PDA المساعد الشخصي الرقمي

عرض كامل الموضوع : مشروع لاكبر تجمع روايات عبير واحلام المكتوبة نصا



صفحة : [1] 2 3 4 5 6 7 8

lovely sky
21-04-2007, 14:02
السلام عليكم ,,
مرحباً بكل اعضاء ورواد منتديات مكسات ,,

اليوم لدينا مشروع متميز و رااائع

متميز ؟؟

لاننا سنكون اول منتدى سيتميز بوجود هذا المشروع على صفحاته ...
جئت اليكم اليوم احمل مشروع يسعى لتميز منتدى مكسات عن غيره من خلال مساعدتكم والعمل معاً والتعاون لتحقيق هذا الهدف ولمساعدة كل محبي روايات عبير واحلام على قراءة الروايات بشكل مريح و اسهل واسرع ,,
================
ماهو الهدف من هذا المشروع :-
الهدف الاول ان يكون لدينا هنا المجموعة الكاملة لروايات عبير واحلام و تسهيل عملية قراءة روايات عبير واحلام ككتب الكترونية لجميع محبيها وتوثيق الروابط والأواصر بين اعضاء المنتدى
================
ماهو هذا المشروع :-
هو عبارة عن مشروع يسعى لتجميع جميع روايات عبير واحلام في ملفات وورد من خلال مساهمة الاعضاء ومساعداتهم وتكوين فريق يختص بهذا الأمر ,,
================
ما الذي سنفعله في هذا المشروع :- سيتم تكوين فريق بإذن الله يكتب جميع روايات عبير واحلام على مراحل وفترات في ملفات وورد من خلال الاستعانة بما وجد من الصور ,,
================
كيف سيتم تكوين هذا الفريق :-
على كل من يرغب في المساهمة من اجل التميز ومساعدة الاعضاء ارسال رسالة خاصة لي وسيتم وضع اسمه بين اسماء اعضاء الفريق ,,
================
كيف سنكتب الروايات :-سيتم اختيار كل فترة محددة رواية معينة وتقسيم فصولها على اعضاء الفريق لكتابتها على هيئة ملفات وورد لتسهيل عملية تحميلها وقراءتها لجميع محبي الرواية ,,
================
كيف سنختار الرواية التي سنكتبها ؟؟
سيتم وضع تصويت يحتوي على اسماء 4 روايات والرواية الحاصلة على اكبر مجموع تصويت سيتم كتابتها اولا والرواية الحاصلة على المرتب الثاني سيتم كتابتها ثانيةً وهكذا ,,
تصويتكم هو الذي سيحدد الرواية التي ترغبوا في رؤيتها كملف وورد و اللذي تريدوا من الفريق كتابته لكم...
================
ملاحظات :-لا يوجد هنالك مبالغ مالية او اجر ستكسبونه من خلال عملكم في الفريق ولكن نحتسب الاجر والثواب والنية الخالصة عند الله سبحانه وتعالى ,,
كيف سيتم العمل وكيف سيتم توزيع الكتابة على الاعضاء كل هذا عند اغلاق التصويت وبدء العمل واكتمال الفريق ,,
كل التحية لكم


فهرس الروايات التي تمت كتابتها في المشروع حتى الآن :


رواية غضب العاشق (http://mexat.com/vb/showthread.php?t=269250) ص 1
رواية الوجه الآخر للذئب (http://mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=4) ص 4
رواية لا تقولي لا (http://mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=7) ص 7
رواية عاصفة الصمت (http://mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=9)ص 9
رواية قريباً يا ملاكي ص 11 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=11)


أنـقــذنــي الغــــرق ص 14 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=14)
الثأر ص 18 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=18)

حزن في الذاكرة ص 21 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=21)

أحلام بعيدة ص 24
للتحميل اضغط هنا (http://www.4shared.com/file/17747171/1421dec2/_2___.html)


رجل المواقف ص 25 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=25)
عروس الوقت الضائع ص 28 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=28)
بريق في عيونك ص 31 (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=31)
عيناك بصري ص 33
THE IVORY CANE (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=33)


قرار متهور ص 38 " الشلالات البعيدة " (http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=269250&page=38)





ملاحظة : الفهرس متجدد

فلسطينية الهوية
22-04-2007, 10:57
فكرة رائعة أختي أتمنى من الأعضاء التفاعل معها
تم تثبيت الموضوع

lovely sky
22-04-2007, 13:13
فكرة رائعة أختي أتمنى من الأعضاء التفاعل معها
تم تثبيت الموضوع



اختي فلسطينية الهوية ... اشكرك على التثبيت ... و هذا بيكون دافع اكثر لي و للفريق للتقدم في هذا المشروع

وانا ارسلت لك رسالة على الخاص ... ما ادري اذا شفتيها و لا لأ

وتقبلي تحياتي
lovely sky

جويورين
22-04-2007, 17:59
يعطيك الف عافيه اختي
والمشروع مره يجنن وانا اشالله بكون معك
وبساعدك:o :p ::سخرية::

lovely sky
22-04-2007, 18:48
يعطيك الف عافيه اختي
والمشروع مره يجنن وانا اشالله بكون معك
وبساعدك:o :p ::سخرية::



اخوي جويورين مرحبا و اهلين ونورت الموضوع والله
واهلا ومرحبا فيك عضو في فريق مشروع كتابة الروايات

احباب الروح
22-04-2007, 19:28
المــوضـــوع رووعــــــه

والفكره اروع حبيبتي ::جيد::


اقدر اكون من الفريق :D

بس ما عندي ولا روايه اقدر اكتبها بملف ورد لان انا ببلد غربي


:مرتبك:



على كل حال مشكووووره


وناطرين الروايات على احر من الجمر



يعطيج العــافيه


:D

lovely sky
23-04-2007, 09:34
المــوضـــوع رووعــــــه

والفكره اروع حبيبتي ::جيد::


اقدر اكون من الفريق :D

بس ما عندي ولا روايه اقدر اكتبها بملف ورد لان انا ببلد غربي


:مرتبك:



على كل حال مشكووووره


وناطرين الروايات على احر من الجمر



يعطيج العــافيه


:D




حبيبتي احباب الروح .... اهلا فيكي ونورتي الموضوع ... و يسعدنا انك تنضمي لفريق المشروع ....
الروايات اللي راح نكتبها ... سنقوم بتوزيع الفصول على الاعضاء في وقت واحد حتى يقوم كل عضو بكتابة الجزء الخاص به و تكون الرواية جاهزة وكاملة في وقت واحد
فان شاء الله عندما سنبدا العمل سارسل لكي الفصول التي نتمنى ان تساعدينا في كتابتها ..
و انا سعيدة بانضمامك للفريق ...
ونحن نرحب و نسعد باي افكار لانجاح المشروع و اي تعليقات ومقترحات .....

ومرحبا بكي مرة اخرى في فريق مشروع اكبر تجمع لروايات عبير واحلام المكتوبة نصاً
وتقبلي تحياتي
lovely sky

احباب الروح
23-04-2007, 17:00
اوووكـــي



حلــووو ::جيد::

الحنونه
25-04-2007, 09:46
موضووع رهييييب

والروايات كلها اساميها مشوقه
بس اكثر شي عجبني الوجه الاخر للذئب

ننتر بدئ الروية على احر من الجمر

وربي يعطيكم العافيه على هالجهود الرهيبه

lovely sky
25-04-2007, 10:18
موضووع رهييييب

والروايات كلها اساميها مشوقه
بس اكثر شي عجبني الوجه الاخر للذئب

ننتر بدئ الروية على احر من الجمر

وربي يعطيكم العافيه على هالجهود الرهيبه



اهلين حبيبتي الحنونة ... نورتي مشروعنا ...
وان شاء الله الروايات بتكون جاهزة قريبا ... بعد انتهاء التصويت ...
نتمنى تكوني صوتي لاختيار روايتك المفضلة ....اللي هيه الوجه الاخر للذئب .....
وعندنا فكرة راح نعلن عنها قريبا لكل الاعضاء و لكني حبيت اعرفك عليها بما انك زرتي مشروعنا الحين ...
الفكرة ان العضو اللي بيشارك معنا بكتابة فصلين او اكثر من الرواية التي نقوم بكتابتها حاليا .... سيكون له الحق انه يختار رواية يحبها و يريدها تكون مكتوبة هنا في هذا المشروع ...
يعني اذا كان عندك القدرة انك تساعدينا بكتابة فصلين او اكثر من الروايات التي يقوم الفريق بكتابتها الحين ... بتكوني لكي الحق في اختيار رواية تحبيها جداا و تريديها تكون مكتوبة هنا ..... واحنا نكتبها لك هنا ...
ايش رايك ؟؟

مرة اخرى احب ارحب بكي معنا في المشروع ... و اسعدنا مرورك ....
وتقبلي تحياتي
lovely sky

كزانوفيا
28-04-2007, 14:01
والله انا نفسي اساعدكم بس المشكله




























انا ما عندي اي واحده من هادي الروايات واذا جات رواية عندي ان شاء الله اساعدكم ( وشكرا لكم)

lovely sky
28-04-2007, 14:02
انتهى التصويت اليوم ....
ترتيب الروايات حسب نتيجة التصويت هي :

المركز الاول رواية غضب العاشق
المركز الثاني رواية الوجه الاخر للذئب
المركز الثالت رواية لا تقولي لا
المركز الرابع رواية عاصفة الصمت

نشكركم على تفاعلكم ...
وسنبدأ بكتابة الرواية الفائزة بالمركز الاول اليوم .. وهي رواية غضب العاشق
دمتم بكل الخير
lovely sky

lovely sky
28-04-2007, 14:19
[]

رواية : غضب العاشق
من روايات : عبير
الكاتبة : اليزابيث جراهام

http://img292.imageshack.us/img292/5181/n3t0nqah1amd8.jpg

http://img292.imageshack.us/img292/2624/o8aesgfa2sox0.jpg


الفصل الاول ....
دعوة لم تتم ....

سيداتي ,انساتي , سادتي , دار الأزياء مارينا يسعدها ان تستقبلكم في أول عرض لها في مدينة اكابولكو . الجو الساحر يحيط بنا اوحي الينا بتسمية موضوع المجموعة ب " الاناقة تحت الشمس " . وان عدداً كبيرا من الناس بينكم ربما يتسائلون ما اذا كانت هذه الاناقة ضرورية , فيما يتعلق باللباس الخاص لشاطئ البحر . دار مارينا تؤمن بحزم أن المرأة تهتم بأناقتها وأنوثتها , على الشاطئ كما في النوادي الليلية أو السهرات العائلية .".
توقفت لورا ترانت لحظة و راحت تحدّق في الجمهور الجالس وراء الطاولات من السياح الأميريكيين الذين يعتبرون هذا الحدث نوعاً من التسلية الاضافيه في وسط العديد من مختلف الموارد و الثروات التي تشتهر بها محطة الحمامات المشهورة . لا يوجد إلا عدد قليل من الشباب . رجالا أم فتيات . ان معظمهم من الازواج في منتصف العمر . وبرغم الهواء المكيف . كان العرق يتصبب من كل فرد و الرجال يمسحون وجوههم العارية باستمرار . والنساء تخلصن من حدّة الشمس التي تحرق بشرتهن و يتمتعن الآن في الظل بينما يشاركن في حضور عرض الازياء .
ولفت انتباه لورا امراة و رجل . الرجل لم يتوقف لحظة عن التفرس فيها مطولاً . ظاهرياً لم يكن أمريكياً . إذ عيناه السوداوان وأنفة المعقوف و فمه المتعجرف وبشرته السمراء الداكنه ,
كلها تشير الى انه من اصل اسباني . وكذلك المراة التي ترافقه . انها سمراء ذات عينين سوداوين وشعر داكن , ترتدي فستاناً أسود بأكمام طويلة يغطي قامتها الناضجة .
التفتت لورا من جديد نحو الرجل الذي كان يحدق فيها ثم نظرت الى الاوراق المطبوعة على ركبتيها وأضافت تقول للجمهور :
"والان ماريلا ستفتتح العرض في زي السباحة وسترة الشاطئ المصنوعة من القماش نفسه ".
وظهرت على المنصة فتاة طويلة القامة , سمراء , شديدة النحافة وحدها لورا بعينيها الزرقاوين المدربتين ,يمكنها ان تكشف توتر هذه العارضة المبتدئة . لكن مع الوقت سوف تكتسب هذه الفتاه المكسيكية خبرة تجعلها عارضة أزياء من الطراز الاول ... وكانت لورا تشرح للجمهور التفاصيل التي تجعل من هذا الموديل الاناقة و الخفة معاً
لكنها استغربت عندما رات ان الفتاه تفقد هدوئها وتضطرب وهي تقترب من المكان الذي يجلس فيه الزوجان المكسيكيان , و بينما كانت عارضة الازياء تعود الى حيث بدأت متوترة , ألقت لورا نظرة سريعه مرتبكة ومترددة الى الزوجين ...
الرجل قطب حاجبيه في استهجان واضح ... وبدا انه لا يستحسن رؤية واحدة من بنات بلده تعرض أمام الرجال أزياء السباحة . ورددت لورا لنفسها وهي تهز كتفيها النحيلتين : " هؤلاء اللاتينيين لم يتحرروا بعد .
ثم عادت لتكمل تعليقها حول الموضة و تشرح بوضوح فوائد كل زي ترتدية عارضة الازياء التي تمر من امامها . في الاجمال . كانت سعيدة من النتائج بعد أسابيع قليلة من التمارين .
ومتى اصبح الموظفون المحليون المكسيكيون العاملون في المحل الجديد قادرين على ان يعتمدوا على انفسهم . حينئذ يمكن للورا ان تعود الى لوس انجلوس .... وبالتالي تلتحق بخطيبها برانت . لكن لا داعي للاسترسال في الافكار خلال عرض الازياء .
وعندما انتهى العرض , سرت النساء الامريكيات بالموديلات التي بدت شديدة الاناقة على اجسام عارضات الازياء اللواتي لوحت الشمس اجسامهن . وبدان يطلبن منها بالكميات ...
ايلينا , الفتاه المكلفة بادارة الفرع بعد ذهاب لورا ساعدتهن في التوجه الي المحل الواقع في الفندق نفسه .
ولما عادت لورا الى الكواليس .. راحت تهنئ عارضات الازياء الاربع بحرارة لهذا العرض الافتتاحي .. وحدها ماريلا لم تكن راضية عن نفسها و لم ترد على ابتسامتها ..
فاذا بلورا تقترب منها و تسالها بعدما اسندت ظهرها الى الحائط و كتفت يديها :" ماريلا... ماذا بك ؟".
بدت الفتاه المكسيكية بشعرها الاسود اللامع المرفوع بكعكة الى اعلى راسها ايه في الجمال . لكنها ظلت صامتة
فأكملت لورا الكلام وقالت :" كل شئ كان رائعاً الى ان وصلتِ الى نهاية المنصة . ماذا حدث حينئذٍ ".
اجابت الفتاه بعد تردد ظاهر : " السينيور راميريز , انه لا يحب رؤية امراة ترتدي زي السباحة , الا اذا كانت تسبح او تتشمس على الشاطئ ".
فقالت لورا باستغراب وبلهجة لاذعة :" في هذه الحال , لماذا جاء يحضر العرض , يا لهذه السخافة المضحكة !! ومن يكون السينيور .....السينيور راميريز ؟؟ هل هو قريب لك ؟".
اجابت ماريلا في نوع من الاحترام : " اه ! لا !! ان السينيور دييغو راميريز هو أحد أهم شخصيات المكسيك . إنه من عائلة عريقة وقديمة لها تأثير كبير في بلادنا . إن السينيور دييغو هو ......."
قاطعتها لورا غاضبة أن ترى النساء اللواتي يعشن في القرن العشرين لا يزلن يخضعن للتقاليد البالية ... " ليس هذا امتيازاً يعطيه الحق في ان يقرر أين ومتى يمكن للمرأة ان ترتد زي السباحة .المرأة التي ترافقه لا شك في انها مضطرة إلى أن تخضع لرغباته لكن لا شأن له معكِ . ما بالك . لا حق له عليكِ , اليس كذلك ؟؟".
وخلال عرض الأزياء فوجئت لورا مرّات عديدة بالمرأة المكسيكية التي ترافقه وهي تعرب له عن إعجابها ببعض ازياء البحر , لكنه كان يرد عليها بهز رأسه بنفاذ صبر .
قالت ماريلا :" آه .. مسكينة سينيورا راميريز .. برغم شبابها ... لاقت الكثير من العذاب "!!
اجابت لورا في اقتناع وهي تتذكر نظرة الرجل المكسيكي الملحة :" إني أصدق ما تقولينه ".
بعدما ابتعدت ماريلا , اقترب نائب رئيس الفندق من لورا و سألها ما إذا كان الموظفون مستعدين للبدء بتحضير القاعه للحفلة الراقصة . وبعدما وافقت لورا على ذلك , راحت تدقق بسرعة بالفساتين وأزياء السباحة الموضوعة في الخزائن . ثم غادرت الغرفة متوجهة الى القاعة الكبرى التي تطل بابوابها العريضة الزجاجية على البهو الشاسع ..... الاشجار و الشجيرات المزروعة في احواض كبيرة تضفي على المكان جو المشاتل .. ومن بين المشاتل الزنبقية لمحت لورا الرجل الذي أربك منذ لحظات عارضة الازياء المكسيكية ..ماريلا .
"انسة ترانت , هل في امكاني ان احدثك قليلاً "؟.
كانت لغه الانجليزية كاملة .لاشك في أنه تعلم في احسن المعاهد الاوروبية أو الامريكية بالنسبة الى السياح الذين يهملون اناقتهم , كان يرتدي بذلة بيضاء وربطة عنق مضلعة تظهر اناقته الفاحشة ...كان طويل القامه .. أطول مما كانت تتصوره عندما كان جالساً . ولورا هي أيضاً ممشوقة القوام , ومع ذلك فكان عليها أن ترفع رأسها حى تراه . وعن قرب تبين لها أن عينيه السوداوين هما في الحقيقة بلون المخمل البني الغامق ..
أجابته ببرود : " لا أرى مبرراً لأي حديث , يا سينيور راميريز إلا أذا كنت ترغب في الإعتذار لإزعاجك إحدى عارضات الأزياء خلال العرض ".
أجاب ببعض السخرية :
" لا , لم تكن هذه نيتي يا انسة " .
" إذاً , لا يوجد مبرر لتبادل الاحاديث بيننا سينيور راميريز ....."
كانت لورا تهم بمتابعة سيرها , لكنه تمسك بذراعها في سطوة وقال مبتسماً :" أرى انكِ تعرفين هويتي , يا انسة .. هذا يتيح لي المجال ان اعبر لكِ عن نواياي , على ما أظن ".
قالت لورا في توتر وهي تخلص من قبضته :" نواياك !!؟ لا أعتقد أن ما عندك يهمني حقاً .
"" إذاً أنتِ تعتقدين أن دعوة الى العشاء هي نوع من الاقتراح ".
"دعوة الى العشاء ؟؟!! ".
قال وهو يسخر بلطف :" حتى ملكات الجمال بحاجه الى تناول بعض الاكل , ما هو الغلط برغبتي في تناول العشاء برفقتك ؟ ".
"إنك تهينني يا سينيور ".
" أنا اهينك يا انسة ؟؟!! لا أفهم .... كيف يمكن لإمرأة جميلة ان تشعر بالإهانة إذا دعاها رجل انيق إلى العشاء ؟؟!!"".
ابتعدت لورا بسرعه بعدما رمقته بنظرات غاضبة و قالت : "لماذا لا تسأل السينيورا راميريز ""؟؟!!..
توجهت إلى المحل غاضبة . كيف يمكن لهذا الرجل , المتزوج , ان يتجرأ على إعتبار أن كل النساء طرائد يسهل الحصول عليها "؟!
ولم يتغير رأي لورا في السينيور دييغو راميريز عندما جاء في اليوم التالي لحضور العرض الثاني والاخير لأزياء الصيف . وفي هذه المرة كان وحده . واعتذرت ماريلا عن العمل بحجة انها مريضة .وبما أن لورا تتمتع بالمقاييس نفسها , فقد حلّت محلها بلا استعداد, واعطت الميكروفون الى الينيا . ارتدت لورا بذلة السباحة المصنوعة من قماش القطن الأسود وفوقها سترة طويلة مقلّمة سوداء و بيضاء , من قماش الحرير الشفاف تغلّف جسمها النحيف .
وأظهر الجمهور اعجابه بالبذلة و راحت النساء تصفقن بحماس بينما الرجال يمسحون جباههم المتصببة عرقاً . إن مهنتها جعلتها تعرف كيف تجابه نظرات الاعجاب في عيون المشاهدين , لكن لورا كادت ترتبك , كما سبق لماريلا ان فعلت , عندما لمحت عيني السينيور دييغو راميريز تشعان غضباً واحتقاراً .
قالت ايلينا وهي تملق لورا بنظرة ساخرة وهي توضب الثياب بعد العرض :" من الغريب ان يحضر السينيور راميريز حفلة العرض من دون أن تكون السينيورا معه .
ألأ تعتقدين أن هناك سبباً اخر دعاه إلى المجئ !؟".
اجابت لورا بجفاف : " مهما كان السبب , فهذا لا يعني لي شيئاً ".
لكن عندما رأت نظرات ايلينا المذهولة ,أضافت بلطف :" في بلادي يا الينا الرجال متحفظون في طريقة التعبير عن اعجابهم بالنساء , وخاصة متى كانوا متزوجين !."
فقالت ايلينا بذهول : " لكن السينيور راميريز هو ........"
فقاطعتها مرت سكرتيرة المحل حين قالت للآنسة ترانت : " المعذرة , آنسة ترانت . مطلوبة على الهاتف . مكالمة من لوس أنجلوس ".
" شكراً مرتا . إني آتية للحال ".
وبتصميم طردت دييغو راميريز من أفكارها وأسرعت الى المحل , لاشك ان المتصل هو تيم كالديرة المسؤول عن دار الازياء مارينا في لوس انجلوس , ويريد ان يعرف ما هي ردّة فعل الجمهور على أزياء الصيف الجديدة . فالدار تفتتح في الاكابولكو فرعها الأول . ولكن , كل ما كانت تنوي أن تسرده عن هذا الانتصار الذي حققته الدار انمحى عن شفتيها عندما عرفت صوت الرجل الذي يكلمها .
"آه برانت ! كنت اتصور أن المتصل هو تيم كالديرة . ويريد الاخبار الاخيرة حول المعرض ".
فاجاب برانت بسخرية :" هل انتِ آسفة لسماع صوت خطيبك ؟!".
تذكرت لورا في الحال صورة رجل جميل جذاب وبشوش واجابت وهي ما زالت تلهث :" كلا بالطبع , في الواقع , إني ......إني أفضل لو كنت هنا , معي !"
ضحك ثم قال :" أحب ما تقولينه . يسرني أن أكون قادراً على الطيران إليكِ , لكن قضية مرسون باتت ذات اهمية اكبر مما كنت أتصوره ومعقدة أكثر أيضاً ".
برانت محام طموح وخو يعمل في قضية ذات أهميه , من شانها أن تحقق له الشهرة التي يطمح إليها .
ولورا التي كانت تفضل أن تسمعه يهمس لها بكلمات حنونة , اضطرت الى سماعه يشرح لها بالتفصيل موقفه امام المحكمة . وسرعان ما خفّ انتباهها , لماذا لا تكفّ عن التفكير بهذاالمكسيكي الغاضب الذي كان يبدو قادراً على اعتلاءالمنصة و انتشالها من بين العارضات الى مكان ما في اعماق الغابة ؟ لا شك في أن أسلافه الغزاه كانوا يتصرفون هكذا , لو أن السينيور دييغو راميريز هو المتصل بها , هل كان يزعجها بالتفاصيل القضائية التي لا تفهمها , أو يهمس لها بكلمات الحب في صوت مرتجف ؟
وفجأة قالت لورا عندما استعادت وعيها !
" ماذ ... ماذا قلت ...؟؟
هل طرح برانت عليها سؤالاً ..... نعم , لكن ماذا ؟


تابع الفصل الاول ...........

lovely sky
28-04-2007, 14:55
أجاب مازحاً " لم تصغي الى كلمة واحدة مما قلته ".
" بلى بلى .... لكن .... أنا أيضاً مرهقة في عملي ,, واعتقد أن الحرارة تزعجني "..
" هنا المطر يتساقط منذ ثلاثة أيام . إذاً لا تتذمري من الحر ".
وفي كآبة مريرة حدّقت لورا في الملف الجديد الموضوع أمامها على المكتب . لم يسألها أي شئ عن اعمالها . فقط " لا تتذمري من الحر ......"
" لورا " ؟؟.
تنهدت وأجابت : " نعم " .
" ألست واقعة في غرام مكسيكي ذي عينين متقدتين ؟".
اجابت وقد أغضبتها وقاحته : " في الحقيقة , حتى الآن , لم يتقدم سوى رجل واحد .. إنه جميل المظهر , غني , ودعاني إلى تناول طعام العشاء معه مساء أمس ".
فسألها بسرعه :" وهل لبيت الدعوة ؟".
أخيراً بدأيهتم بها .....
" لا . إني خطيبتك , يا برانت . إذا كنت ما تزال تتذكر هذا جيداً ".
"لا أسمح لكِ أن تنسي ذلك !".
"لا تخف .لا خطر من ههذه الناحية .
لكن , يا برانت , متى سنحدد موعد زواجنا ؟
لماذا الانتظار ؟ ويمكنني أن أظل أعمل بعد الزواج , و ..... "
"إن زوجتي تبقى في المنزل وتهتتم بزوجها وبأولادها , لكن لن نناقش هذا الموضوع الآن , على الهاتف .إن هذه المكالمة تكلفني كثيراً , أريد فقط أن اشرح لكِ لماذا لم يتسن لي الوقت كي أكتب إليكِ .
فأنا أعمل ليل نهار في هذه القضية , متى تعتقدين أنكِ ستعودين ؟".
" لا اعرف بعد ".
انخفض صوته وقال : " أنا مشتاق إليك كثيراً يا حبيبتي ".

وبعدما وضعت لورا السماعه , ظلت جالسة مطولاً أمام المكتب , منغمسة في أفكارها .
أطلقت زفرة عميقة ثم نهض وخرجت من المحل الفارغ وأقفلت الباب وراءها .
الشقة الصغيرة المريحة التي تسكن فيها لورا خلال إقامتها في أكابولكو تقع في الطابق الرابع من فندق بانوراما , حث يقع المحل الجديد أيضاً . تطل الشقة على خليج صغير .
ولا مرة سئمت لورا هذا المنظر المطل على البحر الذي يبدو في النهار وكأنه يعكس بريق الحجارة النادرة . وفي الليل تحت سماء مخملية حافلة بالنجوم .
ومن الشرفة كانت تشاهد الرياضيين يمارسون هواية الهبوط بالمظلات فوق المياه الزرقاء ,
وفي الليل كانت تصغي الى الموسيقى التي يعزفها المكسيكيون على القيثارة والتي يتخللها رقصة الفولادور حيث الرجال يتعلقون بالحبال على عمود متين موضوع في وسط القاعه ويحومون حوله في دوائر تعلو مع ايقاع الموسيقى الصاخبة .
ومن وقت الى وقت يعلو نصفيق حماسي من القاعه إعجاباً وتشجيعاً .
وبلا وعي عمدت لورا الى إغلاق باب الشرفة والنافذة , فصوت الابواق بدأ يزعجها . لماذا هذه الموسيقى الشعبية البدائية تخلق فيها هذا الشعور بالوحدة الكئيبة ؟
ولماذا تذكرها خاصة بالسينيور دييغو راميريز . هذا المكسيكي المتعجرف الزاثق من نفسه ؟
وبعد أن ألقت نظرة سريعة على محتوى برادها في المطبخ الصغير , قررت لورا أن تتوجه الة مطعم الفندق لتتناول طعام العشاء ,
فاخذت حماماً سريعاً ثم ارتدت فستاناً طويلاً معرفاً بالاخضر الذي يشبه لون عينيها . ثم وضعت القليل من مساحيق الزينة على وجهها , الكحل الاخضر على الجفن و أحمر الشفاه بلون المرجان ومسحة بودرة على انفها الصغير و جبينها الناعم .
ولما ظهرت في بهو المطعم , راح بعض السياح يصفرون . وشقت لورا طريقها وسط هؤلاء السياح عندما شعرت بيد قاسية تتأبط ذراعها وصوت عرفته في الحال يهمس في أذنيها .
" كنت في إتظارك . اتريدين تناول العشاء هنا ,أو تفضلين مكاناً حميماً ؟".
وبينما هو يتكلم أبعدها عن المعجبين فقالت بصوت بارد وهي تتخلص من قبضته :
" لا تقلق عليّ سينيور راميريز ,إني قادرة على ان اتولى أموري بنفسي ".
" هل انتِ على موعد مع احد ما ؟".
بدأت لورا تتكلم وهي تخفض رموشها الطويلة : " كلا , كنت ... كنت أتوجه الى فندق المطعم لتناول العشاء . فالجميع تعودوا رؤيتي وحيدة ".
قدّم لها ذراعه في لياقة , مما جعلها تتأبطه بعد لحظة تردد .
استقبلهما مدير التشريفات في الفندق وقال بعدما عرف باستغراب رفيقة السينيور : " آه سينيوريتا ترانت ! ".
ثم أضاف باحترام كبير : " مساء الخير , سينيور راميريز !".
" كيف حالك , يا توماس ؟".
" حسناً , شكراً سأقدم لكما طاولة جيدة ".
قال السينيور وعلى وجهه امارات الأسف :
" لا يمكنني أن أتناول طعام العشاء مع السينيورا هذا المساء , إني مدعو ولا يمكنني أن أرفض هذه الدعوة بالذات ".
أجابت لورا في مرح : " لا داعي للاعتذار , سينيور راميريز . أريد تناول العشاء وحيدة ".
بريق غريب ظهر في الوجه الاسمر والتفت دييغو راميريز نحو مدير التشريفات وتحدث اليه باللغة الاسبانية . وادركت لورا أنها فهمت انه يتكلم عن السينيورا راميريز وعيد ميلادها .
وبعدما اجلسها أمام طاولة تطل على منظر رائع , علىالخليج المضاء , شرح لها توماس أن هذا العيد سيتم الاحتفال به في غرفة الطعام التابعه للفندق .
فقالت لتوماس الذي بدا عليه الانهماك و العجلة :
" كنت أفضل ان اجلس أمام طاولتي العادية ".
اجابها من دون إخفاء شعوره الفضولي :
" إن السينيور راميريز يصرّ على أن اخصص لكِ هذه المائدة , من الآن فصاعداً . لا شك أنه سوف يتناول معكِ العشاء في معظم الاوقات ".!!
فردّت لورا في لهجة لا يمكن مناقشتها :
" طبعاً لا .. هل بإمكاني الحصول على قائمة الطعام من فضلك ؟".
كلمته في هدوء تام , لكنها كانت تغلي في الداخل , وبينما كانت ترمق مدير التشريفات بنظرة عندما كان يعطي اوامره الى الخادم ,
فهمت من دون صعوبة ماذا كان يقول : " ان السينيورا الجالسة وراء الطاولة رقم 14 هي الرفيقة الجديدة للسينيور راميريز , اهتم بها جيداً ".
كانت لورا تود من كل قلبها أن ترفض العشاء وتعود الى شقتها ,
لكنها كانت تخشى إثارة مشاكل جديدة , فاكتفت بان تختار الوجبة البسيطة . لكنها صرخت عندما رات الخادم يجلب لها المشروب المثلج في زجاجة على رأسها وردة حمراء :
"لكن انا لم أطلب ذلك المشروب !!".
" انها اوامر السينيور راميريز ".
" لا أريد أن أشرب شيئاً . أعدها من فضلك ! ".
كانت طاولة السينيور راميريز التي تحتل وسط غرفة الطعام تضم أفراد المجتمع المكسيكي الرفيع .
وكان يترأس الطاولة دييغو راميريز وزوجته التي كانت تشع جمالاً في فستانها المطرز المصنوع من القطن الأبيض وكانت تبدو سعيدة لأن تكون هدف نظرات الإعجاب كلها .
وعندما رفع دييغو كأسه ليشرب في صحة السينيورا وهو ينظر اليها في حنان , وضعت لورا منشفتها وخرجت بسرعه من المطعم . كيف يمكن لرجل يحب زوجته لهذه الدرجة ان يمهد لإقامة علاقة مع امراة اخرى .
ليس في الكون رجل يشبه الرجل اللا تيني الذي يفرض على زوجته القيود .
ويطلق لنفسه العنان في اقامة اية علاقه يريد مع النساء !.

lovely sky
29-04-2007, 10:10
الفصل الثاني ..

2- كذبة بيضاء .......اسودّت ..


مرّ اسبوع بكامله , لم تتبادل لورا خلاله الحديث مع دييغو رايمريز ,
ومع ذلك , فقد ظلت تعي وجوده في قربها , وعندما كانت تهتم بزبائنها ,
غالباً ما كانت تلاحظ شبح السينيور الممشوق يقف امام الواجهه .
وكلما ذهبت لتبتاع لنفسها شيئاً من المحلات , تراه هناك ,
على بعد أمتار قليلة منها .
حتى في الكنيسة حيث تذهب من وقت الى اخر لتبحث عن الهدوء ,
والصفاء اللذين شعرت بهما خلال السنوات التي عاشتها في دير الراهبات في لوس انجلوس ,
حيث امضت كل سنواتها الدراسية , كانت تلمحه من بعيد مستنداً الى احد عواميد البناء .
وكلما راته تشعر بتوتر مفاجئ ,
الى درجة انها بدأت تبحث عنه بنظراتها في أي مكان كانت تذهب اليه .
واذا لم تره صدفة , كانت تشعر بقلق غريب , كالاحساس بالفراغ .
" يا لحماقتها "!
كانت توبخ نفسها وهي ممدة على الشاطئ الرملي المحرق ,
امام الفندق . لن تذهب بعيداً الى الشعور بالقلق تجاه الاهتمام الودي الذي يظهره لها لاتيني يكرس حياته لامراة اخرى مرتبط بها وهي زوجته .
تربيتها الصارمة تفرض عليها الابتعاد عن رجل متزوج ,
مهما كان جذاباً وانيقاً وصاحب نفوذ . والسينيور دييغو راميريز هو كذلك حقاً !
إن رؤيته وحدها تكفي لإثارة لورا وتشويش أفكارها .
على بعد منها , على الشاطئ , كان يجلس شاب مكسيكي ,
يرتدي زي السباحة يظهر اسمرار جسمه النحيف , وقد نجح في جذب سائحة امريكية في سن متقدمة ...
وهي من تلك النساء الوحيدات , الثريات ,اللواتي جئن الى الريفيرا المكسيكية للبحث عن اللهو و كسر روتين حياتهن الرزينة .
ومنذ ان وصلت لورا الى الاكابولكو وهي ترى مثل هذا المشهد يتكرر يومياًَ ,
مما يزعجها و يجرح إحساسها التقليدي .
الشمس القوية ارغمتها على إغماض عينيها .
فهي لا تخاف هؤلاء الرجال . إنهم يعرفون أنها ليست غنية ولا تبحث عن مغامرة عاطفية ,
لذلك لا يضيّعون وقتهم في ملاحقتها بحضورهم المتواصل . ووراء جفنيها المغمضين ,
شعرت بظلٍ ينعكس على وجهها . فتحت عينيها قليلاً ,
وفوجئت بنظرات دييغو راميريز الحارة تحدّق فيها .
كان يرتدي زي سباحة أبيض . ولثوان عديدة تبادلا النظرات .
كأنهما يلتقيان للمرة الأولى .
قالت لورا بعد جهد :
" ماذا تفعل هنا " ؟.
"اني هنا مثلما انتِ هنا , للسبب نفسه ... كي أستحم , هذا مسموح , اليس كذلك ؟".!!
همست لورا بسخرية وهي تجلس :
" لا تريد إقناعي بانك لا تمتلك شاطئاً خاصاً بك ".
جلس دييغو قرب لورا التي تناولت نظارتيها من حقيبة يدها ووضعتها على عينيها بسرعة .
" ليس في المكسيك شواطئ خاصة . اني املك فيلا في الجنوب على بعد بضعة كيلومترات من هنا و لحسن الحظ أن السياح يفضلون اكابولكو ولا يذهبون بعيداً حتى هناك ".
قالت لورا بسخرية وهي تدع الرمل ينزلق بين أصابعها :
" ما اروع ان يملك المرء مالاً كثيراً يتيح له أن يتمتع بحياته الخاصة ".
فأجاب معترفاً :
" هذه حسنات المال , لكن ينبغي ألا تنسي ما يفرضه من أعباء ومسؤوليات ".
تردد عندما لفظ الكلمة الاخيرة , فنظرت اليه لورا في حيرة وارتباك .
ذكرتها كلمة المسؤوليات بزوجته التي احتفل بعيد ميلادها بطريقة ودية في الاسبوع الماضي ..
سالته ...
" هل لديك اولاد ؟!".
" كلا لسوء الحظ , لكن ذلك وارد ضمن مشاريعي المستقبلية ".
وبينما كانت لورا تتأمل السباحين يغطسون في البحر , ارتسسمت على وجهها ابتسامة ساخرة وقالت :
" أعتقد بان هدف الرجل اللاتيني , عندما يتزوج , هو أن يظهر رجولته ويفرض على زوجته انت نجب له ولداً بعد أقل من سنة ".
سكتت لحظة وتسائلت في نفسها , هل هو حقاً الحديث الذي يجب ان اتبادله مع انسان مجهول ؟
قال في مرح وهو يحدّق في عينيها :
"لا تنسي يا عزيزتي ان النساء اللاتينيات لا يعترضن على ذلك ".
ثم سالها فجاة :
" هل لديكِ صديق ؟".
" ماذ تعني ؟".
" غريب حقاً أن تجلس امراة جميلة على شاطئ البحر بدون شخص يحميها من نظرات الرجال الذين بيحثون عن طريدة جميلة مثلك ؟".
وبحركة من يده أشار ليس فقط الى الرجال المكسيكيين ,
بل الى السيّاح الامريكيين الذين لم يكفوا منذ أن وصلت الى الشاطئ , عن التحديق فيها .
قالت :
" سبق لي وقلت انني في سن ناضجة تسمح لي بالاتكال على نفسي .
اما الجواب عن سؤالك فهو نعم . لدي صديق وهو خطيبي , لكنه حالياً في لوس انجلوس ".
اطلق صفيراً مصحوباً بالدهشة ,
فقالت لورا لنفسها في غيظ .. كل الرجال وقحون ...
لا يتورعون عن سجن زوجاتهم ويعتبرون عدم اخلاص المراة للزوج او الخطيب شتيمة أو عار ..
قال في سخرية :
" لكنك لا تضعين خاتم الخطبة ".
" انني اضعه باستمرار , لكنني خلعته لانني أخاف ان يسقط مني في الماء أ, في ......"
"واظن انكِ تخشين ايضاً ان تفقديه خلال العمل ".
رمقته لورا بنظرة ساخطة و قالت :
"" اثناء عرض الازياء لا تضع العارضة سوى المجوهرات التابعه للمؤسسة التي تعمل فيها .
والآن يا سينيور , أرجو أن تعذرني لانني مضطرة الى الذهاب لأدعك تستمتع بالسباحة ".
قال ويهز كتفيه : " هذا غير مهم في الوقت الحاضر ".
نهض و أصر على أن يرافقها الى الفندق , وبرغم انزعاجها فانها لم تستطع أن تتجاهل نظرات النساء تلاحق السينيور في تحركاته .
فتح باب الفندق و ابتعد عنه ليدعها تدخل الى البهو المكيف وتبعها حتى المصعد .
سألها في لا مبالاة وهو يتكئ على الحائط :
" هل تحبين أن تتناولي طعام العشاء معي مساء اليوم . إن اكابولكو ليست المكان المناسب لامراة وحيدة ".
"أفضل أن اتتناول طعام العشاء وحدي .
على ان اكون مع رجل معروف جداً , فضلاً عن انه متزوج ".
صمتت لحظة ثم قالت وهي تشير في اتجاه الباب الزجاجي الذي يطل على الخليج :
" على الشاطئ عدد كبير من النساء اللواتي يسرهن قبول دعوتك الى العشاء ".
تنهد وهو يبتسم وقال :
" أعرف ذلك جيداً , ولكنني أحب أن العب دور الصياد , لا دور الطريدة ".
ارتعشت لورا بالرغم منها . ليس من الصعب تصوّر هذا الوع من الرجال ,
وهم يلاحقون الطريدة و يتمسكون بها الى أن تستسلم .
قالت :
" لا أرى مانعاً بان تلعب دور الصياد , شرط ألاّ أكون من بين الطرائد ".
قال وهو يتبعها بنظراته , وهي تدخل الى المصعد :
" انك تطلبين مني الكثير يا لورا . الى اللقاء ".
على مدى أسبوع اختفى السينيور دييغو رايميريز من اكابولكو .
وقد حاولت لورا اقناع نفسها بانها تشعر بارتياح بغيابه ,
لكن الحقيقة كانت عكس ذلك , فقد شعرت بشوق كبير اليه .
نادتها سكرتيرة المحل للرد على الهاتف .
وعندما تعرفت الى صوت دييغو . فقالت له في جفاء :
" هل تتكرم بالأ تضايقني بعد الآن ؟ اذا كنت مصراً على ازعاجي ,
فسأضطر الى الاستعانة بحارس خاص ".
لكن هذا التهديد لم يؤثر فيه فقال وهو يطلق ضحكة صغيرة :
" استغرب كيف ان امراة في مثل جمالك البارد تتصرف بهذا الغليان والتوتر ! لا أنوي ازعاجك .
أريد فقط أن أجدد لكِ دعوتي للعشاء ".
" هذا ما اعتبره ازعاجاً للناس يا سينيور . كم مرة ينبغي ان أقول إن دعوتك هذه لا تهمني أبداً ."
" لورا , بامكانك ان تؤدي لي خدمة كبيرة .
عليّ ان استقبل رجل أعمال وزوجته وهو مثلك امريكي الجنسية ,
و أفضل ألا اكون وحيداً من دون رفيقة ".
" هذا مستحيل يا سينيور , لانني ساتعشى مع خطيبي ".
ران صمت قصير قطعه السينيور قائلاً في جفاء :
" فهمت . ينبغي أن أبحث عن رفيقة اخرى ".
قالت في لهجة ثاقبة قبل ان تضع سماعة الهاتف بخشونة :
"سبق وقلت لك , انك لن تجد صعوبة في العثور على رفيقة ".
وبعد انتهاء المحادثة بقيت لورا تحدق في الهاتف في امعان وهي تعض على شفتيها بتوتر .
ان دييغو راميريز هو الذي سبب كل هذا التوتر .
فهي لا تحب الكذب . كما انها ستكون وحيدة هذه الليلة كالعاادة . بينما لو كانت رفقته لأمضت سهرة ممتعة . ليست في حاجه الى مخيلة واسعه لتدرك أنه فارس الاحلام الذي تتمنى كل امراة ان تكون رفيقة سهراته .
ولما دخلت الى شقتها , سمت رنين الهاتف , فتسائلت :
" يا الهي , ربما هذا دييغو راميريز الذي اكتشف ان خطيبها على بعد الف ميل من هنا .
لكنها عندما عرفت الصوت نسيت في الحال الرجلين وصرخت :
" ابي ! أين انت ؟ " .
ضحك دان ترانت وقال :
" إني هنا . في أكابولكو , رجلان استاجرا سفينتي في لوس انجلوس
وفكرت بانها الفرصة المناسبة لا اقوم بزيارة قصيرو الى ابنتي الوحيدة ".
"وكم من الوقت ستبقى هنا ؟".
" آه , أيام قليلة فقط , هذان الرجلان يصران على أن انقلهما الى مكسيكو في اسرع وقت ممكن .
من الافضل لهما ان ياخذا الطائرة الى مكسيكو لكنهما يحبان ممارسة هوايتهما المفضلة وهي صيد الاسماك . مع انهما لا يعرفان تماما كيف يحملان قصبة الصيد ".
" هذا لا يهم . متى أراك ؟ اني في شوق اليك ".
" ساقوم ببعض المشتريات للسفينة ....ايناسبك ان التقيك في الندق بعد ذلك ؟
يجب الاحتفال بهذا اللقاء كما ينبغي , يا صغيرتي . وانتِ تعرفين المطاعم المشهورة , اليس كذلك ؟".
أجابت لورا بفرح :
" يمكننا الذهاب الى الميرادور , وفي الوقت نفسه يمكننا ان نحضر مشهد الغطس , انه لا يمكن تفويته ".
" كما تشائين , هل في امكانك الاهتمام بحجز مكانين ؟".
" نعم " .
بعد ان اقفلت لورا سماعة الهاتف . طلبت رقم المطعم وحجزت طاولة للساعه الثامنه والنصف .
هكذا سيكون امامها الوقت الكافي لتناول العشاء بهدوء قبل حضور مشهد القفز و الغطس من اعلى الشرفات التي تطل على الشاطئ الصغير .
وبعد ان اخذت حماما سريعا ارتدت فستانا اسود يتلائ مع شعرها الاشقر بشكل بارز .
بعد وفاة زوجته , تخلى دان ترانت عن كل شئ , عمله في السمسرة البحرية ,
ومنزله وحتى ابنته . اذ بعد شهرين من وفاة والدتها دخلت لورا دير الراهبات واشترى والدها يختا . وعندما كان يشعر بحاجة الى المال كان يؤجر اليخت و يقترح على المستاجرين خدماته كقبطان السفينة .
وفي مخيلته ذكريات ساحرة عن العطلات التي كانت تمضيها على متن سفينة والدها التي دعاها بربارا على اسم والدتها .
كان ذلك ممتعاً لها ولو لاسابيع قليلة , لتتخلص من اجواء الدير المملة والكئيبة .
طرقات متواصلة على الباب جعلتها تدرك ان الطارق هو والدها الذي كثيرا ما خرجها من احلام المراهقة العاطفية بالطرطقة على الباب كانه يدق على الطبل .
صرخت لورا وهي تبكي وتضحك في ان واحد معا بينما كان والدها يعانقها بحنان في ذراعيه القويتين :
" ابي ! آآه, كم انا سعيدة لرؤيتك !".
لم يتسن لها الوقت لتعاين وجه والدها إلا بعدما جلسا مواجهة وراء طاولة المطعم , ما يزال يتمتع بالنظرات الزرقاء نفسها . لكن تجاعيد وجهه بدات بالظهور , وشعره البني الكثيف بدات تتخلله بعض الخصل الرمادية و خاصة حول الاذن .
لكنه ما زال رجلا بمظهر حسن وجذاب . وبينما كانت لورا تراقب نظرات بعض النساء المركزة على والدها . تساألت لماذا لم يتزوج دان مرة ثانية .
نساء كثيرات كانت تحمن حوله وخاصة الجميلات منهن .
لكن ولا واحدة كانت تتمتع باناقة والدتها وجاذبيتها وشعرها الاشقر كسنابل القمح .
ولا واحدةكانت قادرة على ان تحل مكانها .
قال دان ترانت وهو يبتسم :
"لا تلتفتي الى الوراء يا صغيرتي . هناك رجل وراء الطاولةالبعيدة يرمقني بنظرات غاضبة .
يبدو حتما انه مكسيكي . هل تعرفين احدا هنا ؟".
ومن دون ان تلتفت أدركت لورا ان الرجل الذي يحدق في والدها ليس سوى السينيور دييغو راميريز
. لماذا يظهر هذا الشيطان في اي مكان تذهب اليه .
وخصوصا هذا المساء بالذات . اذ من المفروض انها تتناول العشاء مع خطيبها !..
أجابت في جفاف :
" اني اعرفه من بعيد .. انه واحد من الذين يعتبرون ان كل شئ مسموح .
لقد دعاني مرّات عديدة الى العشاء من دون علم زوجته بالطبع ".تابع


الفصل الثاني .............. .

lovely sky
29-04-2007, 10:19
صرخ دان مستغرباً :
" هل هو متزوج ؟
وهذه المراة السمراء الجميلة معه . هل هي زوجته ؟
لكن لماذا ينظر اليّ هكذا ؟".
هزت لورا كتفيها :
" تجاهله , ا رجوك . هؤلاء المكسيكيين يتصرفون بوقاحة لا مثيل لها ".
" اذا حاول ان يعامل ابنتي بهذه الطريقة , بهذه الجراة الفظة ..."
قاطعته لورا قائلة :
" اني اعرف تماماً كيف اتصرف . لا تقلق عليّ . ولا تنسى أني مخطوبة ".
قال وهو ينظر الى خاتم الخطبة في يد ابنته :
" نعم صحيح . اني لا انسى ".
في لقائهما الاول ظهر بوضوح ان دان وبرانت لم يستلطفا بعضهما العض .
فالمحامي الشاب لم يكن راضيا عن طريقة حياة دان البوهيمية , هو الذي يعيش حياة منظمة .
ولاحظ دان هذا الشعور وحزن على ابنته . لكنه مع ذلك يحترم اختيارها |.
قالت لورا وهي تنحني نحو والدها :
" سأغيب لحظة صغيرة . وبعد ان اعود نبحث عن زاوية تطل على الخليج حتى نتمكن من مشاهدة الغطاسين جيدا ."
قال وهو يبتسم بحنان :
" كما تشائين يا صغيرتي ".
فكرت لورا وهي تمر بين الطاولات كيف ان والدها ما زال جذاباً واسفت لانه لم يتزوج بعد وفاة والدتها .
الحياة الروتينية التي يعيشها لا شك انها تزعجه . فهو يستحق حياة افضل .
وبعدما خرجت من الحمام اسرعت تغسل يدها وتضع على وجهها بعض الزينة والعطور .
ثم خرجت الى البهو خافضة الراس وهي تحاول اغلاق حقيبة يدها .
ولم تر الشبح الذي يرتدي البذلة السوداء يظهر من وراء شتلات ضخمة ويجابهها بعنف .
صرخت مستغربة بعدما شاهدت نظرات دييغو راميريز الشرسة :
" انت ! من اين اتيت ؟".
اجابها في غيظ لم يعرف انه يكبته جيداً :
" كنت اراقبك , لدي ما اقوله لك ".
" صحيح ! وماذا تريد ان تقول ؟ اختصر كلامك . لا انوي ان ادع .....رفيقي ينتظر ".
فقال في حدة متجاهلا نظرات الفضول التي رمقها بها الحضور :
" اريد ان اكلمك عنه ! انه يكبرك سناً في شكل ظاهر ".
" من يكبرني سناً ؟ هل تقصد .....؟".
اجاب في شراسة :
" خطيبك طبعاً . لا شك انه في سن والدك !".
كبتت لورا قدر الامكان رغبتها الملحة في الضحك .
دييغو يعتبر والدها خطيبها . اذا هو السبب الذي من اجله كان يرمق والدها بنظرات غاضبة .
بدات تقول بصوت متردد :
" لكنه ..و ......."
ثم توقفت لحظة مدركة ان كذبتها انفضحت . ثم تابعت تقول :
" ان له قلب شاب " .
قال دييغو راميريز في حقد :
" صحيح انه يكبرك في السن سنوات عديدة , فكيف ترتبطين به مدى الحياة ؟".
وبعدما القى نظرة خاطفة الى السيّاح الذاهبين والاتيين داخل البهو , أمسكها من معصمها و جذبها وراء مجموعة المشاتل الضخمة وعاد يقول:
" هل بامكانه أن يوفّر لكِ الحب و الشوق و اللهفة ؟
هل سبق أن عانقكِ ؟"
فجأة , جذبها نحوه وشدها الى صدره وراح يعانقها بشغف حتى جعلها تلهث خاضعة وتقول :
" دعني ! ارجوك ! ".
" ادرك تماماً انه لم يسبق له ان عانقكِ كما يجب !".
فقالت في غضب و هي تتخلص من قبضته :
" وانت يا سينيور , منذ متى لم تعانق زوجتك هكذا ".؟؟!!
عندما عادت الى والدها , كان وجهها ما زال مضطرباً وقدماها ترتجفان.
" آآه , ها انتِ قد عدتِ ! اجلسي واحتسي القهوة , مازال أمامنا بعض الوقت قبل ان يبدا مشهد الغطس ".
جلست في الكرسي وهي لا تزال متأثرة بالصدمة . وهنا مرّ السينسور في قربها .
فخفف من خطواته وحدحّق فيها ثم تابع طريقه .
نظر دان الى ابنته في حيرة وارتباك , كانه فهم ما حدث منذ لحظة ,على بعد امتار قليلة منه .
فسالها في قلق :
" اليس هذا الرجل هو المعجب بكِ ؟".
" كيف؟ آآة . نعم ".
" لو كان برانت ينظر اليكي كما نظر اليكِ هذا الرجل لكنت سعيداً جداً ".
بعد فترة صمت أجابت لورا :
"أبي , ان برانت يحبني . وهو ينوي الزواج منى , اليس هذا كافياً ؟".
فقال لها وهو يربت على يدها في حنان :
" لكن , يا حبيبتي , يجب ألا تخلطي الأمان والاستقرار بالحب و الرغبة .
إن برانت شاب لطيف , لن يضربكِ و سيكون زوجاً صالحاً لكِ .
وتتمتعين معه بحياة راغدة و ستسكنين في منزل صغير جميل في الضاحية ..
وستنجبين ولدين مثل الجميع ... لكن .... لا أعرف جيداً كيف أشرح لكِ ....
. لن تعيشي الحياة التي عشتها مع أمك ....كنا زوجين مثاليين وفي الوقت نفسه غير عاديين ...."
فقالت لورا في صوت مفاجئ ومبحوح وعينها تدمعان :
" اعرف ذلك تماماً . انت وامي كنتما زوجين رائعين واستثنائيين .
ومن النادر اليوم ان تجد مثلكما في هذا العالم . ماذا علىّ أن افعل ؟ يجب أن اقتنع بما عندي ....على الاقل ....."
" ربما انتِ على حق ... هيا بنا نتفرج على الغطس ".
تبعت لورا والدها خارج غرفة الطعام . غير انها لم تستطع ان تقاوم رغبتها في القاء نظرة خاطفة على مائدة دييغو راميريز .
كان معه الزوجان الامريكيان اللذان حدّثها عنهما ,
وامراة شابة سمراء رائعة الجمال , ابتسمت لها المراة . لم يجد دييغو صعوبة في ايجاد رفيقة له .
وفي حركة الية رفعت لورا يدها لتلمس شعرها وشاهدت ديغو يحدّق في خاتم الخطبة الذي يلمع في اصبعها .
أسرعت باللحاق بوالدها الذي ابتسم لها بحرارة وادخل الى قلبها العزاء و المواساة .
استرعى انتباهها الشاطئ الصخري الذي بدا يشع تدريجياً بالاضواء المختلفة الالوان .. شاهدت لورا رجلاً مستعداً لقفز , بشرته تلمع تحت تأثير الاضاءة الكثيفة ,
كان يقف على نتوء صخري من علو شاهق , احنى راسه وبدا انه يحدق في امعان الى المياه التي تغلي من تحته .
سبق للورا ان شاهدت باعجاب كبير مرات عديدة هذا المنظر الذي يحبس الانفاس .
فاسرعت تشرح لوالدها الوجه التقني للغطس :
" عليهم ان يصمموا قفزتهم بعناية . في الحالة العادية , لا يتجاوز عمق المياه اكثر من مترين ونصف متر بانتظار ان تاتي موجة قوية ترفع الماء الى علو اربعة امتار .
وهذا الحد الادنى المنتظر لتحقيق القفزة ".
" اريد أن أصدق ذلك . من المفروض اذاً ان يستعد لوثبة قوية ليتحاشى السقوط على الصخرة ".
" طبعاً . آه .. انظر انه يقفز ".
رفع الغطاس ذراعيه . وحبس المتفرجون انفاسهم وهم يشاهدون هذا النحيف يستعد للقفز ويحلّق مكتفاً ذراعيه مثل عصفور متألق , قبل أن يغطس مثل السهم في الماء التي تتصاعد منها الرغوة البيضاء .
التفتت لورا الى والدها الذي كان يمسك بيدها ويبتسم لها في حنان هامساً :
" ان هذا المشهد مثير حقاً " .
" انتظر رؤية الذين يقفزون من قمة الصخور , من علو ارعين متراً أو أكثر .
لقد شاهدت هذا المنظر مئات المرات وما زلت ارتعب كأنها المرة الأولى ".
همس دان وهو يبتسم في وجهها المتالق الذي يذكره بزوجته الراحلة :
" انني اتساءل ما اذا كان قلبي يتحمل هذا النوع من الانفعال ".
قالت لورا ضاحكة وهي تتطلع الى العدد الهائل من الناس المحيطين بهما :
" يجب ان تتحمل ذلك , اذ ليست هناك طريقة نستطيع فيها ان نغادر المكان وسط هذا الحشد ".
فجأة , ماتت الكلمات على شفتيها , فقد التقت نظراتها بنظرات راميريز التي كانت تشع باانفعال غريب .
فوجئ دان بسكوت ابنته فتطلع اليها وقال :
" لورا ,ماذا لكِ ؟".
" نعم ؟".
نفضت لورا جفنيها كانها تستيقظ من حلم , ثم قالت :
"انظر يا ابي , شاب اخر سيقفز الآن ".
تطلع دان نحو قمة الصخرة حيث راى غطاساً ينتظر في انتباه أن تاتي الامواج على علو ارعين متراً منه .
الجمهور الذي شاهد هذا الجسم النحيل الاسمر الملئ بالحيوية يلتطم بالموجة العالية ,
بدأ يصرخ بحماس ويطلق زفرات الارتياح .
وتسائلت لورا , ترى بماذا يفكر الرياضيون لحظة القفز في الفراغ .. ربما الى الابد .....رفعت عينيها الحالمتين , والتقت مرة اخرى بنظرات دييغو القوية ,
كانه لم يحوّل نظره عنها طوال الوقت , قارئاً كل ما يدور في أفكارها .
نهضت لورا تاركة المكان لغيرها من المشاهدين وبعد لحظات كانت مع والدها قد غادرا فندق الميرادوز .
وعندما أوصلها دان الى فندق بانوراما رفض ان يتناول اي شراب وقال مبتسماً :
" الى مساء غد يا صغيرتي . هل تتناولين العشاء معي على متن السفينة ؟".
" بكل سرور ".
" أخشى ألاّ اكون قادراً على أن أعِدّ لكِ وليمةً في الوقت الحاضر ".
ابتسمت لورا وقالت :
" فهمت , ساحضر معي كل ما نحتاج اليه للعشاء . لا تقلق يا ابي , فسأعد لك عشاءً لذيذاً ".
"هل يوافقك ان يكون الموعد الساعه السادسة ؟".
قالت لورا وهي تقف على رؤوس اصابعا لتقبيل والدها :
" اتفقنا ".
وعندما اصبحت في شقتها اخذت تذرع ارض الدار ذهاباً واياباً مئات المرات , مقطبة الجبين , قلبها الحزين العامر بالكآبة والقلق . ماذا جرى بينها وبين والدها ؟
خيّل اليها ان احاديث دان الودية تخفي قلقاً غامضاً ......

The X Detective
29-04-2007, 15:16
مشروع رائع جداً

في البداية أحب أشكرك أختي lovely sky على هذه الفكرة الرائعة ..

وأيضاً نشكر جميع من سينضم لكي .. :)


والله يوفقكم ويعطيكم العافية .. ::جيد::

بداية موفقة ..
وإن شاء الله أكون من المتابعين ..

lovely sky
29-04-2007, 17:19
مشروع رائع جداً

في البداية أحب أشكرك أختي lovely sky على هذه الفكرة الرائعة ..

وأيضاً نشكر جميع من سينضم لكي .. :)


والله يوفقكم ويعطيكم العافية .. ::جيد::

بداية موفقة ..
وإن شاء الله أكون من المتابعين ..


مشكور اخوي the X detective ... اسعدنا مرورك كثيراً ... ... و يسعدنا اكثر ان تفيدنا بخبرتك الرائعة في مجال القصص والروايات في هذا المشروع .... ..
يسعدنا جدا ان تكون من متابعينا .. فهذا شرف كبير للمشروع و للاعضاء المساهمين في انجاحه ..
نسعد بارائك واقتراحاتك دائماً ... ويسعدنا ان يكون احد الاعضاء المتميزين جدا في المنتدى من متابعي مشروعنا المتواضع ....
اشكرك جدا مرة اخرى ...
وتقبل تحياتي
lovely sky

lovely sky
30-04-2007, 08:10
الفصل الثالث ..............

3- امور تحدث سريعاً !!


لا شك في ان المكسيكيين اسوا من قاد السيارات في العالم .
رددت لورا هذا الكلام وهي تقود السيارة على طول الجادة الجميلة , التي تمتد بمحاذاة مجموعة من الفنادق الضخمة المطلة على الخليج .
ومرة خلال حفلة استقبال حضرتها قال لها رجل اعمال مكسيكي :
" الرجال هنا جبابرة اقوياء .. وأضاف :
" في بلادنا وفي كل المناسبات , على المكسيكي ان يفرض سيطرته وسواء حاول الحصول على امراة او كان يقود سيارته , فانه مضطر الى ان يفعل المستحيل ليؤكد سطوته وعلّو شانه .
وما على المراة إلا أن تطيع ".
استعادت هذه الكلمات , وهي تحاول عبثاً تغيير اتجاه سيرها لتستطيع سلوك طريق المرفأ .
فجأة توقف سائق تاكسي ورمقها بنظرة إعجاب , وتخلّى لها عن فسحة إستطاعت من خلالها عبور الطريق المطلوب .
وبعد دقائق صفّت سيارتها في مرآب نادي اليخوت .
اخرجت من سيارتها كيساً يحتوي على كل ما تحتاجه لإعداد عشاء اميريكي يحب والدها أن يتناوله ,
ثم سارت على رصيف الشاطئ..الى حيث يرسو يخت والدها .
صعدت الى سطح اليخت الخلفي فلم تجد احداً . فنادت وهي تقترب من السلم الذي يؤدي الى قاعة الجلوس و المطبخ :
" ابي !!أبي !! إنني هنا ".
لا جواب . هبطت لورا بحذر السلم الضيق , المطبخ الصغير كان فارغاً ,
وكذلك غرفة الجلوس التي تحتوي على طاولة في وسطها ومقاعد مغلّفة بالنسيج القطني ذي الألوان الزاهية .
اتكأت لورا على أحد الجوانب وغرقت في الذكريات ,
تعرّفت الى الرائحة العادية الممزوجة برائحة سجائر والدها .
وبدأت تنفعل . كم هي نادمة لاها لم تكن مثله شريدة البحار ,
غير ان دان فضّل العمل بنصائح الراهبات اللواتي أشرن عليه بادخال لورا المدرسة الداخلية اذا ارد ا ان يضمن مستقبلها .
ترعرعت لورا على ايدي الراهبات اللواتي كرّسن حياتهن للتربية والتعليم .
مرّة حدثتها الاخت كرميليتا ذات الوجه الملائكي , التي كانت تعلمها اللغة الاسبانية , عن مستقبلها كامراة وذلك عندما عبّرت لورا عن رغبتها في دخول سلك الرهبنة .
اذ قالت لها الراهبة في لطف وهي تبتسم :
"لا يا لورا . سيدخل حياتك يوماً ما رجل يغمركِ بحنانه و تنجبين منه اولاداً تسعدان بهم .
أعتقد يا ابنتي ان دخولك السلك سيكون غلطة ".
سرعان ما نسيت لورا هذه الرغبة , لكن كلمات الاخت كرميليتا ظلّت محفورة في ذهنها .
وعندما التقت برانت اعتقدت انه هو رجل حياتها . فهو يتمتع بمزايا خلقية رفيعة ,
اهمها انه لا يحاول ان يمارس الزواج قبل الاوان وهذا شئ نادر في هذا العصر
حيث لم تعد هناك أية حدود تمنع الرجل والمراة من الاستمتاع .
تناهت الى سمعها خطوات على متن السفينة , فانتفضت واسرعت الى تسلق السلالم ...
"أبي ..اين كنت ؟؟ أرجو ألاّ تكون قد اشتريت اغراضاً للعشاء لأنني .............""
سكتت فجأة وهي ترى شبح دييغو راميريز الممشوق و المفرط في الاناقة منتصباً امامها .
سألته في لهجة باردة :
" ماذا تفعل هنا ؟ بدأت أسأم رؤيتك وملاحقتك لي في كل مكان .
سيأتي والدي في أية لحظة الان , لذلك انصحك بالذهاب ".
قال متجاهلاً ملاحظتها :
" أيمكنني الهبوط إلى داخل اليخت ؟".
"والدي في طريقه الى هنا . ولن تسرّه رؤيتك على متن سفينته ".
لم يأبه لهذا التهديد , بل توجّه في هدوء الى غرفة الجلوس وقال :
" اجلسي يا لورا . لديّ أمر مهم أريد أن أحدثك فيه ".
فقالت في لهجة حاسمة :
"أرجو ان تقول ما عندك بسرعة , أريد إعداد العشاء لوالدي ".
هزّ رأسه في تعبير آسف جعل لورا تشعر بجفاف في حلقها و بقلق غامض ...
قال وهو يسمّر عينيه في عينيها :
" أخشى ألا يتمكن والدك من أن يتناول العشاء معكِ هذا المساء ".
" لماذا " ؟؟
" آسف أن ابلغكِ أن والدك محجوز لدى الشرطة المحلية ".
قالت لورا وقلبها ينبض بسرعة ....
" الشرطة .....إن هذا مستحيل "..
" كنت على الشاطئ القريب جداً من هنا ولاحظت زحمة وهياجاً على السفينة وعرفت الرجل الذي اصطحبته الشرطة : انه الرجل ذاته الذي كان يرافقك في مطعم الميرادور .......وقد كنت اعتبره خطيبك ....."
سألت وهي تنهض غاضبة من دون ان تعي ما قال :
" لكن لماذا اوقفت الشرطة والدي ؟ لم يقم بشئ غير قانوني طيلة حياته ..
لاشك أن ذلك خطأ ... يجب ان اذهب وارى ماذا يجري .... وساقول لهم ....."
وفي حركة نجح دييغو في تهدئتها ...
" ربما فيما بعد علمت من الشرطة التي اوقفته ان والدك متهم بالتورط في عملية تهريب مخدرات ..
وهنا في المكسيك تعتبر جريمة كبيرة ".
رددت لورا منذهلة ....
" تهريب مخدرات ؟؟ أبي ؟؟ لكن مستحيل ,,,, هل سمعت ما أقوله ... هذا مستحيل ".
قال دييغو في حزم ....
" اجلسي "
هبطت الفاته في المقعد ...أما دييغو فظل مستندً الى الطاولة ..
" يجب أن تدركي جيداً ان والدك متهم بجريمة بالغة الاهمية ..
وحسب الادلة التي اكتشفت على متن الباخرة فهو معرض لان يبقى في السجن طيلة الحياة
او لنقل مدة طويلة قبل افتتاح المحكمة "
همست لورا واضعه رأسها بين يديها .....
" محكمة؟؟ لا ... لا يمكنني ان اصدق شئيا كهذا "..
" لكن هذا هو الواقع ...ذهبت الى مركز الشرطة وتوصلت الى التحدث مع والدك ..
فاخبرني بان الرجلين اللذين استاجرا منه اليخت عادا في الصباح الباكر وما لبثا ان غادرا ..
وقالا له انهما سيعودان في المساء .. وكانا على استعداد للابحار فجر الغد ".
قالت لورا مستغربة وهي تقفز ...
" رجلان , هما اذاً المذنبان .. قال لي والدي انهما استاجرا السفينة وفي نيتهما الصيد ,,
لكنهما لم يكونا يعرفان شيئا عن الصيد .. ساخبر الشرطة بذلك "..
ارادت الاسراع نحو الممر لكن دييغو اقفل عليها الطريق وقال وهو يمسكها من كتفيها :
" لا تتصرفي تصرفا احمق! هل تتصورين ان الشرطة هنا ستصغي الى ما تقولينه ,, انتِ ابنته !!".
"لكن يجب ان افعل شيئا ما ".
قال لها بلطف :
" لا يمكنك ان تفعلي شيئا يا لورا امام السلطات ....."
سالته وقد احتلتها الكابة فجاة :
" الى من سالتجئ اذاً ؟ هل في اكابولكو قنصلية للولايات المتحدة ؟".
" كلا .. القنصليه مركزها في مكسيكو .. لكن في مثل هذه القضايا لا يستطيع القنصل ان يفعل اي شئ ".
" يبدو وكانك وجدت الحل ..ارجوك .. قل لي ماذا افعل ؟".
حدّق في عيني الفتاة الخضراوين ثم اخفض جفنيه وقال في صوت مبحوح :
" لديّ نفوذ في بعض الاوساط "
" يمكنك اذا ان تفعل شيئا ما لمساعدة والدي ".
وفي هذه اللحظة بالذات رفع راسه وانتفضت الفتاه امام حدّة نظراته القاتمة :
"لكن نفوذي يكون له صدى اقوى اذا ......."
عمّ صمت طويل راح فيه قلب لورا ينبض بسرعة ...
واضاف :
"اذا كنتِ زوجتي ".
كالبلهاء راحت لورا تحدّق فيه وهي تلاحظ برغم الصدمة القوية وجهه ذا
الملامح البارزة ورموش عينيه الطويلة وقساوة فمه ورددّت في صوت خفيض :
" زوجتك ؟ لكن الا تكفيك زوجة واحدة !".
هزّ راسه في تلهف :
" أنا لست متزوجاً والمرأة التي تعتقدين أنها زوجتي هي في الحقيقة أرملة أخي الصغير ..جيم .
. الذي قتل السنة الماضية في سباق القوارب الآلية ".
" لكنني كنت أعتقد ...."
توقفت ..... وكل شئ يغلي في ذهنها ..
" نعم .. اني اعترف انني جعلتك تعتقدين ان كونسويلو زوجتي لم يكن ذلك قصدي في بداية الامر ..
ولكن عندما وضعت في ذهنكِ انّ المراة التي
ترافقني في حفلة عرض الازياء هي زوجتي ,
لم اكن قادرا ان انكر ذلك .. كنت اريد ان اعرف ما اذا كنتِ قادرة على الصمود
مدة طويلة امام رجل تعتبرينه متزوجاً ".
ولان تعبيره بعض الشئ ...ثم قال ..:
" اني اعترف بانك تصرفتِ بعناد وتصلب "..
ما زالت لورا مضطربة لوضع والدها المؤسف ,, فلم تسجل هذا الاعتراف الجديد .
" لم افهم بعد .. هل كان ذلك امتحاناً ؟؟ أهذا ما تقصده ؟".
" نوعاً ما .. نعم ."
تناول من جيب سرواله علبة السيجار واخرج سيجاراً صغيراً واشعله بقداحة ذهبية ..
خارت قدما لورا وهبطت في المقعد ....
قال دييغو وهو ينظر من نافذة اليخت :
" يهمني جدا فيما يتعلق بهذه الامور ان تكون زوجتي مترفعة عن اية شبهة ".
تأملته لورا لحظة من غير ان تقول كلمة ...
فهي حزينة لما حصل لوالدها ثم صرخت وهي تستعيد وعيها ...
" لكنك مجنون حقاً ! لن استطيع ان اتزوجك ..
يبدو انك نسيت اني مخطوبة واني ساتزوج حين اعود الى لوس انجلوس ".
سأل دييغو وهو يتفحص وجه لورا الجميل المحمر خجلاً :
" هل تحبين ذلك الرجل ؟".
أكدّت له وهي تقف لتواجهه وعيناها تتوهجان غضباً :
" طبعاً .. ولماذا اتزوجه اذا لم اكن احبه ؟".
ما من احد يعرف ما الذي يدفع النساء الى الزواج ...
هل هو المال ام المركز ام الاستقرار .. ام الحب ,
خطيبك , هل هو غنيّ ؟".
" كلاّ . انه محام شاب ما زال في بداية الطريق .. يمكنك ان تلغي السببين الاولين ".
" اذاً لا شك أن السبب الثالث هو الذي ينطبق عليكِ , الاستقرار ...
اهذا ما يقدمّه لكِ ؟
منزل في حيّ جميل , وولد أو ولدان .. وسهرة نهاية الاسبوع في النادي ".
" وماذا عندك ضدّ هذا النوع من الحياة , في كل حال انه وضع معظم الناس في بلادنا ,
ولست اخجل من كوني جزءاً منهم ".
ثم اضافت في لهجة ساخرة :
"طبعاً , ليس بامكان الجميع ان يملكوا منزلا يقع في محطة الحمامات الاكثر شهرة في العالم ,
وربما ايضاً قصراً في مكسيكو ".
اخذ دييغو نفساً من سيجاره وقال في تمهل :
" ليس في هذا خطأ .. في كل حال ان المراه تحب بشغف الرجل الذي يؤمن لها كل هذه المتعه ..
هذا ما يوصلنا الى السبب الرابع الذي هو .... ".
قاطعته لورا قائلة:
" لماذا نتجادل في هذه الامور السخيفة بينما أبي يقبع في احد سجون بلادك التعيسة ؟
سوف أصبح مجنونة مثلك .... "
اجابها دييغو ...:
" اني لست مجنونا . لكني انتهازي .. واعترف بان سجوننا ليست كما يجب وخصوصاً اذا كان السجين متهماً بتهريب المخدرات ,
لكن يمكنني القول ان والدك لا يلقى معاملة سيئة ..
لقد حاولت اقناعهم بان يقدموا له الطعام المعقول وان يجعلوا زنزانته في وضع مريح ومقبول ".
فقالت في صوت مخنوق :
" شكراً .. المال يفعل كل شئ , اليس كذلك ؟".
" في مثل هذا الوضع , المال وحده لا يكفي ..."
ترددّ ثانية ثم أضاف :
" ان الموظفين الذين اتصلت بهم من اجل مساعدة والدك عطفوا عليه ,
ليس من اجل المال , بل بسبب قرابتي لوالدك ".
" لقرابتك بوالدي .....؟ لكنك لم ..... لم تقل لهم ان .........ان ........"
قال لها وهو ينظر اليها في جراة :
"قلت لهم انكِ ستصبحين زوجتي . وانني لا ارضى ان ارى عمي يلقى معاملة المجرمين ".
فهمست لورا وهي شاحبة الوجه :
" كيف تجرات وقلت ذلك ؟".
" هل تعارضين ان ينال والدك معاملة حسنة ؟"
اجابت في غضب :
" لا .. انما يزعجني انك كذبت من اجل ذلك ...
وماذا اخبرت والدي ؟ هل كذبت عليه ايضاً ؟".
" الحقيقة اخبرته عن رغبتي في الزواج منكِ ...
وان ذلك سيتم ابكر مما كنت اتوقع .. نظراً للاوضاع الحالية ...."
تقدم دييغو منها خطوة واخذها من ذراعيها وقال في صوت خفيض :
" لن اخفي عليكِ انني كنت افضل ان يتسنى لي الوقت لان اغازلكِ يا حبيبتي .. لكن ...."
وبحركة عنيفة تخلصت من قبضته وقالت بغضب :
" انني امنعك من ان تناديني هكذا ؟ انا لست حبيبتك ولن اصبح حبيبتك ابدا ".
فقال دييغو وهو يبتعد عنها :
" حسنا " .
توجّه نحو السلم ثم التفت ونظر اليها باشمئزاز واستخفاف وقال :
" اذا غيّرت رايك يا انسة , يمكنك ان تتصلي بي في فيلا جاسينتا ,
انه اسم منزلي ".
ثم اخرج من جيبه دفتراً صغيراً , وكتب بعض الارقام .. ثم اقتلع الورقة واعطاها اياها قائلاً :
" ان رقم هاتفي غير موجود في الدليل الهاتفي .. فلا تضيعي الرقم , الى اللقاء ".
ضغطت لورا على الورقة بين اصابعها الجامده وهي تنظر الى دييغو يصعد الى سطح السفينه .
وبعد ذهابه شعرت فجأة بضياع وحيرة .
..

lovely sky
30-04-2007, 08:16
عادت الى غرفة الجلوس واسترخت في احد المقاعد وعيناها تحدّقان في رقم الهاتف الذي انحفر للحال في ذهنها ,
لكن لابد من ايجاد طريقة لاخراج والدها من السجن من دون الاضطرار الى اللجوء الى الزواج من هذا المكسيكي المتوحش !
" ايمكنني ان افعل لكِ شيئا يا انسه ؟".
ان مهنة لورا جعلتها تعتاد سماع كلمات الاعجاب .
ومع ذلك فقد انتفضت امام نظرات الموظف الملحة الذي يحرس باب مركز الشرطة , وبين شفتيه سيجارة .
"انني ..... اريد ان ارى والدي , دانييل ترانت ".
سالها الشرطي في فضول وهو يعريها بنظراته :
" هل انتِ الفتاة الاميريكية ؟"
فقالت بترفع :
"قل لي فقط اين يمكنني التحدث الى الشرطي المسؤول ".
اجابها ببطئ وفي لهجة مليئة بالاشمئزاز والكراهية :
" أظن انه مشغول في الوقت الحاضر ".
لكن لورا مرت من امامه من دون ان تلح عليه ودخلت الى البهو
ولاحظت من خلال باب مفتوح رجلاً ضخماً يرتدي بذلة رسمية جالس وراء مكتبه وزجاجة عصير في يده .
ولدى رؤيته الفتاة الشقراء , نهض الضابط في سرعة وقال :
" انسة ماذا تريدين ؟".
" اريد ان ارى والدي , دانييل ترانت . جئ به الى هنا بعد ظهر اليوم ".
فاجابها الرجل مقطباً عن حاجبيه :
"موعد الزيارة ليس الان عودي في الغد ..."
رفعت الفتاة يدها لتبعد شعرها عن وجهها , واذا بها ترى ملامح الضابط تتغير فجأة :
" هل قلتِ انك تريدين رؤية السينيور ترانت ؟ اذاً انت ِ ......."
" ابنته ".
" خطيبة السينيور راميريز ؟".
سحابة مفاجئة مرّت في عيني الشرطي الصغيرتين ,
انه يستغرب كيف انّ رجلاً غنياً اهدى خطيبته خاتم خطبه عادياً جداً .
تبعت الشرطي في طول الممر الضخم التي تفتح عليه الابواب السوداء الضخمة .
فلما وصل الى الباب الاخير , ادخل مفتاحاً في القفل وفتح الباب .
قالت لورا وهي تدخل الى غرفة صغيرة :
"شكراً يا سيدي ".
الاثاث الوحيد في الزنزانة هو سرير بسيط فوقه رفّ من الخشب الابيض وطاولة وكرسي كان يجلس فيها والدها , صرخ دان وهو ينهض :
" لورا , ابنتي الصغيرة !".
ركضت اليه وعانقته وهمست في صوت متقطع وهي تضغط على كتفيه :
"ابي ..... اه ابي ! ".
قفال في صوت منفعل :
" لم اكن اريد ان تاتي الى هنا . الم يحضر راميريز معكِ ؟".
" هو ... اه ... لا , لا يعرف انني هنا ...."
فقال دان مقطباً حاجبيه :
"اني اشك في انه سمح لكِ ان تاتي لوحدك الى مثل هذا المكان ....
اجلسي في الكرسي .. وانا ساجلس على السرير ".
ولما راى نظرات ابنته المشمئزة وهي تنظر الى غرفته , ابتسم في سخرية وقال :
" لا يبدو لك المكان فاخراً يا صغيرتي , لكنه بكل تاكيد افضل مئة مرة من الزنزانة التي القوني فيها عند وصولي ".
فانفجرت قائلة بغضب :
" لكن ليس مفروضاً ان تكون هنا ! ".
اجابها في لهجة مهدئة :
"أعرف ذلك يا صغيرتي . ااعرف جيداً . وانا ايضاً احسست بالشعور نفسه عندما وصلت الى هنا ,
لكن عندما رايت كيف يعاملون الموقوفين ................"
توقف ثم انحنى ليضع مرفقيه على ركبتيه :
" هل تصدقين اذا قلت لكِ انّ بعض الاميركيين وبعض الاجانب موجودون هنا منذ اشهر ...
بل منذ سنوات عديدة من دون ان يمثلوا امام المحكمة ,
لا عائلاتهم ولا محاموهم ولا احد يمكن ان يفعل شيئاً لمساعدتهم ".
قالت لورا في استغراب :
" ربما هم مذنبون ! لكن انت لست كذلك , يجب ايجاد طريقة لاقناعهم بانك برئ ".
تنهد دان وهو يزرع ارض الغرفة الصغيرة وقال :
" يا ابنتي المسكينة , في هذا البلد اهم شئ ان يكون لك اصدقاء في الدولة .
على فكرة رجال الشرطة لم يعتقلوا بعد الرجلين اللذين استاجرا سفينتي ".
" متى القوا القبض عليهما , يطلقانك في الحال ".
هزّ دان رأسه وقال :
" هذا شئ رائع ! لكن ما أعرفه عن هذين الرجلين قليل جداً ,
إلا انهما لن يترددا في ان يفعلا ما في وسعهما للتخلّص من هذه الورطة ,
يجب النظر الى الامور بلا خوف , يا لورا .... ربما قالا انني متواطئ معهما ".
" لكن هذا ليس صحيحاً ".
وبعد تنهد عميق , عاد دان ليجلس على السرير ثم قال :
" انا وانتِ نعرف ذلك تماماً . لكن هل بامكاننا اقناع الاخرين؟".
فقالت وهي تضغط على يديها :
"سوف اطلب من برانت ان ياتي الى هنا فهو يعرف ما يجب عمله ".
" هل هذا صحيح ؟".
التقى نظره المرتاب بنظر ابنته , فاخفضت لورا عينيها ,
انها تعرف بماذا يفكر والدها , لقد اظهر برانت انزعاجه فيما يتعلق بالحياة الحرة التي كان يعيشها والدها . شعرت لورا بفقدان الامل وقالت في صوت غير اكيد :
" اسمع , يمكنه ان يدلنا الى محام صديق له . وفي كل حال فان برانت متخصص بالدفاع عن حقوق الشركات , وهذه القضية ليست من اختصاصه ."
فقاطعها دان في قسوة لم تتعود عليها من قبل :
" الم تفهمي ما قلته لكِ . المحامي الاميريكي لا يمكنه ان يفعل شيئاً في هذا البلد ...القانون وحده يطبق ".
همست لورا في صوت مخنوق :
" لكن يجب ان نفعل شيئاً "
اكدّ لها دان في قوة :
" هناك شخص واحد قادر على اخراجي من هنا هو السينيور دييغو راميريز ...
لديه النفوذ والمال والعلاقات ".
توقف قليلاً ثم أضاف :
" وهو يريد الزواج منكِ ".
فهمست قائلةً :
" آه .. هل فاتاحك بالامر ؟".
" تصرّف بوضوح ...لكن , يا ضغيرتي , لماذا لم تخبريني بأن الامور وصلت الى هذا الحد بينك و بينه ؟
مساء أمس في فندق الميرادور جعلتني اعتقد بانه رجل متزوج ...."
" صحيح ؟ اووه ...."
من الصعب ان تقنع والدها بانها قبلت الزواج من دييغو اليوم فقط بعدما كانت تعتقد بالامس بانه متزوج فعلاً .
ليس هناك الا حل واحد وهو الاعتماد على هذا الرجل المكسيكي لينقذ والدها من هذا المازق الصعب .
فقالت في خجل :
" في الحقيقة , كان يزعجني بعض الشئ ان اعلمك بقراري قبل ان افسخ خطبتي من برانت ".
وصدّقها دان ..اذ قال وهو ينحني ليضغط على يديها بحنان ...
" انكِ لا تتصورين الى اي درجة انا سعيد من أجلكِ.
يا ابنتي الصغيرة مساء امس رايت دييغو راميريز شعرت بانه رجل حياتك , اكثر من برانت .
اني اقول لكِ هذا بصراحة . ان دييغو يحبكِ . هذا هو واضح للغاية , نظراته لا شك فيها ... و .....".
توقف فجاه ليمرر يده في شعره ثم اضاف :
" شرط الا تعتقدي ان هذه الظروف الصعبة هي التي تدفعني لان اقول ما اقول ,
افضّل ان ابقى هنا واموت على ان اراكِ ..........."
قاطعته لورا بسرعة قائلةً :
"اعرف ذلك يا ابي , لكن في وسع دييغو ان يسوّي الامور ,
انه يعرف عدداً كبيراً من الشخصيات البارزة في الدولة .
سترى ان بقائك في السجن لن يطول ."
" هل انتِ متاكده تماماً من عواطفكِ يا لورا ؟
الزواج من رجل مثل راميريز هو زواج لا يمكن فسخه , لا تنسي ذلك .
اذا كنتِ تشعرين بانكِ غير واثقة من الامر قولي بصراحة ,
في كل حال لا شئ يؤكد انني ساستعيد حريتي حتى ولو بمساعده دييغو . يجب الاّ تتاثري
بوضعي الحالي ولا تلقي بنفسكِ في زواج تندمين عليه مدى الحياة ".
أخفضت لورا عينيها على يدي والدها الضاغطتين على يديها ,
لقد اكدّ والدها قائلاً :
" الزواج برجل مثل راميريز هو زواج لا يمكن فسخه ".
وهي التي كانت تظن انّ هذا الزواج مؤقت ينتهي بمجرد خروج والدها من السجن .
ومع ذلك شعرت بالامل في ان كل شئ سيتم بصورة حسنة .
رفعت عينيها ونظرت الى والدها وقالت :
" نعم يا ابي , اني متاكده من حقيقة عواطفي .
ولا اتصور حياة سعيدة من دون دييغو ".
وللمرة الاولى ابتسم دان في استرخاء ,
وعندما غادرت لورا والدها بعد دقائق , كان في غاية الغبطة والانشراح ومتفائلاً بقدرة صهره العتيد على وضع حدٍ لهذه الازمة

البدر المضاء
30-04-2007, 23:02
ارجو منك كتابة رجل المواقف فأنا قر اتها ولم اكملها بسبب حدوث خطأ في الرواية فعندما وصلت إلى المنتصف دخلت فيها رواية اخرى وانا متحمسة لقرأتها ولم اجدها ارجو تحقيق مطلبي وجزيتي خيرا

lovely sky
01-05-2007, 09:12
الفصل الرابع :

4- انتظرتك منذ الازل ..
.


