أنه بدافع الفضول.
- لا، كنت شديد الانهماك بأعمالي، ولكن لم تطرحين علي هذا السؤال؟
سرت لأن الظلام قد حل كيلا يري احمرار وجهها: ( لا شيء، أردت فقط أن أعرف إن كنت تملك فكرة عن المكان الذي يفترض بنا البحث فيه عن الملفات غداً).
- لا.... للأسف لا أملك أدني فكرة.
ردت بإيجابية: ( لا تقلق، فبعملنا معاً غداً، لا بد أنا سنجدها).
- فلنأمل ذلك.
قالت في نفسها ولنأمل أن أجدها قبلك! ويا للدهشة، خرج لوكاس من السيارة وفتح لها الباب. يا له من تصرف لائق! أمسكت يده التي مدها نحوها. وبعثت لمسة يده علي يدها في داخلها إحساساً غريباً. وبسرعة أفلتت يده.
ردت بتهذيب: ( شكراً لك لأنك أقليتني!).
ابتسم: ( أنت علي الرحب والسعة، فهذا أقل ما أستطيع فعله بعد أن عملت جاهدة طيلة اليوم ولم تخرجي إلي الغداء حتى).
تلك الليلة كان الهواء منعشاً يعبق برائحة الياسمين والفل المزروع في حديقة الفندق.
وقفت للحظة تحدق إليه. وفكرت وهي تشعر بشيء من الدوار بأن لوكاس داريان جذاب للغاية. إنه طويلا ونحيل وتنبعث منه قوة غريبة. ولعل السبب في ذلك هو عرض كتفيه مما يمنحه حضوراً قوياً، أو لعل نظراته الهادئة إليها هي التي تمنحه هذا السحر.
قال بهدوء: ( سأمر لاصطحابك غداً في التاسعة إلا ربعا).
شعرت وكأنها خضعت للتنويم المغناطيسي تحت سحر عينيه، فاستغرقت بضع لحظات لتدرك أن اصطحابه لها ليست بالفكرة الحميدة. فإن سأل أحدهم في الفندق عن الآنسة ميلدريد بانكروفت فستقع في ورطة كبيرة.
ردت بتسرع: ( لا بأس، إن أعطيتني عنوان منزلك سأستقل سيارة أجرة).
ابتسم: ( تحبين أن تكوني مستقلة، أليس كذلك؟ ولكن ما من مشكلة، فأنا مضطر إلي المجيء إلي الرصيف غداً صباحاً، علي إنهاء بعض الأعمال).
- حسناً.... ولكن.
- إن كنت سأتأخر سأتصل بك. ما هو رقم غرفتك؟
- لا... لا أتذكر. ولكن اسمع، يسهل علي حقاً أن أستقل سيارة أجرة و...
مد لوكاس يده ورفع ذقنها إلي الأعلى، فاضطرت إلي النظر في عينيه مجدداً. نظرت إليه برهة إلا أن سيلاً من المشاعر اجتاح أنحاء جسمها كافة.
قال بحزم: ( سأمر لاصطحابك غداً، ولا تقلقي بشأن رقم الغرفة فأنا واثق من أن ميلدريد بانكروفت واحدة تنزل في هذا الفندق).
هذا ما تظنه أنت! وراقبته وهو يبتعد عنها.
- أراك غداً يا ميلدريد.
- نعم... غدا....
صعد لوكاس إلي سيارته، لكنه لم يذهب بل انتظر ريثما تدخل إلي الفندق. وللحظة لم تكن سوى خيال منعكس علي الضوء.
لاحظ شكل جسمها في الفستان، ولون شعرها الذهبي. وتذكر كيف نظرت إليه منذ لحظات وكيف استعرت عيناها بمشاعر عميقة... لقد نظرت إليه بهذه الطريقة مرات عديدة ذلك اليوم. وبدت تارة وكأنها علي وشك أن تنقض عليه لتفترسه، وطوراً كأنها مستسلمة له بهناء وصفاء.
إنه مستعد للتضحية بأي شيء لمعرفة ما الذي يجول في خلدها. أدار لوكاس سيارته وابتعد. مازال عطرها يعبق في سيارته، ويعيد إليه ذكرى عينيها الخضراوين. ثمة شيء في هذه الآنسة بانكروفت يثير فضوله، غموض يشده ليعرف المزيد عنها....
* * *
نهاية الفصل الثانى

smaher
25-10-2009, 18:08
كده نزلت فصلين

وبكرة ان شاء الله هنزل فصلين اخرين

واتمنى ان الروايه تنال اعجابكم

smaher
26-10-2009, 15:50
3- ضاع الأمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت بيني من الفجر واستحمت بسرعة ثم ارتدت تنوره بيضاء اللون مع قميص زهري. وضعت بعض التبرج علي وجهها محاولة إخفاء علامات عدم النوم، ثم نزلت علي السلالم إلي مكتب الاستقبال.
حزنت عندما رأت أن السيدة التي اعتادت بيني رؤيتها في مكتب الاستقبال غير موجودة، بل جلس مكانها الرجل الذي سجل أسمها وبياناتها يوم وصلت إلي الفندق.
حياها مبتسماً عندما وصلت إلي مكتب الاستقبال:
- صباح الخير سيدة كينيدي، لقد استيقظت باكراً هذا الصباح.
حاولت بيني عدم ملاحظة اهتمامه الظاهر بها وابتسمت له:
- فكرت في الذهاب في نزهة قبل أن تزداد أشعة الشمس قوة.
- فكرة ممتازة، ألديك مشاريع معينة لهذا اليوم؟
- في الواقع، أنا خارجة لتمضية النهار.... مع صديق.
حافظت علي ابتسامتها مرغمة:
- في الواقع، سيمر لاصطحابي بعد بضع ساعات، هل ستبقي في العمل حتى هذا الوقت؟
- نعم، أنا باق حتى العاشرة.
- سأكون ممتنة لو تتصل بي عندما يصل.
ثم رمته بابتسامة من ابتساماتها الساحرة، وقالت:
- آه! كدت أن أنسي. سيسأل عني تحت أسمي المهني ميلدريد بانكروفت.
سأل الرجل بسرعة قصوى: ( ولم تستعملين أسماً مهنياً؟).
- في الواقع أمارس مهنة الكتابة في وقت فراغي تحت أسم ميلدريد بانكروفت لذلك أنا في بورتوريكو، لإيجاد موضوع لكتابي الجديد. وسأكون ممتنة إن قمت بإعلام بقية موظفي الاستقبال إن ورد اتصال باسم ميلدريد بانكروفت بأن يحولوه إلي غرفتي أو يأخذوا رسالة بالنيابة عني.
أوشك عامل الاستقبال طرح المزيد من الأسئلة حول أنواع كتاباتها، لكنها لم تشأ المغالاة في الكذب أكثر.
- علي كل حال، أفضل أن أمضي، فالوقت يمر بسرعة، ولن أستطيع الذهاب في نزهتي ما لم أسرع.
كان قلبها يقفز من دون انتظام وهي تغادر الفندق نحو الشمس المشرقة. كانت تكره كل هذه الأكاذيب، وتساءلت إذا أقنعت الرجل بقصتها.
وجدت ساحة قبالة الفندق ومقهى صغير يقدم القهوة.
جلست قرب النافذة ليتسنى لها رؤية سيارة لوكاس إن حضر باكراًً، ثم طلبت فنجان كابوتشينو.
كانت تحتسي فنجان القهوة الثاني حين رأت سيارة لوكاس تركن قرب الفندق. وبسرعة وضعت بعض الأوراق النقدية علي الطاولة وخرجت من دون أن تنتظر الفكه.
- صباح الخير يا لوكاس.
نادت عليه من الشارع المقابل وهو يهم بإغلاق باب سيارته. وخيل لها للحظة أنه لم يسمعها، ثم ما لبث أن استدار نحوها.
- صباح الخير.
استند إلي سيارته وراح يراقبها وهي تتجه نحوه، جالت عيناه عليها، تلاحظان ساقيها الطويلتين تحت البذلة الأنيقة، وارتدائها حذاء عالي الكعب يعيق تقدمها علي الطريق المليء بالحصى.
قال لها ما إن وصلت إليه: ( أنت جاهزة والوقت لا يزال مبكراً).
- فكرت في استنشاق بعض الهواء النظيف قبل أن يزداد حر النهار.
- فكرة ممتازة.
ابتسم لها. بدا دافئاً وحنوناً. ثمة شيء غريب في لوكاس داريان يجعل نبضها يتسارع . حاولت إقناع نفسها بأن السبب وراء توترها هو الأكاذيب التي لا تنفك تلفقها، ولكن لا، ففي قرارة نفسها تعرف أن السبب مغاير لما تحاول إقناع نفسها به. فالمشكلة أنها تجده جذاباً بشكل خطير.
قال لوكاس وهو يتوجه ليفتح لها باب السيارة:
- لطالما اعتبرت أن الصباح هو الفترة الأفضل في اليوم.
وافقته الرأي وهي تحاول جاهدة التركيز علي الحديث لا عليه:
- نعم، وخاصة إن كنت تنوي قضاء بقية اليوم داخل المكتب.
- هل تتمنين لو أنك لم توافقي علي العمل لساعات إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع؟
- لا، أنا لا أمانع.
- حسناً، أعدك بأن لا أدعك تكدين في العمل. سنتوقف عند الظهيرة ونتناول غداءً شهياً، ما رأيك بهذا الاقتراح؟
ردت من دون أن تلتزم بوعد: ( فلنر كم سننجز من الملفات اليوم قبل أن نقرر لكم من الوقت سنستريح).
قال ممازحاً: ( إن كنت تحاولين إثارة إعجابي بمدى التزامك بالعمل آنسة بانكروفت، فلقد نجحتِ).
صعدت إلي السيارة، ونظرت إليه يسير في الاتجاه المعاكس ليوافيها. المشكلة أنها تركز علي الأمور الخطأ عندما يكون بجوارها. إنه يشتت انتباهها كثيراً، كما أن ملابسه هذا الصباح تزيد من تشتت انتباهها. كان يرتدي سروال جينز أزرق فاتح مع قميص يظهر عرض كتفيه.
وبصعوبة أشاحت بنظرها عنه. لا تفكري بأمور كهذه يا بيني! ركزي انتباهك علي سبب وجودك هنا! لوكاس داريان هو العدو.
صعد إلي السيارة وابتسم لها، فبادلته الابتسامة. يا إلهي يا لروعة عينيه!
- لا تنسي وضع حزام الأمان.
- لا، طبعاً لا.
وبسرعة استفاقت من حلمها ومدت يدها لتتناول حزام الأمان. فالغريب بالأمر هو أنها لم تشعر منذ سنوات بانجذاب كهذا نحو رجل ما. فآخر رجل أثار اهتمامها كان نيك، وانتهت علاقتهما بكارثة حقيقية، وكانت السبب الرئيسي لمغادرتها أربودا والذهاب للعمل في البحر.
كانت متيمة بحب نيك. وظنت أنه يبادلها الشعور نفسه. وصدمت صدمة كبيرة عندما عرفت أنه يقابل امرأة أخرى خفية عنها. وبأن الليالي التي كان يدعي فيها العمل لساعات متأخرة لادخار المال لزواجهما، كان يقضيها مع امرأة أخرى في السهر واللهو. لقد تألمت لخيانته، وأقسمت ألا تغرم بأحد مجدداً.

smaher
26-10-2009, 15:59
بالرغم من مرور عامين علي انفصالها عن نيك، ما زال التفكير بالموضوع يزعجها. وبحزم وجهت انتباهها إلي المناظر الطبيعية علي طول الطريق. لقد غادرا المنطقة الآن، وكانت السيارة تتجه صعوداً نحو طرقات جبلية ضيقة. كان الجبل أخضر واستوائياً، وبدا المنظر من الجبل الأخضر نحو البحر الأزرق خلاباً يخطف الألباب.
اتجه لوكاس بالسيارة نحو ممر ضيق يقود إلي حدائق مزينة تسورها أشجار جوز الهند قبل الوصول إلي منزل قائم علي تل. كان الدرج يقود إلي شرفة كبيرة تلف المبني مفروشة بكراس من قصب وأرجوحة موضوعة تسمح للجالس عليها بالتمتع بمنظر الأشجار والبحر خلفها.
أول ما لفت انتباه بيني عندما ترجلت من السيارة كان الصمت والسكون المحيطان بالمكان.
قالت وهي تصعد الدرج برفقته وصولاً إلي الشرفة: ( منزلك جميل هنا).
- كان بحاجة إلي الكثير من التصليح عندما اشتريته، واحتاج إلي الكثير من العمل ليعود إلي جماله، ولكن أظن بأننا نجحنا أخيراً.
فتح لها باب المدخل وأدخلها قبله إلي ردهة استقبال كبيرة. لاحظت بيني فوراً أنه لم يوفر أي مال في سبيل إعادة المنزل إلي رونقه وجماله. كانت الأرض من الخشب الصلب مغطاة بسجادة فارسية، ودرج كبير واسع وضعت قبالته ساعة حائط كبيرة وقديمة. لاحظت إلي اليمين غرفة للرسم مفروشة بأثاث أزرق وذهبي، أما إلي اليسار فغرفة الطعام تتوسطها طاولة ضخمة من خشب الماهوغاني.
- مكتبي في الجهة الأخرى من المنزل.
وتوقف لوكاس عن الكلام عندما فتح باب وركضت فتاة صغيرة في الرواق يتبعها كلب لابرادور ينبح فرحاً.
قالت الفتاة وهي تركض نحو لوكاس وتتوق ليحملها: ( أحزر ما حصل اليوم صباحاً؟).
حملها بين ذراعيه، ثم انحنى يداعب الكلب: ( ماذا جري؟ أصمت يا فلينت).
فصمت الكلب فجأة وهو يهز بذنبه وينظر إلي لوكاس.
سأل لوكاس الفتاة مجدداً: ( إذاً، ما سبب كل هذه الحماسة؟).
- كانت السيدة غوردن تخبز قالب حلوى فاحترق وبات أسود كالفحم، وتصاعد الدخان من الفرن وانطلق جهاز إنذار الحريق وراحت تصرخ وتصرخ من دون توقف.
استدار لوكاس نحو بيني:
- ما من صباح ممل في هذا المنزل! ميلدريد أقدم لك ابنتي ايزوبيل.
للوكاس ابنة... دهشت بيني دهشة ما بعدها دهشة. أيعني هذا أنه متزوج أيضاً؟ إذ عندما ذكرت شونا انفصاله عن صديقته، استنتجت بيني أنه عازب. ولكن كان حرى بها أن تعلم، فهو زير نساء تماماً كما كان والده.
نظرت الفتاة إليها بعينين واسعتين ملؤهما الفضول. تبدو في السادسة من عمرها وهي رائعة بوجهها الناعم وشعرها الأسود اللماع الناعم، وعينيها السوداوين كالفحم.
ابتسمت بيني لها: ( مرحباً ايزوبيل).
بادلتها الابتسامة: ( مرحباً).
ظهرت امرأة في الرواق تضع واحدة من يديها علي خصرها ووجهها مقطب: ( ايزوبيل، تعالي ونظفي الفوضى التي أحدثتها من فضلك).
- حاضر سيدة غوردن.
لم تسر ايزوبيل بما طلب منها إلا أنها أذعنت للأوامر ونزلت من بين ذراع والدها علي مضض وتوجهت نحو السيدة الأخرى.
قال لوكاس ممازحاً: ( أظنك عرفت نشاطاً غير عادي في المطبخ هذا الصباح سيدة غوردن!).
ردت المرأة وهي تهز رأسها: ( لا بد أن منبه الوقت في الفرن معطل، لم يسبق أن حصلت معي كارثة مماثلة).
ونظرت إلي الكلب الذي حاول اجتيازها ليتبع الطفلة خلسة:
- كما وقلت مراراً أن المطبخ ليس بمكان يدخل إليه الكلب.
ثم قالت مشيرة بأصبعها إلي الكلب: ( هيا اذهب من هنا!).
ابتعد فلينت ثم جلس يراقب الباب بحسرة بعدما أغلق وراء المرأة والفتاة.
قال لوكاس مبتسماً وهو يدل بيني إلي رواق:
- هذه السيدة غوردن مدبرة منزلي... ومربية ايزوبيل. لا تنخدعي بمظهرها القاسي، فهذه المرأة كنز ثمين وتدير المنزل بفعالية تامة... حسناً غالباً ما تفعل هذا، فهي لم تحرق شيئاً من قبل.
تمتمت بيني: ( نمر كلنا بأيام صعبة. لا بد أن زوجتك ممتنة للحصول علي مساعدة فهذا المنزل كبير ويصعب تولي أمره).
- لسوء الحظ توفيت زوجتي منذ أربع سنوات.
- أنا آسفة جداً.
نظرت إليه بيني بأسي، وشعرت بالذنب لاعتقادها أنه زير نساء كوالده.
فتح لوكاس الباب لتظهر غرفة كبيرة فسيحة ملئي بالصناديق وخزائن الملفات التي تحجب رؤية النافذة الكبيرة الفرنسية الطراز.
قال لوكاس عندما استدار ورأي التعابير التي ارتسمت علي وجهها:
- قلت لك أنه ثمة الكثير من العمل.
لكن بيني لم تكن تفكر في كمية الملفات بل في أن من الخطأ أن تخدع هذا الرجل.
وقبل أن تتمكن من قول أي شيء، رن هاتف المكتب فأجاب لوكاس:
- مرحباً...لا، لم أجد الملفات بعد. آمل أن أجدها اليوم فنطرد ويليم كينيدي في نهاية الشهر وتتمكن الجرافات من بدء العمل.
شعرت بيني بقلبها ينقبض عندما سمعت أسم والدها يذكر بتلك الطريقة الباردة.
- سأتصل بك وسأعلمك بما يجد يا سلفادور. نعم.... ما من مشكلة، كيف حال ماريا؟ حسناً أرسل لها سلامي.
أغلق لوكاس سماعة الهاتف ونظر نحو بيني: ( هل أنت بخير؟).
ولاحظت أنها تقف مسمرة في مكانها تحدق إليه.
ردت بسرعة وهي تغلق الباب خلفها وتدخل: ( نعم... بخير).
- إنه سلفادور، صديق العائلة، ومحامي. تنتظر زوجته طفلها الأول، لذا فالجو في منزلهما مليء بالإثارة.
قالت بيني وهي تتجه نحو المكتب: ( يفاجئني أن يفكر بالعمل نهار السبت إذاً).
- نعم، أنه رجل ممتاز. أنا ممتن له لأنه قبل الحلول محل محامي والدي السابق. فذاك الرجل كان محتالاً للغاية ولم أثق به يوماً.
ولعل هذا هو السبب الذي دفع والده لتوظيفه.
- إذاً سيحرص صديقك علي تنفيذ أمر الإخلاء بحق السيد كينيدي.
- إن استطعت إيجاد المستندات اللازمة.
حاولت بيني إفساح المجال علي المكتب حتى تبدأ العمل وسألت:
- هل تراودك الشكوك حول هذا الأمر؟
- حول ماذا؟
- حول طرد رجل عاجز من ممتلكاته!
لم يجب لوكاس فوراً، ونظرت إليه وأيقنت أنها تريد من كل قلبها أن يجيب بالإيجاب. وإن أقر بهذا، فقد تخبره الحقيقة.
ابتسم ابتسامة جافة: ( تطرحين سؤالاً غريباً).
- أحقاً؟
تملكها الرعب وخافت أن تكون قد تجاوزت الحدود.
وقف لوكاس قرب خزانة الملفات وحدق إليها متسائلاً:
- نعم، لم تطرحين هذا السؤال؟
- لقد تذكرت بأنك قلت لي أن الرجل كان شريك والدك في العمل، وكنت أتساءل إن كنت تشعر ببعض التردد لاتخاذ الأمور هذا المنحي، ليس إلا.
- حسناً تعرفين ما يقال ميلدريد... لا يمكن للمشاعر أن تلعب دوراً في الأعمال.
جاء جوابه مطابقاً للجواب الذي كان سيدلي به والده لو طرح عليه السؤال عينه، فخاب أملها. أرادت أن تقول له بأن ما يجري ليس عملاً، بل هو انتقام مدبر ضد رجل عجوز ضعيف، انتقام أصر والده القاسي القلب علي المضي قدماً فيه حتى بعد وفاته. ولكن أن تقول هذا يعني أن تكشف الحقيقة، ولم تكن واثقة من رغبتها بالإقدام علي هذه الخطوة، وخاصة الآن بعد أن سمعته يتحدث إلي محاميه.
- حسناً، أظن أن علينا البدء بالعمل.

smaher
26-10-2009, 16:05
قالت هذا وهي تخلع سترتها وتتناول ملفاً من الملفات. تباً له علي كل حال! فكرت وهي تفرغ محتويات الملف علي المكتب، وتنظر إليها بحثاً عن صك ملكية منزل والدها. يستحسن بها استغلال الفرصة إلي أقصي حد. فهذه هي الفرصة الوحيدة التي يملكها والدها للخروج من مأزقه.
طارت الساعة تلو الأخرى بسرعة جنونية، وبدا البحث عن الملفات دون جدوى. وعندما اقترح لوكاس التوقف عن العمل لأخذ استراحة الغداء، رفضت بيني وتمتمت:
- علينا أن نكمل، فالوقت يداهمنا ولا يعمل لصالحنا.
- حسناً، اسمعي، سنأكل ونحن نعمل، بشرط واحد.
نظرت إليه: ( ما هو هذا الشرط؟).
ابتسم: ( أن تبقي لتناول العشاء معي هذه الليلة).
ثمة شيء في الطريقة التي وجه فيها الدعوة إليها جعلت قلبها يتوقف للحظة. ردت بتسرع: ( لا أظن أنني أقدر).
- ولم لا؟
- هذا لطف بالغ منك... ولكنني لا أريد أن أتطفل.
- أنت لا تتطفلين، فأنا أريدك أن تبقي.
والمزعج في الأمر أنها أرادت أن تبقي، بالرغم من أنها تدرك ضرورة إبقاء مسافة بينهما والحفاظ علي علاقة عمل فحسب.
- أظن أننا نستطيع عندها متابعة العمل بعد العشاء.
محاولة أن تبرر لنفسها سبب قبولها الدعوة.
- هل تتكلمين بجدية؟
نظر إليها لوكاس ممازحاً. جعلها سؤاله ونظراته تحمر:
- حسناً، أحاول أن أتصرف بطريقة مسئولة. فالوقت يمر بسرعة.
- أظن بأننا سنكون قد أنجزنا كمية كبيرة من العمل حتى وقت العشاء. والآن اعذريني، سأذهب للبحث عن السيدة غوردن لأطلب منها أن تعد لنا شيئاً خفيفاً نتناوله هنا ريثما يحل وقت العشاء.
رجعت بيني إلي الوراء علي كرسيها وتنهدت عندما غادر الغرفة. حبذا لو أنه بارد وقاس لكان سهل عليها مهمتها. نظرت إلي الملفات التي يعمل عليها وفكرت أن تلقي نظرة سريعة عليها قبل عودته.
كانت بيني تنظر إلي كومة من الرسائل حين عثرت علي رسالة بعثها والدها في العام الفائت. وبسرعة نظرت أكثر في الملف، فإن وجدت فيه رسالة لوالدها، فلا بد أن هناك المزيد.
وما إن استغرقت في البحث حتى سمعت وقع خطوات لوكاس. وبسرعة البرق دمجت هذا الملف بالملف الذي كانت تعمل عليه وعادت إلي مقعدها.
دخل لوكاس ما إن جلست علي الكرسي.
- كيف تجري الأمور؟
- بخير.
وضع كوباً من القهوة بجانبها: ( هل وجدت شيئاً؟).
- ليس بعد!
- لعلي سأكون محظوظاً بهذا الملف. لاحظت وجود بعض الرسائل من ويليم كينيدي، فربما تكون المستندات هنا أيضاَ.
- هذا مبشر فعلاً.
شعرت بيني بانقباض في معدتها. فهي لم تعي أنه سبق له أن نظر إلي علبة الملفات. سيعرف حتماً أنها أخذتها.
تمتم وهو يبحث في الملف: ( غريب أعجز عن إيجاد الرسائل).
- لا بد أنك تنظر في الصندوق الخطأ.
وقفت بيني ونظرت إلي خزانة من خزائن الملفات الموضوعة خلفه، تشغل نفسها في ترتيب أوراق سبق أن فرزتها. لن تستطيع تحمل الجلوس قبالته لأنه إن نظر إليها مباشرة وسألها إن هي أخذت الملف، فسيصبح وجهها أحمر كالدم.
فتح باب المكتب ودخلت السيدة غوردن تحمل السندوتشات. ووقفت ايزوبيل عند الباب خلفها.
قالت بخجل: ( لا تنس أنك وعدتني بأن تسبح معي بعد الظهر).
نظر لوكاس إلي ابنته: ( لا، لن أنسي يا حبيبتي).
ابتسمت الفتاة وهرعت إلي داخل المكتب لتجلس علي حضن والدها.
- لكم من الوقت ستعمل بعد يا أبي؟
- امنحيني ساعة من الوقت وسأكون بتصرفك.
وأزاح شعرها الأسود الناعم عن وجهها ثم سألها: ( هل تناولت الغداء؟).
أومأت إيزوبيل: ( نعم، تناولت البيتزا).
سألها وهو يرفع حاجبه: ( وهل تناولت بعض السلطة معها؟).
حكت إيزوبيل أنفها، فقال لوكاس بحنان:
- تعرفين أن عليك تناول بعض الخضار يا إيزي، سبق أن تحدثنا عن هذا الموضوع... أتذكرين؟
- نعم.
دغدغها لوكاس وضحكت ثم قال:
- يستحسن أن تتناولي الخضار أيتها الآنسة الصغيرة وإلا ستقعين في مشكلة كبيرة.
- حسناً.... حسناً...
قبل جبينها وقال:
- أنت فتاة مطيعة، والآن أذهبي ودعي والدك يعود إلي عمله. سأوافيك بعد قليل لنسبح.
لفت الفتاة ذراعيها حول والدها وقبلته: ( أحبك أبي).
- وأنا أيضاً يا صغيرتي.
وهرعت إيزوبيل نحو الباب حيث كانت السيدة غوردن تنتظرها.
- عذراً للمقاطعة. لكن كما استنتجت حتماً أنا مضطر لتركك لبضع ساعات لأقضي بعض الوقت مع ابنتي.
- لا بأس.
عادت بيني إلي مقعدها. لقد أثر بها ما جري بينه وبين ابنته.
- لا بد أن الأمر متعب أن تكون مدير شركة ووالد أعزب في الوقت عينه.
- الأمر ليس سهلاً، وأكره حين أضطر إلي العمل لساعات إضافية. لكن السيدة غوردن قادرة علي تحمل المسئولية، وإيزوبيل تحبها كثيراً، مما يخفف عني الضغط.
ومد يده إلي الملف الموضوع أمامه.
توقعت بيني أن يعلق علي الرسائل الضائعة، لكنه لم يعاود ذكر الموضوع.
نظرت إليه فإذا به غارق في قراءة مستند ما. وعلي مضض. عادت إلي كومة الأوراق الموضوعة أمامها.
ساد الصمت في الغرفة لا يقطعه سوى حفيف الأوراق، وصوت قلمها وهي تبوب المستندات. وتساءلت بم هو منهمك إلي هذا الحد.
وفجأة قال لوكاس: ( حسناً، هذا أمر مثير للاهتمام!).
- ماذا؟
- وجدت بعض الأوراق المتعلقة بالشراكة بين والدي وكينيدي.
- أحقاً؟
- كما وجدت صك ملكية كينيدي.
وحمل مستندات صفراء اللون ولوح بها عالياً.
اتسعت عينا بيني. لم تصدق ما تري. تباً! يا لحظها السيئ!
حاولت إبداء بعض الحماسة:
- آه، رائع، أيعني هذا أنك ستمضي قدماً في عملية الإخلاء فوراً؟
- لا، فبحسب سلفادور، أحتاج إلي المزيد من الأوراق، كنسخ عن الإنذارات السابقة، وغيرها. ولكن حصولي علي صك الملكية يسهل علي الكثير من الأمور.
أبعد لوكاس كرسيه عن المكتب:
- سأضعها في مكان آمن لآخذها إلي سلفادور صباح الاثنين أو ربما غداً إن كان متفرغاً.
راقبته بيني يتجه نحو الدرج الأعلى ويضع الملفات فيه، ثم يغلقه بالمفتاح ويضع المفتاح في جيب سرواله. قال لوكاس ببرودة: ( سأقضي بعض الوقت مع ابنتي. إذاً أستطيع تركك تعملين علي الملفات وتبحثين عن الإنذارات ...).
- طبعاً.
راقبته يغادر الغرفة وقد تبعه فلينت عن كثب. ثم رجعت في كرسيها إلي الوراء وأنت.
ظنت أن كل ما تستطيع فعله الآن هو محاولة إيجاد بقية الأوراق. جالت بعينيها علي الغرفة تنظر إلي الصناديق والخزائن المعدنية. وفجأة أحست بصعوبة مهمتها أكثر فأكثر، وانتابها شعور مزعج إذ أحست بأن ميلدريد الحقيقية ستظهر قبل أن تجد تلك الأوراق.
* * *
نهاية الفصل الثالث

دانيا 2009
26-10-2009, 17:58
مشكورة على روايه ::جيد::
بس بسرعه :(:d

ramezsamer1977
27-10-2009, 08:37
ميرسي

smaher
27-10-2009, 18:00
4- انتبهي وإلا....
ــــــــــــــــــــــــــــــ
عملت بيني بجهد طيلة فترة بعد الظهر، إلا أنها لم تجد الأوراق. وما برح نظرها يميل نحو الخزانة المقفلة التي تحتوي علي صك منزل والدها.
سمعت ضحكة طفلة في الخارج فوقفت بيني تتفرج من النافذة. استطاعت أن ترى حافة بركة السباحة والمصطبة الطويلة حيث تناثرت كراس وطاولات ومظلات. وفيما هي تنظر، رأت لوكاس يسبح وإيزوبيل تركض بلباس سباحة أحمر اللون.
وقف لوكاس في الماء ومد يديه نحو ابنته. وببهجة قفزت الفتاة فحملها لوكاس ووضعها علي كتفيه.
- مجدداً...مجدداً...
وصل صوت إيزوبيل إلي مسامع بيني، كما وصلت ضحكتها عندما كان لوكاس يدور بها قبل أن يضعها علي حافة بركة السباحة لتكرار العملية نفسها.
يا لصبره معها! فكرت بيني مبتسمة وهي تشاهد لوكاس يلاعب ابنته. وفجأة انحرف تفكيرها من مدى روعته كوالد إلي جسمه الرائع.
وبغضب ابتعدت عن النافذة وعادت إلي العمل. عليها أن تكف عن التفكير بلوكاس كرجل بل عليها أن تذكر دوماً أنه العدو، فكل تفكير آخر هو جنون مطبق. كانت غاضبة جداً من نفسها، فانكبت علي العمل بسرعة أكبر. إلا أن سرعتها في العمل لم تفدها بشيء، فلم يظهر أي أثر للأوراق.
ولحين عودة لوكاس إلي المكتب بعد حوالي الساعة، كانت قد استكملت العمل علي أكثر من صندوق ولكن من دون جدوى، وشعرت بالإحباط الشديد.
قال لوكاس مسروراً وهو ينظر إلي المساحة التي فرغت في الغرفة:
- لقد أنجزت الكثير من العمل، فهل حالفك الحظ بايجاد الأوراق؟
هزت رأسها نفياً. ابتسم: ( لا تقلقي، فهي ليست مهمة للغاية الآن وقد وجدنا صك الملكية. لعلنا سنجدها غداً. والآن لم لا تنضمين إلي لشرب شيء بارد قبل العشاء علي الشرفة؟).
أسندت بيني ظهرها علي الكرسي ونظرت إليه. لاحظت أنه غير ملابسه وارتدي سروال جينز أسود وقميصاً. كان شعره منسدلاً إلي الوراء ولا يزال رطباً.
يا للأسف! إنها تجده جذاباً إلي هذا الحد، فهذا يزيد من سوء الوضع.
حدق إليها بنظرة قاتلة: ( إذاً ماذا قلت؟ هل نشاهد الشمس تغرب ونحن نتناول بعض الشاي المثلج أو العصير؟).
بدا العرض مغرياً جداً. وقد ضاقت ذرعاً من العمل.
- هذه فكرة جيدة.
تركت سترتها معلقة علي ظهر الكرسي ووقفت وتبعته إلي خارج المكتب. وبالرغم من أن الهواء دافئ في الخارج إلا أن هناك نسيم عليل يلطف الأجواء. انحنت بيني علي الشرفة الخشبية وحدقت إلي الحديقة فإلي الأشجار التي يطل البحر خلفها. بدأت الشمس بالغروب فأضاءت البحر بألسنة من نار.
انضم لوكاس إليها وقدم لها كوباً من الشاي المثلج.
ابتسمت له: ( شكراً، لديك منظر طبيعي رائع من هنا).
- نعم.
ساد الصمت للحظة تأمل فيها كلاهما الشمس تغرب، استدارت قليلاً لتنظر إليه فوجدت عينيه مسمرتين عليها. ترى هل تتخيل الأمور أم أنه يراقبها عن كثب؟ قال: ( بما أنك آتية من باربادوس، فلا بد أنك معتادة علي المناظر الطبيعية الجميلة).
إنه كلام طبيعي، ولكنه نبه أعصابها وحواسها، فوافقت محاولة التحدث بطريقة عادية خالية من الانفعال.
- باربادوس جزيرة جميلة.
- أين كنت تعيشين؟ أفي الجزء التابع للكاراييب أو للمحيط الأطلسي من الجزيرة؟
- الأطلسي.
إنها تكذب طبعاً، فلقد عاشت علي الساحل الأطلسي لجزيرة أربودا.
- المناظر الطبيعية رائعة هناك وخصوصاً علي الشاطئ الجنوبي ناحية بيتشابا.
- أري بأنك قد زرت باربادوس.
حاولت تغيير مسار الحديث لينصب عليه، فكل تلك الأكاذيب تشعرها بالانزعاج.
- أذهب في رحلات عمل كثيرة إلي هناك. كما وأنني قضيت شهر عسلي علي تلك الجزيرة.
- إنه مكان رومانسي جداً لتمضية شهر العسل.
- نعم...
صمت لوكاس لبرهة. ظنت بيني أنها رأت في عينيه بعض الغضب ولكنها لم تكن واثقة.
قالت: ( لا بد أنك تفتقدها كثيراً).
أحنى رأسه: ( كان الأمر صعباً علي في السنوات الفائتة).
هبط الليل كستار أسود، وبات صوت الحشرات يسمع كأنه أوركسترا تعزف من دون انسجام.
- أتمانع إن سألتك ماذا جرى لها، أم أنه سؤال شخصي جداً؟
تنهد: ( لا، لا أمانع. توفيت وهي تحاول إنقاذ رجل من الغرق، ما كان يفترض به النزول إلي الماء، فقد كان ثملاً كما أنهم أذاعوا طيلة النهار عن احتمال وصول عواصف. والمضحك المبكي في الأمر هو أن الرجل بخير الآن. فقد تمكن من العودة إلي الشاطئ، أما كاي، التي كانت سباحة ماهرة ومعلمة رياضة، فلم...).
ذعرت بيني: ( هل كنت معها عندما حصلت الحادثة؟).
هز لوكاس رأسه نفياً: ( لا، كنت في العمل. لم أعلم بما جري إلا عندما حضر رجال الشرطة إلي مكتبي لإعلامي بالفاجعة).
- آسفة فعلاً يا لوكاس، لا بد أنك تألمت كثيراً.
- احتجت إلي الكثير من الوقت لأتقبل الفكرة.
وتوقف للحظة عن الكلام وشرب بعض الشاي المثلج ثم أكمل:
- علي كل حال، كفي حديثاً عن هذا الموضوع المأساوي وأخبريني عنك.
- أنا؟ ما من شيء هام أخبره.
تفاجأت لتحول الحديث نحوها مجدداً.
- لا أصدق هذا، أنا علي ثقة من وجود الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام والتي يمكنك إخباري إياها.
شعرت بيني بالانزعاج: ( هذا رهن بما تسميه مثيراً للاهتمام).
- حسناً، لم تفتقر سيرتك الذاتية إلي الدقة؟

smaher
27-10-2009, 18:04
شعرت بيني باحمرار وجنتيها.
- أنت تعلمين هذا، فبحسب الأوراق التي أرسلتها لي الوكالة، يفترض بك أن تكوني في الخامسة والخمسين من العمر. كم عمرك أساساً؟
- ألا تعلم أنه لا يفترض بالرجل النبيل أن يسأل السيدة عن عمرها؟
- لم أدع يوماً أنني رجل نبيل. أظن أنك في السادسة والعشرين من العمر.
صححت معلوماته: ( في الثامنة والعشرين).
- حسناً، لن أقول المزيد، ولكن ثمة شيء غير دقيق.
- كل ما في الأمر هو أن عدداً من أصحاب العمل يفضلون الحصول علي مساعدات شخصيات كبيرات في السن، فأضفيت بعض المبالغات علي سيرتي الذاتية. كما أنني ما إن أبدأ العمل، فلا أحد يتذمر مني.
- وأنا لا أتذمر أيضاً... أقله حتى الآن، فبالإضافة إلي المغالاة في السيرة الذاتية، ماذا تنوين بعد؟
قفز قلبها من مكانه.
عفواً؟
أوضح سؤاله: ( ماذا تفعلين في وقت فراغك؟).
ابتسمت وتابعت: ( آه... فهمت. حسناً أحب القراءة، والاستماع إلي الموسيقي، وممارسة اليوغا لأسترخي، وتعلمت الإبحار عندما كنت في أر.... باربادوس).
أوشكت أن تقول أربودا وتكشف الأمر كله. قفز قلبها في صدرها. لم تكن تجيد الكذب كما أنها تكرهه، وتكره أن تكذب عليه بشكل خاص. جال بنظره عليها، وقال: ( أنا أيضاً أحب الإبحار عندما أملك الوقت. في الواقع لدي يخت راس في مكان غير بعيد من هنا).
أقله لم يلاحظ زلة لسانها، ولكن عليها أن تلزم الحذر. سألها:
- لعلك تودين مرافقتي للإبحار في عطلة نهاية أسبوع ما؟ كعربون شكر علي عملك الشاق.
ابتسمت: ( فكرة رائعة).
وفيما نظرت إلي سواد عينيه أيقنت أن هذه الفكرة فعلاً رائعة. إنها تود لو تمضي المزيد من الوقت معه، والتعرف إليه عن كثب..... وبسرعة أشاحت بنظرها بعيداً وشربت جرعة من الشاي، لن يحصل أبداً ما تفكر فيه. إنها هنا لسبب واحد. إنه عدو والدها وهذا كل ما تحتاج لمعرفته عنه، فبمجرد التفكير أنه طيب، تخون والدها.
تابع: ( ربما يمكننا الذهاب في عطلة نهاية الأسبوع المقبلة. أشعر بأننا سنكون قد انتهينا من هذه الأعمال حتى وقتها).
- فلنأمل هذا!
- حسناً! إن لم أجد الأوراق المطلوبة حتى ذلك الوقت، فيمكنني توديع صفقة أربودا لأن رخصة البناء ستكون قد انتهت مدتها. مما يعني أنني سأفقد شاري المشروع أيضاً.
نظرت إليه بيني وقد ارتسمت علي وجهها أسئلة كثيرة.
- لقد عرض علي شخص مبلغ كبيراً من المال لقاء عقار كينيدي والشاطئ المقابل وقد وافقت علي العملية لأنني لا أنوي أبداً الإشراف علي المشروع بنفسي. ولكن المشكلة الوحيدة هي أننا إن لم نتم صفقة البيع قبل نهاية الشهر، تلغي الصفقة.
- يا للأسف!
- حسناً، فلنأمل الآن بعد أن وجدنا الصك ألا تكون الأوراق الأخرى بعيدة.
يا لوقاحة هذا الرجل! لقد وجد مشترياً لمنزل والدها الذي لم يصبح ملكه بعد!
وصلت مدبرة المنزل ووقفت أمام الباب خلفهما: ( العشاء جاهز).
- شكراً لك سيدة غوردن.
وابتسم لبيني ثم قال: ( علي كل حال كفانا حديثاً عن الأعمال لهذه الليلة).
- نعم، أنت محق. أظنني سأري صناديق من الأوراق في أحلامي الليلة.
ضحك لوكاس: ( يبدو هذا الحلم أشبه بكابوس).
أكثر مما تتصور، فكرت وهما يدخلان إلي المنزل.
جهزت غرفة الطعام الواسعة لشخصين. كان ضوء الشمعة يرقص وينعكس علي الطاولة اللامعة، وعبقت الغرفة برائحة السوسن الأبيض.
مرت السيدة غوردن بجانبها وقالت: ( لطالما أحبت السيدة داريان وضع زهور نضرة في المنزل).
عندما انفرد لوكاس وبيني، قال لها: ( السيدة غوردن مخلصة جداً لزوجتي، فقد كانت تعتني بكاي عندما كانت طفلة، وقد فكرت فيها كاي وحدها عندما بدأنا نبحث عن مدبرة للمنزل).
سُمع صوت في الرواق فاستدار.
- أبي...
وقفت إيزوبيل في وسط الغرفة ترتدي بيجامة بيضاء وتحمل دباً صغيراً في يدها.
- قالت لي السيدة غوردن أنه علي أن أتمني لكما ليلة سعيدة. ولكن ألا يمكنني السهر لفترة أطول، فما من مدرسة غداً؟
- لا أظن ذلك يا عزيزتي. فعليك أن تنهضي باكراً في الغد... قالت جدتك أنها ستمر لاصطحابك في السابعة والنصف.
اقتربت إيزوبيل أكثر.
- ولكنني لست متعبة.
- ستتعبين غداً ما لم تنامي جيداً هذه الليلة.
مد لوكاس يده وحملها ليضعها علي ركبته. ضحكت ونظرت إلي الجهة الأخرى نحو بيني بعينين تشعان: ( هل أنت صديقة أبي الجديدة؟).
ولسبب من الأسباب، لاحظت بيني بأن لوكاس ينظر إليها:
- لا إيزوبيل، أنا أعمل مع والدك، أساعده علي ترتيب كافة الملفات الموجودة في المكتب.
أومأت إيزوبيل ثم أخبرت بيني بجدية: ( سألعب دور الأميرة الجنية في مسرحية المدرسة).
- أنا واثقة من أنك ستكونين أميرة جنية جميلة جداً. ماذا سترتدين؟
عبست إيزوبيل: ( لا أعرف).
- حسناً! ترتدي الأميرة الجنية عادة فستاناً أبيض طويلاً، وتضع علي رأسها تاجاً صغيراً، وتحمل صولجاناً علي رأسه نجمة. أتظنين أنك سترتدين شيئاً كهذا؟
ابتسمت إيزوبيل ابتسامة عريضة:
- لا أعرف، يمكن.... ستصطحبني الآنسة غوردن للتسوق.
وصلت المربية في تلك اللحظة.
- لن آخذك للتسوق أيتها الآنسة الصغيرة، ما لم تذهبي إلي النوم خلال خمس دقائق.
أنت إيزوبيل بغنج، ثم قبلت والدها علي خده: ( طابت ليلتك أبي).
- عمت مساءاً صغيرتي، سأصعد بعد قليل لأتمنى لك أحلاماً سعيدة.
نزلت الفتاة من حضن والدها، ويا للمفاجأة توجهت نحو بيني وقبلتها أيضاً، كانت رائحتها كرائحة معظم الأطفال وكان شعرها ناعم الملمس علي خد بيني.
سألتها بعينين جديتين: ( أتظنين أنني سأحتاج إلي جناحين لأبدو كأميرة الجن؟).
- بالتأكيد، فكل الأميرات الجنيات يملكن أجنحة.
ابتسمت إيزوبيل: ( لا أقوى علي الانتظار).
ثم لوحت لوالدها بيدها وغادرت الغرفة.
وما إن غادرت السيدة غوردن، سألها لوكاس:
- كيف تجدين الإقامة في الفندق يا ميلدريد؟
- إنها مريحة جداً.
ما زالت تستغرب عندما يناديها ميلدريد.
- أظنك ستبحثين عن شقة قريباً، هذا إن قررت البقاء طبعاً.
- أظن ذلك، لكنني لم أفكر في الموضوع بعد.
ادعت أنها مهتمة بالقريدس والأفوكادو الموضوع أمامها. قالت محاولة تغيير موضوع مستقبلها: ( يبدو هذا لذيذاً).
- نعم، فالسيدة غوردن ماهرة جداً في الطهي، ثمة شقق جديدة في مبني قريب من المكتب، وقد سمعت أنها حسنة، ويبدو أنها مصممة بطريقة ممتازة، ما من ضير في إلقاء نظرة عليها.
- سأتذكر هذا.
- إنها شقق للإيجار، لذا لن يكون الالتزام بها أمراً شاقاً، علماً أنك تحبين التنقل كثيراً.
ارتشفت جرعة من العصير، ثم قالت:
- قد أذهب في الأسبوع المقبل وألقي نظرة عليها إن تسني لي الوقت.
- سأعطيك فرصة غداء طويلة نهار الاثنين.
سألته ممازحة: ( هل تقبض عمولة جراء تأجير هذه الشقق إذ تبدو مصمما علي أن ألقي نظرة عليها؟).
- أحاول أن أساعدك ليس إلا. أعرف أنه سيكون من الصعب عليك محاولة الاستقرار في العمل والبحث عن مكان تقيمين فيه في الوقت عينه.
تأثرت لاهتمامه بها، وشعرت بالكثير من الذنب إلي حد أنها عجزت عن النظر مباشرة إلي عينيه وهي تقول:
- شكراً لوكاس، أقدر فعلاً ما تحاول فعله.
وسرت بيني عندما عادت السيدة غوردن لإفراغ الطاولة

smaher
27-10-2009, 18:08
أزاح لوكاس كرسيه واستأذن: ( عذراً ميلدريد، سأذهب لأغطي إيزوبيل وأتمنى لها ليلة سعيدة).
بقيت بيني بمفردها لوهلة في الغرفة فراحت تراقب انعكاس ضوء الشمعة علي الكريستال. كل ما يحيط بها مسالم جداً بالرغم من ذلك شعرت بالانزعاج.
ربما يفترض بها أن ترحل الآن، أن تترك كل شيء قبل أن يحدث أي خطب. وفيما قررت الخروج، دخلت السيدة غوردن وهي تحمل الطبق الرئيسي: ( تفضلي يا عزيزتي).
قالت هذا وهي تضع أمام بيني طبقاً يحتوي علي شرائح من لحم البقر. ثم تابعت:
- سيحضر لوكاس بعد قليل، فإيزوبيل تغفو خلال دقيقتين عندما يجلس والدها بقربها ويتمني لها ليلة سعيدة.
- شكراً لك.
ابتسمت بيني للمرأة وأيقنت أن المغادرة ليست خياراً مطروحاً الآن. فسيكون تصرفها فظاً للغاية بعد أن تعبت السيدة غوردن في تحضير العشاء. ربما يجدر بها ادعاء المرض عندما يعود لوكاس إلي الطاولة! فقد تدعي إصابتها بصداع مفاجئ وتطلب منه أن يقلها إلي الفندق.
وضعت السيدة غوردن طبقاً من الخضار والفاكهة، وقالت فجأة وهي تنظر إلي بيني:
- إن كنت لا تمانعين أن أقول هذا، فأنت تذكرينني كثيراً بزوجة السيدة لوكاس رحمها الله. كانت كاي شقراء مثلك وعيناها خضراوين أيضاً.
دهشت بيني لكلام السيدة غوردن:
- أحقاً؟ شعر إيزوبيل أسود قاتم، فظننت أن كاي كان لها لون الشعر نفسه.
هزت السيدة غوردن شعرها نفياً: ( ورثت إيزوبيل شعرها الأسود عن والدها، فهي تملك دمه الإسباني، وطبعاً يرث لوكاس شكله عن والدته... إيزابيلا. كانت سيدة رائعة الجمال).
قال لوكاس مبتسماً وهو يدخل غرفة الطعام: ( أراك تحصلين علي نبذة عن تاريخ العائلة!).
تابعت السيدة غوردن من دون خجل: ( كنت أتغني بجمال والدتك ليس إلا. كيف حال إيزوبيل؟).
- لقد نامت بسرعة، شكراً لك سيدة غوردن.
وبسرور غادرت مدبرة المنزل الغرفة.
قال لوكاس عندما أغلقت السيدة غوردن الباب خلفها:
- إن خضعت السيدة غوردن لامتحان حول تاريخ عائلتي، فستنجح بامتياز.
كانت السيدة محقة في أمر واحد، لوكاس مختلف تماماً عن والده في الشكل.... ولعله أيضاً في الأخلاق.
- لن أتناول الكثير من الطعام كي أبقي مرتاحاً للخطوة التالية.
- الخطوة التالية؟
- نعم، إيصالك إلي المنزل.
- آه، فهمت. أسمع لوكاس يمكنني حقاً الذهاب بسيارة أجرة.
- لا، طبعاً لا. أود أن أوصلك إلي الفندق.
جاء كلامه حنوناً فشعرت بالدم يغلي في عروقها....
- إذاً أخبريني قليلاً عن نفسك... ميلي. أتمانعين إن ناديتك ميلي؟ إذ يبدو لي أن هذا الاسم يليق بك أكثر من ميلدريد.
رطبت شفتيها بعصبية: ( أحقاً؟).
- نعم.
وابتسم.
التقت عيناهما وشعرت بقلبها يخفق بقوة.
- هيا أخبريني كيف كانت حياتك وطفولتك في باربادوس؟
وبسرعة استعادت رباطة جأشها: ( أظنها شبيهة كثيراً بالعيش هنا).
قال لوكاس: ( ذهبت إلي مدرسة داخلية في انكلترا لسنوات عديدة، وتحديداً إلي المدرسة عينها التي تلقي فيها والدي تعليمه).
سألت بيني بفضول: ( ألم تكن تشعر بالحنين إلي المنزل؟).
تنهد: ( اعتدت الأمر، إلا أن أمي لم تسعد يوماً بهذا، لكن طباع والدي حادة وغالياً ما كان ينفذ ما يراه مناسباً).
- نعم أتخيل هذا.
قالت بيني هذا بازدراء ثم لاحظت بأنها بدت عنيفة جداً، فاستدركت الموقف: ( أعني أتخيل كم كان الأمر صعباً علي والدتك. لا بد أنها اشتاقت إليك كثيراً).
- نعم، أظن أنها كانت تشتاق إلي، فقد كنت ولداً وحيداً، ووالدي مسافر دائماً بسبب أعماله.
فكرت بيني باشمئزاز: نعم كان في أربودا يقيم علاقة مع النساء.
- أفهم من كلام السيدة غوردن أن والدتك متوفية؟
أومأ لوكاس: ( نعم، لقد توفيت منذ اثنتي عشر عاماً).
- أنا آسفة.
وتساءلت إن كان لوكاس يعلم بما جرى فعلاً في أربودا. سألته بفضول: ( وهل كنت تتفق مع والدك؟).
- لا أنكر أننا كنا نختلف، ولكن والحمد لله حللنا خلافاتنا قبل وفاته. وقد سرني هذا الأمر كثيراً.
لا بد أنه يرفض سماع أي كلام سوء عن والده.
- وماذا عنك؟ أبنيت علاقات طيبة مع والديك؟
- نعم، توفيت والدتي وأنا في السادسة عشر من العمر. وشعر أبي بالإحباط لفترة. ولسوء الحظ أتخذ بعض القرارات الخاطئة، ودخل شراكة مع شخص سيء كان يضمر له نوايا سيئة... وبدأت الأمور تتدهور. فعلت كل ما بوسعي لمساعدته، استلمت إدارة المنزل وبذلت جهدي لتسوية الأمور، لكن الوضع كان صعباً وراح يتدهور من سيء إلي أسوأ.
- إذاً، كيف حال والدك الآن؟
ترددت: ( علي الصعيد المالي لم يتحسن وضعه، في الواقع ما زال يناضل وآمل أن تتحسن أموره في القريب العاجل).
- يبدو أنه عاني وقتاً عصيباً.
- نعم، وكل ذلك لأنه انخدع بكلام رجل محتال.
- وهل حاولت تصحيح الوضع بواسطة القانون والمحاكم؟
- آه، نعم.... لجأت إلي المحامي مراراً علي مر السنين إلا أن الأمر لم يجد نفعاً، بل أدي إلي دفع فواتير باهظة، وزيادة الدين ليس إلا.
- أظن بأن الوقت قد حان ليضع حداً لخسارته ويقلص الدين.
- أظنه يفضل الموت علي...
- إنه مال ليس إلا، كما أن لديه ابنة محبة تدعمه، وهذا يعني الكثير.
ابنة محبة تدعمه وتتناول العشاء مع العدو، فكرت بيني بمضض. والأسوأ من كل هذا هو أنها تستمتع بوقتها. إذ يسهل الكلام مع لوكاس، وهو ساحر فعلاً. ولكن ألم تري والدتها لورانس داريان من المنظار نفسه؟
ما من فائدة من جلوسها وإخبار لوكاس عن والدها ما لم تطلعه علي الحقيقة كاملة... وإن فعلت هذا فستقوم القيامة. كان يفترض بها أن تغادر منذ فترة كما قررت.
- العشاء لذيذ فعلاً، لكن علي أن أرحل.
عبس: ( الآن، ما زال الوقت مبكراً. تناولي القهوة معي في غرفة الجلوس علي الأقل).
هزت بيني رأسها ووقفت: ( لم أكن أعلم أن الوقت متأخر إلي هذا الحد).
وقف لوكاس أيضاً: ( لا بد أنك متعبة. لا تقلقي بشأن استكمال العمل باكراً غداً صباحاً، فالآن بعد أن وجدت صك الملكية خف الضغط قليلاً. فقد أوصل الأوراق إلي منزل سلفادور غداً صباحا، وهكذا أصطحبك قرابة الحادية عشر إن كنت لا تمانعين؟).
- حسناً.
توترت لمجرد ذكر صك الملكية.
- لا تقلقي حيال والدك، وأعلم أن ما سأقوله كلام تقليدي، ولكن طالما يتمتع بصحته فهذا هو المهم.
يسهل عليه أن يقول هذا الآن. ولكن ماذا كان سيفعل لو كان والده مكان والدها؟ وإن كان والده هو الذي يعاني الأمرين؟
- ولكن المال مهم يا لوكاس. فلنواجه الأمر، لو لم يكن المال مهماً لما كنت تتحضر لطرد ذلك الرجل العجوز من منزله!
للحظة ضاقت عينا لوكاس في وجهه: ( الأمران مختلفان تماماً).
ردت بصوت يرتجف: ( أعجز عن رؤية وجه الاختلاف بينهما).
ولدهشتها مد لوكاس يده إلي ذقنها ورفع وجهها عالياً: ( مهلاً..... هل أنت بخير؟).
ابتلعت ريقها بصعوبة: (( طبعاً أنا بخير).
- هذا العمل في أربودا هو جزء من وصية والدي ورغبته الأخيرة. أضف أن سلفادور يدقق في كل هذه الأمور وأنا أؤكد لك بأن الأمور تجري بشفافية.
- أحقاً؟
وتشتت انتباه بيني فيما كان لوكاس يمرر يده علي خدها بحنان. وفجأة لم تعد تفكر بوالدها، بل تسمرت عيناها علي عينيه وشعرت برعشة. أحست بأن أنفاسها تنقطع.... وبأن نبضها يتسارع. مرر يده بلطف علي خديها، فاشتعلت ناراً، ثم وصل إلي شعرها الناعم.
كان يقف بعيداً بضع إنشات عنها، إلا أنها شعرت بنبض جسمه يدعوها للاقتراب منه. أرادت أن تقترب منه بشدة. فبذلت مجهوداً جسدياً كبيراً كي لا تفعل.
تمتم اسمها: ( ميلي....).
لكنه لم ينادها باسمها.... إنه أسم مزيف، وصلت تلك الحقيقة إلي ذهنها بسرعة البرق. يفترض بها أن تتراجع، ولكنها عاجزة عن ذلك.

smaher
27-10-2009, 18:14
وفجأة، وبشكل غير متوقع، تراجع لوكاس إلي الخلف. وتساءلت بيني إن كانت أساءت قراءة العلامات، وإن كانت قد توهمت تلك الجاذبية التي شعرت بها. نظرت إليه وقد عجز لسانها عن الكلام، وفي الصمت الثقيل، تمكنت من سماع دقات قلبها.


