PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : [ مشروع لأكبر تجمع روايات عبير وأحلام المكتوبة نصا ]



صفحة : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 [10] 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46

بحر الامان
23-08-2008, 21:02
انت اميره ياشوق

كذا الشغل ولا بلاش

حبيبتي انتي

كمليها علشان نعرف اخرتها

معلش تعبناك معانا

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:04
اختارت ليلي لستيلا حجرة في الطابق الاول وهي موقنة من انها ستعجب بها كانت اغطية الفراش ثرية بالنقوش المطرزة والاثاث من خشب البلوط الأسباني القاتم وهناك خزانة فسيحة للثياب وكثير من المرايا كما كان الحمام الملحق بها فخما كانت ليلي تدرك أن ستيلا ستعجب بهذا الوسط لأنه الجو الذي من حقها الأقامة فيه فلن تساورها أية فكرة للانتقال الى فندق واعفاء زوج اختها من عبء الاحتفال بها بالرغم من رغبة ليلي بالترحيب بأختها وتكريم وفادتها وتشعرها بأنها في بيتها ولكنها في الوقت ذاته - كانت تتمنى ان تطمئن تماما الى أن ستيلا ستجازيها عن اكرامها بسلوك يعفيها من لحظات القلق وعدم الارتياح. كانت موقنة من أنها لن تنسى قط ما حدث بالنسبة لبروس وكان رويز أهم واثمن لا سيما في سعادتها الراهنة من أن تعرضه للخطر.
ومع ذلك حرصت على أن تخفي عن رويز أية وساوس تنتابها بالنسبة لأختها. وشعرت أنه في بعض الاوقات كان يرمقها بنظرات محيرة لا سيما حين كانت تؤكد له مدى تطلعاتها الى وصول ستيلا فكانت تسائل نفسها:
" أتراه كان يحدس عدم ارتياحها الخفي؟ ولكنه لم يقل شيئا."
وكانت تتمنى أحيانا لو أنه سألها فقد تجسر على أن تصارحه مقدما بمخاوفها!

* * *

وأنطلقا بالسيارة الى المطار لإستقبال ستيلا في يوم مشرق وجاهدت ليلي خلال الطريق لتظهر بمظهر مرح فأخذت تثرثر ولكنها كانت اذا نظرت لوجه رويز الأسمر الفاتن تشعر فجأة بلوعة الهواجس والتوجس وتسائل نفسها كيف لم تبتكر على الفور حجة للحيلولة دون إقامة ستيلا معهما غير أنه كان من المستحيل الاهتداء الى حجة تقنع ستيلا ورويز بأن من الافضل للممثلة أن تنزل مع أعضاء الشركة السينمائية في أحد الفنادق الراقية في مكسيكو ستي.
كان لابد من المضي فيما كان مقدرا ولم تكن تملك سوى الامل...الأمل في أن تسير الامور علىخير.
ارتمت ستيلا بين ذراعي اختها حين التقيا في أرض المطار كانت كالعهد بها في أقصى اناقة وقد بدت فاتنة الى درجة مذهلة غاص لها قلب ليلي وقالت ستيلا وقد هدأت انفعالات اللقاء:
" أنك تبدين رائعة يا عزيزتي!"
كان في عينيها ومضة التهكم القديمة الى جانب اشراقة الحب وهي تواصل الحديث:
" أنك مثال المرأة المتزوجة! رشيقة جميلة المنظر حتى كدت لا أعرفك في البداية الأميرة شوق."
سألها رويز:
" أترينها تبدو في حال طيبة؟"
" في أطيب حال. ما كنت يوما أحسن مما هي . لا بد أنك زوج بالغ الارضاء!"
ورمقته بعينيها الجميلتين وتساءلت:
" هل لي أن أقبلك يا رويز أننا على أية حال وثيقا القرابة الآن."
وبدون انتظار لموافقته ألصقت شفتيها في لين ونعومة أوراق الورد بخده الاسمر وغمرته بموجة من عطرها الذي كان أشد وأكثر من أي عطر سمحت ليلي لنفسها باستعماله.
تراجعت ستيلا وتأملته وهي تقول:
" أظنني سأرتاح اليك كزوج لأختي!"

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:07
لم يرد رويز المجاملة ولكنه بعد نقل حقائبها الى سيارته رأى أن من اللائق كأمر طبيعي أن تشغل المقعد الأمامي المجاور له وأن تجلس زوجته في المقعد الخلفي بالرغم من شعوره بعدم رضا ليلي عن هذا الترتيب وانطلقت بهم السيارة وشمس المكسيك تغدق عليها اشعتها وأظافر ليلي تغوص في لحم يديها وهي مضطرة لأن تقاوم مشاعرها موقنة بأنها تتصرف بصورة تثير السخرية ازاء وصول أختها حيث كانت في الواقع تعتقد بأن ستيلا لن تتورع عن فعل أي شيء لهدم زواجها. وحاولت السيطرة على مخاوفها فمهما يكن فان رويز كان طرازا مختلفا كل الاختلاف عن بروس واقنعها هذا الخاطر أخيرا بأن تكون طبيعية في تصرفها وأن تنظر الى ستيلا كما كانت تفعل في الأيام الخالية قبل أن تصادف أي مبرر للشك في أختها!
أمر واحد هز تجلدها: بينما كانت ستيلا تفرغ حقائبها في حجرتها بعد وصولها الى الدار وسألتها ليلي:
" هل أعلنت وبروس خطبتكما؟"
فالتفتت ستيلا واعترفت بأنه ما من خطبة بينهما وغام وجهها وكأنها تناضل لتخفي ظهور الشقاء على محياها ثم اردفت الواضح ان بروس لم يكن يحبني حقا. كانت النجمة السينمائية اللامعة هي التي اجتذبته! هكذا قال لي.
هتفت ليلي بدافع غير ارادي:
" أنني آسفة يا عزيزتي ! لست أدري ماذا أقول؟"
وكانت آسفة حقا. فهزت ستيلا كتفيها قائلة:
" لا عليك يا عزيزتي ! ليس هناك ما تملكين في هذه الظروف سوى... أنني قد استحق ما حدث!"
وأكفهر بريق عينيها لحظة وزمت فمها... وأرتجف الفم الجميل فجأة سواء كان ذلك عفوا أو عن عمد أو مجرد نتيجة لعاطفة مكبوتة... وأشاحت بوجهها لتخفي ضيقها وقالت في رجاء, بصوت مختنق:
" أفضل الا نتحدث في هذا الآن."
قالت ليلي على الفور في عطف:
" طبعا..."
وأسرعت تضيف:
" أنني أفهم شعورك فهما تاما. علينا أن نحيطك بأمور بهيجة وأنت هنا حتى لا تفكري في بروس ولا تدعي التفكير المهموم يشقيط. فالهم لن يجديك شيئا ومكسيكو ستي رائعة في الواقع واوقن بأنك ستحبينها. أن لرويز اصدقاء كثيرين وسنقدمك اليهم... لن تجدي وقتا للشقاء."
التفتت اليها ستيلا شاكرة ولكن اهدابها الطويلة كانت تخفي عينيها بحيث كان من المستحيل الجزم بحقيقة فكرها وشعورها. وقالت:
" ألا يحسن بنا الهبوط والانضمام الى زوجك؟"
" كان من حسن التوفيق ان تزوجته. انه يبدو لي مثيرا... مثيرا حقا! وقالت وهي تضيف لمسات لزينتها:
" وهذا بيت مدهش حقا, فقالت ليلي معلقة:
" انتظري حتى تري كاراسترانو."
فابتسمتت قائلة:
" أنني مصممة على رؤيته قد أمكث معكما طويلا وستكون مهمة شاقة أن تتخلصا مني."
أخفت ليلي جزعها بجهد وكان رويز في انتظارهما بقاعة الجلوس الرئيسية ومرة أخرى أبدى رعاية للضيفة فقدم لها شرابا قبل العشاء واختار لها مقعدا مريحا وأطرى ثوبها بلهجة الخبير وأجلسها الى يمينه في قاعة الطعام الفخمة الاثاث.

* * *

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:09
وقالت ستيلا له:
" لا تنادني آنسة نورديت فهذا اسمي الفني وليس لأفراد أسرتي أن يستعملوه أن أسمي اذا لم تكن تعرف."
وارسلت ضحكة مرحة فردد اسمها باحترام واحنى رأسه عرفانا اذ سمحت له بنماداتها باسمها وراح يردده وكأنه معجب بوقعه قائلا:
" ستيلا؟ أظن أن معناه النجمة."
وأستقرت عيناه السوداوان عليها وبدا مأخوذا بتألقها وقال لنفسه بخفوت:
" نجمة داكنة" واستغرق في التفكير... ودهش اذا اضطربت ستيلا بل ارتجفت قليلا. وقالت:
" لا أظنني أود أن أكون نجمة داكنة فهذا يبدو نذيرا بنحس ما.. أؤثر أن أكون نجمة تزداد باستمرار ارتفاعا وبريقا. ان النجمة لا تعتم الا عند اقتتراب الفجر وأنا أفضل أوج التألق..."
فقالت ليلي برفق تطمئنها:
" لا تجزعي فأوج تألقك سيدوم طويلا... أنك الآن في الاوج من ناحية فنك."
فقالت ستيلا:
" أصحيح هذا؟"
والتقت نظراتها بنظرات رويز ثانية فقالت وكأن الحديث ينبعث من فؤادها:
" أحسبن يأفضل زواجا موفقا على الاستمرار كممثلة ناجحة. لقد بدأت أسأم التمثيل ومطالبهُ, اما الزواج - كما منظركما - فأمره مرض للغاية."
ومرة أخرى أحنى رويز رأسه قائلا:
" أنك على صواب."
وابتسم موليا وجهه الى ليلي فخفق قلبها وأسرعت تقول لستيلا متلهفة على أن تواسيها لفقدانها بروس:
" أننا نريد أن تحظي بفترة هانئة هنا وقد اعددنا العدة لحفل عشاء صغير ترحيبا بك وأظن أن جليسك في العشاء لن يفكر فيما اذا كنت ممثلة أو غير ممثلة كنت ستقابلينه في أية حال وقد رأينا التعجيل بذلك."
وتساءلت ستيلا برجاء طفولي جذاب عمن يكون فأبتسمت ليلي قائلة:
" رامون تالمونت زميلك في بطولة الفيلم واكبر ذئب في مكسيكو ستي."
وحبذت ستيلا هذا وقالت:
" لعله ليس سيئا كما يصورنه... ومن اللطيف مداعبة ذيل الذئب!"
وتشعب الحديث وليلي تعجب بتمثيل أختها لو أنها كانت تحب بروس لشعرت بتعاسة بالغة ولكان مجهودها عظيما لاخفاء عواطفها.
بعد ليلتين توافد الضيوف لحفلة العشاء. واختارت ليلي ثيابها بعناية لهذه المناسبة فكان الثوب من المخمل الياقوت الازرق الداكن وقد زركش ببراعة بحبات من اللؤلؤ... كان غاية في الرشاقة حتى انه لم تكن بها حاجة لمزيد من الزينة. وفيما كانت تقف امام المراة تتأمل قلادة من الياقوت والماس أهداها رويز أياها وتختار سوارا يتمشى معها اقبل رويز ووضع على المائدة علبة غير سميكة من الجلد. ثم رفع غطاء العلبة غاذا قلادة من اللؤلؤ الوضاء, فهتفت:
" ما أروعها!"
قال:
" ستكون حول عنقك أروع!"
وأحاطت اصابعه النحيلة عنقها بالقلادة وقدم اليها قرطا من لؤلؤ على شكل الاجاص. وظلت لحظة تحملق في المراة لا تصدق ان الصورة المنعكسة كانت صورتها. ثم تحولت بدافع غريزي فقربت رأسه وقبلته قائلة:
" لست أدري كيف أشكرك على كل ما منحتني!"
فقال بهدوء:
" أن ما منحتني أنت أكثر. كنت قد نسيت كيف يكون المرء حيا حين ينزوي في قوقعه." وظل لحظة يحتضنها ثم نحاها برفق وقال:
" أذهبي وتبيني هل أستعدت أختك... تذكري أن الأمسية مهمة لها ويجب أن توليها أكبر قدر ممكن من الانتباه!"
وقبل أن تبلغ الباب دعاها ورأت وجهه الاسمر يستدير نحوها وعينيه ترقبانها في استغراب وسألها:
" أحسب أن هذا اللقاء بأختك لا يسبب لك ألما يا عزيزتي؟"
أبتسمت وهزت رأسها قائلة:
" أتعني... بسبب بروس؟ أنه لا يسبب لي أتفه ألم لقد تغلبت على ذلك منذ زمن."
قال:
" هذا بديع. وهل يسرك وجود أختك هنا؟"
فترددت لحظة ثم طمأنته بقدر من الصدق:
" أجل . من الجميل أن أراها ثانية."
فبدا عليه الرضا وقال:
" يجب ان ندعو صديقتك كيري يوما ونبحث عن شخص مثل رامون تالمونت ليتزوجها!"

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:11
هتفت ليلي باغتباط:
" يا لرامون المسكين! ستضعضعه ستيلا الليلة وارى ان تعفيه من كيري في الوقت الحاضر ولكني اوافق على أنه سيكون من الرائع أن تأتي كيري وتنزل عندنا وسنبحث لها عمن يتزوجها."
قال بصوت أجش:
" عليك أن تزوجي ستيلا أولا!"

* * *

أسرعت ستيلا باطراء فخامة ثوب ليلي حين وافتها في حجرتها وتعلقت عيناها بالقلادة اللؤلؤية وأخذت تمسها برفق وقالت:
" لست بحاجة لأن أسألك أهو لؤلؤ حقيقي."
فأكدت ليلي ذلك. وهتفت ستيلا:
" يا لك من فتاة محظوظة!"
ثم تحولت تتأمل صورتها في المرآة وعلى وجهها تعبير غير عادي وغضت بصرها تتفرس في أظافرها وقالت:
" لقد هنأتك يا عزيزتي بزواجك الناجح ولكني اعني بالنجاح أنه تحول على نحو مدهش. أنك وريز عقدتما صفقة عمل , أليس كذلك؟ وقدر لها التوفيق."
قالت ليلي متلعثمة:
" ص.. صفقة؟"
وأستدارت ستيلا الجميلة ومست خد أختها بحنان قائلة:
" أجل هذا ما حدست.. ولو أنك مثلت دورا لأراحة بال أمنا أما الآن وقد تزوجته فعلا فيجب أن تكوني بارعة أذا شئت الاحتفاظ برويز! أنه يعجب بالجمال لاسيما الجمال الانكليزي الهادئ... لقد أرتبكت لطريقة حملقته في هذا المساء."
كان من العسير على ليلي أن تصدق ما سمعت. فقالت:
" هذا لأنك أختي و... وهو يعجب بك طبعا كأي امرئ!"
وأبرقت عينا ستيلا بنوع من الهزء وقالت متلطفة:
" طيب ولكن انصتي لنصيحتي وابعديه عن كل الحسناوات اللاتينيات هنا!"
ثم هبطتا لأستقبال الضيوف وقد شعرت ليلي بأن شطرا كبيرا من متعة الأمسية قد تبدد. وقدمت ستيلا بطريقة آلية الى رامون تاليمونت وبقية الضيوف. وحاولت ليلي جاهدة أن تبدو طبيعية عندما لمحت رويز يحملق بأختها. لقد أدركت بأن ستيلا شعرت بالغيرة اذ رأت القلادة اللؤلؤية الثمينة مما جعلها ماكرة ولكن هناك احتمالا بأن الامر لم يكن مكرا وأن ما قالته كان انذارا... فلو أنها كانت قد قابلت رويز وعرفته قبل ان تلتقي ببروس لكان رويز وليس بور هو الذي انتزعته. ولابد أنها الآن تأسف لأنها لم تلتق برويز أولا.
صعب على ليلي أن تصدق أن أختها خطر يهدد سعادة مستقبلها ولكن التجربة الماضية علمتها أن تجزع وأدركت أنها لا تستطيع أن تثق بستيلا وبالرغم من أنها كانت تثق برويز فان الموقف جعلها مكتئبة. ليت رويز لم يقترح نزولها عندهما وداخلها الامل في أن يتغير الموقف اذا ما بدأت اختها العمل في الفيلم.

* * *

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:13
وبدا الاهتمام على ستيلا برامون تالمونت فعادت الحياة تمضي هادئة لبضعة أسابيع. كانت ستيلا تود رؤية كل شيء في مكسيكو ستي, وتتذوق مباهجها وكان رامون لحسن الحظ تواقا الى تمكينها من ذلك فأصبحت تقضي وقتها في صحبته وفي الاستديو. كانت ليلي تعيش على حافة بركان فما عادت تشعر باسعادة الا في غياب اختها عن البيت ولكنها كانت تشعر بالاثم لأن شكوكها في ستيلا كانت تتضمن رويز رغم ان رويز كان زوجا رائعا.
كانت الحياة تمضي على هذا النحو العصيب حين اعلنت اليها ماريا مديرة البيت ذات يوم وهي في قاعة الجلوس الرئيسية ان سيدا انكليزيا يرغب في مقابلتها... وعجبت ليلي وسألتها عن أسمه فقالت السيد بروس ولم تتريث ليلي بل أسرعت الى البهو حيث كان بروس يقف في شيء من الحرج كأن المكان قد بهره كأنه لم يكن يتوقع أن يقابل بترحاب ولكنه نسي حرجه حين وقعت عيناه على ليلي الجديدة الانيقة الملبس سيدة هذا القصر المنيف...وعيناه تومضان وحاول دون تردد ان يتلقاها بين ذراعيه... فصعقت ليلي وتفادته وتساءلت في فتور:
" ماذا تفعل هنا يا بروس."
" لا يبدو عليك أنك سررت برؤيتي!"
قالت وهي تسترد سكينتها:
" يجب أن يكون هذا مفهوما في هذه الظروف ... اجئت لترى ستيلا؟"
قال:
" أذن فقد وصلت."
فقالت:
" نعم منذ أسبوعين تقريبا."
وتوقفت منتظرة تعليقه ولكنه لم يقل شيئا فعادت تسأله:
" أجئت لتراها؟"
ثم فطنت الى أنه ما كان ليتصرف كما اراد ان يتصرف لو كانت رؤيته ستيلا هي غايته الوحيدة!
وأطلق ضحة قصيرة وقال:
" أختك الساحرة؟ أنتهى ما كان بيني وبينها. كنت أحمق ولكني افقت في وقت مناسب."
فقالت:
" كنت أحمق؟ أما خطر لك أنك شيء آخر كذلك... لقد خذلتني ثم خذلت ستيلا."
فقاطعها قائلا:
" أهذا ما قالته لك؟"
" ألم تتخل عنها؟"
" لابد أنها روت لك قصة مؤثرة... أود سماع ما قالته أختك الناصعة البياض عني. ولو سمح الوقت فسأروي لك الكثير عنها."
قالت محنقة:
" لا أقبل أن تتحدث عن أختي هكذا!"
قال:
" ليكن... غير أن عليك أن تخبريني بما قالته عني. فأني أود معرفة موقفي."
ضاقت ليلي بالموقف وقالت بجفاء:
" ما من داع لأن تكذب ستيلا ولابد ان ما قالته هو الصدق... أنت فتنت بالنجمة السينمائية ثم افقت من غوايتك."
فهز رأسه وأمسك بذراعيها بقوة وقال وهي تحاول التخلص:
" متى ستواجهين الحقيقة عن أختك؟ متى ستواجهين انها لا تشبه أحدا من أسرتكما؟ أنها أكثر الشابات اللائي قابلت ايثارا لنفسها وهي على استعداد لتحطيم حياة أي امرئ دون ان تكترث. أنني أعرف حقيقتها... كانت تتسلى بي فحسب وما كانت جادة أبدا في الزواج مني... لو لم تصلي حين وصلت وتفاجئيننا في موقف باد مريبا..."
ضحكت ليلي وقالت:
" لقد كان موقفا مريبا وأنت تدرك ذلك.. وبرغم أنكارك الآن فأنت كنت مفتتنا بها."
قال لها: " أؤكد لك أنني لم أعد أحبها."
فهزت كتفيها وهي في دهشة من صلابتها اذ كانت لا تشعر برثاء يذكر له أو لستيلا. وقالت وفي عينيها أشمئزاز:
" أذن فكل ما أقوله هو أنك بارع في الوقوع في الحب والخروج منه وأنني لأستهجن بشدة مجيئك وأتهامك أختي بالتنكر لك."
أطلق ضحكة قصيرة وقالك
" أنها لا تلم ابدا على أي شيء... هي دائما الصغيرة البرئية الناصعة لكنك ستتبينين يوما ما حقيقتها وآمل ألا تكون الصدمة قاسية."

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:14
وأفلحت ليلي في التخلص من بروس وابتعدت وقالت:
" أذا استمريت بكلامك هذا فسأضطر لأن أدعوك للانصراف وعلى أية حال فلماذا جئت الى هنا؟ انه موقف محرج كما تعلم."
وفوجئت برده: " لقد جئت لاصطحبك الى الوطن..."
وساد الصمت لحظة وليلي تحاول ان تستوعب ما سمعت ثم قالت أخيرا:
" أنسيت أنني متزوجة من رويز؟"
فتقدم نحوها ولكنها أسرعت بالابتعاد وقال:
" إنه زواج عمل فحسب... هذا ما قلته أنت. يجب أن تعودي معي . فكل منا للآخر وما كانت ستيلا سوى نزوة جنونية."
قالت:
" أو تريد الآن أن تصل ما انقطع من خطبتنا؟"
خدعه هدوء صوتها فقال:
" بوسعك الحصول على الطلاق."
فقالت بنفس الهدوء:
" افترضني أنني لا أريد."
وهم بأن يتكلم فاحتبس صوته... وأستأنفت ليلي حديثهما:
" لا أريد العودة الى ما كانت عليه الأمور حتى لو لم تكن قد تخليت عن ستيلا ولا أريد أن أترك رويز فأنني الآن أحبه. وأذا كان زواجنا قد بدأ كاتفاق عمل فنه الآن حقيقي..."
فضاقت عينه واحتقن وجهه غضبا وقال:
" أذن فقد كانت ستيلا على صواب. قالت أنك كا كنت لتقبلي التخلي عن صفقة كهذه."
فصاحت ببرود قاس:
" لا تقل هذا ثانية!"
فاعتذر متمتما:
" آسف."
وأذ ذاك أردفت تسأله:
" وما شأن ستيلا بهذا؟ أأخبرتها بأنه مجرد مشروع تجاري؟"
وراحت ليلي تحدث نفسها:
" أتراها أساءت الحكم عليه؟ لعل ستيلا اكتشفت انه زواج عمل فحسب فرفضت لهذا الزواج من بروس اعتقادا منها بأن أختها باقية على حبه فشاءت أن تتركه طليقا لها اذا ما أنتهى الزواج. أذا صح هذا فلماذا ألقت ستيلا اللوم على بروس وقالت أنه لم يحبها وبهرته أضواء النجمة؟ كلا ما كان بوسع ستيلا أن ترعف شيئا عن أن زواج أختها بدأ كاتفاق عمل والا لذكرت هذا لها!
وقال بروس معتذرا:
" ما تعمدت أن أخبرها.. كانت زلة لسان." ولكن كان واضحا أنه يكذب.

* * *

فجأة ظهرت ستيلا مقبلة من الحديقة وقالت:
" هل علمت يا ليلي العزيزة..."
وتوقفت ورفعت احدى يديها الى فمها اذ رأت بروس... كان اجفالها حقيقيا في بعضه وتظاهرا في بعضه وقالت:
" أأنت هنا؟"
فأسرعت اليها ليلي وأحاطت كتفيها بأحدى ذراعيها لتسرى عنها قائلة:
" أنه يتأهب للأنصراف يا عزيزتي."
قال بروس في قحة:
" كلا... لابد من إيضاح أمر أو أثنين قبل انصرافي."
وحملق في ستيلا وسألها:
" أية قصة كاذبة كنت تروينها لشقيقتك ليلي؟"
فرمقت ستيلا أختها بنظرة مبهمة وقالت:
" لست أفهم... عما يتحدث؟"
فصاح بسخرية:
" حقا؟ كأنك لم تتعمدي فسخ خطبتنا لمجرد هواك وما كنت تعتزمين يومت الزواج مني! وكأنك لم تسخري مني, ولم تشرعي في إغاظتي بصدد رويز آلدوريت حين قلت لك أن ليلي تزوجته كاتفاق عمل وذلك لكي لا تلومي نفسك من جراء فسخ خطبتنا!"
التفتت ستيلا الى ليلي وقالت في أستعطاف يثير الاشفاق:
" عما يتكلم بحق السماء؟"
فقال وقد ارتفع صوته:
" أنك تعرفين عما أتكلم... أنك جئت هنا معتزمة فصم زواج ليلي لأنك قررت يوم زواجها أنك تؤثرين ان تستحوذي على أموال رويز آلدوريت!"
وسحبت ليلي ذراعها فورا من حول أختها وذهبت نحو الجرس ولكنه اعترضها قائلا:
" كلا... بل ستصغين لما أقول."

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:30
قالت وبعد أن دقت الجرس بشدة:
" أظنك قلت ما يكفي..."
قالت تشيتا بالاسبانية اذ أقبلت:
" السيد بروس جرمين يتأهب للانصراف أتسمحين بمرافقته للباب؟"
خفض بروس صوته وقال بالانكليزية التي لا تفهمها مدبرة البيت:
" حسن سأنصرف ولكنك قد تجدين ما يدعوك لرؤيتي ثانية أنني أنزل في فندق منديتو."
فقالت ليلي في فتور:
" لا أظنني سأحتاج الى ازعاجك."
فأطلق ضحكة قصيرة مكتئبة ورمق ستيلا بنظرات عابرة ثم قال لأختها:
" قد تقررين أن تعودي الى انكلترا معي..."
ورافق تشيتا مغادرا الغرفة.

* * *

ساد الصمت برهة وجيزة ثم قالت ستيلا:
" لا أظنك صدقته؟"
فأسرعت تطمئنها قائلة:
" كلا, طبعا لم أكن أظن أنك تعلمين."
قالت ستيلا:
" ولكن ماذا قصد؟ فأنت تبدين سعيدة جدا."
فقالت ليلي بهدوء:
" وأنا فعل سعيدة."
" ولكن هل كان الزواج اتفاق عمل؟"
" أجل. كان رويز مضطرا للزواج ليرث كاراسترانو.. وكنت أظن أنني بذلك أسهل الامور لك ولبروس."
وظهرت ستيلا بمظهر الخجول وقالت مبهوتة:
" ولكن ما كان ينبغي ان تفعلي شيئا كهذا."
فأبتسمت ليلي قائلة:
" الذي حدث ان كل شيء سار الى أفضل ما يمكن... لم أكن في البداية أحب رويز ولو كان الاتفاق ما يشترط انجاب وريث لكاراسترانو عندها... لما وافقت لحظة."
" أذن فقد كانت عملية مؤقتة... طلاق بأسرع ما يمكن تدبيره دون ما ضجة؟"
ارتاعت ليلي لقسوة وقع الكلمات وحاولت ان تقنع اختها قائلة:
" ولكنه لم يعد كذلك... عندما بدا أننا منسجمان أقترح رويز أن نجعله زواجا حقيقيا... وأنه حقيقي فعلا الآن."
وبدت عن ستيلا حركة تنم عن أنها تجد صعوبة في الفهم والادراك وهتفت:
" يا للسماء يا ليلي! أي تورط فظيع وغير ضروري. أنكما لو لم تتزوجا أو أنه ما يزال من الممكن الغاء علاقتكما! أحسب أنه من السهل الحصول على الطلاق اذا لم تكوني واثقة تماما بصدد المستقبل... ولست ارى كيف تكونين مطلقة الثقة في هذه المرحلة؟"
وابتسمت ليلي في اعتداد وقالت:
" أنني متأكدة. ولست أريد طلاقا. قلت لك أن كل شيء تحول الى خير وضع. ولقد أحببت رويز ولا أريد استعادة بروس."
عضت ستيلا شفتيها وقالت:
" أموقنة أنت تماما؟ لكنك كنت مشغوفة به."
فقالت ليلي:
" أنني متأكدة تماما... والشغوف ليس جبا."
فرمقتها ستيلا بنظرة محيرة فيها ما عجزت ليلي عن فهمه وقالت:
" حسنا... هذا يريك كم من أخطاء تستطيعين ارتكابها في الحياة!"
بدت ستيلا مشغولة البال حين اصطحبها رويز وليلي في السيارة بجولة. وفي المساء سبقت ستيلا شقيقتها الى الهبوط قبل العشاء وكان رويز يقف بجوار خزانة المشروبات وتقبلت منه كأسا.
ولم تلبث ليلي أن فطنت الى أنها تأخرت فأسرعت بالهبوط.. ولما لم تعد ستيلا في حجرتها توقعت ان تجدها في قاعة الجلوس كانت وساوسها من ناحية أختها قد هدأت نوعا ما منذ حديثهما بعد الظهر لذلك صدمت اذ فتحت الباب قليلا فسمعت ستيلا تقول بصوتها الخافت, الجميل:
" يسرني ان وجدتك وحيدا يا رويز, فهناك شيء كنت أحاول قوله منذ وصولي ولكنني كنت ارجئه.. غير ان أمرا حدث بعد ظهر اليوم جعلني أدرك ألا بد من أقحام نفسي."
وكان رويز هادئا مشوبا بالدهشة:
" أذا كان هناك ما أستطيع فعله لمساعدتك فأرجو أن تخبريني."
" أنه عن أختي... وبروس."
قال بلهجة مؤدبة:
" نعم؟"
فشرعت تقول:
" من العسير أن أتحدث في هذا... وازداد صوتها بحة. ولم تدر ليلي لماذا لم تبادر بالابتعاد فما كان من عادتها التنصت على أحاديث الغير. بيد أن ذكر أسمها سمرها في مكانها وستيلا ماضية في الحديث: لست أدري كيف أعبر ولكنك ربما تدرك الاتجاة اذا قلت أنني أعرف ما دعا ليلي الى الزواج منك... لترث كاراسترانو..."
وساد الصمت لحظة ثم واصلت الحديث:
" ألا تظن.. أن من الغبن أن تستبقيها مرتبطة بك.. أعني, يبدو لي أنك لا تنفذ نصيبك من الاتفاق. انها فعلت من أجلي الكثير وأرى من واجبي تصحيح هذا الوضع."

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:33
قال في اقتضاب:
" أذن أخبرتك هي بالسبب لزواجنا؟"
" ليس تماما... تصادف ان سمعتها عفوا تذكره لشخص آخر."
" ومن يكون هذا الذي تحدثه في أمر شخصي بحت كهذا."
قالت " بروس ." فهتف:
" آه!."
لو لا أن ليلي كانت مسمرة في مكانها لاندفعت الى الغرفة في تلك اللحظة. وأردف رويز:
" الرجل الذي كان خطيبها يوما؟"
فأجابت ستيلا وفي صوتها رنة ارتياح:
" نعم.. أن هذا ليس شأني في الواقع ولكني شديدة الولع بها وأعرف كم كانت متعلقة ببروس يوما... ويبدو أن ستيلا تنفست بعمق اذ ذاك ثم أسهبت في القصة التي أعدتها:
" كنت في الحديقة مصادفة عندما جاء... ولم أشأ أن أقطع عليها اللقاء فتريثت متوارية عن البصر... بودي أن أعفيك من التفاصيل كان لقاء جياشا بالعواطف."
ظل رويز صامتا بينما أستأنفت هي:
" وعندها سمعت طرفا من الحديث:
قضى رويز تلك الليلة في غرفة أخرى لأول مرة منذ أصبح زواجهما حقيقيا... وكان قد خرج عقب العشاء مباشرة لمقابلة اصدقائه وعاد في ساعة متأخرة وفي الصباح التالي أخبرها بأنه مضطر للعودة الى كاراسترانو فلما بادرت لاعداد عدتها لمرافقته قال بحزم:
" ما من داع لذهابك معي فلن أغيب سوى بضعة أيام."
وهمت بأن تتكلم ولكنا تريثت فما كانت اللحظة مناسبة للحساب بينما كانت تعد له حاجياته سألها فجأة:
" لماذا لم تخبريني بأن خطيبك السابق اتصل بك؟"
فأجابت :
" كنت أعتزم... ولكن الفرصة لم تسنح لذلك."
فقال:
" أم لعلك لم تظني ان للأمر أهمية؟"
قالت:
" كلا... لم يكن ذا أهمية."
ونظرت اليه في لوعة.الأميرة شوق كان الأمر المهم الوحيد هو أنه لم يقبلها, وهو يتعجل الخروج للحاق بالطائرة. ووقفت تعض على شفتها أمام الباب الخارجي للدار والسيارة تنطلق به نحو المطار.

* * *

أطبقت عليها الوحدة الموحشة بعد ذلك. كانت هي الأخرى تود العودة الى كاراسترانو حيث أصبح بيتا ومقرا وموطنا لها أكثر من الدرا التي نشأت فيها لا سيما وأنه كذلك بالنسبة للرجل الذ أحبته. وتقبل الحياة معه برتابة وصداقة دون أن تكتشف ان ذلك لم يكن حبا ماذا لو لم تأت ستيلا... وتفتح عينيها على الحقيقة أن رويز وليس بروس هو الحبيب الحقيقي لها!

* * *

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:36
ترى أين رويز الآن؟ هل حطت به الطائرة؟ لو كانت معه لشعرت بيده تحت ابطها وهو يساعدها على الصعود درجات الشرفة الامامية للبيت. ولأحست بكل عصب في جسمها يغرد لأن اتفه لمسة منه كانت كفيلة بأن تسعدها... ولدخلا البهو اللطيف الجو... وتراءت لها ذكريات لحظات هنيئة مشرقة ذكريات رويز يغادر الحملم وبشرته البرونزية تظفر بالصحة, وشعره الاسود مبتل ومتناثر.. أو هو في بذلة السهرة في أوج اناقتة... أو وهو ضاحك طروب في ثياب ركوب الخيل, وذكريات الوقوف في رواق الصور تتأمل اجيال آل آلدوريت حتى تصل للمساحة الخالية المحتجزة لأجيال ومع انه لم يكن ثمة وريث لكاراسترانو بعد, فانها كانت تشعر دائما بيقين دافئ بأنها ستخبر يوما الرجل الذي أحبته بأنه لن يكون آخر آل آلدوريت... وكان احيانا يجدها واقفة امام الصور فيحيط كتفيها بذراعيه.. وتنفرج شفتاها - دون ارادة منها - عن ابتسامة وتخال ان عينيها تشيان بشعورها نحوه كان رجل تفخر أية امرأة بحبه وان لم يكن قد قال يوما أنه يحبها.
كان كاراسترانو نعيما خاصا بهما ولكن ما الذي يجري الآن؟ هل بدأ يندم على أنه سمح لزواجهما بأن يتحول من اتفاقية عمل بحت كما كان يوما أو ترى كانت ثمة يد بطريقة ما... لبروس؟

* * *

وقررت في اليوم التالي ان تذهب لمقابلة بروس خشية أن يكون رويز وقد علم يقدومه الى البيت - قد اتصل به, وأن يطون بروس قد قال شيئا يسبب مزيدا من المتاعب ولكنها حين وصلت الى الفندق الذي كان ينزل فيه علمت أنه خرج.
وعادت الى البيت ولكن نوبة من القلق وعدم الارتياح استولت عليها فعادت الى الخروج مرة أخرى وراحت تسير على غير هدى... ما كان بوسعها ان تتحدث مع أحد حتى ستيلا... أذ كانت اختها تلازم غرفتها طيلاة ما بعد الظهيرة والستائر الخضراء مسدلة وقد تولاها صداع قاس نتيجة بقائها تحت الشمس خاج البيت - وقتا طويلا ... وعلى أية حال فان ليلي لم تعد تثق فيها أو تطمئن اليها.
شعرت ليلي بتعاسة اذ لم يعد بوسعها ان تطمئن الى أحد... فتابعت السير على غير هدى تحت الشمس الشديدة, الحارة حتى أنهارت قواها... وعندها عادت الى البيت.


أنتهى الفصل الثاني عشر

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:41
الحقيقة


أخذت ليلي تستعيد ذكرى عودتها للبيت على غير موعد في المناسبة الاولى وقدومها غير المتوقع - في هذه المرة الذي كان مختلفا... فبدلا من أن تنسحب تلقائيا وقد شلت صدمة المفاجأة والألم تصرفها اذا بها تتوارى عن البصر, وتصغي.كانت المناسبة في هذه المرة - مختلفة جدا. لقد أقبلت - كما حدث من قبل - من غير المدخل الامامي اذ دخلت من الابواب المفضية من الشرفة الامامية الى الحديقة... وهذا هو وجه الشبه الوحيد بين المناسبتين. ولكن ما شعرت به في هذه المرة لم يكن ألما وأنما كان تبدد لوهم, وبداية لقرار حاسم وهذا ما جعلها تستمر في الاصغاء لما كانت تقوله ستيلا لبروس, في أيضاح يشوبه شيء من السخرية:
" أظن بأنك جدير بأن تكون أكثر سرورا... فالأمر برغم كل شيء لصالحك انت الآخر."
وأجابها بروس:
" قد لا أكون راغبا في أن اتردى الى المستوى الذي بلغته أنت!"
" من الذي يحفل بالوسائل ما دامت النهاية المنشودة تتحقق؟"
" يجب أن تشكرني ياعزيزي. لقد مهدت الطريق فعلا ولن يدهشني اذا ما بات بوسعك - في القريب العاجل - أن تستطيع اقناع ليلي بأن تعود الى انكلترا في صحبتك."الأميرة شوق
هنا قالت ليلي وقد ظهرت في باب الشرفة:
" كلا... أنك فسخت خطبتي من قبل يا ستيلا ولكني لا أنوي أن أسمح لك فصم زواجي من رويز!"الأميرة شوق
كان من الغريب حقا أن يتمكن المرء من التحول فجأة من النقيض الى النقيض في لحظة واحدة. أن ليلي ما كانت حتى بضع دقائق مضت على أستعداد لأن تصدق أي سوء عن ستيلا أما الآن فقد زال تماما كل وهم وكل ما كان يحيرها واتضح كل شيء حتى أدق دقائقه... واصبحت تعرف أن بروس كان صادقا حين قال أن شتيلا كانت تعبث بهما معا حين فسخت خطبتهما.الأميرة شوق
أستدارت ستيلا بهدوء وظلت اساريرها لحظة لا تنم عن شيء ثم عاودتها الابتسامة الهازئة ببطء وقالت دون حياء:
" أنك مولعة حقا بالظهور في أوقات غير متوقعة يا عزيزتي... أليس طذلط؟"
فقالت ليلي بنفس الهدوء الذي لازمها حين كشفت عن وجودها:
" كان من الخير أن أظهر في هذه المناسبة بالذات."الأميرة شوق
قالت شتيلا متهكمة:
" أتقصدين... أعذر من أنذر؟"
" نعم... كان من المحتمل أن تنجحي لو أنني لم أعرف أنك التي سببت المتاعب... ما الذي قلته لرويز حتى جعلته يرحل الى كاراسترانو فجأة على هذا النحو؟"
قالت ستيلا هازئة:
" الا تفضلي عدم المعرفة؟"
فأبتسمت ليلي ابتسامة واهنة وقالت:
" أحسب أنه كان من الافراط في السذاجة ان تخبريني من تلقاء نفسك. لكن قد يكون بوسعي أن أعرف من رويز نفسه."
وأمسكت وتوقفت لحظة وقد زمت شفتيها في قسوة غير طبيعية ثم أردفت:
" أنني أعني ما قلت ستيلا.. لن ادعك تفسدين زواجي!"الأميرة شوق
كانت جادة فعلا فقد تولد الزم كاملا ووطيدا بمجرد ان تبينت حقيقة ستيلا وفهمت أخيرا مدى خطأ أسرة ديرموت في اعتزازها بالابنة الجميلة.. النجمة الداكنة كما كانوا يسمونها.. النجمة الداكنة! لقد انجلى للوصف معنى جديد ينطوي على شؤم. ما أعجب أن العرافة العجوز كانت على صواب! ولكن اعذر من أنذر حقا كما قالت ستيلا. ولقد عقدت ليلي العزم على النضال من أجل زواجها مستخدمة كل سلاح يتيسر لها ودون ما مخاوف أو تردد يذكر.

* * *

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:44
ومن خلال فهمها الجديد لستيلا أيقنت ليلي بانها ما كانت مستعدة البتة للموافقة على طلاق لو أن أختها استغلت فتنتها وجمالها فجعلت رويز يهيم بها. فما كان بوسع ستيلا قط أن تسعده. ولكنها كانت مستعدة لتحمل نفوره وكراهيته والتردي في الشقاء والتعاسة ولكنها لن تسمح له بالتعرض لتبدد الوهم مرة آخرى اذ أن أي رجل يحب ستيلا يعرفها في النهاية على حقيقتها. على أن الوقت لم يكن قد اتسع لتحدث ستيلا ضررا جسيما.الأميرة شوق
أدركت من خلال فهمها الجديد لأختها - ان ستيلا ما كانت قادرة على أن تحب رجل. واذا حاولت ان تنتزع منها رويز وقد بدا أنها شرعت في المحاولة فعلا - فما كان الا رغبة في ماله ومكانته بالاضافة الى جاذبيته كرجل. واذ كان الصراع على هذا المستوى فلليلي الحق كل الحق في أن تحمي زواجها والرجل الذي أحبته. ولو أن ستيلا كانت امرأة أخرى امرأة من طراز مختلف تماما فقد كان من المحتمل ألا يكون قرارها قاطعا أما مستوى الصراع فانه يقوم على الجاذبية الانثويةوهي ناحية كان بوسع الزوجة ان تمنح رويز اياها فان النضال كان من حقها اذ انها الى جانب ذلك كانت تحبه وكانت على أستعداد لأن تفعل كل ما وسعها لأسعاده... بينما ستيلا لم تكن تفكر الا في نفسها!
وأذا كان على ليلي ان تحارب ستيلا فلتحاربها على مستواها اذا دعت الضرورة... انها كانت توفر السعادة لرويز ولهذا السبب وحده كان من حقها ان تحارب للذود عنه... أن تحارب لتستمر السعادة التي وفرتها له.الأميرة شوق
وقطع عليها أفكارها صوت ستيلا وهي تقول:
" وبعد؟ أحسبك ستطلبين أن أعد حقائبي واغادر الدار؟"
فقالت ليلي محتفظة بهدوء صوتها:
" أظن أن هذا واضح!"
ضحكت ستيلا في سخرية وقالت:
" وماذا ستقولين لرويز؟ أنك تظنين أن أختك تحاول سلبك زوجك الغني؟"
فقالت ليلي:
" ليس لأمواله قيمة لدي."
وعادت ستيلا تضحك ولكن السخرية شابها شيء من الأزدراء وقالت:
" أنني أكاد أصدقك... أنك من الغبيات اللائي يتدلهن في حب رجل دون ان يحفلن بأمواله."
وسارت الى الباب ثم وقفت لتقول:الأميرة شوق
" يحسن بك أن تعودي نفسك على الرضا ببروس لأنني اعتزم ان أفوز برويز."
فردت ليلي دون أن ترفع صوتها محتفظة بهدوئها:
" وأنا أعتزم ألا أمكنك من تحطيم زواجي."
قالت ستيلا في غرور غطرسة :
" تظنين أن في وسعك أن تنازليني؟"
" سأحاول. أنك لا تملكين سوى الجاذبية. ولو دعت الضرورة فسأنازلك في مجالك. أنني لست بشعة. وزواجي من رويز عرفني بهذا."
قالت ستيلا هازئة:
" أذن اتمنى لك حظا" ولوحت بيدها ثم خرجت.
وقفت ليلي حيث كانت وبدأت تشعر بالبرودة. كانت خائفة بالرغم مما قالت فان ستيلا كانت جميلة وما كانت تتورع في شيء... ومهما يكن فان رويز كان رجلا وله عواطف مشبوهة... وتذكرت ما قاله رويز يوما:
" أننا معشر ابناء المكسيك أوتينا دما أسبانيا وقد نكون كما تزعم الدنيا أسهل من سوانا أستثارة في الناحية الحسية وفي هذه الناحية سيتركز مجهود ستيلا بطبيعة الحال!الأميرة شوق

* * *

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:46
هتف بروس لـ ليلي بعد انصراف اختها بصوت خافت:
" ما كنت أحسبك أوتيت هذه الجرأة يا ليلي وأمسك رسغيها فجأة وهو يقول:
" ولكنك لا يمكنك ان تفوزي... وضد ستيلا بالذات!"
فقالت بهدوء:
" بوسعي أن أحاول."
شد قبضته على معصميها وقربها اليه قائلا:
" الامر لا يستحق المحاولة. لندعها تحظى به. كنا سعيدين يوما وبوسعنا أن نسعد من جديد."
فدفعته بحركة لا أرادية قائلة:
" لقد انتهى هذا وعفا عليه الزمن."
قال: " لا داع. ستيلا لا تتورع عن شيء" ومضى في حديثه: أنها ستهتدي الى طريقة كي تفوز في النهاية... لو جئت معي الآن فستعفين نفسك من كثير من الشقاء."
" لن أدعها تفوز. سأهتدي الى طريقة كي أمنعها. لابد من ذلك... فأا أحب رويز... وهي ستشقيه لو فازت."
واكفهر وجهه فجأة وأصبحت قبضته مؤلمة وبحركة سريعة ضمها اليه وقد أثاره عدم أكتراثهاا فجأة. وتمتم وهي تناضله:
" ليس ممكنا أن تحبنيه. أنك تحبينني. أنك لم تتزوجيه الا بسبب ستيلا كما قلت... وسأبرهن لك على ذلك."الأميرة شوق
وزاد من هياجه ان حاولت التملص منه. ولكنه كان أقوى من مقاومتها... واذ كانت قد احتاطت الى ما يثبت مدى شفائها من افتتانها به فقد وجدت اثبات في هذه اللحظة. وشعرت بأن قبلته تثير اشمئزازها فعلا!
في تلك الاثناء كانت ستيلا تقف في البهو... أذ فتح الباب الامامي فجأة ودخل زوج أختها الطويل الاسمر. وأومأ لها برأسه ايماءة خفيفة وارتسمت على شفتيها الابتسامة الخادعة الساحرة. ولما أغلق الباب وقتدم في البهو تحركت بسرعة متظاهرة بأنها تود أن تعوقه عن الحجرة التي خرجت منها. وقالت:
" أرجو ألا تدخل."
فضاقت حدقتاه وهو ينظر اليها وسألها في حدة وأقتضاب:
" لماذا؟"
" لأن بروس هناك... مع ليلي."
وفي هذه المرة اتجه رويز الى الحجرة بحدة دون ارادة منه تقريبا... فأمسكت بذراعه قائلة:
" أرجوك... يجب ألا تغضب. لقد أخبرتك قبل رحيلك..."
وكان قد وقف وقالت بعد لحظة صمت:
" هل فكرت فيما قلت؟"
وواجهها ودفع يدها عن ذراعه فجأة وكأنها قبضة سامة وقال:
" نعم. ولكن عليك أن تدعي حياة زوجتي وحياتي ندبرها معا. وهناك أمرأخر... أرجو أن تلتمسي عذرا لمغادرة بيتي. أن كرم الضيافة تقليد اسباني ولكني مضطر لأن أخرقه الآن. أنني لا أود أن أقول لزوجتي أنأختها غشاشة كاذبة لا قلب لها اطلاقا تحاول أن تفسد حياتها كما حاولت مرة -من قبل - في انكلترا لمجرد اللهو التسلية."
فهمت بالكلام ولكنه أسكتها وأستأنف حديثه:
" أظنك تفهمين... وهناك أمرآخر. هذا ال بروس.. لا أدري أذا كنتما دبرتما هذا بينكما ولكني أود أن تفهمي كذلك أنني لن أسمح. لزوجتي بالعودة اليه مهما تكن الظروف سألتني ان أفكر فيما قلته لي ولقد فكرت... أنني لا أصدق انها تحبه ولن أدعها - على أية حال - ترحل مع رجل تركها يوما من أجل امرأة مثلك. والآن اتسمحين باتخاذ الاستعدادات لمغادرة الدار؟"

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:49
وأحنى رأسه في تحية موجزة ودخل الغرفة... ووقفت ستيلا لحظة حائرة مرتبكة ثم أضلم وجهها وئيدا بالغيظ والقهر... وتحولت مسرعة تصعد درجات السلم.

* * *
اغلق رويز الباب ووقف لحظه ووجهه الاسمر لا ينم عن شيء... ما كان ليدخل في لحظة أسوأ من تلك ومع ان ستيلا أدركت أنها قد خسرت المعركة قبل أن تبدأ فانها كانت تشعر بارتياح خبيث لو قدر لها ان تشهد هذه اللحظة.. فمع دخول رويز كان بروس يقبل ليلي! على ان ارتياح ستيلا ما كان ليدوم طويلا لأن الواضح أن ليلي كانت مكرهة غير راغبة وما ان تمكنت من تخليص احدى يديها حتى وجهت لكمة لمعدة بروس وهي مهتاجة... وانحنى بروس وهو يشهق ألما واذ بصوت رويز ينبعث في اعجاب واضح:
" أنك تخالفين كل توقع ياعزيزتي. فالمعتاد ان تواجهي اللكمة الى الأذنين!"
وأستدارا... كان وجه ليلي شاحبا وبدا بروس مرتبكا محرجت متوجسا في آن واحد. وانحنى رويز في تحية مقتضبة وقال في هدوء:
" لا أعتقد أننا تقابلنا من قبل ولكني لا أجد داعيا للتعارف."الأميرة شوق
" أنني .. بوسعي أن أوضح."
" أتعني أنك كنت تتهيأ للانصراف؟ من المؤسف أن يكون تعارفنا قصيرا الى هذا الحد ولكنا نقدر رغبتك في الرحيل على الفور."
وشهق بروس وغادر الغرفة وهو يكاد يجري. وتابعه رويز وعلى وجهه الاسمر الجميل لمسة من السرور, وقال متفكها:
" أنني كواحد من آل آلدوريت أعتبر نفسي شديد السيطرة على أعصابي. ولعل هذا ورثته عن الجانب الانكليزي في دمائي!"
همت ليلي بالتقدم اليه باسطة احدى يديها ثم توقفت لا تدري كيف تتصرف... فبعد السوء الذي أحدثته ستيلا كيف يتسنى لها إيضاح ما حدث... دخوله الحجرة ليرى رجل يقبل زوجته... والأنكى ان الرجل كان خطيبها السابق!
ابتسم رويز فجأة تلك الابتسامة الوضاءة "هل كان يظن انني ادعك ترحلين معه؟"
فتشبثت بذراعه وهتفت:
" أنني لا أريد الرحيل معه. يجب أن تصدقني. أنني لا أدري ما قالته لك ستيلا ولكنه أكاذيب!"
" أنني أصدقك ولكني لا أظن أنني كنت مستعدا لأن أتركك ترحلين ولو كنت راغبة في ذلك!"
وشعرت ليلي بهزة سعادة جديدة تسري في كيانها... بعد أن بدأت ستيلا ودسها الخبيث يتلاشيان.
وتساءلت لماذا؟ ولكن الغريزة وشهور السعادة التي قضياها معا سبقتاه الى الاجابة وهو يقول:
" لأن الرجل لا يفرط في المرأة التي أحبها دون نضال. وفي اللحظة التالية كانت بين ذراعيه وقبلاتهما المتبادلة تعبر عن الحب الكامل وعن ثقة كل منهما بالآخر وأدركت ليلي اذ ذاك انه لم يكن ثمة شيء من ستيلا في الواقع لأن شهور المعاشرة ولدت بينهما شيئا لا يمكن تدميره أبدا!
أبعدها رويز ونظر الى وجهها بعينيه السوداوين الدافئتين كما يفعل أي رجل حين يريد معرفة متى رفعته حبيته الى مقام كل الرجال... وابتسمت ليلي قائلة:
" لقد حدث ذلك منذ زمن بعيد ولكني لا أحسبني ادركت عن بينة ما كان يعتريني الا حين سألتني أن أهبك وريثا لكاراسترانو فأدركت أن كل ما قلته لك بصدد تحاليلك على شروط الوصية أنما صدر في الواقع عن رغبة في عقلي الباطن في أن يكون زواجنا حقيقيا. كنت أخدع نفسي بكل حديثي عن كاراسترانو...."الأميرة شوق
فضحك بلطف ضحكة الرضا الكامل وقال:
" أحسبني بدوري كنت أخدع نفسي. ومع ذلك فلا بد أنني كنت أريدك دائما زوجة الى نهاية العمر!"
" لكنك كنت تقول اذ ذاك أنك لا تؤمن بالحب؟"
" كنت أحمق. فالرجل الذي لا يحب لا يكون مكتمل الحياة!"
" وكذلك أية أمرأة."
" أذن فنحن متفقان على أننا مكتملا الحياة!"
وأبتسمت عيناه السوداوين ثم اختفت الابتسامة فجأة وبدا جادا وهو يقول:
" لقد ذكرت أختك منذ لحظة... أهناك ما تبغيه أن تقوليه عنها؟"
فغضت ليلي بصرها وقالت:
" كلا... ليس الآن." ذلك أن ستيلا لم تعد في وضع يتيح لها أثارة المتاعب فما من حاجة لأن يعرف رويز حقيقة أختها ومدى ما سمعته هي نفسها عفوا. وأمسك بذقنها ورفع وجهها وراح يتفرس لحظة في محياها ثم هز رأسه. وقال:
" أظنك عرفت أخيرا حقيقتها!"

الأميرة شوق
23-08-2008, 21:57
فانفرجت شفتاها دهشة وهتفت:
" أكنت تعرف يا رويز؟"
" عرفت من البداية. ولا أظن أنك تنزعجين ان تعرفي أنني سألتها أن ترحل!"
فضحكت ليلي قائلة:
" سألتها أن ترحل؟ أنني أمرتها بذلك قبل أن تفعل!"
فبتسم قائلا:
" ما أطيب أن نتشابه في تفكيرنا!"
" تشابه؟"
كانت ليلي مستعدة لأن تنازل ستيلا في المجال الذي أختارته والآن يبدو أن رويز عاد من كاراسترانو وقد عقد عزمه على ألا يدع زواجهما ينهار. وسألته:
" ولكن أذا كنت عرفت حقيقة ستيلا من البداية وأدركت أنها تحاول عن قصد أن توقع بنا سواءا فلماذا رحلت الى كاراسترانو على النحو الذي حدث؟ ألم يكن رحيلك بسبب شيء قالته؟"
" رحلت لأنني كنت أعرف أن في ما قالت قدرا كبيرا من الحقيقة وبالرغم من جهودها كي تلوي هذه الحقيقة لتناسب اغراضها."
وتوقف مقطبا جبينه قليلا ثم أستأنف الحديث:
" أنك عندما تزوجتني كنت تحبين ذلك ال.. بروس."
ونطق الاسم في ازدراء غاضب تحول إلى ابتسامة اذا رفعت يدها تخفف عنه فأمسك اليد وطبع على كفها قبلة وهو يتابع الحديث:
" ولقد أقنعتك بأن نجعل زواجنا حقيقيا وبدا لي أنك سعيدة ولكن أختك ما لبثت أن جاءت وأخبرتني بأنك مازلت تحبين بروس و بأنه كان يعلم أن زواجنا زواج عمل - أو هكذا كان - وبأنه جاء الى المكسيك ليحاول أن يستردك ولكنك صددته بسبب ولاء نحوي نشأ عن اعتقاد خاطئ. وبدا ان في هذا قدرا من الحقيقة. واكتشفت - في تلك الحظة - كم كنت قد خدعت نفسي. لم يكن ما بيننا مجرد تكافؤ عقلي وقدر معين من الجاذبية الجسدية بل أنني كنت أحبك..."وفوجئت بفكرة احتمال ان اضطر الى التخلي عنك. كنت تبدين سعيدة معي ولكنني لم أكن أعرف ما اذا كنت - تحت هذا التظاهر- تحنين الى ذلك الرجل في انكلترا. لهذا عدت الى كاراسترانو لأحاول أن أصل الى قرار. ولكني لم أكن بحاجة الى أن أبحث عن الحقيقة في كاراسترانو...الأميرة شوق كانت الحقيقة تحيط بي هناك... ذكريات سعادتنا فأدركت أننا كنا نسعد بهذا القدر ما لم نكن متحابين."
" كانت ليلة واحدة هناك كفيلة بأن تخبرني بالحقيقة. لعلك لم تتبيني هذا ولكني موقن منه لهذا عدت معتزما أن أرفض التفريط بك حتى لو سألتني أن أحلك من زواجنا! كنت على يقين بحيث أنني كنت على أستعداد لأن أواجه الشقاء الى فترة... الى أن تتبيني أنك انما تنعمين لي وأن الآخر كان مجرد بقايا راسبة من تعود قديم... تعود الظن بأنك تحبينه!"
ضحكت ليلي وقالت:
" تعود! كحذاء قديم نسيت أن ترميه ما كان أشد أسى بروس لو أنه سمع هذا الوصف." ومضت تقول:
" ما شعرت الا بتوتر عصبي من الضيافة التي أحدثها... ثم بالخوف حين تبينت ما كانت عليه ستيلا حقا وما كانت تحاول أن تفعله."
وتوقفت لحظة وهي تهز رأسها في عجب ثم أردفت:
" أليس غريبا أن تساورنا معا فكرة واحدة؟ أنك كنت مستعدا لاحتمال كراهيتي اياك لفترة ولكنك كنت ترفض ان تدعني أعود لبروس... كذلك كان شعوري أنا أزاء ستيلا!"
قال بهدوء:
" ليس غريبا في الواقع. فكل منا يعرف أنه مرتبط بالآخر ويؤمن بهذا كل الايمان بحيث أنه على أستعداد لاحتمال أي شيء أخر. لعل قدومها الى هنا كان ضروريا حتى نعلم مدى قيمة كل منا للآخر!"
وشدها الى أحضانه ثانية ومضى يقول:
" والآن... لننس كل شيء عنها. فلن تلبث أن ترحل عن الدار بعد قليل وسنعود الى كاراسترانو معا."
العودة الى كاراسترانو ! الى السعادة الكاملة والدائمة! وابتسمت ليلي له مدركة أن زواجها الذي بدأ على ذلك النحو الغريب واجتازا بحارا غريبة قد بلغ أخيرا المرفأ الذي ينشده كل أمرئ.
وغربت... النجمة الداكنة من سماء حياتهما!




تــ الأميرة ـمـ شوق ـت

الأميرة شوق
23-08-2008, 22:01
أتمنى لكم قراء ممتعة
وسامحوني على التأخير
ولاحد يدعي علي

بحر الامان
23-08-2008, 22:01
آآآآآآآآه ياشوق


حبيبتي انتي


راااااااااااااااااااااااااائعه فعلا


تسلمين ياحلى اميره بالدنيا كلها

الأميرة شوق
23-08-2008, 22:05
آآآآآآآآه ياشوق


حبيبتي انتي


راااااااااااااااااااااااااائعه فعلا


تسلمين ياحلى اميره بالدنيا كلها


أوه
بحر الاماان عزيزتي
وجودك وأنتظارك لما أخلص التنزيل أروع
الله يسلمك ويخليك
أخيرا ريحتك وأرتحت
سامحيني خليتك على أعصابك


تحياتي....

بحر الامان
23-08-2008, 22:08
المهم خلصت

الله يعطيك العافيه

واسفين على الازعاج







بحوره

رواااان
24-08-2008, 01:44
واااااااااااااااااو وأخيـــــــــــــرا ..:مرتبك:
:مرتبك:
شكــــرا شـــــــوق ألف شكر على اكمالك الرواية رغم ظروفك ..::سعادة::::سعادة::

تسلمي حبيبتي الرواية جدا روعـــــــــــــة ..::جيد::

ريماالفلا
24-08-2008, 08:10
تسلمى ياحبيبتى على هذه الروايه الجميلة
لقد قراتها من فترة ولكن لروعتها قراتها مرة ثانيه
شكرا جزيلا لك على هذا المجهود

ماري-أنطوانيت
24-08-2008, 08:25
http://www.almlf.com/get-8-2008-v2q9wufl.gif (http://www.almlf.com)

مشكووووووووووووووووره يا امريتنا الحلوه....

تسلم أناملك الــي تعبت في الكتابه

ورده قايين
24-08-2008, 09:26
تسلمين يا اميرة على اختيارك الرائع وتسلم اناملك الي كتبت الرواية

عروس الظل
24-08-2008, 14:04
الله يديك العافيه وتسلم ايدكوراح ننتظرالروايه التانيه بشوق وكل عام وانتو بخير بقدوم رمضان يااحلى صبايا

زهر نوار
24-08-2008, 16:37
السلام عليكم

تسلم أناملك (أميرتـــــــــــنا) ويسلم تعبك ياللي تعبتي فيه

انا ما قريتها بعد لكن عن جد مبين انها روعه..

وايت إنجل
25-08-2008, 12:46
ثانكس على الرواية الروعة أميرة

ماري-أنطوانيت
25-08-2008, 15:34
السلااااااااااااااااام عليكم يا احلى واغلى العضوات


كــــــــــــــــــل عـــــــــــــــــام وانتــــــــــــــــــــم بــــــــــــــــخير


ورمضان كريم لكل الحبيبات...

http://www.almlf.com/get-8-2008-eipqpy08.gif (http://www.almlf.com)

*~*~ عاطفة من ورق ~*~*~
- آن ميثر -
(روايات عبير)



الملخص:


من يستطيع الجزم بأنه لن يقع في الحب مرة ثانية وثالثه.


بعضنا يردد في يأس مؤكداً موت قلبه بعد فشل حبه الأول....


وبعضنا الاخر يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن عواطفه انكسرت الى الأبد ولا


أمل من عودة قلبه الى الخفقان...


لقد انتهيت...هكذا يصرخ العاشق ممزقا بآلام الخيبه, مرتمياً بحزن في


احضان التفاصيل الصغيره.


ولكن...من منا يعرف متى تهب نسمة فتزيل الضباب المتراكم فوق سهول القلب؟


ربيكا جرحها الحب الأول من رأسها حتى أخمص قدميها.
شلتها الصدمه, وشردتها رياح الغربه لتعمل ممرضة في الفيللا التي تخص أديل سانتا كلير


على شاطئ المحيط الهادئ, حيث التقت بيير واحبته, ولكن ابنه بول احبها


وطلبها للزواج. أما أديل فكانت تحيك الأفكار الانتقامية المدمره...


لمن تستسلم ربيكا... للحب ام للحقد ام للزواج؟




الف شكر عزيزتي ((آن همبسون)) لأختيارك الرائع للروايه

http://www.almlf.com/get-8-2008-eipqpy08.gif (http://www.almlf.com)

مجنونة انجل
25-08-2008, 22:29
الله يعطيك العافيه

يا بعدهم



شكرااااا

الأميرة شوق
26-08-2008, 22:50
بحر الامان
رواااان
ريماالفلا
ماري-أنطوانيت
ورده قايين
عروس الظل
زهر نوار
وايت انجل
مجنونة انجل


العفو ياحلوين
وربي يعافيكم ويسلمكم
رواية الزواج الأبيض
كتبة لعيونكم
ولطلب كثير من العضوات المشرفين للموضوع

تحياتي...

قيد الوافي
26-08-2008, 22:59
مرحبــــــــــــا ياجماعه ........ويعطيكم الف عافيه على المجهود الرائــع وخاصة ماري انطوانيت وللأ مــام ومزيد من الابـــــداااااااااااع المذهل....

وبالتــــــــوفيق

فرعون مصر الاول
26-08-2008, 23:18
مشكوووووووووووووووور علي جهدك الكبير انا اعرف انك انتي فعلتي مجهود كبير جدا ومشكوووووووووور يا عسل

Sypha
27-08-2008, 00:14
::سعادة::!!

راااائـــــــــع

شكرا آن همبسون..

الروايه هذه من الروايات اللي أبحث عنها

وكانت روابطها معطله للآسف T^T

لذا أنا بإنتظــــــار الروايه بفارغ الصبر

في آمــــان الله}~

Sypha
27-08-2008, 00:17
صحــــيــح ..:eek:


شكرا جزيلاً عزيزتي الأميره شوق


رغم أنني لم أقرأها بسبب إنشغالي لكن أنا


متأكده أنها أكثر من رائـــعه ..ويكفي جهدك المبذول::سعادة::


جزاك الله خير ا


وكـــ ـ ـ ــــل عــــ ـ ــآم وأنتــــم بخيــ ـ ـ ـــر ~


في آمـــان الله}~

آن همبسون
27-08-2008, 01:04
الاميرة شوووق

تسلمين على الروااية ,, والله من زمان اشوف العنوان ونفسي احصلهــا

الله يعطيك العافية حبوبه :)






مـــاري انطوانيت ... لميس


العفــــــوو وان شـــــــاء الله البنـــات يستمتعووون في قراءتها بعد ماتنزل





وكــــــل عـــــــام والجميــــــــــع بخيــــــــــر

مجنونة انجل
27-08-2008, 04:47
كل عام وانتوا بخير .. بمناسبه رمضان



واحب اقول اني اقدر كل جهد تبذلونه




فا شكراا لكم




اختكم مجنونة انجل::جيد::

عذاَري
27-08-2008, 09:06
الزروآج الأبيض

من كثر مآهي روعـــــه تمنيت انهأإ ماتخلص

تسلميــن أختيٍ شـوْق

لآعدمناآك

رواااان
27-08-2008, 22:43
.. ::سعادة::كل عــــام وانتـــم بخير بمناسبة حلول شهر رمضــــان الكريم::سعادة:: ..

ماري-أنطوانيت
28-08-2008, 12:47
مرحبــــــــــــا ياجماعه ........ويعطيكم الف عافيه على المجهود الرائــع وخاصة ماري انطوانيت وللأ مــام ومزيد من الابـــــداااااااااااع المذهل....

وبالتــــــــوفيق
هلا وغلا عزيزتي ((قيد الوفاء))
تسلمين قلبي على كلامك الرائع...::سعادة::
والله مجهودي ما يسوى شي من غير مساعده كل الصديقات العزيزات:رامبو:


مشكوووووووووووووووور علي جهدك الكبير انا اعرف انك انتي فعلتي مجهود كبير جدا ومشكوووووووووور يا عسل
الف شكر اخوي...
الشكر الاكبر للعزيزات الي ساهموا بنجاح المشروع;)



كل عام وانتوا بخير .. بمناسبه رمضان



واحب اقول اني اقدر كل جهد تبذلونه




فا شكراا لكم




اختكم مجنونة انجل::جيد::
هلاااااااااااا وغلااااااااااااا ((مجنونه انجل))
تسلمين قلبي على كلامك الحلو...
واسعدتنا ردودك في المشروع

الأميرة شوق
29-08-2008, 01:17
صحــــيــح ..


شكرا جزيلاً عزيزتي الأميره شوق


رغم أنني لم أقرأها بسبب إنشغالي لكن أنا


متأكده أنها أكثر من رائـــعه ..ويكفي جهدك المبذول


جزاك الله خير ا


وكـــ ـ ـ ــــل عــــ ـ ــآم وأنتــــم بخيــ ـ ـ ـــر ~


في آمـــان الله}~



العفو عزيزتي
أتمنى لك قراءة ممتعة
وأنت بخير



الاميرة شوووق

تسلمين على الروااية ,, والله من زمان اشوف العنوان ونفسي احصلهــا

الله يعطيك العافية حبوبه

الله يسلمك
ويعافيك



الزروآج الأبيض

من كثر مآهي روعـــــه تمنيت انهأإ ماتخلص

تسلميــن أختيٍ شـوْق

لآعدمناآك


مرورك أروع
والله يسلمك

آن همبسون
29-08-2008, 02:04
*~*~ عاطفة من ورق ~*~*~

- آن ميثر -
(روايات عبير)




الفصـــل الأول ...

1 – حطام امرأة

أسدل الغسق عباءته على الجزيرة . وهبت نسمة باردة فتوارى قرص الشمس وراء الأشجار المحيطة بالفيللا . وراحت أصابع النسمات تخفف من الحرارة التي لفحت جبين ربيكا . وهي تغادر غرفة مريضتها وتتنفس الصعداء مقفلة الباب وراءها . تاقت في تلك اللحظة للاستمتاع بحمام . الوقت أصبح ملكاً لها بعد أن أخلدت مريضتها آديل إلى النوم . وعندما بلغت غرفتها , تخلصت من زي التمريض , وألقت بجسمها في المياه الباردة .
وفجأة توقفت عن مواصلة الاستحمام شعرت بضيق لما يحدث , فالخدم في إجازة هذه الليلة ... وهي وحدها في الفيللا مع آديل التي استغرقت في النوم الآن . ما أثار ضيقها الرنين المتواصل لجرس الباب ! تنهدت في يأس وراودها الأمل في انصراف الزائر عندما يكتشف أن الأنوار غير مضاءة . ولم تستطع أن تتخيل من يكون ... فإن آديل تعرف القليل من الأصدقاء وليست هذه الليلة التي يأتي فيها الطبيب عادة . عندما رن الجرس مرة ثانية أسرعت بإرتداء ثيابها . وكان شعرها مشعثاً وهي تغادر الحمام نافدة الصبر . وعندما بلغت الباب الأمامي , وفتحته قليلاً . وفي الضوء الخافت , رأت رجلاً طويلاً يقف في الخارج فتمتمت تسأله : " ماذا تريد ؟ "
ولكنه لدهشتها دفع الباب برقة وحزم واضح , ثم دخل حتى وقف في الصالة فلم تملك إلا أن تصيح به في غضب :
"انتظر قليلاً من فضلك " .
" عفواً يا آنسة ظننتك خادمة آديل . أقدم لك اعتذاري لإزعاجك ".
فحاولت ربيكا السيطرة على الدماء الحارة التي سرت في أوصالها عندما تبينت أنها ترتدي ثوباً خفيفاً يكشف عن جسمها . وأن الرجل يحملق فيها بعينيه السوداوين . ولكنها وجدت فيه شخصاً جذاباً لم يسبق لها أن التقت بمثله من قبل وعندما أفاقت لنفسها . أخبرته قائلة :
" آنسة سانت كلاود أخلدت للنوم . وأنا ... أنا ممرضتها " .
" آه ... كان خيراً لي أن أدرك ذلك . ولكن ماذا كنت افعل إزاء تأخر طائرتي في أي حال لن أزعجها الآن . هل لك أن تخبريها بأنني جئت للسؤال عنها ؟ "
" أقول لها من الذي سأل عنها , يا سيدي ؟ "
فقط أخبريها بأن سانت كلير جاء يسأل عنها . وستعرف من هو وأنت يا آنسه ما أسمك ؟"
" الممرضة ليندسي " .
" هل التحقت بالعمل هنا من فترة طويلة ؟"
أجابت ربيكا وهي تتمنى أن يرحل عنها سريعاً :
" منذ عامين يا سيدي " .
" سنتين . إنها فترة طويلة يا آنسة أظن أن شقيقة زوجتي مريضة . ومن الصعب التفاهم معها . هنا في فيجي ممل ألا تشعرين بالوحدة , أم أن لديك أصدقاء " .
وشعرت رغبة بالاحتجاج على ما وراء سؤاله من معان ولما كانت لا تعرف تماماً مدى علاقته بآديل اضطرت لمعاملته بأدب . لذلك قالت له :
" أنا ... أنا سعيدة تماماً هنا , وشكراً لك يا سيدي " .
أخشى أن أكون سببت لك ضيقاً يا آنسه ولكن يجب ألا يعزى فضولي إلا خشونة في مسلكي . إنني أعتذر لك ثانية " .
قالت ربيكا وهي ترتجف : " ليس ضرورياً يا سيدي " .
" أنت ترتجفين من البرد يا آنسة . من الأفضل أذن أن أؤجل فضولي إلى يوم آخر .. وداعاً ! ".
توردت وجنتاها , كان من الممكن أن تخبره بأنها لا ترتجف من البرد وأن ثمة مشاعر مختلفة أشاعت الرجفة في أوصالها . ولكنها لم تتفوه بشيء , وبعد قليل انصرف وعلى شفتيه ابتسامة شاحبة .
انتظرت ربيكا حتى ابتعد قليلاً , فأغلقت الباب وراءه , وسمعت محرك السيارة يدور . ولم تمض لحظات حتى كان صوت المحرك يتلاشى شيئاً فشيئاً كلما ابتعدت السيارة عن البيت ... وأخيراً شعرت بالارتياح وغن كانت ساقاها لم تقويا على حملها أثناء عودتها إلى غرفة نومها .
كانت آديل سانت كلاود . سيدة في أواخر الثلاثينات . ولكن منظرها يبدو للعيان أكبر من حقيقة عمرها ولدت وهي تشكو من ألم في القلب أعجزها عن مواجهة الحياة . وامتد عجزها إلى تفكيرها . وغادرت بريطانيا منذ عشر سنوات مضت بحثاً عن الجو الدافئ الذي يتميز به جنوب المحيط الهادئ . واصطحبت معها خادماً عجوزاً كانت تقوم بخدمتها وتمريضها . وكانت أسرة آديل من أصحاب مصانع الملابس ومشهود لهم بالثراء . وينتسبون إلى سلالة فرنسية . ويقيمون في مقاطعة سمرست . ولم تفكر يوماً في السؤال عن أي دخل تستحقه . وربما يكون ضعفها هو الملوم في عدم سؤالها . وربما يكون السبب موقفها من شقيقاتها وفي أية حال . فإنها لم تضيع الوقت في أن تستأنف حياة جديدة في فيجي عقب وفاة والدها . ولسوء الحظ ماتت ممرضتها العجوز بعد ثماني سنوات ... فاضطرت إلى الإعلان عن طلب ممرضة بدلاً منها . وجاءت ربيكا لتمريضها والآن . عندما تقلب الأمر فإنها لتتساءل كيف واتتها الشجاعة في أن تقطع هذه المسافة الطويلة وحدها . إذا لم تكن ترغب في الهروب من موقف غير سعيد ! .
وفي اليوم التالي لزيارة الغريب توجهت ربيكا في الصباح الباكر لتمارس رياضة السباحة ... وكانت تفضل هذا الوقت من اليوم فتلقي بجسمها في أحضان المياه المتلاطمة حتى تستطيع مجابهة مطالب السيدة العليلة التعسة . وكانت ترتدي ثوب البحر الذي يكشف عن بشرتها التي لوحتها أشعة الشمس ... وشبابها ونضارتها ولم يراودها الخوف من فضول الناس ... لأن الشاطئ كان خاصاً بالفيللا ولما كانت آديل لا تستفيد منه لعجزها فإن ربيكا كانت تعتبره شاطئها الخاص .
وعندما عادت إلى الفيللا . تناولت طعام الإفطار مع روزا مدبرة البيت وهي من أهالي فيجي . ثم أعدت صينية الإفطار لآديل . وحملتها إليها فوجدتها مستيقظة إلى وسائد حريرية . وبدا الشحوب والإعياء على وجهها وأشفقت ربيكا لمنظرها بالرغم من معرفتها بان آديل لا تقدر هذه المشاعر حق قدرها .
قالت ربيكا وهي تضع الصينية فوق ركبتي آديل :
" صباح الخير آنسة سانت كلاود . هل نعمت بليلة هادئة ؟ "
فنظرت إلى ممرضتها نظرة ازدراء وهي تقول :
" لا .. كانت ليلة سيئة الحبوب التي وصفها دكتور مانسون لم تكن بالجودة التي كانت عليها الحبوب السابقة . تقلبت في الفراش وقتاً طويلاً قبل أن أستغرق في النوم " .
" تقولي أنك تقلبت في الفراش وقتاً طويلاً ! إنك لتثيرين دهشتي . لقد ظننت أنك استغرقت في النوم سريعاً .إذن سمعت الجرس وهو يدق . أليس كذلك ؟ "
" جرس ! أي جرس ؟ جرس التلفون ؟ "
" أقصد جرس الباب " .
" هل جاءنا زائر ليلة أمس ؟ ".
" نعم بعد أن أويت إلى الفراش " .
" لابد أن إفاءة قد داهمتني لحظة رن الجرس . أخبريني من كان الزائر ؟ هل هو الدكتور مانسن ؟ أو بلاكويل المسن ؟ "
" ليس واحد منهما . وإنما هو رجل اسمه السيد سانت كلير هل يعني هذا الاسم شيئاً بالنسبة لك ؟ "
" بيير سانت كلير ؟ "
" لم يخبرني باسمه الأول يا آنسة سانت كلاود ! "
وفجأة أدركت ربيكا التشابه في لقب الأسرة وتنهدت آديل وهزت رأسها ثم قالت :
" إنه بيير أعرف أن عمله يغطي العالم كله . ولا عجب أن يكون لديه عمل هنا في سوفا . لماذا لم تخبريني بقدومه ؟ "
" أنت تعرفين أن تعليمات دكتور مانسون واضحة تماماً . يجب ألا يزعجك أحد ".
" كيف واتتك الجرأة على صرف صديق تكبد مشقة الحضور إلى هنا لرؤيتي ؟ "
" لم أصرفه ... انصرف برغبته عندما شعر بأن الوقت غير مناسب " .
تململت آديل في مكانها حتى كادت تطيح بالصينية وسألتها :
" هل قلت أنه سيعود ؟ "
" أجل ... على الأقل .... أظن ! "
توقفت عن مواصلة الحديث . وهي تتذكر جانباً من الحوار الذي دار بينها وبينه . ثم استطردت قائلة :
" أنني على يقين من انه سيعود ! "
" فتاة حمقاء ! ألا تفعلين شيئاً صحيحاً ؟ أليس لديك من الإدراك ما يجعلك تعرفين متى تسمحين للزائر بالدخول . ومتى تصرفينه ؟ ألم يساعدك ذكاؤك على أن تدركي بأن بيير سانت كلير ليس زائراً عادياً ؟ "
واجهت ربيكا غضب آديل في صمت . وأدركت أن المناقشة معها غير مجدية وبذلت جهدها في أن تسير الأمور وكأن شيئاً لم يحدث . وتقدمت نحوها وصبت فنجاناً من القهوة بدون أن تتفوه بكلمة ورشفت آديل رشفة من الفنجان ثم سألتها بنبرة هادئة :
" من كنت تضنين هذا الرجل يا ربيكا ؟ "
تنهدت ربيكا فقد كانت تأمل أن تضع حداً لموضوع بيير سانت كلير في الوقت الحاضر . ولكنها كانت تعرف طبيعة آديل . إذ تتعمد المبالغة في الموقف فردت :
" انه ... انه شخص جذاب "
" انه رجل واسع الثراء يا ربيكا يمتلك عدة شركات للإنشاءات في فرنسا واسبانيا"
ابتسمت ربيكا وقالت :
" أحقاً ما تقولين ؟ هل عزمت على مغادرة فراشك هذا الصباح ؟ هل أعد لك الحمام ؟ "
" بحق السماء كفي عن تصرفاتك المتعجلة يا ربيكا كل ماسألتك عنه هو رأيك في سانت كلير ؟ "
" إنني لم أتعرف عليه جيداً حتى أكون رأياً عنه "
" لا عليك يا ربيكا . لا أظن أنه تغير كثيراً طوال السنين . كان دائماً شيطاناً أنيقاً "
" لا شأن لي بجاذبية زوارك . هل من خدمة أخرى أقدمها لك الآن يا آنسه سانت كلاود ؟ "
وأزاحت الصينية بعيداً عنها ثم استطردت تقول بنبرة اختفت منها العصبية :
" بالطبع سأغادر الفراش هذا الصباح . ولابد أن أبدو في أجمل صوري . إنني واثقة بأن سانت كلير سيقوم بزيارتي مره ثانية " .





يتبع الفصل الاول

آن همبسون
29-08-2008, 02:06
تابع الفصل الأول ....



وبعد ساعة قادت ربيكا المقعد المتحرك الذي تجلس فيه آديل حتى بلغت الحديقة المحيطة بالفيللا . وعندئذ تناهى إلى سمعها صوت محرك سيارة . وتطلعت آديل إلى ممرضتها وتألقت عيناها وهي تقول :
" إنه سانت كلير أدفعي المقعد بسرعة إلى موقف السيارة " .
كان بيير يرتدي سروالاً رمادي اللون .... وقميصاً بنياً مفتوحاً عند عنقه وبدت على وجهه مسحة من الكبرياء .... وتبرمت ربيكا عندما شعرت بنبض قلبها يدق سريعاً . وتساءلت : لم هذا الاضطراب ؟ إنه ليس أول إنسان جذاب تلتقين به ...
ودبت الحيوية في أوصال آديل عندما اقتربتا منه وتشابكت أيديها وهي تصيح :
" بيير ! بيير سانت كلير ! بحق السماء . ما الذي أتى بك ؟ "
أطبق يديه القويتين على يديها النحيلتين . وقال لها بابتسامة دافئة :
" ألا تظنين أنك سبب كاف يدعوني للمجيء ؟ "
وتوقف عن الحديث وهو يتطلع إلى القوم النحيل الذي يقف ممشوقاً وراء المقعد المتحرك . ثم استطرد يقول :
" ألم تخبرك الممرضة لندسي بأنني جئت للسؤال عنك ليلة أمس ؟ "
" بالطبع أخبرتني ... وانزعجت لأنها لم تنبئني بوصولك في حينه ... الأطباء حمقى ... إن إيقاضي ولو لمرة واحدة . لن يؤذيني "
" عزيزتي .... يجب أن تطيعي أوامر الطبيب ... وإلا فإننا سنكون في غنى عن استشارتهم .... ألا توافقينني يا لندسي على رأيي ؟ "
أجابت ربيكا وأصابعها تتشبث بمقود المقعد المتحرك :
" طبعاً أوافقك " .
تطلعت آديل إليها نافدة الصبر . وقالت :
" من الطبيعي أن تقولي ذلك "
ثم حولت بصرها إلى بيير وأردفت قائلة :
" حقيقة .... ما الذي أتى بك إلى فيجي ؟ هل الأمور تسيير طبيعياً في الوطن ؟ "
" إنها تجري في مجراها الطبيعي "
وأخذ يجيل بصره باهتمام في الحديقة الشاسعة التي ازدهرت بأشعة الشمس , ثم قال :
" عن ما جاء بي هو المشروعات التي أزمع تنفيذها على طول الساحل في ياساواس . هناك مشروع لإقامة فنادق ... وقد جئت إلى هنا لعمل مسح شامل للمشروع ! "
سالت آديل :
" آه ... تنوي المكوث هنا فترة طويلة ؟ "
" أسبوعين ... وربما ثلاثة أسابيع . إنني أقيم هنا في سوفا . ولكنني أنوي الانتقال إلى لاتوكا " .
" هيا بنا نتوجه إلى المنزل . إن روزا ستقدم لنا القهوة بالطبع ستتناول طعام الغداء معنا " .
وتطلع بيير إلى ربيكا مرة أخرى . ولكنها تحاشت نظرته . فحول بصره إلى آديل وقال :
" أحب أن أتناول طعام الغداء "
وفي طريقهم صوب الفيللا أخذ مقود المقعد من ربيكا .... التي وجدت نفسها تسير إلى جواره وهو يتطلع فيها ثانية ويقول لها :
" إنه صباح جميل ... أليس كذلك يا آنسه ؟ "
حاولت ربيكا أن ترسم ظل ابتسامه على شفتيها . وهي تقول :
" جميل ... ولكن أغلب فترت الصباح في فيجي جميلة "
" ما يثير حيرتي أن فتاة مثلك ترضى بوظيفة من هذا النوع ... إنني أعتذر لك يا آديل ... ولكن من المعتاد أن تقبل سيدات متقدمات في العمر مهام التمريض أليس كذلك ؟ "
رأت ربيكا علامات الضيق تكسو وجه آديل وهي تصيح :
" بحق السماء ... لا تقل هذا يا بيير . إنك تثير في نفسها شعوراً بعدم الرضى وإني أؤكد لك أنها راضية بما تؤديه من خدمات . "
وفي ذلك الوقت أنتاب ربيكا ارتباك واضح ... ولكن بيير أضاف في سخريه :
" إنني متأكد أن لندسي لن تتأثر بما أقوله ... إنها تثير إعجابي بكونها فتاة راضية النفس " .
هدأت ثورة آديل ... وتطلعت إلى ربيكا وقالت في سخرية :
" وأنت ستتعرفين على بيير " .
فشعرت ربيكا أن موقفها يزداد سوءاً عن ذي قبل . وبدأت تشعر بالارتياح عندما بلغو المنحدر المؤدي إلى الفيللا .... وعندما وقفت ربيكا في الصالة قالت لها آديل :
" اخبري روزا بأن تحضر القهوة إلى غرفة الجلوس . وقولي لها أن لدينا ضيفاً سيتناول الغداء معنا "
" سأخبرها يا آنسة كلاود "
وكانت الرغبة تحدوها في الفرار من الصالة ... ليس من سخرية آديل وحدها وإنما أيضا من علامات المزاح التي كانت تتراقص في عيني بيير .
وعندما غادرت المكان ... أمضت بقية فترة الصباح في كتابة التقرير الطبي اليومي . ومراجعة محتويات خزانة الأدوية الخاصة بآديل . وأعادت ترتيب غرفة نومها . وغسلت بعض ملابسها الشخصية . ووضعت لمسة من أحمر الشفاه ومشطت شعرها وعقصته خلف رأسها . وتسألت في يأس مرير عما إذا كانت ستتناول طعام الغداء مع آديل وضيفها هذا اليوم فقد كان من عادتها أن تتناول الطعام مع آديل . ولكن لا بد أنها اليوم ستغفل دعوتها حتى تنفرد بصحبة بيير . وراود ربيكا الأمل في أن تغفل آديل عن دعوتها وذلك حتى لا تتعرض لسيل من شكواها . ولنبرة سخريتها .
ونحت أفكارها جانباً ... وعبرت غرفة النوم , وهبطت إلى الصالة . فوجدت باب غرفة الجلوس مفتوحاً .. واضطرت إلى أن تنظر لتتأكد من وجود آديل . فوجدتها تجلس على المقعد تحتسي كوباً من الشراب المنعش المثلج . بينما كان بيير واقفاً أمام المدفأة . وقد استند بيده على الرف .... ورفع بيده الأخرى كأساً من الشراب . وتطلعت آديل إليها عندما بدا عليها التردد وهي تقف بالباب . وقالت لها :
" ادخلي ... ادخلي .... يا فتاة هل أعد طعام الغداء ؟ "
" أنا .... أنا لا أعرف ... كنت أريد أن أسأل عما إذا كنت بحاجة إلى شيء ما . وحيث أن السيد سانت كلير سيشاركك الطعام اليوم فإنني ... إنني سأتناوله في غرفتي " .
" حسناً يا ربيكا بإمكانك أن تخبري روزا بأننا على استعداد لتناول الطعام عندما ... "
ولم تواصل آديل الحديث إذ قاطعها بيير قائلاً :
" أوه .... ولكنني بالتأكيد أرحب بأن تشاركنا الممرضة ليندسي الغداء إذا كانت معتادة على تناول الطعام معك , إن حديثنا لا يتناول الأسرار , ولدينا متسع من الوقت نتحدث فيه عن شؤوننا الخاصة .... أليس كذلك يا عزيزتي ؟ "
سألتها آديل :
" لماذا لا ترغبين في مشاركتنا طعام الغداء ؟ "
" إن دوافعي بسيطة للغاية ... من الطبيعي أنك وضيفك تفضلان أن تكونا وحدكما ... "
" لماذا تتصورين ذلك يا ربيكا ؟ هل تفترضين أنني وبيير ... يكن أحدنا للآخر عاطفة قديمة ؟ هل تظنين أننا كنا عاشقين يوماً ما ؟ "
" سأذهب إلى روزا . وأخبرها بأنكما على استعداد لتناول الطعام "
" لماذا تصرين على تجاهل أسئلتي يا ربيكا ؟ هل أنا طفلة تتدلل بدون أن تناقش ؟"
تنهدت ربيكا ... وألقت نظرة على سانت كلير ولكنها أشاحت بوجهها حتى لا ترى نظرة السخرية في عينيه . وكان من الواضح أنه لا يرغب في مساعدتها وأخيرا قالت :
" أظن من المستحسن أن أواصل عملي . وأنني آسفة إذا كنت تشعرين بأنني قد قطعت عليك خلوتك عن عمد . ولكن ليس من واجباتي أن أشركك معي في فترات راحتي " .
حملقت آديل في ربيكا غير مصدقة . وقالت :
" يا لك من فتاة وقحة "
وشعرت ربيكا بأنها لم يسبق أن أجابت على آديل بمثل هذا الأسلوب من قبل .
وهنا تمتم بيير بهدوء :
" مهلاً يا آديل .... ربما كانت الآنسة ليندسي على حق . ليس من المحتم أن تمضي كل وقتها معنا ... أقصد معك . إن لها مشاعرها هي أيضاً . وأظن أنك أثقلت عليها فترة طويلة ! "
وفي هذه اللحظة تطلعت ربيكا إليه . وشعرت بارتياح لتدخله . وبأن استعماله لكلمة أثقلت قد خفف من حدة الموقف . كما أن هذا التدخل أتاح الفرصة لآديل أن تخرج من المأزق بدون أن تريق ماء وجهها . فتقبلت كلامه وقالت :
" حسناً يمكنك أن تذهبي ياربيكا "
غادرت ربيكا الغرفة . وأخبرت روزا بأن تعد الطعام ثم حملت صينيتها إلى غرفتها وعندما انتهت آديل وبيير من الطعام . ظهرت مشكلة آخرى ... كانت آديل معتادة على النوم ساعة بعد الغداء . ولكن كيف تحملها ربيكا على مثل هذا الأمر في هذا اليوم ؟ وتساءلت هل تتناسى تعليماتها ؟ ولم ينقذها من حرج الموقف سوى صوت محرك السيارة . فأسرعت إلى النافذة ورأت السيارة الزرقاء تنطلق إلى عرض الطريق .
تنفست ربيكا الصعداء . فالآن أصبح في وسعها حمل آديل على النوم بسهولة ولكنها تبينت أن الزائر قد أثار آديل عاطفياً ... وجسدياً ... لذلك قابلتها بثورة عندما توجهت إليها قائلة :
" كيف تجرؤين على الحديث معي بهذا الأسلوب أمام الضيف ؟ لا تظني أنني قد نسيت الاهانة لمجرد أن بيير قد صنع منك بطلة ... إن فتاة وقحة مثلك . تجهل من يكون أبوها .... "
صمتت آديل بينما أخذت ربيكا تتحكم في مشاعر الغضب التي اعتلت في صدرها . ولكنها لن تلوم سوى نفسها ... ففي ذات يوم . باحت لآديل بسرها في لحظة عاطفية . وقالت لها :
" أن أبي قتل وهو في طريقه إلى الكنيسة للزواج من أمي " .
استطردت آديل تسألها :
" إذا كانا أبواك مثاليين في الفضيلة ... إذاً ما الذي أتى بك على هنا ؟ "
أجابت ربيكا :
" كانا يتمتعان بالشباب . ويحب كلاهما الآخر . لا أتوقع منك أن تدركي ذلك . قاست أمي الحسرة عندما فقدته . وجدتي لم تفهم مشاعر أبي . وكانت تتحين كل فرصة لكي تهزأ بها .... ولم ينقذه من عذابها سوى موتها في حادث تصادم القطار الذي كانت تستقله "
ويبدو أن آديل شعرت بأن شرودها قد تجاوز الحد . فأسرعت تقول :
" أليس جميلاً أن يتناول رجل معنا طعام الغداء ؟ لا نعرف أحداً هنا سوى الطبيب وبلاكويل المسن ... ولكنهما مختلفان أليس كذلك ؟ "
وكان أندرو بلاكويل . يشغل منصب القسيس المحلي بالرغم من أن آديل كانت غير متدينة وتجادله كثيراً إلا أنها كانت تسعد بحديثة .
فأجابتها آديل متسائلة :
" لماذا رفضت تناول الطعام معنا ؟ لا يمكن أن يراودك التفكير في أننا كنا نبغي الإنفراد إن بيير لا يسعده أن يجلس إلى أمرأه عجوز شمطاء مثلي "
" أنت لست عجوزاً ولا شمطاء . لا تكوني حمقاء "
تنهدت آديل وقالت :
" ذات مره , كنت وبيير يعرف أحدنا الآخر حق المعرفة . عندما كنت شابة ولم أكن مشلولة كما أنا الآن . كان في وسعي أن أفعل الشيء الكثير "
قالت ربيكا في رقة :
" أنت لست مشلولة الآن "
" ليس تماماً . إنما مقيدة إلى كرسي متحرك , لا أستطيع المشي على قدمي . أو الرقص , أو السباحة .... "
وكانت ربيكا تشعر في هذه اللحظة بمشاعر العطف نحو آديل فقالت لها :
" ولكنك لست مقيدة إلى الفيللا , لدينا السيارة ويمكننا الذهاب إلى نافويا غداً إذا شئت . دكتور مانسون يقول إن الرحلة النهرية التي تبدأ من هناك جميلة للغاية ... ستستمتعين بمنظر الغابات والشلالات " .



يتبع الفصل الأول

آن همبسون
29-08-2008, 02:07
تابع الفصل الاول ....




وهنا التفتت آديل نحوها , وقالت بنفاد صبر :
" إنني لا أرغب في رحلة نهرية , إنك شابة , تتمتعين بالصحة , فلا تسخري مني . إنني عديمة النفع , غنني حطام إمرأه . ولا أستحق أن أدعى إمرأه ... "
" هذا هراء ! "
" أي هراء ؟ هل تظنين أنني لا ألاحظ الطريقة التي يتطلع بها الرجال إليك ؟ الطريقة التي ينظر بها الدكتور مانسون إليك ؟ الطريقة التي ينظر بها بيير إليك ؟ "
توردت وجنتا ربيكا وقالت :
من فضلك يا آنسة سانت كلاود ... "
" لماذا ؟ لماذا لا أقول ذلك ؟ إنها الحقيقة أليس كذلك ؟ لا تجعليني أبدو غبية يا ربيكا ! ماذا قال لك بيير ليلة أمس حتى أثار القلق في نفسك ؟ "
بدأت ربيكا تقود المقعد المتحرك عبر الممر . حتى بلغت غرفة آديل . فتكلمت ثانية بنبرة مختلفة فقالت :
" أخبريني يا ربيكا . الآن أتيحت لك الفرصة للتحدث إليه . ما رأيك في بيير ؟ "
" يبدو أنه شخص جذاب للغاية "
وصمتت ربيكا قليلاً حتى تحمل آديل إلى فراشها وتحل أزرار ثوبها , ثم استطردت قائلة :
" هل تعرفينه منذ زمن طويل ؟ "
" إن أسرته وأسرتي تربطهما صداقة وطيدة . وفي وقت من الأوقات ظن الناس أننا سنتزوج .... "
تطلعت ربيكا إليها وهي تحاول إخفاء دهشتها . لابد أن بيير سانت كلير كان في مثل سن آديل في ذلك الحين ... وفجأة تذكرت شيئاً قاله تلك لها ليلة أمس ... أخبرها بأنه زوج شقيقتها ! انتابها شعور اعتصر أمعاءها هل تزوج من شقيقة آديل !
أخذت آديل تراقب ربيكا عن قرب . ثم سألتها :
" لماذا أنت متجهمة الوجه ؟ هل فوجئت بالأمر ؟ "
" لا ... لا ... إنما هناك شيء قاله لي السيد سانت كلير ... "
" ما هو ؟ "
هزت ربيكا كتفيها . وقالت :
" قال إنه زوج شقيقتك "
هزت آديل رأسها وألقت بظهرها على الوسائد . وقالت :
" هذا صحيح . لقد تزوج واحدة من شقيقاتي الأربع "
سألتها ربيكا :
" إذن ... هو متزوج ! "
تطلعت آديل إليها طويلاً ... ثم رسمت ابتسامة فوق شفتيها . وقالت :
" شقيقتي ماتت ! "
ثم أغلقت عينيها . وضغطت ربيكا يدها على بطنها . وقالت :
" سأحضر أحد الأقراص المهدئة "
فتحت آديل عينيها . وقالت :
" ليس ضرورياً ... إنني أشعر بإعياء شديد "
" سأتركك الآن .... استدعيني إذا كنت في حاجة إلى شيء "
" سأفعل وعلى فكرة . بيير سيأتي لتناول طعام العشاء مساء غد . واطلبي من روزا أن تستخدم براعتها في إعداد أطباق جديدة تختلف عن تلك التي تعودت أن تقدمها لنا "
وسارت ربيكا نحو الباب وهي تقول :
" سأتحدث إليها ... "
وانفلتت هاربة بسرعة من الغرفة !


نهــــاية الفصل الأول

آن همبسون
29-08-2008, 02:09
الفصل الثاني .....


2- أرصفة القلب المشمسة

توجهت ربيكا صباح في اليوم التالي إلى الشاطئ , وكانت الرمال الناعمة باردة تحت قدميها , ولكنها توقفت برهة عندما بلغت مكان التقاء الماء برمال الشاطئ , فمدت ذراعيها تستقبل بهما أشعة شمس الشروق .
وبرز رجل من وراء الأشجار المتناثرة . أخذ يتجه نحو ربيكا التي أحست بوقع خطوات متطفلة تقتحم عليها وحدتها , فاستدارت وهي تلهث يخالجها مزيج من الضيق والدهشة , وعندما تبينت الشخص المتسلل . كان بيير سانت كلير قد أصبح في مواجهتها فبادرها قائلاً :
" صباح الخير يا آنسه . هل أعتدت السباحة في هذه الساعة ؟ "
حاولت ربيكا أن تتمالك إذ فاجأها الرجل وهي ترتدي ثوب البحر . فشعرت بالحرج . وقالت له :
" هذا الوقت يخصني وحدي . الآنسة سانت كلاود لا تستيقظ من نومها قبل التاسعة "
هز بيير رأسه وقال :
" آه ... فهمت "
ترددت ربيكا قليلاً . ثم قالت :
" الذي أعرفه أنك مدعو لتناول العشاء . وليس لتناول طعام الإفطار "
ابتسم بيير قائلاً :
" إن لديك لساناً صغيراً لاذعاً يا آنسه . قد يدهشك أن تعرفي أنني ما جئت لزيارة الفيللا . غرفتي في الفندق حاره لذا قررت التجول بسيارتي وبينما كنت أمر بالفيللا رأيتك تسيرين نحو الشاطئ ... إنني أعتذر لتطفلي عليك "
توردت وجنتا ربيكا وقالت :
" بما انك صديق أو بالاحرى قريب لرئيستي في العمل . فإن وجودك على الشاطئ لا يفسر بأنه اقحام لوحدتي . فأنا لست سوى موظفة عند آديل "
" لا أهتم كثيراً بتعليماتك ياآنسة أنا لم اقصد المجيء إلى هنا "
لطم بيير سرواله براحة يده . ثم أستدار وسار على الشاطئ وعندئذ ضغطت ربيكا شفتيها في حسره . فقد كانت واثقة أنه لن يشير إلى هذا الحادث أمام آديل . وشعرت بالحماقة لأنها سلكت معه هذا المسلك الوقح .
وكان ينتابها إحساس غريب بأن شيئاً يجذبها إليه . وإن لم تكن هي واثقة بانجذابة نحوها . تنهدت والقت بنفسها في أحضان الماء . وامتنعت عن التفكير فيه حتى لا تبدد جمال اللحظة التي تتمتع فيها بالسباحة في البحر .
عادت ربيكا إلى المنزل وبينما كانت تقوم بتنسيق الزهور في القاعة رن جرس التلفون فرفعت آديل السماعة وعندما أعادتها كان وجهها متجهماً وغاضباً واتجهت إلى ربيكا في الحديث قائلة :
" إنه بيير ... طلب تأجيل موعد العشاء ! "
ابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة ... وحاولت أن تظل متماسكة فتمتمت تقول بهدوء :
" أوه ... هل أشار إلى سبب التأجيل ؟ "
قالت بحدة تنم عن نوع المعاملة التي سوف تتلقاها ربيكا في هذا اليوم :
" له علاقة بأعماله التي ينجزها هنا . وفي هنا . وفي اية حال . فإنه لن يأتي ... عليه اللعنة ! "
مضت ثلاثة أيام قبل أن تراه ثانية . وكانت آديل خلالها تتحرق شوقاً إلى سماع مكالمة تلفونية منه . ولكنها لم تتلق واحدة كما أن ربيكا بدأت تعتقد أن لن يعود لزيارة الفيللا مره أخرى وعندما انتهت اعماله في سوفا . وتوجه إلى لاتوكا تضاءلت الفرصة كثيراً في رؤيته .
ولذلك كانت مفاجأة يوم ألتقت به ربيكا كانت قد ذهبت إلى سوفا لتشتري بعض الحاجيات التي طلبتها آديل وعندما انتهت من الشراء أخذت تتجول بين الاكشاك المتناثرة في السوق ... وقع بصرها على قنينة تحتوي على زيت الصندل تباع في أحدها , وهي معروضة بطريقة تجذب أنظار السياح وراح البائع يغريها بالشراء وبدا عليها التردد عندما أحست برجل يقف إلى جوارها . فأدارت رأسها وأت بيير سانت كلير .
قال وعلى وجهه علامات الوقار والجدية :
" صباح الخير يا آنسه هل تنوين شراء القنينة "
ابتسمت ربيكا ابتسامة شاحبة . وأجابت :
" لا أظن ذلك , إن منظرها جذب بصري "
" هل تعرفين أن أهالي فيجي اعتادو استعمال هذا الزيت ليطيبوا أغجسامهم به ؟ "
" إنني أفضل عليه العطور "
وتطلع بيير إلى البائع . وسأله بالفرنسية :
" هذا العطر ... كم ثمنه ؟ "
وارتجفت ربيكا ... وقبل ان يتفوه البائع بكلمة . ولت مسرعه . هاربه . فقد ادركت انه ينوي شراء القنينة وهي لا ترغب في شرائها ... وكانت قد تركت سيارتها في شارع جانبي . وبالرغم من حركة المرور في شارع سوفا وازدحام السياح بها الا انها لم تتخلص من اضطرابها لوجود بيير سانت كلير إلى حد ما إلا في ازدحام الناس .
على انها ماكادت تبلغ سيارتها . وتميل بجذعها لتضع المفتاح في الباب حتى وجدت الرجل الذي تهرب منه يقف الى جوارها . فقالت بصوت يتسم بالحزم :
" هل أفهم من هذا أنك تطاردني ؟ "
قال وعقد ذراعيه فوق صدره :
" أجل ! "
وكان شعره الاسود الكثيف مرسلاً ناعماً فوق رأسه , بينما عيناه السوداوان تشعان بكبرياء أخاذه
" أخبرني بالضبط لماذا تقتفي أثري ؟ "
هز كتفيه بإستخفاف وقال :
" لاعطيك هذا ... "
وقدم لها طرد صغير ملفوفاً بورق ملون ولكن ربيكا أبت أن تأخذه وقامت بوضع حقيبة المشتريات في السيارة ثم استدارات وقالت له :
" شكراً ... لا أريد شيئاً منك , والآن هل تسمح لي ؟ "
نظر بيير إليها ببرود وقال :
" ماذا تتوقعين أن يكون في الطرد ؟ "
" من الأفضل أن لا أخمن شيء "
" تظنين أنه زيت الصندل ... أليس كذلك ؟ "
" وماذا يكون غير ذلك ؟ "
انتزع الورقة التي تكسو الطرد , وقال :
" ماذا لو قلت لك إن شيئاً قد سقط منك في السوق . وقد عثرت عليه . فأعدت تغليفة بهذا الورق الملون ! "
وأسرعت ربيكا تتطلع الى حقيبة المشتريات ... وبدون مراجعة محتوياتها راودها الشك في انه من المحتمل ان تكون نسيت شيئاً , فعضت شفتيها وقالت :
" أنا واثقة بأن شيئاً لم يسقط مني ! أظن أنك تتعمد مداعبتي لسبب في نفسك "
رفع حاجبيه . وبحركة هادئة فض الطرد فسقط مسحوق البودرة عل راحة يده فنظرت ربيكا إلى البودرة بعيون غير مصدقة إنها بودرة تالك ذات الرائحة المعطرة التي أشترتها لآديل وشخصت ببصرها اليه ولكن عينيع لم تنما عن شيء وابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة , ثم قالت :
" انها لا تخصني ! لايمكن ان تسقط مني وإلا سمعت صوت سقوطها ! "
" لم لا ؟ لا يمكنك سماع سقوطها وسط ضجيج السوق ! "
" لست متأكدة .... ربما أخذتها من حقيبتي "
هز رأسه في يأس . وسألها :
" ماذا فعلت حتى تحكمي علي براي ضعيف ؟ ماذا قالت لك شقيقة زوجتي ؟ "
وفتحت ربيكا باب السيارة . وقالت :
" لم تقل شيئاً ياسيد ... والآن هل تسمح لي ؟ "
" ألا تحبين استرداد علبة البودرة . ياآنسه ؟"
" أوه ... أوه من المفروض أن أخذها ! "
وانتزعت العلبة من قبضة يده , وألقت بها في المقعد الخلفي للسيارة . ثم استطردت قائلة :
" ألان يجب أن أرحل إن أديل أقصد الآنسة سانت كلاود سوف تتسائل عن سبب تأخيري "
" حسناً ... ارحلي ياآنسه . مادمت مصرة على ذلك "
وجلست ربيكا وراء عجلة القيادة . وتطلعت إليه وقالت :
" إنني لا أفهمك ! "
" أحقاً ماتقولين ؟ "
" هل أنت . أقصد هل ستأتي لتناول طعام العشاء ؟ قبل أن ترحل ؟ "
" هل ترغبين في ذلك ؟ "
شعرت ربيكا بتقلص أمعائها . وقالت متلعثة :
" أنا ... أنا ... لا شأن لي بذلك "
" أحقاً لا يعنيك ؟أجل سآتي . سأطلب من آديل تلفونياً وأرتب معها الموعد . وبعدها هل ستصحبينني في نزهة بسيارتي ؟ "
اتسعت عينا ربيكا وانتابتها رجفة . ثم قالت :
" أنا ... أنا ... أنا موضفة عند آديل . لا أستطيع الموافقة على لقاء مثل هذا . وبالاضافة إلى ذلك . فإن آديل لن توافق على هذه النزهه "
والتقت عيناه بعينيها . فقال لها :
" يجب ألا تعرف آديل . هل يجب ان تعرف ؟ "
قالت ربيكا وهي تلهث :
" أعتقد ذلك ... تبدد وقتك هباء . أنا . أنالا أشبه النساء اللواتي تعرفهن ! "
قال بيير :
" أعرف ذلك "
هزت ربيكا رأسها يأساً , وقالت :
" يجب أن أرحل .... الوداع "
فأجاب على الفور :
" إلى الملتقى "



يتبع الفصل الثاني

آن همبسون
29-08-2008, 02:10
تـــابع الفصل الثاني .........



وتراجع بيير إلى الوراء ... وعندما انطلقت ربيكا بالسيارة , انعكس الاضطراب على أسلوب قيادتها وفي طريق العودة لم تشعر ربيكا بجمال الطبيعة . وإنما كانت تحس بالألم والاضطراب والخوف من أن يمارس بيير ضغوطه عليها . ففي وجوده كان يذوب نفورها منه . بل إن مقاومتها له تضعف !
لقد أثر عليها وكان الجانب الأحمق من شخصيتها يدفعها لتتلقى كل الاطراء الذي يطوقها به . ولكن الجانب العاقل فيها كان يحذرها من أن أي شيء يقدمه لها قد يهددها بالخطر ... وإزاء هذا الموقف المتضارب كانت ربيكا تشعر بالتمزق .
وعندما عادت إلى الفيللا . كانت آديل تستلقي على مقغد طويل في الحديقة وتستفئ بظل مظلة مخططة الألوان وقد تطلعت إلى ربيكا بنظرة متأنية ثم قالت :
" لقد غبت فترة طويلة . ماذا كنت تشترين ؟ "
وبذلت جهداً كبيراً حتى لا تتورد وجنتاها بالخجل , وقالت :
" كل ماطلبت مني شرائه "
وركعت على القرميد الدافئ . وبدأت تفرغ محتويات حقيبة المشتريات وكانت علبة البودرة التي أعطاها بيير لها موجودة على رأس الأشياء . فقدمتها أولاً لآديل ثم الجوارب . ومستحضرات التجميل ومعجون الاسنان وكانت علبة بودرة تالك معطره تقبع في الحقيبة . وتشابه نفس العلبة التي أعطتها في بادئ الأمر لآديل .
تناولتها ربيكا ونظرت إليها غير مصدقة . ولاحظت أديل طول تأملها في العلبة . فقالت لها :
" بحق السماء فيم كنت تفكرين . هل أشتريت علبتين من بودرة التالك ؟ "
توردت وجنتا ربكيا . وألقت العلبة الثانية جانباً . ثم قالت بسرعة :
" أنا ... أنا اشتريتها لنفسي ! "
قالت آديل بنفاد صبر :
" ولكنك لا تحبين هذا النوع من البودرة . لا حاجة بك إلى التظاهر ياربيكا . إني لا أضيق بوجود علبتين , ولكننا سنجد أنفسنا نستعملها في وقت واحد "
غضت ربيكا شفتها بشدة . ثم قالت :
" أوه .... ولكني في الواقع "
قاطعتها آديل قائلة :
" ولكن في الواقع ... لاشيء يهم اذهبي وضعي هذه الادوات في مكانها وأطلبي روزا أن تعد لي القهوة ! "
وجاء اليوم التالي ... وحتى تحين اللحظة التي يدق فيها بيير جرس التلفون ليحدد موعد تناول العشاء . وعاشت ربيكا تحت وطاة الاحساس بانتظار وصوله وفكرت جلياً في موضوع علبة البودرة . وادركت أن بيير لا بد قد رأى العلبة التب اشترتها من خلال القش الذي صنعت منه الحقيبة . واشترى علبة مماثلة لعلبتها . ثم اختلق القصة عندما قدم الطرد لها.
وقد اتفق بيير مع آديل على أن يتناول العشاء في مساء اليوم التالي ... وفي صباح ذلك اليوم أصرت على التوجه إلى سوفا لزيارة مصفف شعرها . وكانت ربيكا لا تريد القيام بمثل هذه الزيارة وخاصة انها تشعر باضطراب يهز كيانها . ولكن ما جدوى رايها اذا كانت آديل تصر على موقفها !
وعند الأصيل . استلقت ربيكا لتناول قسطاً من الراحة بينما اخذت ربيكا تكوي الثوب الذي سترتديه في المساء . وكانت آديل تشعر بكراهيه نحو ربيكا تدفعها إلى عدم السماح لها بحضور حفل العشاء . اما ربيكا فكانت تتحاشى غضب آديل إن هي حضرت الحفل . ولذلك استغرقت في افكارها الخاصة بها . وراحت تبحث عن اسباب تتذرع بها للغياب عن الفيللا في هذا المساء . لكي تضع مسافة بينها وبين زوج شقيقة آديل .
وبعد ان أخذت آديل حماماً ساعدتها ربيكا على ارتداء ملابسها وتأملت آديل نفسها في المرآة . ثم قالت :
" منظري بديع للغاية . ألا تظنين ذلك يا ربيكا ؟ "
" بديع للغاية يا آنسة سانت كلاود يجب أن تعديني ألا يزيد اضطرابك هذه الليلة . كان يوماً مجهداً لك . ومن الطبيعي ... "
" عم تتحدثين يافتاة ؟ ستظلين هنا حتى أكون أمام عينيك أليس كذلك ؟ إنني اتوقع أن تنضمي إلينا على مائدة العشاء ؟ "
" كلا ... كلا يا آنسه كلاود . لقد اتفقت على عدة مقابلات أخرى "
قالت آديل بصوت حاد :
" أية مقابلات أخرى ؟ "
وابتلعت ربيكا ريقها . ثم اخذت تبحث في عقلها عن أعذار تلتمسها وأخيراً قالت :
" فكرت في أن أمضي الليلة في الخارج "
" ماهو المكان الذي ستتوجهين إليه وحدك ؟ لك أن تتجولي في الجزيرة أثناء النهار . ولكن عندما يأتي الليل . فالأمر مختلف ! "
" سبق أن قلت لي انه يمكنني أن أستقل السيارة "
" أعرف ذلك ؟ ولكن قد أحتاج إلى خدماتك هذه الليلة الىن إذهبي واخلعي زي التمريض . وارتدي ثوباً جميلاً "
وتطلعت ربيكا إلى آديل في يأس وقالت :
" أريد أن أتناول العشاء في غرفتي يا آنسه سانت كلاود "
" لماذ ؟ هل هذا بسبب وجود بيير ؟ "
" ماذا ؟ لا ... لا "
" حسناً ... لا أظن أنني السبب سبق أن تناولت العشاء معي مرات عديدة "
" لماذا ترغبين في أن أنضم إليكما للعشاء ؟ "
" ربما لأن الأيام التي أمضيتها هنا كانت بلا أحداث . وأشعر بالاسف لك وعلى العموم . لن تتيح لك الأيام الفرصة لتتناولي الطعام مع مليونير "
وأنسبت ربيكا أظافرها في راحة يدها . ثم سألت :
" هل من حقي الاختيار ؟ "
قالت آديل بصوت صارم :
" لا ليس من حقك . الىن اذهبي وأعدي نفسك . حتى لا تكوني سبباً في زيادة اضطرابي ؟ "
" اذهبي وأعدي نفسك . حتى لاتكوني سبباً في زيادة اضطرابي ؟ "
تنهدت ربيكا , وانصرفت وعندما بلغت غرفتها . راحت تفحص خزانة ملابسها بعناية . وسالت نفسها : بحق السماء أي ثوب سارتديه ؟ إن الثياب القصيرة لا تقي من البرد . وهي غير مناسبة في مكان مثل هذه الجزيرة . أما الثياب شرقية الطراز هي أكثر أنوثه . ولكنها لن تشعر بأدني رغبة في أن تثير مزيداً من الاهتمام .
ولذلك اختارت قطفاناً مزيناً بنقوش الغابة . وكان طويلاً وأكمامه تختفي استدارة ذراعيها فارتدته . وانضمت إلى آديل . وعندئذ سمعت صوت محرك سيارة يتوقف عن الباب . وفتحت روزا الباب . وبعد دقائق قليلة دخل إلى الردهة شخص يقول :
" السيد بيير سانت كلير ياسيدتي . ورفيقته الآنسه إيفون دي بوي "
وشعرت ربيكا بالدماء تكاد تفجر وجهها . عندما رأت بيير يدخل الغرفة بقوامه الطويل النحيل . وهو يرتدي جاكيتاً من اللون الأبيض يتدلى من جيبها العلوي منديل أحمر . وكانت بصحبته أجمل نساء العالم . لم يسبق لربيكا أن رأت مثلها من قبل . وبالرغم من أنها كانت تبدو في مرحلة الشباب إلا أن ربيكا قدرت سنها بين الخامسة والثلاثين والخامسة والأربعين . وقد تخللت شعرها الأسود بعض الخصلات الرمادية . وكانت نحيلة القوام . أنيقة ترتدي ثوباً من الحرير الفضي . أبرز رشاقتها وعندما انتهت ربيكا من استطلاع اهم سمات غيفون . حولت بصرها إلى آديل لتعرف الانطباع الذي تركه قدوم الضيفة عليها .
ولدهشة ربيكا بدت آديل وكأنها لم تفاجأ بزيارة الضيفة بل كانت تتوقع قدومها . وانتابتها الحيرة والتساؤل . لماذا اصرت آديل أن تدعوها على مأدبة العشاء . في حين انها كانت تعرف أن بيير سيأتي بضيفة ؟ ولماذا لم تخبرها بأن زوج شقيقتها لن يأتي وحده ؟
أدركت ربيكا مدى السعادة التي ستنعم بها آديل في مثل هذا الموقف . فهل تكون قد شعرت باهتمام ممرضتها السيد بيير فاختارت هذه الوسيلة لتجبرها على ألا تعلق أمالها عليه ؟
في أي حال هذه الليلة ستكون فوق طاقة البشر .
راحت آديل تتحدث إلى إيفون . لتشعر ربيكا بأن ربيكا بأن المرأتين على معرفة سابقة منذ عدة سنوات مضت . بينما اتخذ بيير طريقة ووقف على جوار ربيكا . وتمتم قائلاً :
" مساء الخير يا آنسه . إنني مندهش لأن آديل سمحت لك بالانضمام إلينا "
" الآنسه سانت كلاود أصرت على حضوري ولسوء الحظ لم اكن في موضع يسمح لي بالاختيار "
سألها بصوت منخفض :
" لماذا تصرين على هذا المسلك الطفولي ؟ "
وهنا تطلعت ربيكا إلى آديل التي قالت لها :
" نريد ان تروي ضمأنا يا ربيكا . هل يمكنك إحضار بعض كؤوس الشراب ؟ على فكرة يا إيفون هذه هي ممرضتي ربيكا ليندي . كنت أنا وإيفون في مدرسة "
كانت نبرة آديل تشوبها البهجة والمرح ولم تجد ربيكا أمامها أي اختيار غلا أن تذهب وتشد على السيدة الفرنسية . وتسألها أي شراب تحب أن تحتسية عندما توجهت لاعداد الشراب . لحق بها بيير وشعرت بالحرج من وجوده معها ولم ينقذها غلا وصول روزا لتعلن أن العشاء قد أعد وتعهد بيير بقيادة المقعد المتحرك وهما يتقدمان ربيكا والسيدة الفرنسية ويتجهان إلى المائدة .
خيم الصمت على ربيكا وهي تتناول طعامها بينما كان الامر سهلاً في أن تدير آديل دفة الحديث مع ضيفيها . وهكذا وجدت ربيكا نفسها وحيدة ولكنها لم تابه كثيراً وكان هذا افضل لها وغن كانت تتوق على الهروب منهم جميعاً .
وقدمت روزا القهوه في غرفة الجلوس . وبعد أن أحتست ربيكا فنجانها نهضت وقالت :
" اسمحوا لي بالانصراف . علي بعض التقارير الطبية كما وانني اشعر بصداع خفيف "
تجهمت آديل . وقالت :
" كتابة التقارير ليست أمراً عاجلاً . أما بالنسبة على الصداع فإنني أعتقد أن جولة في الحديقة كفيلة بأن تخلصك منه . وأنا متأكده من أن السيد سانت كلير يمكنه مرافقتك "
وحملقت آديل في بيير الذي نهض واقفاً بدوره . فتوردت وجنتا ربيكا وتساءلت : ماذا وراء آديل ؟ ولماذا اقترحت ان يرافقها بيير أثناء جولته في الحديقة . وبخاصة أنه لم يسبق أن أبدت أي اهتمام بممرضتها من قبل ؟
قالت ربيكا :
"
شكراً لك , لكن ... "
عندئذ قاطعها بيير ثائلاً :
" آديل على حق . هواء الليل سيفيدك أكثر من جلوسك في غرفتك , أنا واثق بأن آديل وإيفون ستجدان موضوعات شتى للخوض فيها "
مالت إيفون إلى الأمام ووضعت يدها على ذراع بيير وقالت له :
" دع ليندسي تتخذ القرار لنفسها ياعزيزي . ربما تكون متعبة "
راقبت ربيكا الحديث الدائر باهتمام وتساءلت اية علاقة تربط بين إيفون دي بوي وبينه ؟ ومن ملامح المودة التي ارتسمت على وجهها استطاعت ربيكا ان تدرك ان العلاقة بينهما على النحو الأردا . فقالت ربيكا مؤكدة :
" أجل , إنني مجهد وارغب في النوم "
قالت آديل في قسوة :
" ماذا عن امري أيتها الفتاة ؟ أنسيت أن واجبلتك نحوي لم تنتهي بعد هذا المساء ؟ "
ترددت ربيكا وقالت :
" اظن ان روزا لن تمانع في مساعدتك فهي كانت تحل محلي أثناء الأمسيات التي أمضيها بالخارج "
وحتى لا تظهر آديل في صورة المستخدمه العنيدة فم تستطع أن تتخذ قرار اتجاه ممرضتها . وتمنت ربيكا للجميع أمسية طيبه . وهي تتجاهل نظرة الازدراء التي بدت في عيني بيير , وأرعت لتبحث عن الأمان في غرفتها وكانت تعرف أن آديل ستجعلها تدفع ثمن معارضتها لها بهذا الأسلوب غالياً . لكنها لم تكترث كثيراً !