" الو ""
كانت لورا تنتظر ان تسمع صوت دييغو راميريز البارد ,,
لكنها فوجئت بصوت امراة , فقالت بعد تردد :
" هل ... هل بامكاني التحدث مع السينيور راميريز ؟".
" السينيور راميريز يأخذ حماماً في بركة السباحة , هل الامر طارئ ؟".
" نعم . سانتظر على الخط ".
اخذت لورا ترتجف ..اذا اقفلت السماعه , فلن تستعيد شجاعتها لتطلبه من جديد .
فمن الافضل الانتظار .
" لحظة من فضلك ".
كانت لورا تطرق بعنف على طاولة الهاتف وتحاول تهدئة اعصابها ..
من مع دييغو في بركة السباحة ؟ ربما كونسويلو ذات القامة الممشوقة والعينيين السوداوين الجميلتين , .
ليس من الصعب التصوّر ان هذا الرجل لا يمانع في رؤية النساء الجميلات في زي السباحة .
فقالت في صوت متردد :
" إني ......... لورا ترانت ".
" آه .....!"
ران صمت طويل , وتسائلت لورا ما اذا كان محدثها يكتفي برؤيتها تعتذر جهاراً .
فقال اخيراً في لهجة مالوفة :
" هل زرتِ والدك ؟".
" اني ..... نعم . مساء امس .
اني مستعدة للتفكير في عرضك ...."
عمّ صمت من جديد , وطال الى حد انها ظنت ان المكالمة قطعت .
وبعد ثوان عديدة .. قال دييغو في لهجة لا مبالية :
"من الافضل ان تكلميني عندما تقررين قبول العرض ".
بعد ساعات من التفكير المستمر والعذاب للتوصل الى هذا الحل , كانت تامل منه على الاقل ان يقوم هو ايضاً بجهد من جانبه ,
لكن يبدو انهه ليس من طبيعة دييغو راميريز انه يبدي بعض التفهم و قليلاً من الرحمة .
همست في صوت مخنوق :
" حسناً إني اوافق على الزواج منك ".
طبعاً لم تكن تنتظر منه كلمات الحب , لكن خاب ظنها من ردة فعله الموجزة .::
" ساوافيكِ بعد نصف ساعه , هل انتِ في الفندق "؟.
"نعم ".
" الى اللقاء يا لورا ".
بينما تذرع الارض بعصبية ذهاباً واياباً بين غرفتها وغرفة الجلوس ,
بدا لها الوقت طويلاً , كانت في حالة قلق وبلبلة عاجزة على ان ترى المنظر الساحر الذي يطل من شرفتها على البحر وراء شاطئ روملي ابيض محاط باشجار النخيل العديدة .
لماذا يريد دييغو راميريز هذا الرجل الثري وصاحب النفوذ وزير النساء ان يتزوجها ؟
صحيح ان عمل لورا كعارضة ازياء يجذب اليها الاضواء وصحيح انها تتمتع بجمال خلاب ,
لكنها لا تعتز بذلك ,
ان بشرتها الشقراء الفاتحة لابد ان تكون العامل الفعال الذي جذب هذا الرجل المحاط بالنساء السمراوات .
لكن هذا السبب ليس كافياً ليتزوجها .
" الزواج اللاتيني لا يمكن فسخه " هكذا قال والدها .
انتفضت عندما تذكرت انها ستفسخ الزواج الذي تعتبره رباطاً مقدساً وذلك بعد ان يخرج والدها من السجن .
تطلّعت الى نفسها في المرآة بعد ليلةٍ لم تخلد فيها الى النوم , بدت شاحبة الوجه .
فاسرعت الى الحمام , ووضعت بعض المساحيق على وجهها لتخفي شحوب بشرتها ..
وعندما سمعت طرقات متواصلة على الباب , ظلّت لحظة مسمّرة في مكانها ,
فالكابوس الذي بدأ منذ توقيف والدها مازال مستمراً والله وحده يعرف متى ينتهي ! .
تقدّمت بخطىً بطيئة وفتحت الباب , وفوجئت بدييغو الذي كان يرتدي بنطلون جينز ضيقاً وقميصاً بيضاء .... ياخذ يدها ويطبع عليها قبلة ,,
وبسرعة تخلّصت منه وابتعدت عنه قائلةً في لهجةٍ فظة :
" هذا النوع من اظهار العاطفة لا يبدو ضرورياً ".
رفع حاجبيه متعجباً وقال :
" الا تعتبرين انه من الضروري ان تقبلي مني دليل حبي المتواضع ؟"
" من الافضل ان تدخل ".
وعندما اصبحت في غرفة الجلوس الصغيرة المفروشة على الطريقة الاسبانية , التفتت نحوه وقالت :
" قبلت الزواج منك لسبب واحد انت تعرفه ,
ولا داعي لان نتبادل العاطفة التي لا نشعر بها تجاه بعضنا البعض ".
" العاطفة ربما لا تشعرين انتِ بها يا حبيبتي , لكن ذلك لا ينطبق عليّ
يجب ان نحتفل بهذه المناسبة , الا ترين ذلك ضرورياً "؟.
" لست في مزاج يؤهلني لان احتفل باي شئ ما يا سينيور , لكن فنجان قهوة يكفي لتهدئة اعصابي ".
وبينما كان دييغو يعدّ القهوة في المطبخ , خرجت لورا الى الشرفة واسندت ظهرها الى الدرابزين وراحت تراقب برغبة الازواج اللامبالين الذين يسترخون على الشاطئ , منذ ان وصلت وهي تحلم بان تعود الى هنا في شهر العسل بعد ان تتزوج برانت في لوس انجلوس .... اين هي من هذا الحلم الان ؟
قالت ببرود وهي تاخذ فنجان القهوة من يد دييغو بعد ان اصبحت في غرفة الجلوس :
"شكراً ".
رفع هو كاسه وقال :
" اتمنى لنا .... زواجاً خصباً ".
قالت لورا بصوت جليدي :
" دعك من هذه الاوهام .. هذا الزواج لن يكون سوى صورياً , ولا تنتظر ان تنجب اولاداً ".
وولحظة ظلّ جامداً ثم اخرج كاسه ووضعها على الطاولة وقال في هدوء وثقة :
" لا يا حبيبتي ,ليس الامر كذلك , لن يكون بيننا زواج ابيض .
لن اتزوج إلا مرة واحدة وزوجتي ستكون ام اولادي ,
وستكونين انتِ تلك الزوجة , وليس سواكِ ."
سالته في صوت مرتعش :
" لكن لماذا ؟ لماذا تصرّ على ان تتزوجني ؟
اننا لا نعرف بعضنا بما فيه الكفاية .. فكيف يمكننا بالتلي ان نحب بعضنا ؟".
فقال في لطف وهو يلامس شعرها الاشقر البراق الذي تركته ينسدل على كتفيها :
" لن يكون من الصعب معالجة هذه الامور في اوانها ".
بدأ قلبها يلين امام كلماته الرقيقة وأضاف :
" الم يسبق لكِ يا لورا ان التقيتِ احداً للمرة الاولى وشعرتِ بهذا الاحساس الغريب ,
عندما رايتك في حفلة عرض الازياء , انتِ التي كنت انتظرها منذ زمن من دون ان اعرف ذلك ".
احست لورا وكانها مخدرة , صوته العذب فعل فعله فيها , وراحت تتطلع الى عينيه السوداوين الجميلتين ,
وفمه المكسيكي , ثم ادركت انه ياخذ فنجانها من يدها بلطف ويجذبها الى ذراعيه .
هذا العناق الطويل لم تذق طعمه من قبل ..
كانت يداه تداعبان وجهها وعينيها ,, وكان يهمس في اذنيها كلمات الحب الناعمه ,
في البدء تقلصت لورا , لكنها سرعان ما استرخت , لم يسبق لها ان شعرت بالتفاعل مع الاخرين ,
واحتلتها رغبة في ان تتخلى عن المقاومة امام هذا الرجل الذي اختارته ,
لكن لم تكن هي التي اختارته ....
استعادت وعيها في الوقت الذي كان دييغو يرفع راسه مواصلاً الهمس بكلمات ناعمة ..
وفجاة , دفعته عنها واتكأت على الحائط , وراح قلبلها ينبض بسرعة جنونية وعيناها الخضراوان تحدّقان فيه في تعبير يتعذر تفسيره .
ثم قالت في صوت لاهث :
" اني لا أؤمن بهذا الهراء .. لماذا ؟".
اقترب منها على مهل وقال في صوت مبحوح وهو يداعب خصلة شعرها :
" ومع ذلك شعرت يا حبيبتي بأني لم اكن في نظرك مجرد عابر سبيل ,
لقد احسست تجاهي بالحب والرغبة ... وزواجنا ملائم تماماً وسيكون ناجحاً ".
ابتعدت لورا, عندها كانت تبدو منطويةً على نفسها , قالت :
" في رأئي , هذا الزواج ليس له الا هدف واحد يا سينيور , وهو ان يؤدي الى تحرير والدي ".
" كلما اسرعنا في الزواج كان في وسعي ان احقق هذا الهدف , كل ما استطيع عمله هو ان اقنعهم بالاسراع في محاكمته . واذا كان بريئاً .....".
صرخت وهي ترمقه بنظرة قاتمة :
" طبعاً هو برئ , في حياته لم يقم باي عمل اجرامي , فكيف يمكنه ان يتواطأ في تجارة المخدرات او ت هريبها ؟".
" يبدو انه لا يقوم بأي عمل ثابت , وليس لديه مهنة معينة ؟".
قالت وهي تنظر الى النافذة لتخفي الدموع المترقرقة في عينيها :
"ترك كل شئ بعد وفاة والدتي , كان يريد ان يبتعد عن كل شئ يذكّره بها ".
فصرخ دييغو :
" بما في ذلك ابنته ؟".
" كان مضطراً لان يضعني في مدرسة داخلية في دير للراهبات , ماذا يمكن ان يفعل رجل ارمل بابنة في الثانية عشرة ؟
كان من الصعب ان ارافقه واتقاسم حياته على متن سفينة تظل مبحرة ".
" طبعاً , لم يكن ذلك مناسباً ".
ثم ربت على المقعد الواسع الذي يجلس فيه وقال :
" تعالي واجلسي قربي يا حبيبتي ".
لكنها جلست في مقعد اخر وسالته :
" متى تظن انه يمكنك اقناعهم بتحديد موعد المحاكمة ".
" الوقت مبكر لمعرفة الجواب . ربما شهر او شهران ...."
" يا الهي ... ! كل هذه المدة ؟".
" اشكري ربكِ , هناك العشرات ظلّوا في السجن من دون محاكمة ".
" نعم , اعرف . مساء امس اخبرني والدي بذلك , حسنا .... لم يبقة امامنا الا ان نتزوج في اسرع وقت ممكن ".
فقال دييغو بسخرية :
" هذه العجلة تغمرني فرحاً , ويجب ان تتم حفلة الزواج في مكسيكو .. لدّي هناك العديد من الاصدقاء والعلاقات والمعارف الذين قد يحقدون عليّ اذا لم يتسن لهم حضور العرس ..
ليس لديّ اهل مقربون . وباستثناء كونسويلو , ارملة اخي , قريبتي الوحيدة , هي التي تعيش في المسكن العائلي في كويزنافاكا . انها طاعنة في السن ولا يمكنها ان تاتي الى مكسيكو في هذه المناسبة ".
" اليس لديك اب او ام ؟".
اجابها وهو يضغط بشدة على شفتيه :
" كلا . مات والديّ في حادث طائرة وهما عائدان من كانساس . كنت في الرابعة عشر انذاك ".
فقالت لورا بحنان :
" انني اسفة ".
الم تمر هي ايضاً بمثل هذه المحنة ؟
قال دييغو وهو يهز كتفيه :
" الشباب يشفون بسرعة من هذه الصدمات , والان يجب ان نحدد تاريخ العرس .
الزواج المدني يمكن ان يتم خلال اسبوع ,
يوم الجمعه المقبل , والزواج الديني في اليوم التالي ".
" لماذا كل هذه السرعه ؟".
" كي تجري الامور بصور افضل والى ان يحين هذا الموعد , لا يمكنني ان اعرض عليكِ ان تسكني معي في مكسيكو ,
لذلك ساطلب من كونسويلو ان تستقبلكِ في منزلها ".
قالت بلهجة جافة :
" اريد .... ان ابقى قرب والدي : لماذا لا يمكننا ان نتزوج هنا في اكابولكو ؟".
قطب دييغو حاجبيه وقال :
" " ان معظم الشخصيات الكبرى التي انا بحاجة اليها من اجل قضية والدك كلها في مكسيكو , حيث مراكز اعمالها . لذلك فمن الضروري ان يحضروا العرس ".
وضع يده بلطف على يد لورا وقال :
"وتعويضاً لذلك , يمكننا ان نعود الى هنا حالاً بعد انتهاء حفلة العرس ونقضي شهر العسل في فيلا جاسينتا . وهكذا تتمكننين ان تذهبي لرؤية والدكِ يومياً ".
كان عليها ان تكتفي بهذا الوعد , واقترحت على دييغو امهالها يومين للقيام بالاشياء الضرورية , وقال دييغو ان كل النفقات ستكون على حسابه , فاضطرت الى قبول ذلك لان المال القليل الذي تحمله لا يكفي لشراء الملابس الفخمة التي من المفروض ان ترتديها كزوجة السينيور دييغو راميريز .,,,,

البدر المضاء
01-05-2007, 10:02
مشكورة وماتقصرين والله لو عندي الرواية اللي تكتبينها من عيوني تعبك راحة لكن للاسف اما بلنسبة للرواية فهي رواية عبير شاكرة لك تعاونك

البدر المضاء
01-05-2007, 10:30
على بركةالله نبدا سعيدة بالانضمام والمساعدة اذاقدرت واشكر لك ردك الحلو

lovely sky
01-05-2007, 12:35
على بركةالله نبدا سعيدة بالانضمام والمساعدة اذاقدرت واشكر لك ردك الحلو

مرحبا حبيبتي البدر المضاء ...
نرحب بكِ في الفريق ...
اسعدنا انضمامك الينا
وبانتظارك ..

وتقبلي تحياتي

lovely sky.

sara77
01-05-2007, 20:26
تسلمين اختى على الروايه .. الصراحه وايد روعه ...
ما زلت بانتظار تكملة باقى القصه .::جيد::

lovely sky
01-05-2007, 20:32
تسلمين اختى على الروايه .. الصراحه وايد روعه ...
ما زلت بانتظار تكملة باقى القصه .::جيد::

اهلين حبيبتي ساره ... نورتي المشروع ...
ان شاء الله تستمتعي معنا داائماً ...
وتجدي كل الروايات اللي تحبيها هنااا :D :D
اسعدني مرورك كثيرا
واشكرك على ردك الحلو ::جيد::
دمتي بكل الخير
lovely sky

احباب الروح
02-05-2007, 08:22
ناطريــن التكملــــة ::جيد::

lovely sky
02-05-2007, 10:34
الفصل الخامس :

5- لأنها تشبه الأم ...

ضغطت لورا بأصابعها المرتجفة على صدغيها كي لا تسمع الأصوات المرتفعه الآتية
من قاعة الاستقبال في الطابق الاسفل .
كان القماش المطرز الذي صنع منه فستان العرس يلوي قامتها النحيفة ,
كما تلوي الريح السنبلة الصغيرة .
هبطت في الكرسي الصغير الموضوع امام منضدة الزينة ذات المرايا المزخرفة ,
وراسها ما يزال بين يديها , ثم اسندت مرفقيها الي المنضدة .
هذه الغرفة الشاسعة بدأت تخنقها , اثاثها من الخشب الاسود الثقيل , وابواب الخزائن العالية المزينة بالمرايا , تعكس سريرا عريضاً , يقع في احدى زوايا الغرفة ,
عليه غطاء من قماش موشى بالذهبي والاحمر الغامق .
كل شئ من الطراز الاسباني .
انه ديكور يليق بزوجة مكسيكية للسينيور دييغو سيزار دافيد راميريز .....
عندما سمعت هذا الاسم , في المركز البلدي , رفعت لورا حاجبيها مستغربة ,
فقال لها دييغو ان والدته اميريكية الجنسية ,
نعم هذه الغرفة تليق بعروس مكسيكية , لكنها تبدو غريبة لفتاة اميريكة عاشت حياتها في جو بسيط ,
هل نامت والدة دييغو في هذا السرير , وهل وضعت فيه ولدها البكر؟
ارتعشت لورا لهذه الفكرة , وشعرت بارتياح عندما شاهدت كونسويلو تدخل الغرفة وتقول :
" ارسلني دييغو لاطلب منكِ ان تستعجلي " .
بدأت لورا تفك سلسلة الازرار الصغيرة التي تغلق الفستان عند الظهر , فقد جرى تصميم الفستان لجدة دييغو منذ ستين سنة ,
اي قبل اختراع السحابات ,
وهذه السيدة العجوز التي استقبلت لورا بلطف في المسكن العائلي في كوبرنافاكا , الّحت عليها كي ترتدي هذا الثوب يوم العرس , وقالت لها بانجليزية صحيحة :
" كنت احلم دائماً بان ترتدي عروس دييغو الفستان نفسه الذي ارتديته عندما تزوجت جده .
ما من احد في العائلة له مقاييس جسمي نفسها سواكِ ".
نظرت كونسويلو في عين حاسدة الى ثوب لورا الحريري الاصفر الموضوع على المقعد وقالت :
" حظكِ كبير لانكِ تزوجتِ من رجلٍ تري ".
فضّلت لورا الاّ ترد .
كانت تعلق فستانها في الخزانة , وتستعد لارتداء ثوبها الاصفر , وهي لا تشعر باي خجل من خلع ملابسها امام النساء ,
فقد تعوّدت ذلك كعارضة أزياء .
وكانت كونسويلو تتأمل في عينٍ ناقدةٍ قامة الفتاة الممشوقة والنحيفة .
" لست ادري كيف انجذب دييغو الى امراة نحيفة مثلك ِ .
ان صديقاته كلّهن نساء جميلات ذوات أجسام مليئة ".
قالت لورا و هي تبكلّ زنار تنورتها :
" صحيح ! ولكن لماذا لم يقع اختياره على واحدة منهن ؟".
" كان دائماً متمسكاً بفكرة واحدة , وهي ان ياتي بامراة تحلّ مكان والدته التي توفيت عندما كان صغيراً .
انه لايزال اسير هذه الذكرى ".
انتفضت لورا قلقاً . قفزت الى ذهنها صورة تلك المراة الشقراء الجميلة المعلقة في الجدار بين عدد من اللوحات تمثل رجالاً ونساء كلهم سمر . صحيح ان هناك بعض التشابه بينهما ,
لكن ذلك لا يؤكد ان دييغو انما اختارها لهذا السبب .
قالت لورا :
" كل ما تقولينه اوهام ! ".
فاجابت كونسويلو :
" لا . لست مخطئة , واذا كان ما اقوله غير صحيح , فلماذا لم يخترني انا ؟
ان تقاليد بلادنا تقضي بان يتزوج الرجل ارملة اخيه ".
" تلك هي اذاً المشكلة ".
فكرّت لورا وهي تجلس وراء منذدة الزينة . كانت كونسويلو تأمل في ان يتزوجها دييغو بعد انتهاء فترة الحداد , لكن بدل ان يفعل ذلك , اختار امراة غريبة ...
انها غلطة لا تغتفر , لو كان بامكان لورا ان تقول لها ان زواجها لن يدوم ,
فقط لان يخرج والدها من السجن بعد اعلان برائته ,
في كل حال , الم يفرض دييغو عليها الزواج , هي التي كانت ترفض تلك الفكرة بقوة ".
قالت لورا :
" كان عليكِ ان تكلمي دييغو بالامر ".
" أن تكلمني عن ماذا ؟".
كان صوت دييغو منبعثاً من عتبة الغرفة ..
التفتت لورا نحوه , فاقترب منها وهو لا يزال يرتدي بذلة العرس الغامقة .
وقد وضع على القبعة قرنفله حمراء .
وبرغم قرار لورا اعتبار هذا الزواج بمثابة اتحاد عابر سببه الوضع المؤسف الذي يعيشه والدها في السجن .
فانها لم تستطع ان تلجم انفعالها عندما سمعت في الكنيسة كلمات الحب والاخلاص تتدفق من فم دييغو ,
وتمنت لو ان هذا الزواج كان اكثر من صورة ساخرة كئيبة .
وبعد خروجهما من الكنيسة وسط اصدقاء دييغو الذين ملأتهم الدهشة والفرح , توجها الى المسكن العائلي , حيث كانت قاعات الاستقبال الواسعة تزدحم بمئات المدعووين من الشخصيات ورجال الاعمال , الذين حرصوا على تقييم العروس برغم نظرات زوجاتهم الحانقة ,
بينما رمقت بعض السيدات لورا بنظراتهن اللاذعة الخبيثة .
ثم وجّه دييغو بعض الكلمات باللغة الاسبانية الى ارملة اخيه التي هزّت كتفيها وخرجت من الغرفة بعدما صففقت الباب وراءها بحدة .
التقت عينا المكسيكي اللاهيتين بعيني لورا في المرآة وقال :
" ها نحن اخيراً وحيدان يا زوجتي .
لقد تحملّت بعذاب كل هؤلاء الرجال الذين كانوا يحيونك , ولم تخطر ببالي الا فكرة واحده ,
هي ان اخطفكِ من بين المدعوين واذهب بكِ الى فيلا جاسينتا بأسرع ما يمكن ".
عانق لورا التي شعرت برعشة صغيرة , فهمست وهي تلتفت اليه :
" ارجوك ....".
لكنه لم يسمع . بل راح يعانقها بحنان . مما جعلها تشعر باحاسيس بالغة .
همس في اذنيها قائلاً :
" اه لو تعرفين كم احبكِ هل يجب ان ننتظر حتى نصل الى فيلا جاسينتا ؟
هل تريدين ان اطلب من المدعويين الانصراف ليتسنى لنا ان نكون وحيدين ؟".
المدعوون يزدحمون في قاعات الاستقبال في الطابق الاسفل . امام هذا المنظر استعادت لورا وعيها فتخلصت فجاة من عناق دييغو وراحت ترتب نفسها , ثم همست في صوت مخنوق :
" هل نسيت ان هذا الزواج هو مجرد زواج ابيض ؟".
وبقوة تمسك بكتفيها وحدّق في اعماق عينيها وقال :
" سبق لي يا حبيبتي ان قلت لكِ ان الزواج لن يفسخ , ومن هذا الزواج ومن هذا الحب سيكون لنا اولاد ".
" لا ".
وضع يده على صدر زوجته حيث كان قلبها ينبض بسرعة جنونية , ثم همس قائلاً :
" كيف تقولين شيئاً كهذا ؟
انكِ ترغبين في هذا الاتحاد وانا كذلك .
انني اعرف تمامًا انكِ تشعرين بان قلبينا ينفعلان في انسجام وتناغم !".
هذا الكلام الهائم جعلها ترتعش في خوف غامض .
اية امراة لا تتاثر بكلمات الحنان والغزل من فم رجل جذاب له خبرة واسعه في استمالة النساء ؟".
قالت في عناد وتصلب بالراي وهي تتوجه الى منضدة الزينة وتسرّح شعرها :
" لا شك انك تهذي يا سينيور ,
انت تعرف جيداً سبب زواجنا .
وهذا الزواج لا دخل له بانجاب الاولاد من اجل استمرار عائلة .
راميريز , عندما يخرج والدي من السجن فانني ......".
توقفت وعضت على شفتيها فسألها دييغو في لطف :
" ماذا ستفعلين يا حبيبتي ؟".
أمسكها من معصمها وادارها نحوه واكمل :
" هل تعتقدين انني بعدما اقسمت بان اكون مخلصاً امام اصدقائي والشهود ؟,
سأرضى بأن تطرديني عندما لا تعودين بحاجه الىّ لأصبح أضحوكة الجميع ؟؟!! ".
لاااا يا لورا , لقد اصبحتِ زوجتي ,
وسوف تبقين زوجتي , وانني اتعهد بذلك ".
ارتعشت لورا حين لمحت نظرته المصممة , يبدو ان تهديده ليس مجرد كلام .
انه ينوي الذهاب في الزواج حتى النهاية ,
وسيصر على ان يكون له اولاداً ,
مما يؤدي الى استحالة فسخ الزواج ,,, نعم , لكن ... نحن في القرن العشرين ,,
بأولاد او من دون اولاد كل شئ ممكن حتى الطلاق .....
وبعد ان وضعت احمر الشفاه , تناولت حقيبة يدها وقالت وهي تبتسم :
" انني جاهزة ".
" اذاً , هيا بنا , حقائبنا اصبحت في السيّارة ".
" الا تريد ان تبدل ثيابك ؟"
ابتسم وقال :
" الخدم في فيلا جاسينتا لم يحضروا العرس , وسيفرحون اذا شاهدوني في ثياب العرس ".
وبطرف اصابعه راح يداعب خدها :
" كما اني اريد ان يفهم كل اللذين سنلتقيهم في طريقنا ان هذه العروس الجميلة هي ملكي ".
ثم اضاف وهو ينظر الى لورا :
" ارجوكِ من اجل والدكِ , ان تبذلي كلّ ما في وسعكِ كي تظهري امام الجميع انكِ الزوجة المحبة ".
صمت المدعوون المتجمعون في المدخل الواسع حول سبيل ماء لمدة لحظات لدر رؤية العروسين يهبطان السلم , ثم تجمّعوا حولهما ووجهوا اليهما التهاني والتمنيات .
وعندما اصبحا في السيارة المزينة بالورد , اقلع دييغو بسرعه .
وبعد قليل سلك الطريق المؤدية الى اكابولكو , ومن وقت الى اخر كان يرد باشارة من يده على تحيات السائقين او الفلاحين الذين لاحظوا بذلة العرس , ولم يتبادل مع لورا الا بعض التعليقات العابرة في شان الاماكن التي مروا فيها .
كانت لورا المتكئة باسترخاء على المقعد المريح , تحلم في اليقظة ,
يا لسخرية القدر ,
فقد تزوجت من رجل كانت تريد ان تعتبره الرجل المناسب ,
لولا الظروف الحاضرة , انه متديّن مثلها , وهذا في رايها امر اساسي .
كما ان دييغو يتمتع بجمال وجاذبية وثراء و شهرة .
اخفضت عينيها على الزمردة المحاطة بحبات الماس الرائعة التي يتالف منها خاتم الزواج الموضوع في اصبع يدها اليسرى قرب المحبس الذهبي .
دييغو بنفسه وضعه في اصبعها بعدما اجبرها على خلع خاتم الخطبة الذي اهداها اياه برانت .
وقد بعثت الى خطيبها برسالة موّسعه , تطلب منه ان يسامحها على تغيير رايها ,
ولم يتسنى له الوقت للرد عليها ,
هل سيتسنى له القراءة بين السطور ليدرك ان لورا ما تزال تحبه ؟.
سالها دييغو فجأة :
" بماذا تفكرين ؟".
انتفضت , لكنها ردت عليه بصراحة .
" افكر ببرانت خطيبي ".
قطب دييغو حاجبيه وقال :
" لم يعد لكِ خطيب يا لورا , لديكِ زوج مصمم على ان يجعل منكِ في القريب العاجل زوجته , بكل ما تحمل الكلمة من معنى ......
ثم هذا الذي يدعى برانت , اما كان فعل مثلما سافعل انا الليلة لو كان مكاني ؟".
اجابته وهي تحاول ان تخفي انفعالها :
" ليس اذا طلبت منه ألاّ يفعل ".
" هذا ما كنت اظن . في عروقه تسري دماء باردة ".
صرخت بعنف وحدّة :
" أنت مخطئ ! إ نه يتمتع برجولةٍ مثلكَ ,
إنما هو انسان متمدّن ... ولطيف , وأقل تطلباً منك ".
" أمثال هؤلاء الرجال بطبعهم البارد , يجعلون الدنيا مهجورة من البشر ,
يا لورا المسكينة !
هل تعتقدين انّ الغزاة الاسبان كانوا يضيّعون وقتهم عندما يغازلون النساء ؟..
لا ... عندما كانت تعجبهم المراة التي يلتقونها كانوا يتزوجونها
وما من مرة شكت هذه النسوة من شئ ".
سالته لورا في مرارة :
" وهل يسمعون شكواهن ؟".
...

lovely sky
02-05-2007, 10:37
" ربما لا . اني اعترف بذلك , لكن القليلات هنّ اللواتي حاولن التخلص من هذا القدر , ومعظمهم أسسّ عائلات مثل عائلتي , واعطين اولادهن العطف والحنان والمحبة التي نالوها من ازواجهم .
لا شك في انهن نساء رائعات عرفن ان يتقبلن مصيرهن .
فقالت لورا بسخرية :
" لم يكن امامهن خيار آخر ".
وصلا الى مدخل اكابولكو ولما رات الشاطئ الرملي الذي تحدّه اشجار النخيل وجوز الهند ,
فكرت لورا بانفعال انها سترى والدها عمّا قريب .
الممر الطويل المتعرج الذي يؤدي الى فيلا جاسينتا لم يكن قد قطعته لورا من قبل ,
المرّة الوحيدة التي جاءت فيها مع دييغو الى هنا كانت عن طريق البحر على متن يخته ,
ظهرت الفيلا من بعيد , جدرانها بيضاء وقرميدها زهري وهي مبنية على قمة تلة صخرية ,
تحيط بها الازهار من كل الجهات , على الشرفة الواسعه وجهتي السلالم العالية و الجدران الصغيرة والمرتفعات المشجرة .... انها فيض من الالوان الزاهية والروائح العطرة .
وما ان توقفت السيارة امام الفيلا , حتى انفتح الباب بمصراعيه الكبيرين ...
وظهرت جوانيتا الخادمة المسؤولة , وورائها زوجها كارلوس المسؤول الاول في الفيلا .
اسرعت جوانيتا بوجهها الاسمر الضاحك لاستقبال العروسين , فرحةً برؤية سيدها في بذلة العرس والقرنفلة الحمراء ,
قبّلها دييغو على خديها وصافح من في المنزل
وطلب من جوانيتا ان تحضّر الشراب المنعش في غرفة الجلوس .
اخذها الى الصالون الصغير الذي تطل شرفته على البحر
المنظر رااائع .. فتوجهت لورا الى الشرفة لتتمتع بهذا المنظر الخلاّب .
الامواج تتكسر على الصخور والرغوة البيضاء ترتفع احياناً بعلو المنزل . ومن جهة اخرى يبدو الشاطئ الرملي تحميه سلسلة صخور تحيط بعرض الشاطئ .
قالت لورا لنفسها : "على الاقل هنا يمكنني ان اسبح بصورة دائمة ".
ظهر دييجو فجاة وقال كانه قرا افكارها :
" من الافضل الاّ تسبحي الا على الجهة الجنوبية من الشاطئ ,
فالشاطئ الشمالي ملئ بالتيارات الخطرة , افضل شئ هو الاكتفاء بالسباحة في البركة ".
فكّرت لورا :" اليس جريمة ان يسبح المرء في البركة عندما يكون البحر على خطىً قريبة منه ؟
شاطئ تحده اشجار النخيل وجوز الهند المليئة بالثمار الناضجة ".
شعرت بيد دييغو تلمس عنقها بينما ترفع يده الاخرى ذقنها وسالها :
" هل تعتقدين حقاً ان السباحة هي التسلية الوحيدة التي تجدينها في فيلا جاسينتا ,
يا حبيبتي اود ان اقدم لكِ اكثر ... وافضل ...."
وبحركة عنيفة تخلّصت لورا من قبضته وقالت :
" اراك واثقاً من نفسك !".
أجابها بصوت خفيض :
" نعم , اني واثق من قدرتي على اسعاد زوجتي , وعندما اضمكِ بين ذراعيّ الليله ,أعدك بانكِ ستنسين برانت نهائياً ".
فقالت وهي تدير نظرها عنه وتحدّق في الخليج :
"كيف تجرؤ على التحدث بهذه الصورة , انت تعرف جيداً ان هذا الزواج ليس سوى اتفاق ورياء !
يا الهي سامحني لانني ارتكبت صباح هذا اليوم خطيئة مميتة ,
فقط لانقاذ حياة والدي , فقد اقسمت بان اخلص لرجل لا احبه . ارجوك الاّ تجعلني اضاعف خطأي الى .... الى ....." .
جذبها دييغو نحوه بقوة وقال :
" تقولين انكِ لا تحبينني !
اني اشعر كلما عانقتكِ بان هناك تجاوباً لديكِ .
ومن يقول انك لن تتوصلي الى حبي متى اصبحنا زوجين بالفعل ؟".
فجأة خفف من حدة صوته ونظر اليها بلطف وقال :
" اني اسف يا حبيبتي .. ان تخوّفك في محله ,
وهذا شئ طبيعي , الا يمكنكِ ان تثقي بي . اني قادر على اكون لطيفاً معكِ ".
ظهرت جوانيتا حاملة صينية :
" شكراً جوانيتا ".
ثم اضاف بعض الكلمات الاسبانية طالباً من الخادمة ان تفرغ حقائب السيدة .
ولما خرجت جوانيتا من قاعة الاستقبال التفت دييغو نحو زوجته وسالها :
" هل يمكنني ان اطلب منكِ ان تتصرفي كسيدة المنزل , يا لورا ؟".
وبعد تردد قصير , هزت لورا كتفيها واتجهت نحو الطاولة التي وضعت عليها الصينية ,
كانت تشعر بالتعب وبالعطش بعد المسافة الطويلة التي قطعتها في هذا الحرّ اللاهب ,
فلم تشعر برغبة في التحدث مع الرجل الذي بدات تخشاه ,
عليها ان تحافظ على نشاطها وحماسها وطاقتها لانها ستكون في حاجة اليها هذا المساء لتبقيه بعيداً عنها .
ومع ذلك فهي تعترف ان شغف دييغو بها وولعه وشوقه , اضافة الى الديكور الروماني المحيط بيهما , كلها توقظ فيها رغبتها .
ومن حسن حظها . فقد ادرك دييغو انه من الافضل تغيير الموضوع ,
فبدا يتحدث بمرح وطلاقة عن اشياء كثيرة وفي الوقت نفسه كان يحتسي الشاي ويأكل السندويتشات الصغيرة والحلوى بالكريما التي احضرتها جوانيتا .
" هل تعرفين يا لورا ان هذه الفيلا تحمل اسم جدتي ؟".
" لا . لم اكن اعرف ان جدتك تدعى جاسينتا ".
" عندما بنى والدي هذا المنزل , اعطاه اسم والدته ....".
سالته في صوتٍ ساخر :
" ولماذا لم يعطه اسم زوجته "؟.
غاصت نظرات دييغو بتعبير حزين فقال :
" لم توافق جدتي على زواجهما , في الحقيقة يمكن القول ان والدتي لم تستطع التجاوب مع تقاليد البلاد .....".
"وما هو اسم والدتك "؟.
" لورا . لورا دايفيس ".
كأنها تلّقت حماماً مثلجاً .
هل كانت كونسيويلو على حق عندما قالت ان دييغو لم يتزوجها الا لانها تشبه والدته ؟
حتى انهما تحملان الاسم نفسه .....
سالها دييغو بلطف عندما رآها تنتفض :
" ماذا جرى يا حبيبتي , تبدين كانكِ تخشين حكم جدتي ... لكن هل تعتقدين انها استقبلتكِ بالحرارة وهذا الحب وأعارتكِ فستان عرسها , لو لم تعتبركِ الزوجه التي احلم بها ؟".
وضعت لورا فنجان الشاي على الطاولة وقالت ببرود :
" لا يهمني كثيراً ما اذا كانت جدتك تقبلني ام لا ".
انها كذبة واضحة . في الحقيقة , احبّت لورا كثيراً هذه المرأة العجوز التي تتمتع ببعض الاستبداد والجمال , والتي لا تخفي حبها الكبير لحفيدها الوحيد .
اضافت وهي تنهض دفعة واحدة :
" هل يمكنني الآن ان اتوجه الى غرفتي ؟".
سأوصلكِ الى جناحنا , ان جوانيتا تعدّ لنا عشاء بسيطاً وخفيفاً .
لكننا لن نتناوله قبل الثامنة والنصف , وأمامنا الكثير من الوقت حتى ذلك الحين ".
تساءلت لورا بعصبية وهي تتبعه في البهو , ثم في الممر :
" أمامنا الوقت كي تفعل ماذا ؟
هل سيحاول تنفيذ ما يجول في خاطره ؟".
فتح دييغو باب شقتهما الفاخرة المستقلة تماماً عن المنزل .
وفي رواق صغير تطلّ غرفة نوم شاسعة مزينة ومفروشة في ذوق مترف ولطيف ,
الابواب الزجاجية تفتح على شرفة مزهرة تطل على قسم من الشاطئ ,
وفي وسط الغرفة سرير عريض .
التفتت لورا الى دييغو وقالت :
" بما ان العشاء سيتاخر , فانني اوّد ان اذهب لزيارة والدي قبل ...."
" كلا يا حبيبتي , هذا لا يمكن تحقيقة اليوم ".
فقالت لورا بغضب :
" لكن لماذا ؟ لقد اتفقنا على .....".
" لقد اتفقنا على ان تتزوجيني ليكون لدي سبب وجيه يمكنني من مساعدة والدك على ان يمثل امام المحكمة باسرع وقتٍ ممكن . لقد وعدتكِ بان افعل ذلك , وساحقق هذا الوعد ".
" واتفقنا ايضاً على رؤية والدي ".
فقال بهدوء :
" نعم سأتيح لكِ ذلك . لكن كثيرين سيفاجأون بان ترغب زوجتي في الابتعاد عني ليلة العرس ...
والدكِ ايضاً سيستغرب ذلك ....".
" لماذا ؟ انه يعرف ان ...."
توقفت لورا عن متابعه الكلام وعضّت على شفتيها ,
صحيح .. لا يعرف والدها ان هذا الزواج ليس زواج حب .
" ان والدكِ يعرف فقط اني احب ابنته اكثر من اي امراة اخرى ,
وان سعادتها هي اقصى ما اتمناه ".
اكثر من اي امراة اخرى . انه يعني والدته ...
تضايقت لورا فجأة , وتوجهت نحو النافذة واسندت جبينها الملتهب اليها وراحت تتامل الامواج تتكسر على الصخور .
لماذا رفض دييغو ان يسمح لها برؤية والدها الان ؟
هل يخاف اقاويل الخدم , او انه يصرّ على ان يملكها قبل ان يتسنى لها الهرب ؟
قالت في جفاف :
" بما انه لا مجال لرؤية والدي الان فاني افضّل ان استريح ".
وفوجئت بقبول دييغو عرضها :
كما تريدين يا حبيبتي , سآتي لآخذكِ الى العشاء في الثامنة .
استريحي جيداً ".
وبعدما أغلق الباب وراءه , خلعت لورا حذائها العالي وشعرت بألم في رأسها ,
فتناولت حبتي مسكن من حقيبتها وتوجهت الى الحمام .
كان الحمام مقسماً الى جزئين .
الاول يحتوي على مغسلة كبيرة وحنفية مذهبة .وطاولة زينة كبيرة تضم عدداً كبيراً من الادراج تعلوها المرايا الرمتفعة حتى السقف ,
اما الجزء الثاني فقد ذكرها بالحمامات الرومانية . فهو مؤلف من حوض رخامي اخضر في وسطه نافورة ماء تحيط بها احواض مزروعة باشجار النخيل , وما ان تناولت حبتي المسكن حتى عادت الى غرفتها وبدات تخلع ملابسها .
فتحت باب الخزانة الواسعه ووجدت في جهة كل ملابسها معلّقة باتقان , وفي الجهة الثانية كانت ملابس دييغو ,
يا الهي , يجب ان تقنع نفسها انه الان زوجها وانه يحق له ان يضع ملابسه مع ملابسها .
وبحركة غاضبة تناولت قميص نوم من الساتان الابيض وهرعت الى الحمام ,
حتى المياه الناعمة التي وضعت فيها الاملاح ذات العطور المختلفة لم تساهم في استرخاء عضلاتها بصورة كاملة .
لكن عقلها يعمل باستمرار وتبحث من دون جدوى عن طريقة تجعل دييغو يتراجع عن تصميمه .
بامكانها ان تهرب من المنزل وتستقل سيارة دييغو وتذهب الى اكابولكو . لكن ذلك لن يخدم قضيتها ولن يعيد الحرية الى والدها .
لا يمكنها الاستغناء عن مساعدة دييغو , انها حلقة مفرغة .
خرجت من المغطس ولفّت جسدها بمئزر الحمام . ثم راحت تجفف جسمها وارتدت قميص النوم .
ربما توصلت الى اقناع زوجها بان رجلاً يحترم نفسه لا يمكن ان يحقق لنفسه اية متعة ضد ارادتها .
تمددت فوق الغطاء الحريري المعرّق الذي يلف السرير .
ماذا تفعل كي تجعل دييغو بعيداً عنها .
راحت تقارن بين وضعها بوضع شهرزاد التي نجحت في النجاة من الموت المحتم طوال الف ليلة وليلة ..
لانها راحت تروي لشهريار القصص المشوقة التي لا نهاية لها ....
ولكن هل ستتمكن بهذه السهولة من ان تحوّل دييغو عن الهدف الذي صمم على تحقيقه ؟

lovely sky
02-05-2007, 10:51
ناطريــن التكملــــة ::جيد::


يا اهلا والله بها الطلة ....
مرحبا حبيبتي احباب الروح ...
انا نزلت الفصل الخامس الحين :D :D
مشكووورة حبيبتي على مرورك الجميل
واحنا الحين ناطرين التكملة منك حبيبتي ...
الله يوفقك يا رب ان شاء الله ويعطيكي الف عافية على مجهودك المتميز في المشروع .....::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lanoo
02-05-2007, 18:56
مساء الورد لاحلى ورد
الرواية جدا رائعة انتظر البقية بشوق بليز لا تتاخرين.

lovely sky
02-05-2007, 19:35
مساء الورد لاحلى ورد
الرواية جدا رائعة انتظر البقية بشوق بليز لا تتاخرين.


والله مليووووووووون مرحبا بحبيبتي لانو
وينك من زمااااااااان
الحمد لله على السلامة ... رجعتي ونورتي المنتدى حبيبيتي ...
اشكرك جدا على ردك الرائع
وان شاء الله الاخت احباب الروح بتنزل لك الفصل السادس بكره ان شاء الله ...
احنا كل يوم ننزل فصل ...
وتابعي معانا وان شاء الله تستمتعي دائما معنا ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

sara77
02-05-2007, 19:35
مشكــــــــــــور ه علــــــــــــــى الجهـــــــــــــد المبــــــــــــذول ويعطيـــــــــــــــــــك العافيــــــــــــــــة >> و صراحه خاطرى انضم لفريق العمل اذا كان فى امكانيه ؟؟؟
فى حالة الموافقه ارجوا اعلامى بالمطلوب .....و للعلم عندى روايات عبير قديمه ....
تسلموووووووووووووو .

lovely sky
02-05-2007, 20:02
مشكــــــــــــور ه علــــــــــــــى الجهـــــــــــــد المبــــــــــــذول ويعطيـــــــــــــــــــك العافيــــــــــــــــة >> و صراحه خاطرى انضم لفريق العمل اذا كان فى امكانيه ؟؟؟
فى حالة الموافقه ارجوا اعلامى بالمطلوب .....و للعلم عندى روايات عبير قديمه ....
تسلموووووووووووووو .




مرحبا حبيبتي
اسعدني مرورك المتميز جدا
ارحب بكِ في الفريق واسعدنا جدا انضمامك الينا
ارسلت لك التفاصيل على الخاص حبيبتي
واي استفسار انا حاضرة

وتقبلي تحياتي
lovely sky

الحنونه
03-05-2007, 05:43
يــلا بليــز ماطرين التكملــه لا تتأخروووون علينـأأ



^^


مشكــوريـن على الجهد اللي تقـومـون فيه
وربــي يعطيكم الف عافيه ^^



ناطريــــــن

احباب الروح
03-05-2007, 09:01
يــلا بليــز ماطرين التكملــه لا تتأخروووون علينـأأ



^^


مشكــوريـن على الجهد اللي تقـومـون فيه
وربــي يعطيكم الف عافيه ^^



ناطريــــــن




ان شاءالله مراح نخليكم تمطرون اكثر :D

:p


منوريــن كلكــم

والله يعافيـكــم ^_*


..


هلابج لوفلي :D

وهذا الجزء ..

والله يعافيج ويوفقج يارب ::جيد::



..




6-الهمسة الحاسمة





عندما استيقظت لورا كان الظلام قد ملأ الغرفة. وللحظات لم تتذكر اين هي، ولا لماذا هي هنا. لكنها عندما سمعت صوت الباب استعادت ذاكرتها بسرعة.

بدأ قلبها ينبض بسرعة جنونية، عندما رأت دييغو، في بذلة المساء البيضاء، يتقدم بخطوات واسعة نحو السرير. نظر اليها بدقة وتهلّل وجهه عندما شاهد قميص نومها نصف المفتوح.

حاولت لورا اقفال القميص، لكنه ابعد يدها، وجلس قربها و وضع راسه على صدرها. ويصورة غريزية، وضعت يدها على شعره الاسود مستمتعة بهذه المداعبة.

همس دييغو بصوت مبحوح "انت رائعة الجمال يا حبيبتي".

وعندما شعرت بجسمه يقترب منها، استعادت وعيها ماذا تفعل بين ذراعي هذا الرجل الذي تسخر منه، والذي استفاد من نعاسها ليفاجئها؟

الحت بصوت مخنوق:

" ارجوك ابتعد عني"

وبحركة مفاجئة توصلت الى ابعاده عنها.

" لن تسامحنا جوانيتا، اذا لم نتذوق الطعام الذي احضرته خصيصا لنا"

لم تجرؤ لورا على ان تنظر الى زوجها. فسكتت. اخيرا قال دييغو في لهجة ساخرة

" اه، سوف تفهم، انني متأكد انها تفهم.

لكن ربما كنت على حق وسوف ننتظر... ربما هذا افضل..."

القى نظرة سريعة على ساعة يده الذهبية، ثم قال.

" اذا اسرعت بارتداء ملابسك، فلن تتأخري عن العشاء. سأختار ما تريدينه"

ابتعد باتجاه الخزانة وعاد حاملاً فستاناً طويلاً من القطن الابيض المقطع بالرسوم الهندسية. وقال لها وهو يضعه على طرف السرير:

" لديك تشكيلة جميلة من الملابس الرائعه يا حبيبتي، لكني ساشتري لك الكثير ايضاً، مما يصدر عن دور الازياء الباريسية. وسوف اشتري لك الحلي و..."

قاطعته لورا بسرعة:

" الثياب والحلي لا تهمني ان الشئ الوحيد الذي ارغب فيه هو حرّية والدي"

" انت تعرفين جيداً انني سأفعل كل جهدي لأحصل عليها. هل تشكّين في كلامي؟"

"ساصدّقك بسهولة اذا وعدت بألاّ تلمسني والاّ تمارس حقوقك كزوج قبل خروج والدي من السجن".

فقال في تقلّص:

" لكن هذا يمكن ان يدوم اسابيع، وربما شهوراً! هل تظنين انني من حجر؟ هل تظنين يإمكاني النوم قرب زوجتي كاللوح؟ لا هذا غير وارد... وليس صحيحاً سواء باللنسبة الي او بالنسبة اليك".

ارتجفت عينا لورا. احست بانها كانت تتجاوب مع مداعبته لها. كيف وصلت الى حدّ ان تكشف عواطفها؟

قالت بوضوح:

" لن تكوت صمة مشكلة اذا لم نتقاسم السرير نفسه".

انتفضت عندما رات دييغو، الغاضب، يمسك بمعصمها ويضغط عليه بقوة ويقول:

" لا تتعلّقي بالأوهام، يا لورا، قبل نهاية الليل، برضاك او بالقوة، ستصبحين زوجتي. والآن اسرعي. انتظرك في قاعة الاستقبال الصغيرة".

نظرت اليه بغضب وهو يعبر عتبة الغرفة ويغلق الباب وراءه. من يكون هذا الرجل ليشتهي امرأة ترفضه؟ هل تسلّيه مقاومتها له وتثيره، بدل ان تبرد اعصابه؟

اذا كان ذلك صحيحاً، فستخيب لورا آماله! وعدت نفسها بأن تتصرف بين ذراعيه مثل عجينة رخوة، من دون انفعال. لن تقاومه ولن تشجعه ايضاً. ربما تأمل بأن تمنعه كبرياؤه في مثل هذه الظروف من ان يرغمها على اطاعته.

بعد هذا القرار شعرت لورا بارتياح. ارتدت الفستان الذي اختاره لها دييغو و وضعت الزينة والعطور وتوجهت الى غرفة الاستقبال.

كان دييغو مديراً ظهره يحدق في عتمة الليل. رأى انعكاس لورا من خلال زجاج النافذة، فاستدر مسحوراً امام زوجته الرائعة في فستانها الابيض. ولما رأت نظراته، ندمت لأنها لم ترتد فستاناً عادياً اقترب منها بسرعة، ورفع يدها وراح يقبلها وهمس:

" صحيح ان الجواهر لن تزيد من جمالك، يا حبيبتي"

لكنّها افلتت منه بلطف وجلست في كنبة مريحة. وسألته متجاهلة نظرته المهانة.

" هل يمكنني ان اشرب شيئاً؟"

سكب لها دييغو عصير البلح المثلج وسكب لنفسه كوب ماء بالليمون ثم قال بلهجة احتفالية يتخللها القليل من السخرية:

" أرفع كأسي لصحتنا ".

ولمّا لاحظ ان لورا لم تسمع ما قاله افرغ كاسه وجلس في مقعد آخر، وقال بجفاف

" لم يسبق ان فرضت على امرأة شيئاً اريده ".

كانت لورا تدرك انه تعرّف الى عدد كبير من النساء في حياته. هذا طبيعي لرجل مثله، يتحلى بمركز رفيع في المجتمع، اضافة الى جاذبيته ورجولته.

شربت العصير وسألته بصوت متردّد:

" الشخص، اقصد الاشخاص الذين ستتصل بهم بخصوص والدي، هل بإمكانهمان يعجلوا في تحديد موعد المحاكمة؟"

" لم افعل شيئا حتى الآن ".

" لكنك وعدت ..."

" لقد وعدت بأن احدثهم عن والدك. ويوم عرسي ليس بالظرف المناسب وانت تعرفين ذلك جيداً. سأفعل خلال اسبوع او اسبوعين ..."

" اسبوع او اسبوعين، وخلال هذا الوقت، يبقى والدي في السجن. اتجد ذلك طبيعياً؟"

" يجب الا نبالغ في الامر. ان والدك في ايدي امينة. وهو الآن يتناول عشاءً فاخراً لا ينقصه اي شئ. ولا حتى الرفقه النسائية اذا كان هذا ما يرغبه".

احمرّت لورا خجلاً وقالت:

" كيف تجرؤ ان تقول ... هذا ... عن ابي ..."

" ان والدك رجل مثل بقية الرجال، اليس كذلك؟"

بعدما طرقت الباب دخلت جوانيتا، مضطربه ومعتذرة عن تأخرها

فقال دييغو بلطف:

" هذا غير مهم، يا جوانيتا، لم تنته السينيورا من كأسها بعد ".

" شكراً، سينيور العشاء حاضر ".

وبعدما خرجت الخادمة واغلقت الباب وراءها، نهض دييغو وقال:

" لو سمحت ان تنهي عصيرك يا حبيبتي، كي نذهب الى العشاء. لقد امضت جوانيتا ساعات تعد الطعام. ولا داعي لأن ندعها تنتظرنا اكثر".

فقالت لورا وهي تفرغ كأسها.

" ليس في نيتي ازعاج جوانيتا، ابداً"

قالت لورا لنفسها : "ان دييغو يحترم موظفيه ويحرص على راحتهم، بينما رغباتها هي تبدو آخر اهتماماته. يالسخرية القدر! "

قال وهو يتأبط ذراعها:

" لورا. اسمعي جيداً. لا اريد ان تعرف جوانيتا اننا لم نتزوج عن حب. فهي تنتظر هذا اليوم منذ زمن .."

اجابت لورا بقسوة وهي تفلت من قبضته:

" تباً لجوانيتا وللجميع في كل حال، ليست جوانيتا من يضطر مقاسمتك سريرك ومائدتك ".

تقدمت امامه في خطى اكيدة، لكنها توقفت في منتصف الممر، ضائعة امام العدد الهائل من الابواب لا تعرف اي منها تختار. ومن دون كلمة لحق بها دييغو ثم ادخلها الى قاعة الطعام المتصلة بالدار الكبير بباب ذي مصراعين. غرفة الطعام بسيطة، لا تشبه في شئ غرفة الطعام الواسعة بقصره في مكسيكو.

فكرت لورا وهي تتأمل الطاولة الممدودة في دقة وفن:

" يالها من ورطة ". ان اي فتاة في العالم تحلم بمثل هذا الديكور ليلة عرسها. برفقة زوج جذاب مثله! لماذا اختار هذا الرجل المتعجرف، الجذاب الذي يستطيع ان يملك كل النساء، اختارها هي بالذات؟



..

احباب الروح
03-05-2007, 09:05
ظهرت جوانيتا حاملة الوجبة الاولى المؤلفة من اللوبياء المتبلة بالحشائش العطرية والجبن والصالصه الحامضة. انه حساء شعبي اعجبها طعمه، لكنها لم تكن قادرة على احتساء الا القليل منه لأنه حار. الوجبة الثانية كانت مؤلفة لحم الاوز المطبوخ. اكلت بعضاً منها. ولم يكف دييغو من النظر اليها بشكل مبهم. كان يلعب مع طريدته لعبة الهر والفأر ...

ولمّا مدت يدها لتتذوق العنب الهندي سألها دييغو فجأة:

" منذ متى عقدت خطبتك على هذا الاميركي؟ "

فقالت متعجبة:

" برانت؟ "

اجاب بخشونة:

" هل كان الكثير قبله؟ "

" كلا. هو فقط. انه الرجل الاول الذي تعرفت اليه منذ خروجي من الدير. كنت اسمع دائما اخبار صديقاتي. يتحدثن بفرح عن اصدقائهن الرجال. الذين تعرفن اليهم خلال العطلة الصيفية. اما انا فكنت امضي عطلتي على متن سفينة والدي وهذا كان يكفيني حقاً ".

" الى ان دخل برانت في حياتك؟ "

" نعم. انه يملك كل ما ترغب اي امرأة ان تجده في الرجل ".

وعندما رأت وجه دييغو يتجهم اضافت:

انه شاب حسن المظهر، ساحر، تحبه الفتيات. وقد حسدتني العديدات عليه "

انهت كلماتها بصوت مخنوق. وتذكرت بدقة غريبة، السبب الذي دفعها الى قبول الزواج من الاميكري برانت.

ذات مرة عادا باكراً من عطلة نهاية الاسبوع، امضياها لورا وبرانت في منزل والديه. وبرغم استقبالهما الحميم لها، والحاح برانت بالذات، كانت لورا مترددة في ان تعده بالزواج. صحيح ان المحامي الشاب يتمتع بمزايا عديدة، لكنها كانت تشعر بأنه جدي اكثر من اللازم. نادراً ما كان يعانقها او يداعبها، لم يكن قادرا على ان ينس لحظة، ان لورا تلقت تربيتها على ايدي الراهبات.

ومع ذلك، وفي ذلك اليوم بالذات، اتخذت قراراً نهائياً بأن تتزوجه، بعدما رأت والدها يعانق فتاة سمراء على سطح السفينة. التي كانت تتوجه نحوها برفقة برانت.

ومن دون تردد، التفت لورا برفيقها واقترحت عليه ان يعودا من حيث اتيا، او بالاحرى الى مطعم قريب لشرب القهوة.

لم تكن تريد ان ترى والدها في هذه الحالة. وفهمت حينئذ انه لم يعد لها مكان في حياة والدها.

صحيح ان برانت فوجئ بقرارها، لكنه لم يظهر استغرابه. فهو بتمتع باعصاب هادئة الى درجة الغيظ.

قال دييغو بصراحة قاسية:

" لاشك ان احدى الفتيات التي كانت تغار منك، ستكون مسرورة جدا لأن تستعيد حبيبك القديم ".

اخفضت لورا عينيها. حزن قلبها امام فكرة ان برانت يغازل امرأة اخرى. نهضت وقالت متثائبه في الوقت الذي دخلت فيه جوانيتا حاملة صينية القهوة.

" اني مرهقة واريد ...ان اذهب الى غرفتي ".

نهض دييغو في الحالو وضع ذراعه حول كتف لورا وقال للخادمة:

" ان السينيورا متعبة بعد هذا النهار الطويل. لن نتناول القهوة ".

ابتسمت جوانيتا وقالت:

" نعم سينيور. ليلة سعيدة ".

ولمّا وصلت الى غرفتها، حاولت لورا اغلاق الباب على دييغو، لكنها لم تنجح.

توجهت الى منضدة الزينة وخلعت حلقها الماسية و وضعتها في علبة الجواهر. ثم قالت بجفاف:

" في منزل شاسع كهذا، لاشك ان غرف النوم عديدة ".

فقال بهدوء:

" نعم. لكنّني قرّرت ان أتقاسم هذه الغرفة مع زوجتي ".

صرخت لورا:

" انا لست زوجتك".

قال وهو يرفع يدها اليسرى ويتأمل محبسها الذي وضعه في اصبعها في الصباح:

" لكن، يا حبيبتي، هذا هو الدليل ..."

فقالت وهي تسحب يدها:

" كل هذا مسرحية محزنة وانت تعرف ذلك جيداً. كيف استطيع التعبير عن محبتي لرجل لا اعرفه؟ فكيف اذا كنت لا احبه! "

لمع وجه دييغو وقال بصوت مداعب:

" غالبا ما يأتي الحب بعد الزواج يا حبيبتي.. ان الزوج الحنون والمهتم يعرف كيف يجلب الحب الى قلب زوجته..."

فقالت وهي تدير ظهرها:

" صحيح انني ترعرعت في دير. لكنني نشأت في بلد حرّ حيث النساء عرفن منذ زمن طويل كيف يتخلين عن سيطرة الجنس القوي ".

" اذاً فأنت تفضلين ذلك الاميركي الفاتر الذي نشلتك من بين يديه. حبيبتي. سوف نرى...سأتركك عشر دقائق فقط لأغيّر ملابسي ".

ظلّت لورا محدقة للحظة طويلة في الباب حيث خرج دييغو. لا شك انه ذهب الى غرفة اخرى ليغير ثيابه. سوف تقفل الباب. ومن المؤكد انه لن يحاول خلع الباب خوفاً من ازعاج جوانيتا..

ولكن لا مفتاح بالباب، لا في الخارج ولا في الداخل! كاجت ان تجهش بالبكاء. وفجأة، اتخذت قرارها النهائي. فخلعت فستانها وارتدت قميص نوم حريرية، وكانت متأكدة من شئ واحد: قد يمتلكها دييغو هذه الليلة لكنها لكنها ستفعل المستحيل كي لا تدعه يشعر بأي اكتفاء لكبريائه وعزّة نفسه.

لم تكن لورا تدرك الوقت الذي مر، فأغلقت باب الحمام وراءها وراحت تغسل اسنانها وتزيل الزينة عن وجهها. ثم سرحت شعرها.

عيناها الخضراوان تعكسان نوعاً من الالهام والوله. حلمت مثل اي فتاة شابه بليلة عرسها، لكن بصورة غير واضحة. كانت دائماً تتصور زوجاً جذاباً، حالماً و رومنطيقياً، يعرف ما تطلبه المرأة في مثل هذه المناسبة.

فجأة انفتح الباب واطلّ دييغو مرتدياً مئزراً من الحرير. آه كم هو بعيد من رجل احلامها الناعم! قالت بصوت متقطع لتربح بعض الوقت:

" لست...لست جاهزة ".

ومن دون ان يتحرك ظل يتأملها من رأسها الى اصابع قدميها. فالتفتت لورا بعصبية نحو المغسلة لترتب بعض الاغراض. فأمرها باختصار:

" اتركي هذا كله وتعالي "

وبحركة من اصابعها المرتجفة اوقعت لورا معجون الاسنان. ثم وكأن صوت دييغو سحرها، اقتربت ببطء وكانها مخدرة، فضهما الى صدره بشدة. ثم حملها بين ذراعيه كالريشة وتوجه بها الى الغرفة وهو يهمس بكلمات ناعمة وساحرة.

وضعها على السرير بلطف، وجلس قربها. كانت لورا جامدة كالثلج وهو غارق في مداعبتها... لكنها لم تستطع الاستمرار في الصمود

قرارها ان تظل باردة كالحجر بين ذراعي زوجها لم ينفذ، لأنها كانت تشعر بأحاسيس مثيرة من جراء ملامساته البارعة.

همس دييغو بحرارة وبالاسبانية:

" حبيبتي، اني احبك "

وغريزيا كانت لورا تداعب كتفيه قبل ان تغرز اصابعها في شعره الاسود. كانت تهمهم باللغة الانكليزيه بكلمات متقطعة ثم قالت من دون وعي

" آه برانت،حبيبي! "

عم صمت لبضع ثوان. ثم سحب دييغو شعرها بعنف وهمس بصوت اجش:

" ماذا قلت؟ "

انتفضت لورا في ارتعاشة غير ارادية واستعادت برودة اعصابها. انها تحمل الحل لجميع مشاكلها. كيف لم تفكر في ذلك من قبل ؟

فقالت في برائة متصنعة:

" هل قلت شيئاً ما؟ "

فقال وهو يرمقها بنظرة غاضبة:

" لقد همست باسم برانت "

فقالت وهي تقطب حاجبيها:

" آه، ليس ذلك غريبا في مثل هذه الحالة...برانت وانا كنا..."

وتوقفت تاركة دييغو ينهي الجملة. كانت تشعر بأن جسمه يرتجف غضباً. فسألها بهدوء يشوبه تهديد واضح:

" هل كان عشيقك؟ "

تطلعت اليه بنظره خاليه من اي تعبير وقالت ضاحكة:

" وماذا كنت تتصوّر؟ في الولايات المتحدة الاميركية يتمتع المخطوبين بحرية اقوى من هذه البلاد! هل كنت تتصور ان برانت وانا يمكننا التوصل الى الاتفاق على الزواج من دون ان نعرف مسبقاً اننا منسجمان على جميع الاصعدة؟ "

رفع دييغو مرفقيه وسمّرها على السرير ونظر اليها بغضب وقال وهو يشد بشعرها"

" لا اريد ان امارس حقوقي مع امرأة سبق وعرفت رجلاً آخر. لماذا تزوجت مني؟ لماذا؟

فقالت وهي ترفع كتفيها:

" لأنك لم تترك لي اي خيار ان والدي ..."

قفز دييغو من السرير وهو يطلق سيلاً من الشتائم باللغة الاسبانية. و وضع مئزره والتفت الى لورا ورمقها بنظرات حقيرة.

" والدك... دائما والدك ... هل تتصورين انني بعد كل هذا العار، سارفع اصبعا واحدا لأساعده على الخروج من هذه الورطة التي وضع نفسه فيها؟ يمكنه ان يمضي حياته كلها في السجن! "

بعد هذه الملاحظة، خرج من الغرفة، تاركاً لورا في حالة انهيار. نجحت في انقاذ نفسها ولكن ماذا كان الثمن؟






..

lovely sky
03-05-2007, 09:57
الله يعطيكي الف عافيه حبيبتي احباب الروح
ما شاء الله
مجهود متميز و راااائع جداً ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::
مشكورة حبيبتي

lanoo
03-05-2007, 19:36
بليز لا تتاخرون علينا ننتظر بشوق:بكاء:

lovely sky
03-05-2007, 20:32
الفصل السابع .......

7 – مشاعر متناقضة .....

"لورا ".
غصباً عنها فتحت لورا عينيها الناعستين وتسائلت في خوف أين هي .
ثم تعرفت الى الوجه القاسي , ذي الملامح النبيلة المتعجرفة
الذي كان يترائى لها في نومها الملئ بالكوابيس .
وبحركة من يده , أشار دييغو الى الصينية الموضوعه على الطاولة ثم قال :
" جئتكِ بطعام الفطور . كان يجب ان افعل هذا والا استغربت جوانيتا الامر و ........".
تقوقعت لورا وسالته :
" ماذا ..... ماذا قلت لها ؟".
اجاب وهو يتجه نحو النوافذ , ويفتح الستائر تاركاً النور يدخل بقوة الى الغرفة :
" هل اعتقدتِ بانني ساقول لها الحقيقة ؟
أي اني امضيت الليل بعيداً عن زوجتي التي وهبت نفسها لرجلٍ آخر ؟".
تكلم من دون غضب وبصوتٍ حزين , شعرت لورا بالدمع يصعد الى عينيها متأثرة بكبريائه .
كانت تريد ان تتراجع عما قالته بالامس وان تقسم له ان برانت احترمها دائماً , وانه هو , دييغو بالذات هو الذي عرف كيف يحرك المشاعر التي كانت تجهلها حتى الان هذه الليلة , ليلة الحب المتقطع وضعتها على شفير الانهيار وكانت سبباً في ارقها .
ومن دون كلمة , جلست في سريرها والقت نظرة خاطفة الى الصينية المليئة بالمآكل الشهية .
في سلة كان الخبز الصغير الطازج والساخن والزبدة الشهية بشكل اصفاد موضوعة في صحن من الكريستال الثمين , وقرب ابريق القهوة المصنوع من الفضة وضعت وردة حمراء في مزهرية صغيرة .
فهمست لورا بصوتٍ خافت :
" شكراً لهذا الفطور .. الوردة .... رائعة ".
قال دييغو وهو يقترب من السرير :
"ليس انا من اعدّ الصينية . عليكِ ان تشكري جوانيتا ".
" آه"
لماذ خاب املها الى هذه الدرجة . لا تعرف ؟
وفي حركة خالية من اي حنان , اخرج دييغو من جيبه علبة صغيرة ورماها على السرير واضاف بسخرية :
" من عاداتنا ان نقدّم هدية الى العروس , شاكرين لها محبتها ورقتها خلال ليلة العرس , من الافضل ان تاخذيها ".
اخذت لورا العلبة بيديها المرتجفتين وفتحتها بعناية , وجدت لورا داخل العلبة المبطنة بقماش الساتان الابيض زوجان من الحلق , مصنوعان من الزمرد المحاط بحبات الماس , التي تشبه خاتم خطبتها .
" ارجو ان تضعيها هذه الليلة خلال العشاء ".
تلعثمت وهي تنظر الى وجه دييغو الحزين :
" انها رائعة جدا . لكن يجب ان تحتفظ بها لزوجتك ".
" انتِ زوجتي , وكما سبق وقلت لكِ , لن اتزوج الا مرة واحدة في حياتي ".
سالته بعد زفرة عميقة :
" حتى بعد كل ما حدث الليلة الماضيه ؟".
ثم اضافت بعدما اطلقت ضحكة خالية من الشعور باي فرح :
" لكنك لستَ ناسكاً ".
" لم اعتد العيش كناسك , وبانتظار ان انسى خيبة املي بعد خداعك لي ,
فلن تنقصني النساء عندما ارى انني بحاجه الى واحدة ".
قالت وكانها تلقت صفعة :
" والنساء الاخيرات , السن جديرات بالاحتقار ؟".
فاجابها بصوتٍ هادئ وهو يتجه نحو الباب :
" لا تخلطي الاشياء , لم يسبق ان فكرت ان تكون زوجتي واحدة منهن .
احتسي القهوة ثم تعالي لنسبح في البركة قبل الغداء وسنذهب لزيارة والدكِ في فترة بعد الظهر ".
شعرت لورا بجفاف في حلقها , فسكبت عدة فناجين قهوة شربتها بنهم .
لم يكن وضعها افضل من يوم امس , سيبدا لعبة الهر والفار .
ومتى سئم من النساء سيفرض عليها ان تقوم بواجباتها الزوجية ,
وسيعرف حينذاك انها كذبت عليه فيما يتعلق ببرانت .....
لكن في الوقت الحاضر يبدو انه عاد عن قراره في اهمال والدها وتركه الى القدر ,
وهذا في حد ذاته انتصار .
عندما خرجت لورا من غرفتها , كانت الساعه العاشرة
وفي الممر التقت جوانيتا التي احمر وجهها ,
لاشك في ان الخادمة اعتبرت ذلك ناتجاً عن قضائها ليلة رائعةً بين ذراعي زوجها .
فقالت الخادمة وهي تتامل لورا من شعرها المرفوع الى الوراء الى قدميها النحيفتين مروراً بفستانها المزهر :
" صباح الخير سينيورا راميريز ".
" صباح الخير يا جوانيتا ".
بدت الخادمة مسرورة من ان الفتاة الامريكية تجيد اللغة الاسبانية , فقالت جواباً على احد اسالتها .
" ان السينيور في البركة , يمكنني ان اجلب لكِ بعض الشراب , اذا كنتِ تريدين ذلك ".
" شكراً , افضّل بعض القهوة اذا كان هذا ممكناً ".
" سأعد القهوة في الحال ".
قطعت لورا بهواً في وسطه سبيل ماء واسع ,
حوله النباتات المتسلقه على اعمدةٍ حديدية ,
فجأة شاهدت بركة السباحة المستطيلة ذات اللون الازرق الفيروزي تلمع تحت سماءٍ شديدة الزرقة .
وتأملت بامعان شديد شبح دييغو على حافة البركة وبالرغم منها بدأ قلبها ينبض بسرعة وهي تتأمل جسمه الجميل الملئ بالرجولة وكتفيه العريضتين وقدميه المعضلتين .
كان واقفاً يستعد لقفزة . ومن دون أن يراها رفع ذراعيه الى الشمس ,
ثم قفز تحت الماء ولم يظهر الا بعد ان وصل الى الطرف الآخر من البركة .
وخلال عملية الغطس , جلست لورا على سرير بحر مبطن وراحت تدهن قدميها بزيت واقً للشمس .
وفجأة شعرت بدييغو يقترب منها ويتوقف قربها وهو يلاحظ ما تفعله ومن دون ان ترفع عينيها طلت تدلك قدميها لتدخل الزيت الى بشرتها .
اخيرا قال بصوتٍ جاف :
"اتصور ان شمسنا المكسيكية الحارة ستتردد في التسرب الى بشرتكِ بعد هذا التدليك ".
كانت تفكر فيما اذا كانت هذه الكلمات تعني شيئاً آخر ,
واذا بدييغو يتناول الانبوب من يديها ويشير الى كتفيها :
"هل تسمحين لي بأن ادلك كتفيكِ ..."
" بوسعي ان افعل ذلك بنفسي ".
لم يأبه دييغو لرفضها بل وضع في يده قليلاً من الزيت وراح يدلك كتفيها بلطفٍ وشعرت بانه يملك اصابع ذهبية , فهذا التدليك الخفيف ساعدها على الاسترخاء بعد انفعالات الساعات الماضية وليلتها البيضاء , فاسترخت واغمضت عينيها الى ان شعرت بيد دييغو تقترب من صدرها , وانفاسه تلامس اذنها , فشعرت بقشعريرة تعبر جسمها , فانتفضت واقفة .
" آه . عفواً يا سينيورا , احضرت القهوة كما طلبتِ ...."
ولدى سماعها صوت جوانيتا التفتت لورا بسرعه واحمرت خجلاً .
لا شك في ان الخادمة شاهدت دييغو يلامسها ولربما اعتقدت انه يهمس في اذنيها بكلمات الحب المعسولة .
وعلى وجهها تعبير يقول بان ما تراه او تسمععه شئ طبيعي جداً .
قالت لورا عندما اختفت جوانيتا عن الانظار :
" كيف تجرؤ على هذا , لا شك انها فكرت...."
هز كتفيه وجلس على طرف سرير البحر وسكب لها القهوة وقال :
" في كل حال انتبهت بسرعة الى عينيك المتاججتين , لا شك في انها وزوجها سعيدان ومبتهجان لليلة عرسها ...."
ثم قدّم لها القهوة في فنجان مصنوع من الخزف الصيني , فقالت بصوت ساخر :
"اني اعجب لاهتمامك براي الموظفين والخدم ".
" لا يمكنكِ ان تفهمي ... عندما كنت صغيراً , كنت آتي الى هنا خلال العطلة المدرسية ,
وكان كارلوس وجوانيتا بمثابة والدىّ .
وهما الآن سعيدان جداً لرؤيتي متزوجاً .. ويحلمان برؤية ابنائي يقفزون على احضانهما ,
ولذلك , فلا اريد ان اخيب المالهما ".
اتكأت لورا بعنفٍ على ارائك السرير فاندلقت القهوة على الصحن ,
فاذا بدييغو ياخذ الفنجان من يدها و ينظفه ثم يعيده اليها قائلاً :
" كوني حذرة يا حبيبتي ".
قالت في تحدٍ :
" من الذي يمنعني من ان اقول لهما ان زواجنا ليس سوى مسرحية ..!!".
" أولاً , لن يصدقالكِ , ثم , رغبة مني بأن اكذّب اقوالك , فلن أتأخر عن المطالبة بحقوقي الزوجية والحصول عليها ".
" صحيح ..؟؟ وما رأي والدتك بالامر , لو كانت لا تزال حية ".
لكنها كانت قد وعدت نفسها بالا تدعه يعرف بان تلميحات كونسويلو فيما يتعلق بتشابهها مع والدته قد جرحت شعورها , فسالها بصوت مبحوح :
"من حدثكِ عن أمي ؟".
" لقد شاهدت صورتها في مكسيكو ... ان شبهها بي قوي جداً ".
فقال وهو يتاملها من راسها حتى قدميها :
" ليس هذا رأيي , الشبه هو مجرد شبه سطحي , في الواقع , ليس بينكما اي شئ متشابه ".
صمت لحظة ثم نهض قائلاً :
" سوف اسبح قليلاً قبل موعد الغداء , هل تاتين معي ؟".
هزّت لورا راسها بالنفي , فقفز دييغو في البركة وطرطشها بالماء الذي انعش بشرتها الملتهبة ,
لمااذ لم تتبعه الى البركة برغم حرارة الطقس ؟
احتلها شعور بالخدر والخمول , لكنها لم تكن توقف عن التفكير بصورة مستمرة .
في كل حال , ربما كان من الافضل الا تلحق به في الماء ,
ربما حدث احتكاك بينهما وهي تعرف انها عاجزة عن مقاومة رغبتها بالاستسلام له كلما اقترب منها ولمس جسمها .
متى اصبح والدها خارج السجن , سوف تفسخ هذا الزواج الذي فرضه عليها دييغو ,
وتغاذر البلاد ومن السهل ان تحصل في بلادها على فسخ للزواج بطريقة اسهل مما يجري في مكسيكو .