- ميلي، أنا.....


انقطع كل ما ينوي قوله بصوت جلبة قوية آت من خارج الغرفة.


- ما هذا بحق السماء؟


تبعته بيني إلي الردهة، وسمعا صوت أنين شخص يتألم. تبعا الصوت مباشرة إلي المطبخ، وإذا بالسيدة غوردن واقعة أرضاً وقد سقطت آنية المطبخ والطناجر من حولها.


- آه يا إلهي، هل أنت بخير؟


وهرع لوكاس نحوها وقد ارتسمت علي وجهه علامات القلق .


- نعم... نعم، أنا بخير.


تحركت المرأة وتمكنت من الجلوس، لكن وجهها كان أبيض كالثلج وشفتاها ترتجفان، وتبدو وكأنها علي وشك البكاء.


قالت وهي تنظر إلي الأرض: ( يا للفوضى التي أحدثتها! حاولت الإمساك بالطاولة كي لا أقع، ولكن وقعت الآنية كلها علي رأسي).


- لا تهتمي لهذا الأمر، فأهم شيء هو أن تتأكدي أنك لم تكسري رجلك أو يدك.


حركت السيدة غوردن رجلها وأنت.


- لا، لا أصدق أنني كنت بهذا الغباء. لقد وقع بعض الماء علي الأرض ونسيت أن أمسحه فوراً. وفجأة انزلقت رجلي.... يا لغبائي....


قال لوكاس بلطف: ( يستحسن ألا تتحركي، أين تتألمين؟).


- سأكون بخير.


وبإصرار وعزم وقفت السيدة غوردن واستندت إلي الطاولة.


- حسنا، إن كنت مصرة علي الوقوف، فدعيني أساعدك.


وبسرعة وضع لوكاس يده حولها ورفعها.


ابتسمت بشجاعة وهي تستند إلي الطاولة: ( شكراً لك، أتري... أنا بخير).


وما إن حاولت وضع رجلها علي الأرض حتى صرخت من الألم.


قال لوكاس بحزم: ( علينا الاتصال بسيارة الإسعاف).


بدت المرأة مرتعبة: ( لا، لا أريد إحداث جلبة).


قالت بيني برفق: ( عليك الذهاب إلي المستشفي سيدة غوردن).


- سأكون بخير حقاً.


وهي تتكلم حاولت وضع رجلها علي الأرض مجدداً ولكنها تألمت كثيراً.


- سآخذك إلي المستشفي بنفسي، يستحسن أن يعينك طبيب ما.


وقال لبيني: ( هلا بقيت مع إيزوبيل ريثما نذهب إلي المستشفي؟).


- طبعاً.


- شكراً.


ابتسم لها، وتجاهل اعتراضات مدبرة المنزل، فحملها كما لو كانت ريشة خفيفة الوزن وتوجه بها نحو الباب.


أسرعت بيني لتفتح له الباب، ثم تبعته في الظلام لتفتح له باب السيارة أيضاً.


قالت السيدة غوردن بصوت متقطع: ( كل هذا العذاب بسبب سقطة صغيرة، حقاً سأكون بخير بعد أن أنام هذه الليلة).


- سأرتاح أكثر أن عاينك طبيب. أرجوك كفي عن الرفض يا إيثل.


وبلطف ساعدها علي الجلوس وأدخل تنورتها كي لا تعلق في الباب. قال لميلي وهو يصعد في السيارة: ( سأعود في أسرع وقت ممكن).


- لا بأس، ما من عجلة.


تراجعت بيني إلي الخلف وراقبته يدير محرك السيارة وينطلق بعيداً. ولم تدخل إلي المنزل إلا بعد أن تلاشت أضواء السيارة في البعيد.





* * *


نهاية الفصل الرابع

smaher
27-10-2009, 18:26
5ـ في ضباب المشاعر


عادت بيني إلي الردهة ووقفت تنصت لتسمع أي صوت من إيزوبيل، لكنها لم تسمع إلا دقات الساعة. من الواضح أن الفتاة الصغيرة مستغرقة في النوم. نظرت إلي غرفة الطعام، فرأت الصحون مبعثرة علي الطاولة ولاحظت ضرورة ترتيب المكان.


لم يستغرق ترتيب غرفة الطعام الكثير من الوقت. ثم مسحت أرض المطبخ وجففتها كيلا تقع المزيد من الحوادث. وسرها أنها وجدت شيئاً تلهي نفسها به كيلا تفكر بلوكاس وبالمشاعر التي اجتاحتها ما إن لمسها.


انتهت من ترتيب المطبخ وعادت إلي الردهة. شعرت بغرابة لوجودها في المنزل بمفردها. ظنت أن عليها الاستفادة من الوقت والذهاب إلي المكتب والبحث عن تلك الأوراق، لكن لم تتمكن من التفكير بهذا وخيانة لوكاس والعمل من وراء ظهره، فيما ذهب إلي المستشفي لتأدية عمل إنساني.


ما إن أمسكت بمقبض الباب حتى دوى صوت قوي في أرجاء المنزل. ظنت للوهلة الأولي أنه جرس إنذار، ثم أيقنت أنه صوت الهاتف. ضحكت لسخافتها، ثم هرعت تجيب علي الهاتف:


- مرحباً، هذا أنا.


بدا صوته رخيماً دافئاً.


- مرحباً، كيف حال السيدة غوردن؟


- حسناً الخبر السار هو أنها لم تكسر شيئاً في جسمها، أما الخبر السيئ فهو بأن ثمة خطب ما في وركها ويريدون إبقاءها هنا للمراقبة.


- آه، لا! يا لها من امرأة مسكينة.


- نعم، أنها مرعوبة! فهي تكره المستشفيات. علي أي حال، لقد اتصلت بأختها وهي في طريقها إلي هنا، ولكن أظن أنه يستحسن بي أن أبقي حتى تصل.


- لا بأس، لوكاس، سأنتظر وصولك.


- كل ما في الأمر هو أنني قد أتأخر لبضع ساعات بعد، ولا بد أنك مرهقة. فلم لا تنامين في الغرفة الإضافية؟ إنها حاضرة.


- لست متعبة إلي هذا الحد، سأنتظر عودتك.


- ولكن عندها ستضطرين العودة بسيارة أجرة إلي الفندق لأنني لا أستطيع ترك إيزوبيل بمفردها. استعملي الغرفة الاحتياطية، إنها الباب الأخير إلي يمين السلالم. تصرفي وكأنك في منزلك.


وأغلق الخط قبل أن تتمكن من مجادلته أكثر. جلست إلي حافة المكتب وحدقت إلي خزانة الملفات. بحسب ما يبدو، لديها بضع ساعات بعد لتراجعها.


وقفت وفتحت الدرج الأول. ( تصرفي وكأنك في منزلك)، تردد صوت عبارة لوكاس في رأسها وهي تنظر إلي الأوراق. كانت كلماته حنونة وجعلتها تشعر بالذنب.


- تباً!


تمتمت وأغلقت الدرج مجدداً، ثم استدارت وغادرت الغرفة.


توقفت أمام باب نصف مغلق. إنها غرفة إيزوبيل. كان ضوء صغير مضاء ينير الجدران الزهرية والبيضاء والشراشف الزهرية التي تغطي سريرها. دخلت بيني لتطمئن علي الفتاة الصغيرة، إنها نائمة. غطتها بيني جيداً ولاحظت أن الدب الصغير قد وقع بين السرير والطاولة، فلمته عن الأرض ووضعته قرب إيزوبيل علي السرير. وبهدوء خرجت من الغرفة نحو الرواق.


من الواضح أن الغرفة المجاورة هي غرفة السيدة غوردن نظراً للرداء الأرجواني المعلق بجانب الخزانة. أما غرفة لوكاس فهي في الجهة المقابلة. عرفت أنها غرفته لأنها تدل علي طابع رجولي محض. وجدت فيها سريراً كبيراً، وضع عليه غطاء رمادي فاتح، ورأت جهاز كومبيوتر في الزاوية وكتب مكدسة، وكرسي وضع عليه سروالي جينز.


مشت أكثر وفتحت باباً آخر في الرواق، كانت الغرفة مزينة باللون الليلكي والأبيض، وبفرش أبيض يبعث شعوراً جميلاً. وبدا السرير مريحاً للغاية. ففكرت بأنه يفترض بها العمل بنصيحة لوكاس والنوم.


أغلقت الباب وخلعت ثيابها. وما إن وضعت رأسها علي الوسادة حتى غطت في نوم عميق. جاءت أحلامها تلك الليلة مضطربة تماماً كما كانت أفكارها طيلة اليوم. فتارة كانت تخبر لوكاس الحقيقة..... وطوراً تهرب من المنزل، وقد سرقت صك ملكية الأرض. واستيقظت من حلمها مذعورة.


كانت الغرفة مظلمة. ومرت لحظات قبل أن تتذكر أين هي. وسمعت صوتاً أشبه بالبكاء. عرفت أنها إيزوبيل، وبسرعة ارتدت تنورتها وقميصها وهرعت إلي غرفة الطفلة.


كانت الفتاة جالسة علي حافة السرير تبكي من دون وعي.


قالت بيني بنعومة وهي تتجه نحوها: ( ما الأمر يا عزيزتي؟).



- أريد أبي.
- سيعود والدك قريباً. أضطر إلي اصطحاب السيدة غوردن إلي الطبيب لأنها لوت رجلها، ولكن لا تقلقي.
نظرت إليها إيزوبيل بعينين مغرورقتين بالدموع: ( لم لوت السيدة غوردن رجلها؟).
سوت بيني غطاء السرير وقالت:
- لأنها سقطت علي أرض المطبخ، ولكنها ستكون بخير، وسيعود والدك قريباً إلي المنزل. والآن لم لا تعودين إلي السرير وتحاولين أن تنامي قليلاً؟ فأنت ستخرجين مع جدتك غداً أليس كذلك؟
أومأت إيزوبيل ولكنها لم تتحرك لتعود إلي السرير.
- هل ستذهب السيدة غوردن إلي السماء كما فعلت أمي؟
وانهمرت دمعة كبيرة من علي خدها.
انقبض قلب بيني وضمت الفتاة الصغيرة إلي صدرها بحنان:
- لا يا عزيزتي، ستكون السيدة غوردن بخير.
- أتعدينني؟
نظرت إيزوبيل إليها، وحين أومأت بيني تغلغلت فرحة بين ذراعيها.
همست: ( والآن كفاك بكاءً، فما من شيء مخيف).
همست إيزوبيل: ( قد يكون هناك غول تحت سريري، أنا أخاف منه).
- ما من شيء أسمه غول، فهذه مجرد خرافات.
- هل أنت واثقة؟
ابتسمت بيني: ( مئة في المئة عليك أن تنامي الآن، لقد أصبح الوقت متأخراً...).
نظرت بيني لسماعها حركة، وإذا بلوكاس يقف عند الباب يتفرج عليهما. وابتسم لبيني ما إن التقت عينيهما.
سألت متفاجأة: ( كم مضي علي وجودك هنا؟).
- بضع دقائق، عدت لتوي من المستشفي.
استدارت إيزوبيل ما إن سمعت صوت والدها. وصرخت فرحة وقفزت من السرير نحوه: ( أبي، أبي).
قال وهو يحملها بين ذراعيه: ( يفترض بك أن تكوني نائمة يا آنستي الصغيرة، إنها الثالثة فجراً).
- راودني حلم مزعج فاستيقظت، ظننت أن ثمة غول تحت سريري.
قال لها لوكاس بلطف: ( ميلي محقة فيما قالته لك. الغول غير موجود. والآن عودي إلي السرير).
ابتعدت بيني عن السرير لتفسح المجال للوكاس لوضع ابنته في الفراش، وراقبته وهو يغطيها.
- أحلاماً سعيدة يا عزيزتي.
- عمت مساءً أبي، عمت مساءً ميلي.
ابتسمت بيني: ( أحلاماً سعيدة عزيزتي).
بدت إيزوبيل وكأنها تجاهد لإبقاء عينيها مفتوحتين، أما لوكاس وبيني فاستدارا وغادرا الغرفة.
سألت بيني ما إن خرجا من الغرفة: ( إذاً، كيف حال السيدة غوردن؟).
أغلق لوكاس باب الغرفة: ( ليست جيدة، يبدو أنها تعاني آلاماً حادة في وركها منذ أشهر، وهي خائفة من زيارة الطبيب. والآن زادت هذه السقطة الأمور سوءاً).
- يا لها من امرأة مسكينة! ماذا قال الأطباء؟
- قال واحد من الأطباء بعد أن أجرى لها صورة أشعة بأن هناك مشكلة في مفصل الورك، مشكلة ناجمة عن التهاب المفاصل. ولكننا سنعرف المزيد غداً بعد أن يراها الأخصائي.
أخفض عينيه إلي جسمها وسأل: ( هل ارتديت ملابسك علي عجلة؟).
نظرت إلي نفسها فوجدت أن أزرار قميصها غير سوية. وفجأة أدركت كم تبدو غير مرتبة. شعرها الأشقر الطويل منسدل علي كتفيها، وهي لا تضع أي تبرج علي وجهها، ولم تكن ثيابها سوية حتى.
وبسرعة حاولت تسوية أزرار قميصها وهي تقول: ( لا بد أنني أبدو بحالة مزرية.... كنت نائمة عندما سمعت إيزوبيل تبكي).
- لا أظن أنك قد تبدين يوماً بحالة مزرية، بل علي العكس أنت امرأة جميلة جداً.
أحست بأن حرارة جسمها قد انخفضت بسبب المديح الذي وجهه لها والطريقة التي ينظر فيها إليها.
- شكراً... لم أكن أبحث عن مديح.
- أعلم هذا.
لاحظ أنها تعيد إغلاق قميصها بطريقة خاطئة، فسألها ممازحاً: ( أتريدين مساعدة؟).
- لا، شكراً.
أسدلت يديها، فهما ترتجفان ولن تساعداها علي إغلاق قميصها وقالت:
- علي كل حال، الوقت متأخر... أظن أن علينا الخلود إلي النوم.
- نعم، أظن ذلك.

smaher
27-10-2009, 18:29
لم يتحرك من مكانه وبقيت هي مسمرة أيضاً تنظر إليه وهو ينظر إليها.
قال برقة: ( شكراً لاعتنائك بإيزوبيل نيابة عني. كنت رائعة معها).
- لم يكن الأمر صعباً، فهي فتاة رائعة.
ابتلعت ريقها بصعوبة وحاولت الإشاحة بنظرها عنه، لكنها عجزت عن ذلك.
- علي كل حال، لا بد أنك متعب، فقد كان النهار طويلاً.
همس: ( أنا لا أشعر بالتعب).
مد يده وأزاح خصلة من شعرها عن وجهها. فشعرت برعشة لم تعرفها سابقاً، وهمست: ( ولا أنا).
- أعلم، ثمة جاذبية بيننا... أليس كذلك؟
كان كلامه تصريحاً أكثر منه سؤالاً لذا لم تجب.
- وكنت أتساءل كيف سنتابع من حيث تمت مقاطعتنا سابقاً عندما وصلنا إلي هذه المرحلة؟
- أحقاً؟
ووجدت نفسها تقترب منه، وتتساءل عما سيكون شعورها إن عانقها.
- كما تساءلت إلي أي درجة يجدر بنا أن....
اقترب منها وهمس وهو يعانقها: ( ظللت أحاول إقناع نفسي بأن هذه فكرة سيئة، وبأنك تعملين لدي، وبأن دمج العمل بالأمور الشخصية قد يؤدي إلي تعقيدات...).
فهمست: ( أنت محق، تعقيدات جمة).
حاولت أن تبتعد عنه، فهي هنا تحت اسم مزيف وبصفة مزيفة، ولم يحن الوقت بعد لتتعلق به وتغرم وهي ليست ممَن يحبذن العلاقة العابرة. أعطي عقلها الأمر لجسمها بالانسحاب إلا أن ذلك الأخير أبي التنفيذ.
- لكن لعلها مخاطرة تستحق العناء.
اقترب منها وطوقها بذراعيه فشعرت بالدم يغلي في عروقها، وعجزت عن التفكير بوضوح.
همس: ( كنت أتساءل ما سيكون شعوري إذا عانقتك منذ اللحظة الأولي التي دخلت فيها مكتبي).
- وأنا أيضاً.
كان قلبها ينبض بسرعة هائلة كما لو كان حيواناً يرغب بالخروج من الأسر. أما عقلها فينبؤها بأن ما تقوم به خطأ.
أيقظت فيها لمساته أحاسيس لم تعرف بوجودها من قبل. لم يشعرها أحد بهذه السعادة يوماً، ولا حتى نيك، وقد كانت متيمة بحبه. ولكن ما يجري كان غلطة، فلوكاس داريان هو العدو.
كانت تعيش صراعاً داخلياً، فتارة تشعر بأن ما تقوم به خطأ.... وبأنها تفقد التركيز وتضيع السبب الذي جاءت من أجله. وطوراً تحاول تجاهل هذه الإنذارات لأنها ترغب به بشدة. لم تعش يوماً صراعاً مماثلاً، بل كانت محكمة السيطرة علي مشاعرها وأحاسيسها.
همست: ( وجودنا هنا معاً غلطة كبيرة).
رد: ( ولم هذا؟).
لم تلاحظ حتى أنها تكلمت بصوت مرتفع إلا عندما وجه لها السؤال:
- لنفس الأسباب التي قلتها. إن أي شيء قد نقدم عليه سيكون مجرد علاقة جسدية.
- لم أكن أعرف أنك متحررة إلي هذا الحد.
شعرت بأنها تحمر خجلاً. فالمضحك في الأمر هو أنها ليست متحررة أبداً.... ولكنها واقعية بما فيه الكفاية لتدرك بأن التعرف علي لوكاس عن كثب وتوطيد علاقتها به أمر مستحيل في حالتهما.
وكيف يعقل لما يحصل بينهما أن يكون أكثر من علاقة عابرة في حين قد كذبت عليه كذبات لا تحصي؟ كما أنه الرجل الوحيد في العالم الذي لا يفترض بها إقامة علاقة معه، ففي كل دقيقة تمضيها بين ذراعيه تخون والدها وتطعنه في الصميم. وتسارعت الحقائق الباردة والمزعجة إلي عقلها بسرعة جنونية.
يستحيل أن يكون لعلاقتهما مستقبل!
همست وهي تحاول عدم الاهتمام:
- كل ما قصدته هو أنه ما من داع لتوجيه الملامات غداً...
وافقها الرأي: ( لن يوجه أحد منا الملامة للآخر).
نظر إلي وجهها المحمر، وحدق إلي عينيها الخضراوين.
- لقد تعلمت منذ سنوات ألا أقلق لما سيحدث في المستقبل.... بل أن أهتم بالحاضر وحده.
أخذ يعانقها أولاً علي مهل ثم بقوة وبشغف ثم قربها منه. وفجأة انتابتها موجة من الغضب. إنها تتصرف بجنون. فقد أتت إلي بورتوريكو كي تساعد والدها، وفقط كي تساعده. وإن لم تسرع بالرحيل من هنا فقد تفضحها ميلدريد بانكروفت الحقيقية. وهي واثقة بأن لوكاس لن يضمها بين ذراعيه ولو لثانية بعد أن يكتشف الحقيقة. بل سيستشيط غضباً ولا تستطيع لومه علي ذلك.
حاولت أن تبتعد عنه ولكنه منعها من الابتعاد فقالت: ( أرجوك... دعني!).
أفلتها ببطء وتردد... وقد أيقظت لهجتها الرافضة كرامة الرجل فيه.
- حسناً... لك ما تريدين.
ابتعدت عنه ثم انسحبت إلي غرفتها وهي تفكر في أن عليها أن تذكر أن ولائها الأول هو لوالدها ليس إلا.
عندما جاء الصباح بقيت في السرير تفكر في ما عليها القيام به فما عليها فعله اليوم هو البحث عن تلك الأوراق وإيجادها ثم وضعها في مكان لا يخطر ببال لوكاس التفتيش فيه ثم الرحيل. لا يمكن لها التفكير بلوكاس داريان علي الصعيد الشخصي.
نزلت بيني تحت الماء تستحم ووضعت وجهها تحت الرذاذ محاولة تصفية ذهنها. شعرت ببعض التحسن بعد أن استحمت وارتدت ثيابها. وبعد أن غادرت الحمام أضحت شبه مقتنعة بأولوياتها. نزلت إلي الأسفل نحو المطبخ. وما إن التقت عيناها بعيني لوكاس حتى لم يعد من معني لكل الكلام الذي حاولت إقناع نفسها به.
- صباح الخير.
ابتسم لها وشعرت بدوار فابتسمت له ابتسامة مقتضبة ثم أشاحت بنظرها عنه.
- صباح الخير.
وسرت لأنها ليست بمفردها معه في الغرفة، فإيزوبيل جالسة إلي الطاولة وأمامها كوب من الحليب.
سالت محولة انتباهها إلي الطفلة: ( كيف حالك هذا الصباح يا إيزوبيل؟).
بالكاد نظرت إليها الفتاة، وهمست: ( أنا بخير).
قال لوكاس مبتسماً:
- أعد الفطائر المحلاة المفضلة لدى إيزوبيل، أترغبين بتناول واحدة؟
- لا شكراً، فأنا لا أتناول الفطور عادة.
قالت لها إيزوبيل: ( طبعاً لن تكون هذه الفطائر لذيذة كالتي تعدها السيدة غوردن).
رد لوكاس: ( بلي، طبعاً ستكون لذيذة. أراهنك بأنني أصنع ألذ فطائر تذوقتها في حياتك. هيا تذوقي واحدة يا ميلي، لا بد أنك جائعة).
- لا، شكراً، لكنني سأعد لنفسي بعض الشاي إن كنت لا تمانع.
ومن دون أن تنتظر رده توجهت نحو الركوة. ستشرب الشاي بسرعة وتتوجه نحو المكتب. فآخر ما تحتاجه الآن هو فطور حميم.
رد لوكاس مزحاً: ( هذا رائع ولكنني سأتناول بعض القهوة).
- حسناً.
شغلت نفسها بفتح الخزانات بحثاً عن الأكواب.
سكب لوكاس بعض العجين في المقلاة، وتصاعدت رائحة الطعام الزكية.
فكرت وهي تنظر إليه بأنه يبدو صامتاً بعض الشيء. كان يرتدي سروال جينز أزرق اللون مع قميص أزرق ويضع علي كتفه فوطة مطبخ، كما لو أنه قضي الصباح بطوله يحضر الأطايب. راقبته يرقع أطراف الفطيرة ثم يقلبها كمحترف.
قالت وهي تنظر إلي إيزوبيل وتتوقع أن تضحك:
- ستندهش السيدة غوردن إن رأتك.
ولكن للأسف إيزوبيل لم تضحك بل بقيت جالسة عابسة. كانت تسند ذقنها إلي يدها، وقد ارتسمت علي وجهها علامات الحزن.
نظرت بيني متسائلة قلقة إلي لوكاس تستفسر عن سبب حزن إيزوبيل، فهز رأسه.
فسر لوكاس بلطف: ( اضطرت جدة إيزوبيل إلي إلغاء مشروعهما لليوم، فخاب أمل إيزوبيل قليلاً).
نظرت بيني إلي إيزوبيل: ( آه عزيزتي، هل خاب أملك؟).
قالت إيزوبيل بصوت منخفض: ( كانت جدتي ستصطحبني إلي البحر).
وبالنظر إلي فستان البحر الذي ترتديه، كانت إيزوبيل مستعدة للرحيل عندما وصلها الخبر. كما أن هناك حقيبة خاصة وضعت فيها منشفتها ومشطها وأغراضها الشخصية، وبجانبها وضعت الرفش والمعول الصغيرين.
قالت بيني بأسي: ( ياللأسف، لعلها ستأخذك في يوم آخر).
عبست وظهر القلق علي وجهها.
- ربما... ولكنها ليست بخير. آمل أن لا تضطر للذهاب إلي المستشفي كالسيدة غوردن .
رد لوكاس بسرعة: ( لا أظن ذلك يا عزيزتي. والآن أسديني خدمة واذهبي إلي الخارج ونادي علي فلينت).
ردت الفتاة: ( لا تسمح السيدة غوردن لفلينت بدخول المطبخ).
- حسناً، سنجري اليوم استثناءاً نظراً للظروف.
- حسناً يا أبي.
ونزلت الفتاة عن الكرسي وركضت نحو الباب. وما هي إلا بضع ثوان حتى سمع صوتها تنادي علي الكلب.
- هذا أفضل، ظننت أننا بحاجة لقضاء دقيقة منفردين.

smaher
27-10-2009, 18:34
ابتسم. ووضع فوطة المطبخ جانباً، وأطفأ الغاز، وفي الصمت شعرت بيني بقلبها يتوقف عن الخفقان فيما أقترب منها لوكاس. بدا وسيماً جداً وواثقاً من نفسه، وفجأة لم تعد واثقة من شيء.... سوى أن الكلمات التي قالتها لنفسها وهي تستحم قد تبخرت في الهواء.
ابتسم لها: ( إذاً كيف تشعرين هذا الصباح؟).
- بخير.
ومرر يديه علي خصرها بتملك.
- بخير تماماً.
وابتعدت بنعومة. كيف تمكن أن يبدو بهذه الجاذبية هذا الصباح؟ حاولت التركيز علي أمور أخرى.
- يا للأسف أن يلغي مشروع إيزوبيل.
- نعم.
إنه يدرسها عن كثب وعيناه تراقبانها بشكل يثيرها ويضيع تفكيرها. فبسبب نظرته هذه أرادت أن تنسي كل شيء وتغرق بين ذراعيه، فهي تتوق إليه توق العطشان للماء. وبصعوبة تمكنت من الابتعاد عنه والتركيز علي إيزوبيل.
- خاب أملها كثيراً.
خيل إليها للحظة أنه لن يحذو حذوها، بل سيحول الحديث إلي أحداث الأمس، ولكن بعد بعض التردد قال: ( للأسف باتت بام تلغي المواعيد مع إيزوبيل بشكل متكرر هذه الأيام).
- هل صحتها سيئة؟
هز لوكاس رأسه: ( علي العكس، صحتها ممتازة. فمشكلة بام هي أن لديها صديقاً أصغر منها بكثير ويبدو أنها لم تخبر بأنها جدة. أظنها تخشي أن يهرب إن عرف بالأمر).
- فهمت. لن يكون شخصاً جيداً إن أبعده شيء بسيط كهذا فالجدات يصغرن سناً يوماً بعد يوم.
- هذا تماماً ما قلته لها، ولكنها معجبة به كثيراً ولا تريد المخاطرة بإفساد علاقتهما. بالنهاية هذه حياتها الشخصية، وأنا ما كنت لأهتم لو لم تكن تخذل إيزوبيل مرة تلو أخرى. تتصل بها وتضع المشاريع ثم في اللحظة الأخيرة تتصل وتلغي المشروع لأنه قد وصل. لا يمكن للمرء التصرف بهذه الطريقة مع الأولاد، فهم لا يفهمون. ولذا اضطررت أن أكذب وأخبر إيزوبيل بأن جدتها مريضة.... بالرغم من أنني لا أحب هذا أبداً.
- إنه موقف صعب، ولكنك محق، لا يفترض بالمرء أن يعد الأولاد إن لم يكن سيفي بالوعد. أنا متفاجئة لعدم شعور جدة إيزوبيل بالمسئولية حيالها. فقد ظننت بأن فقدانها لأبنتها سيقدم لحفيدتها مكانة مميزة في قلبها.
- أنت محقة.
- ولكن لعلها تشعر بالحزن علي ابنتها. ولهذا سلكت هذا المنحى في الحياة. فالحزن يؤثر في الناس بطرق شتي كما تعلم.
ابتسم لوكاس لها: ( ربما).
سألت بفضول: ( لم تبتسم هكذا؟).
اقترب منها وقد بدا الفرح في عينيه:
- أنت... أنت تحبين رؤية الجهة الإيجابية في الناس أليس كذلك؟
- لا أعلم... أأنا هكذا؟
- أظن ذلك، كما أنك تتمتعين بحسنات كثيرة.
أرادت بيني الابتعاد عنه، لكنها لم تستطع. فلمسته لها تجعلها تشعر بالضعف والوهن. إنها لا تعلم إن كانت ترى إيجابيات الناس، بل كل ما تريده هو أن تنسي أن لوكاس عدو والدها وترى إيجابياته فحسب.
وفجأة لم تعد قادرة علي المضي قدماً بكذبتها وتمثيليتها الصغيرة.
- لوكاس، علينا أن نتكلم...
لم تكن تعلم ماذا ستقول، لكن بغض النظر عما كان فقد قوطع عندما فتح باب المطبخ ودخلت إيزوبيل يرافقها فلنت.
ابتعد لوكاس عن بيني فوراً، ثم انحنى ليلاعب فلينيت الذي راح يقفز عليه ويهز بذيله.
قالت إيزوبيل وهي تحمل باقات من السوسن في كل يد:
- أنظرا ماذا أحضرت، هذه للسيدة غوردن، وهذه لجدتي، و...
وبصعوبة فصلت الباقات وأعطت بضع زهرات لبيني قائلة: ( هذه لك).
قالت بيني وقد تأثرت بمبادرة الطفلة: ( شكراً لك، هذه مبادرة جميلة منك).
أخذت الأزهار من يدها وشمتها. كانت رائحتها زكية منعشة.
قالت إيزوبيل: ( يشتري والدي الأزهار للناس أحياناً، فقد اشتراها مرة لإيما).
وتساءلت بيني من تكون إيما، أهي صديقة ما؟ فبلغة الأزهار تقدم تلك الأخيرة كعربون للحب. أكان لوكاس مغرماً بامرأة ما. لعله ما زال مغرماً... ودهشت لشعورها بالغيرة. يستطيع لوكاس رؤية من يشاء... وإرسال الأزهار إلي من يشاء... فهذا الأمر لا يعنيها.
- فلنضع هذه الأزهار في الماء حتى تظل نظرة.
قالت بيني هذا محاولة تشتيت انتباهها وتفكيرها عن لوكاس وغرامياته.
- ثمة مراطبين فارغة تحت المجلي.
فذهبت بيني لإحضارها. وضعت الأزهار في الإناء فبدت جميلة ثم وضعته قرب نافذة المطبخ، وعادت تعد القهوة للوكاس وتعد لنفسها فنجان شاي.
سألت إيزوبيل وهي تعاود الجلوس إلي طاولة المطبخ:
- هل تعتقد أن جدتي قد تمر لاصطحابي لاحقاً هذا اليوم؟
وضع لوكاس صحن الفطائر أمامها: ( لا أظن هذا يا عزيزتي).
- آه.
حدقت إيزوبيل إلي صحن الطعام بحزن.
سألها لوكاس: ( هل تريدين أن أضيف السكر أو الشراب إلي فطائرك؟).
- الشراب، شكراً. هل تظن أن جدتي ستأخذني إلي الشاطئ الأسبوع المقبل؟
- لا أعلم، ولو كنت مكانك لما وعدت نفسي كثيراً.
عضت إيزوبيل شفتها السفلي.
سألت بيني محاولة تغيير الموضوع وهي تضع قهوة لوكاس أمامه:
- هل وردتك أي أخبار عن السيدة غوردن؟
- شكراً ميلي. نعم لقد اتصلت بها صباحاً. لقد نامت جيداً وهي تنتظر تقرير الأخصائي بعد ظهر اليوم، كما أن أختها عندها.
سألت إيزوبيل: ( هل نستطيع الذهاب لرؤيتها يا أبي؟ أريد أن أقدم لها الأزهار التي قطفتها لها).
- ليس اليوم حبيبتي، فالسيدة غوردن بحاجة إلي بعض الراحة.
وفجأة سألت إيزوبيل: ( هل ستتمكن السيدة إيزوبيل من أخذي للتسوق من أجل مسرحية المدرسة غداً بعد الظهر؟).
- لا أظن ذلك، عليك أن تكتفي بمساعدتي وحدي هذه المرة.
بدت إيزوبيل مذهولة: ( لا تكن سخيفاً يا أبي. فأنت لا تعرف ما علينا شراءه، هذه أمور خاصة بالفتيات).
- أظنني أعرف ما هي الثياب الرائجة للحفلات هذه السنة، يمكنك الاعتماد علي.
ضحكت بيني لكلامه، إلا أن إيزوبيل ظلت حزينة وقالت: ( لن تعرف شيئاً! سيلبس الجميع الثياب الملائمة إلا أنا! وستسخر مني جينا فريدريك وسيضحك الجميع علي!).
- هيا يا إيزوبيل، أنت تضخمين الأمور، فهذه مسرحية مدرسية، وأنت في السادسة من العمر. ولا يهم فعلاً ماذا ترتدين. فكل ما تحتاجينه هو عباءة طويلة وصولجان. لن يضحك أحد عليك.
- بلي! ستضحك جينا فريدريك علي!
بدت إيزوبيل علي وشك البكاء، وتابعت:
- تبدو جينا جميلة دوماً، فوالدتها تأخذها للتسوق حتى تبدو رائعة دائماً.
- وأنت أيضاً تبدين رائعة دائماً.
- لا، لا أفعل. فقد كنت أرتدي الحذاء الخطأ لرحلة المدرسة الثلاثاء الماضي. قالت جينا أن حذائي قديم الطراز.
وفجأة، أبعدت إيزوبيل الصحن عن المائة وخرجت من الغرفة.
- أعتذر عن هذا يا ميلي! أظن بأن إيزوبيل قد نالت أكثر من خيبة أمل في يوم واحد.
- أفهم تماماً ما تمر به. ولكن لا أظن أنه كان يفترض بك أن تقول لها بأن ما ترتديه في الحفلة أمر غير مهم. فبالرغم من أنها في السادسة فقط، فهي تعرف أن هذا الكلام غير صحيح.
رفع يديه في الهواء: ( إنها مسرحية مدرسية يا ميلي...).
- وإن يكن. من المهم أن تشعر إيزوبيل بأنها تنتمي إلي رفاقها.
تنهد: ( أظنك محقة! ولكن إن كانت تقلق إلي هذا الحد وهي في السادسة فماذا سيجري عندما تصبح مراهقة؟).
شعرت بالأسى نحوه، فليس سهلاً عليه تربية فتاة بمفرده.
- إن شئت أستطيع اصطحابها للتسوق غداً.
لم تع ما الذي عرضته إلا بعد فوات الأوان.
بدا لوكاس متفاجئاً، وتفاجأت هي أيضاً.
- أحقاً؟ سيكون هذا لطفاً كبير منك يا ميلي. أقدر لك هذا فعلاً.

smaher
27-10-2009, 18:42
ماذا تفعل؟ صحيح أن لوكاس بحاجة إلي المساعدة وأن إيزوبيل قد عانت كفايتها من خيبات الأمل، ولكن بظل الظروف الراهنة، لا يسعها التورط أكثر.
تأكد لوكاس: ( أحقاً لا تمانعين؟).
ماذا لو ظهرت ميلدريد بانكروفت غداً؟ ماذا ستفعل عندها؟ لن تقع عندها في مشكلة فحسب بل ستكون إيزوبيل قد خذلت مجدداً. يفترض بها أن تركز علي إخفاء الأوراق ومغادرة هذا المكان لا التركيز علي أي شيء آخر.
نظرت إلي الباب ورأت إيزوبيل تنظر. لا بد أنها سمعت عرضها وتنتظر الجواب بفارغ الصبر.
أخذت بيني نفساً عميقاً، وقالت برقة: ( لا، لا أمانع).
ويا للغرابة، فهي لم تكن تمانع أبداً.
سمعت إيزوبيل تطلق صيحة فرح، وبعدها هرعت الفتاة إلي المطبخ ورمت نفسها علي بيني، وسألتها بحماسة: ( أحقاً ستأخذينني للتسوق؟).
- نعم إيزوبيل، سآخذك غداً.
إن كانت تملك بعض التحفظات عما ستفعله، فقد تلاشت كلها عندما رأت الفتاة تصعد إلي الكرسي وتطوق عنقها فرحة.
صرخت الفتاة فرحة: ( شكراً.... شكراً).
سرت بيني كثيراً بردة فعل إيزوبيل. فبالرغم من كل شيء، لو كانت الظروف مختلفة، لما ترددت للحظة بمساعدتها.
قالت إيزوبيل بانتصار: ( سيكون فستاني أجمل من فستان جينا فريدريك).
- حسناً، آمل ذلك).
والتقت عينا بيني بعيني لوكاس فابتسم لها وشعرت بأن قلبها سيتوقف عن الخفقان.
أملت ألا يكون فكرة خاطئة عما يجري. صحيح أنها تحب ابنته، وتريد المساعدة، ولكنها لا تريده أن يخال أنها تحاول إقامة علاقة جديدة معه.
وما إن أفلتت الفتاة عنق بيني، حاولت تلك الأخيرة التصرف بعملية، فنظرت إلي ساعة يدها.
- قد أستطيع الذهاب إلي الفندق وتغيير ملابسي قبل أن تبدأ العمل يا لوكاس، سأتصل بسيارة أجرة.
- سأوصلك، علي الذهاب علي أية حال لإيصال الأوراق إلي منزل سلفادور كي يدقق فيها.
أحست بيني بالامتعاض لمجرد ذكر هذه الأوراق الموضوعة في خزانة الملفات.
قال لوكاس: ( اسمعي، سنتناول الغداء في مطعم " سماغلزز إن" ثم نتنزه علي الشاطئ فتتمكنين من اللعب هناك يا إيزوبيل).
صرخت إيزوبيل صرخة فرح وبدأ فلينت بالنباح.
- حسناً، ربما يمكنك إعطائي مفاتيح المنزل فأعود إلي هنا بعد أن أغير ملابسي وأبدأ البحث عن تلك المستندات.
- لدينا ما يكفي من الوقت للعمل بعد ظهر اليوم، تناولي الغداء معنا يا ميلي.
سرت بيني بالدعوة، لكنها لا تستطيع الاسترخاء، فهدفها الأول هو إيجاد الأوراق، قالت:
- لكنك بحاجة ماسة إلي هذه الأوراق يا لوكاس.
قال لوكاس وهو ينهي قهوته: ( يمكن للأوراق أن تنتظر بضع ساعات بعد).
أيقنت أنه يستطيع الاسترخاء الآن بعد أن أصبح صك الملكية الخاص بأرض والدها بحوزته. يا ليتها وجدته قبله! لكانت غادرت قبل موعد العشاء أمس، ولكانت أصبحت في المطار الآن.
- إذاً ماذا قلت؟ هل ستتناولين الغداء معنا؟
- حسناً، أنا...
قالت إيزوبيل وقد اتسعت عيناها: ( أرجوك ميلي، تعالي معنا).
نظرت بيني إلي لوكاس ثم إلي الطفلة، وذكرته بصرامة وهي تحاول ألا تضعف:
- لديك مهلة محددة من الوقت لإيجاد الأوراق يا لوكاس.
- قد لا أحتاج إليها. يعتمد هذا علي ما سيقوله لي سلفادور بعد أن يراجع الأوراق الأخرى.
- فهمت..
يبدو أنها قد فوتت علي نفسها فرصة مساعدة والدها، لذا يستحسن أن تقلل قدر الإمكان من خسارتها وتحجز لنفسها علي أول طائرة متجهة إلي أربودا لتساعد والدها علي حزم الأغراض في المنزل.
نظرت إلي إيزوبيل فإلي لوكاس الذي ينتظر ردها بفارغ الصبر. وفجأة لم تعد تحتمل فكرة الرحيل. وقررت أن تمنح نفسها يومين بعد ريثما تعرف بالمستجدات التي ستطرأ مع لوكاس بعد أن يطلع سلفادور علي الأوراق، وتأخذ إيزوبيل للتسوق.
ردت: ( يبدو الذهاب للغداء فكرة جيدة، يسرني أن أنضم إليكما).
* * *
نهاية الفصل الخامس

smaher
27-10-2009, 18:45
6ـــ تريد المستحيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان اليوم واحداً من الأيام الهادئة في الكراييب. السماء زرقاء والحرارة معتدلة، والريح قليلة البرودة.
وتساءلت ما كان سيحدث لو أخبرت لوكاس الحقيقة هذا الصباح. أكانت ستجلس هنا بقربه في السيارة وهو يتجه بها إلي الفندق؟ أو كان استدعي لها سيارة أجرة وطردها من منزله؟
نظرت إلي إيزوبيل التي تجلس في الخلف، وفلينت جالس بقربها وهي تخبره فرحة عن مشاريعها لهذا اليوم. وكان الكلب منصتاً تماماً يهز بذيله كما لو أنه يفهم كل ما تقوله له.
وصلوا إلي ضواحي المدينة، وتوجهوا نحو الحي القديم، وتوقف لوكاس قرب الفندق.
سألت بيني وهي تمد يدها إلي مقبض الباب:
_ هل ستذهب لرؤية المحامي ثم تعود لاصطحابي؟
- لا، سننتظرك. سيوفر هذا علي الذهاب مرتين، كما أريدك أن تقابلي سلفادور وزوجته ماريا، أنهما ثنائي لطيف.
كانت بيني تفضل عدم مقابلة محامي لوكاس، فقالت: ( لكنني قد أستغرق بعض الوقت يا لوكاس).
- لا بأس، سننتظرك.
لم تجد بيني أمامها حلاً سوى الموافقة. فأومأت ونزلت من السيارة.
دخلت إلي ردهة الفندق المبردة وحاولت عدم التفكير بهذا الموضوع لوقت طويل.
- صباح الخير آنسة كينيدي.
حيتها عاملة الاستقبال بحرارة، ولمن بيني غضبت منها. فماذا لو قرر لوكاس الدخول معها إلي الفندق، أما كانت لعبتها انفضحت؟
ورغماً عنها ابتسمت للمرأة وقالت بحزم: ( نادني ميلي، فالجميع يناديني هكذا).
- أبسبب اسمك المهني؟
من الواضح أن الرجل الذي تحدثت إليه البارحة قد نشر الخبر، وسألت بسرعة محاولة تغيير الموضوع: ( نعم، صحيح. هل من رسائل لي؟).
- لا... ما من رسائل.
- حسناً، شكراً. هل لي بالحصول علي مفتاح غرفتي من فضلك؟
عندما وصلت إلي الغرفة، خلعت ثيابها بسرعة وفتحت الخزانة وتناولت فستاناً صيفياً أزرق اللون.
ثم خرجت لموافاة لوكاس وإيزوبيل والأفكار كلها تعج في رأسها. قال لوكاس وهي تجلس قربه: ( لم تستغرقي وقتاً طويلاً).
- حسناً، حاولت أن لا أطيل البقاء.
ولاحظت نظرة الإعجاب التي رمقها بها قبل أن ينطلق بالسيارة. لم ينظر إليها سوى للحظة، لكن نظرته جاءت ملئي بالأحاسيس، إلي حد أنها أيقظت فيها مشاعر دفينة.
قال لوكاس وهو يغير السرعة في السيارة:
- حصل تغيير طفيف علي المشاريع فيما كنت في الفندق. لقد اتصلت بسلفادور وهو يقل حماته إلي منزلها الآن، لذا ارتأيت أن نتناول الغداء، ونذهب في نزهة علي الشاطئ، ثم نمر عليه في طريق العودة لشرب القهوة.
- هذا جيد.
شعرت بيني بالارتياح لتأخر لقائها بالمحامي ولو لبضع ساعات فحسب. وبعد القيادة لبضعة أميال، أوقف لوكاس السيارة علي طرف الطريق. وقال مشيراً إلي مبني أبيض تحيط به أشجار النخيل: ( المطعم هناك، يمكننا السير علي طول الشاطئ إن كنت قادرة علي هذا).
قالت بكبرياء: ( طبعاً أنا قادرة، فالمكان ليس بعيداً).
ابتسم : ( كنت أتأكد فقط).
معاً نزلت بيني وإيزوبيل من السيارة ومشتا نحو البحر. وأفلتت إيزوبيل يد بيني بعد أن قطعتا الطريق وركضت باتجاه الصخور. تبعها فلينت وهو يهز بذنبه ويقفز.
نادت بيني: ( حذار علي الصخور).
ردت الفتاة من دون أن تخفف من سرعتها: ( سأفعل).
قال لوكاس بحزم وهو ينظر إليها تقفز من صخرة إلي أخرى: ( تمهلي إيزوبيل).
بطأت سيرها قليلاً ثم قفزت إلي الرمل.
- كلما حضرنا إلي هنا أطلب منها أن تلتزم الحذر ولكنها تصر دائماً علي الركض أمامي.
مد لوكاس يده ليساعد بيني ما إن بدءا بتسلق الصخور.
- سأكون بخير
وانتزعت حذاءها العالي الكعب وتجاهلت يد لوكاس الممدودة للمساعدة، ثم تبعت خطوات إيزوبيل. ولكن ما إن وصلا إلي الجهة المقابلة ترددت، فالقاطع بين الصخور والرمل شديد الانحدار.
قفز لوكاس قبلها ثم مد يده ليساعدها، وعوضاً عن رفض المساعدة، قبلتها وأمسكت بيده ونزلت ببطء. أمسك بها عندما ارتطمت رجلها بالأرض وللحظة كانت قريبة جداً منه. وبسرعة استجابت حواسها لاقترابها منه. وشمت رائحة عطره الأخاذ وأحست بذراعيه القويتين تمسكانها. نظرت إليه بغير ثقة فالتقت عيناهما.
إلا أنه تراجع إلي الوراء، وقال بخفة كما لو أنه لم ينتبه للحظة التي جمعتهما: ( الطريق مزعجة ولكن السير ممتع إلي هنا).
ولبرهة مشيا صامتين يراقبان إيزوبيل تقفز أمامهما، تحمل بيد السطل والرفش الزهري اللون، وتضع يدها الأخرى علي رأس فلينت.
كان الرمل دافئاً تحت رجلي بيني، والشمس تداعب البحر الأزرق. ولم يكن من شخص آخر علي البحر غيرهم.
قالت وهي تأخذ نفساً عميقاً: ( المكان رائع هنا).
وافقها لوكاس الرأي: ( هذا ما نحتاج إليه بعد كل الفترة التي قضيناها في المكتب).
عادت إيزوبيل راكضة لتريهما صدفة وجدتها علي الأرض. تناولتها بيني من يدها وراحت تنظر إلي الخيوط الزهرية والبيضاء، وقالت:
- إنها جميلة جداً، عليك الاحتفاظ بها في غرفتك لتذكرك دوماً باليوم الجميل الذي قضيناه معاً علي الشاطئ.
اعجبت إيزوبيل بالفكرة: ( سأضعها فوق صندوق مجوهراتي، هلا احتفظت لي بها؟).
فتحت بيني حقيبة يدها ووضعت الصدفة فيها: ( طبعاً عزيزتي).
قال لوكاس وهما يسيران، وإيزوبيل تقفز أمامهما:
- تجيدين التعامل معها. يبدو أن لك موهبة فطرية في التعامل مع الأولاد. يدهشني أن ليس لك أولاد.
- أحب أن أكون أسرة في المستقبل البعيد طبعاً.... عندما أصبح جاهزة للاستقرار.
ابتسم: ( طبعاً. إذاً أخبريني هل أوشكت يوماً علي الاستقرار؟).
- نعم، مرة واحدة.
قال لوكاس عندما لم تتابع حديثها: ( لكنك لم تحبيه بما فيه الكفاية لترتبطي به؟).
عبست بيني: ( بلي، كنت أحبه).
عندما كانت تتكلم عن نيك، كانت تشعر ببعض الحزن والندم، إلا أنها هذا الصباح، ويا للغرابة، تتكلم عنه بطريقة عادية. تابعت:
- كنت متيمة بحبه، وظللنا معاً لنحو سنة تقريباً، وقررنا الزواج.
- إذاً، ماذا جرى؟
- لم يكن نيك ملتزماً بعلاقتنا كما كنت، فقد كان يواعد امرأة أخرى. وهكذا غادرت المنزل ودخلت إليه هي.
- متى حدث هذا؟
- منذ سنتين تقريباً.
سأل لوكاس بفضول: ( أتعتقدين أنك تخطيت حبك له؟).
- طبعاً.
لاحظ لوكاس كيف ضاقت عيناها الخضراوان وهي تتحدث محاولة إخفاء مشاعرها، تابعت: ( عرفت من صديق مشترك مؤخراً أنهما تزوجا في عيد الميلاد الفائت).
- وهل تتمنين لهما السعادة؟
نظرت إليه بدهشة ثم مازحته: ( حزنت قليلاً لأنهما لم يدعواني إلي الزفاف، لكن عدا ذلك لا أكن لهما أي ضغينة).
ضحك لوكاس: (( حسناً من الواضح أن هذا الشاب مغفل).
ردت بيني بجفاف: ( أو ربما أيقن أنه.... لم يكن مقدراً لنا العيش معاً).
أشاحت بنظرها عن لوكاس ونظرت إلي البحر:
- كنت أظن بأنه نصفي الآخر... بأن القدر جمعنا...
وأنهي لوكاس الجملة عنها: ( وعندما فسخت علاقتكما، شعرت أن فرصتك بالسعادة قد تلاشت).
نظرت إليه متفاجئة.
- هذا ما شعرت به عندما توفيت كاي. ولكن الحياة تستمر، ويستطيع الإنسان إيجاد السعادة مجدداً. علي أن أعترف بأن المرء يشعر بالذنب قليلاً حيال ذلك... أقله هذا ما شعرت به عندما بدأت بمقابلة نساء أخريات.
وشعرت بيني بانقباض في صدرها. فقلة من الناس يفهمون هذا... ولكن لوكاس فهم. إنه شريف... محترم، وها هي تخونه وتغشه.
أوشكا أن يصلا إلي نهاية الشاطئ الآن، واستطاعت بيني رؤية المطعم بوضوح. فقد تناثرت طاولات وضعت عليها شراشف بيضاء اللون تحت مظلات نبيذية اللون.

smaher
27-10-2009, 18:48
قال لوكاس: ( نحصل علي مزيج من العالمين ها هنا. إذ نستفيد من الخدمة الممتازة والطعام اللذيذ مع عدم التقيد بالرسميات والاستمتاع بالبحر).
ابتسمت بيني، ولكنها كانت تفكر في قرارة نفسها بأنه ما من شيء يدعي المزج بين العالمين. ففي هذا الوقت، لا بد أن والدها يعمل جاهداً في الحقول، وهو يعلم أنه سيخسر كل شيء، وسيذهب جهده سدى في حين أنها هنا تتناول الطعام مع العدو. تآكلها الذنب. أهي مع لوكاس أم ضده؟
أزاح لها لوكاس الكرسي لتجلس، ثم جلس قبالتها.
كانت إيزوبيل لا تزال تلعب علي شاطئ البحر، منهمكة في بناء القصور، وفلينت بجانبها يحرس كل تحركاتها.
- هل نترك إيزوبيل تلعب قليلاً فيما نطلع علي قائمة الطعام؟
تابع: ( ولكننا لن نتركها لوقت طويل، فيما أنك فوت عليك الفطائر التي أعددتها هذا الصباح، فلا بد أنك تتضورين جوعاً).
- أنت محق، فأنا جائعة. علي فكرة لقد تأثرت بمهاراتك في الطهي هذا الصباح.
- لعلك ستبقين وتتذوقينها المرة المقبلة.
سرت بيني لوصول النادل بتلك اللحظة لأنها لا تعرف بم تجيب علي هذه الملاحظة.
وفيما حيا النادل لوكاس بحرارة وتكلما لبعض الوقت نظرت بيني إلي لوكاس وإلي وجهها الجميل. لوكاس من أكثر الرجال الذين التقتهم في حياتها وسامة. كانت تحب الطريقة التي تضيء فيها عيناه عندما يضحك والغمزة في خده عندما يبتسم. نظر إليها وابتسم، فتوقف قلبها عن الخفقان للحظة.
- ماذا تريدين أن تشربي ميلي؟
- كوب من عصير الليمون من فضلك.
وبسرعة حملت قائمة الطعام وادعت أنها تنظر إليها.
قالت في نفسها: استعيدي رباطة جأشك.
ساد صمت بعد أن غادر النادل ليحضر شرابهما ولم يعكر الصمت سوى صوت البحر والأمواج ترتطم بالشاطئ.
سأل لوكاس بعد فترة: ( هل قررت ماذا تريدين؟).
ما تريده هو المستحيل..... تريد أياماً أخرى كاليوم.... وضعت قائمة الطعام من يدها وهي تشعر بالانزعاج من نفسها، ومن أفكارها.
- سأتناول طبق ثمار البحر.
- إنه لذيذ هنا، وطازج أيضاً.
جاءت إيزوبيل مسرعة وقاطعتهما: ( أبي هل لي بتناول البيتزا مع رقائق البطاطا؟).
فكر لوكاس في السؤال للحظة:
- إنه مزيج غير صحي. هل تتناولين بعض السلطة مع البيتزا وبعض الفاكهة بعد ذلك؟
حكت إيزوبيل أنفها: ( أظن ذلك).
هز لوكاس رأسه إيجاباً، فغادرت الفتاة راكضة لتكمل بناء القلعة.
- إن سمحت لها، فستأكل شتي أنواع الطعام غير المغذي.
ابتسمت بيني: ( أليست هذه حال الأطفال كافة؟).
- بلي، ولكن لو كانت كاي علي قيد الحياة، لما تمكنت إيزوبيل من التصرف علي هذا النحو. كانت كاي تحب الأكل الصحي، وتمارس الرياضة واليوغا، ولا تتناول أي شيء غير صحي وغير مدروس.
قالت بيني برقة: ( تربية إيزوبيل بمفردك مسؤولية كبرى أليس كذلك؟)
- أن يكون المرء أباً عازباً أمراً غير سهل، وبالطبع فأنا أعتمد كثيراً علي السيدة غوردن في الأعمال المنزلية، ولكنني أستمتع بكوني والداً.
أحضر النادل شرابهما وطلبا الطعام.
قالت بيني: ( لا بد أنك ستستصعب الأمور إن غابت السيدة غوردن عن المنزل لفترة طويلة).
تنهد لوكاس: ( أظنني سأحتاج إلي توظيف أحدهم لملء الفراغ. ولكن هذه المهمة ليست بسهلة، فإيزوبيل تحبها كثيراً، ويسهل علي الاعتماد عليها. آمل ألا تطول فترة مرضها).
شربت بيني جرعة من العصير وتمنت لو تستطيع أن تعرض عليه المساعدة، وحاربت هذه الرغبة وهي تقنع نفسها بأنها ستصطحب إيزوبيل للتسوق غداً وهذه مساعدة كافية.
قضيا بضعة ساعات رائعة في الغداء، فالطعام لذيذ والصحبة ممتازة. شعرت بيني بالراحة بينهما، وكأنها عرفتهما طيلة حياتها. ولكن عندما نظر لوكاس إلي ساعته وقال بإن وقت الذهاب إلي منزل سلفادور قد حان، شعرت إيزوبيل كأن غمامة سوداء قد أطبقت علي قلبها.
- أعلينا أن نذهب يا أبي؟
- أخشي ذلك، كما أن لدي بعض الأعمال لأنجزها هذا العصر، لذا عليك أن تلعبي بهدوء.
حزنت إيزوبيل، فواستها بيني:
- لا تحزني، سنذهب غداً للتسوق وسنتسلى
قام لوكاس ودفع الحساب ثم اتجها نحو الشاطئ.
سألته بيني وهي قلقة بشأن لقاءها بسلفادور: ( ماذا فعلت بالنسبة للأوراق مع سلفادور؟).
- لقد وضعتها في صندوق القفازات في السيارة وأقفلت عليها.
وجدت بيني نفسها تأمل أن تكون السيارة قد اختفت، ثم تمالكت أعصابها بصعوبة. لا يحق لها أن تتمني هذا.
وصلا إلي الصخور ومد يده ليساعدها علي اجتيازها. قالت بيني محاولة تجاهل المشاعر التي شعرت بها جراء لمسة يده علي يدها:
- لقد استمتعت كثيراً بالغداء، شكراً لك.
- ربما يمكننا الخروج للغداء مجدداً، ربما في نهاية الأسبوع المقبل مثلاً قد نأخذ اليخت ونبحر إلي ميناء آخر.
- ربما.
شعرت بقلبها يعتصر من الألم. ستكون الأسبوع المقبل في أربودا علي الأرجح تساعد والدها. ابتعدت عنه ولحقت بإيزوبيل.
وصلا إلي السيارة، فساعدت بيني إيزوبيل علي إزالة التراب عن رجليها ومن حذائها.
تناول لوكاس السطل والرفش وشكر بيني قائلاً:
- شكراً ميلي، سأقدم بعض الماء لفلينت من صندوق السيارة. هلا تأكدت أن الأوراق في صندوق القفازات؟
وناولها المفاتيح وقال: ( إنه المفتاح الذهبي الصغير).
نظرت بيني إلي المفاتيح وتسارعت نبضات قلبها. وأخيراً ستضع يدها علي صك الملكية. ترى أهذه هي الفرصة التي تنتظرها؟
ركضت إيزوبيل إلي مؤخرة السيارة مع والدها وجلست بيني بشكل جانبي كي تفتح صندوق القفازات.
كانت الأوراق موضوعة في مغلف كبير، فتحته ونظرت إلي ما بداخله، ووجدت عدداً من الأوراق خول شراكة والدها مع لورانس داريان، وخلفها الصك الأصفر التابع لملكية كينيدي. وتساءلت هل تضع الصك في حقيبتها فيما إيزوبيل والكلب منهمكان بالكلب؟ يمكنها أن تقول للوكاس أنها لم تجد الأوراق وبأنها ما زالت في خزانة الملفات فهو لن يشك أبداً أن الصك بحوزتها.... أليس كذلك؟
- هل كل شيء في مكانه؟
سمعت صوت لوكاس آتياً من خلف باب السائق، فقفزت خوفاً.
- نعم، علي ما يبدو.
- رائع.
ابتسم لها ثم نظر إلي الأوراق بين يديها وقال: ( كنت خائفاً جداً، ولكن ما هو المثل؟ ما يأتي بسرعة... يختفي بسرعة).
رفع لوكاس حاجبه وقال:
- لا أعتبر أن حصولي علي هذه الصكوك جاء بسرعة وسهولة، فبحسب ما قال والدي، عانى طيلة سنوات من مشاكل ويليم كينيدي، ومنحه كماً هائلاً من الفرص ليعيد ما يدين به.
- أحقاً؟
جاء رد بيني عنيفاً بعض الشيء ومليئاً بمشاعر متناقضة.
- نعم، فعلاً.
وتشتت انتباه لوكاس لرؤية إيزوبيل تلعب مع فلينت علي الطريق.
قال لها: ( هيا إيزوبيل، اصعدي إلي السيارة الآن).
لم يكن لبيني خيار آخر سوى وضع الأوراق في المغلف. فهي لا تستطيع أخذها الآن بعد أن رآها لوكاس في يدها.
تابع لوكاس كلامه مع بيني بعد أن أطاعته ابنته: ( أسمعيني ميلي، أعلم أنك لا تحبين فكرة طرد أحدهم من منزله ولا أنا أيضاً، ولكن هذه أعمال لا إحسان).
ردت بعنف: ( أنت بارد وقاسي القلب يا لوكاس. في الواقع أنت تذكرني بقرش يدور في الماء وهو يشتم رائحة الدم).
رد لوكاس عليها بتهكم: ( يا للتشبيه الرائع! ولكن اسمحي لي وبكل احترام أن أخبرك أنك لا تعرفين شيئاً عن هذه القضية).
أرادت بيني أن تخبره بأنها تعرف أكثر منه بكثير، ولكنها فضلت التزام الصمت. وما هي إلا لحظات حتى توجهوا إلي الطريق العام، وقد اختفي الجو الجميل الذي خيم وقت الغداء علي جلستهما.
شعرت بيني بالتوتر وبألم يخيم علي عينيها ورأسها. نظرت إلي لوكاس الذي بدا خائباً ومستاء جداً. من الواضح أن كلامها لم يعجبه.
يمكن للوكاس أن يكون شخصاً طيباً، ولكنه قبل كل شيء هو ابن والده، ولا يمكن للدم أن يستحيل ماءً.
نظر إليها لوكاس وقال:
- لا أعلم لم نتشاجر حول هذا الموضوع يا ميلي، أظن بأن علينا الاتفاق علي تغيير الموضوع.
ردت بخفة: ( حسناً).
أدركت أنه ينظر إليها بغرابة، فأجبرت نفسها علي الابتسام وقالت:
- وتماماً كما قلت، فهذا الأمر لا يعنيني.

