PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 [14] 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46

جين أوستين
09-04-2009, 07:18
انتو حطيت قصت دقات على باب القدر؟؟
اذا لسة ...أنا كتبتها من زمان وموجودة عندي اذا ما نزلتوها احب انزلكم هي....^^

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 12:11
سلااااااااااااااااام
للجميع والله اشتقنالكم كتيرررر
و تحيااتي للعسل نايت سونغ
لا تحرمونا من الروايات الحلوة
عفكرة انا نزلت رواية فوضى الحواس لأحلام مستغانمي في منتدي
الروايات العالمية وكتير حلوة ازا بتحبو تقرأوها

احترامي للجميع
هلاااااااااااا وغلااااااااااا فيك
والله احنا اشتقنا لك اكثثثثثثثر قلبي...::سعادة::
وربي يقوينا على كتابة الروايات عشان عيونكم...
وان شاء الله راح امر على موضوعك...::جيد::


مشكور
هلا فيك اخوي بالمشروع...
يسعدنا مشاركة الجنس الخشن معانا بالمشروع:p
مبادره جميله:)



مرحبا للكل صراحه انا متابعه المشروع من اول مابدى وبحب حيي كل المشاركات فيه وبقلن يعطيكن العافيه على هالمجهود الرائع صراحه انا معجبه باخلاصكن للمشروع وبشكر ماري انطوانيت :)وشليننغ تيرز اذا بدي ضل عد لبكره مابخلص.......المهم لا تطولو علينا كتير سلام لكل المشاركات
هلاااااااا فيك عزيزتي اكثر....
الله يحيك عزيزتي وتسلمين على كلامك....::سعادة::
وان شاء الله نحاول ما نطول الغيبه كثير :مرتبك:
منوره...



اشكركم كثيرا علي هذا المجهود الرائع لقد قمتم بامتاعي وبالعودة بي الي الحلم الذي يراود مخيلتي مع هذه المشاعر الجميلة فالي الامام دائما .::سعادة::::سعادة::
اهلا بك عزيزتي...
بل انت من اسعدنا بردك الرقيق ومرورك على المشروع المتواضع
الذي ما كان له الصمود لولا الله ثم لولاكم...::جيد::



انا اشتركت قبل فترة بس ما كنت اشارك كنت اقرأ الروايات بس!
بس انا حبيت اشكركم كلكم على المجهود الكبير وانشالله تقبلوني صديقة معكم هون ...
وحابة احكي لماري _انطوانيت انو انا عندي اكتر من رواية على word جاهزين لانزلكم ياهم بس بدي اعرف ازا انكتبو هون قبل عندي 3 روايات جاهزين هلا وبدي اعرف كيف فيني نزلكم ياهم ازا طبعا بتحبو(سهرة الاحلام,,عاصفة الصمت,,قريبا يا ملاكي)....بستنى الرد::جيد::
هلااااا وغلا فيك هزيزتي عاشقة الحاضر...
وحياك الله في المشروع...
طبعا يسعدنا جدا مشاركتك لنا ومساعدتك في المشروع ::سعادة::
لان زي ما تعرفين نحتاج لاكبر قدر من المساعدات لسير المشروع:نوم:
بالنسبه للروايات اكيد ممكن تنزلينهم بس لازم تراسليني على الخاص عشان نتفاهم متى راح يكون موعد التنزيل
بالنسبه للروايات الثلاثه الروايتين عاصفة الصمت وفريبا يا ملاكي
نزلوا قبل بالمشروع...:o
بس روايه سهرة الاحلام جديده...
ويسعدنا لو تنزليها لنا...بس مثل ما قلت لك خبريني اول على الخاص;)
وتسلمييين قلبي على المبادره الحلوه::جيد::



مشكورة كتير أختي عالرواية..حلوة كتير
الشكر موجه الكم انتو التنتين شفاه..وشاينينغ
وتحياتي لماري انطوانيتــ العسلللل
"حيـــــــــــ الروح ـــــــاة"
هلاااااااااااااااااااااااااا والله نسمه...
وحشتينا كثير كثير كثير....::سعادة::
وتسلمين قلبي على مرووووورك الرائع..


مرحبا بكل الصبايا الرومنسيات <<<<< خخخخخ

كيف الحال؟
وحشتوني...

تخييلو رحت البيت أبى أقرأ الصفحات اللي حفظتهم... وقرأت .. وقرأت .. وقرأت .. وفجأه.. قبل نهاية الرواية ... يعني لمن تتعقد الأمور...
لقيت اني تعديت صفحة وما حفظتها... يانهار أسود!!!
وطول الليل وأنا أتوقع لها نهاية <<< أول مرة تنام على أفكار رومانسية ههههه


أوكي حبيت أسلم ع كل العضوات اللي بيتعبو عشان ينزلو لو أجزاء بسيطة... وحتى وهم في قمة انشغالاتهم ما بيتركو الموضوع...
مشكورين أخواتي على كل شيء.. واتمنى لكن السعادة..

ودحين حأروح أشوف الجديد في الموضوع.. وانشاء الله ما آخذ قصة ناقصة...<< تعقدت

عربجية مؤدبة
هلاااااااااااااااااا وغلااااااااااااااا بمن حضر,,,,
اخبارك يا عسل وحشتيناااااااا كثير....
هههههههههه بصراحه كل مره اقرأ رويات عبير واحلام اعيش بالاحلام الرومانسيه
خاصة لو كنت اقراها قبل النوم مباشرة....
مقدره وضعك هههههههه

العفو قلبي ومشكوره على مرورك يا عسل
ويا ليت ما تحرمينا من طلاتك يا عسل...



حشتوني ياحلويييين
ربنا يخليكم لنا ويخلي اناملكم الحلوه:d
بصراحه مجهود رائع ::جيد::::جيد::
تسلميـــــــــــــن عزيزتي...
ويخليكم انتوا لنا... والله اسعدني تواجدكم معانا....:p



مرحبا يااعضوات مكسات احب اشكركم على المجهود الأكثر من رائع وانا من اشد المتابعيين للروايات واحب اكوون عضوه فعاله و اساعدكم في المشروع هذا ::جيد:: تحياتي لكم
هلااااااااا وغلا عزيزتي...
وحياك الله في المشروع...تسلمين قلبي على الكلام الرائع....::سعادة::
واذا ودك بالمساعده شرايك تراسليتي على الخاص عشان اشرح لك شلون نتعاون بالكتابه والتنزيل
بأنتظارك عزيزتي....



السلام عليكم
مند مدة وأنا مشغولة فلذلك لم أعلم بالمستجدات اليوم فقط علمت.
أتمنى الشفاء لأم شفاه حائرة و إنشاء الله تكون بخير.
وشكرا لشفاه الحائرة لماري انطوانيت وشاينينغ وكل العضوات المشتركات.
إحنا في انتظار قصة أخرى جديدة.
أتمنى أن تنزلوا قصة بعنوان : بائع الأحلام
:confused:
خلاصة القصة هي كتالي :
الحلم الأول الذي تحقق في حياة دونيس كان عندما فتحت عينيها لتجد نفسها بين ذراعي فارس أحلام تنقلانها من حافة الموت إلى نعمة الحياة وتتابعت الأحلام بعد ذلك...
نقل المليونير جايسون كونر الفتاة المتوحشة الساذجة من جزيرتها النائية إلى عالمه الخاص ووفر لها الأفضل من كل شيء : المدارس، الثياب، الحياة المريحة...
دونيس تمنت لو تستبدل الأحلام في على استعداد للتخلي عن كل شيء مقابل حلم واحد : أن يحبها جايسون ويستجيب لخفقات قلبها.
لكن جايسون لم يكن قط ذلك الفارس على حصان أبيض، فكل ما كان يفكر فيه هو انتظار الوقت المناسب ليجني ثمن ما أنفقه عليها.
:مرتبك:هذه الخلاصة وجدتها في نهاية أحد الروايات وبحث عنها في المكتبات في بلدي ولم أوفق بإيجادها.
وشكرا كثيرا.:تعجب:
اهلا بك عزيزتي خديجه....اسعدنا جدا مرورك على المشروع::سعادة::
والعفو عزيزتي...فما نقدمه لكم لا يساوي ما تقدموه لنا من تشجيعاتكم التي ترفع من همتنا:D
اما بالنسبة للروايه ان شاء الله سيتم البحث عنها وكتبتها ان استطعنا...:رامبو:



هاي أنا حابة يكون لي أصدقاء بالمنتدى و بدي أشكر كل المساهمين بكتابة الروايات على الجهد الرائع::جيد:: وحابة أعرف ملخص قصة عروس أبليس وهي من روايات عبير القديمة .اذا في حدا بيعرف الرواية بليزززززززززز يخبرني.
هلا وغلا فيك عزيزتي (ميلودي سكاي)
اول شي بما انك دخلت المشروع واسعدينا بردك هذا لوحده كفيل ان يخليك
صديقه واخت عزيزه لنا ولكل المشاركات بالمشروع..
اما بالنسبه لروايات عروس ابليس فإن شاء الله راح ننزلها اليوم بإذن الله::جيد::




مساء الورد والفل والياسمين على أحلى منتدى بالعالم

مشتاااااااااااااااااقة لكم موووووووووووووووت:p

كيف أخباركم يأحلى أخوات وصديقات ....::جيد::

من زمااااااااان عنكم ...:محبط:

عارفة أن القصور مني ... لكن الظروف غلابه ....:مرتبك:

المهم ... وحشتوني مره مره .. ومشتاقة أقضي اوقاتي معاكم من جديد ...:)

الشكر والعرفان لكل من أنزل رواية في الفترة الأخيرة ....:D

حبيبتي ماري وحشتيني جدا جدا ...;)

تشاينج تريزا ... دائما متميزة وراعية فزعات مو جديد عليك ...

وبصراحة مشتاقة جدا لكل ماتقدمينه .. تسلم ايديك غاليتي ...::جيد::

اختي شفاه حائرة سلامات للوالدة وماتشوف شر ...

طمنينا عنها إن شاء الله تكون بخير وسلامه ...:مندهش:
هيوووووووووووووووووووووووووووووووووونتي
والله والله والله والله انتي وحشتيني اكثر...
واااااااااااااااااااي اشتقت لك يا عسل

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 12:14
سلامممممممممممممممممممممممممممممممممم
يا احلى عضوات في المنتدى
انا منضمة جديد بس كنت اقراء الروايات اول بأول ومره استمتعت وحبيت اشكركم على مجهوداتكم الرائعة

وبالتوفيق ..
هلااااااا والله فيك عزيزتي نوووون
وعليييييييييييييييييكم السلام
العفو قلبي واسعدنا جدا مرورك على المشروع:p



سلام لاحلى بنات في احلى منتدى واحلى مشروع
صراحه وحشتوني بس مافي اليد حيله
مشكورين على مجهوداتكم والى الامام
هلااااااااااااااااااااااااااا والله مرام...
اخبارك ؟؟؟عساك على القوه ان شاء الله
والله انتي الي وحشتينا اكثثثثر



سلاااااااام لأحلي بنااااااااااااااااات بالعااااالم :)

كيفكو ؟؟؟ اشتقتلكوووووووووووووووو كتيييييييييييييييييير

بس ما شالله شايفي المنتدي معجوق ( عم دق علي الخشب احسن ما احسدكو ) :p


بقول لميلودي سكاي اهلا وسهلا حبيبي و انا و كل البنات في المنتدي كمان حابين نكون اصدقائك

دمتي بوووود ::جيد::

وهاي احلي بوسي لكل بنت

مووووووووووووووواه ::سعادة:: ::سعادة::
هلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااا والله
والله انتي الي وحشتينا اكثر يا عسل::سعادة::



الله يوفقك بلجامعة
هلا فيك اخوي بالمشروع...
الله يوفقك ويوفقنا والجميع ان شاء الله:)



سلام لاحلى منتى ولاحلى بنات
صراحة انا جديدة على المنتدى :بكاء:;) بس عجبتني مرررررررررررررررة الفكرة
واتمنىانكم ما تطولوا عليا :مرتبك: انا قاعده على نار وبستنا قصصكم بشوق:d
هلااااااا والله فيك عزيزتي sama
حياك بالمشروع صديقه عزيزه وغاليه...
وتسلمييين قلبي...
الشكر كله لـ (lovly sky) صاحية المشروع وفكرة المشروع....
وان شاء الله راح ننزل روايه اليوم...
والسمووووحه على تقصيرنا....
قراءة ممتعه بإذن الله



سلامي على جميع الموجوديين
ورواياتكم وايد حلوه ومشكورات على هذا العمل الرائع
واتمنى ان تسرعوا وتنزلون رواية جديدة
هلا وغلا فيك عزيزتي نيالي
العفووو قلبي على كلامك....
وان شاء الله رواية وعود ابليس راح تنزل اليوم لعيونكم:D



السلام علكم انا عضوه جديده في المنتدى وانا الصراحه من اشدد المعجبين والمدمنين بروايات عبير واحلام واتمنى تقبلوني عندكم وشكرا
هلا ووغلا فيك بالمشروع...منورتنا عزيزتي....
اكيد عزيزتي من غير ما تطلبين حتى
يكفي انك كتبتي لنا وشجعتينا
يسعدنا وجودك بيننا قلبي...


السلام عليكم اهلى منتدى
كيف احوالكم ...طمنونا على صحة ام شفاه حائرة مشغول بالنا عليها
اشتقنا كتير للروايات ............نرجو ان لا تقطعونا
مع تقديري للمجهود الذي تقومون به ولمشاغلكم
بس انتم عوتونا على كرمكم..........ولكم شكري::جيد::
هلا والله ببنت الشام....
العفو قلبي....
ههههه اكيد ان شاء الله راح يرجع المشروع لنشاطه
ونحن نحاول قدر المستطاع ان الروايات ما تتوقف عن التنزيل...بس احيانا الضروف اقوى مننا
وان شاء الله ما نطول عليكم اكثر



مــــــــــــراحب كيفكم يا جماعه والله جد اشتقنا لرواياتكم واتمنى انا تتواصلوا معنا وإن لم يكن هناك روايات لمعرفه اخر اخباركم ولنطمئن على صحه أم شفا حائره ولكم مني احلى تحيه يااحلى عضوات


اختكم/ قيد الوافي
هلااااااااا والله يا عسل
ان شاء الله الرويه بالطريق...
بس بخصوص والدة شفاه حائره الى الان ما وصلتني اي اخبارمنها:مندهش:
بس ان شاء الله تكون بصحه وعافيه



السلام عليكم


كيفكم يابنات وينكم مره مشتااااااااقين لكم


تراكم زودتوها عاااد


بس ان شاء تزين الظروووف وترجعون مثل اول واحسن


ومشتاااقين للروايات مرره وخاصه رواية وعود ابليس

اتمنى عودك بسرعه ماري_انطوانيت


تحياااااتي لكم
هلا وغلا فيك عزيزتي صيته...
اعذريني عزيزتي....
خمول المشروع بسببي لان رواية وعود ابليس كانت المفروض تنزل الاسبوع الماضي
بس لاني تأخرت بكتابة الفصل الاول فأخرت المجموعه معاي...
بس الحمدلله الغاليه shining tears انقذت الموقف كالعاده
وان شاء الله الروايه بتنزل اليوم
العذر والسموحه على التقصير....



مرحبا بنات .. كيف الحال؟

صار لي فترة ما أشوف ماري .. وفي كمان كم وحدة من الفريق مدري وين؟

.. عسى المانع خير
اهليين قلبي...
العذر والسموحه بس الجامعه كانت شاغلتني شوي
بس لا تظنون نسيتكم او املت المشروع
وان شاء الله الروايه نازله اليوم
والله هالروايه منحووووسه كان المفروض من الشهر الي فات نازله
هههههههههههههههههههههه



السلام عليكم
كيف الجميع
أتمنى أن تكون بخير
يظهر لي أن المنتدى جامد شوية الله يكون في عونكم يمكن أشغال وإمتحانات
والله إشتقت لرواياتكم الجميلة
إلى اللقاء إنشاء الله
المشروع توقف شوي بسببي لاني اخرت المجموعه كلهم كانوا جاهزين
وبما ان الفصل الاول كان معي فالبنات تعطلوا
العذر والسموحه وان شاء الله ننزل لكم الروايه اليوم



سلام ياعسل الحلو وصل
وين الناس
ترى مره مشتاقين
وحشتووووووووووووونا
هذا احنا رجعنا:D
العذر والسمووووووحه على التقصير..



تقبلو مروري انا عضوة جديدة شوي بس جد روايات مو قع من الاخر بجننو
وشكلكم يا جماعة تعبانين كتير بهالموقع عنجد شكرا الكم
يعني لفيت 87456834657 مكتبة بدور على روايات عبير ما لقيت
الله يوفقكم يا رب
هلاااا وغلا فيك عزيزتي لانا...وحياك الله في المشروع
ان شاء الله نكون لبينا طلبك بالروايات وعجبتك...
خلاص من هاليوم بلاش اللف والدوران بس كتبي بالنت
وتطلع لك الروايه الي تبينها....



الموضوع رااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااائع جدا
تسلم أياديكم
يا رب يسعدكم...^^

انتو حطيت قصت دقات على باب القدر؟؟
اذا لسة ...أنا كتبتها من زمان وموجودة عندي اذا ما نزلتوها احب انزلكم هي....^^
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو جدا
تسلم يدك الي كتبت الرد عزيزتي...
يسعدنا وياكم يا رب

اما بخصوص الروايه دقات على باب القدر
لسه ما نزلت بالمشروع....
شرايك تراسليني على الخاص بكل المعلومات عنها عشان نتناقش متى ممكن ننزلها

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 12:19
هلا والله فيكم عزيزاتي...

اول شي حبيت اعتذر عن التقصير الي صار بالمشروع
وانا كنت السبب لان رواية وعود ابليس كانت المفروض تنزل من اسابيع
بس الفصل الاول كان المفروض انا اكتبه وما امداني
فتعطلت المجموعه كلها مع انهم كانوا مستعدين...
بس ان شاء الله راح تنزل الروايه اليوم

ثانيا..حبيت اشكر الجميع بلا استثناء لاخلاصهم وتشجيعاتهم لنا
والله اني تعبت وانا اكتب الردود الي ما شاء الله وصلت ثلاث صفحات
بس والله تعبكم راحه...كنت مستانسه كثير وانا قاعده ارد عليكم عزيزاتي

ثالثا..ابشركم ان رواية وعود ابليس راح تنزل اليوم بإذن الله

واخيرا العذر والسموحه على التقصير...حقكم علي..^_^"

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 13:07
سلااااااااااااام بطعم المنجا


http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-2a8d8956eb.gif (http://www.love-m.com/up/)

~*~*~ وعود ابليس ~*~*~
- كاترين فوكس -

(روايات احلام القديمه)

تلك الساعه الوحيده مع برناردو دونللي, كانت أكثر من مزعجه لمايا كولين
وشعرت كما لم تشعر ابدا من قبل...
كلماته كانت تعود اليها ساخره
" جدتك ستكون فخورة بك وانت تحت وصايتها. ففي بضع سنوات ستصبح طبقة الجليد
سميكة فوق جلدك ومشاعرك بحيث تصبحين لامعة كالماس...ماسه جميله
متجمدة لا حياة في قلبها "
مايا كانت تعلم, أنها لن تستطيع المخاطرة برؤيته ثانية!

http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-23e52a7e7f.gif (http://www.love-m.com/up/)

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 14:58
# وعود ابليس #



1- اللعب مع الشيطان

تعالى صوت الموسيقى من تيراس النادي الريفي ودنت الفتاة الواقفة عند نافذة غرفة الألعاب بصوت خافت مع الأغنية التي يرقص على أنغامها الراقصون
(الحب جميل من غير قبل ..... الحب جميل يا صديقي .... أجل )
وطافت على شفتيها ابتسامة خفيفة وتسللت إلى عينيها نظرة حزينة فما من أغنية أخرى قد تناسب مزاجها الحالي وكأنما الفرقة الموسيقية تعزفها لها وحدها
باد ديتغول كان جمل المظهرسليل أسرة معروفة وعرابتها موافقة عليه رغم ان مايا كانت تعلم منذ البداية انها لا تحبه ولكن الخطوبة تمت كما تتم عادة في عائلات باسادينا الرئيسية وفقا للتقاليد الاجتماعية ولضغط الأهل دون ان يتم رفضها ولكن بطريقة متسللة تشبه تأثير سحر القمر لإلى أن وجد الشاب نفسه يقدم الخاتم ووجدت الفتاة نفسها تقبل به مثل هذه الارتباطات لها سحرها الخاص ولكن اين الحب في هذا ؟؟ اين تصادم الشخصيات والطباع المثير؟
ومع ذلك فهي مدينة لغلورياارثر بالكثير فعرابتها تولت رعايتها منذ ان كانت طفلة بعد أن أفلس موريس كولين وانتشرت شائعات محمومة عن عملية احتيال وخلال السنوات التالية عاش والدها موريس في كوخ متداع في ماليبو الى ان اختفى يوما ما وساد الظن انه اغرق نفسه في البحر مع كل مشاكله وأصبحت مايا تحت وصاية غلوريا قانونيا والتى تولت كامل المسؤلية عنها وربتها وكأنها ابنة حقيقية لها وصرفت على تعليمها في مدارس عالية التكاليف غارزة في ذهنها ان موريس كان شخصا سيئا دفعزوجته قبل أوانها الى القبر ثم ورط نفسه مع محتالين قادوه في النهاية الى طريق السجن لو لم تدفع غلوريا للدفاع عنه لأفظضل محامي في كاليفورنيا .
ولم تستطع مايا ابدا ان تفهم لماذا كانت عرابتها تكره موريس فها كانت تأمل يوما في أن تتزوجه ؟ ولكن الواقع ان غلوريا كانت تذكر مايا دائما انها مدينة لها ويجب ان تظل عارفة بالجميل لتقديمها المنزل والثياب الأنيقة والمستقبل الثابت الذي جعلها مقبولة لدى أهل باد دينغول كزوجة لابنهم .
غلورديا كانت قد زرعت في مايا إحساسا قويا بالواجب حتى أنها قبلت أن تصبح مخطوبة لباد لأن غلورديا أرادت ذلك عل كل كان هذا القبول ردجميل ولو صغيرا نسبيا للأمان و الملاذ الجميل في المنزل الكائن في (سانا نيتا) والذي ظلت مايا تعتبره منزلها ولقد أحبت المكان بحديقته المليئة بأشجار الفاكهة وعصافير الجنة .
كانت تتذكر دائما مشاكل طفولتها المبكرة مع موريس ثم الأمان الفجائي للحياة في ساتانيتا الشئالوحيد الذي لا تزال تخاف منه هو ان تعود غير امنة من جديد الفكرة بحد ذاتها كانت كافية حتى ينتشر شعور جليدي في عمودها الفقري .
وتغيرت الموسيقى الى لحن أخر ولكن مايا لم تلاحظ هذا ولسبب مجهول تماما شعرت بمزاجها يتغير بشعور فجائي بالتوتر وكأنها لم تعد لوحدها ونظرت من فوق كتفها ولكنها كانت وحيدة في الغرفة مع ضوء خفيف على سطح طاولة البليارد حيث تستقر عدة طابات ملونة .
وأعادت مايا انتباهها الى الظلمة الخافتة وراء النافذة وضاعت بأفكارها عندما انعكس على الزجاج اللامعالى جانبها وجه اخر واجفلت لانها لم تسمع وقع اقدام تعبر الغرفة المغطاة بالسجادوشعرت كان شي امسك بقلبها وهي تحدق بالوجه المنعكس للرجل . عيناه حتى عبر الزجاجكانتا تنظران في عينيها في تركيز جعلها تضطرب ولم تجد امامها مجال للتحلص منها وعندما استدارت مايا كانتا امامها ايضا وفيهما وميض لم تشاهده من قبل ولم يتكلم ولا هي فعلت كان يشبه لوحة لنمر بشرته سمراء وقاسية وشارب اسود وحاجبان مماثلان فوق عينين رماديتين لامعتين في صمت هذه اللحظة الطويلة كان انطباع مايا ان نحاتا قد صنع ذللك الرجل ثم أوقفه في الهواء والشمس وأمام عدوانية الحياة وسمح لكل هذا بان يكيف وجهه ليصبح جذابا بشكل خطر كان منظره مخيفا ليس انيقا ابدا لكن لافت للانتباه.
- اناه لعبة لا تستطيعين لعبها لوحدك
كان في صوته خشونة جذابة لمست أعصابها وجعلتها تشعر بانها مهددة بماذا يا ترى شعرت بالضبط ؟ هل شعرت بطاقة غريبة غريزية ... طاقة نمر عند حلول الظلام ؟
- أية لعبة تتحدث عنها ؟؟
ولم تجروء على ان تسال نفسها ماذا كان يعنى فعلا فهذا الغريب النحيل والشرير قليلا وجدها لوحدها بينما كان الجميع يرقصون او يجلسون في حديقة النادي اين هو باد الفاتن عندما تكون بحاجة اليه؟ ربما يتحدث الان عن لعبة البولو مع اصدقائه
- قد اكونا تحدث عن أي شي . اليس كذلك ؟
ونظر حوله في غرفة الالعاب
- هناك طاولة البليارد تلك التي لها الرف الممدود ... اختاري ..
- هل تطلب مني اللعب ؟

ماري-أنطوانيت
09-04-2009, 15:05
ونظؤت اليه بعينيها الكهرمانيتي اللون في وجهها الهادئ وشعرها مضموم برباط معدني فضي
- وهل ترغبين في اللعب قد تجديني خصما قد يمنحك دورة او دورتين مثيرتين من اللعب .
- انا لا العب البليارد ولا اعتقد انك تهتم بلعبة (السكرابيل )
- كيف بدات تعتقدين بي فورا... ولقد التقينا للتو ؟ فإذ لم يكن الرقص قد شدك فلا بد انك قد اتيتي الى هنا بحثا عن شي اخر بالصدفة او عن تصميم .
- وهل تتصور اني كنت ابحث عن رفقة ؟ لقد اتيت الى هان كي ابتعد عن الضجيج والحديث .
- هذا جيد.... إذا انت لست بمحبة لمثرة الكلام .
وتجولت عيناه على جسدها النحيل وفستانها الجميل الهادئ إلى ذقنها وفمها الواسع ووجهها المتحفظ عندما تدفئ هذا الوجه ابتسامة يبدو مثيرا للمشاعر ولكن مايا الان لم تكن تبتسم كانت تستعد لمغادرة الغرفة إلا انها كانت متضايقة من ملاحقة هذا الغريب لها لم تكن قد شاهدت هذا الرجل من قبل في النادي مع ان وجهه كان يبدو مثيرا للذكريات ولو فقط من وقاحة عينيه الساخرتين التين كانتا تلمعان أكثر بكثير من باقي وجهه المعتم ولم تشك مايا ابدا بانه غريب ثم قالت ببرود لان شيئا ما فيه لمس وترا حساسا فيها .
- ومن انت ألست من خدم النادي ؟
- لقد كنتي بحاجة لان تقولي هذا ... هه ؟ طوال الامسية كنتي بحاجة لهدف كي تنتقمي منه بسبب عدم رضاك عن الحياة .
- كيف تجرؤ على هذا القول ؟
ولمعت عيناها الصفراوين وكانت على وشك ان تضربه غريب عنها بالكامل يجرؤ ان يقول ما لا يجرؤ ان يقوله باد ولو مضى على زواجهما عشر سنوات .
- من تظن نفسك بحق الشيطان ؟
- يا سيدتي الشابة العزيزة ... ألم تصيبي الهدف منذ قليل ؟ انا المسؤل عن ترتيبات غرفة الطعام في النادي فأنا اقدم المأكولات والمشروبات حتى ولو اني لا اقدمها بنفسي وأنا الليلة هنا لابحث بعض الامور مع سكرتير النادي ... وكما لابد تعرفين مكتبه في نفس الطابق هنا وقد لاحظت وجودك عندما مررت بالباب تقفين لوحدك عند النافذة وأنت مستغرقة في التفكير و صدمني عمق التفكير لفتاة شابة مثلك وبدا لي انك في حاجة للتحدث مع شخص غريب لأننا مع الغرباء نستطيع احيانا ان نكون صريحين اكثر مما نكون مع المعارف كأننا سفن تعبر في الليل وهذا كمعظم هذه الاقوال المأثورة فيه بعض الحقيقة .
وكان يتحدث متعمدا بصوت عميق كانما يختبئ فيه حد شفرة ونظرت اليه كانت دقات قلبها ملموسة لها بحيث تصورت انه يحس بها وأحست بتوتر غير طبيعي يهاجمها ولم تستطع ان تنظر اليه .
- لقد كنت فظة معك ... كنت تائهة بافكاري وانت فاجأتني ولكني اؤكد لك أني لست مثل بعض اعظاء النادي الذين يعتبرون انه مقدس
- لا تهتمي .. فرجل في مثل مهنتي يتعلم ان يكون متلبد الحس وانت بالكاد خدشتيني . والانا صبحنا متساويين كما نقول في ميلانو من حيث ينحدر اهلي .
- أنا لا اتكلم الايطالية ماذا تعني بهذا ؟
- أعني ان الامر لا يسئ الي .. ولكن ماذا يؤلمك .
- إنه سؤال شخصي جدا ولا يجب ان تسأله .
وتهدج صوتها قليلا ثم نظرت حولها كأنها تبحث عن طريقة للتخلص منه لم تكن مايا قد احست من قبل بذلك التباين بينها وبين أي رجل هو أسمر بشكل خطير .. وهي شقراء بعينين صفراوين
- أنا افعل اشياء كثيرة يجب ان لا افعلها مثل التحدث الى فتاة شابة من النخبة في كالفورنيا وجذوري إيطالية متعودة على الالم جسديا ومعنويا .. وألمك فكري .. أو هل اقول عاطفي ؟
- وهل من عادة الإيطاليين ان يكونوا شخصيين هكذا في لقاءتهم العابرة
- حسنا وماذا ترين في وجهي ؟
- انك تحب العمل والقليل من نار جهنم .
- اجل انا مقاول ولدي العديد من الحديد في مختلف انواع النار وما نفع الحياة دون صخور لتحطيمها والنار للسير من خلالها والعسل لتذوقه ؟
وأجفلت لهذا التحليل فابتسم لها فورا وقال بالفرنسية :
- انت كالجميلة النائمة ... لا بد انك تعرفين الفرنسية أظن انك تعلمتها في الثانوية ... هه.
- أجل وانا لست الجميلة النائمة
- ألست كذللك ؟
- وأنت لست بالامير
- لم أفترض هذا ابدا بل على الاكثر أنا برج غير محروس جيدا
- برج غير محروس انت لا تبدو كذللك ابدا
- ربما لا
وفكرت : هذا المقاول لابد انه حر في حياته ولا يهتم ابدا بما يظنه أي كان به .
- ربما تكون مشهورا
- تستطيعين المراهنة على هذا وماذا انت ان لم تكوني الاميرة النائمة ... راهبة مبتدئة ؟
- راهبة بثوب الرقص وحذاء فضي ؟
لم تتذكر انها اشتركت بمثل هذا الحديث مع رجل من قبل .
- بعض النساء لديهن حساسية داخلية في لبسهن او في تسريحة شعرهن أهذا ما يزعجك ؟ الا تستطيعين تقرير إذا كنتي تريدين اجراس العرس ام حريتك
- وكيف تستطيع ان............
وصمتت وهو يشير الى الخاتم الماسي في أصبعها الثالث وتطلعت بالخاتم بمجموعته الفريدة من الاحجار الكريمة والذي وضعه باد في اصبعها مع ضحكة ساحرة وشعرت فجأة بالتوتر كانت مستعدة لإعطاء أي شي في سبيل التخلص بسرعة من تلك الليلة الباردة و الإحساس بأنها حرة ...
- من أنت ؟ هل أنت ساحر ؟
- أنا برناردو دونللي وهناك أناس مسموح لهم أن يدعوني براد
ونظر مباشرة إلى عينيها وقد اسرهما ببؤبؤيه الرماديين الجذابين وتابع :
- لا اتوقع ان هذا سيدهشك يا حلوة فقد كان جدي من فقراء ميلانو ويسعى وراء رزقه في الشوارع الجانبية والساحات العامة واتى الى امريكا فأسس نفسه وأنا جزء من كل ذلك هذا ما انا .
- يبدو أنك ستشعر بالألفة لو كنت بين قطاع الطرق في جزيرة متوسطية .
كانت قد بدات تتاثر به وبدا شعور بالخوف منه يسري في عظامها كل شي فيه كان رجوليا .. وربما رجولية مؤذية وشعرت بان رجليها تسمرتا بالارض حيث تقف
- شكرا .. يتطلب الامر بريئا ليكتشف عن مرتكب الذنب
- أنت مرحب بك
- ولكن فقط من بعيد .. هه ؟ واذا تجرات على تجاوز حدودي من المؤكد ان تدوسي على لحمي الحي ؟
- الا يملك هذا كل إنسان لست على اطلاع واسع بالرجال وقد يكون البعض فيهم شرفاء كما اتصور .
- الشرفاء يتلقون الركل اكثر من الخطاه
- انت ادرى بالطبع لانك مضاد للرجل الصالح
- وهل انا رجل خطيئة ؟
- رجل لا يترك للخطيئة او الخطاة ان يتحكموا به
- وماذا يتحكم بي ؟
وتركت انظراتها ان تتجول بجسده النحيل ولانها معتادة على اجساد الشبان في اثوابهم الرياضية في ساحات التنس ولعب البولو فقد كانت مايا تعلم ما هو الجسد الرجالي الكامل وعندما تراه مع ان هذا الرجل كان اكبر ببضع سنوات من باد ورفاقه .
- إن من يتحكم بك هو العمل الطموح في النجاح في حقلك ولا تترك للعشب الضار ان ينمو بين قدميك .. أليس كذللك ؟
- إنه وصف بالكاد يبعد عني تسمية قاطع طريق فقطاع الطرق ياخذون ما يريدون ولا يتعبون من الجري وراء المال .
- لقد قلت انك تبدو كقطاع الطرق ولم اقل انك تسرق اموال الناس .
- وما رايك بسرقة نساء الرجال الاخرين ؟
- في هذا المجال لابد انك بعيد عن الشك .
- نحن لوحدنا تماما أنت وانا
- إن خطيبي يتلاكم مع المحترفين .. سنيور فهل تحب ان يتحطم انفك الايطالي هذا ؟
- انت اذا منطقة محرمة .. هه .. وعليك علامة فارقة من الالماس
- تستطيع قول هذا ...
على الرغم من سهولة تبادلهما الحديث فقد شعرت مايا بما يخفي هذا الرجل من نوايا فهو لن يفكر مرتين في مهاجمة امرأة اذا أعجبته .. ولم تواجه من قبل هذا النوع من الرجال .. وليس بالطلع مع باد دينغول فمع الفتاة التي ينوي ان يتزوج منها كان يتصرف دائما بتهذيب ولم تترك مايا لنفسها ابدا ان تتصور كيف قد يتصرف مع رفيقة حفلة او مع فتاة بار .
- أنا ... أنا لم اشارك بمثل هذا الحديث من قبل ..
كانت قد اعتقدت ان هذه الكلمات لا باس بها ولكن ما ان انزلقت منها حتى ادركت انها لا يمكن ان تسحبها ونظرت اليه ببعض الارتباك ...
- هذا لانك منطوية على نفسك يا سنيوريتا و أنت مكبوتة في داخلك .. هل تريدي ان تعرفي المزيد عن نفسك .. مذهل ان يكون المرء خبيرا بقراءة الشخصيات وانت اعطيتني مثل هذه القراة ..
- على المرأة ان تنظر اليك فقط و ..
- وفورا تستنتج ما هو سئ نحن الايطاليون نعتبر دائما إما مبتزو مال أو اصحاب مطاعم اليس كذللك ؟؟
- وهل انت من النوع المبتز للمال ؟
- وهل ستندهشين ام تخافين ؟
- حقا إذا لست نظيفا كفاية اليس كذلك ؟
- عندما يلائمني الامر فقط .. وانت قد بقيتي طويلا في مخبئك هادئة و جميلة حتى انني اشعر حقا بما يحثني على تقديم صدمة لك ماذا لو كنت مجرما ؟ هل تهربين مني وانت تصرخين ؟
ونظرت اليه برعب .. كم يبدو نحيلا وقويا أسمرا وخطيرا .. قد يكون بكل سهولة من العالم الاجرامي ورما معه الان مسدس صغير يحمله في جيب سري في سترة السهرة التي يرتديها براد دونللي ... اسمه بحد ذاته

((الف شكر عزيزتي نجمه لكتابة هذا الجزء من الفصل الاول))


ملاحظه: اتمنى عدم كتابة اي ردود حتى يتم انزال بقية الفصل الاول من العزيزه shining tears
للمحافظه على تسلسل الفصل....شكرا:)

shining tears
10-04-2009, 03:25
بقية الفصل الاول
ببعض الارتباك ..
-هذا لانك منطوية على نفسك ياسنيوريتا . وانت مكبوتة بداخلك.. هل تريدين ان تعرفي المزيد عن نفسك .. مذهل ان يكون المرء خبيرا بقراءة الشخصيات .. وانت اعطيتني مثل هذه القراءة..
-على المرأة ان تنظر اليك فقط و...
-وفورا تستنتج ماهو سيء .. نحن الايطاليون نعتبر دائما اما مبتزوا مال او اصحاب مطاعم .. اليس كذلك ؟
-عندما يلائمني الامر فقط .. وانت قد بقيت طويلا في مخبئك، هادئة وجميلة ،حتى انني اشعر حقا بما يحثني على تقديم صدمة لك ، ماذا لو كنت مجرما؟ هل تهربين مني وانت تصرخين؟
ونظرت اليه برعب.. كم يبدو نحيلا وقويا،اسمرا وخطيرا ..قد يكون بكل سهولة من العالم الاجرامي ، وربما معه الان، مسدس صغير يحمله في جيب سري في سترة السهرة التي يرتديها . براد دونللي.. اسمه بحد ذاته بدا وكأنه اشارة لاعمال في الظلام.. المافيا..ربما، تلك المنظمة المرعبة ذات الجذور الايطالية.. واردف قائلا:
-لا...قد لا تصرخين..بل ستقاتلين باسنانك ومخالبك دفاعا عن شرفك .. اليس كذلك؟
-انا .. انا اظن ان هذا شيء يستحق ان اقاتل لاجله.
وفي مكان مابداخلها شعرت بالالم وهي تفكر بوالدها، وتلك الوصمة من العار التي بذلت غلوريا جهدها لتمحوها من حياتها. اذالم يكن من ذهنها.
-سوف تحترقين بالنار لو ان هذا الغطاء البارد، المقدس من الاحترام قد ازيل عن جسدك الابيض..اليس كذلك يامايا؟
-كيف تعرف اسمي؟لم نلتق من قبل و...
-وكان من المحتمل ان لا نلتقي، ونحن نتحرك في اجواء محتلفة..انت اذا لا تشاركين بمثل هذا الحديث مع خطيبك؟
-وهل تظنني افعل!
-وهل من الممكن ان يظن خطيبك انك قادره على القيام بهذا النوع من الحديث؟ انت بنظره فوق قاعدة رخامية بيضاء، صافية حلوه كالعسل المصفي..يقدم لك فروض الاحترام من وقت الى اخر، الخاتم الماسي، وربما اللالئ في اذنيك، ولكن هل اخذك مره بين ذارعيه، وجعلك تشعرين بانك انسانة حتى اعماق عظامك؟
-هذا..لقد تماديت كثيرا..
وتراجعت مايا الى عند طرف طاولة البليارد، وبحركة سريعة كالبرق،اسرع ليوقعها في مايشبه المصيدة بجسده وذراعيه، وامسك بها . وبدا لها فورا ان افكارها ومشاعرها قد علقت باسلاك شائكة، وهي تنظر الى عينين براقتين خطرتين، وقال:
-لا...لم اتمادى كثيرا..اتسمعين الموسيقى، ماذا يعزفون؟
واصغت بانتباه، وبدا وكأنها لن تستطيع السماع لارتفاع صوت دقات قلبها. ثم استطاعت تمييز ماتسمع ، الاغنية كانت "لذة الحب"
-هل تعرفين ماهو .. هل شعرتي به؟
-اتركني!
وحاولت الافلات منه، وشعرت بوخز اصابعه عند خصرها.
-كيف تجروء على التصرف هكذا؟ اوه.. افترض ان احدا دخل علينا؟ سيظنون انني راغبة في هذا..
-الست راغبة؟ الست تفشين عن رجل يكتشف المرأة التي في داخلك طوال السهرة.. حتى انك هربت من الموسيقى التي شعرت وكانها تسخر منك؟
-انت شيطان!
وشهقت، لم تشعر مايا في حياتها كلها بهذا الضعف تحت رحمة قوة رجولية تقاومها ومع ذلك تشعر باللذة للمعاناه التي تواجهها. لو انها صرخت لباد، سيدخل الناس لانها مايا كولين، التي تحت وصاية الارملة الباسادينية الثرية، وخطيبة باد دينغول، فتاة لم يعرف عنها العبث..[/color][/center][/size][/QUOTE]

shining tears
10-04-2009, 03:28
ومع علمها بهذا، اقفلت اسنانها، وقاومت بصمت هذا الرجل الذي كانت لمسته لها تثير كل جلدها. انها ملك باد، وحياتها امنة ومخطط لها. ومع ذلك فها هي هنا كسهم مشدود يرتجف في قوس قوي.
-لا تسميني بالشيطان ابدا الا اذا كنت تعنين ماتقولينه..
وجهه كان قريبا من وجهها. ونطق بالكلمات من خلال اسنانه البيضاء.
-لست اقصد هذا! انت متوحش.. تريد ان تجعلني ابدو وكأنني فاسقه..
-اوه.. هيا.. لو ان احدا ضبطنا هكذا فستلجأ مايا الباردة الجميلة الى دفاع فوري.. وستتهمني بمحاولة الاغتصاب، ولن اجد سيقان لاقف عليها.
-اذا كنت تعرف هذا، فاتركني قبل ان يدخل احد علينا. لقد كاد الرقص ينتهي، وقد يريد خطيبي ان يأخذني الى البيت.
-كم هو شاب محظوظ..نزهة في السيارة على شاطئ البحر تحت ضوء القمر، ثم عناق عند باب قصر ساتانيتا...
-ارجوك، يجب ان اذهب! ماتفعله ليس لائقا..
-ولكنك توقفت عن المقاومة.
-لقد.. انقطع نفسي...
-صحيح...
وجذبها اليه فجأة، قريبة جدا منه، بحيث أحست بكل عظمة وعضلة من جسده، وشهقت، وتصاعد الدم بجنون الى وجهها.
-لذة الحب.. الغرق في الحب.. هل تجدين الحب مخيبا للامل يا مايا؟
-انا ارفض ان اتجاوب مع هذا..
وحاولت التخلص منه ولكن دون جدوى، وكان محرجا ان تجد نفسها بين ذراعي غريب. بهذه القوة، غير عابئ بمقاومتها.. باد لم يتصرف معها هكذا ابدا، لم يجبرها على وضع محرج هكذا..
اللعنة على هذا الرجل، ستقتلع عينيه لو انها استطاعت ان تصل اليهما!
-انت لست في وضع تستطيعين فيه منعي عن اي شيء. وانت تعرفين هذا. عندما شاهدتك قرب النافذه بدوت كحمامة حزينة، وهذا يجعلني اصاب في الصميم.
-لايمكن..لك..ان تصاب بشيء.. انك تبدو ما انت عليه حقيقة.. وانا لا اختلط مع المجرمين امثالك.. وشكرا لك!
وضحك بنعومة
-لدي مناعة ايطالية.. فلا يهمني، مهما نعتيني بهذا الصوت الجميل يا مايا، سأتركك عندما توافقين ان تقابليني ثانية.
-لا !.. ابدا!
-ابدا هو وقت طويل للانتظار، سنبقى اذا هكذا الى ان يأتي رجلك الشاب الجذاب ويتهمني بمحاولة اغوائك، التي هي افضل من تلك الكلمة الشنيعة التي استخدمتيها، هل ستكون مبارزة بالسيف عند الغروب . ام مباراة ملاكمة؟
-اللعنة عليك!
-هذه ليست كلمة لطيفة من فتاة مؤدبة مثلك..
-انا ..انا... يجب ان ادع باد يحطم انفك!
-انه الوحيد الانيق بين ملامحي، وانت مخلوقة رقيقة لا تحب ايذاء الناس..هيا، اين سنلتقي؟ انها ليست جريمة ان تعيشي قليلا قبل ان تموتي....
-انت تبتزني سيد دونللي، وهذه واحده من فضائلك المكتسبة دون شك.
-اذا اصرخي .. دعيهم يأتون راكضين الى هذه الغرفة، دعيهم يجدونك بين ذراعي.. انا مقامر ايضا، اذا كنت لا تعلمين..
-انا لست معتاده على اللقاءات.. لذا لا اعرف اين قد التقيتك.وانت خبير بهذه الامور، وهذا واضح، ولن تتركني قبل ان استسلم، اليس كذلك؟
-لا..فأنا اتمسك عادة بما هو بين يدي.
-بل بما هو بين اسنانك... كقرش الاعماق!
-لن التهم اطرافك، لانني افضل ان تكوني قطعة واحدة . هل انت خائفة جدا مني؟
ووقفت جامده بين ذراعيه، وهي تحس بقبضه عضلات ذراعيه.
-انا منزعجة اكثر من كوني خائفة، فلست معتادة على هذه المواقف.
-اتعنين على من يجبزك؟ اذا تخيلي انني صديق قريب للعائلة يريد ان يخرج معك لتناول الايس كريم، فأنت امرأة، والنساء بارعات بالتخيل، هل هذا جيد؟
-انت في سن يقارب من سن عم او خال، والكنني لست بارعة بالادعاء
-ولكنك بارعة بما فيه الكفاية، كلنا بحاجة الى مايخدر مشاعرنا، والا ستكون الاشياء التي نواجهها في الحياة قاسية لا تحتمل. ولقاء سري من الممكن ان يكون رومانسيا" ، وليس من الضرورة ان يكون مقدمة الكارثة. .
إنها لاتستطيع إنهاء الأمر ، ولكنها نظرت في عينيه الرماديتين وسمحت لهما بأن يسحرانها .
- لاشيء يسهل الأمر . . إنه خطأ وقد يكون خطرا" . .
- ليست الحياة مليئة بالعسل والورود، فالحلوى قد تصيب المرء بالتخمة والعطر قد يصبح غير محتمل . . . وقد اكتشفت هذا بنفسك الليلة، أليس كذلك ؟ لقد هربتي من الموسيقى . . . وسعيت إلى شيء مافي الظلام هنا، وآلهة الظلام تراقب الملائكة ، وهي سريعة في الاستجابة للصلوات.
- صلوات؟ وماذا تعني؟
- تعلمين جيدا" ماأعني . ليس جديدا" ان تحاول العبدة الحلوة ان تثور على قيودها، وصدف ان كنت مارا" ، وانا لاأؤمن بالقيود حتى ولو كانت من الآلئ والذهب.
- وتوقف قليلا"، ليعبث بالقرط اللؤلؤي في اذنيها واردف:
- -الا تؤمنين بالقدر...
- اتعني لو انني بقيت في صالة الرقص، لما قابلت الشيطان؟
- بالضبط..لقد كنت تقامرين جائما بشكل شريف، والان آن لك ان تخرجي ورقة من كمك وتغشي قليلا.. قد يكون الامر مفيدا، مع ان ضميرك قد يؤنبك.
- وهل تطلب مني ان اغش الرجل الذي احبه؟
كلماتها كانت يجب ان تبدو مقنعة، لكنها بدلا من ذلك بدت متكلفة ، وشاهدت الابتسامة السافلة على اطراف فمه.
-انا لن اطلب من امرأة ان تفعل هذا.

shining tears
10-04-2009, 03:33
-ولكنك تطلب مني، انت تجبرني على خداع شخص يثق بي، وانا لا احب هذا.
-انا اطلب منك فقط ان تشاركيني بضع ساعات، وانا لا اقترح عليك ان ترمي بنفسك من فوق قاعدة تمثالك، مع انه ممل، وانت حائمة فوقه كالحمامة، تتوق الى فرد جناحيها، ولكنها مقيدة بقيود مخفية...اوه... لا حاجة لان تدعي ان الامر ليس هكذا... لان هذا سيكون غير صحيح... اليس كذلك يا مايا؟
-لا اسمح لك باستخدام اسمي مجردا.. ولست مجبرة ان استمع الى سخافتك. طريقتك في ادعاء معرفتك بكل شيء عني مسلية، هل تؤثر تمثيليتك السحرية عادة على النساء؟ حسنا.. انها لا تؤثر بي، وانا لم اشاهد ابدا تمثيليات النوادي الليلة وقراءة افكار الناس، فهذا نوع من الخداع... ولكن استطيع القول انك بارع!
-اتعتقدين انني لن استطيع قراءتك؟... ان فيك حرارة، مع انك تفضلين اخفاءها، فيك لمسة من سيدة... ولمسة من التضحية بالنفس. ولديك حس للمرح ولكن غير مقصولة ككل مافيك.هيا.. اعترفي انك واقعه تحت رحمة رجل له حدة كحد السكين؟
-وتظن انني يجب ان اكون سعيدة بفكرة التواعد معك؟
-ولم لا؟ سيكون نوع من التغيير، من كونك اميرة باسادينا، الى كونك مجرد نفسك مع رجل لا يتوفع منك ان تكوني ملاكا..
-وهذا بلغة صريحة يعني ان ليس لدي خيار سوى ان اقول انني ساقابلك؟
-كلانا يعرف يا مايا ان لديك الخيار. اسمعي، لقد سكتت الموسيقى وانتهى الرقص... وتستطيعين الصراخ الان. ويتك انقاذ برجك العاجي.. فاصرخي لفارسك ودعيه ينقذك من السكين..
-انا .. لا استطيع فعل هذا. فانسى الامر.
وكشبح كانت تحوم في ذهنها ذكرى الفضيحة التي التصقت باسم كولين، واجفلت من مجرد التفكير بالصاق اي ارتياب في ذهن اي انسان، بانها هي من جلبت انتباه هذا الرجل.
-هل انت خائفة علي ام على نفسك؟
-اذا كان علي ان اتورط معك، فافضل ان يكون هذا في السر.
-لا يروق لك ان تضبطي في فم المدفع. كما الامر الان؟
-لا... فليس من دخان دون نار، وانت تعلم كيف هم الناس.
-وهل تتصورين انني احمل خجنرا في كم قميصي.؟
-انا واثقه انك قادر على هذا.
-اجل... انا قادر... مالون عينيك هه؟ اهو مزيج من العسل والذهب؟
-اوقف هذا الحديث المجنون واتركني!
واستطاعت ان تشعر بالذعر يستولي عليها من جديد، فقد توقفت الموسيقى الان، ولن يمضي وقت حتى يأتي باد ليفتش عنها.
-سألقاك، اذا كان هذا ماتريد، ولكن ارجوك... الطريقة التي تمسكني بها... تبدو وكأن .. وكأن...
-وكانها حميمية... هذه هي الكلمة. هناك خليج صغير تحت الطريق المباشر قرب سانتا ايسولا... والمكان هناك هادئ، ومنعزل ، كوني هناك يوم الاربعاء... وسأحضر سلة فيها الغذاء.
-آه .. كهف الراهبات! .. حسن جدا..
-اهذا مايسمون ذلك المكان؟
-اجل .. وانت تعلم هذا...
كان عليها ان تعد بالذهاب، ولكن هذا لايعني ان تفي بالوعد.
-سأجيء الى ساتانيتا اذا خذلتيني يامايا. وهذا وعد ، ويس تهديدا.
-اللعنه على عينيك! لا عجب انك تستطيع فرض نفسك على الناس.. انا لا اتصور ان لديك الكثير من الاصدقاء، فقط النوع الذي تشتريه او تهدده... يالهي، لماذا اخترتني؟-تعلمين جيدا لماذا اخترتك، ام انكم تقلبون المرايا نحو الحائط في ساتانيتا؟
عندها فقط، وهي تنظر الى عينيه، شعرت بنفسها قريبة من الصراخ.. وفتحت فمها، ووصلت الصرخة الى حلقها، وراقبتها العينين الرماديتين منتظرة، وفيهما نظرة ساخرة فهمت مايا منها انه سيتركها تتهمه بالاغتصاب، ولتذهب العواقب الى الحجيم.. كان يتوقع هذا وكأنه لا ثقه او ايمان عنده باس كائن حي
-سأكون هناك يوم الاربعاء... واتمنى ان تتصرف كسيد مهذب؟.
-وهل ستتجرأين على الخطئية فوق جلد نمر؟
-وهل تنوي ان تأتي معك بجلد نمر؟
-يبدو هذا وكأنه حفلة جميلة.. الا تعتقدين هذا
-ستكون حفلة كالجحيم.
وعملت بشكل مؤكد ان غلوريا آرثر ستكون غاضبة جدا اذا عرفت ان ابنتها التي ربتها جيدا، قد تركت نفسها تجبر على قضاء نزهة على شاطئ البحر مع ايطالي... وتسارع شيء ما في عروق مايا.. خيط من الاثارة.. متشابك مع تلك الخيوط الفضية التي تربط اخلاصها وعرفانها بالجميل لغلوريا الرائعة. فمنذ كانت طفلة، كانت تحبها دوما وتطيعها، ولكن من المؤكد انها كبيرة مافيه الكفاية لتستطيع تدبير امورها مع رجل رآها وتمنى ان تكون له لفتره قصيرة؟ وكلاهما يعرف ان الامر لن يقود الى شيء.. قليل من الخطر لمايا، مع هذا الرجل، الذي قد يدعوه اصدقاؤه الاذكياء "وغدا"
-مايا والتنين.
-منذ برهة كنت السكين.
-لقد كنت اشير الى شخص اخر يلوح في افق حياتك . ولكن لن نناقش هذا الان.. فالوقت قصير.
-كم انت ساخر ياسيد دونللي!
-ادعيني براد.
-حتى هذا، حتى اسمك خليع.. اليس كذلك؟
-ولكنه مناسب، لوغد في شوارب سوداء.. الن تقولي هذا؟
-يجب ان يكون اسمك الاوسط"الساحر"

shining tears
10-04-2009, 03:35
-انت تسمين السحر خدعة يا مايا، ويمكن ان يكون هذا صحيحا، انه خدعة تجري في دمي الايطالي... انت تشبهين زهرة الاوركيديا المدفونة تحت الزجاج، ولا استطيع مقاومة اخراجك منها.
-اتعني انني شيء اعتنوا به لينمو، وليس فيه شيء طبيعي؟لديك شفرات تحت لسانك سيد دونللي، وتعلم جيدا كيف تستخدمها.
-هناك علاقة اعجاب دائم بين الايطالين والفولاذ..
-ومعارك الشوارع الخلفية؟
-آه .. اتفضلين اذا ان اشترك في هذا النادي الفخم مع بقية الشباب؟
-انه حلم لك... يجب اولا ان يرشحك احد الاعضاء، والسكرتير هنا هو اكبر متعجرف بين الجميع ، وانت تعرف هذا، ولا استطيع ان اتصورك بين اناس اذكياء كسولين ينظرون الى العمل كخطئية..
-وهل تظنين انني احب العمل الشاق؟
-انا اعرف هذا السيد دونللي.. انه مكتوب على وجهك..
-اذا كنت اجد العمل هكذا، فكيف تظنين انني خطر؟ هل العمل والخطر متطابقان..
-في حالتك انت اجل.. ولا اظن انه يناسبك ان تصرف طاقتك في الرياضة. فعليك ان تتنافس في السوق مع التجار في المنافسات التي تقطع الرقاب، فهذا يرضي شيئا فيك.
-كم تجعليني ابدو قاسيا.
-انت قاسي... اليس كذلك؟
دائما .. ياعسيلة العنين، من جذور شعري حتى اخمص قدمي هل اخفيك؟
-اجل .. فأنت بدون رحمة...
-اليس لديك افتتان طفولي؟
-الفتيات لايرد ان تكون رغباتهم دائما مسلم بها.
-والتقطت شفتها السفلى باسنانها الجميلة، ومرت عيناها فوق وجهه، انه اسمر كثيرا، ومختلف عن وجه باد الابيض.. ان باد لطيف جدا، ورقيق جدا، وعضت شفتها بقوة..
-لاتفعلي هذا فسوف تدميها.
-هذا لن يزعجك.. انت .. انت اكثر من قاسي!
-هناك عدة وجوه مختلفة للقساوة يامايا. فانا م امسك ابدا فراشة واراقبها وانا اسحق اجنحتها الرقيقة اكثر فاكثر الى جسدها الرقيق الفضي، ولكن ضربت رجلا على وجهه الى ان كسرت له يعض اسنانه.
-اوه.. ولماذا؟ ماذا فعل لك؟
-لقد باعني بعض الكافيار الفاسد.. ولكنني سأتاكد من ان ما سأجلبه معي الى كهف الراهبات سيكون افضل مافي بحر قزوين.
-اذا انت مصر على تحقيق ذلك الوعد ، سيد دونللي؟
-بنفس القوة التي اتمسك بك الان.. هل تسمعين اصواتا تقترب منا .. كذلك انا .. اقترح عليك ان تسللي خلف ستائر النافذة والاختباء بينما احاول الانسحاب.
وابتسم، ثم تركها ، وانحى لها بسخرية ، وابتعد عن النافذة لتستطيع الاختباء وراءها، وتختفي بينما يخرج براد دونللي من غرفة الالعاب. وسمعته يقول بصوته الجذاب.
-مرحبا .. كنت اتفحص طاولة البليارد.
وضغطت مايا يبدها على فهما، ثم لاحظت انها تكاد تضحك . انه شيطان، وقد جعل منها متآمرة... ولن تجرؤ ان تراه ثانية ، وعليه ان يأكل الكافيار لوحده . واذا تجرأ ان يأتي الى ساتانيتا فستنكر معرفتها به . ولا يستطيع احد ان يمر عبر الابواب الاوتوماتيكية ، الا اذا سمح له من في المنزل، وهكذا ستكون امنة من هذا الايطالي.
-مايا .. حبيبتي .. هل انت هنا؟
كان صوت باد، وخرجت من مخبأها وابتسمت له ، فقال:
-هل كنت تختبئين مني؟
ابتسامته كانت معجبة يوجهها الجميل الذي يحيط به شعرها الناعم، ومد يده اليها بوشاحها المخملي الطويل ، وبينما كانت تقف بهدوء ليتمكن من وضعه بشكل يلائم ياقة فستانها الحريري فوق رقبتها النحيلة لم يظهر عليها ان قلبها مازال يضرب اسرع مما كان باد قد جعله يضرب ابدا .
-هل نذهب الى المنزل؟
-اجل ، هيا بنا.
وسارت معه بهدوء ورشاقة، خارج غرفة الالعاب التابعه للنادي الريفي.
في الاسفل، كان اعضاء الفرقة الموسيقية يجمعون معداتهم والسقاة ينظفون الموائد ، والمكان يعبق بالدخان، والشبان يدعون بعضهم، وابواب السيارات تغلق بقوة، وفي الطريق خارجا.. ومن تبقى يتحدثون حول لعبة التنس القادمة، او لعبة غولف، واستمعت مايا الى كل هذا وكأنها في حلم.
وخارجا الى سيارة باد"الستود بايكر سكاي هول" وكم بدا وقتها وكأنه ولد طائش، بشعره الاشقر، واضواء الباحة تلمع في عينيه الزرقاوين.
-ادخلي الى السيارة ياحبيبتي. الم تتمتعي بوقتك الليلة؟
وساعدها على الصعود وقد بدا عليه الاهتمام.
-طبعا..
وابتسمت له وفكرت في نفسها بأنها قد امضت وقتا غير عادي ، ولا تستطيع ان تصدق انها كانت عرضة لطلب من رجل هو النقيض لباد في كل شيء. واستدار حول السيارة وانزلق في مقعد االقيادة الى جانبها.
-ظننت انك قد تكونين ضجرتي قليلا لانني كنت اتناقش مع ستيف برت حول الجولة القادمة من اللعب، وانت تذهبين عادة الى غرفة الالعاب اليس كذلك؟ ياحلوتي.
حلوتي .. انه تحبب بسيط بما فيه الكفاية، ولكن مايا احست بتقلص في معدتها . وسمعت في ذهنها ثانية صوتا اعمق واكثر نضوجا بقول لها نفس الكلمة فتعطي

shining tears
10-04-2009, 03:37
نغمة ابعد ما تكون عن العادية. لقد قال لها ، انها بطعم العسل.. صخور للتحطيم.. ثار للسير فوقها.. مثل هذه التسميات الخشنة لم يكن في النهاية الاميركي المثالي، مصقول، جميل، رقيق ومحب للرياضة.
-ربما على النساء ان يخاطرن من وقت الى اخر، حتى ولو في سبيل ان يشعرن بالحياة.
-انت حية بما فيه الكفاية لي ، اعتقد متكدرة قليلا، ولكنك بدوت رائعه الليلة بحيث شعرت بالفخر لتحقيق احلامي.. الكل لاحظ انك اجمل فتاة. وسأمسك الخشب واصفر لمنع الحسد عنك . فنحن لا نرغب في ان يعلب الشيطان الاعيبه بيننا. اليس كذلك؟
ولم تستطع مايا كبح ضحكتها.
-أوه يا باد انك تبدو متزمت وفاتن في بعض الاوقات!
-حلوتي..انا احبك لرباطة جأشك،ولذلك الجو الهادئ الذي تشعينه من حولك عندما تدخلين الى غرفة، حتى ان الناس يحدقون بك وكأنك زائرة ملكية، ويسارع الخدم للاشراف على خدمتك.. وهذا هو النوع من الكريما الذي احبه على كعكتي...
-كعكة الملائكة؟
-طبعا.. لا استطيع وصفها افضل منك.. اتعلمين ان مزاجك غريب الليلة ايتها الاميرة، اظن ان لهذا علاقة بواقع اننا سنتزوج قبل الميلاد.
-ونحن الان في آب .. اننا عند محور السنة، عندما تبدأ الاوراق بالسقوط عن الشجر، ويبدو المغيب اجمل ، انه فصل كئيب.
-لقد احببت دائما الغموض فيك.. انت لست كباقي الفتيات..انت اعمق منهن. وانا محظوظ لانني حصلت عليك، وانوي التمسك بك.
قلب مايا ارتجف قليلا لكلماته ولهجته المتملكة الفجائية. وساد الصمت بينهما ، ولاحظت من الظلال امامها انهما اقتربا من ساتانيتا. وبدأت السيارة تسرع اكثر متسلقة التلال، لتبلغ الابواب العالية التي ستفتح لصوت زمور الستود بايكر، ويقود نفق من الاشجر الباسقه الى المنزل وكأنه جادة من الظلال وعطر الاشجار.
للمنزل ابراج تشبه قصرا ابيض في ضوء القمر ، وقمم سطوحه تلمع كحجارة مصقولة. والقناديل على الجدارن في باحته الخارجية تضفي نورها الذهبي على الدرجات التي تقود الى الباب الامامي المرتفع، واحست مايا بالراحة لانها اصبحت اخيرا في المنزل محمية من المشاكل التي تواجهها الان وقد كبرت ولم تعد تفكر بساتانيتا وكأنه الحصن الذي يحميها من الاخطار الغازية لفترة المراهقه.
-انا تعبه جدا...
وامسك خطيبها بيدها وهي تصعد الدرجات، واوقفها قرب احدى اوعية الزهور الضخمة على جانبي الدرج.
-هل كنت تتحدثين معه.؟
-مع من ..؟ عمن تتكلم؟
-مع ذلك الرجل الغريب الذي خرج من غرفة الالعاب عندما وصلت الى الباب.. لقد كنت مع ستيف الذي كان يحاول الوصول الى السكرتير لصرف شيك له . لقد لاحظنا الرجل ، الذي قال شيئا بالايطالية . لقد كنتي في غرفة الالعاب يامايا... ومن المؤكد انك رأيتيه؟
-انا .. لقد شعرت بأن شخصا دخل لبضع دقائق.. وكنت اقف عند النافذة
وخرجت عندما ناديتني.
-اذا ، لم تتبادلي اي نوع من الحديث معه.. انه طويل .. اسمر وكأنه الشيطان .. وهو بالتأكيد ليس عضوا في النادي ، والا لكنت عرفته . لقد رمقني بنظرة غريبة عندما مر بي.. نظرة حاقدة.. استطيع القول.
-أوه .. لا تتحدث بهذا الشكل السخيف! من الممكن ان يكون هناك لبعض الاعمال . لايمضي الجميع حياتهم في الاحتفالات الراقصة!
-وهل هذا تلميح ساخر لي؟ لو ان والدي كان يعمل بدل ان يكون عضوا في مجلس الشيوخ ، اذا لعملت معه دون شك، ولما كنت وحيدا في العمل السياسي يا مايا . اوكي ، نحن اغنياء ، ولكننا لسنا عاطلين عن العمل . فنحن مشغولون دائما ، ولقد أديت واجبي في فيتنام.
-أوه يا باد ، انا لا انتقدكم، ولكن انت وانا واصدقاؤنا ننظر الى كل من هو من خارج دائرتنا وكأنه نوع من ... الخطر على نمط حياتنا. اعني ... كحاقد..
-لم اشاهد في حياتي حاجبين بهذا السواد ، وعينين بهذا البرق، وكأنهما الفولاذ الحاد.
تلك الكلمات كانت كالسكين، وتخلصت مايا بسرعة من بين يديه.
-انا تعبة، ولا انوي الوقوف هنا عند منتصف الليل ابحث امر غريب ، وقد يكون على الارجح شخص محترم،ولا يزيد خطرا عنك او عني.
-اذا كان هذا رأيك ، فأنت اذا لم تشاهديه، لقد جعلني اشعر وكأنني مدموغ.. مثل الشعور في فيتنام عندما يحس المرء بقناص قريب وان اسمه قد يكون مدموغا على الرصاصة التالية.. واعني ما اقول يا مايا. فأنا اشعر تماما عندما يرمقني احدهم بعين شريرة.
-لم اسمعك تتحدث بهكذا هراء من قبل! اذهب الى منزلك يا باد . وانتبه وانت تقود . سأراك في المباراه يوم الجمعه.
-هل آتي لاخذك. ام تذهبين بسياتك؟
-سأذهب بسيارتي. وهذا سيعطيك وقتا اكبر لتحضير نفسك للمباراة ، تصبح على خير.
واسرعت لتدير مفتاحها في الباب ثم انسلت الى الداخل قبل ان يكون لديه وقت للمطالبة بوداع اقل رسمية . ووقفت في الداخل، ولم ترتح حتى سمعت السيارة تبتعد...
لم يكن من عادة باد دينغول ان يكون لديه مثل هذه التخيلات...
هل رأى حقيقة تهديدا في عيني براد دونللي ، ام ان هذا رد فعله العادي تجاه غريب لاينتمي الى عضوية مجموعة ارستقراطيي باسادينا؟
وصعدت مايا الى غرفتها ، متحركة بهدوء ومطفها فوق ذراعها، حتى لا يصدر عنها صوت قد تسمعه غلوريا، ذات النوم الخفيف. وشعرت مايا انها قد مرت بما يكفي من الحديث المزعج، ولدي عرابتها شعور خاص تلاحظ به متى تكون مايا مضطربة وتريد دائما معرفة السبب.
آخر شيء قد ترغب فيه مايا ان تعرف عرابتها شيئا عن براد دونللي ، ومرت امام غرفة غلوريا وقد اوقفت انفاسها ، ولم تتنفس بحرية الا بعد ان بلغت غرفتها. ووقفت هناك في الظلام، تصغي الي ادق الاصوات.
انه منتصف الليل، والحفلة الراقصة قد انتهت ، وغدا تستطيع التحدث عن الحفلة ببساطة .. ففي ضوء النهار ستبدو احداث الليلة مثل القصة الخرافية وستستطيع الابتسام ، وان تمحي من ذهنها ذلك اللقاء مع ذلك الرجل الذي ليس له اي دور يلعبه في حياتها .
غدا ... سيبدو كل شيء وكأنه حلم، قد تتذكر نصفه فقط.

shining tears
10-04-2009, 03:42
2- سجن من ذهب...

بقيت مايا عند موقفها ولم تفي بذلك الموعد عند كهف الراهبات وكيف تستطيع ان تفي به عندما قاله باد، اضافة الى قناعتها بانه ليس من الحكمة تشجيع مثل هذا الرجل.
وحضرت مبارة البولو يوم الجمعة، وكانت المبارة مثيرة، وربح قيها فريق باد. وتناول جميع من في حلقة الاصدقاء الشاي فيما بعد في نادي البولو، وكانت الحلفة مرحة ولم يعكرها شيء، وارتاحت بعدما لاحظت ان باد قد نسي التوتر بينهما. وانتهى اليوم بسعادة، وابعدت عن ذهنها ذلك التهديد الذي قاله براد دونللي بأنه سيأتي الى ساتانيتا لو انها تجرأت على خداعه.
صحيح ان منزل غلوريا الكبير على التلة، محاط بمساحات واسعه من الحدائق الطبيعية الجميلة، له ابواب عند مدخل سري عبر الحدائق نفسها،ولان الحدود كانت منطقة حرجيه، كثيفه الاشجار وبالكاد يستطيع اي انسان ان يتسلل منها.
وكان هناك ممر صعب مهدة تجول مايا على ظهر الجياد، فالغابة هناك تمتد الى شاطئ مهجور تحيط به الصخور، وكانت تعتبر ذلك المكان وكأنه خاص بها. وعلى صهوة جوادها "مايجور"تخوض المياه هناك . كلاهما يتمتع بهذه العزلة، لعلمهما ان احد لن يتطفل عليهما.
ولم تتوقع مايا ابدا ان يستعمل احد غيرها ذلك الممر الصعب كما تستعمله هي، في طريقها من والى اراضي ساتانيتا، الى ان وقع في اسماعها صوت حوافر، وهي جالسة في غرفة المكتبة الصغيرة الجذابة .
حيث تجلس عادة لتكتب الرسائل، وتقرأ جريدة الصباح.
ورفعت نظرها عن الجريدة وحدقت غير مصدقة بالجواد والراكب من وراء الابواب الزجاجية... كلاهما كان داكن اللون، متحفزين تماما ومرتاحين.
وبسخرية مقصودة، رفع عصا الركوب محييا. كان يرتدي سترة ركوب وبنطلون ركوب جميل مناسب لها، وزوج حذاء عالي حتى الركبتين. وبدا انه يركز على تلك الصفة السمراء الشيطانية فيه، وشعرت بالرعدة في ساقيها وهي تقف عن كرسيها وتراقبه وهو يترجل عن جواده. وشاهدت يده السمراء تمر نزولا على رقبة الجيوان، واتمتم له ببعض الكلمات، ربما بالايطالية، والتي لابد وان المخلوق الوسيم قد تدرب على فهمها واطاعتها ، كتعويذة الساحر، ووقفت مذهولة: كم هو ماكر هذا الرجل ليعلم ان دخوله عبر البوابات مرفوض وهكذا وجد طريقا اخرى.
طريقها الخاصة.... سيدفع ثمن وقاحته!
وفتحت ابواب الشرفة بغضب وخرجت الى الباحة الخارجية وعيناها تلمعان.
-كيف تجروء على القدوم الى هنا! من اين لك الحق؟ هذه املاك خاصة، وسأنادي "هادسن"وكلابه ليطردوك الى خارج ارضنا!.
-لدي طريقة خاصة للتعامل مع الكلاب. واعتقد ان من رأيته وانا قادم الى هنا هو " هادسون"، رجل شعره احمر وعينين اسكوتلنديتين لقد ظن انني صديق قديم...
-انت لست صديقي! انت لست سوى متعد على املاكنا! كيف عرفت بأمر هذا الممر عبر الغابة؟ انا الشخص الوحيد الذي يسلكه.
-الساحر عادة لديه عدة الاعيب يخفيها في اكمامه يامايل. انت اكثر جاذبية الان تحت نور الشمس مما كنت عليه تحت الاضواء الاصطناعية.
-الاتعرف كيف تفهم الاشارة سيد دونللي؟ اعتقدت انك فهمت عندما لم احضر الى كهف الراهبات بأنني لا اغب في رؤيتك مجددا.
واعتقد ان الحقيقة هي انني لم يجب ان اتوقع منك ان تتصرف كسيد مهذب!
-حقا.. هذه هي الحقيقة. ولكن، اهو تصرف لائق من سيدة ان تترك رجلا يأتي كل هذه المسافة من لاس بالماس، دون ان تترك له رسالة، تحت صخرة ربما ، تعلمه فيها انها لن تنضم اليه على الغذاء؟
-وهل تصورت فعلا انني سأكون هناك؟
-اجل لقد تصورت هذا.. هل خفتي عندما قال لك خطيبك اننا التقينا وجها لوجه في الممر خارج غرفة الالعاب؟ انه شاب عابث جميل، ولكنه ليس غبيا كما يظهر عليه.
-ان لك اعصابا ابرد من اعصاب الافعى! لن اسمح لك بالتحدث عن باد بهذه الطريقة الساخرة ، من تظن نفسك؟
-السؤال ليس من اظن نفسي ، لانني اعرف الجواب جيدا
المشكلة انك انت لست واثقة من اكون، لانك لم تلتقي بمثلي من قبل، اليس كذلك يامايا؟ هل اعتقدتي فعلا ان بامكانك التخلص مني؟ او انني لن انفذ تهديدي بالقدوم الى ساتانيتا؟ انه مكان قديم رائع. القصر المناسب" للجميلة النائمة" له غابته لسحرية الخاصة التي قد تبعد اي كان ماعدا الرجل الذي يصر لى ايقاظ الاميرة من نومها المسحور. لقد شعرت دائما ان كسر السحر يحتاج الى وغد مخادع اكثر من حاجته الى فارس غير ناضج يضع قبعة ذهبية فوق رأسه.
-هل تتحدث دائما بالالغاز؟انا لست واقعه تحت سحر تعويذة، واذا احتجت الى شهم نبيل ليساعدني، فسأختارانسانا استطيع الوثوق به. لقد رآك باد،واراد ان يعرف ما اذا كنت قد تكلمت معي. واضطررت ان اكذب عليه. وانا لا احب الخداع.
-ولماذا شعرتي بحاجتك للكذب؟ كان بإمكانك القول ان خادما غريبا قد تكلم معك...
-اوه... توقف عن هذا! اظن انك تقول هذا لانني دعوتك بالخادم....
ونظرت مايا من حولها بقلق، لان غلوريا قد تستيقظ الان من نومها وقد تظهر في اي لحظة، وقد تطلب التعرف الى هذا الزائر غير المتوقع.
-اتمنى لو انك تذهب. فعرابتي لن يعجبها وجودك هنا دون دعوة فهي حساسة امام من يدخل ويخرج من هنا، لان هناك اثريات ثمينة في المنزل.
-حقا؟ اؤكد لك انسة كولين، انني لا اهتم ابدا بالاثريات القيمة في منزل عرابتك. في الواقع ، اتمنى ان اقابل هذه السيدة.
-لايمكنك هذا! اذا كنت تأمل ان تقتحم طريقك الى مجتمع باسادينا من خلال لقائك بغلوريا، فعليك التفكير ثانية. اؤكد لك ان اصحاب المطاعم ليسوا على لائحة معارفها.
-انا متأكدة من هذا. واسطتيع ان اقول لك ان اخر شيء افكر فيه هو اقتحام طريقي الى هذا المجتمع اللطيف الذي تحكمه سيدات عجوزات رائعات ومتعجرفات، هدفهن الوحيد في الحياة المحافظة على المستوى الحاضر للطبقة الوسطى.. العديد منهن لديهن منازل كبيرة، ومدخول مؤمن ، موسس على عمليات الارتزاق الاسلافهمن

shining tears
10-04-2009, 03:44
الذين اخرجوا من وطنهم بسبب جرائم مختلفة وارسلوا إلى مستعمرات كعبيد لمالكي المزارع والمصانع حيث خدعوهم دون شك بخبراتهم بحيث اصبحوا مع الوقت اسيادا" وانا معجب بدهائهم وعملهم ولكن هذا لايجعلني اشعر بالخضوع لألمثالكم يامايا ولا اريد اي دور في مثل هذا المجتمع حتى ولو قدم لي على طبق من ذهب ووضع في فمي بملعقة من الجواهر.
- إذا" ماذا تفعل هنا؟ إذا كنت تستحقر اسلافي هكذا ، فما هو الشيء الذي تجري وراءه؟
- العقاب . . .
وبحركة سريعة ارسل طرف سوطه ليلتف حول خصرها . وشهقت عندما احست بلذعته ، واضطرت للتحرك نحوه وهو يجذب السوط
- إنني سليل قوم الثأر يجري في دمهم كما هو الثراء والامتياز في عظام اسلافك.
- وهل تفعل هذا بي لأنني لم افي بوعودي عند كهف الراهبات؟
- الخدعة هي في ان تروض امرأة او جوادا" دون ان تترك اثرا" على الجلد .. ولماذا لاأطالب بالتعويض لأنك خدعتيني؟
- الست معتادا" على هذا ؟ هل تطيع النساء عادة اوامرك وتزحفن لطاعتك عندما تضرب بسوطك ؟ اعتقد انك تلقيت ضربة موجعة عندما لم اظهر . وهل كنت تعتقد اني سأكون هناك؟
- لقد خدعت لأصدق تلك الشابة ، ولكن يبدو انني كنت مخطئا"
- إذا" ، انها جريمة في نظرك ان تجرؤ امراءة على اظهار قلة الاحترام لك ؟ حقا" سيد دونللي ، لايبدو عليك ان جلدك رقيق لهذه الدرجة ، في الواقع انت اقسى رجل قابلته في حياتي.
- حتى القساة لديهم لحظات انكسار . لقد جرحت كبريائي لاضطراري إلى تناول الغداء لوحدي في وقت كنت اتوقع ان يكون معي رفيقة . لقد حذرتك ان لاتتخلفي عن ذلك الوعد . . ألم افعل؟ وقلت إنني سآتي إلى ساتانيتا ، ولكنك من الواضح ، ظننت ان الأبواب المحروسة للقلعة سوف تمنعني من الدخول . اللص الماكر لايهاجك من الأبواب الأمامية في وقت يستطيع الاستيلاء على الحصن من الوراء.
- اظن ان هذه هي طريقة نجاحك في اعمالك . فأنت تجد المكان الضعيف ، في الدرع ، وتفاجئ منافسك وخصمك . انت رجل خطر ، الست هكذا سيد دونللي؟
- اتمنى لو اكون . فالرجال دون خطر مثل النمر دون اسنان العناصر التي لايمكن التنبوء بها في الحياة تكون دون شك اكثر إثارة من تلك التي تكون معروفة؟ إنه امر طبيعي في الطبيعة الانسانية ان نحتاج إلى الشعور بمنبهات للقلب تجري في عروقنا . ومن دونها نكون مثل تماثيل الشمع.
الواقع المؤلم ، ان مايا وجدت نفسها موافقة على مايقول ، ولكن مامن شيء اقل من التعذيب يدفعها لأن تعترف . انه نمر ، وله اسنان قوية بيضاء تشبثت بمؤخرة عنق الحياة ، وهزتها هزة قوية.
وشعرت مايا بالنفور منه، ومع ذلك لم تستطع ان تقول إن نظراته
او صوته او طريقة لبسه منفرة لها. إنه يجعلها غير واثقة من نفسها
يلغي النظرية التي تقول إن الرجال والنساء هم بشر فقط . . . إنها مدركة بشكل لايحتمل انها انثى يستطيع هذا الذكر الإستثنائي ان يوقعها دون حراك بضربة خفيفة ويحملها إلى عمق الغابة ، يساعده بهذا جسده الضخم ، إنها واثقة من هذا . . . وبحركة فجائية غير متوقعة من السوط جذبها اليه.
- انت باردة كالثلج ؟ ألست كذلك؟ مطمئة لمكانتك والحياة التي تخططين للعيش فيها مع رجلك الشاب اللطيف.
- ولم لا؟ فأنا لن اتزوج رجلا" مدللا" ، حتى ولو اعتقدت انه هكذا لقد كان باد في فييتنام . . ولم يمض حياته دون مواجهة المخاطر وبينما كان يقاتل كنت انت على الأرجح تخدم في المطاعم .
- كنت اخدم فعلا" . . لقد كنت طيار هلكوبتر فوق ارض المعارك وكانت مهمتي التقاط المصابين خلف الخطوط . . . أوه . . اجل . .
لقد شاهدت عدة حالات من الجثث المحترقة انسة كولين.
وحبست مايا انفاسها وادركت انه نسبه لسنه ليس اكبر بكثير من باد دينغول ، مع انه يبدو اكبر بعقد من الزمن . وقال لها امرا":
- قولي انكِ اسفة . . لايعني مجرد انني لست من النوع الناعم كخطيبك ، انني متقدم كثيرا" بالسن . . كم تظنين عمري؟
- انا. . لم افكر بهذا لحظة واحدة . . عمرك لايعني لي شيئا" ولماذا يعني لي شيئا"؟
- لأن الربيع والشتاء لايمتزجان ابدا" . . انا في السادسة والثلاثين
- عيد ميلادي كان يوم الأربعاء والحفلة لم تكن كما كنت احب ان تكون.
- اوه . . انا آسفة ، ولكن كان عليكان تتوقع انني لن اكون هناك فأنا لاأتلاعب من خلف ظهر خطيبي . . إنه لطيف جدا" معي . .
- لطيف؟ هل هذا كل ماتطلبينه من الحياة ، ولد لطيف يجعلك ملائمة لحباته المليئة بالبولو ، والغولف والتنس؟ وهل انت خائفة علاقة كاملة مع رجل حتى انك ترحبين بفكرة قيامك بالدور الرابع بين مايجيده من نشاطات ؤياضية ؟ ومتى تظنين ان لديه الوقت والطاقة الكافية لك؟
- اوه . . كيف تجرؤ على قول مثل هذا الشيء؟
- وهل يلزم الحقيقة ثوب انيق قبا ان تقدم آنسة كولين ، مثل كل شيء في حياتك ؟ ألاتحبون ان تعرفوا ان السلاحف كانت حية قبل انت تقدم كحساء على موائدكم . وان بعض الحيوانات تقاسي عند سلخها لتؤمن الفراء ؟ اتستطيعين ، صدقا" ان تقولي إنك لم تتمني ان تكوني من الجنس البشري احيانا"؟
- اصمت لم أسألك ان تقرأ أفكاري ومشاعري ماذا فعلت لك؟
- ربما يكون التهور في التأثير بي . أنظر اليك يامايا وادرك كم هو الانتقام لذيذ.
- الانتقام شي شرير . من المفترض بنا ان ندير الخد الأخر.
- إذا" سأدير الخد الأخر يامايا . . وبإمكانك ان تصفعيني ثانية، ولكنني احذرك بأنك ستثيرين الشيطان من اعماقي لو فعلتي.

shining tears
10-04-2009, 03:47
- وادار لها وجهه بسخرية ، ومرت نظرها بجنون صعودا" ونزولا" بذلك الوجه القاسي بخطوطه العميقة . إنه وجه روماني بشكل لايصدق ، وكانه محفور في البرونز . . . واحد من تلك النقود المعدنية من المعابد القديمة فيه صفة غامضة . . وعندما لم تتكلم خفض صوته واصبح همسا" في اذنها.
- من عادة الشيطان ان يزور حواء في حديقتها . . معي تستطيعين قول الحقيقة المؤلمة . . وليس عليك ان تراعي مشاعري بكذبة رقيقة.
- ظننت انك تهددني وانت الآن تتحدث عن الإغواء.
- فكرة اغوائك يامايا خطرة اكثر من التهديد. اتساءل ماإذا كنت تدركين تماما" مالجو القداسة حولك من تأثير الرجال؟
- ربما سيروق لك سيد دونللي ان تمرغ امثالي في الوحل . فهل هذا يرضي اندفاعاتك للانتقام ، ان تجعلني ابدو كرخيصة ؟ اهذا ماتأمل بأن تفعله ؟ سأغرق نفسي في البحر قبل ان يحصل هذا . . لن تجرني إلى الأسفل
- الموت ليس سهلا" ياحلوتي . . واتكلم عن خبرة لرؤيتي الرجال ينجون من إصاباتهم كما لن تتصوري ابدا"
- ولكن الغرق في البحر شيء مختلف.
- ربما لشخص لايعرف السباحة وانا اعرف انك تجيدين السباحة لأنني شاهدتك في بركة السباحة فندق "برج الشمس"
- ولكن عندما يغرق الناس في البحر ، يكون هناك عادة سبب جيد ، مثل قرش مفترس.
- ياإلهي . . وهل انت مجبر ان تكون دقيق التصوير؟
- اجل ،إذا كان علي ان ابرهن لك ان الموت صعب كالحياة ومؤلم اكثر عادة . لقد راقبتك خلال اسبوع الذي اقمت به في فندقي. فتاة ناعمة محافظة ، سيدة صغيرة رعتها غلوريا آرثر لتصبح الزوجة الرائعة لابن عضو في مجلس الشيوخ كم كانت حياتي مختلفة فأنا قد بدأت حياتي اغسل الصحون،
- ثم في المطبخ وتحضير الموائد ، ثم خدمة الزبائن . . وانا لست نادما" اوخجلا" من عملي . . لأنني في النهاية حققت مااطمح اليه . . ماعدا شيء واحد.
وابتسم لها بحركة مختصرة بفمه ، ثم تابع

- على الطاولة في هذه الغرفة الصغيرة الساحرة ارى وعاء قهوة
هل هناك فرصة بأن يكون ساخنا" وهل لي ان ارجوك لتقديم فك القهوة إذا تنجان لي؟
- انت لاترجو من اجل شيء ابدا"
وادركت انها لو وافقت على تقديم القهوة له فسيفلتها من سجنها في سوطه وبدا لها ايضا" ان غلوريا سوف تظهر قريبا" . . وإذا كان لهذه المواجهة مع براد دونللي ان تستمر ، فمن الأفضل ان لاتجدها غلوريا هكذا .. مربوطة بين يديه.
- حسن جدا" . . سأقدم لك القهوة إذا تركتني. .
- صفقة عادلة. . .
- واحست بيده على ذراعها العاري وهو يفك السوط من حولها واسرعت بالهرب إلى داخل الغرفة ، ولكن ليس بسرعة كافية لأن تصفق الباب في وجهه ، وبسرعة وصمت لحق بها.
- سأدق الجرس ليحظروا لك فنجانا"
- لاأمانع في ان اشرب من فنجانك يامايا . . لقد شربت من برك موحلة من قبل . . صبي لي القهوة . . ملعقة واحدة من السكر.
وارتشف من قهوته ، وسار نحو المدفأة ، واخذ ينظر حوله في المكتبة ، ثم حدق بصورة فتاة شعرها ذهبي فاتح يتدلى فوق كتفيها ذات العينين رائعتين بلون الذهب ايضا"
إنها جميلة . . رائعة حقا" . . إنها من رسم جورج رومني ، منذ زمن قديم...
- غلوريا . . . عرابتي اشترتها لهذا السبب . . لقد كانت في اوروبا ورأتها . . اظن انها اصلية وليست نسخة تقليد.\
- إنها تبدو اصلية ، عيناها تشبهان عينيك سنيورا . إن لديها نظرة مخبأة ، ومع ذلك يتساءل من ينظر إليها عن الأفكار التي تجول في هذا الرأس الجميل . . في هذا السن ، اكان شعرك بهذا الطول؟
- اجل . . ولنني افضله قصيرا" لركوب الخيل او السباحة او في النزهات في حفل الغولف مع باد . فالشعر الطويل يصبح مبعثرا" في الهواء
- ولكنه يشكل فوضى جذابة .. انت لا زلت صغيرة، فلماذا تهتمين لو ان شعرك تطاير بفعل الهواء؟ ذلك يشبه شعر جواد عربي لدي فرس مماثل، وانا ادربها الان للفصل القادم من السباق...
ماعليك ان تأتي عندي وتركبيها.
-لا اظن من الحكمة فعل هذا سيد دونللي..
-التعقل والحكمة في مثل سنك؟ هذه فضائل تأتي مع التقدم العمر، وعندما تكونين في خريف عمرك، ستنظرين الى الخلف لانك لم تستخدمي ربيعك كما تفعل الطيور والنحل.
-انت حقا الشيطان في الجنة... الست هكذا؟ اغواء النساء تمضية للوقت عندك؟
-لماذا ينظر الى الرجال من دم لاتيني على انهم خطرون على الجنس الاخر اكثر من الرجال من السلالة الشمالية؟ احيانا يبدو لي ان سيزار بورجيا وفالنتينو اساء الى سمعتنا، لاننا يفترض الان ان لا نكون اهل للثقة بدمنا الحار. ولكن الحقيقة انسة كولين، انني اجد ما اعجب به غالبا في جياد السباق عندي اكثر مما اجده في النساء عموما. جواد مؤهل يكون عادة انيق وناعم وسريع واخلاقه جميلة ومثل هذا المخلوق لايطلب سوى مرقد من التبن النظيف، او جزره او تفاحة، وبعض الجري في الهواء المنعش،وعاطفة حيقيقة وانظري الى مطالب المرأة من الرجل، انها تطلب حريته، اعتبار الكامل بها، ومعظم مايكسبه من مال، وماذا تعطيه في المقابل... هه؟ اما ان تصبح سمينه ومتجهمة الوجة، او ان تميل نحو عمل الخير وتصبح بائعة اعلام وبطاقات، والثياب القديمة لاصدقائها... تمضية وقتي هو في عملي، ومع جيدي ، ورحلات صيد في بعض الاحيان.. لسمك الباراكودا.

shining tears
10-04-2009, 03:50
ولم تصدق للحظة واحده انه لا يحب النساء كثيرا. انه شخص مثير للقلق، وتمنت لو انه يودعها ويركب جواده منصرفا قبل ان تحضر غلوريا...
-انا متأكدة ان لديك عمل تقوم به سيد دنوللي.. فأنت لست من النوع الذي يتهاون في سلطته، بعد ان بنيت فندق " برج الشمس" بكل فخر.
-ان فيه شيء ما.. اليس كذلك؟ شرفاته البيضاء، نوافذه البراقة، المرتفعة امام الشمس.. لدينا مثل ايطالي يقول انك اذا كنت تهتم كثيرا بشيء ، فعامله دون اهتمام حتى لاينبه آلهة الشر اليه.
كان من المستحيل تجنب نظراته وهو يتكلم، فلعينيه الرماديتين قوة فولاذية جذبت عينيها اليهما رغما عنها.
-ارجوك ان تذهب الان.. اذهب!.
-ثأري لم ينتهي بعد.. تفهمين كما اعتقد؟
-اتعني انك ستثأر مني لانني...
وتوقفت عن الكلام عندما سمعت صوت حذاء عالي الكعب على الارضية الخشبية خلف باب المكتبة، ونقلت نظرها بجنون من وجه براد دونللي الى الباب الذي على وشك ان يفتح.
-انها عرابتي.
ودخلت الغرفة سيدة متوسطة العمر، وقد جعلها الكعب العالي لحذاءها طويلة، وكانت ترتدي ثوبا ثمينا من الحرير، وكل شعره في رأسها في مكانها الصحيح. ملامحها ضخمة مما جعلها انيقة اكثر الان، ولكن في شبابها، عندما كانت انحف، لم تكن تعتبر جميلة. ويقول من هم من جيلها انها اجتذبت الثري مارك آرثر بسيطرتها فقط.
لانه رجل كان يريد من يدير له حياته, ولقد نجحت غلوريا في هذا المجال تماما.
ووقف براد دونللي ينظر اليها، وعيناه جامدتان وكأنهما فولاذ حقيقي. وشعرت مايا برغبة في الهروب نحو الحديقة، وان لاتكون طرفا في الشجار القادم بين اثنين من اكثر الناس سيطرة.
وردت غلوريا آرثر على نظراته بالمثل، ثم رفعت حاجبيها وقالت:
-هل التقينا من قبل؟
-على الاطلاق.
وبدا صوته ناعما وخطرا وبادرا كالثلج، ومررت غلوريا نظرها عليه ثم قالت:
-اي زائر لهذا المنزل، يبلغ عن وجوده لي عند الابواب.
والتفتت الى مايا.
-من هو؟
واجبرت مايا نفسها ان تتكلم بهدوء وقامت بالتقديم..
-سيد دونللي.. لقد قابلته في النادي الاسبوع الفائت.
-هل انت عضو جديد سيد دونللي؟
-لم يتسنى لي شرف الانتماء الى النوداي المختارة او الجماعات الماسونيه.. لدي مصالح معهم وهذا اخر اهتماماتي..
-حقا؟ وهل لي ان اسأل عن سبب اهتمامك بالمجيء الى منزلي دون دعوة؟ انا متفاهمة مع ابنتي ان تعرفني باصدقائها لاستطيع الموافقه عليهم او لا... وهذا نوع من الاختيار اقوم به لصالحها. فهي لاتحسن الحكم على الناس.
-على الرجال.
-اجل على الرجال بشكل خاص.. وماهو نوع عملك، هل استطيع ان اسألك؟
-انا ادير فندقا ومطعما، ومن بين اشياء اخرى سيدة آرثر.
وبوضوح ، التقطت انفاسها، ونظرت الى مايا نظرة حادة. ولاحظ براد تلك النظرة، واردف بصوت فيه رنة ساخرة.
-انت والانسة كولين، اقمتما في فندقي منذ عدة اسابيع في لاس بالماس، واذا كنتي تذكرين. انا ليس عندي قاعدة لاختيار ضيوفي من بين لائحة خاصة، ولكن الفكرة لها سحرها.
وومضت في عيني غلوريا نظرة عدائية، فلم يجروء احد من قبل ان يسخر منها.
-وهل دعتك ابنتي بالعرابة الى هذا المنزل؟ ام كان عندك الوقاحة اللازمة لاقتحام طريقك الى هنا؟
-انا اكيد انك تعرفين جيدا سيدة آرثر ان ابنتك مدربة على رغباتك، ولاتجروء على عدم طاعتك. لذا عليك ان تستنجي انني اقتحمت ابواب المنزل.
واخذ يحدق حوله الى ان استقر نظره على لوحة رومني.
-انها غرفة ساحرة ، وقد تفقد بريقها دون هذه اللوحة فوق المدفأة هل تحبين الافتراق عنها.؟
واسرعت غلوريا الى الجرس ودقته بغضب وقالت:
-سيريك الخادم طريق الخروج، ولاحاجة لان اضيف انك غير مرحب به هنا مرة ثانية.
-أؤمن بفلسفة ان الافعال افضل من الاقوال. فالسنوات لاتؤثر على الناس كما تفعل بالاشجار والمنازل القديمة. وساتانيتا لها سحرها الخاص، وخاصة ان قضبانها الحديدية غير منظورة.
واستدار الى مايا ، ولم يتكلم فورا ، واوما براسه قائلا:
-ربما سنلتقي في سانتا لوسيا في موسم السباق.. لاتخجلي من البحث عني لسؤالي عن الرابح.. فلدي خبرة بالجياد لجيدة.
واتجه نحو باب الحديقة وهناك ودع غلوريا باشارة من السوط في يده، ثم خرج، وفك جواده من الشجرة وقفز الى السرج بسهولة الخبير.. وسار عبر الطريق التي اتى منها.. واستدارت غلوريا نتظر الى مايا بغضب وفضول حاد قائلة.
-لماذا لم تستدعي هادسن والكلاب لمطاردته الى الخارج؟انت لم تشجعي هذا الرجل ... هل فعلتي.؟ هو من النوع الذي يستغل سيدة لوحدها. ولقد جعلتك سيدة يامايا. ولن يأتي أفاق لاتيني بحديثه المعسول وافكاره الرومانسية ويخرب حياتك. اذا كان قد تقرب منك في حفلة النادي فلماذا لم تقولي لي شيئا عنه؟
-انا... لم اظن ان الامر مهم...
-وهذا ليس صحيحا، اليس كذلك؟ السنا صريحتان مع بعضنا دائما؟. الا تعرفين انك في مركز مرموق كابنتي ززريثتي؟ هذا الرجل لابد انه محتال من مجرد النظر اليه.

shining tears
10-04-2009, 03:53
واقفلت الخادمة الباب بعناية. وازداد الجو في الغرفة باشارة غلوريا الى حاجتها للسيارة. فهي تمضي عادة ساعة في غرفة النباتات قبل ان تذهب الى مواعيدها في البلدة. وبدا في اعلانها عن خروجها نوع من التهديد.
وسألتها غلوريا وهي تصب القهوة في فنجانها.
-هل تتناولين فنجانا؟
-لا شكرا.. لقد تناولت واحدا، هل استطيع ان اتى معك الى البلدة ياغلوريا؟ اريد ان ارى اذا كان حذاء الركوب قد اصبح جاهزا. يجب ان يكون جاهزا للصيد يوم الخميس.
-اجل.. سأذهب الى البلدة لرؤية مايك كاسيدي.. وسأطلب منه ان يقوم بتحقيقات حول هذا الشخص المغامر. واذا كان هناك اي شيء مقلق حوله يستطيع مايك استخدمه فعلا، فسأجبره على التوقف عن مضايقتك ثانية. لقد ربيتك واعددتك لزواج رائع مع واحد من افضل الشبان في هذه المقاطعة، ولن اترك خططي يتهددها اي انسان على الاطلاق، هل تطنيني حمقاء يامايا؟ الاتظنين انني اعرف بأنك لاتحبين باد؟ولكن ماهو الحب؟ الحب! انه كالوقوع بين فكي نمر او قرش. وقد يمزقك هذا الى قطع. ويحطم قلبك.. ثقي بكلامي!
-انا لن افعل شيئا عن عمد لاذية باد او اذيتك. ارجوك لاتذهبي لرؤية السيد كاسدي.. لاحاجة لذلك، لقد تكلمت عن النمور والقرش. بعض الرجال هم هكذا، ولو حاولت ازعاجهم او التساؤل عن قواهم، فسينقلبون ضدك. لاتفعلي هذا ياغلوريا! اتوسل اليك!لم تكن مايا واثقه من شيء اكثر من ثقتها بأن غلوريا لو تحدت براد دونللي فسينقلب الى شخص خطر جدا. فقد كان هذا باديا من شكل جسده وفي عينيه... سيقترب منها ويجعلها تحس بملامسته لها.. ولكنه لن يغرز تلك الاسنان الخطرة ويريق دمها ... الا اذا اجبره احد ان يأخذ موقف الدفاع عن النفس. واخذت مايا تتوسل اليها.
-لننسه... لماذا محاولة التحرس بهذاالرجل؟ وكما قلتي بنفسك ياغلوريا، انه نوع مفترس والافضل تجنبه.
-اذا فهو يخيفك؟
-ليس بالضبط... لقد غضبت لانه تجرأ واستخدم الممر الخاص بي، ولا ارغب في رؤية وجهه المتعجرف ثانية. وهو يعرف ياغلوريا كيف اشعر نحوه.
-حسن جدا لن ابحث مع مايك كاسيدي هذا الموضوع. ولكن التحذير لايزال قائما يامايا. اريد ان يتم هذا الزواج بيك وبين باد.. سيكون له فوائد من عدة طرق، وسيضع الختم النهائي لفبولك في المجتمع . انت فتاة جذابة غير عادية. وخلال سنوات قليلة ستكونين واحدة من افضل النساء في باسادينا، وستكونيت قادرة على التأثير على باد ليتبع خطى السيناتور دينغول في عالم السياسه. فمن يعلم؟ في نظامنا الديقراطي هذا كل شيء ممكن.
وسمعت مايا كل ماقلته دون ان تعيه... فمشاعرها الرئيسة كانت مرتاحة في العمق لان غلوريا لم تستدعي " كلاب الصيد" لمطاردة النمر.
-بينما يحضر نورويس السيارة ، الافضل ان تستخدميها لتري اذا كان حذاء الركوب قد اصبح حاهزا.. وانا مسرورة لانك تذهبين الى الصيد يامايا. فهذا يناسبك.
وصبت غلوريا كوبا آخر من القهوة، وتفحصت مايا من رأسها الى اخمص قدميها. ثم تمتمت:
-يا قطتي الصغيرة... انت لا تشبهيني... فأنت تعانين الكثير من الرعب مما لم اشعر به في حياتي. وبطريقة ما احسدك على طبيعتك الحساسة. ومع ذلك اشعر بالسعادة لانني اقوى واصلب. فالدنيا كالغابة، وباد سيكون حارسا يعتمد عليه. لذا كوني حذرة، ولا تشعري بأنك على وشك الانفجار، انك فتاة طيبة.
وشعرت مايا وكأن غلوريا ربتت على رأسها بحنان، فنهضت ثم انحنت فوقها وقبلتها برقة على خدها.
-شكرا لك..
-وعلى ماذا بالضبط.؟
-اوه .. لكونك لطيفة معي... لم يكن اي انسان ليعتني بطفلة مثلي.. عندها اهل مجرمون...
-موريس لم يكن مجرما، انه غبي ، ولم يكن عنده شجاعة كافية لمواجهة الذين دفعوا به الى العاب لم تكن على مستوى قوته. انسيه يا مايا. ولاتنظري الى الخلف بل انظري امامك، الى اليوم الذي ترتيدين فيه الثوب الابيض، وتملأ اخبارك الصفحات الاجتماعية في الصحف كعروس السنة.الوقت يقترب . وقريبا يجب ان تبدأ التفكير باختيار القماش واجراء اول قياس لفستانك. وسيكون مناسبا تماما للالماس، والسيدة دينغول، اشارت الى ان باد سيشتري الماس "تايلور-براندون" التي ستعرضها محلات تيفاني للبيع. وسوف تتألقين في ذلك اليوم.. الا يجعل التفكير في هذا قلبك يخفق...
-انا ذاهبة الان.. وداعا غلوريا!
واخذت معطفا عن التعليقة في الردهة وخرجت الى السيارة المكشوفة وقالت للسائق:
-سأستخدم السيارة بدلا من السيدة ارثر... ارجوك ان تقودها بسرعة كبيرة يا نورويش... اريد ان احس بالريح تضرب رأسي...
وابتسم السائق الخبير، وفتح لها الباب فغرقت في المقعد. معظم العاملين هنا يعرفونها منذ صغرها، ويعاملونها على انها ابنة المنزل دون اي اشارة الى عكس ذلك. وكانت مايا تعلم بحبهم لها، واخلاصهم، ومالم تكن تدركه ان نعومتها وشبابها ولطافتها هي التي سهلت لهم محبتها والاهتمام بها في المقابل. وقال نورويش:
-انه صباح خريف جميل يا انسة مايا.. هل اذهب الى البلدة عن طريق الساحل؟
-اجل ارجوك.. انه افضل موسم عندي في السنة. وكم كنت اتمنى لو ان الزمن يتوقف عنده.
-ولكنه لايفعل يا انسة مايا. انه كالمد، كالنجوم، تلمع ثم يأتي المطر ، الدموع.او السلم والحرب.
واتخذ نورويش مقعده خلف المقود، وقاد السيارة مارا بالممر المليء بشجر الرمان، بثمارها الذهبية الصدئة اللون ونافورتها المرقطة التي تقود الى قلب اراضي الاملاك حيث تقبع طيور الابوزريق في مخابئها، والسناجب الحمراء وبعض الغزلان الصغيرة كانها متشردة من دزني لاند.

shining tears
10-04-2009, 03:55
وكانت مايا تعرف ماهي قيمة حب المنزل.. وكان عندها احترام وعاطفة تجاه المرأة التي تشارك ساتانيتا معها.. ولكن في هذا اليوم الخريفي ، ولد داحل روحها نوع من الفضول حول تلك القوة الغريبة الرهقة للاعصاب التي تربط في بعض الاحيان المرأة بالرجل.
"ثقي بي دائما.. او لا تثقي بي ابدا، هل هذا هو معنى الحب؟
ان تغوصي فيه كالاعمى؟.ز ان تثق على الرغم من كل شيء.؟ مخاطرا بالجسد والروح، في الغوص بسعادة وتهور الى الاعماق، اعماق الحياة؟
وانزلقت اطارات السيارة بنعومة على الطريق الساحلية، وهناك على احد جانبي الطريق توجد التلال المليئة بالادغال المزينة بالذهب واللهب، والى البعيد تحتها يسارا يمتد المحيط، يحترق كالفولاذ في نار الشمس، واعماقه التي لا يسبر غورها ، تقع تحت سطحه اللماع.
وجلست مايا بصمت، تحدق خارج النافذة. شاعرة انها واقعة في قبضة الخوف، المثير ايضا بشكل غريب. النظر الى المحيط يشبه الغوص في اعماق عينين رماديتين فضيتين... تغريان وتحتويان على لمحات ماكرة من الضحك... تبتسمان كما يبتسم الشيطان نفسه.\وصرخت في اعماقها بصمت:
-اوه ..لا.. اخرج من افكاري.. دعني وشأني!
نهاية الفصل الثاني..:)

نسمة..
10-04-2009, 10:10
مرحبا بالصبايا..كيفكم جميعا؟؟
كيفك ماري؟؟معذورة يا غالية..الله يوفقكـ آمين..
تسلمي عالبداية..والشكر لاختي شاينينغ تيرز لانها عمالها بتكمل الرواية..
تسلمو ..وانشا الله ابدي رأيي في الروايق قريبـ..يعطيكم العافية..
دعواتكم يا طيبين..ادعولي الله يخليكم محتاجة دعواتكم...سلامي للجميع

khadija123
10-04-2009, 22:42
salut
كيف حال الجميع أتمنى أن تكون بخير
شكرا على مجهوداتكم جميعا ::جيد::
إلى اللقاء

deemah
12-04-2009, 03:24
مرحبا صبايا

حبيت أطل وأسلم عليكم ، إن شاء الله تكونو بخير
لي فترة مادخلت هالقسم سورررري :o

تسلمون كلكم على هالمشروع المذهل والأكثر من رائع ::جيد::
وأوجه شكري خاصة لماري ولشاينيغ تييرز فبدونهم ماكان المشروع بيستمر شكرا لكم وربي يعطيكم ألف عافية

وإن شاء الله تستمر نجاح المشروع لسنوات وسنوات ::سعادة::

لكم مني أجمل تحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

زهر نوار
12-04-2009, 10:50
3- النمر يصطاد
تدفقت الجياد وعلي ظهورها الفرسان وامامهم كلاب الصيد عبر الاراضي الريفيه كلوحه زيتيه رائعه قد انبعثت الي الحياة وكانت مايا كولين في مؤخرة المطاردة ممسكة بقوة بلجام جوادها القوي الرمادي " مايجور " متعمدة التاخير مصممه الا تكون موجوده عندما تشتم الكلاب رائحة احد الثعالب
مايجور كان احد الاسباب التي تدفعها للخروج الي الصيد فهو يحب المطاردة وستترك له الحريه حالما يصبحان علي مسافه من الجياد الاخري ليتمكن من الجري بخط مستقيم في اتجاه اخر وستدعي فيما بعد انها لم تلاحظ انها قد اتبعت الاتجاه الخاطئ ولن يهتم احد فمايا تعتبر شخصا مميزا نوعا ما "حالمه " ولكن جميلة بما فيه الكفايه للتجاوز عن هفواتها
وحانت الفرصه أماممايا لتنفصل عن المطاردة وهكذا فعلت وهي تبتسم فادارت مايجور في اتجاه اخر وتركت له الفرصه لأطلاق طاقه عضلاته في جري طويل واثب وومضت في عينيها لمحه سريعه من الارتياح
كانت تعلم ان باد سيكون علي ظهر جواده مع المشرف علي كلاب الصيد في المقدمه وبانه سيكون ناسيا انها مشاركه في الصيد كما يفترض ففيما بعد سيسالها عرضيا اذا كانت قد تمتعت وستتمكن من الرد عليه عن حق بانها احبت هذه الرحله
كان الصمت يسود المكان ما عدا صوت وقع حوافر مايجور ودوي في ذلك الصمت صوت بوق الصيد وخفق قلبها وصرخت بمايجور اذهب وانطلق باقصي سرعته راكضا عبر الاشجار الطويله التي منعت أي ضجيج قد ينبعث من التلال حولها حيث وقع ثعلب ضحية المطارده هناك ولابد انه قد بدا يتمزق الان واعمي الغضب والشفقه بصرها بحيث انها لم تلاحظ ان بوابه مرتفعه تسد طريقها وعندما جمع مايجور عضلاته وقفز من فوق البوابه كانت مايا غير مستعدة لهذه القفزة الفجائيه وافلت اللجام من يدها بسرعه وقد احست بانها تطير من فوق السرج وحطت علي الارض فوق كومه من الاغصان وورق الاشجار ولم تصب باذي ما عدا الم بسيط في كوعها الايمن ولكنها خافت ان يستمر مايجور بالجري ويتركها واطلقت صفير يشير اليه بالتوقف ولكن يبدو ان شيئا قد اجفله فاستمر راكضا عبر الاشجار تاركا مايا تحاول الوقوف علي قدميها وقد امسكت كوعها المصاب بيدها اليسري وصرخت به ثانيه مايجور وصفرت مرة اخري ولكنه لم يستجب وانزعجت من نفسها لوقوعها هذا ولان الامر غلطة منها فصرخت اللعنه وضربت الارض بحذائها
أعصابك ..تمالكي اعصابك ..واستدارت عندما سمعت الصوت لتجد نفسها توجه رجلا طالما تمنت ان لا تراه ثانيه..
انت !
انا ..يا سنيوريتا .
وانحني لها بسخريه ومرر نظره علي شكلها المشعث ولم تكن مايا في حاله تسمح لها بانتقاء كلماتها وهي مصدومه وغاضبه
انت تطاردني ..وكانك مثل هذه الكلاب التي تجري وراء الثعلب !
وهل فعلت هذا !
انك لم تلوح بعصاك السحريه لتصل الي هنا فالسحر لا يوجد الا في كتب قصص الاطفال وهكذا فان الاسنتتاج الصحيح هو انك كنت تتعقبني !
هل انت واثقه تماما انك لا تؤمنين بالسحر؟ انا اعرف ان الصيد قد بدأ ولكنني ظننتك في وسط الصيادين مع خطيبك وانت متشوقه لرؤيه الدماء
أنا اكره القتل !
واخذت تنفض اوراق واغصان الشجر من ثيابها ثم توتر كل عصب فيها عندما احست بيده تنفض لها سترتها فصاحت :
لا تفعل هذا ... استطيع تدبير أمري !
لدي انطباع ان كوعك قد تلقي ضربه مزعجه
انها مجرد كدمه لقد وقعت عن السرج من قبل وعشت بعدها لأركب ثانيه
وابتعدت عن متناول يده ورفعت راسها بكبرياء واعتداد بالنفس مع خوف خفي استطاعت ان تبعده عن الظهور في عينيها .
اذا انت تكرهين رؤيه الثعلب تمزقه الكلاب ويراقبها الصيادون الذين يجدون لذتهم في هذا الامر !
وكيف تجد لذتك انت ؟ في اصطياد النساء ؟ هل هن ضحاياك يا سنيور ؟
علي الاقل انها رياضيه انسانيه اكثر فالمرأه يسمح لها بالهروب عندما تنتهي اللعبه
اوه الا تاخذ جلده راسهن لتعلقها علي الرف امام فراشك ؟
اذا انت انسانه ولست مصنوعه من الجليد الجميل وضحك ثم اتكأ علي جذع شجره وتابع :
الم تلاحظي انك وجوادك تتعديان علي املاك خاصة ؟
هراء هذه الغابات جزء من املاك "بنروز" وكانت فارغه ومهجورة منذ وفاة صاحبها "ادم بنروز" منذ عشرات السنين لقد عاش هو وزوجته عيشه غريبه ويقال انها كانت مجنونه لذلك كان صعبا بيع المنزل .وتعتقد غلوريا ان المنزل سيهدم في النهايه وان الارض ستقسم
غلوريا ارثر امراءه كثيرة الثرثرة ولكنها بخصوص هذا الامر لم تنجح في التخمين "ادمز تشالنج " قد بيع وسيسكن من جديد بعد ان تجري له الاصلاحات الضروريه علي يد المالك الجديد
لابد انك تمزح فالمنزل خرب ويلزمه رجل عنده امكانيات ضخمه لأعادته الي شكله الاصلي المقامر وحده قد يزعج نفسه بهذه بمثل هذه الاملاك بالتاكيد ؟
عندما وقف ينظر اليها ويداه في جيوبه علمت فورا انها تواجه المالك الجديد للقصر الذي بني منذ نصف قرن مضي
الن يستطيع مقاول اصلاحه ؟
اجل اعتقد هذا
ولم تسنطع مواجهه واقع انه سيسكن هناك في "ادامز تشالنج " وان يجعل منه منزله مما يجعله علي بعد اميال قليله من ساتانيتا
هل ستقوم بجرفه واعادة بناءه سيد دونللي ؟
اتحبين ان تظني هذا انسه كولين ؟ لست ادري كيف ستنتشر الاشاعات عندما يعرف اسياد باسادينا ان صاحب المطعم ايطالي سوف يسكن بينهم؟ هل سيحاولون اجباري علي الهرب هل تعتقدين هذا وهل تظنين ان عرابتك ستقود الحمله ؟
وتذكرت مايا كيف انها توسلت لغلوريا حتي لا تجعل من هذا الرجل عدوا لها بان تدفع محاميها للنبش في حياته الخاصه وبما انه الان امتلك ذلك المنزل فستعلم غلوريا بالامر ولن تستطيع مايا عندها ان تمنعها من محاولة اصطياده لماذا تشعر غلوريا بانها مدفوعه لعل هذا ؟ الان موريس قد ورط نفسه مع عصبه مقامرة من نس جنسية هذا الرجل ؟ ام لأنها تري فيه تهديدا لمايا وللزواج المرتقب الذي دبرته بمهارة ؟وانحنت مايا لتلتقط قبعتها ولان اعصابها كانت ترتجف اخذت تنفض جانب بذلتها بقوة لتزيل الاغصان العالقه بها
يجب ان امسك بمايجور ان استطعت ساذهب للتفتيش عنه ؟ لابد انه اصبح امام المنزل الان
سنذهب سويه وقد تسمحين لي بان اريك املاكي الجديدة
لا ..لا اعتقد ان لدي الوقت الكافي ..
لقد تجاوزتي الثامنه عشر ..اليس كذلك ؟ ولست مقيدة بعد الان بعرابتك وقد يعجبك المنزل بعض غرفه جميله نسبيا والمكان كله قد يصبح جميلا بعد ان اصلحه وساصلحه يا مايا لقد كنت ابحث عن منزل ملائم لي منذ مدة طويله وها قد وجدته ولستاهتم بما تقوله غلوريا ارثر وزمرتها او ما قد يحاولون فعله لقد خططت من ان اجعل من "ادمز تشالنج " منزلا لي وفي أي وقت استطيع فيه التفرغ من اعمالي ساتمتع بكوني صاحب املاك
اوه اذا لن تكون هنا طوال الوقت ؟
وضحك ضحكة عاليه اجفلت الطيور عن الاشجار فوق راسيهما وتساقط بعض الريش من اجنحتها وهي تطير بشكل دائري مضطربه وكأن نمرا دخل تلك الغابه
لا استطيع التكهن اذا كنت تكرهيني حقا ام انك تجديني مثيرا للاهتمام
لابد انك مغرور بنفسك فلماذا قد اجدك مثيرا للاهتمام ؟
لانني مختلف عن اقرانك يا مايا ومن عالم مختلف ولانني غسلت الصحون في مطابخ المطاعم ولانني ولدت اقرب الي السوادمثلي مثل الشيطان دون ان يكون عندي مواهب
قد يكون عندك فكيف اعرف
وقع اقدامهما كان متجانسا فوق الممر المغطي بالاغصان واوراق الشجر كان يسير بلباقة اللاتين دون صوت انه مختلف فعلا عن الناس الذين كبرت في وسطهم مختلف عن هؤلاء الشبان الذين قد لا

زهر نوار
12-04-2009, 10:54
يعرفون كيف يضعون صحنا في المغسلة دون تلويث انفسهم غير معقول ان يكون هذا الرجل الانيق الثياب الذكي قد امضي حياته في غسل الصحون وتقديم الطعام بابتسامه علي موائد العشاء كساق مهذب التوتر الذي اثارته شخصيته جعلها تريد ان تهرب بعيدا في الغابه لتتخلص من سحره
اجل انه يرمي من حوله سحرا كانت خائفه منه لأن ما كان يبدو منه هو الاثارة السوداء والتي تقودها في هذه اللحظات نحو منزل له اسرار لا غريبه اشتراه لنفسه فلماذا اشتراه؟ الكي يتحدي اشخاصا مثل غلوريا ؟ اليعوض عن فقر طفولته ؟ام ليكون قريبا من ساتانيتاوليقترب منها كما فعل اليوم ؟
وعندما انحسرت ظلال الغابه ووصلا الي جانب بوابه مكسورة وواقعه علي جانبها سمعت مايا صوت لجام زعلمت ان مايجور موجود في مكان قريب واسرعت الي الامام وهي تنادي باسمه ووجدته بين اعشاب عاليه وقد ملأت فمه الاعشاب
ها انت هنا ايها الولد السيء !
واسرعت اليه وقبضت علي لجامه وتقدم براد دونللي منه واخذ يحدق به مفترسا
انه من اصل جيد هه وهو سريع ايضا نظرا لعضلاته المصقوله لا بد انك راكبه خيل قديره لتتمكني منالسيطرة عليه يا مايا
اركب الجياد منذ كنت طفله وهو يستطيع الجري كالموج اليس كذلك ايها الرمادي الانيق ؟
عليك ان تتحديني يوما في سباق .. لقد اصلحت حظيرة تمكنني من ايواء حصان او اثنين هنا لقد فكرت انك بقبعتك من فرو الثعالب هذه تبدين مثل وصيف في القرون الوسطي
كنت افضل يا سنيور الا تقول اشياء كهذه
وتسارعت نبضاتها واصبحت مياله لأن تعتلي صهوه مايجور وتنطلق كالريح وكانما احس بنبضات جسدها تقدم وامسك بلجام الجواد وربطه الي شجرة قريبه
هل يكون الامر مختلفا لو كنت من افراد المجتمع الراقي ؟
ورفع يده الي انف الجواد واخذ مايجور يتشممها ونظرت اليه مايا مستغربه فليس من عادة الجواد ان يرتاح لوجود غريب
ماذا تعني مختلف ؟
ان اكون مقبولا ..ان اتمكن من اطرائك دون ان يبدو عليك الذعر
لست مذعورة ..ولماذا اكون ؟
لأننا لوحدنا يا مايا لأننا رجل وامراءة ..اوه ليذهب الماس الذي في يدك الي الجحيم ..اذا كنت ستقولين انك ستتزوجين قريبا
ولكن هذا صحيح ..انا...انا لا مانع ان نكون اصدقاء اذا رغبت في هذا
اه كم هذا تنازل من الاميرة
ارجوك مجرد اصدقاء
ولكن لا يبدو علينا اننا اعداء يا مايا
قد اكره ان اكون علي عداء معك
يا لهذا الاعتراف وقد خرج منك دون مساعدة او اجبار
هناك شيء من فضوليه القرون الوسطي فيك يا سنيور
اهي ظلال من سيزار بورجيا والساحر كاغليوسترو هه؟
اوه اجل انت نوعا ما ساحر الست كذلك ؟
اتعنين بسبب انني صعدت من الصحون الي اصحاب الثروات في مدي عشرين سنه ؟
صحيح فانت لا تدع شيئا يقف في طريقك لقد كنت تقصد ان تصبح جزء من من عالمي لذلك اشتريت هذا المكان
واستدارت تنظر لي المنزل الذي طال هجرانه واصبح متداعيا كانت جدرانه منقوشه بما يشبه انتشار مرض الجدري درجاته نما عليها العشب المتسلق والعشب البري التسلق الاشجار العتيقه من حوله
ومع ذلك فقد كانت مايا حساسه جدا وخياليه جدا حتي انها استطاعت ان تري انه رغم اهماله وقدمه فان "ادمز تشالنج " فيه نوع غريب من السحر.
لا ليس لدي الرغبة في ان اكون جزءا من عالمك ولكن تعالي معي وكوني جزءا من عالمي لفترة قصيرة
علي العوده الي المنزل حقا
ولكنها كانت متشوقه لرؤيه داخل المنزل وبدا ذلك علي وجهها
اذا اذهبي
لم يكن سيحاول ان يقنعها او يجبرها علي دخول المنزل معه وتقدم نحو الدرجات واخرج من جيبه رزمه مفاتيح ولكنه لم يفتح الباب الي جانب الباب وعلي الجدار كان هناك بوق قديم الطراز مثل الابواق التي تعلق عادة علي ابواب القصور الانكليزيه وامسكه من سلسلته ونفخ به وللصوت العظيم الراعد توقعت مايا ان تقبل كلاب الصيد من جهنم راكضه نحوهم
وضحكت بشكل غير متوقع ولحقت به
حسنا جدا قد ارغب في جوله للتفرج عليه سيد دونللي لقد اثرت فضولي ولكن لن استطيع البقاء طويلا هل ستغير الاسم انه يعني " تحدي أدم " التحدي يليق بك ولكن ادم
انه ليس غريبا بما فيه الكفايه هه؟ استطيع القول ان منزلي سيسمي قانونيا وعن قريب باسم "فيلا مفيستو "
لا اعني شيئا كهذا اعني ان اسم ادم لا يليق بك فانت لا تدعاحدا يخدعك حتي ولا امراءه
الرجال خلقوا ليتم اغوائهم يا مايا والا لما حدثت تلك الماساة الصغيره في جنة عدن

زهر نوار
12-04-2009, 11:02
وفتح دفتي الباب الطويلتين وهو يتحدث وبدت امامهما الردهه وترددت مايا قليلا وشعرت بكراهيه للدخول ولكنها شعرت ايضا بان القدر هو الان في اعقابها
هل ستسكن هنا بمفردك ام ان عندك
انا لست متزوجا
واغلق الباب وهي تتبعه الي الداخل وانتشرت الكابه والغبار من حولهما ثم اضاف
ولكن هل كنت تتسائلين ما اذا كان عندي رفيقه؟
كنت اتسائل فقط
وضحكت ضحكه صغيره جافه ثم سار نحو خزانه جانبيه ضخمه من الخشب
كانت غير مغطاه تماما بالقماش الواقي من الغبار وكان عليهابضع شمعات اضاءها بولاعته احدي هذه الشمعات اشتعلت بنور ازرق وحدقت مايا بها ثم نظرت حولها في الردهه المرتفعه الي الاعلي نحو الممرات علي جانبيها ثم الي الظلمه فوقها
خذي شمعه منها لأن النواذ ما تزال مغلقه في معظم الغرف
تلاعب لهب الشمعه جعل وجهه يبدو اعمق وصوته العميق كاد يبدد الالسنه المضيئه للشمعه وهو يمد يده يعطيها حاله الشمعه واخذتها ثم تبعته الي غرفه ضخمه مقوسه المدخل
انوي استخدام هذه كغرفه طعام والاخري المماثله لها كغرفه جلوس
وخطت مايا الي الغرفه وتناثر الغبار من السجاد تحت قدميها فغطست
بارك الله امك كما يقولون في ايطاليا
ولحقت به عبر البوابه المزدوجه الي غرفه اخري حيث المفروشات مغطاه بقماش لوقايتها من الغبار وبدت وكانها مفروشه بالاشباح وكان فيها رائحه غريبه والمراة الطويله كانت مقلوبه نحو الجدار فهمست مايا:
من فعل هذا يا تري ؟
شخص ما لديه اسباب ليخاف من العواصف عائله بنروز لم تكن امريكيه ويقال انها اتت اصلا من اطراف الجزيرة البريطانيه وحدث شيء ماساوي لابنتهم مما جعل والدتها تجن تعالي اظن انني وجدت الابنه عندما اتيت هنا في المرة السابقه في احدي الغرف فوق
وكزوج من المتامرين صعدا السلالم التي تستدير نحو الممرات العليا المكسوة بالخشب الاسود الممتاز والتي ستصب لماعه مثل الابنوس عندما تنظف وتلمع وصعد براد دونللي السلالم وكانه القط البري واحست مايا الارتجاف في ساقيها مدركه انها لوحدها معه في منزل كبير معتم وزنار من الاشجار يحيط به ليجعله هادئا ومنعزلا تماما لم يكن احد يعرف انها هنا وقد يكون الصيد الان قد انتهي والصيادون عائدون الي المنزل لتناول الشاي وسوف يبحث عنها باد ولن يجدها وطوال الوقت هي هنا مع الرجل الذي قرر باد وغلوريا انه غريب شخص قيل لها ان تبتعد عنه
وفتح احد الابواب واضاءت الشمعتين جزء من غرفة نوم وتركت الاجزاء الاخري في الظل وسار نحو المدفاة وحرك شمعته حول لوحه فوقها كانت اللوحه لفتاه تركض وفستانها يطير وللثوب ياقه منخفضه تركت كتفيها مكشوفين وشعرها الاصفر مروع عن جبهتهاومربوط بمنديل كان هناك شئ متطرف ي الصورة والفتاه شئ بدائي غريب
يقال انها كانت تنظر في المرآه عندما ضربت صاعقه الغرفه فجاة وكسرت المرآه وانطلقت شظيه زجاج الي عنقها قطعت الشريان الرئيسي تحت جلدها ووجدها اهلها ميته عندما عادا من حضور مسرحيه رغبت الام في مشاهدتها لقد حدث هذا منذ زمن بعيد قبل ان تاتيا الي اميركا ويعيشا في هذا المنزل
ولم تستطع مايا ان تحول نظرها عن اللوحه وعن النظرة في العينين اللتين لا حياة فيهما
الا تخاف من الاشباح سنيور ؟
انا لاتيني واؤمن بها
اذا ؟ اتساءل ماكان اسمها يا تري ؟
امارنتا الزهرة التي لا تذبل ابدا
وكيف ؟
انا لا اخذ شيئا بالصدفه يا مايا المقامر البارع يجد دائما كل ما يريد معرفته حول اللعبه قبل ان يقرر وضع امواله
فهمت وهكذا عندما سمعت هذه القصه مضيت قدما واشتريت المكان
اردت ان اشتري منزل بناؤه جيد منزل لا يؤثر به هجره
ونظر من حوله وهو يحرك نور الشمعه نحو الجدران الخشبيه الجيده والتي ستصبح لامعه كالبرونز الاسود عندما تلمع
رغبت في صفقه بالطبع ورغبت في منزل في هذا الجزء من كاليفورنيا وليس للدخول في مجتمعكم لذا لا تسيئي فهمي ولو لم اشتري " ادمز تشالنج " لكان لعرابتك سبب اخر للشكوي
هذا صحيح لقد كانت غلوريا مقتنعه بان شيئا سيحدث في هذا المنزل وقد تحدثت مع والد باد بالموضوع
السيناتور دينغول هه؟ انه رجل ذو نفوذ كعم لك
اجل
وتقدمت مايا الي طاوله بالقرب من السرير ذو القوائم الطويله ولمست صندقا هناك ورفعت الغطاء وعلي الفور امتلأت الغرفه المظلمه بالموسيقي ولم تعرف مايا النغمه التي كانت في الواقع "رقصه الزهور "
اوه علبة موسيقيه وهي لا تزال تعمل بعد كل هذه السنين
لقد عبثت بها منذ ايام اتصور ان وضع صورة الفتاه ماخوذ من هذه الموسيقي يبدو انها كانت ترقص كثيرا
لقد افتتنت بها اليس كذلك يا سنيور ؟ الهذا انت لست خائفا من شبحها ؟

زهر نوار
12-04-2009, 11:04
ذكري شبحها هي التي تطارد هذا المنزل ولا اظن انني ساخاف ان تظهر لي فجاة عند السلم او تجلس في مقابلتي علي طاولة الطعام عندما اكون لوحدي علي كل ستكون زيارتها ساحرة هه؟
او ان تدخل راقصه الي غرفتك علي انغام صندوقها الموسيقي انه منزل مثير ولكن الن تحس بعزلته عندما تاتي الي هنا لترتاح من حياة العمل وانت تقوم بدور المضيف لشبحك الفاتن ؟ ام انك تنوي ان تاتي معك بالاصدقاء شركاء العمل وزوجاتهم؟
وافتح ابوابي للحشود وانا رجل غامض له ماضي واقع بالحب ربما مع فتاة ذات مستوي وهي ملك لشخص اخر ؟
علي ان اذهب
واسرعت نحو الباب حتي ان شمعتها انطفات وتقدم نحوها وسار معها عبر الممر نحو السلم وعندما بلغا الباحه الخارجيه كانت الشمس قد اصبحت حمراء داكنه تحمل لون قدوم الليل
ما هو العذر الذي ستقوليه لهم لن تقولي الحقيقه بالطبع
لن تقولي لعرابتك انك امضيت وقتك مع الرجل الذي جري تحذيره ان لا يظهر وجهه في ساتانيا وعندما تعودين الي المنزل ستتعجبين من جرأتك لبقائك معه لوحدك
اجل هل مر بك شخص كان طيبا معك لدرجه انك لا تحلم بان تؤذيه ابدا ؟
طبعا والدي
الن يعيشا معك هنا ؟ انه منزل كبير
انهما يعيشان في ميلانو وسعيدان بالعوده الي موطنهما ايطاليا
فهمت اليس لديك اشقاء او شقيقات ؟
يبدو انك مهتمه بوحدتي ؟ شقيقتي لويزا متزوجه من مزارع كوبي ومستقره هناك وشقيقتي الاخري ايزابيلا تعمل ملاك رحمه في اميركا الوسطي وهما امرأتان سعيدتان بحياتهما وتعلمان تماما ان شقيقهما قادر علي العنايه بنفسه
هل هما اصغر منك سيد دونللي؟
بخمس وست سنوات كل فرد من عائلتنا لديه حلمه الخاص لذلك لنترك الامر كما هو والوحدة شئ نادر لقد كنت دائما مشغولا لأشعر بها وأؤكد لك انني لست واحدا من الايطاليين الذين يحبون العيش مع بعضهم
انه يوم غريب لي ولم اتوقع ان ينتهي هكذا اتمني ان تكون سعيدا في منزلك سنيور
وقبل ان تستطيع التحرك لتمتطي جوادها مايجور اقترب منها ووضع كلتا يديه علي خصرها ومنعها من الحركه
لقد كنت تتمنين ان لا نلتقي ثانيه اليس كذلك يا مايا ؟
ارجوك يا براد لتكن هذه اخر مرة لقد منعت من رؤيتك او التحث اليك وانا اطيع غلوريا لأنها كانت طيبه فعلا معي كان من الممكن ان تكون حياتي كارثه لولا تدخلها
وشعرت بضربات قلبها السريعه وهي تقف قريبا جدا من براد ويداه تمسكانها واحست بالالم عندما ضغط عليها اكثر وقربها منه
براد انا واثقه انك تعرف نساء اجمل مني بكثير وراغبات اكثر مني ماذا تري في ؟ لماذا تفعل هذا ؟
هل قال لك احد من قبل ان عيناك جميلتان ؟
ثم وكالحلم قبلها علي عينيها كل علي حده واضاف ؟
والان سارسلك الي المنزل وما اذا كنا سنلتقي ثانيه ام لا فهذا بين يدي القدر
لا انه ليس القدر انه انت لديك شيطان في داخلك يقودك وانا خائفه مما ستترك لذلك الشيطان ان يفعل بي
ارجوك لا تدمر حياتي ! لا تجعلني اكرهك !
تكرهيني ام تحبيني هذا ليس بارادتك او ارادتي
وعانقها قليلا ثم تركها وفك مايجور عن الشجره وامسك اللجام بينما صعدت مايا الي ظهره واخذت اللجام منه
هل ستكونين امنه خلال عودتك وحيدة الي المنزل ؟
مايجور لن يرميني عن ظهرة في الغابه لقد كنت مستغرقه في التفكير اليوم واظن انك اجفلته
اليس لديك شئ لطيف تقولينه لي يا مايا ؟
الوداع فقط يا سنيور
اذا الوداع يا سنيوريتا اديو !
وضربت حوافر مايجور حجارة الباحه ودخل الغابه ولم تنظر الي خلفها فهي لن تستطيع النظر ثانية لبراد دونللي وهو يقف وحيدا علي درجات المنزل وخرج مايجور بها الي خارج الغابه ووصلا الي اطراف التلال التي تقود نحو المنزل الجري هكذا فوق الحصان في السكون السحري للمساء والسماء قد امتلأت بالنجوم كان فيه متعه لم تجرؤ علي سبر غورها وتلاعبت الريح بشعرها فقد تركت قبعتها في مكان ما من منزل براد ونسيت ان تلتقطها وشعرت بان الدنيا كلها لها مايا الصياده التي ما ان تصل الي المنزل حتي يجب ان تكون قد حضرت عذرا مقبولا لتركها صيد الثعالب وتركها خطيبها
ولم تندهش وهي تترجل عن صهوه الجواد في باحة الاسطبل عندما خرج باد صائحا وعلي وجهه القلق والغضب :
اين كنتي؟ لقد قلقنا كثيرا عليك
لقد وقعت عن ظهر الحصان انها غلطتي كنت احلم وتركني ليبحث عن العشب واخذت افتش عنه وقبل ان اعلم عم الظلام علي كل ها قد عدت الي المنزل سالمه
ليس هذا المهم يا مايا بعضهم لاحظ غيابك وعلق علي هذا انت لم تتعمدي هذا الاختفاء اليس كذلك ؟ لقد اختفيت المرة الماضيه ولكن عند قتل الثعلب فقط وهذه المره اقلقتيني بالفعل لقد تصورتك واقعه وممده في الظلام في مكان ما
اوه الشيطان دائما يعتني بنفسه هل ستبقي للعشاء ؟ انا جائعه جدا !
اجل لقد دعتني غلوريا عندما اتيت لأسال عنك لقد فقدتي قبعتك
يجب ان اذهب لأتحمم اذهب وطمئن غلوريا وقل لها انني اسفه حقا لإزعاجها
الازعاج ليست الكلمه المناسبه !
وخرجت عرابتها من غرفة الجلوس الي الردهه واكملت كلامها :

زهر نوار
12-04-2009, 11:06
لست ادري ما دهاك مؤخرا يا مايا بدلا من ان تتصرفي كشابه مسؤله علي وشك الزواج تذهبين للتسكع وحدك ولا تسببين لنا القلق فقط بل الارتياب لقد اخبرني باد انك تصرفت بشكل غريب في النادي وهذا علي ما اظن له علاقه بذلك الرجل دونللي هل كنت معه ؟
لا واذا اردت الحقيقه قد تكون سخيفه في نظرك انا لا اطيق رؤية ثعلب يطارد حتي تكاد رئتيه تنفجران ثم يسلخ جلده العمليه كلها تصيبني بالغثيان لذلك ابتعدت عنهم الي ابعد ما استطيع لقد شاركت فقط لأنني احب ان ارضيك ولكنني لا احب ان اري الحيوان المذعور يتمزق اربا بين مخالب كلاب الصيد لقد حدثت لي كوابيس من جراء هذا ولكنني لم اقل شيئا الي الان حسنا انه نوع من الضعف في نظرك لمجرد ان لدي مشاعر
وقفت غلوريا تنظر الي وجهها الشاحب وكانت مايا تعر ان الدم قد جف من وجهها لحظه ذكرت غلوريا اسم براد دونللي وكان ما تفوهت به داع مستميت
لقد حاولت ن اكون ما تريدينه مني وانا اسفه اظن انني ضعيفه اساسا ولكن كان عليك ان تعرفي
وقال باد :
حبيبتي اتعنين انك كنت تخفين عنا هذا وان خروجك للصيد معنا لإرضائنا فقط ؟ انت لست ضعيفه يا حبيبتي انت شهيده جميله يا الهي لماذا لم تقولي لي حقيقة شعورك ؟ ان غموضك الجميل يا مايا يخطف انفاسي !
انا احب ركوب الخيل وهذا كل شئ
وابتسمت مايا لكلامه مما اغضب غلوريا فقالت :
وماذا ايضا ما الذي تجبرين نفسك علي القيام به من اجل ارضائنا ؟
اوه لا تدعينا نختلف لأنني لا اطيق رؤيه ثعلب يقتل لا نستطيع جميعا ان نكون بقوة شخصيتك يا غلوريا
لا ربما لا انا اهتم بك كثيرا واجد من المؤلم ان تشير الي انني اجبرك علي فعل اشياء تكرهينيها هذا يشير الي انني اتحكم بك وانا لا افعل هذا ام لا ؟
وهزت مايا رأسها قائله :
لا لا هل تسامحيني لأني جبانه صغيره ؟ انا اعرف انك تحتقرين من له قلب حمامه
وقال باد :
يلزمك شجاعه كايه لتواجهي البندقيه حتي لو لم تسنطيعياطلاق النار من واحدة انت لا باس بك بالنسبه لي يا مايا وكل ما كنت امله ان يكون عندك ثقه بي
صحيح ؟ ربما لم ارغب في ان اغشك يا باد
حبيبتي لن ارغب في تعذيبك ابدا عن قصد
اوه لقد ظننت انني غير مؤهله لهذه الرياضهولكن في وسط الصيد والكلاب تنبح لأنها اشتمت رائحة الثعلب تسللت مبتعده وحدث ان رماني مايجور عن ظهرة وقرر ان لا يكون مخلصا هذه المرة
وامسكت غلوريا بذراعيها النحيلتين :
لن تعودي الي هذه المغامرة ثانيه هل تسمعين يا مايا؟انت لم تعودي طفلة مدرسه تلعب اذهبي الان وحضري نفسك للعشاء ولا تبقينا ننتظر طويلا
اوه يا الهي واسرعت مايا الي الطابق العلوي وكان كلاب صيد تقتفي اثرها اذا لقد ظهر عليها ان رجلا اخر عانقها رجل جعل من باد يبدو كانه ولد رقيق لطيف
لن تستطيع ابد ان تخرجه من افكارها ومن مشاعرها كانت تحس بلمستة لها قويه وحيه علي جسدها لم يفعل سوي انه عانقها ومع ذذلك فهي تشعر بالدمار لقد جعلها ترغب في شئ يجب الا تفكر به اصلا
وخرجت من الحمام تلف نفسها بمنشفة زرقاء كبيره ووقفت تجاه المرآه التي عكست شابه تبدو بريئه بما فيه الكفايه ومع ذلك فقد كذبت علي عرابتها وعلي خطيبها تلك الساعه مع براد دونللي عنت لها اكثر مما حدث لها كل حياتها ومع ذلك يجب ان لا يحدث هذا ثانية هو ومنزله المنعزل هما خارج حدودها واذا راته من جديد يجب ان تهرب كالثعلب لتجنبه
وسمعت قرعا خافتا علي الباب فاستدارت لتجد احدي الخادمات
لقد ارسلتني السيده لأساعدك علي ارتداء ملابسك للعشاء وساعدتها في تحضير الثياب التي سترتديها وقالت :
هيا ارتدي ثيابك وتوقفي عن التاوه ولكنني استطيع القول ان خطيبك رجل انيق وانت فتاة محظوظه لتفوزي به وكل الفتيات الجميلات يركضن وراءه لابد انك تحبينه والان ساحضر الكحل الاصفر ليناسب ثوبك
واطرقت مايا براسها موافقه
لقد قالت الخادمه انك تحبينه وهذا هو الشيء الوحيد في العالم الذي لا تستطيع ان تبوح بحقيقته .



انتهي الفصل الثالث


كان طويل جدا قراءه ممتعه



عذرا للتأخير ولكني لم أدخل المنتدي منذ فترة لظروف ألمت بي....

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:16
]4_ بين نارين
هبت ريح مالحة خفيفة على طول الشاطئ وكان هناك رائحة منعشة تعبق في الهواء. وانكسرت أشعة الشمس على موج البحر على ألوان لا حصر لها وضربت الموجات الصخور بطاقة لا تتوقف.
واستلقت مايا براحة فوق الرمال الدافئة تحت خيمة من سعف النخل مراقبة جمال البحر المشتعل عبر نظارات الشمس. كان صباح جميل للأحلام الكسولة, حيث تتدفق الذكريات في المخيلة مثل سمكة تلمع بين الصخور . الشاطئ كان طويلا أكثر مما هو واسع, ويستدير إلى الداخل والخارج حول المغاور تحت المنحدر الصخري, حيث تستقر طيور البحر مثل أطياف رمادية وبيضاء, ثم تطير ثانية, في بحث دائم عن الطعام. وأخذت مايا نفسا عميقا وشعرت بتجاوب فطري مع الروائح المختلطة لمحيط والملح, والحشائش البحرية والرمال الدافئة بحرارة الشمس.
الزمن والوعي بالحياة اليومية يتوقف وراء حدود المنحدرات, وكأنما لا معاني حقيقية خارج هذه اللحظات وهذا المكان. وتقفز المياه فوق الصخور لدى ارتطامها بها, وتختلط أصوات الموج الرقيقة مع نداء الطيور النشطة. وشعرت مايا وكأنها مخلوق بحري, منطو في صدفة آمنه, قد تنكسر عاجلا أم آجلا, ولكنها في الوقت الحاضر في أمان, ولم يحصل حتى الآن ما قد يخرجها من السعادة التي تشعر بها لهذا المنظر وهذه الأصوات.
كل أسرار الدنيا ممكن أن يبتلعها المحيط, وعندها لن يكون هناك مشاعر بالذنب, ولا خوف من أن يكتشفها أحد, فستبقى هذه الأسرار ملقاة هناك, في الأعماق الزرقاء, سالمة من أي تشويه تعاني منه عندما تقع بين أيدي أناس يتحدثون فقط عن الذنب, وليس عن الحزن أبدا.. أجل.. هناك نوع معين من الحزن الجميل للأسرار, مثل رائحة عطنة للأوركيديا في أواخر الصيف, أو في غرفة حيث تركت وردة حبيب رائحتها الذابلة.
وقامت مايا بحركة من يدها, وكأنها ترمي بأسرارها إلى البحر ... ثم أجفلت وحدقت نحو البحر, ثم قفزت على قدميها, وصرخة قد توقفت عند شفتيها.
كان هناك شخص يسبح بسرعة نحو الشاطئ.. وبزاوية حادة كان يتجه نحو السابح زعنفة قاتلة على شكل مثلث... وأحست مايا على الفور بما يشبه المخالب تتشبث بها من رأسها حتى أخمص قدميها, وركضت نحو الصخور حيث تتكسر الأمواج.

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:18
- براد...!
وصرخت باسمه.. حتى ولو كانت تعرف أن صوت الأمواج سيغطي على صوتها...
- يا إلهي .. أسرع .. أسرع .. أسرع !
لن ينجو.. لأن القرش كان سريعا بالقدر الذي هو مفترس.. وهذا هو أحد الأسباب التي تدفع مايا للقدوم هنا, فالمكان منسي..
ومهجور لا يقصد البحر فيه أحد..
لم تعد تلاحظ شيئا سوى ذلك الرأس الأسود في البحر هناك, وهاتان الذراعان السمراوان تشقان المياه, وهو يبذل كل قوته كي يبلغ اندفاع الموج ليجرفه معه.
- أرجوك يا إلهي.. نجيه!. بضع ياردات وسينجو! يا إلهي لا أطلب منك أكثر من هذا! لن أطلب منك المزيد!
وارتفعت الأمواج, دوامة حريرية من المياه, وعندما استقرت عاليا كان الرجل جزءا منها, ولم تعد تلك اللحظات محتملة, بالنسبة لمايا, وغطت وجهها بيديها, وانتظرت بيأس وهي ترتجف. في أية لحظة الآن سيمزق جسده إما الصخور أو القرش. ليتحول من رجل إلى أشلاء ممزقة.
وسمعت صوت دقات قلبها, وصوت تحطم الأمواج فوق الصخور, واستجمعت كل شجاعتها لتكشف عن عينيها وتنظر إلى الشاطئ.
واصطدم بالرمال, وهو يتنشق الهواء إلى رئتيه.. والمياه تتدفق فوق كتفيه وظهره وساقيه الطويلتين.
- براد أوه ... شكرا لله!
وراقبها تتقدم نحوه, وهو يمسح المياه عن عينيه, وينفضه عن شعره. ولمعت الشمس فوق الميدالية التي يضعها حول عنقه, ومايا تعلم أن القرش ينجذب نحو الأشياء اللامعة. لقد كانت ميدالية دينية لا شك, لأن اللاثنين عادة يرتدون مثلها, لا بد أنتكون صورة لقديس ايطالي محفورة في الذهب.
- ماذا تظن أنك فاعل؟ ألا تعلم مدى خطورة هذا المكان للسباحة فيه؟
- لو كنت أعلم ياحلوتي… لما أغراني الأمر.
وجلس أخذ ينظر إليها برموشه المبللة حول عينيه.
- لقد أخفتك.. هه؟هل كنت تعلمين أن من يسبح هو أنا؟
- هذا .. هو كهف الراهبات.. ولقد أحسست أ،ه أنت عندما رأيتك, وذلك القرش كان يبدو مصمما للوصول إلى إفطاره.. كان من الممكن أن تكون طعاما بين فكيه!
- أعلم هذا! لقد رأيت مرة رجلا يتمزق من كتفيه حتى وسطه بين فكي واحد مثله… هاي لا تقعي هكذا على وجهك الرمال… وكد جسمه ليمسك بها, وأصبحت ذراعه حول وسطها.
- يا مغفلتي الحلوة… الشيطان يعتني بنفسه عادة, ألا تعلمين هذا؟
كل ماتعرفه أنه لايزال حيا بمعجزة, وبأنه برفسة قدم واحدة تخلص من الفك المفترس. وما إذا كان هناك قديس أم شيطان قد تدخل لمصلحته, فهذا لايهم, كل مايهمأنها الآن ملتصقة بضلوعه القاسية التي تحمي قلبه, وتنفست بشهقة مرتجفة.
- بالطريقة التي سبحت بها, يجب أ، تكون أحد المتبارين في الألعاب الأولمبية.
- أجل … إنه أداء رائع لرجل في مثل عمري. ولكنني دائما محميا من المخاطر. ماذا أتى بك إلى كهف الراهبات.ز الفضول؟
- لم أكن أظن أنك ستأتي إلى هنا ثانية…
- كنت تظنين أني سأجيء أتلصص عند شاطئك الخاص … هه؟وأخاطر بالتعرض للسان عرابتك السليط؟
- يبدو واضحا أنك تفضل أسنان القرش. ولكن لا يبدو أن غلوريا ترعبك.
- أنا رجل قاس .. يا مايا .. ألم تقولي هذا بنفسك؟
- أنا مقتنعة بهذا, بعدما رأيته هذا الصباح… ليس هناك أي حدود للمقامرة التي تخوضها, لأنك قلت لي أنك دائما تدرس اللعبة قبل أن تراهن .. لقد كنت تعلم أن أسماك القرش موجودة عند هذه الشواطئ, ومع ذلك قررت أن تمتحن نفسك ضدها.أليست هذه هي الحقيقة؟
- إذا لم تكن الحياة امتحان, أو مقامرة إذا أحببتي, لفقدت الكثير من الإثارة فيها. ألا تقوم المرأة بالكثير من المخاطر عندما تمنح نفسها لرجل… أكبر عناصر التحدي هو الاستسلام للمشاعر, ألا توافقين معي؟
- أنا لا أظن أنني قد أرغب في المرور بهذه التجربة.
وأرادت مايا أن تتراجع بلباقة من بين ذراعيه, ولكنه كان غير قابل للمقاومة وهي لاتزال ترتجف لنجاته من القرش.
- أنا غاضبة جدا منك براد! لقد وعدتني أن تبقى بعيدا … وان تتركني وشأني…
- لقد مضى ثلاثة أسابيع منذ التقينا. ولكن هل أنت متأكدة من أنني قطعت مثل هذا الوعد؟ لقد تركت الأمر للصدف. ألم أفعل؟
قلت لو أننا التقينا ثانية سيكون هذا صدفة خالصة.
- صدفة خالصة؟ هل هكذا الأمر دائما بينك وبين امرأة؟
- مايا .. هل هذا شيء لطيف تفكر به فتاة جيدة التربية. هذا إذا لم تسأل عنه؟
- أنا لست غبية .. اعلم ما تسعى وراءه.
- وهل تعرفين الآن؟ ما الذي يجعلك فتاة ذكية هكذا؟
وشعرت ببشرتها تحترق تحت نظرته, وبرعدة رعب لعزلتها هنا معه في كهف الراهبات, بصخوره المرتفعة وكأنها أعمدة معبد.
- لا يجب أن تكون الفتاة الذكية لتقرأ ماتفكر به, سيد دوللي… لقد طلبت منك عرابتي أن تبقى بعيدا عني, ومع ذلك فأنت هنا لتفعل العكس.



- أنا هنا لأعلمك قليلا من المخاطر.. هه؟ لا بد أن هناك قليل من الرعب اللذيذ ينتزع من بين مخاطر البراءة, وأظن أن رجلا مثلي قد ينبهر بهذا النوع من الرعب الذي قد تخبئه فتاة جميلة مثلك.. هذا إذا لم نذكر الإغراء ...
- وهل تظن أنك قد أغريتني ....؟
- ألست كذلك؟
وأمسك برقبتها ورفع رأسها عاليا إلى أن أصبحت عيناها تنظران إلى وجهه... هناك قوة مظلمة في وجهه وجسده ... انه وثني لا شعور له ولا خوف لديه ...
- لا تنظر إلي ... هكذا!
- أنا أنظر إلى ما يبهجني.. ألم ينظر إليك رجل من قبل ورأى فيك مايا كولين الحقيقية؟ الثائرة الصغيرة المنطوية داخل قوقعة من التحفظ البارد, التي تتوق إلى اكتشاف ما إذا كان للحب معنى ...
- لا أظن أنني وأنت قد نضع نفس الترجمة لهذه الكلمة ...
- إنها ليست كلمة يا مايا.. إنها حالة جسدية وفكرية.إنه شوق أبعد من الوصول إلى فراغ, حيث لايوجد شيء ملموس ... حتى الحلم.
- وماذا قد يريد رجل مثلك من الأحلام؟ أنت تتكلم عن الخداع اللذيذ للعاطفة, ولن أشارك بهذه اللعبة ولو كان المسدس موجه إلى رأسي, ويجب عليك أن تضغط الزناد سنيور.
- ولكنني لا أحمل مسدسا سنيوريتا.

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:20
- لقد اعتقدت أنك قد تحمله... كما فعل جدك, عندما قدم من ايطاليا وانضم إلى عصابة شريرة مشهورة. ولا تزعج نفسك بالإنكار سيد دونللي.. عرابتي شعرت أن من واجبها أن تخبرني كل شيء عنك .. خاصة عندما بلغها أنك اشتريت "ادامز تشالنج" وتنوي السكن فيه.
- هكذا إذا ... كان لا بد للأمر أن ينكشف, وخاصة عندما تخرج امرأة مثل غلوريا آرثر مثقبها. دون سيسرو ..جدي, كان نذلا,إمبراطورا لحقبة العشرينات الدامية. أنا لا أنكر هذا.. ولكنني عرفته عندما كنت طفلا, لقد أركبني على كتفيه وأحبني .. ومات, بعد أن دفع ثمن ما قام به من خطايا, ولكن والدي لم يكن مثله. كنا نجوع عندما لايجد عملا. لقد ربانا بشرف, صدقت هذا أم لم تصدقي. لا أهتم يا مايا بما تؤمنين به.
وتركها واستدار ليراقب البحر. وعضت مايا على شفتها ولم تستطع إبعاد نظراتها عنه. وقف صامتا دون حراك, وشعرت أنه على وشك القول لها أن تذهب إلى الجحيم, وأن تأخذ غلوريا معها.
ولكنه لابد عن ذلك ضحك ضحكة ساخرة.
- بعض الناس لايتركون لك فرصة النسيان.. والدي رجل رقيق ولطيف, لا يطلب سوى أن يزرع في حديقته الإيطالية, يهتم بنبات الأكاسيا بأوراقه الفضية وزهرته الحمراء. وفي حديقته كذلك اللافندر, وزهر الترمس والارتيميسيا الجميل الرائحة, وأشجار الخوخ. ياإلهي ما أجمل رائحتها تحت شمس الجنوب! لماذا لا أذهب إلى هناك؟ لماذا أبقى واعمل هنا, وتدعوني امرأة برجل عصابات.. أظن أن علي أن أرتدي ثيابي. لقد تركتها هناك في كهف تحت الصخور ... وداعا.
- براد...
وتوقف ونظر إليها رافعا حاجبيه بسخرية.
- أنت محمية لعرابتك كي تفخر بك. وأنا أهنئها على العمل الرائع الذي قامت به, ففي خلال سنوات ستصبح طبقة الجليد سميكة فوق جلدك ومشاعرك بحيث تصبحين لامعة كالماس... ماسة جميلة متجمدة لاحياه في قلبها. حافظي على كهفك لنفسك, أيتها الراهبة الصغيرة.. فلن أتطفل عليك ثانية حتى ولو دعوتني.
والتفت ذراعها على جانبها الأيسر, ولم تشعر بمثل هذا الألم من قبل .. سوف يذهب وينتهي كل شيء... ولكن إذا بقي سيكون الأمر كمن يشرب من قدح سم حلو.
- الوادع...
الكلمات كانت على أطراف شفتيها, ولكن عندما بدأ يتحرك مبتعدا سمعت شيئا مختلفا يخرج من فمها:
- لدي بعض السندوتشات والقهوة.. ممكن أن نتشارك بها.. لا .. لابد أنك تشعر برغبة في كوب من القهوة؟
- أنا أشعر بأنني ركلت على قفاي.
- لم اقصد هذا...
- أوه ... ولكنك فعلتي يا مايا... أنت خائفة جدا لأن تتصرفي كما يحلو لك وتدعي أي إنسان يعرفك .أنت كواحدة من الألعاب, مبرمجة كي تشكي بالإبر الرقيقة, المسمومة الطرف.. لا .. لن أشارك في طعامك... ألف شكر لك.
- إنها سندوتشات لحم مقلي, وقهوة جيدة, وليست من النوع الفوري المحضر سلفا في علب.
- ابعدي عني تفاحتك يا حواء. اسمي دونللي,وجدي مات في سجن جزيرة الكتراز.. أنا لا يمكن الاقتراب مني ... يا مايا الألماسية.
- أوه ... براد...
وركضت نحوه فجأة, وعندما أحست بلمسته شهقت وكأن أصابعه كانت لهيب نار... عناقه كان قويا, وكأنه يؤد إيذائها لأنها مخلصة للجميع, ماعداه. وخلال هذه اللحظات الطويلة شعرت أنها أصبحت جزءا من جسده المفعم بالحياة, وكأنهما يتشاركان في تدفق الدماء ذاته, نفس اندفاع المشاعر.
عندما أعادت النظر إليه كانت الجرأة قد عادت إلى وجهه الإيطالي.
- إذا هذا ما حدث في عدن. هه؟ لقد حاول آدم أن يقاوم ...
- هذا كله خطأ... ومنذر بالمشاكل... أنا .. أنا أكره أن أؤلمك.
- سوف تعرفين مع الوقت ... تلك المرأة تريد أن تجعل منك تلميذة لامعة.
- أوه.. لا تدعنا نفكر بهذا... لتكن هذه الساعة لنا فقط... إن لك وجها كتب عنه "داتتي".ز الوجوه الإيطالية لا تزال كلاسيكية.. أليست هكذا؟
- كذلك عواطفنا.
- أستطيع تصورك راكبا جوادك مع كلاب الصيد النحيلة, ومع الصقور المخفية العينين, عبر المستنقعات.
- وليس عبر شيكاغو مع زوج من التابعين.. ومسدس؟
- هذا كلام لطيف منك.
- أوه هيا مايا.. لا تقولي إنك لا تتساءلين عما إذا كنت أشبه جدي.. ربما تتساءلين عما دفعك لأن تكوني شجاعة لتركضي إلى ما بين ذراعي .. ماذا لو دعوتك لقضاء شهر عسل في فلوريدا؟
- ماذا..؟
- رحلة رجل أعمال رومانسية مع سكرتيرة مفضله لديه.
- أوه .. هل هذا ما في ذهنك؟
- أنت تدخلين الكثير من الأفكار في راسي.. بعض منها... واو... هل لازلتي راغبة في تقديم القهوة لي؟
- إنها قهوة وسندوتشات فقط؟
- ألن تقدمي لي حلوى... هه؟
- ماكنت أود أن أقول هذا عن جدك, ولكن الخوف منك دفعني...
- إنه الموضوع المغري المحرم حول الجاذبية الجسدية. لا تكوني خجولة يا مايا ... من المخاطر والسعادة التي قد يمنحها لك مثل هذه الجاذبية.
- هذا غير مسموح به يا براد... يجب أن تكون ممنوعة.
- حسنا.. لا تبدي يائسة هكذا حول الموضوع. الافتتان له حزام أمان يدعى التحرر من الوهم.
- وهل أنا مفتونة بك؟
- طبعا.. لقد قطعت الحاجز إلى الجهة الأخرى, وجعلتك تشعرين كما عندما كنت في البحر وكادت ساقاي تبتران, ومثل عندما نبشتي في وحل ماضيي ورميته في وجهي ... لقد جعلتك تعودين إلى الحياة!
- بشكل كبير ... أوه, إنني جائعة! دعنا نأكل!
وجذبت نفسها منه قدر ما استطاعت , ثم شهقت وهو يشدها إليه ثانية.
- براد... أرجوك...
- هل ترجوني من أجل المزيد أم الأقل؟
- الأقل..
- كي يتلامس القمر والغروب, ولكن دون أن يلتقيا أبدا, هه؟
صمتها كان الرد, وللحظة كان كل شيء خطر بينهما, صوت الطيور والبحر على حافة السكينة .. وكأنه رعد من بعيد.
- وهل أنت واثقة أن حفيد دون سيسرو سيتصرف كسيد مهذب؟ لن يكون هناك من يشهد على ما أفعله معك, في كهف الراهبات.
كان هذا صحيحا, لديه القوة والجسارة, وقد تنجرف وراء ما يسميه مخاطرة الانجذاب.وشعرت بالرعدة في أعماقها عندما انزلقت أصابعه على عنقها.
- لاتفسد شيئا أحب أن أتذكره.. لا تجعله شيئا قد أحب أن أنساه.
- أترغبين في نصف تفاحة فقط يا مايا؟
- لقد انقلبت جنة عدن إلى صحراء يا براد, ولا يجب أن يحدث هذا لنا.
- إنه كهفنا .. والبحر يعزف الموسيقى لنا.
وفجأة أصبحت ذراعه قوية ودافئة حول كتفيها, وأدارها لتواجه الأمواج الفضية التي تتحطم فوق الصخور, ناثرة زبد المياه فوق الرمال وإلى أعالي المرتفعات الصخرية التي تسطع الشمس على جوانبها.
واشتدت قبضة أصابعه عليها... وشعرت بالارتجاف, كشعلة عميقة في داخلها. النار تندفع, والرمال حارة تحت قدميها, والشمس تلسع بشرتها, والبحر والسماء منسجمان في جمال صافي. كانت مدركة لبعض الأشياء, لمشاعرها الحية, للفرح والمأساة. في داخلها كانت كالبحر, دون قرار, لا تخترق, وبدائية.
وشعرت بيده على كتفها وكأنها جناح طير كبير.
- أريدك أن تأخذي هذا.
ورفع يده إلى رقبته وانتزع السلسلة والميدالية الذهبية.
- لقد كانت حول رقبتي لزمن طويل وأصبحت وكأنها جزء مني. خذيها مني على الأقل... هه؟
- أوه .. ولكنني لا أرغب في أن أغير حظك...
- أنا أصنع حظي بنفسي يا مايا .. هل ستقبلين بالميدالية؟ محفور عليها رسم سانت جايمس, سيد البحر, و سأكون سعيدا لمعرفتي أنك تضعين في رقبتك شيء مني .
- إذا كنت واثقا .. فلا بأس.
ووقفت جامدة وتركته يمرر السلسلة الرقيقة فوق رأسها ويضع الميدالية بين فتحتي قميصها, وأخذت تلمع على بشرتها البيضاء, وأحست بدفء جسده عليها, وكان للهدية قيمة مميزة, وكأنه يقصد أن تفكر به كلما أحست بتحرك الميدالية على جسدها.

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:22
- شكرا لك يا براد... ولكنني لا أملك شيئا أعطيك إياه بالمقابل.
- لديك القهوة والسندوتشات, أليس كذلك يا سيدتي؟
وابتسمت له, وسارا فوق الرمال إلى حيث سلة الغذاء في ظل النخيل. وانحنى ملتقطا نظارتها, متلاعبا بها بين أصابعه وهو يتمدد على الرمال. وركعت مايا لتصب له القهوة. إضافة إلى السندوتشات سلطة من البندورة والخس والفلفل الأحمر. وقدمت له حصة أكبر من حصتها من الطعام.
- شكرا .. هذه مكافئة الأولمبي على مجهوده..
- هل تقوم بمثل هذه المقامرة المرعبة عادة؟ أنت رجل محير.. ألست كذلك؟
- معظم المقامرين هكذا... آه... هذا اللحم الرائع, أظن أن غلوريا ستجن لو أنها رأتني الآن. أشارك مأكولاتها مع ابنتها, التي لم تبدو جذابة هكذا من قبل. بشعرها المربوط والقميص .. وساقيها الطويلتين العاريتين.
- لا أظن أنني شعرت بالذنب هكذا من قبل .. لو أنها علمت بأمر هذه النزهة .. لن تصدق أبدا أن لديك أخلاق الفرسان.
- وهل تصدقين هذا يا مايا؟ لا تحاولي نزع سلاحي بغرس صفات البطل في رأسي. أنا رجل فقط ولست قديسا ولا مخادعا. وأستطيع أن أكره بقوة لو اضطررت, وكذلك العكس. واجهي الأمر يا مايا .. لا أحب كحلوى بعد الطعام أكثر من شقراء فضية, بعينين صفراوين واسعتين. لذلك أنصحك أن لا تعتمدي على مزاياي الفروسية.
- مهما يكن .. سأعتمد عليها.. أنا لست غبية, وأعرف أنك رجل عركت الحياة وواجهت الشياطين .. ولكن هناك شيء.. خيط رفيع من التفاهم بيننا, أحب أن يبقى في ذاكرتي..
- يا إلهي .. أنت تتكلمين كامرأة حياتها أصبحت خلفها بدل أن تكون على وشك أن تبدأ.
- حياتي ستبدأ حقبة جديدة عندما أتزوج باد...
- أنت لا تحبينه!
- بل أحبه.
- كأخ لك. سيكون الزواج محرما روحيا.
- لا تقل هذا!
- ألا يهمك سماع الحقيقة؟ ما هو الشيء المشترك بينكما؟
- لن أتجادل معك يا براد.
- لا.. فمن الصعب المجادلة ضد الحقيقة. وفكرة المرأة عن المنطق معرضة للانكسار مثل سلة من البيض.
- شكرا .. من الواضح أن لك رأيا ممتازا عن تفكير النساء.
- لدي رأي ممتاز أكثر عن إحساس النساء تجاه التضحية. هل اسم الدلع لك في ساتانيتا.. الضحية.؟
- أوه.. تناول بعض الفلفل .. إذا كنت بحاجة إليه.
- حمقاء صغيرة.. لماذا لا تعترفين بأنهم باعوك على ذلك المغرور كي يتسنى لغلوريا آرثر أن تنشب أسنانها بالفطيرة السياسية. إنه جواز سفر لها إلى أوساط مجلس الشيوخ عبر زواجك من ابن السنياتور.
كم ستنجح مثل بروثوس!
- أوه .ز توقف عن هذا ! أنت تفسد غدائي.
- الأفضل إفساد غدائك بدلا من حياتك.
- ماهذا الهراء!
- زواجك من باد دينغول سيصبح مستحيلا لو أنني عرضتك للشبهة .. أليس كذلك؟
- لن تستطيع أن تفعل هذا...
- هل تراهنين..!
- أنت تبدو لئيما بينما أملت أن تكون لطيفا ...أوه ... هذا بعيد عن أملي فيما يتعلق بك. أنت لست رجلا لطيفا.. ألست كذلك؟
- لم أدعي أبدا هذا. ولايجب أن تتركي الشمس تؤثر على عينيك بحيث ترين هالة القداسة حيث لا توجد.. خذي..
وأعطاها نظارات الشمس بابتسامة ساخرة, مضيفا:
- ربما تشاهديني على حقيقتي من خلال الزجاج الداكن.
- لماذا عليك أن تكون ساخرا هكذا .
- وهل تفضلين أن أكون مليئا بالخطيئة؟ سيكون هذا من دواعي سروري, مع أو بدون تعاونك.
- ماذا تحاول أن تفعل يا براد؟أن تجعلني أكرهك؟ هل هذا نوع من القاع ضد الناس؟ أتخاف أن تسمح لأحد أن يدخل معقلك حتى لا يجد هناك رجل من الممكن أن يتألم كالآخرين.
- ياحلوتي .. لقد تعلمت منذ زمن بعيد أن أفضل دفاع هو الهجوم, وهذه قاعدة أعيش عليها في أعمالي ومتعتي. وهذا مايجعل من القرش شيئا رائعا, فهو لا يتوقف ليتساءل ما إذا كان إطباق فكيه على ساق سيكون مؤلما أم لا.
- أرجوك لا تذكرني بهذا!.. هذه فلسفتك إذا... أن لا تخاف من أن تكون دون شفقة, وأن لا تطلب الشفقة عندما تنقلب الأمور وتخسر اللعب؟
- ها أنت قد قلتي الحقيقة, انظري إلى الأمر من وجهة نظري. أجد منزلا يعجبني, فاشتريه, ثم أرسل البنائين لإصلاحه, يتبعهم عمال الديكور لتجميله. وماذا يحدث؟ عرابتك تسمع أن المنزل أن المنزل بيع وعلى وشك أن تسكن, وهذا سيكون أمرا رائعا, طالما أن من سيسكنه رجلا مثلي. أمريكي ايطالي الأصل صنع نفسه بنفسه, من يجب أن يكون غير شريف لأن واحدا من عائلته كان فيما مضى مهاجرا وصل إلى أمريكا في زمن سيء ولم يستطع إيجاد عمل لائق, فانضم إلى عصابة. ولسوء الحظ كان قاسيا وقائدا بطبيعته ووجد نفسه يوما يتولى الأمور كلها, وكان المال رائعا وهو لم يحصل عليه من قبل... ولكن كل هذا كان في الماضي ويجب أن يكون منسيا, وربما مغفور له, لأنه دفع ثمنا غاليا لذنوبه.. ولكن لا! لقد دار الزمان إلى أن أصبح برناردو دونللي المالك الجديد لقصر فخم,وملوك المال سيحاولون طردي منه.
وصمت قليلا ثم أردف:
- المحاولة هي كلمة فعالة, ولاشك أبدا أن غلوريا آرثر, سوف تستخدم كل خدعها لمحاولة إثبات أنني شخصية بغيضة. ولكنني أستطيع أن أقاتل وأرد الضربة, وسأضرب تحت الحزام لو اضطررت, ولن أتردد في ضرب تلك المرأة المتعجرفة على انفها. لأمرغه في الباحة الأمامية حيث ترمى النفايات تحت أشجار الورود.
- كان يمكنك أن تشتري منزلا في أي مكان ... يا سادينا ليست المنطقة الجذابة الوحيدة في جنوبي كاليفورينا, وسوف يكلفك إرجاع ذلك المكان القديم إلى حالة الأصلية ثروة كبيره, فلماذا أتيت إلى هنا؟
- ولماذا لا؟ لقد اكتسبت الحق لأن أعيش حيثما أشاء, ولن تملي علي سيدة من الطبقة الراقية ماتريد, أو تحاول أن تشوه سمعتي .. إنها لا تخيفني يا مايا .. ولا يجب أن تخيفني ..
- أنا .. لا... أخيفك.
- ألا تخيفيني؟ أنت الآن متوترة, وتتساءلين عما إذا كان لديها كرة زجاج سحرية, تحدق بها لترى كل شيء يحدث هنا.
- لن أستمع إليك... لقد كانت غلوريا كريمة ولطيفة معي جدا. وهي تهتم بمستقبلي. والفتيات بالنسبة لك مجرد نزوة عابرة.. كل ما تريده أن تقوم بغزو آخر, والأفضل أن يكون مع واحدة مثلي.. فأنا أمثل لك تحديا أكبر, لأنني لست من النوع الأشقر المعتاد عليه.
- أتعتبرين نفسك فوق ذلك الصنف من الفتيات يا مايا؟ ومع ذلك فقد كان من الممكن أن تكوني واحدة منهن ... ولكن غلوريا تدخلت... هه؟لقد أخذتك لأنه لم يكن هناك شك أنك طفلة مسلية, وربتك, وتأكدت من أن تستعبدك. وتستطيع أن تفعل هذا كما تشاء وأنت ستتعاونين معها, حتى لو رمت الوحل علي, وحتى يوافق الجميع على أن الشر مطبوع في عظامي, وأنني رجل خطير لا يجب أن أكون في الجوار.
وتحرك إلى قربها أكثر, حتى شعرت بضغط ذراعه, مما أجبرها تقريبا على وضع ساكن على الرمال.
- لن يصدر عنك أي همسة احتجاج, وأستطيع أن أعانقك الآن وأجعلك ترغبين بي وأنت تصرخين.
- براد... لا تفعل؟ أنت تفسد متعمدا ما كان يمكن آن نحصل عليه...
- وماهو؟ الصلاة؟
- الصداقة.. لايجب أن تسخر منها وأنت تعرف هذا. أنت لست رجلا تقيم صداقات في كل مكان, أنت لا تثق بالناس كفاية, ولكن يبدو أننا أسسنا نوعا من الألفة بيننا.
- ياصغيرتي الآنسة.. المحروسة مثل الشعلة المقدسة إلى أن تنطفئ بين يدي الشاب المختار, الذي كله دم أزرق وعضلات فمثل كرات التنس.
- أنت.. أنت لست رجلا مهذبا.
وأخذت تقاوم بين ذراعيه بيأس حيوان صغير يتنفس فوق رقبته نمر مفترس... وجذبها متعمدا إليه أكثر.
- آه.. إنك حلوة... لقد صنعوك من الزهور والعسل.. أليس كذلك؟
- أتمنى لو أنني تركتك تذهب. لما كنت شعرت بوخز الضمير لو أنني كنت أعرف أنك ستنقلب إلى متوحش!