اوقف دييغو سيارته المرسيدس قرب مركز الشرطة , ثم حدّج لورا بنظرة تهكمية وقال :
"تشبهين كثيراً امرأة عانساً مهانة يا حبيبتي , اكثر من عروس متالقة بعدما امضت الليل بين ذراعي زوجها , يجب معالجة هذا الامر ".
فالتفتت لورا نحوه وانفجرت غاضبة وقالت :
" هل تعتقد ان والدي سيصدق كل هذا الرياء والكذب ؟
والدي ووالدتي احبا بعضهما البعض منذ اللحظة التي التقيا فيها .
ويعرف والدي تماماً كيف يظهر الحب والغرام في عيون العروسين وخاصةً بعد ..... بعد ..... اوه ... "
اكمل دييغو ببرود :
"بعد ليلة عرسهما . اسمحي لي بان اقول لكِ يا عزيزتي ان والدتك لم تكن بكل تاكيد قد نامت مع رجل اخر قبل ان تتزوج والدكِ ".
استغرابها المصدوم مات على شفتيها , لان دييغو جذبها نحوه وخلع نظارتيها ,
ثم رفع ذقنها بنعومة وحدّق في عينيها الخضراوين الناقمتين , ثم من غير مبالاة بنظرات الشرطة التي تستعد للدخول الى المركز , احنى راسه على وجه لورا التي راح قللبها ينبض بسرعة جنونية , ارادت ان ترفع يدها لتبعده عنها , لكنها لاحظت انه انتزع من شعرها الدبابيس وانسدل شعرها الاشقر على كتفيها .
تقلصت حتى لا تنساق مع هذه الاحاسيس المتيقظة من جراء هذا الاقتحام المنتظر .
عناق دييغو واصابعه التي تلامس شعرها وعنقها , كلها تساهم في فقدانها لوعيها ,
وادركت ان برانت لم يكن قادرا على ان يشفي غليلها ويطفئ الظمأ الذي تشعر به
همست في اذنه بصوت مذهول :
" .. دييغو .... "
ولمّا دفعها عنه فجاة , شعرت بصدمة كبيرة ,
وخلال لحظة , راح يتاملها مثل فنان معجب بلوحته ,
ثم قال لها بصوتٍ مبحوح :
" والآن لا شك في انكِ تبدين متعةً للنظر , سوف يتأكد والدك من اننا عاشقان متيمان ,
ولما رآها تبحث في حقيبتها عن مشط وحمرة الشفاة قال :
" لا . لا تفغلي شيئاً , وإلا اضطررت الى ان اعيد الكرّة ".
تناولت لورا نظارتيها لكن دييغو اعترضهاقائلاً :
" اتركي النظارات هنا, ان نظراتك ... كاشفة ".
وبرغم غضبها لم تكن لورا مستاءةً من وجود دييغو معها ,,
الشرطي البدين الذي راته خلال زيارتها الاولى نهض لاستقبالهما في ابتسامةٍ مجاملة ,
لكن الشرطيين الآخرين راحا يحدقان بها بطريقةٍ وقحة,
مما جعلها تلتصق بدييغو الذي وضع ذراعيه حول خصرها ,
ولم يتركها إلا عندما وصلا إلى زنزانة والدها , ولما فتح السجّان الباب أسرعت لورا الى داخل الغرفة , تبحث عن والدها الذي كان ممدداً على السرير وراسه في اتجاه الحائط وقد حلّ مكان السرير الصغير سرير واسع عليه الشراشف الملونة .
" أبي ... هذا أنا ".
استدار دان وفتح عينيه كانه يستيقظ من نوم عميق ....
" لورا ؟ هذه انتِ حقاً ؟".

lovely sky
03-05-2007, 20:38
انتصب بصعوبة وجلس على حافة السرير ,
ثم نهض وعانق ابنته وشدها الى صدره ثم قال بصوت ثقيل :
" كنت احلم , عفواً يا ابنتي , لم انتظر ان اراك بهذه السرعة بعد الزواج , والا لرتبت غرفتي ,
إقبل مني احرّ التهاني يا دييغو .."
ثم ابتعد عن ابنته قليلاً ليتأملها عن قرب .
واستغربت لورا ان ترى بشرته داكنة . فقال دان بابتسامة طبيعية :
" ارى ان الزواج يليق بكِ يا صغيرتي , لم يسبق لي ان رايتكِ مشعةً كاليوم واني سعيد جدا لذلك ".
قالت بصوت خافت :
" كنت اود لو حضرت حفلة العرس , يا ابي , لم يكن هناك احد من عائلتي .."
ضغط دان على يدها وقال بانفعال بعد صمت طويل :
" كان هناك زوجكِ , انه يساوي كل اهلك و اصدقائك ".
كتمت لورا احاسيسها والتفتت عفويا الى دييغو وفوجئت أن رأت في عينية الحنان والمحبة ,
فقالت بصوت منخفض :
" نعم .... كان هناك دييغو ".
قال دان :
" لنجلس ونتحدث قليلا , لا اريد ان احتجزكما كثيرا ,
لا شك انكما ترغبان ان تكونا وحيدين . كما اننا لسنا في فندق من الدرجة الاولى .
لكن منذ زيارة لورا الاخيرة , اصبحت غرفته مريحة جدا , وضعت المقاعد الجلدية حول الطاولة وخزانة مليئة بالملابس , وعلى الطاولة اباريق القهوة والشاي وبراد يحوي على المشروبات المنعشة .
" دييغو اريد ان اشكرك لكل ما فعلته لتجعل هذا المكان مريحاً , كما احب ان اشرب شيئاً على شرفكما .
ماذا تريدين ان تشربي يا لورا ؟"
كانت على وشك الرفض , لكن نظرات دييغو جعلتها تغيّر رأيها ,
فقالت :
"اريد قليلاً من الشاي ".
وقام دييغو يسكب الشاي للجميع . واذا بدان يرفع كأسه ويقول وهو ينظر الى ابنته بانفعال كبير :
"ليكن زواجكما سعيداً كما كان زواجي ".
احمرت لورا خجلاً وجرعت الشاي وكادت تختنق ثم قالت :
" اعرف جيداً يا ابي ان زواجك كان فريدا من نوعه ".
لم يكن بامكانها التصور انه سياتي يوم ويشرب والدها على شرفها في زنزانة مكسيكية , كان عرسها من رجل حقير ؟
هي التي كانت تحلم ان يرافقها والدها الى العرس ويسلمها الى برانت ,
امر غريب للغاية ....
فجاة , عادت الى وعيها وتبين لها ان والدها و زوجها يتحدثان كانهما صديقان قديمان .
آه لو انها قادرة على ان تفتح قلبها لدان , او ان تبقى معه لوحدها بضعة دقائق , خلال الفرص المدرسية التي كانت تمضيها برفقة والدها على متن سفينته بربارة , كان دان دائما يصغي اليها بانتباه لكل مشاكل واحزان الطفولة والمراهقة .
اما اليوم والوضع معها متازم , فان والدها هو اخر من يمكنها ان تشكو اليه او تفتح له قلبها .
نهض دييغو كانه احس بمدى توترها , ووضع فنجانه على الطاولة وقال في محبة :
" يجب ان نذهب الآن يا حبيبتي ".
ثم اضاف وهو يلتفت نحو عمه :
" تأمل خادمتي ان يكون العشاء الليلة انجح مما كان عليه عشاء الأمس ...."
ابتسم دان ترانت بينما ابتعد دييغو نحو الباب تاركاً الابنه والاب يودعان بعضهما البعض على حدة ..
همس دان في صوت مبحوح :
" لقد عثرتِ على زوج محبٍ يا حبيبتي .. اعتني به جيداً , هذا ما فعلته امكِ ولم تندم ابداً على هذا ".
ارادت لورا ان تصرخ له انها نادمة على زواجها من هذا الرجل الذي لا تحب ولا يمكنها ان تحبه ابداً ".
" انت تحب دييغو كثيراً .. اليس كذلك يا ابي ؟".
اجابها دان وهو يتفحصها بنظراته :
" نعم , سيكون صالحاً لكِ يا صغيرتي . لقد عرفت ذلك منذ المرة الاولى , عندما رايته ينظر اليكِ في الميرادور
, كما انني فخور جدا بابنتي , واعتقد ان دييغو محظوظ ايضا و مسرور لانه تعرف اليكِ , لقد قلت له ذلك . وكا من رأيي ".
سالته لورا من دون ان تخفي مرارتها :
" والآن ؟".
قال دان وقد فاجأته لهجتها الحزينة :
" كأن شيئاً ما يزعجكِ يا ابنتي , الستِ سعيدة ؟
احيانا يشعر المرء بالانصدام بعد ليلة العرس الاولى , لكن الامور تتبدل بسرعة , سوف ترين ذلك ".
ادركت لورا انها تشكو بطريقة غير مباشرة , فقامت بجهد وابتسمت وقالت :
" بلى انا سعيدة , لا يمكنني ان اتصور العيش من دون دييغو ".
فرح لجوابها . غصّت لور وخرجت لتوها من الزنزانة . طوّقها دييغو بذراعيه ورافقها في الممشى ولم تتمكن من اخفاء دموعها .
ولما وصلا الى السارة سألها دييغو :
" هل هناك ما يزعجكِ ؟".
" طبعاً . لماذا الاستغراب ؟ اني متزوجة من رجل ترعبني مجرد رؤيته ووالدي مسجون في هذا المكان المرعب ".
قامت بحركة غاضبة باتجاه السجن الواقع على الجهة الثانية من الطريق .
وبالصدفة وقع نطرها على وجه دييغو , فانتبهت الى تغيّر ملامحه بهذه السرعة الرهيبة . فقدت عيناه لمعانهما وحرارتهما العادية .
وتقلص وجهه ومن دون كلمة اقلع بسيارته .
وخلال الطريق عمّ الصمت , مرة او مرتين القت لورا بنظرة خاطفة باتجاهه
اوقف السيارة امام المنزل واخذ لورا بذراعها وجذبها بقوة نحو الشقة من دون ان يلاحظ نظرة جوانيتا المتفاجأة وكانت لورا تنتظر في ان تراه ينتقم منها بطريقة .. طبيعية .
لكنها ظلّت جامدةً مستعدة لكل شئ ما عدا رؤية ملامح وجهه الجامده ..
فهمست بعدما دفعها بقوة الى داخل الغرفة :
" دييغو "
ثم رددت بصوت مرتجف وهي ترفع عينيها نحوه :
" دييغو .. دييغو ". " اجلسي "
تقدّمت خطوة منه وفي نظراتها توسل .....
" اجلسي . اني آمركِ ان تجلسي , اسمعيني جيداً ".
جلست لورا في مقعد وهي تحدق فيه ..
توجه دييغو الى النافذة وادار لها ظهره وبعد صمت طويل قال بدون ان يلتفت اليها :
" لقد أخطأت ,,, أخطأت عندما تزوجتكِ بعدما انتزعتكِ من خطيبكِ ,, وأخطأت في الاستفادة من وضع والدكِ لأرغمكِ على الزواج الكريه بنظركِ .
كنت اعتقد بأني قادر على التوصل الى ان اجعلكِ تحبينني .. لكن ... "
التفت نحوها وهو يهز كتفيه . فهمست لورا في صوت متقطع
" الحب .... لا يمكن فرضه ".
أضاف وهو ينظر الى النافذة :
" أعرف هذا الآن .. ولذلك , لن أفرض عليكِ شيئاً .. من الافضل ان نظلّ متزوجين لمدة من الوقت .
هذا يسهّل علىّ القيام بالمساعي الضرورية لاخراج والدكِ من السجن ومتى اصبح حراً أعيد لكِ حريتكِ ".
" اتريد ان تقول .........."
" سوف نطلب فسخ الزواج "
" لكن ... دييغو ...."
هذا ما كنتِ تريدينه منذ البداية .. اليس كذلك ؟
ان تخرجي والكِ من السجن والالتحاق بالرجل الذي تحبين ؟"".
حزن قلب لورا وتلعثمت وهي تقول بصوت خافن :
" نعم "
بينما ادار دييغو ظهره وخرج من الغرفة ...

lovely sky
03-05-2007, 20:43
الاعضاء الاعزاء الموجودين حالياً serma , lanoo , sola
منورين والله ... :D
اتمنى تستمتعوا معنا دائماً ::جيد::

lovely sky

lanoo
05-05-2007, 11:42
ياعسولة لا تزعلين مهما سووا ماراح يوصلون لربع من الي تسوينه
يالغالية اعمالك دائما ..............................رائعةةةةةةةةةةةةةةةة ةة ومميزة
مافيه احد يقدر يسوي مثل اعمالك الرائعة..............................

lanoo
05-05-2007, 11:52
عزيزتي لا تخلين مثل هذي الاشكال تخليك تتراجعين عن مشروعك الرائع
احنا ننتظر البقية وننتظركل ما هو رائع منك

lovely sky
05-05-2007, 12:54
الفصل الثامن ....

8- ما طعم الحياة بلا حب ؟


همس جار لورا بلهجة متملقة :
" ان زوجك محظوظ جداً لانه عرف كيف يقطف أجمل زهرةٍ ليزين طاولته يا سينيورا ".
ألقت لورا نظرة سريعة الى الطرف الآخر للطاولة المستطيلة ..
كان دييغو يصغي بانتباه الى حديث جابرته الجذابه .
كان يبدو مسحوراً بجمال هذه المرأة السمراء ..
التي كانت ترتدي فستاناً أبيض ضيّقاً يظهر تفاصيل جسمها الجميل .
أجابت بابتسامة مشدودة :
" لا اعتقد بأنّ زوجي كان يجد صعوبة في تزيين طاولته بالزهور يا سينيور ".
أضاف جارها الذي كان يتبع اتجاه نظراتها :
" لا تقلقي عليه فيما يتعلق بفرانسيسكا , انه حب قديم , حب الطفولة ,
لقد تزوجت من رجل فرنسي , وسمعت انها كانت سعيدة جداً معه .
لكن للأسف , توفي انطوان منذ بضعة شهور ,
كانا يعيشان في فرنسا , لكن فرانسيسكا فضّلت أن تعود الى وطنها ,
فبامكان عائلتها و اصدقائها ان يساعدوها في التغلب على احزانها .
شاهدت لورا يد دييغو في يد الارملة الجميلة ,
حيث ابقاها مدة طويلة ,
حاولت جاهدة ان تتحرك وتتذوق ثمر الفريز الذي ينمو في جنوب المكسيك ,
لكن قابليتها ضاعت ....
وضعت شوكتها في الصحن واشارت سراً الى الخادمة ,
وبعد لحظة , قدًمت القهوة الى المدعويين ,
نظرت لورا بسرعه نحو زوجها , انه ما يزال يتحدث الى جارته .
هذا هو العشاء الثالث الكبير الذي يقام في فيلا جاسينتا منذ عودتهما الى اكابولكو ,
وتعوّدت لورا بسرعة أن ترأس الطاولة التي يشترك فيها عدد
من الشخصيات الكبيرة المعروفة جداً في لمكسيك ,
فقد قال لها دييغو إنّ هذا النوع من الاحتفالات يساعد في الجهود
المبذولة لإخراج والدها من السجن وفي الإسراع باجراء المحاكمة .
قال لها ذات يوم عندما كانا يتناولان طعام الفطور قبل ان يتوجه لى مكتبه .
" في بلادي من الصعب استعجال الأمور , علينا ان نستقبل الشخصيات مرّات عديدة قبل ان تطلب منها الاهتمام بقضيتنا ".
فقالت له بلهجة غاضبة :
" أنت لا تفعل شيئاً , ووالدي .....".
أجابها دييغو غاضباً وهو يرفس الكرسي :
" بالنسبة الى الظروف الراهنة , فإ والدك ليس في وضعٍ سئ , بل بالعكس ..."
قالت لورا بإلحاح :
" ينقصه الهواء ولون بشرته أصبح رمادياً ".
قال في سخرية :
" آسف لأني لم أستطع إقناع المسؤولين بأن يأخذوه كل يوم الى شاطئ البحر لتلّوح الشمس بشرته ".
وخرج من الغرفة قبل ان يتسنى لها الاعتذار ,
فهي تعرف جيداً أن والدها سيكون في وضع يرثى له لولا مساعدة دييغو ,
لكنها لم تستطع ان تمنع نفسها من إثارة زوجها , ربما لانها تشعر بالاهانة عندما تراه يتأقلم مع وضعهما المعقد في رباطة جأشٍ وهدوء .
ومنذ الليلة التي وعدها فيها بأن يعيد إليها حريتها ,
كان يعتبرها كأنها تمثال من الرخام يزين المكان .
وخلال شهر العسل الذي لا ينتهي لم يعد دييغو ينظر اليها كأنها امرأة جذابة ومثيرة ,
بينما هي تفقد صوابها وتضطرب تأثراً ,
فإن دييغو يحافظ على هدوئه الغريب , ولاشك في أنّ ذلك غريب لأنه يتمتع بطبع ناري ,
ان ذكرى ليلة عرسهما حين كانا على وشك إتمام الزواج ما زالت تلازم لياليها الأرقِة .
قالت لورا لجار دييغو بعدما انتبهت انه يكلمها :
" آه عفواً انني ... انني تائهة ... كأنني كنت في القمر ".
فهمس قائلاً
" اعتقد بان دييغو يحاول ان يشير إليكِ منذ لحظة , لاشك في انه يرغب في ان ينهض عن الطاولة ..".
" نعم , بكل تأكيد ".
احمّرت بينما كانت نظراتها تلتقي بنظرات رب المنزل المتزنة ,
ولثانية ظلّت جامدة وكأنها مشلولة ,
وبجهد نهضت ولحقت بالضيوف الى الصالون .
اتكأت لورا الى حائط الموقدة و راحت تتأمل في ابتسام المدعويين المتجمعين في حلقات في مختلف زوايا القاعة الكبيرة .
بين المدعويين كان وزير العدل واثنان من معاونيه .
في هذه الليلة بالذات سيحقق دييغو اولى الخطوات من اجل الاسراع في اجراء محاكمة والدها .
هل سيبدا بالحديث معهم الآن ..
في غرفة الطعام الفارغة , ام انه سيصطحبهم الى مكتبه المريح الواقع في الطرف الآخر من البهو ؟
فجأة تقدّم منها بعض المدعويين يرغبون في أن يشكروها على هذا العشاء الذي أعدته .
قالت لور وهي تبتسم لإحدى المدعوات :
" يجب ان تشكري الطاهيه على ذلك , كان يكفي فقط ان أوافق على قائمة الطعام التي وضعتها ".
وفجأة تقلّصت معدتها ..
إذ رأت وزير العدل يصغي بانتباه الى احد معاونيه
بينما معاونه الآخر يتحدث مع مجموعة من المدعويين .
أين ذهب ديغو ؟
اعتذرت لورا من المدعويين المحيطين بها وابتعدت خلسةً ,
كان الخدم يقدمون المشروبات المنعشة , ألقت نظرة الى غرفة الطعام ,
فلم تجد إلا الخدم يوضّبون المائدة .
ترددت لحظة, هل هو في مكتبه ؟
ربما ناداه أحد ليرد علىالهاتف ؟
في اكابولكو كما هو في مكسيكو , لم يكف الهاتف عن الرنين .
اجتازت البهو وتوقفت أمام باب الكتب وراء باب ضخم .
فلم تسمع اي صوت . وبعد ثانية من التردد فتحت الباب .
كان دييغو يحني رأسه على امرأةٍ وجهها ملئ بالدموع وهي تنتحب بين ذراعيه ...
إنها فرانسيسكا .
وأول انسان استعاد وعيه كان دييغو , الذي نظر بقسوة الى لورا ثم قال لفرنسيسكا في لطف :
" اذهبي الآن يا عزيزتي .. سنتابع الحديث بعد قليل ".
أحنت فرانسيسكا عينيها ومّرت أمام لورا واختفت من دون أن تقول كلمة .
فتح دييغو علبة موضوعة على المكتب وأخرج سيجاراً صغيراً ثم أشعله بهدوء قبل أن يلتفت الى زوجته وسألها في سخرية :
" اذاً يا عزيزتي , انتِ تطاردينني في عريني ؟ لماذا هذا التطفل ؟".
الغضب الذي شعرت به لورا ورؤيتها فرانسيسكا بين ذراعي دييغو حلّ مكانه الانفعال ,
فقالت بلهجة جارحة :
" إني اهزأ من كل النساء اللواتي تعاشرهن .
كما اني لا اهتم بالمدعويين الذين تتغاضى عنهم ,
غير أنني أشعر بالصدمة إذ أراك تخلّ بوعدك بأن تتحدث الى الذين سيساعدوننا في اخراج أبي من السجن ".
لم يرد دييغو في الحال .. تسمر وجهه ثم نفض رماد يسجاره قبل ان يجلس الى المقعد الجلدي الاسود وراء مكتبه وهو يقول بلهجةٍ هادئة :
" لم اعدكِ بشئ من هذا النوع , لم أكن أنوي أن أبدأ محادثاتي الليلة ".
" لكنك أكدّت لي ....".
" لقد سبق وقلت لك ورددت ذلك على مسامعك مئات المرات , أنه في بلادنا , هذا النوع من المبادرات لا يمكن الاقدام عليه إلا بكثير من الدبلوماسية,
وليس مسلكاً سليماً أن أفتح هذا الموضوع مع رجال مدعويين الى مائدتي الآن ".
فقدت لورا سيطرتها وخبطت على المكتب وصرخت في صوت هستيري ..
" لا ابالي قطعاً بهذه الانظمة واللياقات اذا كنت لا تريد ان تكلمهم الآن فسوف أكلمهم انا ".
أسرعت بالخروج , لكنها ما كادت أن تصل الى الباب حتى أمسكها دييغو في معصمها بعنف وأدارها نحوه وقال ووجهه أبيض من الغضب :
"أمنعكِ من احراج المدعويين , هل تسمعين .
اصعدي الى غرفتكِ في الحال , سأعتذر لهم عنكِ , سنتحدث في الأمر في وقتٍ لاحق ".
فقالت :
" قبل أو بعد محادثتك الصغيرة مع فرانسيسكا !
يبدو لي أنّ سهرتك حافلة بأمور كثيرة ".
رفع يده عنها وتراجع خطوة الى الوراء وقال بهدوء :
" لا ارى لماذا أكنّ لكِ الاخلاص !!".
فقالت في تحدٍ :
" وأنا لا أرى لماذا لا أتولى الدفاع عن قضية والدي شخصياً ".
فصرخ وهو يحملها كالريشة ويتوجه بها نحو السلم المكسو بالسجاد الاحمر الذي يصل الى الطابق الاول :
" هنا , انتِ في منزلي أيتها المرأة الشرسة , ستفعلين ما أقوله لكِ ."
صفعته لورا بقوة وصرخت :
" اذاً تقول إني امرأة شرسة ! لكنك لم تر أو تسمع شيئاً مني بعد , انتظر لترى ".
فقال وهو يضع يده حول ظهرها ويصعد بها السلم :
" الآن تجاوزت جميع الحدود ".
توقفت لورا عن التخبط ليس لأنها مكبلّة , بل لأن انفعالاً غير منتظر اجتاحها كلياً , فقد شعرت بصدر دييغو المضغوط على صدرها . تكفي رائحة عطره حتى تغيب عن وعيها .
حملها من دون أي جهد ظاهر حتى السرير ووضعها بلطف وقال بصوت يلهث وهو يحدّق فيها بشراسة :
" المطلوب منكِ أن تبقي هنا حتى ينصرف المدعوون . هل فهمتِ ؟ سأعود فيما بعد ".
نظرت اليه وهي مخدرة بالانفعال ولم تكن قادرة على ان تنطق بكلمة . خرج دييغو وأقفل عليها الباب بالمفتاح .
فهمست بصوتٍ متقطع :
" آه .. يا الهي ! هذا مستحيل , إني أحبه ! لا , هذا مستحيل ".
يالغرابة الأمر ... قبل دقيقة كانت تكرهه .. والآن ... انها تريده بجنون ..
لم يعد الامر بمثابة رغبة سبق وشعرت بها في اكابولكو ,,لا , انها تريد ان تصبح زوجته بما في هذه الكلمة من معنى , ان تكون المرأة التي كان يحلم بها منذ الأزل ,
أن تكون في الوقت نفسه العشيقة والزوجة وربة بيته وام اولاده ....
لماااذا استغرقت كل هذا الوقت كي تكتشف حقيقة عواطفها ؟ كان لديها العديد من الاسباب لتحبه ..
شكله الخارجي يعجبها . وهذا تعرفه منذ وقت بعيد ..
ثم اعجبت بالاهتمام والعناية والاحترام لموظفيه وحتى لخدمه ,
كذلك الاحترام والمحبه اللذين يكنهما الجميع له ,
فضلاً عن الاهتمام بمساعدة والدها .

لماذا أضاعت كل هذا الوقت الثمين لتقاوم هذا الانجذاب الخدّاع؟
ربما لم يفت الامر !! صحيح انها راته منذ قليل يعانق فرانسيسكا ,
لكن هذه الاخيرة عادت من فرنسا منذ فترة وجيزة .. والامور بينه وبينها لم تتطور بعد ...
وعندما يكتشف دييغو أنها تحبه , يمكنها ان تستعيده ....
وفي الباحة الواقعة تحت النوافذ سمعت فجأة ضجيج أصوات و ضحكات وابواب تصفق ومحركات سيارات تقلع ..
تحمست لورا ونهضت من سريرها وخلعت بسرعة فستانها الاخضر الذي ارتدته للعشاء ,
وفتحت باب خزانتها , وبعد ان امضت وقتاً لا بأس به تتأمل العدد الهائل من قمصان النوم المعلقة ,
وقع اختيارها على قميص نوم شفاف من قماش ناعم , عربون البراءة , كما سيكتشف دييغو ذلك .
بدأ قلبها ينبض بسرعة , نظرت الى المرآة واعجبت بنفسها وبوجهها الاحمر وعينيها اللامعتين المتلهفتين ,
فكّت كعكة شعرها فانسدل على كتفيها ثم راحت تسرحه ,
ثنت غطاء السرير وأطفأت الانوار تاركة ضوء قنديلين من كل جهة من السرير .
آه كم كانت تكره هذه الغرفة , وأثاثها الاسباني الضخم وجوّها المخنوق . والآن كل شئ مختلف وهي تستعد أن تتقاسمها مع دييغو .....
لكن لماذا تأخر دييغو في الحضور ؟ لقد وعدها بأن يوافيها متى ذهب المدعويين ..
ساورها القلق فاقتربت من احدى النوافذ وازاحت الستائر قليلاً .
. ربما قرر دييغو ان يحدّث وزير العدل في قضية والدها .
لم يكن هناك اية سيارة امام المنزل , سوى سيارة المرسيدس التي تلمع تحت ضوء المصابيح الكهربائية التي تنير الساحة كضوء النهار .
ثم لمحت شبح دييغو واعتقدت لورا ان قلبها سيتوقف عن الطرق ,,
كان يتأبط ذراع امراة ترتدي معطفاً أبيض .
وما ان وصلا امام السيارة , حتى أخذها بين ذراعيه .
رفعت المرأة وجهها نحوه , انها فرانسيسكا .
ولما انحنى رأس دييغو على وجه فرانسيسكا , أطلقت لورا نحيباً عنيفاً وأقفلت الستائر .
لا شك ان باب غرفتها قد نفتح في وقت معين من الليل . وعندما أفاقت لورا كانت تريزا الخادمة قد وضعت صينية الفطور على طاولتها .
وباصبعها لمست ابريق القهوة الذي ما زال فاترا فقفزت من السرير وتوجهت الى الستائر تزيحها لتدع النور يدخل اليها .
ونظرت الى ساعة الحائط المعلقة فوق المدفئة .. انها الساعه التاسعه والربع ..
كيف كان بامكانها ان تنام طويلاً وبهذا العمق بعدما أمضت جزء كبيراً من الليل تبكي وتنتحب ؟
ولمّا نظرت الى نفسها في المرآة عرفت مدى حزنها وتعاستها ,
عيناها متورمتان وملامحها الناعمة متشوشة ,,
فدخلت الى الحمام ووضعت وجهها في الماء البارد مدة طويلة ,
ولما عادت الى غرفتها استعادت بعض وعيها , القهوة الفاترة تساعدها على ان تستيقظ تماماً .
لكنها لم تكف عن التفكير فيما حصل , لم يعد دييغو قبل الفجر لأنها لم تسمع صوت محرك سيارته .
ما دامت لم تخلد الى النوم الا في الفجر , ولحسن حظها فان دييغو لا يمكنه ان يعرف انها انتظرته في تلهف العروس ليلة زفافها .

lovely sky
05-05-2007, 13:07
يكفي ما تشعر به من ذل واهانة بعدما عرفت انه بقي مع
فرانسيسكا بدل ان يعود الى غرفته كما وعدها
.. سكبت لنفسها فنجاناً آخر من القهوة وذهبت تجلس في أحد المقاعد قرب الموقد .
لاشك أنه عاد خلال الفجر ,
والا لما كان في وسع تريزا ان تدخل الى غرفتها حاملة صينية الفطور ,
الا اذا ترك المفتاح في القفل ..
وهل الخدم اغبياء هنا ..
يكفي ان تنظر تريزا الى السرير لتعرف انها نامت وحدها في هذا السرير الضخم .
وفي يأس نظرت لورا الى السرير الذي تأمل من كل قلبها أن تتقاسمه مع زوجها .
للأسف لقد فات الاوان , سئم دييغو هذا الزواج الابيض ,,وحبه القديم لفرانسيسكا سرعان ما عاد ا لى الحياة من جديد كما ان هذه المراة المكسيكية الجميلة اصبحت حرة ..
بدأ الدمع يترقرق في عينيها عندما سمعت طريقاً على الباب .
فانتفضت فجأة ونهضت ,, انفتح الباب ,

وظهر دييغو في بذلته الرمادية وقميصه البيضاء وربطة عنقه ذات اللونين الاحمر والرمادي ..
نسيت لورا كلياً قميص نومها الشفاف الذي كانت ترتديه ,
وراح دييغو بكل وقاحة يتأمل جسمها النحيف الظاهر تحت القميص ..
احمرّت لورا خجلاً وراح قلبها ينبض بسرعة جنونية ,
لاشك أنه يقارن نحافتها بجسم المرأة التي أمضى الليل معها .
سالها فجأة :
" هل انتِ تعيسة جدا يا حبيبتي ؟".
مسحت الدموع بطرف يدها و اجابت بلجة لاذعة :
" تعيسة , أنا ؟؟ لماذا اكون تعيسة ؟
تزوجت من رجل ثري وقادر , ووالدي متهم خطأ بتجارة المخدرات , فلماذا أ:ون تعيسة ؟".
" لورا لقد وعدتكِ ..."
قاطعته في شراسة وهي تتوجه الى الخزانة لتضع مئزرها :
" حافظ على وعودك لفرانسيسكا ! ".
" فرانسيسكا !!".
ظهرت الدهشة على وجه دييغو الى درجة ان لورا كادت ان تستسلم لو لم تره بعينيها خارجاً ليلة البارحة مع هذه المراة المكسيكية الرائعة .
رددت وهي تبكل أزرار مئزرها :
" نعم , فرانسيسكا !".
تقدّم دييغو خطوة منها وقال :
" سأشرح لكِ ...."
قالت له بصوتٍ جارح وهي تجلس أمام منضدة الزينة لتسرح شعرها :
" لا أطلب منك أي شرح ,
إني أرغب في شئ واحد وهو معرفة متى يمكن لأبي ولي أن نغادر هذا البلد اللعين ! ".
قال لها في جفاء :
" جئت لأقول لكِ اني على موعد مع جوزيه بيريز , وزير العدل في لساعه الحادية عشرة ".
" آه "
توقفت لحظة عن تسريح شعرها ثم أضافت :
" حسناً , تخبرني عن نتائج اللقاء في اكابولكو لاني انوي السفر الى هناك في الطائرة المسافرة ظهراً ".
ران صمت فيه تهديد ,
تمالكت لورا نفسها فلم تقذفه بالاتهامات التي ظلت ترددها طيلة تلك الليلة البيضاء التي امضتها وهي تنتحب باكية على وسادتها ,, أخيراً سألها :
"هل أنتِ ذاهبة الى اكابولكو ؟".
أجابت بمرارة وهي تلتفت اليه :
" ليس عندي خيار آخر , إني من دون عمل وبالتالي ليس معي نقود .
. اني مضطرة لان اتكل عليك الى ان اصبح قادرة على الاتصال ببرانت ".
خيّل اليه انه سينفجر غضباً مثلما حدث مساء امس ,
لكنها تجاوزت حدود الخوف كانت مستعدة لان ترضى بان يخنقها غضبه ,
لم يعد هناك طعم للحياة ما دام لا يحبها .

قال وهو يستعيد برودة اعصابه :
" حسناً , ساتصل بك,,
وفي الوقت الحاضر ساحجز لكِ مكاناً في الطائرة , انكِ لم تحجزي بعد على ما اظن !!".
" لا ".
تناول دييغو سماعةالهاتف واجرى الاتصال اللازم , قال لها قبل ان يتصل بفيلا حاسينتا :
" لقد حجزت لكِ مكاناً ".
ثم اعطى اوامره لجوانيتا , ووضع السماعة وقال :
" ستعد جوانيتا كل شئ لتوصيلك , وسينتظرك غييارمو في المطار ".
" لا .... سآخذ تاكسي ,, المطار ليس بعيداً عن الفيلا ".
" افضل ان يذهب غييارمو لاستقبالك . فليس لديه اعمال كثيرة في غيابي ".
لم تلّح لورا عليه , كيف يمكن لدييغو ان يكون مطّلعاً على اهتمامات غييارمو .
لقد شاهدت لورا هذا الشاب الجميل قبل زواجها بقليل , وكان على متن باخرة دييغو ,
ولمحته يغازل احدى السائحات ,
لو شاهده دييغو ذلك اليوم لما سمح له بان يقترب من زوجته .

كان دييغو قد وصل الى الباب عندما سالته لورا في صوت متوسل :
" ستتصل بي , اليس كذلك ؟".

" طبعاً ".

همست وهي تراه يخرج حالماً من غرفتها :

" شكراً ".

قالت لورا لنفسها في غضب ,
لاشك انه سيسرع في تحريك الامور ليتخلص منها ومن والدها ,
ثم يتزوج من فرانسيسكا هذه الارملة الشابه الجذابه التي جاءت الى لمكسيك لتلتقي حبها القديم

lovely sky
05-05-2007, 13:15
عزيزتي لا تخلين مثل هذي الاشكال تخليك تتراجعين عن مشروعك الرائع
احنا ننتظر البقية وننتظركل ما هو رائع منك


حبيبتي الغالية لانو
اشكرك حبيبتي على كلامك ومشاعرك الرااائعة ...
اسعدتني كلماتك الرقيقة حبيبتي ...
و انا انصدمت بس لما شفت مشروعي منقول بهذا الشكل الفظيع ومنسوب لواحد ثاني ..
لكن ان شاء الله ما راح اسكت علىاللي صار ...
وبآخذ حقي منه ...
و هذا اللي صار ما راح يأثر في اي شئ من مشروعنا ...
مشروعنا مستمر للنهاية ان شاء الله ...
وهذا المشروع طويل المدى ... يعني بيستمر فترة طويلة الى ان يحقق هدفه الاساسي و هو ان تكون هذه الصفحات مرجع كبير للروايات المكتوبة نصاً .. وتسهل على كل محبي القراءة قرائة رواياتهم اللي يحبوها بسهولة وبشكل مريح ...
وان شاء الله القافلة تسير للنهاية وما راح تتوقف ان شاء الله ...
و انا سعيدة جدا بوجود اعضاء مثلك عندهم هذي المشاعر الرائعة و هذا يكفيني ...
اشكرك جدا حبيبتي لانو ....

moulin_rouge
05-05-2007, 15:16
بجد المشروع ده تحفة و متزعليش يا lovely sky علي اللي حصل النوعية دي من البشر ماتستاهلش انك تحرقي دمك عشانهم

lovely sky
05-05-2007, 16:20
بجد المشروع ده تحفة و متزعليش يا lovely sky علي اللي حصل النوعية دي من البشر ماتستاهلش انك تحرقي دمك عشانهم

حبيبتي moulin_rouge اشكرك حبيبتي على كلامك و مشاعرك ...
وانا سعيدة جدا ان المشروع عجبك ...
و هذا هو هدفنا ... تقديم ما يسعدكم و يحقق لكم القراءة بصورة مريحة ...
واشكرك مرة اخرى ... واقدّر لكِ مشااعرك و رقتك ... واسعدني مرورك كثير ...
شكرا لك حبيبتي ....
ونورتي المشروع والله
وتقبلي تحياتي
lovely sky

احباب الروح
06-05-2007, 12:34
9-حقيقة كالحلم




حسب الاتفاق، جاء غييارمو لينتظر لورا في المطار. وخلال الطريق الى الفيللا، كانت تدرك اعجاب هذا الشاب المكسيكي بها. وخلال الاسبوعين اللذين قضتهما في الفيللا، خلال شهر العسل، كانت تلاحظ ذلك، لكن وجود دييغو الى قربها. منعه من اظهار اعجابه بوضوح. لكن نظراته بدت اليوم وقحة الى درجة ظاهرة.
" استغرب كيف ان السينيور دييغو يدع زوجته الرائعة وحدها خلال هذه السفرة الطويلة..."
كانت مكسيكو تبدو لهذا الشاب في آخر الدينا وهو الذي لم يغادر مدينة الحمامات الشهيرة. ابتسمت لورا بتحفّظ وقالت بلهجة مازحة:
" لا اظن ان بامكان احد ان يخطفني. كان السينيور دييغو على موعد مهم، صباح اليوم، فأوصلني سائقه الى المطار، وبعد ساعة سفر في الطائرة وسط مئات المسافرين، جئت انت لأستقبالي. واني أسألك ماذا يمكن ان يحدث لي؟ "
وخلال الطريق، لم تكف لحظة عن التفكير بوالدها. المهم ان تتم المحاكمة بسرعة. فهي لم تشك لحظة في برائته وهي التي سمعته مراراً يهاجم بعنف الذين يتاجرون بالمخدرات. فكيف يمكنه ان يورط نفسه في مساعدة هذين الرجلين اللذين استأجرا منه اليخت.
آه، لو يتم القبض عليهما، لكان بالامكان انتزاع الحقيقه منهما.
وبدا حتمياً ان والدها سيدفع الثمن مكانهما اذا استحال توقيفهما.
وصلت السيارة امام ساحة الفيللا المحاطة بالخضار بمختلف انواعها.
وما ان سمعت محرك السيارة حتى خرجت جوانيتا الي عتبة المنزل لاستقبال معلمتها بحرارة وارتباك.
سالتها وهي تأخذ من يد لورا حقيبة الزينة بينما كان السائق يخرج حقيبتها الوحيدة من صندوق السيارة:
" هل سياتي السينيور دييغو متاخراً "
فاجابتها بأختصار:
" نعم. سيلتحق بي قريباً. لديه مواعيد عمل مهمة ".
فتحت جوانيتا الحقيبة التي وضعها كارلوس على طاولة صغيرة واطلقت زفرة عميقة وقالت:
" آه، الواجب بالنسبة الى السينيور دييغو قبل اي شئ آخر. عندما كان صغيراً كان يعرف معنى المسؤليات. كان يكبر اخاه بسنتين فقط ويهتم به اهتماماً مسؤولا. لكن جيم كان مختلفا. يحب المرح والضحك. ولا يرى في الحياة غير حسناتها ".
توقفت لحظة عن الكلام ثم تابعت:
" كان عمر السينيور دييغو اربعة عشر عاماً عندما فقد والديه. وبعد ذلك كانت تأتي السينيورا جاسينتا لتمضي مع حفيدها العطلة. في اي ساعة تحبين تناول العشاء يا سنيورا؟ "
" آه، في الثامنة والنصف، يا جوانيتا. لكني سأتناول فنجان شاي في الصالون الصغير بعد القيلولة. وبعدها سأخرج لفترة قصيرة ".
قالت جوانيتا مقطبة حاجبيها:
" هل تحتاجين الى غييارمو ليوصلك الي مكان معين؟ "
" كلا. سأقود السيارة بنفسي ".
لم ترحب جوانيتا بقرار معلمتها الخروج وحيدة. لكن لورا تجاهلت الأمر. فهي لا تريد ان تدع احداً يعرف بوجود والدها في السجن المحلي.
سألت لورا " هل هناك اي رسائل لي؟ "
" كلا، سينيورا ".
لم يرد برانت على رسالتها وهي لا تستغرب ذلك. في الحقيقة لم تكن مصرة على ان تتلقى منه رسالة. فهي لم تشعر تجاه خطيبها القديم سوى بالمحبة. وهذا الاحساس لم يكن واضحاً الاّ الآن. ان دييغو وحده يملأ عالمها. وحده قادر على ان يشعرها بمداعباته وملامساته الحنونة.
وتساءلت وهي ممدّدة على السرير: لماذا ما تزال تتذكر مشاهد الحب مع دييغو بعد ان بعد ان تهدم كل شئ بينهما؟ وبرغم تصميمها على الا تفكر فيه، لم تستطع ان تمتنع عن التفكير بتلك الليلة التي كادت ان تستسلم فيها نهائياً.
" عفواً سينيورا، الهاتف! "
التفتت لورا وقالت نصف نائمة:
" ماذا هناك؟ "
" الهاتف، سينيورا! انها الشرطة! "
نهضت لورا من سريرها مرتجفة ورددت:
" الشرطة؟ سأرد من هنا "
وبرغم صدمتها، ظلت منتظرة الى ان اقفلت جوانيتا سماعة الهاتف في البهو قبل ان تعطي اسمها:
قال صوت رجل :
" العفو، سينيورا. اريد التحدث مع السينيور راميريز ".
" ليس هنا. انه في مكسيكو، ولكنني..."
" لو تفظلت ان تقولي لي اين استطيع الاتصال به يا سينيورا ".
فقالت متوترة:
"اذا كانت القضية تتعلق بوالدي، دانييل برانت. فيمكنك ان تقول لي ما الأمر ".
ضغطت على اسنانها عندما اصرّ المتكلم على معرفة رقم هاتف دييغو. وعلى مضض اعطته رقم المنزل ورقم المكتب. ثم اضافت: " كنت على وشك الذهاب لزيارة والدي. لا شك ان بامكانه ان يشرح ما يجري من الامور ..."
" لا انصحك بالمجيء، سينيورا..."
" كيف؟ لن تمنعني من القيام بزيارته! "
" لا داعي ان تنزعجي، سينيورا راميريز. ان السينيور ترانت ... لم يعد هنا ".
حدقت لورا بالسماعة في توتر وقالت:
" انني ... لا افهم، لايمكن ان يكون قد نقل بهذه السرعة؟ "
" بلى، لقد ذهب ".
احتلها فرح كبير هي التي كانت تشكو من بطء القانون والعدالة المكسيكية! لقد تحدث دييغو مع وزير العدل منذ قليل. وها هو والدها يتقل الى مكان آخر، ربما الى مكسيكو، من اجل محاكمته.
فقالت قبل ان تضع السماعة جانباً:
" شكراً سينيور، شكراً جزيلاً ".
لم يطل فرحها الاّ لحطة ... ان محاكمة والدها وتبرئته، ستؤديان الى مغادرتها المكسيك او بالأحرى الى الطلاق، من الافضل الاّ تفكر في الامر ...ان دييغو يريد فرنسيسكا.
ومن النافذة القت نظرة سريعة الى الساحة. البحر يرفع امواجاً عالية، ترتطم على الصخر وتظهر رغوة بيضاء. تذكرت لورا ان دييغو حذرها من السباحة على هذا الشاطئ الخطر. لكن لماذا لا تذهب لأكتشاف الشاطئ الجنوبي؟ انها الفرصة الوحيدة، فستغادر اليفللا عما قريب. لاشك ان عليها الانتظار يوماً او يومين قبل ان تعرف الى اين نقل والدها.
اخرجت من احد الجوارير زي السباحة. لا داعي للقبعة، فستحتمي تحت اشجار جوز الهند العالية.
دقت الجرس لجوانيتا التي خضرت في الحال.
" لن اتناول الشاي في المنزل، فقد قررت الذهاب الى شاطئ البحر. وسآخذ معي عصير الليمون ".
سالتها الخادمة وهي معجبة بقامتها النحيفة الظاهرة تحت سترة البحر القصيرة:
" الن تأخذي السيارة؟ "
قالت لورا وهي تبحث عن كتاب صغير بدأت قرائته في الطائرة:
" لقد غيرت رأيي في الآمر "
" هل هناك شئ خطر؟ "
فوجئت لورا والتفتت نحوها.
" المكالمة الهاتفية ... الشرطة ..."
" آه لا. لا شيء. كانوا يريدون ان يتكلموا مع السينيور دييغو. وشرحت لهم اين يستطيعون الاتصال به ".
" هكذا اذاً ".
اطمأنت جوانيتا وذهبت الى المطبخ تعد العصير المطلوب، بينما كانت لورا تضع داخل حقيبة البحر، منشفة وكتاباً وانبوب زيت. ثم حملت الحقيبة على كتفها وتوجهت الى الشاطئ.
سبحت لورا طويلاً في مياه البحر الفاترة، ومن وقت الى آخر كانت تعوم على ضهرها في فرح، مغمضة العينين.

احباب الروح
06-05-2007, 12:39
مثل ما قالت moulin_rouge

ما يستاهل تقهرين نفسج على كلامه وتفاهته

^_*


ومشروعج نال اعجاب الكثيرين ونااااجـــح

ما له داعي نقهر حالنا على كلام ناس ما تستاهل

..

يعطيج ربي الف عافيه
:)
..


ولكل المتابعين

اقول لهم


يعطيكم العافيـه وقرائــه ممتعة



:D

احباب الروح
06-05-2007, 14:41
وبعد نصف ساعة من السباحة، عادت الى الشاطئ الرملي حيث ابريق العصير المثلج في انتضارها. تمددت على بساط البحر وراحت تشرب العصير ببطء وهي تتأمل المنظر الرائع الذي لن تراه بعد الآن وكانت تحاولان تحفر في ذاكرتها الرمل الناعم الابيض والبحر الازرق والاخضر، واشجار جوز الهند العديدة المحملة بالثمار الناضجة تحت الاوراق الخضراء الغامقة.
ثم تمددت واغمصت عينيها تحت اشعة الشمس البراقة. فجأة مر ظل بينها وبين الشمس، فخفق قلبها بسرعة وفتحت عينيها. ولثانية اعتقدت ابنها ترى دييغو في قميصه البيضاء القطنية وبنطلونه الجينز الضيق. فجأة شعرت بصدمة عندما رأت غييارمو.
سألته وهي تنتصب في حركة سريعة محاولة تناول سترتها:
" ماذا تفعل هنا؟ "
" ارسلتني جوانيتا لأرى ما اذا كنت بحاجة الى شئ ما ".
" لا تبدأ في سرد القصص! لديّ كل ما اريد وتعرف جوانيتا ذلك تماماً "
انحنى غييارمو ليجلس قربها، ثم نظر اليها بوقاحة قائلاً:
" لاشك انها لاحظت مثلي بعض الاشياء، لقد تزوج السينيور دييغو من امرأة جميلة جداً يمكن ان يفتخر بها اي رجل. ومع ذلك فهو يبتعد عنها زارعاً الحزن في عينيها. اني اعرف ذلك يا سينيورا. لقد سبق وقرأت هذا التعبير على وجه النساء اللواتي يأتين الى اكابولكو من دون ازواجهن ".
قفزت لورا واقفة وقالت في غضب:
" لا استغرب ذلك. لكنك تعتبرني مثل السائحات اللواتي تلتقيهن على الشاطئ اذا قلت لزوجي ..."
همس غييارمو بصوت شهواني مقنع:
" لا حاجة لك لآن تقولي له شيئاً؟ انني اعرف ان اجعل النساء سعيدات، يا سنيورا، ويمكنك ان تثقي بي تماماً ".
صرخت لورا:
" اذا كنت مصرا على الاستمرار في موقفك فسأنادي كارلوس ".
لكنها قبل ان تنفذ ما هددت به، امسكها غييارمو بذراعها وجذبها بشدة نحوه ضاغطاً بيده على فمها حتى يمنعها من الصراخ. راحت تقاومه بصمت. كانت تقاوم بكل قواها وتمكنت للحظة من ان تفلت من قبضته، وفتحت فمها لتصرخ، لكنه ارتمى عليها مانعاً مقاومتها وشعرت بالغثيان آملة ان يأتي كارلوس او جوانيتا لينقذاها.
كادت ان تفقد وعيها تحت قوّة جسده عندما وجدت نفسها فجأة تسقط على ركبتيها وقد ابتعد عنها غييارمو والدم ينزف من انفه وسرعان ما سمعت شتائم بالاسبانية مما جعلها ترفع رأسها. انه دييغو، يرتدي بذلة الصباح، وكان شاحب اللون من الغضب.
ارتمت بين ذراعيه وراحت تبكي وتنتحب:
" آه دييغو! اني خائفة جداً ".
التفت دييغو ليلقي نظرة الى خادمه ثم صرخ:
" اختف من هنا في الحال، ساراك في السفينة بعد قليل ".
ثم التفت الى لورا وحدجها بنظرة غاضبة بينما كانت ترتجف بين ذراعيه. فقال وهو يبعدها عنه في حنان:
" ان منظرك غير لائق وردة فعل هذا الولد عند رؤية امرأة جميلة نصف عارية على شاطئ مهجور، ليست مستغربة ".
اجابتة لورا وقد استشاطت غصباً:
" بلادك بلاد البرابرة "
كان دييغو يحدق فيها بنظرات غريبة وتسائلت في قلق ماذا يدور في خلده في الوقت الحاضر. وعندما رأته يخلع سترته وربطة عنقه ويفك ازرار قميصه، تثاءبت وسالته:
" ماذا تفعل. "
" هذا طبيعي، اليس كذلك؟ هذا سيعلمك كيف تثيرين الرجال.لست سوى امرأة مثيرة ".
القى بثيابه جانياً، ركضت لورا نحو السلم الحجري، لكن دييغو لحق بها وحملها بين ذراعيه. تلاشت وحدقت فيه متوسلة. صحيح انها ارادت دييغو وتريده دائماُ، لكنها لا تريد علاقة ناتجة عن غضب ورغبة بحتة. وقبل كل هذا كيف تنسى المرأة المكسيكية السمراء، فرنسيسكا ...؟
همست:
" دييغو، لا، ارجوك!"
تصرف كأنه لم يسمع شيئاً. وضعها في لطف على اريكة الشاطئ وراح يتأمل جسمها الجميل المرتعش وهي كانت تقول:
" دييغو، لا ..."
لكن عينيه كانت تقولان اشياء جعلتها تتخلى على اية مقاومة وتستسلم. قال وهو يعانقها:
" لم اعد استطع احتمال تهربك ".
ليس هناك كلمات تستطيع ان تصف الاحاسيس التي شعرت بها من جراء مداعباته البارعة. كانت تداعبه بشعره الاسود وتلثم عنقه. بعد هذه اللحظات الرائعة التي عاشتها، رفعت عينيها الخضراوين البراقتين وشاهدته ينظر اليها، بسحر ويهمس وكأنه لا يصدق:
" يا الهي. لقد اكدت لي ان ... اوه .. برانت وانت ..."
" آه دييغو، هذا لآنه ... لم اكن اعي تماماً ... انني ..."
وبينما كانت تحاول ان تشرح له بصعوبة، انها كانت تقاوم منذ البداية هذا الحب الذي كانت ترفض الاعتراف به، كانت تسمع عويل الرياح في اوراق شجرة جوز الهند التي كانت تحميها من اشعة الشمس ولبرهة قصيرة شاهدت دييغو يرفع رأسه فجأة في استغراب ويمد يده في حركة دفاع ... ثم تلقت صدمة عنيفة افقدتها وعيها.

الحنونه
06-05-2007, 15:39
يـــــاربي مو بهالنقطــه لا


شــو صار كملــو بسرعــه ..


مشكــورـااات قلب على المجهـود اللي تسـوونه
بس ياريت لو تنزلــون جزئين باليــوم بلييييز


^^

ورده قايين
06-05-2007, 20:08
10 - عتمة الذاكرة

فتحت لورا عينيها وكان اول ما لمحته زهور البنفسج الرائعة0 مضى وقت طويل قبل أن تلمح من بعيد شبح أبيض كإنه ضباب كثيف0
أرادت أن تصرخ لكن الصوت لم يخرج من حلقها الجاف 0 إن مثل هذا الجهد البسيط كاف لأن يحفر دماغها في الم عميق0 وبشبه غيبوبة راحت تنتحب 0
همس صوت في لغة لم تعرف ماهي برغم أنها فهمت المعنى من دون صعوبة0
- شكرا ياالهي ! هل تريدين شئ ما 0يا ابنتي؟
قالت لورا في صوت ثقيل انها تشعر بالعطش 0 فاختفت الممرضة لتعود حاملة قدحا مليئا بعصير البرتقال ألمثلج وقالت :
- سيفرح زوجك كثيرا لأنك استعدت وعيك 0
إجابت لورا مقطبة الحاجبين :
- زوجي هل أنا متزوجة؟
- طبعا ياصغيرتي 0 إنه قلق عليك0
وكأن الممرضة تذكرت أن لورا لاتعرف اللغة الأسبانية , فقالت لها بالأنكليزية :
- سأزف إليه الخبر السار واطلب منه إن يحضرلرؤيتك 0
- إنتظري, ارجوك , من ستحضرين00؟ انني لا اتذكر احدا 0
- انت زوجة السينيور راميريز وهو شخصية بارزة في المكسيك0
المكسيك00 ماذا تفعل هنا في المكسيك ؟ هل هي متزوجة من رجل مكسيكي ؟
أضافت الممرضة:
- تعرضت لحادث على الشاطئ القريب من فيلا جاسينتا 0
حادث في فيلا جاسينتا0 هزت لورا رأسها في حيرة وارتباك0
ومن جديد عاد الألم العنيف يعصر صدغيها 0
- انني 00إنني لا أتذكر شيئا0
- لا تقلقي, سينيورا 0 هذا شيء طبيعي بعد صدمة كهذه 0 لاتتحركي سأقول لزوجك أنك استعدت وعيك0
وضعت لورا يدها على أكمام الممرضة وهمست:
- أرجوك 0اخبريني أولا عن الحادث0
أن تلتقي زوجا لا تعرفه فكرة ترعبها0 من هو ؟ من يشبه ؟ ماعمره ؟ وهي 0من هي ؟
- كنت ممددة على الشاطئ0سنيورا 0 تحت شجرة جوز هند المحملة بالثمار الناضجة0 إن ثمره واحدة بإمكانها تحطم رأسك00
- و00هذا ما حدث لي ؟
- من حسن حظك أن زوجك كان معك في هذه اللحظة وقد تمكن أن يخفف من حدة الصدمة0 والآن سنيورا سأذهب لآتي به0 لم نستطع أن نقنعه الا اليوم بأن يخلد إلى الراحة0 لكننا وعدناه بأن نوقضه متى استعدت وعيك 0
وعندما اختفت الممرضة راحت تحاول التركيز تلاحقها عشرات الأسئلة التي لا تعرف لها جوابا0 منذ متى وهي متزوجة من مكسيكي ؟ لا شك أن يحبها كثيرا لأنه رفض أن يبتعد عنها 00 كأن عليها أن تطلب من الممرضة مرآة قبل أن تدعها تذهب لتأتي به0 لا تعرف كيف ملامحها؟ هل لون عينيها أزرق ام اسود ؟ رفعت يدها لتلمس خصلة من شعرها لمعرفة لون شعرها 0 لكن شعرها كان مختفيا وراء ضمادات تلف كل رأسها 0 وعندما لمست جبينها 0 شعرت بألم عنيف 0
فجأة , انتفضت 0 فقد دخل إلى غرفتها0 وبقي جامدا قرب السرير 0 كان ممشوق ألقامه أسود, الشعر ,أسمر البشرة0 في الثلاثين من العمر 0 يرتدي قميصا بأكمام قصيرة وبنطلون جينز وجهه متعبا0 كان ينظر إليها في قلق ويهمس في صوت مبحوح وهو يضع يده على يدها :
- لورا 0

ورده قايين
06-05-2007, 20:11
هكذا إذا إنها تدعى لورا 0 اعجبها الاسم 0 وما اسم زوجها؟ قالت لها الممرضة منذ قليل عن اسمه 0 آه صحيح00
فهمست:
- دييغو0
سألها وفي عينيه ومضة امل :
- هل عرفتيني يا حبيبتي0
هزت رأسها قليلا وقالت :
- الممرضة هي التي أعطتني أسمك0
ولاحظت الضمادات التي تحيط بمعصم زوجها فسألته :
- هل جرحت؟
- هذا لا شيء0
- هل حصل هذا في الحادث الذي تعرضت أنا إليه0 لقد قيل لي أنك خففت من حدة الصدمة وإلا لكنت الآن من عداد الأموات000
- هذا الحادث هو بسببي أنا 0وغلطتي لا تغتفر كان علي أن أعرف00
توقف عن الكلام وجلس على السرير0ان دماغ لورا يرفض ان يعمل بصورة طبيعية0 لم تحاول أن تعرف ماذا يعني في كلامه فقالت بصوت خافت:
- من متى وأنا غائبة عن الوعي؟
- من 3 إيام 0
أخفض رأسه فإذا بلورا تشد على قبضته وهي تقول بلطف:
- إذا لا شك أنك مرهق جدا 0 قالتلي الممرضة أنك لم تبرح غرفتي طيلة هذا الوقت0
- سيحضر الطبيب قريب جدا0 وسأراك بعد أن ينتهي من معالجتك 0
توقعت أن ينحني ليقبلها 0 لكنها ابتعد في خطى سريعة تاركا إياها في خضم الحيرة والقلق0
لماذا يبدو هذا الزوج الذي أشرف على الاعتناء بها 3 أيام متوالية مستعجلا في التخلي عنها ؟
كانت لورا تنثر فتأت الخبز وهي تتناول فطور الصباح على الشرفة المليئة بالزهور وهي تنظر في حنان الى العصافير الصغيرة المتعددة الألوان0 التي حومت حول المائدة لتلتقط كسرات الخبز في فرح0
قال لها دييغو في توبيخ ناعم:
- إنك تدللين العصافير ياحبيبتي0
- انها عصافير جميلة0
عادت للجلوس قرب زوجها وتناولت إبريق القهوة وقالت:
- إنها كالأولاد الصغار لا نستطيع أن نرفض لهم اي شئ 0 هل تريد؟
- ماذا0 أريد ماذا ؟ أولاد؟
- لا يا حبيبي هل تريد بعض القهوة؟
-آه00 نعم 00بكل سرور000
ثم عادت تقول وهي تسكب له فنجان قهوة:
- إنجاب الأولاد فكرة حسنة 0 أليس كذلك؟ ما رأيك؟
قطب جبينه وقال :
- لقد اتفقنا على أن نتجاهل هذا الموضوع في الوقت الحاضر إلى أن تتحسن صحتك0
تناول دييغو سيكارا وأشعله فأجابت لورا قائلة :
- نعم كنت متفقة معك على هذه الفكرة , لكن 000
نهضت واسندت ظهرها الى حجارة الشرفة وحدقت في المنظر الرائع امامها 0 ثم اضافت تقول :
- دييغو؟
- - نعم ؟
- - لنفرض انني لن استعيد ذاكرتي ابدا ؟
- - الأطباء يعرفون تماما ان حالتك ستتحسن0 لكنها بحاجة الى بعض الوقت0
- انفجرت صارخة :
- - الوقت لقد مر شهران وانا على هذا الحال ! لم استعد من الذكريات الا صورة اليخت الراسي على الشاطئ 0 وصورة الراهبات في ذلك الدير 0
قال دييغو في حذر وهو ينفض رماد سيكاره في المنفضة :
- لقد ترعرت وتعلمت في الدير 0
- - لماذا لا تساعدني لأستعيد ذكرياتي وبالتالي ذاكرتي كلها 0
نهض دييغو متجها نحوها ثم وضع أصابعه على ذراعها وقال :
- نصحني الأطباء بألا استعجل الامور 0 وانت تعرفين ذلك جيدا 0 من الأفضل ان تستعيدي ذاكرتك بصورة طبيعية 0
- - وهل نصحك الأطباء ايضا بأن تنام في غرفة منفصلة عن غرفتي ؟
كانت تنظر اليه في تحد 0 فشاهدت تقلص وجهه حين قال بعد ان سحب يده من ذراعها :
- لا 0هذا القرار اتخذته بنفسي 0يجب ان اذهب الان كيلا تفوتني الطائرة لدي مواعيد كثيرة بعد ظهر اليوم في مكسيكو0
تبعته حتى الغرفة التي ينام فيها وقالت :
- الا يمكنني ان ارافقك , ولو لمرة واحدة 0
التفت دييغو اليها وهو يضع اوراقه داخل حقيبة سفره وكان يبدو منزعجا :
- من الأفضل ان تبقي هنا بعض الوقت ريثما تتحسن صحتك 0
ليست المرة الأولى منذ الحادث يرفض فيها طلبها 0 وفجأة قالت بغضب :
- هنا 00أليس كذلك وهكذا لا يتسنى لي أن أرى عشيقتك0
أغلق حقيبته واقترب منها وقال في جفاف:
- إنني أذهب إلى مكسيكو لأداء بعض الأعمال وليست لدي أية عشيقة فانتزعي هذه الفكرة من رأسك 0
هذا العذر هل سبق وسمعته قبل الحادث؟ كيف لها أن تعرف أنها ترغب في أن تسد اذنيها كي لا تسمع اي شيء بعد الآن00 هل باستطاعة ثمرة جوز الهند أن تزعزع دماغها الى هذه الدرجة؟ هل كان دييغو دائما يتصرف معها كصديق أكثر منه زوجا؟ لا 0هذا مستحيل فهي تشعر أنهما كانا متفقين ومندمجين روحيا وجسديا0
همست لورا في الوقت الذي كان دييغو يقترب منها كالعادة ويقبلها في جبينها :
- دييغو00
- ماذا ؟
- الا تعتقد أن صحتي تتحسن بسرعة لو00 لو كانت علاقتنا طبيعية مثل قبل الحادث إني متأكدة من ذلك 0
غمز بعينيه وهو يتأمل وجهها الأحمر وسألها فجأة:
- كيف تعرفين ذلك ؟
- كيف ؟ لكني أشعر بذلك 0 أنت زوجي وماذا يمنعني من اكون طبيعية معك؟0
صمت برهة ثم أطلق زفرة عميقة وقال بصوت حنون وهو يداعب شعرها:
- ما من أحد يستطيع منعك0 وأنا أيضا يالورا 0 كنت أرغب في ذلك0 لم يكن سهلا مقاومة رغبتي باللحاق بك الى غرفتك 0
صرخت:
- لا أفهم ليس هناك أية خطر0 إني بصحة جيدة 0إذا لماذا؟
- سنبحث الأمر بعد عودتي0
إنها تعرف دييغو الآن بما فيه الكفاية وتعرف أنه متى اتخذ قرارا ما فلن يعود عنه بسهولة0
عندما أصبحت لوحدها راحت تفكر بمصيرها 0وحده زوجها يمكنه ان ينسيها الشكوك التي تراودها باستمرار منذ وقوع الحادث 0
لقد أخبرها دييغو أنها فقدت والديها 0 لكن لا بد أن لها قصة 0 أو مهنة أو أصدقاء أو معارف او اقرباء00 لا أحد يعرف عنها شيئا0 لا شك أنها انفصلت عن الجميع بعدما تزوجت 0 آه لو يساعدها زوجها على إعادتها الى الطريق الصحيح بدل أن تكتفي بأنتظار مشيئة القدر!
شعرت بالتعب فتمددت على السرير الضخم الذي يشعرها بالضياع طيلة الليل0 وراح عقلها يشتغل بقوة هل لدى دييغو عشيقة في مكسيكو ؟ وتذكرت أنها قرأت مرة أن المكسيكيين ليسوا مخلصين لزوجاتهم 0 ودييغو هو رجل جذاب ومثير وقليلات من النساء قادرات على مقاومته 0
الدير 0 إنه الماضي إنها الأن متزوجة! وهي تحب زوجها0 وهل هناك ما هو أفضل من ذلك الحب إن ثمة طرقا تساعدها على إقناعه بضرورة مشاركتها حبها 0 نعم ستحاول أن تجذبه إليها بطريقة أو بأخرى0
في الأيام الثلاثه التي تلت ذهاب دييغو عملت لورا بكل نشاط وحيوية ومساء عودته كانت الفيلا على استعداد لاستقباله 0
وضعت لورا على الطاولة شمعدانا يضئ المكان وكانت لورا تبدو في شعرها الأشقر المنسدل على كتفيها وفستانها ألأبيض الضيق 0 في أناقة وجمال تامين0
وبعدما ألقت نظرة خاطفة على الطاولة نظرت في عينين براقتين الى الخادمة وقالت:
-عندما يصل السنيور نأخذ المقبلات في الصالون الصغير 0 وسيكون أمامك متسعا من الوقت لأن تنهي العشاء 0
قالت لها المرأة في فرح:
- لا تقلقي ياسنيورا 0 ان السنيور يقول لي دائما أنه سيصطحبني يوما ما إلى مكسيكو لأعلم الطاهي الفرنسي إعداد ألمأكل المكسيكية0
وفي تلك اللحظة دق جرس الهاتف فتناولته جوانيتا من المطبخ قالت لورا لنفسها : كل شيء جاهز لهذه الليلة التي ستكون مليئة بالسحر والإثارة الأضواء الناعسة 00 الطعام المفضل00 تريد أن تفعل أي شيء كي تنقذ زوجها من براثن عشيقته 0
قالت جوانيتا وهي على عتبة غرفة الطعام:
- المكالمة لك 00انه السنيور دييغو 0
- هل يريد أن أستقبله في المطار؟
- إنه يتكلم من مكسيكو يا سنيورا 0
جف حلق لورا ورفعت السماعة وقالت :
- دييغو , ماذا جرى ؟هل أنت متأخر؟
- إني آسف يا حبيبتي لن أستطيع الحضور هذا المساء0
- آه00لكن كل شيء جاهز 00كنت أنتظرك00
- إني آسف هناك أعمال مهمة علي الاهتمام بها شخصيا سأصل بعد ظهر الأحد من دون شك0
فقالت في ذهول:
- الأحد00 إلى اللقاء يوم الأحد0
- لدي مواعيد مساء اليوم وطيلة يوم غد 0 إن المكسيكيين مشهورون بأنهم يفضلون العمل على اللهو و المرح 0وسوف اجاريهم هذه المرة00 برغم 00شوقي إليك00
قالت لورا وهي تعض على شفتيها:
- حسنا00 إذا00 إلى يوم الأحد0
- أعدك بذلك وسأتصل بك في حال حدوث اي تغيير 0
لكن لورا لم تعد تسمع شيئا00 كانت تفكر بالمكالمة الهاتفية 0 هل كان دييغو غير قادر على المجيء أم إنه لم يكن يريد ذلك؟ ماذا وراء كل هذه المواعيد ؟ هل هناك امرأة أخرى في حياته؟
مكالمته الهاتفية في اليوم التالي التي أخبر لورا فيها إنه سيؤخر عودته 48 ساعة أخرى0 بدأت تؤكد شكوكها 0 فقال دييغو :
- لدي مواعيد من مهمة جدا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء00 بالتالي لا يسعني الوصول قبل مساء الثلاثاء 0 لكنني أنوي قضاء الأسبوع كله معك في الفيللا0
فقالت له في صوت جاف قبل أن تقفل الخط في وجهه:
- لا تقلق عليه أرجو أن تمضي عطلة جميلة مع عشيقتك 0

آه لو تستطيع أن تتحمل هذا الوضع أين يمكنها أن تذهب ؟ بمن تستطيع الاتصال ؟ أن فقدانها الذاكرة يمنعها من مغادرة هذا السجن الذهبي فيلا جاسينتا 0
كانت أحلامها مهددة برؤية امرأة سمراء يمضي دييغو معها أيامه في مكسيكو 0 لماذا تزوجها إذا ؟ هي الشقراء 00 النحيفة 00 المختلف جمالها عن الجمال المكسيكي0 ؟ حاولت أن تجد تفسيرا0 لكن ذكرياتها تهرب منها0 ربما كان زواجهما على وشك الانهيار قبل الحادث ؟ وهذا يفسر تهرب دييغو منها 0
يوم الاثنين أي قبل عودة دييغو بيوم واحد 0 عادت إلىلورا ذاكرتها في طريقة صاعقة وغير منتظرة 0
- سينيورا ! هناك زائر 0
كانت من منغمسة في رسم العصافير الملونة المتجمعة حول فتات الخبز 0 فلم تأبه في البدء لهذا النداء 0 لقد نصحها دييغو بأن تلجأ إلى الرسم حتى لا تضجر خلال فترة غيابه عن الفيلا 0 وكان ذلك اكتشاف جميل 0 عندما ترسم تنسى كل شيء0
رددت جوانيتا قائلة :
- سينيورا , لديك زائر 00
فقاطعها صوت رجل قائلا:
- لا تقلقي0 سأكلم الآنسة ترانت بنفسي 0آه عفول 00السنيورا راميرزا00
قطبت جبينها وهي ترى الزائر يقترب منها0 يبدو إنه أمريكي0 بماذا ناداه بادئ الأمر؟ الآنسة ترانت 00لكن 00 ربما سيكون قادرا على أن يوضح لها شيئا عن ماضيها0
قالت لورا وهي ترمق زائرها بنظرة متسائله:
- حسنا يا جوانيتا 0 سأستقبل السيد00 السيد00آوه0
- لورا ! هذا انا 00برانت لاتقولي انك نسيت من اكون 0
خيبة الأمل ضغطت على قلب المرأة0 هذا الرجل الجميل المظهر ذو الشعر الكستنائي 0 مجهولا تماما بالنسبة إليها0
قالت لجوانيتا وهي تمسح أصابعها المليئة بالدهان:
- اجلبي لنا القهوة 0
ثم قالت لزائرها :
- آسفة 0انني لا اعرفك00
- اتسخرين مني ؟ انا برانت ! كنا مخطوبين 0 الا تذكرين 0 لكنني بدأت افهم لماذا تخليت عني 0من اجل هذا المكسيكي راميرز0
تلعثمت من دون ان تتوقف لحظة عن النظر اليه بامعان :
- انا 0 انا التي هجرتك ؟
ثم لاحظت ان جوانيتا مازالت مكانها 0 فرمقتها بنظرة جافة وقالت لها :
- جوانيتا , طلبت منك اعداد القهوة 0
أجابت المرأة المكسيكيه قبل ان تبتعد :
- نعم 0نعم 0ياسنيورا 0
قالت لورا بلباقة وهي تجلس في مقعد من القش :
- اجلس 0 ان جوانيتا ترعاني منذ الحادث 0
- الحادث ؟ اي حادث0؟
- انها قصة تافهه 0 كنت ممددة على الشاطئ تحت شجرة جوز هند 0فوقعت حبة من الشجرة وأصابتني في جبيني 0 ومنذ ذلك الوقت وانا فاقدة الذاكرة كليا0

ورده قايين
06-05-2007, 20:12
جلس الرجل على المقعد شاحب اللون وسالها وهو يحدق في عينيها :
- هل صحيح انك لاتتذكرين اي شئ ؟
- لاشئ او تقريبا 0 احيانا قليلة ارى صورا تنبعث من الماضي 00ويؤكد الأطباء انني سأستعيد ذاكرتي مع مرور الزمن ,’ لكن00
ترددت 0هل بأمكانها ان تسأل هذا الرجل الذي كان يعرفها جيدا شيئا عن ماضيها ؟
فقال برانت :
- غريب 0انك لا تتذكرينني0
لم تجب فقد جاءت جوانيتا لتضع الصينية على الطاولة وتبتعد0
- يا لورا 0 كنا على وشك الزواج00وهذا امر لايمكن لانسان ان ينساه0
سألته لورا وهي تسكب القهوة :
- هل تزوجت من دييغو قبل ان افسخ خطبتي منك ؟
- كلا0 لقد ارسلت لي خاتم الخطبة وقلت لي انك واقعة في غرام هذا الرجل 0
- اني اشعر بأنني احببت دييغو منذ اللحظة التي رأيته فيها 0انه 00
انهى برانت كلامها :
- غني؟
تقلصت لورا 0 ماذا يعني بذلك ؟ هل يعني انها فتاة انتهازية ؟
- نعم انه غني جدا 0
- وذو نفوذ , اعرف ذلك 0ومع ذلك ترك والدك يموت في احد السجون المكسيكية ! أي نوع من الرجال هو ؟ اني ارى ان00
لكن لورا لم تعد تسمع صوته 0فقد استعادت ذاكرتها 0 فجأة كان رأسها يدق كالطبل وكذلك اذناها 0
والدها 00دان ترانت 00تخيلت وجهه الرمادي , في زنزانة معتمة 0 وأمامه طاولة وضعت عليها الأباريق والزجاجات 0 وسمعت صوت والدها رافعا كأسه ويقول :
- ليكن زواجك سعيدا مثل زواجي 00
انتصبت ورفست بعنف مقعدها الذي سقط وراحت تصرخ مثل حيوان جريح:
- أبي ! أبي ! أبي !00
ثم غابت عن الوعي 0

ورده قايين
06-05-2007, 22:16
11- وتألق القلب

لاح نور خفيف من وراء الستائر عندما فتحت لورا عينيها 0
وانحنت جوانيتا الجالسة في كرسي قرب السرير , نحو الوجه الذي بدأ يستعيد لونه 0 فابتسمت لورا قليلا0 وانفجرت الخادمة بالبكاء وقالت وهي تتمسك بذراعها الممددة على الغطاء:
-آه سنيورا 0 ما كان ينبغي ان اسمح لهذا الرجل بالدخول 0 آه, لو أدركت ان بأمكانه أن يؤذيك000! سامحيني يا سنيورا0
تمتمت لورا بصوت مرتجف :
- لست مخطئة يا جوانيتا 0في كل حال , لم يقصد برانت ايذائي 0ما000ما قاله لي اعاد الي الذاكرة بصورة صاعقة 0 وانفجر رأسي 0 هذا كل ما حدث 0
ضغطت جوانيتا بيديها على صدغيها ونظرت الى لورا بخوف وقالت :
- سيغضب السنيور 0 دييغو مني كثيرا , سيقول لي انني 00
قاطعتها لورا قائلة:
- لا تخافي ياجوانيتا 0 سأقول ان برانت دخل بالقوة 000أوه 00هل تمكنت من الأتصال بزوجي ؟
- نعم سينيورا 0 تقريبا 00لم اتمكن من التحدث اليه شخصيا 0 تركت له رسالة مع مدير الفندق الذي كان عليه ان يتصل به عند السنيور فرانسيسكا بوردي 0حيث كان معها في زيارة عمل 0
زيارة عمل 000صورة ممزقة نصف منسية برقت فجأة في مخيلة لورا 0 وتذكرت وجه دييغو الأسمر المنحني فوق وجه فرانسيسكا الملئ بالدموع 0لم يكن من الصعب تخيل نوعية الأعمال التي يقوم بها دييغو مع هذه الأرملة الشابة السمراء000
قالت لورا كاذبة :
- انني بحاجة الى النوم الآن 0
- اخاف ان اتركك , يا سنيورا 0 ان السنيور دييغو 00
- انا في حالة جيدة 0 يا جوانيتا 0 لاتقلقي علي 0 انني بحاجة الى قليل من الراحة 0
- الاتريدين شيئا ما 0 يا سنيورا ؟
- لا , شكرا 0 لا اريد ان يزعجني احد0
لكنها لم تتوقف عن التفكير 0 كانت تستعيد الذكريات , الواحدة بعد الأخرى 0 كل حوادث حياتها الماضية تعود شيئا فشيئا الى مكانها 0 وعندما تذكرت موت والدها في السجن المكسيكي 0 بدأت الدموع تنهمر من عينيها 0 هل اعتقاله هو السبب الرئيسي لموته ؟ لم تنس لورا العشاء الذي تناولته برفقته في مطعم الميرادور 0 في ذلك المساء لاحظت ملامح وجهه المشدود 0 كان قد فقد حيويته العادية 0"انني اتساءل ما أذا كان قلبي يتحمل هذا النوع من الأنفعال " هذا ما قاله لها وهما يشاهدان الفطاسين يقفزون من اعالي الصخور 0 لقد اعتبرت هذا التعليق بمثابة مزحة 0 هل كان دان حينذاك مصابا بمرض القلب 0