نهـــاية الفصل الثـاني

ماهيما
29-08-2008, 06:49
مرحباااااااااااااا بنوتااااااااااات,,كل عااام وانتم بخييير وعافية يارب:)


مشكوورين حبيباتي على جهودكم الشكر قليل بحقكم ::جيد::


اعذريني ماري تعرفين العطلة سفر وطلعاات وعزايم الله يعين بس :محبط:


مشكورة آن هامبسوون,,الرواية اروع من الرائعة والصراحة هذي اول مرة اقراها


مشاءالله عليكم الروايات المرة كلهم ماقريتها دخت الصراحة بينهم :confused:


الله يوفقكم يارب ويبلغنا شهر رمضان:)

ماري-أنطوانيت
29-08-2008, 09:10
مرحباااااااااااااا بنوتااااااااااات,,كل عااام وانتم بخييير وعافية يارب:)


مشكوورين حبيباتي على جهودكم الشكر قليل بحقكم ::جيد::


اعذريني ماري تعرفين العطلة سفر وطلعاات وعزايم الله يعين بس :محبط:


مشكورة آن هامبسوون,,الرواية اروع من الرائعة والصراحة هذي اول مرة اقراها


مشاءالله عليكم الروايات المرة كلهم ماقريتها دخت الصراحة بينهم :confused:


الله يوفقكم يارب ويبلغنا شهر رمضان:)

ماهيمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااا

هلا والله...وانا اقول المشروع منور على غير العاده

وحشتينا يا بنوته...والله وحشتينا مووووووووووووووووت

عذرك معك قلبي....يكفينا انك تاخذين من وقتك بين فترة والثانيه عشان تطلين علينا

وكل عام وانت بخير وصحه وسلامه قلبي...

وان شاء الله كل الروايات الجايه ما تكونين قرأتيها....:D

ماري-أنطوانيت
29-08-2008, 09:25
3- بئر بلا قرار

في صباح اليوم التالي. لم تتوجه ربيكا إلى الشاطئ للسباحة كعادتها. ففي الساعات الأولى أيقظتها أديل بنداء ضعيف. فأسرعت ترتدي ثوبها. وهرعت الى غرفة مريضتها.
كانت أديل ترقد وسط الفراش. وكان من الواضح أنها توجهت إلى الحمام, وفي أثناء عودتها تهاوت على الأرض. وبدا جليا أنها تحاول التقاط أنفاسها, وهي تضغط راحتها على صدرها لتخفف من حدة الألم الذي كان يمزقها.
عاونتها ربيكا على النوم في وضع مريح ثم أسرعت إلى خزانه الأدويه وعادت تحمل معها دواء أعطتها إياه. وكان لوجود ربيكا اثر فعال في أن تستعيد أديل هدوئها الطبيعي. وبعد قليل تحدثت إلى الدكتور مانسون هاتفيا وطلبت منه المجيء بسرعة.
وعندما وصل الطبيب أثنى على ما فعلته ربيكا وانب أديل على طيش سلوكها في اليوم السابق وقال لها:
" ليكن في علمك أن صحتك لا تحتمل قضاء يوم كامل مشحون بالانفعال. بالاضافه إلى انك تناولت طعاما دسما. ربيكا اخبرني بكل شيء. أنت سعيدة الحظ بوجود ربيكا معك. لا ادري ماذا كلن يحدث لو..."
وكانت أديل قد بدأت تفيق تدريجيا من نوبة الشلل التي هاجمتها. فألقت نظره عتاب إلى ربيكا وقالت:
" إنا في صحة جيده ولا حاجه لاستدعائك بتاتا. أرادت ربيكا ان تخبرك بأنني لم أنفذ تعليماتها. يا الهي متى تأتي الساعة التي لا اعتمد فيها على احد "
نظر اليها دكتور مانسون بحنان وقال:
" آنت تدركين تماما بأنك ستعتمدين على غيرك ما حييت, وهذا امر يجب ان تتقبليه برحابة صدر "
بدت المرارة على وجه أديل وصرخت بصوت يشوبه ألم العذاب:
" لقد عشت به طوال حياتي "
تحول دكتور مانسون عنها وفي عينيه نظرة يأس وشاركته ربيكا شعوره بهزة من رأسها. كان كل منهما يخشى آثار الكآبة على نفسيه أديل.
وبعد رحيل الطبيب قامت ربيكا بإعطاء أديل قرصا مهدئا. وبعد قليل استغرقت في النوم وأحست ربيكا بالذنب وراحت تلوم نفسها واخذ عدد كبير من الاحتمالات يطن في عقلها. فلو أنها مكثت معها ليله أمس حتى انتهاء وليمه العشاء, لو أنها رافقتها حتى الفراش. لو أنها راقبت العلامات الأولى التي تنذر بقدوم النوبة لأمضت أديل ليلة هادئة ولما أصابتها هذه النوبة. لا شك أن الطعام الدسم وكمية الشراب التي احتستها سبب ما حدث لها!
تركت ربيكا فراش أديل وتوجهت إلى غرفتها وكانت الساعة تقترب من السابعة صباحا. ولم تفكر في أن تأوي إلى سريرها. فقد تحتاج إليها أديل ثانيه. ولذلك توجهت إلى المطبخ وطلبت فنجانا من القهوة من روزا التي بدا القلق على وجهها وراحت تسأل ربيكا اسأله عديدة عن أديل. هدأتها ربيكا ثم سألتها:
" هل كانت أديل بخير عندما قمت بمرفقتها إلى السرير ليلة أمس؟ "
قالت روزا:
" كانت متعبه فقط. رأيتها تتناول قرصها كما أخبرتني أنت. كانت بخير "
" لا داعي للقلق يا روزا. ستعود إلى حالتها الطبيعية حلال يوم أو اثنين. عليها أن تمكث في فراشها اليوم وربما غدا أيضا. إن الدكتور مانسون اخبرني بذلك "
وقدمت روزا فنجان القهوة وقالت لها:
" هل أنت بخير الآن؟ إن السيد سانت كلير اخبرني بأن صداعا قد ألم بك ليلة امس, ولذلك توجهت إلى فراشك قبل رحيل الضيوف "
" أخبرك السيد سانت كلير بذلك! متى رأيته؟ "
" لقد ساعدني على ان أضع أديل في فراشها قبل ان يرحل "
عضت ربيكا شفتيها وقالت:
" أوه..أوه! متى رحل الضيفان ليلة أمس؟ "
لم تسمع ربيكا محرك السيارة عند رحيلها. وقد يرجع السبب في ذلك الى ان غرفتها تقع بعيدا عن الطريق العام. وأفاقت على صوت روزا وهب تقول:
" رحلا بعد أن أويت إلى فراشك مباشرة "
هزت ربيكا رأسها, وحملت فنجان القهوة, واقتربت من النافذة, وراحت تتأمل المرج الممتد خلف الفيللا. لم تفكر في الألم اللذيذ الذي كانت تشعر به في أعماقها. وراحت تسأل لماذا يحاول بيير ان يؤثر فيها بهذه الطريقة؟ لماذا لا تستطيع أن تبعد التفكير فيه عن ذهنها؟
كان المرض المفاجئ الذي داهم أديل مانعا من أن تلوم ربيكا على ما بدر منها من شلوك في الليلة الماضية أثناء مأدبة العشاء, ولما تمالكت قواها وغادرت الفراش في اليوم التالي وجهت بعض التعليقات الساخرة لها. وان لم تشر إلى اسم بيير سانت كلير بإشارة. وكان التفسير الواضح الذي شعرت به ربيكا لعدم ذكر اسمه يرجع إلى هناك أسباب تحتفظ بها أديل لنفسها, وتمنت ان تعرف ما يدور في خلد مرضتها.

وفي مساء اليوم الثاني لحدوث النوبة بدأت أديل تعود إلى حالتها الطبيعية, مما أتاح الفرصة لربيكا لأن تتوجه إلى الشاطئ وتمارس رياضة السباحة. كانت أول مره تغادر فيها الفيللا. لأنها خشيت طوال الوقت على أديل أن تهاجمها نوبة أخرى.
خلعت ثيابها, ولامست قدماها الماء البارد ثم القت بجسمها في احضان البحر. وراحت تسبح مسافات طويله حتى شعرت بالحيويه تتجدد في ساقيها. فألقت بظهرها فوق سطح الماء. وراحت تتامل قوس السماء التي تعلوها.
عادت الى الشاطئ وهي منتعشه, ونفضت الماء عنها. وبينما كانت تضم الروب حول جسمها جيدا تناهى الى سمعها صوت وقع اقدام تسعى نحوها فأجفلت ورأت شبح رجل مقبلا عليها وراودها التفكير في الهرب ولكن أطرافها تجمدت مكانها. ووقفت عاجزه عن الحركه وقالت:
" الا تعلم أنك تقتحم خلوتي؟ انه شاطئ خاص!"
"وانت مجنونه لكي تستحمي وحدك هنا. يا الهي أليس لديك أي ادراك يا ربيكا؟"
وسألته وهي ترتعد:
" هل كنت تتجسس علي؟ "
" انا لا اتجسس عليك. وانما جئت هنا على امل رؤيتك. ان منظر انثى شبه عاريه مثلك ليس امرا جديدا بالنسبة الي. واذا كنت متطفلا كما تقولين, فماذا كان سبيلك للدفاع عن نفسك وانت في مثل هذا الثوب؟ "
عادت تكرر مرة اخرى:
" انه....انه شاطئ خاص! "
" ولكنه ليس محددا بسياج. انت تعملين باستمرار على اثارة غضبي. عندما اتحدث اليك او عندما احاول ان اكون صديقا لك, تبادرين بالوثوب علي مثل الهرة الشرسه. جئت هنا بدون اتخاذ أي احتياطات من اجل سلامتك. لقد نفذ صبري معك "
" انني لا اطمع في تسامحك. والان ابتعد عن طريقي "
ولكن بيير ظل في مكانه يحملق فيها, وعندما بدات تتحرك تحرك هو بدوره يعترض سبيلها. فتطلعت اليه بغضب مستخدمة غضبها درعا يقيها من جاذبيته ثم قالت له بحزم:
" من فضلك ابتعد عن طريقي "

ماري-أنطوانيت
29-08-2008, 09:27
وتنحى بيير عن طريقها بدون ان يتفوه بكلمة ووجدت صعوبة في المشي فقد تجمدت ساقاها. وبعد جهد استطاعت ان تقطع الشاطئ وتخترق الحشائش حتى بلغت الفيللا ولم تنظر وراءها, ولكنها كانت تدرك تماما انه يتطلع اليها.

وفي نهاية الاسبوع تحدثت أديل تلفونيا ودهشن ربيكا اذا اعتادت أديل ان تسألها القيام بهذه المهمة وكان من الواضح ان أديل كانت تبغي ان تكون وحدها أثناء المكالمه فتركتها ربيكا وهي تتساءل عمن يكون الشخص الذي تتحدث اليه أديل سرا.
وبعد مضي يومين وعند الاصيل قامت ربيكا بمساعدة أديل لأخذ اغفاءه قصيره ثم دخلت الى الصاله لتجمع الزهور الذابله من المزهرية. وعندئذ شعرت ان بيير سانت كلير دخل الى الصاله, فتطلعت اليه ورأت البرود والتجهم باديين على وجهه فقالت له على الفور:
" لنني لم اسمع صوت محرك سيارتك "
" تركتها في مكان بعيد, اذ خشيت ان تكون أديل نائمه ولم ارغب في ازعاجها "
" ما دمت تعرف ان أديل نائمه فما سبب مجيئك؟ "
" لأسباب واضحه. انني استطيع ان اتصور ما اخبرتك به أديل عني. ولكن ارجوك لا تتسرعي في اصدار حكمك علي "
" ليس من حقي ان اصدر حكما عليك. ان ما اشعر به حقيقة هو انك تبدد وقتك ومواهبك في مطاردتي "
" كفى...انت لا تعرفين شيئا عن حياتي "
واطبق قبضته في غضب, ثم استطرد يقول في نبره متغيره:
" ربيكا...هيا بنا نقوم بجوله في سيارتي "
" لا استطيع...ربما تحتاج الي الانسه سانت كلاود "
" لن تحتاج اليك قبل ساعه...هل تعتبرين طلبي امرا مستحيلا؟ وهل تعتبرين صحبتي شيئا بغيضا الى نفسك؟ "
واشاحت بوجهها عنه فقد كانت حواسها كلها تهيب بها ان تقبل دعوته, بينما كان عقلها يرفضها. ولكن العقل يجب ان يقهر من اجل سلامته. وعندما تحركت ربيكا نحو الممر المؤدي الى غرفتها سألها بحزم:
" ما هو قرارك؟ "
" سأكون مستعده بعد قليل "
وحينما عادت وجدته يذرع الصاله نافذ الصبر, كأنه حيوان سجين في قفصه,ولكن عينيه تألقتا بالبريق عندما رأها جذابه وهي ترتدي تنوره بيضاء بكسرات وبلوزه بلا اكمام. قال لها:
" اخبرت روزا بأننا سنخرج سويا في حالة ما اذا استيقظت أديل اثناء غيبتك "
استقلا السياره وقطعا مسافه استغرقت ثلاث ارباع الساعه حتى بلغا سهلا يقع فوق ربوه عاليه تطل على الوادي كله. أوقف بيير محرك السياره وفتح الباب المجاور له ترجل خارجا, وراح يتأمل جمال منظر الجزيره. ثم استدار حول السياره حتى بلغ ربيكا التي ظلت جالسه في مقعدها فسألها:
" حقا المنظر جميل, أليس كذلك؟"
قالت ربيكا بتعاسه:
" حقا جميل! ولكن يجب ان نعود اننا سنتأخر "
مال على الباب وعيناه تدغدغان مشاعرها وقال:
" أوه يا ربيكا. هل أنت دائما مهتمة بما هو صحيح وما هو خطأ؟ "
ترجلت ربيكا تاركه مقعدها لتقف الى جواره وهي حريصة على ان تكون بعيدة عنه, ولكنه كعادته نجح في بلبة افكارها. تنهد ثم قال لها:
" اقتربي مني, سنجلس قليلا, هل تدخنين؟ "
"كلا...لا ادخن "
جلس بيير على الارض الخضراء التي ادفأتها اشعة الشمس واخرج سيكاره واشعلها ثم تطلع الى ربيكا وهز رأسه في تعجب وقال لها:
" اخبريني, ما سبب قلقك؟ "
تدافعت انفاسها, وفجأه تذكرت السبب الذي دفعها الى ترك بريطانيا. لقد ماتت جدتها قبل ان تنتهي فترة تدريبها فاضطرت ان تعيش في شقه مع ممرضه تدعى شيلا. كانت مخطوبه لشاب يدعى بيتر فيلدمان وكان من الطبيعي ان يتردد بيتر على الشقه. فأحس بأنجذاب عاطفي نحو ربيكا ومالت اليه بدورها, كان الموقف حرجا, لأن شيلا كانت فتاة مليحه وصديقه مخلصه, ولا تستحق ان تطعن في مشاعرها, ولذلك فإنها عندما انتهت من دراستها قبلت هذه الوظيفه التي تجملها الاف الاميال, بعيدا عن الاغراء الذي يفرق بينها وبين صديقتها. ولقد ظنت انها كانت تحب بيتر ولكن هذه الارض الجديده وبفعل الظروف المحيطه بها استطاعت ان تنساه وشكرت السماء حين اكتشفت ان عاطفتها نحوه انطفأت جذوتها. في الوقت الذ بدا فيه بيير يخلق لها مشاكل مختلفه تماما. فقد اثار عاطفتها بطريقه لم تعتقد يوما ان انسانا يستطيع اثارتها. حقا انه لم يمسها ولم يبذل من جانبه أي مجهود واضح, ومع ذلك استطاع ان يشيع الاضطراب في مشاعرها.
لقد فزعت عندما تحدث اليها وهي في سيارتها وكانت خينئذ مستغرقه في افكارها فلم تدرك دوافعه, اما الان فأنه يسألها سؤالا مباشرا:
" لماذا تخافينمني يا ربيكا؟ "
حاولت ان تفتح فمها لتعترض ولكنها اغلقته من دون ان تتفوه بكلمه. انها حقيقة لا مراء فيها. انها خائفه منه او على الاقل خائفه من القهوة التي يفرضها عليها. وعندما شرعت في الابتعاد عنه, أطبقت أصابعه على ذراعها وتنهد بحرقه. ثم تمتم قائلا:
" ربي...لماذا التقيت بك؟ "
ارتجفت ربيكا من قبضته وقالت بوهن:
" يجب أن نعود "
تطلع اليها عن عمد ثم قال:
" احقا يجب ان نعود؟ انا لا ارغب في العوده, فهل ترغبين انت؟ "
" أوه...بيير! إنه...إنه...."
ومال برأسه ومست شفتاه ذراعها مدغدغا إياها عن عمد. ثم استطرد قائلا:
" يا لها من بشرة ناعمة مثل بشرة الأطفال, ولكنك لست بطفله, وإنما أنت امرأة يا ربيكا. أنت تريدينني كما أريدك أيضا "
" لا...لا...أنت مخطئ! "
لم يحاول أن يبقيها بين يديه عندما بدا الخوف على محياها, وإنما راح يراقبها فترة سادها الاضطراب, ثم أشاح بنظراته عنها وراح يحملق في الجزيرة ومياه البحر اللانهائي. ومرت بها لحظه انتابتها الرغبة في العودة إليه. ولكنها قبل أن تحقق رغبتها, رأت بيير يخطو فجأة بخطوات واسعة نحو السيارة وهو يقول لها بصوت آمر:
" هيا بنا "
ووجدت نفسها تسارع في الانضمام إليه. وفي طريق العودة خيم الصمت عليهما حتى بلغا الفيللا ومد ذراعه وفتح لها الباب فانزلقت منه خارجه. وبدون أي كلمة أغلق الباب ثانية وأدار محرك السيارة وانطلق ينهب الطريق.
وكانت مفاجأة ربيكا أن تجد أديل مازالت في فراشها طوال الفترة التي غابت فيها عنها. وما كادت تدخل غرفة النوم حتى سألتها المرأة العجوز:
" أين أمضيت كل هذا الوقت يا آنسة ربيكا؟ "
أغلقت ربيكا الباب ثم ارتدت زي التمريض على أمل أن يشفع لها لدى مريضتها وأجابت:
" قمت بجوله في سياره السيد سانت كلير. انني اسفه اذا كنت قد تأخرت. كيف تشعرين الان؟ هل استمتعت براحة كافية؟ "

ماري-أنطوانيت
29-08-2008, 09:30
" انتظري دقيقة, أريد تفسيرا لخروجك معه "
تنهدت ربيكا وقالت:
" جاء وأنت نائمة ودعاني للخروج معه, وقبلت دعوته. أنني أسفه إذا كان لديك اعتراض على خروجي معه "
"انتظري قليلا, إنا لم اقل إنني معترضة. هل قلت ذلك؟ ماذا حدث؟ "
" ماذا تعنين بقولك ماذا حدث؟ ماذا يمكن أن يحدث؟ لا شيء إطلاقا طبعا "
وبدأت ربيكا في طي الاغطيه, استعدادا لمغادرة أديل الفراش فسألتها أديل:
" هل أخبرك بسبب دعوته لك؟ "
" اعتقد إنها كانت نهاية المطاف, وأنه لن يدعوني مرة ثانية "
حملقت أديل في وجهها وسألتها:
" لماذا؟ ماذا حدث؟ "
بذلت ربيكا جهدا كبيرا كي تحتفظ بهدوء أعصابها, فقد كانت تعرف أن أديل تتحرق شوقا الى معرفة أي أخبار. وفي هذه المرة لا تستطيع ربيكا أن ترضي فضولها, ولا تستطيع أن تكشف لها ما دار بينها وبين بيير سانت كلير. فقد بدا لها ما حدث لا يعدو أن يكون تجربة قامت بها وتحتاج نتائجها الى تحليل. وفجأة صرخت أديل قائله:
" بربك يا فتاة. ألا أستطيع أن أبدي قليلا من الاهتمام عندما أرى ممرضتي تجذب اهتمام رجل مثل بيير سانت كلير؟ "
قامت ربيكا بمساعدة أديل على مغادرة الفراش وعاونتها على تثبيت ثيابها ثم قالت:
" ما حكايتك يا ربيكا؟ هل تشعرين بالغيرة؟ "
فتطلعت إليها ربيكا بغضب وقالت:
" لا...بالطبع لا "
وصمتت ربيكا قليلا حتى لا تتيح لأديل إثارتها. وهذا تماما ما تصبو إليه المرأة العجوز. وقد توقعت منها ان تصب جام غضبها على أية بادرة خطأ تحدث منها. ولذلك تقبلت ربيكا هذا اللوم بأبتسامه. واجلستها على المقعد المتحرك ودفعتها الى غرفة الجلوس حيث كانت روزا تعد شاي بعد الظهر. و أصرت أديل على أن تصب الشاي بنفسها وتعمدت أن تسكب قليلا من السائل الساخن على السجادة بالقرب من قدمي ربيكا التي اضطرت للبحث عن قطعه قماش لتجفف بها أثار الشاي المسكوب وهي تدرك أن أديل كانت تتمنى لو أنسكب السائل الساخن فوق رأسها!
واستأذنت ربيكا لكي تعيد تنظيم فراش أديل ثم توجهت لغرفتها لتنظيفها, وكانت حماستها فارتع. وعندما استنفدت صبرها ألقت بجسدها فوق سريرها, وراحت تحدق في المرآة شاردة الذهن وطفقت تحدث نفسها: لو لم تقبل بيير لما تشتت تفكيرها. كانت الحياة بسيطة منذ عشرة أيام, وكانت راضيه بحياتها ومتقبله لتصرفات أديل الشاذة. ولكن بيير افسد عليها حياتها. لقد أثار في أعماقها معنى الحياة. هل هي حمقاء أن ترفض ما قدمه له حتى لو لم يكن أبديا؟ إن كل ما تعرفه عنه انه رجل ثري وان زوجته متوفاة. هذا ما أخبرتها بها أديل وهي تحدثها عنه. أما هو فلم يخبرها بشيء. هل لديه أسره؟ وإذا كانت لديه أسرة, فأين هي؟ كان في نظرها لغزا مثل بئر بلا قرار!

في صباح اليوم التالي التقت ربيكا بالسيد بيير سانت كلير على الشاطئ فقررت أن تسير بعيدا عنه ولكنه قال لها فجأة:
" جئت لأعتذر لك عما بدر مني من تصرفات. يا الهي لم أكن سيء السلوك يوما ما "
وتطلعت إليه ربيكا مندهشة, وتساءلت هل هو جاد في كلامه أم أنها محاولة جديدة للعبث بها! ولكنها تبينت أمارات الجدية بادية على وجهه. فمدت يدها محيية وقالت:
" لا تلم نفسك...لم يحدث أي ضرر! "
" أحقا ما تقولين؟ كيف حال أديل هذا الصباح؟ هل ما زالت نائمة؟ "
" لقد أخبرتك بأن أديل تظل نائمة حتى التاسعة "
" أنني أتبادل معك الحديث هذا كل ما في الأمر "
" أوه...انه ليوم جميل! ما خططك لهذا اليوم؟ "
" أنني على موعد لمقابلة الوزير هذا الصباح. أما بعد الظهر فإنني لا أدري ماذا أنا فاعل. ربما أقوم برحلة بحرية لمشاهدة الجزر. سأمكث أسبوعا آخر هنا أقوم فيه بزيارة الأماكن التي يتردد عليها السياح عادة.
تمتمت ربيكا قائله:
" أسبوع آخر؟ وبعد ذلك ماذا ستفعل؟ "
" سأقوم بزيارة باريس. لدي شقة هناك تقع في الضواحي "
" الديك بيت واحد فقط؟ "
ابتسم ابتسامة شاحبة ثم قال:
" بيت؟ قولي هل لديك وطن؟ "
اتسعت عينا ربيكا وقالت:
" طبعا...أنت لست جادا في كلامك "
" أنا جاد تماما. لدي أربعة بيوت. هذا ما تبغين معرفته, أليس كذلك؟ "
" إنني لا أهتم بما تملك, إذا كان هذا ما تشير إليه "
تردد بيير ثم تنهد وسألها:
" ألا تهتمين حقا؟ إذا أنت فريدة من نوعك يا آنسه! "
تأملت ربيكا استدارة أظافرها ثم سألت نفسها: لماذا لا تتركيه الآن؟ لماذا لا ترحلي قبل أن يتطرق الحديث إلى أشياء أخرى؟ وشعرت به يتحرك ويخطو خطوة واسعة نحوها, وقد ركز نظراته على رأسها المنخفضة وبعد قليل قال لها:
" اغفري لي مرة ثانيه. يبدو أنني أتفنن في قول وفعل الأشياء الخاطئة! "
" الأمر لا يهم "
" من الواضح انه لم يخطر ببالك أن لقاءاتنا المتكررة لا تعدو أن تكون مجرد مصادفات "
تطلعت إليه بعينين فزعتين وقالت له:
" لا أعرف ما الذي تهدف إليه. أظن أنه من الأفضل أن أذهب "
ندت صرخة من صدره وراح يمرر راحته فوق شعر رأسه وهو يقول:
" أجل...أجل...اذهبي. هذا ما تعودت عمله عندما يتأزم الموقف بيننا, أليس كذلك؟ "
عضت ربيكا شفتها السفلى وقالت:
" إنني لا أرى أي هدف في هذا الحديث "
" هل هذا رأيك, أم أنك تخافين الاستمرار فيه؟ "
ترددت ربيكا ثم تنهدت وقالت:
" أعرف أنني أصبحت موضع اهتمام واحد يعد أقوى فرد في عائلة سانت كلير, وأنني لا أرى أي هدف من وراء مناقشة ذلك. ماذا تريد مني؟ إنني لست واحدة من مجتمعك النسائي. ولست على استعداد لكي أبيع نفسي إلى الطبقة العليا...بل أنني لا ارغب في ذلك "
امتقع وجه بيير وقال:
" كيف تجرؤين على الحديث معي بهذا الأسلوب؟ "
وفي الحقيقة لم تعرف ربيكا بدورها كيف تحدثت بهذا الأسلوب. لقد انطلقت الكلمات من فمها بلا تفكير, فشعرت بالخجل وقالت أخيرا:
" أسفه...إنني أسفه, لست أدري ما الذي دهاني "
رمي بيير سيكارته تحت نعل حذائه وقال:

ماري-أنطوانيت
29-08-2008, 09:32
" يبدو أن كلا منا قد أخطأ في أحكامه, أقول لك , إلى الملتقى يا آنسه "
تركها فجأة وسار طوال الشاطئ. وشعرت ربيكا بالتعاسة وودت لو جرت وراءه وتوسلت إليه أن يغفر لها. وقالت له أن عواطفها المضطربة هي سبب ما تفوهت به, وأدت إلى نقطة الاختلاف بينهما. ولكن كيف السبيل إلى الحديث معه؟ ربما لو تحدثت إليه لأنفجر ضاحكا منها. في أي حال ان الأسباب التي يريدها من أجلها كانت تختلف عن الأسباب التي تريده من اجلها.
استنشقت نفسا عميقا وبدأت تسير على الشاطئ والتعاسة تملأ أعماقها وتمنت في هذه اللحظة الا تراه ثانية. وكانت مواجهة هذه الحقيقة مفزعة لها. واستغرقت في أفكارها فلم تشاهد أبو جلمبو وهي تدوسه بقدمها. وانغرست أطرافه في جلدها فأطلقت صرخة مدوية وسقطت على الرمل وهي ممسكة بقدمها المجروحه, وراحت تفحص ما أصابها فرأت الدم يتدفق من التمزقات التي شقت الجلد. وامتزجت الآم جروحها بشعور الكآبه الذي كانت تكابده فأطلقت العنان لدموعها تجري فوق خديها.
واستغرقتها هذه الحالة فغطت عينيها بذراعها, فلم تلاحظ ظل شخص أخر يتقدم نحوها. وعندما احست بوجوده تطلعت ببصرها نحوه ومسحت بسرعة آثار الدموع من فوق خديها. وتطلع اليها بيير وسألها:
" ماذا حدث؟ سمعت صرختك "
هزت ربيكا رأسها وقالت:
" لا شيء اطلاقا "
جالت عيناه في أرجاء المكان حتى وقع بصره على بقع الدم فوق الرمل, ومال بجسمه ورفع قدمها وفحصها فقالت له:
" أخبرتك بأنه ليس هناك شيء اطلاقا. داست قدمي على أبو جلمبو "
قال لها:
" يجب أن تنظفي مكان الجروح ببودرة سلفا عندما تعودين الى الفيللا "
ثم مال برأسه وأخذ يمتص الدم من كل جرح ويبصقه فوق الرمل. وكانت ربيكا تراقبه غير مصدقه عينيها لما يفعله وعندما انتهى قال لها:
" الا تعرفين أن هذه الطريقة هي أفضل وسيلة تمنع سريان السم في الجسم؟ أعرف انها طريقة بدائية اذا ما قورنت بخبرة ممرضة مثلك, ومع ذلك فإنها فعالة "
قالت له بإستسلام:
" شكرا لك! "
أعاد بيير قدمها لتستقر فوق الرمل. ووجدته يجلس أمامها وراح يتطلع إليها وقد أرتسم على محياه تعبير غريب. سألها برقة:
" لماذا كنت تبكين؟ "
هزت ربيكا رأسها وقالت:
" غباء مني. ان الجروح لم تكن بالخطورة التي كنت أتصورها "
" لا أعتقد أن هذا كان سبب بكائك, الا يمكن أن تكوني صادقة مع نفسك يا ربيكا؟ "
تحرك فجأة وحملها على ذراعيه وقال لها:
" سأصحبك الى الفيللا "
عارضته ربيكا ولكنه تجاهلها. فاستسلمت وشعرت بالفرح لقربه منها. وعندما اخترق بها المرج وتوجه صوب المنزل لم يحاول أن ينظر اليها ولكنها كانت تشعر بصلابة ذراعيه ورحابة صدره وحرارة جسمه.
سألها بصوت منخفض عندما وقف في وسط الصالة قائلا:
" أين غرفتك؟ "
أشارت ربيكا الى الممر فقطع المسافة بخطوات واسعة, وعندما بلغ بابا أشارت اليه فدفعه بيير ودخلا الغرفة. فرأى الفوضى تشيع فيها. الفراش لم يسو بعد والأغطية مدلاة من فوقه, والثياب مبعثرة. سار بيير نحو السرير ليضعها فوقه فالتفت ذراعاها حول عنقه حتى يستقر جسمها بارتياح وشعرت بجلده الناعم, وعندما حاول أن يستقيم بجسمه منعته. وتمتم بصوت متهدج:
" اتركيني يا ربيكا "
وحاول أن يبعد ذراعيها من حول عنقه ولكن أصابعها ازدادت تشبثا به فاضطر أن يجلس الى جوارها. كانت عيناه تكابدان العذاب وهو يحدق فيها, وفجاة مال برأسه نحوها...ومد يده التي راحت تتحسس كتفها, ثم أخذت تتلمس طريقها الى ذراعها وحين بلغت وسطها قامت بفك أزرار سترتها وعندئذ ثارت مشاعرها, ولكن ما أثارها اكثر كانت رغبتها فيه مثل رغبته فيها. وكانت لمساته مدمرة لحواسها, ولكنه انتزع نفسه فجأة فشعرت بخيبة أمل.
ابتعد عنها وأدار لها ظهره وهو يهز رأسه قائلا:
" لا..لا ...يجب الا ارتكب اثما "
حملقت ربيكا في ظهره وتجهم وجهها. وعندما استدار وتطلع اليها قال:
" ربيكا...يجب أن أرحل "
ارتكزت ربيكا على مرفقيها فبدت مثيرة وتمتمت قائلة:
" هل تفر هاربا يا بيير؟ "
هز كتفيه, وراح يتفرس فيها بعينين نهمتين وقال:
" أجل..أجل...انني افر...انني لا أستطيع أن أدمر هذه البراءة "
ازداد تجهم ربيكا وانزلقت من الفراش وقالت له:
" بيير...بيير...انني أعرف ما ألإعله! "
تتطلع ببصره نحو السماء وقال:
" أرجوك يا ربيكا لا تجعلي الأمر يبدو قاسيا على نفسي أكثر مما كان. لأول مرة في حياتي بعد سنوات عدة عشتها مع امرأة كنت أكرهها, واحتقرها اتيحت لي الفرصة لأن اجد شيئا جميلا. شيئا جديرا بتقديري. ولكن يا الهي...لا أستطيع أن اناله "
واستدار فجأة ليغادر الغرفة وهو يقول:
" يجب أن أرحل...ان أديل سوف تستيقظ حالا...واذا عثرت علي هنا..."
قاطعته ربيكا وقد امسكت بذراعه وجذبته نحوها, وتمتمت قائله:
" بيير...عم تتحدث؟ انني لم اطلب منك شيئا, ولا اتوقع منك شيئا "
امسك بكتفيها وهزها برقة قائلا:
" لم لا تحاولين الاتصال بي؟ اننا لا نستطيع ان نناقش الامر الان. ليس هناك متسع من الوقت. انني أحتاج الى وقت لكي....لكي... "
صمت ثم هز رأسه واستطرد قائلا:
" قابليني الليله...سوف نتبادل الحديث "
" حسنا...ولكن كيف نلتقي؟ اقصد كيف يحدث ذلك بدون أن تعلم أديل؟ "
" سأحضر الى هنا...سنلتقي على الشاطئ...التاسعه ما رأيك؟ "
بلعت ربيكا ريقها وقالت:
" لا بأس "
وهبها ابتسامة رقيقة...ثم امسك بها وضمها الى صدره وهمس في أذنها قائلا:
" أنت تستحقين كل الحب. أحبك "
وبدون أن يتيح لها الفرصه لأن تتفوه بكلمة انفلت خارجا من غرفتها.
وبعد رحيله سارت ربيكا معتمدة على ساقيها المضطربتين لتغلق الباب, واستندت بظهرها عليه. وراحت تستعيد الأحداث التي مرت بها سريعا. وتساءلت ماذا يعني كل هذا؟ ماذا يعني بيير بالنسبة اليها؟ وهل الكلمات الأخيره التي فاه بها جادا تماما؟ قال لها أحبك..هل هذا محتمل حدوثه؟ هل أحبها؟ واذا كان يحبها, فما الذي يضمره لها؟
اتجهت مذهولة إلى طاوله الزينة, وتطلعت إلى الساعة التي كانت تشير إلى الثامنة والنصف. حان الوقت لارتداء ملابسها وإعداد طعام الإفطار. وإلا فإن روزا ستبدأ في التساؤل إذا ما تأخرت عن موعد الحضور. وبدت لها الساعات التي تفصل بين الوقت الحالي والساعة التاسعة مساء طويلة. وكان السبيل الوحيد لكي يمر الوقت سريعا هو أن تغرق نفسها في الأحلام!


- نهاية الفصل الثالث -

مجنونة انجل
29-08-2008, 09:46
وااااااي منج يا السوسه يا اديل





احم دخلت الجو




يلا حبي لا تتاخرين بليييييز

ورده قايين
29-08-2008, 15:33
4
- الحقد حلم جنوني


لم تكن روزا في المطبخ عندما دخلته ربيكا . فانتابتها الحيرة . لأنها اعتادت ان ترى مدبرة المنزل في مثل هذا الوقت من الصباح تعد صينية طعام آديل . وكانت كل الدلائل تشير الى أنها كانت موجودة منذ لحظات . ولابد أن تكون قد خرجت لشراء الخضروات . ولذلك قررت ربيكا ان تصب لنفسها فنجانا من القهوة . وجلست الى المائدة تحتسيها في الوقت الذي أقلبت فيه روزا من البهو .
ابتسمت ربيكا وقالت :
- صباح الخير ياروزا .

ولكن روزا لم تبادلها الأبتسامة . وأنما قالت على الفور :
- صباح جميل يا آنسة . هل أعددت قهوتك ؟
- اجل شكرا . لقد افتقدت وجودك ... ولذلك أعددت القهوة بنفسي.

ولكن ربيكا وجدت ان روزا مشغولة عنها فقالت :
- هل حدث شئ ؟

جالت روزا ببصرها في المكان والقلق باد على محياها . وأخيرا قالت :
- ليس تماما يا آنسة . كل ما في الأمر انني حملت صينية الأفطار الى الأنسة آديل .

اصطك فنجان القهوة بالطبق في يد ربيكا وسألت :
- تقولين ماذا فعلت ؟
- اقول انني حملت الصينية الى الآنسة اديل . لقد طلبتها .

هزت ربيكا رأسها مستفسرة :
- هل طلبتها ؟
- اجل يا آنسة . في بادئ الأمر ظننت انك موجودة في صحبتها . ولكن الأنسه اديل جاءت الى المطبخ . على كرسيها المتحرك .

وقفت ربيكا مأخوذةوقالت :
جاءت الى المطبخ على كرسيها المتحرك ! آسفه يا روزا اذا كنت أبدو لك حمقاء . ولكن مافعلته اديل لم يحدث من قبل . منذ اتيت الى هنا .

- اعرف يا انسه . لقد دهشت انا بدوري . اظن انها استيقظت .

استغرقت ربيكا في التفكير وفجأة لاحت لها امور شتى فسألت :
- متى ..متى حدث ذلك ؟ ومتى جاءت الى المطبخ ؟
- اظن منذ خمس او عشرين دقيقة .
- خمس عشرة او عشرين دقيقة ؟


قالت ذلك ثم اغلقت عينيها لفترة طويلة ..وعندما فتحتها ثانية كانت روزا تراقبها عن كثب . وعندما شعرت ربيكا بقلق روزا . رسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها وقالت :
- كل شئ على ما يرام ياروزا . كنت افكر . هذا كل مافي الأمر . هل قالت لك الآنسة آديل شيئا عندما حملت اليها الصينية ؟
- لا يا آنسه . لقد جاءت لتقول لي انها تبحث عنك .

كان من الصعب على ربيكا العثور على أسباب لما فعلته آديل . وقد يقفز تفكير اديل الى احكام غير ضرورية . ولكن مهما يكن الموقف . فأن عليها ان تواجه اديل . وقبل كل شئ وبعده فأن امرا سيئا لم يحدث . هل حدث حقا شئ سئ ؟ لقد شجعتها اديل على الخروج مع بيير سانت كلير . هو بالتأكيد فأنها لاتستطيع ان تعترض . لأنه عاد بها من الشاطئ .

ولكن هل هناك شئ اكثر من هذا ؟ هل رأتهما آديل او سمعتهما وهما يعبران البهو ؟ او هل تبعتهم حتى غرفة ربيكا ؟ وعند هذا التساؤل توردت وجنتاها .
وحاولت ان تتذكر هل كان الباب مفتوحا ام كان مغلقا . ولكنها تذكر الآن ان الباب كان مفتوحا . لأن بيير دفع الباب عندما حملها الى داخل الغرفة وتركه خلفه مفتوحا . هزت رأسها . فأن احدا منهما لم يلاحظ المتلصص الذي جاء هادئا .

وراح يراقبهما . انتاب ربيكا شعور بالغثيان , فأشاحت بوجهها عن روزا حتى لاترى امتقاع وجهها . ولكنها وجدت انه من السابق لأوانه التفكير في أشياء تتصور ان اديل وصلت اليها وأصدرت فيها أحكاما . ولايعني هذا ان اديل ستناقشها فيما رأت او سمعت .
سارت ربيكا نحو الباب وقالت وهي تغادر المطبخ :
- سأذهب لأتبين ما أذا كانت اديل قد انتهت من طعامها ّ!

وتوقفت ربيكا في الممر ثانية لتتسائل : لماذا تعذب نفسها بهذا الأسلوب ؟ وماذا يهم اذا كانت اديل قد رأتهما ؟ لاشئ اطلاقا قد حدث . لاشئ يمكن ان تخجل منه . على الأقل !

انتصبت بكتفيها وسارت عبر البهو صوب غرفة اديل . وبعد ان طرقت الباب ودخلت . وجدت اديل جالسة على المقعد المتحرك . وتضع الصينية على ركبتيها . تطلعت الى ربيكا بنظرة كلها انتصار غريب . فابتلعت ربيكا ريقها قبل ان تقول :
- صباح الخير يا أنسة سانت كلاود .

وضعت اديل الصينية على الطاولة بجوار الفراش . ومسحت شفتيها بمنشفة وقالت :
- صباح الخير يا ربيكا . صباح جميل اليس كذلك ؟

ورده قايين
29-08-2008, 15:35
ضغطت ربيكا على شفتيها فقد كانت تحية غير عادية من أديل . وقالت :
- حقا ... انه صباح جميل .
وتطلعت ربيكا حولها فرأت الستائر قد انفرجت قليلا جانبا . فأزاحتها الى منتهاها حتى تتيح لأكبر قدر من ضوء الشمس الدخول الى الغرفة . وفي نفس الوقت استطردت قائلة :
- لقد استيقظت مبكرة هذا اليوم .

استراحت اديل بظهرها على المقعد وقالت :
- اجل . لعل ضوء النهار اثارني. او ربما شئ أخر . الا تظنين ذلك ؟

سألتها ربيكا وهي تحاول الأحتفاظ بصلابة عودها :
- هل جذبت الستائر جانبا ؟

هزت أديل رأسها وقالت :

- اجل فعلت . القي نظرة خارجا يا ربيكا . هل ادركت متعة المنظر الذي اتمتع برؤيته من هنا ؟

تطلعت ربيكا خارج النافذة . فرأت المرج المؤدي الى الشاطئ . وكل من يجلس امام النافذة يتمتع برؤية جمال منظر كل شئ . وكل انسان يتحرك هناك .

وأستدارت ربيكا وواجهت اديل قائلة :
- انه منظر رائع .
- كثيرا ما جلست امام هذه النافذة يا ربيكا . ليس دائما في الصباح . ولكن أحيانا في اوقات اخرى . هذا الصباح كنت قلقة . ولذلك جلست هناك لفترة .

شعرت ربيكا بعضلات وجهها تتجمد وقالت :
- اوه حقا !
- اجل ... رأيتك وأنت تتوجهين للسباحة يا ربيكا . كم أحسدك .

لم تستطع ربيكا ان تتحمل المزيد فصرخت قائلة :
- كفى ..ماذا تحاولين يا انسة سانت كلاود ؟ انت تحاولين قول شئ اليس كذلك ؟
- صدقيني يا ربيكا انت حساسة هذا الصباح . ماذا تظنين انني احاول قوله ؟



"هل انتهيت من تناول طعامك يا آنسة سانت كلاود؟ إذا كنت قد فرغت منه
فسأحمل الصينية إلى المطبخ ..
"مهلأ يا آنسة ، تعالي واجلسي , أريد أن تخبريني بما حدث بعد ظهر الأمس ؟
حدقت ربيكا فيها بدهشة ، وقالت :
"بعد ظهر الأمس ؟ ماذا حدث بعد ظهر الأمس ؟.
رفعت آديل حاجبيها وسألت .
"رحلتك مع بيير. أريد سماع كل ما حدث ..
"لا شيء هناك يمكن أن أفضي به لك . أرجوك يا آنسة سانت كلاود. دعيني أحمل
الصينية حتى تأخذي حمامك ..
"فيما بعد يا ربيكا. أما الآن فإن لدينا أمورأ يجب مناقشتها. حسنأ يجب أن أقول
لك بعض الأشياء عن بيير .
شعرت ربيكا بالمرارة وقالت بحزم .
- لا أريد الكلام عن السيد سانت كلير.
ضيقت آديل ما بين عينيها. وقالت :
" لا أريد منك أن تتحدثي عنه يا ربيكا، من أجل مصلحتك ..
"ماذا تعنين ؟.
" إني اجرؤ فأقول بأني أعرفه أكثر منك . واتساءل هل كنت حمقاء اذ
تركتك تتعرفين إليه !.
" انت لم تسمحي لي بأن أفعل شيئا. إنني وحدي أستطيع أن أتخذ قراراتي. شكرأ لك ..
"عجبا ..عجبا مسكينة جنيفر فقد وثقت به بدورها. كما فعلت أنت .
ضغطت ربيكا على شفتيها وحدثت نفسها بأنها لن تكون موضع تساؤل من احد . كانت آديل تراقب ملامح وجهها، واستطردت تقول:
" مسكينة ..جنيفر. لقد سبق أن حدثتك عنها. أليس كذلك . أختى!.
"الآخت التي تزوجت بيير؟.
" آجل . أختى جنيفر لم أرها منذ ثمانية أعوام.
وراحت ربيكا تجمع الأطباق جانبأ فوق الصينية استعدادأ لحملها، ولكن
ما قالته أديل جعلها تتوقف فجأة و تنظر اليها بدهشة ، وتتساءل :
" ولكنك قلت إنها ماتت ؟
اتسعت عينا آديل وتطلعت إلى ربيكا بغضب وقالت .
" جنيفر؟ ماتت ؟ متى حدث ذلك ؟
" أنت قلت لي هذا بنفسك !.
" أوه ...لا...لا. إنني لم أقل ذلك ..

ورده قايين
29-08-2008, 15:37
"ولكنك فعلت ذلك . ألا تذكرين ؟ كنا نتحدث عن بيير. ومسألة زواجه وأنت
التي قلت إن شقيقتك قد ماتت ..
"أوه أدركت الآن . لقد اختلط الأمر عليك . قلت إن شقيقتي ماتت . ولكنني لم أقل
زوجة بيير. إنها ليست جنيفر. وإنما أقصد دنيس !
وشعرت ربيكا بالغثيان يفور في أعماقها. إن بيير متزوج . إنه متزوج !
لم تستطع أن تصدق الحقيقة أوتقبلها. لقد كان الموقف سيئأ فى يوم من الأيام
عندما كانت تقدر الهوة الكبيرة التي تفصل بينهما، أما الآن فان الأمر يبدو
رهيبأ...مؤلمأ...مدمرأ.
حملقت ربيكا في وجه آديل وفجأة أدركت شيئأ...إن آديل تخطط لأمر
يدور فى عقلها. إنها تعمدت إن تفضي لها بأمر زواج بيير، ومتى عرفت
ربيكا ذلك سيكون وقعه مؤلمأ عليها. لا بد أن آديل انتظرت حتى حدث
ما حدث هذا الصباح . ولكن ربيكا لم تأبه كثيرأ لما قد يترتب من نتائج ...وصاحت قانلة .
"أنت رأيتنا هذا الصباح ...أليس كذلك ؟.
" رأيت من يا ربيكا؟.

" آوه....أنت تعرفين ...أنت تعرفين . رأيتني مع بيير. ولكن متى؟ وأين ؟.
ورفعت يدها ووضعتها على جبينها، واستطردت قائلة :
"لا يمكنك ...لا يمكنك ....
ولكنها لم تلبث أن استدارت فجأة . ولم تستطع مواصلة الكلام ! وبدت فرحة
كريهة على وجه آديل التي قالت :
"لا يمكنني ماذا...يا ربيكا؟.
ودفعت المقعد التحرك حتى اقتربت من الفتاة المرتبكة . واستطردت تقول .
"سأخبرك . هل يجب علي أن أخبرك ؟ لقد ظننت أنني لا أستطيع أن أدفع هذا المقعد
المتحرك عبرالممر المؤدي إلى غرفتك . أجل غرفة نومك يا آنسة . لقد رأيت يير
عندك أنت مخطئة يا آنسة ! إنني أستطيع التحرك !.
ضغطت ربيكا راحة يدها فوق فمها. وصرخت صرخة مكتومة .
وبدت فرحة الانتصار على وجه آديل . وتابعت .
"أجل يا آنسة . راقبتك ...وهذا أتاح لى أن أعقد عقدأ جديدأ مع الحياة .
صدقيني..
قالت ربيكا مأخوذة :
" لم ابدأ بعد في فهم دوافعك . أنت شخصيه ملتوية ...شريرة !
" ربما أكون شريرة ...ولكني لم أعد أكترث لذلك !
" ولكن ماذا جنيت من وراء كل هذا؟ فرصة لايلامي...أليس كذلك ؟.
" ان تصرفي هذا لا يقارن بمعرفتك لهذا الرجل الذي هجرني للزواج من جنيفر.
فهو لا يعتد بتصرفاته الآن ...تمامأ كما كان العهد به قديمأ!.
" بيير ؟ هل تعنين أنه هجرك ؟.
" اخبرتك من قبل يا ربيكا عندما جا، بيير لآول مرة إلى هنا! ولكن جنيفر
لم تتركنا وشأننا. وظن بيير أن داخلها ممتاز. كمظهرها. ولكنه أخطأ،
واكتشف ذلك بنفسه ، ومع ذلك تزوجها لأنها كانت حاملأ منه . ماذا كان يمكنه أن
يفعل غير هذا؟.
هزت ربيكا رأسها غير مصدقة ما تقوله المرأة الأخرى. إن الأمر يبدو أمام
عينيها كابوسأ يؤرقها. وأفاقت على صوت آديل وهي تستطرد قائلة .
"والآن ...أنت تعرفين كل أبعاد القصة . مؤلمة . أليس كذلك ؟ لقد كنت صغيرة . بينما
كانت جنيفر أكبر مني قليلأ..
ولكن ربيكا لم تشعر بأي شفقة بالنسبة إلى هذه المرأة التي أعدت نفسها
لكي تستخدمها للانتقام من شقيقتها. ومن بيير. ولم تحتمل أعصابها البقاء في
الغرفة معها، فحملت الصينية وما كادت تندفع خارجأ حتى ترنحت قليلأ. ولكنها
لم تلبث أن تماسكت وواصلت سيرها حتى بلغت المطبخ . وألقت بالصينية على
المائدة ، ثم تهاوت على المقعد. وجذب شحوب وجهها نظر روزا واهتمامها.
فأقبلت عليها فى قلق . وقالت صائحة :
"آنسة ...آنسة ! ماذا بك ؟ هل حدث أمر سيء؟ هل أنت مريضة ؟.
تطلعت ربيكا إلى وجه روزا الطيب الطبيعي، وسألتها.
"هل تعرفين أن السيد بيير سانت كلير متزوج ؟.
قالت روزا وهي تشخص ببصرها تجاه الباب . وقد بدا صوتها كرجع
الصدى:
"السيد سانت كلير...أنا...أنا...لا أعرف يا آنسة . إنني لم ألتق به من قبل
الزيارة التي قام بها منذ أسبوعين ..
"أدرك تمأمأ ما تقولين . هل لديك بعض القهوة . إنها ستفيدني قليلأ..
"طبعأ لدي بعض القهوة ...انتظري قليلأ!.
واكتملت صورة ما حدث أمام عيني ربيكا. وهي تتناول عدة فناجين من
القهوة . كان الموقف صعبأ. والاضطراب باديأ عليها. حتى لاح لها الأمر في صورة
حلم جنوني، وكان حقد آديل حقيقة بادية لها. واعتصر الألم المميت أمعاءها

عندما قدرت ما ينتظر علاقتها مع بيير سانت كلير من إخفاق وفشل !
ألهذا السبب سيطر على نفسه في هذا الصباح ؟ ألهذا السبب اعتبها بريئة ؟ ألا
يعرف أنها لم تكن على علم بأمر زواجه ؟ أو أنه يظن أنها واحدة من ذلك النوع
من الفتيات اللواتى يرغبن في الإنغماس في العلاقات ؟ ما رأيه ؟ إذ كانت آديل
قد تجنبت عن عمد أن تخبرها بأمر زواجه ، فإنه كان من الأجدر بها أن تحمل
بيير على أن يفضي بالأمر لها. ولكن ترى ماذا رأت هذا الصباح ؟ وماذا كانت
تصوراتها عندما شاهدتها بين ذراعي بيير؟ هل تعتقد آديل أن علاقتها به
تجاوزت الحد؟

ورده قايين
29-08-2008, 15:41
دفنت ربيكا وجهها في راحتيها. وأقبلت روزا ولمست ذراعها برفق .
وسالتها:
" ما بك ؟ هل أستطيع مساعدتك ؟
" لا أحد يستطيع مساعدتي!.
ثم وقفت على قدميها...واستطردت تقول :
"سأخرج يا روزا. وفي وسعك أن تخبري الآنسة سانت كلاود بانني ساعود
بعد فترة لأحمل متاعي..
"هل أنت راحلة ...يا آنسة ؟.
عضت ربيكا شفتيها وقالت .
"أجل أنا راحلة . حدث شي، ولا أستطيع البقاء هنا..
عقدت روزا ذراعيها فوق صدرها، وقالت :
"هل أنت واثقة مما أنت مقدمة عليه ؟ إن الأمر يبدو غريبأ بالنسبة إلي . ألا يمكنك
الانتظار قليلأ. يومين مثلأ...حتى تتدبري شأنك ؟.
" لا أستطيع البقاء في هذا المنزل . عن إذنك . يجب أن أذهب لأبدل ثيابي..ورده قايين
وقبل أن تبدل ثيابها. طلبت دكتور مانسون هاتفيأ، وأخبرته بقرارها، الذي
كان مفاجأة له ، لأنها لم تقدم له تعليلأ لرحيلها المفاجىء. وطلبت منه أن يرسل
ممرضة أخرى تحل محلها. ثم طلبت بالتليفون سيارة أجرة . وسارعت بارتداء ثوب
من القطن . أبرز رشاقة قوامها، وقامت بتسوية شعرها، وحزمت حقائبها. وعندما
أصبحت مستعدة للرحيل ، وقفت تنتظر وصول السيارة بفارغ الصبر. وأخيرأ
أقبلت و توقفت أمامها، فسارعت إلى الارتماء على المقعد،وطلبت من السائق أن
يتوجه بها إلى أحد الفنادق فى سوفا. و لم تدهش كثيرأ عندما وجدت نفسها
تجهش بالبكاء، فأخرجت منديلأ، جففت به دموعها. ولكن ليس أمامها الآن وقت
للدموع ويجب عليها أن تتخذ قرارها قبل أن تفقد الشجاعة على تنفيذه .ورده
وكان فندق افينيدا يقع فى شارع هادىء. وقد حجزت فيه غرفة لليلة واحدة . ثم طلبت المطار هاتفيأ وسألت عن إجراءات الحجز إلى لندن . وتناولت
طعامها فى مطعم الفندق . وراحت تفكر فى الطريقة التي يمكنها من الاتصال
ببيير . فهي لم تكن تعرف الفندق الذي يقيم فيه . وهناك عشرات الفنادق
المتناثرة فى أنحاء سوفا. ولمحها موظف الاستعلامات فسألها بأدب :
"هل يضايقك شئ يا آنسة ليندسي ؟.
"لا شئ البتة . شكرأ..
"ولكنني سمعتك تسألين عن ضيف لدى القس. هل حاولت الاتصال بفندق سوفا الجديدة ؟ إن ضيوف القس يقيمون عادة هناك..ورده قايين
بحثت في الدليل حتى استطاعت أن تعرف رقم تليفون فندق سوفا الجديد، وأدارت القرص ، فأجابت عليها العاملة قائلة :
"هل أستطيع أن أحمل إليه رسالة عند عودته ؟
ترددت ربيكا فى الرد. فقد عرفت الآن أين يقيم بيير. وأخيرأ قالت .
" لا...لا...ليس هذا ضروريأ.
"هل أخبره من تكون المتحدثة ؟.
"ليس الأمر هامأ..
ووضعت السماعة . وعندما عادت إلى البهو، أعطت موظف الاستقبال مبلغأ
من المال ، قائلة له :
"أشكرك ...إنني ممتنة لك .
" إنا نحاول تقديم كل مساعدة ممكنة يا آنسة ليندسي.
غادرت ربيكا الفندق في الساعة الثانية بعد الظهر. كانت الشمس محرقة
والشوارع أكثر هدوءأ، فأغلب الناس تهجع في هذه الساعة . أما ربيكا فلم
تستطع أن تتذوق طعم الراحة ، لذلك قررت أن تتجه نحو فندق سوفا الجديد
الذي يقدم أعظم خدمة لعملائه من رجال الأعمال . وصعدت درجاته الرخامية .
واخترقت البهو حتى بلغت موظف الاستقبال . الذي سألها:
" هل من مساعدة اقدمها لك يا سيدتي ؟
" أجل ...سألت منذ قليل هاتفيأ عن السيد سانت كلير فأخبروني أنه مدعو في
الخارج لتناول طعام الغداء. هل عاد الآن ؟
" ما اسمك يا آنستي. سأعرف ما إذا كان السيد سانت كلير موجودأ، أم لا.
"اسمى ليندسي.
" حسنأ يا آنسة ليندسي. استريحي على مقعد. وسأرى إذا كان من الممكن
الاتصال بالسيد سانت كلير.
هزت ربيكا كتفيها. وسارت حتى جلست على مقعد. وبدا لها ان بيير
موجود وإلا لاخبرها الموظف انه ما زال في الخارج . وبعد لحظات قليلة اقبل
الموظف وقال لها.
" السيد سانت كلير سيراك الآن يا آنسة ليندسي، إذا جئت معي؟
نهضت ربيكا وسألته .
"..ألن يأتي السيد سانت كلير إلى هنا؟
" سانت كلير سيراك في جناحه بالطبع !
" بالطبع !!وردة قايين
كانت ربيكا تدرك أن رجالأ أمثال بيير لا يقيمون في غرفة ، وإنما
يشغلون جناحأ، واستقلت المصعد يصحبها الموظف حتى بلغت أحد الطوابق
وغادرته لتسير فى ممر . حتى توقف الموظف أمام باب الغرفة . ثم انحنى و تركها. نظرت إليه حتى رحل عنها، وبإصرار طرقت الباب . وسرعان ما انفتح . ووجدت
بيير أمامها. كان من الواضح أنه وصل لتوه ، إذ بدت ربطة عنقه مفكوكة
وقميصه مفتوحا . تطلع إلى ربيكا في دهشة تراجع إلى الوراء كأنه يدعوها إلى
الدخول . فامتثلت لرغبته . وعندما جالت ببصرها فى الجناح أخذت بجمال وروعة
الأثاث . بينا راح بيير يلف حولها ليملأ عينيه منها بإمعان ، فتوردت وجنتاها.
وعندما قارنت اضطرابها بفرط هدوئه وثقته الزائدة ، أدركت حدود طاقتها على مواجهته ، فأسرعت تقول بحزم :
" أنا...أنا آسفة لحضوري إلى هنا على هذه الصوره . ولكن . بما أني سأرحل عن
فيجي غدأ فقد رأيت ...
ولم تستطع مواصلة كلامها...إذ قاطعها بيير فجأة ، وهو يحدق فيها بعينين
ضيقتين ، متسائلأ:
" تغادرين فيجي غدأ؟
" أجل ...وبالرغم من كل شيء!
" لحظة يا ربيكا. ابدأي الموضوع من البداية . أعني، لماذا ترحلين عن فيجي؟
من الطبيعي أنني أدركت السبب ! لقد رأتنا أديل هذا الصباح . هل انا على صواب ؟ .
" اجل . لقد رأتنا .
" هل فصلتك ؟
" لا. إنني راحلة برغبتي أنا!
" ربي. ماذا حدث إذأ؟
" بيير...أريد أن أعرف ...هل أنت متزوج ؟
" أنت تعرفين أنني متزوج .

ورده قايين
29-08-2008, 15:47
شعرت ربيكا بالوهن يدب فى ساقيها. وترنحت قليلأ. إذن إن أمر زواجه
حقيقة . وإن آديل لم تكذب . فحملقت فيه بيأس . كيف يستطيع أن يقف أمامها هكذا ويصرح لها بحقيقة زواجه ؟
وعندما رأى بيير امتقاع وجهها، مد راحة يده ووضعها وراء عنقها وجذبها
نحوه وأدنى فمه منها. فاستجابت له ! ولكن صلابة جسمه نفذت إل أعماق
ضميرها، فأفاقت من غفوتها، وسحبت جسمها بعيدأ عنه ، ومسحت شفتيها بيدها،
وهزت رأسها، قائلة :
" لا...لا...ألا تفهم ؟ إني لم أعرف ...إنني لم أتخيل أنك متزوج . ظننت أن
زوجتك متوفاة !.
" ماذا تعنين انك لم تعرفي بأمر زواجي؟ بالطبع أنت تعرفين . لا بد أن آديل
أخبرتك بالقصة كاملة ..
"هل هذا ما أخبرتك به ؟.
وأطلقت ضحكة مريرة . واستطردت تقول :
" إنها ماهرة . عرفت كيف تدفع أحدنا للعب بالآخر..
أمسك بيير كتفيها براحتيه . وقال :
"عم تتحدثين ! انظري إلي يا ربيكا؟ ما الأمر؟.
"لقد أخبرتك بأني لم أعرف أنك متزوج !
" وهل يعني ذلك شيئأ كثيرا بالنسبة إليك !
"يعني ذلك شيئا بالنسبة إلى : بالطبع يعني الكثير! بيير...بغض النظر عما تظن
بى، فأنني لست من نوع الفتيات اللواتي يتورطن فى علاقة مع زوج امرأة
اخرى .ورده قايين
" استمعي لي . إن زواجي لا يعني شيئأ بالنسبة إلي . ألا تفهمين ؟.
" تقول ذلك لي ؟ هذا...هذا الصباح رأتنا آديل . ولا أعرف ما الذي رأته ،
ولكنها شعرت بسعادة بالغة عندما أخبرتني بعدها بكل شئ كنت أريد معرفته عنك .
"أدرك ذلك !.
"يجب أن تفهم تمامأ ما قالته !.
"إني أعرف جيدأ. إن ما تقوله ليس مديحأ في شخص . وإذا كنت قد أتيت لسماع
إنكاري لكل ما قالته أخت زوجتي. فإنني أخشى أن أكون قد خيبت ظنك ..
"ألا تأبه لما قالته ؟.
"كلا. فكل ما يهمني...كلامك !.
أومأت ربيكا برأسها في يأس . وقالت .
"ماذا أقول ! أوه ...بيير. لماذا أنت متزوج ؟.
ترك بيير يده تنزلق على رسغها، وأجاب :
"سألت نفسي هذا السؤال عشرات المرات . منذ أن قابلتك . إنني أعني كل كلمة
قلتها لك هذا الصباح يا ربيكا..
شدت يدها من قبضته ، وقالت :
" لا ..لا .
جال ببصره من رأسها حتى قدميها، وسألها:
" لا...ماذا؟.
" أنت متزوج يا بيير. لقد انتهت العلاقة بيننا.
قال وهو مقطب الجبين :
«أنت لا تؤمنين بما تقولين ..
"يجب أن أؤمن بما أقول . أنت . لم تطلق زوجتك .
" لم أطلقها لأنه لم يحدث الطلاق بين أفراد أسرتي..
" الآن فهمت !.
وفجأة أطبقت يده على مؤخرة عنقها، وراحت أصابعه تحل عقصة شعرها
فاحتواه في راحته . وأمال رأسها. فارتجف جسمها بعنف . وأخذ بيير يئن مرددا :
" ..لا...لا...أنت لا تفهمين ...دعيني أخبرك بكل شئ ، عن زوجتي. عن جنيفر.
أغمضت ربيكا عينيها فى ألم وهي عازفة عما يبديه لها من حب رقيق وأخيرا انفلتت من بين يديه ، وقالت .
" إن أديل أخبرتني بكل شئ ، عن جنيفر.
" ماذا قالت عني؟ أنت تفضلين تصديق كلامها عن كلامي. أليس كذلك ؟
" وماذا يقال ؟ أنت متزوج . كم أتمنى لوكنت لم تأت إلى فيجي.
وبدت القسوة على وجهه وكأن ربيكا قد لطمته عل رأسه . فسار متجهأ
إلى النافذة ووقف أمامها وظهره لربيكا التي هزت رأسها فى يأس . وسألت
نفسها: ما السبب الذي يدفعها إلى أن تشعر بأنها مذنبة ؟
وأخيرأ !.ادار بيير ظهره ، وقال بصوت بارد.
" هل قلت ...إنك راحلة ؟
" أجل .
" إلى أين .أنت راحلة ؟ إلى إنكلترا؟
" بالطبع.
ردت كلمتها بلا وعي.
" بالطبع ! هل تنوين الالتحاق بوظيفة أخرى؟
" فى مستشفى. إذا استطعت الحصول على وظيفة فيها.ورده قايين
وخيم الصمت عليهما. وبدا كل واحد غريبأ عن الآخر . يتبادلان حديثأ تافهأ. وأخيرأ قال :
" من المفروض أن اتمنى لك حظا سعيدأ. هل تنوين رؤية آديل ثانية ؟
" لا...سأتحدث إلى روزا هاتفيأ لتحزم حقائبي. وترسلها لى .
سألها بوحشية :
" أخبريني.هل تهربين دائمأ من مشاكلك ؟
ارتجفت ربيكا وتساءلت . ماذا تستطيع أن تقول ؟ وكيف يمكنها أن تجيب
على مثل هذا الاتهام ؟ في أي حال إنها الحقيقة التى لا مفر منها. لقد هربت من
قبل ...من بيتر فيلدمان . واستدارت تسير نحو الباب تقول : " يجب أن أرحل الآن.
" أجل . اذهبي الآن ! اخرجي من هنا!




انتهى الفصل الرابع

رواااان
29-08-2008, 16:05
الفصل الخامس ((وقت خاص للبكاء))

اخترقت ربيكا فناء مستشفى بارثولوميو، التي بنيت حديثا في لندن وتميزت بأروقتها النظيفة الملساء والمروج المحيطة بها.
حيّت ربيكا العاملين بالبهو ثم اتخذت طريقها إلى مكتبها المجاور للعنبر رقم 15 . لتحل محل الأخت آنيت فليمنغ التي ابتسمت لها قائلة:
"كل شيء هادئ في الجناح الغربي.كم أنا سعيدة أنك هنا. إنني متعبة!"
"يجب أن تتوجهي إلى فراشك، بدلا من أن تمضي نصف يومك مع باري موريسون، ألا يعرف أن ممرضات الخدمة الليلية في حاجة إلى النوم؟"
"أجد صعوبة في النوم خلال النهار، مادام جرس التيلفون يواصل الرنين وتثاءبت، ورفعت يدها لتغطي فمها، ثم استطردت تقول:
"أنت تعرفين طبيعته"
التقطت ربيكا من آنيت لوحة تسجيل حالة المريض اليومية، ثم قالت بجفاء:
"لحوح! يجب عليك أن تخبريه بأن يتمسك بأهداب الصبر!"
وضعت آنيت عباءتها على كتفيها، ثم قالت:
"هناك القهوة، إذا كنت ترغبين في احتساء فنجان منها، إن السيد هاليداي أمضى ليلة هادئة. والسيد بورتيوس قادم هذا الصباح لرؤية السيد ويلسون بنفسه".
تجهمت آنيت، وتطلعت إلى ربيكا التي راحت تدون التقارير، ثم استطردت قائلة:
"على فكرة، ذلك الولد دافيد فيليس كان طيّعا هذا الصباح".
"حسنا هل تظنين أن أمه سوف تأتي لرؤيته اليوم؟ ولد مسكين؛ إنها لا تكترث كثيرا لما يحدث له".
"أظن أن أما لأربعة أطفال، وبلا اب يأتي بقطع الحلوى، لا تعتبر حياتها نزهة خلوية".
"إنها حقا ليست نزهة خلوية. ولكن أين يوجد هذا الأب؟"
ابتسمت بمرارة، وقالت:
"لا تسأليني يا عزيزتي، إنه لا يتخذني موضعا لثقته. انسي الأمر. إننا لا نعمل هنا مصلحات اجتماعيات، وإنما ممرضات. بحق السماء! كدت أنسى. لقد جاءتك مكالمة تليفونية قبل أن تدخلي الغرفة".
تطلعت إليها ربيكا لاهثة الأنفاس:
"لا تقولي إن بول فيكتور طلبني ثانية".
"إنه هو!"
وتهاوت ربيكا على المقعد.وسألت:
"لماذا يصر على طلبي بالتليفون؟"
"أظن أنه يحبك!"
"إنني أكبر منه بست سنوات".
"حبيبتي. لا تخبريني بذلك. وإنما قولي له هذا".
"سأخبره، لماذا أسمح لنفسي بالخروج معه؟"
قالت آنيت بصراحة:
"لأنه وسيم...ويحبك!"
"إنه صبي!"
"صدقيني، أنت غبية يا ربيكا. ويجب عليك أن تكوني حازمة. فأنت تتساهلين معه، وتساهلك لا يجدي. ألا ترين ذلك؟"
"إنني معجبة به. هذا كل مافي الأمر. ولكنه جاد قليلا في عاطفته نحوي. في الوقت الذي أدرك فيه الهوة التي تفصل بين عمرينا!"
تحركت آنيت متجهة إلى الباب، وهي تتطلع إلى ربيكا في شك:
"إنها ليست مسألة فارق السن، ولكن هناك شيء آخر هذا الشيء يمنعك من أن تتخذي موقفا إيجابيا تجاه أي رجل يلاحقك".
انحنت ربيكا فوق التقارير، وقالت:
"ما العمل، يا آنيت!"
"لا شيء!إن آجلا أو عاجلا سوف تتخذين قرارك تجاه شخص بجدية!"
"لماذا أتخذ قراري؟"

رواااان
29-08-2008, 16:20
"أنت ترغبين في الزواج. وفي أن يكون لديك أطفال أليس كذلك؟"
هزت ربيكا كتفيها، وقالت:
"ربما لا أكون من النوع الذي يصلح للزواج؟"
"بالطبع. انت من النوع الذي يصلح للزواج بحق السماء. ألم أرك في صحبة الأطفال الذين يقيمون في عنبر 6؟ أنت تماما من هذا النوع!"
"ألا تنوين الرحيل؟"
ضمت آنيت عباءتها حول جسمها، وقالت:
"أنت دائما ساخطة، هل تعرفين ذلك؟"
ابتسمت ربيكا وقالت:
"أعرف ذلك".
تطلعت آنيت إليها فترة وجيزة، ثم غادرت الغرفة. وبعد رحيلها ذهبت ربيكا لتعد لنفسها فنجانا من القهوة، وبينما هي تحتسي قليلا منها، راحت تفكر في بول فيكتور مرة ثانية. إنه كما قالت آنيت شخص لحوح، وبرغم ان ربيكا معجبة به، إلا أنها كانت تتمنى أن يعرف أنه يبدد وقته معها هباء وفي وسعه أن يلتقط من يشاء من الممرضات وهو يقوم بدراسة الطب هنا في مستشفى بارثولوميو. ولكن لسبب غير مفهوم اختارها هي بالذات. كان طويلا، نحيلا، جذابا، تعرفت إليه من خلال آنيت وباري موريسون الذي كان يكبرها بعدة سنوات، ويعمل مديرا للمستشفى ويعرف بول منذ ايام الدراسة. وكان قد دعاها وآنيت وبول لتناول العشاء معه ذات مساء، وقد حققت الدعوة نجاحا كبيرا في التقارب بينها وبين بول. إذ قبلت دعوته للخروج معه وحدها في ليلة أخرى. وقد أدركت ألا جدوى من الخروج مع أحد. وحاولت أن تؤكد قرارها لبول، فقد أصبحت ببساطة لا تهتم بالرجال، وتتمنى ألا يهتموا بها.
وفي ساعة متأخرة من النهار، رافقت الجراح بورتيوس في جولة بالعنبر عندما التقت ببول فيكتور، كان واقفا مع زملائه طلبة الطب. فلوح لها بحماسة من وراء ظهر بورتيوس، مما أشاع شعورا عاما من المرح بين الطلبة. فضغطت ربيكا على شفتيها ، نافذة الصبر. وقد أدركت أن آنيت كانت على حق عندما أشارت عليها بأن تكون حازمة مع بول، وتخبره بأن يقطع علاقته بها.
وعندما رحل الجراح، وعادت ربيكا إلى مكتبها، وراحت تتحدث إلى هيئة الممرضات، سمعت طرقا على الباب، فتوجهت رئيسة الممرضات جانيت ويليامز لتفتحه، فاتجهت نظراتها إلى ربيكا وقالت لها بارتباك:
"إنه السيد فيكتور".
نهضت ربيكا من مقعدها غاضبة ،وصاحت قائلة:
"بول، يجب أن تتوقف عن هذا المسلك!"
تردد بول، ودخل الغرفة وهو ينظر إلى رئيسة الممرضات ويليامز، ثم قال:
"ربيكا...أريد أن أراك. ألم تبلغك مكالمتي التليفونية؟"
"أجل. بلغتني رسالتك، ولكن الأمر الذي لا تدركه هو أننا هنا في مستشفى وليس في مركز مقابلات".
"رويدك. لا تكوني عنيفة.متى يمكنني رؤيتك؟"
"لقد أخبرتك يا بول. إنني لا أستطيع رؤيتك. ليس لدي الوقت".
امتقع وجهه. كان صبيا وسيما، شعره أسود، وعيناه زرقاوين وأغلب الممرضات كن يرينه شابا مغريا، ولكن ربيكا كانت مجروحة من تجربة سابقة منذ ثلاث سنوات من هذا النوع العاطفي.
سألها:
"لماذا؟ لقد انتهت ورديتك في السابعة والنصف. ألا نتناول سويا شرابا؟"
ووجدت أنه من الصعب عليها أن تتحدث معه أمام جانيت ويليامز.
فتنهدت وقالت له:
"حسنا، حسنا، سنتناول شرابا. سأضطر إلى الرجوع إلى شقتي لأبدل ملابسي وسأقابلك في الغريديرون في الثامنة والنصف".
وأشرق وجهه بالضياء وقال:
"عظيم! سأراك!"
واختفى من الغرفة . وأغلقت جانيت الباب وراءه بحزم. وألقت نظرة على ربيكا. فرأتها تهز رأسها بائسة!
قالت ربيكا:
"ماذا في وسعي أن أفعل؟إنه شخص يصعب التعامل معه!"
تنهدت جانيت وقالت:
"أظن أنه وسيم لماذا لا ترغبين في الخروج معه"
"لا أعرف، أعتقد أننا مختلفان، فضلا عن أنني أكبره سنا!"
"إن السنوات لا تعني شيئا هذه الأيام، إنني لن أدعها تعترض طريقي، ما دمت أميل إلى الشخص".
"ليس الأمر بهذه الصورة، إنني لا أرغب في التورط مع أي شخص!"
"أنت تفعلين ما هو أسوأ، يقولون إن أسرته تعوم في بحر من المال".
مالت ربيكا برأسها، وقالت:
"المال لا يثير اهتمامي!"
"أحقا ما تقولين؟ إنني أتساءل... لماذا؟"
"أوه. بحق السماء، دعينا نغير الموضوع، هل هذا ممكن؟ كفاني الحديث عن بول فيكتور. في الوقت الحاضر!"
كانت شقة ربيكا، تقع بالحي القديم، في الطابق العلوي لأحد المساكن المشيدة على الطراز الفكتوري. وكان الدفء والهدوء يغريانها بأن تقيم فيها بعد يوم كله إجهاد. وباختصار. كان البيت الذي تجد فيه ربيكا نفسها.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، كانت في حاجة إلى مرفأ. لقد عرفت في غضونها الكثير عن نفسها. وكانت تحتاج إلى وقت كبير لكي تتغلب على المحنة الأليمة التي مرت بها في فيجي. وأطلت على الماضي، فوجدت أن أديل في حاجة إلى الشفقة. كما أنها تجد من الصعب عليها التفكير في علاقتها ببيير سانت كلير، بأية صورة من الصور. لقد بذلت جهدا لنسيانه وساعدها عملها على ذلك. ومع ذلك، فهي لا تنكر أنها ظلت تكابد آلام المحنة وهي مستلقية على فراشها في الظلام.
وأعدت لنفسها شطيرة خلال الفترة التي كانت تستعد فيها لمقابلة بول.
فحصت ثيابها ولما كانت ليالي أكتوبر باردة فإنها اختارت ثوبا أزرق اللون يتخلل قماشه خيوطا من الصوف يبعث الدفء في جسمها. وأرسلت شعرها الطويل على كتفيها. فبدت أطرافه ملتوية خفيفا إلى أعلى. وكان مكان اللقاء يقع في منتصف المدينة، وبعد واحدا من الفنادق التي تقدم الوجبات السهلة، وعندما دخلت ربيكا إلى البهو، وجدت بول جالسا، ودعاها للجلوس، فامتثلت لأمره وهي تتغاضى عن عينيه الزرقاوين اللتين راحتا تتفرسان فيها من رأسها إلى قدميها. وطلب لها بول شرابا، بينما قالت هي:
"إنني أحب هذا المكان. وأنت؟"
هز بول كتفيه وقال:
"حسنا. وإن كنت أفضل الذهاب إلى برينس إدوارد لتناول الطعام هناك".
"أظن أنك لم تفهم أنني رتبت لقاءك هذا المساء، حتى أستطيع أن أطلب منك على انفراد بعيدا عن مكتبي بالمستشفى بأن تتوقف عن مضايقتي!"
اتكأ بول بمرفقه وارتكز بذقنه على راحته وتأملها مليا، وقال:
"أنت لطيفة للغاية!"
"حسنا. صدقني يا بول. أن تتكلم هاتفيا ست مرات ليلة أمس، وجئت بنفسك هذا الصباح، بدون أن تضع في اعتبارك من من الأشخاص قد يكون موجودا في مكتبي! ماذا كنت تفعل لو كان موجودا السيد بورتينوس أو السيد لاتيمر فضلا عن الدكتور هاردي!"
"كنت سأختلق قصة تتلائم مع أكثر العقول شكا".
ارتشفت ربيكا شرابها، وقالت:
"ألا تهتم كثيرا بما طلبته منك، بألا تقابلني ثانية!"
"لا يهمني كثيرا. إن ما أعرفه الآن هو أنك موجودة الليلة معي".
"بول. أريد أن تعرف شيئا، وهو أنني أكبر منك بست سنوات تقريبا. وليس هناك شيء مشترك يجمع بيننا!"
"هل هذه هي الحقيقة؟"
"حسنا. أريد منك أن تكف عن مطاردتي. إنني معجبة بك. وأظن أنك صبي وسيم. ولا أريد أن تتورط مع أي شخص آخر"
"هذا ما أسمعه دائما. دعينا من هذا وأخبريني. إنهم يقولون أنك خضت تجربة حب غير سعيدة، هل هذا صحيح؟"
"من يكون هم؟"
"الناس. وأغلبهم من الرجال!"
هدأت أنفاس ربيكا، وقالت:
"من المؤسف أن هؤلاء الرجال إذا عجزوا عن فعل شيء، فإنهم يتندرون بالحديث أكثر مما تفعل النساء!"
"بعضهم يفعل، وبعضهم الآخر لا يفعل. ولكني لاحظت أنك لا تنكرين الواقعة".
"ولماذا أنكر؟ إنه أمر لا يخصك. مهما كانت حقيقة الواقعة، فإنني لن أحاول إرضاء فضولك".
"حدثيني عن نفسك. إنني مهتم بك، ولست فضوليا".
"ليس هناك شيء أخبرك به. إن المكان بدأ يزدحم بالوافدين. أليس كذلك؟"
"إذا دعينا نذهب لتناول طعام العشاء".
"لست أنوي الرحيل معك إلى أبعد من باب هذا الفندق!"
تنهد بول وقال:
"لماذا؟ ماذا يعيبني؟"
"لا شيء! ليس هناك عيب فيك. ببساطة، أنت تبدد وقتك هباء معي".
وعندما نطقت بذلك، انتابها إحساس غريب ينذر بالشر، فقد سبق أن قالت هذه الكلمات من قبل. لبيير سانت كلير!
مال بول نحوها وقال:
"دعيني أكون أنا الحكم.ليس هناك رجل آخر في حياتك. أنا أعرف ذلك. دعيني أنعم بصحبتك. ولن أسألك أن تمنحيني شيئا لا ترغبين في إعطائه".
سألت نفسها:لماذا لا تقبل صداقته؟ بعد أن كشفت له عن موقفها بوضوح.
تنهدت وتطلعت عاليا، ثم قالت:
"حسنا. يا بول".
"حسنا. ماذا؟"
"حسنا. سأتناول طعام العشاء معك".
"أحقا ما تقولين؟ هذا رائع".
أمسكت ربيكا بذراعه، وقالت بهدوء:
"فقط بشروطي".
هز بول رأسه، وقال:
"موافق".
أمالت ربيكا رأسها وفكرت. إنها لم ترتكب وزرا، إذا... علام الشعور المنذر بالشر يتزايد في داخلها، إنه مجرد إحساس، ولكنها لا تستطيع أن تجد له سببا. هل يعزى ذلك إلى أنها استعادت أحداث فيجي أمام عينيها؟
ولدهشة ربيكا. حققت صداقتها مع بول نجاحا طيبا. ولم ير أحدهما الآخر في كثير من الأحيان، وإنما تركا مقابلاتهما تبدو طبيعية، وكان هو قارئا مجيدا، وميولهما الأدبية متشابهة. وفي الصيف يمارس التنس والسباحة كما تمارسها هي أيضا، وأخبرها أنه زار مع ابيه أغلب دول العالم واستمتع بدفء الشتاء فيها، في حين أن ربيكا لم تشر في حديثها معه إلى الفترة التي أمضتها في فيجي، وإن كانت هي قد حدثته كثيرا عن نفسها. وكان بول يقوم أحيانا بزيارتها في شقتها وقد حرص كل منهما على تجاهل كل التقولات التي يتغامز بها بعض الزملاء في المستشفى. فيما عدا آنيت فليمنغ، فقد كانت وحدها تعرف حقيقة العلاقة. وشجعتها عليها لأنها كانت تدرك أن بول قد يهز مشاعر ربيكا ويدفعها بعيدا عن حياة العزلة التي تحياها.
وذات ليلة. التقى بها بول في سيارته عقب خروجها من العمل، وكانت أمسية ممطرة من أمسيات نوفمبر. والسماء تنذر بتساقط الثلوج. فاتفقت معه على تناول العشاء قبل أن يتوجها إلى السينما، وأمام طبق من اللحم والبطاطا، قال لها بول:
"اكتشفت اليوم أن ممرضة خالتي تعرفك"
فزعت ربيكا وقالت له:
"ممرضة خالتك! من هي؟"
"شيللا ستيفنز"
وتعجبت ربيكا فلم تتذكر في البداية أنها تلك الفتاة التي شاركتها العيش في شقة واحدة. الفتاة التي كانت ستتزوج بيتر فيلدمان. هزت ربيكا رأسها غير مصدقة، وأفاقت من شرودها. وسألته:
"كيف حالها؟"
"بخير. كنت أتحدث معها عن عملي في المستشفى. وجاء ذكر اسمك في معرض حديثي، وأخبرتني أنها شاركتك المعيشة في شقة واحدة".
ترددت ربيكا قبل أن تقول:
"أجل... اشتركنا سويا في شقة واحدة. أظنها قد تزوجت!"
"لا أعرف تماما. إنني ألتقي بها بين الحين والآخر. إنها فتاة طيبة".
أسندت ربيكا رأسها على راحتها. وقالت:
"هي كذلك. إنه عالم صغير؛ شيللا ستيفنز. كم أود رؤيتها!"
"وهي ترغب في رؤيتك أيضا! أخبرتها بأنني سأرتب هذا اللقاء"
"إنها فكرة طيبة منك".
"إذن من الأفضل أن تحضري إلى بيتي".
حدقت ربيكا في وجهه، وسألت:
"بيتك!"
"طبعا. إن خالتي تعيش معي، ومع أبي، أمي ماتت. لقد أخبرتك بذلك".
"أعرف، ولكن لا يمكنني الحضور إلى بيتك، أعني، شيللا ممرضة خالتك".
"هذا أمر لا يهم".
"إنه يهمني... يا بول، إن لدي شقة، وفي وسعها أن تأتي عندي".
"ألا ترغبين في رؤية بيتي؟"
"لا تكن غبيا. إنني أعرف أن بيتك يقع على بعد أميال كثيرة من الجانب الآخر من لندن".
"وماذا في ذلك؟ لديك بضعة أيام إجازة، يمكنك أن تقضيها بعيدا عن لندن. أنا أحب أن تأتي معي".
رأته ربيكا يهبب بها بألا ترفض طلبه، فتنهدت وقالت:
"صدقني يا بول. ظننت أنك تعرف أن علاقتنا..."
توقفت عن مواصلة الحديث عندما أخرج بول سيكارة أشعلها، وأطلق حلقات الدخان من فمه، قائلا لها:
"إنني أعرف كل شيء. كل ما أريده منك أن تأتي معي. بحق السماء، ما الخطأ في مسألة حضورك؟ أنت تعرفين. بأنني لا أخدعك. إن صديقتك هناك في بيتي!"
ضغطت ربيكا شفتيها. وقالت غير مطمئنة:
"إنني أصدقك، ولكن. إنه...حسنا، أسرتك".
"ستكون هناك خالتي فقط أبي مسافر إنه يمضي أوقاتا قليلة في انكلترا. كما أنني أحب أن تشاهدي البيت الذي اشتراه أبي منذ خمس عشرة سنة. البيت على طراز عصر جورج الخامس. ويعد تحفة فريدة مشيدة على الأرض".
"إنني لا أعرف يا بول. ولكنني سأكره أفراد أسرتك. إذا لاح في عيونهم انطباع خاطئ تجاهنا".
"ولماذا يفعلون ذلك؟"
"لا أعرف. وانما أشعر".
وصمتت قليلا. ثم استطردت تقول:

رواااان
29-08-2008, 16:35
"لو كنت تعيش في كريكلوود، لما اكترثت كثيرا ،ولكن أن تكون صاحب بيت من طراز جورج الخامس!"

"انتظري يا ربيكا، ماذا أفعل إذا كانت أسرة أبي وأسرة أمي قد حققتا ثروة طائلة من الصناعة؟ إن وجه العملة لا يعنيني كثيرا ولذلك تركت المنزل ونلت شهادة الطب. إن الطبيعة والكيمياء يستهوياني..التحقت بالجامعة. وأنا أرغب في أن أكون طبيبا. وليس مجرد ممارس عام، وإنما أخصائي، أنا مهتم بأمراض الأطفال.أقول لك ذلك حتى تعرفي بأنني أذهب بك إلى سان سوسي لكي أعمي بصرك بثروت وممتلكاتي. أو أحاول اقناعك بالوسائل المادية".
"أنا آسفة، سأذهب بالطبع ولكن سان سوسي، أي بدون متاعب. هذا الاسم غير مألوف!"
ارتشف بول بقية الشراب، ثم قال:
"إنها فكرة أمي. هذا الاسم يماثل تماما وجهة نظرها في الحياة".
أحست ربيكا في صوته وهو يتحدث إليها، وشعرت بالشفقة نحوه. وكان من الواضح أنه يعيش في بيت لا تكتنفه أسباب السعادة برغم توفر أسباب الرفاهية!
بعد أسبوع. استقلا السيارة إلى سان سوسي. وقد خصص إجازة نهاية الأسبوع لكي يمضيها بصحبة ربيكا. ومن المحتمل أنه قد خطط من أجل قضاء الليلة في بيته، ولكن مهما كانت مراميه، فإن ربيكا قد عقدت عزمها على العودة في نفس الليلة، أو إذا اقتضت الظروف فسوف تستأجر غرفة في فندق لتنام فيها ليلتها.
وعندما بلغا قرية لينسلو، سارا في طريق خاص حتى بلغا بابا حديديا مكتوبا عليه خاص، فتوقف بول وغادر السيارة وفتح الباب الحديدي، ثم عاد وقاد السيارة إلى الداخل، وتوقف ثانية ليغلق الباب وراءه. وحينما استقر وراء عجلة القيادة لينطلق بالسيارة في الممر الخاص، قال لربيكا:
"كما ترين. أنا رجل فلاح. دائما أغلق الأبواب ورائي!"
ابتسمت ربيكا. وطفقت تتطلع حولها باهتمام. فرأت آلاف الأفدنة من المراعي على جانبي الممر. وعند نهايته رأت البيت يقوم كالطود أمام عينيها. وقد تميز ببرجيه الشامخين على جانبيه، والأعمدة قد شيدت على طراز كورنثي وتقع عند الدرجات المؤدية إلى مدخل البيت مما أعطى المبنى مظهرا إغريقيا.وقد وقفت أمامه سيارة مرسيدس. سألها بول:
"هل أعجبك المنزل؟"
"إنه يبدو كالهيكل الإغريقي!"
"أعتقد ذلك. عشت فيه طويلا حتى أصبحت لا ألاحظ ذلك!"
أوقف بول سيارته أمام درجات السلم المؤدي إلى المدخل، وغادرت ربيكا السيارة، وجاء ليمسك بيدها ويقود خطواتها، فامتثلت لرغبته، وسارا إلى الداخل.
وعندما بدأ بول يخلع معطفه، ويساعد ربيكا على التخلص من سترتها، ظهر خادم عند باب الصالة.وحياهما بأدب قائلا:
"أسعد الأوقات يا سيدي".
"مرحبا جيليان، أين الآخرون؟"
"خالتك والممرضة ستيفنز في جناحهما يا سيدي. أوه! لقد عاد أبوك من أمستردام".
"هل وصل حقا؟"
"ألم يكن من الأفضل لنا أن نأتي إلى هنا. عندما لا يكون أبوك في البيت؟"

"بحق السماء.لا. لم أكن أتوقع وصوله.هذا كل ما في الأمر. إنني في الواقع سعيد بعودته. فإنني أرغب في أن تقابليه".
"حسنا. هذا إذا كنت أنت متأكد من أنه لن يضيق بوجودي".
"يتضايق! أنت أول فتاة صديقة لي أحضرها إلى هنا!"
تناول جيليان معطفيهما، وسألهما:
"هل تناولتما طعام الغداء يا سيدي؟ أم تحب أن تعد السيدة جيليان لكما وجبة؟"
"لقد تناولنا طعامنا يا جيليان. على فكرة يا ربيكا. إنني أقدم لك جيليان مدير البيت. إن أجداده كانوا يعيشون هنا منذ القرن التاسع عشر. عندما كانوا يخدمون آل هارموندسي. أصحاب القصر الأصليين".
صافحت ربيكا مدير البيت، وأخبره بول بأنه سيصعد إلى الطابق الثاني بصحبة الآنسة ليندسي ليحظى برؤية خالته، ثم سأله:
"أين أبي الآن؟"
"في المكتب. لقد أحضر معه السيد بريانت، وعلى ما أعتقد أنهما يقومان بدراسة المشروع الأسترالي".
أفسح لهما جيليان الطريق حيث اخترقا الردهة وارتقيا درجا حلزونيا يؤدي إلى رواق له سور حديدي.
وتوقف بول أمام باب، وطرق طرقة خفيفة ثم دخل الغرفة وتبعته ربيكا.
كان الصمت مخيما على الغرفة، فصاح بول قائلا:
"خالتي! خالتي أديل. هل أنت موجودة؟"
تجمدت الابتسامة على شفتي ربيكا عندما سمعت صوت مقعد متحرك يدور. وشاهدت امرأة تتحرك نحوها وقد بدا جسمها أكثر نحافة مما تتذكره أن ذاكرتها لا يمكن أن تخطئها؛ إنها أديل سانت كلاود؛ وفي لحظة شعرت ربيكا ببوادر غيبوبة، فالذكريات تجمعت فجأة في رأسها وأصابت عقلها بالشلل، ولكنها تحاملت على نفسها. ورأت أديل تتطلع إليها مليا.
وكان من الواضح أنها كانت تستمتع بسرور بالغ وهي ترى وقع المفاجأة التي أفزعتها، ويبدو أن أديل كانت تعرف مسبقا بقدوم الفتاة. فأخذت تقترب بمقعدها منها، وبادرتها قائلة:
"حسنا. حسنا يا بول. إذن هذه هي الفتاة التي حدثتنا عنها كثيرا!"

*****نهاية الفصل الخامـــــــــــــس::جيد::..

مجنونة انجل
29-08-2008, 19:11
واااو



شالحظ الي عليها




:)


انتظرج خيتو

حليب وقشطه
29-08-2008, 19:36
سلام بنات
مشكورين على المجهود الكبير ويعطيكم العافيه بدون استثناء
انا متطلعه من وراء الكاواليس على قولتهم وعجبتني تعاونكم وكتابتكم اللي كل وحده احلى من الثانيه
اتمنى تقبلوني صديقه لكم ....


تحياتي للجميع

آن همبسون
29-08-2008, 19:59
مرحباااااااااااااا بنوتااااااااااات,,كل عااام وانتم بخييير وعافية يارب:)


مشكوورين حبيباتي على جهودكم الشكر قليل بحقكم ::جيد::


اعذريني ماري تعرفين العطلة سفر وطلعاات وعزايم الله يعين بس :محبط:


مشكورة آن هامبسوون,,الرواية اروع من الرائعة والصراحة هذي اول مرة اقراها


مشاءالله عليكم الروايات المرة كلهم ماقريتها دخت الصراحة بينهم :confused:


الله يوفقكم يارب ويبلغنا شهر رمضان:)


العفووو حبيبتي وان شاء الله تستمتعين انت والبنات بقراءتها بعد ماتكتمل



ماري ,, وردة ,, رواان


الله يعطيكم العافية

فوفاااا
30-08-2008, 17:09
بصراحه اهنيكم على المشروع الحلو و keep it up

ورده قايين
30-08-2008, 23:07
6- لقاء الأنهار بالبحر


تجمدت ربيكا في مكانها وتطلع بول نحوها بأستغراب وأجاب :
- اجل .

ثم سأل ربيكا بنبرة رقيقة :
- هل انت بخير يا حبيبتي ؟ يبدو على وجهك الشحوب .

كان يريد ان يهدئ من روع ربيكا .
فأمسك مرفقها بيده التي بعثت الدفء والطمأنينه الى قلبها .
ولأول مره شعرت انها في أمس الحاجة اليه . وأخيرا قالت :
- انا مندهشة لمقابلة خالتك . هذا هو كل ما في الأمر . ان كلا منا تعرف الأخرى من قبل يا أنسة سانت كلاود . اليس كذلك ؟
- هل تعرفينها حقا يا خالتي آديل ؟ هل تعرفين ربيكا ؟



قلبت أديل شفتها السفلى ويبدو انها اخذت بمبادرة ربيكا في الهجوم عليها فأجابت أخيرا :
- اجل هذا صحيح . كانت ربيكا ممرضتي في فيجي .

دهش بول بالمفاجأة وقال :
- يا الهي . يالها من مفاجأة لطيفة .

تطلعت اديل الى ربيكا مليا وقالت :
- اجل اليس كذلك ؟ انك مشرقة يا ربيكا وربما كنت نحيلة قليلا .


اخذت آديل تراقب ربيكا بعينين باردتين ، في الوقت الذي كانت تتمنى فيه
ربيكا الفرار. ولم يكن السبب أن آديل أفزعتها، وإنما لأنها كانت
ببساطة لا ترغب في أن يكون لها شأن بأي فرع من فروع هذه العائلة .
قطع بول الصمت المخيم . وسأل :
-«أين شيللا؟ إنها و ربيكا صديقتان منذ عدة سنوات ".
- احقا ما تقول ؟ شيء جميل ! ستعود حالأ. أظن أنها تقوم الآن بجولة مع الكلاب ".
ثم التفتت إلى ربيكا، وقالت لها:
" تعالى يا ربيكا واجلسي إلى جانبي وأخبريني ماذا كنت تفعلين طوال هذه
السنوات ؟
ترددت ربيكا. فلم تكن تحدوها أدني رغبة في الجلوس إلى جوار آديل أمام
بول ، ولكنه شجعها على أن تتقدم إلى الأمام ، فامتثلت لرغبته وجلست على
طرف مقعد إلى جوار آديل . وفى هذه اللحظة خيل لربيكا أن الزمن قد تراجع
ثلاث سنوات إلى الوراء، فانتابتها رجفة هزت كيانها. وأدركت آديل هذه
الرجفة ، فقالت لها:
- هل تشعرين بالبرد يا ربيكا؟ سأطلب من جيليان أن يشعل النار فى
المدفاة ".ورده قايين
"هذا شيء لا يهم ".
وتطلعت إلى بول الذي كان يشعل سيكاره . وتطلعت أديل بدورها الى نحو ابن اختها وسألته :
- أين أبوك ؟
- لم اره بعد . أخبرني جيليان بأنه موجود في مكتبه . سمعت انه احضر معه بريانت .
- أجل . كانا فى أمستردام سويآ".
وحولت رأسها وسلطت عينيها على وجه ربيكا واستطردت تقول :
- يجب أن تخبر أباك بأن ربيكا هنا. أنا متأكدة أنه يرغب في مقابلتها ثانية . لقد
أصبحا صديقين عندما زارا فيجي . انت تذكرين بيير سانت كلير . اليس كذلك
يا ربيكا؟
جحظت عينا ربيكا غير مصدقة ، ورأت الحقد يبرز في عيني اديل
وتساءلت . إن اسم والد بول هو فيكتور وليس سانت كلير. وشخصت
بعينيها نحو بول ، ولكن لسوء حظها كان يتطلع إلى القادم الذي دخل لتوه إلى
الغرفة . وكانت فتاة جذابة ذات شعر أحمر، وترتدى زيأ أبيض بسيطأ، وعلى رأسها
قبعة ، فحياها بحرارة .
" أهلا شيللا. انظري يا ربيكا من التي أتت ".
ولكن ربيكا كانت تشعر بأن ساقيها لا تقويان على حملها، وإغماءة
تغشاها، عندما فكرت في أن بيير سانت كلير هنا، فى هذا المبنى. عليها أن تفر
هاربة . قبل أن تبدو حمقاء في أعين الآخرين .
ولم تدرك شيللا التوتر الذي كان يعتري ربيكا فى هذه اللحظة ،
فاجتازت الغرفة إلى حيث تجلس هي و آديل . وقالت مبتسمة :
: مرحبأ ربيكا. كم هو مفرح أن نلتقي ثانية بعد كل هذه السنوات !
تحاملت ربيكا للوقوف . وابتست ابتسامة واهنة فى وجه شيللا ستيفننز:
" أوه شيللا! عندما أخبرني بول بأنك ممرضة خالته ، لم أصدق ذلك . كيف حالك ؟
قالت ببساطة :
" أنا بخير. إن الآنسة سانت كلاود ليست مريضة متعبة . كما تعرفين بنفسك.
تجهمت ربيكا وقالت :
- أوه . أجل . أنت تعرفين أنني كنت ممرضتها فى فيجي" .
ورده
- أجل .. . أعرف.
ثم انحنت شيللا على مريضتها وراحت تسوي المساند التي تسند عليها
ظهرها. وتسألها إن كانت تشعر بالراحة . ثم انتصبت بقامتها، وأردفت تقول :
- إنني أنا والآنسة سانت كلاود صديقتان . أليس كذلك ؟
ردت آديل :
- أجل ... تمامأ.
تشبثت ربيكا بحزام حقيبتها. وسألت :
- منذ متى وأنت تعملين هنا يا شيللا؟
- منذ ثمانية عشر شهرأ.
وأضاف بول قائلأ:
- عندما ماتت أمي، عادت خالتي آديل إلى انكلترا لتقضي فترة من الوقت
كان ذلك قبل أن تلحق شيللا بالعمل هنا. أليس كذلك يا خالتي؟

ابتلعت ربيكا ريقها بصعوبة ، وبالطبع شاع الاضطراب في تفكيرها. إن
أم بول ماتت ، وإذا كان بيير هو أبوه . وعندئذ ترنحت ربيكا وحاولت أن
تمسك بيدها ظهر المقعد حتى لا تفقد توازنها، ولاحظت شيللا محنتها . فسألتها:
- هل حدث شىء يا ربيكا؟
وفى الحال بدا الاهتمام على بول الذي صاح بدوره قائلأ:
- هل حدث شئ ، يا ربيكا؟
ووضع ذراعه حول كتفيها لمساندتها، واستطرد يقول :
- هيا بنا نخرج لنتنشق الهواء. جو هذه الغرفة اصبح فاسدأ.
هزت ربيكا رأسها موافقة . ولكن آديل تدخلت قائلة:
- ألا تظن أنه من الأفضل يا بول أن تصحب شيللا صديقتها. أنا متأكدة
أن لديهما الشيء الكثير الذي يتجاذبان فيه الحديث . ولا تنسى أن ربيكا قد
أتت لرؤية صديقتها.
تردد بول قليلأ. وتمنت ربيكا أن تجد عذرأ تستطيع به الخروج مع
بول بدلأ من البقاء مع صديقتها شيللا. ولكن تفكيرها لم يهدها إلى هذا
العذر.
سألها بول :
- هل هذا ما ترغبين فيه يا حيبتي؟
- أنا ... أنا أعتقد ذلك.
ثم أرخى ذراعه من حول كتفيها. وتركها وهو يقول :
- أمرك يا خالة آديل . سأذهب لرؤية أبي. ثم نلتقي جميعأ لتناول الشاي سويأ.
ووقع نظر ربيكا على ملابس ثمينة عما اعتادت أن ترتديه شيللا منذ
خمس سنوات خلت ، وتساءلت عما إذا كانت شيللا قد تأثرت بجو الرفاهية
المحيط بها.

ورده قايين
30-08-2008, 23:17
جلست ربيكا وقد أحست بأنها استطاعت أن تخفف من عبء جسمها على
ساقيها. بينا راحت شيللا تعد القهوة . وتقول لها:
- أظن أن فنجانأ من القهوة سوف يبعث الانتعاش إلى نفسك . هل صدمت لرؤية
آديل مرة ثانية ؟
مدت ربيكا أصابعها وراحت تتحسس مسند المقعد. وكأنها تبحث عن
. شئ تقوله ، ثم قالت أخيرأ:
- أعتقد أنها كانت صدمة لى.
قالت شيلا:
- كانت فكرة آديل أن تحتفظ بشخصيتها سرأ عليك . وعندما اكتشفت أنني
أعرفك ازداد اهتمامها بالأمر!
ضغطت ربيكا على شفتيها. وفكرت فى أن اديل لابد شعرت بالسعادة

عندما سنحت لها الفرصة لترى ضحيتها مرة أخرى. يا للمفاجأة ! بول ابن
بيير ! برزت هذه الحقيقة أمام عينيها، فحطمت كل الآمال التي تمنت أن تتحقق في المستقبل .
سألتها شيللا:
- ألا تسألين . هل أحب التمريض الخصوصي.
هزت ربيكا رأسها بالايجاب ، فقالت شيلا بحماسة :
- أحبه كثيرأ. كل شخص هنا. حنون . وصديق !
قالت ربيكا وهي تضغط على مخارج الكلمات :
- هل تعرفين والد بول ؟
- بيير؟ طبعأ!
تضرج وجه ربيكا بلون الدم فأن
شيللا قد نطقت اسمه عن عمد
وكأنها واثقة بمعرفتها به ، وكانت شيللا تقود بدراسة كل ما يطرأ على وجه
ربيكا.
قالت ربيكا:
- ظننت أنك متزوجة الآن من بيتر!
- بيترفيلدمان ؟ هل تتصورين أنني يمكن أن أتزوج منه بعد إيماءتك التي أدارت
رأسه إليك . أليس كذلك ؟
- ماذا تقصدين ؟ كنت أظنك تحبين بيتر.
استدارت شيللا لتصب القهوة ، وقالت :
- على الأقل كنت أظن أنني أحبه . لم يدر بخلدك أنك تسخرين من شخصي
أليس كذلك ؟ يا إلهي. إن بيتر ليس من النوع الذي يحب التورط في
العلاقات السرية إذا أبديت له ذلك . كان وجهه دائما يعبر عما يكابده.
و ر د ة ق ا ي ي ن
سيطرت شيللا على ملامح وجهها، و ناولتها فنجانا من القهوة الساخنه .
وسألتها بأدب :
-هل تحتاجين إلى سكر؟
- صدقيني. إنني لا أعرف ماذا أقول . ظننت . كل واحدة منا ظنت.
- أعرف . أعرف . دعينا نترك هذا الموضوع نهائيأ. وسأقبل تصرفك البطولي الذي
أقدمت عليه.
ضغطت ربيكا على شفتيها، وقالت :
- إني اسفة .
- لا داعي للأسف . أنت قدمت لى خدمة ، فقد عرفت بعد ذلك أنني لن أنعم
بالسعادة مع رجل مثل بيتر فيلدمان . إنه رجل سهل القياد. وأنا أفضل رجلأ
يكون سيدأ لبيته.
مالت ربيكا ورشفت قدرأ من القهوة ، وحذت شيللا حذوها.
وعندما سمعتا طرقأ على الباب ، استدارت كل منهما تلقائيأ نحوه في وقت
واحد، ولوهلة خشيت ربيكا أن يكون بيير هو الطارق ، ولكنها وجدت
بول الذي قال لها ببرا،ة :
هل هواجتماع مغلق . أم أنني أستطيع الانضمام إليكما؟
بدا تعبير دافىء على وجه شيللا وهي تقول له :

- هل تحب أن تشرب قليلأ من القهوة يا بول ؟
«لا. إنما كنت أمزح . في الواقع إن الشاي معد في غرفة خالتي آديل . وطلبت مني
ان أحيطكما علمأ بذلك.
ثم تطلع الى ربيكا بحنان . وسألها:
- هل تشعرين بتحسن الآن ؟
كانت ربيكا فى الحقيقة تشعر بأنها على شفا الانهيار، ولكنها حاولت أن تخفف من هذا التوتر فابتسمت قائلة :
- أشعر بتحسن كبير . شكرا لك .

- حسنا .
وعندئذ جذب بول يد ربيكا. فوقفت على قدميها، وعندما وصلا إلى
الغرفة ، قال بول :
- أخبرت أبي أننا وصلنا ولكنه لم يلاحظ لأنه مشغول مع توم في المشروع
الاسترالي.
ابتسمت آديل وقالت :
- لا عليك يا عزيزي، فهناك وقت كثير يمكنك أن تلتقي به فيه . أظن أنكما
ستمكثان لتناول طعام العشاء معنا.
بدأت ربيكا تقول :
- أ وه . .. . لكن .
حينمأ قأطعهأ بول بحزم قائلا :
- أجل . يمكننا البقاء. وفى الواقع إنني أتساءل عما إذا كان من الممكن أن نمضي
إجازة نهاية الأسبوع هنا. ما رأيك يا ربيكا؟
- لا يمكن يا بول !
تطلعت إليها آديل بعينين فاحصتين . وسألتها:
- لماذا؟ بول أخبرني بأنكما قد حصلتا على إجازة نهاية الأسبوع.
تطلعت ربيكا إليه متوسلة أن يتدخل ، وقالت بتلعثم :
- اننا, أوه ... بول .
ولكن بول كان لا يريد مؤازرتها، فترك الأمر معلقأ، وأحست شيللا
بالتوتر، وأرادت أن تخفف من حدة الموقف ، فقالت :
-أظن أنك وجدت صعوبة فى أن تتلاءمي مع الحياة فى انكلترا من جديد بعد
أن عشت فى فيجي؟
تنهدت ربيكا وقالت :
- أعتقد أنني تلاءمت مع جو انكلترا.
قالت آديل ساخرة :
- إنني لا أستطيع فهم سبب قرارك بالرحيل يا ربيكا. ظننت أنك أحببت الحياة
في فيجي.
حاولت ربيكا ان تبدو غاضبة حتى تخفي اضطرابها. وهي تقول :
- لقد تعبت من العيش في مكان محدود .
والتقطت شيللا خيط الحديث ، وقالت :
- لم تسنح لي الفرصة بزيارة جنوب المحيط الهادي. أظن أن الجو هناك رائع !
قالت ربيكا:
- أجل رائع .
وأدار بول دفة الحديث إلى السؤال عن صحة خالته . ثم تطرق إلى دراسته
في مستشفى بارثولوميو، ثم نهض واقفأ وقال :
- ما رأيك يا ربيكا في أن نقوم بجولة في المنطقة المحيطة بالمنزل ؟ لقد بدأ
الظلام يزحف . وأريد أن أريك جانبأ من المكان.
عضت ربيكا شفتيها. فقد كانت تود الرحيل . ولكن بدا واضحأ أن هذا
المكان ليس من النوع الذي يبدي فيه المرء هذه الرغبة . وخاصة أن بول له
حليف مثل خالته آديل ، تؤازره في رغباته ، ولذلك ابتسمت وقالت :
- أجل . أرغب في القيام بجولة .
وسارا في الممر حتى بلغا السلم الحلزوني. عندما خرج رجلان من الباب الذي
يقع تحتهما. فتجمدت ربيكا في مكانها وتراجعت بظهرها إلى الحائط ولم يدرك
بول تراجعها. وإنما أسرع يهبط الدرج . وهو يتوقع أن تتبعه . وعندما بلغ البهو،
شد انتباهه وجود والده فقال له :
- هل فرغت من عملك ؟
و ر د ه
كانت ربيكا قد لمحت بيير سانت كلير وهو يدورعلى عقبيه ، و يبتسم
لابنه ، فقفز قلبها فى صدرها. واهتز كيانها... كان بيير يرتدي ثوبأ أسود، وقد
خط الشيب رأسه وبدا لها جذابأ كسابق عهده ، وإن كان أكثر نحافة . وتذكرت
الماضي عندما اختليا فى غرفتها فى فيجي. وشعرت بصلابة صدره تضغط على
صدرها .
يا إلهي لا تدعه يتطلع إلى أعلى ويراني. يا لحماقتها ففي لحظة سوف يتلفت
بول حوله ليقدمها إلى أبيه ، وعندئذ. كتمت زفرة ندت من صدرها. فمن
الواضح أن بول لم يوضح شخصية رفيقته عندما أخبره . بنبأ وصولهما ولكن
ماذا يهم ستلتقى به وجهأ لوجه آجلأ أو عاجلأ.

رأت من الأفضل لها أن تتمسك بالهدوء، وألا تقبع فى هذا المكان ، وتبدأ فى
الهبوط وعندما شرعت تضع قدميها على درجات السلم رأت بول يلتفت حوله
بحثأ عنهأ. وقال مبتسمأ:
- تعالي يا ربيكا. أريد أن تقابلي أبي مرة ثانية ..
وسواء، ذكر بول لأبيه أنه أحضر الفتاة التي يعرفها أم لم يذكر، لأن
ربيكإ تجهل حقيقة الأمر. إلآ أنها أحست وهي واقفة فى البهو أن عيني بيير مسلطتان عليها. ولم تتطلع إليه حتى أصبحت على مقربة منه فرأت البرود يشوب عينيه . والصرامة تعلو فمه . وأخذ يهز رأسه غير مصدق ما يرى!
ولكن بول جذبها إلى الأمام ، ووضع ذراعه على كتفيها، وقال :
- حسنأ يا أبي. أنت تذكر ربيكا ليندسي . أليس كذلك ؟ .
وجدت ربيكا نفسها مضطرة إلى أن تتطلع إلى بيير، وأحست بصدمة
عندما رأت القسوة واضحة على ملامح وجهه . وأخيرأ قال :
- أجل . أتذكر ممرضة آديل !