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:24
- هذا ما أنت بحاجة إليه... يا سيدتي الجميلة... أن تستيقظي من نومك السحري قبل أن يفوت الوقت...
وبكل قوتها, ضمت ركبتها اليمنى, وضربته بها, وأمسكت يديه بها واستطاعت أن تشاهد الألم في عينيه, ثم تأوه وأخذ يتلوى مبتعدا عنها واستلقى فوق الرمال وعضلات ظهره متكورة.
وأسرعت مايا تقف على قدميها, تمنع نفسها من البكاء بوضع قبضتها على فمها. كانت قد تعلمت كيف تفعل هذا في سنتها النهائية في المدرسة, ولكنها لم تحلم أبدا بأن تكون بهذه الفعالية. لقد أحست بركبتها تغوص في جسده, ولم تهتم بشيء في تلك اللحظة سوى أن لا يقترب منها أكثر, ويكشف كل الريبة التي تتوارى في كل خلية من خلايا جسدها... وأنها كانت تريده كما لم ترد الرجل الذي ستتزوجه...
كان يرقد هناك, على ظهره الآن, يحدق بها وعيناه مثل مثقاب ألماس.
- أنت كلبه صغيرة يائسة.. وتستطيعين أيضا أن تضربي تحت الحزام عندما تضطرين.
- لقد دفعتني إلى هذا ..أنت تتحدث عن الناس الذين يديرون حياتي.. والدي تحطم على يد واحد من صنفك ..اتركني وشاني! ابتعد عن طريقي, ولا تضع يدك علي ثانية!
- وبارعة بالكاراتيه أيضا.
- اذهب إلى الجحيم يا براد!
وأخذت ترمي الأغراض في سلة الغداء, وقد ابيض وجهها بعد أن فعلت ما كان يجب عليها أن تفعل, وانتزعت البساط الملون عن الرمال, وهربت.. هربت دون أن يكون أحد يلحقها نحو الدراجات الخشنة المنحوتة على جانب المنحدر الصخري, صاعدة إلى القمة ولم تقف إلى أن وصلت إلى فوق, حيث يصل صوت ضرب الموج على الصخور متوافقا مع ضربات قلبها, وبللت الدموع عينيها, والتفتت لتنظر إلى حيث تركت براد, وأسرعت كالعمياء نحو السيارة, ومضت بضع دقائق قبل أن تسيطر على دموعها وأعصابها. ومسحت وجهها بمنديل ونظرت إلى نفسها في المرآة الأمامية. يا إلهي.. لن تستطيع العودة إلى المنزل وهي بهذه الحالة. وبيد مرتجفة, مشطت شعرها, ووضعت بعض الأحمر على شفتيها.. وبينما هي ترتب قبة قميصها لمست أصابعها الميدالية التي أعطاها إياها براد.
وبلحظة مجنونة, مالت لتقطعها وترميها من النافذة. أمسكت أصابعها بالميدالية ونظرت على الصورة المحفورة عليها... لم يعد هناك سوى هذه القطعة المستديرة من الذهب والذكرى الجريحة لبراد مستلقيا على الرمال, وتلك الابتسامة الباردة الفظيعة في عينيه. ووضعت المفتاح في قفل السيارة وأدارتها. لم يكن أمامها مكان تذهب إليه سوى المنزل.ز ومع ذلك لا تستطيع مواجهة الأمر, أن تدخل إلى ساتانيتا وكأن شيئا لم يحدث, وكأنها أمضت صباحا هادئا, ومرتاحا عند الشاطئ... وشعرت بالطاقة المتوترة في داخلها وكان عليها إما أن تسترخي أو أن تنفجر, وهذه العملية لا يمكن أن تتم إلا في المنزل, ولا يمكن أن تحدث لو أنها التجأت إلى غلوريا, فهي بارعة في قراءة أفكارها ومزاجها وستحزر فورا أن مايا متوترة وأن شخصا ما قد سبب لها هذا التوتر, وستبدأ تسأل أسئلة. ولقد اشترى براد دونللي الآن منزل آل بنروز, وتعلم غلوريا أنه يروح ويجيء في المنطقة, وهي غاضبة بما فيه الكفاية الآن لأنه تجرأ على أن يشتري ملكا ليس بعيدا عن ساتانيتا نفسها. وهكذا قررت مايا, واتجهت نحو النادي, ستمضي هناك ساعتين من النشاط قد تساعدها على استعادة توازنها.
وأمضت مايا نصف ساعة مرحة مع أحد لاعبي التنس, وبعد أن تركها, جلست في الظل على التراس, وهي لازالت متوترة. تمضية الوقت في النادي أصبح دون جدوى, وكانت السماء تغيب عن الملاعب عندما خرج عدة أزواج من النادي إلى الملاعب ليلعبوا التنس في الهواء العليل, الحي بـأصوات الطيور وأريج الزهور البرية التي بدأت الآن ترفع رأسها بعد أن أخذت حرارة النهار تتبدد.
وانحنت إلى الأمام, غير مصدقة ما ترى .ز لم تستطع أن تصدق الدليل الواضح أمام نظرها. وفي الوقت الذي شاهدت فيه رجلا آخر من المجموعة, واستطاعت أن تعرفه, مما جعلها تتحرك من مكانها. ولكن كل ما استطاعت أن تفعله أن تبقى في مكانها وتراقب المباراة.
المباراة التي لا تصدق... بين خطيبها مواجها نور الشمس, ضد الرجل الذي تركته على الرمال عند كهف الراهبات, وعيناه باردتان شريرتان كعيني القرش القاتل.
وخفق قلبها... إنه لن يدع الأمور تنتهي عند كهف الراهبات. وبحسه الساخر الشيطاني سيجد طريقة ليؤلمها, وهجومه سيكون أكثر وحشية من هجومها عليه.
وجلست هناك وكانها مربوطة بالسلاسل, ولم تستطع أن تزيح عينيها عنه وهو يلعب ضد باد, الذي لا بد أنه تحداه في وقت ما خلال النهار. ومن المعروف أن باد كان فخورا بقدراته الرياضية.
وتعلم مايا جيدا أن براد دونللي يستطيع جعل كل شيء يحدث, وكانه ساحر أسود من عهد "ميدبتشي" في العصور الوسطى, لا بد أنه اتصل بباد, وراهنه على دفع شيك ضخم لمصلحة مؤسسة السيدة دينغول الخيرية, وهناك جانب طفولي في خطيبها جعله يشعر بعدم قدرته على مقاومة هذا التحدي.
كان براد يلعب وكأنه يقصد قتل الرجل الذي ستتزوجه, وصلت بصمت أن لايهزم باد. وشعرت وكأنها تحررت من رجفة المفاجأة فتركت التراس وركضت نازلة الدرج الذي يقود إلى ملعب التنس. وانضمت إلى المجموعة التي تجمعت لمشاهدة اللحظات الحاسمة من المباراة, وقد أذهلها أن أحد أفضل لاعبي النادي يواجه ندا مماثلا له هو ه1ا الغريب. وتحركت مايا من مكانها إلى أن لم يعد بمقدور براد أن يتجنب رؤيتها. والتقطت اللمعة التي صدرت من عينيه وهو يرلها, ثم الطريقة الفجائية التي سدد بها ضربته, بحيث أنه أخطا في إصابة الكرة التي مرت كالسهم من فوق الشبكة.
وأضاءت وجه مايا ابتسامة سريعة, وتمنت أن يعود خطيبها إلى لعبه الممتاز كالعادة. ورآها باد كذلك وعلم انها موجودة هناك لتشجيعه وفور أن رآها, بدا يمارس براعته ضد براد دونللي ويسدد الضربات القوية.. واحد منهما يجب أن يعاني من الهزيمة.
وصرخت فتاة من مكان غير بعيد عن مايا بإثارة:
- واه...! لم اشاهد باد أبدا يعاني كل هذا الضغط. من هو هذا الرجل الذي يلعب ضده..

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:27
انظروا إلى الطريقة التي يبرز فيها أسنانه! إنها أسنان بيضاء حادة وكأنها أسنان الذئب!
كان باستطاعة مايا أن تتركه يربح... او ان تذهب إلى سكرتير النادي لتبلغه أن واحدا غير أعضاء النادي يستفيد من التسهيلات المتوفرة للأعضاء فقط... ولكن بدلا عن ذلك, تخلت مايا عن مشاهدة التحدي وذهبت نحو موقف السيارات, واستقلت سيارتها متجهة إلى ساتانيتا وهي تشعر وكان خنجرا يحفر في قلبها ...إنها ليست سوى جبانة صغيرة هربت من باد وتركته ليهزم على يد رجل لا يرحم. يستخدمه كوسيلة إنتقام منها.
ولم تكن جائعة كثيرا, ولكنها تناولت البيض المقلي كي ترضي الشعور العميق الذي بداخلها. وبعد ذلك, وعندما لم تستطع أن تنزع عنها ذلك الشعور بالكآبة, ارتدت سترة فوق كتفيها وبدات تتمشى في الحديقة, متجولة بين الأشجار, صاعدة ونازلة فوق درجات توصل إلى أماكن مخفية, كانت تعرفها منذ الطفولة.
ومرت ساعة بهذه الطريقة, وجلست تحت عريشة تطل في ضوء النهار على واد صغير مليء بالأزهار الملونة, ومر في نافذة المكان الذي تجلس فيه طيف ما. ثم توقف عند الباب.
- لقد قالت الخادمة إنني قد أجدك هنا.
وشعرت بلحظة رعب, ولكن عندما خطا باد إلى الداخل أسرعت لترمي نفسها بين ذراعيه وتلف ذراعيها على رقبته.
- لقد كرهت أن اهرب من أمامك, ولكنني لم أستطع تحمل المزيد من تلك اللعبة الكريهة.
- لا بأس يا مايا, لقد انتهى الأمر. لقد تحولت اللعبة إلى صالحي بعد ان ذهبتي ... وكانه قد إنطفأ... وانتهت المباراة بالتعادل.
- أردتك أن تربح...
- حبيبتي .. أنت تأخذين الأمر بشكل مؤلم؟ لم تكن سوى مباراة رياضية.
- رياضية؟ كانت وكأنها قتال بين كلاب متوحشة, لمشاهدة من يعض الآخر أعمق حتى العظام.
- أنت متوترة حول الأمر!
وضمها إليه قليلا بتحبب, وشعرت بالذنب في أعماقها ...
- أتمنى لو أننا متزوجان... باد...
- وأتمنى ذلك أيضا.. يا حلوتي .. ولكن علينا الانتظار حتى تمتع أمي وغلوريا نفسيهما بالجهاز, والدعوات, والتخطيط للرحلة إلى أوروبا, والموسيقى وقالب حلوى الزفاف. لا نستطيع أن نفسد عليهما سعادتهما, ونحن نعني الكثير لهما.
- التفكير بكل تلك المظاهر يثير بي الرعب.. اتمنى لو أننا نفعل كما يفعل الكثير من الأزواج. أن نقفز إلى سيارة ونعبر الحدود إلى المكسيك ونتزوج هناك, بهدوء وسرعة.. دون ضجة أحد أبدا.
- أحب هذا أيضا يا حبيبتي, ولكن لا أستطيع أن أخيب امل أمي. كوني الابن الوحيد يحملني بعض المسؤولية. بعد أن تنتهي الترتيبات ستحبين أن تكون عروسا بالثوب الأبيض, تتألقين في الحرير وتحملين الورود البيضاء. ستبدين رائعة يا مايا. وسيحسدني كل الرجال... هاي .. تبدين في مزاج رومانسي الليلة. وانا من كنت أظن أنك فتاة لست مجنونة بفكرة الزواج. ولكنني لا أعرفك حقا.. ألست كذلك يا مايا؟
- بالطبع تعرفني يا باد.. لقد التقينا عندما كنت في الثالثة عشر من عمري, وكنت أنت في السادسة عشر, عندما دعتني امك إلى حفلة عيد ميلادك.وأتذكر كم كانت غلوريا سعيدة.
وصرخت مايا في أعماقها: أريد أن أكون سعيدة, أريد أن أكون مجنونة, أريد أن أكون واقعة في الحب. أريد أن أشعر "بشيء" عندما أفكر بأنني سأتزوج.
- تعالي ... يا حبيبتي... لقد حان وقت ذهابك إلى فراشك.
- أنا لست طفلة يا باد!
- ومن قال أنك طفلة؟
- أنت ...بالطريقة التي تكلمني بها, وكأنما أنا بحاجة إلى التهدئة لأنني كرهت تلك المباراة الشرسة بين رجلين يحاولان إثبات تفوقهما. الرجال يتصرفون مثل أطفال كبروا قبل الأوان أحيانا.
- اوكي.. لقد كانت نوعا من اللعب المجنون, ولكن دونللي اتصل بي واقترح هذا الرهان واردت ان أهزمه, وخاصة عندما تذكرت ما قالته غلوريا عنه بأنه اشترى منزل بنروز بأموال مشبوهة.
- وكيف تعلم أنها مشبوهة؟ لا أعتقد أن أمواله قذرة بقدر أموال أي إنسان آخر.. أوه.. لماذا لا تدع غلوريا الكلاب نائمة؟ من بين كل الناس, هي من تخرج الفضائح من الخزائن المغلقة بينما أنا لدي ما يكفيني منها.
- عما تتكلمين؟
- عن الطريقة التي خسر بها والدي أمواله, والطريقة التي عاش بها في كوخ عند شاطئ, إلى أن اختفى يوما في البحر. إنه ليس بالأمر السري. وأخذتني غلوريا وجعلتني مقبولة لأمثالك...
- أوه طبعا, لأمثالي, نحن لسنا قديسون.
- أنا سعيدة لأسمعك تعترف بهذا.
- ولكن هناك شيء حول دونللي يزعجني. جو من السخرية في نظرته إليك. وكان له عينان مثل الرادار, وأنت أيضا لا تحبينه يا مايا, وهذا مؤكد.
- لا.. إنه لايعجبني..
- إذا لننسه, أظن ان غلوريا حصلت على ماتريد فسوف تكون الأمور قاسية أمامه إلى ان يصبح سعيدا بالهرب إلى مكان آخر, كي يمثل هناك دور السيد المهذب, المزيف.
- المزيف ليست الكلمة اللائقة.
- إذا ما هي؟
- إن لديه ماولد اللاتين عليه وما يجب أن يكتسبه الرجال الآخرون.
- هكذا إذا؟ اخبريني بما يمتلكه هذا "القهوجي" الإيطالي ولا أملكه أنا.
- الجرأة بأن يكون كما هو عليه... هل تذهب الآن لأستعد للنوم... في سريري الخشبي... الذي هو فالواقع ليس صغيرا جدا, وهو السرير ذو الأربعة قوائم العائد للملكة آن والذي استوردته غلوريا من انكلترا.
- أتعلمين يا مايا ...تبدين وكأنك غاضبة.
- صحيح؟..حسنا, لقد قلت إنك لا تعرفني أليس كذلك يا باد؟ ولكن هل يعرف أيا منا نفسه حقا؟
- ربما لا.. ولكن هناك شيء أراهن عليه. شيء تملكينه يا حلوتي.. شيء يتناسب مع أخلاقك العالية بالنسبة للعديد من الفتيات في هذه الأيام.
- وما هو يا باد؟
- الطهارة.
- الطهارة ..وهل هذه جوهرة تضعها فوق فضيحتي المخفية في الخزانة؟
- أعتقد هذا.. فتلك الفضيحة لا علاقة لك بها يا مايا. كنت يومها طفلة صغيرة حلوة وبريئة تماما من أي شيء فعله والدك.
- صحيح..
وكذلك كان براد دونللي, طفل صغير, بريء من معرفة ما هو الرجل اللطيف الضاحك الذي حمله على كتفيه, وأنه في الحقيقة ليس سوى دون سيسرو, الرمز القائد للعصابات السرية في شيكاغو.. في العشرينات. فالأحداث البعيدة تعطي ظلالها بالفعل, لتصنع ما يسمى "بالليل المظلم للروح".
أجل.ز هذا ماتحمله وكأنه الندبة, وما يحمله براد.. ظلال مظلمة فوق روحيهما. والناس تحس بما فيه لأنه شديد السمرة, ولكن بياض بشرتها وشعرها الأشقر هو المظهر الزائف الذي ترتديه مثل الحرباء.
يوم زفافها سترتدي الساتان الأبيض اللماع, وستحمل الورود البيضاء العاجية, ولن يرتاب أحد بأن قلبها ليس في المكان الذي يجب أن يكون فيه ... في برج شمس مرتفع, يدفئ نفسه في لهيب محرم.
- هل لي أن أضمك؟
- طبعا.
ورفعت رأسها وكأنها طفلة مطيعة... زما تبقى منها كان مدفونا في عمق لا قرار له من الجليد... بارد.. لا يمكن أن يذوب, وهي تدخل, ثم تخرج من بين ذراعي خطيبها..
ولم يسألها عن سبب تحفظها البارد في التجاوب, فبالنسبة له كانت فتاة طاهرة, وهذا هو, وقبل كل شيء, ما يقدره باد دينغول في عروسه القادمة, بالإضافة إلى ما يكفي من سحر الوجه والشخصية, ليكون محسودا من أقرانه.
لم يكن يتوقع, هذا إذا لم يكن يرغب, بخطيبة حارة بشكل يائس. لقد تعلم أن " السيدة" المهذبة لا تظهر مشاعرها, وبينما كان يسير هو ومايا باتجاه المنزل, كانت ذراعه مشبوكة بذراعه, ومشاعرها لا يعرفها سوى هي بنفسها.

¤حبيتكم فجيتكم¤
12-04-2009, 14:30
تمنياتي لكم بقراءة ممتعه .......

معا بإنتظار الفصل الخامس...

مع حبي..

shining tears
12-04-2009, 20:02
][~* 5-نسر فوق الضباب *~][

لم تكن مايا تظن أبدآ أنه قد يأتي وقت في حياتها ستشعر فيه بأنه غير مستقرة ، وأنها عندما تنام ستحلم بأحلام غريبة تجعلها تستيقظ قبل الفجر ، والضباب لايزال يغطي الأراضي ، لتضع السرج فوق مايجور ، وتركبه خارجة على غير عادتها ، وتواجه يومها باكرة هكذا .
مامن أحد استطاع اكتشاف أنها كانت تمسك عنان نفسها بسرية ، تصرخ فيها لتتخلص من التحضيرات الشعائرية المتشوقة ليوم زفافها .
ذلك اليوم الذي ستصبح فيه ، وإلى الأبد ، من أملاك هؤلاء الناس الذين يرون فيها العروس الكاملة ، التي ستصبح مضيفة شابة فاتنة للبيت الذي يشاد على قطعة من الأرض ضمن أملاك دينغول ، حيث ستؤسس هناك عائلة صغيرة ملائمة مع باد .
بلغت التحضيرات الآن ذروتها ، وبدأت القياسات للثوب الساتان الجميل .. القماش اللماع مصنوع في سيلان . حيثحيك بصناعة يدوية ، عدة ياردات منه ، ستكون كافية لصنع ديل طويل على أطرافه تطريز نمساوي لم تستعمله غلوريا من قبل . وحذاء يناسب الثوب .
وشعرت مايا بأن مايجري هو نوع من الإنتاج أكثر مما هو زفاف ولكنها حافظت على هدوئها واستطاعت أن تمر في اول القياسات دون أن يظهر عليها ما كانت تشعر به . المشاعر التي كانت تحول نومها إلى دوامة بين الواقع و الخيال .
لم يكن هناك أي شك في ذهنها بأنها سوف تمضي في زواجها ولكن كان من الممكن أن يكون الأمر أسهل لو أن باد وافق على زواجهما بهدوء .. وأن يتركا وراءهما كل هذا الضجيج ويعبرا الحد ويتزوجا بمراسيم سريعة يشهد عليها غرباء ، لا يحدقون بهم ويتهامسون ، ويلقون بالترحيبات و التهاني طوال حفلة استقبال .
ولكن باد كان مخلصآ لوالدته ، وكونه الولد الوحيد ن شعر أن من واجبه أن يوفر لها يوم زفاف حقيقي .. يوم تستطيع أن تتذكره بفخر مع كل المراسيم الصحيحة و الملائمة ، مثل حلوى الزفاف المرتفعة التي ستقطع بسيف كان أحد أفراد العائلة يحمله في المعركة أيام الحرب الأهلية بين الولايات . وحيث تؤخذ الصور لتوضع في ألبوم صنع خصيصآ منقوش عليه اسم العائلة ، ولا ينسى فيه عادة أن ترمي العروس باقة الزهور إلى الوصيفات قبل أن يسرع العروسان السعيدان في أولى خطواتهما إلى شهر العسل .
بدا الأمر وكأنه عرس لغلوريا و السيدة دينغول ، لأن سعادتهما كانت تطغى على سعادة مايا .. وكان أمام غلوريا الكثير لتفكر به ، و الذر كان عند بعد ظهر يوم القياس النهائي حيث أصيبت بصداع أليم كانت مايا تعلم أنه يؤلمها كثيرآ ، وان لا شيء يهدئه سوى الراحة التامة في غرفة مظلمة ، ولكن عندما عرضت مايا أن تبقى معها ثارت غلوريا وأصرت على حضور القياس النهائي للثوب ، الأخير قياس الخياطة النهائية ووصل الذيل به .
-لا أحب أن أتركك هكذا ...
وتوسلت إليها غلوريا .
-اذهبي .. تعرفين كم أريد أن يكون كل شيء على مايرام ، والثوب مهم جدآ ، أوه .. فليذهب هذا الصداع إلى الشيطان ! لماذا يجب أن يحدث لي اليوم ؟
-لأنك كنتي تبذلين الجهد و تقلقين ، وتتعبين نفسك .
وانحنت مايا فوق عرابتها وطبعت قبلة على خدها ن وتابعت :
-حاولي أن تنامي يا عزيزتي .
وأمسكت بها غلوريا بيدين جافتين حارتين :
-مايا .. لم أقل لك هذا من قبل .. ولكنني كنت أكن مشاعر نحو أبيك كانت أكثر من الود. وشعرت بالحزن عندما دمر حياته . ولا أريد شيئآ كهذا أن يحصل لك . وباد شاب لطيف ، ودماؤه أصيلة ، ومندفع لأن يفعل دائمآ الأشياء الشريفة . وسيكون لك زوجآ رائعآ ، ومع الوقت لن يكون هناك ما تندمين عليه .
-أوه يا غلوريا ماهو الندم الذي قد أشعر به ...؟
-وهل تظنين بأنني عمياء يا مايا ؟ لقد كنت الاحظ نظرة على وجهك في بعض الأوقات سببت لي قلقآ أكثر مما قد تتصورين . أعرف أن الفتيات تحملن بالعواطف التي تجرفهن وتجعل من كل شيء يبدو ساحرآ ، ولكن هذا لا يدوم . في الأفلام فقط يسقط الثلج دون أن يتحول الى جليد ، وحيث يلمع الجليد فقط عند نهاية القصة .
صدقيني ، سيكون عندك شيء أبعد من الأحلام الحقيقية ، سيكون عندك مركز ، أمان ، ولن تشعري بألم القلب الذي قد يسببه الحب .
ستكونين جزء من سلالة ، لأن آل دينغول هم من بين العائلات التي أسست كالفورنيا ، وشجرة عائلتهم شجرة صلبة . أترين يا طفلتي العزيزة ، نحن لا نبقى صغارآ ومثاليين ، نحن نكبر في السن و نتعلم أن الحقائق لها أساس أمتن من أحلام الشباب , وعلي أن أعلمك ىلحكمة ... هل تدركين هذا ؟
واشتدت قبضة أصابعها المحمومة على يد مايا ، وتابعت :
-أنت ابنة موريس ، وحبه لعدم الاستقرار طالما أقلقني خوفآ من أن نرثي هذا .. هل ستطيعين رغباتي ؟ وهل ستتزوجين باد مهما همس الشيطان في قلبك بأنه لن يكون لك المحب المجنون المندفع ؟
أوه .. يالرأسي اللعين! لقد بدأت أرى .. البرق ..
-ارتاحي يا غلوريا . وإلا سيزداد الصداع .
-عديني ...
-أنا لا أحنث بوعودي أبدآ ن وأنت تعرفين هذا .
-لم تفعلي هذا من قبل ، ولكن مؤخرآ لاحظت عليك بعض التغيير الحاد. هل السبب هو ذلك الرجل ؟
-لا ...!
وأحست مايا بالصدمة وكأن أحد ما ضربها على رئتيها ... فلم يكن هناك أي شك في ذهنها ان غلوريا تشير إلى براد دونللي .
-أعلم أنه جعلك مضطربة ... وهذا أمر نفسي ، موريس دمره واحد من نوع ذلك الرجل ..

shining tears
12-04-2009, 20:15
-لا أنوي ان يدمرني أي رجل .. سأذهب إلى قياس الثوب الذي أنت قلقة عليه . وسأزور محل الأحذية لأرى إذا كان حذاء الساتان قد أصبح جاهزآ . وسأجلبه معي وستصبحين احسن حالآ قريبآ وسترينه بنفسك ، وتتأكدي من أنه حسب رغبتك تمامآ ..
-هل كنت مستبدة ؟... لقد كنت أريد أن يكون كل شيء كاملآ . هذا كل شيء ، وأن يتذكر الناس لفترة طويلة حفلة زفافك ويقولون إن لا مثيل لها . أنا .. أنا لا أريد أن يحدث شيء خاطئ ... ستذهبين رأسآ لقياس الثوب ، ثم لتسألي عن حذائك وتعودين فورآ إلى المنزل .
-بالطبع سأفعل . أغلقي عينيك الآن و نامي ... وعندما تستيقظين سيكون الصداع قد ذهب عنك .
-أنت طفلة طيبة ، ولكن لا تتأخري .. القياس عند الثالثة تمامآ .
-سأذهب ! وداعآ !
ذلك اليوم كان الضباب أكثر كثافة ، ولم يكن قد زال عندما وصلت مايا إلى دار الأزياء . وصعدت في المصعد إلى الطابق الثالث و استقبلت على الفور على انها زبونة مهمة . وأمضت الساعة التالية في قياس الثوب الذي أصبح تقريبآ كاملآ .
كان جميلآ ، دون اي عيوب قديم الطراز ببساطته ، القماش اللماع أظهر كل ميزاته ، كما سيظهر العقد الماسي الذي سترتديه يوم الزفاف ووجدت مايا أن ذيل الثوب ثقيل قليلآ ، ولكن وصيفاتها سوف يتدبرون أمره ، لذا لم تقل شيئآ . وابتسمت ثم أطرقت موافقة .
وشعرت بالراحة عندما تخلصت أخيرآ من كل هذا ، ورافقها مصمم الثوب إلى الباب .
-لم أكن أبدآ سعيدآ بثوب صممته من قبل كهذا . أنا مسرور جدآ و أتمنى أن تكون الآنسة كولين سعيدة أيضآ .
-مذهولة هي الكلمة المناسبة مسيو ...
ووقفت وهو يقبل يدها . وينظر إلى خاتمها وكأنه يثمنه حتى آخر سنتيم .
-سوف تكونين عروسة تصيب بالدوار .. لم أشاهد بشرة وشعرآ بهذا الصفاء من قبل يا آنسة كولين .. إنه شعر أشقر طبيعي وليس مصبوغآ كما هو الحال غالبآ في هذه المدينة من هوليوود .
-أنت أكثر من لطيف لقولك هذا مسيو .. والآن لدي موعد آخر .. أورافوار ، مسيو ...
وأسرعت مايا نحو محلات الأحذية ، كان الضباب يتجمع عند أعالي الأشجار ويلتف كالرباط الفضي حول جذوعها ، ونظرت إلى فوق ، وفجأة اصطدمت بشخص ، وشعرت بأن يدين كالفولاذ أمسكتا بها . فأسرعت تقول :
-أوه .. أنا آسفة ..
وتصلبت مايا وكان تيارآ كهربائيآ قد صدمها ، ووقفت تواجه رجلآ يرتدي بذلة "سافاري" بنية فاتحة ... وبينما هي تحدق به اخترقت طائرة السحاب الأبيض فوق الرؤوس وأحست بهديرها داخل رأسها حتى أنها شعرت بالدوار ، وكأنها ستقع .
" لقد هربت منه ، طوال ليالي وطوال أيام ".. ثم أستيقظت من جديد وكل مشاعرها ترتجف داخل جسدا الذي لم يكن يتحرك المختبئ وراء قناع شاحب يغطي وجهها . بالنسبة لمن يمشوا حولهما كانا مجرد رجل أسمر وامرأة شابة شقراء مذهلة ... ولا يعلمون أن مايا قد سارت لتوها إلى داخل شرك الشيطان .
-كم هذه مفاجأة غير متوقعة .
وابتسم لها وانحنى نصف انحناءة ، وكلا التصرفين كان فيهما شيء من السخرية . ووقفت مايا غير قادرة على الكلام . متذكرة الألم الذي سببته له ... وعندما نظرت إلى عينيه اللامعتين الخطرتين ، أدركت تمامآ أن مامن شيء بينهما قد نسي ، وآخر شيء هو أنها فتاة على وشك الزواج من رجل آخر .
-أنا .. أنا في طريقي لأرى .. ما إذا كان حذاء ثوب زفافي قد أصبح جاهزآ.
-وتظنين أنك ستصلين في الوقت المناسب هه؟ إذآ سأتمشى معك إلى هناك.
-لا، يا براد ...
وابتعدت عنه ، وكادت تصطدم بعربة أطفال تجرها مربية ومد يراد يده ليمسك بها ، وأجفلت ونظرت إليه بعينين متوسلتين . ولكن وجهه لم يلن ، عيناه كالفولاذ ، تتناسبان مع أصابعه الممسكة بها .
-لا تستطيعين منعي يا مايا ، فأنا بطريقي إلى هناك لآخذ حذاء ركوبي . ولامعنى لذهابنا منفردين بينما نستطيع أن نترافق .. ماذا دهاك ؟ هل أحرجك ؟
-بالطبع لا .. وتوقف عن إمساك يدي ! فقد يرانا أحد ، و .. و أنت تعلم كيف يتكلم الناس .
-أجل .. إنها عظمة صغيرة مليئة باللحم ستنشب قطط الفضائح أسنانها بها.. ولكن قولي لي .. هل تهتمين فعلآ بما يفكر به هؤلاء الأشخاص .
-لا .. على الأقل .. ولكنني مهتمة أن لا يسيء تصرفي لاسم باد بأية طريقة.
-ومشاهدتك معي سيسيء إليه بالتأكيد ؟
-وسوف يسعدك هذا ... لقد حاولت أن تمسح به الأرض في ملعب التنس ، ولكنك وجدت أن الأمر ليس سهلآ .
-يا عزيزتي مايا .. لقد فقدت اللعبة حيويتها عندما اخترت الهرب ... هل تجرين ذيلك دائمآ عندما تصبح اللعبة حامية ؟ وهل ستحاولين هذا الآن ؟
-وأنت لن تسمح لي .. أليس كذلك ؟ .. أوه .. لنمض في طريقنا ..! إننا نجتذب الانتباه .
-تبدين قلقة ، و متوترة ز
ومضيا جنبآ إلى جنب عبر الرصيف نحو محل الأحذية ، محل مكتظ ، حيث أكثر أقدام مشاهير هوليود تقاس لصنع أحذية باليد من أفضل الجلود . وكون براد زبون هناك لم يدهش مايا . ولكن ما صدمها أن تلتقي به على نفس الطريق الذي تقصده . وتمنت لو أنه بعد خروجهما من المحل يتركها تذهب إلى منزلها ...
وبينما هي تتفحص حذاءها الساتان ، كانت تشعر تمامآ بتفحصه الدقيق لها، وقفزت أعصابها عندما اخذ فردة من الحذاء بيده السمراء النحيلة ونظر إلى وجهها . ولم تجرؤ أن تلاقي عينيه ، وسرت عندما لُف الحذاء في الورق ووضع بعناية في صندوق أبيض ، لتأخذه معها .
-عليك أن تسأل عن حذائك .. لذا سأذهب ..
-تناولي الشاي معي .. أرجوك !
لم يكن قد أستخدم هذه الكلمة في خلال لقاءاتهما من قبل ، واسترعت انتباه مايا ، ونظرت إليه ، ولاحظت الهدوء في عينيه ، والانتظار ، وكأنه يتوقع الرفض وسيرضى به لو أنها اختارته .
-لقد وعدت بالعودة رأسآ إلى المنزل .
ولكن بظهور السخرية في عينيه ثانية ، صدمت بحدة لإدراكها أن هذه قد تكون آخر مرة يلتقيان بها معآ ، لأنها ما إن تتزوج ، فلن يكون هناك أي لقاء معه .
-حسن جدآ .. في الواقع انا عطشانة .
-شكرآ لك .
وكان هذا كل ما قاله ، دون أي ابتسام على وجهه ، وعاد للاهتمام بحذاء ركوبه ، طويل وطري ، ولون الجلد أحمر لماع . ومرر يده فوق الجلد ، وأحست مايا بتوتر الأعصاب الدقيقة في صدرها . ولم تكن ساذجة حتى لا تعرف سبب هذه المشاعر وهي تنظر غلى تلك اليد وكأنها يد السياف ، بأظافرها المقلمة .. ماذا كان يا ترى في وجوده السابق ؟ ساحر ، أم أحد أبناء طبقة النبلاء في بلاده ؟ واستدار إليها مبتسمآ .
-ما رأيك ؟ هل هو أنيق أكثر من اللزوم على مدير فندق ؟
-إنه يشبه حذاء " الكوندوتيير".
-آه .. الجنود المرتزقه ...؟ أعتقد بإمكانك أن تقولي إنني نسخة عصرية من واحد منهم .
وتركا المحل ، حاملين الرزمتين . وفي الخارج عند الرصيف شعرت مايا بميل متوتر لأن تقول له أنها غيرت رأيها بشرب الشاي معه . ونظرت إليه ، وتوقف النفس في حلقها ، لأنه بدا وكأنه يقرأ افكارها .. و قال لها :
-كم أنت جميلة بشكل شيطاني .. أنت مخلوق نادر يا مايا كولين ..
-أوه .. و لماذا ؟

shining tears
12-04-2009, 20:18
وتصاعد الدفء إلى وجنتيها ، وتسارعت ضربات نبضها عند أسفل حنجرتها لا شيء أكثر خطرآ من أن يفكر هذا الرجل بأنها جذابة ...
ولاشيء أكثر غباء من البقاء رغم إدراكها أنها راغبة بأن يطول هذا اللقاء المر الحلو .
-لديك زوج من الأذنين الرائعتين ، ألا تلاحظين هذا ن لا يملك مثلهما الكثير من الناس .
-براد ...
-لا تتجرأي على قول ما أراه مكتوب في عينيك . تستطيعين ترك سيارتك حيث هي وسنذهب إلى المكان الذي في ذهني لنتناول الشاي . هل هذا كثير علي .. بينما باد دينغول سيحصل عليك لإفطاره وغذائه وعشائه ؟
-وهل هذا أمر حكيم ؟
-انها يا مايا ، أدركت هذا براءتك المطلقة ام لا ، ملاحظة استفزازية . اذا كنت تريدين التساؤل عن الحكمة من وجودك معي .. ياعزيزتي .. في المرة الأخيرة أنا من تلقيت الضربة بركبتك .
-أنت لاتنسى أبدآ ، أو تغفر بسهولة . أليس كذلك يا براد ؟
-لازلت أملك الروح الايطالية يا مايا ، وليس لدي الوقت للنساء اللواتي دون أخلاق . قد آلمني ذلك ، ولكنني كنت أستحقه ...
وهذا جيد لك .. يا إلهي هذه الشيطانة الرقيقة كيف تملك ركبة حادة بهذا الشكل !
-براد .. كان يمكن أن تقتلني !
-في تلك اللحظة الثمينة ؟ تعالي ، سيارتي عند المنعطف وسأسحبك تحت ذراعي إذا لم تسيري معي .
واشتدت قبضة أصابعها على الصندوق الذي تحماله ، كانت محنة بالنسبة لها أن تذهب معه أو لا تذهب . وخطا نحوها خطوة تهديد . إنه قادر على نتفيذ تهديده . وسارت مايا معه إلى سيارته . وهي تشعر بأن الأرض تميل تحت قدميها ... وسارت السيارة بهما عبر بولفار "سان سيت " باتجاه أودية بيفرلي هيلز ، ثم خرجت الى شارع عريض يقود نحو لاس بالماس . إنهما متجهان محو فندق " برج الشمس ".
_انت مضطربة كقطة متواجدة على الجانب الخاطئ من السياج ... أرتاحي .. وستتمتعين بالمشوار ... فأنا لن اختطفك ، على الرغم من أن الفكرة مغرية . أتعلمين ، في مناطق معينة من إيطاليا عندما يكون هناك إعتراض عائلي على زواج محبوبين ، يقم الشاب باختطاف الفتاة ويهرب معها . وبعد قضاء ليلة معه ، لا يعود هناك إي اعتراض على الزواج ، وهكذا يتم تزويجهما لاستعادة سمعة الفتاة ... هل تظنين أن مثل هذا ينجح في أميركا ؟
-لا أنصحك بالمحاولة .. قالفتيات الأميركيات لسن ، رومنسيات هكذا ، إذا كان هذا ما يجري في تلال ايطاليا المجنونة ...
-ألايبدو مثل هذا الهروب رومانسيآ لك ؟"؟ وهل أنت متمسكة جدآ بكل التعقيدات و الطقوس لما يسمى بالزواج الحديث ؟ غنك متحفظة كثيرآ يا مايا ، و لا أستطيع تصور أنك تحبين فكرة كونك نجمة ملفوفة بالساتان لزواج ضخم ، يدعى إليه العديد من الناس ، والعديد من الهدايا ، و العيون الحاسدة عليك منذ اللحظة التي تأخذين فيها مكانك إلى جانب العريس ، وكأنك شبح جميل .. أعتقد أنك تفضلين الهرب عبر الحدود إلى بلدة هادئة ، وتنهين الأمر بأسرع وقت ممكن .. هل أنا على حق ؟
-أنا واثقة أنك تظن نفسك محقآ ز
-لقد راقبت التعبيرات على وجهك وأنت تشاهدين حذاء الزفاف . هل شاهدت فيها ابتسامة سندريللا؟
-لديك مخيلة نشطة يا براد، وموهبة اللاتين في صنع الغموض حيث لا يوجد أي غموض .
-لقد فهمت ، أنت لا تثقين سوى بقلبك .. هه ؟
-صعبعلي ان أثق بك .
-لا أستطيع فهم لماذا لآ .. في وقت أملك فيه حب اللاتين للتكتم . هل هناك أشياء في قلبك لا يجب أن تقوليها لي ، يا ماريا ؟
-قلبي يا سنيور ، شأني الخاص ، وإذا كنت ستمثل دور المحقق ، سأضطر للإصرار على أن تعيدني بسيارتك إلى حيث تقف سيارتي ...
-آه ... ألن يكون ملائمآ لو تناولت الشاي معك وتبادلنا حديثآ مهذبآ ، وأبقيت نفسي بعيدآ عنك ؟ كم هو ممل يا مايا .. كم هو مثير للضجر أن تمتنعي عن قول ماهو محرم .. على كل الأحوال من سيعرف لو فعلتي ؟
-أنا سأعرف ..
-أليس هذا عناية زائدة بالطهارة ؟ أنا واثق أن خطيبك الشاب ماهر في تسديد ضربة في التنس ، ولكنني اشك في قدرته على قراءة مافي فكر امرأة .. على الأقل فكرك يا مايا ...
-أنا لا أملك فكرآ مخادعآ ، شكرآ لك ، لا أملك فكرآ اسود مشابهآ لما في داخل سمكة نهرية .
-وهل يعرف باد دينغول أن لك طبع غاضب ، ولسان صغير سليط بعض الأحيان ! بالطبع لا يعرف ! إنه لا يعرف شيئآ حقيقيآ عنك . سوف يصدم حتى العظام لو عرف أن عذراء الثلج تستطيع أن تغلي بالغضب وتعرف بالضبط أين تجرد الرجل من سلاحه ... آه كم هذا مضيعة للطاقة ! كرجل أعمال أكره أن أرى أي شيء يعمل بنصف طاقته .
-شكرآ ، إذا كانت طاقتي هي منخفضة لهذا القدر ، إذآ أستطيع القول إنك ستكون سعيدآ للعودة إلى نوع النساء اللواتي يتنازلن أكثرمما أفضل أنا ... بعد أن تكون قد أرضيت فضولك عني ... وهل كنت تظن أنني سأخوض تجربة مجنونة قبل أن أتزوج ... معك ؟
-السماء لا تسمح بأن أكون محظوظآ لهذه الدرجة .
كان يقول هذا ويدخل بسيارته إلى باحة فندقه ، إنه قصره الفضي .. ونزلت من السيارة ووقفت تحدق في المبنى المضاء الذي تختفي بروجه العليا في الضباب . آخر مرة كانت هنا برفقة غلوريا ، ولم تكن تعرف أن المكان ملك براد دونللي ، ولم تكن تحلم بأنه قد راقبها و تساءل ما إذا كانت من النوع الذي يقيم علاقة معه .
واستدارت لتواجهه ... وخفق قلبها عندما التقت بعينيه ، اللامعتين كالكريستال في وجهه الأسمر النحيل ، و قال :

shining tears
12-04-2009, 20:20
-ماتفكرين به ليس صحيحآ أبدآ أنا أحسد الرجل الأمريكي الذي سيمتلكك ، ولكنني لم أفكر قط ولو للحظة واحدة انك قد تنغمسين في الملذات ، أكان في اللحظة الأخيرة أم العكس .. أتدرين ... ليت أن صنارة تنتزع حلقي لو استطعت أن أصدق أنك مثل بقية النساء لا تهتمين بأن تخادعي ، فاسدة ، تتمسكين بيومك ، ولا تهتمين بغيرك . ولكن يبدو أ، علي أن أبتلع تلك الصنارة ، أو أعلق بها .
-لا تتكلم هذا .. هل سنذهب إلى المطعم ؟
وتحركت كأنما تريد أن تعبر إلى الدرج الرخامي الذي يقود إليه الرواق المفروش بالكراسي و السجاد العجمي .. ولكن أصابعه أمسكت بمعصمها.
-بل إلى شقتي .. ولا ترفضي يا سيدتي .. ستكونين آمنة، وأقسم على هذا !
لمسته كانت دافئة على بشرتها ، حميمة مطمئنة أمثر من أي شيء ، أحست به .. وتمتمت مايا "لا بأس" ورالفقها إلى المصعد المكشوف للفندق ، المصنوع من الزجاج و الفولاذ ، الذي حملهما إلى شقته عند قمة تاج المبنى . وأطبق الضباب من حولهما ، وشعرت وكأن نسرآ قد أمسك بها وحملها نحو السماء .
وقطعا ردهة صغيرة مكسوة بالخشب الذهبي اللماع ، وفتح بابآ يوصل إلى غرفة استقبال فرشت أرضيتها بقطع من السجاد الصوفية الخشنة ، من النوع الذي يمكن أن يكون أتى به من ايطاليا . وشاهدت زوجآ من المقاعد الرائعة مكسوة بالأبيض وكأنها مخبأة في فجوات من خشب الماهوغوني الأسود اللماع ... وعلى الجدار ، قناع برونزي مثير ، له وجه شيطاني .. ولم تكن بحاجة لأن تسأل لمن هذه الملامح الإيطالية فيه تلك الشفاه لها نفس الانحناءات التي لبراد عندما يبدأ في سخريته .
وأحست به خلفها ، قريب جدآ كي يشعر به بكل عصب في جسدها . وهمس بها :
-أجل .. هذا دون سيسرو .. أترين شبهي الشديد بجدي الشهير ؟ أتتساءلين مجددآ ما إذا كان الشبه يتجاوز البشرة الداكنة ؟ وما إذا كنت عضوآ في تلك العصابة ومن هناك حصلت على مالي ؟ أهذا ما غرسته عرابتك في رأسك .. هه؟ وهل تصدقينها؟
-لا .. صحيح أنني أظن أن لك تفكيرآ قاسيآ لا يرحم ، ولكنك تفضل التحدي بالحصول على مالك بنفسك بدل أن تسرقه .. وأن والدك ووالدتك قد تأذيا أيضآ بسمعته .. ولكن لماذا صنع هذا القناع ؟ ولماذا تلقه على جدارك؟
-لقد صنعه والدي بناء لطلب سيسرو ، ليذكرني دائمآ ، وأنا حفيده ، بأن الجريمة لا تقود إلى نهاية معروفة ، فقط إلى الموت . كان من المؤسف أنه ترك ايطاليا .. هل يبدو لك أن له وجهه الكافر؟
-لا .. ولكن الوجوه ممكن أن تكون مخادعة .. أليس كذلك ؟
-وهل تجدين وجهي مخادعآ؟
ووضع يديه على كتفيها وأدارها لتواجهه ، وحدقت به ، وبدا لها أن له وجه الغازي ، بشعره المنسدل على جبهته ، بأنفه الروماني ، وبفكيه اللذين يمتلكان قوة حادة لا ترحم . ولم يكن لديه أية شكوك حول قواه ، ولم يكن بحاجة أبدآ لأن يكون عضوآ في عصابة .. إنه يقف وحيدآ أمام التحدي ، و "برج الشمس" هو رمزه عن نفسه .
-أنت هنا معزول .. كما النسر ، وهنا وكرك .
-أهلآ بك في وكري .
وقادها عبر الغرفة وفتح بابآ زجاجيآ نحو تراسه الخاص . حيث في وضح النهار هناك منظر رائع للاس بالماس ، وفي الامسيات هناك سحر خيالي من الأضواء و الظلال وكأن المرء عالق في زجاجة جميلة ..
-لا تزالين متوترة .. ألا يعجبك الجانب الآخر من السياج عندي ؟
-كلانا نعرف أنني ألعب دور الهاربة من المنزل ، أليس كذلك يا براد ؟
-لقد ألتقينا صدفة .. ولم نخطط لهذا اللقاء وكأننا متآمران .
-اليست الصدفة تسمية المغفلين للقدر ؟ هناك شيء مقدر بالطريقة التي نلتقي فيها و .. هذا ما يخيفني .. ما كان يجب أن آتي إلى هنا ! كان علي أن أرفض عندما سألتني ...
-القدر لا يسمح لا دائمآ أن نرفض .. هل لي أن أخذ عنك معطفك .
كان قد صمم على أن يجعلها تبقى ن وهكذا بأصابع مرتجفة بدأت تفك أزرار معطفها واعطته له . وبما أن التراس عنده مغلق كله بالزجاج فلن يكون هناك أي أثر للبرد ، مع أان البناء الشماخ بدا وكأنه يسبح بين الغيوم ...
-ألن تشتاق إلى هذا عندما تنتقل إلى قصرك الريفي ؟
-لن يبدو ريفيآ بعد أن ينتهي البناؤون وعمال الديكور منه . على كل الأحوال ، سأستخدمه على الأرجح كمركز ريفي ، وسأمضي معظم وقتي هنا .. وهل تعتقدين أن لدي خططآ لصبح رجل أسرة ؟
-وهل سيكون هذا أمرآ مفاجئآ ؟ حتى النسر عليه أن يشارك في يوم ما بوكره .. أليس هذا قانون الطبيعة ؟
-بالتأكيد .. هذا إذا وجد من تناسبه . فالنسور عنيدون عندما يصل الأمر إلى المشاركة في وكرهم وإذا لم يجدوا رفيقة مختارة يفضلون أن يطيروا لوحدهم .
-وهل هذا ينطبق على نسور ايطاليا ؟ أظن أنه جزء من طبيعتهم أن يرغبوا في ابن يرثهم ويحمل اسمهم .
-على الأرجح هذه رغبة كل رجل طبيعي . ولكنني قيدت رغبتي في نوع خاص من النساء ... هل فكرتي بهذا ؟
مع براد .. تستطيع أن تقول كل ما يجول في رأسها ... وهذا أمر يجب ان تتهرب منه .. ولكن إلى أين ؟ لقد اصطادها في مكان مرتفع فوق العالم الآخر حيث ، الساتان و الفضة ، والأحجار اللامعة ، تتألف معآ لتصنع سلاسل ستربطها بشاب اجتماعي مرغوب ، قلبه لطيف ولكن عيناه لم تجعلاها أبدآ تشعر بالضعف عندما ينظر إليها .
وبدأت العينان الرماديتين تمزقان القميص الحريري عن جسدها النحيل ، ونظرت إليه نظرة ضعيفة .
-لا تفعل هذا يا براد ، لقد وعدتني أن تكون طيبآ ...
-بالنسبة لي .. أنا الآن قديس .. اجلسي بينما أتصل ليجلبوا لنا الشاي .. هل أنت جائعة ؟ لقد حضرت اجتماعآ وفاتني الغداء . وبصراحة أشعر أن علي أن أتناول أكثر من صحن الحلوى العادي المقدم مع الشاي .. ما رأيك ؟

shining tears
12-04-2009, 20:22
لم تكن قد تناولت غداءً مناسبآ لأنها كانت قلقة على غلوريا .
وهناك بالأحرى شعور فارغ في معدتها . وبدا لها أن براد لو انشغل في تناول الأكل فقد ينشغل عن النظر إليها بهاتين العينين المفترستين .
-أنا جائعة قليلآ .. ماذا في ذهنك .. بالنسبة للطعام .. أعني !
-اراهن أنك في ساتانيتا لم تتناولي أبدآ الطعام الإيطالي . ولدي رئيس طباخين ماهر ، فهل تتركين الطلبات عليّ؟
-سأكون مسرورة .
-حسنآ ! اجلسي ، وحاولي أن ترتاحي .. وأنت واقفة هكذا تبدين كفراشة تحاول الهرب .
وابتعد نحو غرفة الجلوس ثم إلى المدخل بعيدآ عن مجال نظرها .
ووقفت مايا جامدة لفترة . وبدا لها الصمت وكأنه يتصاعد مع دقات قلبها .. أرادت فقط أن تذهب ، لأنها لن تستطيع البقاء إلى الأبد ..
وشعرت وكأنها السجين المذنب فغرقت في أحد المقاعد على التراس .
وألقت رأسها إلى الخلف ، وأغلقت عينيها ، وحاولت أن لا تفكر بما سيأتي ، حين يكون عليها أن تواجه عرابتها وتقدم تفسيرآ مناسبآ لوصولها إلى المنزل متأخرة أكثر مما وعدت .. وشعرت بطعنة في ضميرها عندما فكرت بغلوريا وهي مستلقية تعاني صداعآ نتيجة لانهيار عصبي ، سببه القلق على الزفاف ، وذلك الاهتمام المحموم بكل تفصيل دقيق .
وأمسكت مايا بذراعي المقعد ، وتمنت لو تستطيع الاختباء وأن لا تكون النجمة الجذابة في الزفاف . فكيف ستستطيع مواجهة كل هؤلاء الناس . وتلك الأنوار الساطعة لماكنات التصوير والتي ستضيء وجهها لتكشف الظلال التي تحيط بعينيها ؟ وكيف ستقدر أن تبعد ذلك الظل الأسمر ؟ وأقبل ذلك الظل عبرالباب الزجاجي ليقف وينظر إليها .
-أظن أن هذه أول مرة منذ أيام تجلسين دون أن تسمعي في اذنيك الاصوات الجهنمية للنساء في حمى هستيريا الزفاف . أليس كذلك يا مايا؟
وحركت رأسها بالموافقة ، أذ لم يكن هناك مجال للإنكار بأنها تشعر وكأنها معلقة بين الزمان و المكان ، حيث لا يستطيع أي كان أن يجدها ، حيث تستطيع أن تستطيع أن تنسى لفترة بأنها ليست حرة لتكون لوحدها ... كما هو براد حر ، وسيكون دائمآ حرآ ، مثل النسر .
-وكأنك تستعدين للسير نحو الأعدام .. هه؟
-اوه .. ليس الأمر مخيفآ إلى هذه الدرجة .. ماهذه المخيلة التي عندك يا براد ! أنت ترى الأشياء بالأبيض أو الأسود ، أليست كذلك ؟
-ليس بالكامل .. فأنا أيضآ أرى الأشعة الذهبية و الفضية ... وأظن أنني وإياك سوف نتناول شيئآ لنشربه قبل وصول الطعام . شيء خاص أحتفظ به للأصدقاء .
-إنها صداقة يجب أن تنتهي بعد ساعة .
-عندما لا يعود هناك وقت لأميرة الثلج لفارسها ؟
-أنا لست أميرة .. وأنت لست بفارس .
-ماذا أنا إذآ ؟
ونظر مباشرة إلى عينيها ، وتذكرت أول لقاء لها معه ، وكم اعتقدت أنه شرير خطر . كل شيء كان ممكنآ أن يكون صحيحآ حوله ، ما عدا الحقيقة المطلقة ... إنه بالنسبة لمن يحب ، يكون من الكرم بحيث يتركهم يرحلون عنه ... إنه بالنسبة لمن يحب ، يكون من الكرم بحيث يتركهم يرحلون عنه ... والداه في ايطاليا .. شقيقتاه بعيدتان وهو يعيش وحيدآ في برجه العاجي ..
-أنت رجل وحيد .. أراهن أن أمك وأبيك يقولان لك دائمآ أن تجد فتاة ايطالية لتستقر معها .. أتمنى لو أنك تفعل يا براد .
-وهل تتمنين ذلك حقآ ؟
-إنه أفضل من الوحدة .
-إذآ سنتشارك في الوحدة .
ومد يده ، وسحب يديها عن ذراعي المقعد وأمسكها .
-ألن أكون صديقآ إذآ .. حتى هذا ؟ أتحرميني من أكون عمآ لأطفالك الدينغول ؟
-لا تقل هذا يا براد ؟
-لن أفعل .. ولكن كلانا سيفعل .. أنت في طريق مسدود يا مايا ..وقطعة قطعة سوف تتمزقين إلى أن يعود باقيآ منك سوى قلبك الباكي .. أنت لا تحبين الرجل الذي سيمتلك كل قطعة حية فيك .
وأدرات رأسها ، غير قادرة أن تلتقي بعينينه . وساد الصمت حولهما مثل ذلك الضباب حول البرج ، واستطاعت أن تشعر بأصابعه تشد حول أصابعها ، والألم من ضغط خاتم باد على عظام أصبعها . أرادت ان تصرخ برعب للصورة التي أثارها ، فهي مخلوقة لأن تكون لرجل واحد فقط ... وذلك الرجل ليس باد دينغول ...
-أنت لا تحبينه ، ولكن هذا لا يهم كل هؤلاء الذين يحضّرون للزفاف ويتمنون لك وله الفرح و السعادة .
-هذا سيجعل غلوريا سعيدة ... أنا مدينة لها ... كثيرآ .
-لتذهب غلوريا إلى الجحيم .!
-لا.. كنت سأوضع في دار للأيتام لولاها ، والدي كان سكيرآ لا أمل فيه .. ولم اكن أحصل على كل ما قدمته لي ... تعليمي ، كسائي ، اصدقائي ... إنه ثمن صغير عليّ أن أدفعه .
-ولن تتوقفي عن الدفع . أنت مدركة لهذا كما أعتقد ؟
-لن تكون حياة سيئة لهذه الدرجة ...
-وهل ستكون حياة سعيدة ؟ يا للسماوات المقدسة ، هل ستكون حياة مثيرة ومكافئة .. شيء تريدين أن تستيقظي عليه ، فرح سوف تتوقين اليه عندما يهبط الظلام ؟
-وهل الرغبة هي كل شيء ؟
-أجل .. إذا التقطها الإنسان في زوج من العيون !
-وهل تظن أنني فعلت هذا ؟
-أنا لا أظن .. يا سيدتي ، بل أعرف .
وحدقت مايا خارج نوافذ التراس ، بعد أن تركها ليصب الشراب ، وأحست كأن الضباب قد بدأ يضغط أكثر على الزجاج ، وبدأت قطرات الماء تنساب عليه مثل الماس ، وجعلها المنظر الغامض الكئيب هذا مسلوبة الإرادة ، وكأنها هنا مع براد قد جنحت فوق

shining tears
12-04-2009, 20:24
قمة الجبل . اوه .. كم من السهولة أن تتمسك بهذا الحلم الغريب ، ولكن كل الأحلام تتبدد أمام الواقع .
وعندما عاد براد قالت :
-يبدو ان الضباب يشتد .. أنا .. أ،ا في الواقع يجب أن أعود بعد قليل ... قد ينقلب هذا الضباب كثيف يحجب الرؤية .
-سوف أوصلك .. لا تقلقي .. سوف ترين الجحيم و الشهامة في عينيّ قبل أن ينقضي النهار .
ونظرت في عينيه ، ثاقبتان كحد الفأس على رقبتها النحيلة . وأتكأ براد على جدار التراس ، وانعكس وجهه على الزجاج المبلل من الخارج ، وبدا أن بخار الماء يتكثف كلما مرت اللحظات . والرؤية تتلاشى . والأصوات من الأسفل تبتعد وأكثر مما مضى كانا وكأنهما قد انفصلا عن بقية العالم .
-أنت منعزل جدآ هنا .. هل يعطيك هذا شعورآ بالقوة ، وكأنك أمير في قصرك الخاص ، سيد قدرك . الساحر في معقله ، يتآمر لحركته التالية في لعبة مختلفة .. بقدرة عالية الكمال ؟ هل تنظر إلأى لاس بالماس وتشعر وبأنك تمتلك روحك الخاصة بك ؟
-شيء من هذا القبيل .. وماذا عن روحك يا مايا ؟ هل هي مغلولة بالقيود ؟
-لا ...
-لا يمكنك الإدعاء معي ، وأنت تعرفين ذلك ، وتعرفين منذ البداية أننا نتشارك في خصائص أكثر فعالية ، أكثر سحرآ ، أكثر أثارة . هل بإمكانك حقآ أن تنكري لكل هذا لتلتصقي بمجرد صبي .. سينظر إليك كملك خاص له أكثر فائدة وجاذبية . مثل مضرب التنس أو مضارب الغولف وجياد البولو المدربة ؟ لقد شاهدتيه يلعب ضدي في ملعب التنس ، وجعلته يبدو مضطربآ .. صدقيني .. ليس لديه فكرة عن كيفية التعامل مع امرأة حساسة ، إنه يظن الأمر مجرد أخلاق جيدة وتبريرات بيولوجية .
-إن لك لسانآ حدقآ يا براد ، ولكنك لن تجعلني أغير رأيي ، ولن تغلبني ، ولن تصبح سيدي لن أسمح لك !
-وماذا إذا لم تستطيعي المقاومة ؟ .. هيا .. أنت تعرفين أنني سيدك من اللحظة الأولى التي تلاقت فيها عيوننا .
-كم أنت ديك متعجرف واثق من نفسه يا براد !
ورفعت رأسها ، وبدأت تلعب لعبتها ، لأنها كانت لعبة ولن تكون شيئآ غير هذا .
-أنت سيد الكلمة و النساء إضافة غلى أنك ساحر مالي . وأنا أعلم ماذا تحاول أن تفعل .. ولكن هذا لن ينجح .
-وماذا أحاول أن أفعل ؟
-أن تشعل شكوكبي ، وتزيد من مخاوفي ، وتهمس كالشيطان في أذني .. توقف عن هذا في الحال يابراد .
-وماذا سيحدث إذا لم أفعل ؟ هل سأحرم من النعمة الالهية ؟
-أظن أنك قد تحرم .
-في هذه الحالة ستشاهدين إبليس يسقط كالقذيفة من السماء ... ماعدا أنني لم أكن هناك أبدآ . لقد استرقت النظر عند الأبواب ثم لمعت عينا ملاك ذهبية وأمرني أن أذهب .
ووقف هناك ، حر من أي سيطرة لأي أحد ، سيد نفسه ، ثم اصبح صوته خفيفآ .
-لماذا لا تتوقفين عن أن تكوني شهيدة ؟ وابدأي أن تكوني امرأة . امرأة ترغب في رجل .. وليس بصبي يافع لعين ...!
-ارغب.. وخذ .. واركب الحياة وكأنك القرصان ! أنا لست أنت يا براد ! أنت ذو قلب وثني ! أنت تدفعني لأن أنكث بالوعود ، وأن اخذل الناس ، وأنكر واجباتي التي يجب أن أتممها كي أحافظ على كبريائي . لم يعد لدي سوى هذا . وهذا ماتبقى لي من حياة والدي التي دمرها بيده.
-كل هذا نبيل يا مايا ، ولكنك سوف تتزوجين ضد إرادتك ، وليس هناك في الدنيا أشق على المرأة من ان تعطي نفسها بقلب بارد لرجل ...
-انا .. انا لن أستمع اليك ! سأذهب .. الآن ...
-لن تذهبي إلى أي مكان .. الهروب ثانية من الحقيقة المرة .. مايا ، لن تستطيعي أن تتخلي عن الحب .. أنه أمر رهيب وسوف تبقين مثل شجرة الزيتون بين الصخور .
-ولكنها لن تطرح الثمار ..
-ولكنها ستحمل الذكريات يا مايا بين أوراقها الفضية المرتجفة . لا أنت ، ولا أنا ، ولا باد دينغول ، يستطيع منع نموها ، سوف تكونين مذهولة كيف تستطيع الذكريات أن تنمو مع السنين ، وخاصة في قلب امرأة تنكر حقيقة نفسها ، قدرها الحقيقي ، وتجعل من نفسها لعبة اجتماعية ميكانيكية . تستفيق عند الصباح على القهوة المّرة ، وتستعيد قوتها عند منتصف الصباح بقليل من المشروب ، وتدهن نفسها بالمساحيق عند العشاء أو على حفلة لعب الورق ، أو حفلة راقصة في النادي .
كان يتكلم بعنف يسيطر عليه بقوة ، ولكن عيناه هي التي كانت ترعب مايا . لقد أصبحتا كالفضة الذائبة في وجهه الأسمر وبؤبؤهما فيهما لهيب غريب .. لهيب الحب ! وقال تلك الكلمة أخيرآ .. واخترقتها الكلمة وكأنها شوكة ، مثبتة نفسها في قلبها ، متسببة بألم شخصي حاد .. فهي لا تجروء أن تحبه ... إلا في أعماقها ، في الزوايا السرية في جسدها وفكرها . ولم يبق لها سوى فرحة أنه يحبها .. فرح حلو ومر لا تستطيع أبدآ أن تكشف عنه .
كان عليها أن تجد مافي نفسها لترمي الماء البارد على حماسته ، وتراقب اللهب ينطفئ فجأة في عينيه الملتهبتين ز هاتين العينين اللتين تظهران لها ان الحب قد يكون رغبة لا مجال فيها لمرور العواطف بين الاصدقاء .. هذا مايجب أن تضحي به لمصلحة شعلة خاصة لا تضيء اي لهيب في دمها . يجب ان تطفئ هذا بينما كل شيء خاص فيها يتوق لأن يذوب في دفء براد القوي و المتقد ، و الذي يعرضه عليها .. نشوة مشاعر لن تستطيع بعدها العودة إلى طهارتها التي تتمسك بها اكثر من اي شيء . طيران مع نسر ليس لها . واستجمعت قواها تحضيرآ للمواجهة بين الحب و الواجب .
* * *

shining tears
12-04-2009, 20:27
6- بعد أن أحبت...


"ما اختار ان افعله في حياتي لا علاقة لك به ابدا.. لقد اتيت الى هنا لانني لم احب ان ارفض طلبك، لكن اذا كنت ستصخب وتهذي فسأفضل ان اعود الى المنزل."
ووقفت على قدميها وهي تتكلم، وتجاوزته. ومد يده وامسك بمعصمها، فأفلت الكأس الجميل من يدها، ووقع على ارضية التراس وتحطم، وانتشر كقطع الماس. وحدق به براد ثم افلت كأسه متعمدا ، قائلا:
-هذه هي الطريقة التقليديه لانهاء خلاف.
-أوه ، ياللاسف ، انها خسارة.
-خسارة رمزيه ياعزيزتي... هيا بنا نأكل.
ولف ذراعه على خصرها، وجرها عبر الغرفة الرئيسية الى غرفة الطعام، حيث اعدت الطاولة لشخصين، والزهور الرائعة في وسطها.
-ابقي معي، كل شيء اصبح جاهزا.
وعندما شاهدت مايا ساقيا يقف الى جانب المائدة، لم تعد تعارض وجلست على الكرسي الذي قدمه براد لها، وانحنى لها الساقي، ووضع منديلا على ركبتيها، وتابع تقديم اول دورة الطعام. وقال له براد:
-سأتدبر أمر الباقي ياسالفادور، اشكر رئيس الطهاة عني.. واذهب لترتاح.
-اجل ياسيدي..شكرا.
واغلق الباب وراءه، وحدق براد عبر الطاولة من فوق الزهور الى مايا، واصابعه الطويلة تقسم قطعة الخبز.
-هذه عزلة "الغذاء الاخير"هه؟
-الن تمثل دور"يوضاس" وتخونني لانني وثقت بك؟
-انا لست بحاجة الى الثلاثين قطعة من الفضة، ولكنني مستعد لان ابيع روحي.لـ.. لايهم..هل تحبين القريدس؟
-انه رائع.. عمالك اما يخافون منك او انهم مخلصون، كي يحضروا مثل هذه الوجبة من الطعام، بعد صباح متعب من خدمة المطعم..
-وماذا تظنين..الخوف ام الاخلاص؟
-انه مزيج من الاثنين.. واعتقد ان كل اعمالك مبنية على هذين العاملين.
-انت تجعليني ابدو كالاقطاعي.
-الست هكذا؟
-ربما .. من وجهة نظري انني اهتم بمن هم لي، واقدم لهم افضل خدمة اقدر عليها. علي ان اجعل اسم دونللي محترما واهل للثقه، وسأحارب عرابتك بأسناني واظافري اذا تجرأت على ان تنبش ما دفنته بنحاج. وكما قلت لك من قبل ، الانتقام في دمي وغلورياآرثر ستتعلم كيف ستبكي لو انها فعلت اي شيء قد يغيظني.
-لاتفعل هذا يابراد! عندما تبدو نظرتك هكذا تجعل قلبي يتجمد خوفا. الايكفيك انك اشتريت "ادامز تشالنج"؟
-عرابتك لاتملك اي شيء، فنحن بنعمة الله، قد اعطينا فرصة لنجعل من حياتنا مرضية لنا، وفي النهاية لن تأخذ معنا سوى ارواحنا والحب المحتمل لانسان آخر... انا لست قديسا، ولكن وحق السماء، ستدفع تلك المرأة كالشيطان لو ... آه.. لننسى امرها الان!.
ووقف وهو يتكلم ، وجمع الاطباق الفارغة، واخذها الى طاولة جانبية. وبينما هو يقدم ثاني دورة من الطعام، تجولت مايا بنظرها في غرفة الطعام. فقال لها:
-انها ملفتة للنظر، اليست كذلك؟
-هل انت مولع بالاشياء الكلاسيكية؟
-بالضبط... هيا... تناولي طعامك قبل ان يبرد.
واخذ مايا ملء شوكتها من الجبنة الساخنة والمعكرونة، مع صلصة البندورة، والتوابل والقريدس . وكانت لذيذه ومن الواضح انها من صنع طباخ ايطالي حقيقي.
-انتم لا تتاولون مثل هذا في ساتانيتا.. هه؟ ان هذا الطعام يبدو افضل عندما يقدم على ساحل " الادرباتيك" حيث الشمس فوق المياة، والاصوات الايطالية تملا الجو، ان متعة الحياة والحب، شيء ثمين جدا عند شعبي.
-اخبرني عن ايطاليا.
قالت هذا وهي تشعر انه سيكون موضوعا اكثر امانا من اي موضوع اخر... فكل قنوات الحديث ستقود الة اشياء خطيرة. فقد جعلها مدركة لمشاعرها كما لم يفعل اي انسان من قبل...وجعل من كل لحظة برفقته ، حلما صغيرا مستقلا بنفسه.
-الم تذهبي الى هناك ابدا يامايا؟
-سأذهب...
وتوقفت لتمسح طرف فمها.. لقد حدث هذا من جديد. ودون انذار عاد الحديث الخطر.
-في شهر عسلك .. هه؟ اتوقع ان يريك العريس كل الامكنة الفاخرة المسجلة في دليل السائح، وستعودين الى اميركا وانت مؤمنة انك شاهدت ايطاليا.
-لاحاجة بك لان تكون ساخرا يا براد.
-انه امر يسليني، كيف ان الاميركيين يقومون بالتفرج على بلاد غريبة. طالما ان الاماكن المعروفة قد تمت مشاهدتها بسرعة، لايهم هؤلاء ان يروا القرى الجبيلة، حيث الكثير من الطرق القديمة في الحياة لاتزال سارية ولم تفقد بعد سحرها الغريب. هل ستزورين فينيسيا.. المدينة الرائعة للمحبين؟
-هذا سيعود امره لباد.
-فهمت .. اذا انت تنوين لعب دور العروس المطيعة، تتبعين خطوات زوجك؟
-اليس هذا تصورك لما يجب ان تكون عليه الزوجة؟
كان قد وضع شعله على غضبها... كما من المحتمل ان يقص، وعندما التقت عينا مايا بعينيه وجدتهما فرحتين.. ومع ذلك فيهما ظلال خفيفة.. ام ان هذا فقط هو شكل العيون الايطالية، وقد حجبهما برموشه الكثيفة؟

shining tears
12-04-2009, 20:29
-الايطالي يختار زوجة ويأمل ان تكون مخلصة له وحده كانثى النمر تماما. والنمر ليس مخلوقا قابلا للتدجين، يامايا، وهما يقاتلان معا، ويالهي كم يحبان بعضهما!
وحدقت مايا بعينه، ورأت فيهما لهيبا مخيفا، وكان يتوقد ثم يخبو، ورأت وجهه يتقلص وكأنه يتألم.
-اوه يابراد، لو كنت تهتم، ترجوك لاتجعل الامور صعبة علي...
-اذا انت تعرفين ان الامور لن تكون سهلة؟
-وهل هناك شيء سهل في هذه الحياة؟ اتمنى لو انني لم اقابلك!لماذا .. لماذا اتيت لتتحدث معي؟
-انه قانون الغابة يامايا.. لقد رأيت من يشابهني ، ند لي ، وكان علي ان اتحدث معك ، وكنت ارغب في المزيد ، من كل شيء ولكنك مستقيمة ، ولا اريد ان اكسر هذه الروح فيك.. انت اصلية، ولا يستطيع احد ان يستخدم السوط معك
وجلست صامتة، وهي تحرك الشوكة في صحنها. كانت تحبه، كما لم تحب احدا من قبل. لا بسبب ما يظنه بها، ولكن لانه لم يمد يده اليها وحافظ على سيطرته على المشاعر التي تبدو في عينيه.
-انها لسخرية ، اليست هكذا؟ ان يقع ايطالي بحب فتاة من اصل، ودين، وطبقة مختلفين، وسوف يصدم والداي، وشقيقتاي ستسخران مني، وكاهني سينصحني بالحذر، ولكنني سأتخلى عنهم جميعا لو استطعت ان احصل عليلك دون ان اؤلمك. لم اشعر هكذا من قبل.. احمي امرأة وارغب فيها في نفس الوقت. كان يجب ان يحدث لي هذا وانا شاب، حب المراهقة قد يكون مؤلما، لكنه ليس غير قابل للشفاء.
لم تكن مايا ترغب في ان تؤثر فيها كلماته، ولكنها اثرت، فتوترت بشرتها وارتجفت. لم يكن لاحد ذلك السحر الغريب عليها كما لبراد، ومع ذلك عليها ان تنكره، وتبتعد... انها مدينة كثيرا لغلوريا، وبراد قوي بما فيه الكفاية لينساها ويجد من تحل مكانها.
-سيكون والدك على حق بأن يصدما.. وانت تحب وتعجب بشعبك... وماتشعر ه لايمكن ان يكون. انها مسرحية قصيرة، يت براد. عدة قطع من الموسيقى عزفت في الهواء. لتترك الامر كما عو ، دون ندم.
-لاتكوني واثقه هكذا بخصوص الندم.. انت معي هنا الان، ولن يكون سهلا علي ان اتركك تذهبين...
-ولكنك ستتركني اذهب؟
-لا استطيع ان اكون واثقا... هناك شيطان يسكنني.
-ولكنك مسيطر عليه.
-حتى هذه اللحظة يامايا... ولكن ماذا سيحدث عندما اضطر لفتح بابي لادعك تخرجين من حياتي؟
والتقت عيناه بعينيها، وفيهما جاذبية خطيرة ، واضاف:
-هل تتناولين بعض الحلوى؟
-الحلوى؟
-انه نوع خاص يدعى "كاساتا" من الايس كريم وقطع الفواكه المغموسة بالكريما...
-تبدو لذيذه يابراد...
واخذ ينظر اليها، ويحرك عينيه ببطء على وجهها، وشعرها، على الاقراط الجميلة في اذنيها، وعلى رقبتها الرقيقة الطويلة..
-بالنسبة لي هذا الوصف ينطبق عليك...
-براد .. انك تحنث بالوعد الذي قطعته لي!.
-انا لم المسك، انا انظر اليك فقط.
-نظرة منك .. تكفي، وانت تعرف هذا!
-انت... ترتجفين... هه يامايا.. لماذا تنكرين علي، على نفسك، انت تريديني ان المسك باكثر من عيني؟ انت تتألمين اكثر مني .. وبحق كل القديسين... انا لست من النوع الشهيد، حتى ولو كنت انت هكذا!
ودفع كرسيه الى الخلف، لتسقط وترتطم بالارض. وبخطوتين كان الى جانبها، وامسك بها، وحرارة يديه تحرق عبر القماش الحريري لقميصها.... واحست بهمسة حنجرته وحرارة ذراعيه... وشعرت بشعلة تنطلق في دمها، وتجاوبها معه، كان كارجاف مصباح يحترق ليضيء بنور ثابت ومستمر.
وللحظة واحدة قاومته ، ثم لتكون قريبة جدا" من الاستسلام كان امرا" كثيرا" عليها ، ولكنها تركت لقلبها ولعظامها ان تمتلئ بحبه وتعلقا ببعضهما كاثنين على متن سفينة تغرق . . وكأنهما حبيبان يودعان بعضهما قبل ان يقفزا من بناء يحترق . كان الأمر بالنسبة لهما صحيحا" فلم يكن لهما شيء غير هذه اللحظات .
- اتركيني احبك . . .
- لا . . لا . . أوه براد . . لن تكون لدي القوة ، ولا الإرادة على ان اذهب . . . ولكن علي ان اتركك.
واستدارت ، ثم هربت إلى غرفة الجلوس ، حيث اصبحت ساقاها ضعيفتان حتى انها رمت نفسها على اقرب اريكة ، تدفن وجهها بين يديها . . وارتجفت كتفاها عندما لمسهما ، وسرت الرجفة إلى لحمها وعظامها ، جزء منها اراد ان يصل إلى يده ويجذبها إلى داخل قلبها . . . القلب الذي منحته للنهمر في الجسد الذي يجب ان تمنعه عنه. لو انه اخذ جسدها فسيأخذ كل شيء . . . ولكن عليها دين من الكبرياء والشرف يجب ان تفي به.
- هذا يؤلمني وكأنه جحيم . . . انت لي . . . ولن اتخلى عنك
- ولماذا افعل؟ إن لدي الحق بما يتعلق بي ، يحترق لأجلي ، كما احترق انا . . انتِ كالثلج . . . كالثلج المتجمد تجاه اي رجل آخر.
وانت تعرفين هذا
- ارجوك خذني إلى منزلي . . . لا استطيع تحمل المزيد.
- منزلك هو حيث انا. .
ولف يده حول رقبتها واجبرها ان ترفع رأسها لتنظر اليه . . .
ونقلت عيناه إلى عينيها نوعا" من التوهج المختلط من الحب والرغبة . . . من العبادة والرغبة التي لن ترى مثلها بعد هذه اللحظات . . . براد . . تحبه للمرة الاولى حين تحب . . . وللمرة الأخيرة بعد ان احبت.

shining tears
12-04-2009, 20:31
- ارحمني قليلا" . . . ياحبيبي . . . لقد قلت عني اني مستقيمة قلت ان لي جو من الطهارة المعينة . . . فإذا كانت هذه الصفات هي التي اثرت عليك وجعلتك تهتم بي ، إذا. . لاتطلب مني ان اخضعها وان الوثها.
- ولماذا اهتم بها إذا حصلت عليك؟
- ستحصل على الجسد . . . ولكن هل ستحصل على الروح؟ هل ستحصل عليها فيما لو ارغمتني . . . ارغمتني على إعطائك نفسي
- سيكون هذا شيء احصل عليه على الأقل ، فعلى ماذا احصل لو تركتك تذهبين من هنا . . إليه . . ولا شيء لي؟ لدي مشاعري يامايا . . وانا لست آلة لعينة؟
- وانا لدي مشاعر ايضا" . . . الاتظن ان لدي؟
- وامتلأت عيناها فجأة بالدموع ، وتاقت بكل جزء منها ان تمد يديها الى وجهه النحيل المليء بالحب . . . ارادت ان تقبل عينيه وتذيب نفسها بجسده . . . ولكن ماذا عن الذنب الذي ستشعر به فيما بعد،
والخوف مما قد تفعل به غلوريا . إن لها اصدقاء في مراكز عالية وماضي براد كحفيد للمجرم الشرير قد ينبعث من جديد والحياة الامعة التي صنعها لنفسه في اميركا قد تتدمر . . . وهذه امور قد تحدث بسهولة . . ومايا تعلم ان عرابتها امرأة لارحمة عندها. . .
اكثر بكثير مما قد يكون عليه براد.
اما كان يجب ان تكوني امرأة اقل شأنا" ولماذا عليك ان تكوني ملاكا"؟ انا لم ارغب ابدا" في ملاك . . . كل ماأرغب به زوجة تشاركني الأشياء التي عملت جاهدا" لها.
- ستجد واحدة يابراد . . . وستصنع لنفسك حياة سعيدة . . .
- اطفال و . . . .
وتوقفت عن الكلام ، غير قادرة على ان تكبح آهة صعدت من اعماقها.
- انا اريد الأطفال منك . . ان يولدوا من جسدك وقلبك . ولن اقبل بغيرهم . . اقسم عى ذلك لن يكون لي ابن ولاأبنة مالم تعطيني انت اياهم . . . الم تفهمي بعد؟ انا احبك . . . بكل مافي الكلمة من معنى ، بعظامي بجسدي ، بعقلي . .. وإذا لم احصل عليك . . فلن احصل على شيء ولا على احد هكذا انا يامايا . . . إما كل شيء. . .او لاشيء. . .
ولم يكن هناك اي شك بما يقول زجهه تجعد من الألم واصبحت عيناه قاتمتان . بدا كرجل يتعذب ، في بحر من الوجد والألم المبرح . . . وكان هذا مخيفا" لمايا . . ان تراه هكذا . . هو من كان كالنسر الوحيد يطير بكبرياء وثقة بالنفس ، سيد نفسه.
وهاهو الأن عبد لما يشعر به نحوها ، وكل خلجة في جسد مايا ارادت ان تتجاوب معه ، في شفقة ، وعاطفة ، في الحب والرغبة.
- انا . . انا آسفة جدا" يابراد.
كان هذا كل مااستطاعت ان تقول ، وعرفت كم بدت هذه الكلمات غير مناسبة ، لأنها لم تكن قادرة على ان تتحدث عاليا" بما تشعر به في قلبها . لم تكن تجرؤ على كشف عمق وعذاب ماتعانيه...
لك تكن قد شعرت بمثل هذا الألم الشخصي من قبل .. عميق هكذا من منابع كيانها كامرأة . إنها متشوقة لأن قريبة من هذا الرجل ولاتعرف ابدا" معنى الشعور بالفراق عنه ، ولكن . . اقوى من رغبتها كانت الحاجة إلى إبقائه سالما" من اي نوع من الانتقام ولأنه يحبها ، فهو لايستحق ان تدمر حياته . . ولم تكن لتتحمل مجرد التفكير بهذا . لقد عمب طويلا" وبجهد ، ودفن الماضي ، ويجب ان يبقى مدفونا" . .
وإذا كان هذا ماتستطيع ان تعطيه له ، فستعطيه بكلتا يديها ومن كل قبلها.
- الا يقولون في ايطاليا "كي سيرا" ماهو مقدر ليحدث ...
- سيحدث؟ لقد كنت تعلم عندما تحدثت معي اول مرة انني لست ..
حرة.
- كنت اعرف بخطبتك . . . ولكن عندما تحدثنا معا" عرفت انك لا تحبين الرجل الذي تلبسين خاتمه. لقد نظرت في عينيك ، ووجدت الوحدة التي يجب على الحب المشترك ان يمحيها من حياتك ...
ولتكوني واقعة في الحب ، فلن تكوني إذا" وحيدة ، حتى ولو كنت بهيدة عن الشخص الذي تحبينه ، ويريدك، ويحتاج اليك . . ولهذا تقدمت منك ، وتكلمت معك . لقد كنت متشوقا" لأعرف إذا كنت تحملين في عينيك النور الذي لايمكن إلا ان يرى الحب ، ولكن بدلا" منه رأيت الجمال الذهبي البارد في نظرتك وعلمت بأنك سيضحى بك على مذبح الزواج الاجتماعي المرغوب . ولن تعرفي ابدا" مقدار قوة اندفاعي لأحملك بعيدا" معي . بعيدا" عن اناس يعتبرون انفسهم نخبة الحياة المدنية ، ومع ذلك يعيشون على قوانين المجتمع الروماني القديم ، قانون اليونان الغارق في القدم حيث كانت الشابات والجميلات إما ان يفرض عليهن الرهبنة العذرية او يتزوجن من عائلات ثرية على الرغم من رغباتهن.
وخفت صوته وقد ركع إلى جانب الاريكة حيث تجلس
- آه مايا.
ومد يده ليمسك بيدها ، وكانت تعرف انها قطعة من الثلج بين يديه الدافئتين . . . القويتين . . . المليئتين بالحياة . ونظرت إليه ، وفي النور الغريب الذي يدخل الغرفة من النواقذ ، بدا لها وجهه مثل وجوه الفرسان في القرون الوسطى . . . والفروسية في نفسه التي يجب عليها ان تخاطبها.
- إذا كانت حقا" تهتم بي براد ، إذا يجب ان تكون متفهما" لما يجب علي ان افعل . . إنه صليب آلامي . . ولااريدك ان تتحدث عن وحدتك . . فأنا لاأتحمل هذا ، فأنت لم تخلق لأن تكون وحيدا".
- لا . . انا لااملك مزايا الراهب . . ولكن الطبيعة جعلتني كثير الدقة في الاختيار . . ولا اظن ان بمقدوري ابدا" ان اجد فتاة هي تماما" "كالكاساتا" مزيج لذيذ من البارد والساخن . ملفوفة ببشرة من الكريما الصافية . . ياإلهي لااستطيع ان اكون قربك ولا . . .
وقفز واقفا" نابضا" بالحياة كحيوان خطر على حافة الهجوم ووقف جامدا" ، يحدق بتوتر الى النوافذ المبللة بالضباب ، وقد اختفت كا الاصوات ، وبدا وكأن خيمة من اللهب تنتشر خلف الضباب وتمتم ...
- الشمس تغيب والمدينة غارقة ببخار الماء يجب ان تأكلي "الكاساتا" معي . . . ثم سآخذك إلى منزلك . . إذا كان هذا ماتريدين ان افعله؟

shining tears
12-04-2009, 20:34
ولم تجرؤ مايا ان تفكر بما تريده حقا" . . . مجرد النظر اليه سيشعرها بسلطة الإثارة والقدر . . .
- انا . . . انا لا اظن انني استطيع ان آكل شيئا" بعد . . .
- حاولي . . دعيني ادعي لمرة واحدة انني شاركتك في حلوى
ايطالية حقيقية على شاطئ منعزل ، حيث ستلتقين بعدها بين دراعي دون ان تستخدمي الجودو ضدي . .
وضحك ضحكة خفيفة واتجه إلى غرفة الطعام . . ونهضت مايا بسرعة وتناولت حقيبة يدها والعلبة التي تحتوي على حذاء الزفاف واتجه نحو الباب الذي يقود الى الرالى الردهة . قلبها كان يضرب بشدة يجب ان تصل الى المصعد قبل ان يحس بها براد ، وعندما تصل الى الاسفل ستأخذ تاكسيا" وتذهب . . . دون ان تنظر الى الخلف حتى لاتتألم
وتبكي .
كانت في منتصف الطريق عبر الردهة عندما دق جرس الهاتف الصوت المفاجئ جعل اعصابها تقفز ، ووقعت العلبة من يدها وبذعر محموم التقطت العلبة وركضت نحو المصعد. .
وصرخ ورائها ، وقد سمع الهاتف واقبل مسرعا" للرد عليه:
- لا . . . مايا . . ارجوك
- كان امرا" . . ورجاءا" مؤلما" . . وقفت هناك وكأنها شخص يتأرجح عند حافة هوة سوداء . . . الزر الذي سيجيء بالمصعد اليها كان على مدى يدها . . . وكان عليها ان تجبر نفسها على ان تلمس ذلك الزر بقوة كافية لتأتي بالمصعد.
- وسمعت براد يتحدث في الهاتف . . . ولازال قلبها يخفق وكأنها كانت تركض ، ووضعت يدها على حنجرتها ، واخذت تصلي لتعود اليها الحياة قبل ان يتهي حديثه
- لن تذهبي . . . ليس الآن
كان يسير مسرعا" نحوها ، واستدارت لتواجه وجها" تحول الى حجر عيناه كانتا تحتويان على شعلة مخيفة. وتراجعت مايا عنه ، وسمعت صوت باب المصعد يفتح من خلفها في اللحظة التي امسك بها براد بخشونة.
- ستبقين معي . . لاشيء . . ولا اي انسان . . يستطيع الآن ان يفعل شيئا" ضد هذا . انا اطالب بما هو لي
- براد ، يجب ان تتركني اذهب ارجوك ، لاتسبب لي فضيحة وقاومته ، ولكنه بقوة متعجرفة ، حملها بين ذراعيه عائدا" بها الى الداخل . ذراعاه كانتا كالفولاذ من حولها ، وحملها بقوة لم تستطع مقاومتها . . .
- براد . . . من كان يتكلم على الهاتف؟
- إنه رئيس فرقة الإطفاء في باسادينا . . . "ادامز تشالنج" احرق حتى الارض وقبضوا على الفاعل فيما بعد فورا" . . زكان ولد دفع له لإشعال النار في املاكي . . والبوليس لايتساهل مع مشعلي النار واستطاعوا ان ينتزعوا منه اسم الشخص الذي دفه اليه.
وتوقف براد ، وشاهدت مايا الغضب على شفتيه . . وضمها قريبا" منه ، وشعرت بضربات قلبه القوية عليها وتابع :
- يبدو ان عرابتك اتصلت بمحل صنع الاحذية لتسأل عنك ، وقالوا لها انك اتيتي وكنت برفقة سنيور دونيللي . . وهذا قول يكفي . . هه؟
واتصلت غلوريا آرثر ثانية من فراش مرضها ، وفي وقت قصير بعد ذلك كان منزلي قد اصبح نارا" متقدة وفيه علب الدهان وسوائل التنظيف . . والشكر لله بأن العمال كانوا قد تركوا العمل
لا . . ارادت مايا ان تنكر هذا الادعاء بأ غلوريا تورطت في عمل إجرامي كهذا . . وبللت شفتيها الجافتين ، ولكن الكلمات لم تخرج وفي عينيها افكارها ، رأت اللهب يرتفع في سماء الليل ، وسمعت صوت وقوع الأخشاب المحترقة ، ورأت لوحة صورة ابنة بنروز تقع من على الجدار إلى اللهيب الجشع . . لقد ذهب معه حلم براد بتحويل ذلك المنزل القديم إلى منزل حقيقي. . .
أوه . . يالله . . لم يكن في مقدورها ان تصدق بأن غلوريا يمكن
ان تدبر مثل هذا الانتقام ، على الآقل ليس في وقت تركتها فيه على فراش المرض . وبعد ان وعدتها حال ان تنتهي قياس ثوب العرس.
- انت لن تعودي الى تلك المرأة ستبقين هنا معي . . حيث تنتمين . لقد رأيت الآن كم ستتطرف لتحصل على ماتريد . لقد اعطتك بيد ، وبالأخرى سجلت عليك ديونك ، ولتدفعي ثمن كل معروف صغير قدمته لك . . . لقد ادخلت هذا برأسك الى ان لم تعودي تدرين ماإذا كنت تعيشين لها حياتها . . ام تعيشين حياتك لنفسك . . . والآن
- الآن قد حررتك بيديها الانانيتين . . . والآن سوف تعيشين حياتك الخاصة . . معي
- وسمعته مايا وكأنها في حلم ، ورأسها ملقى على كتفه . . . هل من الممكن لها ان تفعل مايقول لها وان تتحرر من قيودها وان تبقى معه بحب وشرف؟
- لا . . . يجب ان اتحدث معها . . يجب ان اسمع ماستقول . . . لا استطيع . . سوى ان اعود الى هناك . . . الاترى هذا؟
- ارى فقط وجهك الشاحب وعينيك الواسعتين . . . واعرف فقط انني اريد ان احميك منها
- وانزل مايا الى الاريكة وجلس قربها ممسكا"بيديها ، ليعيد اليهما الدفء
- اوه يابراد . . . ماذا يمكن ان يكون قد اغراها لان تفعل مثل هذا ؟ وتعلقت عيناها به ولم تستطع سوى التفكير بأن اعمق مخاوفها قد تحققت . . وبسببها اصبح براد في خطر ، ولأنها هنا معه احترق منزله . . .
- ماغراها انني احبك . . ولأنك تحبينني . . هناك اناس لم يعرفوا
الحب من قبل . . . وهي واحدة منهم . . . وأظن انها صممت رأيها منذ زمن بعيد ان تستخدمك لتنتقم من موريس كولين لأنه ادار ظهره لها واغرق نفسه في البحر . . . اخبريني الآن يامايا . . هل ستبادلين ماأقدمه لك بما اعطتك إياه بقلب امرأة بارد

shining tears
12-04-2009, 20:38
ومحاسب صمم على ان يراك تعيسة في زواجك كما كانت هي تعسة في زواجها؟ زوجها مات ميتة غريبة . . . هل وقع ام دفع؟
وجلست مايا ، وبدأت تستوعب كلماته . . . الرعب فيها ، والحقيقة المرعبة المحتملة ، فتمتمت:
- ماذا سيحدث الآن يابراد؟ هل سيكون هناك . . . متاعب؟
- اجل . . . لايمكن تجنب هذا ، فالفتى قد القي القبض عليه ، كما يحصل لأمثاله عادة، إذ لايستطيعون مقاومة انبهارهم بالنار التي التي يشعلونها.
- اوه . . . وماذا علي ان افعل . . . لقد كبرت في منزلها . . . وعاملتني كأبنتها . . . ثم ، بدا لايستأهل ان تؤذى من جراء كل هذا
- وهل استحق انا يامايا؟
وحدقت به ، وبدا في عينيها وميض من الحنان والحب:
- لا . . . ليس انت . . . ليس انت . . . ولكن يجب ان انهي الأمر بصدق وشرف . . براد، يجب ان اراهما . . كليهما . . لااستطيع ان اتركهما واذهب هكذا.
- انت تتبعين الطريق المستقيم دائما" . . اليس كذلك يا حبيبتي ؟ لابد لي ان اكون كريم الأخلاق كما اعتقد ، إذا كان لي ان احصل اخيرا"على حلمي ليصبح حقيقة على شكل مايا . احبك من كل قلبي ، ياأعز الناس . . . احب شعورك بالكبرياء والشرف . . احب عينيك ، واحب ان احس بيدي في يدك . سأكون رجلا" يبرز حبه لك حتى ينسى والداي ان يعترضا ، ويأخذانك الى قلبيهما . . اتساءل هل ستحبين العيش معي في ايطاليا ؟
- معك ياعزيزي براد ؟ بعيدا" جدا" عن كل مابنيته ؟ برج الشمس مثلا" ؟ وهل سترغب في هذا؟
- معك يامايا. . اي مكان في العالم سيكون لي الجنة ، وماهو برج الشمس بالمقارنة مع برج الحب؟ سنذهب لنواجه التنين معا" . .
- ولكن . . لم يكن مقدرا" لمايا ان تواجه عرابتها الثانية . . . فبعد المسافة الطويلة التي قطعاها عبر الضباب الكثيف ، وصلا الى ساتانيتا ليجدا غلوريا في غيبوبة . . . فهي لم تستيقظ من آخر نوم لها . . وقد خدرت نفسها بدواء خاص ، ولكنها تركت رسالة لمايا تقول فيها بكل بساطة:
"لا استطيع تحمل ان يأخذ مني اي رجل ابنة موريس . . باد لن يفعل هذا . . . ولكن برناردو دونللي سيمتلكك بالكامل . . . لقد نوى هذا منذ ذلك الصباح الذي دخل فيه حديقتي على صهوة جواده . مثل الملاك الأسود . . لقد كرهته حتى وانا اراقبك وانتي تحبينه . . .
اتمنى لو انه كان في ادامز تشالنج عندما اشتعلت فيه النيران . .
احب ان اراه يحترق في جهنم ، ولكنه بدلا" من ذلك سيكون معك . . فالحب هو الجنة . . كما اعتقد".
وقرأ براد الرسالة دون ان يقول شيئا" ، ثم وضعها على الطاولة . .
وسارا دون ارادة منهما الى الحديقة ، حيث كان الضباب يختفي ليكشف عن اشكال الأشجار . ولايزال امامهما ايصال الخبر الى باد
ولكن مع براد وذراعه القوية من حولها كلنت مايا تعلم انها تستطيع مواجهة العالم . . . ورفعت رأسها تنظر اليه . . . اجل . . لقد كانت تعرف ان خيوط حياتها في النهاية ستحاك مع خيوط حياته ، لينتج عن هذا تصميم كانت ستجده عرابتها كارثة . . . لقد كان مقدرا" للأمور ان تحدث كهذا . . . ولأن مايا كريمة الأصل . . ستبقى تتذكر الأيام الجميلة التي قضتها في ساتانيتا . . وبالتدريج ستنسى آخر لحظات حزينة من حياتها هنا. . .
اليوم ستعود مع براد إلى برج الشمس ، لتبقى هناك كضيفة الى ان يحصلا على الترخيص ويذهبا بهدوء ليصبحا رجلا" وزوجته . . .
وهكذا سيكون . . ووقفت هناك ، منطوية بين ذراعيه والشمس ترتفع فوق قمم الأشجار ، والنهار يلتمع اكثر ، والظلال المظلمة تتراجع . .
وتنفست مايا تنفسا" عميقا" ، وشعرت بذراعي براد تشتدان عليها ، وتمتم لها:
- الزمن سيتكفل بالذكريات . . . وسأتكفل بهذا . . ياحبيبتي . . .
- صدقيني . . .
- انااصدقك . . بكل مافي الكلمة من معنى.
واستدارت اليه ، وهي تعلم ان حاجته لها قوية كحاجتها اليه . . .
وسيكون هذا الحب رائعا" ، مع مضي العديد والعديد من الأيام إلى مالانهاية.
- اوه . . . براد
- وضاع صوتها في دفء صدره . . . وكل الشكوك تبخرت بينما كانت الشمس تسطع لتصبح كرة ذهبية . . .


كللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل للوش كللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللوش
خلصت اخيرا اخيرا نزلت الروايه وخلصت
قرأة ممتعة للجميع

deemah
13-04-2009, 00:56
تسلمين والله شاينينع تييرز وتسلم الأنامل الجميلة الي كتبتها شكرا لك وربي يعطيك العافية يارب

والشكر أيضا لحبيتكم فجيتكم على مساعدتها في الكتابة

مع حبي ديمة

بنت الشام بالدم
13-04-2009, 15:23
سلام .....على احلى منتدى ...........واحلى عضوات

الف .الف .الف ...شكر لكم على الرواية بصراحة كنا عطشا وجاء المدد اخيرا

.................تسلم اديكم.........................:):)







:o بتمنى ما تتأخروا علينا مرة ثانية:o

dony
13-04-2009, 21:59
والله اني ماسكه نفسي عشان لا اكتب اي رد
لغاية ماتخلصوا الرواية
تسلم اياديكم على الروايه وتعبناكم معانا ::جيد::::جيد::

miraaa
13-04-2009, 22:30
ازيكم يااحلى بنات بجد تسلم ايد كل واحده كتبت روايه انا بصراحه حبيت المنتدى اوى وان شاء الله انزلكم
روايات كتير وانا عندى روايه جميله جدا اسمها (النصف الاخر) من روايات عبير



(يبحث الانسان طوال حياته عن نصفه الاخر النصف المكمل للذات والحياه

وكثيرا مايكون نصفنا الاخرقريبا نراه كل يوم ولا نعرفه

اليكس لم يسبق له ان شعر بوجود صوفى برغم كونها موظفه فى شركته ولكن عنما اخذتها امه الى كريت لتعمل

سكرتيره لها لفتت نظره الا ان صوفى صدته لانها كانت محصنه بحب قديم

و اكتشف اليكس ان حبيب صوفى متزوجوعندما التقاه مع زوجته ادعى امامهما انه خطيب صوفى ودهشت صوفى

عندما علمت بان اليكس جاد فى لعبه الزواج)


ده الملخص لو عجبتكم قولولى وانا انزلها

نووووووون
13-04-2009, 23:17
واااااااو :eek:

من جد الرواية رائعة

تصدقوا اني مو مصدقة ان الله رحمني من الدوارة :محبط:على المكتبات عشان ادور روايات

الله يسعدكم يارب على هدا المشروع الاكثر من رائع ::جيد::

تقبلوا مروري

جين أوستين
14-04-2009, 13:44
يسلموووووووو.............^_^
على القصة الرائعة جدا جدا جدا جدا جدا .......

ماري-أنطوانيت
14-04-2009, 21:38
http://www.hotagri.com/data/media/73/41.gif (http://www.hotagri.com)
يسلموووووووو عزيزاتي...ولا بغت تنزل هالروايه هههههه

الف شكر

نجمه - shining tears - زهر نوار - حبيتكم فجيتكم

تسلم الايادي...اعرف ان فصول الروايه كانت مرررره طويله

تستحقون الشكر لمجهودكم...::سعادة::

هيونه المزيونه
15-04-2009, 06:43
يعجز اللسان عن أن يوفيكم حقكم من الشكر والعرفان ......::جيد::

شكرا حبيباتي على مجهوداتكم المبهرة .....:D

رواية أكثر من رائعة .....:p

نيالي
15-04-2009, 13:23
مشكورة وايد على هذه الرواية الرائعة

وننتظرك في رواية جديدة

khadija123
15-04-2009, 17:05
::جيد:: ::جيد:: ::جيد::
السلام عليكم
أنا أحب أن أوجه شكري وتمنياتي بالتوفيق في الحياة اليومية لكل من شارك في إتمام هده الرواية سواء من قريب أو بعيد كما أشكر جميع الأعضاء بدون إستتناء
شكرا كثييييييييييييييييييييييييييرا لمجهوداتكم الجبارة ::جيد::
إلى اللقاء

مرام مجدي
16-04-2009, 02:06
مشكورين والله يعطيكم العافيه والى الامام دوما
ودوما ينور المشروع بتعاونكم::جيد::

نسمة..
16-04-2009, 05:04
مرحبا بنات..كيفكم..
بصراحة...الشكر موجــــــــــــــــــه لكل اللي شاركو بهالرواية الرائعة...قريب رح أنزل عالمكتبة
وأشتريها الرواية وأحتفظ فيها لانها من النوع اللي أفضله...تسلم ايديكم ..
تحياتيـــ للجميع
ولمـــــــــــاري العسللللللل..

ماري-أنطوانيت
16-04-2009, 10:07
سلااااام بطعم البرتقال
http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-a300adc391.gif (http://www.love-m.com/up/)

~*~*~ الرجل السراب ~*~*~

- جانيت ديلي -
(روايات أحلام)

كانت تعرفه صوتا بغيظا متسلطا عبر الهاتف .وها هى الأن تراه مختلفا كل الاختلاف .
على كل حال ؛ظروف لقائهما كانت غريبة.
فقد وجدا نفسيهما وحيدين تحت سقف واحد،ولا رفيق الا أمواج البحر.
كان هذا وضعآ خطيرآ بالنسبة لسارة بالرغم من قوانين ((اللاعواطف))التى وضعاها
فوارن كينكايد رجل لا يعترف الا بقانونه الخاص،حتى أنه استغلها ضد خطيبته الفاتنة السابقة .
سارة اكتشفت أنها تعيش مع سراب كلما حاولت الامساك به ابتعد عنها،
ولم يبق لها الا الرحيل مع حطام قلبها فهل يداوى البعاد القلوب الجريحة ؟

# ستنزلها لنا العزيزه (حبيتكم فجيتكم) اليوم بإذن الله::جيد:: #

ملاحظه: قامت بكتابة هذه الروايه الصديقه ( gasmin ) من منتدى روايتي

http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-09347853a8.gif (http://www.love-m.com/up/)

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:05
مساء الخير ع الناس الغير..

أتمنى لكم قراءة ممتعه..

بسم الله نبدأ....

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:07
.1_الرجل العاصفة
رنين الهاتف أوقف الخطوة التى كانت تهم بها سارة لا تغلى للابتعاد عن طاولتها .والضوء الأحمر راح يغمز على الخط الداخلى للمكتب. فنقلت كومة الملفات الى ذراعها اليسرى ،ثم مدت يدها لتجيب:
-سارة تتكلم
-لديك مكالمة من فيولا شردان على الخط الثالث ارتفع حاجبا سارة الأدكنان تعجبآ عند سماعها اسم ابنة عمها.
-شكرآ نانسى.
ضغطت على زر الخط الثالث ،متسائلة بسخرية خفيفة عن سبب اتصال فيولا بها.
-مرحبآ فيولا.
جاء الصزت الغنائى الجميل خاليا من اعتذار حقيقي.
-أسفة لأننى اتصلت بك فى عملك ياسارة ،فلست أنوى التسبب لك بمشاكل مع رئيسك.ولكننى لم أستطع الانتظار حتى المساء لأتكلم معك.-أنت لن تسببى لى المشاكل.فلا قانون يمنعنى من تلقى المخابرات الشخصية .ماذا تريدين بهذه الصورة الطارئة
-أردت أن تعرفى أننى وفريدى مسافران فى الغد الى اسكتلندا لمقابلة أهله، سنقوم بعد ذلك برحلة بحرية نحو المتوسط.
-هذا رائع!
ما من شيء قد يجبر سارة على اظهار ولو شيء من الحسد.
أردفت فيولا بسعادة :-أليس الأمرمثيرآ حقآ؟ لقد حدث كل شيء بسرعة .ذكرت عرضيآأمامه كم ستكون رحلة من هذا النوع رائعة ،وأنت تعرفينه ،لو أردت القمر لاشتراه لى .ياللرجل المسكين...ودت سارة لو أن يتعلم فريدى قول كلمة (لا)قبل أن تبذر فيولا ماله كله.ففيولا تحب فريدى حقأ،ولكنها لن تنضج لأنها على ما يبدو ستبقى طفلة.وتابعت فيولا:-جربت كالمجنونة منذ أن أبلغنى عن الرحلة لأننصف ثيابى الصيفية أصبح قديما وسيصيبنى الحرج اذا ارتديتها.اوه يا سارة أود لو ترين هذا الثوب الرائع الذى اشتريته!انه جرىءالى حد أن يمنعنى فريدى من ارتدائه اذا ما رآه.ثم هذه البيجاما الساتان ذات اللون الأزرق التى ...
-فيولا.أحب أن أسمع كل شيء عن ثيابك الجديدة لكننى مشغولة جدآ لذا من الأفضل أن تتصلى بى الليلة .
-لكننى اتصلت بك الآن لأننى وفريدى مدعوان الى حفلة عشاء الليلة.بدا من صوتها ريبة لأنها لم تفهم مقصد فيولا .ابتسمت بسخرية وهى تنظر الى السماعة :-حسنا ...سعيدة أنا لأنك أعلمتنى بخبر سفرك.ماذا باستطاعتها أن تقول غير هذا؟
-أوه...ولكن هذا ليس سبب اتصالى ...أظننى أخبرتك عن الأمر الآن.
تمكنت من تصور وجه فيولا وعينيها المتسعتين دهشة.
-لا يا فيولا...لم تخبرينى شيئا.لماذا اتصلت بى تحديدآ؟- لقد التقيت بآريل ماترز يوم أمس صدفة عندما كنت أهم بوضع حمل من المشتريات فى سيارتى.جلست سارة على حافة الحاولة حائرة فما علاقة اريل بهذه المكالمة ؟ستعرف بالتاكيد لكن عليها الصبر حتى تحصل على رد من فيولا وتابعت فيولا:
-توقفت لاقول لها ((مرحبا))فمن موضوع الى اخر وصلنا الى الحديث عنك.-حقا؟-ليس بالشراو اى شيء من هذا القبيل .لقد ذكرت اريل انك ستاخذين اجازة الاسبوع القادم مدة اسبوعين ،لكنها ليست واثقة من انك تخططين لامر ما. اليس هذا صحيحا؟ردت سارة بضجر فرحلاتها الصغيرة لا تقارن بالرحلة التى ستقوم بها فيولا:-اجل...
-الن تسافرى الى مكان ؟-لقد فكرت فى قضاء بعض الوقت مع العائلة ،اما الوقت الباقى فساخلد فيه الى الراحة والاسترخاء.
هذا عظيم! لم تكن سارة تظن ان الامر يستحق كل هذا الحماس ،لكن لا ريب فى ان فيولا لم تفكر كثيرا عندما قالت ذلك .والحقيقة المرة ان سارة لن تستطيع تحمل تكاليف السفر الى الخارج. فامامها مصاريف اولية مختلفة اولاها تصليح سيارتها التى انضبت حساب توفيرها الى درجة الجفاف تقريبا.لكن عزتها تابى عليها الاعتراف بذلك امام ابنة عمها لذا حاولت دفع فيولا الى النقطة المطلوبة:- لماذا تسالين -قلقت بشان منزلنا الملىء بالاشياء الثمينة الواقع فى عزلة على الشاطىء بعيدا عن الجيرانالذى قد يتعرض للسرقة خاصة وان السياح ستيوافدون الى البلد منذ الان.فقد يقتحم احد المنزل حينما يلاحظ ان المنزل فارغ .ولست ادرى ما افعل ،فانت تعرفين الاشياء الجميلة الثمينة التى نملكها يا سارة .-اجل.
-فيما كنت افكر بما سيصيب المنزل اثناء سفرنا تذكرت قول اريل عن اجازتك،عندها علمت اننى وصلت الى الحل المثالى ...ما رايك بالعناية بالمنزل اثناء غيابنا!ترددت سارة قليلا:-اعتقد ...اننى استطيع .
اثناء اجابتها تلك جالتالفكرة فى خلدها فاستنسبتها فليس اروع من قضاء الاجازة فى منزل ضخم يرتع عند اعتابه الشاطىء وهذا المنزل لن تقدر على مصاريفه لو اردت استئجاره .
صاحت فيولا:كنت اعلم انك ستساعديننى!ردت سارة بصدق وهى تتصور أيام الاسترخاء تحت اشعة الشمس :-سيكون هذا من دواعى سرورى .-ثمة امر اخر فنحن كما ذكرت منذ قليل مسافران غدا وهذا يعنى ان المنزل سيبقى فارغا وانا اخشى عليه فراغ ساعة فكيف بيومين او اكثر .فهل لك السكن فيه ابتداء من ليلة غد؟
اخذت سارة نفسا عميقا فليت ابنة عمها تعرف ان ما تطلبه يفرض عليها النهوض مع طلوع الشمس لتستطيع الذهاب الى لندن قبل ازدحام السير الخانق .لكنها فكرت بما ان الغد هو نهار الخميس وان السبت عطلة فلا باس بالقيام بهذه الرحلة .فوافقت بعد تفكير :-بالطبع ...سأوضب حقائبى وأسافر بالسيارة بعد انتهاء العمل غدا.
سأدين لك بالشكر طوال عمرى .فى المنزل أطعمة كثيرة وكل ما تحتاجينه من أدوات ،سأترك مفتاح الباب فى وعاء الزهور قرب الباب.
-حسنا.-وداعا.
سمعت سارة فورا صوت الخط الذى قطع قبل ان تجيب حتى ،وهذه هى عادة فيولا التى ما ان تحصل على ما تريد ،حتى تفقد اهتمامها بالحديث.لكن الشكر لها لانها جعلت اسبوعى الاجازة عطلة تتوق اليها بفارغ الصبر.عليها طبعا ان تكلم رب عملها ،ديرك ارميتاج ،عن صباح السبت.استوت واقفة عن الطاولة ثم تقدمت من خزانتين معدنيتين فوضعت عليها الملفات ثم فتحت درجا وشرعت فى وضعها مرتبة فيه .

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:10
فى هذه الاثناء دخل ديرك ارميتاج احد شركاء مكتب المحاماة ملقيا التحية:-مرحبا سارة.تقدم من طاولتها ليراجع كومة رسائل .مررت سارة يدها على احد جانبى شعرها البنى ثم التفتت اليه تتامله.ديرك ارميتاج فى أواخر الثلاثينات من عمره،غزا الشيب شعره الاسود لكنه الى الان لم يتزوج فهو الاعزب الدائم كما يدعى.كانت سارة تعلم ،رغم خبرتها المحدودة ،انه سيصعب ايجاد رئيس مثله فهو مرح يسهل التعامل معه.كانا قد تواعدا عدة مرات فى الاشهر الاخيرة لكن لم يحاول اى منهما نشر الخبر امام الاخرين فى المكتب .قالت له سارة بنظرة عطف من عينيها البنيتين:-من خلال ما اراه على وجهك اعتقد ان لا داعى الى السؤال عن الاجتماع. اشتدت زوايتا فمه الى الاسفل :-ارجوك لا تسألى .لقد اصابنى الاحباط اثناء الشرح للرؤساء الكبار اسباب خسارتنا قضية الدكتور ايفاريز .ليت هؤلاء الرؤساء يخربون من مكاتبهم الى العمل لفهموا طبيعة ما نواجه. -اقتراح عليهم ذلك .ابتسمت له،فتنفس بحدة.-لا ...هذا ليس من صميم عملهم.وهم لا يودون سماع الاعذار بل يريدون الحلول،على البدء بدراسة القضية من جديد للنقض والاستئناف .اه من المشاكل!-بما اننا نتحدث عن المشاكل فهل لى ان اذكرك باجازتى المقبلة .-لا تذكرينى بهذا فأنا لا اريد ذكر الامر قبل صباح الاثنين.- اسفة .لكنى املت ان تمنحنى اجازة صباح السبت .
لمعت أسنانها البيضاء وهى تبتسم له،فقطب حاجبيه ثم ظهر الارتباك فى عينيه اللوزيتين:-لكنك كما ذكرت لى انك لن تقصدى مكانا معينا اثناء اجازتك.- تغيرت خطتى قليلا.ذلك ان ابنة عمى اتصلت بى طالبة منى السكن فى منزلها على شاطىء هايستنغز اثناء قيامها وزوجها برحلة بحرية غدا مما يقتضينى ذلك المكوث فى منزلهما ابتداء من ليلة غد حيث سأضطر الى السفر الجمعة ،ذهابا وايابا ولن أقدر على اجتياز هذه المسافة يوم السبت .فهل تعطينى الاذان؟
هز كتفيه:-ولماذا لا؟-شكرا لك.سأعمل حتى وقت متأخر يوم الجمعة لأعوض يوم السبت .- الافضل أن تخرجى من بيت المجانين هذا فى الخامسة مساء الجمعة قبل ان اغير رايى فأوجل لك اجازتك .عندها ستضطر ابنة عمك ان تجد لها من يحرس المنزل بدلآعنك.على فكرة من ستحل محلك هنا ؟-جيني.
لمعت عيناه عند سماع الاسم الذى تلفظت به سارة فقال بلهجة جافة :-الافضل ان تتركى عنوانك ورقم هاتف ابنة عمك مع نانسى .فى حال خلطت ((جينى البلهاء))الامور او اكتشفت انها اضاعت شيئا .اين قلت العنوان ؟شاطىء هايستنغز؟
-اجل...المنزل على شاطىء القناة الانكليزية تماما و...لم تكمل سارة ،اذ شهق ديرك وقال:-على الشاطىء؟قلت على الشاطىء؟اللعنة...قد آخذ اجازتى وانضم اليك.يبدو هذا وكأنهالجنة ...منتجعات هايستنغز مكان للعشاق كما تقول المنشورات السياحية ،ماذا لو أثبتنا صحة هذا الكلام؟- ان لم تشأالعمل نهار الاحد فاتبعنى؟-عظيم .رن جرس الهاتف الداخلى ،فتقدمت سارة لتجيب فطالعها صوت نانسى عاملة الهاتف:-الم اشاهد السيد ارميتاج يدخل منذ قليل يا سارة؟-أجل.-جيد،السيد كينكايد على الخط رقم واحد. لقد اتصل ست مرات اليوم.ولم تضف شيئا فالسيد كينكايد رجل غير صبور اطلاقا.-شكرا نانسى... التفتت الى ديرك:-السيد كينكايد على الخط رقم واحد.شد على أسنانه غيظا:-ألن أنتهى من الشرح والتفسير اليوم ؟استخدمى سحر صوتك الدافىء لتأجيل المكالمة فترة .جلست على كرسيها ثم رفعت السماعة لتضغط على الخط رقم واحد :-مكتب السيد ارميتاج،هل لى بمساعدتك؟
جاءها الصوت الأجش:- أجل ...اريد مكالمة السيد ارميتاج.كان امرا لا طلبا ما قاله،لكنها مع ذلك ردت باصرار:-اسفة جدا...انه مشغول على الخط الثانى ...هل أوصل له رسالة ؟ -حقا ؟انه على الخط الثانى؟ أحست برده الساخر،فقالت بثبات:-اجل ...هل اطلب منه الاتصال بك عندما ينتهى ؟-لا ...فأنا لا اشك فى انه يقف قربك الان ليتاكد من نجاحك فى ابعادى.أجفلتها قليلا هذه النبرة الجافة -اؤكد لك يا انسة انك لن تنجحى .
لم تدر ما اذا كانت لهجته المتعجرفة ام ردة فعلها الغاضبة على اتهامه هو الذى دفعها للتخلى عن لطفها لتلجأالى الاسلوب الساخر الذى كان البادىء فيه:-اؤكد لك سيد كينكايد ،ان السيد ارميتاج مشغول على الخط الاخر لكن بما انك تبدو على عجلة شديدة من امرك تجعلك فظا الى هذا الحد فسأرى ان كان بامكانى مقاطعته،أرجوك ابق على الخط. دون ان تعطيه فرصة الرد ضغطت على زر الانتظار .فقال ديرك فورا:انا اسف يا سارة ...سأكلمه من مكتبى.-ليتك تطلب منه القفز الى بحيرة قاحلة.-صدقينى ،قد افعل ذلك .لكننا نعمل فى وقته وماله وهذا ما خسرته بخسرانى تلك القضية .أعتقد ان له الحق فى معرفة ما جرى.-انما لا حق له فى ان يكون فظا الى هذا الحد انه...- احذرى ...فالسيدات لا يستخدمن الكلمة التى تفكرين فيها!تمتمت سارة وهى تنظر الى الضوء الذى يضىء طورا وينطفىء تارة اشارة منه الى الانتظار:لا اشعر الان اننى سيدة.
فكرى فى الاسبوعين اللذين ستقضيهما بعيدا عن كل هذا . تلاشى غضبها بالسرعة التى اشتعل فيها لتحل محلها ابتسامة مشرقة:-سأحس لحظة او لحظتين بالأسى عليك لما تقاسيه فى هذا المكتب بينما اتمرغ انا فوق الرمال.

حملت حقيبة زينتها واحدى الحقائب الصغيرة من مؤخرة السيارة ثم انطلقت باتجاه باب المنزل الآمامى .بسبب انهماكها فى البحث عن وعاء الزهور الذى قالت فيولا انها ستضع المفتاح فيه لم تنتبه لما تحت قدميها .اذ علق طرف حذائها بممسحة الآرجلامام الباب ،فتعثرت الى الأمامحيث طارت حقيبة الزينة من يدها ،فوقع منها كل ما فيها من أغراض على الأرض الصلبة.واستطاعت سارة استعادة توازنها لحظة واحدة قبل ان تلحق حقيبتها الى الارض،صاحت تؤنب نفسها:-لماذا لا تنتبيهن لموضع قدمك يا سارة؟بينما كانت تلملم أغراضها المبعثرة عن الارض لاح لها وميض شيء معدنى.التقطته فاذا به مفتاح ،وضعته فى قفل الباب فانفتح. تمتمت:((يا لفيولا الغريبة)).تركت الباب مفتوحا لتعيد الاغراض الى الحقيبة ثم تمتمت مردفة:نسيت المكان الذى عليها ان تضع المفتاح فيه،فاختارت ابسط الأمكنة. ولجت الباب الى المنزل الذى زارته قبل الآن المؤلف من طابقين :الطابق الأرضى يحوى المكتبة وغرفة استقبال.وما تبقى يحتله المرآب.القسم الرئيسى من المنزل هو فى الطابق الأعلى الى يسارها .نظرت الى السلم ،فأعجبتهاالخزائن الطويلة المبنية فى الحائط ابتداء من فسحة السلم حتى السقف،والنقش الذى زين خشبها الأبيض المطعم بالأزرق اللماع من خلال زجاجها المقطع فى الأبواب الطويلة ،وبدت مزهريات جميلة من البورسلين الابيض والازرق تتوزع فيم بين الكتب .كان كل شيء حولها صامت لا يسمع فى ارجاء المنزل الا صدى نعلى حذائها على الارض الخشبية وقد أزعجها صوتهما ودت السير على اطراف اصابعها. غرفة الجلوس كانت عالما ازرق قائما بذاته ،فيها مقاعد زرقاء وبيضاء تلائم الوان الغرفة عليها وسائد زرقاء كأنها ذنب الطاووس وسجادة زرقاء كبيرة تقبع فى وسط الغرفة ،امام مدفأة ذات حجارة بيضاء.وفيها أيضا تماثيل وصور ذات الوان زرقاء ،يزيد من ابراز لونها النباتات الخضراء المعلقة والمنتشرة فى الغرفة.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:14
كانت غرفة الطعام والمطبخ امتدادا غرفة الجلوس التى لا جدران تفصل بينهما.فيها اثاث ابيض مطعم يغلب عليه اللون الاخضر بفعل النباتات الخضراءالتى فيها.وضعت حقيبتها من يدها ،ثم تقدمت من نوافذ كبيرة مواجهة للبحر.ذات ستائر زرقاء مفتوحة تكشف عن منظر البحر الرائع ورمال الشاطىء المغرية.لم تمكث كثيرا امام هذا المنظر لان لديها وقتا طويلا تستطيع خلاله تامل الخارج.اما الان فعليها توضيب ملابسها وتجهيزها.تفرعت غرف النوم من الردهة الى يسار غرفة الجلوس قد خصص للضيوف غرفتان هما اصغر من الغرفتين الاخريين الرئيستين،ومع ذلك واسعتان تبعثان الراحة الى القلب.اختارت احداهما وهى غرفة مطلة على البحر لها حمام مشترك مدخله من الردهة .بعد ساعة من وصولها ،اتمت ادخال كل حقائبها واشيائها ووضعتها فى خزانة فيها بعض ثياب فيولا الشتوية،ثم ركنت السيارة فى المراب.بعد ذلك اتجهت الى المطبخ،فحضرت صحنا من الجبن واللحم البارد والفاكهة.عشائها تناولته وحيدة على المائدة،فى مواجهة البحر.ما ان غسلت صحونها وبعض الصحون التى تركتها فيولا على ما يبدوانتقلت افكارها الى الرمال الممتدة امامها،الفاتحة لها ذراعيها عبر النوافذ.الشمس المائلة الى المغيب مزجت الرمال بلونها الذهبى الذائب اثناء عودتها الى المنزل حيث كانت اثار قدميها تخط خلفها خطا.بالانتعاش من جراء الهواء المالحالذى يهب عليها.حالما استحمت،تكورت فى الفراش،لتغرق فى نوم عميق.استيقضت خلال الليل هنيهة عرفتها الى المكان الذى هى فيه ثانية لتغط فى نوم لم تستفيق منه الا على صوت جرس المنبه فتاوهت:احمدالله لاننى ساقوم بهذه الرحلة مرة واحدة فقط!اعدت قهوتها بسرعة ثم حملت الفنجان متثائة باتجاه شرفة غرفة الطعام.كان النسيم الذى يهب من البحر منعشا خفيفا هو ما تحتاجه تماما لطرد النعاس عن راسها.انحنت فوق سياج الشرفة،تراقب المد المتقدم،مذهولة بحركات الأمواج المتسارعة الواحدة تلو الأخرى نحو الشاطىء.توقف الزمن عند هذا الجمال الذى غرقت فيه وهى تحتسي قهوتها.صوت سيارةكسر السحر الذى حولها،فاستدارت عابسة.وقد وجدت ان هواءالبحر جعلها عاجزة عن تحديد المكان الذى صدر منه الصوت،لكنها كانت على يقين من انه قريب جدا وقد يكون صاحبه صيادا انطلق باكرا الى صيده.ازرحام السير الصباحى على الطريق الرئيسية باتجاه لندن كان كثيفا كما توقعت مما حداها الى المكوث وقتا طويلا على الجسور فى مداخل لندن فكان ان تاخرت فى الوصول الى المكتب عشرين دقيقة جعلتها تمضى معظم فترة الصباح محاولة تعويضها.بعد عودتها من فرصة الغداء،توقفت عند عاملة الهاتف،التى دل التعبير المرتسم على وجهها ان اقاويل المكتب العادية هى اخر ما يجول فى فكرها:-كنت قد طلبت من السيد كينكايد،الذى اتصل مجددا،معاودة الاتصال عند الواحدة والنصف معتقدة ان السيد ارميتاج سيعود فى هذا الوقت،لكنه اتصل منذ قليل ليقول انه مرتبط بعمل فى الخارج،وسيغضب السيد كينكايد عندما يعلم بغيابه.اول ما ارادت قوله فى هذه اللحظة ((ماذا اذا غضب؟))ولكنها تذكرت لذع لسان السيد كينكايد الفولاذى وعلمت ان نانسى تخشى من اتصاله فقالت:دعينى اكلمه لاشرح له الوضع.لم تكد تجلس الى مكتبها،وتضع حقيبتها فى الدرج السفلى حتى رن جرس الهاتف.وقالت نانسى ان السيد كينكايد على الخط الثانى.صرت سارة على اسنانها،ثم شجعت نفسها قائلة:لا تفقدى سيطرتك على اعصابك،ابقى هادئة ولطيفة بغض النظر عما يقول واياك وزيادة الزيت الى نار ديرك.كانت النصيحة خيرا لها،ولكنها قبل ان تلتقطالمكالمة،مدت لسانها للهاتف المضيء.تعبيرا عما يجيش فى قلبها .كم شعرت بالسرور فى هذه اللحظة لانها ستبتعد عن كل هذا مدة اسبوعين:عندما تكلمت كان هناك ما يكفى من كسل فى صوتها:
-مكتب السيد ارميتاج.
-صلينى به فورا.
-اسفة هو غير موجود ولن يعود قبل وقت متاخر.هل لى بمساعدتك؟
رد بغضب بارد:
لقد قيل لى...
-اجا ...اعرف ما قيل لك سيد كينكايد.كنا نتوقع وصوله عند الواحدة والنصف لكنه عاد فأعلمنا باضطرارهالى التاخر بعض الوقت.جاء الرد الصارم:
-اذا انت تدعين انه غير موجود؟
-انا لا ادعى بل اقول لك الحقيقة.
لست ادرى ما يشغل ارميتاج لكننى اؤكد لك يا انسة...-انسة لانغلى.-يا انسة لانغلى،انه ليس مشغولا بقضيتى.يوم امس وعدنى بتقديم تقرير كامل وها انا انتظر انسة لانغلى.
كان صوته المنخفض شريرا مفعما بالغضب عندما اردف قائلا:-اعلميه حينما يعود بأننى اتوقع اتصاله بى.
لو ان ما يشغل ديرك امرا عاجلا اضطراريا كما قالت نانسى،فهذا يعنى انه سيعود فى مزاج عكر يحول بينه وبين الاتصال بهذا المتعجرف.تنشقت بعض الهواء ثم تابعت رسالة الرحمة،فهذااقل ما يمكن ان تفعله لديريك تعويضا له عن غيابها صباح السبت:
-سيد كينكايد انا اعرف تفاصيل قضيتك والظروف المحيطة بها وبناء على ذلك قد افيدك فى شرح بعض الامور.
-أنت؟
لم يكن توبيخه سخرية بقدر ما هو ازدراء واحتقار لكنها رفضت ان تلتقط الطعم،لذا ردت بكل لطف:-اجل سيد كينكايد...انا اعرف تماما ما يجرى فى مختلف القضايا التى يعالجها السيد ارميتاج،بما فيها قضيتك.
-وما يجرى فيها:لا شيء.
-لذلك سبب سيد كينكايد.
-حسن جدا...اخبرينى لماذا لم تعين جلسة القضية بعد؟
-لن تعين الجلسة قبل جلسة الاستماع الاولى وجلسة الاجتماع مع محامى الخصم.الذين الى الان لم يحضروا اوراقهم...ارايت سيد كينكايد،الامر يجرى فى حلقة مفرغة.
-هذا ليس بجديد على انسة لانغلى.لقد سمعتها مرارا من ارميتاج،الذى وعدنى بالسعى لحث المحامين الاخرين،لكنه كان يفشل دائما.
-عندما وعدك كان مؤمنا بان الامر سينتهى،لكن الذنب ليس ذنبه ذلك انه بالامس ادعى احد المحامين فقده بعض الاوراق،لكن دير...السيد ارميتاج اكتشفصباح اليوم ان الامر غير صحيح.اؤكد لك انه يأسف للتاخير أسفك انت له.-الا اوراق اساسية فى المحكمة؟
-لابد من هذا سيد كينكايد.
-لماذا لا يلجأون اليها للحصول على اوراقهم المزعومة.بدأتتحس باحمرار وجهها:-لست ادرى سيد كينكايد.
-اتعرفين من يلاحق هذا الامر من المكتب؟
-لا ...لا اعرف.
-هل قام ارميتاج بملاحقة الامر شخصيا.
-انا واثقة انه ينوى ...
-حقا انسة لانغلى .يبدو لى انه اذا تمكنت ارادة البشر واصرارهم من ايصالهم الى القمر ،فما الاولى ان يتمكن هؤلاء من ايجاد اوراق ضائعة...الا تظنين هذا؟-اجل بالطبع...
-اذن هل لى ان اقترح اقتراحا،فبما انك سكرتيرة ارميتاج فعليك استغلال وقتك فى التفتيش عما هو مفقود والابلاغ عنه!
انقطع الخط...هذا ما كان يجب ان يتم منذ بضعة ايام ولكن انشغال ديرك بالقضية التى خسرها مؤخرا جعل الفكرة تبتعد عن ذهنه. والتقطت سارة الهاتف،وبدأت اول خطوة لاصلاح الخطأ.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:17
2_ غدا ترحلين







يبدو كل هذا جنونا. تمطت سارة بكسل كقطة كسول وهى تنظر الى النوافذالمفتوحة فى هذه الليلة الصيفية فيما النيران تشتعل فى المدفأة.لكن هذا كله لاءم مزاجها.فهواء البحر المشبع برائحة الملح الاذعة وتكسر الامواج على رمال الشاطىء والسنة اللهب المتراقصة على انغام الموسيقى المنبعثة من ((الستريو))تركت فى نفسها هدوءا بعد نهار مضن فى المكتب ،كان سببهمكالمة كينكايد ابمتلفة انهارت سارة فور
وصولها ليلة الجمعة لتنام حتى ظهر اليوم التالى .اضافة الى طبخ عشاء ايطالى ملىء بالحراريات لذلك المساء. والان...بعد ان تسللت اشعة القمر فحولت البحر الى كتلة فضية وبعد ان اضاء اللهب الاصفر زوايا المدفأة،تملكتها رغبة فى الجلوس على الاريكة التماسا للقراءة وهذا ما فعلته حقل. بدت البيجاما الرقيقة وهى تمد ساقيها قصيرة حتما،لكنها هزت كتفيها اذ ليس حولها جيران ،وان اراد احد التلصص فيجب ان يكون عملاقا كى يتمكن من الوصول الى امستوى الطابق العلوى ونوافذه،فهنا،على الشاطىء الرملى
الممتد على كتف مضيق دوفر فوق مياه القناة ليس هناك اى كثبان او تلال رملية او حبل.سرعان ما بدا راسها يميل...وكتابها ينزلق من يدها حالما داعب النوم اجفانها.ايقظها شيء ما بعد ساعة ،ظنته للوهلة الاولى حسيس خشبة تحترق،اغلقت الكتاب ثم وضعته على الرف الابيض قرب مصباح سارعت الى اشعاله.كان التعب الذى يجتاح جسمها يدعوها الى الايواء الى السرير لكنها كانت هانئة سعيدة هنا قرب النار،فأغرقت رأسها عميقا بين الوسائد واخذ تتأمل اللهب الاصفر الذى يعلق الحطب المتفسخ تقريبا فى المدفأة.
من الاسفل،سمعت مسكة الباب تتحرك فطار من عينيها كل نعاس وصرخ فيها كل عصب حذرا...لص يقتحم المنزل!وهى وحدها اذ لا جيران حولها ليسمعوا استغاثتها. لم تصدر قدماها الحافيتان صوتا فوق السجادة اثناء اقترابها من الهاتف الواقع فى الجانب الاخر من الاريكة لكنها وجدت الخط مقطوعا عندما رفعت السماعة ...تصاعد الذعر الرهيب فى عروقها .
فات اوان الهرب لان الباب قد فتح والخطوات الهادئة راحت ترتقى السلم.دفعتها بديهيتها الى المدفأة،فتصاعد صوت المعدن فوق المعدن وهى تمسك بمحرك النار المعدنى من مكانه. توقف وقع الاقدام لحظة جمدت حينها قرب المدفأة،تتمسك بكلتا يديها بمحرك النار،ترفعه كما يرفع لاعب البايسبول مضربه امامه. تحرك الطيف باتجاه الضوء القاتم المنبعث من نار المدفأة.كان الطيف يرتدى سروالا اسود يعلوه قميص فاتح.لم يبد من وجه الرجل سوى زوايا ومسطحات تتخللها نيران تنعكس عليه من المدفأة دون ان تكشف الا ملامحا قاسية اوحت
اليها بانه ينظر اليها بفضول،ان لم نقل بدهشة تقدم خطوة الى الامام.فقفز قلبها الى حلقها مانعا الكلمات من الخروج.تلاشت الظلال...لتجد نفسها تحدق فى عينين زرقاوين راحتا تتجولان ببطء واهتمام فوق جسدها،بدءا من اطراف عنقها الطويل نزولا الى ثنايا صدرها فرقة خصرها ووركيها،ثم انحدارا على مدى ساقيها العاريتين وصولا الى اطراف اصابع قدميها،ثم صعودا من جديد بالاتجاه المعاكس. لم تكن سارة تدرك،ان نور اللهب وراءها يجعل بيجامتها الرقيقة اكثر شفافية ذلك ان حواسها كلها كانت منصبة على عينيه اللتين بدتا تخرقان جسدها،فلم تع مدى الاثارة التى يبرزها رداؤها الشفاف.
عندما عادت العينان الزرقاوان الكسولتان الى وجهها تطوفان فى تقاطيعه الرقيقة الناعمة وفى تسريحة شعرها القصيرة الجميلة،اخذت سارة ترتجف،فاشتدت قبضة يديها على القضيب الحديدى حتى ابيضت مفاصل اصابعها...فاجأها الغريب بصوت مشبع بمعانى خفية.
-قال فريدى اننى سأجدكل شيء أريده فى هذا البيت،لكنى لم أفهم أنه عنى كل شيء اطلاقا.حركت سارة محرك النار وقالت بصوت خرج منها كالهمس:
-اخرج من هنا؟ سمعت ضحكته العميقة،فأرادت الهرب لكن قدميها المرتجفتين لم تعيناها على ذلك. لم يحدث ان خافت يوما كما هى خائفة الان اذ قد يصيبها مكروه كبير تحاول بائسة ان لا تتصوره.عادت للتحذير
-الافضل ان تخرج من هنا او سأستدعى الشرطة.نظرت الى الهاتف،ثم اقتربت منه.انها تعلم ان الخط مقطوع،ولكنها كانت تحاول اخافته.سمعت الضحك فى لهجة صوته:
-اسف،ولكن الهاتف مقطوع مؤقتا.
اثناء زفيرها المتهدج من السرعة والياس،صدرت عنها انة رعب جعلت شدقيه ينحرفان بابتسامة بدت لطيفة بشكل غريب مع انها ممزوجة بالتهكم:
-لماذا لا تقولين لى من انت وماذا تفعلين هنا؟
صدمها سؤاله حتى عجزت عن الرد.اذ بدا لها ان وجودها لن يقنعه بالذهاب وعليها ان تفكر بشيء اخر.فقالت كاذبة:
-يجب ان تعرف اننى لست هنا وحدى،لقد ذهب زوجى الى المخزن ليشترى شيئا وسيعود حالا لذا الخير لك ان تغادر المكان قبل ان يعود.فابتسم الدخيل:
-حقا؟هذا رائع.ربما عندما يعود ستضعين قضيب النار من يدك لتشرحى بعض الامور.
خطا خطوة الى الامام،فرفعت سارة القضيب الى اعلى استعدادا للضرب.قلبها كان يخفق فى ضلوعها،ومعدتها بدات تتقلص من الخوف.قالت تهدد مرتجفة:
-لا تقترب اكثر،او ساحطم راسك.توقف،لن البسمة الكسولة بقيت على شفتيه.وقفته المسترخية لم تخدع سارة فهذا الرجل النحيل المفتول العضلات،المتناسق التقاسيم قلدر على الانقضاض بسرعة حيوان مفترس قال لها وفى صوته تلميح الى انها لن تساويه قوة:
-اعتقد انك قد تفعلين هذا.فجأةوقعت قطعة حطب فى المدفأة مصدرة صوتآمرتفعا خلفها جعلها تظن ان هناك من يهاجمها من الخلف.وقبل ان تدرك ان الصوت كان لحطبة محترقة،احست بفكى كماشة تطبق على معصمها بينما تولت يد لخرى مسؤولية الامساك
بالقضيب الحديدى.خرجت صرخة((لا!))من حنجرتها عندما خلت يدها من السلاح.اندفعت افرازات الغضب فى شرايينها،فراحت يداها وقدماها تضربان دون وعى ودون ان تصيبا شيئا.فى البداية اكتفى الرجل بامساك ذراعها والابتعاد عن ضرباتها،ولكن بعد ان وصلت ضرباتها اليه،اتخذ اسلوبا اخر لان جسدها فجأة هوى الى الاريكة فتصاعد حذر بدائى فى قلبها المرتجف عندما احست بثقل جسده يضغطها فوق الوسائد.
من خلال انفاسها المرعوبة المتقطعة حاولت التخلص منه دون جدوى ...فرجولته ايقظت مشاعر الخوف والحذر فيها وزادت جنونها ووحشيتها.لكن اصابعه القاسية كانت تثبت كتفيها الى الاريكة حاجبة ضربات قبضتيها عن الوصول الى هدفهما،تاركة اياها اسيرة بين ذراعيه.
عندما ضاعفت جهدها اضعافا مضاعفة،احست بان حمالة البيجاما،تتمزق تحت اصابعه عن غير عمد،ولكن لمسة اصابعه على لحمها الذى اصبح الان عاريا جعل دمها يجمد فى عروقها من الخوف.حرارة جسده كانت قد اثرت عليها الان.سمعته يشتم قليلآ،عندما اطلقت تنهيدة خوف وغرزت أسنانها فى شفتها.فصاح بها بخشونة امرآ:
-هلا توقفت عن هذا؟لا اريد اذيتك.
دخلت كلماته الى ذهنها فتذكرت فورا شيئا سمعته او قراته عن نصيحةتقضى بعد دفع المهاجم ايا كان الى المزيد من العنف.توقفت تدريجيا عن القتال،مع ان كل عضلاتها بقيت متوترة تأهبا لحركته المقبلة متحينة فرصة للهرب.
حينما اصبح تنفسها اكثرانتظاما وعمقا قال:
-هذا افضل.انتقل الى جانبها،منحيا جسده عنها لا قبضته وكأنه عرف انها ستهرب عند اول فرصة سانحة.قالت له بصوت جاف:-اتركنى!
كانت تعلم انه لن يتركها لكنها كانت بحاجة لهذا الطلب كى يعلم انها لم تستسلم كليا...فأجاب- ليس بعد.
فى النور المعتم قليلا ،شاهدت لمعان اسنانه لكنه انه يبتسم.عندئذ تألمت لأنها عاجزة عن مواجهة قوته الطاغية. اخذ يدنو منها،فأغرقت راسها فى الوسائد،

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:22
لكنه مد ذراعه فوقها ليضيء المصباح الواقع على جانب الأريكة الآخر.
-والآن الى ببعض الايضاحات ... ماذا تفعلين هنا؟ قطبت سارة بارتباك:-انا اسكن هنا.بدت فى نظرته سخرية ممزوجة بالشك:
-هل تملكين هذا المنزل؟-حسنا...ليس بالضبط.تعجبت لما تشعرها اسئلته بعدم الاطمئنان،فلها الحق القانونى المطلق فى ان تكون هنا.رفعت يدها اليسرى المتحررة لتمسح خصلة من شعرها البنى عن عينيها.لاحقت نظاته حركتها عندها كان يكرر جملتها:
-ليس بالضبط...ماذا عن زوجك؟لقد قلت انه عائد بعد قليل.ومع ذلك فليس هناك خاتم فى يدك اليسرى،ولا اثر لارتدائك الخاتم فيها. علمت انها علقت فى فخ كذبتها فندمت:
-من الواضح انك لا تنتظرين زوجا رغم ملابسك المغرية هذه. عادت عيناه الى البيجاما الرقيقة القصيرة التى لا تغطى الى القليل من اجزاء جسدها وقد زاد الطين بلة الرباط الممزق المتدلى الى صدرها.احست بالمرارة تتصاعد حالما تذكرن ان ما ترتديه يكشف اكثر مما يخفى.أردف:
-لا اظن قطعا انك تتوقعين وصول احد.-لن تكون واثقا من هذا.
-الن استطيع؟النساء عادة يتبرجن ويتعطرن فى نقاط محددة عندما ينتظرن حبيبهن ووجهك نظيف و....رفع ذراعها الى انفه،ليشم رائحة الصابون الصرف بدل العطر.فابتسم وتابع:
-كما انك لا تستخدمينعطر شانيل((5)).
انتزعت سارة يدها منه:-وماذا فى ذلك؟هذا ليس من شأنك أضف الى اننى لست مضطرة الى تفسير الامورلك.فأنت من اقتحم المنزل وهاجمنى...انت...توقفت عن الكلام،عندما تذكرت ان عليها ان لا تذكره بسبب دخوله،او بأنها تستطيع بسهولة وصفه للشرطة.
اللمعان القاسى،اكد لها وجهة نظرها.قال مكررآبقساوة باردة:-اقتحمت المنزل؟بارعة انت فى اختلاق الاقاصيص.
-اختلاق الاقاصيص...
-اجل الاقاصيص.تحركت يده،ثم اظهر لها مفتاحا.-لقد استخدمت المفتاح لأدخل.انت من اقتحمت المكان.
حدقت سارة الى المفتاح فاغرة الفاه.-هذا مستحيل!اذا اريتنى مفتاحا يعنى ذلك انه مفتاح المنزل؟
-صدقينى انه كذلك.لذلك حان وقت التوقف عن تمثيل دور البريئة؟-تمثيل؟
تجاهل سخطها:امامك خياران،فاما ان ترتدى ثيابك وتغادرى المكان...واعتقد ان لديك ثيابا اخرى غير هذه...او اذا كنت بحاجة ملحة للمكان لتنامى الليلة،أنصحك بمشاركتى فراشى.
مرر اصبعه على كتفها العارية باعثا رعدة مختلفة فى جسدها._فى الليلتين الماضيتين وجدت الفراش مريحا لكنه فارغ.
-الليلتين الماضيتين؟فقال ضاحكا بسخرية:
-انت تتهمنىبتلفيق الاقاصيص!ويبدو انك انت المتفوق فى هذا المضمار...انت لست سوى كاذب!تحاول دفعى الى التفكير فى ان لك الحق فى البقاء هنا...حسنا...لقد علقت فى الفخ الذى نصبته لنفسك.

عليك ان تعرف اننى كنت انام فى هذا المنزل منذ ليلتين ...وانا بالتاكيد لم أشاهدك.
-الا تستسلمين يا هذه؟طوح قدميه ليقف،فصاحت به سارة:-لا...انا لا استسلم...وبما انك تركت لى الخيار بأن أبقى فسأغادر!
-عظيم!اخبرى اصدقاءك الذين يحسبون هذا المنزل فارغا يستطيعون فيه قضاء ليال مجانية بأنهم مخطئون فى اعتقادهم!كانت سارة قد وصلت الى منتصف الطريق نحو غرفتها عندما أنهى كلامه.فتوقفت والتفتت اليه من فوق كتفها:
-سأخبرهم...حالما ارتدى ملابسى،سأصعد فى سيارتى قاصدة الشرطة رأسآ.
استدارت لتتابع طريقها قائلة :
-لقد كانت فيولا محقة بشأن ترك هذا المكان فارغا اثناء سفرها.
خطواته السريعة اجتازت المسافة التى بينهما بسرعة هائلة.أما قبضته التى امسكت ذراعها الناعمة فكادت تسحقها حينما أدارها نحوه.امسكت اطراف بيجامتها لئلا تنزلق ثم واجهته متحدية...فسالها:
-ماذا قلت منذ قليل؟
-قلت سأقصد الشرطة رأسا.
-ليس هذا...بل الجزء الأخير الذى تمتمته.
بشأن فيولا؟
-من هى؟
-انها صاحبة المنزل بالطبع.الا تعرف هذا؟
-طبعا اعرف،لكن كيف عرفت انت؟أعتقد انك كنت تتجولين فى المنزل.عدت سارة الى العشرة بسرعة ثم قالت:
-فيولا شيردان هى ابنة عمى.رد عليها والريبة واضحة على وجهه:-حقا؟
فردت بسخرية:-اجل...حقا...
-واين هى الان اذا؟"
-لقد سافرت وزوجها الى اسكتلندافى زيارة الى اهله يعقبها رحلة بحرية يقومان بها الى المتوسط.وما انا هنا الا لاحمى البيت اثناء غيابهما.ارايت انك المتسلل هنا لا انا!
-هل طلبت منك فيولا السكن هنا؟
بعد ان ترك ذراعها ارجع راسه الى الوراء ليتاملها.
-اجل -وزوجها فريدى طلب منى السكن هنا.
-ماذا؟وهل تتوقع ان اصدقك؟
-صدقت ام لا...فهذه هى الحقيقة.
مد يده الى جيب قميصه ليخرج علبة سكائر،اشعل منها واحدة بهدوء بينما نظرت سارة اليه بريبة:
-انا لا اعرف ابنة عمك فيولا جيدا.لكن عائلة فريدى وعائلتى على علاقة حميمة منذ سنوات.
-ايمكنك اثبات ما تقول؟فريدى الان مع عائلته فلم لا تتصل به؟
-سبق واخبرتك ان الهاتف معطل وذلك بناء على طلبى فلولا تعطيل الهاتف لما وافقت على السكن هنا...لاننى اريد الابتعاد عن الهاتف.
فردت سارة بسخرية وارتياب:-اذن لن تتمكن من اثبات معرفتك بفريدى.
حدجها بنظراته من خلال دخان سيكارته:-اتعرفين اين ذهبا لقضاء شهر عسلهما؟
-اجل...وهل تعرف انت؟
-لقد ذهبا الى اليونان...حيث امضى فريدى يومه كله تحت اشعة الشمس مما سبب له ذلك قضاء يومين فى المستشفى.
-ما تقوله صحيح.اذن هو من طلب منك السكن.
-هذا ما كنت اقوله لك.قطبت حاجبيها وهى تساله:-ادعيت مكوثك فى المنزل منذ ليلة الخميس؟
-لم ادع...لاننى كنت هنا...فى غرفة نوم الضيوف.
-ولكن كذلك انا...اوه...مررت اصابعها فى شعرها الكث القصير ...حل الاحجية بدأيظهر لها ((اوه))لقد اتضح كل شيء...((اوه يا الهى))التفتت لتنظر اليه.
-هل اعطاك فريدى المفتاح شخصيا؟
-لا...لقد تركه هنا.
اين؟اين قال انه سيتركه تحديدا؟
-لقد قال انه سيتركه تحت الممسحة لكننى ...
-لكنك وجدته فى وعاء الزهور...صحيح؟
-اجل كيف عرفت؟
-لانه المكان الذى قالت فيولا انها ستترك فيه لى المفتاح،الا اننى تعثرت بالممسحة ووجدت المفتاح تحتها.
ثمة شيء اخر يثبت ادعاءه...وقالت:
-لقد كانت تلك سيارتك التى سمعتها صباح الجمعة اذن؟
-لقد رحلت ما بين السادسة والنصف والسابعة الا ربع.
-وكانت تلك صحونك التى غسلتها وانا اظنها لفيولا .
-كنت قد تاخرت...لكننى لم ارك هنا.
-كنت فى الشرفة اتناول قهوة الصباح...الامر كله لا يصدق!
عادت دون وعى لتغرق فى الاريكة وهى تردف قائلة:
-ذهبت الى النوم باكرا ليلتين متواليتين نمت فيهما وكأننى قطعة حطب.
-لم اعد فى هاتين الليلتين قبل منتصف الليل.فضحكت:
-وعندما عدت الليلة ظننتك لصا.
-وظننتك فتاة مدرسة تنامين فى اول منزل ترينه فارغا امامك.
هزت سارة راسها:
-يا لهذه المغالطات!اتساءل...عما اذا اكتشف فريدى وفيولا ما فعلاه بعد؟
-اشك فى هذا...
فتنهدت مبتسمة بمرح بعد فهمهما للموقف:
-اعتقد ان الامر لم يعد يهم.انهما الان بعيدان،لن يستطيعا فعل شيء لاصلاح الموقف.والامر غدا بين ايدينا لنصلحه.
التقط قضيب النار ثم اعاده الى المدفأة قائلا:
-الوقت متأخر لفعل اى شيء.فى الغد سيكون لك وقتا وفيرا لجمع ثيابك.
فصاحت بدهشة:
-من...أنا؟

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:25
3_أنت هبة من الله







بالطبع سترحلين.بدت الدهشة على وجهها لانها غير موافقة...فقالت متحدية:-لماذا((بالطبع انا))
-لو كنت لصآ،فماذا كنت ستفعلين؟لا جار قريب يسمع صراخك.قالت باصرار وعنا:-لست اهتم.انا فى اجازة.وهذه بقعة مناسبة لى وانا لن اذهب.
-انت تريدين عطلة على شاطىء البحر فاذهبى وفتشى عن فندق.-اوتحسب سأجد مكانا فى مثل هذا الوقت من السنة وان وجدت فأنا لا اقدر على تحمل نفقة اقامة اسبوعين فى فندق.لذا سأبقى انا هنا،على ان تذهب من هنا.
فرد بعناد:-لن اذهب...وشكرا لشخص غير كفوء...قطع جملته قبل ان يتمها،ثم ألحقها بجملة اخرى:-مطالب العمل لا تسمح لى باجازة فخمة،وكل ما احلم به الهرب بضع ساعات من وقت لاخر حيث لا يمكن لأحد الوصول الى هاتفيا...وهذا خير مكان مناسب لى.
لاحت على ثغره ابتسامة حين اردف:-اننى الى الان لا اعرف اسمك!-لانغلى...سارة لانغلى.لمعت فى عينيه ضحكة خبيثة:-هل انت الانسة لانغلى الشهيرة؟
-عفوا؟رفعت راسها،تحدق فيه بارتباكتام،لماذا سألها هذا السؤال بهذه الطريقة؟؟-اين تسكنين؟-لدى شقة فى احدى ضواحى لندن...لماذا تسأل؟-واين تعملين؟
وما شأن كل هذا بكل شيء؟لكنها أجابت على امل ان يقوم هو ايضا بارضاء فضولها.-انا سكرتيرة فى مكتب محاماة فى لندن.
أصبحت النظرة الخبيثة أوضح،واذ بصوته يرتفع دون توقع بقول هادىء:-أنا لا ادعى ان السيد ارميتاج غير موجود...بل انا اقول الحقيقة.فغرت سارة فمها ثم اقفلته...قالت بأنفاس متقطعة:
-ألست انت...انت...السيد كينكايد؟-وارن كينكايد...واخيرا تقابلنا وجهآ لوجه بدل التخاطب عبر الهاتف.حدقت سارة مذهولة فى الرجل الطويل العريض المنكبين الواقف امام المدفأة ذى القسمات القوية المنحوتة نحتآ التى تحمل بصماترجل اعتاد التسلط على الاخرين.عبر الهاتف كان يبدو مثيرآ للاعصاب وكأنه قد من صخر.
لم تكن الصورة التى رسمتها له فى ذهنها تماثل هذا الرجل الخطير الذى يفرض ارادته بالقوة.قال ساخرآ:-ألا اشبه تصورك؟ قالت متلعثمة:-قلما تشبه الصورة التى فى خيالى.
-وماذا كنت تتوقعين؟غول بثلاث رؤوس...لا تخافى لقد تركت الرأسين الآخرين فى المكتب.بدأت سارة بغضب تصف الرجل الذى تعرفه على انه وارن كينكايد:-انت اكثر الرجال فظاظة...
-لو كانت تلك الكمية من المال لك ولو كنت تعانين من التأخير الذى أعانيه فى جلبة لصحت فى وجه الجميع كما أصيح بهم.لم يكن فى صوته،رغم المقاطعة،اثرا للاعتذار.فقالت ساخطة:-أهذ هو عذرك؟
-لا...هذا لا يعذر تصرفاتى يا سارة... استخدم وارن كينكايد اسمها الاول بكل سهولة وعفوية،ثم تابع:-لكنه يشرح لك سبب حاجتى البائسة الى بعض الهدوء والسكينة قبل ان يستحيل على العيش مع ذاتى...على فكرة هل وجدتم تلك الأوراق؟
-لم اجدها فى الأمكنة التى أعرفها.ولكن هناك من يلاحق الأمر.تراءت ابتسامة على طرفى ثغرها لكنها رفضت أن تسمح لها بالبروز فهى لم تسامحه بعد على فظاظته:-لابد اننا سنحصل على رد محدد بعد ظهر الاثنين.
-لكنك فى اجازة...وهذا يعيدنا الى المأزق الحالى.ارتفع ذقنها بشموخ الى الامام استعدادا للمعركة،ثم قالت - من يذهب ومن يبقى؟لاحظ وارن هذا فأسند مرفقه الى رف المدفأة...حركته هذه دلت على تصميمه على ما يريد.
-بما اننا عنيدان فأظن ان الحل فى بقائنا معا هنا.رفعت سارة حاجبيها دهشة لا معترضة من اقتراحه هذا بينما كان يردف:-على كل،لقد امضينا فعلا ليلتين معآ تحت سقف واحد.كان عليها الاستفسار عن امر قبل التفكير باقتراحه.سألته بصراحة:
-هل انت تعيد من جديد دعوتك اياى الى مشاركتك الفراش؟-أنت تلمحين الى التعليق الذى اطلقته حينما بدوت لى اشد سذاجة ورعبا وكأنك تلميذة.ذلك الاقتراح بدا لى اسرع طريقة تدفعك الى الهرب.هز راسه بسرعة ثم قال:
-لست مهتما بالجنس الآخر.فأنا هنا للحصول على الهدوء والسكينة.أجال نظره على جسدها الصغير غير المكسو،ثم اضاف بمكر وسخرية:-ومع ذلك،فان كانت عادتك التجول فى هذا الوضع المغرى،فقد اغير رايي.أرسل تلميحه
الى انوثتها رعدة غريبة فى أوصالها،جعلتها ترفع طرفى ياقة بيجامتها وتضع الرباط الممزق تحت ذراعيها،لكن ما تقوم به الآن لايسمح لثوبها بستر ما هو ظاهر منها ولا يغطى ساقبها المكشوفتين للعيان.مدافعة عن نفسها:
-سبب ما انا فيه الان هو انت.-كان ذلك صدفة...حسنا ما رايك؟-لكنك تريد الهدوء والسكينة فلماذا تريدنى ان ابقى؟-ان مواجهتى لك جعلتنى افهمك بعض الشيء.فلو اصريت على ذهابك لقاتلتنى بضراوة وانا لا اريد قتالا او جدالا فكفانى ما عندى.اضيفى الى هذا اننى متعب.
لاحظت سارة اثار الضغط العصبى على وجهه.-لذلك افضل التوصل الى اتفاق مقبول يناسبنا معآ.فنحن راشدان،أأنت راشدة؟علمت انه يهزأبها فأجابت باصرار:-انا فى الرابعة والعشرين من عمرى.نظر اليها مرة أخرى بتعال:-تبدين اكبر.
-شكرا لك!امتزج فى صوتها الغضب والدهشة.هى معتادة على قول العكس اى على انها اصغر سنا.تنفس بتعب:-اقصد بقولى انك تبدين مغرية جدا وانت جالسة فى هذا الوضع المثير.احمرت وجنتاها فتمتمت:-سأحضر الروب
تعثرت فى وقوفها عن الاريكة لأنها كانت تقبض على البيجاما بيدها.فتحرك وارن ليسد طريقها وليقول بنفاذ صبر:-ىتزعجى نفسك، ما اعنيه هو...وضع يديه على كتفيها عفويا،ثم ارجعها بسرعة الى جانبيه:-ان وافقت على هذا الحل،فليس هناك من سبب يحول بيننا وبين النوم...فى غرفتين منفصلتين.
-انا...ترددت،لقد احست فجأة بأن لرجولته جاذبية قوية،واذا كان يحس بها كما تحس به.فهل سيكون بقاؤهما معآتحت سقف واحد ناجحآ؟قال لها بهدوء:-اعرف بما تفكرين.قد تتطورالعلاقة بيننا اذا تركناها تنمو.قد اكون سىء الطباع فى بعض الأحيان،لكننى استطيع السيطرة على طباعى واعتقد أنك قادرة أيضا على ضبط طباعك.
الغريب انها صدقت قوله لذا ارتسمت ابتسامة على شفتيها بعد ان وجدت روح النكتة فى ارتباكها.انهما فعلا راشدان،لن يحدث بينهما ما يثير الا اذا سمحا بذلك.تراقصت الضحكة فى عينيها:-هل تعنى هذه الابتسامة((نعم))يا زميلة؟-نعم...
-عظيم...ما قولك اذن فى انهاء هذا النقاش كى اتمكن من النوم؟-حسنا ...عمت مساء.تنحت مبتعدة عنه قاصدة غرفة نومها.بعد ثلاثة ارباع الساعة،كانت مستلقية فى سريرها،مرهقة كل الارهاق لكنها رغم ذلك عاجزة عن النوم.كافحت للبقاء حيث هى مستلقية دون حراك
،لكنها كانت تستمر بالتقلب والتلوى بسبب أرقها.مضى وقت طويل، قبل ان تستطيع تجاهل وجوده فى الغرفة المجاورة وتغفو،ولهذا كان قد حل الضحى قبل ان تستيقظ.احست بالقلق من نومها الطويل هذا لذا سارعت الى التقاط روبها القطنى من الردهة وقفت وجها لوجه امام وارن المغشى البصر المشعت الشعر القاصد هو الآخر الحمام،وطافت
عيناه الزرقاوان بسرعة فيها فأحست بالراحة لأنها غيرت بيجامتها القصيرة بأخرى طويلة الساقين.لن يتهمها الآن بأنها شبه عارية!
لوى فمه بسخرية وهو يومىء الى باب الحمام.-السيدات اولآ...عاد أدراجه الى غرفة نوم الضيوم الأخرى.دخلت سارة الى الحمام مشتعلة الوجنتين كمراهقة صغيرة.كانت المياه الباردة اكثر تأثيرا عليها من الكلمات التى انبت فيها نفسها.غسلت وجهها،نظفت أسنانها،وضعت زينة خفيفة،ثم خرجت من الحمام.
نظرة سريعة الى غرفة وارن اعلمتها انه جالس على حافة سريره،ورأسه الأسود متكىء الى مرفقيه.فقالت له:-لقد انتهيت.انه دورك الآن...سأصنع بعض القهوة.فتنفس الصعداء وفرك وجهه بيديه قبل ان يقف:-جيد...
بينما كان صوت الماء يصل مسمعيها من الحمام ملأت ابريق القهوة،ووضعت بعض البن فيه.امامها وقت طويل لترتدى ثيابها قبل ان ينتهى وارن من الاستحمام،صبت كوب عصير برتقال،وجلست على الكرسى المرتفع قرب الطاولة الثابتة فى الحائط تحتسيه.عندما انتهت من شرب العصير،سمعت الماء يتوقف،فتنهدت،وانزلقت عن الكرسى المرتفع وسارت نحو
غرفتها لكنها سمعت وهى فى منتصف الطريق جرس الباب يرن،فغيرت اتجاهها لتفتح الباب اذ لا بد انه شخص جاء يزور فيولا وفريدى.فتحت الباب قليلا وهى تبتسم بأدب:-نعم؟

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:28
وجدت نفسها تواجه امرأة ورجلا غريبين عنها.للمرأة شعرا أشقر طويل بلون الحنطة ووجه مزين خير زينة بطريقة تنسجم مع ملامح وجهها الخلابة.بدت الصدمة والدهشة واضحة فى هاتين العينين الخضراوين وهما تنظران الى سارة.
كان الرجل اطول منها،ذا شعر اشقر بلون رمال البحر.بدا هو ايضا دهشا برؤية سارة.فتحت سارة فمها لتقول ان فريدى وفيولا غائبان لكن المرأة تكلمت أولآ.بصوت بارد،وهى توشك على الذهاب لو لم يمسك الرجل ذراعها:-لابد اننا أخطأنا بالعنوان يا تيد.أما الشاب فوجه نظره الى سارة دون ان يلتفت الى الشقراء.
-نحن نبحث عن وارن كينكايد.هل هو هنا؟اجفلت سارة،لما ادركت ما سيسببه وجودها وحيدة مع وارن فى المنزل من احراج اليهما...لكن لم الاحراج ما دامت لم ترتكب ما يعيب؟-انه هنا .اتبعانى...
فتحت الباب لهما ثم راحت ترتقى الدرج فى صمت مطبق ولده هذان الغريبان خلفها.فى هذا الوقت لامت نفسها على ما ترتديه.فليتها ارتدت ملابسها قبل ان تشرب العصير لكن ما حصل قد حصل .اثناء اجتيازهم الردهة،سألت الشقراء الجذابة بطريقة متكبرة:-هل انت مدبرة المنزل؟
قد تجيب سارة عن اى سؤال بأدب شارحة ملابسات وجودها اما عن هذا السؤال الفظ فلا.التفتت سارة الى المرأة ثم وضعت يدها على خصرها ورمقت المرأة بنظرة متعالية عمدآ:- هل ابدو لك مدبرة منزل؟دون ان تنتظر الرد عادت ترتقى الدرج وهى تشعر بسخط الشقراء يتصاعد وكأنه الريح الشمالية العاصفة.سمعت الرجل يتمتم بصوت منخفض ساخر:
-كنت حقا تبحثين عن المتاعب بسؤالك هذا يا كاثى.سمعت ردها الهامس:اصمت!فى غرفة الجلوس،توقفت سارة قرب الأريكة لتدعوهما الى الجلوس حتى يتسنى لها بعد ذلك اعلام وارن بقدومهما،لكنها قبل ان تتفوه بكلمة سمعت صوت باب الحمام ينفتح:
-سارة!كان فى صوته رنة وحشية وهو يناديها باسمها.استدار رأسها نحو الصوت الذى تسارعت خطوات صاحبه باتجاه غرفة الجلوس وهو يقول بغضب:-هل استخدمت شفرة حلاقتى؟تسمر فى مكانه عندما رأى الوجوه الثلاثة تحدق فيه.
كانت منشفته بيضاء تلتف حول خصره،وأخرى أصغر منها ملقاة على عنقه.اما شعره فكان يلمع من جراء الماء ووجهه يغطيه معجون الحلاقة من كل الجهات الا فى جزء صغير كان قد جرحه عندما مرر شفرة الحلاقة على ما يبدو.رغم مجيئه المفاجىء الا انه لم يبد متأثرا او منزعجا من الموقف الذى هو فيه الآن بل الغريب ان نظرة عينيه ضاقت قليلا وهى تنتقل من الشقراء الى الرجل الى سارة،
بانتظاررد سارة عن سؤاله الأول...فأجابته:-اذا استخدمت الشفرة التى فوق الرف فهى لى.أما شفرتك فهى فى الخزانة.يبدو أن رد سارة قد قطع الخيط الرفيع الذى كانت تتمسك الشقراء به لتسيطر على اعصابها.فقالت بصوت مرتجف عنيف:-وارن...اريد ان اعرف من هى هذه المرأة،وماذا تفعل هنا؟
رد وارن ساخرا:-صباح الخير لك ايضا يا كاثى.رفع المنشفة عن عنقه ليمسح بها الصابون الآخذ بالجفاف...فقالت سارة:-ارجو ان تعذرونى.ادركت ان ما تراه على وجه الشقراء الميالة الى العنف ليس سوى اولى بوادر الثورة...لكن وارن سألها ببرود:
-هل صنعت القهوة؟انا بحاجة لفنجان.-أظن هذا.قطع عليها بسؤاله هذا السبيل الى الانصراف فقد ظنته يريد فرصة ليفسر على انفراد سبب وجودها هناك،لكن الواضح انه يريد.وجه وارن كلامه بكل هدوء الى الرجل بينما كانت سارة تتوجه الى المطبخ:-مرحباتيد...كيف حالك؟
-بخير...وارن...لكن سارة لاحظت الضحك الخفى فى طيات لهجة الرجل.لم تكن تعرف ماهى العلاقة بين الشقراء ومرافقها الذى كائنا من تكون معرفة ما يجرى من خلال وارن الذى لا تدرى ان كان متزوجا ام اعزب.ياالهى!...ماذا لو كانت المرأةزوجته؟كاد وعاء القهوة يقع من يدها،والدم راح ينحسر عن وجهها.
سمعت المرأة تقول بغضب بارد:-انت لم تجب عن سؤالى يا وارن.كان رده بصوت منخفض بغيض:-ما ظننتك تريدين حقا ردا.لأنكدون ريب قد فسرت الأمر كما يحلو لك.ارتجف الفنجان وصحنه فى يد سارة،وشحب وجهها شحوبا تاما.كان الثلاثة واقفين.وارن وكاثى يحدقان الى بعضهما بعضا بعدائية ظاهرة وسارة تتقدم من وارن لتعطيه فنجان القهوة الذى توقف عن الارتجاف حين امسكه ووضعه بسرعة على اقرب طاولة.
قال تيد الاشقر وهو ينظر الى سارة متفحصا:-الن تعرفنا بالانسة يا وارن؟التفت يده القوية بتملك حول خصر سارة،فأجفلتها لمسته.وارتفع نظرها اليه لتلقى بعينيه اللتين غدتا اقتم زرقة.بينما أنفاس الشقراء سمعت كهرير قطة،وعيناها برقتا بكره شديد كان يؤججه وارن عمدا بخداعه المرأة بدل السعى الى شرح ملابسات المسألة.
-انتما لم تقابلا زميلتى فى السكن رسميا؟اشتدت قبضة ذراعه على خصرها بعد ان حاولت الابتعاد...لقد اشار الى انها زميلة سكنه عندما كان يمازحها ليلة امس،ولكن استخدامه هذه الكلمة فى هذا الوقت بالذات كان مثيرا او باعثا الى الغضب.جرها بضع خطوات الى الامام:
-سارة اريدك ان تلتقى كاثلين ارثربورى وشقيقها تيد ارثربورى.قدمهما اسميا دون ان يعقب قوله بتفسير يوضح علاقتهما به:-وهذه سارة لانغلى.نظرة كاثى نظرة كره خضراء الى سارة،لكن شقيقها مد يده ليصافحها متمتما:-انه لمن دواعى سرورى لقاؤك يا سارة.
ابقى يدها اكثر من المفروض فى يده ووجه اليها نظرة اشعرتها بانها ترتدى ثوبا اسود مغريا يفضح مفاتنها لا هذه البيجاما القطنية المسترة بروب المنزل.قال وارن بصوت متوعد:-توقف عن هذا يا تيد. عندها ترك يدها بسرعة ونقل نظراته الساخرة الى وارن.
-لقد فهمت أهى أملاك خاصة يمنع الدخول اليها؟رد وارن باختصار صارم:-هذا صحيح.فقالت سارة بغضب:-الا تظن ان عليك توضيح الوقائع لاصدقائك وارن؟نظر اليها،وقد لاحظ غضبها:
-لا اظن ان كاثى بحاجة الى شرح قضية وصولك وملابساتها ذلك انها رأت بأم عينيها ما رأته ففهمت الأمر بالطريقة التى تريد.-اخبرها الحقيقة اذن.وجه بصره الى كاثى قائلا بطريقة غير مبالية:-ان كل ما ترينه لا يدل على ما تفكرين فيه،لاننى نمت فى الواقع فى غرفة وسارة فى اخرى.
-فصاحت كاثى -قبل ام بعد؟نظر وارن الى سارة وكأنه يقول:الم اقل لك.عندها اقرت سارة بهزة راس صامتة بأن كاثى غير مستعدة لتفهم حقيقة الموقف والملام على ذلك وارن الذى ظهرت ملامح التحدى على فكيه عندماأعاد كلامه الى كاثى:-لكنك لم تذكرى سبب وجودك هنا.
-ردت عليه بسخرية:-حئنا ندعوك للعشاء ولاقامة حفلة عفوية على الشاطىء بعد الظهر.لكننى حسبتك وحدك ليس لديك ما تفعله طوال النهار.رد وارن بابتسامة لطيفة مصطنعة:-ها انت مخطئة تماما.
اشتدت ذراعيه اكثر على خصر سارة فشدها اليه اكثر قبل ان تتمكن من منعه حينئذاحتجت هامسة بغضب:((لا تفعل هذا؟))لكن ما ان تراخت يده قليلا عنها،حتى كانت كاثى قد استدارت على عقبيها،وشعرها الاشقر الطويل يلوح فوق كتفيها.
-هيا نذهب يا تيد.-اراك لاحقا يا وارن.لكنه كان ينظر الى سارة قبل ان يستدير ويلحق بشقيقته.-كاثرين...اتذكرين ما قلته لك ذلك اليوم؟صوت وارن اوقف كاثى فى منتصف السلم،قسمات وجهها الجذابة تلمع بالكبرياء...تابع وارن:
-لقد قلت لك:لاتتصلى بى...سأتصل انا بك!واظنك الان فهمت ما عنيت عندما قلت ما قلت.لمعت عيناها الخضروان وهما تحدجا سارة ببغض،ثم تابعت نزول السلم يتبعها تيد مبتسما.اما وارن وسارة فبقيا جامدين الى ان اغلق الباب الامامى خلف الزائرين.عندئذ قالت سارة بسرعة:-كان عليك...
لكن الضحكة العميقة الحادة التى انطلقت من حنجرته اذهلتها.استعادت يده الملتفة على خصرها القوة لتلفها فى مواجهة ثم قال ضاحكا:-انت هبة من الله يا سارة!ضمها الى صدره بقوة كادت تزهق انفاسها وعندما ارجع راسه الى الوراء لينظر اليها،بدت مشوشة الذهن كل التشويش.
مللأت رائحة الصابون وكريم الحلاقة انفها،وراح قلبها يلتف حول نفسه،غير قادر على ايجاد ضرباته الصلية،وفوق هذا كله،اعتراها الارتباك وعدم الفهم من تحوله المفاجىء من السخرية والبرودة مع كاثى الى هذه السعادة الدافئة المشرقة.عقد يديه خلف ظهرها الصغير،فى حين بقيت اناملها موضوعة فوق صدره باحتجاج صارخ وهى تحس بقوة جسده.حدقت عيناه اللامعتان بمكر فى عمق عينيها فبانت التجعدات حول عينيه اللتين لاحظتا ارتباكها واشتداد
اسوداد عينيها البنينين.قال شارحا:-كنت احاول جاهدا تنحية هذا الغراب الجذاب عن ظهرى منذ عدة شهور...وها هو وجودك قد افادنى مبعدا تلك الفتاة عن الى الابد.انا الان مدين لك بعرفان الجميل الى الابد.
-من هى؟-هى من جعلتها منذ سنتين وبغباء وجهل خطيبتى لكن سرعان ما ندمت على ما فعلت...وبما ان كاثى لا تستسلم للرفض ابدا فقد استمرت فى ملاحقتى لتقنعنى بتغيير رأيي منذ فسخت خطوبتنا.كان وجهه الذى حجبت قسماته لحيته النامية خلال الليل قد دنا منها كثيرا.
فقالت سارة بلهجة اتهام:-اذن لهذا تركتها عامدا تعتقد اننا امضينا الليل معا...-بالضبط...على كل ما كانت لتصدقنى وان حاولت اقناعها بالعكس.ولو وجدت كاميرا خفية صورت كلشيء حدث بيننا لما صدقت،لأننى أفهم تماما الطريقة التى يعمل فيها عقلها فهى ستحسبنى من اختلق الفيلم وأعده.
وافلتت سارة من بين يديه لانها وجدت قربه منها باعثا على التوتر والاضطراب خاصة وهو شبه عار.ابتعدت عنه بضع خطوات،فأضاف:-لكننى آسف على وضعك فى هذا الموقف الحرج وانت بريئة من كل اتهام.عمقت بسمته الفجوة فوق خده وهو يتابع:
-اتمنى الا تعترضى على وصفك ظلما انك امرأة حمراء.فهزت كتفيها -لا اعتقد ان ما حدث بيننا يعتبر فى هذه الايام وصمة لفتاة ما. اعلم أننى قلقت عند رؤيتها لاننى حسبتها زوجتك ولأننى شككت فى أنك ستستغلنى من أجل دعوى الطلاق.
فغمز لها ساخرا:-أرجوك لا تذكرينى كم كنت قريبا من الزواج منها،اذ لا يرغب الرجل فى معرفة شدة غبائه.-لكنها جميلة جدا.
-هى تملك جمال الجسد فقط.بالمناسبة هل تجيدين الطهو.مضت لحظات قبل ان تستطيع سارة متابعة الحديث الذى بدله بسرعة مذهلة.-لست بارعة فى ذلك...لماذا؟
-أنا جائع،وكلى ثقة بأننى سأقنعك بتحضير الفطور.ابتسم...فردت:-سأرتدى ملابسى أولآ...قبل ان يهبط علينا زائر اخر.مرر وارن يده على لحيته:-وانا احتاج الى الحلاقة.هل قلت ان شفرتى فى الخزانة؟
فهزت رأسها:-لقد شاهدتها هناك هذا الصباح.لحقت به على بعد خطوة،عندما توقف امام باب الحمام تابعتمسيرها نحو غرفة نومها.لكنه مد يده ليوقفها.
-عندما اقترحت عليك ليلة امس ان نبقى هنا،لم أكن انوى مطلقا استغلال وجودك ضد كاثى.-اصدق هذا...لم اعتقد انك تستغل الوضع.-اتمنى ذلك.صمت لحظة مترددآ،وتابع:
-لو عرفت مسبقا بمجيئها،لاصريت على مغادرتك المنزل بدل تعريضك لريبتها.لم ترد سارة ان تطيل الحديث عن ريبة كاثى:-لابأس...لم يعد الأمر يهم.هل تريد اللحم المجفف ام النقانق مع البيض؟
-اللحم...احبه مقليا جيدا واضيفى ثلاث بيضات وقطعة من الخبز المحمص.فتنهدت ساخرة:-سالتك عما تفضل لا عما تطلب.
ازدادت ابتسامته اتساعا قبل ان يستدير قاصدا الحمام.
ان وارن كينكايد هذا يختلف كل الاختلاف عن ذاك المتحدث النزق الفظ هاتفيا.أما وارن هذا فيعجبها لا كذاك الذى تمقته.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:32
* 4_النيران فى قلبها *