فجاء السجن ليعقد له الأمور 0 وتذكرت لورا وجهه الرمادي الشاحب خلال زياراتها العديدة له في السجن 0 كانت تعتبر ذلك ناتجا عن الجو المشحون داخل الزنزانة وابتعاده عن الشمس , والهواء , والحرية 0 وبرغم كل الاهتمام الذي كان يوليه دييغو لعمه , لم ينجح في إعطاءه الحرية التي كان يرغب فيها قبل أي شيء آخر0
وأخذت الأفكار تعود باتجاه دييغو 00 إلى يوم الحادث الى الشاطئ 0 كيف نسيت تلك اللحظات السعيدة مع دييغو ؟ راحت تتذكر دييغو منحنيا فوقها يداعبها بحنان فائق 0
كل شيء يعود الآن الى ذاكرتها في دقة تامة0 جاعلا إياها مرهقة ومتلاشية 0 في تلك المرحلة كانت تعرف أن زواجهما كان مهددا 0 فقد قبل دييغو فكرة فسخ الزواج ثم 00فرانسيسكا , المرأة , السمراء , الجذابة , ظهرت في المشهد بصورة مباغتة0 لماذا تعلق دييغو بهذه المرأة الأمريكية المتحررة وهو الذي يتمتع بعقلية مكسيكية متعصبة؟
لكن حصل ما حصل على الشاطئ وعرف دييغو أنها كذبت عليه ليلة عرسهما تاركة إياه يعتقد أنها وبرانت كانا عاشقين00
فجأة شعرت بانتفاضة في كل أنحاء جسمها 0 في ذلك النهار عندما كانت على الشاطئ 0 قبل الحادث كان دييغو يعرف تماما إن والدها مات وإذا كان قد عاد باكرا من مكسيكو فذلك لأنه تلقى مكالمة هاتفية من رئيس شرطة أكابولكو 0 لماذا أحبها في هذا النهار بالذات؟ كان والدها قد مات 0 ولا شيء يمنع فسخ الزواج فكان حرا بأن يتزوج فرانسيسكا عندما يتم فسخ الزواج0 هل لأنه فاجأ غييارمو معها أحس برغبة عنيفة في أن يجعلها زوجته في الحال 0 مهما كان الأمر كانت تصرفه وقحا وهو يعرف إن والدها مات 0
نهضت من السرير وأسرعت إلى خزانتها 0 وبسرعة أخرجت حقيبتها الجلدية الحمراء وراحت تضع حاجياتها وهي تفكر بعصبية واضطراب 0 أين تستطيع الذهاب في اكابلوكو من دون أن يكتشف دييغو مكانها ويعيدها الى الفيلا ؟ إن الندم جعله يعتني بها عناية كبيرة منذ الحادث 0 وهي تفهم الآن لماذا كان ينتظر بصبر أن تستعيد ذاكرتها بصورة طبيعية0 ربما كانا يأمل بألا تشفى تماما0 في كل حال ألا يتمتع دييغو بحياة ذهبية؟ لديه زوجة وديعة وطيعة مدفونة في فيلا جاسينتا 0 وعشيقة ملتهبة في مكسيكو ؟
أقفلت حقيبتها و نظرت إلى حقيبة يدها0 لديها من المال ما يكفي لأن تمضي بضعة أيام في فندق من الدرجة الثانية قبل أن تستقل الطائرة الى لوس أنجلوس 0 إنها لا تريد مغادرة اكابلوكو قبل أن تعرف إين دفنو والدها 0 كانت أمنيته أن يدفن قرب زوجته0 وستحاول أن تنقل جثمانه إلى مدافن لوس أنجلوس حيث ترقد والدتها0
هل ما زال برانت هنا في اكابلوكو ؟ ربما , لكنه ينزل ولا شك في أحد الفنادق الفخمة التي تحيط الخليج 0 ولا مجال للورا لأن تذهب للبحث عنه هناك0 حيث يمكن لدييغو أن يكتشفها بسهولة0 00لا00 من الأفضل أن تنزل في فندق متواضع يقع على أحد التلال البعيدة عن الشاطئ 0 وهناك يمكنها أن تمضي وقتها من دون أن يلاحظ أحد وجودها 0 لم تجد أية صعوبة في صف السيارة في المطار والمرور بين مجموعة كبيرة من السياح الآتين من مكسيكو 0 لكن الأمور تعقدت فجأة عندما لمحت شبح دييغو الذي كان يرتدي بذلة رمادية شاهدته يرفع يده ليوقف سيارة أجرة0 ثم يدخل إليها وينظر في تقلص أمامه 0 إنه يستحق ما يحصل له الآن 0 ماذا اخبر فرانسيسكا ؟ عندما قرأ رسالتها لا شك إنه كان يبين ذراعي هذه المرأة السمراء 0
- سنيورا 0
توقفت سيارة تاكسي أمامها
- أين تذهبين ؟
- إني أبحث عن فندق صغير في حيي أكابلوكو القديم0
قادة السائق التلال العالية وتوقف أمام بناء مؤلف من 4 طوابق 0 وقال:
- إنه فندق روزاريو 0 سأسأل اذا كان ثمة غرفة فارغة 0 هل تريدين غرفة بسرير واحد ؟
- نعم ولبضعة ايام فقط0
دخل السائق الى الفندق وفهمت لورا انها ستدفع مبلغا ضخما للحصول على هذه الغرفة وأن السائق سيقبض عمولة 0
هزت كتفيها في استياء وقالت ان هذه الأمور ليست مهمة في الوقت الحاضر 0 المهم هو ان تبتعد عن دييغو الذي لن يخطر في باله انها تقيم في مثل هذا المكان 0 كما انه اذا رأي سيارته في المطار سيفكر في الحال انها استقلت الطائرة الى كاليفورنيا ولن يفكر في البحث عنها في مدينة الحمامات 0
ظهر السائق أخيرا :
- هناك غرفة واحدة 0 يا سنيورا وسعرها مرتفع 0
احمرت لورا غضبا عندما عرفت القيمة المتوجب عليها ان تدفعها 0 ان شقتها الصغيرة في بانوراما تكلف السعر نفسه0 لكن ليس امامها خيار آخر 0 اومأت اليه موافقة 0 وهبطت من سيارة التاكسي بينما اخرج السائق حقيبتها من الصندوق 0 رائحة العفن تتصاعد من البهو 0 ولدى دخولها انحنى صاحب الفندق السمين وابتسم لدى توقيعها على السجل 00 فقد وقعت باسم والدتها قبل الزواج : بربارة فوريس 0
صعدت الى الغرفة في الطابق الثاني 0 انها صغيرة جدا 0 وفيها مروحة بطيئه 0 ومغسلة قديمة ومقعدان من القش وخزانة على بابها ستائر باهته تستعمل في الوقت نفسه كمنضدة للزينة 0 وفي احدى الزوايا سرير عريض من الحديد المقشر 0
قالت لورا في قرف :
- - انها غالية الثمن نسبة الى ماتحتويه من اشياء غير مريحة 0
فقال صاحب الفندق وهو ينظر اليها في ارتباك ويتأمل ملابسها الأنيقة :
- انه الموسم يا سنيورا 0ثم انك لم تحجزي من قبل 000
- نعم اعرف 0 لن ابقى هنا مدة طويلة 0
- سأرسل لك حقيبتك بأسرع ما يمكن 0
قبل ان يجلب لها الخادم الحقيبة 0 لاحظت لورا ان السرير يطلق صريرا قويا وان المروحة تجلب هواء رطبا رائحته كريهة 0
عندما اصبحت لورا وحدها 0 تمددت على السرير وهي تتصبب عرقا وثيابها تلتصق بجسدها 0 كانت تحدق بشفرات المروحة 0 ربما كان من الافضل لو انها ذهبت لتبحث عن برانت لتستدين منه المال لتستأجر غرفة تليق بها 0 لكن ربما اضطر لأن يطرح عليها اسئلة محرجة 0 وربما اقنعها بمنطقه مؤكدا لها ان دييغو لم يعد له حقوق عليها ما دام ارغمها على ان تتزوجه ابتزازا 0
اغمضت عينيها كيلا ترى هذه الغرفة الحقيرة 0نعم 0 قانونيا 0 ربما لم يعد لدييغو أي حق عليها00لكنها تشعر بأنه يمتلكها جسدا وروحا 000لايمكنها ابدا ان تمنح رجلا آخر هذا الحب الممزوج بالشغف 0
أيقظها دوي الرعد من نوم عميق 0 ارتعشت ثم نهضت خائفة لوجودها في هذه الغرفة الحقيرة المظلمة 0 من جديد 0 سمعت طرقات على الباب فتقدمت وهمست بصوت يرتجف وهي تشعل النور :
- من 00من هنا ؟
- - دييغو 0
- ألقت نظرة خاطفة الى الغرفة آملة ان تجد وسيلة للهرب 0حينذاك شاهدت حشرات صغيرة تسرع بالأنسحاب من السقف وجدران الغرفة وتختبئ في ثقوب الخشب والجص 0
ارتعبت لهذا المنظر وصرخت بأعلى صوتها 0 وفي الحال سمعت ضربة قوية وصوت الخشب المتحطم 0
دخل دييغو من الباب وسألها :
- لورا حبيبتي , ماذا جرى ؟
- فأشارت لورا باصبعها الى الحشرات ذات القرون الطويلة المنتشرة هنا وهناك 0
- جذبها نحوه واخفى وجهها بصدره وقال بصوت هادئ وهو يداعب شعرها :
- - هذا لاشئ 0 ياحبيبتي 0 هذه الحشرات الصغيرة غير مؤذية 0
هدهدها لحظة ليهدئ من خوفها , ثم ابعدها عنه بلطف وسألها :
- هل انت مطمئنة الآن ؟
- اشارت له برأسها ايجابا0
- سألها وهو يشير الى حقيبتها الحمراء :
- أهذا كل ما لديك من امتعه ؟
- نعم 0 لم اكن احتاج الى اكثر من هذا 0
حمل الحقيبة وقال :
- تعالي 0
كان صاحب الفندق ينتظرهما في المدخل فقال :
- اني آسف ياسنيور راميرز 0 لم اكن اعرف ان السنيورا هي زوجتك000
- كيف تجرأت على تأجير مثل هذا الكوخ القذر! أحب ان اعرف كم طلبت أجرة لمثل هذا المأجور ؟
أطلعت لورا دييغو على المبلغ الذي دفعته 0 فحدج دييغو صاحب الفندق بغضب وقال :
- عليك أعادة ثلاثة ارباع المبلغ الذي قبضته 0 في الحال والباقي يكفي لتصليح الباب الذي خلعته الآن 0 انك تفقد سمعتك بطريقة ذليلة 0
راح الرجل يعتذرشارحا وضعه 0 ولما أعاد المبلغ 0 اخذ دييغو لورا بذراعها وخرجا معا الى الشارع حيث تنتظرهما سيارة المرسيدس 0
صعدا الى السيارة وأقلع بها دييغو سالكا اتجاه وسط اكابلوكو 0 ران صمت ثقيل 0 أخيرا سألته لورا بصوت خفيض من دون ان تجرؤ عليلى النظر اليه:
- كيف توصلت الى اكتشاف مكان وجودي ؟
- لم يكن ذلك سحرا 0 صحيح انك تركت السيارة في المطار لتوهميني أنك غادرت البلاد 0 ولكنني لم انخدع بذلك 0 اني اعرفك جيدا 0 وأعرف انك لن تغادري أكابلوكو قبل ان تعرفي أين دفن والدك 0 لقد بحثت عنك في كل فنادق المدينة ابتداء من الفنادق الفخمة 0 ولما وصلت الى هنا , قرأت اسم والدتك على سجلات فندق روزاريو 0
- اسم والدتي ؟ كيف عرفت ان هذا الأسم هو اسم زالدتي ؟ لم اذكره امامك أبدأ 0
- قرأته على مقبرتها عندما كانوا يدفنون والدك الى جانبها 0
أطلقت زفرة ممزقة 0
- لورا حبيبتي , هل تذكرين00كل شئ ؟
همست بعدما أزاحت وجهها عنه حتى لايرى الدموع في عينيها :
- نعم0
ثم أضافت بصوت متقلب :
- اني سعيدة لأن والدي دفن قرب والدتي 0شكرا 00على ذلك0
سألها بحيوية :
- لماذا تشكرينني على هذا فقط ؟ الم افعل كل ما بوسعي لأعالجك وأهتم بك بعد الحادث الذي افقدك الذاكرة ؟
أطلقت ضحكة صفراء وقالت :
- حتى اليوم لم اكن اصدق المثل الذي يقول " ان الجهل هو سلام الحياة " لم تقل لي شيئا يا دييغو 0 ولم تعلمني بموت والدي 0 ولا اذكر ما تبقى من احداث عندما يجهل المرء سوء حظه 0 فلا يتألم من ذلك أليس هذا صحيحا؟
قاطعها بلهجة ساخطة :
- كفى يالورا ! سنستأنف هذا الحديث في المنزل 0
المنزل ؟ اين منزلها ؟ انها لاتذكر شيئا عن فيلا جاسينتا ولا عن مسكنها الفخم في مكسيكو قبل وفاة والدها كان منزلها الحقيقي هو يخته 0 فماذا حل باليخت ؟

ورده قايين
06-05-2007, 22:17
وما ان وصلت السيارة الى مدخل فيلا جاسينتا حتى تذكرت لورا فجأة جوانيتا وكارلوس ماذا يقولان عن اختفائها ؟ هل هما على علم بالحادث الذي حصل بينها وبين غييارمو مباشرة قبل الحادث ؟ ربما نعم , لأنها منذ ذلك الحين لم تعد تسمع عنه شيئا 0
استقبلتهما جوانيتا الشاحبة اللون قلقا 0 وفي صوت خافت حيتهما ثم سألت دييغو ماذا يريد ان يتعشى ؟
- أحضري لنا شيئا 0سنتناول العشاء في الصالون الصغير 0
شعرت لورا انها على وشك الانهيار عندما تركها دييغو في الغرفة الكبيرة التي لم تكن تتصور انها ستراها مرة اخرى 0 ولكنها بعدما اخذت حماما فاترا شعرت بالأسترخاء والأرتياح0

كانت جالسة أما منضدة الزينة تسرح شعرها الأشقر عندما دخل دييغو الى الغرفة 0 كان يبدو شديد السمرة بقميصة الحريري الأبيض وبنطلونه الأزرق الفاتح 0 وشعره الأسود السميك الرطب مملسا الى الوراء 0 ولدى رؤية زوجته في قميصها الحريري الأخضر , لمع بريق في عينيه الداكنتين0
- عندما تصبحين مستعدة 0 سنتوجه الى الصالون الصغير لنتحدث في امور كثيرة0
قالت وهي تلقي نظرة أخيرة الى المرآة قبل ان تنهض :

- هل أنت متأكد من ذلك 0 كان يبدو لي أن الأمور واضحة بيننا0 لقد مات والدي 0 ولم يعد هناك مبرر لاستمرار زواجنا 0 لقد وعدتني بأن تعيد لي حريتي 0
قال دييغو :
- إن زواجنا هو الآن أمرا واقع, يا حبيبتي 0 لم يعد بإمكاننا الرجوع الى الوراء0
لم تتمكن من إخفاء توترها فابتعدت وأزاحت الستائر عن النافذة0 ونظرت إلى الليل والقمر الذي كان بدرا0
- لا شك أن هنأك مجالا لفسخ الزواج0
انتفضت لدى شعورها بيدي دييغو تربتان على كتفيها 0 فلم تسمع صوت خطواته0 وسألها:
- لماذا ؟لماذا 00تحبين ان تعذبينني؟ ألا يمكننا أن نعيش سعيدين؟ ألم نختبر معا الفرح في تقاسم الحب؟ تذكري يا حبيبتي على الشاطئ 0 كنت تريديني كما كنت أريدك 0 اعترفي بذلك0 يا لورا 0 كوني مخلصة وصادقة مع نفسك0
نظرت إليه ثم اغمضت عينيها 0 هل بإمكانها أن تنسى ما حدث معها في ذلك اليوم0 على الشاطئ تحت شجرة جوز الهند؟
همس دييغو في أذنيها وهو يعانقها :
- لم تستطيعي يوم ذاك ان تخفي حقيقة أحاسيسك0
ومرة أخرى راحت تشعر بالذوبان لدى ملامساتة البارعة 0 وراحت هي بدورها تلامس عنقه ثم حملها بين ذراعيه ووضعها على السرير 0 حاولت أن تقاوم لكن بدون جدوى لكنها قامت بجهد كبير للتخلص من قبضة دييغو وعناقه0 ووقفت وهي تنظر إليه في احتقار وقالت :
- كيف تجرؤ على ملامستي ؟ ادخر ملامستك البارعة لفرانسيسكا لأنها بلا شك تقدرها00
- لا افهم 0مادخل فرانسيسكا في الموضوع ؟
ضحكت لورا بسخرية وقالت:
- ربما نسيت يا دييغو , لكنني مازلت أذكر كل شيء, أذكر الليلة التي أمضيتها معها بعدما شاهدتكما متعانقين 0 كما أنك كنت وقحا للغاية اذ أنك ما ان خرجت من سرير عشيقتك حتى لحقت بي مصرا على القيام بواجباتك الزوجية برغم أن كنت تعرف تماما أن والدي ميت على بعد مسافة قصيرة من هنا انت رجل كريه وفظ0
صرخ دييغو , شاحب اللون :
- لا , هذا غير صحيح , أعترف بأنني ربما كنت عنيفا ذلك اليوم على الشاطئ 000لكن 00 إني أقسم لك بأنني لم أكن أعرف أن والدك مات 0
- هذا مستحيل لقد اتصلت بي رئيس شرطة أكابلوكو في اليوم الذي كنت على موعد مع وزير العدل 0 قال لي أن والدي00 ذهب00 اعتقدت أن00ان00 اعتقدت إنهم نقلوه الى مكسيكو 0 ليصار إلى محاكمته بسرعة لقد00 أعطيت الشرطي رقم هاتفك في المنزل وفي المكتب حتى يتمكن من الاتصال بك0
اقترب دييغو منها وضع يديه الاهبتين على كتفيها:
- لم أتلق أية مكالمة 0 ربما لأني كنت حينذاك في الطائرة 0 لقد أخبرني وزير العدل أنهم ألقوا القبض على الرجلين الذين استأجرا اليخت من والدك وهذان الرجلان اثبتا براءته وجئت بسرعة لأخبرك بالأمر0
- تريد أن تقول أن السلطات كانت أطلقت سراح والدي؟
- نعم 0 لم اعرف أنه مات إلا بعد الحادث الذي تعرضت له0 00لورا هل بإمكانك الأعتقاد لحظة واحدة إنه بوسعي أن أجعلك امرأتي بالفعل لو كنت على علم بوفاة والدك؟
- كنت اعتقد أنك كنت تريد أن تربح على الجهتين0 فرانسيسكا في مكسيكو , وانا هنا 00
قال مستغربا وهو يحك رقبته :
- يا الهي0 لو عشت 100000 سنة فلن اتوصل إلى معرفة كيف يعمل دماغ المرأة؟ لكنني في ذلك اليوم كنت أحبك كثيرا ولا يمكن لأحد أن يمنعني من التعبير عن حبي0 الم تشعري بذلك؟ هل في إمكاني التعبير عن حبي لو كان ثمة امرأة أخرى في حياتي ؟ أنا لا أتظاهر بالحب إني أحبك حقا0 وانا مجنون بحبك منذ اليوم الأول الذي التقيتك فيه0 كيف تستطيعين التفكير أن هناك امرأة أخرى؟
- ليس هذا صعبا0 الم ارك تعانق فرانسيسكا ؟
- هل تغارين منها يا حبيبتي ؟
- نعم اكتشفت تلك الليلة بالذات انني أحبك 0 انتظرتك بحرارة وبلهفة لكن بدلا من أن تعود إلي رأيتك تذهب معها00
- آه يا حبيبتي !
وبسرعة أقترب منها وأخذها بين ذراعيه وجذبها الى السرير 0
- تعالي 0 دعيني أشرح لك ما حدث0
وضع دييغو ذراعه حول خصرها وقال :
- عندما كنت صغيرا كانت فرانسيسكا تصغرني بسنتين فقط وكنا مخطوبين 0 وأهلنا يحبون هذه العلاقة 0 لكن القدر كانا مختلفا0 تعرفت فرانسيسكا الى انطوان وأحبته وتزوجته بينما كنت أحلم بالمرأة التي ستصبح يوما ما زوجتي ورفيقة حياتي 0
أطلق زفرة عميقة ثم تابع يقول:
- مات انطوان وعادت فرانسيسكا الى مكسيكو حيث بدأت أعمال زوجها تنهار فطلبت مني أن أساعدها 0 وهذا العناق الذي حصل بيننا هو عناق الأخوة0 صحيح أنني رافقتها تلك الليلة إلى منزلها0 لكني لم أبقي مدة طويلة0 أمضيت الليل كله اقاوم رغبتي في اللحاق بك000
- آه 00
- لو جئت كما وعدتك به ياحبيبتي لكنت أصبحت ليلتها زوجتي 0 لكني كنت أخشى مجابهة كرهك 0 كيف لي أن أعرف أن عواطف نحوي تغيرت؟
- في كل حال لم تكن تريد امرأة أحبت أحدا قبلك0 زوجة لك0 ليلة عرسنا تركتني بعدما اعتقدت أني كنت عشيقة برانت 0
هز دييغو رأسه وقال :
- في الحقيقة لست متشبثا تماما بهذا الموقف0 يمكنني أن أقر بعض التصرفات ولكنك عندما لفظت في تلك اللحظة الحاسمة اسم برانت , تأكدت تماما أنك ما أحببتني ولهذا السبب وعدتك بأن اعيد لك حريتك عندما يخرج والدك من السجن 00وثم00
- ثم ماذا 000؟
- بعد الحادث الذي وقع لك 0 قلت ورددت مرارا أنك تحبينني وانك تريدينني 0 لكنني لم أكن قادرا على ان البي رغباتك0 كما حصل بيننا على الشاطئ00 لقد اجبرتك على أن تستسلمي لي 00
وبطرف اصابعها , لمست لورا شفتي دييغو وقالت :
- إذا كانت ذاكرتي سليمة0 فإنني أذكر أنني تجاوبت معك 0 في ذلك اليوم على الشاطئ0 صحيح أنك كنت تحبني منذ البداية؟
- لم اكف عن التفكير فيك منذ اليوم الأول0 أنت أغلى شيء عندي في العالم 0 أنت امرأة أحلامي إلى الأبد0 لا يمكنني أن أعيش من دونك0
- حتى وان لم أكن في مستوى والدتك؟
- والدتي ؟ ما دخل والدتي بالأمر؟
- تعتقد كونسويلو أنك أسير حبك لوالدتك0 وهي تعتقد بأنك تزوجتني فقط لإنني أشبهها 0
- هذا خطأ إنها تتحدث على هواها لتجعلك تغارين 0 كانت تأمل دائما بأنني سأتزوجها بعد وفاة أخي0, زواجي منك أغضبها0
- آه , دييغو 0لقد ارتحت الآن 0لم أكن أعرف00
وضعت لورا رأسها على كتف زوجها وأضافت في خجل:
- هل تغفر لي لأنني شككت فيك؟
- وأنا أيضا يا حبيبتي أعترف بأنني أتحمل بعض المسئولية0
- ما علينا إلا أن نبدء من جديد0
- وأن نعوض الوقت الضائع وألا ننتظر دقيقه واحدة0
قالت جوانيتا:
- سنيور , سنيورا , العشاء جاهز 0
قال دييغو قبل أن يعانق لورا:
- حافظي عليه ساخنا0
ثم قال للورا :
- انا جائع اليك 000يا حبي0

ورده قايين
06-05-2007, 22:21
http://www.al-wed.com/pic-vb/15.jpg

تمت واتمنى لكم قراءة ممتعه

http://www.al-wed.com/pic-vb/15.jpg

lovely sky
07-05-2007, 06:39
http://www.al-wed.com/pic-vb/15.jpg

تمت واتمنى لكم قراءة ممتعه

http://www.al-wed.com/pic-vb/15.jpg


الف الف شكر حبيبتي وردة قايين
والله مجهود رائع و متميز
اشكرك باسم كل أعضاء الفريق .. وباسم كل اعضاء وزوار منتديات مكسات ..
الله يعطيكي الف عافيه حبيبتي ... ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lovely sky
07-05-2007, 09:52
الاعضاء الموجودين حالياً مُنيه, serma
مراااااااااااحب ونورتوا المشروع
ونرحب بكل الزوار الموجودين حالياً ...
نتمنى انكم تستمتعوا معنا .... ::جيد:: ::جيد::

serma
07-05-2007, 09:58
شكرا فريق روايات عبير واحلام
قهصه جميله وممتعه .....اعجنتنى كثيرا..
الى الامام دائما
والى القصه الجديده

serma
07-05-2007, 10:00
هاى ...لافلى سكاى كيفك
القصه ممتعه وكنت اقرأ اخر الروايه
عجبتنى جدا

serma
07-05-2007, 10:06
يا ترى ..القصه الى عليها الدور هى ايه؟؟؟

lovely sky
07-05-2007, 10:38
هاى ...لافلى سكاى كيفك
القصه ممتعه وكنت اقرأ اخر الروايه
عجبتنى جدا

هاي حبيبتي
كيفك
وحشتنيني كتير سيرما
ونورتي المشروع
و اسعدنا ردك كثيراً
وتقبلي تحياتي حبيبتي
lovely sky

lovely sky
07-05-2007, 10:40
يا ترى ..القصه الى عليها الدور هى ايه؟؟؟

الرواية الجاية " الوجه الاخر للذئب "
ايش رايك فيها ؟؟
هيه اللي فازت بالمركز الثاني في التصويت ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

lanoo
07-05-2007, 11:24
اشكرك ياعزيزتي (وردة قايين) على تكملة الرواية الجزء جدا رائع




ياخت lovely sky يانور منتدى مكسات مين راح يكتب الرواية الثانية ومتى
وشكرا جزيلااااااااااا

lovely sky
07-05-2007, 11:30
اشكرك ياعزيزتي (وردة قايين) على تكملة الرواية الجزء جدا رائع




ياخت lovely sky يانور منتدى مكسات مين راح يكتب الرواية الثانية ومتى
وشكرا جزيلااااااااااا

حبيبتي و قلبي واختي لانو يا وردة المنتدي ... مشكورة على دعمك لنا و متابعتك للفريق
الرواية الجدية قامت الاخت وردة قايين مشكوووورة بكتابتها كلها ...
وان شاء الله هيه راح تخبرنا كيف ومتى بتنزلها ...
واحنا في انتظارها حبيبتي
نورتينا و اسعدتينا يا قلبي :D :D

همـس السكون
07-05-2007, 12:32
ربي يعطيكم العافيه على هذا المجهود الجبار::جيد:: ::جيد::
وعندي طلب يابنات لو ممكن تكتبون رواية " الفخ " لجانيت ديلي لأني من زماااااااااااااااااااان أدور عليها ..الف شكر لكم .

همـس السكون
07-05-2007, 12:36
وعلى فكره رجعتوني لذكريات جميله كنت قريت "غضب العاشق " من زمااااااااااااااااااااان وااااااااااااااااااااو الروايه فعلاً رووووووووووووووووووووعه...رووووووووووووووووووعه.. ونحن بأنتظار " الوجه الآخر للذئب "

lovely sky
07-05-2007, 13:40
ربي يعطيكم العافيه على هذا المجهود الجبار::جيد:: ::جيد::
وعندي طلب يابنات لو ممكن تكتبون رواية " الفخ " لجانيت ديلي لأني من زماااااااااااااااااااان أدور عليها ..الف شكر لكم .


مرحبا حبيبتي همس السكون ..
سعداء بمرورك ... و اسعدتينا بردودك ...

وان شاء الله تجدي هنا مع الوقت كل الروايات اللي تحبيها

دمتي بكل الخير :D

ورده قايين
07-05-2007, 17:35
19- الوجه الآخر للذئب--( من سلسلة عبير)

--------------------------------------------------------------------------------

19-الوجه الآخر للذئب 1982
ماري ويبرلي 1973
Master Of Saramanca
عاشت جين في كنف خالتها دورثي من غير أن تعلم شيئا عن والدها سوى ما أخبرتها إياه الخالة وهو أن هذا الأب القاسي الأناني تخلي عنها منذ12 سنة وغادر البيت إلي غير رجعة .
وفجأة عرفت جين أن والدها لم يتخلي عنها , وانه كان يراسلها باستمرار من دون أن تصلها أية رسالة , إلي أن وقعت على الرسالة الأخيرة التي يدعوها فيها إلي زيارته في جزيرة "سارامنكا".
وفي المطار اصطدمت جين بمشهد آلمها : رجل ضخم الجثة يصرخ في امرأة صينية مسنة , واثنان من أتباع الرجل يأخذانها إلي جهة مجهولة .
وتشاء الصدفة أن تلتقي جين الرجل نفسه في بيت أبيها بالذات ... وتتكرر المصادفات وكذلك اللقاءات , وفي كل لقاء كانت جين فريسة أحاسيس متناقضة تجاه الرجل الذي أرعبها تصرفه في المطار .
من هو هذا الرجل , وما هي حقيقة قصة المرأة الصينية ... وما هو الدور الذي يلعبه السيد غرانت في الجزيرة ... وكيف انتهي الصراع الطويل المرير بين جين والرجل القوي ؟


http://www.7oob.net/vb/uploaded/46768/1178558770.jpg

ورده قايين
07-05-2007, 17:38
::جيد::

-_ أنا آتية يا أبي


أول ما شاهدت جين هذا الرجل نفرت منه وقضمت شفتيها وسارعت إلي المجلة المفتوحة فوق ركبتيها محاولة أن تحجب عن أذنيها ضجة الأصوات المرتفعة في مبني المطار الذي تشوبه لسعة الحرارة في المرحلة النهائية من رحلتها إلي جزيرة سارامنكا . كانت الخالة دورثي تبعد عنها آلاف الأميال , هناك في انكلترا , وبرغم ذلك كانت كلماتها تطن في أذنيها : لن تستطيعي أن تعيشي وسط هذا الضجيج."
لم تكن هناك فائدة . فقد كان من المستحيل تجاهل ذلك المشهد كما كان من المستحيل تجاهل الخالة دورثي وقد انطلقت في انفعال . رفعت جين رأسها علي مضض ونظرت ثانية إلي الرجل المتسبب في تلك الضجة . كانت قامته أطول من الآخرين,وشامخا أمام بعض الموظفين , وأمام المرأة الصينية المنحنية المتشبثة بحقيبتها الكرتونية الرثة . كان هناك أيضا عدد من المتفرجين الذين شدهم ذلك المشهد . كان الرجل غاضبا وبرغم هذا لم يكن صوته مرتفعا . بيد أنه عندما كان يتكلم , كان يفعل كمن له سلطان , وكان الآخرون يسمعونه لفترة وجيزة , ليتحركوا من جديد بأيديهم , وجبينهم مكدود في يأس واضح . لم تكن لدي جين أدني فكرة عما يدور , المرأة الصينية يعلو هامتها المشيب , هادئة بجلال غريب وسط ذلك الهياج.
" يبدو أننا سنظل هنا إلي أن تنتهي المشكلة ."
رفعت رأسها سريعا لتنظر إلي الرجل في جوارها . يبدو انه أميركي , وقد تدلت آلة تصوير من عنقه فوق قميص منقوش بأزهار تخطف البصر :
" نعم , رغم إني لا أعرف السبب."
الرجل في الستين من عمره , بشرته سمراء وشعره كستنائي وعيناه بنيتان . جلس في جوارها , وقد اعتبر ردها دعوة صريحة لتبادل الحديث وقال:
" يبدو أن ذلك الشخص الضخم يعترض علي أن تستقل السيدة الصينية الطائرة إلي سارامنكا , أو علي الأقل هذا هو الانطباع الذي كونته ."
نظرت عبر القاعة نحو الرجل . ترى ما هي فرصة مثل تلك المرأة المسكينة للوقوف أمام رجل كهذا ؟ من الواضح أنه لا توجد فرصة على الإطلاق . ثم بدأ الجمع يتفرق . واقتاد أحد المسؤولين المرأة بعيدا تاركا إياها تحمل حقيبتها بنفسها.
" ما أقل ذوقه ..."
لم تكن تعي أنها تحدثت بصوت مسموع إلي أن رأت الرجل الجالس جوارها يلوي قسمات وجهه في شبه ابتسامة .
" إنه يبدو كرجل قادر أن يصل إلي ما يريد."
وقدم لجين بطاقته:
" دعيني أقدم نفسي . جاكسون تي ميلار . يمكنك الاحتفاظ بها هل أنت ذاهبة إلي سارامنكا"
" نعم , في أجازة."
ترددت جين عند لفظها الكلمة الأخيرة . فليس في وسعها أن تشرح لهذا الغريب عن أسباب سفرها.
" سأحضر بعض المرطبات. ما هو شرابك المفضل ؟"
ترددت جين ولكنها ابتلعت مخاوفها وقالت بخجل :
" أي شيء مثلج من فضلك . أسمي جين , جين ريتشي."
" إني مسرور بلقائك يا جين . فأنا لا أحصل كل يوم على فرصة التحدث مع فتاة جميلة ."
أختفي وسط الناس , الذين بدءوا يتحركون الآن تحركا طبيعيا بعد أن أنتهي الحدث المثير . أختفي الرجل الضخم , ولكن أحست جين برعشة خفيفة لم تره إلا عن بعد مع ذلك تلقت انطباعا بأن قوة قاسية تنبعث منه . الرجل شديد السمرة وقد لفحته الشمس , يرتدي بزة بلون الظبي الصغير من قماش خشن . لن تراه ثانية , هذا شيء يسعدها . بدأ ينقشع قدر من اليأس الذي خيم على جين قبل أن تترك لندن منذ ساعات . فهي لم تقدم على شيء خاطئ على الإطلاق . كل شيء سيسير على ما يرام , برغم تنبؤات الخالة دورثي المليئة بالتشاؤم.
تطلعت جين أمامها , لكنها لم تر ذلك الحشد , ولم تسمع تلك الثرثرة الحادة المتنوعة اللغات فللحظات عادت بذاكرتها إلي لندن لتعيش من جديد الصدام المرير مع خالتها .

ورده قايين
07-05-2007, 17:40
" أنها فرصتك الأخيرة . إذا ذهبت فلن تعودي إلي هنا أبدا".
كانت الخالة دورثي تقف في جوار النافذة مولية ظهرها لجين .
وحين استدارت ببطء كانت هناك بقعتان مشتعلتان فوق وجنتيها وأحست جين بوخزه تسري فيها بقوة لعلها من الشعور بالإشفاق , إذ فجأة رأت عمتها على حقيقتها , امرأة وحيدة في خريف عمرها تشعر بالمرارة وهي تري ابنة أختها تتحداها للمرة الأولي في حياتها.
" خالتي دورثي . اعلم أنك كنت كريمة للغاية عندما سمحت لي بأن أعيش معك السنوات الست الأخيرة وأنا أقدر كل ما فعلته من أجلي , ولكن ألا تستطيعين أن تتفهمي موقفي , أريد أن أشاهد والدي ألا يمكنك أن تحاولي أن تقدري وضعي ؟"
" كنت في السادسة من عمرك . عندما هجر والدك البيت ولم يسأل عنك .تتذكرين قولي ؟ لاشيء . لم يكن يصلح لشيء ولن يصلح أبدا ."
كانت يدا الخالة دورثي متشبثتين بظهر المقعد وقد بدت مفاصلهما بيضاء من التوتر وجهها شاحبا .
هزت جين رأسها وهي تقول :
" بعث إلي برسائل مرات عدة . دون أن تصلني واحدة منها . ولو لم يكشف لي ساعي البريد إلى مصادقة لما علمت بذلك . لماذا أخفيت الرسائل عني ؟"
" فعلت ذلك من أجلك أنت . لم أكن أريد أن أزعجك ."
" كانت الرسائل لي . ولم يكن من حقك أن تخفيها عني ."
" كان لي كل الحق . أنت تعيشين في بيتي وفي حمايتي ."
ضغطت جين على الرسالة الأخيرة التي تمدها لم تعد تخشي الآن تلك المرأة التي سيطرت على حياتها منذ كانت في الثانية عشرة من عمرها , منذ وفاة أمها .
" أنا لم أدرك إلي أي حد كنت مستاءة لبقائي معك . أنا آسفة ولكني سأبذل قصارى جهدي لأعوضك عما بذلت . سأعمل في عطلة نهاية الأسبوع إبان دراستي في كلية المعلمات ."
أمسكت عن الكلام بعدما رأت وجه خالتها الغاضب المتجهم . اندفعت الدموع إلي عينيها . أحست بصدمة حين اكتشفت فجأة أن خالتها تضن عليها بتلك الرعاية التي منحتها إياها طوال تلك السنين . والآن اتخذت جين قرارها , ولا عودة عنه . ليحدث ما يحدث فهي ذاهبة لرؤية أبيها . إنه لم يكن في حالة صحية تسمح له بالسفر وإلا لكان حضر إلي انكلترا . أبلغها ذلك في رسائله , رسائله التي ظلت حبيسة صندوق مكتب خالتها . قرأتها جين جميعا : رسالة رسالتان كل عام , من أماكن مختلفة من شتي أنحاء العالم , عدا الرسائل الأربع الأخيرة , فجميعها أرسلت من جزيرة في المحيط الهندي , اسمها سارامنكا . كانت طوابع تلك الرسائل رائعة الجمال عليها صور لطيور وأزهار غريبة بعثت جين على الفور برسالة إلي العنوان المثبت على متن الرسالة المهترئة . وجاءها الرد . بعد خمسة أيام , رسالة مقتضبة : رسالتي في الطريق إليك وفيها نفقات الطائرة . أحضري أرجوك .
مسحت جين دموعها , واستدارت تحمل حقائبها , لم يعد هناك مجالات لأي حديث
*****

ورده قايين
07-05-2007, 17:44
" هيا استيقظي يا حلوتي جين . أن الثلج يذوب."
كلمات قليلة أعادت جين إلي الواقع , لتري صديقها الجديد يرقبها بابتسامة عريضة.
" أنا آسفة , سافرت مع تأملاتي إلي البعيد "
أخذت الكوب المقدم إليها , شاكرة صديقها الامريكي , ثم مر في جوار المائدة احد الخدم ليقول:
"ستقلع الطائرة بعد خمس عشر دقيقة."
قاومت جين إحساسا بالذعر بدأ يهاجمها . لقد اقتربوا الآن من نهاية رحلتهم . ماذا لو كانت الخالة دورثي على حق : هل هي متهورة حمقاء ؟ انطلقت الأفكار في دوامة جنونية . ثلاث ساعات أخري ويصلون .
سالت رفيقها الاميريكي :
"هل ذهبت قبل الآن إلي سارامنكا ؟"
" نعم , مرة أثناء الحرب لا يمكنني أن أنساها . وهذا هو سبب عودتي إليها."
" أخبرني عنها بالتفصيل ."
" أظن أنها مختلفة الآن , لكنها مكان فسيح قد يصل طولها إلي ستين ميلا . تبدو من الطائرة وكأنها سمكة عملاقة . خضراء جدا , نباتها مورق وطبيعتها غنية بما يسحر ويريح."
كانت في عينيه نظرة حالمة كأنه غجري منطلق مع قيثارته :
" نعم يا سيدتي . إنها رائعة هناك ينمو قصب السكر على مدي أميال وأميال ."
" هل أنت ذاهب في أجازة؟"
" يمكنك أن تسميها رحلة إلي الماضي ."
توقف قليلا ثم ابتسم وقال:
"ولكن ما الذي يجعل فتاة مثلك تقطع كل هذه المسافة وحيدة لتأتي إلي هنا ."
روت له جين بإيجاز قصة رسالة أبيها ودعوته المفاجئة لها.
" هذا شيء رائع . ألم تريه منذ اثنتي عشرة سنة ؟ أراهن أنه سيكون لقاء رائعا."
عبر الميكروفون جاء صوت المذيعة الجاف:
" الرجاء من المسافرين إلي سارامنكا التوجه إلي الباب الرئيسي."
جلست جين في مقعد مجاور للنافذة محدقة في الحشد الصغير المتجمع أمام مدخل الباب الرئيسي وأحست بالارتياح وهي ترقب ذلك الحشد لأنه لم يكن هناك أثر لذلك الرجل الغريب الطويل القامة . أقلعت عدة طائرات منذ أن حدث ذلك المشهد الكريه في المطار . من المحتمل أن يكون قد أستقل إحداها . لم يكن هناك أثر أيضا للمرأة الصينية . وتساءلت جين عما يكون قد حدث لها . إن منظر تلك المرأة العجوز وهم يقودونها بعيدا لا يبرح مخيلتها . وعندما كانت على وشك أن تدير رأسها بعيدا عن النافذة لتحدث رفيقها المنهمك في دراسة بعض الأوراق التي استخرجها من محفظته , توقفت وأطلقت شهقة وقالت :
" أوه _ لا ."
" ماذا هناك ؟"
" أنظر ."
أشارت جين إلي رجل طويل يسير متمهلا خارجا من المبني . كان هو ذلك الرجل نفسه , الذي تسبب في ذلك الصخب يسير الآن نحو الطائرة . كان قد خلع سترته , وحملها فوق كتفيه , كان يبدو وكأنه غير مبال بأي شيء حوله .
" اعتقدت بأنه رحل."
" أنا أيضا . هل قلت إن سارامنكا كبيرة ؟"
" كبيرة بالقدر الذي يكفي لكي لا تصدمي به , إذا كان هذا ما تعنينه من السؤال ."
ضحك ضحكة خفيفة وقال:
" هل تكرهينه إلي هذا الحد ؟"
" أنا لا أحب أي شخص يستخدم ماله ونفوذه أو أي شيء ليستأسد على من هم أضعف منه ."
" في عينيك بريق غامض , أتدرين أنك جميلة حقا ؟ تذكرينني بابنتي الصغرى "
تحسس جيب سترته وأخرج محفظة سحب منها صورة بناته وزوجته , فراحت جين تلهي نفسها بمشاهدة الصور كيلا تري الرجل الضخم الذي دخل الطائرة في اللحظة نفسها , حانيا رأسه ثم سار متجها نحوها .
" أنهن جميعا جميلات ."
قالت ذلك وهي تتجاهل المضيفة وهي تحوم حول الرجل الذي استقر في مقعد في مؤخرة الطائرة . وقد جرت بينهما أحاديث لم يكن في وسعها أن تسمعها .
وعادت جين تتأمل أفراد عائلة رفيقها الأميريكي . عرفت ماذا كان يعني جاكسون بالتشابه بينها وبين أبنته . كانت الفتاة طويلة , ربما أطول قليلا من جين . كان شعرها طويلا مسترسلا داكنا , كما كان هناك تشابه طفيف مع عيني الفتاة الواسعتين ذاتي الرموش الكثيفة . أعادت جين الصورة مبتسمة . كانت برغم كل شيء متنبهة تماما إلي وجود الرجل الجالس خلفها . وحين دعي الركاب إلي ربط الأحزمة استجابت بصورة تلقائية . قد تكون تلك هي المرة الأخيرة التي ستري فيها الرجل الضخم بعد مغادرة المطار . في أي حال أن ما يهمها الآن هو أنها ذاهبة إلي والدها . لفحتهم الحرارة وهم يغادرون الطائرة . تعثرت جين على السلم فأمسك جاكسون بذراعها ثم نظر إليها في حنان وقال:
"هل سيكون والدك باستقبالك ؟"
هزت رأسها وهي تطرف بعينيها قليلا من شدة وهج الشمس :
" كلا . طلب من أحدي جاراته أن تستقبلني أرسلت صورتي في رسالتي الأخيرة وقال لي إنها ستتعرف على أنا أشعر ببعض الدوار ."
سأنتظر حتى تأتي هذه الصديقة . لا أحد يعرف ما سيحدث ."
" أنت طيب للغاية , لكني "
"لا يمكنني أن أتخلي عنك وأنت في هذه الحال ."
" آسفة ماذا قلت ؟"
أعادها صوت جاكسون مرة أخري إلي الواقع .
" يبدو أن تلك السيدة القصيرة تلوح لك ."
نظرت جين إلي الحشد الصغير المجتمع خلف حاجز خشبي . الجميع يلوحون بالمناديل تنطلق منهم أصوات سعيدة صاخبة , رأت امرأة شقراء تلبس ثوبا بسيطا مشجرا بالإزهار . كانت تمسك بصورة فوتوغرافية , وعيناها تحدقان في جين وهي تبتسم .
" أنت على حق . هذه المرأة جاءت لترافقني ."
لم يكن ما عاشته حلما . أن أباها موجود هنا بالفعل , وقد أرسل في طلبها .
قالت المرأة الشقراء ذات الأربعين عاما :
" يا عزيزتي , عرفتك على الفور _ أنا ميغان ديفيز جارة أبيك هل كانت رحلتك جيدة؟"
" رائعة . شكرا لكنني متعبة قليلا ."
وبعدما تعرف جاكسون إلي المرأة قال :
" سعدت بلقائك يا ديفيز . كنت أود فقط التأكد من أن شخصا ما سيكون في لقاء جين ."
قالت جين ضاحكة :
" شكرا لك على رعايتك واهتمامك ."
وبعد مغادرتهما أ رض المطار حدث شيء غريب . أطلقت ميغان نفير سيارتها ولوحت بيدها . استدارت جين وفي ظنها إنها تلوح لجاكسون لكنها كانت سيارة مرسيدس بيضاء انطلقت بجوارهما . وأثناء ذلك حيا السائق ميغان . لم يكن ذلك الشخص سوى الرجل المشاغب الضخم .
"لم أعرف أنه عاد على الطائرة نفسها معك ."
استدارت ميغان في ذهول في اتجاه جين , ورأت التعبير الذي يعلو وجهها وقالت :
" ماذا هناك يا جين ؟"
" لاشيء ... سبق لنا وشاهدنا هذا الرجل في مطار جافر كان يتشاجر مع بعض الموظفين ."
انطلقت ميغان ضاحكة :
" إنه غافن غرانت المعروف في كل مكان . ماذا كان سبب الشجار؟"
" لا أعرف ."
ردت جين بهدوء مدركة أنها تقف على أرض زلقة . فهذا الرجل , كما يبدو صديق لميغان . لذا ينبغي ألا تحس به .
لكنها لم تستطع الكذب , وأفصحت قائلة:
" جاكسون يعتقد أنه كان يحاول منع امرأة صينية من أن تستقل الطائرة . كانت تقف هناك ممسكة بحقيبة من الكرتون , ثم اقتادوها بعيدا وما عدنا رأيناها ."
" أنا واثقة ,أن الحقيقة تختلف عن المظهر تماما ."
" كيف حال أبي ؟"
أرادت جين أن تغير مجري الحديث.
" ليس على ما يرام يا جين . أنه في شوق إلي رؤيتك طوال الأسابيع القليلة الماضية ومنذ أن قلت إنك قادمة كان كالطفل . اضطر ماك أن يعطيه مهدئا غير مرة."
" ماك ؟"
" الدكتور دانكان ماكدونا هو معروف لدى أبناء الجزيرة باسم ماك أنه لم يفقد أبد لهجته الاسكتلندية الواضحة وهو ووالدك صديقان قديمان."
".

ورده قايين
07-05-2007, 17:45
" بماذا يشعر أبي ؟"
" لا نعلم ماك طلب منه أن يذهب ليعرض نفسه على صديق له أخصائي في سيلان . لكنه رفض بإصرار أرجو أن تحاولي إقناعه."
" سأحاول بالطبع ."
ربتت ميغان على ذراعها :
" أنا سعيدة بمجيئك يا جين فأنا في حاجة ألي صديقة تخفف عني وطأة الرجال."
" هل هذا أمر سيء ؟"
" كلا , ولكن ليس في وسعك أن تتحدثي معهم بالطريقة نفسها , أتستطيعين ذلك ؟ ابني كولين سيحاول على الأرجح أن يختطفك بعيدا , لكنني سأكون حازمة."
" كولين ما عمره ؟"
كانت جين تتصوره غلاما في سن المراهقة .
" 23سنة. إنه يعمل لدي غافين ."
" أنا لا أعرف أي شيء عنك وعن عائلتك ."
" أنا أقطن قريبا من أبيك . وعندما أقول جارته الملاصقة فهذا صحيح إلي حد ما لكن منزلي يبعد عنه حوالي نصف ميل تقريبا . أنا أرملة منذ سبع سنوات وأعيش مع كولن . أما أبوك فيعيش وحيدا باستثناء ألين مديرة المنزل هي لطيفة للغاية ولكنها ميالة جدا إلي السيطرة . ثم هناك غافن."
" أتعنين أن غافن جار لأبي أيضا ؟"
" نعم يجب أن تري منزله يا عزيزتي أنه خرافي . فهو في الواقع يملك الجزيرة ويفرض عليها قوانينه الخاصة كما ستكتشفين بنفسك."
ضحكت ثم استطردت :
" هناك ليوني سمايث وابنتها سارة لكن منزلهما يبعد أميالا عدة . ستلتقين بهما حتما . أحب أن أعرف رأيك فيهما , إن ليوني ترغب في أن ترى أبنتها زوجة لغافن , وهي قد ترى فيك المنافسة الخطيرة . ألم يقل لك أحد بعد كم أنت جميلة ؟ لو كنت أملك عينيك الخضرواين لكنت في قمة السعادة ."
صمتت جين , أدركت فجأة ان ميغان كانت تتحدث في صدق , الخالة دورثي غرست فيها وبصفة مستمرة أنها مجرد فتاة عادية , وتقبلت هي هذا الوضع , كان ذلك يجعل الحياة أسهل . والآن بدأت تدرك أن آراء الخالة ليست دائما في محلها .
وصلتا إلي المنطقة المتحضرة , بدت لمحات خاطفة لبعض الفيلات من خلال أشجار النخيل الكثيفة , مبان منخفضة بيضاء ذات أبواب ملونة , وصاحت جين :
" إنها رائعة ."
" وصلنا الآن إلي منزل غافن , انظري إلي يسارك يا جين , هناك منزل عال ذو شبابيك خضراء وسطح به حديقة ملأي بالأشجار
والأزهار اليانعة المورقة من كل نوع ولون."
" هل يسكن هنا ؟"
" نعم , أنه يقيم حفلات رائعة تظل حديث سارامنكا كلها ."
شعرت جين بما يشبه الجيشان بسبب حرارة الجو من جهة وبسبب ازدياد كرهها لغافن الذي يحظي , على ما يبدو , باحترام المرأة التي ترافقها .
وعقدت العزم على ألا تذهب إلي أي من حفلاته إذا دعاها وهذا أمر مستبعد .
أدركت , وقد أسرعت خفقات قلبها , أنهما يقتربان من منزل أبيها . كيف سيكون شكل البيت من الواضح أن هناك ثراء أين هو مما قالت الخالة دورثي ؟ قالت انه على الأرجح يعيش في كوخ بناه من أعشاب الشاطئ يا ليتها كانت هنا الآن.
" أشكرك لك يا مغان حضورك للقياي."
ضحكت ميغان قائلة :
"يجب أن أعترف بأنني كنت متشوقة لأراك آمل أن أكون حاضرة عندما تلتقين ليون وسارة ."
" أنا أرجو ذلك أيضا يا عزيزتي ".
" وصلنا "
انعطفت السيارة إلي طريق خاص واسع متعرج يشبه كثيرا الطريق المؤدي إلي منزل غافين غرانت غير أن المسافة بين الطريق والفيلا . البيضاء التي ظهرت الآن كانت أقصر . شهقت جين في دهشة عندما شاهدت المنزل . كانت هناك شرفة طويلة فيها أعمدة بيضاء نحيلة تدعم قرميد السقف . وكانت النوافذ ذات لون أخضر فاتح وقد فتحت على مصراعيها أمام أشعة الشمس . كل هذا محاط بمنظر الأزهار والورود ذات الرائحة الشذية وقد ترعرعت في انطلاق حول الحشائش الخضراء .
" قالت جين :
" لم أكن أتوقع أن يكون بيت أبي في مثل هذا الجمال ."
" حسنا تعالي يا عزيزتي فأبوك ينتظرك ."
كان هناك شيء غريب في الطريقة التي تحدثت بها ميغان لكن جين لم تكتشف السبب ألا بعد فترة . خرجت من السيارة وهي تشعر بالتعب . وسط حرارة شديدة مشبعة بالرطوبة .
قالت ميغان :
" ستعتادين ذلك حاولي الاحتفاظ بطاقتك إلي ما بعد الظهر وأؤكد لك أن الجو يصبح أبرد وألطف في المساء ."
دخلتا إلي بهو رطب جدرانه بيضاء فيه سجاجيد رقيقة فوق أرضيته الخشبية اللامعة . كان هناك أيضا العديد من اللوحات المعلقة فوق الجدران . وغيثار ينعكس خشبه الداكن مع لون الجدار الأبيض المبهر من خلفه فرحت جين برؤية الغيتار وكانت على وشك أن تتكلم عندما سمعت صوتا يقول :
" ميغان , هل أحضرت ابنتي معك؟"
جاء صوت ميغان بنغم شجي :
" نعم يا جون , وستأتي فورا ."
دخلتا غرفة جلوس فسيحة في مؤخرتها نوافذ واسعة تطل على مزيد من الحدائق تنحدر نحو غابة من النخيل ذي الورق اللامع المتموج . تناثرت في الغرفة قطع من الأثاث الخيزراني البسيط التي أعطت انطباعا بالأناقة وقد أمتلات الجدران بمزيد من اللوحات . وسط كل هذا كان الرجل هو الذي أستحوذ على انتباه جين وقد تلاشي كل ما عداه وهو ينهض من مقعده وذراعاه ممدودتان.
" جين ,ابنتي ..."
كان صوته منفعلا , واتجهت نحوه كأنها في حلم . كان هذا هو الرجل الذي حلمت به ولم تتخيل أنها ستراه . كان اكبر سنا مما كانت تظن ذاكرتها , لكن جون ريتشي كان رجلا وسيما , وكان شعره الداكن الذي يتخلله لون رمادي باهت ممشطا إلي الخلف كاشفا عن جبين عريض , كانت عيناه تشبهان كثيرا عيني ابنته , حنونتين , مليئتين بالحزن .
" أبي , أبي !."
" جين طفلتي بعد كل تلك السنوات ."
تعلق كل منهما بالآخر في صمت ثم أبعدها في رفق :
" دعيني أتأملك . أنا لا أصدق أنك أنت ابنتي حقا ."
" نعم أنا أبنتك . وعندي الكثير مما يجب أن تطلع عليه ."
" لا . ليس الآن قلت لي ما يكفي يا جين في رسائلك . لست في حاجة إلي أن تقولي لي شيئا عن شخصية دورثي . أين ميغان ؟"
عادت ميغان وهي تبتسم :
" سمحت لي إلين أن أحضر لكما هذا بنفسي . ستحضر هي بعض الكعك ."
استطردت ميغان وهم يتناولون القهوة:
"رأينا غافن في المطار . لم أكن أعلم أنه سيكون على الطائرة نفسها مع جين."
رفع جون ريشي وحاجبيه في دهشة :
" ولا أنا أيضا , غريب أنه لم يذكر ذلك عندما كان عندي أمس ."
نظر إلي جين متسائلا :
"ما رأيك فيه ؟"
وقبل أن ترد جين اندفعت ميغان ضاحكة :
" أخشي يا جون أن تكون جين قد أخذت انطباعا سيئا عنه . حدث مشهد صاخب في مطار جافر ويبدو أنه كان هو المتسبب فيه ."
ابتسم جون ريتشي وقال :
" آه فهمت , يمكن أن يكون مخيفا إذا كان في إحدى نوبات طبعه الحادة . لا بأس غدا تعرفه تماما عندما تتعرف إليه . أنا متأكد من ذلك والآن أخبريني يا جين ما رائك في سارامنكا ؟ أهي كما تصورتها."
تنفست جين الصعداء وراحت تروي لأبيها ما شاهدته .
دخلت إلين , وكانت امرأة ملونة ضخمة , وهي تحمل صحنا كبيرا مليئا بالكعك والشطائر قدمها جون ريتشي لجين وكان من الواضح أنه يحمل لها الكثير من التقدير . وعندما غادرت الغرفة نظرت ميغان إلي ساعتها وقالت:
" يجب أن أذهب الآن إلي اللقاء, سأمر غدا لأراكما ."
" أن ميغان صديقة طيبة , وكذلك أبنها كولين ستكون هذه أجازة طيبة لك وسأبذل كل ما في وسعي لأجعلها كذلك ."
" يكفي إنني هنا لم أتخيل لحظة أن ذلك سيتحقق."
أمسك جون ريتشي بيديها وقال:
" لن نأسف على ما فات . أن المستقبل هو كل ما يجب أن نفكر فيه الآن أريدك أن تفكري بجدية في البقاء معي , أن تجعلي من هذا المكان بيتا لك "
كان لكلماته وقع غريب على جين .
"أنا_ أنا ".
" لا ليس الآن . أنا لا أريدك أن تقولي شيئا الآن . أنا رجل ثري يا جين . لقد كنت محظوظا وليس لي من أشاركه ذلك سواك . لكن القرار هو قرارك . وأنا لست مستعجلا أشعر أنني صغرت عشر سنوات بعد أن رأيتك . إنك تشبهين أمك كثيرا ."
توقف برهة ثم استطرد :
" لدي الكثير لأقوله لك _ ولكن ليس الآن . سأستدعي إلين لتريك غرفتك . استغرقت في إعداده أياما عدة."
ابتسمت جين وقد بدا عليها الإعياء , ثم تذكرت شيئا فقالت :
" رأيت آلة غيتار في البهو . أتعزف علي الغيثار ؟"
لمعت عيناه قائلا :
" كنت معتادا على ذلك في الماضي . لا تقولي لي إنك تعزفين الغيتار أيضا؟"
" نعم تعلمت ذلك في المدرسة . كنت أود أن أحضر غيتاري معي لكني لم أستطع نظرا للوزن المسموح به للأمتعة ."
ضحك والدها وقال :
" هذا رائع ! جين تلعب الغيتار , لا أصدق ذلك . أتدرين أنه كان أول آلة أتعلم العزف عليها والآلة الوحيدة كذلك . عديني أن تسمعيني بعض الموسيقي غدا ؟"
" أعدك بذلك ."
انحت جين لتقبله في الوقت الذي دخلت إلين تطقطق بخفيها على أرضية الحجرة البراقة وقالت لها:
" أنك في حاجة إلي أن تنامي قليلا , وغرفتك معدة . تعالي معي 0

ورده قايين
07-05-2007, 17:47
عندما استيقظت جين كان الظلام مخيما وكانت الغرفة باردة . أحست بالجوع فجأة . قفزت من سريرها , لبست خفا من الفرو وتدثرت جيدا ثم ذهبت إلي الحمام .
رأت ضوءا منبعثا من الطابق الأسفل , وبعد تردد نزلت في هدوء . كانت تأمل أن تجد شيئا لتأكله , سارت عبر البهو حيث كان ضوء خافت يسطع على الغيتار وعلى اللوحات . توقفت جين أمام أحداهما , وقد نسيت جوعها وهي تحدق في الألوان الزاهية في لوحة صياد يقف في جوار زورقه , كانت لوحة بالألوان الزيتية بدت أكثر أثارة وغموضا تحت الضوء الخافت . خيل إلي جين أنها شاهدت اللوحة من قبل . ولكن كيف يمكن أن يحدث ذلك ؟
أحست بالحيرة , واستأنفت في هدوء يشدها ذلك الوهج الدافئ المنبعث من مصباح في غرفة تقع في نهاية الممر , دفعت الباب لتجد نفسها في المطبخ .
أتت إلين بحركة خفيفة في مقعدها الهزاز ثم فتحت عينيها وابتسمت لجين قائلة :
" أنت جائعة أليس كذلك ؟"
" نعم . أنا آسفة يا إلين إذا كنت أزعجتك ."
" لا يا طفلتي . لقد كنت أريح عيني فقط كنت أعلم أنك ستستيقظين في هذا الوقت . الجميع يفعلون ذلك بعد رحلة طويلة . أجلسي . هناك بعض الدجاج سأحضره لك ."
" شكرا يا إلين . رأيت منذ قليل لوحة زيتية في البهو . هل أحضر أبي معه العديد من الرسوم عندما جاء إلي هنا؟"
" ماذا ؟ أنها ملكه . اعني أنه هو الذي رسمها . ألم تعرفي ذلك ؟"
كانت دهشتها تعادل دهشة جين نفسها .
" أتعنين أن أبي رسام ؟ هذا غير معقول."
" نعم أنه كذلك . بل أنه أهم رسام . هو يبيع لوحاته في مختلف أنحاء العالم . أحقا لا تعرفين ؟"
هزت جين رأسها وهي مذهولة . أن هناك الكثير لا تعرفه , بلا لا يمكن لها أن تتخيله وقد بدأت الأشياء الآن تنتظم في شكل محدد :
" لم أعلم شيئا عن أبي , لم أعلم شيئا على الإطلاق يا إلين , إلي أن اكتشفت رسائله ورددت عليها ."
" أصدقك يا طفلتي . لا تضطربي هكذا . أني فخورة بأني أعمل لدي والدك . لقد حضر خبراء من شتى أنحاء العالم إلي هنا ليروا اللوحات ويبتاعوها . ألم تشاهدي أيا منها من قبل ؟"
هزت جين رأسها في ذهول :
" لا أعلم لكن اللوحة التي في ا لبهو , لوحة الصياد والزورق , تبدو مألوفة لدي ."
" قد تكونين شاهدتها في الصحف . فقد جاء إلي هنا في العام الماضي مراسلو عدد من المجلات والتقطوا صورا لإعمال أبيك . إن اسم اوغستاس ريتشي معروف في العالم كله."
همست جين قائلة :
"أوغستاس . أوغستاس . بالطبع كم كنت حمقاء !"
لقد رأت طبعات لرسومه الحية لبعض الجزر . مناظر طبيعية زاهية الألوان ذات أسلوب مميز الحق عليه الخبراء صفة البدائية . وأستوقف نظرها أسم ريتشي أيضا , لكن هذا هو كل ما حدث . لم تكن لتتخيل أن أباها هو الذي رسمها .
" بالطبع , أسمه جون لكن أسمه الآخر أوغستاس وهو يعني الشخص ذا المكانة الرفيعة ."
تنهدت إلين , كان وجهها ترتسم عليه الطيبة وهي تطقطق فوق أرضية المطبخ لتضع الطبق أمام جين .
" لديك الكثير لتعرفيه عن أبيك , أليس كذلك ؟ إنه سعيد بمجيئك , يمكنني أن أري ذلك وقد سررت لذلك أنا أيضا ."
" أشكرك يا إلين ."
ابتسمت جين قائلة , وهي تحس بعاطفة مفاجئة نحو هذه المرأة :
" أنا لا أشعر بالنعاس . هل استطيع أن أخرج لأتمشى في الحديقة ؟"
" بالطبع . يا حلوتي , لا لصوص هنا في سارامنكا . ولكن هل أنت متأكدة من أنك ستخرجين في هذا الوقت المتأخر."
" متأكدة طبعا . وإلا فلن أستطيع النوم."
" سأحضر لك مشعلا ,فوالدك لن يسامحني إذا تعثرت وأصبت . عديني ألا تبتعدي كثيرا عن المنزل ؟"
" أعدك يا إلين . أريد فقط بعض الهواء النقي."
" إذن اصعدي حالا وارتدي معطفا فوق قميص النوم . فالجو بارد في الخارج سأحضر لك المشعل ."
ركضت جين سعيدة إلي الطابق الأعلى . فكرت أن تسير عبر ذلك الممر لتصل إلي الطريق ثم تعود . أن ذلك سيساعدها في تخفيف وقع الأنباء المتراكمة عليها .
أنبعث صوت الحصى المطحون تحت قدميها ولفتها رائحة أزهار خفيفة . كان الجو باردا , وشعرت بالسعادة لأنها تدثرت بالمعطف. ممسكه بالمشعل . وقفت قليلا في الظلال بعيدا عن المنزل حتى تعتاد عيناها على الظلام .
كان الليل هادئا والسماء مرصعة بالنجوم تتلألأ على مدى أبعاد لا نهائية . كان الإشعاع الخافت المنبعث من القمر يعطيها ضوءا كافيا لترى طريقها .
تنفست جين في عمق وأحست بسعادة مطلقة تحتاجها , لم يكن هناك خطأ في تصرفها . قطعت الآف الأميال لتصل إلي هنا واختفي تماما كل المخاوف والآلام . إن والدها يريدها , وهذا هو كل ما يهم .
سارت ببطء وحرص , وكأنها تخشي السكينة المسيطرة , ثم ما لبثت أن سمعت نباحا رهيبا وصوتا يصرخ :
"كارلو , قف مكانك."
خمد الكلب وهو يئن أنينا خافتا ورقد تحت قدمي جين , أخذت تبحث عن زر المشعل ثم أضاءته لتجد غافن غرانت يتقدم نحوها في خطى واسعة.

ورده قايين
07-05-2007, 17:48
- اللقاء



هل أرعبك الكلب ؟ لا تخافي فهو لن يؤذيك
كان قلب جين يخفق بسرعة وهي تواجه الرجل الضخم الذي كرهته من النظرة الأولي :
" هل يقفز هكذا دائما في وجه الناس ؟"
" لا ,أنه لا يفعل ذلك . لكنه أيضا لا يرى عادة أي شخص في هذه الساعة المتأخرة من الليل ."
كان صوته هادئا , وكان يمكن أن تجده جذابا ولكن بسبب ما حدث , أحست جين بكيانها كله ينفر من الرجل .
قالت وقد استدارت عائدة إلي منزل أبيها .
" على أن استأذنك قبل أن أتمشي في الليل ثانية ."
" أتقطنين هنا؟"
"نعم , طابت ليلتك ."
" أذا , أنت أبنه جون؟"
استدارت نحوه . وقالت:
"نعم أنا أبنته."
كانت جين ترتجف لكنها كانت واثقة أنها إذا استمرت تتحدث إلي الرجل فإنها ستقول شيئا تأسف عليه . لم تكن تفهم سبب التأثير الغريب لذلك الرجل عليها ولكنها كانت تعرف تماما أنها لم تلتق من قبل شخصا آخر يستطيع أن يثير فيها مشاعر الغضب مثل هذا . راعها بل أفزعها أن تكتشف أنها وهي الهادئة المتسامحة , قادرة علي الإحساس بمثل تلك الكراهية .
" أنا غافن غرانت , جار أبيك يا آنسة ريتشي . أمل أن نلتقي ثانية في مناسبات أفضل من هذه . هل أصحبك إلي المنزل؟"
" لا شكرا , يمكنني أن أتدبر الأمر ما دمت قد أبعدت كلبك ."
استدارت جين وسارت في أنجاه باب المنزل . وخيل إليها أنها سمعت صدى هازئا لكلماته . لقد كان هناك شيء آخر في صوته غير ذلك الإحساس بالدهشة _ كان هناك خيط دقيق من الاحتقار . وأحست جين وكأن وجهها يشتعل وسط الظلمة الباردة كيف يجرؤ أن يتحدث إليها هكذا؟
استغرقت جين في النوم حتى ساعة متأخرة من النهار . نهضت ونزلت مسرعة إلي الطابق الأسفل يخامرها شعور بالذنب لتأخرها متلهفة في الوقت نفسه إلي لقاء أبيها . وعندما اقتربت من غرفة الجلوس الفسيحة توقفت عند سماع أصوات في الداخل . إن لديه زوارا . أصلحت جين من شعرها . كانت ترتدي ثوبا بسيطا حاكته بنفسها من القطن الأزرق بلا أكمام . وقفت جين أمام الباب في توتر ثم طرقته ودلفت إلي الداخل.
استقبلها أبوها بذراعين ممدودتين قائلا :
" جين يا عزيزتي , أطلعت على تفاصيل مغامرتك ."
أيقنت جين دون أن تلتفت أن الرجل الواقف أمام المقعد المواجه لأبيها لم يكن سوى غافن غرانت .
" طاب صباحك يا آنسة ."
التفتت جين تجاهه وظلت ممسكة بيدي والدها .
" طاب صباحك يا سيد غرانت ."
كانت تلك هي المرة الأولي التي تراه بوضوح , رأت عينيه رماديتين تتفحصانها بهدوء . كان وجهه صارما وذقنه مربعة متجهة بعمق إلى الأسفل. شعره الداكن الأملس الذي كان يعلو جبهته بتنسيق جيد كان أطول قليلا من المعتاد.أما فمه كان واسعا فيه لمسة من القسوة. مد لها يده محييا فأمسكت جين بها على مضض وأحست بقبضته القوية . حدثتها غريزتها بأنه رجل قوي خطير وان هناك كراهية مقنعة من جانبه تجاهها تثير قلقها وحيرتها في أن.
قال أبوها وهو يضغط على يديها :
"لندع الرسميات جانبا .أليست جميلة ياغافن؟"
احني غافن غرانت رأسه قليلا بقدر من الافتعال:
"بالطبع جئت لأعتذر عما حدث بالأمس , يا جين"
"ليس هناك داع للاعتذار, فكل شيء على مايرام."
جلست جين تستمع إلى حديث الرجلين وهي تشعر بأنها تريد مغادرة المكان لقد سيطر غافن على الجو كانت تشعر بعينيه مثبتتين عليها حتى من دون أن تنظر إليه . وأحست بغصة : كان في الثلاثينات من عمره, إذ مظهر قوي يوحي بأن لديه القوة الكافية لسحقها إذا أراد ذلك . وبعد جهد تمكنت جين من أن تقول , منتهزة فرصة من الصمت :
" سأذهب لأتناول فطوري يأبي فأنا لا أحب أن أدع إلين تنتظر فاسمحا لي."
وقفت واتجهت صوب الباب , فتحرك غافن ليفتح لها الباب .
" شكرا."
تبادلا النظرات . كان هناك ذلك الإحساس العدائي , وبرغم أنه كان مقنعا بصورة بارعة , ألا انه كان واضحا تماما لجين . وتضايقت . لماذا يكرهها؟ ليس لديه أي مبرر لذلك . اتجهت جين ناحية المطبخ وهي تشعر بالقلق لتطور الأحداث.
يبدو أنها نسيت كل شيء الآن وهي تسير ببطء مع أبيها في الحدائق الشاسعة المحيطة بالفيلا وسمعت هدير البحر . فاستدارت نحو أبيها وقالت:
"لم أعلم أننا قريبون من البحر إلي هذا الحد ."
"للأسف أننا لا نراه من المنزل , ولكن ليس في وسع المرء أن يمتلك كل شيء . إن غافن يقيم أحيانا حفلات على شاطئ البحر . أريد أن أدلي بعض الملاحظات في هذا الصدد."
" لا توجهها إلي أرجوك , فليس لي شأن في هذه الأمور."
" هل أفهم من ذلك أن هناك بعض الفتور بينكما ."
" أنا آسفة يأبي . لم أقصد ذلك ."
" لا تكوني عصبية إلي هذا الحد . فقد كنت أهزل معك فقط أنا أعرف تماما أنه مستبد إلي حد ما . لكنك ستجدينه شخصا رائعا عندما تزداد معرفتك به ."
كان واضحا أن والدها معجب بغافن غرانت فهو جاره وصديقه أيضا . أما هي التي وصلت بالأمس فهي مجرد دخيلة . كيف يمكنها أن تتجرأ وتقول أنها تجده متعجرفا للغاية وأنها لن تنسي أبدا تصرفه في المطار.
ابتسمت وقالت :
" أنا واثقة من انه لطيف للغاية . كنت بلهاء . أرجوك دعنا ننسي ذلك أريد أن أعرف الكثير عنك . لماذا لم تشر إلي لوحاتك في رسائلك إلي؟"
تنهد جون وقال:
" روت لي إلين ما دار من حديث بينكما أمس . أنا لم أشر إلي ذلك لأني أردتك أن تحضري لرؤية والدك , وليس لرؤية رسام سخيف."
" كنت سأحضر في كل الأحوال ."
جلس جون وجين في أريكة تحت ظل نخلة طويلة , صدر حفيفا كان الهواء مثقلا برائحة نبات الياسمين البري . كل شيء فيه لمسة جمال زاهية فأحست جين بالراحة وقالت :
"ما تخيلت أن يكون كل شيء رائعا هنا..."
وفجأة غيرت مجري الحديث وقالت :
" لم أكتشف أنك كنت تراسلني إلا منذ شهر فقط."
" كنت أعرف دورثي تكرهني لكني لم أكن أتصور أبدا أنها ستنحط إلي هذا الحد. وعندما كتبت إلي ."
" هل كتبت إليك؟"
" نعم ! لا تقولي لي أن ذلك كان دون علمك ."
" متى كان ذلك فأنا لا أعلم شيئا؟"
" منذ حوالي عامين عندما استقر بي المقام هنا . كتبت لتطالبني بأن أكف عن إزعاجك وأنك لا تريدين سماع أي شيء يتعلق بي وأنني أضيع وقتي هباء في الكتابة إليك."
ارتعشت شفتا جين وهي تقول :
" لا .. لا لكنك واصلت الكتابة بعد ذلك ؟"
" لم يكن أمامي حل آخر . فكرت أنك في يوم ما ستصفحين عن إنسان عجوز ."
قالت والدموع في عينيها :
" لا تقل ذلك أرجوك . أنا لا أفهم يا أبي لماذا كانت تفعل ذلك , وربما لن أفهم أبدا , ولكني أقسم أنني كنت ولو وصلتني رسالة واحدة منك ."
" أعلم ذلك الآن يا طفلتي . دعيني أقول لك شيئا آخر قبل أن ننهي هذا الموضوع . عندما تركت أمك , كان ذلك لأنها طلبت مني أن أرحل , لقد أحببتها لكني أدرك الآن بعد ما فكرت في الأمر طوال تلك السنوات أن دورثي هي التي أثارتها ضدي . إنها بشكل ما المتسببة في انفصالنا وأنا أعلم ألان لماذا فعلت ذلك؟"
تساءلت جين ببطء :
"هل كانت تحبك ؟"
" نعم , أتصور ذلك . التقينا منذ عشرين سنة في سانت ايف أثناء العطلة الصيفية . كنت في الخامسة والثلاثين من عمري وكنت فقيرا أحاول أن أمارس هواية الرسم لكني لم أكن قد حققت شيئا بعد . ثم التقيت دورثي وشقيقتها . كانت دورثي في الثلاثين من عمرها وكانت والدتك تصغرها بخمس سنوات. تعارفنا وأخذنا نتبادل أطراف الحديث كما يفعل الناس عادة في عطلاتهم . كانت دورثي هي الأخت المسيطرة . أما لوسي والدتك فقط شدتني كثيرا . خرجنا معا عدة مرات , أحيانا مع دورثي , وأحيانا آخري بدونها إذا تمكنا من ذلك . أعتقد أنها ظنت انه من الطبيعي أن أرغب فيها ما دامت هي الأقرب لي سنا . وعندما طلبت من والدتك أن تتزوجي كنت صريحا معها . قلت لها أني سأبحث عن عمل لكن الرسم هو طموحي الكبير وتفهمت أمك ذلك بعكس دورثي."
استطرد محدقا أمامه في لاشيء وكأنه يعيش الماضي من جديد .
" كان منزل الأسرة كبيرا يكفي لعدة اسر , والأختان كانتا تقطنان فيه وحدهما منذ وفاة جدك . فكان من الطبيعي أن نعيش أنا ولوسي في المنزل نفسه بعد زواجنا . قسمنا المنزل في الواقع إلي قسمين . في بادئ الأمر عشت في سعادة مع لوسي ."
توقف عن الكلام وقد شاعت في عينيه نظرة ألم , ثم قال:
" بدأت دورثي في أثارة المتاعب . كانت لوسي تنتظر مولودها الأول .. وربما أثار هذا غيرة دورثي لأنها أدركت أن فرص زواجها تخف مع مرور السنين . بعد مولدك تحسن الوضع كثيرا, فقد شغلت لوسي بك.وعندما كبرت وقعت أمك أكثر فأكثر تحت تأثير دورثي. فقد كنت خارج المنزل معظم الوقت حيث كنت اعمل كرسام في أحدى شركات الإعلان . ولم يكن أمامي إلا أن أمارس هواية الرسم أثناء عطلتي الأسبوعية . وهكذا كان لدى دورثي كل الوقت لتؤثر على والدتك , نجحت في ذلك . في بادئ الأمر كانت تستثيرها بتوافه الأمور :أنه يقول أنه يعمل حتى وقت متأخر في المكتب , لكن جميعهم يقولون هذا , أليس كذلك ؟ ثم بدأت تقول لها أنه يفكر في عمله أكثر مما يفكر فيك .. وهكذا باتت لوسي تشكك في تصرفاتي . وعندما كنت في السادسة من عمرك , دب شجار بيننا في أحد الأيام ووصل إلي سمعك . ووجدتني محطما وأنا أرى وجهك لأني كنت أعرف تماما تأثير ما يحدث . طلبت من لوسي أن نرحل لنعيش ثلاثاتنا في منزل مستقل لكنها طلبت مني أن أرحل بمفردي.
ثم اتكأ برأسه على يديه في تأثير عميق , واستطرد بصوت هادئ :
" وهكذا رحلت ."
طوقته جين بذراعيها قائلة :
" كفى يا أبي."
سارا في بطء عائدين إلي المنزل . كانت جين تعرف أن الإفصاح عن الحقيقة نفعه وأكسبه راحة البال.
في أمسية ذلك اليوم أطلعها جون على سيارته التي ظلت دون استخدام طوال ستة أشهر . كانت من طراز فورد تاونس لونها أزرق فضي . وبادرها متسائلا :
" هل تعرفين قيادة السيارة يا جين ؟"
هزت رأسها نفيا .
" أتحبين أن تتعلمي ؟"
" لا أدري , أعتقد ذلك , لكني لم أحاول."
"سأطلب من غافن أن يعلمك"
وعندما لاحظ ردة فعلها قال:
"آه لا ؟ أسف هناك ميغان أو ابنها كولن أنا واثق انه سيسعد بذلك"
في تلك الأمسية, وبعد أن تناولا العشاء, جلست جين مع والدها يتجاذبان أطراف الحديث بادرها جون:
" اذهبي واحضري الغيتار وعدتني بأن تعزفي لي"
أحضرت الغيتار وجلست القرفصاء علي ارض الحجرة الخشبي اللامع داعبت أوتار الغيتار بطريقة مرتجلة لعدة دقائق ثم بدأت احدي أغنيتها المفضلة . بدأت تغني دون خجل بعد أن التقطت نغمات ذلك اللحن الحزين.
لم تدرك كم كان منظرها فاتنا وهي تجلس على ارض الحجرة وقد استرسل شعرها الأسود الداكن في تحرر- وانكب وجهها على الآلة الموسيقية , تحتضنها باللطف . نسيت نفسها في عالم تحبه, عالم الألحان اخذ والدها يراقبها مأخوذا وهو يستمع إلى صوتها الحلو الواضح النقي والى النغمات التي تتناثر في جنح الليل .
وفجأة جاء صوت من ناحية النافذة ودخل غافن غرانت الغرفة وقد ثبت عيناه على جين وقال بصوت هادئ:
"كان هذا رائعا"

ورده قايين
07-05-2007, 17:49
جذبت نفسها بمشقة . وقفزت وقد استعادت وعيها فجأة. استدار جون قائلا:
"آه غافن منذ متى وأنت هنا؟ "
" كنت على وشك أن اطرق الباب حين سمعت الغيتار . تصورت أنك أنت يا جون الذي تعزف, ولذا فقد أتجهت إلي الواجهة الخلفية لأستمع في صمت ."
واستدار نحو جين قائلا :
" أهنئك فأنت تعزفين جيدا ."
" شكرا ."
ونظرت إليه لتحاول إيجاد أي أثر للسخرية في نبراته ولكنه بدأ صادقا .
" أني أحمل دعوة يا جون من سارة ووالدتها ."
رفع جون حاجبيه في دهشة فضحك غافن وقال:
" ستقيمان حفلة يوم السبت وتتمنيان لو أنك تحضر مع جين ."
نظر جون إلي أبنته متسائلا :
" ما رأيك يا جين ؟"
تذكرت جين فجأة كلمات ميغان أمس عن حرص ليوني وسارة على رؤيتها خاصة وأن سارة التي تسعي وراء غافن لا ترغب في أي منافسة . كبحت جين ابتسامتها وهي تقول لنفسها إن هذا الأمر مسل . ليتهما تعلمان أنها لا تشكل عليهما أي خطر . فالكراهية متبادلة برغم أنه بدأ ظريفا عندما أمتدح عزفها على الغيتار .
رفعت جين رأسها عن الغيتار قائلة :
" أن هذا يبدو ظريفا للغاية ."
التفت غافن إليها . ترى هل استطاع أن يقرأ أفكارها ؟ أن لديه نظرة رمادية ذكية ثاقبة . وأدركت جين فجأة أن عينيه جذابتان للغاية . فقال:
" سأبلغهما بموافقتكما على الذهاب وستذهبان في سيارتي . والآن وقد اتفقنا , اسمحا لي بالذهاب ."
" يجب أن تشرب شيئا ."
أحضرت جين المرطبات ثم جلست. رفع غافن حاجبه متسائلا:
"ألا تشربين معنا؟"
" لا شكرا ."
رفع غافن كأسه قائلا :
"في صحتكما ."
في تلك اللحظة دخلت إلين الحجرة قائلة :
"جاءت السيدة ديفز يا سيد ريتشي."
دخلت ميغان , ومعها شاب طويل وسيم أشقر لا يمكن أن يكون إلا أبنها نظرا للتشابه الكبير بينهما .
قامت ميغان بمهمة التعارف بينهما , احتفظ كولن بيد جين لفترة أطول من اللازم ثم ابتسم قائلا :
" مرحبا يا جين ."
" أهلا بك يا كولن ."
أحست بتورد وجنتيها خجلا . ترك كولن يدها على مضض واستدار نحو غافن الذي أحست جين أنه كان يرقبهما وقد علت شفتيه بسمة ساخرة."
" مساء الخير يا غافن ,لم أرك من قبل."
" لاحظت ذلك ."
كانت نبرة غافن جافة أحست بالدماء تصعد إلي وجهها. كيف يجرؤ على مراقبتها . حدثت جين نفسها بذلك مضيفة نقطة جديدة إلي أخطاء ذلك الرجل . استطرد غافن :
"وفرتما على جهدا . فقد طلبت ليوني مني أن أدعوكما إلي حفلتها يوم السبت."
نظر كولن إلي جين متسائلا :
" هل ستذهبين ؟"
" نعم سأذهب ."
"أيوافقك هذا يا أمي؟"
ابتسمت ميغان للجميع قائلة:
"بالطبع . سيكون مناسبة شيقة للغاية."
جلس الرجال الثلاثة معا وجلست ميغان وجين في مقعدين متلاصقين وبذلك تمكنتا من تبادل أطراف الحديث دون أن يسمعهما أحد . قالت ميغان بصوت منخفض:
"أتذكرين يا جين ما قلته لك ؟"
" نعم أذكر ."
" هل لي أن أعطيك نصيحة ؟"
" بكل تأكيد أرجوك."
" استمعي جيدا . الذين سيحضرون الحفلة سيكونون غاية في الفتنة والأناقة . وأنا واثقة من أنك ستستمعين بتلك الأمسية ولكنها لن تكون مجرد حفلة ... أنها ستكون جلسة تقييم . أنا آسفة أن أقول ذلك بطريقة فجة ولكن دعينا نصعد إلي حجرتك لانتقاء ما يمكن أن ترتديه في تلك الحفلة."
قالت الجملة الأخيرة بصوت مرتفع كمبرر لانفرادهما . وفي غرفة جين في الطابق الأعلى خلعت ميغان حذاءها وجلست على حافة السرير قائلة:
" آه هكذا أفضل."
بدأت تضحك بصوت جذاب ثم نظرت إلي جين وهي مستغرقة في التفكير ثم قالت:
" أعتقد أننا سننسجم معا ."
" تتحدثين بشكل يوحي بأنك ما كنت تتوقعين ذلك ."
عكست نبرة جين حيرتها . فهناك شيء لم تفهمه في قول ميغان . هزت ميغان رأسها وقد شعرت بالضيق:
" أنا آسفة , لقد أوقفتني عند حدي."
استطردت جين بلهفة :
" لا تعتذري , فأنت على حق . سأقول لك شيئا الآن ."
" أنا دائما أعترف بخطأي وقد ارتكبت خطأ في حقك دون قصد؟"
انتظرت جين في صمت . فقد أدركت أن كلماتها غير المتعمدة فجرت شيئا سيفسر لها ما كان يحيرها إزاء عدة أشياء.
أغلقت ميغان عينيها ثم استطردت:
" عندما أبلغنا أبوك أنك ستأتين بعد كل تلك السنوات اعتقدنا كلنا أنك جئت من أجل أن..."
ترددت قليلا فاستحثتها جين:
"استمري أرجوك."
" ظننا انك جئت فقط بعد أن عرفت أن أباك رجل ثري ولذلك فقد أتيت لتأخذي كل ما يمكن أن تحصلي عليه . اعتقدنا بأنك تجاهلت أباك كل هذه المدة وألان بعد أن مرض وتوقف عن الرسم الأمر الذي زاد بصورة تلقائية من قيمة لوحاته , قررت الحضور. ولذلك استغربت كثيرا عندما تملكتك الدهشة لدى رؤيتك منزل أبيك . عرفت من وجهك انك كنت صادقة وحين ذاك بدأت أفكر في أننا كنا على خطأ."
جلست جين في صمت . كان هناك شيء آخر يجب أن تعرفه فأردفت :
" ميغان لقد استخدمت عبارة كنا فمن انتم؟"
" كلنا يعني أنا وغافن ."
" إذن هذا هو السبب!"
" السبب في ماذا ؟"
استدارت جين وقالت:
"عندما التقيت غافن , بدأ وكأنه يكرهني . لم أعرف لماذا يحمل لي هذا الشعور وتصورت أنه كذلك مع الجميع ولكني الآن فهمت يظنني اسعي وراء المال وكل ما استطيع أن أحصل عليه . سأخبرك كل شيء ."
وبدأت جين تروي القصة كلها وكيف اكتشفت وجود أبيها مصادفة وقول خالتها دورثي أن أباها يسكن في كوخ على الشاطئ :
عندما أنهت جين قصتها ساد صمت مطبق , وأخيرا قالت ميغان:
" يا طفلتي الصغيرة المسكينة , ماذا استطيع أن أقول ؟"
" لا تقولي شيئا. أردت أن تعرفي كل شيء كي لا تخطئي في حكمك علي."
" أوه يا عزيزتي , عندما أخبر غافن بالحقيقة فانه ..."
قاطعتها جين :
" لا . لا أريدك أن تخبريه."
" لكن لماذا ؟"
" لأني أحتقره . أنه يتصور أني أسعي وراء المال أذن دعيه يستمر في هذا التصور . أنا لا أهتم برأيه . فهو متعجرف مستبد .. وأنا لا أظن أني كرهت شخصا قدر كرهي له في حياتي . أنا اعرف أنه صديق أبي ولهذا السبب فقط سأحاول أن أكون مهذبة معه , عشت ست سنوات مع خالة تشبهه إلي حد كبير وتحملتها طوال ست سنوات وفي وسعي أن أتحمل ذلك الرجل غافن غرانت إلي حين . فإذا لم يتعلم كيف يحكم على الناس بما يتفق مع حقيقتهم , وليس كما يراهم هو , فأنه بالنسبة إلي شخص لا يستحق المعرفة.
تبادلت المرأتان النظرات . كان في عيني جين تحد شجاع لم يكن في مقدور ميغان إلا أن تعجب به . ابتسمت ببطء قائلة وهي تتلفت في أرجاء الغرفة:
" جئنا أصلا لنتحدث عن الحفلة ."
ضحكت جين قائلة :
" أن هذا سيبدو الآن مصطنعا . ألم تكوني تنوين تحذيري من أن سارة تعتبرني منافسة لها . أن هذا لا يمكن أن ينطبق على بعد كل ما قلناه ."
" ليس هذا هو كل ما أود أن أقوله . أن سارة برغم سحرها وجمالها ستحاول ببراعة أن تجعلك تبدين كالبلهاء . وهي ستستخدم لذلك أسلوبين . إما أنها ستتصل بك تليفونيا قبل يوم السبت وتطلب منك ألا ترتدي أي شيء نفيس مؤكدة أن أي ثوب بسيط يكفي , أو أنها لن تحذرك على الإطلاق وفي تلك الحالة ستذهبين وقد ارتديت أفضل ما عندك في حين أن باقي المدعوات ترتدين ثيابا صباحية بسيطة فتجدين نفسك في زى شاذ ."
" يالعجب , كم هم أناس ظرفاء ..."
ابتسمت ميغان قائلة :
"فعلت ذلك من قبل , ولكن في هذه المرة لن تكوني وحدك , سأقف إلى جانبك . الديك ثوب ظريف لترتديه ؟"
" ليس تماما . فخالتي دورثي لم يكن بوسعها أن توفر لي شيئا ممتازا ومن جانبي فقد أنهيت منذ قليل دراستي المتوسطة ."
" أعتقد أننا يجب أن نبحث الأمر مع والدك . فهناك محل تجاري كبير في بورت باتريك هو ملك لغافن بالطبع ويمكننا أن نجد فيه الكثير أن غافن يملك المحل التجاري الكبير والوحيد في سارامنكا وبالمناسبة هو يملك أيضا الفندقين الوحيدين فيهما . لأنهما يقدران بثروة فوالده هو في الواقع الذي وضع سارامنكا على الخريطة العالم . وهذا هو السبب الذي يجعل سارة تبذل كل هذا الجهد من أجله . دعيني أسألك هل ستحاولين تلقين غافن درسا؟"

ورده قايين
07-05-2007, 17:53
" لا , بحق السماء ."
" حسنا فأنا كنت سأحذرك من ذلك . فهو صلب للغاية وفي وسعه أن يكون قاسيا وأي شخص دخل معه في صراع يمكنه أن يقول لك ذلك ."
ولكن هل أن ما قالته لميغان صحيح ؟ لم تكن جين تعرف بالضبط كيف ستتصرف إزاء غافن وشعرت بما يشبه الدوار وهي متجهة إلى غرفتها تزدحم في رأسها الآف الأفكار .