ورده قايين
30-08-2008, 23:23
مدت يدها لمصافحته ، ولكنها سحبتها بسرعة . كانت لمسته تشيع فى أعماقها
حلاوة تشوبها المرارة . وانتابها التوتر عندما حاولت الكلام عن أول شئ تبادر إلى
ذهنها. قالت :
- لكن اسم فيكتور قرين لاسم بول . وليس سانت كلير.
تكلم بيير قائلأ ببرود:
- اسم ابني بول فيكتور سانت كلير. وعندما التحق بهيئة المستشفى، وجدوا
اسمه طويلأ. فاضطروا لاختصاره . ..
ارتجفت ربيكا من نظرات بيير. وقالت :
- أوه ! نعم ... بدأت أفهم . ..
-
ولم يلاحظ بول رجفة ربيكا إذ تحول يتحدث إلى الرجل الآخر قائلأ:
- ربيكا. دعيني أقدم لك توم بريانت . ساعد أبي الأيمن . توم دعني أقدم لك
ربيكا ليندسي. إنها تعمل أيضأ في المستشفى، وكانت سابقأ ممرضة آديل ، وقد
التقت بأبي عندما كان يقوم بزيارة فيجي . ..
صافحها توم بريانت بحرارة ، وقبض براحته على أصابعها النحيلة ، وعلق
على ذلك ضاحكأ، وتجاوبت مع روحه المرحة بشغف . ولجأت الى ذلك حتى
تتجنب تحليلات بيير النافذة ، ووقفا طويلأ يناقشان عملها في سانت
بارثولوميو وأخيرأ قال بيير:
- اقترح الدخول إلى المكتبة . وتناول بعض الشراب ! . .
قال بول :
- كنت أنوي مصاحبة ربيكا لترى المنطقة المحيطة بالقصر . ..
أبدى بيير ملاحظته ، قائلأ:
- ولكن الظلام يسود المكان . آقترح تآجيل ذلك حتى الصباح . ..
تطلع بول الى ربيكا، وقال :
- اننا نستطيع أن نفعل ذلك في الصباح . ..
أطبقت قبضة يدها، وقالت :
- لقد نسيت يا بول . إنا لن نكون هنا فى الصباح.
تطلع إليها بيير طويلأ وقال :
- بالتأكيد. دعاك ابني لقضاء إجازة نهاية الأسبوع . بالاضافة إلى أن الضباب
أفذ يسود الجو وأصبح من الجنون قيادة السيارة ليلأ في طريق العودة إلى
لندن.
تجمدت شفتا ربيكا. تطلعت إلى بول الذي قال لها ببراءة ملحوظة :
- لا تلوميني. فلست مسؤولأ عن سوء الأحوال الجوية.
- ولكنني غير مستعدة . ألا تستطيع حقأ العودة إلى المدينة ؟.
- ولماذا نعود؟ يوجد هنا العديد من الغرف ..
قال بيير فجأة بنبرة متبرمة :
- أظن أن المناقشة قد انتهت بصدد هذا الموضوع . لا يمكنك الرحيل الليلة وعليك
بقبول دعوة المبيت هنا. والآن هيا با نتناول الشراب ..
ضغطت ربيكا على شفتيها. وساءها أن تجد بول يتخذ هذا الأسلوب
ليحقق رغبته بدون أن يفطن إلى أن بيير يرى أن ربيكا تسلك مسلك
الأطفال . ولم يكن فى وسعها أن تفعل شيئأ. فسمحت لبول بأن يأخذ بيدها.
ويقودها إلى المكتبة وهي تتلوى من غضبها المكبوت .

فتح بيير سانت كلير الباب . وكان عليها أن تمر به أثناء دخولها الغرفة .
وشعرت أثناء مرورها بأن ساقيها لا تقويان على حملها.
أجلسها بول بجوار المدفأة . وقدم لها كأسأ من الشراب ، بينما أعد قدحين أخرين له و لتوم بريانت . أما بيير فأعد لنفسه كوبأ كبيرأ من الشراب . وقد بدا واضحأ أن تماسكه قد اهتز هذا الأصيل .
كانت ربيكا سعيدة بكأسها لأنها أتاحت لها أن تركز اهتمامها فيه.
وأخيرأ قالت :
- لم أكن أتخيل المكتبة على هذه الصورة ..
ابتسم توم وقال:
- إنني من رأيك . فإن مثل هذه المكتبة أصبح نادرأ..
تقدم بيير ليقف إلى جوار المدفأة . وقد أعطى ظهره لها، ثم قال بخشونة:
- قررت أن أبيع المنزل !.
تطلع توم إليه فى دهشة . قائلأ:
- أحقأ اتخذت قرارك ؟ حسنأ. إنك تكلمت عن ذلك كثيرأ..
هز بيير كتفيه قائلأ:
- إنه مبنى كبير قليل النفع باهظ التكاليف . بالاضافة إلى أنني لم أهتم يومأ
بالمكان ..
تطلع بول إلى ربيكا ثم قال:
- ولكن أمى اختارت سان سوسي ، وفي حياتها كانت تقيم الحفلات هنا. كانت
تحب كل أسباب الترفيه . أليس كذلك يا أبي؟.
ألقت ربيكا نظرة سريعة على بيير. وتساءلت كيف يكون رد فعل كلام
بول عليه ، ولكن يبدو أن بيير كانت له وجهة نظر تختلف عن ابنه ،
ووجدت نفسها تفكر في جنيفر سانت كلير.
والتقط توم خيط الحديث مرة ثانية . وراح يتحدث إلى بول . وكانت
ربيكا تشعر أن بيير يرمقها بين الحين والآخر. وتساءلت عما يدور بتفكيره
الآن ، وأي عالم بناه لوجودها هنا، فشعرت فجأة برجفة . وهي تفكر في أمره . ما
دامت جنيفر قد ماتت . فهل ينوي الزواج ثانية ؟ ومهما تكن صورتها في نظره ،
فإنه يبدو واضحأ أن ما شعر به نحوها في فيجي أصبح أمرأ منسيأ، وكل ما
تجنيه الآن . أن تتجرع كأس آلامها!
وقطع حبل تفكيرها صوت طرقات الباب . وعندما قال بيير ادخل دخل الى الغرفة جيليان , ووجه حديثه الى سيده بينما كان يحدق في بول , وقال :
- الغرفة الخضراء معدة يا سيدي . هل السيدة الشابة ستمكث هنا الليلة ؟
- ورده قايين -
تطلعت ربيكا الى بول غاضبة بينما كان بيير يجيب قائلا :
- اجل يا جيليان . ان الأنسة ليندسي ستمضي الليلة هنا . وربما كان من الأفضل ان تريها غرفتها الآن .

نهضت ربيكا على الفور , وكانت لاترغب في البقاء . وأنما تريد ان تبتعد عن الغرفة , ان لم تكن عن البيت كله ولكن هذا الأمر كان مستحيلا بالأضافة الى انها ستبدأ الفرار من جديد .
اخيرا قالت :
- شكرا يا جيليان . احب ان اتوجه الى غرفتي .

بدا القلق على بول وقال :
- ربيكا !

ولكن ربيكا تطلعت اليه بأزدراء وقالت بأيجاز :
- سأراك فيما بعد يا بول . اسمحوا لي .

غادرت الغرفة وتبعها جيليان ثم طلب منها ان تتبعه .
وبذلت جهدا في ان ترسم ابتسامة على شفتيها تحية للخادم المسن . انه لم يكن خطأه , وما ذنبه لكي تعامله بخشونة؟ اخترقا البهو . ومرا خلال باب مصنوع من خشب البلوط ادى بهما الى ممر خلفي , فأدركت ربيكا على الفور انهما في احد البرجين . ثم بدأ جيليان يرتقي السلم الحلزوني وتبعته ربيكا وهي تتوقف بين حين وآخر لتلقي ببصرها عبر النوافذ الضيقة المتناثرة . حتى بلغا منبسط الدرج ووقف جيليان امام احدى الغرف ودفع الباب . وطلب منه ان تتقدمه في الدخول .
.عندما جالت ببصرها . بدأ السرور عليها . فقد كانت غرفة جذابة ومضاءة بمصابيح أعلى الحائط والسجاجيد
المنتشرة في أرجاء الغرفة من اللون الأخضر،
والستائر من القماش المطرز.
راقب جيليان الانطباعات التي ارتسمت على وجهها. وقال:
- حمامك ملحق بهذه الغرفة ، ولحسن الحظ أن الغرف مستقلة الواحدة عن الأخرى.
ولذلك يمكنك أن تعتبري هذا الجزء جناحأ خاصأ بك.

- الغرفة رائعة ، شكرأ.
هز جيليان رأسه قائلأ:
- إنني سعيد بأنها حازت إعجابك يا آنسة . هل تريدين شيئا آخر؟
- لا أظن . ما موعد العشا؟
- عادة . في السابعة والنصف . السيد سانت كلير يتناول كأسأ في المكتبة قبل
أن يتناول طعامه . يمكنك أن تنضمي إلى الأسرة هناك في السابعة والربع .
- هل أسلك الطريق . الذي أتيت منه ؟
- لا ليس ضروريأ. انظري.
قادها عائدأ إلى منبسط الدرج وأشار إلى بابين . وقال :
- هذا باب حمامك ، والباب الآخر يقودك إلى البهو العام ، وهذا هو الطريق المعتاد
سلوكه إلى المبنى الرئيسي .
- أوه . فهمت . شكرأ لك.
هز جيليان رأسه ، وقال مبتسمأ:
- هناك ماء ساخن إذا رغبت في الاستحمام . والآن أتركك .
ابتسمت ربيكا بدورها شاكرة . وعندما غادرها أغلقت الباب ، والقت بنفسها
على الفراش ، ودفنت وجهها بين راحتي يديها. وبعد قليل نهضت و توجهت إلى
الحمام . واغتسلت بالماء الدافىء واستعادت نشاطها. ولم تحاول أن تفكر فيما قد
يحدث في المساء. إنه موقف يتعين عليها مواجهته واجتيازه ، ولا أهمية لما قد ينجم من مأساة .
ورده قايين..
ومع كل هذا لم تستطع أن تمنع نفسها من الفكير في بيير سانت كلير. كان
عذابأ تكابده ، وذهولأ تعاني منه كلما فكرت فيه ، وكلما حاولت أن تكف عن
التفكير فيه، كانت تشعر أنه يعيش في عقلها الباطن . كان الألم يعتصر أحشاءها
بول قال إن أمه قد ماتت ، ومعنى ذلك أن بيير أرمل . وتذكرت قسوة وجهه
وهو يطلع إليها عندما التقت به بعد الظهر. وأدركت أن هذه الحقيقة لا تعني أي
شئ لديه كما تعنيها هي. بل على العكس، لقد عاملها وكأن وجودها في هذا
البيت يعد مأساة .
وتساءلت عما يكون رأية في العلاقة التي تربط بينها و بين ابنه ، كما تساءلت
عن دور آديل ، وهل خططت لكي تكشف لبول عن علاقتها بأبيه ؟ وفزعت
عدما تخيلت الروح المدمرة الي تعربد في أعماق آديل .
عادت إلى غرفها. وفجأة سمعت طرقأ عل الباب ، فقالت :
- من . من بالباب ؟
- آنا بول !
- ماذا تريد ؟
- افتحي الباب أريد أن أراك.
- لا. لم أفرغ بعد من ارتداء ملابسي. سأراك على مائدة العشاء.
- لكنني أريد أن أشرح لك.
- ليس هناك شئ يحتاج إلى شرح . ارحل يا بول .
- أوه ، أرجوك يا ربيكا . أريد أن أراك !
ترددت ربيكا. ثم وقفت ، وارتدت سروالا ثبتت أزراره ، ووضعت شالأ على
كتفيها. ثم توجهت إلى الباب ، وفتحت ، فرات بول أمامها جذابا فى زي
العشاء الأسود. قالت له :
- أنت تعرف أنه ليس لدي ثوب للعشاء،. صدقنى. هل خططت لكل هذا؟
- لم أخطط شيئأ. كيف أخطط لمجئ، الضباب ؟
تنهدت ربيكا وقالت :
- في أي0حال . كنا نستطيع أن نمكث في القرية .
قال بول بجفاء :
- كنت تثيرين الأقاويل علينا.
- لا يهمني كثيرأ.
- لماذا تكرهين البقا، هنا؟ هل هي خالتي؟ أعرف أنها مثيرة للأعصاب في بعض
الأحيان .
- لا. لا. ليس الأمر كذلك . ولكن هل كان أبوك يعرف بقدومي؟
- كيف يعرف ! كان في أمستردام .
- أوه ... صحيح !
- ما الخطأ يا ربيكا؟ يبدو عليك التوتر والحدة منذ لحظة قدومك إلى هنا. هل
هناك خطأ ارتكبته ؟
- بالطبع لا. الساعة الآن السابعة والربع . حان وقت العشاء .

اقترب منها بول ، وقال :
- أنت جميلة . هل تعرفين ذلك ؟
سارت ربيكا نحو الباب ، وقالت :
- بول ، ليس الآن .
- ما عيبي؟ أنت تتجمدين كلما دنوت منك .
- ظننت أن كل واحد منا يفهم الآخر.
- حقأ! ما تقولين ؟ حسنأ يا ربيكا، إنني آسف لقد أفسدت عليك إجازة
نهاية الأسبوع . أليس كذلك ؟
لانت ربيكا بعض الشئ وقالت :
- لا . لا ز لست انت الذي افسدها انما انا .
وردة قايين.
ومدت يدها لتتعلق بذراعه واستطردت تقول :
- هيا بنا ننضم للأخرين .

shining tears
31-08-2008, 02:57
7- عودة غير منتظرة...
كانت المكتبة غاصة بالجميع ، وفجأة تحولت ابصارهم لرؤية القادمين.بول وريبيكا اديل ، وشيللا،وتوم بريانت، وبيير وكان وجه توم هو الوحيد المبتسم فأحست ربيكا بسعادة لوجوده.
كانت اديل تجلس على مقعدها المتحرك، وتبدو مستمتعه بسرور دفين يجيش في اعماقها ، أحست ريبيكا بثورة نحوها. ولكن برغم كل شيء كانت عينا ريبيكا مشدودتين الى الرجل الاخر!
كان بيير سانت كلير وسيما في ثوب العشاء الانيق الغالي ويتم كل جزء في كيانه عن رجل ناضج , ودهشت ربيكا لانها مازالت اسيرة نزقها في ان تعامله بالاسلوب الذي انتهجته سابقا. كانت تبدو كالغريبة، برغم انه في يوم ما احتواها بين ذراعيه وبتها عواطفه الملتهبة!
وبدأت اديل الحديث قائلة:
"آه اخيرا اقبلت يا بول . ظننا انك لن تأتي"
وكانت كلماتها تلمح الي ريبيكا التي تضرج وجهها بلون الدم. ولم ينقذها من هذا الموقف الا بيير الذي سأل:
"هل ترغبان في الشراب؟"
فتطلع بول الى ريبيكا رافعا حاجيبيه متسائلا، فطلبت كاسا . ولكن بيير لم يلتفت اليها . وانما اعد الشراب لهما. واسرع بول ليحمل الكأسين من ابيه . وكانت شيللا تحتسي كلآسها ، وهي تتطلع بدهشة الى ريبيكا التي راحت تتساءل عما يدور في خاطر شيللا.
اشعل بيير سيكارا، عندما قال نوم يريانت:
"الضباب يزداد كثافة . هل كان احدكم في الخارج؟"
قال بول باهتمام:
"لا، هل الضباب كثيف حقا؟ اظن انك ستضطر الى البقاء هنا يا توم "
قال بيير وهو يأخذ نفسا عميقا:
"سيبقى توم . كيف تسير الامور في المستشفى يا بول؟ هل اقضيت بالخبر الى هاريسون؟"
"اجل وقد اهتم به ، وتساءل عما اذا كان المشروع عمليا ام لا؟"
اقترب توم بريانت من ريبيكا ، وقدم لها سيكارة ، ثم قال مبتسما:
" يبدو عليك القلق . هل من المحتم عليك ان تعودي الليلة الى المدينة؟"
ثم نظر الى اصابعها وسألها:
"انت لست متزوجة ؟ انه امر يدهشني"
عضت ريبيكا على شفتيها . وقالت:
" الزواج ليس كل شيء".
اوما توم برأسه موافقا ، وقال:
" اجل فانا نفسي لست متزوجا . وعملي يشغلني تماما . وليس من السهل ان اجد امرآه ترضى بحياة الترحال التي اعيشها"
"لن تشعر المرأة بضيق اذا كانت تحيك".
"انت تتكلمين باحساس ، هل هذا نابع من تجربتك الشخصية؟"
" اعتقد ذلك؟"
شعرت ريبيكا بسعادة عندما وجدت الشراب قد بعث الدفء في اوصالها. وراحت تدور باصابعها على حافة الكأس، ثم قالت:
" انت تعرف والد بول منذ فترة طويلة اليس كذالك؟"
" اجل وانت التقيت به منذ فترة ايضا. عندما زار اديل في فيجي اصحيح هذا؟"
" اجل هذا صحيح."
وجالت ببصرها في ارجاء الغرفة . حيث وجدت ان احدا لا يتابع حديثهما . كان بول يتبادل الحديث مع خالته بينما كان بيير يقدم كأسا اخرى الى شيللا ، التي راحت تتطلع اليه بعينين ناعستين استآثرتا ببصره لفترة طويلة. واحست ريبكا بقلها يدق عاليا ، فأشاحت بوجهها بعيدا وفكرت في ان بيير لم يتورط في علاقته مع شيللا ، ومع هذا لم لا يرتبط بها؟ وعلام تدهش؟ انها كانت مجرد ممرضة اديل عندما جذبت انتباهه واغمضت عينيها فترة وجيزة . وعندما فتحتهما رآت توم يتطلع لها باهتمام واضح ويسألها:
" هل انت بخير ؟ لقد با الشحوب على وجهك فجأة هل تشعرين بيضيق ؟"
" شعرت باغماءة خفيفة!"
" هل انت متأكده انك بخير ؟ راودني الظن بانك عانيت من توتر الاعصاب في الفترة الاخيرة ، لعلك بذلت جهدا كبيرا في عملك. انني اتصور ان عملك يتطلب فتاة صغيرة"
" انني اجد التمريض مهنة مجزية احيانا تكون ساعات العمل طويلة ومرهقة، ولكنني لا اشعر بضيق"
"ولكن ما حكاية الحفلات التي تشترك فيها الممرضات؟ فهمت ان هناك العديد من النشطة الاجتماعية داخل المستشفى"
" اخشى ان اقول ان هذه الحفلات لا تجذبني . انني عزوفة واميل إلى الوحدة واحب الاستماع للموسيقى والقراءة
وفي هذه اللحظة اقتربت شيللا من ريبيكا وقالت لها بصوت صاخب
"اوه مهلا" ياربيكا لقد اعتدت على التسلية بالحب وقد اقمنا عشرات الحفلات في الشقه التي عشنا فيها سويا"
" كان ذلك فيما مضى ياشيللا "
" اعرف ذلك ولكن الإنسان لايتغير تماما" وفي فيجي فهمت انك اعتدت على الخروج قليلا"
شخصت ريبيكا ببصرها نحوها لبرهة قصيرة ، ثم حولت نظراتها الى اديل التي دفعت بمقعدها المتحرك لتنضم اليهما قالت ريبيكا:
" اظن انك اخطأت يا شيللا ، انني لم اخرج مطلقا عندما كنت اقوم على تمريض الانسة سانت كلاود".
ضيقت اديل مابين عينيها ، ثم قالت:
" حسنا ، ربما ليس كثيرا ، اليس كذلك يا ريبيكا؟"
ثم تطلعت الى توم واردفت قائلة:
"هذا يتوقف على من يكون الداعي طبعا".
واحست ريبيكا بالموت يداهمها، هل تنوي اديل ان تشير الى اسم بيير في معرض حديثها! وكان بيير نفسه يصب لنفسه كأساا اخرى، وقد بدا وكانه في عالم مختلف عن باقي المجموعة في حين انضم بول اليهم، ووضع ذراعه فوق كتفي ريبيكا مما سبب لها ضيقا كبيرا ، وسأل ببساطة:
"ما الموضوع!"
وخيم صمت غريب استغرق وقتا قصيرا ، وفجأة دوت طرقة على الباب ازعجتهم وكان القادم جليليان، اتي ليخبرهم بأن العشاء قد اعد ، فأطلقت ريبيكا زفيرا عبرت به عن ارتياحها.
تولى بيير امر مقعد اديل فدفعه امامه وغادر المكتبة ولما كان توم مستاثرا بالحديث الى ريبيكا ، فقد وجد بول نفسه مضطرا الى السير مع شيللا ، وكان العشاء معدا على مائدة كبيرة يمكن ان تستوعب ثلاثين ضيفا على الاقل، وقد اضطرت المجموعة لان تحتل جزءا منها حتى يسيل خدمتهم.
كان من الطبيعي ان يجلس بيير على رأس المائدة والى اليسار اديل ، وتوم الى يمينه وجلست ريبيكا الى جوار توم بينما احتل بول مقعدا في مواجهتها بين خالته وممرضتها وادركت ريبيكا ان المكان لم يعجبه فشعرت بشيء من الارتياح.
كان الطعام شعيها . وبرغم الاضطراب العصبي الذي انتاب ريبيكا الا انها راحت تتحدث الى توم ، وتلتهم الطعام بلا وعي. وعقب الانتهاء من تناول الطعام. انتقلوا الى غرفة الجلوس لاحتساء القهوة. وشد انتباه ريبيكا خزانة تحتوي على بعض النفائس ، فسارت نحوها وراحت تتامل باعجاب مجموعة من قطع الشطرنج النادرة ، وعندما احست بان شخصا ما يقف الى جوارها . وكانت تتوقع ان يكون بول او توم. ولكن حين تطلعت اليه. وجدت انه بيير وعلى الفور انتابها التوتر الذي شاع الاضطراب في اوصالها . سألها بصوت بارد
"حسنا ، ما رأيك في منزلي؟"
"انه جميل للغاية"
"هل هذا هو رأيك؟ كنت اتوقع ان يكون انطباعك مختلفا. اخبرنتي ، هل كنت على علم بوجودي في المنزل في اجازة نهاية الاسبوع؟"
" ماذا تقصد؟"
"ماقلته لك ، هل كنت تتوقعين رؤيتي . او كنت تأملين في التأقلم بجو البيت قبل عودتي؟"
ارتعش جفنا. ريبيكا وقالت بصوت غاضب:
"انني لم اكن اعلم انه منزلك حتى قابلت اديل".
" هل تتوقعين ان اصدق كلامك؟هل من المعقول ان ابني بول لم يشر الى اسرته في حديثه معك؟"
"انه اشار بالفعل ولكن ليس بالاسم"
"هل تتوقعين مني ان اصدق انك لاتعرفين من يكون بول!"
"انني لا اكترث كثيرا بما تعتقد!"
"بالطبع انت لاتعرفين شيئا عن هاليداي!"
زوتريبيكا ما بين حاجبيها في حيرة، وسألته:
"هاليداي؟من يكون هاليداي؟"
"دعينا من هذا الان"
ثم راح يجول ببصره بينالحاضرين . وعندما تاكد ان احدا منهم لايتابع حديثهما، استطرد قائلا:
"هل تظنين انك وحدك صاحبة الحق في معاملتي بقسوة؟"
التهبت وجنتا ريبكا لهذه المواجهة . وقالت:

shining tears
31-08-2008, 03:06
"ارجو ، لا اعرف سبب كلامك معي بهذه الطريقة جئت الى هنا لمقابلة شيللا هذا هو كل مافي الامر هل كنت تظن انني سوف اتي وانا اعلم بوجود اديل هنا؟"
وراح بيير يتفحصها فترة طويلة ، ثم قال بمرارة:
"انني اجهل لعبتك، ولكنني ارفض ان اصدق ان دوافعك بريئة كما تدعين".
ابتعلت ريبيكا ريقها بصعوبة وتساءلت ...ترى مالذي قالته اديل بعد رحيلها عنها. وقطعت اديل حبل تفكيرها . قائلة:
"بيير، بيير... دفت تسألهمالحديث الذي استآثر بكما؟ ان بول قد نفذ صبره تماما ، اليس كذلك ياعزيزي؟"
سارت ربيكا في تكاسل عبر الغرفة وجلست قرب بول بينما قال بيير "كنا نتحدث عن الشطرنج واخبرت
ربيكا التي كانت مستقرة على ركبتيها بينما انشغل الأخرون بمناقشة موضوع بيع سان سوسي وانتهز بول الفرصة فسألها
"اخبريني ياربيكا إلى اي مدى كانت معرفتكِ بأبي في فيجي"
حدقت ربيكا فيه غير مصدقة وهزت كتفيها قائلة:
"معقولة للغاية"
ثم صمتت قليلا". واردفت تسأله:
"متى ستعود إلى المدينة غدا؟"
"خالتي آديل اخبرتني ان ابي كان يعرف انك تعملين بمستشفى بارتولو ميو هل رأيته منذ ان رحلت عن منزل خالتي آديل؟"
ضمت ربيكا راحتيها بقوة وقالت بصدق
"بالطبع لا"
وصمتت وراحت تتساءل . مالذي تنوي آديل ان تفعله الان؟
قال بول
"اعتقد انه اكتشف الأمر عندما اتصل بالمسؤلين في المستشفى عند بدء تدريبي بها ودهشت عندما تبينت انه لم يحاول رؤيتك على العموم خالتي آديل كانت تقول إنك انت وابي كنتما اصدقاء"
" لن اعبأ بما تقوله خالتك عني . فربما تكون قد شعرت بضيق عندما لستقلت من خدمتها"
"لماذا فعلت ذلك"
"خالتك ليست بالشخصيه السهله التي يمكن ان يتعامل معها الإنسان
ابتسم بول وزال عنه القلق الذي ارتسم على وجهه وقال:
"تساءلت كثيرا" عن السبب وكان من المستحسن ان تخبريني بسابق معرفتها بك
حتى يكون في استطاعتي تحذيرك"
قالت في ارتياب:
آه...اجل"
وحتى لو عرفت ربيكا هل كانت ستأتي؟ إنه احتمال مشكوك فيه ومع كل هذا كيف يتسنى لها ان تعرف
ان والد بول هو بيير سانت كلير؟
وجاءت شيللا لتجلس بجوارها وهي تتطلع إلى ربيكا عن عمد وسألتها:
"هل لديك قميص نوم او بيجاما؟ إنني استطيع ان اعيرك إحداها"
انتاب ربيكا إحساس دفين بأن شيللا تعرف تماما" ماحدث بينها وبين بيير في فيجي فابتسمت قائلة:
"يمكنني ان اتدبر الأمر وشكرا على العرض الذي تقدمت به؟"
"لاداعي للشكر متى تنوي العودة إلى المدينه يابول؟"
"اظن.... سترحل في الصباح ... واشك ان ربيكا سترضى بالبقاء فترة اطول"
قالت ربيكا:
"يجب ان ترحل بأية حال إن نوبتنا تبدأ صباح الإثنين"
قالت شيللا:
"العمل بالمستشفى ... كم هو كريه لااعرف كيف تتحملين العودة إليه ياربيكا إنني لااحب مثل هذا العمل"
قال بيير بصوت ساخر:
"لأنك لاتحبين الأشياء المادية في الحياة"
وجذب صوته نظر ربيكا فتطلعت إلى وجهه ولم تعترض شيللا على كلماته وإنما انفجرت ضاحكة ضحكة رقيقة وقالت:
"فعلا" ولم لا؟ انت تدفع لي راتبا" وجعلتني انغمس في حياة الترف"
ضغطت ربيكا على شفتيها عندما ابتسم بيير لوقاحة شيللا وقال ساخرا"
"استطيع ان احرمك منه"
عندئذ نهضت شيللا وراحت تتطلع إلى وجهه عن قرب شديد وقالت له بدلال:
"ولكنك لن تستطيع هل في وسعك ان تفعل؟"
منحها بيير ابتسامة متراخية وقال:
"لا لن استطيع هل ترغبين في الأشتراك في مباراة بريدج؟ إن مريضتك تصر على الانضمام إليها"
تطلع يير إلى ابنه وربيكا ثم سأل:
"وماذا عنك يابول؟"
لا.... شكرا"
تجهم بيير وقال متلعثما"
" وانت... ياربيكا؟"
قالت وهي تشيح بوجهها عنه:
"إنني لا العب"
"هيا بنا نذهبإلى المكتبة ابي لديه جهاز تسجيل يمكننا ان نستمع إلى بعض الأغاني"
وافقت ربيكا على اقتراحه ونهضت لتغادر معه الغرفه
كان الجو في المكتبة إلى السرور عندما راحت ربيكا تستمتع بالنظر إلى اكوام الاسطوانات
وهي جالسة على الأرض وإلى جوارها بول ولكنها نهضت واقفة عندما حاول ان يدغدغ عنقها بأصابعه
وسارت إلى النافدة ومسحت الرذاذ الذي يكسو الزجاج ورات الضباب يملأ الفضاء في الخارج حتى استحالت
رؤية شجرة كانت قريبة من المنزل كما احست ان الضباب قد وقف حائلاا بينهما وبين الزمان والمكان واصبحا
يسبحان في فضاء بلا هدف او غاية يسعيان إليها
تنهدت ربيكاثم اغلقت الستائر في اللحظة التي رن فيها جرس التلفون توجه بول للرد واستمع للمتحدث الذي افضى اليه برسالة بعدها تبدلت سحنته وتجهم تجهما" شديدا" واخيرا" قال:
"حسنا" حسنا" سأخبره"
ووضع السماعة مكانها وعندئذ رفعت ربيكا حاجبيها متسائلة فهز رأسه عابسا" وقال:
"إنه هارمان ناظر زراعة والدي يخبرنا بوجود حادث تصادم بين سيارة ولوري عند مطلع الطريق بالقرب
من الحدود الشمالية"
تقدمت ربيكا نحوه وقالت :
"امر مريع هل اصيب احد هل استطيع ان اقدم اية مساعدة؟"
"يجب ان اخبر والدي يعتقد هارمان ان احد الرجال قد مات واظن ان ثلاثة اشخاص قد اصيبوا في الحادث"
"سأتي معك"
"لامانع"
وفتح باب المكتبة فوجد ان الجماعة منهمكين في اللعب قال بول:
"هناك حادث تصادم عند مطلع الطريق هل سمعت رنين التيلفون إنه هارمان الذي افضى بالنبأ
ويقول إنهم ارتطموا بالسور ودارت السيارتان عدة دورات فوق الأرض وان احد الرجال مات"
ولم يحتمل بيير المزيد فانتفض واقفا" على قدميه والقى بأوراق اللعب وصاح:
"هيا بنا"
قالت ربيكا:
"سأتي معكم إنني ممرضة وفي وسعي ان اقدم المساعدة"
ونهضت شيللا بدورها وقالت:
"وانا ايضا" ممرضة"
تطلع بيير إلى شيللا فترة طويلة وقال:
" من المؤسف ان تفسدي ثوبك فضلا" عن ان آديل قد تحتاج إليك"
ثم حول بصره إلى ربيكا وقال لها
"هل تحتاجين إلى معطف بول اذهب إلى الخبركمطبخ واطلب بعض المصابيح من جيليان هل اخبرك هارمان بأنه استدعى الاسعاف او رجال الشرطة
"اجل بالطبع استدعاهم قبل ان يتحدث إلينا
"حسنا" هيا بنا ونزلوا درجات السلم المؤدي إلى الساحه الامامية حيث كانت تقف السيارة المرسيدس
وفتح بيير الباب وامر ربيكا بالدخول والجلوس في المقعد المجاور لمقعده فامتثلت لامره وتساءلت عما إذا كان بول سيحتج لجلوسه في المقعد الخلفي ام لا؟
واقبل بول ينزل الدرجات بسرعه لينظم إليهما وفتح الباب الخلفي ليجلس وراءهما
ودبت الحياة في المحرك ودوى عاليا" واتخذت السيارة طريقا" جانبيا" غير الأرض الفضاء وقال بول:
"هذا الطريق كان ممرا" خاصا" بجياد الركوب حتى قام هارمان بتوسيعه بواسطة سيارته اللاندروفر

shining tears
31-08-2008, 03:31
ركز بيير على قيادة السيارة بينما كانت عينا ربيكا مسلطتين على يديه وهما تقودان وتمنت ان تلمس هاتين اليدين
مرة ثانية وان تضمهما وتتحسسهما برفق ويبدو ان بيير شعر بما يدور في خاطرها فرفع بصره نحوها
وشعرت بسعادة لغياب الضوء في السيارة وإلا لقرأ التعبير الذي ارتسم على وجهها او تورد وجنتيها
واحبت انه بدأ يبطئ في قيادة السيارة عندما قال بول:
"لقد وصلنا تقريبا" هذه هي المنطفة"
واشار هرمان إلى ان السيارتان ارتطمتا بالأشجار
هز بيير رأسه وسأله:
"هل عرفت شخصية الركاب؟"
"اجل ميشيل ميردث وديانا هيوارث"
عض بيير شفته وقال:
"فهمت إنه ميشيل الذي"
"اجل"
"ياإلهي.... هذا الأبله"
" من المحتمل ان يكون قد مات"
"ولكن زوجته لم تمت وهي وحدها التي سوف تتحمل وطأة المصاب اليس كذلك؟"
هز بول رأسه وقال:
"اعتقد ذلك"
من الواضح ان الرجل الميت كان يقف في صحبة امرأة اخرى ليست زوجته
وهذاسبب ضيق بيير وكيف له ان يصدر حكما" بإدانة الرجل الميت
وتسائلت : لماذا لاترضى بديلا" عنه من بين جميع الرجال الذين عرفتهم؟
واقتربت السيارة من نور مصباح السيارة المحطمة وبرز رجل من خلال الضباب واقترب
منهم واجتاز قطعة من الحديد كانت منذ وقت قريب سيارة ميشيل ميردث الفاخرة وغادر بيير سيارته
وحذا رفيقاه حذوه وانضما
"ماذا حدث"
وراح هارمان يروي لهم سائق اللوري يعاني من اضطراب شديد وهو الآن يتناول الشاي الذي قدمه له
ثم اردف يقول
اظن ان ميشيل قتل على الفور"
وراح هارمان يمسح راحته فوق جبينه وكأنه يريد ان يمحو من ذاكرته صورة الدماء التي شاهدها وتقدمت
ربيكا وسألت:
"وماذا عن المرأة هل هي على قيد الحياة"
قال بيير فجأة:
"إن الآنسة ليندسي ممرضة ويمكنها ان تلقي نظرة على ديانا اين هي؟"
"هناك"
وقادها هارمان واجتازا السيارة المهشمة إلى حيث كانت ترقدجثة نصفها على الطريق ونصفها الآخر على الحشائش وقد بلل الضباب ثوبها وكانت ربيكا تعرف جيدا" ان الجسم لابد ان يظل دافئا" حتى تصل عربة الأسعاف وعلى ضوء المشاعل والمصابيح التي احضرها بول استطاعت ربيكا ان ترى امتقاع لون وجهها وعندما ركعت وامسكت بيديها احست بهما مجمدتين صاحت ربيكا في الرجال وقالت:
"اين البطانيات! بيير احضرها من المقعد الخلفي لسيارتك!"
امتثل بيير لطلبها ،بينما اخذت ريبكا تفحص الفتاة فرأت جرحا في رأسها ينزف دما على الارض، وقد برزت عظمة من ذراعها تقع فوق مرفقها تماما. بالاضافة الى بعض الندوب الصغيرة، وانتفاخ بجوار اذنها فقامن ريبكا بمسح الدماء من فوق وجهها بمنديلها ، وحاولت ان تصنع منه ضمادة تضغط بها على الجرح لتمنع النزيف.
وعندئذ عاد بيير بالبطانيات فأخذت تدثرها بها . وهي تأمل ان تأتي سيارة الاسعاف سريعا . وكان من الواضح وجود كسر في ساقها الى جانب بعض الاصابات الداخلية التي لايمكن الكشف عنها في هذا الضباب الكثيف.
وتوجه بيير للتحدث مع السائق اللوري ونهضت ريبيكا وسألت :
"اين يوجد الرجل الاخر؟"
اجاب هارمان بقلق:
"موجود في سيارته يا انسة انت لا ترغبين في رؤيته . اليس كذلك؟ اليس هناك شيء يمكنك ان تفعليه من اجله".
"ربما . ولكن يجب ان اتاكد اولا".
قادها هارمان الى حيث يوجد حطام السيارة والقت عليه ريبيكا نظرة وتركته . عندما تبينت الا جدوى من مساعدتها. وفي هذه الاثناء دوى صوت بوث سيارة تعلن عن قدومها . فانضم اليهم بيير وقال:"
"يبدو ان سيارة الاسعاف قادمة من المستحسن ان يذهب سائق اللوري الى المستشفى انه مضطرب للغاية."
هز هارمان رأسه بأدب وقال
"اجل ياسيدي يمكنك ان تعود الى المنزل ودع الامر لي"
قالت ريبيكا:
الاسعاف قد يحتاج الى مساعدة"
تنهد بول وقال:" هيا بنا ياربيكا انني اتجمد . ليس لدينا شيء اخر يمكن ان نفعله"
تضايق بيير من سلزك ابنه وقال له
"ان شئت ان ترحل . فخذ السيارة وسأعود مع ريبيكا في سيارة هارمان احنى بوك ظهره وقال:
" الجو رهيب ، يمكننا احتساء بعض الشراب حتى يبعث الدفء في اجسادنا"
ضغطت ربيبكا شفتيها وقالت :
" اذهب انت يابول ، وسابقى انا هنا عد الى البيت كما قال ابوك"
"ماذا تريدين ان تؤكديه بوجودك هنا؟ انت عاجزة مثل الاخرى"
توردت وجنتا ريبيكا وقالت:
"لاتكن احمق ، يا بول"
ثم جلست في جوار ديانا هيوراث واردفت تقول:
"لا ارغب في تركها هذا كل مافي الامر!"
تمتم بول بطفولة ، وقال:
" حسنا سوف تتجمدين هنا"
ثم سار نحو السيارة وهو يدمدم، فتطلعت الى وجه بيير القلق فقال "يجب ان اعتذ نيابة عن ابني"
وتركها وذهب ينتظر وصول سيارة الاسعاف وجرت الاحداث سريعا
اذ وصل رجال الشرطة وعندما عرف المفتش شخصية بيير ، اسرع باتمام الاجراءات وجاء رجال المطافي ليرفعوا بقايا جثة ميشيل ميرديث من بين حطام السيارة . وبعد قليل رحلت سيارة الاسعاف بالقتيل والمصابين وكان اللوري غائصا في حفرة تقع على جانب الطريق ، فقام رجال الاطفاء بمساعدة هارمان وبيير على رفعه . ودهشة ريبيكا عندما رأ بيير يسند كتفه الى مؤخرة اللوري ليسهم في دفعه الى الطريق العام ، فالتطقت انفاسها ، ولكنها وقف واجمة عندما رأت بيير يخرج من الحفرة ويدعك كتفه بيده ثم التفت الى هارمان يسأله:
" اين سيارتك اللاندروفر، ساعيدها لك غدا"
قال هارمان باحترام:
"انها تقف هناك ياسيدي ، سابقى حتى ينتهي المسؤولون من مهمنهم وسأوافيك بتقرير كامل في الصباح"
"حسنا ... هيا نرحل ياربيبكا"
سارا في صمت حتى بلغا السيارة واحست انه قد ارهق نفسه في دفع اللوري فثارت الشكوك في علقها سألته:
"هل انت بخير؟"
"بالطبع . ونت هل تشعرين بالبرد؟"
تنهدت وقالت:
"لا ، لا اشعر بالبرد فالمعطف يدفيئني بيير هل انت متأكد من انك بخير؟ يجب ان تخبرني اذا كنت تشكو من الم؟"
"وماذا ستفعلين؟"
"انا ممرضة"
"بالطبع انت ممرضة ! لقد نسيت!"
تنهدت ريبيكا وكان من الواضح ان بيير لن يفضي لها بما يحس من الم.
وتساءلت مالذي يجبرها على الشعور بالضيق على العموم ان شيللا في انتظاره بالبيا ولا ريب انه سوف يستشيرها اذا كان يشعر بأي الم يجب عليها ان تتوقف عن مثل هذا التفكير فهذا يقيدها كثيرا
واوقف السيارة عند البيت ودخل عبر باب يؤدي الى البهو توضع فيه الاحدية وادوات لعب الغولفواجهزة رياضية اخرى.
انتظرت ريبيكا ان يخلع بيير معطفه ولكنه لم يفعل . وانما اشار الى باب يفضي الى الصالة الرئسية وفجأة قال لها :
" واصلي السير"
ضغطت ريبيكا على شفتيها وسارت نحو الباب ، ولكن فجأة ادرات رأسها تنظر وراءها ، وتوقفت انفاسها عندما رأت الالم على وجهه وصاحت بفزع:
"بيير ماهذه البقعة التي تلطخ معطفك؟"
مس شعره براحته مسا رقيقا ثم قال نافذ الصبر:
"بحق السماء اذهبي هل تظنين انني ارغب في ان تريني على هذه الحالة اذهبي!"

shining tears
31-08-2008, 03:35
نهاية الفصل بانتظار الفصل السابع

مجنونة انجل
31-08-2008, 13:06
واااي


يلا عاد بنات


لا تتاخروون :)

pretty*princess
01-09-2008, 02:58
يسلمووو ربي يعطيكم 1000 عافية الروايه تهوس
بليز لا تطولون علينا حبايبي ok

امورة بابا
01-09-2008, 08:45
اهلين انا توني خلصت الزواج الابيض
مشكوره يا اميره الشوق على تعبك
وجهدك الرائع تسلم الايادي
وشكر كبير للكل

ريفـــان
01-09-2008, 18:31
هــــــــــــــــلا واللـــــــــــــــــــه فيــــــــــــــكم

أبصراحـــــــــــه مجــــــــــهود رائــــــــــــع

أنا عضوه جديده عنكون في المنتدى

وسيييييييييييييييييده جيت الروايات احلام وعبير

انا من عشاقهم<<<::سعادة::

والله اروايات كثيره وروعه
:D

بس ياريت كل روايه في موضوع وحده

لان عيوني شبه أحولت <<:o

من كثر مأفرفر في الصفحات

:(
بس تعاون رااائع مره من قبل الأعضاء
:)

يسعدني اكون بينكم

وياريت تفكرون بفصل الروايات مشان تكون أسهل في القرائه
:o


فديتكم

ريفــــــــــــان

حليب وقشطه
01-09-2008, 23:03
كل عام وانتم بخير
مشكورين على الراويه انا استناها تخلص علشان اقراها بس من ردود الاعضاء والملخص باين انها حلوه

حبيبتي ماري انا عندي روايات كثيره وحابه اساعدكم طبعا من بعد اذنك

وياليت لوممكن تنزلون روايه الحلم الممنوع لانها ضاعت من عندي

وشكرا

الهنوووووف
02-09-2008, 10:16
بصرررررررررررررررررراحه انتووووووا رووووووووعه مررررررررررره وانا احبكم بالذااااات ماااري::سعادة::




واتمنى ماطووولون لان اعصااابي ماتحمل الانتظااار

اله يعطيكم العاااافيه عالمجهووود الخطيررر

الهنوووووووف::جيد::

بحر الامان
02-09-2008, 10:20
كل عام وانتم بخير

اهداء خاص لجميع عضوات مكسات

ماري-أنطوانيت
02-09-2008, 11:07
سلام بنات
مشكورين على المجهود الكبير ويعطيكم العافيه بدون استثناء
انا متطلعه من وراء الكاواليس على قولتهم وعجبتني تعاونكم وكتابتكم اللي كل وحده احلى من الثانيه
اتمنى تقبلوني صديقه لكم ....


تحياتي للجميع
هلا والله بالقشطه...:D
العفو قلبي على كلامك الحلو زيك
واكيد انت صديقه واخت عزيزه وغاليه في المشروع..::سعادة::
اسعدنا تواجدك معانا عزيزتي..


بصراحه اهنيكم على المشروع الحلو و keep it up
هلا وغلا فيك عزيزتي فوفااااا
العفو قلبي...اسعدنا تواجك معانا...::سعادة::


واااي


يلا عاد بنات


لا تتاخروون :)
هلاااااااااااااااااا والله فيك مجنونه انجل
شكلك متحمســــــــــــــه كثير للروايه..:D
ان شاء الله عزيزتي راح تنزل الفصول الثلاثه الاخيره بأسرع ما يمكن
لعيونك عزيزتي....;)


يسلمووو ربي يعطيكم 1000 عافية الروايه تهوس
بليز لا تطولون علينا حبايبي ok
هلااااااااا والله pretty*princess
الله يعافيك قلبي....
وان شاء الله الفصول بالطريق ;)


اهلين انا توني خلصت الزواج الابيض
مشكوره يا اميره الشوق على تعبك
وجهدك الرائع تسلم الايادي
وشكر كبير للكل
هلا وغلا فيك اموره بابا...
العفو قلبي ::سعادة::



هــــــــــــــــلا واللـــــــــــــــــــه فيــــــــــــــكم

أبصراحـــــــــــه مجــــــــــهود رائــــــــــــع

أنا عضوه جديده عنكون في المنتدى

وسيييييييييييييييييده جيت الروايات احلام وعبير

انا من عشاقهم<<<::سعادة::

والله اروايات كثيره وروعه
:D

بس ياريت كل روايه في موضوع وحده

لان عيوني شبه أحولت <<:o

من كثر مأفرفر في الصفحات

:(
بس تعاون رااائع مره من قبل الأعضاء
:)

يسعدني اكون بينكم

وياريت تفكرون بفصل الروايات مشان تكون أسهل في القرائه
:o


فديتكم

ريفــــــــــــان
هلا والله فيك عزيزتي ريفان
وحياك الله في المشروع اخت وصديقه عزيزه وغاليه...
تسلمين قلبي على كلامك الحلو...
اما بالنسبه لفصل الروايات في موضوع مستقل صعبه شوي:مرتبك:
لاننا في موضوع واحد و مش في قسم خاص بالروايات
فاذا حطينا كل روايه فموضوع مستقل راح تضيع الروايات
فاحنا نكتبها فهالموضوع عشان ما تكون مبعثره هنا وهناك
وسلامه عيونك قلبي...:o
بس محد يدري يمكن في المستقبل يصير قسم خاص لروايات عبير واحلام;)
وتسلمين قلبي على مرورك الي اسعدنا جدا ::سعادة::


كل عام وانتم بخير
مشكورين على الراويه انا استناها تخلص علشان اقراها بس من ردود الاعضاء والملخص باين انها حلوه

حبيبتي ماري انا عندي روايات كثيره وحابه اساعدكم طبعا من بعد اذنك

وياليت لوممكن تنزلون روايه الحلم الممنوع لانها ضاعت من عندي

وشكرا
هلاااااااااا بالقشطه مره ثانيه:D
حياك الله عزيزتي ومساعدتك مرحب فيها اكيد
انا ان شاء الله براسلك على الخاص عشان التفاصيل..:رامبو:
وان شاء الله نحاول نبحث عن الروايه الي طلبتيها ونكتبها باذن الله.::جيد::


بصرررررررررررررررررراحه انتووووووا رووووووووعه مررررررررررره وانا احبكم بالذااااات ماااري::سعادة::




واتمنى ماطووولون لان اعصااابي ماتحمل الانتظااار

اله يعطيكم العاااافيه عالمجهووود الخطيررر

الهنوووووووف::جيد::
هلا والله فيك يالهنوووووف
منور المشروع بوجودك معانا....::سعادة::
وتسلمين قلبي انتي الاروع:p
وسلامة اعصابك قلبي...ان شاء الله ما نخليها على نار اكثر:D





كل عام وانتم بخير
اهداء خاص لجميع عضوات مكسات
بحوووووووووووووووووووووووووووووووره..::سعادة:: ::سعادة::
هلاااااااا والله بأحلى البنات...:D
وانا اقول المشروع منووووووووور ليه...اتاري بحوره موجوده..
وحشتينا يا بنت...وكل عام وانت بصحه وسلامه يا رب ::سعادة::

ريماالفلا
02-09-2008, 18:14
احلى وارق تهنئه مهداة لجميع عضوات منتدى مكسات بمناسبه شهر رمضان الكريم اعادة الله عليكم بالخير والبركات وتحيه خاصه لفريق كتابه الروايات الرومانسيه الرائعين ويارب مزيد من الابداع والابتكار

ريفـــان
02-09-2008, 22:51
هـــــــــــــلا والله ماريــــــــــــاي

:)

أنشالله يكون في المستقبل القريب اجل ;)

تسلم ايدكم كلكم وأتمنا التعاون يبغى دائمآ وابدآ

::سعادة::

تحياتي وودي للكل

يشرفني اكون بينكم ومتابعه كمان

معني اظن يكون حظوري بصمت بس بحاول يكون لي فعاليه<<:D

لكي ودي

ريفان

الأميرة شوق
03-09-2008, 00:30
مشكورين
يعطيكم العافية يا بنات

sheren
03-09-2008, 13:55
مشكورين على الروايه الروعه جدا والله منعرف كيف نوفيكم حقكم من الشكر اختكم شيرين::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::

مجنونة انجل
03-09-2008, 19:29
تسلمين ماري انطوانيت ::جيد::

انا بانتظارك

اخبزُ حباً
05-09-2008, 23:15
امشكووورين على هذا المشرروع الاكثررر من رائع :D





ودمتم بود:p

shining tears
06-09-2008, 03:26
يعطيكم الف عافية
بس ياجماعة ليش لحد الان الفصل مانزل عسى المانع خير

مجنونة انجل
06-09-2008, 06:43
مابي اكون لحوحه


لكن


وينكم



.!

هيوون بين
06-09-2008, 08:12
شكرا شكرا شكرا شكرا شكرياااااااااااااااااااااااااااات على المشروع ومبروك الافتتاح::جيد::
والله انا من اشد المعجبات برويات عبير واتعب صراحه وانا ادور عليها وانتوا حققت واحده من امانيي وهي قراءة روايات عبير من الجهاز:p:D... يسلموووووووووووو:)

ماري-أنطوانيت
06-09-2008, 15:56
السلام عليكم يا اغلى العضوات

بخصوص الفصل الثامن...صاحبته الي كتبته ما ردت على رسايلي:مندهش:

ان شاء الله يكون المانع خير:confused:

ان شاء الله يومين ويكون الفصل نازل...:o

sondsyara
06-09-2008, 17:29
فين روايات احلام القديمه

وايت إنجل
06-09-2008, 22:01
مبارك عليكم الشهر جميعكم
و شكراً على الرواية الروعة
بانتظار التكملة ::جيد::

sondsyara
07-09-2008, 00:05
شكرا علي الرد علي رسالتي ولوممكن فين روايات عبير

بحر الامان
07-09-2008, 00:50
دايما متعبينك معانا ماري
الله يعينك علينا

Miis Nano
07-09-2008, 16:57
يسلموووووووووو على الرواية بس ممكن التكملة

Miis Nano
07-09-2008, 16:57
يسلموووووووووو على الرواية بس ممكن التكملة

ماري-أنطوانيت
07-09-2008, 18:08
احلى وارق تهنئه مهداة لجميع عضوات منتدى مكسات بمناسبه شهر رمضان الكريم اعادة الله عليكم بالخير والبركات وتحيه خاصه لفريق كتابه الروايات الرومانسيه الرائعين ويارب مزيد من الابداع والابتكار
هلاااااااا والله فيك ريماالفلا
ينعاد علينا وعليكم بالخير والبركه باذن الله عزيزتي
تسلمين على هذا الاهداء الحلو



هـــــــــــــلا والله ماريــــــــــــاي

:)

أنشالله يكون في المستقبل القريب اجل ;)

تسلم ايدكم كلكم وأتمنا التعاون يبغى دائمآ وابدآ

::سعادة::

تحياتي وودي للكل

يشرفني اكون بينكم ومتابعه كمان

معني اظن يكون حظوري بصمت بس بحاول يكون لي فعاليه<<:D

لكي ودي

ريفان
هلا وغلا عزيزتي
وحياك اخت عزيزه وغاليه بالمشروع
ويكفينا تواجدك معانا حتى لو كان بصمت
اهم شي متابعتك لنا ...


مشكورين على الروايه الروعه جدا والله منعرف كيف نوفيكم حقكم من الشكر اختكم شيرين::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::::جيد::
هلا وغلا عزيزتي شرين
وحياك الله في المشروع
يكفينا تواجدكم وتشجيعكم لنا....




تسلمين ماري انطوانيت ::جيد::

انا بانتظارك


ان شاء الله التكمله بالطريق بس صبروا علي يوم لين ما اخلص من كتابه الفصل الثامن...:مرتبك:




امشكووورين على هذا المشرروع الاكثررر من رائع :D





ودمتم بود:p
هلا وغلا فيك عزيزتي
العفوووووووووووو قلبي اسعدنا تواجدك معانا


يعطيكم الف عافية
بس ياجماعة ليش لحد الان الفصل مانزل عسى المانع خير
هلا والله بالغاليه
والله مدري ايش صار بالفصل الثامن:(
بس ان شاء الله بكتبه بأسرع ما يمكن:رامبو:
واحاول بقدر الامكان انزله الليله قبل بكره


مبارك عليكم الشهر جميعكم
و شكراً على الرواية الروعة
بانتظار التكملة ::جيد::
الله يبارك فيك عزيزتي
وان شاء الله اقدر انزل الفصل الثامن بعد ما اخلص من كتابته الليله:رامبو:



شكرا علي الرد علي رسالتي ولوممكن فين روايات عبير
العفو قلبي
وان شاء الله براسلك على الخاص::جيد::
بس ممكن تلاقين روايات عبير من نفس الرابط الي عطيتك


دايما متعبينك معانا ماري
الله يعينك علينا
بحووووووووووووووره
هلا وغلا فيك نور المشروع بوجودك
عزيزتي تعبكم راحه
ويكفيني اني اشوف كل هالردود والتفعالات


يسلموووووووووو على الرواية بس ممكن التكملة
هلا وغلا عزيزتي نانو
وان شاء الله التكمله بتجيكم الليله على وجه السرعه
والسموحه على التأخير:مرتبك:


مابي اكون لحوحه


لكن


وينكم



.!
هلا وغلا عزيزتي مجنونه انجل
العذر والسموحه على التأخير:مرتبك:
بس صارت بعض المشاكل
وان شاء الله بكتب الفصل الثامن على وجه السرعه وانزله الليله بإذن الله:رامبو:


شكرا شكرا شكرا شكرا شكرياااااااااااااااااااااااااااات على المشروع ومبروك الافتتاح::جيد::
والله انا من اشد المعجبات برويات عبير واتعب صراحه وانا ادور عليها وانتوا حققت واحده من امانيي وهي قراءة روايات عبير من الجهاز:p:D... يسلموووووووووووو:)
هلا والله عزيزتي هيوون
الله يبارك فيك قلبي
تسلمين قلبي على كلامك
وان شاء الله تكونين دائما متابعه لنا وتسعدينا بطلاتك

رواااان
07-09-2008, 19:51
الفصل الثامن ((الحقيقة الكاملة))

تجاهلت ربيكا أمر بيير فتوجهت إليه، ولمست البقعة التي لطخت معطفه، فأحست بسخونة لزجة، وصاحت قائلة:
"بحق السماء. ماذا فعلت؟"
"إنني في غنى عن شفقتك. إنه مجرد جرح. هذا كل ما في الأمر. اللوري اللعين مزق جلدي"
"أرجوك، انزع معطفك، دعني أرى الجرح".
تردد بيير فترة ثم فك أزرار معطفه، وسحب ذراعه السليمة منه وكشف الألم الذي ارتسم على وجهه عن صعوبة سحب ذراعه الأخرى من الكم الآخر.
فزعت ربيكا من كمية الدم المتدفق من الجرح. ولكنها لم تتفوه بكلمة، لأنها أدركت أن أية كلمة تصدرها قد تدفعه إلى منعها من مواصلة علاجه. وأخيرا خلع قميصه، وعيناه تراقبان ملامح وجهها. كان صدره أسمر اللون، نامي العضلات، وحاولت ربيكا ألا تبدو مضطربة أثناء الكشف عن كتفه، ولكن كان من الصعب عليها أن تتماسك عندما أحست بحرارة بشرته.
كان الجرح في الجزء العلوي من ذراعه، وبرغم النزيف الشديد إلا أن الجرح لم يصب الشريان التاجي. وأخيرا قالت ربيكا:
"إنني محتاجة إلى ماء ومطهر وبعض الضمادات. هل يوجد منها شيء في البيت؟ يجب أن يفحصك طبيب".
"هناك خزانة إسعاف موجودة في الحمام. هل يمكنك الذهاب إلى هناك؟"
"أعتقد ذلك".
"أوه. هل أطلب من شيللا أن تفعل لي ذلك؟"
وشعرت بأنه يحرجها وهو في أشد حالات ألمه. ورفع ملابسه ووضعها فوق كتفه السليمة، وأشار عليها بأن تتقدمه في السير عبر البهو، وعندما بلغا سلم البرج قال لها:
"سنسلك هذا الطريق، لا أريد أن ألفت نظر أحد إلي".
"كما تشاء".
سبقته ربيكا في صعود السلم، وهي تجول ببصرها حولها من حين إلى آخر، لتتأكد من خلو الطريق. كان شاحب الوجه ، وعيناه عابستين، وكانت تعلم أنه لا يهتم كثيرا بمساعدتها له، وتساءلت: هل من الممكن الحصول على حقنة للوقاية من التسمم، في الوقت الذي كان لا يهتم هو فيه بشيء. أما هي فكانت حريصة جدا على حياته.
ترنح بيير عندما بلغ آخر درجات السلم، فقالت له:
"غرفة نومي هنا، امكث هنا، وسأذهب لإحضار الضمادات. فقط أخبرني أين أذهب!"
"أشكرك، ولكنني أفضل الذهاب إلى غرفتي".
صمت قليلا وهو يحارب موجات الدوار التي داهمته، ثم استطرد يقول:
"إنها ليست بعيدة!"
نطق ذلك وتهاوى على الأرض. فتوقفت أنفاسها، وركعت بدورها على ركبتيها إلى جواره، فوجدته فاقد الوعي. وكان واضحا أن كمية الدم التي فقدها إلى جانب القوة التي استنفذها في دفع اللوري قد سلبته طاقته لدرجة الغيبوبة.
وأدركت أنها لا تستطيع أن تنقذه وحدها. فعادت تنزل درجات السلم بسرعة،وأخذت تبحث عن المطبخ. ووجدت جيليان فطلبت إليه أن يستدعي طبيب السيد سانت كلير، ثم تعاونا سويا على حمله إلى غرفة النوم التي أعدت خصيصا لربيكا، وأخذت تنظف الجرح حتى يصل الطبيب، وكان جيليان يمتثل لأوامرها، بدون أن يطرح عليها أيةأسئلة، كان متفهما ومتجاوبا ويساعدها مساعدة سريعة وفعالة.
وعندما وصل الطبيب، سألت أديل عما يجري، وخرج بول إلى الصالة وواجه ربيكا بحدة قائلا:
"جيليان يقول أن أبي فاقد الوعي. في غرفتك!"
توردت وجنتا ربيكا، وقالت:
"هذا صحيح! بول. إنها قصة طويلة، لا أستطيع أن أرويها الآن. لقد جرح في الحادث، ثم انهار".
هز بول رأسه، ودفعت اديل مقعدها المتحرك، لتسمع آخر الحوار الذي دار بينهما، ثم الت:
"لماذا لم تخبريني فورا، بدلا من أن تأخذيه بهذه الطريقة المستترة؟ أنت لا شيء في هذا البيت يا آنسة، ولا تعتبرين واحدة من أفراده. فلا تظني أن من حقك إصدار الأوامر هنا".
تنهدت ربيكا، ووصل الطبيب، وودت أن تصحبه لكي تكون موجودة أثناء فحص بيير، وتشرح له ما حدث، قالت:
"لا أريد إزعاجك. كان يساعد الرجال على رفع اللوري من الحفرة، فتمزقت كتفه. وتهاوى وهو يصعد درجات السلم".
قال بول غاضبا:
"إلى غرفتك؟"
"لا. بالطبع لا، بحق السماء. هذا ليس الوقت أو المكان الذي نتجادل فيه حول ما حدث. يجب أن أصعد اسمحوا لي".
كان باب غرفة نومها مفتوحا، ودكتور مورتيمر يفحص الجرح، وكان بيير يتطلع إلى الطبيب.
صاح بيير في اللحظة التي دخلت فيها ربيكا الغرفة:
"يا إلهي. يا مورتيمر. إنك تبدد وقتك هنا. إنني لا أريد طبيبا".
وهنا التفت الطبيب إلى ربيكا، وسألها عما إذا كانت قد ضمدت الجرح، وعن حقيقة ما حدث.
ولكن بيير صاح قائلا:
"لقد أخبرتك بما حدث. إنه جرح في كتفي".
وفي هذه اللحظة وصل بول وشيللا، ووقفا مشدوهين عند باب الغرفة، فضغط بيير على شفتيه وصاح:
"ارحلوا كلكم. إذا كنت محتاجا لطبيب، فإنني في غنى عن جمهور المشاهدين!"
قال بول:
"إنني أتدرب لكي أصبح طبيبا، وشيللا ممرضة".
قال دكتور مورتيمر:

رواااان
07-09-2008, 19:53
"من فضلكم. هذه السيدة سوف تساعدني. وسأتحدث معكما فيما بعد".
غضب بول وغادر الغرفة بصحبة شيللا، وصفق الباب وراءهما. والتفت بيير إلى ربيكا وقال:
"يمكنك أن تذهبي أنت أيضا. إنني لا أحتاج إلى ممرضة".
تجاهله دكتور مورتيمر وقال لربيكا:
"ناوليني حقيبتي من فضك. لا تألهي به، بيير ليس بالرجل الذي يرضى بالاعتماد على شخص آخر".
رفع بيير عينيه إلى السماء، ولكن ربيكا شعرت بالارتياح لحديث الطبيب، ومع هذا أحست أن بيير يكرهها. وعندما أنهى الطبيب من مهمته، دفع بيير ساقيه نحو الأرض. وانتصب بقامته تمهيدا لمغادرة الفراش، ولكن ربيكا أدركت من امتقاع وجهه أنه لم يستعد بعد صحته تمامت، بينما وضع دكتور مورتيمر يده بحزم على كتفه السليمة وقال له:
"يجب أن تستريح في الفراش. لقد فقدت كمية كبيرة من الدم، واذا تصرفت بحماقة، فإنني سأحتجزك في المستشفى".
هز بيير رأسه رافضا الامتثال لتعليمات الطبيب، ونهض واقفا على قدميه فترنح قليلا، ثم عاد إلى الرقاد وقال متبرما:
"حسنا. حسنا. سأمتثل لتعليماتك".
التفت الطبيب إلى ربيكا، وقال لها:
"سأراك غدا. هل ستبقين هنا حتى الغد؟"
"يجب أن نعود، بول وأنا، غدا إلى لندن".
"مفهوم. ولكنني غير مستريح لمنظر الجرح، فما رأيك؟"
"ماذا تعني؟"
"ماذا كان يحمل اللوري الذي دفعه بيير؟"
"لا أعرف. ولا أكاد أتذكر الاسم على جانبيه. لا بد أن هارمان يعرف".
"سوف نرى. إن تنظيفك الفوري للجرح بمطهر، ربما حال دون إصابته بتسمم وفي أي حال سأحضر غدا للكشف عليه. كل ما كنت أريده هو أن يظل الجرح تحت بصرك".
"انت تعرف أن الآنسة ستيفنز ممرضة".
"ممرضة آديل؟"
"اجل".
"إذا سألتني عن هذه الشابة، فإنني أقول إنها موجودة هنا لسبب واحد، وهو أن تقتنص الفرصة الكبيرة!"
شعرت ربيكا بالبرودة تنشب أظافرها في أمعائها، وسألته:
"ماذا تقصد؟"
"الأمر واضح. أليس كذلك؟ إنها جاءت إلى هنا بعد وفاة جنيفر، وحيثما يوجد بيير، تكرس جهودها من أجله. وليس لمريضتها. هذا ما لاحظته عندما زرت آديل".
"مفهوم. ومع هذا. يمكنها ان تقدم بعض المساعدة".
ابتسم مورتيمر لأول مرة، وقال:
"انا أخبرتك. سأعود ثانية، حتى أتأكد من أنه معافى تماما".
بعد ان رحل دكتور مورتيمر، دخلت ربيكا إلى غرفة الجلوس لتواجه الآخرين. وكانت تتمنى أن تتجنب هذا الموقف، وتتوجه إلى فراشها مباشرة، ولكن هذا السلوك كان غير معقول، وفي نفس الوقت كانت السيدة جيليان تعيد تنظيف فراشها فرفعت الملاءة الملونة بالدماء وأكياس الوسائد، واستبدلتها بأغطية نظيفة بعد أن وجه بيير إلى غرفته، وساعده جيليان على الرقاد في الفراش.
وجاء الآن دور ربيكا لكي تتلقى الأسئلة، وكانت أديل كعادتها هي التي بدأت بالحديث، قائلة:
"حسنا يا آنسة. نحن في انتظار تفسير لما حدث. قولي لنا ماذا تأملين تحقيقه بإخفاء ما حدث عنا؟ أن تفوزي بفرصة لصالحك مع زوج شقيقتي؟"
تهاوت ربيكا جالسة على مقعد واسع، وهي تشعر بأن ساقيها لا تقويان على حملها، وقد انتابها دوار، ولم تقدر على التطلع إلى بول، وقالت:
"إن كل شيء حدث سريعا".
أشعل بول سيكارة وجذب نفسا عميقا، وقال مقاطعا كلامها:
"هل تقولين إن ما حدث لم يستغرق سوى لحظة قصيرة؟ إنني أريد أن أعرف كيف حدث ذلك؟"
قالت ربيكا وهي تحدق فيه:
"لقد أخبرتك، إن اللوري كانت به شظية معدنية بارزة، مزقت كتف والدك".
وراح بول يحملق في طرف سيكارته، وهو يقول:
"أعتقد أنك ظننت بان وجودك هنا سوف يتيح لك فرصة ثانية لكي تأسريه بعينيك".
صاحت ربيكا وفي صوتها نبرة يائسة:
"بول".
ارتسمت علامات الخجل على وجه بول، وهو يقول:
"حسنا. إذا كان الأمر على هذه الصورة فإنني شغوف لمعرفة مدى علاقتك بأبي في فيجي".
تنهدت ربيكا، ولم تستطع أن تحجب الحيرة التي بدت على وجهها، وتطلعت بوجه غاضب إلى آديل، وتساءلت عما يمكن أن تكون قد قالته عنها في غيبتها، وشعرت بأن شيئا لم يؤذيها بعد كل ما حدث فقالت:
"ولم لا تسأل خالتك؟"
وتقدم توم بريانت إلى الأمام، ولم تلاحظ ربيكا وجوده، إلا عندما قال:
"مهلا يا بول. كف عن هذه الحماقة. أظن أن ربيكا قد أدت واجبها نحو والدك وكما قال دكتور مورتيمر إنه خاط الجرح باثنتي عشرة غرزة، ولا أظن أنك مستاء لعدم استشارتك قبل استدعائه. يا رجل اشكرالسماء، لأن الإصابة لم تكن أخطر من ذلك".
قال بول بلا حياء:
"لا بد أن تتكلم هكذا. يا توم!"
قال توم وقد نفذ صبره:
"أوه كفى، قل لي ماذا حدث؟ لماذا تطالبها بأن تقوم بإبلاغك عقب الحادث مباشرة؟ ماذا كانت ستفعل أكثر مما فعلت ربيكا؟"
قاطعته آديل فجأة:
"إن بول ابن بيير ؟"
"وماذا في ذلك؟"
رفعت آديل كتفيها بعصبية وقالت:
"أنت تحاول أن تجعل من ربيكا بطلة. أليس كذلك يا توم؟"
نظر إليها باستعلاء، وقال بسخرية:
"حسنا. بما أنكم جهة مكونة من ثلاث أشخاص. فلا بد أن يميل ميزان العدل إلى جانبكم. أليس كذلك؟"
احمرت وجنتا آديل خجلا، وقالت:
"حسنا انتهى الامر. وليس أمامنا شيء يمكننا أن نفعله الآن".
وتطلعت إلى ربيكا مليا، وقالت لها:
"سترحلين غدا!"
نهضت ربيكا واقفة. وقالت:
"بل سأرحل الآن!"
وغادرت الغرفة. قبل أن يتفوه أحدهم بكلمة. وعندما بلغت الصالة، أسندت ظهرها إلى الحائط وشعرت بوهن يسري في أوصالها. وكان من الحماقة أن تدع أي شيء تقوله آديل يثير أعصابها. ولكن آديل نجحت في مهمتها!
سارت قليلا في الصالة عندما سمعت بابا يصفق ورائها، وألقت ببصرها سريعا. وتوقعت أن ترى بول، ولكنها رأت توم بريانت، فشعرت بارتياح بالغ. على الأقل كان هو الشخص الوحيد الذي آمن بأن ما فعلته كان صوابا.
قال لها:

رواااان
07-09-2008, 19:54
"تعالي إلى المكتبة. أنت منزعجة، ولا يمكنك أن تأوي إلى الفراش بهذه الحالة.
يمكننا أن نحتسي شرابا. سيساعدك على الاسترخاء"
ترددت ربيكا قليلا ثم ابتسمت، وقالت:
"لا مانع..شكرا".
أعد توم الشراب، وجلسا على مقعدين متقابلين، وكانت ربيكا تحتسي شرابها، عندما سألها:
"اخبريني ماهي علاقتك ببول بالضبط؟"
"ليس بيننا أية علاقة. إننا مجرد صديقين، هذا كل مافي الأمر".
"مفهوم، وطبعا بول لم يعرف أنك تعرفين أسرته".
"كلا".
"أظن أنك لم تكوني على علاقة طيبة بآديل!"
"كانت الحرب بيننا خفية طوال العام".
"إنها شخصية ليس من السهل التعامل معها. فهي تكن لي العداء ولكل شيء في الحياة، حتى أسرتها. وهي ضد كل شخص يجرؤ على مناقشتها!"
قالت ربيكا ببطء:
"اعتدت أن أشفق عليها، ولكنها لا تريد الشفقة، على الأقل مني!"
"لا. لم تشعر بالشفقة مطلقا. وهي انسانة حقود، ولو أنها تخلصت من حقدها بطريقة صحية، لأصبحت شخصية مختلفة تماما، ولكنها لا تستطيع..إنها لم تغفر لبيير زواجه من جنيفر، كما أنها لم تغفر لجينفر فعلتها. إن أفراد أسرة كلاود لا يهتمون بشيء إلا بأنفسهم فقط!"
"لماذا تخبرني بكل هذا؟"
"لدي إحساس بأنك شغوفة لمعرفة ذلك".
"كنت. ولكنني في الحقيقة أصبحت لا أهتم لشيء. أليس كذلك؟"
"لا، ليس كذلك!"
"ماذا تقصد؟"
"إنني أتذكر بيير منذ ثلاث سنوات، عندما عاد من رحلته التي قام بها إلى باساواسي".
"ماذا حدث؟"
"أجل. شيء ما حدث هناك. لم أكتشف كنهه، ولكن الليلة عندما رآك في الصالة. كل شيء عاد إلى ذاكرتي!"
واعتدل توم في جلسته، بينما ارتجفت ربيكا قليلا، وقالت:
"فهمت".
"إذا كنت تشعرين بالعزاء الآن، فلا بد أنك وجهت له لطمة خفيفة وجميلة هناك. لأنه ظل شهورا يعيش في جحيم. لا يستطيع العمل، والسماء وحدها تعرف كيف عاش حياته بعد ذلك".
"كان متزوجا، أليس كذلك؟"
"متزوجا؟ حسنا. يمكن أن تسميه هكذا. ولكن جنيفر لم تكن زوجة. إذا كان هذا ما تقصدين حقا!"
وقفت ربيكا وقالت له:
"هذا شيء لا يعنيني. منذ متى وأنت تعمل مع والد بول؟".
تنهد توم وقال بتعجب:
"لا أعرف. ربما عشرين سنة. ولكن ما أهمية ذلك؟"
ثم استطرد:
"هل أخبرتك آديل بشيء عن أختها؟"
"أخبرتني بانها كانت تحب بيير، وجاءت جنيفر واختطفته منها!"
"وهل صدقت كلامها؟"
"أليست هذه هي الحقيقة؟"
"طبعا، لا. هل رأيت بيير وآديل معا؟"
"لا أعرف، أعتقد أن آدي كانت أكثر نشاطا عندما كانت شابة".
"فعلا، كانت نشيطة، ولكن ليس إلى الحد الذي تقد فيه صداقات مع الشبان، وكان هذا سبب كراهياتها لشقيقاتها، كن يخرجن دائما في صحبة رجال مختلفين. وكان الأمر قاسيا عليها، لأنها لم تستطع أن تتخذ لنفسها صديقا".
"حسنا، في أية حال، إذا كانت آديل تحب أن تتصور أنها جذبت انتباه بيير ذات مرة، فهل هذا الأمر هام؟"
"إنه هام. مادام كل ما قالته عنه لا يعدو ان يكون سلسلة من الأكاذيب!"
"انظر يا توم. إن ما حدث بيني وبين بيير في فيجي، أمر انقضى من أمد طويل، كنت في حياته مجرد تسلية، واحدة من النسوة العديدات في حياته، على ما أعتقد!"
"هل تعتقدين ذلك؟ إن بيير له أخطاؤه. أنا أعرف ذلك، ولكنه ليس حيوانا!"
رشفت ربيكا شرابها على مهل، وقالت:
"توم، أنت صديقه الأثير، ولكن لا تطلب مني أن أثق برجل يقيم علاقة مع امرأة أخرى، بينما له زوجة تعيش في بيته".
"لا تتسرعي في الحكم عليه. من الواضح أنه ليس لديك أية فكرة عما يجري له".
"حسنا، جنيفر. انجبت له ابنا، أليس كذلك؟"

رواااان
07-09-2008, 19:55
"أجل، بول هو ابن بيير، وهو لم ينكر ذلك".
"أرأيت! بالإضافة إلى أنه أخبرني في فيجي بأنها تعيش خارج باريس واليوم اكتشف أنه اشترى هذا المنزل منذ خمس عشرة سنة. كل شيء قاله كان مجرد أكاذيب!"
"بيير اشترى هذا المنزل لجينفر".
"ماذا تقصد؟"
"سأشرح لك. بيير يمتلك أربعة منازل فضلا عن قصر سان سوسي ومنزل باريس، وعنده فيللا في جنوب فرنسا، ومنزل في جامايكا، وقد أقامت جنيفر في جميع المنازل ولكنها لم تشاركه المعيشة فيها. كانا منفصلين، هل فهمت؟"
لم تصدق ربيكا أذنيها، ولكن توم استطرد يقول:
"إليك المزيد. جنيفر كانت امرأة لعوبا. تحب الانتقال بين الرجال. وبيير لم يستطع قبول هذا الوضع. فاحتقرها، كانت تبحث عن ملذاتها في أماكن متعددة!"
شعرت ربيكا بالغثيان وقالت:
"أوه. لا".
"أجل، كان بول السبب الوحيد الذي يفتدى هذا الزواج، ومن أجله لم يقطع بيير المال عن زوجته، لم تكن لدى بول أية صورة عن الحياة التي اضطر أبوه أن يعيشها، لأنه كان يمضي أيامه بعيدا عنه. فهو يعيش في مدرسة داخلية. ثم في الجامعة، وكان الخلاف خفيا عليه. وكان كل ما يشعر به أن والديه لا ينعمان بحياة زوجية سعيدة. وكانت جنيفر من جانبها تحرص على أن تتجنب مقابلة زوجها. ولا أحد ينكر الهبة السماوية التي أتاحت بموتها أن يتمتع بيير بحريته!"
وقفت ربيكا وقد جحظت عيناها، وسألته:
"كيف. كيف ماتت؟"
"أصيبت بمرض لا شفاء منه، إن آل سانت كلاود أسرة عليلة".
"عندما أفكر في ذلك. أرى أن بول يسير في نفس الطريق!"
"كان بيير في التاسع عشرة من عمره عندما تزوج جنيفر، وكانت هي أكبر منه سنا، وقد دفع ثمن مراهقته التي تميزت بعد المسؤولية!"
"إن آديل جعلت الأمور تبدو مختلفة".
"لا بد أن تفعل ذلك. إنها امرأة ملتوية. كل الأسرة ملتوية ودنيس اخت جنيفر الصغرى انتحرت عندما بلغت سن الخامسة والعشرين".
"إنها قصة رهيبة. آديل لم تخبرني بشي من ذلك. لقد جعلت الأمور تبدو وكأن جنيفر هي الشخص البريء في الأسرة".
تمتم توم قائلا:
"أنا أدركت الموقف كله. حسنا. هل تنوين إبلاغ بيير؟"
"إبلاغ بيير؟ أخبره بماذا؟"
"بأنك الآن تعرفين الحقيقة".
زوت ربيكا ما بين حاجبيها، وقالت:
"لا أستطيع أن أفعل ذلك. فضلا عن أنه ليس مهتما بي".
"ليس له زوجة الآن".
أنهت ربيكا احتساء الشراب، وقالت:
"أنت لا تتصور. بعد كل هذا الوقت. أظن أنك تفترض أشياء كثيرة".
"ربما أكون كذلك، ولكن ألا تحبين اكتشاف الأمر؟ أم أنك أصبحت تهتمين ببول؟"
"لا. لا. ليس بول. إنه صغير جدا، فضلا عن أنني لم أستطع".
ثم توقفت عن مواصلة الكلام، وتطلعت إلى ساعتها، ثم صاحت:
"هل تعرف أننا في منتصف الليل؟يجب أن نأوي إلى الفراش!"
ابتسم توم وقال:
"هذا اقتراح مغر. بدأت أفهم لماذا يريدك بيير!"


******* نهاية الفصل الثامن ..

رواااان
07-09-2008, 19:59
انا اعتذر عما بدر مني من تقصير وعدم تحمل المسؤولية :محبط:..

انا اعتذر لكل من ازعجه ومله الانتظار بسببي:محبط: ..

انقطع النت عن بيتي فترة طويلة انقطاع تاااام:بكاء: ..

عشت حالة معاناة وشعور بالذنب لا يعلم بها الا ربي ..

واتمنى تعذروني على فعلتي الشنيعة والمريعة :بكاء:..

فالنتينو
07-09-2008, 21:12
مرحبا بنات والله من زمان عنكم من جد اشتقت للمشروع مع انو مشاركتي فيه قليلة ومو فعالة على العموم الله يساعدكم ويقويكم موفقين ان شالله ::جيد::

shining tears
07-09-2008, 21:53
يعطيك الف عافية عنوني روان
وعذرك معاك وماله داعي شعورك بالذنب
قطاع النت ولا حاجة ثانية
وحمدلله على سلامة رجوعه
ويعطيك الف عافية على المجهود

Miis Nano
07-09-2008, 22:05
يسلموووووو على التكملة ياقلبي

عذوووق
07-09-2008, 22:27
يسلمووووووووو على الفصل الرائع

معذورة خيتو على الانقطاع

بانتظار بقية الفصووووووول

بحر الامان
08-09-2008, 00:23
روان أنت ألي كان عندك الفصل الثامن

طيب طيب صبرك علي

إذا ما حرمتك من الميراث

لا أنتي بنتي ولا أعرفك

























عنوني معذورة

بتصير في أحسن العائلات

بس المهم تكمل الروره









تحياتي للجميع

بحوره

Sypha
08-09-2008, 01:53
انا اعتذر عما بدر مني من تقصير وعدم تحمل المسؤولية :محبط:..



انا اعتذر لكل من ازعجه ومله الانتظار بسببي:محبط: ..


انقطع النت عن بيتي فترة طويلة انقطاع تاااام:بكاء: ..


عشت حالة معاناة وشعور بالذنب لا يعلم بها الا ربي ..


واتمنى تعذروني على فعلتي الشنيعة والمريعة :بكاء:..




لا تعتذري أبدا حبيبتي


هاذي مو غلطتك ..النت شيء مزاجي


ومزعج جدا ---->اسألي مجرب:ميت:


ولاتشيلي هم يكفي رجعتك بالسلامه..^^


وحلاوة المفاجأه بالإنتظار ..:D


وشعورك بالذنب دليل واضح على تحملك المسؤليه


الله يوفقك


في آمــــان الله}~


========


متابعه شيقه للـــــــكل::سعادة::


دمتم بود}~

لحـ الوفاء ـن
08-09-2008, 02:37
صباح الخير على الجميع
كل عام والكل بخير
ورمضان كريم للكل



9-الشاي يغلي بمرح

استيقظت ريبيكا في صباح اليوم التالي ، وغادرت غرفتها الى البهو الرئيسي، حيث وجدت في الصالة فتاة منهمكة في تنظيف المدفأة وسعدت برؤية شخص غيرها ، ووصلت حيث تقف الفتاة وسألتها:
"من انت؟"
"انا اليزابيث هل تعرفين متى يقدم طعام الافطار؟"
"السيدةجيليان عادة لاتعد طعام الافطار لاحد سوى السيد بيير عندما يكون في المنزل ، الانسة اديل وممرضتها تتناولان الطعام في جناح الانسة اديل اما السيد بول فإنه نادرا ما يهتم بالطعام لانه يفضل الاستغراق في النوم."
"متى يتناول السيد بيير طعامه في الصباح؟"
"السيد بيير لا يستيقظ عادة قبل التاسعة."
"اوه اخبريني ، اين اجد الطباخة؟"
"السيد جيليان؟ انها في المطبخ هل ترغبين في رؤيتها؟"
"اجل هل يمكنك ان تريني الطريق؟"
"اجل يا انسة"
واتبعت ريبيكا ارشادات الفتاة ومرت من باب يؤدي الى ممر يفضي الى المطبخ، وعندما دفعت الباب . وجدت السيدة جيليان منهمكة في اعداد اللحم والسجق فوق الموقد ، فتطلعت المرأة العجوز في هشة عندما رأت ريبيكا امامها ، وقالت:
"انسة ليندسي؟ هل يضايقك شيء؟"
"لا اطلاقا هل يمكنني ان احمل صينية طعام السيد بيير اليه في غرفته؟"
ازدادت دهشة السيدة جيليان ، وتوردت وجنتاها ، وقالت متعلثمة:
"حسنا ، انا ، انا لا ارى اي مانع ، هل تحملينها الان؟"
راحت ريبيكا تراقب السيدة جيليان وهي تعد الصينية وبعد ان انتهت من مهمتها سألت ريبيكا:
" وماذا عن افطارك؟ ماذا تحبين من الوان الطعام"
"انا لا اشعر بالجوع في الصباح ، وسأكتفي بقليل من القهوة عندما اعود.
ثم ابتسمت ريبيكا ، وحملت الصينية والان عليها ان تواجه اللحظة الصعبة
وسألت السيدة جيليان وهي تسير نحو الباب:
" اخبريني ، اين تقع غرف السيد بيير؟"
وبدت الدهشة بوضوح على وجه السيدة جيليان التي كانت تظن ان ريبيكا كانت تشارك بيير النوم في غرفته ، واستطاعت ريبيكا ان تبلغ الغرفة بسهولة تبعا لارشادات السيدة جيليان وطرقت الباب ، ولكنها لم تتلق اية اجابة ، فادرات المقبض ، ودخلت الغرفة ، واغلقت الباب وراءها.
وجدت بيير مازال مستغرقا في النوم ووجهه شاحب اللون ووضعت الصينية وتوجهت لتزيح الستائر جانبا . وتطلعت اليه في فراشه ، فوجدته اكثر شبابا وجاذبية وخفق قلبها حتى كاد يقفز من حلقها . وعرفت انها احبته . ومازالت تحبه.
ازعجه الضوء الخافت الذي سرت اشعته الى الغرفة وتململ في فراشه قبل ان يفتح عينيه ، وعندما رأى ريبيكا ، حملق فيها غير مصدق وصاح بها متسائلا:
"ريبيكا!"
ويبدو انه استعاد وعيه ، فغير من نبرة صوته ، واستطرد يقول :
"بحق السماء ، ماذا تفعلين هنا!"
سارت ريبيكا نحو الفراش ، ولاحظت نقاء الضمادة الموضوعة على ذراعه ، فقالت:
" صباح الخير يا بيير، لقد احضرت لك طعام الافطار . كيف حالك هذا الصباح؟"
ارتفع بيير بجذعه وارتكز على مرفقه فسقطت الاغطية حتى وسطه وقال لها ببرود:
"لماذا قدمت الى هنا؟ انني لا احتاج الى اية نصيحة طبية منك؟"
"انني لم احضر من اجل ان اعطيك اية نصيحة ولكني اريد ان اتحدث معك"
تمتم قائلا:
"اذن ،تكلمي!"
ضغطت ريبيكا على شفتيها ، وقالت متعلثمة:
"انا ، انا اريد ... ان ... اخبرك .. بأنني اعرف كل .. شيء عن جينفر!"
قال بمرارة:
" حقا!"
"اجل اديل اخبرنتي انك . انك كنت عازما على الزواج منها . ولكنك هجرتها وتزوجت اختها جينفر ثم .. ثم ".
حملق بيير في وجهها غاضبا ، وقال:
"صه! هل تظنين انني اكترث بما اخبرتك به اديل؟ لقد قلت لك ذات مرة انني لا اهتم بتقرير اخت زوجتي عني؟"
"ولكن الا ترى انني صدقتها؟"
"اجل ، فعلت . صدقتها ، ولم تستمعي الس . صدقتها لانك كنت جبانة ، وكنت خائفة من التعبير عن عواطفك ، وكنت اسيرة لضيق افقك ، كنت خائفة من الوقوع في الحب ، الا اذا كان محاطا بكل الضمانات والان جئت الى هنا لتقولي لي انك تعتذرين عن كل شيء تفوهت به ، وكل مافعلته . ماذا تتوقعين مني؟ هل اقول لك ريبيكا ، انني غفرت لك؟ هل اقول لك ربيبكا انت بعثت السعادة الى قلبي؟ هل اقول لك ريبيكا ، انا حر الان ، فهل تتزوجينني؟ الجواب لا!"
وانزلق بجسمه وترك الفراش . فرأت انه كان ينام شبه عار فأشاحت بوجهها عنه فتمتم قائلا:
"اترين انك اشحت بوجهك لانك خائفة . صديقيني . لديك كل الاسباب لخوفك!"
ضغطت ريبيكا على راحتيها ، وكان عليها ان تعرف انه لا جدوى من ان تجئ الى هنا ، او ان تشرح لهذا الرجل القاسي انها وقعت فريسة بين يدي تلك المرأة الحقود لتي لم تتمتع باية ثقة بقدرتها على جذبه اليها .
وبخطوات مضطربة ، سارات ريبيكا نحو الباب ، ولكنه اسرع ووقف امامها ، ومنعها من الهروب من هذا الاذلال . وقال بخشونة:
"لحظة اريد ان اقول لك شيئا قبل ان ترحلي ، هل تنوين الاستمرار في رؤية ابتي؟"
"حيث اننا نعمل سويا في نفس المبنى ، ارى انه من المستحيل الا اراه"
"عليك اللعنه . اليس هذا ما اعنيه . وانما اسألك ، هل يحبك؟"
"لا بالطبع "
"لماذا بالبطبع لا؟ انت ... انت دائما امرأة مرغوبة! كم رجلا بثك حبه منذ ان ..."
قاطعته ريبيكا غاضبة.
" كيف ... نجرؤ على ان تقول هذا؟"
ولم يلحظ بيير ثورتها . اذ انشب اصابعه في كتفيها ، وجذبها نحوه وهي تقاومه ، وشعرت بصلابة عضلات صدره ، فحاولت ان تطلق سراح نفسها في يأس مميت. وبعد لحظات تراخت مقاومتها ، وتعلقت به ، ولم تتصور انه قد مضت ثلاث سنوات منذ احتواها بين ذراعيه وكأن ذلك حدث بالامس, وشعرت ان الم العذاب الذي كابدته قد تلاشى عندما بدأ يضمها بعاطفة محمومة.
وبمجهود كبير ، انتزعت نفسها من بين ذراعيه وهي تدرك انها قد المته في جرحه فقد كانت تعي انها في حاجة الى الهروب منه قبل ان يغريها دفئه على الاستسلام له:
وفتحت الباب . بدون ان تجرؤ على النظر وراءها وجرت بجنون عبر الممر المؤدي الى البهو، حيث استطاعت ان تقف وحاولت ان تستعيد بظهرها اليه . كان من الحماقة ان تذهب اليه، بل ان اكبر حماقة ان تسمح له بلمسها ، لو لم تكن معزولة في هذا المكان لاستطاعت ان ترحل على الفور من هذا المنزل ، تعود الى لندن ،
وبدأت ريبيكا تهدئ من روع نفسها . وكانت الساعة قد جاوزت العاشرة ، وحان الوقت لان تبحث عن بول لتعرف منه ماينوي ان يفعله ، وتمنت ان يوافق على الرحيل قبل الظهر ، فهي لا تستطيع ان تقابل بيير ثانية
وعندما نزلت الى الطابق الاول ، وجدت بول في انتظارها فسألها
" هل تناولت طعام الافطار؟
|"لا ، لا اريد اي شيء . هل انت مستعد للرحيل؟"
"انا مستعد ، وانت ؟"
" هل هناك سبب يدعوني الى عدم الرحيل؟"
"ظننت انك مصرة على رؤية أبي قبل رحيلك"
توردت وجنتا ريبيكا بحمرة قانية وقالت:
" اوه لا، لا، هل رأيته انت؟"
هز بول رأسه وقال:
" اجل رأيته"
" كيف ... كيف حاله؟"
"انه يشكو من الم في كتفه. سيطلب من شيللا تضميد جرحه"
احست ريبيكا بطعنة نجلاء تنفذ الى امعائها وقالت:

لحـ الوفاء ـن
08-09-2008, 02:41
"هل ينوي ان يفعل ذلك"
" اجل ولم لا ؟ انها ممرضة كف، انك تتصرفين وكأنه مريضك"
"الا نرحل؟"
"الا ترغبين في رؤية شيللا وخالتي، لتقولي لهما وداعا"
"لا"
"حسنا ... السيارة في الخارج على اهبة الاستعداد للرحيل"
سارت السيارة في طريقها وقد تلاشى الضباب . وكانت اشعة الشمس تحاول ان تسلل من بين ثنايا السحب ريبيكا ان الطريق طويل وهما عائدان الى لندن واخترقا القرية . واتخذا سبيلهما تجاه ضواحي لندن، وتوقفا لتناول الطعام في احد المطاعم القائمة على الطريق . وحول مائدة الطعام . قال بول:
" الا تعتقدين انك مدينة لي بتقديم بعض التوضيح؟"
"بالنسبة لاي شيء؟"
"ان خالتي اديل اخبرتني بما تظن انني يجب ان اعرفه"
تماسكت ريبيكا . ومنعت نفسها من الغضب، فهي لن تتيح الفرصة لاديل
لكي تثيرها فسألته:
"وماذا قالت لك؟"
"قالت إنك وابي كنتما عاشقين عندما زار فيجي"
شعرت ربيكا بغضب عارم فكيف تجروء على تشويه سمعتها بهذا الاسلوب المهين؟ وابتلعت ريقها وقالت:
"لا.... لم اكن وابوك عاشقين هل تصدقني؟"
"اجل اصدقك"
"هل تصدقني انا مندهشة"
قال غاضبا"
"لماذا تقولين هذا؟ لقد اخبرتك بأنني اصدقك انا اعرف خالتي إنها تبالغ احيانا"
"تقول إنها تبالغ إن خالتك شخصية حقود مثيرة للمتاعب صدقني إنها الحقيقه"
بدت الحيرة على وجهه وقال:
"إنها لاتقصد الأذى"
"هل تظن ذلك وعلى العموم هناك شيء اريد ان اوضحه لك إنني انا وابوك لم نكن عاشقين
وإنما كان الواحد منا ينجذب إلى الأخر حدث هذا منذ ثلاث سنوات في فيجي"
"لكن ابي كان متزوجا" هل تقصدين بأن هذا الأمر لايعني شيئا بالنسبة اليك... لكل منكما؟"
"بالطبع يعني شيئا" اوه إنها قصة طويلة ولكن بإختصار إن خالتك شجعتنا
وحرصت على ان لاتخبرني بأن والدك بيير كان متزوجا"
هز بول رأسه وقال:
"كنت اعلم انهما ليسا على وفاق وكان هذا شيئا" عاديا" كثيرا" مايحدث ولكنني لم
اظن ولم اتخيل ان يخونها ابي إنك لم تعرفي امي؟"
هزت ربيكا رأسها بالنفي فتنهد بول واستطرد يقول:
"ياله من موقف لاعجب إذن في ان تتحول إلى رجال اخرين"
قالت ربيكا غير مصدقة:
"اكنت تعرف؟"
"اجل هل هناك مزيدا؟"
صاحت قائلة:
"لا لا مزيدا بول دعنا نغير الموضوع لقد انتهى الأمر الآن انتهى منذ ثلاث سنوات امك ماتت وابوك على قيد الحياة دعنا ننفض ايدينا من هذا الامر هل هذا ممكن؟"
"لا استطيع ان ادع الموضوع من هذا الذي اخبرك به؟"
"توم توم بريانت"
"مفهوم"
كان الوقت بعد الظهر عندما وصلت السيارة بهما إلى منزل ربيكا وقالت له:
"لن استطيع ان ادعوك للدخول يابول إنني ارغب في الاستمتاع يليلة هادئة"
"هل اراك غدا"
"لا اظن ذلك يابول"
هزت رأسها في استسلام وقالت:
"حسنا" يمكنك ان تأتي لتناول الشراب معي في المساء إذا احببت"
"شكرا"
وبعد ثلاث ايام اصيبت ربيكا بأنفلونزا وعزت ذلك إلى الطقس في بادئ الأمر ولكن الحقيقة كان الاكتئاب الذي اعتراها هو السبب وما ان اقبل عليها مساء الثلاثاء حتى شعرت بأعراض مرضية تنتابها
انتهت من عملها في الوقت المعتاد وعادت إلى شقنها لتعد وجبتها المسائية لقد تخلصت من بول في الليلة
السابقة ولكنها لم تجد عذرا" يعفيها من مقابلته فقد احست بقشعريرة تهز اوصالها ولم تستطع ان تتحدث هاتفيا" لتعتذر عن استقباله حتى لايظن بها الظنون وتركته يأتي حتى يرى الأمر بنفسه.
وصل بول في التاسعه واستقبلته ربيكا وراى من الدموع المنهمرة من غينيها ووجنتيها الملتهبتين بان مرضا"
قد داهمهما صاح قائلا؟"
"ياإلهي يجب ان تلازمي الفراش الاتدركين ذلك؟"
"اجل ولكنك كنت قادما" ولم ارغب في ان اعتذر لك ثانية؟"
"ادرك ذلك"
ووضع يده على جبينها يتحسس حرارتها واستطرد يقول:
"إلزمي الفراش وسأطلب مانلي الكهل ليأتي لفحصك"
"لا إنه مجرد برد يحتاج إلى ملازمة الفراش... ليس الأمر خطيرا" كما تتصور هل يضايقك ان ترحل؟"
"ربيكا ليس لدي اي دافع للبقاء صدقيني ولكن الافضل ان اراك في فراشك قبل ان ارحل اين المطبخ ؟
سأحضر لك زجاج ماء دافيء وشرابا" ساخنا" هل لديك اي اقراص مسكنة؟"
"بصدق إنني ادبر امري لاتحاول ان تطبف معي اسلوب معاودة المرضى في فراشهم إن لدي بطانية وابريقا"
كهربائيا" استطيع بسهولة استعمالها"
"حسنا" سأذهب ولكنني ساعود غدا" لاتغادري فراشك إلا إذا شعرت بأنك قد عوفيت تماما"
"شكرا" يادكتور فيكتورا"
وعضت ربيكا على شفتيها فقد اعادت الكلمات كل شيء إلى عقلها وإلى وجه بول كما بدا من ملامحه
ورافقته إلى الباب وانتظرت حتى رحل.
وفي صباح الأربعاء ازدادت حالتها سوءا" ووجدت صعوبة في التنفس وكان من الواضح انها تعرضت
للبرد عندما وقفت وسط الضباب ليلة السبت وجاهدت حتى غادرت الفراش وطلبت المستشفى هاتفيا"
وصل الدكتور مانلي وقام بفحصها ووجد كل جزء في جسمها معتلا" يشكو الأوجاع وضربات الألم تنهال على رأسها وتشعر بالدوار كلما حاولت النهوض وقرر ان يحملها إلى جناح العزل في المستشفى وامضت عشرة ايام
بين الحياة والموت فقد تحولت الانفلونزا إلى نزلة شعبية كما توقع دكتور مانلي ولولا العقاقير التي تناولتها
لما بقيت على قيد الحياة ولم تعرف ربيكا مايدور حولها او الوجوه التي زارتها فقد كان شفاؤها هو الذي ينهش وعيها.
وذات صباح استيقظت وشعرت ان الحمى قد زالت عنها وانها لم تعد تسبح في بحر من العرق كما اعتادت
وعندما رفعت رأسها لتنظر حولها احست ان الألم قد زال ايضا" وان جسمها قد اصبح خفيفا" فتناولت قليلا" من الطعام وشعرت انها تستعيد قوتها وفي نهاية الأسبوع الثاني اتى بول لرؤيتها واحضر معه باقة من الورد
فقالت ممرضتها:
"زهور في ديسمبر كم انتِ محظوظة"
ولم يتحدث بول مع ربيكا عن شؤونه وإنما دار الحديث حول مرضها وبعد رحيله جاءت ممرضتها وقالت لها:
"لم اكن اعرف انكش تعرفين بول فيكتورا"
تنهدت ربيكا وقالت:
"لقد خرجت معه عدة مرات"
رفعت الممرضة حاجبيها دهشة وقالت:
"حقا" خرجت معه حقا"؟ والآن؟"
"اظن ان الأمر قد انتهى لماذا تسألين؟"
"إنه لايبدو من النوع الوفي"
"إننا مجرد صديقين"
"إذن كل شيء على مايرام علمت انه امضى سهراته مع صديقة لي عدة مرات "
رفعت ربيكا حاجبيها ودهشت للأرتياح الذي اعتراها عندما سمعت ذلك فحتى هذه اللحظة كانت تظن انه متورط في علاقته بها لدرجة انه لايستطيع الفكاك منها ولكن حديث اللمرضه ازال إحساسها بالذنب نحوه وشعرت بالارتياح لأنها قطعت كل الخيوط التي تربطها بأسرة سانت كلير
مضت اربعة اسابيع قبل ان يسمح لها بالعودة إلى البيت وكان ذلك في منتصف شهر ديسمبر حيث الأيام بارده
والشقة خاوية وخالية من اي انسان يمكن ان تتحدث معه فيما عدا جارتها التي تقطن تحتها والتي جاءت واشعلت لها النار في المدفأة وكانت ربيكا قد احضرت معها بعض الطعام وهي في طريق العودة واحست بالأسترخاء

لحـ الوفاء ـن
08-09-2008, 02:43
عندما رأت المقلاة فوق الموقد وغلاية الشاي تصفر بمرح وتمنت الاتعود إلى المستشفى وتساءلت هل هي صادقة في رغبتها ورأت ان من الخير ان تعود فكلما اسرعت بالعودة كان افضل.
وفي منتصف المساء وبينما كانت هي تشاهد التلفزيون رن جرس الباب فتنهدت وتركت مكانها بتراخ
وكانت متعبة من مجهود إعداد الطعام وتمنت ان يكون الطارق جارتها ولكنها عندما فتحت الباب رأت رجلا"
غريبا" يقف امامها" فأجفلت لرؤيته وتشبثت بالباب في عصبية واضحة وتساءلت عمن يكون وهل
يعرف انها تعيش وحدها وتمنت في هذه اللحظة ان تظهر جارتها لتقف إلى جوارها تأملته فوجدته طويلا" نحيلا" متوسط العمر يضع نظارة على عينيه سألها:
"آنسة ليندسي؟"
قدم لها الرجل بطاقة:
"إليك بطاقتي لقد ارسلني السيد سانت كلير"
"السيد سانت كلير"
ثم تطلعت إلى الرسالة وقرات فيها:
دانييل ف. هاليداي
مخبر خصوصي.
تطلعت إلى الرجل بدهشة ثم تحولت حيرتها إلى غضب إذن بيير اطلق التحريات وراءها لقد سألها في سان سوسي إن كانت تعرف هاليداي والآن هاهي قد عرفت من هو فحملقت في الرجل بعينين اغرورقتا بالدموع
كيف يجروء بيير على ان يجري تحرياته عن إنسانة يظن انها لاتناسب ابنه؟
صاحت بغضب:
"ارحل عني لااريد ان اتحدث معك"
والقت البطاقة في وجهه وبدأت تغلق الباب ولكنه قال:
"آنسة ليندسي.... انتظري... إنكش لاتفهمين"
"اذهب بعيدا" عني قبل ان استدعي رجال الشرطة لالقاء القبض عليك "
وبدفعة قوية اغلقت الباب ويسألها ان تفتح حتى يدرك ان مايحاول ان يقوله ل يضيع هباء ويقول لها ان لديه اشيئا" عاجلا"
يريد ان يفضي به إليها وبدلا" من ان تستجيب له دارت على عقبيها وسارت إلى غرفة الجلوس وجعلت صوت التلفزيون عاليا"
ولما يئس الرجل رحل فاعادت الصوت إلى درجته المنخفضة ولكنها اكتشفت انها ترتعد بالغضب والشقاء إذ كيف يجروء على ان يفعل ذلك
ومم يخاف واي اسرار يريد ان يكتشفها بالتأكيد هو يعرف ان بول سوف يتورط بعلاقته مع امراءة لن تستطيع ان تمنحه إلا القليل الايعرف هو ذلك ولم تعد هي بدورها اي شيء
هزت كتفيا وحاولت ان تستغرق في مشاهدة المسرحية التي يعرضها التلفزيون ولكن الأفكار كانت تطارد رأسها
ولم تعد تعرف مايدور حولها فإذا كان بيير قد استخدم مخبرا" خصوصيا" يتحرى عنها فلا بد انه الان قد تلقى كل ماكان يريد معرفته ولابد ان يعرف كل شيء عن شيللا وصديقها بيتر فيلدما هذا إذا لم تكن اديل قد اخبرته بقصة محرفة وحيث شيللا موضوع ثقة اديل فلابد ان يكون الامر سهلا عليهما بأن يصيغا القصة بما يتلائم مع اهوائهما وكان سببا اخر يدعوها إلى احتقارهما.
نهضت ربيكا واقفه في اضطراب واضح فلو انها استمرت في مواصلة التفكير بهذه الطريقة فلاشك انها ستصاب بالجنون فتوجهت إلى المطبخ لاعداد فنجان قهوة وقررت ان تتوجه غدا إلى رئيسة المستشفى وتسألها ان تعود
للعمل فالعمل وحده ولاستغرق فيه يستطيع ان ينقذها من الجنون.

الشيخة زورو
08-09-2008, 02:49
كــل عآآآــم وآلـــكــ بــــخيـــر ــل
الفصل العاشر والاخير

10- وترقرقت الدموع...
في اليوم التالي توجهت ريبيكا الى رئيستها ، وتلقت منها صدمة اخرى، كانت الرئيسة رقيقة وحنونا، ولكنها حازمة قالت وهي تضع مرفقيها على المكتب:
" عزيزتي ريبيكا ، انت شفيت من نزلة شعبة قاسية ، ولا استطيع ان استدمك مرة ثانية حتى تتماثلي للشفاء تماما ، ونصيحتي لك ان تنتظري حتى يأتي العام الجديد انت في اجازة الان ، وتعالي لرؤيتي في اخر شهر يناير/ كانون الثاني"
جحظت عينا ريبيكا غير مصدقة ، وقالت:
" تقولين نهاية شهر يناير/ كانون الثاني؟"
" اجل، لو كان الوقت صيفا لاقترحت عليك ان تمضي شهرا على شاطئ البحر ثم تعودي الينا وكلك نشاط ولكن في مثل هذا الجو البارد القاسي ، فإنني اخشى عليك من الانهيار اذا ما بذلت جهدا . انني لا اقصد ان اكون قاسية معك. وانما اريد ان تكوني في تمام الصحة عند عودتك".
خرجت ريبيكا من غرفة الرئيسة وهي تشعر بالتمزق . وقد تبددت امالها في ان تعود الى حياتها العادية في الوقت الحاضر على الاقل ولاحت الاسابيع امامها خالية من اي عمل سوى ان تعيش في دوامة التفكير وعندما عادت الى شقتها ، انفجرت باكية، واستلقت في فراشها، وهي تحملق غائبة الوعي في سقف الغرفة وتساءلت عما اذا كانت ستعود الى حالتها البيعية مرة اخرى.
وزارتها انيت فليمنغ في المساء ، وكانت صدمة لها عندما رأت مظهر صديقتها ، فصاحت بها قائلة:
" لاتحزني يا ريبيكا هكذا ، لمجرد انك لم تعودي الى عملك. كنت اظن انك ستقدين قيمة الاجازة ، وخاصة خروجك في الصباح في الجو البارد يضر صحتك"
" ولكن ماذا افعل؟ ليست لي اسرة مثلك ، ولاحتى صديق!"
"لماذا لا تأخذين اجازة ؟ يمكنك ان تذهبي في رحلة الى الخارج، ستكون مثيرة لك"
جلست ريبيكا في مقعدها ، وقطبت جبينها. انها فكرة وكما اقترحت انيت ستحملها الرحلة بعيدا عن انكلترا بعض الوقت، وفي اي بلد تزوره ستكون مجرد سائحة مجهولة سألت انيت:
"اين اذهب؟"
"في هذا الوقت من السنة ، يحسن بك ان تذهبي الى شمال افريقيا او البحر الكاريبي. هل ميزانيتك تسمح بالسفر الى هذا المكان البعيد؟"
"لم لا ؟ انا لا اخرج كثيرا، ولا انفق من مالي الا النذر اليسير على ملابسي، بالطبع استطيع السفر".
وعندما رحلت آنيتآراحت ريبيكا ظهرها الى المقعد ، وفجأة انتابها تفكير عميق ، فلو انها سافرت الى الكاريبي ، فإن فرصة مقابلة شخص تعرفه ستكون قليلة . لوهلة تذكرت توم بريانت قد اخبرها ان بيير يمتلك بيتا في جامايكا، لذلك اتخذت قرارا بالا تضعف وتذهب الى هناك.
وخلال الايام القليلة التالية ، جددت جواز سفرها ، وامضت لياليها منهمكة دراسة افضل الاماكن التي يمكن ان ترحل اليها ، ثم بدأت تهتم نفسها فصففت شعرها واشترن بعض الملابس الجديد.
وعند نهاية الاسبوع جاءتها رسالة من مكتب المحامين في لنكولن تفيدها بانها واحد من المستفيدين بالوصية التي تركتها الانسة اديل مارغريت سانت كلاود!
اذهلت الانباء ريبيكا ، ولم تتصور ان اديل ماتت هكذا سريعا ، وبرغم انها لم تكن تحبها الا انها لن تتمن الها الموت حقا، ولم تصدق ان الطاغية المجنونة التي تسببت في شقائها تموت حقا . وقد اخبرها الطبيب الذي يعالج اديل في فيجي بان النوبات ستقضي عليها ذات يوم اذا تعرضت لاي انفعال شديد.
وتحدثت ريبيكا الى مكتب المحامين هاتفيا، وحدد السيد بروم الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم التالي موعدا لمقابلتها، وعندما دخلت مكتبه وجدته شابا، وعرفت منه صباح اليوم التالي موعدا لمقابتها، وعندمادخلت مكتبه وجدته شابا ، وعرفت منه بأن والده محامي الانسة سانت كلاود وقد عهد اليه بأتمام الاجراءت الخاصة بهذا الموضوع ، وشكرته ربيبكا وانتظرت بفارغ الصبر ان ينتهي سريعا واخيرا قال:
" كما تعرفين ، الانسة سانت كلاود تمتلك فيللا خارج سوفا بجريزة فيجي واعتقد انك عملت ذات يوم هناك كممرضة للانسة سانت كلاود اليس كذلك؟"
" اجل لمدة سنتين"
" حسنا لدي نسخة من وصية اديل الاخيرة وقد اوصت بترك الفيللا لك ، ومبلغ كاف يمنح لك سنويا"
وتجاهل بروم الدهشة التي ارتسمت على وجه ريبيكا ، واستطرد قائلا:
" واذا ماقررت بيع الفيللا، فأن المنحة السنوية ستتوقف صرفها لك ، وتلوجه الى جهة خيرية!"
"لايمكن ان تكون جادا ، هل تقصد انها تركت الفيللا ... لي؟"
" ولم لا يا انسة ليندسي؟ هذا واضح وضوح الشمس، ولن ادخل في تفصيلات اخرى ، وانما ثقي بان الفيللا اصبحت ملكا لك".
مسحت ريبيكا جبينها يبدها في اضطراب ، وقالت:
" لقد ظننت .. اعني ... انها عاشت في لندن فترة طويلة، وتصورت انها باعتها".
" اوه لا لم تبعها ، وهناك امرأة من فيجي .. على ما اعتقد ترعى شؤون الفيللا"
صاحت:
" روزا! انها روزا! ولكن هل قالت اديل لماذا تركت الفيللا لي؟"
"لايمكنك ان تذهبي الان وتبحثي الامر، ثم عودي غدا . او بعد غد ، واعطيني تعليماتك"
نهضت ريبيكا بعصبية ، فوقعت منها حقيبتها وقفازها ، والتقطتها وهي تدمدم. ثم سارت الى الباب ، وفتحه بروم بدوء فخطت خارجا، توقفت في الطريق وادركت انه من المستحيل ان تتخذ قرارها قبل ان تدرس كل الاحتمالات التي دفعت اديل الى ان تقدم لها الفيللا. وان الامر اشبة بكابوس، واذا هي نحت جانبا حقيقة كراهية اديل لها ، فإنها تركت الفيللا، وهذا يدعوا الى الدهشة والاستغراب، وماذا هي فاعلة لها؟
هناك حلول عديدة يمكن ان تتخذ قيها قراها ، وفي وسعها ان تعود الى المحامي وتخبره بانها ترفض قبول الفيللا، وان يقوم ببيعها ويوجه المال كله إلى الجهة الخيرية ز وفي وسعها أيضاً ان تحتفظ بالفيللا و المال ، وأن تتردد عليها كلما تاقت لزيارتها ز أو تفعل ما فعلته أديل فإن امامها سنوات طويلة فيمكن أن تعيش بعض الوقت في انكلترا ، ثم يستقر بها المقام بعد ذلك في فيجي . إنها لن تعمل . فإن المال الذي تركته ىديل للانفاق على الفيللا وعليها ، سيكفيها . وفي غمكانها أن تعمل عملاً خاصاً أو في مستشفى ، وسوف يساعدها دكتور مانسون في العثور على عمل ، وبدء حياة جديدة .
هناك فكرة واحدة راحت تؤرقها ، وهي ان بيير يعيش في انكلترا ، وستكون الفرصة ضعيفة في ان تلقاه مرة أخرى ، ولكن لماذا تفكر في ان تسنح لها الفرصة ثانية وهو يحتقرها ؟ وحتى لو أنها التقت به ، فغن هذا اللقاء ماهو إلا إذلال لها ولا تظن أنها ستقف أمامه مكتوفة اليدين .
نامت بصعوبة في تلك الليلة ، وأرادت ان تفظي بالأمر لشخص تثق به ، ولكن أين هو هذا الشخص ؟ فكرت في بول ، ولكنها طردت الفكرة من رأسها . فقد بدأ يتخذ حياة جديدة له ، ولا فائدة ترجى من أن تشده اليها مرة أخرى . وهناك أنبت التي تعرف قليلاً عن حياتها الماضية ، ولكنها لا ترغب في أن تعترف بهذا لها .
ظلت ربيكا حائرة في اتخاذ القرار السديد وتساءلت هل من الحماقة ان تلقي بالمال الذي تركته لها آديل لمجرد الانتقام منها أم تقبله ؟ وعندما أشرق الصباح ، رأت أنها لا تستطيع أن تغير الماضي ، وأنه من الغباء أن ترفض

الشيخة زورو
08-09-2008, 02:51
ما قدم لها ، ومهما كانت دوافع آديل ، فإنها لا تستطيع أن تتأكد مما ترمي إليه .
و أبلغت السيد بروم قرارها بقبول الفيللا و المال ، وأنها تنوي ان تطير إلى فيجي في نهاية الأسبوع القادم . قبل حلول عيد الميلاد بثلاثة أيام ، فقد رأت ان تمضيه في بيتها الجديد ، وإن لم تكن قد قررت العيش هناك إلى الأبد ، فهذا الأمر يحتاج منها غلى مزيد من الوقت لتتخذ فيه قرارها النهائي .
وانقلبت ربيكا لتنام على بطنها ، وراحت تحفر رمال الشاطئ [اصابعها ، وتستمتع بحرارة الشمس التي ألقت أشعتها على ظهرها وكتفيها ز وكانت منذ قليل قد سبحت في أعماق المياه الدافئة للمحيط الهادئ وهاهي الآن ترقد على شاطئها ، وخصلات شعرها الحريرية قد شاعت فيها الفوضى ، ولكنها لم تكترث ، فليس هناك أحد يراها سوى روزا .
مضى يومان على وصول ريبكا إلى فيجي ، وغداً عيد الميلاد ز وكانت قد أمضت اليومين في السباحة والاسترخاء في أحضان الشمس ، فلوحت بشرتها بسمرة لامعة ، وكانت روزا قد رحبت بوصولها ، ولم تناقش مع ريبكا أسباب ترك آديل للفيللا لها ، وتركت الأمر إلى وقت آخر. أما الآن فإنهما تتبادلان الضحكات و الطرائف ، وذات يوم كانت ربيكا مستلقية عندما شهدت روزا قادمة نحوها وهي تحمل ملفاً ، فانتصبت بقامتها :
"ماهذا ياروزا ؟"
"إنها رسالة يا آنسة ، وصلت منذ دقائق قليلة ، ورأيت أن أسلمها لك سريعاً فلعل بها أمراً يهمك معرفته ."
ارتجفت ربيكا ، وتناولت المغلف ، وعرفت أنه محول من عنوان منزلها في لندن ، فلم يكن أحد يعرف أنها رحلت عن انكلترا ، سوى جارتها التي تركت لها العنوان الجديد .
عادت روزا إلى الفيللا ، بينما أخذت ربيكا تفض الرسالة ، ولم تتصور من يكون الشخص الذي كتب إليها . ولكنها ابصرت في نهاية الخطاب اسم شيللا ستيفنز . وبدأت تقرأ :
عزيزتي ربيكا .
في الوقت الذي تقرأين فيه رسالتي ، ستسمعين أنك ورثت فيللا آديل ، ولكنني كصديقة ، أرى من واجبي إبلاغك بأن آديل لم تترك لك شيئاً ، بل على العكس ماتت بدون أن تكتب وصية .
ارتجفت أصابع ربيكا ، ولكنها حاولت أن تتماسك ، ثم واصلت القراءة .
في الحقيقة ، إن الفيللا لم تكن تخصها ، وإنما هي ملك بيير سانت كلير فقد اشتراها منها عقب عودتها إلى انكلترا . وهو صاحبها منذ ذلك الحين ، أما سبب أنها آلت إليك ، فهو أن بيير . لسبب ما ، يشعر بالذنب للآسلوب الذي عاملك به ، وقد اختار هذا الحل لراحة ضميره . وربما أحس أنها الوسيلة الوحيدة التي تغادرين بها الوطن وتخرجين من حياته وتفكيره ، وفي أية حال فبوصفي صديقة قديمة لك ، فكرت أن أضع الحقيقة كاملة بين يديك .