smaher
27-10-2009, 18:55
قاد السيارة عبر مناظر طبيعية رائعة. وبعد قليل ظهر منزل أبيض اللون له نوافذ زرقاء. بني المنزل علي حافة حديقة كبيرة تقدم منظراً رائعاً علي الكراييب. ولكن لم يكن منظر البحر هو الذي لفت انتباه بيني بل المرأة الجميلة التي تقف عند العتبة. كان شعرها نحاسياً طويلاً رائعاً وهي ترتدي فستاناً صيفياً أبيض اللون فضفاضاً، يظهر ساقيها المثيرتين.
- مرحباً لوكاس، يا لها من مفاجأة! لم أتوقع رؤيتك هنا.
- مرحباً إيما، لم أتوقع رؤيتك أيضاً، ولكن هذه مفاجأة سارة.
عرفت بيني لم بدت المرأة مرتبكة، فهي صديقة لوكاس السابقة. تقدم منها وقبلها علي خدها، فاحمرت لساعتها. ولكن ما لفت انتباه بيني هو الطريقة التي نظرت فيها المرأة إلي لوكاس. وأيقنت بيني فوراً أن إيما ما زالت مغرمة به. لا مجال للشك، فهي تنظر إليه وكأنها تعبده. ترى لم ظنت شونا أن إيما هي التي قطعت علاقتها به؟
ولكن يصعب فهم لوكاس. فقد يكون منكسر القلب جريحا. ولمجرد التفكير في الموضوع شعرت بيني بألم لم تعرف مثله في حياتها.
غضبت من نفسها لهذا التفكير. فحياة لوكاس العاطفية لا تعنيها البتة.
نزلت إيزوبيل من السيارة وركضت نحو المرأة تحييها.
- مرحباً عزيزتي.
ابتسمت إيما وابتسمت إيزوبيل أيضاً، لكنها بقيت خلف والدها تحاول الإمساك بيده.
قالت إيما وهي تمد يدها وتربت علي رأس فلينت:
- دعتني ماريا لشرب القهوة في الواحدة والنصف.
بدا لوكاس مسروراً: ( أحقاً؟ ودعتني أنا أيضاً لشرب القهوة في الواحدة والنصف).
بدت المرأة منزعجة تماماً الآن: ( آه! اسمع لم أكن أعلم أنها تخطط لشيء من هذا القبيل).
- ولا أنا أيضاً، لكنك تعرفين ماريا، نواياها صادقة.
- أظن ذلك، لكن الأمر محرج قليلاً.
ونظرت إلي السيارة حيث تجلس بيني، وتابعت:
- اسمع، سأذهب، قل لماريا أنني سأتصل بها لاحقاً.
عبس لوكاس: ( ما من داع لذلك، فأنا لن أطيل البقاء. جئت لأري سلفادور بشأن موضوع في العمل، كما علي العودة للعمل بعد ظهر اليوم).
ابتسمت له ممازحة: ( بعض الأشياء لا تتغير أبداً).
- لا، فأنت تعرفينني.
- تكرس وقتك كله للعمل، نعم أنا أعرفك.
ساد الصمت بينهما لفترة ظلا خلالها ينظران إلي بعضهما البعض. شعرت بيني ببعض الغرابة. لم تعرف ما إذا كان عليها أن تبقي في السيارة كيلا تتطفل أو أن تنزل لتوافيهم.
وفجأة سأل لوكاس إيما: ( هل قرعت الباب؟).
- آه! لا! كنت علي وشك قرع الباب عندما وصلت.
نظر لوكاس إلي بيني، كما لو أنه عرف لتوه أنها في السيارة:
- ميلي، هلا أحضرت الأوراق من السيارة؟
تمتمت وهي تفتح صندوق القفازات وتخرج الأوراق للمرة الثانية هذا اليوم: ( حاضر سيدي).
لم تعرف لما شعرت بالانزعاج عندما استدار لوكاس أخيراً نحوها ووجه لها طلباً متعلقاً بالعمل. ربما هذه طريقته لإخبار إيما بأنها مجرد زميلة في العمل أو ما شابه ليس إلا.
وهي تخرج من باب السيارة، فتح باب المدخل وظهرت سيدة سمراء وحيتهم بحرارة.
- لوكاس، إيما، كم هو رائع أنكما جئتما معاً.
قالت إيما وهي تقترب من المرأة وتقبلها علي خدها:
- حسناً أظن أن هذا من تخطيطك أكثر مما هو وليد الصدفة. سأسامحك هذه المرة فقط يا ماريا لأنك حامل. لا تحاولي القيام بخدعة مماثلة مرة أخرى.
- حسناً أنتما تعرفان ماذا يقال، لا يجري مسار الحب الحقيقي أبداً بطريقة سلسة. وبما أنكما صديقاي العزيزان، ظننت أنكما بحاجة ألي بعض التأنيب...
كانت ماريا علي وشك إكمال حديثها حين رأت بيني تقترب فاندهشت: ( آه!).
تدخل لوكاس بسرعة: ( أقدم لكما ميلي بانكروفت، ميلي إليك ماريا ساندينيو وإيما جونسون).
ابتسمت بيني بإشراق وقالت:
- سررت بلقائكما، أنا مساعدة لوكاس الشخصية.
بدت ماريا مطمئنة، ولكن بيني شعرت بأنها تشك بعض الشيء.فقالت: ( حسناً، سررت بالتعرف إليك أيضاً. تفضلوا، لقد وقفنا في الحر بما فيه الكفاية).
ناولت بيني المغلف البني للوكاس وهي تمر أمامه لتدخل والتقت عينيهما للحظة. وتساءلت إن كان قد سر لأنها عرفت عن نفسها علي أنها مساعدته الشخصية ليس إلا. ولكن من الصعب فعلاً معرفة ما الذي يدور في خلده.
* * *
نهاية الفصل السادس

smaher
27-10-2009, 18:58
7- غداً لن تشرق الشمس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قابلهم سلفادور في الردهة. إنه أكبر سناً من زوجته، فماريا في آخر العشرينات، أما هو فيبدو في بداية الأربعينات. شعره الأسود تتخلله خصلات رمادية، وقد بدأ يفقد شعره إلا أنه دافئ وحنون وجذاب.
قال وهو يسلم علي بيني: ( سررت بالتعرف إليك).
بادلته بيني الابتسام، وتمنت مرة أخرى لو أن الظروف مختلفة ولو أنها لا تكذب.
قال سلفادور وهو يستدير ليأخذ الأوراق من لوكاس: ( إذاً هذه هي الأوراق التائهة!).
- نعم، وجدناها أخيراً أمس.
- حسناً سنذهب إلي مكتبي لإلقاء نظرة عليها.
وقبل أن يتمكن أحد من قول أي شيء، سحب سلفادور لوكاس من الغرفة، وقال وهو يغلق الباب خلفهما: ( لن نتأخر سيداتي).
قالت إيما لماريا وهي تضحك:
- آه! يا إلهي! أين سمعنا هذه العبارة من قبل؟ أتذكرين حين ذهبنا إلي فيكنز لقضاء عطلة نهاية الأسبوع وقضي هذان الاثنان طيلة بعد الظهر في العمل؟
- بالكاد... والآن ماذا سنشرب الشاي أم القهوة؟
وابتسمت ماريا لبيني وأشارت إليها لتجلس علي واحدة من الكراسي الجلدية البيضاء.تابعت إيما الكلام من دون أن تعي أن صديقتها تحاول تغيير الموضوع مراعاة لوجود بيني:
- لا بد أنك تذكرين ماريا؟ لقد قضينا وقتاً ممتعاً. كان الفندق رومانسيا للغاية، وقدم لي لوكاس تلك الصور التي أحب عن تلك المنارة القديمة!
- آه! نعم... أذكر شيئاً من هذا القبيل.
وغمزت ماريا إيما لكن تلك الأخيرة لم تلاحظ وذهبت تجلس علي كرسي من الكراسي.
نظرت إيما إلي بيني توضح لها الأمر:
- لقد عارضت وماريا أن يأخذا العمل معنا في الرحلة... أليس كذلك؟ ولكن أنت تعرفين الرجال. بصراحة، أظن أن لوكاس لا يمانع البقاء في مكتب مغلق طيلة أيام. فعندما كنا نتواعد، كنت أشير إلي عمله باسم المرأة الأخرى... ولا أظن أنه تغير الآن.
همست بيني: ( في الحقيقة لا يمكنني الجزم، فأنا لا أعمل لديه منذ فترة طويلة).
أومأت إيما وبدت مسرورة بالرد. وتساءلت بيني إن كانت تلك المرأة تحاول استفزازها بإخبارها عن العلاقة الرومانسية التي جمعت بينهما، أو لعلها تحاول تبرير انفصالهما بإلقائها اللوم علي عمل لوكاس.
حاولت ماريا تغيير الحديث:
- والآن، ماذا يمكنني أن أقدم لكن؟ أتشربين الكولا يا إيزوبيل.
أومأت إيزوبيل.
- وماذا عنكما يا سيدتي.... الشاي أم القهوة؟
ردت بيني بتهذيب: ( أنا لا فرق عندي، سأشرب ما تعدين).
من جهتها قالت إيما بحزم: ( ستكون القهوة رائعة).
وما إن غادرت ماريا الغرفة حتى جلست إيزوبيل علي ركبتي بيني وهمست:
- هل أستطيع الحصول علي الليموناضة عوضاً عن الكولا؟
- لا أعلم،ربما لا تملك ماريا الليموناضة، لم لا تلحقين بها وتسألينها؟
هزت إيزوبيل رأسها نفياً بخجل.
- هل أذهب وأسألها نيابة عنك؟
هزت إيزوبيل رأسها إيجاباً وقد بدت مسرورة بالاقتراح. من جهتها انزعجت إيما مما يجرى. تساءلت بيني لم عساها انزعجت وهي تنزل إيزوبيل عن حضنها!
وجدت بيني ماريا تفتح خزانة في المطبخ الذي يطل علي البحر، قالت بيني عندما استدارت ماريا:
- عذراً علي التطفل ولكن إيزوبيل تتساءل إن كان بوسعها الحصول علي الليموناضة عوضاً عن الكولا؟
فتحت ماريا الثلاجة وتناولت قنينة: ( بالطبع تستطيع. في الواقع أنا مسرورة لأنني تمكنت من الانفراد بك للحظة. أعتذر عما سبق أن حصل... أنت تعرفين. فمحاولة جمع لوكاس وإيما كانت فكرة جنونية. لم أكن أعلم أنه يخرج مع امرأة أخرى).
قالت بيني بصراحة: ( لا داع للاعتذار مني، حقاً.... فأنا لا أخرج مع لوكاس).
لم تبد ماريا مقتنعة تماماً.
- إنه رجل جذاب جداً...
تنهدت بيني، ولكن ولسبب من الأسباب، وجدت نفسها تفضي إليها قائلة: ( بصراحة، لا أظن أنني سأبقي هنا لفترة أطول، ولكنني لم أخبر لوكاس بعد).
- يا للأسف! يبدو أنه يقدرك كثيراً. لقد سمعته يتحدث إلي سلفادور ويخبره كم كنت رائعة معه خلال الأيام الماضية، وكيف أن إيزوبيل متعلقة بك.
شعرت بيني بانقباض في قلبها: ( نعم، سأشتاق كثيراً لإيزوبيل).
نظرت ماريا إليها. فتابعت كلامها وهي تحاول أن تكون عملية.
- ولكن الأمور ليست جيدة بالنسبة لي هنا، لذا يستحسن أن أغادر.
لم تتابع ماريا الحديث بل قالت: ( سيغضب سلفادور مني كثيراً لأنني دعوت إيما، فهو يطلب مني دائماً ألا أتدخل في مشاكل الآخرين. كل ما في الأمر هو أنني شعرت بالأسى عليها. فقد كانت ولوكاس سعيدين لفترة، ولكن فجأة ومن دون سبب قطع علاقته بها. وكنت أتساءل إن كان فعلاً لا يريد الاستمرار معها أو أنه شعر بأنه يتعلق بها فخاف وذعر وقرر الابتعاد. فقد كان متيماً بحب كاي. أيبدو كلامي سخيفاً؟).
همست بيني: ( لا، فكلامك ليس سخيفاً، فمن الممكن جداً أن يكون لوكاس قد فسخ علاقته بإيما لتلك الأسباب التي ذكرتها).
وتذكرت بيني ما قاله لها عن شعوره بالذنب
حسناً، وكما يقول سلفادور، لا دخل لي بالموضوع. ولكن أريد أن يكون لوكاس سعيداً، فهو يستحق السعادة وقد عانى الكثير حتى الآن.
أنهت ماريا تحضير الصينية، فطلبت بيني أن تحملها عنها، وقالت:
- دعيني أساعدك، فأنت تحملين وزناً كافياً.
قالت هذا مشيرة إلي حملها. فضحكت ماريا وربتت علي بطنها: ( أنت محقة).
- متى سيحين موعد ولادتك؟
سألتها بيني وقد سرت بالانتقال إلي موضوع أقل جدية. فهي لا تريد أن تعرف إن كان لوكاس مغرماً بإيما أم لا.
- بعد أسبوعين من الغد.
- لم يعد هناك وقت طويل. هل حضرت كل شيء؟
- آه نعم. حقيبتي جاهزة في غرفة النوم. ففي كل مرة أتأوه فيها ينظر سلفادور إلي الحقيبة ويتساءل إذا حان الوقت لإحضارها ونقلي إلي السيارة.
ضحكت بيني: ( أظن أنكما متوتران).
- في الواقع هو أكثر حماسة وتوتراً مني.
فتحت ماريا باب الردهة لها.
سألت إيزوبيل بخجل ما إن دخلتا الغرفة:
- أكان عندك ليموناضة، عمتي ماريا؟
- نعم حبيبتي.
وتناولت ماريا الكوب من علي الصينية وناولته لإيزوبيل وقالت:
- والآن أخبراني عما كنتما تتحدثان؟
ردت إيما وهي تتناول الفنجان الذي تقدمه لها ماريا:
- كانت إيزوبيل تخبرني أن السيدة غوردن في المستشفي.
- لا!
نظرت ماريا إلي بيني لتستعلم عن الموضوع.
- هذا صحيح، سقطت مساء أمس علي أرض المطبخ واصطحبها لوكاس إلي المستشفي، وهم يبقونها هناك للمعاينة.
بدت ماريا مستاءة: ( يا للمرأة المسكينة).
قالت إيما والباب قد فتح ودخل الرجلان:
- أتساءل كيف يتدبر لوكاس أمره من دونها؟
قال لوكاس: ( أظن بأنكن تتحدثن عن السيدة غوردن!).
- نعم كانت ميلي تخبرنا عنها، أتساءل كيف ستتدبر أمرك من دونها؟
- قد أضطر إلي توظيف شخص ما، ولكن آمل ألا يطول الأمر.
قطع كلام إيزوبيل الحديث وقد عبست:
- أيعني هذا أن شخصاً آخر سيعتني بي؟
رد لوكاس بحذر: ( ربما حبيبتي، ولكن فقط حتى تتعافي السيدة غوردن).
- وهل سيكون شخصاً أعرفه؟
هز لوكاس رأسه: ( لكنك ستتعرفين إليها بسرعة).
بدت إيزوبيل وكأنها علي وشك البكاء:
- ولكنني لا أريد أحداً آخر ما لم أكن أعرفه.
ونظرت إلي بيني ثم قالت بعينين ملؤهما الدموع: ( هلا اعتنيت بي يا ميلي؟).
أيقنت بيني أن عيون الجميع مسلطة عليها، ولكن في الوقت عينه أشفقت علي الطفلة. كانت مستعدة للتضحية بكل شيء لتجيبها نعم، ولكن عوضاً عن ذلك ردت برفق وحنان:
- حسناً، الأمر ليس بهذه السهولة إيزوبيل. ولكن والدك ذكي جداً وسيجد لك شخصاً ممتازاً، أنا واثقة.
وضع لوكاس قهوته جانباً وقام وحمل ابنته ووضعها علي حضنه ثم قال: ( طبعاً سأفعل، كما أن السيدة غوردن ستعود قريباً).
أومأت إيزوبيل، ولكن شفتها السفلى كانت ترتجف.
نظرت بيني من حولها فرأت عيني إيما مسلطتين عليها وأدركت مدى امتعاضها لأن إيزوبيل طلبت من بيني رعايتها.
وسألت ماريا محاولة مرة أخرى تغيير الموضوع: ( إذاً كيف حال الأعمال؟ فأنت لم تبق في المكتب فترة طويلة كما توقعنا!).
- هذا لأن الأمور بدأت تنحل، ومساعدة سلفادور قيمة جداً. فأنا ممتن له جداً لأنه وجد لي بعض الوقت بالرغم من انشغاله.
رد سلفادور: ( ما من داع لتشعر بالامتنان. فما من سبب يحول من تسوية الأمور في نهاية الشهر. فكما أن سبق أن قلت لك، الآن وبعد حصولك علي صك الملكية، ستستملك الأرض في الوقت المحدد، وستبدأ أعمال البناء، فبحسب القوانين المرعية الإجراء في أربودا، ما إن تبدأ أعمال البناء، لن يستطيعوا إلغاء الرخصة. لذلك إن اتفقت مع المقاول الذي يريد شراء المكان وسمحت له بالعمل فوراً فلن يكون هناك من مشكلة).
شعرت بيني بالدوار. إنها هنا قلقة بشأن إيزوبيل وبشأن أمور تافهة كحب لوكاس لإيما في حين أن والدها يوشك علي فقدان المنزل.
سألتها ماريا فجأة: ( ميلي، هل أنت بخير؟ تبدين شاحبة بعض الشيء).
أيقنت أن لوكاس ينظر إليها، فأرغمت نفسها علي الابتسام:
- أعاني صداعاً ليس إلا، سأكون بخير بعد قليل.

smaher
27-10-2009, 19:04
سألت ماريا بلطف: ( هل أحضر لك مسكناً للألم وكوب ماء؟).
- لا... شكراً أنا بخير... صدقاً.
نظر لوكاس إلي ساعة يده: ( أظن بأنه علينا الذهاب).
فقالت ماريا: ( لا، لا تذهبوا، كنا نأمل أن تبقوا جميعاً، سيحضر سلفادور المشاوي بعد قليل).
قال لوكاس وهو يقف: ( مرة أخرى ماريا، ولكن شكراً علي الدعوة).
وقف الجميع ورافقوهم حتى باب المدخل.
لاحظت بيني أن إيما أمسكت بذراع لوكاس وشدته نحوها، ثم قالي له بصوت منخفض:
- إن احتجت إلي أية مساعدة، فلا تتردد في الاتصال بي.
- شكراً إيما، هذا لطف منك.
أرادت إيزوبيل أن تنزل من بين ذراعي والدها، فلبي طلبها وركضت نحو فلينت الذي يجلس في الخارج منتظراً بفارغ الصبر خروجهم.
تابعت إيما بإصرار:
- أنا أعني ما أقول، فكما تعلم، أنهي عملي معظم الأيام حوالي الرابعة والنصف، ويسرني أن أعتني بإيزوبيل عنك.
لم تسمع بيني ما كان رد لوكاس لأن فلنت راح ينبح وهو يركض مع إيزوبيل في الحديقة، ولكن من طرف عينها، رأت لوكاس ينحني ويقبل إيما علي خدها، وبسرعة أشاحت بيني بنظرها.
قالت ماريا بصوت منخفض وهي تخرج بالقرب من بيني:
- سررت حقاً بالتعرف إليك وآمل أن نراك مجدداً قبل رحيلك.
ابتسمت بيني: ( سررت أنا أيضاً بالتعرف إليك. وأتمنى لك السلامة في الولادة ولطفلك أيضاً، هل تعرفين أن كان المولود صبياً أم فتاة؟).
- لا، ستكون مفاجأة لنا.
أيد سلفادور زوجته وطوقها بذراعه: ( مفاجأة فعلاً).
قالت بيني وهي تضع حزام الأمان: ( أصدقائك لطيفون).
- نعم، أليس كذلك؟
وسلك لوكاس الطريق نفسها من دون أن يتكلم. وبعد فترة سألها:
- كيف تشعرين الآن؟
- ما زال رأسي يؤلمني.
ولم تكن تكذب، فهي تعاني صداعاً أليماً.
قال لوكاس فوراً: ( سأقلك إلي الفندق ويمكنك الاستراحة لبقية اليوم، لا بد أنك متعبة).
سألت بفضول:
- ماذا عن الأوراق التي كنت تحتاجها؟ ألم تعد مضطراً لإيجادها؟
هز لوكاس رأسه: ( قال سلفادور بأننا نملك ما يكفي من المستندات).
- فهمت.
إذاً حسم الأمر وتلاشت فرصتها الأخيرة لمساعدة والدها. وقد فوتت علي نفسها بضع فرص.... إذ انهمكت في التفكير بلوكاس عوضاً عن التفكير بوالدها. يستحسن بها أن تغادر علي أول رحلة.
سألت إيزوبيل من مؤخرة السيارة: ( هل ستتحسنين لتأخذيني للتسوق؟).
وفجأة داهمها شعور بالذنب.
- نعم، سأنام الليلة جيداً وكل شيء سيكون علي خير ما يرام غداً.
وبالرغم مما قالته عرفت أن الأمور لن تكون بخير غداً، بل ستزداد سوءاً. فغداً هو الاثنين، ولا بد أن ميلدريد بانكروفت الحقيقية ستظهر. كما أن سلفادور سيرسل ورقة الإخلاء غداً لوالدها، مما سيقضي علي كافة آمال الرجل المسكين. نعم غداً سيكون يوماً سيئاً فعلاً.
غرقت بيني في الصمت... تفكر بمستقبل لن تجد قيه لوكاس أو إيزوبيل.
عندما وصل لوكاس إلي ضواحي سان خوان علق في زحمة سير رهيبة، كانت الشوارع ملئي بأشخاص يرتدون ملابس ملونة فضفاضة.
قال لوكاس وهو يهز رأسه: ( لا بد أنه ثمة كرنفال ما اليوم، قد نستغرق بعض الوقت لنصل إلي الفندق الذي تنزلين فيه).
ردت بيني بسرعة:
- أنزلني هنا، وسأمضي مشياً فأنا أحتاج إلي بعض الهواء النقي.
نظر إليها لوكاس:
- هل أنت واثقة؟ فإن كان رأسك يؤلمك، لا يفترض بك أن تسيري في الحر.
أصرت بيني: ( حقاً لوكاس، أنزلني هنا، سيفيدني السير).
أوقف لوكاس السيارة بعيداً عن الحشود تحت ظل شجرة صنوبر:
- سنوصلك أنا وإيزوبيل.
نظرت بيني إلي المقعد الخلفي:
- أظن بأن إيزوبيل قد نالت نصيبها من الإثارة اليوم.
نظر لوكاس إلي الخلف، فرأي إيزوبيل نائمة وقد استعملت بطن فلينت كوسادة.
ابتسم: ( أظنك محقة).
- علي كل حال شكراً علي الغداء الرائع، وسأراك غداً صباحاً في المكتب.
مد لوكاس يده وأمسك بيدها وهي تستدير لتغادر.
- ألم تنسي شيئاً؟
- لا أظن ذلك.
بدا وكأن قلبها سيقفز من مكانه، واتسعت عيناها الخضراوان. أتراه سيعانقها؟ كانت هذه الفكرة كافية لإرسال الدم إلي رأسها.
- حقيبة يدك.
لم تصدق بأنها أوشكت علي نسيانها! فهذا دليل واضح علي اضطرابها.
- آه! نعم! عذراً.
وتناولتها منه وتساءلت إن عرف ما تفكر به حول العناق. مدت يدها إلي مقبض الباب مجدداً، وقالت: ( شكراً لك).
- ميلي؟
ونظرت من حولها تتساءل ماذا نسيت هذه المرة. وعندها أقترب نحوها وعانقها، وكان عناقه ناعماً ورقيقاً ولكنه أثار فيها مشاعر قوية صاخبة جعلتها ترتجف.
همس وهو يرجع إلي الوراء:
- شكراً علي قضائك اليوم معنا وتصرفك بلطف بالغ مع إيزوبيل.
همست وهي تحاول استعادة رباطة جأشها: ( لم يكن الأمر صعباً، فهي طفلة رائعة).
ابتسم: ( وأنا أيضاً أظن هذا ولكنني متحيز).
حدقت إلي عينيه السوداوين وأيقنت فجأة أنها مغرمة به.
ابتلعت ريقها بصعوبة: ( علي كل حال، علي أن أرحل. أراك غداً في المكتب).
- نعم، أراك غداً.
نظر إليها تخرج من السيارة ثم قال لها:
- آمل أن يزول صداعك، تناولي حبة أسبيرين.
تحتاج إلي أكثر من الأسبرين لتشفي من علتها، فكرت بهذا وهي تسير غاضبة بعيداً عنه وتدخل بين الجموع المحتشدة في الشارع.
عندما وصلت بيني إلي الفندق توجهت إلي غرفتها، ثم استلقت علي السرير تحدق إلي السقف وتحاول إيجاد حل لوضعها.
قالت لنفسها مراراً وتكراراً أنها ليست مغرمة بلوكاس، ولتثبت ذلك لنفسها تناولت دليل الهاتف من علي المنضدة وبحثت عن رقم المطار. لقد انتهي وقتها هنا. ستحجز علي متن رحلة الغد. وبعزم رفعت سماعة الهاتف الموضوع قرب سريرها.
أنجزت المهمة، غداً في الثانية عشرة إلا ربع مساء ستسافر إلي أربودا لتدعم والدها وتساعده.
كان من المفترض أن تعزيها هذه الفكرة، فهي تفعل أخيراً الشيء الصحيح. ما كان يفترض بها أن تأتي إلي هنا أصلاً. وتخيلت ما سيكون موقف والدها لو عرف... سيتحطم فعلاً. لا، لوكاس ليس مقدراً لها. علي كل حال، سيسعد أكثر مع إيما... فهي تحبه بجنون وتبدو حنونة مع إيزوبيل.
استدارت بيني، ودفنت وجهها في الوسادة، وحاولت تجنب آلام رأسها الحادة.
* * *
نهاية الفصل السابع

البسه الشقراء
28-10-2009, 00:22
يعطيييييييكم العافيه

أختكم الحاضره الغائبه :):p


" البســــــــه الشقـــــــــراء "

الغصن الوحيد
28-10-2009, 11:44
الف شكر يااميرة الشوق على الرواية الحلوة وتسلم يمينك

احباب الروح
29-10-2009, 10:21
احييكم بنات على استمراركم بالمشروع
وسعيده اني اشوفه موجود على طول

:)


بس ياريت لو تسوون مثل قبل
يعني بالصفحه الاولى يكون فيه فهرس يسهل على القراء
و كمان لو تفتحون موضوع جديد بعد ما تتتعدى الردود الالف

لحتى كل روايه تحظى بقرائها
وكل كاتبه تنال الردود اللي تستحقها

لاني بصراحه حسيت اني ضايعه لما دخلت الموضوع

:)


..



يعطيكم العافيه
و الى الامام


^_^




..

ماري-أنطوانيت
29-10-2009, 10:47
لي عوده ان شاء الله

لما تنتهي العزيزه smaher

من انزال الروايه ^_^

الحياة الضائعة
29-10-2009, 17:46
أنا عضوة جديدة

وسعيدة جدااااااااااااااااا بالانضمام اليكم بقراءة أحلى الروايات

smaher
30-10-2009, 12:28
8- ساعة الحساب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدا من الظلم أن تشرق الشمس في حين يخيم الظلام علي قلب بيني. حتى أن التحية الصباحية الحنونة التي أطلقتها شونا، لم تغير مزاجها.
ابتسمت بيني ابتسامة جافة: ( صباح الخير شونا).
ردت المرأة: ( هل أنت بخير؟ تبدين شاحبة بعض الشيء).
- أنا بخير. هل وصل لوكاس؟
- آه نعم، وصل لوكاس قبلي كالعادة.
ولكنه ليس في مزاج هادئ هذا الصباح، لذا أنصحك بعدم إزعاجه.
عبست بيني: ( أحقاً؟ ما خطبه؟).
تنهدت شونا.
- لا أعرف. كان يتحدث عبر الهاتف عندما وصلت. لعل الأمر متعلق بذلك الاتصال الهاتفي.
مررت بيني يداً ترتجف فوق فستانها الزهري الفاتح وحاولت تحضير نفسها للدخول إلي مكتبه ومواجهته. قررت أن تصارحه بالحقيقة قبل أن تغادر، أي هذا الصباح أو بعد الظهر بعد أن تصطحب إيزوبيل للتسوق.
قالت شونا وهي تنظر عابسة إلي كومة من الأوراق المكدسة أمامها: ( وصلنا الكثير من البريد).
سألت بيني محاولة تجنب مقابلة لوكاس:
- هل تريدينني أن أساعدك في الاطلاع علي البريد؟
فإن كان مزاج لوكاس معكرا، فربما يستحسن بها الانتظار قبل أن تبوح له بالحقيقة.
- شكراً لك.
قالت هذا وهي تمرر لها نصف الأوراق المكدسة أمامها، ثم سألتها: ( إذا كيف كانت عطلة نهاية الأسبوع؟)
حاولت بيني عدم تذكر العطلة المليئة بالشغف والغداء الرائع، فردت: ( لا بأس، ماذا عنك؟)
لوحت شونا بيدها أمام عيني بيني، فلاحظت تلك الأخيرة الخاتم في يدها: ( لقد عرض بول علي الزواج).
- آه! شونا! هذا رائع، تهاني.
- شكراً لك! كم أنا مسرورة، فأنا أعشقه.
قالت بيني بحنان: ( أنا مسرورة جداً لك، وهل حددتما موعداً للزفاف؟).
- نفكر في حجز أول موعد متوفر في الكنيسة، فأنا لا أريد الانتظار. ولكن والدتي قلقة بعض الشيء وتفضل أن تطيل فترة الخطوبة، فنحن لا نعرف بعضنا منذ وقت طويل. ولكنني قلت لها عندما تقابل الفتاة الرجل المناسب لها والذي ترغب بقضاء بقية عمرها معه، فهي ترغب بأن يبدأ بقية عمرها في أسرع وقت ممكن... وعلي كل حال، لقد عرفت منذ اللحظة الأولي التي تعرفت فيها إلي بول أنه رجل أحلامي. نظرت إلي عينيه فحسب، وعلقت في حبه.
تذكرت بيني يوم دخلت إلي مكتب لوكاس الأسبوع الفائت وأول مرة نظرت إلي عينيه. لقد حدث شيء ما في تلك اللحظة. شيء سري! آه! كم حاولت ادعاء العكس... وإقناع نفسها بأن الانقباض الذي تشعر به في قلبها وتسارع نبضها كلها أمور من نسج خيالها. ولكن هذا غير صحيحا. إنها مغرمة به، وقد وقعت في حبه منذ اليوم الأول للقائهما. صحيح أن حبها هذا جنون مطبق وخيانة عظمى لوالدها، ولكنها عاجزة عن كبح مشاعرها.
حدقت بيني إلي المغلفات الموضوعة أمامها وحاولت التصرف بعقلانية وطرد هذه الأفكار من عقلها، ولكن من دون جدوى.
رن الهاتف فأجابت شونا، أما بيني فجلست علي كرسي وراحت تطلع علي البريد.
وفجأة فتح الباب ودخلت امرأة.
- هل لي بمساعدتك؟
سمعت بيني شونا تسأل بتهذيب، لكنها لم تستدر فقد كانت تفرز البريد.
ردت المرأة:
- ميلدريد بانكروفت، جئت أري السيد داريان.
شعرت بيني بأن الدم تجمد في عروقها ونظرت مرعوبة.
كانت شونا تحدق إلي المرأة باستغراب.
- عذراً؟ أقلت أنك تريدين رؤية ميلدريد أو السيد داريان؟
عبست المرأة، فهي تبدو كمديرة مدرسة قديمة الطراز تقاصص التلامذة وتبث الرعب في قلوبهم. كان شعرها الرمادي مشدوداً إلي الخلف بطريقة جدية، وكانت ترتدي قميصاً أبيض وتنوره سوداء.
قالت بنبرة جافة: ( أظنك أسأت الفهم أيتها الشابة، أنا ميلدريد بانكروفت وجئت أرى السيد داريان).
فتحت شونا فمها عاجزة عن التفوه بكلمة ونظرت نحو بيني، لو لم يكن الوضع حرجاً إلي هذا الحد لكانت ضحكت للتعبير الذي علا وجه شونا، ولكن، لسوء الحظ، فمزاج بيني لا يسمح لها بالضحك.
تمتمت بيني بحذر: ( يستحسن بك إخبار لوكاس أنها وصلت).
وقبل أن تتمكن أي واحدة منهما من التحرك، فتح باب مكتب لوكاس وظهر ذلك الأخير وقد علت وجهه تعابير لم يسبق لبيني أن رأتها مما زاد من حدة توترها.
قالت المرأة بأمل: ( آه، لا بد أنك السيد داريان، لقد اتصلت بك منذ قليل).
رد لوكاس بثقل: ( نعم... ميلدريد بانكروفت أليس كذلك؟).
مشت المرأة حول المكتب ومدت يدها: ( هذا صحيح. يسرني أنني التقيتك أخيراً).
- وأنا أيضاً.
سلم لوكاس عليها ودلها إلي مكتبه. وللحظة التقت عيناه بعيني بيني. جاءت نظرته باردة وقاسية، ومختلفة تمام الاختلاف عن الطريقة التي نظر فيها إليها البارحة، ثم قال لها بقسوة:
- يمكنك الدخول بعد أن أنتهي مع السيدة بانكروفت.
وبدا كلامه أمراً أكثر منه دعوة، ثم دخل مكتبه وأقفل الباب بحزم.
استدارت شونا لتنظر إلي بيني:
- حسناً! ماذا يجري بحق السماء؟ وإن كانت هي ميلدريد بانكروفت فمن تكونين أنت؟
مررت بيني يداً ترتجف علي شعرها:
- آسفة شونا! كل ما في الأمر هو أنك تستخلصين الأمور بطريقة خاطئة عندما أتيت لأري لوكاس ذلك اليوم، وكنت يائسة جداً فجاريت الموضوع.
اتسعت عينا شونا بذهول: ( آه! يا إلهي! أأنت عاطلة عن العمل منذ فترة طويلة؟).
- لا... أنا...
تنهدت بيني يائسة. فهي لم ترد إخبار شونا بالموضوع قبل أن يتسنى لها المجال لتتكلم مع لوكاس.
قالت شونا برقة: ( اسمعي، لا تقلقي للأمر، أنا واثقة من أن السيد داريان سيسامحك لأنك، والحق يقال، بارعة جداً في عملك، وقد تحسنت الأمور كثيراً منذ مجيئك).
- شكراً شونا.
ابتسمت بيني للمرأة شاكرة ممتنة، وتمنت لو كانت الأمور بهذه البساطة.
- كما أنه لن يوظف تلك العجوز الشمطاء! هل رأيت كيف نظرت إلي باستعلاء؟ يا لها من متكبرة، من تخال نفسها؟
- تخال نفسها ميلدريد بانكروفت.
نظرت إليها شونا وضحكت. وفوراً، فتح باب المكتب وظهرت ميلدريد بانكروفت.
وبرأس شامخ إلي الأعلى، مشت قربهما من دون أن تنظر إليهما وخرجت من المكتب.
ترك باب مكتب لوكاس مفتوحاً علي مصراعيه، ولكن لم يظهر أي أثر للوكاس.
همست شونا: ( ماذا حصل برأيك؟).
هزت بيني كتفيها، وصدر صوت من الداخل: ( ميلي، تفضلي إلي هنا).
انقبضت معدة بيني، ووقفت.
همست شونا: ( حظاً سعيداً).
- شكراً... أشعر بأنني سأحتاج إلي الحظ.
كان لوكاس جالساً وراء مكتبه ورأسه محني يطلع علي ملاحظات ما دونها علي ورقة أمامه. قال لها بحزم من دون أن ينظر إليها حتى: ( أغلقي الباب).
نفذت ما طلبه منها ثم اتجهت نحو المكتب. لم ينظر لوكاس إليها بعد.
قالت بسرعة: ( قبل أن تبدأ بتأنيبي، أود أن أقول لك إني آسفة كنت مخطئة، وأنا أعتذر بشدة).
رمى لوكاس القلم من يده ورجع إلي الوراء. والتقت عينيهما.
صعب عليها أن تعرف ما الذي يجول في فكره. بدا هادئاً للغاية، ولكن صمته هو الذي أخافها. يا ليته صاح وصرخ عليها لكانت تجاوبت معه أكثر! ولكن هذه النظرة التي تراها في عينيه تمزقها في الصميم، فإن كان ينظر لها هكذا الآن، فماذا سيفعل ما إن يعرف أنها ابنة ويليم كينيدي؟
حاولت مجدداً: ( اسمع، أنا آسفة فعلاً! لم أخطط لأنتحل شخصية شخص آخر، ولست بامرأة غير شريفة).
ثني يديه، وسألها بهدوء: ( إذاً، من أنت؟).
قفز قلبها في صدرها وشعرت بركبتيها ترتجفان. جلست علي الكرسي قبالته، وقالت: ( يمكنك أن تناديني بيني!).
رد بسخرية: ( آه! حقاً! وما هذا؟ اسم مستعار آخر؟ هل ستدخل بيني الحقيقية بعد بضعة أيام؟).
ردت بانزعاج:
- لا تكن سخيفاً! اسمع أنا آسفة.... حاولت أن أقول لك أنني لست ميلدريد عندما حضرت إلي مكتبك الأسبوع الفائت، ولكنك لم تمنحني المجال. فقد كنت بحاجة ماسة إلي من يساعدك، أتذكر؟
قال وقد رفع حاجبيه باستغراب:
- آه، وقد أحسنت إلي كذلك؟ فأنت تهوين الأعمال الاجتماعية والخيرية أليس كذلك؟
تنهدت بعجز: ( لا... طبعاً لا. لقد نظرت إلي...و... لا أعرف... وجدت نفسي أغرق في الأكاذيب).
رد بنعومة: ( أظن أن العديد من الفرص قد أتيحت لك كي تخبريني الحقيقة، ولكنك لم تستغلي أية واحدة منها).
احمرت وجنتاها وردت بخجل: ( لا... أنت محق، لم أفعل).
نظر إليها ببرودة: ( إذاً ما الذي منعك من ذلك؟).
ردت: ( أظن أنه الخوف من أن تنظر إلي كما تفعل الآن).
وساد صمت للحظات، وتابعت بصعوبة: ( أنا فقط..).
- بحاجة ماسة إلي العمل.
- لا... كنت سأقول أنني علقت في الوضع. فقد سألتني إن كنت أستطيع البدء بالعمل فوراً، ووجدت نفسي أوافق. كان تصرفاً مجنوناً، فقد كنت واثقة أن ميلدريد الحقيقية ستظهر إن عاجلاً أو آجلا، ولكن...
- ولكن ظننت أنك ستثبتين نفسك حتى مجيئها فيصعب عندها الاستغناء عنك.
ردت وهي تنظر إليه بتلك العينان الخضراوان الخلابتان:
- لم أكن سأقول هذا، وأرجوك توقف عن إنهاء جملي عني.
- اسمعي، لست في وضع يسمح لك بإملاء شروطك علي. حسناً، ماذا جرى؟ هل أرسلت الوكالة في طلبك وعندما وصلت إلي هنا وجدت أن الوظيفة قد منحت لشخص آخر؟ اسمعي، أفهم سبب استياءك، فقد قطعت مسافة طويلة لتصلي إلي هنا. كان حرى بك أن تخبريني الحقيقة، لم يكن يفترض بك تكبد كل هذا العناء للحصول علي الوظيفة، لأنه نظراً للاختيار بينك وبين ميلدريد الحقيقية، فقد كنت لأوظفك أنت حتماً.
- أحقاً؟
شعرت بنبضات قلبها تتسارع واجتاحتها مشاعر متناقضة.
وتساءلت: ( وأين كانت علي أية حال؟).
- التزامات عائلية أجبرتها علي البقاء في باربادوس لفترة أطول مما توقعت.
هز لوكاس رأسه وتابع:
- أتتخيلين؟ طنت أنها تستطع الدخول إلي هنا بعد أيام من التأخير من دون الاتصال للاعتذار أقلة، علي كل حال قلت لها إن الوكالة أرسلت لي شخصاً آخر لأنني لم أستطع انتظارها.
حدقت إليه بيني مذهولة: ( آه! أتعني أنك طردتها؟).
تنهد لوكاس: ( ليس بكل ما للكلمة من معنى! لقد عقدنا اجتماعاً ودياً، وفهمت المعضلة التي أعانيها. حاولت إخباري بأنها أرسلت لي رسالة تخبرني فيها بتاريخ قدومها، ولكنني لم أستلم الرسالة، وعلي كل حال، وبصراحة لقد فات الأوان).
ربت بأصابعه علي المكتب وقد نفذ صبره:
- أتصدقين أنها قالت لي أن عاملة الاستقبال ليست بالفعالية المطلوبة؟ يا لها من وقحة! ما كانت لتناسب العمل في هذا المكتب علي أية حال!
عضت بيني شفتها السفلى: ( إذاً، لن تعود؟).
ابتسم: ( لا، لن تعود! لقد أخبرتك بهذا لتوى!)

smaher
30-10-2009, 12:31
نظرت إليه بيني والذنب يتآكلها. لقد تسببت بأن تفقد المرأة عملها.
- فهمت! أتظن أنك قد تسرعت قليلاً؟ هل تملك رقماً تتصل بها عليه؟
حسم لوكاس الأمر: ( لا أحتاج إلي رقم هاتفها لأنني لن أتصل بها. لذا... أظنني أحاول أن أقول لك أنك إن أردت الوظيفة فهي لك).
جلست بيني صامتة صمت القبور، فهي لم تتوقع هذا.
تابع يقول: ( أنا لا أحب الكذب... بمختلف أشكاله. ولكنني فكرت بالأمر وأفهم سبب استياءك، فقد سافرت كل تلك المسافة لتجدي أن الوظيفة التي أردتها قد منحت لشخص آخر. لذا...).
ووقف عن كرسيه وتوجه نحوها، وأكمل كلامه: ( لقد غضضت النظر عن تصرفك هذه المرة، إذاً ما رأيك؟ هل نبدأ من البداية؟).
كانت بيني مستعدة لوهب حياتها مقابل أن تقول له نعم.... ولكن كيف عساها تفعل هذا؟ فهي لا تنتمي إلي هذا المكان. إنها تنتمي إلي أربودا. مع والدها. أو مع السفينة مع الطاقم... كل هذا كذب.
قالت: ( الأمر أكثر تعقيداً مما تتصور).
- لا، كل ما كان عليك فعله هو إخباري الحقيقة منذ البداية ليس إلا... يا بيني.
قفز قلبها من مكانه فرحاً لسماعه ينادي اسمها. بدا اسمها رقيقاً عذباً... وأجبرت نفسها علي عدم الاسترسال خلف الأفكار الرومانسية التي بدأت تراودها.
- أعلم هذا.
وساد صمت طويل حاولت خلاله استجماع قوتها. عليها إخباره كل شيء. ربما إن وضعت نفسها في تصرفه فسيستجيب لها ويصبر علي والدها. أو لا... ولعل هذا سيزيد الأمور سوءاً بالنسبة لوالدها.
وتجمدت لهذه الفكرة... فالكذب بشأن اسمها أمر سيء... أما الكذب بشأن سبب وجودها هنا، فأمر أسوأ.
- الواقع هو أنني أشعر بذنب كبير لأنني جعلت ميلدريد بانكروفت تفقد وظيفتها.
رد لوكاس بحزم:
- لا تقلقي لهذا الأمر. فلو لم تحضري في الوقت الذي حضرت فيه، كنت سأستدعي شخصاً آخر، فلم أكن سأنتظر أكثر. والآن بعد أن أوضحنا كل شيء، فهل ستبقي هنا وتعملين كمساعدتي الشخصية؟
كان قلبها يخفق بسرعة. رطبت شفتيها بتوتر وأخذت نفساً عميقاً، ثم قالت: ( لا أستطيع يا لوكاس، أنا آسفة).
عبس، ومرت بضعة لحظات قبل أن يقول لها: ( هل تمانعين بإخباري عن السبب؟).
- لدي أسباب شخصية، كما أنني لا أرى بأن الأمور تسير بشكل جيد هنا.
أجبرت نفسها علي الكلام وهي ترتجف كالورقة.
- ألكلامك هذا دخل بالعواطف؟
احمرت للطريقة المباشرة التي طرح فيها السؤال عليها ولأن نظره مسمر عليها أيضاً، قالت:
- لا، طبعاً لا.
- هل أنت واثقة؟
- طبعاً أنا واثقة.
كان قريباً جداً منها، فلو حركت رجلها ستصطدم برجله حتماً.
- أظن أن ما جرى بيننا سيء علي الصعيد العملي، ولكن...
وتوقف عن الكلام عندما رن الهاتف علي مكتبه.
- شونا هلا قطعت الاتصالات عني؟
قاطعته بسرعة قبل أن يتمكن من قول المزيد:
- لا دخل لكلامي هذا بما جرى بيننا، قلت لك... وقد نسيت الموضوع تماماً.
رفع حاجبه وقال ببرودة: ( أحقاً؟).
- نعم.
والتقت عينيهما للحظة قبل أن تشيح بنظرها سريعاً.
قال بلطف: ( بيني؟).
وفيما أشاحت بنظرها بعيداً عنه رفع يده ووضعها علي خدها ورفع وجهها نحوه فأجبرت علي النظر إليه، أسرتها عيناه فشعرت وكأنهما تنفذان إلي عمق روحها.
- هلا بقيت حتى أجد بديلاً عنك؟
جاء السؤال المتعلق بالأعمال غريباً جداً مقارنة بنبرة صوته.
همست وهي تبتعد عنه: ( لا أظن أنني أستطيع).
بالرغم من أنه لم يعد يلمسها، ما زالت تشعر بدفء لمسته علي وجهها. سمع قرع عند الباب:
- سيد داريان، إنه الاتصال الذي كنت تنتظر وروده من أربودا.
وجال نظر شونا علي بيني ولوكاس ولاحظت أنه ليس جالساً إلي مكتبه بل هو واقف قربها.
رد لوكاس بهدوء: ( قولي له إنني سأتصل به).
- أظن بأن الاتصال هام، فقد بدا مضطرباً وأصر علي الحديث معك.
رد لوكاس بحزم: ( قولي له إنني سأتصل به بعد قليل).
خرجت شونا وأغلقت الباب.
سأل لوكاس بيني كما لو أن أحداً لم يقاطع حديثهما:
- إذاً، هل ستخبرينني عن سبب رفضك؟
أخذت بيني نفساً عميقاً والتزمت بالحقيقة قدر ما استطاعت:
- يعاني والدي مشكلة كبيرة وعلي الذهاب إلي المنزل لمساعدته.
لم يقل لوكاس شيئاً بل اكتفي بالنظر إليها، فتابعت:
- أخبرتك عنه، أتذكر؟
- نعم، أذكر.
وقف عن حافة المكتب وعاد إلي كرسيه وقال:
- حسناً سأمهلك بضعة أسابيع لتحلي المسألة مع والدك، ثم أريدك أن تعودي.فعندي عمل كثير في منتصف الشهر المقبل، فهل تستطيعين العودة قبل هذا التاريخ؟
ترددت بيني، ثم هزت رأسها. ما من جدوى من مناقشة هذا الموضوع فقد حجزت علي متن الرحلة المتوجهة إلي أربودا هذا المساء، وهي لن تعود إلي هنا.
وغيرت الموضوع فسألته: ( في أية ساعة تريدني أن أصطحب إيزوبيل للتسوق؟).
نظر إليها لوكاس: ( ظننت أنه بمقدورنا المغادرة باكراً واصطحابها من المدرسة).
سألت مفاجئة: ( هل أنت قادما معنا؟).
ابتسم: ( طبعاً أنا قادم، فأنتما بحاجة إلي من يقلكما ويحمل الأكياس، أليس كذلك؟).
رن جرس الهاتف مجدداً، ثم توقف إذ أجابت شونا ثم دخلت المكتب مجدداً وقالت بنبرة يائسة:
- إنه المقاول مجدداً.
تناول لوكاس سماعة الهاتف:
- مرحباً جون، كيف حالك؟ أجل أعتذر فقد كنت في اجتماع هام مع واحد من طاقم الموظفين لدي.
ونظر إلي بيني مبتسماً. لم تبادله الابتسام، فقد كان الذنب يتآكلها لأنها كذبت عليه. إلا أنه لا يشعر بالذنب أبداً لما يفعله بوالدها.
أبعدت كرسيها عن المكتب. فكلما أسرعت في الابتعاد عنه ونسيانه كلما كان ذلك أفضل.
* * *
نهاية الفصل الثامن