ورده قايين
07-05-2007, 17:54
انتهى الفصلين الأوليين وان شاء الله غدا موعدكم مع جزءين آخرين 00
قراءة ممتعة 00

lovely sky
07-05-2007, 20:03
مشكووووووووووورة حبيبتي وردة قايين
الله يعطيكي الف عافيه حبيبتي يا رب
مجهود متميز ورائع ...
وانجاز جميل جدا
مشكورة حبيبتي ::جيد:: ::جيد::

احباب الروح
08-05-2007, 13:01
يسلمـــووو حبيبتي وردة قايين ع التكمله

و ع الروايــة الجديـــدة :D


يعطيــج الــف الــف عافيـــه

ومشكــوووورة حبيبتي ::سعادة::


ناطريــن التكملــة


^_*


..

The X Detective
08-05-2007, 15:35
جهود رائعة من الجميع

ومواصلة للمشروع الكبير

يعطيكم العافية على مجهودك .. وشكراً ::جيد::

ورده قايين
08-05-2007, 15:57
شكرا للجميع وان شاء الله التكملة قادمة

ورده قايين
08-05-2007, 15:58
- الدعوة



كان اليوم التالي يوم الجمعة . أبلغت إلين جين أن هناك من يريدها على التليفون ولما التقطت السماعة سمعت سارة تقول :
" أهلا بك يا جين , أنا وأمي نشكرك لقبولك دعوتنا ونتوق إلي رؤيتك , فالحياة هنا يشوبها بعض الملل لذا فمن الممتع أن نري وجها جديدا . اتصلت بك في الواقع لأبلغك إلا تشغلي نفسك بما سترتدينه غدا . فالحفلة غير رسمية . ألا تظنين أن هذا سيكون أفضل ؟"
وفكرت جين بتحذير ميغان . لم تصدق أن الخداع يصل بالبشر إلي هذا الحد . ربما تكون سارة , تلك المخلوقة العذبة الصوت عبر التليفون , مناسبة جدا لغافن . فهما من نوع واحد.
أنهت جين المكالمة وهي شاردة الذهن ثم بادرت بالاتصال بميغان وأطلعتها على اتصال سارة .
تذكرت جين شيئا وهي تنتظر وصول ميغان . لقد قام غافن بإبلاغ تلك الدعوة مساء أمس , فهل اتصل تليفونيا بسارة لإبلاغها أم أنه ذهب بنفسه لرؤية سارة . لم يكن الأمر مهما وبرغم ذلك وجدت جين نفسها تفكر فيه.
بعد نصف ساعة فقط كانت جين و ميغان تعبران طريق فسيح يؤدي إلي الطرف الآخر من الجزيرة . كانت ميغان تبدو نضرة جذابة وهي ترتدي سترة بيضاء بلا أكمام فوق بنطلون أزرق بينما شدت شعرها إلي الخلف بوشاح من القماش الخفيف أما جين فقد ارتدت ثوبا تقليديا من الترلين الأزرق الذي كان خفيفا بالنسبة لجو انكلترا , أما هنا فهو يشيع فيها الدفء بدرجة غير مريحة تحت حرارة شمس الصباح . لاحظت ميغان ذلك فقالت :
" الأقمشة الصناعية لا تلائم جو سارامنكا , القطن أفضل. وقد أعطانا والدك حرية التصرف ولذا سنشتري ما يناسبك في هذا الجو الحار"
" أنا أشعر بالذنب لأني أنفق من حسابه الخاص . سأحرص على ألا أنفق كثيرا ."
" قال لي أن أشتري كل ما تطلبين . إنه سعيد بهذه الفرصة , صدقيه يا جين ."
وأحست جين بدفقه من السعادة لم يكن حتى التفكير في غافن قادرا على إفسادها . أنهما ذاهبتان إلي المحل الذي يملكه , لكن ميغان أكدت انه لا يوجد احتمال في لقائه . أضافت ميغان وكأنها تذكرت شيئا:
" كولن قال لي أنه سيحاول أن يلقانا في المطعم الملحق بالمحل لنتناول القهوة . إنه مأخوذ بك الم تلاحظي ذلك؟"
" بماذا أجيب من غير أن أبدو مغرورة؟"
" لا تقولي شيئا . ولكن على أن أحذرك أن كولن يحب مغازلة الفتيات وقد يفيده أن يلتقي فتاة مثلك ."
" سأحاول أن أتذكر ذلك ."
وتساءلت جين : كيف سيكون موقف ميغان إن هي عرفت أن جين لم تصادق أي فتى حتى الآن . لقد أدت الخالة دورثي دورها جيدا وتمكنت من أن تغرس في جين شكوكا جعلتها غير واثقة من نفسها . وهي الآن تشعر بإحساس جديد بعدما عرفت أنها قادرة على أن تثير انتباه الرجال.
كان لون السماء يقترب من البياض والضوء براقا , وعلى جانبي الطريق أشجار النخيل التي قد لا يخلو مكان منها في الجزيرة . ومن على بعد ترتفع الجبال بانسياب . زرقاء باهتة. أخذت جين نفسا عميقا وهي تهمس :
" هذا المكان رائع ."
" ولذلك فهو مكتظ بالسياح خاصة في بورت باتريك . فكل أسبوعين ترسو سفينة في الميناء وينزل ركابها إلي الشاطئ وهم ينفقون أموال كثيرة في شراء القطع المفرزة والأعمال الخشبية المحفورة . ولكن بصفة عامة يسود الهدوء الجزيرة , وأنا أحبها هكذا كما أن غافن ينوي الحفاظ على هذا الطابع ."
حدثت جين نفسها قائلة .. آوه هذا الرجل ثانية ! أليس هناك مفر من ترديد آرائه.
اقتربتا من المدينة . فأصبحت المنازل أكثر التصاقا وأصغر حجما . وبدأت الحدائق تتراءى لهما غنية بالألوان مضيفة سحرا على المدينة . بدت من على بعد المياه لامعة مندفعة في خليج فسيح يطل على منحدر أوصلهما إلي الطريق الرئيسي في بورت باتريك , لتجدا منطقة ملأى بالمحلات التجارية وأناسا من كل شكل ولون ذاهبين لشراء حاجاتهم من دون ازدحام في السير كما هي الحال في المدن .
التفتت ميغان إلي جين متسائلة :
"إلي متى تنوين البقاء في سارامنكا يا جين؟"
"كنت أنوي البقاء شهرا ولكن."
توقفت جين فجأة .
" هل طلب منك أبوك أن تبقي معه فترة أطول؟"
" نعم ."
" وهل ترغبين في ذلك؟"
" بالطبع أريد ذلك , لكن..."
" ولكن لديك بعض الأسباب التي تدفعك لتردد . أهي خالتك ؟ أم صديق لك؟"
ضحكت جين قائلة:
" لا . ليس هناك صديق . لكني وعدت خالتي بأن أحاول أن أعوضها بعض ما أنفقته على ."
قاطعتها ميغان وقد تورد وجهها ربما بفعل تهورها في الكلام :
" أنت لست مدينة لها بشيء أنا آسفة يا جين , ليس هذا من شأني ولكن الحقيقة .."
ابتسمت جين وهي تقول:
" أنا أعلم . لكن كل ما في الأمر أنها امرأة وحيدة بائسة."
" انتظري أسبوعا أو أكثر ثم قرري."
انحرفت بسيارتها في الطريق فرعي ثم أدخلتها موقفا للسيارات وراء مبني كبير عصري .

ورده قايين
08-05-2007, 16:00
كانت هناك لافتة ضخمة كتب عليها بحروف حمراء ( محلات غرانت) كان الجو رطبا داخل المحل الذي يسوده جو من الهدوء والأناقة . كان الطابق الأرضي مخصصا للمأكولات حيث كانت الثلاجات الضخمة ملآي بكل ما يمكن تخيله من أنواع الطعام اقتادت ميغان جين إلي المصاعد لتنطلقا إلي الطابق الثاني هناك غاصت قدما جين في سجادة حمراء سميكة .
انقضت الساعة التالية في التطلع والبحث وتجربة الثياب والضحك أيضا . لم تكن جين تتصور أن شراء الملابس يمكن أن يكون ممتعا إلي هذا الحد . فمع خالتها كان يتم ذلك وكأنه عمل روتيني يجب أن ينجز في أسرع وقت وأقل كلفة ممكنة. أما مع ميغان فالتجربة لذيذة , فيها شيء من روح المغامرة .
وأخيرا وجدتا الثوب المنشود . كان بسيطا جدا , أو هكذا بدأ . مجرد ثوب مسترسل حتى الأرض في خطوط ملساء دون أية زركشة . حريري ذي لون ناري براق بلا أكمام أما فتحة الرقبة فقد كانت مستديرة منخفضة الصدر والظهر مطرزة بشريط حريري بني اللون على شكل أزهار صغيرة داكنة .
لم تكن جين في حاجة إلى رؤية وجه ميغان المذهول لتعرف أنها تبدو جميلة . قالت ميغان في إعجاب :
"ما هذا يا جين , تبدين رائعة."
" نعم يا أمي أنها تبدو كذلك "
استدارت جين بسرعة لتجد كولن يخطو نحوهما . كانت عيناه تحدقان في جين وحدها وأحست بالدماء تتدفق إلي وجهها.
" ماذا تفعل هنا كان من الواجب أن تكون في العمل ."
" إنها الحادية عشرة فترة الراحة . جئت ادعوكما إلي تناول شراب منعش . "
" هلمي يا جين اذهبي واستبدلي ثيابك , سنجرب ما تبقي من الفساتين في ما بعد ."
خلعت جين الثوب وارتدت ثوبها القديم . كان قلبها يخفق بسرعة لم ترتد مثل هذا الثوب المثير من قبل . فقد شعرت بأنها شخص آخر أثناء الدقائق القليلة التي ارتدت فيها الثوب . أحست بأنها جميلة تقريبا , نظرت إلي نفسها في المرآة مكشرة عن وجه ساخر في محاولة لإعادة نفسها إلي حالتها الطبيعية وهي تهمس يالك من فتاة مغرورة , ولكن برغم كل هذا ظل في أعماقها وهج دافئ . وعندما جلسوا ليتناولوا قهوة مثلجة وقليلا من الكعك رأت ميغان تنظر إليها غير مرة على نحو يوحي بأنها تشاركها في الحفاظ على سر ما .
تساءلت ميغان في احدي فترات انقطاع الحديث :
" أين غافن الآن ؟"
" ذهب إلي أحد الفنادق ليحضر اجتماع عمل ."
" الأفضل أن تعود إلي عملك , فلدينا أنا وجين كثير من العمل ."
" إنها تحاول التخلص مني ."
" إنك تجعلني أبدو وكأنني دكتاتورة."
قالت جين في نفسها : من الواضح أن هناك رابطة حب قوية تجمع بينهما . تمنت فجأة أن تذهب معهما إلي الحفلة بدلا من غافن . كانت تعرف أنها ستكون أكثر ثقة بنفسها إذا ما وصلت إلي هذا الحشد وسط أصدقاء بدلا من أن يرافقها ذلك الرجل الذي ينظر إليها بطريقة تخيفها , فرغم تأكيداتها لميغان أنها لا تأبه لآراء غافن , فهي تعلم تماما أنها تخشاه . حتى ذلك التغير الذي لمسته فيه عندما فاجأها وهي تعزف على الغيتار , كان مقلقا بدوره . فهو رجل عميق شخصيته معقدة تمنت جين لو أنها لم تقابله.
أحست أن ميغان وكولن ينظران إليها فضحكت قائلة :
" آسفة لقد كنت أفكر في ثوبي الجديد ."
ابتسم كولن وقال:
" لو كنت مكانك لما قلقت فذلك الثوب البرتقالي سيفرض نفسه في الحفلة ."
" الثوب ليس برتقاليا يا عزيزي , لونه ناري غريب."
" آسف يجب أن تعذرا جهل الرجال . والآن اسمحا لي بالذهاب . مرا على مكتبي قبل أن تغادرا المتجر لتتسلما المشتريات موضبة."
قالت ميغان وهما في طريقهما إلي الطابق الأسفل من المحل :
" هل تسمحين لي بأن أصفف شعرك غدا؟"
نظرت نحوها جين مذهولة :
" ولكن .. أنا ."
" أرجوك يا جين . سأبوح لك بسر . لقد كنت أعمل منذ سنوات عند أحد المزينين .. أقصد قبل أن أتزوج . كنت أتمني أن تكون لي ابنة أفعل لها كل هذا . أرجوك يا جين . قولي إنك موافقة."
"سأكون غاية في السعادة ."
تأبطت ميغان ذراع جين وصلتا ألي باب عليه لافتة تقول خاص بموظفي المتجر .
دلفتا إلي ممر فيه مجموعة من المكاتب ينبعث منها طنين آلالات تكييف الهواء وأصوات آلالات الكاتبة وطرقتا الباب الأخير .
" تفضل."
دخلتا مكتبا فخما مكيفا لتجدا أن الشخص الجالس وراء المكتب لم يكن سوى غافن غرانت.
" ميغان وجين ! هذا لقاء غير منتظر ."
" أنا آسفة يا غافن , تصورت أن كولن هنا , جئنا نأخذ حاجيات جين فقد قال إنها ستكون جاهزة في مكتبه ."
" آه فهمت . عدت منذ قليل وهو ذهب لمعالجة بعض الأمور المتعلقة بالمتجر . أعتقد أن هذا هو ما تبحثان عنه."
رفع صندوقا ضخما وضعت فيه مشتريات جين تعلوها فاتورة حساب . رمقها بسرعة ثم قال :
"الفاتورة محولة على حساب جون الخاص . سأحمله إلي السيارة ."
أحست جين وهي تمر من أمامه بعينيه مثبتتين عليها وشعرت بحرارة في عنقها أنه يظن بكل تأكيد أنها بدأت تنفق أموال أبيها . رفعت رأسها عاليا وهي تغادر المكتب . إن هذا سيعطيه مبررا جديدا ليشعر نحوها بمزيد من الاحتقار .
وبفعل الحرارة والوهج الشديد أحست جين بوخزه في جفنيها ومرارة في حلقها وبانبهار في عينيها جعلها تضع نظارتين واقيتين من الشمس.
قالت ميغان وهي تبحث عن مفاتيح سيارتها :
"شكرا يا غافن سنراك غدا عند سارة. "
" إلي اللقاء
فتح باب السيارة لميغان فأسرعت جين إلي الباب الثاني . وقد قررت ألا تنتظره حتى يفتح لها الباب بدورها , إذا كان ينوي ذلك .
تبادلوا التحية وانطلقت بهما السيارة . نظرت جين إلي الوراء لتجد غافن يرقب السيارة ويعلو وجهه تعبير غامض , بادرتها ميغان قائلة :
أعتقد أنني عرفت ماذا تقصدين بكلامك عن موقف غافن منك ."
" هل لاحظت ذلك أيضا ؟"
" نعم كان في وسعي أن أحس . يالرجال كم هم بلهاء !"
" ليس هناك شك في أنه فكر وهو يتفحص الفاتورة كيف أنني أسرعت إلي أنفاق أموال أبي ."
" أتمني لو تركتني أقول له الحقيقة ."
هزت جين رأسها قائلة :
" دعيه يفكر كما يحلو له ."
كانت جين تزداد توترا كلما اقترب موعد الحفلة . فرغم تأكيدات ميغان لها من أنها تبدو فاتنة فهي تعرف أنها تعوزها الثقة الكافية لتظهر أمام هذا الحشد من الناس وكأنها تقف أمام اللجنة الفاحصة في الامتحانات .
كان أبوها قد ذهب ليستريح فترة ما بعد الظهر . وعندما حضرت ميغان في الخامسة لتصفيف شعر جين نزل لملاقاتها . كان يبدو شاحبا للغاية فصاحت جين:
" هل أنت في خير ؟"
" سأكون على ما يرام فلا تقلقي . أنا أشعر فقط بالإجهاد أذهبا الآن وتذكرا أني أريد أن أري الثوب لأعطي رأيي فيه ."
في الطابق الأعلى , وبينما كانت جين تغسل شعرها الحريري الطويل جلست ميغان في استرخاء تتابعها , قالت جين :
" مما يشكو أبي بالتحديد ؟"
" أن ماك لا يعرف . فبين حين وآخر تفاجئه تلك النوبات فيفقد القدرة على استخدام يديه لعد ساعات . من الممكن أن يكون السبب بعض الاضطراب العصبي . وهذا هو ما يعتقده ماك وهو يأمل في أن تتمكني أنت من إقناعه بعرض نفسه على أخصائي والمناسبة ماك سيكون في حفلة اليوم سأعرفك به وحينذاك يمكنك أن تتحدثي معه في هدوء بينما أجلس انا مع والدك."
" اتفقنا ."
جلست جين تجفف شعرها في غرفة نومها وأثناء ذلك أخذت تتجاذب أطراف الحديث مع ميغان . امتد حديثهما ليشمل الحياة في الجزيرة:
ميزاتها وسيئاتها . هناك قدر محدودة من الفقر في الجزيرة . فسكانها الأصليون يعملون فقط في صيد الأسماك وزراعة الفاكهة والسكر وجوز الهند . هناك أيضا صناعة الأشرطة الحريرية المفرزة وهي صناعة مزدهرة . فأشرطة سارامنكا تتمتع بشعبية كبيرة بين السياح .
قالت ميغان وقد تذكرت شيئا :
" يجب أن تشتري بعض تلك الأشرطة المطرزة عندما نذهب إلي بورت باتريك مرة ثانية سأساعدك في استخدامها في تطريز ثوب أو قميص للنوم فهي رائعة الجمال وفي الواقع انه لو كان لدينا وقت كاف لكنا استخدمناها في حياكة ثوب لحفلة اليوم . كان سيكون مدهشا . شرائط مطرزة بيضاء , فوق ثوب حريري قرنفلي اللون ."
" فعلت ما فيه الكفاية بالفعل."
"سندع ذلك للمرة القادمة ."
" والآن حدثيني عن سيئات الجزيرة , فهي لا يمكن أن تكون جنة . حتى لو بدت لي كذلك ."
" نتعرض إلي عواصف عنيفة ومخيفة تتخللها أمطار غزيرة وهو أمر مستغرب لجزيرة استوائية ولكن هذا هو سبب الخضرة الزاهية . كما أننا أحيانا نتعرض لغزو من أسراب الذباب ولكن ذلك نادر جدا ."
تراجعت ميغان عدة خطوات لتتأمل شعر جين . نظرت جين إلي صورتها في المرآة وهي لا تكاد تصدق ما ترى . كان شعرها الذي ينساب باستقامة عادة على كتفيها مشدودا إلي الوراء ثم إلي أعلى وقد ثبتته ميغان ببراعة بدبابيس لينساب بشكل شلال من الشعر الناعم اللامع المتموج ليغطي عنقها .
" هذا عظيم يا ميغان , أنت حبيبتي حقا ."
طرقت إلن باب غرفة نومها وقالت :
" لو عرف أبوك أنني هنا لأطاح برأسي . ولكن يجب أن أقول لك فأبوك ليس في حالة تسمح له بالخروج الليلة , هذه هي الحقيقة."
استدارت جين في فزع وقد نهضت من مقعدها :
" ماذا هناك يا إلن ؟"
" لا تقلقي . ولكنه عندما يكون في الحالة التي هو فيها الآن فالشيء الأمثل له هو أن ينام مبكرا ويأخذ قدرا وافرا من الراحة . "
" إذن يجب ألا يذهب إلي الحفلة ؟"
" هذا هو الأمر الذي جئت أحدثك فيه . أنه يعرف أنك ستقولين هذا وهو عازم على ألا يفسد عليك سهرتك الأولي , ولذا سيرفض وسيبذل جهدا لإقناعك الأمر الذي سيزيده توعكا."
أومأت جين برأسها وقد بدأت تدرك الغرض من مجيء إلن :
" إذن يجب أن أقول له أني سأذهب إلي الحفلة بمفردي."
توقفت بعد أن كانت قد اتجهت صوب الباب .
" لا لن أستطيع . كيف أذهب وأتركه يا إلن؟"
" إذا قلت له انك لن تذهبي إلي الحفلة , فأنه سيسارع إلي القول أنه ليس مريضا وانه على ما يرام . أنه رجل عنيد ."
هزت إلن رأسها في أسي واستدارت خارجة من الغرفة وقد تدلت كتفاها في يأس . أمسكت جين بذراعها قائلة :
" لقد هزمتني . كل ما في الأمر أنني لا أريده أن يظن أنني أردت أن أذهب بمفردي ولكن إذا كان هذا لمصلحته ."
" طبعا , أن ذلك لمصلحته بالفعل . وإلي جانب ذلك فأنت ستذهبين مع السيد غافن وأبوك متأكد من أنه سيعتني بك ."
صاحت جين :
"لا لقد نسيت هذا."
وعندما رأت إلن تقطب جبينها في حيرة بادرت قائلة :
" اعني أليس الواجب أن نبلغه بهذه التطورات الجديدة ؟"
" لا يا عزيزتي سيصل بعد لحظات وهو سيسعد بصحبتك ."
همست جين لنفسها : نعم أنا واثقة من انه سيسعد بذلك .
أصبح الأمر الآن أكثر سوءا . أمامها الآن رحلة مرتقبة مع ذلك الرجل.. هما الاثنان فقط وليس لديهما من حديث سوى بالطبع أنانيتها في ترك أبيها المريض وحده . عادت بتكاسل إلي المرآة . تمنت لو لم تذهب , لكن ليس لديهما خيار الآن . طالعها وجهها في المرأة وهو أكثر شحوبا من المعتاد , وعيناها واسعتان تلمعان في ضوء المصباح . نظرت لصورتها في المرآة قائلة : استمري , أشعري بالشفقة على نفسك .

ورده قايين
08-05-2007, 16:01
ومع تلك الكلمات القليلة الغريبة توصلت إلي قرار . دعكت وجنتيها لتعيد إليهما لونهما ونظرت بتحد إلي نفسها . بكل عناية وحذر بدأت جين تضع المساحيق على وجهها دون أن تدرك أنها ليست في حاجة إلي أي شيء من هذا .
تعثرت جين وهي تهبط الدرجات ., فثقتها الجديدة في ذاتها , وليدة التحدي , تخلت عنها للحظات عندما سمعت أصواتا تنبعث من غرفة الجلوس . فضمت شفتيها ووقفت أمام الباب المغلق يمتلكها ذعر مفاجئ لم تستطع أن تجتاز ذلك الموقف . ولكن عليها أن تفعل ذلك .
فتح الباب على مصراعيه فجأة قاطعا عليها أفكارها رفعت جين يدها إلي صدرها وهي تلهث .
ظهر غافن وقد بدا مندهشا مثلها . ثم تراجع قائلا :
" أنا آسف ."
كان صوته رابط الجأش واثقا . نظرت إليه جين للحظات عاجزة عن النطق , لاحظت أنه كان يرتدي سترة بلون الضبي الصغير رائعة الجمال وقميصا ناصع البياض مبرزا لونه الأسمر الداكن . كان شعره ممشطا إلي الوراء لامعا . أما عيناه الرماديتان فكانتا ترقبانها بفتور . أخذت جين نفسا عميقا ثم ابتلعت ريقها . هاهي الآن مستعدة لمواجهته.
" شكرا ."
قالتها ومنحته بسمة صغيرة وهي تدخل الغرفة متجهة إلي أبيها .
" قالت لي إلن إنك لست على ما يرام ."
وضع يده المتعبة فوق ذراعها وجذبها إليه :
" صدقيني , أوامر إلن لا تعصى ! لقد قررت إنني لست في حالة تسمح لي بالذهاب . تنقصني الشجاعة لأتحداها . أنت تعرف إلن يا غافن ."
هز غافن كتفيه وبقي لحظات ثم قال:
" هذه الحقيقة. فمن يعصاها يجب أن يكون أشجع منا نحن الاثنين ."
" لم أكن أريد أن أذهب يا أبي عندما أبلغتني إلن أنك."
" أذهبي يا جين . غافن سيوفر لك كل الرعاية . استمتعي بوقتك . أنت تبدين رائعة الجمال وأنا فخورا بك يا عزيزتي ."
" شكرا يا أبي ."
سارت جين نحو الباب كالعمياء لكنها كانت تعي أن غافن يقف في انتظارها ممسكا بالباب .
سارا نحو واجهة المنزل حيث كانت تقف سيارة المرسيدس البيضاء . فتح لها باب سيارته في صمت . جلست جين وأحست بصدغيها تنبضان بفعل هذا التوتر المفاجئ وبعدما اقفل باب السيارة خطا نحو مقعد القيادة . وانطلقا.

ورده قايين
08-05-2007, 16:02
4- الحفلة


قاد غافن سيارته برشاقة وسأل جين:
" هل تحبين الأستماع الى بعض الموسيقى؟"
" نعم أرجوك"
فكرت أن ذلك سيوفر عليها على الأقل حرج فترات الصمت في حوارهما بل لن يكون حوار على الأطلاق0
كان قلبها يخفق 0 لم يكن خيالها الذي صور لها ذلك ولكنها أحست بالفعل وكأن توترا يغمرها بموجات تكاد تكون محسوسة0 حدثت نفسها قائلة:
" أنه يكرهني وانا عرفت ذلك فلماذا لا اتجاهل تلك الحقيقة0 لم تكن لديها أسلحة مماثلة تقاتله بها عدا أـنوثتها 0ففي اعماقها كانت تعلم انه برغم عجرفته كانت هي التي تملك المبادرة 0 فضعفها كان في الواقع هو سبب قوتها0

- متى تنتهي تلك الحفلات عادة ياغافن؟
- تستمر طوال الليل أحيانا0 ولكن تستطيعين الانسحاب ساعة تشائين 0
كان صوته رقيقا يفتقر إلى الحماس لكنها لاحظت أن يديه كانتا تتضغطان على عجلة القيادة قليلا0 إنها تفضل أن تخلد إلى النوم بعد منتصف الليل مباشرة0 لكنها لن تطلب منه أن يعيدها إلى المنزل تراءى لها وجهه وهي تطلب منه أن يعودا و الحفلة في اوجها0
كان يتجهان الآن صوب بورت باتريك لكن كل شيء بدأ مختلفا الآن في ظلمة الليل وكأنه تبدل بفعل سحر السماء السوداء المخملية ، ليبدو كأرض العجائب المرصعة بالنجوم0 تنهدت بعمق وقد أحست أنها وقعت بالفعل في هوى تلك الجزيرة وسحرها الغامض
ياليت كولن هو الجالس جوارها لكانت شعرت معه بالراحة تنعم بدفء إعجابه الصريح بدلا من شعورها الحالي بالذنب لأنها تضيع وقت هذا الرجل المضطر لمصاحبتها وتذكرت أن كولن وميغان سيكونان في الحفل مما جعلها ترتاح0
خفت حدة التوتر قليلا عندما نجحت جين في الأسترخاء0
ساعدتها الموسيقى على ذلك لأنها وفرت لها شيئا يمكن أن تركز عليه انتباهها0 كانت كل حواسها مستيقظة مركزة على ذلك الرجل الجالس قربها يمس ذراعها مسا خفيفا كلما حرك جهاز السرعة0 كانت قسماته كالصقر وهو يراقب الطريق أمامه0 الأمر الذي شجعها على المخاطرة بإلقاء نظرة خاطفة عليه0 مرت الأشجار والمنازل من جوارهما في شكل ضباب رمادي اللون حين اقتربا من المدينة انعطف إلى اليسار في طريق ضيق مرتفع0 كان القمر ساطعا وقد أغرق الجزيرة بنوره الخافت وتذكرت ليلتها الأولى في سارمنكا عندما قامت بتلك النزهة المشؤومه0
كانا وحدهما الآن تماما وسط تلك االظلمة و قد تركا المدينة وراءهما0
كان الطريق ضيقا كشريط ابيض منبسط أمامهما0
عن بعد كان ضوء القمر يلمع فوق مياه المحيط الداكنة 0 صاحت في اندفاع وقد نسيت تماما أنها في صحبة غافن0

- يا للروعة000
- نعم أنها حقا رائعة0

خفف من سرعة السيارة ثم توقف تماما00 لماذا فعل ذلك ؟
جاءته ضحكته المقتضبة لتؤكد لها إنه قرأ أفكارها وقال:
- اعتقدت إنك قد تحبين أن تنزلي من السيارة لتلقي نظرة أكثر وضوحا0
- أشكرك0
فتحت جين باب السيارة وهبطت وكأنها تخشى إثارة غضبه ان هي رفضت0 وحاولت أن تقاوم ذلك الإحساس بالخوف الذي داهمها فجأة0
إنه لا ينوي الهجوم عليها فلماذا هذا الخوف؟
راحت تحملق بعيدا في ذلك المنظر الشامل الممتد أمامها 0إنه يقف قربها الآن ابتعدت قليلا00 وبلا أي تفسير تنازعتها رغبة قوية في العودة الى السيارة0
- لم أكن أنوي أن أمسك0
قالها بنبرة خشنة وكأنة قرأ أفكارها0
أحست جين وكأن شيئا ينهار في داخلها فقالت وهي تستشيط غضبا:
- لم أكن أتصور أنك ستفعل0
- كلا؟ قفزت وكأنك ظننت إنني سأحاول الاعتداء عليك0
- هذا ما صوره لك خيالك00
استدارت عائدة إلى السيارة تاركة إياه في حالة غضب 0 لحق بها دون أن ينبس بكلمة واحدة 0وانطلقا بسرعة دون أن يتبادلا أية كلمة0
لاح المنزل من بعيد يشتعل ضياءا 0 تبخرت قوة التحدي التي كانت لدى جين 0 استقامت في مقعدها 0حلقت في السيارات الكثيرة المصطفه أمام المنزل0 ثم انفتح باب البيت لتجد على عتبته فتاة طويلة في هالة من الضوء الذهبي تصيح قائلة:
- عزيزي غافن 0 الآن نستطيع أن نبدأ الحفلة0
أخذت جين ترقبها وقد وقفت مهملة في الخفية0 بينما ساره تشب على قدميها لتعانق غافن مرحبه رد عليها قائلا:
- مرحبا يا ساره تبدين جميلة للغاية0
اطلقت ساره ضحكة رنانة ثم مدت يدها ناحية جين وكأنها قد تذكرت وجود شخص آخر معهما:
- أهلا من المؤكد إنك جين0 لطيف جدا منك ان تحضري0

نظرت إليها جين إنها فتاة جميلة 0 كل شيء فيها كان يوحي بأنها تعرف كيف تعني بنفسها بدءأ بشعرها الحريري الأشقر حتى أصابع قدميها التي طلت من تحت ثوب أبيض بسيط يخطف البصر ثناياه الشفافه تطفو حولها مطوقة قدها النحيل0
كانت عيناها واسعتين داكنتين ترقبان جين في عملية تقييم صريحة ماهرة0
- كم تبدين رائعة0 تفضلي 0 أنا واثقة من أنك في حاجة إلى قدر من الانتعاش بعد رحلة الطريق0 أبحث عن مكان توقف فيه سيارتك ياحبيبي وسأعني انا بجين 0
قالت له يا حبيبي تساءلت جين عما إذا كانا كذلك بالفعل 0 أنها لن تدهش لذلك فقد حياها بحرارة لم تكن تتوقع أن تجدها فيه0
اصطحبت ساره جين إلى غرفة نوم ذات أثاث فخم وأشارت إلى منضدة الزينة قائلة:
- تفضلي ياجين 0 أخدمي نفسك بنفسك0
ابتسمت ساره فجأة ثم رمقتها بنظرة أخيرة وخرجت0
تهاوت جين على أقرب مقعد وهي ترتعش 0 اغلقت عينيها لحظه وأحست بأنها تريد أن تهرب وتختبئ 0 كانا مسلك سارة وكلما يحيط بها محسوبا بدرجة جعلت جين تشعر أنها صغيرة تافهة 0 أحست وكأنها تشترك في مسابقة جمال تفحصتها عينا سارة الجميلتان القاسيتان وكأنهما عينا حكم في مسابقة يقيم ويضع الدرجات ثم يصرف النظر عنها 0 كانت جين ساذجة جدا عبثت أنها لم تدرك مهارة سارا في اخفاء مشاعرها الحقيقية وكيف إنها استشفت بذكاء حياء جين الفطري الدفين وعرفت كيف تستغله لمصلحتها0
بيدين مرتعشتين وضعت جين أحمر شفاه0 تنفست تنفسا عميقا ثم اتجهت نحو الباب واستمعت إلى أصوات الثرثرة المنبعثة من الطابق الأسفل 0 قاومت شعورها بالخوف تم نزلت درجات السلم في سكون وهي متشبثة بالدرابزين الحديدي املة في التسلل إلى الداخل وتبحث عن ميغان قبل أن يراها أحد0
جاء صوت سارا واضحا عاليا:
- انظروا جميعا هاهي جين 0
كانت سارا في انتظارها وبمجرد أن اقتربت من الغرفة ساد صمت مفاجئ وتوقف الحديث والضحك تماما عندما أخذ الجميع يراقبونها وهي تسير مع سارة

ورده قايين
08-05-2007, 16:03
كانت جين ترتجف لكنها في تلك اللحظة رأت بين الحاضرين وجها متهكما تعلوه بسمة ساخرة كان هذا الوجه هو وجه غافن 0 تنفست في عمق 0 ثم أحست بإصرار ينمو في داخلها لمواجهة الموقف ابتسمت فجأة بينما كانت سارة تقول:
- اعرفكم بجين ابنة جون اوغستاس ريتشي 0
وراحت جين تصافح رجالا ونساء يرتدون ثيابا أنيقة وجميعهم أيضا يقيمونها من وراء ابتساماتهم وتحياتهم التقليدية التي انهالت عليها0 اجتازت كل هذا بلا تردد بعد أن استعادت ثقتها بنفسها بسبب بسمة ساخرة على وجه رجل ونجحت في ألا تعطي أصدقاءه ذرة من الاهتمام0
بدأ الحديث يتصاعد من جديد تدريجيا وكان في وسع جين الآن أن تلتقط أنفاسها واسترخاء بحرية اذ أحست بالضغط ينحسر من حولها بعد أن تحول اهتمام الحشد إلى قادمين جدد0اما غافن فقد اختفى وسط الحشد0
في تلك اللحظة وجدت جين نفسها قرب والدة سارة التي قالت لها:
- أنا واثقة من أنك في حاجة إلى هذا المرطب ياجين 0 اشربي ياعزيزتي0
- شكرا0
- هل جئت أنت وغافن وحدكما؟ أنا آسفة لأن والدك لم يحضر لكن من المؤكد أن غافن ظريف جدا أليس كذلك؟ إنه يشكل مع سارا ثنائيا رائعا أليس كذلك؟
- نعم بالتأكيد وأظن أنهم سيعلنان خطوبتهما قريبا0
- لا تقول شيئا من هذا فالأمر مازال سرا0
- لا لن أقول شيئا على الإطلاق0
قالت جين فتت ذلك ثم رشفت من مشروب ذهبي تناثرت فقاعاته من كأسها ليأخذ طريقه إلى جوفها في رذاذ مثلج مسموع0
استأذنت السيدة سمايث لتجد جين نفسها تقف وحيدة تماما وسط بحر من الوجوه الضاحكة 0 منعزلة وكأنها تقف في جزيرة مهجورة 0 ودون تفكير رفعت كأسها وابتلعت كل ما فيها دفعة واحدة0
ثم سمعت صوتا يقول:
- إنك رائعة فعلا0
التفتت إلى الوراء لتجد وجها بشوشا لرجل متوسط العمر كان أصلع الرأس ذا انف مدبب وعينين ساحرتين وأهداب داكنة0
- أنت الدكتور ماكدونالد 0
- كيف عرفت ذلك ياجين 0؟
- قالت لي ميغان أنك ستكون في الحفلة كما إنه لم يكن ممكنا أن تفوتني تلك اللهجة المحببة ولكن كيف عرفتني أنت؟
- أنت أيضا تطابقين ما سمعته من أوصافك 0 وقد رأيت سارة وهي تخصك بتلك المعاملة وليوني أيضا كنت مندسا وراء تلك الزهرية عندما كانت تسرد عليك تلك القصة المعاده عن سارة وغافن0
- ماذا تعني بتلك المعاملة؟
رفع حاجبيه مندهشا:
- ألم تفهمي ؟ قولي لي ماذا كان شعورك وهي تقودك صائحه أمام هذا الحشد بعد أن أدركت خجلك 0 دعينا نجلس بعيدا في ركن هادئ00 أريد أن أحدثك عن أبيك0
وجدت جين نفسها تجلس في جوار الرجل الودود, وهكذا أصبحت الحفلة أكثر بهجة0 ازدحمت الغرفه ومر الجرسون بالمشروبات التي كانت تختفي قبل أن يتقدموا بضع خطوات 0 ظهر غافن فجاءه وألقى نظرة عليهما ثم اختفى وقد ابتلعه الزحام 0 جلس ماك وجين يتحدثان غافلين عن كل هذا الى ان ظهرت ميغان 0حيتهما بسرور وجلست قربهما قائلة:
- كنت أود إن اكون هنا ساعة وصولك يا جين 0 اين جون ؟
- لم يستطع المجيء0
- إذا جئت أنت وغافن وحدكما؟
- نعم0
نظرت ميغان الى جين وبدت وكأنها كانت على وشك أن تقول شيئا ثم عدلت0
تحدث ماك عن طريقة استقبال سارة لجين فقالت ميغان لجين :
- لهذا كنت أود أن أكون هنا وقت وصولك لكنني واثقة أنك كنت رائعة كما ذكر لي ماك 0
وصل إلى أسماعهم صوت موسيقى منبعث من مكان آخر من المنزل ونغمات متنافرة واضحة في محاولة لضبط أوتار الآلات الموسيقية قالت ميغان :
- سيبدأون الرقص الآن وبعد ذلك سيفتتحون مائدة الطعام0
تحولت الحفلة إلى ميدان صخبة0 كتلة دائرية من الألوان كالزجاج البراق كتلة من الضجيج والمتعة0 بعد ان احتست جين كأسها الثانية وتولى كولن الذي وصل متأخرا رعايتها0 اندفعا نحو فناء خلفي واسع حيث كانت الفرق الموسيقية تعزف 0 كان الغناء ممتدا نحو مروج خضراء حيث كان المدعوون يرقصون على النجيل المضاء بالأنوار وكذلك على أرضية الفناء الحجرية وقت تناثرت فيها أصص النخيل وتوسطت فيها نافورة صغيرة تتناثر منها المياه في شكل جميل0
قال كولن لجين وهو يراقصها :
- إن تثيرين ضجة يا جين 0
- دعك من هذه الدعابات 0
أحمر جين خجلا وتعثرت خطواتها وقد ساءتها مداعبته الساخرة0
امسكها بقوة ليحول دون تعثرها من جديد وهمس قائلا:
- أنا لا أمزح يا عزيزتي صدقيني تبدين رائعة الجمال0
كانت الموسيقى الصاخبة تشيع حيوية تعاقبت بعد ذلك عدة رقصات رأت في إحداها غافن وسارة يرقصان معا كانا يحتضنان بعضهما البعض بقوة وكأنهما لا يشعران بوجود أحد0
فجأة أحست جين بالدوار وقالت لكولن :
- ايمكننا أن نتوقف عن الرقص قليلا 0لقد تعبت0
جذبها الى الخارج قائلا:
- أنت في حاجة إلى هواء نقي ياعزيزتي0
في الهواء الطلق أحست جين برعشة البرد 0 أحاطها بذراعه قائلا بصوت عذب :
- تحسنت حالتك أليس كذلك ؟
ادارت نحوه وجها ضاحكا وهي تقول:
- نعم أعتقد ذلك 0
- سأمارس أساليبي الشريرة معك 0
ابتعدت وهي تقول :
- شكرا على تحذيرك اياي والآن يجب أن نعود إلى الحفلة 0
عادت إلى الرقص بكل حماس وقد قررت أن تندمج في الجو0
لم يكن في وسعها أن تتصور كيف كانت تبدو فاتنة هيفاء نحيلة في ثوبها الجميل شعرها لامع بشرتها تشع بالصحة وهي تضحك و ترقص حتى انقضى المساء0

ورده قايين
08-05-2007, 16:04
وفي إحدى الرقصات كانت مع جوني ميليا وهو شاب جذاب عرف إنه زير نساء فرأت غافن يقف وحيدا0 يدخن سيكارا كانت نظرته إليها قاسية قاتمة0 وتحديا لغافن ابتسمت لجوني0 وأحست بقدر من الرضا عندما رأت غافن يستدير في سرعة ويسير مبتعدا 0
ساعدها الطعام الذي تناولته على استعادة قدر من اتزانها 0 دخلت هي وكولن وماك وميغان وانظموا الى المتزاحمين حول ألعشاء المعد بأناقة 0 وبينما كانوا يسيرون ممسكين بأطباقهم ينتقون شرائح الدجاج واللحم وعشرات الأصناف من الأطعمة الغريبة والمبهجة سمعت صوتا يقول :
- هل تستمتعون بوقتكم ؟
استدارت لترى غافن 0
حيته ميغان قائلة :
- مرحبا أيها الغريب لم نرك كثير اليوم0
ابتسم ابتسامة مقتضبة وقال:
- كنت أقوم بجولة بين المدعوين0
استدار نحو جين التي كانت تقف مع كولن وقال لها :
- هل كانت الحفلة كما تتوقعين ؟
- نعم وهل هي كذلك بالنسبة إليك؟
- بالقدر الذي توفره اية حفلة 0
لاحظت أن صوته كأن فاترا ولم تعرف السبب الذي دفعها أن ترد عليه في فتور مماثل بقولها :
- عندما تشعر بأنك لم تعد ترغب في السهر أرجوك ان تبلغني0
أدارت ظهرها له ثم ألتقطت قطعة كبيرة من الدجاج0
- سأفعل هل تأذنون لي ؟
وهنا قال كولن:
- لماذا كل هذا؟
استدارت ناحيته وعيناها تلمعان في تحد:
- هل كنت فظة ؟
- الناس لا يتحدثون هكذا مع غافن 0
- هذا يدعو أكثر للأسف0
ردت جين بهذه العبارة ثم أحست بالندم وسمعت ضحكة ميغان المقتضبة فاستدارت:
- أحسنت صنعا ياجين0
تنهدت جين في عمق0 هناك شخصا واحدا على الأقل في جانبها0 لقد بدأت بالفعل تندم على تهورها في ردها على غافن 0 فهي لم تكن يوما فظة مع أحد لكن غافن لم يكن نمطا عاديا من البشر0 أحست جين بقدر من التحسن عقب العشاء 0 أقبلت سارة نحوهم مبتسمة وهي تطرف بأهدابها في حياء ناظرة الى الرجلين وقالت:
- أرجو أن تكونوا جميعا مستمتعين بوقتكم 0
- سررت بمجيئك ياجين أرجو أن تأتي إلينا مرارا ولعلنا نقضي يوما معا في بورت باتريك0
انسلت مبتعدة فتنهد ماك:
- يا للعجب أنت تحظين بالحفاوة والتكريم0 إن سارة لديها مبرراتها لذلك فهي تتودد إليك حتى تضمن الا تحاولي سرقة صديقها0
نظرت جين وميغان كل إلى ألأخرى وانفجرتا في الضحك دون أن تقدما لماك تبريرا لمسلكهما هذا0
بدأت جين في وقت متأخر من الحفلة تشعر بإلأجهاد بل ربما المرض أيضا 0 كانت تجلس هي ميغان وحدهما في ركن هادئ نسبيا وتلفتت جين حولها في يأس0 كانت تحس بحبات العرق تنتشر فوق جبينها 0 همست قائلة:
- سأذهب إلى الحمام0
سألتها ميغان في قلق:
- هل أنت بخير؟
- نعم لكني أحس بقدر من الاجهاد فأنا لست معتاده على السهر 0 لن اغيب00
- سأتي معك0
- كلا لا تزعجي نفسك0
لم يلاحظ أحد إنسلالها الى الطابق الأعلى 0 وفي الحمام غسلت وجهها ويديها جلست ساكنة للحظات ثم سارت عبر رواق غطته سجاجيد مترفة أخذت تتأرجح بشكل مخيف, كظهر مركب في عاصفة0 مرت جين بغرفة نوم مفتوحة لترى سريرا نظيفا ورضخت لإغراء قوي فدخلت بثبات خلعت صندلها ثم رقدت وهي تتنهد في راحة0
افاقت على يد تهزها وصوت آت من بعيد0
- جين هل أنت بخير؟
فتحت عينيها لترى خيالا مرتعشا لرجل وقد وقع عليه الضوء الآتي من ألباب المفتوح 0 أحست بالذعر حاولت جاهدة ان تجلس لكنها شعرت بدوار ثم استعادت اتزانها بالقدر الكافي فرأت كولن يقف في جوارها0
- كولن يبدو أنني استغرقت في النوم كم من الوقت مضى علي وأنا هنا؟
ضحك وهو يجلس قربها على السرير قائلا:
- حوالي ربع ساعة فقط كانت أمي قادمة تبحث عنك لكني تطوعت للقيام بالمهمة اتشعرين بأنك مريضة؟
تململت جين محاولة ان تجد وضعا أكثر راحة فتطوع كولن لمساعدتها0
- كلا كنت متعبة فقط 0كانت رأسي تدور أنا آسفة0
- لا تقلقي إسمعي هل تودين أن أصحبك الى المنزل؟ قاربت الساعة الثانية0
اتسعت عينا جين وهي تقول:
- هل يمكنك أن تفعل ذلك؟ من المفروض أن أذهب مع غافن لكني واثقة أنه يود أن يمكث حتى النهايه وأنا لست معتادة على الحفلات الصاخبة0
- اسمعي سأنزل لأبلغ غافن بأنك ستأتين معي0
توقف فجأة عن الكلام عندما سقط ظل شبح على أرض الغرفة المظلمة اعقبه دخول غافن نفسه 0 ساد الصمت هنيهة بينما كان الأخير ينظر إلى جين وكولن وقد خلا وجهه من أي تعبير0 ثم قال:
- عفوا ما كنت أريد الدخول لكن خيل إلي أني سمعت شخصا يناديني0
أحست جين بوجهها يشتعل وسط الظلمة التي رحمتها من عينيه0 لم تنجح نبرته ألامبالية في إخفاء الاحتقار الحاد الذي ظهر في كلماته 0
ابعد كولن يده عن جين قائلا:
- كنت على وشك أن أنزل لأراك يا غافن 0 قلت لجين أنني سأصحبها الى المنزل 0
- هل تودين أن تذهبي الآن يا جين؟
- نعم 0
- إذا سأصحبك 0
- لكن0
بادرته جين معترضة حتى لا تضطره إلى ترك الحفلة قبل نهايتها 0
غير أن كولن أسرع إلى القول:
- حسنا اتفقنا0
كانت تعرف برغم الظلمة الجزئية التي كانت تحيط وجه غافن أن عينيه كانتا مركزتين عليها وهو يقول:
- أن أحضرتك وانا وعدت والدك بأن أعيدك إلى المنزل0
كانت تنتظر أن يعالج كولن الأمر بطريقته0 أن يعيد كل شيء الى وضعه الطبيعي ولكنه لم يفعل بل هز كتفيه ونظر إلى جين وكأنه يود أن يقول لا فائدة من الجدل ثم قال:
- اتفقنا ياغافن فأنت الرئيس0
ساد صمت مفاجئ ثم استدار غافن خارجا0
سمع وقع قدميه وهو يبتعد فأطلق كولن زفرة ارتياح عميقة:
- إنه طيب ومجنون في آن0
جلست جين وتشبثت به كمن يتشبث بطوق نجاه وقالت:
- لماذا لم تصر على اصطحابي ؟
- فلا مجال للنقاش مع غافن صدقيني فأنا أعرفه 0
التقطت جين حقيبتها وهبطت السلم مع كولن ثم سارت نحو الباب وهي تشعر وكأنها ذاهبة إلى الجحيم 0

ورده قايين
08-05-2007, 16:06
غدا ان شاء الله موعدكم مع جزءين آخرين 00قراءة ممتعه 00

lovely sky
08-05-2007, 20:08
ما شاااااء الله
والله مجهود راااائع وممتاز جدا
الله يعطيكي العافيه حبيبتي وردة قايين
جهود متميزة ورائعه .. الله يوفقج ان شاء الله

مشكوورة حبيبتي ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

moreena
08-05-2007, 23:11
::جيد:: ::جيد:: اتمنى الاستمرار فى مشورعك الناجح يا عزيزتى::جيد:: ::جيد::

lovely sky
09-05-2007, 08:56
::جيد:: ::جيد:: اتمنى الاستمرار فى مشورعك الناجح يا عزيزتى::جيد:: ::جيد::



اهلين حبيبتي
نورتي المشروع و اسعدنا مرورك الرائع
وان شاء الله تجدي هنا كل ما تحبيه .. ::سعادة::
ونتمنى لكِ قراءة ممتعة مع فريق روايات عبير واحلام ::جيد::

دمتي بكل الخير

lanoo
09-05-2007, 10:02
شكرا ياعزيزتي على الرواية وننتظر البقيةبشوق;)

lanoo
09-05-2007, 10:03
شكرا ياعزيزتي على الرواية وننتظر البقيةبشوق;)

lanoo
09-05-2007, 10:09
شكرا ياعزيزتي على الرواية وننتظر البقيةبشوق;)

serma
09-05-2007, 21:32
الروايه جميله شكرا لكم
وننتظر باقى القصه

ورده قايين
09-05-2007, 21:46
5- المواجهة


لوحت جين لكولن 0 ثم استقلت السيارة فأحست وكأن الصلة الأخيرة بينها وبين المدينة أنقطعت لحظة سمعت صوت إنغلاق ألباب الخارجي للمنزل لم يكن في وسعها أن تعبر عن مدى تعاستها عندما لاحظت غضبه البارد مثل الصقيع جلست متصلبه في مقعدها لا تجسر على الاسترخاء خشية أن تستغرق في النوم كان تصورها بأنها ستقوم برحلة تستغرق ساعة كاملة مع ذلك الرجل المتجهم الوجه يخيفها 0
بدأ يقود سيارته بسرعة مبتعدا عن المنزل الذي أخذت جين ترقبه وهو يتقهقر كلما انطلقا بسرعة نحو الظلام 0 سألها وهو يشعل سيكارا :
- هل يضايقك أن أدخن؟
- كلا0
وردت وهي تفكر كيف أنها لا تجرؤ على الاعتراض لا أحد يستطيع مناقشة غافن 0 ولا حتى كولن الذي نفذ ما أمره به غافن في غرفة النوم0 كم كانت تتمنى لو أنها لم تذهب إلى هناك 0 كانت تتمنى أيضا لو أنها لم تتحدث بمثل تلك الحدة في غرفة الطعام0
ملاءة رائحة التبغ المعطرة السيارة 0 فنظرت جين من النافذة وهي تتمنى ألا يدفعها ذلك إلى الشعور بالغثيان 0 كانت رأسها تؤلمها آلما أخذت شكل إلنبض البطيء الثابت الموجع0 وكانت تشعر وكأن عينيها مليئتان بالرمال0 لم تستطع أن تتحمل ذلك الصمت الثقيل أكثر من ذلك فأنفجرت قائلة:
- آسفة لإنني اضطررتك إلى ترك الحفلة0
- احقا أنت آسفة0
توهج السيكار وهجا أحمر حين أدار رأسه لينظر إليها0
- نعم آسفة ولهذا السبب كنت أود أن أعود مع كولن 0
- هل كنت ستدعينه يصحبك الى المنزل؟
- نعم فأنا أعلم أنك كنت تود أن تبقى حتى نهاية الحفلة0
- قلت لك ان تبلغيني عندما تودين الرحيل0 فأنا عندما اتعهد بشيء أحرص على تنفيذه 0 قلت لوالدك أنني سأعيدك سالمة إلى المنزل , وسأفعل ذلك دون أي اعتبار للوقت0
- كان ابي سيتفهم الموقف0
- ليس هذا هو محور الجدل أليس كذلك؟
أحست لهجة احتقار حادة في نبرته 0أصرت على أسنانها بمرارة متسائلة في تهكم:
- أظنه شيئا رائعا أن يبلغ المرء حد الكمال, أن يفعل دائما الصواب؟
نفض سيكاره بعناية وضحك قائلا:
- لا تجعلينا ننحط إلى مستوى الإهانات الشخصية0
لم تكن في ضحكته اي نوع من الدعابة0 شبكت جين يديها بقوة وقد ملأها غضب جارف, نظر إليها فرأى قبضتها المتوترة كما لاحظ تنفسها السريع واستطرد:
- لو كنت مكانك لحاولت أن استرخي أمامنا رحلة طويلة0
- كيف استرخي وأنا معك؟ إنك تظهر تماما كم أنت متضايق من مهمتك أنا أشعر بذلك0
وضعت يدها على جبهتها المتألمة ضاغطة بقوة0
ضغط بقدمه على الفرامل فوقفت السيارة بسلاسة0 استدار قائلا:
- حسنا أفصحي عما في صدرك ماذا تعنين بالضبط؟
اشاحت جين بوجهها0 لم يكن هناك ضوء أو صوت 0 كانا وحدهما في صحراء شاسعة من الظلام , والآن أدركت لماذا استسلم كولن بتلك السرعة فالقوة التي يتمتع بها هذا الرجل خارقة كان ينتظرها تتكلم وكأنه نمر متأهب للانقضاض 0
لم يكن لديها أسلحة تحاربه بها ولأنها كانت تعرف إنه ليس في وسعها أن تفوز في حرب كهذه فقد تشجعت وقالت:
- حسنا سأقول لك لقد أفصحت تماما عن مدى كراهيتك لي 0 أنا لا أعرف لماذا؟ لم أفعل لك شيئا ويجب أن تتعلم أن تحكم على الناس كما هم في الواقع لا كما تتخيلهم انت 0
اشتد صوتها وأصبح أقل ترددا فهي تعرف الآن إنه ليس لديها ما تخسره 0 إن أسوأ ما يستطيع أن يفعله هو أن يطلب إليها مغادرة السيارة لتعود إلى البيت سيرا على القدمين0 واستدارت بالفعل ومست مقبض ألباب وكأنها تدرس تلك الفكرة رأى غافن حركتها فقال بحدة:
- أين أنت ذاهبة؟
- لست ذاهبة إلى أي مكان ومع ذلك فقد كنت أفكر أنه سيكون من الأفضل أن أعود إلى المنزل سيرا على القدمين0
- أترين ذلك؟ ستكتشفين خطأك بعد بضع خطوات إلا إذا كنت تحبين أن تخترق الخفافيش شعرك0
- أنا لا أخاف الخفافيش إنها مجرد فئران طائرة وهي تخشانا أكثر مما نخشاها0
- أنت تدهشينني فمعظم النساء يرتعبن من الخفافيش0
- أنا لست مثل معظم النساء0 ومع ذلك فأنا لا أعرف لماذا تعتقد أن الشجاعة تنقصنا بالمقارنة مع الرجال 0 فالنساء لم يعدن مخلوقات ضعيفة 0 صدق أو لا تصدق أن لديهن عقولا أيضا0
- حسنا لقد شرحت وجهة نظرك جيدا0
مد يده نحو ولاعة السكائر مرة أخرى فقالت جين:
- هل أنت في حاجة إلى السيكار ليمدك بالشجاعة؟
أحست جين بأن هناك شيئا ما يستحثها على الاسترسال 0 قوة لم تكن تفهمها0 ولكنها كانت تود بشكل ما أن تخترق ذلك السطح الخارجي أن تثقب مناعته الحصينة هذه لترى ما وراءها0 رأت من خلال الضوء القاتم المنبعث من لوحة أجهزة القياس عضلات وجنتيه تنقبض وسمعت تردد أنفاسه فعرفت أنها سجلت هدفا ضده مهما كان حجمه تافها0
- كلا لست في حاجة إلى السيكار0 لكنه يساعد في معالجة التصرفات الصبيانيه 0
- إن سلوكي ليس صبيانيا 0
- انت تدهشينني 0 أعطيتني انطباعا قويا بذلك حتى الآن والآن هل انتهيت وهل يمكننا أن نواصل رحلتنا ؟
قالت وهي تلهث:
- أنا لا أعرف لماذا توقفت اصلا 0 أنت انسان كريه0
- لا تتمادي في وقاحتك أكثر من هذا يا آنسة ريتشي فقد نفذ صبري 0
اشعل سيكارا آخر ببطء كانت الرائحة المعطرة للسيكار الذي أشعله أخيرا بمثابة الضربة الأخيرة0 فقد دفعت جين ألباب واندفعت خارجة تحتمي بالنخيل وهي تشعر بالإعياء0
كانت ترتجف وتهاوت قدماها 0 سمعت في شكل خافت مبهم صوت ارتطام باب سيارة فكرت إنه على وشك أن يقود سيارته مبتعدا 0 كانت تشعر بقدر هائل من الإعياء حال دون اهتمامها بما يحدث وتوقعت أن تسمع صوت المحرك يملأ المكان لكنها بدلا من ذلك سمعت وقع أقدام مسرعة ثم جاء صوته قائلا:
- ماذا هناك هل أنت مريضة ؟
تعثرت ثم استدارت كانت تحس بقدميها تلتويان بينما كانت الأرض تتأرجح وترتعش وفي اللحظة التالية وكان غافن يحملها بين ذراعيه متجها إلى السيارة0
- أنزلني , دعني , أرجوك0
دفع بها إلى مقعدها وقال في حزم:
- اجلسي مكانك0
في اللحظة التالية كان الى جوارها وقد غمرها النور الداخلي للسيارة أعطاها منديلا وقال:
- امسكي هذا 0
مد يده إلى الدرج الأمامي للسيارة وأخرج زجاجة فتحها ونثر بعضا منها فوق المنديل فامتلأت السيارة برائحة منعشة نفاذة ثم قال :
- والآن امسحي وجهك فهو سيفيدك كثيرا 0
امتثلت جين ومسحت وجهها بيدين مرتعشتين فصدمتها البرودة الحادة لتعيدها إلى حالتها الطبيعية 0
- شكرا لك 0
تبدلت لهجة غافن فصار موضوعيا واختفت النغمة الغاضبة من نبرته 0 سألها وهو يرقبها :
- لماذا لم تقولي لي أنك تشعرين بالغثيان 0
نظرت إلى وجه وقد مال نحوها وقالت :
- كنت اظن انك تعلم , فذلك كان سبب صعودي الى الطابق الأعلى للاستلقاء0
- ومن أين لي أن اعرف؟ لقد ظننت أنك صعدت لكي 000
وسكت مترددا وأحست جين بوجهها يلتهب فتساءلت:
- ماذا كنت تظن ؟
- ظننت أنك ذهبت لموافاة كولن0
وأضاف عندما أطلقت شهقة لا ارادية :

ورده قايين
09-05-2007, 21:49
- إني أعتذر أدركت الآن مدى خطئي ولكن لماذا لم تقولي لي إنت او كولن 0
اشاحت جين برأسها وقد أفلتت منها شهقة باكية0 وأحست بضياع وحرج وأخيرا استطاعت أن تنطق بصوت مرتعش:
- هذا ليس مهما أرجوك دعنا نواصل رحلتنا الآن فأنا أشعر بتحسن0
- لن نستأنف ألرحلة وأنت تبكين0
- أنا لا أبكي0
- بحق السماء حاولي أن تتوقفي عن البكاء لقد اعتذرت لك 0
مساحة وجهها بالمنديل وقالت بنبرة تكاد تكون طبيعية:
- أرجوك أود لو نذهب الآن فأنا متعبه جدا0
في ذلك الضوء الخافت خيل إليها وكأنها رأت شيئا ما في وجهه احالت جسمهاالى شعلة ملتهبة 0 وكأنها واقعة تحت تأثير مغناطيسي نظرت إلى عينيه كانتا داكنتين فيهما ظلال أحدثها ذلك الضوء الذي بدأ كبحيرة صغيرة سمعت تردد أنفاسه ،وراءت صدره يعلو ويهبط وذلك التجويف الداكن الظلال في أسفل عنقه بينما كان وجهه المائل داكنا مكتمل الرجولة كانت لدى جين رغبة جارفة في أن تمد يدها وتمس شفتيه بأناملها0 بل إنها أحست بالفعل وخزا خفيفا وكأن الفكرة تحولت إلى واقع 0 ضغطت على يديها محاولة استعادة حالتها الطبيعية0

قال لها في رقة:
- ارجعي رأسك إلى الخلف وحاولي أن تستريحي لن أسير مسرعا 0
امتثلت لما قاله 0 وأحست بهدؤ غريب تحركت السيارة في بطء تزيد من سرعتها كل لحظة وهو يقودها بعناية في طريق العودة0
اغلقت جين عينيها محاولة ان تخلد الى النوم 0
على الأقل لن يكون عليها أن تتكلم معه0 لكنها ستحاول التفكير رغم ان الأفكار تتصارع في رأسها مثيرة للقلق فقد ظل وجهه الساخر يتراءى لها0
وأدركت إنه لم يجبها عندما كانت تتحدث عن استياءه منها بل كان يحرص دائما على تغيير الموضوع أوقف غافن السيارة أمام البوابة الخارجية لمنزل والدها وقال:
- سنقطع الممر سيرا على الأقدام أين مفتاحك؟
فتحت جين حقيبتها وبدأت تبحث عن المفتاح الذي دسته الن في يدها قبل أن تغادر المنزل 0 قطبت جبينها وبدأت تتحسس بدقة أكثر في كل ركن وبحركة يائسة سريعة أفرغت حقيبتها 0 وبدأت تقلب في محتوياتها فلم تجد أي أثر للمفتاح0
- اتسمحين لي 0
قال لها ذلك وهو يأخذ الحقيبة الفارغة ويدس يده فيها متحسسا البطانة ثم قال :
- لا أثر للمفتاح اتظنين أنه سقط من الحقيبة؟
- نعم عندما صعدت إلى الطابق الأعلى للاستلقاء سقطت مني الحقيبة نسيت هذا تماما0
- هل فتحت الحقيبة اثناء سقوطها؟
- لا أدري كولن هو الذي التقطها0
نزل غافن من السيارة قائلا:
- تعالي سنحاول أن ندخل في هدوء0
ركضت خلفه وهو يسير بخطوات واسعة في الممر المتعرج الموصل إلى المنزل0 وهي تتمنى أن يجدا نافذة مفتوحة في الطابق الأسفل0 لن تنسى هذه الأمسية الثقيلة كالكابوس 0 حدثت نفسها بذلك في تعاسة وهي تتعثر في صندلها ذو الكعب العالي محاولة اللحاق بغافن0
المنزل يلفه الظلام وسكانه نائمون 0 أشار لها غافن بأن تلتزم الصمت 0 حاول فتح ألباب الخارجي أولا ثم بدأ يجرب النوافذ واحدة تلو الأخرى 0 وعندما اختفى غافن في الفناء الخلفي للمنزل انتظرت جين وهي لا تجسر حتى على الحركة عاد بعد أقل من دقيقة 0 انبأـها وجهه بالنتيجة ولم تكن في حاجة لأن تسال0
دنا منها وقال:
- ليس امامنا الآن إلا أن نحاول إيقاظ الن 0 ولكننا على وجه التأكيد سنوقظ والدك أيضا0 وهذا ما لا أود أن افعلة 0 بقي أمامنا اختيار واحد 0
- ما هو؟
- أن تنامي في منزلي0
وعندما نطق بهذه الكلمات بدأ يسير وقد تأبط ذراعها مبتعدا عن المنزل يجذبها بعيدا, حتى يستطيعا أن يتحدثا بحرية أكثر تصلبت ثم توقفت عن السير منتزعة يدها من يده وهي تصيح:
- كلا00 كلا 0
- ماذا تقترحين؟
- ألا يمكننا أن نقذف بعض الحصى على نافذة الن ؟
- أين غرفة آلن ؟
- لا أعرف أظنها في الناحية الخلفية من البيت0
- اذا كنت تظنين أنني سأقف هنا لأقذف كل نافذة بالحجارة فأنت مخطئة 00 وحتى في هذه الحالة ليس هناك ما يضمن أنها ستستيقظ من نومها العميق لاتنسي أنها تذهب إلى فراشها في ساعة متأخرة وتستيقظ مبكرة, تعالي0

ورده قايين
09-05-2007, 21:50
تأبطها مرة ثانية ولكن بقدر أقل من الرقة هذه المرة حتى وصلا إلى السيارة0
استدارت جين قائلة:
- الكاراج ليس مغلقا ويمكنني النوم في السيارة0
- لاتكوني حمقاء اصعدي إلى السيارة0
قالت كلمته ألأخيرة بخشونة وهو يفتح لها باب السيارة وقد نفذ صبره0
بعد دقائق كانا أمام منزله حيث كان هناك ضوء متوهج في البهو يغمر الممر أرتقى غافن السلم راكضا ووضع المفتاح في قفل الباب مستديرا تجاه جين التي كانت لا تزال في السيارة 0
- تعالي0
امتثلت جين وهي تحس بالحيرة ثم تجمدت لدى رؤية ذلك الكلب الضخم 0 يهز ذيله القصير بعنف ويقفز عاليا على غافن الذي عرفت الابتسامة طريقها إلى وجهه الآن0
استدار قائلا:
- لن يمسك بأذى فلا تخافي0
- آن لا أخاف الكلاب إلا إذا وثبوا علي في الظلام0
- من الأفضل أن تحييه0
مدت جين يدها ليتشممها فجلس أمامها مصدرا انينا خافتا وهي تربت على رأسه مبتسمة لعينيه الرقيقتين0
رفعت جين رأسها لتجد غافن واقفا يراقبها وقد علا وجهه تعبير غريب فأحست بالارتباك وقد بدأ قلبها يدق بشدة فهي لم ترى وجهه على تلك الصورة قبل اليوم0
استدار غافن فجأة قائلا:
- سأعد فنجانين من القهوة لنتناولهما في المطبخ0
لحقت به جين بعد تردد 0 بدأ الموقف كله يأخذ طابع الحلم0 يسوده جو غير واقعي حتى وبدأت جين تتساءل عما يمكن أن يحدث بعد ذلك0
- اجلسي سأحضر لك قرصين من المسكن للصداع بعد دقائق0 لن تحسي بثقل في رأسك غدا إذا ما تناولتيهما مع القهوة هل انت جائعة؟
- كلا شكرا0
هل أن ما يحدث الآن حقيقي ؟ هل هي بالفعل في منزل ذلك الرجل00 على وشك أن تنام في إحدى غرفه 0 تساءلت وهي لا تقوى على النظر إليه0
- آمل ألا نوقظ مديرة منزلك0
- تحاولين أن تعرفي في ما إذا كان شخص آخر غيرنا في المنزل؟
- أعتقد أن هذا هو ما قصدت بالفعل0
- أنا آسف أن أقول لك إننا وحدنا تماما0 فمديرة منزلي وزوجها يسكنان بيتا صغيرا في الحديقة0
وضع أمامها قدحا من ألقهوة الداكنة ووضع جوارها اللبن والسكر قائلا:
- لا تقلقي, فأنا لا أغازل الأطفال0
شهقت جين وقد اشتعل وجهها ثم تلعثمت قائلة:
- أنا لم أقصد0
- نعم لقد قصدت ذلك0
أتى بزجاجة صغيرة وضعها أمامها ثم سحب مقعد وجلس وقال:
- لا تستشيطي غضبا هكذا فمن الطبيعي تماما أن تسألي وتطمئني وقد أجبتك والآن أرجوك أن تنسي هذا الموضوع0
ربت على الزجاجة قائلا:
- تناولي قرصين من هذا الدواء واشربي قهوتك 0لقد تجاوزت الساعة الثالثة صباحا0 ولست أنت وحدك المتعبة0
كانت أفكار جين مشوشة وذهنها في حالة اضطراب وقد اختلطت فيها الانفعالات فتحت الزجاجة وتناولت قرصين وبيد مرتعشة احتست القهوة وهي تلهث قليلا 0
كيف يمكنه أن يكون قاسيا الى هذه الدرجة0 أدركت كم هي في الحقيقة مجهده ثم انحنت وربتت على ظهر الكلب الرابض في جوارها 0
- سأصحبك الى غرفتك 0
ابتلعت جين الجرعة الأخيرة من القهوة ثم نهضت واضطرت للإمساك بالمنضده بعدما شعرت بالغرفة تتأرجح 0 قطب غافن جبينه متسائلا:
- الا زلت تشعرين بالإعياء؟
- كلا أنني مجهده فقط0
قادها إلى البهو ثم ارتقيا سلما كان كل شيء على كبيرة من الفخامة 0 كان الضوء ينعكس في توهج على اطارات المرايا المذهبه والنوافذ الواسعه العالية 0 وعندما وصلا إلى الطابق الأعلى مس ذراع جين بخفه قائلا:
- من هنا0
قادها إلى غرفة صغيرة ذات اثاث جميل 0 كان غطاء السرير أبيض وقت تناثرت سجاجيد بيضاء على أرض الغرفة0
اضاء النور ثم أشار إلى باب في داخلها قائلا:
- هناك تجدين حمام مستقلا فيه كل ماتحتاجين إليه00 وستجدين أيضا تشكيلة من ثياب النوم في الدرج الأول من منضدة الزينة سأذهب لأدخل كارلو وأغلق الأبواب اذا احتجت إلى شئ ما فما عليك إلا أن تطلبي 0
مشى عائدا إلى الباب ثم توقف قليلا ناظرا إلى جين التي كانت تقف قرب السرير:
- ليس للباب قفل لكني أعدك أن أحدا لن يزعجك 0
- أشكرك0
خرج واغلق الباب خلفه في هدوء 0 أطلقت جين آهة مرتعشه0 جلست في فراشها محاولة ان تستجمع شتات أفكارها هل يمكن أن يكون هذا هو الرجل نفسه الذي رأته يفرض رأيه 0 متسببا في ذلك المشهد الكريه في المطار؟ وماذا سيكون رأي الخالة دوروثي في كل ما حدث ويحدث؟ لم تجسر على الاستمرار في التأمل 0 توجهت إلى الحمام0 كان مزخرفا في رقة وجمال وقد غطيت جدرانه بقرميد أزرق فاتح0 كما ثبت في الحائط حاملا للنباتات0 غسلت جين وجهها ويديها0 ونظفت أسنانها , وشعرت على الفور بتحسن كبير عادت مرة أخرى إلى غرفة النوم وأخرجت أقرب ثوب نوم ثم ارخت شعرها واطلقته من دبابيس الشعر الخانقة وهزته بحرية وهي تطلق زفرة ارتياح
رفعت يديها إلى الخلف لتفتح سحاب ثوبها ثم جذبت لم يحدث شيء جذبت مرة ثانية بقوة أكثر جفلت جين بعد أن تشابكت خصلة من شعرها مع الأسنان الدقيقة للسحاب 0 دمدمت في تبرم بعد أن تعبت يداها من المحاولات المتكررة انتظرت لتلتقط أنفاسها تم بدأت محاولة جديدة دون جدوى وذعرت ماذا ستفعل الآن؟
حاولت جين أن تسحب الثوب الى اعلى , لكنه كان محكما عند الوسط وبعد بضع دقائق من الكفاح الصامت المتجهم الذي كانت تخشى أن تمزق بسببه خامة الثوب الرقيقة استسلمت جين 0 لم يكن أمامها سوى شيئا واحدا هو أن تطلب مساعدة غافن وبسرعة
وقبل ان تخذلها عزيمتها فتحت الباب ونظرت نحو السلم قد يكون في المطبخ وهذا أفضل بدلا من أن تضطر إلى الذهاب إلى غرفة نومه 0
هبطت جين السلم في هدوء وسارت عبر البهو حتى وصلت إلى المطبخ 0 وبعد لحظة انتظار تستجمع فيها شجاعتها دفعت الباب 0
لم يكن أحد في المطبخ انتابها شعور مفاجئ بالذعر 0كانت كل شيء يسوده صمت وكأن غافن وكارلو اختفيا 0 توجهت صوت ألباب المفتوح ثم خطت إلى الخارج , لم تكن تجرؤ على مناداته ففضلت الانتظار وفي اللحظة التالية ظهر كارلو يركض بخفة وكإنه يعرب عن سعادته برؤياها 0
خطت جين خارجة عن دائرة النور المنبعثة من باب المطبخ وارهفت السمع 0 جاءها صوت البحر أشبه بهمس ناعم يصدر عن كائنات مجهولة تعيش في تلك الأعماق الخضراء الباردة ارتعشت وقد أحست فجأة بالبرد 0 ثم رأت من على بعد غافن يتقدم نحوها0
وبشكل غريزي تقدمت إلى ألأمام0
- جين ماذا هناك؟
- لا أستطيع فتح سحاب ثوبي 0
- تريديني ان افعل ذلك بدلا منك أليس في ذلك مخاطرة؟
- ابتعت هذا الثوب من محلك الخطأ ليس خطئ0
- تعالي إلى الضوء0
- آمل أن يتم الأمر هنا0
- يالك من طفلة حمقاء0
مد يده وأمسك بشعرها يدفعه إلى ألأمام, مست يده رقبتها فأحست برعشة كان ذلك بمثابة صدمة مفاجئة تنفست جين تنفسا عميقا ثم ابتعدت قليلا أحست بأنامل غافن الطويلة عند رقبة ثوبها ثم عند الظهر ثم بدء قلبها يدق بعنف فخشيت أن يسمعه وقفت ساكنة تماما غير قادرة على الحركة سمعت همهمته المتعجبة وهو يقول:
- كيف تنتظرين مني أن أصلح لك السحاب في الظلام ؟
كانت أصابعه دافئة تمس عنقها وشعرت بشيء من الطمأنينة وهو يقول في رقة:
- أعتقد أنني نجحت لقد كانت هناك بعض000
توقف فجأة فقد حدث شيء غريب 0 سمعا ضربات أجنحة خشنة صاحبها صرخة حادة , في حين مر أمامهما شبح أسود , استدارت جين وتشبثت بغافن وقد أحست بذعر مفاجئ0
- إنه مجرد خفاش وسبقلك وقلت أنك لا تخافين الخفافيش0
ولم ترد في جين وخيم الصمت على المكان واستمر قلب جين في الخفقان بصورة زادت من إحساسها بالدوار0 وغمر كيانها كله إحساس غريب لم تكن تتخيله وذلك عندما ضمها غافن إليه0
وفجاءه وبفظاظة قاسية أبتعد عنها وبصوت مرتعش قال:
- يا إلهي أنت لا تعرفين ماذا تفعلين0
وبينما كانت جين تقف مرتعشه من جراء ما يصطرع داخلها من رد فعل غير قادرة بعد على الحركة استعادت فجأة ذكرى مؤلمة مازالت تحتفظ بقسوتها 0 ذكرى عن خالتها عن شيء يماثل هذا الموقف بشكل ما فقد عادت يوما من المدرسة وقد ملاءتها السعادة تواقة لأن تبلغ الخالة دوروثي أنها فازت بجائزة في الرسم 0 القت بذراعيها حول خالتها تحتضنها0 لكن الخالة دفعتها بعيدا وهي تصيح في دهشة وقد زمت شفتيها:
- ماذا تفعلين بحق السماء؟
خرجت جين من الغرفة حينذاك وحيدة وقد أحست كم هي مرفوضة بشكل تعجز عن وصفه 0 هاهو التاريخ يعيد نفسه0 إنها تشعر بالإحساس نفسه الآن0 ملأ صدرها ذلك الألم المألوف يتصاعد ليصل إلى حنجرتها وقد أوشك أن يخنقها استدارت صارخة وركضت نحو المنزل0
تسمع وقع خطواته وهو ويتبعها:
- جين انتظري0
- دعني ابتعد عني0
انكمش جسدها خوف من التعرض لمزيد من الإذلال بينما كانت تسير متعثرة في المطبخ0
- انتظري0
اطبقت على ذراعها يد قوية 0 ليسقط شعرها على وجهها في فوضى جامحة وهي تتلوى يائسة تحاول تخليص نفسها من تلك القبضة الصلبة0
- لا تلمسني00
هل كانت مجنونة عندما سمحت لنفسها بأن تستجيب بهذا الشكل إلى لمسة ذلك الرجل0
ظلت مشيحه بوجهها بعيدا حتى تتهرب من تلك السخرية التي تعلم تماما أنها ستراها في عينيه 0 كان يجب أن تعرف ذلك أليس هو وخالتها على شاكلة واحدة0
لم يكن هناك جدوى0 فقد كان أقوى منها كثيرا0 تنهدت ثم ارتخت غير قادرة على الاستمرار في مقاومته :
- انظري الي يا جين0
رفعت رأسها وكأن قوى عظمى لا تستطيع مقاومتها دفعتها إلى ذلك 0 كانت عيناها مليئتين بالدموع وقد ابتلت أهدابها الطويلة الحريرية فأصبح لونها داكنا 0 انتظرت كلماته 0 أصبحت عيناه داكنتين جدا0 لم يكن فيهما أية أثر للسخرية التي كانت تخشاها لكن كانا فيهما شيء آخر قال :
- أنا آسف يا جين 0
انتزعت ذراعها من قبضته وتراجعت وهي تصرخ:
- آسف00 انا واثقة أنك آسف حقا- لماذا لا تنفجر ضاحكا؟
تقدم نحوها فصاحت:
- ابتعد عني إني أكرهك أتسمعني ؟ اكرهك 0
رفعت يدها الى فمها وكأنها تحاول أن تمنع نفسها من الاسترسال ثم هرعت خارجة من المطبخ0