جلست سارة على سياج الشرفة وهى تنتظر ان يجف شعرها بعد دقائق معدودة تحت أشعة الشمس فراحت تساعد على ذلك بتخليل أناملها فى خصلات شعرها.
استطاعت من مكانها هذا رؤية وارن يصطاد السمك فى المكان الذى تركته فيه عندما كانت تسبح.انه ما زال حيث هو وكأنه صخرة لا تتزحزح.لم يخاطبها عندما
اقتربت منه الا بكلمات ذكر فيها شيئا عن سوء حظه فى الصيد.لم تنتظر سارة منه ان يكون رفيقها لمجرد السكن فى المنزل نفسه لكن اقله تريد منه مشاركتها الحديث من باب اللياقة والادب.
لكن ما جعلها تقبل هذا الصمت وهذا الوضع ما قاله تلك الليلة عن سعيه الى الهدوء والسكينة.لذلك رضخت الى رغباته احتراما.عندما كانت تراقبه شاهدته يلملم اغراضه
وصندوقه ويشق طريق العودة الى المنزل. فأسرعت الى الحمام لتمرر المشط بسرعة فى شعرها الذى كاد يجف،ثم زادت لمسة احمر الشفاه الكرزى الفاتح الى شفتيها.كانت تضحك
من نفسها وهى تفعل هذا.فمن المضحك حقا التفكير فىسعيها الى التاثير على وارن كينكايد.كانت على وشك الخروج الى الشرفة ثانية عندما رن جرس الباب.خطر لها للوهلة الاولى ان كاثى
قد عادت.فنظرت الى الشاطىء لترى ان وارن ما زال على مسافة بعيدة من المنزل.عندئذ هزت كتفيها وقررت مواجهة تلك اللبوءة الخضراء العينين وحدها.اسرعت لتفتح الباب واذ بها تجد ديرك ارميتاج ماثلا امامها،اتسعت عيناها دهشة فابتسم لها بمكر وقال:
-لقد تأخرت فى الاجابة حتى ظننتنى اخطات العنوان.
-اهلا بك ديرك.انتظر بعد لتدعوه للدخول.وعندما استمرت فى التحديق اليه،امال راسه جانبا وقال بلطف:
-انسيت دعوتك اياي؟علا الاحمرار وجهها احراجا فعمدت الى الكذب بدل الاعتراف بأنها نسيت دعوتها اياه تماما.
-لا لم انس...ولكننى لم اتوقع قدومك بهذه السرعة.نظرت الى سروالها القصير وقميصها البرتقالى،وكانها توحى اليه انها لم تسعد بعد لاستقباله.
-لم ارتدى ثيابى،وشعرى لم يجف بعد.
-لكنك تبدين رائعة...هل ستاذنين لى بالدخول ام انتظر فى السيارة الى ان تستعدي؟
-ارايت كم فاجأتنى؟
فتحت الباب على مصراعيه لتدعوه الى الدخول.وهى مرتبكة لسبب معلوم اذ عليها بعد لحظات تفسير سكن وارن كينكايد فى المنزل نفسه معها.ياترى كيف ستكون ردة فعل ديرك امام هذاالوضع
الشاذ؟بل كيف ستخبره عن الانسان الذى طالما قالت بحقه كلمات رهيبة.كانت وهى تقوده الى غرفة الجلوس تفكر فيما ستقوله:هل تصارحه بالامر ام تجعل من الامر مزحة،ام ماذا؟عليها الان شيء واحد هو ان تخبره،قبل ان يدخل وارن كينكايد عليهما فيعتقد الامر اكثر مما هو عليه من التعقيد.قال ديرك:
-انه منزل جميل.
-اجل انه جميل...ديرك...انا...
-انه قديم العهد.
-اعتقد هذا...انا...
-هذا ظاهر ...كل شيء فيه متناسق...والمدفأة رائعة...افهم الان جيدا سبب قبولك العيش فيه خلال اجازتك.وتذكر فجاة الكيس الذى يحمله.
-اوه...هذا هو اللحم الذى وعدتك باحضاره.لقد طلبت من اللحام قطعه قطعا صغيرة وقد وعدنى بان يكون اطرى لحم ذقته فى حياتى.ربما تريدين فتح الكيس وتحضير اللحم.
-نعم ساحضره.توجهت الى المطبخ وهى متاكدة من انه لحق بها:
-ديرك.ثمة ما اريد اخبارك عنه.وضعت الكيس على الطاولة منتظرة رده.لكنها عندما نظرت حولها فلم تجده صاحت:
-ديرك؟عادت تنظر فى ما حولها فاذا بها ترى باب الشرفة يفتح وديرك يطل منه.
-المنظر رائع من الشرفة.
-انه ممتاز...ثمة شيء اود شرحه لك.اشارالى البحر:
-انظرى...اترين تلك السفينة البعيدة هناك؟
لمحت سارة من بعيد صورة سفينة تمخر عباب البحر كما لمحت امامها طريق البحر المؤدى الى البيت خاليا من وارن الذى لا يبدو على مرمى النظر.لظتئذ احست وكانها تجلس على قنبلة موقوتة توشك ثوانيها على الانتهاء.
هز ديرك راسه ثم جال بنظره فى الشاطىء المترامى.
-كم هذا مؤثر...انت فى الواقع تمتلكين المنطقة كلها لك.
-ليس بالضبط...انا...
-انها معزولة تماما.الا تنزعجين من الوحدة؟هذه فرصتها:
-ابدا...فانا لست...
-سارة؟
لعلع صوت وارن فجمدت.اما ديرك فرفع بصره عن الشاطىء لينظر الى الداخل،فاذا به يسمع صوتا يدنو منهما شيئا فشيئا:
-لقد فتشت المرآب فوجدت المشواة التى يستخدمها فريدى.وكنت قد عزمت على تحضير العشاء لانك حضرت الفطور.
هاقد انفجرت القنبلة الموقوتة...فأمواج الصدمة اجتاحت ملامح ديرك الذى راى وارن يخطو نحوهما حاملا مشواة فحم.ارتد وارن دهشا حين راى ديرك.
-ارميتاج.
-لقد دعوته للعشاء.ولم تضف انها نسيت.ولكن هذا كان واضحا فى النظرة التى رمقت بها وارن فوضع المشواة من يده،ثم قال:
-اعرف كيف يبدو الامر لك يا((ارميتاج))لكن صدقنى الامر كله خال من سوء النية.
وقطب ديرك حاجبيه،ثم ارتفع صوته بحدة من لا يصدق:
-اتسكن هنا يا كينكايد؟فتدخلت سارة:
-لقد كنت احاول ان اقول لك .بدا فى صوته الارتياب:
-لقد فهمت...لكن وارن قاطعه:
-لا احسبك فهمت شيئا...اسمعنى لقد حدث بعض الالتباس.فابنة عم سارة عهدت اليها السكن فى المنزل،بينما زوجها عهد الى بالامر نفسه.وعندما اكتشفنا ما حدث لم نستطع تقرير من عليه البقاء ومن عليه الذهاب.واخيرا اتفقنا على ان نبقى معا.
ازدادت تقطيبة ديرك حدة.
-اتعنى انكما تعيشان معا فى هذا المنزل؟احست سارة بتصاعد غضبه،فسارعت تكرر:
-كنت اسعى الى طريقة انبئك من خلالها عن الوضع خشية ان تسىء الظن بعلاقتنا.قال وارن بجفاء
-نحن نتشارك السكن فى المنزل لا فى الفراش.استدار ديرك وهو يفرك مؤخرة عنقهنمحدقا الى وجه سارة:
-لا اصدق هذا...انت تعيشين مع شخص كنت فى الاسبوع الماضى تودين لو يقفز فى بحيرة جافة؟
لاحظت التواء فى فم وارن ووميضا ساخرا فى عينيه عند سماعه قول ديرك.لم تحاول يوما اخفاء رايها السابق به لكنها الان تمنت لو ان ديرك لم يقل هذا.قال وارن:
-الخير فى ان تتباحثا هذا الوضع وحدكما.
هز راسه اسفا وابتسامة حزينة ملؤها الاعتذار تعلو شفتيه.فهزت سارة راسها موافقة على اقتراحه لكنها لم تتكلم،فاى شيء ستقوله قد يزيد الوضع سوءا.
ترك رحيله صمتا متوترا.بينما كانت تنظر الى ديرك حائرة سمعت صرير باب المرآب يفتح يتبعه صوت محرك سيارة وارن المتراجعة نحو الممر الخارجى.وحدقت الى ديرك،مصممة على عدم الاعتذار عن وضع ليس فيه شيء من السوء.قال ديرك وهو يضرب قضبان السياج براحة يده:
-لن اصدق انك قد وافقت على شيء كهذا.فاخذت سارة نفسا عميقا ثم قالت:
-صدقا يا ديرك.انت تجعل الامر يبدو وكاننى هربت فجاة الى معسكر الاعداء!الامر ليس كما تتصور ابدا.
-اعرف...لكن مجرد رؤيته معك فى بيت واحد صدمنى،فكيف وقد اكتشفت انكما تعيشان معا.
اغضبها اصراره على وصف الوضع وكانه مشبوه فسارعت الى القول:
-اكنت ستفكر بهذه الطريقة لو كنا نسكن فى بناية واحدة وفى الطابق نفسه؟الا يشبه ذاك وضعنا الحالى؟
-لم يقنعنى قولك هذا...لان السكن فى منزل لا يشبه ابدا السكن فى بناية واحدة.
-ااما انا فلا اجد فرقا بين الوضعين.
-انت حمقاء.
-اسمعنى ارفض ان اناقشك فى هذا الموضوع الليل كله ذلك اننى لن ابدل رايي!
ابتعد ديرك عن السياج ليواجهها...ثم قال متحديا:
-ماذا تريدين سارة؟ان اذهب؟الظاهر انك قد نسيت دعوتك اياى،فاذا فضلت نسيان امر العشاء فساذهب.
-لا اريد نسيان العشاء.
اجابته تلك الاجابة لانها لا تريد ان يعتقد انها تفضل رفقة وارن هذا المساء على رفقته مع العلم ان هذا الاستنتاج سيتوصل اليه مهما انكرت.
-اريدك ان تشاركنى العشاء...ان لم تعد الى هذا الموضوع ثانية.خاصة وانه لا يحق لك ان تنتقد تصرفاتى.
فتنفس بعمق،وهو ينظر اليها بعض لحظات ثم قال:
-حسنا لا نقاش فى هذا الموضوع بعد الان.
الظاهر بان شيئا لم يحدث،لا يعنى ان الامر قد انتهى ووضع الاوساخ تحت السجادة لا يعنى عدم وجودها.كانت النتيجة ان هذه الامسية كانت اسوا امسية قضتها سارة فى حياتها.
بعد وقت طويل من ذهاب ديرك سمعت سارة صوت سيارة وارن،تلج المرآب.لكن وقع خطواته على الدرج هى التى جعلت اعصابها تنهار.كانت تنوى النوم قبل ان يحضر.نظرت الى ساعتها فاذا هى تقارب الحادية عشرة. استدارت عن
النافذة المواجهة للبحر لتنظر اليه وقد وصل الى نهاية الدرج فسالها:
-هل ذهب ارميتاج؟
-منذ ثلاث ساعات.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:37
تركزت نظراته عليها،حتى اضطرت الى الاستدارة،خوفا مما قد يراه فى عينيها.كانت تشعر بقلق يقلص معدتها نتيجة ما مرت به هذا اليوم.سالها وارن بصوت منخفض:
-الم يمر الامر على ما يرام معه؟
نظرت اليه دهشة لكنها عادت فاشاحت وجهها بعيدا لتتجنب نظرة عينيه المحدقتين،واحساسها بالجاذبية النابعة من هذا الرجل القوى.
-لا...لم يمر الامر على ما يرام.
-الم يصدقك؟
-لقد صدق ان الاتفاق برىء لكنه لم يوافق عليه.
-اظنكما تجادلتما ولهذا ترك باكرا.فهزت راسها نافية قوله:
-لم نتجادل.
ليتهما تجادلا لهان الامر.لكن لو حدث ذلك لانقطع بينهما كل ود...ومع ذلك فبعد الليلة سيفترقان ليعودا فقط رب عمل وموظفته...بطريقة ما احزنها ان تؤول علاقتهما الى هذه النتيجة.
-اعرف انك تعملين عنده،ولكن لم افكر قط انكما تخرجان معا.
راقبته بطرف عينها فراته ينظر الى البحر،مفكرا،متجهمالوجه،عابس الجبين،فى هذه اللحظة رغبت فى ان تمد اناملها الى وجهه لتمسح عنه هذا الوجوم الذى يذكرها بالسيد كينكايد المتغطرس المستبد
الذى كان دائما يثيرها على الهاتف.قالت له مصححة معلوماته:
-لا شيء بينى وبينه.خرجنا بضع مرات دون ان يعنى الامر لنا شيئا ولا احسب ان لعلاقتنا سبيلا الى التطور.
-ابسبب الليلة؟
-لا...ليس فى الواقع...فديرك يرفض ان تتحول اية علاقة الى حقيقة واظن ان بامكانك دعوته ب((الاعزب الدائم)).ابتسمت،فارتفع حاجبيه بفضول:
-الا يزعجك هذا؟
-لا...فانا اتمتع بالعمل معه،هو رفيق ممتع بعيدا عن العمل.لا اكثر ولا اقل من ذلك.
حرك النسيم طرف الستار،فضرب خصلة شعر تلتف قرب اذنها. لاح لها تثاؤبه الذى يكبحه بباطن يده.فاحست بالذنب،لان حضور ديرك كان السبب فى ابتعاده عن المنزل،فمما لا شك فيه انه كان ينوى ان ينام باكرا بعد نهار راحة واسترخاء.فقالت مقترحة:
-الافضل لك ان تنام.
فقال وهويفرك مؤخرة عنقه من التعب.
-هل ستعتبرين الليلة منسية؟
-اه...لا اظن هذا،فانا لست تعبة،وبما اننى فى اجازة،فاستطيع النوم كما اشاء فى الصباح.ساخرج قليلا الى الشرفة لاتمتع بهواء الليل العليل.
لم يتحرك وارن عندما مرت به قاصدة الشرفة بل ظل واقفا،بينما هى دنت من السياج الذى امسكته بكلتا يديها ثم راحت تتامل البحر وامواجه الفضية.كانت ليلة دافئة معطرة برائحةالملح.
سمعت خطوات ثابتة وراءها فالتفتت لترى ان وارن انضم اليها،مع انها حسبته قد اوى الى فراشه.سالها بلطف:
-ما الامر يا سارة؟
-ماالامر؟...لاشيء
-صحيح؟
بدت لها عينياه عميقتان كبحر لا قرار له.فاشاحت نظرها عنهما وحدقت امامها،لتركز اهتمامها على الطريق الفضى الذى رسمه القمر فوق صفحة البحر.
-لست ادرى ما تعنيه.امسكت اصابعه ذقنها ليدير راسها اليه:
-الا تعرفين؟عندما دخلت الليلة البيت لاحظت ان شيئا ما يزعجك.فى البداية خلت السبب ارميتاج وجدالك معه لكنك غيرت انطباعى هذا،انا احب ان اعرف ما يزعجك. حاولت سارة التخلص من اصابعه.
-لاشيء له علاقة بك.
ابقى يده كما هى ليجبرها على النظر اليه،ثم قال مجادلا بهدوء:
-بل للامر علاقة بى بشكل مباشر ربما او غير مباشر ولدى شعور بان السبب هو اتفاقنا...فهل انا على حق؟
تنهدت سارة منهزمة،وقد لاحظت انه قادر على قراءة افكارها،لكن لم تدر ايعجبها هذا ام لا ...تمتمت:
-الامر سخيف.
-لماذا لا تقصيه على؟وانزل يده بكل عفوية عن ذقنها لتستقر على كتفها،قالت:
-ادركت وان متاخرة اننى لست متحررة او منطلقة فكريا كما كنت اظن فلم افكر قط فى ان اراء الناس ستؤثر فى ما دمت اؤمن بان ما افعله صحيحا.وها انا اجدنى رجعية التفكير تقليدية اكثر مما ظننت.
-هذا بسبب رد فعل كاثى وتيد على العيش معا فى البيت وعدم موافقة ارميتاج على الامر؟
-تقريبا،اعنى،اننى اعرف تماما ان الامر ليس سيئا.
-انت اذن اعدت النظر فى الاقامة هنا.
فضحكت ،وقالت بصوت مرتجف:
-اوه...لا...اراهن انك تتمنى ان اقول لك هذا،عندما ستمتلك هذا القمر الكبير السمين وحدك.
رفعت راسها الى القنديل الفضى الضخم المعلق دون اتصال فوق البحر واعادت نظرها اليه فراته ثلما عميقا يشق جبهته بين حاجبيه وهو يتمتم بصوت عميق:
-ياللغرابة...اعتقد اننى ساجد المنزل فارغا فى حال ذهابك.
دار تصريحه فى الهواء،ليكهربها،وليحجب عنها الهواء،حتى شعرت بانفاسها تتوقف وبرعشة غريبة تجتاح معدتها فتقلصها.بدات اليد المستقرة على كتفها تضغط رويدا رويدا وهى تجذبها اليه بينما اسرتها نظرة عينيه الساحرة مانعة عنها اية مقاومة قد تبديها ولم تلبث ان احاطت ذراعاه خصرها.
وبثبات يخلو من المطالبة،جالت يداه على ظهرها وكتفيها وشعرها ثم هبطت احدى يديه الى مؤخرة عنقها،ليستقر ابهامه فوق نبض يتطاير بجنون بفعل الدم الذى غلى فى عروقها مشعلا جهاز الانذار فى كل طرف من اطراف اعصابها.
ابعد راسه عنها قليلا فاقشعر جسدها حيث شمت رائحة التبغ المنبعثة من انفاسه الدافئة:
-رائحة الكرز اليس كذلك؟
فتحت عينيها بضعف لتغرق فى نور عينيه الزرقاوين القاتمتين:
-ماذا قلت؟
-هل لاحمر الشفاه،رائحة الكرز؟همست:
-اجل...دون وعى عادت للالتصاق به.
-لطالما احببت الكرز.
كانت ملاحظة عفوية،شكت سارة فى انه قد وعى ما قاله...طالبها دون كلام بالاستجابة،فاعطته ما اراد بسرعة وعفوية ثم راحت اناملها تحط فوق صدره صعودا الى عنقه وصولا الى شعره الكهرمانى الادكن الكث.احست بالذوبان يبدا فى اطرافها،الى درجة شعرت معها بالالم.
كان النسيم البارد يهب من البحر فينعش بشرتها،لكن برودته لم تطفىء النار التى اجتاحت عروقها.
العناق الذى بدا بطيئا ناعما انتهى فجاة بدفعة من وارن ابعدتها عنه كليا.اصابتها حركته المفاجئة بالدوار.نظرت اليه فاذا بها تسمع تهدج انفاسه المضطربة وترى البسمة القلقة المتالمة المرتسمة على وجهه.وقال بصوت منخفض:
-سامحينى على ما فعلت يا سارة.
-نعم...
ولكن لهجتها كانت سؤال اكثر منها ردا،فاضاف مطلقا نفسا طويلا:
-انت مفعمة بالانوثة ومعرضة للوقوع فى الخطر اكثر مما كنت اظن.فردت عليه والحيرة تاكل نفسها:
-وكذلك انت.لكننى لا ارى داعيا الى الاعتذارعلى معانقتى...ربما قلت لك اننى رجعية،لكننى لا اغالى فى الاحتشام.فابتسم بخشونة:
-كم كنت اتمنى لو كنت هكذا.
-هذا كلام غريب.اذ لم يكن لكلامه معنى عندها...
-صحيح؟(سالها دهشا)
ترك ذراعيها،فاسندت نفسها دون دعمه وهى تشعر ان ركبتيها تصطكان وهى تجيب باصرار:
-اظن هذا.
-لم يمر على اتفاقنا اربعا وعشرين ساعة وها انا اوشك ان اخرق اهم بنوده((لا عواطف)).
رغم لهجته الساخرة،فقد ارتفع اللهيب القرمزى الى خديها،ثم غادرهما بالسرعة نفسها،ليترك وجهها شاحبا حالما ادركت صدق كلامه.لقد فقدت السيطرة فعلا لى نفسها.وليس هناك مجال للتاكد
راقب وجهها الممتقع فترة قصيرة قبل ان يبتسم بلطف:
-تصبحين على خير سارة.استدارعلى عقبيه ليدخل المنزل.
-تصبح على خير.
كان صوتها ضعيفا،حتى شكت فى ان يكون صوتها قد وصل مسمعيه.استدارت ثانية الى البحر...ترتجف من برد فجائى غمر كيانها معيدا النيران التى تاججت فى داخلها الى الخمود من جديد.
تذكرت عندما قال لها ان الموقف بينهما لا يمكن ان يخرج من اليد الا اذا سمحا له بذلك...وها قد اقتربا فعلا من النار.
كان وارن اول من ادرك الامر...وها هو يمتلك تفكيرها الآن.
********

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:42
5_أريدك يا سارة







راح جرس المنبه يطرق طبلةاذنيها،فتثاءبت،ثم اضطجعت الى جنبها...وهى تمد يدها المرتبكة الى الزر لتسكته ولكنها اكتشفت ان منبهها ليس مصدر الرنين ومع ذلك استمر صوت الجرس فى اعلان موعد الصحو من النوم،عبست منزعجة ثم فتحت عينيها بحثا عن مصدر الازعاج،ما هى الا ثوان قليلات حتى ادركت ان الصوت قادم من غرفة وارن ومنبهه.رفعت الوسادة الاخرى لتضعها
فوق اذنيها،محاولة كتم الصوت،لكنه استمر يرن باصرار.صاحت من تحت الوسادة:
-اوه...لماذا لا تستيقظ وتوقف هذا الشيء اللعين؟سيجفونى النوم.
دفعت الوسادة بغضب،وخرجت من الفراش.وتقدمت لتضرب ضربة على جدار غرفة النوم،لكنها تذكرت متاخرة ان الحمام يفصل بين الغرفتين.وضعت الروب على كتفيها وخرجت الى الردهة متجهة الى غرفته.وضربت الباب بقضتها:
-اسكت هذا المنبه!لكن الصوت استمر:-وارن!!!
سمعت صوت رفاصات السرير ترد،ثم ساد الصمت.فتنهدتواسرعت عائدة الى غرفتها لتزحف تحت الاغطية،دون ان تخلع الروب وما ان اغمضت عينيها حتى سمعت بابه ينفتح،ووقع اقدامه الحافية الثابتة فى الردهة.
انفتح باب الحمام،ثم انغلق،وبعد بضع ثوان تعالى صوت المياه المتدفقة التى كان لرذاذها على الجدار الفاصل تاثيرا ووقعا اشد على الاعصاب من رنين المنبه.تاوهت سارة متالمة:
-اريد ان انام...
بعد بضع دقائق انضم صوت اخر الى صوت المياه فصاحت:
-اوه...لا!انه يغنى...يغنى فى الحمام...هذا كثير!رمت اغطية الفراش ثانية...لا فائدة من العودة الى النوم الان وتوجهت بغضب الى المطبخ.فتحت باب البراد واخرجت ابريق العصير ثم صفقت الباب،واعادت الكرة بعد ان صبت كوبا واعادت الابريق مكانه.
بينما كانت ترشف العصير حضرت الابريق الكهربائى لتصنع القهوة،املة عندما تفتح المياه الباردة بان تحرق المياه الساخنة جسده فى الحمام.بعد ذلك جلست على المقعد المرتفع قرب طاولة المطبخ الثابتة بانتظار غليان القهوة.
وما ان مرت ربع ساعة حتى كان ابريق القهوة يرسل اخر تنهيدة له .دخل وارن المطبخ من غرفة الجلوس،والسيجارة تتدلى من فمه بينما انشغلت يداه بتعديل ربطة العنق.حالما شاهد سارة تجلس فى المطبخ،عبس:
-لقد ظننتك ستنامين الى وقت متاخر هذا الصباح...ماذا تفعلين هنا؟نظرت اليه نظرة غضب:
-يالجراتك.كيف تسال هذا السؤال؟فابتسم بسخرية:
-هل ايقظك منبهي...؟
-منبهك،تبعه الماء،ثم ترنيمتك الساحرة.
تقدم منها ليضع السيجارة فى المنفضة،فلمحت لمعانا خبيثا فى عينيه:
-الكرز اخضر وفج هذا الصباح.اليس كذلك؟ردت بحدة اخف:
-كنت لتكون مثلى لو انت فى مكانى.
-ثمة عصير؟
-فى البراد،والقهوة جاهزة ايضا.
نظر الى كوب العصير الفارغ امامها.وسالها:
-هل اصب لك القهوة؟
-بامكانكان تصبها.
صب وارن كوبا من عصير البرتقال شربه قبل ان يحضر فنجانين من الخزانة،ملأهما قهوة ووضعهما جنبا الى جنب على الطاولة ثم استدار ليجلس قرب سارة،متمتما شيئا عن ربطة عنقه:
-انها غير مستوية؟
-لا...
سعى الى تعديلها باللمس ولما لم تستو قالت له:
-دعنى احاول.
لم يجادلها وارن.وعندما انتهت،تفحصت الربطة باصابعه ثم تحرك حاجباه بموافقة دهشة.
-انها جيدة جدا...اين تعلمت هذا؟
-لدى اب وشقيقان،لا يجيدون جميعهم ربطها.
ارتشف قليلا من قهوته:
-لا شقيقات لك؟
-اطلاقا...سيكارتك فى المنفضة.
مد يده ليطفئها ثم قال:
-لدى شقيقتان متزوجتان،تحتضن كل منهما صغارها.
ارتشف قليلا من القهوة فحذت سارة حذوه لكنها عادت فقررت الانتظار الى ان تبرد قليلا:
-لم يتزوج اخواى بعد.
-والداك فى شوق اذن الى الاحفاد؟
-لست ادرى...فوالدتى تقول انها صغيرة على ان تكون جدة وهى تبدو دون شك صغيرة.
نظر وارن الى الساعة الذهبية فى معصمه،ثم ازدرد ما تبقى من قهوة:
-لقد تاخرت.
ترددقليلا امامها ليمد اصبعه تحت ذقنها.
-اسف لاننى ايقظتك باكرا.
اذابت الابتسامة المدمرة التى اطلقها كل دفاعاتها فزال عنها غضب تولد من حرمانها من النوم ولكنها قررت ان لا تذهب بعيدا وتعترف بالامر...وقالت:
-يجب الا احسب عادة التاخر فى النوم على كل الاحوال.
وقبل ان تعرف ماذا ينوى انحنى ليقبل خدها بحنان ويقول:
-اتعلمين،وهذا ايضا قد يصبح عادة لدى.
تراقص النور فى عينيه.فودت سارة لو يتوقف قلبها عن الخفقان.داعبته بقولها:
-انك تنسى قوانين الاتفاق.
-اوه؟هذاصحيح...لقد نسيت.
قال كلماته تلك وكانه فعلا قد نسى لكن وميض عينيه اخبر العكس.عندما ذهب بدا المنزل فارغا.كانت الساعة الثامنة والنصف،عندما دخلت سيارته ثانية مرآب المنزل ذلك المساء.ولكنها تماسكت كى تتصرف امامه بهدوء وعفوية،وهى تراه مرهقا،فى يده حقيبة صغيرة.سالته بعفوية ظاهرة:
-هل كان يومك شاقا.
رفعت راسها عن مجلة الازياء التى تظاهرت بانها تقراها،فهز راسه:
-تقريبا...
جلس على الاريكة الاخرى،فقالت:
-هل تناولت الطعام؟
نظر اليها تائها للحظات قبل ان ينتبه لسؤالها:
-ماذا؟او...اجل...لقد توقفت فى المطعم اثناء قدومى.
لم تشاه سارة اخباره شيئا عن الطعام الذى احتفظت به ساخنا ارادت ان تقول له:دع عنك العمل واسترح عندما راته يخرج من الحقيبة اوراقا ووثائق،لكنها اثرت الصمت،لانها تذكرت ان
لا شان لها فى ما يفعل وان اراد ان يميت نفسه ارهاقا.
اخيرا عند العاشرة والنصف،رمت المجلة من يدها وهبت واقفة. فرفع وارن راسه لينظر اليها مستفهما.فقالت:
-لقد تاخر الوقت.ساذهب الى النوم.تصبح على خير.
-تصبحين على خير.
ثم عاد الى اوراقه.ضمت شفتيها معا،وسارت بحدة والدموع تكاد تخرج من عينيها،وطعم المرارة فى فمها...
-اوه ...على فكرة.فالتفتت اليه بسرعة لتسمعه يقول:
-لقد ظهرت الوثائق اليوم.
-صحيح؟
-يبدو انها لم تضع اصلا،لكنهالم تكن فى مكانها المخصص...ومن المؤسف ان احدا لم يزعج نفسه بالبحث عنها.
تصاعد الغضب عندما احست سارة بالسخرية الكامنة فى طيات كلماته،ولكن اهتمام وارن انصب من جديد على اوراقه.
درست ردا لاذعا له،وهى تتساءل هل يذكر انها تعمل لديرك ارميتاج.ولكنها رفعت راسها وتابعت سيرها الى غرفتها.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:45
اليومان التاليان كانا تكرارا ليوم الاثنين...تستفيق صباحا على صوت منبه وارن الذى يعود متاخرا فى المساء ليدفن نفسه فى عمله واوراقه.
اما هى فتبقى وحيدة الا فى ساعات الصباح الاولى وفى ساعات المساء المتاخرة.
ليلة الجمعة اوت الى فراشها كالعادة بعد العاشرة بقليل تاركة وارن واوراقه فى غرفة الجلوس،نامت ما ان وضعت راسها على الوسادة لكنه كان نوما قلقا متقطعا،استفاقت منه بعد منتصف الليل بقليل
وهى تحس بجفاف فى حلقها قخرجت من السرير،وتوجهت نعسى الى بابها،لما فتحته فاجاها مصباح الردهة الذى اغشى بصرها،فغطتعينيها بيدها ثم مدت الاخرى تفتش عن المفتاح لتطفىء هذا المصباح الذى تركه وارن مشعلا لكن حسيس الاوراق فى غرفة
الجلوس،اوقف يدها.تقدمت نحو غرفة الجلوس،حافية القدمين مغشية العينين فاذا بها تجد وارن جالسا على الاريكة حيث تركته منذ ساعات،يراجع اوراقه،ويسجل ملاحظاته على ورقة صفراء طويلة.قالت له بصوت اجش نعس:
-الم تخلد الى النوم بعد؟
رفع وارن راسه بحدة وقد فقد التركيز للحظات.ارتفع احد حاجبيه وعيناه تنتقلان من سارة الى ساعته الذهبية اللامعة تحت قميصه الملتف الى الاعلى.لوى فمه قليلا ثم عاد لينحنى على اوراقه وهو يقول:
-انا على وشك الانتهاء...لماذا استيقظت؟
-احسست بالعطش.
تابعت طريقها الى المطبخ،وهى تشك فى ان يكون قد سمع ردها.اثناء اقترابها من الاريكة رفع وارن يده الى عنقه ليدلكه،ورفع كتفيه متعبا وتمتم:
-اللعنة ...انا تعب حقا.تابعت طريقها لتفتح الماء البارد.
-اخلد الى النوم
-يجب ان انهى هذه الاوراق.
فتحت الخزانة لتاخذ كوبا،ثم قالت:
-الم تقرا قط قصة((ذهب مع الريح))؟المكتوب فيها((غدا يوم اخر)).
-اريدها غدا باكرا.
-لا اعتقد ان الارض ستتوقف عن الدوران ان لم تنهها.
ارتشفت قليلا من الماء من الكوب وهى تلتفت اليه فاذا بها تكتشف انه قد تبعها الى المطبخ،وقد زالت تجعدات التعب حول فمه من جراء ابتسامة ولدتها دعابتها.
-هل بقى بعض القهوة؟
نظرت الى الابريق فلاحظت انه غير موصول فى الكهرباء:
-لو ان فيه قهوة فهى باردة.
فتح وارن الخزانة فوقه:
-اليس لدينا قهوة فورية؟
اشارت الى الخزانة فوقها،دون ان تتحرك:
-انها هنا
تنحت قليلا لئلا يصطدم راسها بباب الخزانة عندما يفتحه.شربت الماء،ثم راقبته ينزل وعاء يضع فيه ملاعق فى الفنجان سالته:
-الن تسخن بعض الماء؟
-سيستغرق هذا وقتا،وانا اعتقد ان لا باس بماء الحنفية الساخن.
ترك الماء ينهمر الى ان تصاعد البخار فعمد عندها الى ملء فنجانه.كان يسند خصره الى المغسلة قرب سارة وكانه تعب غير قادر على دعم نفسه.مسح فمه وذقنه بيده ثم اخذ ملعقة ليحرك القهوة،لكنها
افلتت من يده لتقع على الارض.مدت سارة يدها لتلتقطها قبل ان تقع فمد هو يده فى الوقت نفسه فكان ان امسك كل منهما باحد طرفيها ثم استويا وهما يحملان الملعقة معا.قال يؤنب نفسه:
-هذا عمل اخرق منى .
تركت سارة الملعقة فورا ثم قالت فى محاولة منها لاظهار عدم تاثرها:
-انت متعب...عليك ان تاوى الى الفراش.
-اهذه دعوة منك؟
رغم خشونة صوته الا انها وجدت فيه خيطا رفيعا صادقا رفع قلب سارة الى عنقها.فرفعت الماء الى فمها لتشربه كله،ثم قالت:
-انت تعرف ما اعنى.
-اه
لم تعرف ما اذا كانت ال((اه))((نعم))ام((لا)).نظرت اليه لتوضيح الرد،واذ بها ترى فى نظرته ظلاما بعث القشعريرة الى جسدها ذاك ان عينيه انحدرتا من وجهها الى شعرها والى كل جناح من حاجبيها،ثم استقرتا اخيرا على وجنتيها لتنزلقا فجاة الى شفتيها.
لم تتوقف رحلة عينيه المحملقتين على شفتيها فقط بل تابعت المسير بكسل على جسدها النحيل.مثيرة فيها احاسيس مغرية،محسوسة جعلتها فى توق الى ان ترتمى بين ذراعيه لتذيب جسدها فوق جسده القاسى القوى.اخذت اجراس الخطر تدق فى راسهابينما عيناه تتابعان رحلتهما نزولا الى الاسفل
لتحس بانقباض معدتها.اخيرا قالت محتجة:
-وارن...توقف عن هذا!
كانت اجابته ان تقدم منها اكثر،لتلف ذراع التى على الطاولة حول خصرها جاعلة منها اسيرة بين ذراعيه والطاولة.اخذ الوهنيرجف ركبتيها والدوار يجتاح راسها وتضاعف هذا الشعور مع تزايد ضغط ذراعيه حول جيدها.
لمست شفتاه مؤخرة عنقها واعدة بمزيد من الاثارة،احست بهما رطبتين وبانفاسه حارة.
-اريدك سارة.(همس بصوت كالفحيح).
عندما بدا بتنفيذ الكلمات التى لم تعد ان تكون فكرة فى راسها،انتبهت لخطورة الموقف فهى بغض النظر عن قوة جاذبيته،لن تكون لعبة فى يدى رجل،يستغلها ثم يهجرها بعد ان ينتهى منها.ووارن قادر على هذا،الم يتجاهلها عمدا طوال اربعة ايام؟
فى لحظة،كانت منسجمة تذيبها لمساته،وفى اللحظة التالية تجمدت بين ذراعيه ودفعته بعيدا عنها.واستدار ببطء وكانه لا يصدق انها هربت منه،او انها تريد ان تهرب منه. قالت وانفاسها تكاد تنقطع:
-لقد نسيت القوانين مرة اخرى يا وارن.اضافة الى ان لديك اوراقا تريد انهاءها.تراجعت خطوة الى الوراء:
-وقهوتك بدات تبرد...تصبح على خير.
استدارت لتهرع الى غرفة نومها...حينما كانت تقفل الباب.جاءها صوته الهادىء:
-وانت ايضا نسيت القوانين يا سارة.
ولم تجد ردا على قوله .كان شعاع الشمس الاصفر يتسلل عبر الستائر عندما فتحت سارة عينيها فى الصباح.رفعت راسها عن الوسادة لتنظر الى ساعتها متثائبة:انها السادسة.لابد انها استفاقت وكانها تتوقع سماع جرس منبه وارن.وغطت راسها بالوسادة.
عشر دقائق مرت،ولا اثر لرنين المنبه،فظنت عند ذلك انه قد اخر موعد نهوضه بعد ليلة السهاد والعمل.نزلت من السرير،فارتدت روبها ثم خرجت الى الردهة،فاذا ببابه مفتوح.نظرت الى الداخل...لترى للمرة الاولى فراشه مرتبا!عادة هى من ترتبه له بعد ان يخرج.
فكرت فى انه اما قد خرج باكرا او...او انه لم يمس الفراش اصلا.لعله ارتدى ثيابه حالما انهى عمله ثم خرج.او...سارت على اطراف اصابعها الى غرفة الجلوس،وهناك وجدته...نصف جالس ونصف مستلق فوق الاريكة،بثيابه وحوله الاوراق منتشرة...بدا متعبا جد حتى كرهت فكرة ايقاضه،لكنه بدا كذلك غير مرتاح.
اخذت تجمع الاوراق باكبر قدر من الهدوء فرتبتها ووضعتها فوق حقيبته ثم سعت الى وضع وسادة تحت راسه ونجحت فى ذلك.بعد هنيهة تساءلت ما اذا ستتمكن من رفع ساقيه عن الارض دون ان توقظه.تحرك فجمدت دون حراك.حدقت العينان الزرقاوان الناعستان فيها عبر رموشه
السوداء المسترخية وتقلب فى مكانه،ثم ابتسم بعد ان تعرف الى ما يحيط به:
-كم الساعة الان؟
-السادسة والربع.
تثائب ثم فرك جبينه:
-مستحيل،كنت انوى فقط اراحة عيناى بضع دقائق.
-انك بحاجة الى المزيد من الراحة فمنظرك مريع.
-لا استطيع.
استوى جالسا فقوس ظهره ثم بسطه:
-لدى اجتماع باكر.وعلى الذهاب الى المكتب.
لا جدوى من الجدال معه لانه لن يصغى اليها.قالت:
-ساصنع لك القهوة.
دخل وارن الحمام ليغتسل ويغير ثيابه.ثم خرج فاذا بالعصير ينتظره فى المطبخ.اقنعت نفسها انها تفعل هذا شفقة.بعد شرب العصير قال براحة:
-لقد ساعدنى هذا كثيرا.
فقالت له:
-انت حقا بحاجة الى المزيد من الراحة يا وارن...عليك ان تنام قليلا بدل العمل طوال الليل .فهز كتفيه:
-كان يجب ان انهى العمل.
تقدم من المغسلة ليضع الكوب الفارغ فيها،فقالت بلهجة احتجاج:
-انه العمل فى المكتب وابتعد عن احضاره معك الى البيت.
-اتمكن هنا من انجاز اضعاف ما انجزه فى المكتب،فليس هنا من يزعجنى او يقاطعنى...بل فلاقل ان لا ازعاج كبير هنا.نظر اليها بخبث وهو يقول الجملة الاخيرة.فتظاهرت بانها لم تفهم ما يقصد.هزت كتفيها وهى تنزل عن المقعد المرتفع:
-لايهمنى ان قتلت نفسك فى العمل.
فراقبها بفضول:
-الى اين انت ذاهبة؟
-لاستحم واغير ملابسى.
وبدات تقطع غرفة الجلوس:
-سارة؟
فتوقفت لتلتفت اليه،فقال مبتسما:
-شكرا على ايقاظك اياى.
فردت عليه ابتسامته،واسرعت فى خطواتها الى الحمام.وعندما خرجت منه كان قد غادر المنزل.
الايام الاولى من اجازتها بدت وكانها مرت بسرعة.اما هذا اليوم فقد بدت ساعاته طويلة .فها هو العصر قد حل ،وهى مع ذلك تحس بالضجر والتوتر. لقد استلقيت فى الشمس قدر الامكان،ثم استلقت فى ظلال الشرفة،على كرسى نوم تقرا كتابا ،لكن الكتاب لم ياسر اهتمامها.
تنهدت،ثم وضعن قصاصة ورق بين الصفحات لتعرف اين وصلت فى القراءة بعد ذلك ونحت الكتاب جانبا.وقفت لتسير نحو السياج ،رافعة وجهها لتستقبل نسمات الريح الباردة الاتية من البحر.
كانت تردى ثوب الا ستحمام البراق المؤالف من قطعة واحدة وهو ثوب ازرق رمادى...لعل الخير لها فى ارتداء ملابسها والذهاب الى مطعم من المطاعم المنتشرة على الشاطىء لتناول العشاء.
استدارت دهشة عند سماع جرس الباب يقرع.من هذا الزائر فى هذه الساعة من يوم الجمعة؟كل اصدقائها فى العمل .ربما هو احد الباعة المتجولين.هبطت الدرجات الى الباب ثم اختلست النظر عبر ثقب الباب
فاذا بها ترى طيف ديرك الواقف فى الخارج،فتحت الباب لتتاكد مماترى،وقال مبتسما:
-كنت امل ان اجدك.
-لكن يجب ان تكون فى عملك!
-صحيح.
دخل الى المنزل بعد ان ابتعدت لتفسح له مجالا للمرور.
-كان اسبوعا مضنيا ذاك الذى فات.طلبت اليوم من رب العمل اذنا بالخروج وان لم يعجبه الامر،فليشق الصخر.
-هل كان الاسبوع سيئا لهذه الدرجة؟
-بل اسوا مما تتصورين.
فقالت ممازحة:
-الى اى مدى قد ينعشك عصير البرتقال البارد؟
-انه خير الان من جائزة.اوصلينى اليه ارجوك.
ضحك فقالت وهى تصعد السلم:
-الحقنى اذن.انه فى البراد.
بعد بضع دقائق كان ديرك مستلقيا على كرسى نوم طويل ،وفى يده كوب عصير بارد ملىء بمكعبات الثلج،وامامه على الطاولة الابريق شبه الفارغ.قال متنهدا براحة:
-والان...هذه هى الحياة...هدوء وسكينة ومنظر خلاب يطل على البحر.فكرت مليا فى هذا المنظر الاسبوع الماضى.
تنهدت سارة ساخرة:
-وانا من كنت اظن انك تجشمت عناء قيادة سيارتك كل هذه المسافة لرؤيتى.
-اوه...با هذا كان قصدى.
غرق اكثر فى كرسيه واكمل:
-لم اكن اعرف قدر سكرتيرتى حتى ابتعدت عنى فى اجازة.
-كيف يسير العمل مع جينى؟
-تكاد تدفعنى الى الانتحار...
دافعت سارة عن زميلتها وبديلتها،بينما كانت تبتسم بتفهم:
-انها سكرتيرة كفوءة حقا.
-حقا...انها كذلك.تثرثر كالغراب طوال النهار،وتقول ااتفه الاشياء واغباها.انى الى الان لا اعرف ما اذا كانت ساذجة بلهاء حقا ام انها تمثل السذاجة اعتقادا منها انه الظرف بعينه.
-اخشى ان يكون الكثير من تصرفها حقيقيا.
-اشكر الله لانه لم يبق سوى اسبوع واحد تعودين بعده الى .
ارتشف نصف كوبه،ثم تابع:
-ان طال غيابك اكثر فساقدم استقالتى.
-فكرت فى تقديم انذار لمدة اسبوعين واقترح ان تاخذ جينى مكانى بصورة مستمرة.
انفجرت بالضحك عندما قفز ديرك عن كرسيه واقفا ليمسك يدها ،وشدها اكثر ليوقفها على قدميها ثم جذبها بين ذراعيه ورفعها عاليا ثم تقدم بها الى اسياج الشرفة.صاحت ضاحكة بقوة حتى كادت الكلمات لا تخرج من فمها.
انزلنى...يا ديريك!
-اسحبى ما قلته والا فليساعدنى الله سارميك من هنا!
لكن لم يكن فى عينيه اللوزيتين المتراقصتين دليل على تنفيذ ما يقول.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 11:51
6_ذراع دافئة








-اسحب كلامى!اسحب كلامى!
قالت سارةهذاشاهقة من بين انفاس قطعها الضحك.ارجعها ديرك من فوق السياج ثم ترك لقدميها السبيل الى الارض وهو يقول وابتسامة عريضة تعلو شفتيه:
-لاتكررى هذا الكلام ثانية ولو مزاحا.
اسندت كتفها الى صدره ثم اجابت لاهثة:
-لن اكرره...صدقنى.
-هذا افضل لك...
-اهذا هو المكان الذى تذهب اليه ارميتاج عندما تقول لهم فى المكتب انك فى عمل؟
سؤال وارناللاذع مسح الابتسامة عن الوجهين.استدارت سارةبحدة لتراه واقفا فى الباب،ربطة عنقه محلولة والزر الاعلى للقميص مفتوح.بدا تعبا ومتوترا وغاضبا اشد الغضب.
اجاب ديرك بهدوء اعصاب:
-المكتب على علم باننى فى اجازة اليوم.
فصاح وارن:
-لكن سكرتيرتك لم تقل هذا
تمتم ديرك من بين اسنانه:
-لقد فعلتها جينى ثانية!
عرفت سارة ان بديلتها اعتقدت ان من السياسة ان القول لزبون ديرك انه يعمل بدل ان تقول انه فى اجازة.فقالت تدافع عن ديرك:
-انه لقرار غير حكيم من سكرتيرة ديرك المؤقتة عدم اعلامك بحقيقة الوضع.
استدار اليها وارن ليقول:
-ها قد عدت من جديد الى تمثيل دور السكرتيرة المخلصة التى تهرع للدفاع عن رئيسها.
ارتفع ذقنها الى فوق متحدية:
-احاول فقط ان اصحح معلوماتك.
التوى فمه بسخرية:
-صحيح؟
-قل لى،ماذا تفعل هنا يا وارن؟لماذا لست فى مكتبك؟
فقال بغضب:
-انسيت اننى قضيت الليل منكبا على العمل.
اذن قررت العودة باكرا.فهل انت واثق من ان سكرتيرتك تقول الحقيقة لكل من يسال عنك؟ام انها تختلق بعض الاعذار،كما فعلت سكرتيرة ديرك عندما اتصلت به؟
رد وارن بصوت ملؤه الشك:
-يبدو هذا ممكنا.
فقالت سارة:
-هكذا تبدو الحقيقة دائما.
تجولت عيناه الباردتان فيها من قمة راسها حتى اخمص قدميها،حدق فى ثوب السباحة البراق الذى يكشف عن قسماتها بسحرواغراء،ثم قال:
-لكننى لا استطيع الا ان اتساءل كم من المرات جاء فيها ارميتاج الى هنا فى الاسبوع الفائت فى الوقت المفترض فيه انه يعمل.
انهى كلامه بحدة ثم رجع على عقبيه الى الداخل.بدا وضع كتفيه العريضتين المتكبرتين وكانهما كتفى ثور.اسرعت سارة تريد اللحاق به الا ان ديرك منعها،لانه لاحظ الاشارات الخطرة التى بدا غضبها يرسلها:
-اتركيه الان يا سارة.
لكنها جذبت ذراعها منه واندفعت خلف وارن الى غرفة الجلوس حيث وجدته يوشك على خلع ربطة عنقه وحدق فيها ببرود.فاطلقت سارة عقال غضبها بسيل من الكلمات اللاذعة.
-لا شان لك فى ان تعرف عدد المرات التى زارنى فيها اضف الى ذلك انه ضيفى و...
فقاطعها وارن بحدة:
-كان يفترض بك من باب الحشمة اعلامى بانك ستستقبلين رجلا الليلة،لارتب امورا اخرى،ولاخلى لكما الجو.
-تتهمنى باننى لا املك الحشمة؟وماذا عن حشمتك انت؟
-انا؟اتعتبرينى غير محتشم لفظاظتى مع ارميتاج؟
لوى فمه ازدراء،فصاحت سارة:
-هذا من بين اشياء اخرى.
ارجع راسه الى الوراء ليدرسها بعجرفة،ثم قال:
-وما هى الاشياء الاخرى؟
-لقد كان منبهك يوقظنى كل يوم خلال الاسبوع الفائت،بينما تبقى انت نائما وهو يتابع رنينه.
-لقد اعتذرت لك عن هذا.
-ولكن الاعتذار لا يعيد النعاس الى جفونى.
فرد متحديا:
-اذ كان اتفاقنا هذا لا يعجبك،فلماذا لا تغادرين المنزل؟
-انا لن اذهب!بل اذهب انت!
-لماذا اذهب؟كى يتمكن ارميتاج من السكن معك سيكون هذا حميما لكما.
-صحبته ستكون بالتاكيد افضل من صحبتك!
رمى وارن كلماته بوحشية:
-بالتاكيد،اذ لن يكون بينكما اتفاقات او قوانين،او غرف منفصلة واسرة منفصلة!
فصاحت باحتقار:
-ان لتفكيرك قذارة كلماتك!يجب ان تتزوج من كاثرين،لانكما من الجنس عينه.
قال ديرك الواقف فى باب الشرفة:
-انا ذاهب،لم اجىء الى هنا لابدا شجارا مفتوحا.
استدارت سارة مصعوقة لانها كانت قد نسيت وجود ديرك:
-لا تذهب يا ديرك...فوارن كان خارجا لتوه.
صاح بها وارن:
-والله لن اخرج!وعليك اما استقباله وانا فى المنزل او الذهاب الى مكان اخر.لكننى لن اخرج ابدا.
-عظيم...
التفتت الى ديرك:
-اعطنى بضع دقائق لارتدى ثيابى وساخرج معك.
هز ديرك راسه ثم ذهبت سارة الى غرفتها،فخلعت ثوب السباحة،وارتدت ثوبا صيفيا مكشوفا برتقالى اللون،وعادت على عقبيها الى غرفة الجلوس التى عمها الان صمت وهدوء متوترين.
كان ديرك ينتظرها فى اعلى السلم عندما خرجت من غرفتها.رمقت وجه وارن المتجهم ثم تقدمت نحو ديرك،وهى تقول لذاك الارعن ببسمة باردة:
-خذالمنزل كله لك هذا المساء.بامكانك التمتع فيه بكل الهدوء والسكينة التى ترغب فيها...
انقلبت الحلاوة الى وحشية وهى تضيف:
-وارجو ان تهشمك!
تقدمت رافعة راسها لتنزل السلم.بينما كانت تسير على االرصيف خارج المنزل ارتفع وقع نعلى حذائها دليل الغضب الذى يعقل نفسها.تقد ديرك ليسير الى جانبها،موسعا خطاه ليماشى خطوتها السريعة،قال بعد تردد:
-نظرا للظروف هذه يا سارة،الا تظنين ان من الافضل لك ان تعودى الى شقتك لقضاء الايام الاخيرة من الاجازة.
-واترك ذلك الرجل يربح؟لا قسما!لن يكون له هذا الرضى.ساجعل حياته جحيما كما يفعل بحياتى.
توقفت قرب سيارته تنتظره ليفتح لها الباب،وعندما تاخر التفتت اليه لتلاحظ التعبير المتالم على وجهه:
-مابك يا ديرك؟
كان فى صوتها رنة غضب ما زالت عالقة فيه،فتمتم دون ارتياح:
-لست ادرى كيف اخبرك.
كاد صبرها ينفذ من جديد:
-تخبرنى ماذا؟

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:04
ابعد نظره عنها:
-انا على موعد مع فتاة اخرى.
-لديك ماذا؟
-هذه قمة سخرية القدر!
كادت سارة تنفجر فى ضحكة مريرة.
-انا اسف ياسارة.لقد فكرت ان اورك طلبا للراحة وتجاذب اطراف الحديث وفى نيتى الخروج قبل عودة وارن.
اما هى فقد اعتقدت انه جاء يسامرها.هذا قمة الغرور.نظرت الى المنزل الذى لا يمكنها العودة اليه الان،ليس قبل وقت طويل.فلو علم وارن الحقيقة لن تنجو من لسانه السليط بسهولة وقالت:
-لاباس يا ديرك...فهذا ما استحقه.
-ماذا ستفعلين؟
-وهل ارجع لافسح له مجالا للسخرية؟...بالتاكيد لا.ساقصد مكانا ما،هل لك بانتظارى لاخرج سيارتى من الكاراج.
-بالطبع سانتظر.
وابتسم لها،فهذا اقل ما يمكنه فعله بعد ان خذلها.فليفكر هذا المتعجرف بمايريد عندما يراهما من حيث يقف الان فى سيارتين مستقلتين.
تصاعد غضبها الى ذروته فرجعت بشكل اخرق الى الوراء دون ان تلوى على سيئ.وعلى الفور غيرت غيارالسيارة من الرجوع الى الانطلاق ثم داست دواسة السرعة حتى الاسفل،تصاعد صوت صرير الاطارات فوق الطريق اثناء اندفاع السيارة الى الامام،تاركة ديرك خلفها.
كانت اتعس امسية امضتها سارة فى حياتها.فقد تركت ساعتها فى غرفة النوم،وتعطلت ساعة السيارة،لذلك عندما عادت كانت تجهل تماما الوقت بالتحديد.ادخلت السيارة الى المراب،وهى تفكر فى انها تاخرت فى العودة الى المنزل فالظلام قد حل منذ ساعات احست بلسع هواء الليل البارد فاسرعت
عبر الباب الموصل من المراب الى مدخل البيت.ثم شرعت ترتقى السلالم بقلق.قبل ان تصل الى راس الدرج،احست بقشعريرة تمر فى مؤخرة عنقها،فرفعت راسها لتشاهد وارن يقف فوقها على راس السلم،مفتوح القميص المتدلى خارج سرواله.كان فى نظرته اسوداد مرعب.اما قسماته فكانها قدت من صوان:
-اين كنت بحق الجحيم؟
-امر لا يخصك.
مرت امامه لكن اصابعه امسكت معصمها بقوة:
-الديك فكرة عن الوقت؟
-لا...لااعرف.ولا ارى ان الامر مهم.
-الساعة الان تقارب الرابعة صباحا.وانا اريد ان اعرف اين كنت.
احست بالالم من قبضة يده الفولاذية:
-لن اقدم لك كشف حساب عن مكان ذهابى ...فاتركنى ارجوك.انا تعبة
-ساتركك،حالما تجيبى عن سؤالى.
-لقد قلت ان هذا ليس من شانك.
كانت تعبة غير قادرة على خوض جدال مع وارن كينكايد،وقال لها:
-اعلم انك لم تكونى مع ارميتاج.
شحب وجهها ولكنها تحدته:
-الم اكن؟
-لا لم تكونى.
لم يكن فى صوته اثر لريبة او شك عندما اردف:
-لاننى لما ذهبت الى منزله اساله عنك اجابنى انك ما كنت فى مزاج يسمح لك برفقة احد،فتركته الى مكان لا يعرف ما هو.
شكرت سارة فى سرها ديرك لانه انقذ ماء وجهها فلم يعترف بانه كان على موعد مع فتاة اخرى تلك الليلة.لكن هذا لم يخرجها من ورطتها الحالية:
-ما زلت فى مزاج لا يسمح لى بمرافقة احد،خاصة انت!والان اتركنى!
حاولت تحرير يدها من قبضته.لكنه استغل حركتها ليلوى ذراعها خلف ظهرها وليضمها الى صدره وهو يقول امرا بغضب:
-لا يهمنى ان كنت بمزاج حسن ام لا...ستجيبين عن سؤالى .
ردت عليه بعنف:
-لن اجيب.
امسكت يده الاخرى بشعرها،لتمسك اصابعه الخصلات القصيرة ويشد راسها الى الوراء كى ينظر الى وجهها.ثم قال متهما:
-هل كنت تتسكعين؟
-قصدت صديقا تناولت معه شرابا.فهل هذه جريمة؟
-الطريقة التى قدت فيها سيارتك من هنا كانت تحمل علامات الانتحار.لقد اتصلت بالشرطة مرارا وانا على ثقة من ان مكروها قد اصابك خاصة بعد ان عرفت انك لم تكونى مع ارميتاج.
-لم يصيبنى سوء وها انا سالمة.هل ابدو كمن تعرض لاذى اكبر من الاذى الذى سببته لى.
راحت الدموع تغشى بصرها،وكانت تعنى تقريبا ما تقول.
-اترك ذراعى!فستكسره ان استمريت فى لويه هكذا.
ضغط عليها اكثر:
-اتمنى ان يؤلمك اكثر بعد ما سببت لى من رعب الليلة.انت تستحقين العقاب.
ضحكت سارة بمرارة والم:
-ماسببته لك؟ايها الثور المتعجرف العنيد.
لم يعطها وارن فرصة لاتمام سيل اهاناتها.بل اسكتها بعناق ساحق بعد ان ترك ذراعها ليضم جسدها الى صدره بقوة.رغم عناقه الجامح الذى بغى منه عقابها استجابت له.ارادت ان تكافح،ان تقاتل لتتخلص من عناقه لكن يديها تسللتا الى داخل قميصه،باحثة عن حرارة بشرته العارية.اما
راسها فراح يدور ويدور فوق صدره يحتك وجهها فيه بشدة والم،حتى احست بالارتباك من ردة فعلها هذه.
عندما ابعدهاعنه،لم تستطع فتح عينيها لتنظر اليه لانها ما زالت ترتجف من قوة استجابتها الغريبة له.احست بفمها وذقنها وكانما ما زالا يحتكان بشعر صدره.
-بالله عليك سارة...اين كنت طوال الوقت؟
كان فى صوته رنة غريبة.اشبه بالالم.اخد يمر يده على شعرها برقة وهو يتابع كلامه:
-لقد كدت اجن من القلق خوفا من ان يكون مكروه قد اصابك.
-احقا؟
اخذت نفسا عميقا وهى تخشى ان تصدقه.فابتسم.
-اجل...هذا صحيح.
احست بخفقات قلبه غير المنتظمة تحت يديها،واشتدت ذراعاه ثانية حولها،وعاد الالحاح الى صوته:
صديقك الذى كنت عنده...رجل ام امراة؟
-انها جولى ،صديقة الطفولة.
بدات تحرك راسها ثانية وقد اخذ يداعب اذنها...فقال بغضب ساخر:
-اعتقد انكما قضيتما الليل فى قيل وقال،بينما انا اذرع الغرفة قلقا.
-ليس الليل كله لاننى تركتها عند الحادية عشرة.
كان يمرر يديه فوق كتفيها،وكانت هى تتمتع دون خجل بالاحساس الذى تبعثه هذه الحركة فيها.عندما سمع اجابتها تلك رفع راسه عابسا:
-واين كنت منذ الحادية عشرة؟
-كنت اتمشى على الشاطىء.
-وحدك
علمت ان الامر غباء منها فاجابت بصوت منخفض:
-جل.
-تستحقين الجلد حتى الموت على هذا!اكنت تتمشين فعلا على الشاطىء مدة ثلاث ساعات؟
كرر كلامها وكانه غير قادر على التصديق،لكنها لم تفكر مطلقا بالمخاطر التى عرضت نفسها لها وقالت:
-اعتقد هذا.
-اوه يا سارة.كنت اعلم انه ما كان يجب ان اتركك تذهبين مع ارميتاج.
فضحكت:
-لم يكن فى وسعك ايقافى.كنت غاضبة حتى ان حائطا من الحجر الاصم ما كان ليوقفنى وانت السبب فى هذا كله.
-انا؟!
-انت من بدات الشجار.لو لم تكن فظا مع ديرك،لما فقدت اعصابى.
-ماذا كان يفترض بى ان افكر؟اتصلت بمكتبه فقالت لى السكرتيرة انه خرج فى عمل.وعندما وصلت الى هنا وجدته يحملك بين ذراعيه...
-كان بامكانك ان تمنحه البراءة لعدم كفاية الادلة.بدل القفز الى استنتاجات مخطئة غير عادلة.
قال لها منتقدا:
-كيف تعرفين ان استنتاجى كان غير عادل ومخطىء؟
-لان ليس من طبع ديرك الكذب.انه صادق ذكى ويعمل جاهدا كما تعمل انت وقضيتك ليست القضية الوحيدة التى يرميها المكتب على كاهله وكل التاخير الذى حصل سببه اخرون وهذه امور لا ذنب له فيها.
والتوى فمه:
-ها قد عدت من جديد لتدافعى عنه!
-وماذا على ان افعل غير هذا وهو غير موجود ليدافع عن نفسه؟
ارادت الابتعاد عن ذراعيه لكنه احكم امساكها:
-سارة،لا اريد المشاجرة .
-لا؟انت تريدنى؟
طافت عيناه فى وجهها تسال مع سؤاله:
-وانت؟
بدات نبضاتها تتسارع من جديد والخدر يسرى الى احساسها،لكن عقلها رفض ان يتخلى عن دوره.كان ردها بصوت لاهث مقطوع الانفاس:
-لا...لا...لااريد.
اتسعت زاوية واحدة من فمه بابتسامة ماكرة غريبة:
-كاذبة.
-لقد اتهمتنى بهذا مرارا يا وارن.وانت مخطىء هذه المرة كخطاك فى المرات السابقة.
ثم انتزعت جسدها بعيدا عنه وولت مبتعدة وهى تشعر بنظراته،تشل ظهرها.كان عليها اجبار نفسها على السير بهدوء والا تستسلم لرغبتها فى الهرب الى غرفتها بسرعة.
ما ان اقفلت الباب وراءها حتى راحت ترتجف بعنف...انها مسحورة به الى حد بعيد...لقد تعرفت الى الدلائل...والى الامتزاج الغريب بسحرهما معا.
هو دون شك يدرك انها جذابة جدا وقريبة من متناول يده ورغبته فيها هى جزء من الخطر الذى ورثه بمشاركته اياها المنزل نفسه.كانت تعرف انها لن تستطيع قبوله حبيبا مؤقتا لان ذلك امر غير حكيم.
بينما كانت توشك على اطفاء النور للخلود الى النوم فتح الباب،فجمد اصبعها فوق الزر عن الحراك ذلك ان وارن ملا جسده الباب،فبدا شعره الكهرمانى يلمع ويميل الى الاسوداد اما عيناه فاعتم لونهما الازرق حيث قارب الاوداد.احست برغبة وتوق اليه لكنها نفتهما بكلماتها:
-وارن اريد ان انام.
-اجل...لكنك ستنامين فى فراشى حيث يجب ان تكونى.
مد يده اليها،فحاولت الاحتجاج...لكنها عرفت ان الاحتجاج لن يمنعه لذا سارعت الى الوسادة فوق السرير فرمته بها،امله ان تهرب من يديه للحظات،لكنه ابعد الوسادة بضربة من ذراعه ثم انقض عليها
ليمسك خصرها قبل ان تنزلق من الناحية الاخرى من السرير.
ورماها دون جهد فوق كتفيه اللتين تلقتا وظهره ضربات قوية بينما اخذ لسانها يتهمه ويذم تصرفه الذى يعود الى ايام رجال الكهف...فقال:
-اصرخى ما شاء لك الصراخ...فلن يسمعك احد وانت لم تثقبى طبلة اذنى بعد.
-انزلنى فورا.
فتح باب غرفته برفسة من قدمه ثم رماها فوق سريره لتختفى صرختها المرتفعة على الوسادة التى غرق وجهها فيها.احست بالصدمة
ومضت لحظات قبل ان تستعيد جاشها.لما انقلبت الى جانبها،شاهدته يخلع قميصه وكانه بذلك يخلع البرقع الشفاف للتحضر الذى يفصل البشر عن الحيوان.تقلصت معدتها لرؤيته.
استغلت استدارة ظهره لها لتكمل دورتها فوق السرير.لكن يده سارعت للامساك بكتفيها ليجبرها على البقاء،وطقطق السرير وهو يتلقى وزنه.وكانت مقاومتها دون جدوى،فقوته
العمرة الصقت كتفيها بالسرير.امسكت ذراعيه تحاول دفعه بعيدا عنها،وادارت وجهها بسرعة من جانب الى جانب تجنبا لفمه.لكن هذه الحركة لم تمنعه من وضع شفتيه على خدها.
رغم محاولاتها المذعورة للخلاص منه الا ان شيئا من التجاوب اجتاح جسدها عند لمسة يديه لها.شهقت بحذر وقالت:
-وارن...ماذا عن تلك القوانين؟
-فلتذهب كل القوانين الى الجحيم.
-ولكنك تعب يا وارن.وانت لا تعرف ماذا تفعل.
لم تعد تعرف ماذا تفعل هى ولماذا.فقال:
-ربما لكننى مسرور هكذا،مهما يكن الامر.
سمعت زئيرا يصم اذنيها كان مصدره ضربات قلبها.
-وانت كذلك مسرورة بما يجرى،يا فتاة الكرز...اياك ان تنكرى هذا.
لكن استسلامها لم يكن كاملا اذ عادت الى الاحتجاج.
-وارن
-نعم يا فتاة الكرز...اخضر نىء فى الصباح،واحمر ناضج وحلو فى الليل.
احست سارة وكانها دولاب الحظ،تدور وتدور دون ان تعرف اين وكيف ستقف...او من سيربح ومن سيخسر ...انه دوار عنيف ومستمر.
فى تلك اللحظات كانت تعلم انها تفقد السيطرة على الذات وانها تترك نفسها تقع فى شرك لا قرار له.الشيء الوحيد الذى عليها فعله لن تجرؤ على القيام به.همست له باحتجاج مؤلم،وهى تتقلب متهربة من الحاحه.
-لاتفعل هذا ارجوك يا وارن...ارجوك.
-حبا لله يا سارة...انت تعرفين انك تريدين حبى...وساجعلك تعترفين به!
انها تريد حبه،لكن ليس بهذه الطريقة،تابعت مقاومتها...ثم قالت تحاول جرحه:
-اتستخدم القوة دائما لنيل النساء؟
تنفس وارن بقوة ،ثم رفع نفسه عنها وراحت عيناه تلمعان بطريقة توحى بان فرصة الهرب قد ازفت وعليها الا تهن او تضعف.
همس اخيرا:
-اللعنة عليك يا سارة.
اضجع الى جانبه جاذبا اياها معه.ثم امسكت راحتاه وجنتيها ووضعتاهما فوق صدره،لتعلو وتهبط كلما لفظ انفاسه المتهدجة،فكان ان استطاعت سماع ضربات قلبه.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:07
فاغمضت عينيها تاركة ذراعيه تسحقانهااليه.
امسكها بهذه الطريقة دون ان يغازلها او يسعى الى تنفيذ تهديده يجعهلها تقر له بحبها له لكنها الان ما عادت تخشى من عناقه لانه امتنع عن اغوائها.
ومر وقت طويل قبل ان تهذا نبضات قلبه وتنتظم انفاسه.كان الرضى بالاستلقاء بين ذراعيه يعادل قوة رغبتها فيه بل اكثر.
حاولت النهوض لكن ذراعه اشتدت اكثر حولها.
-ابقى هنا يا فتاة الكرز.
كان صوته العميق غير قابل للمقاومة،ووارن يوشك ان يغفو لذا استرخت فوق صدره وبين دفء ذراعيه على امل ان ترحل بعد ان يغفو.حينما شعر بها تستكين دون مقاومة انتظمت انفاسه ثم استسلم للنوم هنيئا.
ولم يكن من السهل ان تبقى صاحية،ولكن ما ساعدها كان الهواء البارد الذى يرسله البحر عبر النافذة المفتوحة.ولولاه لما استطاعت الا الاستكانة بين ذراعيه نائمة.ارتجفت للحظات قليلة وكانه احس برجفتها لانه سرعان ما افلتها
ليمسك بالاغطية التى جذبها ليغطى بها نفسه ويغطيها،عندها غمرها الدفء،واسترخت وهى تحس بامان بعثه صوته الهامس:
-نامى يا فتاة الكرز.
رغم عفوية كلماته الا انه كمن بين طياتها شيء حميم.فاجابت:
-اجل.
لكنها لن تنام...ستتظاهر فقط بالموافقة.وعندما يغط فى نوم عميق ستتسلل منسحبة الى غرفتها.انخفضت رموشها الى الاسفل من التعب فقررت ان تريح عينيها قليلا لدقائق معدودة فقط.
كانت ذراعه حول خصرها ثقيلة،دافئة...متملكة...ولطيفة.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:13
7_خفقات ليست لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






انطلق جرس المنبه عاليا داخل اذن سارة تقريبا ناضلت لتفتح عينيها وهى لا تفهم سبب هذا الرنين العالى الى هذا الحد احست بوزن ثقيل على خاصرتها يضغطها فوق الفراش ارادت ان
تبعد هذا الثقل وتمنت من وارن ان يسكت هذا الرنين المزعج ولو لمرة واحدة وما ان لمست اصابعها هذا الثقل حتى احست بشعر خشن اعلمها ان هذه ذراع وارن
طار النعاس فورا من جفونها وقد تذكرت ما حدث الليلة الماضية او على الاصح فى الصباح الباكر فهذا الجسد القاسى الطويل الى جانبها هو وارن وبحذر لئلا تقلقه
مدت يدها التى كادت لا تلامس زر المنبه فاسكتته وللمرة الاولى تسر باستمراره فى النوم اثناء رنين المنبه لان ذلك سيعطيها فرصة التسلل من السرير قبل ان يستيقط
لكنها اثناء محاولتها تلك امسكها باحكام رافقه تلعلع صوت اجش بفعل النعا
-لاتتحركى يا فتاة الكرز.
ظنت سارة انه غير واع الان وهذا يعنى انه سيغط فى النوم من جديد
-يدك تضايقنى.
تمتم بشىءمبهم ثم اضطجع الى الجانب الاخر فى حين بقيت سارة ساكنة مدة دقائق حتى اطمئنت الى انه عاد الى النوم ثم تسللت من السرير وسارت على اطراف اصابعها الى غرفتها
اغتسلت ثم غيرت ملابسها وصنعت القهوة فصبت منها فنجانا ثم صبت كوب عصير حملتهما وعادت الى غرفة وارن وهناك راحت تتامل النائم المستغرق فى نومه تنهدت حينما تذكرت كم تاخر فى النوم ليلة امس والليلة التى سبقتها عندما
نام على الاريكة لذا لم تجد القدرة على ايقاضه وحرمانه من الراحة التى يحتاجها.رجعت على عقبيها لتضع العصير فى البراد والقهوة على طاولة المطبخ.
كانت الشمس تصفع باشعتها وجه مياه البحر الصافية فتنعكس انوارها الى غرفة الجلوس.حملت فنجان القهوة لتخرج الى الشرفة،لكنها بعد تردد،نزلت السلم الممتد من المنزل الى الشاطىء المغرى.
حيث لا يقطع سكينة الصباح سوى صوت الامواج المتكسرة على الشاطىء وصيحات النورس الناثر جناحيه فى الافق الرحب.
لكن الشاطىء لم يكن فارغا لان امراة عجوز تعتمر قبعة واقية من الشمس وبنطلون جينز مطويا حتى ركبتيها كانت تتجول وحيدة،تهتم بالنفائس التى كشف عنها المد.
جلست سارة فوق الرمال،ثم طفقت تراقب المراة فترة قبل ان يرتد بصرها من جديد الى النورس الذى ازدادت حركاته البهلوانية...اما البحر فكان فى اوج صفائه.فوجهه صفا وسكن كمراة مشعة.
بدا شعورها بمضى الزمن يندثر رويدا رويدا،فها الساعة توشك على الاندحار وكانها ثوان تطايرت بسرعة.لكن الشمس اشتدت انوارها وارتفعت حرارتها،اما البحر والسماء،فقد بقيا كما هما،والمراة ما زالت تجوب الشلطىء بحثا عن الصدف والخشب المجروف.
-سارة؟
صوت وارن صرخ بها بنفاذ صبر،مهشما طوق السحر الذى حولها،معلعا فوق صيحة النورس.فاستدارت فوق الرمال لتنظر الى الخلف،فاذا به يقف على الشرفة،عاريا حتى الوسط.مشعت الشعر الذى حاول ترتيبه بتخليل اصابعه فيه.
لوحت له،وقلبها يخفق...فمن الصعب عليها ان لا تشعر بالجاذبية التى يملكها...صاح متهما:
-لماذا لم تقظينى...؟كان على ان اكون فى المكتب منذ ساعة.
-لقد ظننتك بحاجة الى النوم!
-فى المرة القادمة لا تظنى...بل ايقظينى!
رده بدا وكانه زئير .فما كان منها الا ان مدت له لسانها،مسرورة اكثر منها غاضبة من تصرفاته الغاضبة.وقفت،وتقدمت نحو الماء،ورفعت المراة التى تمشط الرمال بحثا عن الاصداف راسها نحوها;فابتسم وجهها الذى لوحته الشمس ولم تحمه القبعة وهى تقول:
-اليس الصبح بهيا؟
توقفت سارة عندها:
-بكل تاكيد...هل وجدت شيئا هذا الصباح؟
-لاشيء هام.
استقامت المراة من انحناءها،فضغطت بيدها على ظهرها.اما سارة فرمقت الكيس الذى تعلقه المراة على كتفها.
-هل تجمعين الاصداف؟
-اجل...فهوايتى الرئيسية هى صنع اشياء من هذه الاصداف ومن اشياء اخرى اجدها على الشاطىء.
لاحظت سارة عقدا من الاصداف الصغيرة حول عنق المراة فسالتها:
-كالحى مثلا؟
لمست المراة القلادة باصابعها.
-اجل...الحلى.خاصة القلائد والاقراط.فى الوقت الحاضر اصنع صورة بالاصداف.ولهذا اجمع كل هذه الاصداف البنفسجية.
مدت يدها الى كيسها فرفعت بعض ما فيه من اصداف صغيرة.ثم اردفت:
-ثمة اشياء كثيرة يمكن صنعها من هذه الاصداف:الاجراس المتحركة واشياء كثيرة.
-يبدو الامر ساحرا.
وبرز فى صوتها رنة حسد.فمواهبها الفنية المبدعة لم تتعد يوما ترتيب الزهور بين وقت واخر.ردت المراة:
-الامر ممتع جدا وبما اننى الان متقاعدة،فهذا يبقينى مشغولة.
-سارة!
عاد صوت وارن يناديها،فاستدارت لتجيب،كان يقف على الشرفة وقد ارتدى ملابسه،واكمل:
-انا ذاهب الان...وساراك الليلة.
لوحت سارة له،وبعد تحية قصيرة عاد للدخول الى المنزل.فابتسمت لنفسها،دهشة لما يفعله كوب قهوة وحمام لهذا النكد صباحا.فقالت المراى:
-ان زوجك لمهتم بك.كان زوجى جون يخبرنى متى يعود دائما.
قامت سارة بتصحيح ما قالته المراة على غير وعى منها:
-وارن ليس زوجى.
اجفلت المراة للحظات.
-اوه...اجل!
خرجت الصيحة بدهشة وصدمة تعبر عن عدم موافقتها على ما استنتجته فاحمر وجه سارة،وقد فهمت ان المراة تلمح الى انهما يعيشان معا دون زواج.لكن لو شاءت ان تصحح لها خطا تفكيرها لاقتضاها ذلك شرحا عن ملابسات سكنها وما الى ذلك،وهى الان لا تجد داعيا لتبرر الوضع لهذه المراة التى لن تصدقها وان نفت وجود علاقة بينهما وقالت سارة:
-لدى بعض التنظيفات فى المنزل...يوم سعيد.
راحت تشق طريق العودة وصوت المراة يتناهى اليها متمتما:
-شبان هذه الايام...لقد فقدوا كل احساس بالقيم الاخلاقية!
فى الواقع،لم يكن لدى سارة عمل فى المنزل،ولكنها تجولت لتفعل اشياء غريبة صغيرة،كرى النباتات وغسل اغراضها الصغيرة.وقد بقيت فى عملها هذا حتى الظهر حيث اعدت بعض السندويشات والقهوة غداء لها،ثم تمددت على كرسى نوم وشرعت بالقراءة.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:21
كانت الشمس الدافئة تبعث الاسترخاء الى جسدها المتمدد الذى راح يغرق فى النوم بعد ليلتين مؤرقتين.
عندما فتحت عينيها ثانية ،وقعتا على حقيبة مالوفة لها.راحت تبحث فورا عن صاحبها فوجدته جالسا على الكرسى الاخر الى جانبها،وساقاه الطويلتان ممتدتان امامه،وكوب عصير برتقال،مع مكعبين من الثلج،فى يده.كان ينظر اليها وقد التوى فمه بابتسامة:
-لقد قررت اخيرا الاستيقاظ يا ناعسة.ظننتك ستنامين حتى صباح الغد.
منعت تثاؤبة بظاهر يدها،ثم دفعت نفسها لتستند الى مرفقها:
-كم الساعة الان؟
-الرابعة والنصف،تقريبا.
-لم اكن اعلم اننى تعبة لهذه الدرجة.منذ متى وانت هنا؟
-منذ الثانية تقريبا.
اى انه وصل بعد برهة من نومها...فرفرفت عينيها متعجبة:
-وهل جلست هنا هذه المدة كلها؟
-اراقبك وانت نائمة.
كان الخدر قد بدا يزول،واخذت تعى تماما ما حولها وسرعان ما لاحظت اشارات التعب عليه،فقالت وهى تجلس مستوية:
-كان عليك ان تنام بدل مراقبتى.
-ربما...لكننى اردت ان اكون صاحيا عندما تستيقظى.
بدا لها سببا غريبا:
-ولماذا؟
-لاننى اريد الاعتذار على ما بدا منى ليلة امس.
-اوه...
تصريحه جعلها فجاة قلقة،خاصة وان نظرته الزرقاء كانت تراقب كل حركاتها.وقفت تسير الى حاجز الشرفة،متمنية لو يتظاهر بان ليلة الامس لو تكن،بدل الاشارة اليها عند اول لقاء لهما.فى الصباح كانت قد هربت الى الشاطىء تجنبا لهذه المواجهة.
وقع الاقدام دلتها على دنوه منها فتوترت،وخفق قلبها بجنون وكانه جناحا طائر الطنان.وقف وارن خلفها تماما،فاحست بلمسات نظرته.
-الن تقبلى اعتذارى؟
هزت كتفيها بنزق:
-على ماذا؟لم يحدث شيء.
فقال ساخرا بلطف:
-ليس بسبب عدم وجود النية.
افقدها ارتباكها تماسكها حتى غدت تبدو كمراهقة خجول.ماذا حدث لنضوجها وثقتها بالنفس عندالحاجة الى معالجة مثل هذا الموقف؟ما هى هذه القوة التى يمتلكها وارن كى تتقلص امامه لتصبح كتلة اعصاب متوترة؟
وضع يديه بلطف على كتفيها ليديرها نحوه.فابقت نظرها على ياقة قميصه،حيث الزران العلويان المفتوحان،اظهرا لها فسحة من صدره وقد اثار هذا المشهد اعصابها وكانها تنظر الى عينيه الزرقاوين.
مد اصبعه الى ذقنها ليرفع وجهها اليه:
-كنت اعلم انك ستغرينى منذ اول ليلة اتفقنا فيها،لكننى ظننت ان بامكانى المقاومة...كنت تعبا ومتوترا ليلة امس.وكنا نتجادل بشان ارميتاج...
فقاطعته سارة بحزم:
-وارن ارجوك.لااريد ان اخوض فى تفاصيل الوقائع اوالاحاسيس التى قادت الى ما حدث ليلة امس.عرضها فى ضوء النهار لا يبدل شيئا.فلا تفعل هذا بى.فضحك دون مرح:
لا افعل هذا بك؟وماذا عما فعلته انت بى؟اتعلمين كيف شعرت عندما قدت سيارتك بتلك السرعة ليلة امس؟او عندما اكتشفت انك لست مع ارميتاج؟اتعلمين ما معنى انتظار عودتك ليلا؟اتعلمين ما هو الشعور الذى احس به كل ليلة فى الفراش وانا اتخيلك فى الغرفة المجاورة ببيجامتك القصيرة التى لاتخفى منك شيئا؟
انها على بعد خطوة من الاستسلام له...فقالت متحدية:
-اذن اذهب...اترك البيت.
-اتركك وابقى قلقا عليك،وانت وحيدة تحت رحمة المتطفلين واللصوص؟ساكون كالهارب من المقلاة الى النار،او كمن يعالج القرحة بالحمام البارد.
-بناء على هذا فانت تريد من الذهاب.
-هذا سيحل مشكلة ما.
-صحيح؟
فتنهد عميقا،وتركها ليستدير:
-لست ادرى.
هذا جيد...لاننى لن اذهب.
مع ان كل ذرة من منطق كانت تصيح بها ان عليها الذهاب قالت له وهى تتحرك باتجاه باب الشرفة:
-اعذرنى...سارى ما لدينا للعشاء الليلة.
استدار وارن وفى صوته وحشية:
-لا!سنتعشى خارجا.
ترددت جزءا من الثانية:
-بامكانك العشاء فى الخارج اذا احببت،اما انا فساحضر شيئا لنفسى.
رفضت دعوته لانها ستبدو موعدا غراميا خطرا عليها بقائها معه وحيدة.فتمتم:
-تبا لك يا سارة.اما شرحت منذ قليل اننى اخشى تركك وحيدة فى المنزل خلال الليل.الا يكفينى خطر بقائك وحيدة خلال النهار؟
-لن تتركنى!
اغضبها تصريحه المتعجرف.
لكنه كرر بقوة:
-هذا صحيح...لن اتركك.جادلينى ما شاء لك ذلك فى هذا الموضوع،لكن ليس امامك الا خياران اما الخروج معا او البقاء هنا معا.فان كنت تملكين ذرة من عقل فستوافقين على الخروج للعشاء لنختلط بالناس.
تلاقت عيونهما فى صدام وصراع.ثم اكمل بتحد:
-ماهو خيارك؟
-اعطنى بضع دقائق لاغير ملابسى.
-عظيم...سنذهب الى مكان

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:26
-عظيم...سنذهب الى مكان نشرب فيه العصير قبل العشاء.
لم يخف توترها الا بعد مغادرتهما المقهى الذى احتسيا فيه عصيرا باردا متجهين الى مطعم،اجلستهما المضيفة الى طاولة تشرف على البحر تبدو امواجه البيضاء متكسرة انوار مصابيح المطعم الكاشفة.
رفع راسه عن لائحة الطعام:
-ماذا بدا لك من طعام جيد؟
-احاول التقرير بين السرطان مع التوابل والسرطان المسلوق.
-تناولى الطبقين معا.
-اتمزح؟ستمتلىء معدتى الى درجة لا اقوى معها على الحراك وعندها ستضطر الى حملى لتخرجنى من هنا.
فذكرها بسرعة وهدوء:
-لن تكون المرة الاولى...لقد حملتك فى مكان ما.
الطريقة التى نظر فيها اليها بعثت اليها الحرارة فكان ان اعادت نظرها الى لائحة الطعام،مدركة كل الادراك ضحكاته الخفية،ثم لم تلبث ان اغلقت لائحة الطعام:
-ساتناول السرطان المسلوق.
تقدم منهما الساقى بعد اشارة من وارن:
-سرطان مسلوق لنا.ولائحة المشروب ارجوك.
عندما ذهبالساقى،طغى عليهما صمت شديد دفع سارة الى العبث بالشوكة الموضوعة امامها،عاجزة عن الحديث باى موضوع قد يطرى اجواء بداية السهرة.ومد وارن يده ليغطى يدها،وقال معتذرا:
-كنت امازحك عندما ذكرت ما حدث ليلة امس.
-اعلم،لكن الامر لا مزاح فيه
وجاءهما صوت رجولى ساخر من خلف سارة:
-عجبا...عجبا...لقد قررتما اخيرا الخروج من عشكما!
حاولت سارة سحب يدها من يد وارن،الا ان اصابعه رفضت ان تتركها.وارتفع بصره الى صاحب الصوت:
-مرحبا تيد.
تقدم الرجل الاشقر امام سارة،وقد كان ذكر وارن اسمه قد انعش ذاكرتها فعلمت ان الصوت صوت شقيق كاثرين.
-مرحبا وارن.
احنى راسه له،ثم ابتسم بخبث لسارة:
-لقد التقينا ثانية سارة لانغلى.
-مرحبا سيد ارثربورى.
ردت عليه تحيته بجفاء متعمد،فهى لم تحب تصرفاته المتعجرفة قط.فقال مصححا ثم التفت الى وارن:
-بل تيد...شقيقتى كانت تطحن اسنانها عليك طوال الاسبوع،حقا يا وارن.واظن انه كان عليك التخلى عنها بلطف اكثر.
-لقد كنت لطيف معها سنتين متتاليتين...وقد ان لها ان تفهم.
-اظن انها فهمت الان انك السيد فى اى زواج.لقد كانت كاثى متحررة دائما،وهى الان على استعداد لمسامحتك على...لهوك مع صديقاتك.
اشار براسه الى سارة،التى كانت تجلس غارقة بين نارى الغضب والاحراج...التوى فم وارن باشمئزاز:
-اهذا ما قالته كاثرين؟
اعترف تيد بسهولة:
-طلبت منى ان اوصل لك رسالتها هذه عند لقائى بك.
رد وارن دون اكتراث ظاهر:
-وها قد اوصلتها.
فهز تيد كتفيه:
-وانت الان تريدنى ان اترككما وحدكما حالا؟حسن جدا...تمتعا بامسيتكما.
عندما ابتعد،قالت سارة غاضبة:
لماذا لم تصحح انطباعه؟انه ليس كاثرين.
فرفع حاجبيه ساخرا:
-كيف اصحح انطباعه؟اتنكرين نومنا معا؟
-انت تعلم تماما ان الامر بريئا تماما.
ترك يدها ليسند ظهره على الكرسى وهويتفرس فيها مفكرا:
-انت تتحرقين لنفى اى علاقة بيننا كلما كان تيد معنا،ايعجبك؟
-بالطبع لا!
-عائلة ارثربورى فاحشة الثراء،ومما لا شك فيه ان تيد صيد ثمين لاية امراة.
فقالت بسخرية تتجاوز سخريته بدرجات:
-قد اقول القول نفسه عن كاثرين؟
-ممكن،لكننا لا نتكلم عنها الان
-وانا لا اتكلم عن تيد،ولكن ربما عليك ان تاخذ بنصيحته وتقبل غفرانها لك.فتعودان الى سابق عهدكما.
بد الضيق على وجهه:
-انت تتمتعين باثارة الجدال يا سارة؟
-انا لا اثير شيئا...انت من يخلق الشجار دائما.
فلننه هذا الحديث بتجاهل الموضوع.
-بكل سرور.
وصول العشاء جعلهما ينهيان الشجار فورا للعودة الى الصمت مع الطعام اللذيذ والشراب تحول الصمت بعد قليل الى رفقة محببة.فسالته سارة:
-ما اخبار القضية؟
-جيدة جدا...الم يخبرك ارميتاج انه عوض عن الوقت الضائع؟
-لا انه لم يذكرها اطلاقا.
كان عليه ان يخبرك مسرورا بما انجز.
ديرك لا يتباهى بعمله الذى يعتبره واجبا وهو الى ذلك لا يتخذ المشاكل حجة للتلكؤ بل يسعى الى حلها.ولهذا السبب قلت لك ان ليس من الانصاف لومه على التاخير الذى حدث لقضيتك.
-ولكنه ذكر انكما تبحثان العمل معا،لذا افترضت ان يكون قد اشار الى قضيتى.عما كنتما تتحدثان،ام انا اخوض فى امور محرمة بسؤالى هذا؟
ترددت لحظة،لانها لا تجد خيرا فى الاجابة:
-كنا نتحدث عن الفتاة التى حلت مكانى خلال اجازتى،عمليا جينى سكرتيرة ممتازة،لكن شخصيتها تثير الاعصاب.
هز راسه،وكانه فهم وقال:
-لقد تحدثت اليها عدة مرات.
-اذن انت تفهم مامر به ديرك فى الاسبوع الماضى.
ارتسمت ابتسامة على شفتيها،فاجاب بصدق:
-واتعاطف معه،لكن هذا لا يفسر لى سبب حمله لك فوق السياج.
لم تحاول اخفاء ابتسامتها التى اتسعت:
-اوه...كنت امازحه فقلت له اننى افكر بالاستقالة واعطائه انذار بترك العمل واقترحت ان تحل جينى مكانى.عندها هددنى بالقتل ان فعلت.
-وهل تفكرين فعلا بترك العمل؟
هزت راسها:
-لا...فانا احب عملى.
-عندما تتزوجين هل ستستمرين فى العمل؟
بدا اهتمامه فى هذه اللحظة منصبا على الطعام.صعب عليها تقديم رد اعتباطى،فلو سالها رجل اخر هذا السؤال لضحكت منه.لكنها تشعر انها تقريبا قد وقعت فى حبه،والزواج موضوع يبعث الرجفة فى اوصالها.
-على الاغلب ساثابر على العمل بعد الزواج لاحافظ على مستوى معيشتى.
-هل يزعجك هذا؟
-لا...ابدا،،كما قلت لك انا احب عملى،ولا اظن ان الاوقات الكسولة تناسبنى فانا احب العمل البناء المتحدى.
كان ردا صادقا لا دجل فيه.رفع كوبه ونظر اليها من فوق حافته:
-وان لم يشا زوجك ان تعملى؟ماذا اذا اراد بقاءك فى البيت فقط؟
-عندها سيطول الجدال بيننا.هل انت من الرجال الرجعين الذين لا يوافقون على عمل الزوجات؟
فابتسم وارن:
-انا لا امانع ان تعمل زوجات الرجال الاخرين.لكننى لست واثقا من ردة فعلى عندما يتعلق الامر بزوجتى.لكنى لن ارضى بان تعمل فيما لو رزقنا اطفالا،على الاقل عندما يكونو صغارا.
فوافقت سارة دون نقاش:
-احب ان اكون مع اطفالى وهو صغار.
-هاقد وجدنا شيئا اخر مشتركا اتفقنا عليه عدا مشاركتنا المنزل نفسه.
بدت الدهشة الماكرة عليه،ولمع الخبث فى نظرته الزرقاء:
-هذا امر عظيم!
ضحكت سارة وقد نسيت الان كل شيء يتعلق بتيد وكاترين ارتربورى.ووجدا مواضيع وفيرة تجاذبا اطراف الحديث فيها دون ان يختلفا رايا.
بدا لها الوقت مبكرا جدا عندما ادخل وارن سيارته الى المراب،فى الواقع تباطئا كثيرا فى تناول الحلوى،
وفى شرب القهوة بعدها،الى ان اصبحت الساعة العاشرة.تنهدت سارة ندما على انتهاء السهرة.خرجت من السيارة،واخرجت مفتاح الباب من حقيبتها.ثم تقدما فى ان واحد الى
الامام ليفتحا الباب،فاصطدما ببعضهما بعضا فقال وارن ممازحا وهو ينحنى:
-اسمحى لى.
-بكل سرور.
فى المدخل السفلى،توقف قليلا ليوصد الباب وراءهما بالمزلاج،بينما بدات هى ترتقى السلالم ببطء منزعجة من انتهاء السهرة بهذه السرعة.فقالت:
-هل لى ان...
فقاطعها وهو على بعد خطوة منها:
-لنتفق...انت لا تعرضين على صنع القهوة او العصير،وانا لا اقترح عليك ان اريك رسوماتى.
فردت دون حماس:
-حسن جدا.
عرفت تماما لماذا قال هذا،فقد عادا الى المنزل ثانية حيث الخلوة والعزلة فيه توحى بجو حميم يحاول كلاهما تجنبه.امسك
ذراعها بلطف،ليقودها عبر غرفة الجلوس الى الردهة التى تصل الى غرفة النوم،وارادت ان تحتج بانها لا تميل الى النوم،لكنها علمت ان هذا لن يكون حكيما،فبقيت صامتة.
عندالباب المقفل،توقفا،فاستدارت سارة مترددة،وقد سادهما صمت مطبق.
قال وارن ممازحا:
-اتعلمين انها المرة الاولى التى ارافق فيها فتاة الى غرفة نومها مباشرة،لاقول تصبحين على خير؟
-وهى الاولى بالنسبة لى.
قلدت ما امكن لهجته المازحة،لكن صوتها خرج خشنا متوترا بسبب قربه منها.وغطت راحة يده خدها بلطف،ثم قال:
-الافضل ان تدخلى فراشك راسا.فبعد اليومين الماضيين،انت بحاجة لنوم طويل.
شيء ما فى طريقة كلامه جعلها تسال:
-وماذا عنك؟الن تذهب الى الفراش راسا؟
هز راسه.
-لا...لقد فكرت فى القيام وحدى بنزهة على الشاطىء قبل الخلود الى النوم.
ارادت ان تقترح مرافقته:
لكن اصبعه ضغط على شفتيها ليسكتها،ورفض بحزم:
-لا...فانا اعى ما افعل يا سارة.
تضاعفت طرقات قلبها شيئا فشيئا واضاءت عيناها البنيتان وهى تهز راسها موافقة،فتطاير الغضب من عينيه،مدمدما:
-لاتكونى خنوعة هكذا...فهذا لا يناسبك.
بدات تدافع عن تصرفها:
-انا...
فقاطعها:
-اصمتى فقط.
سمعته يبتلع ريقه،ثم احست بيده تهبط من وجنتيها الى ظهرها لتجذبها اليه برفق فى عناق حميم وناعم.دفء جسده،اضاف الى نارها المشتعلة لهيبا فوق لهيب.
جاذبيته الطاغية الملموسة جعلتها لا تقوى على رفضه او مقاومته،خاصة وهى تشعر به متوترا بين ذراعيها كرفاص مشدود فى محاولة منه لكبح جماح مشاعره،فى وقت فقدت هى كل سيطرة،فهى قد ادركت منذ وقت طويل،انها بين ذراعى وارن تتعطل كل كوابحها،وهذا ما يجعل للمسته خطرا مضاعفا.
فجاة تراجع،وقد تحركت عضلة صغيرة على فكه القوى،اخذ يحدق فيها باكتئاب...ثم تنفس بعمق،تركها مبتعدا وهو يقول امرا:
-تصبحين على خير يا سارة.
بقيت هنيئة غير قادرة على الكلام،ثم اجابت بصوت ضعيف:
-تصبح على خير.
لكنه كان قد وصل الى منتصف غرفة الجلوس،دون ان ينظر الى الخلف.لم تدخل غرفتها،الا بعد ان سمعت باب الشرفة المنزلق ينفتح،ثم ينغلق.
كانت مصدومة من المشاعر والاحاسيس التى ايقظها فيها،فكيف للنوم سبيل اليها.تقدمت من النافذة،تنظر الى نور القمر الشاحب وقد رمى بظلال قضية خفيفة فوق الرمال.
ثم برزوارن امام ناظريها،تحمله خطوات واسعة نحو الامواج.يداه فى جيبي بنطلونه،ونظره ثابت الى الارض.راقبته الى ان اختفى عن ناظريها،يسير فوق الشاطىء نحو الليل.
غيرت ملابسها،وارتدت البيجاما،ثم دخلت السرير،لم تحاول ان تغمض عينيها،وهى تصغى لتكتكات الساعة الصغيرة قرب السرير التى تشير الى انقضاء الثوانى.كانت يدا الساعة تتصافحان معلنتان منتصف الليل عندما سمعته يدخل المنزل.
خطواته تباطات كثيرا وهو يدخل الردهة .وقف خارج بابها،وعندما شاهدت الاكرة تستدير،اغمضت عينيها تدعى النوم.
فتح الباب،ولكنه لم يحاول دخول الغرفة،بل وقف يتاملها عدة لحظات صامتة قبل ان يغلق الباب ثانية،
فى طريقه الى غرفته.
عندما اصبحت دقات قلبها الما مبرحا.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:29
8_يأخذ الشمس معه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






استيقظت سارة كالعادة باكرا فى الصباح التالى،واستلقت فى الفراش عدة دقائق تصغى الى صوت تحركات وارن فى المنزل.
اخيرا نزلت من السرير لعلمها انها لن تستطيع العودة الى النوم،وان عليها ان تنهض من السرير عاجلا ام اجلا.فارتدت روبها وخرجت الى الردهة.فى تلك اللحظة خرج
وارن من غرفته،يصفر بصوت منخفض لحنا لا شكل له.كان يرتدى ثوب سباحة قاتما.ابتسم عندما شاهدها وقال بمرح:
-صباح الخير.
ردت عليه بصوت اجش بفعل النوم:
-لاشك فى انك استيقظت منذ مدة.
-صحيح...كيف عرفت؟هل ايقظتك.
انتظرها ليسير معها.فردت عليه:
-لا...لم توقظنى.لقد عرفت انك استيقظت منذ مدة لانك عادة تبدو نكدا عندما تستيقظ.
مد يده ليعبث بشعرها القصير مداعبا:
-انك لا تشبهين اشراقة الشمس عندما تستيقظين كذلك.
-لاتفعل هذا...
حاولت اعادة شعرها الى ما كان عليه براحة يدها،فغمزها قائلا:
-ارايت ما اعنى؟
-انا لم ادع يوما اننى الانسة اشراقة الشمس.هل صنعت القهوة؟
-ليس بعد.كنت فى طريقى لاسبح قليلا قبل الفطور،على امل ان اعود فاراك قد استيقظت فاعددتها.
كان فى رده صدق ما،يمتزج بسخرية تطل من عينيه.فردت دون ان تتمكن من الغضب منه فى الصباح الباكر:
-كان بامكانك تحضير الفطور لى بانتظار استيقاظى.
-صحيح...هل تاتين معى للسباحة؟سانتظرك.
-لا.شكرا.
فهز كتفيه:
-حسنا...ساراك لاحقا.
بدا انه اخذ الكثير من نور الشمس معه عندما خرج.حضرت سارة ابريق القهوة ووضعته فى الكهرباء.واخرجت كوب العصير الى الشرفة،واخذ نظرها يبحث بين الامواج الى ان وجدت وارن.انه سباح قوى كما قدرت ذلك تماما.راقبته مدة طويلة قبل ان تنهر نفسها لترتدى ثيابها.
استحمت اولا...ثم ارتدت سروالا قصيرا مقلما بالابيض والاحمر وقميصا ذا ياقة تشبه المركب.كانت القهوة جاهزة عندما عادت الى المطبخ.فصبت فنجانا وحملته ثانية الى الشرفة،وعادت انظارها ثانية تفتش عنه فوق الشاطىء.
طيفان لفتا نظرها،احدهما لوارن يرفع يده بالتحية والثانى المراة العجوز التى تحدثت اليها منذ يومين.
شحب وجه سارة عندما رات وارن يتحدث الى تلك المراة وكان جسده البرونزى يلمع كمعدن بفعل الماء المتجمع عليه.لم يكن لديها
اية فكرة عما يتحدثان لكن وارن بدا مصغيا باهتمام ظاهر قطعه مرة بالقاء نظرة الى حيث تقف على الشرفة.ولم تدر لم اقشعر جسمها.
اهو بسبب الانطباع العالق فى ذهن تلك المراة عن طبيعة عيشهما معا دون زواج فى منزل واحد.سرعان ما شاهدت وارن يحنى راسه مودعا وراح يجتاز المسافة باتجاه المنزل بخطوات واسعة.عندئذ احست بشيء ما يحثها على الدخول،لكنها اجبرت نفسها على البقاء،والتصرف بهدوء.
-هل تمتعت بالسباحة؟
-كانت عظيمة.
تنفس ليتنشق رائحة القهوة:
-اه...القهوة جاهزة.
قالت بسرعة وقد وجدت عذرا لدخول المنزل:
-ساحضر لك فنجانا.
-استطيع الانتظار.
تقدم الى السياج قربها،وضع يديه امامه ليستند اليهما،واخذ يحدق بصمت الى مياه البحر.
ثم ودون توقع،نظر اليها،وكانه تمثال برونزى قد دبت فيه الحياة،فبعث اليها مزيجا من المشاعر جعلت انفاسها غير منتظمة.
-تحدثت توا حديثا ممتعا مع تلك المراة على الشاطىء...اسمها السيدة كولبير،تسكن فى منزل لا يبعد كثيرا عن هنا،اتعرفينها؟
شيء ما فى لهجته اعلمها انه يعرف الرد مسبقا.ربما تعرف الى المراة التى شاهدها معها منذ يومين.فاجابت:
-لقد تحدثت معها لبضعة دقائق.لكننى لم اعرف اسمها.انها تجمع الصدف وتصنع منها الحلى والقلائد وما شابه.
-هذا جزء مما قالته لى.
كان الضحك يملأ رده،لكن نظرته اليها لم تتغير:
-يتملكنى الفضول لاعرف ماذا اخبرتها.
ابتلعت سارة رشفة قهوة تتناولها وقالت:
-انا؟
-اتعلمين ان السيدة لديها انطباع باننا نعيش معا بطريقة لا اخلاقية؟
-خشيت ان تفكر بهذه الطريقة.
-ماذا قلت لها؟
اخذت ابتسامة تتلاعب على شفتيه:
-افترضت اننا متزوجان،فقلت لها دون تفكير انك لست زوجى.
وهكذا استنتجت ما تشاء من قولى هذا.
-وانت لم تنفى اعتقادها؟
-كان على ان اشرح القصة الغريبة ففضلت العكس...ماذا قالت لك؟
ازدادت الخطوط حول فمه عمقا،واتسع سروره امام قلق سارة:
-استمعت الى محاضرة اخلاقية.
-اوه...
كان هذا كل ما استطاعت قوله.حدقت فى فنجان قهوتها الفارغ...ومد وارن يده لياخذ منها الفنجان ووضعه فوق طاولة قريبة.وقبل ان تستطيع الاحتجاج كان يحيطها بذراعيه كلتيهما
ووضعت يديها على صدره...فابتسم لها:
-سعت الى اقناعى،ان كنت محترما،بجعلك امراة محترمة لكنى لم افهم الى اى حد انت لست محترمة.
-وارن...ارجوك!
كان حلقها قد جف،لذا لم تخرج الكلمات منها الا دفعا.فى هذه الاثناء شمت رائحة مياه البحر المنبعثة منه بعد ان جففتها حرارة الشمس لتتركها مالحة ولتهاجم بسرعة مشاعرها التى اانقلبت راسا على عقب ما ان لمسها.قال بلهجة مرحة مغتبطة:
-هل اجعل منك امراة محترمة يا سارة؟
ابتلعت ريقها بسرعة لتريح الضيق فى حنجرتها،ودفعته عنها:
-لا تكن سخيفا يا وارن!
انها لا تستطيع المزاح بامر يتعلق بالزواج.لم يحاول استعادة قبضته لها،بل اخذ يراقبها توسع المسافة بينهما بخطوات سريعة.ومع
ذلك،فقد كان خلف نظراته المازحة،تعبيرا بدا،وبشكل مؤثر،حذرا.
عاد يقول من جديد،فى محاولة للدلالة على انه يمازحها:
-ربما على ان اجعل منك امراة غير محترمة.
احست بانها غير قادرة على تحمل كلماته المؤذية،فقالت:
-ربما انت بحاجة لبعض القهوة لتصحو اكثر.فانت اما ثملت من ماء البحر او ضربتك اشعة الشمس.
-لا اريد القهوة الان.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:32
اشارت طريقة رده الى انه يريد شيئا اخر مسببا بذلك بالمزيد من توتر الجو.وشحب وجه سارة،ولم تعد واثقة كم بقى لهذا الجو المكهرب من قوة احتمال قبل ان ينفجر.وكادت تقفز من جلدها عندما تحرك وارن دون توقع منها.ولكنه تجاوزها قائلا:
-ساغتسل،واغير ثيابى اولا،ثم القهوة.
-وسابدا بتحضير الفطور.
كان اللحم ينضج فى المقلاة عندما دخل وارن المطبخ،يرتدى سروالا فاتح اللون وقميصا قصير الاكمام ابرز قماشه الرقيق عرض منكبيه اكثر،اما رائحة الصابون فاختلطت مع رائحة عطر ما بعد الحلاقة.
لم تستطع سارة منع نفسها من الاحساس بهذا المزيج وهو يصب القهوة لنفسه،ثم يتحرك الى الطاولة الثابتة فى الحائط.بدات بتقليب شرحات اللحم لئلا تحترق،وهى تعلم تماما انه يراقبها.فسالته:
-هل يجب ان تحدق فى هكذا؟تجعلنى احس وكان راسين قد نبتا لى.
-اسف...هل لديك خطط لهذا اليوم؟
-خطط؟
-اجل...هل تتوقعين قدوم ارميتاج او اى شخص اخر؟
-لا...لم يذكر انه قادم.
وضعت الزبدة فى مقلاة البيض ووضعته فوق النار،حينذاك علا رذاذ اللحم فوصل الى يدها.فصاحت بالم وهى تقفز بعيدا عن النار.اسرع وارن اليها ثم امسك بيدها وجرها الى المغسلة حيث فتح حنفية الماء البارد ليضع يدها تحته وقال:
-دعيها هنا.
-لكن اللحم سيحترق.
-ساهتم به.دعى الماء البارد يسقط فوق الحرق دقائق.
عاد الى المقلاة لينقذ اللحم من الاحتراق بينما فعلت ما قاله لها، فبدات لسعة الالم تخف تدريجيا...فسالها:
-كيف تشعرين؟
-لقد اصبحت على ما يرام.
لم يبق من اثر للحرق سوى بقعة حمراء على يدها.وكسر البيض ليضعه فوق الزبدة الذائبة فى المقلاة الاخرى وقال:
-لم تسالينى لماذا سالتك عن خطط اليوم؟
-لماذا؟
-لقد فكرت،اذا لم يكن لديك خطط اخرى،فى الذهاب الى احد المنتجعات لقضاء اليوم.
اضاف بيضة اخرى الى المقلاة:
-كيف تحبين البيض؟
اجابت سارة على سؤاله الاخير،فهو الاسهل:
-اكثر من الرخو بقليل.
-وماذا عن الذهاب الى المنتجع؟
-تبدو فكرة جيدة.
-جيد...هل وضعت الخبز فى المحمصة؟
-لا.
مدت يدها لتحضير الخبز.
بعد ساعة،انتهى فطورهما فعمدت الى غسل الصحون ثم انطلقا الى منتجعات ايست سوسكس الشهيرة على شاطىء القناة الانكليزية.
من الطريق الساحلية،اخذت سارة تراقب سفينة حربية انكليزية تقف على مسافة قريبة عند خليج هاستنغز.سالها:
-ثمة مكان معين تريدين رؤيته عندما نصل؟
-لا...
هزت راسها غير قادرة على التفكير بمكان محدد.
-اذن فلنذهب الى دوفر.
-لكن الا تبعد اكثر من مئة ميل؟
-تقريبا.
نظرت الى ساعتها.
-اتدرك كم سنتاخر فى طريق العودة؟انسيت انه لديك عمل غدا وهذا يعنى انه عليك النوم باكرا.
وارتقصت زاويتا فمه.لكن نظره لم يتزحزح عن الطريق الرئيسية امامه:
-فلننس امر النوم والفراش يا سارة ولنتمتع بيومنا.
مدت راسها الى الامام لتنظر الى الشمس من الزجاج الامامى،وقد اغاظها تعليقه الساخر.فمد يده ليمسك مؤخرة عنقها...حيث تحسس العضلات المتصلبة فشرع يدلكها بلطف قائلا:
-استرخى يا سارة،وتوقفى عن الامساك بباب السيارة...لن اعضك.
-الن تعضنى؟
لكنها احست بلسعة سهم كيوبيد...
رد مبتسما:
-اعدك...لن اعضك...بل لن اقضمك ابدا.
اشاح نظره عن الطريق لينظر اليها،نظرة لها تاثير يده نفسها،بعد قليل سحب يده واعادها الى المقود،ثم قال:
-لنكن هذا اليوم شخصين يقومان بنزهة بسيطة نهار الاحد.
امتد الطريق الرئيسى الحديث على طول الساحل دون ان يغيب البحر عنهما الا لبضع دقائق.كانت الطريق تلتف فيها حول بعض التلال الصخرية...وعلقت سارة على المناظر التى تحيط بها:
-يالجمال الطريق.
-هل انت مسرورة بقدومك.
-بالطبع.
-وكذلك انا.
نظر الى ساعته:
-لست ادرى شيئا عن معدتك،لكن معدتى تقول انه مر وقت طويل منذ الفطور.فلنجد مكانا نتناول فيه طعامنا قبل ان نعود.
كانت الشمس اذنت بالمغيب عندما شرعا فى رحلة العودة الى هايستغز وكانت اشعتها الذهبية تسترخى بهدوء ووقار بعد الظهر،وفى مكان ما خلال رحلة العودة،اغمضت سارة عينيها ثم نسيت ان تفتحهما.والشيء التالى الذى احست به كانت يدا ناعمة لطيفة تهزها لتستفيق يصحبها صوت وارن عبر ضباب النعاس:
-لقد وصلنا البيت يا فتاة الكرز.
رفعت جفنيها بكسل،الى جسده المنحنى فوقها وهو يفتح لها الباب.فابتسمت له،غير واعية لما ظهر على وجهها من احلام وديعة.وتمتمت:
-بهذه السرعة؟
-اجل...بهذه السرعة.
لم تكن قد صحت تماما،فاستغلت الدعم الذى قدمه لها،فاتكات عليه بقوة.سارا ببطء نحو مدخل المراب الموصل الى المنزل،وذراعه تلف خصرها وقد بقيت حيث هى الى ان وصلا الى اعلى السلم ،ومن ثم الى غرفة الجلوس.فتمتمت سارة،وهى تحاول نفض غبار النعاس عن عينيها:
-الافضل ان احضر بعض القهوة.
-لاتزعجى نفسك لاجلى.
تركها ليلتقط حقيبته ويتوجه الى الاريكة.راقبته وهو يجلس ويضع الحقيبة على ركبتيه.فقطبت:
-ماذا تفعل؟
رد دون ان ينظر اليها:
-لدى عمل يجب ان انهيه.
-بعد القيادة كل هذه المسافة؟
-يجب ان انهيه.
لم تمض لحظات حتى تولاها احساس داهم بالوحدة،فوقفت وسط الغرفة والشك يملاها،قبل ان تخرج الى الشرفة.لتتكىء على السياج،ومشاعر الخذلان تكتسحها.كانت سماء الليل تضيئها النجوم الممتدة الى ما لا نهاية.كالفراغ الممتد فى داخلها الى مالا يعرف قراره.
ارتجفت،فعادت للدخول الى المنزل وهى تقول:
-الطقس بارد فى الخارج.
لكن الجو فى الداخل بدا ابرد بكثير بعد ان هز وارن راسه دون اكتراث،فقالت بموجة من التوتر:
-هل يجب ان تعمل؟
فرفع عينيه اليها وقال مذكرا:
-لست فى اجازة يا سارة.
-كم اتمنى لو لم اكن انا فى اجازة.
وعاد الى اوراقه يتمتم:
-وكذلك انا...عندها لما كنت هنا.ولكنت فى شقتك،حيث تنتمين.
احست فجاة بالندم لمقابلته،وقالت متحدية،هى تحس بالم يضغط على صدرها وكانه الراط:
-اهذا ما تتمناه اذن؟
مرة اخرى ارتفع لمعان عينيه البارد وهو ينظر اليها نظرة مباشرة:
-حسبتنى اوضحت هذا الامر منذ البداية.
فشحب وجه سارة،وقالت:
-لكنك اعطيتنى الانطباع بانك غيرت رايك.
برز فى عينيه سخرية غير ودودة:
-لماذا؟الاننى اظهرت رغبتى فيك؟بالله عليك يا سارة...انت امراة جذابة وذكية والعيش معك سهل،ايما رجل فى مثل وضعى قد يرغب فيك،اذا سنحت له الفرصة.
فتمتمت متصلبة:
فهمت.
لو سالته سؤالا صريحا عما اذا كان يشعر بمشاعر جادة تجاهها لما تلقت ردا اكثر صراحة.الغزل الذى وجهه اليها لم يكن اكثر من رغبة!
كانت فى متناول يده،راضية باعطائه ما يريد وها هى الان ممتنة له لانه ليس من الاناس الذين لا ضمير لهم اذ لم يستغلها.لكن ما تفاعل فى داخلها كان مؤلما الى حد لم يفسح مجالا لاى امتنان صغير بالظهور.
قال لها ببرود:
-هلا عذرتنى،ساعود الى عملى.
امسك اوراقه،التى انكب عليها من جديد اشارة منه ودعوة لها الى الانصراف لكنها استمرت فى الجدال بلهجة مزدرية:
-تفضل تابع عملك...ولا تدعنى ازعجك عما تريد ان تنجزه.
فتمتم دون ان يرفع نظره عن الاوراق:
-انت تزعجينى لوجودك.
ساورها انطباع بانه لم يردها ان تسمع ما قاله،ولكن هذا لم يعزيها.ارادت ان تزعجه...ولكن عاطفيا وليس جسديا.
واستدارت على عقبيها قاصدة غرفة نومها واغلقت الباب وعيناها تحترقان بدموع لم تتساقط.توجهت الى الخزانة واخرجت ثياب النوم.
حدقت فى السقف وهى مستلقية فى السرير ثم نظرت الى بابها المغلق الذى انبعثت اليه انوار الردهة من الفسحة الضيقة فى اسفل الباب اضافة الى حسيس الورق الذى كان يسمع كلما حركها وارن.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:35
9_المنزل لك كله
ـــــــــــــــــــــــــــ







ظاهريا نمط حياتهما لم يتغير فى الايام الثلاثة التالية،لكنها فعليا تبدلت جذريا.فمنبه وارن استمر فى الرنين صباحا واستمر هو فى النوم بعد ذالك الرنين.
تشاركا العصير والقهوة وتحدثا بود ممزوج بحدة ظاهرة.لكنهما عجزا عن ان يعيدا انس ودفء الاسبوع الماضى.
وكما فى الاسبوع الماضى كان وارن يعود متاخرا،بعد ان يكون قد اكل خارجا،ثم لا يلبث ما ان يصل حتى يغرق فى اوراقه اما المواجهات والثرثرات والتلامس فانقطعت لانهما كليهما تجنبا التواصل او المواجهة وان مصادفة.
بالنسبة لسارة،كانت تعد ايامها المنتهية كمن يعد لانطلاق صاروخ.خمس ليال ستعيشها هكذا قبل ان تعودابنة عمها فيولا...لا بل اربعة ومن ثم ثلاثة.واليوم هو الخميس ولم يبق لها من الاجازة الا يومان.
اوشك عذابها على الانتهاء،لكنها مع ذلك خائفة مما هو ات.وجدت انه يستحيل ان تصدق،ان رجلا،استطاع فى بحر اسبوع واحد،ان يقلب حياتها راسا على عقب.وبخت نفسها بغضب((ايتها الحمقاء الصغيرة!انه لم يسعى وراءك مطلقا لتقعى فى حبه...فهذه اذن غلطتك اللعينة وحدك!)).
نزلت من سيارتها،وسمعت فجاة صوتا مالوفا لديها:
-هل تكلمين نفسك يا سارة...انها اشارة سيئة.لم تدمدمين؟
كان ديرك يسير خلفها،فتمالكت نفسها اثر مفاجاته لها وهى تهز راسها:
-لا ادمدم بشيء خاص بل اعنى العالم بشكل عام.
-هل فقدت الايام فى مكان ما،ام ان اليوم هو الاثنين وانت فى طريقك الى المكتب؟
تطلع الى الامام نحو البناء الذى يحوى مكتبه.فاكدت له بمحاولة للابتسام:
-لم تضع الايام.
فضحك:
-لم تستطيعى الابتعاد عن عملك،هه؟
-شيء من هذا القبيل.
-دعك من المزاح...ماذا تفعلين هنا؟يجب ان تكونى الان تحت اشعة الشمس ما دامت الفرصة متاحة لك.
بدات عيناه اللوزيتان تتفحصانها عن كثب فراى الطريقة التى تتجنب فيها النظر اليه مباشرة.كما راى التوتر الشديد الذى يبدو وراء قناع من الارتياح فقالت:
-جئت الى شقتى هذا الصباح لاخذ البريد،ولاتاكد من ان كل شيء على ما يرام.وبما اننى فى الجوار.وموعد الغذاء قد حل،قررت ان احضر لاتناول الغداء مع جولى.
-اخشى ان يكون حظك عاثرا،لان جولى خرجت باكرا لزيارة طبيب الاسنان.وكنت لاتغدى معك لو لم اكن عائدا لتوى من الغداء.
نظر الى ساعته واكمل:
-ولو لم اكن على موعد مع زبون بعد عشرين دقيقة.
هزت سارة كتفيها ثم استدارت عائدة الى سيارتها:
-لا باس.انا استاهل ان اكل وحدى.كان يجب ان اتصل بجولى من شقتى قبل المجىء الى هنا.
لم ترغب فى اطالة الحديث مع ديرك،فسارعت الى القول:
-اراك يوم الاثنين،ان لم يكن قبل ذلك.
-لاتتاخرى.
لوح لها بيده مودعا ثم مضى...فقادت سيارتها على غير استعجال باتجاه منزل الشاطىء فكان ان استغرقت رحلة العودة وقتا اطول من المطلوب،اثناء مرورها باحد المنتجعات السياحية الفخمة،عنت لها فكرة استسلمت لها بسرعة،وما هى الا دقائق قليلة حتى كانت على طريق الفندق.
قالت لنفسها باصرار:((هيا...تقدمى وبذرى مالك متفاخرة.يجب عليك ان تستفيدى من اجازتك الى اقصى حد،بدل ان تحطمى قلبك)).
اوقفت سيارتها فى الموقف،لتفكر ان كان اسرافها سيسمح لها بتناول بعض ((الكوكتيل))قبل الغداء.لكن فكرة جلوسها وحيدة على طاولة مخصصة لاثنين،بعثت الكابة الى نفسها،فتوجهت الى مدخل المطعم.واذ بها تسمع رجلا ينادى بلهجة مزجها الدهشة والاستفسار:
-سارة!...عيناى لم تخدعانى...اهذه انت؟
التفتت الى المنادى فاذا بها ترى رجلا اشقر وسيما يخرج من قاعة الجلوس فى الفندق...خالط دهشتها خيبة الامل لان هذا الرجل ما كان الا شقيق كاثرين،تيد ارثربورى.
-مرحبا سيد ارثربورى.
جاء ردها رسميا باردا فى طياته معان كثيرة رجت ان يفهمها ليختصر الرد على تحيتها.لكنه اعترض بشدة وهو يصحح لها برفق ((تيد))ثم امسك يديها رغما عنها،فاردف:
-انت تبدين فاتنة بهذا الثوب الفيروزى كما كنت تماما فى تلك البيجاما التى لها تقريبا هذا اللون نفسه.
ليس بحاجة لان يذكرها بالظروف التى تقابلا فيها،فهى تتذكرها تماما.تمكنت من افلات احدى يديها لكنه تمسك بالاخرى،ليغطيها بيديه كليتهما...ابتسمت له بادب مصطنع:
-شكرا لك.
لوى راسه الى جانب واحد،مبتسما ابتسامة لم تخف الخبث الكامن فى عينيه:
-ماذا تفعلين هنا؟لاتقولى انك ستقابلين وارن؟
حافظت على هدوئها بحذر لئلا ترمى ردا لئيما فى وجهه:
-لا...لن اقابله...لقد توقفت لاتناول الغداء.
-وحدك؟
-اجل...وحدى.
فاتسعت بسمته:
لن اسمح بذلك ابدا اذ ليس فى الكون اسوا من ان يتناول المرء الطعام وحده هيا بنا لتناول شرابا فى البدء.
-لا شكرا.
حاولت جاهدة ان تنتزع يدها منه:
-اذا كنت قلقة من غضب وارن فانا غير قلق،لانه لا يجوز ان يشغل شخصان طاولتان حين يمكنهما الجلوس الى طاولة واحدة.اذا احببت نتشارك وتدفعين انت ثمن غداءك.
ما هو الشيء الذى سيجعل هذا المغفل الاشقر يفهم انها غير مهتمة به؟ربما لم يقل له احد من قبل ((لا))فتحت فمها لتتكلم...
-لكننى...
قاطع كلامها صدى ضحكة وارن المرتفعة من مكان ما على يسارها،وهى ضحكة عميقة لا يمكن ان تشك فى صاحبها ابدا.استدارت تبحث عنه وسرعان ما وجدته يرتدى بذلة صيفية رمادية،باعثا اليها كالعادةضيقا فى انفاسها خاصة وانه قد بدا يملا مدخل المطعم بجسده.
شخص ما كان يتلقى دون شك تلك الضحكة المليئة بالحيوية والسحر.قاومت سحره.ثم حولت طرفها الى الشخص الواقف بقربه.
اتسعت عيناها عند رؤية الشقراء ذات العينين الخضراوين المتعلقة بذراعه.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:46
.انها كاثرين ارثربورى.كل شيء فيها كان يدل على انها تمسك بشيء من ممتلكاتها الخاصة،ووارن لم يكن يحاول الانكار.
تمتم تيد:
-الم تعرفى انه سيكون هنا؟
بدات سارة ترتجف بعنف،فامسكت بيدى تيد دون وعى لتدعم نفسها.وهما اليدان ذاتهما اللتان ارادت التخلص منهما.قالت بصوت متحشرج:
-لا...لم اكن اعرف.
-ولم تعرفى ايضا انه سيكون بصحبة شقيقتى؟
تجاهلت تماما رنةالرضى فى صوته،لتصب كل اهتمامها الى الرباط الشديد القوى الذى بدا يلتف حول صدرها.الالم كان شديدا،حتى ظنت انها ستموت.توقعت فى اية لحظة ان ينفجر قفصها الصدرى من قوة الضغط.ومرة اخرى خرج صوتها بحشرجة صارخة:
-لا...
استمرت يداها بالتعلق به فهو الشيء الصلب الوحيد حولها.ومرر احدى يديه،ليلف ذراعه على كتفيها،ويديرها نحو مدخل المطعم.عندها احست بتاثير عينين زرقاوين تحملقان الى ظهرها،تعرف كل المعرفة من صاحبهما.
بسبب الالم الشديد،لم تذكر انها صعدت درجات اوصلتها الى زاوية معتمة من غرفة الجلوس فى المطعم.اما الشيء الوحيد الذى لاحظته،فكان مساعدة تيد لها بالجلوس على مقعد وثير.
وبسرعة،فرقع اصابعه لاستدعاء الساقية،فطلب شيئا،لم تع سارة المرتجفة ما هو لانها كانت اعجز من ان تسمع.جلس على المقعد العريض الى جانبها.امسك يديها المرتجفتين ليغطيهما بيديه فى الوقت الذى توقف شخص قرب الطاولة،ثم احست بتيد يضع حافة كاس على شفتيها.ويقول امرا:
-اشربى هذا.
رفع الكاس الى شفتيها اللتين احتستا بصورة الية شرابا جعلها تسعل ما ان لامس حنجرتها.اذن لقد عاودتها مشاعرها،لكنها لم تكن واثقة من انها ممتنة لهذا.
سالها تيد:
-الم يذكر لك وارن انه يقابل كاثى؟
زاد الالم وضغطه فى صدرها ما تضمنه سؤاله من تلميح الى انها لم تكن المرة الاولى ونظرت اليه مصدومة،ثم اخفضت راسها وهزته نافية.
-لا...لم يذكر شيئا.
سالها بلهجة اكدت شدة عماها:
-الم تتساءلى اين كان يتناول عشاءه كل ليلة!
-لا...فانا....
لم تشا ان توضح له طبيعة علاقتهما،فكان ان وضعت يديها المرتجفتين فوق عينيها ثم اردفت تقول:
-خلته ياكل طعامه فى مطعم.
-لكنه امضى الليالى الثلاث الاخيرة فى منزلنا مع كاثى.
-الان فهمت.
فهمت شدة حماقتها وغبائها لانها علقت املا بشان وارن.فضغطت اصابعه على يدها الاخرى تعاطفا،قبل ان يقف فى وجهههه النور طيف طويل،علمت سارة حتى قبل ان يتكلم انه لوارن الذى جاءها صوته منخفضا مشبعا بالتوتر:
-ماذا تفعلين هنا يا سارة؟
انزلت يدها عن وجهها ثم نظرت بعينين تلمعان الما الى وجهه ذى التعبير الهادىء ظاهرا الغاضب باطنا.لم تعرف من اين واتتها القوة لتتحداه.فليس من حقه ان يطلب تفسيرا عن سبب وجودها هنا.ردت بانفعال:
-ماذا يفعل الناس فى مكان كهذا؟انا اتناول بعض الشراب قبل الغداء.
تطوع تيد للرد،فلم تحاول سارة تكذيبه:
-اجل...لقد اشفقت على سارة لاننى وحدى ووافقت على الانضمام لى.
توترت عضلات فكه بشكل ظاهر.وهو ينظر اليها باتهام ظاهر فى هذه الاثناء ظهرت كاثرين الى جانبه،تنظر الى سارة بحدة قبل ان تبتسم لوارن بشكل ايجابى:
-حبيبى لقد حجزوا لنا طاولة.
نظر اليها وارن مذهولا قبل ان يرتد بصره الى سارة،سائلا:
-اتحبين الانضمام الينا؟
-لا...
اجابت ثم اخفضت عينيها المليئتين بالالم الى كوب الشراب امامها.
هز تيد كتفيه،وقال ببرود وجفاء:
-السيدة قالت لك ((لا))يا وارن.ولست ارى سببا يدفعك الى تغيير رايها.
كررت كاثرين:
-حبيبى...طاولتنا.
راقبت سارة من طرف عينيها انصراف وارن الذى بدا الغضب واضحا من خلال خطواته المتسارعة،عندئذ تلاشى الكثير من الغضب من نفس سارة،ليحل مكانه ارتياحا مزجه الالم.
سالها تيد بعد ابتعادهما:
-انت تحبينه؟
لم تستطع نفى حبها له.كانت شاحبة مضطربة وهى تهز راسها باعتراف صامت.
-يا فتاتى المسكينة...احسبت ان لك فرصة امام كاثى...فلو سالتنى لقلت لك ان من المحتم ان ينتهى وارن بين يديها.
مسحت دموعها المتحجرة فى عينيها وهى ترى ان تيد يبدو مسرورا مما يجرى لا مشفقا.
-حقا؟
شهقت عاليا لتستعيد من سيطرتها.عندما كان يردف:
-يؤازر مخطط كاثرين اشياء عدة منها رغبتها فى الحصول على وارن الذى ينتمى الى صنف الرجال الذى يعجبها.كانت لتمتلكه منذ سنتين لو لم تلق عليه الاوامر وتتصرف بطفولية عندما لا يجيبها على ما تريد.ومنذ ذلك الوقت كان ينفصلان ثم يعودان.وانت قد التقيتهما فى مرحلة انفصال.
-اجل...ربما.
-انا بصراحة اؤيد هذا الزواج لان وجود صهر كوارن يبعد عنى ابى،فانا لا احب العمل،ولا اريد ان يكون لى شان باعمال العائلة.
مرر ذراعه خلف كتفيها،هذه الحركة مبدئيا:
-انا لا احب حياة الاعمال،بينما وارن رجل اعمال.فى الواقع انا افضل تسلية الجميلات مثلك يا سارة.
اجفلتها كلماته لذا قالت بصرامة وهى تبعد ذراعه عنها:
-اذا كنت انت التعويض الذى سيصلنى لقاء خسارة وارن يا سيد ارثربورى،فانا لست مهتمة بك.هل تسمح لى بالخروج من هذا المقعد!
بدت عليه ملامح من لا يصدق انها ترفضه.
-والى اين ستذهبين؟
-انا ذاهبة،فليس لى مصلحة فى البقاء.
-انت لا تعنين هذا حقا.
-بلى اعنيه،واذا لم ترغب فى اثارة فضيحة،فابتعد عنى.
ابتسم ابتسامة بشعة:
-ستندمين على هذا يوما ما...فعندما تقول لى فتاة ((لا))تكون هذه اخر مرة اسالها فيها.
-لا...سيد ارثربورى...لا....لا.ولااريد ان اراك مطلقا.
وابيض وجهه من الغضب،وانزلق عن المقعد ليقف:
-ما انت الا سكرتيرة حمقاء وصغيرة،لا ادرى سبب اهتمامى بك.
مرت كلماته بها مرور الكرام،دون ان تترك اثرا.
عندما خرجت اذابت الشمس الدموع التى كانت متحجرة فانهارت على خديها.
فى السيارة تولت الغريزة القيادة لتوصلها بامان الى منزل الشاطىء.كانت قد اجتازت اخر ميلين وسط بحر من دموع اغشى بصرها حتى كادت لا تشاهد علامات الطريق...
عندما وصلت توقفت امام المنزل،وجرجرت نفسها الى الداخل ثم ارتقت السلم،لتغرق فى اقرب مقعد لها،دامعة العين اسى وشفقة على النفس.
فى الخرج،هدر محرك سيارة غاضب.واصدرت المكابح صوتا مزعجا تبعه صفق باب تعالى صداه فى ارجاء المنزل.الحاسة السادسة انباتها بانه وارن فسارعت الى مسح الدموع عن وجهها ونفخ انفها بينما هو يتابع المسير صافقا الابواب التى يجتازها مرتقيا السلم درجتين درجتين.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:49
عندما دخل بدا غضبه وكانه فك من عقاله،يتطاير بحرية على كل خط من ملامح وجهه،لكنها هى كانت ابعد من ان يرهبها غضبه،فلقد جرحها عميقا بما فيه الكفاية لذلك واجهت عاصفته الزرقاء دون ان يرجف لها جفن.
-ما زال الوقت باكرا على العودة!
-انت تعرفين جيدا لماذا عدت!
كان صوته رعدا يكاد يهز الغرفة،وهو واقف مضموم اليدين مشدود الاعصاب حتى بدت عضلاته وكانها تقفز فوق كتفيه:
-اريد ان اعرف ماذا كنت تفعلين مع ارثربورى فى الفندق.
رفعت ذقنها بكبرياء،مع ان الالم كان يعتصر حنجرتها:
-لاشان لك فيما افعل.
لو كان فى نفسها اى تردد لقول هذا،فقد تلاشى عندما شاهدته مع كاثرين.وقفت لتبتعد عنه،لكن اصابعه اطبقت كالحديد على ذراعها لترجعها الى الوراء وهو يقول بوحشية :
-عندما اطرح سؤالا...اريد الاجابة عنه.ماذا كنت تفعلين فى الفندق؟
-انت تؤلم ذراعى.
كانت قوة اصابعه تقطع الدورة الدموية فى ذراعها التى بدا الورم يظهر عليها.
قال محذرا دون ان يخفف قبضة يده:
-ستتالمين اكثر ان لم تعطينى ردا صريحا.
تهربت من الجواب:
-انا بالتاكيد لم اذهب لاننى ظننتك هناك.
-لكنك كنت على موعد مع تيد فى ذاك المكان.اليس كذلك؟
-اجل...التقيته هناك...اهذا ما اردت سماعه؟
كان صياحها صياح التحدى.فترك يدها بسرعة وكانها اصبحت فجاة مدنسة.بينما النار فى عينيه اللتين نظرتا اليها الان بازدراء ما زالت تستعر حتى تكاد تحرقها وتقطعها قطعا قطعا.
-كنت اعلم انه لن يمر وقت طويل قبل ان يجعل منك تيد العوبته،لكننى خلتك اذكى من ان تقعى فى الفخ،لكن على ما يبدو ان ماله وجماله كانا اقوى من قدرة احتمالك؟كم مرة التقيتما قبل اليوم؟
كانت سارة تدلك بلطف ذراعها حيث كان يمسكها وهى على يقين من ان اثار اصابعه التى تحفر لحمها حفرا ستظهر غدا صباحا.
-هذا ليس من شانك.انا لم اسالك قط كم مرة التقيت بكاثرين.
-ليس لكاثرين علاقة بهذا،اتركيها خارج الموضوع.
-بكل سرور!
خرجت من غرفة الجلوس الى الشرفة.فالتفت اصابعها على قضيب السياج...تحفر باظافرها الطلاء عنه،فى وقت اجتاحت موجات الالم كل كيانها المرتجف المرتعد.
كان غضبها موجها الى نفسها اولا لانها سمحت له فى تمزيق عواطفها وكان غضبها هذا درعا واقيا ضده عندما لحق بها الى الشرفة وهو يامر.
-سارة اريدك ان تبقى بعيدة عن تيد ارثربورى.
بدا غضبه مكبوحا بلجام قوى،لكنه متحفز للانطلاق عند اول اشارة.فردت بصوت منخفض مرتجف،كان قويا جدا فى محاولة لاثبات استقلاليتها:
-سافعل ما اشاء،بالنسبة لتيد او اى شخص اخر.
تقطعت حبال غضبه الهشة،فامسك كتفيها بخشونة وراح يهزها وكانها لعبة من القماش،لكن لالالم الذى ساد جسدها جعلها بالفعل دمية.
-هل على ان اهزك لتعودى الى رشدك؟
صدرت عنها ضحكة انفعال هش،واحساساتها المرتجة فى اسوا حال:
-اظنك نجحت.
-اذن اصغى لما اقوله وابتعدى عنه.
بجهد فائق اندفعت سارة لتتخلص من قبضته وصاحت بغضب وحشى،وصوتها يردد صدى الالم الذى ينبض فى داخلها:
-لست مضطرة للاستماع اليك!كما انه لا يحق لك فى ان تامرنى بما افعل او لا افعل وبما اننى لا احدد لك من تصادق فانا ارفض ان تامرنى.
تحولت نظراته للحظة الى ابعد منها،وقال بصوت منخفض حار:
-لست مضطرة للصراخ يا سارة.
نظرت بسرعة الى الوراء من فوق كتفيها كردة فعل تلقائية على نظراته فاكتشفت ما جذب اهتمامه انها المراة التى تعتمر قبعة تقيها اشعة الشمس الواقفة عند الشاطىء قرب خط المد تجمع الاصداف والتى كانت تحدق باتجاه المنزل والسبب على الارجح ان الهواء نقل اليها صدى صوتيهما الغاضبين.
اخفضت سارة صوتها:
-ساصرخ اذا اردت الصراخ،واذا لم يعجبك بامكانك الذهاب من هنا!
-لقد ناقشنا هذا من قبل.
-اجل...لقد فعلنا...وسيسرك كثيرا ان تعلم انك ربحت الجدال...لاننى راحلة!
قطب وارن حاجبيه وضاقت عيناه دهشة،لكنها لم تنتظر رده بل اجتازته نحو المنزل دون ان تخفف من سرعتها حتى وصلت غرفة نومها.لقد اتخذت الان قرارا هو طريقها الى الخلاص.
كبحت دموعها وهى تخرج حقائبها من الخزانة لتضعها فوق السرير ثم شرعت تجمع ثيابها،وتضعها وتكومها داخل الحقائب،دون ترتيب او تفكير او نظام.
ترددت جزء من الثانية عندما ظهر وارن امامها،ثم عادت الى عملها بعجلة.كانت عضلة تتحرك باستمرار فى فكه اما فمه فكان مشدودا فى خط مستقيم متجهم.لكن الندم كان يظهر على الفولاذ الازرق فى عينيه...
قال متوترا:
-سارة ...انا...
قاطعته بخشونة،وهى تعى تماما جسده الطويل القوى الذى سد الباب:
-لم يبقى شيء ليقال.بقى لى ثلاثة ايام كاملة من اجازتى لن ادعك تدمرها لى .
انفجر بنفاذ صبر:
-اللعنة يا سارة...انا لا احاول تدمير اى شيءلك...انا
-من دون شك قمت بعمل رائع بالنسبة لشخص لا يحاول تدميرى.
رمت كومة ثياب الى الحقائب بقوة وعصبية حتى اخشوشن صوتها.
دمدم وارن:
-انت لا تفهمين.
قاطعته بتحد:
-الم يحن وقت عودتك الى المكتب بعد فرصة الغداء.
امسكت مجموعة من مستحضرات التجميل فوضعتها فى الحقيبة المخصصة لها.
-اجل...لقد حان الوقت،ولكن قبل هذا...
استدارت نحوه وهى تظهر برودة اعصاب:
-انا راحلة!والمنزل سيكون لك!اليس هذا ما تريده؟
قست تعابير وجهه بعد تردد:
-اجل...هذا ما اريده!
بعد لحظة كان الباب فارغا،والخطوات الغاضبة تسرع الى الاسفل.تابعت سارة توضيب الحقائب بسبب حاجتها الشديدة الى الحركة،لكنها اجفلت عندما سمعت الباب الخارجى يصفق.
بعد ساعتين،كانت تحمل اخر حقائبها الى داخل شقتها وتضعها على الارض.تهاوت على احد المقاعد لتدفن وجهها بين يديها.
لم تبك.اذ يبدو انه لم يبق فى عينيها دموع...بل كل ما تملكه الان فراغا كئيبا مؤلما ازال جزءا كبيرا من حيويتها التى لن تعود ابدا الى ما كانت عليه.
رن جرس الهاتف،فنظرت اليه ببلاهة وقد بدا لها انه مر عليها دهر منذ ان سمعت صوتا.مضت لحظات شرود قبل ان تقف لترد:
-الو؟
-سارة؟
انه وارن!احست بان صوته يلذع قلبها كالسوط او كحد الخنجر...ودون تردد،صفقت السماعة.
بعد دقيقة،عاد الرنين ثانية.ومع انها قررت عدم الرد الا ان يدها التقطت السماعة رغما عنها لترفعها دون وعى الى اذنها.
-سارة... لا تقفلى الخط ارجوك .انا فى مكتبى ،لذا ليس لدى وقت للجدال .سنجتمع الليلة كى نبحث الامر كله...ساكون جاهزا حوالى الثامنة والنصف...
اى بعد ان يتعشى مع كاثرين...فصاحت به غاضبة تقاطعه:
-اتركنى وشانى!اخرج من حياتى وابق بعيدا عنها!لا اريد رؤيتك او سماع صوتك ثانية...ابدا!
صفقت السماعة ثانية،لتقطع الاتصال ولانها تعرف عناده التقطت السماعة وطلبت رقما:
-جينى انا سارة،هل يمكن ان اكلم جولى؟
جاءها الرد:
-طبعا...كيف كانت اجازتك؟
-عظيمة...الو...جولى؟
-اهلا سارة...لقد قال لى ديرك انك اتيت ظهر اليوم لتناول الغداء معى،لو كنت اعلم...لكان لى العذر الكافى لالغى موعدى مع طبيب الاسنان.
-كان يجب ان اتصل بك صباحا.لكننى لم افكر بهذا.
-كيف حالك مع الشمس والرمال والبحر؟
-هذا ما اكلمك بشانه.انا لست الان فى منزل الشاطىء.لقد رحلت عنه.
-ياالله!ماذا حدث؟
-انها قصة طويلة...كنت اتساءل ما اذا كان بامكانى النوم فى منزلك بضعة ليال.
ردت بحيرة:
-بالطبع.لكننى ظننتك ستذهبين الى كاونترى لزيارة اهلك فى هذا الاسبوع بعد عودة فيولا.
-كنت...لكنى غيرت رايى.
فكرة شرح ما حدث لابويها امر شديد الوطاة على نفسها،وهى تعلم انها لن تستطيع اخفاء الامر عنهما،فهما عزيزان كثيرا على قلبها.اما البقاء فى شقتها فمستحيل لان وارن قد يتابع الاتصال بها بل قد ياتيها زائرا:
-ماذا حدث يا سارة؟
-ساخبرك الليلة،متى ستخرجين من العمل؟
-لن اجد صعوبة فى الخروج عند الخامسة،لكننى ساذهب الى المصرف ثم لشراء بعض الاغراض،لماذا لا تاتين الى المكتب لتاخذى المفتاح؟
-شكرا لك...
فضحكت صديقتها...
-اوه ...لدى دوافعى ...فلو بقيت حتى الليل لاعرف ما حدث ساجن من الفضول.وعندما تاتين الى هنا...يمكنك على الاقل اعطائى بعض الخطوط الرئيسية.

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:53
10_لا ندم بعد اليوم
ــــــــــــــــــــــــــــــ








تقدم ديرك من طاولة سارة لياخذ فنجان قهوتها الفارغ.
-تبدين بحاجة الى فناجان اخر،هل اصبه لك؟
فتنهدت قبل ان تعود للانحناء فوق التها الطابعة لتمحو غلطة طباعية.
-اجل...ارجوك.
ملا ديرك فنجانها ثم وضعه على طاولتها.
-انت مجهدةمع ان الساعة لم تتجاوز العاشرة.ايكون ذلك لانه يومك الاول فى العمل بعد الاجازة؟
-ربما...
ازالت الاوراق عن الالة الطابعة واعطته اياها:
-هاك الرسائل التى طبعتها هذا الصباح.
-عظيم!
ارتشف ما بقى فى فنجانه ثم جمع كومة الاوراق لياخذها الى مكتبه،لكنه قبل ان يصل الى الباب المشترك بين غرفتيهما توقف ليقول لها:
-انت لا تدرين مدة سعادتى بعودتك يا سارة.
-شكرا لك.
كان فى ابتسامتها قلق وتوتر.
اقفل اباب وراءه،فاحنت كتفيها واستندت الى الطاولة واغمضت عينيها وكأن بقاءهما مرتفعين ثقيل عليها.ثم راحت باصابعها تفرك الالم ما بين حاجبيها،لكنها اجفلت عندما احست بدموع تطل من جديد من عينيها.
انفتح الباب الموصل الى باحة المكتب الرئيسية.فانتفضت لتستوى فى جلستها مبتسمة ابتسامة كاذبة ماتت حين شاهدت وارن يدخل المكتب.
بدا لها منهكا ومرهقا،ولكن فكه كان مشدودا وفى عينيه تصميم.لما استعادت جاشها من الصدمة المبدئية مدت يدها الى الهاتف لتتصل بمكتب ديرك:
-جاء وارن كينكايد لمقابلتك يا ديرك.
-ماذا؟
دلت لهجته على انه لم يكن يتوقعه،فاخذت نبضاتها تتسارع حذرة.
-سا...
مد وارن يده فوق المكتب ليضغط على ازرار الهاتف قاطعا الاتصال:
-ما جئت لارى ارميتاج بل اريد ان اراك انت يا سارة.
اعادت السماعة ببطء الى مكانها ثم راحت تلملم الاوراق والملفات من السلة.ووقفت بسرعة للسير نحو خزانة الملفات لتضع مسافة بينهما.
-هل عاد فريدة وفيولا من سفرهما؟
اصبح وارن خلفها مباشرة،فخفق قلبها صارخا طالبا الرحمة.رد عليها:
-فى الواقع لقد عادا.لكن لا علاقة لهما بوجودى هنا،وانت تعرفين ذلك.
انفتح الباب المشترك،الذى اطل منه ديرك عابسا،مرتبكا من رؤية وارن:
-اسف اهذا الارباك يا وارن،لكن على ما يبدو ان بديلة سارة نسيت ان تترك لى ملاحظة عن قدومك هذا الصباح.ماذا تريد منى؟
نظر وارن بنفاذ صبر اليه لمقاطعته.وردد ما قاله لسارة من قبل:
-انا لست هنا لاراك...اريد التحدث ببعض الكلمات مع سارة ان كنت لا تمانع.
كانت الجملة الاخيرة اشارة مهذبة.وسارة تعلم ان وارن سيبقى ااعطاه ديرك الاذن ام لا.فقالت له متصلبة:
-ليس لدينا ما نتحدث عنه.
تجاوزته بنزق لتعود الى طاولتها.فقال وارن:
-فى هذا انت مخطئة...لدينا الكثير الكثير لنتباحثه.
فتمتم ديرك وهو يتراجع الى خلف باب مكتبه:
-يبدو هذا امر خاص.
استدارت سارة لتناديه،فوجدت نفسها وجهالوجه امام وارن،فاضطربت مشاعرها لقربه منها.وارتجفت كرد فعل على وجوده القوى.قالت بخشونة:
-لماذا لا ترحل عنى وتتركنى وشانى...؟الا ترى اننى اعمل؟
-انت اخترت المكان والزمان لا انا.انت تعرفين جيدا اننى اريد التحدث اليك.ولقد حاولت طوال ايام ان اجدك.ولكنك كنت مختبئة فى مكان ما.
-لم اكن مختبئة!
رمت الاوراق الى السلة امامها.فارتفع حاجباه بسخرية:
-اوه؟وماذا تسمين ذلك اذن؟
-كنت اتمتع بما تبقى لى من اجازة.
عادت للوقوف والابتعاد عنه ثانية.وامسكت يده لحم ساعدها الناعم ليوقفها.وقال متنفسا بغضب:
-هلا وقفت جامدة؟
احرقتها لمسته التى بدت وكانها حديدة كى،وكانت ردة فعلها عنيفة بقدر الالم الذى احست به.وحاولت نزع ذراعها منه،لكنه زاد ضغطه عليها.
فقالت بصوت هامس كالفحيح:
-اتركنى!
امسكت اول شيء وصلت اليه يدها،لتستخدمه سلاحا فاذا هذا الشيء سلة الاوراق،ورفعتها لتضربه بها،لكنه امسكها قبل ان تلوح بها حتى.
-هذا ما انتظره منك دائما.لكنك فى المرة الماضية كنت تحاولين تحطيم راسى بقضيب النار!
-اكرهك...وارن كينكايد!انا اكرهك...انت اكثر الرجال فظاظة وعجرفة...
-قلت شيئا شبيها من قبل.
اخذ منها ما بيدها ووضعه على الطاولة:
-والان...ايمكننا التحادث كناضجين؟
ارجعت راسهاعندما اقترب منها واجابت بتوتر:
-اجل...
-اجلسى اذن.
يمكن القول انه دفعها تقريبا الى الكرسى ثم جر اخر له وجلس فى مواجهتها.
فقالت بعناد واصرار،وقد استعادت نبضاتها بعض الهدوء:
-ما زلت لا ارى سببا للكلام.
-اولا لم لم تقولى انك التقيت بتيد ارثربورى صدفة؟
-لم تكن فى مزاج يسمح لك بالاستماع الى،كما لم ار ضرورة للشرح لك.
بعد الرد الدفاعى،ترددت قليلا ثم سالته:
-وكيف عرفت؟
-عرفت من تيد بعد قليل من الضغط.وهذا من حسن حظه،فقد كان قلقا من ان اشوه له وجهه الوسيم،لذا لم يلزمنى سوى تهديد واحد او تهديدين لا اذكر،لاستخلص الحقيقة منه.
-لكن هذا لم يكن من شانك.
لم ترغب فى قراءة اى دليل على اهتمامه الخاص بشؤونها...سالها بهدوء:
-اليس من شانى؟
رن جرس الهاتف الداخلى،فتنفست الصعداء وتمسكت بهذه الفرصة،ورفعت السماعة،ولكن وارن مد يده لياخذها منها قائلا بلهجة امرة:
-اوقفى المخابرات واياك ان تمررى اية مخابرة الى هنا.
اقفل الخط.فصاحت سارة محتجة:
-لايمكنك فعل هذا.
رد ضاحكا:
-هذا عجيب...لكننى فعلته الان.
-انت تعرف ما اعنى.
-هل تعرفين انت ما اعنيه؟
وقع سحر كلامه على اذنيها كان اكثر مما تستطيع الاحتمال.فهبت عن الكرسى باضطراب،ويداها مضمومتان بقوة امامها.ثم قالت:
-لافائدة من كل هذا الحديث.
كان بلمح البصر خلفها حيث وضع يديه على كتفيها ليديرها اليه،دون ان تجد قوة لمقاومته...
-النقطة الرئيسية وراء كل هذا الحديث هو اننى اشتقت اليك.لقد مررت ببؤس شديد منذ تركتنى.فلم تعودى هناك فى الصباح لتوقظينى عندما يرن المنبه ولا قهوة ولا عصير برتقال.لم يكن يهمنى من قبل العودة الى منزل فارغ...لكننى اهتم الان بان تكونى موجودة لاستقبالى.اما فى الامسيات
فما عدت استطيع انهاء اى عمل دون ان تكونى جالسة بهدوء على مقعد قريب.
-تجعلنى ابدو وكاننى غدوت عادة لديك.
-لكنها عادة تبعث الى قلبى السعادة ولا اريد التخلى عنها.
مد يده الى خدها،ثم الى شعرها البنى الحريرى،فعادت الدموع الى عينيها:
-ماذا تقترح الان يا وارن؟ان نعود الى العيش معا بالقوانين السابقة نفسها.
-بطريقة ما،نعم.اريد الزواج منك يا سارة.اريدك ان تصبحى زوجتى...!

¤حبيتكم فجيتكم¤
16-04-2009, 12:55
خرجت الكلمة الصغيرة مع زفرة دهشة وقد بدات تذوب قليلا:
-هل انت جاد؟وماذا عن كاثرين؟
مرت فوق جبينه تقطيبة قوية:
-كاثرين؟وما شانها بهذا؟
-لست ادرى...لكننى اعرف انك كنت تتعشى معها طوال الاسبوع الماضى...اليس كذلك؟
-فى منزل والديها ...اجل كانت تجلس الى الطاولة معنا.لكننى كنت اقابل والدها...من اخبرك عن الامر؟تيد اليس كذلك؟
-اجل.
تنهدت عندما اشتدت قبضة ذراعيه حولها.
-كان يجب ان اعرف انه سيسبب لى المشاكل بطريقة ما.دايفيد ارثربورى،والدها شريكى فى العمل وهذا هو السبب الوحيد لوجودى هناك.
وامتدت يدها قرب ياقة قميصه.وقالت هامسة:
-لم اكن اعرف هذا.لقد ظننت...فى الفندق...لقد بدوت سعيدا معها.لا كالمرة الماضية عندما كنت...
-فظا معها...هل هى الكلمة التى تبحثين عنها.ذلك اليوم فى بيت الشاطىء رحلت كاثرين دون ان ادعوها.ولم اجد سببا لاكون مهذبا مع المراة التى لا ارحب بها فى منزلى.وان اعتقدت اننى كنت مسرورا وقتذاك فاعلمى اننى كنت امثل دور الشاب اللطيف المهذب مع ابنة شريك اعمالى.
-لكن كاثرين جميلة.
-الجمال يا حبيبتى فى عينيك الناظرتين اليها.
ارجع راسها قليلا لينظر اليها.
-متى ستتوقفين عن الكلام لاستطيع تقبيلك؟
-ساتوقف على الفور.
لفت ذراعيها حول رقبته،ورفعت نفسها على اطراف اصابعها وقد حل الفرح فى حياتها لينير لها العالم.لكنه قال بصوت اجش:
-لكنك لم تذكرى بعد موافقتك على الزواج؟
-الم افعل بعد؟
ارجعت راسها الى الوراء لتمرر اصبعها على فكه:
-سافعل.
-هل لديك اى مانع فى زواج الخطيفة السريع.
هزت راسها بقوة.
-ابدا...لماذا تركتنى ارحل الخميس الماضى...لقد بدوت سعيدا بالتخلص منى.
امسك بيديها يقبل طرف كل اصبع منهما:
-هذا صحيح...لقد كان العذاب يتاكلنى وانا مستلق فى السرير ليلا بينما انت فى الغرفة المجاورة.لو بقيت فى المنزل اكثر لرميت باتفاقنا السخيف عرض الحائط.عندما قررت الرحيل،لم اتوقع ان تختفى تماما.ولكن انقلب الامر الى الاسوأ عندما لم اعد اعرف اين انت او مع من.
فاجابته سارة.
-لقد سكنت مع صديقة.
-بينما كنت افقد عقلى بالتدريج.
فهمست:
-اسفة.
-يجب ان تكونى اسفة.
انفتح الباب الداخلى الذى تقدم منه ديرك الى الغرفة ليقف جامدا امام منظر عناقهما،فقال معتذرا:
-اسف،بدا المكتب هادئا فظننتكما خرجتما.
حاول التراجع لكن وارن قال:
-لا لزوم لهابك يا ديرك لاننى وسارة خارجان.
-ماذا؟
عبس ديرك،فنظرت سارة بارتباك الى وارن الى اردف:
-سارسل لك من يحل مكانها بعد نصف ساعة.فامامها الكثير مما تقوم به فى اليومين القادمين،وبعد ان نتزوج،اذا ارادت ان تكون سكرتيرة لاحد فانا الاجدر بها!
حاولت الاعتراض،مع انها لم تعرف على ماذا فهى موافقة على خطته:
-ولكن...
فقاطعها:
-وفى هذه الاثناء هناك شيء اريد ان اريك اياه.
فقالت بفضول:
-ماذا؟
-احضرى حقيبتك وتعالى معى.
صاح ديرك وهما يسرعان من المكتب:
-مبروك.
سالته وهو يساعدها على ركوب السيارة.
-ماذا سترينى؟
-سترين بعد قليل.
-اعطنى ولو تلميحا على الاقل.
ولكن كل ما تلقته من رد كان ابتسامة خبيثة وهو يخرج السيارة من الموقف نحو الشارع.بعد بضع دقائق ادركت انهما متجهان الى منزل الشاطىء فى هايستغز،ولم تمض ساعة حتى تاكد لها انهما ذاهبان الى منزل ابنة عمها فيولا...فقطبت لتقول:
-لماذا جئت بى الى منزل الشاطىء؟
مد يده ليمسك يدها بحرارة((اصبرى))ثم اوقف السيارة خارج الباب واستدار اليها مبتسما.
-اتحب السيدة كينكايد المقبلة ان تشاهد منزلها الجديد؟
-ماذا؟
-عندما عاد فريد وفيولا من رحلتهما،اخبرنى فريدى عن عزمه على الانتقال الى اسكتلندا حيث سيسكن مع اهله،وقد اضاف ان انتقاله سيكون ما ان تتم الترتيبات هنا.
مديده الى جيبه ليعطيها المفتاح.
-اشتريت منه المنزل.فبعد كل ليالى الاحباط التى قضيتها معك هنا،قررت ان المكان مناسب ليكون منزلا لنا لنمضى فيه،ما اطال الله عمرنا،ليالى مرضية معا.
-اشتريته؟
-الم تحبى المكان؟
-لقد احببته،ولكنى لا اصدق انه اصبح ملكى...ملكنا.
-صدقى يا حبيبتى.
تصاعد من حنجرتها وهى ترتمى بذراعيها حول عنقه،صوت هو بين الصرخة والضحك.راحت السعادة والحب يفوران منها كما تفور مياه النبع فالكلمات عجزت عن التعبير،اما الفعل فكان افضل منها وامتع...
خرج وارن من مياه البحر،وكانه تمثال برونزى اغريقى لاحد الالهة القدامى،واخذالحب يقفز قفزا فوق كل ذرة من بشرة سارة وهى تراه مبتسما ابتسامة بيضاء تضىء لها من بعيد دروب سعادتها.
ما ان وصل اليها حتى ركع امامها على الرمال،والماء المالح يقطر منه.بقى دقيقة كاملة يتاملها ممددة فوق الرمال فى ثوب السباحة الازرق اللماع فتوترت على الفور.اطراف اصابعها كلها ارتجفت من حلاوة نظرته.
مد يده الى يدها ليجذبها الى الجلوس،وعندئذ طبع قبلة عفوية على خدها.ثم تمتم:
-هل انت سعيدة!
-كاننى فى جنة عدن.
-حتى ان كنت مضطرا لتشغيل المنبه كى استيقظ باكرا الى عملى؟
-وهل تخشى ان توقظ سكرتيرتك الجديدة؟
-لست ادرى،لكننى تمتعت بايقاظ زوجتى الجديدة هذين اليومين.
-صحيح؟
نظر اليها بعينيه الزرقاوين،ونار قد انبعثت فيهما،ثم استقام واقفا ليجرها معه...كان عناقه لها تحت اشعة الشمس يعد بالمزيد مما هو ات فى مكان اكثر خلوة من الشاطىء.
وعندما استدارا نحو المنزل،وذراعه تلتف حول خصرها كى يجذبها اكثر اليه.كانت امراة تسير فوق رمال الشاطىء عن يمينهما.وقبعة قديمة الطراز فوق راسها.سرعان ما عرفاها فتوقفا.
-مساء الخير سيدة كولبير.
رفعت المراة راسها وقد بدت عليها الدهشة:
-مساء الخير...ارى انكما تصالحتما بعد ذلك الشجار القصير.
رغم وجود لهجة ودودة فى صوتها الا ان شيئا من عدم الموافقة كان فى ابتسامتها...فقال وارن:
-اجل...ولقد عملت بنصيحتك كذلك.
رفع يد سارة اليسرى ليظهر الخاتم الذهبى الملتف حول اصبعها.
-لقد جعلت منها امراة محترمة.
انقلبت ابتسامة المراة فورا الى ضحكة مشرقة:
-يا لسعادتى بكما...انا على يقين من انكما لن تندما وفى قلبيكما هذا الحب كله لبعضكما بعضا.
فأجابها وارن موافقا:
-لا...لن نندم ابدا.
ثم اخفض راسه لينظر الى وجه سارة المرتفع اليه.
********
تمت بحمدلله

khadija123
17-04-2009, 01:13
السلام عليكم
شكرا كثييييييييييييييييييرا لك حبيبتي ¤حبيتكم فجيتكم¤ يظهر أن القصة جميلة لم أقرءها كلها بعد لكنني رأيت منها بعض الأجزاء وقد أعجبتني ::جيد::
إلى اللقاء في مناسبة أخرى أتمنى لك التوفيق

جين أوستين
17-04-2009, 12:15
السلام عليكم ورحة الله وبركاته....
شكرا على القصة الرائعة جدا.....

مجنونة انجل
18-04-2009, 00:52
والله زماان

اتاابع بصمت من بعيــــد لانشغالي بالكليه


شكـراا لكم لتوااصلكم ورويااتكم ..:_)

نجمات
18-04-2009, 13:40
مرحباااااا
انا متابعة قديمة وبصمت
مأجورين إن شاء الله
اتمنى لكم التوفيق

ماري-أنطوانيت
19-04-2009, 18:33
http://www.hotagri.com/data/media/71/32.gif (http://www.hotagri.com)

~*~*~ دقات على باب القدر ~*~*~

- دافني كلير -
(روايات أحلام)
342

تلك الفتاة تحد ينبغي أن ينتصر عليه.
كيف لا وهو غابرييل هادسون رجل الأعمال لأنجح في نيوزيلندا. أيعقل أن ترفضه!!
ومن هي التي تجرؤ على ذلك!
سيحاول بكل ما أوتي من نفوذ و سحر أن يخضعها حتى لو اقتضى ذلك أن يعرض عليها العمل في شركته...
إحساسه الداخلي ينبئه بأنها نوع مختلف من النساء.
وسيكون عليه أن يقدم على شيء لا يمكن لأي رجل متمرس بمسائل النساء وفخور بنفسه أن يفعله. عليه أن يتقدم ببطء وحذر تماما كنمر حتى تأمن له وعندئذ ينقض...
لكن غابرييل الساحر الذكي الذي لا يغفل شيئا لم يتوقع أن تكشف له ريانون أمرا لم يحسب له حسابا...


# ستنزلها لنا العزيزه (جين اوستن)...بأنتظارك عزيزتي::جيد:: #

http://www.hotagri.com/data/media/71/32.gif (http://www.hotagri.com)

khadija123
19-04-2009, 22:05
السلام عليكم
يظهر أنها قصة جميلة أنا في الإنتظار ::سعادة::
شكرا لك ماري-أنطوانيت وأنت يا جين اوستن ولكل فريق مكسات بدون إستتناء::جيد::

جين أوستين
20-04-2009, 00:14
العفو عزيزتي......^_^
وان شاء الله دحين أبدأ...........



بسم الله الرحمن الرحيم.............

جين أوستين
20-04-2009, 00:19
1- لقاء متعثر

ريانون تكره المصاعد, إلا أن الطوابق السفلى في مواقف المبنى كانت مزدحمة حين وصلت هذا الصباح, وهي ليست مستعدة لصعود أكثر من أربعة طوابق, حاملة بين يديها صندوقا مليئا بالبلاط وأي إنسان عاقل يغتنم الفرصة الأكثر سهولة ويدخل إلى المصعد.
لقد أمضت خمس سنوات من عمرها تحاول أن تكون متعقلة وطبيعية.
أخذت نفسا عميقا, ودخلت إلى المصعد, ثم ضغطت على الزر الرابع وقد تملكها الارتياح لأنها بمفردها في المصعد.
وما إن أوشك البابان على الالتقاء حتى باعدت بينهما يد, ودخل إلى المصعد رجل يرتدي بذلة رمادية اللون.
تراجعت ريانون بسرعة إلى الخلف, والتصقت بالجدار البعيد عن باب المصعد.
نظر القادم الجديد إلى الأرقام المضاءة.
قالت في نفسها: لا بأس, إنه مجرد رجل عادي وبغية التأكد من هذا, رمقته بنظرة خفية, فوجدت ولدهشتها أنه ينظر إليها نظرة استكشاف, فيما يتكئ إلى جدار المصعد مكتوف اليدين, نظرت إليه, فإذا بأهدابه تخفي عينين فضيتين تتأملان وجهها, وشعرها البني الغامق, وقميصها الأبيض وتنورتها الخضراء.
اقشعر بدن ريانون, وتسارعت دقات قلبها. حاولت أن تتنفس بانتظام. وان تحافظ على هدوئها, فأمسكت العلبة التي تحملها بين يديها بإحكام, وركزت نظرها على الأرقام المضيئة المتغيرة, إلا أن عقلها كان يردد لها بأن صحبة هذا الرجل ليست اعتيادية.
بدا قميصه الأزرق المخطط وربطة عنقه القاتمة اللون تقليديتين ومتلائمتين تماما مع تفاصيل جسمه. أما وجهه فيشبه بوجوه تماثيل الآلهة اليونانية القديمة: وجه نحيل يميل إلى الشقرة, وشعر لوحته أشعة الشمس فزادت إلى جمالة رونقا.
أضاء الرقم اثنين على لوحة الأرقام في المصعد, تلاه الرقم ثلاثة, فأربعة. تنحى الرجل ليسمح لريانون بالخروج أولا من المصعد ثم تبعها, فتوجهت مسرعة إلى الدرجات التي تقود إلى الطابق ب.
وما إن وصلت إلى أسفل الدرج حتى أمسك بيدها:" يبدو هذا الصندوق ثقيلا, فدعيني أساعدك".
كانت قد وضعت رجلها على الدرجة الأولى, فتراجعت إلى الخلف لترفض عرضه, إلا أنها فقدت توازنها ووقعت عن الدرج, فصدمت كوعها بحافة من الإسمنت, وأفلتت الصندوق من بين يديها.
تبعثر البلاط وتكسر. شعرت بشيء من الدوار جراء الألم, فجلست على إحدى الدرجات تتفحص كوعها, وهي تصر على أسنانها وتعتصر عينيها لتمنع نفسها من البكاء.
-أنا آسف!..
بدا الصوت قريبا جدا منها, فاتسعت عيناها وهي ترى الرجل ذا الوجه الشبيه بوجه آلهة اليونان, يبعد بضعة إنشات عنها.
ركع الرجل أمامها على ركبة واحدة على الأرض الوسخة وتابع:
-لم أقصد إخافتك.
عن قرب, بدت عيناه زرقاوين, لكنهما ليستا باردتين, بل مليئتين بالشعور بالذنب:
-هل أنت مجروحة؟.
ونظر إلى يدها التي تغطي كوعها النازف: "دعيني أرى".
أحنى رأسه حتى باتت ترى الفراغ بين خصل شعره, ولفها عطره الأخاذ.
مد يده ولمسها مجدد, فتراجعت ريانون إلى الخلف وهي تهز رأسها.
-سأكون بخير بعد لحظات.
رد فورا:" لكنك شاحبة"
لم يفاجئها كلامه, فهي تشعر بأنها شاحبة. لكن دوارها بدا يتلاشى.
-أنا بخير.
ولتثبت له صحة قولها حاولت الوقوف.
-لا تتحركي.
امتدت يد قوية لتثبتها في مكانها, فيما أضاف:" يستحسن أن ترتاحي لبرهة".
وعندما قاومته لتقف, قال:" هوني على نفسك!".
لم تعرف ما إذا كانت ملاحظته الأخيرة استكمالا للأولى, أم أنها أتت كرد فعل على محاولتها الهرب. إلا أن نبرة صوته المهدئة هدأت من روعها.
هذا الرجل لن يعتدي عليك!
بذلت جهدا لتهدأ, ولاحظت أن اليد التي تأسرها دافئة, لا بل مطمئنة. وبعد لحظات, أفلتها وراح يجمع القطع المبعثرة على الأرض ويضعها في الصندوق.
-انكسر البعض منها, لذا سأستبدلها لك أو أدفع ثمنها.
-ما من داع, كنت أنوي كسرها على أي حال.
وفيما كان يضع بلاطتين في الصندوق, نظر إليها مبتسما ومتسائلا:" أتكسرينها لتهدئة أعصابك؟".
ردت:" أستعملها للموزاييك".
وتابعت عل الكلام يخفف الألم الذي تشعر به في كوعها:" معظمها مكسور على أي حال".
-هل الموزاييك هواية أم مصدر رزق؟
وترددت ريانون. لا تترددي! إنه مجرد سؤال تقليدي, لا تتصرفي بغباء!
-ليس تماما.
-هل لي أن أعرف اسمك؟.
-لا أظن ذلك!.
وحين لم تجب على سؤاله, رماها بنظرة ثانية, وحدق إلى شفتيها المرسومتين, ثم أغلق الصندوق وسأل:" كيف تشعرين؟".
-أنا بخير.
سوت حقيبة يدها وحملتها جيدا ثم استعدت للوقوف ثانية, إلا أنها تلوت ألما.
عبس الرجل:" هل أنت واثقة من أنك لم تكسري يدك؟".
حركت ريانون ساعدها, لترى ما إذا كانت يدها مكسورة, فشعرت ببعض الألم,إلا أنها قالت:"إنها مجرد رضه قوية".
إلا أن حمل الصندوق سيشكل لها مشكلة.
-تفضلي وسأحمل الصندوق عنك.
لم تملك حلا آخر, لذا صعدت الدرج وهي تشعر بخطاه خلفها. وحين وضع الصندوق في شاحنتا الصغيرة, سأل:
-هل من شيء آخر أساعدك به؟.
-لا شكرا, لقد فعلت ما يكفي.
فرد بلطف:" حقا؟".
-لم أقصد...
ضحك, فيما تابعت ريانون بسرعة:" كان لطفا منك, وأقدر مساعدتك".
-هذا كرم بالغ منك, إذ كنت السبب في ما أصابك.
-لا, لم يكن الذنب ذنبك!
ونظرا لطلته البهية ووسامته, أي امرأة كانت لتقبل مساعدته برحابة صدر , عوضا عن التعثر والوقوع أرضا في محاولة للهرب منه.
سألها وهو يشير إلى الصندوق:" أثمة من بإمكانه أن يساعدك على تفريغه؟".
-نعم.
ومن دون أن تعطيه المزيد من التفاصيل, فتحت باب سيارتها وصعدت إليها.
أغلق باب سيارتها بنظرة كئيبة, ولوح لها مودعا, ثم ارتد إلى الوراء.
نظرت في المرآة فرأته ينظر إليها.
وعند اختفت الشاحنة الصغيرة, فرك غابرييل هادسون يديه ثم وضعهما في جيبيه.
أحسنت هادسون, لقد غيرت أسلوبك هذه المرة!
فهو لم يعتد التعرف إلى النساء في مرآب السيارات, إلا أنه رفض اليوم رفضا قاطعا حتى قبل أن يشتري شركة فاشلة, ويغير أسمها ويقودها إلى القمة جاعلا منها إحدى أفضل شركات نيوزيلندا. كان مدللا من قبل الجنس اللطيف, إذ لطالما كان مظهره الوسيم مصدر نجاح وإحراج له على حد سواء, وهو لم يخف النساء يوما.
لكن ما إن دخل إلى المصعد حتى تراجعت إلى الخلف ووقفت في الزاوية من دون أن تنظر إليه متيحة له فرصة أن ينظر إليها للحظات قبل أن تكتشف أنه يراقبها.
بدت خائفة. عيناها الخضراوان اللوزيتا الشكل حدقتا إليه للحظة طويلة, وشفتاها الجميلتان سحرتاه, فهما مغريتان,ناعمتان, وزهريتا اللون.
كان شعرها لامعا مقصوصا بطريقة بسيطة ليلامس بشرة ناعمة, وردية اللون, لون استحال شحوبا عندما تعرضت للأذى. أخفى الصندوق الذي كانت تحمله قوامها, إلا أن تنورتها كشفت عن ساقين جميلتين.
أشاحت بنظرها بسرعة وهي تعض على شفتها, وقد لا حظ أنها ابتلعت ريقها وراحت تحدق إلى لوحة الأرقام في المصعد كما لو أنها قادرة على جعلها تزيد من سرعتها.
شعر بتيار من المشاعر يجتاحه, وقد فاجأه رد فعله الشبيه برد فعل المراهق. فرغبته بمساعدتها على حمل الصندوق لم يكن عملا يخلو من الأنانية, فهو لم يشأ إغوائها على السلالم, إلا أنه لم يرد أن يراها تذهب, فنظرة واحدة منها كانت كفيلة بأسره وإثارة اهتمامه.