smaher
30-10-2009, 12:36
9 – لو يتوقف الزمن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دارت إيزوبيل المرة تلو الأخرى وهي ترفع يديها إلي الأعلى وترتدي فستاناً أبيض طويل، وشعرها الأسود يدور ويهتز.
سألت متحمسة: ( ما رأيك يا ميلي؟).
- رأي أنك ستشعرين بالدوار وتقعين أرضاً. قفي جامدة للحظة.
فعلت الطفلة ما طلبته منها بيني. بدت كملاك صغير. كانت حاشية الفستان رائعة وأكمامه القصيرة المطرزة أضفت عليه رونقاً وجمالاً. رفعت إيزوبيل رأسها نحو بيني، وقد أزهرت وجنتاها ولمعت عيناها وهي تبتسم متوترة، وسألت: ( ما رأيك؟).
- أظنك تبدين أروع أميرة جنية في العالم.
ابتسمت بيني ثم انحنت وقبلت جبين الطفلة.
عانقتها إيزوبيل بحرارة وقالت: ( انتظري حتى تري جينا فريدريك فستاني).
- ستندهش كثيراً، وكما أظن فإن والدك سيندهش أيضاً.
- أنا مندهش فعلاً.
قال لوكاس هذا، وقد فاجئهما ظهوره خلفهما. فقد أطل برأسه من الباب المؤدي إلي غرفة تغيير الملابس.
قالت إيزوبيل
وهي تهز إصبعها نحوه رافضة تصرفه هذا:
- لا يسمح لك بالدخول إلي هنا أبي، فهذا المكان مخصص للفتيات فحسب.
- لا أظنني سأري شيئاً لا يفترض بي رؤيته. هيا أخرجي حتى ألقي نظرة كاملة علي الفستان، فقد بدأت أشعر بالوحدة هنا.
وخرجت إيزوبيل إلي الردهة الرئيسية في المحل، وأثارت إعجاب العاملات في المحل اللواتي أتين يتفرجن علي الفستان.
قالت بيني للوكاس وهي تقف بجانبه وإيزوبيل تتبختر أمام المرآة:
- تبدو رائعة أليس كذلك؟
وافق لوكاس علي كلامها ثم ابتسم لبيني: ( نعم، أنها رائعة. كما أنك محقة، فهذا الفستان يستحق عناء البحث عنه في مختلف المحال التجارية في المنطقة).
- أنت تتعلم بسرعة.
ضحكت بيني. فقد تذمر لوكاس عندما رفضت الآنستان الفستان تلو الآخر. وأوشك أن يوقف عملية التسوق إذ أنهما تنقلتا من محل إلي آخر. ولكن بيني أصرت علي أن تجد بيني فستانها اليوم بالذات. فقد أرادت أن تصعد إلي الطائرة، وهي تعلم بأنها أنجزت شيئاً من رؤيتها، حتى ولو كان هذا الشيء صغيراً كإسعاد فتاة.
قالت بيني بخفة ومزاح:
- عليك أن تتمتع بالقدرة علي التحمل عندما ترافق الفتيات للتسوق، أليس هذا صحيحاً يا إيزوبيل؟
أومأت إيزوبيل فرحة، رد لوكاس بحزم:
- حسناً، لقد أثبت وجهة نظرك ولكن حان وقت تناول الطعام الآن، ثمة مطعم صغير ممتاز علي مقربة من هنا.
قاطعته إيزوبيل:
- ولكنني لم أشتر الجناحين بعد يا أبي، لا أستطيع أن أكون أميرة جنية من دون جناحين.
ردت بيني :
- لا أظن أننا سنتمكن من إيجاد الجناحين في متجر ما. اسمعي ماذا سنفعل، سنجد محلاً لبيع السلع الصغيرة ونشتري من عنده بعض الأسلاك المعدنية والأدوات وسأصنع لك جناحين رائعين.
رد لوكاس: ( ما من نهاية لمواهبك، أليس كذلك؟).
ردت بيني تمازحه مبتسمة: ( لا، لا أظن هذا).
بادلها الابتسام، وما إن التقت عينيهما حتى شعرت بأن قلبها توقف عن الخفقان. فأشاحت بنظرها بسرعة. لا يمكن لها السماح لنفسها بالتفكير بمدى وسامته... لأنه يستحيل عليها أن ترتبط به، فهو لوكاس داريان. وشعرت بألم يعصر قلبها.
سألت إيزوبيل بقلق: ( متى ستصنعين لي الجناحين؟).
وعدت بيني: ( الليلة).
قال لها لوكاس: ( لست مضطرة إلي صنعها بهذه السرعة، فالمسرحية بعد ثلاثة أسابيع).
- حتى ولو كان هذا صحيحاً، فيستحسن الانتهاء منهما الآن.
أومأت الفتاة فرحة. واقترح لوكاس:
- حسناً، بما أنك ستكونين منهمكة في تحضير زى ابنتي، فما رأيك لو أحضر لنا العشاء في المنزل؟
ترددت بيني. كانت خطتها أن تقضي بأن تصنع الجناحين لأيزوبيل في غرفتها في الفندق، ثم تتركهما علي عتبة باب لوكاس وهي في طريقها إلي المطار. ولكن بدا من المنطقي أكثر أن تصنع الجناحين في منزله ثم تغادر.
قالت بيني: ( حسناً اتفقنا).
وبعد حوالي نصف الساعة عادوا جميعاً إلي منزل لوكاس وهم يحملون الكثير من الأكياس.
قال لوكاس وهو يضع الأغراض في المطبخ:
- لا أعلم رأيك لكنني أحتاج فعلاً إلي شراب منعش، ما رأيك بكوب من عصير الليمون البارد؟
- شكراً أود ذلك كثيراً.
تناولت بيني الكيس الذي وضع فيه فستان إيزوبيل وناولته لها:
- يستحسن بك الذهاب لتعليقه في الخزانة قبل أن يتجعد.
ردت الفتاة فرحة: ( نعم ميلي).
- إيزوبيل؟
توقفت الفتاة واستدارت، فقالت لها بيني:
- يمكنك مناداتي بيني إن شئت، فهكذا يناديني أصدقائي.
أخذت الفتاة تفكر للحظة، ثم أجابت:
- أفضل أسم ميلي، هل أستطيع الاستمرار بمناداتك ميلي؟
ردت بيني مندهشة: ( نعم، إن شئت).
- جيد.
ابتسمت الفتاة وغادرت راكضة.
تمتم لوكاس: ( أتساءل عن السبب وراء هذا؟).
تنهدت بيني: ( لا أدري، لعلها تستغرب مناداتي باسمين مختلفين).
رد لوكاس ممازحاً: ( لا أستغرب هذا، فقد شعرت بالضياع لمناداتي عليك باسمين مختلفين!).
- حسناً، أعتذر عن هذا.
- لا بأس، لكن آمل أن لا تمانعي إن ناديتك ميلي سهواً. فأنا أميل إلي التفكير بك تحت اسم ميلي.
طمأنته وقد ارتسمت علي شفتاها شبه ابتسامة: ( إن زل لسانك فسأسامحك).
ولكن عندما التقت عينيهما مجدداً، شعرت كأنها فقدت اتزانها.
ابتسم لها وقال: ( شكراً لك لأنك ساعدت إيزوبيل اليوم. لا أعلم ما كنا لنفعل من دونك).
- أنا علي ثقة من أنك كنت لتتدبر أمرك.
استدارت وحاولت إلهاء نفسها في التفتيش في الأكياس الموضوعة علي الطاولة، ثم قالت:
- أظن بأنه علي البدء بصنع زى إيزوبيل.
- يمكنك العمل علي هذه الطاولة إن شئت.
قال هذا وهو يساعدها علي إفساح المجال علي الطاولة وإزاحة الأكياس جانباً.
- لا أريد اعتراض الطريق وإلهاؤك عن الطهي.
- لا تخافي لن تعترضي طريقي. كما أنني بحاجة إلي بعض الدعم المعنوي، فأنا لا أجيد الطهي كثيراً. في الواقع لقد حرقت عشاءنا البارحة ولم أكن أحضر سوى الهمبرجر والسلطة.
- ماذا أحرقت اللحم أم الخس؟
- لست عديم الخبرة إلي هذا الحد، ولأثبت لك كلامي، سأحضر تحفة فنية هذا المساء. كل ما أحتاجه هو شاهد... وبعض النصائح أيضاً.
- أنت تسأل الشخص الخطأ، فأنا لست بطاهية ممتازة.
خلع لوكاس سترته وطوي قميصه واستعد للبدء بالعمل. أما هي فشغلت نفسها بإحضار المواد التي تحتاجها كيلا تنظر إلي لوكاس الذي يبدو خلاباً.
سألت محاولة تغيير الموضوع: ( كيف حال السيدة غوردن؟).
- إنها بخير، لقد اتصلت بالمستشفي هذا الصباح وقالوا لي بأنها نامت جيداً أمس. وقد أخبروني بأنها قد لا تحتاج لإجراء عملية لوركها وبأن العلاج الفيزيائي كفيل بجعلها تتحسن. ولكن عليها أن ترتاح لبضعة أسابيع.
- ستشتاق إليها حتماً.
فتح لوكاس البراد وتناول بعض الخضار، ثم رد:
- أتمزحين؟ سآخذ إيزوبيل لزيارتها مساء غد. تعالي معنا إن شئت.
- هذه ليست بفكرة سديدة، لعلها ليست مستعدة لاستقبال هذا العدد من الزوار دفعة واحدة.
- حسناً سأستعلم وأخبرك غداً.
غداً ستكون في أربودا. وقد لا ترى لوكاس أو إيزوبيل بعد ذلك. سألته محاولة تسليط الضوء علي السبب الذي يحول دون بقائها هنا: ( إذاً كيف تجرى معاملات إخلاء المنزل في أربودا؟ لقد قضيت وقتاً طويلاً علي الهاتف اليوم!).
- هذا بسبب وجود الكثير من الأمور التي تستوجب الحل.
- هل أرسل سلفادور أمر الإخلاء بعد؟
- تبدين معارضة جداً للموضوع.
توقف عند الطاولة، وعندما لم تجبه أو تنظر ناحيته، تقدم منها ووضع يده علي ذقنها يرغمها علي النظر إليه.
قالت بحذر: ( أنا أعارض هذا الموضوع، فقد سبق أن أخبرتك هذا).
- وأنا أيضاً قلت لك أنها مجرد أعمال. فالاستحواذ علي أملاك أحدهم ليس بالأمر الجميل لكنه واقع.
ابتعدت عنه غاضبة. ولكن في الواقع كانت غاضبة أكثر من نفسها، لأنها وبالرغم من موضوع الحديث المزعج، فهي تشعر بالانجذاب نحوه وتتوق إليه. وصدمت لأنها ما زالت تشعر بهذا بالرغم من معرفتها بأن نهاية والدها قد حانت...
حاولت إخفاء مشاعرها المضطربة فأرادت إنهاء الموضوع بقولها:
- علي كل حال ألم نتفق علي أن يحتفظ كل واحد منا برأيه الخاص بهذه المسألة؟
رد فجأة: ( أظنك تشعرين بالسوء حيال هذه القضية لأنك قلقة علي والدك بسبب المشاكل المادية التي يعانيها).
نظرت إليه بحدة. أتراه يعرف الحقيقة؟ وخافت لمجرد التفكير بالموضوع:
- - أنا أعارض الموضوع بشدة لأنني أعتقد أن ما تفعله خطأ.
- أنت تتظاهرين بالتقوى بشكل مبالغ فيه.
عبست وتمتمت: ( حسناً قلت لك إني آسفة، فأنا لم أتعمد أن أكذب أو أجرح مشاعر أحد).
- اسمعي بيني، لقد أوكل إلي والدي مهمة وأنا أنجزها.
وفكرت: والدم لا يستحيل ماءً أبداً. فإن قالت له إن والده غشاش فلن يلين قلبه، بل ستضيع وقتها فحسب.
ولحسن الحظ، دخلت إيزوبيل في تلك اللحظة.
سألت مسرورة: ( ماذا سنتناول للعشاء يا أبي؟).
- خضار مطبوخ وشرائح لحم.
- هل أستطيع تناول شرائح البطاطا؟
- لا، لا تستطيعين.
حزنت إيزوبيل، ثم أخبرت بيني وهي تصعد إلي المقعد لتجلس قربها إلي الطاولة:
- أحرق أبي العشاء مساء أمس، وكان طعمه رهيباً.
- نعم شكراً لك أيتها الواشية.
وداعب لوكاس شعرها فضحكت.

smaher
30-10-2009, 12:43
ساد الصمت لبعض الوقت وأكمل لوكاس تحضير العشاء في حين جلست إيزوبيل تراقب بيني.
وسألت إيزوبيل بيني فجأة: ( هل تحبين أبي؟).
فاجأ السؤال بيني: ( حسناً... نعم).
ردت الفتاة مسرورة: ( وهو أيضاً يحبك، أليس كذلك يا أبي؟).
نظرت بيني إلي لوكاس والتقت عيناهما. في حين شعرت بالإحراج من سؤال إيزوبيل، لم يبد هو مسروراً.
- حسناً، في معظم الأوقات. فقد كان بوسعي الاستغناء عن مفاجأة هذا الصباح.
سالت إيزوبيل: ( أية مفاجأة؟).
أطفأ لوكاس الفرن: ( لا تقلقي لهذا، سأقدم العشاء الآن. كم تحتاجين من الوقت بعد يا بيني؟).
- أوشكت علي الانتهاء.
وألصقت بيني القطعة الأخيرة من الشبك.
- سنتناول العشاء في غرفة الطعام، تعالي وساعديني علي إعداد الطاولة يا إيزي.
كان لوكاس علي وشك نقل الطعام إلي الغرفة الأخرى عندما رن الهاتف.
- هلا تلقيت المكالمة عني يا بيني! قولي للمتصل بأنني سأعاود الاتصال به بعد العشاء.
كانت إيما، وقد ظهرت منزعجة عندما سمعت صوت بيني، فقالت لها: ( أتعملين حتى وقت متأخر؟).
- كنت أساعد إيزوبيل علي إعداد زيها لمسرحية المدرسة.
- آه فهمت.
- لوكاس يحضر العشاء، فهل يستطيع الاتصال بك لاحقاً؟
- أردت فقط إخباره أن ماريا ذهبت إلي المستشفي لتلد، نقلها سلفادور إلي هناك بعد الظهر.
- هذه أخبار رائعة. آمل أن يسير كل شيء بخير معها!
- نعم، وأنا أيضاً. وهلا قلت للوكاس شكراً نيابة عني علي باقة الأزهار. إنها رائعة. سأتصل به غداً فأنا ذاهبة إلي السينما الآن.
- حسناً، سأخبره.
أغلقت بيني سماعة الهاتف، وراحت تفكر. إن كان لوكاس يرسل الأزهار لإيما، أيعني هذا أنه يريدها أن تعود إليه؟
ناداها لوكاس من الغرفة الأخرى: ( بيني، بدأ عشاؤك يبرد).
- عذراً.
قالت هذا وهي تدخل غرفة الطعام وجلست في المقعد المقابل لمقعده: ( اتصلت إيما، قالت إن ماريا في المستشفي، لقد دخلت في المخاض).
رد لوكاس: ( أرجو أن تكون ولادتها سهلة وأن يسير كل شيء علي خير ما يرام).
- نعم، وأنا أيضاً.
ونظرت بيني إلي الطعام الموضوع أمامها: ( يبدو الطعام لذيذاً).
قالت إيزوبيل: ( لكانت رقائق البطاطا ألذ طعماً، فهي أكلتي المفضلة خاصة إن أكلتها مع الكاتشاب).
قال لوكاس وهو يهز رأسه:
- ذوق ابنتي في الطعام ممتاز، ألا تظنين هذا يا بيني؟
- بالطبع.
وغمزت بيني إيزوبيل، ثم عادت فحولت انتباهها إلي لوكاس:
- آه، وطلبت إيما أن أشكرك نيابة عنها علي باقة الأزهار. قالت إنها رائعة، وستتصل بك غداً لأنها ذاهبة إلي السينما الآن.
أومأ لوكاس: ( يسرني أن الأزهار أعجبتها).
تلاعبت بيني بالطعام في صحنها. صحيح أنها كانت تشعر بالجوع لكن قابليتها قد انقطعت. فالتفكير بعودة لوكاس وإيما معاً أشبه بسكين يقطع أحشائها. ومعرفتها بأن ما تشعر به ما هو إلا سخافة، زاد من سوء الأمور.
سأل لوكاس: ( كيف تجدين طهوي؟).
- يفاجئني أنه لذيذ.
وابتسمت له ثم أردفت: ( الطعام لذيذ فعلاً. لكانت السيدة غوردن ستفتخر بك).
وصرخت إيزوبيل فجأة: ( إنها تمطر يا أبي).
نظروا جميعاً إلي النافذة. كان المطر ينهمر بقوة إلي حد أنه أوشك علي حجب منظر الحديقة.
- آه! يا إلهي! آمل ألا يستمر المطر لفترة طويلة وإلا تبللت وأنا في طريقي إلي الفندق.
اقترح لوكاس: ( يمكنك أن تبيتي الليلة هنا).
ردت بسرعة: ( لا، لا بأس، سأكون بخير).
ولكنها لم تستطع منع نفسها من النظر ناحيته وهي تكلمه. أهو يدعوها لتشاركه فراشه أو أنه يعرض عليها النوم في الغرفة الإضافية ليس إلا؟ لم تكن متأكدة. ولكن في كلتي الحالتين عليها ألا تبقي وترفض عرضه.
- في الواقع، سأساعدك علي إعادة ترتيب غرفة الطعام ثم علي الاتصال بسيارة أجرة. إذ يتعين علي إجراء بعض الاتصالات الهاتفية من الفندق.
أرغمت نفسها علي قول هذه الكلمات وادعاء البرودة.
أومأ لوكاس: ( كما تشائين).
سألت إيزوبيل: ( أبي، هل أستطيع الانصراف؟).
نظر إلي المائدة ليري كمية الطعام التي تناولتها.
- حسناً، ولكن الوقت يتأخر الآن، عليك الاستعداد للنوم.
- هل ستأتي لتضعني في السرير؟
رد لوكاس مبتسماً: ( ألا أفعل هذا عادة؟).
- بلي، ولكنني أفضل أن تأتي ميلي... فهل تأتين لتضعيني في السرير يا ميلي؟
ردت بيني بنعومة وقد تأثرت بطلب الطفلة: ( إن شئت ذلك).
- وحتى ذلك الوقت، أذهبي للاستحمام أيتها الآنسة الصغيرة.
وقام ليأخذ الصحون عن الطاولة.
قالت بيني: ( دعك من هذا يا لوكاس، سأهتم به وأذهب لمساعدة إيزوبيل).
- شكراً لك.
وفيما اختفي الأب وابنته وصعدا إلي الطابق العلوي، حملت بيني صحون الطعام وتوجهت إلي المطبخ. كانت تسمع ضحكة إيزوبيل وابتسمت لذلك وهي تضع الصحون في الجلاية.
وتساءلت كيف ستكون الأمور إن أصبحت جزءاً من حياتهما؟ إن عاشت معهما هنا كعائلة؟
سمحت لنفسها بالحلم قليلاً وهي تراقب هطول المطر. حضر فلينت وبدأ ينبح يريد الخروج فشتت انتباهها:
- هل أنت واثق أنك تريد الخروج فالطقس ممطر؟
نبح الكلب مجدداً، ففتحت له الباب. وتراجع إلي الخلف ما أن رأي المطر. ابتسمت بيني:
- لا تقل أنني لم أحذرك.
وبعد بضع لحظات من التردد، خرج الكلب إلي الشرفة ثم إلي الحديقة. وما هي إلا ثوان حتى تواري عن نظرها.
نادت بيني: ( فلينت، هيا يستحسن بك الدخول).
ولكن لم يظهر الحيوان، فخرجت إلي الشرفة: ( فلينت، تعال!).
بدأ الضوء يتلاشي، والظلمة تهبط بسرعة. كانت رائحة المطر نضرة منعشة، وبالرغم من أن الطقس ما زال حاراً، فالحرارة متدنية مقارنة بالأيام الأخرى.
استندت بيني إلي الباب وأخذت نفساً عميقاً.
- منظر المطر رائع هنا، أليس كذلك؟
استدارت وإذ به يقف في المدخل.
- نعم منظر رائع ومريح للأعصاب، كنت أنتظر فلينت، لقد خرج بشجاعة إلي الحديقة.
مشي لوكاس ووقف قربها: ( يحب فلينت برودة الطقس، وأنا أيضاً. إذ يبدو وكأن كل شيء قد غسل واستحال نظيفاً، أليس كذلك؟).
خيم الصمت لبعض الوقت ولم تسمع إلا طقطقات المطر علي السقف فوقهما.
سألها فجأة: ( هل ننسي خلافنا؟).
هزت رأسها، وتابع: ( أنا لا أظن بأنك تدعين التقوى. كل ما في الأمر أنك تغضبين بسرعة وأنت عنيدة أحياناً).
استدارت نحوه وقد رفعت حاجبها:
- عنيدة؟ وكيف وصلت إلي هذا الاستنتاج؟
- حسناً، أنت لا تعترفين بأنني محق. بالرغم من أنني كذلك في معظم الأوقات.
- أنت تحلم.
هزت رأسها وأشاحت بوجهها بعيداً عنه.
- بيني؟
نظرت إليه بتساؤل.
- هل أنت بخير؟
- نعم لماذا؟
- جيد... يسرني أننا ما زلنا صديقين.
وأثارت ابتسامته الممازحة جنونها. لعلهما هنا في المنزل صديقين، ولكن في العالم الحقيقي، فهو لن يكون إلا عدو والدها. وهي تنظر إلي عينيه، تمنت لو يستطيعان البقاء هكذا إلي الأبد، بعيدين عن العالم، وأملت لو يتوقف الزمن عند هذه اللحظة.
عاد فلينت راكضاً نحو الشرفة، وقبل أن يتسنى لهما الابتعاد، نفض الماء عنه بقوة. فصرخا صرخة واحدة عندما تبللا من الماء:
- فلينت!
ثم قال لوكاس وهو يمسح الماء عنه:
- شكراً جزيلاً يا سيد فلينت.
نظر إليه فلينت بعينين غير مباليتين ونفض الماء عن جسمه مجدداً فضحكت بيني إذ أنها كانت قد ابتعدت قليلاً عنه.
نظر إليها لوكاس وابتسم ساخراً:
- مضحك جداً، أنظري إلي أنا مبلل.
ردت بيني وهي تضحك أكثر:
- سيعلمك هذا أن لا تعتبر نفسك دائماً محقاً.
- حذار، اسحبي ما قلته فوراً. فأنا أتوقع طاعة وخضوعاً من موظفي.
- إذاً أظنك حصلت علي الموظفة الخطأ.
- لعلك محقة.
واقترب منها وقد ظهرت في عينيه نظرة ساحرة.
قالت مبتسمة وهي تبتعد عنه:
- علي كل حال، يستحسن بي الصعود لأضع إيزوبيل في السرير.
- آه لا... لن تفعلي.
وأمسك بها قبل أن تصل إلي الباب ثم وضع يده علي الحائط خلفها واحتجزها قريبة منه، قال:
- قبل أن تلوذي بالفرار، أظن أن عليك الاعتذار.
- الاعتذار علي ماذا؟ علي وقوفي إلي صف فلينت؟
- لا، علي كونك صعبة المنال والمراس!
- أنا! لا بد أنك تتحدث عن نفسك!
ورفعت نظرها بخفة.
- هذه فرصتك الأخيرة، يستحسن بك أن تعتذري، وإلا....
وجال بعينيه علي وجهها وفجأة تبدل مزاجهما وتحول من مزاح إلي مشاعر قوية. وما إن أحنى رأسه حتى مدت كتفيها ووضعتهما علي كتفيه، ثم طوقت عنقه.
وتلاشت الأفكار المنطقية كلها في تلك اللحظات، وأرادت أن تغرق بين ذراعيه.
بدا وكأن صوت المطر قد طغي علي صوت عـقـلها الذي يقول لها بأن ما تفعله خطأ.
ابتعد عنها وتركها مقطوعة الأنفاس.
همست: ( لا يفترض بنا أن نفعل هذا؟).
ابتسم لها: ( ولم لا؟).
- لأن..
لأن هذا التصرف خاطئ.
- لأن هذا سيعقد علاقة العمل التي تجمع بيننا. وعلي كل حال ألم ترسل الأزهار لتوك لإيما؟ أتظن أنه من اللائق أن تعانقني وتلاحقها في الوقت عينه؟
ابتسم: ( هل تشعرين بالغيرة؟).
- لا، طبعاً لا.
جعل سؤاله المغرور الدم يغلي في عروقها، ولكنه محق. إنها تغار من إيما بالرغم من أنه لا يحق لها أن تغار.
- علي كل حال، يستحسن أن أذهب. لا أريد إبقاء إيزوبيل منتظرة. فهلا اتصلت بسيارة أجرة لتأتي وتصطحبني؟
- إن كانت هذه رغبتك.
لم تكن هذه رغبتها، نظرت إليه وشعرت بأن قلبها سينفجر. وبسرعة عادت إلي الداخل.
كانت إيزوبيل في السرير تحمل في يدها الدب الصغير. جلست بيني علي السرير قربها.
قالت إيزوبيل: ( شكراً لأنك اصطحبتني للتسوق اليوم يا ميلي).
ردت بيني بصدق: ( لقد استمتعت بذلك، كما أنك بدوت رائعة بذلك الفستان).
أومأت الفتاة، وقالت بفخر: ( لقد حصلت علي أجمل فستان في العالم).
وافقتها بيني الرأي مبتسمة: ( أظنك فعلت).
مدت يدها وأزاحت خصلة من شعرها عن وجهها، وفيما تفعل هذا أيقنت أنها لا تتمني الآن لإيزوبيل ليلة سعيدة وحسب بل تودعها أيضاً، فشعرت بقلبها يغرق في الحزن.
- أنا واثقة من أنك ستكونين الفتاة الأجمل في المسرحية. والآن هيا إلي النوم.
وانحنت وقبلتها علي جبينها.
سألتها الفتاة فجأة قبل أن يتسنى لها أن تقف:
- ميلي، هلا أتيت وحضرت المسرحية؟
عضت بيني شفتيها: ( لا أظن ذلك يا عزيزتي).
وعبست إيزوبيل: ( ولم لا؟).
- لأن...
وتوقفت للحظة عن الكلام ثم قررت إخبارها بالحقيقة:
- لأنه يتعين علي العودة إلي منزلي ورؤية والدي لفترة لأنه بحاجة إلي.
- آه!
بدت إيزوبيل وكأنها علي وشك أن تبكي. فتابعت بيني:
- لكن هذا لا يعني أبداً أنني لا أريد حضور المسرحية، فلو أتيحت لي الفرصة، كنت لأفرح كثيراً بمشاهدة المسرحية، ولكن أحياناً لا تجري الأمور كما نريد. كما أنني قلقة علي والدي فهو بمفرده. أنت تفهمين ما أحاول قوله أليس كذلك؟
أومأت إيزوبيل: ( مثلي ومثل والدي؟).
- نعم، تقريباً... لكنني سأفكر فيك وأتساءل كم ستبرعين في أداء دورك.
- وأنا أيضاً سأفكر بك.
وضمت الدب إليها بشدة.
سألت بيني وهي تغادر: ( هل أطفئ الضوء؟).
- لا، أحب إبقاء الضوء مضاء، أراك غداً يا ميلي.
- عمت مساءً إيزوبيل وأحلاماً سعيدة.
وهي تخرج من الغرفة رأت ظل لوكاس عند الباب.
سأل بصوت منخفض وهو يغلق الباب خلفه: ( لمَ لن تحضري المسرحية؟).
- قلت لك... أنا ذاهبة إلي المنزل.
بدأت تبتعد عنه وصولاً نحو السلالم. شعرت بحاجة ماسة إلي أن تغادر هذا المكان بأسرع وقت ممكن وإلا ستبدأ بالبكاء، فتوديع إيزوبيل كان أصعب مما توقعت. ولكن قبل أن تتمكن من الابتعاد كثيراً، أمسك لوكاس بيدها.
- أتعلمين أن مسرحية إيزوبيل بعد ثلاثة أسابيع؟ ظننتك قلت أنك ستعودين قبل هذا الوقت.
قربها منه فاضطرت للنظر إليه.
- أحقاً؟ حسناً أظنني سأحضر ولكن لم أرد أن أقوم بوعود قد لا أتمكن من إيفائها.
- ولكنك لا تمانعين أن تعديني ولا تفي بوعدك. ماذا يجري يا بيني؟
- قلت لك أنا قلقة بشأن والدي.
- هكذا فقط؟
- هذا يكفي... صدقني. هل اتصلت بسيارة أجرة لتأتي لاصطحابي؟
- ماذا تظنين؟
- أظن بأنه كان يفترض بك أن تفعل.
نظر إليها غاضباً: ( هل هذا ما تريدينه؟).
تريد... لو يعرف ماذا تريد!
وقالت بإصرار: ( نعم).
فقال: ( إذاً اذهبي!).
* * *
نهاية الفصل التاسع

smaher
30-10-2009, 12:50
10- باق من العمر خفقة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت الساعة حوالي العاشرة عندما غادرت ونظرت نظرة أخيرة إلي لوكاس الواقف عند الباب من نافذة سيارة الأجرة وهي تبتعد بها بعيداً.
وبعد لحظات نظرت إلي الأمام وسمرت نظرها علي الطريق. والدها يحتاج إليها، وولاءها الأول هو له. لن تنظر إلي الوراء بعد الآن. أصبح لوكاس وإيزوبيل من الماضي.
تأخرت رحلتها، وكان ذلك لصالحها لأنها ما كانت لتلحق بها لو طارت في موعدها، ولكن لسوء الحظ، تأخرت الرحلة أكثر مما توقعت وقضت الليل بطوله تحدق إلي الشاشات تنتظر الإعلان عن موعد الرحلة.
كان النهار قد طلع عندما حطت أخيراًَ علي أرض أربودا. وشعرت بالغرابة عندما أحست بالحرارة صباحاً. لم يتغير شيء علي جزيرتها الصغيرة، فكما لو أن الزمن قد توقف، حتى أنها وجدت سائقي سيارات الأجرة نفسهم يدخنون ويضحكون منتظرين الركاب.
وهي تصعد في سيارة الأجرة التي ستنقلها إلي المحطة الأخيرة من رحلتها، شعرت بالتعب والوهن. أرجعت رأسها إلي الخلف وأغلقت عينيها، وتزاحمت في رأسها ذكرياتها مع لوكاس. ماذا سيفكر عندما يكتشف أنها غادرت؟ وعندما سيقرأ رسالتها التي أخبرته فيها عن عدم عودتها وعن مدى أسفها لما آلت إليه الأمور؟
حاولت عدم التفكير بالأمر. لن يعرف كيف خدعته، ولن يكتشف هويتها الحقيقية... فقد حرصت علي أن تمحي كافة السجلات التي تحمل اسمها في الفندق. فقد تفهمت عاملة الاستقبال موقفها. أما الرجل الذي يعمل أيضاً علي مكتب الاستقبال فبدا أكثر تشكيكاً عندما أطلعته علي الرواية نفسها هذا الصباح، ، لكنها عادت وأعطته بضع دولارات فأومأ وهز كتفيه. وبما أنها لم تعطهم عنوانها في أربودا، ظنت أن سرها بات بأمان.
ولكن حتماً لوكاس لن يبحث عنها. لا بد أنه سيكون منشغلاً جداً فقد تركته في زحمة العمل.
توقفت سيارة الأجرة أمام منزل والدها، ولاحظت أن قصب السكر ما زال مزروعاً في الحقول.
بدا المنزل مهملاً بشكل يثير الحزن في القلب. سألت بيني وقد اقتربت من سائق سيارة الأجرة:
- هل رأيت والدي مؤخراً يا جوشوا؟
- لا آنستي.اضطر إلي صرف بعض عماله، وقد سمعت من السيدة غيلنغهام أن حاله سيئة. فهي تحضر له حساء الدجاج، وتساعده علي قدر استطاعتها.
انقبض قلب بيني. فإن كان والدها يقبل مساعدة السيدة غيلينغهام فلابد أنه بحالة مزرية السيدة غيلنغهام جارة والدها، أرملة تمر أحياناً لرؤيته بالرغم من انزعاجه منها. فهو لا يطيق رؤيتها ويتذمر منها بصوت مرتفع.
- شكراً جوشوا.
وما إن توقفت السيارة حتى قفزت بيني ودفعت للسائق وركضت باتجاه المنزل.
- أبي؟
نادت بصوت مرتفع من عند الباب الأمامي. بدا المكان مرتباً ونظيفاً، وقد استغربت الأمر لأنها كلما أتت في إجازة قضت وقتها تنظف المنزل وترتبه.
- أبي، هل أنت بخير؟
فتح الباب المؤدي إلي المطبخ وخرجت السيدة غيلينغهام. إنها امرأة ممتلئة الجسم في الستينات لها وجها جميل ضحوك.
- آه، هذه أنت عزيزتي. تساءلت عن من حضر في سيارة الأجرة. والدك فوق في سريره. لقد تعرض لحادث منذ بضعة أيام...
سألت بيني قلقة: ( أي نوع من الحوادث؟ هل هو بخير؟).
- تعرض لحادث سيارة وكسر رجله. كان الرجل المسكين في وضع سيء للغاية.
- آه، لا! شكراً لك سيدة غيلينغهام.
وصعدت بيني ركضاً تهرع لرؤية والدها.
وجدته مستلقيا علي سريره يقرأ الجريدة. وضع الجريدة جانباً عندما رآها وصدمت لرؤيته ضعيفاً إلي هذا الحد. لقد اختفي اللون من وجهه وخسر الكثير من الوزن منذ رأته في زيارتها الأخيرة منذ بضعة أشهر.
اقتربت منه تعانقه: ( أبي هل أنت بخير؟).
ابتسم لها بحنان وهي تبتعد قليلاً عنه.
- لقد أصبحت أفضل الآن بعد أن رأيتك. أين كنت؟ لقد حاولت الاتصال بك عبر شركتك فقالوا لي أنك في إجازة.
ردت بيني وقد تملكها الشعور بالذنب: ( كان لدي بعض الأعمال. كان بوسعك الاتصال بي علي هاتفي الخلوي).
- لقد أضعت الرقم، لا أعلم أين وضعت دليل الهاتف؟
- آه يا أبي، ماذا سأفعل بك؟
- والأسوأ من هذا أظنني خسرت المنزل.
- هل تلقيت أمر الإخلاء؟
هز والدها رأسه نفياً: ( ولكنني قد أتلقاه في أية لحظة الآن. فأنا عاجز عن تسديد الدفعات الكبيرة التي يطالبني بها لوكاس داريان. وقد اضطررت إلي صرف بعض العمال، مما يعني أنني لن أحصد محصول السكر في أوانه، وبالتالي سيتراكم ديني).
قالت بيني والأسى يعصر فؤادها: ( آسفة يا أبي).
ابتسم بحزن: ( الغلطة ليست غلطتك، إنها غلطتي لتورطي مع لورانس داريان. فذلك الرجل لم يسامحني يوماً لأنني سلبته أمك).
- ولكنك لم تسلبها منه، كل ما في الأمر هو أنها اكتشفت أنه متزوج وقطعت علاقتها به.
أحنى ويليم كينيدي رأسه وقال: ( لكنها اكتشفت أنه متزوج لأنني أخبرتها بذلك).
- ولكنه كان متزوجاً، فهو الذي تصرف بشكل رديء.
- جسناً، علي كل حال.... لم يسامحني أبداً. والآن يبدو أن ابنه قاس مثله.
فكرت بيني بلوكاس: قاس، لا إنه بعيد كل البعد عن القساوة.
- أنت لست متأكداً من هذا يا أبي!
نظر إليها بعينين مشككتين: ( هذا الشبل من ذاك الأسد. فإن رأيته يوماً سوف...).
واحمر وجهه فخافت عليه.
وفي تلك الأثناء دخلت السيدة غيلينغهام وهي تحمل صينية بيدها:
- هيا يا ويليم... أنت لا تغضب نفسك أليس كذلك؟
وضعت صينية الطعام جانباً واقتربت منه تسوى الوسادات خلفه.
قال لها مضطرباً: ( لا تبدئي يا امرأة، أنا بخير).
- لا، لست بخير. فأنت ترفع ضغط دمك من دون سبب.
تمتم: ( كان ضغط دمك ليرتفع لو كنت تخسرين منزلك).
حدقت رونا غلينغهام إلي بيني: ( ركز انتباهك علي تناول الطعام والتعافي. سأمر بك لاحقاً للاطمئنان عليك).
- سأكون بخير الآن وقد أتت بيني.
- حسناً سأحضر علي كل حال.
قالت بيني وهي تمرر الصينية لوالدها:
- لا تكن مزعجاً يا أبي، أنت محظوظ لأن لك جارة لطيفة.
- أتعرفين؟ لم تتركني أبداً، بقيت هنا صباحاً وظهراً ومساءاً. إنها امرأة جيدة... امرأة جيدة.
ابتسمت: ( أبي، مازالت الحياة تدب فيك بالرغم من هذا الجفصين الموضوع علي رجلك).
ابتسم: ( حبذا لو أستطيع نسيان أمر لوكاس داريان، لكنت نعمت بالسعادة).
- لا أظنك تملك فرصة كبيرة في الحفاظ علي المنزل. الآن لقد عدت إلي المنزل، لذا سأساعدك في توضيب الأغراض.
- لا لن تفعلي. لن أوضب شيئا ما لم أضطر لذلك. ولكن إن ساعدتني علي تنظيم العاملين وحصد السكر فسأكون ممتناً لك، من يدري! قد نستطيع حصد المحصول.
- أتعني إن عملت ليل نهار؟
- هيا يا بيني! افعلي هذا من أجل والدك العزيز. وفكري أننا قد نستطيع تلقين لوكاس داريان درساً فأنا لا أحب أن يستخف أحداً بآل كينيدي

smaher
30-10-2009, 13:13
بالرغم من النسيم كان الحر مزعجاً. أحضرت بيني بعض الماء للعاملين في الحقل، وجلست في حقل قصب السكر ونظرت إلي السماء الزرقاء.
مر نحو أسبوعين علي مغادرتها بورتوريكو، ولم يصل أمر الإخلاء بعد. في الواقع، لم يصل أي خبر من لوكاس حتى الآن، وستنتهي رخصة البناء بعد يومين. وتساءلت عما يجري. هل حصل شيء ما للوكاس؟ لعله مريض؟ ولعل إيزوبيل مريضة وقد نسي هموم العمل بسبب انهماكه بها؟
أقفلت عينيها وحاولت طرد هذه الأفكار التي تطاردها منذ بضعة أيام. لوكاس بخير... وإيزوبيل أيضاً. لعلها ستسمع عنه اليوم، وغداً ستصل الجرافات وتبدأ بحفر الأساسات.
هبت ريح خفيفة. آه... كم تشتاق إليه... تفكر فيه كل يوم وتتذكر... وحنت للمساته وابتسامته.
سمعت صوت سيارة تقترب من المنزل، لكنها لم تستدر فهي تحلم بأنها مستلقية بين ذراعي لوكاس.
نادي أحدهم علي واحد من العمال.
- مرحباً، أنا أبحث عن منزل آل كينيدي.
قفز صوت بيني لسماعها صوت الرجل. إنه لوكاس، أتراها تتخيل وجوده هنا؟
استقامت ونظرت عبر الحقل إلي رجل طويل القامة يقف عند الطريق. كان يدير لها ظهره، ولكن جسمه شبيه بجسم لوكاس وشعره أسود. كان يرتدي سروالاً كاكي اللون مع قميص يناسبه.
رأت شريكها ماثيو يدل السائق إلي منزل والدها. استدار الرجل ليصعد في السيارة وشعرت بيني بالدوار، إنه لوكاس داريان. وللحظة سرت لرؤيته كثيراً إلي حد أنها لم تفكر بأي شيء آخر. ولكن ما إن ركب السيارة الحمراء الرياضية واتجه نحو منزل والدها حتى بدأت تضبط نفسها وتحاول التفكير.
ماذا يريد بحق السماء؟ أجاء يستولي شخصياً علي الأرض عوضاً عن إرسال واحد من رجاله؟ وشعرت بالخوف يتملكها، فهذا الأمر كفيل بأن يسبب لوالدها ذبحة قلبية.
عليها أن تعود إلي المنزل وبسرعة أيضاً. ولكن المشكلة هي أن واحداً من العمال قد غادر بالشاحنة منذ أقل من عشر دقائق. ما من حل أمامها سوى الركض. سلكت طريقاً مختصراً عبر الحقول، واستغرقت حوالي نصف ساعة للوصول إلي المنزل. وصلت في الوقت المناسب لترى لوكاس يغادر مكشراً. لم يرها، فقد كان مستعجلاً للصعود إلي السيارة والمغادرة.
دخلت بيني المنزل وقلبها يخفق بقوة وقد جف فمها وهي تتساءل عن الحالة التي ستجد فيها والدها.
وجدته جالساً في الردهة يحدق في النافذة بصمت غريب.
تقدمت بيني منه بحذر: ( أبي! ما الأمر؟ هل كل شيء علي ما يرام؟).
- ماذا؟
نظر ويليم كينيدي إلي ابنته وقد بدا شارد الذهن.
- أكان هذا لوكاس داريان؟
- نعم... أمر غريب.
- ما الغريب؟ ماذا جري يا أبي؟
- لقد اعتذر مني، هل تصدقين هذا؟ أخبرني أنه سيتصل بمحاميه وأن المنزل ملك لي.
جلست بيني علي الكرسي المجاور وقد خانتها رجلاها: ( لماذا؟).
- يبدو أنه كان يراجع ملفات والده وقد وجد ملحقاً للوصية. لقد فكر لورانس مجدداً وقرر التخلي عن محاولته الانتقام مني.
ومد لها رسالة ثم تابع: ( كما أنه ترك لي رسالة كتبها وهو يحتضر، يخبرني بها بمدى أسفه علي ما فعله... وبأنه كان مهووساً بكلارا ولم يتجاوز قط خسارته لها...).
دهشت بيني: ( أحقاً؟ وماذا قال لوكاس؟).
- حسناً، لم يقرأ الرسالة، فقد كانت مغلقة وموجهة إلي، وقال أنه أرتئي تسليمي إياها شخصياً. كما سلمني شيكاً كتعويض عن الخسارة التي تكبدتها. كنت أنوى إحداث جلبة لكنه اعتذر مني بصدق، فلم استطع إخباره رأيي... فهو مهذب جداً... من كان ليصدق...؟
سألت بيني وقلبها يخفق بسرعة: ( هل ذكرني؟).
عبس ويليم: ( ذكرك؟ ولم عساه يفعل شيئاً كهذا؟).
إنه محق، فكيف عساه يفعل هذا وهو لا يعرف علاقتها بالموضوع؟
عضت بيني علي شفتها: ( أنا لم أخبرك يا أبي لكنني ذهبت لرؤيته).
نظر إليها والدها كما لو أنه يراها للمرة الأولي، ثم ابتسم:
- آه! أهو السبب في تعاستك البادية خلال الأسابيع الماضية؟
أومأت بيني.
- حسناً، يستحسن بك اللحاق به إذاً، فهو باق هذه الليلة علي الجزيرة. سينزل في فندق الشيراتون وسيغادر غداً صباحاً.
وقفت بيني وهرعت، وما إن عبرت الردهة حتى رأت نفسها في المرآة، إنها ترتدي جينز أزرق باهت اللون وقميص بيضاء قديمة. وفكرت أنه يستحسن بها تغيير ملابسها.
شعرت بالغرابة وهي تستحم وتغير ملابسها لتلاقي لوكاس. كانت تشعر بالإثارة. وما إن ركنت شاحنة والدها القديمة علي بعد بضعة مبان من الفندق، حتى بدأت تساورها الشكوك...
صحيح أنها تريد اللحاق به... ولكن ماذا لو لم يكن مهتماً بها؟ ... لعله لم يشتق إليها حتى. وقد يكون قد عاد إلي إيما.
ترجلت من الشاحنة ومررت يداً ترتجف علي فستانها الأزرق. ماذا يفترض بها أن تقول له؟ فبالرغم من أنه اكتشف حقيقة والده، فالأمر ليس سهلاً عليه. ولعله ليس في مزاج جيد، واكتشافه أنها ابنة ويليم كينيدي قد يزيد من غضبه.
كانت الشمس تغرب فيما اقتربت بيني علي مهل من الفندق. كانت الأضواء الذهبية تنير الردهة. الآن أو أبداً! قالت في نفسها.
وهي تتجه إلي مكتب الاستقبال مر رجل بقربها لكنها لم تنتبه إليه لشدة انهماكها بتحضير ما ستقوله للوكاس.
لكن ما إن قالت عاملة الاستقبال: ( مساء الخير سيد داريان).
حتى أيقنت بيني أنه لوكاس، إنه الرجل الذي يدير ظهره لها ويبعد عنها بضع خطوات فحسب.
- مساء الخير دومينيك، هل من رسائل لي؟
- اتصالين فقط سيدي.
وناولته المرأة ورقة صغيرة موضوعة في الخزائن الصغيرة خلفها.
ابتسم: ( شكراً).
واستدار، لحظتها وقع نظره علي بيني.
حياها متعجباً: ( بيني، ماذا تفعلين هنا بحق السماء؟).
ردت بهدوء: ( أنا أعيش هنا، أنا..).
- ماذا؟ في فندق الشيراتون في أربودا؟ ماذا تفعلين؟ تنتقلين في مختلف أنحاء الكراييب مستعملة أسماء مستعارة مختلفة؟
- لا تكن سخيفاً!
- سخيفاً!
ضاقت عيناه وأيقنت أنها قالت شيئاً خاطئاً. اقترب منها ببطء وشعرت بقلبها ينقبض مع كل خطوة يخطوها نحوها. ما من شك أنه غاضب جداً منها.... لا بل يستشيط غيظاً.
- ماذا تظنين نفسك فاعلة؟ ألديك أدنى فكرة عما شعرت به عندما قرأت الورقة بعد رحيلك؟
هزت رأسها مرغمة: ( اضطررت للرحيل يا لوكاس).
- ومن دون أن تخبريني؟
هز رأسه انزعاجاً، ثم أمسك بيدها وضغط عليها.
- حاولت إخبارك أنني مضطرة للرحيل. لكنك لم ترد الاستماع إلي.
- حسناً، سأستمع الآن...
وقادها عبر الردهة.
- إلي أين نحن ذاهبان؟
- إلي مكان منفرد تفسرين لي فيه لم فعلت ما فعلت!
توقف عند المصعد ثم ضغط علي زر من الأزرار ففتح باب المصعد. ثم مشي معها إلي داخل المصعد.
ساد الصمت فيما صعد المصعد بهدوء. ونظرت بيني إلي لوكاس، لم يسبق لها أن رأته غاضباً إلي هذا الحد.
همست وهي تنظر إلي يده التي تشد علي ذراعها:
- لوكاس هلا أفلتني!
- لا أرغب بإفلاتك، فعليك أن تفسري لي بضعة أمور.
فتح باب المصعد وقادها علي طول الرواق الطويل الفارغ.
- اسمع، أعلم أن علي أن أوضح لك الكثير من الأمور، لذا جئت، فما من داع لتجرني أمامك كسجينة.
وبالرغم من كلامها هذا لم يفلتها. راقبته يدخل البطاقة في مقبض واحد من الأبواب ويفتحه. ثم دخلا إلي شقة فخمة. رأت في الشقة سجادة ذهبية وكنبة كبيرة، كان هناك بابين من جهة، وشرفة تطل علي البحر.
قال لوكاس بعزم وهو يفلتها: ( حسناً، قلت أن لديك بعض التفسيرات، فهيا قولي...).
مررت يداً ترتجف علي شعرها الأشقر الطويل.
- لديك كل الحق بأن تغضب، أنا أعلم هذا تماماً.
- جيد.
جال بنظره عليها يتأمل حذائها العالي الكعب، وساقيها الطويلتين، وفستانها الأزرق الذي يبرز مفاتنها. تابع: ( لأنني لست غاضباً بل أنا أستشيط غيضاً. والآن أين كنت؟).
- قلت لك أنني اضطررت للعودة إلي المنزل، وأن والدي بحاجة إلي.
وتوقفت عن الكلام للحظة حتى استجمعت قواها، وأردفت:
- والدي هو ويليم كينيدي، لقد حضرت لرؤيته اليوم. أنا بيني كينيدي.
ضاقت عيناه وردد غير مصدق: ( أنت ابنة ويليم كينيدي؟).
- نعم.
وجلست علي ذراع الكنبة وتابعت: ( السبب الأساسي الذي دفعني للذهاب إلي بورتوريكو كان أن أترجاك لترحم والدي).
نظرت لترى إن كان يصدق كلامها، ولكن صعب عليها التأكد، فأكملت: ( لم أنو البقاء...أو خداعك. ولكن عندما اتهمت والدي بأنه عديم الفائدة... ولا يصلح لشيء..).
قاطعها لوكاس: ( لم أقل هذا يوماً).

smaher
30-10-2009, 13:16
نظرت إليه: ( ربما لم تقل هذا، لكن هذا ما كنت تفكر به وقد جعلني هذا أغضب كثيراً).
- أحقاً؟
- علي كل حال... عندما أخبرتني أنه يتعين عليك إيجاد صك الملكية قبل نهاية الشهر، خطر ببالي أنه إن استطعت إيجاد المستندات قبلك فستتوقف أعمال البناء، وبالتالي يمنح والدي المزيد من الوقت لتسديد دينه، ويزاح الضغط عنه.
رد ساخراً: ( إذاً كنت تحاولين حماية البيئة والتجسس لصالح والدك).
نظرت إليه مترجية:
- كفى لوكاس، امنحني فرصة. في النهاية لم أقدم علي أي شيء خاطئ، لقد كنت نعمة أكثر منه عبئاً، عليك الاعتراف بهذا.
هز لوكاس برأسه: ( أحقاً؟ أظنك كنت عبئاً كبيراً).
عضت علي شفتها: ( حسناً يؤسفني أن يكون هذا شعورك... ولكن ما كنت تفعله كان خطأ...).
- كنت وبكل بساطة أنفذ شروط وصية والدي، لقد عينني وصياً ومنفذا للوصية وكنت ألبي التزاماتي نحوه ليس إلا.
- نعم، كانت نواياك شريفة تماماً. فلم تكن ستجني مبالغ كبيرة من المال جراء بيع ملكية والدي لمتعهد البناء ذلك.
- أهذا رأيك بي؟ أن همي الوحيد هو المال؟
عبست، ثم أقرت: ( لا، هذا ليس رأيي بك).
- عليك أن تفهمي يا بيني أنني لم أتفق يوماً مع والدي. كنت أعلم أنه زير نساء... وأنه تورط بأعمال غير شريفة علي مر السنين. ولكنا سوينا خلافاتنا قبل وفاته وقد سررت بهذا. لقد اعتذر لي قبل وفاته، وأعرب عن ندمه عن بعض ما قام به، وطلب مني الاعتناء بأعماله، وأخبرني بأنه يريد ترك معظم ثروته لي. وعندما أخبرته أنني لا أريد شيئاً ولا أحتاج لشيء، قال بأنه علي أن أقبل من أجل إيزوبيل، وأنه يريد التعويض عن عدم تواجده بقربها.
تنهد وتابع: ( لقد أطعته وحاولت التقيد بالقانون. تخلصت من محاميه المحتال، ودققت في شؤونه المالية. لم أكن أعلم أن مسألة استملاك الأرض هي مسألة شخصية).
- أعلم هذا.
نظر إلي عينيها: ( كان عليك أن تخبريني).
- لم أظن أن هذا الأمر سيعود بالفائدة، كيف عساي أخبرك بأن والدك...
وتوقفت عن الكلام، صحيح أنه ينتقد والده لكن سيختلف الأمر إن انتقدته هي أيضاً. فتابعت:
- لم يكن طيباً جداً. لم أستطع القيام بهذا يا لوكاس، كما أنني انغمست في الأكاذيب وخفت من إخبارك الحقيقة.
رفع حاجبه: ( أحقاً ما تقولين؟).
حدقت إليه: ( نعم، حقاً. لم أكن أريدك أن تكرهني...).
- لقد هربت؟
- لم أهرب، كل ما في الأمر هو أنني اضطررت للمغادرة. ألا تفهم يا لوكاس؟ لقد كنت عدو والدي، وأنا كل ما يملكه في الوجود. لقد عانى الكثير حتى الآن، وهو قلق حول فقدان منزله، فكيف أخبره أنه سيخسرني أيضاً... وبأنني وقفت إلي جانب عدوه؟ ففي الحالة التي كان فيها، كان مثل هذا الخبر ليودي بحياته.
رد بهدوء: ( إنه رجل محظوظ لحصوله علي شخص يكن له كل هذا الوفاء).
همست: ( لم أشعر دائماً بأنني وفية له).
واحمرت خجلاً، والتقت عيناهما، فأشاحت بنظرها بسرعة وقالت: ( علي كل حال... آمل أن تسامحني).
لم يتفوه لوكاس بكلمة طيلة فترة طويلة، وشعرت بيني بأعصابها تنهار. وبعد طول انتظار سألها: ( هل تشربين شيئاً؟).
نظرت إليه بيني بغضب، أهذا كل ما سيقوله؟
- لا، علي الذهاب إلي المنزل.
- إذاً، هنا ديارك؟
وتراءى لبيني للحظة ذكرى العشاء في منزله علي ضوء الشموع وإيزوبيل تتذمر لرغبتها بالحصول علي رقائق البطاطا. تذكرت وقوفها في المطبخ تتأمل المطر وتسمع ضحك إيزوبيل. لقد شعرت بالانتماء إلي ذلك المنزل، وبأنها جزء من عائلة. وقد تاقت إلي هذا بقدر ما تاقت ليضمها لوكاس بين ذراعيه.
ردت بسرعة: ( نعم أحياناً. ولكنني لا أقيم هنا، فأنا مديرة منتجع سياحي متنقل علي متن سفينة).
- أنت مليئة بالمفاجئات يا آنسة كينيدي.
شعرت بيني بانقباض في معدتها. يبدو أن لوكاس لن يسامحها.
- وقد كنت مساعدة شخصية ممتازة.
عبست: ( لقد أجدت العمل كمساعدة شخصية وأنت تعرف هذا. فأنا ملمة بالكمبيوتر وأستطيع إدارة مكتب كمكتبك بسهولة).
- نعم، هذا ما قلته، كنت مساعدة شخصية ممتازة. فكيف أجدت العمل في مكتبي في حين أن هذا المجال بعيد كل البعد عن مجال عملك؟
- لقد أخذت دروساً في الإدارة منذ بضع سنوات.
تنهدت، لم تشعر برغبة في الحديث عن أمور تافهة. ولكن بعد أن ساد الصمت مجدداً وجدت نفسها تسأله عن العمل: ( هل وجدت من يحل مكاني؟).
ابتسم فجأة: ( لمَ؟ أتريدين استعادة وظيفتك؟).
- لا، كنت أتساءل فقط.
وعبست وتمنت لو لم تسأله، ثم أردفت:
- لدي عمل خاص بي، وهو يرضيني. أتعلم شيئاً؟ يمكنك أن تتصرف أحياناً بكثير من العجرفة.
- إن كنت تصرين علي المعرفة، فقد اشتقت إليك بجنون.
نظرت إليه، وراح قلبها يخفق بسرعة وتساءلت إن كان يتحدث عن اشتياقه لها علي الصعيد العملي أو الشخصي. وقالت بعد جهد بسخرية:
- بالرغم من قولك منذ بعض الوقت إنني كنت عبئاً عليك وأسأت إليك كثيراً.
- هذا صحيح، كنت مصدراً للإلهاء.
تسارعت دقات قلبها وهو يقترب منها.
- وأنت مصدر إلهاء الآن. أحياناً أعجز عن التفكير باتزان حين أنظر إليك... أتعلمين هذا؟
نظرت إليه دون أن تفقه تماماً معنى حديثه.
- أتعلمين؟ هذا تماماً ما أقصده. تنظرين إلي بتلك العينين الخلابتين، فتبدأ الأفكار بالتشتت في رأسي... وقد حصل هذا معي في أول يوم دخلت فيه المكتب. عرفت أن علي أن أطرح عليك المزيد من الأسئلة خصوصاً وأن سيرتك الذاتية لم تكن صحيحة. ولكن كل ما كنت أفكر فيه هو... أريد أن تبقي هذه المرأة معي.
قفز قلب بيني من مكانه. وتابع، وعيناه مسمرتان عليها:
- لم يراودني هذا الشعور منذ وقت طويل.
- أخذت نفساً عميقاً: ( أحقاً؟ إن كنت تريد الحقيقة، حصل معي شيء أيضاً ذلك اليوم... فعندما دخلت ونظرت إلي كدت أن أنسي لم حضرت إلي مكتبك. وأظن بأن هذا أحد الأسباب التي دفعتني للانغماس في الكذبة).
- وبعدها تركتني بكل بساطة. ألديك أدنى فكرة عما شعرت به؟
فتحت فمها لتجيب ولكنها وجدت نفسها بين ذراعيه يعانقها بشغف. اقتربت منه وقد شعرت بمدى توقها إليه.
- لم أرد الذهاب لوكاس... صدقني لم أرد ذلك.
قالت هذا بأنفاس متقطعة وقالت:
- أنا آسفة... آسفة جداً.
ومررت أصابعها في شعره الأسود، وقد سُرت لوجودها قربه، قادرة علي لمسه... وحبه.
همس: ( لا، أنا آسف لأنني تركتك تهربين مني بسهولة. أفهم الآن بأن علي التوصل إلي حل جذري لهذه المسألة...).
ابتعدت عنه، وقد قطبت جبينها، فتابع:
- وأري أيضاً أن علي وضع حد لتغييرك الدائم لأسمك.
- لن أغير أسمي مجدداً يا لوكاس، اسمي بيني كينيدي. ظننت أننا أوضحنا هذه المسألة بشكل نهائي.
- لقد فعلنا.
قبل أنفها وزال العبوس عن وجهها، فقال:
- كل ما في الأمر هو أنه علينا تغييره هذه المرة بشكل دائم.
ابتعدت عنه: ( لوكاس، ما الذي تحاول قوله؟).
قال برقة: ( أقول بأنه علينا تغيير أسمك إلي السيدة بيني زوجة لوكاس داريان. بيني أريدك أن تتزوجيني... فأضمن أنك ستبقين قربي صباحاً ومساءً طيلة أيام حياتي).
دهشت إلي حد أنها عجزت عن الكلام. لاحظ شحوب وجهها.
- بيني؟
- لِمَ تطلب مني هذا؟
أجابها بصدق: ( لأنني مغرم بك ولا أريد أن أخسرك مجدداً).
سُرت لا بل طارت من الفرح لسماعها كلماته. حدقت إليه لبضع ثوان، ثم قال وقد أغرورقت عيناها بالدموع:
- ظننت... أعني أنا أتساءل إن كنت ترى إيما مجدداً..
- ولم تظنين هذا؟
تنهدت: ( لأنك أرسلت لها الأزهار... ولأن ماريا قالت لي بأنك أصبحت سعيداً منذ أن بدأت تخرج برفقتها).
- لم تكن إيما سوى صديقة. لقد أرادت مني أكثر مما استطعت تقديمه لها. لقد أرسلت لها الأزهار بدافع الصداقة بمناسبة عيد مولدها، وقد أوضحت لها غياب أي دافع آخر.
قال هذه الكلمات ثم قربها منه، وتابع:
- إنها إنسانة ممتازة، ولكنها غير مناسبة لي. في الواقع كنت قد فقدت الأمل في إيجاد الشخص الملائم لي إلي أن... دخلت مكتبي.
انهمرت دمعة علي خدها. فخلال الأسابيع التي ابتعدت فيها عنه، حلمت بهذه اللحظة، ولكنها لم تجرؤ يوماً علي الاعتقاد أنها ستحدث.
- اسمعي أعلم بأن وظيفتك رائعة.. وبأنك تحبين حريتك... ولكن أن وافقت علي الزواج بي... فسأفعل كل ما بوسعي لأسعدك. فلو لم أكن متيماً بحبك... لما طلبت يدك للزواج.
- آه لوكاس، أنا متيمة بحبك أيضاً. أعشقك. أظنني أغرمت بك منذ أن وقع نظري عليك.
رأت بريق السعادة في عينيه وهي تقول هذه الكلمات.
همست وقد ابتعد عنها قليلاً لينظر إليها: ( لا أصدق بأن هذا يحصل).
- ولا أنا، انتظري حتى تسمع إيزوبيل بالخبر، ستطير من الفرح.
سرى الدفء في عروقها لسماعها هذه الكلمات. قالت:
- لقد اشتقت كثيراً لإيزوبيل... كيف حالها؟
- إنها بخير، تقضي بعض الوقت مع جدتها، ولكن علي العودة غداً.
وتوقف للحظة عن الكلام ونظر إليها ثم تابع: ( ستأتين معي أليس كذلك؟).
أومأت، ثم همست بلطف: ( حاول أن تمنعني. فكما قالت شونا يوماً، حين تتعرف المرأة إلي الرجل المناسب لها والذي ترغب بقضاء بقية عمرها معه، فهي تريد أن يبدأ بقية عمرها فوراً...).
* * *

smaher
30-10-2009, 13:19
تــــــمـــــــت

:):):):):)

نايت سونغ
31-10-2009, 00:49
يسلمووو و يعطيكي العافية بجد رواية رائعه d‎(‎‎^‎‎_‎‎‎^‎‎)b‏ مشكوره

الحياة الضائعة
01-11-2009, 18:05
بسم الله الرحمن الرحيم



أنا عضوة جديدة وأجب قراءة الروايات وخاصتا الرومنسية المعقدة


والروايات التي قراتها حتي الان اكثرمن رائعة


وجزء منها منسوخ علي جهازي

بشكر مؤسسي هذا المشروع الي كثيييير حلوا


عنجد وفر علي تعب البحث عن الروايات الرائعة




::جيد::

cuppy-cake
01-11-2009, 21:54
السلام عليكم..