ورده قايين
09-05-2007, 21:52
6- المشروع


تقلبت جين في الفراش أرقة بلا جدوى ان تجد في النوم ملاذا فبرغم انها كانت منهكة القوى فانها ظلت يقظة متنبهة وهي مستلقية وسط الظلمة تسمع دقات ساعة حائط البهو أطل الفجر , حين خلدت الى النوم اخيرا 0
استيقظت على صوت نقرة خفيفة على الباب وصوت يقول :
- اتسمحين لي بالدخول؟
ظلت مستلقية في فراشها في صراع بين النوم واليقظة حتى استيقظت تماما , ووعت اين هي وكيف وماذا حدث فهبت جالسة تحرك مقبض
الباب بلطف 0
- جين هل استيقظت ؟
- كلا –اذهب عني 0
كان صوتها خفيضا لايمكن لأحد ان يسمعه , وعندما فتح الباب استلقت بسرعة على الوسادة وجذبت الغطاء عليها لم تكن تريده ان يراها 0 ولم تكن تود ان تنظر اليه وتساءلت عما اذا كانت ستتمكن من النظر اليه مرة ثانية 0
- احضرت لك القهوة 0
لزمت مكانها , متصلبة تمسك بالأغطيه بقوة حول وجهها الذي أشاحت به بعيدا عن الباب 0
- شكرا لك 0
كان صوتها مكتوما لكنه مسموع 0
- انها الحادية عشرة 0هل تودين ان تأكلي شيئا ؟
- كلا , اشكرك اذهب واتركني وحدي 0
سمعته يضع فنجان القهوة وبعد لحظة سمعت صوت انغلاق الباب 0 نهضت جين وقد عزمت الا تبقى اكثر مما ينبغي في منزل غافن فبعد دقائق ستخرج من منزله بلا رجعة وهكذا صار 0

عندما وصلت إلى المنزل وذهبت لتلقى والدها تمكنت من أن تتظاهر بأنها طبيعية00 حياها بولع ناظرا إلى وجهها المتعب في فضول قلق ثم قال:
- ترك لي غافن مذكرة تحت الباب الليلة الماضية آسف لأنك لم تستطيعين دخول المنزل ولكني واثق برغم ذلك أنك شعرت بالراحة في منزل غافن فهو مضيف ممتاز 0
- نعم إلا إنني لم أستطع النوم جيدا0 كان الوقت متأخرا كما أنني لا أستطيع أن أنام في فراش غريب0
فكرت في فراشها آلامن ثم قالت:
- أعتقد أنني سأستحم ثم احاول النوم0
- استريحي كما يحلو لك 0 سيحضر ماك لتناول الغداء معنا 0هل التقيت به أمس؟
- نعم إنه رجل ظريف جدا 0
لم تكن تريد أن تفكر في تلك الحفلة المشوؤمة 0 وسيكون ذلك بالقطع مستحيلا مع مجيء ماك فأن والدها يريد طبعا أن يسمع كل ما دار في الحفلة0 كانت تعرف أنها ستشعر بتحسن بعد النوم0 كما أنها في حاجة إلى وقت تفكر فيه على انفراد0
بعد مرور ساعتين أحسدت جين بالراحة والانتعاش0 وبأنها استعادت حالتها الطبيعية0 نزلت وقد ارتدت أحد اثوابها القطنية الجديدة كان لونه أخضر صارخا مبرزا لون عينيها 00 كان شعرها ممشط إلى الوراء في استرسال0
كانا ماك يجلس مع أبيها في فناء ظليل خلف المنزل 0 نهض حييها قائلا:
- كنت اقص على أبيك كيف كنت نجمة الحفلة0
قالت جين ضاحكة :
- لاتصدقه يا أبي فقد كان هناك عدد من الحسنوات 0
- نعم بالفعل لكن لم تكن من بينهن مثيلة لك0 إستاءت الحسناء سارة جدا لرحيل مع غافن 0 هل كان سبب إعياءك هو تلك الوجبة الدسمة ؟
- نعم 0
نظر إليها قائلا وقد تذكر شيئا :
- عثر كولن على مفتاحك ومعه دثار بني0 لا شك إنه سيحضر هما0
- اوه 0 نعم 0
تناول الجميع طعامهم في الفناء0جلس جون وماك يتحدثان في ود0 وقد أعطاها ذلك وقتا للتفكير عادت بأفكارها إلى غافن 0 لم يكن في المنزل عندما نزلت إلى الطابق الأسفل 0 كان ألباب الخلفي مفتوحا ولم يكن هناك أثرا لكارلو أيضا0 تركت له مذكرة شكرت له ضيافته وانسلت خارجة من المنزل0
ترى هل سيحضر غافن الآن إلى منزل والدها؟
ان حضر فلعله نسى بالفعل ذلك الحادثة التافه0فغافن من ذلك الطراز0 كان يعتبرها طفلة0 أنانية تسعي وراء المال0 لكنها في النهاية مجرد طفلة0 كم كان سلوكه مختلفا مع سارة0
لا تزال نظرته هو يحيي سارة قبل الحفلة تتراءى لجين 0 كان فيها شيئا من العاطفة 0 حتى أنها بمجرد التفكير فيه الآن أحست بانفعال عاطفي لا تعرف كنهه0 تراءى لها من جديد وجه سارة مرفوعا وهي تتلقى تحية غافن 0 سارة بملامحها الجميلة 0واثقة مطمئنة0 كم هو رائع أن يكون المرء هكذا 0 أن يكون ممتلئا ثقة بالنفس0 أن يعرف أنه محبوب0
أنزلت الملعقة من فمها وقد أحست أن حلوى القشدة المخلوطة بالخوخ ذات النكهة اللذيذة تحولت في فمها إلى شيء جاف كريه المذاق0
رمقها ماك قائلا:
- آمل ألا تكوني ملتزمة بنظام غذائي معين؟
تمكنت جين من افتعال ضحكة وقالت:
- كلا لكني لست جائعة0
- ربما كان ذلك بسبب الطعام الكثير الليلة الماضية0
- أتأذنان لي ؟
دفعت مقعدها الى الوراء وتوجهت إلى غرفتها 0 توقفت في طريقها كالعادة لتنظر إلى لوحات والدها 0 تحسست برفق لوحتها المختارة ومست بأطراف أصابعها ثنايا الألوان الزيتية السميكة لمشهد طفل وكلبه يحدقان باشتياق في زورق صغير وسط بحر هادئ0
صعدت السلم وهي تتنهد 0 مطرقة ألباب ترتفع وتطرق مرتين بقوة0 تحركت جين في هدوء أعلى الدرج0 ووقفت بعيدة عن الأنظار 0 وقد سمعت مديرة المنزل تطقطق بخفيها قادمة من المطبخ 0 خفق قلبها وجف حلقها 0 فقد كانت تعلم من الطارق قبل أن تسمع صوته قائلا:
- مرحبا ألن 0 هل جون في المنزل؟
- مرحبا يا سيد غافن 0 كان عليك أن توقظني عندما جئت إلى المنزل مع الآنسة جين 0
تشبثت أصابع جين بشكل لاإرادي بدرابزين الدرج0 سمعت غافن يضحك 0 بدأ قلبها يخفق بعنف , تلاشى صوتاهما تدريجيا وابتعدا باتجاه البهو فتنفست جين الصعداء0
إنه هنا اذا 0 سيكون عليها أن تنزل وتواجهه 0 عليها أن تفعل ذلك في وقت من الأوقات0 وربما يكون الضغط أخف في حالة وجود ماك ايضا 0 ذهبت إلى غرفة نومها , مشطت شعرها0 ووضعت من جديد أحمر الشفاه0 لم يكن في وسعها ان تفعل شيئا لإزالة ذلك اللون الداكن تحت عينيها0
ووقفت جين في غرفة الجلوس بضع دقائق محاولة استعادة قدر من الإصرار الذي أحست به منذ قليل في الطابق الأعلى 0 كان يمكنها أن ترى الرجال الثلاثة في الفناء عن بعد0 وقت حجبه بشكل جزئي حائط يستظلون به 0 كان في وسعها أن تسمع أصواتهم أن تسمع ضحكة غافن فأوشكت أن تدور على عقبيها عائدة0

خرجت جين إلى الفناء وقد بدت في الظاهر هادئة ساكنة وإن كانت ترتجف من الداخل قالت وكأنها فوجئت بوجوده:
- مرحبا يا غافن , أشكرك مرة ثانية على ضيافتك0
نهض غافن وقال:
- أهلا بك يا جين 0
لاحظت ارتعاشة ما في وجهه ونظرة حائرة0 وكأنه كان يتوقع أن يراها بصورة مختلفة000 زاد ذلك من ثقة جين 0 توجهت نحو مقعدها وجلست0 نجحت اجتياز أولى العقبات واصعبها 0 والآن يمكنها أن تواصل مسيرتها دون تردد0

ورده قايين
09-05-2007, 21:53
دخلت آلن لترفع بقايا المائدة 0 وجلست جين في صمت تتمنى أن يذهب غافن 0 ظل يرمقها بين ألحين والآخر0 لكنها مع مرور الوقت اكتسبت مزيدا من الثقة في النفس0 وأصبحت قادرة على مبادلة النظر في هدوء 0
هدأ الحوار برهة لتسمع صوت غافن يقول:
- كيف تسير مشروعك يامات ؟
كانت جين ترقب وجه ماك بينما كان غافن يوجه إليه الحديث 0 أحست بالحيرة إزاء التعبير الذي على وجهه 0 أجابه أماك وقد رفع أحد حاجبيه في اهتمام واضح:
- اتعني مدرسة الحضانة؟ على خير0
- هل عثرت على واحدة تحل محل شيرلي ؟
كانت جين ترقبهما وهي تسائل نفسها0 لقد كان ماك على وشك أن يقول شيئا فلماذا قاطعه غافن 0 استطرد ماك قائلا:
- لم اعثر على أية متطوعة إذ ليس من السهل أن تعثر على متطوعة 0
ابتسم فجأة لجين وهي ترقبهما قائلا:
- لو لم تكن جين آتية إلى هنا في عطلة لسألتها0
نجح في إثارة حب الاستطلاع لدى جين فردت على بسمته ببسمة أعرض منها متسائلة:
- ماذا كنت ستسألني ؟
- كنت أمزح فقط فأنا لا أحلم0
قطع حديثه ونظر إلى غافن بسرعة 0 فاستحثته جين متوسلة :
- أرجوك استمر0
- حسنا بدأت إعداد دار صغيرة للحضانة خارج بورت بارتريك لأطفال عاملات مصنع التعليب وهذا يعني أننا سنحتاج إلى مزيد من الأيدي العاملة من أمهات أطفال تتراوح أعمارهم ما بين ثلاث وست سنوات 0 إنه مشروع مازال في مرحلة التجريبية 0 ميغان تحضر يومين في الأسبوع0 كما أن هناك أخريات0 شيرلي موراي كانت تساعدنا أيضا لكنها ستتزوج الأسبوع القادم وهكذا فالمشروع مهدد بالتوقف0
هزة كتفيه معتذرا عن الاستطراد في الحديث قائلا:
- أنا أكثر الكلام في هذا الموضوع فأرجو المعذرة0
- ماذا يتطلب هذا العمل بالضبط؟
- الأشياء المعتادة تعليم أولي جدا0 ومراقبة الأطفال اثناء لعبهم 0 أصبحوا الآن يتوقون إلى المجيء بدلا من أن يلعبوا في الشوارع كما اعتادوا 0 فكل أسبوع يتقدم لنا أطفال جدد, إن هذا الوضع يذكرني بكرة الجليد التي تتكاثر كلما استمرت في التدحرج0
- هذا يبدو رائعا0
استرخت جين وقد إنحنت الى الأمام 0 وشبكت يديها وسقط شعرها الناعم الى الأمام0 حاجبا وجهها0 نظرت إلى والدها الذي لم يكن يفوته شيء وهو يراقب في صمت0
- انا أرغب في المساعدة0
تلعثمت قليلا وقد رأت تعبير وجه والدها لكنه قال برفق:
- ليس لدي أية نية لمنعك إذا كنت ترغبين في الذهاب0 لدي إحساس أنك ستجدين هذا المشروع ممتعا0
ساد الصمت هنيهة 0 وأدركت جين أن غافن لم ينطق بكلمة أثناء هذا الحوار0 جعلها هذا أكثر تصميما فقالت:
- ماك أنا أود المساعدة قبل أن أحضر الى هنا اجتزت امتحان القبول في كلية تدريب المعلمات وهذا سيكون تدريبا جيدا لي 0
القى ماك رأسه إلى الوراء ضاحكا وقال:
- اتنوين ذلك حقا؟ أنت فتاة رائعة ياجين متى ستأتين غدا؟
- نعم اذا اردت هل يوافقك هذا يا ابي ؟
اومأ وقد على وجهه بعض الانفعال ثم مد يده رابتا على يدها وقال:
- بالطبع يا جين أنا سعيد بك 0

ملاءتها كلماته بوهج دافئ لكنه خبا حين تساءل ماك :
- ولكن كيف ستصلين إلى هناك؟
- لم أفكر في هذا الأمر0
تحدث غافن قائلا:
- يمكنني إن أمر عليك في الثامنة وأنا في طريقي إلى المدينة لو كان هذا مناسبا؟
نظرت إلى ماك آملة أن يقترح بديلا آخر لكنه هز رأس بانشراح قائلا:
- أشكرك ياغافن, وفي هذه الحالة سأقلك أنا في طريق العودة ومعي جين0
لم تكن هناك وسيلة للتراجع ليتها كانت تعرف قيادة السيارة0
- شكرا لك0
لم تستطع أن تتمالك نفسها فجاءت نبرتها مفتقرة الى الرقة 0 ثم أضافت:
- سأتعلم القيادة حتى أتمكن من أن أذهب بمفردي 0
قال غافن :
- ليس الأمر بهذه السهولة ياجين0
نظرت إليه فرأت تلك بسمة المتعالية قالت وعيناها تشعان بالتحدي :
- لا أستطيع أن أعرف ذلك قبل أن أجرب , أليس كذلك؟
هز كتفيه قائلا:
- أنتي محقه إن سيارتي على بعد أمتار 0 هل تودين أن تتلقي درسا الآن؟
سمعت جين ضحكات والدها وماك الاهية كما راءت تلك البسمة الخاطفة التي مست شفتي غافن 0 إنه يتوقع أن ترفض نظرت إليه بعينين واسعتين قائلة :
- ألا تخشى أن أقود بك السيارة واصدمها في أقرب شجرة؟
- لا00
- أنت حر وعليك تحمل النتائج0
لم تعرف لماذا قالت هذا0 وكأن الكلمات خرجت من تلقاء نفسها- أحست بالبرودة تسري في مفاصلها عندما نهض من مكانه قائلا :
- اسمحو لي00 سأعود بعد دقائق0
دخل إلى المنزل دون أن ينظر وراءه0
نظر ماك إلى جون الذي كان يراقب جين وقال له :
- اتعرف ياجون إن ابنتك فتاة شجاعه0
- بدأت أعتقد ذلك0
- انا اسفه يأبي لا أحب أن أكون فظة مع ضيوفك لكن00
- لا تقول شيئا ياجين 0 فغافن يستمتع بمثل هذه المشاحنات0 أليس كذلك ياماك 0
- نعم اعتاد أن يطيعه الجميع ولأ اشك إنه سيثيره أن يلتقي شخصا لايخاف أن يفصح عن رأيه بصراحة0
منعها صوت وقع أقدام قادمه من أن تجيب عليه0 رفعت رأسها لترى غافن قادما0
نظر غافن إليها قائلا:
- هل أنت مستعدة؟
نهضت جين متجه إلى الخارج وهي آسفة على قبولها تحدي هذا الرجل0
إي جنون هذا الذي تملكها0 أبعد كل الذي حدث, ترضى بالعدو إليه؟
- هل تشعرين بالتوتر؟
سألها فيرقة وهويفتح لها الباب الخارجي مشيرا لها بالخروج قبله0
- كلا 0 هل يجب إن اكون متوترة؟
كانت في الحقيقة متوترة 0ترددت وهي تهبط الدرج 0 بل أنها أوشكت على التعثر 0 قال وكأنه أحس بهذا التردد0
- لست مضطره إلى الخروج معي0
- ألا يروقك أن أنسحب؟
نطقت جملتها هذه وهي تصر على أسنانها واتجهت رأسا إلى مقعد القيادة0
- انتظري لحظة0 ستجلسين الى جواري أولا0 لاحظيني وأنا اقود ثم يأتي دورك0 أراها كيف تدير المحرك وأنطلقت السيارة 0 بدلا من أن يتجها الى اليسار صوب بورت باتريك0 اتجها ناحية اليمين فتساءلت جين:
- إلى أين نحن ذاهبان ؟
- إلى المطار فليست هناك حركة يوم الأحد ستجدين مساحة كافية لتعلم القيادة0

ورده قايين
09-05-2007, 21:54
- مساحة بلا أشجار0 أهذا ما تعنيه؟
ضحك قائلا وهو يرمقها بنظرة ساخرة:
- يمكنك أن تقولي ذلك ألا يعوزك الرد أبدا0
- معك كلا0
إنها لم تتعامل بمثل هذه الطريقة مع أحد غيره 0 كان فيه شيء ما يثير فيها غريزة فطرية لانتقام 0 لن تنتصر عليه أبدا0 كانت تعرف ذلك حتى قبل أن يجيب 0 خفض عينيه إلى يديها وقد شبكتهما بتوتر على حضنها0 وسألها ببرود :
- هل أنت دائما متوترة هكذا 0 ام ان هذا يحصل معي أنا فقط؟
حاولت أن تستعيد هدؤها ثم قالت :
- لست متوتره أنا أحاول أن أركز تفكيري على ما تفعل لقد طلبت مني أن أراقبك0
- اقدم لك اعتذاري 0
كانت تكمن في صوته نغمة ضاحكة0 تلك العجرفة اللاهية تثير جنونها00 إنه شخص لا يحتمل مثل الخالة دوروثي إنه دائما على حق0
- بعد بضعة أميال سأترك لك عجلة القيادة اتفقنا0
خفض من سرعة السيارة0 لقد وصلا الآن إلى الحدود الخارجية لأرض المطار العتيق, الذي كان هادئا ومهجورا 0 أوقف غافن محرك السيارة وقال وهو يهبط من السيارة:
- الآن لنتبادل أماكننا 0
زحفت جين إلى مقعد القيادة وأمسكت بعجلة القيادة التي كان فيها شيء من دفء يديه 0
قالت جين محدثة نفسها أن هذا الأمر مضحك فها انا على وشك أن أتعلم القيادة على يدي الرجل الذي قررت ان اتحاشاه تماما 0 وهو سيراقب الآن كل حركاتي - وعلي ان اتحمل ذلك طوال ساعة او اكثر 0
جلس الى جوارها وقد مد ذراعه على ظهر المقعد قائلا :
- هل كل شئ على ما يرام ؟
تحركت السيارة بارتجاج في بادئ الأمر ثم بسلاسة أكثر عندما تلمست طريقها الى محرك السرعة 0
- حسنا 00

كان صوته هادئا0 واحست جين بجسدها المتوتر يسترخي بينما كانت تذعن لتعليماته امتدت يده مرة وحركت يديها على عجلة القيادة 0 كانت لمسة سريعة خفيفة لم تدم سوى لحظات0
كانت تمتثل له طواعية دون آي ارتباك أو تردد0 وأدركت فجأة أيضا أنها تشعر بالمتعة0
طلب منها أن تتوقف قائلا:
- أحسنت حتى الآن0
أحست جين فجأة وكأن قلبها يترنح واعقب ذلك وهج دافئ 0 كم هو أمر مضحك هذا التناقض في مشاعرها نحوه 0
بعد مضي ساعة توقفا0 كانت تتصبب عرقا وقد أحست بآلام في جسدها كله بفعل التركيز الذي بذلته طوال الساعة الماضية 0 جلست ساكنة تنتظر تعليماته0
- سنستريح الآن0 انزلي ومدي رجليك0 فأنت في حاجة إلى فترة راحة0 نزلت وقد أحست بمفاصلها متخشبة مرتعشة 0 كانا يرقبها بنظرة لاهية ثم سألها بتحفظ:
- اتحتاجين إلى مساعدة في السير؟
نصبت ظهرها المتألم وأخذت تضم أصابعها0وتبسطها 0 ثم قالت وهي تتلفت حولها:
- كلا شكرا 0 إلى أين نحن ذاهبون؟
- سترين تفضلي من هنا0
تبعته وقد اختفى وراء كوخ من الأكواخ الجاهزة البناء0 برميلي الشكل ذلك الكوخ الذي كان أول شيء تراه عندما وصلت إلى سارامنكا 0
دخلا إلى الكوخ المهجور كان وقع أقدامهم على أرض الكوخ الأسمنتية يتردد في صوت مكتوم 0 بينما كان يقودها صوب باب في مؤخرة الكوخ0 وجدت نفسها تتساءل:
- ما من أحد هنا! هل من المسموح لنا أن ندخل؟
- نعم 0
أجابها بنبرة هامسه تردد صدى نبرتها 0 ثم أبطأ خطواته وأمسك بذراعها بطريقة غريبة أحست فيها بالحماية وقال :
- هناك مطبخ في المؤخرة فيه ثلاجات ملأى بالمشروبات والثلج تريدين مشروبا بالتأكيد اليس كذلك؟
أحست بأصابعه على ذراعها وكأنها كتلة نار 0 وأحست بالارتياح عندما سحب يده ليفتح لها الباب وقد تراجع خطوة ليفسح لها الطريق 0
كانت الحجرة الصغيرة شديدة الحرارة فسال العرق من جديد على جبهة جين 0 أشار لها أن تجلس في أحد المقاعد فأرتمت فيه0
وضع كوبين على المنضدة و أخرج علبتين مرطبات من الثلاجة ثم ألقى عددا من مكعبات الثلج في الأكواب وفتح العلبتين ثم قال :
- ليس في الثلاجة غير هذا النوع من المرطبات0
هزت رأسها قائلة :

ورده قايين
09-05-2007, 21:56
- لا بأس0
أخذ السائل الذهبي ذو الرغاوي يتساقط كالشلال على الثلج بينما كانت جين تراقبه بنهم 0 أحست وكأنه الذ مشروب تذوقته في حياتها 0 أخذ مقعدا لنفسه وجلس فيه0 وكأنه يمتطي سرجا مسندا ذراعيه على ظهر المقعد 0 أخذ يرقب جين بنظرة تائهة ثم قال:
- أحسنت القيادة هل اكتفيت بهذا القدر اليوم؟
- سأترك ذلك لك0
أجابته وهي تزحلق اصبعها على الكوب المثلج 0 اكتشفت أنها لا تستطيع مبادلته النظر في ثبات0 الأمر الذي كان مثار قلقها0
- اعتقدت أنك أخذت كفايتك ؟يبدو عليك الأجهاد 0
صمت برهة ثم أضاف:
- هل لي أن أطرح عليك سؤالا؟
أجفلها السؤال لكنه بادر مستطردا :
- اريد ان اسألك شيئا يتعلق بماك0
قالت وقد هدأت:
- ماذا؟
- لماذا عرضت أن تساعديه في مدرسته ؟
- لإني أردت ذلك0 هذا العمل يبدو ممتعا ولماذا تسأل؟
- أنت الآن في عطلة 0 وما من أحد كان يتوقع أن تتطوعي لهذا العمل 0
عادت إلى ذهنها تلك الصورة 0 وهم جالسون في الفناء في منزل والدها 0 كيف إن غافن هو الذي أثار الموضوع أولا 0 وكيف كانت النظرة التي علت وجه ماك وتعمد غافن مقاطعته عندما كأن ماك على وشك أن يقول شيئا 0 أحست جين أنها على أهبة اكتشاف شيء ما0 اطلقت زفرة عميقة ثم نظرت اليه متسائلة0 فقد كانت في حاجة لأن تعرف0
- قل لي كنت أنت أول من أثار الموضوع 0 لقد فعلت ذلك بغرض ما, ماهو ؟
ابتسم ورفع يده اليمنى في حركة استسلام قائلا:
- أنت ذكية جدا يا جين0
قالت بعناد وقد شددت قبضتها على الكوب :
- وجهت إليك سؤالا؟
جاء صوته رقيقا:
- نعم كان لي هدف كنت أود أن أعرف إذا كنت ستتطوعين او لا 0
- لماذا؟
- أرجعي هذا الى حب الأستطلاع 0
قال جملته الأخيرة محدقا فيها وكأنه يتحداها ان تسأله المزيد 0
- ظننت أنني لن أتطوع أليس كذلك ؟
- تصورت ذلك بالفعل 0
نهضت وجذبت حقيبتها بشدة من المنضدة اجتاحها غضب مفاجئ0
أحست إنها ستختنق إذا لم تقل فقالت :
- أن آسفه لأني خيبت ظنك , والآن أريد أن أعود الى المنزل0
- هل اغضبتك ؟
قاومت بشدة حتى استطاعت أن تتمالك نفسها ثم قالت :
- نعم اغضبتني 0 من تظن نفسك؟
- قلت لك الحقيقة أنا لا اكذب , هل كنت تحبين أن انفي ذلك؟
- بأي حق تخضع الناس لمثل هذه الاختبارات؟ أنت متعجرف بشكل لايطاق0 لقد توقعت أن أفشل في محاوله القيادة اليس كذلك ؟
- كلا لم أفكر في الحقيقة في هذا الموضوع0 وأنت لن تصلي الى شئ اذا فقدت اعصابك معي 0
اطلقت ضحكة وهي تقول:
- كلا- انت تتصور أنك تملك الجميع ان بوسعك إن تفعل ما تشاء0 حسنا ليس الأمر كذلك معي يا سيد غرانت 0
فأنا لست امرأة صينية مسنة يمكنك أن تطردها أؤكد لك ذلك 0
كانت ترتجف وقد ملأتها الرغبة الجارفة في أن تضربه اتجه نحوها ثم وقف أمامها مباشرة قائلا :
- سيدة صينية ؟ ماذا تقصدين؟
- أخالك نسيت 00؟ ان هذا لايدهشني 0
استدارت لتفتح ألباب وتخرج من الغرفة الخانقة بعيدا عنه0 فمد يده وأغلق ألباب من جديد قائلا:
- لم ننته بعد0
استدارت نحوه ثم قالت في حدة:
- افتح الباب لن امكث معك دقيقه واحدة بعد الآن 0
- بل ستمكثين إلى أن تفصحي عما تعنيه 0
- رأيتك في مطار جافر تعرض اراءك على مجموعة من الموظفين وتمنع تلك المرأة المسكينة من أن تستقل الطائرة0 إلى أين اقتادوها ؟ إلى غرفة التعذيب!
في تلك اللحظة انفجر ضاحكا ثم تمالك نفسه قائلا:
- يا إلهي هل بدأ الأمر كذلك ! هل أنت جادة حقا ؟
اكتفت بتحريك مقبض ألباب محاولة فتحه كرد على تساؤله 0 جذبها وأدارها لتواجهه وقد اطبقت اصابعه على ذراعيها قائلا برقة:
- اجيبي 0
- أنا لا أود أن أتحدث معك0 أرفع يديك عني في الحال0
- سأصحبك الى المدرسة غدا 0 ذكريني ونحن هناك أن أريك شيئا0
ومضت عيناه وأصبحت أكثر سوادا وقدرة على التغلغل فيها واستطرد:
- وبعد هذا أنا متأكد من أنك ستتراجعين عن كلامك !0

serma
10-05-2007, 10:31
الروايه جميله جدا اناصوت لها منذ البدايه
شكرا لمجهودك
وفى انتظار البقيه

lovely sky
10-05-2007, 10:52
الله يعطيكي الف الف عافيه حبيبتي وردة قايين
مجهود ممتااااااااااز و راااااااااائع جدا
مشكوووورة حبيبتي
الله يعطيكي الف الف الف عافيه يا رب

تقلبي تحياتي حبيبتي
lovely sky

lanoo
10-05-2007, 18:46
شوقتين يالغالية بليزززززززززززز لا تتاخرين علينا

thanks alottttttt::سعادة::

sara77
10-05-2007, 20:41
الصراحه انتو اجمل فريق ما تختارون الا الروايات الى تستحق القراءه ... و انا لى الشرف انى انضم للفريق ....::جيد::

ورده قايين
10-05-2007, 22:10
الصراحه انتو اجمل فريق ما تختارون الا الروايات الى تستحق القراءه ... و انا لى الشرف انى انضم للفريق ....::جيد::

شكرا عزيزتي ويسرنا انضمامك للفريق 00

ورده قايين
10-05-2007, 22:11
7- مفاجأة في المدرسة


عندما ذهبت جين الى فراشها حال أجهادها المفرط دون استرسالها بالتفكير 0 فبعد الشجار الذي وقع بينها وبين غافن اوصلها ورحل الى منزله بعد ان قطعا الطريق في صمت مشحون بالتوتر 0 جاء كولن في تلك الأمسية ,وحاول كولن ان يطوقها بذراعيه لكن جين صدته 0 لم تكن تعرف لماذا بالتحديد0 لكن ربما كان ذلك ردة فعل لما حدث مع غافن 0
كان ماك موجودا اثناء زيارة كولن وقبل ان يرحل طلب من جين ان توصله الى السيارة تاركين جون في حجرة الجلوس سعيدا وقد استنفد قواه في لعب الشطرنج مع ماك وبدا في تحسن واضح 0
بادرها قائلا :
- ابلغتك ميغان انني اريد من جون ان يعرض نفسه على اخصائي لأجراء الفحوص والأختبارت الازمة 0 انه يصاب بنوبات شبيهة بشلل مؤقت وقد جربت معه أدوية عدة 0 لكني لست متخصصا في هذا النوع من الأمراض , ربما تنجحين في اقناعه 0
- - اعدك بذلك يا ماك 0 ان ابذل قصاري جهدي 0
- ربت على كتفيها وقال :
- - انا متأكد من ذلك يا فتاتي 0 كم من الوقت ستقضين هنا ؟
- ربما شهر , لكني اعتقد انني قد ابقى لفترة أطول 0 فأنا ارغب في ذلك وهو طلب مني ان ابقى 0
- - انا آمل ان تفعلي ذلك يا جين فقد تغير بالفعل 0 رأيت ذلك بنفسي اليوم 0 انه رجل وحيد برغم اصدقائه الكثيرين 0 قبل مجيئك كان يعيش في فراغ حتى لوحاته أصبحت ضعيفة 0 وتلك مأساة لمن له موهبته 0 لكنه الآن يبدأ من جديد 0 عثر على ابنته واصبح لديه من يعيش من اجله 0 وكلما اسرعت بتعلم القيادة كان ذلك افضل 0 لأنك عندئذ ستتمكنين من ان تأخذيه في نزهات وبالمناسبة كيف سار درس القيادة مع غافن لم اشأ ان اسألك فور عودتك 0 فقد بديت شاردة الذهن قليلا 0
- غافن يقول انني اتقدم على نحو طيب ولكن 00
امسكت عن الحديث فبادرها قائلا :
- لكنه متعجرف ودكتاتور 0
- لم اقل ذل 00
- ليس هناك حاجة لأن تقولي فبوسعي ان ارى ذلك بنفسي 0 اعرفه أكثر من أي شخص آخر عرفت والده ايضا لسنوات طويلة 0 نحن نتوافق جيدا وانا احبه واحترمه فهو مستقيم صادق بمعنى الكلمة 0 وهو رجل عظيم تجدينه الى جوارك اذا احتميت اليه 0 لكني استطيع ان ارى اخطأءة ايضا 0 اعتاد منذ صغره ان يكون مطاعا 0 ربما لم يكن هذا خطأه هو فذلك تأثير المال – ليس على من يملكه بل على من حوله 0 فهم يرتعدون خوفا من اغضابه 0 لكن كوني كما انت يا جين ولاتدعيه يستأسد عليك0
- لن ادعه يفعل ذلك 0 وان كان هذا من الصعب 0
أحست انها تحب ذلك الا اسكتلندي الصريح وتثق فيه فاستطردت قائلة :
- عشت مع خالتي منذ وفاة أمي 0 وهي تشبه غافن لقد عشت تحت سطوتها , ولكن منذ مجيئ الى هنا أدركت كم كانت على خطأ 0 اعتقد انني اشمئز منه بسببها 0 أتعرف ما اعني ؟
- لست طبيبا نفسيا 0 لكني اعرف ماتقصدين 0 ستكونين يا جين ذات منفعة كبيرة لوالدك وربما لغافن ايضا 0
بتلك الكلمات ودعها ماك ضاحكا :
في صباح اليوم التالي كانت جين على أهبة الاستعداد 0 طلب منها ماك ان ترتدي شيئا يسهل غسله فارتدت شورتا قصيرا لونه ازرق ونزلت تنتظر غافن 0
قدمت لها الن فطورا دسما وهي تقول :
- ستكونين مشغولة طوال الوقت يا طفلتي 0 كلي جيدا فستكونين في حاجة الى كل قوتك 0
سمعت جين طرقا على الباب 0 فنهضت مسرعة محاولة الانتهاء من فطورها على عجل 0
- لاتضطربي 0ففي وسع السيد غافن ان ينتظر لحظة0
قالت مديرة المنزل هذه الكلمات وهي تنطلق نحو الباب مدمدمه في استياء0
كان غافن يقف قرب السيارة مع الن 0نظر اليها مليا قبل ان يحييها بفتور 0
قاد السيارة عبر الممر بينما كانت الن ترقبهما ولوحت لهما ثم استدارت داخلة المنزل 0
سألته جين وهي ترتعش :
-الى اين نحن ذاهبان ؟
- سترين بنفسك 0
جاء رده مقتضبا 0 واحست جين وكأنها قد وضعت كيانها كله في حال تأهب 0فمن الأفضل ان تتم هذه المواجهه بسرعة 0 قطع عليها افكارها قائلا :
- قد تخيب المدرسة آمالك 0 فلن تجدي هناك سوى نساء واطفال0
قال ذلك ثم راح ينظر اليها في امعان فأحست بالغضب يجتاحها لكنها تمالكت اعصابها وقالت :
- انا لا افهمك 0
- اعتقد انك تفهمينني 0 لن تجدي هناك رجالا لتؤثري عليهم , ثم ان هذا الشورت الذي ترتدينه لن يكون له أي مفعول 0
صرت على اسنانها قائلة :
- هل تعتمد ان تكون فظا ؟ اذا كان الأمركذلك 0 فقد نجحت 0 لقد ارتديت هكذا لأن ماك طلب مني ان البس شيئا يسهل غسله 00في كل حال 0انا لست سوى طفلة وانا واثقة ان هذه هي نظريتك نحوي فلا يهم اذا ما ارتديه 0

لم تكن متأهبة لرد فعله هذا 0فقد تقلصت فجأة عضلات وجهه وضغط بيديه على عجلة القيادة حتى بدت مفاصلهما بيضاء من شدة التوتر 0
ماذا قالت حتى اثارت غضبه على هذا الشكل ؟
قال :
- لست في حاجة لأن تذكريني بسنك0
ثم ساد الصمت 0صمت محير مثير للقلق 0 لقد نجح ردها العفوي في ان يسكته 0
اخترقت السيارة ميناء بورت باتريك , كانت الشوارع ملأى بصخب الحياة وتموج الألوان 0 بينما سيطر على السيارة جو من التوتر جعل جين تتمنى ان تكون خارجها وسط هؤلا المارة0
تغير طابع الجزيرة بعد ان خلفا وراءهما المدينة 0 فقد أصبح أكثر غرابة , بعد ان دنت الجبال من مرأى البصر , وظهرت الحدود والنباتات الأستوائيه المورقة بكثرة حتى قاربت ان تتعدى الطريق نفسه 0
حبست جين أنفاسها أمام هذا الجمال البرئ ففي بعض الأوقات قاربت الأشجار من الألتقاء عبر الطريق فبدا وكأنهما يسيران خلال نفق أخضر عال , بينما كانت الشمس تخترق بين حين وآخر فروع الشجر الكثيفة بوهج أصفر لامع كالماس 0 ابطأ غافن من سرعة السيارة فرأت من خلال الأشجار عددا من الأبنية المنخفضة المستطيلة –سقفها من الحديد المضلع , وقد طلي باللون الأبيض ليعكس الحرارة 0
كانت سيارة ماك تقف في ظل شجرة فأوقف غافن سيارته وراءها قائلا :
- هاقد وصلنا .
كانت جين تتساءل ماذا يمكن ان يريها هنا في المدرسه? بادرها قائلا وكأنه قرأ افكارها:
- أريد أولا أن أريك شيئا.
سار مبتعدا تاركا جين تتبعه وسط شجيرات كثيفه تعلوها ورود ناعمه ناصعة البياض ذات رائحة قويه, سارت جين خلفه وقد زمت شفتيها في تحد فجأه اقتربا من أرض خاليه فوصل الى سمعها صوت خرير المياه الذي أكسب تلك البيوت الصغيرة المتراصة في شكل شبه دائري جوا من السحر, اصطفت بطول الجدران شجيرات أزهار زاهية ألألوان ومروج صغيرة رويت بعنايه للمحافظة على خضرتها الناضرة بينما طلي كل منزل بلون زاه وفتحت النوافذ على مصراعيها لادخال أكبر قدر من الهواء0
توقف غافن واستدار ناحيتها متساءلا دون أن ينم تعبير وجهه عن شئ :
- هل أنت مستعدة؟
- مستعدة لماذا؟
رفع حاجبيه في سخرية قائلا :
- هل انت مستعدة لتعرفي ما أسفرت عنه زيارة المرأة الصينيه لغرفة التعذيب!
ودون أن ينظر وراءه مرة ثانية توجه نحو أقرب باب وطرقه0
خفق قلب جين بقوة عندما انفتح الباب0 فقد تقدمت مجموعة من الأطفال وأثنين وثلاثه من الشباب الصينيين نحو غافن وأحاطوا به بينما رأت وجها مألوفا يقف في مدخل الباب وقد تصاعدت جلبة من الأصوات جميعها تحيي غافن0 رفعت المرأة العجوز يدها بحركة تحية وقد علت وجهها ابتسامة عريضة.

كزانوفيا
11-05-2007, 00:15
يا الله حسيت بالاكتئاب بعد اللي قرءته( طبعا مو قصدي على القصة )لاني نفسي اشترك واتفاعل مع الموضوع .............................
لكن هدا المشروع من اروع المشاريع اللي حصلت وانا (وانا متأكدة اني كتيرين زيي) مبسوطة ومشكووووووورة عليه ............

ورده قايين
11-05-2007, 00:24
تقدمت المرأة الى الأمام ببطء ثم انحنت وصافحته 0 استدار غافن نحو جين كانت نظرته ملأى بالتحدي 0 تم بدأ يتحدث في رقة إلى المرأة التي اومأت ثم ادارت عيني براقتين نحو جين وقت اتسعت ابتسامتها هذه لتكشف عن أسنانها الذهبية0
لم تكن تتحدث الإنجليزية فتولت حفيدتها ترجمة ردها على تساؤلات غافن قائلة :
- إن جدتي ترغب في أن تشكر لك اهتمامك فلولا وجود السيد غلرانت في المطار لم استطاعت المجيء إلى هنا0
بلعت جين ريقها محاوله الابتسام وهي متنبهة تماما إلى نظرة غافن الساخرة المثبته عليها حين مضت الفتاة تقول :
- نعم جاءت جدتي وحدها من سايغون 0 وفقدت نقودها وجواز سفرها0 كان موظفو المطار على وشك استدعاء البوليس , لكن غرانت طلب منهم العناية بها, وضمن لهم أن يقوم هو بالتحقيق من صدق روايتها عندما يصل هو الى سارامنكا ثم يعود إلى الاتصال بهم تليفونيا, على أن يقوموا في هذه الأثناء بتقديم الطعام لها على نفقته 0 إذ إنها كانت تشعر بجوع شديد بعد أن أمضت ساعات انتظار طويلة في المطار0
تصاعدت الأصوات من جديد0 وبدى غافن وكأنه يرفض دعوتهم له بالدخول , كانت يداه ترتفع في حركة معبرة عن الاعتذار وهويقهقر الى الوراء 0
تصحبه عاصفة من كلمات الوداع0 تأبط غافن ذراع جين ليعودا أدراجهما وسط الشجيرات الكثيفة0
وفي منتصف الطريق توقف قائلا:
- هل أنت مقتنعه الآن بأنني لست كريها0
- لقد لهوت بما فيه الكفاية , نعم , ماذا تريد مني, هل تريد أن أركع أمامك الم يكن في وسعك أن تكتفي بأن تقول الحقيقة؟
قال لها بلطف :
- هل كنت ستصدقينني ؟ كنت أريد أن ترى بنفسك حتى تعرفي الحقيقة وتدركي أن الأشياء ليست بالضرورة كما تبدو0
- ربما كان عليك أيضا أن تحاول تذكر ذلك0
- لقد قلت شيئا كهذا من قبل ماذا تعنين؟
ردت في غضب قائلة:
- إذا عليك أن تنتظر حتى أكون مستعدة لذلك, جئت لأعمل وأنا واثقة من أن ماك ينتظرني0
راح غافن يحدق في وجهها 0 شعرت فجأة بأنها لم تعد تخافه كانا إحساسا غاية في الغرابة 0 أحست وكأنها تعيش تجربة جديدة مع هذا الرجل المتسلط وعرفت إنه هو أيضا أحس بالشيء نفسه ذلك الشيء الذي لا يمكن وصفة0
استدارت جين وواصلت المسير , كانت تعرف أن شيئا قد تغير في تلك اللحظة0
رأت جين المدرسة كان الأطفال قد وصلوا بالفعل فصحبها ماك إليهم, بناء المدرسة مماثل للأبنية الأخرى التي رأتها منذ قليل0 منخفضة, مستطيلة, خشبية , ذات سقف حديدي مضلع ,قابلت سيدة لطيفة وقد تبعها أطفال يرتدون زيا موحدا0 كانت بشرتهم بلون العسل, عيونهم سوداء وقد بدأو جميعا ممتليين سعادة0
بادرت السيدة قائلة قبل أن يكون لدى مات فرصة لتقديمها:
- اسمي آن موراي 0 سعدت بلقائك0
صافحتها جين ضاحكة وهي تقول:
- آسفه أنني لا أعرف شيئا عن مدارس الحضانة0
- لكنك ستتعلمين أنا واثقة من ذلك0
نظرت السيدة موراي إلى ما ترديه جين بنظرة استحسان قائلة وهي تتنهد:
- كنت أود أن يكون في وسعي ارتداء الشورت لكن زوجي يقول إنه ليس مناسبا لسني0
قال ماك مداعبا :
- إنه يخشى أن يلتف الرجال حولك0 اسمحا لي بالرحيل فلدي عملية جراحية في المدينة سأعود في وقت آخر0
تلفتت السيده حولها قائلة:
- تعالي معي يا انسه , نتجول في أرجاء المدرسة0
تضاحك الأطفال في مرح وركض بعضهم إلى الأراجيح بينما وقف البعض الآخر يراقب في صمت0
تقدمت نحو جين طفلة صغيرة وقد وضعت اصبعها بثبات في فمها0 ثم اخرجت اصبعها من فمها رافعة ذراعيها إلى أعلى نحو جين وهي تقول:
- من فضلك احمليني 0
انحنت جين ورفعت الطفلة الصغيرة بين ذراعيها فابتسمت السيدة موراي قائلة:
- هذه هي ميلاني ستطلب منك أن تحمليها طوال اليوم0 فإذا لم تكوني حازمة معها فإن ذراعيك ستتعبان 0
طوقت ميلاني عنق جين ضاحكة بيد متسخة قليلا0 فعرفت جين ماذا كان يعني ماك عندما طلب منها ارتداء ملابس يسهل غسلها 0وقالت الطفلة:
- أنا أحبك0 أنت صديقتي0
في فترة الظهر أحضر رجلان أوعية طعام ضخمة من مقصف العمال0 وجلس الأطفال إلى الموائد يأكلون وتناولت آن وجين وجبتهما مع الأطفال0
وبعد ذلك خلد الأطفال إلى الراحة واطلقت آن زفرة ارتياح بعد أن وضعت آخر طفل في سريره 0 ونظرت إلى الأسره الصغيرة المصطفه وقد رقد في كل منها وجه صغير, نظرت إلى جين قائلة:
- أمامنا ساعة للراحة تعال لنتناول قهوة مثلجة وندخن سيجارة تحت تلك الشجرة فنحن في حاجة إلى قيلولة قصيرة0
جلست آن وجين تثرثران في تراخ تحت ظل شجرة ملتوية ضخمة كانت أوراقها تصدر حفيفا وسط نسمة خفيفة 0 سمعت جين صوت سيارة تتوقف بعيده وتساءلت إذا كان ماك قد عاد ثم نسيت الأمر عندما بادرتها أن قائلة:
- يجب أن تحضري حفلة الزفاف يوم السبت0
- هذا كرم منك0 أشكرك0 هل سيحضر والدي الحفلة؟
هزت ’أن كتفيها قائلة :
- لا نعرف بعد ماك سيخبرنا بذلك ولكن حتى لو لم يحضر يجب أن تأتي انت 0 غافن يمكن أن يحضرك أنا واثقة من ذلك0
- شكر لك سأحدث ميغان بذلك حين اراها 0
مر الوقت بسرعة وبدأ الأطفال يستيقظون بادرتها جين متسائله:
- هل يعمل آباء الأطفال جميعا في مصنع التعليب؟
- نعم او في مجمعات تخزين لباب جوزالهند0 فنحن لدينا مشروع تصدير لباب جوزالهند وليفه المستخرج من القشرة خارجية وهو يستخدم في صناعة الحصير وأشياء أخرى0 وعندما يتسع المشروع سنعمد إلى تزويد المدرسة بهيئة من المدرسين المتمرسين 0 فالمدرسة مازالت في مرحلة تجريبية ولذلك فغافن لا يملك ألا أن يقبل مساعدة عدد منا كلما امكننا ذلك - ونحن نسعد بأن نخدمة فهو بذل الكثير من آجل سارمنكا و كل فرد فيها0
- تقصدين ماك انه000
قاطعتها أن وهي تضحك في دهشة :
- كلا لا أقصد ماك بل غافن فكل هذا ملك له وحده0
لم تستطع جين أن تستوعب ما قالته آن بعدة دقائق حيث وقفت محملقة في ذهول ثم قالت في بطء:
- لست أفهم تصورت أن هذه المدرسة ملك لماك 0
- نعم يمكنك أن تقولي ذلك فهما فكرا في المشروع معا الم يخبرك أحد بذلك؟ إن المصنع ملك لغافن 0 كما كان ملكا لوالده من قبله 0 وماك يقدم له النصح فيما يتعلق بالشئون الصحية والتأمينات وشروط العمل0 تمكنا من رفع مستوى المعيشة في الجزيرة بشكل ملحوظ مما مكن الأمهات أن يعملن هنا وهن واثقات من إن أطفالهن في أمان0
لم تكن جين تصغي إليها تماما فقد عادت إلى ذلك الحوار الذي دار في بيت والدها وعرفت الآن لماذا قاطع غافن ماك في تلك اللحظة وفيما بعد عندما كانا في المطار كان في وسعه أن يقول لها الحقيقة لكنه لم يفعل0
دخلت إلى المدرسة وبدأتا توقظان من بقيا نائما من الأطفال قفزت ميلاني متجهة نحو جين ثم دست يدها صغيرة في يد جين 0
ابتسمت آن قائلة:
- أصبحتما صديقتين0
- إنها فتاة طيبة0

ورده قايين
11-05-2007, 00:26
سأدعك تكتشفين ذلك بنفسك0
جلست جين تلعب مع الأطفال في ملعبهم ثم تذكرت كلمات آن تلك فتلفت حولها لتتأكد من إن كل شيء على ما يرام 0 نهضت مسرعة وقد استدارت صوب المدرسة منادية0 :
- ميلاني هل هي عندك؟
ظهرت آن في مدخل الباب قائلة:
- كلا هل حدث هذا مرة ثانية ؟ متى رأيتها لآخر مرة؟
- منذ دقيقه واحدة كانت تلعب في حفرة الرمال0
- جربي هذا طريق بينما ابحث عنها وراء المدرسة0
ركضت جين مسرعة نحو الطريق وسط شجيرات متشابكة وقد غمرها ذعر مفاجئ اكتسى المكان بالعشب - فكان يمكن للفتاة الصغيرة أن تكون في أي اتجاه دارت حول نفسها ثم هوت وقد أحست بالدوار بعد أن تعثرت قدمها في نبات متسلق0
نهضت متجاهلة الآلام في كاحلها وركضت وهي تنادي صارخة:
- ميلاني , ميلاني اين انت ؟
توقفت فجأة بعد ان اقتربت من الساحة الأخرى المؤدية إلى المصنع التي كانت تقف فيها سيارة ماك 0 بل كانت سيارة غافن وقربها رأت وجهين مألوفين 0 استوعبت جين ذلك المنظر في ارتياح مفاجئ 0 لم تعرف في تلك اللحظة أن منظر هذين الوجهين سينطبع في ذاكرتها إلى الأبد0
كان غافن منحنيا ليحمل ميلاني 0 رأت ذلك الرجل الطويل القامة وهو يؤرجح الطفلة الصغيرة الممتلئة 0 كانت تسمع صرخاتها الضاحكة كما سمعته يقول:
- أين أنت ذاهبة ياميلاني؟
رأى جين فجأة فتوقف0 تقدمت نحوهما وهي تجفل من الألم كلما وضعت قدمها اليسرى على الأرض 0 تقلص وجه غافن عندما خفض نظر إلى قدمها فبادرها متسائلا:
- هل كنت تركضين؟
- نعم أشكرك لأنك اوقفت ميلاني دعني اعيدها إلى المدرسة0
- من الأفضل أن أفعل أنا ذلك 0 فأنت لا تبدين على ما يرام0 هل تؤلمك قدمك؟
- كلا 0
كانت تكذب واستدارت عائدة 0 كل خطوة كانت عذابا لكنها كانت عازمة على الا تجعله يرى ذلك0
ظهرت آن ورأت جين فحملقت قائلة:
- ماذا جرى لك ؟
قال غافن :
- أعتقد أنها في حاجة إلى بعض الإسعافات الأولية0
انزل ميلاني من بين ذراعيه قائلا:
- اذهبي أيتها الفتاة الشقية ,لاتهربي مرة ثانية وإلا ضربتك 0
أخذت ميلاني تقفز بعيدا وهي تقهقه , ثم ركضت لتنضم إلى رفاقها0
تقدمت آن نحو جين آخذة بذراعها وهي تقول:
- اجلس في الداخل سأذهب لأحضر ماء مثلجا لونك شاحب0
امتثلت جين في صمت فلم يكن أمامها خيار برغم إحساسها بوجود غافن فهي تعرف إنه ليس في وسعها أن تظل واقفة كي لا تتعرض مرة اخرى للغثيان0
سمعت آن تقول شيئا لغافن بصوت مرتفع , لكنها لم تعي الكلمات ثم وجدت نفسها جالسه في أحد مقاعد الأطفال الصغيرة 0
قالت آن :
- تورم كاحلك كا البالون 0 يجب أن نحضر ماك ليرى قدميك 0 ألا تظن ذلك يا غافن 0؟
ركع أمام جين ثم رفع رأسه مؤيدا كلام آن:
- نعم لكن أمامنا بعض الوقت قبل أن يحضر سأضمد الجرح أولا0 أين صندوق الإسعافات الأولية يا آن ؟
اختفت آن في حجرة مخزن صغيرة فقال غافن برقة:
- لماذا أنكرت أن كاحلك تؤلمك عندما سألتك ؟
- أنا لا أحب استثارة شفقة أحد 0
ضغط على شفتيه قائلا :
- لم أقل أنك كذلك ولكن كم أتمنى لو لم تكوني00
لم تعرف قط في ماذا كان ينوي ان يقول في تلك اللحظة دخلت آن حاملة الإسعافات الأولية0
كانت يدا غافن رشيقتين سريعتين وهو يضمد كاحل جين بمهارة0 اختلطت مشاعر جين بين احساس بالراحة بعدما خفف الضماد البارد الآمها وبين الخوف من ذلك الإحساس بالاضطراب الذي أحدثته لمسة يده 0
قالت بعد إن انتهى من تضميد قدمها:
- شكرا0
- هذا من دواعي سروري من الأفضل أن اصحبك الى المنزل أليس كذلك؟
- كلا شكرا أفضل أن أبقى مع الأطفال أقص عليهم حكاية 0
- كما تشائين يا جين لم تبقى سوى ساعة واحدة فقط على موعد انصراف الأطفال0
رفعت آن يدها إلى فمها قائلة:
- يا إلهي يجب أن أعطي الأطفال الحليب 0
- سأتولى الأمر عنك0
عاد غافنلا وآن بإبريق من القهوة المثلجة ووعاء كبير من الحليب , وبعد أن قدما الحليب للأطفال الذين اصطفوا استجابة لتعليمات غافن , جلست جين وآن وتناولتا مشروبهما المثلج 0 اما غافن فقد ظل في الخارج0
همست آن قائلة:
- إنه رائع مع الأطفال أتعرفين ذلك 0 إنهم يفعلون أي شيء من اجله 0
لم يكن في وسع جين إلا أن توافق على ذلك وهي ترقب ألأطفال يناولون غافن أكوابهم الفارغة0:
- إنهم يطيعونه لأنه يرعبهم0
ندمت على ما تفوهت به في الحال 0 وضحكت آن قائلة:
- لا أعتقد ذلك فهو عندما يأتي إلى هنا يختلف تماما عن ما هو عليه في عمله 0 هنا يصبح على سجيته اعتقد انه واحد من هؤلا الرجال الذين لا يخشون أن يظهروا بعض الرقة من حين إلى آخر فمعظم الرجال يعتقدون أن هذا يتنافى مع رجولتهم 0 أما غافن فلا يهتم برأي الناس فيه0
رشفت جين قهوتها ببطء لم تكن تريد أن تعرف شيئا عن وجه الآخر0 لكنها برغم ذلك وجدت نفسها تراقبه وقد انحنى يحدث أحد الأطفال0 منكب على ما يقوله الآخر دون أثر لتلك العجرفة المعتادة في وجهه0
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تساءلت فيها جين عما إذا كانت سارة تأتي الى المدرسة0 لم تجد الوقت مناسبا لتسأل 0 فقد كانا غافن آتيا يحمل مجموعة من الأكواب الفارغة إلى حوض الغسيل 0
بادر آن قائلا:
- سأقيم سورا حول تلك المساحة من الأرض حتى لا يتكرر حادث ميلاني0
- إنها فكرة جيدة وستسهل مهمتنا 0
- سأعمل على تنفيذها غدا0
نظر إلى ساعته وقال:
- أنا ذاهب الآن لأرتب بعض الأمور المتعلقة بهذا الموضوع0
قالت آن وهي تهز رأسها:
- هذا هو غافن , لا يكاد يقول شيئا إلا ويفعله من المؤسف إنني لن اكون هنا غدا لأراقبه وهو ينفذه0
عاد غافن بعد قليل ومعه اثنان من سكان الجزيرة يحملان مجارف ومطارق 0 رأته جين وآن في يشير إلى عدد من المواقع ويخطط بالعصا في الأرض الرملية وسطا انبهار ألأطفال 0 ثم تقدم نحوهما قائلا :
- اتصلت تليفونيا بالمدينة من مكتب المصنع ستحضر سيارة نقل بعد نصف ساعة وفيها كل ما نحتاجه 0 وفي هذه الأثناء سنبدأ حفر الأساس0 فإذا سمحتما ابعدا ألأطفال عن طريقنا0
وبحركة رشيقة خلع قميصه وألقى بها على أحد المقاعد كانت بنيته قوية فكتفاه كبيرتان بعضلات قويه , وصدره عريض مغطى بشعر اسود كثيف 0 برقت القلادة الفضية المدلاة من عنقه وهو يتحرك متجها نحو الخارج 0 غضت جين بصرها وثبتته بسرعة بين يديها 0 ثم شعرت بارتياح عندما قالت آن:
- ياله من رجل قوي البنية0 لا غرابة في إن كل نساء الجزيرة يتمنين صداقته 0

ورده قايين
11-05-2007, 00:27
قالت جين وهي تحاول الضحك:
- حقا لكنه مرتبط, اليس كذلك؟
- تقصدين سارا؟ أعتقد أنها تأتي في المقدمة إنها تسعي إلى ذلك بلا شك لكن صديقنا غافن طائر مراوغ0 الم تلتقي كاي بعد؟
- كلا هل كانت في حفلة ساره الأسبوع الماضي؟
- كلا , فهما لا تتبادلان الحديث لأسباب واضحة بالطبع كاي ستحضر حفلة زفاف شيرلي ويمكنك أن تلتقيها هناك0
نظرت جين إلى حيث بدأ غافن عملية الحفر فقد كان ذلك أمرا مسليا بالفعل0 كان يعمل بحركة قليلة سريعة تكشف عن تمرسه0
تساءلت جين قائلة:
- لماذا يفعل هذا بنفسه؟
- أتصور أنه يستمتع بمثل هذه التمرينات 0 فقد كان رياضيا قديما قبل أن يموت والده ويتولى هو كل مسئولياته 0أعتقد إنه يريد أن يحتفظ بمظهره كما أن العمال يتفانون في عملهم متى رأو رئيسهم يشاركهم فيه 0
- قال لي ماك إن غافن يعرف كيف يقاتل 0 ولكن لم يقل لي كيف كان ذلك ؟
- تلك القصة انتشرة في الجزيرة كلها في ذلك الحين 0 بعدما تولى إدارة المصنع أثر وفاة والده مباشرة كانت هناك بعض المشاكل بين العمال ثم تطورت إلى عراك 0 ووصل ماك وغافن عندما كانت المعركة في أوجها 0 القى غافن نظرة خاطفة ثم وقع اختياره على زعيمي المجموعتين المتصارعتين خاض في الكتل وسط اللكمات وفي لحظات افقدهما الوعي فتفرق الجمع تلقائيا0
كانت عينا جين مثبتتين الآن على غافن الذي لم يكن يدري طبعا أن الحديث يتناوله0 أحس جين أنها بدأت تعجب بالفعل بشخصية غافن كل يوم تسمع شيئا جديدا عنه يجعلها تكتشف مزاياه ومدى ما يتمتع به من نفوذ في الجزيرة نهضت جين وقد أحست بالقلق فجأة 0 خطت ببطء وحرصصوب الباب 0توقفت خجلة على وشك ان تعود أدراجها بعد أن أحست بعيني غافن مثبتتين عليها 0 في تلك الللحظة سمعت رنين الجرس يدعو ألأمهات الى تسلم اولادهن 0
كان غافن يغرز الجاروف في الأرض الصلبة ويتقدم نحوها قائلا:
- انتهى يوم عملك هل أنت سعيدة؟
نظرت إليه جين بحدة قائله:
- لقد استمتعت به 0
- هل ستأتين مرة ثانية ؟
- نعم لماذا لم تقل لي ان هذا المشروع ملكك؟
- هل عرفت ؟
- نعم0
حاولت الوقوف فأمتدت يده فجأة تمسك بذراعها أحست بالأضطراب فابتعدت قليلا وهي ما زالت تنظر اليه 0
- تصورت انك لن تقدمي مساعدتك اذا عرفت ذلك 0
ثم اضاف في رقة :
- هل كنت ستقدمين مساعدتك ؟
- لا اعرف 0
تمنت لو لم تكن أجابت بهذه السرعة 0
- الم اقل لك اذا 00
وفجأة توقف عن الكلام ثم قال :
- سمعت شيئا 0 اما انه الأتوبيس او ان الأشياء التي طلبتها للسور وصلت , اسمحي لي 0
سار بخطوات واسعة نحو الطريق ثم جاءت آن وقالت :
- الى اين ذهب ؟
- ليرى من الذي وصل 0
ظهر ماك وسط حشد من النساء بثياب زاهية الألوان يثرثرن ويلوحن لأطفالهن 0 ثم ذهب الجميع ليسود الصمت 0
تلفتت آن حولها قائلة :
- انقضي يوم آخر يا ماك0ادت جين دورها جيدا 0
- كنت اعرف انها ستفعل ذلك0
نظر ماك الى قدم جين وقال :
- ماذا كنت تفعلين يا سيدتي الصغيرة ؟
- كنت اطارد ميلاني ثم زلت قدمي 0
- يبدو انها صمدت جيدا 0 سأراها عندما نصل الى المنزل 0 هل انت مستعدة للذهاب يا جين ؟
ابتعدت جين وماك عن المدرسة رويدا 0 لم يكن هناك أثر لغافن 0 وعندما اقتربا من سيارة ماك 0 كان يقف يتحدث مع سائق عربة نقل وعندما رآهما تقدم نحوهما 0نظر الى جين قائلا في هدوء:
- شكرا على مجيئك , انا اقدر مساعدتك 0
كانت كلماته هذه المرة لها وحدها 0 وكأن ماك غير موجود 0 لمحت جين شيئا في عينيه 0 شعرت بالدفء والأطمئنان 0تبادلوا كلمات الوداع ثم استقلت جين سيارة ماك 0 امسك غافن بباب السيارة كي تجلس ثم اخذ يتحدث مع ماك في الجانب الآخر من السيارة 0 كانت تسمع صوتهما لكنها لم تفهم شيئا 0سيطرت على مخيلتها النظرة الحانية في عيني غافن 0تشبثت جين بحقيبة يدها وأحست برغبة في البكاء من دون ان تعرف لماذا 0

lovely sky
11-05-2007, 11:32
يا الله حسيت بالاكتئاب بعد اللي قرءته( طبعا مو قصدي على القصة )لاني نفسي اشترك واتفاعل مع الموضوع .............................
لكن هدا المشروع من اروع المشاريع اللي حصلت وانا (وانا متأكدة اني كتيرين زيي) مبسوطة ومشكووووووورة عليه ............


اهلين حبيبتي
والله احنا يسعدنا جدا وجودك على صفحات المشروع .. و احساسك معنا و دعمك لنا هو مشاركة كبيرة نسعد بها ..
و ان شاء الله الفريق يرحب بكِ دائماً .. و نحن نقدر حبك للمشاركة في المشروع و ان شاء الله تكوني قريب قادرة على الانضمام لنا ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

و نشكرك جدا على تفاعلك الرائع و يسعدنا دائما رؤيتك هنا حبيبتي :D :D
وتقلبي تحياتي
lovely sky

lanoo
11-05-2007, 14:18
الجزء روووووعة شكرا ياوردة قايين بنتظار البقية بليززززززززز لاتتاخرين علينا ;)

lovely sky
11-05-2007, 15:03
8 – التحول


مر اليومان التاليان بطيئين , فقدت جين شهيتها للأكل فأرجعت ذلك الى حرارة الجو
والألم الذي تحسه في كاحلها .
اقترب موعد حفلة الزفاف , وفي امسية يوم الأربعاء كانت تجلس مع ابيها في طرف الحديقة ,
على مرأى من البحر بعدما صبّ نسيم منعش رطب الجو ,
كانا ينتظران ميغان وكولن على العشاء ,
قررت جين أن تكون بالغة الرقة مع كولن , فهي تجده لطيفاً كما انها تعرف انه متعلق بها ,
هذا الشعور كان كافيا لاسعادها لو ان عاطفتها لم تتبدل .
اما الآن و لسبب لا تعرفه تماما فهي تتمنى لو لم يكن متعلقاً بها .
لم يكن في وسعها أن تفهم مشاعرها أو تحللها .
تسائلت لماذا لم يأتِ غافن لرؤية والدها منذ الأحد الماضي .
هي ل تبالي بالامر , لكن كان عليه ان يحضر ليرى ماذا جرى لكاحلها غير انه لم يحضر و قد لّ هذا الخاطر عالقاً بذهنها .
بادرت أباها قائلة :
" هل سنذهب الى حفلة زفاف شيرلي يا أبي "؟.
" نعم ,الآن وانتِ معي , أعتقد اني سأذهب ,
سنسأل ميغان اذا كان ممكناً ان نذهب معها , أعتقد انها وصلت مع كولن .
أقبلت ميغان ومعها كولن وتبادل الجميع تحية ودية .
جلس كولن القرفصاء قرب مقعد جين وبادرها قائلاً :
" كيف حال كاحلك . هل تحسن الآن "؟.
" تحسنت كثيراً , كنا نتحدث الآن عن حفلة زفاف شيرلي ".
" هل ستذهبان ؟".
تدخلّ والدها قائلاً :
" نحن نأمل أن نذهب , كما نأمل ايضاً أن يتطوع أصدقاء طيبون بنقلنا الى هناك ".
ردت ميغان بسرور :
" سنكون سعيدين بذلك . ماذا سترتدين يا جين ؟".
" لم أفكر بعد ".
قاطعها أبوها :
" هذه ليست مشكلة , يمكنكِ ان تشتري ثوباً ".
بادرته جين قائلة :
" لكني لا استطيع ".
قاطعتها ميغان :
" اعرف ذلك , لنعدّ لكِ ثوباً بالشرائط الحريرية المعروفة في سارامنكا ".
احتجت جين قائلة :
" لا يمكنكِ ذلك , فهذا يستغرق وقتاً طويلاً ".
" اليوم الاربعاء . سنشتري غداً كل ما يلزمنا وسيكون الثوب جاهزاً يوم الجمعه ".
نظر اليها والد جين بودٍ قائلاً :
" إن حياكة ميغان معروفة للجميع , أنا أضمن ذلك ".
" هذا كرم منكِ يا ميغان لكن هل انتِ واثفة ؟".
" كل الثقة . صباح غد سأصحبكِ لنشتري كل ما يلزمنا من محل غافن ".
" من يتحدث عني ؟".
التفت الجميع ليجدوا غافن ومعه كلبه .
فجأة شعرت جين بانها تريد الفرار الى مكان ما , الى اي مكان بعيد عنه .
بدأت ميغان تعيد سرد ما كانوا يتحدثون عنه .
وأحسّت جين بانسحاب كولن الصامت من جوارها بينما ارتمى كارلو باسترخاء مكانه دافعاً أنفها الرطب في يد جين .
ربتت على رأسه بينما كانت تصغي الى غافن :
" جئت اطلب خدمة من جين . ولكني لا استطيع ان اطلب ذلك الآن ..."
" ماذا تريد ؟".
جاء صوتها عادياً , أو هكذا بدا , في حين كانت ترتعد من الداخل .
" إن آن تعمل بمفردها غداً في المدرسة
و هي تسأل ما اذا كنتِ قادرة على مساعدتها ".
إذاً هذا هو سبب مجيئه , كان يجب ان تعرف ,
نظرت الى ميغان في حيرة فبادرتها الأخرى قائلة وهي تضحك :
" الأمر متروك لكِ يا عزيزتي , يمكنني ان اشتري أنا كل ما نحتاج اليه اذا رغبتِ في ذلك ".
تدخل غافن قائلاً :
" استطيع ان اصحب جين الى المحل في الثامنة صباحاً لتختار ما تريده .
هذا إذا كنتِ ستذهبين الى المدرسة يا جين ".
" انا مستعدة للمساعده ".
فكرت جين وهي في فراشها بان غافن يصل دائماً الى اغراضه . حدث الامر بشكل طبيبعي لكنها ادركت كيف انه يحقق اهدافه بسهولة . فالجميع يوافقون بحماسة على مخططاته .
اخذت تتقلب في فراشها بقلق وقد سيطرت عليها فكرة واحده وهي انه سيصحبها الى محله ثم الى المدرسة .
وقد وافقت على ذلك صاغرة , كيف حدث هذا وهي التي قررت ان تجنبه .
وقبل ان تستسلم للنوم , كان وجه غافن آخر رؤية تفرض نفسها عليها .
وجه غافن بالصورة التي بدا عليها عندما كان منحنياً على وشك التقاط ميلاني بين ذراعيه ,
فقد بدا مختلفاً تماماً .
في الصباح , عندما كانت ترتدي ثيابها وتمشط شعرها أدركت ان مقامها في سارامنكا لم يدم اكثر من اسبوع ,
لقد بدا ذلك مستحيلاً , فهي تحس انها عاشت هنا منذ زمن بعيد
وكأن الجزيرة باتت جزءاً لا يتجزأ منها .
قريباً سيكون عليها أن تختار , وهي ليست واثقة بعد , ماذا سيكون اختيارها .
فهي تود البقاء مع والدها , لكنها لا تزال مترددة ,
فهناك احساس غريزي دفين بحب البقاء يؤكد لها ضرورة الرحيل ,قبل ان يفوت الاوان ,
لكن اوان ماذا ؟
انها لا تدري ولا يمكنها ان تتكهن به ؟
استيقظ والدها مبكرا وقد بدا وجهه مسترخياً مليئاً بحيوية لم تشهدها من قبل .
حيّاها ثم بادرها قائلاً :
" اعتقد اني ساخرج لأتريض قليلاً اليوم , فأنا اشعر بتحسن ملموس ".
" هل أذهب للترض معك ؟".
" كلا , فهم يحتاجون اليكِ في المدرسة _ أنا سعيد لأنكِ ستذهبين ".
لم تعرف جين ماذا تقول ,
كلماته الصادقة الهادئة تجعلها عاجزة عن الرد . حبها يتعاظم يوماً بعد يوم لوالدها ,
إنها تشعر بالندم على السنين التي قضتها بعيدة عنه .
ربما كان القدر هو الذي أخّر اجتماع الشمل , ربما كان الآن هو الوقت المناسب لذلك ,
قالت :
"أرى انكَ تبدو احسن حالاً الآن , إني سعيدة بذلك ".
" هذا بفضل تأثيرك يا جين ,
فأنا الآن أعيش من أجله , لدىّ من اقول انه ملكي .
وانتِ كما تمنيت ان تكوني تماماً ".

" شكراً "

لم تزذ على ذلك بعد ان خنقتها مشاعرها ثم قالت :
" علىّ أن أستعد , فغافن آتٍ بعد قليل ".
ذهبت الى غرفتها محاولة بلا جدوى لجم دموعها , لا تريد ان يراها غافن على تلك الصورة .
وبالفعل عندما سمعت صراخاً على الباب كانت قد تمكنت من تمالك نفسها .
كانا يسيران الآن صوب بورت باتريك . نظر اليها نظرة فضولية وقال :
" هل تشعرين بتحسن في قدمك ؟".
" نعم , شكراً ".
تبدد الآن ذلك الشعور الغريب الذي أحسته نحوه يوم الاثنين الماضي ,
وعاودها التوتر , ويبدو انه احس بذلك ايضاً ,
فبدأ الحديث عن المدرسة بنبرة موضوعيه وكأنه يتحدث مع شخصِ غريب ,
كان يبدو جذاباً وقد ارتدى قميصاً من الحرير عقده بشرائط حريرية مطرزة بدلاً من الازرار ,
تذكرت جين كلمات آن , أنّ نصف فتيات الجزيرة يسعين ورائه ,
أحسّت بالسعادة لاها لم تكن واحدة منهن .
خطر لها خاطر مفاجئ , ترى لماذا طلب منها والدها الذهاب الى المدرسة ,
ربما هو يأمل ان ....... تصلّبت جين في مقعدها بعد أن داهمتها فكرة مخيفة ,
فهي لا تنخدع بالرجال , خاصة المجربون امثال غافن .

كانت الخالة دورثي تشعر بمتعة دائمة في تحذيرها من ان جميعهم سواسية ,
يسعون وراء ما يريدون ان يحصلوا عليه .
وغافن لا يختلف عن باقي الرجال , بل قد يكون أسوأ منهم .
فقد اعتاد طوال حياته أن يأخذ ما يريد . وهو يعلم انه جذاب .
وهو يكرهني و رغم ذلك ينظر اليّ أحياناً بطريقة ما ,
كما أنّ لمسة يده على ذراعي , ,,,,,,,
اندفعت الى ذاكرتها الآن كل الأشياء الصغيرة التي لم تكن تعني لها شيئاً .

lovely sky
11-05-2007, 15:11
" هل هناك ما يزعجكِ "؟.
التفتت نحوه قائلةً :
" لا ......لا .".
لم تقوَ عيناها على مواجهة عينيه خوفاً من أن يقرأ أفكارها .
كم كانت حمقاء . تململت في مقعدها وتمنت لو لم تحضر معه .
كان عليها ان ترفض .

" صرتِ هادئةً جداً "

" كنت أفكر ".

هدأت الآن خفقات قلبها السريعه , يجب ان تتمالك نفسها وإلا فماذا يبقى لها ؟
بعد لحظات وصلا الى المحل . كان كل شئ هادئاً وكأن المحل مهجور .
تمكنت اخيراً من أن تتسائل بنبرة عادية وهما في المصعد :
" في أي ساعة يفتح المحل أبوابه ".
" يفتح أبوابه اليوم الساعه التاسعه والنصف , في وسعكِ أن تلقي نظرة حولكِ ".
احسّت بالراحة عندما توقف المصعد وقادها عبر قسم ثياب السيدات الذي كان يسوده هدوء شامل وقد تمت تغطية الأزياء الخشبية المنتصبة كالأشباح سجينة تنتظر الحرية .
اخترق غافن الصمت قائلاً :
" سأحضر أولاً الشرائط المطرزة الحريرية ".
أخذت جين تتجول وسط الرفوف المليئة بالبضائع ثم قالت :
" من الصعب اختيار المطلوب وسط هذه المجموعه الكبيرة ".
" دعيني اساعدك . فانا اعرف ما تريدين تماما ".
قدّم لها بعض الشرائط المطرزة الحريرية قائلاً :
" والآن ماذا تريدين تحتها ؟ الون الوردي ام الازرق ام الاصفر ؟".
" ارني هذا اللون الاصفر . هل يمكنني ان اراه جنباً الى جنب م عالشرائط ,
كانت الشرائط رقيقى , شفافة , تكاد تكون عاجية اللون وقد اكتمل منظرها عندما وضع تحتها الاصفر اللامع . تنفست جين الصداء وقالت :
" نعم , اعتقد ان هذا هو ما اريد ".
" جربيه عليكِ امام المرآة ".
كانت جين تراقبه وهو يلتقط ثنايا القماش الحريري والاشرطة .
جذب القماش الحريري قائلاً :
" امسكي هذا وضعيه على جسمكِ ".
كانت جين تشعر باحساس غريب وقد شعرت بانها تكاد تترنح .
امتثلت لكلماته دون ان تنبس ببنت شفة .
احست وكان طوقاً محكماً يشدد عليها الخناق .
انحنى والتقط الشرائط الرقيقة :
" احترسي يجب الاّ ......."
" انا اعرف ماذا افعل".
جا ء صوته هادئاً . كانت خفقات قلب جين عاليه .
كانت تشعر بقلبها وهو يخفق مرتطماً بضلوعها عندما استقام غافن ورفع الشرائط المطرزة بعناية فائقة ووضعها عليها .
كانت يداه الآن تمسان عنقها وخصوصاً وهو يحاول ان يريح الشرائط الحريرية حول جسدها .
كان هناك قدر من الحذر في لمسته , وبرغم ذلك احست وكانها في حاجه الى الفرار , أخذت تتحرك في قلق فبادرها قائلا :
" إهدئي , لماذا كل هذ التوتر ؟".
رأت صورتها المنعكسة في المرآة . كان غافن واقفاً زرائها وقد وضع يديه على كتفيها بينما تدلى القماش الحريري والشرائط فوق جسدها في رشاقة وجمال .
اكتشفت انها لم تنظر الى صورتها في المرآة ,
بل الى صورته هو .
كان قريبً منها الى حد انها احست بحرارته وتنشقت العطر الخفيف الخاص بالرجال المنبعث من كريم ما بعد الحلاقة ,
فتقلص حلقها حتى جاء صوتها اجش وهي تقول :
" هذا رائع الجمال . اعتقد انني ......"
" نعم , انه رائع الجمال ".
كان هناك شئ في صوته جعلها ترتعش وتمنت ان يبتعد عنها .
استدارت نصف استدارة فتراجع للخلف وانزلقت الشرائط قليلاً ..
أمسك بها قائلاً :
" سأحجزها لكِ واسلمها لميغان ".
" شكراً ".
لم تقو جين على النظر اليه , كانت تشعر وكأن راسها سينفجر من التوتر الذي عاد يسيطر على المكان .
" هل انتِ مستعدة للذهاب ؟".
" نعم ".
كان هناك قدر من الغرابة في سلوكه أثار قلقها , كان يبدو وكأنه غاضب . ماذا فعلت ؟.
في طريقها الى المدرسة احست جين بألم في رأسها و لم يكن هناك ما تستطيع عمله , يبدو ان غافن سارح في عالمه الخاص . كان يقود السيارة بسرعه . و لم ينظر اليها ولو نظرة عابرة .
قبضت بأصابعها على حقيبتها في تعاسة ,
كان يجب ألا توافق ان تحضر معه . رفعت يدها الى جبهتها المشتعلة محاولة وقف ذلك الألم النابض .
نظر اليها وقال بلا مبالاة :
" ماذا هناك ؟".
" عندي صداع قاتل . لكن لا تدع الامر يشغلك ".
" هناك اقراص مسكنة في المدرسة ذكريني ان اطلبها لكِ ".
" انزلني اما م المدرسة وانا اطلبها ".
" كنت اود ان ادخل معكِ , اكن لديّ كثيراً من العمل اليوم , سأمر بالطبع لآخذكِ في الساعة الرابعة ".
" ماك يمكنه ان يمر عليّ ".
" كلا , فلديه حالة ولادة في وسط المدينة ".
زمتّ جين شفتيها . انه يبدو وكأنه نادم على احضارها :
"آسفة لانني لا اعرف ان اقود السيارة , انك تضطر لتغيير برامجك بسببي ".
" انا سعيد بمساعدتك لنا , واؤكد لك ان نقلكِ بالسيارة لا يمثل اية مشكلة بالنسبة إليّ ".
" أحقاً ؟".
أشاحت بوجهها بعيداً ونظرت الىالمروج الخضراء , كانت تحسّ بوخزة ألم في صدرها .
دفعت باب السيارة قبل أن يتوقف تماماً أمام المدرسة ثم هبطت وقالت دون ان تنظر ورائها :
" الى اللقاء ".
سمعت صوت المحرك و قد انبعثت فيه الحياة من جديد كما سمعت صوت نفير السيارة .
لكنها لم تقو على النظر الى الوراء , تلاشى الصوت متباعداً فتوقفت جين لتلتقط انفاسها .
لم تكن تعرف لماذا ينتابها هذا الشعور الآن , لكن لسبب ما كانت تحس برغبة في البكاء ,
اخذت نفساً عميقاً وعاودت السير من جديد لتسمع اصوات الاطفال .
هنا العودة الى الطبيعه ... هنا يمكنها ان تجد نفسها على سجيتها . فهي متأكدة من شئ واحد .. ...
انها لا تستطيع البقاء مع غافن .