جين أوستين
20-04-2009, 00:22
لم يكن عليه أن يلمسها, فقد أخافتها لمسته وجعلتها تقع على السلالم.
وتذكر وجهها الشاحب وعينيها اللتين ازداد لونهما عمقا تحت تأثير الصدمة, وفمها الجميل, فشتم منزعجا.
لقد خسر فرصة التقرب منها, إذ جعلها تقع وتتألم إلى حد كاد يغمى عليها.
وبعد كل ما جرى, لم يبق سوى مساعدتها في الصعود إلى سيارتها بأمان, ونسيان هذه المقابلة التي اتخذت طابع كارثة.
***********

قادت ريانون بحذر وبطء, وهي تدرك أن يدها لن تحتمل الكثير من الضغط. كانت عضلات كتفيها متشنجة, وعند الضوء الأحمر في إشارة المرور, استغلت الفرصة لتمارس تمارين التنفس, كما أفلتت المقود لتريح أصابعها.
حين مررت أصابعها على المقود, تذكرت بوضوح يد الغريب وهي تلامس يدها. كانت يدا قوية لكن مطمئنة. تذكرت عينيه, وكيف تغير لونهما من الرمادي الفضي, إلى ازرق شبيه بلون صبيحة نهار في الشتاء. كانت عيناه تشعان دفئا. حين أمسكت به يحدق إليها, بدت عيناه ممتنتين, ثم استحالتا معتذرتين, فقلقتين, ولاحقا فضوليتين.
أصبح ضوء إشارة المرور أخضر, فداست برجلها على البنزين بتردد, ثم انطلقت.
أحست وكأنها تقف على طرف حافة, وبشعور غريب في معدتها وبنبض غريب في عنقها. شعرت بحرارة تجتاح جسمها, وبتعب شديد وضعف.
لقد هزها الحادث من دون شك, وستحتاج إلى بعض الوقت لتستعيد عافيتها بالكامل.
وصلت ريانون إلى الفيللا القديمة في (( مونت ألبرت)) التي تتشاطرها مع شابة أخرى, وراحت تحمل البلاطات تدريجيا وتنقلها إلى غرفة نوم في الطابق الأعلى حولتها إلى مشغل.
قد تتمكن لاحقا من إنجاز بعض أعمالها الصغيرة في صالت العرض الجديدة وسط المدينة, إلا أنها تتقاضى الآن أجرا مقابل لوحة كبيرة.
بعد أن نقلت البلاط, نظرت إلى كوعها, ووضعت كمادة باردة في المكان المتورم. وفي وقت لاحق من الأمسية, أصرت مدبرة منزلها وهي ممرضة سابقة, على تحريك يد ريانون مرات عدة.
-يدك ليست مكسورة,ولكن يستحسن أن تذهبي إلى الطبيب ليفحصها.
هزت ريانون رأسها:" أعدك بالذهاب إلى الطبيب إذا لم تتحسن".
بعد العشاء, غلفت ريانون البلاط بورق جرائد وحطمتها بالمطرقة بيدها اليسرى. وكما قالت للرجل الغريب في مرآب السيارات, فإن معظمها محطم أصلا.
بعد أن وضعت بعض القطع المحطمة داخل التصميم, أحست بعدم رغبة في العمل فتوقفت.
بعد أسبوع, ونهار الجمعة تحديدا, كانت تدخل الطابق الأرضي من المرآب حين استوقفها صوت عميق مرح, صوت رجل جعلها ترتجف إنه الإله اليوناني.
لحق بها ورماها بابتسامة:" مرحبا مجددا! كيف حال يدك؟".
ونظر إلى يدها الظاهرة تحت فستان لونه بيج.
أجابت مندهشة قبل أن تبتسم: " بخير شكرا".
-لا تزال الكدمة ظاهرة.
لقد مرت المرحلة الأسوأ, إلا أن لونا بنفسجيا ما زال باديا. مرر أصبعا رجوليا على الكدمة, فاجتاحتها رجفة غريبة.
-آسف, هل لايزال كوعك يؤلمك؟.
-كلا.
قالت هذا, وابتعدت قليلا إلى الوراء, مخلفة مسافة بينهما.
رمقها بنظرة مازحة: " إذا, أعتذر لأنني تخطيت حدودي".
قالت ببرودة:" لا بأس!".
لا يمكنها اعتبار لمسته عدائية, فغالبا ما يلمس الناس بعضهم بشكل طبيعي, بشكل لا يثير مشاعر حميمية.
توجهت إلى السلالم, فعلق على الموضوع قائلا:" ألن تستقلي المصعد؟".
هزت ريانون رأسها, وعوضا عن الاعتراف بخوفها من المصاعد. قدمت عذرها المعتاد:
-صعود السلالم يساعدني على الحفاظ على رشاقتي.
استدار ليرافقها.
-يبدو أن الأمر ينجح.
وجال بنظره على قوامها, فراح كل عصب في جسمها يصرخ أشاحت بوجهها ولم تجب.
سأل بنعومة, وهو يصعد السلالم إلى جوارها:" هل أعتذر مجددا؟".
هزت رأسها, وانقبض حلقها, بالرغم من أن عقلها كان يردد لها أنها تتصرف بسذاجة. فأمامها رجل جذاب يعلمها أنه معجب بها. قد تسر غالبية النساء بهذا, كما أن غالبية النساء كن ليبتسمن له, ويتساهلن قليلا.
كانت ريانون تدرك تماما بأنها مختلفة عن باقي النساء.
وبعد قليل قال:" أشعر أنني أدين لك بنوع من التعويض. هل لي بدعوتك لشرب القهوة أو ما شابه؟ أو ربما لتناول العشاء؟".
ردت بحزم:" أنت لا تدين لي بشيء".
سأل:" هل أنت متزوجة؟ أو مرتبطة؟".
دفعها السؤال المفاجئ إلى الرد دون تفكير:" لا!".
-أنت حتما تكرهينني جدا, وأنا لا ألومك, فبعد الحادث...
-أنا لا أكرهك... فأنا لا أعرفك حتى.
قال بخفة:" إذا شئت..".
أشكت أن تقول له إنها لا ترغب, لكنها ترددت. إذا أرادت أن تكون امرأة طبيعية, فقد حان الوقت لتبدأ بالتصرف كسيدة, آن الأوان لتنسى الماضي.
وصلا إلى فسحة الدرج, فتوقف كما لو أنه يعيق مسارها بالرغم من وجود مسافة تقارب نصف المتر بينهما. سحب بطاقة من جيبه وناولها إياها قائلا:
-غابرييل هادسون. أعمل في مجال النقل الجوي.
اسم معروف, فغابرييل هادسون يملك إحدى أكبر الشركات الخاصة في البلد.
أكدت البطاقة شكها, فالشعار المألوف مرسوم في زاوية الباقة, وقد وضع اسمه بالحرف العريض وسط البطاقة. تتمحور كافة إعلانات الشركة حول العناية والسرعة, فتصور الجناحين يحملان برفق أغراضا ثمينة ويحلقان بها في كافة أرجاء نيوزيلندا والعالم. كانت هذه الشركة ذات شعبية لأنها, وخلافا لغيرها من الشركات, توصل الغرض إلى المنزل.
إنه رجل أعمال محترم, ذائع الصيت لنجاحه الباهر وهو لا يزال في العشرينات من عمره, وقد رشح العام الفائت لنيل جائزة الرجل الأغنى والأكثر تواضعا أما حياته الخاصة, فقد بقيت خاصة ولم تنشر للعلن.
قالت:" استعنت بخدماتك".
ومن لم يفعل فكل من له صلة بمجال الأعمال في نيوزيلندا, استعان لمرة على الأقل بخدمات شركة(( آنجل إير)) .
-هل نقلنا لك لوحات الموزاييك؟.
شعرت بحاجة لأن تغطي ملاحظتها السخيفة فقالت:
-وأعمال فنية عائدة لأناس آخرين أيضا, بالإضافة إلى الكتب.
-كتب؟.
-نعم, فأنا أملك صالة عرض ومكتبة.
مال برأسه قليلا:" أين؟".
شعرت بأنها أعطته الكثير من المعلومات, فردت باستخفاف:
-انتقلنا منذ أسابيع إلى شارع هاي.
كان إيجار المكان رخيصا بالنسبة لوسط (( أوكلاند)) بالرغم من أنه ضعف ما كانت تدفعه كإيجار المحل الصغير في الضاحية, إلا أنها أملت أن يعوض عليها هذا المكان المال الذي دفعته.
-ما أسمه؟
ما من جدوى من التراجع الآن:
-موزاييكا.
صعد شاب السلالم ومر قربهما, فاقترب غابرييل هادسون منها ليفسح له الطريق, فشكره الشاب وتابع سيره بعجل.
لا مست كتفها يد قاسية مليئة بالرجولة, واشتمت رائحة عطره الزكية التي سبق4 أن لاحظتها في لقائهما الأول.
بدأ بدنها يقشعر, وحنجرتها تضيق, لكنه ابتعد عنها وسمح لها بمعاودة السير, فأسرعت إلى السلالم.
عندما وصلت إلى الطابق التالي, توقفت لتفسح المجال لسيارتين بالمرور وفتح باب المصعد فخرج منه عدد من الركاب سأل غابرييل: " هل ستطلعيني على اسمك؟".
-ريانون, ريانون لويس.
كرر, كما لو أنه يجرب وقع اسمها على السمع.
-ريانون, أنت من ويلش أليس كذلك؟.
-نعم في الأصل.
-أرغب برؤية صالة العرض يوما ما, وقد نخرج أيضا لشرب فنجان من القهوة.
كانت نبرة صوته ودية, ومطمئنة.
إنه رجل متحضر, معروف, محترم, ووسيم, وناجح, وهو لن يلقى صعوبة في إيجاد امرأة أخرى في حال صدته الآن. لعله سينساها بعد لحظة واحدة, وبالرغم من ذلك ترددت:
-لا أحب ترك الموظف بمفرده لفترة طويلة.
اقترح:" بعد العمل إذا؟".
-علي أ أراجع الحسابات وأجري الجردة.
مال غابرييل برأسه وخفض عينيه, وزم فمه.
ظن أنها تشعر بالحياء وبعد أن تذكرت القرار الذي اتخذته سابقا, قالت ريانون بسرعة:
-يستغرق هذا الأمر عشرين إلى ثلاثين دقيقة. نحن نقفل في السادسة كافة أيام الأسبوع باستثناء السبت, إذ نقفل عند الثانية.
هل قالت ما ظنت إنها قالته؟ هل قبلت دعوة رجل ما للخروج؟ قفز قلبها من مكانه ثم عاد.

جين أوستين
20-04-2009, 00:24
أومأ غابرييل يحفظ المعلومات التي قالتها له.
رافقها إلى سيارتها, وكان لسانها مربوط لشدة دهشتها مما أقدمت عليه. لم يلمسها, بل انتظر حتى جلست ووضعت حزام الأمان, ثم أغلق الباب, وتراجع إلى الخلف, ملوحا لها.
توجه إلى السلالم سم إلى سيارته مقطب الجبين. فبعد لقائهما الأول, ظن أن هذه المرأة تشغل تفكيره لأنه يشعر بالذنب بعد أن كان السبب في سقوطها أرضا. ولكن, حين لمحها مجددا اليوم, شعر بالحماسة تغمر قلبه, ثم أحس بضيق يعتصر صدره, وتعرقت يداه لم يختبر مثل هذا الشعور منذ المرة الأولى التي دعا فيها فتاة للخروج, حين كان لا يزال مراهقا. أما اليوم, فها هو الشعور يعاوده.
أراد أن يمسك بها, أن يتأكد من بقائها بجواره إلى أن يعرف كل شيء عنها. إلا أنه تذكر, وهو يضغط على زر جهاز الإنذار في سيارته, أنها ستخاف وتهرب إذا ما لمسها.
صعد في سيارته وأدار المحرك. ريانون! أحب انسياب اسمها, تماما كما أعجب بها منذ اللحظة الأولى التي وقع فيها نظره عليها.
نظر في مرآته, ورجع قليلا إلى الخلف, ثم قاد سيارته في الممر إذا, لم تكن تعرف هويته! ولكن أهذا سبب كاف لتتصرف بهذه الطريقة الجافة؟ أتتصرف هكذا مع الرجال كافة؟ ترى ما الذي يدفع المرأة للتصرف بهذا القدر من الحذر؟.
تبادر احتمالان إلى ذهنه, ومن دون أن يعي شد بيديه على المقود آلمه فمه فأيقن أنه يصر على أسنانه. حاول الاسترخاء, وفضل عدم الوصول إلى استنتاجات قد تكون خاطئة. فلمجرد أن امرأة ما لم ترتم بين أحضانه منذ اللحظة الأولى, ولم تتأثر بوسامة وجهه وسحره, لا يعني أنها تشكو من علة ما.
لعل هذا هو ما أثار اهتمامه في ريانون, فهي لم تتصرف كغيرها من النساء, بالرغم من أنه أظهر اهتمامه بكل وضوح. لم تعكس نظراتها أي اهتمام, كما أنها لم تحب أن يلمسها.
وهذا أمر ينوي تغييره.

☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 00:27
2-صفقة فنية

وضع غابرييل خطته بحذر, فبعد مرور أسبوعين دخل إلى موزاييكا قبل وقت قليل من موعد الإقفال.
كانت ريانون وراء الصندوق تحاسب زبونا, ولم ير أي أثر للمساعد الذي تحدثت عنه.
راح ينظر إلى اللوحات والمنحوتات, وغيرها من الأعمال الفنية, ويتأمل بإمعان لوحات الموزاييك, ثم جال بنظره على رف الكتب وهو يسترق السمع إلى الحوار الجاري عند الصندوق.
بدا صوت ريانون دافئا وينم عن ثقة كبيرة, وهي تصف عملية صناعة قطعة السيراميك التي اختارها الزبون, وتعرض عليه لفها وتوصيلها وحين أنهت الصفقة, شكرته وودعته بود ولطف.
غادرت شابة ووالدتها المتجر بعد أن كانتا تنظران إلى المعروضات, فانتقى غابرييل كتابا عن منحوتة تقليدية من البحر الهادئ وحضر إلى الصندوق.
رفت عينا ريانون حين تعرفت إليه, وعلى التوتر وجهها. لم يعجبه أن تتوتر لرؤيته, لكنه رضي بالأمر الواقع إذ أيقن أن له نوعا من التأثير عليها.
بادرها بابتسامة مطمئنة, ووضع الكتاب على المنضدة, ثم أخرج من محفظته بطاقة اعتماد.
بدت غير متأكدة, ولعلها تساءلت عما إذا كان قد نسيها.
إنها أجمل مما يتذكر, وهي لم تفارق تفكيره منذ لقائهما الأخير حسمت المبلغ من بطاقة الاعتماد, وغلفت الكتاب برقة وناولته إياه حاول غابرييل جاهدا ألا يلمس أناملها الناعمة وهي تسلمه الكتاب.
-شكرا لك. ريانون.
لاحظ اتساع عينيها عندما ناداها باسمها, ثم أشار إلى لوحة موزاييك معلقة على حائط تجسد عصفورا طويل الساقين, ريشه أزرق, يقف قرب جدول ماء تحيط به نباتات وأزهار:
-أهذه اللوحة من تصميمك؟
هزت رأسها:" لا, ليس هذه".
-اللوحات التجريدية عند المدخل إذا لك؟
أكدت له:" نعم, إنها لي".
-لقد تأثرت بها حقا!.
قليل من الكلام يهدف إلى جعلها ترتاح, وينم عن مشاعر صداقة في الوقت عينه. جال بنظره في أرجاء المكان.
-صالة عرض راقية وجميلة.
-أشكرك. آمل أن يعجبك الكتاب.
-أنا واثق من أنه سيعجبني. أيمكنك تخصيص بعض الوقت كي نخرج سويا لشرب القهوة كما وعدتني؟
ابتسم مجددا, ابتسامة مصطنعة جعلته يحتقر نفسه.
ترددت ريانون, ثم قالت على عجل:" عليك أن تنتظر قليلا ريثما أنهي الحسابات".
-ما من مشكلة, أأساعدك في إغلاق الأبواب؟
بدت مرتبكة قليلا.
-سأغلقها حين أخرج.
أتخشى أن تبقى بمفردها في مكان مغلق معه؟ لم يعرف ما إذا كان عليه أن يشعر بالإهانة أو السخط أو المرح.
أغلقت الباب الزجاجي الكبير, وأدارت لافتة دون عليها ((مغلق)) ثم أخرجت المال من الصندوق, وتوجهت إلى غرفة خلفية قائلة:
-تصرف بحرية وتفرج على المعروضات.
وهكذا, أوضحت له تماما أنه ليس مرحب به في الغرفة الخلفية. ترى أتخفي أسرارا هناك؟.
استغل غابرييل الوقت لينظر إلى المعروضات عن كثب, وقد أثارت انتباهه لوحة موزاييك كبيرة معلقة إلى الحائط.
كانت الأحجار الملونة, والرسومات الفضية, والأشرطة النحاسية الملتوية تضفي غنى وأناقة على العشوائية البادية, والألوان المتضاربة والخطوط المنكسرة. حين انضمت ريانون إليه, كانت تحمل في يدها سترة رقيقة وحقيبة يد كبيرة, وقال بقوة:
-أريد هذه اللوحة. إنها من صنعك أليس كذلك؟.
-هل رأيت توقيعي؟.
لم يكن قد فعل, إلا أنه لاحظ وبعد قولها هذا,حرفي اسمها في أسفل اللوحة على قطعة رخام.
فكر في أن يقول إنه تكهن بذلك, إلا أنه ابتسم, وهز كتفيه كما لو أنها ضبطته وهو يحاول أن يتحاذق.
سألت:" هل أنت جاد؟".
-نعم. تماما.
أذهلته المشاعر المتناقضة التي بدت على وجهها, مشاعر مزجت بين الشك, والقلق, إلا أنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها.
-قد أمر لآخذها في أي وقت لاحق, لكنني أستطيع دفع ثمنها الآن إن شئت.
-لا بأس, سأضع ملصقا صغيرا عليها و أدون (( مباعة)), ولكن إن عدت وغيرت رأيك........
-أنا لا أغير رأيي حين أرى شيئا يعجبني.
حدق إلى عينيها, وقرأ فيهما علامات حذر.
فحذر نفسه: تراجع! هذه الفتاة مختلفة عن سواها. ابتسم وقال:
-هلا ذهبنا؟.
-نعم
-هل تحتاجين إلى هذه؟.
وتناول السترة من يدها ليلبسها إياها.
-لا, لا أظن ذلك.
إنها أمسية دافئة, لكنه تساءل ما إذا كانت لتدعه يلبسها السترة إن كانت ترتجف من البرد.
ترى بما يقحم نفسه؟
ضغطت ريانون على القفل الآلي, ونظرت إلى غابرييل وهو يغلق الباب خلفهما. بدا شعره برونزيا لا بل مائلا إلى الذهبي تحت أشعة مصابيح الإنارة في الشارع.
في الشارع الضيق, تصاعد صوت موسيقى من ملهى شبه مظلم نظر غابرييل إلى اليافطة المعلقة فوق باب الملهى وقال:" أفضل أن أجد مكانا أكثر هدوءا إن كنت لا تمانعين".
أومأت ريانون:
-على ألا يكون صغيرا جدا.
علت وجهه نظرة تساؤل, فقالت:
-أريد مكانا أستطيع أن أتحرك فيه بحرية, ألا توافقني الرأي؟
إنه رجل طويل القامة, ولا بد أنه يريد مكانا يفرد فيه ساقيه.
-أعلم تماما ما عنيته, فتلك الأماكن الضيقة حيث لا تسع ركبتيك, وحيث يتعين عليك الانتباه كيلا تصطدمي بجارك ليست مريحة كثيرا.
مشيا جنبا إلى جنب وكان يرتدي بذلة داكنة اللون من دون ربطة عنق, وقد كشف قميصه المفتوح عن بشرته البرونزية.
مشى في الاتجاه المعاكس لهما شاب وفتاة يعانق أحدهما الآخر غير عابئين بغيرهما من المشاة, وكادا يصطدما بريانون إلا أن غابرييل أمسك بخصرها بإحكام وأبعدها عن طريقهما ثم أبعد يده على الفور.
وبعد أن استدارا ليتجها إلى الشارع المقابل, توقف أمام باب مضاء.
-ما رأيك بهذا المكان؟.
رأت ريانون عبر الزجاج العريض مساحة كبيرة و أناس يجلسون إلى طاولات مرتبة يضيء كل واحدة منها شمعدانان رائعان.
أجابت:" مكلف جدا".
ضحك وفتح الباب.
-أستطيع أن أتحمل, ولكن هل يفي بالغرض؟.
وافقت ريانون بسرعة ودخلت.
قادهما النادل إلى طاولة فسألها غابرييل:" ألا تفضلين شيئا غير القهوة؟"
-لا, قهوة فحسب. شكرا.
-هل تناولت العشاء؟
-نعم.
لقد تناولت صحن سلطة بسرعة في صالة العرض, عندما لم هناك زبائن.
-وماذا عن التحلية؟ أرغب بتناول شيء ما.
طلب من النادلة أن تحضر لهما قائمة التحلية, وراح ينظر من فوق قائمته إلى ريانون.
-أنصحك بتناول الكاتو بالشوكولا مع الفريز, إلا أن طبق كريما الشوكولا الساخنة لذيذ للغاية إن شئت تناول شيء أخف.
لم تكن ترغب في تناول شيء, إلا أنها بعد أن نظرت إلى اللائحة شعرت برغبة في تناول الحلويات.
-هل ترتاد هذا المكان غالبا؟
-من وقت إلى آخر, فهو قريب من منزلي, والخدمة فيه سريعة.
هذا دليل على أنه لا يملك الكثير من وقت الفراغ, أو لا يحب هدر وقته سدى وهو ما كان ليحقق ما حققه إن كان يمضي وقته في تناول التحلية والقهوة.
قررت:" سأتناول كريما الشوكولا الساخنة"
أراد غابرييل تناول الكاتو بالشوكولا, فطلبا اختاراه مع القهوة, ثم وضع يديه على الطاولة وقال:" أخبريني عن نفسك"
أخفضت ريانون نظرها وكتفت يديها وأجابت:
-صالة العرض هي مصدر رزقي, وأقوم بصنع بعض لوحات الموزاييك من وقت إلى آخر.
-هل تطلب منك أعمال خاصة؟
-أحيانا.. غالبا ما أقوم بالعمل في المنزل و أبيع اللوحات في المعرض.
-وأين هذا... أعني منزلك؟
رمته بنظرة غريبة:" في منطقة ماونت ألبرت".

جين أوستين
20-04-2009, 00:32
رجع غابرييل إلى الخلف:" إذا أنت من أوكلاند؟"
بدا سؤاله تقليديا, مجرد حديث إلا. هزت ريانون رأسها
-ولدت وترعرعت في (( بوكيكوه))
-فتاة ريفية إذا؟!
-ليس تماما, فعائلتي لم تكن تعمل في مجال الزراعة.
وبذلت جهدا لتسترخي ثم أضافت:" كان والدي يعمل في مجال الخدمات الكهربائية"
-كان؟
صمتت قليلا ثم ردت:" إنه في دار للعناية الآن, لقد تعرض مع والدتي لحادث على الطريق السريع".
سأل غابرييل بلطف, وقد ضاقت عيناه تأثرا:" ووالدتك؟".
-توفيت. أصيب والدي بضرر في دماغه, وهو يحتاج إلى رعاية على مدار الساعة.
حزنت عندما تذكرت كيف كان والدها وكيف أصبح الآن.
-لا بد أن الأمر صعب عليك وعلى والدك.
وتوقف غابرييل عن الكلام لبرهة, ثم نظر إليها و أردف:" متى حدث كل هذا؟!"
-منذ نحو ست سنوات.
أخفضت نظرها وتراءى الحادث أمام ناظريها من جديد.
-مر من الوقت ما سمح لي بتخطي الأمر.
هذا في حال استطاع المرء تخطي مثل هذه الأمر.
مرر إصبعه على غطاء الطاولة للحظة, ثم نظر إليها وسأل :
-هل قدم لك أحد أفراد عائلتك المساعدة؟.
-جدتي, كانت رائعة معي.
لولاها, لما تخطت ريانون الأحداث المروعة التي ألمت بها ذلك العام.
هزت ريانون رأسها, وسألته:" هل تملك إخوة وأخوات؟."
-شقيق أصغر مني وهو يعمل معي ويترأس مكتب أستراليا وأخت في الولايات المتحدة. والداي مطلقان ويعيشان في نيوزيلندا مع شركاء حياة جدد.
بدا الأمر طبيعيا بالنسبة إليه, كما لم يبد متأثرا بما جرى, سألته:" كم كان عمرك؟".
-عشر سنوات.
لا بد أنه كان ضعيفا في سن العاشرة, وتساءلت كم عانى ليتخطى محنة انفصال والديه.
تابع:" والآن, أنا في الثانية والثلاثين من عمري".
فقالت بحذر:" أنا في الثالثة والعشرين".
بدا حزينا:" ليتك أكبر سنا".
كان عليها أن تضحك, لكنها وعوضا عن ذلك أشاحت بنظرها وراحت تلهو بملعقة موضوعة على الطاولة.
-أشعر أنني أكبر سنا.
-ولم هذا؟
بعد أن جالت بنظرها في أنحاء الغرفة أجابت:
-أنا أدير عملا منذ كنت في السابعة عشرة من عمري وحتى قبل ذلك.
-طموح مبكر؟.
-ليس تماما.
لاحظت أنه يتوقع المزيد من التفسير, فأردفت:
-بعد الحادث ووفاة والدتي, قررت جدتي التقاعد وتعييني مكانها.
اضطرت عندئذ للتوقف عن متابعة دراستها الجامعية, وقد ندمت على قرارها, لكنها اضطرت إلى ذلك. حينذاك, كانت تحت صدمة وعاجزة عن الدرس والتحضير للامتحانات, كما أصبح والدها عاجزا عن العمل. فباعت محله لتسديد متطلبات رعايته, واضطرت للعمل لكسب رزقها.
سألها غابرييل:" كانت جدتك تدير صالت عرض؟"
-لا , بل كانت تملك محلا في منطقة أونيهانغا, حيث تبيع أدوات الحياكة والسيراميك, وبعض اللوحات والمنحوتات. بعت أولى لوحات الموزاييك التي صممتها بعد أن استلمت العمل هناك وتطور المحل وكبر تدريجيا. وبدأ الناس يتوافدون إليه من كافة أنحاء المدينة.
توقفت ريانون عن الكلام لبعض الوقت ثم تابعت:" ورثت المحل عن جدتي بعد وفاتها".
رمقها غابرييل بنظرة سريعة:
-ومتى حدث هذا؟
-منذ نحو ثلاث سنوات.
كان مرض السرطان الذي الم بجدتها فتاكا جدا, فأودى بحياتها بسرعة إلا أن موتها ترك فراغا كبيرا في حياة ريانون. علق:"الحياة صعبة".
وأيقن أنها لا تريد الكلام في هذا الموضوع أكثر, فقال:" افتتاح صالة عرض في هذا الشارع خطوة جريئة".
-إنها مخاطرة... ولكنني اكتسبت خبرة كافية تؤهلني للمضي قدما.
نظر إليها مفكرا:" أنت لا تستخفين بالمخاطر, أليس كذلك؟".
استقامت حذرة:" أحب أن أعلم إلى أين أتجه".
-من الممتع أحيانا أن يخطو المرء خطوة في المجهول, فلا أحد يعلم إلى أين قد تقوده.
تحولت عيناه إلى لون فضي مشع في ضوء الشموع, فأسرها جمالهما لوقت طويل.
أحضرت النادلة طبقي الحلوى, وانكسر جدار الصمت والتأمل.
أمسكت ريانون بملعقتها وحولت انتباهها إلى الصحن الموضوع أمامها, وبعد أن تناولت ملعقة سألها غابرييل:" كيف تجدينه؟"
أجبرت نفسها على النظر إليه, ولم تر في عينيه سوى نظرة تساؤل بريئة.
-لذيذ جدا, بل رائع.
نظر إليها وهي تتناول ملعقة ثانية من كريما الشوكولا, ثم وضع ملعقته في قطعة الكاتو قبل أن يسألها:" ألا تؤلمك يدك؟"
-إنها مجرد رضه.
سألها:" هل لك أن تخبريني لما خفت إلى هذا الحد؟"
شدت على الملعقة وشعرت ببدنها يقشعر, أخذت نفسا عميقا وأجابت:
-لقد أخفتني ليس إلا.
وتابعت تناول الحلوى. وبعد أن تناولت بضع ملاعق, رغبت في إن تغير الحديث فسألته:" كيف بدأت العمل في مجال النقل الجوي؟".
رماها بنظرة حماسية وقال:" بدأت العمل في هذا المجال صدفة كنت أعمل في المطار في قسم خدمة الزبائن, حين علمت أن شركة نقل جوي توشك أن تفلس. بدت لي فرصة جيدة, فقررت شراءها والعمل على إنهاضها من جديد".
-أكنت تملك المال الكافي؟.
-عاملني المصرف بكرم. لكني اضطررت أولا إلى إقناع المسئولين فيه بقدرتي على قلب هذه الشركة رأسا على عقب, وتحويلها إلى استثمار ناجح.
-لابد أنك كنت مقنعا جدا.
كان يمسك فنجان القهوة في يده, فنظر إليها وقال:
-أستطيع أن أكون مقنعا جدا إن شئت ذلك.
رأت نظرة التساؤل في عينيه مجددا, وبذلت جهدا كبيرا كيلا تشيح بنظرها.
-وعرض جدي, باركه الله, أن يكفلني لأحصل على القرض من المصرف.
إذا, فهو متعلق بجده!لعل الأمر ساعده عند انفصال والديه.
تناول قطعة حلوى, وأردف مطرقا:" لقد رحل جدي الآن. كان يملك كرة أرضية كبيرة في صالة الجلوس, وقد شرح لي مبدأ السفر حول العالم والانطلاق من نقطة ما والعودة إليها".
-كم كان عمرك حينذاك؟.
-حوالي خمس سنوات. ومنذ ذلك الحين, أتذكره كلما رأيت كرة أرضية. ولعله السبب في اختياري النقل الجوي.
رفع فنجان القهوة إلى شفتيه, فحدقت إلى عنقه وراقبت نزول القهوة في حلقه, ثم راقبته مأخوذة حتى أخفض الفنجان من يده, فركزت انتباهها بسرعة على صحنها وعلقت:
-لم يكن سهلا عندما بدأت, أليس كذلك؟.
-كان تحديا.
وراح يقص عليها قصة مهنته, وكيف انطلق بالعمل, والعقبات التي واجهها, وكيف صار النجاح حليفه. شعرت باندهاش لحماسته وأسرها حديثه.
توقف عن الكلام:
-أظنك ما كنت تريدين معرفة هذا القدر من المعلومات.
-إن كلامك مثير للاهتمام.
رفع حاجبيه ولوى شفتيه قليلا:" أهذا ما يثير اهتمامك؟ الحديث عن الأعمال؟".
ارتبكت ريانون لهذا التلميح فضحكت عيناه, فيما علا الاحمرار وجنتيها.
شعر بالتسلية, فقال:" أعتبر التزحلق على الجليد, والهبوط بالمظلة والقفز من الطائرة نشاطات مثيرة للاهتمام, لكن الكلام عن الأعمال لا يندرج حتما في هذه الفئة".
وهز رأسه ثم أضاف:" أنت لا تعرفين معنى الحياة يا صغيرتي".
شددت ريانون على الكلمة الأخيرة:" أنا لست بطفلة صغيرة!".
ذكرها:" أنا أكبر منك بتسع سنوات".
-نعم, يا جدي!!!
وبخها مازحا:" وأنا لست بجدك أيضا".
ارتشفت ريانون رشفة كبيرة من قهوتها. لا, إنه لا يبدو جدا!
-هل مارست ما تحدثت عنه؟ أعني التزحلق على الجليد, والهبوط بالمظلة, والقفز من الطائرة...
-وغيرها!
بدا أنه يحاول ألا يضحك. تسمرت ريانون بفعل نظرته الثاقبة وتحديه الواضح, وباتت عاجزة عن التنفس. إلا أنها لم تخف.
لم يضغط عليها أكثر, وقد سرت بذلك, فهذا جديد عليها ويجب ألا تستعجل الأمور. لم يقل المزيد إلى أن أنهى قطعة الكاتو, ورجع إلى الوراء ينتظر ريثما تنهي صحنها ثم سأل:
-ماذا فعلت بقطع البلاط تلك؟.
أخبرته عن طلبية الكنيسة, وأجابت عن أسئلته عن الأدوات والتقنيات المستخدمة في صنع الموزاييك. وحين ذكرت أنها تستخدم بلاط ألابنيه التي تهدم, قال:
-المبنى المجاور لي يهدم الآن.

جين أوستين
20-04-2009, 00:36
-أحقا؟
مضى وقت طويل لم تذهب فيه إلى تلك المنطقة.
فقال وهو يبعد فنجان القهوة الفارغ:" ربما عليك الذهاب إلى هناك علك تجدين ما يثير اهتمامك. هل تريدين فنجانا آخر من القهوة؟".
رفضت, فهي لا ترغب بمزيد من القهوة, لكنها لا تريد المغادرة أيضا, وقد دهشت لهذا, وأيقنت أنها تمضي وقتا ممتعا. إلا أنهما لا يستطيعان قضاء الليل بطوله في هذا المكان فحملت حقيبتها وارتدت سترتها.
-شكرا على دعوتك, كان هذا لطفا منك.
فيما هما في المطعم, انهمر المطر. وما إن خرجا من المطعم حتى شعرا بالأرض الرطبة, وكان البخار يتصاعد فليلا من الإسفلت الدافئ بسبب أشعة الشمس في النهار.
قال غابرييل, وهو يضع يده خلف ظهرها:" حذار, قد تكون الأرض زلقة! هل سيارتك مركونة في الموقف؟".
نعم, ولكن لا داعي لمرافقتي.
-أنا ذاهب لإحضار سيارتي, كما أنني لن أتركك بمفردك في الشارع ليلا.
كانت تشعر بيده خلف ظهرها, ولم يزعجها هذا, كما لم تبتعد عنه إلى أن وصلت إلى سيارتها, وأطفأت جهاز الإنذار. وقبل أن تصعد إلى السيارة, استوقفها وأدارها نحوه, وجال بنظره على وجهها. أحست بانقباض في معدتها لم تعهده من قبل, وعجزت عن الحراك فتسمرت في مكانها تصارع شعورا من القلق والفضول. قطب غابرييل حاجبيه, ثم لامس خدها بخفة:
-عمت مساءا ريانون.
فتح لها باب السيارة وتراجع إلى الخلف بعد أن أدارت المحرك وقف ينظر إليها تختفي وهو لا يزال يشعر بحرارة جسمها على يده وبدأ يتخيل ملمس بشرتها الناعمة.
لقد بذل الكثير من الجهد لئلا يقربها منه ويعانقها. شعر بارتجافتها الصغيرة حين وضع يده على ظهرها, ما منعه من التصرف بجسارة أكبر. فلو كان برفقة امرأة أخرى, لأدرك أن هذا الارتجاف دليل على الرغبة, ولكن ليس مع ريانون...
لقد بدت جامدة جدا وباردة منذ دخل إلى صالة العرض.
اتجه إلى المصعد, وضغط على الزر.
تبا, لقد بدت باردة, باردة للغاية! باردة وخدرة. لم تفصح عن الكثير إلا حين أبدى تلك الملاحظة المستترة, فاحمرت وجنتاها كفتاة مراهقة.
هل البرودة غطاء وواجهة؟ واجهة لتخفي ماذا؟ الخوف! نعم الخوف.
ما كان ليشتبه بالأمر لو لم يفاجئها في لقائهما الأول, وقد بدت مرتعبة عندما عرض عليها المساعدة بشكل بريء خال من أي نية سيئة لم تستطع تمالك نفسها, وقد تجردت من سلاحها فورا. فتح باب المصعد, وفي الداخل, رأى فتاة جميلة ابتسمت له ابتسامه عريضة وهو يضغط على الزر. شعر بنظراتها تراقبه إلا أنه لم يبادلها النظر.
حين تواجد مع ريانون في الوضع نفسه, تراجعت تلك الأخيرة ووقفت في الزاوية.
أما المرأة التي شاركها المصعد الآن. فتقدمت حين توقف المصعد ورمته بنظرة إعجاب وخرجت, كان لديه متسع من الوقت ليتبعها قبل أن يقفل المصعد أبوابه إلا أنه لم يفعل.
في صالة العرض, بدت ريانون واثقة تماما من نفسها, إلا أنها تغيرت كليا حين اقترب غابرييل منها, بالرغم من محاولتها الحفاظ على هدوئها بارتدائها قناعا تختبئ خلفه.
سقط القناع حين تحدثت عن عملها, إلا أنها عادت ولبسته كلما لمح إلى أمر يتعلق بالمشاعر والأحاسيس. بدا وكأنها لا تجيد التعامل مع هذه المواقف.
فتح باب المصعد وخرج منه ثم ابتسم من دون أن يعي السبب. لعله يستطيع أن يلقنها الغزل.
شكل شراء اللوحة حجة اغتنمها غابرييل ليزور صالة العرض في نهار السبت قبل إقفال الأبواب بعشر دقائق.
وجد ريانون واقفة وراء الصندوق, تدقق في دفتر موضوع أمامها.
-مرحبا!
نظرت إلى الأعلى وتسمرت عيناها عليه للحظات, ثم ابتسمت بتردد:
-أهلا!
ونظر إلى لوحة الموزاييك ورأى عليها ملصقا أحمر.
-لقد تذكرت.
حاولت ريانون تمالك أعصابها, والظهور بمظهر شخص محترف.
-كنت سأتصل بك يوم الاثنين لأسألك إن كنت تريد أن نوصل اللوحة إليك.
-سآخذها بنفسي.
-الآن؟ طبعا.
سمعت صوت جرس الباب, فالتفتت وإذا بثنائي ياباني متوسط العمر يدخل. عندئذ, استدارت إلى الباب المفتوح جزئيا خلف الصندوق ونادت:" بيري؟".
ظهر شاب عريض الكتفين, بشرته داكنة ناعمة, وعيناه واسعتان سوداوان, وشعره مربوط إلى الخلف. كان يرتدي قميصا ضيقا. يبرز عضلاته, وسروالا من الجلد بنفسجي اللون. رمى ريانون بنظرة ساحرة وسأل:" نعم, سيدتي؟".
-سيشتري السيد هادسون لوحة الموزاييك تلك, فهلا وضبتها له من فضلك؟
-طبعا!.
تقدم بيري من اللوحة وحملها بسهولة وحذر, ثم اتجه من جديد إلى الباب الذي خرج منه.
تنحنحت ريانون ثم نظرت إلى غابرييل فرأته مقطب الجبين, وسألت:
-كيف تريد أن تسدد ثمن اللوحة؟.
مد يده إلى محفظته ليخرج بطاقة اعتماده, وقد شعر بالانزعاج لأنها تعامله كشخص غريب. كما أن رؤية بيري أزعجته قليلا أيضا. فحين تحدثت ريانون عن مساعد في صالة العرض, توقع أن يرى رجلا مسنا, وليس شابا مفتول العضلات, يفعل كل ما بوسعه ليظهر مفاتنه.
وراحت أفكار غريبة تدور في خلده, إن كانت لا تمانع في رؤية هذا الشاب يوميا, فهي حتما لا تخجل من الرجال.
لعلها تخجل من بعض الرجال فحسب, منه على سبيل المثال.
رآها تحمل بطاقة الاعتماد لإتمام عملية البيع, وقد أحنت رأسها قليلا, ثم تذكر أنها قالت له إنها ليست مرتبطة.
كان الثنائي الياباني يتجادل حول إناء خشبي يحملانه, ويدققان فيه. أعادت ريانون بطاقة الاعتماد إلى غابرييل, وقالت:" لن يتأخر بيري في إحضار اللوحة".
ثم اتجهت نحو الثنائي الياباني.
لف بيري لوحة الموزاييك وأحسن توضبيها.
-تفضل يا رجل! أعني يا سيدي!
رمى ريانون بنظرة مرح إلا أنها كانت تركز على السائحين, فهما لا يجيدان الانكليزية.
-أتريدني أن أوصل اللوحة إلى سيارتك؟.
-لا, شكرا, دعها هنا. فأنا أنتظر لأتحدث إلى ربة عملك.
جاء رد غابرييل مختصرا وحازما فهو لا ينوي أن يمشي برفقة كتلة العضلات هذه في الشارع.
-طبعا.
وضع بيري اللوحة أسفل الصندوق ونظر إليه نظرة حادة.
قرر الثنائي شراء الإناء الخشبي, وفيما كانا يقتربان من الصندوق ليسددا ثمنه طلبت ريانون من بيري توضيب الإناء في علبه وتحضيره للشحن.
حمل بيري الإناء إلى الغرفة الخلفية ليوضبه, فوقفت ريانون بهدوء تنتظر ريثما يعطيها الزوجان العنوان. وبقي غابرييل واقفا في مكانه.
بعد رحيل الثنائي, استدارت ريانون إلى غابرييل وسألته مشيرة إلى اللوحة:
-هل سيوصل بيري لوحتك إلى السيارة؟.
واستدارت لتنادي بيري, لكن غابرييل مد يده ليمسكها ثم انتبه فأسدل يده وقال:
-لا أحتاج بيري.
وصمت لبرهة, ثم أردف:" هل تناولت الطعام؟"
-غالبا ما يكون المعرض مكتظا يوم السبت, لذا لا أتناول الطعام حتى أعود إلى المنزل.
-إذن تناولي الطعام معي!
-لم؟.
ألا تعرف معنى الخروج في موعد؟ رفع حاجبه, وبدت ريانون مرتبكة وهي تعض شفتها السفلى, وقد احمرت وجنتاها.
عندئذ, انتقل غابرييل إلى الخطة البديلة.
-أريد أن أتحدث إليك بخصوص بعض الأعمال!.
اتسعت عيناها:" أي نوع من الأعمال؟".
-اسمحي لي أن أدعوك لتناول غداء متأخر, وسأخبرك بذلك.
أخفضت ناظريها, فرأى قميصها يهتز وهي تأخذ نفسا عميقا. ثم رفعت رأسها والتقت أعينهما و أجابت:" حسنا".
لم يكن غابرييل مستعدا للحظة الانتصار هذه, ولشدة فرحه, تمنى لو يضمها إلى صدرها بكل حنان وحب. إلا أنه أومأ وقال:" يمكننا أن ننصرف متى شئت".
اختار طاولة تظللها شمسية وقد سرت ريانون لأنهما جلسا خارجا.
وفيما كانت تتناول السلطة, وغابرييل يأكل الدجاج المحمر, سألها:
-منذ متى يعمل لديك بيري؟
-منذ أن انتقلت إلى صالة العرض الجديدة. لقد بعت بعض أعماله في السنتين الماضيتين وكان يحضر لمساعدتي في فترة عيد الميلاد:
-أهو نحات؟.
-علمه عمه فن النحت النيوزيلندي, إلا أنه مهتم بشكل خاص بالمزج بين هذا الفن والفن الحديث. عمله هذا لا يدر عليه ما يكفي من المال ليقتات, وبما أنني كنت أحتاج إلى مساعد عندما انتقلت إلى هنا عرضت عليه الوظيفة.
فرح بيري كثيرا بعرض العمل الذي قدمته له ريانون, وهي لم تندم يوما على ما فعلته.
جاءت نظرات غابرييل حادة, ثاقبة.
-أراهن على أنه مفيد لصالة العرض.
-إنه متوقد الذكاء وقوي البنية.
بعض الأعمال الفنية المعروضة في صالة العرض ثقيلة ودقيقة جدا كاللوحة التي اختارها غابرييل, لذا ترتاح ريانون لوجود بيري للمساعدة, فأردفت:

جين أوستين
20-04-2009, 00:38
-وقد نال شهادة في الفنون.
أومأ غابرييل وتناول حبة بطاطا. من جهتها, تناولت ريانون قطعة زيتون أسود ووضعت البذرة في جوار الصحن بتأن:
-ما هو العمل الذي أردت أن تحدثني عنه؟
عندئذ, تذكر أنه دعاها لغداء عمل قال:
-ثمة حائط إسمنتي فارغ في مبنى ((آنجل إير)).
في الواقع, أصبح هذا الحائط فارغا منذ الأمس فقط حين قرر أن السجادة الموضوعة عليه قديمة الطراز ومليئة بالغبار, وأمر بنزعها. وتابع:
-يحتاج هذا الحائط إلى عمل فني لتزيينه, كلوحة موزاييك على سبيل المثال.
لو ظن أنها ستقفز فرحا لمجرد أنه عرض عليها تزيين حائط في شركته, فهو مخطئ تماما.
بدت هادئة جدا, وتناولت بشوكتها حبة زيتون أخرى, وسألت:" لم أنا؟".
لأنني عاجز عن إبعادك عن فكري!
لأنه يريد أن يتعرف إليها عن كثب, وأن يتأكد من أنها لن تفلت منه بسهولة فيما يزيل القناع الذي تضعه أمام الناس, ليكتشف جوهرها. لأنه يريد أن يضمن عدم هروبها منه إذا عرفت كم يرغب في التعرف إليها, التعرف إلى كل جزء منها, بكل ما للكلمة من معنى.
لأن سحره الذي لا يقاوم لم ينجح مع هذه المرأة. قال:" أحب عملك!".
بدت مشككة.
-أتريد أن تقوم فنانة غير معروفة بهذا العمل؟.
-لقد عرفت الكثير عنك, و...
-ماذا؟.
أخفضت الشوكة من يدها, واستحال وجهها شاحبا, ثم سألت:
-كيف؟.
رد عليها, وهو ينظر إلى عينيها اللامعتين:" سألت عنك في الوسط الفني".
ارتاب من رد فعلها, لذا لم يخبرها عن عدد الأشخاص الذين سألهم عنها.
-قالوا إنك فنانة واعدة, ومن الممتع رؤية أعمالك.
هذه هي المعلومات التي تمكن من معرفتها.
بدت متفاجئة, وعاد اللون إلى وجهها تدريجيا. نظرت إلى صحن السلطة وأبعدت قطع الخس.
-ألا تفضل أن يعمل لديك شخص ذائع الصيت؟.
-أشعر بسرور أكبر عندما أدعم فنانا ناشئا.
ابتسم وتابع:" وهكذا عندما تصبحين معروفة, يسعني أن أقول إنني كنت من أوائل الذين تنبهوا إلى موهبتك".
-وماذا لو لم أصبح مشهورة أبدا؟.
-ألا تعتقدين أنك ستصبحين مشهورة يوما؟.
-لم أفكر يوما في هذا, فأنا أستمتع بالقيام بعملي الآن.
قالت له إنها ليست طموحة بالرغم من نجاحها النسبي. ترى ما الذي يسيرها؟ أهو حبها للفن أم حاجتها إلى المال؟ لعله قادر على الاستفادة من هذه النقطة الأخيرة.
-هل ستفكرين في اقتراحي؟ أنا مستعد لأن أدفع لك مبلغا كبيرا من المال.
-لا أملك الكثير من الوقت حاليا مع افتتاح صالة العرض الجديدة. كما يتوجب علي إنها العمل الذي أقوم به حاليا.
بدت صعبة المنال.
-أنا مستعد للانتظار.
إذا اضطر لذلك!لم يكن غابرييل صبورا بطبعه, إلا أنه تعلم أن الصبر مفتاح النجاح.
شعر غابرييل أن ريانون تحاول تأجيل الموضوع إلى أجل بعيد. لكنها سألت وهي تلهو بصحن السلطة:" ما مساحة الحائط؟".
-ثلاثة أمتار ضرب خمسة تقريبا.
اتسعت عيناها:
-أهو حائط كبير إلى هذا الحد؟.
لاحظ نظرة الاهتمام في عينيها وتابع:" إنه صعب, فهو ليس أملس كما أنه نصف دائري. يمكنني أن أريك إياه بعد الغداء إن شئت".
تناولت حب زيتون أخرى, وراحت تحدق إليها كما لو أنها كرة من الكريستال, فقالت:" حسنا, سألقي نظرة عليه".
قادها غابرييل إلى مبنى آنجل إير, ولاحظت أن مكاتب الشركة تقع في الطابق الثالث, في حين تشغل غيرها من الشركات الطوابق الأخرى من المبنى.
-من هنا.
وأشار غابرييل إلى السلالم حيث يظهر حائط نصف دائري من الاسمنت.
-يقع المصعد الرئيسي وراءه والجهة الثانية زجاجية.
تذكرت هذا الحائط بشكل غامض إذ زارت المبنى من قبل, إنه تحفة هندسية.
سأل غابرييل:" هل يسعك صنع لوحة موزاييك تتناسب وهذا الحائط؟".
حذرته ريانون وقد بان عليها بعض الحماس:
-هذا العمل تحد على صعيدي التصميم والتنفيذ, وعلى الصعيد المالي أيضا.
-ما من مشكلة!.
سألت وهي تصعد السلالم:
-أظنك تفضل الحصول على تصميم متعلق بشركتك, لأنكم تملكون المبنى.
اقتربت من الحائط, ورفعت نظرها إلى الأعلى لتكون فكرة واضحة عن مدى ارتفاعه, ثم مررت يدها عليه تتحسسه.
نظر غابرييل إلى يدها, ثم حدق إلى وجهها كالمسحور.
-هذه فكرة جيدة, و لكنني لا أريد أن تكون اللوحة عبارة عن شعار الشركة.
ابتسمت ريانون:" أرحتني بقولك هذا!"
-ألا يعجبك شعار شركتنا؟.
-لم أقصد هذا, كل ما في الأمر أنني لا أريد تكرار تصميم شخص آخر أو نسخه.
-كنت أفكر في شيء أكثر تفردا وإبداعا.
-سيحتاج هذا إلى بعض الوقت, كما أنني لا أستطيع تخصيص وقتي كله لإتمام العمل.
-قلت لك إنني مستعد للانتظار حتى تتفرغي.
ظهر العزم في عينيه, فجعلتها نظرته الثاقبة تتنفس بشكل غير طبيعي. وخيل إليها أنها تقف على حافة هاوية وليس على أرض متينة صلبة. حصرت تفكيرها بالعمل كي تسيطر قليلا على نفسها, ثم قالت بعد أن استعادت رباطة جأشها:
-علي أن أعمل على هذا المشروع بعد ساعات الدوام الرسمي.
-سيكون هذا أفضل, كما أن أفكارك لن تتشتت بسبب المارة والعاملين في المبنى.
-كما سأحتاج إلى سقالة, لكنها ستحتل بعض المكان.
-حسنا!
نظر إلى الحائط وتابع:
-نستطيع تدبر هذا الأمر. سأتحدث إلى العمال الذين وضعوا السقالة في المبنى المجاور حين بدأوا بهدمه, لعلهم يهتمون بعمل صغير.
-ما اسم الشركة التي تقوم بهدم المبنى؟ أود التحدث إليهم والحصول على إذن باستعمال البلاط المكسور.
دون لها اسم الشركة ثم سألها مشيرا إلى الحائط:" إذا, ما رأيك؟".
ما من سبب منطقي يدفعها إلى رفض اقتراحه, فهذا عمل مريح, وغابرييل مستعد لدفع مبلغ كبير من المال. كما أن فكرة العمل مثيرة للاهتمام, وعرض عملها في مكان يزوره مئات الأشخاص يوميا ليس بفكرة سيئة, إذ ستصبح معروفة, وقد تستقطب بهذه الطريقة زبائنا جددا. وفي حال جنت مالا كافيا من عملها الفني, فقد توظف موظفين جددا في صالة العرض وتخصص المزيد من الوقت لفنها.
حسمت الأمر قائلة:
-إن كنت واثقا من رغبتك في تسليمي هذا العمل, فأنا مستعدة لقبوله.
ابتسم كما لو أنها تسليه:" أنا واثق من أنني أريدك يا ريانون".
بدا صوته منخفضا, فأثار فيها شعورا غريبا بالشك, والاستغراب والدهشة والمرح.
حاولت السيطرة على نفسها:" ألديك أفكار محددة؟"
عض على شفته السفلى, ورفع أحد حاجبيه, ثم قال:
-أتعنين بخصوص التصميم؟ لك الحرية المطلقة, ولكنني سأكون ممتنا لك إذا استشرتني.
-طبعا. سأضع بعض الرسومات الأولية, وأحدد التكاليف, والمهلة التي أحتاج إليها لإتمام العمل.
-سأترقب هذا بفارغ الصبر.
رماها بابتسامة ودودة, ساحرة, فانقطعت أنفاسها لبرهة.
وضعت يدها على الحائط الأملس لتحافظ على توازنها, وهبطت السلالم على مهل, وهي تنظر إلى رجليها.
وقف غابرييل بجانبها, وهو يضع يديه في جيبيه من دون توتر:
-لابد أن القدر جمعنا, الثنائي المثالي!
أوشكت أن تتعثر, فاستدار بسرعة نحوها, ومد يده ليمسك بها. وقف أمامها, وتقابلت أعينهما.
-أنت وحائطي! هل أنت بخير؟.
-نعم!.
لكن قلبها كان يقفز من مكانه.
لم يبتعد بسرعة عنها.
-أنت بأمان معي!.
ابتلعت ريانون ريقها:" لم أكن سأقع!".
ابتسم ابتسامة ساحرة صغيرة:" لا أمانع, كما أنني هنا مستعد للإمساك بك".
-لا أحتاج لأن يمسكني أحد.
بدا صوتها وكأن شيئا ما يخنقها.
-ولا تريدين أن يمسكك أحد.
تحدث غابرييل ببطء وهو يتأمل وجهها.
هزت ريانون رأسها, وهي عاجزة عن الكلام, فق غمرتها أحاسيس جديدة, شيء من الحماسة ممزوج بالخوف وبشعور آخر, غريب تماما عنها.
أحست بدفء في رجليها يضعفهما, دفء يرتفع إلى خديها ويجعل حلقها جافا رطبت شفتيها فتسمرت عينا غابرييل عليها. وازدادت نبضات قلبها سرعة فخالة أنها ستختنق.
قال بصوت يرتجف:" يستحسن بنا أن نخرج من هنا!".

جين أوستين
20-04-2009, 00:41
مشى أمامها, فأسرعت الخطى وراءه متجاهلة اليد التي مدها لها حين وصلت إلى آخر السلم.
لم يعلق على الأمر, إلا أن الانزعاج ظهر في عينيه, لم تتجرأ ريانون على التكلم إلى أن خرجا من المبنى مستخدمين بابا جانبيا متخصصا للموظفين.
قال وهو يطفئ جهاز الإنذار:" هذه طريق مختصرة إلى صالة العرض خاصتك".
-لا بد أنك تريد إحضار لوحة الموزاييك من صالة العرض؟.
عندما وصلا, فتحت قفل الباب ووقفت تنظر إليه يحمل لوحة الموزاييك.
قال:" سأعلمك بما يستجد عندما يتسنى لي الوقت لدراسة المشروع الذي عرضته علي".
-ألن تغادري الآن؟
-لدي بعض الأعمال التي علي انجازها هنا.
كانت لا تزال تجهز الغرفة الخلفية لكي تتمكن من تنفيذ أعمالها الفنية فيها.
-أراك لاحقا إذا!.
ابتسم غابرييل ووقفت تراقبه يغادر.
مرت ثواني طويلة قبل أن تتمكن من التوجه إلى الغرفة الخلفية لصالة العرض.
في الأيام القليلة التالية, أوشكت ريانون على الاتصال بغابرييل مرات عدة لتخبره بأنها عاجزة عن تسلم المشروع الذي عرضه عليها.
كانت تشعر بالضعف وهي معه, ولقد أيقنت أنها لن تستطيع الحفاظ على الجدار الواقي الذي بنته حول نفسها طالما أنها بقربه.
إنه الرجل الأول الذي يهدد أمنها.
لم تكن تعلم كيف تتعامل مع بريق عينيه, وبسمته عندما يبدي ملاحظة تحمل معنيين, ويتظاهر بأنه لم ينتبه لارتباكها.
ففي تلك الليلة, عندما رافقها إلى سيارتها بعدما تناولا القهوة والحلوى, و أحنى رأسه باتجاهها, عرفت أنه سيعانقها. وقفت مبهورة, ولم تبد أي تجاوب معه, ولم تشجعه, فعاد ولامس وجنتها بخفة.
وبعد مرور ساعات على فراقهما, خيل إليها أنها لا تزال تشعر بدفء أصابعه على خدها.
إنه انجذاب جسدي, هذا ما قالته لنفسها صباح الثلاثاء, وهي تنحني على أرض مشغلها لتوضب آنية زجاجية داخل علبة. إنه انجذاب جسدي ليس إلا, وهو شعور طبيعي, طبيعي للغاية!
جلست على الأرض مذهولة, متفاجئة من التحليل الذي توصلت إليه ومضت دقائق عدة عليها وهي جالسة على الأرض عاجزة عن الوقوف لشدة ذهولها.
بعد أن أقفلت العلبة, تناولت ملصقا لشركة النقل الجوي, وتلمست الجناحين, شعار الشركة, ثم وضعت الملصق على العلبة بكثير من التأني.
غابرييل, هذا اسم ملاك. لكن غابرييل هادسون رجل, رجل بكل ما للكلمة من معنى.
أدركت ريانون هذا منذ أول لقاء لهما. كان رد فعلها إنذارا لها, لكن عندما اهتم بها بعد أن وقعت, تحول شعور الإنذار إلى مشاعر أخرى لم تعرف لها مثيلا قط, مشاعر غريبة عنها إلى حد أنها لم تعرفها ولم تتمكن من تحديدها.
شعرت بانجذاب نحو غابرييل. لم يكن انجذابا عاطفيا رومانسيا أو افتتانا بحسن معاملته بل انجذابا جسديا أيضا.
أما هو فأظهر لها اهتمامه بوضوح.
تذكرت أنها شعرت بالصدمة عندما قال لها إنه سأل عنها, وبضرورة توخي الحذر. تناولت القلم, إلا أنها انتظرت قليلا ريثما تتوقف يدها عن الارتجاف, ثم عادت ودونت العنوان على ملصق شركة آنجل إير.
كانت مخطئة في تحليل السبب الذي دفعه إلى التحري عنها, فقد أراد غابرييل معرفة ما إذا كانت جديرة بإنجاز عمل فني على حائط مبناه. هذا أمر طبيعي للغاية, ومشروع أيضا. فهي لا تستطيع المضي قدما في حياتها, وهي تشكك في دوافع كل رجل يعترض طريقها.
الخوف سجن. لعل ما يجري معها الآن هو فرصتها للخروج من هذا السجن. فنساء كثيرات في سنها عرفن عددا من الرجال ومن العلاقات العاطفية. وانزلق القلم من يدها. العلاقات العاطفية؟
أحكمت الإمساك بالقلم, و أخذت نفسا عميقا, ثم تابعت تدوين العنوان بإتقان إلى أن سمعت جرس المحل يقرع مشيرا إلى دخول زبون, ثم سمعت صوت بيري يعرض المساعدة.
لم يقل لها غابرييل إنه يريد أن يصبح صديقها. أكانت تفسر ابتسامته الدافئة ونظراته الودودة على هواها؟ أتراها تمنح لتصرفه اللائق أبعادا خيالية؟.
هذا تغيير جذري. وضحكت ضحكة متوترة, فعلى أي حال, لا بد أن غابرييل هادسون يصادف نساء رائعات الجمال. وبالرغم من معرفتها أنها جميلة القد والوجه, إلا أنها لا تعير اهتماما كبيرا لمسألة الإيقاع برجل.
تمتمت:" انتظري على الأقل حتى يطلب منك أن تصبحي صديقته".
ضجت الأفكار في رأسها, وشعرت بنوبة من الخوف تجتاحها. ما زال بإمكانها أن ترفض.
وقفت على مهل, فهي لا تزال تشعر بالقليل من الدوار. النساء الحقيقيات, النساء اللواتي يتحكمن بحياتهن تماما كما تريد أن تفعل, لا يهربن عندما تسنح لهن فرصة جديدة.
لقد أثبتت جدارتها عندما خاضت مجال الأعمال. أثبتت لنفسها عندما استأجرت صالة العرض الجديدة أنها قادرة على العمل وخوض التجارب الجديدة. فأيقنت بأن عليها تطبيق هذا على حياتها الشخصية تماما كما طبقته في حياتها العملية.
كانت صالة العرض مكتظة بالزبائن تلك الليلة. وحين خف الضغط, سمحت لبيري بالمغادرة باكرا, كما تفعل دوما عندما لا يتمكن من أخذ فرصة للغداء.
بعد الساعة الخامسة, دخل زبون واحد إلى صالة العرض وغادر من دون أن يشتري شيئا. نظرت ريانون إلى ساعتها. إنها السادسة إلا عشر دقائق, وما من ضير في الإقفال قبل بضع دقائق من الموعد وفيما أوشكت على إغلاق الباب, وجدت غابرييل أمامها.
سأل بعد أن نظر إلى ساعته:" أتقفلين الآن؟".
توقفت ريانون:" أنا لا أصد زبونا أبدا".
-هل لي بالدخول إذا؟
تراجعت ريانون إلى الخلف وتركت الباب مفتوحا.
-وصلتنا مجموعة جديدة من الأواني الزجاجية صممها فنان من إيرلندا.
بالكاد نظر غابرييل إلى حيث تشير وقال:" في الواقع, أردت التحدث إليك".
ما اكتشفته هذا الصباح جعلها تخشى أن يعرف ما يدور في خلدها.
فسألت بسرعة:" أبخصوص العمل الذي أوكلتني به؟"
سألها بعد صمت دام ثوان:" هل تسنى لك أن تفكري في الموضوع؟"
-ليس بعد, إلا أن لدي بعض الأفكار الأولية.
طبعا لم تفكر في العمل, فكل ما يشغل تفكيرها هو غابرييل وحده.
-لا تدعيني أستعجلك.
-أنت لا تفعل.
-أنا أحاول ذلك.
جال بنظره في أنحاء صالة العرض كمن يبحث عن الإلهام, وأردف:
-هل بعت لوحة موزاييك أخرى؟ فالمكان الذي علقت فيه لوحة الموزاييك قد زين الآن بلوحة غريبة.
-كان اليوم يوما حافلا.
-ألهذا تقفلين باكرا, هل أنت متعبة؟.
-نعم, كما أود أن أزور والدي قبل أن أعود إلى المنزل.
-لن أؤخرك إذا.
-أرغب في التحدث إليك, أريد معرفة رأيك في اللوحة قبل أن أسترسل في أفكاري. لذا هلا انتظرت لحظة.
توجهت إلى الغرفة الخلقية, وعادت وهي تحمل في يدها ورقة, وضعتها على المنضدة بينهما.
-وجدت هذه على الانترنت. إنها صورة للملاك جبرائيل مأخوذة من أيقونة روسية.
رماها بنظرة تساؤل قبل أن يتأمل الصورة:
-قلت إنك لا تحبين النقل عن الآخرين.
-لن أنقل شيئا, بل أريد استخدام الألوان وبعض عناصر هذه الصورة كنقطة انطلاق فحسب.
برز الملاك في الصورة أمام خلفية زرقاء ترمز إلى السماء, وضمن إطار أزرق وقرمزي. كان ثوبه الطويل أخضر داكنا, وقد طرز الكمان باللون الذهبي الفاتح.
نظر غابرييل إليها:" الألوان رائعة, مناسبة ولكن غنية".
-يسرني أنها أعجبتك.
ابتسم لها ولمعت عيناه ببريق أخاذ.
-نعم يعجبني ما أرى ريانون, يعجبني كثيرا.
أخفضت ريانون نظرها وتناولت الرسم.
-إذا, سأبدأ العمل مستعينة بهذا الرسم, ولكن علي أن آخذ المقاييس بدقة قبل أن أمضي قدما في عملي.
-طبعا, متى تريدين أخذ المقاييس؟..
-لا يهم, في أي وقت بعد الدوام, وعلي إحضار سلم أيضا.
-سأتكفل بالأمر, أتحتاجين إلى أي شيء آخر؟.
-لا, سأحضر شريط القياس معي.
-غدا, أم الوقت مبكر جدا؟.
-لا, الوقت ليس مبكرا. لا يسعني العمل هنا, ولكن قد أعرض عليك بعض الرسوم الأولية عندما لا تكون منشغلا.
-سأنتظرك بعد السادسة إذا.
**********
لاقاها غابرييل كما اتفقا أمام الباب الجانبي, فدخلا إلى الردهة سويا وصعدا السلالم الأساسية.
كان أحدهم قد وضع سلما على الحائط. وحين وصلا إليه, قال:
-أأستطيع مساعدتك؟
كانت ريانون قد بدلت ملابسها قبل الخروج من صالة العرض, فارتدت سروالا من الجينز, إذ لم تحب فكرة صعود السلم وهي ترتدي تنورة.

جين أوستين
20-04-2009, 00:43
-هلا أمسكت شريط القياس عند طرفه.
حين انتهيا, انحنى غابرييل إلى جانب السلم فيما كانت ريانون تدون القياس الأخير. نظرت مطرقة إلى الحائط وهي تضع قلمها بين أسنانها, فسأل:
-أمن مشكلة؟
-أنا أحسب درجة المنحنى, علي أن أحضر نموذجا كي أرى ما الذي يظهر في مختلف الزوايا.
-هل ستفيدك التصميمات الأساسية للمبنى؟ إنها في مكتبي.
-أحقا؟.
-أظن أنه كان علي التفكير في هذا سابقا, فكل القياسات مدونة عليها.
-كنت سأدقق فيها بنفسي, فالتصاميم تتغير عند البناء, لكنني أرغب برؤيتها على أي حال.
-تعالي إذا.
سألته:" الآن؟".
مال غابرييل برأسه قليلا واقترح بلطف, وقد امتلأت عيناه بتساؤلات عن ترددها:" ما من وقت أفضل من اللحظة الحاضرة".
تسمرت ريانون في مكانها وقالت في نفسها إن البقاء معه في مكتبه لا يختلف البتة عن تواجدها معه هنا في هذه الردهة الفسيحة. وقد تصرف معها منذ وصلت بطريقة مهنية صرف, وهي لا تملك سببا يبرر رفضها الذهاب معه.
سمع دوي قوي وترافق الصوت مع اهتزاز تحت أقدامهما جعلهما يستديران ناحية الصوت. يبدو أن الفريق العامل على هدم المبنى المجاور يعمل حتى ساعة متأخرة.
أكد لها غابرييل وهما يصعدان السلالم:" هذا المبنى مضاد للهزات الأرضية, ولن تؤثر فيه بعض أعمال الهدم. هل حصلت على أي بلاط منهم؟".
-اتصلت بالمدير, لا يريد أن يقترب أحد من موقع البناء إلا أنهم أعطوني بضع قطع انتشلوها من بين الأنقاض.
بعد أن مرا في صالة استقبال فسيحة, أرشدها غابرييل إلى مكتبه, فإذا به غرفة كبيرة مزينة باللونين البني و البيج مع بعض لمسات من اللون الذهبي القاتم, يتوسطها مكتب عليه كومبيوتر محمول فوق رزمة من الأوراق .
تذكرت مكتبها, وصالة عملها, والمخزن الذي بدا فسيحا للغاية عندما استأجرت المكان الجديد.
سأل غابرييل:" أثمة ما يضحكك؟".
لم تدرك أن ابتسامتها بادية على وجهها.
-كنت أتأمل مكتبك ليس إلا.
-يعجبني, إنه عملي ومنظم.
نعم وأنيق للغاية أيضا. مشيا فوق سجادة سميكة, واتجها إلى أريكتين مريحتين وضعتا بشكل زاويتين وتتوسطهما طاولة مربعة.
وعوضا عن الجلوس كما طلب منها, جالت بنظرها في أرجاء المكان.
-لابد أنك اخترت مصمم ديكور ممتازا.
-لا أوظف أشخاصا لا يتقنون عملهم.
-أعلي أن أشعر بالفخر؟.
ابتسم غابرييل:
-ما من فخر في اختيار الأفضل لأداء العمل بالطريقة الفضلى.
-آمل ألا أخيب ظنك!.
-أنا على ثقة بأنك لن تخيبي أملي يا ريانون.
نظر إليها نظرة سريعة وسأل:
-أترغبين ببعض القهوة؟
-شكرا لك.
واتجه نحو الآلة لتحضير القهوة موضوعة جانبا في المكتب.
نظرت إلى الحائط فرأت عددا من تصاميم المبنى موضوعة في إطارات. بالإضافة إلى صور ومجموعات من الناس. وفي الممر المواجه للمكتب, رأت لوحة الموزاييك التي اشتراها غابرييل منها.
-ظننتك ستعلق هذه اللوحة في منزلك.
استدار غابرييل نحوها وقال:" أقضي معظم ساعات اليوم هنا".
تناول مجموعة من تصاميم البناء وسواها قبل أن يضعها على الطاولة.
-ستساعدك واحدة من تصاميم البناء هذه حتما.
بعد أن جلست, عاد بكوبين ساخنين من القهوة, وجلس قبالتها على الكنبة الأخرى ينظر إليها بطرف عينه.
ارتشفت ريانون القليل من القهوة وانحنت إلى الأمام لدراسة تصاميم البناء.
ساعدها لتقارن التصميم بالقياسات التي أخذتها, ثم لفا التصاميم. وسأل:
-هل تشعرين بالانزعاج إذا شاهدتك تعملين أحيانا؟ أرغب بمتابعة تقدم العمل عن كثب.
سيزعجها هذا الأمر, لكن عدم رؤيته لأيام لم يمنعها من التفكير فيه بحثا عن الراحة أحيانا. لعل الألفة تولد الرضى, أو شيئا آخر!
كذبت:
-لا, لن يزعجني هذا, فأنت من يدفع ثمن هذا العمل.
لذا لا تستطيع رفض طلبه!!!.
وخطر لها أنه سيسأم بسرعة, فالأمر أشبه بانتظار الطلاء إلى أن يجف.
تناول ممحاة وراح يمررها على الأوراق الملفوفة.
-ألديك فكرة تقريبية عن التكاليف؟.
-بعد أن أخذت القياسات الصحيحة, قد أمكن من وضع كشف حساب لكن الكلفة لن تكون بخسة. كما قد أحتاج إلى شراء بلاط جديد للحصول على الألوان التي أريد عوضا عن الاتكال على ما أجده من بلاط مستعمل.
-لا تهمني الأمور الرخيصة الثمن.
تراجع إلى الخلف وتابع: " لطالما دفعت ما يلزم لأحصل على ما أريد".
بدا مسترخيا. وقد وضع يدا على الكنبة والأخرى بجانبه, إلا أن بريقا ظهر في عينيه, فراح قلبها ينبض بسرعة وقالت:" فلنفرض أنني رفعت السعر؟".
ضاقت عيناه وقطب جبينه:" أنا لست غبيا يا ريانون, كما أنك لن تخدعيني".
لقد استعلم عن خبرتها العلمية. فهل تحقق من أخلاقها أيضا؟ أو لعله يوجه لها إنذارا! ومن دون أن تفكر في الموضوع أكثر, سألته:" هل تثق بي؟".
مرت لحظات قبل أن يجيب:" نعم, وأنت هل تثقين بي؟".
رفت عينا ريانون وارتشفت القليل من القهوة لإخفاء ارتباكها, ثم قالت:" أثق بأنك ستدفع لي أتعابي, فشركة آنجل إير تتمتع بسمعة طيبة".
راقبت حركة شفتيه, فلم تر أي ابتسامة. وبدت عيناه باردتين.
-هذا ليس ما عنيته, بل قصدت على الصعيد الشخصي.
فاجأها كلامه, لا بل صعقها. حاولت جاهدة التوصل إلى جواب, لكنها لم ما تقول سوى:" هل من صعيد شخصي بيننا؟".
-أود لو يكون, ظننتك تعرفين.
نظرت إليه محدقة, وقد تأثرت بتعابير وجهه وبرغبته باستفزازها للتطرق إلى الموضوع. فتح فمه قليلا, وارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة, لا بل دعوة.
ارتعبت, وسألت بعد أن رفعت ذقنها إلى الأعلى:
-أتعني أن عرض العمل مرتبط بالاتفاق بيننا؟
مرت لحظات لم يتفاعل فيها مع كلامها, ثم ضاق فمه واستحالت بشرته شاحبة, ووقف بسرعة فخافت وتراجعت إلى الوراء لكن وبدلا من التوجه نحوها, خطا بضع خطوات بعيدا, ثم استدار نحو مكتبه وهو يضع يديه في جيبيه.
-لم أعتد ابتزاز النساء.
بالرغم من حفاظه على رباطة جأشه, ظهر عليه الغضب وتابع:
-سبق أن اتخذت قراري فيما يختص بالموزاييك وأنوي الالتزام به طالما لا تطالبيني بسعر خيالي.
رماها بنظرة حادة, كما لو أنه يتحداها لاستخدام الكلفة كذريعة للابتعاد عنه, وأردف:" إن شئت يمكننا أن نوقع عقدا".
اتجه إلى الجهة المقابلة من المكتب, وفتح درجا وتناول منه ورقة وقلما.
وضعت ريانون كوب القهوة جانبا ووقفت.
-هذا ليس ضروريا, قلت لك إني سأقدم لك كشف حساب أولا.
للحظة لم يتحرك, وبقي مسمرا على الأوراق الموضوعة أمامه ثم نظر إلى الأعلى وقال:" كما تشائين!"
تلاقت أعينهما, فابتعدت عن طاولة القهوة وراحت تمشي في أنحاء المكتب.
-أعتذر.
بعد لحظات, لانت ملامحه ورقت:" اعتذارك مقبول, ما كان علي أن أفاجئك هكذا. فأنا لا أتصرف بهذه الطريقة عادة. إنني أخرق جدا".
-لست بأخرق.
إنه ليس أخرق بل رجل ذكي كما أدركت أنه يفوقها خبرة بأشواط في مجال الحياة العاطفية.
رفع أحد حاجبيه:
-شكرا لك, سأحاول أن أتذكر هذا في المستقبل. اسمعي ريانون, أحب التواجد برفقتك أكثر, والتعرف إليك, ولكن إن كان شعورك مغايرا.
تستطيع أن تصده وسيتركها وشأنها... أليس كذلك؟.
يا للدهشة! إذ أثارت فكرة خروجه من حياتها انقباضا في معدتها. ففي أعماقها, كانت تعلم أنها برفضها ستفوت على نفسها فرصة لا تعوض.
تدخل غابرييل بعد أن طال الصمت:
-إن كنت تعتبرينني شخصا بغيضا, فالوقت ملائم الآن لقول هذا.
ابتسمت ريانون بجرأة أكبر
-أنا لا أعتبرك شخصا بغيضا.
استرخت تعابير وجهه:
-أحقا؟.
استدار حول المكتب ووقف أمامه, ثم استند إليه, وكتف يديه وسأل:
-إذا, ما المشكلة يا ريانون؟.
نظرت إلى أحد التصاميم المعلقة على الحائط.
-أنا لست ناجحة في العلاقات العاطفية.
-هل مررت بتجربة سيئة؟ أكثر من تجربة سيئة؟.
أجبرت نفسها على النظر إليه, من باب اللياقة وحسب:

جين أوستين
20-04-2009, 00:45
-أنا . . . لست مهتمة كثيرا بالرجال.
نظر غابرييل إليها والشك يملأ عينيه: " أنت شابة جميلة, لا بد أن رجالا كثر دخلوا حياتك. . . أو على الأقل حاولوا أن يكونوا جزءا من حياتك".
هزت ريانون كتفيها.
-كنت أؤسس عملا. لم يتسنى لي الوقت للقيام بأي شيء آخر.
قطب من جديد.
-إذا, هل أنت مهتمة بي؟.
حان وقت الحقيقة. شعرت ريانون بوجهها يشحب, وبوجنتيها تبردان. أحست بدوار, وأيقنت أن هذا الشعور ينتابها كلما تواجدت بقرب غابرييل هادسون. وأخيرا اعترفت:" أنت... تعجبني".
-أعجبك؟.
رفع حاجبيه ثم ضحك.
لابد أنها بدت ساذجة للغاية, لكنه لا يعلم مدى صعوبة هذا الأمر عليها. رفعت ذقنها, وحدقت إليه متحدية. فتوقف عن الضحك وتسمرت عيناه على وجهها, ثم مد يده نحوها ودعاها:
-اقتربي قليلا!.
ابتلعت ريانون ريقها بصعوبة, واتسعت عيناها, وارتجفت شفتاها. كان يطلب منها أن تقوم بالخطوة الأولى. وبعد لحظة تردد, خطت الخطوة الأولى ببطء, وحذر, كما لو أنها تسير على حافة واد سحيق حيث ستودي أي زلة, مهما كانت صغيرة, بحياتها.
بعد أن خطت خطوتين, مدت يدها ولمست يده, فأطبقت أصابعه القوية على يدها. وعوضا عن الشعور بالخوف, غمرها إحساس بالأمان والدفء, شعور جعلها تهتز من الداخل.
توقعت أن يضمها بين ذراعيه, ولكنه فاجأها من جديد, حيث رفع يدها ببطء, وأحنى رأسه ليطبع قبلة ناعمة عليها.
اجتاحتها موجة من الدفء وشعرت برعشة قوية. رفع غابرييل رأسه, ونظر إليها فتسارعت نبضات قلبها. أمسك بيدها الثانية, وشدها نحوه بهدوء إلى أن التصقت به. شعرت يدفئه وحرارة جسمه. حاولت التنفس بهدوء, لكنها عجزت عن ذلك, ولم تتجرأ على النظر إليه, بل سمرت نظرها على الستائر خلفه.
-ريانون؟.
شعرت بأن عينيها ستغمضان, إلا أنها أرغمت نفسها على النظر إليه. نظرت إليه عن كثب إلى حد أنها رأت انعكاسها في بؤبؤي عينيه.
قال مجددا:" ريانون؟ أتريدين أن أعانقك؟".
تلاشى الحذر, وباتت الآن هادئة, واثقة بشكل غريب.
وضعت رأسها قرب قلبه وهمست:" نعم".

☺☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 00:47
3- حررني أرجوك

لم تتوقع ريانون ما جرى. وقف غابرييل مسمرا في مكانه لفترة طويلة فخيل إلى ريانون بأن الزمن توقف. وقف من دون حراك يحاول التأكد من أنها قصدت ما قالته.
لم يعانقها بقوة كما توقعت, بل شبك أصابعه بأصابعها, وعانقها للحظة ثم ابتعد قليلا إلى الوراء. تسنى لها بعض الوقت لتشعر بخيبة أمل, إلا أنه سرعان ما ضمها إليه. ضمها إلى صدره بقوة وحنان وغابا في عالم من الأحلام والأماني.
لم تظن يوما أن عناقا واحدا من رجل قد يكون مليئا بالحنان والرقة. بدا وكأنه خال من أي أنانية فجل ما يريده هو منحها الحنان من دون مطالبتها بشيء.
بدت وكأنها... بدت وكأنها لم تعانق رجلا من قبل!
حين رفع رأسه مجددا ونظر إليها بغموض, لم تستطع مبادلته النظر لشعورها بالدوار. لامس خدها واقترح مازحا: " تستطيعين مبادلتي العناق؟!".
شعرت ريانون بالخجل واحمرت وجنتاها. لإخفاء خجلها أبعدت رأسها واستدارت مفلتة يدها من يده, ومسوية شعرها.
تمتمت:" علي أن أغادر".
حين تحرك تراجعت إلى الخلف, إلا أنه اتجه نحو الأريكة لإحضار حقيبة يدها. أعطاها الحقيبة ورماها بنظرة غامضة:" أرى أنك منشغلة هذا المساء".
-وعدت زميلتي في السكن بمرافقتها للتسوق.
-تعيشين مع زميلة في السكن؟ أهي فنانة مثلك؟
-جانيت ممرضة.
-ممرضة إذا!
رافقها إلى خارج المبنى, ثم إلى سيارتها. وقبل أن يغلق باب سيارتها وراءها قال:
-أنا مسافر إلى أستراليا غدا لزيارة مكتبنا في سيدني, لكنني سأتصل بك بعد عودتي.
ستتمكن من أن ترتاح ومن أن تفكر, إلا أنها شعرت بنوع من خيبة الأمل.
لم تصدق ماذا جرة منذ بضع دقائق.
ظلت طيلة رحلة العودة تفكر بعناقه, وتسترجعه بكل حذافيره, وقد شعرت بفرح كبير وهدوء إلى أن أيقظها سائق دراجة نارية من أحلام اليقظة ليخبرها بأن ضوء الإشارة استحال أخضر وأن عليها الانطلاق.
اتصل بها غابرييل في نهاية الأسبوع التالي وقال:" عدت مساء أمس, وقد سلمتني سكرتيرتي بطاقتي دعوة لحضور عرض الرقص الأفريقي الليلة. فهل تودين مرافقتي إن كنت غير مرتبطة؟".
-الليلة؟
-أعلم أنني أدعوك في اللحظة الأخيرة, إن كنت مشغولة...
-لا... أعني نغم, شكرا لك.
-هل أمر لاصطحابك من منزلك؟.
-لا, لاقني إلى هنا. في أي ساعة؟.
-هل تناسبك الساعة السابعة والربع؟ نستطيع عندئذ تناول وجبة سريعة قبل العرض, ثم الخروج لتناول العشاء بعد انتهاء العرض.
وفيما كانت تضع سماعة الهاتف, سألها بيري بفضول:" أتخرجين في موعد؟".
-لحضور عرض الرقص الإفريقي.
-يقال إنه عرض جميل, وحسبما سمعت, يصعب الحصول على بطاقات بسهولة.
-حصل غابرييل على بطاقتي دعوة.
رفع بيري حاجبيه:" غابرييل هادسون؟ ماذا سترتدين؟".
نظرت إلى تنورتها الضيقة وقميصها الأخضر.
-لا أملك الوقت الكافي لأذهب إلى المنزل وأبدل ملابسي.
نظر إليها بيري رافضا ما تقوله.
-يا عزيزتي, عليك أن ترتدي شيئا مميزا إن كنت ستخرجين مع غابرييل هادسون. لما لا تذهبين للتسوق في فرصة الغداء وتجدين لنفسك ثوبا خلابا؟ اسمعي, لما لا نذهب سويا إلى السوق, فإن تركتك تذهبين بمفردك, ستشترين حتما ثوبا تقليديا لن يلائمك.
كانت ريانون تعلم أن ثيابها تقليدية فهي لم تشأ أن تسترعي الانتباه.
-لا, لا أستطيع أن أفعل.
-هيا يا راي, ثمة العشرات من المحال التجارية على مقربة من هنا, وأنا واثق من أننا سنجد لك ثوبا ملائما. كما أننا لن نفقد عددا كبيرا من الزبائن إن أقفلنا لنصف ساعة.
وافقت بعد جهد جهيد, فهي لا تحبذ فكرة التسوق بمفردها. استمتع بيري بوقته وهو يرفض كل ثوب تقليدي, و أخيرا وافق على فستان أزرق قصير قال إنه يبرز لون عينيها بروعة وسترة من الساتان زرقاء اللون, كما اشترت حذاء عالي الكعبين.
-تبدين رائعة.
قال لها بيري هذا لاحقا حين أقفلت صالة العرض, وأخذت حماما سريعا في حمام المكتب, وارتدت ثيابها, ثم وضعت القليل من الزينة التي اشترتها تحت إشراف بيري.
بقي بيري معها بعد أن أقفلت الصالة وراح يتأمل ما صممه. بدا وكأنه بقي لئلا تغير رأيها وتخلع هذه الملابس لتعود وترتدي ثيابها التقليدية.
قالت ريانون:" أشعر و كأنني سندريلا, أنا لا أبدو على طبيعتي".
-تبدين جذابة جدا, لطالما أخفيت أنوثتك وقد حان الوقت لإظهارها من جديد.
وقف خلفها وسوى بضع خصلات من شعرها. وبعد قليل, سمع أحدهم يدق الباب فعرف أنه غابرييل, سألها وهو يتراجع إلى الخلف:" هل أدعه يدخل؟".
-نعم, شكرا.
انهمكت في إحضار حقيبة اليد المصنوعة من الساتان التي أصر بيري على شرائها, إلى حد أنها لم تلحظ النظرة التي وجهها غابرييل إلى بيري عندما دخل صالة العرض.
عندما استدارت, قال لها بيري:" سأتركك الآن, استمتعي بوقتك".
لاحظت ريانون النظرة التي ظهرت في عيني غابرييل عندما رآها, نظرة ملؤها الاستحسان والسرور, وسأل:" هل أنت جاهزة؟".
أومأت وتساءلت إن كانت ستجهز يوما لملاقاة هذا الرجل. كان يرتدي بذلة رسمية, وقد بدا وسيما, وسيما للغاية.
سأل:" هل يدعوك عدد كبير من الناس باسم راي؟".
-بعض الأصدقاء المقربين فحسب, هل يناديك أحدهم غاب؟.
-عائلتي فقط, ولكن يمكنك أن تناديني غاب إن شئت.
-أنا لست فردا من عائلتك.
نظر إليها مفكرا للحظة ثم سأل:" هل أستدعي سيارة أجرة؟".
-لا, يمكننا السير إلى المسرح.
-وأنت تنتعلين حذائك هذا؟.
ونظر إلى حذائها الرسمي العالي الكعبين.
إنه محق في كلامه. فهي لم تعتد انتعال حذاء مماثل, وقد لاحظ هذا الأمر بسهولة. لعله خبير في الأمور النسائية, وقد ذكرها هذا بمدى افتقارها للخبرة مع الرجال.
-سأكون بخير.
أكدت له هذا وهي تتجه إلى الباب وتحضر المفتاح.
تمتم وهو يخرج من الباب:" لا تفهميني بشكل خاطئ, يعجبني حذاءك كثيرا".
-لقد تأنقت لـ... لهذه المناسبة.
أوشك أن يزل لسانها وتقول "لك"
لعله عرف ما يجول في خلدها, فقال:" استحق الأمر العناء, فأنت تبدين خلابة".
-وأنت أيضا تبدو رائعا.
حين وصلا إلى المسرح ودخلا الردهة سرت ريانون لأنها أخذت بنصيحة بيري. كان البعض يرتدي ثيابا غير رسمية إنما باهظة الثمن وأنيقة, فيما البعض الآخر متأنق حتى أنها رأت نساء يرتدين الحرير والجواهر أيضا.
عند دخولهما المسرح لفتت وغابرييل بعض الأنظار, فافترضت أن السبب في ذلك شهرته, أو سحره ووسامته. مشت إلى جانب هذا الرجل الطويل القامة الذي طوق كتفيها بذراعه بثقة واتجها إلى المطعم الصغير, حيث جلسا إلى طاولة وطلب غابرييل بعض العصير و المقبلات.
بعد انتهاء العرض, والموسيقى الصاخبة والرقص, شعرت أن رأسها مليء بشتى الصور الغريبة الملونة, من ملابس مزركشة, وأشخاص فرحين لا يرقصون على أنغام الموسيقى فحسب بل يعيشونها أيضا. خرجت من صالة المسرح وهي تشعر بأنها قضت ساعتين من الزمن في عالم آخر.
حيا أحدهم غابرييل, فقدمها إلى رجل وامرأة بالكاد سمعت اسمهما, ثم أصغت إلى حديث لم يدم إلا بضع دقائق, قادها غابرييل بعده إلى مطعم قريب من المسرح.
سوت ريانون كرسيها ووضعت حقيبة يدها على الطاولة. وحين رفعت نظرها إلى غابرييل, وجدته يحدق إليها متأملا, ثم قال:" بعض الرقصات كانت جريئة والملابس أيضا... ألم تنزعجي من هذا؟".
هزت ريانون رأسها:" طبعا لا, كان العرض رائعا".
-أظن أن الفنانين لا يتصرفون بحياء.
ووصل النادل, فسأل غابرييل ريانون ماذا تريد أن تشرب.
-عصير طماطم من فضلك, فهو يمنحني النشاط, إ سأقود إلى المنزل.
حين رحل النادل, قال غابرييل:" كنت آمل أن تدعيني أقلك إلى منزلك".
-سيارتي في المرآب, ولا أريد إبقاءها هناك.
ظهرت نظرة شك في عينيه, إلا أنها ما لبثت أن اختفت, فتحدثا عن العرض إلى أن حضر الطعام, ثم راحا يتحدثان عن مختلف أشكال الفنون.
حين غادرا المطعم, كان الشارع أكثر هدوءا بالرغم من وجود عدد لا بأس به من الناس والسيارات.
وفيما كانا يسيران على الرصيف, علق كعب حذائها بين بلاطتين وتعثرت. وحدها ردة فعل غابرييل السريعة أنقذتها من السقوط أرضا, فتمسكت بذراعه بسرعة.
بقيت نحو نصف دقيقة قريبة جدا منه إلى حد أنها استطاعت أن تشتم رائحة عطره الزكية. كانت راحة يدها على صدره الدافئ فشعرت بنبضات قلبه, إلا أنها سرعان ما أبعدت يدها.
خفف غابرييل من قبضته التي تمسك بها, إلا أنه لم يرخها تماما:" هل أنت بخير؟".
-نعم, شكرا لك.
كل شيء بخير, ما عدى قلبها, فهو ينبض بسرعة كبيرة.
-صحيح أن هذا الحذاء مثير للغاية لكنه خطر أيضا.
-مثير؟.
جاء رد فعلها عفويا ونظرت بسرعة إلى الحذاء.
-هذه الأزرار الصغيرة على جانبي الحذاء... مثيرة.

جين أوستين
20-04-2009, 00:53
مال برأسه قليلا, وقد ظهرت نظرة غريبة في عينيه, ثم سوى رأسه ونظر إليها معتذرا بصمت.
لم تشأ المضي قدما في الحديث, بل أرادت أن تنسى الحادث وتكمل الأمسية.
إلا أنها شعرت بنوع من التمرد ولم تشأ التراجع. فأخذت نفسا عميقا, ثم أرغمت نفسها على النظر مباشرة إلى عيني غابرييل, وقالت باستخفاف:
-أنت لست من أولئك المهووسين بالأرجل, أليس كذلك؟.
سرت لرؤية الدهشة في عينيه, ثم ضحك فشعرت بالدفء والطمأنينة مجددا.
-لا تقلقي, لست مهووسا بأي شيء, جل ما في أن حذاءك يعجبني.
وكشفت ابتسامته و تعابير وجهه عن مشاعره, مشاعر حركت في داخلها مزيجا من الخوف والارتياب, والفرح الحذر. إنها قادرة على الاستمرار في هذا, تماما كغيرها من النساء. كل النساء قادرات على الخروج لتناول العشاء وحضور عرض مسرحي مع رجل جذاب, وتبادل أطراف الحديث معه. جل ما تحتاجه هو بعض التمرين والخبرة.
وبدا غابرييل مستعدا لمساعدتها على اكتساب هذه الخبرة.
حين تابعا السير, بقيت يده حول كتفيها.
كانت قد ركنت سيارتها في الطابق الثاني, وحين رفضت استعمال المصعد رافقها من دون الإدلاء بأي تعليق.
فتح غابرييل باب سيارة ريانون فيما راح بعض الشبان يصرخون ويتفوهون بكلام بذيء موبخين رجلا يسير ببطء.
ارتعبت ريانون فأدخلها غابرييل بسرعة إلى مقعد السائق, ووقف بجانبها يحميها إلى أن مرت سيارة الشبان بقربهما وهي تنفث دخانها عليهما.
انحنى نحوها وأدار وجهها بيده يتأملها ثم أغلق الباب.
وفي صباح اليوم التالي, اتصل بها في صالة العرض:" هل أنت مشغولة الليلة؟".
-وعدت أن أساعد في تنظيم حفلة في المستشفى حيث يعيش والدي.
كان المرضى في المستشفى يحضرون لهذا الحدث منذ أسابيع. وبالرغم من أن ردات فعل والدها لا يمكن التنبؤ بها, إلا أنه يستمتع بالموسيقى.
-هل يمكننا تناول الغداء سوية بعد أن تنهي عملك في صالة العرض؟
أرادت القبول لكنها ترددت:" علي أن أعمل على لوحة الكنيسة في نهاية هذا الأسبوع إذا أردت تسليم العمل في الموعد المحدد".
قال بعد صمت قصير:" مرة أخرى إذا".
-نعم.
بدت مشتتة الأفكار, فقد كانت الصالة العرض تعج بالزبائن صباح هذا السبت,
-أهذا وعد؟ ستتصلين بي ما إن يستجد شيء بخصوص لوحتي؟.
-نعم, طبعا.
اتصلت به نهار الثلاثاء قائلة: " لدي بعض الرسومات الأولية التي يجب أن تراها عندما يناسبك".
قال بسرعة:" ماذا عن الليلة؟ يمكننا مناقشتها على العشاء, لا تنسي أنك وعدتني بالخروج معي".
-حسنا, سأنهي العمل حوالي السابعة".
-أتفضلين نوعا معينا من الطعام؟ طعام بحري؟ أو غريب كالطعام التايلندي أو طعام لبناني مثلا؟.
-أترك لك الخيار, فأنا أحب كافة أنواع الطعام.
-أنت امرأة يسهل إرضاءها.
قال هذا كما لو أنه استغرب الأمر.
اعترضت:" هذا ليس بالأمر النادر, لا أظنك ستواجه مشكلة في إرضائي".
لم تتفوه ريانون بسوى الحقيقة, وقد تكلمت بعفوية فصمت غابرييل للحظات ثم ضحك:" شكرا لك, سأبذل جهدي لإرضائك".
فكرت ريانون وهي تضع سماعة الهاتف, في ما إذا كان عليها تأجيل الموعد لتتمكن من تبديل ملابسها. كانت ترتدي فستانا أخضر طويلا بأزرار وياقة عالية, وتنتعل حذاء متوسط الكعبين.
إنه ثوب ملائم للعمل, لكنه غير مناسب أبدا للخروج لتناول العشاء.
غالبا ما كانت تخرج لتناول العشاء برفقة فتيات أخريات, وكانت الكلفة العنصر الأساسي في تحديد المطعم. أما اليوم, فهي لا تملك أدنى فكرة عن المكان الذي ينوي غابرييل اصطحابها إليه.
وصل بسيارة أجرة ولوح لها لتوافيه, قائلا:
-آمل أن تطيلي السهر الليلة, ولم أشأ أن تقودي بمفردك ليلا لذا جئت في سيارة أجرة.
حذرته:" أنا لا أرتدي ثيابا ملائمة للذهاب إلى مكان أنيق".
رمقها بنظرة سريعة:
-ثيابك ممتازة, تبدين خلابة.
وبالرغم من أنه جلس بعيدا عنها في السيارة, إلا أن رائحته الزكية داعبت أنفها, وأيقظت فيها شعورا غريبا, شعورا بالدفء والسلام والأمان.
سألها عن والدها فردت:" يبدو راضيا, كما أن العاملين في المستشفى يحسنون معاملته".
-أظن أن هذا الأمر يعزيك ولو قليلا.
-نعم.
تمنت لو تستطيع أن تفضي بسرها إلى والدها, أن تخبره عن غابرييل, وعن المشاعر المتناقضة التي يثيرها فيها, وأن تطلب النصح منه.
صحيح أنها تخبر والدها عن حياتها اليومية آملة أن تدخل بعض المعلومات إلى عقله المصاب, إلا أن ردوده غالبا ما تأتي غير متعلقة بالموضوع. أما إذا بدت مستاءة, فيستاء بدوره مما يزيد الطين بله.
قالت:" أحضرت معي بعض الرسومات الأولية, سأريك إياها ما إن نصل إلى المطعم".
كان المطعم الذي انتقاه يطل على المرفأ. جلسا إلى طاولة قرب النافذة, متأملين الناس يعبرون.
وفيما كانا ينتظران الطعام ارتشفت ريانون القليل من العصير, ثم أخرجت بعض الرسومات وقالت:" إنها مجرد رسومات, لم أعتمد أيا منها بعد".
رماها غابرييل بنظرة وابتسم, ثم تصفح الأوراق التي قدمتها له, وسأل:
-لم أسألك يوما كيف بدأت العمل في الموزاييك.
-ذات يوم, بعد أن استلمت العمل مكان جدتي أوقعت, صحنا جميلا جدا فتحطم تماما.
وتوقفت عن الكلام تتذكر ثم تابعت:" كنت أرتجف وأبكي بسبب الضرر الذي ألحقته بالصحن إلى أن دخلت سيدة إلى المحل وأنقذتني. عرضت علي هذه السيدة أن أستخدم هذه القطع في لوحة موزاييك, وتطوعت لتعليمي, وما إن بدأت بهذا الفن حتى علقت".
-تحويل شيء جميل إنما محطم إلى تحفة فنية.
بدا نظره ثاقبا, كما لو أنه يرى أكثر مما تنوي البوح به. قالت بسرعة:
-أنا لا أستعمل دائما قطعا مكسورة. أستطيع أن أعمل بواسطة بلاط مقطع كما يفعل فنانو الموزاييك التقليديون. لقد أخذت بعض الدروس في مدرسة الفنون وتعلمت تقنيات مختلفة وجربتها جميعها.
-وأي تقنية تفضلين؟.
-غالبا ما تتلاءم اللوحات التشكيلية مع مختلف الأشكال, إلا أن البلاط المقطع مسبقا ممتاز للدقة واللوحات ذات الطابع الرسمي.
رفع غابرييل حاجبه, ورد:" أظن الدقة والرسمية هما ما تحتاجينه".
هذه الكلمات لم تكن ما تريد سماعه, لذا أكدت له:" لوحة الموزاييك التي اخترتها لك ستكون ذات طابع مغامر وجريء, لتعكس شخصيتك".
مال برأسه, وقد ضاقت عيناه:" أيسهل حقا كشف شخصيتي؟".
فكرت مليا في السؤال ثم قالت:" لقد رسمت شركة الإعلان صورة معينة لشركة آنجل إير رسختها في عقول الرأي العام".
-أهذه هي الصورة التي كونتها عني؟.
-أنت وشركة آنجل إير واحد, أليس كذلك؟.
-أنا رجل يا ريانون ولست مجرد شركة!.
-لا يمكن إلا أن تنعكس شخصيتك على شركتك.
-تماما كما انعكست شخصيتك على لوحة الموزاييك.
-أظنك محقا.
وافقت على كلامه, وتناولت كوب العصير لترتشف منه جرعة. قال غابرييل:
-علي أن أعيد النظر في الديكور المحيط بلوحة موزاييك التي في الممر.
إنه ذكي للغاية وبشكل مخيف أيضا. رفعت ريانون كوب العصير بسرعة, فانسكب بعض العصير على يدها وعلى الطاولة.
-آه!..
وضعت الكوب من يدها على عجل. فتناول غابرييل فوطة بسرعة وأمسك أصابعها بقبضته وراح يمسح يدها, ثم أشار إلى نادل يمر بالقرب من طاولتهما, وقال له بهدوء:" هلا نظف أحدهم هذا".
نظر النادل إلى السائل الذي غمر الطاولة وانصرف, وكانت ريانون تجلس وعلى حضنها فوطة, فقالت:" شكرا لأنك أنقذتني!".
-هل وقع العصير على ثيابك؟..
-لا، أنا آسفة.
وبحذر وضعت الفوطة على الطاولة.
-لم تعتذرين؟ لم يحدث أي ضرر.
-أشعر أنني بلهاء.
-أنت لست بلهاء يا ريانون, بل بعيدة كل البعد عن هذا.
تناولت ريانون كوبها بحذر، وارتشفت العصير الباقي فيه وحين وضعت الكوب جانبا ولحست شفتها العليا لاحظت أن غابرييل يراقبها.
عندما التقت أعينهما، انتاب ريانون شعور غريب. أحست أن الزمن توقف وأن العالم من حولهما تلاشى.
حاولت التخلص من الشعور الغريب الذي غمرها فسألته:
-هل أعجبتك الرسومات؟ إنها مجرد مخططات أولية، ولكن إن أعجبتك فسأعمل على تنقيحها وتحسينها.
حول انتباهه إلى الرسومات, وحاولت ريانون الاسترخاء.
لقد ساعدها الطعام على الاسترخاء, فقد بدا لذيذا, طازجا, كما قدم بشكل مميز.
قال غابرييل:" تعجبني أفكارك كثيرا ولكن قولي لي كيف انتقلت من الأيقونة الروسية لتصممي هذه الرسومات؟ قولي لي ما هي مراحل الإبداع التي مررت بها؟".

جين أوستين
20-04-2009, 00:56
حاولت أن تفسر له مراحل عملها, فيما أخبرها عن عمله وكيف أوصل مؤخرا طردا إلى قوات الصليب الأحمر العاملة في منطقة تسود فيها الحروب.
-نحب دوما أن نؤدي عملنا بإتقان.
-ألا تستسلم أبدا؟.
نظر إليها مفكرا وقد التمعت عيناه أكثر من قبل:
-حين أعقد العزم على شيء ما, نادرا ما استسلم. وإن لم تنجح إحدى الطرق في إيصالي إلى ما أريد، أظل أحاول إلى أن أجد طريقة تنجح.
حدقت ريانون إلى كوب العصير، ومررت إصبعها حوله، وقد اقشعر بدنها.
سألها غابرييل بلطف:" ما خطبك؟".
-لا شيء.
أبعدت هذا الشعور الذي استيقظ في داخلها, فالارتياب والخوف لن يوصلاها إلى أي مكان. فتصميم غابرييل جزء من شخصيته ومن ما عاشه في حياته. إن لم يولد والتصميم جزء منه, فلا بد أنه اكتسبه مع مرور الأيام. نظرت إليه:
-أنت ناجح للغاية.
جال بنظره على وجهها:" وأنت كذلك وأنا أحترم هذا".
أشعرها مديحه بالدفء. صحيح أنها لا تحلم بامتلاك شركة تساوي ملايين الدولارات مثله، إلا أنها قطعت شوطا كبيرا منذ أن تسلمت تلك المراهقة العصبية العديمة الخبرة محل التحف.
لقد تعلمت كيف تتعامل مع البائعين اللجوجين, والفنانين المزاجيين, والزبائن الغريبي الأطوار, بدلا من أن تسمح لهم بإخافتها والسيطرة عليها. وبالرغم من أنها لا تزال تخاف أحيانا, إلا أن ثقتها بنفسها ازدادت مع مرور الوقت.
كما أنها تجنبت التعاطي مع الرجال على الصعيد العاطفي والشخصي طبعا.
لم يترك لها غابرييل أي مجال للشك, فهو ينوي حتما التقرب منها. لكن عالم العلاقات الحميمة مجهول بالنسبة إليها ومخيف بعض الشيء.
لقد خاضت معركة عاطفية طويلة وموحشة, وربحت, وتمكنت من تخطي الكابوس, فأسست لنفسها حياة رتيبة ومنظمة. لكن, وعقب كل انتصار, تظهر وحوش أخرى فتحارب من جديد؟.
لعل غابرييل هو الشخص الذي سيساعدها على محاربتها. لعله الملاك الحارس الذي سيرسل كافة الوحوش إلى الجحيم ويعتقها. ابتسمت وتساءلت عما سيكون عليه رأيه إن عرف ما تفكر فيه.
رفع حاجبه متسائلا:" بم تفكرين؟".
هزت ريانون رأسها:" لا شيء".
لا شيء تستطيع البوح به. فالرغبة في اقحام غابرييل في معركتها الشخصية ما هي إلا لحظة ضعف.
هذه معركتها وحدها، معركة ستخوضها متسلحة بقوتها وشجاعتها فحسب. ما من أحد قادر على خوض هذه المعركة بدلا منها، لقد سبق أن حاولت ذلك, إلا أنها وصلت إلى طريق مسدود.
شربا القهوة, ورفضت ريانون أن تشرب كوبا آخر. نظر غابرييل إلى ساعة يده:
-هل ترغبين في نزهة قصيرة؟.
هواء الليل منعش ومهدئ للأعصاب, كما أنها بحاجة إلى بعض الرياضة بعد وجبة الطعام الدسمة التي تناولتها. فلطالما استمتعت بالتنزه ليلا لكنها لم تكن تتجرأ على ذلك بمفردها.
عندما اجتازا الشارع, أمسك غابرييل بيدها لكنه لم يفلتها عندما وصلا إلى الجهة المقابلة.
لم تعترض ريانون, وتذكرت المرة الأولى التي لمسها فيها, حين وقعت على السلالم.
كانت أصابعه دافئة, وقبضته قوية إلى حد أنها عاجزة عن الإفلات منه. وجدت نفسها تركز على مشاعرها الجديدة, تحاول أن تحللها. شعرت أنها مرتاحة ومسترخية أكثر من العادة, فهل السبب في ذلك يعود إلى الطعام أم الرفقة المسلية؟.
مشيا قرب الماء, فداعبت نسمات الهواء العليل وجهها وردت شعرها إلى الوراء. كانت الأمواج تتكسر على الصخور, فيما أضفت عليها مصابيح الشارع لونا مخمليا.
سأل غابرييل:" ألا تشعرين بالبرد؟".
-لا!.
في الواقع كانت تشعر بدفء لذيذ بالرغم من نسيم البحر.
وبعد قليل, توقفا عن السير واستندا إلى حائط يراقبان حركة الأمواج, وانعكاس الضوء عليها, وتلألؤ بعض النجوم التي تحاول أن تضاهي بنورها أنوار المدينة. أفلت غابرييل يدها, فشعرت أنها وحيدة.
قالت:" يا لروعة ما أراه".
مال غابرييل ونظر إليها:" أتنزعجين إن قلت القول نفسه عنك؟".
راح قلبها يخفق بسرعة. ابتعدت عنه قليلا وأشاحت بنظرها بعيدا. هب النسيم العليل من جديد وعبث بشعرها, فرفعت يدها لتبعد الشعر عن وجهها وهي ترتجف.
اقترب غابرييل منها, وراح يبعد شعرها عن وجهها, لكنه عاد وتراجع بسرعة. تسمرت في مكانها, فيما أخذت ترتجف قليلا لكنها لم تكن خائفة. وبعد لحظة أو اثنين, لف يد حول خصرها وقربها منه.
عانقها بدفء وحنان, فشعرت بقربه, وتنشقت رائحة عطره, ثم ما لبثت أن استسلمت لسحر عناقه, وبادلته إياه. اختلجت في داخلهما مشاعر جياشة, مشاعر نقلتهما في الزمان والمكان فحلقا في عالم من السحر.
سمعا وقع خطوات تقترب منهما, فابتعدت ريانون بسرعة عنه.
ضحك غابرييل وأفلتها, وقال بصوته الأجش:" سأصحبك إلى منزلك, هذا ما لم ترغبي في مرافقتي إلى منزلي".
هزت ريانون رأسها رافضة. فقد أيقظ هذا العناق فيها مزيجا من المشاعر لم تستطع أن تحددها بعد.
-كنت أعلم أنك لن توافقي.
لم يبد منزعجا من رفضها, بل اتجه إلى الطريق العام, ولوح لسيارة أجرة.
سألته ريانون وصوتها يرتجف بالرغم من محاولتها البقاء هادئة:
-كيف تحصل على سيارة تاكسي بهذه السهولة؟.
ضحك غابرييل, فهدأ روعها قليلا:" الحظ حليفي, أو لعل السبب في هذا هو أني أرافق سيدة رائعة الجمال. فأي سائق أجرة سيسر بأن يقلك".
-لا تجري الأمور هكذا عندما أكون وحدي.
سأل السائق:" إلى أين؟".
كان يجب أن تنتبه إلى ما يحدث, فلو أن سيارتها مركونة في المدينة لطلبت من السائق أن يقلها إلى هناك. لكن بما أنها لم تحضر أي عمل إلى صالة العرض اليوم, تركتها في المنزل واستقلت سيارة أجرة.
ما إن حاولت التكلم, حتى أعطى غابرييل عنوان بيتها للسائق, ثم سوى جلسته وأخذ يدها بين يديه.
شعرت ريانون بأن لا حيلة لها حين أمسك غابرييل بيدها, وقد اقتربت منه عن غير قصد عندما التف سائق السيارة بسرعة. تسمرت مصدومة و لم تستطع الابتعاد عن غابرييل. مرت دقائق استجمعت فيها قواها وتجرأت على طرح السؤال الذي يجول في فكرها.
لم تتجرأ على النظر إليه, بل سألته بصوت خائف:" كيف عرفت عنوان منزلي؟".


☺☻☺☻☺☻

جين أوستين
20-04-2009, 01:00
4- تقدم بحذر

شد غابرييل على يدها بالرغم من أنها حاولت الإفلات منه, وبعد أن سكت لبرهة سألها:" ألم تخبريني أنت أين تسكنين؟".
-لا!.
قالت هذا بغضب وأفلتت يدها بقوة. جاهدت كيلا تبتعد عنه وتجلس في زاوية المقعد أو تطلب من السائق أن ينزلها حالا. إذا فعلت هذا, فسيلحق بها غابرييل.
استقامت وصممت على البقاء هادئة والتصرف بعقلانية. هذا صعب, فقلبها يخفق بقوة وقد جف حلقها.
-أنا لا أطلع زبائني على عنوان منزلي أبدا.
لم يتحرك غابرييل, بل كتف يديه, واستقام. استحال عليها أن ترى تعابير وجهه في الظلام, فشعرت بأنه غريب عنها. قال لها بصوت منخفض وسوي:" أملت أن أكون أكثر من مجرد زبون بالنسبة لك".
أخذت ريانون نفسا عميقا:" كيف وجدت عنواني؟"
-من ملفات الشركة, فقد قلت إنك استعنت بخدماتنا يوما.
لم تستطع أن تنقل المعدات الثقيلة من منزلها إلى صالة العرض بمفردها, لذا استعانت بخدمات الشركة.
شعرت بالبرد وسألت بحدة:" هل بحثت عنه؟ أهذه الطريقة التي تنتهجها للتعرف إلى النساء؟".
-لا, كنت أبحث عن شيء آخر ووجدت اسمك.
ردت بعنف:" فحفظت عنوان منزلي! لا يحق لك هذا!".
بعد لحظة قال:" لم أفعل هذا عمدا. سامحيني ريانون, لم أقصد إزعاجك".
كذبت:" أنا لست بمنزعجة بل غاضبة فحسب, كيف تجرؤ على فعل هذا بي؟ هذا تصرف غير محترف".
كان غابرييل يعرف أنها محقة. فعناوين الزبائن سرية, وما كان ليرحم أي موظف يضبطه وهو يستعمل عناوين الزبائن لأغراض شخصية. عندما ظهر اسمها في اللائحة التي كان يطلع عليها, قرأ العنوان من دون أن يتمكن من ردع نفسه, ومنذ تلك اللحظة علق العنوان في ذهنه وحفظه.
شعر بالخزي, فلطالما اعتبر نفسه مثالا للصدق والأمانة. وكان يعتز بصفاته هذه في العمل وفي حياته الخاصة.
طبعا, لم يكن ينوي يوما استخدام هذه المعلومة. لكن ريانون تصرفت كما لو أنها تنتظر منه أن يطلع السائق على وجهتهما, وقد قال له العنوان من دون أن يفكر في العواقب بعد أن نسي كيف حصل عليه. قال:" لم أفعل هذا عمدا, والآن كل ما بوسعي فعله هو الاعتذار, وطلب الغفران منك".
-لا أريد أن تعتذر, فجل ما أبغيه هو المحافظة على بعض الخصوصية.
-أعدك بألا أنتهك خصوصيتك بعد اليوم.
ومن دون أن يفكر مد يده ليمسك يدها, إلا أنه عاد ووضعها على المقعد, على المسافة التي تفصل بينهما, وتابع:" أقسم لك أنني لم أتعمد ما جرى".
شعرت ريانون بانقباض في معدتها, وعاودتها الذكريات القديمة المزعجة, فانطوت على نفسها وجلست في زاوية السيارة".
أرادت أن تفكر بهدوء.
أرادت أن تفكر بعيدا عن غابرييل, فأدارت رأسها وراحت تنظر إلى الشارع والبيوت المظلمة.
بقي غابرييل صامتا بدوره. أتراه احترم حاجتها إلى التفكير؟ أم لم يشأ متابعة الحديث أمام السائق؟.
حين توقفت سيارة الأجرة أمام منزلها قال للسائق:" لا توقف العداد".
ولحق بريانون إلى المدخل. كان الشارع مضاءا تماما وقد تأكدت من هذا الأمر قبل أن تنتقل للعيش فيه.
ومن دون أن تنظر إلى غابرييل, أقحمت المفتاح في القفل. فقال لها:" أظنك لن تدعيني للدخول".
فتحت الباب قليلا, ثم استدارت تواجهه:" كانت أمسية لطيفة, شكرا لك".
قال بندم:" كانت أمسية رائعة إلى أن أفسدت كل شيء, أليس كذلك؟".
نظرت إلى سيارة الأجرة, فلم تر السائق كما لم يتزحزح غابرييل من مكانه.
مرر إصبعه على خدها نزولا إلى ذقنها وضغط قليلا على وجهها كي تستدير نحوه. كانت عيناه داكنتان تراقبان:
-لا تدعي غبائي يفسد هذه الأمسية.
مرر إبهامه على خدها بنعومة, فارتجف جسمها كله ثم اقترب منها وهمس:
-عمت مساء ريانون.
وفي اللحظة التالية اتجه بعيدا نحو سيارة الأجرة.
في اليوم التالي, وفيما كانت ريانون ترتب بعض الأواني الزجاجية سمعت أحدهم يناديها:"آنسة ريانون لويس؟".
استدارت وفي يدها إناء زهور جميل لترى رجلا يرتدي سترة جلدية ويحمل في يده باقة من الأزهار الملونة. انزلق الإناء من يدها وتحطم.
قال الرجل مجفلا:" تبا! آسف, لم أقصد إخافتك!".
أكدت له ريانون ما إن تمكنت من الكلام وتوقف قلبها عن الوثب:" لا بأس, لا تقلق, أنت لم تخطئ بشيء".
قال وهو يقدم لها الباقة:" هذه الأزهار لك".
حدقت إلى الباقة. وقد جعلتها رائحة الأزهار العطرة تشعر بالغثيان. وصل بيري إلى جانبها, وراح يتفحص الأضرار ثم قال:" أعطني هذه الباقة, شكرا".
ودخل زبون راح ينظر باستغراب إلى ريانون و بيري, ثم سأل:" هل من خطب؟".
قال بيري:" حذار أين تدوس, سننظف المكان في لحظات".
وعاد فاستدار إلى ريانون وسألها:" هل أنت بخير؟".
-نعم, خذ هذه الأزهار وأحضر مكنسة من فضلك.
ومرت بين القطع المتناثرة وتوجهت إلى الصندوق. عندما غادر الزبون, كان بيري قد أزال الزجاج عن الأرض.
سلمها مغلفا صغيرا:" وجدت هذا مع الأزهار".
ترددت قبل أن تفتح المغلف, ورفعته قليلا. فوجدت حرف((غ)) مطبوعا بالخط العريض أعلى البطاقة.
-أظن أن مرسل الزهور هو ملاكك غابرييل.
انتظر قليلا وحين لم تجب سألها:" ماذا أفعل بالأزهار؟".
أول ما خطر لها هو أن تطلب منه أن يرميها, إلا أنها عادت فقالت:" يمكنك الحصول عليها".
نظر إليها بيري باستغراب:" هل أنت واثقة؟".
فتحت فمها لتقول نعم, إلا أنها ترددت حين رأت امرأتين تدخلان صالة العرض وقالت:
-لا, جد إناء, وضعها في مكان ما, فقد تعجب زبائننا.
وضب بيري الأزهار في إناء صيني ووضعها في الواجهة.
حوالي الساعة الخامسة, وبعد أن انتهت ريانون من تلبية طلب أحد الزبائن, نظرت إلى الخارج فرأت غابرييل واقفا يتأمل الأزهار. رآها تنظر إليه فحياها ودخل من الباب, وبعد أن غادر الزبون, اقترب من الصندوق وقال:" منحت أزهاري مكانا مميزا".
-وضعها بيري هناك.
وضعها بعيدا عن الصندوق.
اتسعت عيناه واقترب منها وقال بهدوء:" هل فكرت بما حدث؟ آمل ألا تكوني غاضبة مني".
ابتلعت ريانون ريقها, وقد تسارعت دقات قلبها:
-أنا لست غاضبة منك ولكن....
أخذت نفسا عميقا وتابعت:" يستحسن أن نحصر علاقتنا بالعمل وحسب".
لقد فكرت في الأمر ليلة أمس, وعند ساعات الصباح الأولى توصلت إلى هذا القرار.
عبس غابرييل وسألها:" لماذا؟".
بدا الأمر منطقيا في فكرها إلا أن صوتها راح يرتجف حين ردت:
-أنا واثقة من أنك لا تخرج برفقة موظفيك.
-لست موظفة عندي, أنت فنانة تعملين لحسابك الخاص وقد أبرمنا عقدا.
-لم نوقع خطيا على أي عقد.
-الاتفاقات الشفهية ملزمة قانونا.
-الخرج برفقتك ليس جزءا من العقد.
قال:" سأضيف هذا البند إلى العقد إذا!".
وعندما لاحظ رد فعلها, أضاف بصبر:" أنت تعلمين أنني لا أعني ما أقول, ولكنك تختبئين وراء إصبعك".
-أنت واثق جدا من نفسك!.
تراجعت ريانون إلى الوراء وقد تفاجأت من وقاحتها, إلا أنها شعرت بشيء من الانتصار المرير حين احمرت وجنتاه غضبا.
تلاشى الشعور بالنصر حين بسط يديه على المنضدة بينهما, وقال:" وقد استحالت ملامح وجهه قاسية:" كنت تقضين وقتا ممتعا للغاية مساء أمس, إلى أن أفسدت كل شيء".
وقف يحدق إليها بسيطرة وهيمنة, فخافت أكثر. وتنبه غابرييل لما يجري, فاستقام وابتعد قليلا عنها, ثم قال:" استدعين هفوة واحدة تفسد شيئا قد يستحيل رائعا إذا أعطينا نفسينا فرصة؟".
هل تبالغ في رد فعلها؟ كانت تعلم أنها حساسة للغاية حيال بعض الأمور, فترددت.
خرج بيري من الغرفة الخلفية حاملا بيده ورقة صغيرة. حيا غابرييل ثم قال:
-عذرا راي! أنا عاجز عن قراءة هذا العنوان.
قرأت له العنوان. وتراجع غابرييل إلى الوراء, عندما دخل شخصان إلى صالة العرض.
تقدمت ريانون من الزبونين تعطيهما معلومات عن القطع التي ينظران إليها.
كانت ريانون عادة تحيي الزبائن وتدعوهم إلى إلقاء نظرة على المعروضات وطرح أسئلة عليها إذا احتاجوا إلى أي معلومات. فهي لا تحبذ دفع الناس إلى الشراء بالقوة, إلا أنها تحتاج اليوم إلى فسحة للتنفس بعيدا عن غابرييل.
أخذ غابرييل يتجول في الأنحاء كما لو أنه غير مرئي. حبذا لو أن هذا صحيح ولو يصبح غير مرئي! ظهر بيري من جديد, فالتقط غابرييل منحوتة من الزجاج الملون وصلت اليوم, وراح يتسامر مع بيري بصوت منخفض.

جين أوستين
20-04-2009, 01:06
كان لا يزال واقفا مكانه عندما غادر الزبونان من دون أن يشتريا شيئا. وضع المنحوتة مكانها واتجه نحوها, فيما شغل بيري نفسه بترتيب بعض الكتب الموضوعة على الرف.
عادت ريانون إلى مكانها وراء المنضدة. فوقف غابرييل أمامها واضعا يديه في جيبيه, وحدق إليها وقال:" تناولي العشاء معي الليلة وسنتحدث عما يزعجك!".
-آسفة, لدي بعض الأعمال الليلة.
كانت قد خططت للبقاء في صالة العرض وتنظيم حساباتها لأن مصلحة الضرائب لا ترحم ولا تنتظر, وقد ساعدها هذا على البقاء على موقفها. ارتاحت حين دخل المزيد من الزبائن, فوعدته:
-سأحاول أن أطلعك على كلفة اللوحة بعد أسبوع أو اثنين.
تراجع غابرييل إلى الوراء وقال من عند الباب:" حسنا, أراك لاحقا".
رددت ريانون في سرها أن قوله هذا ليس تهديدا.
شتم غابرييل بصمت وهو يخرج من صالة العرض مدركا أنه أخفق تماما. فآخر ما تحتاجه ريانون هو الشعور بأنها مهددة, إلا أنا استفزته واتهمته بالغرور والثقة الزائدة بالنفس.
قطب جبينه, لعلة معتد بنفسه أكثر من اللزوم, ولعله مغرور أيضا, لكنه لم يبذل يوما مثل هذا الجهد ليتقرب من امرأة. وهو لم يعتد الرفض, لذا لم يعرف كيف يتعامل مع هذه المشكلة.
إلا أن الاستسلام والشعور باليأس والغضب ليسا بالطريقة الملائمة للفوز بثقة ريانون.
لقد حاول أن يدفع بيري إلى إخباره الحقيقة إلا أنه فشل في ذلك. من الواضح أن بيري و ريانون متفقان تماما, فقد قال بيري:"إنها ربة عمل رائعة وامرأة فاتنة".
وخيل لغابرييل أن بيري مستعد لضرب أي شخص يقترب من ريانون أو حتى يخالفه رأيه فيها. بعدئذ, قال بيري ومن دون مقدمات:"إذا أردت نصيحتي, فلا ترسل لها المزيد من الأزهار".
ضاقت عينا غابرييل وقد تفاجأ سأل:" هل لك أن تطلعني على السبب".
حول بيري نظره إلى ريانون التي بدت منهمكة مع الزبائن, ثم عاد ونظر إلى غابرييل بطريقة غامضة وأردف:" ثق بكلامي وحسب, يا صاح!".
وضع غابرييل المنحوتة من يده. عندما جاء ليصحبها إلى العرض الراقص, كانت تقف قرب بيري وتضحك لشيء قاله. كانت ابتسامتها دافئة, فشعر غابرييل بالغيرة, إذ لم تبتسم له يوما بهذه الطريقة.
قال بيري:" اسمع, ريانون مختلفة عن بتقي النساء. إنها...".
ونظر إليها مجددا, ثم حول نظره إلى غابرييل الذي كان يستشيط غيظا, وتابع:
-كل ما أعنيه, هو أن عليك أن تلزم الحذر يا صاح.
بعدئذ, غادر الزبائن واقترب غابرييل منه, إلا أنها عادت ووقفت وراء المنضدة, كما لو أنها تحتاج لحاجز بينهما كي تشعر بالأمان والحماية.
فكر غابرييل في أنه كان عليه أن ينتظر ساعة الإقفال ليحضر إليها, إلا أنه لم يكن قادرا على الانتظار. أراد المجيء لرؤيتها عله يصحح الخطأ الذي تسبب به الليلة الفائتة. كان يقف عند باب صالة العرض منذ الصباح الباكر لو لم يجبر نفسه على التروي. ظن أن الأزهار ستكون بمثابة تسوية أو أشبه باعتذار صامت, فلطالما كانت فعالة مع غيرها من النساء.
ريانون مختلفة عن باقي النساء! وتردد صدى كلمات بيري في رأسه. كان يمشي على غير هدى وأوشك أن يوقع امرأة عجوز. فأمسك بها واعتذر منها.
نظرت إلية المرأة بعينيها الزرقاوين الباهتتين:" لا بأس, فنظري لم يعد جيدا كما كان في الماضي".
-هل أنت واثقة من أنك لم تتأذي؟.
-لقد أفرحتني في الواقع. مر وقت طويل لم أقترب فيه إلى هذا الحد من رجل وسيم.
-شكرا لك, ولكنك قلت لتوك إن نظرك لم يعد جيدا.
ضحكت:" نظري جيد عن قرب. حبذا لو كنت أصغر بأربعين عاما".
-لابد أنك كنت ساحرة, فأنت ما زلت كذلك.
-أنت فاتن وتجيد الكلام أراهن أن صديقتك رائعة, يالحظها!.
نظر إليها تبتعد وتمنى لو تشاطرها ريانون الرأي. لما لا تكون النساء كلهن متسامحات عندما يقدم لهن أحدهم اعتذارا؟
وأقر بأنه يدين لريانون بأكثر من اعتذار وتساء إن كانت حقا مشغولة هذا المساء, أو أنها تعاقبه على تصرفه؟!.
صرف هذه الفكرة من رأسه بسرعة, فهو متأكد من أن ريانون لا تجيد ألاعيب النساء.
كان ينوي أن يعانقها البارحة قبل أن يفترقا, عناقا يقلب كيانها ويجعلها تحلم به طيلة الليل, لكن الضرر وقع في سيارة الأجرة, وتغير مزاجها تماما. لقد تحول غضبها إلى خوف, وهو واثق من هذا.
ترى من أخافها إلى هذا الحد؟ ماذا فعل بها؟ ومتى؟.
قطب مفكرا, وهو يبحث عن مفاتيح سيارته في جيبه. ليته يستطيع إقناع ريانون بإخباره بسرها... لعلها تستطيع تخطي هذه المأساة!
جلس في سيارته, يحدق إلى حائط من الاسمنت, وقد تشبث بالمقود.
قالت إنه يعجبها, إلا أنه يطمح لأكثر من الإعجاب. أرادها أن تحبه بشغف وجنون. فبالرغم من مظهرها القاسي ورفضها الارتباط بأحد, ثمة ما ينبئه بأنها ما إن تتخطى الحواجز التي تقيدها, حتى تصبح العلاقة معها أروع ما حصل معه في حياته.
أدار سيارته ورجع إلى الوراء, فلاحظ لوحة كتب عليها:" تقدم بحذر" فتمتم غابرييل:" نصيحة جيدة".


☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 01:10
5-ثقي بي

تمطت ريانون تريح عضلاتها المتشنجة وأبعدت أوراق الضرائب بعد أن انتهت منها. ربما عليها توظيف محاسب ليهتم بالمعاملات المالية. لطالما استمتعت بالتعامل مع الأرقام, إلا أن ساعات النهار محدودة لسوء الحظ, وهي تفضل قضاءها في العمل في فنها عوضا عن إجراء الحسابات.
وتذكرت الوعد الذي قطعته لغابرييل.
وتذكرت غابرييل! اقتحم ذاكرتها بقوة وثقة. إنه ذكي جدا, وقد فطن لما يدور في خلدها, كما أيقظ مشاعر لم تكتشف إلا مؤخرا أنه يصعب العيش من دونها.
كانت مرتاحة, آمنة وراضية تعيش في القمقم الذي بنته لنفسها.
لكنها لم تعد مرتاحة الآن, بعد أن فقدت توازنها بسبب غابرييل هادسون.
كانت قد علقت صورة الملاك فوق مكتبها لتراها مرارا خلال النهار ما يساعدها على الإبداع. فهل السبب الذي يمنعها من عدم التفكير به؟ حدقت للحظة إلى الصورة, ثم تناولت ورقة بيضاء وبدأت ترسم.
مرت ساعات طوال واستعملت أوراقا وأوراقا إلى أن عادت من رحلة الأحلام.
نظرت إلى الساعة الموضوعة فوق مكتبها وأيقنت أنها عملت حتى ساعات الصباح الأولى, وأنها تشعر بالبرد. لكنها علمت بما ستزين حائط غابرييل.
كانت عيناها مثقلتين من النعاس,ولم تحبذ فكرة الذهاب وحدها إلى موقف السيارات, فتناولت الهاتف وطلبت سيارة أجرة.
بعد بضع ساعات, دق المنبه في الموعد المعهود, فاستيقظت وقفزت من سريرها.
كانت جانيت في المطبخ تعد القهوة, فرمتها بنظرة غريبة.
-عدت متأخرة مساء أمس. أكنت في موعد مسل؟.
ردت ريانون, وهي تتناول فنجانا:" كنت أعمل. أعتذر إن أيقظتك".
-لا, لقد عدت لتوي. العمل ليل نهار ليس مفيدا لصحتك. كم من الوقت مر على خروجك في موعد؟.
جانيت من النوع الذي يهتم بشؤونه الخاصة عادة, إلا أنها قلقة عليها وإلا لما طرحت عليها مثل هذا السؤال.
دافعت ريانون عن نفسها:"أمس الأول".
-أحقا؟.
وتابعت جانيت وهي تسكب الماء الساخن في فنجان:" وهل استمتعت بوقتك؟".
-نعم, إلى أن... اسمعي جانيت, فلنفرض أن رجلا ما بحث عن عنوان منزلك وعرفه من دون علمك... فهل كنت لتنزعجي؟.
-إن كان يعجبني حقا وقد بحث عن عنواني ليرسل لي الورود أو ما شابه, فقد أسر لذلك. طالما لا يستخدم عنواني لمطاردتي وإزعاجي طبعا.
وضعت ريانون السكر في قهوتها وحركتها. كانت ترتجف من البرد فارتشفت القليل من القهوة لتدفئ نفسها.
سألت جانيت:" هل أنت قلقة؟".
المنطق يقول أن غابرييل هادسون لا يفتقر إلى صحبة فتاة, كما أن جانيت فتاة رزينة وواقعية, ورأيها مهم. أجابت:"لا".
أمضت ريانون الأسبوع وهي تترقب دخول غابرييل إلى صالة العرض, لكنه لم يفعل.
في نهاية الأسبوع, أنهت اللوحة للكنيسة, وفقدت كل عذر لتأجيل لوحة غابرييل لوقت أطول.
في الأسبوع التالي, وضعت المخطط النهائي للوحة الموزاييك, وزارت في عطلة نهاية الأسبوع بعض التجار.
نهار الاثنين, كانت قد وضعت عرضا مفصلا للأسعار, وفيما راح بيري يهتم بالزبائن, جلست إلى مكتبها تحدق إلى الهاتف لدقائق طويلة, ثم تناولته واتصلت.
حين أوصلتها السكرتيرة بمكتب غابرييل, أخذت نفسا عميقا وقالت:" لقد حددت الكلفة, وهي..." وذكرت المبلغ.
لم يجب فورا, فتابعت:"أعرف أنه مبلغ كبير, لكن.."
قاطعها:"إنه ثمن معقول, ولن أجادلك, لكنني أريد رؤية التصميم النهائي, قبل أن نوقع العقد".
-طبعا, كنت سأقترح هذا.
-إن كنت لا تريدين مغادرة صالة العرض فأستطيع أن أحضر إليك. هل يناسبك أن نلتقي في الحادية عشرة والنصف؟
-حسنا.
قالت هذا وهي تشعر بالغرابة, لقد أبعدته عنها وطلبت منه إبقاء علاقتهما على مستوى مهني. وقد استجاب لطلبها, ويقترض بها أن تسر لذلك.
-سأحضر في الموعد.
بدا جافا, هذا ما خطر لريانون وهي تضع سماعة الهاتف. ولاحظت أن يديها متعرقتان لكثرة ما شدة على الهاتف وارتبكت.
وضع غابرييل سماعة الهاتف وراح يحدق إليه وهو يمرر قلمه مرارا وتكرارا على دفتر المواعيد الذي وضعته السكرتيرة أمامه.
شعر برغبة جامحة في الذهاب فورا لملاقاتها, وهي الرغبة نفسها التي كبحها طيلة الأسبوع الفائت. موعدهما في الحادية عشرة والنصف, وقد يتمكن من اقناع ريانون بمرافقته لتناول الغداء. سيقول لها إنه غداء عمل. حبذا لو يستطيع أن يرى شيئا ما في التصميم, شيئا لا يعجبه, فيقنعها بتناول الغداء لمناقشة المسألة. نعم! قد تنجح هذه الفكرة!.
إلا إذا استخدمت هذا الأمر كعذر للتهرب من المشروع. عندئذ, جمدت يده وتوقف عن تحريك القلم.
إنه واثق من تعلقها بمشروع لوحة الموزاييك, ومن تحمسها لإتمامه, هذه ورقته الرابحة. وما إن يوقعا العقد, حتى تعجز عن التراجع والخروج من حياته إلى أن تنهي المشروع. أما هو فسيراقب تقدم المشروع, إذ سبق أن منحته الإذن لمشاهدتها تعمل.
آه, كم يتوق لرؤيتها تعمل!
تأخر عمدا عن الموعد خمسة عشر دقيقة واعتذر مدعيا أنه تأخر في اجتماع طارئ وأن الوقت داهمه. كانت صالة العرض تعج بالزبائن, فاضر إلى الانتظار لدقائق قبل أن تتفرغ له.
تجاهلت العذر الذي قدمه, وقالت وهي ترشده إلى الباب:" يتحسن أن ندخل إلى الغرفة".
عندما اتجهت إلى مكتب موضوع في زاوية الغرفة, ألقى غابرييل نظرة في الأرجاء. إنها غرفة أكبر مما توقع, لكنها أشبه بمكان للعمل, خال من أي طابع شخصي.
-هذا هو التصميم, آمل أن توافق عليه.
اقترب منها وأمسك بطرف الورقة التي كانت تلتوي فيما ثبتت ريانون الطرف الآخر.
كانت الألوان شبيهة بألوان الصورة التي أرته إياها سابقا. وبالرغم من أن اللوحة إيحائية, إلا أنها تبرز الملاك وجناحيه الفضيين, كما يتجلى وجهه وشعره الطويل الذهبي.
سألها:" هل تستطيعين نقل هذا الرسم إلى لوحة موزاييك؟".
-نعم, لكنني سأستعمل المعدن للخطوط الفضية. فكرت أولا باستخدام الزجاج, إلا أنني عدت وارتأيت بأن المعدن سيمنح هذه الخطوط نعومة أكبر مقارنة بباقي الألوان. فهل تعجبك؟.
تذكر خطته فسأل:" هل لك أن تفسري لي بعض النواحي الرمزية للوحة؟".
ظن أنه لا يحتاج إلى إيضاح, لكنها كشفت له أمور لم يلحظها, بالرغم من أنه كان يحدق إلى تعابير وجهها وملامحه, عوضا عن النظر إلى إصبعها الذي يشير إلى مختلف عناصر اللوحة.
استقامت وردت خصلة من شعرها إلى خلف أذنها, فلاحظ لمعان عينيها. وللمرة الأولى لم تسيطر على تعابير وجهها, فبدت ساحرة واستحوذت على قلبه. تملكه سرور بريء لم يعرف له مثيلا من قبل.
ولا بد أن شعوره بان في وجهه, إذ رأى عينيها تتسعان وشفتيها تتباعدان, فشعر برغبة ملحة في احتضانها, لكنها تراجعت إلى الخلف مفلتة الورقة من يدها.
رفت يدها إلى شعرها, ثم ضحكت وقد بان عليها القلق:" هذا كل شيء, آمل أن يكون هذا مطلبك".
أيقن أنها تنتظر حكمه, وعجز عن الادعاء بوجود خطب ما, فقال:
-إنه رائع! تماما كما أريد, لا بل أكثر بكثير مما توقعت.
استرخت ريانون قليلا, حتى أنها ابتسمت ابتسامة صغيرة حذرة.
-إن كنت راضيا, فقد حضرت نسختين من العقد.
ابتعدت عنه وفتحت درجا من أدراج المكتب.
لا, لم يكن راضيا تماما, وهو لن يعرف طعم الرضى ما لم تصبح له, يريد أن يرى تعابير وجهها عندما تنظر إليه وليس إلى لوحة فنية, يريد أن تتغير تعابير وجهها فتمتلئ بالحب والشغف لمجرد رؤيته.
انحنت وتناولت ورقتين من الدرج, فيما راح غابرييل يتأمل تفاصيل جسمها بإعجاب.
قالت وهي تستدير نحوه:" إن كنت تريد إجراء أي تعديلات. . . ".
تغيرت ملامح وجهها, وظهر عليها الامتعاض. أحس غابرييل بالذنب, فأشاح بنظره وادعى النظر إلى ساعته, ومن ثم إلى الورقتين اللتين تحملهما في يدها وسأل:" لم لا نناقش الأمر حول غداء عمل؟".
قالت ريانون في نفسها إنها مخطئة حتما, فغابرييل هادسون ليس من الرجال الذين يتأملون النساء كنمر يستعد للانقضاض على فريسته. واقتراح الغداء صادر عن رجل لا يملك الكثير من الوقت ليضيعه, وقد شاء الدمج بين العمل والطعام لتوفير الوقت. وعندما نظر إليها مجددا, بدت عيناه فارغتين من أي تعبير, فقالت:
-غالبا ما يرتاد صالة العرض زبائن كثر عند وقت الغداء, ولا أريد أن أترك بيري بمفرده.
رفت عيناه بشكل طفيف, وهو رد الفعل الوحيد الذي استطاعت ملاحظته, ثم انتقلت نظرتها إلى ما وراءها فأدركت أن بيري دخل الغرفة فيما كانت تتكلم.
قال لها فرحا:" لا تقلقي راي, ألا تثقين بي؟".
-بالطبع أثق بك!.
-إذا اذهبي, أستطيع تدبر الأمور بمفردي.
رفع غابرييل حاجبيه ونظر إلى ريانون:" هلا ذهبنا؟".
دلها إلى الباب فقال بيري ملوحا بورقة:" لدي طلبية أخرى من الشمع الذي وصلنا الشهر الفائت, سأتركها على مكتبك, أراك لاحقا".
-أظن أنني أستطيع الخروج لنصف ساعة.

جين أوستين
20-04-2009, 01:15
تناولت حقيبة يدها, ووضعت العقدين في داخلها.
وصلا إلى مطعم فسيح غير مكتظ بالناس, وأرشدتهما نادلة إلى طاولة في الزاوية قرب النافذة. خلع غابرييل سترته, ووضعها على الكرسي قبل أن يجلس, ويطلب لهما الغداء.
سلمته ريانون العقدين, قرأ أحدهما بسرعة وطرح عليها سؤالين فردت برضى, ثم وقع النسختين ووعدها:" سأحرص على أن تستلمي الشيك غدا لتبدئي العمل على المرحلة الأولى من المشروع".
دفع الأوراق نحوها, وناولها القلم الفضي الغالي الثمن الذي استخدمه لتوقيع العقدين لتوقع بدورها.
نظر غابرييل إلى العقد للحظة ثم ثناه ووضعه في جيبه, وناولته ريانون القلم بدورها فوضعه في جيبه ومد يده يصافحها:" هل اتفقنا؟".
سمحت له بمصافحتها, فأبقى يده في يدها للحظة ثم أفلتها.
وبعد أن أحضرت النادلة الطعام سأل ريانون:" متى تستطيعين البدء بالعمل؟ سأطلب تحضير السقالة لك".
-سأجيبك لاحقا, فهذا يعتمد على الوقت الذي أحتاجه لتحضير المواد.
أعادت نسختها إلى حقيبة يدها.
-أما من غرفة في المبنى لأخزن فيها البلاط, فهي ستحتاج إلى مساحة كبيرة؟
-سأتدبر لك مكانا, يفترض به أن يكون قريبا من الحائط الذي ستعملين, عليه أليس كذلك؟.
-إذا أمكن.
-سأجعل هذا ممكنا.
نظرت إليه وهي تقطع الفطيرة المحشوة بالخضار إلى نصفين, فقال:
-إن أراد المرء شيئا ما بقوة, فيصبح أي شيء ممكنا.
-لا!.
وانزلق السكين في يدها فجرحت إبهامها. أفلتت السكين في صحنها ورفعت إبهامها إلى فمها.
مد غابرييل يده, وأمسك بيدها ليرى الجرح الزهري اللون على إصبعها.
قالت ريانون وقد بدأ الدم يسيل:" لم يحصل شيء فالسكين ليس بحاد".
-إنه حاد بما فيه الكفاية.
تناول محرمة وثناها ثم ضغط على الجرح الصغير.
حاولت أن تسحب يدها لكنه اكتفى بالقول:" كفي عن الحراك فيتوقف النزيف بشكل أسرع".
-هذه الأمور لا تحدث معي عادة, لا بد أنك تظنني غبية.
فهذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها لحادث فيما هي تتناول الطعام معه. الحمد لله, أنه لم يكن موجودا حين أوقعت إناء الزهور من يدها عندما رأت الباقة التي أرسلها.
ابتسم:" أعلم أنك لست غبية, فأنت سيدة أعمال ناجحة, وفنانة موهوبة, يا لهذا المزيج!".
-لا يقضي الفنانون كلهم وقتهم وهم يحلمون.
إذا استمر في الكلام, فقد تنسى أن يده تحيط بمعصمها وتدفئ يدها, وتزيد سرعة نبضها, وأن يده الأخرى تمسك بإصبعها المجروح وتضغط عليه كالبلسم الشافي.
-طبعا, ماذا؟ ماقصدك؟..
ضاقت حنجرة ريانون, ولو لم يكن يمسك بيدها بقوة لسحبتها.
-أنا. . . لا أذكر عما كنا نتحدث.
-كنت أقول إن المرء يستطيع الحصول على أي شيء إذا أراده بقوة. وأنت قلت. . . لا.
نظرت إلى أيديهما, ورطبت شفتيها بلسانها, وحاولت أن تثبت صوتها لئلا يرتجف, فقالت:
-لا تجري الأمور دوما على هذا النحو. ليس إذا كان ما تريده مرتبطا برغبة شخص آخر, شخص يحتاج إلى هذا الأمر تماما كما تحتاجه أنت.
أحنى رأسه, فعرفت أنه فهم ما تعنيه.
-ثمة ما يدعى تسوية, وأنا أحاول أن أجعل الأمور مناصفة عندما تتسنى لي الفرصة لذلك.
قالت ريانون وهي تحدق إلى الفوطة المطوية والملفوفة على إصبعها.
-أحيانا يتوجب على المرء أن يخسر.
-أنا لست بخاسر.
شعرت برعشة, فأردف:" ولا أنت أيضا".
التقت نظراتهما. كانت نظراته هادئة ثابتة, وقد انعكس ضوء النهار في عينيه فبدتا فضيتين. قال:"أظن أن النزيف توقف".
رفع الفوطة بحذر, ثم نزعها عن إصبعها بلطف بالغ وأفلت يدها.
-سيلتئم الجرح بسرعة.
نعم فالجراح تشفى, والندب تلتئم مع الوقت, والمعجزات تحصل, فلطالما أدهش المعوقون أطبائهم بشفائهم.
ظهر الفضول في عينيه:" بم تفكرين؟".
هزت ريانون رأسها:"لا شيء".
تناولت الفطيرة من صحنها وقضمت منها قضمة صغيرة متجنبة بذلك الكلام. ليس لديها ما تقوله لأحد قبل أن تتغلب على شياطين الماضي.
قضم غابرييل قطعة من الهامبرغر. لن تخبره حتما ما الذي جعل نظرة التصميم تعلو وجهها, وحول لون عينيها الأخضر إلى نور حاد, وجعل ابتسامتها شبيهة بابتسامة الموناليزا.
كانت ريانون خبيرة في إخفاء أفكارها, وتتقن تماما فن الاحتفاظ بها لنفسها إلا أنها لا تستطيع دوما إخفاء مشاعرها. لقد تعلم أن يقرأ تعابير وجهها, لكنها لن تسر إذا عرفت هذا. ولن يسألها مجددا عما يدور في خلدها لأنها تسلك الآن طريق العودة إلى قمقمها مدعية تناول الطعام.
سألها ليكسر حاجز الصمت:" كيف تجدين طعامك؟".
-لذيذ, وأنت؟.
ونظرت إلى صحنه, فلاحظت أنه لم يأكل إلا قطعة صغيرة من الهامبرغر لأن انتباهه كله مركز على تعابير وجهها وصوتها.
كان نبضها سريعا. ولعل السبب هو إمساكه بيدها, أو الحادث الصغير الذي تعرضت له, فبعض الناس لا يحتملون رؤية الدم.
-لذيذ!.
كان الهامبرغر كبيرا وشهيا, و البطاطا المقلية مقرمشة. وقبل أن يتسنى لها أن تقضم قطعة أخرى من الطعام, قال:" سأحضر لك مفتاحا كي تتمكني من دخول المبنى. فبما أنك ستعملين بعد الدوام, لن تجدي أحدا هناك, وسيكون الباب مقفلا".
-شكرا لك.
لاحظ توترها فأردف:" يعيش الحارس في الطابق الأخير من المبنى, ومكتبه في البهو. إذا واجهتك أي مشكلة. فيمكنك مناداته".
-سأفعل.
أهو شعور بالارتياح ذاك الذي علا وجهها؟ لعلها تتوتر من البقاء في المبنى الخالي بمفردها. إن كان الأمر كذلك, فهي لن تقر بذلك حتما.
تناولت الفطيرة مجددا فبات عاجزا عن رؤية ملامحها.
أنهت ريانون طعامها, وشربت كوب القهوة ثم نظرت إلى ساعتها, ووقفت:" علي أن أذهب".
أبعد غابرييل صحنه, ووقف ليحضر سترته.
كان الشبان على الطاولة المجاورة قد أضافوا كرسيين, ومد أحدهم رجليه معترضا طريق ريانون.
قالت ريانون:" عذرا!".
نظر الرجل إليها وبدأ يستقيم على مهل وهو يتأمل جسمها صعودا إلى وجهها, ثم قال:
-طبعا يا حلوة!.
لم يتحرك بسرعة بل أخذ وقته وراح يتأملها مسترعيا انتباه رفاقه تقدم غابرييل من ريانون ووضع يده حول خصرها, ونظر إلى الرجل باستعلاء.
تحول نظر الرجل إليه, فرفت عيناه ثم استقام ووقف مبعدا كرسيه عن الطريق.
تمتم غابرييل فيما خرجت ريانون من المطعم:" غبي, نذل".
انتبه إلى أنها ترتجف فقربها منه, ثم أدرك أن ما قام به ليس بالتصرف الذكي, فخفف من قبضته:
-هل أنت بخير؟
-طبعا, لم يحصل شيء, إنه مجرد غبي.
عادة, كان غابرييل ليتجاهل ما حدث, لكنه شعر برغبة كبيرة في ضرب هذا الرجل, ومحو الابتسامة البغيضة عن وجهه.
صحيح أنه مجرد حادث بسيط, لكنه كشف عن انزعاجه من هذه التصرفات وهو أمر لم يعهده في نفسه سابقا.
لا يحق لأي رجل أن يعترض طريق امرأة وأن يتنمر عليها, وهذا ما فعله ذاك الساذج في المطعم. لقد استمتع باعتراض طريق ريانون وإحراجها, وجعلها تشعر بالانزعاج.
بغض النظر عما حصل لريانون في الماضي, فالحوادث الشبيهة بما جرى اليوم مهمة بالنسبة إليها وليست عابرة.
يمكنه أن يكتشف ما حدث لها في الماضي. يمكنه أن يوظف تحريا خاصا ليعرف ماضيها. اضطر للقيام بهذا في الماضي لحماية شركته, لكنه لا يستطيع أن يفعل هذا بريانون. لقد وعدها بذلك, عليها أن تخبره بسرها بنفسها.
ترى هل ستثق به يوما إلى حد أن تكشف له سرها؟.


☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 01:26
6-الطريق الآمن


أعطت ريانون فرصة غداء لبيري وحاولت التركيز على ترتيب الرفوف عوضا عن التفكير بغابرييل هادسون. كانت مستعدة لأن تسامحه على انتهاكه خصوصياتها, وأن تقول له إنها بالغت في رد فعلها.
إلا أن اللحظة المؤاتية لم تحن, وقد أخل الحادث عند مغادرة المطعم توازنها. كانت ممتنة لحضوره القوي, وفي الشارع حين ضمها إليه, شعرت برغبة في الاستسلام لدفء يديه.
لا بد أنه قال مجنونة, إذ انهارت جراء حادث تافه كالذي حصل. كانت تكتب على أحد الملصقات بحذر, وترفع نظرها من حين لآخر لتراقب زبونين دخلا, إلا أنها توقفت فجأة, وجمد القلم في يدها فيما اضطرب نظرها. . . لقد واجهت في السابق حوادث مشابهة ولم تشعر بالانهيار, ليس مؤخرا على أي حال. فهي تشعر بالأمان في الأماكن العامة. كان الرجل يمازحها فحسب.
إلا أن رغبتها بالانهيار و الاستناد إلى غابرييل, لمجرد أنه فهم انزعاجها, أمر مزعج وخطير أيضا. لقد تعلمت ريانون بالطريقة الصعبة أن تتكل على نفسها, وأن تقف على قدميها بمفردها, وتحل مشاكلها. وهي ليست مستعدة للمساومة في هذا, فقد نالت استقلاليتها بعد جهد وعناء.
تمكن غابرييل بطريقة ما من خرق دفاعاتها, دفاعات تحتاجها لتعمل في العالم. وقد انتابها بحضوره مشاعر ظنت أنها تخلصت منها إلى الأبد. وقبل أن تكتشف أنه يعرف عنوان منزلها, كانت تتجه بخطى ثابتة نحو اكتشاف المشاعر التي يحييها فيها, والسماح لها بالنمو والتطور إلى شيء. . . ربما إلى شيء أعمق.
لكن, إن كان الأمر يعني أن تفتح الباب على مشاعر تضعفها. . . فهي لا تستطيع أن تحتمل ذلك على حساب ما اكتسبته في السنوات الخمس الماضية.
عطف غابرييل و حمايته كفيلان بنسف استقلاليتها. إنه شرك وإغواء في الوقت عينه, فإن سمحت له بأن يغريها لتعتمد على قوته,تخلى عنها, فستعود إلى دوامة اليأس التي ابتعدت عنها بحزم. ولم تبتعد مرة واحدة بل اثنتين.
-عذرا؟.
قطع الصوت حبل أفكارها, فنظرت لترى سيدة تقف قبالتها حاملة بيدها لوحة صغيرة.
-كم ثمن هذه اللوحة؟ فأنا عاجزة عن قراءة الثمن.
تناولت ريانون اللوحة ثم قرأت السعر بصوت مرتفع. عليها أن تكتب الأرقام بشكل أكبر, فخطها صغير.
دخل بيري, وأمسك الباب للزبونة التي غادرت وقد اشترت اللوحة.
سألها بيري:"إذا, كيف كان غداؤك".
-وقعنا عقدا بخصوص العمل.
-لا يعقل أنكما لم تتحدثا سوى عن الأعمال.
-بلى.
عادت ريانون إلى عملها ثم قالت لبيري:" ألا يتوجب عليك إفراغ بعض صناديق البضائع؟".
-طبعا راي.
تنهدت. لم تقصد أن تكون حازمة مع بيري, فعدم استقرارها وضياعها ليسا ذنبه. في الواقع, الذنب ليس ذنب غابرييل حتى, المشكلة مشكلتها وحدها.
وشعرت بنوبة من الغضب تجتاحها, فهذه ليست غلطتها حتى.
بعد أشهر من العلاج النفسي, اقتنعت أخيرا بأنها وحدها القادرة على شفاء نفسها.
غدا, ستبدأ بطلب المعدات للوحة آنجل إير, كما عليها الاتصال بغابرييل للاستعلام عن غرفة التخزين التي وعدها بها.
هذه الفكرة أيقظت فيها مزيجا من المشاعر المعقدة: القلق والأمل, والترقب, مشاعر تخلو تماما من المنطق. مشاعر لا ضرورة لها كما تبين لها لاحقا.
وفيما كانت تماطل مدعية أنه بالكاد تسنى لها الوقت للقيام بأي ترتيبات, اتصل بها في صباح اليوم التالي, وقال:
-حضرنا لك غرفة للتخزين قرب المصاعد كي يتم نقل المعدات إليها, وسأحرص على وجود شخص يساعدك كلما احتجت إلى إحضار شيء ما أو حمله.
-لا أظن أن الأمر ضروري.
-بلى, أعرف أن البلاط ثقيل الوزن, أتذكرين؟.
وتذكرت كيف حمل الصندوق بسهولة بعد أن جعلت من نفسها موضع سخرية بإيقاعها الصندوق أرضا.
-لن أحتاج إلى البلاطات قبل فترة, ليس قبل أن أنتهي من الكرتون.
-من ماذا؟.
-رسم ملون على الحائط أعمل على أساسه.
في المشاريع الأخرى, كانت تعمل في الاستديو ثم تثبت اللوحة في مكانها, لكن هذه اللوحة كبيرة جدا ومعقدة. لذا, فضلت العمل في الموقع عوضا عن المخاطرة بتقسيمها إلى أجزاء غير متناسقة.
-كما طلبت سقالة, يمكنك المجيء متى شئت للتأكد من تركيبها تماما كما تريدين.
وقف غابرييل يراقب عن كثب فريق العمل وهو يركب السقالة تحت إشراف ريانون, ليتأكد من أن أنها آمنة تماما.
أكدت له ريانون:" أنا متأكدة من أن السقالة متينة".
-ألست قلقة من العمل هنا؟.
-سأكون بخير.
فالوقوع من فوق يسبب كارثة, إلا أن حبل الأمان الذي أصر على تركيبه كفيل بضمان عدم حدوث أي مشكلة.
قال غابرييل منتقدا:" الإضاءة ليست ممتازة, فإن كنت تنوين العمل ليلا ستحتاجين إلى ضوء كاشف أو ما شابه, سأرى ما بوسعي فعله حيال هذا الأمر".
-شكرا لك!.
تناولت ورقة كبيرة ملفوفة وفتحتها, فإذا بالتصميم الذي وضعته سابقا, لكن بحج أكبر.
سألها:" هل ستنسخين هذه؟".
-نعم, فأنا لا أريد ارتكاب أي خطأ على لوحة بهذا الحجم. سأرسم شبكة على الحائط أولا.
-هل أساعدك في شيء؟.
كانت تنوي طلب مساعدة بيري, على أن تدفع له أتعابه, لكنها عادت وشعرت بالذنب لإلهائه عن فنه, فوقته محدود جدا نظرا لعمله بدوام كامل في صالة العرض.
عندما ترددت أضاف:" قلت لك إنني لن أستعجلك, ولكن ثمة عرقلة طفيفة بسبب السقالة. إن حدث طارئ ما وعجزنا عن استخدام المصاعد فسنواجه مشاكل جسيمة, لأن المدخل مغلق بشكل شبه كامل.
إنه محق لقد بقي مكان ليمر شخص واحد, فقد قلصت السقالة المسافة بشكل كبير.
-سأنهي الجزء العلوي أولا, وبعدئذ يمكننا إزالة السقالة.
-متى تنوين البدء بالعمل؟.
-غدا, بعد إغلاق صالة العرض, سأحضر للعمل لبضع ساعات.
-سأكون هنا, ولكن إليك المفتاح لتستخدميه لاحقا.
مد يده إلى جيبه, وناولها مغلفا.
-سأعلمك كيف تستعملينه.
وفيما كانا ينزلان السلالم, ظهر رجل ملتح, متوسط العمر, فقدمه غابرييل إليها على أنه الحارس.
سلم ميك دايارت على ريانون, وأكد لها أنه سيساعدها متى احتاجت إليه.
وفيما كان يواكبها إلى سيارتها, قال غابرييل:" إن غادرت في وقت متأخر, ولم أكن في الجوار, فسيرافقك ميك أو غيره من رجال الأمن إلى سيارتك أو يطلبون لك سيارة أجرة".
حين وصلت بعد ظهر السبت, وجدته واقفا عند موقع العمل يتأمل الحائط, كما رأت ضوءين كبيرين موجهين إلى الحائط. سألها:
-هل تناولت الطعام؟.
-نعم.
وانشغلا برسم الشبكة. وانتهيا قبل حلول الظلام.
قالت وهي تنزل من على السقالة:" شكرا لك, لم أتوقع إنهاء الشبكة اليوم".
-ما الخطوة التالية؟
-سأنقل الرسم على الحائط.
-أظن أنك ستنجزين هذا العمل بمفردك.
-نعم, ولكنني أقدر لك مساعدتك.
-هل لي بدعوتك لتناول الطعام؟.
-أنا خارجة للعشاء مع رفاقي هذه الليلة, كما أنك لست مضطرا لإطعامي.
-طالما يفعل أحدهم هذا. . .
نهار الأحد, كانت قد بدأت العمل منذ حوالي نصف ساعة, عندما سمعت وقع خطوات فتوقفت عن العمل, ونظرت إلى الأسفل وهي تتوقع رؤية الحارس. لكنها رأت غابرييل عند أسفل الدرج وقد اتكأ إلى الحائط. قال:" ظننت أنك ستكونين هنا".
-لم أكن أظن أنك ستأتي.
تردد صوتها في المبنى الفارغ الذي بدا أكثر هدوءا من البارحة.
-لدي بعض الأعمال المكتبية التي علي أن أنهيها. آمل ألا تبقي هنا طيلة النهار, فالعمل ستة أيام في الأسبوع في صالة العرض, وقضاء عطلة الأسبوع في العمل في صالة العرض, وقضاء عطلة الأسبوع في العمل لحسابي, يعتبر عبودية ولن أرضى بها.
-هذا مختلف عن العمل في صالة العرض.
لوى فمه:" أهذه عبودية تحبينها؟".
-أعلم أنني أتقاضى أجرا مقابل هذا, لكنني أقوم بعمل أحبه!.
-حسنا, لا تطيلي البقاء. هل تحتاجين إلى شيء ما؟.
هزت ريانون رأسها:"لا, شكرا لك".
وقف للحظة ثم قال:" حسنا, إلى اللقاء".
وقفت تستمع إلى وقع خطواته, وبقيت جامدة في مكانها إلى أن أيقنت أنه ذهب. . . ذهب بكل بساطة!
عادت إلى الرسم فارتكبت غلطة, وشتمت في سرها, مر الحارس بضع مرات ليطمئن عليها, ثم غاب.

جين أوستين
20-04-2009, 01:35
وعند الساعة الواحدة, ظهر غابرييل من جديد وسألها: هل تناولت الغداء؟ أو أخذت استراحة؟".
-نعم فعلت, قلت لك ألا تقلق بشأني.
كانت قد أحضرت بعض السندوتشات والفاكهة وتناولتها وهي تجلس على الدرج.
-هذا عمل كبير كي ينجزه شخص واحد.
-أنا قادرة على إتمامه.
-لم أكن أشير إلى العكس. جل ما في الأمر هو أنني لا أريد رؤيتك منهكة.
-لن تفعل, فأنا قادرة على الاعتناء بنفسي.
فهي تفعل هذا منذ مدة طويلة.
نظر إلى ساعة يده:" علي أن أنصرف, ميك هنا إن احتجت إلى شيء ما".
نهار الإثنين, مر بها غابرييل قبل أن يغادر المبنى, فأجبرت نفسها على التركيز وهو يراقبها ولم تسترخ من جديد إلا بعد أن غادر.
وعند الساعة الثامنة, عرض عليها ميك بعض القهوة, وجلس بقربها على الدرج يتحدثان إلى أن أنهت قهوتها.
قال وهو يريها صورة ثلاثة أولاد مبتسمين مع والدتهم:" هؤلاء أحفادي. للأسف لم تعش زوجتي حتى تراهم".
قالت ريانون:" إنهم رائعون".
فهي تحب الأولاد, إنهم مسلون وغير مؤذيين, بالرغم من أنهم يحملون ذويهم مسؤولية كبيرة. وتمنت أن تحظى يوما ما بأطفال لها, إلا أنها طردت من فكرها كل الأمور الأخرى التي تسبق إنجاب الأطفال.
كانت رانون تقود سيارتها كل مساء إلى مبنى آنجل إير, وتستفيد من المواقف الشاغرة لتركن سيارتها. نهار الجمعة, ضغطت ريانون على جرس باب الموظفين لتخرج, وعوضا عن ميك, ظهر غابرييل أمامها وهو يبدو أكثر وسامة من أي وقت مضى, بقميصه الأبيض وكميه المرفوعين, وسرواله الأسود.
-أتعمل لساعة متأخرة؟
رد وهو يفتح لها الباب:" نعم. كيف يجري العمل؟ بدا هذا الصباح وكأنك على وشك إنهاء الرسم".
-لقد أنهيتها الآن, غدا سأبدأ التلوين.
وسارا باتجاه سيارتها.
-ستحتاجين إلى مساعدة في حمل علب الطلاء, لذا سأساعدك.
-قلت إن ميك سيساعدني.
-سيأخذ ميك عطلة نهاية هذا الأسبوع ليرى عائلته.
-ألا تأخذ عطلا؟
-أنا المدير. آخذ عطلة عندما يتسنى لي ذلك.
فكرت ريانون في أنه اعتاد العمل حتى وقت متأخر منذ أيام صباه, ما ساعده على تحويل شركته إلى ما هي عليه الآن.
سأل:" في أي ساعة تودين الحضور؟".
-حوالي الثانية والنصف, بعد إقفال صالة العرض.
-سأكون هنا.
حين صعدت إلى سيارتها, انحنى قبالة النافذة وقد كتف يديه, ثم قال:" قلت لي يوما إنني أعجبك, فهل تغير هذا؟".
-لا.
ردت قبل أن تتذكر متى قالت هذا, ثم تذكرت عناقهما في مكتبه إنها معجبة به, لكنها تخشى تأثيره فيها.
في اليوم التالي, لاقاها غابرييل مرتديا بنطلونا من الجينز وقميصا, وساعدها على حمل علب الطلاء من غرفة التخزين.
عندما بدأت طلاء الخلفية باللون الأزرق قال:" اللون خفيف, أليس كذلك؟".
أكدت له:" هذه الألوان تقريبية فحسب, إنها مجرد أساس لقطع البلاط".
-إذا, أأستطيع أن ألون؟.
فكرت في أن إلهاءه بالعمل سيساعدها على التركيز عوضا عن الوقوف في الأسفل يتأمل عملها.
-أظن ذلك.
وفكرت للحظات:" إذا بدأت من أعلى الزاوية هنا فقد نلتقي عند الوسط".
ابتسم:" فكرة ممتازة".
حين وصلا إلى الوسط, تراجعت وسمحت له بإنهاء الجزء الأخير, وسألها:" كيف أبليت؟".
-حسنا.
بدا راضيا عن نفسه, فضحكت:" يمكنك أن تقوم بالمزيد إن شئت".
كادت تعتاد على وجوده بقربها حيث يعمل بصمت وينفذ تعليماتها, طاليا المساحات الكبيرة, فيما تعمل هي على المساحات الصغيرة الدقيقة.
وعند الخامسة, سألها:" هل تنوين العمل لفترة أطول؟".
هزت ريانون رأسها:" سأتناول العشاء مع رفاقي الليلة".
-دعيت لزيارة ملهى ليلي جديد نهار السبت المقبل, فهل تودين مرافقتي؟.
في المرات القليلة التي ارتادت فيها ريانون ملاه ليلية مع رفاقها, كانت التجربة مزعجة, فقالت:" أنا لا أرقص, كما أننا اتفقنا على إبقاء علاقتنا مهنية صرف".
-في الواقع, لا أذكر أنني اتفقت على شيء كهذا.
رمته ريانون بنظرة ثاقبة, فسألها:" لم لا ترقصين؟".
-أنا لا أجيد الرقص.
-التمرين مفيد... كما في معظم الأمور.
-أنا غير مهتمة بهذا.
ضحك:" أنت لا تعرفين ما الذي يفوتك!".
وصلت في صباح اليوم التالي فوجدته ينتظرها وقد حضر الطلاء والفرشاة, ووقف يتأمل ما أنجزاه في الأمس. توقفت عند أسفل الدرج فاستدار نحوها وقال:" صباح الخير".
لم يشح بنظره عنها, وراح يراقب كل حركة من حركاتها وهي تتجه نحوه. عجزت عن قراءة تعابير وجهه, فانزعجت. كانت عيناه مغمضتين قليلا وتلمعان.
حاولت ريانون محاربة الشعور بالانجذاب الذي استيقظ فيها. كان الشعور قويا إلى حد أنها تعمدت الوقوف بعيدا عنه. وحين وصلت إلى موقع العمل, شعرت بأن جسمها يخدر وأحست بسائل دافئ يسري في عروقها.
لم يتحرك, بل تسمر في مكانه أمام علب الطلاء, وأيقنت أن عليها الاقتراب منه لتناول الطلاء.
كادت تقع عندما مست يدها طرف قميصه. بقي مسمرا في مكانه, فيما شعرت بخدر في أناملها. راحت يدها ترتجف وهي تتناول الفرشاة عن الأرض فيما اقترب منها, اقترب كثيرا. شعرت بدفء جسمه وبنفسه يداعب شعرها فانزلقت الفرشاة من يدها, وحطت على الغطاء الموضوع أرضا. التقطها غابرييل وناولها إياها بأصابعه القوية.
قالت بصوت منخفض:" شكرا لك".
-ما من مشكله, قولي لي ما علي فعله.
عملا بصمت, وشعرت ريانون بأن التوتر يتلاشى تدريجيا. وعندما حضر ميك وعرض عليهما بعض القهوة كانت ريانون قد عادت إلى طبيعتها. عند الظهر, اقترح غابرييل:
-ثمة مطعم جيد بالقرب من هنا.
هزت ريانون رأسها:" لقد أحضرت غدائي معي, فتفضل أنت".
غادر لبعض الوقت وعاد وهو يحمل بيده فطيرة وقطعة دوناتس, وفنجاني قهوة.
شكرته ريانون حين قدم لها كوب القهوة. جلست على الدرج وأسندت ظهرها إلى الحائط وراحت تتناول طعامها.
نظر إليها نظرة مفكرة ثم سأل:" هل أنت راضية عن مجريات الأمور؟".
قررت عدم تفسير كلماته بطريقة مبطنة, فنظرت إلى اللوحة.
-العمل يسير بشكل أسرع مما توقعت بفضل مساعدتك.
-تسرني مساعدتك. أنت تعلمين أن بوسعك طلب مساعدتي في أي وقت, ولأي غرض.
نظرت إليه وقد اكتسحها شعور بالضعف إلا أنها قاومت هذا الشعور. قالت:"
-أظن أن لوحة الموزاييك ستعني لك الكثير الآن بعد أن شاركت في صنعها.
نظر إلى العمل الذي أنجزاه ثم استدار ناحيتها:" هذا عمل سأذكره ما حييت".
عند الخامسة, نزلت ريانون لتتأمل عملها من الأسفل وتريح يديها وظهرها, لحق بها غابرييل ووقف وراءها واقترح:
-هذا يكفي لليوم, هل نضع الطلاء والفراشي في مكانها؟.
-نعم, أظن ذلك.
-سأهتم بهذا بعد أن أوصلك إلى سيارتك, فأنت بحاجة إلى الراحة.
اعتادت ريانون وجود غابرييل وتقديمه المساعدة من وقت إلى آخر. وفي غياب غابرييل, يحضر لها ميك القهوة, ويوصلها إلى سيارتها بعد أن يحرص على ألا تطيل السهر.
بعد أن انتهى الرسم, وضعت نوعا من الغراء على البلاط, فيما تعاون غابرييل و ميك على حمل صندوق مليء بالبلاط ووضعاه بحذر على السقالة. وقف غابرييل تحتها واضعا يديه على خصره, ورأسه مرفوع.
بعد أن وضعت بعض قطع البلاط على الحائط نظرت إلى الأسفل, إلى الأغراض التي تركتها على الشرشف.
-ماذا تريدين؟.
أشارت:" نسيت إحضار أدوات تقطيع البلاط".
ناولها الأدوات التي تحتاجها وراقبها وهي تقطع البلاط إلى الشكل المناسب, ثم تغمسها في الغراء وتلصقها على الحائط.
قالت لغابرييل:" إن كنت مشغولا فيمكنك الانصراف. أنا لا أحتاج لأن تساعدني اليوم".
استدار ونظر إلى وجهها:" كما تشائين. هل أزعجك؟".
بعد المساعدة التي قدمها لها , بدا قولها هذا فظا. فتنهدت:
- سيصبح العمل مضجرا, ليس إلا.
عقد يديه على صدره, ووقف مبعدا رجليه الواحدة عن الأخرى:
-أنا لم أضجر بعد.
استدارت لتتناول قطعة أخرى.

جين أوستين
20-04-2009, 01:44
-افعل ما يحلو لك.
-أنا أفعل هذا, في الواقع أنت تحلين لي.
استدارت بسرعة تواجهه, إلا أنه كان يحدق إلى الحائط قال:
-يبدو جيدا.
رأى أن من المستحسن أن يجاريها في ما تقول. لكنه لا ينوي القيام بذلك إلى الأبد بل إلى أن تسامحه على انتهاكه خصوصياتها كما لا يريدها أن تشعر بالتهديد, إذ ستصده من جديد, قال:" سأكون في مكتبي و ميك في الجوار إن احتجت إلى أي مساعدة".
جلس وراء الكومبيوتر يحدق إلى الأرقام وفكره مشغول بريانون راح يتذكر شكل جسمها, ونظرة التركيز في عينيها, والطريقة التي تزيح بها شعرها عن وجهها.
تاق لأن يخرج من مكتبه, ويهرع للقياها, ويأخذها بين ذراعيه ويعانقها بحب وشغف وجنون كما لم يسبق له أن عانق امرأة من قبل. لكنها صدته, ولسوء الحظ, مرات عدة, ومن غير المجدي التفكير بعلاقة جدية مع امرأة ترفض كل فرصة للرومانسية والحب في حياتها.
حسنا, لن يفكر في هذا الآن بل سيخطو خطوة تلو الأخرى. ومن يدري كم ستستغرق كل خطوة؟.
لكن غابرييل هادسون ليس برجل يقبل الهزيمة بسهولة.
أراد أن يضع خطته الأخيرة موضع التنفيذ, فتراجع قليلا إلى الوراء وقرر التصرف بتأن وبتمهل. وبالرغم من أن ريانون لا تحتاج لمساعدته, إلا أنه اعتاد أن يمر لرؤيتها لوقت قصير أولا. ثم لفترات أطول تدريجيا حين بدا أنها لا تنزعج منه. وبقي طيلة هذا الوقت محافظا على قراره بعد الضغط عليها.
كان أحيانا يتعمد البقاء بعيدا علها تلاحظ غيابه وتشتاق إليه ولو قليلا. وحين يقف بجوارها, يصون لسانه ويتحكم بكلماته متجنبا توجيه أي ملاحظة لاذعة, ومحاولا إخفاء المشاعر الظاهرة في عينيه.
ظل على خطته هذه, وقد سر لأنها بدأت تسترخي بوجوده قربها. لقد مرن نفسه و ابتعد عن كل نوع من العلاقات, كما أنه اكتسب خبرة جديدة إذ ازدادت علاقته بريانون عمقا, وهو أمر لم يختبره من قبل.
كان الأمر أشبه بمراقبة نضوج فتاة يافعة. ففي كل مرة تبتسم, أو تنظر إليه من دون أن تستدير سريعا, يشعر بقلبه ينقبض وينتفض من مكانه.
كانا يتحدثان أحيانا عن أمور عامة, لكنه تمكن في أحيان أخرى من معرفة بعض التفاصيل الشخصية عن طفولتها, وعلاقتها بذويها, وجدتها. واستنتج من حديثها, أنها كانت تعيش حياة سعيدة قبل الفاجعة التي حرمتها من والدتها وحولت والدها إلى ظل.
وذات يوم, جعلها تضحك من كل قلبها على ملاحظة أدلى بها, فشعر ببهجة كبيرة.
وذات مساء, حين جلست بقربه على الدرج لاحتساء التي أحضرها ميك شعر أنه حقق نصرا.
تناولت ريانون قطعة البلاط الأخيرة, ووضعت عليها الغراء ثم علقتها على الحائط بحذر وضغطت قليلا.
وضعت القطاعة جانبا وأرخت عضلاتها لتستريح قليلا, ثم نزلت وهي تتمطى. تناولت قنينة الماء البارد عن الأرض وشربت ورشت القليل من الماء على وجهها.
نظرت إلى الأعلى, إلى العمل الذي أنجزته, وشعرت بالرضى. صحيح أن الكثير من العمل ينتظرها لكنها وضعت الخطوط العريضة للوحة وبدأت بملء الفراغات. كان الجزء العلوي هو الأصعب إذ عليها أن تبذل جهدا لتتمكن من وضع كل قطعة في مكانها.
وضعت يدها على كتفها الأيمن تمسده, إلا أنها قفزت من مكانها حين لمستها يد أخرى.
قال غابرييل:" عذرا, ألم تشعري بوجودي؟".
-لم أسمع وقع خطواتك.
كان ينتعل حذاء رياضيا كما كانت مستغرقة كثيرا في عملها إلى حد أنها لم تلحظ قدومه. بقيت يده في مكانها, وبدأ يمسد كتفها, فكتفيها. بدت أصابعه قوية ومألوفة.
-هل يساعدك هذا التدليك؟ قولي إن كنت تريدينني أن أتوقف.
شعرت ريانون بعضلاتها تسترخي. تسمرت وقد فاجأتها رغبتها في الاستسلام للمساته, فاعترفت:" نعم, أظنه يفيدني".
ابتسم قليلا وتابع حركات التدليك.
سألها بعد أن توقف عن التدليك واستراحت يداه على كتفيها:
-أتشعرين بتحسن؟.
-شكرا.
-عملت بما يكفي اليوم.
قالت وهي تشير إلى الأعلى:" أريد إنهاء الزاوية العليا. كنت على وشك مزج المزيد من الغراء".
-المكان مرتفع.
-لهذا السبب كتفي متصلب.
هل أساعدك؟ قولي لي ما علي أن أفعله, فأنا أستطيع الوصول إلى تلك الزاوية بسهولة أكبر.
هذا العمل متعب أكثر مما تخيلت وهي لا تريد أن تصاب بألم في كنفها جراء القيام بالعمل عينه مرارا وتكرارا.
وقفا جنبا إلى جنب, فراحت ريانون تنتقي القطع التي تحتاجها وتسلمها لغابرييل الذي يضعها في المكان الذي تشير إليه. لقد فهم آلية العمل بسرعة وتمكنا في وقت قليل جدا من إنهاء الزاوية العليا.
قالت ريانون بارتياح:" سيكون الباقي أسهل, فأنا لم أنجز شيئا كهذا من قبل".
-ألم تندمي لأنك استلمت هذا العمل؟
-طبعا لا, فهذه فرصة لا تعوض؟
-فرصة لم تخشي استغلالها؟
-لا.
رمته بنظره ثاقبة وابتعدت عنه, ثم نظرت إلى ساعتها و تفاجأت لأن الوقت تأخر. سألته وهي تشير إلى الأدوات الموزعة على الأرض:
-هل لي بترك هذه المعدات هنا فغدا يوم أحد؟".
-طبعا, اتركي كل شيء هنا إلى الغد... أو إلى أي يوم آخر.
فاجأتها نبرة صوته فنظرت إليه مجددا, لترى نظره مسمرا عليها. ابتسم لها مجددا وقفز إلى الأرض ثم مد يديه إليها.
قالت وهي تهز رأسها:" أفضل الطريق الآمن".
وفضلت النزول على السلم.
وبعد أن وصلت إلى الأرض, قال وقد ابتسمت عيناه:" كنت لأمسك بك لو وقعت".
تراجعت إلى الوراء تتمطى:" أعرف".
انتظر لحظة كما لو أنه يفكر بما سيقوله ثم سألها بهدوء:" لما أنت خائفة يا ريانون؟".
عضت على شفتها السفلى, وراحت تفكر بأمور كثيرة, قبل أن تجيب:" ليس منك".
ولمع بريق أمل في عينيه فأردفت:" أعلم أنك لن تلحق بي الأذى".
الحقيقة معقدة حقا. ولكن..
-ولكن الأمر معقد.
-أهو أكثر تعقيدا من أن تبوحي لي به؟.
نظرت مجددا إلى عينيه, فرأته ينظر إليها كما لو أنه يشجعها على البوح بسرها, كما لو أن هذا الأمر غاية في الأهمية بالنسبة إليه.
قالت هامسة:" حين كنت في السابعة عشرة من عمري, تعرضت لحادث".
-أعلم.
انتفض قلبها وتوترت, وأحست بانقباض في معدتها. أما هو فتابع:" أعني أنني تكهنت أنك عشت تجربة سيئة. لكنني لا أعرف ما هي ولا متى حصلت معك".
وتوقف عن الكلام. وبما أنها لم تعطه أي معلومات إضافية, حاول استعادة رباطة جأشه وسألها:" هل اعتدى عليك رجل ما؟".
ابتلعت ريانون ريقها:"ليس... تماما".


☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 01:49
7- الفرصة الضائعة

لم يفهم غابرييل ما عنته بقولها, أخرجت في موعد ثم تعرضت بعده لاغتصاب؟ أم قطعت شوطا كبيرا في علاقة فلامت نفسها؟ قال:
-إذا تصرف ذلك الرجل تصرفا لا تريدينه, فالذنب ليس ذنبك".
رفعت رأسها:" أعلم أن الذنب ليس ذنبي".
فسأل بهدوء:" هل ستقولين لي ما حدث؟".
ترددت وحدقت إليه كما لو أنها تخضع لتنويم مغناطيسي وتناهى إليهما وقع خطوات ثم ظهر ميك أمامهما, وقال:" أحان وقت الرحيل؟ مساء الخير سيد هادسون, لم أكن أعلم أنك هنا".
شتم غابرييل بصمت, ونهره وهو يدرك أن الفرصة ضاعت من يد:" نحن نعمل".
تفاجأ ميك من نبرة غابرييل, فيما رحبت ريانون بالمقاطعة, فقالت:
-كنا نعمل ولكننا انتهينا لتونا, فما رأيك؟
ابتسمت واتجهت بسرعة نحو ميك لتنظر من أسفل الدرج إلى اللوحة متجنبة النظر إلى عيني غابرييل.
نظر إليها غابرييل وقد شعر بألم في صدره. إنها تهرب منه وتسعى إلى رجل آخر بحثا عن الحماية. إنها تبتعد عنه.
اعترف ميك:" أنا لا أفهم كثيرا في الفن التجريدي, ولكن الألوان جميلة جدا".
تحولت نظرة ريانون إليه:" يسرني أن الألوان أعجبتك, لن ترى جمالها كاملا قبل أن تنتهي. أنوي إنهاء الجزء العلوي أولا".
انزعج غابرييل لأنها تجاهلته, فقال:" سنترك الأغراض هنا إلى حين عودة ريانون في الصباح الباكر".
علم غابرييل أنه لن يحصل الليلة على مزيد من المعلومات من ريانون, فسمح لميك بمرافقتها إلى السيارة, وقد شعر بالمرارة لأن التوتر غاب عن وجهها لحظتها.
تلك الليلة, بالكاد عرفت ريانون طعم النوم. كان عقلها يعيد ويعيد ذكريات قديمة, تمكنت من تخطيها وها هي تعود الآن لتطاردها.
كانت تعرف كافة النظريات القائلة بضرورة مواجهة الظلمة ومخاوفها, فقد عاشت هذه التجربة في السابق, ولا تنوي المرور بها مجددا.
أما اليوم فها هي تحيا الكابوس عينه من جديد. شعرت بالبرد, وتعرقت خوفا, وراح رأسها يضج بالذكريات.
في الصباح, توصلت إلى استنتاج وهو أن شعورها بالاستياء من غابرييل أمر ظالم بحقه.
صممت على منع أشباح الماضي من أن تملي عليها تصرفاتها, فعادت إلى العمل على لوحة الموزاييك آملة أن يبقى غابرييل بعيدا عنها. لكنها وجدته ينتظرها عند أسفل السلالم. قال وهو يقترب منها تدريجيا:" ظننت أننا نستطيع أن نكمل من حيث توقفنا".
لم تجب ريانون, فقد كانت منهمكة بالسيطرة على المشاعر المتناقضة التي اجتاحتها. فكرت والحقد يملؤها في أنها تكرهه لعدد من الأسباب أهمها أنها وقبل وصولها إلى المبنى بجسمها يخدر وبسائل دافئ يجري في عظامها.
وبالرغم من أن نظرها كان مسمرا على العلب والأدوات الموضوعة أرضا, إلا أنها شعرت بأنه ينظر إليها وذاك البريق البارد في عينيه, بريق يشعرها بأنه يحاول اختراق ذاتها. كانت تعلم تماما أنه لم يعن بحديثه لوحة الموزاييك بل حمل كلامه معنى مبطنا آخر.
وقالت في نفسها إن ماضيها لا يعنيه, وهي لن تسمح له بأن يعرفه. تنحنحت وحاولت أن تجعل صوتها ثابتا وقالت:" لا أحتاج إليك".
-هل أنت متأكدة؟ عملنا بشكل جيد البارحة, وظننت أن ما من مانع في الاستمرار به.
-كان عمل البارحة صعبا, لكنني قادرة الآن على العمل بمفردي.
رفعت ذقنها وتقدمت, بعد أن ألقت نظرة سريعة على وجهه الذي بات جامدا, خاليا من أي تعابير واضحة. وحده بريق عينيه كشف عن انزعاجه.
بدا صوته عميقا:" حسنا, كما تشائين".
لم يبق قربها بل صعد السلالم وتوجه إلى مكتبه. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم, أحضر لها كوبا من القهوة.
جلست ريانون كعادتها على الدرج, وبعد أن حدق إليها طويلا, جلس ومد ساقيه ونظر إلى فنجان القهوة ثم قال:" مساء أمس, بدأت بإخباري شيئا".
ارتشفت بسرعة القليل من القهوة.
-ارتكبت غلطة بذلك. على أي حال لقد تخطيت هذا الأمر منذ سنوات.
-هل أنت متأكدة؟.
نعم.
حدقت إليه, فرأت الشك واضحا في عينيه مما اضطرها إلى إخفاء وجهها بفنجان القهوة.
-هل قابلت طبيبا نفسيا أو ما شابه؟
أخفضت ريانون كوب القهوة:" نعم, طيلة عام كامل".
-ربما يفترض بالعلاج أن يدوم أكثر.
-أتظن أنني مختلة؟
-طبعا لا. أظنك تكبحين مشاعرك وهذا ليس بالأمر الصحي.
شربت ما بقي من قهوتها ثم وقفت. نظرت إليه من علو فشعرت بثقة أكبر في النفس, وظهر مجددا الامتعاض الذي أحست به سابقا.
-أشكر لك اهتمامك. أنت لست أول رجل يخضعني لهذا التحليل النفسي. حسنا, أنا أعاني من كبت جنسي وعجز عاطفي. في الواقع, أنا مرتاحة هكذا, شكرا لك.
أو على الأقل كانت مرتاحة إلى أن تعرفت إليه, وهي تريد بشدة العودة إلى حالة الاستقرار النفسي والجسدي. تابعت كلامها:" إن كنت باردة, فلا بأس في ذلك".
وضع غابرييل كوبه جانبا ووقف يعترض على كلامها:" باردة؟ لا أصدق هذا!".
-صدق ما أقوله, فقد قال لي هذا الكلام خبراء أو خبير واحد.
أرادت إغلاق فمها بيديها, فقد باحت بالكثير حتى الآن.
نظر إليها غابرييل والحيرة تملأ عينيه:" من هو ذلك الخبير؟".
-انس الموضوع.
رمت كوب القهوة أرضا ثم توجهت إلى الفرشاة وعلبة الطلاء اللتين كانت تستعملهما. وبسرعة البرق, تقد غابرييل منها و أمسك بيدها, وأدارها لتواجهه..
-أهو الطبيب النفسي الذي كان يعالجك؟.
أحس أنه يحكم قبضته عليها, فأفلت يدها لكنه وقف قريبا جدا منها إلى حد أنها رأت صورتها في عينيه, وأيقنت أنها لن تستطيع الهرب بسهولة.
سأل والشك يسيطر عليه:" هل كان هذا الشخص جيدا؟".
-إنه ذائع الصيت في مهنته.
وهو أمر لم يتوانى عن تذكيرها به مرارا وتكرارا.
قطب جبينه وسألها:" هل استشرت شخصا آخر في هذا الموضوع؟".
ضحكت ضحكة خفيفة:" حصلت على الكثير من الآراء, وأنت لست سوى الأخير".
-لم أقل هذا لأدفعك إلى إقامة علاقة معي, بل أردت المساعدة وحسب.
كان قريبا جدا منها إلى حد أنه يسعها الاستناد إلى صدره إن شاءت... وهي تريد هذا بكل جوارحها. وعوضا عن الارتماء في حضنه, تقوقعت على نفسها:
-لا أحتاج إلى مساعدة. لا أريد مساعدتك ولا مساعدة أي شخص آخر.
قال بعد لحظة:" حسنا, كما تشائين".
ابتعدت عنه غاضبة واتجهت إلى الحائط.
-لم ترتاحي إلا خمس دقائق!.
-أريد المضي قدما في هذا.
ارتشف ما تبقى من قهوته وقال:" وأنا أيضا".
بقي بجوارها يراقبها بكآبة, ما جعلها تشعر بأنه يريد أن تخرق جدار الصمت. عملت ببطء, إذ خشيت أن تخطئ فتكشف له أن وجوده قربها يوترها ويجعلها عاجزة عن العمل كالعادة.
وبعد فترة بدت لها كدهر, غادر المكان ولم تره مجددا ذلك اليوم.
في المرة التالية مر بها للتأكد من تقدم العمل بدا هادئا, ولم يقل أي شيء أو يقدم على أي عمل ما كان ميك ليقوله أو يقوم به.
لم يذكر موضوع ماضيها مجددا, وقالت ريانون في نفسها إنه نسي الأمر حتما. حاولت نسيان ما جرى, و بدأت ترتاح تدريجيا, أما غابرييل فراح يعرج عليها من وقت إلى آخر ويعاملها بطريقة مهنية صرف.
أنهت الجزء الأعلى من اللوحة فيما كان غابرييل يراقبها. ثبتت قطعة البلاط الأخيرة ووقفت:" لا أستطيع الاستمرار بالعمل إلى أن يجف الطلاء".
مد غابرييل يده ليساعدها على النزول, ومن دون تفكير, سمحت له بمساعدتها. وضعت يدها الأخرى وراء ظهرها وقالت مبتسمة:
-أحتاج إلى بعض التمارين الرياضية".
اقترح غابرييل:" ما رأيك بنزهة إلى رصيف الميناء, حيث يمكننا أن نتناول شيئا احتفالا بإنهاء الجزء الأعلى من اللوحة؟".
-وأنا أرتدي هذه الثياب؟.
لاحظت أنه ما زال يمسك بيدها, فسحبتها و أشارت إلى قميصها الملطخ.
-لا بأس, يسعني أن أقرضك قميصا إن شئت.
تذكرت ما جرى في المرة الفائتة حين بقيا وحدهما في مكتبه, وأحست بانقباض في معدتها, لكن غابرييل لم يشاطرها هذا الشعور بالانزعاج. بدا مؤخرا أنه يسعى جاهدا لعدم مضايقتها أو انتهاك خصوصياتها. وهي واثقة من أنه لن يقدم على أي تصرف يجعلها تشعر بالانزعاج أو الخوف.
هزت رأسها وسألته:" أتبقي ملابس إضافية في مكتبك؟".
-نعم, فأحيانا لا يكون لدي الوقت للذهاب إلى المنزل وتغيير ملابسي.
هي أيضا تغير ملابسها في العمل أحيانا, إذ تبقي سروال جينز وبعض القمصان في صالة العرض.
حدقت إليه لبضع لحظات ثم قالت:" حسنا, لم لا!".
جاهد غابرييل ليمنع نفسه من ضمها بين ذراعيه معانقتها. فتصرف بهدوء وقادها إلى مكتبه, ثم ناولها قميصا أبيض نظيفا وقال وهو يشير إلى باب:" الحمام من هنا".
حين خرجت من الحمام, كانت قد طوت أكمام القميص وربطته من الأمام, فسمح لنفسه بالنظر إليها للحظة, ولم يستطع إلا أن يعلق:

جين أوستين
20-04-2009, 01:55
-يليق بك القميص أكثر مما يليق بي".
وبغية منع يديه من لمسها, استدار بسرعة نحو الباب وقال:" هلا ذهبنا؟".
ستكون بأمان في الشارع, حيث الناس. لقد جاهد لنيل ثقتها, وهو لا ينوي إفساد هذا الآن.
مرا بالمبنى القديم الذي هدم, والذي ظهرت مكانه أساسات بناء جديد. ومن بين المقاهي والمطاعم العديدة, انتقى غابرييل مطعما يطل على المياه والمرفأ.
طلب غابرييل كوبين من عصير الليمون الطازج, وسأل ريانون:" أتودين تناول شيء ما؟".
-بعض البطاطا المقرمشة والفستق.
اكتفيا بما فضلته وجلسا يتحدثان ويضحكان إلى أن قالت ريانون وهي تتثاءب:" اعذرني!".
-هل أنا مضجر إلى هذا الحد؟
ضحكت وهي تهز رأسها:" أنت تعلم أن ما تقوله غير صحيح, فأنت مسل أكثر من أي رجل عرفته في حياتي".
شعر بأن قلبه توقف عن الخفقان للحظة, وسأل بخفة:" و كم رجل عرفت في حياتك؟".
قالت وهي تتناول حبة بطاطا وتغمسها في الصلصة:" القليل".
تساءل إلى أي حد عرفتهم, وتكهن بأن معرفتها بهم كانت معرفة سطحية, باستثناء بيري.
تناولت حبة بطاطا أخرى واستدارت تراقب المارة, وقالت:
-حين كنت طفلة, كان والداي يأخذانني لقضاء عطلة الأسبوع على الشاطئ الشمالي.
-يمكننا القيام بهذا إن شئت.
نظرت إليه والدهشة تعلو وجهها, ثم ابتسمت:" أحقا؟".
وظهرت في عينيها نظرة شكر وامتنان, فتنهد غابرييل:"ولم لا؟".
استقلا المركب الذي شق طريقه عبر عباب البحر. راح النسيم يداعب شعر ريانون ويلون وجنتيها, وراحت المدينة تصغر تدريجيا فيما المركب يشق الأمواج ويترك رغوة بيضاء وراءه.
سألها غابرييل:" هل تودين الجلوس؟".
هزت رأسها ودخلت خصلة من شعرها في عينيها فأبعدتها. وتساءل إن كانت تدرك كيف يبدو قميصه عليها, وكيف يبرز جمال قدها, أشاح بوجهه بعيدا, فرأى شيئا لفت نظره. طوق ريانون بيديه وأشار:" أنظري إلى هناك".
ظهر في البعيد دلفين يقفز ثم ظهر دلفين آخر. ابتهجت ريانون والتفت إليها ليرى نظرة التعجب على وجهها. وأعلن قبطان المركب على المذياع أن على الركاب النظر يمينا لرؤية الدلافين.
لعبت الدلافين لبضع دقائق ثم اختفت, وغابت الحماسة معها. ارتجفت ريانون ولفت ذراعيها حول نفسها.
سألها غابرييل:" هل تشعرين بالبرد؟ يمكننا التوجه إلى الداخل!".
-لا, البقاء هنا مسل أكثر.
لكنها عادت وارتجفت ثانية. ومن دون تفكير وقف وراءها ولفها بذراعيه.
ارتجفت بين يديه, فأشك أن يفلتها, لكنها عادت واسترخت على صدره.
أغمض عينيه, إلا أن الصور التي تبادرت إلى ذهنه لم تساعده في السيطرة على نفسه. فتح عينيه مجددا وأمل أن تشغله الريح بفكرة مختلفة عن تلك التي تراوده حاليا. وتساقط الرذاذ على وجهه بسبب سرعة المركب, فضحكت ريانون و أحنت رأسها.
إنه يحتاج إلى أكثر من بضع قطرات من الماء ليطفئ النار التي تستعر في داخله. لكنه استغل الفرصة ليخفف من قبضته عليها. حين وصل المركب أخيرا إلى الشاطئ, انتابه شعور من الارتياح والأسى إذ ابتعدت عنه واتجهت إلى السلم لتنزل.
لا تذكر ريانون متى تصرفت بهذه العفوية. لعل شعورها بالتعب هو الذي دفعها للاسترخاء, أو لعله هذا الرجل الذي يشاركها هذه المغامرة الصغيرة. فلم تكن تخشى معه ألا يعيرها اهتمامه, ولم تكن مضطرة إلى صد نظرة الإعجاب التي يرمقها بها, كما لا تشعر بعدم الارتياح إذا لمسها.
مشى غابرييل بقربها واضعا يديه في جيبيه, ثم قفز عن حافة صغيرة باتجاه الشاطئ الرملي واستدار ليساعدها على القفز.
خلعت حذاءها وسمحت للأمواج بغسل رجليها كما اعتادت أن تفعل عندما كانت طفلة. وقف غابرييل بعيدا عنها, وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة رضى.
انحنت لتلتقط صدفة صغيرة زهرية اللون و متناسقة الشكل, واتجهت نحوه لتريه ما وجدت, قبل أن تسير إلى جواره. شعرت أنها خفيفة, غير مقيدة, لا بل سعيدة.
كان اكتشافها أنها سعيدة بمثابة رؤيا فاجأتها, و أفقدتها توازنها. فإذا بذراع غابرييل تمسكها.
ولم تعد ريانون تلاحظ ما حولها, بل تاهت في سحر ابتسامة غابرييل.
سألها:" هل أنت بخير؟".
قالت في سرها: أنا مغرمة, هذا هو الحب.
قالت وهي عاجزة عن إبعاد نظرها عنه:" نعم, أنا بخير".
تذكرت بغموض أنها أحست بمشاعر مشابهه عندما كانت مراهقة, ولكن ما تعيشه اليوم مختلف. فذاك الشعور لم يكن يوما واثقا وعميقا ومرهقا للأعصاب.
رفع يده ولمس خدها بأصابعه:" ريانون, قولي لي ما الخطب؟".
ابتلعت ريقها وابتسمت:" لقد لويت كاحلي قليلا".
قطب جبينه, وركع على رجل واحدة:" أريني. أي رجل؟".
التفت أصابع قوية على كاحلها وتملكها شعور عجزت عن تحديده. ضحكت:
-غابرييل, أنا بخير الآن.
-هل أنت واثقة؟
عندما أومأت برأسها, وقف وأمسك بيدها مجددا, وسألها:
-ستخبرينني إن كنت تتألمين, أليس كذلك؟".
-أنا بخير حقا.
-عديني ألا تكذبي علي.
-لن أفعل.
لقد تغير كل ما في عالمها في لحظة, وكانت تجهل تماما ما عليها فعله, قالت وقد نكثت بوعدها:" أنا بخير".
ماذا سيقول إن أفصحت له عن حبها؟ بدأت بالسير مجددا وأجبرته على اللحاق بها.
وصلا إلى العشب الأخضر المقابل لمركز التسوق, وابتسم غابرييل عندما رآها تحاول إزالة الرمل عن قدميها وهي تجلس على درجات تؤدي من الشاطئ إلى مركز التسوق. قال وهو يقدم وهو يقدم لها محرمة حريرية:" استخدمي هذه".
-أنها نظيفة جدا.
-يمكن أن تغسل, تفضلي.
-حسنا. . . شكرا لك.
تناولت المحرمة ونظفت رجليها قدر الإمكان ثم أخذت فردة حذاء وانتعلتها.
كان غابرييل يمسك فردة الحذاء الأخرى في يده, فانحنى أمامها وأمسك بكاحلها ثم ألبسها الحذاء. حين استقام ومد يده ليساعدها على الوقوف شعرت بشيء من الدوار.
تفرجا على بعض واجهات المحلات, ثم غرقا في مكتبة للكتب المستعملة, بعدها سألها:
-ما رأيك لو نتناول الطعام هنا قبل أن نعود إلى المدينة؟.
كانت الشمس تشارف على الغروب عندما طلبا طعام العشاء, وفتحا حزمة الكتب التي اشتراها كل واحد منهما وراحا يتفرجان على ما انتقاه الآخر, بعد أن أنهيا عشاءهما وصعدا إلى المركب, كان الليل قد حل.
تعثرت فتاة تنتعل حذاء عالي الكعبين, كذاك الذي أقنع بيري ريانون بشرائه, ووقعت على ركبتيها.
ساعدها غابرييل على الوقوف ثم أفلتها وعاد إلى جوار ريانون, فظهرت على وجه الفتاة علامات الخيبة. ولم تستطع ريانون منع نفسها من الابتسام.
سألها غابرييل وهو يقودها إلى مقعدها:" هل ما جرى مضحك؟".
-طبعا لا, هل آذت نفسها؟.
-لا, هذا الحذاء قاتل. كيف حال حذائك؟.
-لم أنتعله مجددا, شجعني بيري على شرائه.
-بيري, إذا؟.
-قال إنه لا يسعني الخروج مع... إلى حفلة كهذه وأنا أرتدي ملابس العمل, لذا اصطحبني للتسوق.
-اصطحبك؟.
-لقد اختار كل شيء ارتديته تلك الليلة.
حدق غابرييل إليها:" هل بيري.. شاذ؟".
-يمكن للرجل أن يهتم بالملابس النسائية من دون أن يكون شاذا لكن في الواقع نعم, إنه شاذ, فهل صدمك الخبر؟.
-لا. . لا. . كان علي أن أخمن.
في البعيد, تلألأت أضواء المدينة والمباني المحيطة بالمرفأ. تثاءبت ريانون, فقربها منه وسر عندما وضعت رأسها على صدره وأغمضت عينيها.
باتت تثق به كفاية إلى حد أنها غفت بين ذراعيه. لقد قطع شوطا كبيرا ومهما, إنما عليه التنبه لئلا يفسد كل شيء.
حين توقف المركب, استيقظت. لكنها بدت وكأنها في حلم لم تستيقظ من إلا بعد أن وصلا إلى الشارع ونادى غابرييل سيارة أجرة. استدارت نحوه وقد بدأ النعاس يتلاشى من عينيها.
-ألن نسير؟
-سأقلك إلى المنزل, فأنت لست بحالة تسمح لك بالقيادة.
اعترضت وهو يدخلها إلى المقعد الخلفي لسيارة الأجرة, ويعطي العنوان للسائق:" سأطلب من ميك الاهتمام بها".
تناول الهاتف الخلوي من جيبه, وطلب الرقم ثم ترك رسالة على المجيب الآلي.
-لقد قمت بنشاطات عدة في يوم واحد, وأنا لست معتادة على ذلك.
-نعم, فأنت تعملين طيلة الوقت على لوحة الموزاييك اللعينة.
ضحكت:" إنها لوحتك, ظننتك تحبها".
-أنت مرهقة.
-أنا متعبة فحسب والذنب ليس ذنبك.
تمتم:" كان علي أن أرسلك إلى المنزل لترتاحي عوضا عن أخذك في هذه المغامرة".

جين أوستين
20-04-2009, 02:06
-لم أكن أحتاج إلى الراحة, كما أنني قضيت يوما ممتعا.
مدت يدها وأمسكت بيده, فجاء تأثير لمستها كصدمة كهربائية.
لم تكن ريانون معتادة على التصرف بشكل عفوي, وبدا أنها لا تعي ما فعلته, فاضر لأن يأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول:" يسرني هذا".
لحسن الحظ أنها لم تتوقع أن يبادلها كلامها بحديث لبق, بل اكتفت بأن تبتسم وتنظر من نافذة سيارة الأجرة إلى الأنوار التي تضيء الشوارع.
عندما وصلا إلى منزلها, طلب من السائق الانتظار ورافقها إلى الباب. قال:
-إن أعطيتني مفاتيح سيارتك, فسأحرص على ركنها في المرآب.
أعطته المفتاح ثم نظرت إلى سيارة الأجرة, وقالت بتردد:" إن كنت تود الدخول. . . ".
توقف غابرييل عن التنفس. ترى ما الذي يجول في خلدها؟ مهما كان ما تفكر فيه, فهو لا يثق في نفسه, ويخشى أن ينجرف وراء عواطفه عندما يصبحان في الداخل بمفردهما, فهي منهكة ومتعبة, لذا يستحسن أن يرفض دعوتها, وقال:" سأقبل دعوتك في مرة أخرى".
وتساءل عما إذا كان يتصرف بغباء, لكنه غادر قبل أن يغير رأيه.

*******

قال بيري:" لا بد أنك مغرمة!".
-ماذا؟.
نظرت إليه ريانون بذهول وقد نسيت الكتاب الذي تحمله بين يديها.
-أنت تقفين هنا من دون حراك منذ نحو خمس دقائق كما لم تسمعي كلمة واحدة مما قلته.
احمرت وجنتاها:" عذرا بيري, كنت أفكر".
-إنه ملاكك غابرييل, وأنا لا أعني لوحة الموزاييك. كيف تجري الأمور؟.
-سأعمل على الجهة العليا من اللوحة في الأسبوع المقبل.
لقد أنهت نصف اللوحة, والعمل على الجزء السفلي أسهل. يثير فيها إنهاء المشروع مشاعر متناقضة, فهي تتوق إلى الانتهاء منه ورؤية ثمرة عملها, لكنها تخشى في الوقت عينه أن يطرأ تغيير على علاقتها بغابرييل جراء ذلك.
كانت ريانون تشعر بالضياع والإثارة كلما فكرت بغابرييل. وقد تساءلت في بعض الأحيان عما إذا قرر عدم إضاعة وقته معها نظرا لأنها عاجزة عن منحه ما يريد. يفترض بها أن ترتاح لأنه لم يعد يريدها, إلا أنها شعرت بألم يعتصر فؤادها ويمزقه.
اكتشافها أنها مغرمة به أثار الكثير من المسائل والتعقيدات, وباتت تشعر بالسعادة والخوف في الوقت عينه.
عندما بدأت ريانون بملء الفراغات بين قطع البلاط, عرض غابرييل عليها مساعدته لإنهاء الزاوية العليا, فراحت تراقبه عن كثب.
بعد أن عملت لبعض الوقت, خلعت قفازيها ومسحت جبينها, ثم حركت يدها اليمنى المتصلبة.
قال لها غابرييل:" هذا يكفي. أنت أقوى مما تبدين عليه, لكن هذا العمل مرهق, وأنا جائع, هل تناولت الطعام قبل أن تحضري إلى هنا؟".
-تناولت صحن سلطة.
بدا مشمئزا:" سلطة! أنت تحتاجين إلى شيء مفيد أكثر من السلطة. لما لا نخرج لتناول وجبة طعام حقيقية؟".
أشارت ريانون إلى قميصها وسروالها الملطخين, ونظرت إلى حذائها, فإذا به ملطخ أيضا.
-هل تمزح معي؟
-سأطلب طعاما جاهزا. ماذا تفضلين؟ طعاما هنديا؟ صينيا؟ سمكا؟ نقانق؟
كانت أفكاره ممتازة, جعلتها تشعر بالجوع, وقالت:" طعاما صينيا!".
وفيما راحت ترتب معداتها خرج لإحضار الطعام, ثم عاد وهو يحمل في يده كيسا كبيرا تفوح منها رائحة زكية, كما حمل تحت إبطه جريدة.
مد الجريدة على طاولة القهوة ثم وضع الكيس الورقي عليها. وعندما خرجت من الحمام بعد أن غسلت يديها, كان قد أعد المائدة, وأخرج قنينة مرطبات من الكيس, فشعرت أنها مدعوة إلى وليمة.
بعد أن انتهيا من تناول الطعام, جلست ريانون على الأريكة, وفي يدها كوب مليء.
أراد أن يضيف إلى كوبها المزيد, فرفضت:
-إن أردت أن تنتهي لوحتك, فكف عن إطعامي لأتمكن من الوقوف والعمل.
-لن تعملي الليلة!
-أريد إنهاء النصف العلوي.
ونظرت إلى ساعتها..
-حسنا, ما رأيك ببعض التفاح؟
رددت ريانون, من دون أن تفهم:" تفاح؟".
-أنا أمزح. لا تقلقي!
أنهت ريانون العصير فانحنت لتضع الكوب على الطاولة. لفتت الجريدة المطوية نظرها إذ أظهرت جزءا من صورة. إنها صورة رجل وسيم في منتصف العمر يدير ظهره للكاميرا, وقد امتدت يد لتمنع المصور من التقاط الصورة.
اقتربت ريانون أكثر, فيما راح قلبها يخفق بقوة. لا يعقل, هذا مستحيل!
بلى, لقد تعرفت إلى وجهه, بالرغم من مرور أعوام على المرة الأخيرة التي رأته فيها.
مدت يدها بسرعة وسوت الجريدة فرأت الصورة كاملة وقرأت العنوان:" طبيب نفسي متهم".
وانتقل نظرها إلى المقالة:" الطبيب النفسي جيرالد دود متهم من قبل مريضتين سابقتين لديه بالتحرش الجنسي. وقد رفض التحدث إلى مراسلنا بعد أن استدعي إلى المحكمة نهار الجمعة. . . ".
و غامت الكلمات أمام ناظريها. أخذت يدها ترتجف, فأمسكت الجريدة بسرعة, ووضعتها في حضنها.
جيرالد دود. وراح الاسم يتردد في رأسها. نظرت مجددا إلى الصورة, وهي تتمنى لو تستطيع الانقضاض عليه.
بدا صوت غابرييل ملحا:" ريانون؟ ما الخطب؟".
حدقت إليه من دون أن تراه جيدا. تذكرت تلك الغرفة بأنوارها الخافتة, و جيرالد دود الذي جلس وهو يضع يده على ركبتها ويحدق إليها بنظرة غامضة وحادة.
((يمكن شفاء البرودة الجنسية, يمكنني أن أساعدك)).
-ريانون؟ هل أنت مريضة؟.
لا بد أنها بدت مريضة. كان رأسها يدور وشعرت بالبرد في جسمها كله, كما ظهر العرق على جبينها.
همست:" أنا أعرفه!".
نظر غابرييل إلى الجريدة ثم حملها بين يديه, وقد اسودت عيناه:
-هل مات أحدهم؟
نظر إلى العناوين ثم استدار ناحيتها:" أتعرفين هذا الرجل؟".
عجزت عن الكلام من تأثير الصدمة, لذا اكتفت بأن تهز رأسها إيجابا.
أخفض غابرييل نظره وراح يقرأ المقالة بسرعة, ثم فتح على الملحق ليرى نهاية المقال.
نظر إلى الأعلى, وقد ظهرت علامات الحزن على وجهه, ثم سألها:
-إنه الطبيب النفسي الذي كان يعالجك؟ هو من قال لك إنك باردة؟
ومجددا, أومأت برأسها إيجابا.
شتم بصمت, وسألها بسرعة:" هل فعل بك هذا أيضا؟".
بدت الأوراق التي يحملها بين يديه ضبابية, وقالت:" لم أقرأ المقال كله".
قال بقوة والقرف باد في صوته:" تحرش جنسي!".
وضع الجريدة جانبا وأردف:" السافل استغل مرضاه, لكنه يقول إنهن وافقن على أساليبه في العلاج".
ردت:" نعم, سيقول هذا. فقد استمع إلى أسرارهن الحميمة. وعرض عليهن المساعدة والدعم, واقترب منهن أكثر من والدتهن حتى. لقد جعلهن يعتمدن عليه, ووعد بمساعدتهن على الشفاء, وبالوصول إلى حالة جسدية ونفسية طبيعية إن وثقن به. فهذه هي الطريقة التي. . . يعمل بها".
لكنها أدركت أن ما يقوله خاطئ. صحيح أنها كانت ضعيفة ومشوشة, لكنها حافظت على بعض المنطق فرفضت ادعاءات جيرالد دود, وعرفت ما يحاول فعله.
اسودت عينا غابرييل, وتصلب وجهه فبدا وكأنه منحوت من الصخر.
-هل بلغت الشرطة عنه؟
هزت ريانون رأسها نفيا:" ما كان أحد ليصدقني, هذا ما قاله لي. فهو طبيب مشهور. . . وأنا مجرد شابة مضطربة نفسيا".
للحظة, فقد غابرييل رباطة جأشه المعهودة, وبدا غاضبا جدا. أخذت نفسا عميقا ووضعت يديها في حضنها.
ومن دون تفكير, اقتربت منه وانساب دفء أصابعه إلى أصابعها صعودا إلى يديها,إلى أن عانقها فغمرها بالدفء مجددا.
-قال. . . إن النساء المرضى يتوهمن ويتخيلن أمورا لم تحصل. كنت أعلم أنني لا أتخيل, لكنه كاد يقنعني. وقد أيقنت أنه لن يواجه صعوبة في إقناع أي لجنة تحقيق.
تمتم غابرييل:" السافل!".
كانت ترتجف, وشعرت كأنها غزال يركض في الغابات هربا من شيء ما, وقد وجد ملاذا آمنا.
لم تستطع رفع نظرها إلى الأعلى. حدقت إلى ذقن غابرييل وأدركت أن عضلاته مشدودة جدا.
قربها منه إلى أن استندت إلى صدره. كان يضمها بحنان, وقال:
"هذا الرجل مجرم. إنه حيوان ينقض على فريسته. يا له من حيوان, يختار أضعف النساء ضحايا له. آمل أن يتعفن في السجن لبقية أيام حياته".
همست ريانون:" شكرا لك".
ابتعد عنها قليلا ونظر إليها:" علام تشكرينني؟".
-لأنك صدقتني... لأنك غضبت مما حدث معي... لأنك واسيتني, بالرغم من أنك لم تحضر لي التفاح.
حاولت أن تبتسم ورفعت رأسها لتنظر إليه.

جين أوستين
20-04-2009, 02:34
لم يبتسم غابرييل لكن الغضب تلاشى من عينيه:" إذا, أنت تعرفين ما يقال عن التفاح".
تردد صدى هذه الجملة في رأسها. لعلها سمعتها في زفاف صديق! فرددت:" ناولني إبريقا و أغرني بالتفاح . . .".
قال غابرييل بصوت عميق ودافئ:" إنه قول مأخوذ من نشيد الأناشيد".
وبالرغم من أنها تعرف تتمة الأبيات إلا أنه أضاف:". . . فأنا سقيم من الحب".
نظر إلى عينيها المنخفضتين ووجنتيها المحمرتين. سألها: " ريانون؟".
أدرك الجهد الذي بذلته لترفع نظرها وتحدق إلى عينيه, وقالت متنهدة:" نعم؟".
ولم تبتعد بالرغم من نظرة القلق البادية في عينيها.
قال مجددا بصوت أشبه بالهمس:" ريانون؟".
كان يشعر بقلبها ينبض قرب صدره. قالت مجددا وهي تجيب عن السؤال الذي ارتسم في عينيه:" نعم".
أغمض عينيه للحظات. ثم قلص المسافة التي تفصل بينهما وعانقها عناقا طويلا, حارا ملؤه المشاعر و الأحاسيس العذبة.
عانقها لوقت طويل, فضاع كل معنى للوقت والمكان, وشعر بسعادة لم يعرف لها مثيلا يوما.

☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 02:36
8-لا يستحق

غابرييل قادر على إفقادها سيطرتها على نفسها, وعلى مشاعرها. هذا ما اكتشفته, وقد صعقها الأمر.
لاحظ غابرييل تبدل المشاعر على وجهها, فهي لم تستعد بعد رباطة جأشها؛ لذا ظهرت مشاعرها جلية على وجهها.
حاول تفسير ما بدا على وجهها, ولا حظ بأنها تتقوقع تدريجيا على نفسها وتبعده عنها, فشتم في سره.
ابتعدت ريانون عنه تسوي شعرها.
قال وهو يحاول منع نفسه من ضمها مجددا بين ذراعيه:" لا, لا تهربي مني مجددا. لا تحلي هذه المسألة كما حللت مشاكلك السابقة. . . بالهرب!".
رفعت ريانون ذقنها إلى الأعلى:" أنا لا أهرب".
لم تكن تهرب جسديا بل فكريا. كاد يرى الأبواب تقفل في وجهه, الواحد تلو الآخر, ما يمنعه من الدخول.
لن يسمح بهذا, لا يستطيع السماح بهذا, فقال:" لا يمكننا الادعاء أن شيئا لم يحصل بيننا".
شعر باضطرابها حين وضع يده على وجهها الناعم وضغط عليه. أدرك ما كان يفعله فأبعد يده.
-تحدثي إلي!!.
لكنها ابتعدت عنه بعناد وراحت تحدق إلى اللوحة المعلقة على الحائط.
توجهت إلى الباب لتخرج, فاعترض طريقها بسرعة.
كانت عيناها تبرقان كجوهرة ثمينة. لقد ابتعدت عنه ما فطر قلبه كالعادة.
قالت:" ما جرى غلطة فادحة. أنت لا تملك أدنى فكرة عن الطريقة التي عالجت فيها مشاكلي! وكم عانيت لأتمكن من صنع كيان طبيعي لنفسي".
وفي أقل من ثانية, اتخذ غابرييل قراره. فأمامه خياران, إما أن يعتذر منها ويجعله تعود مجددا إلى قوقعتها, وإما يستفيد من فقدانها لرباطة جأشها ويجرها للكشف عن المزيد من أسرارها, أسرار تجيد حراستها.
قرر سلوك الطريق الخطر. فكرر بازدراء:" كيان؟ الحياة التي تحيينها ليست حياة".
-إنها حياتي! وهكذا أريدها أن تكون!.
-كنت تريدينني, ومازلت! منذ لحظات كنت تردينني!.
لم يمنع نبرة الانتصار من الظهور في صوته, فاصفر وجهها وشعر بالقلق الكبير.
سأل بنبرة ملؤها القلق:" لم تنكرين؟ لما تسمحين لما حدث في الماضي بأن يمنعك من تأسيس مستقبل؟".
-أنالا أفعل, ولم أفعل يوما.
-هذا ما يبدو لي.
-وما أدراك؟.
-تبا, أنا لا أدري شيئا لأنك لا تخبرينني شيئا.
فاجأه ارتفاع صوته. لم يكن يعي أنه غاضب إلى هذا الحد. إنه غاضب وحانق أيضا.
رفت عيناها وشحب وجهها لكنها لم تتراجع, فأعجبه أنها لا تخاف منه. لعلها مشغولة بغضبها, وقالت:" أخبرتك ما جرة مع الدكتور دود".
-كنت مصدومة, ولم تستطيعي إخفاء صدمتك. لما كنت تستشيرينه أصلا؟.
لاحظ أنه أثار نقطة حساسة, إذ اتسعت عيناها وجمدت ملامح وجهها. أما هو فاسودت ملامحه, وعجز عن التنفس بشكل طبيعي. إلى أي حد أثر فيها ما حدث إذ لاحظ أن وجهها استحال أبيض. بدت خدرة وعاجزة عن التفوه بأي كلمة.
أيقن أنه لن يستطيع الضغط عليها أكثر, فعاد إلى الموضوع السابق, وقال:" ماذا تنوين أن تفعلي الآن؟".
-أفعل؟.
رفت عيناها مجددا. كان صوتها خافتا لكنها تكلمت على الأقل, وقد عاد اللون إلى وجنتيها وشفتيها.
-ماذا تعني؟.
-لم تفعلي شيئا في السابق, لكنه هاجم الآن فتيات أخريات.
اتسعت عيناها.
-الذنب ليس ذنبي!.
-لم أقل هذا. ولكن غيرك من النساء تقدمن بشكوى, وسيتحمل مسؤولية أعماله الآن. باتت الفرصة متاحة لك للتقدم بشكوى وإسماع صوتك.
تقوقعت على نفسها.
-أتقدم بشكوى إلى القضاء؟ لا, ثمة شاهدتان فما من داع لذلك.
-هذا لمصلحتك.
-لا أحتاج إلى الانتقام منه.
بدت واثقة من نفسها, لكنه لا يزال يشكك في كلامها. لعله رأى علامات الشك في وجهها. قالت وقد عادت ملامح وجهها إلى طبيعتها:" كما أنني لا أحتاج إلى نصيحتك".
وفجأة, اتجهت إلى الطاولة وبدأت تضع الصحون الفارغة في الكيس ويداها ترتجفان. أراد أن يصرخ في وجهها ويدفعها إلى الإفصاح عن مشاعرها, والبوح بأشباح ماضيها كي يساعدها.
لكن إن تصرف بهذا الشكل, فستعود حتما إلى قوقعتها التي تدعي أنها خرجت منها.
وضع غابرييل يده على جبينه, واتجه إلى الطاولة وسكب لنفسه كوب ماء شربه دفعة واحدة.
-دعي هذا, ستتكفل سكرتيرتي به.
استقامت.
-شكرا لك.
-أنت على الرحب والسعة في أي وقت.
-سأعود إلى العمل, أستطيع إنهاء الجزء الأخير بنفسي.
تعود إلى العمل؟ رفت عيناه, ثم ضحك ضحكة مرة. هذه طريقتها في محو ما جرى بينهما, إنها تحاول نسيان ما جرى عبر إغراق نفسها في العمل.
بدا جليا أنها تهرب منه, فجاراها في لعبتها.
-أعلميني إن احتجت إلى مساعدة, فسأبقى في المكتب لأنجز بعض الأعمال العالقة.
ولإثبات القول بالفعل, اتجه إلى مكتبه, وبعثر بعض الأوراق. استدارت نحوه:
-شكرا، أنا ممتنة جدا.
حدق غابرييل بمرارة إلى الباب الذي أغلقته خلفها. إنها ممتنة لأنه لن يبقى بجوارها يلهيها ويشتت تركيزها عن قطع البلاط القاسية الباردة, لا بل المكسورة.
أبعد الأوراق عن مكتبه, وجلس على الكرسي وهو يمرر يده في شعره تماما كما فعلت ريانون منذ قليل. وأحس من جديد بدفء عناقها فارتعش جسمه.
استقام بسرعة وضغط على زر التشغيل في الكومبيوتر. قرر أن يعمل إن كانت ريانون قادرة على العمل, فهو أيضا قادر على ذلك. لطالما تمكن من تركيز تفكيره على العمل مهما كان ما يشغل باله, ولم تمنعه امرأة قط من التركيز على عمله.
راح يتذكر عناقها وعادت كلماتها إلى ذهنه.
صحيح أن الطبيب آذاها لكنه لم يعتد عليها, وهي تقول إنها ليست خبيرة في العلاقات الحميمة.
إنها بريئة!
لم يكن يجدر به أن يعانقها. صحيح أنه لم يلحق بها الأذى, لكنه حاول التقرب منها كما فعل الدكتور دود.
امتعض لمجرد التفكير بأنه تصرف كذاك الطبيب السافل.
قال في سره: الأمر مختلف! الأمر مختلف طبعا. فهو لم يشأ استغلالها بل عانقها ليعزيها ويريحها ويواسيها.
سحرته ابتسامتها وموهبتها, وحماسها للعمل, وفهمها لفنها, وضحكتها النادرة, والدفء الذي تعامل به بيري و ميك وبعض زبائنها أيضا, وتبخل به عليه.
أراد تحريرها من تلك القيود التي تمنعها من إظهار الجزء المخفي من شخصيتها. أراد تحريرها من مخاوف الماضي التي تطاردها.
لم يكن يريد عناقها فحسب, بل أراد طرد الأشباح التي تلاحقها, أراد حمايتها من الرجال الأنذال والانتهازيين أمثال جيرالد دود. ووضع وجهه بين يديه, إنه يريد حمايتها من نفسه أيضا.
أراد إسعادها, وإبقائها سعيدة طيلة أيام حياتها.
لقد حسم الأمر. إنه يريد ريانون, يريدها أن تكون جزءا من حياته, لذا عليه أن يعمل جاهدا ليصل إلى ذلك.
بعد حوالي نصف ساعة, رافقها إلى خارج المبنى. قالت: " يمكنك طلب إزالة السقالة. إن احتجت إلى تصحيح شيء في القسم الأعلى, فيسعني استخدام سلم. ما من ضرورة لسد الممر الرئيسي لوقت طويل".
-سأطلب إزالته.
قالت على عجل وهو يفتح باب المدخل:" شكرا على مساعدتك, سيارتي مركونة هناك, سأكون بخير".
أمسك بذراعها:" ريانون, أنا آسف, استغليت الوضع, وما كان علي ذلك".
-لا تعتذر. فقد عانقتك بملء إرادتي, وأنت لم تجبرني على ذلك.
يفترض بكلامها أن يشعره بالتحسن, لكنه لم يفعل بل زاد من شعوره بالذنب.
رفعت رأسها, ونظرت إليه:" الذنب ليس ذنبك".
حدق إلى وجهها, وقد ظهر العزم وقليل من الحزن عليه. بدت وكأنها تتخلى عن شيء ترغب فيه بشدة. وشعر أنها تضع مسافة عاطفية بينهما.
-إن كنت تظن أنك استغليتني, فقد استغليتك بدوري.
-استغليتني؟!
-أردت شيئا. . . شخصا أستند إليه, وقد كنت حاضرا.
-لا يهمني! يمكنك الاستناد إلي ساعة تشائين فبوسعي الاحتمال.
-أنا لا.
-ماذا تعنين بكلامك هذا؟ فكل إنسان بحاجة إلى سند من وقت إلى آخر.
-كل إنسان؟
نظرت إليه, ثم تابعت:" أعلمني متى يزيلون السقالة, حتى أحضر و أنهى العمل".
وراقبها تصعد إلى سيارتها, وتغادر.

جين أوستين
20-04-2009, 02:38
في اليوم التالي, وبعد إغلاق صالة العرض, عادت ريانون إلى المنزل.
تناولت العشاء مع جانيت, ثم شغلت تلك الأخيرة التلفاز, فيما أخذت ريانون كتابا وتقوقعت على الكنبة, تطالعه علها تنسى أحداث ليلة أمس, إلى أن دوى اسم جيرالد دود في أذنيها كطلقة رصاص.
رفعت رأسها بسرعة, وحدقت إلى التلفاز, فاقشعر بدنها عندما ظهرت صورته مبتسما.
وذهلت عندما قال مقدم البرنامج:" . . . أنكر التهم الموجهة إليه بالاعتداء الجنسي على مريضاته. الليلة, نستقبل الرجل الذي يدعي بأن المدعيتين نصبتا له فخا".
رجعت ريانون إلى الوراء ببطء, وقد احمرت وجنتاها سخطا. لم تسمع المقدمة بل راحت تتذكر غرفة مكتبه التي تعرفها تماما والتي تجري فيها المقابلة.
لم تتغير الغرفة, كما لم يتغير هو أيضا. تحدث بأسف عن امرأة مريضة, دفعت صديقتها إلى زيارته وتلفيق التهم الباطلة له. بدا جذابا, ساحرا, متعاطفا, وشدد على أن الاتهامات (( مرضية وسخيفة)) وعلى أن المرأتين رفعتا شكوى للحصول على تعويض مالي. وتساءلت ريانون كيف يستطيع أي إنسان أن يشكك بالصدق والبراءة الباديتين في عينيه.
سألت ريانون جانيت:" هل تصدقينه؟".
-إنه مقنع. يبدو منافقا قليلا, لكنه سينجو بفعلته على الأرجح فما من دليل قاطع سوى كلامه مقابل كلامهما, ويبدو أنهما صديقتان سيصعب إثبات الأمر.
تمتمت ريانون:" لا يستحق أن ينجو بفعلته".
ثم أضافت بصوت مرتفع:" لا يستحق!!!".

☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 02:40
9-قصة ملاك

تركت سكرتيرة غابرييل رسالة لريانون تعلمها بأنه يسعها معاودة العمل وبأن السقالة أزيلت.
فسألت ريانون بيري:" هلا ساعدتني على إنهاء المشروع! سأدفع لك ثمن أتعابك طبعا".
-طبعا, أنا لست خبيرا بالموزاييك, لكنني شاهدتك تعملين مرارا, و أظنني قادر على مساعدتك.
حين رأى غابرييل بيري واقفا إلى جوارها يساعدها في الجزء السفلي من اللوحة, رماها بنظرة ثاقبة, ورفع حاجبيه.
قالت بعد أن رمقته بنظرة تحد:" سيساعدني بيري على إنجاز بقية اللوحة".
-فهمت.
علم أنها تستخدم بيري كدرع واق إذ قررت التصرف بجبن. وهذا أفضل من الاستسلام لمشاعر قد تؤدي إلى هلاكها, أليس كذلك؟.
ساعدها بيري على أكثر من صعيد. فبوجوده لم تحتج إلى أحد لنقل البلاط والعدة كما فهم تقنية العمل بسرعة. سار العمل بسرعة كبيرة, وحين كان غابرييل يحضر لمراقبة تقدم العمل, يبقى صامتا لفترة ثم يغادر.
بعد أن أنهت الشبكة, قالت:" سأنهي الباقي بنفسي, شكرا لك على مساعدتك بيري".
-أنت على الرحب والسعة. ما قصتك مع الملاك, غابرييل؟
-لا شيء, يحب الاطلاع على تقدم العمل في مشروعه وحسب.
-ليس هذا فحسب, بل كان يراقبك كالصقر. هل يخيفك؟
-طبعا لا!.
-إذا لما لا تنظرين إليه إن كنت لا تخشينه؟ أنت لا تخرجين برفقته, صحيح؟
-حضرنا عرضا واحدا سوية, وهذا لا يعني أننا نخرج معا أما باقي لقاءاتنا فكانت بغرض العمل ليس إلا!.
-أنت تهربين من شيء يخيفك. إن كنت تخشينه فيسعني تدبر أمره.
-لا, فهو لم يفعل شيئا سيئا.
طبعا لم يفعل. إنها تهرب خوفا من نفسها, ومن ردات فعلها ومشاعرها. وقد حان الوقت لتحل المسألة. آن الأوان لتخطو خطوة في الظلام.
عادت إلى آنجل إير مستعدة لمواجهة غابرييل, فلم تجد إلا ميك الذي عرض عليها المساعدة. قال:" طلب مني السيد هادسون الاعتناء بك في غيابه".
-غابرييل غير موجود؟
-اضطر إلى السفر إلى استراليا على عجل, ألم يخبرك؟
-لا.
-تعرض أخوه لحادث. إنه يدير فرع سيدني كما تعلمين.
وعاودتها ذكرى حادث والديها, ورهبة سماع الخبر والشعور بالضياع الذي تملكها حين علمت بوفاة والدتها, والخوف عندما قالوا لها إن والدها على قيد الحياة لكن حالته خطرة, والأمل المستمر الذي تشعر به كلما رأت والدها على هذا الحال.
-هل الحادث خطر؟.
-لا أعلم, ولكن السيد هادسون بدا قلقا للغاية.
لم يتحدث غابرييل كثيرا عن عائلته, لكن نبرة صوته كانت عاطفية عندما ذكر أخاه. تمنت لو تستطيع أن تعبر له عن أساها وتعاطفها. لكن رأسه منشغل حتما بأخيه, ولا يحق لها أن تتوقع منه اتصالا.
حمل ميك سلما ووضعه قرب اللوحة بناء على طلبها, وبقي بجوارها فيما تحققت من الموزاييك لترى ما إذا كان ثابتا. وفي مساء اليوم التالي, بدأت بوضع الطلاء الفضي ليظهر وكأنه جناحا ملاك.
عندما انتهت و أزاح ميك السلم, وقفت تتأمل تحفتها. قال ميك:" اللوحة رائعة, عليك أن تفخري بنفسك".
ابتسمت ريانون. كانت اللوحة تماما كما تخيلتها, ولكن ثمة خطأ ما. مهما نظرت إلى رسوماتها ودققت فيها, عجزت عن معرفة الخطأ.
*******

وجدها بيري تحدق إلى الأيقونة الروسية التي استلهمت منها, وتقارنها بتصميمها.
قالت له:" ثمة خطأ ما, ولكنني عاجزة عن تحديده".
-هذه لوحة كبيرة, أأنت واثقة من أنك لا تغالين بطلب الكمال؟.
هزت ريانون رأسها:" تبدو اللوحة غير منتهية, كما لو أن شيئا ما ينقصها".
جال بنظره من ورقة إلى أخرى بتركيز. وأخيرا, أشار إلى صورة الملاك وقال بتردد:
-راي. . . العنصر الوحيد الذي ينقص هو الوردة التي يحملها في يده.
حدقت ريانون إلى الوردة في يد الملاك, وقالت بصوت مرتفع:
-لا, إنها لوحة تجريدية, وليست نسخة.
تنهد بيري بانزعاج:" نعم, طبعا. . . القرار قرارك".
في مساء اليوم التالي دخلت ريانون مبنى آنجل إير. كان الطقس غائما طيلة اليوم كما هطلت بعض الأمطار.
نقل ميك السلم, وقال وهو يتأكد من متانته:" سأبقى هنا فيما تصعدين السلم وتنزلين تفضلي إنه متين".
كانت تمسك صورة الأيقونة بيدها, وقد ظهرت الجدية على وجهها, ورسمت بحذر الخطوط على البلاط ونقلت الزهرة بدقة متناهية ولكن بشكل أكبر. وبشكل تدريجي, تلاشت جديتها وهي تنهي الرسم.
قال ميك متفاجئا:" يسعني معرفة هذه الرسمة".
ابتسمت:" هلا ناولتني الطلاء؟".
لونت الوردة وأوراقها وفيما كانت تضع فرشاتها في وعاء الطلاء, سمعا صوتا على السلالم الجانبية. وبعد لحظات, ظهر غابرييل.
كان شعره رطبا, كما سالت بعض نقاط الماء على وجهه. قال:" سأتولى الأمر عنك ميك!".
نظر الرجل العجوز إلى ريانون قبل أن يبتعد, وسأل:" كيف حال أخيك سيد هادسون؟".
كان غابرييل يحدق إلى ريانون من دون أن يتحرك. وبعد لحظات, حول نظره إلى ميك وقال:" لم تلتئم جراحه تماما لكن حاله مستقرة. لما لا تأخذ بقية النهار عطلة؟ لدي الكثير من الأعمال لذا سأبقى هنا طيلة اليوم".
-طبعا سيدي, فأنا لا أمانع في الخروج لرؤية أصدقائي القدامى.
وبعد أن غادر ميك, اتجه غابرييل نحوها. بدا مرهقا وقد ضعف وجهه قال:
-لم أعلم إن كنت سأجدك هنا, ظننتك أنهيت العمل.
-آسفة جدا لما حدث لأخيك, أخبرني ميك عن الحادث.
-اصطدم سائق ثمل بسيارة أخي. اضطر الأطباء إلى استئصال طحاله وتقطيبه في أكثر من مكان. كما تكسرت بعض عظامه, لكننا نأمل أن يتعافى تدريجيا, زوجته معه وأمي أيضا, لا يحتاجونني قربهم.
أنا أحتاجك, أحتاجك بقربي, قالت ريانون هذا في سرها. وقد تسمرت في مكانها لهذه الفكرة.
حول نظره ليرى ماذا تفعل:" لا تدعيني أزعجك, فرؤيتك تعملين. . . نريح أعصابي".
-أوشكت على الانتهاء.
حملت الفرشاة, ولونت بحذر عنق الوردة. وبعد بضع لمسات انتهى العمل. أغلقت وعاء الطلاء, ووضعت الفرشاة عليه, ثم ناولتهما لغابرييل.
-هلا أخذت هذا من فضلك؟
وضع الأغراض على الأرض, وفيما كانت تنزل السلم, أمسك به بقوة. وحين استدارت وجدت نفسها بين ذراعيه المفتوحتين.
انتفض قلبها, لكنها نظرت إليه من دون خوف وقابلت نظراته المتسائلة. وبهدوء, رفعت يدها ووضعتها على صدره.
اقترب ببطء, مانحا إياها الوقت لتبتعد, لكنها لم تفعل.
ضمها إلى صدره بقوة, فأغمضت عينيها واستسلمت لعناقه, وبعد لحظات ابتعد عنها.
-احتجت كثيرا إلى هذا العناق.
-وأنا أيضا.
التمعت عيناه لكلامها, فاقتربت منه تعانقه من جديد.
عانقها بقوة, ثم تنبه لما فعله فأرخى يديه قليلا, كان يعاملها بحذر ولطف شديدين, وذاب قلبها كالحديد على النار.
شعرت بأنها تحلق في الفضاء, فقال وهو يعانقها مجددا:" شكرا لك!".
تغيرت ملامح وجهه عندما نظر إلى الرسم الصغير, وسأل:" لم تكن هذه الوردة في التصميم الذي رأيته؟".
-لا, هل لديك مانع؟.
هز رأسه, ونظر مجددا إليها بنوع من الفضول والاستغراب.
-أحبها, لما رسمتها؟.
-بدت ملائمة, لا أعلم لما رسمتها؟
قال وهو ينظر إلى اللوحة:" أنت محقة. هل وقعت اللوحة؟".
-لا.
لم توقع اللوحة قبل أن تسوي ما كان ينقص. انحنت ووضعت حرفي اسمها على طرف اللوحة, ثم وافته إلى الدرج. قال:" تهاني, إنها ثروة للمبنى. سيتحدث الناس عنها حتما".
-إنها أفضل عمل قمت به, والأكبر أيضا, أشكرك لأنك منحتني هذه الفرصة.
نظرت إلى الفرشاة التي لا تزال تحملها بيدها, وقالت:" يفترض بنا ترتيب المكان, كما علي تنظيف فراشي التلوين".
لو قال لها إلا تفعل شيئا الآن, لأطاعته من دون تردد. لكنه بالكاد أومأ وبدأ يوضب المعدات. تذكرت أنه قال إن عليه إنجاز الكثير من الأعمال المكدسة جراء غيابه.
قال:"علي أن أنهي بعض الأعمال الضرورية, هل يمكنني أن أطلب منك الصعود إلى المكتب وانتظاري؟ أريد التحدث إليك والتواجد بقربك".
-يسرني لك.
تمهل عندما وصلا إلى المصعد, وقال:" فلنصعد السلالم. . ".
-لا, لا بأس.
عندما فتح باب المصعد, ترددت للحظة قبل أن تدخل الغرفة الصغيرة, وضغط غابرييل على رقم طابق مكتبه.
بدأ المصعد بالصعود, فغاب كل صوت من الخارج كانت تقف على بعد أقدام منه وهي تتكئ إلى الجدار, وتذكر المرة الأولى التي رآها فيها, حيث وقفت في زاوية المصعد تماما كما تفعل الآن. وفجأة, سمع دوي قوي من الخارج وتوقف المصعد, وانقطعت الكهرباء.
شتم غابرييل, وضغط زر الإغاثة ولم يجبه أحد.
لم تحدث ريانون أي صوت, ولم يستطع رؤية شيء في الظلام الحالك.

جين أوستين
20-04-2009, 02:44
-ريانون, هل أنت بخير؟.
-نعم.
كان بوسعه سماع الخوف باديا في نبرة صوتها.
-لا تخافي, انقطعت الكهرباء فحسب, ما من شيء خطير.
حاول فتح البابين ولكن من دون جدوى:" تبا!!".
سألت ريانون:" ما بك؟".
حاول أن يطمئنها:" نحن لسنا في خطر لكن هاتف الطوارئ لا يعمل, يبدو أن أحدهم قطع التيار الكهربائي والهاتف".
-ماذا عن هاتفك الخلوي؟ أنا لا أحمل هاتفي معي.
-لن يعمل هنا!.
لعن الظلام, وابتدأ بالتقدم منها بهدوء.
-نحن عالقان, ولكن لن يطول الوقت قبل أن يتم إصلاح العطل.
غادر ميك المبنى منذ بعض الوقت, وقد تمر ساعات قبل أن يعود, كما قد لا يلاحظ وجودهما في المصعد.
لمست يده يدها, فتنهدت وابتعدت عنه.
قال بغباء:" هذا أنا".
بدا صوتها مخنوقا وباردا:" أعلم هذا! لا تلمسني, أرجوك".
صدم غابرييل لقولها هذا, واجتاحته موجة من السخط. شعر بأنه مسجون وما بيده حيلة. مسجون مع امرأة تموت خوفا, وهو عاجز عن رؤية أي شيء.
وها هي ريانون تتصرف كما لو أنه يوشك على الاعتداء عليها, فصرخ:
-بحق السماء, ومتى منحتك عذرا لتخافي مني؟ ما الذي جرى معك بحق الله؟.
فكر: يا للطريقة الملائمة لنيل ثقتها! إلا أن صبره عيل, وفقد أعصابه.
لم تجب فضرب الحائط بيده, وشتم بصوت مرتفع, وهو غير مهتم بمداراة مشاعرها بعد الآن.
سمع صوتها ورائه:" أنا آسفة".
-علام تعتذرين؟.
لم يرضه الاعتذار, ولم يخفف من روعه. إن كان على أحدهم أن يعتذر فهو وليس هي.
-أنا لست خائفة منك غابرييل.
سمع حركة خفيفة وراءه لكنه لم يستطع رؤية شيء.
تابعت:" خشيت أن أصبح هستيرية وأفاجئك لو لمستني, وهذا ليس بمفيد لكلينا".
يا إلهي! إنها تحاول السيطرة على نفسها, هذا هو معنى حديثها. إنها تحارب خوفها, وهي مصممة على عدم الاستسلام. تحارب هذا الخوف بمفردها وعلى طريقتها, فصرخ في وجهها:" تصرفي بحرية. تصرفي بقدر ما تريدين من الهستيرية, فجري مكنونات صدرك ومكنونات صدري أيضا".
ارتاح لسماع ضحكتها, وسألته:" هل أنت خائف؟".
-لست خائفا, بل منزعجا, وأعجز عن الخروج من هذا المأزق. ألا تكرهين هذا الشعور؟.
-ليس بقدر ما كنت سأكرهه لو أنني بمفردي.
هذا خبر سار. قال بحذر:" قد يمر وقت قبل خروجنا من هنا, لذا يستحسن بنا أن نرتاح قدر الإمكان. هل تشعرين بالبرد؟".
-لا فالجو حار قليلا.
-أعلميني إن احتجت لسترتي.
-حسنا.
بدأت عيناه تتأقلمان مع الظلام, واستطاع رؤية انعكاس وجهها على باب المصعد.
جلس غابرييل أرضا ومد رجليه الطويلتين أمامه فيما أسند رأسه إلى الحائط خلفه. تمنى لو تدعه يقترب منها. كان يتوق إلى ضمها إلى صدره وحمايتها, ومواساتها. لكنها لا تريده أن يفعل هذا, وعليه احترام رغبتها.
حاول جاهدا رؤيتها, وقد انزعج من الظلام المحيط بهما. وقال في نفسه إنها جالسة متقوقعة على نفسها جسديا ونفسيا دون شك.
حاول إيجاد موضوع يناقشانه, لكنه لم يتمكن من ذلك. بدا وكأن أفكاره كلها هجرته.
وبعد قليل من الوقت, ومن دون أي مقدمات قالت:" سأدلي بشهادتي ضد الدكتور دود".
تفاجأ غابرييل:"أحقا؟".
-قصدت الشرطة وأخبرتهم. . . كل شيء. كنت محقا, وجب علي القيام بهذا.
ابتلع ريقه, لا بد أن الأمر كان صعبا عليها. وهو لم يكن بجوارها.
-متى تعقد الجلسة؟.
-الأسبوع المقبل.
-سأرافقك.
-لا.
شعر بألم في صدره لرفضها, فسألها:" هل سيرافقك أحد؟".
-علي القيام بذلك بمفردي.
-لم؟.
التزمت الصمت لوقت طويل, فظن أنها لن تتابع الكلام. وعندما تكلمت بدا كلامها غير مرتبط بموضوع الحديث.
قالت:" منذ خمس سنوات تعرضت للاختطاف".
خطرت في باله كافة الاحتمالات إلا هذا. الاختطاف؟ عليه أن يعدل أفكاره بطريقة جذرية. فقد ظن أن عائلتها غير ميسورة الحال.
-هل اختطفت كرهينة؟.
-لا.
لزمت الصمت لفترة ثم أردفت:" كنت أعرفه. حضر معي صفا من الصفوف في الجامعة, ودعاني للخروج مرتين. بدا لطيفا جدا, لكن في المرة الثالثة رفضت طلبه".
توقفت عن الكلام مجددا, فسألها:" لم؟".
-كان لجوجا للغاية. . . جعلني أشعر بالانزعاج. قال لي أنه راقبني لفترة قبل أن يجرؤ على طلب الخروج معي. قال أمورا مبالغا فيها. . . وكأنه انتظر لقائي طيلة حياته. في بادئ الأمر, سخرت منه, فشعر بالإهانة. لم أكن خبيرة في العلاقات الشخصية, ففي المدرسة لم أكن أهتم إلا بدروسي. وبما أنني كنت في سنتي الجامعية الأولى, ونظرا لعدم خبرتي. . . لم أستطع تحمل هذا النوع من. . . الهوس.
-إذا, قطعت علاقتك به, فهذا التصرف المنطقي.
-نعم. وبعد فترة وجيزة, فقدت والدتي. بدا متعاطفا جدا وساعدني, إذ فقد والدته عندما كان صغيرا. بدا وكأنه يفهم ما أمر به. وبطريقة ما أصبحنا نخرج سويا.
-وبعدئذ؟. . .
-ازداد هوسه وتملكه. بت عاجزة عن الذهاب إلى أي مكان أو رؤية أحد حتى صديقاتي. لم يكن الأمر طبيعيا وعجزت عن التحمل أكثر. بدأ يرسل لي رسائل غرامية وباقات كبيرة من الورود الغالية الثمن كل يوم تقريبا. كان يحضر الصفوف نفسها التي أحضرها إلى أن صحت في وجهه في أحد الأيام, وطلبت منه أن يتركني وشأني. تلك الليلة هاتفني, ووبخني لأنني صرخت بوجهه أمام الطلاب, لكنه لم يقترب مني مجددا, وتوقف عن إرسال الأزهار. بعدئذ, انهالت علي الاتصالات الهاتفية, وكنت أرفع السماعة وما من مجيب. كنت أعلم أنه المتصل, لكنه لم يتحدث يوما!.
-هل أبلغت الشرطة؟.
-لا, لم أظن أن الأمر ضروري. لم يهددني يوما, وظننت أنني إن تجاهلته, فسيستسلم.
-لكنه لم يفعل.
-وفي أحد الليالي, وبعد أن انتهت محاضرتي استوقفني. قال إنه قد تصرف بغباء, واعتذر لأنه أحرجني وأراد أن يفسر لي تصرفه. قلت له إن ما من ضرورة لذلك. لكنه عاد وأقنعني بشرب فنجان من القهوة معه, فوافقت. أظنني شعرت بالذنب لإهانته علنا, كما أنني أشفقت عليه. قال إنه سيحضر سترته من السيارة ثم نذهب. مشيت معه إلى السيارة, ففتح الصندوق وأمسكه بيد واحدة, ثم طلب مني الإمساك به لأنه مكسور. وفجأة, دفعني إلى الداخل وأقفل علي. لا أظن أن أحدهم شاهد ما جرى, ولم يتسن لي الوقت للصراخ وطلب النجدة حتى.
شعر غابرييل بكل عضلة من عضلات وجهه تنقبض. كانت تقص الحكاية عليه بهدوء, وبصوت ناعم وبارد في الوقت عينه, لا بد أنها خافت كثيرا.
-وإلى أين اصطحبك؟.
-كان يملك كوخا في الغابة, بالرغم من أنني كنت أجهل مكاننا وجدت نفسي أمام منزل قديم, لا يحيط به جيران. كانت الأرض المحيطة به مهجورة وقد نمت فيها الأعشاب والأشواك. قال إنه مقدر لنا العيش معا, وإننا نحتاج لقضاء بعض الوقت بمفردنا.
سأل غابرييل, وقد شعر بشيء يمسك بحنجرته:" كم من الوقت احتجزك؟".
-ستة أيام, الوقت ليس طويلا لكنه بدا لي بمثابة دهر
-طبعا.
فهي لم تكن تعلم كم سيدوم كابوسها وما سيقدم عليه ذلك المجنون.
-في الليلة الأولى لم ننم. لم يعتد علي بل ظل يكرر أننا خلقنا لبعضنا, وأنه يمنحني بعض الوقت لأعي هذا. حاولت إقناعه بإرجاعي إلى المنزل, وتوسلت إليه, وصرخت بوجهه, وهددته بالشرطة, لكنه لم يقنع. طلبت منه اصطحابي إلى المدينة, ووعدته بألا أخبر أحدا بما جرى, فظل صبورا معي.
-صبورا؟..
-لم يرفع صوته في وجهي أبدا. بعدئذ قلت له إنني بحاجة لدخول الحمام, ففتحت الشباك وهربت منه. لحق بي و. . .
-وماذا؟.
-كان هناك حاوية وراء المنزل. أظن أن أحدهم اشتراها ليخزن فيها بضائع أو ما شابه.
-هل حبسك داخلها؟.
-ظل يرتاد الجامعة بشكل طبيعي. كان يتركني كل يوم, بعد أن يترك لي طعاما و شرابا, ودلوا. كان الطقس حارا في النهار لكن أغصان الأشجار المتدلية تحول دون وصول الشمس إلى مباشرة. أحدث ثقبا صغيرا للتهوئة في السقف. قال لي إن الوضع مؤقت, وسيستمر إلى أن أعود إلى رشدي وأعي أنه من المقدر لنا أن نعيش سويا. كان المكان مظلما باستثناء بعض النور الذي يدخل من الثقب, كان صغيرا أيضا.
بحجم مصعد, كما خطر لغابرييل وهو يبتلع ريقه.
-كان يحضر كل يوم باقة ورود حمراء لم أنس رائحتها يوما. وكان يحضر العشاء ونتناوله سويا بعد أن يضع باقة الزهر على الطاولة. كان الأمر غريبا.
-لا بل مرضيا!.
-إنه مريض, فهو الآن في مصح عقلي.
إنه المكان الذي يليق به, سواء أكان مريضا أم لا. وإن رآه غابرييل يوما فسيوسعه ضربا ويهشم وجهه.
-لم يكن يشيح بنظره عني إلى أن يرغب في النوم. ثم يطلب مني وبكل تهذيب أن أنام معه. وعندما أرفض يهز رأسه حزنا ويعيدني إلى الحاوية. وفي إحدى الليالي وافقت, على أمل أن أستغفله وأسرق مفاتيح سيارته لأهرب بها. كنت مستعدة لتنفيذ طلبه كي أهرب. لكن, ماذا لو أمسك بي واحتجزني أكثر؟ وحين توجهنا إلى السرير, لم أستطع القيام بما طلبه وحاربته. غضب مني وجرني إلى الحاوية, و. . . في اليوم التالي لم يترك لي أي طعام.

جين أوستين
20-04-2009, 02:46
شعر غابرييل بالسخط والاشمئزاز:" وكيف تمكنت من الهرب؟".
-بلغت جدتي الشرطة عن اختفائي, وأطلع رفاقي رجال الشرطة عما كان بيننا. الحمد لله أن الشرطة أخذت كلامهم على محمل الجد, فاستجوبته ولحق به بعض العناصر بعد أن غادر الجامعة. راقبوه عندما فتح الحاوية, ولكن. . .
-ماذا جرى بعدئذ؟.
-كان رجال الشرطة مسلحين وهو يحمل سكينا. هدد بقتلي وقتل نفسه إذا حاولوا أخذي منه. وقد عنى ما قاله, فلم يتجرؤوا على الاقتراب منه. دفعني مجددا إلى الحاوية ودخل معي وأقفل الباب. بقينا في الداخل لساعات وهو يراقب ما يجري في الخارج من خلال الثقوب.
أغمض غابرييل عينيه وعض على شفته:" لا عجب أنك تخشين الأماكن المغلقة".
-نعم, فهي ليست أماكن أحب التواجد فيها. حينذاك, كان قد فقد عقله. فكذبت عليه وأخبرته أنني أيقنت الآن كم يحبني وأن علينا البقاء معا إلى الأبد. قلت إنني أريد الزواج به وإنني لن أشهد ضده ولن تمسك به الشرطة. . . فنبقى معا إلى الأبد.
-هذا الكلام لم يعد صحيحا, أليس كذلك؟.
-لا أعتقد. لكنه قبل اقتراحي. أظن أنه أراد أن يصدق أنني أحبه. طلب كاهنا فحضر شرطي متنكر بلباس كاهن.
تنفس غابرييل الصعداء:" لم تتعرضي للأذى!".
-لا أمسكوا به, وانتهى الأمر.
انتهى كل شيء باستثناء الصدمة التي شعرت بها.
قال:" لهذا احتجت إلى طبيب نفسي".
-نعم في بداية الأمر, ساعدني الدكتور دود كثيرا. كنت في حالة مزرية, فلم أعد أمشي في الشاعر وحدي. وكان صعود المصعد أمرا مستحيلا بالنسبة إلي. نمت والنور مضاء لأشهر طويلة, وكنت ارتعب من فكرة البقاء بمفردي مع رجل حتى مع طبيب, فلازمتني جدتي طيلة جلسات العلاج الأولى إلى أن وثقت بالطبيب.
توقفت ريانون عن الكلام, فقال غابرييل بقوة:" ثم خان ثقتك".
-كنت أرتاد عيادته منذ أشهر. كان حبل الأمان الذي أتمسك به. بدأ يمسك بيدي قائلا إنه علي اعتياد اللمس, ثم راح يمسك بيدي وذراعي ويمسد شعري ورقبتي. لم يعجبني ما كان يجري لكنه أقنعني. ظننت أن علي أن أعتاد هذا وأنه جزء من العلاج. حين حاول أن يتمادى, لم أصدق ما يجري. وحين تحديته رد بأنني أعاني من كبت ومن برودة, ويمكنه شفائي إذا ما سمحت له بذلك. ولحسن الحظ, اكتشفت نواياه السيئة و علمت أنه يقدم على عمل خاطئ.
-حتى لو وافقت, يبقى ما يفعله اغتصابا.
-أعلم, ولكن.
-قررت ألا تثقي بأحد, وألا تطلبي الدعم والمساعدة من أحد, لأنك خشيت أن يخذلوك.
همست:" شيء من هذا القبيل".
-لقد وثقت بجدتك!.
-طبعا فعلت.
-لكنها توفيت وتركتك.
-لم يكن الأمر بيدها.
-والدتك توفيت أيضا, ووالدك عاجز عن التصرف كوالد.
-ما الذي تحاول قوله؟
-لن تسمحي لنفسك بالاعتماد على أحد, فكل من اعتمدت عليهم هجروك بطريقة أو بأخرى.
-لم يهجرونني, ولم أكن طفلة.
-كنت في السابعة عشرة من عمرك. لم تكوني راشدة أنت تخشين الاتكال على أحد لذا لا تدعينني أقترب منك. حين كنت جالسا مع زوجة أخي قرب فراش أخي, اتكأ أحدنا على الآخر ودعمنا بعضنا البعض, وحين أتت والدتي بكينا معا.
-أنتم عائلة, أنا لا أملك عائلة. ولا يمكنني أن أتوقع من أي شخص مساندتي.
-بل تستطيعين توقع هذا مني. فأنا أحبك يا ريانون, وأريد الزواج منك والعيش قربك طيلة أيام حياتي. لا يسعني أن أعدك بألا أموت, ولكن طالما أنا على قيد الحياة, أريدك أن تمنحيني دعمك, تماما كما فعلت عندما عانقتني اليوم من دون أن أطلب منك ذلك, علمت ما أحتاج إليه لوحدك. أريد أن أكون الشخص الذي تعتمدين عليه عندما تحتاجين إلى دعم.
صمتت طويلا, لكن عجز عن التزام الصمت:" ريانون؟".
وبعد صمت دام دهرا:" أتعلم؟ أشعر بالبرد!".
قال وهو يخلع سترته:" تعالي بقربي".
مرت لحظة قبل أن يشعر بها تقترب منه, ويشتم رائحتها الزكية وضع سترته على كتفيها ولفها بذراعيه, فاقتربت منه واستندت إلى صدره.
سألت:" ألن تشعر بالبرد؟".
-ليس وأنت بقربي.
شعرت بتعب شديد. كان جسم غابرييل دافئا, وبالرغم من وجودها في وضع أثار لديها ذكريات سيئة, إلا أنها شعرت بالأمان والطمأنينة.
-أحبك غابرييل.
شعرت بيديه تضمانها إليه, وأردفت:" أحببتك منذ وقت طويل, لكنني لم أتحل بالشجاعة الكافية لأخطو خطوة في الظلام. كنت أخشى أن أعيش ما اختبرته في السابق إن أحببتك وهجرتني. أردت أن أحبك كما تستحق أن تحب, وكما أستحق أن أحب, كامرأة قوية, حرة, امرأة لا تحتاج إلى وصي أو ملاك حارس. وهذا ما منحني الشجاعة للتوجه إلى الشرطة والإبلاغ عن جيرالد دود. أعلم أن قلبي سينفطر إن هجرتني وأن الحياة لن تبقى مثالية, لكنني سأحيا بالرغم من فراقك".
قال وهو يسند خده إلى شعرها:" أنا لن أتركك أبدا, لن أتركك طوعا ما حييت. وحتى لو مت, سأكون بجوارك دائما, أقسم لك".
سوى طريقة جلوسه وعانقها بحنان وشغف, ثم ذكرها:" لم تقولي نعم, هل تقبلين الزواج بي؟".
-نعم, ما إن نخرج من هذا المصعد اللعين!.
كانت ريانون تتأبط ذراع غابرييل عندما بدأ المصعد بالتحرك, ثم توقف وكأن شيئا لم يحدث. وفتح الباب ليكشف عن ميك الذي بدا قلقا.
-هل أنتما بخير؟ انقطعت الكهرباء جراء المطر.
قال غابرييل:" لم أكن يوما أفضل حالا من اليوم".
تأمل ميك غابرييل ومن ثم ريانون وقال:" آه, هذا جيد".
سأله غابرييل:" لا أظنك تملك رخصة لعقد الزيجات, أليس كذلك؟".
-لا أظن هذا سيدي. هل ستتزوج؟.
-وعدتني بالزواج ما إن نخرج من هذا المصعد اللعين, ولكني أظن أن علينا الانتظار لبعض الوقت.
لكن ليس لفترة طويلة. بقي غابرييل على أعصابه إلى أن تعهدت ريانون بأن تحبه وتحترمه في السراء والضراء طيلة أيام حياتها, وتعهد بدوره بالمثل. قاد ميك ريانون بفخر إلى المذبح, ومنذ أن أمسك غابرييل بيدها ليضع الخاتم في إصبعها لم يفلتها أبدا.
غادرا حفل الزفاف في سيارة أجرة متجهين إلى واحد من فنادق أوكلاند الفخمة لقضاء شهر العسل. وكان غابرييل يحمل علبة بيضاء صغيرة. وأمام مدخل مبنى آنجل إير طلب من السائق التوقف وانتظارهما.
قال وهو يقود ريانون نحو السلالم:" أريد أن أتقدم بالشكر من شفيعي".
توقفا أمام لوحة الموزاييك وقال وهو ينظر إلى الأعلى:" هذه الوردة؟ هل أزعجك رسمها؟".
-كان نوعا من التعبير عن المشاعر. لم أشأ رسمها, ولكني علمت أنه يتوجب علي هذا. وما إن رسمتها, حتى أيقنت أنها مجرد وردة, وهي رمز لكل ما أنجزته, وتغلبت عليه.
-إذا آمل ألا تمانعي.
وفتح العلبة وأخرج منها وردة حمراء ووضعها باحترام عند أقدام اللوحة, ثم تراجع إلى الخلف وأمسك بيدها.
-لا أمانع. هذه بادرة لطيفة منك.
-آمل أن أتمكن يوما من تقديم الأزهار لك.
ففي زفافهما, حملت مسبحة من لؤلؤ كانت لجدتها عوضا عن باقة الأزهار.
-ذات يوم, سيسرني تلقي الأزهار لأنها منك.
انحنى وعانقها طويلا. ثم قال:" سيارة الأجرة بانتظارنا, وجناح شهر العسل أيضا".
استدار نحو اللوحة وحياها:" عمت مساء أيها الملاك. عذرا لكنك لست مدعوا فهذه أمور لا تعني الملائكة".
ثم حمل ريانون بين ذراعيه وهي تضحك ونزل السلالم متجها إلى سيارة الأجرة, سأل السائق فيما غابرييل يقفل باب المبنى:" إلى أين؟".
نظر غابرييل إليها وأمسك بيدها وشد عليها, ثم قال:" إلى الجنة!!".


☻☺☻☺☻☺

جين أوستين
20-04-2009, 02:49
تـــــــــــــــــــــــمــــــــــــــــــــــــت

جين أوستين
20-04-2009, 02:52
ان شاء الله أشوفكم قريب في قصتي القادمة .............
..........وحبيت أقول إني من زمان وانا أبغى أشارك في دا المشروع ........
والحمد الله شاركت ....واخيرا .....^_^
واتمنى ان القصة تعجبكم.......

¤حبيتكم فجيتكم¤
20-04-2009, 11:44
طبعا أعجبتنا وإستمتعت ..

ونشوفك قريب.. تحمست للروايه..

فإنتظارك حبيبي..


يعطيك العافيه..

نسمة..
20-04-2009, 17:10
مرررررررحبا بالصبايا..كيفكم؟؟
مسا الخير....والله النت مغلبني بيعلق...بيعين الله
المهم...أولا يسلمو كتير لالك أختي حبيتكم فجيتكم عالرواية النايس..
تانيا تسلي حبيبتي جين ونستنى جديدك..باااي

سيرة حياة
20-04-2009, 20:59
مجهود رائع تشكرون علية

khadija123
21-04-2009, 00:12
السلام عليكم
روووووووووعة ::جيد::
قصة حلوة كثير ::جيد::
شكرا كثير حبيبتي أتمنى لك التوفيق في حياتك
إحنا في إنتظارك
إلى اللقاء

جين أوستين
21-04-2009, 10:08
طبعا أعجبتنا وإستمتعت ..

ونشوفك قريب.. تحمست للروايه..

فإنتظارك حبيبي..


يعطيك العافيه..


مرررررررحبا بالصبايا..كيفكم؟؟
مسا الخير....والله النت مغلبني بيعلق...بيعين الله
المهم...أولا يسلمو كتير لالك أختي حبيتكم فجيتكم عالرواية النايس..
تانيا تسلي حبيبتي جين ونستنى جديدك..باااي


مجهود رائع تشكرون علية



السلام عليكم
روووووووووعة ::جيد::
قصة حلوة كثير ::جيد::
شكرا كثير حبيبتي أتمنى لك التوفيق في حياتك
إحنا في إنتظارك
إلى اللقاء





شكرا لكم كلكم على الردود الحلوة.................^_^

ماري-أنطوانيت
22-04-2009, 15:33
http://www.hotagri.com/data/media/73/38.gif (http://www.hotagri.com)

يسلمووووووووووووو حبيبتي جين على الروايه

تسلم الانامل

جين أوستين
23-04-2009, 07:12
http://www.hotagri.com/data/media/73/38.gif (http://www.hotagri.com)

يسلمووووووووووووو حبيبتي جين على الروايه

تسلم الانامل


الله يسلمك ....
وان شاء الله تكون القصة عجبتك......::سعادة::

حبيبتي رسلتك رسالة على الخاص يا ريت تردي عليا بالنسبالها..........::جيد::

sweet reemo
23-04-2009, 09:06
يسلمو جين عالرواية الحلوة

ننتظر جديدك
تقبلي مروري

جين أوستين
23-04-2009, 10:38
يسلمو جين عالرواية الحلوة

ننتظر جديدك
تقبلي مروري


الله يسلمك عزيزتي.........::سعادة::

وان شاء الله تشوفو مني روايات زيادة.........::سعادة::

وتقبلت مرورك.............::سعادة::

نيالي
23-04-2009, 10:39
مشكورة على هذا المجهود

ونحن في انتظار الروايةالقادمة

لا تتأخريين علينا

شكرررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررا

نايت سونغ
23-04-2009, 16:28
مرحباااااااااا صبايا كيفكوو ؟؟ والله زمااااااااااااان علي المنتدي ( كلو من الدراسة مش مخلي حدا من شرها ) ههههههيسلمووووووو كتييييييييييير علي الروايات بيجنووووو ( وعود ابليس ) كتييييير حلووووووووي يسلمووووووو ايدكو ع المجهود الجماااااااعي ( رجل السراب ) شو بدي قلك ( حبيتكم فجيتكم ) بيتعئـــــــــــــــــــــــد عن جد كتييييييييييييييييييييييييييييييييييييير حلوي يسلموووووووووووو ايديكي يا قمر (دقات علي باب القدر ) يسلموووووووووووو ايديكي (جين) مع اني بعد ما قريتا بس شايفي من رد البنات انو هيي كتيييييير خطيييييرة يسلمووووووو يا عسل و الله يعطيكي العافية علي المجهود وانشالله هاليومين بفضي و بقراها علي رواء و بخبرك شو رأيي سلاماااااااااااااااتي للجميع عن جد اشتقتلكووووووووو كتييييييييييييييييير موووووووووووووووووووووووووووواه حبكو انا

نايت سونغ
23-04-2009, 16:42
مرحباااااااااا صبايا ;)

كيفكوو ؟؟ والله زمااااااااااااان علي المنتدي ( كلو من الدراسة مش مخلي حدا من شرها ) :ميت:
هههههه


يسلمووووووو كتييييييييييير علي الروايات بيجنووووو

( وعود ابليس )

كتييييير حلووووووووي يسلمووووووو ايدكو ع المجهود الجماااااااعي::جيد::


( رجل السراب )

شو بدي قلك ( حبيتكم فجيتكم ) بيتعئـــــــــــــــــــــــد عن جد كتييييييييييييييييييييييييييييييييييييير حلوي يسلموووووووووووو ايديكي يا قمر ::سعادة::::سعادة::::سعادة::



(دقات علي باب القدر )

يسلموووووووووووو ايديكي (جين) مع اني بعد ما قريتا بس شايفي من رد البنات انو هيي كتيييييير خطيييييرة يسلمووووووو يا عسل و الله يعطيكي العافية علي المجهود وانشالله هاليومين بفضي و بقراها علي رواء و بخبرك شو رأيي

سلاماااااااااااااااتي للجميع عن جد اشتقتلكووووووووو كتييييييييييييييييير

موووووووووووووووواه

حبكو انا

dony
23-04-2009, 17:37
تسلم اياديكم والله تعبناكم
ومشكورررررررررررررررين ::جيد::::جيد::

ماري-أنطوانيت
24-04-2009, 13:47
سلاااام بطعم عصير الليمون بالنعناع
http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-2d02d68961.gif (http://www.love-m.com/up/)

~*~*~ شهر عسل مر ~*~*~
- فيوليت وينسبير -
(روايات عبير)

الكبرياء قناع بامكانه ان يحجب الحب ويحوله الى كراهيه وصد....
ولعل اختلاف الطبائع والاطباع بين البشر يدفع احيانا بعضهم الى التمسك
بكبريائه حتى اخر لحظه.
دومني الانجليزيه التي تزوجت اليوناني بول لم تقبل يوما واقعها.
وبرغم الحياة الفريده التي اعطيت لها على طبق من ذهب بقيت وشائج قلبها
متعلقه بشاطئ بلدها...وبذلك الرسام الشاب الذي خطف لبها بحديثه وطموحه وركض معها على الرمال
الرطبه...وتلتقيه في الجزيره اليونانيه بعد سنوات....
فهل تهرب معه كما يريدها ان تفعل؟ ام تبقى وفية لذلك النمر اليوناني بول ستيفانوس؟

# عزيزاتي...اي صديقه ترغب بالمشاركه في كتابة الفصول ترسل لي على الخاص::جيد:: #
http://www.love-m.com/up/uploads/images/lovem-2d02d68961.gif (http://www.love-m.com/up/)

ذكرى الماضي
28-04-2009, 15:46
السلام عليكم انا عضوه جديده بالمنتدى فارجو ان تتقبلو مروري اشكركم على المجهود اللي بذلتوه بنجاح
ارجو ان ترسلوا لي عبر اميلي اسما الروايات المكتوبه وانا حبيت اكتب روايات بس مادري كيف وارج ان تكتب الاخت ماري اميله لكي ارسل الروايه وتتم موافقتها

ماري-أنطوانيت
30-04-2009, 14:44
السلام عليكم انا عضوه جديده بالمنتدى فارجو ان تتقبلو مروري اشكركم على المجهود اللي بذلتوه بنجاح
ارجو ان ترسلوا لي عبر اميلي اسما الروايات المكتوبه وانا حبيت اكتب روايات بس مادري كيف وارج ان تكتب الاخت ماري اميله لكي ارسل الروايه وتتم موافقتها

هلا وغلا فيك عزيزتي...

منور المشروع بمرورك الكريم

اممممم انا ما فهمت بالضبط ايش كلامك...:مرتبك:

بس ان شاء الله برسلك على الخاص عشان نتناقش::جيد::

هلالية للابد
01-05-2009, 03:41
رائعه روايات عبير اتمنى تستمروا بها معانا ×××××××××
الملاك

هلالية للابد
01-05-2009, 03:43
بتخلينا بعالم وناسه من هالحياة وتعبها
وبنعيش الحب من خلالها الحب اللي اتحرمنا منه ××××××××××××××
الملاك

نسمة..
05-05-2009, 06:59
مرحبـــــــــا...
كيفكم صبايا..مشتقالكم كتير..
كيفكــ..ماري العسل؟؟ دعواتكم..
أول امتحان نهائي لالي بعد بكرا..
بالنسبة للرواية..أنا قرأتها وهي حلوة وتستحق التعبــ..
تحياتي لالكم ..

khadija123
06-05-2009, 19:14
[COLOالسلام عليكم
كيف حالكم جميعا إشتقت لكم كثير
R="DeepSkyBlue"][/COLOR]

Beautiful girle
07-05-2009, 23:41
لا تقيسوا محبتكم بحجم حروفي ..
فما يحمله قلبي يعجز عن نثره قلمي ..
وما يسكبه مداد حبري ..
قليل من كثير في دمي يجري ..






الله يعطيكم العافية
مهما قلت او كتبت ابدا ما يوفي المجهود الجبار
الاكثر من راااااااااااااائع المبذول في سبيل اسعاد الغير
لقد نقلت جميع الروايات على ال word وبعدين على طول على الجوال
و تعالوا شوفوا الادمان على الجوال الين ما عيوني طلعت
وقبل كم يوم كنت مداومة عند دكتورة الاسنان و ما اوصفلكم قد ايش الزحمه
بس ابدا ما حسيت فيها و انا اقرأ الروايات و ادعيلكم
من جد مشكوريييييييييييين مشكوريييييييييييين مشكوريييييييييييين

هيونه المزيونه
08-05-2009, 00:35
تشكرات بحجم الكرة الأرضية ...

على الروايتين الأخيرة فهي فعلا رائعة جدا جدا ....

شكرا عزيزاتي من صميم قلبي ....

تسلم ايادي الجميع ....

أميرةالآشورية
08-05-2009, 07:55
فريق روايات عبير و احلام...

أقدم لكن جميعا كل التقدير و الاعجاب بما تقدمنه ..
داعية للرب أن يمنحكن الصحة و التوفيق في كل عمل
و كل خطوة في :
الحياة الدراسية والعملية والإجتماعية .
تحية ومحبة

أميرةالآشورية

سيدة نفسها
10-05-2009, 05:25
ربي يعطيكم العافيه جميعاً

على المجهود المتميز

ويسعدني كثير المشاركة في كتابة رواية الرائعه شهر عسل مر

ماري-أنطوانيت
15-05-2009, 15:03
رائعه روايات عبير اتمنى تستمروا بها معانا ×××××××××
الملاك
هلا وغلا فيك عزيزتي هلاليه
وحياك الله في المشروع
العفو قلبي...وان شاء الهه المشروع مستمر
طالما نشوف تشجيعكم وردودكم الحلوه::سعادة::



مرحبـــــــــا...
كيفكم صبايا..مشتقالكم كتير..
كيفكــ..ماري العسل؟؟ دعواتكم..
أول امتحان نهائي لالي بعد بكرا..
بالنسبة للرواية..أنا قرأتها وهي حلوة وتستحق التعبــ..
تحياتي لالكم ..
هلاااااااا والله نسومه...
احنا الحمدلله تمام...وحشتينا..
ههههه اعرف ان ردي عليك مرره متأخر ويمكن خلصتي الاختبارات
بس ان شاء الله النتايج تبشر بالخير ^_^




[coloالسلام عليكم
كيف حالكم جميعا إشتقت لكم كثير
r="deepskyblue"][/color]
اهليــــــــــــن خديجه...
والله انت وحشتينا اكثررررر:بكاء:




لا تقيسوا محبتكم بحجم حروفي ..
فما يحمله قلبي يعجز عن نثره قلمي ..
وما يسكبه مداد حبري ..
قليل من كثير في دمي يجري ..






الله يعطيكم العافية
مهما قلت او كتبت ابدا ما يوفي المجهود الجبار
الاكثر من راااااااااااااائع المبذول في سبيل اسعاد الغير
لقد نقلت جميع الروايات على ال word وبعدين على طول على الجوال
و تعالوا شوفوا الادمان على الجوال الين ما عيوني طلعت
وقبل كم يوم كنت مداومة عند دكتورة الاسنان و ما اوصفلكم قد ايش الزحمه
بس ابدا ما حسيت فيها و انا اقرأ الروايات و ادعيلكم
من جد مشكوريييييييييييين مشكوريييييييييييين مشكوريييييييييييين
هلا ومرحيا فيك عزيزتي...
نور المشروع بطلتك الحلوه وبكلامك
والله اخجلتينا عزيزتي...وفرحتينا
العفووووووو قلبي...
وان شاء الله ما تكون عندك روحات ثانيه لدكتور الاسنان
لاني بصراحه اخاف من هالزيارات...ههههههه


تشكرات بحجم الكرة الأرضية ...

على الروايتين الأخيرة فهي فعلا رائعة جدا جدا ....

شكرا عزيزاتي من صميم قلبي ....

تسلم ايادي الجميع ....
هيوووووووووووووووووووووووووونتي الحلوه....
اخبارك ياااا عسل....
والله والله والله والله والله وحشتيييييييييييييييييييييييييييني::سعادة::





فريق روايات عبير و احلام...

أقدم لكن جميعا كل التقدير و الاعجاب بما تقدمنه ..
داعية للرب أن يمنحكن الصحة و التوفيق في كل عمل
و كل خطوة في :
الحياة الدراسية والعملية والإجتماعية .
تحية ومحبة

أميرةالآشورية
هلا والله عزيزتي اميره وحياك الله في المشروع
اجمعيـــــــــــــــــــــن يا رب...



ربي يعطيكم العافيه جميعاً

على المجهود المتميز

ويسعدني كثير المشاركة في كتابة رواية الرائعه شهر عسل مر
الله يسلمك عزيزتي...وحياك الله في المشروع
وفي فريق الروايات بالذات
يسعدنا جدا انك تشاركينا بالكتابه::سعادة::




مرحباااااااااا صبايا كيفكوو ؟؟ والله زمااااااااااااان علي المنتدي ( كلو من الدراسة مش مخلي حدا من شرها ) ههههههيسلمووووووو كتييييييييييير علي الروايات بيجنووووو ( وعود ابليس ) كتييييير حلووووووووي يسلمووووووو ايدكو ع المجهود الجماااااااعي ( رجل السراب ) شو بدي قلك ( حبيتكم فجيتكم ) بيتعئـــــــــــــــــــــــد عن جد كتييييييييييييييييييييييييييييييييييييير حلوي يسلموووووووووووو ايديكي يا قمر (دقات علي باب القدر ) يسلموووووووووووو ايديكي (جين) مع اني بعد ما قريتا بس شايفي من رد البنات انو هيي كتيييييير خطيييييرة يسلمووووووو يا عسل و الله يعطيكي العافية علي المجهود وانشالله هاليومين بفضي و بقراها علي رواء و بخبرك شو رأيي سلاماااااااااااااااتي للجميع عن جد اشتقتلكووووووووو كتييييييييييييييييير موووووووووووووووووووووووووووواه حبكو انا
هلاااااااااا والله عزيزتي نايت سونج...
وعزيزتي...ان شاء الله يطلع الوالد بالسلامه
ما يشوف شر بإذن الله
ان شاء الله يكون بخير وصحه وترجعي لنا قريب يااااا رب

ZelDa
15-05-2009, 16:35
لقد وعدت بكتابة فتاة الأحلام من روايات عبير ^^ و اليوم أخيراً انتهيت من كتبتها و أتمنى أن تكون مشاركتي البسيطة وقتها مناسب و لا تكون " داشة عرض " تأكدت أنه لا يوجد قبلها روايه ليست مكتمله و لا تعريف برواية جديدة على لا أضيع التسلسل ^^!
و شكراً لكم جيمعاً على الروايات الرائعه

ZelDa
15-05-2009, 16:38
فتاة الأحلام
جيسكا ستيل

المظاهر تخدع أحياناً
لم يكن تايلور ماسينغام راضيا عن لايث ...
اعتقد أنها مثل الباحثين عن الذهب و بالتأكيد لم يكن راضيا عن تورط أبن خالته معهما . كان مصمماً على أن يضع نهاية لعلاقتهما . لو اضطره الأمر إلى أن يجبرها على اعلان خطوبة مزعومه .
و كان باستطاعة لايث التصدي لما يحدث ولكنها بذلك تكون قد خانت ثقة صديقتها بها . و على أي حال كانت تتوقع أن يبتلع تايلور ما قاله عندما يكتشف حقيقة الوضع . ولكن كلما استمرت هذه المسرحية كلما أدركت لايث أنه بدلاً من كرهها لخطيبها الجديد كانت بالفعل تقع في حبه...

ZelDa
15-05-2009, 16:44
Chapter 1

إلى متى أبقى سجينة جدران منزلي في أمسية سبت كهذه لا استمع خلالها إلا لصوت المطر يطرق زجاج نوافذي؟ تساءلت لايث ذات 22 ربيعاً بيأس ، يال العجب فقد أمضت معظم اوقاتها و هي غارقة في الدروس و المطالعة لذلك فقلما كانت تسنح لها الفرصة للخروج و السهر في ليالي السبت !
صممت لايث على أنت تضع مخاوفها و كل ما كان يسبب لها القنوط جانباً و لتفكر بما قد يفرحها ، ركزت أفكارها على روزماري صديقتها و جارتها التي جاءت من قريتها ، دورست . لماذا فكرت لايث ، كان على روزماري إختيار نهاية الأسبوع بالذات لزيارة أهلها في هيزلبوري ، بينما كان من الممكن أن تكون برفقتها هذا الأمسية في هذه الشقة بالذات تتناول القهوه مع ترايفس هبوود ، صديق روزماري السري.كانت لايث تشفق عليهما كليهما ، و تشعر بالأسف نحوهما .
بدأ المطر الغزير يهبط على زجاج نافذتها و لكنها لم تسمعه هذه المرة . فإن كان مجرد التفكير بروزماري ، أعاد لها ذكريات ذلك اليوم من السنه السابقة حيث أتى شقيقها سيباستيان يبحث عنها ليخبرها بأنه التقى بروزماري غرين .. المعروفه بروزماري تالبو الآن في أحد شوارع هيزلبوري روزماري التي تكبر لايث بسنة كانت زميلة سباستيان في أيام الدراسة . و بما أنه كان محظوراً عليها الأختلاط مع باقي تلاميذ المدرسة و المشاركة في أي نشاط بعد الدوام لم يعرفها أحد تماماً . و قد دهش الجميع من ذلك . ولكن على الرغم من هذا تزوجت وهي في الثامنة عشرة من عمرها و غادرت البلدة .
لم يسمع عنها أحد منذ ذلك الوقت ، حتى ذلك اليوم الذات الذي أت فيه سباستيان متلهفاً ليقول للايث: " لقد ألتقيت لتوي بروزماري غرين!"
لاحظت لايث حماسه الواضح ، ولكنها لم تأخذه على عين الإعتبار، بما أن الحماس جزء من طباعه ، فأجابيه ببرودة " ربما تقوم بزيارة إلى أهلها"
"هذا صحيح " أجابها. " ولكنها تبدو محبطة العزيمة .. على أي حال ليس بالأمر الواضح جداً " تابع بحماسه المعهود : " كنا واقفين خارج مقهى أوليفانتس عندما اقترحت عليها الدخول لتناول القهوة و سرعان ما أخذت تخبرني بأنها تعيش حالياً في لندن ، حيث تمتلك شقة و هناك ،......" فجأة توقف عن الكلام و شعرت لايث بأنها يريد إخبارها شيئاً ما.
سألت لايث مستفهمه : " وماذا أيضاً ؟"
"و أخبرتني بوجود شقة شاغرة قريباً من المكان الذي تسكنه"
"آه لا!" و رفضت لايث الفكرة حتى قبل أن يتفوه بها مع أن فكرة العيش و العمل في لندن كان لها صداها الساحر " لن توافق أمي أبداً ، على أي حال "
" ستوافق إذا أخبرتها بأنكِ سوف تعتنين بي " أجاب سباستيان البالغ الثالثة و العشرين من العمر ، منوهاً بأهتمام أمه البالغ و خوفها عليه . " على كل حال" أضاف : " لن أستطيع تأمين الإيجار وحدي"
اقترحت لايث " ماذا إذا رفضت الذهاب؟"
أجاب " ولكنك لن ترفضي! . فأنت لم تعارضي رأي أبي حين أشار إلى عد توفر الفرص و المجالات لكِ ، هنا، التي تتناسب مع مؤهلاتك و دراستك ، أما في لندن ..."
تابع سيباستيان على هذا المنوال لبضع دقائق أخرى حاولت لايث في أن تخلق بعض الأعذار ، ولكن سباستيان كان يجد مخرجاً لكل عذر ، لقد بدأت تشعر بالحماس نفسة الذي يشعر فيه ، فقد عملت بجهد لتنال مؤهلات التي تملكها اليوم ، و التي لم يكن يستغلها إلا جزئياً من خلال و ظيفتها الحالية .
قال سباستيان " سوف تكون لي فرص عديدة أيضاً "إذا بعد رسوبه في الجامعه ، يعمل حالياً في مجال التصوير . "لقد صورت كل ما يستحق أن يصور هنا من حولي " ثم عاد ليضيف " أما في لندن " حينها لايث قامت بإسكاته .
"الأجدر بنا أن نطلع والوالد على الأمر "
وافق الوالدين على الفور ، لقد أصبحا في سن يحق لهما فيها البحث عن الفرص ، أما الوالدة فكرت مالياً قبل الموافقة ، لأن أبنها كان و مايزال يشكل مصدر قلق لها.
في صباح ذلك الأحد ، و بعد أن حصل الاثنان على الموافقة و مباركة والديهما ، ذهب سباستيان إلى منزل آل غرين ليستوضح التفاصيل من روزماري عن الشقة، و لكنه عاد خائباً .
سألته الأم :" ألا تحبذ روزماري فكرة سكنك بقربها؟ "
فأجاب " لم تقل هذا ، ولكن ما قالته كان كافياً لأدرك أن أنه لا أنا و لايث سوف ننتقل للعيش في لندن "
سألت مسز إيفريت " و لم لا؟"
" لأن تلك الشقة هي برسم البيع و ليست برسم الإيجار"
اقترح الأب" ولكن يوجد أكثر من شقة موجودة في لندن معروضة للبيع و برسم الإيجار أليس كذلك ؟" ثم تابع ليقول " و في حال عدم توفرها ، يا عزيزي ، فإننا سوف نأخذ بعين الإعتبار هذا السبب كدافع رئيسي يخولكما حق الحصول على ميراث جدكما قبل بلوغوكما سن الخامسة و العشرين "
طرح سباستيان ولايث السؤال معاً " هل هذا ممكن حقاً ؟"
و عدتهما مسز إيفريت " سوف نرى "
في ذلك الوقت باشر الإثنان البحث عن شقة برسم البيع و بعد عملية المقارنه بين عدة شقق ، صمم سباستيان و لايث في النهاية على شراء الشقة المجاورة لشقة روزماري . ولكن كان عليهما مواجهة الحقيقة المتمثلة في أن الميراث لن يكفي لتسديد ثمنها .
" سندفع بالتقسيط مثلما يفعل الجميع " ولكن بما أن دخل سباستيان لم يكن كافياً ، فقد كان من الصعب عليه أن يحصل على التقسيط المريح " سوف أحصل على وظيفة مناسبة" قالها و هو مصمم على ذلك؟
و بما أن لايث كانت أيضاً تبحث عن عمل جديد، فقد تمكنت بعد تفتيش مضنِ الحصول على عمل في شركة صغيرة في لندن تدعى آرديس و شركاه.
بعد مرور شهر باشر سباستيان العمل مع وكالة سياحية في لندن ، و كان يقيم في المنزل خلال أيام العمل ، ليعود إلى منزله في هيزلبوري في أيام العطله ، و علمت لايث أيضاً في هذا الوقت أنها حصلت على و ظيفة عند آدريس و شركاه. فرحت كثيراً و بخاصة عندما علمت أنها المرأه الوحيدة التي أختيرت ، بعدما كانت شبة متأكدة من أن الوظيفة سوف تسند إلى أحد الرجال ، و لكنها علمت فيما بعد أنها ستحل مكان أحد الموظفين الرجال الذي كان عليه أن يترك عمله في عصون أربعة أشهر .
و بما أن وظيفتها لن تبدأ قبل ثلاثة أشهر ، فقد كان هذا ملائماً تماماً لها . فهذه الفترة سوف تمنحها الوقت لتركز على وظيفتها الحالية ، و لتؤمن دخلاً يمكنها من دفع أقساط الشقة .
كان كل شيء يسير على خير ما يرام انتقلت مع سباستيان بعد مضي أربعة أشهر ، للأقامة في شقتها الجديدة في لندن كان عبء الأقساط ثقيلاً ، ولكنهما تمكنا من تسديدة كونهما قد أمنا عملين مستقلين .
لم يتمكنا من رؤية روزماري تالبو إلا في مناسبات نادرة جداً خلال الأشهر الأربعة الماضية ، حتى كان ذلك اليوم الذي ذهب فيه لايث إلى شقة روزماري لتدعوها لحضور حفلة في شقتها الجديدة ، و علمت حينها أن ديريك ، زوج روزماري لم يعد يقيم معها .
" في الحقيقة " تمتمت روزماري " لقد ترك زوجي الشقة" لم تعلم لايث تلك اللحظة من التي كانت محرجة أكثر هي أم روزماري ، فقالت مبتسمة " إذا تعالي لنتناول الشراب على أي حال "
علمت لايث بعد فترة أن سبب و جودها في ذلك اليوم عندما التقى سباستيان في هيزلبوري بروزماري ، هو أطلاع أهلها على هجر ديرك لهت و نزوحه من شقتها للإقامة مع شخص آخر .
كانتا ، لايث و روزماري تلتقيان دائماً لشرب القهوة ، ولكن روزماري كانت متكتمه جداً إلى درجة ما حول ظروف زواجها . و لكنها ما لبث أن أطلعت لايث على حقيقة و طبيعة زوجها، فقد كان زير نساء ، و كان يعاملها بطريقة مخجلة و قاسية ، شعرت لايث بالأسف نحوها، و بخاصة بعدما أكتشفت أن روزماري لم تكن تتقبل فكرة فشل زواجها، و حين أن ديريك كان قد باشر في إجراءات الطلاق ، هذا ما أغضب والدي روزماري ، المعارضين و الرافضين كلياً لفكرة الطلاق.
قرر سباستيان إقامة حفلة صغيرة في شقتهما هو و لايث بعد مضي شهر على إقامتهما فيها . قال سباستيان " لن تكلفنا كثيراً!"
سألته لايث :" من ندعو؟ "
أجاب سباستيان :" لدي العديد من الأصدقاء" كان يخرج كثيراً برفقة الآخرين بالإضافة إلى إنضمامه إلى فرقة مسرحية محلية ، و إقامته في لندن سابقاً .
قامت لايث بدعوة روزماري إلى الحفلة ، و عندما رفضت ألحت عليها حتى قبلت . سمحت لايث لروزماري بمساعدتها و مشاركتها في التحضير و الأعداد للحفلة ، بينما كان سباستيان يقوم باخضار زجاجات المرطبات إلى المنزل.

ZelDa
15-05-2009, 16:46
شعرت لايث بالتعب و الضجر خلال الحفلة ، و تحديداً في الساعة الحادية عشرة ، حتى تمنت في تلك الساعة أن تأوي إلى فراشها ، ولكن بما أنها الداعية للحفلة ، فقد كان عليها القيام بواجباتها . اختفت روزماري عن نظرها لربع ساعة خلت ، بينما لايث تفكر في ملازمتها كي لا تشعر بالوحدة و الملل .
راحت لايث تبحث عن روزماري بعدما اعتقدت بأن هذه الزمرة من أصدقاء سباستيان لن تروق لها. آمله أن لا تجدها قد غادرت شقتها ، لأنه في هذه الحالة لن تلوم لايث سوى نفسها . وقع نظرها على روزماري و قد جلس بجانبها في إحدى زوايا الغرفة شاب في السادسة أو السابعة و العشرين من العمر ، و قد بدت عليه علامات النضوج أكثر من باقي الشباب الموجودين في الغرفة . فيما كان هذا الشاب يتحدث إلى روزماري ، حاولت لايث أن تتذكر أسمه الثاني ، بعدما تذكرت اسمه الأول ، ترايفس عندما رأت أن روزماري منسجمة معه تركتها بمفردها.
كان واضحاً أن ترايفس وقع في غرام روزماري من النظرة الأولى ، و شعرت لايث بأن روزماري تأثرت بالطريقة ذاتها. المشكلة الكبرى في حبهما كانت تكمن في المبادئ و التقاليد المتأصلة عند روزماري منذ طفولتها . فبالنسبة لها كان من الخطأ الوقع في غرام رجل بينما هي مازالت متزوجة من رجل آخر, و بما أنها شعرت بعدم قدرتها على منح الطلاق لديريك ، فقد كانت الفرصة أمامها غير سانحة لتتمتع بحبها لرايفس هبوود.
بعد مضي أسبوع أسرت روزماري المندهشة للايث بحبها العميق لترايفس و أخبرتها بأنها كانت قد خرجت للعشاء معه في إحدى الأمسيات


"أنا جد مسرور ة" أجابت لايث بذلك نتيجة معرفتها بحقيقة الأوقات العصيبه التي مرت بها روزماري بعد أن تخلى عنها دريك كلياً .
أجابت روزماري "لا تفرحي، فقد شعرت بالذنب....كما لو كانت عيون والدتي تراقبني ! لقد اتصل ترايفس في الليلة الماضية .. و قد أخبرته بأنب لن أره ثانية "
على الرغم من تصميم روزماري على عدم رؤية ترايفس ثانية ، نتيجة تمسكها بالعادات و التقاليد التي نشأت عليها و التي مانزالت تؤمن بها . فقد التقته ثانية صدفة ..من دون أي موعد سابق في خارج شقتها فقد عرج ترايفس على شقة لايث و سباستيان بعد مرور بضع ليالٍ قال : "كنت ماراً من هنا ففكرت بزيارتكما" غير أن السبب الرئيسي وراء زيارتة المفاجئة لم يكن ليخفى لأحد ... فقد كانت لايث قد دعت روزماري إلى العشاء في تلك الليلة بالذات ،و قد كان من غير الأئق أن تطلب من ترايفس المغادرة.
كانت لايث على و شك رفض مساعدة روزماري لها في غسل الصحون و لكن تطوع ترايفس لتجفيفها ، تتركهما في المطبخ بمفردهما، لتذهب بدورها و تقوم ببعض أعمال التنظيف في غرفة الطعام .
منذ ذلك الوقت ، أصبح ترايفس يتردد على العشاء عند لايث و سباستيان باستمرار ، و كانت روز ماري تحرص دائماً على التواجد حتى ساعة متأخرة ، و تصر معظم الأحيان على إحضار العشاء معها ، بينما كان ترايفس ، بما أنه يعمل لدى والده في مجال المشروبات ، يحضر معه الأنواع الجيدة من الشراب .
"ماذا يجري" تساءل سباستيان ، و قد عاد ذات ليلة متأخراً ليجد لايث تقف في طريقة إلى المطبخ .
أجابت :"روزماري و ترايفس في الداخل"
"إذاً؟"
في حال أنك لم تلاحظ فإنهما واقعان في الحب "
"و لم لا يلتقيان في شقة روزماري؟"
"روزماري لا تريد أن تستقبل ترايفس هناك "
"و لم لا؟"
قالت له لايث "الأمر ليس لائقاً"
"تفاهات!" كان هذا رأيه.
أعتقدت لايث في ما بعد ، بأنه من غير الممكن أن تستمر علاقة كهذه من دون أن يتأذى أحد في النهاية ظلت روزماري في تلك الأثناء ترفض الخروج مع ترايفس بينما كان يزداد تعلقاً بها يوماُ بعد يوم. و لقد أولعت لايث بالأثنين معاُ حتى أنها كانت تشعر بالأسف نحوهما.
ثم وصل ترايفس في إحدى الليالي و هو يظن بأنه سوف يرى روزماري ثانية ، كان سباستيان قد و صل إلى المنزل تلك الليلة أيضاً ، ثم أخذ يتحدث مع ترايفس بلهجة غير و دية ، بينما لايث في المطبخ تنهي بعض الأعمال . عندما أصبح كل شيء جاهزاً لاحظ الجميع تأخر روزماري، و لم يعد في استطاعة لايث أن تتحمل نظرات ترايفس المتشوقة و الموجهة نحو الباب.
"سأذهب لأرى ما الذي يعيق حضور روزماري" ثم ذهبت عبر الممر المؤدي إلى شقة روزماري . قرعت الجرس و انتظرت.
بعد حاولي دقيقة فتحت روزماري الباب .
"آه .. آسفة على الازعاج روزماري ، لم أكن أعلم .. بأن لديك ضيفاً " كانت تبتسم فيما كان الرجل يتجه صوبهما .
"ألن تقدميني ؟" سأل الرجل روزماري ، فيما يتفرس بوجه لايث الجميل الملامح ، و شعرها الكثيف الكستنائي اللون .
"طبعاً " أجابت روزماري"لايث المالكة الجديدة للشقة المجاورة لايث هذا زوجي دريك"
تصافح الاثنان ، ولكن لايث لم تعر طريقة تحديقه بها كل الوقت أي اهنمام " لن أبقى فسباستيان ينتظرني على العشاء و كنت أتساءل عما إذا كات لديك خليط ورستر و هل أستطيع استعارة القليل منه ؟"
بدت علامات التساؤل على وجهي ترايفس و سيباستيان بعدما عادت لايث بمفردها سألها ترايفس " أين روزماري؟" لم يكن لديها أي جواب غير الحقيقة .
فأجابت" لن تأتي " عندها كان عليها هي و سباستيان تهدئة ترايفس ، و محاولت ردعه عن القيام بمهاجمة شثة روزماري بمجرد أن أوضحت له لايث عن وجود زوج روزماري في شقتها .
بعدما تمكن الأثنان من تهدئته قام سباستيان بتقديم شراب مرطب له و استمرت الأمسية مشحونه بجو مضطرب عندما بدأ لسباستيان أن ترايفس كان بحاجة لشراب آخر ، قام يتقديمه له عندها راح ترايفس بصورة لا واعية يسرد تفاصيل حبه لروزماري" معرباً عن امنيته بالزواج منها ثم راح يخبرها كيف أنها بدافع التحفظ لم تكن تسمح له حتى باصطحابها إلى أي مكان أو بذكر أسمها أمام عائلته. فيما كان هو يريد أن يعلن حبه على الملأ كانت ترفض حتى أن يقدمها إلى أهله.
عند حاولي الساعة الخادية عشر قبل منتصف الليل لم تعد الكلمات تخرج واضحة من فم ترايفس مما حمل لايث على توبيخ سباستيان الذي يقوم بملء كأس ترايفس كلما كان يوشك على الانتهاء .
كان ترايفس يتمايل عندما حاول الوقوف كي يذهب إلى منزله.
قالت لايث لاخيها :" لا اعتقد بأن حالته هذه تسمح له بالقيادة "
علق سباستيان: " أنا أيضاً تعب ... لن أوصلة إلى أي مكان! على أي حال فهو يسكن في أحد شوارغ إيسكس و الله أعلم في أي ساعة أكون قد عدت إلى فراشي ...هذا إذا مازال يتذكر مكان إقامته بامكاننا تمديده هنا على هذه الأريكه " مختاراً بذلك أسهل الحلول .
"ماذا عن أهله؟ .. سيقلقون" أكدت لايث و قد تذكرت حالة أمها القلقة في المرات التي يتأخر فيها سباستيان في العودة إلى المنزل .
قال سباستيان " لن تكون الليلة الأولى التي يقضيها خارج منزله!"
أمضى ترايفس تلك الليلة عند لايث و سباستيان ممدداً على الأريكة أما التعويض الوحيد عن ذلك فقد كان تلك الفرصة التي حظي بها ليتكلم مع روزماري في الصباح التالي قبل ذهابها إلى وظيفتها كمبرمجة كومبيوتر . أصيب ترايفس بصدمه عنيفة عندما علم من روزماري بأن زوجها ديريك كان عندها ليلة البارحة من أجل طلب الطلاق و بأنها أعطته جواباً قاطعاً بالرفض كما أنها قامت باطلاع ترايقس على قرارها بعدم تلبية أي دعوة عشاء إلى الشقة المقابلة من الآن و صاعداً .
عندما إلتقت روزماري بلايث بعد لايث بعد ذلك ، قامت بإطلاعها على ما أخبرته لترايفس . أدركت لايث حينها بأن عليها ألا تتدخل في شؤونهما الخاصة بل عليها البقاء قريبة من روزماري في احتاجت هذه الأخيرة إلى صديقة مخلصة .
واظبت لايث على الإلتقاء بروزماري فغالباً ما كانت الاثنتان تجتمعان لشرب القهوه و لما كان ترايفس يتردد على شقة لايث في عدة مناسبات أيضاً ... كانت لايث تعلم خلالها أن السبب الرئيسي وراء زياراته كان يكمن في أمل الحصول على فرصة ثانية لرؤية روزماري . عندما بدأ سباستيان في ما بعد عن امكانية تخلية عن عمله شكل هذا مصدر قلق جديد للايث فإذا لم يعمل سباستيان كيف سيدفع حصته من الأقساط ؟ وقعت الكارثة الحقيقة عندما خسرت لايث وظيفتها و هذا أكبر دليل على أن المتاعب لا تأتي إلا جملة .
لم تستطع أن تصدق فهي موظفة نشيطة تعمل بجد فقد كانت أساساً تتعامل مع الرجال من خلال عملها و كانت قد أنسجمت مع معظمهم و لكنها فوجئت ذات يوم بدخول آلك أدريس عليها و هو ابن صاحب الشركة بينما كانت تعمل في مكتبها . و بدون أي تشجيع منها حاول التحرش بها من غير أن يتوقع بأنها تبادل مبادرته بالصد أو الرفض .
لكنها تمكنت من الافالت منه فيما بعد بعدما شعرت بالإذلال و المهانه فقد ظن بأنه قادر على أن يفعل بها ما يشاء كونها موظفة أنثى تعمل لديه و لسوء الحظ صودف مرور آدريس الأب في تلك اللحظات ، بينما كان صراخها يملأ المكان .
شعرت لايث بالأغماء عندما أخبرها آدريس بأنها مطروده و بأنه سوف يرسل لها راتبها الشهر إلى منزلها محاولاً غض النظر عن تصرفات أبنه المشينه أو غير مصدق بأن أبنه قد فعل من دون أي تشجيع من قبلها .
كانت واقعة تحت تأثير الصدمة عندما خرجت في ذلك المساء لتقرع جرس باب روزماري سألتها لايث مستوضحة :" هل صادف مجيئي مع تحضيرك للقهوة ؟"
"تفضلي" دعتها روزماري إلى الداخل قائلة " تبدين أسوء حالاً مني ماذا حصل ؟"
أخبرتها لايث بما حصل بينما كانت ترتشفان القهوة .
قالت روزماري بينما كانت في حالت غضب قصوى" كان عليكِ أن تصفعيه "
أجابت لايث فيما أخذت رشفة أخرى من قهوتها :"هذا ما كنت قد فعلته لو أن يدي كانتا طليقتين "
جلستا في غرفة الجلوس في شقة روزماري النظيفة و المرتبة ، أطرت روزماري على رأي لايث : " طبعاً إن ما حصل اليوم كان مقدراً أن يحصل عاجلاً أو آجلاً "
قالت روزماري بلطف "ليس لديك أدنى فكرة ألأيس كذلك ؟ ليس لدي أدنى فكرة عما يثير شعرك الكستنائي الرائع ووجهك و عيناك الجميلتان و شكلك بصورة عامة في أفعى مثل ذلك الرجل لتمتد حول عنقك و تنال منك "
تمتمت لايث بوهن :" يا للعجب!"
"ليس عليك إلا أن تغيري شكلك قليلاً إلى الأسوأ" ابتسمت روزماري فيما استمر حديثهما حتى تطرقت لايث إلى موضوع مُلِح و هو ضروري بحثها عن عمل جديد.
و أضافت " لا أستطيع تسديدد القسط الذي علينا دفعه أنا و سباستيان في كل شهر و أنا عاطله عن العمل "
أجابت روزماري " أعرف هذا!" و استطردت :" فإذا لم أسدد بدوري رسوم هذه الشقة قبل نهاية السنة سأفع حتماً في ورطه لذلك أعمل على توفير كل ما يمكن توفيره ، حتى أتمكن من تستديد الايجار في الموعد المحدد و لكن بالعودة إلى مشكلتك لا أظن بأنك ستواجهين صعوبة في الحصول على وظيفة أخرى أليس كذلك ؟"

ZelDa
15-05-2009, 16:58
"سوف يدققون في مؤهلاتي " أجابت لايث " ولكن كيف أحصل على توصية ؟" فأنا لا أستطيع الاعتماد على آرديس في هذا لأنه حتماً سيقدم تقريراً سلبياً "
قالت روزماري بحزم " طبعاً لن يكون صادقاً ... إلا إذا أرد أن يفسح الطريق أمام لمسايرته"
بعد أسبوع عن تقديمها طلب عمل لثلاث شركات مختلفة علمت لايث بأن أثنتين من الوظائف شغلتا فيما دعيت لإجراء مقابلة الأجل الوظيفة الثالثة . و كان لديها الوقت الكافي خلال الأسبوع الفائت للتفكير بما قالته لها روزماري فهي ما زالت تحت تأثير الصدمة التي تلقتها من جراء صرفها غير العادل و غير المبرر من وظيفتها السابقة حتى أن مجرد ذكرها كان يسبب لها توتراً في أعصابها .
"سباستيان" نادت أخاها في الليلة الأخيرة قبل موعدها للذهاب لمقابلة شكرة ج.فاسي" لا اعتقد بأعتقد بأنك مازلت تحتفظ بتلك بالنظارتين التي استعملتهما عندما لعبت دور البروفسور في ..."
كادت لايث أن لا تتعرف على نفسها في اليوم التالي و قد ربطت شعرها إلى الوراء بعدما كانت تتركه عاده منسدلا على كتفيها ووضعت نظارتين عريضتي الإطار على عينيها .
لم تكن لديها أدنى فكرة في هذه الآونه عما كانت ستقابل أبناً مدللاً آخر في شركة فاسي لذلك عليها أن تقوم ببعض التغييرات في شكلها كي تتجنب جذب الأنظار حولها.
جرت المقابلة في شركة فاسي على أحسن ما يرام و فوجئت حين لم يبدِ أحدهم شكه أو حتى تساؤله عن سبب وضعها النظارتين العريضتي الإطار و اللتين خلعتهما في اللحظة التي وصلت فيها إلى مبنى شقتها .
كان عليها الإنتظار لمدة اسبوعين طوييلين بعد المقابلة لتعرف ما إذا كانت قد حصلت على الوظيفة أم لا في تلك الأثناء تقدمت بطلبات عمل وظائف أخرى برغم أنها تفضل العمل مع شركة فاسي و ذلك بسبب راتبها الأكبر .
لقد سرها جداً أن تعلم فيما بعد بأنها حصلت على الوظيفة لدرجة نسيت معها في اليوم الأول العمل أن تربط شعرها إلى الخلف و أن تضع نظارتيها قبل مغادرتها المنزل . و لكنها عادت و تذكرت ما كان عليها أن تفعل قبل فوات الأوان .
--------------------------------
وصلت شركة فاسي و أمضت فترة الصباح تتفحص مكتبها الجديد و تتعرف على باقي الموظفين الموجودين في القسم جذب انتباهها خاصة جيمي ويب البالغ من العمر السابعة عشرة من عمره و الذي بدا لها و كأنه مخزن معلومات عن كل ما كان يدور حوله .
أخبرها جيمي أخبار غير مفرحة عن قيام شركة ماسينغهام الضخمة للهندسة بشراء شركة فاسي منذ بضعة أشهر أول ما فكرت به أنه كان عليها أن تركز و تهتم بصورة خاصة بوظيفتها لأنه لولا هذه الوظيفة لما أصبح بمقدورها تأمين تسديد حصتها من قسط الشقة .
سألت جيمي " هل تعلم ما إذا كان أي فريق عمل من شركة ماسينغهام سينتقل إلى هنا؟"
أجابها جيمي المطلع على الأمور :" سيقومون بنقل جميع أعمالهم إلى منطقة الشمال .ابتداءً بالطاولات و انتهاء بأصص النباتات كل شيء لقد باعت ماسينغهام أعمالها هنا و الفريق الوحيد المنتقل سيكون ذاك الذي يحتاج إلى لندن كقاعدة له."
ظهر الارتياح على وجه لايث و ارتفعت معنوياتها قليلاً.
"أسمي لايث" عرفته عن نفسها بما أنها تكبره بخمس سنوات ." و الآن أطلعني على ما يوجد داخل الملفات"
أبتسم جيمي فيما يقوم بسحب كرسيه المجاور لمكتبها في وقت قصير أصبحت لايث معروفة في القسم التابع لشركة فاسي كانت تستحق المكافآت التي تنالها نتيجة لعملها الدؤوب و المثمر .
كانت الحياة في المنزل هادئة أيضاُ فحياتها الاجتماعية لم تكن صاخبة لانها بخلاف أخيها كان أصدقاؤها معدودين في هذا المجال يبدو أن صديقتها روز ماري تعاني المشكلة نفسها التي يعاني منها ترايفس هبوود . حتى كان ذلك اليوم الذي أتى فيه ترايفس إلى المبنى ليزور لايث و سباستيان حيث التقى الاثنان روزماري و ترايفس و جها لوجه .
اعترفت روزماري للايث لاحقاً بأن رؤيتها لمظهر ترايفس البائس قد أحزنها فعلاً .
كانت تحفظها هذا ناجماً عن قلقها و خوفها الشديد من أن يستغل زوجها علاقتها بأي شخص آخر فيسجل هذه العلاقة نفطة سوداء في صفحتها تساعده على نيل الطلاق حتى دون موافقتها على الرغم من كل هذا فقد ذهبت روزماري لتناول القهوة في وقت متأخر من تلك الليله عند لايث و سباستيان برغم علمها التام و المسبق بوجود ترايفس هناك أيضاً.
بعدذلك قبلت روزماري دعوات أسبوعياً لشرب القهوة عند لايث ولكن دون المكوث لفترة طويلة على العشاء مثلاً أو غسيل الصحون كان ترايفس يحرص دائماً على التواجد هناك أيضاً.
بعد مرور شهرين على مباشرة لايث العمل في شركة فاسي عاد سباستيان يوماً إلى البيت بحماسه المعهود ليخبرها بأنه سوف يسافر يوم الجمعة إلى الهند في عطلة.
"الهند !" صرخت لايث و كأنها تسمع عنها للمرة الأولى .
"ياللعجب لايث إنها تبعد فقط مسافة تسع ساعات طيرانا! سأعود بعد أسبوعين "
"إذا تمتع بوقتك " قالت له فيما دخلت لتساعدة في التوضيب .....

عاد المطر الغزير يضرب زجاج النوافذ شقتها ليعيدها إلى الواقع نظرت إلى ساعتها كانت الساعة تجاوزت العاشرة !و كأنها قد جلست في مكانها دهراً تسترجع في ذاكرتها كل ما جرى خلال السنة .
نهضت عن كرسيها و توجهت إلى المطبخ لتعد لنفسها شراباً ساخنا. راحت تفتش عن الدافع الذي جعلها تعود بأفكارها إلى الوراء ثم ما لبث أن أدركت الدافع وراء ذلك و هو اخوها العزيز سباستيان إذ كان أرسل لها قبل أسبوع بطاقة بريدية كتب عليها "الهند رائعة ...سأبقى لفترة أعرف بأنك قادرة على تدبير أمورك بصورة حسنة"
في البدء تعجبت لايث من عدم ذكره أي شيء بخصوص تسديد حصته المستحقة عن الشقة لم يخطر على بالها أنه سيتوانى في إرسال حصته بواسطة البريد أو المصرف أو أي وسيلة أخرى أتصلت بوالديها و علمت أن سباستيان قد بعث لهما بأخبارة أيضاً قالت لها أمها فيما تابعتا حديثهما :"سيكون بوسعه التقاط صور رائعة في الهند أليس كذلك ؟"
فقد كان لسباستيان منزلة خاصة عند أمه لذا لم تر لايث جدوى من إثارتها لموضوع الرسوم الموجبه عليه لعلمها المسبق بموقف أمها في موقع الدفاع عن سباستيان...لم تكن لتطلب المال من والديها من أجل تغطية حصة سباستيان من الأقساط لأنها سبق أن كانا قد غطيا المصاريف اللازمه لتجهيز شقتهما الجديدة بكافة المفروشات.

علقت لايث ببرودة :"أنت تعرفين سباستيان " و هي شبة متأكدة أن أمها المولعه بسباستيان ستفكر بجواب ابنتها الوحيدة هذا من ناحية إيجابية .
فيما كانت لايث تقوم بإعداد كوب من الشوكولا الساخن لنفسها سمعت رنين جرس باب شقتها لم تعلم لماذا ظنت أن الطارق لابد أن قلقها و خوفها الدائمين كانا قد نالا منها .
هكذا فكرت وهي تغادر المطبخ مدركة تماماً بأن مجرد تفكيرها بأخيها لن يقوده إلى البيت لدفع المصاريف الموجبة عليه.
فتحت الباب... لم يكن سباستيان على الباب هتفت:"ترايفس!" بدا مظهره مروعاً و كأنه مريض ثم ما لبثت أن لاحظت أنه أيضا مبتل :"تفضل" و قد دعته إلى الداخل لم يكن باستطاعتها فعل أي شيء آخر .
ساعدته على الدخول إلى المطبخ و أجلسته إلى الطاوله فيما ذهبت و أحضرت له منشفة.
"هل و صلت سيراً على قدميك " سألت بينما كان يجفف شعره ووجهه لأنه لم يكن بوسعها تصديق أو حتى تصور و صوله وهو يقود سيارته في مثل هذه الحالة .
"لقد وقفت في الخارج لفترة طويلة ....و أنا أفكر بالدخول مع اني أعلم بأنه من غير اللائق أن أدخل "
أخبرته لايث بلطف "روزماري ليست هنا لقد ذهبت لزيارة أهلها "
أجاب ترايفس " هذا ما تصورته " ثم عاد ليقول بعدما بدا عليه الأنزعاج الشديد"و فكرت ,,,,فكرت بأنني لم أعد قادراً على الاستمرار بعلاقة لم تكن ...على الاستمرار في حب امرأة أنا متأكد من أنها تبادلني الشعور نفسه و لمن بسبب المبادئ و الأهل و التقاليد ...بدافع اللياقات و الخوف من الفضيحة .. لقد عانيت الأمرين مساء أمس "
فكرت لايث بأن فنجاناً من القهوة قد يساعدة فليلاً و يخفف عنه كانت تهيئ الفنجانين فيما راح يتفوه بكلمات شبة مفهومه وضعت فنجان القهوة أمامه بينما استمر هو في الافصاح عن كل ما سبب له الازعاج منذ اللحظة الأولى لتعرفة على روزماري لم تشعر لايث بالإحراج بل تأثرت لرؤيته على هذه الحال و قد وصل إلى ما وصل إليه نتيجة حبه لصديقتها .
أخذ يخبرها عن تحفظه و تكتمه حول موضوع حبه لروزماري الناجك عن خوفه من أن يخسر الخيط الرفيع في علاقتهما معها و كيف أنه أدرك أكثر من أي شيء آخر أن يخبر عائلته عنها ولكنه لم يفعل لأنه كان قد قطع لها و عداً بناء على رغبتها و مشيئتها أمام هذا المبنى بالذات بألا يتفوه بأسمها أمام أحد .
"حتى مساء أمس حين شعرت بأنني غير قادر على أن أستمر على علاقى كهذه من دون أسوى الأمور بيني و بينها اتصلت بها و أخبرتها بأنني أريد رؤيتها على انفراد " لزم الصمت بعدها لفترة فيما سرح بأفكاره بعيداً .
تسألت لايث "ولكن لماذا روزماري رفضت ؟"
هز رأسه" كنت أحمق لأصر بما أنه لم يكن باستطاعتها أن تراني على انفراد علي أن أخبرها أخبرها آه يا إلهي لابد و أنني جننت! إذا رفضت مقابلتي على انفراد فإنني لا أريد أن أراها بعد اليوم أبداً "
قالت لايث بعطف "أوه ترايفس!" ثم سألته :"ما كان جواب روزماري؟"
أجابت "لاشيء فقط وضعت السماعة مكانها و عرفت عندها " تابع بعدما أخذ نفساً متقطعهاً "بأن كل شيء قد انتهى "
"أنا آسفة" كان هذا كل ما تمكنت لايث من قوله ثم قام نرايفس من دون أن يلمس فنجان قهوته، وهو يتمتم بأشياء حول عزمة على العودة إلى ايسكس.
سألته فيما كان يهم بالخروج بخطوات غير ثابته "أين سيارتك؟"
فأجاب في الخارج .....على ما أظن "
كان المطر مايزال يهطل بغزارة في الخارج في تلك الليلة فكرت لايث بينها و بين نفسها بأنها ليست بالليلة المناسبة لتسمح لصديق لها بالتجول خارجاً بحثا عن سيارته ثم أنه من غير المعقول أن تدعه يقود سيارته و هو في حالته هذه.
"أظن أن عليك أن ترتاح هنا قليلاً" لحقت به إلى خارج المطبخ نحو غرفة الجلوس لقد فكرت فينما كا ينظر إلى الأريكة التي أمضى ليله ممدداً عليها " آه أظن أن لدينا حلاً أفضل هذه المرة " ثم قادته إلى غرفة النوم الخاصة بسباستيان .
بعد مضي حوالي ربع ساعة كان ترايفس يرقد كطفل في نوم عميق سأعدته لايث على خلع سترته وربطة عنقة و حذائة . ثم قامت بتعليق سترته على علاقة المعاطف و القبعات بجانل قبعة سباستيان التي غالباً ما يعتمرها لدة خروجه من المنزل.
مرت خمس دقائق فكرت لايث خلالها أنه لا بد وأن تكون روزماري تشعر بنفس الحالة البائسة التي يشعر بها ترايفس .
ثم أوت إلى فراشها بعدما اطمأنت عليه لم تكت بالليلة الممله على أي حال فكرت لايث ملياً بل كانت ليله حافلة .

في محاوله منها للتفكير بشيء آخر شغلت لايث رأسها بالتفكير بعملها لدى شركة فاسي راحت تفكر كم هي محظوظة لوجود ويب إلى جانبها كمساعد لها تذكرت كيف أنه أتى نهار جمعه ليخبرها بأن فريقاً من شركة ماسينغهام أصبح على و شك الانتقال إلى المبنى الجديد نهار الإثنين لم يكن هذا كل شيء فالسيد ماسينغهام بنفسه صاحب امبراطورية ماسينغهام العظمى سينتقل معهم أيضاً .
لم يكن لدى لايث أدنى شك قي صعوبة لقائها بهذا الرجل ذي الشأن المعتبر و المركز المرموق كل ما تمنته هو أن تحتفظ بوظيفتها لأنه سيكون من الصعب عليها تأمين مصاريف الشقة في حال خسرت هذه الوظيفة .
استفاقت من نومها العميق بعد بضع ساعات على رنين جرس باب شفتها و هو يرن بشكل متواصل تركت سريرها و هي لا تزال شبه نائمة لتتناول رداءها و تصل الباب بعد أن أضاءت الأنوار .
"ماذا يجري؟" سألت بغضب الرجل الطويل الواقف عند الباب بعد نزع إصبعه عن الجرس وراح ينظر إليها ثم إلى شعرها الرائع الكثيف وبشرتها الجميلة . بعد أن تفحص ملامحها الجميلة انتقل بنظراته ليتأملها مما جعل لايث تحكم حزام الرداء القطني حولها ثم أنهى تأمله لها بالنظر إلى قدميها الجميلتين الحافيتين.
"عمت مساء" قالتها بطريقة جافة و حاولت اغلاق الباب في جهه عندما لم يبادرهت بأي جواب ولكنه كان وضع رجله في الطريق "ماذا...." بدأت تستفيق كلياً و قد أخذت تشعر بالذعر .

ZelDa
15-05-2009, 17:00
أجاب الرجل الطويل باقتضاب :"أنا أبحث عن ترايفس هبوود" مجرد معرفته لترايفس طمأنتها و خففت من ذعرها,
"ترايفس ..." توقفت فجأة بعدما شعرت بأنه عليها حمايته من هذا الرجل في حال كان يريد إيذاءة و هذا ما قد بدا عليها سألته :"لماذا؟" لم تلق جواباً و عادت تسأله بطريقة فظة :"من أنت؟"
لم تحصل لايث على أسم الزائر الليلي و لكنها شعرت بالأمان حين قال لها :" أنا ابن خالته" و تلاشى خوفها عندما أضاف " في حال أنك تهتمين فإن أمه في أقصى درجات القلق عليه و أنا هنا من قبلها"
"من الأفضل أن تدخل " قالت هذا و أفسحت الطريق أمامه عندما قام الرجل و هو بالعقد الثالث من عمرة حسب تقديرها بالدخول رأتع ينظر إلى علاقة الثياب حيث تعرف على سترة ترايفس المعلقة عليها ثم ذهب لينتزعها .
سألها باقتضاب :"أين غرفة نومك؟"
فتحت لايث فمها مشدوهه عندما أدركت بأن الرجل الوقح قد ظن أنها كانت نائمة مع ترايفس في الغرفة نفسها كل ما قصدته هو مساعدى ترايفس في الغرفة نفسها كل ما قصدته هو مساعدة ترايفس في الوقت العصيب الذي يمر به و الآن هذا كل ما نالته!
"من قال لك بأنه يريد الرحيل ؟" و قد أدركت بأنه هنا من أجل اصطحاب ترايفس معه .
"هل أنت مهتمه جدياُ بترايفس ؟" سألها ملمحاً بذلك إلى يقينه من اهتمامها بوضعه المالي أكثر من أهتمامها بشخصه هذا ما أغضبها و لكنها تمكنت بصعوبه من السيطره على غيظها لتجيبه بالطريقة الوقحة نفسها التي يعتمدها في حديثة معها مثيرة بذلك استفزازه و سخطة .
"ليس لدي أي خطط جديه للزواج منه إذا كان هذا ما تريد معرفته"
ثم تحول بنظراته إلى الداخل نخو غرفة الجلوس ليتأمل السجاد المفروشات كل شيء و هو يفكر بتكاليف هذه الشقة .

عاد ليتفرس بها قائلاً" لقد صاحبته من أجل أن يساعدك على تسديد مصاريف الإجار أليس كذلك ؟"
"لم استأجر بل اشتريت" ثم راحت تخبرة عن المبلغ المتوجب تسديده من أجل الاحتفاظ بهذه الشقة فيما كانت تأخذ نفساً عميقا لتصب جام غضبها عليه .
لكنه سبقها قائلاً "هل لديك أي دخل خاص ؟" و كأنه يملك الحق في توجيه سؤال كهذا إليها.
أجابته لايث و شرارات الغضب تتطاير من عينيها الخضراوين " أنا أعمل!أنا أعمل بجهد لأستحق كل قرش أناله!ّ"
نظر إليها بتعجرف قائلا:"أراهن على أنك تعملين !"
لم يسبق للايث بحاجه الملحه للقيام بضرب هذا الرجل ثم استدارت لتتوجه نحو غرفة نوم سباستيان وقد تبعها ابن خالة ترايفس أضاءت النور فيما تحرك ترايفس على الفراش ليفتح متثاقلا عيناً واحده راحت تنظر إلى كومة الثياب على جانب السرير و التي يبدو أنه خلعها عند شعوره بالحر في وقت ما خلال الليله عادت تنظر إلى السرير و إذ بعلامات الارتباك قد ارتسمت واضحة على وجه ترايفس و هو يتساءل عن كيفية وصوله إلى هذا المكان:"كيف وصلت إلى هنا؟"
قال قريبه للايث معلقاً:" لا أعتقد بأنه كان جيداً معك هذه الليله و هو في مثل حالته هذه" كانت لايث على و شك القيام بضربه لولا أنه توجه نحو السرير ليخاطب ترايفس بلطف "حان وقت العودة ياعزيزي"
ذهبت إلى المطبخ و أغلقت على نفسها كانت ساعة المطبخ تشير إلى الرابعة صباحا عادت بأفكارها إلى الرجل الذي جاء منذ فترة يقرع جرس بابها بصورة متواصله.
كان واضحاً من طريقة كلامه مع ترايفس أن رابطاً قويا في عائلتهما يجمعهما و لكنها لم تستطع أن تجد مبرراً لطريقة كلامه الوقحة معها كيف يجرأ على مخاطبتها و كأنها مجرد مومس؟
قررت ملازمة مكانها فيما كانت تسمع أصواتاُ تشير إلى أن الإثنين كانا على و شك المغادرة شعرت بالحزن بمجرد تفكيرها بأنها لن ترى ترايفس ثانية خاصة بعد الذي جرى بينه و بين روزماري و لكنها كانت سعيدة في الوقت نفسه لأنها لن ترى ثانية قريبه الذي لا يطاق.
سمعت الباب الخارجي يفتح من ثم يغلق تنفست الصعداء وهي تشعر بوخز جسدس خفيف من جراء صدامها مع الرجل الذي أتى كي يصطحب ترايفس معه.

ZelDa
15-05-2009, 17:02
Chapter 2
بعد ليلة قصيرة استفاقت لايص من نومها صباح يوم الاحد و هي تظن بأن ما حدث الليلة الماضية كان مجرد حلم .
توجهت نحو غرفة سباستيان و كان سريرة غير مرتب و كأن أحد قد نام فيه لم يكن ترايفس هناك تأكدت عندها بأن ما جرى لم يكن مجرد حلماً بل واقعاً.
قضت ذلك اليوم و هي تفكر بقريب ترايفس يا إلهي ما هذا الرجل مجرد التفكير به كان بمثابة كابوس لها! لقد شعرت بمدى سخافتها عندم ظننت أن ما أصابها من رعشة كان نتيجة لقائها بهذا الرجل لأنه في الحقيقة كان تيجة غضبها الشديد.
كانت ما تزال تفكر بذلك الرجل الحقير عندما انتهت من تناول غدائها لقد عرفت منه بأنه جاء يبحث عن ترايفس بناء على طلب والدته أي مسز هبوود و لكن كيف بحق السماء عرف أين يبحث عنه ؟فترايفس كان قد أخبرها بأنه لم يأت على ذكر اسم روزماري أو حتى امكان إقامتها أمام أحد ومع ذلك لم يأت هذا الرجل الطويل الأسود الشعر إلى شقه روزماري بل شقتها! كان أيضاً على يقين من أنها تتشارك المخدع مع ترايفس ياله من مخلوق كريه !
كانت لايث ما تزال تتساءب عن كيفيه اهتداء هذا الرجل إلى شقتها عندما وصل ترايفس في وقت متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم بدا شاحباً هي تدعوه إلى الدخول .
"لن أبقى " أجابها بسرعه فيما دخل إلى غرفة الجلوس.ليأخذ مقعداً بناء على اقتراحها.
"لقد أتيت لآخذ سيارتي و لم أستطع المغادرة من دون أن أمر عليك لكي أعتذر عن كل ما بدر خلال الليلة الماضية "
"لا عليك فأنت لم تتصرف بطريقة مخطئة الليلة الماضية على كل حال " ابتسمت لايث بدا عليه الهدوء و النبل و كان واضحاً أنه يتألم في داخله فلقد سحق عاطفياً منذ لحظة لقائه بمحبوبته روزماري.
أجابها من دون أن يبادلها الابتسامه " أنتِ لطيفة لقد فقدت صوابي على الأرجح " سرح بأفكارة للحظة ثم عاد ليقول "لابد و أنني فقدت صوابي منذ يوم الجمعة يوم وضعت روزماري حد لعلاقتها بي "
شعرت لايث بالذنب كونها المسؤولة في البداية عن لقاء الشابين ببعضهما البعض كان بردها أن تخبره بأنها على يقين من أن روزماري لم تنهِ هذه العلاقة بعد و لكنها كانت متأكده من هذا . ولكنها هي أيضاً تتخبط في جحيمها الخاص بسبب تناقض هذه العلاقة مع التقاليد التي نشأت عليها .
عندما لم يكن بوسع لايث إبداء أي ملاحظة تشجيعية أو إجابية حول مستقبل علاقة روزماري بترايفس و حبها المتبادل إنتقلت لتسأله :"هل تشعر بأي تحسن اليوم ؟"
"كيف أبدو؟" سألها و هو يكاد يبتسم و تابع " لا لا تجيبني حتى على سؤالي هذا! فحتى القطة لن ترضى بصحبتي و أنا في هذه الحاله هكذا كأن رأي والدتي "
"لقد قلقت أمك عليك كثيراً" علقت لايث و هي تتذكر هذا الأمر فلولا قلق مسز هبوود الشديد على ابنها لما وصل ابن خالته الحقير و المتغطرس ليدق على باب شقتها بإلحاح و قد فاربت الساعة الرابعه من فجر ذلك اليوم .
أجاب ترايفس "أنا ابنها الأصغر" و كأنه يحاول بذلك تبرير قلق أمه الزائد عليه .
سألت لايث فيما تعجبت من حضور ابن خالته بدلاً من شقيقة لاصطحابه ليلة البارحة "هل لديك شقيق ؟"
"لدي اثنان في الواقع ويل و أوغو ولكنهما متزوجان و لكل واحد منهما مسؤلياته العائلة أبي رائع و لكننا أحيانا نختلف مع بعضنا البعض في وجهات التظر مما يسبب بعض الأزمات لهذا السبب اتصلت أمي بنايلور عندما احتاجت إلى المساعدة "
"نايلور ابن خالتك هذا عازب أليس كذلك ؟" سألت لايث و هي تحاول بذلك تفسير طلب مسز هبوود المساعدة منه بالذات .
أجاب ترايفس "هذا صحيح و هو بمثابة شقيق بالنسبة لي " أضاف و هو يتابع شارحاً :" لقد توفي والده في حادث سيارة في السنة التي و لدت فيها أنا . و كانت أمي شديدة التعلق بوالدته اختها لذالك أصرت على أن يأتي ليقيم معنا و ليس مع أحد غيرنا"
"آه فهمت و مازال نايلور يقيم عندكم عندما كانت والدتك ..."
"إنه يملك شقة في لندن حالياً ...ولكنه مازال يزورنا في مناسبات عدة آتياً إلى بارد وود للاطمئنان على أن الجميع بخير " وجدت لايث صعوبه في مقارنة هذا النايلور العطوف مع النايلور التهجمي و القاسي الذي تصادمت و اياه في الليله الماضية ثم استطرد ترايفس :" ولكن والدتي كانت قد اتصلت به يوم الجمعة و اخبرته على ما يبدو بأشياء حملت نايلور على الحضور إلى بارك وود في تلك الليله من ذاك اليوم"
"إذاً فقد رأيته مشاء الجمعه بعد ان ان اتصلت بروزماري "
قال ترايفس "كلا لم أره . لا أتذكر بالتحديد إلى أي مكان ذهبت بعدها ولكن لم يكن البيت على الأرجح على كل حال كان نايلور كل هذا الوقت يحاول تهدئة أمي عن طريق اقناعها بأنني أصبحت شاباً بالغاً و مسؤولا عن نفسي ولكن حين لم أعد إلى البيت طوال يوم السبت التالي كان على نايلور و ابي القيام بمحاولات شتى من أجل تهدئة روع والدتي و عندما لم أعد حتى منتصف تلك الليلة جاء نايلور يبحث عني"
"لقد أخبرت والدتك عن روزماري ......"
لا قسماً بالله أبداً ! و لأن كل شيء كا يجري على خير ما يرام في العمل فقد ظنوا بأن مشكلتي لابد أن تكون مع إمرأة ما ولكن..."
قاطعته لايث :" ولكن بما أنك لم تخبر أحداً عن روزماري و بذلك لم تطلع أحدا على الأرجح على مكان إقامتها فكيف بحق السماء عرف ابن خالتك أين يجب أن يبحث عنك ؟"
"لم يعرف لقد حالفه الحظ في الاستهداء على شقتك بفليل من التصميم العنيد "
لم تقتنع لايث بهذا الجواب المبني على محالفة الحظ في أمر مثل هذا فهي شخصياً توصلت إلى ما توصل إليه نايلور و لكن عن غير طريق الصدفة على الرغم من هذا لم تفصح عما يجول في رأسها لتعود و تطرح عليه السؤال البسيط التالي :"إذاً كيف؟"
"من الواضح أن نايلور فضى ساعات و هو يبحث عني لدى بعض الأصدقاء من غير أن يجدني حتى حالفه الحظ في النهاية عندما ذكر أحدهم على الأرجح أمامه مسألة رؤية سيارتي وهي متوقفه في كثير من الأحيان أمام هذا المبنى قاد سيارته متوجهاً إلى هذا المكان بسيارتي متوقفة هنا و هكذا عثر علي "
إذا بقليل من التصميم العنيد وصل إلى ما يبحث عنه ! هكذا فكرت لايث لتعود و تسأل :" ولكن لماذا قرر قرع بابي أنا بالذات فيما يضم المبنى العشارت من أبواب الشقق الأخرى ؟"
و عادت لتضيف و قد تذكرت طريقته الملحه في قرع جرسها بتلك الصورة المتواصلة " لا تحاول أن تقنعني بأن الحظ أيضاً حالفه هذه المرة في التعرف على شقتي من بين العديد من الشقق الأخرى"
بالطبع لم يحصل هذا من باب الصدفه بل بقليل من الحظ لا أتذكر كل ما جرى في الليلة الماضية بل البعض منه ولكن بإمكاني تصور بعض تصرفاتي التي لابد و أن كانت محرجة إذا لم أكن واعياً تماماً حينها على الأرجح أن مفاتيج سيارتي لابد أن تكون وقعت في مكان ما خارج شقتك و قد ميزها نايلور عندما رآها من خلال علاقة المفاتيح " وقف ترايفس يهم بالرحيل وقال بصدق "شكراً على مساعدتك الليله الماضية يا لايث و على تحملك لي و انا في تلك الحالة "
"ولما الأصداقاء ؟" ابتسمت لايث و هي ترافقه إلى الباب.
"إذا هل سامحتني ؟"
أجابته "طبعاً " على الفور و تذكرت أن تطرح عليه السؤال التالي :" بالمناسبة هل أخبرت قريبك بحقيقة طبيعة علاقتنا التي لا تتعدى حود الصداقة المجردة ؟"
"لم استطع فقد كنت خائفا من أن اتفوه بأي أشياء قد توقع بي لأني غالباً ما أنسى متى يجب أن أتوقف عندما ابدأ الحديث عن المرأه التي أحب و ..." و توقف ترايفس فجأه و سألها :" نايلور ...هل كان لطيفاً معك البارحة ؟"
"لطيفاً " سألت
"لقد اعتقدت حسنا...فهو يكون فظا...في بعض الأحيان خاصة إذا ظن بأنك قد تكونين ..." عندها توقف عن الكلام و بدا عليه التعب الشديد مما جعل لايث تخفي عنه بدافع الشفقة حقيقة تصرف قريبه الخشن و الفظ معها .
"لقد كان رقيقاً " كذبت لايث عليه لكي لا تزعجه بدت عليه عندها علامات الارتياح التي ارتسمت على وجهه.
في الصباح التالي شعرت لايث بارتياح أكبر بعدما شهدته من أحداث غير عادية و التي نادراً ما كانت تصادف مثلها في حياتها الهادئة و الرتبية .قادت سيارتها باتجاه مركز عملها فيما تمحورت أفكارها حول كلمات نايلور العالقة و الراسخة في ذهنها .

ZelDa
15-05-2009, 17:04
Chapter 2
لم تكن كلمة فظ بالصفة المناسبة له لأنه كان أكثر من فظ بالطبع إن قضاء عدة ساعات من الليل في البحث عن شخص ما تحت وابل المطر لم يكن ليلطف من حدة انفعال أي شخص فكيف إذا تعلق الأمر برجل مثل نايلور ؟ فكرت و هي سعيدة بما جرى لخ فإنه كان قد استحقه فعلاً ثم لاحظت وهي توقف سيارتها في الموقف المخصص للعاملين في شركة فاسي و جود سيارة غريبة .
يالها من سيارة جاغوار فخمه حديثة الطراز كانت تحتل الموقف المخصص لسيارات مديري شركة فاسي. تذكرت لايث على الفور و هي تنزل من سيارتها الصغيرة المتواضعة بأن هذا اليوم المحدد لانتقال فريق العمل من شركة ماسينغهام .
لقد شغل نايلور بفظاظته معظم تفكيرها بحيث نسيت الموعد البارز لوصول الطاقم الإداري التابع لشركة ماسينغهام فكرت لايث و هي تشق طريقها عبر المكاتب لتصل إلى مكتبها الخاص لابد أن تكون السيارة الفخمة التي رأتها في الموقف عائدة لمالك شركة ماسينغهام الكبرى شخصياً و لذي على الأرجح قد وصل اليوم على رأس الطاقم المنتقل .
ألقت تحية الصباح على عدة أشخاص قبل أن تصل إلى مكتب روبرت دريورز الرئيس الجديد في شركة ماسينغهام للقسم الذي تعمل فيه بدا الرجل نشيطاً للغاية للغاية بحيث أنها أدركت سر النجاح الذي وصلت إليها شركة ماسينغهام فهو يتميز عن كل ما سبقوه في هذا المنصب بولعه الشديد بالعمل .
تحدثت لايث عن بضعت أمور مع روبرت دريورز تتعلق بالعمل قبل أن تحمل معها عدة ملفات و تعود بها إلى مكتبها الخاص ووجدت أن مساعدها وصل قبلها .
بادرته بالتحية و هي تضع الملفات جانباً " صباح الخير جيمي يبدو أننا سنكون مشغولين جداً جداً جداً!"
سألها مبتهجاُ " هل من جديد غير ذلك؟"
قالت فيما كانت تثبت نظارتيها على وجهها " هل تستطيع أن تصلني بغرايتركس على الهاتف؟"
باشرت لايث عملها حوالي الحادية عشر من ذلك الصباح و بعد أن عادت إلى مكتبها بعد استشارى دايف سميث حول قضية معينه باردها جيمي قائلاً " لقد زارانا أحدهم ! "
سألت لايث بدهشة " أحدهم من الطاقم التابع لشركة ماسينغهام ؟"
"لا أحد غير الرئيس الأعلى بنفسه!"
أبدت تعجبها قائلة " السيد ماسينغهام ؟ "
"أنا أقسم على ذلك اتى بصحبة السيد كاثام" تابع جيمي بعد ذكر اسم مدير شركة فاسي " لابد أن السيد كاثام يقوم بجولة مع السيد ماسينغهام الذي أراد التعرف على مدراء القسم و العاملين في المكاتب التابعة للقسم "
شعرت لايث بالأسف لتفويت هذه الفرصة عليها ثم تابعت عملها و أدركت بأن السيد ماسينغهام لن يكلف نفسه عناء زيارة ثانية بسبب اعماله الكثيرة لمجرد أن فاته اللقاء مع عضو واحد من أعضاء فريق العمل ككل لايث .
نسيت لايث بعد نصف ساعة مسألة السيد ماسينغهام إذ تعمل على حل مشكلة صغيرة عالقة و كانت قد أرسلت جيمي في مهمه عمل خاصة و ملحة .
وقفت لايث بجانل خزانة الملفات تأخذ منها ما تحتاج إليه من أوراق و معولمات و قد أدارت ظهرها لباب المكتب عندما سمعت خطوات مساعدها و قد عاد "حسناً يا جيمي " و قالت و هي تنظر إلى الأوراق في يدها كانت على وشك أنت تضيف بأنه عليه البدء بالملفات التي طلبت منه إحضارها حين قاطعها صوت لم يكن أبداً صوت جيمي .
أتاها صوت مليء بالرجولة " لاثينا إيفريت ؟" لم تميز هذا الصوت كصوت أي من الموظفين الرجال العاملين معها ...
تراءى لها أنها قد سمعت هذا الصوت في مكان ما مؤخراَ .
استدارت ببطء رافعه ببطء رافعه رأسها ثم و للمرة الثانية في الفترة القصيرة التي عرفت خلالها هذا الرجل فغرت فمها من الذهول غمرتها الدهشة و هي تحدق إلى الرجل الطويل الأسود الشعر و العينين الذي بدوره بدا مدهوشاً مما رأته عيناه في تلك اللحظات.
قال بتعجب:" يا إلهي ! هذه أنت!"
قالت و قد أحست بأنها تكاد تختنق "ماذا تفعل هنا؟"
ترك سؤالها معلقاً من دون جواب مرة أخرى تماماً كما فعل في المرة السابقة خلال لقائها الأول أقترب منها متفحصاُ تسريحة شعرها المربوط إلى الخلف ليعود بعدها ينزع نظارتيها ليتأكد من أن هاتين العينين هما العينان الخضراوان اللتان قابلهما عند الساعات الأولى من صباح ذلك الأحد قالها بوقاحة و غطرسة " بحق السماء هل استحققت لقد الآنسة التي تعض؟"
سألته بتحد "ماذا تقصد بذلك ؟"
لم يتنازل و لم يجبها على أي أسئلتها و قد حاولت عبثاً أن تحصل منه على جواب .
كانت لايث على وشك إطلاعه شبه مرغمة بأنها هنا من أجل العمل فقط و ليس من أجل مغازلة الرجال عندما أدركت فجأة بأنه في حال علم بأنها قد باشرت عملها في هذه الشركة ، من مدة غير طويلة فإنه على الأرجح سوف يطلب من السيد كاثم عندها تقريراً مختصراً عنها.
"هل أنت ....؟" هكذا بدأت و كأنها لا تريد أن تصدق ما تراه .
"أنت لست ...." حاولت ثانية و قد رغبت بضربه ..أيضاً هذه المرة ..بعدما رمقها بنظرة مليئة بالسخرية و الاستهزاء .
"أوه أجل أنا هو على ما اعتقد " ثم تابع في حال لم تستوعب بعد مقدماً نفسه برغم تأكدها من أنه أدرك أنها عرفته "نايلور ماسينغهام " قال فيما لم يقم أحدهما بمد يده من أجل المصافحة " يمكنك منادتي بلقب سيدي" هذا آخر ما تتمنى لايث أن تفعله تابع فيما كانت عيناه تتفحصانها و قد لاحظ على الأرجح شرارات الغضب المتطايرة من عينيها و هي شاردة في تفكيرها"إذا أخبريني ما تفعل فتاة لطيفة مثلك في مكان كهذا؟"
على هدوئها بعد التعليق الساخر ثم تابع بهدف الاستهزاء منها:" أظن بأنك تقبضين جيداً و لكن مع هذا...." و قد نظر إلى ثوبها المرتفع الثمن "...أظن من الصعب عليك تسديد تكاليف شقتك الباهظة"
أجابت لايث " إن مسألة تسديد مصاريفي أمر شخصي يعنيني أنا فقط دون غيري من الناس!"
"ليس عندما يتعلق الأمر الأمر بأحد أفراد عائلتي !" و قد توارت على وجهه علامات السخرية.
"الأمر لا يتعلق ب..." توقفت فجأة و قد تذكرت بأن عليها أن لا تجعله يستمر في اعتقاده بأن ترايفس يساعده على تسديد مصاريفها .
أخبرها نايلور ماسينغهام بخشونه " الأمر يتعلق بي! أنت تؤثرين على ابن خالتي بشكل سلبي فلقد عاد مجددا و هو متجهم ليلة البارحة"
"ليست غلطتي!"
"هل تقولين بأنك لم تريه منذ اللحظه التي حملته فيها خارج منزلك البارحة؟"
"كلا ولكن.."
قاطعها فيما كانت تريج إخباره بأن تريفس زارها بعدها من أجل الاعتذار لها." أعتقد يا آنسة إيفريث بأنه عليك ألا تقابلية ثانية "
" أنا .... لا تـــ....تستطيع أن ..." و قد أدركت بأن و ظيفتها هذه قد أصبحت مهدده! تملكها الغضب بعدها ثم هذا ليس عادلاً!
"ليس لحياتي الخاصة أي علاقة بعملي !"
لم يتنازل نايلور ماسينغهام و يناقشها في هذه المسأله سألها متحدياً قبل أن يغادر مكتبها :" تعتقدين؟"
جلست لايث في مقعدها شبه مذهوله فيما كانت تحمل نظارتيها في يدها حين دخل عليها جيمي مسرعاً و قد أحضر الأوراق التي طلبتها منه " آسف على تأخري..كان علي انتظار توم لينهي مكالمته الهاتفية" ثم تابع ليقول "رأيت السيد خارجاً من هذا المكتب ..هل فاتني شيء ؟"
"لا أظن " أجابت لايث باستخفاف و قد تظاهرت بدرس الأوراق بعدما أخذتها منه فيما تردد في رأسها صدى صوت نايلور ما سينغهام و هو يتحداها قائلاً " أتعتقدين " بحيث أدركت خطورة موقفها على صعيد أختمال خسارتها لوظيفتها .
عادت إلى منزلها في تلك الليله بعدما استنفذت كل قوتها في محاولة للتركيز على العمل الموكل إليها في شقتها أطلقت العنان لأفكارها التي تتمحور معظمها حول نايلور ماسينغهام بعدما اعدت لنفسها فنجان شاي.
لِمَ لم تخبره من اللحظة الأولى بأنها ليست خليلة قريبة؟ آه و لما لم يتطرق ترايفس إلى ذكر اسم عائلة ماسينغهام فيما كان يتحدث عن ابن خالته ؟ كان بإمكانها على الأقل سؤاله عما إذا كان الأمر يتعلق بشركة ماسينغهام للهندسة و بذلك كان بإمكانها أن تكون مستعدة و مهيأة لمقابلة في الصباح بعد أن تكون قد حضرت الكلمات لامناسبة لإخباره بأن روزماري التي تسكن الشقة المقابلة... ولكنها تذكرت فجأة حرص ترايفس الشديد على كتمان الأمر حفاظاً على الأمل الضئيل في استمرار علاقتع بروزماري بدلت لايث ملابسها فارتدت سروال جينز و كنزة لتتلقى بعدها اتصالين هاتفيين متتاليين كان الأول من روزماري .

ZelDa
15-05-2009, 17:06
سألتها لايث بسرعة :" هل أنتِ بخير ؟"
"لم أعد بعد مازلت في هيزلبوري " أجابت روزماري وقد تابعت شارحة :" أمي ليست بخير لذا قررت أن أبقى حتى تتحسن حالتها لقد اتصلت بمركز عملي و أطلعتهم على الأمر و ...."
"آسفة لسماع هذه الأخبار عن الدتك و لكن ما بها ؟" سألت لايث بعدما تذكرت بأن صحة مسز غرين بحالة حسنة .
أجابت روزماري " إنها فقط تشعر ببعض الاكتئاب على كل حال اصطحبها والدي إلى عيادة الطبيب لذا فكرت بأن استغل هذه الفرص لكي أتصل بك"
أجابت لايث بسرعة " طبعاً على كل حال لابد أنك انتظرت حتى هذا الوقت لتكلميني بما أنك تعلمين بأني أعمل لفترة طويلة من النهار في المكتب " إن ذكر المكتب أعاد إلى رأسها ذكريات نايلور ماسينغهام ..حاولت لايث عندها طردها من فكرها لتعود و تسأل روزماري "إذا كيف حالك؟"
أجابت روزماري "حسنة " عندها شعرت لايث بأنه ليس لدى روزماري ماتخبرها به بأنها قد اتصلت حتما غياب والديها عن المنزل حتى تتمكن من سماع أخبار ترايفس و التكلم عنه بحرية .
أندفعت لايث قائلة :" رأيت ترايفس خلال عطلة نهاية الأسبوع "
سألتها روزماري :" هل هو بخير؟" و قد شعرت لايث من خلال سؤالها هذا بأنها مازالت ضمناً متعلقة بترايفس إلى حد كبير .
أجابت لايث :" بصراحة يا روزماري حالته ليست حسنة" في محاوله لتجنب الضغط على صديقتها بحيث تتمكن من إيجاد جواب آخر .
ثم ساد صمت طويل طلبت منها روزماري قبل أن تنهي مكالمه " أعتني به من أجلي يا لايث"

شعرت لايث بالحزن على أثر هذا الاتصال فهذان شخصان واقعان في حب بعضهما البعض بشكل واضح غير راغبين في الانفصال على الرغم من كل الحواجز التي تنشأ بينهما نتيجة لخوف روزماري و تحفظها .
لم تجد الوقت الكافي لتتابع لايث تفكيرها بهذين الشخصين اللذين ولعت بهما لأن جرس الهاتف رن ثانية على التوالي هذه المرة أتاها صوت ترايفس القلق على الطرف الثاني من الخط ليخبرها بأنه عبثاُ حاول الاتصال بروزماري من دون أن يلقى جواباً.
"على الأغلب لقد عادت من العمل إلى منزلها في هذا الوقت " ثم تابع قائلاً "هل بإمكانك..."
قاطعته لايث : لقد اتصلت بي لتوها "
" هل هي بخير ؟"
إنها بخير إنما والدتها ليست على لميرام ...سوف تمكث في هيزلبوري لبضعة أيام أخرى " حاولت لايث بذلك تبديد خوفه و قلقه .
سكت ترايفس للحظة ثم قال " هل أتت روزماري على ذكري ؟" و قد أرد أن يعرف .
"أخبرتها بأنني رأيتك خلال عطلة الاسبوع الماضي "
سأل بالطبع لم تخبريها عن الحالة السيئة التي كنت فيها ليلة السبت؟"
أكدت له لايث على الفور " بالطبع لا!"
سألها " ماذا قالت ...عني؟"
أجابت لايث " سألتني عما إذا كنت بخير "
" ألم تقل شيء آخر ؟" كأنه يريد سماع المزيد عنهما .
فكرت لايث في نفسها كم يحب هذان الإثنان روزماري و ترايفس بعضهما البعض .
أجابته لايث " طلبت مني أن أعتني بك "
ساد صمت عميق هذه المرة قم أضاف " إذاً مازالت تحبني على رغم من حماقة تصرفي معها حين اخبرتها بأن تقابلني على انفراد أولا تقابلني أبدا؟"
أجابت لايث :"لاشك في هذا أبداً"
أخذ ترايفس يخبرها عند مدى رغبته في الاتصال بها في منزل والديها و عن خوفه و قلقه من أن يؤثر هذا بصورة سلبية على علاقتة بروزماري .
بدا يائساً وهو يخبرها عن وحدته و كيف كان محظرا عليه أن يكلم حبيبته ثم قام بدعوة لايث للعشاء معه و ذلك بناء على طلب روزماري التي سبق و طلبت من لايث أن تعتني لها بترايفس " إذا كان لديك شيء آخر فلا بأس " أضاف ترايفس عندما تأخرت لايث في الرد عليه.
لم تجب لايث على الفور لأنها فهمت من ترايفس بأنه يردي الحضور إلى شقتها من أجل التحدث لبضع ساعات عن روزماري أثناء تناولهما العشاء فول طلب ذلك منها هذا الصباح لقبلت على الفور أما الآن و قد أصبحت تعرف تمام المعرفة من قد يكون هذا القريب نايلور فقد خشيت أن تجازف في خسارة عملها في حال صودف مرور نايلور بالجوار ليرى سيارة ترايفس متوقفة مجدداً أمام مبنى شقتها .
"طبعاً أتناول العشاء معك " ثم أضافت " سآتي بسيارتي ... أي ألقاك؟"
جهزت لايث نفسها للذهاب إلى الفندق الذي تواعدت على أن تلتقي فيه ترايفس لتناول العشاء بعدما فشلت في إيجاد مبرر لرفض دعوته ثم أنها قطعت وعداً لروزماري على الاهتمام بترايفس الذي يمر بأوقات عصيبة مؤلمة إذ أنه كان بأمس الحاجة لوقوف صديقة مخلصة مثل لايث إلى جانبة .
قادت سيارتها إلى حيث ستلتقي ترايفس و هي تسترجع في ذاكرتها تعليقاً كان نايلور ماسينغهم قد ذكره لها أثناء حديته معها في مكتبها هذا الصباح لقد فهمت لايث ما عناه عندما قال لها " كيف بحق السماء استحققت لقب الآنسة التي تعض خلال المدة القصيرة التي قضيتها في هذه الشركة" فقد كانت لايث ماتزال متضايقة من جراء صرفها غي المبرر من شركة آرديس حين لم تضع وقتا في سحق اثنين من الرجال العاملين في شركة فاسي كانا ابديا لها اهتماماً أكبر من اهتمامها بعملها لابد و أن الخبر قد ذاع حينها .
بدا ترايفس مريعاً مثلما بدا تماماً ليله البارحه عندما ذهبت لإحضار سيارته من أمام مبنى شقة لايث " شكراً على قدومك" قال وهو يحييها و يقودها إلى قاعة الطعام في الفندق حيث قام رئيس الندلاء بمرافقتهما إلى مائدة منعزلة في زاوية الغرفة بعدما ظن بأنهما كانا أكثر من مجرد صدقيين .
سألت لايث " كيف كان نهارك ؟ " فأخذ يخبرها عن استحالة مقدرته على التركيز في عمله كما يجب في الآونه الأخيرة ثم انتقل للحديث عن نفسة و عن روزماري .
تركت لايث ترايفس يتحدث عن كل ما يزعجخ ولكنها ما لبث و ان تساءلت بعدما كان بدأ يكرر الكثير من الأمر عما إذا كانت فعلاً تساعده من خلال الاستماع إليه و هو يتحدث في الموضوع نفسه قررت عندها التطرق إلى موضوع جديد .
" ألم أخبرك ّ" ثم أضافت " حسناً أنا لم أخبرك ولكنك على الأرجح أصبحت تعرف " عندما نظر إليها و كأنه يجهل عما تتحدث تابعت قائلة :" لم أعلم حتى هذا الصباح بالذات بأن قريبك نايلور هو رئيسي الجديد في العمل!"
"حقاً؟" سألها و قد ارتسمت لابتسامه على وجهه لأول مرة منذ فترة طويلة و هو يتابع :" الآن تذكرت بأنه سبق أن قرأت شيئاً حول موضوع تولي شركة ماسينغهام إدارة سركة فاسي"
" إذاً فهو لا يتحدث عن انجازاته؟"
" أحياناً يناقش مع والدي شؤون العمل إذ أنه يكن له كل الاحترام أما الآن و بعد أن انتقل من بارك وود فقليلا ما نسمع عن اعماله" ثم قال ترايفس و قد تبه لأمر ما " لن تذكري لنايلور شيئاً عني و عن روزماري أليس كذلك ؟" و قبل أن تتمكن لايث من الإجابة على سؤاله تابع يقول " ستضع روزماري حتماً حداً لعلاقتها بي إذا علمت بأن أحداً قد عرف بعلاقتنا!"
"أعلم أن روزماري تشعر بالذنب لأنها وقعت في حبك بينما هي متزوجة من آخر ولكن بالتأكيد .... "
قال ترايفس مقاطعاً" عديني بأنك لن تخبريه "
"لن أراه ثانية على الأرجح " طمأنته لايث فيما كان ترايفس ينتظر جوابها متوتراً " حسناً أعدك "
"شكراً يا لايث " بدت علامات الارتياح ثم أضاف " ياإلهي لطالما اعتقدت بأن الوقوع في الحب هو أمر رائع ! أتريدين معرفة الحقيقة ..؟ إنه جريمة" حاول ترايفس عندها وقد اعتصره الألم البحث عن موضوع آخر تماماً كما فعلت لايث قبله فسألها :" هل من أخبار جديدة عن سباستيان؟"
تابع الأثنان حديثهما عن سباستيان حتى انتهيا من تناول العشاء .
قالت لايث شاكرة و هي تضع فنجان قهوتها جانباً و قد استعدت للمغادرة " لقد كان عشاءً رائعاً"
علق ترايفس بعد ان نادى النادل من أجل تسديد الحساب : " أنا مسرور لأنك تمتعت به "
سار ترايفس خلف لايث بعد ان ترك الأثناء مائدتهما كان ترايفس على وشك الاصطدام بها بعد أن وقفت فجأة في مكانها مسمرة فلقد كانت لايث طلبت من ترايف أن تلقاه خارج شقتها من أجل تتجنب نايلور ماسينغهام بأمر هذا اللقاء و لكن حصل ما لم يكن في الحسبان فخناك في ذات القاعة جلس نايلور إلى إحدى الموائد يتناول العشاء برفقة حسناء شقراء جدابة ...و قد نظر ..إلى لايث!.
رأت نايلور من ثم ينتقل بنظراته باتجاه ترايفس الذي كان بدوره قد رأى نايلور لقد بدا ترايفس مسروراً لرؤيته ان خالته .
هتف ترايفس و هو يتقدم نحوه ممسكاً بذراع لايث : "نايلور!"
تصرف رتيس الشركة بلباقة و أدب أقرت لايث بذلك بعد أن وقف لإلقاء التحيقة عليهما و قد وصلا إلى مائدته راح يتفحص بعينه القسم الأعلى من ملابسها لينتقل إلى القسم الأسفل رفعت لايث يدها بحركة متشنجه إلى وجهها لتثبت نظارتيها.. ثم تذكرت بأنها لا تضعهما ثم أخذ نايلور هذه المرة يتأمل شعرها الكستنائي اللامع المرخي على كتفها فيما شعرت لايث بالإحراج الشديد .
قال ترايفس و هو يقدم لايث " أنت بالطبع قابلت لايث لقد أخبرتني لتوها بأنكما تعملان في الشركة نفسها "
سألأها نايلور ما سينغهام برقة فيما كانت النظرات الحادة تخرج من عينية لتخترق عينيها الخضراوين الواسعيين :" كيف حالك يا لايث ؟"
تمتمت لايث :" بخير شكراً" ثم استدار نايلور ليقد رفيقته أوليندا براي بينما كانت لايث ضمنا ترتجف لقد ذكر ترايفس لتوه بأنها و قريبه يعملان في الشركة نفيها و لكن الرسالة التي تلقتها لايث من خلال نظرات نايلور ماسينغهام الفولاذية الموجهة إليها كانت تقول بأن واحداً منهما لن يبقى لفترة طويلة في عمله و ذلك لأنها لم تعر تهديده أي اهتمام!