المخلصة
شيللا.
ألقت ربيكا الرسالة جانباً ، وراحت تحدق في البحر بلا وعي .
شيللا تعرف تماماً أن ربيكا لن تقبل هدية من بيير ، مهما كانت وافعه ، وكان من المفروض أن تصلها الرسالة قبل رحيلها حتى لا تغادر لندن ، ولكن نظراً للضغط الشديد في الأيام التي تسبق عيد الميلاد ، لإغن الرسالة قد تأخر وصولها . وهكذا وجدت ربيكا نفسها قد انفقت مالها للحضور إلى فيجي ، وكانت هي في غنى عن هذه الرحلة باهظة التكاليف .
نهضت واقفة ، وسارت في طريقها حتى دخلت الفيللا . وراحت تقول لنفسها إنها لطمة قاسية وجهتها شيللا لها ولاعجب فإن الفتاة لم تغفر لها أبداً أنها قد حولت قلب بيتر فيلدمان عنها . أما عن بيير وأسباب أعطائه الفيللا لها ، فإنها لا تفهمها بتاتاً . هذا إذا لم يكن يرغب في أن يزيحها من طريقه كما قالت شيللا في رسالتها .
ارتدت سروالاً من القطن ، وبلوزة بلا أكمام ، ثم توجهت إلى غرفة الجلوس ، وألقت بجسمها على مقعد ، وراحت تقرأ الرسالة ثانة ، وعندما أقبلت روزا ، ناولتها إياها وقالت لها :
"اقرأيها يا روزا ."
مسحت روزا يديها في مئزرها ، ثم التقطت الرسالة ، وبدأت تقرأ في صمت . ولما انتهت منها رفعت وجهها والحيرة بادية على ملامحها ، وسألت :
" ماذا يعني هذا ؟"
" يعني أن الفيللا ليست ملكاً لي ، وإنما ملك السيد بيير سانت كلير ."
" تقصدين ... تقصدين انك لن تعيشي هنا ؟"
" طبعاً ... سأعود إلى لندن بأسرع ما يمكن !"
قالت روزا وقد أصيبت بخيبة أمل :
" آنسة ليندسي ... لماذا تسافرين والفيللا قد أعطيت لك هل يهم من يكون الشخص الذي أعطاك إياها ؟"
" لاأستطيع أن أقبل هدية ... من ، من السيد سانت كلير !"

الشيخة زورو
08-09-2008, 02:56
" هذا شيء رهيب ، غداً عيد الميلاد . ولايمكن أن ترحلي في يوم العيد ."
جمعت ربيكا شتات فكرها ، قد نسيت أن غداً يوم عيد الميلاد وعليها أن تنتظر حتى تتنهي إجازة إلينك . وكان غريباً أن تشعر بالارتياح عندما تلبين ان البنك مغلق ، فقد شعرت أن ترك الفيللا أصبح امراً بغيضاً غلى قلبها . وامضت الليلة تبكي ، وبللت وسادتها بالدموع ، ولم تستطع أن تنكر إغلى أي مدى تحطم قلبها .
وفي صباح عيد الميلاد ، قدمت روزا هدية لربيكا ، وعندما فتحتها وجدت قرطاً مصنوعا من الودع وجميل التصميم ، وأهدتها ربيكا بلوزة أحضرتها من انكلترا ، وفي العشاء أعدت روزا ديكاً لكي تدخل السرور إلى قلب ربيكا التي أصرت أن تشاركها الطعام احتفالاً بالعيد ، وبعد ذلك توجهت ربيكا إلى الشاطئ ، واستلقت فوق الرمال الدافئة وتساءلت ماذا ستفعل عندما تعود إلى لندن ؟ إنها لا تستطيع العودة إلى العمل ، وفي نفس الوقت أنفقت كل أموالها في رحلتها إلى فيجي ، ورأت أن التصرف المعقول هو أن تظل في الفيللا لمدة أسبوعين وكأنها تمضي إجازة حقيقية ولكنها وجدت أنها لا تستطيع ان تفعل ذلك ، فهي لا تقبل أي شيء من بيير ... لا نقوده ... ولا شفقته !
كان الهدوء يسود المكان . إلا من بعض أصوات الموسيقى التي كانت تتردد هناك ، وأدركت أن فريقاً من الناس ممن يسكنون إحدة الفيللات يقيمون حفلاً يتبادلون فيه النخب والحديث والضحكان و الحب ، وترقرقت الدموع في عينيها ولكنها لن تستسلم لها ، ولن تضعف أمام الشفقة على نفسها ، ولن تكون حمقاء مرة أخرى .
وتناهى إلى مسامعها وقع خطوات فوق الحصى ، فانتصبت بقامتها ، فقد كان الظلام يحيط بها ، وحاولت أن تهدئ من روع نفسها . وأنها مخطئة في ظنونها ، ولكن شعورها كان صادقاً ، فعندما جالت ببصرها حولها ، رات رجلاً يخرج من وراء الأشجار ويسير نحوها ، وقفزت واقفة ، ولكنها ثبتت في مكانها عندما ألقى القمر بكامل ضيائه على وجهه ، فكشف عن جاذبية بيير سانت كلير ، وفي الحال أدركت قلة الثياب التي ترتديها ، وشعرها الأشعث ، وكما حدث من قبل ... رآها في وضع غير لائق !
تمتم قائلاً :
"مرحباً ربيكا. إنني آسف أن الوقت متأخر ... هل يمكن ان نتوجه إلى الفيللا ؟"
قالت بخشونة :
" كيف لي أن أدعوك إلى الفيللا وأنت تعرف أنها ملك لك ... وانني لا أملك أن أردك عنها ؟"
" إذن أنت تعرفين ؟"
تحولت ربيكا لتسير نحو الفيللا وهي تقول :
" أجل ... أعرف ."
وحاولت ان يبدو صوتها هادئاً وهي تستطرد قائلة :
" اسمح لي ... أن أذهب لأبدل ثيابي ."
قاطعها قائلاً :
" دقيقة من فضلك ."
أطيقت أصابعه القوية على ذراعها ، وأدار جسمها حتى واجهته ، فرأت الغضب بادياً على وجهه ، وملامحه صارمة ، فظنت أنه يريد ان يصب انتقاماً فوق رأسها .
فقال بقسوة :
" اردت أن أتحدث إليك حديث إنسان متحضر ، بعيداً عن سمع روزا وبصرها ، ولكن حينما بدأت تتكلمين معي بهذا الأسلوب . فقدت صبري معك ."
سألته وهي تبذل جهداً كبيراً في ألا يبدو الاضطراب عليها :
"أخبرني ، لماذا أتيت إلى هنا ؟ هل وافاك مخبرك الخصوصي بتقرير عن أفعال رهيبة ارتكتبتها ؟ أم أنك غيرت رأيك في أن تمنحي الفيللا ؟ لاداعي لأن تقلق ، أنا لن أمكث هنا . أفضل أن أحتفظ باستقلالي ، ولا أقبل مواقف الاحسان ."
" لماذا تفعلين هذا؟ لماذا تتكلمين هكذا كأنك تكرهينني ؟ أنا أعرف أنك تحبينني!"
حاولت ربيكا أن تتخلص من قبضته ، وقالت له :
" كيف عرفت ذلك ؟ هل أخبرك هاليداي ؟"
" رييكا ... اسمعيني ."
" لا ؛ اسمعني أنت ! إنني لا أريد فيللتك أو أحسانك ، او أي شيء يمت لك بصلة . هل تفهم ؟"
حدقبيير في وجهها لحظة ، وفجأة أمسك بها ، وقاومته ربيكا في بادئ الأمر ، ولكن حصون دفاعها تحطمت أمام ضغط ذراعيه . وهي تعرف أن العاطفة قد تكون أبلغ من الكلمات أحياناً ، وليس من السهل عليها أن تتحدى سيطرته ... وسيادته ، واستمرت بين ذراعيه فترة طويلة ، وعندما رفع

الشيخة زورو
08-09-2008, 03:13
التفتت نحوه وقالت :
"ولكنني عرفت . عندما اكتشفت ..."
ضاقت عينا بيير وقال مقاطعاً كلامها :
" لايمكنك اكتشاف الأمر إلاّ بتدخل احدهم . قلت لي انك لن تقبلي الفيللا .
كيف لي أن اؤكد لك بأنه ليست لدي اية دوافع خفية ! وخاصة إنني جئت غلى هنا .
وغضبت منك ثم بثثتك حبي . أنا أعلم انها ليست الطريقة التي تقنعك بأن دوافعي هي حبي لك وغيرتي عليك . هيا بنا نذهب
إلى الفيللا حتى لا تصابي بالبرد . وسنواصل حديثنا ونحن نحتسي الشراب إذا عبرت لي عن كرم ضيافتك ."
" وكيف استطيع ان أرفض طلبك !"
وأسرعت ربيكا تسبقه إلى الفيللا . ودخلت غرفتها وارتدت ثوباً قطنياً يبرز جمال بشرتها الذهبية . وحينما دخلت غرفة الجلوس ، وجدته واقفاً بجوار النافذة ،
فاعدت له شراباً ، وبعد أن ناولته غياه ، قال بهدوء :
" أريد أن أخبرك بأن الممرضة ستيفنز فصلت من وظيفتها قبل وفاة آديل بأسبوع .
تقلصت أصابع يدي ربيكا . وأحجمت عن أن تصب لنفسها شراباً حتى لا يكتشف وقع المفاجأة عليها . وقالت له بلا اكتراث :
"مفهوم !"
سالها بدهشة :
"مفهوم ماذا ؟ ألا تحبين معرفة السبب ؟"
" إذا احببت ان تخبرني به ."
" حدث عندما كنت مريضاً أن تصورت شيللا وهي تضمد جرحي انها ... كيف اصوغ الكلمات ؟ أجل ... إنها مفتونة بي . ولا أدري كيف فتنتها ؟ ومع ذلك ...
كان علي أن أصدها . فأنا أحببت امرأة واحدة ... ولم تكن شيللا ستيفنز هي تلك المرأة ."
" ما زلت لا أرى أن هذا الموضوع له صلة بآديل ."
" ألم تدركي الصلة بعد ؟ ربما لا أكون واضحاً في كلامي ، ولكن يبدو أن الآنسة ستيفنز كانت قد قبلت الوظيفة لأسباب تختلف عما توقعناه . فحينما احست أنها فشلت
في أن تفوز بي ، راحت تتحين الفرصة لكي تثير اليأس في نفس ىديل التي أصبحت لا تحتمل النوبات التي تصيبها ، حتى دهمتها نوبة حادة . لم أجد أمامي سبيلاً إلا ان أطرد
الأنسة ستيفنز في الحال ن وبرغم أننا استطعنا استخدام ممرضة أخرى ، إلا ان الانفعال كان شديد الوقع على آديل ولم تحتمل الاصابة بنوبة أخرى فأودت بحياتها ."
صمت بيير قليلاً ، وأدركت ربيكا خلال صمته أن شيللا لم تبعث لها بالرسالة إلا بهدف أن تحطم سعادتها . وتطلعت إليه فرأته يذرع الغرفة في قلق ، ثم استدار ليقول :
" كان من الطبيعي ان القي اللوم على نفسي ، وأقول لو لم أكن قاسياً على الفتاة التي عاملت آديل برفق ن لو لم اتسبب في رحيلك عن فيجي لتغير الموقف تماماً .وكنت قد تحدثت إلى طبيب آديل .
فأكد لي أن صحتها تدهورت منذ عودتها إلى انكلترا ، ولا يملك احد ان يفعل لها شيئاً ."
" ولماذا عادت آديل إلى انكلترا ! هل طلبت إليها أن تعود ؟"
" بالطبع لا . وإنما هي التي أصرت على العودة لحضور جنازة جنيفر . وتمسكت بالاقامة في البيت . وعندئذ شعرت بحماقتي بالسماح لها بالحضور ."
" يبدو أنها كانت من النوع الذي يسعده ان يمزق سعادة الناس ."
" سعادتك على سبيل المثال ؟"
" إن شؤوني ليست مهمة ."
" ولكنها تهمني أنا ."
دفعت ربيكا شعرها إلى الوراء ، وقالت :
" كيف تقول ذلك ، وأنت قد نسيت وجودي . منذ رحلت عن فيجي ، إلى اليوم الذي قمت أنا فيه بزيارة سان سوسي مع بول ."
" هذا ليس صحيحاً . ألم أسألك وأنت في سان سوسي . هل تعرفين شيئاً عن هاليداي ؟"
قلبت ربيكا شفتيبها و قالت :
"مخبرك الخصوصي ؟"
توجه بيير نحوها وجذبها نحوه حتى وقفت أمامه تماماً . وأمسكت يداه كتفيها بقسوة . وقال لها بخشونة :
" حقاً . يبدو انك لا تقبلين اي تفسير بدون ان تعارضيه . ولذلك يجب ان اكون صريحاً وواضحاً معك واخبرك بأنني ماجئت إلى هنا إلا ودوافعي كلها شريفة .
انا لست وحشاً فتتصورين انه مادام قد فشل في ان ينالك بطريقة ما . ولكن عندما رحلت الى انكلترا وأنت متمسكة بمبادئك الاخلاقية . كرهت تصرفك .
ولم لا ؟ لأنني احببتك ... لأنني اريدك ؟ وكان اثمي الكبير هو انني لم استطع الزواج منك ، اما اثمي الصغير فهو ان جنيفر لم تكن لي زوجة يوماً ما ."
اشاحت بوجهها جانباً وصاحت :
: آوه ، بيير ، اتركني ."
استمر بيير ممسكاً بها وهو يقول :
" آوه ... بيير ! اهذا كل مايمكن ان تقوليه ! انني اريدك ان تعرفي الى اي مدى تسببت في ايلامي . ولهذا السبب لم اتبعك الى انكلترا .لاجبرك على الخضوع لي.
وانما اغرقت نفسي في عملي ، ولنه لم يكن علاجاً شافياً لي ، وكان توم بريانت يدرك ذلك ويمكنك أن تسأليه اذا لم تصدقي كلامي ... لقد نجحت في تحطيمي !"
أغلق عينيه لمدة وجيزة ثم استطرد يقول :
" وكان علي ان اعرف مكانك ، وماذا تعملين . لذلك استخدمت هاليداي ليتحرى اخبارك . وخلال تحرياته ذهب الى المستشفى حيث كانت تعمل الممرضة ستيفنز ،
ويبدو انها استغلته كما استغلها هو اما كيف حدث ذلك ، فدعيني اروي لك ، فحينما ماتت جينفر ، وجاءت آديل الى انكلترا ، نشرنا اعلانا نطلب ممرضة . وفي الحال تقدمت شيللا ، وكانت قصة هاليداي ، ثم حدثت أمور عديدة
بعد ذلك ، لما ماتت زوجتي ، كان من المستحيل أن ابحث عنك ، وعندما اراد بول ان يلتحق بمهنة الطب ، رتبت الامور لكي ينظم الى هيئة اساتذة سانت بارثولومير ، واختلقت سبباً لكي اشترك في شؤونهم ، ولا يمكنك ان
تتصوري مبلغ الفزع الذي انتابني عندما اكتشفت ان ابني تورط في علاقة
مع ممرضة تدعى ربيكا ليندسي ."
وضعت ربيكا راحتها على جبينها ، وقالت :
" اذن كنت تعرف طوال الوقت !"
" طبعاً ... عرفت كل شيء عنك ، وكان هدفي ان اقدم لك حياتي عندما تاتي اللحظة المناسبة ، ولسوء الحظ شاءت الظروف ان تحول دون تحقيق ذلك . وبعد وفاة اديل استطعت ان اجد الوسيلة التي تمكنني من مساعدتك ، ومساعدة نفسي .
كانت الفيللا ملكاً لي اشتريتها من اديل لعد ان عادت منم فيجي ، واردت ان اعطيها لك ، ولم اتصور انني استطيع زيارتك ورؤيتك ، واكشف لك عن ان نواياي لم يكن القصد منها ان تكوني عشيقتي."
" ولكن ..."
" لا تقاطعيني ... انت ستمضين هنا عدة اسابيع حتى تسعيدي صحتك . ولايمكنني لقاؤك وبالأمس كنت في كانبرا وتلقيت رسالة عاجلة بعث بها لي توم من لندن وقال انه اكتشف بطريق المصادفة ان شيللا ستيفنز قد علمت من بول بعزمي على
إهدائك الفيللا ، وانا اعرف نواياها جيداً . وتوقعت ان تحاول من جانبها ان تعكر صفو حياتك . كما فعلت حينما حاولت ان تفسد العلاقة بيني وبينك . فاخبرتني بانك كنت السبب في تحول خطيبها بيتر فليدمان عنها ."
فزعت ربيكا وقالت :
" ولكن لم تكن لي به اي علاقة ؟"
قاطعها بيير وقال مبتسماً:
" اعرف ذلك ، انني ادرك تماما انك تعيشين في سبات عميق عندما يتطرق الحديث الى موضوع ممارسة الحب ."
اشاحت بوجهها خجلاً ، ولكنه جذبها نحوه ، وتمتم قائلاً :
" هل عرفت الان سبب وجودي هنا ! انني اعرف انك لن تسمحي لنفسك بقبول شيء فاخر مني ، وكان لزاماً علي ان آراك واخبرك ."
ومال بجبينه نحو جبينها ، وهو مدرك لشدة اضطرابها وهي ترتجف كالورقة بين يديه . وهمست قائلة بدون ان تجد رباطاً لافكارها .
" والان ؟"
قال بهدوء :
"انت صاحبة الامر ... وضعت كل اوراقي على المائدة . هل ترغبين في ان تأخذينها كلها ؟"
" انت قلت ان بول قد تحدث الى شيللا ... ماذا يعرف عنا ؟"
" كل شيء ... كحان يجب علي ان اخبره ."
" اخبرتك ذات مرة بانني لا استطيع ان احب بدون اي ضمان . فهل هذا سبب تقديمك الفيللا لي ."
تنهد بيير وقال :
" الضمان الوحيد هو الحب ذاته ، وبدونه لايوجد اي ضمان آخر ."
" انني راحلة غداً ."
سألها وهو يراقبها عن كثب ؟
"هل انت عازمة على الرحيل ؟"
" ظننت انك ستشعر بالاسف لرحيلي ."
" اسف ؟ انا احبك ... انا محتاج لك . صدقيني انا لم احب امرأة آخرى ... معك اشعر بانني عدت صغيراً ثانية . انت الانسان
الوحيد الذي اهتم به في عالمي المجنون ، واريد ان تكوني زوجة لي ... تحمل اسمي ... وثروتي ... وتشاركني حياتي بحلوها ومرها ."
التفت ذراعاها حول عنقه وراحت تمتم فرحة .
" انت تعرف انني احبك . اذا استطعت ان تنسى كل الاشياء التي قلتها لك ، فانني لا اطلب اي شيء آخر منك . لكنك خضت زيجة مدمرة .
ولا اريد ان تخاطر مرة اخرى ."
قال لها :
" ليس هناك مخاطرة بالزواج منك . فانا بدونك لا اعدو ان اكون نصف رجل . وقوعة بلا قلب ... او روح ."
" وماذا عن بول ؟"
" سيعتاد على الموقف ، انه مازال شاباً الدنيا امامه . ام نحن فليس لدينا اي وقت نضيعه .
هل تتزوجينني ؟ انا واثق انني استطيع ان ارتب عقد القران بصورة ما ، ثم نقيم بعد ذلك حفلاً لزواجنا يشهده العالم كله . فانا لا استطيع ان احتمل فترة خطوبة طويلة ."
وراحت ربيكا تدفن وجهها في عنقه . وتوالت الافكار على عقلها . وتمثلت امام عينيها مشروعات كثيرة . وفكرت باسف فيما فعلته شيللا معها ، ومحاولتها الفاشلة
لافساد حياتها ، وودت ان تقدم لها الشكر ، لانه لولا تدخلها ، لظلت اسابيع طويلة هائمة بدون ان تنعم سريعاً بالجنة بين ذراعي بيير .

الشيخة زورو
08-09-2008, 03:15
تمــــــــــــــــت

قرأة ممتعة للكل

الهنوووووف
09-09-2008, 03:21
مشكوووووووووووووووووووووووووووره عالروابه الله يعطييييييييك 10000000000000000عافيه سلمت يدااااااااااااااك

عروس الظل
09-09-2008, 16:13
الله يديك العافيه وتسلمي علي الروايه واحب امسي علي الصبايا الحلوين والمجهود الرائع في الكتابه الله لا يحرمنا منهم بجد وتقبلي تحياتي

Miis Nano
09-09-2008, 19:32
تسلمي ياقلبي على التكملة.

Miis Nano
09-09-2008, 19:32
تسلمي ياقلبي على التكملة.

بحر الامان
09-09-2008, 19:44
رائـــــــــــــــــــــــعه
الله يعطيكم العافيه جميعا
تعبناكم معنا

وايت إنجل
09-09-2008, 23:12
ثانكس على الرواية
و عندي طلب ممكن تنزلو رواية البيت الخشبي الصغير من روايات عبير الجديدة
أو تحطولي هي على رابط بلييييييز

ماري-أنطوانيت
10-09-2008, 01:14
http://roro1981.jeeran.com/photos/1377909_lm.jpg

آن همبسون - وردة قايين - روااان - shining tears - لحن الوفاء - الشيخه زوزو

تسلم اياديكم يا بنات...الله يعطيكم العافيه

SEDS
10-09-2008, 16:35
مرررررره شكرا على الروايه
واتمنى انكم تحطوون روايه جزيره ادم من عبير القديمه

مسنياك
10-09-2008, 23:34
الله يعطيكم العافيه يابنات

مجنونة انجل
11-09-2008, 17:44
انا اعتذر عما بدر مني من تقصير وعدم تحمل المسؤولية :محبط:..

انا اعتذر لكل من ازعجه ومله الانتظار بسببي:محبط: ..

انقطع النت عن بيتي فترة طويلة انقطاع تاااام:بكاء: ..

عشت حالة معاناة وشعور بالذنب لا يعلم بها الا ربي ..

واتمنى تعذروني على فعلتي الشنيعة والمريعة :بكاء:..



يا حبيبتي لا تعتذرين علي الانقطاع

عذرج مقبول ::جيد::

النت علي قولتهم نذل

يحوشج باشد اللحظات :محبط:

{silver shadow}
11-09-2008, 22:47
اهلا بالجميع انا عضوة جديدة حبيت اشكر ماري وانا عندي رواية العاشق المنتقم وعجبتني جدا على كل شكرا ماري

الأميرة شوق
11-09-2008, 23:01
مشكورين يا بنات
يعطيكم العافية
وكل عام وأنتم بخير

ماري-أنطوانيت
12-09-2008, 01:51
مشكوووووووووووووووووووووووووووره عالروابه الله يعطييييييييك 10000000000000000عافيه سلمت يدااااااااااااااك
هلا وغلا ف عزيزتي الهنوف
وحياك الله في المشروع::سعادة::


الله يديك العافيه وتسلمي علي الروايه واحب امسي علي الصبايا الحلوين والمجهود الرائع في الكتابه الله لا يحرمنا منهم بجد وتقبلي تحياتي
هلا والله قلبي عروس الظل
تسلمين قلبي على التمسيه الحلوه
والله لا يحرمنا من طلاتك الحلوه بعد...::سعادة::



رائـــــــــــــــــــــــعه
الله يعطيكم العافيه جميعا
تعبناكم معنا
هلااااااااااا والله ببحورتنا الغاليه....
الله يعافيك قلبي....
تعبكم راحه


ثانكس على الرواية
و عندي طلب ممكن تنزلو رواية البيت الخشبي الصغير من روايات عبير الجديدة
أو تحطولي هي على رابط بلييييييز
هلااااااا والله وايت انجل ....
ان شاء الله براسلك على الخاص اول ما القى الروايه::جيد::


مرررررره شكرا على الروايه
واتمنى انكم تحطوون روايه جزيره ادم من عبير القديمه
هلا بك اخوي SEDS
العفو...:)
وان شاء الله نحاول نلبي طلبك::جيد::


الله يعطيكم العافيه يابنات
هلا والله فيك عزيزتي مسنياك
وحشتنا طلتك الحلوه...:)
الله يعافيك


اهلا بالجميع انا عضوة جديدة حبيت اشكر ماري وانا عندي رواية العاشق المنتقم وعجبتني جدا على كل شكرا ماري
هلاااااااا وغلاااااااا فيك عزيزتي
{silver shadow};نور المشروع بتواجدك معانا....
والعفو قلبي انا ما سويت شي:p
الفضل في نجاح المشروع لله ثم العضوات العزيزات
بتعاونهم وعملهم الجماعي...::سعادة::

shining tears
12-09-2008, 22:16
احم احم بصراحة هاي الرواية كانت الي نية اني اكتبها بس لقيتها موجوده فحبيت انقلها
منقولة من العضوة TOMLEDER




الملخص ،،

==========

غير قادرة على تخليص نفسها من المأزق على نحو
سوى، وجدت بيج نفسها ضحيه خطه بارعه لتزويجها
من آلان فولر الذي كانت معجبه به ولكن دون حب
شغوف. وكانت المفاجأة أن ترى في حفله بقاعه
مزدحمه، قبل الزفاف بثلاثه أيام، رجلآ كان له تأثير
مذهل على مشاعرها .. كوين الأخ الأكبر لآلان.
كوين الذي اكتشف ان والد بيج كان يختلس
اموال مؤسسه آل فولر ،وأعتقد ان بيج متورطه.
وعن يقين بأن بيج قد اوقعت آلان في شباكها عن قصد،
أخذ كوين بالثأر .

shining tears
12-09-2008, 22:18
==الفصل الاول==

((مع كوين .. لا أحد يعرف شيئاً ))



رأته بيج جاروز , لأول مرة في الحفلة التنكرية الراقصة عشية عيد جمع القديسين كان يستند إلى جدار قاعة الرقص يراقب الشياطين وقططهم السوداء الرشيقة وهي تتقافز حول بعضها في حلقات دوامية في دائرة الرقص المجنونة ، كان ذا مظهر خطير وقوة عضلية رشيقة لافتة , وفجأة مر بخيالها المنهك ما فجر طاقته النائمة عندما رأت فيه صورة أسد يكمن في العشب الطويل ينتظر فريسته المنكوبة ..


لكن جاءها ما أيقظها من خيالتها التي سافرت بعيداً .. كان صوت والدتها يقول :
"(بيج) , بحق الله , أما زلت في مكانك بعد ؟ لا يمكننا أن نقضي سهرتنا في وقفتنا هذه كأننا نسد مدخل القاعة !!"
أجفلت الفتاة ونظرت إلى والدتها و ابتسمت بخفة وهي تقول :" آسفة ولكني أحاول العثور على (آلن) , لا يبدو أني أستطيع حتى أن ...
اندفعت والدتها تقول وهي تنظر إلى حلبة الرقص تلك :"من الطبيعي أن لا تستطيعي فهناك ما لا يقل عن دستة من الشبان في زي روميو الليلة و كأنه أخبرهم قبل موته أنهم موفقون لو أنهم ارتدوا ثيابه في كل مرة يذهبون فيها إلى حفلة تنكرية !"
وتنهدت الأم المنهكة وهي تزيح خصلة من شعر ابنتها الأشقر عن وجهها , وأضافت :
"وطبعاً هناك لا يقل عن دستة ونصف ممن يقمن بدور جولييت الليلة ... ولكن ليس لإحداهن مثل جمال ابنتي"
تبسمت (بيج) وقالت:" وطبعا لا يوجد روميو واحد في وسامة خطيبي .. لذا , سيسهل العثور عليه "
ولكن لم يحدث ذلك , قطبت جبينها خلف قناعها الفضي الرقيق وعيناها البنفسجيتان تجوب الحجرة المزدحمة في محاولة أخرى للعثور على خطيبها الروميو .
ومن حيث تقف رأتهم جميعا متشابهين جدا . ولكن (آلن) كان شيئا خاصاً فهو الرجل الذي خطبت له وستتزوجه ولا بد أن يكون باستطاعتها تمييزه بين كل هذا الجمع .
مرة أخرى وقع بصرها على ذلك الرجل الذي رأته قبل لحظات . وكان ينظر من خلال الأبواب الزجاجية المحيطة بالقاعة إلى حدائق الملهى , وعرفته (بيج) رغم أنه كان يعطيها ظهره , لقد عرفت الهيئة الأنيقة لكتفيه تحت بذلة السهرة ومظهر رأسه الشديد الإباء . استدار فجأة ومن خلف قناعه الأسود المحكم التقت العيون المتألقة ببعضها ..

القاعة ..


الموسيقى..


الراقصون..


الراقصات..


كل شيء تلاشى في دوامات سريعة


"(بيج) "قبض والدها على ذراعها وقال "(بيج) اليس هذا (آلن)؟! "
مرت لحظة كأنها الدهر قبل أن تستطيع صرف بصرها عن ذاك الرجل وتستدير إلى والدها . سألته : "أين؟! " أومأ والدها باتجاه روميو قريب . قالت وقد اندفعت الدماء إلى وجنتيها : " لا أدري ولكني لست متأكدة . " وفكرت كم هو شيء سخيف !

منتديات روايتي

لقد ظلت تلتقي مع (آلن) ما يقرب من عام. لا بد أن تستطيع التعرف عليه حتى في الملابس التاريخية . نادت في تردد " (آلن) ؟! هل هذا أنت ؟؟ "

أحست بارتياح عظيم عندما استدار ذاك الروميو و ابتسم وبادلته الابتسامة وهي تقول في سرها : أخيرا .
قال (آلن) وهو يمسك بيدها :" ها أنتِ يا عزيزتي . تبدين رائعة الجمال (بيج) "
"أنت ذاتك تبدو شديد الروعة (آلن)"
وابتسمت مرة أخرى و أضافت:"هل هي تخيلاتي أم أن كل عيون القاعة ترتكز علينا ؟ "
ابتسم (آلن) ابتسامة عريضة وهو يدس يده تحت ذراعه وقال :"ربما " ثم أضاف : "العمة (دوروثي) تسأل عنك منذ دقائق قليلة هل تريدين رؤيتها ؟ "
"ليس بعد .. " . قالتها (بيج) بسرعة دفعت الجميع للضحك , نفضت الوالدة ذرة خيالية من النسالة من على ثوب ابنتها وقالت : " تشعر (بيج) بالقلق تجاه مقابلة كل أقربائك دفعة واحدة "
غمغمت (بيج):" بل كل ما في الأمر أنني لا أرى أن الظرف مناسبا لذلك فهذه حفلة تنكرية راقصة تعج بكل هذا الزحام وهذه الحركة "
تنهدت (جانيت) وقالت:" لا يوجد مجال آخر للاختيار وقد بقيت ثلاثة أيام فقط على الزفاف "
غمز (آلن) وقال لخطيبته :"زفافنا" ونظر إلى (بيج) عندما ارتعد جسدها قليلا وقال :"هل تشعرين بالبرد يا محبوبتي؟ " و زلق ذراعه حول كتفيها وسألها مرة أخرى:" هل هذا أفضل؟"
أومأت خطيبته وقالت بلهجة باسمة:" كانت مجرد قشعريرة."

وعندما استدار (آلن) بوالدها وتبادلا حديثاً في بعض أمور العمل حادثت (بيج) نفسها
ثلاثة أيام .. ثلاثة أيام وتصبح السيدة (آلن فولر) ..

كان ذلك يبدو مستحيلاً, منذ شهر مضى كانت راضية تلتقي بـ (آلن) مثلما كانت تفعل على مدى الشهور التي سبقت خطبتهما بشكل رسمي لبعضهما , كانت تصد عروضه تلك للزواج التي كثرت حتى أصبح من المتعسر عليها أن تنتبه لها , ولكن في إحدىالأمسيات وضع إصبعه على شفتيها قبل أن تتمكن من الرفض
توسل قائلاً : "لا تقولي لا هذه المرة يا (بيج) ما رأيك في شيء مختلف؟ فقط قولي انك ستفكرين في الأمر حتى الغد"
قالت : "ألا تذكر أنني لن أكون هنا غدا؟ لن أعود قبل يوم الجمعة القادم "
ابتسم (آلن) ابتسامته العريضة وقال:" هذا أفضل .. لدي أسبوع كامل من الأمل بينما سيكون لديك أسبوع كامل تفكرين كي لا تقولي "لا" "

shining tears
12-09-2008, 22:19
وقتها ابتسمت (بيج) و وافقت . برغم كل شيء كانت تكن له الكثير .. كان وسيماً ساحراً وكانت تعرف أن أي فتاة مستعدة لتقديم أي شيء مقابل أخذ مكانها . كانت لقاءتهما تنتهي دائما على أفضل ما يكون , مع تحية مساء رقيقة عند افتراقهما, ولكن من جهة لم يزد رفضها المتكرر له صداقتهما إلا خصوصية وألفة و من جهة أخرى كأنه كان يزيده إصراراً على مطاردتها بعرض الزواج ذاك .. حسناً , ما الضرر في أن تنقضي خمسة أيام قبل أن تقول له "لا" مرة أخرى ؟!


ولكن (بيج) عندما عادت في يوم الجمعة التالي من رحلة عملها , عانقتها والدتها وهي قول لها بصوت يخالطه البكاء :" أنا سعيدة لأجلك يا عزيزتي ولكن كان ينبغي أن تخبرينا بنفسك " . وبينما كانت (بيج) لا تزال تحاول أن تفهم ما يحدث برز (آلن) بوسامته المرتبكة متأبطاً ذراع والدها, معترفاً لها في وقت لاحق بأنه قد جرفته الحماسة فذكر ما قالته له قبل سفرها ولكن فقط لوالديها و والديه .. و لـ ..
سألته (بيج) في غضب مشتعل أوقد وجنتيها التفاحتين :" ماذا تقصد بأنك ذكرت ما قلته ؟ أنا لم أزد عن موافقتي لك في اقتراحك الصاروخي الرائع !! لقد طلبت مني التريث لأفكر في الأمر لا أن ...
لحظتها وافقها (آلن) واعترف بأنه كان يعرف ذلك .. ولكن , فيما كانت ستفكر؟ إنها تستلطفه منذ بداية تعارفهما.. وقد عاشا معا أيام المرح والسعادة.. بالإضافة أنه مولع بها , وهذا ما سيوفر لهما حياة سعيدة معاً ..

تمتم :" لا تغضبي مني يا عزيزتي "
كانت سيماه تنطق بالاعتذار البالغ لدرجة أن غضبها تحول إلى شفقة خجولة و انفعال مربك . قالت في غيظ و هدوء : "أنا لست غاضبة فقط أنا ...
مست أصابعها وجنته برقة و تابعت : "لا بد أن تعلم أنني لا أحبك يا (آلن)..حسناً , أقصد أنني أحبك ولكني لست متيمة بك هل تفهمني. أنت تستحق من زوجتك أكثر مما يمكنني أن أقدمه لك " .
فهم (آلن) مقصدها حال أن قالت ذلك .. لقد حدثت بينهما في الماضي العديد من الأمور -إن لم تتطور - ولكنه أفهمها في كل مرة , أن كل شيء على ما يرام بينهما .
"أنا أريدك " قالها ببساطة وهو ينظر في عينيها باسماً و أضاف محاولاً استمالتها: "مثل أي شيء أخر سيأتي هذا الأمر في وقته وسترين ذالك "
تخضبت وجنتاها ارتباكاً ولكن لم تضطرب مطلقاً وقالت :" و ما الحل إن لم أفعل؟ ما الذي سيحصل إن لم أتمكن من أن أحبك بالمقدار الذي تستحقه ؟ ماذا لو ...
أخبرتها نظرته أنه لا يستطيع أن يتخيل ذلك حتى .
قال :" سأظل أحبك بالطبع " .. ثم ابتسم ابتسامة صبيانية عريضة وقال : "لا خطر في ذلك لن أخذلك يا (بيج) وسترين "

"(آلن) ..

قالتها وهي تريد أن تخبره أن ما يشغلها ليس خذلانه لها .. إنما خذلانها له فيما لو لم تستطع مجاراته و التمكن حبه ذلك الحب الذي يدفعها إلى الشغف به . ولكنه أخذها بين ذراعيه متجهاً بها نحو باب الغرفة الذي انفتح أخيرا لتطل منه والدتها .

قالت جانيت في اندفاع: "(بيج) نحن سعداء جدا , اقصد أنا و أبوكِ , أرجو أن لا تجدا بأساً في أن أخبر عماتك بهذا الحدث السعيد عزيزتي .."

وهكذا انتهى الأمر .. أو
بدأ ...

وبينما كان (آلن) يقودها إلى دائرة الرقص تذكرت (بيج) كيف حدث كل شيء بعدها بسرعة كبيرة جداً لقد أراد والد (آلن) أن يذهب ابنه لإدارة أعمالهم في أمريكا الجنوبية ومعنى ذلك أن الزفاف الذي حدد له يونيو القادم سيتم تقديمه إلى نوفمبر أما الخطوبة الطويلة التي توقعتها (بيج) فقد أصبحت فترة قياسية جداً ..

ثلاثة أيام .. هكذا فكرت مرة أخرى وهو يزلق ذراعه حولها .. ثلاثة أيام ..



"هيه أفيقي يا (بيج)"
نظرت (بيج) إلى (آلن) وهزت رأسها وقالت :" متأسفة لقد كنت أفكر فقط .. لا أستطيع تصديق أن يوم زفافنا قريب هكذا "
تراجع (آلن) وقال لها باسماً : "لقد فات أوان التراجع , ماذا ستظن العمة دوروثي؟"
ردت (بيج) مبتسمة:" لا تكن سخيفاً يا(آلن) , لأنها هي من سيقول عني سخيفة لو تخليت عنك في هذا الوقت بالذات"
ضحكا معاً وهو يديرها عبر ساحة الرقص ثم قال لها مداعباً:"و أني قد ضيعتُ عليها فرصة حضور حفل العام ... تصوري حبيبتي لقد أمضت هي وأمي نصف صباح اليوم وهما تخططان للزفاف ! "
"فقط نصف هذا الصباح؟ كنت أظن أن زفافنا يستحق أكثر من هذا "
"فعلاً لقد أمضت العمة باقي الوقت تقدم لي خلاصة خبرتها و أمضت البقية الباقية من النهار في إحصاء أعداد ضيفاتها المسنات ! "
ضحكت (بيج) وقالت :" هل هي خبيرة؟"
"بطريقة ما" .. وجذبها إليه ثم أضاف: " لقد تزوجت عمتي 3 مرات .. وأيضا ربما ينبغي أن أنصت لنصائح أكثر من أخي الأكبر"
ضحكت مرة أخرى وهي تشعر أن قلقها قد بدأ يتلاشى :" لا تقل أنه قد تزوج ثلاث مرات هو الأخر ؟!"
ندت عن (آلن) ضحكة خافتة متعجبا :" من ؟ كوين؟! مستحيل , لن تستطيع امرأة أن تمسك به على الإطلاق "
"مدهش" . . قالتها (بيج) بإغاظة و أضافت : "و ما هي النصيحة التي يمكنك الحصول عليها من شخص كهذا ؟"
"خطبة تبدأ بقوله (لقد جننت لتفعل هذا يا رجل ) أنت تعرفين القول المعتاد الذي يقوله الأخوة الكبار دائما ( أنا أكبر و أعقل و و و ..."
سألته (بيج) وهي تجول بعينها في ساحة الرقص : "ومتى سأقابل هذا النموذج ؟" وأمالت رأسها جانبا وابتسمت لخطيبها . "بمجرد أن يصل .. المفروض أن يصل غدا ولكن مع كوين لا أحد يعرف شيئا , إن ..."

قاطعه صوت والدها الذي أصبح فجأة قريباً منهما :" (آلن) أنت لا تجد بأساً في أن أرقص مع ابنتي الوحيدة أليس كذلك ؟"
رفعت (بيج) بصرها بينما تركها (آلن) بين ذراعي أبيها الذي قال قبل أن يسمع اعتراضه :"اذهب ومتع نفسك بمشروب منعش ولا تنسى أن تجلب لنا كأسين ."
غمز (آلن) بعينيه وهو يقول:" بالطبع يا سيدي .. (بيج) سأعود خلال دقائق يا محبوبتي ."

تنحنح (اندرو) بينما استقرت ابنته بين ذراعيه وقال دون مقدمات :"إن والدتك قلقة بشأنك لقد أرسلتني لأعرف إن كان كل شيء على ما يرام .."
نظرت (بيج) إلى والدها بدهشة و سألته : " ماذا تقصد يا أبي؟"
"أنتما تتصرفان كما لو كان بينكما مليون ميل وقلت لنفسي ربما هي عصبية اللحظات الأخيرة ؟". أومأت (بيج) شاردة وقالت : "أظن ذالك ."
حدق والدها في وجهها وقال:"إن (آلن) ملائم لك يا (بيج) إنه شاب رائع لقد عرفته خلال سنوات عملي مع والده و ..

إنها نفس الخطبة التي يلقيها والدها على مسامعها منذ أن زل لسانها أول مرة وقالت فيها أن (آلن) قد تقدم لخطبتها . قالت في صوت رقيق: " أبي لقد أخذت بنصيحتك أخيراً .. وهاأنا ذا سأتزوجه ."
نظر والدها إليها وقال:" كل ما في الأمر إنني أردت الأفضل لنا جميعا"
ضحكت (بيج) وقالت :" لنا جميعا؟ إنني أنا التي ستتزوج وليس أنتما"
"إنه أسلوب مجازي في الكلام يا طفلتي أنت تعرفين ما أقصد إن سعادتك تعني سعادتي وسعادة والدتك" ثم أضاف ألستِ سعيدة؟"

منتديات روايتي

أومأت بسرعة .. بالطبع كانت سعيدة .. إن (آلن) -كما يصر والدها- شاب رائع وقد أحبته بطريقة ما أخيراً .. و إذا كان هذا ما يكفيه فهو إذن يكفيها .. هكذا حادثت نفسها بينما ترقص "الفالس" مع والدها . كانت مولعة باللحن الذي يسميه الجميع لحن الألم العظيم , وقد أدركت طبيعته نظراً للقصة التي يرويها .. كم من المرات التي حاولت

shining tears
12-09-2008, 22:21
فيها أن تنقل احساساتها لـ (آلن) يوم خطبتهما لكنه لم يعطها فرصة , وكان على حق أيضا , ربما استطاع أن يتعلم قلبها كيف يحلق في الفضاء و أن يرقص شعورها مع ملائكة السماء ولكن إحساسها لم يتعلم بعد أن يغني معزوفة الحب العطش .. حسنا سيكفيها هذا الآن ..أما لاحقا فإنها ستحاول أن تتعلم كيف تدير الأمور معه وستحاول أن .....


يا إلهي ..

تراقصت قشعريرة على كتفيها ..

شخص ما كان يراقبها .. وهي عرفت ذلك دون سؤال تماما مثلما عرفت من هو .. إنه ذلك الرجل الغريب الذي رأته منذ فترة .. لا بد أن يكون هو .. كانت تستطيع أن تشعر بوجوده وتحس بقوته حتى قبل أن يظهر أمامها ..

تقدمت (بيج) مقتربة من حضن أبيها الذي ابتسم لها .. ردت ابتسامته , ولكنها مسحت القاعة بعينها . احتبست أنفاسها في حلقها .. نعم .. نعم , كان هناك واقفاً على محيط دائرة الرقص المفتوحة , كانت سترته مفتوحة كاشفة عن قميص أبيض كشكاش وقد التصق بصدره كما لو كان جلداً آخراً .. كان يضع يديه في جيبي سرواله وقد وقف متزناً منفرج الساقين قليلاً.. بينما مال رأسه جانبا و ....كان يراقبها خلف قناع أسود .. و كانت عيناه مثبتتان عليها .. متقدتان .. تُفصل حنايا ثوبها الحريري الطويل ذي الأكمام المتلألئة , تعثرت قدم (بيج) فشدد والدها ذراعيه حولها .

سألها فجأة : "(بيج). ماذا بك ؟"
قالت بسرعة : "لا شيء .. لا شيء "
وانتزعت عيناها بعيدا بالقوة عن الرجل إلى والدها وأضافت : "مجرد أنني .... لا بد أنني متعبة "
أومأ والدها وقال : "لقد مررت بأسبوع حافل " ونظر لعينيها وقد تغضنت جبهته و أضاف :"هل تودين الجلوس "
حادثت نفسها : "سيأتي إليك لو انك فعلت ذلك , أنت تعرفين أنه سيفعلها ...
سرت رجفة خلالها وردت متصنعة الهدوء :"لا .. أنا في الحقيقة أود أن ارقص معك أبي و ...
ابتلعت ريقها و أجرت لسانها تبلل شفتيها الجافتين وقالت بهمس لاهث : "هذا الرجل .. تُرى هل تعرف من يكون؟"
سألها مندهشاً : "أي رجل؟"
قالت بإلحاح : "هذا الذي يقف هناك ." , وأخذت بضع خطوات ليستدير والدها وينظر في الاتجاه الذي كانت تواجهه و أضافت : "الرجل الطويل الواقف بجوار الدائرة "
كرر والدها :" أي رجل أي بذله يرتديها ؟
قالت (بيج) "إنه يرتدي بذلة تنكرية ونظرت من فوق كتفيها و تابعت : إنه ..."

لم يكون هناك . وطافت عيناها تبحث عنه من جديد ولكنه اختفى كانت دقات قلبها متلاحقة كأنها تجري لا ترقص .. و فجأة بدا من الصعب أن تلتقط أنفاسها ..
قبض اندرو على كتفي ابنته بقوة : "ماذا حدث هل تشعرين بدوار ؟"
حادث نفسها مرة أخرى: لست أدري ما أشعر به .. إثارة .. بهجة .. روعة ...
جذبت (بيج) نفسا عميقاً وقالت : "أظن أنه من الأفضل لو أذهب لإصلاح زينة جولييت يا أبي ". و ابتسمت له ثم انطلقت بسرعة قبل أن يحاصرها بمزيد من الأسئلة , ولكن التعبير الحذر على وجه أبيها أنبأها أن الابتسامة مصطنعة مثلما أحست هي بها .
سمعته قبل أن تخرج من الدائرة يقول لها :
"دعيني أستدعي والدتك لتذهب معك "



"لا"


قالتها بصوت حاد قاطع ثم عادت إليه قائله : "لا داعي لإزعاجها سأعود خلال دقائق معدودة . على أية حال أنا أريد أن أبدو في أفضل صورة أمام أقارب (آلن)"


"(بيج)"


انطلق صوت والدها في أثرها وهي تعبر ساحة الرقص .. و بينما هي تأخذ طريقها خلال القاعة حادثت نفسها .. هذا هو جزاء النوم القليل .. والإفراط في العمل .. كانت تشعر بالدوار . ومن ذا الذي لا يصيبه دوار وهو يمر بيوم كهذا ؟ لقد استيقظت في الفجر الباكر لتتمكن والدتها من عمل بعض اللمسات الأخيرة لفستانها وقناعها الذي صممته ليكون على شكل نصف قمر فضي .. ثم كان الغداء مع زميلاتها في العمل .. ثم تناولت الشاي مع وصيفاتها , ورتبت آخر الترتيبات المتعلقة بزفافها .



" عفوا .." قالتها (بيج) وهي تمر بين اثنين يرتديان زي قناعي ماري أنطوانيت وشيطان ضاحك .. واتصلت أفكارها مرة أخرى , سيتفهم (آلن) ذلك إن هي فعلت وطلبت منه توصيلها الى المنزل . ستقابل أقاربه أولاً , ثم العمة دوروثي , ثم إلى المنزل لتحظى بحمام دافئ ..
كانت قاعة الرقص قد اكتظت تماماً .. وارتفعت أصوات الموسيقى , وصار الهواء ثقيلاً ساخنا .. ستمشط شعرها وتصلح من زينتها , ثم تعود لتلتقي الأقارب ..

منتديات روايتي

و بعد ثلاثة أيام يمكنها أن تستريح .

ثلاثة أيام وينتهي كل شيء ..

ثلاثة أيام .. أوه .. يااااااااا إلهي .. ثلاثة أيام ..

كان هناك طابورا طويلا في حجرة "التواليت" قالت في سرها "أريد فقط أن اصل إلى الحوض .. التقطت نفسا عميقا واستكانت تنتظر دورها بهدوء خلف فتاة ترتدي ثيابا إسلامية , و سيدة ترتدي ثياب قرصان .

وصلها صوت إحداهن تقول بحماسة بالغة : "... إن مجرد طلب الزواج يشعرني بمدى أهميتي عنده .. ومدت يدها اليسرى : " أليس جميلاً ؟ "

نظرت السيدة الأخرى , ونظر معها الجميع إلى الخاتم الذي يزين إصبع الفتاة و ابتسمن كان الخاتم يحوي ماسة براقة أصغر بقليل من الماسة التي زين بها (آلن) اصبع يدها يوم خطبتهما , لكن (بيج) الآن تسمع دقات قلب الفتاة وهي تتسارع كل ما نظرت إلى خاتمها الماسي البراق .. و تحس بأنفساها التي تتلاحق كلما نظر إليها خطيبها الذي تحبه , لكن هل حدث أن أحست بصعوبة التقاط أنفاسها إذا ما التقت عينا (آلن) بعينيها فتنكشف أسراراً لا تعرفها ؟

لم تشعر (بيج) بهذا الإحساس الذي يربكها لدى نظرة (آلن) لها .. لم تشعر بمثل ذلك في حياتها على الإطلاق .. ولا حتى خلال تلك العلاقة الغرامية الوحيدة والقديمة جداً .. حتى لحظات خلت لم تكن تشعر بشيء ..
إلى أن نظر إليها رجل لا تعرف اسمه من خلف قناع أسود !

صمتت الفتاة التي ترتدي ثيابا إسلامية عندما سمعت شهقة مكبوتة تخرج من حلق (بيج) .. قالت "عفوا" وحاولت أن تبتسم .. و لكنها لم تستطع , فقط وجدت شفتيها تنفرجان عن أسنانها في نموذج رديء للابتسامة , بينما استدارت وأخذت طريقها وسط الحواجب المرتفعة والأوجه الفضولية التي استدارت فجأة .

shining tears
12-09-2008, 22:23
أخيرا عادت (بيج) إلى القاعة مرة أخرى .. واستندت إلى باب التواليت وهي تنظر حولها , وخطر (آلن) ببالها وتمنت لو يبدو أمامها غير أن (آلن فولر) لو كان احد هؤلاء القريبين منها و اللذين يرتدون ثياب روميو لما عرفته ولا ما تمكنت من تمييزه أبداً !


بدا صوت الموسيقى أعلى من ذي قبل وبدا الزحام يشتد. كان هناك رجلاً بديناً يدخن سيجاراً ذا رائحة خنقت جوها مما أشعرها بالغثيان .. فكرت بالاندفاع خارجة من القاعة إلى الشارع , حيث يمكنها أن تستوقف إحدى سيارات الأجرة و تعود للمنزل .

ولكن لم يكن هناك شارعا خارج ملهى "هانت" بل كانت هناك ساحة انتظار للسيارات فوق جرف "كونكت كت" الذي يشرف على المحيط الأطلنطي .. ولن تستطيع مجرد السير قليلا في الظلام .. إن هذا الأمر لا بد وانه سيزعج والديها و(آلن) , ثم يأتون للبحث عنها ..
ماذا ستقول لهم عندما يعثرون عليها؟ هل يمكنها ان تقول: لقد رأيت فتاة في حجرة التواليت كانت سعيدة بخطبتها لدرجة جعلتني أود البكاء؟

هل يمكنها أن تقول مثلاً: لقد رأيت رجلاً لم أره من قبل على الإطلاق .. رجلاً لم أعرف اسمه و أنه قد جعلني أشعر بشيء لم يُشعرني به (آلن) و أنه قد أرعبني لدرجة أن اندفعت أجري مبتعدة ؟
شيئاً فشيئاً .. بدت القاعة كأنها تهتز من حولها وهمست بصوت مسموع : إلــهي العزيز ..

و فجأة انزلقت ذراع حول خصرها .. شمت رائحة عطر قوية تخالطها رائحة ثياب جلدية و أحست باحتكاك النسيج الجلدي بوجنتها ..ثم برجل قوي بجوارها .

سمعت صوتا عميقا يقول : "ستكونين على ما يرام فقط استندي علي ."
قالت وهي تحاول أن ترفع عينيها إليه :" أنا بخير .... فعلاً بخير "
ولكنها تركت نفسها تستند على صدره . قال بعد فترة :" سيغمى عليك لو لم تستنشقي بعض الهواء النقي ... خذي نفسا عميقا سيفيدك ذلك "

فعلت (بيج) ما أمرها به .. في الحقيقة لم يحدث أن أصابها الإغماء من قبل .. ولكنها رأت أنه قد يكون على حق .

تحولت القاعة في ثواني معدودة إلى دوامة سريعة الدوران .. وتداخلت الألوان الزاهية مع الألوان القاتمة , وصارت الموسيقى صاروخ مدوٍ .. أراحت جسدها على جسده و كأنما تختبئ فيه وهو يقودها خارج الزحام .. تراءت أمامها الأبواب المؤدية إلى الحديقة وعرفت أنه سيأخذها إلى هناك ..
قالت في صوت ضعيف :" دعنا نذهب إلى الخارج ... لا أكاد أحتمل هذه الضجيج "

دفع هو الباب .. هب تيار من الهواء صافح وجهها و زاح من عقلها خيوط العنكبوت التي بدأت تلفه ..
حان الوقت لتوقفه وتشكره على مساعدته لها .. ويا حبذا لو تطلب منه ممتنة أن يستدل لها عن مكان خطيبها ..

ولكنها لم تفعل ..

لأنها رفعت عيناها إلى وجهه وما كان يجب أن تفعل ..

لأنها صُدمت تماما في المحيا الذي صفع نظرها ..

لأنه كان يجب أن تعرف من البداية أن هذا الرجل الذي يقف بجانبها ..

بل الممسك بها ..

المحتويها ..

ليس سوى ذالك الغريب الذي شاغلتها عيونه طوال السهرة ..

بل أن دقات قلبها أكدت لها ما لم يعد بوسعها أن تُنكره ..

أنها باتت الآن أمام الرجل الوحيد الذي بدأت تخافه قبل أن تعرفه ويعرفها ..

وبقدر ما أن رغبت أن تأتي هذه اللحظة و بقدر ما أملت في ذلك ..

عرفت بنفس القدر أن حياتها لن تعود مطلقاً كما كانت قبل أن يضع يده عليها ....

shining tears
12-09-2008, 22:24
==الفصل الثاني==

(( عديني أن تعودي .. ))

ارتعدت (بيج) عندما تأرجحت الأبواب الزجاجية منغلقة خلقها . آخر مرة جاءت فيها إلى هنا كانت بصحبة (آلن)
كان الهواء معبقاً بأريج الزهور وكانت رائحة البحر واضحة في الهواء و صوت أمواجه العالية البعيدة مسموعة وهي تضرب رمال الشاطئ القريب بلا شفقة .. وتسللت نفحات الموسيقى خافتة من القاعة المنغلقة لتختلط بأصوات الأمواج .. كان القمر بدراً ينير الشرفة التي يقفون عليها .. ولكن عندما رفعت (بيج) عينيها لوجه الرجل الغريب , اندفعت سحابة كبيرة عبر السماء وأغرقت كل شيء في الظلام .
ألحت عليها كل غرائزها أن تسحب نفسها من الذراع المحيط بخصرها و أن تركض عائدة إلى الدفء والضوء داخل الملهى . ولكن بدت قدماها كأن جذورهما قد غاصت في الأرض .
أحست أن موقفها يُعد حماقة كبرى , واستدارت لتقول بأنها ستذهب . و لكن سبقها الرجل بالكلام .
''خذي نفسا عميقا ''
هزت (بيج) رأسها , وقالت : '' أنا بخير الآن .. أنا .. ''
أحست بضغط يده وهو يقول لها بلهجة حاسمة : '' خذي نفساً .. هيا استنشقي .. ''
كان أمرا , وليس طلبا أو نصيحة على الأقل , أومأت وفعلت ما قال , وجذبت الهواء البارد إلى رئتيها
''أفضل؟ ''
أومأت مرة أخرى , وقالت : '' نعم .. أفضل كثيراً .. في الحقيقة شكراً لك على ... ''
قال باهتمام : '' لا تتحدثي .. فقط خذي نفساً آخراً ''

أخذت شهيقاً آخراً و أحست أنه لا يوجد ما يدعوها على القلق .
كانت على يقين أنها تحولت إلى ورقة شاحبة في تلك القاعة المكتظة . ولقد لاحظ ذلك , وهب لنجدتها. كان مجرد منقذ طيب وماعدا ذلك فهو من نتاج خيال جامح متعب .
قالت في ارتباك : '' أنا بخير الآن و أنا شديدة الأسف لكل ما سببته لك من إزعاج ''
'' لم يكون هناك إزعاج على الإطلاق '' ودفعها ضغط يده لأن تستدير إليه , و أضاف : '' في الحقيقة يمكنك أن تقولي أنكِ أسديتِ لي معروفاً ''
سالت في اندهاش مكتوم : '' أنا ؟ ''
هل كانت هناك ابتسامة في صوته ؟ فقط لو تستطيع رؤية وجهه .

ضحك برقة , و قال : '' لقد كنتُ دائماً أتمنى أن أنقذ فتاة واقعة في خطب ما يا جولييت '' .
ولمست يده وجنتها , وأضاف : '' هذا هو اسمك الليلة , أليس كذلك؟ ''
قالت (بيج) بسرعة : '' أنا ؟ .. آه نعم, هذا صحيح .. و في الواقع يجب أن أدخل الآن , إن خطيبي .. ''
أطبقت أصابعه على يدها و قال '' أظن أنني رأيتُ شيئاً يتلألأ في إصبعك .. أخبريني يا جولييت .. أين هو ؟ أقصد خطيبك ''
'' إنه ... ينتظر في قاعة الرقص .. إنه .. .. .. ماذا تفعل ؟!! ''

سألت رغم أن الإجابة كانت واضحة .. لقد تلوى خارجاً من سترة بدلته وبسطها على كتفيها .
قال دون اهتمام : '' أنتِ تشعرين بالبرد '' , ورفع شعرها الأشقر المسدول عن كتفيها و أسدله فوق السترة , و أضاف : '' يدك كالثلج ''
قالت بسرعة : '' لا أنا بخير .. ''
جذب طيتي صدر السترة معاً وهو يقول : '' لا تجادليني رجاءً '' .
أحست (بيج) فجأة أنه لا يمكن لأحد أن يجادل هذا الرجل على الإطلاق .. نعم لا يجرؤ أحد على ذلك ..
حكت أصابعه جلدها برفق و مر بإصبعي إبهامه في خفه على حلقها و تمهل فوق التجويف الذي يعلو الترقوة . تساءلت في عجب عما إذا كان يشعر باندفاع الدم السريع نابضاً تحت لمسته , وسرت رعشة ببدنها .

اغتصبت ضحكة , وقالت : '' ربما أشعر بالبرد قليلاً .. الجو بارد هنا , أليس كذلك ؟ أظن أنه هواء المحيط رغم أننا في الخريف طبعاً '' .
تباً .. إنها تثرثر كالمجانين .. أحست أنها تبدو كطالبة مدرسية هلِعة .. أو كأنها مراهقة تخرج مع صبي لأول مرة ..
لكن الواقف بجوارها في الظلام رجلاً وليس صبياً , رجل لا تعرف اسمه ..
ماذا تفعلين هنا يا (بيج) ؟!! , سألت نفسها بغيظ ..

قبض على يدها قائلاً : '' سيري معي ... أرجوك ''
ردت : '' لا أستطيع ''
ولكنه كان يقودها بالفعل على الممر المحيط بالحديقة ..
توسلت له : '' أرجوك ''
'' فقط لدقائق قليلة ''
أحست كما لو أنها في حلم من أحلامها الوردية القاتمة .. و صلتها الوحيدة بالواقع هي الموسيقى الخافتة المنبعثة من القاعة التي بدأا يبتعدان عنها ..

لقد كان الرجل المجاور لها طويلاً .. أطول مما ظنت .. حتى لو ارتدت أعلى كعوب أحذيتها فإنها لن تصل إلا لكتفه فقط ..
كانت سترته تنسدل حولها كأنها عباءة .. تهدلت الأكتاف والأكمام وبدت كأنها طفلة تلهو بارتداء الثياب .. كان قد رفع الياقة عندما بسط السترة على كتفيها , ومس الصوف الناعم للياقة بشرتها برفق , أحست بالدفء وكأن النسيج لا يزال يحمل درجة حرارة جسده ..

استطاعت أن تشم عطره .. نفس العطر الذي لاحظته من قبل .. وكان ممتزجا بشيء أكثر وضوحاً و إحساساً .. ممزوجاً برائحة رجالية صافية مميزة .

أغلقت (بيج) عينيها , وخفق قلبها وهي تستنشق الرائحة التي أحاطت بها مع حرارة جسده .. ثم رفعت أهدابها .. ماذا تفعل ؟ ..
تتسكع في الظلام مع رجل لا تعرفه .. متسارعة الخفقات , جافة الحلق , ولم تفكر ولو لمرة واحدة في (آلن) أو في خاتم الخطوبة بإصبعها أو في قسم الزواج الذي ستردده بعد ثلاثة أيام ..

اشتدت قبضته على يدها , وقال بتأوه : '' لا تخافي ''
اغتصبت ضحكة أخرى , وقالت : '' لا , أنا لستُ خائفة أنا فقط ...
توقف و استدار لها قائلاً : '' أنتِ خائفة .. فقط أنتِ خائفة ''
و مر بيده على باطن معصمها في خفة , وقال : '' يمكنني الإحساس بتسارع نبضاتك . إن قلبك يدق كقلب أرنب مذعور '' .
تراجعت (بيج) في خطوة سريعة , وهمست : '' لابد .. لابد أن أعود الآن . شكراً على سترتك .. دعني ..
أحكم قبضته على معصمها , وقال : '' لا تذهبي '' .. كان صوته خافتاً و مبحوحاً .
ثقل لسانها في فمها وقالت بسرعة : '' إن خطيبي ..
هز رأسه في تبرم , وقال في خشونة : '' الجحيم على خطيبك .. ابقِ هنا معي '' .

أحاطت يداه وجهها و أماله لأعلى . كان بإصبعه خاتم .. خاتم عتيق تتوسطه ياقوته . استقطب الحجر ذو اللون الأحمر الدموي ضوء القمر وألهبه بنيران متألقة .
أحست بدفء هذا الرجل من قبل أن يمسها حتى .. كان الظلام يلف المكان ويغلف ملامحه .. لكن (بيج) عرفتها من قبل أن تراها حتى .. تماماً مثلما أدركت أنها تعرف هذا الرجل منذُ الأزل .. و أنها قد انتمت له في زمن آخر , وفي خلود آخر ..

shining tears
12-09-2008, 22:25
أغمضت عينيها و أخذت تنتظر أوامر الرجل التالية .. تنتظر .. وتنتظر ..
سرى صوت ما في الظلام الصامت .. هل كانت الريح تحف أوراق الشجر أم كانت موجة ترتفع إزاء الشاطئ تحتهما .. لم تكن متأكدة .. ولكن كان الصوت كافياً ليعيدها إلى رشدها ..
انتزعت نفسها مبتعدة عنه وهي تقول : '' يجب أن أعود .. أنا ممتنة لمساعدتك .. و .. حقا أنا لا أدري ماذا حدث هناك لكن ....
ماتت الكلمات الوحيدة التي دفعتها شجاعتها أن تخرجها من حلقها الذي أصبح جافاً الآن عندما تحرك نحوها ..
'' أنتِ تعرفين ما حدث هناك ..

منتديات روايتي

كان هناك شيء ما في صوته .. إحساس بالثقة لدرجة أثارتها و أرعبتها في آن واحد , أدركت أنه لم يقصد إحساسها المفاجئ بالدوار .. كان يقصد تلك اللحظات الصامتة من الخلود الذي تقاسماه .. ولم تكن هي للتحدث عن ذلك .. لا في هذا الوقت ولا في أي وقت على الإطلاق .. وبالتأكيد ليس معه ..

قالت بسرعة : '' أنت على حق .. لقد أحسست بالإعياء وهذا كل ما في الأمر , كان الجو دافئاً في قاعة الرقص وكانت مزدحمة و ..
شهقت عندما تحولت يداه إلى كتفيها ضاغطاً على لحمها البارد وقال : '' لا تكذبي يا جولييت ..
لقد كنت أراقبك طوال السهرة ..
أحست بوخز خفيف تحت أصابعه , وقالت بصدق : '' عن أي شيء تتحدث ؟!! ''
ضحك بتأوه وقال : '' هل سنلعب سوياً ؟ أنتِ تعرفين أني كنتُ أراقبكِ ''
أحست بالحرارة تندفع وتغمر وجنتيها . وشكرت الله على هذا الظلام .
قالت : '' أنت على خطأ ''
اشتدت قبضته على يدها وجذبها إليه ببطء وهو يقول : '' و أنتِ كنتِ تراقبيني أيضاً '' .
يا لا جرأتك !! .. فكرت (بيج) بذلك في سرها ولكن إنكارها لما قاله جاء سريعاً ..
'' لم أفعل .. أنا لم ألحظك على الإطلاق إلى أن عرضت علي مساعدتك '' .


مدهش .. هاهي الآن بدأت تكذب .. يا لهذا الرجل الذي يدفعها للكلام دون تفكير ..

رأت بريق أسنانه البيضاء وهو يقول : '' عمن كنتِ تبحثين عندما دخلتِ إلى قاعة الرقص يا جولييت ؟ عن خطيبك ؟ ''
قالت بسرعة : '' نعم خطيبي '' تعلقت بالكلمة الأمل .. كأنها ستنقذها من كل ما هو آت مهما كان . و أضافت : '' هذا صحيح و من المحتمل أنه يبحث عني الآن .. لذا ..

'' الجحيم كان يجب أن يصحبك طوال السهرة لا أن يتركك برفقة رجل غريب مثلي ''
و تحركت يداه على كتفيها , و أضاف : '' كنت سأفعل لو أنكِ تنتمين لي'' .

اندفعت تقول بقوة : '' أنا لا أنتمي لأحد .. ولقد كان ينتظرني ..أقصد أنني لم ألحظه من أول وهلة''
ضحك بهدوء و قال '' : ولكنك وجدتني جذابا ً أم أني متوهم ؟ '' و انزلقت يداه من كتفيها حتى وصلت معصميها وقال : '' وعندئذ تزاحم الحشد و افتقدت مكانكِ . هل كان ذلك عندما عثر عليكِ خطيبكِ روميو ؟! '' .
أحست الفتاة بجفاف في شفتيها وبحذر أجرت معه طرف لسانها فوقهما وهي تفكر شاردة فيما يحدث لها الآن ..

وبعد الآن ..

و إلى الأبد ..

'' نعم والآن يجب أن أعود له .. أنا ..
'' والمرة التالية التي رأيتك فيها , كنتِ ترقصين مع رجل كبير .. '' ورفع يديها بين يديه و أمسك بهما أمام صدره , وقال : '' لم يكن روميو '' .

كان مجرد تقرير ولم يكن سؤالاً , ورغماً عنها ابتسمت (بيج) و تذكرت والدها وهي تقول له :
'' لا '' ..
أومأ قائلاً : '' والدك على ما أظن أو خال أثير ..''
قالت بخضوع : '' والدي ,لقد رأيتك تراقبنا هناك ''

كان الاعتراف قد خرج منها قبل أن تتمكن حتى من إيقافه ..
تبدى أي أمل لها في أن مر هذه الزلة عندما سمعت ضحكته المنتصرة الهادئة من بين الأمواج ..
'' لكنكِ قلتِ أنكِ لم تلحظيني على الإطلاق يا جولييت ''
قالت في يأس : هذا ليس اسمي .. إنه مجرد خيال .. ''

انزلقت ذراعاه حولها وهمس : هذه الليلة من الخيال .. ويمكن أن يحدث فيها أي شيء ''
و ببطء جذبها قريباً منه وقال : '' يمكنك أن تبقي هنا وترقصي معي '' .

كانت الموسيقى المتسللة من القاعة قد تحولت إلى نغمات بطيئة حالمة ..
فرشت (بيج) يداها على صدره عندما بدأ يتحرك هو على إيقاعها الرتيب , ثم توقفت في تصلب بين ذراعيه .. والتقطت أنفاسها قائلة : '' لا تفعل , أرجوك ''

كانت تقاوم رغبتها في أن تذوب بين ذراعيه .. إنها ليلة من الخيال , كما قال , وهذا ما يحدث , أليس كذلك ؟ .. مجرد خيال غير مؤذ . أضغاث أحلام اضطرب فيها قلبها ..
همست : '' حسناً .. رقصة واحدة فقط '' ..
رد ببساطة : '' رقصة واحدة . ثم نفعل أي شيء تريدينه . ''

سنفعل أي شيء تردينه ؟!
هل كان هناك تهديد في الكلمات البسيطة ؟! .. لا ليس تهديداً ..
كانت (بيج) تحادث نفسها .. عندما بدأا يتحركان عبر المربعات الحجرية التي تغطي الأرض . كانت كلماته تحمل شيئاً أكبر .. هل هي ثقة أم هو اقتناع بأنه قد أدرك أخيرا ما هي تريده رغم أنها لم تعترف به لنفسها بعد ؟
فليفكر هذا الغريب فيما يشاء .. رقصة واحدة معه , هذا كل ما في الأمر , ثم ستعود لـ (آلن) ..
وستحكي له عن ذلك خلال أسبوع أو أسبوعين , وستحكي عن ذلك القدر من الضئيل من الحماقة التي تمكنت منها تلك الليلة .. قبل ثلاثة أيام ن زفافهما ..
سيضحكان بشأن ذلك مثل ضحكهما بشأن الحفلة التي يخطط أشابين العريس لإقامتها مساء الغد في ملهى عُرف بنادلات حانته القصيرات الثياب .. وذلك احتفالاً بتوديع (آلن) لحياة العزوبية !!
'' إنها أحد طقوس الانتقال ''
هكذا يسميه (آلن) .. وهذا ينطبق على ما يحدث الليلة .. أليس كذلك ؟ ..

هذه الرقصة مع غريب كانت فعلاً آخر مذاق للحرية .. وسيبتسم (آلن) عندما تحكي له ... و ....





مهلاً ..
من الذي تخدعه ؟! ..
لن يمكنها إطلاقاً أن تحكي لـ (آلن) ..
لن يمكنها مطلقاً أن تحكي لأي إنسان عن هذا الأمر .. إن هذا جنوناً .. جنوناً خطراً ..
لأن هذا الأمر لم يكن ملذة أخيرة .. أو أحد طقوس الانتقال ..

قربها الرجل منه أكثر .. وقال : '' هل عيناك فعلاً بلون بنفسج الربيع ؟! ''

سرى صوته خلالها , ناعماً مبحوحاً , كأنه حضن مخملي . وفي صمت الليل استطاعت (بيج) أن تسمع دقات قلبها السريعة المضطربة ..

shining tears
12-09-2008, 22:27
سألته و قد كتمت أنفاسها : '' من أنت؟ ''
ضحك بتأوه وقال : '' أنتِ تعرفين من أنا يا جولييت . . .
".... أنا الرجل الذي ظل طوال الليل يريد أن يعرفك ويسبر غورك ''

ذهب الاعتراف بأنفاسها ... تعثرت أقدامها ... فضمها بقوة إلى جسده القوي ..
همست : '' لا تفعل ... ''

ولكنها أحست بنفسها كأنها طفله أمامه تذوب .. وتذوب .. و تذوب ...
انتشرت يداها على صدره مرة أخرى .. أحست بضربات قلبه المكتومة تحت كفيها ..
'' جولييت ...

منتديات روايتي

سمعا صوت الباب يصفق فجأة , ارتفعت صرخة ضاحكة .. أصوات أقدام على الممر المفروش بالحصى .. وصوت حفيف ثوب يكاد يقترب من مكانهما .. وبسرعة عادت إلى الواقع .. تكورت يداها إلى قبضتين ودفعته بقوة بهما ..

ثم قالت في همس يائس : '' دعني أذهب أرجوك ''
أمسك بيدها وقال بصوت خافت : '' تعالي معي ''
'' هل أنت مجنون ؟ خطيبي ...
'' أنا لا أبالي مقدار ذرة بخطيبك .. وكذلك أنتِ لا تبالِ به , لو كان الأمر يهمه لما كنتِ الآن معي ''
أرسلت كلماته رجفة خلالها , وقالت :'' أنت لا تعرف ما تقول , إنه يعني كل شيء لي ''
'' إذن ليس لديكِ ما تخشين منه بمجيئكِ معي , أليس كذلك؟ '' , و أدخل أصابعه بين أصابعها و أضاف : '' علاوة على ذلك , فإذا رآنا أحد هنا قد يسيء الظن يا جميلتي ''

ودت أن تقول أن (آلن) سيفهم , ولكن كن ذلك مجرد أمل وليس يقيناً . اقترب وقع الأقدام والضحكات .. أحس الرجل بترددها فقبض على يدها بإحكام .

جذبها خلفه , وهو يقول : '' سننهي رقصتنا هناك , على الشاطئ ثم , إذا أردتِ سأعيدكِ إلى روميو الخاص بكِ ''

كان جنوناً أن تتبعه عبر الممر المفروش بالحصباء والذي يهبط الجرف .. أحست (بيج) بذلك وهي تسير بجانبه .. وكان جنوناً أن تلقي بصندلها عندما لمست قدماها الرمال ثم تخطو إلى ذراعيه المنتظرتين .. ولكن خالجها إحساس رائع في استنادها إلى حضنه و تحركهما على إيقاع الموسيقى الذي أصبح بعيداً نوعاً ما ..

مرت اللحظات , وأغلقت عينيها و أراحت رأسها على كتفيه .. وعندما أزاحت يداه شعرها .. بدا واضحاً أن ليس لديها أي اعتراض ..

همس '' جولييت ..
و امتدت يده الأخرى إلى أعلى ظهرها .. إلى مؤخرة عنقها .. ومضى يجدل شعرها ..

و كرر : '' جولييت ..

هرب القمر من السحابة التي تلاحقه , وملأت هي عيناها منه .. حدقت في ابتهاج في الملامح التي لم تكن قد ألقت عليها حتى الآن سوى نظرات خاطفة ..
كان ذا أنف دقيق وفم محدد .. و ذقن مرتفع يرفع راية التصميم .. و أحلى ما فيه تلك الغمازة التي تزين وجنته اليسرى .. والتي تظهر حتى من غير أن يتكلم ..

برقت عيناه خلف القناع النصفي .. زرقاويتان , ظنت ذلك بينما كانت دقات قلبها تصل إلى حلقها في إعصار مدو .. نعم , زرقاويتان أو ربما خضراوتان ..

و كأنما كان يقرأ أفكارها , مد يده و نزع البرنس ''القناع النصفي'' الأسود من وجهه .. تسارعت أنفاسها عندما أماط القناع جانباً وحدق فيها .. كانت عيناه بلون الزبرجد النقي . لون بحر الصيف عميقة الغور كثيفة الأهداب ..

غمغم قائلاً : '' دورك '' .

ارتجفت (بيج) عندما مد يده إليها ..
أطبقت أصابعه على القناع الفضي , وكتمت أنفاسها بين ذراعيه التي امتدت نحو وجهها ..
كانت نظرة عينيه وهي تتصفح وجهها أكثر دفئاً من أي عناق جربته ..

يــا إلـــهي ..ماذا يحدث لها ؟!

ابتسم قائلاً:'' كنتُ أعرف أن عيناكِ بلون البنفسج'' .
و أضاف بصوت عميق : '' أنتِ جميلة يا جولييت '' ..

ترنحت (بيج) بينما أسدلت أهدابها على وجنتيها .. ما فائدة الكذب ؟ إنها تريده أن يأخذها بعيداً .. إلى ذلك الخلود في عينيه .. والحقيقة في صوته .. كانت تعرف ذلك .. وكان هذا لغريب يعرفه ..
لقد ظل يشاغلها طوال الليل .. بداية في قاعة الرقص .. ثم في الشرفة , والآن ...
الآن سيعانقها .. لا بد أنه سيعانقها .. ولا بد أن تنهي هذا العناق .. وكل شيء .. ستنتهي هذا الخيال و تعود للواقع ..
ستضع نهاية لكل هذه الحماقات .. و سوف تعود أدراجها , وتعتذر لتركها الأمور تخرج من يدها و ....

مس فمه يدها برفق و خفة , كانت القبلة خفيفة كرذاذ متطاير من المحيط ..
همس بينما تلتف ذراعيه حولها : '' زهرة .. أنتِ زهرة رحيقها كمذاق العسل '' ..
رباط أخير من الواقع جعلها تقول بإصرار ضعيف : '' شكرا .. والآن دعني أذهب لــ ...

'' إلى أين تذهبين ؟ إلى روميو المسكين ؟! ''
'' نعم ''
وارتعدت عندما ضمها إليه بينما تضيف : '' إنه خطيبي , وليس روميو تاريخي , أرجوك أريد أن أرحل ''
قال في رجاء ساخر : '' أنتِ لا تريدين أن ترحلي .. أنتِ تريدين أن تبقي ''

''لا ''

حتى هي سمعت صوت الكذب الذي يملأ كلمتها .. وتمنت أن تغفر لنفسها هذا الكذب .. تمنت ألا يسمعها أحد غير المحيط .. ولكن كانت ذراعاه محكمتان حولها .. وبدأت النجوم تدور .. و القمر يرتفع في السماء أكثر .. ملقياً غلالة فضية على صفحة الماء الداكن .. ولمعت ملايين النجوم في السماء .. لقد كانا آخر البشر على الأرض .. وكان الحب بينهما أمراً حتمياً ..
سرت رعدة خلالها وهمست : '' أرجوك .. أرجوك ''
قال : '' أرجوك ماذا؟ '' .. '' أخبريني بما تريديني أن أفعله يا جولييت ''


و فجأة ..

ترامى إلى مسامعها صوت تعرفه : '' .... هل أنتِ على الشاطئ ؟ ''
ميزت الكلمات رغم اختلاطها بصوت الأمواج المتكسرة على الشاطئ ..
وتصلبت (بيج) بين ذراعيه ..

'' إنها أمي '' .
كانت همستها شديدة الاهتياج .. لم يقل شيئاً .. و ظنت أنه لم يفهمها . ثم سمعت لعناته المكبوتة , و أحست بالتوتر المفاجئ في عضلاته .
غمغم إزاء وجنتها : '' ابقِ هنا وستذهب بعيداً .. ''

shining tears
12-09-2008, 22:28
همست هي : '' إنها لن تفعل .. دعني أذهب .. أرجوك ''
توهجت عيناه وحدقت في عينيها , وقال : '' بشرط .. عديني أن تعودي لي ''
هزت (بيج) رأسها , وقالت : '' لا . لا لا يمكنني أنا ..



'' ... هل أنتِ ؟ '' جاءها صوت أمها .




قالت في همس يائس وهي تنظر في عيني الغريب : '' ستأتي إلى هنا .. دعني ... أتوسل إليك ''

قيدت يداه حركتها وقال بغلظة : '' عديني أن تعودي ''

حدقت في وجهه بغباء وقالت : '' لا أستطيع أنا ..

بدا شبح أمها عند أعلى الممر الهابط إلى الشاطئ . قالت بأنفاس لاهثة : '' حسناً , حسناً سأعود ''

قبضت يداه على كتفها وغاصت في لحمها حتى أجفلت . وهمس في إلحاح : '' عديني بذلك . عديني بذلك و إلا فسآتي معكِ الآن . و سأخبر أمك و روميو وكل العالم بأنك لي الليلة , وكل الليلة .. و إلى الأبد ''

'' لا أستطيع ..

جذبها إليه حتى لاصق وجهها بوجهه و هو يقول بحدة : '' لا تخدعي نفسكِ يا امرأة , حتى أنا لا أفهم الأمر , و لكنني متأكداً أن شيئاً كالجحيم قد حدث .. وستصيبني اللعنة إذا تركتكِ تخرجين من حياتي قبل أن أفهم ذلك . هل تفهمين '' .

انتفض قلب (بيج) بجنون . وهمست '' نعم '' و غمرها إحساس بالسعادة الفياضة . و كررت : ''نعم '' و عندئذ سمعت وقع أقدام أمها على حصباء الطريق ..

منتديات روايتي

مست وجنة الرجل .. وخطت سريعاً إلى الممر , ورفعت صوتها : '' أنا هنا يا أمي '' ..

تقدمت والدتها خطوة باتجاهها . وقالت : '' بالله عليكِ يا عزيزتي .. أين كنت ؟ لقد أشرفنا على الموت قلقاً عليكِ ''
حثت (بيج) خطاها خلال الياردات الباقية حتى وصلت لأمها , وتأبطت ذراعها ثم جذبتها عائدتين باتجاه الحدائق و المبنى الساطع الأضواء .

'' كنت .. كنت أسير على الشاطئ يا أمي . أنا آسفة لإزعاجك ''
قالت (جانيت) بينما تتقدمان على الطريق المرصوف بالمربعات الحجرية : '' لستُ وحدي يا (بيج) لقد أصابنا القلق جميعاً .. أبوكِ و (آلن) .. ماذا حدث لك ؟ هل كنتِ وحدك ؟''

ألقت (بيج) نظرة من فوق كتفيها .. لم يكن خلفها سوى الظلام .. وقالت : '' نعم , بالطبع أنا آسفة جداً .. مجرد أنني أردتُ الاختلاء بنفسي قليلاً قبل الالتقاء بالعمة (دوروثي) ''
تباطئت خطوات الأم قليلاً قبل أن تتوقف , و تقول لها : '' هل أنت متأكدة انك بخير ؟ يبدو عليكِ شيئاً ما هذا المساء ''
تجاهلت (بيج) سؤال أمها , :'' أمي أين (آلن) ؟ ''
'' يبحث عنك بالطبع .. إنه .. ''
اندفعت (بيج) قائلة : '' يجب أن أتحدث معه , يجب أن أخبره أن هذا الـ ..
أحاطت (جانيت) خصر أمها وقالت لها تهدئها : إن (آلن) يفهم ذلك بالتأكيد إنه يقول أنه قلق اللحظات الأخيرة و ..
'' أمي أرجوك .. دعوني أتكلـ ..
'' عزيزتي .. عزيزتي كل العرائس يشعرن بنفس الإحساس ..ستكونين بخير يوم الزفاف .ستتلاشى هذه العصبية وسينجلي هذا الخوف بمجرد أن تشاهدي وصيفاتك و الزهور و ابتسام المدعوين لك فيما ينتظرك (آلن) ''
توقفت (بيج) فجأة و همست : '' أسيحدث ذلك ؟''
ابتسمت (جانيت) و قالت : '' بالطبع '' ثم نظرت إلى عيني ابنتها فتحولت ابتسامتها إلى عبوس قلق , وقالت : '' إلا إذا كانت لكِ تحفظات حقيقية يا (بيج) , هل لديكِ شيئا كذا ؟ حبيبتي إن لم تكوني متأكدة من ..
عضت (بيج) على شفتها السفلى , وقالت : '' نعم .. لا , يا إلهي ..
'' أمي أنا لا أشعر بذلك الإحساس المفروض تجاه (آلن) , هل تفهمين ما أقصد .. أنا لا أشعر تماما بذلك الإحساس ..''

ارتفع حاجبا والدتها , وقالت : '' تقصدين ذلك الإحساس الذي شعرتِ به تجاه ذلك الرجل في نيويورك ؟'' كان صوتها جامداً مستهجناً , وتابعت : '' هل هذا ما تقصدين ؟'' .

التقت (بيج) أنفاسها , وقالت : '' أنا لا أقارن بين الموقفين يا أمي .. أنا فقط لا ..
'' أتمنى ألا يحدث . لن يؤذيكِ (آلن) يا (بيج) على الإطلاق .. يجب أن تكوني سعيدة لهذا ''

فُتح باب القاعة فجأة .. و أحاطت بهما ضجة قاعة الرقص و دفئها المعبق بالدخان . أطلق (آلن) تنهيدة ارتياح عندما خطا إلى الشرفة صوب السيدتان .
'' ها أنت هنا . ماذا حدث يا حبيبتي ؟ ''
'' أنا خرجت في الهواء قليلا يا (آلن) ''

وضع ذراعيه حول كتفيها , وقال : '' هل أنت على ما يرام ''
أومأت (بيج) : ''أنا بخير ''
'' لقد بحثت عنك في كل مكان .. في التواليت .. في السيارة ..

قالت (جانيت) : أنت لم تبحث في الشاطئ حيث كانت يا (آلن) تريح أعصابها بالسير هناك ''
تورد خدا (بيج) وقالت : '' أمي , من فضلكِ ! ''

ابتسم (آلن) ابتسامته العريضة وهو يقول : '' تذكري أنني من يُفترض أن يكون عصبياً . هذا امتياز مقصور على العريس ''
التقطت (بيج) أنفاسها وقالت : '' هل أنت كذلك ؟ ''
سدد (آلن) نظرة إلى عينيها وقال بصوت رقيق : '' سنكون سعداء أعدك بذلك ''

حدقت الفتاة في خطيبها وحادثت نفسها .. سيكونا سعداء . بالطبع سيكونا كذلك .. إن ما أحست به منذ لحظات قليلة بين ذراعي رجل غريب , لم يكن سعادة ..

كانت تعرف مثل غيرها ..

ربما كان شيء أفضل ..

لن تجده مع (آلن) أو غيره ..


شيء لن تجده سوى مع رجل غريب يحيط بوجه قناع نصفي أسود .. رقص معها رقصة الحرية الأخيرة فوق شاطئ "كونكت كت" ..

قالت والدتها : '' لقد دعانا السيد والسيدة (فولر) لشرب القهوة في منزليهما يا عزيزتي , سأستدعي والدك و أعود لكما ''

shining tears
12-09-2008, 22:32
ابتسم (آلن) عندما انطلقت والدة (بيج) وقال بلهجة مغيظة : '' ستتناولين القهوة و الكعك مع كل آل (فولر) . تريد العمة أن تقابلك .. و سرب لا نهائي من الأقارب ''
و أحنى رأسه وقبل خدها وهو يقول لها : '' أنا سعيد لعثور أمك عليك يا حبيبتي , لا نريد أن نشعرهم بخيبة الأمل أليس كذلك؟''
'' بالطبع .. لا نريد ''
ابتسمت له ابتسامه سريعة وهو يقبض على يدها ويقودها خلال الملهى إلى رواق المدخل الأمامي ذي الأعمدة .

كم سينتظرها ذلك الرجل على الشاطئ ؟ خمس دقائق ؟ .. عشرة ؟ ..

هل سيصاب بخيبة الأمل ؟ .. أم سيغضب ؟ .. أم ..

'' ها نحن يا أولاد . لمَ لا تطلب من السائس إحضار السيارة ؟ '' , كان صوت (أندرو) السعيد يرتفع في الهواء معلناً استعدادهم للمغادرة .
انتحت (جانيت) بابنتها جانبا , بينما تقدم الواد مع (آلن) تجاه الرصيف . وهمست : '' كفي عن إظهار القلق . إنها مجرد عصبية اللحظات الأخيرة . ثلاثة أيام من الآن وستصبحين السيدة (آلن فلور) , وستضحكين عندما تتذكرين ما أحسستِ به الليلة '' .

أومأت (بيج) وتمتمت برد ملائم ..
ولكن عندما خطت إلى سيارة خطيبها .. وتركت تعهدات و التزامات حياتها الجديدة تبتلعها.. أدركت أن والدتها كانت على خطأ .. و أنها هي على خطأ ..

و أنهم جميعا على خطأ مماثل .. و خطأ كبير جداً ..

ستذكر هذه الليلة ..

ولكنها لن تضحك على الإطلاق ..

ستكون ذكرياتها حلوة جداً .. ومريرة جداً ..

ولكن ..

هكذا يكون الخيال في الغالب ..



موعدنا غدا الفصل الثالث بإذن الله
واتمنى تعجبكم الوراية
قرأة ممتعة

ماري-أنطوانيت
12-09-2008, 23:19
تسلمييييييييين يا الغاليه على النقل::سعادة::

وتسلم كاتبتها....

بس حبيت اسأل...

ايش اسم الروايه؟؟؟ ومن اي روايات عبير والا احلام؟؟؟؟ :confused:

كيوته وكتكوته
13-09-2008, 02:26
مشكوورهـ غاليتـــي على الروايهـ الرائعه والمميزهـ كروعة اللي نقلتها لنـا ..


الله يعطيك العافيه ..

ويسلم ربي اناملكـ ..


تقبلي خالص شكري وودي

\

\

\

تحياتي لكـ ..
كـيووووتهـ

shining tears
13-09-2008, 03:06
احم احم اسم الرواية احتضنني اللهب
من روايات عبير
اسم الكاتبة ساندرا مارتون
ويعطيكم الف عافية:)

ريماالفلا
13-09-2008, 10:48
ايه الروايه الجميلة دى تسلم الايادى يلا منتظرين التكمله على نار

shery2
13-09-2008, 13:44
هاي صبايا

كيفكن يا حلوين


أنا كنت معكن بأول المشروع

بس صار معي ظروف قاهرة وانقطعت عنكن

وانا كتير آسفة وبعتذر منكن

بس رجعتلكن من جديد وشفت الروايات القديمة اللي كتبتوها وتعبتوا فيها من قبل

تسلم إيديكن الحلوة فريق روايات عبير وأحلام


وشكراً كتيرعلى هالروايات الرائعة حبيباتي ::جيد::::سعادة::::جيد::

عزيزتيshining tears

يسلموا كتير عالرواية الحلوة

ومنتظرينك بفارغ الصبر :سعادة2::rolleyes:

shining tears
14-09-2008, 16:44
==الفصل الثالث==



((احتضنني اللهب في أحلامك))


'' (بيج) ؟ .. (بيج) , هل رأيتِ غصن القرنفل الذي سأخيطه بتاج عرسك ''

كانت (بيج) تُنقب في خزانة ثيابها عن الزوج الثاني من الحذاء الفضي الذي تمسكه بيدها , جلست على عقبيها وتنهدت .

ثم رفعت صوتها قائلة : '' لا يا أمي . ولكني لن أقلق بشأنه . فالتاج يبدو جميلاً كما هو ''

دلفت الأم إلى حجرة ابنتها , وبحثت خلال قطع الثياب المزركشة المتناثرة فوق منضدة الزينة .

تمتمت : '' هل خلطته مع هذه الملابس ؟ '' ثم تنهدت و أجابت نفسها : '' لا , لا شيء هنا سوى الملابس المتبقية لجهازك ''
نظرت المرأة الكبيرة نحو ابنتها , وقالت : '' ألم تنتهي من حزم حقائبك يا عزيزتي ؟ حفل الزفاف غداً . ويجب أن تذهبي أنتِ و (آلن) إلى المطار في الخامسة على أقصى تقدير ''
جثت (بيج) على قدميها و قالت : '' هناك فسحة كبيرة من الوقت يا أمي ؟؟ سأقوم بالباقي الليلة , بعد أن نعود من بروفة الحفل '' .
ثم غضنت جبهتها , و أضافت : '' هذا إذا ذهبنا أساساً ''

و طوحت بالحذاء الفضي على الفراش قائلة : '' لا أستطيع العثور على الزوج الثاني لهذا الحذاء في أي مكان '' .
قالت والدتها : '' أليس هذا هو .. نعم , إنه هو '' .. و التقطت الزوج المفقود من أرضية الحجرة , ثم جالت ببصرها و هي تبتسم للحقائب و الخزائن المفتوحة , وقالت بتأوه : '' هل سأفقد كل هذا ؟''
ضحكت (بيج) وهي تدس قدميها في الحذاء , وقالت : '' ستفتقدين إلى هذه الفوضى .. آه يا أمي .. أعرف أنك .. أنك تنتظرين بشق الأنفس لدخول هذه الحجرة وتنظيفها ''
ابتسمت (جانيت) و قالت : '' أنت تعرفين ما أقصد يا عزيزتي . سأفتقد فتح الباب ورؤيتك هنا ''

و راقبت ابنتها و هي تمرر يدها على ذيل فستانها الأزرق الطويل وتمعن النظر في صورتها في المرآة وقالت : '' من الصعب تصديق أنك غدا ستكونين السيدة (فولر) ''

وللحظة صغيرة , أظلمت قسمات (بيج) النا عمة , ثم ردت الابتسامة .. '' أنظري للجانب المشرق يا أمي . سيمكنك تحويل حجرة نومي إلى حجرة ضيوف مرة أخرى ''
ضحكت المرأة الكبيرة وقالت : '' لم تكن شيئاً البتة سوى حجرة نومك يا (بيج) , حتى عندما كنتِ تعملين في نيويورك '' . وخرجت من الغرفة .. ثم استدارت و أطلت برأسها من الباب , وقالت بصوت رقيق : '' هل أنتِ على ما يرام ؟ ''

أومأت (بيج) برأسها . أحست بغصة مفاجأة في حلقها , فلم تحاول الرد بأي بكلمة . و ابتسمت و طيرت قبلة في الهواء لوالدتها ثم استدارت و جذبت كومة الملابس المبعثرة من فوق المنضدة , ووضعتها في إحدى الحقائب المفتوحة . وعندما رفعت بصرها في لمحة سريعة مرة أخرى , كانت والدتها قد غادرت ..

اختفت الابتسامة المرتجفة و غاصت (بيج) في فراشها الذي صحبها منذ طفولتها ..
تعلقت الدموع بأهدابها و طرفت عينيها في غضب لتبتلعها مرة أخرى ..
لا مزيد من الدموع .. لقد ذرفت من الدمع خلال اليومين الماضيين ما يكفيها باقي حياتها ..

كل العرائس يكن عصبيات , هكذا يقولون لها طوال الوقت .. و أحياناً يبكين .. ولكن ما ذا ظنت بها عائلة (فولر) بعد تلك الليلة ؟
الله وحده يعلم .. لقد صافحت العديد من الأيدي في منزل (آلن) بعد ما تركوا ملهى "هانت" , ولثمت العديد من الخدود , وكانت تتساءل إذا ما كانوا يشعرون بافتعال ابتسامتها . و ظلت على هذا الحال حتى أعلن (آلن) أن عروسه القادمة قد أُنهكت , و أعادها للمنزل .

عندما وصلوا منزلها . سألها (آلن) : '' هل أنتِ على ما يرام ؟ ''
وقتها أومأت (بيج) و ابتسمت شاردة مؤكدة له أنها بخير و قالت :''مجرد أنني مررتُ بيوم حافل ''

ماذا بامكانها أن تقول ؟ هكذا فكرت وهي تجلس في حجرة نومها تحدق على نحو غائم في الحائط المغطى بورقة تداخلت ألوانه البيضاء والقرنفلية .. أكانت تخبره أنها كادت تُسلم نفسها لغريب مجهول الاسم على شاطئ تذروه الرياح ؟
طوال وقت تبسمها لأقارب (آلن) . كانت تفكر في الرجل , و تتساءل إذا ما كان قلبه قد امتلأ بالألم مثل قلبها .
أكان يلعن قسوة القدر الذي جمعهما ثم فرق شملهما ؟ ..
أم أن كل ما فعله أن عاد على الملهى و التقط امرأة أخرى ذهبت عن طيب خاطر لترقص معه ..
امرأة همس لها و احتواها في أحضانه ..
امرأة بادلها أسراره .. و أسرار الحب مثلما فعل معها ..


هذا هو السيناريو الأكثر احتمالاً .. لقد كان يبحث عن مغامرة عندما وجدها .. وقد كانت حمقاء بتصرفها مع هذا الغريب .. ويجب أن تشعر بالامتنان لأن الأمر لم يتعد قبلات قليلة و رقصة وحيدة في ضوء القمر ..
إذن لماذا يمتلئ قلبها بهذا الشوق , وتمتلئ أحلامها لهذا الحد برجل ذي عينين بلون البحر ؟ ..



'' (بيج) ! ''

رفعت بصرها وحدقت مجفلة . قالت والدتها وهي تقف عند الباب :
'' سيحضر (آلن) بعد قليل , و لم تكملي استعدادك ''

ابتسمت ابتسامة مشرقة , وقالت : '' سأفعل يا أمي .. وسترين ''

ضحكت أمها وقالت : '' هذا ما اعتدتِ أن تقوليه منذ كنتِ طفلة ''

و هرولت عبر الحجرة و ضمت ابنتها إليها في عناق سريع , ثم مست عينيها برفق , وقالت :'' سأفسد زينتي لو أني ظللت على هذا الحال و سأضطر لإعادة التزيين مرة أخرى مما سيجعل والدك يستشيط غضباً ''
وتوقفت لدى الباب قائلة : '' سنفتقدك عزيزتي , كان شيئاً رائعاً أن تعيشي معنا خلال العام الماضي '' ..

شحبت ابتسامتها عندما تركت والدتها الحجرة و أوصدت الباب خلفها . إن والدتها تصور الأمر على أن عودتها من (نيويورك) إلى (كونكت كت) منذ عام كانت بعفوية , لكن الأمر لم يكن بهذه البساطة , لقد عادت للبيت دون مقدمات , ومذاق الحرية لا يزال لاذعاً في فمها .


كانت قد استقلت سيارة أجرة من محطة السكك الحديدية في (جرينتسن) إلى المنزل المكسو بالألواح الخشبية الرمادية الذي نشأت فيه .. لا تزال تذكر كيف أخرجت مفتاح الباب , ثم في تردد , تذكرت أنها لم تكن تعيش هنا على مدى الأعوام الأربعة الأخيرة .. منذُ أن أكملت العشرين وأنهت مدرستها التجارية . وببطء أعادت المفتاح إلى حقيبة يدها , و رنت جرس الباب .

فتحت أمها الباب .. في البداية , ارتسمت على ملامح وجهها مفاجأة سعيدة تحولت إلى اهتمام قلق عندما رأت ملامح ابنتها الشاحبة . ولكنها تصرفت كما لو أن حضورها لم يكن سوى فرحة غير متوقعة .. فجردتها من معطفها سريعاً وذهبت بها إلى المطبخ حيثُ أعدت مكاناً لها بمائدة خشب البلوط العتيقة أمام المصطلى .. وأخذت تثرثر معها لتسري عنها ..
عاد والدها من المكتب في وقت متأخر . فوجئت (بيج) بأنه يبدو كأنه لاحظ وجودها بالكاد ..
بالكاد ألقى التحية و اختفى .. كعادته
رفعت والدتها حاجبيها محذرة إياه من إلقائه أية أسئلة على ابنتهما الوحيدة وقالت : ''لقد جاءت (بيج) في زيارة ''
ولكن بدا والدها غارقاً في أفكاره الخاصة لدرجة تمنعه من عمل أي شيء سوى التمتمة بكلمات قليلة.
قال : '' هذا شيء رائع '' ثم ذهب لحجرته وتركهما بمفردهما .
سألت (بيج) والدته وقتها : '' هل هناك شيء على غير ما يرام مع والدي ؟''

shining tears
14-09-2008, 16:45
قالت والدتها بتبرم :'' لا شيء غير المعتاد : أنت تعرفيه .. هناك خطة تملك عليه تفكيره في أن يصبح مليونيراً فجأة '' .
هزت (بيج) رأسها و قالت : '' والدي البائس .. ماذا حدث آخر مرة ؟ مناجم ذهب أم شيء آخر ؟''

ابتسمت السيدة (جارونز) بضجر , وقالت : '' شيء آخر . لا أفهم مطلقاً كيف أن الرجل المسئول عن الأمور المالية لمؤسسة كبيرة مثل مؤسسة (فولر) تكون ميزانيته الخاصة بهذا السوء !! '' .
و تنهدت قائلة : '' بعد الكارثة الأخيرة جعلته يعدني بألا يمس مدخراتنا مرة أخرى ''
ابتسمت (بيج) وقالت : '' هل لا يزال يقول : لا مغامرة يعني لا ربح ؟''
ضحكت والدتها قائلة : '' نعم , وقد قلت له أن هذا صحيح طالما أن باستطاعته تعويض ما يخسره من النقود في مغامراته . دعيه يبدد حتى أموال سجائره لو كان ذلك يسعده . إنه رجل طيب يا عزيزتي ولكنه يرى أننا نحتاج للمزيد .. و يرى أنه أقل من رجل , بطريقة ما , لأنه لا يستطيع أن يحضر لنا القمر من سمائه ! '' .
و عادت لتقول من جديد : '' اقصد أن الأمر مختلف عما لو كان يشرب أو أنه لا يحبني ... ''و فجأة ارتفع حاجبا الوالدة عندما لاحظت تغضن وجه ابنتها مع تقطيبه شاردة فوق جبينها , وسألتها : '' حبيبتي ما هذا؟ ''
هنا .. سردت لها (بيج) .. ليس كل شيء , فقد كان الأمر جديداً ومؤلماً جداً , و لكنها حكت لها ما يكفي .. أخبرتها كيف أنها قابلت أحدهم متوهمة أنها تعيش معه قصة حبها الأول .. وطبعاً استسلمت معه لعواطفها البكر .. ثم لتجد بعدها خيبة الأمل و المرارة بدلاً من السعادة ..
و هكذا بسبب علاقة لم تدم إلا قليلاً .. فقدت ثقتها و سعادتها ورغبتها في كل شيء ..

مست والدتها يدها برفق وقالت : '' ما ذا فعل بكِ ؟؟ ''
'' لا شيء .. سوى أنه نفض يده عن علاقتنا فجأة .. سعياً وراء ثروة إحدى الأرامل المسكينات '' .
أحاطتها والدتها بذراعيها , وقالت في قسوة : '' إنسِ كل ما يتعلق بذلك الرجل .. إن رجل كهذا..

ونظرت لها للحظة طويلة ثم ابتسمت و قالت : لدي فكرة رائعة ... اممم ... لماذا لا تعودين لهنا لفترة معينة ؟ يمكنكِ السفر إلى المدينة في حال أنك مصرة على الاحتفاظ بوظيفتكِ ''

و هكذا ألقت (جانيت جارونز ) بالاقتراح الذي قدر له أن يغير حياة (بيج) دون أن تدري .

قالت (بيج) بسرعة: '' أو أبحث عن أخرى هنا في جرينتش '' , وضحكت هي و أمها في آن واحد , ثم أضافت و الدموع تترقرق في عينيها : '' كم تمنيت أن تطلبي مني البقاء '' ..
ربتت أمها على يدها بحنان وقالت : '' هذا بيتك يا (بيج) .. بالطبع نحن نريدك أن تعودي و تعيشي معنا من جديد .. وصدقيني ستضعين كل ذلك وراء ظهرك , و سترين ''

و لقد حدث .. هكذا فكرت (بيج) و هي تحدق بنظرات جامدة إلى المرآة المعلقة على جدار يقابل فراشها .. في البداية جاءت الوظيفة في إحدى متاجر ''ماي ووك '' .. ثم بدأ والدها يلعب دور كيوبيد الحب فيدعو ابن مديره ,للعشاء في المنزل بينما يحثها هي على قبول دعوات (آلن) , خالطاً مابين مناسبات العمل والمناسبات الخاصة .. و هذا طبعاً لكي تكون في رفقة (آلن) دائما .. حتى و إن لم يكن بينهما اتفاق على اللقاء .

ولكن (بيج) لم تحبه .. لا يوجد على الإطلاق ما يجعلها تكرهه أيضاً ..
لكن من الصعب أن تقع يدك على شخصاً ما يكره ((آلن) فولر) .. (آلن) بنظراته وسحره . ولو أنها لم تنفعل بأي ومضات من ذلك عندما كانت تقابله .. لم تكترث لأي مشاعر خاصة لأنها لم تولد بينهما أصلاً .. هكذا أحست ..
ربما هذا أفضل .. حسناً .. ماذا يمكن لها أن تفعل أفضل مما فعلته . .
ثم إن التوافق و الاحترام هما التربة التي ينمو فيها الحب .. و ... الرغبة !

لا إن الرغبة شيء يخص الأفلام والروايات الخيالية .. إنها شيء يحظى بتقدير مبالغ فيه , وما جربته منها يكفيها ليدوم طيلة حياتها ..

لا .. إنها منذ ليلتين .. تصرفت كأنها .. و كأنها امرأة خليعة مع رجل غريب ! .. و ربما هو الآن قد اختفى في أستار الليل دون عودة ..
أحست بالامتنان لله وهي تمشط شعرها الأشقر في غضب .. على الأقل لن تضطر للقلق بشأن رؤية هذا الرجل مرة أخرى ..
و أما كل الأحاسيس التي أطلقت لها العنان معه .. فإنها سوف تتعلم كيف تشعر بها و بأكثر منها مع (آلن) .. هو من سيكون زوجها ويجب أن تتعلم أنها تريد منه أحضانه و قبلاته و تلك المشاعر التي ترفعها في السماء ..


سمعت طرقة خفيفة على الباب . جاءها صوت والدتها في لهجة مشرقة : '' (آلن) هنا . جاهزة يا عزيزتي ؟ ''
أخذت (بيج) نفساً عميقاً وقالت بصوت مسموع : '' نعم جاهزة '' ..
و همست لنفسها .. '' أخيراً جاهزة ...

*************************
**منتديات روايتي**





كانت البروفة ستقام مثل حفل الزفاف في منزل آل (فولر) . اعترضت والدتها في البداية , وقالت أن عائلة العروس هي التي يجب أن تُقيم الحفل .. ولكن والدة (آلن) كانت مصرة بشدة على أن يتم الزفاف في قصر عائلة (فولر) ..
في النهاية رضخوا جميعاً لذلك , عندما حث (آلن) خطيبته على مسايرة خطط والدته قائلاً في ابتسامة ساخرة : '' من الأفضل لنا جميعاً مسايرة أمي عندما يبدأ شيء ما يستحوذ على تفكيرها ولا يكون هناك سبيلاً للخلاص منه ! ''
ولكن في النهاية كان والد (بيج) هو الذي حسم الأمر .

قال : '' دعي آل (فولر) يتكفلون بكل شيء , فهم أصحاب المال '' . نظرت له (بيج) في دهشة فتكلم بسرعة بابتسامة بالكاد خففت من جفاف كلماته : '' كل ما أقصده أنه من السخافة أن نتجادل في موضوع منتهي '' .. وفي النهاية وافقت هي و والدتها .

أما الآن .. وهي تجلس في حجرة الجلوس المثيرة للإعجاب بمنزل آل (فولر) محدقة في الحشد المزدحم .. أحست (بيج) بالسرور لأنها هي و أمها قد وافقتا على ذلك !

بدا كأن نصف سكان العالم قد حضروا .. أو على الأقل كل سكان (كونكت كت) و (نيويورك) .
همست (بيج) لوالدتها : '' إذا كان آل فولر قد دعوا كل هؤلاء الناس لحضور بروفة الحفل .. تخيلي عدد من سيحضرون الزفاف غداً ؟! .. لا أظنني سأعرف عشرة وجوه من الموجودين ! ''

'' لا تقلقي عزيزتي . فقط ابتسمي و قولي ''شكراً'' .. و '' لا ,شكراً '' , في المواضع المناسبة '' .

ضحكت (بيج) وقالت : '' بمجرد أن يظهر (آلن) , لن أدعه يغيب عن نظري ''..

'' يظهر .. حقاً أين ذهب ؟ ''

'' المطار .. لقد سمعت منه بوصول البعض في اللحظات الأخيرة , وقد سعد بهم لدرجة أن قرر الذهاب لإحضارهم بنفسه ! ''

'' ربما أخوه و زوجته ''

هزت (بيج) كتفيها بلا مبالاة , وقالت : '' ربما .. صدقيني , كل ما اعرفه أني ترُكت هنا لأحمي الحصن .. سيتكفل (آلن) بــ ... أوه .. يــا إلــهي ....

كانت كلماتها الأخيرة عبارة عن همسة مكبوتة .. استدارت لها والدتها في دهشة ..
'' (بيج) ماذا حدث ؟!! ''

shining tears
14-09-2008, 16:48
'' أنا ؟ .. لا شيء . فقط أنا ...


وجدت (بيج) نفسها تتلعثم وتنطق بكلمات لا معنى لها .. لكنها حدقت عبر الحجرة المزدحمة و هي تشعر بأنها معجزة إن استطاعت الكلام أساساً ! ..


منتديات روايتي


لقد كان هناك ..

الرجل الغريب ..

الرجل الذي تركته يبادلها الرقص وتلك المشاعر الغامضة منذُ ليلتين ..

لقد كان هناك .. ضيف في منزل آل (فولر) .. ضيف في بروفة حفل زفافها !! ..

كان يقف بالطرف البعيد من الحجرة .. لم يرها بعد , كان وحده ممسكاً بكأس في يده ..
راقبت شخصاً يقف بجانبه .. امرأة .. شابة , جميلة .. وقد أمالت وجهها باسمة له , أومأ .. وقال شيئاً , ولكنه لم يبتسم .
تكلمت المرأة الثانية , قالت شيئاً آخراً .. ولكن بدأ أنه لا يكاد ينصت لها ..

'' (بيج) أرجوكِ أجيبيني .. ماذا حدث ؟ ''

بصعوبة صرفت نظرتها المحدقة عنه و وجهتها لوالدتها , وقالت بحذر : '' لا شيء .. فقد ظننت أني رأيت زميل دراسة , هذا كل ما في الأمر ... شخص لم أحلم .. لم أحلم أن أراه مجدداً ..

و همست لنفسها بغلظة ، ابتسمي .. ولكن عندما حاولت شعرت بشفتيها وكأنهما ملتصقتين بأسنانها .

وضعت أمها يدها على قلبها وقالت : '' لقد روعتني تماماً يا عزيزتي . ظننتُ أنك رأيت شبحاً .. حسناً , لماذا لا تتجولي بين المدعوين وترحبي بهم ؟ '' , وضحكت قائلة : '' سأذهب لأرى السيدة (فولر) ربما يكونوا ضيوفنا القلائل قد وصلوا .. وعسى أن لا نُشعرهم أنهم أقل عددا من ضيوفهم ''

'' نعم حسناً .. سأراكِ خلال دقائق يا أمي '' .

حادثت نفسها .. كان ينبغي أن أفكر في عذر للمغادرة .. و لكن هذا سيؤجل فقط من القدر المحتوم.
إذا كان هذا الرجل الغريب هنا الليلة فمن المحتمل أن يحضر الزفاف غداً.

ماذا تفعل ؟ .. ماذا تفعل ؟

ماذا لو ذهبت إليه و اعتذرت له عن سلوكها الزرى ؟ هكذا بكل بساطة ..

ماذا لو توسلت إليه كي يصمت , كي يفهم ..

آوه يـا إلـهي ..
لقد رآها . توقف قلبها عن النبض .. تلاشى كل شيء عندما تلاقت العيون .. اكفهر وجهه وزم شفتيه ..
كانت المرأة الملاصقة له لا تزال تتحدث وتبتسم .. و فجأة ..


دفع إليها بكأسه و دار خلفها بسرعة ..

كانت هي على يقين أنه سيقصدها مباشرة .. كانت موقنة من أنه لن يقبل أعذارها ولا توسلاتها من أجل أن يفهمها ..

ولكنه أعقل من أن يثير الأمر أمام الجميع هنا .. و أجن من أن يتركها تمر أمام الجميع هكذا فقط !

لا لن يفعل ..

راقبته وهو يندفع بسرعة خلال الزحام و يصدم كتفه بفظاظة كل من لا يفسح له الطريقة بالسرعة الكافية .. كانت عيناه مستقرتان على وجهها .. وكأنهما بحيرتان جامدتان من النيران الثلجية ..

استرجعت صورته أول مرة رأته فيها .. و بدأت نبضاتها تتسارع ..

الليلة .. ليست لدى الأسد أية نية في انتظار أُنثاه الوحشية ..

إنه القناص .. وهي فريسته ..

كيف تخيلت أنه لن يثير الأمر أمام كل الحاضرين ؟ ..إنه قادر على كل شيء ..

وثب قلبها إلى حلقها الجاف .. واستدارت في تهور لتنطلق وهي تعدو كالمجنونة ..

دوت خلفها العديد من الضحكات العصبية مخلفة ورائها الأوجه الذاهلة والعيون الشاخصة ..

و للحظة .. رأت أنه كيف صار من المستحيل أن تستطيع تفسير هذا الأمر لـ (آلن) فيما لو أثاره ..

فيما لو ؟؟!


فيما لو ؟؟!




حتماً هو سيثير كل شيء ..


هو من الجنون أن يثيره .. وهي من الثقة من حدوث ذلك ..


لقد رأت الوحشية في عيني ذلك الرجل الآن .. و كل ما يهمها في هذه اللحظة أن تهرب منه إلى أي مكان ..
فرت من حجرة الجلوس إلى ظلام المنزل , و هي تحاول تذكُر طريق الخروج الذي أصبح فجأة طويلاً .. حتى وصلت إلى الباب الخلفي ..


لحق بها وقد كادت أن تمر من الباب ..

shining tears
14-09-2008, 16:51
حاولت صفق الباب في وجهه .

ولكنه كان قوياً جداً بالنسبة لها ..
طاش الباب مرتداً من كتفه , و أصبح الرجل خلفها .. و مد يديه ليقبض عليها .. و تشبثت يداه بلحمها كأنهما مخلبين ..
شهقت قائلة : '' دعنــــــــي .. '' و تلوت محاولة التخلص منه ..
'' اللعنة عليكِ ... ''
و ركل الباب بقدمه فأوصده .. وقال بصوت خفيض مليء بالغضب : '' هل ظننتِ حقاً أنكِ تستطيعين الهرب مني ؟ ''
'' قلت لك دعني .. كيف تجرؤ على معاملتي بهذا الأسلوب ؟ أنا ...
'' اصمتي .. '' , و زلق ذراعه حول كتفيها ..
قاومته عندما بدأ يجذبها بعيداً عن المنزل , و سألته : '' أين ستأخذني أيها الــ ..
قاطعها بوجه متجهم : '' سآخذك ِ إلى المنزل الصيفي ! ''

كان يكاد ينتزع قدميها من على الأرض ..
و أضاف : '' لا أريد أن أتعرض هنا إلى النظرات اللعينة من الجميع .. ''
'' ألا ترى أنك قد تأخرت قليلاً في قلقك بشأن ذلك ؟ قبل دقائق قليلة ...
'' أنتِ التي جريتِ ...
و جذبها صاعداً الدرجات الخشبية المؤدية للمنزل الصيفي المُقام على مبعده من مؤخرة مرج آل (فولر) .
'' بالطبع جريت ! كنت تبدو كأنك .. كأنك ..
قبض على كتفيها بخشونة جعلتها تشهق , وحدق فيها مدمدماً : '' كأني ماذا ؟ ''
ابتلعت (بيج) ريقها الجاف . كانت خطوط الأنوار الملونة تمتد بين الأشجار المتناثرة في المرج لأجل الحفل .. فاكتسى وجهه بنقاط ضوئية حمراء وصفراء وزرقاء ..
و أخيراً همست : '' كأنك .. كأنك تريد أن تقتلني ''
لوى شفتيه قائلاً : '' صدقيني , فكرتُ في ذلك في تلك الليلة , عندما أقنعتُ نفسي أخيراً بأنكِ لن تعودي .. ''

'' أنظر بشان تلك الليلة ..