مرّ الوقت سريعاً وجلست آن وجين أثناء فترة الراحة تتحدثان عن حفلة الزفاف .
قالت آن أنّ شيرلي ستتزوج مواطناً استرالياً وستعيش في بيرث . وقالت :
" أنا واثقة من أنكما ستنسجمان معاً يا جين , للأسف انها سترحل يوم السبت , ليتكِ حضرتِ قبل الآن .
روت جين أسباب مجيئها متأخرة بينما جلست آن تصغي في صمت و قد علا وجهها تعبير غاضب ثم صاحت :
" ياللهول !
إنه لأمر رائع أن تكتشفي وجود والدك بهذه الطريقة ,
إن اباكِ أصبح شخصاً مختلفاً منذ مجيئك ".

مرة أخرى وجدت جين نفسها تفكر في ابيها .
ادركت مع كل يوم يمر انها تنتمي اليه ,,
اما بالنسبة الى الخالة دورثي فهي ستبحث عن وسيلة لتعوضها ما بذلت حتى لو كان ذلك يعني البحث عن عمل ,
فهذا الامر يجب ان تتحمله وحدها دون مساعدة من ابيها .
حينئذ فقط تتخلص من ذلك الشعور بالذنب الذي ينتابها من حين الى آخر لتركها خالتها وحيدة .

lovely sky
11-05-2007, 15:23
سألت آن عن امكان العثور على فرصة للعمل في الجزيرة
و شرحت لها الاسباب و اصرارها على عدم اللجوء الى مساعدة والدها ,
فبادرتها آن قائلة وهي تربت على ذراعها :
" أنا أحترم حبك للاعتماد على النفس ,و لكن ألم يكن في نيتك الالتحاق بكلية المعلمات ".
" نعم ,
لكن تخرجي سيستغرق ثلاث سنوات , انا ارغب في العمل في أحد المكاتب او في اي مكان ".
" في وسعك ان تعملي هنا في المدرسة . فلماذا لا تسألين غافن اذا كان ذلك ممكناً ؟".
" لا اعلم ,
سأفكر في الأمر ".
قرب يوم الزفاف , نهضت جين مبكرة و ذهبت الى منزل ميغان لوضع اللمسات الاخيرة لثوبها .
منزل ميغان يشبه كثيراً منزل جون .
كان فسيحاً وأبيض وأثاثه هادئ وقد تناثرت السجاجيد على ارضيته والأزهار في كل غرفة .
كل ما في المنزل يدل على ان ساكنته امرأة ,
قادتها ميغان الى غرفة الحياكة , فشهقت جين لرؤية الثوب ثم صاحت قائلة :
" انه رااائع يا ميغان !".
" تعالي جربيه , وبعدئذ سأريكِ ما لديّ من قبعات ".
" كيف يمكنني ان اردّ لكِ هذا الجميل ؟".
إعتبريني فقط أمكِ الروحية !".
تضاحكت الاثنتان ثم بدأتا التجربة الأخيرة للثوب .
لم تكن جين قد رأت كنيسة الجزيرة , لكنها تخيلتها ذات طابع انجليزي بحت .
لذلك كانت مفاجأة لها عندما رأت ذلك المبنى الابيض البسيط وسقفه القرميدي الاخضر يلمع تحت اشعة الشمس و ينبعث منه رنين الاجراس القوي .
غمر جين احساس بالخجل لحظة وصولها هي ووالدها و ميغان وكولن ..
فشتان بين أن تنظر الى نفسك في المرآة وتشعر بأنك في مظهر لائق
و بين مواجهة عشرات الاشخاص الغرباء ,
جميعهم يتسمون بالاناقة و الثقة بالنفس .
أحسّت فجأة وكأن ادراكها متيقظ لكل شئ وكأن حواسها قد شحذت بلا استيعاب كل ما يدور حولها ,
اخذت تتحدث و تبتسم بخجل لأصدقاء أسرة موراي .
ثم انسحبت ميغان الى ركن هادئ و سألتها جين بفضول :
" من تكون الفتاة هناك ؟".
أشارت جين الى فتاة ذات شعر داكن رائعة الجمال .
" هذه هي كاي والاس , انها على علاقة متينة مع غافن .
إذاً هذه هي الفتاة الت تحدثت عنها آن !!
أحسّت جين بألم حاد ولكنها لم تدرك سببه .
تفرق الحشد اذ بدأ الجميع يدخلون الكنيسة ,
خفتت حدة الثرثرة لينبعث صوت الأرغن الرخيم .
لم تكن جين قد رأت غافن بعد ,
بدأت تنظر حولها ,
كانت الجدران ذات لون اصفر شاحب والسقف ذا عوارض خشبية داكنة ,
في المقدمة جلس رجلان , احدهما كان شخصاً غريباً ,
أما الثاني فكان ظهره مألوفاً بشكل محير .
حدّثت جين نفسها قائلةً :
بالقطع كان يجب ان اعرف – غافن هو شاهد العريس .
استدار قليلاً ليتحدث الى زميله وقد تباين بحدّة الشكل الجانبي لقسمات وجهه مع الحائط الاصفر الشاحب .
كان وسيماً للغاية ,
فأحست جين وكأن قلبها يترنح ,
فأشاحت ببصرها بعيداً خشية ان يراها أحد تحملّق فيه , خاصةً كولن الذي كان يجلس يجوارها .
في اللحظة التالية بدأ الارغن لحن مجئ العروس المعروف ,
تحولت الانظار صوب العروس .
إنّ هناك شيئاً مثيراً للعواطف في طقوس الزواج تلك ..
حدّثت جين نفسها لكنها وجدت عينيها مثبتتين لا على العروس والعريس ,
بل على غافن ,
لم ينظر وراءه ولا مرة واحدة , لم يرها ,
لكن جين ادركت تماما انه يعي انها تنظراليه .
وبعد مضي دقائق , جائت تلك اللحظة المصيرية .
حدث ذلك مع انتهاء طقوس الزواج , فقد استدار غافن للحظات ,
والتقت عيناه عيني جين .
كانت عيناه داكنتين , لاحت فيهما ظلال المسافة الفاصلة بينهما ,

لكن نظرات الاثنين في تلك اللحظة كانت وكأنهما كانا وحدهما في الكنيسة ,

أشاحت جين بوجهها بعيداً مرتعشة , بل انها احست بالدوار وغير قادرة على تحمل المزيد .
عرفت الآن انها تحب غافن غرانت .

توجه المدعوون الى الحفلة التي اقامتها أسرة موراي في منزلها ,
أخذت جين تثرثر مع كولن وميغان ووالدها , آملةً الا تفضحها حركاتها ,
تقدّم غافن نحوهم محدّثاً ومعه كاي فشعرت جين بالألم بينما كانت كاي تتأبط ذراع غافن ,
مجرد لمسة خفيفة كلمسة الفراشة , وهي تبتسم لجين معربة لها عن اعجابها بثوبها ,
استجمعت جين شجاعتها من مكان دفين فبادلتها الابتسام وتحدّثت بطريقة طبيعية ,
بينما كان كولن يحيطها بذراعه في خفه , لم تقوَ جين على مبادلة غافن النظر ,
وبدلاً من ذلك أخذت تراقب باعجاب جمال وجه كاي الهادئ بتعبيره الصافي وعينيها ذا ت الاهداب الكثيفة وهما ترمقانها بطريقة صادقة ودودة .
لم يكن فيها ما ينم عن الخداع مثل سارة ,
كانت هناك ثقة كاملة بالذات جعلت جين تحس وكأنها صبية في طور الدراسة الثانوية .
غير أن جين لم تكن تدرك كم كانت بدورها تبدو نضرة فاتنة في ثوبها وكم اضفى عليها الحياء مسحة من البراءة .
كانت تجيب في هدوء على اسئلة كاي حول انطباعاتها عن الجزيرة ,
وعندما تدّخل غافن في الحديث وذكر لها خدماتها للمدرسة , تبادلا النظرات .
ليتها تستطيعا ان تتصرف تصرفاً طبيعياً ,
بادرها قائلاً :
" أريد أن أتحدث معكِ في شأن المدرسة , قد لا يكون هنا المكان المناسب , تحدّثت طويلاً مع آن موراي ".
فقدت دقات قلب جين انتظامها , ترى ماذا قالت له آن ؟
يا لي من حمقاء ! كان يجب ان انبهها الاّ تقول شيئاً .
ابتسمت أخيراً قائلةً :
" في وقتٍ أخر , اسمحوا لي الآن , يجب أن اذهب لأرى ما اذا كان ابي يريد شيئاً ".
توارت جين ومعها كولن الذي أمسك بذراها هامساً بحدّة :
" قولي لي , ماذا بينكِ و بين غافن "؟.
" ماذا تقصد ؟"
"انا لا اعرف ! انه مجرد شعور , عندما تجتمعان كأن هناك شرارات خفية تتطاير في كل اتجاه , لا اعني اليوم فقط , فقد لاحظت ذلك من قبل ".
" خيالك خصب "
ردت عليه جين بسرعه وهي تلوح من بعد الى ابيها الذي كان يجلس مع ميغان وماك تحت جرة ظليلة في الحديقة . يجب ان تكون اكثر حرصاً ولا تدع مشاعرها تنكشف وإلا كانت النتيجة مروعة , لا يمكن تكهنها .
وفي محاولة يائسة تمكنت من ان تقول :
" في الواقع ان هناك نوعاً من عدم الاستلطاف بيننا , هذا هو كل ما في الأمر .
ان هذا يحدث احياناً . مجرد تعارض في الشخصيات ".
" ليس الامر بهذه الاهمية "
تأبط ذراعها وانضما الى المدعويين .
بدأ الرقص فوق المروج الخضراء .
عقدت جين مقارنة بين هذه الامسية و حفلة سارة , فالجو كان مختلفاً تماماً .
كانت سارة هذه الليلة في الحفلة و قد نجح غافن في تقسيم وقته ببراعة بين سارة و كاي .
انه يملك كل شئ ,
المظهر الحسن و الثراء و فتاتين جذابتين ,
انه بارع حقاً – وهي بكل غبائها وقعت في شراكه .
أحست بالم حاد كالسكين لرؤيته يرقص مع كاي , وحاولت في ياس ان تسترخي بين ذراعي كولن ,
يا ليتها كانت تحس ولو بذرة عاطفة تجاه كولن , يا ليتها كانت , ولكن ما من فائدة .
رقصت جين مع ماك الذي قال :
"وافق ابوكِ على السفر الى سيلان لعرض نفسه على طبيب اختصاصي .
كل هذا كان بتأثيرك . فقد اقنعتهِ بأن يفعل ذلك من أجلك ".

lovely sky
11-05-2007, 15:30
" ماك , أنا سعيدة للغاية , متى سيذهب ؟".
" يوم الثلاثاء وسأذهب معه ".
" هل أذهب معكما ايضاً ؟".
خفّت الموسيقى وقد وقفا في رقعة ظليلة بعيداً عن الفوانيس التي علّقت عبر الحديقة .
حكّ ذقنه مفكراً ثم قال :
" لا أعرف يا جين , فغافن هو الذي سيأخذنا بطائرته ".
وقبل أن ينهي جملته , رأت الرجل الذي ليس في وسعها ان تتحاشاه قادماً وحده نحوهما فبادره ماك :
" هل يمكن ان تأتي جين معنا إلى سيلان ؟".
نظر اليها غافن في صمت وأحسّت إنها ترتعش كمن ارتكب خطأ .
ثم قال :
" سبقكم شخص آخر وطلب مني الطلب نفسه ".
تردد قليلاً ثم قال :
" ماك , هل يمكنني أن أتحدث مع جين على انفراد ؟".
" بالتأكيد , إلى اللقاء " .
تأبط غافن ذراع جين وقادها الى رقعة داكنه من ظلال الأشجار وقال في رقة :
" أريد فقط أن أتحدث معكِ , دعينا نجلس هنا ".
أشار الى مقعد تحت شجرة اتجهت اليه جين و هي سعيدة بفرصة الجلوس قبل ان تخونها قدماها .
" ابلغتني آن بأنكِ تريدين عملاً ".
رفع يده طالباً منها الهدوء أمام شهقتها ,
ثن قال :
" أنا آسف , دعيني استخدم عبارة اخرى ,
هل تقبلين بالعمل في المدرسة بشكل منتظم في مقابل راتب مناسب ؟
أنتِ تنوين البقاء هنا أليس كذلك "؟.
ثبتت جين نظرها على يديها و قد شبكتهما في توتر , كيف يمكنها ان تفعل ذلك الآن ؟
كانت لديها مخاوف من العمل في مدرسة غافن ,
والآن زادت تلك المخاوف بعدما أدركت انها تحبه :
" لا أعرف ".
" لا تعرفين ماذا ؟
لا تعرفين ما اذا كنتِ ستبقين في سارامنكا
أم لا تعرفين ما اذا كنتش تودين العمل في المدرسة "؟.

أسرعت ضربات قلب جين , فقد غمرها احساس بالطمأنينة وهي قريبة منه .

ما هذا التبدل المفاجئ في نظرتها اليه ؟.
قالت :
" كانت مجرد فكرة , فأنا لا اريد أن ......".
كانت على وشك ان تقول لا اريد ان اعمل لديك ,, ولكن الكلمات توقفت .
اطلق ضحكة صغيرة وقال :
" لا تودين ان تعملي في مشروع يخصني , أليس كذلك "؟.
ابتلعت ريقها في صعوبة قائلةً :
" هذه هي الحقيقة ما دمت قلتها بنفسك ".
كانت تعرف انه غضب .. نظر اليها بعينين قاتمتين قائلاً :
" شكراً لصراحتكِ . هل لي أن أسأل لماذا ؟".
" لا أعرف ".
لم تقوَ على الاشاحة بعينيها بعيداً . فقد كانت عيناه مركزتين عليهما ,,
" نعم , تعرفين , ماذا هناك ؟
أنتِ خائفة من أن تقدمي على أي عمل يؤذيني . اليس كذلك ؟".
شئ ما في صوته فجّر كل توترها العصبي . لماذا اخضع لهذا الارهاب ؟ لماذا أصبح كالآخرين ؟ ليس لديّ ما اخسره . انه يعتبرني طفلة .... فما من شئ على الاطلاق يقدر ان يجعله ينظر اليّ كما ينظر الى سارة .

" أنا لا أود ان أعمل معك لانك تتصور إن في امكانك ان تصدر الاوامر للجميع,
لكنّي لن أسمح لك بذلك ".

" إما انكِ تمزحين وإما أنكِ جننتِ ,
أنا أصدر الاوامر للجميع .. متى حصل ذلك ؟".
أضفت نبرته الساخرة برودة على كلماته .
همّت جين بالوقوف . لكنه بحركة عنيفة أجلسها في مكانها قائلاً :
" اجلسي , انا فعلاً أحب ان اراكِ احياناً !
اللعنة على هذا التفكير .. لماذا تدخلين دائماً في صراعٍ معي ؟".
" أنا ؟؟ كيف كان ذلك ؟".
" بالطريقة الانثوية الماكرة ,. و اضافة الى ذلك ....."
" انا لن ابقى هنا لأسمع اهاناتك ".
نهضت و ضربت الارض بقدمها بشدة وقالت :
" كيف تجرؤ على ان تتحدث معي بهذا الشكل , عد الى صديقاتك ,, وانا ...."
" وانتِ تعودين الى صديقكِ كولن ".
وبعدما نهض اضاف :
" انتِ لا تقبلين الاهانه , بينما تسمحين بتوزيعها على الآخرين ,
لماذا لا تقدمين على صفعي ؟".

" لا تستفزني ".

تطلعت بعينين قلقتين نحو المنزل فبادرها قائلاً :
" لم يلاحظ أحد شيئاً , لكن استمري , فأنتِ تحققين تقدماً ".

" أنا أكرهك ! هل تسمعني ؟ أكرهك ! ".

" تكرهينني ؟ اذن دعينا نرى ما اذا كنتِ تكرهين هذا أيضاً "
جذبها بقوة نحوة وقد أحاطتها ذراعاه بقبضةٍ قوية ساحقة جعلتها لا تقوى على الحركة .
حاولت ان تقاوم لكن فشلت ,
أبعدها عنه وقال في حدة :
" لن أعتذر وحتى لو اعتذرت فان موقفي لن يكون حقيقياً ".
صاحت وهي ترتعش من هول الصدمة :
" أهكذا تحارب النساء ؟".
" نعم . اذا اردتِ هذا التفسير ".
" انت حقير كريه !".
" انا اعرف ذلك , و لذلك فلن تستغربي اذا كان سلوكي سيئاً ".
مع هذه الكلمات استدار عائداً الى المنزل بينما وقفت جين وحدها .
ثم سمعت حركة مجاورة فاستدارت لترى كولن أمامها .
كان في حالة هياج .
احست بانها على وشك البكاء ,
ومدّت يدها لتلمس ذراعه فأقصاها عنه و استدار بدوره عائداً الى المنزل .
أغلقت جين عينيها ,
اما لهذا الكابوس من نهاية ؟

lanoo
11-05-2007, 20:43
مشكوره يالغالية بنتظار التكملة::جيد::

احباب الروح
12-05-2007, 08:51
9- العاصفــة!



استعادت جين وهي في فراشها احداث ليلة امس وتراءى لها ما شاهدته عند عودتها الى منزل اسرة موراي. كان غافن يراقص سارة وقد تقاربا بينما كان كولن يمسك بكاي بين ذراعيه. قثزت جين جالسة في فراشها: لا فائدة من الاسترسال في التأمل. عليها الان ان تنهض وتمضي اليوم مع ابيها في هدوء.بادرها قائلا وهما جالسان في الفناء:

"هل استمتعت امس؟ "
" انا سعيدة بك يا ابي. علمت انك ستعرض نفسك على صديق ماك هذا الاسبوع. "
" نعم، اجبرني ماك على ذلك. "" انا سعيدة بذلك يا ابي. انت تبدو افضل مما كنت يوم وصولي الى سارامنكا. "مدت يدها وامسكت بيده قائلة:
" هل يمكنني ان اعيش معك هنا؟ "لم تكن تقصد ان تقول ذلك. لكن شيئاً ما دفع تلك الكلمات الى فمها
." جين، ابنتي العزيزة اتريدين البقاء حقاً. لم اعد في حاجة الى طبيب ما دمت ستكونين الى جانبي. "صاحت جين وهي تضحك وتبكي في آن واحد:" بل يجب ان تذهب يا ابي. "
" لا تقلقي كنت امزح فقط والآن سأذهب لأرى الن. "انفدرت جين بنفسها وراحت تفكر: الزمت نفسي بالبقاء وعلي ان اتعلم كيف اواجه الامور. علي ان اتعلم كيف اضع على جلدي طبقة ثانية تحميني من سخرية غافن. انا اعرف اني اخترت القرار الصواب فأبي وليس غافن هو من يهمني.حضر غافن وماك صباح الثلاثاء ليصحبا والدها الى المطار. كانت سارة ايضا في السياره. حاولت جين الا تنظر الى غافن الذي حياها عن بعد وكأنه يأبى الكلام.وهكذا رحلوا وتركوها وقفة هي والن على السلم. داخلها فور اختفائهم شعور بالفراغ. لم يمر على وجودها في في سرامنكا سوى اسبوعين وهي تشعر الآن بأنها ستفقد الرجل الحنون، والدها.بقي في خاطرها وجه غافن عندما كان ينظر اليها كان ينظر اليها منذ لحظات ليعتصر قلبها. كانت نظرته رافضة حادة. حاولت الا تذكر تلك البسمه الخفيفة المنتصرة التي علت شفتي سارة وهي تلوح من السيارة. صحبتها ميغان في الثامنة صباحا الى المدرسة ونجحت جين بعد جهد في تنحية غافن وسارة عن خاطرها كما تجنبت ميغان بمهارة الحديث عن غافن او كولن. في ذلك المساء اتصل بها ابوها تلفونياً، كان صوته مليئاً بالحيوية وابلغها ان الطبيب الاختصاصي طلب منه البقاء ليلة اخرى واكد لها انه سيتصل بها مرة اخرى مساء الغد للاطمئنان عليها.امضت جين اليوم التالي مع ميغان في شراء بعض الحاجيات من بورت باتريك ثم تناولتا القهوة المثلجة في منزل ميغان. غادرت جين منزل ميغان في الخامسة تقريبا واصرت على ان تعود سيرا على القدمين. للمرة الاولى احست بوحدة شديدة. فور عودتها الى المنزل صاحت منادية:" الن، لقد عدت. "لا جواب. الصمت مخيم على المنزل. احست جين بالحيرة دخلت الى المطبخ وهي ترجح ان تجد مديرة المنزل هناك. بدلا من ذلك وجدت مذكرة من الن تخبرها فيها بأن اختها مريضة وقد ذهبت لترعى اولادها وانها ستعود الليلة.لم يكن امامها الا ان تحاول الاستفادة من وحدتها وتلهي نفسها بأي عمل منتظرة اتصال والدها وعودة الن. صعدت الى الطابق الاعلى لتستحم. لبست الشورت و ارخت شعرها وجلست في فناء المنزل تتصفح بعض كتب والدها. كان الجو هادئاً لا يزعج سكونه سوى رفرفة جناح طائر يلمع تحت اشعة الشمس. اخترق صوت آخر ذلك السكون، صوت طائرة، وعندما توقف ساد الهدوء من جديد. انغمست جين في القراءة لتفيق فجأة على صوت الامطار تهطل. اخذت ترقب قطرات المطر الكبيرة تتناثر امامها بينما تبدل الجو وزداد برودة وقفت الآن وسط الحديقة وقد رفعت وجهها لتحس قطرات الماء الكبيرة على وجنتيها. المطر يختلف هنا تماما عن المطر في انجلترا. كانت القطرات كبيرة، ناعمة، ومهدئة بشكل غريب. بعد لحطات ادركت انها ستبتل فاحتمت مرة اخرى بالمظلة ترقب المطر. سمعت رنين التليفون فدخلت مسرعة. كان الخظ يطقطق من على بعد وجاء صوت ابيها ضعيفاً:" جين هل تسمعيني؟ ذهبت الى الطبيب وهو يعتقد ان مرضي عصبي في الاصل. واختفى صوته تماماً فقالت جين:" اكاد لا اسمعك. لكني سعيدة بهذه الانباء. "تعالت الطقطقه في الخط التليفوني فاضطرت جين ان تبعد السماعة ثم صاحت:" لا استطيع ان اسمعك. "" ساحاول ان اتصل بك ثانية، الى اللقاء يا جين "" الى اللقاء يا ابي. "ماذا اراد ان يقول. لا يهم. الامر الاساسي هو ان الطبيب يرى ان مرض ابيها ليس خطيراً. وشعرت بالراحة. اشعلت النور الذي اضاف بعداً جديداً الى الامطار المتساقطة فقد عكستها وبدت كجدار فضي لامع يتوهج ويتحرك.تغيرت طبيعة المطر بعد نصف ساعة. فقد هدأت قليلا. رفعت جين رأسها وقد ظنت ان المطر اوشك على التوقف لتسمع فجأة صوتا مدوياً. اضاء البرق السماء كلها وفي الوقت نفسه جاء صوت الرعد يفوق كل ما سبقه من اصوات، كان صوتاً عنيفاً يتردد صداه في كل مكان. احست بضربات قلبها تسرع، تخاف من العواصف منذ ان رأت في طفولتها شجرة تنقسم الى نصفين بقوة البرق. هرعت الى الداخل وانزلت الستائر، لكنها وجدت نفسها ترتعش في انتظار عودة البرق. احست جين بالوحدة والخوف كما لم تحس بهما من قبل وبعد لحظات سمعت نباح كلب وكأنه نواح، انه كارلو! وسط مخاوفها تولد لديها نوع من الشجاعة. تخيلت وجه كارلو وهو ينظر اليها وقدرت ان تفعل شيئاً من اجله. ركضت جين نحو الباب الخلفي وقد تضاءل خوفها خوفها بعد ان اشتد قلقها على كارلو.زلت قدم جين وانزلقت مراراً عبر الممر الموصل بين الباب الخلفي والاشجار الكثيفة التي تفصل بين منزل ابيها ومنزل غافن. بدت تلك المنطقة كمكان مهجور وقفت تحتمي بالاشجار ثم ما لبثت ان رأت شبحاً اسود يتحرك نحوها فصرخت في نوبة ذعر وتلاحقت ومضات البرق لترى جين من خلالها رجلاً يتقدم نحوها رافعاً يديه. سمعت من يناديها: جين اختلط عليها كل شيء: العالم والمطر والظلمة فسقطت مغشياً عليها بين ذراعيه.فتحت جين عينيها لتجد غافن قربها فاجتاحها شعور بالذعر لا غلاقة له بالعاصفة. قفزت جالسة، تلفتت حولها وهي تتحسس ثيابها المبلله وقد التصقت بجسدها:" نحن في منزلي يا جين. "رأت كارلو جالساً في جوارها وقد علا وجهه تعبير قلق وكأنه فهم كل شيء كما رأت غافن بوضوح الآن. كان شعره لامعاً وقد بلله المطر والتصقت ثيابه المبتلة بجسده. قفزت من مكانها وقد رأت البرق يتوهج قرب النافذة لتسمع صوت انفجار صغير اعقبه انقطاع التيار الكهربائي. سمعت زمجرة الرعد وكأنه آت من السقف فقفزت." كل شيء على ما يرام سأحضر مشعلاً. "حاولت التخلص من قبضته قائلة:" لن ابقى هنا معك. "
" لا تكوني حمقاء، ستمكثين هنا على الاقل حتى تنتهي هذه العاصفة. "كانت الغرفة حالكت الظلام، استدارت وهي لا ترى شيئاً فتعثرت باحدى قطع الاثاث، مد ذراعه وامسك بها بقوة وهي تحاول دفعه بعيداً:" لا تحاولي الفرار ولا تقاومي. اطردي الخوف ولو للحظة واصغي الي. "وبحركة مفاجئة جذبها الى الاريكة." لماذا جئت الى هنا. "
" لأرى ما اذا كان كارلو في مأمن. لم اعرف انك هنا. "" هل جئت وحدك في مثل هذا الجو، من اجل كلب. "" سمعته ينبح، وخيل الي انه خائف. لم اتوقع ان اراك. "" كنت في طريقي لأتفقدك انت والن. "" الن ذهبت تزور اختها وكنت وحدي. "بدأت ترتعش وكأن احساسها بالصدمة جاء متأخراً." يالك من طفلة مسكينة "لم يكن هناك اثر للسخرية في صوته، لم تجد سوى الشفقة وهي لا تحتاج اليها، تململت وقد ادركت فجأة ان ذراعيه تضغطان عليها بشدة:" ليس هناك داع لتشعر بالشفقة علي. "ارتجت الغرفة بصوت الرعد، فسقط شيء من قطع الزينة قربها فارتعدت.في لحظة الصمت التي اعقبت العاصفةسمعت تردد انفاسه واحست بيده تقترب من وجهها فهمست قائلة:" ارجوك ان تبتعد عني."
" جين،آه لو تعلمين..."جاء صوته عذباً مرتعشاً. توقف ليطوقها بذراعيه ووجدت نفسها تتجاوب مع ذلك الدفء. تعلقت به لكنه ابعدها قائلاً:" ما من فائدة يا جين. لم يعد ممكنا استمرار الصراع بيننا. قولي انك لا تكرهينني. "تحسس ذقنهاثم ربت على وجنتيها قائلاً"
" احبك ،ايتها الصغيرة. "
كاد قلبها ينفطر فصاحت وهي لا تصدق:" قل هذا مرة ثانية. "
" احبك، لم اقل هذه الكلمة لأية امرأة مثلك، لم لا تضحكين، الا تجدين هذا مضحكاً للغاية؟ "" لكني لا اصدق. هل هذه دعابة؟ "صدرت منهاشهقة باكية." جين حبيبتي لا تبكي ارجوك. لا احتمل رؤيتك وانت تبكين."نسيت العاصفة، لم تعد تزعجها الآن. مدت يدها وتحسست وجهه قائلة:
" قلها مرة ثانية. "
" احبك. "
" وانا احبك ايضاً، لكني كنت اعتقد انك تكرهني. "
" كنت اريد ان اكرهك. اتذكرين عندما دخلت بيت ابيك وكنت تعزفين على القيثارة. رأيتك فأحسست للمرة الاولى في حياتي بالخوف. فأنت صغيرة جداً وانا اكبرك بثلاثة عشرة سنة."
وضع اصبعه على شفتيها ليحبس شهقة الم واضاف:" اسمعيني حتى النهاية يا حبيبتي. تلك الليلة في حفلة سارة كنت اخطط للوصول اليك لكني تراجعت لأنني ايقنت بانني احبك في صدق. ومع ذلك كنت اقاوم فكرة الاعتراف بذلك. ولهذا بدوت لك قاسياً متعجرفاً. "قالت وهي ترمقه بحنان:" ادركت اني احبك في الكنيسة يوم الزفاف. كنت اقاوم هذا الحب بدوري انا لأنني. اعتقدت بانك تحب سارةكما يردد الجميع. "" اعرف ما يقوله الناس. لكن لحقيقة هي انني لم احب اية امرأة في حياتي، الى ان جئت انت. واعرف انني انسان اناني الى ان تعلمت منك ان المال والعمل ليسا كل شيء في الحياة. لقد غيرت حياتي كما غيرت حياة والدك. "توقف برهة ثم اضاف:" هل تبقين في سرامنكا وتتزوجيني؟ "
" نعم ... نعم يا غافن. "
خمدت العاصفة واختنق وميض البرق ودوي الرعد وبدأت مرحلة جديدة في حياة جين وغافن.

lovely sky
12-05-2007, 09:48
ما شاء الله
مشكووورة حبيبتي احباب الروح
الله يعطيكي الف عافيه ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

نور سلامة
12-05-2007, 10:00
السلام عليكم انا اصوت لرواية غضب العاشق وبتمنى اقراها بسرعة ومشكورين على جهودكم وانا عن نفسى بحب اقدم مساعدة وكمان عندى عدد كبير من الروايات ورح اشارك الاعضاء ونبعتها الكم

lovely sky
12-05-2007, 10:17
السلام عليكم انا اصوت لرواية غضب العاشق وبتمنى اقراها بسرعة ومشكورين على جهودكم وانا عن نفسى بحب اقدم مساعدة وكمان عندى عدد كبير من الروايات ورح اشارك الاعضاء ونبعتها الكم

حبيبتي نور مرحبا
نورتي المشروع
رواية غضب العاشق تمت كتابتها وهي اول رواية مكتوبة ستجدينها في الصفحة الاولى للمشروع هنا ... ونتمنى لكِ قراءة ممتعه للرواية :) :) :)
و نحن نسعد بالتعاون معكِ و يشرفنا انضمامك للفريق ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

احباب الروح
12-05-2007, 10:31
العفــوو حبيبتي لوفلي

::سعادة::


والله يعافيـــج


واتمنــى لكل القراء قرائـه ممتعــة


^_^

احباب الروح
12-05-2007, 11:53
http://img157.imageshack.us/img157/3874/33392814uq7.jpg



http://img513.imageshack.us/img513/7213/70435049vu5.jpg


1- السحابه والبركان









كان الفندق كبيراً، حديثاً وانيقاً، ويقع على الطريق التي تصل المطار بقلب المدينة، وهو مؤلف من بنايتين متلاصقتين: الاولى من خمسة طوابق، والثانيه من ثلاثة طوابق. واجمل الغرف هي التي تطل على المدينة، حيث المنظر رائع جداً، اذ تقع المدينة وسك الوادي الذي تحيط به سلسلة من الجبال الشاهقه.

من نافذة غرفتها، وقفت ديانا كلارك تستعرض المناظر الجميلة، تدهشها الاضواء المتلألئة التي تضفي بريقها على كيتو عاصمة الاكوادور. غابت الشمس كالعادة في الساعه السادسه والربع. وفي لحظة واحدة، ارتدت قمم الجبال الواناً مختلفة مروراً بالاخضر والوردي ثم الاحمر الداكن.

وفجأة انطفأت انوار المدينة وظهرت في الفضاء غيمة، بدت شاحبه شفافة، من التلة التي يقوم عليها الفندق.

خيّل الى ديانا في تلك اللحظة انها انتقلت الى عالم ساحر خلاّب. كأنها على قمة برج تابع لأحد القصور التي تتحدث عنها الاساطير، وهي تحلق في السحب. رفعت عينيها ورأت شمس المغيب تضيء القمم الثلجية فوق بركان منتصب تحت سماء مرصعة بالنجوم. وقالت ديانا لنفسها حالمة- هنا، يستتب الأمر من الآن فصاعداً، سأكون انسانة سعيدة.



ما لبث البركان ان غرق في الظلمة وذاب في العتمة، وتبعثرت الغيمة قبل ان تختفي، ولاحظت ديانا ان غرفتها غارقة في العتمة. تنفست الصعداء وغادرت الشرفة ودخلت الى غرفتها واشعلت النور.

وفي الحال تلونت الغرفة الفاخره باللون الوردي اضائت ديانا المصباح الكهربائي قرب السرير ونظرت الى المرآة شاهدت امرأة شابة، ممشوقة، ونحيفة، لها شعر كستنائي ذو بريق ذهبي، وجهها بارز ذو تقاطيع ناعمة و وجنتين نافرتين، وعينين عنبريتين، تعكسان بعض الخجل، وشقتين ناعمتين ممتلئتين تظهران حرارتها وسخائها.

وبالفعل فأن الذين يتعرفون الى ديانا كلارك للمرَة الاولى يدهشهم هذا المزيج الغريب في شخصيتها حيث الخجل والرغبه متفقان بانسجام.

وصلت ديانا الى كيتو منذ ستة ايام، مع والدها، كريستوفر فارلي، المدير العام للشركة النفطية التي تصنع الآليات لبناء ابراج الحفر والتنقيب. وقد سبق لهما وقاما معاً بزيارة لعدة بلدان ف اميركا الجنوبية. وهما الآن في الاكوادور يلبيان دعوة السينيورسانشو سواريز الذي يملك اسهماً كثيرة في احدى ناقلات البترول العالمية التي تقوم بالتنقيب عن البترول في البلاد.

رافقت ديانا والدها رغبة منها بالتغيير. كانت مضظرة الى اتخاذ قرار مهم يتعلق بزواجها. وشعرت بحاجة الى ان تبتعد عن جو البيت في لندن كي تكتشف حقيقة عواطفها تجاه جايسون كلارك زوجها الذي افترقت عنه.

جلست امام مكتب صغير وراحت تبحث في جواريره عن ورق لتكتب رسالة الى عمتها. كان والدها يقوم بجولة استكشاف في الادغال، حيث آبار النفط وهي تنتظره لكنه تأخر اكثر من اربع ساعات، فراحت تكتب الى عمتها جرترود . لعل الكتابة تخفف من القل الذي يكاد يخنقها من جراء تأخر والدها.

اخبرتها كل ما جرى لها منذ وصولها الى كيتو، قبل اسلوع. لقد احبت المدينة التي تبدو في ربيع دائم بسبب مناخها المعتدل برغم موقعها العالي.

الاحياء القديمة، والشوارع الضيقة والشرفات المعلقة، تحمل الطابع الاسباني. فالبيوت مؤلفة من طابقين، جدرانها مطلية بالكلس الابيض وسقوفها من القرميد المخضر بمرور الزمن. تلتصق على بعضها البعض على جهتي الطرقات الصغيرة المنحدرة. وفي ساحة الاستقلال، ما زالت الكاتدرائية وقصر الحكومة يحملان آثار الثورة. لكن المرتفعات المزهرة والاشجار الملتفة، كلها تدعو الى النزهات والى التسكع.

وبرقفة ماريا، زوجة سانشو سواريز الرائعة، ورامون ابنها البالغ من العمر تسع عشر عاماً، زارت ديانا مبنى خط الاستواء، الذي يبعد بعض الكيلومترات عن العاصمة كيتو. هناك تصورت ديانا جزئا منها في نصف كرة الارض الشمالي والجزء الثاني في النصف الآخر الجنوبي. كما زارت معهما الكومبانا، كنيسة كيتو المشهورة كان الدليل عجوزا هنديا ذا وجه داكن وبارد يحمل شمعة مزخرفة. وعندما شاهدت ديانا الكنيسة في الداخل اصابتها الدهشه: التماثيل والمنبر والكرسي واطارات اللوحات، كل شي، حتى السقوف العالية، تبدو كأنها مطلية بالذهب السائل...

وضعت ديانا يديها لحظة على المكتب تدعك اصابعها لتنشطها، لم تكن تضع في اصابعها سوى خاتم ضخم من الذهب الثقيل.

وعاودت الكتابة، واذا بها تسمع نقرة خفيفة على الباب. التفتت بانتباه واصغاء، سمعت طرقة من جديد، لا يمكن ان يكون الطارق والدها، لأنه عادة يعلن قدومه بعزم وقوة، ولأنه يدخل غرفته، ثم يدخل غرفتها من باب الاتصال الذي يصل الغرفتين.

نهضت ديانا ببطء وتوجهت نحو الباب، صحيح انها معجبة باهالي الاكوادور لكنها ليست مستعدة لأن تفتح الباب لأنسان مجهول. اذا كان الزائر واحدا من معارفها، لأبلغوها عن ذلك في مكتب الاستقبال.

سمعت ديانا طرقة ثالثة عندما كانت يدها ما زالت على مسكة الباب. ففتحته ببطء وكان الطارق فيليكس اصغر حجّاب الفندق، فقال بتهذيب وبلغته الاسبانية: - مساء الخير، سيدة كلارك

- مساء الخير، فيليكس

كانت تود الاّ يتابع حديثة باللغة الاسبانية، كي تستطيع ان تفهمه. ويبدو انه ادرك ما يدور في ذهنها، تابع فيليكس حديصة بلغة انكليزية مترددة التقطها من السواح الاميركيين:

- في قاعة الاستقبال شخص يريد ان يراك

- ما اسمه ؟

-لم يقل اسمه بل سأل مكتب الاستقبال عن رقم غرفتك، لكم الموضف هناك رفض ان يعطيه الرقم الا اذا عرّف الشخص عن حاله. لكنه اصر الا يعطي اسمه. ولما رآني طلب مني ان اطلب منك موافاته في المقهى وانه سيدفع لي بعض المال تذت قمت بذلك. هل ستأتين يا سيدتي؟ ارجوك ان تأتي حتى يدفع لي المال

احنى رأسه متوسلاّ. ترددت ديانا. هل من الحكمه ان تذهب لرؤية هذا الرجلالذي رفض الموظف ان يدله الى غرفتها؟

توسل اليها فيليكس:- اذا لم تأت سيدتي، سيغضب علي هذا الرجل. ولا احب ان اكون عندما يغضب. فهو طويل القامة وقوي، ارجوك يا سيدتي ان تذهبي اليه.

اجابته مبتسمة : -اني آتية، انتظرني

تألق وجه ديانا وراح فيليكس يبتسم لها مظهراَ اسنانه العريضة البيضاء.

اخذت ديانا حقيبة يدها وتأكدت من وجود مفاتيح الغرفة داخلها. ولم تنس ان تلقي نظرة الى المرآة لتتأكد من ان فستانها الاخضر لا عيب فيه. ثم خرجت واقفلت الباب ورائها وتبعت فيليكس حتى المصعد.

كان المقهى مضاء بنور خافت. ومع ذلك كان في وسعها ان تلاحظ الوجوه وراء الطاولات الصغيرة المستديرة، القائمة حول منصة، حيث مجموعة من الموسيقيين يعزفون الموسيقى الاميركية-اللاتينية.

سلك فيليكس ممراً يؤدي الى مؤخرة القاعة وتبعته ديانا. وكادت ان تختنق لدى رؤيتها ظهر الرجل. له كتفان عريضان وشعر قصير. توقفت جامدة وراح قلبها يخفق بسرعة كأنما تركض مسافة طويلة.

لا يمكن ان يكون هذا جايسون؟ ربما واحد يشبهه...

كان فيليكس يشرح له بسرعة ماداّ يده نحوه فالتفت الرجل، ورأت ديانا ملامحه وشعرت بحدة عينيه الزرقاوين.

واذا بجايسون يضع يده في جيبه ويخرج قبضة مليئة بالنقود ويضعها في يد فيليكس الممدودة نحوه. وشكره فيليكس وانصرف.

كان الرجل يدير ظهره وكانه غير مبال انها انضمت اليه. غالباً ما كانت تتخيل هذا اللقاء مع زوجها جايسون، الذي افترق عنها منذ سنة تقريباً، تاركاً شقتها في لندن، متهما اياها بعدم ثقتها به. لكنها لم تتصور ابدا ولو في الاحلام انها ستلتقيه في بلد آخر، وغي قارة اخرى، وفي هذه المدينة الساحرة بالذات.

كانت قدماها ترتجفان، وهي تسأله في صوت مبحوح:- ماذا تفعل هنا؟

وضع كاسه الفارغة ورفع عينيه ببطء نحوها وابتسم قائلاً:- اني انتظرك، لماذا لا تجلسين؟

سقطت ديانا في الكرسي وقالت: - انت آخر انسان انتظر ان اراه هنا

- الم يقل لك كريستوفر اني اعمل هنا

- كلا ، فهو لو قال...

-توقفت فجاة عن الكلام. لماذا لم يخبرها والدها بوجود جايسون في الاكوادور؟ هل كان يخشى ان ترفض مرافقته؟

ادرك جايسون ما يجول في خاطرها فقال: -لو عرفت لما اتيت معه.عظيم، لقد فهمت.

-كلا. لا،.. لم اكن اريد ان اقول ذلك لكن، ربما ظن والدي ذلك.

اطلق جايسون ابتسامة ساخرة:-ما زلت لا تعرفين كيف تتصرفين؟ في كل حال لننسى الامر. ماذا تحبين ان تشربي ؟

-ماذا تشرب انت ؟

-اشرب عصير الحامض بالنعناع، انه منعش ولذيذ الطعم، ما رأيك بكأس منه؟

وجدت ديانا من جديد اهتمامه المالوف وشعرت انها مجردة من اي حقد عليه. لكنها استدركت الامر، فيجب الا تستسلم لسحره.

قالت بنبرة هادئة:- اخذ زجاجة كوكاكولا.

بعد ان جاء المشروب واحتست منه جرعة، سألته وهي تنظر اليه يشعل سيكارة وهي لم تره يدخن من قبل.

- لماذا تنتظرني ؟

حدق جايسون بها في نظرة غير مباشرة وهمس قائلاً:-لأطلعك على امر لن يعجبك.

-انه يتعلق بوالدي، اليس كذلك؟ فقد تأخر في العودة، ماذا جرى؟

ومن جديد، نظر اليها ليتأكد من قدرتها على سماع الخبر. هل هي قادرة ان تتحمل صدمة اخرى؟

وسألته بألحاح:- قل لي، يا جايسون. واعدك الا اتصرف تصرفا احمق. لا اغماء ولا نوبة عصبية. ارجوك.لا تجعلني انتظر اكثر.

-تحطمت الطائرة التي كانت تنقل والدك الى بوتو على مدرج الخبوط وهو الآن جريح. فقد اصيب بكسور في اضلاعه وفي ذراعه اليسرى.

-اين هو الآن؟ يجب ان اذهب اليه حالاً.

انتفضت ديانا وراحت ترتجف بقوة وتخيّلت والدها الجريح وحيداً في احد المستشفيات الممتلئة ذباباً ساماً. نهض جايسون واخذها بيده واعادها الى الكرسي.

احباب الروح
12-05-2007, 11:56
-ارجوك ان تتسلحي بالهدوء! فوالدك بين ايدي اطباء وممرضين يعتنون به كل الاعتناء في المستشفى الذي تديره المؤسسة العالمية للصحة. وانا جئت لأخبرك ما حدث، لآن والدك طلب ان يقوم بهذه المهمة احد افراد العائلة.

احد افراد العائلة؟ لقد لفظ هذه العبارة بطريقة تهكمية. نظرت ديانا اليه. كان يحتسي كأسه الثانية. وبدورها احست بالضمأ وجرعت كأسها حتى افرغته، وشعرت بالشراب المثلج يرطب حلقها فارتاحت. سألته:-هل يمكنني ان التحق بوالدي في بوتو؟

كان جايسون ينظر الى الراقصه التي دخلت لتوها الى حلبة الرقص، وهي فتاة جميلة، ذات بشرة سمراء وترتدي فستاناً طويلاً، ابيض اللون، يظهر خطوط جسمها المثير.

اجاب جايسون بلهجة غير مبالية:-اذا كنت تريدين ذلك.

-متى؟

عادت عيناه الزرقاوان تحدقان في وجه ديانا وتتأملان شعرها اللماع. شعرت انه غير مبال بما حدث لعمه، فكان يبدو منشغلا براحته الخاصة، وقال بعد صمت طويل: -سآخذك اليه غداً، بعد ان انام هذه الليلة، لأنني متعب للغاية.

راحت ديانا تنظر اليه عن كثب. لقد نحف جسمه عما كان عليه منذ سنة تقريبا. ويشرة جلده لوحتها الشمس كما زادت زرقة عينيه، وشعره الكستنائي يتموج بخصلات ذهبية تشبه القش الاصفر. وكعادته، كان يرتدي ثيابه باهمال: قميص كحلية، وسروال بني فاتح وربطة عنق معقودة بسرعة ومن دون اتقان، وسترة بيضاء ارخاها على مسند المقعد.

قالت ديانا بلطف زائد:-اشكر لك مجيئك الى هنا.

شعرت برغبة مفاجئة لآن تلمس بأصابعها يده السمراء، لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك.

هزّ كتفيه ونادى خادم المطعم الذي اخذ الكاس الفارغة. وفي هذا الوقت كانت المغنية تؤدي اغنية مأساوية بصوتها الرنان.

سألته ديانا وهي تعي جيداً التوتر الشديد الذي حل بينهما،- هل انت في الاكوادور منذ مدة؟

لم يكن جايسون ذلك الانسان الذي يحب الثرثرة. كان يعبر عن افكاره واحاسيسه بأختصار، واحياناً بشراسة. وكان يرد على الأسئلة باقتضاب.

اجابها ببساطة:-منذ بدأ التنقيب عن النفط.

-يعني منذ متى؟

وتكلم جايسون بلهجة فظة فتراجعت الى الوراء، كما لو كان يصفعها قائلاً:-اهذا يهمك فعلا، او انك تتكلمين فقط على سبيل الحديث؟

-ان ذلك يهمني فعلاً، عندما تركتني وذهبت وبقيت من دون اي خبر منك.

كتبت اليك لأني كنت حريصة على تتبع اخبارك ولأنني كنت في حاجة الى صحبتك.

لاحظت ارتفاع حاجبيه استفهاماً، واضافت استمداداً للدفاع عن نفسها:-انني زوجتك، ولذلك كنت اعتقد ان من واجبي ان اعرف اين كنت وماذا تفعل.

لم يرد فقد عاد الخادم حاملاً كأساً ثانية مليئة بعصير الحامض المثلج والمحلى. دفع له واشعل سيكارة اخرى واحتسى جرعة من شرابه وعاد يحدق بكاسه. شعرت ديانا بالغضب يجتاحها تدريجياً. انه ما زال يرفض الخوض في اي حديث من هذا النوع، وستضطر الى طرح اسئلة اخرى وهي تعرف انه يكره ذلك. واخيرا قالت:-كنت انتظر جوابا منك على رسالتي وتسائلت مرات عديدة ما اذا كنت قد تسلمتها.

-نعم. تسلمتها.

-اذن، لماذا لم ترد علي؟

-هل تريديت حقا معرفة السبب؟

رفع كأسه وافرغها دفعة واحدة.

اجابت ديانا والغصة في حلقها:-نعم، ولا شك ان هناك سبباً وجيهاً جعلك تفضل الصمت كل هذه المدة.

كأن شيئا لم يتغير انه ما زال ذلك الرجل المجهول، الذي احبته او تخيلت انها احبته. والذي تزوجته والذي عاشت معه ايماً حلوة مليئة بالحب المتبادل.

اجاب وهو يقلد لهجة ديانا:-سبب وجيه، نعم، بكل تأكيد، من وجهة نظري انا، على الاقل. لم ارد على الرسالة، لأنني اكره ان اعرف انك ستسامحينني على غلطة ارتكبتها.

في كلمات قليلة ، اعاد الزمن الى الوراء كأنهما من جديد وجهاً لوجه في شقتها اللندنية. فقد تغير الاطار، لكن موقف جايسون ما زال هو اياه وكانت ردة ديانا نفسها ايضاً.

-غلطة لم ترتكبها؟

قالت ذلك بصوت عال وكررت العبارة مرات عديدة، فراح الجميع ينظرون اليها متسائلين ومتفاجئين. لكنها، خوفاً من ان يعتبر الموجودون ان شيئا ما حدث ويتقدمون للمساعدة، اقتربت منه وقالت بصوت منخفض:-انت وقح للغاية. لقد ذهبت الى باريس تلبية لدعوة امرأة. وكنت معها كل الوقت.

سقط في كرسيه وراح يحدق فيها بنظرات ثاقبة وساخرة.

-كيف عرفت انني كنت مدعواً الى باريس. لا اعتقد ان صديقتك العزيزة اونيس هي التي اخبرتك ذلك.

-اني...

خانتها الكلمات. كانت تعتقد انها قادرة ان تخبره عن الرسالة التي وجدتها في ملابسه، وكانت بتوقيع كارول، لكن، كانت تنقصها الشجاعه. اجابت بحدة ومن دون اقتناع: -هذا لا يهم. اعرف انك كذبت علي، وانك خدعتني واضعت ثقتي فيك.

اخذ يضحك من اعماقه وقال: -انت تجهلين كل شيء عن الثقة. كنت كلما جئتك متأخراً يوماً او يومين، تنهالين علي بالاسئلة، تريدين ان تعرفي اين كنت، وماذا فعلت، ومع اية امراة كنت...

-لم اسألك ابدا ذلك. وارجوك ان تخفض صوتك: فالجميع ينظرون الينا.

-اني لا اهتم لذلك.

اشعل سيكارة اخرى. سألته ديانا: -لم تكن تدخن عندما عرفتك. ما الذي جعلك تدخن الآن؟

-كي اجد الشجاعة لأقول كل ما جرى لوالدك.

-لااعتقد...

قاطعها بغضب وقال: -انها عادتك الا تصدقي ما اقول. اليس كذلك؟ لقد صدقت اونيس و وثقت بها، لكن، من اجلي، لا شيء من هذا. هي ، صديقتك الحميمة. اما انا فلم اكن سوى المسكين الذي اوقعته في حبالك كي يتزوجك...

-لم يحدث ذلك اطلاقاً!

اجابها بسخرية مرة: -لا؟

كانت عيناه المتعبتان تعكسان خيبة الأمل. نهضت ديانا فجأة وهمست قائلة: -لم اعد اتحمل ما يحصل.

وكالعمياء خرجت من المطعم، من دون الانتباه الى الناس الذين ترتطم بهم وهي سائرة. وفي باحة الفندق. تبعت مجموعة من السياح الاميركيين ودخلت معهم المصعد الكهربائي. وعندما راحت تقول لأحدهم ان يكبس الزر الخامس، لاحظت وجود جايسون معها في المصعد. كان ينظر اليها بعينيه الساحرتين.

توقف المصعد في الطابق الخامس وخرجت ديانا متجة نحو غرفتها وكان جايسون يتبعها. فاستدارت صوبه غاضبة وقالت: -لماذا لحقت بي؟

كان ضوء الممر خفيفاً، فبدا وجه جايسون نحاسياً وشعره كشعلة صفراء.

اجابها بهدوء: -انت ترغبين بالذهاب الى بوتو وانا وعدتك بأن آخذك لتزوري والدك في المستشفى هناك. لذلك اعتقد انه من حقي ان اتبعك حتى غرفتك حيث يمكننا الاستعداد للسفر غدا.





مشت ديانا نحو غرفتها، فتبعها بخطواته غير المكترثة. ولما وصلت امام بابا غرفتها، حاولت ادخال المفتاح في القفل لكنها لم تنجح. سحب جايسون يدها وقام مكانها بفتح الباب.

دخلت ديانا ورمت بحقيبة يدها على السرير والتفتت صوب جايسون. وشعرت بانفاسه تتقطع. كان قد اقفل الباب واسند ظهره عليه. كان شاحب الوجه، واغمض عينيه من الالم. اقتربت ديانامنه وانتشلت من يده مفتاح الغرفه وسألته: - جايسون، ما بك ؟

رفع حاجبيه وقال: -اني اشعر باعياء شديد، اين غرفة الحمام؟

-من هنا ، من هنا .

فتحت باب الحمام وانارت الغرفة. فاندفع جايسون الي هذه الغرفة الصغيرة وصفق الباب ورائه.

وجدت ديانا نفسها واقفة امام النافذة التي تطل على منظر رائع للمدينة. كانت بين الضحك والبكاء. لاشك وهي تتحمل عواقب المفاجأة، اولاً عند رؤية جايسون وثانياً عندما علمت بحادث والدها. وفجأة انقلبت الحياة رأساً على عقب. وهي لا تعرف كيف تعيد التوازن الى مكانه.

ولم تعرف ديانا كم من الوقت مضى وهي امام النافذة تحلم في اليقظة. ولم تعد الى الواقع الا عند سمعها صوت باب الحمام ينفتح. وببطء ابتعدت عن النافذة وعادت الى وسط الغرفة.

كان جايسون شاحب اللون، وشعره منفوش يحمل سترته على ذراعه، ورماها على المقعد القريب منه، وحلّ عقدة ربطة عنقه وخلع قميصه. فوجئت ديانا بتصرفه وشعرت بجفاف في حلقها. وسألته: -هل تشعر بتحسن؟

قال ويداه تشدان على زردة زناره: -ما هذا الاهتمام المفاجئ ... هل تذكرت اننا متزوجان؟

-هل انت بحاجة الى اي شئ ؟

- كلا شكراً. ستتحسن احوالي عندما انام.

جلس جايسون على السرير. وضع رأسه بين يديه وراح يصرخ من الالم. ثم انحنى ليفك ربطة حذائه ففهمت للحال ما ينوي فعله وقالت :-جايسون، لا يمكنك ان تمضي الليل هنا.

-لماذا؟ هل تنتظرين احداً؟

إحمر وجه ديانا وأجابت: -كلا. لكن ماذا سيفكر العاملون في الفندق اذا اكتشفو انك امضيت الليلة في غرفتي، من دون ان تسجل اسمك في سجل الفندق؟انا اعرف ان الموظف في مكتب الاستقبال رفض ان يدعك تصعد الى غرفتي.

سالها جايسون:-اهذا كل ما يهمك؟

فجأة راح يتثائب ويؤرجح قدميه الطويلتين على السرير. وكانت عيناه الزرقاوان الثقيلتان تتفرسان في وجه ديانا.

-في امكانك ان تقولي لهم الحقيقة: وصل زوجك بصورة مفاجئة. سيفهمون جيداً، لا تخافي وشوف يسرون ان يقبضوا منك اضعاف المبلغ. اما بالنسبة الي فأني سعيد ان انام. فالسرير واسع اكثر من اللزوم ويتسع لنا تماماً.

تنهد جايسون مطولاً، وادار ظهره ونام.

راحت ديانا تنظر اليه وفي داخلها تتصارع احاسيس مختلفة تتراوح بين الغضب والضحك. ما الذي حصل لها الآن. شئ عادي في هذا البلد المجنون. هنا تعتبر الحوادث الغريبة كانها طبيعية وعادية جداً. وقبل ساعة كانت ديانا تجهل تماماً وجود جايسون في الاكوادور، وهو الآن ينام في السرير نفسه الذي امضت فيه الليالي الست الفائتة وحدها.

ان شكل جسمه المألوف، وطريقة تساقط شعره على جبينه، والابتسامة على فمه وهو نائم، كل هذا ايقض في داخلها ذكريات كانت تعتبرها دفينه الى الأبد. اقتربت من السرير ومدت يدهل لتزيح عن جبينه خصلة شعره المتمرده. لكن سرعان ما لجمت رغبتها وعادت الى الوراء بقوة.

كلا، لن تستسلم بهذه الطريقة. عندما يكون جايسون نائماً، فأنه يبدو ناعماً لكن عليها ان تنسى انه مستمر في الدفاع عن نفسه ضد كل ضعف وذلك بعنفوان صامت وشرس. وليس هذا التعبير العاطفي الملئ بالحنان الذي يظهره في نومه سوى تعبير سطحي.

عليها اذن ان تكون اكثر واقعية. قامت بخلع حذائه وجواربه، وفكرت بان تخلع له سرواله الضيق لينام مرتاحاً.لكنها ادركت ان مثل هذه الحركة ستوقظه.

ولاحظت ان في ظهره آثار جروح تمتد من اسفل اضلاعه الى اعلى ظهره، كما لو ان الجلد انفلع شطرين ثم اعيد لأمه، وهي ما زالت حمراء.

لم تكن هذه الجروح هناك قبل سنة. هل اصابه حادث ما ؟ لاشك انه تألم وهي لم تعرف بذلك ولم تكن بجانبه لمساعدته والاعتناء به.

وفي تأوه اقتربت من الخزانة. وفي احد الادراج اخذت بطانية هندية الصنع، من الصوف الناعم، مزينه برسوم هندسية، و وضعتها على جسم جايسون. وكما لو انه شعر بحرارة ناعمة، تنهد بعد الشئ واستدار على جنبه. وتسألت ديانا،العمل هو الوسيله الوحدية للأبتعاد عن الذكريات. ودخلت غرفة الحمام ولاحظت ان جايسون مظف كل شئ بعد الحمام. راحت تغسل وجهها وتنظف اسنانها وتمشط شعرها. ثم عادت الى الغرفة.

كانت الرسالة التي بدأت تكتبها لعمتها جرترود، مازالت في المكتب الصغير. جلست ورائه وبسرعة اخبرت عمتها عن الحادث الذي تعرض له والدها واضافت تقول انها ستوافيها بتفصايل اخرى، فيما بعد. وضعت الرساله في مغلف والصقت عليه الطوابع.

لم يبق امام ديانا سوى الاخلاد الى النوم. فتوجهت نحو السرير، لكنها شعرت انها غير قادرة ان تنام قربه وبينهما امور كثيرة معلقة.



وما دام هناك بعض عدم ثقة بينهما وما دام هو مستمر في الكذب ومصرّ على عدم ادخالها الى عالمه الحميم، الي افكاره واحاسيسه.

احباب الروح
12-05-2007, 11:56
ابتعدت عن السرير قبل ان تغير رأيها. و وقع ظهرها على اريكة عريضة، فقررت ان تستلقي عليها لتنام هذه الليلة في انتظار ما قد يحدث غداً.

لكن هناك مشكلة الاغطية: فقد نام جايسون على غطاء السرير وفوقه البطانية الوحيدة الباقية. الحل الوحيد ان ترتدي مئزرها فوق قميص النوم وان تتدثر بمعطفها الصوفي الذي اشترته خصيصاً لترتديه في الليالي الباردة.

ادارت الاريكة نحو النافذة تاركة الستائر الثقيلة مفتوحه. اطفأت النور وتمددت على المقعد ولما وجدت نفسها غير قادرة على النوم راحت تحصي النجوم المتلألئة في الفضاء، في محاولة لالهاء نفسها عن التفكير بما حدث.

كل شئ هادئ وساكن. فقط صوت تنفس جايسون يعكّر الصمت داخل الغرفة. كم من مرة بقيت مستيقطة، تسمعه يتنفس وتشعر بحرارة جسمه الدافئة.

لكن سرعان ما تنبهت الى خطورة افكارها فازاحتها وحاولت تركيزها على والدها. قال جايسون ان جراحه ليست خطرة. كما ان الاطباء والممرضات بعتنون به داخل المستشفى. وهي عليها ان تثق بزوجها كما سبق و وثقت فيه عندما كانا يعيشان حياتهما الحميمة بعد الزواج وانطلقت افكراها واختلطت اضواء النجوم امام عينيها. وعادت بها الذاكرة الى الوراء، الى لقائها الاول بجايسون، اي منذ سنتين فقط.

lovely sky
12-05-2007, 13:15
ما شااء الله
مشكورة حبيبتي احباب الروح على المجهود الرااااائع جدااااااااااااا
نشكرك جدا حبيبتي
الله يعطيج الف الف عافيه ان شاء الله
ناطرين التكملة حبيبتي
::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

احباب الروح
12-05-2007, 17:18
الله يعافيـــج حبيبتــــي


والعفو :)

وان شاءالله باجـــر

بيكون عندكم الجزئين الثاني والثالث

:D


..

الحنونه
13-05-2007, 08:50
نــاااااااااطرين التكملــه


القصه رووووووعه رهيبه

والبطل احلى شي بالدنيــا ^^



بليييز كملو بسرعــه

احباب الروح
13-05-2007, 14:42
هلا حبيبتي الحنونة

منـــوره قلب :D


وانتي الروعه يا عسل

وهذي التكملة :D

..



2- مع الذكريــــات




تعرفت اليه في حفلة عشاء اقامها والد ديانا السيد كريستوفر فالي, على شرف شركائه و زبائنه. و كريستوفر يحب استقبال الناس و منذ وفاة زوجته اثر حادث اليم, كانت ديانا تقوم بدور ربة المنزل.
و كانت في السادسة من عمرها عندما توفيت والدتها.
و في مناسبات كهذه, و برغم خجلها, كانت الفتاة الشابة تحب أن ترتدي الثياب الأنيقة. كانت تدرس تصميم الأزياء في كلية الفنون الجميلة في لندن, و كانت قد صممت بنفسها فستاناً جديداً خصيصاً لحفلة العشاء. كان لونه عنبرياً بلون عينيها. تفصيلته تظهر خطوط جسمها النحيف و بياض بشرتها, فتبدو أكبر سناً مما هي عليه. كان شعرها ذو اللمعان الذهبي يتساقط حتى كتفيها, مع غرة على جبينها.
وضعت حول عنقها سلسلة ذهبية تحمل حلقة من حجر الجاد, و هو حجر كريم, لونه أخضر. و وضعت في اذنيها حلقاً من الحجر نفسه. و من دون ان تعرف كانت تبدو أكيدة من نفسها, متحفظة, مغرية, و لكن صعبة المنال.
عند وصولها إلى النادي حيث تقام حفلة العشاء, اختفت بضعة دقائق في غرفة الثياب المخصصة للنساء و ذلك للتأكد من أناقة ملابسها و تسريحة شعرها. كانت تأمل أن تلتقي صديقتها اونيس فينتون و شقيقها بول الذي يعمل عند والدها. لكن ديانا لم ترى اثراً لصديقتها ذات الشعر الأسود الناعم و الوجه البشوش. خرجت من غرفة الثياب و دخلت القاعة حيث تقام حفلة الأستقبال.
كان والدها يتحدث مع رجل طويل القامة في حوال الثلاثين من عمره. و كان شعره الأشقر يلمع تحت الأضواء الكهربائية, و تكاد كتفاه العريضتان ان تمزقا سترته السوداء. و كان وجهه اسمر و خداه مجوفين نحيلين.
ابتسم الرجل عندما اقتربت ديانا, فقال والدها:
“ابنتي الحبيبة اعرفك إلى جايسون كلارك. أنه يعمل في شركة نفطية و يوقم حالياً بابحاث على الساحل الشمالي - الشرقي في انكلترا.
كلارك هذه ابنتي ديانا”
وضع يده في يديها النحيلة و همس بصوته الجميل الفاتر:
“ديانا, الصيادةَ! اذا لم تخني الذاكرة”.
اجابته ديانا بسرعة:
” و جايسون المسافر الكبير”.
” حتى يجد ما يبحث عنه”.
” من أين أنت؟”
كانت ديانا ترتجف و عاجزة عن تحرير يدها من قبضة يده و من نظراته. فأجابها:
” لم اقصد ذلك. الظاهر انك لست من هذه البلاد. من اي بلد انت اذن؟”
“ترعرعت و درست في تكساس. هل انت راضية الآن؟”
في تلك اللحظة وصلت اونيس مع اخيها بول. كانا يعرفان جايسون من قبل, فانضما إلى الحديث. و خلا السهرة كانت ديانا تؤدي واجباتها كمضيفة, لكنها ظلت تعي وجود جايسون الذي لفت أنتباهها اكثر من سائر الضيوف.
بعد العشاء شعرت ديانا بيد توضع على ذراعاه. فالتفتت إلى الوراء و رأت جايسون قربها. فقال لها:
“ألست محظوظاً, هذه السهرة هي الأخيرة امضيها في العاصمة الانكليزية, لمدة يمكن ان تطول. هل من مكان يمكن ان نكون وحدنا فيه. اريد ان اقول لك شيئاً في السر”.
فوجئت ديانا و قالت بصوت منخفض:
“لا… أني لا أعرف أي مكان”.
فك ربطة عنقه و وضعها في جيبه ثم حل ياقة قميصه. و أمام عيني ديانا الممتلئتين هلعاً, راح يبتسم كأنه يسخر من نفسه. ثم قال:
” لم أتعود أن أكون متنكراَ هكذا”.
“و لماذا جئت أذاً؟”
“دعاني والدك إلى هذه السهرة. و لبيت الدعوة لأنه يعجبني. لنتوقف عن الكلام الفارغ. و تعالي نتمشى قليلاً”.
عرفت ديانا في الحال انها على وشك خسارة حريتها و استقلالها.
“دعني أخبر والدي بذلك…”
“سأتولى أنا الأمر. أذهبي و أبحثي عن معطفك”.
تنازلت عن فكرة المقاومة. و ذهبت تبحث عن معطفها المخملي الأسود. وضعته على كتفيها و خرجت مع جايسون يتمشيان, يدها بيده. إلى أين؟ كانت تجهل ذلك و لم يكن يهمها الأمر, فهي معه و هذا يكفي.
فجأة قطع جايسون حبل الصمت قائلاً:
“تأخرنا, و حان الوقت لأن اودعك. و لكن بعد ان اوصلك إلى البيت”.
اوقف جايسون سيارة تاكسي, التفت نحوها و سألها:
“هل منزلك بعيد؟”
و قبل ان يسمع الجواب, وضع يديه حول كتفيها. فرفعت رأسها هامسة:
“حوال ربع الساعة”.
عانقها طويلاً إلى أن وصل التاكسي إلى الشارع الذي تسكن فيه ديانا, فهمس:
“اريدك يا صيادتي الصغيرة, اريد ان اتزوجك. هل هذا ممكن؟”
و من دون وعي قالت:
“لكن لم نتعرف إلى بعضنا إلا منذ قليل. و انا اعرف القليل عنك. كما أني لا أحبك”.
قال ساخراً:
“هل هذا صحيح؟”
ابتعد عنها و أضاف:
“أريد ان اتزوجك يا ديانا. هل تقبلين ان تكوني زوجتي؟”
و من دون تردد اجابت:
“نعم”
و في الحال شعرت بفرح عميق يجتاحها و فهمت انها وقعت في غرامه.

“سنتزوج بعد ثلاثة اسابيع, اي خلال زيارتي المقبلة إلى لندن”.
“نعم لكن… انت غير جدي… سوف تنسى”.
“أتعتقدين ذلك؟ معرفتك بي خاطئة. عندما اريد شيئاً, أفعل المستحيل لأحصل عليه. سنتزوج اذن بعد ثلاثة اسابيع”.
فتح باب السيارة و نزل منها. ثم ساعدها على النزول. و على الرصيف كان يمسك بها و يتفحص وجهها المرفوع صوبه. ثم قبلها في جبينها و قال:
“إلى اللقاء القريب, يا ساحرتي الصغيرة. كوني جاهزة للوقت المحدد”.
انتظر حتى فتحت باب المدخل و قبل ان تدخل إلى البيت, تطلعت إلى الوراء. أشار اليها بتحية قصيرة و صعد إلى سيارة التاكسي. و ظلت ديانا واقفة حتى اختفت السيارة عن الأنظار.
في اليوم التالي, تناولت ديانا فطور الصباح مع والدها كالعادة.
سألها:
“أمل أن يكون جايسون كلارك قد تصرف معك التصرف اللائق”.
كانت ديانا تجهز لنفسها ساندويشاً من المربى. فلم ترد على سؤال والدها في الحال. و بعد ان انتهت من تحضير الساندويش, رفعت رأسها و راحت تتأمل وجه والدها, و قالت:
“يريد أن يتزوجني”.
رفع كريستوفر فارلي حاجبيه, و قال:
“يا الهي! لماذا؟”
و كعادتها, و خاصة بعد وفاة والدتها, كانت ديانا تتحدث عن مشاكلها مع والدها. و غالباً ما كان يقدم لها النصائح التي كانت تعمل لها باخلاص. لكن, هذه المرة بالذات, كانت تشعر برغبة في ان تحتفظ لنفسها بكل ما حدث معها تلك الليلة. قالت”
“أعتقد, أني أعجبه”.
“يبدو لي أنها طريقة مستعجلة للخوض في مغامرة الزواج. فهمت من طريقة حديثك أنك موافقة على عرضه”.
“نعم”.
“و متى ستتم حفلة الزواج؟ اعتقد انكما تنويان عقد زواج مدني, اليس كذلك؟ لأني لا اعتقد ان جايسون من نوع الرجال الذين يخضعون للطقوس الدينية”.
“قال اننا سنتزوج بعد ثلاثة اسابيع, بعد ان يعود من لندن. يا ابي, هل عندك شيئ ضد هذا الزواج؟ ارجوك ان تقول ما رأيك؟”
اجابها و هو يبتسم:
“رأيي لن يغير شيئاً, على ما أظن. و بما أنه سيقوم بالمعاملات القانونية لاتمام هذا الزواج, فلا خوف عليك اذن. لكن هذا لا يمنعني من التفكير بأنك ما زلت غير مستعدة للزواج يا عزيزتي”.
اجابت ديانا و هي مستعدة للدفاع عن نفسها:
“عمري واحد و عشرون عاماً”.
“لك أكن أفكر بعمرك, بل بنظرتك إلى الحياة. لقد عشت حياة سهلة, و كلارك مغامر خطير, و لم يكن دائماً في المجتمعات الفضلى. اعتقد انك لست في مستواه و من الصعب عليك ان تنسجمي معه. ربما بعد سنة أو سنتين…”.
“لا أعتقد أن في وسعنا أن ننتظر سنة… أو أكثر”.
و لاحظ والدها أحمرار خديها فقال:
” هكذا أذن؟ ما علي ألا أن أبارك زواجك. هل تريديني أن استعلم عنه؟ لقد قمت بأعمال للمؤسسة التي يعمل فيها حالياً. و اعتقد انهم لن يمانعوا بتزويدي بالمعلومات اللازمة عنه”.
“نعم, اريد منك ذلك, و ارجوك, يا ابي. ألا تكلم أحداً في هذا الموضوع… أعني ليس الأن ربما… من الممكن أن…”
توقفت عن الكلام, فلم تكن تريد ان تظهر مخاوفها, أو أن تبدو منها أية شكوك في حقيقة مشاعر جايسون نحوها.
” تخافين ألا يحقق جايسون ما وعدك به؟ يبدو أنك غير واثق منه تماماً. و هذه ليست نقطة انطلاق حسنة, يا ابنتي”.
“ليس هذا ما اعنيه. لكنني لا اريد أن يعتبرني الجميع انانية حمقاء اذا لم يتم هذا الزواج. انت تفهم قصدي, أليس كذلك؟”
طوى والدها جريدته, وضعها تحت ابطه و نهض. ثم قال لها و هو يداعب خدها:
“اعتقد انك على حق. انت تحرصين على كبريائك. لا تخافي سأحتفظ بالسر. و ما عليك إلا أن تطلعيني باستمرار على كل ما يتم معك”.
لم تعش ديانا من قبل ثلاثة اسابيع بطيئة مثل هذه الأسابيع.
ولى شهر نيسان “ابريل” و جاء شهر ايار “مايو”. كانت الشمس ساطعة و الهواء منعشاً. عبقت الحدائق بأزهار النرجس. براعم الكستناء بدأت تتفتح و بعضها يزهر أوراقاً صغيرة. العشب الذي يكسو ارض الحدائق يخضر و ينمو. و في معهد الفنون الجميلة حيث تتابع ديانا دروسها, أوشك الفصل على الأنتهاء. يبقى فصل واحد و تحصل ديانا على شهادتها و تتخرج.
براً بوعوده, حصل كريستوفر فارلي على بعض المعلومات حول شخصية جايسون: رجل أعزب, في الثانية و الثلاثين من عمره. درس في هيوستن و هو يعمل لدى الشركة نفسها منذ ان انهى دراسته الجامعية. كلها معلومات معروفة إلا واحدة تقول: جده والد أمه, يدعى وليم د. رامو و هو نائب رئيس الشركة نفسها.
قال لها كريستوفر:
“على الأقل, تعرفين الأن أنه لم يكن متزوجاً, كما أن رجل ذو مكانة”.
لكن الشيء الوحيد الذي كان يهمها هو ان جايسون اخبرها الحقيقة. و هي الأن تعد الأيام التي تمر. عشرون يوماً مضت حتى الأن. و في الغد سيكون هنا.
و في اليوم التالي جائت العمة. جرتورد فارلي لتمضية اسبوعين مع العائلة قبل سفرها إلى امريكا لزيارة بعض الأصدقاء. انها امرأة طويلة القامة, ذات وجه بارز التقاطيع, لا يزال يحافظ على بعض من جماله. كانت راقصة في شبابها. في العادة كانت ديانا تفرح عندما تزورها عمتها التي تعيش في كورنويل, في غرب انكلترا, حيث تملك بيتاً قرب البحر, كانت تزوره ديانا في عطلة الصيف عندما كانت صغيرة السن. لكن هذه المرة, شعرت بأنها عاجزة عن استيعاب حكايات عمتها و قصصها الطريفة. لقد استولى جايسون على تفكيرها كله.
مضت ثلاثة اسابيع و خمسة ايام, من دون ورود خبر واحد من جايسون. لقد كذب عليها. و هو لم يكن ينوى ان يتزوجها. لا بد انه وجد امرأة غيرها, مستعدة ان تمنحه ما يريده, دون ان يتزوجها.
قبل بومين من عيد الفصح, كانت ديانا تتناول فطور الصباح مع عمتها جرتورد عندما سمعت جرس الباب. انه جايسون يحمل ازهار النرجس و على شفتيه ابتسامة عريضو.
“صباح الخير”.
دخل من دون ان ينتظر منها ان تدعوه إلى الدخول. و ضع الورد بين ذراعيها و قبلها على وجنتيها و قال:
“أني أراهن انك كنت تعتقدين انني نسيتك؟”
كان يرتدي بذلة غير رسمية, كحلية اللون, فوق قميص زرقاء فاتحة. همست ديانا قائلة:
“نعم, تقريباً”.
عانقها من جديد بينما كانت العمة جرتورد تهمهم غير مصدقة ما يجري أمامها. ذلك ان ديانا لم تخبرها عن شيء. سالت العمة بلهجة متعالية و هي تنظر إلى ديانا:
“من أنت, أيها الرجل؟”
اجابها بلطف:
“جايسون كلارك, سيدتي”.
توجه صوب العمة, و مد يده ليصافحها قائلاً:
” أنت من تكونين؟”
“جرتورد فارلي, عمة ديانا”.
و راح جايسون ينتقل في نظره بين ديانا و عمتها و يقول:
“أني ألاحظ الشبه. و إذا ظلت ديانا تشبهك عندما تصبح في عمرك, فلن أكون نادماً على أني أتخذتها زوجة لي”.