يسلموا كثير على الروايات الأكثر من روعة ....

عن جد وااايد أستمتع وانا أقراهم ..

أنا عندي رواية من روايات عبير القديمة (أريد سجنك) لآن هامبسون ما أدري إذا حاطينيها أو لاء..

إذا حبيتوا راح ابدأ أكتبها وانزلها لكم ..

الملخص..

هناك عواطف غامضة لا يمكن سبر أغواراها بسهولة...
تتخذ أشكالاً غير متوقعة مليئة بالمفاجئات وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ..
ليون بتريديس، الرجل ذو السطوة الرهيبة ..
عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد : أن يأخذها إلى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن ..
ولو أصبحت سجينة بالإكراه . إنها المرأة التي خلقت له وحده ...
وحده دون سواه. أعماه جمالها عن كل شي . حتى المجازفة بحياته..
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ألم يكن لتيارا رأي في تقرير مصيرها؟ لماذا لم تحاول الهرب؟؟!!

الغصن الوحيد
01-11-2009, 22:41
تسلمين يالغالية انا صراحة قريت الرواية من قبل في مكسات بس من روعتها قلت اوكيه اقراها مره ثانية مشكوووووووووووووووووووورة

ماري-أنطوانيت
03-11-2009, 16:56
السلام عليكم..

يسلموا كثير على الروايات الأكثر من روعة ....

عن جد وااايد أستمتع وانا أقراهم ..

أنا عندي رواية من روايات عبير القديمة (أريد سجنك) لآن هامبسون ما أدري إذا حاطينيها أو لاء..

إذا حبيتوا راح ابدأ أكتبها وانزلها لكم ..

الملخص..

هناك عواطف غامضة لا يمكن سبر أغواراها بسهولة...
تتخذ أشكالاً غير متوقعة مليئة بالمفاجئات وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ..
ليون بتريديس، الرجل ذو السطوة الرهيبة ..
عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد : أن يأخذها إلى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن ..
ولو أصبحت سجينة بالإكراه . إنها المرأة التي خلقت له وحده ...
وحده دون سواه. أعماه جمالها عن كل شي . حتى المجازفة بحياته..
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ألم يكن لتيارا رأي في تقرير مصيرها؟ لماذا لم تحاول الهرب؟؟!!


هلااا والله بالحلو...

ما اقدر اطول كثير بالرد لاني واي مشاغل العالم هههههه

بس حبيت اقول ان هاذي الروايه نزلت قبل بالمشروع :d

ولي عوده ان شاء الله

cuppy-cake
03-11-2009, 18:05
هلااا والله بالحلو...

ما اقدر اطول كثير بالرد لاني واي مشاغل العالم هههههه

بس حبيت اقول ان هاذي الروايه نزلت قبل بالمشروع :d

ولي عوده ان شاء الله

همم خلاص عيل إذا عندكم أي رواية وحابين تكتبونه ..

أحب أساعدكم لأني جد وااايد حبيت المشروع ^^

الحياة الضائعة
03-11-2009, 18:49
مرحبا الغصن الوحيد وين قراتيها


من زمان وانا بدور عليها علشان اقرءها ومشكورة

الغصن الوحيد
03-11-2009, 22:12
تسلم يمينك يالشيخة زوزو الرواية جنننننننننننان يعطيك الف عافية

الغصن الوحيد
03-11-2009, 22:22
ياعزيزتي اظن في قسم القصص والرويات العالمية اللي في مكسات بس كم رقم الصفحة والله ناسية وعلى العموم لاتخافين البنات ماشالله مومقصرين ينزلون دايم كل جديد وقديم الرويات اللة يوفقهم وانا والله مقدره تعبهم ودي اساعد بس المشكلة اني مو فالحة كثير في النت والكمبيوتر

نايت سونغ
04-11-2009, 13:47
مرحباااااااا

كيف الصبايا ؟؟؟ انشالله تمام ..

بس عفوااا روايه اريد سجنك نزلت بالمشروع ؟؟؟؟:eek:

ممممممم ... ما شفتا .... غريبه :confused:

يا ريت ازا حدا عندو الصفحة يخبرني هههه لانو راحت عليي :D

سلااا ::سعادة:: ااام

nasimalshoq
04-11-2009, 14:35
السلام عليكم يا صبايا كيفكم أنا جديد علي المشروع لكن أرجوا تقبلوني في هالمشروع و تقبلوا مروري
وأرجوا ما كون كترت الحكي ز
وأرجوا دوام الصحة والعافية لكل المشاركين في هذا الموصوع الناجح والرائع:

khadija123
05-11-2009, 00:22
Salut !!
j'espére que tout va bien chez vous !! j'attend toujours vos nouvelles

الحياة الضائعة
05-11-2009, 14:53
مشكوووووووووووورة

كثيير رح أدور عليها يسلموا الغصن الوحيد

smaher
06-11-2009, 20:37
دلوقتى هنزل روايه سورى اتأخرت بكتابتها شويه

الرواية اسمها

انتقام مجهول وهى من روايات عبير

وللكتابه سارة كرافن

وده ملخص الروايه

كانت تعلم أن أخيها مايك ينسى كثيراً فكرت جيما

لكن ان يرحل ويتركها وحدها في فيلا غريبه على جزيرة كريت بعد أن أقترح عليها

الأنضمام إليه لقضاء العطله ، هذا مالا يمكن حتماله

والآن قد صل مالك الفيلا ، وأكتشفت جيما أن مايك قد أختفى ، والكريتي ، كما فكرت به

أراد الثأر أرد الثأر من مايك لما فعله ،وجيما لم تكن لتستسلم له دون مقاومه

حتى لو كان الكريتي يمتلك الأوراق الرابحه ، لهذة اللحظة ! .

امنى انكم تستمتعوا بالروايه لانها بجد اكثر من رائعة

تحياتى

اختكم

smaher::جيد::

smaher
06-11-2009, 20:47
الفصل الاول


( تقول أنه لم تصلني رسائل حتى الآن ؟) نظرت جيما بارتون بأستغراب الى طاولة المكتب.
( هل أنت متأكد ؟) .
(متأكد تماما يا أنسة) . حرك الرجل يديه بطريقة أسفه .
وأبتسم لها . حيث بدت أسنانه بيضاء كثيرا نسبة الى شاربه الكريتي الكثيف.
( هل هذة الرسالة مهمة ، لتقلقك لهذ الدرجة لعدم وصولها ؟.)
هوت جيما كتفيها بلا مبالاه .
( في الحقيقة، لقد خاب أملي . أكثر من قلقي . لكن سأتغلب على أحساسي . المشكلة الوحيده،
هي أني لا أعلم ماهي خططي حتى أسمع أي خبر من أخي .
والليلة هي أخر ليلة لي في الفندق . مكسات
( لا عليك) أتى الرد سريعاً مطمئناً .
مازال الموسم في أوله .ويكمنك البقاء إذا أردت . كل ما عليك هو أخبارنا برغبتك .
لقد كان هذا مطمئنا لجيما في أيه حال . هكذا فكرت وهي تتوجه نحو الغرفه لتناول الأفطار.
ليس لأنها متأكدة من بقائها في هيراكليون بالرغم من أنه فندق رخيص .
ودود ونظيف ، لكن لديها عشرة أيام أخرى لتمضيها في كريت .
وعليها الأستفادة منها بأقصى الحدود ، خاصة أذا استمر مايك في غيابة المريب .
لقد كان دائماً محدوداً ، ذكرت نفسها بقساوة وهي تسكب عصير البرتقال في كأسها .
وتأخذ قطعة من الخبز الطازج ، مايك كان مولعاً دائما بعلم النباتات . ويبقى غافلا عن أي شي أخر
وغالبا ما ينسى نفسه في الحقول .
وهذة الزيارة الى كريت كانت جزء من دراسة يقوم بها .
وكانت فكرته هو أنضمام جيما إلية في أجازتها بدلا من الذهاب مع رفيقاتها الى ابيزا .
( هذا هو المكان ) ، اخبرتها احدى رسائلة . ( بعيدا عن أماكن السياح . المعيشة هنا رخيصة جدا .
يمكن القيام بالأمور السياحية ليومين ثم الأنضمام الي لرؤية كريت الحقيقية )
رفضت أمها في البدء ، لكن الأمر الذي شجع وحث جيما على الموافقة هي قرأتها لكتاب عن جزيرة كريت
منذ أيام الدراسة يتحدث عن جمال الجزيرة ورائعها الأسطورية . فحدد موعد سفرها وكتبت الية لتخبرة
بوقت وصولها ، ولم تندهش لعدم أستلامها أي رد منه الأ بطاقة بريدية للميناء وعليها امضاءه .
لكنها كانت صدمة لها تقريباً عند وصولها الى مطار هيراكليون لتجد انه لم يأتي ليستقبلها لكنها
سعدت بتكبدها المشقه في حجزها غرفة لنفسها في فتدق قريب من الميناء .
في اليوم الأول لها وحتى قبل أن تفك أمتعتها ، كتبت ثانية ألى مايك لتذكره بوصولها وأعطته .. مكسات..
أسم وعنوان الفندق ورقم تليفونه ، لكنها حتى الأن لم تصلها أي كلمة منه .
لم تكن جيما بحاجه الى أخ كبير يرعاها خاصة في كريت حيث كانت من أن الناس هنا مضيافين
وودودين ، لديها الكثير الآن لتفعله ، لقد أقامات صداقات مع شخصين ، كانوا يتحدثون عن أستئجار سيارة
والقيام برحلة حول الجزيرة . وقد دعوا جيما لمشاركتهم الرحلة فسعدت كثيرا وكادت أن توافق
لولا انها تريد رؤية مايك او على الأقل محادثته حتى تستطيع أخذ أخبار مطمئنه الى أمها .
التي ما تزال مريضه من جراء الفيروس الذي أصابها اول الربيع .
عندما عادت من غرفة الطعام لتجد لتجد مكانا تجلس فيه ، رأت جايمس وهيلاري يلوحون لها
من طاولة في زاوية الصالة فتقدمت لتنضم اليهم .
( تجاهلي جايمس ) كانت تحيي هيلاري بينما تجلس ،
( لقد تعرف الى واحده الليلة الماضية ، وقد تطورت صداقتهم بسرعة ، لذلك فهو يشعر ببعض الكأبة اليوم ،
ولن يستطيع الذهاب برحلتنا ، لكني سأذهب أنا ) . أضافت بسرعه وهي تنظر ببعض الخيبة الى وجه جيما .
( أمل أن تأتي معي )
( لن أفوت ذلك ) قالت ذالك وهي تبتسم بأشفاق نحو جايمس.
( أكان شرابا نارياً )
زمجر جايمس ، لم ألاحظ سوى النار . هيلي بالطبع ، تبقى ملتصقه بأوزو وكل شي بخير هذا ليس عدلاً.
جعدت زوجته أنفها نحو ثم أستدارت الى جيما .
( يقول تاكيس أن الباص الى كنو سوس يغادر بأنتظام من الميناء .
( اذا تاكيس كاذب ) . قال جايمس ، ورشف من قهوته ،
( هو يعرف مثلنا تماما ، أن الباصات الكريتيه تسير كما يحلو لها ،
أنا لا اعرف لماذا يزعجون أنفسهم بوضع لائحه بأوقات الأنطلاق ) .
( أثار الشراب لا تناسب جايمس فأنها تجعله عدائيا .
قالت هيلاري بِأسف ، ( في الأيام الأولى لوصولنا ، قال بأنها اول عطلة حقيقية يحظى بها .)
( مازلت أقول ذلك ) . قال جايمس .
( وتاكيس لا يصدق الباصات ، في كل الأحوال هو قال ل ذلك ، وقال ايضا انه يجب_مكسات_ ان نمشي
الخمسة كيلومترات . او اكثر الى كونسوس . مثلما كانوا يفعلون في لأيام الغابره ،
فتاتان قويتان مثلكما ) .
( ونحمل حزب من الحطب على رؤوسنا . بلا شك ، ) قالت جيما بجفاف .
( هناك أوقات يتطلب فيها تاكيس لكلمة من حنجرته )
( حسنا ، لا تتوقعي من بانيلوب ان تعطيه واحد )
نصحتها هيلاري بمرح . ( في تظن أن الشمس والقمر والنجوم تشع من )
ومن المحتمل أن تسير الى كونسوس وتعود حاملها اياة على رأسها ، اذا طلب منها ذلك )
( الرجال الكريتيون محددون في مواقفهم ، قال جايمس بمزاجية ،( فهم لا يسمحون لأي تحرر أنثوي
أن يتدخل في حقوقهم الأساسية )
ضحكت هيلاري ( وأنت أيضا ياعزيزي ، في الحقيقه أنت وتاكيس لديكم عدة قواسم مشتركة . فبإمكانكم
قضاء اليوم سويا تشربان القهوة وأنتما جالسان تحت المظله .
بينما أنا وجيما نكتسب بعض الثقافة ) نظرت إلى ساعة يدها .
(نلتقي في البهو بعد عشرين دقيقة , ثم مع قليل من الحظ نصل الى القصر قبل أن يصبح الطقس حاراً جدا)
( أنه حار جدا الآن ، قال جايمس .
انه محق فكرت جيما وهي تسير مع هيلاري في الشوارع المزدحمه المؤدية الى الميناء بعد فترة ،
لقد أصبحت بشرتها سمراء بالرغم من الكريم الواقي وقبعة القش التي اشترتها منذ وصولها الى هيراكليون .
كانت طاولات مقاهي الأرصفه ممتلئه ، محتشدة بالناس والأطعمة والأحاديث والضحكات العالية
لم تبد أبداً هذه الهمهمات أحاديث ،فكرت جيما بنوع من السلوى ، إذا أردا أي يوناني أخبارك شي ما ،
فسيفجرة في وجهك ، وكذالك كانوا في أمور أخرى أيضا .
ذكرت نفسها وهي تعي نظرات الأعجاب من العيون السوداء التي تحدق بها وبهيلاري .
لكانت وجدت هذا الأعجاب الصريح محرجاً وبغيضا في موطنها .
لكن هنا كان شيئا مدفئا للقلب ان تلاحظ وكأنها افروديت تنهض من بين الأمواج .
لمفاجأتهم ، كانت باصات كنوسوس موجودة عند وصولهم فوجدوا مقاعد بسهوله بعد ما دفعوا القليل
من الدرخمات اجرة الرحلة .
كانوا هادئين عندما جلسوا ، تحققت هيلاري من عدشة كاميرتها ، بينما تسألت جيما كيف يمكن أن تكون جزءاَ
من القربان اللاتيني للملك ماينوس وأن تبدأ بالمسيرة المجهدة في الشمس الى كنوسوس مدركه أن الخطر
وربما الموت في أنتظارها .
كانت سعيده جداَ ، فكرت لأنها عاشت في الثمانينات بدلاً من ألفي سنه قبل الميلاد ، وأن لا خطر بأنتظارها .
سرت في جسدها رعشة خفيفه عندما مرت الفكرة في رأسها وكأنها وضعت يد على كتفها وهمس صوت
صوت محذر في أذنها .
( أحذري ، ليس هناك من شخص يوناني يستحث قدره ولا يجب أن تفعلي أنت )
كانت لحظه غريبه مضطربه وكأن ظلاً مفاجئا حجب الشمس لثوان ، ثم أبدت هيلاري ملاحظه تافهه
حول الضواحي التي مروا بها .
ذكرت هيلاري الرحلة المخطط لها الى الجبال البيضاء وسألت جيما اذا كانت فكرت بالأمر .
( بالطبع أود المجيء ، ولا أستطيع انتظار مايك الى الأبد حتى يتصل بي ، في جميع الأحوال فأنا لا اعرف
اذا كانت رسالتي الأخير قد وصلته ، ربما في مكان وجوده لا يوجد تلفون او يصل البريد مره كل شهر )
تنهدت جيما ثم أضافت .م ك س ا ت
( او ربما أكثر ، قد يكون مايك قد أستغرق في دراسة عشب نادر ونسي أمري تماما )
أعطتها هيلاري نظرة ( هل يفعل أمور كهذة؟ ) .
اومأت جيما ( دائماَ ).
ضحكت هيلاري ( اقترح عليك أن تعطيه حدا أقصى من الأفضل أن يكون منتصف الليل هذا اليوم .
فاذا لم يتصل بك حتى ذلك الوقت تأتين معي . مارأيك؟)
( يبدوا الأمر جيدا ، وافقت جيما ثم نظرت حولها منتبه الى النشاط المفاجئ .
( الى ماذا ينظر الجميع ؟ لم نصل بعد أليس كذلك ؟)
( السيارة الأكثر جمالا تتبعنا ، ) قالت هيلاري ( جميعهم غارقون في الأعجاب ، اظن ذلك ) كشرت بأزدراء .
( حمدا لله أن جيمس ليس معنا ، لانه كان قد اصبح خارج الباص الآن ، يستجوب السائق عن مكوناتها وكل الامور التي يجدها مذهلة ، هل تذهلك السيارات ايضا ام تعتبريهم مثلي قطعه من التنك معدة لتنقلنا من مكان الى اخر ؟) .
( أظن أني احتمل المكان الوسط بينكما ، لكن يجب أن اعترف انها سياره رائعه ، ايطالية على ما أظن لابد أن ثمنها ثروة ) ابتسمت جيما .
( حسنا يبدو ان السيد خلف المقود يستطيع توفير ثمنها .... أنت تعجبين بالسيارة وأنا أعجب به .
هزت هياري كتفها .
السيارة فكرت جيما تستحق نظرة ثانية وحتى ثالثة ، كان سقفها مفتوحا ، مما أتاح لها رؤية السائق
كلياً ، لكنها لم تنبهر كثيرا هكذا أخبرت نفسها .
كان بلا شك يوناني ، شعر أسود وبشرة سمراء . عيناه مغطتان بنظارة شمسية .
لكنها لم تستطع أخفاء حقيقة انه وسيم جدا لدرجة الأنذهال .لكنه جميل أكثر من ذلك لولا خطوط فمه وذقنه
القاسيين .
فكرت انه لابد قد لاحظ ما دور في الباص ، لكنه فضل التظاهر بعد م المعرفه .
( زائف ) فكرت محاوله طرده من فكرها ، لكنها راقبته رغما عن ارادتها لم يكن من نوعها المفضل
لكنه عرف سيارة و كيفية التعامل معها .
( اتوقع أن يكون أحد الزعماء الأغريق الذين تقرأ عنهم ) قالت هيلاري على نحو حالم ثم أضافت .
(بما سنلتقي به يتمشى في كنوسوس ، اذا كان متيما ودعاك الى رحلة على يخته ، أرجو ان لا تشعري بالأرتباط
بدعوتنا السابقة)
( يبدو أكثر وكأنه سائق أحدهم ، مسرور بيوم عطلته )
قالت جيما بتذمر ( واذا كان يملك يختا فلا بد انه محشو بالنجمات السينمائيات ) .

نهاية الفصل الاول:تدخين:

smaher
06-11-2009, 20:53
الفصل الثاني

تنهدت هيلاري بقوة ( آه ، جيما أنت واقعية لدرجة الملل احيانا ، الا تودين الأستغراق في الأحلام بعض الشي ؟)
( أجل لكن أحلامي لا تتركز حول زعماء يونانيين يقودون سيارات ويعدونها كرموز لرجولته )
نظرت هيلاري أليها بفضول ، ( فقط للمزيد من المعلومات هل لديك أي شخص جدي في حياتك )
هزت جيما رأسها بالنفي ( لا أحد )_smaher_ اعترفت ثم أضافة .
( كانوا يقولون أن النساء تسعى راء الأرتباط الجدي ولا تفكر سوى بالزوج ، لكن على ما يبدوا ان كل الرجال
الذين ألتقيت بهم يريدون دفعي الى نوع من التعهد أ الأرتباط ومازلت غير مستعده لذلك بعد ،
ربما هذا خطأ مني لكن احب ان تأخذ علاقتي وقتها ،كل خطوة بخطوة ) .
ابتسمت هيلاي ( لك كل الحق في ان كوني حذرة لقد كنت كذلك أنا أيضا ، حتى ألتقيت جيمس
وفي غضون شهر كنا مخطوبان ، لا تبعديهم جميعا يا جيما ، لربما فقدتي شيئا رائعا دون ان تدري )
ضحكت جيما ( لا ، حتى الآن ، لم أندم على شي استطيع ضمان ذلك )
ثم انحت الى الأما ( يبو أننا نكاد نصل )
بعدما نزلوا من الباص مشوا عبر الطريق الضيقه المؤدية الى القصر متخطين الحانات والمحلات التذكارية ،
يشقون طريقهم بمرح بين السيارات المتوقفه على جانب الطريق .
كانت حركة مرور السير متواصله طوال الوقت وكانت جيما تراقب سيارة سبور فخمة كحلي اللونتمر بسرعه
نصف جنونية .م ك س ا ت
( لن أدع كلام هيلاري يدخل الى عقلي ) أخبرت جيا نفسها بقوة .
( أن الطقس حار جداً ) قالت هيلاري وهم يصطفون ليدخلوا من البوابة مع مجموعة فرنسية وصلوا مع دليلهم الخاص وكانوا يتجادلون بشأن الأرقام .
( أعتقد انه يجب ان نجوب قليلا ثم نجد شيئا لنشربه )
لكن داخل البوابه ، كانت وكأنك خطوات الى عالم أخر ، اشجار وظلال , رأت جيما ان الناس يتحركون ببطء
ويتحدثون بهدوء ، وكأنهم يحترمون حقيقة وجودهم في احد الأمكنه الأكثر قدما على الأرض .
بعد موافقه متبادله قرروا عدم الألتصاق بأي شخص غريب , وبدلا من ذلك ساروا عبر الأروقه والساحة .
ليروا الأثار والمذابح محاولين معرفة كل شي عن المكان ، شاهدوا الرسومات الجصية على الجدران تشع تحت الشمس(مكسات) ، وتجولوا في الغرف المظلمة التى كانوا يجلسون فيها الملك مانيوس والملكة في روعة وفخامة .
كانت هيلاري مشغوله بكاميراتها جاعلة من جيما موديل امام الأعمدة الملونه ، وجانب الجدار المرسومة ،
التي كانت طويلة جدا لتخفي رجلا .
كانوا يقفون أمام لوحة للأمير ليلي ، عندما احست جيما للمرة الأولى انهم مراقبون ، أخبرت نفسها بأنها سخيفة ،
فهناك المئات من الناس حولها يفعلون ذات الشيء ، لكن كل ماسعدت به انها خرجت من هذ الغرفة وعادت الى الهواء الطلق ثانية .
نظرت هيلاري حولها الى التلال العالية ، وأشجار السرو الى تشكل سورا دفاعيا ،
( لم يكن من السهل الدفاع عن وادي كهذا ) علقت بتشكك .
( لم يضطروا الى ذلك ) قالت جيما ( م تكن حصن كانت رمز الى عظمة وقوة المبراطورية اليونانية ،
الناس يأتون الى هنا لتقديم أحتراماتهم ، وليس للمهاجمة )
( لابد انهم يأتون ليعجبوا بشبكة المياة ...يقول كتابي ان نجاح الملكة حظى بول مجرى مياة متدفقة دافئة ، لمسة بيتيه بين كل هذة الفخامة المنهارة ، وبالحديث عن الفخامة أنظري الى ذلك )
في زاوية من الأحجار الواقعة اعشاب كبيرة تشق طريقها بين جموعه من الأزهار الزرقاء الناعمة .
دفعت هيلاري جيما بلطف ( أذهبي وقفي هناك ياعزيزتي , اريد لك صورة أخيرة )
اطاعتها جيما ، وانتظرت حتى تعدل هيلاري كاميرتها .
( تذكري لا تبتسمي ..م ك س ا ت. فقط انظري الي عندما أناديك باسمك )
حدقت جيما بالأرض تحت قدميها ، سمعت صوت هيلاي يناديها جيما فنظرت أليها ، محاولة النظر الى الشمس دون ان ترف عينها ، فرأت شكلا يقف وراء هيلاري ، طويل وداكن في ذلك الشعاع ،. عرفته على الفور .
كان سائق السيارة التي لحقت بالباص ، زعيم هيلاري المفترض ، كان اخر شخص تتوقع رؤيته ثانية ،
حتى وهي تفكر بذلك ، عقلها المصدوم اخبرها شيئا اخر .
أنه غاضب بشكل مخيف ، شعرت جيما تقلص وكأنها تواجة عاصفة ما ، ثم سمعت هيلاري تزمجر .
( ربما قل لك لا تبتسمي . لكن لاحاجة بك أن تبدي وكانك رأيت شبح مارلي ، انظري لثانية حتى أخذ لك صورة أخرى)
أغمضت جيما عينيها ، وبللت شفتيها الجافتين بلسانها ، عندما تكلمت هيلاري ثانية ونظرت أليها ، كان الرجل قد اختفى .
فكرت بضعف أن الشمس تجعلني أرى أشياء ، لكنها عرفت أنها لم تكن كذلك ، لكنها غلطت نفسها بسرعة لحكمها على المظاهر ، ربما لم يكن سائقا أو فتى ثريا .
ربما خبيراً بالحضارة الإغريقية .
ظهوره غير المتوقع كان له سببا منطقيا ، لكنها لم تستطع تفسير ذلك الإحساس الغريب لغضبة عندما وقف لينظر أليها , لم تفاجأ بساطه لرؤيته بل أحست أنها مهدده ، وحتى الآن لم تجد تعليلا منطقيا لذلك .
كانوا غرباء عن بعضهم ، فكرت لو ألتقيت به من قبل ، لكنت تذكرت ذلك ، والأن ربما أنني رأيته ثانية .
لدي شعور أنني لن أنساه بسرعة . انضمت هيلاري اليها واضعه كاميرتها في حقيبتها وقالت :
( هل أنت بخير ؟ . تبدين شاحبة قليلا ، هل هي الشمس؟ )
اجبرت جيما نفسها على الأبتسام .
( ربما . ماذا عن الشراب البارد الذي ذكرت منذ قليل ؟ )
في طريق عودتهم الى الباب ، قاومت رغبتها في النظر راءها ، لترى اذا كان يتبعا ، فكرت في نفسها ،
بأنها اصبحت حمقاء تماماً ، فها هي تتخيل اموراً هذا كل مافي الأمر ، الشمس وقلقها على مايك وجولتها ،
ضغطت على أعصابها فأفقدتها توازنها ، بيرة باردة وبعض الطعام سيعيدون لها توازنها الطبيعي .
اشتروا بعض البطاقات البريدية وصعدوا ببطء على التلة وجلسوا في احدى الحانات المظلمة ،كان النادل يرش الماء على الأرض من خرطوم المياه ، فعبقت رائحة الهواء المنعش والدافئ عندما جلسوا . طلبوا البيرة
وسوفلاكي وهي اكلة مكونه من قطعة لحم مشويه مع بطاطا مقلية وبعض السلطة اليونانية .
بدأ الأخرين بالوفود ، بعض الألمان جلسوا على الطاولة المجاوره لهم ، واحدهم يحمل جهاز الراديو ينبعث منه موسيقى هادئة ، وعندما وصلت البيرة كانت مثلجة فشعرت جيما بالأسترخاء . ثم قالت هيلاري بصوت منخفض smaher
( يا ألهي ، لن تصدقي من دخل الآن الى الحانة )
خلعت جيما نظاراتها وقالت :
( ليس الملك الغامض )
( بل هو احتدت نبرة هيلاري)
( يا الهي انه ينظر نحونا ، افترضي انه أتى نحونا ..)
تذكرت جيما قوة غضبة وقالت :
( لن يأتي )
( لا ، معك حق )
وافقتها هيلاري .
( ها هو يأخذ أبعد طاولة ، لكنه بمواجهتنا وينظر إليك )
ضحكت ضحكة عريضه .
( ربما هذة هي الرحلة الموفقه )
كان فم جيما جافاً فرشفت بعض البيرة .
( لا اظن ذلك )
كان الطعام في طريقة اليهم ، لكنها لم تعد جائعة ، كانت تتذكر عندما شعرت بأحد يراقبها في الغرف المظلمة
وظهورة المفاجئ خلف هيلاري والآن ها هو ثانية وكأنه يتبعها .
اذا استطاعت رؤية الأمر من وجهة نظر هيلاري ، لكان الأمر يسرها ويشعرها بالغرور ولكن بطريقة ما لم يكن كذلك .
اكرهت نفسها على الطعام لأنها فقدت قابليتها تماماً .
لكنها أنهت طعامها لأنها أحست ببعض السخف للسماح لذلك الغريب أن يفقدها هدوئها ، وبعد أن أنتهت طلبت بعض الأيس كريم وهي تفعل ذلك نظرت نحو الغريب فلاحظت مع رعشة أنه يراقبها .
فقد نزع نظارته السوداء , وكان عليها أن تعترف ان جاذبيته صاعقة .
التقت نظراتهما فشعرت جيما بخديها يتوردان بينما كشفت شفتيه الحازمتين عن ابتسامة صغيرة وعينيه
القاتمتين نظرت أليها بطريقة شهوانية .
ابعدت جيما نظراتها بنفور وفكرت بوحشية
( اذا اقتربت من أي يخت يخصه سأغرقه )
قالت هيلاري بنبرة مرحه
( لا يستطيع أبعاد نظره عنك)
( الأ تظنين أني اعرف غير ذلك )
ابعدت جيما عنها الأيس كريم .
( الأ بمكننا الحصول على الفاتورة والخروج من هنا )
لكن هذا لم يكن سهلاً كما بدا ، كان النادل غاضباً لخروجهم ، فعرض عليهم بعض القهوة والسجائر
على حسابة ، لكن جيما ابتسمت بتوتر ورفضت وطلبت الفاتورة .
عندما خرجوا ، وجدت جيما نفسها تصلي بان لا يلحقهم بالكاد استطاعت تصديق الحالة التي هي فيها .
وهم ينتظرون الباص قالت هيلاري محاولة أغاضتها :
( مشكلتك ياجيما ، أنك لا تعرفين عندما تكونين بصدد أمر جيد )
هزت جيما رأسها ، هو ليس أمراً جيداً قالت صدقيني .
وصل الباص أخيراً ، وهي تصعدت أستدارت جيما لتتفحص المكان ، فلم ترى ذلك الغريب لافي السيارة ولا سيراً على الأقدام .م ك س ا ت
راودها أحساس بالراحة ، قريباً ستكون في هيراكليون ، وغداً ستكون في طريقها الى شاينا مع جيمس وهيلاري
وستمحو هذة الأحداث من ذاكرتها .
لكن عندما وصلت الى الفندق ناداها تاكيس المدير ، لديك رسالة ، فناولها مظروفاً طبع عليه أسمها الأول فقط جيما .
فكرت ، مايك أخيراً .
ابتسمت الى تاكيس وسألته :
( متى وصل هذا ؟ )
( بعد مغادرتك مباشرة الى كنوسوس ، قال سبيرو أنه سبق هذا اتصال هاتفي فشرح أنك لست هنا ،
ثم عندما عاد من أستراحتة وجد هذة الرسالة لك ، هل هذا يسعدك ؟ )
مزقت جيما الظرف وفتحت الرسالة لتجدها ورقة واحدة مطبوعة على الآلة الكاتبة .
( عزيزتي جيما ) قال :
لقد طرأ علي أمر منعني من مقابلتك في هيراكليون كما اقترحت ، ربما بأستطاعتك انت المجيء
الى فيلا أيون في لوسيناس ، هناك باص واحد أسبوعياً ، لذلك أقترح أن تستأجري سيارة مع سائق
، لا تحاولي أبداً القيادة الى هنا ، لأن الطرقات سيئة جداً هنا مايكل )
( هل هي أخبار جيدة ، أم سيئة ؟ ) سألت هيلاري .
هزت جيما رأسها وقالت :
( في الحقيقة لست متأكدة يريد مني الأنضمام أليه ، لكنه بدا مقتضباً )
تنهدت . ( ربما كنت بغيضة سأستأجر سيارة وأذهب اليه كما قال )
( لا لن تفعلي هذا ) ناقضتها هيلاري ، ( سنوصلك نحن الى لوسيناس اينما كانت فإذا كانت في الجبال
ستكون جديرة بالمشاهدة ونحن لسنا في عجلة من أمرنا للذهاب الى شانيا )
(ولا أستطيع طلب ذلك منكما ) أعترضت جيما .
( لم تطلبي ذلك ) قالت هيلاري بحزم ، ( أنا أخبرك بما سيحصل ، وجايمس سيقول نفس الشيء أيضا ،
لذلك لا جدال ، سأصعد الآن لأخذ حماماً .
( وأنا أيضا ) ، قالت جيما ، لكن عندما أصبحت في غرفتها لم تذهب مباشرة الى الحمام ،
بل جلست على حافة السرير لتعيد قرأ الرسالة ثانية ، كانت غريبة ولا تشبة تعليقات مايك ،لكنها طردت هذة الأوهام من رأسها ، فيجب أن تكون شاكرة فمايك تكبد مشقة الطبع على الآلة الكاتبة بدلا من خطة الرهيب الذي لا يقرأ .
كانت أحداث اليوم التى جعلتها تفكر في صعوبة وقلق ، ولا علاقة لمايك في ذلك .
كانت سعيدة بان جايمس وهيلاري سيوصلاها الى الفيلا بدلا من سائق مجهول .
فاستحمت بسرعة وجمعت أغراضها قبل العشاء لانها عرفت انهم ربما يودون الذهاب باكراً الى فيلا ايون .


نهاية الفصل الثانى:لقافة:

الغصن الوحيد
07-11-2009, 18:27
تسلمين يالغلا على الرواية الحلوة ويعطيك الف عافية

ŦloOora
07-11-2009, 22:27
حلوة كتير
كملي

smaher
08-11-2009, 17:22
الفصل الثالث



كان لدي جيما الشعور نفسة في اليوم التالي وهي تقف جانب الأشارة على جانب الطريق التي تقول أن لوسيناس
على بعد كيلومتر واحد ، حيث راقبت جايمس وهو يعود بالسيارة .
ارادوا ان يوصلوها الى باب الفيلا ، لكنها اصرت ان تنزل هنا ، بعدما رأت أن الطرقات تزداد ضيقا
وتحفراً .
( لا اود تركك حقا هنا ) قالت هيلاري بقلق ، ( اذا كان مايك كما تقولين ينسى كثيرا ، لابد أنه نسي بشأن قدومك ، وذهب الى مكان ما ، عندئذ ماذا سيكون موقفك )
( عالقه ) ، ردت جيما بقوة ، ( لكن هذا ما لن يحصل فهو يعيش هنا ، اذا لم اجدة فلابد انني سأجد من ينتظرني )
بدت هيلاري غير مقتنعة ، لو نعرف فقط أين ستكون الليلة ، او لو كان في الفيلا هاتف ، لكنا بقينا على أتصال ،
خافت ، المكان موحش هنا ، الله يعلم كم نرتفع الآن عن مستوى سطح البحر .
( تعطين الأمر أهمية أكبر من حجمه ) قال جيمس بجفاف ، وأمسك معصم جيما بدفء . ( عندما نصل الى شانيا ، نأمل أن نبقى في فندق ديونيسيوس . أذا حصل أي شي معك أتركي لنا رسالة ، وسنأتي بطريقة ما ونأخذك من هذا الجبل اللعين ) ، توقف ثم قال : ( ولديك عنواننا في انكلترا ، فمهما يحصل نريد أن نعرف كيف مرت مغامرتك الصغيرة ) .
غادروا المكان ، وهيلاري تلوح لها بيأس ، فلوحت لها جيما حتى اختفت عن الأنظار ، عندما بدأ ت في الصعود بإتجاة القرية كانت ما تزال تسمع صوت المحرك يضعف ويضعف حتى لم تعد تسمع أخيراَ سوى خطوات أقدامها في الحقيقة ، لم يكن هناك أي دلائل على الحياة سواها ، وسوى طير يحلق في السماء .
تنهدت ونقلت حقيبتها الى اليد الأخرى ، أنه بالكاد اللقاء المرح الذي تصورته لم تسرع ، لكنها كانت تعبة ومنهكة في الوقت الذي وصلت فيه الى البيوت الأولى حيث أصبحت الأرض مستوية ومزروعة ويوجد أيضا طاحونة هواء تدور جوانحها بلطف في الهواء .
كانت امرأتان تعملان في أحد الحقول ، ترتديان مناديل سوداء على رؤوسهن ، لكنهم لم يرفعوا رؤوسهم لينظروا عندما مرت جيما التي وجدت هذا مستغرباً ، ففي كل القرى التي مروا بها من قبل في السيارة ذلك اليوم كانوا يلقون الترحيب والابتسامات من الجميع تقريبا ، طريق القرية أصبحت الأن مفترق صغير من جانب الطريق حيث رأت الماعز يسيرون جنبها وضعت حقيبتها ونظرت حولها حيث اراحت يدها ، كل ما أستطاعت رؤيته بعض البيوت القروية ونوافذها مقفله فكرت برجفه ، ان لا وجود لأي شخص هنا ، المكان مهجور كان هناك قهوة صغيرة لكن لا يوجد أحد على مقاعدها ، فيلا ايون لابد ان تكون هنا في مكان ما ، لكن جيما تمنت رؤية وجه ودود واحد تسألة .
الشعب الكريتي هو من أكثر الشعوب المضيافين على الأرض يحبون الغريب ويكرمونه ، تذكرت تاكيس عندما حذرها ، أنه اذا عرض عليها احد طعاما و شرابا حتى لو شكت أنه كل ما يملكه يجب عليها ان لا ترفضة
قال لها ، لأن هذا يعد أهانة لكرامة الكريتي .
القرويون في لوسيناس ، فكرت جيما بجفاء ، لابد انه استثناء لتلك القاعدة ، لقد أحست بوجود ناس في تلك البيوت المقفله ، لكنه من الجلي ان لا احد منهم يريد الترحيب بها ، أو ان يعرض عليها ماء للشرب
لم تستطع فعل شي سوى التقدم ، مره ثانية راودها الشعور بأن أحد يراقبها ، فتنهدت بيأس . ما كان عليها المجيء الى كريت لتكتشف أنها شديدة الشك والأرتياب .
خلف الكنيسة كان بيت الكاهن وخلف ذلك رأت جدار أبيض عالٍ بين الأشجار ففكرت لابد أن يكون هذا المكان
الجميل فيلا ايون كان هناك بوابة ضيقة في الجدار وأجراس معلقة معلقة بجانبة ، صدر صوت الأجراس صافياً عندما دقتهم ، لكن لم يجبها احد سوى الصمت . فتأوهت جيما هل يوجد أحد هنا ؟ . قال المسافر تمتمت وحاولت فتح البوابة ، أصدرت صريراً خفيفاً عندما فتحتها وخطت الى الداخل . كانت الحديقة صغيرة لكنها مشرقة بالأزهار ، البيت نفسة كان حجمه جيداً فتوجهت نحو التراس ، ، بدأ المنزل وكأن تم دهنه بالأبيض من جديد .م ك س ا ت
رأت جيما عالياً فرأت صحون الطاقة الشمسية لتسخين المياة على السطح .
ربما تكون لوسيناس قديمة لكن احد سكانها يعلم بالتكنولوجيا المتطورة ، على ما يبدو .
رأت أحرف يونانيه محفورة على الدرجات فبدت وكـأنها اسم ايون هكذا فكرت وصعدت السلم ، مشت نحو الباب المفتوح ونادت مرحبا .
لاشيء ، لا صوت ، لا خطوة . فقط الصمت ، من زاوية عينها رأت حركة خفيفة استدارت لترى هره من فصيلة نادرة مخططه بالونين الأبيض والرمادي ، مع عينين كبيرتين .
داعبتها جيما بأصابعها . فقوست الهرة ظهرها

smaher
08-11-2009, 17:35
تجولت قليلا في الغرف فرأت فوانيس في كل الغرف مما يوحي بأنه لا وجد للكهرباء ، ولا توجد أي أشارة تدل على وجود تليفون .
كان هناك طاولة خشبية في مركز المطبخ حيث وضع عليها ورقة مسنودة على الشمعدان . التقطتها وفتحتها
مطبوع عليها خمس كلمات :
( أجعلي نفسك في بيتك يا جيما )
( آه شكراً سأفعل ) . قالت بسخرية . ( يجب أن اتوقف عن التكلم مع نفسي او ستصبح عاده سيئة )
فتحت الثلاجة فبرغم من صغر حجمها الا ان داخلها محشو بالطعام بينما الرف الأخير فيه كل المرطبات وعلب البيرة ، فتحت زجاجة مرطبات وشربتها بأمتنان .
خلعت صندالها وتجولت حافية القدمين في البيت بطريقة ما استطاعت أن تفهم لماذا يفضل أخيها البقاء هنا ،
بدلا من الضجة في هيراكليون صعدت الى الطابق الثاني وهي ماتزال تشرب زجاجة المرطبات فسارت في ممر ضيق يؤدي الى غرفتين نوم كبيرتين ذات أثاث جميل وبسيط لكل غرفة شرفه صغيرة خاصة.
احدى الغرف بدت مستعمله بينما الأخرى بدت مجهزة حديثاً بتصميم كريتي جذاب بالونين الأبيض والأزرق .
احضرت جيما حقيبتها واخذت شنطة الحمام ودخلت لتستحم ، كان رائعا ان اشعر بانزلاق التوتر عنها فكرت جيما وهي تغسل شعرها الذهبي الطويل . اخذت احدى المناشف ولفت نفسها بها . لم تستطع أستخدام مجفف الشعر لكنها تستطيع تجفيفه بالشمس ، فأخذت قصة من حقيبتها وتمددت على التراس .
كان المنظر من هنا ائعا ، حيث قمم الجبال تتعانق مع السماء الصافية ووهج الشمس ، والى اليمين تستطيع رؤية الوادي المليء بأشجار الزيتون والسرو .
في كل مكان من كريت تستطيع رؤية الجبال ، فقد ولد الإله زوس فيهم ، فلكل قمة وكل كهف فيهم إله وإسطورة.
ربما ستعود جيما ، عرفت فجأة السنة القادمة ، لتستكشف كل الأماكن التي لم تراها بعد ، أصبحت كريت في دمها الآن ، كما توقعت دائماً ، واعتقدت أنها لو أمضت بضعة أيام في هذة القرية المتجهمة ستحبها بالتأكيد ،
فلربما تكون هي مخطئة بنظرتها الى هذة القرية ، فقد أخبرها أشخاص في هيراكليون انهم قد ضاعوا مرة في رحلة حتى أنتهوا في قرية بدت ابعد مكا في العالم ، فعاملهم القرويون بملوكيه وفرشوا لهم الولائم واعادوهم الى أقرب طريق رئيسية ، رافضين كل ما عرض عليهم من مال بابتسامة كرامه تنهدت جيما ، ربما مخيلتها هي التي تجعلها تتصور كل هذا ، لابد أن مايك سيشرح لها عندما يصل ، اخبرت نفسها حتى في الظل كان التراس حاراً جداً ، فكلما نظرت في القصة في يدها ، رقصت الكلمات أمام عينيها ، فوضعتها جانباً وأغمضت عينيها لتفكر فقط كم كم هي مسترخية وحاره ، فرأت مدخل الكهف يشدها الى الداخل ، فترددت لحظه وأرادت أن تهرب من هذه الظلمة ، لكن بدلا من ذلك وجدت قدميها تجرانها الى الداخل ، ولم يكن الكهف مظلما كما ظنت ، فقد كان هناك مشاعل على الجانبين تماما كما في كنوسوس ، ففكرت في نفسها يجب ان اخبر هيلاري .
كانت متحمسه وخائفه في نفس الوقت ، كان النور مشعاً ، والظلمة الوحيده كانت شكل رجل طويل ينتظرها يأمرها بأن تأتي اليه ، كانت بقربه الآن قريبه كفاية لتشعر بيديه تطبقان عليها ونفسه الحار على وجهها فنظرت اليه وشعرت بالصرخة تصعد الى حنجرتها حين رأت لأول مره قناعة الذهبي على شكل ثور أخفى وجهه ....
جلست جيما فجأة بفزع تحدق حولها ، محاولة أعادة توازنها .
لأبد أنها غفت لبعض الوقت ، ولابد أن صراعها كان حقيقيا لأن منشفتها قد أنزلقت حتى خصرها . فأعادتها وفكرت أنه من الجيد عدم وجود أحد هنا لرؤيتها ، وقد حان وقت أرتداء ملابسها في كل الأحوال ، عندها فقط سمعت صوت أغلاق باب سيارة ثم صوت خطوات ، فتنهدت بارتياح . مايك أخيرا ، فركضت عبر الرواق نازله السلالم وبدأت بأغاظته :
( آه ، في الوقت المحدد ..... ) ثم توقفت مصعوقة ، وتجمدت الكلمات في فمها .
عرفته على الفور ، كان ذلك الغريب في كنوسوس لكنه بدا مختلفا وهو يرتدي اللباس الكريتي الكامل الحزمة التقليدية حتى الحزام الأسود الملفوف على الخصر ، تاركاً شعره مبعثراً ، مجعداً .
للحظه ، اعتقدت جيما أنها ماتزال في حلمها الغريب لكنها شعرت بألم في يدها فعرفت أن كل هذا حقيقة ،
قالت : ( ماذا تفعل هنا ؟ ) وماذا ستفعل في نفسها اذا لم يكن يتكلم الانكليزية ؟
كلا على ما بدا فأنه يعرفها جيداً .
( أنتظرك ) ، قال ثم أضاف برقه مختصره ، ( حتى تستيقظي )
شعرت بالدم يتدفق في جسدها عندما سمعته ، فلا بد أنه رأها نائمه على التراس ، نصف عاريه وأرادها أن تعلم ذلك .
( لما ذا أحمرت وجنتاك ؟ ) سألها بسخريه قاطعها صمتها المحرج فجميع مواطناتك يظهرن كل ما يستطيعون من اجسادهن على شواطئنا )
( ربما ، لكن أنا لا أفعل ) . قالت جيما بتوتر . ( ومن يعطيك الحق بأن تدخل وتتجسس على ؟ )
( حق الملكيه ) قال : ( هذا البيت ملكي )
حدقت جيما فيه مذهوله ! ياآلهي لابد أني أرتكبت خطأ جسيماً ، أعتقدت أن هذه هي فيلا ايون ...
توقفت فجأة وهي تفرك جبينها ، لكن لابد أن تكون ..... او كيف تكون تلك الورقه قد وضعت هناك ؟
( هذة هي فيلا ايون )
حدقت به ، عابسه ، اذا لابد أنك تعرف مايك ، اتعرف أين يكون الآن ، ومتى سيعود ، فهو يستطيع شرح كل شي ....)
( هذا ما أشك فيه ، فأنا لا أعرف أين هو ميكاليس هذا ، لكن معلوماتي تقول أنه غادر الجزيرة منذ عدة أسابيع )
( غادر ؟ ) ، ردت جيما بغباء . ( لكن لايمكن أن يكون هذا صحيحاً ، انه هنا فقد كتب لي تلك الورقة ، ورقتان يمكنني أن أريك اياهما )
هز رأسه ( لا تزعجي نفسك آنسه بارتون ، أنا الذي كتبت الملاحظات )
احست بجسدها يتقلص ثم قالت بضعف :
( أنت ؟ لماذا )
قال بلا مبالاة :
( لاتأكد من مجيئك )
( كنت تعلم بأني قادمة ؟ اذا لابد أن مايك أخبرك )
( لم يخبرني بشي ، كيف يمكنه ذلك وأنا لم أقابله ابدا ؟ . لكنه ترك الرسالة التي أرسلتها له من انكلترا في الغرفة
التي كان يشغلها )
( وأنت قرأتها رسالة شخصية موجهه لغيرك )
أصبحت أنفاسها ساخنه ثم أكملت :
( ربما يكن هذا بيتك ياسيد ، لكن هذا غير مقبول )
لم يهتز فيه أنمله ( لديكم مثل يقول الغاية تبرر الوسيلة )
( لكنني لا أصدق ذلك ) ، قالت جيما بتوتر ، ( لا أعرف ما هو الخطأ ، لكن يبدو هناك شيئا ما سأجمع أشيائي وأخرج من هنا )
استدارت وصعدت بسرعة الى الغرفة التي أعتقدت أنها لها لكنها لم تجد حقيبتها فركضت الى الحمام لتجد أن الملابس التي خلعتها ايضا مفقودة فلم تجد الأ حقيبة الحمام ، فعادت بسرعة الى الغرفه فتبعها ووقف عند الباب .
فقالت :
( حقيبتي وأشيائي كلها اختفت لابد ان احد قد سرقها )
( لم يسرقها أحد ) ، قال . ( فهم في أمان وسيردون أليك تدريجيا )
( تدريجيا ) . كررت بعصبية . ( لكن هذا هراء . أريد أن أرحل الآن)
هز كتفيه بلا مبالاة وقال :
( أسف أن هذا مستحيل )
صمتت لفترة تفكر في جميع الأحتمالات .
( اذا كنت تنوي أحتجازي من أجل فدية ، فأنت تضيع وقتك ، أني أعمل لأكـسب عيشي وليست لدي أية مدخرات وكذلك عائلتي )
أنه بالكاد يبدو كذلك ، فكرت جيما وتذكرت سيارته ، وثيابة الفخمة وساعته الذهبية التي كان يرتديها ، لكنه الآن يبدو كالفلاح ، لكن بدأ صوته مثقفاً ، وانكليزيته عميقه .
قالت ببطء أذا ماذا تريد ؟
( استرداد دين كان صوته مقتضباً )
كانت محتارة تماماً ، فقد قال لتو أن الأمر لا يخص المال .
( هل ذهب مايك دون أن يدفع لك الأيجار ؟ هل هذا ماعنيته بالدين ؟ حسناً ، أستطيع أن افهم أنزعاجك ، لكني متأكدة أن الأمر مجرد سهو . لقد قلت بنفسك أن مايك قد ترك واراءة أشياء كثيرة اذا من الواضح أنه سيعود ويسوي أموره )
( آمل ذلك ) . قال برقه ( في الحقيقة أنا أعتمد على ذلك )
شعرت بالبرد ، لكنها قاومت رغبتها بوضع يديها حول جسدها ، حتى لا تظهر أمام هذا الرجل كم هي خائفة .
قالت :
( ربما أنت مستعد لإنتظارة ياسيد ، لكن أنا لا ، وليس من حقك أن تطلب مني البقاء ، فعطلتي محدودة جداً في كريت ، وأنا متشوقة لإستغلالها ، والآن أريد أشيائي والتوجيهات التي توصلني لأقرب تليفون من فضلك )
( وبمن ستتصلين ؟) سألها متهكماَ .
( اصدقائي الذين أحضروني الى هنا ) قال بوضوح .
( لقد عرضوا علي المجيء لأخذي من هنا )
( اذا لسوء الحظ أنك لن تستطيعي الاتصال بهم )
( لكن أعرف أين سيذهبون ) . أحتجت ( كل ما احتاجه هو تليفون ، ولابد من وجود واحد في القرية اذا لم يكن يوجد واحد هنا )
( أجل ، يوجد تليفون في القرية ) ، أعترف عرضياً
( تقريباً ، ولكنه دون أهمية أنسه بارتون ، لانه لن يسمح لك بأستعماله )
حدقت به وقالت :
( من سيمنعني ؟)
( أنا ) . قال ( وكذلك الناس في القرية ، أترين يا أنسه ، فهم يريدونك أن تبقي ايضاً ، حتى يستعيدوا بطريقة ما الدين الثقيل الذي جلبه ميكاليس اخوك نفسه ) . توقف ثم أكمل ، ( كم تحبينه ؟)
( عندما يورطني في موقف كهذا ،ابداً ) . ارادت أن تجيب هكذا ، لكنها غريزيا عرفت أنها ليست اللحظه المناسبة لزلات اللسان .
اجابت بهدوء لم تشعر به :
( بما فيه الكفاية )
ارتفع حاجباه وقال :
( فاترة جداً ؟ ،وأتيت كل هذة المسافة لتكوني معه )
( اتيت كل هذة المسافة لاحظى بعطله ) . قالت ثم أضافت ، ( هذا ليس من شأنك )
( بل من شأني يا أنسه فأنا أعرف مدى عمق علاقتكما )
( نحن أخ وأخت ، كيف تتوقع أن يكون شعورنا ؟ ) سألت بعصبية .