لاحت في عينيه نظرة عابسة , وقال : '' هل أمضيتِ وقتاً طيباً في لعبكِ معي يا جولييت ؟ ''

تدفقت الدماء إلى وجهها , وقالت مستهجنة بصوت كفحيح الأفعى :
'' أنت رائع في حديثك عن الألعاب .. لم أكن أنا من بدأت الأمور .. كنت أنت ...

اختنقت الكلمات في حلقها عندما هزها و قال: '' لقد انتظرت ساعة على ذلك الشاطئ الذي نبذته السماء .. اللعنة عليك ! و عندئذ عدتُ إلى الملهى .. ولم تكوني هناك ! ''

انزلقت يداه من على كتفيها .. وتسلل الضجر إلى صوته , وأضاف : '' لم أستطع أن أسأل أي أحد إلى أين ذهبتِ .. الجحيم , أنا حتى لم أعرف اسمك .. ''
أجرت (بيج) لسانها على شفتيها , وهمست : '' أنا آسفة لم أقصد أن ..
أجفلت عندما اندفع اتجاهها قائلاً : '' لم تقصدي؟ إذن بحق الله لأي شيء كان كل ما حدث يا جولييت ؟ ''
ثم قبض على ذراعيها وسدد نظراته إلى عينيها , و أضاف : '' أم أن هذا مجرد شيء تفعلينه عندما تذهبين إلى الحفلات ؟ تشربين .. تأكلين .. تراقصين أحدهم .. ثم تخرجين مع رجل ما وتكادي تفقديه عقله رغبة في امتلاكك و ..

'' لا تتطاول علي ... ليس لك حق ''

'' ليس لي حق ؟! لقد جعلتني إنساناً أحمقاً .. أنتِ ...

shining tears
14-09-2008, 16:54
'' لقد حاولت أن أخبرك مراراً بأنه لم يكن شيئاً صائباَ , ولكنك لم تنصت . لقد ظللتُ أقول أنني يجب أن أعود إلى خطيبي .. ولكنك أنت ... أنت ...
أصابها الرعب عندما أحست بدموعها تملأ عينيها ثم تنحدر على وجنتيها .. كان شيئاً سيئاً إلى حد بعيد أن يستغفلها في تلك الليلة . ويجب أن لا تدع هذا الرجل يوصلها إلى حد البكاء ..
وبسرعة , مسحت أهدابها بظهر يدها و أشاحت بوجهها بعيداً .. وهمست :
'' دعني أذهب '' .

'' بحق الله إلى أين تفكرين في الذهاب ؟''
'' دعني أرجوك ''
تحركت يداه برقة على كتفيها , و أدار جسدها الجامد المتصلب إليه ..
قال بغلظة : '' لا تبكِ يا جولييت الصغيرة '' ..
رفعت (بيج) وجهها إليه , وكانت أهدابها مبللة بالدموع المتلألئة ..
و في لعنات هامسة .. جذبها بين ذراعيه و .. قبًلها ..
كانت قُبلة أخبرتها , بوضوح أكثر من الكلمات .. أبلغ من أي وصف ..
أن عذابه على مدى الأيام الماضية .. كان ساحقاً كعذابها ..
كانت قُبلة تضم الحب .. والغضب و الرقة ..
ولكن وراء هذا كله ..
كانت على وعي تام .. أن قُبلة واحدة لم و لن تكفي ..
غمغم قبالة وجهها : '' جولييت .. لماذا لم تعودي إلي ؟ ..
انزلقت ذراعها فوق صدره ,و وهمست : '' لم أستطع .. ولا أستطيع أن أبقى معك الآن ''
اشتدت ذراعاه حولها , ودمدم : '' كفي عن هذا القول , لن ادعك تذهبين هذه المرة ''
همست : '' بل يجب عليك .. أرجوك .. إن خطيبي ..
ضحك ملء فمه , وقال : '' هل ستتحدثين عنه مرة أخرى , أي نوع من الرجال خطيبك هذا ؟ أنتِ لا تريدينه يا جولييت ! أنتِ تعرفين ذلك ''
أغلقت (بيج) عينيها و غمغمت : '' لا .. ليس بهذا الأسلوب . ولكن ..
'' بماذا تشعرين في صحبته ؟ ''
ثم رفع يدها اليسرى إلى شفتيه , وقال : '' مثل هذه الماسة التي ترتدينها ؟... و هل تُحبس النار داخل الحجر البارد ؟! ''
'' يجب ألا تقول ذلك .. إنه ..
أنا فقط أخبركِ بما نعرفه نحن الاثنان ''
و انزلقت يداه عن كتفيها حتى جانبتها ..
تراقصت أنوار الحفلة على خاتم الياقوت الذي يرتديه و رأته يستله من إصبعه , وقال :
'' اعطني يدك ''
مسحت عيناها وجهه .. وببطء , فعلت ما طلبه منها ..
أخذ يدها في يده و وضع الخاتم في كفها , و قال بتأوه :
'' الرجل الذي يعطيكِ ماسة لا يريدك في الحقيقة يا جولييت ''
حدقت (بيج) في الخاتم . توهج الياقوت في كفها كأنه قطعة فحم متقد ة .. كان إطاره العتيق , رائع كثير النقوش ..
رفعت إليه بصرها .. وهزت رأسها :
'' أنا .. أنا لا أفهم ! ''
منتديات روايتي
قال بتأوه : '' أنتِ مثل الياقوت الملتهب في هذا الخاتم ''
و أحاط وجهها بيديه و أماله للأعلى .. وتابع : '' رائعة , ثمينة , تتقدين بالعاطفة '' ..
طرفت بعينيها عندما سدد نظراته إليها .. وعندما رفعها عنها , كانت عيناه غامضتين وهو يقول لها : '' احتفظي بالخاتم , انظري إليه الليلة , إلى البريق الملتهب المتوهج بداخله . وفكري فِيً , وكيف سيكون الأمر عندما نكون معاً '' ..
و أطبق يده على يدها , و أحست هي بحرارة الياقوت تلفح كفها , و قال :
'' احتضنني اللهب في أحلامك يا جولييت .. وغداً .. عندما أراكِ مرة أخرى ..
'' غداً !! ''


كررتها كما لو كان يتحدث بلغة مجهولة ..
'' الزفاف . ستكونين هناك .. أليس كذلك ؟ ''
'' أنا .. نعم , نعم .. سأكون هناك ''
ابتسم و قال : '' سنمضي اليوم معاً .. سنفعل كل ما يفعله (آلن)اس عندما يلتقون لأول مرة .. سنتحدث ونتبادل النكات و ...
غــــــــــداً
قالت (بيج) بيأس : '' أرجوك . يجب أن تنصت لي .. أنا ...
أحكم ذراعيه حولها .. وضمها إليه قائلاً :
'' إذا قلتِ (لا) فسأذهب بعيداً ولن تريني مجدداً على الإطلاق ''
و أضاف بصوت هامس إزاء وجهها : '' ولكنك لن تفعلي .. لن تفعلي يا جولييت ''
ظهرت الجدية على ملامح (بيج) و هي تقول له بإصرار :
'' أنت لا تفهم .. إن غداً هو يومــ ...
سمعا صوت الباب يصفق .. ثم صوت صفير لشخص يشق سكون ليلهم ..
'' هيـه .. هل أنتم هنا يا أولاد ؟؟ ''
إلـــهي العزيز ! إنه (آلن) ..
بدأ قلب (بيج) ينتفض , وقالت بصوت مرتجف : '' يجب أن نخرج من هنا .. أرجوك ''
'' (بيج) ؟ أين أنتي يا حبيبتي ؟ ''
'' ألا تسمع ؟!! ... اللعنة .. هذا (آلن) .. خطيبي ''
أظلمت عينا الرجل , و ضاقت .. و صارت كأنهما رأس دبوسين من نيران الكوبالت ..
قبضت يداه على كتفيها ,, و أنشب فيها أظافره حتى شهقت من الألم .. وقالت له :
'' حاولت أن أخبرك أنــ ..
أسكتتها نظراته القوية .. وقال بتأوه :
'' لابد أن أقتلك .. يا إلهي .. أريد أن أضع يدي حول عنقك و ....
كانت هناك قعقعة أقدام تصعد الدرج ..
ثم انزلقت ذراع حول خصرها ..
'' هذه أنتِ أخيراً يا حبيبتي ! ''
جحظت عينا (بيج) عندما رأت (آلن) يبتسم ويلقي بذراعه الأخرى حول عنق الرجل الغريب , وقال بسرور :
'' رائع .. أرى أنكما قد التقيتما بالفعل ..
حسناً ..
(كوين) .. ما رأيك فيها ؟
ماذا سيقول أخي الأكبر عن عروسي الخجول ؟؟ ''

shining tears
14-09-2008, 16:55
==الفصل الرابع==
((عزيزي اللورد كم أكرهك !))
المفروض أن تكون أيام العرس في كمال ما يحدث في الروايات : سماوات زرقاوات .. شمس مشرقة دون سحابة في السماء .. وهكذا بدأ هذا اليوم ...
و هذا ما رأته (بيج) وهي ترنو ببصرها من نافذة حجرة نومها.. ومضت الأوراق القليلة الباقية على شجر القيقب العتيقة بألوان ذهبية وقرمزية ..
في صغرها كانت تهوي تسلق فروع الأشجار المنخفضة الملتفة .. و تقبع في حضنها الورقي مختفية في أمان عن كل العالم ..
ليتها تستطيع ذلك الآن .. تتسلق الشجرة وتضع ذراعيها حول الخشب الآجر و الخشن وتختفي هناك حتى ينتهي هذا اليوم الرهيب ..
ولكنها لم تعد طفلة ولم يكن هناك مهرب ..
تنهدت (بيج) و ارتشفت الرشفة الأخيرة المُرة من فنجان القهوة الباردة ..
الأمل الوحيد لديها الآن , يتمثل في القليل من رقة (آلن) ..
(آلن) لم يتصل بها بعد .. ولكنه سيفعل بالتأكيد بعد أن يخبره كوين بكل شيء ..

بطريقة ما مرت من مأزق الأمس خلال اللحظة المرعبة بالمنزل الصيفي . فقد غمغمت ببعض الكلمات بلا معنى لها عن مفاجأتها بلقاء (كوين) أخيراً , وكانت تنتظر هي في كل لحظة أن يكذبها هذا الـ (كوين) .. لكنه ظل صامتاً , يرقبها في حدة مرعبة .. ثم تمتم ببعض الجمل المهذبة المماثلة لما قالته ..
ابتسم (آلن) ثم عادوا جميعاً للمنزل .. وكان يسير سعيداً بينهم .. دون أن يدري عن شيء ..
هبت والدة (بيج) لنجدتها عندما دخلوا حجرة الجلوس .
قالت : " إن شعرك بحاجة لإصلاح تصفيفه " و دفعت (بيج) إلى حجرة التواليت بالدور السفلي . وبمجرد إغلاق الباب , اندفعت تسأل ابنتها : أي مكان على وجه الأرض كنتِ تنطلقين ؟"
حاولت (بيج) التمتمة مدعية عذرا لكن والدتها أوقفتها بإشارة من يدها , وقالت : " لقد تصرفت بطريقة غريبة تماما يا (بيج) . وظللت أقول للجميع أنها عصبية اللحظات الأخيرة ولكن ... هل أنت على ما يرام ؟ "
تذكرت (بيج) أن والدتها سألتها نفس السؤال مرات و مرات خلال الأيام القليلة الماضية .. وبالطبع كذبت مرة أخرى , وقالت , نعم , إنها بخير .
أي شيء آخر كان يمكن أن تقوله ؟ ..
فكرت في ذلك وهي تحدق بعيون غائمة في شجرة القيقب العتيقة . لم يكن باستطاعتها أن تخبرها بالحقيقة ...
لتقول لها – بنفس هدوء حديثهما – أن (كوين) ربما قد أخبر (آلن) بأن خطيبته كانت .. كانت ..
أحدث فنجان قهوتها الفارغ دوياً و هي تضعه على المائدة .
انعكس شعاع ضئيل من ضوء الشمس على الماسة بإصبعها .. خاتم (آلن) ..وقبضت يدها إلى صدرها .
كان خاتم (كوين) الياقوتي الأحمر الدموي يمس جدها دافئاً متدلياً من سلسلة ذهبية رقيقة ..
أي حماقة جعلتها تعلقه في السلسلة و ترتديه ؟
وقع بصرها على الساعة المجاورة لفراشها , باق على الزفاف ساعات قلائل . لماذا لم يتصل بها (آلن) ؟ لا بد أن (كوين) قد أخبره ..
طوال ليلة الأمس كانت مشتتة مابين الرهبة و بين الترحيب باضطرارها للاعتراف بنفاقها .. ولكن لم يحدث شيء ..
و (كوين) .. (كوين) يكمن في خلفية الصورة بوجه يغطيه قناع من الظلام , ويراقبها و ..
" (بيج) " ..
حدقت في الباب وهو يُفتح : " حان وقت أن ترتدي ثيابك يا عزيزتي ! "

" هل اتصل (آلن) يا أمي ؟ "

هزت (جانيت جارونز ) رأسها , وقالت : ليس من المفترض أن يفعل أليس كذلك ؟ ربما سوء حظ أو شيء ما " ..
ثم فتحت خزانة الثياب , وبعناية , سحبت فستان زفاف (بيج) الطويل الذيل .. وتنهدت قائلة : "أليس جميلاً ؟"

راقبت (بيج) والدتها وهي تبسط الفستان على السرير . رأت أن الزركشات الجميلة الرقيقة اليدوية الصنع تبدو مثيرة للسخرية !

" أمي لستُ أدري .. لكن .. ماذا تعرفين عن ((كوين) فولر) ؟ "

هزت أمها كتفيها بلا مبالاة , وقالت : " شقيق (آلن) " ..

ثم تابعت وهي مشغولة في ترتيب الفستان فوق سريرها : " لا أعرف الكثير فقط ما قاله السيد (فولر) لوالدك . إنه يعيش مغترباً .. في لندن على ما أظن . يبدو أنه يمثل خيبة أمل كبيرة لآل (فولر) .. لقد رحل من هنا في ظروف غامضة . لكنهما , أقصد هو و (آلن) لا يزالان ملتصقان في علاقتهما ببعض .. لماذا تسألين؟ "

ابتلعت (بيج) ريقها . وقالت : " لا سبب محدد فقد ظننت ...
و تثاقلت كلماتها ثم تابعت : " أمي . ماذا لو .. لو حدث أي شيء و جعلني لا أتزوج (آلن) ؟ "

ابتسمت والدتها وقالت بتأوه : " أووه .. لن يحدث أي شيء يا ابنتي .. "

" فقط افترضي .. ماذا لو غيرت رأيي ؟ هل سيزعجك ذلك ؟ "

shining tears
14-09-2008, 17:01
بعد لحظة صمت قصيرة سألتها والدتها : " هل غيرت رأيك ؟"
هزت (بيج) رأسها , وقالت : " مجرد ... مجرد سؤال " ..
اجتازت (جانيت) الحجرة و وضعت ذراعيها حول ابنتها , وقالت : " (بيج) يا عزيزتي .. لكل عروس شكوك اللحظة الأخيرة " .
" أعرف , ولكن "
تابعت عينا والدتها عينيها , و سألتها بهدوء : " هل تريدين الحديث عن هذه الشكوك ؟ "
هزت (بيج) رأسه مرة أخرى و همست : " لا " ..
قالت والدتها دون أن تترك عيناها عيني ابنتها : " هل يقول لك قلبك بأن هذا هو كل ما في الأمر "
تلألأت الدموع في عيني (بيج) , وقالت بابتسامة سريعة : " أنتِ أم رائعة . هل حدث أن قلت لك ذلك من قبل ؟ "
اغرورقت عينا (جانيت) أيضاً . وضحكت قائلة : " ليس كثيراً " , ثم قبلت وجنة (بيج) و قالت بلهجة مبتهجة : " والآن .. دعينا نلبسك فستانك , هل لنا أن نفعل ؟ الوقت يمر سريعاً " .
رنت كلمات الأم لاحقاً في عقل (بيج) وهي تقف وسط حجرة صغيرة بالدور العلوي في منزل آل(فولر).
فعلاً, لقد مر الوقت سريعاً .. ترامت إلى مسامعها الأصوات المبكرة لمهرجان الزفاف من ناحية الدرج الخلفي :
همهمة الحديث بين متعهد الأطعمة ومعاونيه ..
صلصلة الأواني الفضية ..
نغمات خافتة من موسيقى (فيفا ليدي) ..
في أقل من ساعة سيمتلئ المنزل بالناس .. وستتحرك هي ببطء , هابطة الدرج الرئيسي المزين بالورود .. فوق السجادة الطويلة الضيقة ذات اللونين القرنفلي والأبيض .. والتي تمتد فوق بساط الأوبوسون الجميل ..... وبجوارها (آلن) ..
ولكن قد لا يحدث أي شيء من هذا .. في أي لحظة سيُفتح الباب وسيواجهها (آلن) ..
(آلن) و (كوين) ..
وهاهي بمفردها .. ومستعدة ..
لن يكون هناك متفرجين على عارها ..
لقد صرفت أمها بقولها : " اذهبي لترين ضيوفنا .. أنتِ تعرفين السيدة (فولر) .. ستبتلعهم أحياء لو لم تكوني هناك ! "
بدا والدها متحمساً لتركها , وقال تعليقه بطريقة كئيبة و ثقيلة : " أنتِ تبدين رائعة " .. لدرجة رسمت الابتسامة الوحيدة على وجه (بيج) على مدى اليوم كله ..
نظرت (بيج) إلى ساعتها .. و أحست بلحظة رعب , هل يمكن لـ (كوين) أن يكون قد غير رأيه ؟! ..
هل قرر ألا يخبر (آلن) بأي شيء ؟! ..
هل تَبَقى أقل من ساعة تصبح زوجة لرجل لا تحبه .. رجل لا تستحقه ؟!
لا .. هذا مستحيل .. لقد رأت النظرة التي ارتسمت على وجه (كوين) لحظتها .. لقد كرهها و أحب أخاه .. لقــ ....
فُتح الباب وصفق بشدة ...
هل هو (آلن) ؟ ...
استدارت (بيج) إلى الباب خافقة القلب . . و أحست بالدماء تهرب من وجهها ..
لم يكن (آلن) ..
لقد كان (كوين) .. وبمفرده ! ..
همست في هلع : ماذا تفعل هنا ؟ أين (آلن) ؟! .. "
" انفرجت شفتاه كاشفة عن أسنانه,وقال بهدوء : " ياله من أسلوب ساحر لتحية شقيق زوجك !"
كانت عيناه تمسحان جسدها بوقاحة : " انتِ تبدين جميلة حلوة يا جولييت . شديدة الصفاء و البراءة .. "
أحست (بيج) بالحرارة تلتهب في وجهها .. هل هناك طريقة للهرب من نظرة الاشمئزاز في عينيه .. لا بد لها أن تجد طريقة .. غير أنها لم تستطع أن تفعل سوى أن تنصب قامتها و تدفع نفسها لملاقاة نظرته دون إجفال .
" هل أرسلك (آلن) ؟ .. هل هو .. هل هو .. "
غربت الابتسامة من وجهه , وقال : " هو لا يعرف أنني هنا .. إنه لا يعرف أي شيء يا (بيج) .. أنتِ خدعتِ أخي الأصغر .. "
" تقصد ... أنك لم تخبره ؟ .. لكن ..
قال (كوين) بصوت أجش : " لن يصدقني (آلن) إذا أخبرته أنك مومس بابل حتى ... يعلم الله , أنني حاولت .. لقد أخذته لتناول الشراب بعد انصراف الجميع بالأمس .. لقد بالغت و أخبرته أنه يرتكب خطأ كبيراً .. غير أنه ضحك و لطمني على ظهري وقال أنه توقع أن أحاول أن أقنعه بالعدول عن الزواج .. وعندما قلت له أنني لا أظنك ملائمة له , ضحك مرة أخرى وقال أنني فقط أشعر بالغيرة من حظه الطيب " .

اكفهر وجهه و خفت صوته حتى أصبح همساً , و أضاف : " أنتِ لا تعرفين كم لزمني من الجهد كي امتنع عن إخباره بأن حظه هذا كان يمكن لأي فرد أن يناله في المكان والوقت الملائمين "
أصابها الاتهام في صميم قلبها , و همست : " غير صحيح .. ما فعلته معك ...
لوى شفتيه احتقاراً وقال : " تذكري أني كنتُ هناك , هل كان جلدك يؤلمك وكنتِ بحاجة لمن يحكه لك ؟ أهذا كل ما في الأمر ؟! " ..
شحب وجه (بيج) بينما تابع هو ساخراً : " ما ذا هناك يا طفلتي ؟ أهذا شيء بذيء جداً لأذنك الرقيقة ؟ " ...
" لا يمكنك أن تتحدث لي بمثل هذا .. أنتــ ...
تحرك اتجاهها في تصميم حاد لدرجة أنها تراجعت . ولكن لم يكن هناك مهرب ! .. حتى اصطدم كتفاها بالحائط في نفس اللحظة التي أطبقت فيها يداه على ذراعيها ...
" ما الذي أوصلك لهذا (بيج) ؟ هل هي أسابيع من تمثيل البراءة على (آلن) ؟ أظن أن ذلك لم يكن صعباً .. إنه لم يثيرك , أليس كذلك ؟ لقد قلتِ لي ذلك صراحة .. "
ترقرقت الدموع في عينيها و هي تقول له في خضوع : " (كوين) أرجوك .. لم يكن الأمر بهذه الصورة ...
جذبها إليه قائلاً : " أكنتُ أنا من أثارك يا (بيج) ؟ أم استحوذت عليكِ فكرة أن يأخذك رجل غريب ؟ "
" أرجوك يا (كوين) .. أتوسل إليك ..
حدق فيها للحظة طويلة .. ثم دفعها عنه و تمتم .. " يا إلهي , أنتِ بارعة فيما تفعلين .. لا عجب أن سقط (آلن) تحت تأثيرك .. ذلك اللقيط التعس "
هزت (بيج) رأسها , وقالت : " أنا لم أكذب على (آلن) البتة .. لقد أخبرته أنـ ...
هز (كوين) رأسه غير مصدق , وقال : " ذلك الهراء المضلل الذي اضطررت للإصغاء إليه ليلة الأمس .. أنا فهمتك الآن سريعاً , و أصبحت منه في ثقة الجحيم يا جولييت . كل ما كان عليكِ أن مثلت الخجل .. و طرفت هذه الأهداب الطويلة .. وقلتِ (لا) كلما حاول أن يمد يده إليكِ , وبذلك كان عرض الزواج قد ضُمن تقريباَ "
" لم أكن كذلك يا (كوين) .. لقد أخبرته مراراً بأنني لا أحبه "
ضحك ساخراً , وقال : " يالها من لمسة بارعة .. لقد كاد يذوب خجلاً عندما أخبرني أنه كان يزمع تعليمك بعض الأسرار " ..
و ثنى رأسه تجاهها .. والكراهية تملئ عينيه .. و زمجر قائلاً :
" لابد أن (آلن) كان هبة من السماء .. فرصتك في زوج غني ... و عقد تأمين لوالدك , كل ذلك في ضربة واحدة مُحكمة "
تأرجحت نظراتها المحدقة على وجهه , وقالت مندهشة :
" عن أي شيء تتحدث؟ ما دخل والدي بهذا ؟ "
" لا تجربي هذه التمثيلية معي يا طفلتي . لن تجدي نفعاً معي .. فأنا أعرف كل شيء "
" و أنا لا أعرف أي شيء .. حتى أني لا أعرف ما تتحدث عنه يا (كوين) .. والدي ....
" لابد أن أعترف .. أنتي ورجلك العجوز كنتما ماهرين .. لم يشك (آلن) مطلقاً أنكما كنتما تستغفلانه "
تركها (كوين) و مشي ببطء عبر الحجرة . وقال :
" يا إلهي , لقد حدثني عن مدى الإمتنان الذي يكنه تجاه والدك .. وكيف أنه كان بحاجة على صهر عندما بدأتِ أنتِ و هو تخرجان معاً , وكيف أنه لجأ إلى والدك "
" إن والدي يحب (آلن) .. إنه ...
دار على عُقبيه , و واجهها صارخاً : " لا تكذبي علي أيتها اللعينة "
التقطت أنفاسها بسرعة عندما بدأ يتحرك اتجاهها ببطء مرة أخرى . وقال : " فكرة من هذه يا جولييت ؟ فكرتك أم فكرة أبيكِ ؟ "
أنا لا اعرف ما تتحدث عنه !! "
كان فمها جافاً من الخوف ...
" اللعنة .. لكنه كان ماهراً .. ألقاك والدكِ في طريقه , ثم لعبتِ أنتِ بجد لتنجحي .. و أنزلق الغبي في الشرك تدريجياً " ..
و مد يده فجأة و قبض على كتفيها , وتابع :
" وعندما وقع في الفخ .. تُم حل المشكلة ببراعة لفريق الأب (جارونز) و ابنته " .
قالت بكراهية : " أنت مجنون يا (كوين) أريدك أن تخرج من هذه الغرفة الآن "
تجاهلها و تابع : " المشكلة الأولى :ماذا تفعل مع ابنة أقامت بعيداً بعض الشيء ؟ المشكلة الثانية: ماذا تفعل عندما تغوص يدك في خزانة النقود حتى مرفقك ؟ ما الحل؟ الأمر بسيط ... تغلف بضاعتك التي فقدت بريقها بغطاء أنيق من الطلاء .. وتزوجها للرجل الذي كنت تسرقه , من الذي سيطالب بتوقيع عقوبات جنائية على أحد أقاربه ؟ "
حدقت (بيج) فيه كما لو كان يتحدث بلغة بربرية , وقالت :

shining tears
14-09-2008, 17:03
" عقوبات جنائية ؟! عن أي شيء تتحدث ؟!! "
قال بلهجة حادة : " أنا أتحدث عن والدك إنه لص حلت عليه لعنة السماء "
قالت غير مصدقة : " أبي ؟!! ... أنظر , قل ما تشاء عني يا (كوين) .. أنا أعرف ما تظنه بي ولا أستطيع ... لا أستطيع أن ألومك .. و لكن والدي؟ لقد كان والدي كبير المحاسبين بمؤسسة (فولر) لسنوات . إنه ...
" لقد كان يسرق مؤسسة (فولر) لسنوات "
ردت بسرعة : " أنت كاذب " ..
كان صوتها حاداً وغاضباً .. و أضافت : " أنت لا تعرف أي شيء عنه .. ولا تعرف أي شيء عن مؤسسة (فولر) أيضاً .. لقد هربت من عائلتك ومن مسؤولياتك .. "
اشتدت قبضة يده عليها حتى أخذت أنفاسها صوت الفحيح بين أسنانها .. التوت محاولة الفكاك منه , وقالت : " أنت تؤذيني .. دعني اللعنة , دعني و إلا سوف ...
رفع يديه عنها بحذر زائد , وقال : " و إلا ماذا ؟ " وضحك قائلاً :
" ستطلبين النجدة ؟ هل سترسلين في طلب الشرطة , سيكون شيئاً مُضحكاً , أليس كذلك ؟ ابنة المختلس و الشرطة ! "
اجتذبت (بيج) نفسا قصيراً قبل أن تقول : " مختلس ؟!! "
" ما الأمر يا (بيج)؟ هل ترين أن الكلمة قاسية جداً ؟ .. هذا ما كان يفعله أبوكِ .. الجحيم .. لابد وأنك تعرفين القصة أفضل مني .. خُذ قليلاً من هنا و قليلاً من هناك .. هذا الحساب و تلك الحسابات المعلقة و بالطبع , وبأسلوب لا يشك فيه أي فرد على الإطلاق .. من سيمسك بك ؟ و خاصة إذا كنتَ أنتَ الرجل المسئول ؟ "
قالت بسرعة : " هذا مستحيل .. لو فعل ذلك أي إنسان فلابد أن يعرف (آلن) و والده .. من أنت .. متى تأتي من لا مكان و تدعي هذه المزاعم !! "
تلاشت ابتسامة (كوين) الساخرة . وفجأة بدت الحجرة باردة ..
" أنا امتلك مؤسسة استشارية يا (بيج) . ألم يخبرك (آلن) ؟ مؤسسة كومبيوتر , أجهزة و برامج .. وتخصصي هو عمل النظم المحاسبية لمؤسسات مثل مؤسسة (فولر) .."
وعادت الابتسامة مرة أخرى سريعة و باردة : " عندما علم والدي بعودتي لحضور زفاف (آلن) , رمى لي بعظمه , قال (لدي ما يمكنك عمله لقسم السجلات بمؤسستنا) .. ربما لم يتوقع الكثير .. لقد أمضيتُ الأيام القلائل الماضية أضع برنامج كومبيوتر ينقل مؤسستهم من عصور الظلمة إلى القرن الواحد و العشرين " .
حدقت فيه (بيج) . لم تفهم أياً مما قاله , وقالت : " ولكن .. (آلن) قال أنك ربما لا تصل حتى ...
" كان شديد الانشغال بكونه عريساً لدرجة أنه لم يعرف بما يحدث .. لقد جئتُ بالطائرة عشية الحفلة التنكرية الراقصة .. بالطبع لم يرني في تلك الليلة . ولم يرني أي إنسان .. وشكراً على تعذيبك المحدود لرغباتي على الشاطئ " .
تخضب وجهها بالدماء و وضعت يدها على حلقها وهي تقول له خافضة النظرات : " لم يكن الأمر كذلك أبداً .. أنت يا (كوين) ...
تجاهل مقاطعتها وأكمل كلامه : " منذُ ذلك الحين .. أمضيتُ تلك الأيام أضع فيها برنامج الكومبيوتر .. واكتشفتُ خطة والدك أول أمس " ..
و ارتسمت على شفتيه ابتسامه بسيطة وهو يقول : " هل تريدين سماع نكتة حقيقية ؟ عندما أدركت أن .. والد ((بيج) جارونز) .. حاولت فيما يشبه الجنون أن أجد طريقة لدفن ما وجدته .. لم أرد أن يعلم (آلن) و عروسه الجميلة أن والدها مختلس .. ليس قبل الزفاف مباشرة "
و حدق فيها قائلاً : " إذا كنتِ لا تصدقينني , فابحثي عن والدكِ , و اسأليه عما يسمى حساب (ميلينك) , و أنظري لرد فعله " .
كان كل شيء يقوله (كوين) يُعد كثيراً على (بيج) المذهولة .. لا بد أن خطأ ما يتعلق بشان والدها مثلما (كوين) على خطأ بشأنها .. لابد أن يكون على خطأ .. والدها لص ؟؟ .. مستحيل .. لا يمكن أن يسرق ...
(لا مغامرة يعني لا ربح) .
اقشعر جلدها .. كما لو كانت الأشباح التي تمخضت عن اتهامات (كوين) لها و لوالدها تحتك بها ..
لقد تصادف أكثر من مرة أن استمعت في طفولتها لشجار بين والديها بعد منتصف الليل . كان ذلك دائماً لنفس السبب : تصميم والدها على عمل ربح كبير على نحو مفاجئ و سريع . كانت والدتها تقول إنه يطارد ذهباً وهمياً .. ثم ينتهي الأمر بأن يعم الأسرة صمت بارد لأيام ..
ماذا لو خرجت خطط والدها من يده ؟ ماذا لو أن غرابة الأطوار أصبحت إدماناً ؟ ...
تتابعت ذكريات الشهور الأخيرة تتداعى خلال عقلها .. فكرت في الطريقة التي ألقاها بها والدها في طريق (آلن) .. لم يترك ادعاء إلا و أتى به . . ثم كانت هناك التعليقات البغيضة المبهمة التي كان يلقيها خلال الأسابيع الماضية عن آل (فولر) و أموالهم .. وتوقفت لتتذكر أنه كان يتصرف بطريقة غريبة منذ عودتها إلى المنزل ..

(كل ما في الأمر أنني أردتُ الأفضل لنا جميعاً)
الم يكن هذا ما قاله والدها غي تلك الليلة ؟ .. وقتها ضحكت وأغاظته بسخريتها من اختياره للكلمات . هل كانت زلة لسان ؟ هل كان تعبيراً عن ارتياحه إذ سيرتبط مع آل (فولر) , ويحتمي بالزواج من حمل العار على الملأ ؟ وربما هو أسوا من ذلك ؟ ...
عرفت فجأة أنه من المستحيل البعيد أن يكذب (كوين) .. إن ما قاله لها كان الحقيقة .. ملأها الرعب ..
والدها مختلس ..
لص ..
قالت بصوت يائس: " ماذا تُريدني أن أفعل ؟ سأفعل أي تُريده يا (كوين) .. فقط عدني ألا تفضح والدي .. "
عبست عيناه وقال بتأوه : " أوه لقد انتهت اللعبة .. لا مزيد من الادعاء بأنك لا تعرفين ما أتحدث عنه يا (بيج) "
لافائدة من الإنكار مع هذا الرجل !!
أجابه صمتها ..
أومأ (كوين) , وقال : " حسناً , لقد انتهت لعبة والدكِ الحقيرة . سأنظر في كتمانها .. إذا فعلت ما أقوله بالضبط "
أومأت بقلق وهي يتقول : " قل ما تريد " .
قال بصوت حاد : " أُريدك أن تخرجي من حياة (آلن) " ..
اتقد الغضب داخلها , وقالت : " أنت تظن أنك تعرفني يا (كوين) , ولكنك لست كذلك . كنتُ سأصبح زوجة صالحة لأخيك و ..
انفجر ضاحكاً , وقال : " زوجة صالحة ؟!!
تقصدين في الظاهر فقط , أليس كذلك يا طفلتي ؟ زوجة ترقد باردة بين ذراعيه , لمجرد أن تحتفظ بحبه لها ولهفته عليها .. بينما تقضي الليل كما تشاء خلال المدينة " .
لمعت الدموع على أهدابها , وقالت :
" لافائدة من هذا الحديث . أنت تريد أن أخرج من حياته . و هذا طيب .. سأخبر (آلن) بإلغاء الزفاف .. كنتُ سأفعل ذلك منذُ أيام ...
ضحك مرة أخرى , وقال : " أراهن أنكِ كنتِ ستفعلين "
التقت عيناها بعينيه , وقالت : " احضر لي (آلن) . سأخبره أني أعدتُ التفكير في مسألة زواجنا و سأخبره ذلك بطريقة لا تؤذيه " ..
" تقصدين وسيلة لا تُطفيء هالتك , نعم , أستطيع أن أفهم الأمر الآن .. و عندما تنتهين أنتِ يكون هو جاثياً لدى قدميكِ يتوسلك البقاء و إعطائه فرصة ليُسعدك " .
أمسكت (بيج) بذراعه وهو يمر بها في سيره في الحجرة و قالت : " إذن سأكتب له خطاباً "
توقف (كوين) واستدار لها و قد ثبًت عيناه بلونهما المزرق على وجهها . . و أسرعت تضيف : " سأخبره أني لا أستطيع أن أُتمم الزفاف , ثم أغادر الآن في التو .. إن حقائبي هنا , بل و جواز سفري " ..
صمتت .. ولكنه لم يقل شيئاً , فتابعت : " سيجدي هذا , أليس كذلك ؟ سأبتعد لفترة . يمكنك أن تعود إلى .. إلى حيثُ كنت تعيش , و ...
ابتسم راسماً خطين قاسيين على جانبي فمه الضيق حتى غاصت غمازاته عميقاً و قال بهدوء :
" رائع " ..
اندفعت يده تقبض على معصمها , وانفجر صوته غاضباً : " هل تظنين أن كل الرجال مغلين ؟ سأرحل .. وتعودين ؟ .. أليس كذلك ؟ ثم تقولين لـ (آلن) أنك غيرتِ رأيك و أنه ما كان ينبغي إطلاقاً أن تلغي الزفاف "
هزت (بيج) رأسها بشدة , و قالت : " لن أفعل .. اقسم أني لن أفعل "
صرخت عندما اشتدت أصابعه على عظام معصمها الرقيقة و شهقت : " أنت تؤذيني "
زمجر قائلاً : " حقاً ؟ " وجذبها إليه و أضاف : " بيقين الجحيم , أتمنى ذلك "
" أنا لم أغر (آلن) بأي شيء . لقد أرادني "
" هذه هي الحقيقة اللعينة , لقد أرادك " . والتوى فمه وهو يميل مقترباً منها , و تابع : " ومن هذا الرجل الذي لا يفعل عندما تسلطين عليه هاتين العينين ؟ .. لابد أن أعرف "
صارت وجنتاها الآن بلون القرنفل , وقالت : " أنت لست بريئاً فأنا لم أبحث عنك لأوقعك في شراكي ...
التهبت عينا (كوين) , وقال : " عندما يُبدي رجلاً الاهتمام يا (بيج) , فإن المومس الأمينة تخبره بثمنها أولاً ..
" طـــااخ "
كانت يدها كالسهم وهي تطوحها و تلطم وجهه ...
دوى صوت ارتطام اللحم باللحم في الحجرة ..
و همست : " أيها اللقيط " .

shining tears
14-09-2008, 17:05
و تحول لون عينيها البنفسجي إلى أزرق نيلي .. و تابعت :
" هل تعرف ما سأفعل يا (كوين) ؟ .. سأتزوج (آلن) سواء رضيت أم لم ترض , ولا يمكن لأي من أفعالك التافهة أن يوقفني .. أنت على حق تماماً .. سيصدق (آلن) أي شيء أقوله له " .
" سيصدق ما يقوله الكومبيوتر . إن والدك لص " .
قالت ببرود : " ليس والدي هو من يريده أخوك . بل أنا .. و سيأخذني بناء على أي شروط .. حتى لو تضمنت العفو عن والدي . "
اتصل الصمت بينهما للحظات .. ثم أومأ (كوين) , وقال : " أنتِ بارعة يا (بيج) , ولكن ليس بدرجة كافية .. لقد نسيتِ شيئاً واحداً " ..
و ابتسم ابتسامة بغيضة , وقال : " مرحنا الصاخب على الشاطئ في تلك الليلة .. شيء ما يقول لي بأن (آلن) لن يريدك بعدما أخبره بذلك " .
ارتفعت ذقنها , وثبتت نظرتها على عينيه , وقالت بهدوء : " إذا فعلت فسأضطر لإخباره بأنك قد فرضت نفسك عليً . وكيف أنك كدت تغتصبني ...
هاه من تعتقد أنه سيصدق عندها ؟ "
و للحظة ظنت أنها قد أسرفت في الضغط عليه . اكفهر وجهه .. وجمدت عيناه و كأنهما من زجاج ..
أعدت (بيج) نفسها لهجومه ..
و في نفس اللحظة التي تيقنت فيها من أن قلبها سيثب من صدرها ..
فعل ما لم يكن متوقعاً ..
ابتسم ...
قال بصوت مرح خفيض : " جميلتي .. جولييت الرائعة .. شكراً على إظهارك وجهك الحقيقي .. من الصعب النظر إلى هاتين العينين و تخيل أي مومس حقيرة أنتِ " .
التوت يده بإحكام أكثر على معصمها و تابع : " أنتِ على حق .. سيصدق (آلن) أكاذيبك أياً ما كانت , وعندئذ ستفوزين أنتِ و والدك اللص بكل شيء "
ولوى (كوين) معصمها تجاهه قائلاً : " أنا على حق . أليس كذلك ؟ " .
تألم معصمها تحت وطأة قبضته , ولكن ليس بقدر تألم قلبها ..
فكرت في وقت رغبتها أن يسقيها هذا الرجل من حبه .. وكيف كانت قد هجرت ملاذها الأمن بين ذراعي (آلن) ..لتهرب إليه ..
أما الآن ..
أما الآن ..
" كم أكرهك "
هذا ما أحسته .. ولكنها لم تقله ..
ردت على سؤاله : " نعم .. و لن تستطيع عمل شيء ..
و أنبهك إلى أن زفافنا اليوم "
ضحك بهدوء , وقال : " أنتِ على حق " .
ثم بدأت ذراعاه تحيطان بها وتحتجزانها أمامه .. وهو يقول لها :
" بحق لعنة الله على الشيطان .. سيكون هناك زفاف اليوم ..
ولكن ليس في هذا البيت ..
وليس بينك وبين (آلن) المسكين .. "
ثم توقف وارتسمت بسمة على شفتيه دون أن تدفئ إطلاقاً من برودة عينيه ...
و استطرد : " أنتِ لم تتركي لي خياراً يا (بيج) ...
هناك طريقة واحدة لإيقافك عن ألاعيبك ..
ستتزوجين..
و ستكونين عروس جميلة في يومها الخاص ..
و ستصبحين زوجتي أنا .. "
حدقت فيه ذاهلة ..
و في مكان ما من أرجاء المنزل المترامية .. سمعت ما يشبه ضحكة مدوية .. و تساءلت هي في ذهول .. إذا ما كان الجميع قد سمع ما قاله هذا المجنون , و أنهم يضحكون على هذه النكتة البشعة ..
"مم .. ماذا ؟!! "
هزها ...
بالأمس .. كانت تلهث بالرغبة لدى لمسته .. أما الآن .. فإن لمسته ترعبها ..

ابتسم هو .. و أدركت هي أنه قد أحس بخوفها .. و أنه استمد منه السرور ..
" لقد أفقدتك السعادة القدرة على النطق , أليس كذلك ؟ "
اختفت الابتسامة منه , و كأنها مصباح كهربائي قد انطفأ .. ثم تابع :
" لا يوجد وسيلة أخرى أستطيع بها حماية أخي منك " ..
حدقت فيه تنتظر الضحكة التي تخبرها بأنه كان يلقي بعضاً من الترهات التافهة .. ولكن بدت عيناه بلا أي تعبير " أنت ... أنت لا يمكن أن تكون جاداً "
" جاد إلى حد الموت يا جميلتي جولييت "
بدأت خفقات قلبها تتسارع , وقالت : " أنا ... أنا لابد أن أكون مجنونة كي أتزوجك "
أمال (كوين) رأسه جانباً , وقال بهدوء : " أو يائسة .. إلى أي مدى ستذهبين لتنقذي والدك من السجن ؟ " ..
" أنت لن ...
ابتسم ابتسامة عريضة , وقال : " ألن أفعل ؟ الضيوف ينتظرون بالطابق الأرضي . كل ما ينبغي فعله هو إلقاء بيان قصير ... (مساء الخير جميعاً .. أخشى أن يكون الزفاف قد أُلغي .. كما ترون , فإن والد العروس مختلس , ولابد أن أبلغ الشرطة وقد طلبت مني العروس أن أخبركم بأن العريس سيتزوجها على أية حال , في نفس الوقت الذي يتبرأ فيه والد العريس من والدها ويفصله من المؤسسة , وذلك لعدم الرغبة في أن يكون هناك لص من ضمن العائلة .. آسف إذا كان ذلك قد أفسد يومكم , ولكن فقط أنظروا إلى ما فعلته العروس و والدها "
" أيها اللقيط "
" يالها من مفردات قوية تلك التي تملكينها يا (بيج) . سيُصدم (آلن) عندما يسمع هذه الكلمات تنساب من فمك الرقيق "
" ألا تقلق بشأن أذية (آلن) ؟! "
هز كتفيه في استخفاف , وقال : " إن زواجك منه سيؤذيه أكثر "
" سيكرهك . كل عائلتك ستكرهك . إنهم ... "
" انفرجت شفتاه في ابتسامة باردة , و قال : " لقد رأيت ما هو أسوأ "
قالت في محاولة أخيرة يائسة : " سيظل (آلن) يريدني يا (كوين) . سيحاول استعادتي "
" ليس وأنتِ زوجتي .. ملكي .. شيئاً قد أصبح لي أنا "
" لن يسكت (آلن) عن ذلك أبداً .. سيظل ...
" كفي عن ذلك .. عندما تنتمين إلي يا (بيج) , فإن أي رجل يريد أن يحتفظ بعافيته لن ينظر إليكِ مرتين , بما في ذلك أخي الأصغر "
مسحت عيناه وجهها الجميل .. ثم انطلقت تمسح جسدها الرشيق و الذي يبرزه فستان زفافها الناصع الرقيق .. وعادت مرة أخرى على عينيها .. ولوى شفتيه مبتسماً و قال :
" كنتِ تريدين أحد أبناء (فولر) , ولقد حصلتِ على أحدهم ..
صدقيني يا (بيج) الشخص الذي حصلتِ عليه هو من تستحقين "
ارتعد قلبها رعباً من المستقبل الآتي إليها مع هذا الرجل , وهمست بذل :
" لا يمكنك أن تفعل هذا .. سيبدأ الزفاف حالاً .. الجميع ينتظرون .. (كوين) , أرجوك , يجب أن تنصت لي .. والدك .. والدي ...
" لا تنسي التعويضات يا (بيج) "
عندما رأت ما بعينيه بدأت تقاومه , و لكن غلبتها قوته ..
جذبها إليه و التهمها في رسالة وحشية لا وجود للرقة فيها ..
لقد قصد بقبلته تلك تعيين حدود علاقتهما .. و أنه سيمتلكها .. و أنه لا يوجد ما يمكنها عمله حيال ذلك بالمرة ..
" هل تفهمينني ؟ "
وضعت (بيج) يدها على فمها .. ومسحته . وهمست : " كيف استطعتُ في لحظة ما أن أرغب في أن تلمسني ؟! " ..
ملأت الدموع عينيها و سالت على وجنتيها في ثوان .. ومض شيء في عينيه الزبرجديتين .. ولكنه اختفى بنفس السرعة التي ظهر بها ..
قال بلهجة جافة : " أريد أن نخرج في خمس دقائق . بدلي فستانك حالما أكتب كلمة لـ (آلن) .. سأمليك كلمات تكتبينها له و لوالديك .. سأجعل الأمر يبدو كما لو أننا لم نستطع منع أنفسنا .. سيظنون أننا لا نستطيع الحياة بعيداً عن بعضنا " .
أرسلت ابتسامته قشعريرة في دمها , و أضاف : " يكاد ذلك يكون الحقيقة , بطريق ملتو بعض الشيء , أليس كذلك يا جولييت الجميلة ؟ "
" عزيزي اللورد كم أكرهك ! "
" ربما يمكن للقاضي الذي سيعقد قراننا أن يضيف هذه الكلمات لقسيمة الزواج . . صدقيني الشعور متبادل " .
التقت عيونهما و ثبُتت , ثم دفعها (كوين) عنه ...
قال بسرعة و حِدًة : " بدلي ثيابك . أسرعي " .
حدقت فيه بعجز , وقالت : " أدر ظهرك ..
ضحك (كوين) وقال : " عروس خجول .. هذا بالضبط ما كنتُ أريده تماماً " ..
ولكن فعل ما طُلب منه .. وعندما ارتدت ثيابها التي سترحل بها بعيداً , استلت (بيج) ماسة (آلن) و وضعتها بهدوء على المنضدة .
وتحت بلوزتها الخضراء الحريرية ... كانت ياقوتة (كوين) لا تزال ملتصقة بها ...
في جسدها

shining tears
14-09-2008, 17:06
نهاية الفصل الرابع
غدا الفصل الخامس والسادس
وقرأة ممتعه للجميع تحياتي

آن همبسون
15-09-2008, 01:14
يا الله اذكر ان ذي الرواية بكتني من جد تأثرت هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

كنت لسه دوبي جديدة في عالم عبير



اختيارك راااااااااااائــــــــــع من جد رواية حلوووة .... لا تفوتكم يابنات



الله يعطيك العافية وتسلمين ياعسل على النقل ,, وتسلم كاتبتها

Bushkush
15-09-2008, 12:02
مرحبا ممكن تحطوا رواية اللمسات الحالمة من سلسلة عبير
و رواية موعدنا الأبد

ماري-أنطوانيت
15-09-2008, 22:48
مشكووووووووووره يا الغاليه

بانتظار البقيه...::سعادة::

Bushkush
15-09-2008, 22:53
الرواية شكلها روعة بس متي التكملة ؟

shining tears
16-09-2008, 04:00
==الفصل الخامس==

((قولي مرحبا لزوجتي))


تابعت (بيج) (كوين) و هو يتناول ورقة وقلماً من درج مكتب صغير .
" عزيزي (آلن) "
كتب هذه الكلمات بيد ثابتة قوية .. سرت رجفة خلالها و أشاحت بوجهها .

لا يمكن أن يحدث هذا . . هل هو حلم سرعان ما تستيقظ منه .. ولكن صوت احتكاك القلم بالورقة كان حقيقة مثل منظر فستان زفافها وفد تكوم فوق الفراش .. راقبت (كوين) وهو ينهي الصفحة الأولى من الخطاب ويبدأ الصفحة الثانية ..
يا إلهي .. لا بد أن هناك طريقة لإيقافه ..
إنه لا يستطيع أن يفعل بها ذلك بالفعل .. إنه لن يفعل .. لن ..

لا بالطبع لن يفعل .. إنها مجرد حيلة صغيرة لا غير .. لقد أراد (كوين) أن يتأكد أنها قد اختفت من حياة شقيقه إلى الأبد .. هذه مجرد ميلو دراما للتأكد من ذلك ..

مات أملها اليائس بمجرد أن أنهى (كوين) الكتابة .. رفع بصره و دفع الخطاب باتجاهها و قال ..
" وقعي عليه "

نظرت لها مشدوهة و قالت : " أنت ... أنت لا يمكن أن تقصد ...

نفذت عيناه داخلها بنيران باردة وقال بهدوء : " هل غيرتِ رأيك يا (بيج) هل تفضلين أن أهبط إليهم و ألقي بياني عليهم ؟ "

هزت رأسها وقالت : " لا .. لا يمكن ..

" وقعي الخطاب يا (بيج) "

تقدمت خطوة نحوه وتناولت الخطاب .. ارتعشت يداها وهي تقرأ الكلمات التي يفترض أنهما قد كتباها معا .

بدت الكلمات كأنها ستقفز من الصفحة ..

" في الوقت الذي تقرأ في هذا الخطاب .. لا يمكنني إتمام زفافنا .. لا أريد أن أؤذيك .. كنتُ دائماً أريدك ولكنني وقعتُ في الحب مع (كوين) " .

قالت : " لقد قلت أنني أستطيع أن أكتب لـ (آلن) بنفسي "

كانت ابتسامته مقتضبة وهو يقول : " غيرت رأيي .. دعينا نذهب يا (بيج) .. وقعيه " .

اهتزت الورقة وسقطت من يدها .. التقطها (كوين) ودفعها إليها , وزمجر : " وقعيه ! " .

" (كوين) "

صار صوتها أجشاً .. " (كوين) أرجوك .. أتوسل إليك .. لا تجبرني على فعل ذلك .. أقسم بأنني لن أتزوج (آلن) .. أنا لا أحبه أساساً .. لم أحبه على الإطلاق .. و والدي .. ربما يستطيع أن يقدم تفسيراً .. ربما .. "

كانت عيناه مظلمتين و عميقتين , وقال : " ربما يتقدم به العمر في السجن .. وقعي الخطاب يا (بيج) "


كان صوته ناعماً .. قرأت التهديد في عينيه .. وعندئذ تناولت الورقة منه .. وبسرعة .. وفي خط مضطرب .. خربشت اسمها بجوار اسمه .


لوى فمه قائلاً " " لديكِ دقيقتان فقط لتكتبي لولديكِ .. ولن يصب أبوكِ لعناته عليكِ طالما أنك ستتزوجين بواحد من أبناء (فولر) مما سيضمن سلامته " .

كتبت (بيج) الخطاب إلى والدها و والدتها .. ولكنها كانت كلمات موجهة إلى (جانيت جارونز) .. بناء على (آلن)صيحة التي قدمتها لها والدتها هذا الصباح .. لقد صنعت منها كذبة مؤثرة ..

" لقد أُغرمت بـ ..

توقفت يدها , وارتجفت .. و ضحك (كوين) , وقال : " اكتبي اسمي يا جولييت , ربما ستتعودين عليه " .

التقطت (بيج) نفسا عميقا , وكتبت :" ... مع شخص آخر .. لقد فعلت مثلما قلتِ لي يا أمي .. و اتبعت قلبي .. "


كانت أنفاس (كوين) دافئة على وجنتيها بينما ينظر من فوق كتفيها ليقرأ ما تكتبه , وقال : " حسناً .. لن تبقى عين جافة في المنزل بعدما يذاع هذا "


عندئذ بدأت تصدق لأول مرة أنه فعلا قد يأخذها معه بعيدا ..
قفزت نبضاتها التي تدق في تجويف حلقها متجاوزة الاحتباس المفاجئ لدمها .. مسحت كفيها الرطبين في التنورة الحريرية لثوب رحيلها .. وراقبت (كوين) وهو ينتزع نفسه من سترته الرمادية الداكنة ويطوحها جانباً ..

همست : " ماذا تفعل؟! " .


انتقلت أصابعه بين أزرار قميصه المنشى .. و قال : " أبدل ملابسي .. كانت هذه حجرتي .. لابد أنه قد بقي بخزانة الثياب شيء يمكنني أن أرتديه " ..

ثم همهم بصوت خافت : " ها هي .. "


واستدار مبتسماً ابتسامة جافة .. وطوح على الفراش بذلة قطنية مخملية الزغب , و أضاف : " ربما تكون ضيقة ولكنها أفضل من التجول في نيويورك في صباح نهاية الأسبوع بمعطف مشقوق الذيل " .

تلوى نازعاَ قميصه و طوح به وراء سترته .. سدد نظراته لعينيها الذاهلة .. فتورد وجهها خجلاً و أدارت له ظهرها ..

shining tears
16-09-2008, 04:05
" نيويورك؟!! "
دمدم (كوين) وسمعت فحيحه المستهجن , و كرر : " نعم .. نيويورك ثم لندن . "
لندن .. بالطبع حيث يعيش .. لو كان يخطط فعلاً لإتمام هذا الأمر .. فهذا هو المكان الذي سيأخذها إليه .. ابتلعت ريقها عقب الضحكة العصبية التي صعدت إلى حلقها ..
لقد اعتذر (آلن) عشرات المرات عن اضطراره لأخذها إلى أميركا الجنوبية بعد زواجهما .. لكن ها هو (كوين) .. على وشك أخذها إلى إنجلترا دون كلمة واحدة تقريباً !
قال بحدة : " دعينا نذهب " ..
رفعت بصرها عندما فتح الباب ..
كان واضحاً أن البذلة القطنية ترجع لما قبل اكتمال نموه .. كانت السترة قصيرة و ضيقة .. و بدا درز الخياطة كأنه سينفجر حول كتفيه ..
خالجها شيء أشد وطأة من الخوف .. تراجعت خطوة .. وقالت :
" لن أذهب معك .. لا تستطيع أن تجبرني ... "
لم يقل (كوين) شيئاً .. بل قبض على يدها وجرها إلى الباب .. وخرج صوتها فحيحاً :
" أيها اللعين لن تفلت دون عقاب ! "
ضحك بهدوء : " ألن أفلت دون عقاب يا جميلتي جولييت ؟! أنتِ تصورين الأمر كأنني أسرقك .. هل تتذكري أنكِ معي بملء إرادتك الحرة ؟ أنتِ لا تستطيعين الحياة بدوني .. "
ثم لوح بالورقة أمام عينيها وهو يقول لها بإغاظة : " هذا ما تقوله هذه الورقة "
ثم تابع في صوت بارد : " و هذا ينطبق على والدكِ تماما .. فهو لا يستطيع الحياة بدوني "
كانت سيارته المؤجرة تقف في الشارع الهادئ خلف منزل آل (فولر) ..
دوى صوتها كأزير منشار عندما أدار المحرك .. ونظرت هي تجاه المنزل ..
متيقنة أنها رأت شخصاً ما يعدو خلفهما .. لكن كان المنزل يرقبهما بنوافذ زجاجية خاوية ..
و سرعان ما كانا ينطلقان بسرعة بين شوارع الضواحي الهادئة ..
و عندما وصلا الطريق السريع .. ضغط (كوين) بقدمه حتى كادت تلمس أرضية السيارة التي قفزت كأنها حصان سباق ..
و على طوال الطريق لم يتوقف سوى مرة واحدة في محطة خدمة .. بينما جلست هي في السيارة و قد استحوذت عليها لامبالاة غريبة .. تراقبه وهو يجري مكالمة هاتفية من كشك الهاتف .. كان حديثه مفعماً بالحيوية .. و أحست أنه يتجادل مع شخص على الطرف الأخر .. ولكنه ضحك أخيرا .. وضرب بيده جدار الكشك .. ثم وضع السماعة ..
بعد أقل من نصف ساعة .. كانا يقتربان من البنك المركزي في الجانب الشرقي من (منهاتن) .
أبطأ (كوين) السيارة , ثم توقف بجوار الرصيف أمام منزل كبير من الحجر الأسمر , ثم خرج من الظلام رجل يقاربه في السن و إن بدا أكبر قليلاً .. و حدق في السيارة , ثم ابتسم لـ (بيج) .
قال : " لا عجب في أن تكون على عجلة يا صديقي .. حسناً , اتبعاني من فضلكما "
ركب الرجل مرسيدس صغيرة كانت تنتظر بجوار الرصيف , و انطلق إلى الطريق ..
تدافعت عشرات الأسئلة في رأس (بيج) .. ولكنها لم تشأ أن تمنح (كوين) شعورا بالرضا الذاتي إذ هي وجهت له أسئلتها .. لا بد أن تباد صمته بصمتها ..
شقت السيارتان طريقهما في زحام المدينة من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي .. حتى وصلت جنوب (منهاتن)..
و أخيراً..
و في منطقة مخصصة لمباني البلدية .. اقترب صاحب (كوين) من الرصيف ثم توقف .. و كذلك فعل (كوين) ..
قال لـ (بيج) : " انزلي "
كانت كلمته الأولى لها منذ ساعات .
ابتسم الرجل لها ابتسامة عريضة و هي تخطو إلى الرصيف .. ثم نظر إلى (كوين) ..
و هنا وجه (كوين) لها ابتسامة خاطفة وهو يسألها : " هل أنتِ متأكدة من أن هذا ما تريدينه يا صديقتي ؟ .. عفواً .. يا محبوبتي ؟ .. إن هذه خطوة ضخمة بكل ما في الكلمة من معنى , ويجب ألا تؤخذ ارتجالاً " .
بدأت نبضات (بيج) تتسارع , وهمست : " (كوين) ؟. . "
استدار لها بوجه بارد غير مبتسم .. و قال : " كان (جيم) زميل دراستي , وهو الآن الرجل الأول في مؤسسة (مايور) . "
جف حلق (بيج) , وكررت : " (كوين) ؟ .. "
و هذه المرة ارتسمت على فمه ابتسامة ساخرة ..
" لقد تم إعداد كل شيء .. يمكننا أن نتزوج الآن .. "
تابعت عيناه عينيها .. و التقطت شهيقاً صغيراً عندما رأت فيهما بريقهما الأخضر الزرقاوي ..
ثم أضاف : " أليس هذا نبأ رائع يا محبوبتي ؟ "
" لكن .. أنا ظننت .. "
لماذا بدت شديدة الذهول ؟ لقد أخبرها من قبل أنه سيتزوجها . بل إنها بدأت تصدقه خلال الساعتين الأخيرتين .
و أحست و هي تحدق فيه أن هذا الأمر يمكن أن يحدث بهذه السرعة معه .. مع (كوين) فقط ..
و دون أن تدري كانت تعد الثواني مثل رفيقها ..
" ولكن هناك تصاريح و قوانين و اختبارات دم و ...
و في صوت شاحب كأنما يأتي من مسافة بعيدة , سمعت ضحكة (جيم) المتحيرة و هو يقول لـ(كوين) : " هيه يا صديقي .. لقد ظننت أنك قلت أن السيدة ستكون سعيدة ! "
قال (كوين) : " هي كذلك " .. و أحاط عنقها بذراعه , وتابع : "هي فقط صامتة . أليس كذلك يا (بيج) ؟ " .. كان صوته همسة ضبابية وهو يضمها إليه .
إنسدلت أهداب (بيج) على وجهها .. أرادت أن تضربه .. أن تدق صدره بقبضتيه .. و لكن كان هناك وهن جميل يسري خلالها ..
همست : " لا تفعل ..
ولكن كلمتها طارت في الهواء كريشة بلا معنى ..
مس (كوين) فمها في قبلة سريعة .. ومالت هي إلى ذراعيه وهو يضمها بقوة .. حتى أحست أن جسمها ذاب في جسده ..
ضحك (جيم) بعصبية . و قال : " حسناً يا أولاد لقد اقتنعت "
عندما رفع (كوين) رأسه , كانت عيناه لهيبين زرقاويين .. و همس :
" أخبري جيم انكِ تودين الزواج مني "
مست (بيج) شفتيها بلسانها وقالت : " أنا ...
" أخبريه "
نظرت لعينيه , وتمتمت : " أنا أريد الزواج من (كوين) " ..
كانت تعرف أن الكلام موجه لـ (جيم) .. ولكنها أحست أن شيئاً ما قد اشتعل في أعماق عيني (كوين) الزبرجدتين .. لمعت الدموع على أهدابها .. و طرفت بعينيها لتداريها .. و عندما نظرت لعينيه مرة أخرى .. كان ما رأته قد اختفى .. و أدركت أن ما رأته فيهما ليس سوى انعكاساً لآلامها المبرحة ..
في البداية .. بدا المبنى الشاهق الذي قادها إليه (كوين) خالياً .. لكن كان هناك موظفاً مرهقاً ينتظرهم في مكتب يبدو وأنه قد فُتح خصيصاً لهما .. ثم حجرة وقد غُطيت جدرانها بالقيشاني .. و حياهما مسئول عمل يرتدي معطفاً أبيض و يمسك بمحقن ذي إبرة حادة و .. أخيراً ..
في مبنى بمنطقة النهر الشرقي .. تُم زواج (بيج) و (كوين) ..
سألها رجل غريب يرتدي بذلة داكنة الأسئلة التي كانت تتوقع سماعها هذا اليوم .. و أجابت عليها ..
غير أن الرجل الواقف أمامها الآن لم يكن (آلن) .. كان (كوين) .. و كان يمسك بيدها .. و يراقب وجهها وهي تقدم إجابتها الهامسة .. و بقدر قوة إجاباته بقدر ما كان ترددها .. توقف فقط عندما جاء وقت وضع خاتم الزواج في إصبعها ..
لم يكن هناك خاتم ..
نظر (كوين) من فوق كتفي القاضي إلى صديقه (جيم) .. ولكنه أشار بوجهه متحيراً وهو يهز كتفيه ..
تنحنح القاضي الذي يوثق زواجهما , و قال : " يمكننا أن نتجاوز عن ذلك . ونتمم العقد بدونه إن لزم " .
لكن (كوين) هز رأسه و زمجر : " بحق الله .. لابد و أن يكون هناك شيئاً يمكننا استخدامه ! "
وقد كان ..
التقطت (بيج) نفساً قصيراً .. ومدت يدها إلى صدرها , و قالت : " خاتمك " .
أخطأ (كوين) فهمها .. فلوى فمه بطريقة غريبة , وقال : " لم يعد معي .. يبدو أني وضعته في غير موضعه المعتاد ! "
أحست باندفاع الدماء إلى وجهها و هي تدس يدها من فتحة صدر بلوزته الحريرية ..
وقالت في همسة خافته : " لقد أعطيته لي " ..
و أخرجت السلسلة الذهبية .. و أرته الياقوتة المعلقة فيها .. و التي بدت في كف يدها كجذوة متقدة ..
حدق (كوين) في الخاتم للحظة طويلة قبل أن يرفع عينيه إلى عينيها ..
" أنتِ تردين خاتمي " ..
اتخذ صوته نبرة ذكرتها بسماوات الصيف الرمادية فوق إحدى البحيرات في الشمال .. و أومأت (بيج) : " نعم "
خيم الصمت للحظات طويلة ..

shining tears
16-09-2008, 04:07
و بينما ظلت عيونه المعلقة بعيني (كوين) .. مدت يدها إلى رأسه ورفعت شعرها من على كتفيها ..
سمعت الشهقة الحادة لأنفاسه .. ثم استدار خلفها وفك السلسلة التي يتدلى منه الخاتم الياقوتي ..
احتكت يده بجسدها عندما سقطت السلسلة في كفه .. وأطبق أصابعه عليها بقوة ..
قال القاضي : " ضع الخاتم في إصبع الآنسة (جارونز) و كرر ورائي .. مع هذا الخاتم ..
بطريقة ما , استطاعت أن تبتسم خلال تقديم التهاني الإجباري .. قبًل (جيم) وجنتها وصافحها القاضي ..
و أخيراً ..
أصبحت هي و(كوين) وحدهما .. ينطلقان عبر الطريق إلى مطار كنيدي ..
خفضت (بيج) نظرها إلى يدها ناظرة للياقوتة التي بدت كأنما تتوهج في إصبعها .. و حادثت نفسها في تبلد .. لقد أصبحتُ زوجة (كوين) فولر) .. زوجته ..
استلت الخاتم من إصبعها ومدت به يدها إليه .. كأن ذلك سيحل القسم الذي أجبرها عليه ..
تحولت عينيه بلمحة خاطفة من الطريق إلى كفها المبسوطة و إلى الحجر الأحمر بلون الدم .
سألها : " ما المفروض أن أفعل به ؟! "
" إنه خاتمك . أظن أنك تريد استعادته " .
قال بصوت أجش : " احتفظي به .. لم يعد له معنى لدي .. "
ملأت دموع الغضب عينيها ..
يا إلـهي .. كم يكرهها .. أرادت أن تقذفه بالخاتم .. لكن شيئاً ما بداخلها ..
غير محدد .. ونصف وامض .. أوقفها ..
ارتجفت يداها وهي تدخل السلسلة الذهبية خلال الخاتم ثم تعلقها حول عنقها .
لم يقولا أي شيء لبعضهما إلى أن استقرا بردهة الدرجة الأولى بالمطار .. سأل (كوين) عن هاتف , ثم استدار إلى (بيج) :
" يجب أن نجري بعض المكالمات . هل بإمكانك أن تقولي الأشياء المناسبة أم أكتب لكِ نصها ؟ "
نظرت إليه ببلاهة وقالت : " مكالمات؟! .. لمن ؟! "
" لعائلاتنا .. عائلتي وعائلتك .. و (آلن) "
أذهلتها غطرسته .. وكررت .. : " (آلن) !! "
كان صوتها ينطق بعدم التصديق .. وتابعت : " ولكن ماذا تريد أن تقول له ؟! "
التوى فم (كوين) بابتسامة مُقبضة . وقال : " المهم ما سيقوله هو لي يا (بيج) .. لا تقلقلي سأعالج الأمر "
سددت له نظرة باردة و قالت : " أنا لا يهمني أن تعالجه أو لا تعالجه يا (كوين) .. ما يهمني هو (آلن) .. من المؤكد أنه سيتأذى بعد الذي حدث ! "
ارتفع حاجباه , وقال : " كان سيحدث على أية حال يا (بيج) .. سبق أن قلتِ أنك لن تكملي خطوات الزفاف " .
كان صوته ناعماً و شكل غشاء رقيقاً على سخريته .. و أضاف : "أم أنني مخطئ ؟ "
" لكن هناك فرق .. ليس بهذه الطريقة .. إن تغيير رأيي ليس مثل .. مثل هذا ! "
هز (كوين) كتفيه استخفافاً , وقال بخشونة : "لا أريد أن يدق (آلن) باب منزلي .. أريد لكل شيء أن يستقر من الآن "
تقوقعت هي في الأريكة الجلدية .. وراقبته وهو يطلب الرقم .. منتظرة انفجاراً يحصل على الطرف الآخر .. ولكن لم يكن الأمر كما توقعت له أن يكون ..
تستطيع القول من متابعتها لكلمات (كوين) , أن والداه كانا أكثر انزعاجاً بصدد ما قد يقوله ضيوفهما أكثر من إنزعاجهما للوقع العاطفي لأحداث اليوم على ابنيهما ... تحدث (كوين) معهما بكياسة .. لكن ليس بأسلوب دفاعي .. اعتذر عن أي ارتباك ريما قد سببه لهما ؟؟ و أوضح أن ما حدث بينه وبين (بيج) كان أمراً حتميا . كما لو أن موضوع النقاش يتضمن خطبة في آداب السلوك , و لاشيء غير ذلك .
عندما طلب منها التحدث إلى (آلن) .. هبت (بيج) واقفة . ولكنه أمسك بيدها وجذبها لتجلس بجواره .. كما كانت ..
شحب وجهها .. وهمست له : " أرجوك .. لا أريد أن أسمع ...
قبضت يده على يدها .. و أبقتها بجانبه . .
ترقرقت الدموع في عينيها وهي تنصت إلى تبرير (كوين) .. لقد كانت كلماته منتقاة بعناية , و رقيقة على نحو مذهل , وضاعفت من وطأة ضغط أصابعه على معصمها ..
استطاعت أن ترى تألمه لإيذاء أخيه , بعد برهة طويلة .. أومأ .. و ثبت عيناه على عينيها , وبدأ الضغط يخف عن معصمها ..
قال بهدوء : " نعم .. سأخبرها .. سأفعل يا (آلن) .. بالطبع سأفعل ... شكراً لك (آلن) ... حسناً على اللقاء "
راقبته وهو يعيد سماعة الهاتف لمكانها, وقالت : " (كوين) ؟ هل (آلن) .. هل هو بخير ؟! "
برزت عضلة فكه , وقال : " بخير "
" هل هو ...
و خفت صوتها .. ثم تابعت :
" هل هو يكرهني كثيراً جداً ؟ "
نظر لها و ارتسمت على فمه ابتسامة غريبة ..
و بعد برهة قال :
" لقد قال .. قال أنه يتمنى لنا السعادة معاً "
امتلأت عينا (بيج) بدموع المفاجأة .. إنه الم تحب (آلن) .. ولكن كان (آلن) يستحق حبها ..
" لابد أنه قال أكثر من ذلك ..
مد (كوين) يده ومسح دموعها , وقال : " بحق الله , ماذا توقعتِ أن يقول ؟ " .. كان صوته أجشاً على النقيض من رقة لمسته , وتابع : " ما الأمر يا (بيج) ؟ هل كنتِ تأملين أن يأتي في أثرنا ؟ "
هزت رأسها ببطء وقات بحزن : " فقط قصدت ..
" لقد طلب مني أن أحبك و أن أهتم بك .. هو ..
نقبت عيناه في عينيها .. ورأت هي عبوساً في الأعماق الخضراء الزرقاوية . وقال باقتضاب :
" لقد مسه الأذى " ..
و أشاح ببصره بعيداً عنها , وتابع : "و لكن الأفضل أن يحدث هذا الآن من أن يحدث فيما بعد "
تشنجت (بيج) باكية و هي تقول : " هذا كله غلطتي .. فقط لو أنني ..
قاطعها (كوين) بخشونة : " فقط لو أنك و والدك لم تصابا بالطمع ... لديكِ خمس دقائق قبل أن نصعد إلى الطائرة , إذا كنتِ تريدين أن تحادثي والديكِ , فافعلي الآن "
نظرت إليه طويلاً و هي تشعر بظلم واقع عليها .. ولكن الأقدار ما زالت ضدها حتى الآن ..
ارتجفت يدها وهي تطلب الرقم .. ولكن كانت أمها مُدهشة .. كانت تضحك من خلال دموعها .. وذكًرت (بيج) بأنها هي التي نصحتها بأن تتبع قلبها ..
قالت : فقط أرجو لكِ السعادة يا عزيزتي . ابتلعت (بيج) ريقها مؤكدة لها بصعوبة أنها في منتهى السعادة .
كان الحديث إلى والدها أصعب .. لم تعرف ما تقول .. وأدارت خط الهاتف في صمت .. أخيراً ودون أي تخطيط همست : " والدي ؟ "
أذهلتها نبرتها الطفولية ..
قال : " لقد غفلت عن أمننا جميعاً يا (بيج) .. "
كان بصوته ود كاذب .. شددت قبضتها على سماعة الهاتف . وكررت : " والدي ؟ (كوين) .. (كوين) يعرف كل شيء "
التقطت أذنها صفير أنفاسه , وغمغم : " نعم .. حسناً . أخبريه أن ذلك لن يتكرر مرة أخرى .. سأتصرف بأسلوب سليم "
كان اعترافاً صريحا لدرجة أفقدتها القدرة على الكلام . وضعت السماعة و نظرت مشدوهة إلى (كوين).
همست بذهول : " أنت على حق بشان والدي .. لقد .. إنه .. إنــ
أدهشها تعبير وجهه و الزمها الصمت . .
زمجر : " كفى "
كان وجهه قريباً من وجهها لدرجة أحست بأنفاسه على وجنتها و تابع : " هذه التمثيلية لن تجدي , هل تعرفي ذلك ؟ كان بإمكانك التمادي في استغفال (آلن) حتى تجففيه عصراً .. و لكن أنا اعرف حقيقتك . لا تنسي ذلك مطلقاً "
سرت قشعريرة بأوصالها . . ونظرت إلى عينيه و فكرت مرة أخرى .. أي حيوان مفترس هو ؟
قبضة يده على معصمها ..
نظرته ..
نزعته الإمتلاكية في أسلوب حديثه مع الجميع ..
كل ذلك كان يذكرها بحقيقة أن يحتجزها أسيرة لديه ..
قالت بقسوة : " لن أنسى أي شيء .. صدقني يا (كوين) , سأتذكر كل أفعالك الحقيرة هذه معي "
ضحك بينما تحركت عيناه على جسدها متغطرسة متباطئة , وقال : " بالتأكيد ستفعلين يا جميلتي جوليت "
لم تخطئ فهم ما يهدف إليه . أحست بوجنتها تلتهبان .. تزاحمت كل الكلمات الغاضبة في حلقها .. ولكنها ابتلعتها مع ريقها , واستدارت بعيداً .. و صمتت ..
كانت تعرف أنه لا فائدة من الرد عليه .. سيُحرف كل ما تقوله و يستخدمه لصالحه ضدها ..
أفضل دفاع لها - بل ودفاعها الوحيد – هو الصمت .
ولكن صار الصمت يزداد صعوبة كلما اقترب موعد المغادرة . لم يقدم (كوين) من تلقاء نفسه أي معلومات عن لندن , أو بيته , أو ما ينتظره منها هناك ..
تزاحمت الأسئلة في عقلها و لكنها لم تلق عليه أياً منها , كانت متأكدة أن قيامها بذلك يُعد خطأً .
ربما يدرك (كوين) مدى خوفها .. وكانت مصممة على ألا تعطيه هذه الميزة ..

shining tears
16-09-2008, 04:10
في أرجاء (الكونكورد) المحدودة .. لاح من النافذة ظلام الليل المطبق اللانهائي .. وكان إحساسها بأنها في سفينة فضاء وليس في طائرة تتجه إلى لندن ..
كل ذلك أكد الطبيعة السريالية للساعات القليلة الأخيرة .. أحست أنها ودعت الحياة التي تعرفها في ظلمة الليل البهيم . .
ألقت نظرة خاطفة على (كوين) .. كان يجلس بجانبها صامتاً مطبق الشفتين ..
و فجأة أحست بإثارة عاصفة مفاجئة نحوه ..
ماذا لو سارت الأمور في اتجاه آخر ؟ .. ماذا لو كان قد وقع في الحب معها فعلاً ؟ ..
وطلب منها الفرار معه إليه ؟ .. إلى حيث يعيش .. وينتمي ؟ ..
ماذا لو ..
لو ..
لو ..
لافائدة من مثل هذه اللعبة .. و ماذا بعد ؟ .. وجدت (بيج) نفسها تسترق نظرة للرجل المجاور لها
و تذكرت ما همس به لها ليلة لقاءهما .. وكيف قبًلها .. و إحساسها بذراعيه حولها .. وكلمات الحب المنطلقة من بين شفتيه ..
و فجأة .. تمنت لو كان الوقت عجلة مستديرة .. و بإمكاننا لو نعيده للوراء .. فقط لو قابلت (كوين) قبل أن تقابل (آلن) ..
التفت (كوين) نحوها .. و أشاحت هي وجهها بسرعة .. لا أهمية لما حدث عندما التقيا .. إن ما أحست به و هي بين ذراعي (كوين) لم يكن حباً ..
كان سيطلب منها شيئاً أخراً على أية حال .. وليس أن يهربا و يتزوجا ! ..
هذه هي سخرية القدر .. أليس كذلك ؟ .. لقد تزوجها لمجرد اعتقاده أنها تصرفت كمومس .
برقت أفكارها بعصبية تجاه ما ينتظرها في لندن .. إن له أعمالا تجارية هناك .. هل يعيش في فندق؟ .. يبدو أنه من أولئك الرجال الذين يفضلون هذا النوع من الأماكن اللاشخصية ..
ربما شقة مفروشة .. نعم من المحتمل أن تكون إقامته بمكان كهذا ..
أرخت لخيالها العنان , متخيلة بعض حجرات جناح بأحد الفنادق مزخرفة بكفاءة و لكن بأسلوب بارد لا يحمل أي طابع للرجل الذي يقيم بها .
* * *
عندما هبطت طائرتهما .. كانت لندن ترقد في سكون الليل المطبق .. وخلال رحلة سيارة الأجرة من المطار .. أسندت (بيج) جبهتها إلى النافذة .. إنها (إنجلترا) .. و انتظرت أن تشعر بشيء ما ..
ولكن كان الإرهاق قد أفقدها الحس تماماً ..
و أخيرا توقفت السيارة أمام نزل ذي أحجار رمادية ..
نزل (كوين) إلى الرصيف ومد يده إليها ..
" بيتك الجديد يا (بيج) "
و غامت عيناه بضحكة باردة .. و أضاف :
" أرجو أن يلقى قبولك "
تجاهلت يده الممدودة .. وسارت خلفه , محاولة البحث عن رد يزيل ما بداخلها من رعب ..
ولكن لم تأت أي كلمات , وجف حلقها ..
سمعت (كوين) ينطق باسمها , ثم أحاطها بذراعيه ..
تمتمت : " أنا بخير "
ولكنه كان قد جذبها فعلاً إلى أحضانه ..
و زمجر : " أنتِ عذاب " .. و أبقاها قريبة منه وهما يصعدان درج المنزل ..
فتح الباب .. و من المدخل .. حدقت فيهما مدبرة منزل (كوين) ..
تمتم وهو يتجاوزها : " قولي مرحباً لزوجتي يا (نورا) "
انطلقت المدبرة في أثرهما , وقد جحظت عيناها من الصدمة .. و أخذت تعرض تقديم قهوة أو شاي أو أي شيء آخر احتفالاً بالمناسبة ..
ولكن (كوين) اتجه مباشرة إلى الدرج الحلزوني الصاعد إلى الطابق الثاني ..
" شكراً لكِ يا (نورا) .. ولكن السيدة (فولر) مرت بيوم طويل , أظن أن أكثر ما تحتاجه هو النوم"
أرادت (بيج) أن تعترض , وتخبره أنا تستطيع صعود الدرج بنفسها , ولكن كانت ذراعاه دافئتين و مريحتين على نحو غريب ..


كان أسهل أن تحيط عنقه بيديها وتريح وجهها على صدره ..
وفي اللحظة التي دفع فيها باب حجرتها في نهاية الردهة .. ارتخت أهدابها بثقل على وجنتيها ..
قال بهدوء : " حسناً .. "
و وجدت نفسها تغوص في أحضان فراش ناعم وثير ...
هل كان حلماً أم أنها سمعت صوتها يهمس باسمه ؟ ..
هل سمعت صوتاً مبحوحاً يقول : " ستكونين بخير يا جوليت " ؟ ..
نعم .. كان حلماً .. لابد أنه حلماً ...
الحقيقة الوحيدة التي أحستها (بيج) وهي تسقط في دوامة من الإعياء .. أن (كوين) قد فاز بها رُغماً عنها ..
إنه زوجها ..
و هذه (إنجلترا) التي كانت يوماً بلد الفرسان المدرعين , و القلاع الحصينة ..
و لكن هذه الأيام قد ولت منذ أمد بعيد ..
ربما لا يزال باستطاعتك أن تفوز بامرأة ...
لقد أثبت (كوين) ذلك ..
لكنك لن تستطيع مطلقاً أن تجبرها على الانتماء لك ..
سيبقى ذلك شيئاً ثابتاً على الدوام . . .
((دعني أعود لبيتي .. أرجوك))
سارت (بيج) على مهل عبر ممر ملتو .. كانت ترتدي فستان زفافها الأبيض الطويل .. وبعيون جامدة , راقبتها الأبواب التي توصد خلفها كلما مرت من إحداها .. ظهر رجل في أقصى الممر .. كان طويلاً , عريض المنكبين .. اتجهت إليه و استدار نحوها معطياً إياها إيماءة متبرمة .. بدأت تحث خطاها .. ولكن دون جدوى إن آخر الممر يزداد تعرجاً و طولاً .. إلى أن سدته جدراناً شاهقة .. لقد اختفى الرجل وأصبحت (بيج) لوحدها في هذا المكان الغريب من الأشباح والظلمات ..لفها الخوف في أحضانه الباردة .. ..
فجأة تنامت إلى أسماعها ضوضاء بعيدة .. و دقات من وراء الجدار .. هناك شخص ما .. شخص سيساعدها ..
طق طق طق
"سيدة (فولر)؟! "
تأوهت (بيج) بصوت خافت و هي لا تزال في شرك هذا الحلم المشوش ..
عاد الطرق المزعج مرة أخرى ..
طق طق طق
" سيدة (فولر) ؟ هل لازلتِ نائمة يا سيدتي ؟ لقد طلب السيد (فولر) إخبارك بأن الإفطار صار جاهزاً "
السيدة (فولر) !!
طار النوم من عيني (بيج) و فتحتها هامسة ..
" (آلن) ؟ "
فُتح الباب .. و ظهرت امرأة تحمل صينية ذهبية .. و خطت بتردد إلى الحجرة الغارقة في الظلام ..
" أنا (نورا) يا سيدتي .. لقد أحضرتُ لكِ بعض القهوة "
وضعت المرأة الصينية على المنضدة المجاورة لفراش (بيج) , ثم تنحنحت , وقالت : "هل أنتِ أفضل يا سيدة (فولر) ؟ هل أحضر لكِ بعض الأسبرين أو ما شابه ؟ "
" (نورا) ؟ "
كانت آثار النوم ما زالت عالقة في صوت (بيج) ..
أومأت المرأة , ولمعت عيناها بالاحترام وهي تقول : " مدبرة المنزل يا سيدتي , ولكن .. هل أنتِ بخير يا سيدة (فولر) ؟
بللت (بيج) شفتيها بلسانها و قالت : " نعم , أنا بخير .. مجرد أنني ..
و تنبهت ذاكرتها فجأة ... السيدة (فولر) .. إنها هي ولكنها ليست زوجة (آلن) ..
بل زوجة (كوين) !
جلست في فراشها ببطء و أجرت يديها في شعرها المبعثر .. أحست بدوار .. و كأنها أفرطت في الشرب .. . إنها رحلة الطائرة النفاثة .. ونتيجة التركيز في نهاية يوم أمس لمدة أربع ساعات استغرقتها الرحلة من نيويورك إلى لندن .. شيء آخر ..
إنه الطريق الذي انتقلت له حياتها في الساعات الأخيرة ..
كانت (نورا) تقول شيئا عن جمال الطقس لهذا اليوم ..
رفعت (بيج) بصرها وابتسمت لها بتردد ..
" آسفة يا (نورا) . يبدو أنني مرهقة بعض الشيء .. كم الساعة الآن ؟ "
" تجاوزت الثامنة بقليل يا سيدتي " .

shining tears
16-09-2008, 04:14
وضعت (بيج) يديها على رأسها .. و سألت بضحكة محدودة :
" صباحاً أم مساءً ؟ "
ابتسمت (نورا) , وقالت : " صباحاً يا سيدتي .. هل تحبين أن أعد لك الحمام ؟ "

" لا , شكراً "
أومأت المرأة وقالت : " لقد أعددت الإفطار في المكتبة , أرجو أ، يلقى هذا قبولك " ..
بعد كل الذي حدث لها , ضحكت (بيج) من فكرة أن يكون هنا من يتساءل عما يلقى قبولها ..
و رفعت مدبرة المنزل حاجبيها وهي تسألها مرة أخرى :
" هل أنتِ واثقة أنك على ما يرام يا سيدة (فولر) ؟ ربما يجب أن أرسل لكِ السيد (فولر) ! "
قالت (بيج) بحدة : " لا "
ثم التقطت أنفاسها , وقالت بحذر :
" لا .. شكرا لك يا (نورا) "
و ابتسمت وهي تتابع :
" أنا بخير "
و طوحت بالأغطية قائلة :
" إن فنجان من القهوة سوف ......
تعثرت الكلمات .. وصمتت عندما نظرت إلى نفسها في المرآة ..
كانت ترتدي ثوب نوم بلون الكريم الباهت .. واحد من الثياب المزركشة التي اشترتها لها أمها في جهازها ... ولكن متى ؟! .. ومن ؟! ..
تراءت لها ذكرى سريعة مروعة ليدين قويتين داكنتين و وهما تفكان أزرار بلوزتها ..
ولكن لم تتذكر أي شيء بعد ذلك ..
" سيدتي ؟! "
التقطت (بيج) أنفاسها , وقالت : " فقط أخبري .. أخبري السيد (فولر) أنني سأهبط خلال دقائق قليلة .. فقط سأفرغ حقائبي "
هزت مدبرة المنزل رأسها , وقالت : " سأقوم أنا بذلك أثناء تناولك الإفطار يا سيدتي .. كنتُ سأقوم به ليلة أمس بعد ما أرسلني السيد (فولر) لأساعدك على ارتداء ثياب نومك . ولكن طلب مني ألا أزعجك . . لذلك ...
أصدرت (بيج) ضحكة مرتعشة , و قالت : " تقصدين أنك أنتِ ... شكراً يا (نورا) ليس من عادتي أن أكون بهذا العجز .. "
ابتسمت المرأة في سرور .. وقالت :" أنتِ لم تكوني عاجزة على الإطلاق يا سيدة (فولر) .. فقط كنتِ منهكة , ومن لا يكون كذلك بعد مثل هذا اليوم المثير ؟ إنه لشيء خيالي جداً "
" خيالي ؟! "
" فرارك للزواج دون موافقة أهلك يا سيدتي . من كان يظن أن السيد (فولر) سيعود إلى المنزل مع عروس ...
جميلة "
توردت وجنتا (بيج) , وقالت : " حقاً ؟ " , و اغتصبت ابتسامة بشفتيها المتيبستين , و أضافت :
" من كان يظن ؟ "
بمجرد أن أُغلق الباب .. اختفت الابتسامة المصطنعة .. وسبحت في أفكارها ..
شيء مثير .. خيالي ..
أوه .. نعم .. هذا ما يظنه الجميع ..
لا يحلم أي إنسان بأنه جاء إلى هذا المنزل في لندن , رُغماً عنها .. و كأسيرة أكثر منها زوجة ..
لقد رتب (كوين) أن يراهما العالم كعاشقين .. سقطا في الهوى رغماً عن إرادتهما .. ولقد أدى الدور ببراعة لعينه .. فقط هي و (كوين) يعرفان الحقيقة البشعة ..
وضعت (بيج) فنجان قهوتها على المنضدة .. وسارت إلى النافذة .. أزاحت ستائرها الثقيلة جانباً ..
و مدت بصرها إلى الشارع المشمس ..
إنها لندن .. و راقبت المنظر الذي تطل عليه , والغير مألوف لها ..
كان المنزل مُحاطاً بشوارع هادئة .. ضاحية ماي فير .. نعم لقد سمعت (كوين) يقول اسم الضاحية لسائق التاكسي الذي أحضرهما من المطار ..
في ظروف أخرى , كان ينبغي أن ترقص من الإثارة .. سروراً بسحر هذا الشارع المرصوف بالمربعات الحجرية الكبيرة , والبيوت الصغيرة المبنية على الطراز المنسوب للملك (إداور) , والسيارات التي تسير على الجانب المخالف من الطريق .

تركت الستائر تعود لمكانها مرة أخرى .. كان منظر الشارع يؤكد إحساسها بالانتقال من موطنها إلى هنا .. إنها في بلد غريب ولا تعرف أحداً .. فقط (كوين) ..
و كأن عقارب الساعة قد عادت للوراء أربعة أو خمسة قرون .. و هاهو (كوين) يمتطي جواداً راقصاً و يختطفها .. نعم .. إنها رهينة لديه الآن ..
التقطت (بيج) نفساً عميقاً عندما بدأت في ارتداء ملابسها ..
إنه وقت مواجهة (كوين) و وضع قواعد لحياتها الجديدة .. معه ..
ستكون هناك ((تعويضات)) .. هكذا قال لها عندما أخذها من منزل آل (فولر) منذ مليون سنة ..
لم تطالب بهذه التعويضات منه .. فقد كانت مأخوذة تماماً بما يحدث .. ولكنها ستطالب بها الآن .. ستخبره أن هناك حدوداً لما يمكن أن يحدث بينهما أو يطلبه منها ..
قد تكون سجينته .. لكنها لن تكون جاريته أبداً ...
كان الصمت يخيم على الرواق خارج حجرتها .. لقد رأت جزءاً يسيراً من المنزل ليلة أمس .. فمن بين ذراعيه استطاعت أن تلمح جدراناً داكنة و أركاناً معتمة .. والآن .. يكشف ضوء النهار عن منزل جميل ملئ بالأجهزة الكهربائية التي تحمل طابعاً رجالياً ..
حادثت نفسها .. لا توجد هنا جسور متحركة ولا خنادق سرية .. وندت عنها ضحكة ساخرة وهي تنزل الدرج .
كان من الواضح أنه منزل (كوين) , الجدران تزدان بإطارات تضم صوراً بالأبيض والأسود لمناظر و أماكن مختلفة من البلاد .. يجمع بينهما درجة من الكآبة التي تتدفق كأنهار مظلمة ..
أدركت (بيج) سريعاً أن (كوين) هو الذي التقط هذه الصور .
و على المنضدة بالصالة الأمامية .. كانت هناك كومة من الخطابات , كُتبت عناوينها بنفس الخط المتدفق الثابت الذي تعرفه .. إنه خط (كوين) !
و على ظهر احد الكراسي , رأت سترة (تويد) مُلقاة بلا اهتمام , إنها سترته , لمستها بيدها , وأحست بضربات قلبها الثقيلة المفاجئة تجتاح صدرها ..
وصلت الموسيقى إلى أسماعها ,, إنها تنساب من باب نصف مفتوح في بداية الصالة . موسيقى موتَسارت .. وسارت تجاهها على مهل .. و عند مدخل الحجرة , توقفت , و فجأة .. جف حلقها ..
كان وحده في حجرة الضيوف .. و كانت تقول في نفسها أن من السهل أن تضع القواعد التي ستحكم حياتها الجديدة .. في هذه اللحظة .. عرفت أن الأمر لن يكون بالبساطة التي تخيلتها ..
ولكنها ستفعل .. هذا هو المهم .
رفع التصميم من هامتها .. وتقدمت خطوة , وطرقت الباب النصف مفتوح ...
" ادخلي يا (بيج) .. أغلقي الباب ورائك "
كان (كوين) يجلس إلى مكتب عتيق الطراز في أقصى الحجرة .. نهض عندما دخلت و ألقى ببعض الأوراق على المكتب الذي يفتقر إلى النظام ..
كانت الحجرة جميلة .. إلى جوار المكتب كانت هناك منضدة من النحاس و أخشاب الساج .. يعود طرازها لعصر حملات نابليون , و قد وضع عليها جهاز كومبيوتر أنيق ..
كانت الكتب تكاد تحجب الجدران مع مزيد من الصور .. بعضها دون إطار وقد لصق على الحائط ببساطة .. و أكثر ما يلفت النظر في الحجرة كان مُصطلى النيران الرخامي , وقد اتقد الفحم بداخله طارداً برد الصباح .
كانت الستائر تُغطي بابين داخليين يطلان على ما افترضت (بيج) أنه حديقة , وبين البابين وُضعت منضدة صغيرة .
عادت عيناها إلى (كوين) .. كان يرتدي سروالاً رمادياً و سترة زرقاء قصيرة . وكان يرقبها بنظرة مندهشة .
سألها: " ما رأيك ؟ هل أعجبتك الحجرة ؟ "
نظرت له بثبات , وقالت : " قالت (نورا) أنك تريد رؤيتي ! "
ارتفع حاجباه دهشة , وقال : " لم تكن تلك الرسالة التي بعثتها على وجه الدقة , لقد طلبت منها إخبارك أن الفطور جاهز . "
ارتسم الخجل الخفيف على وجنتها , وقالت : " نعم , هذا ما قالته .. ولكني لا أتناول إفطاراً , شكراً لك , أنا أشرب القهوة فقط في الصباح و ...
قال مبتسماً : " و كذلك أنا . ولكنني ظننت .. حيث أن هذا يوم خاص ...
ازداد تورد وجنتيها , وبدأت تشيح بوجهها .. وهي مصممة على ألا تنزلق في لعبة القط والفأر .
" إذا كان هذا كل ما أردتَه ...
" هل تفضلين قهوتك سادة ؟ أم مع القشدة والسكر ؟ "
اجتاز الحجرة إلى المائدة القصيرة الأنيقة و التي وُضعت عليها الصينية .
" سادة .. ولكن ..

pretty*princess
17-09-2008, 23:16
يسلمووو ياعسل على التكملة

روووعة اكيد الباقي احلى


ننتظرك

عروس الظل
18-09-2008, 01:31
صباااح الخير الاحلللللللللللللللى صبايا.............................وكيف الحااااااااااااااال مع رمضان؟
والروايه شكلها حماس مررررررررررره استناها تكمل علي ناااااار....Shining......... تسلم ايدك ياعسل عليها
تعبناكي معانا ياقلبي ...............................ز
وانا ياااااحلويييييين عندي طلللب ويااليت مااااتردوني .....................................ز اقوووول؟؟؟؟؟

Bushkush
18-09-2008, 07:51
مرحبا ممكن تحطوا
رواية موعدنا الأبد

رواااان
20-09-2008, 02:19
الف شكر لكل بنات المشروع على تقبل عذري بكل رحابة صدر ..

الف الف الف شكر shining tears على الرواية الروعة ..

shining tears
21-09-2008, 14:48
كرر : " سادة "

و تناول إبريق قهوة فضي . وعبقت الحجرة برائحة عطرية عندما ملأ فنجانين وناولها أحدهما , وقال : " سأتذكر ذلك .. يجب أن يعرف الزوج القهوة التي تفضلها زوجته .. ألا ترين ذلك ؟ "


التقطت نفسهاً عميقاً ..


" (كوين) , هناك أموراً يجب أن نناقشها ...


" القهوة أولاً .. وبعد ذلك سأنظر في أمر النقاش "

ارتشف بعضاً من قهوته ثم عاود النظر إليها , وقال : " هل تشعرين بتحسن ؟ "


أومأت , وقالت : " أفضل كثيراً , أنا .. فقط كنتُ متعبة على ما أظن .. أنا ..


" نعم كنتِ غائبة عن العالم " .


عادت لها صورة كأنه احلم .. لمسات دافئة .. و شفتان تلمس باطن يدها بأرق القبلات ..


" وعندما رأيتك في الصباح وددت أن أدعك تنامين قدر ما تريدين .. ولكن هذا يزيد من صعوبة التعود على فارق التوقيت ..

و أمال رأسه جانباً , وقال : " هل بقهوتك شيء خطأ يا (بيج) ؟ "



لكنه يعلم ما الخطأ .. ذلك اللعين ..
إنها تستطيع أن ترى السخرية في أعماق عينيه الباردة الزرقاوية كمياه المحيط ..


" هل كنت في حجرتي أثناء الليل ... ثم هذا الصباح ؟ "


هز رأسه موافقاً .. فتابعت : " لكنك قلت ..


قال بتأوه : " في الواقع .. أنا كنتُ في حجرتي يا (بيج) "



حجرته .. لقد نامت في حجرته !! .. في فراشه ...


" حجرتك !! "



كان صوتها مرتفعاً فبدت الكلمات كأنها ترتعش في الهواء , و أضافت : " لقد ظننت .. لقد افترضت أنني كنتُ في حجرة الضيوف "


التقت عينا (كوين) بعينها و هو يسألها :
" لماذا تنام زوجتي في حجرة الضيوف ؟ "


" (كوين) ..


ابتسم وقال : " لقد نمتُ أنا في حجرة الضيوف .. يا (بيج) "


اندفع زفيرها قوياً من رئتيها , وقالت :
" لم يكن هذا ضرورياً .. "

و تخضب وجهها خجلاً مرة أخرى , وتابعت :
" أقصد أنني سأنام في حجرة الضيوف .. أنا لا أجد بأساً في ..



" ولكنني أجد بأساً "
كان صوته واضحاً وكلماته حادة .


" حقيقة يا (كوين) , سيكون ذلك على ما يرام .. أنا ..


" لا أظن أنك تفهمينني يا (بيج) . فنحن لن ننام في حجرتين منفصلتين "


اهتز صوتها و هي تقول : " ليس لدي أي نية لــ ...


قال : " أنتِ زوجتي " .. وكأنه التوضيح الوحيد اللازم لذلك ...
مسحت عيناه جسدها ببطء .. كادت هي أن تشعر بعناقهما .. ثم أضاف :
" لقد رأت (نورا) أنها شهامة مني أن أدعك تنعمين بنومك في ليلتنا الأولى معاً "


" أنا لا أكترث البتة لما قد تقوله (نورا) .. فأنــ ..


" لم تبغ الحقيقة نصف هذا الاحترام " ..


سرت كلماته خلالها كالبرق في السماء المظلمة . و أضاف : " الحقيقة هي أنني أريد أن تكوني متيقظة و دافئة و أنتي بين ذراعي (كوين) " .

و التقت عيناه بعيناها , وتابع : " ولهذا أمضيتُ ليلة أمس خراج فراشنا " .



فراشنا !


حدقت فيه وتساءلت إن كان سمع دقات قلبها , ورأته قد اختار هذه الكلمات الناعمة عن قصد لكي يفقدها توازنها . ولكن نظرة واحدة إلى وجهه .. إلى وضع فكه المتحدي والبريق المتوحش في عينيه.. كل ذلك أنبأها أن ماقاله كان الحقيقة المجردة .

سارت (بيج) عبر الحجرة حيثُ وضعت فنجانها والصفحة على المائدة . وقالت بسرعة : " هذا مستحيل .. نحن لسنا ..

ضحك قائلاً : " لسنا زوجة و زوجة ؟ توجد وثيقة رسمية على مكتبي تقول ذلك " ..

رفعت ذقنها قائلة في تحد : " إن زواجنا عار .. كلانا يعرف ذلك يا (كوين) .. نحـ ..

اجتاز الحجرة إليها في خطوات واسعة فتراجعت حتى وصلت إلى الحائط .


قال بتأوه : " أنصتي لي يا جميلتي جولييت ... أنا أحب أخي .. ولكنني لستُ مرشحاً لأكون قديساً .. كان الزواج منكِ لحماية (آلن) شيء .. أما عدم الاستفادة مما حدث فهو شيء آخر , مختلف تماماً "


أشاحت بوجهها عندما مد يده إليها , ولكنه أمسك بذقنها وأدار وجهها إليه , وقال : " سأكون جديراً باللعنة , لو كنتُ أنا الخاسر الوحيد في هذه العملية " ..

shining tears
21-09-2008, 14:49
أجبرت عينيها أن تلاقيا عينيه دون إجفال . . وسألته بتأوه :
" ماذا خسرت يا (كوين) ؟ .. لقد آذيتَ أخاك .. و أربكتَ عائلتك , وأفسدتَ حياتي .. "
اشتدت قبضته عندما انزلقت لمؤخرة عنقها .. و تساءل :
" أفسدتُ حياتكِ "
كان صوته في صمت القبور , وتابع : " لقد بلغتِ مأربكِ يا حبي .. لقد أردت أن تتزوجي المال .. و أنا لدي أموال يا (بيج) أكثر مما يستطيع (آلن) أن يقدمه لكِ .. لقد أردت أن تتزوجي أحد أبناء (فولر) .. بحق الله , كان لابد أن تتزوجي أحدهم من أجل والدك .. حسناً , أنا أحد أبناء (فولر) "
ثم انفرجت شفتاه كاشفة عن أسنانه ., و أضاف : "ليس الشخص المُستهدف بخططك .. ولكن هذه ميزة , أليس كذلك ؟ "
قالت (بيج) بسرعة : " لا تقارن نفسك بـ (آلن) .. أنت لا تشبهه في أي شيء "
كتمت أنفاسها عندما جذبها (كوين) إليه , وقال في همسة خافتة :
" بالضبط .. يكفي أن تفكري في متعتك و أنتي بين أحضاني أكثر منك بين أحضانه "
أحست بالدماء تهرب من وجهها , وقالت : " هذا شيء مثير للغثيان . أنتـ ..
قال (كوين) بهدوء : " يمكنني أن أفهم الآن .. هذه الرجفة البريئة على شفتيكِ , ونظرة الخوف التي تملأ هذه العيون الواسعة .. "
و تحرك إبهامه بخفة على امتداد حلقها , و تابع : " لا عجب أن ظن (آلن) .
قالت بحدة : " لن أعيش معك ..
" ستفعلي ما يمليه عقدنا "
" ما يمليه ماذا ؟! "
" عقدنا .. قسم زواجنا " , وابتسم ببرود , و أضاف : "لا تقولي أنكِ قد نسيتِ فعلاً تسوية الأمور التي توصلنا إليها "
مست (بيج) شفتيها بطرف لسانها , وقالت : " كانت كذلك بالضبط .. تسوية و ..
" أنا أعرف المصطلحات يا (بيج) , صدقيني ليس لدي أي وهم بشأن حب ضخم قد يكون بيننا "
" ولا أنا .. وهذا سبب لـ ..
قاطعها بصوت مرتفع : " سبب أنكِ كنتِ تفضلين (آلن) , أليس كذلك ؟ .. سيكون (آلن) عريكة .. لن يطلب أي شيء مطلقاً , ولن يسأل عن أي شيء .. وسيكون ممتنا لأي فتات تلقين به إليه "
و أطبقت يداه على كتفيها بقوة قائلاً :
" ولكنني لستُ (آلن) "
تجمعت الدموع في جانبي عينيها , وقالت بسرعة : " لا . أنت لا تشبه (آلن) في أي شيء .. إنه عطوف و مراع لمشاعر الآخرين و ..
" و هو لا يصلح لمومس مثلك "
التوت ضد القوة الحديدية ليديه , وقالت بصوت مخنوق : " لا تصفني بذلك أيها اللعين .. أنا ..
" لا عليكِ يا (بيج) , لا داعي لهذا الهراء .. كلانا يعرف حقيقتك "
همست وهي تحاول أن تمسح دموعها بيدها :
" أنت لا تعرف عني أي شيء "
" بالعكس أنا أعرف عنكِ كل شيء . لكن (آلن) هو الذي لا يعرف شيئاً .. لقد تبعتني مثل ..
سألته في تحد : " أنت لم تأبه عندما عرفت أنني مخطوبة لشخص آخر أليس كذلك ؟ .. لقد قلت (الجحيم على خطيبك انسيه ) .. ولكن عندما أدركت أنني مخطوبة لـ (آلن) ...
توترت عضلة فكه , وقال : " تقصدين عندما أدركت أنكِ قد خدعته , و أنكِ جعلته يراكِ على غير حقيقتكِ "
ثم أضاف بهدوء : " أنا أعرف كيف أتعامل مع امرأة مثلك . لكن (آلن) لا يعرف .. إن الأبرياء يحتاجون لمن يحميهم . وهذا سبب أنني أخذتكِ منه "


سددت نظرتها الحاقدة إليه قائلة : " رائع جداً .. (كوين) تقدم على تضحية لأجل أخيه الصغير "
" بمعنى ؟ "
ابتسمت ببرود , و قالت : " هل هذا هو السبب الذي تردي أن تصدقه ؟ "
أظلمت عيناه , وقال : " بحق الله .. مالمقصود بهذا السؤال ؟! "
قالت بصوت يفيض بالغل : " فقط أنصت لنفسك يا (كوين) .. كل هذا الحديث عن (حماية) الأبرياء هل يدخل ابتزاز النساء ودفعهن إلى فراشك ضمن هذه (الحماية) .. إنك حتى قد تقدمها بكرم شديد "
" اللعنة عليكِ يا (بيج) "
" لماذا لا تحاول أن تكون صادقاً مع نفسك ؟ .. أنت لم تتزوجني لتحمي (آلن) .. لقد فعلت ذلك لأنك أردتني لنفسك أيها البغيض "
اعتصرت يداه يديها وهو يجذبها إليه بوحشية , وقال : " أنتِ تتمنين أن تصدقي هذا , أليس كذلك ؟ "
قالت : " لا أدري لم أرى ذلك قبل الآن ...
و هنا ذهبت رغبتها في إيذائه بصوابها .. وأكملت : " هل كنتَ تحاول استغفالي أم استغفال نفسك ؟ .. ليس هذا ما يهم ... كلانا يعرف الحقيقة , أليس كذلك ؟ .. أراهن أنك أعدت على أن تخطف لُعب (آلن) منه أيضاً "
ضحك قائلاً : " أنا أكبر من (آلن) بتسعة أعوام يا (بيج) .. الأشياء الوحيدة التي آخذها منه هي فقط ما تؤذيه " . وتوقف .. وارتسمت على جانبي فمه ابتسامة لا تحمل من الابتسام شيء , و أضاف :
" أشياء مثلك مثلاً "
" ماذا تعرف عني أو عن (آلن) ؟ لقد خرجت من حياته منذُ سنين .. تلهو بالمعيشة مُغترباً .. تعبث بأجهزة الكومبيوتر ..
ضاقت عيناه وهو يحدق فيها , وقال : " يؤسفني أن أخيب أملك , غير أن هذا لم يحدث . أنا لم (أعبث) بأي شيء .. لقد عملتُ بكل جدية كي أصل إلى ما حققته " .
" إنه (آلن) الذي عمل بجدية , وحمل على كاهله العبء في مؤسسة (فولر) بعد انسحابك " .
سقطت يداه عن كتفيها , وقال بهدوء : " أنتِ لا تعرفي أي شيء بخصوص ذلك "
عندما راقبت وجهه , عرفت أنها قد نفذت تحت سطح الهادئ , و أنها مست بعض الجراح الخفية , وتحدثت بسرعة .. باحثة عن الكلمات التي قد تجرحه ..
" أنا اعرف ما يكفي .. لقد تركت عائلتك ..
ضحك لاشمئزازها , وقال : " أنا في ثقة الجحيم مما فعلت .. لقد غادرت بناءً على طلبهم .. ألم يخبرك (آلن) بذلك ؟ "
حدقت فيه (بيج) وقالت : " تقصد أن والديك هما من طلبا منك المغادرة ؟ "
ابتسم قائلاً : " أنا نفسي لا أستطيع صياغة ما حدث في كلمات أفضل من هذه "
استرسلت في محاولة جرحه أكثر , وقالت : "أنت تبدو .. أنت تبدو وكأنك فخور بذلك "
" لأنها الحقيقة اللعينة .. أنا فخور بما فعلته ...
" يا لـ (آلن) التعس .. وكان يسميك (أخي الأكبر) ! .. وهو يتحدث عنك كأنه .. كأنك من طراز سيد خاص "
نظرت له , ثم أشاحت بوجهها , وتابعت : " أنا سعيدة لأنه لا يعرف الحقيقة "
قال (كوين) بهدوء ساخر : " ياله من إخلاص "
اتقدت عينا (بيج) بالغضب .. وقالت : " أعرف أنه شيء أبعد من أن تفهمه , ولكنني لا أريد أن أرى (آلن) و قد مسه الأذى "
خفض (كوين) رأسه في تقدير ساخر , وقال : " رائع .. لولا معرفتي الجيدة بكِ , لربما أكون قد صدقتك ! "
قالت بصوت كالفحيح : " فقط لو أنك لم ترجع , فقط لو بقيتَ بعيداً "
قال : " ولكنني لم أبق بعيداً " , وجذبها إليه قائلاً : " لقد عاد الابن المعربد ... وأفسد كل خططك الدقيقة البارعة . حظٌ سيء يا محبوبتي "
" لا فائدة من النقاش معك .. أليس كذلك ؟ .. فأنتَ على يقين لعين أنك على صواب "
" أنا على صواب فيما يخصك يا (بيج) .. ستجدين من الصعب أن تصدقي ذلك , ولكن النساء أمثالك .. ليس شيئاً نادراً " .
رفعت بصرها متسائلة : " و ما المقصود بذلك ؟ "
" ما قلته فقط , لقد قابلتُ أمثالك من قبل .. أنتِ و أمثالكِ تبعن أنفسكن مقابل أي شيء يمكن الحصول عليه .. لذة عابرة .. أو إثارة طويلة المدى .. حسب المناسبة والمشتري .. أنتن يمكن أن تقمن بأي شيء "

shining tears
21-09-2008, 14:50
" يا إلهي , كم أكرهك .. لا عجب أن قذف بك والدك بعيداً .. ربما كنتَ من أولئك الصبية الملعونين اللذين يخلقون المشاكل في كل آن "
ضحك قائلاً : " لقد كنتُ من ذلك النوع الذي يفكر لمصلحته يا (بيج) .. ولا زلت كذلك . لو أن (آلن) طوًر من موهبته الفطرية فربما تمكن من الرؤية الصائبة و أكتشف مسرحية الملكة الثلجية التي تمثلينها"
شحب وجهها , وهمست : " لا حق لك في أن تقول ذلك لي .. أنا لم أكذب على (آلن) مطلقاً بشأن .. بشأن هذا الأمر .. إن (آلن) يعرف أنيــ
" (آلن) لم يعرف أي شيء . لقد جعلت ذلك اللقيط التعيس نصف مقتنع أنك الجمال النائم و أنه الأمير المنقذ الذي ستوقظك قبلته الأولى " .. قبض على كتفيها بقوة و جذبها غليه قائلاً : " فقط لو كان يعرف الحقيقة " .
التوت (بيج) محاولة الإفلات منه , وقالت : " أنا لم أغر أخاك على الإطلاق .. لقد كان يطاردني .. أنا ..
قاطعها : " نعم .. أراهن على أنه فعل ذلك "
كان صوته حاداً يفيض بالسخرية , و أضاف : " لقد جعلته كفرد مروض .. تدلين له بالجزرة فيتبعك إلى أي مكان .. وكنتِ ستنجحين لو أنكِ لم تلتقي بي صدفه " .
رفعت (بيج) نفسها إليه , وقالت بتصميم : " مرة أخرى نعود لنفس نقطة البدء : ( (كوين) ينقذ (آلن) من براثن المرأة الفاتنة ) , أنا مندهشة أنك لم تحكي لجميع من قابلك عني .. إذا صدقوا أكاذيبك .. لكان مكانك قد تغير بين عشية وضحاها من خروف العائلة الأسود المنبوذ إلى البطل الخارق " .
لمعت عيناها بالتحدي .. و أضافت : " أتمنى ألا تكون أحمقاً لدرجة أن ترى فيما فعلته تذكرة عودتك إلى عائلتك يا (كوين) .. لقد زاد إسوداد اسمك أكثر مما مضى "
ضحك بصوت ناعم مرعب .. وتظاهر بالاستحسان قائلاً :" أداء رائع , أنا أكرر ما قلته سلفاً يا (بيج) : مثيلاتك لسن شيئاً فريداً , ولكن قد تكون مواهبك فريدة .. علم نفس أخرق تافه و تمثيل حقير .. اللعنة .. ولكنك بارعة "
انزلقت يداه إلى خصرها و جذبها إليه أكثر , وأضاف : " ولكنكِ لستِ بارعة بدرجة كافية " .
سرى الخوف في أوصالها عندما أحست بحرارة جسده وهو يلامس جسدها ..
" دعني "
ابتسم ببرود , وقال : " هل أفاد ذلك مع (آلن) "
و شهقت عندما ضغطها إليه مستعرضاً قوته و أضاف : " بيقين الجحيم إن ذلك لن يحرك لي ساكناً "
" لا تـ ..
ارتفعت يداه على ظهرها ثم أحاط بها وجهها وأماله إليه , وقال : " لم يكن هذا ما قلته على الشاطئ "
ردت بسرعة : " كان لا بد أن أقوله .. و ها أنا ذا أقوله الآن .. أرجوك ..
قال بهدوء : " عودة ملكة الثلج .. يالها من فتنة "
تحرك إصبعا إبهامه ببطأ على حلقها .. وابتسم لها ابتسامة خطرة خاطفة , وقال : " ولكن الوقت متأخر جداً لمحاولة ذلك يا (بيج) , لن يجدي .. ليس معي .. "
سألت في يأس : " أليس بإمكانك .. أليس بإمكانك أن تنسى تلك الليلة ؟ لقد قلت لك مراراً وتكراراً أنها كانت غلطة .. إنها كانت ...
بدت عيناه غامضة وهو يلف يديه حول عنقها , وقال بصوت ناعم : " لقد عرفت نساء كثيرات يا جولييت الجميلة .. أرادت بعضهن القيام ببعض الألعاب التي ربما تصيبك بالخجل ولكن ما حدث على ذلك الشاطئ .. "
بسطت يداها على صدره , وقالت : " أنا .. أنا لا أريد أن أتحدث عنه .. لقد كان ذلك .. كان كما لو أنـ ..
ضحك بهدوء , وقال : " أنتِ لستِ مضطرة لإخباري كيف كان .. أنا أذكره .. و سأظل دائما أعيش ذكراه .. " , وغلظ صوته ثم تابع : " لماذا لم تعودي لي في تلك الليلة ؟ "
" أنا .. أنا لم أستطع .. لقد كانوا .. كانوا ينتظرونني .. وقد كان ما فعلناه خطأً .. كنتُ .. كنتُ سأتزوج (آلن) خلال أيام قلائل .. كنتُ ..
أظلمت عيناه , وقال : " كنتِ خائفة من ضبطك " .
" نعم .. لا لا .. ليس كذلك .. أنا كنتُ مرتبكة جداً .. فقط لم أرد أن أؤذي (آلن) "
" تقصدي أنكِ لم تريدي أن تخسري الربح الذي جاهدتي بقوة لتحقيقه .. لقد عدتِ إلى قاعة الرقص و واصلتِ إمتاع نفسك .. ماذا لو كان شخص ما قد رآنا ؟ كانت كل خططك ستذهب أدراج الرياح "
" أنت على خطأ يا (كوين) .. أنا ..
حاولت أن تشيح بوجهها بعيداً عنه , ولكن منعتها يداه ..
" لا شيء تمنحيه لـ (آلن) بدون زواج .. هذا كل ما في الأمر , أليس كذلك ؟ كان هذا ما أوقعت به ذلك المسكين في المقام الأول "
" لقد سمعت ما يكفيني .. لن أدعك تقول هذه الأشياء لي .. أنا ..