ZelDa
15-05-2009, 17:08
Chapter 3

تساءلت لايث و هي تقود سيارتها إلى عملها في الصباح اليوم التالي عن السبب الذي دفعها للذهاب إلى العمل في هذا اليوم وهي شبة مقتنعه بعدم تردد نايلور ماسينغهام للحظة على القيام بصرفها من العمل .
أوقفت سيرتها و فد تراءى لها في لحظة ضعف ، بأن عليها مقابلة نايلور ماسينغهام من أجل إطلاعه على حقيقة علاقتها بقريبة . ومن أجل تبرير موقف ترايفس البريء بعدما أمضى تلك الليلة في شقتها و لكن ، هل يدعها ؟ تذكرت تلك النظراتا الفولاذية التي رمقها بها الليلة الماضية ، و أدركت بأنها سوف تكون وافرة الحظ قي حال سمح لها حتى بأن تقوم بشرح كل تلك الأمور له . لعنت لايث ضعفها ، و لعنت ظروفها التي سببت لها هذا الضعف . ثم عادت لتعدل كلياً الفكرة السخيفة فمن يظن نفسه على أي حال ، ليضعها في هذا الموقف المحرج و الضعيف ؟
"صباح الخير يا جيمي " حيته و هي تدخل إلى مكتبها .
"لنباشر العمل فوراً "
على الؤغم مما خالج لايث من أحاسيس بالتمرد ، فقد قضت الساعات الأولى من ذلك الصباح و هي في أقصى درجات القلق و التوتر ، في كل مرة كان يرن هاتفها أو يفتح بابها . هل سيقوم بطردها بنفسه ، أم يكلف شخصاُ آخر ؟ و قد شعرت لايث في قرارة نفسها بإحساس يؤكد لها بأنه لن يد أحداً غيره يقوم بهذه المهمه القذرة .
حان منتصف النهار ، وهي ماتزال محتفظة بوظيفتها في شركة فاسي . عندها تكوٍن عند لايث شك حول نية نايلور ماسينغهام بصرفها . ذهبت لتناول الغداء في الساعة الواحده و هي تشعر بارتياح أكبر . ما الدافع الذي سيتسلح به عند القيام بصرفها ، على كل حال ؟ فهي تقوم بعملها على أفضل وجه.
عادت إلى مكتبها قرابة الساعة الثانية ، و هي تشعر بارتياح أكبر رن الهاتف و قام جيمي بالإجابة عليه قال و هي يغطي السماعه بيده" إنه لك الآنسة راسيل "
لم يعنِ هذا الإسم شيئاً لها سألت و هي تمد يدها لالتفاط السماعه منه:" الآنسة راسيل؟"
"الشخص الوحيد الذي أعرفه هو الآنسة موارا راسيل سكرتيرة السيد ماسينغهام" أجابها جيمي بعد لحظة من التركيز و التفكير ظنت ليث خلالها بأنه قد يخيب أملها.
"شكراً" ابتسمت لايث ثم التقطت السماعة لتقول " لايث إيفريث "
بادرتها موارا راسيل مجيبة :" أوه مرحباً آنسه إيفريت "
عرفت بنفسها : " معك سكرتيرة السيد ماسينغهام . السيد ماسينغهام يريد مقابلتك....."
"الآن؟"
قالت المرأة بلطف :" لدي الكثير من الأعمال طوال فترة بعد الظهر تأكدي من تفرغك لمقابلته و سوف أتصل بك لاحقاً لأعلمك متى بأمكانه استقبالك "
لم تكلف ليث نفسها عناء سؤال تلك المرأة عن سبب هذه المقابلة ... لم تكن بحاجة حتى لمعرفة السبب فقد كانت شبه واثقة من معرفتها للدافع الكامن وراء طلب السيد ماسينغهام رؤيتها .
أجابتها بلطف متبادل قبل أن تضع السماعه جانباً:"شكراً سأكون متفرغه "
لم تستطع لايث أن تفهم لماذا ظلت طوال النهار تنتظر هذه المكالمة الهاتفية . ربما كان عليها البقاء و التفكير في إيجاد مخرج لها من هذه الورطة ولكن أي ورطة ؟ فكرت لايث و قد فقدت الأمل . أو ربما ظلت تنتظر تلك المكالمة من موارا راسيل بدافع من الكبريائها العنيدة . هذه الكبرياء تحثها على الطلب من نايلور ماسينغهام أن يجد سبباً وجيهاً يبرر صرفها من عملها .
نزعت لايث من مخيلتها فكرة التمرد سريعاً فكرت باللجوء إلى ترايفس من أجل إنقاذ وظيفتها فهي لن تطلب منه من كل ما لديه من مشكلات و متاعب أن ينتقض و عده لروزماري بعدم الإتيان على ذكرها أمام أحد ثم أن نايلور ماسينغهام لن يكتفي باعتراف ترايفس البسيط " لايث ليست بخليلتي لذا لا تصرفها عن العمل " خاصة بعد أن رآه نائماً في شقتها تلك الليله و بعد أن عاد ورآهما معاً في قاعة الطعام في ذلك الفندق .
تجاوزت الساعة الثالثة ثم الرابعة و لم تتلق لايث الاتصال الأمر الذي وترها و عندما قاربت الساعة الخامسة بدأ جيمي يستعد للأنصراف .
سألها جيمي:" هل انت باقية هنا يا لايث ؟" فقد كانت أحياناً تبقى لإنهاء بعض الأعمال المتأخرة .
أجابته :" لن أتأخر سأغادر بعدك مباشرة "
"هل تريدين أن أبقى أنا أيضاً ؟"
ابتسمت شاكرة اقتراحه الطواعي و قالت :" كلا يمكنك الذهاب أستطيع أن أنهي هذا العمل بنفسي"
هل تستطيع حقاً ؟ تساءلت لايث بعد مغادرة جيمي فهي تحب عملها كما تحتاج إليه من أجل تسديد ديونها .. ولكنها لن تعرف كيف تحتفظ به إذا قام ذلك الحقير في المنصب الجديد ليقول لها :"مع السلامه "
قرابة الساعة السادسة و بعد انصراف جميع العاملين في القسم كانت لايث قد قررت و بكل ما تملك من عزم التمسك بوظيفتها حتى لو اضطرت لمواجهة هذا الرجل الذي كان يعمل جاهدا# على انتزاع الحقيقة منها كامله .
لن تفعل هذا و هكذا فكرت خلال العشر دقائق التي تلت و هي لم تتلق أي اتصال بعد سوف تحتفظ بكبريائها و تحافظ على كرامتها! و ستحاول جاهده المحافظة على هدوئها و على برودة أعصابها و هي تحاول أن تشير لنايلور ماسينغهام إلى أن طردها هو عمل جائر بحقها.
هكذا فكرت و لكن مع مرور خمس عشرة دقيقة أخرى و الهاتف ما أنفك صامتاً عادت فكرة التمرد لتسيطر على محاولاتها في المحافظة على هدوئها ورباطة جأشها فمن يظن نفسه ليتركها تنتظر طوال هذا الوقت ؟
التقطت لايث بعد لحظات سماعة الهاتف كي تتصل بموارا راسيل.
أجابت موارا بوضوح :" سكرتيرة السيد ماسينغهام "
أدركت لايث عندها بأن موارا تعمل على الأرجح حتى ساعة متأخرة تماماً مثل مستخدمها.
"أنا لاثينا إيفريث هلا تفضلت بنقل اعتذاري للسيد ماسينغهام ؟ يجب أن أنصرف الآن فلدي ارتباط مهم"
كانت لايث تخرج بسيارتها من الموقف عندما وقع نظرها على سيارة الجاغوار لابد و أنه مايزال يعمل عظيم ! إن العمل يبقية بعيداً عن اوليندا براي !
ياللعجب ! ما الذي دفعها لتفكر بهذه الطريقة؟ تساءلت لايث فإن آخر ما تحفل به كان كل تلك الأمور المتعلقة بحياته الإجتماعية ...أوبعدد الشقراوات المثيرات اللواتي كن يخرجن برفقته!
لم تكن لايث تشعر بالجوع عند وصولها إلى منزلها و لكنها حضرت لنفسها فنجان شاي مع وجبة خفيفة.
عند إحساسها بالإرهاق و التعب قامت لايث بأخذ حمام بارد و عندما انتهت لبست قميص نوم و ارتدت فوقه رداء قطنياً ثم سرحت شعرها كان من المبكر جداً الخلود للنوم ...
و قد أدركت بأنها تستطيع أن تنام على كل حال . مع كل تلك الأمور التي تقلقها و تشغل تفكيرها .
راحت تفكر في ما إذا كان عليها انتظار استدعائها إلى مكتب نايلور ما سينغهام طوال نهار غد أيضاً ، عندما قرع أحد ما بابها بعد فتحها الباب أحست لايث بألم في معدتها و قد أدركت بأن عليها الأنتظار حتى الغد من أجل تلقي الأوامر .
نتج هذا الألم عن الصدمة التي تلقتها بعدما فتحت الباب و عند رؤية نايلور ماسينغهام واقفاً أمامها دعته إلى الدخول ثم قادته إلى غرفة الجلوس من غير أن تعي تماماً ما كانت تفعله لاحظت لايث أنه يحمل حقيبة صغيرة لابد و أنها تحتوي على أوراق مهمه حت أنه فضل إحضارها معه بدلاً من تركها في السيارة .
رأته يتأملها من رأسها بدءاً بشعرها الكستنائي اللامع مروراً بوجهها الخالي من أي أثار لمواد التجميلية ثم برداتها القطنية الجميلة حتى أخمص قدميها شعرت و كأنها قد فقدت قدرتها على النطق من جراء زيارته غير المتوقعة و هذه كما أحست بالاضطراب يتملكها لأنه تعرف ما كا ينوي قوله و لكن اضطربها تبدد بعدما فتح فمه ليقول لها و هو ينظر إليها باحتقار :
"أرى أنكِ قد هيأت نفسك لموعدك المهم " أخذ مرة أخرى يتأمل لباسها الليلي و ليضيف و قد ظن بأن ما قاله لم يكن كافياً من أجل إثارة غضبها و سخطها " هل يوجد معنا ضيف هنا؟"
أجابته لايث مقاطعة :" كلا لا يوجد أحد!" كرهت لايث نايلور ماسينغهام بكل ما فيها من أحاسيس و مشاعر ....كرهته و كرهت أسئلته الهجومية و المهينه .
حدقت إليه بعينيها البراقتين ثم نظر ببرودة بالغة إلى عينيها الخضراوين الواسعتين و المليئتين بالغضب . ثم قام بوضع حقيبته جانباً و كأنه ليس على عجله من أمره ليقول ما قد أتى من أجله و يرحل و سألها :" ولكنك تتوقعين زيارة أحد الليلة أليس كذلك ؟"
أخذت لايث نفساً عميقاً قبل أن تدخل المعركة هكذا و صفتها .أجابته بهدوء و بأعصاب باردة :" لن أستقبل ترايفس الليلة إذا كان هذا ما تسأل عنه "
"أوه أعرف هذا فلقد سافر في مهمة عمل بناء على طلب أبيه هذا الصباح"
سألته :" هل تحاول أن توقع بي ؟ " ترايفس لم يذكر شيئاً عن سفره هذا ليلة البارحة ثم أنه قد سبق و أخبرها بأن قريبة هذا يحترم و يجل أباه . هل قرر الاثنان من أجل مصلحة ترايفس الخاصة إرسالة إلى خارج البلاد لفترة قصيرة ؟
أجابها بلهجة قاسية و فظة :" لا أحاول الأيقاع بك بل أحاول معرفة كم صديق حميم تملكين " كانت لايث ما تزال تنظر إليه عندما أضاف :" أعلم بأنك تحملين في المكتب لافتة كتب عليها لست من النوع السهل ... ولكن منذ متى و أنتي ترتدين قبعة صيادي الوعول ؟"
" صيادي ال......" توقفت فجأة عن الكلام و قد أدركت بأنها أمام رجل لا يفوته شيء و قالت له :" إنها ليست لي"
" لا تحاولي اقناعي !"
"إذا أحببت أن تعلم فهذه القبعة قد تركها سباستيان وراءه عند....." ثم عاد نايلور ماسينغهام ليقاطعها و هو يكلمها بلهجة قاسية وفظة .
"إذا لقد كنت قاسية مع ترايفس اليلة الماضية أعتقد بأنه ليس خليلك الأوحد"
"خليل!" ذهلت لايث من طريقة تعبيره هذه و من طريقة تهجمه عليها .
ثم فجأة ظهر في عينيه لمعان شيطاني ...تقدم نايلور بضع خطوات نحوها .
لم تشعر لايث بهذه العاطفة من قبل فانشغالها في العمل لم يترك لها وقتاً أو مجالاً حتى للخوض في مثل هذه التجارب على الرغم من أنها قاومت بضراوة في البدء رغباته فلقد أدركت قصده أو نيته . ولكن يديه إلتفتا حولها كقيود حديدة بحيث أن لم يكن بمقدورها الأفلات من قيضته كما اكتشفت عاجلاً بأنه لم يكن بإمكانها أيضاُ تفادي الإبتعاد عنه.
"كلا!" صرخت و هي تلهث بعد أن أستطاعت تحرير نفسها .
كأن هذا كل ما تمكنت من قوله لأنه عاد و أمسك بها بقوة أشد هذه المرة شعرت به وهو يجذبها نحوه ... ثم أحست فجأة باحساس غريب يسري في داخلها حاولت إبعاده عنها لم يكن بالشيء الذي تريده هي أيضاً .
تاهت لايث في عالم آخر و قد نسيت تماماً السبب الذي دفع بنايلور إلى زيارتها . غاب عن ذهنها كلياً بأنها كانت قد فكرت به منذ نصف ساعة فقط على أنه أبغض رجل في العالم و لكن فجأة توقف ذلك كله.

ZelDa
15-05-2009, 17:10
دفعها في اللحظة التالية بعيداً عنه! أخذت لايث تحدق إليه مذهوله و قد تعجبت من تبدله المفاجئ و السريع لم يكلف نايلور ماسينغهام نفسه عناء اطلاعها على سبب تصرفه هذا.
كانت لايث ما تزال ترتجف تحدت تأثير عاطفته غيرالمتوقعه حين نظر إليها بغطرسة ثم قال ساخراً:" و الآن تتجرئين على إخباري بأنك لست مجرد فتاة هوى تبيع نفسها لأي كان!"
وقع كلامه عليها وقع الماء البارد نسيت لايث كل شيء عن موقع وظيفتها الضعيف لتعود في الحال إلى كامل وعيها وواقعها .
إنفجرت لايث منفعلة :" إذا لقد أتيت إلى هنا إذا لم يكن من أجل اختبار سحرك و جاذبيتك على النساء ؟" جهدت لايث و هي تغلي من الغيظ كي تتمالك نفسها حتى لا ترتكب أي حماقة أخرى بالقيام بضربة مثلاً.
"إن الهدف من وراء زيارتي يا آنسة إيفريت هو من أجل توجية تهديد شفهي لك بأنك ستصرفين من العمل في حال لم يتحسن عملك!"
سألته لايث متحدية :" أصرف ؟ لماذا ؟ ثم ما الخطب بعملي؟"
لم يجبها بطريقة مباشرة على سؤالها بل راح يحدق في عينيها الخضراوين الغاضبتين :" هل سبق أن سمعت بعقد نوروود و شامبرز؟"
إنفجرت لايث:" هذا ليس عدلاً! لقد أبرم هذا العقد قبل أنضمامي للعمل في هذه الشركة بفترة طويلة أنا فقط...."
"أنهيته" مستنتجاً عنها علمت لايث عندها بأنه قد حاول جاهداً البحث عن الأخطاء في عملها.
حاولت الجدال :" ولكن أن تحملوني مسؤولية..."
"من أولى القواعد القانونية التي عليكِ اتباعها كموظفة إدارية براتب مغرٍ هي تحمل مسؤولية كل عمل ينهى في مكتبك أو يخرج منه إن وقعت بإمضائك عليه أو لم توقعي!" ثم تابع ليقول :" لقد خسرنا صفقة نوروود و شامبرز" توقف عند هذه النقطة و اقترح عليها بلطف :" إنهي علاقتك بترايفس لأكون مستعداً للتغاضي عن هذه القضية "
أجابت لايث بغضب :" هذا ابتزاز!"
"سمه ما شئت !"
تراجعت لايث خطوه أو خطوتين إلى الوراء و هي تأخذ نفساً عميقاَ كانت على و شك إخباره بأن ترايفس ليس عشيقها و بأنه لم يكن عشيقها ثم نظرت إلى نايلور ماسينغهام و عرفت على الفور بأنه لن يصدقها أبداُ إلا إذا أخبرته عن كل ما يتعلق بروزماري التي تسكن بجوارها.
بحق السماء لقد اولعت لايث بروزماري و ترايفس اللذين أعتبرتهما كصديقين لها و ها هي على وشك خيانتهما على الرغم من كل ذلك شعرت بالحزن العميق .
نظرت لايث إلى مستخدمها هذه المرة بعد طول تفكير و بعد أن زال القليل من غضبها و سخطها قالت بهدوء :" ما تريد فعلاً قوله هو إما أن أدع ترايفس و شأنه إما تجد لي سبباً آخر غير عقد نوروود و شامبرز يكون كافياً لصرفي من العمل "
لقد كرهت سخريته منها و قد واجهها بها مرة أخرى و هو يقول :" ذكية و جميلة أيضاً!" ثم انحنى ليتقط حقيبته.
أعتقدت لايث بأنه على وشك الذهاب فشعرت بارتياح شديد ولكن لا فقد فتح حقيبته و أخرج منها ملفاً .
فتحت لايث الملف ثم راحت تتفحصه بعدها عادت لتنظر إلى نايلور متسائلة:" بالمر وبيرسون؟ أنا عادة لا......"
أجابها بلهجة الأمر :" أما الآن فبلى أعملي في هذا فإنه سوف يبقيك لفترة بعيدة عن إيذاء الآخرين "
أنهى حديثه معها و كأنه أضاع و قتاً أكثر من اللازم معها ثم غادر بعد أن تركها شبه واجمة فلقد كان لديها ما يكفيها من الأعمال و المهمات من غير أن يأتي ليوكل إليها بهذه المهمه الصعبة و القضية على ما يبدو كانت هامة .
ذهبت لايث إلى فراشها و هي تشتمه في داخلها بصمت تشتمه و تشتم تهديداته!.
عندما أصبحت في فراشها راحت تفكر ببعض الأشياء الإيجابية التي استنتجتها خلال هذه الزيارة غير متوقعه و المقلقة أولاً لقد سلمها ملفاً هاماً جداً لتعمل فيه و كأنه واثق أو كأنه قد سمع عن قدرتها في معالجة أعمال هامة كهذه.
ثانياً سرت بتعليقة :" ذكية و جميلة أيضاً!" على الرغم من أنها كانت واثقة من أنه لم يقصد به أي إطراء .
لقد لازمتها حتى اللحظات الأخيرة قبل غفوتها الطريقة التي عانقها بها ... و كيف تقو إلا على التجاوب معه!
عند حلول نهار الجمعه كانت لايث قد رمت بكل تلك الأفكار جانباً في محاولة منها للتركيز على العمل المهم الذي أسنده إليها و على بعض الأمور الأخرى فروزماري لم ترجع من زيارتها إلى منزل والديها و ترايفس ما يزال مسافراً في الخارج أو أنه قد أصبح في حالة أفضل بما أنه لم يعاود الاتصال بها .
كانت لايث تعمل حتى ساعة متأخرة في المكتب بعد أن أسند نايلور إليها ذلك العمل الإضافي المتعلق ببالمر و بيرسون لتعود بعدها إلى المنزل مع حقيبة ملأى بالأوراق و المستندات التي كانت عليها أن تعمل فيها أيضاً في المنزل.
وصلت إلى عملها صباح الجمعه بعد أن كانت قد عملت حتى منتصف ليل أمس وقد فكرت جدياً بالبحث عن عمل جديد و لكنها ما لبث أن عادت عن تفكيرها هذا فشركة فاسي هي الوحيدة التي تقدم الرواتب المغرية التي كانت لايث بأمس الحاجة إليها خاصة و أن سباستيان لم يكن يرسل أي أخبار عنه .
دخلت مكتبها لترد على الهاتف كان جيمي ويب على الطرف الآخر من الخط يكلمها ليعتذر لها عن عدم حضوره بسبب بعض الآلام في معدته.
لكنه كان موظفاً نشيطاً و بذلك فقد أدركت لايث بأن يوم عملها قد يكون شاقاً من دونه فقالت :" تناول حبة آلكا-سيلتزر و أخلد إلى فراشك أرك نهار الأثنين "
شعرت لايث ببعض الارهاق بعد ظهر ذلك اليوم كانت الساعة تشير إلى الثانية و النصف عندما خرجت من مكتبها للبحث عن ملف خاص لوكان جيمي هنا لكان وجده لها في الحال .
ألتقت لايث في الممر ببول فيشر و هو أحد الموظفين العاملين في القسم ذاته و الذي كان يلاحقها باستمرار من أجل التحرش بها من دون أن يهتم للنظارتين العريضتين و التسريحة الكلاسيكية رأته يغير اتجاهه ليتقدم نحوها . تعمد الاصطدم بها من أجل أن يضع ذراعيه حولها ليساعدها على إستعادة توازنها .
"إذا أرادت الحصول على أقصى درجات الإثارة يا لايث ما عليك سوى ...."
صرخت لايث في وجهه:" أبعد يديك عنيّ" و تذكرت محاولة ألك أرديس الجريئة في الاعتداء ." عندما أصل لتلك الدرجة القصوى من اليأس أفكر بالترحيب بعرضك هذا أما الآن وحتى ذلك الوقت فأغرب عن وجهي أيها السافل الحقير و أبعد براثنك القذرة عني و احتفظ لنفسك بأقوالك الفاسقة!"
شعرت لايث بارتياح شدسد بعدما تمكنت من الافلاتمنه بسهوله ولكنها كانت ما تزال مصدومة من جراء تأثير هذه التجربة السيئة عندما استدارت لتصطدم هذه المرة بشخص آخر.
لابد أن هذا اليوم ليس بيوم سعدي هكذا فكرت لايث بينما كانت تحاول استعادة توازنها أيضاً هذه المرة لكن امتدتا لتساعدها هذه المرة لم تتخطيا حدود المساعدة نظرت لتتعرف إلى هذا الشخص إذ بها تنظر مباشرة في عيني نايلور ماسينغهام السوداوين .
نظر في عينيها الخضرواين الواسعتين لبعض ثوان و قال :" أنت ترتجفين !"
شعرت لايث و كأنها شلت لبعض لحظات ...لقد أحست بقليل من العطف من خلال نظراته ثم راح نايلور يتأمل فمها ...و كأنه يتذكر عناقهما.
أفلتت لايث من قبضته بطريقة مفاجئة و انفجرت معلقة بسخط بالغ :" الرجال!"
عاد نايلور من بعدها ليكلمها بلهجه لا تخلو من السخرية و الاستهزاء :" لا تقولي لي بأنك قد أخذت العلاج؟" رفعت لايث رأسها عالياً تنحت جانباً و أكملت طريقها من دون أن ترد عليه.
ملأت حقيبتها بالأوراق و الملفات لتعمل فيها في البيت ثم أقفلت باب مكتبها في تمام الخامسة سارت إلى موقف السيارات . ألتقت في طريقها إلى خارج المبنى ببول فيشر .
مرت بجانبه و قد تعمدت تجاهله كلياً علق مشاكساً :"شكراً "
سألته ببرودة من دون أن تتوقف عن متابعة سيرها :" على ماذا؟"
"يا آنسة .. الأمر لم ينته بعد! شكراً فلقد تلقت لتوي محاظر من العجوز دريور .. تتناول علاقة موضوع توظيفي الطويل الأمد في الشركة بموضوع مضايقاتي للنساء "
حاولت لايث اخفاء دهشتها و ابتعدت عنه متجهة إلى سيارتها.
يبدو أن بول فيشر يعتقد بأنها قد بلغت رئيسة عنه و لكنها تعلم جيداً بأنها لم تفعل حتماً هنالك من قام بذلك !
لمحت الجاغوار متوقفه في مكانها المعتاد إرتسمت ابتسامة على شفتيها ألم يكن نايلور ماسينغهام الشخص الوحيد الشاهد على تلك الحادثة؟
ركبت سيارتها لتتوجه نحو منزلها لم تستطع أن تفكر بأي شخص سواه قد يتصل برئيس بول فيشر في العمل للإبلاغ عنه أخذت لايث على نحو فجائي تشعر بميل نحو نايلور ماسينغهام .
أدركت فجأة أنه لابد و أنها فكرت به كثيراً عندما خطر ببالها سؤال غريب فلقد ثارت غاضة عندما حاول ألك آرديس الاعتداء عليها ! ومن ثم شعرت بالتقزز و الغثيان عندما أمسك بها فيشر و لكن لم لم تشعر بمثل تلك الأمور ليلة الثلاثاء الماضي عندما عانقها نايلور ماسينغهام؟

ZelDa
15-05-2009, 17:12
Chapter 4


لم تعثر لابث عن أجوبة لتساؤلات ولكنها صممت عندما استيقظت في صباح يوم السبت على الإهتمام بأمور أكثر أهمية من ترك أمور مثل هذه تقلقها .
قامت لايث بأعمال يوم السبت الرتيبة بعد تناولت فطورها لتنصرف بعدها إلى إفراغ حقيبتها من كل ما فيها من أوراق و ملفات و تضعها على الطاولة في غرفة الطعام كي تباشر العمل فيها عندها أتصلت ولدتها .
سألتها و الدتها :" هل من أخبار جديدة عن سباستيان؟."
"هل لديك أنت أخبار عنه؟"
"لقد استلمت منه رسالة مفصلة هذا الصباح لقد تعرف على فتاة لطيفة للغاية!"
"هل سيعود" شبكت لايث أصابعها بعضها ببعض و هي تتمى ذلك .
أجابتها والدتها :" لا أظن بأننا سنراه قبل عيد الميلاد " وقد خاب أملها .. فمازال يفصلهما عن الميلادّ! سبعة أشهر .
"سيقوم برحلة حول الهند برفقة إيليين و من ثم يذهبان إلى تايلاند و... " شعرت لايث بالخيبة فسباستيان لن يتمكن من العودة لتسديد مدفوعاته."... إنها رحلة اجازة رائعة".
علقت لايث :" بالتأكيد إنها كذلك " ثم تابعت قائلة :" أظن بأنه قد اتصل بالشركة التي يعمل فيها و أبلغهم بالأمر؟" عطلته كانت مقررة لمدة أسبوعين فقط .
أجابت والدتها :" أوه أظن ذلك يا عزيزتي "
"هل...ذكر ...شيئاً عن كيفية تدبرة لأمر مصاريفة ؟"
أجابت أمها بقلق و عدم إرتياح :" حسناً لقد ..."
"ألم يطلب منك إرسال بعض المال له ؟"
سألتها السيدة إيفريت في محاولة للدفاع عن ابنها :" ولما لا يطلب ؟ لاشك أنه كان من الصعب عليه أن يرسل كل شهر دفعة لتسديد الأقساط! و كما ذكر في رسالته لم يعد الأمر متعلقاً به و حده و إلا لتدبر أمره لقد أصبح الأمر أكثر صعوبة بوجدود إيلين ."
حتماً إيلين لا تملك المال من أجل تسديد مصاريفها هكذا اعتقدت لايث ولكت بما أنها لم ترد إثارة النقاش مع والدتها فقد تابعت لتسألها :" وما رأي أبي في الموضوع ؟"
أجابت والدتها :" أ.... إنه في الخارج يلعب الغولف ماذا عنك يا لايث هل لديك أي مشكلة تريدين المساعدة على حلها ؟"
أجابت لايث على الرغم من المشكلات العديدة التي تعترضها من تسديد الأقساط إلى نايلور ماسينغهام ... لأنها تفضل ألا تزعج أمها :" أنا بخير ليس لدي أي مشكلة على الإطلاق "
أجابتها السيدة إيفريت بفرح :" لقد كنت دائماً قادرة على حل مشكلاتك بنفسك بالمناسبة لم تطلعيني على خبر انفصال روزماري عن زوجها! "
يبدو أن الخبر انتشر في تلك القرية الصغيرة فكرت لايث فقريتها مثل أي قرية أخرى سرعان ما تنتشر فيها الأخبار و الثرثرات و لكن روزماري لن تحبذ فكرة .
أن يصبح خبر انفصالها عن زوجها على كل شفة و لسان .
"روزماري لم تترك زوجها" لم تذكر لايث سوى الحقيقة
"حسناً ولكنها تركت شقتها لتعود إلى منزل والديها أليس صحيحاً؟"
"صحة أمها ليست حسنة"
"ولكنها بدت بصحة حسنة عندما صادقتها صباح أمس في أحد المحلات!"
"لم أكن أعلم بأن الثرثرات و نقل الشائعات تهمك إلى هذه الدرجة يا أمي "
" لا أنا فقط ..."
كانت لايث تفرح عند اتصال والديها بها و لكنها تمنت هذه المرة لو أن أمها لم تتصل بها أبداً
فبالإضافة إلى إثارتها لقلق إبنتها حول موضوع روزماري الذي سوف ينغص عليها عيشها في حال وصلتهم الشائعات و الأخبار المنقولة فقد خيبت والدة لايث آمال ابنتها عندما أطلعتها على موضوع تأجيل عودة سباستيان حتى نهاية السنة على الأقل .
فكرة الكتابة إليه لن تجدي نفعاً هكذا اعتقدت لايث بما أنه يجول حول الهند من منطقة إلى منطقة أخرى فلن تصله على الأرجح رسالتها كما تجهل إلى أي عنوان سترسلها بالإضافة إلى أن طلبه المال من والدته كان دليلاً كافياً على أنه لم يعد يملك ما يكفي لتحمل مسؤولياته و تسديد مصاريفه .
أمضت لايث بضع دقائق أخرى و هي تحاول تقبل فكرة تسديد حصة سباستيان بالأقساط بالإضافة إلى تسديد حصتها في الوقت نفسة و ذلك على الأقل لمدة السبعة أشهر المقبلة ولكن من أين لها أن تؤمن هذا المبلغ الكبير من المال ؟ قد تتمكن من خلال اتباعها أقصى درجات التوفير أن تؤمن هذه المصاريف لمدة شهر أو شهرين على الأكثر ولكن بعد ذلك...
جلست لايث إلى طاولة الطعام في محاولة منها لإشغال نفسها بالعمل عوضاً عن التفكير بهذه الأمور التي كانت تسبب لها القلق و الخوف فلقد أحبت العيش في لندن كما أحبت عملها لذك لن تفكر بالعودة إلى هيزلبوري إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى ذلك فجأة ومن حيث لا تدري برزت صورة نايلور ماسنغهام في مخيلتها لماذا الآن ؟ لقد أحبت لندن أحبت علمها ولكن .. شعرت فجأة بأنها لم تكن واثقة منه تماماً .
كانت لايث غارقة في عملها عندما اتصلت بها روزماري بعد ظهر ذلك اليوم سألتها لايث و قد اشتاقت إليها :" متى ستعودين؟"
"ليس بعد فأهلي في الواقع يعارضون قليلا فكرة إقامتي في لندن الآن بعد أن أصبحت وحيدة" ثم تابعت تقول :" إنهما في الخارج هذه اللحظة" ثم ساد الصمت لفترة قصيرة عادت روزماري بعدها لتصفح عما قد اتصلت من أجله مستدركة الأمر قبل عودة والديها:"هل أستطيع أن أطلب خدمة منك يا لايث ؟"
أجابتها لايث :" أطلبي ما تشائين "
"الموضوع بتعلق بترايفس الذي اتصل لتوه..."
"ترايفس ؟"
أجابت روزماري :" نعم ...من إيطاليا " وقد من خلال صوتها أنها مسرورة لسماعع صوت ترايفس ولكن ما لبث هذا لسرور أن تلاشى عندما تابعت قائلة :" لحسن الحظ لم يكن والداي في المنزل حينها ... و الا لما عرفت كيف اتصرف لذا كان على الطلب من المنزل من ترايفس عدم الإتصال بي إلى هنا مرة أخرى "
سألتها لايث :" ولكن مازلت تحبينه ؟"
بعد سكوت قصير أجابتها روزماري بلطف :" نعم كثيراً جدا غير أن والدي متضايقان مني لأنني لا أقوم بأي محاولات من أجل المصالحة مع ديريك"
"ولكن ألم تخبريهما بأنه يعيش مع امرآة أخرى ؟"
"بلى ولكن لم يشكل هذا أي فرق ...سوف يغضبان إذا علما بأمر ترايفس لهذا السبب اتصل بك " أفصحت روزماري :" لقد سررت جدا بسماع صوته كان الأمر رائعاً ولكن بما أنه لا يمكنني تلقي اتصالاته في منزل والدي طلبت منه أن يتصل بك كلما كان لديه رساله يريد تمريرها لي لتقومي بدورك بالإتصال بي من أجل إبلاغي هل لديك مانع ؟ " سألتها روزماري.
"بالطبع لا!" أجابتها لايث على الفور من دون تردد لم تدرك لايث إلا لاحقاً بأن هذا الأمر لن يسبب لها إلا المتاعب مع نايلور ماسينغهام لأن ترايفس لابد و أن يتصل بها خلال فترة قصيرة.
هذا ما حصل تماماً فلقد اتصل ترايفس مساء الأحد من إيطاليا:" لايث هذا أنا ... ترايفس"
"إذا كيف حالك ترايفس ؟"
"لقد كلمت روزماري"
"أعرف ..فلقد اتصلت بي"
"حقاً يا لها من حبيبة ! إذا أطلعتك على ...إتفاقنا ؟"
أكدت له لايث : " سيكون هذا من دواعي سروري هل لديك أي رسالة ؟"
"فقط قولي لها بأني أحبها .. مع أنها تعرف ذلك لا تتصلي بها خصيصاً من أجل هذا لأن أهلها سيرتابون إذا اتصلت بها يومياً لقد سامحتني على حماقتي ذلك اليوم أتمنى أن تعود إلى شقتها "
"بالمناسبة متى تعود إلى انكلترا؟"
"لقد كلفني والدي بالكثير من المهام و قد اصبحت على وشك الإنتهاء من تنفيذها"
ذهبت لايث إلى عملها صباح الإثنين سألت جيمي بعد أن حيته وهي تدخل مكتبها :" هل تحسنت صحتك؟"
"أجل حمداً لله!"
فعلقت لايث وهي تضحك " لم أتمكن من فتح عيني حتى يوم مساء أمس "
لك تكن لايث تضحك بعد عشر دقائق عندما أجابت على هاتفها فيما كان جيمي خارج المكتب يقوم بمهمه صغيرة .
"أنا موارا راسيل يود السيد ماسينغهام مقابلتك في الحال إذا يناسبك!"
أجابتها لايث "حسناً" فقد كان الطلب بمثابة أمر لا مجال لرفضة .
قال جيمي بعد أن أحضر لها الأوراق لتي طلبتها منه فيما كانت تمسك بملف بالمر و بيرسون:" خذي يا لايث "
قالت له لايث :" ضعها على مكتبي يا جيمي إذا احتجت لي يريد السيد ماسينغهام رؤيتي أنا لن أبقى لفترة طويلة " تركت مكتبها و قد لاحظ جيمي أضطرابها و قلقها .
كانت قد تركت لايث ملف بالمر و بيرسون في مكتبها لابد جيمي سيعتقد بأن هذا الملف وصل مكتبها أثناء غيابه نهار الجمعه لم ترده أن يعلم بأن السيد ماسينغهام قد أحضره إلى شقتها شخصياً .
وصلت لايث إلى مكتب نايلور وهي تشعر بغليان في داخلها لم يفاجئها هذا الإضطراب فقد استعصى عليها التفاهم و التعامل مع نايولر ماسينغهام وهو في بيتها فكيف به الآن وهي في مملكته الخاصة؟
دخلت أولا مكتب موارا راسيل رفعت موارا راسيل عينيها عن الأوراق التي كانت بين يديها لتنظر إليها بدت في أول عقدها الثالث من العمر " آنسة إيفريث؟"
قالت و هي تبتسم :" صباح الخير أعتقد بأن السيد ماسينغهام يريد مقابلتي "
"تفضلي بالجلوس للحظة" و قد بادلتها الإبتسامة فيما توجهت نحو باب آخر في الغرفة ذاتها لتقرع الباب و تدخل.
أعتقدت لايث بأنها سوف تبقى حتى منتصف النهار تنتظر مكانها ولكن موارا راسيل عادت على الفور لتقول لها وهي تبتسم :" سيراك السيد ماسينغام الآن "
بادلتها لايث الإبتسامة وهي تنهض من مقعدها و تتوجه نحو الباب حاولت الإحتفاظ بإبتسامتها وهي تدخل العرفة المفروشة بالسجاد وتغلق الباب وراءها أخذت تنظر إلى الرجل الطويل الذي يقف مكانه في تلك الغرفة الواسعة و يراقبها وهي تتقدم لمحت فمه الجميل ولم تشعر بنفسها إلا وقد راحت تفكر بالطريقة التي تصرف معها في تلك الليلة.
"صباح الخير يا سيد ماسينغهام " حاولت تمالك نفسها و هي تصافحة .
وقفت لايث في منتصف الغرفة وقد شعرت بنظراته تتفحصها من ثم بعد أن شعرت لايث بأنه ليس راضياً رأى بادرها مقترحاً:" وهو يشير إلى كرسي موضوع أمام طاولته :" تفضلي بالجلوس "
شعرت لايث بالإرتياح لدى اقتراحه عليها بالجلوس وكانت ما تزال ترتجف ثم ومن دون أي مقدمات قامت بوضع ملف على طاولته وهي تقول :" هذا هو ملف بالمر و بيرسون هناك عدة شركات أود الإتصال بها فور وصول الصور من ..." رفعت رأسها ثم شرد تفكيرها فقد رأت نايلور ماسينغهام ينظر إليها وليس إلى الملف لم تشعر بنفسها إلا و غابت عنها كل الأفكار التي كانت قد حضرتها من أجل إطلاعه على العمل الذي قامت به حتى الآن .
ثم تحرك ولكن بدلاً من أن يتوجه ليجلس على مقعده كما توقعت لايث توجه نحوها ووقف بجانبها .

ZelDa
15-05-2009, 17:14
كانت ما تزال تحاول السيطرة على نفسها و استجماع أفكارها بعد أن غاب عن ذهنها كل ما يتعلق بالملف الذي وضعته على طاولته عندما قال :" ظننت أن الجميع يستعملون العدسات اللاصقة هذه الأيام !"
"أنا.." رفعت لايث يدها لتتفحص نظارتيها العريضتين ثم أعادتها إلى حجرها و قالت :" لا يستطع الجميع استعمال العدسات اللاصقة بالنسبة لي لا أستطيع "
لقد شعرت بالدهشة و الذهول سابقاً ولكن الكلمات هذه المرة علقت داخل فمها عندما قام نايلور ماسينغهام بكل وقاحه بنزع النظارتين عن عينيها و بطريقة لا شعورية رفعت يدها لتستعيدها ولكنها لم تتمكن من ذلك فلقد كان نايلور واقفاً بينما كانت هي جالسة.
أردات النهوض ولكنه كان واقفاً قريباً جداً منها تذكرت على الفور تلك اللحظات عندما كانت تقف أمامه نزعت الفكرة بسرعة من رأسها قام نايلور بفتح الملف الموضوع على طاولته تناول منه ورقه و تفحصها من خلال نظارتها بعد لحظة أعاد الورقة مكانها داخل الملف و تراجع خطوه إلى الوراء مبتعداً عنها .
" قد يكون بالإمكان أن تضعي أو ألا تضعي العدسات اللاصقة يا آنسة إيفريت " خاطبها ببرودة :" ولكنك بالتأكيد لست بحاجه لذلك فهاتان النظارتان ليستا إلا زجاج مسطحة" ألقى نظهره على شعرها المربوط إلى الخلق بتسريحة كلاسيكية عادية و أضاف :" و الأن أخبريني لما تحاول امرأة جميلة ذات شعر جميل إخفاء جمال شعرها بتسريحة عادية كما تحاول تجنب اجتذاب الأنظار من حولها و الذي أقصد به جيداً ذلك الشكل الجميل المتكامل الأوصاف و المتناسق المقاييس ؟"
إن هذا الرجل لفريد من نوعه! فقد لاحظ بأنها تحاول إخفاء جمالها وراء هذا التنكر ثم تذكرت أنه لابد ولاحظ ذلك " الشكل المتكامل الأوصاف و المتناسق المقاييس " حاولت مرة أخرى طرد الفكرة من بالها على الفور في تلك اللحظة .
"أحتاج لنظارتي"
سألها نايلور متحدياً :" لماذا؟ فأنت لا تضعينها من أجل الرؤية الواضحة من خلالهما على الأقل هذا ما أنا متأكد منه تماماً فلقد تمكنت من قراءة الملف بصورة ...جيدة ومم دون نظارتيك .. في تلك الليلة التي سلمتك إياه في شقتك!"
اللعنة عليك كانت تود قولها له فقد تذكرت بأنها لم تكن تضع نظارتيها في تلك الليلة! قالت و كأنها تحاول اختلاق كذبه ما لتخرجها من هذه الورطة :" أنا في بعض الأحيان ..."
" فمك يوحي بأنك لست بتلك المرأة الباردة التي تحاولين التخفي وراءها إلى جانب العديد من الأدلة الأخرى التي أملكها !"
سألته مقاطعة :" ما هي هذه الأدلة الأخرى ؟"
"بالإضافة إلى عينيك البراقتين و مزاجك الحاد " ثم تابع من دون تردد ليذكرها " فإن الطريقة التي لجأت بها إلي في تلك الإمسية تدل على كل شيء ما عدا البرودة!"
"لجأت..؟" وكأنها بذلك تحاول إنكار هذا ولكنها بعد تفكير سريع تذكرت بأنها ليست بالكلمة المناسبة على أي حال فهذا بالفعل تقريباً ما قد حصل لم يكن لديها غير هذا الخيار في أن تقول له بقليل من الكبرياء و الغرور :" لا أريد مناقشة الأمر!"
اعتقدت لايث بأنها نجحت بذلك ولكنه عاد ليقول لها بطريقة فظة:" أنا المدير هنا وبما أنني أنا من يدفع لك لقاء أتعابك هنا فسوف نناقش ما أنا أراه ضرورياً لذلك كبداية يمكنك البدء بتبرير وجود القبعتين التابعتين على الأقل لرجلين و المعلقتين داخل شقتك .. ومن ثم هناك مسألة النظارتين وتلك الترسحة الكلاسيكية ... وصولاً إلى موضوع اللقب الذي ألصقوه بك هنا في العمل ؟" انفجرت لايث بوجهه غاضبة وخاصة بسبب تعليقة:" رجلين على الأقل " لتقول له :" في حال أنه من الواجب أن تعلم لقد مررت بتجربة سيئة و قاسية في المكان الذي كنت أعمل فيه من قبل "
تابع نايلور مستفسراً :" شركة آرديس و شركاه؟ تجرية سيئة ولكن ...كيف؟"
"لقد ...هاجمني أحدهم هناك في محاولة منه للإعتداء علي"
سألها و قد ظهر عليه الإهتمام:" محاولة اغتصاب؟"
أجابت :" هذا ما أعنيه لقد تأثرت جداُ من هذه الحادثة "
سألها نايلور و قد احتار في تفسير التناقض الواضح بين واقع تجربتها و بين علاقتها العاطفية بترايفس :" جعلك تخشين الرجال ؟"
أجابته بصدق :" لا أخشاهم ... بل حسناً أتجنبهم و أحذؤ منهم على ما اعتقد "
علق نايلور بهدوء :" فهمت من أجل هذا فقد قدمت بلاغاً بذلك بعد أن قررت إخفاء أنوثتك.."
قاطعته لايث و قد قررت اطلاعه على الحقيقة :" لم أبلغ "
سألها نايلور :" إذن صرفت من العمل ؟" ثم تابع بعد أن انتظر طويلاً جوابها :" هذا يعني بأن ذلك الشخص كان رفيع المقام؟"
كان ثدرته على الأستنتاج بالنسبة إلى لايث مذهلة ومدهشة سألته بتعجب :" هل تصدقني؟" ثم تابعت :" لم أظن ..."
" هناك عدة أدلة على ذلك أليس كذلك ؟" تابع نايلور شرحة لها عن كيفية توصلة إلى هذا الإستنتاج " طلب برسونل تقريراً عنك من آدريس .. ولما أرسله له هذا الأخير وجدنا أن تقريرك يخلو من الاشارة إلى مسألة إنهائهم لخدماتك لذلك و بما أن لا يوجد أي سبب يعيب طريقة عملك أو يشير أي تقصير استنتجت بأن أحدهم في شركة آرديس يشعر بالإحراج مما جرى لك .. ولذلك فهو يرد الابقاء على سرية هذا الأمر " تمكنت لايث من السيطرة على دهشتها و ذهولها لدى هذا الاسنتاج الذي و الدقيق استطرد نايلور :" لذلك قررت بعدما أسندت إليك هذه الوظيفة هنا أن تغيري شكلك و تتنكري بصورة تخفي جمالك الحقيقي هل هذا صحيح ؟" أرد نايلور أن يعلم بعد تأخرها في جوابها .
إن من أوحى لها بفكرة التنكر هذه في الواقع هي روزماري ثم عادة لتجاوبة بصدق :" لقد عملت جاهدة على استحقاق كفاءاتي أريد أن أؤخذ على محمل الجد فأنت بالذات من بلغ عن بول فيشر نهار الجمعة الماضي أليس كذلك ؟"
"أنت حقاً ذكية " علق نايلور .
" بغض النظر عن قضية صفقة نوروود و شامبرز فأنا جيدة في عملي!"
نظر نايلور ملياً في عينيها الخضراوين البراقتين وقال :" لن يناديك أحد الآنسة التي تعض إذا رآك الآن " ثم استدار حول طاولته ليجلس على مقعدة و يعيد نظارتيها :" لا تضعيها عندما أكون في الجوار فهما يزعجان حس الجمال لدي " ثم أضاف :" و الآن لنعد إلى السبب الذي من أجله قد أرسلت بطلبك.."
" الــ العمل .. المتعلق بقضية بالمر و بيرسون" قاطعته لايث .
تجاهل نايلور مقاطعتها لحديثة و قال لها :" كنت أفكر في ... مشكلتنا" نظرت لايث إلى الملف على طاولتع ومن ثم سألته :" تعني بالمر و بيرسون؟" و لم تلق جواباُ :" أن أنت تعني نوروود و شامبرز؟ ماذا؟..."
سألها نايلور بغضب :" هل تتعمدين البلاهة ؟"
ولما نظرت إليه كأنها لا اتفهم ما يعنيه تابع بقسوة :" أتكلم عن مشكلة قريبي! هل عاد و اتصل بك؟" كاد أن يصرخ بوجهها.
" لقد ... اتصل من إيطاليا"
" أكثر من مرة حسب تقديري " نظر إليها نايلور ببرودة ثم انتصب جالساً على كرسيه و أضاف :" أقترح وقد فكرت طويلاً...أن..." توقف قليلا قبل أن يبتسم و يتابع :" أن أتخذك عشيقة لي "
قفزت لايث واقفة على الفور :" لن تحظى على بهذا الشرف أبداً "
أجابها نايلور بهدوء و برودة :" لقد أخطأت فهمي يا آنسة إيفريت " وقف في مكانه أيضاً ينظر بكبرياء و غرور إليها .
" أنا أعرف الجواب على سؤالي هذا ولكن أن أسمعه منك ...هل تتلاعبين بعواطف قريبي ترايفس ..أم أنت حقاً تحبينه ؟"
"أنا..." كانت لايث على وشك إطلاعه على الحقيقة الأمر ولكنها تذكرت بأن عليها التكتم حول موضوع علاقة ترايفس و روزماري .
عاد نايلور ليسألها بعد أن تأخرت بالجواب على سؤاله : "هل تحبينه حقاً؟"
" أنا ... مولعة بترايفس...مولعة جداً" ولكنها عندما لاحظت نظرات نايلور الحادة و الخطيرة و قد استشاط غضباُ عادت لتجاوبه ولكن بصدق هذه المرة :" لا"
" إذاً أنت لا تحبينه و ليس لديك أي نية في الزواج منه؟"
"لم يطلب مني .." توقفت لايث عن الكلام بعد أن تقدم نايلور نحوها لتجاوبه هذه المرة المرة أيضاً بصدق "لا!"
" هذا يعني بأنك تستغلين حبه و تعلقه بك لمجرد التلاعب بعواطفة "
شعرت لايث بحاجة ملحة لإطلاعة على الحقيقة بعد أن صورها كأمرأة بلا قلب خالية من المشاعر و العواطف . ولكنها لم تستطع على كل حال فإن ما يفكر به بخصوصها لا يهمها على الإطلاق .
حسناً أجابت لايث :" أجل إذا كان هذا ما تصورته " وضع نايلور يديه في جيبيه و كأنه يتفادى مدهما إليهما و قد بدا عليه السخط الشديد .
قال نايلور بقساوة بالغة :" النساء أمثالك يثرن اشمئزازي لا أعرف لماذا لم أنهي خدماتك و أتخلص منك!"
أجابت لايث وهي تشعر بسخط شديد:" لأنك تخشى أن ألازم بيتي بصحبة ترايفس عندما أصرف عن العمل!"
"ماذا بحق السماء تقصدين بذلك ؟"
علقت لايث قررت أن لا تتراجع :" لا تريدني أن أصبح قريبتك "
" ولكنك سبق و أخبرتني بأنه لا نية لديك بالزواج منه ... وهذا ما سوف تفعلينه" ثم توقف نايلور عن الكلام ليتابع بعدها :" أعملي على أطلاعه على حقيقة شعورك نحوه و أخبرية بأنك لا تحبينه في المرة القادنة عندما تقابلينه و لكن أحرصي على القيام بذلك بطريقة لطيفة و ناعمة "
سألته لايث :" هل تعتقد أنه باستطاعتي القيام بذلك ؟"
تجاهل نايلور ماسينغهام تعليقها هذا و قال :" ستقولين له بأنك معجبه بي"
"وهل سيصدق هذه القصة الخرافية؟"
عاد نايلور ليتجاهل سؤالها هذه المرة أيضاً :" من الآن وصاعداً ستتظاهرين بأنك صديقتي و عشيقتي و إذا أردت الإحتفاظ بوظيفتك عليك ألا تطلعيه أبداً على خطتنا هذه "
قالت لايث :" لابد ..... من وجود طريقة أخرى أستطيع أن أخبر ترايفس بأني لا أريد أن أراه من الآن و صاعداً ولكن من غير اختلاق قصة كهذه" أخذ نايلور يهز رأسه قبل أن تنهي كلامها .
" لقد قلت لك بأن تنهي علاقتك به سابقاً ولكنك لم تفعلي "
فتحت لايث فمها كي تقاطعه ولكنه لم يترك لها مجالاً لذلك و تابع قائلاً :" لن يتقبل ترايفس أي حجه غير هذه : لقد قابلتني أول مرة في شقتك عندما ذهبت لإحضار ترايفس عندها شعرت بإنجذاب قوي نحوي بعدها أصبحت تقابليني يومياً هنا و بذلك ..."
" كل هذا من جانب واحد أليس كذالك أعني ... الإنجذاب ؟"
عاد ليهز رأسه مرة أخرى :" هنا تكمن المشكلة ...فبعض النظر يا آنسة إيفريث عن كلا منا يعرف حق المعرفة بأن ترايفس لن يتزوجك في جميع الأحوال فترايفس الذي يهتم بأفراد دعائلته و يقدرهم سيدعك و شأنك عندما يعلم بأن الشخص الذي تحبينه هو أحد أفراد عائلته بدوره يحبك!"
"أنت في الواقع !"
" بالضبط تماماً"
لم يعجب لايث هذا الأمر أبدا كانت تعلم بأن نايلور ماسينغهام يراقبها منتظراً موافقتها عندما تذكرت فجأة أمراً ما :" ولكن ماذا عن فتاتك الأخرى؟"
"فتاتي؟" قال متسائلاً
أدركت لايث عندها بأنه عنده أكثر من واحدة :" أوليندا براي" و أخت تكرر أسمها قائلة :" أوليندا كانت منجذبة نحوك في تلك الليلة".
قال نايلور :" أنت تعلمين كيف تجري الأمور"

ZelDa
15-05-2009, 17:19
أرتسم العبوس في وجه نايلور و شعرت لايث فجأة بأنها تكاد تنفجر بالضحك ولكنها حاولت السيطرة على هذا الشعور لم بكن هذا بالشيء المضحك على أي حال . فها هي تتعرض للإبتزاز نتيجة الوعد كانت قد قطعته لترايفس بألا تأتي على ذكر المرأة التي يحبها أمام أحد ولكن لم يكن بيدها حيلة.
" يبدو أنني لا أملك أي خيار آخر غير تنفيذ ما تقوله " نظرت لايث إليه لقد اختفى عبوسه لتحل محله نظرة متبادلة ملؤها الكراهية التي أزعجتها ... في الواقع أزعجتها كل تصرفاته .
"هناك شيء آخر .."
"حسنا؟"
" لن أذهب معك إلى المخدع من أجل الإحتفاظ بعملي!" أخبرته بطريقة قاسية و فظة.
قرأت جوابة قبل أن يتفوه به من خلال نظرته المتغطرسة التي رمقها بها فلقد سبق أن وصفها بالجميلة ولكن ليس لتلك الدرجه التي من خلالها تستطيع جذبه نحوها إلى ذاك الحد .
"هل تعدني بغض النظر عن كل ما قد يحصل بغض النظر عن ... إذا كنت راضياً أم غير راضٍ عند نهاية هذه... المهزلة بأنني سأحتفظ بوظيفتي؟"
" أعدك بذلك " هذا ما أرادت لايث سماعه نسيت لايث الملف الذي أحضرته معها عندما نهضت لتتوجه نحو الباب . استوقفها صوته قبل أن تغادر الغرفة :" هناك شيء آخر "
وقفت لايث و استدارت في مكانها سألته ببرودة :" نعم ؟"
" من الواضح أن قريبي يساعدك في تسديد الأقساط على شقتك وبما أنه يستحيل عليك تسديدها بمفردك فأنا من الآن و صاعداً سأتحمل بنفسي هذا العبء"
كانت لايث متأكدة من أنه لو كان قريباً منها لكانت حتماً قامت بضربه ولكنه كان بعيداً لم يبق لها خيار آخر غير التعبير عن غضبها لدى عرضه هذا بطريقة كلامية .
" سيكون الجحيم أفضل من عرضك هذا!" أنفجرت لايث غاضبة فيما تثبت نظارتيها على وجهها لتندفع ساخطة خارج مكتبه لقد شكت في لحظة من اللحظات بكرها لهذا الرجل ولكن الآن ماذا قطعا تكره هذا الوغد!

ZelDa
15-05-2009, 17:21
Chapter 5

عندما جاء نهار الخميس من ذلك الأسبوع أدركت لايث بأنها لم تعمل بكد خلال هذا الأسبوع لذلك فقد تراكم عليها العمل بصورة لم يسبق لها مثيل .
كانت ما تزال تفكر بالحديث الذي جرى بينها و بين نايلور ماسينغهام نهار الإثنين الماضي خاصة اقتراحه :" أقترح بعد أن فكرت طويلاً أن أتخذك عشيقة لي !" إذا كان من المفترض عليها أن تلعب دور صديقته فلم تلازم شقتها في مثل هذه الأمسيات ؟ بالطبع هي لا تحاول الإشارة إلى رغبتها بقيامه بالإتصال بها! على كل حال فلا وقت لديها للخروج معه إن طلب منها ذلك لأنها غالباً ما تكون منهمكة بإنهاء بعض الملفات التي كانت تأخذها معها إلى البيت.
في جميع الأحوال كانت لايث شبة متأكدة من أنه لن يطلب منها ذلك فهو فقد يخبر يعلم بأمر يفرض و لكن يطلب ؟ لا أبداً :" من الآن و صاعداُ سأتحمل هذا العبء بنفسي " و كأنها قد سبق لها أن سمحت لأحد بتسديد ديونها عنها! .
شعرت لايث لعدة لحظات برغبتها الملحة في اطلاعه على حقيقة علاقتها بقريبة ترايفس و على حقيقة عد ارتباطها العاطفي به . ولكن هذه الحظة لم تدم طويلاً لأنها سرعان ما عادت تسترجع في ذهنها صدى صوته المثير للحنق و هو يقترح عليها لعب دور سيدته .
خطرت ببالها فكرة الإفصاح لترايفس عن هذه الخطة .
ترايفس الذي لم تعد تسمع عنه أي أخبار منذ ذلك الاتصال الذي قام به نهار الأحد الماضي من إيطاليا و لكنها من دون أن تعرف السبب عادت لترفض هذه الفكرة هل كان هذا بدافع من إخلاصها لنايلور ماسينغهام؟ أو كان خوفاً من أن تخسر هذه الوظيفة .
قررت التوقف عن التفكير في هذا الأمر ففي جميع الأحوال لقد حصلت على وعد منه باستمرار احتفاظها بوظيفتها بعد انتهاء كل هذه الأمور .
" هل تعملين حتى ساعة متأخرة هذه الليلة أيضاً يا لايث؟"
أعادها صوت جيمي من تفكيرها العميق إلى واقعها .
" الليلة يا جيمي سـأنصرف عند الساعة الخامسة"
أخذت لايث تفكر في عدم إمكانيتها في الإستمرار بالإقامة في تلك الشقة بالذات فهي لن تستطيع تسديد الأقساط بمفردها ، تماماً كما اعتقد نايلور ماسينغهام طالما تصرف اخوها بهذه الطريقة اللامسؤولة و لكنها على الرغم من ذلك ما تزال تحبه.
في الساعة الخامسة من مساء ذاك الخميس تركت لايث مكتبها و توجهت بسيرتها إلى مكان إحدى الشقق التي كانت قد عرضت عليها كي تلقي نظرة عليها لقد لاحظت بأن سيارة الجاغوار العائدة لصديقها ما تزال في الموقف .
قالت لايث معلقة على الشقة وهي تخاطب المرأة اللطيفة التي كانت تنوي إخلاء شقتها في وقت قريب ولكن ليس على الفور : " إنها جميلة جداً "
أجابتها المرأة:" الشقة واسعة هنا" مع أن اتساع هذه الشقة لم يكن ليقارن باتساع الشقة التي تقيم فيها لايث حالياً ولكن على أي حال كان إيجارها بغض النظر عن أي شيء آخر فيها مناسباً .
"أود استئجارها" وكأنها بذلك تتفادى إعادة تبديل رأيها بعد عودتها إلى شقتها الفسيحة .
جلست الأثنتان تنافشان التفاصيل و هما تشربان الشاي قم دعت المرأة إلى القيام بإلقاء نظرة ثانية على الشقة عادت لايث حاولي السابغة مساء من ذلك اليوم إلى شقتها الحالية لن تخلي تلك المرآة شقتها قبل ثلاثة أشهر على الأقل راحت لايث تقكر بالأمر هذا يعني بأن عليها تأمين تسديد فوائد الرهن لشقتها الحالية لمدة ثلاثة أشهر أخرى فيما كانت أيضاً قد قامت بدفع شيك بقيمة إيجار الشهر الأول لتلك المرأة التي استأجرتها لايث منها الشقة لكنها عادت لتفكير في هذا الأمر من ناحية إجابية إن المدة ستتيح لها فرصة توضيب أغرضها و اغراض أخيها .. كما أنها تؤجر خلالها شقتها هذه لكي تستقيد بدل الإجار أول شهر و الذي غالباً ما يدفع سلفاً .
شعرت لايث بقليل من الإرتياح بعد تفكيرها من هذا المنطلق و فيها كانت تهم بالوصول إلى المبنى الذي توجد فيها شقتها الحالية لمجت سيارة جاغوار متوقفة أمام المبنى في أحد الأمكنه التي لم يسبق أن توقفت أي سيارة جاغوار فيها من قبل كان داخلها رجل إلتقت نظراتها بنظراته ..ياللمفاجأة .
لقد بدا غاضباً من شيء ما! إنها تنتظر بفارغ الصبر موعد انتقالها إلى الشقة الأخرى من أجل ألا يعود يعرف عنوانها.
ولكن المشكلة تكمن في أنه عليها إطلاع الشركة على مكان إقامتها الجديد و بذلك فلن يصعب على مستخدمها في الوقت نفسه معرفته أوقفت سيارتها في الموقف التابع للمبنى و أخذت تتساءل هل هي حقاً جبانه؟ فلقد سبق لها أن رأت نايلور غاضباً أوليس هذا صحيحاً؟ و فيما استدارت لايث من أجل أن تدخل مبنى شقتها فرجئت بنايلور بنايلور يسد عليها الطريق بقامته الضخمة و الطويلة و يقف مباشرة أمامها.
فتحت لايث فمها مدهوشة .. فيما بادرها نايلور بالسؤال قبل أن تتمكن حتى أن تطرف بعينها :" أين كنت بحق السماء؟" أنفجر غضباً .
"هذا ليس من شأنك "
"بالطبع هو من شأني فلقد عاد ترايفس إلى البلدة بعد أن أنهى أعمالاً كان من المفترض أن تستغرق ثلاثة أسابيع على الأقل كي يعود سريعاً إليك بعد أن عمل قطعاً كالحيوان هناك !"
أجابت لايث و قد أدركت تماماً بأن ترايفس لم يعمل بهذه الطريقة القاسية و المتعبة من أجل العودة إليها بالذات :" لابد و أنه قد مر بي بينما كنت في الخارج"
" لم يمر! اللعنه فأنا أراقب المدخل منذ الساعة السادسة!"
مجرد تخيل هذه الفكرة كاد أن يدفع لايث إلى الضحط فقد راقت لها فكرة جلوس نايلور المغرور المتعالي داخل سيارته طوال ساعة من الوقت من أجل مراقبة مدخل المبنى الذي يسكن فيه ولكنها حاولت إخفاء ابتسامتها لتبادله غضبة و سخطة و سألته بإنفعال :" ماذا تفعل أنت بالذات هنا على أي حال؟"
صرخ بها نايلور وهو في أقصى درجات الغضب :" لاتكوني خجولة .... نادني نـــايلور! " عندها لم تتمالك لايث نفسها و انفجرت ضاحكة ، أخذ نايلور ينظر إليها متأملاً عينيها البراقتين و من ثم منتقلاً إلى فمها الباسم و فيما كانت لايث تحاول السيطرة على نفسها لئلا تثير المزيد من سخطه ولكن يا للعجب فبعد مرور بعض ثوان على تحديقه بها و لدهشة لايث الشديدة أخذ نايلور يضحك أيضاً !
لقد بدله الضحك هكذا فكرت لايث وهي تنظر إلى فمه ذلك الفم الذي بغض النظر عن صابحه طالما أعجبت به راحت تظر إلى فمه وهو يضحك ولكنها ما لبثت أن أشاحت بنظرها عنه لتواصل سيرها نحو مدخل المبنى.
لم تتعجب لايث عندما لحق بها ليرافقها :" تفضل .. في حال كنت قد قررن غير ذلك "
" هذا لطف منك" تمتم نايلور وهو يسير إلى جانبها حتى وصلا إلى باب شقتها.
لقد اعتقدت لايث بأنه سيقوم بإطلاعها على سبب زيارتها و انتظاره لها خارج شقتها لمدة ساعة من الوقت بعد أن يصبحا داخل الشقة لربما قد أتى من أجل إطلاعها على تبديل رأيه بخصوص تلك الخطة القاضية بإتخاذه لها صاحبة و بما أن اللباقة لن تكلفها شيئا فقد دعته إلى الدخول.
لفد تعجبت لايث من نفسها و قد تمادت في لباقتها لتقول له فيما وقف مواجهاً لها في تلك الغرفة من شقتها :" أنا جائعة جداً أعتقد بأنك مازلت من دون عشاء"
شعر نايلور بالدهشة ذاتها التي شعرت بها لايث ولكنه تمكن من إخفائها:" هل تريدين منى إعداد المائدة؟"
بعد مضي نصف ساعة من الوقت كان نايلور يجلس على الأريكة يقرأ مجلة كانت لايث أعطته فيما كانت تحضر بعض الطعام الخفيف في المطبخ ذهبت لايث إلى غرفة نومها من أجل التخلص من تلك الربطة التي كانت تشد بها شعرها طوال النهار أخذت تفكر بتصرفها هذا.. أي بدعوته لتناول الطعام معها يا للعجب ! و كأنها قد سرت برؤيته ! عادت لايث إلى المطبخ من أجل تحضير طبق من السلطة.
رن جرس بابها فيما كانت منهمكة في إعداد طبق السلطة اعتقدت لايث للحظات بأن الطارق لابد و أن يكون أخاها سباستيان و قد عاد .. ولكن سباستيان يملك مفتاحه الخاص كما أن روزماري لم ترجع إلى شقتها و بعد أن نايلور كان قد ذكر لها شيئاً حول عودة ترايفس من السفر فقد أدركت لايث بأن هذا الزائر لابد أن يكون قريب ضيفها حتماً! أوه لقد نسيت أن أضع فتات الخبز هذا فكرت لايث في قرارت نفسها وقد رن جرسها للمرة الثانية ماذا عليها أن تفعل ..كيف كان من المفترض بها أن تتصرف؟ فلقد أعتقد نايلور بأن ترايفس هو عشيقها لذا فليس بإمكانها إطلاع نايلور على خلاف ذلك من دون إدخال روزماري في هذا الموضوع و لكن ترايفس في حال كان هو هذا الزائر .. قد أخذ منها وعداً بعدم ذكر أسم روزماري أو ذكر أي شيء يتعلق بها أمام أي شخص .
هرعت لايث خارج المطبخ كي تفتح الباب قبل أن تقرع الجرس مرة أخرى ولكنها فوجئت بنايلور وقد سبقها إلى الباب .
"شكراً للسماء ماذا تفعل هنا؟" و تعجب ترايفس من وجود قريبة في الشقة لايث فهو على خلافها لم يلاحظ وجود الجاغوار المتوقفة أمام المبنى .
"مرحباً ترايفس تفضل بالدخول لايث في المطبخ تقوم بإعداد عشائي"
عادت لايث إلى المطبخ بسرعه و هدوء قبل أن يلاحظ الإثنان وجودها قربهما و لكن نايلور ما لبث أن اصطحب ترايفس إلى المطبخ في أقل من دقيقة .
"ترايفس !" أبتسمت لايث لقد بدا متعباً ... و قلقاً .. بغض النظر عن مراقبة نايلور لها لم تجد لايث بداً من التوجه نحو ترايفس من أجل القيام بتقبيلة على وجنتيه .
" لقد سررت برؤيتك " تابعت الإبتسام له متجاهلة تعبير نايلور الخطر و التهديدي و لما ظهر الإرتباك واضحاً على وجه ترايفس عادت لايث لتتابع:" إن الطعام الذي حضرته يكفي لثلاثة أشخاص إذا...."
"لا شكراً يا لايث لقد تناولت لتوي بعض الطعام لقد مررت فقط من أجل أن أخبرك بأني قد عدت " أدركت لايث عندها السبب الكامن وراء زيارته هذه فلقد كان المسكين يأمل في رؤية روزماري التي ربما عادت و التي ربما تتناول فنجاناُ من القهوة عند لايث
"هل كانت رحلتك..؟" موفقة كانت لايث على وشك المتابعة عندما قال نايلور مقاطعاً :" أتمنى ألا تكون هذه الرائحة ناتجه عن أحتراق طعامي يا عزيزتي ؟" و بينما أستدارت بسرعة نحو الفرن لتجد أن لا شيء يحترق قال نايلور يخاطب ترايفس :" سوف نراك خلال عطلة نهاية الأسبوع يا ترايفس " ثم تابع :" في الواقع لقد وصلت في الوقت الذي كنت فيه على وشك دعوة لايث إلى مرافقتي إلى بارك وود أنت تحبذين هذه الفكرة يا لايث أليس كذلك ؟" لدية الجرأة لوضعها تحت الأمر الواقع .
تمتمت لايث فيما راحت تفكر بخسارة عملها في حال لم تشارك هذه اللعبة :" اللازانيا بحالة جيدة " علقت لايث وهي تبتسم :" إنها لفكرة حسنة"
فيما رافق الإثنان ترايفس إلى الخارج عبر الحديقة قال ترايفس مودعاً :" أترككما من أجل أن تتناولا عشاءكما"
وقالت لايث :" أراك إذا خلال عطلة نهاية الأسبوع "
ثم بعد أن عاد نايلور و لايث إلى الشقة بادرها نايلور :" لقد تقبل الأمر بصورة حسنة "
" كيف تجرأت و دعوتني إلى مرافقتك إلى بارك وود أمام ترايفس؟"
"هل كنت تفضلين أن أقوم بذلك في غيابه؟"

ZelDa
15-05-2009, 17:24
"لم تعطني فرصة للرفض لم تعطني حتى ولا فرصة واحدة أنت ..."
"لم تخطر على بالي فكرة إمكانية رفضك أو حتى معارضتك لعرضي هذا فأنت قد وافقت سابقاً على الخطة التب و ضعتها بأن تلعبي دور فتاتي !"
ثم عاد ليتابع بلهجة فظة : ولكن على الرغم من كل هذا فبإمكانك قول كلمة لا ساعة تشائين!"
نعم لأخسر وظيفتي السافل الحقير!" ماذا يقول أهل ترايفس عن هذا الموضوع؟"
" أي موضوع؟"
"موضوع اصطحابك لي إلى منزله عوضاً عنه!"
"لن يقولوا شيئاً فترايفس لم يسبق له أن ذكر اسمك أمام أحد من أفراد عائلته لذا فلن يعني أسم لايثيا إيفريت شيئاً واحداً لهم فهو حتى لم يذكر شيئاً عنك لقد عرفت بأمرك فقط من خلال توقف سيارته أمام مبنى شقتك في تلك الليلة"
ثم عاد ليتابع و قد تحركت عضلة فكية :" لم يذكر لي شيئاً عن تلك الليلة مما يعني بأنك لم تكوني أكثر من مجرد فتاة سهلة المنال بالنسبة إلية!"
إلتقطت لايث أنفاسها ياله من شخص فظ ووقح! علقت لايث وهي تصر أسنانها:" شكراً" فلقد فضلت رؤيته في الجحيم قبل أن تعطيه شيئاً من طعامها استدار نايلور مغادراً المطبخ من دون أن ينبس بكلمة.
قبل أن يتمكن من أغلاق الباب بعنف وراءه تمكنت لايث من اللحاق به إلى الغرفة وقع نظره على قبعة سباستيان التقطها وستدار ليخاطب لايث بنبرة آمره فيما رماها بها التقطتها قبل أن تسقط على الأرض بصورة لا شعورية :" تخلصي من هذه!"
كانت قبعة سباستيان معلقة في مكانها المعتاد في الصباح التالي قبل ذهاب لايث إلى العمل كانت ما تزال غاضبة من نايلور كيف بأنها مجرد فتاة سهلة المنال حتى بوجود ما سماه بالأدلة ؟ لقد ...أساء إليها.
عند الساعة الرابعه نم بعد ظهر ذلك اليوم رن جرس الهاتف في مكتبها قال لها جيمي فيما ناولها السماعه :" إنه لك "
توقعت لايث أن يكون المتصل أحد الزبائن المهيمن وم الذين كانت تتعامل معهم لأنه كان من غير المألوف ألا يطلعها جيمي على أسم المتصل ..أعلنت لايث عن نفسها :" لايث إيفريت"
" كوني جاهزة عن الساعة الحادية عشرة من صباح يوم غد !" خاطبها صوت الشخص الآتي من الطرف الآخر للخط عرفت لايث صاحب الصوت على الفور.
أجابت لايث بحدة" أجل سيدي!" فيما قامت بعدها بقطع الإتصال فوراً أدركت على الفور بأنها ما لبثت و أن نادته بــــــ سيدي فيما كانت من قبل قد قطعت عهداً على نفسها بألا تفعل ذلك!
اللعنه عليه فليذهب إلى الجحيم! فجأة التقت عيناها بعيني جيمي الذي بدا معجباً و كأنه قد عرف أن المتصل بها هو السيد ماسينغهام شخصياً
فتح جيمي فمه و كأنه يريد قول شيء ما و أدركت لايث على الفور بأن عليها وضع حد لشكوكه وظنونه بالنسبة لهذا المسأله حذرته لايث :" لا تسأل!"
وضبت لايث عند مساء ذلك اليوم ما كانت تريد أخذه معها إلى بارك وود في الغد عادة هي تملك قدرة خارقة على اتخاذ القرارات و لكنها الآن لا تعرف ماذا تأخذ معها تساءلت عن سبب قيامها بعملية التوضيب هذه فهي أساساً لم تكن راضية أو سعيدة بقيامها بهذه الرحلة و لكنها كانت دائماً تعود إلى الجواب الذي لا مفر منه ..فوائد الرهن ووظيفتها .
"بحق السماء!" فقدت لايث صبرها فهي لن تمضي سوى ليلة واحة هناك و أسرعت بإختيار أحد الفساتين المفضلة لديها وضعته في حقيبتها بالإضافة إلى سروال جينز و قميص ثم رن هاتفها.
" أنا ترايفس ..هل أنت بمفردك؟"
تساءلت لايث عن دوافع سؤاله هذا فمن يظن أنه سيكون برفقتها و لكنها عادت تتذكر بأنه سبق لترايفس أن رأى نايلور في شقتها مساء أمس لابد و أنه اعتقد بأنهما متيمان ببعضهما بعضاً لدرجة أنهما لا يفترقان أجابت :" أنا بمفردي "
"لقد فوجئت مساء أمس بوجود نايلور في شقتك "
"إنها... المرة الثانية التي أراه فيها منذ أن حضر في تلك الليلة لاصطحابك من شقتي"
"لقد خمنت ذلك فأنتما تعملان في المبنى ذاته و ..." إن ترايفس يعتقد بأنهما منجذبان لبعضهما البعض ... بما أنهما يلتقيان غالباً وقت العمل و هذا ما أدهش لايث و أذهلها و لكي يؤكد لها ظنونه أستطرد يقول :" لقد بدا نايلور جاداً نحوك يا لايث ما هي حقيقة شعورك تجاهه؟"
" أ......... من المبكر جداً الإجابة على سؤالك هذا " و تفادت إطلاعه على حقيقة شعورها تجاه قريبه السافل و الحقير سألته :" لماذا تعتقد بأنه جاد؟"
" لأنه لم يسبق له أن أصطحب أي أمرة معه إلى منزله لقد سررت جداً لأن الأمر يتعلق بك يا لايث"
"أوه ترايفس!"
" أعرف أعرف بأن مازال من المبكر جداً التحدث في هذا الموضوع كما أعلم بأنك تمرين بأوقات صعبه لأنه يصعب عليك الكذب أو إخفاء الحقيقة عن نايلور و لكني آمل بصدق بإعتماد عليك في التكتم التام حول علاقتي بروزماري هل أستطيع ذلك ؟" ترددت لايث قليلاً كانت على وشك إطلاع ترايفس بالحقيقة كاملة و لكنها تراجعت عن ذلك فهي لا تستطيع نقض إتفاقها مع نايلور عاد ترايفس يسألها بإلحاح :" هل أستطيع الإعتماد عليك يا لايث"
أجابت لايث:" بالطبع أنت تعرف ذلك "
أخذ يحدثها عن روزماري و عن شوقة إليها الذي دفعه إلى الإتصال بها في شقتها عدة مرات مساء أمس ولكم من غير أن يتلقى أي جواب مما أكد له أنها ما تزال في منزل والديها .
" لم أتجرأ على الإتصال بها مباشرة إلى هناك لهذا السبب مررت بك مساء البارحة كنت آمل بأن تتصلب بها لكي أكلمها في حال غياب والديها عن المنزل"
أوه المسكين ترايفس شعرت لايث بالشقفة تجاهه إنه يمر بأوقات صعبه.
"هل تقومين عني بالإتصال بروزماري ؟ كي أبلغها بأنني أفكر بها"
أتصلت لايث بروزماري و بلغتها الرسالة أجابتها روزماري بحذر:" هذا حسن" أدركت لايث بأن روز ماري غير قادرة على التكلم بحرية .
شعرت لايث بالقليل من الإنزعاج عندما خلدت إلى سريرها في تلك لليلة إنها تحب روزماري كثيراً و تقدر ظروفها الحساسة التي تدفعها إلى التكتم حول موضوع علاقتها بترايفس أمام أهلها كا أنها تقدر أيضاً أخلاقها و مبادئها . و لكن ترايفس قد صبر لعدة أشهر حتى الآن .. أوليس بإمكان روزماري اخراجه من هذا الجحيم الذي يتخبط فيه ؟ شعرت لايث بأنها بدورها تتخبط في جحيمها الخاص و هي تنتظر اتصال نايلور في صباح نهار السبت .
قامت بوضع نظارتيها و ربطت شعرها إلى الوراء يدفعها شعور داخلي إلى التمرد و العصيان و لكنها عادت و قررت خلاف ذلك تماماً ليس بدافع الخوف من أن يقوم نايلور بتوجيه الملاحظات الجارحة إليها و لكن من أجل تفادي الدخول معه في اصدام أو مواجهة عنيفة.
لم يدعها نايلور تنتظر طويلاً فقد وصل شقتها خلال الدقائق القليلة التي تفصلها عن الحادية عشرة .
بادرته لايث بالتحية " صباح الخير " و دعته إلى الدخول كانت تود طرح بضعه اسئلة عليه قبل ذهابهما إلى أي مكان . أخذت لايث نفساً عميقاً قبل المباشرة بطرح أسئلتها و لكنها فوجئت بنظراته تتفحص ملابسها الانيقة كما يبدو أنيقاً في بدلته الجميلة مما جعلها تدرك سر إعجاب معظم النساء به.
" لقد وضبت حقيبة ملابس صغيرة و لكن قبل الذهاب .."
سألها نايلور مقاطعاً :" ماذا أخبرت ترايفس ؟"
سألته لايث : " متى؟" و هي تشعر ببعض الحكاك في راحتي يديها!
"هل تحاولين إقناعي بأنه لم يتصل بك منذ أن غادر هذه الشقة يوم الخميس ؟"
" هل تريد سرداً مفصلاً؟ أو تكتفي بقولي إنه يعتبرني معجبة بك الآن؟"
نظر نايلور إليها لعدة ثواني ثم سألها :" أين حقيبتك؟"
" إنتظر لحظة!" أردت لايث استيضاح بعض الأمور قبل القيام بأي خطورة:" هل هناك مشكلة في دعوتك لي إلى منزل السيد و السيدة هبوود؟"
" في حال كنت لا تعلمين ...على الرغم من أني شبه متأكد بأنك تعرفين تماما بأن منزلهم هو منزلي فلقد انتقلت للاقامة عندهم منذ العاشرة من عمري" ثم تابع ببرودة :" سيشعرون بالخيبة إذا أعتقدوا بأني أعتقد غير ذلك "
استطردت لايث و طرحت عليه السؤال الثاني برغم أنها تعرف الجواب و لكنها طرحته من باب الإستيضاح فقط: "ولكنك لا تقيم حالياً معهم؟"
أجابها بختصار :" من الأنسب أن يكون لي شقة خاصة في البلدة "
أراهن على ذلك فكرت لايث في سرها و لكنها لم تتمكن من تفسير ذلك الشعور بالغيرة الذي انتابها عندما تراءت لها صور الفتيات الشقراوات اللواتي يقمن بزيارته حتماً من وقت إلى آخر." ولكن بأي صفة ستقدمني إليهم ؟"
" بصفتك فتاتي ... هل هناك أي صفة أخرى؟"
" ألا تشعر بالذنب حيال خداعك لهم ؟"
" بعد كل ما فعوله من أجلي سأشعر بأقصى درجات الذنب و الندم عندما أسمح لولدهم الأصغر بتدمير حياته من أجل إحدى النساء التي لا تعيره حتماً أي اهتمام !"
سألته لايث بغضب :" هل سبق أن أخبرك أحدهم بأنك مقيت و كريه جداً؟"
تلاشت خشونته و قسوته فجأة لتحل محلهما علامات السخرية التي ارتسمت واضحة على وجهه فيما راح يحدق بعينيها الخضراوتين البراقتين المليئتين بالغضب " أوه تبدين جميلة و أنت منفعلة !"
يقع بارك وود وهو منزل كبير وواسع وسط الحقول و الغابات و قد وصلاه عند الظهر قبل موعد الغداء اقتيدت لايث إلى غرفتها لتغسل يديها وم ثم تعود للإنضمام إلى نايلور سيسلي و غاثري هبوود و ترايفس في الطابق السفلي . و خلافاً لتوقعاتها فقد استمتعت بالأجواء المخيمة على بارك وود .
" لقد أخبرني نايلور بأنك إحدى أفضل الموظفات الإداريات العاملات في الشركة" علقت سيسلي هبوود السيدة اللطيفة و الرقيقة فيما كان الجميع يتناولون الغداء .
رمقت لايث نايلور الجالس إلى جانبها بنظرة تعجب :" إذا ربما لهذا السبب يعمل على توصية رئيسي في القسم بي كي يبقيني دائماً منشغله" أجابت لايث و نظرت إليه ثانية لتراه هذه المرة ينظر إليها سألته لايث :" أليس هذا صحيحاً ؟"
أجاب نايلور مبتسماً :" أنت قاسية جداً يا لايث لم يكن من المفترض بك أن تعلمي ... فأنا أتعمد القيام بذلك كم أجل أن أبقيك بعيدة عن التسبب بالأذى للآخرين "
ياله من شيطان ! و لكن لايث بادلته الإبتسامه فهما ليسا بمفردهما لقد علمت تماماً ما يقصده بقوله هذا!.
تدخل ترايفس في الحديث :" المسكينه لايث ! إنه رجل عملي محض و يحاول جعلك على شاكلته"
لاحظت لايث أن نايلور رمى قريبة بنظرة حادة فأسرعت في تغيير الموضوع و طرحت على مضيفها سؤالاً:" هل هذا أحد أنواع الشراب الذي تقوم باستيراده سيد هبوود ؟"
أجاب نايلور :" إن عمي يملك أجود أنواع الشراب داخل قبوه"
اعقب الغداء نقاش صغير حو الغاء موعد كانت السيدة سيسلي قد ارتبطت به لزيارة صديق في المستشفى في فترة بعد ظهر ذلك اليوم .
احتج نايلور :" لا تلغي الموعد فلقد فاجأناكم على أي حال بزيارتنا هذه بالإضافة إلى أننا قررنا القيام بنزهة في فترة بعد الظهر"
لم يسبق للايث أن علمت بمثل هذا الأمر و لكنها قررت ألا تثير دهشة الحاضرين في حال بدت كأنها لا تعلم أي شيء عن هذا الموضوع لذلك فقد أجابت موافقة:" أجل هذا بالضبط ما قررناه"
عدلت سيسلي عن فكرة إلغاء الموعد و قررت القيام و زوجها بهذه الزيارة بعد نصف ساعة .
سألت سيسلي ولدها الأصغر :"و أنت يا ترايفس هل لديك أي شيء؟"

ZelDa
15-05-2009, 17:26
لقد أحبت لايث أن تدعو ترايفس إلى الإنضمام إليهما في نزهتهما ولكن نظرات نايلور ... الذي بدا مصمماً على عدم دعوة ترايفس... كانت تقول لها بأنها سوف تندم إذا فعلت هذا.
أجاب ترايفس :" سأبحث عما قد أقوم به"
سألته والدته:" هل ... ستكون هنا على العشاء؟"
"هل لديك أي أعتراض على ذلك يا حبي ؟"
ضحكت سيسلي برقة :" أنا سأذهب إلى غرفتي كي ابدل ملابسي "
هذا ما يجب أن افعله فكرت لايث في سرها لا بأس إذا بدلت ملابسي.
تمتمت لايث :" اعذروني " و تبعت مضيفتها إلى خارج الغرفة .
إرتدت لايث سروالاً مع قميص رقيق كما بدلت خذاءها لتنتعل واحداً ذا كعب مسطح لقد جرت الأمور على صورة أفضل مما كانت تتوقع و لم تفتها نظرات نايلور التي كانت تطالها في كل مرة كانت تتبادل فيها الحديث مع ترايفس!
كان نايلور بانتظارها عندما عادت بعد ما يقارب عشرين دقيقة رأته يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها .
سألها نايلور :" جاهزة؟"
"هل ندعو أحداً لمرافقتنا؟"
"إذا كنت تشيرين إلى ترايفس فانسي الأمر!"
مشت لايث أمامه من دون تعليق لحق بها و سار إلى جانبها.
" سنعرج على الإسطبلات ثم نذهب للتجول في الحقول"
أجابت لايث:" بكل سرور!"
مرت العشر دقائق الأولى و الصمت مخيم عليها فيما أخذ نايلور يدلها على الطريق و قد بدا أن يعرف المنطقة تماماً .
لقد لعب هنا و تسلق الأشجار هنا و سبح في ذلك النهر عندما كان طفلاً توقفت لايث فجأة عن التفكير لقد توفي والداه و قد شعرت بالشفقة نحو نايلور و تبدد في داخلها كل شعور بالعداوة تجاهه.
استدارت لتنظر إلى وجهه :" نايلور"
علق نايلور:" إنها تعرف اسمي!"
أدركت لايث لحظتها أنها نادته لأول مرة بأسمه الأول و شعرت ببعض الإرتياح .
" لقد ... نسيت أن أسالك عن موضوع بالمر و بيرسون..."
أجابها نايلور مقاطعاً :" أنا لا أناقش أمور العمل خارج المكتب أبداً "
أدارات لايث رأسها لتحدق به و قد فتحت فمها مذهولة . متعجبة من هذا الجواب الصادر عن شخص أقل ما يقال عنه أنه رجل عملي محض .
تغاضت لايث عن هذا التناقض لتتابع متسائلة :"إذا عم تريد التحدث؟"
توقعت لايث أن يتجاهل سؤالها و لكنها فوجئت برده: " الحديث عن ماذا عن ... موضوع غيابك عن منزلك يوم الخميس الماضي فيما كنت أنتظر عودتك خارجاً؟"
أخذت لايث تحدق فيه مندهشة . " لقد ...ذهب للبحث عن شقة أخرى"
" و ما الخطب في شقتك الحالية ؟" و كأنه بذلك لم يصدق جوابها.
شعرت لايث بالحكاك في راحة يدها اليمنى " ليس هنالك من خطب سوى مسألة تأمين الأقساط و التي تفوق إمكاناتي لقد ذهبت للبحث عن مكان تكاليفه أقل .."
قاطعها نايلور بغضب :" لقد سبق أن أخبرتك بأنني على أتم الإستعداد لتحمل العبء ! إذا هل قررت التخلي عن ترايفس نهائياً؟" و لم يلق جواباً عاد يسألها بإنفعال :" أو لديك شخص آخر يساعدم على تسديد الأقساط؟"
صرخت لايث لم يكن يعد بإمكانها السيطرة على غضبها:" لماذا أنت ...!" لم تشعر عندها بيدها اليمنى إلا و قد إرتفعت في الهواء لتصفعه بكل ما عندها من قوة . و فيما ارتسمت معالم الدهشة على وجه نايلور استدارت لايث بسرعه لتعود مهرولة من حيث أتت.
لابد أنه ما يزال يحدق بها و هي تبتعد و لكن لم يكن هذا الأمر ليشغلها بقدر ما كانت تشغلها طريقة تفكيرة الحقيرة بها كيف تجرأ على التفكير بأنها تصادق الشبان الآخرين من أجل أن يقوموا عنها بتسديد فواتيرها؟
وصلت لايث إلى بارك وود و هي ما تزال تحت وطأة الصدمة العنيفة التي تلقتها لتوها كيف تجرأ على مخاطبتها و كأنها مجرد متشردة أو متسولة؟ كيف تجرأ؟
صعدت إلى غرفتها . كانت ماتزال تشعر بالمهانه و الإذلال . كيف تجرأ؟ تساءلت لايث في قرارة نفسها و قد تمددت على سريرها في محاولة منها للإسترخاء و للسيطرة على انفعالها و سخطها . عندها فقط أدركت لايث بأن تفكير نايلور ماسينغهام القاسي بها لم يكن ليؤلمها أو يجرحها بهذه الطريقة لو أنها لم تكن حتماً و قد وقعت في غرامه!.

ZelDa
15-05-2009, 17:29
Chapter 6

لم يكن التفكير بهذا الأمر ليجدي أي نفع! كيف حصل أو لماذا حصل ؟ كل ما كانت لايث تدركه هو أنه قد حصل فهي غارقة حتى أذنيها في حب نايلور ماسينغهام كما أنه ليس بيدها أي حيلة حيال هذا الواقع .
الحب أكثر العواطف تعذيباً تذكرت فجأة ترايفس كما تذكرت تلك الأوقات المريرة التي كان يمر بها نتيجة وقوعة في الحب فهي الآن و فقط الآن أصبحت تقدر و تدرك تماماً ما يعانية ترايفس بعد أن أغرمت بدورها .
ثم عاد التفكير بنايلور ليتصدر واجهة أفكارها أخذت لايث تحدق بيدها اليمنى و هي تستغرب قيامها بصفعه بتلك الطريقة العنيفة ، على الرغم من أنها تدرك في اعماقها تماماً بأنها تحب نايلور بكل ما لديها من مشاعر و أحاسيس .
شعرت لايث عندها بأنها هزمت إنها تحبه دون أدنى شك بذلك .
قطع صوت قرع على باب غرفة نومها عليها أفكارها نايلور ! لاشك أنه من يقرع الباب! لم تكن تريده الآن فهي غير مستعدة لمواجهته ثانية...ليس الآن إنها بحاجة إلى ...
عاد صوت القرع بإلحاح على بابها ليقطع عليها حبل أفكارها مرة أخرى . سمعت صوت ترايفس يناديها بأسمها . ترايفس! شعرت بالإرتياح و هي تنهض لتفتح الباب" آسف على الازعاج و لكنني رأيتك تعودين دون نايلور" و بينما كانت لايث تحاول العثور على مبرر تابع ترايفس على الفور الكلام :" كنت جالساً في المكتبة أفكر بروزماري عندما سمعت وقع خطواتك عندها أخذت أفكر ما إذا كان بامكانك الإتصال بها هذا ليس ممكناً أليس كذلك ؟" و كأنه بذلك يرجوها.
سألته لايث :" أين الهاتف؟"
أجابها بحماس و قد ظهرت على وجهه علامات الفرح و الإثارة :" بإمكاننا الاتصال بها من غرفة المكتبة سيكون بإمكاننا التكلم بحرية من هناك!"
قادها ترايفس إلى غرفة المكتب وراح يطلب رقم هاتف منزل والدي روزماري و كأنه بذلك يحاول لفت انتباه لايث إلى أمر حفظه لهذا الرقم على الرغم من أنه كان قد طلبه في السابق لمرة واحدة فقط .
" آ...مرحباً سيد غرين لايث إيفريت تتكلم كيف حالك ؟"
أجابها السيد غرين بلطف :" بخير شكراً"
" أوه حسناً هل لي بالتحدث مع روزماري من فضلك ؟ط
" لا أعرف بالضبط أين هي الآن هل من رسالة تودين تركها لها؟ "
أجابته لايث بلطف :" لا أمانع بالانتظار" و تابعت :" أنا و روزماري صديقتان ! لم أرها منذ فترة طويلة لذا فقد اتصلت بها من أجل التحدث إليها"
فيما ذهب السيد غرين من أجل البحث عن روزماري أخذت لايث تنظر إلأى ترايفس الذي بدا مكتئباً و قد عرفت لايث السبب إكتئابه هذا. فبوجود السيد غرين لن تستطيع روزماري أن تكلمه بحرية.
قالت روزماري :" مرحباً؟"
" أنا لايث "
" هكذا قال أبي"
" كيف تجري الأمور؟"
" لقد تحسنت صحة والدتي"
عندها اعتقدت لايث بما أن روزماري فائقة الذكاء بأنه لابد و أن أهلها يشددون الرقابه عليها نتيجة اعتقادهم بأنه لايحق للمرأة المتزوجة أن يكون لديها أصدقاء!.
ثم أسرعت لايث إلى القول و قد خشيت أن تقوم روزماري بإنهاء المكالمة :" ترايفس هنا .. يريد أن يكلمك "
بدأ ترايفس حديثة معها:" مرحباً روزماري أعرف بأنك لا تستطيعين الكلام و لكن أردت فقط أن أقول مرحباً "
خلال ثوان انتهت محادثة ترايفس لروزماري .. و قد بدا ترايفس حزيناً .
أعلن ترايفس :" هذا ليس بعادل! إنها تخشى والديها ! "
قالت لايث :" أنا آسفة "
" أنا متأكد من أن روزماري تحبني و بأنها على استعداد لمنح زوجها الطلاق من أجلي إذا سمح لها والداها بذلك ..أنا متأكد من ذلك و لكنهما ... السيد و السيدة غرين.. بتصرفهما هذا يحولان ما هو جميل بنظري إلى شيء قذر و قبيح فلم لا يستطيعان تقبل فكرة غلطة ابنتهما بزواجها من زير نساء لك لا يستطيعان تركها و شأنها و قد أراداها بذلك أن تدفع ثمن غلطة كانت قد ارتكبتها في وقت من الأوقات ! هذا ظلم فبسببهما ليس بإمكاني اطلاع أهلي .. أو نايلور أو ويل أو أوغو ... على موضوع حبي لروزماري لقد ضقت ذرعاً يا لايث أعتقد بأنني وصلت إلى نهاية المطاف!"
"أوه ترايفس " و قد عجزت لايث عن مؤاساته شفهياً فمدت له يدها بعطف ووضعتها على ذراعه.
فجأة فتح باب الغرفة أدرات لايث رأسها و قت امتقع وجهها بالإحمرار فتلك كانت المرة الأولى التي ترى فيها نايلور بعد أن أدركت أنها تحبه شعرت بقلبها و كأنه يكاد يقفز من مكانه و من نظراته الملأى بالغضب و السخط ا ستطاعت لايث أن تستنتج بأنه لن يسامحها أبداً و أنه ينظر بغضب تجاه يدها الموضوعه على ذراع قريبة و التي ما لبث أن أنزلتها بسرعة.
بادرها ترايفس و هو يتجه نحو الباب :" و أخيراً هذا أنت"
تنحى له نايلور جانباً و غادر ترايفس الغرفة على عجل .
قررت لايث أن تفعل مثله و لكن نايلور اعترض طريقها فيما كانت تهم بالخروج وقفت في مكانها بينما و قف نايلور يواجهها
حدقت في عينيه و كأنها لا تخشى تلك النظرات الحادة التي يرمقها بها و قد احمرت و جنتاها خجلاً .
بادرها نايلور" دعيني أخمن! فبهذه الطريقة تريدين إزالة شكوكي و إقناعي بأن علاقتك به قد انتهت !"
تلعثمت لايث لأنه كان من المتعذر عليها إقناعه بأن تلك الجلسة كانت بين صديقيين " أنا ...أنت.." لقد استاءت لايث من ظنون هذا الرجل الوغد الذي أعتطه قلبها من دون غيره من الرجال .
سألها نايلور بتوتر و انفعال :" هل تريدين القول بأنك لم تكوني تحاولين إغواءه؟ بأنك لم ..."
صرخت لايث :" لا أريد قول أي شيء لك أرجو المعذرة.."
و اندفعت خارج الغرفة .
عندما وصلت إلى غرفتها كانت تتمنى من كل قلبها مغادرة بارك وود و لكن كيف تغادر وقد أردت البقاء بالقرب من نايلور؟ لقد شعرت لايث بالحيرة و الارتباك فهي كانت تود فعل ذلك بدافع من التزامها بخطته أم الآن فهي شبه متأكدة من أنها تفعل ذلك بسبب حبها الكبير لنايلور .
أمضت لايث فترة بعد ظهر ذلك اليوم في غرفتها سمعت وقع خطوات السيد و السيدة هبوود و قد عادا إلى المنزل شعرت بعدها ببعض الذنب عندما قام ويندي و هو فتى يبلغ السادسة عشرة من عمره يساعد مدبر المنزل السيد لامسدن في أعماله المنزلية بإخضار فنجان من الشاي إلى غرفتها.
قال ويندي :" لقد جئت أعلمك بأنهم سيتناولون العشاء عند الساعة الثامنة"
أجابته لايث و هي تبتسم :" شكراً يا ويندي"
أخذت لايث تفكر و هي تسكب الشاي بأنها تستطيع المغادرة فاللياقة على كل حال تفرض عليها البقاء.
تركت لايث غرفتها في الثامنه إلا عشر دقائق بعد أن استحمت و ارتدت فستاناً حريرياً و سرحت بشعرها .
نزلت لايث السلالم و صورة نايلور الغاضب و الساخط لا يفارق ذهنها و صلت إلى غرفة الاستقبال و قد شعرت بنبضات قلبها تتسارع دخلت الغرفة بعد أن التقطت أنفاسها لتأخذ نفساً عميقاً .. و فقدت تمالكها عندما ترك نايلور كرسيه و تقدم نحوها .
" كنت على وشك المجيء من أجل البحث عنك يا حبيبتي "
ابتسم نايلور فيما راح ينظر إلى شعرها اللامع و فستانها الحريري بالإضافة إلى كل ما فيها لم تستوعب لايث ما يجري حولها و خاصة كلمة حبيبتي قام نايلور بتأبط ذارعها من أجل اصطحابها إلى داخل الغرفة .
حبيبتي! كانت لايث ما تزال ترزح تحت وقع هذا الكلمة عندما وقف الجميع من أجل التوجه نحو غرفة الطعام أدركت أن نايلور ينوي شيئاً ما أو بالأحرى كان باستطاعتها الشعور بذلك و لكن ما الذي ينوي القيام به؟
لم يكن عليها الانتظار لفترة طويلة من أجل معرفة الجواب كانت غرفة الطعام أنيقة و مريحة جلس غاثري هبوود إلى رأس المائدة فيما جلست لايث إلى يمينه و نايلور إلى يساره جلست سيسلي هبوود إلى الطرف الآخر من المائدة مقابل زوجها و جلس ترايفس إلى جانبها .
" لدي شراب لذيذ اريدك أن تتذوقة"
خاطب غاثري قريبه :" نايلور "
أجاب نايلور" ليس لدي أدني شك بحسك للتذوق الرائع يا عمي على الرغم من ..." توقف نايلور فجأة على الكلام و كأنه تردد في قول شيء ما .
توجهت جميع الأنظار نحوه و بدا واضحاُ للايث بأن عائلته استغربت تردده هذا هو بالذات قلما تردد حول موضوع سأل عمه :" على الرغم من ؟"
كانت لايث تحدق بنايلور عندما استدار فجأة و نظر إليها و هو يبتسم ابتسامه رقيقة ثم خاطبها و باللهجة الرقيقة نفسها التي كان ترايفس يخاطب بها حبيبته :" لايث حبيبتي أنا لم أعد قادراً على الشراب ... هل تمانعين ؟. "
" م م م .." علقت لايث فيما أخذ نايلور ينظر إلى عمه .
" لطالما تساءلت يا عمي عن كيفية شعورك عندما تقدم البعض من الشراب الممتاز الموجود في القبو"
سأله غاثري :" الشراب الممتاز؟"
خاطبته السيدة هبوود :" أوه تايلور ..أنت تقصد ...؟ "
" أجل خالتي فلقد منحتني لايث خلال فترة ظهر هذا اليوم شرف موافقتها على أن تصبح زوجتي"
موافقة ! زوجة! فغرت لايث فاها مندهشة بدت كأنها على وشك الأنهيار و كي يتدارك نايلور الأمر نقب كرسية إلى مقربة منها و لثمها برقة من خدها .
قال ترايفس :" لم تذكر لايث أي شيء عن موافقتها على الزواج منك عندما رأيتها في ..."
" لايث تشعر بالخجل الشديد حيال هذا الأمر أليس كذلك يا حبي؟" سألها نايلور الذا بدا من خلال نظراته إليها و كأنه يحذرها من قول خلاف ذلك .
شعرت لايث بأنها تحملت أكثر من اللازم أكثر بكثير من اللازم ! لقد حان الوقت لإنهاء المهزلة بدأت القول " في الواقع ..." و لكن نايلور سارع إلى مقاطعتها .
قال نايلور :" في الواقع إن لايث تحب عملها و أنا لم أفكر أبداً بأنني قد أتزوج من امرأة عاملة و لكن بما أن هذه هي رغبة حبيبتي فأنا لن أقف في طريق اختيارها الاستمرار في العمل" نظر إلى لايث مبتسماً .
إختيار ؟ أي اختيار؟ استشاطت لايث غضباً فيما قام السيد و السيدة هبوود يقفان لتهنئتهما اصطحب السيد هبوود ترايفس معه إلى القبو من أجل إحضار الشراب .
تابع الجميع تناول عشائهم بعد أن شربوا نخب لايث و نايلور فيما تتظاهر لايث بالابتسام .


لم يكن باستطاعتها فعل أي شيء آخر ولكنها كانت تغلي من الغضب في داخلها . الوغد الذكي! فبهذه الطريقة قد تأكد بأن ترايفس أصبح على علم بأنها أنهت تماماً علاقتها به .
بينما الواقع لم يكن هذا ليؤثر بترايفس أو ليضيره أبداً و لكن ما ازعجها فعلاً كان تصرف نايلور ماسينغهام الآمر الناهي الذي بدا و كأنه يحاول إفهامها إما أن تتصرف و كأنها موافقة سلفاً على كل ما يقوله و يخطط له حتى بالنسبة لموضوع الخطوبة و الإرتباط أو لن يكون لديها سوى مخرج واحدد من هذه الورطة ألا و هو خسارة وظيفتها! شعرت مرة أخرى بحاجه ملحة للقيام من مكانها لترك هذا المكان .. و لكن بالنتيجه هذا يعني تخليها عن عملها.
أحتست لايث الشراب و هي تبتسم تناولت عشاءها فيما شعرت بأن غضبها من نايلور بدأ يتلاشى لا بل بدأت تشعر بالخجل لانها صفعته عند الظهر! بدأت تدرك بأنها لن تخرج مهزومه على أي حال من هذه اللعبة في نهاية المطاف ، فسوف تحتفظ بوظيفتها و ستكون هي بالذات و ليس نايلور ما سينغهام المحترم آخر من يضحك !
بدأت لايث تشعر بالإرتياح و قد قررت الاستمتاع بوقتها. اقترحت السيدة هبوود :" هل نذهب إلى غرفة الاستقبال؟" وقفت لايث و قام نايلور بسحب كرسيها إلى الوراء.
نظرت لايث إليه الوغد و لكنها تظاهرت بالابتسام برقة ثم تأبطت ذراعه و بعد أن تأكدت من عدم ممانعته لهذا الأمر عندها و بقدرته القوية على استيعاب نواياها بادلها الحركة بالمثل تأبط ذراعها برقة بالغه و توجها سوية نحو الغرفة الأخرى.

ZelDa
15-05-2009, 17:31
جلسا على أحد المقاعد المريحه في الغرفة و قد تعمدت لايث الجلوس و هي تكاد تلاصقة على الرغم من أن الأريكه تتسع لأكثر من شخصين . تريد التملق حسناً سأمنحك إياه ، على الرغم من أن لايث كانت شبه موقنه من عدم انتمائها لذلك الصنف من النساء و لكن كانت الطريقة الوحيدة من أجل تمثيل دور المخطوبين .
نظر نايلور في عينيها و هو يبتسم .. و كأنه بذلك يريد إفهامها بأنها لم تتمكن من خداعه و لو حتى لحظة واحدة .
تمتم نايلور :"لقد تبدلت فجأة"
أجابته لايث :" صدق أو لاتصدق"
خاطبته سيسلي هبوود:" أوه كم أنا مسرورة برؤيتك سعيداً إلى هذه الدرجه يا نايلور!"
علقت لايث:" يالها من جميلة هذه المنطقة التي تعيشون فيها"
أجابها غاثري: " نحن نحب هذا المكان فلقد انتقلنا للعيش هنا.. منذ متى بالتحديد سيسي؟" توجه بالسؤال إلى زوجته .
"منذ ست و عشرين سنه قبل فترة قصيرة من انتقال نايلور للإقامه معنا."
"كان نايلور في العاشرة من عمرة في ذلك الوقت أليس كذلك؟" لم تكن لايث تنوي طرح هذا السؤال و لكنها ما لبثت أن أدركت بأن الدافع وراء سؤالها هذا كان يكمن في الحقيقة حبها لنايلور و رغبتها الملحه في معرفة كل ما يتعلق به من أمور.
قالت سيسلي :" هذه فترة رائعه بالنسبة لكما " و أردفت: " لا بد و انكما قد ناقشتما طويلاَ تفاصيل حياتكما خلال فترة تعارفكما "
أجاب نايلور :" لم يكن لدينا الوقت الكافي لذلك " و نظر إلى لايث و هو يبتسم ثم أضاف :" مازال هناك عدة أمور أود معرفتها عن لايث"
"بالطبع لا" علقت لايث و هي تضحك فيما راحت خالة نايلور تطرح عليها بعض الأسئلة و هي شبة متأكدة من أن نايلور قد سبق له أن إطلع على أجوبتها.
سألتها باهتمام :" هل تعيشين في لندن مع أهلك يا لايث ؟"
أجابتها لايث:" أهلي يعيشون في دورست"
سألها ترايفس :" و لكن سبق أن ذكرت لي بأن لك شقيقاً ؟"
قبل أن تنزلق إلى أي شيء حول موضوع روزماري . أوه المسكين إنه مذعور ابتسمت لايث و هي تجيب : " هذا صحيح و لكنني لم أره منذ فترة طويلة فهو يعيش في الهند " ثم سارعت إلى تغيير الموضوع قبل أن يطوقوها إلى مزيد من الأسئلة :" هل فكرت بدخول حقل الأعمال المتعلقة باستيراد المشروبات يا حبيبي ؟"
أجاب غاثري عوضاً عن نايلور:" لقد سبق أن عرضت على نايلور منصباً مهماً في الشركة لانني طالما وددت دخوله هذا الحقل معي و لكنه لابد أنه أخبرك بأنه رفض ذلك "
قالت سيسلي للايث:" لاظن بأنه سبق و أطلعك على هذا الموضوع فهو متواضع جداً "
علق نايلور ممازحاً :" حقاً يا خالتي لقد أخجلتني!"
توجهت بالحديث إلى سيسلي :" بالطبع أنت على حق فهو لم يطلعني على الكثير من هذا الموضوع"
قال غاثري بافتخار:" كان لدي استنتاج سابق حول مستقبل نايلور فلقد أدركت في الماضي بأنه سيفتتح شركة خاصه به بعد أن تخرج من الجامعه بواسطة المال القليل الذي كان أبوه قد تركه له و من ثم أخذ ينتقل من نجاح إلى نجاح حتى وصل إلى ما وصل إليه بالطبع كان عليه العمل لساعات عديدة يومياً"
علقت لايث:" وهو ما يزال"
"سأبدل كل هذا بعد زواجنا" أجابها نايلور فيما تسارعت نبضات قلب لايث لدى مجرد سماعها كلمة :" الزواج منه"
قالت لايث وهي تضحك :" وعود مجرد وعود !" و كانت تشير ضمناً إلى خطتهما المتفق عليها .
حوالي الساعه الحادية عشر و فيما وقف الجميع وهم علة أهبة الخلود إلى النوم أعلن ترايفس رغبته في الخروج .
قالت سيسلي :" الخروج ... في مثل هذا الوقت؟"
" لا تقلقي يا حبي أعدك بأننب سوف أعود للنوم في سريري الخاص!"
طلب غاثري منه عندما هم بالخروج :" لا تحدث ضجه عند عودتك"
ابتسمت سيسلي و هي تخاطب لايث و نايلور:" المعذرة فأنا و غاثري نخرج عادة كل ليلة قبل اللجوء للنوم من أجل الإطمئنان على الخيول " ثم قامت بالتوجه صوب لايث و طبعت قبلة على وجنتها.
بعد ذهاب مضيفتها قررت لايث أيضا ترك الغرفة بعد أن أصبحت بمفردها مع نايلور تركت لايث الغرفة من دون أن تتفوه بأي كلمة و لكن قبل وصولها إلى السلالم المؤدية إلى غرفة نومها اعترض نايلور طريقها.
خاطبها نايلور بقسوة فيما كانا يصعدان السلالم :" أنت تعلمين بالطبع بأن ترايفس قد خرج من أجل إيجاد بعض الرفقة "
أجابت لايث :" هذه غلطتي !"
" بالطبع غلطتك أنت بذات !" ثم أضاف :" فأنت لم تكفي عن التحديق بي طوال هذه الأمسية!"
أنفجرت لايث غاضبة :" إسمع أنت! أنت وليس أنا من أعلن خبر خطوبتنا أنت و ليس أنا من هددني بخسارة وظيفتي في حال عدم الموافقتي على متابعة هذه الخطة معك حتى نهاية المطاف أنت..."
" حسناً أنت تعتقدين بأنك تساندينني!" بدا نايلور في أقصى درجات السخط والانفعال:" هل كنت تتملقينه بالطريقة ذاتها التي تتملقيني بها الآن ؟"
فتحت لايث باب غرفتها بعنف عندما وصلا و اندفعت إلأى داخل و أضاءت النور لتقول له قبل أن تغلق الباب بوجهه:" تملق ؟ أنت بالذات دون غيرك يا نايلور تعلم بأنه لم يكن بإمكانب في بعض الليالي السماح له بالعودة إلى منزله!"
أغلقت لايث الباب بعنف في وجهه و لكنه ما لبث و أن أعاد فتحه ليدخل الغرفة و يتقدم نحوها .
شعرت بالخوف بعد أن رأت شرارات الغضب تتطاير من عينينه و هو يغلق الباب و راءه و اصبحا معاً في غرفتها .
صرخت لايث و هي تتراجع إلى الوراء في محاولة منها للابتعاد عنه :" أخرج" ولكنه استمر في تقدمه نحوها عادت لتصرخ به فيما امتدت يداه القويتان لتمسكا بها :" دعني و شأني!"
"بالطبع سأفعل يا حلوتي! فأنت تنتظرين هذا طوال الأمسية!"
في اللحظة التالية كانت يداه قد التفتا حولها مثل القيود و أخذ يتأملها صرخت لايث :" لا" خلال وقت قصير كان نايلور يحملها بين يديه و ينقلها إلى السرير:" لا! لا!"
ألقى نايلور بها على السرير محبطاً بذلك كل محاولة لها بالافلات منه.
صرخت لايث فيما نظر نايلور إليها مبتسماً :" إذهب إلى الجحيم !"
أجابها نايلور :" سأفعل و لكن ليس قبل أن أنال منك!"
يا إلهي فكرت لايث في قرارة نفسها و هي تحاول جاهدة السيطرة على ذعرها:" أ...أنت...أنت .. تنوي النيل مني عنوة؟"
" النيل منك عنوة يا حبيبتي لم يخطر هذا على بالي"
" إذا دعني أنهض على الفور"
سألها نايلور و قد لاحظ بأنها قد بدأت تتجاوب معه:" هل تحاولين خداعي؟"
أدركت لايث عندها بأن عليها مقاومة شعورها قبل مقاومة نايلور" أرجوك نايلور!" ثم عادت لترجوه بعدما بدا متردداً وهو يحدق في عينيها الخضراوتين :" أرجوك لا..لا!"
خاطبها نايلور " أعطني سبباً واحداً وجيهاً"
" أنا....أنا..عذراء " أجابته لايث بصدق بدا الذهول واضحاً على وجه نايلور و كأنه لا يصدق ما سمعه لتوه .
" أراهن بأنك كنت كذلك حتى السابعة عشر من عمرك!"
أجابته لايث :" كلا!"
" أنت رائعه يا لايث رائعه جداً " أغمض نايلور عينيه و قد حاول الاستمتاع بتلك اللحظات.
سمعت لايث صوت باب يفتح و كأن أحدهم قد عاد من الخارج في تلك اللحظة كان غاثري و سيسلي هبوود قد تركا الاسطبلات و عادا إلى المنزل . لم يعد بإمكان نايلور الاستمرار بما يفعل في منزل أقاربه.
استقامت لايث في جلستها و دفنت راسها في وسادتها بعد أن يغادر الغرفة .
كانت تشعر بالكره تجاهه و تحس في الوقت نفسه بحبها له و برغبتها في أن يصبح و ليفها الوحيد.
شعرت لايث بالخجل حاولت جهدها ولكن من دون طائل أنت تخلد للنوم و أخذت تنتظر مضي الليل بفارغ الصبر .
لقد علمت فور سماعها وقع خطوات السيد و السيدة هبوود بعدم امكانهما الاستمرار في وجودها داخل منزلهما الخاص و لكنها تعرف هدف نايلور الكامن وراء تصرفه هذا معها إلا متأخرة إن هذا الرجل الوحيد من دون كل الرجال و الذي أرادت برغبه ملحه مبادلته الحب كان وغداً و سافلاً ... لأنه أراد من خلال ذلك أن يبرهن لنفسه و لها في آن بأنها ليست سوى فتاة سهلت المنال تمنح نفسها لأي كان!.

ZelDa
15-05-2009, 17:33
Chapter 7

إستفاقت لايث باكراً بعد ليلة متعبه في صباح يوم الأحد استحمت و ارتدت ملابسها و قد ارتدت ملابسها و قد أرادت من كل قلبها العودة إلى شقتها في لندن .
تركت غرفتها في ما بعد و هي تشعر بالإنزعاج و الإضطراب حيال اضطرارها رؤية نايلور بعد كل ما حصل و أدركت بأنه لا يفصلها عن موعد مغادرة بارك وود غير ست ساعات .
كان يجلس مع عمه في غرفة الاستقبال عندما دخلت و لمحته يرمقها بنظرة حادة و لكنها ما لبثت أن أشاحت بنظرها عنه و قد أحمر وجهها خجلاً .
ترك نايلور عمه و تقدم نحوها فيما اصطبغ و جهها باللون الأحمر شعرت لايث بالاضطراب و عدم الارتياح بعدما كانت ليلة أمي بمفردها معه.
" صباح الخير حبيبتي لقد أخبرت عمي لتوي بأننا سنغادر فور الانتهاء من تناول الفطور"
سألت سيسلي فيما الجميع جالسين إلى مائدة الفطور : "هل عليكما الذهاب بهذه السرعة؟"
أجابها نايلور برقة :" كنت أتمنى لو كان بامكاننا البقاء يا خالتي " ثم سألها :" هل عاد ترايفس ليلة البارحة إلى المنزل؟"
أجابت سيسلي :" أوه نعم " و نظرت إلى لايث تخاطبها : " قلما ينضم ترايفس إلينا على مائدة الفطور في صباح أيام الأحاد"
ابتسمت لايث بلطف و إلتقت عينها بعيني نايلور الذي راح يحدق بها ببروده و غطرسة.
ترك نايلور ولايث بارك وود فور الانتهاء من الفطور إلتزم الاثنان الصمت العميق في طريق العودة من دون أن يتفوها بأي كلمة طوال الطريق .
ترجلت لايث من سيارته بعدما أوصلها شقتها ووقفت خلف السيارة و كأنها تتنتظر ليترجل و يفتح لها الصندوق كي تخرج حقيبتها.
نظر نايلور إلى لايث بعدما فعل ذلك و فتح فمه كي يخاطبها بعد صمت طويل دام طوال الطريق :" لايث أنت لا...."
لم تنتظر لايث لسماع المزيد أجابته بانفعال :" هذا صحيح أنا لا !" و حملت حقيبتها و سارت باتجاه شقتها .
ظلت لايث طوال ذلك النهار تفكر بنايلور عند المساء و فيما هي ذاهبه إلى غرفة نومها إستوقفها مشهد غريب فبمرورها من أمام علاقة القبعات لم تر قبعة سباستيان معلقه في مكانها المعتاد أين اختفت هذه القبعة؟ بحثت عنها في كل مكان و لكن من دون جدوى!
فجأة تذكرت نايلور عندما أمرها قائلاً : " تخلصي من هذه!"
أوت لايث إلى فراشها و هي تبحث عن جواب لسؤالها فلقد أعادت قبعة سباستيان إلى مكانها المعتاد الذي بقيت فيه حتى صباح يوم أمس عندما مر نايلور من أجل اصطحابها إلى بارك وود إذا لابد و أن نايلور قد انتزعها من مكانها.
للحظات معدودة خيل إليها بأن السبب وراء ذالك يعود إلى شعور نايلور بالغيرة لدى مشاهدة قبعة رجل آخر في منزلها.
ولكن اعتقادها هذا لم يدم طويلاً لأن سرعان ما أدركت مدى سخافته فالسبب الوحيد الكامن وراء تصرفه هذا يعود في الواقع إلى ردة فعله الطبيعية لدى عصيان أحد لأوامره فهو طالما اعتاد إطاعة الآخرين لأوامره من دون جدال .
غرقت لايث في نوم عميق في صباح اليوم التالي بعد أن عانت من الأرق الحاد طوال الليلة الفائته حتى أنها تغاضت عن سماع دقات منبهها و هو يعلن موعد استيقاظها من أجل الاستعداد للذهاب إلى العمل .
تأخرت لايث نصف ساعة من موعد وصولها المعتاد هرعت باتجاه مكتبها في محاوله منها لتفادي أي تأخير إضافي .
"واو!" علق بول فيشر و قد مرت لايث من أمامه مسرعه لم يكن تعليقة هذا ليعني لها أي شيء .
خاطبة جيمي و هي تدخل مكتبها :" آسفة على التأخير هل هناك أي..." توقفت لايث فجأة عن الكلام بعدما لاحظت بأن جيمي يحدق بها سألته لايث :" ماذا...؟"
أجابها جيمي :" عندما لم تصلي الساعة التاسعة خلت بأنك لن تأتي أبداً اليوم" و قبل أن تتمكن حتى من سؤاله عما يقصدة بذلك بادرها على الفور بالشرح :" يعجبني شعرك هكذا"
رفعت لايث لا شعورياً يدها باتجاه شعرها أدركت عندها بأنها قد نسيت القيام بربط شعرها إلى الوراء كما كانت قد اعتادت حتى أنها قد نسيت أيضاً وضع نظارتيها بعدما كانت قد استيقظت متأخرة عن موعدها المعهود في ذلك الصباح لتندفع مسرعه إلى مركز عملها فأجابته :" شكراً"
قال جيمي :" بالمناسبة لقد مر بك زائر لم يعلن عن اسمه و لكنه قال بأنه سيمر لاحقاً " عندها و فيما كانت لايث تتسائل في داخلها عن هوية الزائر عاد جيمي ليضيف قائلاً :" هل أوجه التهاني لك أو لخطيبك ؟ " و بينما كانت لايث تحدق به مذهوله تابع جيمي :" لا أعرف من يتلقى التهاني عادة الرجل أم المرأة و لكن على كل حال فلقد صعقت فور تلقي خبر خطوبتك لا بل كلنا صعقنا!"
"كلكم؟"
"بالطبع أنت لم تتوقعي أن يظل موضوع خطوبتك من السيد ماسينغهام سراً لفترة طويلة فالجميع أصبح يعلم أنا ...." ثم قاطعه رنين الهاتف و فيما قام جيمي بالإجابة عليه كانت لايث قد بدأت تشعر بالغضب خاطبها جيمي :" إنه لك " و عندما هزت رأسها بتساؤل أجابها :" إنه السيد ماسينغهام"
أعلنت لايث :" نعم ؟"
"مكتبي.....الآن!" ثم أقفل الخط خبطاً .
خاطبت جيمي و هي تترك مكتبها :" يريد السيد ماسينغهام مقابلتي"
" و أنت تبدين في مثل هذه الحالة أنا أراهن بأنه يريد!"
شقت طريقها باتجاه مكتبه و سط نظرات العاملين في قسمها و قد أخذوا يحدقون بها ففاسي مثل أي شركة أخرى كانت مقراً لتبادل الثرثرات لابد و أن إعلان خطوبتها قد صدر عن مكتب من أمر " مكتبي ...الآن" وليس من أي مصدر آخر.
بدا صوته و كأنه غير مسرور من أمرٍ ما وهي أيضاً لم تكن مسرورة فكيف يعلن خبر خطوبتهما على الملأ بمثل هذه البساطة..كيف؟
خاطبتها موارا راسيل :" تفضلي بالدخول مباشرة!" عندما ولجت لايث باب المكتب لتندفع باتجاه غرفة المكتب المجاور .
أجابت لايث :" شكراً " و تابعت سيرها لتصل إلى الباب الثاني و تلجه من دون حتى أن تقوم بقرعه.
كان نايلور يقف قرب طاولة مكتبه أغلقت لايث البابا وراءها بعنف.
فتحت فمها من أجل أن تتكلم و لكنه سبقها إلى الكلام فسألها بغضب :" ماهو بحق الجحيم نوع هذه اللعبه التي تعتقدين أنك تلعبينها ؟"
"أنا؟ كيف تجرأت أنت على إعلان ...؟"
" تعلمين تماماً بأن إعلان مثل هذا الخبر يقتصر فقط على العائلة و الأقارب أنت ..."
" من بحق السماء تظن ...؟"
"حسناً إسمعيني جيداً يا سيدة لا أحد يستطيع أن يغرز في صنارته.."
" صنارة تظن بأنني..!" أدركت لايث بأنه يعتقد أنها من أعلن خبر الخطوبة على الجميع . " أنا لم أتفوه بأي .."
توقفت لايث فجأة عن الكلام فقد أدركت بأنها لن تتمكن من إقناعه و لا بأي طريقة عندها أنفجرت غاضبة :" بحق الله ماسينغهام لا أذكر بأنك لعبت دور العاشق العظيم و لا حتى ليوم واحد!"
" بما أن تتذكرين جداً تلك اللحظات الحميمة التي تشاركناها معاً فلا بد لتلك اللحظات أن تكون تركت لديك انطباعاً حسناً حول قدراتي كرجل!"
قالت لايث " أوه " و أدارت ظهرها كي تندفع خارج مكتبه بعدما أحست بالاذلال .
تبعها نايلور بعدما شعر بإحساسها هذا و ضمها إلى صدره فيما اختفت كل معالم الغضب عن وجهه و هو يقول " أوه ياإلهي"
لم يعتذر لها عما صدر منه فهي على كل حال لم تتوقع منه ذلك و لكن بينما حاولت لايث جاهدة التخلص من بين ذراعيه ضمها بقوة أكبر إلى صدره قاومت لبعض ثوان ولكنها عادت لتستلم له و تتلاشى ضعيفة بين ذراعيه و هو يضمها إليه .
لم يقبلها فهي على كل حال لم تكن تريد ذلك أدركت بأنه سرعان ما سوف تعود إلى رشدها و لكن بالنسبة لما يحدث الآن فلقد كانت مرتاحه سعيده هنا بين يديده و على صدره .
تمتم نايلور من فوق رأسها :" لقد أسدلت شعرك"
"لقد تأخرت في النوم و نسيت بسبب العجلة أن أربطه كالعادة إلى الخلف"
أجابها و هو يلثم رأسها:"أنا ..أحبه هكذا"
أوه كم تحبه! فلقد أحبته برغم أنه وغد و كم تحبه الآن وهو يضمها إلى صدره بعطف و حنان.
رفعت رأسها إليه لتقول له :" أنا...أنا لم أتفوه بأي كلمه عن ...عنا"
تسارعت نبضات قلب لايث فيما نظر إليها نايلور نظرة ملؤها الحب و الحنان ، وقال :" و لاأنا!" و قفا ينظران في عيني بعضهما البعض " إذاً من..؟" عندها فتح الباب فجأة
قالت لايث و قد بدا عليها التعجب :" ترايفس !"
" مرحباً لايث... نايلور " ابتسم ترايفس فيما أفلتت من قبضة نايلور " آمل بأنك لا تمانع يا نايلور لقد مررت باكراً كي أتلكم مع لايث و عندما لم أجدها لم أتمكن إلا من إطلاع مساعدها عن سبب تأخرها هذا الصباح في الحضور إلى العمل و هو اعلان خطوبتكما خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت"
قالت لايث و قد أنهت المهمه التي أتت من أجلها " من الأفضل أن أعود للقيام ببعض الأعمال"
قال ترايفس :" يجب علي أنا أيضاً الرحيل " و فيما تركت لايث المكتب تبعها ترايفس و خاطبها قائلا:" لقد أتيت خصيصاُ من أجل أن أراك هذا الصباح يا لايث"
"روزماري؟"
"للمرة الأولى الأمر لا يتعلق بروزماري لقد قضيت وقتاً طويلاً مساء أمس و أنا أفكر كم بدوت قليل الحماس عندما قام نايلور بإعلان خبر خطوبتكما نهار السبت"
أجابته لايث مطمئنه:" لم يبد هذا عليك" فيما أرادت أن تخبره بأنها لم تكن في الواقع مخطوبه لنايلور..ولكنها لم تستطع .
ولكن ترايفس كان يهز برأسه مصراً على أنه لم يظهر الحماس اللازم :" فبعد كل الذي فعلته و مازلت تفعلينه من أجلي و أجل روزماري بعد كل هذا كان من الأجدر بي أن أبدي بعض الإبتهاج لأنك سوف تتزوجين من قريبي و لهذا السبب مررت بك هذا الصباح من أجل الاعتراف بذلك فأنا لا أستطيع أن أفكر بشخص أفضل منك كزوجه لنايلور"
"أوه ترايفس"
" لم تكوني قد وصلت بعد عندما مررت بك صباحاً في مكتبك" تابع ترايفس " لذا فقد ذهبت و احتسيت القهوة و عند عودتي أخبرني أخبرني امساعدك بأنك موجودة في مكتب نايلور"
مرة أخرى أردت لايث أن تطلعه على حقيقة علاقتها بقريبه و لكنها أيضاً لم تستطع هذه المرة فأجابته :" أنت لطيف "
بعد بضع دقائق افترقت لايث عنه لتعود إلى مكتبها .
تركت لايث مكتبها حوالي الساعه الخامسه و خمس و اربعين دقيقة لمحت سيارة نايلور الجاغوار في الموقف ركبت سيارتها و انطلقت بإتجاه منزلها.

ZelDa
15-05-2009, 17:35
أعدت لنفسها وجبه طعام خفيفه و أدركت بأنه ليس بإمكانها التوقف عن التفكير به فلقد بدا لطيفاً جداً معها هذا الصباح كانت لايث سعيدة بالتعرف على هذه الناحية اللطيفة و المراعية لشعور الآخرين من شخصيته .
ذهبت لايث بأفكارها بعيدا و شارفت الساعة السابعة و النصف شعرت لايث فجأة بالذعر أوه يا إلهي هل أحس نايلور بأنها تهتم لأمرة؟ فهي تستطيع تقبل التفكير بأي شيء ما عدا التفكير بأنه قد عرف بأنها تحبه . و أخذت تبحث عن طريقة تجعله من خلالها يدرك سخافة تفكيره هذا.
بعد مرور حوالي عشر دقائق قرع جرس باب شقتها و ذهبت لترى من الطارق بما نايلور أحست بنبضات قلبها تتسارع عندما رأت الرجل الذي تحب واقفاً أمامها.
قالت لايث:" تفضل بالدخول"
قادته إلى غرفة الجلوس و لمحت علامات الغضب بادية بوضوح على وجهه علامات الغضب التي اعتادت على رؤيتها سألها نايلور:" ماذا كان ترايفس يريد منك؟"
" ماذا يريد مني ؟ أراد التحدث معي حول مضوع خطوبتنا ..أنت و أنا"
سألها نايلور:" هل أنت متأكدة من أن الأمر يتعلق بموضوع خطوبتنا؟"
"هل لديك أي شكوك؟"
"هل تتشاركين و أياه سراً ما لا أعرف عنه شيئاً "
"ماذا تقصد بذلك؟" السر الوحيد الذي يتشاركان به يتعلق بروزماري و بما أن نايلور لا يعلم شيئاً عن موضوع روزماري اعتقد نايلور بأن الأمر يتعلق بها.
"ماذا أقصد ؟ هل أنت تتلاعبين بنا نحن الاثنين في الوقت ذاته؟"
" أدرك حقيقة رأيك بي و لكن هل حقاً تعتقد بأن قريبك ما زال عشيقي بعد أن علم بأمر خطوبتي منك؟"
سألها نايلور :" إذا قطعت علاقتك به؟"
"لقد قطعت علاقتي به أجل و لكن الآن فقد أدركت بأنه سيبقى دائماً شخصاُ مميزاً بالنسبة لي"
رمقها نايلور بنظرة ملؤها الحقد و الاشمئزاز لم يتحمل وجوده معها في الغرفة نفسها فاندفع خارجا منها تاركاً الشقة و هو غاضب .
جلست لايث على كرسيها و هي ترتجف كان عليها تقبل كل تلك النظرات المليئة بالكراهيه من الشخص الذي أحبته من كل قلبها.
لم تنم جيداً في تلك الليلة عادت لتفكر بنايلور أيضاً و أيضاً خلال ساعات الليل الطوال صممت بعد تفكير على إيجاد مخرج لها و جدت هذا المخرج في الحل الوحيد الكامن في استقالتها من شركة فاسي.
لم تستطع التفكير بحل آخر أدركت ذلك في قرارة نفسها و هي تقود سيارتها إلى العمل صباح اليوم التالي.
أرسلت جيمي خارج المكتب في مهمه خاصة فور وصولها إلى مكتبها و جلست تدون مخطوطة استقالتها أدركت تماماً بأن هذا الأمر لن يتيح لها أي فرصة أخرى لرؤية نايلور مما آلمها جداً ولكن كان هذا هو الحل الوحيد المعقول فهي لم تعد تتحمل نظراته الميئة بالغضب و السخط نظراته المليئة بالحقد و الكراهية نظراته المليئة بالشكوك و الظنون.
خاطبت لايث جيمي فور عودته :" أنا ذاهبه إلى مكتب السيد دريور" حملت مغلف استقالتها معها و توجهت نحو مكتب رئيس القسم .
سألتها سكرتيرته :" السيد دريور خرج لبضع دقائق ..هل أستطيع مساعدتك؟"
أجابتها "هلا سلمته هذا؟" ثم عادت إلى مكتبها بعد مرور حوالي عشرين دقيقة على عودتها فوجئت لايث بأحد ما يلج غرفت مكتبها مسرعاً .
خاطب نايلور ماسينغام جيمي بلهجه الآمر فور ولوجه غرفة مكتب لايث التي وقفت تحدق مذهولة:" أخرج!"
أجاب جيمي :" أجل سيدي" و هرع خارجاً
خاطبها نايلور بانفعال شديد:" لقد تحدثت لتوي مع دريور. إذا أخبريني يا آنسة إيفريت ماذا تقصدين بأستقالتك من الشركة !"
" ليس بإمكانك منعي من الاستقالة فأنا لدي كل ..."
"هذا صحيح و لكن بإمكاني إغلاق أواب جميع فرص العمل أمامك في أماكن أخرى!"
سكتت لايث لعدة لحظات تحدق به و كأنها لاتصدق ما تسمع قالت بصوت متشنج :" ولكنك لن...لن تفعل؟"
أجابها بتحدٍ:" جربيني! اتصال هاتفي واحد أو حتى كلمة واحدة حول موضوع إخفاقك في صفقة نورورد و شامبرز.."
لم تستطع لايث تصديق ما كانت أذناها تسمعان عادت لتشعر بالحقد و الكراهية تجاه هذا الرجل الواقف أمامها .
"أيها السافل"
أجابها نايلور :" خطوبه سعيدة لك أيضا يا حبيبتي !"

ZelDa
15-05-2009, 17:37
Chapter 8


بعد مرور يومي الأربعاء و الخميس و فيما كانت لايث تقود سيارتها بتجاه مركز عملها صباح الجمعه عادت لتفكر في موضوع استقالتها من علمها في شركة فاسي فهي ما تزال غير متأكدة ما إذا كانت سوف تترك عملها في الشركة أم لا لقد كانت تشعر أيضاً ببعض اليأس و الإحباط حيال أمر بحثها عن وظيفة أخرى فنايلور قد يسد أمامها فرصاً كثيرة. من خلال تقديمة تقريراً سيئاً حول مؤهلاتها و قدراتها العملية إلى أي من مستخدميها الجدد.
أوقفت لايث سيراتها في الموقف التابع للشركة و هي تفترض بأنها ماتزال مخطوبة إليه لم تكن قد رأته أو سمعت عنه منذ ذلك الثلاثاء الذي أتى فيه ليرمي بجيمي خارج مكتبها قبل أن يباشر بإصدار أوامره .
"صباح الخير جيمي!"
أجابها جيمي:" صباح الخير لايث أنا فعلا فعلاً تعجبني تسريحتك هذه"
كانت لايث قد عادت إلى اعتماد تسريحة شعرها القديمة بعد أن بدا لها أنه من السخافة أن تعود إلى ربطه إلى الخلف.
أجابته باختصار:" شكراً و الآن من أين نبدأ؟"
باشرا العمل بشكل متواصل حتى ما بعد الساعة الحادية عشر عندما خرج جيمي من أجل ارتشاف بعض القهوه تابعت لايث العمل لبضع دقائق أخرى حتى وجدت أنها بحاجه إلى بعض المعلومات من أحد المكاتب المجاورة.
تسارعت نبضات قلبها عندما غادرت غرفتها كي تحصل على ما تحتاج إليه و رأت نايلور قادماً من الاتجاه المغاير باتجاهها.
شكرت حسن حظها لعدم وجود شخص آخر في الممر و إلا أضطرت للتوقف و تبادل الحديث معه لأنها شكلياً مخخطوبة إليه مرة لايث بجانبه من دون أن تتفوه بأي كلمة كذلك تعمد نايلور تجاهلها كلياً حتى أنه لم ينظر إليها.
نسيت لايث كل شيء عن المعلومات التي كانت قد خرجت كي تحضرها لمجرد مرور نايلور بقربها.
عندما عادت إلى مكتبها وجدت جيمي الذي أحضر لها القليل من القهوه كما أدركت بأنها لم تحضر معها المعلومات التي خرجت من أجلها.
سمعت رنين الهاتف عند الساعة الرابعه من بعد ظهر ذلك اليوم و كانت ما تزال مضطربة من جراء لقائها بنايلور عبر الممر من دون أن يكلم أحدهما الآخر.
قال جيمي فيما يناولها سماعة الهاتف :" أظن بأنه السيد ماسينغهام" شعرت لايث على الفور بالارتباك و الاضطراب .
"مرحبا"
تلكن نايلور ومن دون أي انفعال :" أود رؤيتك "
سألت لايث :" الآن ؟" و قد أدركت بأنها لن تستطيع الوصول إلى أي مكان بعد أن شعرت برجليها ترتجفان فجأة .
أجابها نايلور قبل أن يقوم بوضع السماعه في مكانها:" ولم لا؟"
قالت لجيمي :" أنا ...أنا.. أ.. لن أتأخر"
هل أنت ذاهبه إلى غرفت السيد ماسينغهام ؟"
خاطبته و هي تغادر الغرفة :" أنت ذكي جداً "
شقت طريقها عبر الممرات باتجاه مكتب نايلور فيما راحت تتساءل عن سبب طلبه رؤيتها.
من البديهي أن لم يطلبها إلى مكتبه كي يوبخها على تجاهلها إياه عند مرت به في الصباح فقط لأنه هو ايضاً تعمد تجاهلها في الوقت نفسة .
دخلت لايث غرفة مورا راسيل .
خاطبتها موارا راسيل و هي تبتسم :" السيد ماسينغهام ينتظرك"
أجابت لايث :" شكراً " و بادلتها الابتسامه فيما توجهت نحو غرفة مكتب نايلور لتقرعه قبل أن تدخل .
لم يكن نايلور جالساً إلى مكتبه بل كان واقفاً يحمل بعض الأوراق في يدة أحست بقلبها يكاد يقفز خارجاً ..أوه يا إلهي كم تحبه! قالت لايث :" مرحبا" و هي تلاحظ نظراته المتفرسة بها من رأسها حتى أخمص قدميها.
قالت و هي تغلق الباب وراءها؟"
"أدخلي " دعاها نايلور إلى الدخول وهي يلقي الأوراق التي يحملها على طاولت مكتبه. إبتعد عنها و توجه نحو النافذة و ألقى نظرة إلى الخارج سكن نايلور لعدة ثوان جانباً ليعود و ينظر إليها :" يبدو أن خالتي و زوجها يتوقان جداً للتعرف أكثر على المرأة التي سوف أتزوجها " حدقت لايث به و هي تشعر ببعض الألم فهي في جميع الأحوال لن تكون هذه المرأة ثم استطرد نايلور مضيفاً:" إنهما يودان أن ننضم إليهما في بارك وود خلال عطلة نهاية الأسبوع "
لا صرخت لايث في قرارت نفسها فهي قد اكتفت من ذلك .
" أولا أنا لن أتزوجك و.." تلاشى صوت لايث عندما لمحت عضلات وجهه تتقلص و يهز برأسه إلى الوراء و كأنها قد أهانته بطريقة ما.
" عليك الانتظار حتى يطلب منك قبل أن ترفضي!" ثم أضاف بنبرة أقل حدة :" لقد كانت .. خالتي و زوجها ..بمثابة الوالدين ...أنا أدين لهما بالكثير "
سألته لايث:" هل يتضمن هذا واقع كذبك عليهما و خداعك لهما؟"
أجابها نايلور بانفعال:" أنت تدركين تماماً سبب كذبي عليهما !"
" أنعش ذاكرتي!"
" أنت بحاجه لأن تتذكري بأنني قد أصطحبتك معي إلى منزلهما خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت من أجل إفهام ترايفس بأنك ..تحبين سواه!"
عنده و بطريقة لاشعورية دارت لايث على عقبيها كي تتوجه نحو الباب و قد قررت الخروج من مكتبها إنفجر نايلور قائلاً قبل أن تتمكن لايث من القيام بأي خطوة:" بإمكاني القيام بصرفك من العمل على الفور!"
وقفت في مكانها واجمه إلى أن تمكنت من استعادة السيطرة على نفسها ثم استدارت ببطء سألته لايث و قد استشاطت غضبا:" من دون أن تدفع راتبي بالطبع؟"
" اللعنة هذا صحيح!"
أجابت لايث " اللعنه عليك!"
هز نايلور كتفيه غير مبال بغضبها أو حتى بأحاسيسها .
" مهما يكن ستظلين خطيبتي حتى أقرر خلاف ذلك " ثم تابع قائلا:" سوف أمر لاصطحابك عن الساعه الحادية عشر من يوم غد "
حدقت لايث إليه لبضع ثوان و الثورة تعتمل بداخلها ثم أندفعت خارج المكتب بسرعة .
إستحمت لايث في صباح اليوم التالي و ارتدت ملابسها الفارث الوحيد بين يوم السبت و السبت الماضي هو أنها ذاهبه هذه المرة بصفتها خطيبة نايلور و ليس بصفتها صديقته مثل المرة السابقة!
أصبحت لايث جاهزة عند الساعة الحادية عشر تماماً . أخذت تفكر و هي حزينه في قرارة نفسها بحقيقة عدم إعجاب إذا لم نقل بعد حب نايلور لها قفز قلبها و جفلت حين سمعت لايث رنين جرس بابها معلناً وصول نايلور.
كانت شبة متأكدة من أنه سوف يقوم بخنقها عوضاً عن الاكتفاء بمجرد صرفها من العمل بعد الانتهاء من كل هذه التمثيلية.
خاطبته لايث بهدوء :" أنا جاهزة" و عادت إلى الداخل الغرفة كي تحضر حقيبتها من دون أن تدعوه إلى الدخول.
لكن نايلور تبعها إلى الداخل و أغلق الباب خلفه قال نايلور:" هنالك أمر واحد علينا القيام به قبل أن نذهب" فيما نظرت لايث إليه مستفسرة و هو يمد إلى جيبة و يخرج منه خاتماً و يعرضه عليها.
أخذت تحدق بدهشة في ذلك الخاتم الرائع المرصع بالجواهر و الآلىء صرخت به بعد أن أدركت قصده :" لن أضع هذا!"
سألها نايلور بانفعال :" ليس لائقاً بك؟"
تفجر غضب لايث دفعة واحده رمت حقبتها من يدها و رفعتها في الهواء تحاول صفعه ولكن نايلور و بسرعة البرق أمسك بمعصمها قبل أن تتمكن من القيام بصب جام غضبها عليه .
" إذا لم تكن قد لاحظت بعد بأن آخر ما يهمني هو حجم محفظة الرجل أو كمية الكسب المادي الذي أجنية من ورائه أو أي موضوع مادي آخر بغض النظر عن المال الذي يجنيه بواسطة جهدي و تعبي إذا لم تكن حتى قد لاحظت كل هذا فأنت حتماً بحاجة لنظارتين إذا.." و قبل أن تكمل لايث كلامها احاطها نايلور بذراعيه في محاولة منه لتهدئة روعها و سخطها .
" شششش.." تمتم نايلور في أذنها و فجأة شعرت لايث بالرغبة في إلقاء رأسها على صدره.
خاطبها نايلور بهدوء :" خالتي و بصورة خاصة سوف تنظر إلى يدك لترى ما كانت تضعين خاتم الخطوبة أم لا فهي تعرفني تماما يا لايث هي تعرف بأنني لن أتواني عن وضع خاتك الخطوبة في أصبع خطيبتي عند أول فرصة ممكنه"
نقلت لايث نظراتها من بين نايلور و الخاتم و هي في حيرة من أمرها و على الرغم من أنها بدأت تشعر بالارتباك و الأضطراب ثانية حيال أمر زيارتها لبارك وود لم تع كيف بسطت يدها كي يضع الخاتم في اصبعها .
سألت لايث :" هل هي حقيقية أعني أحجار هذا الخاتم؟"
و قد تسمرت عيناها على الزمردة الضخمه التي تتوسط الخاتم و على الماسات المحيطة بكلا جانبيها.
أجابها نايلور بسخرية :" و هل أهدي حبيبتي أحجاراً مزيفة؟" فيما راحت لايث تفكر في قرارة نفسها بالثمن الحقيقي لهذا الخاتم الرائع و الثمين ! .


وضعت لايث الخاتم في اصبعها كان يلائمها تماماً و لكنها شعرت ببعض الضعف الآن و قد أصبح خاتم نايلور في اصبعها علقت لايث :" لا تلمني إذا ضاع مني فأنا غير معتادة على وضع الخواتم!"
أجاب نايلور "لن أفعل "
" سوف أعيده لك فور عودتنا من بارك وود!"
أجاب نايلور باستهزاء:" بحق السماء نحن مرتبطان رسمياً منذ دقيقتين فقط و ها أن الآن تبدئين بمجادلتي!"ثم انحنى ليحمل حقيبتها و يخرج بها قبل أن تتمكن لايث من الرد عليه.
رأفت فكرة المجادلة للايث بحيث بدأت فجأة تشعر بالارتياح و الاسترخاء خلال رحلتها إلى بارك وود
"لايث نايلور!" استقبلتهما سيسلي هبوود بحفاوة بالغة ثك انضم زوجها إليهم بلحظات ليرحب بهما بدورة " لك العرفة نفسها التي نزلت فيها الأسبوع الماضي " خاطبتها مضيفتها ببهجه دخل الجميع المنزل بدت السيدة هبوود سعيدة جداَ لرؤيتهما" لابد أنك تردين الصعود إلى غرفتك كي تغتسلي قبل تناول طعام الغداء و لكن قبل ذلك ..أنا أتحرق شوقاً لرؤية خاتم خطوبتك " ثم ترددت قبل أن تتابع مضيفته" أ..طبعاً أنت تضعين خاتم الخطوبة أليس كذلك ؟"
أومأت لايث برأسها و بسطت يدها اليسرى و هي تقول بصدث :" خاتم رائع أيضاً" تأملت السيدة هبوود الخاتم بندهاش فيما نظرت لايث صوب نايلور و رأته يحدق إليها و ليس بخالته أو بالخاتم و قد بدا مسروراً من شيء ما.
ذهبت لايث إلى غرفتها كي تستعد لتناول طعام الغداء .
خلال نصف ساعة كانت لايث تجلس إلى مائدة الطعام على الكرسي ذاته الذي جلست لعية الأسبوع الماضي بجانب نايلور .

ZelDa
15-05-2009, 17:39
خيمت الأجواء المريحة و اللطيفة فيما كان الجميع يتناولون طعام الغداء سأل نايلور و كان على وشك الانتهاء من تناول الطعام مستوضحاً :" بالمناسبة أين ترايفس ؟"
شعرت لايث بأن سيسلي هبوود تخفي وراء ابتسامتها الرقيقة قلقاً شديداً و هي تفصح :" لقد بدا ترايفس مكتئباً تماماً بسبب أمر ما البارحة لابل ا هو في حالة قصوى منذ أو أيام هذا الأسبوع و لكنه البارحة بدا في حالة يرثى لها و .." اختنق صوت سيسلي في داخلها ثم تابعت بعد أن جهدت للسيطرة على نفسها " ........مساء البارحة و على الرغم من أنه كان قد اتصل ليطلب منى ألا أفلف عليه فإنه لم يعد إلى المنزل أبــــداً و هو غالباً ما يكون قد عاد في مثل هذا الوقت عندما يتأخر عادة في العودة إلى المنزل بأستثناء تلك الليلة التي كنت قد ذهبت خلالها للبحث عنه خارجاً"
أردت لايث بكل جوارحها قول أي شيء أو التدخل كي تخفف من حدة قلق السيدة هبوود و لكن ماذا تقول ؟ فهي متأكدة من أن ترايفس لم يمضي الليلة خارجاً من أجل البحث عن إحدى الفتيات لقضاء الليل معها أو ما شابة فترايفس متيم بروزماري و هو لن يقوى على خيانة حبه لها بهذه الطريقة .
بدأ غاثري هبوود يحدث زوجته بهدوء في موضوع و لدهما الأصغر و قد أدركت لايث بأنه ليس عليها تكليف نفسها عناء الدخول في هذا الموضوع و فيما أخذ غاثري هبوود يطمئن زوجته مراهناً على أن ترايفس لابد و أن يظهر ما بين لحظة و أخرى نظرت لايث صوب نايلور و ارتدت مذهولة على الفور بدا نايلور غاضباً من شيء ما كما بدا و كأنه في أقصى درجات السخط و الانفعال لم تكن أبداً قد رأته على هذا النحو العدائي و كأن شكوكه و هواجسة أثيرت دفعة واحدة .. و الظنون ..أدركت لايث فجأة بأنها كانت هي السبب و راء كل هذا فلابد و أنه تذكر تلك الليلة التي قضاها ترايفس خارج منزله و تذكر كيف وجده حينها في شقة لايث ..ممداً على السرير لذا فلقد اعتقد على الأرجح بأنه قضى أيضاً هذه الليلة في شقتها اعترى لايث شعوراً مفاجيء بالحقد و الكراهية للطريقة التي يفكر بها .

حاولت لايث جاهدة إخفاء ألمها و جرحها و هي تشعر بالسخط الشديد .
قالت لايث لسيسي فيما تحرك لجميع مغادرين غرفة الطعام :" الأفضل أن أبد ملابسي " فهي لم تعد تحتمل رفقة نايلور استأذنت لايث منهم فيما كانوا يتوجهون إلى غرفة الاستقبال و صعدت إلى غرفتها .
إذا كانت هي غاضبة فهي تعلم بأن خطيبها غاضب أيضاً لذلك فقد أستأذن بدوره و تبعها في الاتجاه نفه قررت لايث تجاهله تماماً و تابعت سيرها لتصل غرفتها عندها قام نايلور بامساك زراعها بقوة و هزها بعنف و هو يخاطبها بانفعال شديد :" حسنا؟"
نظرت لايث في عينية السوداوين الغاضبتين لتسأله :" حسناً ماذا؟"
انفجر نايلور غاضباً :" هل التقيت بترايفس ليلة البارحة ؟ط
" أتقصد هل أمضى ليلته عندى هل رأيته عندي عندما مررت بي هذا الصباح ؟" ثم أضافت بعد أن التقاط أنفاسها :" هل تريد استرجاع خاتمك ؟" أدارت له ظهرها تحاول دخول غرفتها.
قبل أن تتمكن لايث من مد يدها باتجاه المقبض الباب كان نايلور قد أمسك بها ليدفعها بقوة بتجاه الحائط و استشاط غضباً .
لم تشعر بنايلور إلا و قد ألقى بثقله عليها و قد بدأ يغمرها بعاطفته المعهودة .
" لا!" صرخت و لكن نايلور تجاهل تماماً ضرختها هذه.
حاولت لايث جاهدة التخلص من ذراعية القويتيين و لكن لم يسمح لها بذلك كانت تحاول دفعه عنها بكل جسمها لأنه يمسك بيدها بإحكام و لكن لم يكن هذا إلا ليزيده رغبة و إثارة لأنه بدورة يقوم بدفعها .
لم تشعر لايث بعدها إلا بيديها و قد التفتا حوله و بعد مرور عدة لحظات و جدت لايث نفسها جالسة في أحد مقاعد غرفة نومها بمفردها تمالكت لايث نفسها في عشر دقائق و سيطرت على أعصابها المضطربة بسبب ما حدث ابدلت تيابها و هي مصممة على توضيب حقيبتها و الرحيل .
ولكن كيف ترحل ؟ فالسيد و السيدة هبوود سوف يتعجبان من تصرفها هذا و بما أنهما يعتبران نايلور بمثابة ابن لهما فلقد كانت لديهما المتاعب المافية التي سببت لهما القلق فيما يتعلق بترايفس و من غير اللائق أيضاً من خلال تصرفها هذا .
إتجهت لايث صوب النافذة ألقت بنظرة إلى الخارج .

شعرت عندها برغبه ملحة في القيام بنزهة طويلة في تلك الحقول قبل أن يحين موعد العشاء.
عندما نزلت لايث السلالم كانت الأسئلة العديدة تتخبط في رأسها و قد حاولت جاهدة البحث عن أجوبة لتلك الأسئلة : أسئلة حول تصرفاته معها عناقة القاسي و الوحشي إلى ما هناك من أمور أخرى .
كان باب غرفة الجلوس مغلقاً عندما مرت لايث به أدركت لايث بأن عليها الدخول من أجل إطلاع مضيفيها على مكان و جودها في حال احتاجا إليها فاللياقة تفرض عليها كضيفة التصرف على هذا النحو .
دخلت لايث غرفة الجلوس و لطنها لم تجد في داخلها السيد أو السيدة هبوود الشخص الوحيد الذي وجدته داخل الغرفة كان نايلور نفسه دارت لايث على عقبيها فوراً و قررت ترك الغرفة عندما استوقفها صوت نايلور يناديها .
قالت لايث فيما وجدت نفسها قد راحت لاشعورياً تحدق به :" كنت أبحث عن السيدة هبوود" شعرت برغبة ملحة في معانقته و لكن لا لأنه قطعاً سوف يعتقد بأنها إما مجنونه أو واقعة في غرامة إذا ما أقدمت على هذا.
سألها نايلور :" ماذا تريدين من خالتي ؟"
أجابت لايث بحدة :" لن أقول لها ما ليس علي قوله ! فقط اعتقدت بأنه علي اخبارها بأنني ذاهبة في نزهة طويلة ."
قال لها فيما دارت كي تذهب :" خالتي موجودة في الطابق العلوي " و لكنه عاد هذه المرة أيضاً ليناديها باسمها بإلحاح.
ووقفت في مكانها من أجل أن تسمع ما أراد قوله :" لايث أنا .." و لكن نايلور توقف فجأة عن الكلام و قد لمح أحداً ما قادماً .
هتفت لايث و قد فتحت عينيها مذهولة " ترايفس!" لم يكن ترايفس قد أتى وحده فلقد اصطحب معه شخصاُ آخر هتفت لايث بدهشة فيما اندفعت باتجاه صديقتها لتعانقها عناقاً حاراً " روزماري!"
قال ترايفس و قد بدا في أقصى درجات السعادة :" أنا مسرور جداً لرؤيتك هنا لايث فأنت أول من يستحق أن يعلم .."
" هل اتصلت بروزماري...؟"

أجاب ترايفس و قد أحاط روزماري بذراعه:" لا بل قمت بما هو أفضل من ذلك فبعد قضاء ليلة متعبة و قاسية خلت خلالها بأني على و شك الجنون إذا لم أقم بإيجاد مخرج لنا من هذه الورطة توجهت هذا الصباح صوب دورست و ..."
سألته لايث بذهول :" ذهبت إلى هيزلبوري ؟ ذهبت إلى منزل روزماري ؟"
أجاب ترايفس :" لم يكن بإمكانيتحمل المزيد لذلك فلقد توجهت إلى منزل السيد و السيدة غرين و طلبت منهما يد ابنتهما و ..."
هتف نايلور :" زواج !" توجهت جميع الأنظار صوبه .
أجاب ترايفس بحماس بالغ :" هذا صحيح تماماً !" ثم خاطب روزماري و قد ضمها إليه :" و ما هو صحيح أيضاً أليس كذلك حبيبتي هو عدم قدرتك أنت على تحمل المزيد من الضغط الذي كان يفرض عليك في هيزلبوري! في جميع الأحوال " تابع ترايف و هو يخاطب نايلور و لايث :" لقد كانت روز ماري رائعة لأنها عندما توجهت بطلبي هذا إلى أهلها رفضوني تماماً تدخلت روزماري لتخبرهم بأنها قررت منح ديريك موافقتها على الطلاق و لتطلعهم على رغبتها بالمجيء معي"
سأل نايلور مقاطعاُ :" هل تفضل أحدكم و أطلعني على حقيقة ما يجري بحق الجحيم ؟"
خلال لحظات كان ترايفس يبتسم و هو يجيب قريبة :" آسف يا نايلور فأنا مسرور جداً لدرجة أنني نسيت تماماً بأنك لا تعرف روزماري على الرغم من أنني شبة متأكد بأن لابد للايث أن تكون أخبرتك بأنها هي و روزماري قادمتان من البلدة نفسها أي دورست و بأن روزماري تقطن في الشقة المجاورة لشقة لايث في لندن "
شعرت لايث بأن عليها قول شيء ما و لكان ماذا تقول؟ خاطب نايلور ترايفس و قد أرد بإلحاح سمع المزيد :" تابع "
" لقد ساعدتنا لايث كثيراً بعد أول لقاء بيننا أنا و روزماري في شقتها على الرغم من أنني متأكد بأنها لم تطلعك على هذا الأمر بدافع تواضعها بعدها لم يكن بوسع روزماري مقابلتي و ذلك بسبب بعض المشكلات التي كانت تعاني منها لذلك بسبب بعض المشكلات التي تعاني منها لذلك فقد تابعت للايث لعب دور الوسيط بيننا حتى أنها و أنا أدين لها بذلك سمحت لي بالنوم على سرير أخيها سباستيان في إحدى الليالي بعد أن كنت غير قادر على القيادة إلى منزلي و أنا في حالة هذيان شديد"
تجرأت لايث عندها على النظر إلى نايلور .. ياإلهي ! فكرت في قرارة نفسها فيما كان نايلور يزمجر غاضباً" إّذاَ "
ولكنه توقف عن الكلام عندما فوجىء بدخول والدة ووالد ترايفي الغرفة و قد عمت الغرفة أجواء الفرح الصاخبة.
" ترايفس !"
بدا الجميع فجأة يتكلمون دفعة واحدة فكرت عندها لايث في قرارة نفسها بأن هذا هو الوقت المناسب جداً كي تقوم بنزهتها نظرت إلى نايلور لتراه مأخوذا في مراقبة ليس فقط ترايفس و روزماري بل أيضاً خالته وزوجها برة فعلهما تجاه مفاجأة ترايفس تلك التي أذهلتهما.
إندفعت لابث خارج الغرفة بسرعة و هدوء خرجت من المنزل و قد قررت التوجه صوب المنزل الصيفي و هي تأمل بأن يكون بابه مفتوحاً .
لحسن حظها تمكنت من دخوله و قد لاحظت بأنه أوسع مما يبدو من الخارج و قد احتوى على بعض المفروشات المريحة .
ارتمت لايث على إحدى الأرائك بعدما أحست ببعض التعب و الإرهاق من جراء ما قد حصل شعرت بالبهجة حيال النهاية السعيدة لعلاقة ترايفس و روزماري بعد كل ما ما عانيا منه .
شعرت بالاحترام و التقدير تجاه ترايفس و قد قام بخطواته تلك بذهابه مباشرة إلى منزل آل غرين من أجل طلب يد ابنتهم كما شعرت بالأحاسيس ذاتها تجاه روزماري التي بدورها تصرفت بشكل رائع .
عادت صورة نايلور لتتصدر أفكارها لقد أحست بطريقة أو بأخرى بأن ساعة العقوبة قد اقتربت .
في تلك اللحظة بالذات سمعت خطوات شخص قادم لابد أن نايلور يبحث عنها!
تسمرت عينا لايث عليه و هو يدخل المنزل و يغلق الباب خلفه . وقف في مكانه و نظر إليها متأملا للحظات طوال قال نايلور بلهجة فظة و قاسية :" إذاً إبدئي الكلام "
حدقت لايث إليه لقد علمت منذ البداية بأن سوف يستشيط غضباً لدى معرفته بحقيقة ما جرى و لكنها حاولت جاهدة المحافظة على برودة أعصابها .