نهاية الفصل الثالث:ميت:

الغصن الوحيد
08-11-2009, 20:31
يعطيك الف عافية انتي وزوجة اخوك وتسلم اناملكم على رواية النمر المخملي مع ان هاذي الرواية تتعب الاعصاب من بدايتها ومسموحين على التأخير لك يسلممممممممممممووو

khadija123
09-11-2009, 21:26
السلام عليكم
كيفكم أتمنى أن يكون الكل بخير
smaher القصة رائعة ::جيد::نحن في إنتظار التكملة

إلى اللقاء

smaher
10-11-2009, 17:44
الفصل الرابع
- اذا ماهذه القصة ؟ اسمه ليسلي واسمك بارتون .
تنهدت جيما وقالت :
انه نصف اخي (مكسات)كانت امي متزوجه من قبل لكن زوجها الاول قتل وهو يعمل وبعد سنه او اكثر تزوجت من ابي , والآن هل فهمت وتدعني اذهل ؟
قال بنعومه :
- بعد ما قلته يا آنسة ؟ فهذا يقدم لي سببا مضاعفا لآحتفظ بك صدقيني .
شعرت بقلق غريب وقالت :
- ربما ياسيد لو عرفت تلك الاسباب لكني تعبة وسئمت من القضية كلها لا اعرف ما يفترض ان يكون فعله مايك. لكن مهما يكون فأنا لست المسؤوله عنه .
- سأخبرك ماذا فعل . قال بلطف .
- لقد اغوى فتاه من القرية واستغل الثقة الموضوعه فيه والضيافة التي حظي بها .
قالت جيما بغضب:
- كل ما تقوله كذب مايك لا يفعل مثل هذه الاشياء فهو ليس من ذلك النوع ابدا .
- هو ليس رجلا تماما اهذا ما تقولين ؟
- لا .. لكنه ليس زير نساء فلديه فتاة في انكلترا لكنها ليست جدية .
- دفاعك عن اخيك طبيعي لكنه لا يؤثر بي فماريا ستحظى بطفل منه .
عضت شفتيها :
- هل قالت هي ذلك هل اتهمته ؟
- ليس في البداية .. لكنها في النهاية اعترفت بكل شيء كيف التقوا في شانيا عندما كانت تعمل في فندق عمها وكيف اقترحت عليه استخدام الفيلا كأساس لعمله واحضرته الى هنا وكانت ام ماريا تأتي كل يون لتطبخ له وتنظف البيت حتى وقعت واذت رجلها وطلب منها الطبيب ان ترتاح .
توقف قليلا ثم اكمل :
- فحلت ماريا محلها لم ترد العائلة ذلك لأن زواجا قد دبر لها من ابن رئيس القرية الثانية وقد كانوا غير مسرورين من عملها لفترة في شانيا واقنعها بأن تحضره الى هنا ليكملوا علاقتهم السرية , من يدري ربما ظنت ان ميكاليس سيتزوجها لكنها تعرف اكثر الآن . لقد ذهب عريسها وعائسته قد انكروها. لقد فسدت وقد لوث شرف عائلتها وقريتها.
- لكنك لا تؤمن بذلك بالتأكيد ؟ فأنت رجل من العالم الذي يعرف كيف تجري الامور فيه .
قال بهدوء :م ك س ا ت
- ربما ولكن اناس هذه القرية لايعرفون لقد ولد ابي في هذا البيت هو وستافروس كانوا اصدقاء وقد كان عراب جميع اولاده بما فيهم ماريا. لقد توفي ابي وانا الآن زعيم عائلتي وفي محنتهم هذه ستافروس وانسبائه ينظرون الي .
- ولكني لا افهم ماذا تستطيع ان تفعل .. اعترضت جيما .. انا متأكده انه شيء فضيع بالنسبة لهم لكنك لم تسمع دفاع مايك بعد .
- لا .. لكن عندما اخبرته ماريا بوجود طفل هرب فقد عرف اخاك ماذا سيفعل به ستافروس واولاده اذا قبضوا عليه لكنهم مازالوا يطلبون الثأر والانتقام ... ولهذا يا اخت ميكاليس انت هنا .
- لكني لا استطيع فعل أي شي اذا كان الطفل لمايكل فأنا متأكده انعائلتي ستساعده بطريقة ما بالمال طبعا او مساعدة ماريا على بدء حياة جديدة .
- لا .. مهما كانت غلطتها فماريا لنا وسنحميها اجل ستدفعين يا فتاتي لما ارتكبه اخيك لكن ليس مالا ستدفعين بشيء من العار وعار عائلتك ستقين هنا وتعملين في هذا البيت كخادمه مثلما فعلت ماريا لأخيك وسأخذك عندما اريد مثلما اخذها

smaher
10-11-2009, 17:49
عمق صوته قائلا الكلمات المريرة كالاظافر الحادة في عقلها المشتت.
- هذا هو انتقامي يا آنسة لأخيك ولعائلتك ليعلموا ماذا يعني افساد فتاة صغيرة مدلله من قبل رجل ليس لديه نية في الزواج وربما بالمقابل سيتألمون ايضا لمعرفتهم انها تحمل في احشائها طفل رجل غريب مجهول .
وقفت منذهله تمنت الموت تمنت حدوث أي شي باستثناء هذا النوع من الرعب الذي يهددها به .
ابقي هادئة قالت بصوت بالكاد بدا كصوتها :
- اظن اني سمعت بما فيه الكفاية لا ادري اذا كان الامر كله مزحه ياسيد لكن اذا كانت كذلك فهي من اسوء النكت ... واذا اردت ان تخيفني وتغضبني فقد نجحت لكن هذا اقصى ما سترى اذا كان مايك قد سبب كل هذه الفوضى فعليه ان يسوي الامر بنفسه . انا اتعاطف مع الامر لكني سأتورط وانا بالتأكيد لن ابقى في هذا البيت تحت أي شروط او ضغوط .
- متكلمة شجاعه .. قال بسخرية .. لكن الخيار ليس لك اعتقدت اني وضحت لك الامر جيدا .
- لكنك لا تستطيع ابقائي رغم ارادتي لابد اني سأهرب ..
نظر اليها في سخرية :
- في هذا المنظر يا آنستي ؟ عارية وحافية القدمين . لا اعتقد ذلك .
بدأت تتكلم:
- لكني لست عارية ...
ثم توقفت حيث قرأت الرسالة في نظراته القاتمه فتراجعت الى الوراء متمسكه بمنشفتها:
- لن تفعل .
- انصحك بعدم وضعي في الامتحان بالاضافه الى اين ستهربين الى القرية سيرسلوك الي من جديد .
- لكن لا يمكن ان يكونوا الناس الوحيدين الموجودين هنا يوجد باص و ... .
اختفى صوتها عندما رأته يلوي فمه بحده .
- لقد اتى الباص البارحه ولن يعود قبل اسبوع من يعلم ربما اكون قد اكتفيت منك حتى ذلك الوقت .
- وانا اكتفيت منك الآن .. صرخت جيما في وجهه .
- لابد انك جننت حتى تهددني كذلك لايمكنك ان تتصور انني سأبقى هنا حتى تغتصبني .
- ليس لدي أي نية في اغتصابك .. قال بلطف .
- لن استعمل القوة معك اكثر مما فعل اخاك مع ماريا .
قالت بهمس : المسني وسأقتلك .
ضحك : معنوياتك مرتفعه اوافقك فلابد ان اوقاتنا سويا ستكون ممتعه اكثر مما تصورت .
- لن نمضي أي وقت سويا .. اذا فعلت أي من الاشياء التي ههدت بها سأذهب الى السلطات فانت لا تأمل انك ستنجو بفعلتك فنحن لا نعيش في العصور المظلمة .
- وماذا ستقولين لتلك السلطات ؟ انك ذهبت الى كنوسوس والتقيت رجلا يونانيا غنيا من اجل بعض المغامرة والنادل في الحانه سيؤكد هذا الكلام فقد رآنا ننظر لبعضنا وقد ظن ان مغادرتك السريعه ماهي الا لاغرائي لقد قال لي بأني رجل محظوظ وتمنى لي الحظ السعيد .
- لو انه عرف ماذا كنت تنوي لكان قال بأنك جننت فعلا .
- ربما .. ابتسم يتجهم .
- لكن لا يمكن ان نعرف ابدا .
لماذا ذهب الى كنوسوس في جميع الاحوال ؟ لقد نالت منها فضوليتها .
- احتجت ان ارك قبل ان اضع خطتي عندما اتصلت بالفندق قالوا انك ذهبت في الباص الى كنوسوس فقررت ان الحق بك وكانوا قد قالوا لي في الفندق انكما فتاتان انجليزيتان سويا ولم يكن من الصعب معرفتك وثم نادت رفيقتك جيما فتأكدت منك .
- الم تكن الرحله غير ضورورية .. سألت ببرود .
- ولكن ربما ستكونيني قبيحه او غير مرغوب فيك .. قال برغه .
ابتلعت ريقها :
- واذا كنت كذلك هل كنت غيرت خطنك ؟يا آلهي اتمنى لو كان لدي حدبة في ظهري وحولاء .
- لربما كنت توقفت حينها.. قال بسخرية .. لكن بما انك ..
تجولت نظراته عليها تعريها تقيمها :
- بما انك كذلك لدي تذمر واحد انت نحيفه قليلا نسبة الى ذوقي لكني في حالة كحالتنا لا يمكن الحصول على كل شيء .
كانت مفعمه بالاهانه والفضب تقوصت قبضتاها .
ابتسم بشحوب :
- اخدشيني بالشهوة يا قطتي الصغيرة وليس بالغضب او ستندمين .. حان الوقت لتبدأي واجباتك.
رأى اجفالها فضحك بصوت عالٍ .
- لا ليس هكذا .. فاحتياجاتي الآن عادية الآن ستطهين لي وجبة.
قالت بثباي : اراك في الجحيم .
رفع كتفه بازدراء :
- كما تريدين لكن يجب ان تأخذي بعين الاعتبار انه اذا لم تطهي لن تأكلي ..
نظر حوله .. انها غرفة مرضية لكن اعتقد انك ستتعبين وتملين من جدرانها الاربعه .
لقد عنى ماتكلم وقد ادركت هذا بمراره فنظرت اليه :
- كيف تعلم انني اعرف طريقة الطهي ؟
-انا لا اطلب طعاما معقدا فهناك فخذ غنم للشوي وسلطة للاعداد لابد انك قادرة على ذلك .
كانت قادرة على ذلك واكثر فقد تعلمت جيدا في البيت لكن هذا لم يكن سببا ليستغل هذا الوغد موهبتها .
- سأحاول لكن امل ان لا تلومني اذا افسدت الطعام .
- امل ان لا اضطر الى ذلك..
قال بلطف لكن بشي من التحذير ثم استدار ومشى حيث سمعت خطواته ينزل السلابم تاركا اياها وحدها .
جلست على حافة السرير , واخذت نفسا عميقا , وبدأت بالتفكير بكيفية الهرب من هذه الورطه فأول اشارة لها وجود سيارة خلف الباب ولكن لا بد انه يحمل المفاتيح معه طوال الوقت فقررت ان تأخذها منه عندما ينام .
ثم قامن ودخلت الى الحمام لتغسل يديها ووجهها لأنها لو فكرت اكثر بالامر ستفقد شجاعتها ولن تنفذ ما خططت له .
ثم لفت منشفتها حولها جيدا وتثبتها بدبابيس للشعر كانت قد وضعتهم في حقيبة الحمام . كان الكريتي جالسا على كنبه ضيقه يقرأ الصحيفة عندما نزلت وعبرت غرفة الجلوس متوجهة الى المطبخ .
تدبرت امر تشغيل الفرن ثم حضرت فخذ الغنم لتضعه في الفرن مع بعض البهارات والثوم وبعض زيت الزيتون.
كانت تقطع البندورة من اجل السلطة عندما لاحظت السكين الحاده فلو كانت ترتدي شيئا له اكمام حتى تخفيها .
تمنت لو انها تستطيع التسلل الى فوق دون ان يلاحظها لكن عندما عادت الى غرفة الجلوس كان ينتظرها ويربت على المقعد بجانبه .
- تعالي الى هنا يا جيما .
رأى ترددها فرفع حاجبه بغرور لا لم ترد ذلك . مشت نحو الصوفا وجلست بجانبه .
اذا كانت تحتاج للسكين فالآن هو الوقت المناسب لكن السكين كان في المطبخ .
- هل تريدني ان املأ الوقت بالاعمال المنزليه حتى يحين وقت العشاء سيدي ؟ أم لديك خطط اخرى من اجلي ؟
قال برقه :
- لدغه صغيره . الم يعلمك أي رجل من قبل ان تحلي لسانك ؟ خطتي ان نتكلم قليلا , نتعرف على بعضنا اكثر حتى ...
توقف وكأنه غير متاكد مما سيقوله .
- اذا انت تنوي التودد الي قليلا ؟ لكن بالتاكيد ذلك غير ضروري , لما تخططه انت ؟
نظر اليها بلمحة غضب في عينيه .
- بل ضروري , ظننت ان ذلك سيسهل من الموقف ربما .
- لا شيء بقوة يمكنك ان تفعل ذلك .
- ياللخسارة .. ظننت انه يمكن ان نمتع انفسنا ببعض الادعاء ظننت اننا يمكننا الادعاء ان امس في كنوسوس انضممت اليكما على الغداء ثم ارجعتكما انت ورفيقتك الى هيراكليون ثم تعشينا بعد ذلك انا وان وحدنا .
اصبح صوته رقيقا وعميقا جدا .
- وعندما اقترحت عليك اخذت الى الجبال وافقتوبذلك نكون قد امضينا النهار سويا وحدنا نتمشى ونتحدث والآن نحن هنا بانتظار وجبتنا وكلانا يعلم ان الوقت متأخر لعودتك الى الندق ونحن راضين .
غرق صوته في عبسات وشعرت جيما باصابعه تداعب عنقها وشعرها
- وتكونيني انتي في انتظاري يا جيما الحبيبه حتى اقبلك .
شعرت بجسده يقترب منها وهو يتكلم لكنها قاومت بشده مشاعرها التي اثارها فيها فقد عرفت انها لو قامت بأدنى حركة فتصبح شفتيها بفمه .
- تمتع بخيالاتك ياسيد لكنها لا تؤثر بشيء فكما سيحصل لم امشي معك حتى نهاية الشارع في كنوسوس او أي مكان اخر والآن لو تسمح لي يجب ان اقشر البطاطا فطلباتك الاوليه هي الطعام كما فهمت .
- لهذه اللحظة ... ثم قال من بين اسنانه .. لكن حاجتي الكبرى الاتيه هي ان اعطيك ضربة تتذكرينها دائما من الافضل لك ان تغربي عن وجهي .
رغبت ان تركض كالحيوان المذعور لكنها ثبتت نفسها ورفعت رأسها وكأنها آبهة بالنبرة المهددة في صوته فمهما كرهته لا تستطيع ابدا نكران جاذبيته فكرت هكذا وهي تدخل المطبخ ففي الحالات العادية ربما لن يفكر ابدا ان ينظر الى جيما مرتين بشعرها العادي الاشقر وعيناها الخضراوين .
فلا بد انه يدير الرؤوس اينما سار . لكن مهما كان سحره قويا وجاذبيته مغرية لن تستطيع النسيان بأنه اخذها من اجل دافع الثأروالانتقام .
وهذا ماكان يحميها لاحظت جيما بألم لأنها بدأت تعي لو ان هذا الغريب الذي اقحم طريقة في حياتها ارادها حقا لنفسها لكانت حينها لا تعلم كيف يمكن ان تقاومه .
القت جيما نظرة اخيرة على مظهرها بعدما لبست قميصا قد اخذته من غرفة الكريتي وحزمته بحبل كانت قد وجدته في جارور المطبخ وطوت اكمامه حتى معصمها حيث اخفت ساعة يدها والسكين التي علقته بها .
ثم نظرت الى الخارج فلم تجد سيارته الفاخره بل جيبا صغيرا حيث بدا سهل الاستعمال . وضعت يدها في شعرها
وبللت شفتيها الجافتين من جراء تخيلها وجود رجل على الارض سابحا بدمائه وهي تبحث في جيوبه عن مفاتيح الجيب .
حسنا اذا حصل هذا فسيكون هو الذي طلب ذلك , طمأنت نفسها بعد نظرة اخيرة على نفسها في المرآة نزلت ببطء على السلالم. كانت غرفة الجلوس خالية ,
لكن عندما توقفت اخر الدرج خرج هو من المطبخ , رآها فتوقف وقطب حاجبيه عندما رأى ما ترتدي فأخذت جيما المبادرة :
- اتمنى الا تمانع يا سيد لكن يجب ان ارتدي شيئا والشحاذون ليس لديهم خيار .
- الشحاذون يقتنعون عادة بأقل من افضل قميص عندي .. لكن ارتديه الليله بامكاني استعادته لاحقا . والآن قدمي لي هذه الوجبة .
تجاوزته جيما نخو المطبخ , فجهزت له مكانا على مائدة الطعام ولكن وضعت خاصتها في المطبخ ففي جميع الاحوال لقد قال لها انها ستعمل كالخادمة ومن المتوقع ان تأكل الخادمه في المطبخ .
ثم انها قد خطرت لها فكرة اخرى وهي تعد الطعام فبعد ان اخذت حصتها من البطاطا وضعت كمشة من الملح فوق البطاطا التي وضعتها في صحنه .
على الاقل سوف يتذمر من اكلها وفي افضل الاحوال سيمرض وبأمكانها ان تحتج بعينين بريئتين ان الناس في انكلترا يحبون طعامهم هكذا .

نهاية الفصل الرابع:بكاء:

smaher
10-11-2009, 17:52
الفصل الخامس
عندما اخذت طبقه الى غرفة الطعام كان يصب كأسين :
- الست جائعه ؟
سأل مستفسرا حين وضعت طبقا واحدا .
- سأتناول طعامي في المطبخ .
تقلصت شفتاه الحازمتان وقال ببرود:
- كلا ستأكلين هنا في كل الاوقات . هل هذا مفهوم ؟
- رائع .
ابقت جيما صوتها دون انفعالات احضرت طبقها وجلست في المقعد المقابل تراقبه وهو يلتقط شوكته.
- لم تضعي لنفسك الكثير من الطعام .
- لدي الكثير .. ردت بسرعه ... وفي جميع الاحوال انا في حمية .
- اذا يجب ان لا تكوني .. فانت نحيله جدا كما اخبرتك .
بهدوء ابدل طبقها بطبقه
- يبدو شهيا .. اضاف ثم بدأ بالطعام .
صرت اسنانها بخيبه ثم التقطت شوكتها وبدأت بالطعام وكانت حذرة جدا في الابتعاد عن قطع البطاطا.
لابد انه عرف بالامر فكرت لكن كيف يمكنه ذلك ؟ فهو لم يكن في المطبخ خلال اعداد الطعام .
- يجب ان تأكلي بعض البطاطا انها رائعه .
- انها طبقي غير المفضل
ردت محاوله تجنبها بأسف .
- وتطبدت المشقه في طبخها بهذه الطريقة الخاصة لي انت قديسة بين النساء يا جيما .
لم تظطر للنظر اليه لتلاحظ سخريته فنبرة صوته اللعوب كانت كافية رشفت من كأس النبيذ ثم ابعدته بسرعه ناظرة اليه بارتياب .
- ماهذا ؟
ضحك ..: ريتسينا نبيذ منكه بالراتنيخ انه آمن لللشراب لكن لم افحصه في اية حال .
وضعت كأسها جانبا :
- اظن انني افضل الماء .م.ك.س.ا.ت
- كما تريدين يوجد زجاجة ماء في الثلاجه.
عندما عادت كان قد انهى طعامه ويقشر حبة خوخ بدأت بتنظيف الصحون فأوقفها .
- هل تنوين تجويع نفسك اما عيني ؟ ام انك عابسة لأن حيلتك في الطعام لم تنجح ؟
- انا لا اعرف عن ماذا تتكلم .. كذبت جيما ببروده .. واذا لم تكن لدي شهية هل هذا امر غريب ؟ فأنا اسوء من سجينه هنا .
- على الاقل تناولي بعض الفاكهة.
دفع طبق الفاكهة نحوها لكنها رفضت بهزة من رأسها .
- جيما انا لست بربريا اذا وعدتك بأنك ستنامين الليلة وحدك هل ستأكلين شيئا ؟
اعطته نظرة مجفلة :
- لماذا عليك ان تعدني بشيء كهذا ؟ وكيف سأعرف انك ستحتفظ بوعدك , بعد ماحصل في اليومين الماضين ؟م ك س ا ت
- سأحتفظ بوعدي .. ولدي اسبابي لكن لا انوي مشاركتك اياهم او مشاركتك سريري الليلة .
لقد حام امل كبير بنفسها حدقت به .
- كم سيستمر هذا الارجاء يوم اسبوع اكثير ؟
- حتى اقرر شيئا اخر يا جيما الحبيبة ... قال بلا مبالاة .
- انا لا اصدق ذلك اظن انك تعيد التفكير لقد قلت لتوك انك لست بربريا لكن ابقاءك لي هنا كعبدة عمل غير انساني .م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 17:54
توقفت وتركزت عيناها الواسعتان على وجهه بعاطفة :
- اثبت انك لست بربريا ودعني اذهب ارجوك .
لم يجب واستمرت هي ساعدتها شجاعتها .
- اذا اعدتني الى هيراكليون غدا لن اخبر احدا عن الموضوع ففي جميع الاحوال انا لا اعرف اسمك لقد تكلمت سابقا عن الادعاء , حسنا يمكننا الادعاء ان هذا لم يحصل ابدا يمكنك ان تخبر اصقائك قصة ما انني هربت او أي شيء اخر لا يمكنك اقناعي انك متورط بهذه القصة الدنيئة انك حتى لا تنتمي الى هنا , فهذا ليس من اهتماماتك .
ضرب بقبضته على الطاولة فتقلصت جيما وتراجعت الى الوراء.
- انت تتكلمين كالحمقاء يا آنسة , انت من مدينتك الانجليزية الآمنه, ماذا تعرفين عني عن أي منا ؟ اذا وجدت ان هذه القصة دنيئة اذا واحدا من افراد عائلتك افتعلها, اذا اراد امرأة كان عليه ان يذهب الى الكنيسة او يتلاعب مع امرأة من موطنه تعرف بألاعيبكم تظنين ان وجودك معي هنا هو اسوأ ما يمكن ان يحدث ؟ انت مخطئة فأنت محظوظة لأن اخاك مازال على قيد الحياة وانت تشترين حياته, لا تخطئي بشأن ذلك , والآن هل مازلت تريدين الهرب ؟
- اجل , لأني غير مقتنعه بكل هذا فقد حوكم مايك وادين في غيابه دون ان يحظى بأية فرصة للدفاع عن نفسة وماذا عن ماريا البرئية ؟ لا يبدو الامر لي ان كل شيء صار رغما عنها لقد قلت بنفسك انه لم يغتصبها .
- هذا هو السبب تماما الذي يبقيه على قيد الحياة للحظة.. واحذري من كلامك عن ماريا معي , بالنسبة لنا براءة فتياتنا في حمايتهن وكان يجب ان يكون الامر كذلك بالنسبة لأخيك الذي قبل كصديق في قريتنا ونال ثقتنا لكنه خانها وهرب بدلا من مواجهة الامر لكن انت يا جيما لن تهربي ولديك ضمانتي بذلك .
- وانت لديك ضمانتي بأنني سأفعل أي شيء لاهرب منك, انا احتقرك واكرهك لفعلك هذا بي وانا اعلم لماذا تركتني الليلة لأنك تظن بانانيتك انني سأركض واقع بين يديك اذا انتظرت اكثر , لكن انسى ذلك فكل ما ستاخذه مني سيكون بالقوة والاغتصاب لن يكون اسوء من تلوثي في وجودي هنا معك تحت سقف واحد .
وقبل ان تستطيع التحرك امسك عنقها بيده ساحبا اياها نحوه وقال من بين اسنانه :
- لقد اخذت صراحتك حدها اذا لن يكون لديك اعتراض اذا كان لدينا مصدرا واحدا للتلوث على الاقل .
تحركت يده الى الاسفل تفك ازرار قميصها وقد عرفت في تلك اللحظة انها اذا سمحت له بالاستمرار في تعريتها كما ينوي ان يفعل فستكون وسمة عار لها كل الحياة .
تسللت اصابعها تحت لحمها فاستلت السكين في يدها ثم قالت بصوت اجش :
- دعني اذهب لا تلمسني والا استعملت هذا اقسم اني سأفعل .
خطى الى الوراء ناظرا اليها دون اية انفعالات ثم قال :
- استعمليها اذن , هل تعرفين كيف ؟
شدت اصابعها بقوة محاولة ايقاف الرعشة التي اعترتها راقبت بذهول غير مصدقه وهو يفك ازرار قميصه حتى الخصر حتى اصبح صدره عاريا تماما ثم قال ثانية .
- هل تعرفين كيف ؟
امسك معصمها بيده وجرها نحوه وضع يدها الخالية على قفصه الصدري والاخرى على جلده قرب قلبه تماما .
- اضربيها عاليا .. نصحها ببرود .. هكذا .
ضغط على معصمها بقوة وتسمرت تماما رأت القليل من الدماء يظهر على رأس السكين .
صرخت باختناق وخوف وتراجعت الى الوراء رامية السكين سامعه صوتها تقع على الارض .
ارتجت رجلاها فوقعت على ركبتيها وغطت وجهها بيديها تمزقت انفاسها المعذبه في رئتيها.
رفعها بيديه لتقف على رجليها فقاومت منتحبه .
- لا ....لا ....
مرر يده في شعرها محاولا تهدئتها وبدا وجهه الداكن يسبح في وجهها استطاعت رؤية هدف في عينيه وتكونت صرخة احتجاج في حنجرتها المتوترة ولم تخرج ابدا .
لم تستطع التفكير او التنفس ارادت البقاء عادية غير قادرة على تلبية أي متطلبات .
كان وجهه متقلصا مقسما خطوطا كالجبال المحيطة بهم نظر اليها للحظة طويلة ووضع يده على خصرها محاولا تقريبها منه حتى تلتقي اجسادهما حيث شعرت بالتجاوب والرغبة تتأججان في جسدها تطالبان بالمزيد .
وفجأة وجدت نفسها حرة لا اتصال بينهما ابدا وشعرت بالخجل عندما لاحظت انه هو الذي خطى بعيدا عنها ثم قال بقسوة .
- من الافضل ان تذهبي الى غرفتك بينما انا قادرا على ابقاء وعدي لك .
ابتلعت ريقها بتشنج ثم استدارت وابتعدت عنه باتجاه السلالم ثم توقفت ونظرت خلفها.
لم يتحرك على الاطلاق استطاعت رؤية صدره العاري يحاول السيطره على انفاسه وقرب قلبه نقطة الدماء .
وضعت يدها على فمها بصدمه عندما استوعبت القوة الكمالة لكل شيء يحصل بينهم.
تناهى اليها صوته رقيقا وعديم الرحمه . فقال :
- لن يكون اغتصابا .
صرخت جيما بوهن وركضت بعيدا عنه الى الامان الوهمي الذي تؤمنه لها غرفتها .
جلست جيما لوقت طويل في غرفتها تحدق في الفراغ محاولة معرفة ما حصل. لم تستطع اعطاء نفسها أي عذر او تفسير. كان هذا الرجل يجب ان تكرهه رجل لا تعرف اسمه حتى
رجل يستخدمها كأداة لتنفيذ انتقام لا تستطيع فهمه .
اذا لماذا بالرغم من كل شيء وجدت نفسها بين ذراعيه ؟
فكرت بأن اندفاعها قد فاجأه لكنها لم تستطع استخدام عنصر المفاجأة بعد اليوم لأنه سيتوقع منها أي شيء الآن.
لكن لم يكن لديه فكرت بأنها تستطيع القياده اخبرت نفسها مما رفع لها معنوياتها وخطتها الثانية كانت ايجاد مفاتيح الجيب
بالرغم من ان فكرة القيادة في الجبال افزعتها لكن أي خيار آخر لديها وهي دون حذاء لتسير به او ثياب مناسبه ؟
عندما تكون داخل الجيب ستكون آمنه حتى تصل الى شانيا لتجد هيلاري وجايمس وهناك سيذهب جايمس الى السفارة ليستصدر لها جواز سفر جديد وستعطيها هيلاري بعضا من ثيابها .
ولكن عندما تهرب مازال هناك مشكلة مايكل لتتعامل معها يجب ان تجده بطريقة ما وتحذره بان لا يقترب من كريت فخاطفها المجهول يستطيع عمل أي شيء لينفذ انتقامه .
نظرت الى الشعله المتراقصة بجانبها وارتجفت ثانية فلابد انه وضع هذه الشعله عندما كانت هي في المطبخ
مما جعلها تحس بأنها تريد الهرب خلال الـ24 ساعه القادمه.
تلك اللحظات الاليمة العاطفية بين ذراعيه علمتها اشياء كثيرة عن نفسها لم تعرفها من قبل , بالرغم من علاقاتها مع عدة اصدقاء الا انها لم تحاول الاستغراق في علاقاتها مع أي منهم فقد كانت تكتفي بتقبيلهم باستثناء الليلة. فكرت واضعه يدها على فمها .
ردل محتشم ومحترم اراد ان يتزوج منها لكنها رفضت دون أي احساس بالندم وهاهي الآن تتعلم درسها الاول في الرغبة من غريب لا يهتم لها ابدا .
مجهول يأخذها فقط ليطبق بعض المبادئ البدائية للعداله ؟
لكن هو كما يبدو بعيدا عن البدائية فكيف يمكنه ان يكون بربريا ؟.
وكل الوقت ها أي جالسة تحدق بالشعله وتفكر. كانت تستمع لصوت خطواته تصعد السلالم لقد وعدها لكن هل سيبقي وعده خفق قلبها بشده.م ك س ا ت
فهي ليست مستعده لتكتشف ذلك فأطفأت الشعله بنفخة عصبية . تحركت بهدوء في الظلمة فغسلت وجهها ونظفت اسنانها في الحمام وخلعت القميص وعلقته على الكرسي,
فربما لن يكون لديها غيره لترتديه غدا . ثم تمددت على السرير مرحبه ببرودته المنعشة . لكنها لم تستطع الاسترخاء , كل ما فعلته هو التحديق بالسقف منتظره لما قد يحصل .
سمعته يتحرك في الاسفل من جديد سامعه طقطقة الزجاجة على الكوب بدا وكأنه يشرب الخمر لم تكن متأكده اذا كان هذا سيء ام جيد . مرت فتره وهي تحاول التصميم فغالبها الارهاق اخيرا وغرقت في نوم عميق .
استيقظت جيما في الصباح الباكر للحظة لم تستطع تذكر اين هي فنظرت حولها متسائلة اين هي ثم عادت اليها ذاكرتها فأطلقت تنهيده وغرقت في وسادتها.
تساءلت مالذي ايقظها, فهي لا تستطيع عادة في هذا الوقت المبكر فقامت من سريرها واقتربت من النافذه فتحتها بحذر فرأت فتاه تسير بعيدا عن الفيلا بقليل ذات شعر اسود وترتدي ثوبا احمر .
حتى من تلك المسافه استطاعت جيما رؤية جمال الفتاة وحيويتها, اسرعت جيما بارتداء قميصها فقد احتاجت الى التكلم مع تلك الفتاة وبسرعه.
خرجت بهدوء من غرفتها وتسللت بهدوء عبر السلالم وتوقعت انها ستتصارع مع اقفال الباب لتفتحه لكن لدهشتها لم يكن مقفلا حتى .
فتحته بعناية صرت على اسنانها عندما اصدر صريرا خفيفا لايهم كل ذلك فكرت بتفاؤل فبعد الذي شربه البارحه سيبقى سجانها نائما حتى الظهر .
- هل ستذهبين الى مكان ما ؟م ك س ا ت
كادت جيما ان تصرخ استدارت وقلبها يخفق بالألم كان يقف بمواجهتها يراقبها ويداه على خصره.
- كنت سأتنشق بعض الهواء ... ردت مدافعه .. ام تظن انه غير ضروري ؟
هز كتفه بلا مبالاة وكأن الهواء المنعش والغاز السام نفش الشيء بالنسبة له .
- افعلي ما تريدين .. قال ببساطه .. ثم يمكنك تحضير وجبة الافطار وستجدين الخبز الطازج في المطبخ .. اضاف باختصار .
- آه ؟ ومن احضره الى هنا ؟ سألت باستغراب .
- احد القروين .. كانت نبرته عصبيه .. والآن اذا لم يعد لديك اسئلة سأذهب لأكمل ارتداء ملابسي .
- لقد رأيت فتاة من النافذه فكرت انها ربما تكون ماريا .
- اذا انطحك ان لا تفكري كثيرا ... قال بغير رضا .. فقط افعلي ماهو مسموح لك وناديني عندما تجهزين الافطار .

نهاية الفصل الخامس::جيد::

smaher
10-11-2009, 17:58
الفصل السادس
نظر اليها من فوق كتفه واستدار نحو السلالم .
- بالتأكيد ..ردت جيما ببروده .. واين تحب ان تتناول فطورك في غرفة الطعام او على التراس ؟ ام مرمية عليك قالت في نفسها .
- على التراس .. قال بازدراء .
- وعندما اناديك . ماذا سأقول لك ؟ اكملت بسخرية .
قطب جبينه :
- ماذا تعنين ؟
- انا لا اعرف اسمك .. اذا كيف تحب انا اناديك سيدي ربما ؟ ام صاحب الجلاله ؟
ازدادت عبسته :
- انصحك ان تصوني لسانك يا آنسة فمزاجي لا يحتمل سماجتك .
- لا حظت ذلك .. ردت بجفاء .. احباط جنسي ,واثار خلفها اسرافك في الشراب يبدو وكأنهم مزيج مميت .
ضاقت عينيه بخطر :
- كيف تتجرأين وتقولين لي مثل هذا الكلام ؟.
- لا شيء , لا شيء .. ردت بسرعه مزحه خفيفة , هذا كل شيء لكن في غير مكانها آسفه .
نظر اليها طويلا :
- اظن انك ستكونين ..... قال اخيرا وصعد الى الطابق العلوي .
اخذت جيما نفسا عميقا وزفرته بارتجاف كانت حمقاء لتستفزه هكذا, يجب عليها في مثل هذه الظروف ان تحافظ على تفكيرها المنطقي قررت بجفاف ,
نظفت غرفة الجلوس ثم ذهبت الى المطبخ فحضرت عصير الليمون والقهوة والقليل من المربى والخبز المحمص وحملت الصينية ووضعتها على التراس
جهزت الطاولة وغطت على الطعام بقطعه قماش ثم صعدت الى الطابق العلوي كانت ماتزال ترفع يدها لتطرق الباب حين فتح فجأة مجفلا اياها
كان شعره رطبا من الحمام واستطاعت تنسق شذا البروده في جلده ,كان من اكثر الرجال جاذبيه رأته في حياتها
فكرت جيما وهي تنظر الى طول اهدابه السوداء كالعقيق اليماني وتفاصيل ذلك الفم الخبير ...
قالت باختناق :
- افطارك جاهز ..
استدارت بسرعه لتهرب لكن يدا قويه امسكت ذراعها .
قال بنعومه :
- ربما سيبدأ يومي من هنا يا عزيزتي جيما .
فركضت باتجاه التراس . بعد قليل انضم اليها فتنقلت عيناه بين تعابيرها المتحفظة وطبقها الفارغ امامها .
- الخبز جيد يا جيما . خذي بعضه .
- لست جائعه .. قالت بحده .
- يجب ان تاكلي والا ستمرضين .. اتت نبرته حاده قوية .
رفعت جيما حاجبيها:
- قبل 24 وساعه هددتني انك ستجعلني اموت من الجوع .
- يبدو ان لدي الكثير لأقوله .. قال بتجهم .. لكن فتاه ضعيفه من الجوع غير محببه في السرير .
اشتدت شفتا جيما كانت جائعه كثيرا الشمس الهواء ورائحة الخبز حثتها على الاكل لكن الآن ستلعن نفسها اذا تناولت كسرة خبز امامه .م ك س ا ت
قالت ببرود:
- لكن حينها تزيدك بهذه المتعه هو اخر ما افكر به .
- اذا ماهو الاول ؟ بدا مهتما بتهذيب ليس الا .
- ان اخرج من هنا ... قالت من بين اسنانها .. واضعك في السجن حيث تنتمي .
- مخطط طموح .. لم يبدو مندهشا .
- لكن ليس مستحيلا .. ترددت .. ففي جميع الاحوال انت لا تأمل بان تفلت من العقاب . فأنا لست وحيده في هذا العالم لدي عملي في انجلترا وعائلتي واذا لم اعود في وقتي المحدد ستتخذ الاجراءات اللازمه .
- وعندما ستتخذ الاجراءات ماذا سيكتشفون ؟ انك كنت هنا معي اننا عشاق انها قصة قديمة كالزمن ولن يفاجئ احد الا عائلتك ربما ومن نواياي ان اجعلهم يتألمون لأخلالك بالشرف .
اصبح صوتها غليظا :
- هو لا يستحقون هذا .
- وستافورس وزوجته ايضا لا يستحقون هذا انه شيء فعله اخوك كان يجب ان يأخذه بعين الاعتبار قبل ان يغوي ماريا .
رفعت رأسها :
- اذا ماذا سيرضيهم ؟ ان يتزوجها مايك ؟
- هل تظنين ان هذا محبب ؟
عضت شفتيها : لا.
قالت بصدق لعد لحظة تفكير :
- هو مازال تلميذا لا يمكنه توفير معيشته للزواج من أي شخص لعدة سنوات مع اني اظن انه يجب ان يخصص شيئا لاعالة الطفل .
اضافت عابسه صمتت لعدة لحظات ثم اضافت بصوت غير مستقر .
- اذا كنت مصمما على معاقبة مايك من خلالي الا يتوقف عند هذا الحد عقابه .
- لست متأكد من انني فهمتك .. شرب بعض القهوة .
تدفق الدم الى وجهها بألم .م ك س ا ت
- اذا وافقت ان تنال ما تريد مني هل ستتركني اذهب وينتهي العقاب ؟
اشتد فمه بجفاف :
- لقد حظيت بدعوات مسلية اكثر يا عزيزتي , لماذا يجب علي ان اوافق على امر كهذا ؟
- اخبرتك لدي حياة في انكلترا لأعود اليها مهمة .. اريد ان اعود اليهم .. قالت بحده .
- ورجل ربما ؟
كلمات النكران كانت على شفتيها عندما اشتمت جيما رائحة الخطر في هذا السؤال .
- هذا ليس من شأنك .
- تعتقدين ذلك ؟ لكني انا مهتم بمعرفة ما اذا كنت ستأتين الي عذراء . ام انك كنت على علاقة بتلميذ ما ..

smaher
10-11-2009, 18:09
حاولت ان تحفظ على جأشها :
- بالطبع كان هناك رجال . فكما قلت بنفسك الامور مختلفة في انكلترا فحياة الفتيات هناك لا تحظى بحماية وتعصب .
- هل هذه حقيقة ؟ اتكأ على كرسيه محدقا بها ..لكن اذا كنت حره بفضائلك هكذا يا جيما العزيزة لماذا اذا اعتراضاتك العذروية ؟
كادت جيما ان تكسر اسنانها من الغضب لقد كانت متأكده انه يريد منها الاعتراف بعذريتها ربما لأنه اراد انتقامه ان يكون كاملا
فأملت انها لو ادعت بخبرتها ملمحه الى انه سيكون واحدا من عدة سيجد الامر مقززا وربما سيغير رأيه .
فقالت بحده :
- لأني افضل الاختيار فأنت اجبرتني على هذا الوضع ...
ضحك :
- أي قوة استعملتها ؟ .. تحداها .. فانت تتحركين بحرية في هذا البيت لم اربط لك معصميك وجررتك صارخه الى السرير ليس هناك اية علامات عنف على جسدك .
التقت نظراتهما .. ليس بعد . قالت .
- بل ابدا .. رافعا يده .. ولماذا سأستخدم العنف عندما ادرك ان بعض الصبر سينجح في احضار أي شي ارغبه منك ؟
نظر اليها بثبات ..
- مثلما نعرف تماما .
- انت , انت مغرور اناني .
- اذا كنا سننادي بعضنا بالنعوت انت يا عزيزتي منافقة صغيرة, في كنسوس لاحظت وجودي . مثلي تماما كان باستطاعتي ملاحقتك كسائحه جميله انجذبت اليها واحضرتك الى هان فاخذتك روحا وجسدا ثم اقول لك الحقيقة كان الامر مغريا صدقيني يا عزيزتي هل هذا ماكنت تفضلين فعله ؟
جلست مذهوله كان عقلها يرفض كل صور كلماته التي قالها.
لكانت كما قال ستقع بين ذراعيه مصدقه نفسها ثم تستيقظ على الحقيقة المره لكان ذلك دمرها تماما .
سمعته يكرر سؤاله :
- هل هذا ماكنت تفضلين فعله ؟
قالت بصوت اجش :
- لا .
- ذلك مافكرت به ايضا ... ثم نظر الى ساعه يده .
- موعد .. سألت ساخرة .. ارجوك لا تعطل مشاريعك بسببي .
ابتسم بازدراء لها..
- لن تستطيعي تعطيلي اذا لم ارد انا البقاء ولدي موعد عمل بالفعل, آمل ان لا تشعري بالوحده .
حدقت به :
- آه اعتقد انني سأعيش ..
تكلمت بهدوء لكن قلبها كان يخفق بسرعه فهو سيتركها وحدها بالطبع سيأخذ الجيب لكن هناك طرق اخرى ...
- اتوقع منك ذلك , لكن لأطمئنك اكثر تدبرت لك رفيق .
انفجر بالون الامل داخلها بسرعه فاجبرت وجهها وصوتها على البقاء طبيعين .
- هذا لطف منك ياسيد لكني لا احتاج الى نائب سجان .
- تعتقدين هذا ؟ ارجع كرسيه ووقف .. لكنك تحتاجين لشيء يحميك من تهورك ولدي شعور بأني لو تركتك هنا وحدك ستكونين طائشة جدا .
توقف ثم اضاف ..
- سأكون مرتاحا اكثر في عملي عندما اعلم بوجود شخص معك من يعلم ربما ستفتقديني قليلا .
- لن اعتمد على ذلك .. قالت بعصبية .
- وانت كذلك ...
ثم اكمل وكانه لم يسمع ملاحظتها الاخيرة .
- وفكري اكثر بالعرض المغري عن جسدك الذي قدمته لي ففي نيتي القبول فاذا لم تكوني جاده قولي الآن .
- لا لم اكن جدية .م ك س ا ت
- حكيمة جدا ..
بدا وكأنه يوافقها ..
- فكما ترين لم اكن لأضمن لك شيئا كنت تظنين بأني سأكتفي منك من مرة واحده انت مخطئة يا محبوبتي فعندما احظى بك يا جيما فسأحتفظ بك لفترة على الاقل . ومن المحتمل ايضا عندما تصبحين لي سترفضين انت الذهاب .
ارادت ان تقول شيئا يمزق عجرفته لكنها لم تجد أي كلمة تقولها لكنها اخيرا سمعت نفسها تقول .
- اه عالم مجنون يا جيما العزيزة سأحضر معي الطعام هذا المساء عندما اعود , هل لديك أية طلبات ؟ أي شي تودين مني احضاره لك من البلدة ؟
رفعت حاجبيها بدهشة بالغة ..
- تحاول شرائي ياسيد ؟ بالتأكيد انت لا تفقد الامل في تقنياتك .
نظر اليها طويلا ثم قال:
- كانت بادره عن حسن نية حتى اخفف من حدة الوضع قليلا لكن انسي ماقلته لك .
واستدار ليخرج .
عضت جيما على شفتيها ..
- آنا اسفة .. قالت بصعوبة .
- في الحقيقة اريد منك ان تحضر لي شيئا ارتديه من فضلك شيئا بديلا عن هذا .. دلت على القميص الذي ترديه ... اذا كان بالطبع ليس بالشيء الكثير الذي اطلبه؟ .
- لا .. تابع مراقبته لها .. على الاقل عندما تطلبينه بالطريقة الصحيحه .م ك س ا ت
- لقد قلت لك من فضلك ... قالت بصوت منخفض .
- سمعتك لكن افضل لو كان الطلب بحرارة اكثر .
- هل تريدني ان اركع ؟
بدأت تجمع الاطباق عن الطاولة متجنبه النظر اليه .
- لا .... اظن اني افضل قبلة .
- اذهب الى الجحيم .. تكلمت بمرارة .
- كما تريدين .. اذا طلبك مرفوض .
حدقت الى الطاولة ..
- تعني اني اذا قبلتك ستجلب لي شيئا ارتديه .
- اجل يا عزيزتي , هذا ما عنيته تماما.. قال بسخرية.. وهل هذا كثير لأطلبه ؟
- انا لا اطلب منك الكثير . فلديك امتعتي ماعليك الا فتح حقيبتي ....
- وما عليك الا ان تمشي بضع خطوات نحوي ...
قال بصوت رجولي قاسي
- القرار لك ..م ك س ا ت
رأسها منحني وجنتيها تحترقان كارهة له مشت عدة خطوات لم يتحرك هو كان عليها ان تقف على اطراف اصابعها لتصل الى خده الذي طبعت عليه قبله .
امسكت يديه بكتفيها بعنف مجبرا اياها على البقاء حيث هي ناظرا اليها بوحشية .
- هل هذا ما تسمينه قبلة .
طالبها بقساوة اغمضت عينيها لم تستطع التفكير او التكلم او تذوق أي شيء سواه بدا وكأنه يملأ الكون شعرت بالارتجاف في داخلها وادركت انها دون قبضته القوية على كتفيها لكانت انهارت على الارض .
فلم تكن قدميها قويتين كفاية حتى تدعمها . كانت شاحبه شعرت بالموت او ربما ماتت الآن , وهاهي الجنه الآن في متناول يدها .
لم تستطع التنفس وعندما تركها كان الم الانفصال اكثر مما تتحمل .
رفعت يديها وتلمست شفتاها برقة محدقه بالارض حتى لا يرى مدى تأثير وحشيته المحببه عليها .
- اذا ... لم يكن تنفس منتظما ايضا ... الآن بدأنا نفهم بعضنا قليلا .
اخذ ذقنها بيده رافعا اياه لتلتقي بعيناه الداكنتان كالليل .
- لنجعل شمسنا الكريتيه تدفئك يا جيما قبل ان اعود الليلة .
اضاف بتجهم .. فصبري له حدود .
تركها فمشت في البيت في الغرف والمطبخ وكأنه مكان مقدس .
لا لم يكن مقدسا فكرت وهي تغسل بالمياهر البارده معصميها ويديها ليس حتى وهي تحتاج واحدا في قلبها .
بدا وقتا طويلا قبل ان تسمع صوت الجيب يدور ويبتعد فقد امضت معظمه متكئة تصلي بأن لا يلحقها.
فقد كانت مرتبكه وقابله للعطب دون مكان تهرب اليه .
تحركت اخيرا لكن ببطء وكأنها غير متأكده من ان جسدها سيطيع دماغها لكن دماغها ذكرها كم من الخطر عليها ان تستفزه .
تنهدت بحده مجبره نفسها على مصارعه مشاعرها التي تهددها بالسيطرة عليها .
لقد قال سيحصل انه سياخذ وهي ستعطي وقد عرفت الآن كم من السهل ان تدع نسها تنجرف مع التيار تغرق معه في سلوان حسي لم ترد رجل ابدا في حياتها من قبل ولسخرية الاقدار ان يكون هذا الرجل بالذات محرك عواطفها ورغباتها .
تمنت من كل قلبها لو كان لديها الخبرة على الاقل لكانت ادركت كيفية التعامل مع ما يحصل لها.
لا ستطاعت ان تحكم , ان تقدر موقعها من تجاوبات استطاع او بدا وكأنه قادر على تحريكها وليس لديها أي شي مسبق من حياتها.
شعرت بالخجل لكنها لا تستطيع نكران وجوده اكثر اصغت قليلا فلم تسمع أي صوت فلربما قد نسي سجانها احضار نائب عنه
فكرت بأمل واذا كان الامر كذلك.. ركضت بسرعه الى غرفتها فتحت الستائر فعليها ايجاد قميصا ملائما لها اكثر للهرب .
مع حزام من خاصته لكن ماذا ستفعل بالحذاء وهو ضروري جدا فجربت صندلا كبيرا جدا بالطبع, لكنها فكرت انها لو حشت فيه بعض الورق تستطيع المشي على اية حال .
لقد كانت هذه فرصتها الاخيرة وعليها ان تجازف .
ارتدت القميص النظيف ززضعت عليه الحزام وعبست قليلا عندما ذهبت لترى منظرها في المرآه لكنه كان محتشما تماما .
تمنت لو انها كانت تنتبه اكثر لخريطة تاكيس لكانت عرفت الآن القرى الاخرى المجاورة . ربما قرى متمدنه اكثر فكرت بأمل حيث لا يعترفون بالانتقامات الجنسية , فكرت في نفسها وهي تفكر بكيفية الهرب بالتأكيد لابد من وجود شيء اخر , فلا يمكن ان تكون لوسيناس نهاية الخط م ك س ا ت

نهاية الفصل السادس:لقافة:

smaher
10-11-2009, 18:12
الفصل السابع
اخذت نفسا عميقا كان هناك طريقة واحده لتكتشف ذلك اخبرت نفسها.
للحظة فكرت ان الضجه التي تسمعها هي جراء عاصفة فأخر شيء تريده هو ان يقبض عليها في عاصفة ارادت ان تهرب لكن ليس ان تموت من المرض .
صدرت الضجة ثنية فادركت بتوقف مفاجئ لقلبها انه صادر من حنجرة كلب كبير .
توقفت مصعوقه تحدق بالفراغ والكلب ينظر البها بغضب.
قالت جيما بصوت مذعور :
- اهلا ايها الكلب الطيب .
فكرت جيما بالهاءه ببقايا الطعام من ليلة البارحه لكنها طردت الفكرة من رأسها . فهذا الكيربروس بدا جديا ويريد وجبة مخصصه اكثر من بقايا ترمى له .
قالت بصوت عال:
- كيربورس اسم جميل لك .
وتراجعت نحو البيت ووقفت للحظات تراقب الكلب ينتقي مكانا ظليلا ليستلقي لكنه لم يبد نائما ابدا. لأن اذنيه تتحرك عند كل حركة تقوم بها.
رفيق فكرت بانزعاج لكنها لم تعلم بالنصف الاخر تحركت بحذر بدأت تنظف البيت تكنس تمسح الغبار وبدا الكلب كيربورس وكأنه يتقفى اثر كل حركة ترصد عنها بعينيه المحدقتين .
مرة ومرة فقط حاولت ان تتجاوزه الى الدرجات لكنه زمجر بها حتى انها تخلت عن الفكرة فورا .
عندما صعدت جيما الى فوق وقف وهز نفسه وتبعها وجدت الراحه تقريبا كانت تقدير السقطه عن التراس حيث كانت تأخذ حماما شمسيا في اول يوم لوصولها هل هو حقا البارحه ؟
سألت نفسها بدهشة صريحه ووجود الكلب انها لن تفكر في المحاولة حتى وتجازف بكسر قدمها او ربما اسوأ.
فالناس الذين فضلوا الموت على الاخلال بالشرف من الواضح انه لم يكن لهم أي خيار فكرت بسخرية .
تمدد الكلب في الممرر وراقبها تتحرك من غرفة الى اخرى تنظف الحمامات وترتب الاسرة بينما جيما تعمل , كانت تتكلم معه وكأنه كلبها المدلل وليس سجانها وتدريجيا كانت تكافأ بهزة من ذيلة لكنها فكرت بجفاف ان هذه عاده فيهم ليس اكثر .
عملت ببطء في غرفة الكريتي. آخذه الوقت لتنظر حولها .
لقد كان غامضا كثيرا بالنسبة لها وهده الغرفه لاتحمل أي دلائل على الاطلاق .
كان هناك ملابسه غالية من اصناف ممتازة لكن محتويات اخرى شخصية لا صور رسائل او اوراق تعطي أي معلومات عن هويته .م ك س ا ت
فكرت اذا كان هذا جزء من الخطة او انه يعيش حياته هكذا باقتضاب رجل يسافر خفيفا لأنه يسافر وحيدا.
لكن من المحتمل ان يكون لديه زوجة وست اولاد في مكان ما . ربما هو معهم الآن في هذه اللحظة يلعب دوره في حياته المقدسة فكرت .
واذا كانت هذه الزوجه موجوده هل تعلم مايفعله في هذه الايام بعيدا عنها ؟ واذا كانت تعلم هل تهتم ؟ هل رغبتها في الانتقام موازية له. حتى انها تلغي كل الاعتبارات الثانية؟
بدا الامر مستحيلا ان تتقبل زوجة فكرة ان ينام زوجها مع اخرى مهما كان الدافع لذلك.
انا لا اقبل فكرت جيما بغضب فوجدت ان يديها قد تحولتا الى قبضتين . اصدرت ضحكة ضعيفة فقد تركت خيالها يسرح بها .
بالاضافة الى ان اية امرأة تتزوج رجل كهذا فأنها تبحث عن المتاعب وتستحق كل مايحدث لها.
وبما انها في غرفته كان احساسا غريبا اعترفت به رغما عنها ترتب له سريره تربت على وسادته كل ذلك كان مذكرا اجباريا لما سيجلبه الليل.
ابتلعت جيما ريقها بغصة. مجرد لمسة السرير تجعلها تتخيلهبقوة حتى تظن انها حين تستدير ستجده وراءها ينتظر حتى يأخذها بين ذراعيه ويجرها الى سريره...
نبح الكلب فقفزت جيما متوقعه ان تجد الكريتي قربها في مكان ما لكن انتباه كيربروس اتجه نحو الاسفل وبينما توقفت جيما لتصغي سمعت صوت اقدام لكنها ليست لرجل .
تبعت جيما الكلب فسمعت صوت فتاه تتحدث بحدة الى الكلب الذي اصغى اليها وجلس بهدوء فمهما قالت الفتاه لا بد انها كلمات سحرية فكرت جيما .
عرفتها على الفور انها الفتاه ذات الرداء الاحمر التي رأتها سابقا .
قال جيما بوضوح وبرود :
- اسمي جيما بارتون واظن انك ماريا ؟
- اذا اهلا . قالت الفتاة بالكريتي .
- اظن انك تفهميني جيدا ولا تقولي انك لم تتحدثي مع مايك الا باللغة اليونانية لأن هذا مستحيل.
مرة فترة صمت ثم قالت الفتاة:
- انت امرأة ميكاليس ؟
- اخته .. صححت لها جيما .
- اخته .. قطبت جبينها .. لكني لاافهم .
- الم يذكر لك مايك ان لديه اخت ؟ الم يتكلم عن عائلته ؟
- قليلا ربما لكن ليس اخته .
- المهم هذه انا .. اجبرت جيما نفسها على الابتسام .
- هل تعلمين اين ميكاليس ؟ هل تستطيعين مساعدتي ؟ قالت الفتاة برجاء .
- اظن انا من بحاجه للمساعده ... قالت جيما بجفاف :
- هل تعلمين لماذا احظروني الى هنا ؟
اومأت الفتاة بالايجاب .
- انه عقاب بالرفم من انني لم اريده , هل تفهمين؟ابي واشقائي كانوا غاضبين جدا. لقد هددوا باشياء كثيره اشياء سيئة.
قالت يجما بلطف :
- وهذا شيئا سيئا ايضا يا ماريا.
توسعت حدقتا الفتاة باستغراب .
- ان تكوني هنا مع السيد اندرياس ؟
كادت ان تضحك .
- هناك الكثير الكثير من النساء لا تظن ذلك.بل سيسعدون وتمنون ان يكونوا مكانك .
- حتى انت ؟ سألت جيما بحده .
- ليس انا يا آنسة ... هزت رأسها.. فوالد السيد اندرياس هو عرابنا في حياته كان رجلا طيبا ومهما ولطيفا دائما خاصة معنا, لكن لم اكن لأبنه , لك يكن ابي ليحلم بشيء كهذا عندما يأخذ السيد اندرياس زوجه له , يجب ان تكون ذات شأن ومال ومناسبه له .
اذا اسمه اندرياس وليس متزوجا فكرت جيما ثم قالت:
- ماريا مهما يكون الخطأ الذي ارتكبه اخي لا استطيع البقاء هنا يجب ان تدركي ذلك , انا متأكده انه لو علم انك حامل لم يكن ليتركك هكذا و ..... .
- لكنه لأنه علم بذلك رحل لأنه لو بقي لكان ابي واشقائي قد قتلوه الآن من الافضل له رحيله ولكنه وعد بأنه سيساعد وسيفعل .
عضت جيما على شفتها وقالت :
- هل تظنين انه سيتزوجك , ربما ؟
- لن يكون ذلك مناسبا .. قالت ببساطه
- لا اؤمن بذلك يا ماريا واهلي كذلك خاصة اذا كنتما متحابان لكن سيكون هناك مشاكل فما زال ميكاليس يدرس ولا يستطيع تأمين نفقات زواجكما . وكيف تظنين انه سيشعر عندما يعرف بأنني مكرهة على البقاء هنا مع اندرياس هذا ؟ م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:15
- كما قلت ياآنسة لم تكن هذه رغبتي في احضارك الى هنا حاولت اخبارهم لكن ابي لم يصغ ابدا. كل الكلمات كانت عن الانتقام لشرف العائلة ومن اجل هذاالانتقام ذهب الى السيد اندرياس .
احمر لون جيما من الغضب .
- لماذا عليه ان يفعل ذلك ؟ انا متفاجئة من ان اباش لم يجعلني اتنقل بين افراد العائلة .
نظرت اليها ماريا مصدومه .
- لا يستطيع فعل ذلك يا آنسة فهذا سيسبب العار لأمي ولزوجات اشقائي بالاضافة الى ان بيتنا بجوار بيت الكاهن الذي سيغضب كثيرا عند سماعه أي حديث عن الانتقام لكنه اذا سمع عن وجود امرأة مع السيد اندرياس لن يجد ذلك غريبا بالرغم من انه سيهز رأسه .
كانت جيما تفكر بسرعه .
- واذا عرف الحقيقة سيفجر الموضوع ربما ماريا انا لست مرتدية ثيابا مناسبة للزيارة كما ترين, لكن يمكنك الطلب من الكاهن ان يأتي الى هنا يتكلم معي. يجب ان يساعدني خاصة اذا عرف بما يجري . توقفت
- ارجوك ماريا اذا كنت تهتمين لمايك افعلي هذا من اجلي .
- لا استطيع يا آنسة فاليوم ذهب الكاهن لزيارة ابيه خارج القرية لأنه مريض جدا فقد اخذه السيد اندرياس معه الى هيراكليون في الجيب خاصته.
قالت جيما بقدسية :
- يا الهي متى سيعود ؟
- بعد عدة ايام ربما اسبوع لا اعلم لكن لا تحزني يا آنسة . قالت عن طيبة قلب .
- لقد سمعت امي تقول ان السيد اندرياس يمل سريعا من نساءه ربما حتى ذلك الوقت تكونين قد ذهبت من هنا .
فتحت جيما شفتيها لتقول شيئا لكنها توقفت , فلن تجني شيئا اذا ما صبت جام غضبها على ماريا التي يتغير صوتها كلما ذكرت اسم اندرياس.
اذا هو من عائلة ثرية ومهمة ولابد انه يتمتع ببعض النفوذ والتأثير على السلطات اللذين لن يصدقوها اذا ما شرحت لهم قصدتها . ثم قالت ببطء :
- لقد سألتني يا ماريا عن مايك . اليس لديك ادنى فكرة عن مكان وجوده ؟ لابد انك رأيته قبل مغادرته ؟ الم يلمح لك ؟ او ترك لك دليلا ؟.
بدت ماريا وكأنها ستبكي :
- ابدا يا آنسة , كل ما اعرفه انه سينضم الى صديقه ليس اكثر ؟
0 الم تسمعيه ابدا يذكر اسم رفيقه هذا ؟ هل هو انكليزي ؟
- لا اظن ذلك .
- يوناني , كريتي ربما .
- لن اجيب على كل هذه الاسئلة لقد وعدني اخاك بالمساعده وهاهو قد اختفى , ولا اظن انه سيعود لأنه خائف . لقد خلف وعده لي , اذا لماذا سأساعدك .
شعرت جيما بغرابه لهذا التغير المفاجئ في تصرفاتها .
- انا اسفه , ماريا لكني غاضبه انا ايضا , لقد خطفت وهذا عمل خطير جدا في موطني . هذا السيد اندرياس الذي تتكلمين عنه يمكن ان يكون في ورطه كبيره ... .
- ورطه بالنسبة لك , ربما لكن ليس لأندرياس , تقولين انك خطفت لكن الجميع رآك تأتين الى هنا سائرة على قدميك الى الفيلا, من سمعك تصرخين ؟ من سمعك تطلبين النجده ؟ لا احد , واذا تم استجوابنا هذا ما سيقال, سنقول بأنك مغرمه باندرياس . وانك لحقت به الى هنا وانا قلت اشياء فضيعه عنه لأنه مل منك, ولم يعد يرغب بك في سريره .
قال جيما بقوة :
- لغتك الانجليزية قد تحسنت فجأة يا ماريا هل لي ان اسألك عن سبب وجودك هنا, ام انك اتيت لتتفرجي علي فقط ؟
- اتيت من اجل الغسيل الذي تنظفه عمتي ؟ قالت بتجهم.
رفعت جيما حاجبيها :
- اذا هذا شيء مؤكد ان لادخل لي به .
ثم قالت بلطف اكثر :
- ماريا انا متاكده ان اخي سيعود .
انتفضت ماريا :
- لم اعد اهتم اذا عاد ام لا .. قالت بفظاظة .. والآن سآخذ الغسيل .
اخذته لفته بشرشف ولم تنظر او تتكلم ثانية الى جيما ثم اختفت بسرعه . ارادت جيما ان تلحقها فلا يمكنها ان تدعها تذهب هكذا فقد كانت عند الباب عندما سمعت انذار الكلب خلفها , فشعرت بنفسها متجمده في مكانها
فالقميص الذي ترتديه اصبح بين فكي الكلب فاستدارت وعادت الى غرفتها فاحست على الفور بنفسها تتحرر ,فقالت بكآبه كبيره :
- ايها الكلب اللعين .. وانفجرت بالبكاء .
لم يبدو أي يوم طويلا كهذا .
في وقت الغداء اعدت لنفسها سندويشا مندهشة لشهيتها التي جعلتها تشعر بالخجل فقد كانت شاكرة انها وحدها وتستطيع اشباعها دون مراقبة .
عرضت على الكلب بعض اللحم لكنه رفض ان يأخذها من يدها فوضعتها على الارض حيث اخذها وذهب بها الى زاوية وبدأ بأكلها
فلم تنخدع جيما بأن هذا سيسبب الوفاق بينهما فقامت بجولتان محاولة اسفرتا عن نفس النتيجه .
لقد كان الكلب مهذبا لكن حازما فكرت بسخرية .
خلال فترة بعد الظهر الطويلة تذكرت قصتها التي كانت تقرأها حيث دفء الشمس بحمام شمسي ,
فخلعت ملابسها وتمددت على التراس لكن هذه المره كانت حذره جدا من ان تغفو . كانت الشمس تقريبا في المغيب عندما دخلت لتستحم .
واندرياس , تكرر الاسم كثيرا في ذهنها لم يعد بعد . ليس لأنها تريده ان يعود في الحقيقة ستشعر برضا تام لو علمت انه وجيبه في قاع واد ما , لكن لأن عودته تعني انه يجب عليها ارتداء ملابس محتشمه .
فهو يعمل على خطة حملته بحذر فكرت جيما بوحشية فهو يعرف تماما كيفية اللعب على آمالها , مخاوفها , وعليها ان تعترف برغباتها .
ارتجفت عندما دخلت تحت الماء , اغمضت عينيها رفعت رأسها الى المياه المنعشة , تاركة اياها تلهو بشعرها على كتفيها . ثم بتنهيده رضا اوقفت المياه .
لم يكن هناك أي انذار ابدا . لم يصدر أي صوت عن الكلب لابد ان صوت المياه محت كل الاصوات الاخرى .