" أجيبيني .. هل كنتِ ستسمحين لـ (آلن) أن يفعل ما يريده معك ؟ "
تمتمت : " نعم "
" لأنه سيكون زوجك ؟ "
قالت مرة أخرى : " نعم "
التقط (كوين) أنفاسه بعصبية , و قال : " لأن هذا سيكون مكافأته إذا جعلك أحد أفراد عائلة (فولر) "
رفعت رأسها في حدة , وقالت صارخة: " لا .. عليك لعنة الله يا ابن (فولر) "
كان هناك شر يتأرجح في عينيه , وقال بهدوء : " حسناً .. أنتِ الآن أحد أفراد هذه العائلة يا (بيج) "
ثم انزلقت يداه إلى أسفل حلقها ..
إلى كتفيها ..
إلى ظهرها ..
و تأوهت بألم عندما جذبها إليه بقسوة قائلاً :
" و هذا وقت المكافأة "
بدأت ترتعد بين يديه , وقالت :
" لا تفعل ذلك يا (كوين) .. لقد عقدنا صفقة ..
" نعم . و أنا قلت أنني سأحمي والدك إذا تزوجتني "
" ولقد تزوجتك يا (كوين) .. أنا ..
تحركت يداه على جسدها مضرماً فيه النار ببطء .. وهمس :
" نعم .. لقد فعلتِ .. و أنا الآن أريدكِ في أحضاني "
كانت لمسته واثقة , وخبيرة .. و بدأت هي ترتجف تحتها ..
التقطت أنفاسها قائلة : " دعني أعود لبيتي يا (كوين) , أتوسل إليك ..
" هذا بيتك يا (بيج) "
" طلقني .. افسخ عقدنا ..
ضحك بتأوه , وقال : " لن يكون هناك أي مجال للفسخ .. ليس بعد الليلة "
ومع أخر ذرة في جهدها , رفعت (بيج) رأسها و سددت نظراتها إلى عينيه ..
قالت في كراهية واضحة : " أتمنى أن تُحرق في الجحيم "
ومض ضوء ما في أعماق عينيه الزرقاء بلون أغوار البحر ..
و همس :
" أحياناً يا جولييت الجميلة .. أعتقد أنني فيه فعلاً "
((إنه رجل يعرف ما يريد))
سيدة (فولر) ؟ هل يمكنني الدخول يا سيدتي ؟
أدارت (بيج) طهرها للمرآة .. وقالت : " نعم يا (نورا) .. ما الأمر ؟ "
فتحت مدبرة المنزل الباب ودخلت إلى الحجرة قائلة :
" لقد ظننتُ أنني يجب أن أتوقف قبل أن ...
وصمتت فجأة , و وضعت يدها على فمها , ثم قالت :
" ألا تبدين رائعة في هذا الفستان يا سيدة (فولر) ؟ ياله من لون مثالي لكِ "
رنت (بيج) ببصرها للمرآة ..
لقد كان ثوباً مُخملياً اشتراه لها (كوين) بعد ظهر اليوم .. أحست أنه رائع .. أو هكذا كان سيبدو في ظل ظروف أخرى .
هزت (بيج) كتفيها بلا مبالاة , وقالت : " نعم .. أظن ذلك "
مست (نورا) قميصا داخلياً مكوماً على أحد المقاعد . و ابتسمت لـ (بيج) قائلة :
" كل شيء جميل جداً .. هل أنتِ واثقة أنكِ لا تريدينني أن أفرغ باقي الصناديق ؟ "
مدت (بيج) بصرها إلى كومة الصناديق المجاورة لخزانة الثياب والتي لم تُفتح بعد , وقالت : " لا , شكراً يا (نورا) .. سأعني بها فيما بعد " ..
احمر وجه (نورا) و هي تقول لها : " أوه .. ولكنني لستُ أدري .. هل سيكون لديكِ الوقت .. أقصد أن السيد (فولر) قد أعد سهرة رائعة .. لقد طلب مني إعداد المائدة في المكتبة , و أن أبدر بعض الشمبانيا "
قالت (بيج) بسرعة : " هذا طيب .. سوف .. سوف أجد الوقت .. هل هناك شيء آخر يا (نورا) ؟"
هزت المدبرة رأسها , وقالت : " فقط أردتُ أن أخبرك أنني في إجازة يا سيدتي "
و وضعت يدها على مقبض الباب , وابتسمت لـ (بيج) قائلة :

shining tears
21-09-2008, 14:52
" لقد اتصلت بأختي وأخبرتها أنني سأقوم بزيارة مفاجئة لهم .. و لقد أبدت سرورها لذلك .. كما أنني أخبرتها بالأشياء الجميلة التي منحتها لأجل ابنتها .. أنا فعلاً لا أستطيع أن أفيكِ حقكِ من الشكر يا سيدة (فولر) . يالها من فساتين جميلة تلك التي تنازلتِ عنها لابنة أختي .. ومعظمها جديد .. سوف تسعد بهم (ليلي) كثيراً " ..
" نعم .. أرجو ذلك يا (نورا) , إذا كان ذلك هو كل ما ..
طرقت مدبرة المنزل بإصبعها على فهما , وقالت باستغراق :
" أظن ذلك .. آه نعم .. توجد بطة في الشواية والحساء جاهز .. لقد طمأنني السيد (فولر) على أنه سيهتم بهذه الأمور "
استدارت (بيج) بسرعة , وقالت : "نعم أنا متأكدة أنه سيفعل "
" حسناً , سأذهب أنا إذن "
و توقفت بالباب , وقالت :
" هل أنتِ متأكدة بشأن الملابس يا سيدتي ؟ لم استطع تصديق السيد (فولر) عندما طلب مني التخلص منها كلها .. أنا ..
ربتت (بيج) على ذراع المرأة , وقالت بسرعة :
" يسعدني أن ابنة أختك ستستطيع استخدامها .. أخبريها .. أخبريها بأن تستمتع بكل شيء "
ابتسمت المرأة الأخرى و جذبت الباب وفتحته , ثم قالت :
" أليس غريباً ؟ "
نظرت (بيج) مستفهمة , بينما تابعت (نورا) قائلة :
" السيد (فولر) يا سيدتي .. أي شيء على الأرض يجعله يريدك أن تتخلصي من كل جهاز عرسك الثمين هذا !! "
" لأنه لقيط "
.. هكذا ودت (بيج) أن ترد , ولكنها قالت : " أنا .. أنا فعلاً لا أعرف يا (نورا) "
" حسناً يا سيدتي .. طابت ليلتك "
" طابت ليلتك يا (نورا) "استطاعت (بيج) أن تحتفظ بابتسامتها حتى أُغلق الباب .. ثم استلقت على فراشها ونظرت في الساعة الثامنة تقريباً ..
فكرت بسخرية .. تكاد تكون ساعة الصفر ..
لقد اهتم (كوين) فعلاً بكل الأمور ..
الشراب البارد ..
الفستان المخملي الضيق الذي ترتديه .. لقد كان هو من انتقاه و اشتراه ..
بل إنه فكر في أن يعطي (نورا) أجازة لهذه الليلة ..
هه .. هل يخشى أن تصرخ طالبة النجدة عندما يأخذها إلى حجرة نومه !! ..
نهضت (بيج) و أخذت تذرع الحجرة جيئة و ذهاباً وقد تجهم وجهها .. لم يكن به حاجة للقلق .. إنها لا تنوي إعطائه رضا الإحساس بأي نوع من الاستجابة .. ولا حتى استجابة سلبية ..
ستفعل المطلوب منها فقط .. تماماً مثلما كانت طوال اليوم .. بدءاً من الصباح عندما أخبرها في هدوء أنه سيتخلص من كل جهازها ..
كل ما فعله - وما سيفعله – يقصد بها تذكيرها بأنه يمتلكها .. أنها تحمل اسمه , وتعيش في بيته .. إنها ملكه ..
نظرت (بيج) لصورتها في المرآة .. كان وجهها شاحباً .. ماعدا نقطتين ملونتين على وجنتيها .. مست وجهها بكفيها الرطبتين .. لا تتركي (كوين) يرى مدى خوفك .. إنه يمتلك كل المزايا .. ولكنه بالنسبة للحب .. فمن الصعب أن تتذكر أنها أحست بأي بادرة حب تجاهه على الإطلاق .. إن استحواذه عليها شيء .. واندماجها العاطفي التام معه شيء آخر تماماً .. هذه الحقيقة رغم كل شيء ..
((وقت المكافأة )) ..
هكذا قال في الصباح .. وقد حان الوقت ..
شراب .. و ربما شموع .. موسيقى هادئة .. لم يكن (كوين) همجياً أبداً ..
لو استطاع إغوائها .. فسيفعل .. و أما إذا لم يستطع ...
سرت رعدة خلالها ..
لن يوقفه شيء ..
إنه رجل يعرف ما يريده .. و يحصل عليه دائماً .. نعم .. لقد أمضى طوال اليوم يثبت لها ذلك ..
عندما همت بالخروج مسرعة من المكتبة هذا الصباح .. لاحقها بصوت أجش :
" أين تذهبين ؟ "
أجابته بتحد : " إلى حجرتي "

و انتظرت نصف متوقعة أن يذكرها بأن ليس لها حجرة تدعي ملكيتها .. ولكنه هز رأسه فقط و قال: " سنخرج . أحضري معطفكِ "
" سنخرج ؟ .. ولكن ..
كرر بصبر نافذ : " أحضري معطفك .. لدينا الكثير لنفعله "
في السيارة أخبرها بأن عليها التخلص من كل شيء أحضرته معها من أميركا ..
" أعطه لـ (نورا) لو أردتِ .. إنها لديها ابنة أخت أو ابنة عم أو شيء كهذا ..
احتجت متبرمة :" ولكن .. كل حاجياتي جديدة يا كون ! لا معنى لذلك "
أدار لها وجه بارد , وقال : " لقد أخبرت (نورا) فعلاً أنها تستطيع أخذ ما تريد .. وطلبت مني إبلاغك امتنانها العميق لذلك "
ارتجف فم (بيج) , وقالت بلهجة حادة : " أنا متأكدة من ذلك "
ثم أشاحت بوجهها و حدقت في لا شيء عبر نافذة الجاجوار الخضراء الداكنة ..
لقد تخلص من حاجياتها دون أن يستشيرها حتى .. ليس من الصعب تفهم الأسباب التي دفعته لذلك .. لقد أراد (كوين) أن يفصلها عن حياتها السابقة . و في نفس الوقت يسمها بطابعه كأحد ممتلكاته .. بينما كانت هي عاجزة عن أمامه ..
اجتازوا الشوارع .. وتداخلت الألوان وهي تمر أمام ناظريها .. قصر باكنجهام .. وقبعات الحرس الكبيرة المميزة و معاطفهم الحمراء .. ثم مبنى الحكومة البريطانية .. و الألوان السوداء والفضية لحارس يمتطي جواداً ساكتاً كأنما نُحت من الجرانيت .. و علم بريطانيا يرفرف بألوانه الحمراء والبيضاء و الزرقاء فوق مباني البرلمان ..
كم كان هذا اليوم رائعاً .. وكم كان قلبها مليء بالأسف ..
لقد كانت هناك ومضات سريعة لأمور أخرى عاشت لحظاتها معه ..
ذلك الرجل العجوز يسير بخطى عسكرية في ميدان بيكا ديللي , مفرود الظهر مسدد نظره للأمام و هو يحمل لافتة توضح أن الوجبة المليئة بالبروتين , هي سبب كل آثام العالم ..
بدا من الطبيعي أن تضحك لذلك .. استدارت إلى (كوين) بجانبها , وقالت قبل أن تفكر :
" إن هذا الرجل لابد أن له مثيلاً في نيويورك يلقي باللوم على آكلي اللحوم "
ضحك (كوين) أيضاً إلى أن التقت عيونهما فماتت ضحكاتهما ..
ثم كانت تلك اللحظة حينما وقفا عند متجر للملابس في شارع بوند .. و كانت (بيج) تجرب ذلك الفستان المخملي الذي ترتديه الآن ..
بقبقت موظفة البيع من السرور عندما أشار (كوين) بإصبع متعجرف لنصف دستة من الثياب التي جربتها (بيج) قال : " سنأخذ هؤلاء "
و سألت الموظفة : " و الفستان التي ترتديه السيدة ؟ إنه مضبوط عليها تماماً , وهذا اللون الأرجواني الشاحب .. إنه نفس لون عينيها "
قال (كوين) بسرعة : " لا .. لون عينيها أعمق .. إنهما بلون البنفسج "
توقف قلب (بيج) عندما نظرت له في المرآة .. وللحظة كأنها الدهر .. كانا وحدهما , على شاطئ لا يضم سواهما .. وعندئذ قهقهت الموظفة عن عمد .. ضاقت عينا (كوين) و أطلق زفراته .
قال بخشونة : " سنأخذ الفستان أيضاً "
و ولت اللحظة القصيرة إلى الأبد ..
لم يسترداها على الإطلاق .. في أي من المحلات أو المتاجر .. ولا وسط الصخب المحبب بمحلات هارودز .. كان (كوين) يشير إلى ما يوافق هواه .. و جربت (بيج) في فتور ما بدا أنه عدد لا نهائي من الفساتين والتنورات و السترات والسراويل من الصوف والحرير والكشمير , و .. و .. و ..
و بدت جميعها كأنما صنعت من مسوح الحداد ..
قال (كوين) : " أخبريني بما يعجبك "
كانت تعطي نفس الإجابة دائماً :
" لا فرق "
بعد فترة أصبحت إجابته معروفة سلفاً مثل إجابتها .
كان يقول بصوت أجش كلما سألتهم موظفة البيع عن ما يريدوه :
"سوف نأخذهم جميعاً " ..
و أخيراً تكومت الصناديق في حقيبة الجاجوار الخلفية و في مقعدها الخلفي و فاضت عنهما .. و اضطر (كوين) أن يطلب من البائعين الجاحظي العيون أن يعملوا على توصيل تلك الأشياء , التي اشتراها بحماسة لا مبالية , إلى منزله .

shining tears
21-09-2008, 14:53
كان آخر ما اشتراه لها خاتم الزفاف .. كانت الجواهر تبرق إزاء المخمل الأسود الذي يغطي كل شيء في محل هادئ الذي أخذها إليه ..
أجلسهما صاحب المحل .. ثم أحضر لهما بعض صواني تضم خواتم رائعة تلتهب جميعها ببريق الماس و الزمرد والياقوت .
لم يبد أي تعبير في يعيني (كوين) عندما حدقت (بيج) في المعروضات البراقة .. ألقى على المعروضات نظرة خاطفة لا مبالية , وقال : " خذي أي شيء يعجبك "
خطف أبصارها عقد يزدان بالياقوت , وفكرت في الحجر الأحمر الدموي الذي يرقد ساكناً ملتصقاً بجسدها .. مختفياً عن الأنظار تحت بلوزتها القطنية الناعمة ..
و تذكرت ليلة أعطاها إياه (كوين) .. و صعدت غصة إلى حلقها ..
قالت لصاحب المحل بعد برهة :
" أنا لا أريد أي شيء من هذه .. هل لديك شيء أقل زخرفة ؟ "
هز الرجل كتفيه , وقال : " إذا كانت السيدة تفضل فعلاً ..
قاطعه (كوين) بحدة :
" هل عندك شيء آخر أم لا ؟ "
" نعم .. بالطبع .. ولكن هذه من أثـ
" أحضر لزوجتي ما طلبته "
عندما وقفا خارج المحل مرة أخرى .. حدق فيها كوين وقد اكتسا وجهه بتعبير حذر غريب
سألها : " هل أنتِ متأكدة أن هذا هو الخاتم الذي تريدينه ؟ "
نظرت بيج إلى الخاتم الذهبي البسيط بإصبعها و أومأت قائلة :
" لقد اشتريت لي الكثير فعلاً ..
وضع يده على ذراعها وأجاب كأنه يفسر كل شيء :
" أنتِ زوجتي "
ضاقت عيناها قليلاً , و همست :
" اعرف من أكون , لستَ مضطراً لأن تكسوني بذهبك لمجرد أن تذكرني بذلك ! "
" هل هذا ما تعتقدين أني أفعله ؟!! "
قالت بحدة أدهشتها هي ذاتها :
" لأي سبب آخر قد تفعل ذلك ؟ "
و قبل أن تتمكن من الإجابة تخلصت من يده و هبطت الرصيف .
حدث كل شيء قي لحظة ..
علا نفير سيارة .. كأنه في أذنها ..
و أطبق (كوين) ذراعه حولها و رفعها إلى الرصيف بجانبه .. ولمحت (بيج) من خلال رعبها شبح باص أحمر يمرق كالسهم بالمكان الذي كانت تقف فيه لتوها ..
و زمجر (كوين) صارخاً فيها : " أيتها البلهاء الصغيرة ! "
و أدارها إليه قائلاً :
" لقد كدتِ تقتلين نفسك "
قالت بأنفاس متقطعة :
" أنا .. أنا نسيت نظام المرور هنا .. أنا ..
وبلا سبب مفهوم امتلأت عيناها بالدموع ..
سألها (كوين) :
"ما الأمر ؟ .. (بيج) "
رفعت إليه بصرها .. كانت عيناه متقدمتان بنظرة تحيطها بالحماية ..
كأنهما تقولان .. أنتِ زوجتي ..
اضطربت نبضاتها .. فاستندت إليه ..
قبضت يداه على يديها .. وقال بصوت أجش :
" دعينا نعود للمنزل "
عاد الواقع في لمح البصر , وقالت ساخرة :
" ستحصل على ما دفعت ثمنه الليلة يا (كوين) .. ألا يمكنك الانتظار بضع ساعات أخرى ؟ "
ارتسمت خطوط على جانبي فمه و هو يصيح :
" (بيج) ... "
" وهذا المنزل ليس بيتي .. ولن يكون يا (كوين) "
تصلب فمه و زمجر :
" إنها حقيقة كالجحيم .. و سأنظر في ذلك "
و احتك عقباها بالرصيف وهو يجذبها تجاه السيارة .
ظلا صامتين وهما يمرقان بالسيارة خلال شوارع لندن .. مندفعاً بمجرد تغير إشارات المرور و منزلقاً بين السيارات في اندفاع متهور ..
عندما توقف أمام منزل من القرميد بشارع هادئ .. كانا بعيدين عن بعضهما مثلما كانا أثناء رحلة الكونكورد .
قال (كوين) بلهجة مقتضبة :
" لقد طلبت من المحامي إعداد بعض الأوراق . لن يستغرق هذا كثيراً "
كان محامي (كوين) لطيفاً .. و لكن , و بدرجة واضحة .. كان غير مريح ..
دفع إليها عبر مكتبه , وثيقة قانونية طويلة , وقال :
" نحن نفعل ذلك دائماً يا سيدة (فولر) "
سألت : " ما هذا ؟! "
و لكن كان (كوين) هو الذي أجاب ..
" عقد زواج .. إذا اضطررت لطلاقك .. سيضمن لك ملابسك و عشرة ألاف جنيه "
و تفحصت عيناه وجهها بينما تابع :
" إنه قانوني تماماً , فقد وضع اعتباراً لكل شيء . ألا توافقين يا (بيج) ؟ "
التقت عيناها بعينيه دون أن تجفل , وقالت :
" و إذا طلبت أنا الطلاق ؟ "
ابتسم (كوين) , و قال بهدوء :
" لن تفعلي .. أم أنكِ نسيتِ والدك ؟ "
استمدت الشجاعة التي تحتاجها من وجه محاميه الشاحب الغير مصدق , وقالت :
" لن أوقع على هذا " ..
و أزاحت الأوراق جانباً ..
ضحك (كوين) بصوت مرتفع , وقال :
" نحن نركز تفكيرنا هنا على الأساسيات. أليس كذلك ؟ "
كانت ابتسامتها باردة , وقالت :
" الأساسيات الجوهرية . إن كل ما أريده منك هو تذكرة ذهاب فقط إلى أميركا "
تنحنح المحامي , وقال :
" في الحقيقة يا سيدة (فولر) , هذا شيء بالغ الغرابة "
كانت ابتسامة زوجها لها باردة كابتسامتها , وسألها :
" ما هي اللعبة هذه المرة يا محبوبتي ؟ "
رفعت (بيج) ذقنها وقالت :
" هذا لا يهم .. طالما أنك أنت الرابح في كل الحالات "
قال موافقاً :
" أنا أتفق معكِ "
و الآن .. وهي تنظر في المرآة .. وتحس بنعومة الفستان المخملي الذي اشتراه لها (كوين) على كتفيها , أدركت (بيج) أنه قد امتلكها , و يمكن أن ينبذها عندما يريد , وسيفعل ..
لقد أقنعها هذا العقد الذي وقعته بشجاعة مزعومة ..
عندما يمل منها .. عندما يكتفي بما نفس عنه في جسدها من الغضب ما سوف يلقي بها بعيدا عنه..
لا تأثير للحب على رغبته .. ولكن لا يهم .. فقد اتضح أن الغضب والرغبة والهوى تؤدي جميعاً إلى نفس النهاية إنها الثامنة ..
وقت الساعة ..
ساعة الصفر ..
وقت تمثيل العشاء ..
امتدت يدها إلى الزر الكهربائي و أغرقت الحجرة في الظلام .
كان (كوين) ينتظرها في المكتبة مثلما فعل في الصباح ..
توقفت وراقبته من مدخل الحجرة .. كانت المائدة قد أُعدت بتكلف بجوار البابين الداخلين ..
أحست (بيج) بلمسة من السخرية عندما لاحظت الزهور التي تزينها ..
و على مكتب (كوين) وُضع كأسان زجاجيان و دلو به زجاجة الشراب تحيطها قطع الثلج المتلألئة ..
كانت الأنوار خافتة .. وكما توقعت .. كانت هناك موسيقى .. موسيقى رشمانينوف تنساب برقة .

shining tears
21-09-2008, 14:55
أحست أنه مشهد إغواء كامل .. وعندئذ نهض (كوين) واقفاً و استدار ليواجهها ..
قفز قلبها إلى حلقها .. كيف تستطيع أن تكرهه بينما تظل تشعر بهذا الحساس كلما تراه ؟
كان يرتدي ثياباً تماثل ما كان يرتديه في أول لقاء بينهما .. بذلة سهرة و قميص مكشكش ..
برقت عيناه بينما كان يجريها على جسدها .. لقد كان وسيماً جداً .. كأسد في ريعان قوته ..
لاحت ابتسامة سريعة على فمه وهو يقول برقة : " مساء الخير " .
" مساء الخير " .
و نظرت إله مرة أخرى , وطالت نظرتها له حتى تورد وجهها , وقالت :
" آسفة لأنني تأخرت , ولكني ..
" لقد كان الأمر يستحق الانتظار أنت تبدين رائعة يا (بيج) "
ازداد تورد خديها , وقالت : " شكراً .. لكنه لست أنا , بل هو ذلك الفستان الذي اشتريته " .
" هل ترغبين في بعض الشراب ؟ "
" لا .. أقصد نعم , لا مانع "
ظنت أن الشمبانيا ستسهل مما سيحدث فيما بعد بينهما .. أليس من المفروض أن يصيبها الخمر بالدوار وتبلد الإحساس ؟ ..
أخذت الكأس التي ناولها إياها و افتعلت ابتسامة مصطنعة .
" لقد تركت لنا (نورا) وليمة كبيرة تنتظرنا .. عندما تستعدين ...
عندما تستعدين ..
بمجرد أن سمعتها .. أسرعت تقول له : " ليس بعد "
قالتها بسرعة كبيرة ..
نظر لها (كوين) ورفع أحد حاجبيه في تعجب ..
قالت في ارتباك : " أنا .. أنا أريد مزيداً من الشراب أولاً "
وأمالت الكأس إلى شفتيها وتجرعت السائل الذهبي الشاحب , وقالت : " رائع جداً "
ابتسم وهو يملأ كأسها ببطأ , وقال : " أها .. لقد فهمت الآن .. فقط المهم أن تسكري , أليس كذلك ؟ "
" أنظر يا (كوين) ... ماذا تفعل ؟!! "
" آخذ الكأس منكِ .. لا أريد أن تصاب معدتك بسوء يا (بيج) , سوف نتناول العشاء , و ..
قالت بسخرية : " لا , بالطبع أنت لا تريدني أن امرض .. ليس الليلة "
انزلقت ذراع (كوين) بخفة حول خصرها , وقادها للمائدة , وقال لها بلطف :
" و لا في أي ليلة ... آخر مرة حاولت فيها مساعدة مخمور .. لم أنجح في ذلك ! "
ضحكت (بيج) بقسوة وهو يقدم لها الطعام , وقالت :
" (كوين فولر) العظيم .. ليس ماهر في شيء ما ؟!! لا أستطيع تصديق أُذني .. لابد أن من وصفك بهذا هو أفاق ! "
" (آلن) هو الذي قال ذلك .. منذُ أعوام مضت وقبل أن أترك المنزل مباشرة .. كان كلانا .. حسناً , دعينا نقول أنه لم يكن لدينا مشاكل .. كان هو في الثانية عشر من عمره , وكان قد احتسى معظم ما يحتويه صندوق به ست زجاجات "
و هز رأسه لدى تلك الذكرى .. وتابع : " يا للجحيم .. ولكنه أصبح ثملاً فعلاً "
أمال كأسه أمام عينيه و هو يضيف :
" آسف , ولكني لا أتحمل مسؤولية ذلك , لقد فعل الأخ الأصغر كل شيء بنفسه .. كان بالخارج مع بعض رفاقه .. ودخل متسللاً بعد عودتي مباشرة من حفل زفاف أحد الأصدقاء "
وجه لها نظرة خاطفة , ثم أضاف :
" ألم يقص عليكِ (آلن) هذه القصة مطلقاً ؟ "
هزت (بيج) رأسها ببطأ نافية ذلك , وفكرت في مدى ضآلة ما كانا – هي و (آلن) – يتقاسماه , وقالت:
" لا , لم يفعل
أومأ (كوين) وقال مبتسماً : " ربما تكون ذكرى مزعجة جداً .. ولكنها لم تكن مخيفة .. كان مجرد طفل .. يجرب راغباً في أن يكون كبيراً .. قبل أن يعرف أن الكبار يريدون تماماً أن يكونوا أطفالا.
كان لنا حمامً مشتركاً .. و سمعته يصدر آهات المرض .. بالطبع ذهبت لمساعدته "
ابتسم كاشفاً عن أسنانه لدى هذه الذكرى , وتابع : " المشكلة أن معدتي لم تكن على ما يرام في تلك الليلة , لذلك عندما رأيت ما حدث لـ (آلن) ... "
ضحك وهز رأسه , وتابع : " عندما عثرت علينا أُمنا .. استشاطت غضباً "
كان صعباً ألا تبتسم , وقالت : " نعم يمكنني تخيل ذلك , ماذا فعلت . هل أرسلتكما إلى حجرتيكما ؟ "
تلاشت ابتسامة (كوين) , وقال : " هذا ما فعلته مع (آلن) .. وبالنسبة لي , كنتُ أكبر بعض الشيء من أن أُرسل لحجرتي "
و ضع شوكته و سكينه و دفع بنفسه إلى الوراء , و أكمل : " ولذلك فعل الرجل الكبير أفضل شيء .. طلب مني الرحيل "
حدقت فيه بإنشداه وقالت : " الرحيل ؟ ولكنك لم تفعل شيئاً ؟ "
" هذا من وجهة نظركِ .. أنا لا أصدق أن (آلن) لم يحكي لكِ شيئاً عن تلك الحادثة .. لقد سببَت له إحباطاً كبيراً "
قالت : " نحن .. أنا و (آلن) لم ...
رفعت (بيج) نظرها عن طبقها وأكملت : " لقد كنتما قريبين فعلاً . أليس كذلك ؟ "
أومأ (كوين) , وقال : "ربما بسبب فارق السن .. لقد اعتدت على أخذه لزيارة بعض الأماكن .. ومشاركته في بعض الألعاب .. يعلمُ الله أن والدنا لم يفعل لنا ذلك مطلقاً .. لقد علمته ركوب الدراجات و لعب الشطرنج "
وضاقت عيناه في محاوله منه للتذكر , وأكمل : " لقد ظللتُ أعواماً أفكر في ترك ذلك المنزل .. كنتُ أقول في نفسي أني لا أستطيع فعل ذلك , حتى لا أترك (آلن) بمفرده .. الحقيقة أنني أدركتُ كم إفتقدته إلى أبعد الحدود " .
وضعت (بيج) شوكتها , وقالت : " ليس هذا ما يظنه الناس " .
ضحك قائلاً : " نعم أعرف ذلك .. لقد كان يُنظر إلي على أني خروف العائلة الأسود المضروب به المثل " .. رفع كأس الشراب وراقب تصاعد الفقاقيع , وأضاف : " أظن أنني كنتُ كذلك بطريقة ما.. في منزل (فولر) أنتِ تفعلين ما يُقال لكِ .. لا أسئلة تُقدم البتة " .
قالت بتأوه : " نعم "
و فكرت في خطط السيدة (فولر) للزفاف و في قرار السيد (فولر) بأن يرسل (آلن) إلى أميركا الجنوبية عقب زفافهما مباشرة ..
وكررت : " نعم .. أنا أعرف "
أومأ (كوين) قائلاً : " لقد توافق (آلن) مع ذلك مبكراً ... أنا لم أستطع ذلك على الإطلاق "
حدق في الفضاء ثم أخذ رشفة من كأسه , وتابع : " حتى ذلك الوقت لم يظهر شيء على السطح غير أنني ارتكبتُ الكثير من الأخطاء "
" أيُ أخطاء ؟ "
نظر لها بعينين ضيقتين , وقال : " هل تريدين فعلاً سماع كل هذا ؟ "
فجأة أحست أنها ترغب في ذلك , كانت تريد أن تعرف المزيد عن ذلك الرجل الغامض الذي قلب حياتها رأساً على عقب .. إنه زوجها الآن .. ولابد لها أن تعرف ..
قالت ببساطة : " نعم " .
حدق فيها (كوين) ثم أومأ قائلاً : " حسناً " ..
و نهض على قدميه وضحك قائلاً : " لم لا ؟ "
ولكنها لم تكن ضحكة بقدر ما كنت رد فعل ساخر , وقال : " لا يجب على الزوجين استخرج اسرارهما من بعضهما .. أليس كذلك ؟ "
لم تقل (بيج) شيئاً ..
بينما سار هو في الباب الداخلي و سدد بصره إلى الظلام , وقال :
" إنها ليست أسوء قصة في العالم .. أظن أنني كنتُ دائماً ما أُسبب لوالدي أوقاتاً صعبة .. لقد سجل اسمي في مدرسته الإعدادية يوم مولدي .. عندما بلغتُ السابعة عشر , طلب مني بكياسة أن أرحل لدخول الكلية .. لكِ أن تتخيلي كم أنه أحب ذلك .. و عندئذٍ انقطعتُ عن الذهاب إلى الكلية .. كليته الأم طبعاً .. و عندما طلبتُ منه أن يسجل اسمي في مدرسة للكومبيوتر , قال لي : كفى غباءً لا مستقبل للكومبيوتر "
هزت (بيج) رأسها , وقالت : " ولكنك تملك مؤسسة كومبيوتر .. لقد قلت ..
قاطعها متأوهاً : " نعم قلتُ ذلك "
" هل غير رأيه إذن ؟ "
استدار (كوين) بيديه إلى إطار المصطلى , وحدق في قطع الفحم قائلاً : " أنا و والدي لم نتفق على الإطلاق حول أي شيء .. لقد طلب مني العودة إلى الكلية والكف عن إثارة المشاكل .. إذا كنتُ أريد منه أن يساندني .. و إلا ..
قالت بلهفة : " و إلا ..
هز كتفيه وقال بعدم اهتمام : " و إلا سيكون علي التكفل بنفسي .. "
و ابتسم مضيفاً :" ولذلك بحثتُ عن عمل ... حمل شكائر الإسمنت .. كانت تدر علي دخلاً طيباً .. طبعاً بالنسبة لفتى يتدرب على أي شيء غير استخدام الشوكة والسكين في تناول طعامه .. و طبعاً لقد جُن والدي لذلك " ..
و عادت ابتسامته مرة أخرى : " يا إلـهي .. كم كره أن أدخل و أخرج من المنزل وأنا في ثياب العمال تلك .. و أمي , كانت تقول لي : ماذا سيظن الناس ؟ .. الجحيم .. في الوقت الذي اتجه فيه (آلن) للشرب ... كنتُ أنا أنضل في سبيل نجاحي .. كان لابد أن أرحل قبل ذلك بوقت طويل " .

shining tears
21-09-2008, 14:56
" هل اتهموك فعلاً بأنك السبب في إسراف (آلن) في الشرب حتى السُكر ؟ "
" نعم , قالوا أنني كنتُ دائماً ذا تأثير سيء عليه " , أظلمت عيناه , وتابع : " وقتها بكي (آلن) .. كان مجرد طفل .. و أنا ... أنا حزمت متاعي : فرشاة أسنان و سروال أخر من الجينز .. وهكذا , رحلت "
" ولكن إلى أين ؟ كيف عشت ؟ "
" لم يكن الأمر بهذا السوء يا (بيج) .. لم أكن طفلاً .. كنتُ تقريباً في الواحدة والعشرين .. لقد نظرت للأمر على أن يوم الاستقلال قد تأخر كثيراً "
انثنى و ألقى بقطعة خشب إلى النار .. وتابع : " خلال العامين التاليين أرسلتُ لـ (آلن) خطابات من أكثر من مائة مكان مختلف .. لقد عملت في أي مكان يأويني و في أي شيء يُطلب مني " .
و ابتسم ابتسامة واسعة قائلاً : " لقد تبدلت عضلاتي التي شببت بها بعضلات جديدة من جراء اشتغالي كعامل .. لقد تعلمت يا (بيج) أنه : استخدام يديك في صنع حياتك أشد قسوة من استخدام عقلك " .
تنقلت نظرة (بيج) بين كتفيه و ذراعيه و تباطئت على العضلات البارزة تحت سترته .. و رأت أن ذلك يُفسر الكثير .. كل شيء حكاه لها يُفسر الكثير ..
(كوين) لم يكن الرجل الذي انسحب من الميدان .. بل كان الرجل الذي حمل المسئولية ..
لم يحملها كعبأ .. إنما كعلامة على الاعتداد بالنفس .
راقبت وجهه و هي تقو ل: " ولكنك وجدتَ طريقة لتدرس الكومبيوتر "
أومأ برأسه , وقال : " لقد دخرت كل سنت كسبته .. لقد استغرق ذلك عامين , ولكن في النهاية توفر لدي ما يكفي مصاريف الدراسة لمدة عام في مدرسة (كال تك) .. بعد العام الأول .. قدمت لي المدرسة منحة دراسية " ..
نظر عبر حافة كأسه و ابتسم لها : " و الباقي .. كما يقولون .. هو تاريخ " .
" حصلتَ على درجتك ثم ذهبت إلى انجلترا حيثُ كونت شركتك الخاصة "
ابتسم قائلاً : " لم يكن الأمر بهذه البساطة .. لقد قدمت إلى المملكة المتحدة , وقمتُ بجولة , وقررت أنه المكان الذي أود أن أعيش فيه .. أحببت الناس .. أسلوب الحياة .. و بدت المكان المناسب بالنسبة للكومبيوتر .. كان الكومبيوتر حديثاً نسبياً .. ولكن كان السوق الأمريكي مزدحماً بالفعل .. بدت الفرصة لي طيبة هنا في المستقبل .. غير أنني كنتُ في حاجة ماسة لرأس المال .. و حيثُ أنه لم يكن لدي أقارب .. فقد ابتلعت كبريائي و ذهبتُ لأبي.. "
خفتت كلماته حتى صمتت .. و مدت (بيج) يدها إليه .. ولكنها سحبتها قبل أن تلمسه .. وقبل أن يشعر بها حتى ..
" هل وافق على إعارتك النقود ؟ "
ضحك (كوين) قائلاً : " أنتِ تبدين مندهشة مثلما أحسستُ أنا .. إلى أن وضح لي شروطه "
و استوى صوته , و أكمل : " لقد أعارني النقود بالفعل .. ولكن حملني نسبة 2% أكثر من نسبة البنك "
ولكن .. ولكن هذا ربا فاحش !! "
هز كتفيه باستخفاف : " ما فائدة الأب ؟ .. رغم ذلك .. أعدتُ له كل سنت خلال خمس سنوات بثلاثة في المائة فوق نسبة البنك "
ضحكت برقة , وقالت : " أستطيع تخيل ما كان عليه إحساسك .. كأنك .. كأنك كنت تتسلق إيفرست أو تصعد إلى القمر "
التقت عينا (كوين) بعينيها , وقال : بالضبط .. هذا ما أحسستُ به " ..
" و الآن .. هل صرتما أنتَ و والدك أكثر قرباً من قبل ؟"
ابتسم ساخراً : " مثل قرب القط من الفأر .. لا هذا غير حقيقي ... طبعاً لقد أصبحت الأمور أفضل بيننا .. تركته يشعر بأن نجاحي كان نجاحه .. و ضحك بشأن طردي منذُ أعوام , وبشأن شروط قرضنا .. وقال أنه كان فقط يحاول تحفيزي على النجاح .. وأبدت والدتي موافقتها على ذلك .. ؟ أظن أنه كان أسهل من مواجهة الحقيقة " ..
انتظرت أن يستمر .. ولكنه لم يقل شيئاً ..
و أخيراً سألته :
" هل تشعر بأي ندم ؟ .. أقصد ألم تشعر مطلقاً بأنك افتقدت البيت ؟ "
ضحك (كوين) , و قال: " هذا هو بيتي " .. و أصدر إيماءة واضحة تشمل ما هو أكثر من المنزل , و تابع : " كنتُ أعود إلى أميركا في مهمات عمل , ولكنني لم أذهب إلى كونكت كت منذُ أعوام .. إلى أن اتصل بي (آلن) و أخبرني عن ...
تغير وجهه .. واكفهرت قسماته .. كان قد نسيا لدقائق قليلة , سبب لقاءهما ..
الآن و هي تنظر إليه ... أدركت (بيج) أن سلامهما الهش قد تحطم ! ..
قال بهدوء : " أنتِ امرأة متعددة المواهب . لم ألحظ بأنكِ تستطيعين أداء تلك المهمة الجديرة بالتصديق بادعاء الإصغاء إلى قصة لم تكن بالغة التشويق "
قالت بسرعة : " لم أدع ذلك . لقد كانت شيقة .. إنها توضح الكثير من الأمور عنك "


و ضع كأسه على المائدة , وقال : " أي أمور ؟ "
" مجرد ... أمور .. أقصد أنك تختلف كثيراً عن (آلن) " .
كان خطأ أن تفوهت بذلك .. رأت ذلك في إمالته المفاجئة لرأسه .
و تمتم " هذا صحيح " ..
و أخذ الكأس من بين أصابعها المضطربة , وتابع : " أنا لا أشبه أخي في شيء "
دق قلبها بجنون , وقالت : " (كوين) .. أرجوك "
" أهكذا خدعت ذلك المسكين يا (بيج) ؟ .. الثرثرة الدافئة .. والأسئلة عن طفولته ؟ "
" لم أفعل ذلك "
" إن سلب لبي ليس سهلاً إلى هذه الدرجة " , وانفرجت شفتاه كاشفة عن أسنانه , وأضاف :
" و أنا لستُ بنصف صبره "
" (كويــــن) "
" إذا وضعتُ خاتمي في إصبع امرأة .. فأتوقع أن تكون كلها لي "
"كيف تغير بهذه السرعة ؟ ..
حدقت (بيج) في وجهه الغاضب ..
منذُ لحظات كانت تلقي بنظراتها على الرجل الذي قابلته في قاعة الرقص بملهى هانت ..
إنه الآن شخصاً آخراً .. غامض و مخيف ..
همست بقوة : " لا تفعل "
ولكنها كانت متأخرة جداً .. لقد جذبها بالفعل بين أحضانه ..
وقال بهدوء : " أنتِ تريدين خاتم زواجي .. ما معنى ذلك في رأيك ؟ "
وثبت نبضاتها عندما طافت عيناه بجسدها , وقال :
" الجحيم .. لقد انتظرتُ طويلاً فعلاً "
" لاااا "
ضمها إليه في عناق ساحق .. مخدراً صرختها التي لم تصل إلى حلقها حتى ..
أحست بقسوة يديه .. و عطش جسده إليها .. و هي تقف متصلبة بين ذراعيه الغاضبتين ..
زمجر : "لا داعي لهذه الألعاب معي "
لمعت الدموع في عينيها .. أحست بالمهانة والذل وهي عند يديه ..
حدق فيها .. و تمتم بلعناته ..
قال بصوت خشن : " لا تبكِ .. جولييت
جلب الاسم معه قورة حلوة من الذكريات .. وقد تذكرها هو الآخر بدوره ..
ثم خبا الإشراق الوامض في أعماق بحار عينيه ..
غطى فمه فمها و هو يحتويها بين ذراعيه .. دار بها المنزل مثلما حدث ليلة أمس ..
ليلة الأمس ..
ليلة الأمس كانت منهكة و خائفة .. و قد قدم ذراعاه لها السلوان ..
أما الليلة فقد كان ذراعاه تذكيراً بما ينتظرها معه ..
لن ينتهي هذا الأمر إلا بالوقوع في شركه و مبتغاه .. ولن يكون ذلك إلا في وحشية غضبه و نزعته الإمتلاكية ..
همس : " لا مزيد من الألعاب يا (بيج) .. إنه وقت المكافأة "
و طافت يداه بجسدها في تهور محموم .. كانت تعبث في شعرها في قسوة بالغة ..
بينما تقلصت هي من الخوف والرعب الذي ملأ قلبها .. جراء لمسته التي كانت تُشعل فيها الحب منذُ أيام قلائل ..
طارت أفكارها إلى تلك المرة الوحيدة التي كادت تنساق فيا وراء رغبتها مع ذاك الرجل في نيويورك .. كانت ذكرى للألم و الخزى .. للأحلام التي ماتت مواجهة للواقع المسموم ..
كانت تظن أنه لا يوجد أسوء من ذلك .. لكنها أدركت خطأها لدى لمسات (كوين) الخشنة ..
كان هذا أسوأ ..
إنه أساء الاستعمال ذلك السلطان الطاغي , الذي كان يسيطر عليها في لقاءها الأول مع (كوين) ..
لقد استغل الفتنة التي سرت بينهما وحولها إلى سلاح ضدها .
أغمضت عينيها و وقفت جامدة بين ذراعيه بلا حراك ..
و أخيراً رفع رأسه وحدق فيها ..
قال بحدة : " قبليني أيتها اللعينة .. أين كل تلك النيران التي أذكرها ؟ "
و تحركت يداه تضمها من جديد ..

shining tears
21-09-2008, 14:58
قال بصوت أجش : " لقد كنتِ تُريدين مني الحب عندما ظننتِ أنكِ لن تريني مرة أخرى .. ماذا حدث يا جولييت الجميلة ؟ ألا يمكنك مجارة رجل يعرفك على حقيقتك ؟ "
همست : " افعل ما تريد , و تخيل أن هناك من يجاريك "
أشاحت بوجهها عنه و أغلقت عينيها و هي تبكي بدموع حارة في صمت .. منتظرة انتهاء هذا الكابوس ..
خيم الصمت فترة .

وفجأة .. لفظها (كوين) من بين ذراعيه ..
" انظري إلي يا (بيج) " ..
وببطء , ودون رغبة .. ركزت عليه عينيين ممتلئتين بالدموع الصامتة ..
تهدلت خصلة من الشعر الداكن على جبهته ..
قال في همسة خشنة : " لن يجدي ذلك نفعاً .. أنتِ تظني أن بإمكانك إنزالي إلى شيء أحقر من الإنسان .. إلى رجل يأخذ امرأة بين ذراعيه في صمت .. "
برقت عيناه , و أضاف : " لكني لن أتيح لكِ ذلك "
و فجأة تقدم منها و قبض على كتفيها و جذبها إليه في خشونة , وقال :
" عاجلاً أو آجلاً .. ستحتاجين إلى رجلاً .. مثلما حدث ليلة أن التقينا .. وعندما تفعلين ..
سأكون هنا ..
و سأبادل حبك حباً .. حتى تتوسلي لي أن أبتعد ..
و عندها ..
تركزت عيناها على وجهه .. وهمست من بين دموعها :
" و عندها ؟؟ ..
لم ترغب في سماع بقية كلامه .. لكن كان لابد من أن تسمع ..
غاصت يدا (كوين) في جسدها ..
ثم دفع بها قائلاً :
" و عندها , أكون قد تحررتٌُ منكِ أخيراً .....
(( لماذا لم تخبريني؟ ))
من المذهل أن يستطيع شخصان يعيشان في منزل واحد صغير .. أن يتجنبا بعضهما إذا قصدا ذلك فعلاً ..
في اليوم التالي نقل (كوين) حاجياته إلى حجرة الضيوف .. و بعدها أصبحت (بيج) تراه بالكاد ..
في البداية ..كان وقع خطواته خارج بابها يحبس أنفاسها في حلقها .. ولكن مشيته لم تكن تضطرب على الإطلاق .. كلن يغادر المنزل قبل موعد نزولها في الصباح .. ولا يرجع مطلقاً حتى وقت متأخر..
بعد العاشرة في العادة , فأصبح من السهل تفادي اللقاء في المساء ..
كانت هي تتناول عشاءها في السابعة , وتذهب لحجرتها في التاسعة .. و طبعاً كان من النادر أن يلتقيا في الصالة .. أو لدى الباب .. بينما كان هو ملتزماً في بروده .. طبعاً هذا الجو خلق ما يشبه الهدنة بينهما نتج عن عما حدث في السابق ..
مر أسبوع ثم أسبوعان .. أحياناً .. كانت (بيج) تظن أن (كوين) قد نسي وجودها .. لكن هذا مستحيل .. لابد أنه كان واعياً لوجودها مثلما هي واعية لوجوده .. لا يمكن أن تسره الحياة بهذه الطريقة حبيساً مع غريبة في منزله وعلى العكس ما كانت تراه بدأت تأمل في الخلاص .. لم يكن (كوين) أبله , عاجلاً أم آجلاً سيضطر للاعتراف بأن هذه المهزلة الزواجية لا معنى لها .. و عندئذ سيطلق سراحها لابد أن يفعل ذلك
إنه الشيء الوحيد الذي يبدو معقولاً .
تزايدت أمالها مع مرور الأيام ..
ثم في صباح يوم ما .. تحطمت كل هذه الآمال .. كانت تحث الخطى في طريقها , لحضور محاضرة في المتحف البريطاني .. أصبحت تهوى استكشاف المدينة كوسيلة لتقل الوقت ..
إن لندن مكان رائع ..
هكذا حادثت نفسها .. وهي تغلق أزرار معطفها قبل خروجها .. لا عجب أن اختار (كوين) الحياة هنا ..
كان يمكنها أن تسعد هنا ..
فقط لو
فقط لو
" سيدة فولر .. أنا سعيدة أن لحقت بك قبل خروجك
التفت (بيج) مندهشة إلى مدبرة المنزل
كانت (نورا) أبرع من أن تعلق على الترتيبات الخاصة بنوم مخدومها ولكن منذ انتقال (كوين) إلى حجرة الضيوف وهي تعامل (بيج) بلامبالاة مهذبة ..
" سأتأخر عن موعدي يا (نورا) ألا يمكن الانتظار "
هوت (نورا) رأسها وقالت :
" إنه بشان حفلة العشاء مساء السبت ..
حدقت (بيج) قي المرأة بإنشداه و قالت :
" حفلة عشاء ؟ "
" نعم يا سيدتي .. هل سيكون تناول الطعام وقوفاً أم جلوساً .. سنحتاج إلى مساعدة إضافية في حجرة الطعام .. يمكنني الترتيب لذلك إذا أردت .. ولكن متعهد الأطعمة يفضل أن يخطر قبلها بأيام قليلة "
هزت (بيج) رأسها :
" أنا لا اعرف شيئاً عن خطة السيد (فولر) ليوم السبت يجب عليك أن تسأليه "
قالت (نورا):
" لقد فعلت .. وقد قال أن تقرير هذه الأمور يرجع إليكِ .. هناك ستة مدعوين للعشاء .. هل تريدين الشراب والخبز المحمص المغطى بالجبن أو ...
قالت (بيج) بصوت قوي :
" أنتِ على خطأ .. أنا لا شأن لي بذلك "
هزت مدبرة المنزل رأسها , وقالت :
" أنا لم أخطئ يا سيدتي "
و التقت عيناها بعيني (بيج) , بينما تابعت :
" صدقيني يا سيدة (فولر) لقد كنت بمثل دهشتك "
تسربت حمرة الخجل إلى خدي (بيج) :
" حسنا (نورا) سأنظر في الأمر "
ظلت المحادثة الغريبة عالقة بذهنها .. طوال اليوم ..
ماذا يعني ..
كانت تعرف أن (كوين) يستضيف عملاء من خارج المدينة من وقت لآخر .. لقد تصادف أن سمعته يحادث فندق كونوت .. مرات عديدة لحجز موائد للعشاء .. لكنه لم يسبق وان يحضر ضيوفه للمنزل على الإطلاق وحتى إذا فعل فلا دور لها في مثل هذه الترتيبات .. هل من المؤكد أن (نورا) قد أخطأت فهم تعليمات (كوين)
لم ترى (بيج) بديلاً عن مواجهة ذلك المغرور .. و أن تطلب إليه أن يوضح ذلك الأمر لمدبرة منزله ..
جلست في حجرة الجلوس .. تنتظر عودة الأسد في تلك الليلة ..
نهضت عندما سمعته يدير المفتاح في الباب .. جف حلقها وعلت دقات قلبها ..
" تكوني بلهاء "
هكذا قالت لنفسها وهي تلتقط أنفاسها وتأخذ طريقها إلى الباب ..
" (كوين) .. أريد أن أتحدث معك لحظة "
تجعد أنفها .. وهو يتبعها إلى حجرة الجلوس .. كانت تفوح منه رائحة شراب قوية تخالطها رائحة عطرية غامضة ..
سألها من دون تكلف وجمود ..
" ماذا حدث ؟ "
قالت :
" لقد سألتني (نورا) عن عشاء تزمع إقامته و قد قلت لها أنها أخطأت ..
" إنها لم تخطئ "
و اجتاز الحجرة إلى خزانة زجاجات الشراب , و أضاف : " سيكون هناك ستة أفراد .. بما في ذلك أنتي و أنا .. أظن أنه ينبغي أن نعد شيئاً غير رسمي .. ولكن القرار الأخير لك " .
حدقت فيه (بيج) مندهشة .. بينما يصب لنفسه . . كأس من البراندي وقالت :
" لكن ... لكن ... هذا شيء غير وارد يا (كوين) .. أنتا وأنا لسنا .. لا يوجد لدينا سبب لإقامة عشاء .. آه
تجرع السائل الكهرماني جرعة واحدة وقال :
" لدينا جميع الأسباب يا (بيج) .. نحن متزوجان "
طافت نظرته الباردة على جسدها في بطء , وأضاف :
" هذا منزلنا .. أنا أتكفل بفواتير كل شيء .. ماذا تفعلين أنتِ بالتحديد ؟ "
" لا تتجاوبي مع الإغراء "
هكذا حادثت نفسها .
" أنا أفكر في الذهاب إلى إحدى الوكالات والبحث عن وظيفة ..
ضحك (كوين) وقال : " إنهم لا يعلنون عن حاجتهم لنساء بمثل مهاراتك يا محبوبتي ..

shining tears
21-09-2008, 14:59
" اللعنة عليك يا (كوين) "
وضع كأس البراندي على البار و قال بصوت أجش :
" إن لديكِ وظيفة فعلاً .. أنتِ زوجتي "
تلاشى غضبها وراء إحساس الخوف الذي سرى بدمائها , و قالت :
" ظننت أننا سوينا الأمر "
اجتاز الحجرة في خطى واسعة و قبض على كتفيها .. ثم سألها بتأوه :
" سويناه ؟ "
أصبحت رائحة الخمر أقوى ..
و أدركت أنه شرب منه الكثير قبل أن يشرب البراندي ..
التوى فم (كوين) بابتسامة قاسية , و قال :
" يا جميلتي جولييت , لم ننته من الموضوع , ولكننا سنفعل .. أعدك أنه سيحدث في يوم من الأيام "
نظرت في عينيه مباشرة .. وقالت بتردد :
" لقد .. لقد أسرفت في .. الشراب ! "
تفاجأ (كوين) لهذه اللفتة منها .. و لكن ضاقت عيناه و هو يقول لها :
" إن أفعالي شيء خاص بي . "
أومأت (بيج) له وقال بتحد :
" بالضبط .. وبالمثل حفلة عشاؤك .. أنا لن ..
شهقت عندما اشتدت قبضة يديه على كتفيها , وقال :
" يا لإرادتك اللعينة .. لقد أمضيت الأسابيع الأخيرة كغريب في بيتي .. ولستُ معجباً بذلك "
و هوت يداه فجأة إلى جانباه , و أضاف :
" إنه الوقت الذي تؤدين فيه دورك هنا .. أنا أنتظر أن تتناولي عشاءك معي في كل سهراتي "
" لماذا ؟ .. أنت و أنا ..
زمجر بصوت عال :
" أنا و أنتِ متزوجان يا (بيج) .. و هذا يعني أن نتناول العشاء معاً .. ونتحدث معاً .. ويرانا الناس معاً .. لقد مللتُ انتحال الأعذار بشأن غياب عروسي .. كانت عادتي أن استقبل ضيوفي في منزلي "
و ابتسم ببرود . ثم تابع : " سيكون من الصعب أن أتقبل وجودك في حجرتك بينما أتناول عشائي مع الضيوف "
" لا شأن لي بكل ذلك .. "
" لقد حان الوقت أن ترتفعي لمستوى تعاقدنا وتبدئي تمثيل دور زوجتي المحبة "
و سدد نظراته إلى عينيها قائلاً :
" بالتأكيد أن إنسانه بمواهبك تستطيع ذلك "
"هذا مستحيل .. أنت لا تتوقع منــ ..
" أنا أستطيع .. بل و أتوقع بالفعل يا (بيج) .. إن الكياسة ثمن ضئيل بالنسبة للنقود التي أودعها لحسابك في البنك , أليس كذلك ؟ "
أحست بوجهها يلتهب إزاء ابتسامته الساخرة و أخيراً .. أصدرت إيماءة مبتسمة ..
" حسناً .. ماذا تريدني أن أفعل ؟ "
تلاشت ابتسامته .. و ظنت للحظة .. كاد يتوقف فيها قلبها .. أنه سيأخذها بين ذراعيه .. تسارعت أنفاسها ..
لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة لمسها فيها .. ولكن لا يزال بإمكانها تذكر إحساسها بجسده , وطعم قبلته ..
غير أن كل ما فعله (كوين) هذه اللحظة معها .. أن حك يده بخفة إزاء وجنتها ..
" فقط ما تستطيعين عمله يا جولييت الجميلة .."
كان صوته رقيقاً .. مشوباً بلمحة من الإعياء , لم تتوقعها مطلقاً ..
و ارتفعت عيناها ببطأ إلى عينيه ..
همست :
" (كوين) ؟ "
" ما الأمر يا (بيج) ؟ "
" أنا .. أنا سأفعل ما تريده
لاح العبوس في عينيه , وقال ببطء :
" حقاً ؟ "
ثم عاد البرود يغلف كلماته , وهو يضيف لها :
" حسناً .. يمكنك البدء بتناول الإفطار معي في الغد .. يمكننا عندئذ بتناول الحديث عن حفلة العشاء "
أومأت (بيج) له .. و بعد فترة صمت .. استدار (كوين) وهو يقول لها :
" حسناً "
غمرتها الرائحة العطرية مرة أخرى ..
فجأة أحست كأن قبضة قوية اعتصرت قلبها ..
عطر ..
عطر امرأة !! ..
إلا أن ذلك لا يهمها .. فليكن مع من يشاء ..
لكن رغم ذلك .. رقدت (بيج) نصف متيقظة في تلك الليلة ..
تعذبها صورة نساء مجهولات , يرقدن في رضا , بين ذراعي زوجها ..
انضمت له في الصباح التالي .. ومرة أخرى على العشاء في المساء ..
جلسا متقابلين في صمت , كأنهما غريبين يتقاسمان مائدة في المقهى ..
إلى أن وضع (كوين) فنجان قهوته الفارغ و نظر إليها ..
" سيكون من الصعب أن نتحدث في وجود الضيوف ونحن لا نعرف عن بعضنا شيئاً "
أجابت (بيج) بجفاء :
" ليس لدينا ما نقوله "
كان وجه (كوين) متجهماً , وقال :
" إذن سنجد شيئاً "
كانت أحاديثهما الأولى مناقشات متكلفة عن الطقس و الأحداث الجارية .. ثم صار الأمر سهلاً عندما اكتشفا غراماً مشتركاً برسوم الكاريكاتير السياسية ..
و في صباح يوم ما سألت (بيج) عن كتاب مصور قد عثرت عليه في المكتبة ..
" هل هي صورك ؟ "
أومأ (كوين) , و أجاب :
" لقد حملت الكاميرا كهاو , لعدة أعوام .. أنا لستُ ماهراً جداً .. "
قالت بسرعة دون تفكير و هي تقلب نظرها بين صفحات الكتاب :
" بل أنت ماهر فعلاً .. "
ثم توردت وجنتاها , وأضافت :
" أقصد أنني لا أعرف الكثير عن التصوير الفوتوغرافي , ولكن صورك تتميز بالإثارة "
ارتسمت على شفتيه ابتسامة مسرورة , وقال بهدوء :
" حسناً .. شكراً لك "
و عرض أن يريها معمل التحميض الخاص به في بيته بالدور السفلي منه ..
كانت معرفتها بالأفلام تبدأ وتنتهي عند كونها تأتي معبأة بإتقان في علب صفراء صغيرة .. و تدخل بحذر إلى الحجرة الصغيرة المظلمة .. و كانت تعتقد أن ما يحدث في تلك المحاليل الكيماوية ليس إلا معجزة من صنع إنسان
في اليوم التالي وكان يوم السبت .. التزم (كوين) الصمت مرة أخرى أثناء الإفطار إلى أن وضع فنجانه فجأة ونظر إليها ..
" سأذهب لالتقاط بعض الصور في حديقة هايد بارك .. هناك مهرجان للطائرات الورقية و .. "
تابعت عيناه عيناها وسألها : " هل يهمك أن تأتي معي ؟ لستِ مضطرة بالطبع أن ..
قالت (بيج) بسرعة :
"بالطبع .. أود ذلك كثيراً " , وابتسمت له بطريقة لم تفعلها على الإطلاق و تابعت :
" شكراً أن طلبت مني مصاحبتك "
ستظل تذكر هذا اليوم على أنه نقطة تحول كبيرة في حياتها ..
لقد استنفذ (كوين) في هذا اليوم ثلاثة أفلام , ثم اشترى لها طائرة ورقية من أحد الباعة .. و خلال دقائق كانت تلك الطائرة التي تتخذ هيئة التنين .. تلمع بألوان زرقاء وحمراء فضية .. محلقة فوق رأسيهما ..
ضحكا يومها كأنهما طفلين .. و أرخيا للتنين ياردات قليلة .. وراقباه وهو يطير فوق قمم الأشجار
لكن عندما اقتلعت الريح خيط الطائرة فجأة .. أحست (بيج) ببؤس كئيب ..
قالت بحزن صادق :
" لقد فقدتها .. أوه (كوين) .. أنا آسفة "
ابتسم (كوين) بهدوء و قال لها :
" أنا لستُ آسفاً .. لقد كان يوماً رائعاً "
أحست أن وجهها بدأ يلتهب .. و قد حادثت نفسها بأن ذلك من تأثير نفحة الهواء البارد .. ولكن , عندما حان وقت انصرافهما .. بدا من الطبيعي أن تتشابك أصابعهما و هما يسيران نحو السيارة ..

shining tears
21-09-2008, 15:00
بعد ذلك صار من الصعب ملاحظة الطرق التي انفتح بها كل منهما على الأخر .. ولكن أدركت (بيج) أن هذا اليوم قد ترك أثراً طيباً على وقت عودة زوجها إلى المنزل ..
صحيح أنه نادراً ما كانا يخرجان لتناول العشاء خارجاً .. مفضلين تناوله في دفء المكتبة .. إلا أنه و في كثير من أمسيات إجازة (نورا) , كانت (بيج) تصر على القيام بعمليات الطهي !
قالت له في إحدى الأمسيات أثناء تناولهما عشاءهما المكون من فطائر البيتزا و حساء السمك :
" أنا أحب الاهتمام بأمور المطبخ "
و عندما أثنى (كوين) ببعض الكلمات على وجبتها البسيطة تلك .. امتلأ قلبها بالفرحة ..
بعد العشاء كانا يجلسان بجوار المصطلى ..
كانا يقرآن ..
علمها لعب الشطرنج .. و شجعها عندما هزمته أول مرة .. رغم شكها القوي أنه تركها تفوز عليه..
أصبحا يذهبان سوية إلى الحفلات الموسيقية في باربيكان .. أخذا يترددان على المسارح وسط المدينة..
و في إحدى الأمسيات التي كان يسقط فيها المطر رذاذً ..سارا على مهل خلال ضاحية ماي فير الهادئة .. يتضامان في بهجة تحت مظلتهما الواسعة ..
تحدثا في كل شيء .. ماعدا ما جمعهما في الأساس ..
كم من المرات التي ودت فيها (بيج) أن تتحدث معه عن ذلك .. لقد كانت تريد أن تترك الماضي كما هو:
((مجموعة غامضة من الظروف التي فرضها عليهما الآخرون ..)) ولكنها كانت مترددة ..
و أخيراً ..
و في إحدى الأمسيات .. فتحت الموضوع ..
" لقد حادثت والدي اليوم .. لقد قال أنه ممتن ...
برقت عينا (كوين) بالتحذير , وقال :
" أنا لا أريد امتنانه و لا امتنان أي شخص آخر "
و أشاح بوجهه عنها ..
ولكن بعد لحظة , سألها :
" كيف كان يومك ؟ "
و سرعان ما استجابت لقصده الواضح لتغيير ذلك الموضوع الذي كان مشحوناً بدرجة تثير الإحساس ..
كان الأمر أسوأ عندما ذكرت آلن .. عندما وصل خطاب منه , أخذه (كوين) إلى المكتبة و أغلق الباب , تفحصت (بيج) وجهه بقلق لدى خروجه .. وعندما لم تستطع تحمل صمته لفترة أخرى ..
سألته جزافاً :
" كيف حال آلن ؟ "
" بخير "
" هل هو ...
قال بحدة : " لا أريد أن أتحدث عن آلن .. هل تفهمين ؟! "
قالت في نفسها : أنا فهمت ..
لقد تحسنت علاقتهما .. ولكنها لا زالت هشة و غامضة , لا معنى لها لنكأ الجراح القديمة ..
و في ظلام الليل .. سمعت تحذيراً لصوت صامت بأن تجاهل الأمور لم يكن مثل التفاهم بشأنها ..
و لكن مع شروق الشمس .. رأت أن شكوكها كانت بالنسبة لها شيئاً سخيفاً ..
المهم أنها و(كوين) كانا يقتربان من بعضهما بدرجة أقوى ..
كان ذلك بالطبع لتتمكن من القيام بواجباتها العلنية كزوجة له .. ولكن باستثناء حفلة العشاء الأولى تلك .. لم يريا أي إنسان أخر سواهم ..
لقد كانا كمن يعيشان في عالم خاص بهما ..
عالم تدب فيه الحياة بمجرد أن تسمع صوت مفتاح (كوين) وهو يدور في الباب كل مساء عائداً من عمله ..
وجدت (بيج) نفسها تلقي بنظراتها إلى ساعتها بعد ظهر كل يوم .. متسائلة عما إذا كان سيأتي مبكراً أم متأخراً ..
مبكراً يعني حوالي الساعة السادسة .. لم يسبق أن عاد إلى المنزل قبل ذلك ..
و عندما تحين هذه الساعة تكون قد اطمأنت إلى إعداد النيران في المكتبة وبدلت ملابسها ..
في عصر أحد أيام لخريف الباردة .. كانت قد أعدت النيران .. ولم تكد تبدأ في صعود الدرج مهرولة حتى سمعت الباب يُفتح ويُقفل ..
توقفت في منتصف الدرج .. و حدقت في (كوين) مندهشة عندما توقف في المدخل ينظر نحوها ..
قالت بلهجة مرتبكة :
" لقد عدت ! "
كان ينظر إليها باستغراب .. و أجرت يدها على شعرها في خجل , وقالت :
" أنا أيضاً عُدت لتوي .. كنتُ في محلات فيكتوريا و ألبرت و قد أصابني المطر بالبلل "
يا إلـهي .. إنها تهذي كما هي دائما ً .. ولكن تلك النظرة من عينيه .. كانت قد أثارتها بالفعل ..
تابعت حديثها : " لم أدرك أن الوقت تأخر إلى هذه الحد "
كانت ابتسامة (كوين) لطيفة وهو يقول لها :
" لقد عدتُ مبكرا لأنني رأيت أنه سيكون من الرائع أن نقوم بنزهة بالسيارة قبل العشاء "
لماذا كان يحدق فيها ؟ ..
إن به شيئاً مختلفاً هذه الليلة .. ولكن ما هو ؟
ابتلعت (بيج) رقها لترطب حلقها الجاف .. ثم قالت بحذر :
" أنا أرغب في ذلك .. فقط أعطني دقيقة لأبدل ملابسي و .. "
أسكتتها نظرته , و قالت :
" حسناً .. دعنا نذهب " .
في الجاجوار .. شحب الإحساس السلس بزوال الكلفة الذي نما بينهما خلال الأسابيع الأخيرة ..
كان حديثهما متكلفاً .. و عندما توقفا للعشاء في ملهى , من الطراز المنسوب للملكة إليزابيث , يشرف على نهر التايمز .. كان هذا الإحساس قد اختفى تقريباً ..
خيم عليهما الصمت طويلاً .. بعد أن أمرا بطعامهما .. إلى أن سألها (كوين) بخفة :
" هذا مكان عتيق جميل .. أليس كذلك ؟ "
أومأت (بيج) موافقة :
" نعم إنه رائع "
" هل تريدين مزيداً من الشراب ؟ "
" لا .. شكراً "
اتصل الصمت بينهما مرة أخرى .. عندما وصلت وجبتهما .. وجدا فيها شيئاً يلهيهما عن ذلك الصمت .. ولكن (بيج) لم تستطع أن تأكل ملء فيها .. وعندما اقترح (كوين) أن ينصرفا .. كادت أن تسقط كرسيها في اندفاعها للنهوض ..
قال باقتضاب :
" لقد تأخر الوقت "
أومأت هي موافقة .. و لأول مرة أحست بشوق بالغ لعزلة حجرة نومها ..
زفرت أنفاسها في ارتياح عندما وصلا للمنزل .. كان هناك شيئاً ما بينهما .. ولكن لم تدري بالضبط ما كنهه ..
أغلق باب المنزل خلفهما .. و عند أول درجة للدور الأول , قالت له :
" طابت ليلتك .. شكراً لك على هذه النزهة الرائــ ....
" ربما قد ترغبين في بعض البراندي قبل أن تخلدي للنوم ؟ "
هزت (بيج) رأسها , وقالت بلطف رافضة الدعوة :
" لا , شكراً سوف أخلد للنوم فوراً .. أنا تعبة حقاً "
أومأ (كوين) رأسه , قائلاً :
" كما ترغبين "
استدارت و بدأت في صعود الدرج .. لقد أحست أنه خلفها مباشرة .. يتبعها ..
نعم .. لقد وجد (كوين) نفسه يتبعها إلى حجرتها من دون سبب ..
كادت أن تقول له ..أنه من السخيف أن تعيش في بيته بينما ينام هو في حجرة أخرى بمفرده ..
ولكن شيئاً ما حذرها من الجدال مع هذا الرجل القوي ..
بدأت نبضة في حلقها تخفق عندما فكرت فيه وهو يراقب ردفيها وساقيها وهي تصعد أمامه ..
و عندما وصلا إلى الطابق العلوي .. أسرعت إلى باب حجرتها المغلق ..
" (بيج) ! "
كان صوته هامساً مبحوحاً ..
" (بيج) ! "
استدارت قائلة له :
" طابت ليلتك " ..
بدا كل شيء كأنما يحدث في بطء مصطنع .. نظرت له و رأت النيران الغامضة في عينيه ..
و عندما وضع يده على ذراعها ..فهمت كل شيء فجأة ..
يبدو أن الإحساس الكهربائي الذي جمعهما معاً .. قد بدأ يومض في الهواء المشحون ..
(كوين) يريدها الآن .. و هي أيضاً تريده بشده ..
لقد قادت الأسابيع الماضية شعورهما إلى هذا الإحساس .. غير أنه أدرك هذا قبلها ..

shining tears
21-09-2008, 15:02
نعم .. هذا هو سبب عودته بها للبيت مبكراً .. وسبب التوتر الذي كان بينهما طوال المساء ..
أشاحت بوجهها عنه في ارتباك .. لكنه أحاطها بذراعيه و جذبها إليه هامساً باسمها مرة أخرى ..
كان صداه على لسانه كأنه العسل نفسه ..
أحست بدفء جسمه و قوته إزاء جسدها ..
أغلقت عينيها وتركت نفسها تستند عليه .. وتريح ثقلها على صدره وذراعيه المحيطان بها ..
كان باستطاعتها الإحساس بتلك الحرارة المشعة المحيطة بهما .. وأن تشم رائحته المميزة ..
لثمت شفتاه شعرها ..
كل ما كان عليها أن تفعله هو .. أن تستدير و ترفع وجهها إليه ..
(( ستحتاجين رجلاً .. و سأكون هنا ))
قفزت الكلمات البشعة إلى عقلها .. و لكن (كوين) قال ذلك قبل أن يعرف كل منهما الآخر ..
هل من المؤكد أن الأمر يختلف الآن ؟!
تذكرت قوله ((سأبادلك حباً .. حتى تتوسلي لي أن أتوقف عندها سأكون قد تحررتٌُ منكِ أخيراً ))
أحست كأن يداً باردة اعتصرت قلبها , وقالت :
" الوقت متأخر يا (كوين) .. و أنا تعبة "
" جولييت ...
أغمضت عينيها .. ممتنة أنه لم يستطع رؤية وجهها , وهمست :
" أرجوك "
غاصت أصابعه في كتفيها .. ثم انزلقت يداه عنها ..
قال : " نعم بالطبع "
و فجأة .. كانت وحدها في ذلك الرواق الطويل .
في الصباح التالي .. كان قد خرج عندما هبطت لتناول الفطور ..
إنها المرة الأولى منذ أسابيع التي لا يبدءان فيها اليوم معاً .. و أدهشها كيف بدا المنزل خاوياً بدونه ..
عندما دق جرس الهاتف في الضحى .. اختطفت السماعة من يد (نورا) التي اندهشت .. و ابتسمت هي لدى سماعها صوت (كوين) ..
و دون أن تفكر قالت :
" لقد افتقدتك هذا الصباح " ..
ثم كانت لحظة صمت .. قال بعدها :
" لقد طلبتُ من (نورا) أن تدعكِ نائمة .. وقلت لها انكِ كنتِ متعبة ليلة الأمس "
ابتلعت ريقها بسرعة , وقالت :
" (كوين) .. بشأن ليلة الأمس ...
قال بفظاظة :
" انسيها .. أريد أن أتحدث بشأن الليلة .. لقد وفد أحد عملائي للمدينة .. وتريد زوجته أن تحضر حفلة موسيقية بقاعة ألبرت هول "
" هل تريدني أن أحجز لكم التذاكر ؟ "
زفر أنفاسه , وقال :
" إنهم يصرون على الصحبة يا (بيج) .. حاولت أن أصرفهما عن ذلك ولكن .. أنظري , هل تجدين بأساً لو أننا صحبناهما .. إنه رجلٌ مزعج .. لكنه سيقدم طلباً ضخما لبعض البرامج , و ..
قالت بسرعة :
" أنا لا أجد بأساً في ذلك على الإطلاق "
و أحست بالأمان الذي ستوفره صحبة الغرباء ..
و أضافت :
" هل يرضيك ذلك ؟ "
" مالت نبرته إلى الرقة وهو يقول لها :
" شكراً يا (بيج) .. أراكِ الليلة "
اهتمت بثياب سهرتها أكثر من المعتاد , و كادت أن تتأخر في مغادرتها المنزل ..
و عندما نزلت من إحدى سيارات الأجرة أمام قاعة ألبرت هول .. نظرت حولها بلهفة .. وعيناها تبحث عن زوجها .. (كوين) ..
كانت حشود الزوار تتزاحم حول الدرج المؤدي إلى المبنى .. ولكن خلال لحظة .. أدركت أنه لم يصل
لم تكن لتخطئ وجوده أبداً بعد الآن .. لقد أصبحا منسجمان مرة أخرى .. تماماً مثلما كانا في حفلة عيد جمع القديسين ..
أحست أن قلبها يطفر بدقات الفرح المتسارعة ..
(كوين) ..
(كوين) ..
أجفلت عندما انزلقت ذراع حول خصرها .. و ظهر لها (كوين) مبتسماً ..
قالت :
" مرحبا .. لم ألحظ قدومك , لابد أني استغرقت في أحلام اليقظة "
كشف عن أسنانه في ابتسامة واسعة , وقال:
" هذا اعتراف أقل من الواقع .. بدا كأنك تحلقين على بعد مليون ميل .. فيم كنتِ تفكرين ؟ "
" في الليلة الماضية .. عندما كنتُ غبية لدرجة أن خرجت من بين أحضانك و أبعدتك يا حبيبي "
ودت أن تقول ذلك .. لكنها استعادت توازنها بسرعة مذهلة .. وبطريقة ما استطاعت أن تصدر ضحكة مرح صغيرة ..
" كنتُ أتساءل عما إذا كنتَ ستحضر إلى هنا من الأصل .. ماذا سيقول عميلك لو أننا تأخرنا ؟ "
أخرج (كوين) زفراته و قادها نحو المدخل الواسع , وتمتم :
" لسنا متأخرين لتلك الدرجة "
و نظر إلى التذاكر في يده قائلاً :
" لا بد أنهم قد بدأوا لتوهم "
قالت تشاركه إحساسه :
" ياله من شيء بغيض "
ولكن كان من المستحيل أن تحتفظ بوجه صارم .. و بدأت تغرق في موجة ضحك ..
أحست و هي تنظر إلى الوجه الباسم بجانبها .. أن الضحك معه شأن آخر ..
و ارتفع قلبها محلقاً .. كل شيء رائع وهي بصحبته ..
و قالت و الموسيقى تتسلل إلى أذنيها :
" أنا أتفق معك في الواقع .. إنها موسيقى ماهلر الليلة .. أليس كذلك ؟ يا إلـهي , كم أكره موسيقاه "
أومأ قائلا :
" ولكن (جاك ويرد) يحبه "
نظرت له (بيج) مقطبه .. فأشار لها بوجهه :
" إنه العميل الذي سنقابله بالداخل "
" أوه , الرجل الذي سيقدم عرضاً بطلب مليون برنامج كومبيوتر "
و سرت رجفة خلالها عندما وصلت لأسماعها مرة أخرى تلك الموسيقى الصاخبة للسيمفونية الخامسة ..
" أظن أنها ستكون سهرة طويلة "
تنهد (كوين) :
" أطول مما تتخيلين .. إذا كنتَ تظنين الموسيقى شيئاً مملاً , فانتظري حتى تقابلي (جاك ويرد) العجوز الطيب "
و ابتسم وهو يقودها إلى القاعة , وتابع :
" لكنني أظن أنني أستطيع تحمله لليلة واحدة .. دعينا نأمل أن يخطط لتقديم ذلك الطلب الأضخم و الذي تلقته الشركة على الإطلاق " ..
بعد فترة من بدء السهرة .. رأت (بيج) في اشمئزاز أن ما خطط له " (جاك) العجوز الطيب " سرعان ما طبقه عليها ..
عندا أخذوا مقاعدهم .. وضع البروتوكول , (كوين) بجوار السيدة (ويرد) .. بينما وضع (بيج) بجوار زوج السيدة.
طبعاً كانت هناك بعض مقدمات التعارف السريعة ..
كان (ويرد) نفسه طويلاً .. و ذا وجه وسيم .. وكتلة من الشعر الأشقر الكثيف ..
بينما كان لزوجته وجه جميل .. و عينان حزينتان ..
لاحظت (بيج) ذلك في فترة التوقف قبل أن تستأنف الموسيقى عزفها مرة أخرى من خلال بضع كلمات تبادلوها تعليقاً على العزف ..
في البداية , ظنت (بيج) أنها خيالاتها عندما احتكت يد (ويرد) بفخذها ..
خطفت بصرها إليه من جانب عينها .. أيقنت أنها تخيلاتها .. فقد كان له وجه متجهماً في تركيز مستغرق مع الفرقة الموسيقية ..
بعد خمس دقائق .. اتضح مخطط ذلك السيد .. وتمتم عندما امتدت يده إليها : " آسف ! "
ثم احتكت يده بكتفها .. وقال مرة أخرى : " آسف " ..

shining tears
21-09-2008, 15:34
عندما انتهت الحفلة الموسيقية .. كانت هناك نصف دستة من "التأسفات" .. ولم تقنع (بيج) بأي واحدة منها ..
لا يمكن أن تحدث لفرد كل هذه المصادفات ..
لمست قدم (ويرد) قدمها .. و احتكت ساقه بساقها .. و عندما ركبوا الجاجوار , متجهين لتناول العشاء في إحدى الملاهي .. احتكت فخذه بفخذها ..
لم يكن هناك ما يمكنها عمله .. كانت حركاته بالغة السرعة .. والإتقان ..
لقد قابلت رجالاً مثل (ويرد) من قبل .. و هي تعرف كيف تُسيٍر اللعبة .. إذا قالت شيئاً ما ..
كأن تطلب منه أن يكف آذاه عنها .. سينكر عمل أي شيء ..
الخاسر الوحيد سيكون (كوين) بالتأكيد .. فلن يعقد (ويرد) صفقاته مع شركته إطلاقاً بعد أن تفضح أمره..
لن تربح السيدة (ويرد) شيئاً أيضاً .. انقبض قلب (بيج) بشفقة لأجل تلك المرأة ..
لا عجب أن لها مثل هاتين العينين الحزينتين .. إنها تعرف تماماً ما يفعله زوجها ..
ربما مرت بهذا الحرج من قبل .. لقد ظلت تلقي بنظرات معتذرة إلى (بيج) .. كأنما تعبر لها عن أسفها ..
إن سؤال (جاك) أن يكف لعبته الحقيرة .. المثيرة للغثيان , لن يجلب سوى المزيد من الخزى على رأس تلك البائسة ..
و تساءلت عما سيفعله (كوين) لو علم بما حدث .. ربما يجدع أنف (ويرد) أو يسويها بوجهه ..
أحست ببعض الرضا الذاتي لهذه الفكرة ..
عندما يصبحان بمفردهما فيما بعد , ستخبر زوجها أن هذا الـ (جاك) لم يكن شيئاً ثقيلاً فحسب .. بل كان جلفاً ! ..
وبعد أن يعودا للمنزل .. ربما تقترح إعداد قليلاً من الشاي أو ما شابه .. بل ربما يقترح (كوين) بعضاً من البراندي مثلما فعل ليلة أمس ..
ستقول "نعم" .. وستدع سحر هذه الليلة يصلح من شأنهما ..
رفعت نظرها .. كان (كوين) يراقبها .. باستطاعتها أن تشعر بحرارة نظراته ..
و تحت المائدة .. كان (جاك) يحك ساقه بساقها في إيقاع منتظم .. ولكنها لم تكن واعية لذلك ..
كانت على وعي بـ (كوين) فقط .. لقد كانت عيناه غامضتين وغير ممكن قراءة ما بهما ..
التهبت وجنتاها .. يا ترى ما عساه الذي يفكر فيه .. ما وراء تلك القوة الغامضة ..
" . . . . . أخبركِ بطالعك "
طرفت عيناها وتساءلت :
" ماذا ؟ هل قلت شيئاً يا سيد (ويرد) ؟ "
ابتسم الرجل بخبث , وقال :
" إنه (جاك) يا حبيبتي .. لقد قلت ، أنك لو أعطيتني يدك الصغيرة , فسأخبرك بطالعك .. لقد تعلمتُ ذلك من غجرية عجوز "
" لا شكراً يا سيد (ويرد) .. أنا ....
قبض (ويرد) على يدها و جذبها , وقال :
" تشجعي ولا تخشي شيئاً .. دعينا نلقي نظرة على خط الحب لديكِ "
رفعت بيج نظرها مرة أخرى .. كان (ويرد) لا يزال يتحدث , لكنها كانت قد نبذته ..
كان (كوين) ينصت للسيدة (ويرد) وكان يثني لها رأسه مجاملة ..
تساءلت .. لماذا يبدو فمه صارما هكذا ؟! ..
لا إنه ليس صارماً على الإطلاق ..
إنه مثير ..
و عيناه .. ليس بهما أي برود .. كانت بلون البحر ..
ولكن البحر الجنوبي حيث يرى المرء مائه أحياناً بلون الدفء الدموي ..
استدارت رأس (كوين) تجاهها ببطء .. و استقرت عيناه على وجهها ..
على فمها ..
أحست بحرارة نظراته .. و مست عيناها شفتيه في اعتراف لا واعي بالرغبة في تقبيله ..
لاحظت نظرة رهيبة على وجهه ..
هل هو غاضب ؟! .. لا .. لا يمكن ..
طرفت بعينيها وقالت باهتياج و هي تجذب يدها من يد (ويرد) بقرف واضح :
" بحق الله يا سيد (ويرد) لا تفعل ذلك !! "
تساءل (ويرد) ببراءة :
" أفعل ماذا ؟ "
هزت بيج كتفيها باشمئزاز .. و مسحت يدها بمنديل المائدة ..
لقد كانت شديدة الانشغال بـ (كوين) لدرجة أن مرت فترة قبل أن تدرك أن (ويرد) كان يجري سبابته عبر بطن يدها ..
ودت لو يسعدها الحظ ذات يوم لتخبره أن ما يفعله لم يحمل إليها أي إثارة أو اهتمام .. لقد أحست كأن قوقعاً يزحف على يدها مخلفاً ذيلاً لزجاً .. ولكن لا مجال لأن تخبره بذلك هذه الليلة ..
إنها الليلة مشغولة جداً بفيضان من الإكتشافات التي تقوم بها حول (كوين) .. زوجها ..
" هيا يا حلوتي .. دعينا نُري هذين الإثنين كيف يكون الرقص .. "
جذب (ويرد) كرسيها , وقبل أن تحاول الأعتراض كان قد أحاطها بذراعيه متجهاً بها نحو دائرة الرقص
قالت في نفور:
" في الحقيقة .. أنا لا أشعر بالرغبة في الرقص "
و حاولت أن تترك مسافة بينها وبينه , و أضافت :
" بالله عليك يا سيد (ويرد) .. أرجــ
" (جاك) .. (جاك) أفضل .. لماذا أنتِ متصلبة هكذا يا حبي ؟ ألم يعلمك أي أحد الرقص مطلقاً ؟ "
قالت في تجهم :
" أنا لستُ متصلبة .. غير أني لا أحب أن يمسك بي شخص عن قرب بهذه الطريقة ! "
ولكنها نسيت كل ما يتصل بـ (ويرد) عندما رأت زوجها من فوق كتفي الرجل و هو يقود السيدة (ويرد) إلى الدائرة ..
كان (كوين) يمسك بها على مسافة مهذبة .. ولكن بيج أحست بعقدة قوية من الغيرة تنتفخ أسفل صدرها .. إنه لم يرقص معها على الإطلاق .. و هاهي رقصتها الثالثة مع ((جاك) العجوز الطيب)
ورقصة (كوين) الثانية مع السيدة (ويرد) .. و لكن ..
ضاقت ذراعا (جاك) حولها .. وصدته (بيج) محاولة التخلص منه .. وقالت له بغضب واضح :
" لا تفعل ذلك من فضلك "
" تعالي يا عزيزتي يمكنكِ أن تكوني ألطف من هذا ..
كررت مرة أخرى :
" قلت لا تفعل ذلك "
كانت رائحة (ويرد) مشبعة بالعرق والسجائر وهو يلتصق بها بسخافة ..
أحست فجأة بمدى حماقتها .. لن يريد (كوين) مطلقا أن تدع (جاك) ينشب فيها مخالبه مهما كان عدد الأوامر التي يمكن أن يكلف الشركة بتنفيذها ..
كم هي مخطئة أن اعتقدت أن أمر هذا العميل أهم من كرامتها التي بدأ يبعثرها ..
إن (كوين) شديد الاحترام .. شديد النبل .. شديد المراعاة .. وهو لن يسمح لأي كان بأن يفعل هذا بزوجته ..
نعم .. كم هي مخطئة أنها لم تخبره من البداية ..
جذبها (ويرد) إليه مرة أخرى .. فقالت له بحدة :
" كف عن ذلك "
و عندما حاولت دفع صدره بيديها .. شبك هو قدماه بقدميها .. فتعثرت (بيج) دون أن تتمالك زمام الأمر , لتجد نفسها و قد تعلقت بعنقه مرغمة لكي لا تسقط ..
لف ذراعاه حول خصرها , و قال :
" هكذا هي المرأة ! "
كان ضغط جسده عليها مثيرا للغثيان بالنسبة إليها .. لم تجد بداً من أن تصرخ في وجهه :
" دعني ! "
همس : " لا تلعبي علي دور الخجل والحياء الآن ... "

shining tears
21-09-2008, 15:35
و أحست بالاحتكاك الرطب لفمه على وجنتها .. و أحتك جسده بجسدها مرة أخرى , وهو يقول لها بإصرار :
" لماذا لا تقابلينني بالفندق الذي أنزل فيه غداً ؟ سوف أرسل زوجتي للتسوق لمدة ساعتين .. سوف ...
و ارتفع صوته في ذعر :
" هيــه , ماذا هناك ؟!! "
اتسعت عينا (بيج) عندما رأت (ويرد) يتقهقر أمامها ..
ظهر (كوين) من حيث لا تدري .. ووقف بينهما جامداً غير باسم كأنما نُحت من صخر .. و قد لف ذراعيه أمام صدره في علامة للقوة ..
قال لـ (بيج) :
" سننصرف "
كان صوته هادئاً , و كانت عيناه تستقران عليها في نظرة غامضة ..

ارتفع صوت (ويرد) متمتماً :
" ما هذا بحق الله يا (فولر) ؟ زوجتك ...
شحب وجهه عندما قبض (كوين) على ذراعه , وقال بصوت يمتلئ حقداً :
" بالضبط ... زوجتي يا (ويرد) .. وليست زوجتك , ولا زوجة أحد غيري .. إنها تنتمي لي "
سرت رجفة بأوصالها ...
خلال الأسبوعين الأخيرين .. كانت قد نسيت هذه النزعة التملكية المفرطة ..
لقد أخافتها في ذلك اليوم الأول لها في لندن ..
و هي الآن تثيرها .. لقد انتمت إليه .. و هذا ما كانت تريده دائماً ..
تحولت عينا (كوين) إلى عينيها , وقال :
" منذُ متى وهو يتطاول عليكِ ؟ "
ابتلعت (بيج) ريقها , وقالت :
" (كوين) أنا بخير .. أنا فقط ..
" هل سمعت ما قالته يا (فولر) ؟ أنا ..
برقت عينا (كوين) بسرعة , وقال بصوت ثابت :
" لقد وجهت السؤال لزوجتي يا (ويرد) وليس لك "
و عاد ينظر إلى (بيج) قائلاً :
" أجيبيني .. هل كان يفعل ذلك طوال الليل ؟ "
" نعم .. ولكن ..
" لماذا لم تخبريني ؟ "
نظرت إلى وجه (ويرد) الشاحب , وقالت :
" لقد فكرتُ في ذلك , ولكنه عميلك .. إنه
" لقيط .. السيد (ويرد) لقيط "
هكذا قاطعها (كوين) في رد ساخر بطيء .. و أضاف :
" وهو محظوظ لأني لم أهشم رأسه على الحائط .. و الآن , اجمعي حاجياتك وقابليني عند الباب "
أومأت (بيج) له .. ودارت سريعاً خلف (جاك) (ويرد) ..
كادت تشم رائحة الذعر تفوح من الرجل .. و هي لا تستطيع أن تلومه على ذلك ..
إن (كوين) عدو مرعب .. ومن المروع مواجهة غضبه ..
لكنه لم يكن غاضباً منها .. بل كان فقط يبدو كذلك ..
ليس لديه ما يدفعه للغضب منها .. إلا إذا ..
و تذكرت كلماته ..
هل كان يفعل ذلك طوال الليل ؟
لماذا لم تخبريني ؟
رفعت السيدة (ويرد) بصرها عندما وصلت (بيج) المائدة لتأخذ حاجياتها ..
ابتدرتها (بيج) قائلة لها بلطف :
" أنا آسفة ! "
قالت المرأة الأخرى في تسليم حزين :
" لا عليك .. (جاك) هكذا دائماً , إنه لا يعتقد مطلقاً أن هناك من يعرف ما يفعله مع الآخرين "
و مدت بصرها إلى حيث لا يزال الرجلان واقفين , وتابعت :
" على أية حال , سيشكمه رجلك لفترة . يبدو (جاك) و كأنه سيموت من الخوف "
أومأت (بيج) لها , لم تجد ما تقوله .. و رأت (كوين) يتجه إلى الباب بعد أن أقحم النادل ملء يديه من الأوراق النقدية ..
دس ذراعه حولها عندما وصلت إليه .. و ضمها بقوة حتى كادت تصرخ , ولكن الإنضغاط إلى جسده كان راحة في حد ذاته ..
رفعت بصرها إليه و هما يخطوان إلى ظلام الليل ..
قالت :
" يالها من تعسة السيدة (ويرد) .. أنا أشعر بالأسف لأجلها "
لم تكن هناك إجابة . .
فتح لها (كوين) باب الجاجوار .. فانزلقت إلى المقعد بعصبية .. وراقبته وهو يدور حول السيارة
ثم أكلمت معه حديثها بعد أن أخذ مكانه خلف المقود :
" لقد قالت أنه فعل ذلك من قبل .. قالت أنها تأمل أن تشكمه أنت .. وهي ..


علا صرير السيارة وهو يندفع بها مبتعداً عن الرصيف :
" يسعدني أن السيدة (ويرد) استحسنت تصرفي "
نظرت إليه (بيج) .. كان صوته مليء بالغضب البارد ..
مدت يدها ووضعتها على يده الممسكة بعجلة القيادة ..
كانت المرة الأولى على الإطلاق التي تلمسه فيها بملء إرادتها ..
قالت بتردد :
" (كوين) .. هل .. أنت غاضب مني ؟! "
انفرجت شفتاه كاشفة عن أسنانه , و تساءل :
" لماذا ينبغي أن أغضب منكِ ؟ "
كانت تلك هي الإجابة التي تريدها .. ولكن كان في صوته شيئاً تشعر بعدم الارتياح ..
حدقت فيه ثم في الشارع المظلم .. إنها بحاجة إلى حمام دافئ سريع ..
لا زالت تشعر بزحف يد (ويرد) , كأنه زحف ثعبان على يديها ..
وارتجفت بتقزز لدى تذكرها ذلك ..
نعم الحمام أولاً .. ثم .
ثم ..
وثب قلبها هلعاً .. و خطفت نظرات خجلة إلى (كوين) , ماذا سيحدث بينهما الليلة ؟ ..
ارتجفت وهي تفكر في تلك اللحظات التي حبست فيها أنفاسها وهي بين ذراعيه ليلة أمس ..
نعم .. نعم ..
سيحدث مثل ذلك مرة أخرى .. ولكن ..
لن ترده هذه المرة ..
هذه المرة ..
توقفت الجاجوار بجوار الرصيف بالشارع الهادئ .. ثم أوقف (كوين) المحرك , ولفهما سكون الليل ..
جف حلقها مقدماً ..
" ذكريني أن أرسل إلى (جاك) العجوز الطيب علبة سجائر نهار الغد "
كان تعليقه غير متوقع لدرجة أضحكتها , و التفتت إليه قائلة :
" (جاك) ؟؟! .. إن زوجته هي من تستحق هدية وليس هو .. دستة من الورود مثلاً .. على الأقل لصبرها على الأذى الذي يلحقه بها في كل مرة تضطرها الظروف لأن تكون في صحبته خلال سهراته"
نزل (كوين)م السيارة ودار إلى الجانب الآخر منها حيث تجلس وفتح لها الباب و هو يقول :
" لستُ أدري ما نوع سجائره ! "
و مد يده فاستندت (بيج) إليها و هي تخطو خارج السيارة إلى الرصيف .. و أضاف :
" هل تصادف أن عرفتِ ؟ "
رفعت بصرها إليه و هو يحيط خصرها بذراعه , وقالت :
" كيف سأعرف نوع سجائر السيد (ويرد) يا (كوين) ؟!! لا أدري لماذا ينبغي أن ترسل أي شيء بعد الذي فعله "
صفق (كوين) الباب خلفهما , وقال لها بذلك الصوت الناعم الخطر الذي تعرفه جيداً :
" لا عليكِ يا محبوبتي .. كلانا يعرف ما فعل .. لقد أعدّكِ (جاك) العجوز الطيب "
وبرقت أسنانه بيضاء بينما تابع :
" إنه يستحق شيئاً نظير ما فعل .. ألا ترين ذلك ! "

shining tears
21-09-2008, 15:37
تجمدت (بيج) وقالت له ببطء :
" أعدّني ؟ ... عن أي شيء تتحدث يا (كوين) ؟ "
أغلق ذراعيه حولها و زمجر :
" لابد أنكِ تظنينني أعمى .. ولكن لمَ لا ؟ الجحيم , لقد تصرفتِ كما لو كنتِ كذلك في الأسابيع الماضية "
اتسعت عيناها غير مصدقة وقالت :
" هذه الأسابيع الماضية كانت بالنسبة لي أكثر من رائعة .. إنها ..
" أراهن أنها كذلك .. ما إحساسك بأدائكِ دور السيدة (فولر) ؟ "
شهقت (بيج) عندما غاصت الأصابع الطويلة بقوة في جسدها , وتابع هو دون أدنى اهتمام لتألمها :
" كيف يبدو ذلك ؟ أن تلعبي اللعبة حسب قواعدكِ يا محبوبتي ؟ "
همست بجنون :
" لا .. لم يكن الأمر كذلك يا (كوين) و أنت تعرف ذلــ
هزها قائلاً :
" أنا أعرف ما رأيته الليلة .. أنتِ لم تفعلي ما يدعو للخجل , أليس كذلك ؟ ملاحقة (ويرد) أمام زوجته .. أمامي ..
هزت (بيج) رأسها تنفي ذلك بقوة :
" لا .. غير حقيقي ..أقسم أنــ
" لا عليكِ يا (بيج) .. فقط لا تضيعي وقتي بالأكاذيب , لقد رأيتكِ .. و رأيت عينيكِ وقد بدأتا تظلمان و أنتما تلعبان بأقدامكما تحت المائدة .. لقد رأيتُ الرجفة التي لم تستطيعي إخفاءها من على شفتيك ِ عندما احتضن ذلك اللقيط يدكِ "
و التوى فمه بالاشمئزاز و تابع :
" يا إلهي .. وطريقتك في الاحتكاك به أثناء الرقص .."
حدقت في وجهه .. منتظره أن يضحك و يخبرها بأن كل ذلك كان نكتة بغيضة .. ولكن عيناه لمعت بالغضب الشديد .. لا بد أن هناك وسيلة لحمله على الفهم .
" لقد فرض نفسه علي يا (كوين) .. أتوسل إليك أنـ ..
" مثلما فعلتُ أنا يا طفلتي ؟ "
حول صوت ضحكته الدم إلى جليد , و تابع يقول لها بوقاحة:
" دعينا لا نضيع كل جهوده هباء يا (بيج) "
صرخت عندما جذبها بين ذراعيه :
" ماذا ستفعل ؟ (كوين) ..
اشتد ذراعاه حولها .. وقال بتأوه :
" كثيراً ما قلنا ((طابت ليلتك)) عند باب حجرتي يا جولييت الجميلة "
انقض فمه على شفتيها في قبلة ذهبت بأنفاسها ..
ثم استحال صوته خشناً و هو يحدق إلى أعلى الدرج قائلاً :
" ليس الليلة يا (بيج) ..
الليلة لن تردعيني "
(( ليتني لم أقابلك ! ))
"(كوين) ... لا .. "
أسكت صرختها بقبلته ..
سحق فمه فمها بينما قيدت ذراعاه حركتها ... بينما بدت هي عاجزة أمام غضبه .. ولم تستطع شيئاً سوى أن تضرب كتفيه بيديها وهو يحملها خلال الظلام ..
كيف يمكن أن تتبدل الأمور بهذه السرعة ؟!..
منذ لحظات كانت غارقة فيما يخبئه الغيب مع هذا الرجل الغامض .. الآن .. فإن أقل ما تستطيع أن تشعر به هو أن ألهب الذعر نبضاتها ..
لا ..
لا يمكن أن يحدث هذا .. لا ليس الآن , ليس عندما إقتربا كثيراً حتى كادا أن يستعيدا ما بدأ بينهما في تلك الليلة البعيدة ..
نفد ضوء القمر من باب شرفة حجرة النوم حتى فراش (كوين) ..
الفراش الذي نامت فيه ليالٍ كثيرة ..
أسقطها في وسط الفراش وحدق فيها ..
قالت سريعا : " (كوين) أنصت لي . أنا .
فتح سترته واستدار بعيداً قائلاً لها بقوة : " إنزعي ملابسك .. "
كان صوته خشناً .. كانت الكلمات تفيض بالوعيد ..
راقبته وهو يتجه إلى الباب ويصفقه ويحكم إغلاقه ..
كانت الرسالة واضحة , ودفعت بموجة من الذعر تسري خلالها ..
لن يوقفه شيء الليلة ..
وببطء , بدأ يسير إليها .. رأت ثقبين من الضوء البارد يتراقصان في عينيه المتحجرتين ..
فك ربطة عنقه , ثم الزرار العلوي من قميصه ..
زمجر بصوت مخيف :
"انزعي ملابسك أيتها اللعينة"
زحفت (بيج) وانزوت في مقدمة السرير , وقالت :
" (كوين) بحق السماء .. أنصت لي . لا يمكن أن تظن أنني كنت ألهو مع ذلك الرجل . لا يمكن أن تظل تعتقد أنني ... "
ضحك قائلا :
" تلهين ؟ .. هل هذا ما تسمينه ؟ "
وتلوى نازعاً سترته وطوح بها جانباً .. وقال :
" هيا , نحن نضيع الوقت "
" سأصرخ منادية (نورا) "
ضحك مرة أخرى , وقال :
" لقد ذهبت (نورا) في زيارة لأختها "
ابتلعت ريقها لتزيل الغصة التي ملأت حلقها , وقالت :
" إذا كنت تحاول أن تخيفني يا (كوين) ...
ثبتت عيناه على وجهها و قاطعها قائلاً :
" أنتِ تضيعين وقتك يا (بيج) , إنزعي ملابسك و أسرعي بذلك "
ملأت الدموع عينيها , وقالت :
" (كوين) أتوسل إليك ....
قاطعها مرة أخرى :
" ستتوسل لي كثيراً .. قبل أن تنتهي هذه الليلة "
وبيقين اقشعرت له المسكينة .. عرفت (بيج) أنه يقول الحقيقة ..
ثم .. و في حركة رشيقة , تدحرجت إلى الجانب الآخر من السرير .. ولكنه كان أسرع منها .. و أطبقت يداه بقوة على كتفيها ..
و قال بصوت يفيض بالحقد :
" سنفعل ذلك طوعاً أو كرهاً .. ويمكنني أن ألتزم بما تفضلين "
شملته القسوة بسهولة .. كيف نسي كل ما حصل بينهما خلال الساعات الماضية بهذه السرعة ؟
بدأ الغضب يحل محل ذعرها .. ليس فقط من (كوين) .. بل أيضاً من نفسها ..
" لا يمكنك أن تفعل ذلك أيها اللعين .. هناك قوانين ...
" ضد ماذا ؟ أنا زوجكِ أيتها البلهاء الصغيرة .. أي محكمة تلك التي ستنكر حقوقي ؟ و تلغي واجباتك ؟ "
و قبضت يداه على كتفيها و جذبها إليه هامساً بوقاحة:
" لقد قلتُ لكِ أنني سأكون هنا عندما تريدين رجلاً .. حسناً .. هأنذا يا طفلتي .. جاهز و قادر "
صرخت متوسلة :
" (كوين) أرجوك !! "
" ماذا حدث يا (بيج) ؟ لقد أثرتُ أحاسيسك عند أو مرة تقابلنا فيها "
وبرقت عيناه في عينيها , ثم ضحك قائلاً :
" لا تقولي أنكِ قد نسيتِ سحر تلك الليلة .. كانت تقليدية جداً .. رومانسية جداً "
تدفقت الدماء لتلون وجنتيها , وقالت :
" كان خطأً .. أعرف ذلك .. لكنني أحسست .. أنا لم ..
" سقطت يداه عن كتفيها .. وزمجر قائلاً :
" وفري جهدك .. أنا اذكر كل المسرحية .. كانت مشاهدتك مع جاك ويرد هذا المساء .. إعادة لهذا العرض .. لا عجب أن سقط ذلك التعس أسيرك "
عارضته بقوة :
" أنا لم أفعل "
تراجعت شفتاه المصرة على التقدم , فيما يشبه ابتسامة ذئباً , وقال :

shining tears
21-09-2008, 15:38
" بحق الله .. إنها تمثيلية رائعة .. امرأة جميلة تُقنع رجلاً أنها تحترق بالنيران .. و ليس عليه سوى أن يلعب دور رجل المطافئ " ..
و اختفت الابتسامة المروعة من وجهه , وقال :
" أراهن أن هذا الدور لم يفشل مطلقاً حتى مع (آلن) "
كررت بإصرار :
" قلت لك أنني لم ...
و أسرعت تقبض يديها إلى صدرها عندما مد يده إليها , وسألته في ذعر :
" ماذا تفعل ؟؟ "
قال ببساطة :
" سأنزع ملابسك "
و دفع يديها بخشونة جانباً , وقال :
" هذا ما كان يجب أن افعله منذ أسابيع مضت "
جف فمها , وقالت :
" نحن لسنا كما كنا عندئذ يا (كوين) , نحن ...
وحدق فيها هامسا :
" بحق الجحيم , كيف تبدين بهذه البراءة ؟ فقط لو ...
احتبس نشيجها في حلقها عندما جذبها إليه وقبلها في رغبة ملحة , ولكنها لم تشعر بشيء ..
ذات مرة ضمها (كوين) بين ذراعيه , وأحست بحرارة ألف شمس تلتهب في دمها أما الآن فإن القشعريرة الباردة التي تسري خلالها قد أماتت قلبها ...
تلألأت الدموع في عينيها , أي مصير مظلم ذاك الذي أرسلها له (كوين) ؟ كان الرجل الذي حررها من السجن الثلجي .. وها هو يعيدها إليه للأبد ...
رفع رأسه وسدد نظراته إليها , كانت أنفاسه غاضبة , وعيناه كأنهما نجمين باردين ...
وقال :
" إن تمثيل دور الملكة الثلجية لن يوقفني هذه الليلة يا (بيج) , ربما تستطيعين تسهيل الأمر على نفسك .. تخيلي أنني ويرد "
ارتطم قلبها بضلوعها , وقالت :
" لو كانت بك ذرة اللياقة...
" لياقة !!"
وقبض على كتفيها ورفعها حتى أوقفها على أطراف أصابعها وقال :
" من أنت حتى تتحدثي عن اللياقة ؟ أنت لا تعرفي معنى الكلمة . يا إلهي , لو أن (آلن) التعس أبصر حقيقتك .. فقط لو أنه أدرك أي مومس ماكرة أنتِ ..
انتحبت قائلة :
" أنا أتمنى من الله لو أنني لم أقابل أخاك .. وليتني لم أقابلك مطلقاً, أنا ...
زمجر وهو يجذبها إليه :
" ولكنكِ فعلت .. سأريكِ يا (بيج) معنى اللياقة مع (كوين)"
كان صوته يحمل حتمية القدر .
وخفض رأسه إليها وهمس :
" لقد عقدنا اتفاقاً , وسأكون حقيراً إذا تركتك تنسينه "
و جذبها إليه في قسوة أخيرة . جعلت جسدها يُسحق بين ذراعيه الخشنتين ..
وقفت بين ذراعيه كأنها تمثال من الرخام . جامدة , باردة , متبلدة الإحساس , وانتظرت أن ينتهي مما صار حتمياً ..
بدا شيئاً مستحيلاً أن تتذكر أنها تاقت ذات يوم لأحضانه المشتعلة ..
ولكنها تعرف أنها فعلت ذلك .. ذات مرة ..
كانت لمسة يديه على بشرتها .. واحتكاك فمه بوجنتيها يملآنها بنشوة حلوة إلى حد يصيبها بالدوار ..
إنها لا تشعر بشيء الآن .. كأنها في عالم آخر ..
تراقب زوجها و هو يبادلها الحب و كأنها امرأة نُحتت من صخر ..
" ما هذا ؟؟! "
أفاقت على صوته .. و فتحت عينيها ببطء .. و نظرت إليه ..
كان ينظر إليها بعينين ضيقتين ..
و كان يبسط يده .. بينما كان يبرق في كفه ذلك الخاتم الياقوتي الذي أهداها إياه ..
" إنه .. الخاتم الذي أعطيتني إياه "
لمعت على وجهه ابتسامة في رهبة البرق , وقال :
" نعم أنا أذكر .. "
أطبق يده على الخاتم .. و على امتداد السلسلة الذهبية التي يتدلى منها ذلك الحجر الياقوتي ..
جذب السلسلة الرقيقة ليقربها منها ..
قالت بنبرة من التحدي :
" أنت قلت لي أنه لي .. و قد قدمته لك ولكنك قلت ...
سقطت السلسلة من يده إلى صدرها , وقال :
" أنا أعرف ما قلته ..
و نظر في عينيها مباشرة و هو يتابع :
" هل كنتِ تريدينه دائماً ؟ .. "
رفعت ذقنها , وقالت :
" نسيت أن أخلعه .. هذا كل ما في الأمر "
" نسيتي ؟ كل هذه الأسابيع و أنتِ تنسين ؟ "
و انزلقت ذراعاه حول خصرها .. ومست أنفاسه الدافئة و جنتيها , و قال :
" هل تذكرين ليلة أن قدمته لكِ ؟ "
قالت سريعاً :
" لا .. "
رد بهدوء :
" أنا أتذكرها ... أتذكرها كأنها الأمس .. لقد قلتُ لكِ أن البريق الذي يلتهب في قلب الياقوت سيذكركِ بي .. "
" أنا .. أنا لا أذكر شيئاً .. أنا ..
اشتد ذراعاه حولها .. و همس برقة :
" لقد قلتُ لكِ أنه سيجعلك ترين كيف سيجمع بيننا مرة أخرى "
سرت رجفة خلالها .. و همست :
" لقد كان ذلك في زمن آخر من عمري .. كان ..
" نعم .. لقد كان زمناً ساحراً .. "
و ضمها إليه قائلاً :
" أخبريني أنكِ تذكرين تلك الليلة يا (بيج) .. أرجوكِ "
طافت نظرتها المحدقة بوجهه تبحث عن مزيداً من الوحشية و القسوة ..
لكنها لم تجد سوى عيناه التي كانت تلتهبان .. و قد انفرجت شفتاه أمامها بشكل مثير ..
همست :
" (كوين) ..
" جولييت ..
بعثت لمساته فيها الحياة ..
و ذوبتها قبلاته الحنون ..
و التهبت ببريق .. كالذي يلمع في قلب ذلك الياقوت ..
أحست أنها تستطيع أن تقبض على النجوم التي تبرق في ليل كونكت كت ..
و النجوم المنتشرة في سماء شوارع لندن الهادئة .. بل و نجوم العالم كله ..
همس في رقة من بين أنفاسه الهادئة :
" جولييت .. زوجتي ..
كان قلبها يضطرب من السعادة ..
و أحست بضياء النجوم يبرق فوقها و خلالها ..
و عندما عادت ببطء إلى الأرض .. آمنة بين ذراعيه ..
فهمت معنى أقدم أنواع السحر ..
الحـب ..
نعم .. إنه الحب ..

shining tears
21-09-2008, 15:39
عرفت ..
بل أيقنت .. أنها وقعت في شرك هذا الرجل الواقف أمامها ..
وقعت في غرامه من اللحظة التي وضع إصبعه عليها في ذلك الملهى بـ كونكت كت ..
أيقنت .. أن الجحيم هو أن يضعها العالم في طرفه الآخر .. بعيداً عنه ..
و أن ساعة واحدة بقربه .. هو النعيم بعينه ..
أدركت يقيناً .. أن ما يفعلانه الآن .. ليس سوى السبب الوحيد الذي خُلقا لأجله ..
أن يكونا دائماً معاً .. ولا أحد يفصلهما عن بعضهما ..
أدركت كالجحيم أنه ما من إنسان ... رجل ... يستحق قلبها ..
جسدها ..
روحها ..
و كل حياتها ..
سواه هو ..
(كوين) ..
زوجها .. و حبيب قلبها ..
* * *
استيقظت (بيج) على صوت تساقط قطرات المطر على النافذة ..
كان عقلها يضطرب بصورة غائمة كأنها في حلم ..
تمددت في كسل .. و أحست أنه صباح رائع للأحلام .. وملائم جداً لأحلام يقظتها ..
أحلام بالسماوات الزاخرة بالنجوم ..
بذراعي (كوين) القويتين ..