ZelDa
15-05-2009, 17:42
Chapter 9


لقد ظهر الغضب واضحاً على وجه نايلور و هو يقف منتظراً إيضاحاً من لايث .
سألته لايث :" عن ...ماذا؟"
" أني أحذرك الآن فأنا لست في مزاج يسمح لي بمشاطرتك ألا عيبك " ثم عاد ليضيف و هو يشير برأسه باتجاه المنزل:
"يمكنك البدء بإطلاعي عما كان كل هذا!"
لم تشعر لايث من قبل بمثل هذا الغليان في داخلها الذي تشعر به الآن و لكنها حاولت جاهدة السيطرة على أعصابها .
أجابت لايث بهدوء:" أظن بأن كل ما جرى أو قيل هناك كان واضحاً و جلياً"
قام نايلور نايلور بسحب أحد المقاعد الخشبية و جلس عليه في مواجهة لايث .
سألها نايلور بانفعال: " إذا فلنبدأ من جديد الآن من يكون سباستيان؟"
" إنه ... ار ..في ..ار .. الهند في الــ"
" شقيقك في الواقع! شقيقك الوحيد؟"
" سباستيان هو شقيقي الوحيد"
سألها نايلور :" و منذ متى و هو في الهند ؟"
فأجابت :" منذ فترة غير طويلة"
"هذه السنة ؟"
هزت لايث رأسها إيجاباً فيما عاد نايلور ليسألها :" و هل تشاركتما في الشقة ذاتها قبل ذهابه إلى الهند؟"
" هذا صحيح "
" وهل تشاركتما أيضاً تسديد الأقساط على الشقة؟"
ط لقد تعاونا معاً على شراء تلك الشقة بواسطة القليل من المال الذي تركه لنا جدنا"
" ولكنك أثناء غياب شقيك أصبحت تتحملين بمفردك مسؤلية تسديدها بعد أن تركك من دون أي احتياط مادي؟"
" لقد نسى أتوق..." باشرت لايث الدفاع عن أخيها و لكنها توقفت فجأة عن الكلام خاطبته لايث بقسوة :" هذا لا يعنيك!"
" بل يعنيني جداً يا امرأة!" أجاب نايلور و قد استشاط غضباً :" فلقد لعبت بي و كأنني غبي أو مغفل لا أحد يفعل ذلك و لا حتى أنت من دون أي أسباب و جيهة "
صرخة لايث به ساخطة :" كانت لدي أسباب الوجيهة"
" و ما هي هذه الأسباب"
" يا إلهي أنت تملك ذاكرة ضعيفة جداً ! فمنذ البدء منذ تلك اللحظة التي التقينا فيها عندما اتيت باحثاُ عن ترايفس تلك الليلة منذ ذلك الوقت و انت ..."
قاطعها نايلور :" سوف نتطرق إلى موضوع ترايفس فيما بعد " و أردق :ط و لكن الآن يمكنك البدء بإطلاعي على سبب تحفظك على ذكر اسم أخيك سباستيان بعد أن تنازلت و أخبرتني بأن لديك أخاً لأنه كانت اتضحن لي عدة أمور من بينها تفسير و جود أكثر من رجل في حياتك!"
و كأنه فعلا خطيبها ! فكرة لايث في قرارة نفسها و انفجرت غاضبة :" كونك قد قد كونت فكرة سيئة جداً عني فلقد كان علي القيام بأي شيء من أجل تحسين الصورة التي ارتسمت في خيالك !"
" و لهذا بالطبع لم يسبق لك أن ذكرة و لو مرة واحة موضوع اقامة شقيقك معك و تحمله نصف مصاريف الرهن لم تذكري أمامي كل هذا إلا مؤخراً و لهذا أيضاً سمحت لي بأن أعتقد بأن ليس لديك سوى غرفة نوم واحدة بينما من الواضح لديك إثنتان مما.."
أجابت لايث بحدة :" كما أذكر فأنت لم تكن في مزاج حسن في تلك الليلة التي أتيت فيها تبحث عن ترايفس يسمح لك بتفحص الشقة و التعرف على كافة أقسامها !"
" كان عليك أنت تحثيني على القيام بذلك!"
" لقد كونت فكرتك عني قبل أن تقابلني!"
" كان ترايفس تعيساً بسبب امرأة ما .. ثم وجدته في شقتك ..لذلك فقد اعتقدت بأنك أنت تلك المرأة!"
" حسناً لقد علمت لتوك بأنني لست تلك المرأة بل صديقتي و جارتي و .."
"ولقد انتظرت هذا اليوم بفارغ الصبر أليس كذلك ؟"
" انتظرته بفارغ الصبر؟"
انفجر نايلور مخاطباً بسخط شديد "أجل ياللجحيم فأنا أراهن على أنك مررت بأوقات كنت تحاولين فيها جاهدة السيطرة على رغبتك في الضحك في وجهي!"
علقت لايث :" أنا مجرد إنسانة!"
سألها نايلور :" لماذا سمحت لي بأن أعتقد بأنك عشقية قريبي ؟ عندما.."
" لم تكن لتصدقني لو حاولت إخبارك خلاق ذلك! كنت قد صممت بأنني مجرد فتاة مادية كل ما يهمها محفظة ترايفس فقط!"
" ولكنك لم تحاولي حتى إخباري خلاف ذلك! كان نائماً على أحد الأسرة داخل شقتك و مع ذلك لم تحاولي تبرير ذلك!"
" بالإضافة إلى حرص روزماري على إخفاس تلك العلاقة عن أي شخص ظننت بأنني لن ألقاك ثانية "
" همممم" توقف نايلور للحظات عن الكلام ثم أردف و كأنه قد تذكر شيئاً :" لقد كان ذلك بمثابة مفاجأة بالنسبة لي أيضاً و أنا أنظر داخل غرفة مكتبك نهار الأثنين التالي لأري شعرك الكستنائي اللون"
" هل عرفتني ؟"
" لقد كنت تدرين ظهرك كما أن تلك التسريحة التي كنت عليها حينذاك لم تكن مألوفة لي و لكن " تابع نايلور و هو ينظر إلى خصلات شعرها اللامعة البراقة :ط ذلك اللون الرائع كان قد جذبني "
شعرت لايث ببعض الارتباك و قد تحولت نبرة نايلور القاسية و الفظة إلى لهجة رقيقة و لطيفة.
أجابت لايث موضحة :" أنا ...إر ..لم أكن أعلم ...إم ... بأنك أنت بالذات نايلور ماسينغهام ...رئيسي "
أجاب نايلور :" و أنا بدوري لم أكن أعلم بأن الآنسة التي تعض هي نفسها تلك المرأة الجميلة التي كنت إشتبكت معها صباح يوم الأحد "
أوه نايلور أرجوك لا! فكرت لايث في قرارة نفسها و هي في أقصى درجات السعادة بعدما اطرى أهم شخص في عالمها جمالها.
" لذلك فأنت لم تتوان بعدما عرفت ذلك عن القيام بتوجيه الأنذرات لي بخسارة عملي إذا لم أتخل عن ترايفس !"
عاد نايلور فجأة إلى لهجتة القاسية و الفظة و هو يخاطبها : " في تلك الأمسية بالذات و بينما كنت في الخارج بصحبة إحدى صديقاتي من أجل تناول العشاء من أشاهد قريبي في ذلك المطعم ؟ لا أحد سواك و قد تأبط ترايفس ذراعك بطريقة تملكية!"
" طريقة تملكية! لم يكن ترايفس ليقوم بتأبط ذراعي إلا كي يقودني إلى طاولتك كما أذكر"
سألها نايلور بغضب :ط و لماذا وافقت على تناول العشاء طالما لم تكوني صديقته؟"
" لأن روز ماري كانت قد تركت شقتها حينها لتقيم في منزل والديها و لأنها لم تجرؤ على إطلاعها على علاقتها بترايفس...كما أنها لم تكن لتسمح لترايفس بالاتصال بها هناك "
"هوووو! كل هذا يفسر سبب موافقتك على تناول العشاء معه خارجاً!" بدا نايلور وكأن شعوراً مفاجئاً بالغيرة تملكه و هذا ما أثار دهشة لايث و تعجبها!
" و لقد وافقت على تناول العشاء معه خاجاً لأنه بدا في أقصى درجات الاكتئاب حينها"
أجابت لايث موضحه :" فأنا مولعه به بل أنا مولعة بهما معاً و قد وافقت على ذلك لأنه بدا و كأنه في حاجة ملحة للتحدث مع أحد عن روزماري لم يخطر أبداً على بالي بأنك تتناول العشاء في المكان نفسه"
" إذاً لماذا لم تشرحي لي هذا في المرة الثانية التي التقيتك فيها؟"
تذكرت لايث تماما و على الفور بأن نايلور حينذاك مر بها في شقتها و عانقها و تركها تأوي إلى فراشها و هي غير قادرة عن التوقف عن التفكير به بطريقة تجاوبها معه .
" لم أتمكن من شرح هذا لك تلبية لرغبة ترايفس الذي كان قد أخذ مني وعداً بألا أتفوه بكلمة عن روزماري أمام أحد أنا آسفة إذا كان هذا يؤلمك ... فأنتم بالنهاية عائلة واحدة و لكن الأمور مع ترايفس كانت حقاً معقدة مع روزماري أنا ... لم أستطع قط ,,, أن أنقض الوعد الذي كنت قد قطعته له " تمتمت لايث بحساسية مرهفة و صدق بالغ .
أجاب نايلور بلهجة فظة :" من الواضح! فأنت كنت ..." توقف فجأة عن الكلام و كأنه تذكر شيئاً ما " لم تستطيعي نقض الوعد الذي قطعته لترايفس نتيجة شغفك وولعك به أليس كذلك صحيحاً ؟"
" إر .. أجل على ما أعتقد!"
" و هذا استطيع أن استنتج بأنك لم تتمكني من نقص و عدك لي للسبب نفسه أيضاً أليس كذلك ؟"
اتسعت عينا لايث بدهشة و الحذر و تابع نايلور بنبرة لطيفة و رقيقة :" هل أعتبر يا لايث بأن ...إلى حد ما مولعة بي ؟."
لم تكن لدى لايث أدنى فكرة عن كيفية تمكنه من الوصول إلى استنتاج كهذا لذلك سارعت إلى إنكاره :" ما ..لا.. بالطبع لا!"
" إذاً لماذا حافظت على وعدك لي بالإحتفاظ بسرية علاقتنا المزعومة أمام ترايفس ؟"
" أنا ... كيف .." حاولت لايث جاهدة الحفاظ على هدوء أعصابها " لانني أدرت الاحتفاظ بوظيفتي "
" ولكنك قدمت طلباً باستقالتك يوم الثلاثاء الماضي"
" أعلم و لكن ...لم أكن أرى ترايفس و بذلط لم يكن بوسعي إطلاعه على أي شيء"
تسارعت نبضات قلب لايث فيما استمر نايلور بمتابعة تحقيقة :" ولكنك رأيتك صباح الاثنين عندما مر بمكتبك من الواضح أن لم تكوني قد قررت وقتها تقديم طلب استقالتك و إلا لكنت أطلعته على الحقيقة " كانت لايث قد نسيت تماماَ هذا الأمر نتجة اضطربها الشديد أردف نايلور :" و لكن لربما كنت قد قررت إطلاعه على الحقيقة خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع بالذات!"
" أنا ...أر ..لا أعلم إلى ماذا تريد الوصول من خلال كل هذا!"
لزم نايلور الصمت لعدة لحظات و خيل للايث بأنها قد كسبت الجولة و لكنه تابع فوجئت تماماً بما قال :" أعترف يا عزيزتي بأنني أنا نفسي لم أعد أعلم لم أعد أعلم أي شيء " ثم و فيما كانت لايث تحاول إخفاء دهشتها و انفعالها بعد سماعها قاله:"يا عزيزتي " أضاف نايلور بحزم :" ما عدا أمر واحد و هو عد قدرتي على السماح له أبداً بأخذك مني على الرغم من أنني أعتبرة أكثر من شقيق لي!"
جف حلق لايث و تململت قليلاً في مقعدها أدركت بأنه ليس بإمكانها الاندفاع سريعاً خارج الغرفة لأن نايلور كان يسد عليها طريقها .
" أنا .." حاولت لايث التخلص من جفاف حلقها سعلت و أكلمت :" تــ تأخذني من تــ ..رايفس ؟ أنا ...لا أفهم ..إر ..شيئاً "

ZelDa
15-05-2009, 17:47
" أنت ذكية يا لايث أعتقد بأنك تفهمين جيداً " لم تستطع لايث أن تصدق ما كان نايلور يلمح إليه حدقت به مذهولة و قد شعرت بأنها فقدت قدرتها على النطق و بعد أن انتظر نايلور عدة لحظات طوال من دون تلقي جواب منها قام بسحب كرسية ليدنو منها أكثر أخذ نفساً طويلاً قبل أن يقول :" بعد كل ما سببته لك من متاعب و صعاب أظن أن علي الإنتظار لفترة ..قبل أن أتمكن من الحصول منك على كل ما أتمناه و أرجوه "
" أنت ..." بدأت لايث قبل أن تتمكن من المتابعة بعد أخذ نفس عميق :" أنت تتفوه بألغاز"
" و هذا ما لا يدهشني أبداً فأنا أدور في هذ الدوامه منذ اللحظة الأولى التي التفيتك فيها "
إتسعت عينا لايث و ازدادت دهشة و ذهولاً :" هل أنت ..جاد؟" و قد شعرت بأنها مسمرة على مقعدها بعد أن تخلت عن كل نية ديها في الاندفاع خارج الغرفة هاربة.
أجاب نايلور بوقار : " لم أكن يوماً أكثر جدية لقد شعرت بانجذاب قوي نحوك منذ البداية من دون أي علم لي بهذا الأمر"
"حقاً؟ إر..,,منذ البداية الأولى في شقتي؟"
أجابها نايلور بلطف " أوه أجل لم أك بالطبع أعلم ذلك حينذاك كنت مشغولا بلعن ذلك الصنف من النساء الذي حول قريبي إلى انسان تعيس و بائس و معذب بعد أن كان مثل الانسان السعيد و المحظوظ"
أجابت لايث يعطف و شفقة :" لقد ... عانى أوقاتاً عصيبة و مريرة "
" و أنا كذلك فلقد مررت بمثل تلك الأوقات أيضاً و التي كنت خلالها أشعر بالغيرة و الشك "
هتفت لايث و كأنها لا تصدق ما تسمع :" الغيرة!"
" أجل الغيرة كلما كنت أشك بأنك بصحبة أحد الرجال خاصة عندما مررت بك في شقتك في تلك الأمسية و أنا أعتقد بأن لديك أحد الزوار من الرجال"
" لـــ ..قد عانقتني لحظتها!" و كأنها لا تتذكر من تلك الليلة سوى العناق .
أجابها نايلور برقة و هو يتأمل و جهها :" لم أنس هذا لقد قصدته أن يكون اختباراً بارداً و متعمداً ولكن عندما بدأت بالتجاوب رحت أفكر بالسبب الرئيسي لوجودك أكاكي بغض النظر عن السبب الأساسي المتعمد و المقصود .. فأنت بالنهاية فتاة جميلة و أنا كنت مستمتعاً بتلك التجربة "
أجابت لايث بصدق:" أنا..إر همم لم أستطع أم أصدق إذا كنت ..قد تجاوبت معك في تلك الطريقة "
مد نايلور يده ليمسك بإحدى يديها :" هل يعني ذلك أي شيء يا لايث ؟"
" أنا ..إر " كانت لايث تجد صعوبة بالغة في التعبير .
" م...م... ممكن " أفهمته بتوتر.
" مثل .." حاول نايلور حثها على متابعة الكلام و لكنه توقف فجأة ليمسك بيده الأخرى يدها اليسرى و انحنى قليلاً صوبها و هو ينظر في عينيها و سألها :" أن لا تفهمين جيداً ما أحاول قوله أليس كذلك؟ فأنا لم أقل ما هو كافِ بعد؟"
" أنت ...أنت ..هذا ..لست .. هذا ليس جزءاً من عقابي على ما فعلت .. على عدم إطلاعك على موضوع روزماري و.. "
هتف نايلور :" عقاب! أوه يا حبيبتي لا! فكل ما بإمكاني تصوره هو أنم تصرفت بشكل رائع من أجل مساعدة ترايفس على الخروج من محنته ,," توقف نايلور فجأة ثم سألها و هو يكاد يسحق أناملها :" لو كان كل ما قلته حتى الآن ل ا يمت إلى الحقيقة بصلة هل كنت تعتبرين ذا بمثابة عقاب لكِ؟"
أجابت لايث :" أنا لا أحب أبداً أن يكذب أحد علي"
" أنا لا أكذب يا لايث فلقد سبق أن عانيت من آلام الغيرة عليك كما أدركت مؤخراً بأن السبب وراء عدم رغبتي في أن يقوم أي رجل آخر بلمسك يكمن في رغبتي بالإحتفاط بك لي وحدي "

سألته لايث و هي ترتعش :" أنت ت..تريدني؟"
أفلت نايلور يديها فجأة ليداعب و جهها برفق و حنان و هو يقول هامساً :" لايث يا حبيبتي أنا ... أحبك و أريدك "
سألته و كأنها لا تصدق ما سمعته لتوها :" أنت تحبني أنا ؟"
" وبكل جوارحي " أجابها بصدق " هل لديك أي مانع في أن أجلس قربك على الأريكة؟ " سألها و بدا أنه يريد أكثر من ذلك .
أفسحت لايث مكاناّ على الأريكة قربها من دون أن تتفوه بأي كلمة جلس نايلور إلى جانبها و أمسك بيدها ثانية .
" كيف تشعرين يا عزيزتي لايث الآن و قد عرفتي بأنني أحبك من كل قلبي ؟"
أجابت لايث بصوت خافت :" أنا ..لا أستطيع أن أصدق "
سألها نايلور بتوتر و هو يحدق في وجهها برزانه ووقار : " هل تريدين أن تصدقي؟" و فيما أخذت لايث تحدق به بدورها و هي صامته و قد خانها صوتها لم يكن بوسعها الإجابة على سؤاله إلا بواسطة هز رأسها إيجاباً قال نايلور و أحاطها بذراعيه برقه و حنان :" إذا سوق أجعلك تصدقين "
شعرت لايث و كأنها على و شك البكاء من شدة استمتاعها بتلك اللحظات ,.
صرخت لايث " أوه نايلور!"
سألها نايلور و هو يداعب شعرها : " هل تحبينني يا حبيبتي ؟ أنا أريد أيضاً أن أصدق أود أن أسمعها بأذني منك "
ابتسم نايلور لها بادلته الابتسامه و هي تتمتم بحياء و خجل :" أحبك كثيراً يا نايلور"
صرخ نايلور بابتهاج و لثمها ثانية :" حبيبتي! "
خيم الصمت على ذلك المنزل الصيفي لدقائق طوال لقد أدركا بأن ما كان حلماً لكليهما في الماضي أصبح واقعاً و حقيقة .
تمتم نايلور فيما كانت لايث تلقي برأسها على صدره :" حبيبتي حبيبتي حياتي لايث أعلم بأني لا أستحق كل هذا و لكن أخبريني ثانية "
" بأنني ... أحبك؟"
" مرة أخرى أيضاً "
ضحكت لايث:" أحـــبك "
خاطبها نايلور بحماس و صدق :" أيتها المرأة الرائعه! أنا ملك يديك "
قالت لايث و هي تشعر بأن كل الحواجز بينهما قد أزيلت :" ما كنت لأعلم بأنك تحبني لهذه الدرجة "
" لم يكن من المقترض عليك أن تخمني كنت أعاني من متاعب عديدة و صعوبات مختلفة في محاولة من لاستيعاب ما كان يحصل لي و لم أرد أن تشعري بضعفي أنت بالذات مسببة أرقي خلال ليال طوال "
" سألته لايث و قد اعتادت على عدم رؤيته ضعيفاً :" أنت أيضاً عانيت الأرق؟"
" أنت أيضاً ؟"
" لقد قلت لتوك بأنك غير قادر على الاستيعاب "
" تمتم نايلور :" حبيبتي لقد أثرت في داخلي كل أنواع المشاعر و الأحاسيس "
" بصدق ؟"
" أوه حبيبتي لايث فقط لو تعلمين! الغيرة و اليأس و الغضب و الأمل .."
نظرت لايث بعينيها الخضراوين و قد تسارعت نبضات قلبها :" شعرت بالغيرة "
" خاصة بسبب أحد الرجال المدعو سيباستيان .."
سألته لايث بعدما تذكرت هذا الأمر :" ماذا فعلت بقبعته ؟"
أجاب نايلور :" سوف أشتري له واحدة أخرى"
انفجرت لايث ضاحكة و قد راق ضحكها لنايلور الذي بدا مبتهجاً و أردف :" لقد شعرت بغيرة قاتله عندما رأيتك ذاك النهار بين ذراعي فيشر"
" تغار علي من بول فيــــ..."
" على الرغم من أنني ما لبث أن أدركت أمر مقاومتك له في محاولة يائسة للتملص منه "
علقت لايث و هي شبه متأكدة من الحقيقة هذا الأمر :" لذلك بلغت روبرت دريور عنه "
" هذا صحيح ! فأنا لا أسمح عادة بحصول مثل هذه الانتهاكات داخل حرم شركتي فكيف إذا تعلق الأمر بك بالذات ؟" استطرد نايلور بعد صمت قصير :" أنت بالذات يا حبيبتي أنت بالذات السبب وراء عذابي و معاناتي "
سألت لايث ببراءة : " أنا ؟"
" و من غيرك ! فلقد لازمت صورتك خيالي و شغلت تفكيري طوال هذه المدة"
عادت لايث تتساءل :" أنا؟"
سألها نايلور ضاحكاً :" و من غيرك ؟" أحبت لايث رؤية وجهه مشرقاً يضحك " عيل صبري و أنا أنتظر لحظة و صولك إلى المكتب نهار الاثنين من أجل أن أتصل بك و أطلب مقابلتك "
" ظننت بأنك طلبت مقابلتي من أجل التباحث في ملف بالمر و بيرسون و لكنني فوجئت بك و قد قررت اتخاذي عشيقة لك "
" أنا مسرور جداً الآن لأنك أخفيت عني حقيقة عدم ارتباطك عاطفياً بقريبي "
" لقد اعتقدت بأنك سوف ترتكب جريمة فور معرفتك بما فعلت ...إر بما لم أفعله"
أجابها نايلور و هو يبتسم :" ربما كنت فعلت هذا لو لم أكن مغرماً بك بكل ما في تلك الكلمة من معنى "
" لذلك أوصيت رئيس القسم الذي أعمل فيه بأن يوكل إلي بالكثير من المهام لدرجة اضطررت معها إلى اصطحاب بعض الاعمال معي إلى المنزل من أجل إنهائها هناك "
" سامحيني فلقد تعمدت إبقائك مشغولة لأطول فترى ممكنه لم أكن أعرف بعد من يكون سباستيان و لقد منعني كبريائي العنيدة من مجرد التفكير بسؤال عن هوية هذا الرجل بالذات شعرت بالغيرة منه الغيرة كانت بمثابة لعنه علي الغيرة من ترايفس أحياناً ثم الغيرة من سباستيان أحياناً أخرى و في ذلك المساء عندما انتظرتك في خارج شقتك لمدة ساعة كاملة ... و أنا لم أفعل هذا من قبل من أجل امرأة طوال حياتي ... جن جنوني و أنا أتخيلك برفة أحد الرجال خارجاً "
" كنت أبحث عن شقة "
" هذا ما أخبرتني إياه لاحقاً و لكن في ذلك الوقت بينما كنت انتظرك بفارغ الصبر من أجل أن أرى مع من سوف تأتيين كدت أفقد صوابي"
تمتمت لايث برقة :" و لكني عدت بمفردي "
" و عندما ازذذت غضباً انفجرت أنت ضاحكة ,. و أدركت عندها بأنني أحبك بكل كياني "
سألته لايث :" عندها أدركت ذلك ؟"
أجابها نايلور بحنان :" أجل بالتأكيد " ثم عانقها و استطرد يسألها :" هل تعرفين متى بالتحديد أدركت بأنك تحبينني ؟"
" أجل أستطيع بالتحديد إخبارك متى حدث ذلك يوم السبت الماضي كنا.... أنت و أنا .. قد ذهبنا من أجل القيام بنزهة ووجهت لي إحدى الملاحظات .."
علق نايلور متذكراً :" ملاحظة مهينه و مغضبة "
أبتسمت لايث عندها و قالت :" و عندها صفعتك و ..."
أجاب نايلور : أستحققت كل هذا "
" عدت بعدها إلى المنزل و أنا أشعر بالغضب بالألم و بالانزعاج و قد أدركت بأن ما حدث كان بسبب حبي لك حتماً "
ضمها نايلور بقوة إلى صدرة و لثمها بعطف و حنان .
و كأنه أرد بذلك التعويض عن كل ما سببه لها من ألم و معاناة .
" هل تسامحينني حبيبتي إّا عترفت لك بأنني أمضيت ذلك النهار و أنا أتخبط في دوامه من القلق و العذاب ؟"
أجابت لايث :" أسامحك حبيبي من كل قلبي "

ZelDa
15-05-2009, 17:50
" و عندما تبعتك إلى المنزل لأجدك مع ترايفس في غرفة المكتبة .. اقتنعت عندها بأنك مازلت تتلاعبين به "
" أوه نايلور كان ترايفس قد طلب مني أن نتصل بروزماري لأكلمها في حال وجود أهلها في المنزل و هكذا كان قلقد كلمها ترايفس فعلاً و لكن بسبب وجود أهلها في المنزل لم يتمكن من التحدث إليها بحرية مما سبب له الإزعاج الشديد فيما بعد "
علق نايلور :" أنا أيضاً كنت منزعجاً "
" ألهذا السبب أعلنت خبر خطوبتنا تلك الليلة ؟"
" على ما يبدة أردت بذلك أن أقطع نهائياً علاقتك بترايفس و لكن عندما استشاط غضبي غضباً تظاهرت بأنك تحبينني بينما في الوقع أردت أنت تحبيني و لكن من دون أن تتظاهري بذلك "
تمتمت لايث برقة :" أنا آسفة"
أعلن نايلور :" أنا في الواقع من عليه أن يعتذر" و أضاف :" فلا شك بأنني قد أخفتك لدى تصرفي معك بتلك الطريقة عند غرفة نومك أليس صحيحا؟"
أجابت لايث و هي تتذكر مشاعره نحوها في ذلك الوقت :" إر ...لم تخفني كثيراً فقط .. فقط في البداية "
" لقد ..تلك الليلة لقد أخبرتني بأنك عذراء هل .. هذا..؟"
سألت لايث مقاطعة :" صحيح ؟ " تابعت بحياء: " في الواقع أنا..إر .. لم أحظ أبداً بـأي رجل في السابق فأنت أول رجل في حياتي أسمح له .."
" أوه يا حبيبتي ! تعالي و اقتربي أكثر مني "
" ولكن عندما عانقتني الاثنين الماضي لم أشعر بالخوف قط بل شعرت بالأمان و البهجه "
" أنتِ أيضاً؟ اعتقدت أن بإمكانك سماع دقات قلبي التي تسارعت و لكن عندما ظهر ترايفس من جديد تملكتني سيطرت علي الشكوك و الظنون لذلك لم أتحمل ما قلت تلك الليلة عندما مرت بك في شقتك من أن ترايفس سوف يبقى أبداً مميزاً بالنسبة لك اندفعت سريعاً خارج شقتك قبل أن أثدم على عمل أي عمل قد أندم عليه فيما بعد "
" أوه حبيبي! أنا لم أقل ذلك إلا من أجل أن أستفزك "
"و لكي تزيدي من ألمي و معاناتي فاجأتني عند صباح ذلك اليوم التالي بتقديم طلب استقالتك بعدما أصبحت متأكداً تماماً من حبي لك و عدم قدرتي على السماح لك بالإبتعاد عني أبداً "
فيما أخذت لايث تضحك برقة و براءة تابع نايلور :" و لكنني كنت قد صممت على عدم السماح لك بالابتعاد عن نظري و لو حتى للحظة واحدة فأنا لم أشعر أبداُ من قبل بمثل هذا الشعور القوي و الصادق شعور الحب يا إلهي يالها من عاطفة جياشة!"
" ألهذا السبب أرسلت بطلبي بعد ظهر يوم أمس ؟"
هز نايلور رأسه إيجاباً و قال : فمن أجل إقناعك بالإنضمام إلى من خلال عطة نهاية الإسبوع إختلقت تلك الكذبة عندما أخبرتك بأن خالتي و زوجها يرغبان في أن نزورهما في بارك وود من أجل التعرف عليك أكثر !"
" كنت تكذب علي!"
" نعم و لا فمن الواضح أن قربيي يودان التعرف عليك و لكنهما لم بقولا هذا بالتحديد"
علقت لايث و هي تبتسم له بوله و شغف :" أيها اللعين! "
أجاب نايلور ممازحاً : " هذا أيضاً صحيح "
نظرت لايث في عينيه لتدرك مدى العذاب و الألم اللذين عاني منهما .
تمتمت لايث بتردد :" سوق ..إر .... أعيده لك "
" ماذا؟"
" ألا يعجبك إذا كان لا يعجبك فأنا .."
" إنه رائع و لكن بما أننا لسنا مخطوبين فأنا لا أريدك أنن ,,,"
" لسنا مخطوبين ! يا إلهي يا لايث فأنا أتكلم منذ نصف ساعة و قد أردت من خلال ذلك التعبير عن رغبتي القوية في الزواج منك في أقرب وقت ممكن!"
" زواج ..؟ هل..؟ "
" هل ترفضين ؟"
أسرعت لايث بالإجابة :" بالطبع لا !"
سألها نايلور و هو لا يكاد يصدق ما يسمع :" إذن أنت موافقة ؟"
" هل أنت متأكد؟"
أجابها نايلور بحزم :" أنا متأكد من هذا الأمر تماماً كدت أن أن أفقد صوابي عندما تجرأت البارحة عن القول بأنك لن تتزوجي مني أبداً أدركت عندها بأنه لن يطيب لي العيش إلا بعدما تصبحين عروسي إذا توقفي الآن عن التسبب لي بمزيد من الأسى و أعطني جواباً إيجابياً مباشراً "
أجابته لايث و هي تضحك : "أجل سيدي" و قد شعرت بأقصى درجات السعادة و الابتهاج فيما ضمها نايلور إلى صدره ليشاركها الشعور نفسه .


تمـــــــــــــــــــــت

ZelDa
15-05-2009, 17:55
اتمنى مشاركتي البسيطة جيدة ^^ و هذه الرواية من الروايات التي احبها جداً ^^ و خاصة ان الكاتبه هي جيسكا ستيل كاتبتي المفضلة و الكتابة من جهدي الخاص -_-! و كنت بطيئة جداً في الكتابة حتى اني في بعض الأحيان استسلمت و لكن في النهاية أكملتها

ZelDa
15-05-2009, 17:58
آسفة كنت من العجله حتى أني ما أنتبهت لرد ماري أنطوانيت -_-!! عن الرواية القادمة رغم أني شاهدت الصفحات
السابقة و لكن لم أنتبه للصفحة التي أنا بها إذا أخليت بالترتيب -_-!! اتمنى حذف الرواية

ماري-أنطوانيت
16-05-2009, 14:14
آسفة كنت من العجله حتى أني ما أنتبهت لرد ماري أنطوانيت -_-!! عن الرواية القادمة رغم أني شاهدت الصفحات
السابقة و لكن لم أنتبه للصفحة التي أنا بها إذا أخليت بالترتيب -_-!! اتمنى حذف الرواية

عزيزتي زيلدا ما انكر اني تفاجأت اول ما دخلت بنزول روايه
جديده ما ادري عنها...:d

بس ولا يهمك مدام انتي نزلتي الروايه كامله ما يحتاج نحذفها ولا شي
وخاصه ان روايه "شهر عسل مر" قيد الكتابه لسه
وكل الي بنسويه اني بطلب بحذف ملخص شهر عسل مر
وبحطه بعد الروايه الي نزلتيها
كذا افضل::جيد::

ZelDa
17-05-2009, 05:00
شكراً ماري أنطوانيت ^^ الحمدالله ان كل شيء خير
و الله يوفقكم ان شاء الله المرة الثانية إذا كتبت رواية ثانية
بنتبه أكثر و بسأل أول قبل ما تسرع

حلاوة طحنيه
17-05-2009, 10:46
الله يعطيكم العافيه على تعبكم معنا
انا عضوه جديده بالتسجيل لكن قديمه بالمتابعه من ايام المشروع الأول
واتمنى اكون صديقه لكل الموجودين

Miss LoOoL
19-05-2009, 11:12
الســـــلاااااااااااام علـــــــيكمــ

كيفكمـ بناااااتـ
انشاللهـ تمامـ
انا عضوه جديده كنت متابعتكم من الاول

وبغيت اشكركم على جهدكم الراااائع اللي بذلتوه
وبعد عالروايات الجوناااااااان اللي كتبوتها
وامتى اكون صديقه لكل الموجيدين
وياريت اقدر اشارك معكم في كتابه الروايات اذا سمحتولي

وبس ما ابي اطول عليكم

اختكم>> Miss LoOoL<<

نايت سونغ
20-05-2009, 20:28
مرحبا

كيفك ماري العســـل ؟

الله استجاب لدعاك الحمدلله بابا طلع من المستشفي و صار منيح و كل يوم عم يتحسن

شكرااااا حبيبي

بالنسبة لرواية انا جاهزة و امتين بتحبي نزلها خبريني و انشالله ما بيصير شي و بنزلها

و تمنياتي للجميع بالنجاح و التفوق في موسم امتحانات

موووووووواه

نسمة..
21-05-2009, 04:55
مرحبـــــــــــــــــــــا...كيفكم بناتــ؟؟ انشا االله بخيـــــــــر؟؟
كيفكــ ماري...انتي اللي وحشتينا والله...
بس بطمنكــ..لسا الامتحانات ما خلصت اليون عندي واحد..بيضل اتنين عليا..:بكاء::بكاء:
والله زهقتــ...متى يجي يوم الأحد وأخلص...:رامبو:

بحر الامان
25-05-2009, 20:29
مساء الخير والاحساس والطيبه



يا أحلى عضوات



اشتقتلكم



ياليت انتم كمان تكونوا اشتقتولي



ماري كيفك عنوني



بقيه العضوات عن جد وحشتوني





الله يعطيكم العافية



على المجهود الجبار ألي تبذلوه



بحوره ....

jooooory
26-05-2009, 03:20
أنا من عشاااااااااااااااااااااااااااااااااااق الروايات وخصوصا روايات عبير الرااااااااااااااااااااائعه شككككككككككرا على هذا الطرح
يسسسسسسسلموووووووووو

سنا المجد
26-05-2009, 11:33
مرحبا بنات كيفكم ........... اشكرك زيلدا ع الروايه الرائعه
تقبلي تحياتي

سنا المجد
26-05-2009, 17:42
بنات عندي رواية اسمها(وعود ابليس) لكاترين فوكس
وملخصها
تلك الساعه الوحيده مع برناردو دونللي, كانت أكثر من مزعجه لمايا كولين

وشعرت كما لم تشعر ابدا من قبل...

كلماته كانت تعود اليها ساخره

" جدتك ستكون فخورة بك وانت تحت وصايتها. ففي بضع سنوات ستصبح طبقة الجليد
سميكة فوق جلدك ومشاعرك بحيث تصبحين لامعة كالماس...ماسه جميله
متجمدة لا حياة في قلبها "

مايا كانت تعلم, أنها لن تستطيع المخاطرة برؤيته ثانية!
موجوده ولا

كمان عندي اقتراح وهو كتابة اسماء الروايات الكوجودة في المشروع في نافذة خاصة...

نايت سونغ
26-05-2009, 18:21
بنات عندي رواية اسمها(وعود ابليس) لكاترين فوكس
وملخصها
تلك الساعه الوحيده مع برناردو دونللي, كانت أكثر من مزعجه لمايا كولين

وشعرت كما لم تشعر ابدا من قبل...

كلماته كانت تعود اليها ساخره

&quot; جدتك ستكون فخورة بك وانت تحت وصايتها. ففي بضع سنوات ستصبح طبقة الجليد
سميكة فوق جلدك ومشاعرك بحيث تصبحين لامعة كالماس...ماسه جميله
متجمدة لا حياة في قلبها &quot;

مايا كانت تعلم, أنها لن تستطيع المخاطرة برؤيته ثانية!
موجوده ولا

كمان عندي اقتراح وهو كتابة اسماء الروايات الكوجودة في المشروع في نافذة خاصة...


مرحباااا عزيزتي سنا المجد يسعدني ان اجيبك ع سؤالك عن رواية وعود ابليس :)
ايه هي نزلت بالمشروع

اما بالنسبة لاقتراحك هو كتييييير حلو
هيك بتسهل ع الكل
يسلموووووووو كتييييييير علي روايتك و اقتراحك
موووو ::سعادة:: وووواه


اما بالنسبة لرواية فتاة أحلام يسلموووووووووو إيديكي zelda يعطيكي العافية حبيبي روايتك روعة::جيد::
موووو ::سعادة:: ووووواه

مرام مجدي
02-06-2009, 00:07
سلمت اناملكم ::جيد::

وردة مصر
02-06-2009, 23:02
انا عضوة جديدة معاكم هنا بس انا متابعة المنتدى ده من زمان جدا منتدى اكثر من رائع واعضاء اكثر من رائعين
و بحب اشكر Shining tears
و ماري -انطوانيت ع المجهود الكبير و طبعا اشكر باقي العضوات

وردة مصر
02-06-2009, 23:23
شكرا زيلدا ع الرواية الرائعة
ننتظر جديدك

دانيا 2009
03-06-2009, 03:43
السلام عليكم
صباح الخير
هذي اول مشاركة
وانا كنت متابعتكم سنتين
مشكوووورين ع المجهود الكبير

ماري-أنطوانيت
04-06-2009, 11:14
http://www.hotagri.com/data/media/69/79.gif (http://www.hotagri.com)

http://www.hotagri.com/data/media/70/26.gif (http://www.hotagri.com)


الله يعطيكم العافيه على تعبكم معنا
انا عضوه جديده بالتسجيل لكن قديمه بالمتابعه من ايام المشروع الأول
واتمنى اكون صديقه لكل الموجودين





الســـــلاااااااااااام علـــــــيكمــ

كيفكمـ بناااااتـ
انشاللهـ تمامـ
انا عضوه جديده كنت متابعتكم من الاول

وبغيت اشكركم على جهدكم الراااائع اللي بذلتوه
وبعد عالروايات الجوناااااااان اللي كتبوتها
وامتى اكون صديقه لكل الموجيدين
وياريت اقدر اشارك معكم في كتابه الروايات اذا سمحتولي

وبس ما ابي اطول عليكم

اختكم>> Miss LoOoL<<




أنا من عشاااااااااااااااااااااااااااااااااااق الروايات وخصوصا روايات عبير الرااااااااااااااااااااائعه شككككككككككرا على هذا الطرح
يسسسسسسسلموووووووووو




انا عضوة جديدة معاكم هنا بس انا متابعة المنتدى ده من زمان جدا منتدى اكثر من رائع واعضاء اكثر من رائعين
و بحب اشكر Shining tears
و ماري -انطوانيت ع المجهود الكبير و طبعا اشكر باقي العضوات




السلام عليكم
صباح الخير
هذي اول مشاركة
وانا كنت متابعتكم سنتين
مشكوووورين ع المجهود الكبير

مرااااااااااااااااااااحب فيكم عزيزاتي...منورين المشروع بمروركم
وتسلموووون على كلامكم...
لا تحرمونا منه:p

*ديدي*
07-06-2009, 12:33
[SIZE="4"][B]هاي بنات كيفكم
انا عضوة جديدة بس متابعتكم من زمان
واحب اني اشارككم في كتابة الروايات
وبدي اسئلكم رواية شهر عسل مر ما حتكتبوها ؟:confused:
انا عندي كم رواية اذا مطولين لتخلصوا الرواية انا بكتب رواية وبنزلها
ماري انطوانيت وبقية العضوات شو رئيكم ؟ :)

سنا المجد
08-06-2009, 17:17
عزيزاتي لقد قمت او بالأحرى بدأت بكتابة فهرس للروايات المكتوبه بالمشروع ليسهل القرأة وانزال الروايات الغير موجودة ...
فما رأيكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ماري-أنطوانيت
08-06-2009, 17:20
[SIZE="4"][B]هاي بنات كيفكم
انا عضوة جديدة بس متابعتكم من زمان
واحب اني اشارككم في كتابة الروايات
وبدي اسئلكم رواية شهر عسل مر ما حتكتبوها ؟:confused:
انا عندي كم رواية اذا مطولين لتخلصوا الرواية انا بكتب رواية وبنزلها
ماري انطوانيت وبقية العضوات شو رئيكم ؟ :)

مراااااااااحب فيك عزيتي ديدي
وحياك الله بالمشروع اخت عزيزه وغاليه::سعادة::

بالنسبه لروايه شهر عسل مر هي قيد الكتابه وبالفعل البنات ما شاء الله
خلصوا كتابة اغلب فصولها....
بس باقي كم فصل لسه محد اخذه عشان يكتبه وانا كنت مشغوله هالاسبوع
والاسبوع الي بعده بعد عشان زحمة اخر السنه وتقديم الاعمال بالجامعه
فما كان عندي وقت لدخول النت:(
بس ان شاء الله راح ننزلها اول ما تخلص

اما بخصوص الروايات الي ودك تنزلينها...ارسلي لي معلوماتا على الخاص
وان شاء الله نتفق على متى تنزلينها....:p

وان شاء الله العزيزه سنا المجد راح تنزل لنا روايه::جيد::

ماري-أنطوانيت
08-06-2009, 17:26
سلااااااااام برائحة ازهار الليمون المنعشه
http://www.hotagri.com/data/media/71/67.gif (http://www.hotagri.com)

~*~*~ قيد الرمال ~*~*~
- روايات احلام -


إنها ذاهبة إلى مصر!إنها ذاهبة لرؤية الأهرامات !وتغلب شعور بالبهجة على سيليا فلم تفكر في ما عدا هذا ....
ولكن كل ما رأته فعلاً في مصر هو موري بروكس وممنوع عليها أن ترى شيئا أو تفكر في شيء آخر ...هل
تستطيع أن تحتج!أن تطالب بحقوقها !هذا مستحيل فموري يريدها أداة عمل فقط وحذار يا سيليا أن تقرري
أن تكوني أنت أمامه !حذار أن تخونك عواطفك!


# ستنزلها لنا العزيزه سنا المجد بإذن الله...بانتظارك عزيزتي::جيد:: #

http://www.hotagri.com/data/media/71/67.gif (http://www.hotagri.com)

سنا المجد
09-06-2009, 15:30
السلام عليكم ....
كيفكم بنات حبيت اكسر الخمول الافي المشروع وانزل هالرواية التي أتمني ان تعجبكم .......

سنا المجد
09-06-2009, 15:41
--------------------------------------------------------------------------------

منقوله
( قيـد الرمـال )
( 113 )
[جيسيكا ستيل ]
{أحلام القديمة}


الملخص


إنها ذاهبة إلى مصر! إنها ذاهبة لرؤية الأهرامات ! وتغلب شعور بالبهجة على سيليا فلم تفكر في ما عدا هذا ....

ولكن كل ما رأته فعلاً في مصر هو موري بروكس وممنوع عليها أن ترى شيئا أو تفكر في شيء آخر ...

هل تستطيع أن تحتج! أن تطالب بحقوقها ! هذا مستحيل فموري يريدها أداة عمل فقط وحذار يا سيليا أن تقرري أن تكوني أنت أمامه ! حذار أن تخونك عواطفك !




1- مشكلة في القاهرة



اعترفت سيل لنفسها أنها لا تشعر برغبة في الخروج مساء ذلك الاثنين...ولم تكن قادرة أن تقول لماذا لم يرق لها فريق بيكون المسرحي مساء تلك الليلة من أيام شباط .. فصبت لنفسها ثاني فنجان قهوة .. وهي لا تعتقد أن للطقس الكئيب القاتم علاقة بما تشعر.

احتست القهوة بصمت . وبعد دقائق حملت أطباقها المتسخة من غرفة الطعام إلى المطبخ الأنيق العاجي اللون الذي يتخلله اللون الأخضر الشاحب وكانت تعرف أنها ستخرج لأنها غير معتادة على خذلان احد ..فصديقتها بحاجة إلى من يرفع معنوياتها بعد ابتلائها بليستر آثمور .

بدأت سيل بغسيل الصحون وهي تفكر في أن ليستر لم يطلب من باتي حتى الآن الخروج معه . ولكن زياراته المتكررة لفريق بيكون المسرحي وهو فرع من نادي بيكون الرياضي الاجتماعي تعطي ثمارها ..وهي واثقة أنها لمحت بريق الاهتمام في عيني ليستر في أثناء التجارب .. يعمل ثلاثتهم في شركة بيكون للنفط في لندن هي وباتي في قسم السكرتارية إما ليستر فيعمل في شؤون الموظفين .

فكرت في يوم الجمعة الماضي فوجدت انها تشعر بما تشعر به اليوم ولعلها بدأت تشعر بحاجة إلى ما هو أكثر إثارة من وظيفتها الحالية فقد أدركت أنها كانت غير مازحة عندما سألت ليستر عما إذا كانت دائرته قد تلقت علما باب وظيفة مثيرة الاهتمام شاغرة في قسم السكرتارية وقد سألها يوماك:
- أتجدين دائرة الحسابات مملة ؟

أجابت:
- لها مميزاتها لكنا لم تعد تثير التحدي

قال ليستر:
- ليس هناك الآن ما هو أكثر بعثا للتحدي من الانتقال إلى دائرة النفقات

ـ أظن من الأفضل لي البقاء في مكاني إنا ..فلا أرى أن النفقات تختلف عن الحسابات

تركت مطبخها الأنيق المرتب وتأهبت للذهاب إلى منزل باتي . أنها تعرفها منذ 3سنوات أو بالأحرى منذ وضعت قدمها على أول درجة في عالم السكرتاريا في شركة بيكون للبترول وكانت يومذاك في العشرين من عمرها.

حاولت لترفع من معنوياتها المحبطة أن تعدد النعم التي تتنعم بها.. لديها وظيفة جيدة بل جيدة جدا نعم لقد عملت جاهدة لتنجح وكان إن كوفئت على إخلاصها بالترقية عدة مرات في سنوات عملها الثلاث في شركة بيكون للنفط .. وها هي الآن تعمل عند السيد روبرتس رئيس دائرة المحاسبة .

كانت السرية جزءا من عملها وهذا ما وسع من قدراتها ..لكن بعد العمل مع السيد روبرتس مدة سنة باتت لا تشعر بان قدراتها تتقدم .
غادرت شقتها وهي تقول لنفسها أن عليها ألا تصاب باليأس وان تحافظ على قناعتها فأجرها جيد بالنسبة لعملها .. فالراتب المرتفع الذي تدفعه لها الشركة مكنها من شراء شقة صغيرة أنيقة وسيارة مقبولة.

كانت وباتي تتبادلان الأدوار في استخدام سيارتيهما وفيما كانت سيل تقود سيارتها إلى منزل صديقتها حاولت إقناع نفسها بأن طقس شباط هو الذي يجعلها تحس بعدم الاستقرار .. وربما كان الجميع بما تشعر به.
كانت سيل قد انضمت إلى الفريق المسرحي بسبب إلحاح باتي ولكنها تدرك أنها غير قديرة في التمثيل وهذا ما جعلها تكتفي بالجلوس لتخيط الثياب أو لتقوم بأي شيء آخر أما باتي وسائر الفريق فكانوا ينكبون على تمارينهم

عندما دخلت الصديقتان إلى القاعة صاحت باتي صيحة مكتومة ملؤها خيبة الأمل:
- انه ليس هنا !

فأسرعت سيل تحاول إبهاج باتي :
ـ ربما كان في الخلف في مكان ما

لكن سيل نفسها لم تكن ترى شيئا في ليستر آثمور.أخذت باتي تنظر إلى باب خارجي آخر وكأنها تأمل أن يدخل ليستر منه:
- أراهن أنه غير موجود هنا.

تبين فعلا أنه غير موجود وبعد مضي نصف ساعة من التمرين وفيما سيل تلقن باتي الكلمات التي نسيها رفعت رأسها فرأت أن باتي لم تنس في الواقع بل وصول ليستر هو الذي انتزع الكلام من رأسها

قال بصوت طنان معتذرا :
ـ آسف على تأخري ..تأخرت في العمل.

علق رجل بالقرب من سيل تعرفه باسم جيري:
ـ ألسنا نحن من ينشغل دائما!

مع أنها اضطرت إلى إخفاء ابتسامتها لم تستطع سوى الموافقة على الكلام فعلى الرغم من أنهم يعملون جميعا في المؤسسة صور ليستر الأمر وكأن وظيفة أهم من وظيفة أي واحد منهم.

عندما أعلن المخرج استراحة وأخذ بالتداول مع باتي ومجموعة أخرى تقدم ليستر إلى سيل فابتعد جيري عنها لاحظت سيل نظرة الاهتمام التي صوبها ليستر إليها .. ولكنها عرفت أنه يحاول التظاهر عندما قال لها:
ـ آه.. سيليا أما زلت تبحثين عن رأيها ثم عادت وترددت ..

فقد لاحظت أنه ناداها باسم سيليا لا سيل وهو ما يناديها به الجميع فأدركت أنه ألقى نظرة على ملفها الشخصي ..ترى ألديه أسباب جوهرية تدفعه للتأكد من قدراتها ومن الاطلاع على سجلها الذي يضم عن عملها في السنوات 3 المنصرمة ؟

قالت بعدما وجدت أنه لا يتطرق إلى هذا الموضوع بغية التأثير فيها :
ـ هذا ممكن

- أنا واثق أنك ستهتمين حين أخبرك..



اتسعت عينا سيل وهي تصغي إليه وهو يقول لها كيف وصلت رسالة بالتلكس في وقت متأخر من بعد الظهر من مكتب مؤسسة بيكون في القاهرة تفيد أن إحدى السكرتيرات الماهرات في الفرع ستعود إلى انكلترا وإنهم يطلبون سكرتيرة أخرى عندها المستوى ذاته لإرسالها فورا.




سرعان ما أصبح عقل سيل شبكة مشوشة من الأفكار ..لكن وبما إن أفضل رغبات قلبها كانت دائما رؤية أهرامات الجيزة التي تعرف أنها لا تبعد كثيرا عن القاهرة لم تستطع سوى إن تشهق:

ـ القاهرة ! أتعرض علي وظيفة في القاهرة؟



سارع ليستر يقول:



- إنها وظيفة مؤقتة




ثم تابع يشرع لها أن مفاوضات دقيقة تجري في القاهرة بشأن عقد تكرير كمية من النفط الخام ..وتابع:

ـ أصيبت السكرتيرة المالية هناك بمرض ما ..وهذا يذكرني بان عليك التوجه إلى القسم الطبي غدا لتسالي عن اللقاحات التي ستحتاجين إليها قبل ...



أوقفته سيل قبل أن يتابع :

ـ مهلك لحظة !إلى متى هي مؤقتة؟ وماذا سأفعل فيما بعد؟



فجأة خبا بعض انفعالها .. فمن الروعة أن يسافر المرء بسرعة إلى الشرق الأوسط لكن ماذا سيحدث لها بعد انتهاء هذه المهمة المؤقتة؟ ما زال عليها تسديد أقساط شقتها لذا لن تقبل بسرعة بدون التفكير في طريق تسديد هذه الإقساط الشهرية .




يبدو أن لدى ليستر ردا على كل السؤال.:

ـ سيرحب السيد روبرتس بك بذراعين مفتوحين



وعاد شعور سيل بالبهجة يرتفع مجددا .

سنا المجد
09-06-2009, 15:43
عادت إلى منزلها تلك الليلة وعقلها يدور بالأسئلة والردود التي جرت بينها وبين ليستر ودخلت إلى شقتها حيث راحت تعيد التفكير في كل شيء ؟
العقد الذي تكلم عنه ليستر موافق عليه تقريبا لان أقامتها في القاهرة ستكون شهرا ونصف . وهذا الأمر كما فكرت فيه و هي تدخل إلى مطبخها لتعد لنفسها شرابا ساخنا هو أفضل ما يمكن التوصل إليه من وجهة نظر رئيسها السيد روبرتس الذي لن يسمح لها بالذهاب ...ولكن ربما لن يعترض كثيرا أن كانت المدة التي ستتغيبها شهرا.. وهذا غياب لا يتعدى زمن عطلتها السنوية.



ولكن عليها ألا تفكر في هذه الوظيفة وكأنها عطلة لأنها اضطرت إلى إنفاق مدخراتها لتأثيث الشقة وأصبحت العطلة في خبر كان .أبعدت أفكارها عما له علاقة بالعطلات ولو من بعيد .

كانت غير متأكدة أن لليستر القدرة على إن يعرض عليها وظيفة مؤقتة في القاهرة فهو لا يملك مركزا عاليا في دائرة شؤون الموظفين ..لكن أقلقتها حتى اضطرت إلى التساؤل بلباقة :
ـ أيعرف السيد تراير أنك تعرض علي هذه...



أدركت أنها لم تكن لبقة لأن ليستر رد مدافعا عن وقاره وقاطعها :

ـ يستمتع السيد تراير بأشعة الشمس في مكان ما في الهند.. وفي غيابه بت المسئول عن المكتب .



ـ أهو في إجازة ؟




ووجدت أنها شغلته عن كرامته المهانة حين أجاب إن رئيسه يبتعد دائما عن شواطئ انكلترا عن شهر شباط ثم يقول إن عليها معها غدا جواز السفر ليحصلوا لها على إذن الدخول إلى مصر .




ذهبت سيل إلى النوم وهي تحاول كبت إثارتها ..فلقد طلب منها ليستر إلا تذكر شيئا للسيد روبرتس حتى يتصل بها غدا .. وهذه ما جعلها تتساءل مجددا عما إذا كان متأكدا بمقدار ما أوحى إليها .تذكرت أنه قال بان التلكس وصل متأخرا بعد الظهر ولم تستطع إلا إن تفكر في إن مطالبتها بالتريث يعني اضطراره إلى إقناع شخص ما أولا في مكتبه بأنها الشخص المناسب لهذه المهمة..




فجأة أحست بالفخر بنفسها .. ولماذا لا تذهب ؟ فشركة بيكون للبترول منتشرة في العالم كله.. وغالبا ما ترسل الموظفين والسكرتيرات في مهمات حول الأرض كلها ..مثل تلك السكرتيرة العائدة من القاهرة ..فلماذا لا تذهب هي ؟




احست بإثارة منعتها من إغماض عينيها ومرت سلسلة من الأفكار قبل أن تغفو. أخيرا تلبدت أفكارها بسبب النعاس.. بحصولها على الوظيفة بغية التأثير في باتي بقوة أو لأنه يريد التفريق بينها وبين باتي فهما يفعلان كل شيء معا ؟ أتراه ملهوفا لتنحيتها عن الدرب ليخلو له الجو مع باتي ؟




طرأت على بالها الفكرة ذاتها في الصباح وهي قاعدة في المكتب . كانت من خلال نظرات ليستر إلى باتي من انه مهتم بصديقتها ولكن من الغريب إلا يقدم رجل له تباهيه على الطلب من باتي الخروج معه .




ـ صباح الخير سيل

حياها السيد روبرتس المديد القامة المعقوف الأنف الأبوي الوجه فشعرت سيل فجأة بالذنب يغمرها ..

ردت:
- صباح الخير سيد روبرتس

أرادت إن تخبره بنقاشها مع ليستر ليلة أمس ولكنها تذكرت ماطلبه منها .
بعد ساعة ظنت أنها أحسنت صنيعا لأنها لم تخبر السيد روبرتس بشيء .. فعلى ما يبدو انه ليس هناك ما تخبره به. وبدأت تدرك إن الوظيفة المؤقتة قد تحولت إلى سكرتيرة أخرى فانزعجت .. أنها مؤهلة كالكثيرات ولا بد أنها من أفضل السكرتيرات .. وإلا لماذا عهدوا إليها بهذه الوظيفة التي تقوم بمهماتها ؟

بعد دقيقة رن جرس هاتفها وقال ليستر :
ـ من الأفضل إن تحاولي الحصول على إذن دخول

ـ أتعني .. أني ذاهبة

رد متباهيا :
- ألم أعدك بها ؟

لكن سيل ساعتها باتت غير مهتمة بتباهيه فهي ذاهبة ..إلى مصر ! أنها ذاهبة .. لترى الأهرامات . لكن السفر لم يكن بالسرعة التي كانت المطلوبة. فقد كان عليها غدا إذن الدخول والرسميات الأخرى اخذ اللقاحات التي نصحوها بها .

لكن شخصا في شؤون الموظفين اخبر السيد روبرتس بان سكرتيرته توشك إن تسافر في مهمة إلى مصر . وعلى ما يبدو إن الاتصال تم في ما كانت تتكلم مع ليستر . لكن رئيسها لم يبد مستاء عندما دخل إلى مكتبها ووجدها تعيد السماعة إلى مكانها

ـ ما هذا الذي سمعته عن سفرك إلى القاهرة في مهمة ذات أهمية قصوى ؟

سألته بهدوء:
- ألديك اعتراض؟

رد ساخطا:
- اجل ولكنني لن اعترض لان المهمة مؤقتة

ـ سأعود قبل إن تلاحظ غيابي

قامت بكل الترتيبات اللازمة لتحل محلها سكرتيرة أخرى وبترتيبات السفر وما هو إلا أسبوع حتى كانت جاهزة . أمضت سيل عطلة الأسبوع مع والديها في منزلهما الكائن في ايستبورن ثم عادت إدراجها إلى لندن بعد غداء يوم الأحد لتضع في الحقائب كل ما جهزته في أمسيات الأسبوع

لم تفارقها الإثارة قط حتى بعدما حطت الطائرة في مطار القاهرة بعد الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الاثنين وما إن استلمت حقائبها ومرت بدائرة الجوازات حتى كانت الساعة تقارب الخامسة أخذت سيل تفتش عن الشخص الذي أرسل لملاقاتها
مضت فترة لم تتعد الدقائق خلت فيها منطقة الانتظار من المنتظرين ففهمت إن من أرسل إلى ملاقاتها تأخر بعد مرور 15 دقيقة وجدت أنها إمام معضلة ماذا لو نسي الشخص المكلف باستقبالها أمرها أو وقعت له حادثة ؟ الساعة الان الخامسة ولا تعرف إن كان المكتب في القاهرة يعمل من 9 حتى 5 يوميا .. رأت أن من الأفضل إن تتصل بطريقة ما بمكاتب الشركة

لم تجد صعوبة في إيجاد تاكسي حتى خرجت من المطار ولكنها وجدت صعوبة في إبعاد عيني سائق التاكسي عن شعرها الأشقر الطويل

سالت وهي تأمل إن يفهم الانكليزية :
ـ أيمكنك إن تقلني إلى شركة بيكون للنفط في القاهرة ؟

من حسن حظها انه يتكلم الانكليزية وليس هذا فحسب بل عرف فورا أين تقع مكاتب شركة بيكون للنفط وضع السائق حقائبها في صندوق السيارة بسرعة وانطلق وسيل كلها أمل إلا تجد المكاتب مقفلة إن ساءت الأمور بإمكانها المبيت ليلة في فندق .. لكنها أملت إلا يبلغ الأمر إلى هذا الحد وأغلقت عينها عن التفكير في إن يكون شهر شباط هو ذروة الوسم السياحي وان تكون كل الفنادق محجوزة

بعدما توقفت عن التفكير عن المشكلة راحت تنظر إلى الشوارع المزدحمة الذي اقل ما يصفه المرء بالرهيب . السير في مصر هو إلى جهة اليمين عكس انكلترا ولكن السيارات كانت تتجه إلى اقل شق صغير للمرور . بلغ قلبها حنجرتها حين بدا إن السائق اتجه بسيارته نحو رجل جالس على حمار لم يصب بأي أذى والتفتت لتنظر إلى الخلف فشاهدت انه كان غافلا عما حوله

نسيت كل شيء وهي تنظر للإمام مجددا لاحظت إن التاكسي يبطئ المسير وتنفست الصعداء عندما توقف السائق أخيرا إمام مبنى أنيق زجاجي الواجهة . نظرت من النافذة فقرات لوحة مدون عليها بيكون للنفط . ارتدت إلى السائق تطلب منه انتظارها ريثما تتحقق من المكاتب .

لكن السائق كان إن خرج من السيارة ودار حول السيارة ليخرج حقائبها فغادرت السيارة بسرعة واتجهت نحو أبواب الشركة استجابت الأبواب لحسن الحظ فدخلت وسائق التاكسي يلحق بها
ما إن وصلت إلى داخل المبنى حتى رأت رجلا في أواخر 20 من عمره فسألته :



- أتتكلم الانكليزية ؟







رد بلكنة لندنية صرفة :



- معظم الأوقات ...من أنت؟


ـ إنا السكرتيرة البديلة من لندن وصلت للتو من المطار

رأت رغم ذهوله الشديد انه استطاع استعادة وعيه بسرعة .. تناول حقائبها من السائق وجرى بينهما جدال بالعربية وقبل إن تعرف شيئا نقده ثمن أجرة التاكسي وابعد السائق .
ارتد إليها يقول:
ـ القعدة رقم واحد : لا تدفعي المبلغ الأول الذي يطلبونه في الواقع كان عليك الاتفاق على الأجرة قبل دخولك التاكسي

ـ كم أدين لك ؟

ـ انسي الأمر سأضيف المبلغ إلى النفقات العامة .. اسمي إيفان جونز ومد يده إليها

ـ سيل سوفتنغ . لم ادر ما افعل حين وجدتني بمفردي في المطار..


صمتت لدى انفتاح باب يصل إلى مكتب داخلي وخروج رجل في مثل عمر إيفان الواضح انه خرج عندما سمع الأصوات .
قال إيفان بلهجة تنم عن دهشة لوجودها أصلا :
ـ انظر ماذا لدينا هنا ! هذه سيل من مكتب بيكون من لندن .. سيل هذا مدير مكتب بيكون في القاهرة اليكس بايرد .

قال اليكس وهو يمد يده أيضا :
ـ تشرفت بمعرفتك سيل
ـ ألم تتوقعوا وصولي ؟

رد اليكس:
- انتظرنا في الأسبوع الماضي بديلة . كان على فرع لندن إن يعلمنا .. ولكنك هنا الآن وأهلا بك .. متى تناولت طعاما ؟
لم تتوقع سؤالا كهذا ولكن بسبب خمود الاثارة التي اختبرتها ساعات انها جائعة .
تناولت وجبة في الطائرة .

ـ أي منذ ساعات ..كنت إنا وايفا على وشك تناول الطعام .. اتركي حقائبك هنا

نظر إلى ساعته وقال لايفا :
ـ لن يكون هنا قبل ساعتين .. ومن الأفضل إن نذهب الآن

كان الثلاثة جالسين في مقهى فندق وسيل منكبه على طبق عجت بالجبن حين علمت المزيد عمن يتوقعون وصوله بعد ساعتين.
لم تكن على علم بالمكان الذي ستلقي رأسها عليه تلك الليلة ولكنها على أي حال في صحبة رجلين من مواطنيها وهما يعرفان القاهرة جيدا فقد أمطراها بملاحظات عما عليها إن تفعله أو لا تفعله مثلا قالا لها انه في الوقت الذي يجب ألا تحاول الحصول على تخفيض للسعر من المحلات الكبرى من الضروري الجدال في الأسواق الشعبية ...
والأكثر إن ما يفسد متعة تجار الأسواق لا ليدخل الزبون معهم في لعبة التفاوض والجدال
على أي حال لم تعد مسالة المكان الذي تبيت فيه الليلة امرأ مهما بعدما عرفت إن اليكس هو الشخص الذي يدير المفاوضات بشان عقد تكرير النفط الخام لذا لا شك أنها ستعمل معه .
كانت تهم بطرح سؤال عليه عن الجرثومة التي أصيبت بها سكرتيرته السابقة فدفعتها للعودة إلى البلاد ولكن إيفان قال فجأة إن وصولها اليوم توقيت جيد فاليوم أفضل من الغد

فسالت:
ـ لماذا بالتحديد؟


ـ لأننا نقفل في الخامسة ونترك العمل اليومي
ـ وهل من سبب جعلكما لا تغادران اليوم في الخامسة

ـ صحيح ...اتصل موري بروكس قبل وصولك مباشرة ...


ـ موري بروكس ؟

كان الاسم كالأسطورة في شركة بيكون في لندن صحيح انها لم تقابله أبدا ولكنها تعرف اسمه جيدا .. فهو إضافة إلى مركزه في مجلس الإدارة (حلال المشاكل) في الشركة أينما وجدت في العالم ..سالت وهي تشعر بالإثارة مرة أخرى:
ـ وهل موري بروكس هنا .. في مصر ؟
ازدادت إثارتها حين سمعت رد اليكس
ـ ليس في مصر وحسب بل في طريقه إلى القاهرة في هذه اللحظات .

ـ من أين هو آت ؟


ـ من الإسكندرية

وعرفت الآن إن سبب وجود اليكس وايفا في الشركة هو اتصال موري بروكس الذي هو في طريقه ليوقع أوراقا ليجهزاها له

عادت برفقتهما إلى المكتب ..في ذلك الوقت كان نور النهار قد ولى وبدأت تشعر بأنها لن تعترض أبدا إن أعطاها احدهما ولو تلميحا عن المكان الذي ستخلع فيه حذاءها تلك الليلة .. لكنها قررت إلا تسال فمن الواضح إن اليكس وايفا متوتران بسبب زيارة السيد بروكس .


كانت الساعة تقارب الثامنة عندما قال اليكس الواقف قرب النافذة :
ـ انه هنا

هب إيفان واقفا فانتقلت العدوى إليها لأنها ما إن انفتح الباب الخارجي حتى هبت واقفة . اعترفت لنفسها أنها كانت منفعلة بسبب فكرة اللقاء بالسيد موري الذي طالما سمعت به.

سنا المجد
09-06-2009, 15:45
بعد دخول الرجل المديد القامة العريض المنكبين الأشقر الشقر إلى الغرفة لم تعد سيل واثقة من أحاسيسها فقد بدا لها موري في 37 حوله حاله من المعرفة والسيطرة على كل شيء إما عيناه الرماديتان فلا تفوتان شيئا أبدا .


دخل وحقيبة أوراقه في يده .احني رأسه للرجلين ثم ركز عينيه الحادتين على عينيها البنيتين الواسعتين وقال ببرود:
- من أنت ؟


لم تكن سيل معتادة على إن يكلمها احد بهذه الطريقة لكنها لم تجتز هذه المسافة كلها لتتجادل مع احد أعضاء مجلس الإدارة .. فكان أن جمعت شتات نفسها كي لا تتأثر بسرعة وقالت بصوت واضحة النبرات :
ـ اسمي سيليا سوفتنغ .. أنا بديلة السكرتيرة التي عادت إلى انكلترا في الأسبوع الماضي


قاطعها بفظاظة :
- أتقولين إنهم غضوا النظر عن تعليماتي وأرسلوك بديلة عن ديان ماكفرسون ؟

ـ أعتقد أن هذا ما فعلوه

لكن هذا لم يكن ما اعتقدته فما أن رنت كلمته (تعليماتي )في أذنها حتى تلاشت بسرعة كل الإثارة التي شعرت بها نحوه .. إذ أنها علمت أنها اخط الظن عندما اعتقدت أنها ستعمل مع اليكس بايرد فجأة تلقت ذبذبات مؤكدة بأنه سكون رئيسها المؤقت .

فيما كانت عيناه الحادتان تحدقان إليها شعرت إن وظيفتها المؤقتة لم تدوم أبدا لأنها وهي تنظر إليه قرأت الدلائل بشكل صحيح فان موري سرعان ما سيأمرها بالعودة إلى انكلترا على متن الطائرة
القادمة
2ـ لا أريدك أنثى


لم تعرف كم من الوقت ظل موري وسيل يتبادلان النظرات الحادة فقد كانت ساخطة منه مرتبكة من تصرفه ومن كونه الرجل الذي أرسلت إلى مصر للعمل معه حتى إن هناك من يراقبهما .

لكن موري لم يكن ناسيا .. فمع أنها كانت تتابع التحديق إلى عينيه الباردتين الفولاذيتين نقل بصره إلى الشاهدين الآخرين ثم أمرها بفظاظة :
ـ الحقي بي .

ارتد على عقبيه دون ان يستأذن من مدير فرع القاهرة ودون التأكد من أنها تلحقه ودخل إلى مكتب اليكس .
أقفلت سيل الباب خلفهما ان كان لديه ما يقوله من كلمات فظة فهي تفضل الا يسمعها احد.

صاح قبل ان تترك أصابعها الباب :
ـ من عينك لهذه الوظيفة؟

ـ ليستر... ليستر آثمور .من شؤون الموظفين انه يعمل هناك

أملت أن تبدو الأمور أفضل حالا ولكنها اكتشفت أنها جعلتها أسوء بكثير ..إذ سألها بلهجة اتهام :
ـ هل هذا الآثمور صديق لك؟

أحست سيل للمرة الأولى بأنها حشرت في الزاوية ولم يعجبها هذا الإحساس
ـ أجل ..ولكنني حصلت على العمل بجدارتي وليس بواسطة شبكة الصداقات

ـ هل أنت واثقة من هذا ؟

ترددت سيل قليلا .. ولكنها أدركت أن الرجل الحاد العينين الذي تقف أمامه قد لاحظت ذلك التردد..
ـ اجل .. كل الثقة

ـ لقد استدعيت إلى قسم شؤون الموظفين أليس كذلك؟

أدركت سيل ان امامها رجل ينتزع الحقيقة من أي كان اراد الكشف عن الظروف ام لم يرد ..فسألت:
ـ وهل هذا مهم ؟ اخبرني ليستر آثمور عن هذه الوظيفة الشاغرة تلك الليلة لاننا كنا معا بعد التلكس الذي وصل ولكنني أعمل في شركة بيكون منذ ثلاث سنوات . ولاشك أنه قرأ ملفي الشخصي ورأى .. كفؤة ومؤهلة لهذه الوظيفة

ظل موري ينظر اليها مدة ثانيتين ببرود ثم هز جسمه قليلا وسالها مجددا :
ـ هل تشمل كفاءتك الفائقة الطلاقة في اللغة العربية ؟

ـ أنا ..لا لم يقل لي ليستر..

عرفت انها ستعود سريعا الى انكلترا .. وأنها بقولها هذا لا تسدي لليستر خدمة.
ـ لم أعرف انك تطلب سكرتيرة تجيد اللغة العربية

ولكنها بدأت تحس بالسخط ..ففي الوقت المحدود المتوفر كان من الصعب جدا ان يجد ليستر سكرتيرة تتقن العربية .

قال موري وشظايا الثلج تومض في عينيه:
ـ الواضح انه لم يخبرك كذلك انني طلبت رجلا من أجل المهمة !

ردت:
- لاشك انه الامر التبس عليه بسبب التلكس .. مع انني أظن أن علي أن أشير في حال مرور زمن طويل على غيابك عن بريطانيا ان هناك شيئا اسمه المساواه بين الجنسين ساري المفعول الآن في بلادنا وليس من..

وهذا كل ما استطاعت ان تقول لان رئيس مفاوضي الشركة قاطعها:
ـ تبا لهذه المساواة !

فجأة أغضبها أن يصيح بها هكذا شخص ما فردت بحدة:


ـ وهذا أمر مثالي من رجل مثلك !





ـ انت لا تعرفين شيئا عن رجل مثلي ! ولن تعرفي!





ـ ولا أريد ان اعرف





في كلماته تأكيد انها لن تبقى هنا فشعرت بغضب لم يسبق ان شعرت بمثله واردفت بحرارة:

ـ لا استغرب ان تعود ديان ماكفرسون الى بلادها مريضة العجب الوحيد ..




قاطعها بصوت عاصف :



- اعلمي ان ديان ماكفرسون لم ترجع الى انكلترا بسبب المرض بل لانني طردتها حين أظهرت أنوثتها وتركت مشاعرها تقف في وجه عملها

حلاوة طحنيه
10-06-2009, 19:57
مشكوره سنا المجد على الروايه الحلوه
(ماري الله يوفقك ان شاء الله بالجامعه واحنا مقدرين غيابك لكن لكي وحشه اذا تاخرتي علينا)

سنا المجد
14-06-2009, 13:24
اسفة ع التأخير بسبب عطل الجهاز .... يالله نكمل

سنا المجد
14-06-2009, 13:32
وقفت سيل مصدومة دهشة :

ـ انت ارسلتها الى بلادها ؟ انت طردتها ؟

رد فظاظة:

- هذا ما قلته

لم تستطع تصديق ما سمعت:

ـ بسبب عواطفها؟

ـ لقد استدعيت الى هنا بعدما تعثرت المفاوضات مع شركة اوزوريس وجئت للعمل وجاءت هي من اجل العمل ايضا ..العمل الذي اتولاه متع بما فيه الكفاية هذا دون اضطراري الى التعامل مع انثى تعمل هرموناتها بشكل زائد

صاحت تكرر مذهولة :

- تعمل هرموناتها بشكل زائد

قال بقسوة :

- لا ادري كيف تصفين المراة التي تاخذ على عاتقها اعلان حبها الذي لا يموت ؟

اتسعت عيناها في وجهها وسالت باسى :

- لك انت ديان قالت لك انها تحبك؟

ـ اذا كنت سكرتيرة امينة لن تكرري ما سمعته خارج هذه الغرفة

ـ وكانني سوف ...

صمتت هل تتصور ما رات ان هناك اشارة الى انه قد يسمح لها بالبقاء لاتمام العمل الذي ارسلت من اجله؟

لم ينتظر حتى تتم جملتها بل حتى هدد:

ـ من الافضل لك الا تفعلي ! وان كنت بتحسين مستقبلك في الشركة فعليك الا تتركي هرموناتك تخرج عن سيطرتك وانت تعملي معي

ـ حسنا من الافضل لي....

- لدي متاعبي التي تكفيني في تسوية المصاعب التي يضعها بديع حسني يوميا في طريقي هذا دون اضطراري الى قضاء وقت اضافي لاعيد النظام الى موظفة تقرر ان تكون انثى امامي

لم تعرف سيل من هو بديع حسني ولكنها لم تكن مهتمة وقتئذ بمن هو فقد كانت تنظر الى موري بذهول كامل ..الرجل يرهق اعصابها هذا الرجل يحذرها من التفكير فيه على نحو رومانسي وهو فعلا يحذرها من هذا

قالت عندما استردت انفاسها :

- اؤكد لك سيد بروكس ..

ولكنها صمتت مجددا لقد عرفت انها باقية شرط ان تحسن التصرف تسارعت الى عقلها ذكرى رغبتها الشديدة في رؤية اهرامات الجيزة وسرت اثارة معهودة في نفسها وعرفت انها رغم اضطرارها للعمل لهذا الجلف الظالم ترغب في البقاء .
سال بقسوة :
- نعم؟

ذكرها تساؤله بانها لم تقل له ماذا تؤكد له فكررت :

ـ اؤكد لك ان النفط قد ينقلب الى الماء قبل ان تحتاج الى فرض قواعد السلوك علي في هذا المجال .

هل املت بهذا ان تصيبه ولو قليلا ..اذن اصيبت بخيبة امل انه لم يتاثر بل جرأ ومن ثم امرها :

- هه اخرجي وانتظري في المكتب الخارجي وقولي لبايرد أن يدخل

فكرت سيل هل سمع بكلمة ارجوك ؟ لكنها قالت لاليكس :

- يود السيد بروك سان أن يراك

هرع اليكس الى مكتبه اما ايفان فقال بعد اقفال اليكس الباب وراءه:

ـ كان من المفترض بي ان اذكر لك ان السيد بروكس يريد رجلا ليحل مكان ديان ماكفرسون .

سرعان ماعادت سيل الى طبيعتها التي لا تتاثر :

-ليس الامر مهما لا اظن ان احدا كان يدرك ما هو طلب السيد بروكس.

قال ايفان شارحا :

- لقد طبعنا التلكس هنا

ابتسمت سيل :

- هكذا اذن .. هل من مكان استطيع فيه غسل يدي؟

بعد تهربها راجعت في فكرها المقابلة مع موري فازداد غضبها ان الطرد التعسفي من العمل طريقة خبيثة لفرض آداب السلوك على أي انسان كان ! مسكينة ديان ماكفرسون !

غادرت سيل غرفة الملابس بعدما قررت العمل الى درجة الانهيار لئلا يستطيع موري انتقاد عملها لاشك انه وافق على بقائها بسبب حاجته اليائسة الى السكرتيرة ومن المؤكد انه يبادلها الاحساس بالكراهية

فجأة خطر ببالها انه ليس بحاجة للاعجاب بها أليس كذلك ؟ في تلك اللحظة بالذات رسخ ببالها ان السبب الوحيد الذي جعله لا يامرها بالعودة حاجته اليها في مضمار عمله فانتظار سكرتير قد يستغرق اسبوعا آخر

في هذا الوقت ادركت سيل انها متعبة مرهقة وانها كانت شاكرة ايفان على الكرسي الذي قدمه لها اثناء انتظارها موري واليكس بايرد لينهيا عملها في المكتب الاخر

سالها ايفان بعفوية وهما منتظران :

- كيف كانت لندن حين غادرتها ؟

فكرت حزينة :

- لندن

حاولت ان تتذكر لماذا كانت ملهوفة الى مغادرتها وتذكرت الاهرامات وابتسمت لايفان وهي تساله :

- منذ متى وانت بعيد عنها ؟

لم تسمع لرده لان الباب الداخلي انفتح وخرج موري وحقيبة اوراقه بيده . رات سيل نظره الحاد يتحول من ثغرها الملوي الى ايفان ثم اليها مجددا فعلمت من نظرته انها نالت نقطة سوداء اخرى . الاولى انها انثى والثانية لانه ظن انها تمضي الوقت بالعبث مع ايفان .

قال يامرها بصرامة :
- تعالي معي

اتجه الى الباب الخارجي بخطى ثابتة

تحرك اليكس وايفان بسرعة لاعطائها حقيبتها لكنها سبقتهما اليها في هذا الوقت كان موري قد خرج من الباب القت تحية عابرة على الرجلين لانه لم يتسن لها الوقت لتحييهما كما يجب
ـ اراكما مرة أخرى.

نظرا الى الحقيبة ثم هرع ايفان ليفتح لها الباب ولحقت بالرجل الذي تكرهه فعلا بدل الاعجاب به.

بعد الدقيقة على لحاقها به احست بغضبها يغلي ويطفو الى السطح من جديد فتوقفت فجاة ورمت حقيبتها من يدها مقررة:تبا له هذا يكفي!

ولكن وقت هذا التحدي كان قصيرا ففي تلك اللحظة وصل الرجل الى سيارة سوداء انيقة وتوقف هو ايضا التقطت سيل حقيبتها مجددا وحتى وصلت اليه كان قد فتح الباب وارتد ليفتح الصندوق .

مد يده وتناول الحقيبة الثقيلة التي وضعها في المؤخرة وكانها لا تزن شيئا .

سالته بعدما اغلق الصندوق وتذكر شيئا من ادب الكياسة ليفتح لها الباب الاخر:

- الى اين نحن ذاهبان ؟

ـ الى الاسكندرية!

تركها تحدق اليه بذهول ولكنه عاد وارتد الى مقعد السائق . الاسكندرية!

جمعت نفسها قليلا وجلست في السيارة واغلقت الباب في هذا الوقت كان موري قد جلس وادار المحرك رات سيل ان الازدحام في الشارع مازال مجنونا مع ان الوقت تجاوز الثامنة .

انتظرت فقط ولاحظت انه يقود سيارته بين ذلك الكابوس من السيارات والابواق المرتبكة فكرت ان اسئلتها لن تؤثر في قدرته على القيادة.

سنا المجد
14-06-2009, 13:36
سالته ببرود:
- كم تبعد الاسكندرية؟
تنازل وادار راسه نحوها:
- حوالي 200 كم
200كم ابتلعت ريقها بصعوبة وكتمت صيحة تعجب لان هذا يعني ان الوصول قد يستغرق 4 ساعات.
ـ ظننت انني ساعمل في القاهرة
قال موري ساخرا:
- بدات تتذمرين
استطاعت السيطرة على نفسها ولكن ملاحظته تلك جعلتها تفكر في انها تفضل الموت على ان تمنح هذا الرجل المثير فرصة لانقادها ثانية من تستطيع ان تقع في حب رجل كهذا ؟ لاشك ان لدى ديان ضعف في عقلها
اخذت سيل ترغي وتزبد بصمت بسبب الرجل الذي قادها سوء طالعها الى الجلوس قربه. ثم خمد تدريجيا غضبها ... لاحظت انهما تركا القاهرة خلفهما وسارا بسرعة على الطريق الرئيسية وعادت الاثارة تتصاعد الى نفسها مجددا فابعدت مؤقتا أي تعب تحس به ..انها هنا ..في مصر حقا ولم تعد مهتمة بهذا الرجل الحقير الذي يقود سيارته انها ماهرة في عملها وسيرى ذلك بام عينه
لم تدر كيف تسلل موري مجددا الى افكارها ولكنها سرعان ما نحته بعيدا وركزت بصرها على سلسلة متعقبة من اللوحات الاعلانية الضخمة .
سرعان ما اصبح الانوار لوحة القيادة تاثير المنوم فيها اذ بدات تغمض عينيها تدريجيا فحاولت ان تبعد النوم عنها لكن التعب جمع قواه وفجاة خسرت المعركة
عندما استيقظت وجدت ان السيارة متوقفة ففتحت عينيها لما عادت الى كامل وعيها احست بالرعب لاكتشافها انها جنحت اثناء نومها وان راسها يستند براحة على كتف موري!
فكرت ان عليها ان تعتذر لاستخدامها كتفه كوسادة ام تحجم عن ذلك وتساءلت نظرا لمعرفتها برأيه بديان عما اذا كان يظن ان عندها النوايا ذاتها . لملمت نفسها قطعة واحدة وقررت الا تعتذر
سالته بتحفظ:
- اين نحن؟
فقدت تقريبا كل تحفظها وكل آثار برودتها حين رد عليها وهو يخرج من السيارة
ـ امام شقتي
خرجت من السيارة وانضمت اليه الى حيث كان يخرج حقيبتها وسالت :
- لماذا؟
قال بتحد:
- ماقصدك بهذا السؤال؟
لم ترد بل وقفت تحدق اليه فنظر اليها نظرة تثير التوتر ثم قال بصوت عدائي:
ـ الساعة الآن 11 وانا اعيش هنا ان تظنين انني سادور الاسكندرية بك بحثا عن مثل هذا الوقت من الليل فقد وقعت في خطأ.
سالت:
- أتقول انني ساقيم هنا ؟
لم يكن هناك مبرر للرد بسبب وجود حقيبتها في يده واقفاله لصندوق السيارة تقدمها الى البناء السكني ولكنها لم تشكرة فأقل ما قد يفعله هو ان يحمل حقيبتها لكنها كانت مسرورة لانه على ما يبدو فهم من كلامها انها تفضل الفندق على ضيافته.
لكن بدا ان من غير المعقول ان هذا القذر الذي يلقي تحية على حارس المبنى باللغة العربية قائلا:
- مساء الخير حسنين ينوي اختبارها .
بطريقة ما سمعت نفسها تقول :
- هل هناك سيدة بركس؟
كانا قد وصلا الى منبسط الدرج في الطابق الاول وكان يدس مفتاحا في احد الابواب حين رد بعجرفة :
ـ لدي أم ....في انكلترا
تمتمت وهي تحس بوخز عجرفته المتعالية
ـ لن اسالك عن والدك !
فجاة طفح الكيل بها واحست انها متوترة توترا يجعلها لاتهتم بما اذا كان سمعها ام لم يسمعها
لكنه سمعها ولم تكن لتدهش ان سمعت ردا لاذعا مؤلما يرتد اليها بسبب ايحاءها بانها تشك في ان يكون له اب ابدا فجاة رات شفته تلتويان .. ولم تصدق انها اثارت روحه المرحة اذ سرعان ما عاد الى تجهمه وتلاشى المرح الذي بان
قال:
- قد اكون اسوأ مما تظنين آنسة سوفتنغ لذا لا تجربي حظك كثيرا
وفتح الباب ليدخلا الى الشقة .
كانت واسعة فيها اثاث يدل على الترف كانت الشقة شقة رجل بكل ما للكلمة من معنى فلا اثر فيها للزهور او للمسة امراة احست احساسا بدائيا بانه لو كان متزوجا لفرض على زوجته مرافقته اينما حل .

سنا المجد
14-06-2009, 13:38
سالت قبل ان تفكر:

ـ انت لست متزوجا ؟

وتمنت لو ادخرت انفاسها اذ قال بقسوة اصبحت تعرفها:
ـ فليهنأ بالك أنا لا اخلط ابدا عملي بهذا النوع من التسلية!

تسارعت عدة انواع من الردود الى شفتيها ولكنها كبحتها كلها في الوقت المناسب انها متعبة ولاشك انه متعب بعد قيادة السيارة مدة 8 ساعات من والى الاسكندرية .

عندما سمعته يقول انها غير مضطرة لاقفال باب غرفتها عليها تلك الليلة اثار هذا سؤالا آخر فسألته ببرود:
ـ هل لي غرفة نوم أذهب اليها ؟

ـ من الافضل لي ان اريك المكان

وتلقت رسالة ثانية مفادها انه لا يريد منها ان تقترب من غرفته في الليل بحثا عن الحمام
ربما انا مفرطة الحساسية هذا ما فكرت فيه وهو يريها المطبخ والغرف الاخرى ...

كان المطبخ حسن منسجما مع سائر ارجاء الشقة . ولكنها عرفت بان الشقة قد تكون ملكا للشركة بدا له ان يسال عند انتهاء جولتهما في الشقة:
ـ هل انت جائعة؟

هزت راسها نفيا:
ـ أريد سريري فقط فانا مستيقظة منذ...

تلاشى صوتها بسبب نظرته الشرسة واقتنعت انه على وشك ان يرميها بقول مفاده : انقذيني من تذمر النساء.
فصرت على شفتيها وتقدمت لتحمل حقيبتها فسالها ساخرا:
ـ هل انت متعبة تعبا يجعلك لا تتمكنين من تحضير فراشك ؟

لما هزت راسها نفيا حمل اليها الشراشف واقتادها الى احدى الغرف ثم قال لها :
ـ عمت مساء

ردت سيل ببرود وسرعان ما اقفل الباب عليها يا له من متغطرس !
فتحت الشراشف التي اعطاها اياها انه غير متمدن !

بعدما حضرت الفراش دخلت الى الحمام عبر ممر في الخارج فغسلت وجهها ونظفت اسنانها وكم شعرت بالراحة لانها لم تقابل مضيفها فقد رات منه في يوم ما يكفيها العمر كله !

لقد حذرها من الاقتراب منه لقد حذرها فعلا وبدأت تحس بمزيد من الغضب قاومت لتبقى هادئة لئلا تخرج بحثا عنه لتقول له ماذا يمكنه ان يفعل بوظيفته !
بعدما استكان غضبها تذكرت تصميمها وعزمها على ان تريه مهارتها في العمل فهل ستهرع هاربة الى انكلترا عند اول حجر عثرة يواجهها ؟
لا ستبقى ولن تهرب مهما فعل موري تعلم انه لن يتوقف عن اهانتها ولكنها غير مستعدة للعودة على أي حال لا لن تعود قبل ان ترى الاهرامات .

انتهى الفصل الثاني..

سنا المجد
14-06-2009, 13:42
3ـ لا تساوي شيئا عنده

نامت نوما متصلا لم تستيقظ الا في صباح يوم الثلاثاء فتذكرت انها ليست في انكلترا بل في مصر ابتسمت ابتسامة ولكن ابتسامتها تلاشت حالما تذكرت رئيسها الذي ينوي طردهما بصفاقة ان وقعت في حبه.

انها هنا للعمل لا للاستلقاء في الفراش ولكنها تنمت لو تحل به مصيبة كالوقوع عن الدرج او كسر ساقه او ما شابه!

كان موري يحتل حيزا كبيرا في راسها ولربما هذا امر طبيعي دفعت الاغطية عنها ومدت يدها الى المبذل انها لا تسمع له حركه ولكن احساسها ينبئها بانه من الاشخاص الذين لا ينامون الا قليلا وثبت انها على حق في هذا فلقد اكتشفت ما ان غادرت فراشها وتوجهت الى الحمام بانه نهض وبدا الحركة في المنزل واستحم كذلك فعندما تقدمت الى باب الحمام تفتحه خرج مرتديا روبا وفيما تتامله ادركت انه يتاملها هو ايضا .

فتمتمت :

صباح الخير
قال بفظاظة :

- استخدمي الماء الذي في الزجاجة لتنظيف اسنانك .

ثم تجاوزها فدخلت الى الحمام اما هو فتوجه الى غرفته عندما مدت يدها لتفتح صنبور المياه رات يدها ترتجف من جراء مقابلتهما وهذا امر غريب لكنها غير معتادة على كره احد ما ان عادت الى غرفتها حتى ارتدت بسرعة بذلة عملية مؤلفة من قطعتين خفيفتين ووضعت بسرعة بعض المكياج على وجهها علمت انها لن تنام الليلة القادمة في هذه الشقة فرتبت السرير وطوت الشراشف ولم يبق امامها الا شد رباط حقيبتها الخروج لتعرف ماذا سيجري الآن
تركت حقيبتها في الوقت الحاضر واخذت حقيبة الكتف ثم خرجت تبحث عن موري الذي وجدته جالسا في المطبخ كان يرتدي بزة لا شائبة فيها وقميصا حريريا ابيض وربطة عنق حريرية لاحظت انه بهي الطلعة وانه قد بدا العمل فهو يراجع بعض الملاحظات المطبوعة التي يحملها باحدى يديه بينما اليد الاخرى تحمل فنجان قهوة .

رفع راسه وقال لها :
- في الابريق قهوة

بدا انه يستحسن ما ترتدي ثم قطب وعاد الى الصفحات المطبوعة قائلا :

- اصنعي لنفسك التوست

وجدت الخبز الذي وضعت منه قطعتين في الة التحميص ثم صبت لنفسها فنجان قهوة ساد الصمت في المطبخ وهي تمسح الخبز بالزبدة والمربى اكلت الخبز بصمت ولم تحاول ان تقاطع تركيزه

افرغ كوب قهوته ايضا وبدل الجلوس والنظر اليه جمعت الاطباق المتسخة وغسلتها ثم جففتها حينما التفتت اليه وجدت انه توقف عن دراسة الاوراق واخذ يراقبها !

قالت باختصار :

ـ انا مرتبة بطبعي

رد بجفاء:

ـ انا مسرور بما اسمع .

رفع حقيبة اورقه ودس فيها ما كان يدرسه من اوراق واقفلها ثم سالها :

- جاهزه ؟

عرفت سيل من لهجته ان حياتها لا تساوي شيئا عنده فاسرعت تتبعه عندما توقف فجاة عند الباب كادت تصطدم به نظر اليها نظرة فوقية وقال :

ـ لم انوي ان تكوني ضيفة دائمة عندي

سالت مستغربة:

ـ ماذا؟

ـ حقيبتك ...آنسة سوفتنغ... حقيبتك!

امتقع وجهها وقد تذكرت حقيبتها فهرعت تجلبها وعلمت ان بشرة يديها ستصبح قاسية بعد العمل معه تمتمت ما ان عادت اليه :
- الحمد لله لان الامر لن يتعدى الشهر

ومرة اخرى لم تكن تابه ان سمعها ام لم يسمعها , تناول الحقيبة منها بلا تعليق ثم سار بخطى ثابته نازلا الدرج ولكنها لم تلمح في الافق ساقا مكسورة سارت سيل برشاقة وهي غير مستعجلة للحاق به وضع حقيبتها في الصندوق وكان على وشك الجلوس وراء المقود حين وصلت امام الباب الاخر

خطر ببالها وهما ينطلقان ان تسال الى اين ولكنها شعرت انها تفضل انتزاع لسانها على طرح أي سؤال عليه فلياخذها الى حيث يريد بالامس اعتقدت انها ستعمل في القاهرة لكنها اليوم في الاسكندرية فهل سيقومان برحلة طويلة اخرى قبل ان تصل الى مكان عملها؟

ابعدت تفكيرها عن نفسها وعن رئيسها المشاكس وراحت تراقب المناظر التي تمر بهما . كان السير في الاسكندرية مزدحما كحاله في القاهرة وكانت ابواق السيارات تنطلق بقوة وكان من المثير للاهتمام ان ترى الملابس الغريبة تمتزج بالملابس الشرق الاوسطية ورات سيل نساء يتشحن بالسواد ويضعن الحجاب على رؤوسهن
كانت الشمس تشع بشدة واحست بحرارتها الشديدة فجاة رات رجلا يرتدي ملابس سميكة ومعطفا !
كانت تفكر في انه يستحيل على هذا الرجل العيش في انكلترا ان كان يظن ان مثل هذا الطقس بارد حين خفف موري سير السيارة وبدا انه يفتش عن مكان يقف فيه ما ان ترجل حتى ترجلت وتبعته كظله الى داخل مبنى يشبه المبنى الذي كانت فيه مكاتب مؤسسة بيكون للنفط في الاسكندرية .. بدأ ولدهشتها يعرفها الى الجميع .
قدمها الى امراة مصرية جميلة :
- هذه جميلة التي تعمل على الاتصالات وهذه الآنسة سوفتنغ التي ستبقى معنا مدة ..
التفت الى سيل ثم تابع :
ـ شهر فقط أهذا ما قلته؟

ابتسمت سيل لجميلة التي مدت يدها اليها :
-هذا صحيح
ثم قدمها الى رجل ظهر حالما سمع صوته وقد عرفت انه سمير سائق المؤسسة الرسمي والمرسل العام ثم ادخلها موري الى المكاتب الاخرى حيث التقت رجلا في الثلاثين من عمره يعتبر صلة الوصل مع الشركات المصرية المحلية وهو هيوغو مارتن واكمل موري التعارف مناديا اياها سيليا سوفتنغ ولكنها اسرعت تختصر اسمها الى سيل عندما صافحها هيوغو ولم تهتم بنظرات رئيسها الحادة فهي تريد منه ان يفهم ان عليه ان يناديها هو شخصيا بسيليا او بالآنسة سوفتنغ

قال هيوغو مبتسما ابتسامة دافئة :

ـ لم يكن في مركز لندن من تمتلك نص جمالك عندما كنت اعمل فيه .

قاطعه موري بحدة:

ـ لو انهيت حديثك اللبق مع الآنسة سوفتنغ يا مارتن لتمكنا من متابعة عملنا

ابتعد هيوغو عن سيل مرتاعا ثم قال بشجاعة بينما موري يجرها الى الخارج :

ـ اراك فيما بعد

أدخلها موري الى المكتب التالي الذي كان فيه ممثل الشركة القانوني دافيد اوربوري الذي يبلغ حوالي 44 ويحمل درجة جامعة في القانون الانكليزي واساس قوي في القانون المصري علمت سيل انه وموري يعملان معا ً.

ابتسم دايفد وقال :

ـ سرني التعرف اليك سيليا

فكرت سيل ان الطلب منه استخدام اسمها المختصر امام موري مبالغة كبيرة فلاذت بالصمت بعد بضع دقائق من النقاش الذي دار بين الرجلين صحبها موري الى مكان عملها كان مكتبها في الطابق الاول يعمه النور والهواء وفيه احدث الألات .
قال موري :
ـ مكتبي عبر هذا الباب

دخل الى مكتبه ثم عاد بعد لحظة حاملا حفنة من الشرائط المسجلة قائلا :

ـ هدية لك

ووضعها على مكتبها وفي عينيه نظرة تقول ستتركك هذه الكمية صامتة فترة لكنه قال :

ـ يجب ان اخرج الآن

.وتركها تعمل .

ابتهجت سيل عندما راته ولكنها فكرت ان امامها عملا كثيرا بسبب طرده ديان بدون مقدمات وهذا يناسبها اخيرا ستبدا العمل , بعد ساعة وفيما كانت غارقة في مهمتها اكتشفت ان نبرة صوت موري رائعة وان رنته اعجبتها لم يكن ذلك الاعجاب قويا لكنها اعجبت بطريقة عمله اذ لا عيب في جمله الحازمه الواضحة ووجدت حقا انها تاثرت بقدرته على املاء مقاطع طويلة عالية التقنية دون تردد او همهمة , سرعان ما غرقت مجددا في عملها ولم تدرك ان ساعة اخرى مرت.
حتى انفتح الباب ودخلت جميلة حاملة فنجان قهوة ابتسمت الشابة المصرية الجميلة:

ـ أظنك بحاجة الآن الى فنجان قهوة آنسة سوفتنغ
شكرتها سيل :

ـ ناديني سيل


أمضتا بضع دقائق في حديث ودي عرفت خلاله سيل انه نال مصرفا قريبا فهي بحاجة الى عملة مصرية وكانت جميلة تقول لها :

ـ لكنه يقفل في الثانية عشرة والنصف
حين رن جرس الهاتف الذي تركته مفتوحا قبل ان تترك مكتبها فصاحت:

ـ يجب ان اذهب لدي مخابرة واختفت بسرعة .

في فترة الاستراحة توجهت سيل الى البنك وعادت الى مكتبها وهي تشعر بانها افضل حالا بسبب وجود المزيد المال معها بدا الكمية القليلة التي سمح لها بادخالها الى البلاد مازال امامها الكثير من العمل ولانها لم تشاهد موري منذ خرج فقد عادت الى عملها مرة اخرى وكانت تعمل على انجاز ما لاحظت انه وثيقة سرية .

حين انفتح الباب الذي ولج منه هيوغو وهو يقول :

ـ وقت الغداء

صاحت مستغربة :

ـ حقا ! كيف مر الصباح بسرعة !

قال هيوغو مبتسما :

ـ افترض من قولك هذا انك مستمتعة بعملك

-دركت سيل مصدومة انها استمتعت فعلا بالعمل الذي قامت به هذا الصباح ووجدته اكثر اثارة وحماسه من العمل الذي تقوم به للسيد روبرتس في لندن


أردف هيوغو :
ـ جئت اصحبك الى الغداء

ردت عن غير وعي وعقلها مازال غرقا في الوثيقة التي كانت تطبعها :
- غداء ؟

ابتسم:
ـ ألن تتناولي الغداء معي سيل ؟

فكرت سيل في القبول ولكنها لم تتمكن من قول شيء له لان الرجل المرهف السمع وقف في الباب فجاة واجاب هو نيابة عنها:
ـ لدى الآنسة سوفتنغ موعد غداء مارتن

ـ أوه!

ارتد هيوغو بحدة ثم التفت الى سيل مبتسما :
ـ اراك فيما بعد اذن

سنا المجد
14-06-2009, 13:49
ما ان دخل موري الغرفة حتى غادرها هيوغو بسرعة , لم تجادل سيل فالسكرتيرة الماهرة احكم من ان تجادل ولم تنس انها قالت له ان هذه الوظيفة عهدت اليها بسبب كفاءتها ولم تنس انه سالها ساخرا:

ـ هل انت واثقة من هذا؟



هكذا سالت :

ـ ألدي وقت كاف لانهاء هذا الصفحة ؟



اجاب باختصار :

ـ هذا وقف على سرعتك في الطباعة



عادت الى عملها بسرعة فتقدم ليتناول ما طبعته في الصباح وجدت وجوده مثيرا للاضطراب لكنها تابعت طباعة الصفحة حتى اخرها وضعت الصفحة على المكتب ثم رتبته




علمت انه سيعلق على شيء ما عندما اعاد الصفحات المطبوعة اليها مع انها تشك في تلقي المديح منه ولم تتلق شيئا لكنها وجدت في نبرته دهشة ما :

ـ حسنا.. سكرتيرة تعرف ان تهجيء اطول الكلمات التقنية اللزوجة المتحركة !



تمتمت ببرود:

ـ يجب ان ترى كيف تعاملت مع ما هو اصعب منها !



كادت تتغلب عليها رغبة في الضحك فاحنت راسها لتاخذ الشرائط المسجلة وسالت :

ـ ألديك خزانة حديدية؟



ـ ثمة واحدة في مكتبي ولدى دايفد اوربوري واحدة

اشار اليها لتلحق به



رات مكتبه كبيرا كطاولته ولكنها دهشت حين رات طاولته نظيفة لانها في الصباح رات الاوراق مكدسة معه وضع الحقيبة في الخزنة الحديدية وارتد لياخذ الاشرطة والنسخ المطبوخة التي انجزتها ادركت فجاة انه كذلك يحمل الكثير من العمل في راسه .




اقفل الخزنة ثم التفت لينظر اليها في تلك اللحظة تغلب عليها فضولها فرغم عزمها على عدم السؤال عما هو موعد الغداء الذي يمنعها من قبول دعوة هيوغو لم تستطع منع نفسها من السؤال :

ـ هل انا بحاجة الى جلب شيء؟



وجدت انه لم يجد صعوبة الى اللحاق بقطار افكارها :

ـ لدينا غداء عمل ولكن بامكانك ترك دفتر ملاحظاتك



كانا في السيارة حين سالته:

ـ هل لك كان تقول لي ما هو دوري في غداء العمل هذا؟



رد بتحفظ :


ـ دورك يا آنسة سوفتنغ انك سكرتيرتي




ردت ببرود قدر المستطاع:

ـ فهمت



ولكنها رغبت في صفعه كيف لهذا الرجل القدرة على ان يسلبها رباطة جاشها ؟ تعتقد انه يفعل ذلك هذا عامدا متعمدا

أردفت:
ـ سيد بروكس ربما لديك ملاحظات تبديها بشان...



قاطعها:

ـ باختصار عليك ابقاء عينيك واذنيك مفتوحة



سالت :

ـ وهل ستقابل شخصا من مؤسسة بريطانية؟



توقعت ان يكون الضيف انكليزيا لانه يعرف انه لا تتكلم العربية ولكنه سرعان ما بدد افكارها :

ـ ضيفي على الغداء هو السيد بديع حسني



ـ آه !




ولانها سمعت اسم السيد بديع حسني من قبل ولانها سمعته أكثر من مرة في عملها هذا الصباح سرت لانها ستتعرف اليه سالت :

ـ يعمل السيد حسني في مؤسسة أوزوريس أليس كذلك؟



ـ بل هو المؤسسة نفسها




فتحت سيل فمها ثم اطبقته مؤسسة اوزوريس هي الشركة التي تتفاوض معها مؤسسة بيكون لتوقع عقد التكرير وهي ستتناول الغداء مع الرجل الذي مؤسسة اوزوريس واو...!




لم تطل الرحلة اذ سرعان ما اوقف رئيسها السيارة امام فندق ضخم يطل على مياه المتوسط فيما كان موري يرافقها الى الفندق بدات سيل تشعر بالفخر لانها تسير جنبا الى جنب مع رئيس المفاوضين في شركة بيكون للنفط ولان رئيسها كان المضيف وصلا قبله وفيما كانا ينتظران وصوله بدات سيل تحس بالاثارة لانها ضمن هذا اللقاء .




ما طبيعة هذا العمل الذي سيدور حوله النقاش انها تتوق الى معرفته فبعدما شاهدت بنفسها ان رئيسها تعمد ترك حقيبة اوراقه في المكتب استنتجت ان ما سيناقشانه الآن لن يكون رسميا. وصل بديع حسني الذي وجدته رجلا مكتنزالجسم في 50 من عمره كانت ملابسه انيقة فخمة وهكذا كان الرجل الذي يرافقه والذي في 25 من عمره.




حيا حسني موري بانكليزية تامة :

ـ صديقي ! لقد ابقيناك منتظرا !



رد موري وهو يصافحه:

ـ أبدا بديع



أشار بديع الى الشاب الذي معه :


ـ تعرف ابني حسين لن تمانع ان انضم الينا ؟




ـ بالتاكيد لن امانع




وصافح حسين ثم التفت ليقدم المراة النحيلة الى جانبه.

ـ وصلت سيليا من لندن بالامس لتساعدني في اعمالي المكتبية



أحست سيل ان قلبها يتخلى عن خفقة غريبة سخيفة لانه ينوي استخدام اسمها الاول


سأل بديع:

- أرحلت الآنسة ماكفرسون؟




ـ اضطرت الى العودة الى انكلترا بشكل طارىء بسبب مسالة لا علاقة لها بالعمل




فجاة تدخل حسين حسني :

ـ ألن تقدماني الى سيليا ؟



كادت عيناه تاكلان وجهها وشعرها الاشقر

ابتسم والده:
ـ لا تكن لجوجا يا بني



ولكن الشاب كان نافذ الصبر لانه لم ينتظر ان يقوم احد بالتعارف اذ صافحها :

ـ أنا حسين حسني يرسلني والدي الى بلدان مختلفة دائما لاوسع معرفتي بصناعة النفط لكنني سعيد بوجودي الآن في مصر



احست سيل بشيء من الارتباك بسبب طريقة هذا الرجل في مصافحتها لكن طبيعتها الباردة التي لا تتاثر دعمتها فردت ببرود:

ـ لاشك ان عملك مثير للاهتمام



قال موري:

ـ هل لنا ان نذهب الى غرفة الطعام؟



نظر اليها موري بسرعة وعرفت انها سجلت علامة سوداء اخرى في سجلها عنده

لانه كان مضيفا جديرا بالاعجاب مرت الوجبة بدون ان يحس احد دون سواها بانها ارتبكت هفوة قررت ان تضع المسالة جانبا لتركز على العمل الذي امامها ولكن ما استغربته انهما رغم ذكر شركتي اوزوريس وبيكون لم يتطرقا الى العقد الذي هو السبب الرئيسي لهذا الغداء.



لكن كان عليها الاعتراف بانه لم تستطع التقاط كل شيء يقال فحسين الجالس قربها بدا غير مهتم بالعمل وكان دائم التعليق على امور خارجة عن الموضوع .

سالها وهم يشربون القهوة بعد الغداء :
ـ هل سمعت انك وصلت بالامس فقط ؟



ـ أجل .. أنا ...




قاطعها:



- هذا يعني انك لم تشاهدي شيئا من الاسكندرية؟ وساهتم بهذا فورا!




لم تفارق عيناه بشرتها العاجية اللون او عينيها البنيتين, بذلت سيل جهدها لئلا تبدي امتعاضها من حماس الشباب المفتوح .هو أكبر منها بسنتين تقريبا ولكنه يبدو اصغر منها كانت مدركة بان عليها الا تفعل ما يغضبه مع انها لا تعرف ما اذا كان موري من وجهة نظر عملية سيوافق على قبولها ما تظنه دعوة من حسين والذي طلب منها أن تستخدم اسمه الاول.


قالت بخفة بعد لحظات :
ـ في الواقع حسين أنا هنا للعمل

ـ لكن لا يمكنك العمل طوال الوقت ! ساريك شيئا من الاسكندرية بعد ظهر اليوم ساصحبك الى المتحف الاغريقي الروماني

بدات تحس بانها واقفة على شفير الهاوية ..فنظرت الى موري وكلها امل ان يتدخل ليساعدها ولكن املها خاب لانه قال ساخرا لها :
ـ يجب الا تهملي ثقافتك سيليا

تمسك حسين بما اعتبره اذنا من رئيسها :
ـ هاك ! لقد انهينا الغداء ....وسنذهب الآن و ....

قاطعته سيل بسرعة وتكلمت باندفاع دون ان تمهل نفسها فرصة للتفكير :
ـ آسفه حسين لدي عمل كثير ينتظرني في مكتبي . ومن المستحيل ان أخرج معك اليوم ..شكرا ....

قاطعها :
- اذن غدا

هب واقفا :
- اظن لدي والدي وموري امورا يناقشاها ولا تهمنا ... فهل نتمشى في الخارج؟

لم يكن أمامها سوى الموافقة فلربما رافق حسين اباه لهذا السبب بالذات لابعاد سكرتيرة موري عن الطريق ليتمكن الرجال من المناقشة بعيدا عن اسماع احد على أي حال كان بديع يبتسم موافقا ولكنها وجدت رئيسها لا يبتسم ولا يامرها بالبقاء قالت لحسني بخفة:
ـ انه لطف منك

اعتذرت من الرجلين وتركت المائدة لتخرج مع حسين من الفندق القابع في مكان معزول , تساءلت سيل عما تتكلم مع حسين لكن ما كان عليها ان تقلق فقد قام هو بكل الكلام الضروري مع ان معظم كلامه كان على شكل اسئلة تتعلق بحياتها في انكلترا .

قال وهما يسيران في حدائق الفندق :
ـ اذن لا رجل محدد في حياتك في انكلترا؟

ـ أخرج مع مجموعة اصدقاء

وابعدته عن الموضوع حين لاحظت سيارة متوقفة في ارض الفندق مزينة بالشرائط الملونة وباقات الزهور :
ـ هل هذه سيارة زفاف؟

ـ اجل

لكنه لم يبد اهتماما بما كانت اهتمت به, كانا راجعين الى الفندق حين ظهر لهما في البهو فجاة موري وبديع فدنت سيل من موري الذي كان يصافح بديع وودعتهما هي ايضا وهي تشعر بالراحة لانها خرجت من غداء العمل هذا بدون ان تلزم نفسها بشيء مع حسين سارت بسرعة تتبع خطوات موري الى السيارة

كانت جالسة في مقعدها و موري يقود السيارة مبتعدا عن الفندق حين تساءلت عما اذا كان اتفق على أي شيء مع بديع فكرت في الامر قليلا ثم قررت ان عليها كونها سكرتيرته حاليا ان تبدي اهتماما

ـ هل تمكنتما من تقريب وجهات النظر في المفاوضات ؟

سرعان ما تمنت لو لزمت الصمت لانه رد عليها بعنف ساخر :
ـ وهل انت مهتمة لهذه الدرجة؟

ـ وماذا تقصد بكلامك هذا؟

ـ لاحظت انك كنت اكثر اهتماما بتشجيع تحرشات ابن بديع

احتجت بشدة:
ـ لم اكن اشجعه اذ كان ما فعلته انني حاولت ان اكون مؤدبة ... ان...

ـ لم تستطع عيناه مفارقة وجهك؟

ـ انا لم افعل شيئا كي...

قاطعها مرة اخرى :
- لم تكوني مضطرة لفعل شيء... انه مظهرك

ـ ليس لي يد في مظهري

وتمتمت في نفسها غاضبة يا للوقح ! واشاحت بوجهها عنه فيما كان فكه يشتد بعدوانية ويظهر عدم تاثره بغضبها كانا على وشك الوصول الى المكتب حين خطر لها ان تتساءل عما اذا كان هناك اطراء ولو خفي في كلامه حين قال لها انه مظهرك ولكنها ابعدت الفكرة وكانما هذا يهمها فالرجل متوحش

حيت موظفة الاستقبال بمرح :
ـ مرحبا جميلة !

ابتسمت الفتاة الاخرى :
ـ مرحبا سيل

صعدت سيل الى مكتبها غير عابئة برئيسها الذي اتجه الى مكتب دايفد اوربوري وكانت بتصرفها هذا تقول لنفسها : فليدعني وشاني انما ليس قبل ان يفتح خزانته ويعيد اليها العمل الذي تقوم على انهائه.

توقعت ان يصعد الى مكتبه في اية لحظة فجلست ترغي وتزبد فترة .. فكرت : يا له من رجل قذر رهيب ! ثم تذكرت ان حقيبتها ما تزال في صندوق سيارته وان لا فكرة عندها عن المكان الذي ستنصب خيمتها فيه تلك الليلة ولكنها لن تساله لا لن تساله !

مرت ربع ساعة أدركت انها طوال هذا الوقت لم تفعل شيئا رغم كثرة العمل الذي ينتظرها وتوصلت الى قرار ان هذا كله مناف التقطت السماعة بيدها وسالت جميلة عما اذا خرج السيد بروكس فردت :
ـ انه في اجتماع مع السيد اوربوري ساصلك به

قالت سيل عندما رد السيد اوربوري :
ـ معك سيل سوفتنغ هل السيد بروكس معك ؟

ـ لحظة من فضلك

وفي أقل من لحظة كان رئيسها معها
ـ بروكس

ـ سيليا ..هل لي ان احصل على الاوراق الموضوعة في خزانتك أرجوك؟

كرهته أكثر حين أعاد السماعة الى مكانها بدون ان يرد يا له من متعجرف ! ونهضت لتقف امام النافذة المشرفة على الخارج واقفة في المكان ذاته عندما سمعت وقع قدميه سمعته يدخل الى مكتبه عبر باب اخر ولم تجد ما يدعوها الى التحرك حتى انفتح الباب الموصل بين المكتبين ودخل حاملا اوراقها

قالت بادب :
ـ شكرا لك

ووجدت ان ادبها يضيع على شخص مثله فقد خرج بدون ان يرد, جلست تصب جام غضبها على الآله وبما انها طابعة ماهرة فقد حققت حتى في غضبها عملا كثيرا خاليا من الاخطاء , توقفت لتناول فنجان شاي في الساعة الرابعة ولكن بسبب علمها ان امامها عمل مكدس سرعان ما عادت الى آلتها وفكرت ان موري لم يعطها أي تسجيل اليوم نظرا لكثرة العمل امامها وسوف يضاعف لها العمل غدا هذا ان لم يكن في هذه اللحظات بالذات يملي حملا آخر على المسجلة .

أصابتها لحظة إرهاق فتوقفت لتمدد ظهرها وبرزت لها الفكرة مجددا أين ستنام الليلة ؟وعادت الى الآلة وهي على رايها بعدم طرح أي سؤال ولكن فجاة صدمتها فكرة أخرى انها موظفة جديدة لا يعرفها أحد اذن ما أسهل ان ينسوها ! فكل ما تعلمه ان موري ربما أنهى نقاشه القانوني مع دايفد وغادر المبنى منذ ساعات .

كانت على وشك ان تكون متاكدة من ان الجميع رحلوا عن المكتب ذلك المساء وانها ستمضي الليل في مكانها ولكن فجاة انفتح الباب.

سنا المجد
14-06-2009, 13:52
تقدم موري لينظر الى كمية العمل المنجز ثم قال :
ـ كفاك عملا اليوم . نظفي طاولتك.

بذلت جهدا لتمنع تعليقا ساخرا وبدات ترتب طاولتها وبما ان هناك 7 دقائق حتى 5 لم تجد ما يدعوها الى شكره لانه أنهى عملها اليوم ولكنها تظنه سيعمل حتى المساء اما هنا واما في منزله. أعطته كل مايجب ان يوضع في الخزنة تلك الليلة وكانت مشغولة في وضع غطاء الألة الكاتبة حين عاد الى مكتبها :
ـ جاهزة؟

ردا على سؤاله التقطت حقيبتها ولم يكن لديها فكرة عن المكان الذي سيتوجهان اليه ولكنها تعرف انه المكان الذي ستبيت فيه ليلتها. مازالت مصممة على عدم طرح أي سؤال فهي لن تتفوه الا بما هو ضروري . كانت تتوقع ان تقيم في مكان سكن هادئة محترم سعره مقبول لذا ذهلت عظيم الذهول عندما اوقف سيارته امام فندق فخم . حين خرج من السيارة واتجه الى الصندوق لحقت به وسالت بذهول :
ـ هل ساقيم هنا ؟

ـ لن نجعل حسين يظن اننا فقراء حين ياتي لزيارتك

رفعت ذقنها بغضب واطبقت شفتيها بشدة ثم دخلت معه الى الفندق لو فكرت ان تسال جميلة عن مكان اقامتها لاخبرها ان موري اتصل بهذا الفندق في وقت ما من النهار . انتظر موري الوقت الكافي ليتاكد من حجزها ولكنها رفضت ان تكون شاكرة صنيعة هذا ثم قال لها :
ـ سيأتي سمير ليصحبك في الصباح ويعيدك في المساء
وخرج

كانت غرفتها ممتازة لكن السعادة التي كانت لتشعر بها في مثل هذا السكن الرائع تلاشت في اللحظة التي تذكرت فيها موري الساخرة عن عدم السماح لحسين بان يظننا فقراء

قررت ان تبعد لسانه السليط عن ذهنها واخذت تفرغ حقيبتها وبما ان مؤسسة بيكون للنفط قطعا غير فقيرة قررت ان القليل من الخدمة الى الغرفة لن يفلسها فاتصلت تطلب ابريق شاي. وصل الشاي وكانت تكتب رسالة لوالديها اللذين سيقلقان ان شكا في انها لا تعيش في نعيم حين رن الهاتف فجاة

توقعت ان يكون الرقم خطا فتقدمت ترد وتلقت صدمة حياتها لانها سمعت صوت حسين . كانت تفكر كيف تمكن من معرفة مكان اقامتها عندما ادركت انه يطلب منها الخروج معه الى العشاء فردت بلطف:
ـ أوه ..أنا أسفة حسين ...لكن لم يمض وقت طويل على وجودي هنا وهذا يعني ان امامي عمل أتمه كتوضيب الثياب وما شابه

ـ يمكننا ان نتعشى في الفندق ان كنت متعبة .

ـ في الواقع لست جائعة

لقد اعجبها الرجل لكنها لا تريد ان تذعن لالحاحه .
ـ لقد تناولت وجبة كبيرة وقت الغداء

أخيرا وافق:
ـ حسنا سأنتظر بفارغ الصبر يوم غد لاريك المتحف كما اتفقنا فهل ازورك في المكتب؟

في تلك اللحظات لم تعد تذكر حقا ما اذا وافقت على الذهاب معه الى المتحف لكن بما ان والده هو مؤسسة اوزوريس وبما انها لا تعرف ما اذا كان حسين سيبلغ اباه ان موظفا من موظفي من موظفي بيكون للنفط قد اخلف في وعده له لم تر شيئا آخر تفعله .

ـ سيكون هذا لطفا كبيرا منك

في الواقع لم تكن تفهم كيف لسكرتيره ان تخلف باتفاق قد يؤثر في العقد الذي يحاول موري الوصول اليه لكنها لم تشأ ان تكون هي الشخص الذي يضع ولو اصغر العراقيل في وجه العمل ..

سالها حسين:
ـ هل الساعة واحدة مناسبة؟

أقفلت السماعة بعد دقائق وهي تعرف أنها ألزمت نفسها ولكنها أملت ان تنتهي من زيارة المتحف في فرصة الغداء, أمسكت قلمها الذي تركته وما ان كتبت نصف سطر تقريبا حتى رن جرس الهاتف مجددا . رفعت السماعة وكلها أمل بالا يكون حسينا وكان ان تلقت صدمة أخرى

سالها موري بروكس:
ـ مع من كنت تتكلمين قبل قليل؟

تساءلت مذهولة كيف عرف بانها كانت تتكلم مع احد
أردف :
ـ اتصل حسين يريد عنوانك فهل ستتعشين معه ؟

ارادت سيل ان تترك موري بروكس يلهث وراء الرد لكن هذا قبل ان تدرك ان من حقه بسبب المفاوضات حول العقد ان يحيط بكل ما له علاقة به
هكذا ظنت انه سيسر ان علم بموعدها مع حسين على الغداء

ـ لا .... لقد رفضت ...

قاطعها بحدة وبدا غير مسرورا أبدا :
ـ هل أغضبته؟

ـ بالتاكيد لم أغضبه ...ساراه غدا ..

أرادت ان تكمل ان حسين لم يغضب ولكن الخط انقطع بعدما ضرب موري سماعته بقسوة يقفلها
تمتمت سيل وهي تضرب سماعتها ايضا يا للرجل البغيض انه شخص كريه يرى كل تصرفاتها خاطئة.

4ـ مشاعر خاطئة


في الصباح التالي تناولت سيل الفطور المؤلف من كرواسان ومربى مع القهوة ثم عادت الى غرفتها لتتأكد من مظهرها تساءلت بسرعة عما إذا كان عليها ان تحمل معها محفظة الوثائق التي تقفل بواسطة سحاب ووجدت ان لا ضير في اخذها الى المكتب علما بانها قد لاتحتاج اليها ولكنها لن تاخذ حيزا كبيرا إن تركتها في المكتب وبهذا تكون مستعدة لأي طارئ .

في الثامنة والنصف غادرت غرفتها واستقلت المصعد نزولا الى الطابق الارضي لقد قال لها موري بروك سان سمير آت لاصطحابها ولكنه لم يحدد الوقت الذي سيجيء فيه .

كان اول من وقعت عيناها عليه بعد خروجها من الباب الزجاجي المتحرك آليا وردت على تحيته مبتسمة
سألها :
- هل احمل حقيبة اوراقك ؟

ابتسمت مجددا:
- استطيع حملها

عندما رافقها الى سيارة انيقة وفتح لها الباب اتسعت ابتسامتها إنها في الاسكندرية ياللروعة؟.

ولكن هذا الاحساس لم يقدر له الدوام فسمير هذا ليس ذلك السائق البارد كرئيسها وفكرت سيل ان تجارة صانعي ابواق السيارات في المدينة رائجة جدا . لقد سمعت ان بعض الناس يقودون سياراتهم بالمكابح ولكن في مصر يبدو ان الجميع يقودون السيارات بالابواق .

بفضل قيادة سمير وصلت الى المكتب قبل التاسعة بوقت يسير . قالت له :
- شكرا سمير

فأجاب مبتسما ابتسامة عريضة :
- سانتظرك هنا في الخامسة

وماذا يمكنها ان تفعل امام هذه المعاملة ؟ تمتمت مرة اخرى :
- شكرا لك وخرجت من السيارة الى مبنى الشركة .

حيتها جميلة صاحبة البسمة الدائمة :
- صباح الخير سيل

عندما تقدمت لتتبادل معها بعض الكلمات انفتح الباب الخارجي ودخل هيوغو الذي وجه اليها الكلام وبلا مقدمات :
ـ قولي انك ستتناولين الغداء معي اليوم

فضحكت :
- لقد تناولت الفطور منذ قليل

ـ اعرف ولكنني اشعر بان علي دعوتك باكرا ان كنت اريد الحصول على امتياز رفقتك

أبهجها تصرف هيوغو المرح . لقد قابلت امثاله من قبل وتعرف انه مسالم
ـ لم تبكر بما فيه الكفايه . سبق ان دعيت الى الغداء .

كانت في طريقها الى الطابق الاول حين استعاد وعيه فناداها :
ـ وماذا عن العشاء الليلة ؟

ردت عليه :
- ماذا عن الغداء غدا ؟

ابتسم:
- اتفقنا

عرفت انها سارت طوعا الى هذا الفخ
كان على وجهها طيف ابتسامة حين دخلت الى مكتبها لكنها عقدت حاجبيها ما ان اصبحت في الداخل ورات ان الباب الداخلي مفتوح وعرفت ان موري بروكس وصل قبلها . تذكرت الطريقة الغاضبة التي صفق الهاتف في وجهها ليلة امس وكانت مشتتة الفكر أتلقي عليه التحية ام تحجم ..

ثم رفع رأسه فوجدت نفسها فجاة تحدق الى عينيه الشرستين وقالت ببرود :
- صباح الخير ثم ارتدت الى طاولتها .

كانت قد اخفت محفظة الوثائق ومحفظتها في الادراج حين لاحظت ان العمل الذي اودعته في الخزانه بالامس على طاولتها الآن .. من الواضح ان هذا يعني ان تبدا به حالا وهذا ما فعلت ظل الباب المشترك مفتوحا وعندما جاءت جميلة في الحادية عشر تحمل صينية عليها فنجانان من القهوة توقفت عن العمل حملت جميلة أحد الفنجانين الى موري بروكس ثم عادت الى مكتب سيل ولكنها لم تبق كما بالامس لتبادل الاحاديث .

سنا المجد
14-06-2009, 13:54
ارتشفت سيل قهوتها ثم بسبب حاجتها الى الاستفسار عن عدة امور دخلت الى المكتب المجاور وسألت:

ـ هل من المناسب ان اراك لأستفسر عن بعض الامور ؟



وجدت مكانا فارغا على طاولته ووضعت عليها اوراقا مطبوعة لا خطأ فيها .. فسألها سؤالا لا يضم تشجيعا ولكنه يحمل بين جنباته أدبا :



- ما مشكلتك؟




أجاب عن أسئلتها العملية في وقت لا يذكر . وحينما لم تتحرك فورا نظر اليها ببرود فادركت انه يريد العودة الى العمل .

ـ هل هناك من شيء آخر يقلقك؟



ـ لا يقلقني بالضبط المسالة ان حسين آت في الساعة الواحدة ليصحبني الى المتحف ولست متاكدة من قدرتي على العودة الى المكتب في تمام الساعة الثانية .





رات وجهه يظلم فعلمت انها توشك ان تتلقى انتقادا لاذعا من لسانه السليط ولكنه ابتلع ملاحظته اللاسعة بشكل مدهش .

ـ وماذا تريدين مني ان افعل بهذا الخصوص ؟




ردت بغضب :



- لاشيء





ثم استعادت سيطرتها على اعصابها وأضافت :

ـ كنت اتساءل عما اذا كان بالامكان ان احصل على ساعة غداء اضافية ومن الطبيعي ان اعوضها في المساء .




مال في كرسيه الى الخلف وحدق اليها بعينيه الشرستين الرمادتين اللتين اسرتا عينيها البنيتين .. ثم قال :



- يمكنك ذلك بالتاكيد




فهمت من هذا انه وافق على تمديد ساعة الغداء مد يده ليأخذه العمل المنجز الذي اعطته اياه

ـ تعملين بسرعة .. آنسة سوفتنغ




عادت سيل الى مكتبها وهي تعرف ان الرجل الذي قادها سوء طالعها الى العمل عنده لم يكن يطريها على سرعتها في العمل بل على سرعتها في الحصول على موعد للخروج مع ابن الرجل الذي يعتبر بحد ذاته شركة اوزوريس.





انكبت ثانية على الآلة الكاتبة ولأن العمل الذي بين يديها اسهل من ذاك الذي انجزته وجدت أفكارها تدور . افترضت ان حسين يعتبر صيدا ثمينا ولكن هذا لا يعني أبدا انها مهتمة به .. كان في غاية اللطف ولكنه غير ناضج بالنسبة لها .





انما لماذا قفزت افكارها على حين غرة الى موري ؟ اكتشفت فجأة ان موري ايضا صيد ثمين ..وكأنني مهتمة به



في الثانية عشرة والنصف ادخلت المزيد من العمل له . وكانت واثقة بالرغم من جدارته بأنها تشفق على اية امراة مسكينة ضعيفة الدماغ قد تهتم به ..





سالها بوقاحة وهي على وشك العودة الى مكتبها :

ـ الديك عمل كثير تنجزيه بعد عودتك؟



ابتلعت ردا لاذعا وتمكنت من القول بهدوء :

ـ سأنهي كل شيء واظنني في منتصف الطريق لإنهاء كل ما هو متراكم.




قال وهو يقف:

ـ لا اريد منك ان تضجري ..أنا ذاهب الأن للغداء وقد لا اعود قبلك.




فيما كان يرتب مكتبه عادت الى مكتبها غاضبة . ولم ترفع نظرها حين سمعت باب مكتبه ينفتح نحو الممر الخارجي ثم يقفل .. ليته لايعود تغضن جبينها وهي تفكر .. ألديه هو ايضا ساعة غداء مطولة للعمل ام للمتعة؟




عندما غادرت مكتبها في الواحدة كانت مذهولة لأنها امضت تفكر وقتا طويلا في موري خارج عمله .. وكأنها تهتم ..! حتى ولو صاحت بهذا عاليا ! نزلت الدرج فوجدت حسين بانتظارها في باحة الاستقبال.


قال مبتسما وهو يدنو منها:
- سيليا
ـ مرحبا حسين وصافحته بطريقة ودود.

وما ان خرجا من المبنى حتى ادخلها الى مقعدها في سيارته الفخمة وكان يتحدث عن اصطحابها للغداء.
قالت بحزم انما بعيدا عن اغضابه :
ـ اخشى ان وقتي لا يسمح لي بالغداء وبزيارة المتحف .

احتج:
- انما يجب ان تأكلي ..ثم لقد حجزت مائدة
قبلت سيل ان تكون الوجبة سريعة ..فوافق حسين ..ولكن المشكلة المعقدة ان لا احد كان على عجلة من امره . فلدى حسين بكل تاكيد كل الوقت اللازم في العالم .
والمطعم الانيق الذي صحبها اليه بدا انه مؤمن بان زبائنه يفضلون اطالة الوقت على وجبة سريعة .. لذا كانت الساعة تقارب الثانية حين تركا المطعم .
احست بالراحة لوجودها في السيارة والانطلاق نحو المتحف لكنها اكتشفت ان ارتياحها سابق لاوانه فقد أوقف حسين السيارة في الموقف الخاص وسالته:

ـ أين ...؟

ـ فكرت انك قد ترغبين في رؤية نصب القائد الروماني بومباي التذكاري

ورافقها نحو نصب مرتفع بدا ان ارتفاعه يبلغ 90 قدما

قالت له:

ـ شكرا لك

ولانها احست انه فعلا مهتم بها فتشت في عقلها محاولة ان تتذكر ما اذا كانت قد سمعت ببومباي أو بنصبه

سألت :
ـ بومباي .. منافس يوليوس قيصر ؟

لكن حسين المبتسم دائما هز رأسه :


ـ لا ..

سنا المجد
14-06-2009, 13:57
وراح يوسع من معرفتها قائلا ان النصب الغرانيتي المرتفع اقيم بعد زمن طويل من بومباي وذلك على شرف الامبراطور ديو كليتان .امضيا عشر دقائق يتجولان في الحديقة الصغيرة حيث بساط من الزهور الصفراء .

حين اعلن حسين انهما ذاهبان الى المتحف نظرت سيل الى ساعتها واحست بالراحة مجددا .ل كنها نسيت الوقت بعد دخولها الى المتحف فقد وجدت ان الاثار العائدة الى العهد اليوناني والروماني مثيرة للاهتمام. تجولا ببطء من قسم الى قسم يتأملان التماثيل والمدافن الحجرية والنقوش النافرة واللوحات القديمة .

كانا في القسم الذي يضم عملات معدنية قديمة حين نظرت سيل الى ساعتها فعرفت بذهول وذعر انها مددت فرصة الغداء فوق الساعة ساعة ونصف .. وصاحت :
ـ إنها الثالثة والنصف!

سألها حسين:
- وهل يقلقك الوقت ؟

نظرت حولها بحثا عن المخرج :
ـ لدي عمل

سألها :
- وهل موري بروكس ....آه...مستبد؟

ـ لا . ليس مستبدا .

ادركت انها تمثل بيكون للنفط وان قولها هذا اشارة الى ولائها .
عادا الى سيارة حسين في طريق العودة الى مكاتب الشركة .. وتمنت لو احجم عن ذكر اسم موري .. فالرجل المتوحش يرفض الان ان يخرج من عقلها .

انه مستبد ولكن عليها ان تعترف انه لا يرحم نفسه كذلك . مع ان من الانصاف القول انها هي التي نفسها الى العمل بقسوة وتستمع به .في الواقع تركها موري بمفردها تكمل عملها وهذا لا يعتبر استبدادا باي كان .

كان حسين يوقف السيارة قرب مكاتب الشركة حين فكرت سيل في انها قد لا ترى موري اليوم فهذا يتوقف على موعد غدائه ..فجأة اكتشفت انها لا تعرف ما هي حقيقة احساسها تجاه هذا . فكرت بعد لحظات كم ان تفكيرها هذا غريب فكيف تشعر باي شعور تجاه ذلك الرجل؟

ـ أتتعشين معي الليلة؟

فكرت سيل ان بيكون للنفط تطلب ولاءها لكنها قارنت هذا بالمشاكل التي قد تثيرها لنفسها فيما بعد .. انها مدة شهر واحد!
ـ أنا آسفة حسين .. لدي ما أقوم به الليلة .

أحست براحة شديدة حين قبل حسين رفضها بدون غضب وتمتم بحزن :
ـ اعتقد ان الامور دائما هكذا بالنسبة لك .. سأتصل بك

قالت سيل مرحبا لجميلة وهي تدخل . كانت ملهوفة لتسأل عما اذا كان السيد بروكس قد عاد من الغداء . لكنها ابعدت السؤال وقررت ان تتمنى فقط عدم عودته بل ليته لا يعود هذا اليوم.

ثار توترها وخفق قلبها بشدة بعد دخولها الى المكتب ورؤيته من الباب المشترك قاعدا وراء مكتبه . واجهت نظرته العبوس ولكنها دخلت الى مكتبه لتعتذر :
- لم اتوقع ان اتاخر هكذا ..أنا آسفة .

رد ساخرا:
ـ هذا ما يجعلنا اثنين اجلبي دفتر الاختزال وعودي

يا لحسن حظي!
فكرت سيل في هذا وهي تخرج بعد ساعة من مكتبه ..كيف انكرت انه مستبد ! قعدت وراء مكتبها وهي تأمل ان تعيد قراءة ما املاه عليها بسرعة فائقة في 60 دقيقة الماضية .

لو بدات عملها في الوقت المحدد لما انهت هذا العمل المتراكم حتى السابعة ..في السابعة والنصف كانت اصابعها لاتزال تعمل بسرعة على الالة الكاتبة وكان موري يعمل ايضا . استحوذ العمل الذي تقوم به على انتباهها فلم تع الوقت وكانت تهم بإخراج صفحة من الالة حين شعرت به يترك مكتبه ويقف بالباب .

بدا انه يتاملها بإمعان فحافظت على هدوئها نظرت اليه فلاحظت انه يسد الباب بجسده الذي لا وجود لاونصة من اللحم الزائد فيه اذهلها المسار الذي انجرفت اليه افكارها فهي لا تذكر انها لاحظت مثل هذه التفاصيل في رجل من قبل اشاحت بعينيها بسرعة

وفي اللحظة ذاتها تحرك الى الامام يقول لها :
ـ بامكانك ترك هذا الى الصباح

نظرت الى ساعتها ثم اليه وقالت شاهقة :
ـ أهذا هو الوقت فعلا ؟

قال بتحد وبلهجة عدوانية :
ـ لماذا..؟ أذاهبة الى مكان ما ؟

ـ ليس الليلة

احست بانزعاج جعلها لا تابه وان كان رئيسها فاضافت :
ـ منذ مجيئي الى القاهرة وانا افضل ان اكون وحدي على صحبة احد .

لاتعتقد انها اغضبته فجلده اسمك من ان يؤثر فيه شيء نظرت اليه بعداء اما هو فنظر اليها بعجرفة ثم رات طيف ابتسامة ام تراها تتوهم ؟ ذهلت كما حدث لها مرة وهي تظن انها ترى دليلا على ان لسانها السليط قد سلاه ولكن كما حدث من ذي قبل سرعان ما تلاشى كل اثر للتسلية

أمرها :
ـ رتبي مكتبك. وعاد الى مكتبه

بعد 5 دقائق انتهت سيل من ترتيب طاولتها وتنظيفها ومن وضع الاوراق التي عملت عليها في ادراجها فهي اوراق غير سرية لا حاجة الى وضعها في الخزنة والدخول الى مكتبه وهذا ما جعلها تحس بالارتباك حين سارت في مكتبها وانتظرت حتى اقفل حقيبة اوراقه ثم رفع راسه فقالت :
ـ انهى سمير يوم عمله على ما اعتقد؟

نظر موري اليها بدون ان يتكلم ثم قال بكبرياء :
ـ عليك إما الذهاب بمفردك الى الفندق ..أو ..القبول بصحبتي .

التوت بسرعة شفتاها وارتدت عنه لم تتوقع منه هذا الرد واملت الايلاحظ تسليتها


كان الصباح التالي يوم الخميس حافلا بالعمل وكان موري في اسوء حالاته احست بالسرور لحلول الغداء وغادرت مكتبها لتلتقي بهيوغو في قاعة الاستقبال ثم انطلقت معه الى الغداء لكن ما ان جلسا في المطعم حتى اكتشفت انها ليست الوحيدة التي عانت من لسان موري السليط ذلك الصباح..




اذ قال هيوغو متذمرا :



- ما ان قلت له صباح الخير حتى انهال علي توبيخا





ـ لمجرد قولك صباح الخير ؟




ـ حسنا اعتقد ان لديه سببا شخصيا انه يعمل بكد ليعيد انطلاق المفاوضات مع اوزوريس وما لم يكن يحتاجه هو الا اتصل بالسيد فوزي





كان الاسم مالوفا من خلال المطبوعات الاخيرة فسالت :

ـ السيد فوزي ؟هل هو يوسف فوزي؟



ـ هو عينه





ـ اليس هو احد ممثلي شركة اوزوريس ؟




ـ نعم هومنهم ومن سوء حظي انني كنت مشغولا امس حين عاد السيد بروكس من اجتماعه ليطلب مني ان احضر موعدا بين فوزي ودايفد لبحث عقدة قانونية




ـ يا لهذة الورطة




تصورت ان موري سال هيوغو عقب تحية الصباح عن الموعد فاكتشف انه لم يفعل شيئا...

ـ اعتقد انك رتبت اللقاء الآن؟



ضحك هيوغو :



- أتمزحين ؟ ما هي الا دقيقتين حتى جعلت سمير يقلني الى مقر اوزوريس لأقابل فوزي شخصيا وكان ان تقرر الموعد بعد الظهر . اعلمي ان السيد بروكس يحصل دائما على ما يريد




ـ اتعتقد انه سيحصل على الاتفاق الذي يسعى اليه ؟




ـ ان لم يستطع الحصول عليه فلن يستطيع احد




وتحدث عن بعض الصعوبات يجب التغلب عليها لدفع المفاوضات الى الامام ولكنه قال ان العقبات توالت العقبة تلو العقبة لذا استدعي موري حلال المشاكل.





بعد ظهر الخميس كان اسوء مزاجا من الصباح عدت سيل الى فندقها ذلك المساء وكلها امل الا يتصل بها حسين فكل ما تريد ان تفعله هو رفع قدميها الى الاعلى لتسترد انفاسها وطاقتها فهي لاتعتقد ان لديها طاقة لتجد طريقة لبقة لتقول له انها لاتريد الخروج معه





على أي حال لم يتصل حسين ودخلت سيل الى فراشها لتنام ثم عادت الى العمل صباح الجمعة لتوجه يوما مسعورا كسابقه..تلك الليلة اتصل حسين ولكنها في هذا الوقت كانت قد استراحت قليلا





وقال لها :

ـ اجبرت نفسي على عدم الاتصال بك الليلة السابقة لئلا تضجري مني




ردت برقة :



ـ آه حسين


سرعان ما ندمت على الدفء الذي عم نبرة صوتها فقد بدا حسين بعد هذا وكانه لا يريد مفارقة الهاتف ولكنها رفضت دعوته للخروج تلك الليلة وقبلت يوم السبت دعوة من ليندا زوجة دايفد للذهاب الى منزلهما للعشاء لذلك كانت مسرورة حين اتصل حسين ليطلب منها العشاء معه وكان ان تذرعت بحجة صادقة

فقال باصرار:
- اذن يجب ان تتعشي معي غدا

فكرت في الامر لكنها لم تجد سببا للرفض انه رجل لطيف
ـ ايمكن ان تتناول العشاء في فندقي ؟

ـ لك ما تريدينه.

مع ذلك اتصل بها حسين صباح الاحد ليتاكد انها لم تنس
اعجبت سيل بليندا حين تناولت العشاء معها ومع زوجها ليلة السبت وكان عشاؤها مع حسين افضل بكثير مما توقعت نعم لاتنكر انها فضلت الا يحاول الامساك بيدها اليسرى وهي تحول اكل الارز والسمك والبطاطا لكنه سرعان مافهم الرسالة ما ان

نظرت اليه بوقار وقالت:
ـ انا احتاج الى يدي حسين

صباح الاثنين كان سمير موجودا ليقلها الى المكتب دخلت الى المبنى رافعة قامتها استعدادا للعمل الذي قد يرمية موري بوجهها ذلك الاسبوع . كان في المكتب كالعادة قبلها ولكنه للمرة الاولى بدا مؤدبا وهو يلقي عليها تحية الصباح . على ما يبدو ان كليهما امضى عطلة اسبوع جيدة . هذا ما ادركته وهي ترد عليه باشراق صباح الخير وترى ان عينيه لم تفارقا وجهها ولكن سرعان ما وجد موري انه كان متمدنا اكثر من اللازم اذ اعطاها تعليمات باردة :
ـ ادخلي ودفتر الاختزال .

تمتمت لنفسها وهي تدخل :
- ان قال لي يوما ارجوك فقد اقع ميتة من شدة ذهولي

اتخذت مقعدا ونظرت اليه نظرة فاتنة بعينين بريئتين ولكنها ادركت انه التقط تمتمتها بسمعه الخارق . لم يعلق لكنه بدا عازم النية على الرد على وقاحتها وقد ظهر ذلك في الدقائق الاربعين التالية اذ راح يملي عليها ما يريد بسرعة تفوق سرعته العادية.

وكنت تتمكن من اللحاق به لاهثة ولم تكن قط ممتنة لرنين الهاتف كما اليوم .

سالت برقة وهي تعرف ان جميلة ستتصل بالمكتب اذا لم ترد على الهاتف الخارجي :
ـ هل اذهب لارد؟

ـ هاك
رفع سماعته التي اعطاها اياها فسالت

ـ الو جميلة هل اتصلت بي؟

ـ السيد حسين يتصل بك

وحولت جميلة المخابرة اليها فقال برقة فائقة :
ـ سيليا انا مدمر

وبينما كان كل همها ان تنهي المخابرة اردف يقول انه منذ التقاها نسي امر السفر الى اليابان اليوم وانه اعتقد ان السفر في الاسبوع القادم ثم تابع مطولا يشرح لها ان الوقت غير مناسب للسفر . الوقت غير مناسب اطلاقا ايضا للاتصال هذا ما تاكدت منه وهي ترمق موري وتلاحظ الجليد المتجمع من نظرته

سالت حسين حين توقف ليلتقط انفاسه
ـ كم ستطول غيبتك؟

- اسبوعا وربما اسبوعين

ـ اذن ستجدني هنا حين تعود

واستعدت لتقول له أي شي للخلاص منه
سال بلهفة:
ـ اهذا وعد؟

آه .. النجدة رمقها موري بنظرة غاضبة وبدا على استعداد لانتزاع الهاتف منها في أي لحظة
أجابت بتهور :
ـ أجل .. أعدك

سارعت الى انهاء المكالمة لئلا يجد رئيسها حجة الى طردها
قال موري بسخرية وتجهم :
ـ لعلك لم تنهي الكالمة بسببي؟

ـ انه حسين .... حسين حسني وهو مسافر الى اليابان اسبوعا وربما اسبوعين.

رد بسخرية:
ـ جيد ربما الان استطيع ان اتطلع الى استئثار انتباهك الكامل في ساعات العمل

وقبل ان ترد بانها تعتبر ملاحظته اجحافا انطلق يكمل املاءه فاضطرت الى دفع قلمها لتستطيع تدوين كلماته
مر يوم الاثنين بسرعة وكانت سيل فيه مشغولة حتى تبين لها ان عملها مع السيد روبرتس كان عملا سهلا ولكن ما حيرها ان تفكر في انها لن تستبدل هذا اليوم مقابل يوم اخر من ايام السيد روبرتس

علام يدل هذا بالضبط ؟ وعادت بعد العشاء تلك الليلة الى غرفتها تفكر ايعني هذا انها من النوع الذي يستمتع بتعذيب النفس وانها فعلا تستمتع بالعمل لدى ذلك البغيض موري؟

سنا المجد
14-06-2009, 14:06
عندما اتصل حسين بها في الساعة 3 من بعد ظهر اليوم التالي خالت للوهلة انه لم يسافر ولكنه قال لها انه يتصل من اليابان سالت:

ـ اتتصل من اجل شيء محدد؟



ـ اتصل من اجل ان اسمع صوتك




ان الوضع يخرج عن سيطرتها كانت مسرورة من كل قلبها لان موري غير موجود في المكتب قالت بصوت معتدل :


ـ هذا لطف منك حسين


ثم استخدمت كل لباقتها لتقول له انها تفضل الا يتصل بها في الشركة لكنها اكتشفت ان المشكلة في هذا انه اعتاد الاتصال بها بعد ذلك كل مساء في الفندق وما ان حل يوم الجمعة حتى اصبحت اكثر لباقة في التعامل مع ملاحظاته الحارة

وفي يوم الجمعة ايضا كانت قد اصبحت اكثر اعتيادا على عملها في مصر واحست بتقدم في المساعي مع اوزوريس في صباح يوم وجدت ان الخطوات تتقدم فقد كانت جالسة وراء الالة تنهي مسودة تحضيرية تتعلق بالمشاورات التي جرت بين فوزي ودايفد وكانت ان بدات بهذه المسودة بعد ظهر الامس وعملت حتى وقت متاخر ولكن بما ان عدد صفحاتها كبير لم تستطع ان تكملها

في الواقع كانت توشك ان تنهي طباعة اخر صفحة في الساعة 12والنصف اخرجت الصفحات الاخيرة من الالة والقت نظرة اخيرة عليها فلم تجد شيئا عرفت ان الوقت لن يطول قبل ان يبلغ موري مرماه

جمعت اوراق المسودة وتوجهت الى المكتب الاخر رفع موري راسه فراى الاوراق مرتبة
ـ اهي تامة؟

ـ اجل

احست بالبهجة عندما راح يقلب الاوراق ويقول :
- احسنت صنيعا

تمتمت بفظاظة:
ـ ابذل جهدي

ـ اذن ابذلي جهدك لتعرفي ان كان بديع حسني حرا بعد الظهر سآخذ هذه ......

وتوقف فقد راى في ملامحها ما اوقفه سالها بهدوء :
ـ ما الذي تعرفينه ولا اعرفه ؟

ـ السيد حسني موجود في الاقصر .

رات من الطريقة التي مال فيها الى الخلف بانه يريد معرفة ماهو اكثر
ـ من اين لك هذه المعلومات ؟ اظنني عرفت

ـ اخبرني حسين

ـ وهل عاد من اليابان ؟

ـ لقد اتصل...

رمى العمل الذي سلمته اياه ووقف بطريقة عدوانية :
ـ متى؟

ـ ليلة امس

ـ اتصل بك ليلة امس من اليابان ؟

ردت بتحد رافضة تهويله:
ـ اجل

عرفت من عينيه ان لهجتها لم تعجبه وكذا ما قالته وهي بدورها لم تعجب بنظرة التفكير البارد التي صعدت الى عينيه
ـ ليست المرة الاولى التي يتصل بك من اليابان اليس كذلك؟

ـ انه يتصل كل ..

وتلاشى صوتها بسبب توتر فك موري فجاة ثم اكملت :
ـ لا ليست المرة الاولى

قال لها وعدائيته الان مكشوفة :
ـ بل قولي انه يتصل كل يوم في الفندق كل ليلة منذ اعطيته التشجيع بانه سيجدك هنا كل ليلة لدى عودته

نظرت اليه سيل بذهول لانه تذكر بدقه تفاصيل ما قالته لحسين في الهاتف
حاولت ان تنكر :
ـ لم اكن اشجعه

صاح ساخرا :
ـ لا ادري ماتسمين هذا اذن ولكن ربما لا تعترضين لانه يسعى للحصول عليك واظنك تجدين سعيه مناسبا لك.

قاطعته بغضب:
ـ لا اجد ذلك مناسبا لي انا ابذل جهدي لاسير في خط وسطي فلا اريد ان اغضب الرجل الذي هو ابن الرجل الذي قلت انه يمثل اوزوريس ولا اريد ان اكون غير وفية لشركتي وفوق هذا ان حسين يعجبني ولكنني لا انوي ابدا الذهاب معه بعيدا عن الحد

ابتعد موري عنها خطوة كلامها في ذروته ثم ارتد اليها ليقول بفظاظة :
ـ لن اسمح لك بان تفسدي الجهود التي بذلتها في العمل بان تقولي لحسين بان يهدئ من ثورة غرامه

ردت ببرود:
ـ لن يصل الامر الى هذا الحد

قال ساخرا :
ـ هه ان كنت تصدقين هذا حقا فانت اكثر سذاجة مما تبدين

ولكنه على ما يبدو لا يصدق انها ساذجة ابدا فكر لحظات ثم توصل الى قرار جعلها تشهق :
ـ من الافضل ان تقولي له حين يتصل انك في غيابه اغرمت بي قولي له....

شهقت شهقه ملؤها الصدمة فصمت ولكنها رغم ذهولها ردت بسرعة:
ـ لن افعل شيئا كهذا" لماذا انا غير معجبة بك حتى ولا حتى اميل اليك
وارتدت مبتعدة عنه

افترضت ان موري لا يهتم ابدا بمن يتركه ويبتعد عنه وسط مناقشة ولكنه جعلها تدرك عكس ذلك حين ادارها لتواجهه

قال بصوت راعد:
ـ ومن يريد منك ان تميلي الي؟

سؤاله اصابها بصدمة وابقاها بلا حراك وفجاة جن جنونها من يظن نفسه ليملي عليها ما تفعله بحياتها الخاصة

صاحت مذعورة :
ـ لا بد انك تهذي

ـ لا انا في كامل وعيي وستفعلين ماطلبته منك وإلا......

مرت سيل في الدقائق 10 الماضية بسيل من المشاعر الحادة ولكنها احست فجاة بشعور اخر ...العنف فجاة فقدت مناعتها الذاتية لمنع ذلك وفي لمح البصر طارت يدها اليمنى في الهواء، آلمتها يدها من قوة الصفعة الرهيبة الشرسة التي وقعت على وجهه ولكنها لم تكن نادمة رفعت راسها في الهواء وعادت الى مكتبها كالعاصفة اخذت حقيبتها لتخرج من المكتب ومن المبنى ... النذل ليتها آلمته.

khadija123
14-06-2009, 23:10
السلام عليكم
أهلين حبيبتي "سنا المجد" شكرا لك كثيرا على هذه القصة.
لقد قرأتها في أحد المواقع لكني لم أتممها وأنا جد مسرورة أنك قمت بتنزيلها أنا في إنتظار التكملة لأنني أحب أن أعرف ماذا حدث في النهاية.
أصل القصة شكلها حلو كثير.
أتمنى لك التوفيق في حياتك الدراسية والإجتماعية.::جيد::
إلى اللقاء إنشاء الله.

نسمة..
16-06-2009, 18:20
مرحبـــــــا صبايا كيفكم؟؟
والله مشتاقين...
يسلمو لكـ أختى سنـــــــا..شكل الرواية حلوة جدا.
تحياتي لكـ....ولماري..وللجميع

سنا المجد
17-06-2009, 06:24
شكرا لكم ع تفاعلكم والله فرحت كتير برودودكم
وراح اكملها لكم بإذن الله.............

سنا المجد
17-06-2009, 06:30
5- فجأة ابتسم ...



بعد نصف ساعة كانت سيل جالسة في مقهى فندق مجاور وفنجان قهوة امامها انه وقت الغداء ولكنها بسبب الغضب الشديد لم تستطع تناول الغداء ..كيف تجرأ ؟ يا له من شخص حقير انها مسرورة لأنها ضربته .

مرت نصف ساعة أخرى طلبت فنجان قهوة اخر قررت ان ترمي الوظيفة في وجهه فهي لا تريدها ستعود راسا الى انكلترا نعم هي لم تشاهد الاهرام ولكن اشاهدتها ام لم تشاهدها سترحــــــــــل.

عندما مرت 10 دقائق ولم تتحرك للعودة الى بلدها ادركت انها هدات لكنها مازالت غاضبة منه وبعد 5 اخرى راحت تفكر بعقلها لا بقلبها وغضبها المشتعل .
ادركت عندئذ انها ستسدي لموري خدمة ان تركت الوظيفة وكم سيعجبه ذلك لقد كان حاقدا على السكرتيرات الاناث قبل ان تصل .

في الدقيقتين التاليتين قررت عدم المغادرة فقد تذكرت انها صممت في البداية على البقاء مهما فعل موري بروكس . بدات تبعد عن التشبث برايها لن تهرب انها لن تهرب انها ماهرة في عملها نهضت لتسدد فاتورتها ثم خرجت هذه مسالة لا علاقة لها بمواهبها السكرتارية .

كانت جميلة مشغولة بمكالمة حين دخلت سيل الى مبنى الشركة شامخة الراس ابتسمت لجميلة ثم راحت تصعد الدرج ، كان الباب المشترك بين المكتبين مقفلا وصلت الى مكتبها حيث وضعت حقيبتها ولكنها لم تدرك حتى ذلك الحين ان كان موري في الداخل لم يطل بها الوقت لتعرف فما ان تناولت دفتر الاختزال لتبدا بالطباعة حتى انفتح الباب المشترك .

رفضت النظر اليه بعناد وتابعت العمل حين اقفل الباب مجددا لم يتقدم الى الامام ظنت انه مستند الى الباب يراقبها فتعثرت اصابعها وتوقفت عن الطباعة.
املت ان تخفي عذاب مشاعرها المفاجئ تحت واجهه باردة فجاة تذكرت ديان ماكفرسون .

نعم هي تشك في انها حاولت كسر عظام خده كما فعلت هي ولكنها شعرت بانه ليس في يدها قرار العودة الى لندن او البقاء في مصر لم تكن متوهمة من قبل لكنها الان تعرف انها ستواجه مصير الفتاة لو اصبحت انثى اكثر من اللازم امامه وتذكرت مجددا ما حصل في مكتبه فجاة اصبحت متاكدة من انها ستتلقى اوامر الرحيل.

استقام موري وقال ببرود :
ـ من الافضل ان تعودي الى فندقك لتوضبي حقائبك فلقد..

قاطعته بحدة:
ـ هذا اجحاف....
ووقفت غاضبة ترفض السماح له بان يتم كلامه وتابعت :
ـ انت من بدات هذا ضربتك لانك ..لانك .. بسبب ما قلته كنت تستحق ذلك ..انت ..

ولكنه لم يسمح لها ان تكمل .. فقد صاح بصوت راعد:
ـ لا شأن لعدم قدرتك على كبح طبعك الناري في كل هذا اذهبي واجمعي اغراضك

ـ ايها النذل ايها الحقير

وهرعت نحو الباب عدوا وفتحته ولكنها لم تخرج منه لانه تكلم فجأة بصوت ساخر:
ـ توقفي عن الاطراء آنسة سوفتنغ ..والا غيرت رايي بشان الشقة التي وجدتها لك

وقفت فاغرة الفم ثم ما لبثت ان اغلقت الباب وارتدت اليه بعد ان طار غضبها وغمرها الخجل لانها لو تركته ينهي ما بداه بدل مقاطعته لما كان لديها سبب يدعوها لفقدان اعصابها
ـ وجدت لي ..شقة

ـ اذهبي واجمعي اغراضك

انتقلت سيل الى الشقة التي وجدها موري في ليلة الجمعة ذاتها وكان ان امضت يومي السبت والاحد مستمتعة بمسكنها الجديد .. فالاقامة في الفندق صالحة لقضاء يوم او يومين في بعض الاحيان كانت تتذكر سوء ظنها بموري فتشعر بعقدة الذنب تغمرها لقد اخطات عندما اتهمته بالاجحاف لقد شاهدت منه الان ما يجعلها تعرف انه انسان عادل

كانت محبطة نفسيا بسببه وتشعر بانه من الواجب ان تعتذر منه صباح الاثنين وخرجت الى نور الشمس الساطع فابتسمت لحارس المبنى ثم رات امامها سمير المخلص
ـ صباح الخير سيدتي

ردت بحبور :
ـ صباح الخير سمير

بدات اسبوعها بقول جميلة لها ان السيد موري في اجتماع مغلق مع دايفد وحين وصلت الى مكتبها كان اول ما تلقته اتصال من حسين في اليابان .

سرعان ما سالها :
ـ لماذا لم تخبريني بانك ستتركين الفندق ؟ حاولت الاتصال بك هاتفيا

بدا في غاية الاستياء ..قالت له بحبور:
ـ انتقلت الى شقة جديدة يوم الجمعة

ـ اذن عليك ان تعطيني رقم هاتفك
ـ لا اظن ان لدي هاتفا
حين انتهت من المكالمة وضعت السماعة من يدها ..وبدا لها ان لاجدوى مما اقترحه فكيف تطلب هاتفا لشقتها وهي لن تمكث في هذا البلد طويلا
مر اسبوع كان فيه حسين يتصل بها يوميا في المكتب وفي احد الايام قال لها بصوت درامي انه لن يعود الى مصر قريبا كما كان يعتقد .
في ذلك الاسبوع خرجت سيل الى العشاء مع هيوغو فعرفت انه طلق زوجته منذ مدة غير بعيدة وحاول عدم الكشف عن الجرح الذي ما زال يؤلمه اما في المكتب فبدات تحس بضجيج محدد للمفاوضات نعم لم تجري الامور دون عقبات مفاجئة . فقد طرأ على المسودة التي طبعتها تعديلات كثيرة وفي النهاية اضطرت الى طبعها من جديد.

حين اوشك ذلك الاسبوع على الانتهاء شعرت بالارهاق ولكنها سرعان ما استردت نشاطها وكانت مسرورة برد ضيافة ليندا ودايفد اذ دعتهما الى العشاء .
ما ان دخلت الى مكتبها يوم الاثنين حتى خرج موري من مكتبه اليها . حدجها بنظرة طويلة فظنت انه يتاهب لتوبيخها على شيء فعلته اونسيته .

قال بفظاظة:
ـ صباح الخير .. يجب ان اسافر الى القاهرة .

تمتمت:

ـ ساجد مايشغلني
وبدات بالبحث في اوراقها فاستغربت من اين ياتي هذا الكم من العمل

قال ساخرا:

ـ هه ! توقفي عن التفتيش ..انت قادمة معي الى القاهرة

كانت سيل قد سافرت الى القاهرة من قبل ولكن ذلك تم ليلا اما هذه المرة فكانت الرحلة نهارا لذا رات انه نال فعلا صحراء على جانبي الطريق وان الشمس تسطع بحرارة شديدة فوق الرؤوس . بين الحين والآخر كان يطالعهما الاخضرار والا**** الزراعية لكن سرعان ما كانت تعود الصحراء الى الظهور لم يحدث شيء أثناء الرحلة ولكنها لاحظت ان موري يركز افكاره على امور عملية ويستحسن صمتها ما استغربته في هذا الجو.

لازمها هذا الشعور الى مكاتب شركة بيكون للنفط وكم شعرت بالسرور لرؤية إيفان جونز الذي بعدما حيا رئيسها ابتسم لها وبدا مسرورا برؤيتها :

ـ سيل كيف تسير الاحوال ؟

قاطعه موري:
ـ هل بايرد في مكتبه ؟

وقبل ان تدرك اقتادها الى مكتب اليكس واقفل الباب حيث بدا ثلاثتهم بالعمل ..

حين غرق الرجلان فيما بعد في بحث بعض الارقام خرجت سيل من الغرفة بحثا عن القهوة التقت بعزيزة مثيلة جميلة في فرع القاهرة كانت عزيزة تتحدث الانجيليزية بطلاقة مثل جميلة ولكن ايفان اراد احتكار سيل
قال:
ـ ان هيوغو رجل محظوظ
سالت ببراءة :
ـ لماذا؟

ـ لان مركزه الاسكندريه

ثم انفتح باب اليكس ووقف موري هناك لاحظت نظرته الساخطة فظنت ان هناك خطأ ما لكنها ادركت وهو يخرج الى الباب الخارجي انه لم يكن ساخطا بل مشغولا فكره بشيء ما
نادت عزيزة وايفان:
ـ وداعا
وتبعت موري الى الخارج فكرت انه سياتي يوم لن ينفتح لها الباب بل سيتركها تتدبر امرها وتركض خلفه ولكنها لم تدرك انها كانت تبتسم لافكارها حتى سألها بتحد :
ـ ما الذي يسليك؟

لو عاملها بهذ الطريقة في يوم آخر لرفعت صوتها احتجاجا ولكن الاحساس بالرضى ما زال يلازمها لذا تشعر برغبة ولو ضئيلة في الرد بغضب . فكان ان واجهت نظرته الشرسة بهدوء ثم ابتسمت فجاة:
ـ لقد شربت القهوة اما انت فلم تشربها

أدار المفتاح بالباب وانفتحت الابواب الاربعة

ـ اصعدي

احنت راسها لتصعد ولكنها لمحت فمه يتحرك بما يشبه الابتسامة

كانا على الطريق من القاهرة الى الاسكندرية لمدة سلعة حين انعطف موري عن الطريق وتوجه نحو مطعم حديث لم تستطع سيل اخفاء فرحتها ليس من اجلها فقط بل من اجله ايضا فهي ترى ان عليه ان يستريح قليلا

سألها وهو يرافقها الى المطعم :
ـ جائعة؟

ـ اجل بعد انتهاء الطعام اقترح ان يتنزها على الاقدا على مروج خضراء معتنى بها جيدا .توقفت فترة قصيرة حين وصلا الى قفص ببغاوات وسرها ان موري لم يظهر نفاذ صبره بسبب توقفها هناك بعد ذلك تقدم ليتفرجا على بضع دجاجات .

وفي اثناء العودة الى السيارة ادركت سيل انها استمتعت بيومها وهذا ما جعلها تدرك انه حان وقت الاعتذار منه خاصة وهو في احسن حالاته
ـ انا لم ... اقل حتى الآن انني آسفة

ـ لانك تناولت القهوة في مكتب القاهرة وتركتني اموت عطشا؟

اعترفت ضاحكة وقالت بجد:
ـ لا ..لاني ظننتك مجحفا بحقي

ـ اعتذارك مقبول

ـ اما زال حسين يتصل بك كل مساء من اليابان؟

ـ لا لا هاتف في الشقة

ـ لكنه عرف بانتقالك من الفندق ؟

ـ اتصل بي في المكتب عندما عرف من الفندق انني رحلت

ـ اذن عاد الى الاتصال بك في المكتب يوميا ؟

ردت بحدة وقد تلاشى كل رضاها النفسي :
ـ ليس كل يوم.. معظم الايام

ـ وهذا امر كنت تحتفظين به لنفسك

ـ لا شأن له بالعمل

رعد صوت موري :
ـ بل له كل الشأن فما دمت مسؤولا عن المشروع اريد معرفة كل ما يدور حولي وكل ما يتعلق بأحد أفراد اوزوريس ان ولاءك الاول ياأنسة هو لي لانك تعملين في الشركة
ـ انت غير عادل انا وحسين مجرد اصدقاء لذا لا شان للعمل بصداقتنا

صاح كالعاصفة:
ـ لاتكوني حمقاء هكذا انه ابن الرجل الذي يدير اوزوريس ..

شعرت بالغضب لانه نعتها بالغباء حمقاء نظرت من النافذة الجانيبية ومنذ تلك اللحظة وحتى بلوغ الاسكندرية لم تتفوه بكلمة .
عندما وصلا كان غضبها قد فتر فقد تذكرت ان حسينا هو ابن بديع الوحيد وهذا ما دفعها الى التساؤل عما اذا احتج حسين لابيه في شانها لسبب ما ان امرا كهذا قد يدفعه الى تغيير رايه في صفقة تقدر بملايين من الجنيهات .

وجدت صعوبة كبيرة في ابتلاع اتهامها الثاني لموري بالظلم ولكن عندما اوقف سيارته قرب مكاتب الشركة لم تستطع دفع نفسها للاعتذار فهي ماتزال ساخطة من نعته اياها بالحمقاء .. اضف الى ذلك انها اعتذرت مرة في هذا اليوم وهذا برايها اكثر من كاف .

كانت عند رايها عندما اقلها سمير الى شقتها تلك الليلة ولم تغير رايها حينما اعادها الى المكتب الصباح التالي مع انها حين ذهبت معه الى اجتماع سيعقد بينه وبين بديع لم تستطع الا الاعجاب بموري فقد شهدت بام عينها الطريقة التي تعامل بها مع كل معضلة .
تصورت ان حلال المشاكل يدخل المفاوضات شاهرا سلاحه لكن الامر لم يكن هكذا ولم يكن هناك شك في ان موري قد يصبح قاسيا اذا استدعى الامر ذلك ولكن صبره اللامتناهي اذهلها اما دبلوماسيته فمن ارفع المستويات وهي ظاهرة في رفضه او لينه .
رات سيل بوجه عام ذلك الصباح لماذا كانوا يرسلون موري الى كل مكان حين تفشل المساعي ففي نهاية اللقاء حقق موري اختراقا مؤكدا. [/b][/size]

سنا المجد
17-06-2009, 06:38
امضت بعد الظهر تطبع صفحة بعد صفحة عن امور شديدة السرية احست انها قادرة على مسامحة موري بعدما فقد اعصابه معها كما حصل بالامس ولكنه ما زال يثق بها فهو لم يصحبها فقط الى الاجتماع معه بل كان يسلمها ارقاما واسرارا لو حصل عليها أي منافس لدفع ثمنا باهضا .

ولانها تعلم ان العمل طارىء عملت عليه تلك الليلة حتى وقت متاخر ولكنها لم تكن قد طبعت غير نصف ما امامها عندما حلت الساعة8 ودخل عليها موري الذي كان يعمل مثلها ليقول باختصار:
ـ كفى اليوم.

قضت كل صبيحة الاربعاء في الطباعة ثم حملت ما طبعته الى موري الذي استدعى دايفد الى مكتبه وعندما استدعاها الى مكتبه في 4 من بعد الظهر كان بمفرده وكانت الاوراق التي طبعتها امامه فاتضح لها عندئذ انه ودايفد كانا يراجعان الاوراق بدقة

قال لها :
ـ هلا عملت حتى وقت متاخر الليلة ايضا؟

ان يطلب منها هذا امر ايجابي مع انها تعرف انه سيعلق بشيء لاذع لو رفضت . احست ان للطلب علاقة بالعمل الذي تنجزه

أجابت بجد:

ـ بالتاكيد هل من خطب ؟
رد:

ـ لا ابدا نحن على الدرب السوي

أملي عليها في الساعتين التاليتين مواد اضيفت الى العمل الذي يشغلها سيل التي اصبحت على معرفة تامة بالطريقة التي يبني فيها موري جماه عرفت انه طلب راي دايفد القانوني في مسائل محددة

كانت تشعر بالاثارة بسبب ما يجري ثم ما لبثت ان بدات تشعر بالتوتر عندما املى موري آخر نقطة . حاولت ان تبقى هادئة ولكنها لم تستطع منع نظرة الاشراق والانفعال عن عينيها حين رفعت راسها لتقول :

ـ هذا هو اليس كذلك ؟ العقد اعني .. لقد حققت مآربك انت
وتلاشى صوتها بسبب نظرته الممعنة اليها

مال الى الخلف في كرسيه وقال لها مبتسما فجأة :

ـ صحيح .. الآن علي ان اتوجه الى المطار

ـ المطار ؟ انت .. ستقابل طائرة قادمة ؟

ـ بل سألحق بطائرة ما .. لانني مسافر الى انكلترا

خفق قلبها فجأة ..لقد انهى عمله ..ولن يعود استدعت طبيعتها التي لاتتاثر بسهولة لتقول له:

ـ لا شك في انك سعيد بما انجزت .

ابتسم لها مرة اخرى فشعرت بسعادة لاتوصف

ـ لن اعتبر عملي منجز حتى ارى توقيع بديع قرب توقيعي على العقد البدائي

هب على قدميه ثم قال لها ان دايفد سيعمل حتى وقت متاخر ايضا وانه سيقلها الى المنزل ..ثم وبعدما فكر في كل شيء راح ينظر الى وجهها بثبات ويقول :

ـ اراك لدى عودتي

سار الى الباب وهناك ارتد اليها مجددا :

ـ وداعا سيل

بعد خروجه ظلت سيل تحدق في الباب الذي اغلقه وراءه.. ولم تستطع ان تتماسك فبل بضع دقائق لانها ادركت انها ستشتاق اليه انما ما خطبها ؟ اتلقت ضربة شمس؟

اخيرا تركت مكتب موري وعادت الى مكتبها ونظرت الى ما عليها طباعته من اضافات الى التعديلات وتعليمات على العقد فقررت البدء فورا.

مضت الساعة التالية كلمح البصر ولكنها لم تكن كافية لتقلل من كمية الحمل امامها ثم دخل دايفد ليقول لها انه سيتوقف عن العمل فقالت وهي تلملم الاوراق:
ـ هل استطيع وضع اوراقي في خزنتك؟

ـ بالتاكيد

طال الوقت بسيل تلك الليلة فقد وجدت افكارها تتجه مرارا ومرارا الى موري بروكس الذي هو في طريقه الى انكلترا افترضت ان لديه اجتماع مجلس الادارة في الصباح الباكر وتساءلت عما اذا كان سيجد فرصة لينام قليلا خلال تلك الرحلة بعد قليل تساءلت عما يهمها في هذا كله ؟ على أي حال لقد عملت مع هذا الرجل الذي تعرف انه لا يحتاج الى النوم .

اجبرت نفسها مدة قصيرة على ابعاد افكارها عنه فراحت تفكر في الرجل الذي وضع الكثير من العراقيل في درب موري . انها في مصر منذ 3اسابيع وان كانت قد قد عرفت شيئا في تلك الفترة فهي ان بديع لم يجعل الوصول الى الاتفاق سهلا .بعد بلوغ الاتفاق اخيرا انه رجل شريف مثل موري مع ان بعض التديلات قد تضاف قبل التوصل الى الصيغة النهائية .

كان التفكير في بديع وفي ما سيؤدي العقد في النهاية من ازدهار لشركتي بيكون واوزوريس آخر ما فكرت فيه قبل ان يطرق النوم جفنيها فهي في ذلك الوقت باتت غير قادرة على كبح تلك المشاعر المجنونة التي استولت عليها حين كانت مع موري . شدت الاغطية فوق راسها لتنام .

كان يوم الخميس يوما عملت فيه حتى ارهقت نفسها وكان يوم الجمعة مماثلا اخيرا دفعت عنها الالة الكتبة وذلك في الساعة 3 واخذت تلقي نظرة على العقد الذي امضت يومين في طباعته وسامحت نفسها على الاحساح بالفخر حين دفعت اخيرا الملف الذي لا اثر فيه للخطأ من يدها ثم رن الهاتف على مكتبها وكان المتصل هيوغو قال ممازحا:

ـ اليس لديك منزل تذهبين اليه؟

نظرت الى ساعتها فوجدت انها تجاوزت الساعة 5 فاجابت :
ـ قل لسمير ان ينتظرني . يجب ان اعطي لدايفد شيئا حتى يضعه في الخزنة ثم اكون مستعدة لــ

ـ سمير هنا ولكن دايفد ليس هنا

ـ ليس هنا؟

ـ قال شيئا عن رغبة ليندا في السفر الى اسوان في نهاية الاسبوع لهذا خرج باكرا.

فكرت سيل لحظات .. في المبنى خزنتان فقط وليس لديها مفتاح لاي منهما ولكن هناك محفظة الوثائق التي عليها استخدامها وقت الحاجة ..

ـ ساكون معك بعد5 دقائق

فتحت درج مكتبها واخذت حافظة الوثائق الجلدية التي لم تبصر النور في الاسابيع الاربعة السابقة .

فكرت وهي تخرج من المكتب في يدها انها ربما تبالغ ففكرة اقتحام احد المنافسين المكاتب بعيدة الحدوث ولكن التجسس الصناعي امر واقع في جميع الاعمال وهي لم تكسر ظهرها جلوسا في طباعة التفاصيل الحددة لتسرق وضعت كتدبير اضافي اضافة الى نسختين من العقد ملاحظاتها ودفتر اختزالها في الحقيبة ايضا .

ما ان انزلها سمير قرب منزلها حتى دخلت الى شقتها ثم دخلت الى الحمام لتغتسل شعرها مقررة تركه يجف بمفرده وفيما كانت ترتدي مبذلها دخلت الى المطبخ لتحضر لنفسها وجبة طعام.

تناولت طعامها ورفعت الصحون عن المائدة وكانت تفكر ما اذا كان عليها كتابة رسالة اخرى الى ذويها ولكنها في الوقت عينه كانت تفكر في انها قد تصل الى انكلترا قبل ان تصل الرسالة فعملها في مصر اوشك ان ينتهي . فجأة رن احدهم باب الشقة.

عرفت ان لا احد مشبوه قد يسمح له الحارس بالمرور لذا تاملت روبها فوجدت انه مربوط باحكام ثم فتحت الباب قليلا فجاة خفق قلبها بجنون فقد رات موري واقفا بالباب ففتحت الباب اكثر وهي تصيح استغرابا:

ـ مو.... سيد بروكس ؟ متى عدت؟

كان رده ان تفهرس بها من قمة راسها الاشقر الى اخمص قدميها ثم ابتسم ببطء ابتسامة دافئة وقال برقة:

ـ موافق .. لقد حان الوقت لتستخدمي اسمي الاول
ـ ادخل

فجاة ادركت ان شعرها المغسول حديثا كان ناعما كالزغب وان وجهها خال من المكياج وانها بحجة الى لحظات وربما دقائق لترتب نفسها

ارتدت تبتعد عنه ولكنها ارتدت عنه مجددا عندما لحق بها الى غرفة جلوسها وراحت تنظر اليه بدا عزيزا بشكل غريب هذا الرجل الطويل عريض المنكبين الذي بدات تعترف انها اشتاقت اليه في اليوميين الماضيين لكن فيما هي مشغولة في رفض فكرة اشتياقها اليه رات عينيه تجولان في غرفة الجلوس ثم سالها :
ـ هل استقريت هنا؟

ـ اوه اجل

ابتسمت له بود:

ـ هل اقدم لك شرابا؟

احست بالراحة حين وافق على فنجان قهوة فما لديها من مرطبات قليل تركته وذهبت الى المطبخ لتفكر فيما اذا كان عليها ان تذهب لتغير ثيابها اعدت القهوة وهي تتساءل عما اذا كان سيظنها غبية ان غيرت ثيابها فهو لن يمكث طويلا اكثر من الوقت اللازم لشرب قهوته ثم احست بالغضب من نفسها فكيف تتوتر هكذا وهي المراة التي تسيطر دوما على انفعالاتها .

حينما حملت الصينية الى غرفة الجلوس كانت في روبها المنزلي وبعدما وعظت نفسها باختصار عادت لتسيطر على اعصابها ثم قدمت اليه فنجانه

ـ كيف حال انكلترا؟

ـ ممطرة

ـ ملهوفة للعودة ؟

ضحكت :

ـ الى المطر

ـ بل الى رجل

اعترفت بخفة :

ـ ليس لدي رجل محدد

ـ وليستر آثمور؟

ـ صديقتي باتي اكثر مني اهتماما به

وجدت نفسها تخبره عن المسرح ودرها غير التمثيلي وكيف اتفق ان كانت في صحبة ليستر في الليلة التي وصل فيها التلكس من القاهرة

علق موري حين انتهت :

ـ ان ذلك من حسن حظنا

نظرت اليه وهي ترى انه مسرور لانها من ارسل الى مصر .. ابتسم فجاة.. ففتنت ابتسامته سيل مرة اخرى لكنها تذكرت انه لا يرغب في سكرتيرة انثى تمتمت وهي ترتشف قهوتها :

ـ هل افهم من هذا ان سكرتيرة انثى ليست سيئة على أي حال ؟

تجاهل سؤالها بسهولة :
ـ بمناسبة الحديث عن العمل اتصل بي بديع حال وصولي

سالت بلهفة:
ـ امازال كل شيء على ما يرام ؟

رد بثقة رجل يعرف عمله وانه قام به بطريقة صحيحة
ـ بالتاكيد . ما ان نوقع ذلك العقد حتى يصبح مؤكدا مع ان مكاتبنا القانونية قد تحدث به بعض التعديلات القانونية.

همت سيل بسؤاله عما اذا كان عليها ان تهنئه الان ولكنها تذكرت شيئا فجاة فصاحت بسرعة :
ـ آه اضطررت الى احضار نسختي العقد معي الى هنا

ـ صحيح

ـ لم تسنح لي الفرصة لوضعهما في الخزنة قبل خروج دايفد الليلة

أحست بالدفء بسبب رد موري :
ـ انها غلطتي .. كنت في طريقي الى المطار عندما تذكرت امر مفاتيح الخزنة التي كنت اريد تركها معك .

جعلها هذا الاطراء تنسى نيتها في احضار الحقيبة التي تضم الوثائق وسامحته على نسيانه
ـ كنت مشغولا كثيرا ذلك اليوم

صحح لها:
ـ بل كان كلانا مشغولا والان اعود عن الحديث عن بديع الذي اتصل بي منذ قليل ليدعونا الى منزله في الاقصر لقضاء بضعة ايام .

ـ الاقصر " نحن"

فجأة بدات بالحماس ولكن ما لبث حماسها ان بدا يخبو حين رات عبوس موري المفاجىء ففهمت ان خطبا ما في الامر .
سألت :
ـ ليس .....نحن ؟

رد بشيء من البرود في تصرفه :
ـ لقد وافقت على ذهابنا الى الاقصر لكنني رفضت دعوته للاقامة في منزله

سألت وهي لاتفهم السبب :
ـ رفضت ؟ لان الامر غير مناسب من الوجهة العملية ؟

رد بنفاذ صبر :
ـ ما ان نوقع ذلك العقد حتى نصبح معا في الجانب نفسه من الاعمال والآن اعلم كان ابنه عاد

أثار انقلاب موري من رجل مرح الى رجل قاس ساخر ارتباك سيل ولم تفهم ما يقول :
ـ وما شأن وجود حسين في المنزل بـــــــــ.....؟

كان هذا كل ما قالته لانه انفجر يقاطعها:
ـ اين امضيت حياتك ؟ فكري في الأمر يا امراة .. الا ترين انه يسعى لاهثا ورائك؟

ردت بحرارة وان بارتباك بسبب غضبه:
ـ بالتاكيد لا

ـ بل نعم ...الم تتمكني من فهم هذا ؟ هل انت بريئة كما تبدين ؟

لم يعجبها الاحساس بانه يستجوبها في امر خارج مضمار العمل فاجابت:
ـ وما شان هذا في كل شيء ؟

عندما كانت تراقبه رات نظرة الاستغراب تنقلب الى ذهول كامل فعرفت انه قرا كل الحقيقة دون الحاجة الى رد
ـ آه"

سالت وقد عادت كراهيتها له من تلك اللحظات :
ـ وماذا افهم من هذا ؟
اكتشفت انه لم يكن معجبا بها كذلك فقد وقف استعدادا للخروج
وقفا وجها لوجه ينفثان نار الغضب والعداء على بعضهما بعضا نظرت سيل الى عينيه الرماديتين فقرات انه سيكون سعيدا لو خنقها ثم وهي تشعر انها لن تمانع ابدا لو هاجمته ادركت فجأة سخرية الموقف الرحة في تلك اللحظة رات شفتيه تلتويان ثم في الوفت نفسه اغرقا في الضحك .

لا تدري من تحرك اولا بعد انقطاع الضحك لكن فجأة وفيما موري ينظر اليها وهي تنظر اليه ابتعد عنها واتجه الى الباب ليقول ما ان وصل اليه :
ـ اراك في الصباح
ـ عائد لتراني ؟
تمتم:
- قلت لك اننا ذاهبان الى الاقصر
كان قد رحل حين خرجت سيل من حالة الذهول مع ذلك بدت ابتسامة طفيفة بطيئة تعلو وجهها انها ذاهبة الى الاقصر غدا ... ومعه "
بعد دقائق تذكرك انه قال ان الرحلة قد تستغرق بضعة ايام ففكرت انه عليها توضيب حقيبتها .

سنا المجد
17-06-2009, 06:43
6ـ أي جنون هذا ؟"
استيقظت سيل باكرا صباح يوم السبت مدعية امام نفسها ان سبب استيقاظها المبكر توقعها قدوم موري مع بزوغ الفجر فعليه اجتياز 500 ميل حتى الاقصر

عندما انبلج الفجر كانت مستيقظة وكان الوقت بالتحديد 5 والنصف والواقع انها تركت فراشها بسبب قلة النوم
استحمت وارتدت ملابسها في وقت قصير ثم تذكرت موري ولكنها لم تشا التفكير فيه فليس فيه ما هو مميز على أي حال ولا تريده ان يكون مميزا
ابعدت الذكرى بحزم عن تفكيرها قررت ان ما انساها تسليم العقد هو ذكره الاقصر وليس لطفه في بداية زيارته فكرت في ما اذا كان عليها حمل الوثائق معها في حقيبة ملابسها وكانت في النهاية قد قررت حملها ربما سيذهبان الى الاقصر بالقطار او بالطائرة ومن اجل الامان قررت ان تكون الحقيبة الجلدية الهامة في مكان تراه دائما .
القت نظرة الى شقتها فوجدتها مرتبة نظيفة ثم جلست تنتظر موري ولكنها تمنت انها سالته عن موعد قدومه اليها

كانت الساعة 8 والنصف حين رن جرس الباب هرعت بسرعة الى الباب الخارجي . بعد القائها محاضرة على نفسها تقدم الى الباب لتفتحه وهي تتذكر كيف افترقا امس حبيبا . أخيرا فتحت الباب
قال موري ساخرا:
ـ لقد اخذت وقتك؟

سرعان ما تلاشت ابتسامتها وابتلعت الكلمات التي مفادها انها لن ترافقه الى الاقصر تذكرت في الوقت المناسب انه رئيسها فرفعت راسها اليه فطالعها وجه غير مبتسم عبس قد يكون اليوم هو يوم السبت ولكنها لم تعتبر انها سكرتيرة من 9الى 5 ومن الاثنين الى يوم الجمعة هكذا تراجعت لتاخذ حقيبتها ومحفظة الوثائق وحقيبة الكتف
وقالت برقة:
ـ نسيت متى قلت انك قادم
نظر اليها ساخرا:
ـ ارى انك تسافرين خفيفة اليوم

تناول حقيبتها من يدها وتركها تقفل شقتها

كانت سيل تفكر في انه وغد عندما انضت اليه في سيارته لكنها لن تشرح له انها لم تستطيع الخروج ليلة امس لشراء اية حقيبة اصغر من التي تحملها واخذت ترغي وتزبد وهما يبتعدان .لاحظت بعد قليل انهما يتجهان الى المطار ولكنها قررت عدم التفوه بكلمة .