نهاية الفصل السابع:)

smaher
10-11-2009, 18:18
الفصل الثامن
استدارت لتتناول المنشفة فرآته يقف على الباب يراقبها . كان يبتسم قليلا بينما عيناه الداكنتان تفحصت ببروده .
غريزتها الاولى املتعليها بالتقلص بان تخفي جسدها بيديهاحتى بشعرها لكن شيئا اخبرها ان هذا التصرف سيمتعه كثيرا , لأنه سيكون انتصارا اخر له .
فمن الافضل ان تجعله يعتقد انها غير مهتمه لوجوده . ثم تحركت هو باتجاهها وهي تحركت ايضا لكن بسرعه
حتى انزلقت قدماها على الارض الرطبه فصرخت فكان بقربها على القور ويديه تحت كتفيها ترفها بلا جهد يذكر .
- هل تأذيت ؟ اخبريني ... .
حملها الى الغرفة ووضعها على السرير حيث تناولت القميص ووضعته امامها .
- لا تلمسني اخرج من غرفتي .
كان منحني فوقها لكن عندما سمع كلماتها وقف وتراجع الى الوراء واشار الى القميص .
- اليس الوقت متأخرا لذلك ؟ سألها ضاحكا .
حدقت به بوحشية فهذا كان اخر شيء تستطيع احتماله .
- خاطف مغتصب والآن توم الضاحك يالها من حياة كاملة يا سيد ام اقول يا اندرياس .
تقلص فمه :
- اذاً كان لديك زائرا , مرة اخرى على ما يبدو تحولت فضولية ماريا الى تحريات .
- آه لايجب ان تلومها لاخباري فلابد انها فكرت انني كعشيقتك فعلى الاقل اعرف اسمك .
-بماذا تناقشتم ايضا ؟
- ليس الشيء الكثير الدين والحقيقة انها لم تعد تحب مايك .
- وهل تظنين انها احبته ابدا؟ انت رومنطقية يا جيما , الحب لا يكون في علاقه كمثل التي قاموا بها ماريا واخوك لو كان حبا لكان حافظ على شرفها وطلب منها الزواج .
كان غريبا كم جرحتها تلك الكلمات فقالت بصلابه .
- اذا من حظهم انك ستنتقم لشرف العائلة وتوفر عليهم مشقة العيش سويا بتعاسة والآن ربما ستدعني احظى ببعض الخصوصية لأني اود ارتداء ملابسي اعتقد انك جلبت لي بعضها .
- حذرتك من قبل بالنسبة لقيامك بالافتراضات اذا كنت تشعرين بالحاجه للراحه لقد جلبت لك شيئا.
مد يده في جيبه وقدم لها علبة مربعه , رماها اليها التقطتها مفكرة ماذا سيكون , هل هو يبكيني لكن العلبة كانت صغيرة جدا وثقيلة ايضا فتحتها ناظرة اليها بغباء .
- شاليمار ؟ لكن هذا ... .
- عطرك الذي احضرته من انكلترا وهو المفضل لدي ايضا كم هو لطيف ان تكون اذواقنا متشابهة .
- لطيف .. رددت جيما قافة على قدميها .... كيف تجرؤ على فعل هذا ؟ الم تدني لي مستواي بمافيه الكفاية ؟م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:21
- تجدين هذا الفرنسي مدني للمستوى لابد انك فريده من نوع .
- ليس العطر اللعين انها الطريقة وانت تعلم ذلك لم اطلب سوى شيئا ارتديه لكنك تفضل عرض تعري خاص حسنا سأراك في الجحيم اولا , اذا كنت تحبه لهذه الدرجه ارتديه بنفسك .
رمت الزجاجة في وجهه .
- او ابقيها للسيدة التالية ربما ستشاركك رغباتك المختلله .
- كما تريدين لكن رغباتي طبيعية تماما اما بالنسبة لك اشك في انها قيد الحفظ والتي انوي ايقاظها لاحقا .
خرج واقفل الباب وراءه .
وصول الليل بدا نذير شؤم لكل كوابيسها فذعرت .
عندما اصبحت وحدها ارتدت ثيابها بسرعه فاقفلت ازرار القميص ووضعت الحزام فوقه ثم جلست على حافة السرير واضعه يدها على ركبتها وانتظرت .
سمعت صوت المياه في غرفته والصمت الذي اطبق عندما انتهى من حمامه وصوت خطواته فتقلصت في سريرها لكنه تجاوز غرفتها ونزل الى الطابق السفلي .
فاشتمت رائحة اللحم المشوي فتذكرت كم مضى من الوقت منذ اخر مرة اكلت فيها الساندويش .
لم يكن هناك أي نقطة في البقاء خائفة في غرفتها هكذا كل ماعليها فعله هو النزول والرجاء بانها ستجد طريقة ما تقنعه فيها بان يعيد النظر .
ربما ليس من الحكمة ان تغضبة وترمي هدية غالية كهذه في وجههة, لكنها لم تكن نادمة ابدا. فباستطاعتها مقاومة غضبه بغضبها, لكن الخطر يكون عندما يقترب منها ويصبح صوته لطيفا.
كان باب غلافته مفتوحا والمصباح مضاء فتوقفت جيما متساءلة عن ... وفجأة رأت مفاتيح سيارة لابد انها مفاتيح الجيب ,
كادت ان تمد يدها عندما تذكرت ان ليس لديها أي جيوب لتخفيها واذا خبأتها ربما ستفقدهم.
بينما اذا تركتهم في مكانهم واختهم عندما ينام كما خططت فلن يعلم الا عندما يستيقظ في اليوم التالي فتكون قد اختفت هي والجيب .
لكن المشكلة الرئيسية بقيت كيربروس الذي لم تسمع صوته منذ وصول اندرياس لكن هذا لا يعني عدم وجوده في الاسفل ينتظرها للقيام بأي حركة خاطئة .
عندما نزلت لاحظت ان اندرياس على التراس يشوي شرائح اللحم على الشواية , لقد حمدت ربها انها انتظرت قليلا كان ظهره باتجاهها لكن ما ان وصلت الى الباب حتى قال:
- مساء الخير.
ابتلعت جيما ريقها .. مساء الخير... ردت مدعية الهدوء .
- الطعام سيكون جاهزا بعد قليل .
مشيرا الى الطاولة حيث وضع السلطه وزجاجة من النبيذ الاحمر .
- هكذا ارى .... اظن انني اعفيت من مهمة الطبخ .
نظر اليها:
- بعض وصفاتك لا تحمل العبقرية. من يدري ؟ ربما تجولت اليوم في التلال ووجدت بعض الشكران .
- مع ذلك الكلب الذي يسليني ؟ سالت لطف .
- حتى مع انني غير عبقرية. على فكرة اين كيربورس ؟
- لقد ذهب لسيده الذي يعيش في القرية , ربما اشتقت الى الكلب ؟ اتودين الاحتفاظ به بينما انت هنا ؟
- استطيع التفكير باشياء قليلة اود خسارتها ... قالت ومازالت تفتعل اللطف.
- وانا متأكده انني لن اسأل ماهي ... واضعا لها قطعة لحم في صحنها .
- امل الا ترفضي هذه ايضا .
كانت تود لو ان قوتها واخلاقها تساعدها بقذف الشريحه عن التراس نحو الاشجار لكنها لدرجة انها ستأكل الصحن ايضا فابتسمت وهي تراقبه يصب النبيذ في الكؤوس .
- ليس لديك كلب خاص بك ؟
هز رأسه نفيا :
- انا لا اتواجد كثيرا فليس من العدل احضار أي حيوان الى هنا .
- لكني رأيت قطة .. قالت ببساطه .
- هل اطعمتها ؟
ترددت :
- ليس تماما وضعت لها بعض الفتات هذا الصباح .
- اذا انا مندهش لعدم رؤيتك مئات القطط بعدها لأن القطط هنا ليست مدلله مثل انجلترا بل عنيفه ومتسولة .
اعطاها ابتسامه ساخرة :
- والآن انتهينا من مملكة الحيوان يا عزيزتي جيما أي موضوع اخر تقترحين مناقشته بعد ذلك ؟
- فيما يخص اهتماماتي , ليس علينا التحدث على الاطلاق .
- لديك هبة الصمت صفة مدهشة في المرأة .. رافعا حاجبيه .. خاصتي رشفت من نبيذها .. كما تبدو العنصرية من دلالاتك .
توقفت قليلا محدقه به ثم قالت بجفاف :
- هل كان لمايكل اصدقاء مميزين في القرية ؟ اعني رجل .
- ليس على حد علمي . لقد عرف ستافروس بالطبع واشقاء مايا , هل هناك سبب للسؤال ؟
- ليس تماما انه فقد شيء قالته لي ماريا. اخبرتني ان مايك ذهب ليلتقي بصديق ولدي انطباع ان هذا الصديق هو يوناني .
- لا يمكن ان يكون شخص من هذه القرية فلم يعد لديه اصدقاء هنا لكن اظن انه كان في اماكن اخرى قبل ان يأتي الى لوسيناس .
تنهدت :
- اظن انه كذلك, لكن لن اكون متأكده تماما انه من خارج القرية ربما يظن الجميع ان عائلة ماريا يجب ان تفعل هذا واظن انها تعرف صديق مايكل هذا لأنها غضبت كثيرا عندما الحيت على الموضوع .
- ربما لا تظن ماريا انه من الضروري الاحتفاظ بهدوئها مع اخت الذي اغواها ... قال بتهجم.. في جميع الاحوال ليس لديها الحق في المجئ الى هنا يجب ان اتكلم مع ستافروس غدا .
اذهب وكلمه الآن قالت جيما في صمت واخر ما ستراه مني هو اثار اضواء الجيب وهي تختفي في الجبال .
لكنه بالطبع لن يفعل . عندما انهت طعامها سألها اذا كانت تحب بعض الفاكهة كانت على وشك الرفض عندما تذكرت انها حتى لو لم تكن جائعه فالفاكهة ستمد من فترة الوجبة.
لكن عندما اراد ان يملأ كأسها وضعت يدها بسرعه فوقه فهي محتاجه لأن تبقى متيقظه .
ابعدت جيما كرسيها وذهبت الى الدرابزين :
- ماهذا ؟
كان القمر مشعا لاحظت كرة ذهبيه كبيره تتأرجح في السماوات بين سلسلة من النجوم .
قال:
- الموسيقى ؟ انهم يقيمون احتفالا في القرية .
- لاتخبرني لديهم احتفالا عاما .
- انهم اناس طيبون في ظروف اخرى يا جيما العزيزة لكنت اعتقدت ذلك ايضا .
اقترب منها ووضع يده على خصرها ارجعها الى الوراء حتى اصبحت متكئة عليه شعرت بشفتيه تلمسان اذنها فتوترت
والموسيقى في البعيد تعزف لحنا غاويا سمعت صداه في نبضتها بينما سبح ضوء القمر على اجفانها الممضة .م ك س ا ت
همست :
- لا ..
وابعدت نفسها عنه لقد وضعت خططها ولن تمنعها الآن رغبة او احساس في دمها , لكن الخيار كان لها واكثر,
تساءلت وهو يضع يديه على كتفيها ويديها لتصبح بمواجهته .
كان صوته عميقا محثا جعلها ترتجف .
- انسي يا حبيبتي انسي كل شيء الا اننا هنا سويا ونريد بعضنا .
- لا استطيع... قالت بصوت اجش .. لا استطيع النسيان سأفعل ما تريد واكون أي شي تريد اقسم لكن ليس الآن ليس بعد , اتوسل اليك .
انتظرت بألم رده سمعته يتمتم شيئا ربما تعويذة او صلاة ثم اخذ ذقنها بيده رافعا رأسها نحوه.
- ماذا تحاولين فعله بي يا جيما ؟ اهكذا تعاملين الرجال الاخرين تضعينهم في الجحيم وانت تعرضين عليهم الجنه ؟
هزت رأسها متجنبه نظراته ..
- كانت, كانت تلك كذبة لم يكن هناك ابدا ... ابدا .
توقفت بسرعه ثم اضافت .
- آه انا لا اتوقع منك تصديقي .
- لا اظن انها الحقيقة , اخيرا . قال بتجهم .
- هل هذا يفسر ترددك وكرهك, اتساءل ؟ .. هز رأسه ببطء .. هذا مالا استطيع تصديقه , انت لست طفلة لكن امرأة جميلة .
- انت قلت انك ستكون صبورا . ذكرته
ابتسم بجفاف :
- وانت تقبضين علي بالفخ الذي نصبته يا جيما واذا كنت تذكرين ايضا , قلت بأن صبري له حدود .
حدقت به وكانها تسمرت :
- اذكر ... اهتز صوتها قليلا , .. لكن لن يكون صبرك لفترة طويلة .
- هل هذا وعد ؟ قطب جبينه برقه .
- وعد .
- اذا لدينا صفقة .... انت مخلوقه مزاجية يا جيما في لحظة تكونين فاجرة تشمتين وفي لحظة اخرى حمامة وديعه ايهما اقرب الى حقيقة المرأة التي تعيش وراء عينيك ؟ المرأة التي تتمنى ان تمضي ليلة اخرى وحدها .
تركها وتراجعت هي الى الوراء محاولة اخفاء احساس الراحه الذي تدفق اليها حتى لا تجعله يرتاب , لكنه استدار وصب لنفسه كأس نبيذ بينما وجدتها هي فرصة لتتسلل الى غرفتها
نظرت باتجاه غرفته فرأت المفاتيح في مكانها فأملت ان لا يكون اندرياس قد خطط لامضاء ليلته على التراس يشرب ويستمع للموسيقى .
لم تخلع ثايبها بل بقيت كما هي وغطت نفسها بالشرشف كانت متوترة لكنها جعلت نفسها تسترخي لأنها يجب عليها الانتظار لفترة
في النهاية نامت قليلا ثم استيقظت تدريجيا مقتنعه انه الصباح وفرصتها في الهرب قد فاتت .
لكن الغرفة كانت ماتزال مشعة بضوء القمر والصمت العميق يحل بالمنزل تسللت الى الباب ففتحته بحذر واصغت فلم تسمع أي صوت .
جمعت اغراضها في الوقت الحاضر. ومشت على اطراف اصابعها في الممر فوجدت بابه مغلقا ,لكنها فتحته بسهوله وهدوء , كل ما عليها فعله الآن هو التقاط المفاتيح والذهاب لكن شيئا ما اوقفها لتلقي نظرة اخيرة عليه كان نائما على جنبه، بدا اصغر
فكرت عندما وقفت للحظة طويلة تحدق به , وعقلها يصور لها ومخيلتها تأخذها الى اماكن لم تكن فيها من قبل
ثم عضت باسنانها على شفتيها التي كادت ان تطلق تنهيده فخرجت متسلله بعد ان التقطت المفاتيح بدت وكأنها تودعه مع كل خطوه .م ك س ا ت
كان الجيب متوقفا قرب المنزل وصلت اليه مرتعشة لكن باستطاعتها القياده ,دلست خلف المقود وشعرت بالارتجاف , حاولت ادخال كل المفاتيح التي معها لكن
بسبب الظلمة وعصبيتها وتوترها , اخطأت المفتاح الصحيح وعليها المحاولة من جديد, هذه المره عدتهم برأسها وهي تستخدمهم ومرة اخرى بسبب سوء حظها , اخطأت .
اخذت نفسا عميقا وهدأت نفسها , المرة الثالثة يجب ان تكون محظوظة.
- هذه مفاتيح سيارتي السوبر يا جيما هل تظنين انني مغفلا تماما؟
كادت ان تصرخ والمفاتيح وقعت من يدها في الجيب .
انحنت لتبحث عنهم لكنه كان هناك قبلها يلتقطهم بيده جامعا معصميها سويا.
صوته استمر ساخرا:
- كدت تقنعيني يا حمامتي الوديعه بمخاوفك العذرية لكن في نفس الوقت كنت متأكدا انك لن تقاومي الطعم الذي امامك.. رافعا المفاتيح اما عينيها .. وكنت محقا .
اهتز صوتها :
- اللعنه عليك .
ضحك بقوة :
- عودة الفاجرة السليطة , انا لست متأكدا من انني لا ارحب بذلك اتساءل كم وجه لشخصيتك سأكتشف قبل ان ينقضي الليل .
لم يكن لديها خيار لقد ادركت الآن انها لم تحظ ابدا بواحد . لقد كانت تلعب لعبة كان هو يملي قواعدها كل خطوة فيها وعندما يريد يغيرها .
في غرفة الجلوس اضاء النور كان حافي القدمين يرتدي بنطلون جينز وعاري الصدر .
وقد ادركت انها لن تدع هذا يحدث فتذكرت كلمات ماريا .. ان اندرياس يمل بسرعه من نسائه .
- انت ترجفين يا عزيزتي ... دعيني ادفئك .
اخذت نفسا سريعا :
- لا .
استدارت بعيدا ضاربه بعرض الحائط العرض المغري للدفء والسعاده والعاطفة واخيرا بالطبع كسر قلبها الذي سيدمرها .
- جيما لا تكوني غبية , تعرفين منذ البداية ... .
- اجل لقد اوضحت موقفك جيدا اعرف لماذا انا هنا واعرف ماتنوي فعله .
- ياحلوتي انوي ممارسة الحب معك .
- لا ليس الحب لقد نطقت اليوم الكلمات الصحيحه عما سيكون الامر مغامرة صغيرة هذه هي كلماتك .
- اجل لكني كنت اتكلم عن ماريا واحوك ليس منا لقد اسأت فهمي ... .
- لم اسيء فهمك ابدا انا اعرف سبب وجودي في هذه الحالة واعرف انك لن تدعني ارحل الا اذا دفعت هذا الدين عن مايكل , اذاً سأدفع اتقبل ان هكذا يجب ان يتم الامر .. لن اقاومك ولن احاول منعك يمكنك ان تحصل علي لكن هذا كل ما ستأخذه ..
احنت رأسها ثم اضافت :
- اذاً ... اذاً لا تحاول ان تجعل الامر يبدو كممارسة الحب او الرغبة لأن هذا ليس جزءا منها .
- تظنين انني لا ارغب فيك او اريدك ؟
- انا لا افكر بهذا ابدا لأني لا اهتم اذا كان الذهاب معك الى السرير هو جواز مروري سأذهب , لكن ارجوك لا مزيد من لعبة القط والفأر ولا مزيد من الكلام عن ممارسة الحب فقط افعل ماتريد وانتهي من الأمر

نهاية الفصل الثامن:لقافة:

smaher
10-11-2009, 18:24
الفصل التاسع
- انت لا تعلمين ماتقولين .
- بل اعلم ليس هناك لي طريقة تجعل الامر سهلا علي لذا اكون ممتنه اذا كنت على الاقل سريعا اذا ليس لديك مانع . اضافت كطفلة مهذبة .
- لكني امانع... وانت ستمانعين ايضا ياجيما , فأنت لست مصنوعه من الخشب اذا لماذا تدعين ان ليس لديك ماشاعر ؟
- لأنه من الافضل عدم وجودها .. اذا سمحت لنفسي بأن اشعر بشيء سيكون الكره كرهك لأحضاري الى هنا كرهي لنفسك لأني امرأة.. انا اريد ان اشعر بهذه الاشياء فهي محطمة مدمرة .
- واللامبالاة أليس كذلك ؟ .. تحداها .
- لا اعلم لكن هذا كل ما لدي .
- اذا ليكن كما تتمنين .
ذهبوا الى غرفته راقبته يرتب سريره ثم استدار وخلع بنطلونه .
اذا كانت قد املت بان يقتل خطابها فيه أي رغبة فقد اخطأت بالحساب فكرت بقلق .
- مازلت منتظرا .
القت نظره سريعه لقد كان في السرير متكئاً على مرفق واحد يراقبها بعينين قاسيتين قاتمتين كالعقيق .
- من فضلك اطفئ النور .
- لا .. رد عليها .
انسلت تحت الغطاء واستلقت بجانبه دون ان تلامسه بدت نبضاتها كالرعد في اذنيها تساءلت اذا كان يسمعها هو ايضا .
ازاح بلطف شعرها عن جبينها وقال .
- ياجيما الحبيبة لا يجب ان يكون الامر كذلك بيننا وانت تعلمين ذلك استديري نحوي ياحلوتي وسأجعلك سعيده .م ك س ا ت
وبعد قليل تعيسه فكرت عندما ينتهي الامر ... لم تنظر اليه :
- لا هكذا يجب ان يكون الامر .
- اذاً فليكن .. قال بقسوة .
شعرت بالالم يملأ قلبها وعقلها بل اجتاح الكون
لكنها رحبت به لأنه ساعدها على البقاء منفصله قالت انها لن تقاوم وهاهي تفعل وكما يبدو هو حافظ على جهته من الصفقه البارده ايضا فمهما كانت تتوقع لم يكن كذلك فكرت محاولة عدم الفشل .
قال ببرود :
- انت غير خبيره بهذه الامور على الاقل قلت الحقيقة .
ادارت رأسها وحدقت بالشعله الصغيرة قربها كان هناك شعله صغيرة اخرى في مكان ما داخلها تصارع لتحيا ولكنها تجاهلتها .
وعندما تمت الصقه اطلقت صرخه ليس من الالم فقط بل لدهشتها ايضا بأن تمازج جسديهما الذي كان يجب ان يكون جرحا كان في النهاية بيسطا بشكل عجائبي
في تلك اللحظة دعن نفسها تدرك بحرية للمرة الاولى انها تحبه .
مسح لها برفق حبيبات العرق عن جبينها وبعد مرور عدة دقائق قالت :
- هل استطيع الذهاب الآن ؟
- لا . لا تستطيعين .. كان هناك نبرة في صوته تحذرها بعدم الضغط على هذه النقطه .
اطفأ النور وضع ذراعه حول كتفيها فتوسد رأسها صدره حتى سمعت خفقات قلبه كخفقه الكون تحت يدها .
بعد ما حصل من الجنون ان تشعر بالامان والراحه فكرت لكن بعد قليل ضد كل العقائد ضد كل الاسباب غفت بين ذراعيه .
استيقظت مع جمال الفجر وادركت انها مراقبه ادارت رأسها ونظرت الى عينيه .
قبّل فمها بخفه وعرفت مالذي ايقظها .
- هل ارتحت جيدا؟ سألها .
- اجل .
- ولم اؤذيك كثيرا اليس كذلك ؟
احنى رأسه وقبلها .
- ماذا تفعل ؟ سألته هامسه .
رفع رأسه وابتسم لها :
- امارس الحب معك يا حبيبتي كما كان يجب ان افعل الليلة الماضية .
ثم قبلها من جديد .
قالت بصوت اجش :
- لا .
- اجل ... ناقضها بخنق مفاجئ في عينيه وصوته .
- في الليلة الماضية ياجيما جعلتني اشعر بأني حيوان لن تفعلي ذلك مرتين من هذه اللحظة اريد ان اشعر كأنسان من جديد , ان اشعر كما يشعر الرجل تجاه امرأته .
- انا لست امرأتك .
- اخبريني ذلك لاحقا .
بعد مرور وقت طويل قالها لها :
- كلميني .
- عن ماذا ؟
- عن نفسك المهنه التي تكلمت عنها مثلا .
- لن تجدها ممتعه .. انا ابيع آلات كاتبه الكترونية .
- لنفسك ؟
- لا انها لشركة , ويستخدم غراهام فريقا من الفتيات .
- هل غراهام هذا رئيسك ؟ اخبريني عنه .
- هو لطيف وعملي ورجل اعمال قاسي , دائما ينتحب بأن الشركة على حافة الكارثة انه يعجبنا جميعا .
- هل هو شا ؟ ام ذا عمر متوسط ؟ متزوج ؟
- تقريبا في الـ40 من عمره ومتزوج جدا له 3 اولاد وزوجته تعمل في الشركة ايضا .
- هذه عادة في موطنكم ان تثبت الزوجه نفسها في مجال العمل مع زوجها ؟
- اقول ان هذا يعتمد كثيرا على العمل نفسه .
- ربما, والاولاد ؟ قلت 3 ماذا سيحل بهم ؟
- جميعهم في المدرسة وجينفر لديها مربية.. يبدو انك لا توافق على ذلك .
- كيف يعيش الرجال الآخرون حياتهم امر بالكاد يهمني لكن عندما اتذكر احتياجاتي في مرحلة طفولتي فأنا سعيده بأن امي كانت هناك لا مربية ولا اي شيء من هذا النوع يمكنه ان يحل مكانها .
- هل مازالت امك على قيد الحياة ؟
- بالطبع .
- وهل كنت انت طفلا وحيدا .
- لدي اخ واختين , جميعهم اصغر مني .
- اذاً انت رأس العائلة .

smaher
10-11-2009, 18:27
- اجل .
قبلها ثم تمدد على ظهره محدقا بالسقف .
في الاسفل سمعت صوت تحركات خفيفة فنظر اليها .
- لقد وصل طعام افطارنا , هل انت جائعه ؟
- قليلا .
- اذاً سأحضر لنا بعض الطعام ... الا اذا كان لديك خطط اخرى ؟
- لا .. انكرت بسرعه .. لا ابدا .
- اذا دعيني اعلمك بعض اليونانية رددي ما اقول .
فقال لها جملة كررتها ثم نظرت اليه بارتياب :
- ماذا اقول ؟
- قلت ماكنت خجله جدا من قولها في لغتكم ياجيما الحبيبة لقد قلت لي ابقى هنا معي , فأنا اريدك كثيرا .
- آه .. ايها الوغد , هذا ليس صحيحا .
- ليس صحيحا ؟... اذاً اثبتي ذلك ...
لفت جيما المنشفة فوق جسدها بعد ان انهت حمامها ودخلت الغرفة لقد فتح اندرياس كل النوافذ قبل ان ينزل , فخرجت الى الشرفة ووقفت تجفف شعرها بيديها شاعره بالحيوية والاشراق لم يبد الهواء نظيفا هكذا من قبل وكذلك الوان الصخر والسماء .
نظرت الى نفسها في المرآة وابتسمت كان هناك بعض العلامات على كتفيها وجسدها لم تكن من قبل .
عرضت كتفيها للشمس هاهي الآن لم تعد طفلة بل اصبحت امراة بكل ما للمراة من تأكيدات وقوة امرأته .
رأت حركة خفيفة من زاوية عينها ومضة لم تكن هناك من قبل فادارت رأسها بحده فكانت ماريا بفستانها الاحمر وانعكاسه على الصخور الذي اعطى هذا اللون بينما هي تتسلق صعودا الى الجبل .
قطبت جبينها . من الواضح ان الفتاة لا تريد ان يراها احد فكانت تنظر دائما خلفها نحو القرية في البدء تساءلت جيما ما اذا كانت هاربةلكن يبدو انها لا تحمل شيئا معها , واذا كانت في طريقها لزيارة قرية اخرى لماذا تتصرف هكذا ؟
لكن جيما فكرت ان هذا ليس من شأنها ما ستفعله ماريا لكنها توقفت فجأة مصعوقه منذهله لنها كادت ان تنسى سبب وجودها في الفيلا .
فبسبب ماريا دخل اندرياس حياتها ليس كحبيب بل كمنتقم والآن عليها ان تواجه الحقيقة المرة يان ساعاتهم التي قضوها في السرير كانت لتنفيذ الانتقام .
ارتجفت وكأن غيمة مرت فوق الشمس لقد فعل تماما ما هدد به اخذها لمتعته دون حب لقد فعل تماما ما هدد به لمتعته دون حب او وعد بالارتباط.
لقد بدا الامر ساخرا فمنذ عدة ايام فقط كانت تشتكي لهيلاري كيف ان جميع الرجال اللذين قابلتهم كانوا يريدون بسرعه الارتباط الجدي .
احب ان آخذ الامر ببطء ذكرت نفسها بألم كل خطوة في وقتها وها هي الآن , لا تعرف ماذا ستفعل .
ولا يمكنها الادعاء بأنها لم تر الخطر لأنها ادركته منذ اللحظة الاولى التي راته فيها .
احنت رأسها وهزت جسدها تنهيده في الليلة الماضية كانت تعرف تماما ماذا تفعل لقد قاومت احاسيسها بعقلها وفازت قليلا .
لكنها استمرت في محاربته لكن حبها له خانها واحتياجاتها التي لم تكن تعلم بوجودها حتى , لكنه علم فكرت , فلديه خبرة شيطانية ففي كل مرة كان يلمسها , يقبلها كان يحرك الاحاسيس النائمة فيها ويخطط لكيفية ايقاظها .
عند الفجر فكرت بقوة عندما كانت نصف نائمة لقد نسيت كل شيء ياستثناء كم كان يريدها .
لقد املت فقط ان تستطيع نسيان كل ماحصل بينهم بسهوله .
- بماذا تحلمين ؟
وضع يديه على كتفيها فأجفلها .
- كنت اتأمل المنظر .
ثم اشارت :
- ماهذا هناك ؟
- بعض الماعز الكثير من الصخور وكوخ قديم يستعمله الرعاة, لماذا تسألين ؟
- ظننت ان هناك قرية اخرى .
ثم دخلت الى الغرفة .
- مازلت تحاولين الهرب ياحبيبتي جيما ؟
تكلم بخفة لكن حدقتا عينيه ضاقتا .
- لا. فكما ذكرت من قبل , لن استطيع الابتعاد وانا في هذه الملابس .
- لكن مع ملابسك والجيب . يمكنك الذهاب الى أي مكان تريدين حتى اغيوس نيكولاس .
خفق قلبها بعنف :
- ستدعني , ستدعني اذهب ؟
- لا . ايتها الحمقاء .. يجب ان اذهب الى هناك في عمل وظننت انك ربما تودين المجيء معي .
توقف ثم قال :
- حسنا ما رأيك ؟
- وما هي الخيارات الاخرى يوم اخر مع كيربروس ؟
- ربما .
- اذا سأذهب الى اغيوس نيكولاس .. قالت بغير امتنان فضحك هو .
- انت بالطبع امرأة متناقضه في السرير ملاك عاطفي .على الافطار ذات لسان سليط..
قدم لها الصينيه .. كلي بعض العسل والخبز فربما هذا سيحلي طباعك .
عضت على شفتها :
- لقد ذكرت ملابسي هل تعني انني سأستعيدها ؟
- حقيبتك في الاسفل .
- وماسي ؟ وجواز سفري ؟
- ليس هؤلاء وحتى ليس تذكرة عودتك الة انكلترا .
نظر اليها نصف ابتسامه .. هل انت متشوقه حقا لمغادرتي ؟
- لم يعد لوجودي اهمية الآن فقد حصلت على ما تريد .
- وانت لا ؟
- آه , بالطبع .
جلست على حافة سريرها وصبت لنفسها بعض القهوة .
- لقد كان طموحي دائما بان يغويني رجل خبير سيكون هذا قمة ماحدث لي في رحلتي .
مر بصمت موتر ثم قال بجفاف .
- لكنك نسيت بأني انوي تزويدك بذكرى اكبر لبقائك هنا .
وضعت فنجانها على الصينيه وشعرت بلونها يتغير , ومن غير ارادتها وضعت يدها على معدتها وصرخت .. لا .
- لديك سبب لتفكري بأنك منيعه ؟
لم يكن لديها أي سبب على الاطلاق فقد كانت منهمكة جدا في مقاومتها جاذبيته ونسيت بأن تهديده يتوقف على جعلها حامل .
- يبدو ان الفكرة لا تروق لك الا تودين ان تحملي طفلي قرب قلبك ؟
كان مؤلما ان تلاحظ وجود شيء تريده اكثر لو ان صفعت الافكار من جذورها لقد كان محطما للقلب .
- لن احمله .. قالت .. في انكلترا لدينا وسائل للتعامل مع هذه الامور .
- لكن فقط لمدة معينه من الوقت كيف تعرفين اني سأتركك خلال هذا الوقت .
قالت بصوت منخفض :
- لأني لا اصدق انك بهذه القسوة لقد قلت انك تريد لعائلتي ان تتعذب ؟ فقط معرفتهم اني حامل من رجل لم يلتقوا به يكفيهم ... .
- اذا لننتظر ونرى .
- اجل هل لي ان استعيد حقيبتي من فضلك اود لو ارتدي ملابسي ... قالت بوهن .
- حسنا لكن كلي شيئا فتجويعك لنفسك لن يحل شيئا .
قالت ببرود .. اعتقد هذا .
اخذت قطعة خبز ودهنت عليها زبدة وعسل وبدأت بقضمها لكنها على حق بشيء واحد فكرت وهي تستمع لخطواته على السلالم . هناك حل وحيد وهو الهرب .
شعرت بجيما القديمة عندما ارتدت ثابها ناظرة لنفسها في المرآة. لقد تركها وحدها لتغير وهذا شيء لم تكن تتوقعه لكن عندما سمعته يعود توترت قليلا .
نظر الى ساعه يده :م ك س ا ت
- حان الوقت للذهاب انها رحلة طويلة .
نظرت جيما الى اظافرها وقالت :
- لقد غيرت رأيي افضل الباقء هنا .
- مع كيربروس . سألها متهكما .
- مع أي شخص او أي شيء .. ارجو ان اكون قد وضحت ما اريد.
- كالبلورة الصافية ... قال واقترب وامسك بذقنها .
- لا تفعلي شيئا احمقا يا حبيبتي .
- ماذا يمكنني ان افعل ؟ فما زلت اسيرة هذه الفيلا , وانت تأخذ الجيب ولدي سجاني اما استعادة ملابسي فلا تشكل أي فرق .
ابتسم بتجهم:
- انت مخطئة صدقيني يا حبيبتي , بل هي الفرق كله .
انحنى وقبل فمها ثم نزل .
فكت جيما امتعتها في غرفتها كانت تضع الثوب الاخير عندما كان انرياس في غرفة الجلوس ينتظرها وقال :
- ها قد وصل رفيقك ... هل احضر لك شيئا من اغيوس نيكولاس ؟
- لا, شكرا.
كانت تود بعض الكتب لكنها تموت قبل ان تخبره .
- ربما نوع اخر من العطور ؟
- لا . حدقت به .
للحظة بدا وكأنه سيقول شيئا آخر لكنه صعد الى الجيب وذهب .
غرقت في الكنبه وبدأت في البكاء , تدحرجت الدموع على خديها الى التنورة التي ترديها ثم رأت كيربروس يضع انفه في حضنها يقدم لها كل اشارات الحمل في ثياب ذئب ثم قالت بانكسار :
- آه ,كيربروس يجب ان اكرهه لكن لا استطيع . لم يمض سوى يومين لكنه يبدو لي دهرا ,وسيكون كذلك لأنني سأحبه حتى مماتي .
نهضت وامسكت طوق كيربروس وقالت :
- انت وانا سنتنزه قليلا .
شعرت بأنه يفهم عليها . فاحست بقليل من الراحه, ولدهشتها اطاعها دون ادنى معارضه عندما اصبحو في الخارج تركت طوقه فسار قربها .
- انت مخادع .. امسكت جيما باحدى اذنيه ... البارحه جعلتني اموت من الخوف واراهن انك في البيت تبحث عن جوارب صاحبك وتحضرها له .
وجدت جيما الطريق صعبه جدا للمشي بالطبع هذا آخر مكان يمكن ان تمشي فيه المرأة الحامل, فكرت كانت تفكر في ماريا لكن بالطبع نفس الشيء سيحصل لها .
صارعت لتنهي الياردات القليلة المتبقية فوصلت الى ما يشبه الواحة كان منظر الوادي ساحرا لكن هل هذا ما اتت ماريا لرؤيته ؟
بجانبها نبح كيربروس بقوة واحذها الى ماظنت انه صخور على شكل جدار لكن ما رأته جيما لابد انه بقايا كوخ الرعاة الذي تحدث عنه اندرياس .
كان هناك باب صغير لكن دون نوافذ وسقف من الخشب. اختفى كيربروس في الداخل فلحقته منحينيه لتجنب رأسها الصدمات . بعدما اعتادت عينيها على ضوء خافت لاحظت ان الكوخ قد استعمل مؤخرا . فوجدت صحن معدني فيه بقايا طعام وزجاجه ماء وكيس نوم .
جف فم جيما فجأة فركضت قرب الامتعه تبحث بها فرأت ما توقعته كتب عليها اسم مايكل ليسلي اذاً كان هنا يعيش في هذا الكوخ مختبئا من عارئلة ماريا , ارتجفت اذاً هذا ما اتت ماريا من اجله لكن الم يفكر احد منهما في العواقب اذا ما ارتابت عائلتها في مشوارها اليومي وتبعتها ؟ وقد آلمها ان تكون ماريا قد اخبرته بوجودها في الفيلا , وسبب ذلك ولم يحاول مساعدتها ,
لابد انه خائف فكرت جيما رفع كيربروس رأسه نبح بقوة وخرج في نفس اللحظة سمعت جيما صوت خطوات تقترب فقالت بارتجاف :
- مايك ؟
وتحركت الشمس .للحظة لم تستطع رؤية شيء اليدين التي امسكتها آلمتها كانت مألوفة لديها وصوته يرتجف من الغضب , وقال اندرياس :
- ماذا تفعلين هنا ؟
- اتيت لأتنزه , ظننت انك ذهبت الى اغيوس نيكولاس , لماذا عدت ؟
- لأني لم اثق بك ويبدو اني كنت على حق عندما وجدت البيت خاليا تذكرت الاسئلة التي سألتني اياها عن الجبل , انت حمقاء صغيرة هذا ليس مكانا لك , لكنت وقعت وجرحت نفسك ومن اجل ماذا ؟
- شكرا لأهتمامك.. ابتعدت عنه..هل هذا الاهتمام من اجلي ام اجل البذور التي زرعتها بي ؟
تطاير الشرر من عينيه, مما جعلها تتقلص بعيدا عنه :
- كيف تجرؤين على الكلام معي بهذه الطريقة ...
توقف فجأة ليهدئ من حدة اعصابه , ثم قال :
- اسألك من جديد ياجيما , ماذا تفعلين هنا ؟ ام يجب على ان احزر ؟
قالت في شبه صوت ..لا ....
لكن قبل ان تستطيع الكلام كان قد تجاوزها الى الكوخ ثم عاد متجهما .
- اذا كان هنا طوال الوقت . لو علم ستافروس , لوكنا نعلم , كنت تضحين من اجله هذا الاخ الذي لا يستحق شيئا فبينما كان هو يختبئ كنت تدفعين ثمن غلطته .
- ربما لا يعلم قالت بيأس .. ربما عاد منذ مدة فقط .
- كان هنا لمدة ايام . الا تعدين اعقاب السجائر ؟
- اعقاب السجائر ؟ لكن مايك لا يدخن . .. قالت بانذهال .
- اذا لا بد انه بدأ منذ اخر مره رأيتيه فيها .
- لا يمكن فهو ينظر الى السيجارة كمصدر تلوث لن يستخدمها ابدا تحت أي ظروف .
- الخوف يصنع اشياء غريبة بالانسان .
- ابدا حتى لو كان جبانا .
مر صمت قصير ثم نادى اندرياس لكيربروس .. تعالى .
بينما وضع ذراعه حولها :
- سنذهب الى الاسفل .
وصلت لاهثة الى البيت فقال ساخرا :
- لقد افسدت حذائك السخيف .
قالت في صوت مرتجف :
- يجب ان ابدل ملابسي .
- اذا افعلي بسرعه .
م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:29
حدقت به :
- لا تعطني اوامر بالاضافة الى انني اذيت كاحلي . ولا استطيع الاسراع .
- اسمحي لي بمساعدتك .
حملها بين ذراعيه كطفلة الى الغرفة ثم اوقفها على قدميها وسحب ثوبا من الخزانة بلا اكمام مصنوع من القطن .
-ارتدي هذا سأعود بعد عدة دقائق كوني جاهزة لتذهبي معي .
- الى اين سنذهب ؟
- الى القرية .
- لتخبرهم عن مايك ؟ سألته بارتعاش.
قال بنفاذ صبر :
- هذا ليس من شأنك .
- فمهما فعل هو اخي ..
خلعت ثوبها وجعلته يقع على الارض واقتربت منه واضعه يدها في فتحة قميصه ,فهمست قائلة :
- ارجوك اندرياس . لا تسلمة سأفعل أي شيء ارجوك ...
لم يتحرك ابدا في البدء , لكنه لمسها حينها , ليبعدها عنه فقط محدقا بها بسخرية :
- تحاولين رشوتي ياجيما العزيزة ؟ اذا حاولي ان تعرضي علي شيئا لا املكه .
سار الى الباب متجاوزا اياها فخرج وتركها تشعر بالاهانه والوحده .
بعد عدة ساعات كان الجيب يجب ان يعرفها عليها ..ز وعندما نزلا في الفندق كانت هناك مفاجئة انثوية تنتظرهما .
ثم تدخل صوت انثوي يتكلم الانكليزية بطلاقة .
- اندرياس , اين كنت تختبئ طيلة هذا الوقت ؟ لقد اشتقنا اليك .
استدار اندرياس ليقابلها , ابتسم لها بسهولة . قال :
- انت تمدحيني يا هيلفا . انا متأكد ان حياتك مليئة جدا مسلية جدا لتتذكري .
ضحكت :
- اذا انت على خطأ كنا نقول على الغداء منذ قليل كم انت قاسي في نبذناهكذا .
اقتربت منه اكثر واضعه يدها على ذراعه :
- لكن من الجيد رؤيتك لأن لدي دعوة لك . غدا عيد ميلاد والدي ولدينا احتفال خاص سيكون هو وامي سعداء جدا اذا انضممت الينا .
كانت ابتسامتها كالفائزة, واصابعها تتجول على بشرته السمراء راقبتها جيما راغبة في ان تستعمل معها العنف .
- لو كان ذلك ممكنا لكن للأسف لدي ارتباطات لعدة ايام .
- سيخيب املهم فنحن بالكاد رأيناك هذه السنة .
ثم انتقلت نظراتها الى جيما :
- ليس لطيفا منك ان تهجر اصدقاءك القدامى .
- هل فعلت ذلك ؟ اذا سأعتذر اوصلي احترامي الى والديك واكدي لهم انه يشرفني تناول العشاء معهم ربما في الاسبوع القادم .
- سيكون هذا جيدا , سنكون متشوقين لذلك ...والآن الن تعرفني بصديقتك الصغيرة ؟
تصافحت جيما معها بتهذيب وتمتمت ببعض الكلمات تفحصتها عينا هيافا بكل تفاصيلها وافهتمها برفة من حاجبها انها تحتقر شكلها .
كان اندرياس ينظر عابسا الى ساعه يده فحسب جيما الى جانبه وقال :
- يجب ان اذهب ..وازدادت عبسته .. هل ستكونين بخير .
قالت بأشراق .. اجل .
وراقبته يبتعد عن حافة البركة احتاجت الى كل قواها حتى لا تركض وراءه لم تعرف ما نوع العلاقة التي تربطه بالفاتنه هيلفا .
لكنها ضمنت نوعا ما . لقد كانت جميلة ومثيرة ومصممة جدا انها قادرة ادركت جيما .
والاسبوع المقبل عندما ستغادر الى انكلترا والاسبوع المقبل وعدهم بالعشاء معهم مع هيلفا للحلوى .
بلا شك فكرت واظافرها تحفر في راحتي يديها. وقد كانت حمقاء لتشعر بمرارة بالغيرة لأنها علمت منذ البدياة انها موجوده لتحقق انتقاما مريرا وسيكون لفترة مؤقته وعندما سينتهي .. ستكون هيلفا ومثيلاتها في الانتظار ...
وسأنتظر انا ايضا فكرت جيما بألم انتظر لبقية حياتي