(كوين) ..
خفق قلبها بشدة ..
لا .. لم تكن أحلاماً مطلقاً ..
لقد كانت الليلة الطويلة الرائعة .. حقيقية ..
كانت وحيدة في فراشه ..
عرفت ذلك حتى قبل أن تفتح عينيها ..
لو كان موجوداً لكانت الآن بين ذراعيه تنعم بالدفء و الحب ..
مثلما كانت طوال الليل ..
و كأن (كوين) كان يعوض كل الليالي التي أضاعها خلال الأسابيع الماضية ..
توردت وجنتاها عندما تذكرت الساعات الماضية .. و ابتسمت وهي تجري يدها خلال شعرها
المتناثر ..
ماذا حدث للمرأة التي كانت تتجمد من قبلة واحدة ؟..
دفعت (بيج) الأغطية و خطت بقدميها العاريتين على أرضية حجرة النوم ..
و بطرف عينيها لمحت صورتها في المرآة .. وتوقفت ..
هل هي فعلاً هذه المرأة ذات الشعر المشعث ؟
ضحكت برقة وهي تفحص صورتها ..
كان جسدها يتوهج ببريق جديد و هناك لون ودري في وجنيتها لم يكن موجوداً من قبل ..
لم يعد الخاتم الياقوتي يرقد بين نهديها .. لقد كُسرت السلسلة الرقيقة أثناء الليل .. وها هي موضوعة على المنضدة .. المجاورة للسرير .. أحست أن كل شيء قد تغير ولكن المهم هو ما أحست به في قلبها ..
لفت (بيج) ذراعيها حول نفسها و دارت على عقبيها و رقصت بقدميها العاريتان على الأرض المغطاة بسجاجيد الحرير العتيقة..
أخذت نفساً عميقاً و همست للحجرة الصامتة..
" أنا أحبه .. أنا أحبه .. في كل الأوقات أحبه من كل قلبي .. "
التقطت من خزانة ثيابها ملء ذراعيها من الملابس و انتقت ما ارتدته بسرعة ..
إن (كوين) .. ينتظرها بالطابق الأرضي ..
(كوين) زوجها ..
أحست بالدوار وهي تفكر فيما سيحدث ..
منذ وقت وليس بعيد .. كانت تقف في نفس الحجرة و تراودها نفس الفكرة .. و لكن كم يختلف ذلك هذا الصباح ..
في المرة الأولى كانت تكره (كوين) ..
لا هذا غير حقيقي ..
إنها لم تكرهه على الإطلاق ..
كانت دائماً تحبه .. دائماً ..
كان الغضب والارتباك يحولان بينهما ..
و لكن صار كل هذا وراء ظهريهما ..
إنها زوجة (كوين) ..
زوجته ..
هذا ما كان يناديها به طوال الليل ..
و اليوم .. اليوم ..
فكرت و هي تضع يدها على مقبض الباب ..
اليوم هو أول أيام شهر عسلهما ..
حيتها رائحة القهوة وهي تقفز هابطة الدرج .. كان باب المكتبة مفتوحاً .. لكنها كانت خالية ..
و كذلك حجرة المعيشة الرسمية الصغيرة , بالطبع لن تعود (نورا) قبل المساء ..
سرت دفعة من اللون الوردي ..
إن كل البيت لهما وحدهما ..
كان الجو يمطر و ستكون المدفأة الرائعة .. وهناك بطانية ملونة ناعمة .. ملقاة على ذراع أحد المقاعد في المكتبة..
كان المطبخ خالياً أيضاً .. و كان أبريق القهوة يتوسط المائدة .. مليئاً بالسائل الداكن .. و بجواره فنجانان و لكن لم يبد أي أثر لـ (كوين) ..
قطبت (بيج) جبينها و عادت للصالة .. سددت بصرها إلى حجرة الجلوس الخاوية ..
هل هو بالطابق الثاني ..
تسارعت دقات قلبها .. نعم ..
إنه لابد أن يكون هناك ...
ربما يكون في حجرة الضيوف يجمع ملابسه من خزانة الثياب استعداداً للعودة إلى حجرته ..
حجرتيهما ..
و ما أن صعدت الدرجة الثانية من الدرج حتى سمعت ضوضاء في المكتبة ولكنها بحثت هناك وهزت كتفيها و اجتازت الردهة إلى الحجرة ..
لا عجب أن افتقدته في المرة الأولى ..
كان في أقصى اليسار, ويكاد الباب يحجبه .. دلفت (بيج) إلى الحجرة دون أن تصدر قدماها العاريتان أي صوت على سجادة الأرضية ..
كان ظهر (كوين) تجاهها بينما يقف أمام المنضدة ذات طراز حملات نابليون ورأته يرفع الفرش عن أحد أركان المنضدة فأنفتح دُرج خفي ..
قالت ضاحكة :
" ضبطتك متلبساً .. أدراجٌ سرية مليئة بالمال .. "دار بجسده كله .. ونظر لها قائلاً :
" ألم تسمعي مطلقاً عن طرق الباب قبل أن تدخلي الحجرة ؟ "
غاص قلبها في قدميها , وقالت :
" أنا .. أنا لم أعرف أنك .. أنا لم أقصد أن أتطفل ... "
ثم أومأت قائلة :
" سأذهب .. سأذهب إلى حجرتي .. "
"(بيج) "
" ماذا ؟ "كان لابد أن تهمس بالكلمة لتخفي اضطراب صوتها ..
تناول مظروفاً من الدرج و وضعه في جيب سترته و أغلق الدرج بقوة ..
عندما نظر لها مرة أخرى .. كانت على وجهه ابتسامه لطيفة ..
" أنا آسف .. لم أقصد محادثتكِ بحدة .. لقد روعتني .. هذا كل ما في الأمر "
أومأت قائلة :
" لا .. لا بأس يا (كوين) .. أنا .. أنا ..
و نقلت نظرها بين قدميها العاريتين و وجهها .. ثم قالت :
" أظنك لم تسمعني إنها إحدى عاداتي .."

shining tears
21-09-2008, 15:42
و ابتسمت ثم أضافت :
" التجول بقدمين حافيتين .. "
خبا صوتها ..
لماذا لم يخطر ببالها أن الأمور قد تتوتر بينهما هذا الصباح .. لا بد أن ينقضي بعض الوقت قبل أن تتناغم علاقتهما الجديدة ..
و لكن لديها كل وقت العالم .. الأعوام أمامهما .. حافلة بالحب و الاكتشاف ..
قال :
" لقد أعددتُ بعض القهوة في المطبخ أنا متأكد أنها ليست بمستوى ما تصنعه (نورا) ولكن ..
قالت بسرعة :
" إن رائحتها رائعة "
و راقبته و هو يتجه لمكتبه و يفتح أحد الأدراج ..
وقالت :
" لما لا تصب لنفسك فنجاناً .. وتشربه ريثما أُعد الإفطار "
أغلق الدرج بعنف , وفتح أخر , وقال :
" الإفطار ؟؟! "
أومأت (بيج) قائلة :
" شيء خاص .. ما رأيك في بعض الفطائر المحلاة و شرائح لحم مقدد ؟ أو كعك الوافل .. أنا بارعة جدا في صنعه .. كان والدي دائما يحب ما أصنعه من كعك الوافل ....
((يا إلهي ما لذي جعلني أقول ذلك !!))
اعتدل (كوين) و حدق فيها , وقال بتأوه :
" والدكِ ؟ .. نعم .. كيف حاله الآن ؟ أنتِ لم تذكريه منذ فترة "
قالت بهدوء :
" إنه ... بخير .. لقد وصلني خطاب من الوطن بالأمس .. إنه يقول بأن الأمور مطمئنة في المكتب"
" دعينا نأمل أن يحافظ على الأمور في هذه الحالة "
جمدت دمائها لدى غموض صوته ..
و لأول مرة .. تنبهت إلى أنه يرتدي ملابس الخروج للعمل ..
كان اليوم هو يوم السبت .. وبدلاً من بنطلونه القطني المخملي الزغب , وسترته الصوفية ذات القبة الواقفة الضيقة .. كان يرتدي بذلة شاحبة كاملة ..
وكان معطفه الواقي من المطر ملقي على ظهر أحد المقاعد .. و في وسط الحجرة , كانت هناك حقيبة سفر ..
" هل أنت .. ذاهب إلى مكان ما ؟ "
أغلق الحقيبة بحركة سريعة وقال :
" نعم .. لدي أعمال في أدنبرة , ألم أذكر لكِ ذلك من قبل ؟! "
" لا .. أنت لم تقل أي شيء عن ..
قال ببساطة :
" ظننتُ أنني فعلت "
و طوح بالمعطف على ذراعه الممسكة بحقيبة عمله .. و اتجه إلى الباب قائلاً :
" حسناً .. لا بأس , لن تكوني بمفردك لمدة طويلة .. ستعود (نورا) هذا المساء "
اضطرب قلب (بيج) و هي تهرول خلفه إلى الباب الأمامي .. وقالت :
" ولكن .. ولكن .. متى ستعود يا (كوين) ؟؟ "
توقف لدى الباب وقال بلهجة آمرة نافذ الصبر :
" بعد أيام قلائل "
و رددت هامسة :
" بعد أيام قلائل ! "
أومأ قائلاً :
" سأعود في نهاية الأسبوع "
و بدا كأنما يريد أن يضيف شيئاً .. ولكن بعد لحظة صمت , استدار و وضع يده على مقبض الباب و قال :
" سيمكننا أن نتداول الأمور عندئذ "


ابتلعت ريقها بصعوبة , وقالت :
" نتداول الأمور ؟ "
سمعت نفسها تردد كل شيء يقوله لها .. كما لو كان طائر المنية الآسيوي ..
و أضافت :
" أنا لا أفهم .. "
قال بصوت خال من أي تعبير :
" نحن .. أنا و أنتِ .. لا معنى لاستمرارنا على هذا الحال يا (بيج) .. أريد أن تستقر الأمور "
فتح الباب .. فهبت من الشارع عصفة ريح محملة ببرد المطر ..
" ظننتُ .. ظننتُ أننا فعلنا ذلك الليلة الماضية .. عندما أنت .. عندما نحن ...
استدار ليواجهها .. كانت عيناه في هدوء البحر قبل العاصفة ..
" لقد نمنا سوياً .. لا تحاولي أن تصنعي من الأمر أكثر من ذلك ! "
أحست بالدماء تهرب من وجهها ..
و علا نفير سيارة بالخارج ..
" لقد وصل التاكسي ..لا بد لي أن أذهب يا (بيج) "
كان صوته جافاً .. و أضاف :
" سنتحدث عندما أعود "
" (كوين) ..
لكنه كان يبتعد مسرعاً إلى سيارة الأجرة ..
راقبته وهو يفتح الباب ويدلف إلى السيارة ..
و ظلت تراقب السيارة الأوستن السوداء .. حتى تداخل لونها مع لون الشارع الممطر الرمادي و اختفت ..
و بالكاد تذكرت المسكينة أن تغلق الباب خلفها ..
(( فقط أخبريه أني قد خرجت !))
كانت المكتبة باردة . النيران تلتهب في المصطلى ، ولكن تسللت النسمات الباردة لليوم الملبد بالغيوم إلى الحجرة , تهاوت (بيج) على كرسي ذي ذراعين وظهر مرتفع , وحدقت في ألسنة اللهب المتراقصة وهي ترشف فنجاناً من القهوة المرة , وحاولت أن تفهم ما قاله (كوين) ..
(( أريد أن تستقر الأمور ))
لقد ظنت أن ما حدث بينهما ليلة أمس قدفعل ذلك ..
ولكن ما تقاسماه كان أكثر من إشباع مجرد رغبة ..
و(كوين) يعرف ذلك ..
يجب أن يعرف (كوين) ذلك..
كل شيء فعلاه معاً ليلة أمس , الساعات البالغة العذوبة من اللمسات .. والقبلات .. والاكتشاف ..
كل هذا شيئاً خاص .... أليس كذلك ؟
(( لا تحاولي أن تصنعي من الأمر أكثر من ذلك ))
ارتجفت يدها وهي تضع الفنجان على المنضدة . هل هذا ما فعلته ؟ ..
أن صنعت من الأمر أكثر من أنهما ناما معاً ..
نهضت من مقعدها وسارت إلى باب داخلي .. ما الذي تعرفه عن الحب ؟ ..
هكذا حادثت نفسها وهي تزيح الستائر وتمد بصرها إلى الحديقة التي غسلتها مياه الأمطار .. إن لديها خبرة محدودة جداً .. وربما تكون عديمة الخبرة , ولكنها ليست بلهاء .. هناك حب رائع وحب سيء , مثلما هناك محبون بارعون وآخرون سيئون ..
و(كوين) ..
(كوين) محب بارع , قوي , ورجل وسيم في ربيع عمره ..
إنه يعرف كيف يسعد امرأة .. ولقد كان سلوكه معها ينبض بالحب .. ولكن ...
(( لا تصنعي من الأمر أكثر من ذلك ))
لقد قضت الليل بين ذراعيه , ولكنه لم يقل مطلقاً : أنا أحبك , فقط كان يناديها بـ جولييت الجميلة , ذكرها بالسعادة التي أدخلها عليها , وكم كانت تريده , ولكن ماذا يعني ذلك عند مقارنته بالكلمة البسيطة التي لم ينطقها مطلقاً ؟
تركت (بيج) الستائر تعود لموضعها . وغاصت في كرسيها محدقة في النيران , هل كانت تخدع نفسها ؟
ألم يتوقف (كوين) عن كراهيتها رغم كل هذا المرح والصداقة الحميمة ؟
يا له من تعذيب خاص يشمل قلبها بالإضافة إلى جسدها ..
(( عندما تريدين رجلاً , سأكون هنا ))

shining tears
21-09-2008, 15:46
إنها تذكر الليلة التي أعطى فيها هذا الوعد القاسي ..
ولكن كل منهما قال أشياء بقصد جرح مشاعر الآخر في تلك الليلة ..

في ليلة أمس , ظنها تريد ( جاك ويرد ) ..
انتفضت واقفة , وهمست :
" لا "
ترددت همستها في الحجرة الصامتة , هذا جنون . لو كان الأمر كذلك لكان أخذها عنوة . ولكن كان رقيقاً ومراعياً وحرص على أن يمتلك كل أحاسيسها ..
((سأبادلك الحب حتى تتوسلي لي أن أتوقف و أبتعد و عندها , أكون قد تحررتٌُ منكِ أخيرا))
شهقت طلباً لأنفاسها , كأن الهواء قد سحب من الحجرة فجأة ..
ماذا حدث ؟
إن (كوين) يهتم بها ..
ليس فقط لليلة أمس , ولكن في كثير من الأمور الأخرى ..
وهي على يقين من ذلك ..
لقد كانا سعيدين معاً خلال الأسابيع الماضية .. زارا أماكن عدة , وفعلا الكثير من الأشياء
معاً , وضحكا , وتحدثا ..
ولكن لم يتحدثا مطلقاً عما جمعهما معاً ..
عندما حاولت , قاطعها (كوين) بسرعة , ولم تحاول فرض الموضوع ..
لماذا تخاطر بإفساد الأمور ؟
هكذا قالت لنفسها بعد أن رأت أنهما غير مضطرين للحديث عن الماضي بعد أن خلفاه وراء ظهريهما
لكن هذا غير حقيقي ..
(( أنت في الواقع لم تتركي الماضي مطلقاً, أفضل ما يمكنك عمله هو الأمل في أن تستطيعي فهمه . عندئذ يمكنك بناء مستقبل)) .
زفرت (بيج) أنفاسها ببطء . هذا ما قصده (كوين) عندما قال أن الأمور يجب أن تستقر بينهما ..
خفق قلبها ..
بالطبع! لقد فهمت وكان على حق ..
إن رغبة كل منهما في الآخر , بل وحتى الوقوع في الحب , لا يمكن أن يغيرا من السبب البغيض لزواجهما ..
يجب أن يتحدثا عن (آلن) وعن أبيها ..
عندئذ سيصبحان أخيراً أحرارا ًفي بدء حياتهما معاً ..
إنها السيدة (كوين فولر )..
(بيج فولر)..
امتدت شفتاها في ابتسامة ..
شيء ٌ مضحك , إنها لم تدع تفكيرها يسلك هذا التفكير من قبل على الإطلاق , ولكنه صار طريقها وهذا ما كانت تريده ..
إنها زوجة (كوين) ..
أجفلت لدى سماعها رنين جرس الباب . تنهدت (بيج) وسارت خلال الصالة إلى الباب الأمامي ..
وحادثت نفسها ... لقد عادت (نورا) مبكراً , ربما خوفاً من المطر ..
إن أختها تعيش في أقصى الطرف الآخر من لندن , وهي تنتقل من باص لآخر في طريق عودتها , وفي يوم كهذا فإن الباصات تتأخر دائماً وتكون الصفوف طويلة ..
ابتسمت (بيج) وهي تفتح الباب , وقالت :
" هل نسيتي مفتاحك يا (نورا) . أنا سعيدة بعودتك .. كنت على وشك إعداد كوب من الشاي ...
صمتت كلماتها فجأة عندما وقع بصرها على الشخص الأشقر الطويل الواقف بالباب ..
وقالت غير مصدقة :
" أبي ! "
كان وجه (أندرو جارونز ) حزيناً , وقال :
" مرحباً يا (بيج) , هل يمكنني الدخول ؟ "
حدقت فيه ثم أومأت وأفسحت له الطريق قائلة :
" نعم , نعم , بالطبع , أنا فقط ....
حبست أنفاسها عندما أغلق الباب خلفه . وقالت :
" هل حدث شيء ؟ أمي ....
" أمك بخير "
أغلقت (بيج) عينيها بارتياح , وقالت :
" الحمد لله , ظننت ...
نزع والدها معطفه وناوله لها . وراقبها وهي تعلقه على المشجب وراء الباب , وقال :
" يمكنك أن تقولي بأني جئت إلى هنا لأجل العمل ."
" العمل ؟ "
أومأ والدها قائلاً :
" نعم , هل يمكننا الجلوس يا (بيج) ؟ "
وابتسم بطريقة إعتذارية , وتابع :
" وقد يمكنني أخذ كأس من البراندي إذا كان لديكم "
حدقت فيه متسائلة :
" ولكن أي نوع من العمل ؟ .. لم يقل (كوين) مطلقاً ..
" البراندي أولاًَ من فضلك . لقد إنتظرت دهراً من أجل سيارة أجرة في المطار ."
أومأت قائلة :
" بالطبع . تعال واجلس بجوار المدفأة وسأحضر لك الشراب "
تبعها إلى المكتبة , وراقبها وهي تتناول كأساً وتصب كمية وافرة من البراندي , وتناوله له .
" شكراً .. في صحتك .. أليس هذا ما يقولونه هنا ؟ "
عب الكأس في جرعة واحدة ثم سحب شهيقاً من بين أسنانه . وقال بضحكة غريبة :
" قد يكون من الطيب أن تأخذي كأساً لنفسك ."
حدقت فيه للحظة ثم أومأت قائلة :
" ربما "
سكبت قليلاً من البراندي في كأس , وقالت :
" ولآن يا أبي , لماذا لا تخبرني بما في الأمر ؟"
جال ببصره في الحجرة , وقال :
" إن منزلكما جميل يا عزيزتي "
ثم أشار إلى اللوحة المعلقة فوق المصطلى , وقال :
" هذه لجان أنطوان واطو ( فنان فرنسي ) أليس كذلك ؟ إنها غالية "
بدأت قشعريرة تسري في أوصال (بيج) , ونظرت إليه قائلة :
" (كوين) ليس هنا "
التفت إليها قائلاً :
" هذا شيء طيب أيضاً "
ازدادت القشعريرة بجسدها . وقالت :
" ولكنك قلت أنك جئت من أجل العمل يا أبي "
" نعم , ولكن لا شأن لزوجك بذلك , الأمر يخصنا , أنا وأنت فقط "
زمت حاجبيها وسألت :
" عن أي شيء تتحدث ؟ "
التقت عيناه بعينيها ثم صرفهما بعيداً , وتمتم :
" لو كان لدي خيار لما جئت أتحدث إليك .. لا بد أن تفهمي ذلك يا (بيج) .. ولكن أنا ..
أنا ... أنا ليس لدي أي ملجأ آخر و ..
" هل تعرف أمي أنك هنا ؟ "
ارتفعت رأس (أندرو) بحدة , و قال :
" بالطبع لا , أنا .. أنا فقط أخبرتها أني مضطر للسفر خارج المدينة في مهمة عمل "
" للسيد ((أندرو جارونز )) ؟ "
ضحك والدها قائلاً :
" بالضبط "
التقطت (بيج) نفساً عميقاً , وقالت :
" أرى أنه من الأفضل أن تخبرني سبب حضورك "
أومأ قائلاً :
" نعم , حسناً "

shining tears
21-09-2008, 15:48
و نظر إلى زجاجة البراندي باشتياق , وقال :
" أنا لا أفترض ..
" أبي أرجوك , ماذا في الأمر ؟ "
" حسناً يا (بيج) .. سأقصد مربط الفرس .. أنا مضطر لاقتراض بعض النقود منكِ ! "
" نقود ؟ و تأتي لي ؟ "
كادت (بيج) تضحك , و تابعت :
" ليس لدي أي نقود يا أبي "
" لا تكوني سخيفة "
كان صوته حاداً , و أضاف :
" لقد تزوجت ثروة "
قالت بكلمات واضحة متأنية :
" لقد تزوجت رجلاً .. هناك فرق "
هز كتفيه , وقال :
" المهم , أن لديك الكثير من النقود يا (بيج) .. أنا أحتاج بعضها يا ابنتي "
نظرت إليه قائلة :
" لأي غرض ؟ "
" ما لفرق ؟ أنا ..
ارتفعت ذقنها و كررت :
" لأي غرض يا أبي ؟ "
زاغت عيناه من عينيها , وقال :
" لا .. أنا ... أنا احتجت أكثر من .. لقد اقترضتها من مكان آخر "
شحب وجه (بيج) , وقالت :
" تقصد أنك اختلست من مؤسسة ((أندرو جارونز )) مرة أخرى ؟
أبي .. هل .. جننت ؟
لقد أقسمت أنك ...
لوح أندرو جارونز بيده قائلاً :
" ليس لـ آل (أندرو جارونز ) أي دخل بالموضوع .. إنه قرض من شخص ما .. صديق قديم لصديقي .. ولو سارت الأمر كما ينبغي لأمكنني سداده بسهولة .. ولكن !
" ولكن ؟؟ "
ضحك بضيق قائلاً :
" ولكن الأمور لم تفعل "
" أية أمور ؟؟ "
قال بتبرم :
" لا يهم .. مالفرق ؟ الآن أنا أحتاج ..
رفعت (بيج) ذقنها , وقالت بلهجة ساخرة مليئة بالقسوة :
" أنت تحتاجني الآن لأخرجك من ورطة أخرى .. نفس ما حدث لنا من قبل .. الفارق الوحيد هذه المرة أنك قد قررت أن تطلعني على الأمر بنفسك قبل أي شيء ! "
لوى والدها فمه و قال لها :
" لا أعرف ماذا تقصدين يا (بيج) "
" لا عليك يا والدي .. الوقت قد تأخر لمثل هذه الألعاب .. كلانا يعرف لماذا كنت متحمساً لزواجي من (آلن) .. كان ذلك سيمثل ضمانا لك في المستقبل بحيث لا تحاكم أبداً إذا ضبطوك "
قال بلهجة دفاعية :
" لقد نجح تدبيري .. فلقد تزوجتِ زواجاً طيباً .. و امتلكت كل هذا المال "
نهضت (بيج) , وقالت بثبات :
" خطأ ..
زوجي هو من يمتلك كل هذا المال وليس أنا "
" تستطيعين الحصول على بعض منه , أليس كذلك ؟ "
" لن أخرجك من هذه الورطة يا أبي .. أخبر من اقترضت منه المال – أياً من يكون - أنك لن تستطيع ..

" (بيج) أنصتي لي يا ابنتي , أنا أعرفك .. و أعرف أن فكرتك عني ليست طيبة .. ولكنني في مشكلة حقيقية هذه المرة .. فكري في أمك إن لم يكن فيًّ "
" أخبره أنك سوف تسدد له ديونه بالتقسيط , هذا ..
" الهي العظيم " ...
ارتفع صوته في ألم صادق .. و أضاف :
" سيقطعون ساقيَّ ألا تفهمين ؟ سأجد نفسي في طريق مظلم . "
" أي شيء تتحدث عنه يا أبي ؟؟ لقد قلت أنك اقترضت من صديق ..
و حدقت في عيني والدها ..
ثم أضافت بتأوه بعدما اكتشفت الحقيقة :
" مرابي ...
اقترضت من مرابي , أليس كذلك ؟ مرابي لا يرحم !!
" كان هذا الطريق الوحيد الذي كان علي أن أسلكه لأحصل على ما أحتاجه من النقود "
" لكن .. لن يؤذوك حقاً , أليس كذلك ؟ إن مثل هذه الأمور تحدث في الأفلام الشريرة فقط "
" إنها تحدث في الحياة الحقيقة أيضاً يا ابنتي البريئة , أنا .. أنا .. اقترضت النقود لبعض الوقت , عدة أسابيع , و إذا لم أدفع حتى بعد غد ...
ارتجف صوته , و أضاف :
" فقط أرضيني ما أحتاجه لمدة أسبوع .. أسبوعان على الأكثر .. أتوسل إليكِ يا (بيج) "
غاصت (بيج) في المقعد المواجه له , وثبتت عيناها عليه , و همست :
" مرابي .. في البداية سرقت .. و الآن ..
قال بسرعة :
" أنا لم أسرق شيئاً لقد اقترضت .. هناك فرق "
قالت بحدة :
" لا فرق على الإطلاق "
لماذا غابت الحقيقة عنها كل هذا الوقت ؟ ..
لا يمكن لها أن تتجاهل الأمور لأنها غير سارة ..
إن في الانزواء في الأركان المعتمة تتكاثر الظلمات كأنها الموت ..
" (بيج) أرجوكِ ..
كان صوته خافتاً مليئاً باليأس ..
همست :
" لماذا فعلت ذلك ؟ أنا لا أفهمك صدقاً "
هب (أندرو) واقفاً :
" ما ظنكِ أنت ؟ لا مغامرة يعني لا ربح .. لقد ظللت دائما أحاول أن أقول هذا لك ولأمك ... ولكن لم تفهم أي منكما ذلك .. لقد ظننتما أن الأمر لا يخرج عن كونه لعبة سخيفة ! "
" لقد فهمنا .. كنت تريد أفضل الأشياء لنا .. ولكن كان لدينا كل ما نحتاجه يا أبي .. لقد أعطيت كل شيء "
هز كتفيه مستخفاً بكلامها , وقال :
" هل جربتي إحساس أن تديري أموال الأغنياء بينما ليس لديك أي أموال خاصة بك ؟ "
وتابع و القسوة تتجلى في عينيه بينما أضاف لها مقلداً :
" هل فقدنا بضعة ألاف اليوم يا (جارونز) ؟ حسناً لا بأس .. هناك المزيد الذي سيأتي من حيث ذهبت "
ذهبت نبرة التقليد من صوته , ومط فمه للأمام قائلاً :
" أنا في ذكاء أي منهم .. الجحيم .. الفارق الوحيد بيني وبين من أنفقت حياتي في خدمتهم هو مدى إقدامهم على المغامرة "
و انثنى تجاهها و تابع :
" ينبغي أن أكون قد حققت ثروة في هذا السن يا (بيج) .. لقد حصلت على صيغة للتنبؤ بأن السوق سوف ..
كان والدها لا يزال يتحدث , بينما (بيج) لا تصغي له ..
كيف كانت هي و أمها بهذا العمى ؟ ..
ربما كان من الأفضل الابتسام على برامجه لتحقيق الغنى بدلاً من مواجهة الحقيقة ..
نعم الحقيقة ..
الحقيقة التي تتمثل في أن هذه الفكرة الخطيرة متسلطة عليه و كأنها إدمان قاده أخيراً إلى هذا الوضع الحرج الميئوس منه ..
فقط لو كان (كوين) موجوداً .. سيعرف ما سيفعله ..

shining tears
21-09-2008, 15:52
لكنه سافر .. و ليس لديها ولو رقم تليفون يمكنها من الاتصال به ..
ولن يعود قبل نهاية الأسبوع القادم ..
و في ذلك الوقت .ز فإن والدها ربما يكون ...
قالت :
" حسناً ... حسناً سوف أقرضك المال الذي تحتاج إليه "
ضحك والدها بصوت عال :
" بوركتِ يا ابنتي .. سوف أعيد كل بنس مع فائدته .. إن صيغتي ..
قالت (بيج) بحدة :
" لا أريد أن أسمع شيئاً عن صيغتك .. أنت بحاجة إلى المساعدة يا أبي .. أنت ...
بدت على وجهه نظرة نبهتها بأن توفر جهودها ..
ليس هذا وقت المحاضرات ..
فضلا عن ذلك .. فضلا عن ذلك , فإن والدها لم يدرك مشكلته مثلما تراها هي و والدتها ..
و بتنهيدة استسلام , نهضت من مقعدها ..
قالت :
" فقط دعني أحضر دفتر شيكاتي .. كم تحتاج ؟ "
زم شفتيه و أجرى يديه أسفل ياقة قميصه , وقال :
" عشرة ألاف دولار "
بدت كلماته و كأن صداها يتردد في الحجرة ...
حدقت فيه (بيج) صامته لما بدا لها كأنه الدهر بعينه ..
" عشرة ألاف دولار ؟؟! "
أومأ وقال بسرعة :
" سوف أعيدها .. أعدك ...
" لكنني ظننت أنك تحتاج مئات قليلة !! "
اغتصب ضحكة محدودة , وقال :
" و هل أتكبد عناء سفر كل هذه المسافة لأجل مئات قليلة من الدولارات يا (بيج) ؟
أنا أحتاج عشرة ألاف دولار . "
هزت (بيج) رأسها و قالت :
" ولكن أنا ليس لدي هذا المبلغ ! "
" ماذا تقصدين ؟ إن زوجك رجل ثري "
" إن حسابي بالبنك يقل عن الألف يا أبي .. بالدولار هذا يعني ...
قال بلهجة غاضبة :
" أنا أعرف ما يعنيه .. هذا مستحيل يا (بيج) .. لابد أن لديك أكثر من ذلك "
و لكنها نظرت إلى وجهه و قالت بتأوه :
" أنا أسفه ليس لدي ما يمكنني عمله من أجلك "
شحب وجه والدها , وقال :
" سيقتلونني .. لقد فعلوها من قبل .. الرجل الذي حدثني عن هؤلاء الناس حذرني بأنه يعرف شخصاً اقترض منهم ولم يستطع الدفع و أن .. أنه أختفي تماماً "
اشتدت ضربات قلبها .. و قالت :
" اذهب للشرطة "
" الشرطة ؟؟ سيزيد ذلك من سوء الأمور .. أنت لا تتحدثي للشرطة عن ناس كهؤلاء .. هذا إن أردتِ أن تبقي على حياتك "
غاص (أندرو جارونز) في المقعد مرة أخرى .. و أجرى يده خلال شعره الأشقر و قال :
" لابد أن تفكري في شيء ما .. بالتأكيد لابد أن لديكِ شيء له قيمة "
اندفعت يد (بيج) لا إرادياً إلى صدرها .. و بحركة دفاعية بحثت عن خاتم (كوين) الياقوتي قبل أن تتذكر أنه على المنضدة في حجرة النوم ..
و كأنه قرأ والدها ما يدور بتفكيرها فقال :
" مجوهرات .. لابد أن زوجك قدم لك مجوهرات كثيرة "
قالت سريعاً :
" لا .. لا شيء على الإطلاق "
غير معقول أن تعطيه خاتم (كوين) ..
غير ممكن على الإطلاق ..
ضاقت عيناه و قال :
" نحن نتكلم بشأن حياتي يا (بيج) ... أنتِ لن تبخلي علي بما ينقذها "
" أبي أنا ... "
قال بلهجة خشنة :
" فكري يا ابنتي .. هل توجد خزينة بالمنزل ؟ "
" لا "
و فجأة تذكرت دخولها للمكتبة هذا الصباح حيث كان (كوين) يقف أمام المنضدة التي يعود تاريخها إلى عصر حملات نابليون ..
" خيراً ؟ "
أومأت وقالت مستسلمة :
" يوجد درج سري ...
نظرت لوالدها قائلة :
" أنا حتى لا أعرف إن كان به شيئاً أو لا ..
" افتحيه "
ملأ الكرب عينيها , وهمست :
" هذا خطأ .ز لا يمكنني مجرد ..
" ما سيحدث لي سوف يعذب ضميرك للأبد "
ابتلعت ريقها و قالت بتؤدة :
" حسناً .. انتظر في الصالة "
و أغلقت باب المكتبة خلفها ثم سارت ببطء إلى المنضدة ..
و بعناية رفعت المفرش عن ركنها النحاسي .. فتحرك الدرج بسهولة , و اندفع جاهزاً مفتوحاً ..
كانت بداخله بعض المظاريف المرتبة بدقة ..
كان بالأول جواز سفر (كوين) .. و بالثاني أوراقاً وثائقية ..
ظفر قلبها متجاوزاً إحدى دقاته عندما وصلت للمظروف الثالث ..
كان المظروف يحوي نقوداً .. أوراق نقد أمريكية ..
أخرجتها و عدتها ..
ثمانية ..
تسعة ..
عشرة ..
وضعت (بيج) الأوراق النقدية على المنضدة و حدقت فيها ..
كيف يمكنها أن تأخذها ؟
إنه خطأ ..
حتى ليلة الأمس كانت زوجة (كوين) بالاسم فقط ..
و مع صعوبة بدايتهما .ز فإن كل ما قاما به بالأمس يمكم أن يذهب أدراج الرياح إذا ما أقدمت على ذلك !
و أحنت رأسها ..
آه .. ليته كان موجوداً ..
لكنه غير موجود ..
لقد عبر والدها المحيط ليخبرها أن حياته في خطر ..
قلبت الأوراق بإبهامها مرة أخرى ..
هل ستكون النقود ذات قيمة عند (كوين) ؟
إنها تشك في ذلك .. إن زوجها رجل ثري .. لقد أنفق من الأموال ما يساوي تحت يدها الآن في عصر ذلك اليوم حين أخذها للتسوق ..
و لكن المهم أنها ستكون قد أخذت النقود دون علمه .. سرقتها يعني ..
سرقتها و أعطتها لوالدها .. اندرو جارونز .. نفس الشخص الذي سرق أبوه في السابق ..
نفس الشخص الذي حماه (كوين) ذات مرة ..
و لكن ما هي فرص الخيار أمامها الآن ؟
لا يمكنها أن تدع والدها يُؤذى .. بالتأكيد سيتفهم (كوين) موقفها ..
أخذت نفساً عميقاً .. وفتحت باب المكتبة , و دفعت بالنقود إلى والدها قائلة :
" هاهي .. و الآن , انصرف و لا تأتي مطلقاً لتطلب معونتي مرة أخرى أرجوك "

shining tears
21-09-2008, 15:53
أخرج والدها أنفاسه بارتياح وقال :
" شكراً لك يا طفلتي العزيزة .. شكراً لك .. أقسم أنني عندنا أخرج من هذه الورطة فلن أكررها مرة أخرى على الإطلاق "
و نظر إلى ساعته قال :
" إذا أسرعت , فإنه يمكنني أن ألحق بأول طائرة عائدة إلى الوطن .. هل يمكن أن تطلبي سيارة أجرة تليفونياً ؟ "
تقلصت معدتها لدى فكرة أن تتبادل معه حديثاً قصيراً أثناء انتظاره لسيارة الأجرة ..
بدا لها من الأسهل أن تصحبه بنفسها في سيارة (كوين) إلى المطار ..
التقطت معطفها من على المشجب , وقالت :
" سأخذك للمطار بنفسي .. فقد ترك (كوين) سيارته بالجراج "
تنحنح والدها , وقال :
" (بيج) ؟ "
توقفت بينما تقبض يدها على مقبض الباب ..
و أجرى أندرو لسانه على شفتيه و قال بصوت مبحوح :
" أعرف أنني لم أكن ذلك الأب العطوف كما كان ينبغي و لكن ... و لكنني أحبك يا ابنتي , فقط أردتك أن تعرفي ذلك "
أحاطها بذراعيه ..
أذهلتها الحركة البسيطة منه ..
هي حصل أن أحتضنها من قبل على الإطلاق ؟
إذا كان قد فعل ذلك من قبل , فإنها لا تستطيع أن تتذكر ذلك الآن ..
وقفت ساكنة بين ذراعيه ثم .. و بتردد .. وضعت ذراعيها حول عنقه في ضمه تكاد تشعر بالحنان فيها ..
و همست :
" أنا .. أنا أحبك يا أبي "
لفحتهما هبة ريح باردة عندما فُتح الباب الأمامي ..
تباعدت (بيج) و والدها .. لقد كانت مدبرة المنزل تقف في المدخل تحدق فيهما ..
قالت (بيج) في اندفاع :
" (نورا) ؟ .. أنا .. أنا لم أتوقع حضورك قبل المساء "
رفعت المدبرة حاجبيها و قالت :
" هذا ما أراه يا سيدتي .. في الواقع أرى أنني جئتُ مبكرة قليلاً "
و ارتفعت ذقنها و أضافت :
" أظن أن السيد (فولر) غير موجود "
" (كوين) ؟؟ "
و اندفع فيضان من الدماء إلى وجهها و قالت :
" لا .. لا , إنه غير موجود هنا , إنه .. "
و استدارت لتقدم والدها , و لكن طرأت لها فكرة أفضل ..
ستكون هناك أسئلة ليس لديها وقت للإجابة عليها , وقالت :
" كان في طريقنا للخروج الآن "
استنشقت (نورا) أنفاسها متسائلة :
" حقاً ؟ "
أومأت (بيج) , وقالت :
" نعم .. نحن .. نحن في عجلة من أمرنا , ولذلك كنت فقط سوف ..
أفسحت مدبرة المنزل الطريق و قالت :
" ماذا أقول للسيد (فولر) إذا أتصل ؟ "
" أخبريه أن ..
ترددت (بيج) , و أخيراً قالت :
" فقط أخبريه أني قد خرجت "
زمت (نورا) شفتيها و قالت :
" أفهم يا سيدتي "
" لستُ أدري متى أعود .. قد أتأخر "
استنشقت (نورا) أنفساها مرة أخرى و قالت :
" نعم ..
نعم .. أرى ذلك "
كالاطفال يا محبوتي
تنهدت بيج بضجروهي توقف محرك الجاجور كانت تتوقع أن تعود متأخرة ولكن بدا ذلك شيئا سخيفا لقد انتقضت ساعات مند ان غادرت المطار . امتد عصر ذلك اليوم الى الليل بارد بلا قمر وهطل المطر مرة أخرى بعد ما كان قد توقف لفترة .
كانت الشورارع هادئة وكان المنزل مظلما ظنت بيج أن نورا قد نامت واحست بوخزة من الندم حتى مدبرة المنزلالتي تتعامل معها بكياسة لا ترقى مطلقا الى ود حقيقي كانت ستصبح الليلة وصيفة تقوم بواجبات الضيافة .
دلفت الى المنزل واسنتدت ظهرها الى الباب المغلق كان جانبي راسها يخفقان من الالم ربما الصداع بسبب التوتر . لقد تراكم مند غادرت المنزل مع والدها مند ساعات . لقد تأمر كل شى ضدها : كانت حركة المرور
الى المطار هيرو رهيبة ثم كانت هناكحادثة على الطريق السريع أدت الى تحويل المسار المرور الى الطريق بديلة. وكانت غير مستريحة لقيادة على ما ترى انة جانب الخطا من الطريق . عندما وصلا المطار أخيرا , كانت طائرة والدها قد اقلعت .
قال:(( لا داعي لانتطارك يا بيج .ساكون على ما يرام )). أومات وبدأت ثم تنهدت , وافتعلت ابتسامة قائلة
(( لاعليك يا أبي , دعنا نأخد بعض بعض القهوة )) تحول والدها من القهوة الى البراندي بعد فترة . وقال
)) اريد شي يخفف من التوتر ))
وكان هذا ما فعلة البراندي تماما لقد ظغى علية الندم على الماضي بل يكاد يبكي , واخد بلا توقف كيف أنه يريد الفضل لها دائما , حتى قالت له بيج أخيرا أنه الرجل الذي يداوم على هذا القول , لايريد انه فعل بعض الاشياء
الغريبة ولغير ممكن الصفح عنها ومعا ذلك غعندما . أخيرا موعد ركوب طائرتة , ضمها ايه وأغرورقت عيناها
وعدها قائلا )) سأرد كل دولار أبلغي ذلك لزوجك ذلك عني .))
تنهدت بيج وهي تفك أزرار معطفها قبل أن تفعل ذلك كان ان تخبر كوين أنها ستأخد كل النقود . يالهي ترهب ذلك ! لكنه سيفهم ذلك , لو انه انصت بقلبة , وكانت متاكدة أنه على استعداد لذلك , عندما يعود الى المنزل سيضع جانبا كل سوء الفهم الذي باعد بينهما لقد جمعهما الحب ولكن يمكن للصدق والثقة فقط أن يجعلا زواجهما حقيقا .
بدا لدرج شاهقا شديد الانحدار كأنه جرف صخري , كان رأسها قد بدأ يدق بقوة . حسنا . هكذا فكرت وهي تصعد حثيثا الى الطابق العلوي سوف يذهب بعض الاسبرين ونوم ليلة هادئة وسترى عنها مكاملة تليفونية من كوين بنفس الدرجة وأكثر . لن تخبره بزيارة والداها أثناء المكالمة من الافضل أن يتم ذلك وجها لوجة _ ولكن سماع صوتة سيجلها تشعر بتسحن .
توفقت على منبط الدرج . ربما اتصل وهي بالخارج لا , كانت نورا ستترك لها رساله على المائدة بالردهة ,
ولاشي هناك الوقت متأخرولكن ليس لدرجة تمنعه من الاتصال . ستأخد حماما وترتدي ثوب نومها و تتعلق بالرجاء.
كانت حجرة النوم مظلمة , كانت الستائر تحجب الليل الممطر . لرأت أن ذلك من عمل نورا . وغاصت بالفراش . ياالهي انها منهكة القوى , لقد أهلكها زرياة والدها . الان هناك مجموعة جديدة من الشاكل أضيفت الى القديمة .
وضعت يدها على حلقها . تبحث كالعادة , عن التعزي بخاتم كوين.
الخاتم ! أين هو؟ هبت بيج واقفة على قدميها , خفقت ضربات قلبها على نحو غريب بينما أخدت تتحس بيدها في ارتباك بحثا عن الخاتم الياقوتي في المكان المعتاد بين نهديها .. ثم وكوين ...
ولكن لم يكن الخاتم هناك . النمضدة الاخرى اذن . لابد أنها نيست.
ولكن لم يكن الخاتم موجودا لقد أضاعتها انها ..
(( كفى عن ذلك )) همست بصوت عال : (( خاتم الياقوت لا تسطيع السير . لابد أنه بمكان ما ...انه )) .
غمر ضوء الحجرة .(( كوين ؟ )) حدقت بيج غير مصدقة . وكررت ضاكة
((كوين , لقد ازهقت روحي فزعا )) .
كان يستند الى الحائط . ولايزال مرتديا نفس الثياب التي كان يرتديها هذا الصباح . ارتسمت ابتسامة على شفيتة .
وقال :(( مفاجأة يا محبوبتي . لقد عدت مبكرا ))0
احست ان هناك شيئا غريبا في عينيه , كان لونهما شاحبا ويكاد يكون معتما 0
(( الست سعيدة يا بيج ))0
أخطت خطوة تجاهة , وقالت :(( بالطبع . فقط فوجئت بعودتك بهدة السرعة قلت انك ستمكث أسبوعا )) 0
((نعم))0
(( هل .... كل شي على ما يرام ؟ أنت تبدوغريبا .))
لم يكن كل شي على مايرم . لم يكون ؟ ))
لم يكن كل شي على ما يرام . هناك مسحة باطنة غامضة في عينية 0
تحدير ارسل قشعريرة خلالها. هل علم بامر والداها والنقود ؟ لا. انه مجرد ضميرها الشاعر بالاثم يتلاعب بها 0

shining tears
21-09-2008, 15:55
ابتسمت قائلة:(( كان ينبغي أن تتصل تليفونيا . كنت ساقابك في المطار ))0
طافت به نطرتة وقال ,(( كيف تسطيعين ذلك يا بيج ؟ لقد كنت بالخارج طوال المساء ))
احتسبت انفاسها (( كيف ...)) وخفضت عينها تنطر لنفسها . ولمعطف المطر الذي نسيت أن تخلعه ثم عادت ببصرها ايه وقالت )): حسنا خرجت لبعض الوقت ))
ابتسم ببرود وقال :(( هل ستخرجين مرة اخرى ؟ ))
((أخرج ... اوه لا , لا , أنا فقط نسيت أن اخلع معطفي أنا ...))
(( بالطبع كنت ستخرجين مرة اخرى )) وانفرجت شفتاه في ابتسامة مرة أخرى ساخرة , وتابع (( بعد أن تجدي هذا )) 0
ونطرت الى يده الممدودة . الخاتم الياقوتي , ينبض بالضوء متالقا في كفة .
قالت بيج بارتياح (( خاتمي . الحمد لله . كنت اخشى ..))
كنت تخشين ضياعة سيكون ذلك خسارة اليس كذلك ؟ وعلى أية حال . فهو قيم جدا ))
أنه يذكرني بليلة لقاءنا , بمدى تغير حياتي . بمدى حبي لك .
كان هذا ما وددت قوله, ولكن أوقفتها النطرة المرتسمة على وجهة هناك شي خطا تسطيع أن ترى ذلك في عينيه .كان باردتين كما لم ترها من قبل 0
هل علم بزيارة والداها ؟
لا.لا.يمكنه ذلك . انه ...نوار ! لقد أخبرتة نورا . لم تعرفها بيج بوالداها ولكن ما على المدبرة المنزل أن تصف الرجل الذي رأتة _ طويل . أشقر . كبيرالسن . وسيعرفة كوين تسارعت انفاسها هل اغلقت الدرج السري في المنضدة لعصر نابليون ؟ ربما وجدتة نورا مفتوحا . ربما عرف كوين كل شي بالفعل
((كوين )) بدا صوتها لاهثا وذو نغمة عالية وتابعت :(( مند .. مند متى عدت ؟ ))
ابتسم مرة اخرى , وادركت أنها ستطل ابتسامتة الشبيهة بالتسمامة أسماك القرش لما بقي من حياتهما 0
مد يدة مرة اخرى وقال :(( ظنتت انك تريدين خاتمك يا بيج .. ها هو خدية))
ترددت . ثم اغلقت أصابعها على الخاتم الياقوتي . للمرة الاولى , أحست بأنه بارد كأن بريقه الملتهب قد انطفا .
قالت :(( شكرا لك )) أحست في فمها بطعم الرماد متخلف عن النيران وابتلعت ريقها بصعوبة .
تركزت عيناه على عينها , وقال :(( أنت تريدين اصلاح هذا السلسة لا يمكنك معرفة ما ستفدينة في المرة القادمة
ارتفع رأسها بحدة . كان يبتسم كأنما قصد ما قالة الدعابة , ولكن كل غرائرها كانت تخبرها بشي اخر . هناك شي مروع يحدث . شي مجهول0
تقدمت منه خطوة ، وقالت :(( كوين ماذا حدث ؟ لماذا عدت مبكرا هكذا ؟))
لوى فمة قائلا : (( ليس مبكرا بما يكفي يا بيج ))
بدات خفقاتها تتسارع , وسألته :(( ماذا ... ماذا تقصد ؟))
(( لاعليك يا محبوبتي . لا تتصعني الغباء لديك الكثير من الصفات يا طفلتي , ولكن ليس من بينمها الغباء . ربما لسوء لبحظ .))
اضطرب قلبها . وببط رفعت عيناها الى عينيه ونطرت في اعماقها الخضراء الزرقاوية.
((لقد عرفت , اليس كذلك ؟ ))
كان وجهه متجهما , وقال :(( نعم لقد عرفت . عرفت كل شي))
(( كيف ... كيف عرفت ؟))
((ان نورا تعمل معي مند أعوام يا بيج . هل ظننت أنها لن تخبرني ؟)) وقبض عللا كتفيها بيديه . وتابع )) لقد اتصلت تلفونيا عصر اليوم , عندما أدركت أنني .. عندما أدركت لم أترك رقما حيث يمكن الاتصال بي لاي طارىء ))
التوى صوته وخالطه الغموض . واستطرد :(( لقد أخبرتني عن .. عن ضيفك . وعدت للمنزل بمجرد أن وضعت سماعة التليفون .))
(( والنقود ؟ هل تركت الدرج مفتوحا ))
ساد صمت عميق , وقال كوين (( لا)) وضحك بسخرية قاسية , وتابع : (( لا , كان العثور على الدرج خاويا ظنا في محلة تماما .))
أومات بيج بضجر , وقالت :(( أنا افهم ))
زفر نفسا كالفيفح من بين اسنانة , وقال : (( أنت تفهمين ؟ )) وقبضت يداه على طيات صدر معطفها , وكاد يقتلع قدميها من على الارض , وقال :(( أنت تفهمين ؟هل هذا كل ما ستقولينة ؟ ))
هزت رأسها , وقالت :(( لا. أنا , أنا ..))
من أين تبدأ كان كوين أبيض الشفتين من الغضب , وكانت تعرف أنها مدنبة . لم يكن لديها الوقت المناسب لأن تخبره باي شي , فضلا عن محاولة أفهامه لماذا أخدت نقوده وأعطتها لوالدها , ولكن صار الوقت ترفا لم يعد بملكها .

shining tears
21-09-2008, 15:56
(( خيرا )) كان صوته باردا , وتابع :(( لا تخبريني أن معين تفسيراتك قد نضب يا بيج لم يحدث لك ذلك من قبل بتة )).
(( كوين أرجوك . لم أود أ، تعرف الامر على هذا النحو . أنا ... أنا أعرف أنك غاضب ..))
ضحك قائلا :(( غاضب ؟ هل هذا ظنك بي ؟ ))
(( لنقل تتميز غيطا . ولكن .. ولكنك لاتعرف القصة الكاملة .))
اشتدت قبضتة عليها , وقال : (( لا تبددي جهدك . لقد تعبت من أكاذبيك .))
قالت بسرعة )) أنا لم أكذب عليك مطلقا أنا ...))
((أنت لم تفعلي أي شي أخر على الاطلاق .))
(( هذا غير حقيقي . فقط لو تنصت ...))
(( ما فائده الانصات ؟ لن أصدقك حتى لو قلت لي أن الماء شي رطب ))
(( كنت يائسة ولهذا أخدت النقود . أنا ..))
(( نعم . أراهن أنك كنت كذلك )) وتزايد مرارة صوتة الساخر , وتابع )) لقد عرفت أنك لن تحلصي على سنت واحد مني .))
هزت بيج رأسها , وقالت : (( لا . لقد كنت متأكدة أنني لو شرحت الامور , فستعطيني النقود . ولكن ...))
(( دعك من هذا يا بيج . انا لم أولد بالامس .)) اكههر صوتة عندما انحنى تجاهها , وتابع : (( ولماذا لا استمع لك وأنت تولفين قصصا جميلة عن زائرك ؟ الا تجدين طريقة لاداؤ أن زائرك النبيل الاشقر الشعر كان نيقولا , جاء في زيارة مبكرة ؟))
ارتفعت ذقنها , وقالت أنا لا ازمع الكذب يا كوين . أنت تعرف أنه كان هنا . ولكن فاجئني , لم يكن لدي أية فكرة .(( لم يكن لديك اي فكرة )) كان صوتة ساخرا بقسوة بينما جدبها تجاهه , وقال : (( كم مكث في منزلي ؟))
(( لم يمكث طويلا . أنا ..))(( كم مكث )) سال بلهجة آمرة .
(( أنا.. أنا لست متاكدة . عشرون دقيقة نصف ساعة .. )) لمعت الدموع في جانبي عينيها وقالت :(( لم أستطع تمالك نفسي يا كوين . أنا ..))
(( يا الهي أي امراه انت .)) زار وهو يدفعها بعيدا عنه ، وتابع :(( هل هذا هو عذر الوحيد الذي تقديمينه ؟ لم تستطيعي ! منع نفسك من .. خداعي في منزلي ؟))
همست (( أعرف ما يمكن أن يوصف به ما فعلت . ولكنه توسل لي . انا .. ))
انكمشت وتراجعت الى الحائط عندمااندفع تجاها , كانت يده مرفوعة ترتجف بغضب محكوم بالكاد . وقف متواجهين لفترة بدت كانها الدهر . حتى أنزل يده أخيرا واستدار بعيدا عنها
(( أخرجي )) لا.لا .. هكذا حادثت نفسها , وهمست :(( كوين .. أرجوك أنصت لي ))
استدلر اليها مرة أخرى وأمسك بمعصمها . وقال من بين أسنانه )) لا تثيريني . لقد فكرت أثناء جلوسي في الظلام على مدى ساعات القلائل الماضية في عشرات الطرق بلنتقام . أنتصي لي يابيج . انصرفي قبل أن تفقدي القدرة على ذلك .))
بدأت الدموع تجري على وجينتيها , وقالت : (( أتوسل اليك , فقط أعطني فرصة للتوضيح ))
أجفلت تحت ضغط أصابعه المتزايد , وقال :(( لقد كدت تفلتين بفعلتك . عشرة الاف دولا , الجاجوار .... لولا أنك كنت طماعة قليلا ..))
(( عن اي شي تتحدث أنا ....))
(( ال اي مدى ذهبت قبل أن تدركي أنك نسيت الخاتم الياقوتي ؟ الجحيم , عندما رأيتة على أنك ستعودين .)) غاصت أصابعة في جلد الرقيق بباطن معصمها , وتابع :(( على أي حال لم يكن هناك خطر .فمن المفترض انني كنت خارج المدينة ..))
(( كوين , بحق السماء ... لقد عدت لانني أعيش هنا . هذا بيتي .))
(( كانت غلطتي الحقيرة . لقد نفضت يدي هذاا الصباح ؟ أنا لم أقل( الطلاق ) مطلقا , ولكنك تعرفين ما قصدتة 0
تحول صوتة الى دمدمة , وتابع :(( وبتطبيق عقد زواجنا على ذلك , فقد أصابك الذعر . لامال .لابيت .لاسيارة . ))
(( لا .لا ))
اتقدت عيناه بنيران قائمة وهو يجدبها الية وقال :(( ولذلك قررت أن تاخدي أقصى مايمكنك . أظن انها وراثة في العائلة .))
هزت بيج رأسها بقوة من جانب الى لاخر , وقالت :(( عن أي شي تتحدث ؟ لم أكن مثل ذلك , أنا ...))
(( ولكن , لاباس . انه فقط سيزيد من قائمة الاشياء الرائعة التي ساحكيها لان اذا حاولت الاقتراب منه مرة أخرى. ))
أضاءت وجهة ابتسامة في برودة الليل , ووواضاف :(( بدء بوصف تصويري لما فعلنا . لافراش ليلة أمس .))
كانت كلماتة كسكين غاصت في أعماق قلبها . وهمست : (( أنت تكذب . ان ليلة أمس تعني شيئا ما . ))
(( بالتاكيد يا جوليت . هل تدكري عندما قلت أنني لم أكن أدع الن مطلقا يلهو بلعبة خطرة عندما كان صغيرا ؟))
وزم شفيتة , وتابع : (( حسنا اذا أردت التاكد أنة لن يلتقط اللعبة مرة أخرى .. أذا أردت التاكد أنها لن تسطيع أنة توذية بعد ذلك ..))
انهمرت الدموع من عينها , وقالت في توسل : لا , أرجوك ...
(( الرجال كالاطفال يا محبوبتي . اللعبة التي استخدمها غيرهم تكون ذات قيمة رخصية بالنسبة لهم .))
غاص قلبها , واضطرب صوتها قائلة : (( لماذا ... لماذا انتطرت كل هذة المدة لكي ..لكي ..))
وصل ضغط يده الى حد لايكاد يحتمل . وقال (( ان لك ذاكرة ضعيفة يا بيج . لقد قلت أني ساجعلك تتوسلين لي أن أخدك . جدبها الية . والتهبت عيناه وهي تنطر في عينها . وقال :(( وقد فعلت ))
((لا)) ولكن حتى وهي تهمس بالكلمة كانت تعرف أنة يقول الحقيقة . غير أن حمق قلبها اليائس أعماها عنها كان هذاحقيقا ليس فقط في الليلة التي قضتها بين ذراعية . هذا ما قادها اية افتتانها 0
احتبس غيبها في قلبها , وقالت : انا على استعداد لدفع حياتي ثمنا لعودتنا كما كنا ليله أمس ))
أظلمت عيناه , وهمس :(( نعم أراهن أنك كذلك .))
جذبها اليه قبل أن تستطع ايقافة , أنقض فمة على فمها في قبلة قاسية تحاكي ما فعلاه ليلة أمس . صرخت بيج ,
وتلوت في أحضانه الخشنة , ولكن بلا جدوى , عندما انهى مايريد , دفعها عنه . حدقا في بعضهما . ثم مسحت شفتها بيدها .
وقالت في همسة مهمتزة :(( أنت تثير اشمتزازي )).
توترت عضلة في فكة بينما أشاح بوجهة عنها .
(( أخرجي من بيتي ))
ارتجف يداها وهي تلملم أطراف معطفها معا , وقالت : (( سوف تسترد نقودك يا كوين . كل سنت تافة , حتى لو استغرق ذلك كل حياتي .))
ضحك قائلا : (( انسي ذلك . الجحيم , ليس كل رجل يدفع عشرة دولار في سبيل فترة قصيرة من ... ))
هرولت من الحجرة قبل أن يستطع اكمال جملتة .. فعقع كعبي حدائها المرتفين عبر الدرج ثم الصالة . القت نطرة خاطفة مفاجئة على نورا . كانت متجمدة في سخط محق , ثم صفق الباب خلفها بقوة .
كانت شوارع لندن باردة ومظلمة . كان الظباب كثيفا كما لم تره من قبل .حيث الغضب غطاها على الرصيف وقصدت الى الاضواء الشاحبة التي تلوح في نهاية الشارع . حدد الغضب غايتها .. الفندق الوحيد ال1ي تعرفه , فندق كلاريدجز , لم يكن بعيدا كن بيت كوين في ضاحية ماي فير . اهتزت خطوتها قليلا عندما دلفت الى الردهة الانيقة , بدت متسخة الملابس بمعطفها المبلل , وشعرها الملتصق براسها لم يكن معها أي أمتعة , وبده شك عميق في عيني موظفة الاستقبال .
(( هل لديك حجز يا سيدتي ؟ ))
ابتلعت بيج ريقها , وقالت : (( لا ))
ابتسمت الموطفة بكياسة , وقالت : (( في هذة الحالة , أخشى أن ...))
وبدون تفكير رفعت بيج ذقنها . وقالت أنا زوجة كوين فولر .)) وبدت الكلمات كانها تعويذة سحرية .
تم ارشادها الى جناح مميز وظهرت سلة مليئة بالفواكة وأبريق شاي . وأختفى معطفها وحذاءها المبللين . على أن يعودا جافين ونطفين في الصباح التالي .
صحب المدير ذاتة خادمة الغرفة التي أحضرت لها ملابسها .
(( لقد عثر على هذا في جيب معطفك يا سيدة فولمر )) كان صوتة مغلقا باللوم .
عرفت بيج ما يتحدث عنه قبل أن يمد يده اليها بالخاتم الياقوت . أحدثت رويتها له الشرخ الاول جدار الغضب الذي أحاط بها . أصدر قلبها خفقة مرتجفة , واستلزم الامر منها جهدا لكي لا تمد يدها لتناول الخاتم .
قالت : (( شكرا لك . ليتك تضعة على هذه المنضدة ..
وأرجو احضار فاتورة الحساب من فضلك ساتصرف هذا الصباح .))
كتبت شيكا بمبلغ حعل لونها يشحب . ولكن كان بحسابها ما يكفي بالكاد لايجاز الليلة وايضا ثمن تذكرتها من هيثرو الى نيويورك . ولكن عندما وقفت في الطابور الى مكتب تذاكر الخطوط الجوية البريطانية . وجدت نفسها تتراجع في ارتباك .
وقبل أن تدرك ما تفعلة كانت تتبع الارشادات متجهة الى مترو الذي سيعود بها الى لندن .
لم يكن هناك معنى للبقاء في انجلتر . وأيضا لم يكن هناك معنى للعودة الى كلاريدجز , ذاك المكان الذي تستطيع بالكاد تحمل تكاليفة في ظروفها هذة . على الاقل .. كان هذا ما دار بخاطرها .. حتى وقفت مرة أخرى في الردهة الانيقة للفندق المهيب . وعندئد , وفياندفاع مروع , أتتهت الحقيقة .
انها لم تأت الى كلاريدجز ليلة أمس لقربة من المنزل ,لقد جاءت بسبب ما يثيرة ذلك من ذكريات . لقد جاء بها كوين الى هذا المكان مند أيام . كان غامضا , قليل الكلام , وابتسم فس سرور عندما صاحت فرحة بسبب زيارتهما.

shining tears
21-09-2008, 15:57
قال وهو يراقب وجهها : (( شي راءع . من الصعب محاكاة طريقة اعداده .))
بعد أن أحضر لهما نادل يرتدي ثيابا مميزة بعض الحلوى والساندويشات الذيذة , ارتسمت على وجه بيج ابتسمامة عريضة وهمست : (( أشعر :أني أحد أفراد العائلة المالكة .))
قال كوين وقد تركزت عيناه الملتهبان على عينها : (( أنت فعلا تبدين هكذا . أميرة فائقة الرقة والجمال ))
كم كانت لحظة رائعة .. ولقد امنت بها , وأمنت بما راتة في وجهه وهو ينطر لها , وبما سمعتة في صوتة . وكانت هناك لحظات أخرى , شكلت ذكريات رفض قلبها ان يهجرها . لم تستطع أن تدفع نفسها للرحيل عنها
ولهذا لم تستطع ان تغادر لندن .
أرسلت ببرقية لوالديها . مخافة أن تتصل بها والدتها في المنزل في ماي فير وايضا خوفا مما قد يبوح به صوتها اذا تحدثت تليفونيا الى امريكا . لم تكن بعد مستعدة للحديث بشان ما حدث . وكانت أقل استعداد لان تحاول وتفسر لماذا لم تسافر لوظنها . كانت البرقية ترخر بالحماسة .
(( خرجت في رحلة الى الاذغال افريقيا لعدة اسابيع ساتصل عندما يمكنني كل حبي ...))
في نهاية اليوم . كان لديها سقفا تحتمي به . لم يكن كبيرا .
مجرد حجرة علوية ضئيلة تسع سريرا في شارع وضيع خلف قصر ايرل .
(( يوجد موقد ذو شعلة واحدة , ومرحاض . وستضطرين فقط لتقاسم الحمام مع النزلاء في الدور الارضي . ))
أخدتها بيج من دون تردد .كانت الحجرة مظلمة تفوح منها رائحة الرطوبة , ولكنها كانت رخيصة ونطيفة . نطرت لهاصاحبة المنزل بشك عندما قالت انها تملك امتعة . ولكن عندئد طافت نطرتها العدائية بنزيلتها الجديدة . وتريثت نطرتها على الظلال الداكنة تحت عيناها بيج وعلى الرجفة في شفتيها . طرقعت بلسانها .

(( ساحضر لك كوب منعشا من الشاي . يبدو أنك بحاجة له ))
مضت الايام اسابيعا . اقتربت الاعياد . وكان الجميع يتحدثون دائما عن الجمال العتيق لاعياد الكريسماس الديكننزية . وحتى في غمرة ياسها . القت بيج خاطفة على مظاهر الفرح والاثارة التي اجتاحت لندن . كانت هذه هي أسوا اللحظات . فقد بدا انها تعطي تاكيدا رهيبا ومميزا للالم الذي يغمرها احست . بامتنان عندما انتهى موسم الاعياد أخيرا , تلاشى الفرح الاثارة التي اجتاحت لندن . كانت أسو اللحظات , فقد بدا أنها تعطي تأكيدا رهيبا ومميزا لالم الذي يغمرها . أحست بامتنان عندما انتهى موسم الاعياد أخيرا , ولكن تلاشى امتتانها تحت وطاه الهجوم المفاجى لصقيع يناير . وفي ليله قاسية , ظهرت صاحبة النزل لدى الباب .
(( أظن أنك قد تحتاجين بعضا من البطاطين الاضافية وهذا ابريق قديم . اذا أمكنك استخدامة ))0
كان الاخير مجرد هراء مهذبا . وكلتا المراتان تعرف ذلك .
كانت تستخدم كل شي في طريقها . كانت أجرة اقامتها رخيصة . ولكن هناك تكاليف أخرى . الطعام .الملبس ورغم أنها كانت تشتري أبسطها وأرخصها . الا ان ذخيرتها المالية الهزيلة كانت سريعة التضاؤل . كانت قد سبحت كل نقودها من حساب البنك يوم استاجرت الغرفة العلوية . وكانها بابقائها أموالها في يدها ستتمكن بطريقة ما من زيادتها . ولكن بالطبع , لم تستطع0

كانت قلقة . انها بحاجة لوظيفة .. وهذا واضح . ولكن لم تكن اي وطيفة .. على الاقل , لا توجد وظيفة تناسب تاهيلها . كان وضعها يزداد تحهما مثل الطقس , وازاد عمق بأسها . وطوال الوقت . كان هناك صوت ضئيل يمهس في أعماقها .
(( ماذا تفلين هنا ؟ )) كان هذا السؤال يلح عليها 0.
في البداية لم يكن لديها اجابة لقد أبقتها الذكريات هنا . ولكن بعد فترة بدأت الذكريات تغيم وتشحب . كانها صور فوتوغرافية حفطت طويلا مغلق .
لماذا لا تعودين الى الوطن ؟ همس لها ذلك الصوت ذات ليله أثناءنومها . فتحت بيج عينها ونهضت من رقدتها , وجلست ترتجف من البرد في حجرة مظلمة 0
جاءت الاجابة بسرعة , محمولة على عويل الرياح ولسعات المطر 0
انها لن تستطيع مغادرة لندن . كوين هنا .. وهذا يعني أنها أيضا عليها أن تبقى هنا . انها لا تزال تحبه , رغم ما فعله بها ,وستبقى دائما تحبة لقد قسى عليها . وحط من قدرها واذاها بدرجة لم تحلم بها , ولكن لا يمكن لاشي أن يغير مما تكن له .
طوحت بالبطاطين وأجتازت الحجرة بخطوت مضطربة , غير عابثة بالبرد القارس . التقضت حقيبة يدها من على المنضذة الخشبية البالية بالقرب من الباب وقلبت محتوياتها , باحثة بين المناديل الورقية وقطع العلمة والاوراق النقدية المجمدة حتى عثرت يدها على خاتمها الياقوتي .أغلقت عينها عندما تذكرت الليلة المروعة في منزل كوين التى بدا فيها الخاتم باردا وكان بريقة قد انطفى وانهمرت على وجنتيها تلك الدموع التي حبستها طويلا . عندما نامت أخيرا كانت يدها أخيرا , كانت يدها تقيض بقوة على الخاتم , وكانهما أصابعها المرتجفة ستجد الدفء في بريقة الملتهب الذي اتقد بينهما ذات مرة 0
في الصباح , وقفت بيج في أحد أقسام المجوهرات بمحلات هاروذز , شامخة الوجه , غير عابصة بالنطرات الت تحدق فيها ولاتستطيع المواءمة بين تلك الشابة بمعطفها الرخيص وحذاء القديم وبين تلك الزبونة التي تصر في قياسة على أنها تريد فعلا شراء تلك السلسة الذهبية الغالية قلصت عملية الشراء ذخيرتها الملية المستبقية بدرجة كبيرة . ولكن ثقل السلسة ومتانة المشبك بينما يتدلى الخاتم الياقوتي حول عنقها .. كل ذلك رسم ابتسامة على شفتيها.
حادثت نفسها بأ، السلسة لن تنكسر ولمست يدها الخاتم وهو يتدلى على صدرها . وأقسمت أنها لن تنزعه مرة أخرى.0
عادت الى النزل الذي تقيم بة وطرقت باب صاحبتة . كان وقت دفع الايجار .تطوحت السلسة الذهبية أمامها ,
واستقطب الخاتم الياقوتي الضوء بينما تنقي في كيس نقودها .
قالت صاحبة النزل: ((كم هي جملية تلك الحلية المقلدة ..
أستطيع أن أدفع لك مبلغا طيبا ثمنا لهذه يا عزيزتي .))
كانت اجابة بيج سريعة وملتهبة . قالت : (( لأ ))
ومست يدها الحجر الكريم . وأضافت (( لن أفترق عن هذا مطلقا .))
هل كان خيالها . أم أن الياقوت بدا فجأة نابضا بالحرارة مرة أخرى ؟
عندما انقضى يناير وتبعة فبراير وبدأ مارس , أضيف ليأسها شيئا جديدا , الكسل الذي بدا أنة يتزايد مع كل يوم يمر , حتى أصبح اخيرا قويا لدرجة أن صارت تجد صعوبة الخروج من الفراش في الصباح .رأت أن الوقت قد حان لتوقف نفسها عن التصرف بهذه الحماقة . على كل حال لم يمت الناس بسبب انكسار قلوبهم لم تتوقف الحياة لفقدان الحب.
ولكن لم تجد كل محادثاثها الليالي مع نفسها . تزايد احساسها بالانهاك حيث تزايد احساسها بالكابة. وكانت هناك أمور أخرى : كان منطر الطعام يصبيها بالغيثان ولم يكن في ذلك بأس حقيقي , عندما رأت مدى حاجتها لتوفير ذخيرتها المالية المنتاقضة باستمرار . ولكنها أبدت اهتماما مفلجا عندما لاحطت ارتعاشا ضيئلا في يديها . أي صاحب عمل سيوظف كاتبة على الالة الكاتية ترتعش يداها ؟ بدا قدماها يتورمان , خاصة بعد ما قضت ساعات تجوب شوارع لندن بحثا عن عمل . ولكن . كان على بيج ان تتحاهل كل ذلك .. الى أن كان عصر أحد الايام وهي في وكالة للتوظيف الؤقت ابتسمت لها الفتاة الانيقة في المكتب الامامي عندما دلفت من الباب .
قالت : (( مرحبا .. أنا سعيدة برؤيتك يا أنسة جارونر .))
نظرت لها بيج في دهشة . وقالت (( هل تذكريني ))
أومات القتاة . وقالت : (( لقد فكرت فيك هذا الصباح .لدي عملية جديدة .. سيدة أمريكية ستمكث هنا شهرا أو نحو ذلك.وتريد سكرتيرة . قالت انها تفضل فتاة سافرت الى أمريكا. ولقد فكرت فيك )) وضاقت عينا الموظفة . وقالت : (( ماهذا ؟ هل انت مريضة يا أنسة جاردنر ؟ ))
هزت بيج رأسها . رغم ان الحركة أرسلت خلالها موجة من الغثيان . وقالت : (( لا.لا. أنا بخير . فعلا أنا ....))
قالت الموظفة بلهجة رشيقة : (( حسنا أنت لا تبدين كذلك هل انت متاكدة أنها ليست الانفلونزا ؟ فالجميع يعانون منها . ))
تمكنت بيج من الابتسام . وقالت : (( أفضل ألا أكون مريضة لا يمكنني تحمل ذلك )
نظرت لها الموظفة وقالت : (( اذا كنت مريضة . فستضيع الوظيفة يا أنسة جارونر أظن أن الافضل أن تذهبي لمستوصف ليلقي الاطباء نظرة عليك .))
(( اوكد لك أنه غير ضروري )
(( لايمكنني أن ارسلك لاجراء مقابلة وانت مصابة بالانفلونزا .))
كان صوت الموظفة حازما . حدقت فيها بيج فيها ثم تنهدت .عندما توازن بين الوظيفة وبين تحمل نصف ساعة من الفحص الطبي . تكون الوظيفة هي الفائز الواضح .
قالت : (( حسنا . ساحضر شهادة صحية و أعود لك . ))
ما العمل اذا كان الانفلونزا ؟ هكذا فكرت وهي تخطو الى الشارع . سيصف الطيبب الاسبرين والسوائلوالراحة في الفراش .وفكرت بسخرية .. انها راحة الفراش التي لا تسطيع تحلمها . لن تنتطر الوظيفة كل ذلك 0
ولكن الانفلونزا تاخد أسبوع واحد فقط . وبنهايتة ستستعيد صحتها . وها هو الربيع على وشك القدوم . وبالياكيد ستكون هناك وظائف أخرى . أسرعت خطوتها . سيكون من المريح تجد أن ما بها مجرد شي بيسط يمكن علاجة . وشفاءه . ستكون الانفلونزا شيئا هينا بالمقارنة بالقلب المكسور .
فيما بعد . تعجبت بيج من غبائها الذي لا يصدق .

shining tears
21-09-2008, 15:59
الفصل الثاني عشر والاخير


) لم استطع أن أضع المحيط بيننا )
بدت ساحة جيمس مهجورة تقريبا وقد شملها البرد قرب انتهاء ذلك اليوم . كان هناك احد الملرة العارضين يحث خطاه وقد دفع كتفية لامام ضد الريح البارد وسمعت بيج نباحا بعيدا لاحد الكلاب . وفيما ذلك كانت وحدها .
كم مضى عليها من الوقت وهي تقف على الجسر الصغير فوق مياه البحيرة الداكنة ؟ ساعة . ساعتان .. ربما دهرا . بل انها لم تذكر مجيئها الى هنا . ولكنها دون وعي . وجدت نفسها تتعقب جزءا من الطريق الذي سارت فية مع كوين في أول أيامها في لندن . يومها مرا بمباني البرلمان . والفرسان ثم الى هذه الساحة . ولكنها لم تر في طريقها أيا مما كان قد مرا به .
كان عقلها معذبا. يطرح اسئلة ليس لها اجابات ويقدم اجابات بلا معنى
اجتاجت البحيرة عاصفة ريح . وارتجفت بيج عندما شلمتها برودتها . الجو هنا بارد زرطب . ولكن لايوجد مكان أخر تذهب الية لايمكنها تحمل اليه . لايمكنه تحمل حجرتها العلوية جوء الفقر البائس بها .ولامعنى للعودة الى المكتب التوطيف . ماذا تقول للموظفة المتعاطفة التي عثرت لها وظيفة ؟
(( لقد ذهبت لزيارة الطيب ويمنك ان تطمني أنا لست مصابة بالانفلونزا .))

يمكنها أن تصنع نكتة من ذلك يمنكها ان تقول : (( أنا لست مصابة باي شي على الاطلاق . فقط لدي حمل صغير0))
حمل صغير كأن الفصل الاخير من دعابة هزلية مزعجة . الا أن ليس بها شي مضحك . لقد فحصها الطيبب من راسها الى أغمص قدميها . ثم استدعاها الى مكتبة .
وقال دون مقدمات : (( لقد مضت عليك ثلاثة شهور تقريبا ))

حدقت بيج غير مصدقة . وقالت : (( ماذا ؟ ))
(( انت حامل . و انه لشي طيب أن جئت لزيارتنا . بدون الرعاية الملائمة. يمكن ان تفقدي جنينك )9

واستطرد يخبرها بما يجب أن تفعلة . وانصتت . رغم أن خاطرا عنيدا ظل يلح بان كل هذا بالتكيد ليس له علاقة بها . كيف أن تكون حامل ؟ لقد قضت ليلة واحدة مع كوين ...
(( ... تلك الليلة الطويلة حيث استغل ضدها ما تشعر به تجاهه .))

لا يمكن أن تحتفط بهذا الجينن . سيظل لابد يذكرها بما فعلة كوين بها .

تلك الليله التي امتلات فيها السماء بالورود والخيوط الذهبية . ليله لن تنساها . لقد اخدها كوين الى فراشة غاضبا .ولكن عندئد عاد السحر الذي كان قد جمع بينهما على شاطى كويكت كت . وتلاشى مع الضوء ولكن هكذا يكون
السحر يمكن فقط ان يحيا في المال الليلة والاحلام التي ينيرها ضوء القمر

ولكن ستكون ثمرة هذه الليلة حقيقة . سيظل طفلهما ذكرى للسحر الذي كان .
احست بيج أن قلبها يمتلى بزهو قوي . وسعمت نفسها توكد للطيبب أنها ستعفل كل ما عليها أن تفعلة . لحماية الطفل الذي ينمو في رحمها .
قال أنها بحاجة لطعام مغدي بل للكيثر منه فهي تبدو نحيفة جدا . وهل هي تسرف في اكل المواد النشوية ولاتاكل ما يكفي من البروتينات ظ وأنها لا يجب أن تجهد نفسها . وحاليا قد يكون من الافضل أن تستريح يومين في الفراش . ويجب ان تحطى بقيلولة كل يوم .
وامتدا القائمة . وظلت بيج تومى موافقة . لم يصدمها الواقع الا بعد ان خرجت من العيادة . وقفت على الرصيف ترتجف في معطفها الرقيق . وتساءلت متعجبة .. أي شي على الارض يمكنها أن تفعلة ؟ وبدأت تسير . ببط . وبحدر . واعية للحياة التي دبت بداخلها . حتى وجدت نفسها في الساحة تحدق في المياه الداكنة . وقد أخد شعورها بالنشاط والخفة يخبو سريعا .
ارتجفت مرة أخرى ورفعت بصرها . سعمت صوت غريب لاقدام تقترب .كان احد رجال الشرطة . حتى قبل ان يدنو منها . رات انه كان يراقبها . تنهدت بيج ورفعت مرفقيها من على الحاجز الحسر . على اي حال فقد حان الوقت كي تنصرف . لا فائدة من الوقوف هنا 0




رات أن ما تحتاجة هو النقود . الفاكهة . الخضروات واللبن . السمك . البيض .. كلها كانت اغلى كثيرا من مكرونة الباستا التي تعيش عليها . وهي بحاجة لمعطف أخر . كانت قد أشترت معطفا رخيصا من احد
الباعة في سوق مكشوف في بداية الشتاء .ولكن لم يكن ثقيلا بدرجة تحفظها دافئة 0
قال الطيبب لا جهاد . هل يعد صعودها الاربع مجموعات من الدرج الى حجرتها العلوية اجهاد ؟ لم تفكر في ان تسالة . ولكن بدا منطيقا أنه يعد أجهاد .
غام الشارع فجأة . والتجات بيج الى عمود انارة قريب وقبضت عليها لعله يسندها . كانت تعرف كم يقي من النقود في حقيبة . أن ما معها يكفي بالكاد لدفع ايجار أسبوعين اخرين وشراء بعض اصناف البقالة الملائمة . لم يكن من سبيل لتحمل الاشياء التي تلزمها اذا اردات الاحتفاظ بجنييها.

(( أين كوين ))

بالطبع كانت العودة الية خارج نطاق المناقشة . انها لاتعرف غيرة في لندن . وفي الحقيقة لم يكن امامها خيار .
أن تعود لوظنها . ستكون هناك أسئلة . ولكن بيج تعرف قلب امها . ستقبلها جانيت جارونر وترحب بها . وستقيم في كنفها الشهور التالية .
(( آل فولر.)) كيف نسيتهم ؟ ماذا سيحدث عندما يعلمون بحملها ؟ سيخبرون كوين . وعندئد ستفشي القصة البغيضة باكملها . سيقول لهم أنه قد طردها وسيخبرهم بسرقتها وسرقة والدها . ربما يرفض الاعتراف بشرعية الظفل الذي ستكون الفضيحة لا تحتمل في المدينة مثل جرنيتش .
امتدات يدها ال صدرها وتسست الخاتم .
(( يمكنك ان تبيعي هذا مقابل مبلغ وافر من النقود يا غزيزتي .))

التقطت نفسا عميقا وحثت الخطى متجهة الى متروالانفاق .

اختارت شارع بوند لاسمة وسمعتة. هل توجد فعلا محلات تبيع وتشتري المجرهرات الراقية ؟ تجنبت المتاجر الاولى . وقد تهيبت أناقتها البالغة ولكن اخيرا في شارع جانبي ضيق.نصبيت بيج قامتها ودفعت باب المتجر الصغير . وقفت ساكنة . تسمتع بادف استقبال شهدتة 0
نعم سيدتي ؟ هل يمكنني كساعدك ؟ ))
كان صاحب المحل رجلا متقدما في السن . أقبل من الحجرة الخلفية يجر قدمية . واستقبلها بابتسامة مهذبة . حتى بعد أن اقترب لدرجة تمكنه من رؤية أن ملابسها تقترب بالكاد مما تريدية معظم زبائنه بالتاكيد .
أومأت بيج . وقال بعصبية : (( أتمنى ذلك )) ارتجفت يدها وهي تفك ازرار معطفها وسترتها الثقيلة تحتة . ثم مدت يدها الى باطن عنقها . وقالت : (( أنا ... أنا اريد أن أبيع شيئا ...))
ابتسم الرجل بكياسة . وقال : (( أخشى أننا لا نتشتري مجوهرات يا عزبزتي . ))
ارتفعت رأس بيج . وقالت : (( ولكن لافتتك تقول ... ))
أوما قائلا : (( نحن نتشتري القطع المتوارثة . القطع الفنية . والتحف . وكل ماله قيمة خاصة .. ))
سمعت شهقة أنفاسة عندما فكت مشبك السلسة وسحبت الاخاتم الياقوتي من تحت صديرية ثديها.
قال بتؤدة :( (هذا له قيمة خاصة ))
ارتفع حاجب الرجل اللكتفبن ذوى اللون , وسأل: {{ قطعة متوارثة؟}}
ابتلعت بيج ريققها, وقالت : {{ ليس.. ليس بالضبط ..
ان ..}}
اقتلع صاحب المحل الخاتم من يدها, وقال: جميل جدا}}
ولكن كانت عيناء على وجهها وليس على الخاتم الياقوتى,
وأضاف: {{وثمين جدا}}
أومات قائلة: نعم أنا ... ربما كان كذلك .أنا..}}
وخفئت كلماتها . رقد الخاتم الياقوتي فى يد الرجل العجوز,
التبهت النيران الداكتة في القلبه بوحشية. فكرت في ليلة أن
أعطاه لها كوين.
كان قد قال : {{عندما تنطرين الى الحجر الكريم, فكرى
فى.. فكرى كيف سيكون بيننا}}
مدت يدها بسرعة وأخذت الخاتم من يد صاحب المحل ,
وقالت: {{ الخاتم ليس للبيع.}}
أرتفع حاجياه اعلى من ذى قبل ,وقال : {{ ولكنك

shining tears
21-09-2008, 16:01
قلت...}}
قالت بيج بصوت متزن: {{أنا أريد أن أبيع السلسلة.. أنها
من نوعية راقية. كما يمكنك أن ترى.}} أخرجت الخاتم ومدت
له يدها بالسلسلة , وقالت: {{ هيا , الق نظرة}}
{{ من أين حصلت على هذا يا سيدتى؟}}
{{ من محلات هارودز. ولكنتى متأكدة أنهم لن يأخذونها
مرة أخرى. ليس لدى ايصال الشراء, أو الصندوق الذى جاءت به,و..}}
قال فى تبرم,{{ ليست السلسلة... الخاتم .. من أين
حصلت عليه؟}}
ابتعلت ريقها, وقالت : {{ كان .. كان هدية... انظر, ان
لم تكن مهتما بشراء السلسلة..}}
{{ دعينى أرى الخاتم الياقوتى.}}
وفى امتعاض, فتحت يدها وناولته الخاتم. أمسك به
وعرضه للضوء . ثم أخرج عدسة مكبرة من جيبه ووضعها على
عينه. وأخيرا, مط شفتيه والتقت نظرته ينظرتها.
وهمهم قائلا: {{ هدية؟}}
أومأت بيج قائلة: {{نعم}}
{{ ولا تريدى أن تبيعيه}}
هوت رأسها , قالت: {{لا. السلسلة فقط. أنا ..}}
قال: {{ حسنا}} وعرض مبلغا يصل بالكاء لنصف
ما دفعته.
قالت بسرعة: {{ هذا غير ملائم}}. والتقطت السلسلة من
يده قائلة: أنا أطلب اكثر من ذلك بكثير, أنا..}}
ثبتت عينا الرجل العجوز عليها , وقال : {{ نعم , أنا متاكد
من ذلك}} وأحست بالخحل عندما وجدته ينفحصها بيطء.
أصرت على رأيها قائلة:{{ هذا صحيح}} زكانت تدرك
تماما ما بيدو عليه مظهرها .وأضافت: {{ولذلك, اذا كان هذا
هو أفضل ثمن تعرضه..}}
{{خمسة ألاف}}
حدقت فيه فى انشداه ذاهل: {{ماذا؟}}
سأعطيك خمسة ألاف جنيهأ ثمنأ الخاتم.}}
{{ قلت لك أنه ليس للبيع .أنا... }}
هز كنفيه قائلا: {{ عشرة}}
ابتسم الرجل العجوز, وقال : {حسنا. عشرون}}
قبضت بيج على حافة { فاترينة} العرض, وهمست:
{{أنت مجنون}}
{{خمسة وعشرون اذن. فقط عليك الانتظار حتى
أجرى مكالمة تليفونية سريعة.}}
{{ أنت مجنون}}
{أن اتصل بالبنك. أنا لا أحتفظ بمثل هذا المبلغ
تحت يدى.}} وسدد بصره اليها تم تنهد قائلا:{{ثلاثون ألفا,
وهذا بلا ريب سعرى النهائى .}}
صرفت عينيها عن عينيه وحدقت فى الخاتم الياقوى الذى
يرقد كقطعة قحم ملتهبة فى يدها.
ثلاثون ألف جنيه. انه شئ لا يصدق. لم يسبق أن رأت
مثل هذا المبلغ جملة واحدة في حياتها. اذا جمعت مل ما كسبته
خلال سنين عملها, فلن يصل لهذا الرقم.
وبرقت برأسها التحويلات من الجنيه الاسترلينى الى
الدولار والعكس. الهى العزيز, الى أى مدى يمكن ان يكفى
مثل هذا المبلغ! يمكنها أن تستريح, وتأكل كما ينبعى , وتلد




طفلها, وتأخذ وقتها فى البحث عن الوظيفة الملائنة بعد أن يكبر
الطفل لدرجة تمكنها من تركه مع مربية...
{{لا.}} انفجرت الكلمة من داخلها , وأطبقت يدها على
الحجر الكريم.
رفع الرجل العجوز حاجبيه متصاتلا: {{لا؟}}
هزت بيج رأسها , وهمست : لا..أنا أستطيع مطلقا ان
أبيع الخاتم , انه... انه..}}
{{أنظرى, أنت تحتاجين النقود دعينى أجرى مكالمة ,
ثم..}}
{{أنت لا تفهم}} وارتفع صوتها: {{ هذا الخاتم.. هذا الخاتم
يعني لى أكثر من كل أموال العالم. انا ...أنا سأفكر فى
حل . سوف.. سوف..}}
دار المحل بها. رأت الرجل العجوز المندهشة, وسمعت
نفسها تصدر صوتا كأنه أنين, أو صراخ ثم سقطت,
وسقطت, تغوص فى دائرة من الضوء الباهر متجهة الى قاع
سحيق لمحروط. مظلم ضيق, وعندما سقطت داخله, سمعت
صوت الرجل العجوز يخبرها أنها سيكون بخير, ستكون على
ما يرام , ستكون..
ابتلعها الظلام.
صور. أحلام. وجوه, تروح وتجئ. رجال فى سترات
بيضاء. صفارة انذار , ثم رحلة منأرجحة خلال شوارع مظلمة.
أصوات ومزيد من الأوجه, كلها متوترة بادية الاهتمام. ضوء
باهر, وخره ابرة محفن , نعومة ملاءات وبطاطين , ثم صوت,
صوت مئابر, يرجوها , ويحثها, ويحاول اخراجها من الظلام
الذى لا يزال يحيط بها. انه صوت تعرفه.
{{بيج}}
حاولت أن ترد . ولكنها كانت متعبة جدا. متعبة لدرجة..
{{ بيج, حبى..}}
تقلبت فى تململ.

shining tears
21-09-2008, 16:04
{{ بيج.. افتحى عينيك. أنظرى لى يا بيج. انظرى لى.}}
أرادت ذلك . أرادت أن ترف جفونها وترى من يتحدث لها بهذا الهمس القوي . الجش . ترى من يمسك بيدها . ولكن كانت هناك راحة في الظلام . كان من الاسهل ان تبقى في احضانة ...
احتكت شفتان برقة بشفتيها .. (( أرجوك . يامحبوتي . انطري لي ))
محبوبتي .. هذا ما كان كرين يناديها به . ولكنه لم يقصده مطلقا . انه لم يقلها بهذا الاسلوب اطلاقا .
(( بيج . جميلتي جوليت .حبي . ))
طفر قلبها لقد عرفت الصوت . اللمسة . ملمس الشفتين على شفتيها .
(( كوين )) كانت همستها مترددة . ذاهبة الانفاس استجمعت كل ما لديها من قوة لتقول اسمة .
أمسك يدها . وأحست بدف أنفسة ازاء وجهها .
((بيج الحمد لله ))
((كوين ))تنهدت . ارتفعت أهدابها عن وجنتيها .
امتلا قلبها بسعادة . انه كوين كان رأسه محنيا اليها .ووجه يبعد عنها ببوصات قليلة . وعندما نطرت الى عينية أدركت انها يمكن ان تعيش لما بقى من حياتها على ما راتة فيها .
أحاط وجهها بيدية ومس شفتيها بشفتية . اذا كان هذا حلما فهي تتمنى الا تستيقظ ابد . همست باسمه مرة اخرى. واستمتعت بمذاقة على لسانها .
قال بقوة : (( لا تتحدثي .. حتى أتاكد أنك على ما يرام ))
نطرت وراءه . ورات لاول مرة الحدارن البضاء . والضواء المميزة لسقوف المباني العامة . والاثاث العملي بحجرة المستشفى .
(( ماذا حدث لي ؟ اين .... ؟ )) حاولت النهوض في جهد عندما تركها وتراجع بضع خطوت عن الفراش .
وقالت : (( لا تتركني .. كوين.. )) كان صوتها مثقلا بالالم .
(( نحن فقط نريد أن نلقي نطرة عليك ياسيدة فولمر . )) كان الصوت ناعما . ومليئا بنبرات الثقة المهينة . كان صوت امراة ..
ممرضة . ابتسمت وهي تجدب الستائر حول الفراش . أضافت : (( سيتغرق ذلك دقيقة واحدة . وسينتطر زوجك بالخارج . ))
زوجك . كانت الجملة مثل حبل الانقاد . تعلقت بيج لفترة على فراشها طبيبب ذو معطف ابيض .
همست : (( طفلي )) وترنح قلبها خوفا .
وأخيرا قال : (( طفلك بخير )) سمعت الباب يفتنح . ثم ازيحت الستائر . واضاف الطيبب : (( أنت شابة محظوظة . ))
(( وحمقاء جدا )) كان صوت كوين . صارما وباردا . وقال : (( شكرا يا دكتور )) ثم أصبحا بفردهما .
راقبته بيج وهو يتقدم باتجاهها . كانت عيناه غامضتين وقد زم شفيتية . وارتسمت على وجهه أمارات. بدات نبضاتها تتسلرع . يالها من حمقاء ! بالطبع لقد كانت تحلم .
كوين هنا .. وهذا واقع ملموس . ولكنها أدكت من نظرة واحدة ايه لم يهمس لها بكلمات ؤقيقة لحظات ولم يقبلها على انها اثيرة لدية .
عرفت ما حدث أصابها الاغماء واستدعى صاحب المحل الاسعاف وبحثت سلطات المستشفى في حقيبة يدها .فوجدوا اسم كوين على دفتر الشيكات الذي لم تعد تستخدمة .
واتصلوا به .وما بعد يحدث منه شئ . قبلاته ,كلماته
الرقيقة, كانت أشياء ود قلبها الى أبعد الحدود أن تتخيلها ان
ذلك يشبه يوم أن أخرت جراحة الزائدة الدودية وهي فتاة
صغيرة. يومها أفاقت من المخدر بيظء , متأكدة أن أمها في
العماء تحادثها من عالم الجن. ولكنها كانت أمها تحثها كى
تفتح عينيها.
أشاحت بيج بوجهها. انها لا تريد أن ترى العبوس فى
عينى كوين . من الأفضل أن تتذكر أحلامها الخاصة وهى
تستعيد الوعى.
توقت جوار القراش وحدق فيها , وقال يلهجة امره :
{{ أنظرى لى}}
استدارت له بيظء , وقالت : {{ أنا.. أنا اسفة لأنهم
أزعجوك..أظن اننى كان أن أتخلص من كل شئ
يحمل اسمك , ولكن..}}
وضع يديه حول خصرء , وقال: {{ هل كنت فى لندن كل
هذه الأسابيع }}
أومأت بيج : {{نعم}}
قال: {{هنا .. فى نفس المدينة اللعينة مثلى}}
أومأت مرة أخرى , وقالت: {{ أنا لم أطلب منهك أن يتصلوا
بك.}}
{{ أى منعك من العودة الى أمريكا ؟}}
ابتلعت ريقها؟ وقال: {{ وانا ..أنا .. مجود أنتى لم أفعل.}}
رفع أحد حاجبيه عابسا, وفال: {{ لقد سألتك سؤالا .}}
هل تقول لأ نثى لم استطع أن أتركك؟ ولكنها همست:
{{ لا أعرف}}
قال بصوت رصين : {{ انت لا تعرفين}}
اغلقت بيج عينيها, وقالت: {{ هل لذلك أهمية فعلا؟
أنا.. أنا قررت العودة الان. أنا...}}
سمعت قحيح أنفاسه . وقال: {{ لقد أصبت عين
الصواب.. ستعودين. الان. بمجرد أن ترتدى ثبابك.}}
كان غاضبا جدا! إنزلقت دمعة من تحت أهديها ومسحت
عينيها بيدها.
{{ أنا.. أنا لا أملك ثمن تذكرة الطائرة يا كوين . أنا
لا استطيع التكفل بها..}}
{{ هيا.}} فتحت عينيها عندما أحست بذراعيه ينرلقا , حول

shining tears
21-09-2008, 16:06
كتفيها.
سألت: {{ ماذا تفعل؟ }} رغم أن .. الاجابة كانت
واضحة. كان يجلسها فى فراشها, ويزيح الأغطية , وأخذت
يدء تتحسس حزام ثوب المستشفى الفصفاض ويفكه منها.
وهمست: {{ كوين..}}
ووضعت يديها على صدر الثوب, ولكن جذبها بعيدا وتابع
محاولة نزع الثوب قائلا : {{ أين أوله من اخره .. هيا..
سأساعدك فى إرتداء ملابسك.}}
وبينما يزيح الثوب عن كتفيها همست : {{ لا.. كوين,
لا تفعل. أنا لا أحتاج أى مساعدة.. أنا ..}}
سقط الثوب حتى خصرها , وزمجر : {نعم , انت لا تحتاجى
أيتها الصغيرة. ولان, توقفى عن الجدل..}}
رفعت بصرها عندما خفضت كلماته وصمتت . طافت بها
عيناه, بحلقها, بنهديها, ثم عادت نظرته إلى وجهها.
مد يده أليها هامسأ : {{ بيج}}
قالت بحدة : لا تفعل}}
كرر: {بيج... انتصتي لى}}
هزت راسها ودفعت يده عنها قائله: {{لا}} ماذا يحاول ان
يفعل؟ هل يحاول أن يثبت سيطريه على جسدها؟ ولكن
كلاهما يعرف ذلك . إن ما سار بهما أساسا فى هذا الطريق
المظلم. قالت: {{ يمكن الممرضة أن تساعدنى. ولبس أنت .}}
إنعقدت الدماء فى وجهه ,. وزمجر : {{انا لازلت زوجك.
ولان ارفعى ذراعيك}}
{{كوين, أجوك..}}
التهبت عيناه وخما ينظران فى عينيها , وقال : {{ إفعلى كما
أقول يا بيج}}
أغلقلت عينيها عندما أرخى شيئا حريريا على رأسها. جذيه
على جسدها واحتكت بداه ببشرتها.
{رتكون , أتوسل إليك..}}
احتبست الكلمات فى حلقها . أخر مرة فالت ذلك له,
عاد التماسها إاليها ليلازمها بألم لن تستطيع أن تعحوه البتة.
تتوسل له من اجل أى شئ مرة أخرى , هكذا قالت لنفسها
وهى تجلس بينها جردها من الثوب والبسها ملابسها , ليست تللك
الملابس الرخيصة التى ترتديها , وإنما ملابس من الحرير
الرقيق والكشير التى إشتراها لها بعدزواجهما بيوم. أرتجفت
بداء عند مستاها . وارتجفت هى أيضا . كان من المستحيل ان
تشعر بحرارة أصابعة على جسدها. التقت عيناه بعينيها وتوردت
وجنتيها وأشاحت بوجهها بعبدا.
{{هل يؤذيك إلى هذا الحد ان تشعرى بيداى عليك
يا جولبيت؟}}
حدقت فيه قائله: {ر هل.. يؤذى؟}}
قبض كوين على كنفها, وقال: {{نعم عندما المسك..
هل تكرهيننى الى هذا الحد؟}}
ارتفع تنهدها الى حلقها . وقالت: {{ أكرهك؟}} وغضت
على شفتها السفلى , وأضافت : {{ أكرهك؟ أو , كوين..}}
وحادتت نفسها.. لا لا نزيد. لاتقولى أى شئ , لا تقولى
لى أى شئ, لا تزيدى من الألم والحزن اللذين ستفطرين
للحياة معهما لما بقى من حياتك..
ضغطت يداء يديها , وتعتم : {{ محبوبتى , جولييت..
جولييت...}}
{{لا تفعل}} كانت صرخة من أعماق تحمل كل الام
الشهور الماضية. وكررت :{{لاتفعل}} وتعلقت الهمسة بينها,
وأضافت : {{ أرجوك يا كوين , اذا .. كنت تذكر لى أى
شئ طيب , اذا كانت قد مرة بيننأ الحظة تهمك , أتركنى}}
{{بيج..}}
هزت رأسها بقوة , وقالت: {{ مجرد.. مجرد ان أخرج من
هنا وأتركنى بمفردى. لم يتصلوا بك .أنا ..}}
{{ لقد اتصل بلا ماكس}}
رفعت اليه عينيها المتلئتين با لدعوع, وتساءلت
{{ ماكس؟}}

shining tears
21-09-2008, 16:07
أومأ كوين, قال : {{ تاجر المجوهرات }} ارتسمت على فمه
ابتسامة سريعة, وأزاح شعرها عن جانبى وجهها قلائبل:
{{ جميلتى جولييت.. من بين كل تجار المجوهرات فى لندن,
ذهبت الى رجل الذى كان من الؤكد أن يعرف الخاتم.}}
هزت بيج رأسها, وقالت : {{ أنا لا أنهم}}
ضحك بتؤده لدى النطرة الندهشة التي بقرت على وهها .وقال : (( ماكس هو الرجل الذي باعه لي . لقد اشتريته منه في احدى النزرات مند عامين . كنت أمر بمتجره وأريته معروضا في الواجهة الزجاجية . كان شيئا من اغرب ما يمكن . فانا لا احب ارتداء الحلى . لكنني أحسست أنني لابد ان اشتريى هذا الخاتم . لقد جذبني شى مافي قلب حجر الياقوت . اللهب الذي يتقدد بحرارة لم أحسها من قبل مطلقا .. حتى قايلتك ))
أحاط وجهها بيدية وسدد نظاتة الى عينهيها . كان صوتة بالغ الرقة . كأنه عناق . ماذا يحاول ان يفعل ظ ان بيج تعرف رايه فيها لقد كرره عليها بما فية الكفاية .

قالت : (( كفى .. لاحق لك ..))
(( قال ماكس انك رفضت أن تبيعي له الخاتم . لماذا ؟ ))
(( كوين أرجوك .. لماذا تفعل ذلك ؟ لماذا ... ))مس وجنتها بشفتيه . وقال : (( لماذا لم تبيعية له يا بيج ))
أظلمت عينا ها بالكبرياء . وقالت : (( لم يقدم ثمنا كافيا .. كنت اعرف أن الخاتم يستحق أكثر من ذلك .))
ثبت عيناه على عينها . وقال : قال ماكس انك أخبرته بأن الخاتم يعنى لك ماهو أكثر من كل أموال العالم . ))
ارتجفت الدموع عى أهدابها . وهمست : (( كفى أرجوك .. أرجوك .. ))
وقع فمه على فمها وقبلها مره أخرى . وقال : (( أخبريني بالحقيقة يا بيج . لماذا لم تبيعه ؟ ))
(( لانه كان كل ما تبقى لي منك . )) انتطرت ان تسمع ضحكته . وعندما لم يحدث . التقطت نفسا طويلا مرتجفا . وقالت : (( حسنا لقد حققت استهزاك بي . الان . اتركني ))
وضع يده على بطنها . وقال بتؤده : (( لم يكن هو كل مالديك .. لديك طفلنا ينمو تحت قلبك . ))
تسارعت نبضاتها . لقد عرف . لقد عرف . انتطت أن يقول شيئا أخر . أن يغلف كلماتة بالقسة . لكنه كان صامتا . وأخيرا . أومات .
وهمست : (( نعم ))
عبس وجه كوين . وقال : (( ولكنك كنت لن تخبريني به . ))
رفعت ذقنها . وقالت : (( لا ))
زم حاجيبة . وقال : (( أنا اقدر ذلك . لقد كنت ستذهبين لتعيشي حيث لا يعلم الا الله ... ))
(( لدى حجرة رائعة تماما خلف قصر ايرل . ))
قال : (( نعم . أنا اتخيل ذلك . ربما تتفق مع مظهرك . ))
أظلمت عينا بيج . وقالت : (( لا يوجد خطا في مظهري . ))
(( بل يوجد . أنت شاحبة جدا نحيفة جدا .. ))
احكم ذارعية حولها . وتابع : (( جميلة جدا . )) وثنى رأسه وقبلها .
حاولت أن تناى بنغسها عنه . ولكن كان ذراعاه قويين حولها . كان فمه صلبا وملحا و امرا . ثم أصبحت قبلتة ناعمة . ممتلئة حتى أصبح يقبلها أخيرا مثلما قبلها ليله لقائهما . وفي تللك الليله التي ثضياها معا . بدت هذه القبله كأنما تضم كل ما كانت تصلى كي يقوله لها . وخرجت أناتها ناعمة يشدد أحضانه حولها .. فقط لو كان يحبها .. فقط لو كان يرغب في حبها .
ولكنه لم يفعل لقد كرها . لقد ظن أنها أوقعت بأخية في مصيدة الزواج من أجل أموال ال فولملا ولكي تحمى أباها . انه يراها لصة زماكرة وعاهرة .. ))
استجمعت كل قوتها حتى تخلصت منه . وهمست : (( العنة عليك العنة عليك يا كوين فولمر . ))



(( هذا ما كنت فيه مند أن تركتني .))
أشاحت بوحهها كي لا يرى الالم في عينها . وقالت : (( هل تكرهني لهذا الحد ؟ لقد أحللت بي من الخزي ما يكفي . أنت .. ))
(( أنا أحبك .)) انتفض قلبها تحت أضلاعها عندما همس بالكلمة البيسطة التي انتطرت كل هذا الوقت كي تسمعها . وكرر . (( أنا أحبك .. هل تسمعيني يا بيج ؟ )) قبضت يداه على كتفيها وسدد نطرته الى . عينها وقال : (( كنت أحبك دائما . حتى عندما حاولت انكار ذلك أمام نفسي . ))
لمعت الدموع على أهدبها . وهمست : (( لا تلعب . بي يا كوين أ،أ .. أنا لا أستيع تحمل ذلك . أنا .. أنا أحبك جدا . ))
(( أوه . جوليت )) أحاطها بدارعيه زضغطها ال قلبه .
وقال : (( لقد وقعت في حبك من اول الخظة رأيتك فيه, في
قاعة رقص مليئة با لعفاريت. لم يهمتى أتنى لم أعرف اسمك أو
اى شئ عنك. لقد قال قبلى لى كل ما يلزمتى أن أعرفه.}}
التقط انفاسه وخفف أخضانه عنها. ببط. اضاف. {{ ثم عرفت
من تكونين}}
قالت فى كابة: {{ أنا كنت خطيبةالن.كوين لقد ,
حاولت أن افسر ما حدث. عرف الان أننى لم أحبه . لقد
تركته يقنعنى بخطبتنا. لقد قال.. لقد قال أننا أحبه سنكون
سعداء, وقد أردت ان أصدقه .ولم أعرف شيئا مطلقا عن
والدى والنقود.. انه مريض}} قالتها فى اندفاع, ثم أضافت:
{{ تسيطر عليه فكرة ربح..}}
ضغظ شفتيه على جبهتها, زقال: {{ صه يا محبوبتى, انا
أعرف كل شئ. لقد تحدثت مع والدك.}} وشدد
ذراعية خولها .وأضاف: {{لقد اعترف بكل شئ الى والدتك
يا بيج. ولقد أقنعته بالانضمام لجمعية للعلاج النفسى. بالتأكيد
يمكنهم مساعدته.}}
هزت بيج رأسها, وقالت :{{ أنا لا افهم. متى تحدثت
معهم؟}}
تنهد قائلا : {{ فى اليوم التالى لرحيلك عنى. لقد ذهبت الى
أمريكا بحثا عنك }}.
{{ أوفعلت هذا؟}}
أوما كوين قائلا: {{ بلى يا حبيبتى . لقد اكتشفت أننى قد
ارتكبت خطا رهيبا فيوم ان ذهبت الى أدنبره, اتصلت بالمنزل
كى أتحدث معك. ردت على نورا . وأخبرتنى..}}
{{ أخبرتك بأن والدى قد جاء ليرانى.}}
هز كوين رأسه, وقال : لقد انها وجدتك بين
ذراعى رجل طويل أشقر الشعر. انا.. أنه ظئنت ان جاك
ويرد.}}
بدا كل شئ ينضح فقالت: {{ تقصد انك ظئنت ان هذا
الرجل البغيض وأنا ..؟ أوه, يا الهى!}}
كانت ضحكته مريرة , وقال : {{ بالضبظ .لقد استنجت
مما حدث نتيجة خاطئة. أظن أن ضميرى كان ممتنا لهذه
الفرصة.}}
تراحعت بيج مستندة على ذراعية المحيطة بها وسددت نظراتها
الى عينيه , وقالت بتؤده : {{ أنا لا أفهم}}
لاحت مسحة من الالم فى ابتسامة كوين , وقال: {{ لقد
ملأتى الاحساس بالذئب لقد كنت على حق عندما قلت اننى
أريدك لنفسى. كأن أخذك من أخى لكى أحمية شيئا ,ولكن
كان اعترافى لنفسى بأننى وقعت فى حبك شيئا اخر. لم
أستطع أن أوجه الحقيقة يا بيج}} قبل طرق انقها , وتابع:
{{ هذا ما كان سبب لعدم رغبتى فى الحديث بشأن أسلوبى فى
اجبارك على الزواج منى.}}
{{ اوه , كوين , كان ان نثق فى أحاسينا. أنا ..
انا لم تدب فى الحياة قبل ان قابلتك..}}
استد ذراعاه حولها , وهمس: {{ لم أعرف ليلة مثل تلك التى
تقاسمناها يا جولييت. عندما استيقظت وأنت بين ذراعى,
عرفت اننى ان ذهبت بعيدا وأحاول فهم حقيقة

shining tears
21-09-2008, 16:10
حبى لها , أم أنك المراة التى اتهمتها فى صميم كيانها؟ هل
يمكننى أن أحيا فى ظل معرفتى قد أخذتك من أخى,
مهما كانت الظروف؟}} وضحك بتؤده, وأضاف: {{لم ينتصف
اليوم وادركت انه لا أهمية لأى من هذه الأسئلة. أنا أحبك
الان بصرف النظر عما حدث فى الماضى. المهم هو مستقبلنا.
واتصلت با لمنزل لأقول لك ذلك.}}
أغلقت بيج عينيها , وقالت :{{ وأخبرتك نورا اننى كنت مع
رجل . ولكن.. كيف عرفت الحقيقة؟}}
هز كتفيه, وقال: {{ ذهبت أبحت عن ويرد . كنت أريد
أن أقتله.. ولكن اتضح انهما _ هو وزوجته_ قد تركا المدينة
فى الصباح الباكر . أدركت. أنه لا يمكن أن يكون ذاك الرجل
الذى جاء الى المنزل .}} وتنهد ثم تابع : {{ بدات أبحث عنك,
وذهبت فى أثرك الى كلا ريرجز ثم الى مطار.. حيث انقطعت
أثارك. ولكنى ظننت انك بالتاكيد قد عدت الى أمريكا..
ففعلت ذلك بدورى.}}
قالت بتؤده.{{ بحثا عنى}}
{{نعم. وعندما اخبرنى والدك بكل شئ, وعند ئد عاد
الان للوطن لقضاء نهانة الاسبوع.}}
وضحك متابعا: {{ هل تصدقين انه متهمك فى التودد الى سنتوريتا ( انسة الاسبانية ) سوادء العنين ؟ ))
ابتسمت بيج قائلة : (( أنا سيعدة لاجلة ))
أوما كوين قائلا : (( نعم . ولكن كنت أنت كل ما أفكر فيه )) وطبع قبلة على حلقها . ةتابع : (( كنت أوغل في الجنون يا محبوبتي . أحبك أريدك . واقلق عما يكون حدث لك . ))وضعت بيج ذارعيها حول عنقه . وقالت : (( لم أغادر لندن البتة .. لقد أحببتك بدرجة تمنعني ان اجعل المحيط بيننا ))
تمتم : (( جوليت . حلوتي . جميلتي جوليت . )) رفعت اليه وجهها . وذهبت قبلة كوين بأنفسها . ثم ابتعد عنها برقة قائلا : (( هل أنت متاكدة ان هذا طيب بالنسبة للطفل ؟ ))
ابتسمت بيج . وقالت : (( لا أظن مطلقا ان الحب يمكن ان يؤدي الطفلا .))
سمعا طرقة متحفطة قبل أن يفتح الباب . وقالت الممرضة في سعادة : (( يقول الطيبب أن السيدة فولمر يمكن أن تخرج في وقت الان . انه يسال ان كنت تتحاجين اي شي .. ))
ابتسم كوين لبيج وهو يحيط بدارعية ويوقفها على قدميها . وسالها : (( هل نحن بحاجة لاي شي يا حبي ؟ ))
طبعت قبلة على حلقة . وهمست ك (( نحتاج أن نعود للبيت )) شدد أحضانة حولها . وقال : (( أنت في البيت . ))
وكانت تعرف أنه على حق .




... تمت ...



اتمنى للجميع قرأة ممتعة
وعذرا على التاخير
تحياتي للجميع

احباب الروح
21-09-2008, 16:50
والله من زمان عن المشرووع

^_^ وحشتوني كلكم


..


حبيت اقلكم رمضان كريم
وعيدكم مبارك قبل الزحمه


ولا تنسونا من الدعاء ^_^



...

soma32
22-09-2008, 16:27
السلام عليكم.. شكرا لكل عضوة شاركت في هذا المشروع الرائع وبالاخص للاخوات صاحبات الفكرة ...الله يعطيكن العافية..

shery2
22-09-2008, 18:05
شكراً علمجهود الرائع ::جيد::


والرواية الحلوة ::سعادة:: ::جيد:: ::سعادة::


يعطيكي ألف عافية حبيبتي





http://documents and settings/saeed/desktop/2.jpeg

طفله بريئه
23-09-2008, 05:46
مشكوره ياقلبي

Miis Nano
23-09-2008, 16:41
تسلمي ياقلبو

شعاع شمس
23-09-2008, 23:50
السلام عليكم
أنا عضوة جديدة ممكن رابط المشروع الاول؟:confused:
شكرآ مرة آخرى:مرتبك:

ماري-أنطوانيت
24-09-2008, 04:01
http://www.tawsl.net/tre7b/100.gif (http://www.tawsl.net)

تسلم اليدين وصاحبتها...::سعادة::

الف شكر يا الغاليه لك ولكاتبة الروايه...::جيد::

ماري-أنطوانيت
24-09-2008, 04:17
والله من زمان عن المشرووع

^_^ وحشتوني كلكم


..


حبيت اقلكم رمضان كريم
وعيدكم مبارك قبل الزحمه


ولا تنسونا من الدعاء ^_^



...
هلااااااااااااااااااااااا والله احباب الروح::سعادة::
والله انتي الي وحشتينا اكثر...ليه هالغيبه الطويله..:بكاء:
وانت بصحه وسلامه...ينعاد علينا وعليكم ان شاء الله...
ولا تطولين الغيبات...:p


السلام عليكم.. شكرا لكل عضوة شاركت في هذا المشروع الرائع وبالاخص للاخوات صاحبات الفكرة ...الله يعطيكن العافية..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته عزيزتي soma
العفو قلبي...:p
والفكره من اساسها ترجع للغاليه ((lovly sky )) مؤسسة المشروع..::جيد::






شكراً علمجهود الرائع ::جيد::


والرواية الحلوة ::سعادة:: ::جيد:: ::سعادة::


يعطيكي ألف عافية حبيبتي



http://documents and settings/saeed/desktop/2.jpeg

هلا وغلا فيك shery2
اسعدنا تواجك معانا...لا تحرمينا من طلاتك...:p



مشكوره ياقلبي
هلا وغلا فيك عزيزتي...
وحياك في المشروع....:)



تسلمي ياقلبو
هلا بك عزيزتي
اسعدنا تواجك معانا...::سعادة::


السلام عليكم
أنا عضوة جديدة ممكن رابط المشروع الاول؟:confused:
شكرآ مرة آخرى:مرتبك:
هلا والله فيك عزيزتي...
منور المشروع بوجودك...

وهذا هو رابط المشروع الاول...تفضلي;)
http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250

ماري-أنطوانيت
24-09-2008, 04:41
http://www.tawsl.net/tre7b/58.gif (http://www.tawsl.net)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حبيباتي

سنوقف كتابة الروايات وتنزيلها مؤقتا...

نظرا لانشغال الجميع هذه الايام بدخول العشر الاواخر من رمضان

وتجهيزات العيد...

واتمنى ان تكن استمتعتن بما قدمناه لكم خلال الشهريين الماضيين من الاجازه

ونعدكم بإذن الله ان تكون لنا عوده بعد العيد...محملين بعدد من الروايات

حتى تستمتعن بقرائتها

][والشكرالجزيل لكل الصديقات الغاليات اللاتي ساهمن بوقتهن للمساعده في كتابة الروايات][

كما ان العزيزه # لميس# لديها اقتراح رائع سيزيد من الحماس في المشروع

ولنا واياكم لقاء بعد العيد بإذن الواحد الاحد...

دمتم في حفظ الرحمن
{ وكل عام وانتن بألف خير }

ماري-انطوانيت

http://www.tawsl.net/tre7b/49.gif (http://www.tawsl.net)
عيدكم مبارك...ينعاد علينا وعليكم

shymoon
24-09-2008, 05:44
http://www.zwani.com/graphics/thank_you/images/thanksfortheadd45.gif
:):) من زمان ما مريت عليكم بنات :) ما شاء الله مجدين ومتواصلين .....
:) انتظر معرفة اقتراح لميييييييس على احر من الجمر.....
:) :) يسلمووووووووو الروايات جميعها روووووووووووووووعة مررررررررررررررررة :):):)
http://www.zwani.com/graphics/thank_you/images/thanksfortheadd45.gif

~east_rose~
26-09-2008, 04:12
مجهود راااااااااائع تشكرون عليه..
كل عام وانتم بخير..

norai
28-09-2008, 20:52
طيب ممكن أطلب رواية لترشيح ؟

مشكورين على المجهود الأكثر من رائع ..
والله يوفقكم .
متابعه

بحر الامان
01-10-2008, 09:00
كل عام وانتم بخير ...

احباب الروح
01-10-2008, 22:53
هلا والله قلبي ماري

كل عام وانتي بألف خير
ومن العايدين جميعا

^_^


ان شاءالله ما اغيب كثير ويارب اقدر ارجع المشروع < صاير مافي فراغ هالايام

:) يارب يوفقكم بنات ويعطيكم الف عاافيه



بس حبيت اعرف هالروايه اي عدد ؟ وهي من روايات احلام ؟


^_*

مجنونة انجل
02-10-2008, 20:41
كل عام وانتم بخير ان شاء الله

وعيدكم مبارك




شكراا صبايا علي الروايه



لي تعليق واحد اتمني انه ما يزعجكم



اذا امكن التركيز علي الاملاء قليلا



لان الجمله كلهاا تتغير اذا اخطاتي بالكلمات المهمه :مرتبك:





هذا نقد اتمني تشوفونه بناء وما قلت جذي الا من حبي للموضوع




وشكراا علي مجهوداتكم::جيد::

امورة بابا
03-10-2008, 04:25
عي
كم مبارك واتمنى لكم التوفيق والاستمراريه وانا احبكم ويعطيكم العافيه

الأميرة شوق
04-10-2008, 17:15
مشكورين يا بنات
يعطيكم العافية

بانتظار اقتراحك يا لميس
لا تتأخري

Miis Nano
06-10-2008, 12:26
عيدكم مبارك ياحلووووووووووات

مجنونة انجل
06-10-2008, 16:58
يا بنات



وينكم...؟! اشتقنالكم



تري بزعل وماعاد ارد المووضوع










لا يبا اتغشمر ادري دوامات الله يعينكم




بانتظاركم :)

ماري-أنطوانيت
07-10-2008, 19:09
http://www.zwani.com/graphics/thank_you/images/thanksfortheadd45.gif
:):) من زمان ما مريت عليكم بنات :) ما شاء الله مجدين ومتواصلين .....
:) انتظر معرفة اقتراح لميييييييس على احر من الجمر.....
:) :) يسلمووووووووو الروايات جميعها روووووووووووووووعة مررررررررررررررررة :):):)
http://www.zwani.com/graphics/thank_you/images/thanksfortheadd45.gif
هلااااااااااااا والله shymoon
والله وحشتينا كثيييييييير
الله يسلمك قلبي....وان شاء الله اقتراح لميس بالطريق::جيد::


مجهود راااااااااائع تشكرون عليه..
كل عام وانتم بخير..
هلااااااا والله فيك يا عسل...
وانتي بصحه وسلامه...ينعاد علينا وعليكم ان شاء الله
العفو قلبي...يكفينا راضكم..:p



طيب ممكن أطلب رواية لترشيح ؟

مشكورين على المجهود الأكثر من رائع ..
والله يوفقكم .
متابعه
هلا وغلا فيك عزيزتي norai
وحياك الله في المشروع
العفو قلبي على كلامك...واكيد طبعا ممكن تطلبين روايه
وان شاء الله نحاول نلبي طلبك..;)



كل عام وانتم بخير ...
بحوووووووووور يا بحووووووره
وانتي بصحه وسلامه قلبي
ينعاد علينا وعليكم بالصحه ان شاء الله




هلا والله قلبي ماري

كل عام وانتي بألف خير
ومن العايدين جميعا

^_^


ان شاءالله ما اغيب كثير ويارب اقدر ارجع المشروع < صاير مافي فراغ هالايام

:) يارب يوفقكم بنات ويعطيكم الف عاافيه



بس حبيت اعرف هالروايه اي عدد ؟ وهي من روايات احلام ؟


^_*
هلاااااااااااااااااااا والله احباب الروح
وانتي بصحه ويلامه قلبي...
وحشتنا طلاتك الحلوه..:)
ان شاء الله قلبي ما تطولين الغيبه..:محبط:
اما بخصوص الروايه فهي من روايات عبير بس مش متأكده من العدد..
ان شاء الله ادورلك عليه واخبرك..::جيد::



كل عام وانتم بخير ان شاء الله

وعيدكم مبارك




شكراا صبايا علي الروايه



لي تعليق واحد اتمني انه ما يزعجكم



اذا امكن التركيز علي الاملاء قليلا



لان الجمله كلهاا تتغير اذا اخطاتي بالكلمات المهمه :مرتبك:





هذا نقد اتمني تشوفونه بناء وما قلت جذي الا من حبي للموضوع




وشكراا علي مجهوداتكم::جيد:: د
هلاااااااااا وغلاااااااااااا فيك عزيزتي...
وانتي بصحه وسلامه...ينعاد علينا وعليك وعلى جميع الاهل باليمن والبركات ان شاء الله

اما بخصوص الاخطاء الاملائيه...طبعا البنات يحاولون قدر الامكان
بس احيانا تجي الاخطاء من غير ما ننتبه...بس ان شاء الله نحاول اكثر::جيد::


عي
كم مبارك واتمنى لكم التوفيق والاستمراريه وانا احبكم ويعطيكم العافيه
هلاااااااا والله فيك يا عسل
وانتي بصحه وسلامه قلبي...ينعاد علينا وعليكم بالخير والبركه
تسلمين قلبي...الله يعافيك


مشكورين يا بنات
يعطيكم العافية

بانتظار اقتراحك يا لميس
لا تتأخري
هلا وغلا فيك يا احلى اميره...
الله يعافيك قلبي...
وان شاء الله الاقتراح ينال رضاكم...::سعادة::


عيدكم مبارك ياحلووووووووووات
هلا وغلا فيك عزيزتي..Nano
عيدك مبارك...ينعاد على كل الاحبه بالخير والبركه باذن الله::سعادة::



يا بنات



وينكم...؟! اشتقنالكم



تري بزعل وماعاد ارد المووضوع










لا يبا اتغشمر ادري دوامات الله يعينكم




بانتظاركم :)










هذاااااااا احنا جينا اخيرا...ههههههههه
ترى بقرفك بالرسايل الخاصه لو ما شفت ردودك زي اول
لين ما تقولين تووووبه ما عاد اقاطعكم ابدا...هههههه

زهر نوار
08-10-2008, 10:49
السلام عليكم

هلااااااااااااااااااااااااااااااااااوالله
وحشتوني كتيررررررررررررررررررررررررررررر

تسلمون علي جهودكم وتعبكم ياللي تعبتوا فيه

وتحياتي لكل عضوات المنتدي ولعزيزتاي (ورده قايين - ماري انطوانيت)

تقبلوا مروري

رواااان
09-10-2008, 06:12
السلام عليكم

كل عام وانتم بخير::سعادة:: ..