الواقع ان صمتها لم يؤثر فيه شيئا فلقد تجاهلها كليا ولم يكلمها كليا الا بعدما اوقف السيارة وحمل حقيبتها وحقيبته وحقيبة اوراقه ثم التفت يشير الى حافظة الوثائق :
ـ أحملت معك العقد ؟
ـ نعم النسختان

كانت تمسك بالمحفظة وهما يدخلان الى مبنى المطار فتمنت لو تضربه بها على راسه ماذا جرى في ساعات الليل حتى تحول من رجل مرح الى رجل متوحش نكد؟
لم يطل بها الوقت لتعرف الرد لم يحدث شيء وهل كان يوما مختلفا ؟ الم يكن على هذه الحال دائما ؟ لطيفا او تقريبا في دقيقة ثم بدون سبب معروف يصبح شرسا معها
كانت تفكر كيف استطاع موري ان يخاطر بالعقد الذي تعب في تحقيقه برفضه دعوة بديع للاقامة في منزله ولكن مما شاهدته فهمت ان الرجلين موري وبديع يكنان لبعضهما بعضا احتراما مشتركا احتراما يبلغ حد الصداقة . لذا ليس من المستغرب ان يدعوه بديع الى منزله بدافع الاحساس بالصداقة .

ان لدى موري قدر كبير من اللياقة ولكنه لايضيع شيئا من اللباقة عليها .وجدت سيل الأقصر اشد حرارة من الاسكندرية لذا شعرت بالراحة لانها ترتدي ملابس قطنية خفيفة عندما غادرا الى المطار بواسطة سيارة الاجرة كانت حافظة الوثائق معها .
كان الاقصر صاخبا ونشط الحركة كالاسكندرية وتساءلت عما اذا كانت ستتاح لها رؤية معبد الاقصر ولكنها بدات تشك في هذا فهي في مصر منذ شهر ولم تر حتى الان الاهرامات
وقف التاكسي امام فندق صغير انيق ولان موري متوحش تمنت سيل وهو يسير بخطى واسعة نحو مكتب الاستقبال ان لا يكون هناك غرفة شاغرة بسبب كثرة السواح
قال موظف الاستقبال حالما انتهت الاجراءات :
ـ سانادي حمالا يحمل حقائبكما
والتفت موري الى سيل وقال باختصار :
ـ انا مشغول بعد الظهر .. تناولي بعض الغداء
صمت فجاة وهو يدرس وجهها فلمحت وميض رقة في تعابير وجهه او هذا ما ظنته لانها عرفت انها اخطات حالما اختفت تلك النظرة وقال لها بصوت فظ:
ـ سنتعشى في منزل بديع هذا المساء من الافضل ان تستريحي بعد الظهر

ارتدت سيل وسارت خلف الحمال تفكر : شكرا لأنك أخبرتني بانني ابدو متعبة " لكنها لا تريد ان تستريح ولا تحتاج الى الراحة .. تبا لماذا يداب على تكديرها

شكرت الحمال واعطته البخشيش المتوقع ولانها لاحظت ان غرفتيهما متلاصقتان تاكدت ان تكون الحقيبة الصغيرة في واحدة منهما وحملت هي الاخرى .

تذكرت انه لم يقول انه سيعمل بل قال انه مشغول بعد الظهر وعندما بدات تطالعها صور عن الامر الذي هو منشغل به طلبت خدمة الغرف وكانت الساعة تقارب الثالثة حينما قررت ان تفرغ حقيبتها .

لم يدم افراغ ملابسها طويلا فخرجت الى الشرفة حيث راحت تتامل المنظر باعجاب . كان يتدفق عصب الحياة في مصر : النيل فراحت تراقبه.

رات فيه عبارة مزدحمه تتجه الى الجانب الاخر من النهر حيث العشب الاخضر النابت واشجار البلح.

ظلت على شرفتها ماخوذة بالعظمة التي امامها تراقب كل ما هو منتشر على مد البصر ثم وصل النادل حاملا طعامها . على الشرفة كرسيان وطاولة فراحت تتناول الطعام هناك وتتامل في الوقت ذاته اشجار النخيل .

بدات تفكر بموري و اخلاقه الشرسة ذلك اليوم وبدات تتوتر . تبا لهذا الرجل لحظات الارتياح لم تكن كافية لكن بانتهاء وجبتها وتلاشى سعادتها تركت الشرفة وقررت ان تغير ملابسها وفي نفس الوقت ان تتحدى طلبه منها ان ترتاح وتخرج فمنذ متى يهتم لو استمرت متعبة حتى تقع ؟

خلعت ملابسها ففضلت ان تستحم بعد الحمام نظرت الى اظافرها فعلمت انها بحاجة الى قليل من التقليم وضعت روب المنزل حول جسمها وجلست تعتني بأظافرها لم يكن لديها فكرة متى تثاءبت بالضبط فقررت لحظات وعندما استيقظت وجدت الظلام قد حل أضاءت مصباحا ثم اطفاته حين تذكرت البعوض ثم تقدمت لتقفل باب الشرفة وعادت لتضيء الغرفة ثم راحت تبحث عن ساعتها .

احست بالراحة وهي ترى ان الساعة لم تتجاوز 7 . المصريين الذين تعرفهم يتناولون العشاء في وقت متاخر ومع ان صاحب السعادة في الباب المجاور لم يعطيها فكرة عن الوقت الذي سيصطحبها فيه اعتقدت ان عليها ان تكون جاهزة قبل 8.

قبل الساعة 8 بعشرين دقيقة كانت جاهزة وكانت قد استحمت مجددا وارتدت فستانا حريريا عاجي اللون ثم وضعت بعض الماكياج على وجهها بعد دقائق كانت تلقي نظرة على شعرها الطويل الاشقر الشاحب حين سمعت الباب القريب من بابها ينفتح ثم ينغلق .

عرفت ان اذنيها لم تخدعاها حينما سمعت شخصا يمر ببابها ويرمي تحية متمدنة ثم صوت موري يرد :

ـ مساء الخير

بدا قلبها يسيء التصرف بشكل غير معقول لكن لم يكن امامها سوى ثانيتين لتتمالك نفسها بعد هذا سمعت قرعا على بابها فتمهلت سيل قليلا لتلقي نظرة اخرى على المرآة فوجدت ان فستانها مناسب ثم تقدمت الى الباب ولكنها تذكرت محفظة الوثائق التي ما تزال معها فعادت تاخذها بعد ذلك فتحت الباب .
نسيت كل ماشعرت به من قلق بشان فستانها فقد رات ان موري الذي حلق لحيته والذي يرتدي سترة سهرة اصبح شيئا آخر .. لماذا على قلبها البدء بالسباق وكانه قطار سريع ؟ لا وقت لديها لتحلل السبب ولكنه كان يتسارع .. سرعان ما احست بصدمة قوية من ان تتكلم .. احست بعينيه عليها تحدقان الى شعرها البراق ووجنتيها المتوردتان قليلا ثم ما لبثتا ان وقعتا على قدها الرشيق فوجهها اخيرا نظرت عيناه الرماديتين على عينيها البنيتين ..
فسالت ببرود:
ـ هل أنفع؟
ـ تعرفين انك تبدين مذهلة
سالته ببرود مجددا وهي ترفع حافظة الوثائق:
ـ هل اجلب معي هذه ؟
قال ساخرا :
ـ من غير المجدي ان نذهب بدونها اليس كذلك؟
اقفلت سيل الباب وراءها بشدة فتردد الصدى في الممر .. اسفت على فعلتها ولكنها في ما ستضرب هذا الحيوان على راسه
كان بديع قد ارسل سيارة مع سائقها الى الفندق لتقلهما ففيلا بديع تبعد 20 دقيقة في السيارة في هذا الوقت تمكنت سيل من السيطرة على اعصابها .
كانت تحمل حقيبة الوثائق في يديها حين فتح خادم الباب منزل فخم كثير الغرف . ثم وصل بديع :

ـ صديقي " آنسة سوفتنغ ..ادخلا لتقابلا زوجتي
دخل الثلاثة الى غرفة فخمة حيث كانت امراة ساحرة انيقة في 50 من عمرها ترتدي ثياب سهرة سوداء تقدمت إلى الامام تقول لهما:
ـ اهلا بكما في منزلي
ثم فجاة وصل حسين وصاح راكضا :
ـ سيليا " لقد امضيت عدة دقائق اصغي إلى ترقبا لقدوم السيارة مع ذلك لم اسمعها .
سالته بلطف:
ـ كيف حالك حسين ؟
تدخل والده يذكره بحسن الاخلاق :
ـ انت تتذكر موري يا بني؟
فصافح موري..
ابتسمت زوجة بديع :

- ارجوان تجلسي هنا آنسة سوفتنغ
ردت سيل الابتسام:

ـ شكرا لك . نادني سيل فبهذا يناديني الجميع

تدخل حسين وهو يجلس قربها على الاريكة الفخمة :

ـ لم تقولي لي هذا قط
علق موري بفظاظة :

ـ انها لا تقول ذلك لاي كان

تجاهلته سيل وسرعان ما انشغلت في حديث مع ام حسين التي طلبت مناداتها باسمها الاول ناديا وامضى الجميع وقتا ممتعا في غرفة الجلوس ولكن موري الذي كان يتصرف بشكل متمدن ما فتىء يرمقها بنظرات فولاذية

لم يكن احد قادرا على مشاهدة تلك النظرات سوى حسين ويبدو ان موري لم يكن ليهتم لو ان حسين رآه أم لم يره لكن حسين لم يكن مهتما بالنظر إلى احد سواها ولعل هذا هو سبب نظارت موري المتوترة ولكنها لا تعرف كيف تتصرف معه .
سألته عندما تحرك بضعة إنشات تجاهها :

ـ هل أعجبتك اليابان ؟
وارتدت عنه بضعة انشات ..
ـ لم تكوني هناك

لمحت عبوس موري وتمنت لو رفضت المجيء

تخلصت من حسين فترة قصيرة وذلك حين دخل الجميع إلى العشاء كانت جالسة إلى يمين بديع وكان حسين في الجهة المقابلة اما موري فإلى يمين ناديا .
قال بديع في اثناء تناول الوجبة الرئيسية :
ـ يوسف فوزي هنا في الأقصر اقترحت عليه زيارتي في وقت لاحق من هذا المساء
قال موري

ـ أظنها فكرة ممتازة
عرفت سيل انه يتوقع من المحامي المصري ان يظهر فبل توقيع العقد وانه كان سيدهش لو امتنع عن الحضور
سال حسين باهتمام :

ـ أتريدين بعض السلطة ؟
ـ شكرا لك لدي ما يكفي

فيما بعد تلقت الاهتمام نفسه وذلك عندما أنهت طبق الحلوى من المشمش المجفف وخليط من الكسرات والزبيب عرفت انه يدعى قمر الدين وطبق اخر من المهلبية ..
سألها :
ـ هل استمتعت بالحلوى ؟
ابتسمت :
ـ كثيرا
ـ أتريدين المزيد؟
قالت أنها اكتفت ثم عادوا إلى غرفة الجلوس وكانوا يحتسون القهوة حين أدركت ان لموري دخل كبير في كل شيء ربما هي مفرطة الحساسية بالنسبة لموري لأنهما الانجليزيان الوحيدان في المنزل المصري لكنها بكل تشعر بذبذبات العدائية تتصاعد منه .
وفيما كان يتجاوب مع بديع كانت تتلقى منه نظرات صارمة لأنها جالسة مجددا على الأريكة مع حسين .. لكن هذا لم يكن تدبيرها لان حسين هو من تحايل للجلوس هناك فيما كانت أمه تعطي تعليمات ما إلى الخدم . هكذا بدأت تشعر بان حسين مضجرا قليلا .

سنا المجد
17-06-2009, 06:46
والواقع انها بدات تحس بالارهاق من الجهد الذي تبذله في صد اهتماماته ومن المحفظة في الوقت نفسه على اللياقة لئلا تسيء الى والديه لم تكن لتعترض البتة فيما لو أعلن عن رغبته في العودة إلى الفندق .

أخذت تزداد املا في ان يغادرا قريبا لكن بعد لحظات دخل خادم وقال بعض كلمات بالعربية أدركت ان موري فهمها وحفاظا على الاحترام لها.

قال بديع بالانجليزية :

ـ فوزي في مكتبي فهل ننضم إليه موري؟

رد موري بسهولة:

ـ بالتأكيد

القى موري نظرة إلى سيل ثم نهض . خالت لوهلة ان نظراته تعني ان عليها مرافقتهم الى المكتبة لكن الأمل خاب عندما شاهد موري حركتها فأوقفها سائلا بهدوء :

ـ هل العقد معك .. سيل ؟

ابتسمت وانحنت إلى جانب المقعد حيث المحفظة وتمنت لو لم تبتسم فلقد ناداها بسيل لئلا يعرف الآخرون أنها لا تلاقي حظوة في عينيه ذلك المساء

انحنى إلى ناديا بعدما اخذ المحفظة :

ـ اعذرينا ناديا

وانسحب هو و بديع من الغرفة
مع ان زوجة بديع بدت فاتنة جدا إلا ان الساعة التالية مرت ثقيلة بالنسبة لسيل ولو كانت مع ناديا بمفردهما لما كان هناك مشكلة وتكدرت بسبب وجود حسين الذي ما انفك عن التحرش بها رغم صدها إياه ولكنه فهم صدا على ما يبدو تشجيعا .

اختلست نظرة إلى ساعة حسين فوجدت إن الرجال الثلاثة في المكتبة منذ أكثر من ساعة ..

سالت سيل ناديا :

ـ لقد زرت انكلترا على ما اعتقد ؟

ردت ناديا :

ـ عدة مرات

وتحدثا لبعض الوقت عن اماكن مختلفة في بريطانيا الكبرى ولكن حسين فاض به الكيل بسبب تجاهلهما اياه تدخل فاقترح :

ـ ربما تكرمت في مرافقتي على معالم بريطانيا خلال زيارتي القادمة ؟ لكن في البداية يجب ان تسمحي لي ان أجول بك في بلدي .

ردت سيل بلباقة:

ـ امامنا اماكن كثير نراها

وسمعت اصواتا تنبئ بان الاجتماع في المكتبة انتهى وقال حسين :

ـ يجب ان تسمحي لي بان اريك بلادي سيل .. سأتصل ..

وسرعان ما وقف موري بهيمنة فوقهما ليدفع محفظة الوثائق إليها

وجدت أنها مجرد سياسة لإبقاء شي في يديها .

تمسكت سيل بالمحفظة ثم نظرت الى وجه بديع الذي كان مسرورا ثم إلى موري الذي كان مسرورا أيضا لكن مع علمها أنها على لائحته السوداء لم تعد تنظر إليه.

قال بديع مبتسما ومؤكدا ان كل شيء سار على ما يرام :
ـ يجب ان نحتفل ..دعوني أقدم إليكم بعض المرطبات

لكن موري رفض العرض بلباقة ثم أشار إلى ان الوقت حان لعودتهما إلى الفندق مضت نصف ساعة أخرى قبل ان يتركهما بديع يغادران منزله وتصافح الجميع ثم تأخرا 10 دقائق أخرى بسبب خروج حسين ليوصل سيل إلى السيارة التي ما لبثت ان انطلقت عائدة الى الفندق .

شعرت سيل بمزيج من الراحة لابتعادها عن حسين ومن التكدر المتزايد بسبب تصرفات موري وهذا ما جعلها لا ترغب بتهنئته على ما حققه . تركته يتحدث إلى السائق حين وصلا إلى الفندق ودخلت بسرعة إلى مكتب الاستقبال ..

ـ هل لي بمفتاح غرفتي رجاء؟

ولأنها ظنت ان من المؤسف إلا تفعل طلبت مفتاح غرفة موري الذي كان متوهجا إلى مكتب الاستقبال عندما ارتدت . مدت له يدها بالمفتاح دون ان تتفوه بكلمة ووقفت جامدة بشجاعة فيما كانت نظرته المتجهمة تجول عليها وعلى فستانها

تساءلت عما إذا كان ما زال عند رأيه بأنها مذهلة رفع يده ليتناول المفتاح منها يبدو انه لا يقول كلمة أرجوك فقط بل لا يقول شكرا كذلك .. فجأة أحست أنها تود البكاء فقالت عمت مساء بسرعة وتوجهت الى المصعد .





ما رد على تحية المساء وما لحق بها إنما لا باس في هذا بالنسبة لها واضطرت لابتلاع ريقها في المصعد ضربت الرقم 6 وهي واثقة ان الأمر لا يهمها .
كانت تغادر المصعد عندما أدركت صدمة كادت تهوي بها أرضا إنها تهتم بل أنها تهتم كثيرا كانت تفكر غاضبة عما دهى ذلك الرجل ليكون جهم الوجه بدل التهلل فرحا بسبب ما أنجزه ثم توقفت عن التفكير .

سرعان ما خفق قلبها خفقة جبارة فعرفت وبوضوح تام أنها لا تريد لهذا العمل ان ينتهي " ثم عرفت فجأة بالضبط ما دهاها هي . إنها تحبه "

آه" يا لهذا الجنون المطبق "

سنا المجد
17-06-2009, 06:52
7ـ سعادة قصير العمر
طلع الفجر وسيل على فراشها تعرف انها فعلت ما لا يجب ان تفكر فيه لقد فعلت ما حذرها منه موري عند لقائهما الأول لقد وقعت في حبه .

تركت السرير واستحمت ثم ارتدت سروالا خفيفا بلون الليمون الشاحب والتي شيرت ثم لتفعل شيئا رتبت السرير ولكي تتهرب من الجدران الأربعة ومع حرصها على عدم إصدار صوت في الممر تركت غرفتها .

لم تكن تحس بالجوع ولكنها كانت مسرورة لأنها وجدت مطعم الفندق فاتحا أبوابه لتقديم الفطور حياها نادل مبتسما :

ـ صباح الخير مدام
ـ صباح الخير

تقدمت إلى منصة الطعام تخدم نفسها بنفسها فتناولت كوبا من عصير الفاكهة ثم جلست في اقرب مكان وفكرت في ان الامور لا تبدو هنا أفضل مما كانت في غرفتها .

تقدم النادل منها حاملا إبريق قهوة
ـ قهوة سيدتي ؟

ـ شكرا لك

لكن القهوة بردت وهي تشرب العصير وتفكر في موري ما أشد ما كانت غبية إذ وقعت في حبه .. لا شك ان حبها له بدا منذ وقت طويل ولكنها لم تعترف به حتى الان الآن تمكنت من فهم الدلائل التي كانت موجودة والتي كانت عمياء عن رؤيتها .

شعرت بالتوتر خشية ان تكون قد فضحت نفسها امامه .. ومرت بعذاب شديد واعترفت أنها اكتفت من كل هذا نقلت أفكارها إلى حسين فشعرت بأنها غير قادرة على تحمل صحبته اليوم لكنها عرفت انه سيتصل بها هاتفيا ما ان تصل إلى غرفتها .

هذا إذا عادت إلى غرفتها أحست بروح التمرد لماذا تعود إلى غرفتها ؟ انه يوم الأحد . بعد دقائق تركت المطعم واستقلت المصعد إلى غرفتها لم تكن تعرف خطط موري لهذا اليوم لكنه المح إلى إنهما سيمضيان بضعة ايام هنا لذا لا يمكن ان يفكر بالعودة إلى الإسكندرية ذلك اليوم .

عندما مرت بغرفته أحست بأنها تريد ان تراه فكادت تقرع بابه ثم أصبح إحساسها رعبا لأنها أدركت ان مشاعرها نحوه كادت تجرح كبريائها فسارعت إلى غرفتها تدرك عمق تلك المشاعر وقوتها
بعد عشر ثوان سيطرت على نفسها بحزم والتقطت الهاتف وطلبت رقم غرفته وفيما كانت تنتظر نظرت إلى ساعتها فوجدت أنها 7 والنصف .. أكان يوم احد أم غير احد لا تجد ما يجعلها تترك ما يؤرقها ليلا دون ان تزعجه .

ـ أيوه؟

تعرف الصوت الذي سمعته يسال بالعربية مهما كانت لغته وقالت ببرود:
ـ أنا سيليا سوفتنغ .. كنت أتساءل عن الخطط التي وضعتها هذا اليوم ؟

كان الصمت هو الرد للحظات ثم :

ـ لماذا ؟

انها تحبه ولكنها في الوقت نفسه تكره عدوانيته سحبت نفسا عميقا ثم ردت ببرود قدر المستطاع :

ـ ان لم نكن عائدين إلى الإسكندرية وان كنت لا تحتاجني اطلب يوم عطلة . كانت تتحدث بأدب وهدوء ..

كان رده فظا وسريعا :

ـ ولماذا ؟

ـ لأنني في مصر منذ 4 أسابيع ولم أر غير المطار والمكتب

ـ شاهدي ما تريدين من مناظر أنا لا احتاج إليك

وأغلق السماعة فعلقت أنفاسها في حنجرتها .

حاولت تعزية نفسها بأنه في الواقع بحاجة إلى براعتها في حقل السكرتارية ولكنها عادت ففكرت بان أي سكرتيرة تناسبه انظري كيف استبدل ديان ماكفرسون بسهولة .

تبا له ترفض ان يقلل من قيمتها هكذا كانت على وشك الخروج من غرفتها حين لمحت محفظة الوثائق فشهقت . تقدمت إليها ورفعتها لتواجه معركة صامتة أتقرع الباب عليه لتعطيه إياه ؟ لكن لماذا تفعل هذا ؟ لقد دفعها إليها دفعا ليلة أمس .

حلت المسالة حالما سمعته يغدر غرفته ويقفل بابه خالت في لحظة ذعر انه قادم ليراها فخفق قلبها لكنها سمعت وقع قدميه إشارة إلى توجهه نحو الجهة الأخرى .

حسنا لن تنتظره حتى يعود من المطعم فتحت المحفظة وألقت نظرة على الوثائق متوقعة ان ترى نسخة واحدة بعد توقيع العقد ولكنها رأت نسختين كانت أوراقها ودفتر ملاحظتها وكل شيء على حاله ونسخة من العقد موقعة من الرجلين.

أقفلت المحفظة مجددا وعرفت انها لن تتركها هناك فكرت ان لا فرق بين غرفتها وغرفته إذا من الأفضل ان تخبئها في غرفتها بدل انتظاره حتى يعود ويأخذها .

بعد خمس دقائق تركت غرفتها وتوجهت نحو المصعد وهي تعرف ان المحفظة التي لفتها في فستانها الذي ارتدته ليل أمس ثم وضعته في حقيبتها آمنة قدر الإمكان .

نزلت قي المصعد تتساءل عما إذا كانت مسؤولية الحفاظ على سرية تلك الوثائق تعتبر إلزامية لها .. كانت واثقة ان موري لا يهتم كثيرا بهذا لأنه الآن مشغول بتناول طعامه خرجت من المصعد وما ان سارت 5 ياردات في البهو الواسع حتى وجدت موري في مكتب الاستقبال يطرح بعض الأسئلة .

أحست باضطراب داخلي وكان امامها مجرد ثانية لتقرر ما إذا كانت مستعدة للمرور أم لا أرادت تسليم مفتاح غرفتها ولكنه كان واقفا في الموقع الذي كانت تسير إليه فترددت في تلك اللحظة انهى أسئلته وارتد فرآها أحست بالجمود وحاولت السيطرة على قسمات وجهها وهو يتقد نحوها

ماذا توقعت منه ان يقول ؟ لكنه نظر وجهها وقال بلطف:

ـ خارجة لمشاهدة الأقصر ؟

ـ اجل

ـ ومن أين تبدئين ؟

ـ أنا .. لست متأكدة حتى الآن

تسارعت خفقات قلبها كثيرا بعدما ابتسم لها
ـ اذن ..من الأفضل ان أرافقك . هذا ان لم يكن معك رفيق؟
هزت رأسها فابتسم لها مجددا ولم يكن هناك سبيل لمنع ابتسامتها التي بدأت من أعماقها من ان تظهر على وجهها
سألها :

ـ لماذا ننتظر؟

كان صعبا لسيل ان تصدق ما يحصل فعلا . كانت جالسة مع موري في التاكسي المتجه إلى وادي الملوك .. بعد دقائق استعادت وعيها قليلا ووجدت ان الصدفة هي التي قررت ان تقضي بعض الوقت معه .. لامجال أبدا لإشاحة ظهرها لهذه المكافأة غير المتوقعة لذا ستستمتع بكل لحظة تقضيها معه . صحيح ان عندها ذكريات سعيدة معه ولكنها ببساطة ترغب في المزيد .

قالت عندما توقف سائق التاكسي في موقف السيارات :

ـ يبدو المكان مزدحما

رد موري:

ـ ستشتد حرارة الشمس بشكل لا يطاق بعد قليل

أدركت ان الجميع يسعى إلى التجول في تلك التلال المرتفعة الغائصة في أشعة الشمس باكرا قبل ان تصل لحرارة ذروتها.أعطى موري السائق بضع تعليمات بالعربية ورافقها بعيدا .


أنها الآن لا تهتم بشيء فها هي في وادي الملوك وهي أكثر سعادة . كانا سائرين في منطقة يستدعي فيها بائعو التذكارات كل من تقع عليه عيونهم ليشتري شيئا .

واشتريا شيئا قبل انتهاء سلسلة بائعي التذكارات ..

تمتم:

ـ مهلك لحظة

واقتادها إلى مصري مبتسم بمرح يبيع القبعات وقال وهو يمسك قبعة قطنية بيضاء :

ـ هذه .. أظن

وقبل ان تعرف شيئا انطلق يساوم بمرح البائع قبل ان ينقده الثمن ثم عاد ووضعها على رأسها فارتفعت يداها إلى رأسها تسويها:

ـ أتبدو مناسبة ؟

وجدت أنها تعاني صعوبة في التنفس فقد جعلته بقولها هذا يتأملها بعينين رماديتين جادتين

علق وهو لا يبتسم
ـ لقد سبق ان قيل لك من قبل انك جميلة .. بالتأكيد

استحوذت عليها الإثارة لأنه يظنها جميلة ولكنها لا تريده ان يكون جادا ليس الآن ليس في هذا الوقت وهي تختزن الذكريات السعيدة معه ..

ردت مبتسمة :
ـ بالتأكيد

ابتسم يرد ابتسامتها ففاضت كاس السعادة . كان الصعود إلى مدفن الملوك شديدة الانحدار ولكن لم يكن احد على عجلة من أمره . كانت الطرق مشقوقة على جوانب التلال الصخرية التي لا ينمو فيها أي عشب .

ـ هل سبق ان جئت إلى هنا ؟

ـ يستحق المكان من المرء زيارة ثانية وثالثة

وجاء دورهما لينزلا الدرج العميق حيث الرسوم الرائعة المرسومة على الجدران التي يزيد عمرها عن 3آلاف سنة وكان عليهما الوقوف في الصف مرة أخرى لينزلا إلى مدفن اصغر حجما هو مدفن توت غنج آمون

أغمضت سيل عينيها إزاء نور الشمس الساطع بعد خروجها ولم لديها اعتراض حين قال

ـ ضعي نظارتك الشمسية

ولأول مرة استمتعت بان يأمرها

اشتدت حرارة النهار كثيرا بحيث لم يبقيا في وادي الملوك أكثر مما يلزم لزيارة بضع مدافن معروفة القي نظرة على بشرتها الشقراء ثم اقترح ان يعودا من حيث أتيا .

ـ سنقف لنروي ظمأنا في مكان اقل ازدحاما

ـ عظيم

كان سائق السيارة منتظرا . لما رآهما ترك السائقين الذين كان يتحدث إليهما بسعادة وجاء مهرولا إلى سيارته .

ربما اكتشافها لحبها هو الذي جعل من وقتها مع موري غالبا على قلبها ولكن بدا ان ذلك يمر بسرعة فسرعان ما كانت قاعدة قربه في غرفة حديقة مفتوحة في احد الفنادق ترتشف كوبا من الليموناضة الباردة . أسعدها ان تجد موري غير مستعجل وكان كل الوقت في العلم امامه كانت شديدة اللهفة لتعرف المزيد عنه ولكنها هي من تلقت الأسئلة وردت عليها

ـ هل تعيشين في منزل ذويك؟

ـ لا. يعيش أهلي في ايستبورن ولقد تركت منزلهما منذ بضع سنوات

ـ ألديك شقة؟

ـ شقة صغيرة . اشتريتها بالتقسيط

أرادت يائسة ان تسأله عن أهله وعما إذا كان لديه شقة منزل أو مهما يكن . لكنها فجأة أحست بأعصابها تتوتر ماذا لو ظنها تتعمد إطالة مدة شرب الليمونادة لمجرد محادثته ؟ بسبب هذه الفكرة التي تهدد كبرياءها أنهت كأسها ثم وكأنها تسمع الموسيقى في إذنيها سمعته يسال بلطف :

ـ أين تريدين الذهاب الآن ؟

ترددت تتساءل عما إذا كان بالإمكان ان اخذ المزيد من وقته . لكنها تحبه ولا يمكنها ان ترفض ما يقدمه لها ربما كانت جشعة ولكنها في صحبته اللطيفة منذ ساعتين تقريبا وهي تريد المزيد ..


قالت له:

ـ لم أزر سوقا شعبية حتى الان ..اعني سوقا حقيقية لا سوقا سياحية .

ابتسم
ـ اعرف ما تعنين

وليبرهن عن هذا كان التاكسي ينزلهما إلى مكان لم تر فيه اثر لأي أوروبي .. وكالبخيل الذي يكنز مالا راحت سيل تكنز الذكريات خلف الذكريات .. رجل يرتدي جلبابا امرأة متشحة بالثياب السوداء من رأسها حتى أخمص قدميها منصات بيع البرتقال والموز الأخضر رأت شوارع ضيقة مغبرة وأخرى رملية وكان هناك منظر اللحم المكشوف على طاولة جزار .




ثم تتويجا لسعادتها جاءت أجمل تجربة فقد وصلا إلى جزء من السوق حيث علق سجاد رائع من مختلف الألوان والاحجام .قالت لموري:

ـ تكاد تلك السجادة تصرخ بي مطالبة بالذهاب إلى منزلي من اجل غرفة الطعام.



وقبل ان تعرف ما يجري اقتادها إلى داخل المتجر وقبل ان تلاحظ وجود رفوف من الحرير والقطن كان في يد كل منهما كوب شاي وعلى الأرض السجادة التي أعجبها

كانت السجادة اكبر حجما مما ظنت اعترفت بشعور الاندفاع بسبب حماسة التاجر وأحست بالسرور لوجود موري المهدئ حين سألها :
ـ أمازالت تصرخ مطالبة بالذهاب إلى منزلك؟



ـ أنها جميلة

رفعت عينين بنيتين إليه فوجدته يحدق إليها بصمت وظنت أنها أحست بتوتر مفاجئ في الجو ثم انتقل التوتر إليها وخشية ان يلاحظ اهتمامها به صوبت اهتمامها إلى السجادة وأضافت :
ـ جميلة حقا .. ولكنني لا استطيع شراءها .

سنا المجد
17-06-2009, 06:54
تبع هذا لحظات صمت طويلة وظنت ان موري لن يعلق لكن عندما ظنت انهما سيشكران البائع على الشاي ويرحلان قال موري :

ـ أظن ان بإمكانك الحصول عليها ب60 جنيها انكليزيا

ـ حقا ؟ لكن كيف انقلها إلى البلاد؟

ـ دعي الأمر لي

وكم أحبته ..بعد الكثير من الأخذ والرد مع بائع السجاد ومساعده اشترت السجاد التي لم يكن في نيتها شراؤها ثم أخذها موري إلى مكتب سفريات لتشحن السجادة إلى انكلترا وكانت ما تزال تشعر بالحماس عندما اقترح عليها الغداء.

كانت جالسة إلى الطاولة عندما أدركت لماذا كان لطيفا معها طوال اليوم بعد توقيع ذلك العقد اطمأن باله على العمل وبات بإمكانه اليوم الاسترخاء والاستمتاع بالراحة .

جعلتها هذه الفكرة حساسة تجاهه وجعلتها ترغب في ان يستمتع بيومه كما تستمتع هي به . هكذا قررت تنحية كل تحفظ من خجل وكبرياء جانبا وتحدثت اليه بود طوال غداء اكتشفت بدون ان تعرف كيف أثير الموضوع أنها تخبره عن شوقها لرؤية الأهرامات.

فسألها بدهشة :

ـ الم تري الأهرامات حتى الآن؟

قالت مبتسمة:

ـ لم أزر القاهرة غير مرتين ورئيسي مستبد و.....

قاطعها وعيناه مثبتان على حنايا وجهها الجميل :

ـ لا تقولي المزيد .. ان سمحت لي كلمته لأرى ان كان بالإمكان ترتيب زيارة إلى الأهرامات في يوم قريب .

رأت سيل الضحكة تتراقص في عينيه وازداد حبها له عمقا

ما ان أنهت وجبتها حتى بدأت تفكر في ان يومها معه قد انتهى .. لم تستطع ان تصدق حظها الطيب حين بدا لها ان هذا غير صحيح.

عندما سألها :

ـ هل اكتفيت ؟

لم تكن واثقة مما إذا كان يعني من الطعام أم من التعرف إلى معالم المدينة ..

ردت بهدوء :
- كنت في غاية اللطف

ـ وهذا يعني انك راغبة في رؤية المزيد ولكنك خائفة من التطفل على وقتي .

تمتمت:

ـ شيء من هذا القبيل

وكم أحبته عندما أجاب:

ـ بعد الطريقة التي دفعتك بها إلى العمل أظن ان وضع نفسي في خدمتك مدة يوم كامل هو اقل ما افعله

كانا في الطريق لزيارة معبد الكرنك عندما تساءلت عما إذا أعجب في هذه الفترة يجب ان يعجب بها أليس كذلك

أرادت ان تبحث عن أي دليل يشير إلى إعجاب موري بها .. ولكن بما انه من غير المحتمل إطلاقا ان يقول لها شيئا ستقنع بما لديها وتقوم بما تستطيع لتتأكد من ان لا شيء سيفسد ذلك اليوم الرائع .

كان معبد الكرنك ضخما ومؤثرا كان المكان يعج بالسياح وفيما كانت سائرة مع موري في ممر تبرز منه رؤوس صخرية على كلا الجانبين أحست بالرهبة والروعة .

قال موري وهو يمازحها وقد ابتعدا عن المعبد:
ـ سترهقين نفسك ان استمرت على هذا المنوال مارايك لو نعود إلى الفندق ساعة او ساعتين ثم نعود إلى هنا لنشاهد برنامج الصوت والضوء الليلة

حاولت الا تظهر تمسكها باقتراحه:

ـ يبدو لي هذا رائعا

ازدادت اثارتها حين استأجر مركبة يقودها جواد اقتادهما إلى الفندق بدا انه لا يطيق مفارقتها ولكنها عرفت أنها تخدع نفسها بهذه الفكرة . اقترح ان يتشاركا إبريق شاي في احد صالونات الفندق قبل الذهاب إلى غرفتيها .

ما ان حل ذلك الوقت حتى كان المغرب قد أزف

قال وهما يفترقان :

ـ أراك بعد ساعة

ذهبت إلى غرفتها وأقفلت الباب عليها ولكنها لم تستطع ان تصدق أنها أمضت نهارا كاملا مع موري بدون كلمة فظة أو غاضبة .استحمت بسرعة وتساءلت ان كان حبها الذي اكتشفته حديثا هو الذي جعلها لا تشعر بانزعاج أم عدم رميه إياها بأي انتقاد لاذع اليوم ؟ولكن ما أروع ان تكون مع موري وهو في مزاجه هذا .

قدر لمشاعرها ان تصاب بنكبة بعد هذا الوقت بقليل .. ارتدت سروالا وكنزه خفيفة ثم قررت تغييرهما لان موري قال إنهما سيتناولان العشاء بعد عرض الصوت والنور . وفيما كانت تسرح شعرها نظرت بدون سبب يذكر إلى ناحية الباب فلاحظت ما كانت مشغولة عنه بسبب أفكارها الصاخبة .

شخص ما .. في وقت ما .. دس ورقة تحت الباب .

ذهبت بسرعة لتلتقط الرسالة التي هي من حسين .. غاصت معنوياتها وهي تقرا انه حاول الاتصال بها طوال ذلك اليوم ولكن الم تدرك انه سيتصل بها ؟ أتراه الان كما قال ينتظر قرب الهاتف بانتظار اتصالها

تقدمت إلى الهاتف مع انها غير راغبة في الاتصال بحسين ولكنها لا تريد منه ان يقضي المزيد من الوقت منتظرا قرب الهاتف . نعم لاتصدق انه سينتظر ..لكن..توقفت عن التفكير حالما غادر موري غرفته . أسرعت إلى طاولة الزينة ودست رسالة حسين في الدرج وفي الوقت نفسه رفعت المشط لتكمل ترتيب شعرها .

تعالى صوت الجرس قرب بابها فتقدمت لترد كان موري قد غير ثيابه كذلك فخفق قلبها بجنون لأنه راح ينظر إلى وجهها لثوان طويلة ثم ابتسم لها ابتسامة جذابة تكسر القلوب..

ـ ستحتاجين إلى سترة

ـ لن اتاخر ثانية

وعادت إلى غرفتها لتخرج من خزانتها سترة خفيفة واقية من الهواء .



لم يكن موري مخطئا عندما قال انها تحتاج إلى سترة فما ان عادا إلى معبد الكرنك حتى هبت ما يشبه عاصفة رملية وكانت مسرورة بسترتها الواقية من الهواء حين ثبت لها ان عرض برنامج الصوت والضوء ليس كاي عرض مماثل .. في البداية وقف الجميع يصدهم حبل طويل ثم أرخى الحبل وسمح لهم بالتحرك إلى الامام نحو الممر المحفوف بالرؤوس المحفورة على جانبيه .. ثم ساروا بين عواميد ضخمة محفورة عليها قصص الملوك كانت سيل مسحورة حين اخفض الحبل أيضا وامسك موري بذراعها لئلا يفترقا في زحمة الناس المندفعين إلى الامام ..هبت ريح عاصفة طيرت شعرها وأدخلت الرمال إلى عينيها .

انحنى موري يسال :

ـ هل أحضرت قبعتك معك؟

ـ قبعة الشمس ؟

ـ هذا ليس وقت الغرور

في الظلام كانت واثقة انه كان يبتسم . فابتسمت وهي تدس يدها في حقيبتها الكبيرة أنها في وقت ما لم تنتبه لروحه المرحة ابدا.ما هي إلا هنيهة حتى أخرجت القبعة التي اشتراها لها ووضعتها على راسها .
ظنت إنهما ساروا حوالي الساعة ومع أنها أحست بضيق من الرمال لم تشأ ان يفوتها شيء ولا شك ان موري يستمتع بالعرض أيضا فهو لم يتقدم باقتراح للمغادرة .

انتهى عرض الصوت والضوء عند البحيرة التي كان في مواجهتها صفوف متراصة من المقاعد . أمضت سيل أجمل نصف ساعة من الراحة بقرب موري فكان ان فاتها الشرح النهائي وهي تستمتع بقربه منها في الظلام حيث لا يمكنه ان يرى الحقيقة في عينيها ..

سألها ما ان انتهى العرض :
ـ هل استمتعت؟

قالت صادقة:
ـ ما كنت لأفوته مقابل أي شيء .. وماذا عنك؟

ـ وماذا يهم قليل من الرمال بين صديقين ؟

آه موري ..كم احبك
ضحكت:
ـ هذا صحيح

ـ أريد ان استحم قبل تناول العشاء فماذا عنك ؟

توقف التاكسي الذي اقلهما امامهما كانت سيل تبتسم وقالت مبتسمة وهي تدخل إلى التاكسي :
ـ انه أفضل اقتراح سمعته اليوم

لم يكن يومهما قد انتهى فما ان يعودا إلى الفندق لغسلا الرمل عنهما حتى يلتقيا مرة أخرى لتناول الطعام
عندما أصبحا قرب غرفتيهما سألته :
ـ كم من الوقت ؟ نصف ساعة؟

ـ لديك عقل امرأة .. فلتكن 20 دقيقة

كانت سيل تضحك عندما دخلت إلى غرفتها حيث مشطت الرمل من شعرها ثم نزعت ثيابها ودخلت إلى الحمام كم تحبه !
كانت خارجة من الحمام عندما أدركت أنها أمضت وقتا أطول مما كانت تنوي ثم سمعت جرس بابها .جففت بشرتها ورمت المنشفة إلى الحمام ثم تناولت رويها . أكانت مثل معظم النساء أم لا سوف تتوسل إلى موري من اجل المزيد من الوقت .

قالت وهي تفتح الباب :
ـ لست ...

ولكن صوتها تلاشى .. فلم يكن الطارق موري بل حسين الذي بدا مستاء جدا .. فجأة أحست بقدوم المتاعب ..فقالت وهي تحاول الابتعاد :
ـ حسين ..

سألها غاضبا :
ـ لماذا لم تتصلي بي؟

ـ لم يكن لدي الوقت

ـ تلقيت رسالتي لكن لم يكن لديك الوقت .. الم أخبرك بالرسالة إنني منتظر قرب الهاتف ؟

ـ اجل ..لكن..

حاولت تهدئته ولكنها رأت ان الأمور تزداد سوءا إذ صاح وهي تتراجع خطوة إلى الوراء:
ـ انتظرت طوال اليوم اتصالك .

أصبحا معا داخل الغرفة وكان حسين يفقد سيطرته على نفسه
ـ ألا تعرفين ما أكنه لك في قلبي ؟

وقبل ان تستطع منعه تقدم منها بسرعة . دفعته بكل قوتها لتتخلص منه ثم سمعت هديرا عظيما ولم يكن ذلك الصوت خارجا من حسين كان هناك موري فجأة ووجدت في لمح البصر أنها طليقة .

نعم لم يبتعد عنها طوعا ولكن حين امسك به موري به لم يكن لديه خيار .لقد اثبت موري ظنها بقوته ..اذ ابعد حسين عنها وكأنه لا يزن شيئا
انفجر حسين بسيل من الكلام العربي وسرعان ما رفع موري قبضته وطرحه أرضا .. كان حسين جالسا أرضا عندما دنا منه وجره إلى الخارج .

رأت ما حدث بعينين مذعورتين ولكنها لم تكن تدري ما تفعل أولا: أتذهب لتفقد حال حسين ؟ أم تشكر موري على تدخله في الوقت المناسب؟
اتخذ موري القرار نيابة عنها إذ صفق الباب في وجه حسين وارتد إليها ..لكن حين فتحت فمها لتشكره ارتجفت ذلك أنها رأته في مزاج شرس . كانت نظرة واحدة إلى وجهه الغاضب كافية لتقول لها بأنه غاضب أضعافا مضاعفة وعرفت ان من الأفضل ان لا تقول شيئا .

سنا المجد
17-06-2009, 07:01
[size="5"]

8ـ عقلها أم قلبها!

حدقت سيل بذهول إلى تعابير وجه موري العدائية فغاصت معنوياتها إلى الحضيض كيف أملت أو فكرت في لا تراه هكذا معها مرة أخرى كأنما لم يتبادلا كلمة ود واحدة طوال ذلك النهار الرائع .. كان واقفا ينظر إليها وشظايا الكراهية تتطاير من عينيه .

ارتد إليها فإذا نبرة صوته الجافة تؤكد لها ان روعة ذلك اليوم كانت من جانب واحد:

ـ لقد حذرتك!
أكانت في نعيم المغفلين !
أضاف ساخرا :
ـ قلت لك انه يلهث وراءك ومع ذلك دأبت على تشجيعه !

لقد جرحت في الصميم لكنها ليست ممسحة أرجل لاحد فردت بحدة:

ـ لم أشجعه ! كل ما ...

صاح يقاطعها:

ـ بل شجعته كما تشجعين أي رجل يقترب منك ! أنت..

انفجرت في وجهه:

ـ هذا إجحاف مطلق ! انا ...

ـ صحيح؟ اهو إجحاف! طوال هذا اليوم وأنت تعطينني الضوء الأخضر..مثلا!

شهقت سيل وكادت تدافع عن نفسها حين تقدم إليها وفكه مشدود بقسوة .

قالت:
ـ لم افعل شيئا من هذا ! وان تصورت للحظة انني كنت أعطيك قليلا من الضوء الأخضر الشاحب فاعلم انك ذو مخيلة خادعة!

صاح:

ـ وهل كنت أتصور ؟

وما هي إلا لحظة حتى اقترب منها بشكل خطير مهدد..

حاولت التراجع:
ـ لا!

ـ آه ..بلى

ـ آه ! موري

سرى حبه في كيانها كله . وفجأة اكتسحتها موجة من المشاعر فشهقت مصدومة:

ـ أنا ..
تحررت من ترددها فحاولت الاعتذار ولكن لم يكن لاعتذارها ضرورة لان موري تسمر فجأة فنظرت إلى وجهه .. كأنه تذكر فجأة كم هو شرس معها . ثم امام حيرتها الكاملة عاد إليه غضبه .
سالت :

ـ ماذا..ماذا فعلت ؟

- فعلت ؟ لقد فعلت الكثير ! شكرا لك ولتصرفاتك أفسدت ما استغرقني عدة أشهر لانجزة !

شهقت :

ـ أنا ..

ولم تصدق ما تسمع .. مع أنها أدركت انه يشير إلى حسين الذي عاد بلا شك إلى منزله ليشكو إلى أبيه فكه المتورم .. هبت في لمح البصر وتمسكت بما تبقى لها من كبرياء لتقول:

ـ لست من ضرب حسين حسني .

ـ حسنا ..لدي اخبار لك ..آنسة سوفتنغ..

رأت نبضا ينفض بشدة في صدغه لكنها لم تكن مستعدة لصدمه قوله:

ـ اعتبري انك لم تعودي موظفة في الشركة !
كانت تحدق إليه فاغرة فاها وهو ينسحب فبل ان يفتح الباب كان الغضب يطلق عقال لسانها من الصدمة التي عقدته . ربما كانت بحاجة إلى هذه الصدمة لتثوب إلى رشدها .

صاحت بصوت حاد يزيد من غضبها انه طردها من العمل كما فعل بديان ماكفرسون :
ـ لا يمكنك طردي من العمل لأنني انا التي سأستقيل .. يمكنك الاحتفاظ بوظيفتك .
تلاشى صوتها لأنها أدركت أنها تتحدث إلى الفراغ .. فقد خرج موري وصفق الباب وراءه .
كيف يجرؤ ذلك الوغد ؟! من يظن نفسه ؟ كيف يقول لها أنها مطرودة من العمل ؟ كيف لرجل ان يثير فيها أعذب المشاعر في لحظة كما فعل ثم يقول لها في اللحظة التالية أنها مطرودة من العمل؟

ظلت مدة 5 دقائق مشتتة الفكر ثم تحركت فجأة في وقت لا يذكر جمعت كرامتها بقوة وأخذت ترمي اغراضها في الحقيبة استعدادا لمغادرة المكان .
سألها سائق سيارة الأجرة بعد لحظات:
ـ تاكسي ؟

أعطته حقيبتها :

ـ إلى المطار كانت في ذروة غضبها حين أعطاها السائق حقيبتها مجددا في مطار الأقصر وتقدمت لتسال عن أول رحلة إلى الإسكندرية .
كانت رحلة الإسكندرية قد ألغيت والطائرة التالية تقوم برحلتها مؤخرة إلى القاهرة عرفت ان العاصفة الرملية هي السبب في هذا ولكنها أحست فجأة ان من المهم مغادرة الأقصر في أسرع وقت ممكن فكان ان حجزت إلى القاهرة .

انطلقت الطائرة وهي على متنها فبل ان تفكر بأنها لا تفكر بطريقة منطقية . ثم فجأة تذكرت ان اغراضها المتبقية ما تزال في شقة الإسكندرية .

بعد ثوان أخرى عانت لها لحظات تمرد فجأة وجدت ان لا باس في بقاء ملابسها وممتلكاتها الأخرى في الإسكندرية .. لأنها راجعة إلى بلادها إلى انكلترا .

ظلت على زعمها بعدم الذهاب إلى الاسكندرية لأخذ ما تملكه من الشقة ولكن فترة تمردها لم تدم طويلا حاولت جاهدة البقاء غاضبة بالتأكيد على نفسها ان موري سافل حقا .. فأين كانت دبلوماسيته الشهيرة حين انقض على حسين ضربا؟ هذا ما تريد ان تعرفه!

انتزع وصول المضيفة وهي تحمل سندويشات الجبن سيل من أفكارها فتذكرت أنها لم تتناول العشاء وهذا بدوره ذكرها أنها كانت ستتعشى مع موري وكم كانت تتوق إلى ذلك العشاء.

تصاعدت الغصة إلى حلقها فأبعدتها ورفرفت عينيها عدة مرات ..لن تبكي ..آه! كيف تمكن من التصرف بهذه الطريقة معها ؟ يا له من يوم غريب الم تمض يوما رائعا معه ؟ وهاهو ينتهي بكل هذا البؤس .
دامت الرحلة إلى القاهرة 50 دقيقة . بعدما حطت الطائرة قررت السؤال عن اقرب رحلة إلى لندن وكانت أفكارها ما تزال مشغولة بموري إنما هذه المرة في تهديده بطردها من العمل منذ البداية .

لم يطردها لأنها أغرمت به إذ لا فائدة لديه عما تشعر به نحوه لا ما طردها من اجله هو لإفسادها عمل أسابيع شاقة من اجل الحصول على العقد .

فجأة توقفت أفكارها عند كلمة العقد وتسمرت في مكانها فوقعت حقيبتها أرضا . قد يمزق بديع في فورة غضب نسخته الموقعة من العقد ..ولكن هناك نسخة أخرى ..وهي معها ..في حقيبتها!

التقطت حقيبتها وجلست على كرسي تحاول جمع أفكارها .. بدأت عدة أفكارها تتجمع دفعة واحدة أحداها كانت : ان بديع وان غضب من موري لضربه ابنه الحبيب الوحيد لن يمزق العقد لأنه رجل شرف..

ولكن ان لم يمزق العقد لا تستطيع غض النظر عن النسخة التي لا تزال في حوزتها ربما طردت من عملها مع أنها تفضل الاعتقاد أنها استقالت .. لكن لا سكرتيرة كفؤة تستحق اسمها قد تخفي وثائق كهذه مهما كانت الطريقة التي وعملت بها ..حسنا ربما يحصل هذا إنما ليس إذا كانت تلك السكرتيرة مغرمة بالوغد الذي طردها من العمل .

تشتت أفكار سيل التي لا تريد رؤية موري مجددا فلن تنسى أبدا قوله لها كنت تعطيني الضوء الأخضر ولا الطريقة التي حاولت ان تنكر فيها قوله .

أبعدت أفكارها عن ذكرى ذاك الحديث المؤلم ولكن بمقدار ماكانت تتهرب من رؤية موري مرة أخرى بمقدار ما كانت تعرف أنها لا تستطيع العودة إلى بريطانيا بدون ان توصل الوثائق إلى احد.

ما ان توصلت إلى هذا الاستنتاج حتى بدا القرار جاهزا امامها تركت مبنى المطار بحثا عن تاكسي ثم راحت تخطط لما ستفعل . ستوصل العقد إلى اليكس بايرد في مكتب القاهرة غدا وستطلب منه ان يخبر موري ان المحفظة معه . وتطلب منه كذلك ان يبقيها في خزنته حتى يجيء موري ليأخذها أو يرسل أحدا .

سألها رجل مصري كهل أبوي المظهر :

ـ تاكسي !

كانت سيل تفكر في الذهاب إلى فندق ما إذ لا يمكنها قضاء ليلتها في المطار ولا يمكنها البقاء على عتبة المكتب حتى يصل احد ويسمح لها بالدخول أعطت السائق حقيبتها وقالت بطريقة لا واعية :

ـ إلى الجيزة .

أدركت ان تفكيرها لم يكن صافيا كما تظن .. مع أنها بعد ان اقفل السائق الباب وأدار سيارته هزت كتفيها وقررت ان فندقا في الجيزة كأي فندق آخر .

بدا ان السائق يحب الكلام ويتحدث الانكليزية إلى درجة ما .. ولكن سيل شعرت بالضجر فاقتصر حديثها معه بقولها أنها تريد الذهاب إلى فندق جيد فرد عليها بأنه يعرف ما يناسبها .

سألها:

ـ هل أنت في إجازة ؟
لكنه لاذ بالصمت عندما ردت بكلمة واحدة "لا "

بعد نصف ساعة تقريبا حين توقف خارج فندق في الجيزة بدأت سيل تدرك مدى ارتباكها . قالت للسائق وهي تحمل حقيبتها إلى الفندق :

ـ شكرا لك

وخشية ان تكون قد جرحت مشاعره بصمتها أعطته بقشيشا سخيا . فابتسم قائلا:

ـ استمتعي بإقامتك هنا

تقدمت سيل إلى مكتب الاستقبال وكلها رجاء ان تستطيع البقاء هنا .. فبسبب انشغال أفكارها لم تفكر في احتمال عدم إيجاد غرف فارغة .
لم يكن قلقها أساس بدا موظف الاستقبال لطيفا فقد غض النظر عن قدومها في وقت متأخر فالساعة تبلغ 2 صباحا .
ـ بالتأكيد سيدتي .. كم ستمكثين عندنا ؟
ـ ليلة واحدة فقط .. هل من الممكن ان احجز تذكرة إلى انكلترا من هنا؟

ابتسم :
ـ بكل تأكيد .. لك فقط

بعد نصف ساعة وبعد تردد في مكتب الحجز حجزت مقعدا في رحلة بعد الظهر .دخلت إلى الفراش مع انها لا تشعر بالنعاس
أخرجت المحفظة الجلدية من فستانها الحريري وتفحصت محتوياتها .. كل شيء في مكانه . أعادت المحفظة إلى الحقيبة وأقفلت الغطاء ثم اغتسلت وغيرت ملابسها قبل ان تأوي إلى الفراش .. ولكن ما ان اطفات النور حتى طالعتها الكوابيس فأضاءت النور ثانية واستلقت في السرير مستيقظة يضج رأسها بكل ما جرى بشكل مأساوي هي لم تقد حسين إلى ذلك المدى رغم ما قاله موري ..الم يقل لها بنفسه ان عليها الا تغضبه ! آه!هذا غير عادل .. غير عادل !

وقعت في أحضان إغفاءة خفيفة وهي تتمنى لو تستطيع ان تكره موري بأقل قدر من الألم لكنها تحبه وهذا الحب إجحاف بحقها.
استيقظت من جديد بعد عشرين دقيقة بعدها قامت بجهود حثيثة لتعود إلى النوم واطفات المصباح قرب السرير . في هذه المرة كان نومها أكثر عمقا وأطول بقليل مع ان الظلام كان شديدا حين استيقظت مرة اخرى في الخامسة الا ربعا على صوت الأذان الذي يدعو إلى الصلاة .

طوال فترة الأذان الشجي الصوت كانت تحاول إبعاد موري عن أفكارها .. بعد الخامسة بقليل انتهى الأذان ولم تتح لها فرصة التركيز على أي شيء اخر .. وظل موري يدور في عقلها وكيانها .
بعد الخامسة والربع رن الهاتف في غرفتها فسرت لأنه قطع عليها أفكارها التقطته وهي تعلم مسبقا ان شخصا ما طلب إيقافه باكرا وان المسئول الليلي سجل رقم الغرفة الخاطئة .

كانت تهم بذكر رقم غرفتها عندما سمعت من يقول :
ـ الو

كادت تتهاوى من فرط الصدمة وظنت أنها بسبب تفكيرها الشديد نموري قد خالت انها تسمع صوته فالصوت الذي قال الو صوت الرجل الذي تحب ! غير معقول .. انه موري !

قال بصوت معقول:
ـ سيل .. أود ان أراك

موري.. !انه..!ماذا ؟ سحبت نفسا عميقا وقفز قلبها .. موري يريد رؤيتها . بدأت تقول :
ـ انا..

ثم هوت معنوياتها إلى الحضيض ..آه ما اشد حماقتها بالتأكيد يريد رؤيتها .. إنما ليس لأجلها هي بل من اجل العقد .. لقد قام بالاتصالات اللازمة ليستعيد العقد.
الكرامة التي ظنت أنها هجرتها سارعت إلى إنقاذها ..قالت بخفة :
ـ هذا صعب

لم تعجبه للهجتها إذ كان كل شيء واضحا في سؤاله الحاد:
ـ لماذا؟

ـ أنت في الأقصر وانا في القاهرة ..

صدمها تأثير ما حصل ..كيف عرف أنها غادرت الأقصر وإنها جاءت إلى القاهرة ؟ بل كيف عرف في أي فندق نزلت ؟

جاء صوته بعدما انتظر طويلا لتكمل كلامها :
ـ في الواقع لست في الأقصر

ـ لست في الأقصر؟
ـ لا

ـ أنت في القاهرة ؟

رد مرة أخرى :
ـ لا

تنفست سيل الصعداء ولكنه أضاف ببرود :
ـ انا في الجيزة

سنا المجد
17-06-2009, 07:09
أمسكت يدها بالهاتف بقوة موري في الجيزة نضحت يداها عرقا وجف حلقها . عندما حاولت الكلام خرج صوتها أجش وهي تسال ما بدأت تعرف الرد عليه.
ـ في ..اي.. فندق؟

ـ في الفندق الذي أنت فيه

ـ الذي...

ـ انا على مسافة الممر منك
اردف بطريقة رجل الإعمال الذي لا يضيع وقته:
ـ لدي اجتماع في 8 .. فهل من المناسب ان أراك الان؟

الآن ! سبب طلبه المفاجئ الاضطراب لسيل . لا..لا..لا صاح عقلها بها .. ولكن قلبها كان يقول .. اجل . تذكرت كيف كان في المرة الأخيرة التي رأته فيها وتذكرت اتهامه إياها بأنها أعطته الضوء الأخضر فصاحت كرامتها.. أبدا .

ولكن عليها ان تسلمه العقد الذي سبب له متاعب جمة حتى حصل عليه . صاح بنفاد صبر:
ـ حسنا ما ردك ؟

ردت بحدة:
ـ نعم من المناسب
وصفقت السماعة .

قبل ان تتمكن من إنهاء تزرير روبها واخرج المحفظة من حقيبتها سمعت قرع موري الخفيف على بابها .. افترضت ان عليها ان تكون شاكرة له لانه اخذ بعين الاعتبار وجود نزلاء آخرين اتجهت بسرعة الباب فبل ان ينفذ صبره ويقرع مرة أخرى .

ترددت عند الباب فاضطرت إلى سحب نفس عميق قبل ان تمد يدها إلى المقبض .
المفترض ان تهدىء هذه الأنفاس العميقة روعها .. ولكنها كانت هباء .. فما ان فتحت الباب ووقفت في وجه موري حتى تلاشى لونها ووهنت ساقاها ..اوه.. ما احبه إلى قلبها !بدا حليقا ولكن في عينيه نظرة توتر أقلقتها .. راحت عيناه تستوعبان كل حنايا وجهها كانت تعرف انه جاء بسبب محفظة الوثائق التي تحملها في يدها الان ولكنه لم يتحرك ليأخذها منها.

فجأة شحب وجهها ورأت ان لا حاجة للكلمات .. فكل ما يجب ان يقال بينهما قيل وانتهى الامر .
عندما رفعت محفظة الوثائق ودفعتها إليه تركت عيناه عينيها ونظر إلى الحقيبة .. اعتقدت ان من دواعي سروره ان يستعيد وثائق الشركة السرية ولكنه ويا للمفاجأة رفع يده ودفعها مرة أخرى إليها .

ولعل أكثر ما أذهلها طريقته في الدخول إلى غرفتها لقد اقتحم الغرفة اقتحاما .
وفيما كانت ترتد إلى الخلف اقفل الباب وراءه .

ثم راحت عيناه تطوفان بها من رأسها إلى أخمص قدميها . اخذ المحفظة منها ورماها على السرير . ثم قال بحدة :
ـ لم آت بسبب هذه !

فجأة لاحظت خطورة الوميض في عينيه .. فارتعش جسمها .أنها لم تعرف إذن لماذا جاء.. ولكنها لم تره اشد قسوة أو أكثر تصميما!


9ـ مفتاح القلب كلمة



لم تكن سيل قط بحاجة يوما إلى رباطة جاشها كالان . في ما كانت نتظر إلى موري شعرت بعذاب داخلي ..ولكنها تمكنت اخيرا من ايجاد صوتها .

ـ كان يجب ان تقول هذا .. لكنت وفرت على نفسك عناء الزيارة




ـ ارت.. رؤيتك.





ان كلماته هذه لا تعني شيئا ولكنها مع ذلك جعلت قلبها يخفق بسرعة .

ـ لاشك .. ان الامر في غاية الاهمية لانك لحقت بي من الاقصر ..آه! لاشك انك كنت قادما إلى القاهرة على أي حال




صمتت بسبب حركة بدرت منه تدل على نفاذ صبره لم ينكر انه كان يخطط للمجيء إلى القاهرة بل اكتفى بالقول :

ـ كان وما زال الامر مهما

انتزعت عينيها عنه اخيرا وسالت :

ـ هل انت واثق من انك لم تات بسبب العقد ؟
تعرف انه لا يكذب ولكنها ولكنها شعرت بالارتباك الشديد فجاة ولا تعرف ردا اخر

بعد لحظات صمت قال:
ـ جئت من بين اشياء اخرى لاعتذر

لم تفكر في الاشياء الاخرى لكن :

ـ انت ..تعتذر ؟ اسمح لي ان يغمى علي !

ـ وهل انا سيء إلى هذا الحد ؟
ـ ما هو اذن الشيء المحدد الذي تود الاعتذار عنه ؟

لاحظت ان تعابيره عادت إلى القسوة وكان لهجتها اللاذعة بدات تخزه

ـ اسمعي! هلا جلسنا؟

ـ لن يطول الامر الذي جئت من اجله إلى هذا الحد بالتاكيد

كانت تحبه وتكرهه ولكنها كانت تخشى ان تفضح حبها الذي تصغر عنده كراهيتها له .

قال:
ـ لست ذاهبة إلى أي مكان قبل ساعات
احست انه لايعرف فقط بموعد ذهابها إلى الشركة في 9 بل يعرف كذلك موعد سفرها إلى انكلترا . وهذا ما جعلها ندرك ان عليها ان تحذر منه لانه قادر على قراءة افكارها . اتجهت نحو كرسيين صغيرين تفصلهما طاولة منخفضة .
تمتمت:

ـ كنت تعتذر على ما اعتقد

كم تتمنى لو كان لديها الوقت الكافي لترتدي شيئا من الثياب .. رات عينيه تتجهان إلى شعرها الاشعث فتمنت لو وجدت وقتا لتمشطه

قال بعد لحظات :
ـ كنت اعتذر .. لقد خرجت عن طوري عندما اتهمتك بتشجيع حسين .. في الوقت الذي كنت فيه تتجنبين اغضابه خشية ان تكوني السبب في افشال المساعي التي كنا نبذلها من اجل العقد .

وثب قلبها وثبة عالية لانها سمعته يتكلم معها بتفهم كامل للصعوبات التي واجهتها .. لكن مقابل هذا كان هناك الجرح الذي سببه لها بسبب معاملته اياها بتلك الطريقة .. فهل هي مخلوق مثير للشفقة لذا قرر الاعتذار عن تصرفه معها ؟ وهل يجب ان تبتسم له طالبة منه عدم التفكير في الامر بعد الان ؟
اخيرا وجدت اللهجة الباردة التي كانت تريدها :

ـ في الواقع اعجبت كثيرا بحسين .
راته يعبس السبب في عبوسه لهجتها ام كلماتها؟ لكنه لم يتردد في مقاطعتها بقسوة :

ـ لم ارك معجبة به حين هاجمك !

ـ ذلك امر مختلف ..على أي حال شكرا لاعتذار

ولكي تلمح إلى انتهاء المقابلة هبت على قدميها .. ولكنها عادت للجلوس ثانية لانه شدها .

ـ لم انته .. بل الواقع انني لم ابدا

غاصت في مقعدها مجددا وسالت :

ـ في هذه الحالة .. هل افترض انك نادم على طردي

ـ استحق ان ترمي أي كلام في وجهي مع ان لدي اسبابا تعذرني ! انت غير مطرودة بالتاكيد من العمل لانك ثمينة جدا للشركة .

لكنها لم تكن تريد ان تكون ثمينة للشركة بل ان تكون ثمينة له .

ـ ام زلت ثمينة للشركة مع انني السبب في خسارتها ذلك العقد؟
ـ خسارة ؟

ـ اعرف ان نسختنا معنا.. واعرف انها سرية بسبب محتوياتها .. ولكن ان كان بديع قد مزق نسخته ..

ـ ولماذا تظنينه قد يفعل شيئا كهذا ؟

فقدت سيل السيطرة على اعصابها . فصاحت :

ـ انت لا تطاق ! اكرر ما قلته لي بسبب تصرفاتك دمرت لي ما احتجت إلى اشهر لانجزه!

شتم بصوت خفيض:

ـ استطيع شرح كل هذا .. قد يطمئن بالك ان عرفت انني قبل ان اغادر الاقصر تلقيت اتصالا هاتفيا من بديع الذي كان قلقا جدا
ـ قلقا؟

ـ الواضح ان حسين ذهب إلى المنزل واخبره ببضع كلمات حادة انني طردته من غرفتك
تذكرت انه طرده وهو يوجه له كلاما قاسيا بالعربية

ـ اذكر انك وجهت له ما بدا لي اقسى من الطرد
ـ كان يستحقه !

ـ ارجو ان يقدر والده هذا الواقع

وفغرت فاها بسبب رده الرزين :

- لفد فعل.. اتصل بي ليقول ان حسين لا يدرك ما هي الامور بيني وبينك ...

صاحت تقاطعه:

ـ بيني وبينك
وتمنت لو لم تقل هذا فهي تعرف انه لا شيء بينهما . على الاقل ليس من جهته.


قال وعيناه لا تفارقان عينيها :

ـ ارجو ان تسامحيني سيل .. لكنني انا الذي رميت حسين إلى الخارج ثم قلت له .. انك لي .

نظرت اليه بذهول .. ثم قامت بجهد جبار للمحافظة على تماسكها اذ لم تفهم قوله لحسين انها له علما انه كان في ذروة غضبه . وظل قلبها يخفق بحيرة حتى رست على الرد الذي خفف ضربات قلبها المتسارعة .. ان موري مستعد لفعل أي شيء لانقاذ العقد .. حتى في غضبه ..

قالت بتحفظ :

ـ من الطبيعي ان تقول له شيئا يعذرك على ضربه ومن الطبيعي كذلك ..
جعلتها نظرته القاتمة تصمت.


ـ لم اكن مجبرا على القول له..

وصمت فجأة فظنت انه متوتر الاعصاب مرة اخرى ولكنها صرفت النظر عن الفكرة السخيفة . ثم لاحظت انه سحب نفسا عميقا قبل ان يردف :
ـ عندما استعاد حسين حسن الادراك كما قال بديع وحاول ان يتجاوز خيبة امله لانك مرتبطة اصبح خائفا من ان يكون قد اساء إلى زبون مهم وان يكون قد هدم ساعات من عمل والده في سبيل العقد ..

فغرت فاها وهي تسال :

ـ هكذا اتصل بك بديع ليتاكد من انك لم تغير رايك بشان العقد!
اكد لها كلامها :

ـ صحيح
نظرت اليه سيل باحتقار

ـ هه! لو وقعت في بالوعة اقذار لخرجت ورائحتك كالوردة

رات شفتيه تلتويان .. ولكنها لم تشعر بمودة كبيرة نحوه لحتئذ.

ـ ستقول لي الان انك بعدما تاكدت من عدم خسارة العقد احسست ان عليك ان تقول لي شخصيا انني غير مطرودة من العمل !.. حسنا . لدي اخبار لك ايها السيد الذي لا يعرف قول ارجوك ولا شكرا ابدا .. لن اعمل لك او لشركة بيكون ولو ...

قاطعها :

ـ ماذا قلت لك ؟

لكنها امضت ساعات طويلة من العذاب بسببه وليست مستعدة حتى الان للهدوء

ـ لقد قلت اكثر مما يكفي ! لولا اتصال بديع بك هذه الليلة لما فكرت في مرة اخرى ولما حاولت بالتاكيد ان تتصل بي ..ولكنت غادرت الاقصر غير عابئ بي ..ولكنت...
صاح موري :

ـ هلا صمت؟
وكانت هذه الطريقة الوحيدة لينجح في اسكاتها .

جعلتها هذه المقاطعة الفظة تشعر بالذعر فقد تكون كشفت في كل ما قالته عن رغبتها في ان يفكر فيها .

لكنها قالت بتحد:
ـ ماذا؟
ـ لو تركت لي فرصة قول كلمة لقلت لك اني فكرت فيك بكل تاكيد ..يا امراة ..لقد جبت الاقصر طولا وعرضا بحثا عنك قبل مخابرة بديع .

اذهلها ما سمعت فجلست تنظر اليه بدهشة :

ـ بحثت عني قبل اتصال بديع .. انت ..
جاءت وتيرة صوتها منخفضة .

ـ لقد ارعبتني حتى الموت بفرارك هكذا




ـ أنا .. صحيح؟


ثم اضافت يائسة وهي تحاول جمع شتات نفسها :
ـ لا اظنك خلتني اخذت ملاحظاتك على محمل الجد ورميت نفسي في النيل ؟

تحولت نظرته مرة اخرى إلى تساؤل فخشيت للمرة الثانية ان تكون كشفت عن شيء من مشاعرها
لم يعلق على ما قالت بل رد بعد لحظة :
ـ لا .. لم اظن هذا .. بعدما تركتك .. تركت غرفتك .. خرجت اتمشى خطرت على بالي افكار كثيرة ولكن اول ما قمت به بعد عودتي هي التوجه إلى غرفتك .

قالت ببطء:
ـ فهمت..
فكرت : اذن لقد ادرك في اثناء سيره ذاك انه كان مجحفا بحقها فقرر التوجه إلى غرفتها للاعتذار
اردفت :
ـ لكنني لم اكن هناك .. هكذا ..
صمتت وبوقار إلى عينيه الرمايتين الثابتتين . بطريقة ما لم تستطع تكذيب انه كان يجوب الاقصر بحثا عنها .

اضاف :
ـ هكذا .. بدات ابحث عنك . كنا سنذهب إلى العشاء معا .. ثم ادركت انك تفضلين الموت جوعا على تناول كسرة خبز معي بعد تصرفي ذاك . وهذا ما يعني انك كنت ستسقلين سيارة اجرة إلى فندق اخر بدل المخاطرة في مشاركة المكان ذاته معي .

بدات مقاومتها نحوه تتداعى فما تسمعه منه يجعلها تعيد التفكير مرارا مرارا.
قالت :
ـ نسيت انني لم آكل

قال بصوت هامس :
ـ آه ! اكنت منزعجة مني إلى هذا الحد .....؟

قالت بسرعة :
ـ المحزن!

لكنه اضاف :
ـ استقليت سيارة اجرة لابحث في الاماكن التي من الممكن ان تذهبي اليها .. ثم عدت إلى غرفتك مجددا .

كانت عيناها تتسعان استغرابا وهي تصغي إلى المتاعب التي مر بها في بحثه عنها ولكن استغرابها لم ينته عند هذا الحد .
ـ عندما لم تردي او تفتحي الباب عدت إلى مكتب الاستقبال لاسال ان شاهدك احدهم فاخبرت عندئذ انك سلمت مفتاح الغرفة واخبرني احدهم انه راى حقيبتك بيدك .

صاحت استغرابا :
ـ كيف لاحظ ذلك مع دخول وخروج الكثيرين

قاطعها :
ـ كان رجلا ولست ممن يمكن لرجل الا يلاحظه سيل

ـ آه ! ماذا فعلت بعدئذ ؟

ـ وماذا يمكن ان افعل ؟ اخذت المفتاح والقيت نظرة على غرفتك

ازداد اتساع عينيها امام ما تسمعه :
ـ فعلمت انني رحلت ؟

سنا المجد
17-06-2009, 07:12
هز راسه :

ـ ولكنني لم اكن اعرف إلى اين .. وكنت في غرفتي ارمي ثيابي في حقيبتي حين اتصل بديع بي




ادركت الصورة كلها :

ـ آه .. لقد عرفت انك امضيت ما يكفي من وقت في البحث عني وانك اذا ضيعته وقتا اخر فاتتك طائرة القاهرة ؟



ـ في هذه المرحلة لم اكن إلى اين اطير إلى القاهرة ام إلى الاسكندرية .. او إلى جهة اخرى .





ـ لكن الاجتماع ؟ الاجتماع الذي قلت انك ستحضره في القاهرة في الساعة 8




ـ لقد كذبت في هذا




ـ كذبت ؟




ـ وماذا يمكنني ان افعل غير هذا .. لقد كنت محظوظا لانني وجدتك .





عانى الامريين في الوصول اليها وبما ان لا موعد لديه في القاهرة ذلك الصباح فهذا يعني بالتاكيد انه لحق بها عن عمد إلى القاهرة ! فجاة اخذ قلبها يخفق بشدة مرة اخرى .. وعرفت ساعتئذ انها تريد سماع كل ما يريد قوله لها ولانه قادر على الاتصال بها في أي مكان في العالم ليعتذر لم تفهم لماذا سعى اليها شخصيا .. ايعني هذا ان هناك اكثر مما بدا لها؟ تذكرت اليوم الرائع الذي تشاطراه .. حتى ظهر حسين على المسرح .. ابتلعت ريقها.. أكان الامر جيدا ام سيئا تريد منه ان يعدد اسباب سعيه اليها .




ـ لقد .. قلت انك كنت محظوظا





قال بلهجة صادقة :

ـ الحمد لله على العاصفة الرملية ! فقد اثرت تلك العاصفة على مواعيد الطيران .. ولولا هذا لما عرفت إلى اين سافرت .حين بدات اسال في المطار اتضح لي بسبب اختلاف المواعيد ان الطائرة الوحيدة التي قد تستقلينها كانت إلى القاهرة



ـ اذن سافرت إلى القاهرة ورائي ؟




ـ وامضيت معظم الرحلة متسائلا عما اذا هدات قليلا لتتذكري انك تحتفظين بالعقد.





ـ انا.. لم اتذكر العقد حتى هبوط الطائرة . الهذا السبب لحقت بي؟ عرفت ان العقد ما زال معي ...و....





اصمتتها الصدمة اذ رات من التعبير الغضب الذي ظهر على وجهه انها اغضبته كثيرا

قال بصوت راعد عاصف :
ـ الم تصغي إلى كلمة واحدة مما قلت ؟ تبا لذاك العقد فلا شان له بقدومي إلى هنا بل ما فكرت فيه لحظة عندما كنت اجوب الاقصر بحثا عنك ! في الواقع السبب الوحيد الذي جعلني افكر فيه وانا قادم إلى هنا هو رجائي ان تكوني قد تذكرته




ـ لا افهم كيف





ـ اذن حاولي فهم هذا ..! لقد فتشت غرفتك جيدا وانا ابحث عنك ولكن بعد اتصال بديع ادركت انك لو تركته لوجدته .. انك لو مزقته ورميته لشاهدته في سلة المهملات





صاحت بذهول :

ـ اتصورتني امزقه؟



ابتسم فجاة ثم قال بلطف :

ـ ما كنت لالومك




وبينما قلبها يتراقص قامت بما في وسعها لتسيطر على خفقات قلبها التي تثب بين ضلوعها بسبب ابتسامته ولطفه .



تابع :

بدا لي ان من الاسلم ل كان تتجهي إلى القاهرة وبما انك لم تنتظري طائرة الاسكندرية فهذا يعني انك لن تذهبي إلى هناك وهذا يعني انك كنت تنوين السفر إلى انكلترا على اول طائرة . وهناك قد تختفين وتعيشين مع اناس لا اعرفهم وقد يمر دهر قبل ان اجدك .




ايقول انه سيلحق بها إلى انكلترا ؟

اردف :
- كان هذا ..الا اذا..




سالت حائرة :

ـ الا اذا ...




ظل صامتا لحظات لكنه كان ينظر اليها وكانما مجرد رؤيتها تجعله مطمئنا وكان قلبها يعصف بين ضلوعها :

اردف بعدما جمع شتات نفسه :
ـ الا اذا تذكرت الوثائق السرية .. فقد عرفت طوال تلك الاسابيع التي عملتها معك انك اضافة إلى طبعك الناري مخلصة وكفؤة .




وجدت انها غير قادرة على الاصغاء بدون ان تعلق :

ـ اتقول لي هذا الان؟



عابثها:

ـ لست بحاجة إلى من يخبرك ذلك.. لقد فتشت مطار القاهرة بحثا عنك وعندما لم اجدك رحت اعتمد على وفائك للشركة




ـ قلت بينك وبين نفسك انني ان تذكرت الوثائق امتنعت عن مغادرة القاهرة قبل ان اضع العقد في ايد امينة ؟




قال بهدوء :

ـ اردت رؤيتك ايتها العزيزة سيل . ولهذا املت من كل قلبي ان تتذكري العقد وان تشعري بعد الثقة بالبريد فتقررين وضعه بنفسك في مكتب القاهرة حالما تفتح الشركة ابوابها




ابتلعت ريقها :

ـ فكرت في ملاقاتي في مكتب الشركة ..حين ..




ـ كنت انوي ان اكون هناك قبلك .. ولكنني كنت نافذ الصبر فلم استطع الانتظار




ـ لم تستطع ؟




هز راسه معترفا

ـ فتشت في عدة فنادق في القاهرة ثم تذكرت شوقك إلى زيارة الاهرامات وكانت رمية من غير رامي .. ولكنني تخليت عن البحث عنك في القاهرة واتنقلت للبحث في الجيزة .




ـ حقا .. الواقع انني لم افكر بالاهرامات حين طلبت من سائق التاكسي ان يقلني إلى الجيزة .





نظر اليها وكانه منتعش القلب بمعرفته انها لم تفكر في الاهرامات حتى بعد وقت طويل على شجارهما . ولكن بدل الضغط عليها لتقول له سبب عدم تفكيرها ابتسم بلطف وقال لها :

ـ لا يهم .. وجدتك اخيرا بعدما وجدتك حجزت غرفة في هذا الفندق ولكنني اكتشفت انني غير قادر على الانتظار حتى طلوع النهار.



ـ وهل كنت مستيقظا وقت الاذان ؟




ـ ياعزيزتي لم اذق طعم النوم ولم استطع الانتظار وقتا اطول فاملت ان يكون صوت الاذان قد ايقظك وعندما سمعت صوتك عرفت انك لم تستطيعي النوم ايضا فتشجعت

نظرت اليه فظنت انها ستنهار قريبا تحت ضغط التوتر الذي ترزح تحته فجاة ..




ثم سالته :

ـ تشجعت .. لماذا موري ؟



ـ الا تعرفين حتى الان ؟




تملكها الخوف الشديد من ان تكون مخطئة في ما فكرت فيه . على أي حال وجدت ما يكفي من الشجاعة لتقول :

ـ ان لم يكن العقد هو المهم لك ...
ولم تستطع قول المزيد




تولى موري الكلام نيابة عنها.

ـ ما دام ذاك العقد غير مهم لي فما المهم اذن ؟ كي اهرع من الاقصر إلى القاهرة بحثا عنك المهم ياعزيزتي سيل انت .




ـ آه !




ـ وماذا تعني هذه الــ آه؟




بدا انه مستعد لتلقي ماهو اسوأ فقالت :

ـ تعني ..انني ..خائفة



ـ مني ؟




ـ مما لم تقله





ـ مما لم ... لكنني كنت اقول لك انني احبك كثيرا سيليا سوفتنغ .. فهل ستقولين لي انك لم تفهمي هذا ؟





ـ تحب المراة سماع الاشياء بالتفصيل .





ـ تحب..؟ لن تعطي رجلا مثل هذا التشجيع دون ان تعني شيئا .. اليس كذلك ؟




كادت تساله أي صنف من النساء يظنها ؟ لكن نظرة إلى تعبيره المتشدد اخبرتها بانه جاد فعلا

فردت ببساطة :
ـ لا لن افعل هذا



وقف ثم قال آمرا :

ـ رددي ما قلت



تركت كرسيها بهدوء وهمست اسمه :

ـ موري!
ـ آه موري لن أسألك الآن عما دفعك للاهتمام بي .. ولكن بما انني لا امانع في معرفة كل شيء بالتفصيل فهل هناك ما تودين البوح به؟



ان ما يحدث الآن امر لا يصدق اهو بحاجة حقا إلى سماعها تعترف بحبها ؟ ..ولكنها تذكرت انها كانت متوترة الاعصاب بحيث لم تكد تصدق انه يحبها .. سحبت نفسا مرتعشا .

ـ آه موري .. احبك كثيرا !




صاح صيحة انتصار ثم قال هامسا:

ـ يا للعذاب الذي سببته لي ياحبي العزيز ويا للغيرة التي اختبرتها منذ قدومك إلى القاهرة بشعرك الاشعر الشاحب ووجهك الرائع الذي لم اكن اريدة




قاطعته :

ـ الغيرة ؟



ابتسم :

ـ امامنا امور كثيرة نتحدث عنها .




كان يريدها اقرب ما تكون اليه فتحركا ليجلسا قرب بعضهما البعض على مقعد طويل .

ـ ليس لديك فكرة عما كنت اشعر به تجاهك ايتها الشابة




ـ لم اكن أعرف .. ولكنني اريد ان اعرف .





ـ مجنونة لكن محبوبة .. لقد بدانا بالخصام منذ اليوم الاول .تجرات على تحذيرك من الاعجاب بي ولكن ما لم احسب حسابه هو ان تظهري الاعجاب باحد سواي .





سالت :



ـ أتشير إلى حسين ؟


ـ مثلا

ـ ومن غيرة ؟

ـ هيوغو مارتن أيضا ؟

ـ هيوغو مارتن !

ـ لا يمكنك ان تكوني دهشة بمقداري

ـ لكن لا سبب يجعلك تغار منه

ـ كيف لا اتوتر وانا اراه يحاول التودد اليك امام عيني ؟

ـ وهل توترت ؟

ـ جدا .. كما توترت عندما دعاك إلى الغداء

ـ كان ذلك في اليوم الذي خرجنا فيه معا للغداء مع بديع حسني

ـ لم يكن في نيتي اصطحابك معي يومذاك .. ولم يخطر ببالي انني قد احتاج اليك الا بعدما بدا لي انك ستتناولين الغداء معه ..

ـ لم يكن في نيتك اصطحابي ذلك اليوم ..كنت تغار! أمنذ ذلك الوقت .. وانت..
جعلتها الدهشة تعجز عن اضافة كلمة اخرى

ـ منذ ذلك الوقت البعيد وانا اشعر بالغيرة . منذ ذلك الوقت وقعت في شباكك ولكنني كنت انكر المشاعر التي تعتمل في نفسي والتي اصرت على الظهور إلى العلن .

ـ أي نوع من المشاعر ؟

ونسيت السؤال حين تظهر نظر بحب إلى وجهها المتورد.
هزت راسها ثم ضحكت فقال مجددا :
ـ كم احبك اين؟

بدا صوته عميقا جافا. فهمست:
ـ كنا نتكلم عن الغيرة

ـ آه ..اجل الغيرة وعن انكاري وجودها . ولكنها رغم كل ما فعلت كانت تواجهني . بعد مارتن كان علي مقاتلة الوحش حتى اتصل حسين يطلب عنوانك .

ـ حدث ذلك يوم وصولي إلى الاسكندرية حين حجزت لي في الفندق .

ـ وكنت يومذاك واثقا بانني لا اهتم البتة بمن يعرف في أي فندق تقيمين فاعطيته الرقم ثم بدون سبب اتصلت بك فوجدت خطك مشغولا .

تمتمت:
ـ لكنك اتصلت مرةاخرى وطلبت ان تعرف ما اذا كنت ساتناول العشاء مع حسين وظننت انه سيسعدك ان تعرف انني لم اكن ساتعشى معه

سنا المجد
17-06-2009, 18:00
اسعدني ذلك بالتاكيد ! ولم يعجبني ما شعرت به من فرح . فقد كنت يا حبي العزيز قد بدات اتشوش بالنسبة لك .




قالت بحرارة :

ـ لم يظهر عليك ذلك




ـ اعتذر من كل قلبي الآن على كل مرة التي يحدث لي شيء كهذا . لا لم ارتاب بما اشعر به او ارفضه فقط بل لم في تصديقه .





سالت ممازحة :

ـ أكان سيئا إلى هذه الدرجة ؟



ابتسم :

ـ بل قاتل .. لم اكد اعرفك تقريبا بعد ظهر ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى المطعم مع حسين . مع ذلك حين عدت إلى العمل ولم اجدك اكتشفت انني اركز على سماع وقع خطواتك اكثر مما اركز على عملي




شهقت بذهول :

ـ حقا.. وعدت إلى بيتي تلك الليلة وانا اقول لنفسي انك لا تعنين لي شيئا ولكن ماذا افعل وقد رايتك في منامي واحلامي ؟ انت ياحبي الصغير سبب لي اوقاتا عصيبة




ابتسمت :

ـ وهل يجب ان اكون آسفة ؟



ـ اجل .. كيف تجرأت على تدمير راحة بالي بالقول لي اكثر من مرة انك معجبة بحسين ؟

آخر مرة قالت له فيها ذلك حين دخل إلى غرفتها .




سالت :

ـ متى كانت اول مرة ؟



ـ ايتها المراة الخالية من القلب ..كيف لك ان تنسي ؟ كان في اللحظة ذاتها التي قلت فيها انك غير معجبة بي





صاحت آسفة :

ـ اوه موري .. وهل جرحت احساسك ؟



رد بحبور :

ـ ليس كثيرا فانت قلت ايضا ان لا نية لديك في الذهاب بعيدا في هذه العلاقة
توقف قليلا ثم اضاف بهدوء :


ـ عليك مسامحتي على امور كثيرة ...




ـ لم تكن لطيفا معي تلك الليلة





ـ واستعدت معي صباح السبت حيث ادركت ان التاثير الذي لتلك الشقراء علي لا يعجبني ابدا




تنهدت سيل ولكنها تذكرت كم كان مشاكسا عندما رآها في المرة التالية .

ـ اذن لهذا ..




قاطعها :

ـ بالضبط .. ولكن ان عدنا إلى الامسية السابقة إلى الليلة التي اكتشفت فيها انك لا تعبثين ابدا .. اعذريني على تعصبي الرجولي حبيبتي ولكنني احسست بالرضى بمعرفة هذا




لكنها كانت مستعدة لمسامحته على كل شيء

ـ كان هذا يوم الجمعة .. في الليلة التي جئت تقول لي فيها اننا ذاهبان إلى الاقصر
ـ تقصدين الليلة التي عدت فيها من انكلترا وبينما كان من السهل ان ارسل لك رسالة لاطلب منك ان توظبي حقيبتك وجدت نفسي وانا انكر انني اشتقت اليك مضطرا للمجيء بنفسي




ـ لانك اشتقت الي





ابتسم ثم اعترف :

ـ لم تكن المرة الاولى عزيزتي .. وكنت ارفض ان اصدق .. اتذكرين اليوم الذي سافرنا فيه إلى القاهرة الاثنين الماضي ؟



ـ بالتاكيد . مع انني لا استطيع القول انك كنت بحاجة الي في تلك الرحلة .





ـ لم اكن احتاجك من وجهة النظر العملية ..لكن .. يا امراة كنت قد امضيت نهاية اسبوع كاملة دون ان اراك . حتى وان لم اعترف لنفسي اشتقت اليك ورغبت في صحبتك بضع ساعات





تنهدت:

ـ اووه.. ان كنت في حلم فلا توقظني ابدا




ـ انت لا تحلمين حبيبتي .




ـ متى عرفت حقيقة مشاعرك تجاهي ؟




ـ تقصدين متى سحبت راسي من الرمال واعترفت بحبي لك ؟ بالامس في اللحظة التي قلت فيها انني لا احتاج اليك وان بامكانك الخروج لمشاهدة الاقصر كما يحلو لك ..فجاة احسست بحاجة لاريك المكان بنفسي .





ـ انت!





ـ اجل .. ولهذا هرعت إلى مكتب الاستقبال وانتظرتك لتخرجي من المصعد .





ـ كنت تنتظر ..! لم تكن تطرح اية اسئلة ؟ لكن كان بالامكان الاتراني ..فانت..





ـ لا مجال .. لقد رايتك حالما انفتح باب المصعد وتظاهرت انني لم ارك .. كنا في السوق ونظرت إلى السجادة وقلت انها جميلة وانا انظر اليك عرفت انني لم اشعر قط بسعادة اعظم من هذه كلها ..وانني استمتع بكل دقيقة اقضيها معك ..ساعتئذ بت غير قادر على التهرب من الحقيقة والحقيقة انني وقعت في حبك مع انني حذرتك في البداية من الوقوع في حبي





ـ اوه موري!





ـ عرفت لحظتئذ يا قلبي ويا غاليتي لماذا شعرت بالاسى العميق حين اضطررت إلى السفر إلى انكلترا يوم الاربعاء




همست:

ـ كنت ستترك لي مفتاح الخزنة




ـ وهل يدهشك ان انساه وانا سافارقك؟ مع ذلك لم افهم سوى الاحد أي بالامس مالذي دفعني إلى اصطحابك إلى شقتي في الليلة التي جئت فيها إلى مصر .. ولم اتقبل ان تكون الغيرة هي الدافع إلى ايجاد شقة لك خالية من هاتف والسبب انك قلت لي ان حسينا اعتاد على الاتصال بك في الفندق كل مساء .





ـ حقا..؟ لكن .. ولكنني اذكر انك سالتني ان عاد إلى الاتصال بي كل مساء .. مع انك تعرف ان لا هاتف عندي !





رفض موري ان يبدو خجلا :

ـ لكن هذا لم يمنعه من الاتصال بك في المكتب صحيح؟ وما منعني من محاولة القول لك انني بحاجة إلى معرفة كل شيء لانه ابن بديع .. فيما بعد تساءلت من كنت احاول ان اقنع : انت ام نفسي ؟



ـ وعرفت بالامس انك كنت تقنع نفسك ؟




فقال هامسا :

ـ اوه ..اجل حبيبتي . عرفت ونحن ناخذ السجادة لنشحنها بالطائرة انني لا اريد لهذا النهار ان ينتهي وانني لم اعرف مثل هذا الفرح في داخلي .. لذا وجدت ان افضل طريقة لاطالة اليوم هو اصطحابك إلى الغداء.




تنهدت وتمتمت:

ـ وبعد ذلك إلى الكرنك



ـ وفي المساء إلى الكرنك ثانية من اجل عرض الصوت والضوء





همست :

ـ كان كل شيء جميلا




ـ ولكنني بسبب غيرتي العملاقة افسدت كل شيء حين سمعت وانا في غرفتي صوت حسين .





ـ دخلت.. بسرعة





ـ ودفعتني غيرتي إلى تجاوز الحد فقد رايت بام عيني رجلا اخر يجرؤ على الاقتراب منك ويفرض نفسه عليك ..ياعزيزتي .. ياحبي! هل ستسامحينني يوما على هذه الكلمات والافعال التي بدرت مني بعد ذلك؟




ـ لانك .. ضربت حسين ؟




سخر منها:

ـ هه..! كان هذا ينتظره ! لا حبيبتي . بل لانني اتهمتك باعطائي الضوء الاخضر ذلك اليوم وهذا ما كنت ارجوه في الواقع .. ثم اندفعت الى اتهامك بالعبث مع حسين .. وفوق كل هذا .. طردتك من العمل




سالت بهدوء :



ـ لماذا فعلت هذا؟


ـ لماذا طردتك ؟

هزت راسها :
ـ كل شيء

ـ كنت قد فقدت عقلي في ما يتعلق بك حبي العزيز ! في الوهلة الاولى تجاوزت مرحلة الغضب من جرأة حسين بالدخول إلى غرفتك .. بدات افقد سيطرتي على نفسي كليا ولولا التحفظ الذي ابديته لضعفت . في لحظة التردد تلك سمحت للتعقل بالدخول إلى راسي .. ولم اكن اعرف ما ان ارغب فيه .

قالت بلطف :
ـ واصبحت لطيفا

ـ لا ..بل في تلك اللحظة من عودة التعقل الشارد كنت خائفا

ـ خائفا ..؟انت

ابتسم:
ـ صديقيني .. كنت اريدك بشدة ولكنني خفت واحتجت إلى المساعدة

ـ آه ..! احتجت إلى الغضب لا إلى الاذعان

هز راسه موافقا :
ـ اضطررت ان اتهمك بتخريب عملي وبالعبث ..ولكنني.. خفت ان اكون في لطفي الذي بدر مني قد كشفت عن حبي لك .. واعترف يا سيل ان التفكير المنطقي قد هجرني حين قررت انك سرعان ما ستعرفين انني لا احبك اذا طردتك من العمل

ـ اوه موري .. يا حبيبي المسكين !

ـ أتسامحينني ؟

ابتسمت :
ـ طبعا

ساد صمت في الغرفة ثم سالها :
ـ هل قلت لك يوما انك فعلا جميلة محبوبة وانني احبك من كل قلبي ؟

ضحكت :
ـ لا اظن هذا .. اذا كنت مصمما ان لا اعرف كم .. فما الذي...؟

ـ ما الذي جعلني اقرران اقول لك؟

هزت راسها:
ـ قلت انني ارعبتك بفراري ..أكان السبب ان ..

ـ كنت قد قررت قبل هذا ان احاول معرفة رايك لاتاكد ان كان لدي فرصة .. ما ان تركت غرفتك حتى خرجت من الفندق وان بامس الحاجة إلى لملمة شتات افكاري .
ويبدو انني سرت اميالا قبل ان ادرك انني بدات اتعلق بفكرة انك قد تكنين لي بعض المشاعر .. ففكرت انه ربما لا ضرورة لاخفاء ما اشعر به تجاهك . استقليت تاكسيا بسرعة ورجعت إلى الفندق

ـ لكنني لم اكن هناك

ـ فكان ان بدا الكابوس فعلا .. وبدات تنتقمين مني آنسة سوفتنغ أتعرفيت ذلك ؟

ضحكت:
ـ واثقة ان هذا لم يظهر عليك سيد بروكس .. متى بالضبط ؟

ـ كنت اقود السيارة باتجاه الاسكندرية يوم وصولك إلى مصر فغفوت وبدا راسك يميل هممت بمطالبتك بتقويم جلستك لكنني لما نظرت اليك لم استطع اخراج الكلمات . وجدت انني اعجبت بنظرتك البريئة وضد كل قناعاتي الداخلية وقبل ان ادري اكتشفت انني بدل ان اصحبك إلى فندق اصطحبتك إلى شقتي .. فهل من الغريب ان اكون مغتاظا من نفسي ومنك ايضا؟

ـ ولم اكن معجبة بك كثيرا تلك الليلة

ابتسم موري :
ـ حبيبتي .. لقد شرحت لك كل ما لدي لانني بعد الطريقة التي تصرفت بها معك احسست انك بحاجة لتعرفي حقيقة مشاعري وعمق لك .. والان حبيبتي سيل الصغيرة ..أيمكن ان اعرف منك متى اكتشفت انك تحبينني ؟

ـ عرفت بالتاكيد انني احببتك في الليلة التي ذهبنا فيها للعشاء في منزل بديع

ـ في تلك الليلة كنت وغدا لا يطاق !

سنا المجد
17-06-2009, 18:06
ضحكت:

ـ هذه كانت مشاعري بالضبط .. كنا عائدين إلى الفندق وكنت ساصعد بالمصعد بمفردي حين ادركت وسط ثورتي عليك لماذا يمكن ان تؤثر تقلبات مزاجك في؟



ـ هل خطر ذلك قبل تلك الليلة ؟




ضحكت:

ـ ماذا أقول ؟ كان موجودا فعندما تم العقد رغبت في معانقتك
وصمتت لحظة ثم تمتمت:
ـ لأهنئك .. منذ ذلك الوقت ادركت انني اخادع نفسي عندما اقول لك انك لا تعجبني وانني لا اميل اليك . حتى في تلك اللحظات كنت احبك اكثر مما كنت اكرهك ... وحتى اكون صادقة اعترف ان حبك ابتدا يتحرك في قلبي منذ صحبتني إلى شقتك .




ـ اريدك ان تكوني صادقة .





ضحكت ثانية ..فحبه الان يشعرها بالامان . وهي تدرك انه يريد كما ارادت هي ان يعرف كل شيء عن مشاعرها .





ـ حسنا .. كانت احدى ردات فعلي تلك الليلة مقاومة تهور كاد يدفعني إلى القول اني لا آبه بك وبوظيفتك البائسة ولكنني عدت واوهمت نفسي بانني اريد البقاء لأريك قدراتي ولأرى الاهرامات .. لكنني الآن اعرف انني بقيت يومذاك لان فيك ما هو مميز في نفسي .





نظر موري إلى عمق عينيها :

ـ بالحديث عن الاهرامات حبيبتي .. واذا كانت معلوماتي الجغرافية صحيحة ..




وقف ثم اقتادها إلى باب الشرفة .. فتح الباب واخرجها إلى الشرفة .. في مكان ما تصاعدت انظارها من فوق شجرة عطرة إلى يسارها كانت السماء وردية اللون ثم تحرك إلى خلفها وطلب منها ان تنظر إلى يمينها .




شهقت :

ـ موري




لم تستطع ان تصدق وصاحت مجددا :

ـ موري




في مكان قريب كانت الاهرامات الثلاثة ! فغرت فاها ثانية لكنها كانت مذهولة فابت الكلمات الخروج .

شعرت بذهول كامل ورهبة غامرة لمنظر الهرمين الكبيرين والآخر الصغير.
لا تدري كم بقيت واقفة هكذا .. ولكنها تنهدت أخيرا برضى كامل .




ارتد موري إلى جانبها .. فرفعت عينيها سعيدة لترى الدفء في عينيه وهذا ما جعل خفقات قلبها تتسارع من جديد.

ـ حبيبتي سيل .. لانني كنت دائم السفر وبعيدا عن انكلترا اشهرا طويلة انتزعت فكرة الزواج من راسي . وكنت قانعا.. في الواقع استمتعت بعزوبي .. وعرفت دائما ان عملي يعني لي اكثر من الزواج .. لكن هذا كان قبل اقع قلبا وروحا في حبك .




سحب نفسا عميقا وتفرس في تعابير وجهها . اردف :

ـ هكذا اجدني أسأل ان كنت توافقين على الزواج بي ..ارجوك.




خفق قلبها خفقة جبارة وابتلعت ريقها بقسوة .. احست انها على وشك ذرف دموع السعادة العاطفية .. وابتسمت تقول بصوت مرتعش هامس :

ـ بما انك تطلب مني بكل مني لطف .. فأجل .. سأتزوجك .




همس من بين انفاسه :

ـ ياحبي




تنهد تنهيدة عميقة ثم ابتسم ابتسامة جعلت قلبها ينتفض بقوة بين أضلعها .



( تمت بحمد الله )

سنا المجد
17-06-2009, 18:08
انتهت الروايه التي اتمنى ان تعجبكم واعتذر عن تاخري في إتمامها.,,,

حلاوة طحنيه
17-06-2009, 22:06
::سعادة::

حلاوة طحنيه
17-06-2009, 22:09
مشكوره سنا المجد على الروايه الحلوة وتسلم الأنامل الي كتبتها

Beautiful girle
18-06-2009, 11:26
::جيد::
الله يعطيك العافية

نايت سونغ
18-06-2009, 14:35
يسلموووووووووو ايديكي سنا المجد كنا ناطرينك لتخلصي الرواية لحتي نرد يعطيكي العافية مووووووووواه

omimahosny
18-06-2009, 15:47
:):)::سعادة::يسلمواااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااااااااا ايدكموااااااااااااااااااااااااااااااااااا انا بحب الرويات العاطفية وبذات روايات عبير شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااا

omimahosny
18-06-2009, 15:58
http://www.shbab1.com/2minutes.htm

سنا المجد
20-06-2009, 14:32
شكرا للجميع وشكرا خاص للحبايب الا ردوا علي .................

khadija123
21-06-2009, 22:12
السلام عليكم
رووووووووووووووووووووووووووعة شكرررررررررررررررررررررررررررررررا كثيييييييييييييييييييييييييير

هيونه المزيونه
22-06-2009, 15:22
يسلمو سنا المجد ..... ويعطيك ألف عافية .....

دانيا 2009
23-06-2009, 20:10
يسلمواااااااااااااااااااااا على رواااااااااااايه

نايت سونغ
27-06-2009, 14:04
مرحباااااا بناااااااااااااات

ما بعرف كيف ابدا

بس اتفقت مع الأخت ماري انو تعلن عن رواياتي بعد رواية الاخت سنا المجد

بس لهلاء ما اعلنت عليها لانو اكيييييد مشغوووولي بالجامعة او الامتحانات

و انا شايفي المشروع راااكد و ما عم يتحرك

فقلت انو نزل رواياتي

ما بعرف ازا الأخت ماري انطواينت رح تتضايق او شي

انا رح نزلها بس عشان المشروع واقف

اعطوني رأيكم :)

نايت سونغ
27-06-2009, 21:24
ليلة عابرة
رويات عبير

10 فصول


الملخص



مفاجأة العمر

· يبحث عنها منذ خمس سنوات . . . امرأة من نسج احلامه . . ملاك ، دون اسم ، نجح في هدفه الليلة في تبديد ظلام حياته الي الأبد ، حلم الصين .. حلم ليلة . .
و أخيرا وجدها . . مبتسمة و مشرقة ، كانت هنا أمام عينيه . . خطيبة شقيقه

نايت سونغ
27-06-2009, 21:26
مقدمة

هي !
حملق "هيرمان نايت " في الصورة بينما كان يضغط بكل قوته علي الرسالة التي يمسك بها في يده .
و نسي تماما الجو السيئ ل"مانهاتن " الذي طالما ظل يلعنه و هو يقبع في منزله .
كما نسي الشعور الرهيب بالضيق الذي كان يزرح تحت طائلته اثناء مشاهدته لبرامج التلفزيون و مقدمها الغبي . هكذا راح عن فكره كل ماكان يشغله و يؤرقه منذ ثوان معدودة و لم يبق سوى ذكرى هذا العشاء الذي أسرع لقضائه مع اجمل فتاة في العالم .
هي !
إنه ينتظر هذه الرسالة منذ وقت طويل ! و لآن حل محل السعادة احساس بالحقد و الضيق . . .
حقد ظالم و غير عادل ن و لكن قلما تخضع المشاعر الانسانية لما يمليه عليها العقل و النزاهة .
كان الاحساس بالضيق و المرارة يسيطر عليه ضد سخرية هذا الموقف ، و مع ذلك دلف الي المطبخ الحديث جدا و بدا يعد القهوة بيد غاضبة ن ثم بدأ يتخلص من سترته المبللة بينما ظلت عيناه عالقتين بالصورة التي ثبتها امامه علي التلفزيون .
كان منذ خمسة اعوام لا يتناول سوى المشروبات الكحولية و ليست القهوة ن كان منذ خمسة اعوام يخرج هائجا علي وجهه في الشارع ليهدئ من ثائرته ، او يحطم اى شيئ يجده أمامه و ينثر حطامه في كل مكان كأنه يحاول ان يتحدى قدره القاسي .
وربما فكر في البحث عن أي امراة تؤنس وحدته ، و مع ذلك يجد نفسه دائما وحيدا في النهاية .
و لكن منذ رآها ، منذ ان رأي فتاة الصورة ، لم يعد ، كما كان ن فريسة النزوات المدمرة .
هي الفتاة التي يراها تضحك امامه بين ذراعين رجل آخر . . .
بفضلها ، نجح في السيطرة علي مشاعره السلبية با و حولها الي افكار و افعال ايجابية ، و ها هو ذا الآن يتحسن وجهها بأصابعه ، و لكنه لا يلمس إلا الصورة .
ان مجرد لمسة لصورتها يشعره بالاضطراب ، نعم انها هي ! لقد تغير لون شعرها ، و لم تعد نحيفة و هزيللة كما كانت ، و لكن عينيها ظلتا كما هما . . . بلونها الاخضر و تعبير السعادة و ثقة في الحياة .
لم تضف عليها هذه الاعوام الخمسة اي تغييرات .. و لكن ليس بغريب :فلن تستطيع عوالم الزمن تغير معالم الملائكة ، و لكنها تزيدها روعة و جمالا فقط .
" ملاك في الظلمات " ... هكذا كان يراها ، و كان مجرد لمسها يبدد الظلمات من كابوس او تخلص من عماه .
لم تكن " هونج كونج " الا ميناء يرسو عليه لمدة قليلة و هو في طريقه الذييؤدي به الي المعركة جديدة مسرح جديد للأحداث الدموية التي تذيع شهرته كصحفي ناجح و تجعله يعتلي القمة دائما .
لقد استيقظ في اليوم التالي لوصوله عند الظهيرة و هو يعاني آلما مبرحة في رأسه نتيجة لتناوله المشلاوبات الكحولية طوال طريقه من امريكا الجنوبية .
لم يكن يعرف اين هو و لكنه يشعر بالراحة لسماع دوي طلقات من حوله .
ثم أتي الليل ، عندما ذهب الي هذه الامسية يائسا كأنه يحاول بذلك خنق الاصوات التي تؤرقه في الظلمات و تملأ رأسه بطنين مستمر .
فأينما ذه تلاحقه الدعوات نظرا لشهرته الذائعة الصيت و رذائله التي ارنكبها طوال سنوات عمره كانها درع له ، إنه يدخن و يرتكب المعاصي و يزج نفسه في مغامرات عاطفية لمجرد اللذة الجنسية و يهتم بكتابه القصص المنسوجة بعناية .
و لكن ما الشيء المختلف الذي يجده فيها و لا يجده في غيرها ؟
لقد لاحظها و اختارها من بين الجميع و كانت تجلس وحيدة و لكن ليست منعزلة .
عندما رآها هيرمان شعر في داخله بمزيج غريب من الحاجة و التحدي و الرغبة . . كانت صغيرة و هزيلة . .كان جمالها يحمل طابعا شرقيا و يبدو متناقضا تماما مع لون بشرتها و لون شعرها المتكلف .
و لكنه شعر ان بها طاقة داخلية و قوة اضطرته لأن يسلم لها .
و علي الرغم من تصرافاتها العدوانية ، إلا أنها لم تفقد ابدا رقتها و صفاءها ، و كان دائما و ابدا يغفر لها ويصفح عنها .
وكان أول لقاء بين غريبين فب حجرة منعزلة في احد الفنادق المجهولة ن و علي الرغم من ان اللقاء لا يحمل معني نظيفا إلا انه في نظر هيرمان لقاء حب بكل ما تحمله الكلمة من معان سامية ن حب خلق من العدم . .
لذلك يبدو كل شيء في عينيه مختلفا .. لقد رحلت بدون ان تقول له الوداع و لكنها تركت لديه هذا الانطباع الرائع و هو ... عاد من جديد الي ساحة المعركة و لكنه تخلص من يأسه الكئيب ... و منذ ذلك اليوم ، بدات كتاباته تتسم بالحب و الرحمة و اختفت الكآبة و السخرية من حياته .
لقد كان تحولا عميقا و عسيرا في نفس الوقت و لكنه لم يفقد وحيه و ظل يتذكر .. و ظل يتأمل .
و خلال خمسة اعوام طوال ، ظل مجنونا بحب هذه الفتاة القربية من الخيال ن و لكن ها هي ذي الان اخيرا اصبحت سهلة المنال .. لقد عرف اخيرا اسمها و اين تكون .. و لكن هل ترغب هي ايضا في رؤيته ! و هل يشعر هو انه مستعد لمواجهة نتائج هذا اللقاء ؟
انه سعيد بهذا التحدي ويشعر اخيرا ان جسده و عقله ينعمان بالراحة .
إن هيرمان نايت لن يتغير ابدا .

نايت سونغ
27-06-2009, 21:29
الفصل الأول

- أي !
قفزت العروس من مكانها ن فهمهمت " هانا " و هي تضع في فمها دبابيس الحياكة :
- معذرة يا " هيلين " .
جلست قرفصاء و تنهدت قبل ان تمسك الدبابيس بيدها و قالت :
- من المستحيل ان تبدو قامة الثوب منتصبة و رائعة ، لابد أنني أخطات عند تصميم الاترون ، و الان من المستحيل علاج ذلك الخطأ .. كيف اخرج من هذا المأزق الآن ؟
ابتسمت هلين سميث ابتسامة هادئة لحماتها المقبلة ، إن هانا خياطة لا نظير لها و تتقن عملها بعناية شديدة فينال اعجاب الجميع .
قالت هلين برقة :
- إنه رائع يا هانا ن و يروقني كثيرا .. انه حقا هائل .. و سترين ذلك بعد الانتهاء منه ..
و إلي الان كان الثوب الحريري ذو اللون العاجي مغطي بالدبابيس و علامات الخياطة .. و لكن هلين كان بإمكانها تقدير شكل الثوب علي الرغم من عدم إلمامها بأعمال الحياكة .
قالت هانا :
- الحق أنني بدات اتساءل هل كنا فعلا محقين في اختيار هذا الموديل ؟ ،
فثوب العروس مقترن دائما بالدانتيل و الازياء الفضفاضة ..
انفجرت هيلين في الضحك .
- و لكن هذه الفكرة كانت فكرتنا من البداية يا هانا !
و انت التي اقنعتني باختيار موديل غير عادي و لا يمكن التراجع الان ، لقد تاخر وقت التراجع كثيرا !
هبت هانا واقفة في مكانها بخفة شديدة لا تلائم سيدة في الستين من عمرها ، و عادت قليلا الي الوراء و هي تعقد ذراعيها علي صدرها لتتأمل عملها عن بعد بعين فاحصة ، ثم قالت :
- من المؤكد أن " إيدا " ستدهش كثيرا ، أليس كذلك ؟
فأجابت هيلين :
- بالتاكيد .
لم تكن إيدا شقيقة هانا لتحسد هذه الأخيرة علي مواهبها كخياطة ، فقد زوجت ابنتها من ثلاثة اشهر و كان ثوب العروس رائعا جدا في طرازه التقليدي .
و كان من الواضح جدا ان هناك منافسة دائمة بين الشقيقتين مما جعل هانا تصر علي استبعاد فكرة الثوب العروس التقليدي لتصمم ثوبا غير مألوف و الحق ان هيلين سعدت كثيرا بهذه الفكرة .
و استوحت هانا هذه الفكرة من معرض للملابس اليابانية كان مقاما في الـ " أرت جالاري " بـ " اوكلاند " ، فالتقطت عدة صور لبعض الملابس عرضتها فيما بعد علي هيلين بحماس شديد .
- لماذا لا نستوحي فكرة الثوب من جداتك .. فيكون عبارة عن كيمونو فوق ثوب ملصق بالجسد و تستطيع مدام هاريسون تنفيذ ذيل الثوب بالتطريز و الجواهر .
فعلقت هيلين التي اعجبت بالفكرة قائلة :
- لقد كانت جدتي الولي من الصين و ليست من اليابان .
و الحق ان هيلين لم تكن تشبه سيدات نيو زيلنده بقامتها التي يصل طولها الي 162 سم ، و شعرها الاسود البراق و عينياها اللتين يميل لونهما الاخضر الي الرمادي و بشرتها التي يميل لونها الي العاجي .
و اخيرا استقر رأي الفتاة و حماتها المقبلة علي ثوب ذي كمين من الحرير الرقيق ترتدي فوقه ثوبا آخر يشبه الـ كيمونو أما الظهر ن فكان له ذيل طويل ، مطرز و رسم عليه شكل استوحته المرأة من كتاب رسومات شرقية بينما ثم تطريز نهاية الثوب الذي يلامس الأرض و الحق ان قماش الـ كيمونو الحريري كان باهض الثمن جدا و لكن هيلين لم تعان من هذه المصروفات لأن اسرة جريج اصرت علي القيام بكل تكاليف الفرح .
و هيلين فتاة يتيمة ليس لها سوى اخت وحيدة اكبر منها تدعي سوزان و هي سيدة متزوجة في الخارج و تعيش بصحبة زوجها و اطفالها الثلاثة الصغار و لذلك لم تستطيع سوزان المجيء للمشاركة في تجهيزات الفرح و كان علي هيلين ان تعترف بجميل هذه العائلة الثانية التي تكرمت بمنحها المساندة المعنوية و المادية .
صاحت هيلين سعيدة :
- لن أضع هذا الثوب الرائع في الصوان ابدا بعد الزواج فهو رائع جدا لأن اقضي به اي امسية أما بالنسبة للـ كيمونو المطرز فيمكنني استخدامه كتابلوه علي الحائط مثل هذه التي رأيتها في المعرض .
قالت هانا بفرح :
- إنها فكرة رائعة يمكنك اذن وضعه علي الحائط الكبير في حجرة استقبال الضيوف الخاصة بـ جريج بدلا من هذا التصميم الحديث المزعج الذي يضعه هو هناك .
قالت هيلين : التي تشارك هانا في رأيها :
- إنه يؤكد ان هذا التصميم يساوي ثروة .
- علي كل حال لحسن الحظ انه لم يفكر في ابداء رأيه بشأن ثوب العروس و في رأيي ان جريج يعاني من الذوق السيء .. و الا لكا كان ترك هذا الديكور الرهيب علي الحائط في منزله ؟ الحق أنني لا احتمل ان يقرر شخص غيري الألوان او الموبيليا التي اعيش بينها 1 و لكن هذا الولد له تصرفات كثيرة لا افهمها ...
ابتسمت هيلين .. ان هذا الولد في السادسة و الثلاثين من عمره اي انه اكبر منها بحوالي ست سنوات .
كما انه رجل مثقف و يعرف كيف يدير مشاريع الاستيراد و التصدير بمهارة شديدة و دائما مسافر في رحلات العمل .
و لو كان قد اضطر للأستعانة بمهندس ديكور لتصميم ديكور منزله ذلك لأن حياته مضطربة لا تسمح له بالقيام بذلك هذا بلأضافة الي انه لا يثق في ذوق والدته البرجوازي .
تقابل جريج مع هيلين لأول مرة في الطائرة بين سيدني و أوكلاند و كان جريج في طريق العودة بعد رحلة الي معارض اليابن اما هيلين فقد كانت تقوم بآخر مرحلة في الرحلة التي دامت عامين ..
و كانت عبارة عن جولة في جميع انحاء اوروبا مع بعض الاصدقاء و كان هناك من يمول الرحلة نظرا لكونها من افضل السيدات اللاتي ينفذن الملابس الصوفية المصنوعة من التريكو و كانت تبيعها في كل مكان تذهب اليه .

نايت سونغ
27-06-2009, 21:32
و عندما تقابلت مع جريج كانت تنوي القيام برحلة جديدة و لذلك نوت مرافقته في جميع رحلاته الي الخارج و بفضله تعاقدت مع شركات كثيرة و بدأت اعمالا كثيرة لدرجة انها فكرت بفض الشركة المقامة بينها وبين شركين آخرين و كانت عبارة عن محل صغير في فيكتوريا بارك و لكنها عدلت عن فكرتها لرغبتها في الاتصال بالعملاء دائما كما انها كانت تشعر بسعادة شديدة عندما تسمع كلمات الاعجاب بعملها من افواه الجميع حتي من لم يفكر في الشراء .
قالت هانا فجأة بينما كانت تجمع الخيوط و قطع القماش المتناثرة علي ارض الحجرة الصغيرة التي تستخدمها كــ أتيليه :
- انا سعيدة جدا بزواجك من جريج .. فأنا لم أره ابدا بمثل هذه السعادة علي الاقل منذ سنوات بعيدة .. لقد ظننت في يوم ما انه لن يتزوج ابدا .
وقفت هانا و هي مرتبكة بعض الشيء فقالت لها هيلين :
- لا تنزعجي يا هانا .. لقد حكي لي جريج كل شيء و اخبرني انه كان متيما بحب فتاة فيما مضي كما اعرف المشاكل التي سببها هذا الارتباط في العائلة و لذلك اتفقنا ان ننسي الامر تمام و لا نذكره ابدا .. و ما حدث حدث .. و لكن كل ما يضايقني انه تالم في يوم ما ...
- لقد تألمنا كلنا بطريقة او باخرى و لكننا لحسن الحظ مازلنا اسرة متماسكة مع ابني و الحق انه يوجد بعض المنافسة و لكن ذلك يحدث كثيرا بين الاخويين المتقاربين في السن ن غير مهم ، و لكن هذه القصة ،، علي العموم ، ماحدث حدث كما قلت .
و لكن من الواضح ان هناك عواقب اخرى واضحة فقد لاحظت هيلين بوجود تناقض في مشاعر جريج اتجاه اخيه فكان يشعر انه يبدو دائما في الظل بالمقارنة بشقيقه الاكبر الذي تكلل مواهبه و اعماله النجاح و لكنه لم يفكر ابدا في ايذاءه و في النهاية وقع في حب خطيبة شقيقه و هي ايضا نفس الشيء علي الرغم من موحاولاتهما المتسميتة لمنع هذه العاطفة من الاشتعال ... و في النهاية وقف الشقيقان كل منهما في وجه الآخر في مشهد رهيب تبادلا فيه التهم و الكلمات الجارحة و اخيرا هربت الفتاة و تركت الشقيقين لهول الوقف ...
و عندما كان جريج يحكي لهيلين هذه الفترة من حياته كان يبدو حزينا كان الجرح لم يندمل بعد .
استرقت هانا السمع للأصوت التي بدت عالية في الخارج اي في البهو ثم قالت :
- تري مع من يتحدث نيك .. اتمني الا يكون علي وشك استقبال احد الان ... فموعد العشاء قد حان ، هيلين لا داعي لعودتك الي منزلك بعد العشاء و يمكنك ان تقضي الليل في حجرة الضيوف ..
فأجابت هيلين التي كانت لا تفضل العودة الي منزلها :
- نعم افضل ذلك م و اشكرك كثيرا .
و الحق انها كطانت تسكن في منزل مشترك مع فتاة تدعي جين و تعمل ممرضة ليلية و فتاة اخرى تدعي سيرينا و تعمل مربية و الان تعمل لدي رجل دبلوماسي يعيش مع عائلته في اوكلاند .
- ان جريج ينوي الاتصال بي اليوم ن و اعتقد انه اذا لم يجد احدا في المنزل فسيتصل بي هنا .
و كان جريج يتصل بها كل يومين عندما يذهب في رحلة عمل .
كان صوت الزائر الذي حضر لتوه يبدو مألوفا و فجاة صاحت هانا قائلة :
- يا الهي هل هذا جريج ؟ مستحيل ، انه لن يعود قبل يوم الاثنين ، اليس كذلك ؟ و مع ذلك اشعر انه حضر !
و بسرعة شديدة بدات هانا تفك الحزام العريض الخاص بالـ كيمونو و تنزع عنه الدبابيس و هذه الدبابيس كانت موضوعة مكان الازرار العاجية التي ستغلق الثوب من بدايته الي نهايته .
-اتمني الا يكون جريج غبيا حتي يأتي الي هنا ؟ فهو يعرف جيدا اننا نعمل في الثوب ... و الان اصعدي بسرعة و غيري ثوبك ! فمن امؤكد انه سيأتي فورا لو علم بوجودك ...
و فجاة ظهر زوج هانا الرجل الطيب القلب عند مدخل فحاولت هيلين اخقاء الثوب ، عندما قال الرجل بينما كانت عيناه تلمع بفضول شديد :
-معذرة يا سيدتي و لكننا لدينا ضيف و اعتقد انكما ستتوقفان عن عمل اي شيء اذا عرفتما من يكون الضيف !
-هيرمان !
توقفت هانا من هول المفاجاة لثوان معدودة قبل ان تجري عبر الغرفة كانها طفلة صغيرة لترمي بنفسها في احضان الرجل الذي وقف بجانب زوجها عند المدخل .
-مساء الخير يا أمي .
احتضن هيرمان والدته بينما ترسم علي ملامحه ابتسامة هادئة و يبدو من تعبير وجهه كانه لم يبتعد عنهم الا اسبوعا واحد و ليس عاما كاملا .
-هيرمان .. هل ستظل طويلا هكذا ؟

نايت سونغ
27-06-2009, 21:34
همس هيرمان كانه يقول نفسه :
-اطول وقت ممكن .
ثم نظر الي يدي هيلين اللتين تمسكان بالثوب الحريري فارتسمت علي شفتيه ابتسامة هادئة و اخيرا قال برقة شديدة عندما لاحظ ارتباك الفتاة :
-مساء الخير .
ثم صاحت هانا :
-يا الهي يان عقلي ؟ تعال لاعرفك علي هيلين و لكن بشرط الا تخبر جريج بأي شيء عن ثوب العروس !
ثم جذبت ابنها نحو هيلين :
-هيلين انه كما تخمنين بالتأكيد ... انه هيرمان .. اشهر رجل في العائلة .. هيرمان اقدم لك هيلين سميث .
-سميث ؟ هل هذا اسمك حقا ؟
شعرت هيلين بالضيق هل يظن انها تخفي حقيقتها وراء اسم مستعار ؟
-بالضبط !
ثم مدت يدها نحوه بخشونة ن و اضافت :
-انا سعيدة بمعرفتك يا سيد نايت .. فانا لم اقابل اي شخص شهير مثلك من قبل .
شدد هرمان نايت قبضته علي يد الفتاة و قال :
-فيما عدا انا يا هيين .
و كان ينطق اسمها بأصرار واضح فشدت هيلين يدها منزعجة :
- انا .. نعم ، و لكننل لم نتقابل من قبل .
-حقا ؟
كان صوته رقيقا و لكن جراته الواضحة و ثبات نظراته كانا يشعرانها بالارتباك قالت هيلين :
-حقا .
-يبدو انك واثقة جدا من نفسك .
-نعم .
بدات هانا و نيك ينظران اليهما باستغراب ربما كان ذلك ما يشد هيرمان نحو خطيبة شقيقه ..
ولكن هل يتعامل دائما بهذه الطريقة مع كل السيدات اللاتي يتقابلن معهن ؟ او ربما يجد فيها شيئا رومانسيا يجذبه ككاتب قصصي ؟
اكدت الفتاة بثبات :
-لو كنت قد رأيتك من قبل اعتقد انني ساتذكر ذلك .
قاطعت هانا :
- انت تظن انك رأيت هيلين من قبل لأنني ارسلت لك صورتها .. هل اتيت من المطار علي الفور ؟ نيك .. هل يمكنك الاهتمام بامر حقائبه ؟
اجاب هيرمكان بعد ان ابتعد اخيرا بنظراته عن وجه هيلين –الذي اكتسي بحمرة الارتباك و الضيق .
-ان حقائبي في الفندق .
ردت هانا بدهشة بينما قطب نيك جبينه :
-في الفندق ؟
-لقد اهتم الناشر الخاص بي بالحجز لي و لم يكن امامي وقت الا لصعود سلالم الطائرة كما انني حاولت بشتي الطرق الهروب من الاستقبال المخصص لي في المطار و لكني تركت الحقائب هناك اما الآن فاعتقد انها في ريجن .. علي كل حال كنت لتساءل فربما يكون لديكم ضيرف ...
-ليس لدينا الا هيلين .. و انت تعرف اننا نرحب بك في اي وقت .
لمع بريق في عيني هيرمان الذي استدار نحو هيلين :
-هل تسكنين هنا ؟
-هذه الليلة فقط و لكني اعتقد انك تريد القضاء هذه الليلة مع اسرتك و انا ..
قاطعتها هانا :
-مستحيل ، كما انم شخص من العائلة يا هيلين ولا يوجد ليدك شك في هذا .
ثم استدارت نحو ابنها :
-فندق يا هيرمان يا لها من فكرة ! .
قال هيرمان بوجه جامد :
-اعرف ان خدمات في ريجن تعتبر سيئة جدا بالمقارنة بك .
-مم لا تعتقد اننا سنبذل قصارى جهدنا من اجلك بحجة سعادتنا بحضورك .. كمان اننا نعرف من خطاباتك انك اتعدت علي الحياة في الفنادق الضخمة .

نايت سونغ
27-06-2009, 21:36
-اتفق معك في الرأى يا أمي .
نظر هيرمان الي والده نظره لئيمة و لأول مرة شعرت بالعطف نحوه ،ثم قال :
-اعتقد انك ستوافقيني في الرأى ؟
-ربما تكون في حاجة الي ذلك يا طفلي كما يبدو انك متعب للغاية .
-فروق التوقيت يا امي كما ان قصة الكتاب تسيطر علي تفكيري و تؤرقني ليلا .. و صدوره يعد مشقة كبيرة بالنسبة لي الصحافة و النتلفزيون و اخيرا اكون في حاجة الي حنان امي ... سأذهب الي المدينة لأحضر حوائجي فما رأيك ؟
و عند عودتي اتمني ان اجد وجباتك الشهية في انتظاري ..
ربت الب علي كتف ابنه و قال :
-كلا ابق هنا لتتحدث مع والدتك فانت في حاجة الي الحديث معها اما انا فلم افعل شيئا طوال اليوم الا ببعض التمرينات في الحديقة لذلك سأذهب لأحضار امتعتك ... و الآن اتصل بالفندق و اخبرهم بذلك .. فأمامي عشر دقائق فقط للوصول الي هناك .
-اشكرك يا أبي و يمكنك اذن ان تستقل السيارة الموجودة في الممر لقد اجرتها لتوي .. ان جميع تكاليف تنقلاتي علي حساب الناشر دائما و هكذا سأريحهم من تكاليف الاقامة في الفندق .
ابتسم هيرمان بينما حاول الاب التقاط مفاتيح السيارة التي قذفها نحوه ابنه ليكتشف طراز السيارة ن ليقول :
-كنت احلم دائما بقيادة سيارة سريعة مثلها ...
-يمكنني ان اشتري لك واحدة اذا اردت .
تهجم وجه نيكولا حقا يشعر الأب بنجاح ابنه مما يملؤه بالفخر و لكنه لا يؤثر فيه كثيرا .
-لقد قلت احلم بقيادته يا هيرمان و ليس امتلاكها ان وحشا مثلها يسبب ازعاجا دائما .. الي اللقاء يا هانا .
ثم اغلق الباب وراءه و عندما لاحظ هيرمان ارتباك الام قال لها :
-لاتنزعجي يا أمي ، فانت تعرفين انه حذر جدا علي الطريق .
-انه لا يزال مراهقا عندما تعرفت عليهلول مرة كان مغامرا خطيرا .
-وها أنت ذي قمت بإنجاز رهيب في تغيره .
ثم ابتسم لـ هيلين محاولا جذب انتباهها لمشاركتهما الحديث و لكنها كانت لا تزال تشعر باضطراب بدون سبب واضح .
قالت هانا :
-وفي انتظار والدك يمكنك تناول اي شيء يا هيرمان .. و سأذهب لإعداد العشاء .
فأسرعت هيلين بقولها :
-سأتولي انا ذلك بينما تبقين انت مع ابنك لتتحدثي معه .
همس هيرمان :
-في ثوب الزفاف ؟
ثم نظر اليها ليؤكد لها انه فهم انها تحاول الهروب من صحبته فقط .
فقالت هانا :
-هذا صحيح ، اذهبي لتغير ملابسك الآن يا هيلين ثم يمكنك بعد ذلك البقاء مع هيرمان لتتعرفا علي بعضكما ، اما انا فأمامي وقت طويل لتحدث معه طالما نوي الاقامة هنا ، بالمناسة يا هيرمان ، ان التلفيون في البهو الآن و ليس في المطبخ، لقد غيرنا مكانه العام الماضي بعد ان اصبح والدك علي المعاش و اصبح يزعجني بكثرة اتصالاته ..
كانت هانا تخرج من الحجرة و هي تواصل حديثها بينما كانت هيلين تتجه نحو الباب محدثة حفيفا بثةبها الحريري و لكن هيرمان اسرع نحوها كانه قرر الأ يتركها تبرح الغرفة .
ثم قال بتهكم :
-والآن ... يا آنسة سميث ؟
-اتسمح لي هيرمان ؟ اريد تغير هذا الثوب .
وعندئذ كان هيرمان يركز نظراته علي فتحة ما موجودة في ثوب تظهر ساقيها .
ففكرت هيلين انه شخص كريه و لكن ربما ذلك يكون نتيجة للإرهاق الذي يشعر به لفروق التةقيت و حاولت الفتاة ان تتماسك و توجه اليه ابتسامة مضطربة رغما عنها و عندما اقترب منها لاحظت حدقتي عينيه تبدوان صغيرتي جدا بالنسبة لقزحية العين ... ربما يكون ذلك لانه مدمن قد يكون من مدمني كوكايين او اي شيء أخر .
رددت الفتاة بصوت اكثر ثباتا :
-معذرة اتسمح لي ؟

نايت سونغ
27-06-2009, 21:40
-اذن انه الهروب مادامت هانا ليست موجودة لحمايتك و لكنك لن تذهبي بعيدا يا هيلين ..و لا بد ان نتحدث معا .
و اخيرا تنفست الفتاة صعداء عندما ابتعد عن طريقها فقالت لاهثة :
-بالتأكيد الي اللقاء .
ثم ابتعدت عنه و انطلقت مسرعة تصعد السلالم و بينما كانت في طريقها كانت تشعر بنظراته مثبته علي ظهرها ولو طاوعت نفسها لكانت رفعت الثوب و جرت علي السلالم بسرعة شديدة .
و اخيرا ها هي ذي في حجرة الاصدقاء .. وقفت هيلين اما المرآة المثبته علي الحائط و قلبها يكاد يتوقف .. هل هي غبية لدرجة انها ترتبك الي هذا الحد ! انها ليست المرة الولي التي تواجه فيها مثل هذا الموقف و لكن المر يختلف تماما امام هذه الطريقة اللعوب التي يتبعها هيرمان معها .
نزعت الفتاة الـ كيمونو و بدات تنزع بعناية الثوب المثبت بالدبابيس و ذهبت بملابسها الداخلية لتعلق الثوب علي الشماعة و عندما عادت نحو الفراش لترتدي ثوبها و جدت هيرمان في الحجرة و كان يقف مستندا علي الباب بعد ان اغلقه معقود الذراعين ككا يبرز عرض كتفيه فقالت هيلين بضيق :
-اين تظن نفسك انها ليست حجرتك !
ثم امسكت بالثو بسرعة ووصعته علي جسدها .
قال هيرمان ببرود :
-اعرف ، ان حجرتي عند البهو .
-حسنا ماذا تفعل هنا اذن ؟
لم يكن ثوبها مفتوحا من الامام لذا كان عليها ن ترتديه من عند الرأس و بالتأكيد لورفعت يديها لأمكنه عندئذ رؤية جسدها بوضوح ،و عندما تفحص هيرمان الثوب فهم علي الفمر المشكلة التي تعترضها ثم سألها :
-الم تنتظريني ؟
-ما الذي تريد قوله بالضبط ؟
-ألم نتفق علي ان نتحدث معا ؟
-و لكنني ارتدي ملابس االآن .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- لاتشغلي بالك بوجودي .
اجابت الفتاة بغضب شديد :
-آه ولكنني لا افعل الا ذلك الآن .
و الحق ان مجرد النظر اليه كان يوترها : مزيج غريب من الغربة و الضيق ان جريج لا ينظر اليها بهذه الطريقة ابدا ، و عيناه تشعان بالهدوء و الرقة و الحب دائما .
فكرت الفتاة في ان تؤكد له تجاوزه للحدود كما انها تشعر بالخجل الشديد امام هذه النظرة فقالت لاهثة :
-كيف تجرؤ علي البقاء هنا ...
-هذا يكفي يا هيلين !
استند هيرمان علي الباب و رفع كفتيه بنفاذ صبر فبدا علي الرغم من هيئته العريضة نحيفا جدا كما ان قامته كانت متوسطة الطول ومع ذلك تبدو عليه القوة و الثقة بالنفس مما يجعله مهيبا .
- اننا وحدنا الان فر داعي لذلك اذن ...
- انا لا اعرف عن اي شيء تتحدث !
بدا الضيق في عيني هيرمان .
- انا افهم جيدا ان هذا المر يشعرك بالضيق امام عائلتي ، و لكن لماذا تصرين علي اداء نفس اللعبة معي الآن ؟ هل تخافين ان اخبر جريج ؟
- ما الذي يمكنك ان تخبره به ؟
نظرت اليه الفتاة بريبة مقطبة الجبين و قالت :
- انت تحت تأثير مخدر ما ؟
- انا لا اتناول حتي الأسبرين .
- ربما تكون قد افرطت في تناول الكحوليات في الطائرة ؟
- انا اشرب قليلا و الحق انني كنت مثاليا في هذه الاعوام الاخيرة .
- ماذا ؟ ان والدتك نفسها لن تصدق ذلك !
- الهذا السبب ترفضين التحدث الي ؟ انت تحقدين علي لنك تعتقدين انني نسيتك ؟ و لكن انا الذي يجب ان احقد عليك فلم يكن باستطاعتي العثور عليكي اما انت فكان يمكنك ذلك لأنني –كما تقولين – من المشاهير ... لماذا لم تحاولي ذلك ؟ ... الا اذا كانت خطبتك لشقيقي وسيلة للوصول الي ؟

نايت سونغ
27-06-2009, 21:44
صاحت هيلين في ضيق :
- لقد وافقت علي الزواج من اخيك لسبب واحد هو انني احبه ككما انني لا اعرف عن اي شيء تتحدث ! هل يمكنك الآن التفضل بتركي وحدي : اريد ارتداء ملابسي !
- انت تعرفين ان ذلك مستحيل ... ليس قبل انو نوضح كل شيء .
- ما الذي تريد توضيحه ؟
- نحن ... قصتنا
- نحن ؟ لا يوجد نحن . لقد تعارفنا من ساعة واحدة .
و فجاة تجاهلت هلين وجوده تماما و بدأت ترتدي ثوبها و بعد ذلك تنفست بعمق و جاهدت لان تتحدث بصوت هادئ :
- سمع يا هيرمان يبدو ان هذه الرحلة ارهقتك كثيرا .. لو تذهب لتستريح قليلا ...
- ارجوك الا تتحدثي معي بهذه الطريقة المتعجرفة يا هيلين .
- انا لا اتحدث بعجرفة .. و لكنك مضطرب ..
- هكذا كان تأثيرك علي دائما .
- تقول ذلك ثانية ! كف عن الحديث معي كأننا تقابلنا من قبل ! فانا لم اراك قبل الآن ... الا علي غلاف كتبك ..
نظر اليها هيرمان بقسوة و تهديد ثم قال :
- هل تنوين الاستمرار في هذه اللعبة طويلا ؟
- و لكنني لا ألعب يا هيرمان ! حقا لا افهم عن اي شيء تلمح !
- هل لك اكثر من عشيق حتي تنسي اول رج اخذك بين ذراعيه ؟
انفجرت هيلين في الضحك بينما كانت في داخلها تحتقر نفسها و تحتقره
- كنت اعتقد ان المراة لا تنسي ابدا اول عشيق لها .
اكتسحت ملامح هيلين بالغضب و صرخت قائلة :
-يبدو انك تهذي تحت تأثير المخدر ! او انك مجنون ! فنحن لم نتقابل ابدا من قبل ، و لم نكن ابدا ...
- تذكري يا هيلين .. "هونج كونج " منذ خمسة اعوام كان شعرك يميل الي اللون الأشقر و لكن ذلك كان متنافرا مع لون بشرتك الطبيعي .
صاحت الفتاة :
- تأكد انني لم افكر في تغيير لون شعري طوالي حياتي !
و هكذا كنت دائما سمراء ! كما اني لم اذهب ابدا الي هونج كونج ! و يمكنني ان اثبت لك ذلك فلدي جواز سفر عمره حوالي ست سنوات ن هل تريد ان تراه ؟
جمد هيرمان في مكانه و ظل مسلطا نظراته علي الفتاة كأنه يريد ان يتأكد ما اذا كانت حقا صادقة ام كاذبة .
و فجاة تغير تعبير وجهه تماما و بدا مذهولا و نفس الشيء بالنسبة لـ هيلين التي كادت تفقد وعيها لشدة غضبها و الحق انه لك يكن يسخر منها و لكنه يعتقد انه رآها من قبل .
و اخيرا سألها بهدوء :
- اذن اين كنت منذ خمس سنوات ؟
استراحت هيلين بعض الشيء و اخذت تفكر قليلا ثم قالت :
- كنت في انجلترا ... نعم كنت هناك لقد وصلت الي انجلترا في بداية شهر اكتوبر (تشرين الآول ) و بقيت هناك مدة شهرين ثم توجهت الي الولايات المتحدة حيث تقيم شقيقتي مع زوجها و اقمت هنناك لمدة عاك كامل قبل ان اعود ثانية الي نيزويلندة .
- كم كان عمرك انذاك ؟
- 24 عاما .
همس هيرمان :
- 29 عاما .
و فجاة ابتعد عن الباب نحوها و لكن هيلين لم تشعر بأي خوف تجاهه .
- هل هذا حقيقي ؟ متأكدة ؟
- بدون شك ... و اكرر لك انني علي استعد لأن استعداد لن اريك جواز سفري و الاختام موجودة عليه كدليل علي صدق كلامي اسمعني انا لا اعرف من هذه الـ سميث و لكنها ليست انا بالتأكيد .
وضع هيرمان يديه في جيبي سترته و توقف امامها و قال :
- انا لا اعرف .. لنقل اسمها مثلا .
ثم اخذ يتامل ملامح وجهها كأنه يقارن بينها و بين الصورة المحفورة في ذاكرته .

نايت سونغ
27-06-2009, 21:46
- لقد اخبرتني انها تسمي سميث و لكنني كنت اعتقد ان ذلك مجرد مزاح ...
- ربما لا فهناك عدد كبير جدا من الناس يحمل لقب سمث .
نظقت هيلين بهذه الجملة الاخيرة و هي تحاول بكل جهدها السيطرة علي نفسها حتي لا تفقد توازنها امام حدة نظراته .
- انت تشبيهنها كثيرا ... ربما يكون لديك اخت توأم ؟
هزت الفتاة رأسها بالنفي، فقال هيرمان :
- شبيهة لك ؟ يا الهي كنت متأكدا ان ...
بدا تائها وسط افكاره و كأنه يتحدث الي نفسه .
قالت هيلين :
- هل ... كان بها شيئ مميز ؟
و الحق انها كانت تشعر بالفضول لمعرفة هذه الفتاة التي اتثرت في مثل هذا الرجل كل هذا التأثير .
- نعم .. شيء مميز جدا .. لقد ادركت ذلك لتوي .
- هل كنت تحبها ؟
فجاة بدا لها هذا السؤال غير معقول .
- كلا بالتأكيد لا يمكن ان تكون قد احببتها فأنت لا تعرف حتي اسمها .
- لم يكن ليدنا الوقت لنتعارف .
فهمت الفتاة مغزى كلامه فشعرت بالارتباك و تمتمت :
- حسب فهمي كنت انت و هي ...
- مجرد مغامرة عابرة ... ليلة .
فوجئت الفتاة بالأجابة ثم قال هيرمان :
- و يا لها من ليلة !
- و هل تظن انني من طراز هؤلاء الفتيات ... من النوع الذي يغامر بقضاء ليلة مع رجل لا اعرفه ؟
اكتسي وجه الفتاة بالضيق و اضافت :
- كيف تجرؤ علي ان تراني مثل الغانية ؟
- لم اكن اقصد ذلك ! كما و انني لو ارد اقول اي شيء يخصك و لكن الآنسة سميث لم تكن ابدا غانية فقد كانت عذراء و كانت في غاية الخجل هي الاخرى و اعتقد انها لن تفقد حياءها ابدا مهما اقتربت منها ...
قاطعته هيلين :
- لا داعي لذكر التفاصيل فهذا شيء لا يعنيني .
كان هيرمان قد نسي تماما الي من يتحدث و الحق انه بمجرد ان ينظر اليها كانت تشتغل رغباتها
- هيرمان ارجوك .
- ماذا ؟
كان لا يزال ينظر اليها بنفس الطريقة .
- معذره يا هيلين .. و لكنك قرينتها و اخشي ان اسبب لك ازعاجا دائما بسبب ذلك ..
سألته الفتاة بعصبية :
- ماذا كنت تفعل لو كنت انا هي .. اقصد الآنتسة سميث ؟
- و لماذا هذا الؤال ؟
شعرت الفتاة بالشك في عينيه و لاحظت انه لم يقتنع تماما بانه لم يتقابل معها من قبل ، فتمتمت قائلة بينما كان ينظر اليها هامسا :
- لأن ... جريج ...
- أه فهمت اذن لقد حكي لك جريج ما حدث بيني و بينه ؟
- بالتاكيد فنحن لا نخفي شيئا عن بعضنا .
رفع هيرمان حاجبيه متشككا .
- و هل انت متأكدة انك لم تخفي عنه شيئا ؟ اذن حسب ما فهمت انت تعتقدين انني افكر في ازعاجكما فأحاول الثأر منع باءدعاء هذا اللقاء بيننا للمرة الثانية يا هيلين . هل انت هي ؟
- كلا !
فجاة ظهر صوت هانا علي السلالم و كانت تنادي :
- هيرمان !
زال التوتر عنه و ابتسم قائلا :

نايت سونغ
27-06-2009, 21:48
- للأمهات دائما طريقة معينة في نداء ابنائهن الا ترين ذلك ؟ و مهما كان ما يردنه من ابنائهن فنحن نتساءل دائما ما السبب في طلبنا !
قالت هيلين :
- و لكنها طريقة تبعث في انفسنا الطمأنينة مهما تقدم العمر بنا فأنا افتقد والدتي دائما و ظللت حتي اخر لحظة في عمرها ابنتها الصغيرة في حين انني كنت في الثامنة عشرة من عمري و كنت اعيش بعيدا عنها انذاك .
ابتسمت الفتاة بدفء و اضافت :
- والآن تحل هانا محل أمي ... فعندما تناديني اتذكر والدتي علي الفور .
- يبدو انها تحبك كثيرا فلم تتوان عن المدح فيك في رسالتها الي عندما بعثت الي بصورتك و الآن اعذريني علي نا سببته لك من ازعاج يا هيلين ، كما انه افضل للجميع ان اكون مخطئا في ظنوني .
ثم انحني نحوها ووضع شفتيه علي خدها فشعرت الفتاة بالقشعريرة تسري في جسدها ثم ابتعد عنها مترددا و قطب جبينه بينما كان ينظر الي شفتيها ففهمت الفتاة علي الفور فيم يفكر ..
تري هل كان لشفتيها نفس المذاق الرائع لشفتي الفتاة التي تشبهها .
صاحت هيلين :
- هيرمان ، كلا .
فنظر اليها و قال لها :
- فنظر اليها و قال لها :
- اعتقد اننا نفهم بعضنا بسهولة جدا ..
ثم اضاف ببطء :
- فانا لم انطق بكلمة واحدة ... و مع .. ذلك ..
علا صوت هانا ثانية :
- هيرمان لقد اعددت لك الطعام !
تماسكت هيلين و قالت بصوت ضعيف :
- من الافضل ان تذهب .. ان هانا تتحرق شوقا للحديث معك كما انني سألحق بكما في الحال بعد ان اقوم ببعض الاعمال .
جاهد هيرمان في تهدئة نفسه ثم قال :
- اتفقنا .. لن تفوتنا الفرصة لنتعارف مادمت سأبقي هنا عدة اسابيع اخري ..
ثم ابتسم لها ابتسامة جعلتها ترتجف .. ان ذلك حقا ما تخاف منه !
قطبت الفتاة جبينها فرفع هيرمان يديه نحو السماء و قال و هو يرجع ال الوراء :
- سأتركك ! الي اللقاء !
- و كانت ابتسامته مشوبة بسخرية واضحة .
- فانا لا اريد لأمي ان تصعد الي هنا فتجدني في حجرتاك فتظن بك السوء ! .
- لا يمكن لأي شخص ان يظن بي السوء كما انني لا اسمح بذلك !
همس قائلا و هو يبتسم :
- سأتذكر ذلك .
ربما يكون ذلك وعدا مكنه ! .
بعد ان غادر هيرمان الحجرة اخذت هيلين تقطع المكان جيئة ذهابا يعصبية شديدة و شعرت انها متورطة في شيء ما بطريقة غير واضحة تري ما الذي يملكه هيرمان ليوصلها الي حد الشك في نفسها ؟

نايت سونغ
27-06-2009, 21:51
الفصل التاني

كان الجو متوترا اثناء تانول العشاء والحق ان هانا و نيكولا كانا سعيدين جدا بعودة ابنهما و لكن ما ان راح اثر المفاجاة حتي لاحظت هانا ان علاقتهم ببعضهم يشوبها بعض التحفظ و في البداية لم تستطيع تعليل ذلك و لكنها ادركت بعد قليل انهم يتحاشون التحدث عن الابن الاصغر خاصة ان خطيبته تشاركهم الجلسة و لم يذكره احد الا عندما اخبرا هيرمان ان جريج يقيم حاليا في سيدني و لن يعود قبل يومين تري هل ستتسبب زيارة هيرمان المفاجئة في توتر عائلي الآن ؟
و لم يفكر هيرمان في طمانتهم كما انه لم يذكر عن كتابه الجديد الا القليل فقال :
- انها مجرد فكرة غير مؤكدة و لا اعرف حتي الآن ما اذا كنت سأفعل فيه شيئا ام لا الحقيقة اني حضرت الي هنا خصيصا بحثا عن العزلة و كان زواج هيلين و جريج حجة لي .
ثم ركز نظراته علي هيلين التي اخفضت نظرها و نظرت الي الطبق الموجود امامها و أضاف :
- انني في حاجة الي بعض الهدوء ...
ثم سألته والدته بقلق :
- الا تعاني اي شيء ؟ الست مريضا ؟
- كلا ، كوني مطمئنة يا امي .. و كما قلت لك كل ما احتاج اليه هو القليل من الراحة .
تقبل نيكولا و هانا حديث ابنهما بنظرة شك و الحق ان هانا لم تقتنع بما قاله و كان هيرمان علي الرغم من ارهاق السفر يتألق حيوية و من الواضح انه ليس من طراز الرجال الذين يفضلون البطالة ولو كانت مؤقته .
ظلت هيين تراقبه طوال الوقت خلسة محاولة تذكر كل ما قيل عنه من قبل ، ففي السادسة و الثلاثين من عمره وصل هيرمان نايت الي قمة مجده و لكن النقاد لم يستطيعو ايدا ان يؤكدوا ما اذا كان ينوي الاستمرار في مجال كتابة القصة أم لا .
و قبل ذلك بعشر سنوات كان هيرمان من افضل الصحفيين في نيوزلنده و بعد فشله في تجربة زواجه رحل تاركا بلاده ليعمل كمراسل صحفي لجريدة استرالية ثم حدث ان تم اختطاف الطائرة التي كان يسافر علي متنها مما أثار ضجة عالمية و بعد عدة اعوام من هذه الحادثة اصبح لتوقيع هيرمان نايت علي بعض مقالاته الصحفية شهرة تخترق الآفاق .
لم تكن اي حادثة تقع او اي معركة تدور الا و يزج هيرمان بنفسه في خضم احداثها و خلال فترة التي يكرسها لكتابة هذه المقالات الشهيرة بدأ يكتب ايضا سلسلة من القصص التي لاقت رواجا لا مثيل له و الحق ان قصصه كانت حافلة بمشاهد العنف و اليأس مما كان يؤثر في هيلين كثيرا .
و بعد ان أفل نجم هيرمان لفترة ما و جرت الشائعات التي تؤكد قيامه بتحقيق ما حول عملية سرية و خطيرة و مع ذلك رجع من جديد بخفي حنين فاعتبره البعض انتهي ككاتب و صحفي و يبدو و انه كان غير سعيد بمهنته كمراسل صحفي خارج البلاد و اكتفي بعد ذلك بإنفاق الثروة التي جمعها خلال هذه الفترة و كان يرفض تماما الاجابة عن الاسئلة التي وجهت اليه بصدد الاشهر الستة الاخيرة التي قضاها بعيدا .
و بعد عدة اسابيع بدأ اسم مؤلف جديد يدعي ستيفان ايرانت يجوب الافاق و من المدهش ان قصته التي ظهر بها نالت اعجاب الجميع و لاقت رواجا فائقا و كانت قصة عاطفية تدور حول رجل انتقل فجأة من حياة بائسة الي مستقبل مشرق و حر ، فأعجب الجميع بحبكة الرواية و اسلوبها الابطال الذي جذب انتباه الآف القراء و كانت قصة ملاك في الظلمات هكذا كان عنوانها تدور في جو غريب يتأرجح بين الحقيقة و الخيال و بعد قراءة القصة كان القارئ يعجز عن التأكيد ما اذا كانت البطلة هذه ثمرة خيال البطل ام انها حقيقة و اقعة .
و بعد فترة عرف الجميع حقيقة شخصية المؤلف و كان :
هيرمان نايت فقوبل بترحاب عظيم و علقت الجرائد علي هذه القصة بل ووصل بعضها ان اعتبرت نايت ما هو الا بطل القصة الحقيقي .
ثم ظهرت قصة ثانية تحت اسمه الحقيقي بعد عام واحد فوضعت حدا لهذه الشائعات حيث كانت تختلف تماما عن قصة ملاك في الظلمات و لكنها احدثت دويا عظيما في عالم الادبي ايضا .
و نالت هاتان القصتان جوائز عديدة و بعد عام اخر ظهرت له قصة ثالثة حققت الرقم القياسي في المبيعات .
شعرت هيلين بالاستغراب كثيرا عندما وجدت نفسها جالسة امام الرجل الذي اشتهر بأنه عملاق الأدب فعلي الرغم من الحياة التي كان يعيشها الا انها لم تلاحظ عليه اي شيء غير مألوف و كان قميصه الابيض يعكس لون بشرته و ذبولها و كانت حركاته غاية في المرونة و الحق انه كان رائعا في كل شيء .
ثم وجدت هيلين نفسها معجبة جدا بمظهره القوي البرونزي الذي يظهر من خلال فتحة قميصه و فجاة لاحظت انه يلاحظ نظراتها نحوه فلم تستطيع تحويل نظراتها عنه و خاصة وان الريق الغريب الذي كان يشع من عينيه كان يجعلها ترتجف بشدة .
- الست جائعة ؟
فوجئت هيلين بصوت هيرمان الدافيء و المسترسل .
و لاحظت انها ابعدت الطعام الموجود امامها بدون ان تعي ذلك .
- ليس بالضبط .
-ان الوقت يبدو لك طويلا بدون جريج ...
هل كان يسخر منها ؟ لقد تركت له هيلين فرصة الريبة في تصرفاتها ، فأجابت بلطف :
- لست من النوع الذي يشعر بالملل .
- عين الحكمة ! عدم التفكير في المصير و الاستفادة من الحياة هذا صحيح !

نايت سونغ
27-06-2009, 21:53
رفع هيرمان حاجبيه ساخرا و لاحظت هيلين انه فهم انها تقصده بحديثها هذا .
قاطعتها هانا قائلة :
- يبدو ان طعامي دسم جدا بالنسبة لـ هيلين فهي ترفض تناول المواد الدهنية ..
فاعترضت هيلين بصدق :
- انت طباخة ماهرة با هانا ان طعم الدجاج رائع ! و لكنني لا اتناول ابدا كمية كبيرة من الطعام .
قال هيرمان و هو يشير الي الكوب الفارغ امام هيلين :
- و لكنك لن ترفضي قليلا من العصير علي ما اعتقد !
اجابت هيلين :
- انا لا ارفض شيئا كما انني اعتقد انني معتدلة في كل شيء .
- الاعتدال في كل شيء ، اليس كذلك ؟ اذن لقد وجد جريج نموذجا للفضيلة فيك ! .
- الحقيقة انا التي وجدت جريج في الوقت الذي كنت اطمح فيه لشيء اقل من ذلك !
كانت هيلين تقول الحقيقة فقد كانت تفكر في عدة مشاريع انذاك و اكن الزواج احدها و لكنها تعرف ايضا ايضا ان الانسان قد يشعر بالندم علي اشياء لم يفعلها لذلك لم تترد لحظة واحدة عند\ما وقعت في حب جريج ولا داعي اذن لأن تدعي انها لم تكن تنوي الزواج بسرعة .
تدخلت هانا قائلة :
- هيرمان هل اخبرتك في رسالتي ان هيلين تصمم البلوفرات ؟ وقد كانت مجموعتها الاخيرة تحتل المكانة الاولي لأزياء مجلة فوج في الطبعة الاسترالية انها تصمم فعلا بلوفرات رائعة ! كما نجحت في تصميم بلوفر رائع يحمل رسومات بعض الاشجار و الفواكه لوالدك و انت تعرف والدك في البداية رفض ارتداءه ثم بدأ يبحث عنه بعد ذلك ليرتديه اليس كذلك يا نيك ؟
فقال نيكولا :
- لقد فعلت ذلك لسبب ملموس و هو انك قمت بتبرع بكل ملابسي الصوفية .
فابتسمت هيلين بخبث لـ نيكولا فقد اهدته هانا هذا البلوفر في عيد ميلاده و هي تجهل تماما ان هيلين اتفقت معه مسبقا علي الموديل فقد خشيت هيلين ان تنفذ البوفر بدون الاستعانة برأي نيك حتي لا يرفضه و الحق انه كان مولعا بالأزهار لذلك سعد كثيرا بالفكرة هيلين كما انه ابدي استيائه في البداية لهذا العمل حتي لا يضيع علي هانا سعادتها بالمفاجاة التي اعدتها من اجله .
ففهم هيرمان مغزي النظرات التي تبادلتها هيلين مع والده و قال :
- ربما احتج انا ايضا الي بلوفر جديد .
فاقترحت هانا :
- لماذا لا تطلب من هيلين تصمم لك واحدا اثناء اقامتك هنا ؟ ما رأيك يا هيلين ؟ انها دعاية رائعة لك عندما يرتدي هيرمان نايت بلوفر من تصميمك !
اجابت هيلين :
- ان وقتي مزدحم بأعمال كثيرة .
قال هيرمان كأنه يرجوها لقبول العرض :
- ان الشتاء في نيويورك غاية في الربودة .
- هل تقضي الشتاء في نيويورك ؟ كنت اعتقد انك تقضيه دائما مع .. اقصد في البلاد الحارة .
- كاتنك تحاوين دائما معرفة اشياء كثيرة عني فانت ملمة بمعلومات كثيرة !
صاحت هانا :
- كف عن مضايقة هيلين ... ان حياتك الخاصة لا تخفي علي احد .
اشار هيرمان نحو رأسه قائلا :
- كلا ! ان تفاصيل حياتي الخاصة هنا و ما هو معروف عني يخص حياتي العامة مادام ذلك يرفع عدد مبيعات قصصي ...
رفع هيرمان كتفيه ثم استدار نحو هيليت التي بدأت تشعر ببعض الهدوء و قال :
- اقسم ان حياتي خالية من اي مساوئ و افعال خارجة كما يقال يا هيلين ... و الآن هل توافقين علي حمايتي من عناء البرد القارس خلال الشتاء القادم ؟
جاهدت الفتاة لكي تبتسم و هي تقول :
- ما الشكل الذي تفضله بالضبط ؟
- ما رأيك في هالة ؟ نعم ... هالة وسط خلفية سوداء ... فكرة تلائم الظروف اليس كذلك ؟ كما لو كنت ابحث عن .. الملاك الذي يتنمي الي هذه الهالة حجة رائعة لاحتضن بها الفتيات .
نظرت اليه هيلين في غضب فانفجر هيرمان في الضحك .
- لنحاول اذن ، عديني بذلك فقط ! و اذا لم تعجب السيدات بهذه الهالة فسأبعدهن عنها فورا !

نايت سونغ
27-06-2009, 21:55
- و لكني احذرك ان اسعاري باهضة جدا .
قال هيرمان بصوت هادئ :
- لا اهمية للمال نهائيا .
تدخل نيكولا قائلا :
- ليس بالنسبة لهيلين فهي تدخر اموالها من اجل تمويل رحلاتها ..انها متعة حقيقة يا هيلين ، اليس كذلك ؟ لقد سافرت كثيرا ... اروبا .. اسيا ..
فقال هيرمان موجها حديثه لاسرته كأنه يحاول ضبطها متلبسة بالكذب :
- هونج كونج ؟
فاجابت هيلين بصوت حاد مما ادهش هانا :
- كلا لم اذهب الي هونج كونج .
و هنا قالت هانا :
- ليس بعد و لكن من المؤكد انك ستذهبين هناك لزيارة شقيقتك .
- شقيقتك ؟
قفز هيرمان من مكانه و اضاف :
- لقد اخبرتني ان شقيقتك تقيم في الولايات المتحدة .. ربما كان لك شقيقة اخري ..
- كلا ان سوزان شقيقتي الوحيدة و زوجها يعمل في شركة د\ولية للمنتجات الكميائية و لذلك ينتقلان كثيرا و الآن هما في هونج كونج .
- هل هي هناك لأول مرة في حياتها ؟
اجابت هيلين بجفاء :
- نعم ..
فهي تعرف جيدا ما الذي يردي الوصول اليه ..
قالت هانا و هي تنهض لتنظيف المكان :
- فيما عدا الفترة القصيرة التي قضتها هناك عندما كانت مريضة .
ساد صمت رهيب بعد حديث هانا البريء و هنا جاهدت هيلين لتقول :
- اه نعم ... هذا حقيقي !
و الحق ان هيلين نسيت فعلا هذه الفترة و لكن هيرمان لن يصدق ذلك بالتأكيد .
همس هيرمان قائلا :
- مريضة في هونج كونج ؟ لابد ان ذلك كلفها كثيرا .
- لقد تكفلت الشركة بكل مصارف العلاج لقد رحل جاك و سوزان الي المانيا و منها الي الولايات المتحدة ثم سنغافورة و اخيرا هونج كونج و هناك اصيبت سو يالتهاب في الاذن و لم تستطيع بالتاكيد استقلال اي طائرة فاضطرت للبقاء هناك ثلاثة اسابيع .
سأل هيرمان بتحفظ :
- متي كان ذلك ؟
رفعت هيلين كتفيها ..
- منذ عدة اعوام ..
فأكدت هانا :
- و لكنك قلت لي ان ذلك حدث عندما كنت في انجلترا .. اي منذ حوالي خمس سنوات ..
قال هيرمان بنفاذ صبر :
- كم عمر اختك ؟ و هل هي تشبهك ؟
اجابت هيلين :
- ليس بلضبط و لكنها اكبر مني بأربع سنوت و منذ خمس سنوات كانت حاملا في طفلها الاول !
هكذا وضعت هيلين نهاية لشكوكه .
- كانت في اي شهر من الحمل ؟
هل تكذب عليه ؟ و لكنها اجابت رغما عنها :
- لا اعرف .. و لكنني اعتقد انها كانت في بداية الحمل .
رفع هيرمان حاجبيه و هو ينظر اليها بحنق و كانت هانا تاخذ الطبق الموجود امام هيلين و تقول لها :
- لقد اعددت الحلو خصيصا لك يا هيلين .. طبق سطلة فواكه الطازجة لا تتحركي من مكانك .. سأدبر اموري بنفسي ...
سأل نيكولا عندما ذهبت زوجته الي المطبخ :
- لم كل الاهتمام بامر سوزان ؟

نايت سونغ
27-06-2009, 21:58
- لأنها لو كانت تشبه هيلين ، فربما اكون قد تقابلت معها في هونج كونج منذ خمسة اعوام .
اكتست ملامح الفتاة بالغضب ... و لكنه لن يحكي اي شيء بشأن هذه القصة !
و أكد هيرمان :
- عندما رأيت هيلين ظننت انني اعرفها و خيل الي لنني رأيتها هناك و لكنها اخبرتني انني مخطيء .
قال والده بفضول :
- آه .. و اين تقابلت معها ؟
- خلال امسية ..
اكدت هيلين بصوت هاديء :
- لم تكن شقيقتي .
رفع هيرمان كتفيه قائلا :
- اتعتقدين ذلك ؟
- انا متأكدة من ذلك فشقيقتي تعشق زوجها و كانت سعيدة جدا بأمر حملها و لا اعتقد انها كانت ستقضي ليلة واحدة بعيدة عنه ..
قال هيرمان في ضحكة سيئة جدا :
- قد نعتقد اننا نعرف هؤلاء القربين منا ، و لكنهم يكونون اول ما يخدعنا .
- هيرمان !
- عندك حق يا أبي لا داعي لتذكر القديم .
ثم استدار نحو هيلين بطريقة مرعبة و قال :
- اذن تعشقين السفر فهل ذهبت الي اليونان خلال فترة اقامتك في اوروبا ؟
دار الحديث بعد ذلك حول المغامرات و الاحداث التي تقع للأشخاص في الغربة ثم اتجه الجميع الي حجرة استقبال الضيوف لتناول الشاي و القهوة دار الحديث حول برنامج هيرمان .. احاديثه الصحفية و مقابلاته خلال الاسبوعين القادمين ثم تحدثو بشأن الإعداد لحفل الزفاف ثم سأل هيرمان عن الشخص الذي اختاره جريج ليقوم بدور الوصيف خلال الحفل و هنا تبادلت الاسرة النظرات و الارتباك واضح .
فتمتمت هانا قائلة :
- حسن ، فهو لم يتخذ قراره بعد ... و عندما علم بقدومك ... فكر في .. كان يتساءل ..
اخيرا قال نيكولا :
- كان يفكر هل ستقبل ذلك ؟
تمتم هيرمان بصوت اجش :
- ولم لا ... لقد قام بدور الوصيف لي بمهارة .
دهشت هيلين عندما سمعت هذا الحديث فلم يكن جريج قد تحدث معها بهذا الشأن لذلك التزمت الصمت ،
ثم تابع هيرمان حديثه :
- اعتقد انه طلب منك جس نبضي اولا .. هكذا هو دائما ... يحاول القاء المسؤولية علي عاتق الآخرين .
ثم نظر الي هيلين بحدة كأنه يتحداها أن تفكر في الدفاع عن خطبيها ، و لكنها التزمت الصمت دائما .. فعندما يتطرق الموضوع لشؤون عائلية فإن تدخلها قد يزيد الامور تعقيدا ... ومهما قالت هانا ، فهي لم تصبح بعد عضوا في العائلة .
قالت هانا :
- لك يكن يعرف كيف ستقبل الأمر .
- لو كان يريد ان يعرف فيم افكر ، لكان يكفيه مجرد سؤالي بنفسه .
- ولكن ...
فقاطعها نيكولا :
- هيرمان محق في قوله يا هانا ن و لم يكن من حقنا ان نتحدث في هذا الشأن فالأمر يخصهما وحدهما .
نهضت هيلين لتساعد هانا في غسل الصحون و غابت في المطبخ اكثر من اللزم و لأنها لم تجد الحجة المناسبة لعدم قضاء الامسية معهم ، فكرت في الاهتمام بعملها في هذا الوقت و توجهت الي حجرة الاستقبال الضيوف حيث جلست علي الكرسي الضخم المكسو بالقماش المملوء برسومات الازهار بينما جلس هيرمان مع والته يتحدثان علي الاريكة في حين جلس نيكولا يدخن الغليون علي الكرسي الهزاز .
و بعد قليل توجهت هانا الي المطبخ عندما دق جرس التلفون فأمسكت بالسماعة ثم قالت :
- مكالمة لك يا هيلين .. انه جريج من سيدني .

نايت سونغ
27-06-2009, 22:02
جرت هيلين لتمسك السماعة و هي تتنفس الصعداء تتحدث بسرعة سعيدة بشعورها بحب هذا الصوت الذي اعتادت سماعه فقالت بحماس :
- انني افتقدك كثييييييييييرا .
اجابها جريج ضاحكا :
- و انا ايضا .
ثم صمت قليلا للضوضاء التي علا صوتها علي الخط و اخيرا قال جريج :
- لقد اخبرتني امي ان هيرمان حضر الي المنزل .
- نعم كنت هنا عندما حضر لقد اتي مباشرة من نيويورك و كان من المؤكد انه متعب و لكنه لم يظهر ذلك .
- ان هيرمان كان يظهر حيوية دائمة .
كان جريج يتحدث بجفاء مما جعل هيلين تتساءل ما اذا كان ذلك اطراء ام نقدا
- هل قال شيئا عني ؟
- - كلا .. كلا ليس بالضبط .
هل تخبره بما قاله عن هونج كونج ؟ و لكنها قررت انه لا داعي لذكر ذلك في التلفون .
ثم اضافت :
- اغنا ... لقد سألته والدتك اذا كان يوافق علي ان يقوم بدور الوصيف لك ..
- حسن ... رائع ... لقد فكرت في ان ذلك سيمون حركة لطيفة ، اتفهمين .. و بماذا أجاب ؟
- بأنه كان يجب عليك اخباره ذلك بنفسك .
ساد صمت من جديد .
- حسن سنتحدث عن ذلك لدي عودتي ...سأعود غدا في المساء و ليس يوم الاثنين صباحا .. هل يمكننا ان نذهب لتناول العشاء معا في أي مكان ؟
- انا كلي لك !
- سنتحدث عن ذلك عندما اعود ، والآن الي اللقاء يا عزيزتي ... أحبك .
- انا ايا احبك يا جريج .
وضعت هيلين السماعة بينما كانت ترتسم علي شفتيها ابتسامة حالمة .
- هل تحبينه ؟
كان الصوت هامسا ومع ذلك قفزت هيلين من مكانها و نظرت حولها فوجدت هيرمان واقفا في ظل السلالم ...
فقالت بفخر :
- كثيرا .
- يا له من شخص سعيد جريد ! وهو هل يحبك كثيرا ؟
- بالتأكيد والا كا كنا اتفقنا علي الزواج !
- و لم هذه السرعة ؟ فقد علمت من والدتي انكما لم تتعارفا الا منذ شهرين اثنين .
- و لم الانتظار ؟ فلا انا ولا هو نري ضرورة لذلك !
تقدم هيرمان نحو النور و قال :
- هناك ألف سبب للزواج غير الحب ..
دهشت هيلين لهذه الملاحظة و قالت :
- حسن ... ما هي ؟
- قد تكونين حاملا !
- ليس هو الامر
- ربما تجذب ثروته انتباهك ..
- ان المال لا يمثل قيمة كبيرة كما قلت منذ قليل ، و جريج يملك مزايا عديدة في نظري فهو جذاب ذكي .. كما انه ليس في حاجة الي ان يدعي انه تقابل مع شخص ما قبل حتي ان يتعرف عليه ..
اكتفي هيرمان بابتسامة سريعة ثم قال :
- و من ناحية المظهر ؟
- ماذا تقصد بالمظهر ؟
- يبدو انكما متحمسان ، و قد يجذبكما المظهر و الناحية الجسدية لشيء اخر اعمق ان ذلك يحدث كثيرا .
- اشكرك علي كل حال و لكننا ناضجان بالدرجة التي تسمح لنا بتقدير مشاعرنا بدون مساعدة احد .
هيلين ...

نايت سونغ
27-06-2009, 22:04
و عندما دلفت الي حجرة استقبال الضيوف وضع هيرمان يده علي ذراعها و قال :
- انا اعتذر عما بدر مني .
ثم تركها نادما ووضع يده علي شعره كأنه يحاول تصفيفه .
- لا تحقدي علي كثيرا ... اتعرفين انه بعد فشلي في الزواج ، اصبحت متشككا من وجود اي عقبة في طريقي ، فلأن يشعر الانسان بالحب يوما بعد يوم .. فذلك لا يمثل لي ايه اهمية !
- فلا ترتكبي نفس الخطأ مثلي !
و الحق أن فشله في الزواج لم يكن السبب الوحيد في موقفه هذا ، اقتنعت هيلين بحديثه و شعرت بأن غضبها يتلاشي شيئا فشيئا و عندما نظرت اليه في النور لاحظت انه مرهق و مضطرب كما شعرت انه يعاني الوحدة و انها ترغب في مواساته و لكنها و لكنها تخاف من ذلك .
بعد قليل ن توجهت الفتاة الي حجرتها و ارتدت قميصا من القطن المزهر كانت هانا ق\د اعدته لابنة اختها ثم فتحت النوافذ الصغيرة للحجرة ذات سقف المنحني ليتسلل منها الهواء الربيع المنعش لمدة دقائق قبل ان تخلد الي النوم و ما ان قررت التوجه نحو فراشها حتي سمعت صوت طرقات خفيفة علي باب الحجرة .
لابد انها هانا لتستفسر عن رأي هيلين في ابنها .. فكيف تخبرها بذلك بدون ان تسبب لها الضيق ؟
و لكن الطارق لم يكن هانا ن بل كان هيرمان الذي وقف مستندا علي الباب حتي كاد يقع عندما فتحت له هيلين .
القت الفتاة نظرة الي الخارج فلم تجد احدا و عندئذ تمتمت قائلة :
- ماذا تريد يا هيرمان ؟
- اريد ان اقول لك تصبحين علي خير !
كانت عيناه تشعان ببريق رقيق و كان هيرمان ينظر اولا الي وجهها ثم الي كتفيها ثم الي جميع اجزاء جسدها و كان يرتدي برنسا من النسيج الابيض و قد احكم غلق ازراره حتي النهاية .. ربما علي سبيل الحياء و لكنه كان يعكس لون جسده البرونزي واضحا .
قالت هيين بجفاء :
- حسن ، تصبح علي خير !
و ما ان حاولت إغلاق الباب حتي وضع هيرمان يده علي المقبض ليحول دون غلقه فقالت هيلين :
- هيرمان ...
- هل كانت شقيقتك ذات شعر اشقر منذ خمس سنوات ؟
- كلا ! ألن تكف ابدا عن ذلك ؟ لماذا تتشبت برأيك الي هذا الحد ؟
- هل كانت عيناها خضراوين مثلك ؟
- ان عينيها تميلان الي اللون الرمادي اكثر من اللون الاخضر .لكن ...
- وهل كانت بها شامة غريبة الشكل اعلي فخذيها من الناحية اليسري .. اليس كذلك ؟
- كلا !
و بغضب شديد ابعدت هيلين يده بعنف عندما حاول ان يشير له اين توجد الشامة التي يتحدث عنها ثم قالت بصوت مختنق :
- - لم يكن لديها شامة في اي مكان من جسدها و الآن كف عن مضايقتي يا هيرمان و الا انادي من في المنزل ، تصبح علي خير !
و حاولت ان تركله في قصبة ساقه و لكنه ارتد الي اتلوراء متفاديا الضربة ، و اخيراا اغلقت الباب في وجهه ثم اغلقت المزلاج ايضا و استندت بظهرها علي الباب بينما قلبها يكاد يتوقف عن الحركة و عندما سمعت وقع خطواته يبتعد جاهدت الفتاة لكي تبتعد قليلا و عندئذ لاحت لها صورتها عبر مرآة الحجرة فشعرت بخوف شديد عندما لاحظت شحوبها و فجاة اصبحت ملامح وجهها اكثر قساوة و لمعت عيناها و شعرت بأنها ترتجف و انها فقدت كل قوتها ثم بدات ترفع ببطء قميص نومها وتجمدت في مكانها عندما لاحظت اعلي الفخدين لديها ... شامة علي شكل هلال .