نهاية الفصل التاسع:رامبو:

smaher
10-11-2009, 18:31
الفصل العاشر
تمددت جيما تحت المظلة مدعية القراءة فقد كان ديمتريس لطيفا معها لأقصى حد مقدما لها كرسيا مريحا ومظلة وعرض عليها مجموعة من اروع القصص لتختار ما يعجبها
والح عليها شراب بارد لكنه لم يستطع اقناعها بمرافقته الى بوتيك الفندق لتختار بيكيني مناسب لها .
السيد اندرياس بقي يردد اسمه هكذا السيد اندرياس لن يكون راضيا اذا لم ينفذوا مهمتهم على افضل وجه .
لكن جيما بقيت على موقفها . لم ترد ان تسبح اخبرت ديمتريس لأن المياه تبدو بارده فهي تفضل البقاء في الظل .م ك س ا ت
اخيرا هز رأسه بأسى وقال انها اذا ارادت شيئا ليس عليها سوى قول ذلك .
عرفت انها بدت حمقاء لكنها لم تستطع فعل شيء فقد كانت تعي نظرات هيلفا الحادة تتبع كل حركة لها على البركة فهي بالمقارنة معها فضلت ان لا تكشف جسدها امامها ابدا .
حاولت ان تسلي نفسها بالكتاب فقد كان لأحد افضل الادباء لكن مشاكل الشخصيات الرئيسية بدت باهته نسبة الى مشاكلها .
- ماتزالين وحيده ..
سألت هيلفا بحلاوة ماكرة دون ان تنتظر أي دعوه اشارت الى النادل كي تحضر لها كرسي وضعها قرب جيما .
كانت نظاراتها الشمسية معها وزجاجه من الزيت الثمين. بدت وكانها اتت لتبقى وهي تتمدد على الكرسي وتدهن الزيت على جسدها .
- انه شيء سيء من اندرياس حتى يتركك هنا كل هذا الوقت . لكن هكذا هو .
توقفت بينما تساءلت جيما بجفاف عما ستقوله .
- شكرا , للتحذير .
- هل تعرفينه منذ مدة طويلة ؟ وكيف التقيتم ؟
كانت تعاين جيما بغرابه .
قالت جيما بخفة :
- ليس منذ فترة واعتقد بامكاناك القول ان اخي جمعنا سويا .
استطاعت رؤية هيلفا وهي تحاول جعل الامر ينجح لكنها فشلت , ثم قالت هيلفا :
- انت هنا في اجازة اعتقد .
افتراضها كان صحيحا لكن ما ارادت هيفا معرفته هو متى سترحل , وستكون ملعونه اذا اخبرتها.
- اجل دائما اردت المجيء الى كريت .
واكملت تحدثها عن المتاحف التي زارتها والآثارات .
واخيرا قاطعتها هيلفا :
- لكن لايمكن ان تكوني قد التقيت بنيكولايدز في هذه الاماكن , هذا مستحيل. وانت لست من نزلاء الفندق. هل اتيت في علبة سياحية ؟
جعلت الامر يبدو مهنيا وهذا ما ارادته تماما .
وفكرت جيما .. انا لست الوحيده التي اكلتها الغيرة ستكون هنا عندما ارحل انا لكنها غير متأكده .
لكنها قالت في المقابل :
- لا انا باقية هنا لسوء الحظ , انه مكان جميل اليس كذلك ؟ هل تنزلين هنا غالبا ؟
- نحن ننزل هنا كل سنة منذ ان افتتح الفندق ونمضي عادة شهر واحيانا اكثر .
ردت هيلفا بغير امتنان وتودين ان تكوني ابدية, اضافت جيما بصمت , ليس عليك ان تقلقي بشأني فأنا عابرة سبيل فقط .م ك س ا ت
لكن كل ما قالته كان :
- انه من الرائع الحصول على الحرية .
حيث رات ديمتريس تقريبا يركض نحوها .
- اعذروني ياسيدات .. كان يبتسم بنعومه .. لكن السيد اندرياس يود منك ان تنضمي اليه في جناحه الخاص يا آنسه .
نهضت شاكرة في المقابل نظرت الى هيلفا مبتسمة :
- الى اللقاء ياسيدة .. قالت بتهذيب .. شرف لي ان اتعرف بك .
ابتسمت هيلفا في المقابل :
- الى اللقاء ويمكنك ان تقولي لأندرياس انه اذا اراد تغير رأيه بالنسبة للعشاء غدا, كل ماعليه فعله هو المجيء وسيكون مرحبا به .
- سأخبره .
وافقت جيما بهدوء ومشت بعيدا . بينما مشوا الى الفندق قال ديمتريس :
- امل ان تكون السيده غريتز قد قالت لك شيئا يغضبك , اباها صناعي كبير في شتوتغارت وهي مدللته .
- بل مفسدته لكن استطيع التعامل معها بنفسي .
- لكنها قد تكون صعبه والسيد اندرياس لم يكن مسرورا عندما رآها تتكلم معك .
لم تستطع معرفة السبب فلا يمكن ان تخبرها هيلفا بشيء لا تستطيع معالجته .
لم تستطع معرفة السبب فلا يمكن ان تخبرها هيلفا بشيء لا تستطيع معالجته .
لم يستخدموا المصعد العام بل دخلوا عبر باب في محيط الاستقبال عابرين ممر يؤدي الى مصعد خاص .
- هذا يؤدي الجناح الخاص .
قال ديمتريس وهو يكبس الزر كانت جيما ضائعه تماما عندما بدأ المصعد الصعود .
- اذا ماذا يوجد فوق ؟ مكاتب ؟
- فقط مجلس الادارة يا آنسة وشقة السيد اندرياس التي اعتاد النزول فيها في الفندق .
- وهل ياتي غالبا الى هنا ؟
سالت متساءلة عن تكاليف شقة خاصة في فندق ضخم كهذا .
- قد ما يستطيع فالسيد نيكولايدز يحب ان يدير فنادقه عن قرب كما كان يفعل ابيه قبل .
شعرت بدوار وكأن جدار المصعد ستقع عليها , فقالت لاهثة :
- لم افهم جيدا يا ديمتريس . هل تقول ان هذا الفندق يملكه السيد اندرياس ؟
بينما فتح ابواب المصعد . نظر ديمتريس اليها باستغراب .
- بالطبع , يا آنسة كيف لا تعلمين ؟
- بالطبع كيف ؟ قالت جيما بسخرية .
تجاوزوا مجلس الادارة . ثم قرع ديمتريس على الباب فتح الباب اندرياس ووقف في الممر وكان قريبا جدا حتى كادت ان تلمسه .
اجبرت نفسها على الابتسام وهي تنظر اليه فرأت انه ادرك ذلك .
كانت غرفته جميله مليئة بشعاع الشمس والالوان بعيده عن البساطه في فيلا ايون . كانت هناك نوافذ ضخمة على الجانبين تعطي منظرا متواصلا للخليج وحدائق الفندق اذا هكذا عرف بان هيلفا كانت معي فكرت .
قالت في صوت خشبي :
- فندقك رائع , اية مغفلة ستكون اعتقدتني اتكلم عن غزل النسيج .
- لم افكر بد ابدا كمغفلة يا جيما ... هلو تودين بعض القهوة ؟ او تفضلين الشاي .
- او حتى شمبانيا .
اكملت تحدق خارج النافذة وكأن المشهد اسرها .
- وهذه ايضا ... ايدها .. هل هذا ما تودينه ؟
هزت برأسها :
- القهوة ستكون جيده استطيع الفهم الآن لماذا كنت واثقا بان السلطات ستصدقك.. فالخطف ليس من الاعمال التي يقم بها مالكي الفنادق المحترمين , مما قاله ديمتريس استطيع القول ان لديك مجموعه منهم .
م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:35
- هناك واحد اخر في ريثيمنون كما في رودوس وكورفو .
- سلسلة نيكولايدز . كان يجب ان ادرك ذلك عندما ذكرت السيده غريتز اسمك لكن حتى وقتها لم افهم الترابط .
- لقد سمعت بهذه الفنادق ؟ بدأ متفاجئا .
- سمعت اجل . لكني لم اتوقع ان ادخلها في يوم من الايام .. ابتسمت باشراق .. خبرة اخرى لأخبرها عندما اعود للوطن الاسبوع القادم .
جلس على صوفا عليها الكثير من الوسائد, وبدأ يصب القهوة .
- اظن ان عودتك للوطن هو امر يجب مناقشته.
جف حلقها :
- تعني انك ستبقيني هنا ؟م ك س ا ت
- على العكس ياجيما الحبيبة اظن انه من الافضل لك الذهاب الى الوطن على الفور. غدا اذا استطعنا تدبير رحلة مناسبة .
اخذت الفنجان الذي ناولها اياه . لم تهتز اصابعها مما ادهشتها في حين فكرت بان حياتها قد انهارت اما عينيها .
- غدا سيكون رائعا بالنسبة للجميع... شربت بعض القهوة وبقيت مبتسمة.. سيكون بامكانك حضور حفلة السيد غرتز . فهيلفا طلبت مني ان اخبرك بان الدعوة مفتوحه .
- هذا لطف منها .
- فكرت ذلك ايضا .
قالت بالرغم من التكييف في الغرفة الا انها شعرت بحرارة وبرودة حتى انها في اية لحظة ستصطك اسنانها:
- هل تظن انه يمكن الحجز للغد ؟
- سأتصل بمكتب السفريات واطلب منهم تنفيذ الاجراءات اللازمة سيكون من السهل نقل القسم الغير مستعمل من تذكرة عودتك .
بدا كل شيء سليما وكان يجب ان تشكره لكن الامر كان صعبا عليها ان تجد الكلمات وهو تموت في داخلها .
شعرت لرغبة قوية ان ترمي نفسها بين ذراعيه, على قدميه وترجوه الا يرسها بعيدا . وربما احس هو بوحدتها وبيأسها لأنه قال لها بلطف :
- جيما صدقيني من الضروري ان افعل هذا . اتمنى لو استطيع التوضيح لك اكثر .
يشرح ماذا؟ ان بينها وبين تلك الابنية الفاتنه للألماني الصناعي الثري لم يكن هناك وجه للمقارنة ؟
وعندها في مكان ما من عقلها رأت كوخ الراعي وتملكها الخوف .
قالت بحده :
- انه مايك اليس كذلك شيء له علاقة به وانت لا تريدني ان اكون هنا عندما يحصل ذلك ؟. ام حصل وانتهى ؟ صديقك ستافروس, هل وجد مايك ؟ هل اذاه ؟ .
- لا .
وقف اندرياس واقترب منها وضع ذراعيه حولها .
- انه ليس كذلك اقسم لك يجب ان يؤذيني اولا , لكن ارتكبت خطأ جسيما فيك ياجيما , وبطريقة ما احتاج لأن اقدم بعض التعويضات . يجب ان تفهمي ذلك .
هزت رأسها بقلق :
- انا لا افهم شيئا منذ اليوم الاول . ربما يجب ان تتصل بشأن تذكرة السفر الآن .
- اجل .
كان هناك تليفون على الطاولة قرب الصينية وراقبته يرفع السماعه ويطلب الرقم . لم تفهم أي كلمة من المحادثة القصيرة , لكنها شعرت بان صوتها سيبقى مطبوعا في ذهنها للأبد .
- قال كوستاس يتصل بنا حلما يعرف الاخبار .
- هذا جيد . انه امر مؤسف انك لم تضع حقيبتي في الجيب هذا الصباح , فعندها لن نحتاج العودة الى الفيلا لأحضارها .
- لا عليك .
بدا عرضيا في قوله غير مبال فكرت عواطف العاشق التي كان يقدمها في قبلاته لم تكن موجوده وربما لم تكن ابدا .
ربما لم يكن يوجد سوى دم المنتقم لشرف ماريا, دور تمتع به والآن يتمنى النسيان قدر الامكان . تكلم عن التعويضات لكن لم يكن كالمنتقم , بل لقد مل منها واراد العوده الى حياته الطبيعية من جديد .
كانت تعلم ان هذا سيحدث توقعته لكن ليس بهذه السرعه فكرت بوحشية .
اسرعت في الكلام محاولة ايجاد موضوع آمن .
- هذه شقة فاتنه , انا متفاجئة من احتمالك المغادرة منها .
- انها مفيده , لكنها لا توفر لي بعض الخصوصية .
قال بجفاف :
- هل تودين المزيد من القهوة ؟
- لا شكرا . قالت بتهذيب فهي بالكاد رشفت مما معها .
- هل استطيع رؤية باقي الغرف ؟ سألت م ك س ا ت
رفع حاجبيه وقال ببروده :
- سأكون مسرورا بذلك.. وقف... هل نبدأ من الحمام ؟
لم تكن لتهتم لو عرض عليها رؤية مظلة الحديقة فهي لم ترد رؤية الشقة بل ارادت ان تقول شيئا ان تفعل شيئا ليملأ ذلك الفراغ المؤلم بينما تنتظر سماع ما اذا كانت ستذهب غدا .
تجول معها في الغرف , لكن كل ما كانت تفكر فيه هو رغبتها في ان يحتضنها ويقبلها ان يحملها الى السرير , لكن بدلا من ذلك سمعته يقول لها :
- هكذا اكتملت الجولة .
واحست به يبتعد عنها الى غرفة الجلوس وشعرت بوجنتيها تحترقان بغير طبيعية وقد شكل لها رنين الهاتف راحه مؤقته .
رفع اندرياس السماعه واصغى , لم يدل وجهه على شيء .
ثم اومأ قائلا بعض كلمات الشكر ووضع سماعه الهاتف .
- لقد سوي الامر هناك طائرة في الساعه الرابعه بعد ظهر الغد وقد تم الحجز لك فيها .
شعرت فجأة بالجفاف في فمها كانت خائفة من ان تتشقق شفتاها . قالت .
- شكرا لك , كيف سأصل الى المطار ؟
-انا سأخذك .
- هذا لطف منك . قالت بتهذيب لكن لا اريد ان اسبب لك اية مشكله .
تقلص فمه لكنه لم يرد .
سارت جيما الى النافذة الاخرى , وقفت تحدق تقولم دموعها بكل قواها لا استطيع الانتظار يريد التخلص منها وكل ما لديها الآن هو الذهاب ببعض الكرامة.
فالانفجار بالدموع او اظهار اية عواطف ضعيفة ستكون غير لائقة تمام اخبرت نفسها .
سألها اخيرا :
- هل تودين تناول العشاء هنا , ام العودة الى الفيلا ؟
- لم تنظر اليه , قالت :
- هل تقصد هنا , ام ..... ؟
قال باقتضاب :
- عنيت في المطعم اذا لم يكن لديك تفضيل معين من الافضل لو عدنا الى لوسيناس .
- افضل ذلك ايضا .
- اذا من الافضل ان نذهب .
التقط القصة التي احضرتها معها من مكانها قرب البركة :
- هل هذه لك ؟
- ديمتريس اعطاني اياها اود ان احتفظ بها واقرأها في الطائرة لكن بالطبع سأدفع لك ثمنها عندما استعيد مالي .
- كلك نظر لكن ربما ستقبلينها مني كهدية لأني ادرك انك لن تأخذي شيئا اخر .
نظرت بعيدا .. كما تريد ... قالت بملل .
- لن نناقش رغباتي اظمن. كانت نبرته متجهمة .م ك س ا ت
والآن دعينا نذهب .
كانت الشمس قد غابت عند وصولهم الى لوسيناس اضاء اندرياس المصابيح فوقفت تراقببه .
- هل انت جائعه ؟
فكرت " لك فقط " لكنها بالطبع لم تعطها أي فكرة هزت رأسها :
- ليس تماما .
- اذا اقترح عليك ان ترتاحي قليلا لقد سافرت كثيرا اليوم ولديك رحله طويلة غدا .
ابتلعت ريقها وقالت بغصة :
وانت ؟
- يجب ان اذهب الى القرية سأحاول عم ازعاجك عند عودتي .
- لكني استخدم كلماتك كلك نظر .
استدارت وصعدت الى غرفتها .
رأته من نافذتها يمشي ببطء باتجاه القرية ورأسه منحنى لم ينظر وراءه ابدا .
سرت قشعريرة في جسدها وعادت الى غرفتها فأخذت الملابس التي فكتهم منذ ساعات ورمتهم في الحقيبة من جديد ودموع الاهانة تحترق تحت جفونها. ثم استحمت وارتدت قميص نومها واستلقت في سريرها نحدق بالظلام .
شعرت بتعب في عظامها لكن عقلها واحاسيسها كانت متيقظة تصرخ بها.
في ايام قليلة قصيرة تغيرت حياتها كليا . الفتاة المعتدمة على نفسها المسؤولة عن عواطفها ومستقبلها لم تعد موجوده ولم تشعر بالندم ابدا.
انزلقت يدها الى حرجها المنبسط متساءلة فقد تمنت ان تحظى بطفل بالرغم من الالام التي سببتها لعائلتها وبالرغم من ان الطفل سيكون جزءا من الانتقام سيترعرع بحب . مهما كانت الصعوبات لن تستخدم الطفل كعذر للأتصال باندرياس ثانية كسلسلة هشة تبقى ارتباطها به , فعندما ستغادر طائرتها غدا ستكون هذه النهاية .
تنهدت فهذا ما سيحدث غدا لكنها الآن عليها مواجهة ليلة طويلة وحيدة .
لم يكن لديها اية فكرة عن الساعات التي مرت لكنها ماتزال مستيقظة سمعته يعود , فتوتر كيانها آملا متوقعا سمعت خطواته الى السلالم. انتظرت تحدق بالباب ارادته ان ياتي اليها , لكن دون تردد تجاوز بابها الى غرفته .
بتنهيدة استلقت جيما هناك لوقت طويل كبرياءها احترامها لنفسها يتصارعان في معركة خاسرة ضد احاسيسها المشتعله .م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:39
اخيرا خرجت من سريرها وذهبت الى غرفته كان الباب مقفلا ففتحته بهدوء ودخلت .
كان مستيقظا ايضا فأدار رأسه ببطء ونظر ليها تقف فيي شعاع القمر .قال بهدوء:
-عودي الى غرفتك ياجيما , عودي الآن .
هزت رأسها :
- لا يا حبيبي اندرياس انت سترسلني غدا واتقبل ذلك , لكن دعني احظى بالليلة .
مر صمت ثقيل ثم قال بقسوة :
- انت لا تعلمين ماذا تطلبين .
- آه لكني اعلم ... ابتسمت وفمها يرتجف ... لقد علمتني جيدا ربما لا تدعني امضي بقية الليل وحدي ... لن اسألك شيئا اكثر من ذلك اقسم لك لا متطلبات من أي نوع , لكن دعني ابقى معك الآن .
- آه يا الهي ... كان صوته اجشا .. جيما يا حبيبتي لقد ارتكبت بحقك خطأ جسيما . كم تريدين ان يحتمل ضميري من عذابات .
- ولماذا ستشعر بالذنب ؟ الا اذا كنت لا تريدني؟
- لا ارديك ؟ ياحلوتي الحمقاء. كيف لا اريدك ؟م ك س ا ت
تسللت اصابعه الى شرائط قميصها وفكها عن كتفيها حتى اصبحت كالغيمة على الارض ثم رفعها بين ذراعيه وحملها الى السرير .
توسدت صدره برأسها وناما وعندما استيقظا كان الفجر يشق طريقة في ظلام الليل فتعلقت والتصقت به مدركة بألم ان هذه هي المرة الاخيرة التي ستقع فيها بين النجوم على الارض معه . وهذا الألم السعيد كان وداعهما لبعضهما .
استيقظت جيما اولا . استلقت للحظة طويلة تراقبه وكأنها تحفظ كل تفاصيله ثم تحركت بحذر شديد حتى لا تزعجه وخرجت من السرير .
هذه هي المرة الاخيرة التي ستحضر فيها الافطار لهما .
نزلت بصمت الى المطبخ بعدما ارتدت قميص نومها فلم تجد خبزا ملآت الابريق ووضعته على النار ليغلي سمعتصوت خطوات على التراس فنادت .
- ما ريا, انا هنا .
مر صمت طويل فعبست متجهمة نحو الباب .ماريا ؟.. ثم تجمدت في مكانها ووضعت يدها على فمها مصدومة .
كان مايكل يقف امامها في غرفة الطعام . فقال في همس مندهشا :
- جيما ؟ ماذا تفعلين ....؟
احست بموجة حريق تكتسحها من قدميها وهي تنظر اليه . استطاعت سماع اصوات تحركات من فوق , فادركت ان اندرياس قد استيقظ. ففي لحظة سينزل الآن ويجدهم .... .
قالت بصوت اجش :
- مايك يجب ان تخرج من هنا , الآن من اين اتيت ؟ هل رآك احد في القرية ؟
نظر اليها وكانهه مجنونه :
- لا اعرف اذا رآني احد ام لا ما بالك؟ وماذا تفعلين هنا ؟ الم تصلك رسالتي الاخيرة ؟
- ربما لا .. قالت بارتجاف .. لكن ليس لدينا الوقت للحديث عنها الآن .
- حسنا نحن بحاجه لأن نتكلم عن عدة امور . قال بصرامه .
- هل طلبت الأذن من احد لتنتقلي الى هنا ؟ فهذا ليس للايجار اتعرفين . يملكه زعيم صاحب فنادق يدعى نيكولايدز ... .
-لكنه ليس صديقك ليس بعد الآن . مايك, انا اعلم بشأنك مع ماريا الجميع يعلم وليس من الامان لك ان تكونا هنا صدقني .
خلع حقيبته عن ظهره ووضعها على الارض .
- آه ياماريا . قال عرضيا .. ماذا تفعل هذه الحمقاء الصغيرة الآن ؟.
- لا تتلاعب معي .. قالت جيما بمرارة ... انها حامل ولا تدعي بعدم المعرفة .
قال بلا مبالاة :
- بل اعلم , ولكن ظننت انها ستكون قد تزوجت الآن , ماذا حصل ؟
نظرت اليه جيما بدهشة :
- ماذا حصل فمن المفترض انك خطيبها من الذي سيكون متفهما لهذه الدرجة ليأخذ على عاتقه طف شخص اخر .
- ليس هو لقد قصدت كيمال. فقد ذهبت الى شانيا لاجده وكان اتيا الى هنا ليتزوجها حتى لو تكبد مشقة الهرب معها . لا تقولي ان الامور سارت في اتجاه خاطئ .
من خلفهم قال اندرياس بتجهم :
- اجل يا صديقي , هذا ما حصل سارت الامور بشكل خاطئ جدا .
اقترب مايك ليصبح في مواجهته وارتسمت على وجهه علامات الدهشة عندما ادرك انه قد خرج من الحمام لتوه ولا يرتدي سوى منشفة حول خصره فتنقل بصره بينه وبين اخته .
- من انت بحق الجحيم ؟ وماذا تفعل اختي هنا معك ؟ بدا دفاعيا .
- هل يجب ان اهجئ هذا لك ؟
سأل انرياس بجفاف لكن صوته لم يحمل اية راحة من التي عهدتها جيما به .
انفجر مايك :
- لا اعتقد ذلك ..
قال بخنق ولم ينظر الى جيما مجددا لكن بدت عليه علامات الاعتراض .
- لقد كنت آمل عودتك ... اكمل اندرياس محادثته ... وكذلك فهمت ان صديقك كيمال . قد امضى وقتا متعبا في التخييم في كوخ الراعي على الجبل .
عبس مايك :
- ولماذا ؟
- السيارة التي كان يستعملها تعطلت في طريقها الى هنا فتركها وترك معها خططه الرومنطقية في الهرب مع ماريا وبدلا من ذلك جلس في الجبال , بينما ماريا تهرب له الطعام بانتظار وصولك لتنقذه .
تنهد مايك :
- ليعلم الله لم ارد التورط في الامر منذ البداية .
- اذا لماذا فعلت ؟
تجهم ما يك :
- لقد التقيت بكيمال في شانيا فبدا وحيدا في البدء لكننا كنا نأكل في نفس المكان ونتحدث وتدريجيا اخبرني انه يحب فتاه من القرويين لكنه قال بأن عائلتها لن تقبل به لأن اباه تركي الاصل ومثل هذا الزواج يعتبر عارا على العائلة ولم يبد الامر منطقيا لي لكني شعرت بالاسف تجاهه وتجاهها خاثة عندما عرفت ان اهلها سيزوجونها من رجل بالكاد تعرفه لكن في الوقت الحالي كانت شانيا تعمل في فندق لأحد اقاربها وكان كيمال يقابلها هناك في السر .
وقفت جيما متجمده تستمع الى القصة التي جعلت تفكيرها مضطربا . بعشيق ماريا كان نصف تركي وهذا سيؤجج كل انواع العداوات القديمة .
تابع ما يك :
- بدا اتفاقا مثاليا حتى ارتابت العائلة واعادوها الى لوسيناس . لم يستطع كيمال الحاق بها فورا فقد طرده ابوها من بيته منذ فتره طويلة , وبالطبع سيكون غاضبا من ظهوره في القرية لكنه عرف انني اود المجيء الى هذه المنطقة لأقوم ببعض الابحاث فطلب مني حراسة ماريا لأتاكد من ان كل شيء يسير على ما يرام وانهم لن يدفعوها للزواج .... استطيع فهم لماذا اراد ان يبتعد عن ابيها ستافروس رجل حازم على الرغم من كونه طيبا فقد بدا لي استخدام هذه الفيلا لم اود حقا خداعه خاصة عندما عرفت ان ماريا كانت تتوقع مني ان اقوم بدور المرسال بينها وبين كيمال . فقط عندها عرفت انها ستحظى بطفل فتوسلت الي لأذهب الى شانيا واخبر كيمال شعرت بأني لا استطيع الرفض في هذه الظروف وكما حصل لقد وصلتني رسالة من وملائي في الجامعه تقول انهم سيأتون برحله الى هنا يريدون مني الانضمام اليهم اليهم ؟ لايمكنك رفض فرصة كهذه لذلك كتبت الى جيما اخبرها بتأجيل رحلتها لشهر او اكثر لم يخطر في بالي انها ستأتي ابدا .
قالت جيما :
- لا بد ان الرسالة تأخرت لأني لم استلمها .
استدار مايك ونظر اليها غاضبا بعض الشيء .
- حسنا هذه الامور تحدث لكن مجيئك الى هنا شيء وان تتورطي مع عرفته لتوك شيء اخر .
توقف بالعا ريقه :
- جيما كأنك لست انت فهذا الامر سيقتل والديك , اذا عرفوا .م ك س ا ت
- وهل تنوي اخبارهم ؟ عضت على شفتها .
- لا , بالطبع , لا ... انكر بحده ... لكن .....
قال اندرياس بهدوء :
- لا يجب ان تلوم اختك في جميع الاحوال فجدالك سيكون معي وحدي لأن من جراء اكاذيب ماريا التي قالتها لعائلتها بعد مغادرتك القرية لقد صدقوا انك انت والد الطفل .
- انا ؟ .. بدا مايك غاضبا .. لكن هذا جنون اعني انها فتاة لطيفة , اعتقد ... .
- على كل حال هذا ما قالته لهم وصدقوها لقد كانت خائفة من قول الحقيقة فلربما اذوا كيمال , فكما قلت ستافروس رجل حازم ولم يتقبل امر تدمير شرف ابنته ابدا فاراد الانتقام .
- اذا ؟.. ضاقت عينا مايك بحده .
- اذا الرسالة التي كتبتها جيما لك وجدناها في غرفتها تخبرك عن تفاصيل رحلتها وللانتقام لشرف ما ريا وجلب العار عليك , كما فعلت وجلبت العار لستانفورس وعائلته ولمعاقبتك اخذت اختك .
مر صمت طويل ثم اقترب مايك من جيما .
- جيما ها اغتصبك هذا الوغد ؟
احترق وجهها .. لا .. ثم قالت برقه وبسرعه .
- مايك , لا استطيع الشرح ليس لدي أي عذر على الاطلاق لكنه م يكن اغتصابا لقد حصل وسأغادر المنزل بعد الظرهر ولا داعي بان بعرفوا شيئا الا اذا اخبرتهم .
اهتز صوته :
- آه , يا الهي .
اقتحم اندرياس بسرعه :
لا يوجد نعت تطلقه علي لا استحقه , لا شيء يمكن قوله بانني لم اخبر نفسي بذلك مئات المرات . لكن في الوقت الذي ارتبت بالحقيقة كان الاوان قد فات , في البداية لم استطع التصديق باننا كلنا كنا على خطأ ظننت ان كيمال قد ذهب الى الجهة التركية وانضم الى ابيه منذ زمن لكن البارحه تكلمت مع امه وعمته فاخبروني انه لم يغادر كريت ابدا واخبروني ايضا انه ينوي الزواج وسيحضر زوجته قريبا .
قال جيما لنفسها تقريبا :
- المنزل الذي تغطيه شجرة التين .
قال بهدوء:
- اجل ...
مروقت طويل قبل ان يقول ثانية
- هناك طريق واحده استطيع التعويض فيها عن اكاذيب ماريا والاذى الرهيب الذي سببته. ففي غياب ابيها اطلب منك ياسيد ميكاليس الزواج من اختك .
في صوت بالكاد يشبه صوتها قالت جيما بعنف :
- لا .
خطوة كبيرة واحده احضرت اندرياس اليها واخذت من كتفيها وجعل وجهها قبالته وطالبتها بقسوة :
- ماذا تعنين .
قاطعهم مايك :
- ماذا تقول تماما ومن يستطيع لومها ؟ في اية حال انا هنا الآن وليس عليها ان تفعل أي شيءتقولها لها ثانية .
قالت جيما بنعومه :
مايك هذا اندرياس نيكولايدز .
راقبت فكه يسقط من الدهشة لكنه استعاد وعيه :
-والى الجحيم فأنا اتحمل كل كلمة اقولها فأفضل شيء تستطيع جيما فعله لخنزير مثلك هو نسيان وجودك .
- وهل هذا ما تريدينه يا جيما ؟
كانت يداه ما تزال ممسكة بها وتجهمت عيناه وهو يحدق بها .
بطريقة ما وجدت القوة لتحرر نفسها منه :
- اجل .. قالتها بصوت مرتجف .. لقد تعبت من الالتزامات والشرف والتعويضات اريد فقط ان اخرج من هنا بعيدا عنك اريد الذهاب الى وطني .
م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:43
- اذا ابتعد عنها من الآن فصاعدا . اضاف مايك بغضب .. اتركها وشأنها او سيكون عليك التعامل معي .
اصبح اندرياس ساخرا فجأة لقد كان اطول من مايك , اثقل واقوى , وذا عضلات اكبر, لقد كان تهديد مايك خاويا وجهزت جيما نفسها للكلمات التي سيطلقها لكن كل ما قاله اندرياس كان "حسنا " قبل ان يستدير ويبتعد تاركا اخ واخته سويا .
قالت في صوت عال وجازم :
- من الافضل ان ارتدي ملابسي .
- الاتظنين انه يجب ان نتحدث قبلا؟ .. كان وجهه غير سعيدا وهو يتفحصها ... لقد فهمت الآن لماذا اردت التخلص مني بسرعه لم تريدي ان اراك انت مع مليونيرك هذا .
- لا .
- انا اسف يا حبيبتي كان هذا شيئا سخيفا لاقوله لكني لم افهم علاقتك بكل هذا . لقد اعترفت بنفسك انه لم يستخدم القوة وانت لم تكوني من هذا النوع ولن تكوني.. انا.. انا لا افهم أي شيء من هذا .
قالت بغرابة :
ولا انا صدقني لكني لم اكن احاول طردك لأني خجله من شيء فعلته كنت خائفة عليك هذا كل شيء لم اكن اعلم بوجود كيمال هذا .م ك س ا ت
للحظة بدا مستغربا :
- لا تعنين انك صدقت سخافات ماريا عني ؟
- لا , لا اظن انني صدقت ابدا لقد قلت منذ البداية انك لست من النوع الذي يغوي احدا ويتركه . لكن .. اندرياس صدقه وكذلك عائلة ماريا, وانا لم استطع ضمان ان ما فعله اندرياس بي كاف لهم .. فقد فكرت انه بالرغم من كل شيء سيقتلوك .
تمتم شيئا وربت على ذراعها ثم نظر الى المطبخ .
- هناك ابريق يكاد ينفجر من الغليان .. حدثها محاولا التخفيف عنها.. اذهبي وارتدي ملابسك وسأعد القهوة .
اعطته ابتسامة امتنان ثم هربت .
كان اندرياس ينتظر في غرفتها مرتد ملابسه نظر اليها بكآبة .
- اليس لديك شيء لتقوليه لي ؟
- ماذا هناك لأقول ؟ سحبت ثوبا ابيض من حقيبتها ووضعته على السرير.. سوى انني عرفت الآن لماذا استيقظ ضميرك بشأني متى ادركت ان كيمال ذلك هو المتورط ؟
- عندما قلت لي ان اخاك لا يدخن وحتى في حينها كنت اعلم عن حبهما في الصغر الذي منعه ستافروش وعندما انتقلت امه من القرية ظننت ان هذه نهايته .
سألت بحده :
- اذا ماذا سيحصل الآن ؟ هل لدى كيمال اخت ام سيصطاده ستافروس ورجاله في الجبل ؟
- لا هذا , ولا ذاك ليلة امس عندما اقنعت ماريا بالاعتراف بالحقيقة لعائلتها كان هناك غضب واسى اكثر مما تعتقدين . لكن ستافروس وافق على الزواج وذهبت ماريا مع احد اشقائها الى الكوخ واحضروه ليواجه التزاماته كان مشهدا يستحق الرثاء . م ك س ا ت
- ارجوك لا تطلب مني المحاولة والآن هل تتفضل وتخرج من غرفتي ؟ انا انتظر لارتدي ملابسي .
راقبتها عيناه القاتمتين :
- ليلة امس كنت عارية بين ذراعي .. قال لها بحقد وبحزن كبير... اذا لماذا هذه الرغبة المفاجئة في التواضع ؟
- لأن تلك كانت ليلة امس .. حدقت جيما بالارض ..والآن هو اليوم وكل شيء تغير .
- لماذا ياحبيبتي , فأنا اسألك الزواج مني .
- وانا رفضت .. رفعت جيما رأسها بكبرياء .
- هل لي ان اعرف لماذا ؟
- ظننت ان الامر واضح . لو لم يعد مايك هكذا لما كنت سألتني البارحه كل ماكنت تفكر فيه هو كيفية ابعادي عن الجزيرة وانا افضل البقاء على خطتك الاصلية .
- انت لا تفهمين ابدا .. قال بيأس .. يا حبيبتي شعرت انني مضطر لارسالك من اجلك حتى لاتورطنا اية كلمة من هذة في فضيحة .
- تعني انك لم ترد ان يعرف احد بتورطك.. اتهمته غاضبه .. الجميع في الفندق البارحه كان يحدق بي يتساءل من اين التقطتني اظن انني سأشكل جيبة امل بعد سيداتك .
- هذا هراء ... كان غاضبا جدا الآن .
- هراء لاشيء يهم فأرجوك لا تشعر بالذنب نحوي فكما قلنا سابقا لم يكن اغتصاب وانا اردت كل شي حصل الليلة الماضية فأرجوك لا تقلق بشأني _ او بشأن أي شيء .
بدأ مستغربا :
- ماذا تقولين ؟ ان ندعي بأنه لم يحصل شيء بيننا , اننا لم نتقابل ربما ؟ .
مشى نحوها ممسكا بوجهها محدقا بها .
- ياحبيبتي جيما , تعرفين ان هذا مستحيل لقد حصلت اشياء كثيرة لن نستطيع ابدا التحرر من بعضنا حتى لو كان هذا مانريده , وما لا اصدقه اذا لماذا لا تتزوجينني ؟
- لأسباب عديده لأن لدي حياتي الخاصة مهنتي وانا .. انا لا احتاجك .
- وماذا عن احتياجاتي ؟ .. ابتسم ولمعت عيناه .
نظرت جيما بعيدا بسرعه :
- انا متاكده ان السيده غريتز ستكون سعيده بالاهتمام بك .
- ربما ستفعل يا حبيبتي اذا اتحت لها الفرصة والتي اعدك انني لا انوي ذلك .
- ليس حتى في ذلك العشاء الحميم الذي اقترحته عليها الاسبوع المقبل؟
حالما خرجت كلماتها من فمها ندمت عليهم فقد ادركت انها تتيح له فرصة اتهامها بالغيرة .
- في هذا العشاء الحميم الذي تكلمت عنه كنت انوي اعلان زواجنا .
- الهذا اردت فجأة ان يكون لديك زوجه . سألته بجفاف .. للحماية ضد الشقراوات المفترسات .
- لا ياقطتي المتوحشة .
مرر نظره على السرير ثم اضاف :
- اللعنه على اخيك لو لم يكن هنا لكنت اخذتك الى السرير ومارست الحب معك حتى تتوسلين الي لأتزوجك .
- اذا يجب ان اكون لوجوده هنا , وستكون انت كذلك ممتنا ايضا لأن زواجنا سيكون كارثة فنحن غريبان من عالمان مختلفان التقوا لفترة هذا كل مافي الامر ...
توقفت محاولة ايقاف الرجفة في صوتها الواهن:
- والآن ارجوك اتركني وحدي .. اضافت بيأس .
وقف يحدق بها بقوة فاجبرت نفسها على التحديق به وكأنها عنت كل كلمة قالتها وكأنها لا تهتم .
- اسمعي ياجيما ارجوك امي لديها منزل في ريثيمنون وسأخذك لتبقي معها .
- لا لن تفعل شيئا كهذا, لا اريد ان التقي باحد .
- لا تكوني حمقاء فكل ام تود التعرف على الفتاة التي سيتزوجها ابنها .
ارتفع صوتها :
- للمرة الاخيرة لن اتزوج .
- انا سعيده لأنك تقولين هذا لأخر مرة يا حبيبتي ووسنتزوج حالما تنتهي الاجراءات .
قفزت الدموع من عينيها وقالت بصوت منخفض :
- لا تستطيع الزواج مني وانت تعلم ذلك , نحن مختلفان تماما .
نظر اليها بابتسامه :
- آه بالطبع فأنت امرأة وانا رجل .م ك س ا ت
- لا تمزح انا احاول ان اكون جدية ... انت لطيف جدا لكنك لست مجبرا اعرف انك عرضت علي الزواج لتعوضني ولأنك تظن انني حاومل .
قال بلطف :
- ياحلوتي هذا ليس صحيحا منذ اللحظة التي رأيتك فيها في كنوسوس اردتك قبل ان اسمع رفيقتك تناديك بأسمك وعندما عرفت انك انت المقصودة كرهت ستافروس وادعاءه الصداقه لي كرهت نفسي وكل شيء سيمنعني من الالتقاء والتقرب منك كما تمنيت وعندما قلت لك في الليلة الاولى لندعي بأننا عشاق عنيت كل كلمة , ولولا اكاذيب ماريا لما وصلنا الى هذه الحالة هل تستطيعين انكار ذلك ؟
- لا .
- وبالنسبة للطفل , اذا كنت تحملين طفلنا في احشائك لكن انا اناني كفاية لأتمنى ان لا يكون قد حصل بعد حتى نستطيع التمتع لبعض الوقت واعداد بيتا مناسبا لأولادنا .
طوقها بذراعيه وقبلها :
- فالشقة في الفنادق لا تناسب ابدا, اريد بيتا حقيقيا , هل مازلت اعاني من الاحلام الانانية ؟
قالت :
- لا .
ارتجفت فمها بابتسامه خجولة وهي تضع ذراعها حول عنقه :
- انت تجعل الامر يبدو كالجنه يا حبيبي .
سألها برقة :
- حبيبتي هل تحبينني ؟
- اجل وكنت تعيسة جدا لأنني ظننت اك مللت مني وتريد ابعادي .
- مللت منك ؟ سأكون عندها قد مللت من حياتي لقد قصدت ان اتعرف عليك بشرف وارسلك الى موطنك حتى الحق بك واقنع اهلك بأني عريس مناسب واقنعك لو اضطر الامر , ولذلك يجب ان تحظي بحماية فكونك عروس يجب ان يكون جسدك مقدسا من اجلي , لكن عندما اتيت الى غرفتي لن يستطع في حينها أي قديس مقاومة ذلك الاغراء , ولهذا سآخذك الى امي حتى لا اقع وطأة الاغراء ثانية , واظن اننا لن نحزن امي وامك باخبارهم اننا قد حظينا بمتعة ليلة زواجنا .
- جيما هل تتزوجينني هل ستصبحين حياتي كلها كما سأصبح انا بالنسبة لك .
وهي تلفظ جوابها قرب شفتيه قبلته بعمق حتى اعترفت واخيرا انها لن تفارقه بعد الآن .

م ك س ا ت

smaher
10-11-2009, 18:45
تمت بحمد الله

ارجو ان تكون الرواية قد نالت اعجابكم

تحياتى

اختكم

smaher

::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::

khadija123
10-11-2009, 20:03
السلام عليكم
صحيح أنني لم أتمم قراءة القصة بعد لكن مما قرأته تظهر أنها قصة رائعة ::جيد::
شكرا لك "smaher" على تعبك والله يحفظك
في إنتظار جديدك

إلى اللقاء.

الحياة الضائعة
12-11-2009, 14:18
يسلمواااااااا كثير الروايه رائعة جدا


بس بدي اطلب من cuppy cake ياريت تنزلي الرواية اريد سجنك لاني مالقيتها في المنتدي





و شكرا

ماري-أنطوانيت
12-11-2009, 20:49
http://www.hotagri.com/data/media/73/18.gif (http://www.hotagri.com)


تسلم الايادي يا شيختنا ^.^

ولو متأخره...:مرتبك:


روعه كعادتكم..











ايوا ماري عنوني تقول الك شانينغ انها تعتذر لان النت هالفترة قطع مرة الثانية وروايه شهر عسل مر الي الله يمرمرها مثل ما مرمتكم تعتذر لانها ماراح تقدر تكتب الفصول الي سئلتك عنها لانها مثل ما قالت الك كتبتها وضاعت من الجهاز <<<< ايوا ما خليتي شيء قلتي السالفة كلها
عموما هي تعتذر منك

وسي يا وتحياتي للجميع
حبيبتي ولا يهمكم يكفي تواجدكم معانا وهذا الاهم
اهم شي طمنونا عليكم من وقت للثاني ;)

ماري-أنطوانيت
12-11-2009, 20:57
http://www.hotagri.com/data/media/73/39.gif (http://www.hotagri.com)

الف شكر عزيزتي smaher على الروايتين

سلمت الايادي ^^

ماري-أنطوانيت
12-11-2009, 21:03
السلام عليكم
كيف الحال أتمنى أن يكون الجميع في أحسن الصحة و بخير
هلاااا والله خدوجه
انا مشغوله حييييل بس الحمدلله على العافيه ^_^
واتمنى ان الكل يكونون بخير...


تسلمون ياغاليات على رواية من اجل حفنة من الجنيهات بتجنن يعطيكم العوافي
هلا والله بالغصن الوحيد
العفو عزيزتي نيابة عن كل البنات الي كتبوا الروايات ^^


[ فلسطينية ][;18843977']مـــرحبا ...
كيف الحال للجميع ؟
انا متابعاكم من الموضوع الاول بس بجد يعطيكم العافية ..
روايات روووعة
حابة اشكر ماري انطوانيت والبنات اللي يساعدوها بالكتابة ..
وحابة اساعدكم اذا كنتوا بحاجة لمساعدتي ..
لأني فااضية اغلب وقتي ..
سلام
هلاااا وغلاااا فيك عزيزتي
محبا فيك بالمشروع...
تسلمين حبيبتي على كلامك...اخجلتي تواضعنا ^^"
والله احنا الي يسعدنا اكثر انضمامك للمشروع
وان شاء الله اذا فيه اي روايه راح تنكتب
راح اراسلك على الخاص اطلب المساعده


انا متابعه التوبيك بتاعكوا ومشرعكم

حلو اوى وعاجبنى

وانا عندى روايه اسمها كاذبة ولكن..

هنزلها علشان خاطركم
هلا والله عزيزتي سماهر
ما شاء الله داخله المشروع بقوه ^_^
الله لا يغير عليك
وتسلمين حبيبتي على مجموعه الروايات الي نزلتيها
بس يا ليت لو تبلغيني اول عشان اعلن عن الروايه ونتفق على موعد التنزيل
عشان الموضوع ما يصير فوضى ^^"
ومره ثانيه مشكوووره:p:p




يعطيييييييكم العافيه

أختكم الحاضره الغائبه :):p


" البســــــــه الشقـــــــــراء "

هلاااااااااااااا والله بسبوسه
وييينك؟؟؟ من زمان عنك
كح كح كح ههههههههههههههه
والله وحشتيني







احييكم بنات على استمراركم بالمشروع
وسعيده اني اشوفه موجود على طول

:)


بس ياريت لو تسوون مثل قبل
يعني بالصفحه الاولى يكون فيه فهرس يسهل على القراء
و كمان لو تفتحون موضوع جديد بعد ما تتتعدى الردود الالف

لحتى كل روايه تحظى بقرائها
وكل كاتبه تنال الردود اللي تستحقها

لاني بصراحه حسيت اني ضايعه لما دخلت الموضوع

:)


..



يعطيكم العافيه
و الى الامام


^_^




..
هلاااااا والله بالغاليه
والله انا الي يسعدني اكثر لما اشوف عضوات من بداية
المشروع الاول لسه متابعات...
احس بالشوووق والحنين.. احم رحت جو هههه

بالنسبه لاقتراحاتك خلي نشوف امممم

بالنسبه للفهرس انا والعزيزه shining tears ضبطنا الفهرس
بس يحتاج شوية تضبيط
وان شاء الله بنحطه بتوقيعنا...واي واحده متابعه مستمره للمشروع
راح نعرض عليها انها تحط الفهرس بالتوقيع
عشان سصير متاح للجميع

اما مسألة الالف مشاكره والله فكرت بس قلت خلي الروايات بمشروع واحد
افضل

والله شقول وشخلي ياما راسلت المراقبين عشان ترتيب المشروع
يعني دايم اطلب منهم يشيلون الردود الي بين الروايات وينقلونها لبعد
كل روايه عشان المشروع يتنظم
يقولون ان شاء الله...بس ما اشوف تنفيذ
وحسيت بثقالة دم من كثر ما الاحقهم ههههههه
حتى واجهة المشروع بغيت اغيرها بس مالي تحكم مع الاسف





أنا عضوة جديدة

وسعيدة جدااااااااااااااااا بالانضمام اليكم بقراءة أحلى الروايات


بسم الله الرحمن الرحيم



أنا عضوة جديدة وأجب قراءة الروايات وخاصتا الرومنسية المعقدة


والروايات التي قراتها حتي الان اكثرمن رائعة


وجزء منها منسوخ علي جهازي

بشكر مؤسسي هذا المشروع الي كثيييير حلوا


عنجد وفر علي تعب البحث عن الروايات الرائعة




::جيد::

هلاا والله فيك عزيزتي
احنا الي سعيدين جدا بتواجدك معنا
الله لا يحرمنا من ردودك ^.^
والله اخجلتينا...
^_____^




السلام عليكم..

يسلموا كثير على الروايات الأكثر من روعة ....

عن جد وااايد أستمتع وانا أقراهم ..

أنا عندي رواية من روايات عبير القديمة (أريد سجنك) لآن هامبسون ما أدري إذا حاطينيها أو لاء..

إذا حبيتوا راح ابدأ أكتبها وانزلها لكم ..

الملخص..

هناك عواطف غامضة لا يمكن سبر أغواراها بسهولة...
تتخذ أشكالاً غير متوقعة مليئة بالمفاجئات وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ..
ليون بتريديس، الرجل ذو السطوة الرهيبة ..
عندما رأى تارا الحسناء كان له حلم واحد : أن يأخذها إلى جزيرته الفردوسية في اليونان بأي ثمن ..
ولو أصبحت سجينة بالإكراه . إنها المرأة التي خلقت له وحده ...
وحده دون سواه. أعماه جمالها عن كل شي . حتى المجازفة بحياته..
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو ألم يكن لتيارا رأي في تقرير مصيرها؟ لماذا لم تحاول الهرب؟؟!!
هلا والله عزيزتي مره ثانيه
حبيت قولك ان رواية اريد سجنك ما نزلت بالمشروع
خربطت بينها وبين روايه ثانيه ويسعدنا انها تنزل
بس يا ليت لو ترسلي لي على الخاص قبل بكل المعلومات عنها
عشان اعلن عنها ونتفق على موعد التنزيل ^_^



السلام عليكم يا صبايا كيفكم أنا جديد علي المشروع لكن أرجوا تقبلوني في هالمشروع و تقبلوا مروري
وأرجوا ما كون كترت الحكي ز
وأرجوا دوام الصحة والعافية لكل المشاركين في هذا الموصوع الناجح والرائع:
اهلا وسهلا فيك اخوي بالمشروع
وحياك الله...اكيد مرحب فيك بالمشروع
لا تحرمنا من الردود ^^

islam.marwa
13-11-2009, 17:25
انا مبسوطة جدا بالروايات انا بقراها وسنى 12سنة;) ومشكورين على المجهود اللرئع

الحياة الضائعة
14-11-2009, 09:07
بشكركم علي هذا الترحيب

ولله انا الي محظوظة بالانضمام الي هذا المشروع بكل فخر

واتمنا ان اكون خفيفت الظل عليكم



و يعطيكم العافية

الغصن الوحيد
14-11-2009, 21:52
تسلمين يالغالية الرواية تجنن الله يجزاك الف خير

الغصن الوحيد
16-11-2009, 02:04
يعطيكم الف عافية على المجهود الجبار اللي تبذولونه وتسلم اناملكم الحلوة ياحلوين

.ملاك
16-11-2009, 12:55
متى بتنزل روايه شهر عسل مر لي كتير وانا بستناها
في الانتظار

marwa200
16-11-2009, 16:52
merci ktir 3ala ahla 9isas

nasimalshoq
18-11-2009, 13:28
شكرا جزيلا علي هالرواية الرائعة ومستنين الرواية الجايه بأحر من الجمر
وتقبلوا مروري وورودي

قيد الوافي
19-11-2009, 08:09
مرحبا ياأروع اعضــــاء كيفكم ان شاءالله تمام ويسلموا
Smaher على الروايات الرائعه جدا ويعطيك الف عافيه وبانتظار جديدك
وتقبلوا مروري ....................

أختكم /قيد الوافي

انمي دول
21-11-2009, 15:53
بصراحة بصراحة جنان

الغصن الوحيد
26-11-2009, 17:08
رواية غابريل ورايانون تجنن يعطيكم الف عافية الصراحة احلى مافي روايات احلام انه توضح لك مشاعر البطل والبطلة هذا اللي يفرقها عن رويات عبير بس مع ذلك لا تزال عبير غير وفي القلوب مليون شكررررررررررررر

عصفوره في الجنه
27-11-2009, 15:56
ســـــــــلام للجميع
بما انها اول مشاركه لي في هذا القسم احب ان اشكر ماري انطوانيت وجميع القائمات على هذا المشروع الرائع والذي حقق حلم الكثيرات وشكر اعظم على مجهودهن العظيم في الطباعه لكي يشاركن الاخريات بما قراءن
على فكره انا قارءه تقريبا لجميع الروايات في هذا القسم وفي مره قراءة انكن تعانين من قلة الكاتبات وحاولت ان اساعدكن في محاوله طباعه روايه لكن والله جلست اساعدكن بس وللاسف لم يسعفني الوقت لمساعدتكن لاني جد مشغوله وكنت نادرا مادخل النت .
وارجوا ان تتقبلوا مروري

khadija123
27-11-2009, 20:49
السلام عليكم
كيف الحال أتمنى أن يكون الجميع بخير
عيد سعيد وكل عام وأنتم بألف خير

نجمات
29-11-2009, 21:52
كيف الحال يا حلوين ؟؟

كل عام وأنتم بخير

عبود البرنس
30-11-2009, 01:52
صباح الخيرات يااحلى رومنسيات

وحشتونا وطول غيابكم

ولكن نحن في انتظاركم الى ان تعودوا الينا

وكل عام وانتم بخير

الغصن الوحيد
30-11-2009, 04:08
تسلمين يازلدا الرواية تجنن الله يوفقكم يابنات ويعطيكم العافية

الحياة الضائعة
30-11-2009, 11:10
مرحبا اتمني ان تكونو بخير

حبيت اقول كل عام وانتو بالف خير يارب


عسي انو يكون عيدك مبارك

نايت سونغ
01-12-2009, 23:08
مرحبااااااا :) صباياااااا

كيف الحااال ؟؟ انشالله تماااام ::جيد::

يسلمووو اختي smaher علي الرواية الروعه ولو متأخره شوي ( اشغال و شركاات :cool:)


بصراحه حلوي كتيير و انا قريت ملخصها بخلف احدي الروايات و عجبتني كتيير يعيطكي الف عافيييه ::جيد::



بس والله بجد اشتقتلكوووو و كل عاام و انتو بخيير


سلااا ::سعادة:: اام

الغصن الوحيد
02-12-2009, 05:29
الرواية تجنن يانايت سونغ تسلم اناملك الحلوة على الرواية الحلوة شكككككككككككككرررررراااا

الغصن الوحيد
04-12-2009, 06:55
تسلمين يانسرين على الرواية الرائعة يعطيك العافية

smaher
04-12-2009, 14:38
والله اشتقتلكوا كتيييييير

وراح انزل رواية جديده بس انتهى من كتابتها

تحياتى لكل العضوات

N@GM
05-12-2009, 14:08
مشكور اختىماري

على الجهد المبذل منك

وشكرا على الدرس الرائع

الغصن الوحيد
07-12-2009, 06:00
تسلم يمينك على الرواية الحلوة والله يوفقك ويعطيكم الف عافية كلكم مشكورررررررررررررررين حبيباتي

الغصن الوحيد
08-12-2009, 07:49
الف شكر ياحلوة على الرواية الحلوة والله لايحرمنا من عطائكم يااحلى صبايا يعطيكم الف عافية

الغصن الوحيد
09-12-2009, 04:18
جنان هالرواية تسلم يمينك حبيبتي دايم روياتكم روعة في روعة عساكم العافية

~east_rose~
12-12-2009, 11:46
السلام عليكم ورحمة الله...
كيف حالكن ياعزيزاتى ..
بصدق اقولها: اشتقت لكن كثيراً..
كل عام وانتن بخيييييييييييير..
وجزاكن الله خيراً على هذا الجهد الجبار والعطاء المتواصل .. والانتاج الرائع..

تحية خاصة الى الغالية ماري انطوانيت..
شوقي لك هو أحد الاسباب لدخولي الى المنتدى رغم انشغااااالي..
...
تحياتى
كل الود..

Finan
13-12-2009, 03:47
I would like you to add me as afriend

الجنية السمراء
13-12-2009, 18:26
http://sl.glitter-graphics.net/pub/1317/1317220xe3byvsv8o.gif



ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام للجميع


صارلي زمـــــــــــــــــان ما دخلت المنتدى بس ما شالله عليكم بعدو مجهودهم في كتابة الروايات رائع



تحياااااااااااااااتي للجميع

الغصن الوحيد
14-12-2009, 05:15
تسلمون ياالغاليات الرواية قمه في الروعة عساكم على القوة ممممممممممششششكوووووووررررررررررةةةة الغصصصصصصصصصصصصننننننن

khadija123
14-12-2009, 18:06
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حال الجميع ؟ أتمنى أن تكون بخير .
هي فينكم من زمان ما نزلتوا ولا قصة ؟ :نوم: :نوم: :نوم:
الظاهر أنكم مشغولات الله يكون في عونكم. :d
إلى اللقاء.

الغصن الوحيد
18-12-2009, 07:01
مرحبا يابنات انا حابة اني اكون عضوه فعالة اكثر بحيث اني اشارك في تنزيل الرويات بس جد ماني متاكدة كيف مع العلم انو عندي رويات كثير وحابة امتعكم فيه زي ما امتعتوني يعطيكم العافية

الغصن الوحيد
18-12-2009, 21:56
[الملخص..
وجدت ليان نفسهافي بونيس آيرس بلا مال ولا صديق ووقعت في ورطة لم ينقذها منها سوى ريكاردو مندوزا .فاععتبرت أنها مدينة له بانقاذها . وأوضح لها ريكاردو أن بامكانها رد الدين والحصول على عشرة الآف جنيه بالاضافة الى ذلك , لكن الشرط الذي وضعه ريكاردو مندوزا يقضي بأن تتزوجه ليان زواجا صوريا لمدة ستة أشهر كي ينتزع الارث من أخيه غير الشقيق...
وعندما وافقت مرغمة وجدت نفسها أمام عالم عنيف لم تشهد مثله من قبل , فهل تبقى في تلك المزرعة أم تفر مع أول منقذ يعرض عليها الفرار ؟


حبيباتي اذا اعجبكم الملخص فأنا انشالله راح ابتدي بتنزيل فصول الرواية( طيب )بعد اذنكم طبعا جميعا واذن القائمات على المشروع

khadija123
18-12-2009, 22:26
السلام عليكم
كيف حال الجميع أتمنى أن يكون الكل بخير
حبيبتي الغصن الوحيد بالنسبة للقصة التي إخترتها ( بين السكون والعاصفة) لقد قرأتها من قبل أكثر من مرة وهي قصة رائعة ::جيد::ومتأكدة أن الجميع سوف تعجبهم أتمنى أن يوافقوا لك على تنزيلها خصوصا أن المنتدى جامد هده الأيام :نوم: :نوم: :نوم: :نوم:.
إلى اللقاء.

khadija123
18-12-2009, 22:34
أتمنى أن تكون لديك قصة أخرى من قصص عبير القديمة وأن تكون من القصص التي لم أقرأها خصوصا أنني قد رأيت أكثر من خلاصة لقصص ولم أعثر عليهم في المكتبات أو عند بائع القصص مع العلم أنني قرأت أكبر عدد من القصص فأنا مدمنة على القصص الرومنسية خصوصا عبير وأحلام مند مدة طويلة.
شكرا على إهتمامك أنا أيضا أريد أن أشارك في الكتابة ولكن ليس لدي الوقت من أجل دلك فلدي أزيد من 50 قصة لعبير وأحلام قرأتها وأعدت قرأتها أكثر من مرة وما زلت أحتفظ بها وقد تمنيت أن يشاركني فيها الجميع إذا الظروف تغيرت فسوف أحاول أن أكتب لكم قصة إنشاء الله لكن ليس الآن.

الغصن الوحيد
19-12-2009, 03:18
[طيب على امرك ياحلوة عندي خيارين وطبعا لكم الخيار ..
اولا..
(عقد الاصداف)رويات عبير القديمة ..
ل... اليزابيث هنتر )
والملخص..
احيانا يقرر الانسان الفرار من ماضيه , عندما يكون الماضي عبئا ثقيلا واشباحا مزعجه , فيحمل مايتيسر ويخرج طالبا رحمة البع , وبلسم ان يكون مجهولا بين غرباء .الا ان مارغو الفارة من موت خطيبها ديفيد ومن سطوة سقيقتها داليا لم تستطع ان تسير طويلا تحت شمس اليونان الحارقة ,بل توقف بركليس هولمز مع ولديه وحملها في سيارته .منذ تلك اللحظة توقف الزمن.. زمن الفرار والعطلة وبدأت مارغو تخوض اصعب مغامرة في حياتها وتواجه اخطر المواقف . فهناك تاكي ابن خال بركليس وهناك شبح زوجة بركليس المتوفاة ..وهناك عقد أصداف حول جيدها , لاتعرف ان كان سيجلب لها الحظ السعيد ام سوء الطالع !


ثانيا...
(الثأر) روايات عبي القديمة ..
والملخص ...
الثأر عادة متأصلة في أمكنة كثيرة من العالم . والثأر تقاليد لا يفهمها سوى الذين ولدوا وعاشوا في المجتمعات الغلقة التي تعطي أهمية كبيرة للتقاليد مهما تنافت مع التطور ...والمنطق .
وتوني التي وجدت نفسها في جزيرة كريت ذات يوم وخنجر الثأر مساط على عنقها , لم تستسلم, ولم تصبح الضحية , بل قاومت حتى انقذها داروس حفيد العجوز الحامل لخنجر الثأر ...
ولم يكن هناك سوى حل واحد : ان تتزوج داروس فلا تسري عليها تقاليد الثأر ... عندئذ قررت هي ان تثأر . على طريقتها الانكليزية الباردة ...فهل تستطيع ؟ وهل يكون الحب باب الخروج الوحيد من هذا الأزق؟


ها ياحلوين اعطوني جوابكم بسرعة عشان ابتدي والله يعينكم علي لاني بطيئة شوي وبحاول انزل الفصول خلال الاسبوع لان نهاية الاسبوع Ican"nt

shymoon
19-12-2009, 07:17
>>صراااااااااحة ابغى عقد الاصداف من الملخص شكلها مثييييييييييييييييير ولانها جديدة علي

اما الثأر قريتها سابقا واحداثها رائعة غير متوقعة في النهاية ..وهي راااااااائعة بمعنى الكلمة

khadija123
19-12-2009, 08:07
أهلين يا حلوين
صباح الخير حبيبتي الغصن الوحيد لقد قرأت الملخصين وقد أعجبني ملخص
" عقد الاصداف " ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: أما بالنسبة لملخص "الثأر " فقد قرأتها من قبل وأضن أن المنتدى قد قام بإدراجها سابقا في بدايته لذلك نطلب منك أن تنزلي لنا رواية
عقد الأصداف وأتمنى لك التوفيق . تسلم اناملك الحلوة يا أحلى حلوة وشششششششكككككككككككككككككككررررررررررررررررااااااا اااااااااااا.

khadija123
19-12-2009, 08:12
نحن في الإنتظار عزيزتي (الغصن الوحيد )

Finan
19-12-2009, 17:22
Hi evry one this is Finan I dont think u nkow me yet but I would like to thank you all for your hard work,and I would like to thank Sosomis for the letter, that was so sweet of hear,my love to u sosomis and to evry one.