بانتظار جديد المشروع على احر من الجمر:مرتبك:..

سلامي::جيد::..

ورده قايين
09-10-2008, 18:12
السلام عليكم

هلااااااااااااااااااااااااااااااااااوالله
وحشتوني كتيررررررررررررررررررررررررررررر

تسلمون علي جهودكم وتعبكم ياللي تعبتوا فيه

وتحياتي لكل عضوات المنتدي ولعزيزتاي (ورده قايين - ماري انطوانيت)

تقبلوا مروري


تسلمين والله زهر نوار وانت ايضا وحشتينا وكل عام وانت بخير ....

وبأنتظار بداية المشروع واقتراح الغالية لميس ..

ماري لاتطولين علينا ...

ماري-أنطوانيت
09-10-2008, 19:23
السلام عليكم

هلااااااااااااااااااااااااااااااااااوالله
وحشتوني كتيررررررررررررررررررررررررررررر

تسلمون علي جهودكم وتعبكم ياللي تعبتوا فيه

وتحياتي لكل عضوات المنتدي ولعزيزتاي (ورده قايين - ماري انطوانيت)

تقبلوا مروري
هلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا والله زهر نوار...::سعادة::
والله وحشتينااااااااااااااااااااا كثير كثير....
تسلمين قلبي...والله اسعدني رجوعك يا عسل:p


السلام عليكم

كل عام وانتم بخير::سعادة:: ..

بانتظار جديد المشروع على احر من الجمر:مرتبك:..

سلامي::جيد::..
هلااااااااااااا وغلااااااااااااااا فيك رورو...
نور المشروع برجوعك...لا تحرمينا من مشاركتك الحلوه...
والله وحشتينا كثير....:p


تسلمين والله زهر نوار وانت ايضا وحشتينا وكل عام وانت بخير ....

وبأنتظار بداية المشروع واقتراح الغالية لميس ..

ماري لاتطولين علينا ...
هلا والله بوردة المشروع الغاليه....::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::
والله وحشتوني كثيييييييييييييير يا بنات....
وان شاء الله المشروع من بكره بيتحرك من فترة اجازته...
وبنزل ملخص اول روايه بكره باذن الله
وان شاء الله العمل الجماعي يستمر مثل ما كان قبل.::جيد::

مجنونة انجل
09-10-2008, 19:53
هذاااااااا احنا جينا اخيرا...ههههههههه
ترى بقرفك بالرسايل الخاصه لو ما شفت ردودك زي اول
لين ما تقولين تووووبه ما عاد اقاطعكم ابدا...هههههه


يووو


يبا اقرفيني بس انتوواا لا تقطعوون



:)

حليب وقشطه
09-10-2008, 20:29
كل عام وانتم بخير


اشتقت لكم كثير ومتشوقه للقصص المعروضه


ومتاكده انها رووعه لانكم مختارينها

ملك روحى Ss>
10-10-2008, 04:14
سلاممم على للصبايا الحلوين ............. كيف الحاال
دوم ياااااااااااارب بخير ............ وينكم هذا كله غلاء علينا يعني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




تر واللله وحشتونا والروايات بعد من جد زمان عنهاااااااااااااااااااا
واكيد بتقولللون هذي وش فها داخله بقوووووووه هههههههههههههههه
وانا من المتابعين للمشروع من المشروع الاول بس ماشركة اللي الحين " في نفسى من زمان اشاااارك " و يالييت تتقبلوني .................................................. ..................و سلامتكم

ماري-أنطوانيت
10-10-2008, 18:21
كل عام وانتم بخير


اشتقت لكم كثير ومتشوقه للقصص المعروضه


ومتاكده انها رووعه لانكم مختارينها
هلااااااااا والله يا قشطه...:D
وانتي بصحه وسلامه يا رب
والله انتي الي وحشتينا اكثر...


سلاممم على للصبايا الحلوين ............. كيف الحاال
دوم ياااااااااااارب بخير ............ وينكم هذا كله غلاء علينا يعني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




تر واللله وحشتونا والروايات بعد من جد زمان عنهاااااااااااااااااااا
واكيد بتقولللون هذي وش فها داخله بقوووووووه هههههههههههههههه
وانا من المتابعين للمشروع من المشروع الاول بس ماشركة اللي الحين " في نفسى من زمان اشاااارك " و يالييت تتقبلوني .................................................. ..................و سلامتكم
هلاااااااااا وغلا فيك عزيزتي ملوكه....
منور المشروع بمشاركتك معانا...::سعادة::
ويسعدنا كثير وجودك بينا اخت عزيزه وغاليه....
والحمدلله انك اشتركتي اخيرا معانا...ترى احنا ما تكفينا الفرجه بس..
لازم ردودكم الحلوه عشان ينشط المشروع..::سعادة::
ومراحب فيك مره ثانيه

ماري-أنطوانيت
10-10-2008, 22:13
سلااااااااااااااااااام بطعم كعك العيد....

وها قد عاد المشروع للعمل..:رامبو:

http://www.swahl.com/up/m139/swahlcom_5790f.gif (http://www.swahl.com/up)


~*~*~ لن تندمي ~*~*~
- باربرة ماكماهون -
...::: 10 فصول :::...
العنوان الاصلي للروايه: Daddy and Daughters


(رويات أحلام)



الملخص:

- هل تتزوجينني؟

ابتعدت كاساندرا عنه وعادت من الطريق الذي دخلا منه للتو.

- انتظري دقيقة يا كايسي

وأمسك جيرد بذراعها يوقفها وهو يقول:

" ناقشيني في الأمر على الأقل "

ثار غضبها:

" وماذا أناقش؟ لا أريد أن أكون جليسة أطفال...فكل ما تريده أنت هو أم لطفلتيك.

لكن المرأة لا تتزوج إلا إذا كان من يريدها يحبها وهي كذلك تحبه "

- لا تعطيني ردك هذه الليلة. كايسي فكري بالأمر....

لكن الفكرة الوحيدة التي كانت في باله هي هذه الفتاة الواقفة أمامه تتحداه...

ونسي عبء الابوه الذي وضع على كاهله فجأة...

نسي متطلبات العمل وان كاسندرا موظفه لديه...

وقرر انه سيتملقها ويحتال عليها ويرشوها ويغريها إذا اقتضى الأمر.

لأنه يريدها أما لابنتيه.



# كل من تود المساعدة ترسل رسالة على الخاص لترتيب أمر الكتابة::جيد:: #
# بانتظاركن ;) #
http://www.swahl.com/up/m139/swahlcom_5790f.gif (http://www.swahl.com/up)

ملك روحى Ss>
12-10-2008, 18:20
مساء الخير على الحلوين ,,,,,,,,,,,,,,, وتسلمي ياعمرى على الرد اللي يفرح وانا يشرفني اني اكون من المشروع....................
عن جد مره انبسط لما شوفت الرد ,,,,,,,,,,,,,,,و الروايه شكلللها مره حماس وفله
ولا طلبتك لا طولين علينا فيهااااااااااااا مع السلامه

مجنونة انجل
14-10-2008, 15:38
جك جك جك جك جك جك جك جك جك جك >>>>> صفقه


بعد اهلي والله

تسلمين لي ماري وجميع العضوات المشاركات


شكراا ::جيد::

مطفوقه
14-10-2008, 22:22
ياااااااااااااااااااااااااااي بصراحه الروايات روعه وكل وحده احلى من الثانيه انا لي اكثر من سنه اتابع جميع الروايات الي نزلتوها بس زيي ماقلت لماري انا عضو متابع بصمت بس حبيت اشكر الجميع ن جد ابداع بلا حدود مشكورين

الحين سؤال ليش انا حطين لي الجنس ذكر :مندهش::مندهش:وشلون مطفوقه ولد غريبه:confused:

Sypha
15-10-2008, 15:04
ياااااااااااااااااااااااااااي بصراحه الروايات روعه وكل وحده احلى من الثانيه انا لي اكثر من سنه اتابع جميع الروايات الي نزلتوها بس زيي ماقلت لماري انا عضو متابع بصمت بس حبيت اشكر الجميع ن جد ابداع بلا حدود مشكورين

الحين سؤال ليش انا حطين لي الجنس ذكر :مندهش::مندهش:وشلون مطفوقه ولد غريبه:confused:



هلابك مطفوقه^^

نعم كل الشكر الجزيل لهم على عطائهم المتواصل::جيد::

بخصوص سؤالك // تقدري تغيري الجنس من ملفك الشخصي

في آمــــــآن الله^^

البسه الشقراء
16-10-2008, 01:05
صبااااااااااااااااح الخير بنات
اشلونكم؟شخباركم؟؟ وانشاء الله بخير؟؟
والله مشتاقه لكم كثير
وبصراحه شفت المجهود العظيم اللي قامت به مجموعه "الصبايا" المنتدى واقولهم ربي يعطيكم الصحه والعافيه
ومن نجاح لنجاح اكبر يارب

وبالتوفيـــــــــــــــــــــق حبيباتي

أختكم البسه الشقراء

mshmshaia
16-10-2008, 20:18
الف شكر
انا فعلا بموت فى روايات عبير و احلام

طفله بريئه
16-10-2008, 20:45
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيت اشكركم على مجهودكم الاكثر من رائع
وبصراحه انا متابعه من زمان بس ردودي قليله
واتمنى لكم التوفيق
تقبلوا مروري محبتكم طفله بريئه

الهنوووووف
17-10-2008, 05:14
صباح الخيرررر

وين القصه من زمااااااااااااان انتظرهااا

الله يعطيكم العااافيه

المزعجه
18-10-2008, 15:00
السلام عليكم
الله يعطيكم ألف ألف عافية على هذي الروايات الحلوه

ماري-أنطوانيت
18-10-2008, 18:11
ياااااااااااااااااااااااااااي بصراحه الروايات روعه وكل وحده احلى من الثانيه انا لي اكثر من سنه اتابع جميع الروايات الي نزلتوها بس زيي ماقلت لماري انا عضو متابع بصمت بس حبيت اشكر الجميع ن جد ابداع بلا حدود مشكورين

الحين سؤال ليش انا حطين لي الجنس ذكر :مندهش::مندهش:وشلون مطفوقه ولد غريبه:confused:
هلااااااا وغلا فيك عزيزتي ((مطفوقه))
تسلمين عزيزتي على كلامك...::سعادة::
والعفو قلبي...

بالنسبه لسؤالك...مثل ما قالت لموسه..
بتشوفين فيه شريط ازرق غامق في بداية الصفحه..
اول كلمه فيه مكتوب (لوحة التحكم)
اختاريها ومن هناك اختاري (خيارات)
ومنها ممكن تغيرين من ذكر لانثى::جيد::


صبااااااااااااااااح الخير بنات
اشلونكم؟شخباركم؟؟ وانشاء الله بخير؟؟
والله مشتاقه لكم كثير
وبصراحه شفت المجهود العظيم اللي قامت به مجموعه "الصبايا" المنتدى واقولهم ربي يعطيكم الصحه والعافيه
ومن نجاح لنجاح اكبر يارب

وبالتوفيـــــــــــــــــــــق حبيباتي

أختكم البسه الشقراء
هلاااااااااااااااا والله بسبوسه...
والله وحشتينااااااااااااااااااااا موت...
ليه كل هالغيبه...:بكاء:
لا تحرمينا من طلاتك مره ثانيه يا عسل..:p



الف شكر
انا فعلا بموت فى روايات عبير و احلام
هلا و غلا عزيزتي (mshmshaia)
وحياك الله في المشروع اختك وصديقه غاليه...
لا تحرمينا من طلاتك..:D


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حبيت اشكركم على مجهودكم الاكثر من رائع
وبصراحه انا متابعه من زمان بس ردودي قليله
واتمنى لكم التوفيق
تقبلوا مروري محبتكم طفله بريئه
هلااااااااا والله عزيزتي...
اشتقنا لك...
مرورك بين فتره وفتره يسعدنا كثير...
بس لي طلب صغنووووووووون..
بليز لا تطولين في فترات غيابك...ترانا نشتاق لك..;)



صباح الخيرررر

وين القصه من زمااااااااااااان انتظرهااا

الله يعطيكم العااافيه
هلا وغلا عزيزتي (الهنوف)
صباح النور والفل والياسمين والكادي بعد...:D
ان شاء الله القصه راح تنزل هالاسبوع
بس عدد الكاتبات قليل فكل وحده انضغطت بكم فصل...
اعذرونا على التأخير...بس مو بيدنا...
اول ما نخلص من كتابة القصه راح ننزلها...
واتمنى لو في بنات يحبون يساعدونا أكثر...
عشان يتحرك المشروع أسرع وتنزل روايات أكثر::جيد::


السلام عليكم
الله يعطيكم ألف ألف عافية على هذي الروايات الحلوه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..:p
تسلمين قلبي...والله يعافيك...
وبما أنك مزعجه...لازم كل شوي تزعجينا بردودك وطلاتك...OK:D

@الصرقوعه@
19-10-2008, 00:54
السلاام عليكم ...

كيف حالكم صبااايا ؟؟

اشتقتلكم وللروااايات اللي تكتبوها ^_^

يعطيكم العافيه والله كان خاطري اساعدكم بس هالفتره مشغوله وان شاءالله اذا فضيت بساعدكم

يعطيكم العافيه وتقبلو مروري <<صايره مؤدبه علشانها مستحيه هههههههههههههههههه

Miis Nano
19-10-2008, 12:03
هاااااااااااااااااااااااااي بنوتات كيفكم ؟؟؟ ::سعادة::
وحشتوني ووحشتني القصص :d
متى تنزل الرواية الجديدة؟؟

ماري-أنطوانيت
19-10-2008, 21:14
السلاام عليكم ...

كيف حالكم صبااايا ؟؟

اشتقتلكم وللروااايات اللي تكتبوها ^_^

يعطيكم العافيه والله كان خاطري اساعدكم بس هالفتره مشغوله وان شاءالله اذا فضيت بساعدكم

يعطيكم العافيه وتقبلو مروري <<صايره مؤدبه علشانها مستحيه هههههههههههههههههه
هلاااااااااااااااا والله بالصرقعوه الحلوه...
والله انتي وحشتينا اكثر...::سعادة::
يكفينا تواجدك معانا عزيزتي...تسلمين



هاااااااااااااااااااااااااي بنوتات كيفكم ؟؟؟ ::سعادة::
وحشتوني ووحشتني القصص :d
متى تنزل الرواية الجديدة؟؟
هلااااااااااا وغلاااااااااااا miss Nano
والله انتي وحشتيني اكثر قلبي...
وان شاء الله القصه بتنزل بكره (الاثنين) باذن الله

بحر الامان
19-10-2008, 21:28
ننتظرك ماري على احر من الجمر

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 17:22
~*~*~ لن تندمي ~*~*~
- باربرة ماكماهون -
العنوان الاصلي للروايه: Daddy and Daughters


الملخص:

- هل تتزوجينني؟
ابتعدت كاساندرا عنه وعادت من الطريق الذي دخلا منه للتو.
- انتظري دقيقة يا كايسي
وأمسك جيرد بذراعها يوقفها وهو يقول:
" ناقشيني في الأمر على الأقل "
ثار غضبها:
" وماذا أناقش؟ لا أريد أن أكون جليسة أطفال...فكل ما تريده أنت هو أم لطفلتيك.
لكن المرأة لا تتزوج إلا إذا كان من يريدها يحبها وهي كذلك تحبه "
- لا تعطيني ردك هذه الليلة. كايسي فكري بالأمر....
لكن الفكرة الوحيدة التي كانت في باله هي هذه الفتاة الواقفة أمامه تتحداه...
ونسي عبء الابوه الذي وضع على كاهله فجأة...
نسي متطلبات العمل وان كاسندرا موظفه لديه...
وقرر انه سيتملقها ويحتال عليها ويرشوها ويغريها إذا اقتضى الأمر.
لأنه يريدها أما لابنتيه.

========================================



1- توأمان ؟!

توقف المصعد فجأة وانفتح الباب ليخرج منه (جير هنتر) وبعد أن اخذ نفسا عميقا, دخل القاعة الفسيحة المليئة بالمكاتب, وهو ينظر إلى الأمام نحو باب مكتبه الخاص في الزاوية البعيدة, متجاهلا بذلك الرؤوس التي التفتت نحوه. قال له(جيب)مواسيا:
" أقدم لك خالص عزائي. لقد كانت السيدة هنتر شخصا محبوبا "
ووقفت جولي مايرز حين مر جيرد امامها, وقد بدا الحزن على وجهها, فقالت بصوت ناعم:
" آسفه لوفاة المرحومة زوجتك يا جيرد! "
اومأ برأسه عابسا وتابع سيره نحو المكتب. كان بحاجة للانفراد بنفسه في مكتبه, بعدما تملكه الدوار نتيجة الاحداث التي عصفت به. لم يستطع ان يصدق ان (مارلين) ماتت. لم يكن يعلم ان الناس مازالوا يموتون بالانفلونزا حتى هذه الايام. أما كان بالامكان التخلص من هذا المرض القديم بكل تلك الادوية التي صنعت للتصدي له؟
قالت هيلين وولنر سكرتيرة جيرد الخاصه تسأله:
" جيرد هل انت بخير؟ "
ونهض من خلف مكتبها واتجهت نحوه وقد بان العطف في عينيها. فأومأ جيرد قائلا:
" كلنت رحلة تعيسة, لكنني عدت الى بيتي على الاقل. كيف تجري الاحوال هنا؟ "
" الجميع يشعر بالحزن. ولكن نظرا الى التوسع الذي جرى في السنوات الثلاة الماضية في الشركة, لم يتعرف الموظفون الجدد الى مارلين. مع ذلك تحدث الكثير منهم اليها عبر الهاتف. وكان الجميع يعلم أنها الشريك الاخر. "
فتح جيرد باب مكتبه ودخل غاضبا بعد أن لاحظ أنها أغفلت كون الفقيدة كانت زوجته ايضا. كانت الرسائل مكدسة بترتيب على الجهة اليمنى في مكتبه, وبعض الملفات عند الجهة اليسرى, أما في الوسط فكانت الرسائل الهاتفية وبينها مغلف مستطيل.
استدار حول المكتب ووضع حقيبة اوراقه على خزانة كتب منخفضة خاف كرسيه. كان خليج سان فرانسيسكو متألقا تحت اشعة شمس العصر, لكنه لم ينتبه اليه, فكل ما كان يشغل انتباهه هي تلك الأعمال التي كانت تنتظره, ولكم كان يشعر بالتعب.
سألته هيلين وهي تقف عن العتبة:
" هل وصلت للتو؟ "
" لقد حطت الطائرة منذ حوالي الساعه, فجئت مباشرة الى هنا "
" هل انت بخير؟ اعرف انكما عشتما انت ومارلين خلال هذه السنوات الثلاثه الماضيه بعيديين الواحد عن الاخر. مع ذلك كانت زوجتك.
" لكنك تعلمين يا هيلين ان ذلك كان قانونيا. هل مازالت الاقاويل ستريه؟ "
" نعم لقد اخبر الموظفون القدامى اولئك الجدد بأنكما أنت ومارلين تزوجتما فقط لتسهيل تكوين شركة (هنتر) وأظن ان بعض الموظفين الجدد لا يعرفون أنها زوجتك, فهم لم يروها قط! فقد كانت تعيش في نيويورك كما تعلم. "
لومأ جيرد برأسه وهو يأخذ المغلف وسألها:
" ما هذا؟ "
فقد كانت الرسائل الاخرى مفتوحة وموضوعه في احد ملفاته. فأجابت:
" وضعت هذه الرسائل الهاتفية على حدة. لقد تلقيت الكثير من الرسائل اليوميه لمدة اسبوعين. وقد تلقينا امس هذه الرسالة البريدية المسجلة. حاولت ان اشرح لهم سبب عدم قدرتنا الاتصال بك في (بانكوك) ولكن يظهر انهم لم يسمعوا بخبر الاعصار "
هز جيرد كتفيه, ثم خلع سترته ووضعها على كرسيه وسألها:
" هل ذهب أحد من هنا لحضور الجنازة؟ "
" لا. ولكن غالبية موظفي مكتب نيويورك ذهبوا. وارسل الينا (بوب ماسون) تقريرا وضعته مع بقية رسائلك, لا تلم نفسك لعدم تمكنك من حضور الجنازة يا جيرد. لكنت حضرتها لو أنك تمكنت ذلك. لا شك أن مارلين ستتفهم ذلك! "
" لماذا يتصل اولئك المحامون؟ "
بدا وكأن جيرد لم يشأ ذكر الاسباب التي منعته من الذهاب الى نيويورك لحضور الجنازة. في الواقع لقد حاول جهده لكن الحظ عاكسه. وعندما استطاع ذلك كان كل شيء قد انتهى. لقد هدأت ثورة غضبه الان وحل مكانها هدوء فلسفي. اذا كان هناك من يفهم مشاكل العمل ويستمتع بها, فهي مارلين.
" لم يقولوا شيئا. لقد اصروا على الاتصال بك شخصيا فحسب. اعطيتهم رقم هاتفك في بانكوك, لكي يدركوا بأنفسهم سبب عدم قدرتنا على الاتصال بك. فكما تعلم لا يثق المحامون تماما بالاخرين, ولا ادري لماذا يظنون اننا نمنعهم من الاتصال بك! "
" شكرا يا هيلين "
" اخبرني اذا احتجت شيء "
" حسنا "
اغلقت الباب بشكل غير كامل بينما التقط جيرد المغلف. كان متعبا للغاية بعد الرحلات العديدة التي قام بها في المناطق الاستوائيه. ولو كان ممن يؤمنون بالخرافات لاعتقد بأن النحس يلاحق العمل الذي كان يحاول انجازه. فقد بدأت الرجلة بشكل شيء, اذ أصاب الطائرة حلل ميكانيكي, فأرغمت على الهبوط في جزيرة (ويك) بعد ذلك حصل ارتجاج عنيف في الطائرة في سماء بانكوك, اعقبه فوضى بالغة في المعاملات الجمركيه. كما ان الجو الحار زاده ارهاقا بعد خروجه من المطار. واذا به يجد ان حريقا شب في الفندق الذي حجز فيه مسبقا, فكان عليه ان يعثر على مكان يبيت فيه, قبل حلول الاعصار الذي تنبأت به الارصاد الجويه. ولم يكد يبلغ مكتبه حتى بدأ الامطار والسيول والرياح.
كانت العواصف في أمريكا عادة, تخلف دمارا كبيرا, لكنها كانت تهدأ بسرعة. الا انها وكانها لن تسكن ابدا في بانكوك.
كان قد تلقى خبر موت مارلين قبل ساعات قليلة من هبوب العواصف. لكن الطائرات كانت متوقفه والاتصالات مقطوعه. وكانت المياه تغمر الشوارع ما جعل حوادث السير تزداد. وهكذا مضت أيام قبل ان تسكن تلك العاصفه, ويتمكن الاتصال بمكتبه ليخبرهم بأنه سيعود على أول طائره.
تناول جيرد المغلف اموضوع على مكتبه, وراح يفكر في الشعور الذي راوده والذي لم يستطع تحديده حيال وفاة مارلين. وهز رأسه وقد نفذ صبره. لقد مضت اكثر من ست سنوات على زواجهما وعلى الرغم من انه كان في البداية زواج مصلحة, الا أن مارلين كانت صديقة جيده. لم ستطع أن يصدق أن مارلين فارقة الحياه فقد كانت في التاسعة والعشرين من العمر فقط, وهو سن الحياة, وكانت قد أوشكت الحصول على ما كانت تتمنى انجازه.
لم يكن قد رآها منذ اكثر من عام ...كان ذلك في واشنطن حيث اجتمعا مع رجال الكونغرس لمناقشة تنظيم التجارة عبر المحيط الهادئ. لكنهما كانا يتحدثان هاتفيا في الكثير من الاحيان, كما كانا يتبادلان الرسائل بواسطة البريد والفاكس.
لقد تزوجا منذ ست سنوات. وانفصلا برضى الطرفين منذ ثلاث سنوات. لكن ذلك لم يؤثر على علاقة العمل بينهما... وكانت مارلين ممتازه في هذا المجال. وكان التوسع الى الاسواق الاوروبيه فكرتها هي, فقد اصرت على الانتقال الى نيويورك لكي تؤسس ذلك المكتب. كانت نشيطة جدا وتزخر بالحيويه. ومنذ ان تركت سان فرانسيسكو لم تنظر الى الخلف اطلاقا. ولم تعد حتى ولو لزيارة خاطفه, كما انه لم يتفقدها. لكنه سيشعر بغيابها الان ولو تعلق ذلك بالعمل فحسب.
تنهد جيرد وفتح المغلف ثم اخذ يقرا محتواه على مهل. أعاد القراءة وقد اصابه الذهول. لم يستطع تصديق ما قرأه وصرخ بأعلى صوته:
" هيلين! "
ثم راح يقرأ الكلمات للمرة الثالة. اتراها مزحة؟ كيف يمكن أن...."هيلين! "
قالت له كاسندرا:
" آسفه يا جيرد, هيلين ليست موجودة حاليا! هل بإمكاني ان اساعدك؟ "
وقف جيرد والقى اليها بالرساله قائلا:
" أقرأي هذه وأخبريني ما جاء فيها! "
فدخلت وهي تحمل ملف أوراق, بعدما كانت تنتظر ان يمنحها الفرصة ليناقشا معا مشروع اتحاد الشركات العالميه. وعندما سمعته ينادي هيلين بحثت عنها لتبلغها. وعندما نادى مرة اخرى ولم تجدها شعرت بأن على أحدهم أن يجيب.
دخلت المكتب وتقدمت مترددة لتتناول منه الرساله, بينما راح يتاملها وهي تنظر اليها. كانت قد التحقت بشركة هنتر منذ سنتين, بعد تخرجها مباشرة من جامعة بيركلي وحصولها على اجازة في ادارة الاعمال. لكنها قلما كانت تتعاطى مع الرئيس, فهي مجرد محللة لاتجاهات التسويق.
نظرت اليه بحيرة وهي لا تدري لما يريدها ان تقرا الرساله. وبعد ان قرأتها, قالت:
" يبدو أن محاميكم في نيويورك يتساءلون متى ستذهب لإحضار ابنتيك التوأمين "
هل كان يفترض بها أن تستنتج شيا أخر من هذه الرساله؟ فقد جلس جيرد وقال وهو يحدق فيها:
" تبا لذلك! توأمان "
جلست كاسندرا على حافة الكرسي, وراحت تتأمله برزانه ثم ابتلعت ريقها بشكل ظاهر وقالت:
" ..... يبدو وكأنك لم تكن تعلم بوجودهما "
" لم يكن لدي ادنى فكرة "
كيف تلد مارلين له ابنتين من دون أن تخبره؟ ولم تقل كاسندرا شيئا.
تصفح جيرد الرسائل الهاتفية. كانت كلها من مكتب وكلاء مارلين في نيويورك. تناول ببطء احداها ثم طلب رقم المكتب. فقالت له كاسندرا بنعومه:
" الساعة الان في نيويورك تشير الى ما بعد الخامسه, والمكاتب مقفلة "
اومأ جيرد وهو يعيد السماعة الى مكانها. آخر ما كان يتوقعه اليوم هو الاكتشاف انه أب. ولكن..هل هذا صحيح؟ ولماذا لم تخبره مارلين بأنه أب لابنتين قبل ذلك؟ "
وسألته هيلين التي وقفت عند العتبة:
" هل ناديتتني يا سيدي؟ "
فقال وهو يشير الى كومة الرسائل الهاتفية:
" هل انت واثقة من ان أولئك المحامين لم يخبروك ما يريدونه مني؟ "
وعندما اومأت قال:
" اقرأي هذه "
واشار الى الرسالة على المكتب. وحين قرأتها نظرت اليه وقد اعترتها الدهشة:
" آه, تهاني يا جيرد, أنت أب اذن! "
" اتظنين ذلك؟ "
فبدت عليها الحيره:
" هذا ما تقوله الرساله! "
" انت تعلمين ان مارلين سافرت الى نيويورك لتفتح مكتبا هناك, منذ ثلاث سنوات تقريبا. وبما انها لم تكن حاملا عند ذهابها, هذا يعني ان هاتين التوأمتين ليستا ابنتي! "
نظرت هيلين الى كاسندرا بحذر, ثم قالت له:
" ربما عليك ان تنتظر الى أن تتحدث الى المحامين "

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 17:29
" لقد حاولت ولم احصل على جواب! الوقت متأخر في نيويورك لذا سأتصل في الصباح الباكر"
" او حاول ان تتصل بأحد منهم في بيته "
فنظر جيرد اليها وقال:
" فكرة حسنه "
ثم قال لهيلين:
" انظري اذا كان هناك رقم هاتف لمنزل أي من المحامين في المكتب "
حين خرجت هيلين, وقفت كاسندرا وناولته مترددة الملف الذي كانت تحمله قائله:
" ربما لا تريد ان تزعج نفسك بهذا حاليا. ولكنها المسودة التي وضعناها بالنسبة لمشروع اتحاد الشركات العالميه, وأنا واثقة من انها مسودة مشروع متماسكة...وقد أخذنا حذرنا من أي خطا ممكن "
أخذ جيرد الملف, واستند الى الخلف يتاملها...كانت نحيلة الجسم, سوداء الشعر, فبدت اشبه بمديرة أو موظفة كبيره في طريق الصعود. كانت دوما تسرح شعرها على شكل ضفيرة فرنسية, فتبدو بغاية الاناقة. اما عيناها فقد كانت تغطيهما نظارات ذات اطار اسود ما جعلها تبدو في نظر جيرد كالبومة. كانت عيناها الواسعتان السوداوان المظللتان بأهداب طويله, اجمل ما فيها. راح جيرد يتامل بزتها الأنيقة الكحلية اللون, والبلوزة البيضاء تحتها. انها سيدة اعمال بكل معنى الكلمة....يبدو من مظهرها انها ترفض كل ما يمت للأنوثه بصلة. تماما مثل مارلين. أتراها تماثلها طموحا, ورغبة في العمل؟ "
راح جيرد يتصفح اوراق الملف الذي ناولته اياه, لكن ذهنه لم يستوعب الارقام. توأمان....وشعر بالذهول, هل هذا ممكن؟ هل كانت مارلين حاملا حين غادرت سان فرانسيسكو؟ اذا كان هذا صحيحا, فلماذا اخفت عنه ذلك؟ لم يستطع التصديق. لكن ذلك بدا واضحا في رسالة المحامين.
قالت كاسندرا فجاة:
" اسفنا جميعا لوفاة السيدة هنتر "
حدق اليها لبرهة. ماذا عساه يجيب؟ ربما ينتظر الموظفون رؤية زوج حزين, لا. لقد قالت هيلين انهم يفهمون نوع الزواج الذي ربطه بمارلين. لقد حزن على صديقة حميمة, شريكة يعتمد عليها في العمل. ومع ذلك, بدا الان وكانه لم يعرف مارلين قط, ما هي قصة التوأمين؟
قال للفتاة:
" شكرا "
كل ما يريد ان يفعله الان هو الذهاب الى بيته ليغط في نوم عميق. لكن عليه بدلا من ذلك أن ينتظر ليرى ان كان بإمكان هيلين ان تجد رقم هاتف منزل احد محامي المكتب القضائي في نيويورك. تناهى الى سمعه فجاة صوت هيلين من المكتب الاخر:
" السيد راندال المحامي ينتظر على الخط رقم واحد "
" جيرد هنتر يتكلم "
قال جيرد هذا واشار لكسندرا لتجلس.
" لقد حاولنا الاتصال بك طوال الاسبوع يا سيد هنتر "
" اعتقد ان سكرتيرتي اخبرتكم أين كنت. لقد انشلت الحركة في مطار بانكوك لعدة ايام, ولم تعد الامور الى طبيعتها حتى البارحة "
" متى عدت الى الولايات المتحدة؟ "
" منذ ساعتين, جئت الى المكتب فوجدت رسالتكم. أي نوع من المزاح هو هذا؟ "
" ما من مزاح يا سيد هنتر! (اشلي) و (بريتاني) هما ابنتاك التوأمان , وهما بغاية الجمال! "
" لم اسمع بهما قد! "
والقى نظره الى كاسندرا فلاحظ التوتر عليها, وكيف كانت تحاول ان تخفي وجودها. بدا شيء من التردد في كلام المحامي قبل ان يقول:
" انا اعي ذلك. يبدو أن السيدة هنتر كانت تخاف من أن تصر على أن يستلم شخص اخر مكتب نيويورك بدلا منها اذا انت اكتشفت الحقيقة. من الواضح انها كانت تحب ميدان العمل, وأنها لم تكن ترغب في التخلي عنه لتكون اما طوال الوقت, رغم انها كانت اما ممتازه.
كان هذا منطق المحامين في سد الفجوات....كانت مارلين على صواب, فلو علم جيرد بحملها لكان فعل أي شيء ليبقيها في سان فرانسيسكو. ولكان طلب منها تخفيف اعمالها في المكتب, ذلك ان مكان الام هو مع أولادها.
" كم يبلغ عمرهما؟ "
القى هذا السؤال على المحامي وشعر بغصة. هل من الممكن حقا أن تكونا ابنتاه؟ هل اخفت مارلين عنه الحقيقة لكي تتابع تقدمها في دنيا الاعمال؟ نظرا لقوة الارادة الحديدية التي كانت مارلين تتحلى بها, لم يجد جيرد سببا اخر يدفعها للقيام بذلك.
" سنتان أو اكثر بقليل. لدي ملفهما في المكتب. سأتأكد من عمرهما في الصباح اذا شئت. لقد اوضحت السيدة هنتر تماما أنهما ابنتاك, وأنها لم تخبرك بولادتهما. كنا نعتقد بانك ستحضر جنازتها هنا. وتستمع الى قراءة الوصية. في الواقع نحن لم نقراها بعد, لأن الطفلتين لا يمكنهما ان تفهما ما جاء فيها, اذا ما قرانها لهما. وقد تركت الأم لهما كل شيء, على أن تكون أنت الوصي على ذلك. وسنراجع كل ذلك, حين تحضر الى هنا.
" واين هما التوأمان الان؟ "
ألقى جيرد هذا السؤال وقد بدأ يعي انه أصبح والدا. أنه أب لابنتين لم يعرفهما قط, وهما الان تتطلبان منه كل شيء. يا الهي, انه لا يعرف شيئا عن واجبات الاب. وسمر نظراته على كاسندرا, كأنه الشيء الوحيد المتماسك الذي بقي له من عالم خرج فجاة عن سيطرته. فقد خففت تصرفاتها الهادئة عنه, وجعلته نظراتها الخجولة يتساءل عما تفكر فيه.
وسمع المحامي يقول:
" لم نشأ ان نرسلهما الى دار رعاية الأطفال, فوافقت احدى موظفتي الاستقبال في مكتبنا على ان ترعاهما مع أولادها. ولكن فترة الرعاية طالت أكثر مما كنا ننتظر "
" سأرى اذا كان بإمكاني أن اكون عندك صباح الغد! "
ووضع سماعة الهاتف, فقالت له هيلين:
" سأتصل بالخطوط الجوية حالا! "
" هل سمعت الحديث؟ "
" نعم, وعلمت أنك ستذهب الى هناك. هل التوأمان منك؟ "
" يبدو من سنهما أنهما ابنتاي, لقد أخبرت مارلين المحامي بذاك. وقد تركت كل شيء لهما على أن اكون أنا الوصي. تبا لذلك! يا لها من فوضى! لا اصدق انها لم تخبرني "
" حسنا انا اصدق. هل كنت ستوافقها على فتح مكتب فرعي لو علمت بالامر؟ "
نظر اليها وهز رأسه:
" ما الذي أعلمه أنا عن التوائم؟ عن الاطفال الصغار؟ "
وفرك عينيه وهو يشعر انه يغلي في الداخل. فقالت كاسندرا التي تعرف الكثير عن الأطفال:
" قبل أي شيء أنت بحاجة الى من يرافقك, فالأطفال الصغار متعبون جدا! وبما أنك لا تملك أي خبرة فيما يتعلق بالاطفال, فسيكون من الصعب عليك أن تتدبر امرك بتوأمين على الطائره. فأي تغيير قد يكدر الطفلتيين, وقد تفتقدان امهما, فتبكيان وتسببان لك المتاعب. "
حدق اليها جيرد وهيلين معا, فقالت وهي تنقل نظراتها بينهما:
" أظنك ستحضرهما معك؟ "
" اذا كانتا ابنتي حقا, لن يكون أمامي خيار أخر! "
أومأت كاسندرا...توأمان...وابتسمت برقة... فقد تذكرت التوأمين الطفلين اللذين كانت ترعاهما عندما كانت في السادسة عشره, فقد كانا مشاغبين كثيرا ولم تعرف أكان ذلك لانهما توأمان, أم لأنهما كانا مؤذيين بطبيعتهما. لكنها متاكدة من أنهما أتعباها كثيرا .
وسألها جيرد:
" هل لديك ما تقولينه يا كاسندرا؟ "
فهزت كتفيها وقالت:
" سبق لي أن عايشت الاطفال. واؤكد لك انه اذا لم يسبق لك أن عايشت أطفالا في هذا السن, فقد لا تعرف ما ينتظرك! "
لم يستطع جيرد ان يصدق ما سمعه. كيف يمكن لهذ الفتاة التي هي نموذج للمرأة العاملة, أن تعرف كل هذا عن الأطفال؟ فهي غير متزوجه كما يظن. وحاول ان يتذكر المقابلة التي اجراها معها حين تقدمت لطلب العمل منذ سنتين. لقد صب اهتمامه انذاك على علومها أكثر منه على حالتها الاجتماعيه. لكنه كان واثقا من انها عازبه.
" متى كنت مع اطفال؟ في حياة اخرى؟ "
أومات إجابا. كانت تلك حياة طلما تمنت أن تخلفها وراءها بعد أن تتخرج من الجامعه. كانت السنتان الماضيتان رائعتين. لم يكن هناك اطفال ترعاهم وتحبهم, لتضطر بعد ذلك الى تركهم. لقد وجدت طريقها في الحياة وهي سعيدة اليوم بمركزها في شركة (هنتر).
قالت هيلين:
" انها على حق يا جيرد. ستكون بحاجة الى من يساعدك, حتى ولو كان لديك طفلة واحده! سأرى إن كان بإمكاني العثور على من يرافقك. ستحتاج إلى استخدام مربية أو مدبرة منزل. ولكنك لن تنجح في العثور عليها سريعا "
" ابذلي جهدك وحاولي أن تجدي لي تذكرة على أول طائرة تتجه الليلة إلى نيويورك "
نهضت كاسندرا من على كرسيها وسألته:
" هل تريد ان نتكلم عن هذا المشروع أثناء انتظارك؟ يمكنني أن ابدأ بتطبيق بعض الافكار أثناء غيابك في نيويورك, اذا اعجبتك "
فقال لها بعد أن وجد شبها كبيرا بينها وبين مارلين, في تفضيلها للعمل:
" أريني ما لديك! "
وبعد ان استمع اليها لمدة 45 دقيقه, وجد ان العمل الذي قامت به متكامل تماما كما قالت له. والغريب انها نسبت نجاح ذلك الى كل فرد من الفريق الذي ترأسه. لكنه يعلم ان الجميع يعمل تحت اشرافها, فقد كانت ممتازة في عملها, كما توقعها ان تكون حين منحها الوظيفة منذ سنتين, بعد انتقال مارلين الى نيويورك بسنة تقريبا.
وبعد ا عرضت عليه مسودة المشروع, سألته بصوت يرتجف, وفي عينيها الترقب:
" هل نباشر فيه اذن؟ "
" نعم, يمكننا ان نباشر فيه إنه عمل جيد "
كان جيرد لا يوفر المديح حين يستحق الامر.
ابتسمت, فشعر برعشة سرت في جسده كله. فقد اشرق وجهها لهذا المديح العفوي, وتألقت عيناها. ولأول مرة أخذ يتسائل كيف تبدو اذا نزعت نظارتها واسدلت شعرها حول وجهها بنعومة؟ كيف ستبدو اذا ارتدت شيئا يبرز أنوثتها؟ وقبل ان ينتهي من تصوراته, أطلت هيلين من الباب.
" حجزت لك مقعدين للساعة الحادية عشرة والنصف الليله. لكنني لم اجد بعد من يساعدك. وجدت من يمكنها الحضور بعد أسبوع, إنما لا شيء لهذا اليوم. كما أن المكاتب مغلقة الان, لذا لا اتوقع أي أجوبة قبل الغد.
" مذا سنفعل اذا؟ "

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 17:31
تمتم جيرد بذلك واغمض عينيه يفكر بما عليه أن يؤديه من اعمال قبل الرحيل؟ تذكر ان موظفيه هم غاية في الكفاءة وإنه يمكن ان يوكل اليهم القيام بأي شيء الى حين عودته من نيويورك. لكن مشكلته مع التوأمين غطت على نظام العمل العادي.
قالت هيلين:
" ربما بإمكان كاسندرا أن تذهب معك, فقد قالت انها خبيرة في شؤون الاطفال "
اجفلت كاسندرا عند سماعها لذلك فقالت:
" ماذا؟ مستحيل. لقد سبق واقسمت انني لن أقوم برعاية الاطفال ابدا. لا اريد أن امضي ولو ساعة واحده في رعاية أطفال الاخرين! "
حدق كل من جيرد وهيلين إليها بنظرات غاضبة, فتنفسن بعمق وأدركت أنها تجاوزت حدودها. لكنها أصرت على موقفها. فقد أنتهت من رعاية الاطفال, وهي الان امرأة عامله. ألم يمدح جيرد عملها, ومنحها الإذن للمباشرة بمشروعها ؟ لديها أعمل افضل من رعاية أولاد الرئيس.
قالت هيلين تهداها:
" انت لن ترعيهما بالضبط, ستساعدين جيرد في رعايتهما على الطائرة فحسب. انه يحتاج الى خبرتك "
هزت كاسندرا رأسها, وقد ساورها الاضطراب. لماذا يريدها الجميع أن ترعى الأطفال؟ وماذا عن احتياجاتها الشخصية؟ ومتى سيهتم شخص ما بما تحتاجه هي وتريده؟ انها أكثر من مجرد حاضنة أطفال, وهي تحمل شهادة تثبت ذلك.
قال جيرد وقد ضاقت عيناه:
" يبدو لي هذا أفضل اقتراح سمعته حتى الآن. ستكون مجرد رحلة قصيرة الى نيويورك, وسنناقش أثناء الرحلة هذا المشروع. وبإمكانك أن تزوديني بأفكار عن رعاية الأطفال أثناء رحلة العودة. اعتبري هذا جزءاَ من عملك "
" لكنه ليس جزءا من عملي "
واجهته كاسندرا بهذا القول وقد بدا عليها التوتر. لم تجرؤ على تجاوز الحد مع رئيسها, ولكن عليها أن تدافع عن وجهة نظرها. لم تشأ أن تعتبر حاضنة أطفال لمجرد أنها امرأة.
افتتن جيرد لحظة ببريق التحدي الذي بدا في عينيها, وقال لها:
" هناك فقرة في عقد عملك تقول أن هناك واجبات أخرى قد يتطلبها العمل. وأنا بحاجة الى عون, ولا يوجد أحد غيرك للقيام بذلك. وحاليا اعتبري هذا الطلب من بين المهمات الاخرى "
فقالت كاسندرا لهيلين بلهجة متوسله:
" انت سكرتيرته الا يمكنك مرافقته؟ "
" للأسف, فأنا ارعى أمي العاجزه, ولا يمكنني تركها لوحدها طوال الليل! فضلا عن ذلك لست ضليعة بشؤون الاطفال! "
تحولت كاسندرا الى جيرد وقالت له بنبرة احتجاج:
" وظيفيتي هنا هي تسويق الانجاج وليس مربيه "
فأبتسم جيرد ساخرا, وقد أوشك الغضب أن يبلغ مبلغه منه, وقال:
" أنا اؤمن بالاستفادة من كل خبرات الموظفين. اعتبري نفسك مرغمة على القيام بهذه المهمه "
" أنا أحتج! "
قالت هذا بقوة, لكنها كانت تعلم في اعماقها ان لا أهمية لاحتجاجها, لأن جيرد لم يكن يصغي اليها "
" لقد حسم الأمر اذن, نتقابل في المطار, أعطيها التفاصيل يا هيلين فأنا ذاهب الى البيت "
ثم التفت الى كاسندرا وقال:
" لا تتأخري! "
نظرت اليه وهو يخرج, وقد صعقها الظلم الذي شعرت به. ثم رأت العطف في عيني هيلين التي قالت لها:
" انه بحاجة الى عونك, وقد قلت انه لديك خبرة في شؤون الاطفال, ولا يملك جيرد حلا أخر. انها ليلة واحدة فقط يا كاسندرا! "
" لقد كنت دوما المكلفة برعاية الاطفال. بقيت سنوات لا اسمع سوى (اتركيهم مع كاسندرا) كان عملي هنا فرصتي للتخلص من هذا كله, وهذا ما كنت أتمناه حقا "
تنفست بعمق وحاولت أن تنظر الى الجانب المشرق من الأمر, ثم سارت الى مكتبها. حاولت أن تستعيد في ذاكرتها حاجات الأطفال. في الحقيقة لم يمض وقت طويل منذ كانت تعمل كحاضنة, ويمكنها حتما أن تتدبر الأمر أثناء الرحلة في الطائره, ويمكنها كذلك أن تثير اهتمام جيرد في هذه الرحله. وهكذا وضعت كاسندرا بعض الملفات في حقيبة يدها, ثم اتجهت الى بيتها لتجهز نفسها للسفر.

* * * * *

اتكأ جيرد على الاريكة وأخذ ينظر الى ساعة الحائط. عليه أن يتجه الى المطار بعد عشر دقائق. لقد استرخى لأربع ساعات لكن ذلك لم يخفف من اضطرابه, لأنه خاف ان لا ينهض في الوقت المناسب, ففضل أن ينام في الطائرة. راح يفكر في الوضع مرة اخرى, محاولا أن يفهم منه شيئا.
واستغرب أن أفكاره كانت تعود دوما الى (كاسندرا باولز). طوال السنتين التي عملت فيهما عنده, لم يكن ينتبه الى وجودها. كانت تقوم بعملها بشكل جيد, وقد سبق وحصلت على ترقية, وعينت حديثا مديرة لمشروع اتحاد الشركات العالمية, بعد أن استكملت الشروط المطلوبه. لكن تصرفها المفاجئ عصر هذا اليوم جعله يجفل. كان جيرد يحب أن تكون الأشياء واضحة ومنطقية. ولهذا كان رفضها مدهشا وغير عادي , فقد جعلها اقتراحه توشك على الانفجار, وتساءل لماذا؟ ربما يكتشف سر ذلك أثناء الرحله.

ستصل الطائره الى نيويورك عند الثامنه تماما. وسيتوجهان على الفور الى مكتب المحامين.
كان جيرد قد استحم وحلق ذقنه وغير ملابسه, وحمل حقيبته التي احتوت على ملابس عادية ليوم واحد, صحيح انه لا يعرف الكثير عن الاطفال, ولكنه كان يعرف انهم يوسخون ملابس من معهم.
وتساءل عما عليه أن يأخذ معه لألهاء طفلتين مازالتا في طور الحبو. وتحول تفكيره الى الطفلتين. كيف تمكنت مارلين من ابقاء امرهما سرا؟ قال محاميها من انها كانت خائفة من أن يطلب منها العودة الى سان فرانسيسكو. هل هذا امر سيء الى هذا الحد؟ لقد عملا معا في (ماكجورج) و (فيرغارسن) وناقشا أمر انشاء عمل, وذلك قبل أشهر من اتخاذ تلك الخطوة. وقد استثمرا في الشركه مواردهما كلها, ووفرا بزواجهما النفقات كافة. وقد كانت مارلين تحب العمل كثيرا. لكن هل العمل لديها كان اهم من انجاب الاطفال؟
نهض جيرد بعد أن ضايقته تلك الأفكار, وحمل حقيبته الصغيرة متجها الى المطار.

* * * * *

جلست كاسندرا وحده في غرفة الانتظار في المطار تقرأ في مجله وعند قدميها كيس ملابسها الصغير. لم تكن راضية عن قيامها بتلك المهمة, لكن عملها يحتم عليها القيام بذلك. وقد ارتدت بزه رسميه رمادية اللون وبلوزة بيضاء تحتها, اذ كانت تعلم أنهما سيتوجهان الى مكتب المحامي حالما يصلان. وفجأة شعرت بإحساس غامض جعلها ترفع بصرها, واذا بها ترى رئيسها يشق طريقه بين الجموع متجها نحوها.
تنهدت في نعومة وعدلت في جلستها. كان جيرد بغاية الوسامه, ولاحظت النظرات التي رمقته بها النساء المتواجدات في المطار. بدت بعض هذه النظرات سافره, وبعضها الاخر أكثر خجلا. لكن جميع النساء كن يتابعنه وهو يتقدم بخطواته الواسعه نحوها. كان شعره الداكن كثا ومسرحا بعنايه. وشعرت بالانجذاب نحوه, وللمرة الاولى. فقطبت جبينها. هل السبب في ذلك هو معرفتها بأنه اصبح عازبا؟ لقد اعجبها حين أجرى معها المقابله من اجل الوظيفة, لكن سرعان ما تجاهلت احاسيسها تلك, وركزت اهتمامها على التقدم بعملها قدر الامكان. ولكن ما هو هذا التغيير المفاجئ الذي طرأ, فأيقظ عندها تلك المشاعر مجددا؟ عندما اقترب منها ابتسمت له بأدب, وقالت:
" أنا عهنا حسب الأوامر, يا سيدي "
جلس بجانبها ونظر الى كيسها وحقيبة الاوراق, فأبتسم ساخرا:
" تذكري فقط من هو الرئيس! "
فواجهت نظراته الساخره بشيء نت الغضب, وقالت:
" وهل يبدو لك انني قد أنسى ذلك؟ "
فاكتفى بالابتسام, بينما زمت هي شفتيها وعادت تتصفح مجلتها.
" هل تنامين مرتديه بزه؟ "
" ماذا؟ "
ونظرت حولها ثم حدقت فيه غير مصدقه.
" انا اتساءل فقط. فقد كانت مارلين ترتدي بزة طوال الوقت, ما عدا في الفراش. ظننتك سترتدين اثناء الرحله شيئا مريحا أكثر من هذا.
" هذا هو المظهر الملائم لمقابلات العمل. فنحن سنقابل المحامين قبل أن نرى ابنتيك, أليس كذلك؟ "
" قد تكون الطفلتان مرتديتين أيضا ملابس تظهرهما نماذج مصغره لنساء الاعمال "
تمتم بذلك وهو يفكر في مارلين...مارلين التي لم ينجح في معرفتها جيدا.
قالت له كاسندرا وهي تنظر الى ملابسه:
" أشك في ذلك! أرجو أن تكون قد احضرت ثيابا اخرى لأن الاطفال يلطخون ملابس الكبار خصوصا في السفر "
فنظر اليها متكاسلا, وقال وهو يفرك عينيه:
" لدي ملابس اخرى في الحقيبه, أظننا سنبقى في نيويورك ليلة على الأقل. فإذا لم احظ بفترة للنوم سيغمى علي "
" يمكنك أن تنام في الطائره "
تملكها العطف عليه, فقد بدا عليه الارهاق, وكان من الصعب عليه أن يضطر للقيام بهذه الرحلة الى نيويورك مباشرة بعد وصوله من آسيا.
" سأضطر الى ذلك. بعد عودتي من بانكوك وذهابي الان الى نيويورك لن اتمكن من التفريق بين الذهاب والاياب. اتعلمين كم منطقة من العالم عبرت في الساعات الاربع والعشرين الاخيره؟ "
هزت رأسها وجالت بنظراتها على كتفيه, ومنهما الى ساقيه الطويلتين. وعرفت أنها لن تستطيع التحدث معه عن العمل أثناء الرحله.
وتساءلت للحظه عما ستكون عليه الرحله معه, لو لم يكن متعبا. ارته محدثا جذابا؟ لقد سافر كثيرا وعمل كثيرا. أليس في أوائل الثلاثينات من عمره فقط؟ كم تحب أن تعرف كيف انشأ الشركه مع زوجته وأين كان ذلك. لكنها علمت أنها لن تعرف ذلك هذه الليله, لاسيما انه كان يبدو مرهقا كثيرا.
رآها تمعن النظر فيه, فراح يتصور ما الذي تفكر فيه. أتراها تريد التحدث اليه عن مشاريع المستقبل العملية وتحاول ان تجد الطريقة الفضلى للتطرق للموضوع؟ انها لا تهتم به شخصيا.

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 17:37
وهو لا يهتم بأي امرأه. كل ما يشغل اهتمامه هو تفسير تلك الرغبة في أن يرى شعرها مسدولا, وعينيها من دون نظارات. فهو لا يتذكر انه رآها مرة من دونها , ولا مانع لديه في أن يراها ترتدي ثوابا, او سروالا قصيرا.
رباه! لابد أن التعب والارهاق دفعاه الى الهلوسه. أغمض عينينه محاولا أن يركز افكاره على على لقائه المنتظر بابنتيه. ليس الوقت مناسبا لتخيلات تتعلق بموظفة عنده...موظفة لا تنفك تذكره بزوجته الراحله. لقد شبع من النساء العاملات, واللاتي يولين اهتماما للتنافس في دنيا الأعمال أكثر منه لإنشاء بيت أو أسره. عندما سيفكر مرة أخرى في بناء علاقة مع احداهن, سيختارها رقيقة تنضح بالانوثه, وتفضل الازهار في الحديقه والبيت المريح على اوراق العمل, وكشوفات الحسابات المصرفيه, هذا ما سيبحث عنه...هذه اذا اراد أن يتزوج مرة أخرى.
نادى صوت يدعو الركاب الى الطائرة, وكان جيرد وكاسندرا يسافران على الدرجة الاولى. قدم جيرد المقعد بجانب النافذة لكاسندرا, قائلا:
" أريد أن أنام طوال الرحلة, ولا أحتاج الى النظر من النافذه "
" شكرا, رغم أنه علي أن أخلد للنوم لبرهة والا سيصيبني الدوار في الغد "
جلست كاسندرا بعد أن وضعت كيسها وحقيبة أوراقها في المكان المخصص لهما, ثم تشبثت بمجلتها وكأنها حبل النجاة. أدركت أنها أصبحت بجلوسها بقربه, تشعر بحرارة جسمه وتشم رائحه العطر الذي يضعه. أرادت أن تبتعد عنه, ولكن ما من سبيل للخلاص. أخذت تتصفح مجلتها وقد انعقد لسانها وتملكها الارتباك. كان جيرد قد جلس بجانبها وأخذ يربط حوله حزام مقعده. كانت دوما تحضر معه الاجتماعات وتراه جالسا على كرسيه...فهذا لم يكن شيئا غريبا عنها, فما الذي حدث لها الان؟
لم يكن في تلك الاجتماعات يجلس بجانبها...ولم تكن تدرك قوة جسده, وعرض كتفيه, ونعومة ذقنه. وجمدت أصابعها تصدها عن ملامسة ذقنه, وتلمس نعومتها.
ابتلعت كاسندرا ريقها بصعوبة وهي تحول نظراتها الى النافذة. لم يكن هناك ما تراه في هذا الظلام سوى الضوء المحيط بالطائرة وعجلاتها. ومع ذلك بقيت تنظر من خلال النافذه, اذ شعرت بأن ذلك أكثر امانا.
قال لها:
" حالما تقلع الطائره سأدفع مسند الكرسي الى الخلف وأنام. لا أريد طعاما أو شرابا اذا سألك احدهم "
التفتت اليه وهي تأخذ نفسا عميقا. كان وجهه على بعد سنتيمترات من وجهها, بحيث أمكنها أن ترى الارهاق في عينيه اللتين كانتا تعكسان صورتها, وراحت أنفاسه تلفح خدها. ابتلعت ريقها وقد شعرت بالتوتر لرؤيته قريبا منها الى هذا الحد.
" هل سبق أن سافرت الى نيويورك؟ "
هزت رأسها نافيه, وقد أخذ قلبها يخفق بعنف. وسمرتها الأحاسيس, فلم تستطع تحويل نظراتها عنه.
" آسف لأنه لن يتسنى لنا الوقت لزيارة المدينه بكاملها "
" أرجو أن أتمكن من الذهاب في اجازة يوما ما. أحب أن أرى المعالم الأثرية, وقد أذهب للتفرج على (برودواي) "
" لا بأس بزيارة المدينه, لكنني أفضل دوما سان فرانسيسكو "
وتوقف قليلا عن الكلام, ثم سألها مجددا:
" هل انت من (باي ايريا) ؟ "
فهزت رأسها وقد شعرت بأنها امرأة غبيه وتنحنحت قائله:
" لقد نشات بالقرب من (لوس انجلوس) لكنني أفضل الان (سان فرانسيسكو) "
" أين كنت تعيشين؟ "
" في مكان صغير في (تلغراف هيل) "
" هل يقصد ذلك المكان سائحون كثر؟ "
" نعم, ولاسيما في الصيفز فبرج (كوا تاور) مكان مرغوب. كنت أحب الصعود اليه والنظر الى المدينه. فالمنظر رائع تمام من هناك "
" كم عشت هناك؟ "
أخذ يطرح هذه الأسئله, وقد تعجب لما لم يكن يعرف تلك المعلومات عن موظفة تعمل عنده منذ سنتين.
" تركت موطني قبل أن أستلم العمل عندك بأسبوعين "
اجابته وهي تتساءل لماذا لا يتكئ الى الخلف في كرسيه؟ ولماذا يبقى بهذا القرب منها, ما يجعلها تشعر وكأنهما وحدهما بالطائره. تلهفت الى الابتعاد عنه. كانت عيناه قاتمتين مسمرتين عليها. واعجبها الضوء اللامع في اعماقهما. وتساءلت عما تراه يفكر فيه عندما ينظر في عينيها.
ابتدأت مضيفة الطائرة دورة التفقد, اخذت كاسندرا نفسا عميقا ونظرت الى المرأه. كانت تعلم أن جيرد استمر ينظر اليها, لكنها ركزت نظراتها على المرأه وكأنها لم ترى مثلها من قبل. واذا شعرت بالارهاق يتملكه, ادركت انه لم يبقى لديه سوى عدة دقائق ليستسلم للنوم. عندئذ ستصبح الرحلة سهله.
* * * * *
استيقظ جيرد عندما بدات الطائرة تهبط. وعندما شعر بالضغط في اذنيه, اخذ يتثائب للتخلص منه. شعر بشيء ثقيل دافئ ملقى على كتفه, وعندما التفت, ادرك ان كاسندرا اختارته وسادة لها أثناء الليل. وكانت بطانيات الطائره تغطي الاثنين, بينما كان الكرسيان مائلان للخلف...هل فعل هو ذلك؟ أم هي؟
تحرك قليلا وقد خدرت ذراعه. منذ متى تلقي برأسها على كتفه؟ كان الجو عابقا برائحة وردخفيفه. هل هو عطرها؟ دنا منها أكثر وراح يشمها.
ما احلى ذلك...انه ورد حتما. اغمض عينيه محاولا ان يتخيلها تشتري ذلك العطر, وتضعه كل صباح. وبشكل ما,ة أثار ذلك فيه صورة امراة مختلفه, ناعمه انثويه...وليست سيدة اعمال طموحه متزمته. عليه ان يكبح نفسه, فهي ليست هنا لتكون مسرحا لتخيلاته الشخصيه, بل لتكون حاضنه لطفلتيه أثناء رحلة العوده \, وهذا كل شيء. عندما يصلان الى سان فرانسيسكو, ستعود هي الى عملها في الشركه, بينما تبحث هيلين عن مربية للتوأمين. عليه أن يفكر بأمور كثيرة أخرى, غير كاسندرا باولز. وعلى الفور, جعله التفكير في التوأمين يستيقظ تماما, وهز كاسندرا وانتظر ريثما تستيقظ.
" آه, أنا أسفه "
اندفعت الى الخلف, ثم استقامت في جلستها على الفور. كان خدها متوردا دافئا. نظرت الى جيرد, فرأى أن النظارات لم تكن تغطي وجهها, وبدت عيناها قاتمتين غامضتين, فشعر جيرد بالانجذاب نحوها. بدت اصغر سنا, وخجولا, وبغاية الانوثه. كانت ضفيرتها قد انحلت أثناء النوم, فأحاطت بوجهها خصلات من الشعر القاتم اللامع. عندئذ هرب منه كل تفكير في النوم, وازداد اهتمامه فجأه بهذه المرأة.
قالت وهي تبتعد عنه, وتسوي ملابسها تحت البطانيه, وتعيد نظارتها على وجهها:
" لم أقصد أن أنام عليك "
شعر جيرد بحافز يدفعه الى دفن وجهه في شعرها المنسدل ليشم عطرها الوردي, لكنه أشاح بوجهه مغمضا عينيه. لقد مضى عليه وقت طويل من دون رفقة امرأه. رغم أن زواجه كان زواج مصلحه, وقد تركته مارلين منذ ثلاث سنوات, الا انه كان حريصا على عهوده الزوجيه, فكان يمضي لياليه وحده. لكن الان, وقد توفيت زوجته, اصبح حرا للتفكير بالنساء الاخريات. ربما ليس منجذبا الى كاسندرا شخصيا, بل أي امرأة اخرى كانت لتؤثر عليه بهذا الشكل.
لكنه عندما فتح عينيه, لم يهتم بتحليل السبب في عدم شعوره بأي انجذاب نحو مضيفة الطائره الشقراء الجميله. بدلا من ذلك, حاول أن يتجاهل انجذابه الى المراة الجالسه بجانبه, وركز أفكاره على ما ينتظره في مكتب المحامي.
عندما حطت الطائره, حمل جيرد أكياس كاسندرا, فقالت باحتجاج وهي تلحق به:
" يمكنني أن أحمل امتعتي بنفسي! "
" سيكون لديك حمل ثقيل فيما بعد. أما الان فمن الغباء الا تنتهزي كرم اخلاقي "
فتمتمت:
" كرم اخلاق...بل قل انه استبداد "
" لماذا تقولين ذلك؟ "
وشعر بالتسلية لسماع تذمرها هذا. هل هي دوما غريبة الأطوار عند الصباح؟ إنها المرة الأولى التي يراها فيها على طبيعتها. انه يفضلها أكثر هكذا, عندما لا تبدو موظفة منضبطة.
" لأنك أمرتني بالمجئ الى هنا, وأنا لم أكن أريد ذلك! "
" الا تحبين الأولاد؟ "
" لا احب أن أعتني بهم "
" متى فعلت ذلك أخر مره "

كان مطار كندي يزخر بالحركه, وكان رجل بين الجموع ممسكا بطاقة مكتوب عليها اسم (جيرد). وكان هذا سائق سيارة الليموزين. فناوله جيرد الحقائب, ثم تبعه وهو يضع يده على ظهر كاسندرا. لم تكن مثل مارلين على الاطلاق. مشت شامخة الرأس خلف السائق.
عاد جيرد يقول بنبرة فولاذيه:
" سألتك عن الاولاد "
" طوال حياتي تقريبا, كان علي أن اعتني بالاولاد, ولهذا اقسمت أنني عندما احظى باستقلاليتي, لن أفعل ذلك مرة أخرى. لست سعيدة حقا بهذه المهمة. لو أنك لم تأمرني, لما كنت هنا الان "
قالت هذا متذمرة. ورغم غيضها من رئيسها لمستبد, الا أن حركة المطار الدولي لفتت انتباهها.
" ولكن فكري في النقاط الجيدة التي ستحصلين عليها, لمساعدة رئيسك في هذا الأمر "
" أفضل أن اكتسب تلك النقاط بفضل كفاءاتي المهنية على أن أكتسبها لكوني حاضنة أطفال! "
" ربما ستحصلين بالترقيه لقيامك بمثل هذه المهمة "
قال هذا بهدوء وقد لاحظ غيظها. ثم تابع يسألها:
" حدثيني عن ملاحظاتك حيال الأطفال "
" لا أحب ذلك, وأنا أسفه لأني فتحت فمي أمس "
" عن معرفتك برعاية الاطفال؟ "
" كانت زلة لسان "
واذ بلغ به الفضول حده, أخذ يتساءل عما اذا كان بامكانه أن يعرف القصة كامله منها, قبل أن يقابلا محامي مارلين.

* * *

- نهاية الفصل الأول -

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 17:48
2- وردتان بين الأشواك...

قال جيرد لكاسندرا عندما استقرا في المقعد الخلفي من الليموزين:
" علي أن أبدي إعجابي بلباقتك! "
فتعجبت كاسندرا و سألته:
" لم تقول ذلك؟ "
ابتعدت عنه في السيارة قدر الإمكان, فراح يبتسم للمسافة التي جعلتها بينهما. اتراها لا تشعر بالارتياح بقربه؟ وفكر لحظة في ان يختبر نظريته هذه, لكنه سرعان ما غير رأيه.
" أي امرأة أخرى كانت ستزعجني بالأسئلة عن زواجي, وزوجتي, ولم لدي ابنتان عمرهما سنتان, ولا أعرف عنهما شيئا "
لوت كاسندرا رأسها, ثم ابتسمت بخبث وقالت:
" لا شك أنني أرغب بمعرفة كل ذلك, لكني أحترم رغبتك بالتحفظ. كما أنني عرفت عنك أمور كثيرة في المكتب. تقول الشائعات إنكما تزوجتما لتضما أموالكما معا وتؤسسا الشركة. ثم انتقلت هي الى نيويورك منذ سنوات, لتفتتح فرعا للشركة وتحاول أن تغزو أسواق أوروبا. وقد انجبت لك طفلتين لم تخبرك بشأنهما. اذا كنت تود إخباري بأكثر من ذلك لن أقاطعك "
أجفل جيرد وكاد يضحك لهذه الجرأة الغير متوقعة منها. كان يعلم أن ما أخبرته به لم يكن سرا, ما عدا بالنسبة الى التوأمين. وازداد فضوله وهو يراها تعرف الكثير عنه...هل هناك سبب خاص دفعها لذلك؟
" لم يكن زواجنا عاديا, كان زواج مصلحه. لقد تطلب تأسيس الشركة منا جهدا بالغا, ووقتا طويلا ومالا كثيرا. وكان الاشتراك في بيت واحد سيقلل من النفقات, ويزيد من ساعات العمل"
لم يكن يحاول تبرير العلاقة التي ربطته بمارلين, بل كان يشرح لها الأمر, لكنه لا يدري ما الذي دفعه للقيام بذلك.
" يبدو وكأنكما قمتما بتلك الخطوة لتنسيق العمل بينكما "
" نعم, كان هذا مبدأنا "
قال ذلك وتوقف فجأة عن الكلام, اذ لم يعد يذكر كيف بدأ ذلك كله. فهما بالكاد تقابلا, هو ومارلين خلال السنوات الثلاثة الاخيرة في واشنطن, لغداء عمل. وتابع يقول:
" أكثر ما كانت تطمح له مارلين هو أن تنجح هذه الشركة, فقد وجدت جو العمل أكثر تحديا واثاره, من علاقتها بي "
فقالت كاسندرا وهي تراقبه عن كثب:
" انه فعلا عام تحد وإثاره! "
" أعلم هذا. أفهم الان رغبتها المفاجئة في الانتقال الى نيويورك لافتتاح فرع هناك. لم تعد قط الى سان فرانسيسكو خوفا من ان تلتصق بالطفلتين بدلا من العمل, كما أظن "
" لا تحب كل النساء الجلوس في تابيت وتربية الأطفال "
" أظن ذلك! "
بدا واثقا مما قاله, بعد الحديث الذي دار بينهما امس في المكتب. قالت كاسندرا:
" ما أريده الان هو فرصة أبني بها حياة خاصة بي, وربما في نهاية المطاف سأتزوج وانجب أولادا. فالأولاد رائعون حين يرغب المرء في انجابهم. لكنني لا أريد أن أجبر على القيام بأي شيء "
" كما فعلت بك بالنسبة الى هذه المهمة؟ "
فأومأت ايجابا, وهي تنظر من النافذة الى ناطحة سحاب مانهاتن. كانت الغيوم البيضاء تزين صفحة السماء الزرقاء, وكانت حركة السير مزدحمة على الطريق الرئيسيه. تساءل جيرد عما اذا اشاحت نظرها عنه لتنظر الى المدينة حقا. أم أنها تحاول أن تبعد نفسها عنه لتستعيد رباطة جأشها.
" لا تكوني قاسية يا كاسندرا, فأنا لم أطلب منك الكثير! كل ما طلبته منك هو أن ترافقيني ليوم واحد, ريثما أحضر الطفلتين الى المنزل. هيلين تبحث عن مربية لهما , وأنت تملكين خبرة تنقصني. لو كنت مكاني لما كنت انتهزت فرصة وجود شخص ضليع بهذه الامور بقربك؟
فقالت دونما أكتراث:
" ربما "
" ما الذي أكسبك هذه الخبره؟ هل كان لديك الكثير من الاخوه؟ "
كان يعلم أنه تطرق الى أمور لم تشأ أن يتطرق اليها, لكنه شعر بالفضول لمعرفة ذلك. كانت كاسندرا باولز بجديتها ورزانتها, تترك لدى الاخرين انطباعا بأنها مجرد موظفة جيده, لكن لابد ان لها حياة خاصة وهو لا يطلب من موظفيه أن يمضوا أوقات الفراغ في العمل.
اجابت:
" في الواقع ليس لي أي أخوة! "
" لدينا حوالي نصف ساعه لنصل الى المكتب القضاي, لم لا تخبريني من أين أكتسبت تلك الخبره بشؤون الأطفال؟ "
ومضت دقيقة فكر فيها عن سبب اصراره على معرفة المزيد منها. أهو الفضول فحسب, أم أنه يريد ان يصرف ذهنه عن التفكير في تينك الطفلتين اللتين تنتظرانه؟ سبق له أن تفاوض بشأن صفقات بملايين الدولارات, لم يشعر الان اذاً بالتوتر للتفكير في مواجهة طفلتين صغيرتين؟
طال الصمت, فالتفتت كاسندرا ببطء لتنظر اليه. لم تكن تحب الحديث عن الماضي. ولطالما تمنت أن يكون لها أسرة كما في الحكايات الخرافيه...لكن كان ذلك حلما بعيدا عن واقعها. ورأت أن لا ضرر في ان تشرح له سبب عدم رغبتها في القيام بهذه الرحلة.
" ماتت أمي عندما كنت في السابعة. ولم يكن لدي أقارب أخرون, فأنتهى بي الامر في دار للرعاية. كان المنزل الذي وضعت فيه عندما كنت في العاشرة يعج بالاولاد, ولعبت دور حاضنة للأطفال لمدة ثماني سنوات. وعندما اصبحت في الثامنة عشرة, تخليت عن ذلك وأقسمت الا أقوم بهذا العمل مجددا "
" الى هذا الحين! "
" لا, فعندما ذهبت الى الكلية, احتجت الى النقود. وكان العمل الوحيد الذي أحسن القيام به هو رعاية الاطفال, فكنت أقوم بدور الحاضنة لأولاد أساتذتي في الجامعهة, وهكذا مضت أربع سنوات أخرى كحاضنة لأطفال الاخرين!
" والان اطفالي "
فقطبت جبينها وقالت:
" هذا صحيح, لم يكن هذا ما توقعت القيام به حين وظفتموني في الشركه. فأنا احمل شهادة في التسويق, وليس في رعاية الأطفال. أريد أن أستفيد من شهادتي, لا أن اكون حاضنة أطفال "
" كما أنني لم أفكر أنني قد أحتاج الى حاضنة في الشركة, اذ لم أكن اعلم أن مارلين ولدت توامين "
ولاذ جيرد بالصمت, متسائلا مرة اخرى كيف استطاعت مارلين أن تخفي عنه أمرا كهذا. فمع انه ما كان ليتمكن من اعادتها الى سان فرانسيسكو, الا انه كان من حقه ان يعلم بخبر ابنتيه .

* * * * *
كان المكتب القضائي التابع لـ (ستلر) و (راندال) و (بيبودي) في الطابق الثالث والثلاثين, من ناطحة سحاب. استقل جيرد وكاسندرا مصعدا سريعا, وسار جيرد نحو باب المكتب ففتحه, ووقف جانبا لتمر كاسندرا, وعندما دخل, تسمر على الفور بعد ان رأى طفلتين تلعبان بجانب أريكة مخملية قرمزية اللون. توقفت الفتاتان عن اللعب والتفتتا اليه والى كاسندرا تحدقان فيهما بعيون زرقاء لامعة.
كانتا صغيرتين للغاية. أخذ جيرد يحدق بهما دون ان يتفوه بكلمة, وراح يتساءل عما يفكران فيه.
" مرحبا "
حيت كاسندرا الكفلتين ودنت منهما. شعرت بالشفقة عليهما بعد أن تذكرت مدى خوفها حين ماتت أمها وذهبت هي لتعيش مع غرباء. لم يكن أي شيء مألوفا لديها, ولا معزيا. وكم افتقدت أمها حينذاك!
ركعت على ركبتيها باسمة أمام الطفلتين, ثم لمست يد كل منهما وقالت:
" مرحبا, انا كاسي, ما اسمكما؟ "
انتبه جيرد الى الرقة والدفء في صوتها. ابتسمت الطفلتان ونظرتا الى كاسندرا ثم أخذتا تقولان أشياء غير مفهومه. هل ستفهم كاسندرا أي شيء مما تقولانه؟ كان قد نسي أنهما صغيرتان ولا تتكلمان جيدا .
" السيد هنتر؟ "
حيته موظفة الاستقبال من وراء مكتبها وهي تبتسم بمودة
" نعم أنا هو "
" لديك طفلتان رائعتان, لقد رعيتهما طوال الاسبوعيين الماضيين. أنا اسفة لوفاة زوجتك! "
اومأ جيرد وقد شعر بالغرابة. لم يكن يعرف شيئا عن الأطفال, ولا عن ابنتيه. من حسن الحظ أن كاسندرا تعرف كل شيء, وقد الفتها الطفلتان كما يألف البط الماء. ها هن يتحدثن ويضحكن. وشعر جيرد للحظة بالغيره تنتابه, واخذ ينظر اليهن, فيما كانت موظفة الاستقبال تتصل بالمحامي لتخبره بوصول جيرد.
" سيكون السيد راندال معك بعض لحظه "
قالت موظفة الاستقبال ذلك من دون أن تلحظ تردده.
ما ان دنا جيرد من الطفلتين حتى زالت كل الشكوك التي ساورته. كانتا تشبهانه تماما حين كان طفلا, ولكن بترجمة انثوية. لم يرى فيهما أي شيء من مارلين ما عدا عينيها الزرقاويين, اتراهما ورثتا طوحها أو طباعها؟
قال لهما: " مرحبا! "
نظرت اليه الطفلتين بحذر, ووضعت الطفلة ذات القميص الاصفر ابهامها في فمها وهي تنظر اليه. فقالت كاسندرا وهي تزيح شعر الطفلة التي تمتص ابهامها عن وجهها:
" أنت طويل جدا, إما ان تحملهما, وإما أن تركع "
حدق جيرد الى العيون التي تراقبه, ثم جلس ببطء على حافة الاريكة, وقد استولى عليه الشعور بالضياع, ولم يعجبه ذلك. لقد قام على مر السنوات الماضية بتوسيع شركة هنتر الى البلاد القائمة على المحيط الهاديء, وهاهو ذا الان تتغلب عليه مشكلة طفلتين.
قالت كاسندرا للطفلة ذات القميص الوردي:
" ابتسمي, هذا (بابا). اخبريه بأسمك "
فقالت الطفلة وهي ترمقه بنظرات ثابته:
" اشلي "
وقالت الطفلة الاخرى وهي تخرج إبهامها من فمها:
" انا بريتاني "
فقالت كاسندرا:
" أشلي وبريتاني, هذا هو بابا. هل يمكنكما ان تقولا بابا؟ "

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 18:01
مضت لحظة صعق فيها جيرد للتغير الذ بدا على وجه كاسندرا. وتمنى لو تبتسم له بهذا الشكل. ولأول مرة أدرك كم هو محظوظ لأنها أجابته عندما استدعى هيلين امس في المكتب. فما كان بإمكانه أن يتعامل مع هاتين الطفلتين وحده. وقفت الطفلتان بجانب كاسندرا تهزان رأسيهما. ثم أخذت اشلي تثرثر بالكلام وراحت كاسندرا تستمع اليها وكأنها تفهم ما تقول, وهي تبتسم. ولعلها فهمت....أما هو فلا.
يفترض بالاب أن يتصرف بشكل أفضل. ماذا يمكنه أن يفعل؟ بدت له دنيا الاعمال والصفقات أسهل من التعامل مع هاتين الطفلتين.
بقيت كاسندرا مع الطفلتين في غرفة الاستقبال, عندما دخل جيرد للاجتماع مع محامي مارلين, توماس راندال. وبدا ان الطفلتان ألفتاها جيدا.
شعرت كاسندرا بالشفقة عليهما. لابد انهما عانتا الكثير بعد وفاة والدتهما. وقررت أن تبدل عدها لتجعل الأمور أسهل بالنسبة إليهما.
جلست على الاريكه واجلست كل واحدة منهما على جانب:
" سأخبركما بقصة ابنتين كبيرتين قابلتا البابا للتو......"
حاولت أن تشرح لهما ما ينتظرهما بجمل بسيطه. صورت لهما السفر بالطائره وكأنها مغامرة كبيره, والانتقال الى سان فرانسيسكو ببساطة غسل الأسنان.
عندما عرض توم راندال المحامي أن يقرا الوصية بصوت عالِِ, طلب منه جيرد أن يتصفحها بنفسه. ولم يستغرق هذا سوى عدة دقائق. فقد كانت الوصية قصيرة بسيطة. كانت مارلين توصي فيها بنصف الشركة التي تملكها معه لابنتيها, بإدارة إشراف زوجها والد الطفلتين. عندما انتهى جيرد من القراءة, نظر الى المحامي وقال وهو يتساءل كم يعرف هذا الاخير عن زواجهما:
" لقد ماتت شابه, وقد فاجأني موتها! "
فأومأ المحامي قائلا:
" لقد ذهبت لزيارة زوجتك قبل وفاتها مباشرة, كانت مريضة للغايه. أظنها أرهقت نفسها كثيرا ولم يكن لديها أي طاقه عندما دنت ساعتها "
فقال جيرد:
" ستفتقدها الطفلتان "
" لا أظن ذلك. فقد قامت برعايتهما مجموعة من حاضنات الاطفال ودبرات المنزل, في السنتين الأخيرتين. ولا اعتقد لأن الطفلتين متعلقتان بقوة بأي شخص, أو حتى بأمهما. وتقول موظفة الاستقبال عندي أنهما انسجمتا معها بسهوله.
" سأجعل حياتهما مستقرة ما ان اعود الى سان فرانسيسكو "
" هذا ما توقنعاه. لدي هنا كل المعاملات المكتوبه. يمكنك أن تطلب منا أي شيء يمكننا القيام به "

عندما انهى جيرد حديثه مع المحامي, عاد الى حيث كانت كاسندرا تقرأ للطفلتين قصه بصوت عال. لم يرينه في البدايه, فراح يتاملها وتملكه حنين غريب. هكذا تبدو الأسرة. الأم تكرس حياتها لأطفالها, والجميع في انتظار الاب.
لم يدرك من قبل أنه لا يملك أدنى فكرة عما هي الأسره. فقد رباه جده الذي كان عجوزا فظا. ونشأ في منزل اقتصر سكانه على الرجال, لكنه على الأقل وجد جده ليعيش معه عندما مات والداه, ولم يذهب الى دار رعاية مثل كاسندرا, ولن يدع ابنتيه تلقيان مثل هذا المصير.
كان هدفه في السنوات الماضية ان يحقق النجاح, فلم يفكر قط في انشاء أسرة, وها قد قدمت إليه الان أسرة جاهزه. هل ستكون خطوته التاليه البحث عن الزوجه؟
نظرت اليه كاسندرا وسألته:
" كيف تجري الأمور؟ "
" على ما يرام. لقد انتهيت هنا, يمكننا أن نذهب الان الى شقة مارلين, لنحزم أمتعة الطفلتين وألعابهما. كما انه علي أن أعرف ما علي عمله لإغلاق الشقه. بعد ذلك سوف أمر بالمكتب, لأتأكد من ان كل شيء انتهى هناك. سيكون (بول) في المكتب. أريد أن أراجع معه المشاريع الحاليه "
شعر جيرد بتوتر كاسندرا, وتذكر ما قالته بأن الجميع يوكلون إليها دائما حضانة الاطفال, ولكنه كان مجبرا على القيام بذلك. لن يأخذ بعين الاعتبار ما تحبه أو لا تحبه, فقد بدت طبيعية تماما مع هاتين التوأمين, ثم أن ذلك لن يستغرقك أكثر من يوم واحد. بعد ذلك, ستعود الى المكتب وتبتعد عن الطفلتين طوال حياتها اذا شاءت.
وقفت كاسندرا وقالت تخاطب الطفلتين:
" هيا بنا, فقد حان وقت العودة الى البيت. بريتاني تعالي معي, وأشلي, أذهبي مع بابا "
لم يكد يفهم معنى كلمة بابا....انه اذن والد هاتين الطفلتين.
حملت كاسندرا بريتاني ونظرت الى جيرد من خلال نظارتها. هل هناك لمحة من التحدي في نظراتها؟
حمل جيرد أشلي التي كانت خفيفة كالريشه, ونظر الى عينيه, فربتت على خده وابتسمت, فشعر بقلبه ينفطر. بدت له صغيرة وحيده, ليس لها احد غيره يرعاها. وتملكه الذعر. هل سينجح في ذلك؟
إنه لا يعرف شيئا عن الأبوة. ولو عرف أن زوجته حامل، لحاول التعرف إلى كل هذه الأمور، كأن يقرأن ويتعلم ما عليه أن يفعل، لا أن يجد نفسه فجأة أبا، من دون إنذار مسبق.
- دعنا نذهب يا بابا!
بدا الهزل في عيني كاسندرا وهي تقول ذلك، لكنها كبحت ابتسامتها. لا فائدة من أن تجعل جيرد يعلم أن تردده وعدم ثقته بنفسه، في هذا الوضع، قد أثر في نفسها. كان بالغ الحيوية في المكتب، لكنه يبدو الآن أشبه بمراهق مرتبك قبل أول موعد غرامي له. طرقت بعينيها وسارت أمامه. ما الذي جعلها تفكر في المواعيد الغرامية؟ إنها حاضنة أطفال لا غير. حاضنة يلقي بعبء طفلتيه عليها ثم يخرج إلى مكتب نيويورك متخليا عن كل مسؤولية لهذا النهار. على المرء أحيانا أن يقفل فمه.
تبعها حاملا حقيبة التوأمين الصغيرة، وانتظرته كاسندرا قرب المصعد، وسمحت لبريتاني أن تضغط على زري المصعد، فالأطفال يحبون دوما التجربة وتعلم الأشياء. ربما غضبت من أبيهما لإصراره على أن ترافقه، لكنها لن تفرغ غضبها على هاتين الطفلتين.

* * * * *

كانت شقة مارلين واسعة، أنيقة الأثاث، وتقع في وسط راقٍ. عندما دخلوا إليها، أنزل جيرد أشلي إلى الأرض، ووضعت كاسندرا بريتاني بجانبها. نظرت الطفلتان إليهما، فسألتهما كاسندرا:"أين غرفتكما؟".
أشارت أشلي إلى آخر الردهة.
حين وصلوا إلى غرفة الجلوس، وضع جيرد الحقائب على الأرض بجانب خزانة كتب مزخرفة كانت تحتل معظم الغرفة. وألقى نظرة على المكان وقد عجب لاهتمام مارلين بالمظاهر الأنيقة. كان منزلهما في نيويورك مريحا ذات أثاث متين وبعض التحف الرخيصة. ربما يناسب هذا الطراز هنا فكرتها عن الإقامة في نيويورك. لم تعجبه الشقة كثيرا، فقد كان يؤثر الراحة على الأناقة.
عندما همّت كاسندرا باللحاق به إلى الغرفة، قالت بريتاني: "لا، لا".
-ماذا؟
هزت بريتاني رأسها وهي تنظر إلى الغرفة بحذر، وتابعت تقول: "لا، لا".
ورن جرس الهاتف.
سار جيرد ليجيب، وقد تملكته الحيرة لتصرف بريتاني.
- ألو، جيرد هنتر يتكلم.
- السيد هنتر؟ معك "آني سيمونز". اتصل بي السيد راندال وطلب مني أن أكلمك. لقد كنت حاضنة الطفلتين، قبل وفاة والدتهما. فهمت أنك ستأخذهما إلى سان فرانسيسكو. لذا، فكرت أن أسألك إذا ما كنت بحاجة إلى مساعدتي، فأنا لن أبدأ عملا آخر قبل نهاية الأسبوع.
نظر جيرد إلى كاسندرا: "في الواقع لقد قررنا الرحيل غدا، ولكن إذا تمكنت من الحضور اليوم، سيكون هذا رائعا. بإمكانك أن تساعدينا في حزم أمتعتهما، وربما تقترحين علينا أين نلقي بالأشياء التي لن نأخذها معنا.
- بكل تأكيد، سأكون هناك عند الواحدة.
نظر جيرد إلى الساغة التي لم تبلغ الثانية عشر بعد، فقال:"حسنا، سنكون بانتظارك".
حين عاد كانت كاسندرا والطفلتان قد اختفتا. تبع أصواتهن فوصل إلى باب غرفتهما. كانت فسيحة يحتلها سريران صغيران، وخزانة ذات أدراج مكشوفة ودمى وحيوانات محشوة متناثرة في كل مكان أكثر مما يوجد في متجر ألعاب. بدا واضحا أن مارلين لم تكن تبخل بالهدايا على طفلتيها.
وقفت بريتاني بجانب الجدار تنظر إلى كاسندرا فيما بقيت تضع إبهامها في فمها. عجب جيرد لرؤيتها تضع دوما إصبعها في فمها، ولاحظ الفرق بين الشخصيتين. كانت أشلي ودودا فضولية ولا تخاف. بينما بدت بريتاني سلبية تتأمل الأمور بحذر، وخجولا هادئة. هل كان يقارن بينهما لأنهما توأمان، أم لأنه من الطبيعي أن ينتبه الوالد لهذا الفارق بين ابنتيه التوأمين؟ عليه أن يتعلم الكثير!
- قالت حاضنة الطفلتين إنها ستأتي عند الساعة الواحدة لتساعدنا في حزم أمتعتهما.
أومأت له كاسندرا، ثم خلعت سترتها وألقت بها على أحد السيرين. فراح جيرد ينقل نظراته بخفة على جسدها الرشيق.
لا يمكنه أن ينكر تلك الجاذبية التي شعر بها نحو كاسندرا باولز والأفضل أن تبقى الأمور عند هذا الحد. إنه افتتان عابر، وسرعان ما يعود بعده إلى عمله وينساها... أو هذا ما كان يرجوه.
- إذا عثرت على الحقائب، سأبدأ بحزم الأمتعة .
قالت كاسندرا هذا وهي تفتح درج الخزانة. فقد قررت أن تبدأ بحزم الأمتعة ، إلى أن تحضر حاضنة الطفلتين، فتقومان معا بفرز ما تفضله الطفلتين من ألعاب وكتب.
كما أنها ستتأكد منها عن عادات التوأمين، وما تحبانه وما تكرهانه، فالطفلتان المسكينتان بحاجة إلى عون كبير، وهما تنتقلان إلى نظام جديد مختلف كليا. نظرت كاسندرا إلى جيرد فأجفلت وهي ترى نظراته شاخصة عليها. ابتلعت ريقها بصعوبة، وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها، ثم انتقلت من مكانها وأدارت له ظهرها. كان الإحساس الذي شعرت به غريب لم تختبره من قبل. أتراه الغثيان؟ لا، بل هو نتيجة الشعور المستمر بوجود جيرد معها.
راحت تفكر بكيس ملابسها الذي وضعت فيه بنطلون جينز وقميصاً، ربما عليها أن تغير ملابسها، قبل أن تقوم بأي عمل آخر.
- قد يستغرق العثور على الحقائب بعض الوقت.
قال جيرد هذا وهو يخرج إلى الردهة، ليدخل غرفة النوم الثانية. ما الذي يريده؟ آه، حقائب للطفلتين. وضغطت كاسندرا كفيها على خديها وقد شعرت بالحرارة. كانت تتصرف كمعتوهة، إنها هنا للاهتمام بطفلتيه ولا شيء آخر. عليها أن تتذكر ذلك كل دقيقة!
تبعت جيرد فوجدته في غرفة، لا بد أنها كانت غرفة زوجته، فقد كانت أغراض مارلين مبعثرة في كل مكان فيها. كان السرير غير مرتب، وكأن مارلين استيقظت في ذلك الصباح لتتوجه إلى المستشفى. شعرت كاسندرا بوخزة ألم. كانت مارلين وحيدة وهي تموت. ولو أن رحلة جيرد إلى بانكوك ألغيت، أو أن الإعصار لم يحدث هناك، لكان جيرد إلى جانبها في تلك اللحظة.
وعندما رأت الكآبة في عينيه، قالت له برقة:"آسفة لأنك لم تستطع العودة من رحلتك في الوقت المناسب".

ماري-أنطوانيت
20-10-2008, 18:07
- لم أعلم أنها كانت مريضة. كان عليها أن تخبرني!
- ربما لم تدرك خطورة مرضها إلا في ما بعد!
- كنت سألح على الأطباء بأن يبذلوا كل ما في وسعهم، لتبقى حية!
- أنا واثقة من أنهم بذلوا كل ما في وسعهم ليبقوها حية!
أرادت أن تعزيه، إلا أنها لم تعرف ما تقول. هل يريد أن يتحدث عن ذلك؟ تقدمت نحوه وضغطت على يده تؤاسيه، فقال لها: "لا أعرف شيئا عن رعاية الأطفال".
- ستتعلم ذلك!
وتناهت إلى مسامعها ضحكات عالية من غرفة التوأمين فقالت: "أظن أنه من الأفضل أن أذهب لأرى ما تفعلانه".
قالت كاسندرا هذا وضغطت على يده لآخر مرة، قبل أن تتركها ببطء. لكنه بقي ممسكا بها لحظة قبل أن يتركها، وقال: "سأبحث عن تلك الحقائب".
فتح غرفة الملابس ليجد الثياب تملأ المكان. ووجد في الخلف عند اليسار، حقائب من الجلد الثمين. وحين سحبها، احتك بالملابس، ففاح منها شذا عطر مارلين. لم يستطع أن يصدق انه لن يراها مجددا، ولن يناقش معها أمورا تتعلق بالعمل. لم يستطع أن يصدق أنه لن يسمع أحلامها الطموح التي غالبا ما كانا ينفذانها. لم يستطع أن يصدق أنهما لن يتجادلا في التوسع، ولا في النفقات التي كان دوما يطلب معرفتها
هز رأسه ونبذ تلك الذكريات من ذهنه، ثم توجه إلى غرفة الطفلتين، كانت كاسندرا تثرثر مع الطفلتين وتضع الثياب على السرير. فسألها جيرد وهو يبحث عن مكان يضع فيه الحقائب:"عماذا تحدثينهما؟".
-عن بيتهما الجديد، أظنهما ستشعران براحة أكثر إذا أخبرتهما مسبقا بالتغيير. ضع الحقائب على الأرض، فما من مكان آخر. خذي يا أشلي، ضعي هذا في الحقيبة.
وناولتها ملاءتين مطويتين. فسارت أشلي إلى الحقيبة وألقتهما فيها، فتمتم جيرد:"أحسنت يا أشلي!".
فضحكت كاسندرا وقالت :" لا بأس، فهما تريدان أن تساعداني".
قالت هذا وهي تناول بريتاني الشيء نفسه. فسألها وهو ينظر إلى كومة القمصان التي بدأت تعلو في الحقيبة: "ولم لا تفرغين الدرج في الحقيبة وينتهي الأمر، إذا كنت لا تريدين ترتيب المحتويات؟".
- عندما تنامان، أرتب كل شيء. أما الآن، فهذا العمل يشغلهما ويشعرهما بأنهما تساعدان وتساهمان في هذا الانتقال.
- تحليل نفسي أيضا؟
ورفع حاجبيه يتأملها.
- إنها، في الواقع، طريقة عملية ناجحة. يمكنك أن تساعد في هذا.
- لديك من يساعدك. أما أنا، فسأذهب لتفحص أغراض مارلين لأرى إن كنت أعثر على أوراقها الشخصية وآخذها معي. علي أن أجد شخصا ليقفل هذا المكان.
فقالت:"إبحث عن شيء تحتفظ به للطفلتين من أمهما عندما تكبران. حينها لن تتذكراها، ولكن سيسعدهما اقتناء شيء كان لوالدتهما".
ميز جيرد في صوتها نبرة كئيبة، فسألها بلطف:"وهل لديك أنت ما يذكرك بوالدتك؟". كان يعلم أنه يتطرق إلى موضوع شخصي، ومع ذلك أراد أن يعلم.
هزت رأسها وقالت:"لا، ولهذا أعرف أنهما ستحبان ذلك. كان لدينا أشياء قليلة للغاية، ولا أدري ماذا حدث لها. أخذت معي دمية واحدة، هذا كل شيء!".
- كم هذا قاس!
تذكر شكوى جده، عندما مات أبواه، من أن عليه اختزان الأثاث والصناديق في مكان ما خلف البيت. قالت له كاسندرا باسمة، وهي تميل رأسها قليلا:"حدث ذلك منذ وقت طويل!".
- سأبحث عن أشياء للفتاتين، يمكنني أن أشحن كل شيء إلى سان فرانسيسكو.
قال هذا وقد خفق قلبه لابتسامتها.
- أنت الرئيس هنا، لكنهما قد لا ترغبان في هذا الأثاث، التذكارات تكفي.
خلع جيرد سترته، وعلقها على كتفه، ثم توجه إلى غرفة الجلوس حيث ألقى بالسترة على مسند الأريكة ونظر من حوله. كانت اللوحات الفنية الثمينة تغطي الجدران والتماثيل والآنية المزخرفة تنتشر في كل مكان، أتراها كانت ذات قيمة خاصة بالنسبة إلى مارلين، أم أنها اختارتها لتكمل بها الديكور؟ تعجب لكونه لا يعرف إلا القليل عن المرأة التي تزوجها، على مدى ثلاث سنوات. اجتاز الغرفة، ثم توقف قرب مكتب أثري. كانت الأدراج تحتوي على أواق مارلين، وقوائم حسابات حديثة، وحسابات مصرفية ودفتر عناوين وأشياء أخرى.
جلس وأخذ يتصفح كل شيء. وعندما وصلت الحاضنة"آني سيمونز" عند الساعة الواحدة، كان جيرد يشعر باللهفة للهرب من هذه الشقة التي بدت له أشبه بمستشفى مجانين.
كانت الطفلتان تذرعان غرفة الجلوس ذهابا وإيابا بينه وبين كاسندرا، ترددتا في البداية في دخول غرفة الجلوس. لكنه أخبرهما أن بإمكانهما أن يأتيا إليه متى شاءتا، وهكذا أخذتا تضحكان وتصرخان وتركضان.
كانت آني سيمونز في أواسط الأربعينيات. حيتها الطفلتان بابتسامة سعيدة وعانقتاها، ثم راحتا تتكلمان بسرعة فلم يفهم جيرد شيئا. ومع ذلك، بدا له أن آني وكاسندرا كانتا تفهمان. أترى النساء يقدرن دون الرجال، على ترجمة ما يقوله الأطفال؟
قالت آني بعد أن استمتعت بما قالته الطفلتان : " من المؤكد أنني سأفتقد هاتين الطفلتين. إنهما طيبتان للغاية! أنا آسفة يا سيد هنتر لخسارتك زوجتك".
أما جيرد برأسه، بعد أن شعر مرة أخرى بالارتباك. أراد أن يمر بالمقبرة عندما يعود إلى المكتب ليرى مكان ضريحها، ويرى ما إذا كان كل شيء يليق بمارلين.
قالت كاسندرا للمرأة وهي ترمق جيرد باستغراب: "أرجو أن تكتبي لنا لائحة عن التوأمين وعما يحبانه، لأننا سنرحل غدا إلى سان فانسيسكو".
- يسرني أن أخبركما بكل ما أعرفه. لقد بقيت معهما خمسة أشهر. الأطفال ينمون بسرعة في هذه السن، تفاجأت لرؤيتها أطول قامة هذه المرة، مما كانتا عليه آخر مرة رأيتهما فيها.
قال جيرد متلهفا للخروج:"كاسندرا، علي أن أذهب إلى المكتب، هل يمكنك أن تهتمي بكل شيء هنا، ريثما أعود؟".
- بكل تأكيد!
وأغلق جيرد الباب خلفه.
سألتها آني: " هل أنت حاضنة التوأمين الجديدة؟".
- لا، فأنا أعمل في شركة هنتر في سان فرانسيسكو . جئت لأساعد جيرد، فحسب، في أخذ الطفلتين إلى بيتهما.
قالت كاسندرا هذا بسرعة، وخشيت أن يظن أحد، حتى آني، أن دورها في الحياة هو أن تكون مربية لهاتين الطفلتين. إنها مجرد مهمة ليومين فقط! وهذا كل شيء.
أخذت تنظر إلى أشلي وهي تركض إلى النافذة لترى أباها وهو يغادر البيت، وراحت تتساءل عما إذا كانت ستتمكن مستقبلا من المرور على بيت جيرد، من وقت لآخر، لتراهما. لكنها ما لبثت أن سارت إلى غرفة النوم مقطبة الجبين. لم تكن تريد أن تجعل بينها وبين الطفلتين صلة، لقد سبق أن خططت لمستقبلها.

* * * * *

عاد جيرد إلى الشقة بعد الخامسة، فوجد كاسندرا جالسة على إحدى الكراسي الأنيقة قرب المدفأة، تحمل كتابا مفتوحا، وقد ارتدت جينز وبلوزة قطنية بسيطة. وعندما أغلق الباب رفعت نظرها إليه تسأله: "هل سار كل شيء على ما يرام في المكتب؟". فأومأ برأسه، ثم دخل الغرفة ونظر حوله.
- ستستقر الأمور حالا في المكتب، "بول وينستون" سيكون مديرا عاما جيدا.
ثم سألها وهو يجلس على الأريكة: "أين التوأمان؟".
-لقد خلدتا للنوم، منذ فترة قصيرة. قالت آني إنهما تنامان قليلا، بعد ظهر كل يوم. بعد هذا اليوم المتعب، أظنهما ستنامان فترة أطول، مع أنه علينا أن نوقظهما بعد قليل، لتتمكنا من النوم في الليل.
فك جيرد ربطة عنقه، وألقى برأسه على مسند الأريكة. نظرت كاسندرا إليه وهي تفكر بمقدار التعب الذي ما زال يشعر به. لم تكن رحلتهما القصيرة بالطائرة كافية لكي ينام جيدا.
سألته بعطف"هل أنت متعب؟".
- أشعر بحاجة للنوم لأسبوع كامل!
- آسفة، لكننا سنرحل في الصباح!
- هل أخبرتك آني سيمونز بعض الأمور عن الطفلتين؟
- تعلمت منها الكثير، كان عليك أن تبقى هنا. ماذا لو نسيت أن أخبرك بشيء عنهما، أو كان لديك أسئلة نسيت أن ألقيها عليها؟ لقد أخذت رقم هاتفها، لذا يمكنك أن تتصل بها، إذا أردت أن تعرف المزيد، فقد علمت أن أشلي تصاب بنوبة غضب إذا لم تحصل على ما تريد، وبريتاني تركض وتختبئ. لا تحب بريتاني البيض، ولم تكن زوجتك تحب أن تتجول الطفلتان في الشقة، خوفا من أن تتلفا الأشياء. وذلك يوضح ترددهما في دخول غرفة الجلوس.
لاحظ جيرد نبرة السخط في صوتها فأراد أن يبتسم. ربما لا تحب أن يلقي عليها الآخرون بأولادهم، لكنها تقف في صف هؤلاء الأولاد وتناصرهم. يبدو أنها تفضل أن يركض الأطفال في كل مكان في بيتهم، وفي الواقع، كان هذا رأيه هو أيضا.
- أريدك أن تخبريني المزيد عن الطفلتين.ماذا سأفعل عندما سآخذهما إلى البيت؟
واتكأ على الأريكة مصغيا إلى صوتها:
- أرجو أن تكون هيلين قد وجدت لك مربية.
فسألها:"أتظنينني لن أنجح في أن اكون أبا عازبا؟". كان الفضول يتملكه ليسمع جوابها.
- نظرا لسلوكك معهما هذا النهار، يبدو أنك ستكون أبا ممتازا، فقد كنت صبورا تماما معهما، ستحتاجان إلى كثير من الحب والاهتمام والإرشاد.
- سيكون الأمر أسهل لو كان عندي زوجة!

* * *

- نهاية الفصل الثاني -


* سلمت يداك عزيزتي (رواااان) لمساعدتي في كتابة هذا الفصل::جيد:: *

الهمسة المشتعلة
20-10-2008, 19:04
سلمـــــــــــــــــ يداك ـــــــــــــــــــــــــــت

بحر الامان
20-10-2008, 19:31
دايما أقول
أنت رائعة ماري

كيوته وكتكوته
21-10-2008, 09:51
الروآايهـ جناااااااااااااااااان

يسلم ربي اناملكـم ..

بإنتظآاآأر تكملة الروآايهـ ...


لا تطولوووون علينا ^___^

\

/

\


تحياتي لكمـ ..
كيووووتهـ

رواااان
21-10-2008, 11:19
الفصل الثالث

3-- أم أم حاضنة؟
تشابكت عيناه بعينيها، وعلى الفور شعرت بالحرارة تعلو خديها،فحولت نظرها راجية ألا يكون قد لاحظ ارتباكها. كيف ستجري الأمور إذا ما تزوجت من جيرد؟ هل سيأتي إليها كل ليلة إلى المنزل ليحدثها عن نهاره؟ هل سيخططان معا لنزهة الأسرة في عطلة آخر الأسبوع؟ هل سيمزحان معا، يمضيان أوقاتا حميمة؟
عليها أن توقف هذا السيل الجارف من الأفكار الذي تملّكها، قبل أن تجعل من نفسها سخرية. نهضت ووضعت الكتاب على الرف، وأملت أن يكون جيرد من التعب بحيث لا ينتبه إليها، فقد كان يفكر بصوت عال، وهذا لا علاقة له بها. ثم قالت ببرودة:
-أظن أنك على حق. سيكون الأمر أسهل، إذا وجدت زوجة تبقى في البيت طوال النهار وتحضن طفلتيك.
كرهت فكرة أن يختارها كزوجة لمجرد قدرتها على رعاية الأطفال.
-المرأة التي ستتزوجني ستكون أما لأولادي، ولا أظنها ستعتبر نفسها حاضنة لطفلتيّ!
هزت كاسندرا كتفيها ثم تحولت نحو الباب وقالت: "سأتفقد التوأمين، ثم أبدأ بتجهيز العشاء. يبدو أن السيدة هنتر لم تكن تأكل هنا كثيرا، إذ ليس في البيت الكثير من الطعام".
-يمكننا أن نطلب شيئا من المطعم. لست مضطرة للقيام بذلك بنفسك!
قال ذلك ونهض واقفا، فلاحظت كاسندرا أنه رجل ضخم الجثة وبدا أنه يملأ الغرفة بحضوره.
-لا مانع لدي، فأنا أحب الطهي.
وأسرعت بالابتعاد... الابتعاد عن تلك الأفكار التي راودتها، وعن ذلك الحنين الغامض الذي أثارته.
أخذ جيرد ينظر إليها وهي تغادر الغرفة، متسائلا ما سيكون جوابها فيما لو عرض عليها الزواج. ستكون علاقتها ممتازة بالتوأمين. وسيرتاح تماما أن يكون مع الطفلتين شخص ضليع بأمور الأطفال وتربيتهم، فيزيح عن كاهله جزءا من تلك المسؤولية.
ستحاول هيلين أن تجد له مربية خبيرة، لكن المرأة المستخدمة يمكنها ان تترك العمل في أي وقت وتذهب، أما الأم فتبقى!
التفت ببطء إلى الكرسي التي أصبحت الآن شاغرة وتصور نفسه آتيا من العمل إلى البيت كل يوم ليجد كاسندرا محاطة بالأطفال، وشعها مسترسل على كتفيها، ونظارتها على المنضدة، وعيناها الواسعتان تضحكان له، وهي تخبره عن تصرفات الأطفال المضحكة. سينسى عندئذ العمل لفترة ويشاركها رعاية أطفاله وهم يكبرون.
هز جيرد رأسه مقطبا جبينه إلى كون تلك الأفكار مجرد تخيلات، فقد سبق أن أوضحت له كاسندرا باولز أنها امرأة تكرس نفسها للعمل، ولا تعتبر الزواج من أرمل له أولاد زواجا تطمح إليه النساء. من جهة أخرى، لم يكن جيرد بعد زواجه من مارلين، يود الزواج بسيدة أعمال مرة أخرى.
لقد نجح ذلك الزواج، وبلغ هدفهما الذي تزوجا لأجله، ولكنه يريد أكثر من ذلك في المرة التالية، إذا كانت هناك من مرة تالية.
حمل كيس ملابسه وسار إلى غرفة مارلين. قرر أن يأخذ حماما سريعا، ويرتدي بنطلون جينز. وتساءل عما إذا ما كانت أرشلي وبريتاني ستصبحان أكثر نشاطا بعد الغفوة. كان متشوقا لمعرفة ذلك... فهو يريد أن يعرف أكثر عن ابنتيه.
ما إن دخل غرفة النوم، حتى راودته فكرة أجفلته. كان ثمة سرير واحد فقط، بجانب سريري الطفلتين في الشقة كلها. ماذا سيفعلان الليلة؟ وعادت إليه تلك التخيلات... كاسندرا في فراشه، وشعرها الأسود اللامع منتشر على الوسادة البيضاء، ووجهها يتألق حبا.
حب؟ هذا شيء لا يمكن توقعه من سيدة أعمال مرهقة تستسلم للنوم بعد نضال مرير.
كانت الأريكة التي جلس عليها لا تصلح للنوم، فهي صلبة خشنة التنجيد وكأنها أثاث متحف، كانت تبدو أنيقة لكنها لم تكن مريحة.
يمكنه أن يذهب لقضاء الليلة في فندق، ولكن هل سيدع كاسندرا تعنفه لهجره طفلتيه بعد أول لقاء له بهما؟ هذا غير ممكن!

رواااان
21-10-2008, 11:21
دخل الغرفة وفتح حقيبته، فأخرج منها بنطلون جينز وقميصا كحليا، ثم دخل الحمام.
فكر أن يستأجر لها غرفة في فندق! لكنه سرعان ما نبذ تلك الفكرة فهو يحتاجها هنا في الشقة، خوفا من أن تستيقظ الطفلتان أثناء الليل. عليه أن يقرر شيئا أثناء العشاء. أما الآن، فكل ما يستطيع التفكير فيه هو ذلك الحمام الساخن.
عندما انتهى من الاستحمام، سمع ثرثة الطفلتين، فابتسم وهو يرتدي بنطلونه وقميصه. إنهما حتما ستغيران جو بيته في سان فرانسيسكو... لا بل ستغيران نظام حياته كلها! سيكون عليه أن يبحث عن شقة أوسع، أو ربما بيت مع حديقة. هل ستطلب الطفلتان كلبا؟ وتذكر كلب جده. لو بقي "رانجر" حيا، كيف كان سيتصرف مع الطفلتين؟ وماذا عن جده؟
-أتريدين المساعدة؟
ألقى هذا السؤال على كاسندرا وهو يدخل المطبخ، وقد تملكته الرغبة لرؤية الطفلتين... وكاسندرا. فالتفتت الطفلتان وكضتا نحوه، فانحنى ورفع الاثنتين.
-مرحبا يا أشلي، مرحبا يا بريتاني! هل نمتما جيدا؟
فابتسمت أشلي وأومأت بقوة، ثم قالت له: "أعطتني "كاسي" جزرة".
-وأنا أيضا.
قالت بريتاني هذا وهي تريه جزرتها. فقال جيرد وهو يقترب كاسندرا:"ما أجملهما. ربما ستعطيني "كاسي "واحدة".
فابتسمت كاسندرا له بوجه مشرق لم تغطه أي نظارات، ما حبس له أنفاسه. كانت تبدو بغاية الجمال. عيناها ترقصان هزلا والدم يصبغ وجنتيها وقد انزلق شعرها من ضفيرتها. لو لم يكن يحمل ابنتيه، لتخلل شعرها بأصابعه، وأسدله على كتفيها.
- سأعطيك جزرا إذا قمت بتحضير الهمبرغر، لقد نسيت أن الأطفال الجائعين لا يتحلون بالصبر. إذا عملنا معا، سوف نحضر الطعام بشكل أسرع.
وابتسمت كاسندرا لهم، ثم بهتت ابتسامتها فجأة وهي تراه يرتدي ملابس عادية. لم تره قط بمثل تلك الملابس، فقد كان يرتدي دوما بذلة العمل. ولسبب ما، جف حلقها. كان يبدو بغاية الروعة، وأصغر سنا وأكثر جاذبية لكنها ذكرت نفسها بأنه رئيسها فحسب.
سألها رافعا حاجبه: "همبرغر"؟
-عثرت على لحم في الثلاجة، وقليت البطاطا، وسأنهي السلطة الآن. سوف نأكل الهمبورغر من دون خبز، لأنني لم أجد خبزا هنا.
والتفتت كاسندرا إلى الخس الذي كانت تفرمه، متجاهلة الرغبة التي شعرت بها للنظر مليا إلى تلك الصورة الجديدة لجيرد هنتر. ولكن لديها عملا عليها أن تنجزه، ولا وقت لديها للتخيلات.
سأل جيرد طفلتيه: "حسنا، هل تساعداني في تحضير الهمبرغر أيتها الفتاتان؟".
فقالت له كاسندرا، عابسة: "لا".
ألا يعرف هذا الرجل قدرات طفلة في الثانية من عمرها؟
فردد هو : "لا؟".
- ليس بجانب فرن حار! يمكنهما، بدلا من ذلك، أن تعدا المائدة!
أنزلهما جيرد على الأرض وأخذ يبحث عن درج أدوات المائدة.
سرت قشعريرة خوف في جسده للتفكير بالتوأمين وهما تركضان حاملتين شوكة في كل يد فقال: "ما رأيك في أن ألهيهما أنا، بينما تحضرين أنت الهمبرغر؟".
-كما تشاء.
فقالت بريتاني وهي تتعلق ببنطال كاسندرا: "هل تلعبين معي يا "كاسي"؟".
-أنا مشغولة الآن يا حبيبتي، سيلعب معك البابا!
حملهما جيرد وتوجه بهما إلى غرفتهما، وقد بدأ يعتاد على لقب البابا من كاسندرا. متى ستناديه طفلتاه"بابا"؟
عندما بات العشاء جاهزا على المائدة، كان التعب قد بلغ مبلغه من جيرد. وشعر بالإشفاق على الآباء في كل مكان. لقد أمضى أقل من ساعة في مراقبة الطفلتين، ومع هذا تعب... لكنه بدأ يشعر بالاهتمام لأمر تلك المخلوقتين الصغيرتين. راح يراقبهما كيف تلعبان، وتتحدثان دون انقطاع، وحاول أن يتعلم لغتهما المضحكة.
تملكه الغضب للتفكير بمارلين. لماذا حرمته من ابنتيه لمدة سنتين؟ هل كانت ستخبره عنهما لو لم تمت؟
كان العشاء أشبه بمغامرة، فالطفلتان لم تأكلا الكثير، ووقع نصف ما حاولتا تناوله على الأرض أو على المائدة أو على ثيابهما. لكن جيرد لم يحاول أن يصحح تصرفهما، ولا حتى كاسندرا التي قالت وهي ترى حيرته:"إنهما تأكلان ما يكفي لنموهما، أما الباقي فيمكن تنظيفه!".
لقد عاشت مع الأطفال سنوات جعلتها تعلم أنهما ستأكلان ما يكفيهما، ومن غير المعقول تأنيبهما في آخر ليلة تمضيانها في منزلهما.
سيكون الغد مشحونا بالتغييرات، فلتستمتعا الليلة!
-أنا خائف من وقت تناول الطعام في الطائرة غدا.
قال جيرد هذا، فيما كانت بريتاني تلقي بالخس على المائدة باشمئزاز، ربما كانت لا تحب الخس.
فقالت له: "أقترح أن نطعمهما بنفسنا غدا على الطائرة، بدلا من أن ندعهما تأكلان وحدهما، فتناول الطعام في المنزل شيء، والأكل في مكان عام شيء آخر. نرجو من الله ألا يقدم لهما طعام بالمرق".
-كم طفا رعيت؟
طرح عليها ذاك السؤال بعد أن أعجب بقدرتها على تصور الأمور مسبقا. وتساءل كم من أشياء أخرى تخفي عليه؟
-آه، الكثير، وخصوصا في دار الرعاية مع أبوي بالتبني. كان في رعايتهما توأمان، ذات مرة، لكنهما كانا أكبر سنا من ابنتيك، وكانتا مشاغبتين للغاية.
وابتسمت وهي تتذكر. لم يبد الأمر لها سيئا تماما، ولكن هذا لا يعني أنها تريد أن تعود للعناية بالأطفال، مرة أخرى. إنها تحب مهنتها الحالية، وهي ماهرة فيها.
فقال وهو يتأملها مفكرا: "أنت إذا خبيرة تماما بالنسبة إلى كل الأعمار!".
-نعم.