احباب الروح
13-05-2007, 14:47
و صرخت جرتورد:
” زوجتك؟ هل تنويان الزواج فعلاً؟”
“نعم, بالطبع, و اليوم بالذات, الساعة الثانية بعد الظهر. أحتجت إلى بعض الوقت لأدبر الأمور. لم أكن أريد أن…”
التفت جايسون نحو ديانا و عيناه تبتسمان, و همس قائلاً:
“لم أجرؤ أن أراك قبل أن أكون رتبت كل شيء”
“اليوم, بعد الظهر؟ لكنني يا جايسون, لا أقدر…”
“بلى, بلى, الزواج سيكون بعد ظهر اليوم…”
و سألتها العمة:
“ديانا, لماذا لم تخبريني؟”
تدخل جايسون وقال:
“لأنها لم تكن متأكدة مني. لقد تأخرت خمسة أيام و لابد أنها فكرت أني لم أكن صادقاً”.
” هل والدك على علم يا ديانا؟”
“نعم, أخبرته, في اليوم نفسه, عندما عرض علي جايسون الزواج”.
” ومنذ متى يعرف أحدكما الأخر؟”
اجبا جايسون و هو يغمز ديانا:
“منذ سنوات, لكن التقينا فقط منذ أربعة أسابيع, أمل أن تحضري حفلة زواجنا, أيتها العمة جرتورد”.
“أني… أه…”
شعرت أنها عاجزة عن الكلام. لكن سرعان ما أستعادت شجاعتها لتقول بلهجة قاسية:
“أعتقد أنك مجنون حقاًُ لتقرر الزواج بهذه السرعة”
“هذا معقول جداً. عاجلاً أم أجلاص يصبح الأنسان مجنوناً بسبب الحب”.
“يجب أن تعلم أن ديانا ليست مستعدة للزواج. فهي ما زالت صغيرة و ساذجة. لا تعرف ما معنى الحب. و هي تحتاج إلى مزيد من التجارب”.
و فوجئت ديانا عندما رأت جايسون يهز رأسه قائلاً برصانة:
“أني أقدر مدى أهتمامك. لكن لا تخافي سأغازلها بعد الزواج”.
تفرست العمة جرتورد بشيء من المودة و قالت:
“اذن, سأحضر زواجكما بعد الظهر. هل ستقومان برحلة شهر العسل؟”
“لم أفكر في هذا الأمر, لأن الوقت لم يسمح”.
“لماذا لا تذهبان اذن إلى كورنويل. حيث يمكنكما أن تسكنا في منزلي خلال غيابي”.
“لكنو يا عمتي, جايسون…”
شعرت ديانا بذعر مفاجئ. فالتفت جايسون نحوها قائلاً:
“ألا تريدين أذن ان تتزوجيني؟”
رآت ديانا عيني جايسون الزرقاوين يلمعان بالرغبة, فهمست بعد أن استعادت وعيها:
“نعم”.
“أذن, كل ما عليك فعله, هو ان تضعي يدك بيدي, اليوم بعد الظهر, و نذهب معاً إلى مكتب الزواج و نعقد قراننا”.
كان شهر العسل حلماً تحقق بالنسبة إلى ديانا. كان الطقس جميلاً و دافئاً, مما اتاح لهما قضاء معظم الوقت خارج المنزل. راحا يتنزهان على طول الشاطء أو يتسلقان الشواطئ الصخرية حيث ينبت العشب الأخضر. كانا يركضان ثي يسقطان أرضاً, و هما يضحكنا و يلهثان فرحاً.
بعد أسبوع, تبين لديانا أنها تعرف جايسون أقل مما هو يعرف عنها. كانت هي دائماً التي تتكلم, و عندما كان يأتي دوره, كان يفضل العناق على الكلمات, و هي منغنسة في حبها, كانت تنسى ما سألته. و تبقى الأسئلة من دون جواب.
قالت له يوماً عندما كانا ممددين على العشب يأخذان حمام شمس:
“لابد أن لكأهلاً مقربين”.
أجابها بكسل:
“هل هذا ضروري؟”
“كل انسان له أب و أم و أخ…”
“نعم, كان لي أب أنكليزي ولد في منطقة لانكشاير. كما أن لي أبناء عمومة, هناك في الشمال”.
بقيت ديانا جاملدة لا تتحرك. واضعة يديها على ذقنها. كانت تحبس أنفاسها. فقد قرر أخيراً أن يحدثها عن عائلته. أستأنف جايسون الكلام و قال:
” توفي والدي في السهل الأكوادوري. كان عالماً في الفيزياء, متخصصاً في الأراضي. و كان ينقب عن البترول للشركة التي أعمل فيها الأن. و هناك تعرف إلى والدتي. كانت تقوم بزيارة للبلاد. و كان لوادلها مركز مهم في الشركة نفسها. أحبها والدي و تزوجا في كيتو و عاشا هناك فترة من الزمن. و أنا ولدت في الأكوادور. لهذا السبب, عندما سألتني من أي بلاد أنا, لم اعرف بماذا أجيب. كان والدي انكليزياً و أمي أميركية و أنا أكوادوري بالولادة”.
“كمبقيت في الأكوادور؟”
“إلى أن اصبح عمري ثمان سنوات. ثم قررت والدتي, التي كانت تشرف على تربيتي أن تدخلني المدرسة في هيوستن. و لذلك انتقلت وظيفة والدي إلى هيوستن. لكنه لم يكن قادراً على الثبان في مكان واحد. كلما سنحت له الفرصة كان يذهب للتنقيب في بلاد أخرى, و في أحدى المرات, عاد إلى الأكوادور ليشرف على الحفريات هناك, و قد قتل في حادث حريق اصاب أحد المناجم النفطية”.
“و كم كان عمرك حينئذ؟”
“12 سنة… و توفيت والدتي بعد سنتين بمرض السرطان”.
” ومن أهتم بك بعد ذلك, أجدادك؟”
“كلا, سكنت عند بيل, شقيق والدتي. و هو الأن نائب رئيس الشركة التي أعمل فيها. لك أكن سهلاً و خاصة عندما كنت في سن المراهقة. و عندما قررت أن أغادر المدرسة لكي ألتحق بالعمل في مؤسسة بترولية, تنفس خالي الصعداء.
اني أشبه والدي, لا أثبت في مكان واحد”.
وضعت ديانا رأسها على كتف جايسون, و شعرت بسعادة غامرة بقرب هذا الرجل المتشرد الذي قرر التخلي عن حريته ليزوجها.

قال جايسون بهدوء:
“يجب أن نعود غداً”.
“لماذا؟”
استدار نحوها, و قال:
“يجب أن أعود إلى عملي, في الشمال”ز
لم تتوقع ديانا أبداً ماذا سيحدث بعد نهاية شهر العسل. كانت تظن أنهما سيستقران في أحدى ضواحي لندن, كغيرهما من المتزوجين.
و لم تتوقع أبداً. أن تجد نفسها وحيدة بهذه السرعة.
“هل يمكنني مرافقتك؟”
اجابها بلهجة حازمة:
“كلا”.
“لماذا؟”
“لأن ذلك مستحيل”.
“لكن, ماذا علي أن أفعل؟”
“ما كنت تفعلينه قبل زواجنا. استمري في القيام بأعمالك الخاصة التي ليس لها علاقة بنا. أستأنفي الذهاب إلى الجامعة و احصلي على شهادتك.ثم أبحثي عن العمل الذي تحبينه و الذي حدثتني عنه مرة.
ان زواجك مني لا يمنعك من ان تفعلي ما تحبين…”
“لكن, يا جايسون, اريد أن أكون حيثما تكون أنت. أريد أن أكون في انتظارك كل مساء عندما تعود من العمل. و ليس فقط مرة كل ثلاث أسابيع”.
شعر جايسون بشيء ما في داخله انعكس في عينيه. راح يداعب وجنتي ديانا, ثم شعرها, بنعومة فائقة. و همس قائلاً:
“أنت انسانة لكن لا أستطيع ان اخذك معي إلى منطقة التنقيب عن النفط خصوصاً الذي أعمل فيه الأن, أنه في وسط البحر”.
“يمكنني أن أبقى على الساحل. أني أعرف فتاة متزوجة من عامل حفريات, و هما يسكنان في منزل في بيترهيد, القريب من عملك”.
“كلا, لن أبقى هناك مدة طويلة. فلا داعي لأن تتركي مدرستك من أجل هذا. عليك أن تبقي هنا في لندن و تعثري على شقة, و سأوافيك إلى هناك كلما سنحت لي الظروف”.
خاب أمل ديانا. البحث عن شقة ليس سهلاً. ثم أنها لا تعرف كيف تفرشها و هي التي تجهل تماماً أي نوع من الأثاث يحب.
“أه, يا جايسون, لا أريدك أن تذهب. ألا يمكنك الحصول على عمل في مكان ثابت؟”
نهض جايسون فجأة و دار لها ظهره و قال:
“ليس الأن. لأنني لست مستعداً لذلك. قد يحصل ذلك يوماً. و لكن ليس في هذه البلاد… لا تحاولي احتجازي, أيتها الصيادة, فلن تنجحي”.
صرخت ديانا في كآبة:
“لماذا تزوجتني أذن, اذا كنت لا تريد أن تبقى معي”.
ادار وجهه و حدق بها. ثم انحنى صوبها و شعرت به يلتصق بها و سمعته يهمس قائلاً:
“أنت تعرفين لماذا, على ما أعتقد. لم يكن بوسعي أن أفعل شيئاً أخر”.
كان صدى كلمات زوجها و لمسات يده على شعرها و رائحة جلده, كلها تتفاعل في داخلها. هي أيضاً لم يكن في وسعها أن تفعل شيئاً أخر.
و في اليوم التالي, عادا إلى لندن و أمضيا الليلة في منزل والدها. و في الصباح التالي, سافر جايسون إلى شمال انكلترا و بدأت ديانا تبحث عن شقة تستأجرها.
و بمساعدة صديقتها اونيس, استأجرت شقة صغيرة في الطابق الثاني من بناية قديمة تطل على نهر التايمس. و كانت ديانا مُدينة لصديقتها على هذه المساعدة برغم معرفتها ان اونيس و بول ازعجهما زواجها المفاجئ فلم يعلقا عليه و لم يهنئاها أيضاً.
كتبت ديانا رسالة إلى جايسون ابلغته فيها عنوان الشقة ثم راحت تهتم بشراء المفروشات اللازمة لفرشها. و خلال اسبوعين, كانت قد اشترت سريراً عريضاً و خزانتين, و طاولة و كرسيين و وسادات عدة وضعتها في قاعة الأستقبال.
و في أحد الأيام, كانت عائدة من الجامعة, دخلت إلى غرفة النوم ففوجئت بجايسون نائماً في السرير. استيقظ لدى سماعه خطواتها و صرختها. و تعانقا بحرارة. بقي جايسون مع ديانا ثمانية أيام, ثم سافر إلى الشمال عائداً إلى عمله. و خلال الأشهر التالية, كانا يفترقان للمدة اسبوعين أو ثلاثة, ليلتقيا أسبوعاً واحدً. و لما كان يذهب كانت ديانا تشعر بالملل, لكنها سرعان ما كانت تستأنف حياتها العادية, في الجامعة, لنيل الشهادة المطلوبة, و في العمل في مؤسسة صغيرة كرسامة تبتكر النماذج لأزياء الثياب النسائية. كل ذلك يساعدها على تحمل العيش وحدها حتى عودة جايسون.
و كلما كانا يلتقيان, يشعران بسعادة كبرى ولم يتشاجرا إلا نادراً جداً. و خلال أقامته في لندن, كانت ديانا تتعرف إلى جايسون أكثر فأكثر. كان يحب الموسيقى الرقيقة و يحب حضور الحفلات الموسيقية الكلاسيكية التي تقام في الصالات الكبرى في لندن. كان يحب الأستفادة من أمواله و يصرف من دون حساب, و يشتري الأثاث الثمين ليزين شقته, كما كان يغدق على ديانا الهدايا الفاخرة.
و عندما تكون ديانا وحيدة, كانت تمضي معظم وقتها مع صديقتها اونيس التي كانت تسكن في جوارها. و غالباً ما يكون شقيقها بول موجوداً معهما. لكن عندما يعود جايسون, تعدل ديانا عن رؤية احد. فقط تقوم بزيارة لوالدها بطلب من جايسون نفسه.

في أحد الأيام, بعد أن سافر جايسون, سألتها أونيس قائلة:
“ألا تسألين أبداً ماذا يفعل جايسون عندما يكون بعيداً عنكِ؟”
“يمضي الوقت في عمله”
“ليس هذا ما أريد أن أقوله. اقصد عندما لا يعمل, أي في وقت الفراغ. مثلاً في عطلة نهاية الأسبوع, عندما لا يكون قادراً المجيء إلى لندن. ماذا يفعل, يا ترى؟”
أجابتها ديانا بلهجة خفيفة:
“أنه ينتظر أن يراني بفارغ االصبر”.
عند عودته وجد جايسون زوجته ديانا متغيرة, تريد أمتلاكه.
قال لها:
” لا تكوني مثل النساء اللواتي يحببن أمتلاك ازواجهن, ايتها الصيادة, و ألا فلن أعود أليك في المرة المقبلة”.
و أمضت ديانا الأسابيع التالية و هي تتسائل ما أذا كان جايسون سينفذ ما هددها به. و لكي ترفع من معنوياتها دعتها اونيس إلى العشاء و قالت لها:
“زوجك يفعل كل ما يريد, أليس كذلك؟ أنه يتمتع بك كزوجة و لا يتحمل أي مسؤولية. و أنت تدعينه يفعل ما يريد من دون اعتراض!”
أجابتها ديانا:
“ليس بذلك المنظار نرى الأشياء و نحكم عليها. لماذا أنت و بول لا تحبانه؟”
” و ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك؟”
“موقفكما منه”
“ما دمت تريدين الحقيقة, أقول لك أنني لا أعتقد أنه الزوج المناسب. و من جهة ثانية, أن شقيقي بول انسان تعس و حزين, و ذلك بسببه هو”.
“لماذا؟ أني لا أفهم”.

احباب الروح
13-05-2007, 14:49
اجابتها أونيس محتدة:
“ألم تلاحظي أن بول وقع في غرامك منذ اللقاء الأول بينكما. و انه كان يأمل أن يتزوجك يوماً؟ هل تصورت لحظة واحدة ما كانت ردة فعله عندما قررت الزواج من هذا الرجل المغامر؟”
“ليس جايسون بانسان مغامر. لماذا تقولين ذلك عنه؟”
“لأن كل رجل مغامر, يجذب النساء؟”
اجابتها ديانا في توتر:
“لكنني زوجته, و المرأة الوحيدة التي يحبها”.
“كيف تكونين في مثل هذه السذاجة؟”
“أنت… تريدين أن تقولي أن جايسون… كيف تتجرأين ان تقولي هكذا عنه! أني أعرفه جيداً, فهو ليس كما تتوهمين”.
أجابتها أونيس
“يبدو أنك لا تعرفينه جيداً. أنت ما زلت متأثرة بسحره و لم تفكري يوماً أن تساليه لماذا يتأخر أحياناً ليعود إلى لندن…”
أجابتها ديانا في غضب شديد:
“اونيس, اذا كنت تريدين أن تبقي صديقة لي, فأرجوك الا تضيفي شيئاً . أني أثق في جايسون تمام الثقة و أني متأكدة من أنه الزوج الذي لا يخون زوجته”.
“في هذه الحال, واسفاه عليك”.
غيرت اونيس فجأة لهجتها و اقتربت من ديانا و اضافت في صوت ناعم:
“الا ترين أني أقول ما أقوله من أجل سعادتك؟ أنا اريد أن تكوني أنسانة سعيدة؟ لو أنك أطلعتني على نيتك الزواج منه, لكنت نبهتك و أخبرتك حقيقيته, أنه انسان من دون قلب و لا عاطفة, رجل وقح, “دون جوان” حقير…”.
و فجأة تهدج صوت أونيس. و وضعت رأسها بين يديها. و نظرت ديانا إليها و تذكرت ان اونيس التقت جايسون قبلها. ربما هي ايضاً وقعت في سحره, و ربما… لكنها رفضت أن تعتمد مسبقاص على العلاقات التي يمكن أن تكون حدثت بين أونيس و زوجها.
أجابتها ديانا ببرود:
“أشكرك لأنك تحذريني الأن, يا أونيس”.
شعرت ديانا بالدم يتجمد في عروقها. قررت أن تغير الحديث.
“متى ستذهبين إلى باريس؟ هذا لطف من مديرك أه قرر أن يعهد اليك بمهمة الرئيسة”.
رفعت اونيس رأسها و ابتسمت. ثم أخذت يد ديانا و شدت عليها و قالت:
“أنت أنسانة رائعة, يا ديانا. لكنك سريعة العطب. لا أريد أن أراك تتألمين. أني ذاهبة إلى باريس في الغد. و سأتصل بك حالما أعود.
بعد مضي أسبوع, عاد جايسون إلى لندن, كان من المنتظر أن يعود قبل ثلاثة أيام. و كان صامتاً و متعباً. و كالعادة, فرحت ديانا لدى رؤيته و لم تطرح عليه أي سؤال. كان يكفي أن يأخذها بين ذراعيه لتنسى كل الشكوك التي كانت أونيس تحرضها عليها.
و في الغد, رن جرس التليفون. فاستيقضت ديانا من نومها. لكن جايسون كان ينام بعمق فلم يسمعه. نهضت ديانا من سريرها و وضعت عليها مئزرها المطرز الذي قدمه اليها جايسون و خرجت من الغرفة لترد على الهاتف الموجود في البهو.
“صباح الخير, يا عزيزتي, أونيس تتكلم معك, لقد عدت من باريس البارحة. اتريدين أن تأتي بعد الظهر لزيارتي و تناول الشاي نعي؟ و سأخبرك عن سفري. و كذلك سيأتي بول بعد العمل”.
“لا يمكنني أن أزورك اليوم, يا أونيس. فقد عاد جايسون البارحة”.
“صحيح, هل أخبرك عن مغامرته الخاطفة في باريس؟”
” باريس ”
قطبت ديانا حاجبيها و القت نظرة على حقيبة جايسون و رات بطاقة كتب عليها: الخطوط الجوية الفرنسية.
و استطردت اونيس تقول:
“نعم, لقد رأيته في المطار, كانت ترافقه فتاة شابة جميلة و شقراء” كانت متعلقة بذراعه و قبلته قبل ان يودعها و يأخذ الطائرة”.
اجابتها ديانا و هي ترتجف:
“لا بد أنك أخطأت يا أونيس. ربما شاهدت رجلاً يشبهه”.
“اتعتقدين فعلاً أني مخطئة يا ديانا؟ أنت تعرفين أن لا أحد يمكن أن يشبه جايسون؟”.
اجابت ديانا و هي تحاول أن تمزح:
” تن لكل أنسنا على الأرض أخر يشبهه”.
“كلا, كلا, أن الرجل الذي شاهدته في مطار باريس هو جايسون بالذات: حسن المنظر, طويل القامة…تعالي معه اليوم بعد الظهر لزيارتي. و أنا سأقول له وجهاً لوجه أني رأيته. و سيسرني أن أرى ردة فعله”.
“أشكركو يا أونيس, أنا سأكلنه بدوري, إلى اللقاء”.
وضعت ديانا سماعة الهاتف بهدوء. ثم رأت جايسون واقفاص أمام باب غرفة النوم و منشفة الحمام حول خصره و شعره مشعث و عينها نصف مغمضتين. سألها:
“من كان يكلمك في الهاتف؟”
“أونيس, فهي تدعونا إلى تناول الشاي في منزلها اليوم بعد الظهر”.
أجابها بلهجة ساخرة:
“لا يمكنني أن أذهب, لم يبق لي هنا في لندن سوى ساعات قليلة, و ما زالت هناك أمور كثيرة أريد أن أطلعك عليها”.
قاطعته بحدة:
“لو لم تمض وقتاً لا بأس به في باريس, لكان عندك الوقت الكافي لتبقى معي وقت أطول, لماذا ذهبت إلى باريس؟”
لأشتري لك هذا المئزر المطرز و أجلب لك بعض العطورات الفرنسية. و لم يسمح لي الوقت أن أقدمها لك أمس”.
راح يفتش في حقيبته و يرمي ملابسه القذرة على الأرض.
فصرخت ديانا:
“أتنتظر مني أن أصدق ما تقول؟ لم تذهب إلى باريس ألا لشراة بعض الهدايا لي!”
نظر جايسون اليها في برود و قال لها من دون أي اضطراب:
“كانت هناك أيضاً بعض الاعمال التي كنت مضطراً أن أقوم بها”.
التقط علبة مليئة بالعطور و قال لها:
“خذي, هذه لك, هذا ما تحلم به كل امرأة”.
رات ديانا الهدية المغلفة بالورق الثمين و المزينة يالشرائط المذهبة و عليها اسم مشهور في عالم العطور. لابد أن تكون هذه الهدية كلفته الكثير من المال, كبقية الهدايا.
فالت له:
“لا أريدها, و من الأن فصاعداً لن تشتري سكوتي بالهدايا”.
رات وجهه يشحب و هو يعض على شفتيه من الغضب. رمى بالعلبة أرضاًَ كما لو أنها ممسحة قديمة. ثم اقترب منها و قال في هدوء:
“ماذا هناك, يا حبيبتي؟”
“أني… أني لا أصدق أنك تقول لي الحقيقة. أني اعتقد أنك ذهبت إلى باريس لرؤية… امرأة أخرى”.
أجابها و السخرية تملأ صوته:
“أما زلت غيورة؟”
وضع جايسون يده حول خصر ديانا راح يلامس خديها بفمه. احست ديانا بالأشمئزاز و ابتعدت عنه صارخة:
“لا تلمسني, فأنا لا أحتمل ذلك!”
أجابها بجفاف:
“هذا لم يكن يزعجك البارحة مساء. ماذا جرى حتى تبدلت؟”
القى نظرة على الهاتف و فجأة فهم كل شيء:
“لست في حاجة إلى أن تقولي لي ما حدث. أنها هذه المرأة…”
توقف قليلاً عن الكلام و تفرس في ديانا و عاد يقول:
“أخبرتك لماذا ذهبت إلى باريس. لماذا لا تصدقينني؟ ألا تثقين بي؟”
همست ديانا قائلة:
“كلا, يا جايسون, لم أعد اثق بك بعد الأن”.
ادار وجهه فجأة, و دخل الحمام و صفق الباب خلفه.
تكومت ديانا في الكنبة, حزينة حتى الموت. فهي لا تصدق ما حدث الأن. لقد كذب عليها جايسون و هو ينتظر منها أن تصدقه و الا تشك بكلامه.
ألقت نظرة على ارض الصالة, فوجدت الثياب القذرة. و كأنسان ألي راحت تلملمها. و اذا بورقة صغيرة تقع من احد جيوب القميص. التقطتها بغية رميها, و لكن لم تستطع أن تمنع نفسها من قراءة ما تحتويه:
“جايسون, أتوسل أليك أن تأتي إلى باريس. فأنا في حاجة إلى مساعدة. أني أمر في مأزق صعب. أذا كان لك قلب, فأرجوك أن تأتي إلى باريس بأسرع ما يمكن على العنوان الأتي ذكره أعلاه. كنت تقول لي أنك تأتي لزيارتي اذا طلبت منك ذلك. و كنت تقول: أينما كنت و في أي وقتز أذاً, حان الوقت لأن تساعدني. أنت الوحيد الذي يمكن أن يساعدني الأن. أرجوك أن تأتي. أقبلك, كارول”
رمت ديانا بالورقة التي راحت تتطاير قبل أن تسقط إلى الارضز و ألقت بالقمصان كما لو كانت مليئة بالجراثيم. لم يعد هناك أي شك: ذهب جايسون إلى باريس بناء على طلب أمرأة تدعى كارول.
ذهبت إلى المطبخ و راحت تحضر فطور الصباح. محاولة أن تنسى أحزانها, بانهماكها بعمل ما. مدت الطاولة و أعدت القهوة و البيض المسلوق.
دخل جايسون و جلس في كرسيه بدون ان ينطق بكلمة واحدة. ولاحظت ديانا أنه ما زال يجهل كيف يعقد ربطة عنقه كما يجب.
سيطرت الغيرة على مشاعر ديانا, و لم يكن في وسعها أن تتخيل مجرد التفكير بأن أمرأة كانت معه. فقالت:
“جايسون, أني مصرة على ان تخبرني كل الحقيقة. لماذا ذهبت إلى باريس؟”
“قلت لك الحقيقة. كنت أحل بعض المشاكل العائلية”.
“اذا كانت مشاكل عائلية, فلست أرى ما الذي يمنعك من أن تحدثني عنها. لا تنسى أني زوجتك”.
“أني أسف, لا يمكنني أن أحدثك عنها”.
“ولماذا؟”
“لأنك لن تفهمي ما ساقوله. أنك انسانة متزمتة تصدرين أحكاماًُ جائرة على الأخرين”.
قالت و هي على وشك البكاء:
“هل حقاً تفكر بي هكذا؟”
“أليس تصرفك هذا برهاناً قاطعاً؟”
كانت تريد أن تسأله من تكون تلك الفتاة التي تدعى كارول لكنها ادركت انها لو ارتكبت هذا الخطأ, فسيعرف أنها قرأت الرسالة و سيتهمها بالتجسس عليه.
“شاهدتك اونيس في مطار باريس. و قالت لي أنك كنت مع فتاة شقراء كانت تقبلك…”
“لقد عرفت أن اونيس وراء كل هذا “.
“أنها صديقتي, أني أعرفها من زمان و قبل أن اتعرف أليك بكثير”.
“صحيح, و لذلك تصدقين كل ما تقوله. و كل ما أقوله أنا, هو كذب”.
أنحنى امامها و قال بهدوء:
“اسمعيني يا حبيبتي, أن زواجنا يجب أن يقوم على الثقة المتبادلة, و الا, فليس علينا إلا أن نفترق حالاً. هل تريدين ان نفترق؟”
لم تعد تعرف ما تجيب. منذ أشهر مضت, كانت مكتفية بوجوده وحبه. أما الأن فأن هذه الأشياء لم تعد كافية بالنسبة أليه.
انهى جايسون طعامه و نهض. و نظرت ديانا إليه و رأته ينظر و يقول:
“الظاهر أن ليس لديك جواب. أما أنا, فليس في نيتي أن أفتش على برهان اثبت به براءتي. يمكنك أن تصدقي ما تريدينه!”
نهض و توجه نحو الغرفة و راح يوضب حقائبه.
سألته ديانا بصوت مرتجف:
“إلى أين أنت ذاهب؟”
“إلى هيوستن. دعتني الشركة لتبحث معي في نقلي إلى مكان أخر. كان في نيتي أن اصطحبك معي, لكن على ما اعتقد, تفضلين البقاء هنا, لتتناولي الشاي مع صديقتك أونيس و أخيها بول, هذا الخبيث!”
“بول ليس خبيثاً!”
“صحيح؟ ليس لدي الوقت و لا الرغبة في أن نناقش ذلك”.
قالت ديانا و هي تشعر أنه لن يغير تظرته اليها:
“جايسون, ليس في وسعك الذهاب هكذا”.
“أتعتقدين ذلك؟ و من الذي سيردعني عن الذهاب؟”
فتح الباب و حمل حقائبه و نظر اليها و قال:
“عمتك جرتورد كانت على حق. أنت لا تعرفين ما معنى الحب, حتى الأن, و على الأقل”.
“جايسون…أني…”
كانت على وشك الأعتذار, و أن تطلب منه أن يسامحها.
لكنه أقفل الباب بسرعة.
بقيت ديانا مذعورة و مضطربة. تريد أن تفتح الباب و تناديه.
لكنها لم تكن قادرة على ذلك.
و مثل أنسنا منوم مغناطيسياً, توجهت نحو غرفة النوم. و من النافذة رأته يشير إلى تاكسي. ثم يصعد في المقعد الخلفي و يختفي عن الأنظار.
أستدارت و وجدت خزانة الثياب مفتوحة و محتويات الجوارير فارغة. لقد أخذ جايسون كل أغراضه. و هذا يعني أنه لن يعود.
جلست ديانا أمام المرأة و عيناها ممتلئتان بالدموع. و اذا بها ترى العلبة التي جاء بها من باريس هدبة لها.
وضعت وجهها بين يديها و راحت تجهش بالبكار.
و شعرت بقلبها يتمزق!

The X Detective
13-05-2007, 15:11
شكراً لكم على مجهودكم المتواصل في كتابة هذه الروايات الجميلة ..

وسأتباعكم حتى النهاية ::جيد::

وبالتوفيق :)

lovely sky
13-05-2007, 15:43
والله مشكووووووووووووورة حبيبتي احباب الروح
الله يعيطج العافيه يا قمر
مشكووووووورة يا قلبي
مجهود رااااااائع جداااااااااااااااااا
مشكورة حبيبتي ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

احباب الروح
14-05-2007, 10:22
3- الدوامـــــة




" ديانا! "
كان صوت جايسون الذي استيقظ، قد ايقضها من تأملاتها واعادها الى الواقع، الى غرفتها في الفندق، الى البرد الذي يعم الغرفة والى حيرتها التي لاتنتهي.
سالها:
" ماذا تفعلين؟ "
وبالكاد كانت تميزه في العتمة. فجأة شعرت بالتوتر، وقالت:
" اني ... اني اعد النجوم"
" هذا عمل شاق لاينتهي، ان عدد النجوم لا نهائي".
فوجئت ديانا، لقد صدقها، اذ لم تكن هناك سخرية في صوته.
اضاف هامساً:
" البرد قارس! لماذا لا تخلدين الى النوم هنا في السرير؟ "
اجابته وهي تحاول التغلب على قشعريرة البرد التي تجتاح جسمها:
" انني مرتاحة حيث انا شكراً".
قال وهو يخنق ضحكة صغيرة:
" لاخطر عليك اذا كنت قربي. انا مرهق ولن اقوم بأي عمل فيه اجهاد".
كانت تعرف جيداً ماذا يعني. وفهمت ان جايسون لم يعد يرغب فيها. لم تعد تلك المرأة التي احبها التي كانت تعني له اشياء كثيرة.
لماذا عليها ان تعاني من هذا الوضع؟ فهي تعرف جيداً انه لم يعد يريدها، وقاست من العذاب ما يكفي بعد انا غادر لندن منذ خمسة عشر شهراً. الى هيوستن. كانت تنتظره آملة ان يعود. وبعد مضي شهر بكامله لم تسمع عنه شيئاً، فاقتنعت بأنه لن يعود.
ومرة سألت والدها اذا كان يعرف شيئاً عن جايسون وعن مكان وجوده. فقال والدها وهو يلقي اليها نظرة باردة:
" لماذا تطرحين هذا السؤال؟ "
" منذ اكثر من شهر لم اسمع عنه شيئاً. وبدأت اخشى ان يكون قد وقع له حادث ما. "
ثم انفجرت باكية وهي تقول:
" آه ، يا ابي، تشاجرنا في لقائنا الاخير، فغضب ورحل. والآن بدأت اعتقد باني ربما خسرته الى الابد! "
" اني افهم الآن. هناك وسيلة واحدة لمعرفة الحقيقة. ليس عليك الا ان تكتبي له رسالة، وابعثي بها الى عنوان شركته، التي ستوصلها اليه بالتأكيد. اني متأكد من انه يملك السبب الحقيقي لصمته."
عادت الى منزلها وبدأت تكتب الرسالة . وكانت تجد صعوبة كبرى في اختيار الكلمات. كأنها تكتب لرجل غريب. وبرغم كون العلاقة بينهما حميمية، اكتشفت ديانا انهما لم يعرف احدهما الآخر كفاية. فلم تستطع ان تكتب له الا عن الامور السطحية من دون ان تذكر شيئا عن العذاب الذي تعاني منه جراء رحيله.
الحياة تستمر والايام اصبحت اسابيع والاسابيع شهورا. وديانا لم تتسلم جوابا على رسالتها. لم تستطع ان تكتب اليه رسالة اخرى. كانت تخبر صديقتها اونيس بما تشعر به وهي في قبضة الانتظار. فراحت تحاول اقناعها ان زواجها من جايسون كان خطأ عليها ان تنساه وتبدأ حياة جديدة.
قالت اونيس:
" نال من هذا الزواج ما يريد. وعندما قلت له انك ترفضين وقاحته، انتهزها فرصة ليتخلى عنك. وهو كان ينتظر فرصة كهذه، لأنه لم يعد يرغب فيك. لو كنت مكانك. لطلبت الطلاق. في اي حال، لن يعود اليك ابداً".
لكن ديانا كانت تقاوم طويلا فكرة الطلاق. وفي احدى الليالي، بعد سهرة امضتها مع اونيس وبول، قام هذا الاخير بتوصيلها حتى باب منزلها. وهناك حاول ان يقبلها. لكنها صدته واذا به يصرخ بصوت غاضب:
" لم اعد قادراً على الانتظار اكثر من هذا. "
" اسفة يا بول. لاتظن انني اتجاهل صداقتك. لكن جايسون مازال زوجي، و..."
" اعرف ذلك جيداً. لكن حان الوقت لتتخذي موقفاُ من هذا الموضوع."
" هل تعني ان علي ان اطلقه".
" نعم. وهذا يجعلني اكثر من صديق لك. انه يتيح لي ان اتزوجك."
" لكن علي ان اتصل بجايسون قبل ذلك. لا يمكنني ان احصل على الطلاق من دون ان اكلمه، او اراه. انني لا اعرف اين هو."
" ليس من الضروري ان تريهاو تحدثيه. ما عليك الا تسليم القصية الى محام لامع، يمكنه ان يرتب الامور بسهولة."
" شكرا لنصيحتك هذه، وربما هذا ما سأفعله، سأستشير احد المحامين، وسأعلمك بالامر في حينه."
لكنها لم تستشر اي محام. لقد فضلت ان تطلب النصيحة من والدها، الذي سألها ببرود:
" ولماذا تريدين ان تتصلي بجايسون هذه المرة. في المرة الاخيرة، لم يحالفك الحظ."
اجابته قائله:
" بول يريد ان يتزوجني."
" وانت؟ اتريدين الزواج من بول؟"
" لااعرف، اني احترمه، انه لطيف جدا معي، لكني خائفة من ارتكاب غلطة اخرى."
سألها كريستوفر في حدة:
" هل تعتقدين ان زواجك من جايسون غلطة"
اجابته من دون تردد:
" كلا، آه، لا اعرف. لم نتزوج الا من وقت قصير ونادرا ما رأيته وبالكاد اعرفه! يا ابي ارجوك ان تقول لي: ماذا افعل؟"
" بصراحة يا عزيزتي، اعتقد انك في حاجة الى اجازة يجب ان تغادري شقتك، لتذهبي الى مكان مختلف تماما، حيث لا تعرفين احداً. اعتقد انه يمكنك ان تطلبي اجازة من عملك."
" نعم، لدي اسبوعان من اجازتي، لكنني كنت انوي ان امضيها في اليونان، مع اونيس."
قطب كريستوفر حاجبيه وتابع يقول بصوت هادئ:
" لا اعتقد ان سفرك مع اونيس الي اليونان هو الحل الجيد. فهي شقيقة بول وغالبا ما تراه، وستجدين صعوبة في اتخاذ قرار عادل، حسب رأيي، من الافضل ان تأتي معي الى اميركا الجنوبية بعد اسبوع من الآن. سأذهب اولاً الى فنزويلا، ثم الى الاكوادور وبعدها الي البيرو، اذا سمح لي الوقت بذلك. انها رحلة عمل واستجمام في الوقت نفسه. هل تعجبك فكرة مرافقتي، كما في الماضي؟"
قبلت ديانا عرص والدها واحست بارتياح. وها هي الان في كيتو، و والدها مصاب في قلب الادغال. وزوجها نائم في سريرها.
نهضت ديانا. احست بالبرد يخترقها. وشعرت بحاجة الى دخول السرير، و وضع غطاء فوق جسمها البارد.
كان جايسون نائما، وهو لن يشعر بها اذا اندست في السرير. الم يطئمنها انه لن يحاول ايذائها او حتى لمسها.
رفعت زاوية الغطاء وتمددت في الجهة الفارغة من السرير ورمت الغطاء فوقها واحست بالراحه والحرارة. مدت قدميها وتركت اطرافها تسترخي.
بعد ذلك بقليل تحرك الغطاء فجأة. قتحت ديانا عينيها. كان جايسون يتحرك في السرير واذا بذراع ثقيلة جامدة تقع على جسمها وتسمرها في السرير.
راح قلب ديانا يخفق مثل عصفور سجين. ولم تحاول القيام بأي حركة، لقد برحها النعاس، كانت خائفة ان يستيقظ زوجها.
وبالرغم منها، شعلت. تحركت يد جايسون الموضوعه فوقها، فلم تقم بأي حركة. واذا بجايسون يدور الى الجهة الثانية ويبتعد عنها. استعادت ديانا تنفسها وسمعته يهمس:
" حاولي ان تنامي بعض الشيء. غدا سيكون نهارا طويلا. وستكونين في حاجة لكل قواك."
صوت جايسون الناعس شد من عزيمتها. فاسترخت وسرعان ما لجأت الى النوم العميق.
عندما فتحت ديانا عينيها، كانت الشمس قد اشرقت، وكل ما حولها ساكن. وللحظة قصيرة، تسائلت ما ذا كان ما حدث امس مجرد حلم. استدارت، وكانت الجهة الثايه من السرير فارغة. جايسون كان قد غادر. فنهضت ونظرت الى الكرسي حيث وضع جايسون قميصه وسترته. فلم تر شيئاً.
ذهب دون ان يترك اية رسالة. نهضت من سريرها، ودخلت الحمام لتأخذ حماما سريعا، ثم ارتدت فستانا من القطن المعرق. وبينما كانت تسرح شعرها، رن جرس الهاتف.
وفي اضطراب، امسكت بالسماعة وسمعت صوت جايسون:
" واخيرا استيقظت ايتها الكسولة. ما رأيك في تناول فطور الصباح، لأشرح لك كيف نظمت سفرك الى يونو. فلم تسمح لنا الظروف ان نتكلم عن هذا الامر امس. "
سألته ديانا:
" اين انت؟ "
" في قاعة الاستقبال. انتظرك بعد ثلاث دقائق."
" بعد خمس دقائق."
كان يتمشى مثل اسد في قفص. ولاحظت ديانا ان النساء العابرات يتريثن لينظرن اليه. كان ممشوق القامة، اشقر، لوحته الشمس في هذه البلاد، حيث معظم الرجال سمر وشعرهم اسود.
قال لها من دون مقدمة:
" اتصلت بغاري فاوست. انه وكيل مدير الشركة. لقد ابلغني ان كريستوفر امضى ليلة جيدة في المستشفى. وهو موافق ان ترافقيني الى بونو."
سألته وهي تتوجه نحو غرفة الطعام:
" ماذا؟ هل كنت في حاجة لأستئذانه؟"
" لا، لكن الاشخاص الذين يقومون بالابحاث في حقول النفط، يفضلون ان يعرفوا مسبقاً مع من يتعاملون. انهم يخافون ان تقدم الشركات المنافسة على ارسال من يتجسس عليهم."
" شكرا. لم اكن افكر ان..."
فوقفت فجأة وجلست في الكرسي امام الطاولة.
" لم تفكري بماذا؟"
" انك قلق لهذا الحد لما حصل لأبي."
رمق جايسون ديانا في استغراب ثم هز رأسه وقال:
" ان لك رأياً غريبا في الناس عامة وفي انا بشكل خاص. لماذا تعتبرين ان الذي حصل لوالدك لا يهمني او يجعلني غير مبال ولا مكترث؟ اولاً انه انسان، كما اني اكن له كل محبة..."
توقف عن الكلام بعدما جاء الخادم ثن اضاف:
"ماذا تريدين ان تشربي؟ هل سبق وتذوقت الليمون الذي ينمو في هذه البلاد؟ يجب ان تجربيه. انه لذيذ الطعم وتجدينه فقط هنا في الاكوادور."
طلب جايسون كل ما يريد بلغة اسبانية صحيحة. وسألته ديانا بتعجب:
" لم اكن اعرف انك تتكلم الاسبانية؟"
" امضيت السنوات الثماني الاولى من عمري في هذه المدينة. لقد اخبرتك ذلك. ثم عشت في تكساس حيث اللغة الاسبانية هي بمثابة لغة ثانية. اتعرفين، ان الولد الذي يتعلم لغة اجنبية لا ينساها مدى الحياة. وعلى هذا الاساس عرضوا علي العمل هنا."
ثم اضاف فجأة:
" غيرت تسريحة شعرك."
وللمرة الاولى شعرت ديانا بالخجل امام زوجها. وفي حركة لا شعورية وضعت يدها على شعرها وقالت:
" قصيته حسب الموضه."

احباب الروح
14-05-2007, 10:25
" كنت افضله عندما كان طويلا."
وهنا شعرت ديانا كأنها ارتكبت جريمة لا تغتفر، لأنها قصت شعرها!
جاءت الترويقه المؤلفة من البيض المسلوق والقهوة ذات النكهة اللذيذة، وشرائح الخبز المحمص والزبدة. وراحت ديانا تأكل في شهية وهي تتذكر آخر فطور تناولته مع جايسون، منذ سنة تقريباً.
وفجأة تذكرت اليوم الذي سبق سفرها بمدة وجيزة، عندما سألت والدها عن جايسون، واين يمكن ان يكون. ولم تنتبه الا الآن انه لم يرد على سؤالها. ثم تذكرت سبب سؤالها عنه ولماذا ارادت ان تعرف مكان وجوده.
يجب ان تجد الوقت المناسب في الايام القليلة الباقية امامها لابداء رغبتها في الطلاق.
فجأة تقلصت معدتها ولم تعد قادرة على ابتلاع لقمة اخرى. اما جايسون، فكان يأكل بصمت ويشرب قهوته جرعة وراء جرعة ويدخن في هدوء سيكارا صغيرا.
قالت له ديانا:
" لم تكن تدخن."
" تغيرنا انا وانت في سنة واحدة. انت اصبح شعرك قصيرا، وانا صرت ادخن السيكار. على كل حال عندي اسباب لذلك. ففي الادغال، يساعد الدخان على ابعاد الذباب والبرغش. هل علي ان استأذنك قبل ان ادخن."
تشنجت اعصابها لكنها لم ترد، اذ قررت ان تحافظ على ضبط النفس بصورة تامة. واضاف جايسون يقول:
" اذا انتهيت من الاكل، من الافضل ان نذهب الان. وجدت مكانين في طائرة صغيرة ستغادر كيتو عند الضهيرة. هل هناك شيء تريدين القيام يه قبل مغادرتنا كيتو؟"
اجابت بتعجب بعد ان تذكرت:
" آه، لقد نست كلياً... كان من المفروض انا اتناول طعام الغداء اليوم مع ماريا سواريز سبق لوالدي ان دعا السينيور سواريز الى لندن، ونحن الان ضيوفها."
" اعرف، اما زلت تعملين عند الصديق باجي؟"
تعجبت ديانا ان جايسون ما زال يتذكر اسم معمل الالبسة الصغير الذي تعمل فيه، كانت تظن انه نسي كل شيء يتعلق بها.
" نعم ...اني ناجحة في عملي. والثياب التي اصممها تباع بكثرة."
ومن دون وعي، كانت تحاول اقناعه انها لم تمض تلك السنة في انتظاره، او في البكاء.
قال جايسون:
" لماذا جئت الى هنا مع والدك؟"
فكرت ديانا انها الطريقة االفضلى للتحدث عن الطلاق. لكنها لم تكن قادرة على الاقدام على هذه الخطوة. اجابة بتوتر:
" كنت انوي ان امضي عطلتي في مكان ما. فطلب مني والدي ان ارافقه. وكنت احب التعرف على اميركا الجنوبية. لست نادمة ابدا. انها منطقة رائعة."
سألها باسترخاء من دون ان يحول نظره عنها:
"هل تحبين كيتو؟"
اجابته مبتسمة:
" كثيراً. اعتدت على العلو الشاهق. اني اشعر باني في بلد ساحر."
" عندما تشاهدين الادغال، سترين انها اكثر سحراً. واذا بقيت هناك بعض الوقت، ستتغيرين كلياً."
ماذا يقصد بذلك، هل ان عمله في قلب الادغال جعله يتطور؟ ونظرت اليه ولاحظت التجوف تحت عينيه. فكان يبدو كأنه عاش تجربة قاسية جداً.
نهضت ديانا وقالت:
" يجب ان اعلم ماريا بالامر."
" هذا سهل جدا. سنمر عليها قبل ذهابنا الى المطار. اذهبي واحضري حقائبك، وغيري ثيابك، لان ثوبك هذا ليس لائقا بأمرأة ذاهبة الى قلب الادغال. وستضعين بقية اغراضك عند ماري."
" يبدو انك تعرفها جيدا."
" نعم، اني اعرفها جيدا. هيا لا تتأخري."
وفي السيارة كانت ديانا تتأمل وادي كيتو، والمنازل ذات السقوف المبنية من حجارة القرميد الاحمر، واالقباب المستديرة للأديرة والكنائس القديمة. فجأة قالت ديانا:
" سيكون من الصعب جدا ان تشرح لماريا اننا متزوجان، واننا..."
اجابها وهو يسرع في القيادة:
" واننا...ماذا؟"
" واننا مفترقان."
سألها في سخرية:
" وهل نحن مفترقان حقاُ؟"
" كيف تفسر اننا لم نعش مع بعضنا كما يجب قبل ذلك ايضاً. على كل حال، ماريا انسانة متفهمة. انا سبق واخبرت سانشو عن وضعنا، ولابد انه اخبر ماريا بذلك. سيتسائلان لماذا نتصرف بهذه الطريقة لكن، من ناحية اخرى، انهما شخصان متسامحان، ويقبلاننا كما نحن، من دون ان يطرحا اي سؤال. وهذا ما يعجبني فيهما."
وفهمت ديانا ان جايسون اراد ان يجعلها تلاحظ انها غير قادرة على ان تقبل الناس كما هم، من دون اسئلة.
وصلت السيارة بهما الى قلب المدينة. المارة يجتمعون على الارصفة: رجال اعمال انيقون، جنود بالبذلو الرسمية، تلاميذ واقفون في الصف، ربات المنازل يتأبطن السلال، هنود يرتدون معطف البونشو المختلف الالوانن والقبعات المحاكة من القص المحلي.
كان جايسون يقود السيارة في الشارع الرئيسي بعدما راح يعبر طرقات صغيرة مارا تحت رواق مزين بالفاكهة والازهار. ثم توقفت السيارة في الساحة الكبرى التابعة لمنزل عائلة سواريز، وهم منزل رائع من الطراز الاسباني.
سمعت ديانا صوت المياه و زقزقة العصافير المتجمعه حول المياه. ولاحظت كثافة المزروعات: اشجار الليمون في جوار الصبار، وكذلك شجر النخيل الذي يعكس ضلا مبعثرا على الارض المبلطة بالفسيفساء. وفي كل مكان من المنزل كانت ترى النباتات المتسلقة على الجدران البيضاء، المحملة زهوراً حمراء وصفراء.
قالت ديانا بسحر:
" انها من الاماكن المفضلة لدي."
اجابها جايسون:
" وانا ايضاً، احب هذا المنزل كثيراً."
انفتح الباب الخشبي القديم المنحوت. وظهرت ماريا سواريز، انها امرأة نشيطة، مرحة ومليئة بالدفء. راحت مسرعة نحو جايسون وقبلته قائلة:
"جايسون،صديقي، كيف حالك؟"
اجابها بالاسبانية وهو يشير نحو ديانا. عانقتها ماريا وقالت:
" آه، ديانا، اني اسفة جدا لما حصل لوالدك. ماذا تنوين فعله؟"
اجاب جايسون:
" اني اصطحب ديانا الى بونو حتى نرى والدها اليوم. وستقلع الطائرة عند الضهر."
قالت ماريا وهي تهز رأسها موافقة:
" حسناً. هكذا يجب ان تتم الامور. عندما يكون هناك مشاكل، فنحن كلنا في حاجة الى الذين نحبهم. تفضلوا وادخلوا الى المنزل. ما رأيكما بفنجان قهوة قبل رحيلكما."
سألها جايسون:
" هل يمكنك ان تؤدي لنا خدمة بسيطة يا ماريا؟"
اجابت ماريا:
" بكل سرور، ماذا تطلبون مني ان افعل؟"
" هل يمكن لديانا ان تضع عندك جزءاً من حقائبها، من اجل الا نضع ثقلا في الطائرة؟"
" طبعا، بوسعك ان تضع الحقائب في الغرفة التي سكنت فيها، يا صديقي. سنأخذ القهوة القهوة في قاعة الاستقبال. رامون هنا في المنزل واعتقد انه يحب ان يراكما."
كانت الغرفة التي سكن فيها جايسون تطل على الحدائق المزروعه بجميع انواع الفاكهة المحلية. وكان اثاثها فاخراً.
قالت ماريا وهي تساعد ديانا على اختيار الفساتين التي تنوي اخذها معها الى بونو.
" جايسون بقربك وسيساعدك لترتبي امورك وتحلي مشاكلك، كما يفعل الزوج الصالح."
تلعثمت ديانا وهي تقول:
" لابد انك استغربت اني... اني لم احدثك عنه."
"هذا لم يفاجأني! انني اعرف كيف يحتفظ الانكليز بمشاكلهم لانفسهم. لقد ادركت انك زوجة جايسون، لانك تحملين اسم عائلته."
" لم اكن اعرف انه موجود في الاكوادور. لم يقل لي ابي شيئاً بهذا الخصوص."
اجابتها ماريا وهي تبتسم:
" لكن والدك يحبك كثيراً، يا عزيزتي. وهو قلق عليك اكثر من اللزوم."
اجابتها ديانا:
" صحيح؟هل كنت تعرفين ان جايسون متزوج؟ هل اخبرك بذلك؟"
"نعم، كنت اعرف انه متزوج، لكن ليس جايسون الذي اخبرني بذلك. لم يكلمني عنك منذ ان عرفته، وحتى عندما سكن عندنا بعد الحادث الذي اصابه."
"حادث؟ اي حادث؟"
تذكرت ديانا فجأة آثار الحروق التي رأتها على جسم جايسون الليلة الفائتة.
اجابتها ماريا بتعجب:
" لم تسمعي بالحادث؟ الم يخبرك جايسون بالحادث الذي تعرض له؟ آه، اني لا ارى داعيا لهذا الكتمان. نحن شعب اميركا الاتينية، لا يمكننا ان نفهمكم ابدا، انتم الانكليز!"
سألتها ديانا بالحاح:
" ارجوك، اخبريني ماذا جرى له؟"
قالت لها ماريا وهي تدلها الى السرير المغطى بالحرير الثمين:
" تعالي واجلسي هنا لحظة."
" حدث ذلك بعد مجئه الى هنا باسبوعين تقريبا. لقد تهدم بئر من ابار النفط وبقي احد الرجال تحت الانقاض. حاول جايسون ان يرفع قضبان الحديد لينقذه، لكن احدى القطع الكبيرة سقطت عليه. واعتقد الجميع انه قتل. في كل حال، لو لم يكن يتمتع بقوة ومناعة، لما استطاع ان يقاوم الآلام التي عذبته بضعة شهور وكان قضى نحبه. لازم الفراش لمدة ستة اشهر. وخلال فترة النقاهة، كان يسكن هذه الغرفة، آه، ما كان يجب ان اخبرك. اراك شاحبة اللون. ارجو الا يغمى عليك؟"
" انا على ما يرام، اؤكد لك ذلك ذلك. اكملي. ارجوك. لماذا جاء يسكن هنا؟"
" كما تعرفين، سانشو زوجي، له مصالح في الشركة النفطية حيث يعمل جايسون. وسبق له ان تعرف الى والد جايسون وتذكر وفاته المؤسفه في بلادنا. عندما ذهب سانشو الى المستشفى لزيارة زوجك، خيل اليه ان شيئاً ما يدور في رأسه لم يعجبه. كان يائساً ومن الصعب ان يشفى تماما اذا بقيت معنوياته هابطة. وعندما اخبرني رامون بذلك، طلبت منه ان يقترح عليه الشكن عندنا. فقد كنت اهتم به كل الاهتمام. بمساعدة ابنة اخي روزا. تكلمنا عن اشياء كثيرة، لكنه لم يلمح الى وجودك بأي اشارة. ما الذي جعلكما حزينين هكذا، يا ديانا؟"
" لقد تشاجرنا."
" تشاجرتما؟ هه هه! سامحيني اذا ضحكت هكذا، لكن ماذا تعني المشاجرة؟ سانشو وانا غالباً ما نتشاجر، لكننا نتصالح دائماً، وبسرعة."
اجابت ديانا:
" لكن في مثل وضعنا، كانت الامور حساسة للغاية. ان كذب جايسون علي. لم يكن قد مضى على زواجنا اكثر من تسعة اشهر، عندما اكتشفت ان هناك امرأة اخرى..."
توقفت فجأة عن الكلام، بعدما ادركت انها ذهبت بعيداً في الاعتراف.
اجابتها ماري بصوت ناعم:
" انا افهمك، انت تتعذبين. وبسبب هذا العذاب اردت ان يتعذب هو بدوره. ثم هناك عنفوانك. يا للأسف، لان جايسون في حاجه الى دفئك والى نعومتك. اني آمل ان ينفتح قلك له من جديد، وان تحبيه من جديد. هيا بنا نتناول القهوة. ان رامون يصر على لقائك."
دخلا قاعة الاستقبال وكان رامون في انتضارهما. انه رجل نحيف، ذو شعر اسود وملامح ناعمة تقدم من ديانا، التي فوجئت، اذ راح يقبل يديها بشغف كبير ويقول بنبرة مسرحية:
" اني اسف جدا."
"لماذا؟"
اجابها وهو ينظر الى جايسون:
" لأني علمت الآن انك زوجة جايسون، هذا الانسان الرائع."
" لكن كنت تعرف اني امرأة متزوجة، لابد ولاحظت خاتمي."
" نعم، لكني اعتقدت انك ارملة. لم تخبرينا عن زوجك."
سمعت ديانا صوت جايسون يناديها من الغرفة المجاورة:
" ديانا، هل انت مستعدة؟"
اقترب جايسون من رامون وقال له مازحاً:
" لا تتعب نفسك، يا صغيري، السيدة ليست في سنك."
" لم اعد ولداً صغيراً اني رجل مثلك!"
" اتعتقد ذلك؟ يبدو لي انك ما زلت متعلقاً بثياب امك."
قالت ديانا لجايسون وهي في السيارة:
" ما كان يجب ان تسخر من رامون. كان يريد المزاح فقط".
" الم تنتبهي ان رجلاً من عمره من السهل ان يقع في شراك الغرام. انه يفتش عن المرأة المثالية. ومن الممكن جداً ان يتصور انك انت تلك المرأة. الا تعرفين انك تجذبين الرجال، خاصة بعدما نضجت بعض الشيء."
" انا لست آكلة الرجال!"
" في كل حال، انت تحبين ان يغازلك الرجال. انا، الذي اعتقدت انك امرأة رائعة، عندما تعرفت عليك، اصبت بخيبة الأمل."
كلامه هذا كان صدمة لديانا. فراحت تغرز اظافرها في كفيها. فهي تتعذب لما يقوله الآن.
غادرت السيارة المدينة ودخلت في طريق عريض تصل بهما الى المطار. ومن بعيد بدأت تظهر مرائب الطائرات. وفي الاعالي برزت الجبال الخضراء التي كانت ترى بوضوح تحت سماء زرقاء خالية من الغيوم.
شعرت ديانا بالألم يهدأ في داخلها. لماذا هي وحدها تتعذب؟ كل الكبت الذي تراكم خلال 15 شهراً. انبثق ثانية وانهمر عليها كالحمم التي يقذفها البركان عند ثورانه.
قالت ديانا غاضبة:
" لم تكن الوحيد الذي اصيب بخيبة امل. انا التي لم اكن سوى فتاة مسكينة عاطفية تتعلل بالاوهام، وقعت في غرام رجل اعتقدته صادقاً، كما تصورت انه يحبني كما احببته! واعتقد انك عندما تزوجتني، كنت مستعداً للتخلي عن حريتك. لكن لم تكن مؤهلا لذلك. فلم يكن في نيتك التخلي عن اي شيء لتصبح زوجاً كما يجب، ولم تتصرف معي كما لو كنت زوجتك. لم اكن بالنسبة اليك غير امرأة كبقية النساء، عبدتك، تلك التي تأتي لزيارتها في لندن، من وقت الى آخر ..."
اجابها بحدة:
" هذا غير صحيح."

احباب الروح
14-05-2007, 10:28
" اذن، لماذا ذهبت هكذا، بغتة؟ لماذا لم تكتب لي تقول اين انت؟ لم تكن تريدني؟ او لأنك كنت سعيداً للغاية لأني اعطيتك فرصة الانفصال عني!"
شعرت ديانا بانزعاج وسكتت وراحت تحدق بالطريق امامها من دون ان ترى شيئاً. كان قلبها يخفق بسرعة. واقتربت السيارة شيئاً فشيئاً من ابنية المطار. ثم دخلت الباحة المخصصة لوقوف السايرات و وقف في احدى المواقف قرب السيارات الاخرى. وبهدوء تام. اقفل جايسون محرك السيارة. و وقع الصمت المزعج بينهما.
القت ديانا نظرة جانبية الى جايسون. كانت يده ممسكة بمقود السيارة. فالتفت نحوها واصبحا وجهاً لوجه. كان وجهه قناعاً لا يمكن اختراقه.
قال اخيراً في نبرة ساخرة:
" اذن، هكذا تنظرين الى الامور. اني اعرف جيداً كم الذي ساعدك على تبني هذا الرأي. صديقتك العزيزة، اونيس فهي غيورة منك لدرجة انها تعمل كل جهدها لاتهامي امام عينيك..."
تلعثمت ديانا وراحت تدافع عن صديقتها:
"لم تقل...اعني، لم تكن ..."
لكنها اضافت بفضول:
" اونيس، تغار مني؟ ما تعني بذلك؟ لماذا تغار مني؟"
" لست انا الذي سوف اشرح لك ذلك. لكني احب ان تعرفي اشياء كثيرة. عندما ذهبت بغتة كما تقولين، جئت الي هيوستن. وهذا ما قلته لك. ومن هناك جئت تراً الى كيتو لأحل مكان وكيل المدير الذي يختص بالابحاث. واتصور انك لن تصدقي ما سوف اقوله الآن. كنت اريد ان اكتب اليك واطلب منك ان تأتي الى هنا. وكنت وجدت لنا منزلاً في المدينة، وهكذا نكون معاً كلما اعود من الادغال. لكن قبل ان اجد الوقت للكتابة، كان علي التوجه الى الاماكن حيث تجري الابحاث، وذلك من اجل تصفية احد المشاكل. وهناك، حدث شيء ما فمنعني من تحقيق هذا المشروع."
" الحادث، اعرف، اخبرتني ماريا اليوم."
وشعرت ديانا بالألم عندما تصورته جريحاً وهي عاجزة عن فعل اي شيء لمساعدته و الاهتمام به.
تابع جايسون كلامه كأنه لم يتوقف:
" ولما بدأت صحتي تتحسن وصرت قادراً على الوقوف، وصلت رسالتك. وبسبب التأخير في البريد، بقيت الرسالة في الطريق اكثر من ثلاثة اشهر."
توقف لحظة واخذ نفساً عميقاً ثم تابع:
" اتعرفين بماذا فكرت عندما قلت لي في رسالتك انك مستعدة لتسامحيني. بالنسبة الي هذا يعني انك فقدت الثقة بي، وانك ما زلت تعتبرينني دجالاً محتالاً. وبما انك تنظرين الى علاقتنا بهذا المنظار، فأنا لا اريده هذه العلاقة. ولهذا السبب رفضت الاجابة على رسالتك. وكنت آمل ان تنضجي ذات يوم، وتنظري الى الاشياء بعين مختلفة، او..."
توقف عن الكلام ثم ما لبث ان اضاف بصوت قاتم:
" او ان تطلبي الطلاق."
ان فكرة الطلاق التي حاولت ان تكبتها في اعماقها، طفت الي السطح وبدت بشعة. وغريزياً حاولت ديانا ان تبعد هذه الفكرة لأنها ادركت انها لا تريد الطلاق بالفعل.
قالت بصوت منخفض:
" اني آسفة للحادث الذي اصابك، والآلام التي عانيت منها. لو فقط اخبرني احد بالامر..."
اجابها بمرارة:
" ماذا كان حدث؟"
" كنت اخذت الطائرة والتحقت بك..."
"لتمسكي بيدي وتقولي انك سامحتني؟ لا شكراً."
ادارت ديانا وجهها حتى لا تدعه يرى الدموع التي بدأت تتساقط.
تابع جايسون:
" ارجو ان تفهمي ما كنت احاول قوله. لا اريد منك ان تسامحيني، لست في حاجة لأن احصل على الغفران. ليس عندي شيء آخذه على نفسي."
" لكنك رفضت ان تقول لي لماذا ذهبت الى باريس. انه شكل من اشكال الكذب، اليس كذلك؟"
وفي عنف، فتح باب السيارة وخرج منها. ثم انحنى قليلاً وقال لها من خلال النافذة:
" ما الجدوى من الكلام. ارجوك ان تخرجي من السيارة وان تسرعي، لأنه اذا بقينا هنا نتجادل، فلن نستطيع ادراك الطائرة التي لن تنتظرنا بالطبع. هيا اتبعيني."



..



للأمانــة الجزء الثاني منقول

بس الاول والثالث كتابتي

..


the X detective


حيــاك الله اخوي ..

تسعدنـــا متابعتــك

:D

منور


..



العفو قلبي لوفلي

:D


والله يعطيج العافيــه عمري


^_*

lovely sky
14-05-2007, 12:19
مجهوود رااائع جدا حبيبتي احباب الروح
مجهوود ممتااز جدا
مشكوووورة يا قمر
الله يعطيج العافيه يا رب ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lovely sky
14-05-2007, 16:51
الفصل الرابع :-

عالم جايسون



وعندما شاهدت ديانا الطائرة التي ستأخذها الى بونو , أدركت لماذا أصرّ جايسون الاّ تأخذ سوى حقيبة واحدة .
إنها طائرة صغيرة بمحركين , لا تنقل سوى ستة مسافرين .
طلب جايسون من ديانا ان تضع حزام الأمان .
ليس في الطائرة مضيفات , وكل مسافر مسؤول عن نفسه .
وبعد دقائق قليلة , أقلعت الطائرة وحلقت في مضيق عميق بين جبلين .
وبعيداً في نهاية المضيق , سيل صغير يتدفق مثل خيط رفيع فضي ضائع في وسط كتلة خضراء .
داخل الطائرة , تجلس قرب ديانا فتاة في العاشرة من عمرها , تبدو من أصلٍ هندي , وهناك رجل وإمرأة تحمل طفلاً , وجايسون يتحدث مع رجلٍ أبيض يبدو أنه على معرفة وثيقةٍ به .
يدأت الطائرة بالهبوط تدريجياً نحو عمق المضيق الذي راح يتسع شيئاً فشيئاً ,,
ثم أصبح السيل المائي نهراً .
لاحظ جايسون اهتمام ديانا بالمنظر الذي يحلقون فوقه ,
فقال لها شارحاً :
" إنه نهر تايو ,أحد روافد نهر الأمازون ,
قام والدي بأبحاثه على بعد قليلٍ من هنا , أكثر شمالاً ".
" هل عثرتم على البترول ؟".
شعرت بالغيظة عندما أدركت أنها المرة الأولى التي تدخل فيها الى عالم زوجها ,
هذا العالم الذي كان يبعدها عنه , عندما كانا يعيشان معاً في لندن .
أجابها جايسون :
" نعم , والآن نفتش عن البترول في الجنوب , ونأمل في إيجاد طبقة تكون امتداداً للتي اكتشفها والدي ".
" ألم تعثروا على شئ بعد ؟ ".
" بلى , لكننا ما زلنا في حاجة الى القيام باستكشاف وتحاليل كثيرة .
والدي عمل هنا لعدة سنوات ".
تسائلت ديانا في نفسها ان هناك ولا شك مسألة مهمة ,
لقد اخبرها ان في نيته البقاء هنا في الاكوادور ,
واذا بالطلئرة تنتفض وتدخل في جيوب هوائية .
راح الطفل يبكي والفتاة الصغيرة ترتجف خوفاً ,
أمسكتها ديانا بيدها تشد عليها , فابتسمت الفتاة ,

استدار الطيّار وتفوه ببعض الكلمات الهندية ونظر الى الركاب بعينين مطمئنتين ,
فارتاح هؤلاء الى ما سمعوه .

قال جايسون لديانا :
" قبطان الطائرة اسمه تييد تورنر , وهو في الوقت نفسه طبيب , لا يمكنك انتتصوري مدى اخلاصه وتفانيه تجاه الهنود , لقد انتشر بين القبائل وباء الحصبة الذي أدخله البيض معهم ,
ويقوم تييد وأصدقاؤه بإدخال اللقاحات الى الأدغال ويعالجون السكان بأنفسهم ,
وهذه طريقة جيدة لإقناع الهنود بأن البيض ليسوا كلهم رديئين ".
قالت ديانا وهي تنظر الى الغابة المليئة بالاشجار :
" من هنا يبدو الدخول الى الادغال صعباً ".
" كلا , إنها ليست كذلك , في الماضي كان الناس يتجمعون على
ضفاف النهر قبل ان يجلب الاسبان الامراض معهم .
ان اسلاف هذه الفتاة الجالسة الى جانبكِ عاشوا هنا عدة سنوات , وكانوا يحمون انفسهم ضد الغرباء باستعمالهم الاسهم الصغيرة المسمومة , وبعضهم ما زالوا يستعملونها الى اليوم ,
انهم الهنود الجيفارو , وميزتهم الاساسية هي التوصل الى جعل الرأس البشرية في حجم برتقالة ".
نظرت ديانا الى الفتاة وقالت :
" آه ..لا .. يا الهي !".
قال جايسون و هو يضحك :
"لا تخافي , ان معظم الهنود اليوم يلجأون الى التقاليد نفسها ,
فالرجال مثل تيد جعلوا بعضهم يألفوننا ,
ستهبط الطائرة بعد دقائق قليلة , ونحن وحدنا سنذهب الى بونو مع الباحث الجالس قبالتي ,
وتيد سيوصل العائلة الهندية الى بلدتها مع الادوية .
كان الطفل يشكو من مشاكل في الجهاز الهضمي , فأخذهم تيد الى كيتو ,
واجرى للطفل عملية جراحية , والظاهر ان الجراحة نجحت والولد في صحة جيدة ".
فوجئت ديانا باهتمام جايسون بأهل البلد , لكنها تجنبت إبداء أي ملاحظة حول هذا الموضوع .
حطت الطائرة في مدرج مطار صغير , كان الهواء ساخناً ورطباً , وملابس ديانا تلتصق بجسمها .
فجأة ظهرت في السماء طائرة هليكوبتر تشبه التنين الضخم , شئ غريب في هذا الديكور المتنوع ,
وما ان هبطت الطائرة الى الارض حتى خرج الرجال في بذلات عملهم وتوجهوا نحو المرآب .
صعد الجميع في شاحنة كانت في انتظارهم , فتبعهم جايسون وديانا .
تحركت الشاحنة متوجهة نحو مدينة بونو .
ولدى دخول الشاحنة قلب المدينة , اكتشفت ديانا ان بونو مدينة حقيقية , تشبه المدن الصغيرة , وابنيتها من الطراز الاسباني .

عندما كانت لا تزال في الطائرة كانت تتوقع ان ترى بعض الاكواخ المنثورة هنا وهناك في قلب الادغال .
كانت المنازل قديمة العهد من ايام الاستعمار .
جدرانها مطلية بالكلس الابيض وسقوفها مبنية من حجارة القرميد .
وأعلى بناء في هذه المدينة كنيسة فوقها برجان يطلان على بقية المنازل .
وهنا وهناك بعض ا لبيوت الحديثة العهد المؤلفة من طابق واحد .
قالت ديانا وهي تلتفت نحو جايسون :
" لم اكن اتصور ان بونو مدينة بهذا الاتساع ".
" هذه المدينة تتطور بسرعه بسبب الابحاث التي تجري لاكتشاف البترول ,
كذلك صناعة السكر من القصب السكري .
وعائلة ماريا تمتلك معامل عدة , ويمكنك ان تقراي اسم عائلتها قبل الزواج على عدد لابأس به من المباني , "هنا معامل غييارمو " و كذلك هناك السياح الذين ياتون دائماً .
البعض يقول ان بونو هي مدخل الادغال ".

دخلت الشاحنة ساحة ضيقة حيث تنتصب كنيسة صغيرة وفي الجهة المقابلة بناية من الخشب واجهتها مزينة بكلمات منقوشة بأحرف مصنوعه من النيون " الفندق الكبير " .

امر جايسون سائق الشاحنة بالتوقف امام الفندق .
وعندما دخل جايسون وديانا الى مدخل الفندق , كانت تنظر اليهما امرأة هندية عجوز , على رأسها قبعة عريضة من القش , قربها سلة مليئة بالبرتقال و الليمون الحامض .
راح جايسون يشرح لديانا وهو يتسلق سلماً قديماً من الخشب يصل الى شرفة كبيرة تطل على المدينة :
" في هذا الفندق انزل عادةً , هل انتِ جائعة ؟".

" قليلاً , اني اشعر بالظمأ ".

" سنضع حقيبتكِ في غرفتي , ثم نأخذ طعاماً خفيفاً ويعدها اوصلكِ الى المستشفى ".
كانت صاحبة الفندق امرأة بدينة , استقبلت جايسون بابتسامة عريضة و رحبت بديانا في كلمات لطيفة .
في غرفة جايسون سرير عريض ضخم , وخزانة وطاولة , نوافذ الغرفة تطل على الساحة الصغيرة , وهناك حمام متصل بالغرفة القديمة العهد , لكنها نظيفة , والحمام أيضاً .
دخلت ديانا وغسلت يديها و وجهها بسرعة ثم ارتدت فستاناً من القطن .

نزلا الى غرفة الطعام و راحا يحتسيان عصير البندورة ويأكلان وجبة مؤلفة من الدجاج المطهو مع البصل و البندورة و الفليفلة الخضراء , تقدم مع الأرز .

بعد هذه الوجبة الدسمة , شعرت ديانا بارتياح وفرحت عندما اقترح عليها جايسون الذهاب الى المستشفى مشياً على الأقدام .

" المستشفى ليست بعيدة من هنا , ويمكنكِ ان تعودي الى الفندق من دون صعوبة ,
أما أنا فليس في وسعي أن أبقى معكِ , هناك مشكلة في إحدى الآبار الجديدة و اني مضطر ان اذهب الى هناك في الحال , أي بعد ايصالك الى المستشفى ".
سألته وهي تحاول جاهدة ان تتصرف باسترخاء ومن دون ان تجعله يلاحظ الخوف من ان تجد نفسها متروكة وحيدة في هذا المكان المجهول :

" هل ستعود في المساء ؟".

" لست متأكداً , لا تنتظريني ".

حين خرجا من الفندق بدأ المطر يتساقط , أمسك جايسون بذراع ديانا وأسرعا نحو المستشفى ,
وهو بناء مؤلف من طابقين , وما ان وصلا الى باب المستشفى الزجاجي حتى راح المطر ينهمر بعنف يشبه العاصفة .
لم تر ديانا المطر ينهمربهذه القوة كما تراه الآن . كأنما خيوطاً طويلة رمادية تصل السماء بالأرض ,
وتبدو الأبنية كأنها تقترب من بعضها البعض .

الشارع أصبح مستنقعاً كبيراً من الوحل و الماء .
استقبلت ديانا إمرأة شابة ترتدي بذلة بيضاء و تتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة :
" السينيور فارلي سيكون سعيداً لرؤيتكِ , لكنه متعب وما زال تحت تأثير الصدمة , فالضربة التي أصابته في رأسه كانت عنيفة للغاية ".
سألتها ديانا :
" اتعتقدين انه سيتمكن من العودة الى كيتو قريباً ؟".
" لا يمكنني ان اعطيكِ جواباً على سؤالك , عليكِ أن تسألي الدكتور ويلبي الذي سيحضر في الغد .
إن غرفة والدكِ في الطابق الثاني , الغرفة الثالثة يساراً في نهاية الممشى ".
أجابتها ديانا وهي تبتعد :
" شكراً جزيلاً ".

ربت جايسون على كتفها وهمس قائلاً :
" ليس لديّ الوقت لأرافقكِ , علىّ أن أعود الى المطار لأستقل الطائرة المقبلة ".
في هذه اللحظة بالذات لم يكن أمام ديانا سوى رغبة واحدة فقط ....
أن تضع رأسها على صدر زوجها وتحيط خصره بذراعيها ,
رفعت راسها وقالت بتوسل :
" جايسون , لا تذهب , ارجوك ان تبقى معي ".

lovely sky
14-05-2007, 17:00
تردد قليلاً وتقلّصت عضلات وجنتيه , لكنه سرعان ما استرخى و نظر الى الخارج حيث المطر ما يزال ينهمر ,
ثم قال لها في حزم :

" لا أتسطيع ".

" إذن أرجوك أن تعود الليلة ".
" لا يمكنني أن اعدكِ بشئ , هناك احتمال لأن اضطر الى التغيّب أياماً عدة ".
أجابته بلهجة يائسة :
" ربما غادرتُ البلاد قبل ان تعود ؟
قد يشفى أبي بسرعه ونعود الى كيتو , فماذا ستفعل ؟".
استدار عنها وتوجه نحو الباب ,
شعرت ديانا بالذعر لمجرد التفكير بانه يتركها من دون ان تعرف متى سيعود,,,
تماماً كما حدث منذ سنة ,
وأمام الباب توقف جايسون والتفت نحوها وراح يتأملها ,
كأنه يريد ان يرسخها في ذهنه , تشجعت ديانا واقتربت منه ووضعت يدها على ذراعه و همست :

" اتوسل اليك جايسون "

أجابها بمرارة :
" لماذا تتوسلين الىّ ؟
هل تريدي أن أعدكِ بشئ يرضيكِ حى تعاتبين اذا لم أستطع ان ابرّ بوعدي ؟
.. لا .. أبداً ,, هل تفهمينني ؟

اذا لم تكوني هنا عندما أعود الى بونو , سوف أعرف ان كل شئ انتهى بيننا ,
ولن احاول البحث عنكِ , هل انا واضح ؟
سلامي الى كرستوفر ,
وقولي له من جانبي انني اتمنى له الشفاء العاجل ".

خرج جايسون بسرعة , وشاهدته ديانا يبتعد تحت المطر القوي , ثم إختفى ,
صعدت الى الطابق الثاني وتوجهت نحو الممشى الذي يقودها الى غرفة والدها .
كانت غرفة صغيرة ونظيفة , وكان الهواء داخلها منعشاً بسبب المكيّف المعلق في سقفها .
استقبلتها ممرضة تسهر على عناية كريستوفر فارلي وقالت وهي تبتسم :
"هذه ابنتك يا سيد فارلي ".
ثم ابتعدت وقالت قبل ان تخرج من الغرفة :
" ما زال تحت تأثير الصدمة , أرجوكِ أن تبقي معه طويلاً وحاولي ألاّ تدعيه يتكلم كثيراً ".

كان وجه كريستوفر شاحباً وعيناه تعكسان قسوة المحنة التي اصابته .

كانت يده اليسرى مثبتة في الجص ورأسه ملفوفاً بضمادة لإخفاء جرح ما من دون شك ,

حاول الابتسام ومدّ يده نحو ديانا ,
ابتسمت له بدورها برغم الدموع المنهمرة على خديها وقالت له مازجةً :
" تبدو في أحسن حال ".
" كان حظي يفلق الصخر , لقد مات قبطان الطائرة , ولو لم يكن جايسون موجوداص هناك , لكنتُ في عداد الموتى ".
شعرت ديانا وكأن ركبتيها تخوران وقالت :
" آآه .. ماذا فعل لك ؟".
" كان على أرض المطار يراقب عملية الهبوط وما إن تحطمت الطائرة حتى هرع ونجح في إخراجنا من داخلها انا ورجل آخر قبل أن تنفجر الطائرة ".
أغمض كريستوفر عينيه من دون أن يترك يدها , وكانت الدموع تساقط بغزارة على وجه ديانا , وراحت تعض على شفتيها بقوة , فقد عرفت أخيراً لماذا كان جايسون متعباً للغاية في الليلة الفائتة .
وادركت الآن مدى شجاعته وشهامته واندفاعه .

قال لها والدها و هو يراقبها من زاوية عينيه بنظرة ساخرة :
" أظن أنكِ فوجئتِ عند رؤيته ".

" نعم كثيراً ! كنت تعرف أنه موجود في الإكوادور , أليس كذلك ؟".
" نعم , عندما لم تتلقي جواباً على رسالتك , رحت ابحث لمعرفة مكان وجوده ".

" ولماذا لم تقل لي شيئاً بهذا الخصوص ؟".
" لعدة أسباب , أهمها أنني أكره التدخل في شؤون الآخرين .
كنت على علم بالمشاجرة التي حصلت بينكِ و بينه قبل مغادرته البيت ".
" كيف ؟ من أخبرك؟".
" جايسون زارني قبل ان يتوجه الى المطار في اليوم نفسه , كان مضطرباً وأخبرني ما حدث .
ولهذا السبب لم أقل لكِ أين هو .
كنت اعتقد أن عليكِ ان تتعذبي بعض الشئ , وتدفعي ثمن عدم ثقتكِ به .
أتعرفين يا حبيبتي , إني اعتقد انكِ كنتِ على خطأ عندما فضلّتِ تصديق أونيس بدلاً من زوجكِ ".

ليس ذلك فقط , كان هناك سبب آخر ..... قل لي يا ابي , هل كنبت الى جايسون تخبره بوصولنا الى هنا ؟".
" كلا . كنت أفضّل مفاجئته , لكنني لم اكن انتظر منه تلك الصلابة ,
كان علىّ ان استعمل كل ما لديّ من لطفٍ لإقناعه باللحاق بكِ الى كيتو ليطلعكِ على الحادث .
كنت ارى انها فرصة حسنة لكما لتلتقيا من اجل وضع النقاط على الحروف , هل تحدثتما في الموضوع ؟".
اجابته وهي تهز رأسها :
" تقريباً . في كل حال اعرف الآن لماذا لم يردعلى رسالتي .
لكن لا تتصور ابداً انه غيّر رأيه تجاهي , مرّة ثانية ذهب , لا شئ تغير كما في الماضي ,
أنني بالنسبة اليه اقل اهميه من ابحاثه النفطية ".
" هل سيعود ؟".
" نعم , لكنه لم يقل لي متى ".
" واين تسكنين الآن ؟".
" في الفندق الكبير و سط الساحة ".
" انه ليس المكان المناسب لامرأة وحيدة , عليكِ أن تنتبهي جيداً , الرجال الذين يأتون الى المدينة بعد غياب طويل في العمل داخل الادغال , لا يتصرفون دائماً في لباقة ".
لا تخف علىّ , فسأكون حذرة ".
لاحظت ديانا والدها بدأ يتعب , فنهضت وأضافت :
" سأعود غداً لأراك في الصباح حتى أكلّم الطبيب , ربما سمح لك بالعودة الى كيتو ".
تنهد كريستوفر وقال :
"أشك في ذلك . ما زال رأسي يؤلمني وكذلك ضلوعي , ارجوكِ يا ديانا لا ترهقي نفسكِ كثيراً في هذا الحرّ وإلا تعرضتِ للمرض ".
في الخارج كان المطر قد توقف عن الهطول , وسحابة من الذباب تحلّق في جميع الاتجاهات ,
اسرعت ديانا في خطواتها وتنفست بارتياح عندما دخلت الفندق ,
قالت لها صاحبة الفندق عندما راتها تدخل :
" اتريدي ن فنجاناً من الشاي ؟".
" شاي ؟ بكل تأكيد ".!
وبعد دقائق قليلة احضرت ابريقاً من الشاي المغلي الى قاعة الاستقبال و سألت ديانا قائلةً :
" هل سيعود زوجك قريباً ؟".
" ربما بعد بضعة أيّام ".
" انه رجل طيب ولطيف . هل تشتاقين اليه عندما لا يكون في المنزل ؟".
"........... نعم , أشتاق اليه ............"

" ان معظم الرجال الذين يعملون في المؤسسة النفطية غير متزوجين ,
بعضهم كانوا متزوجين لكنهم طلّقوا زوجاتهم , لم اكن اعرف ان السينيور كلارك متزوج .

لكن كان علىّ التكهن بذلك , فقد قال لي يوماً انه ينوي شراء منزلٍ في كيتو ليستقر فيه . ولكي يريد منزلاً فانه حتماً يحتاج الى زوجه , اليس كذلك ؟".

لم تكن ديانا تعرف ما تقوله , فاكتفت بهز راسها موافقة , لكن كلام صاحبة الفندق جعلها مضطربة طيلة السهرة , هكذا إذاً , فقد كان جايسون ينوي شراء منزل , ربما اشتراه , من يدري ؟

وما ان عادت الى غرفتها حتى تمددت على السرير , كانت حرارة الطقس ترهقها , فلم تقو على خلع ثيابها , راحت تصغي الى الضجيج الآتي من الخارج والى انغام عذبة منطلقة من قيثارة يعزف عليها رجل ,
بقيت ديانا ممدة على السرير فترة طويلة والعرق يتصبب منها باستمرار .
آه كم اتمنى لو ان جايسون يعود هذه الليلة .

لو لم يكن مضطراً للذهاب الى الادغال بعد ظهر هذا اليوم ,
لو بقي معها , لكان معها الآن , يحدثها عن مشاريعه , ويتجاذب معها اطراف الحديث ,
ربما كانا توصلا الى تفاهم وعادا الى حبهما من جديد .

لقد اصطحبها والدها الى الاكوادور لترى جايسون من جديد وتتناقش معه في كل ما حدث بينهما ,,
فهل ما تم حى الآن سواء في الفندق او على الطريق للمطار , يوضح الامور ؟؟

على الاقل نجحا في ان يقيما نوعاً من الاتصال .
لقد كانا صديقين وتمكنا من التعبير عمّا يختلج في اعماقهما .

لماذا ,آه لماذا بعثت بتلك الرسالة التافهه ؟

لماذا لم تنتظر منه ان يكتب اليها اولاً , كما كان ينوي قبل ان يقع له ذلك الحادث ؟.

ربما كان كتب اليها في فترة نقاهته ليطلعها على الحادث , فتستقل اول طائرة لتأتي وتلتحق به .
لكن بدل ذلك , تسلم رسالتها وأبت عليه كبريلؤه ان يرد ,
وبدلاً من ان تكون هي زوجته التي تعتني به خلال مرضه , كانت ماريا سواريز وابنة اخيها روزا تقومان بالدور الذي كان عليهما ان تقوم به .

لقد قال لها " كنت مخلصاً على طريقتي الخاصة ".
من الآن وصاعداً بدأت تصدقه , لو قال لها هذا الكلام قبل سنة , لكانت الاشياء مختلفة .

لكن هل كانت مستعدة لان تصدقه في تلك الفترة ؟

هي الآن نادمة لانها سمعت كلام اونيس .
ولكن كيف كان بامكانها ان تتكهن بان صديقتها تغار منها و لذلك كانت تتصرف في حقد .

ولماذا كانت اونيس غيورة ؟ ابسبب بول ؟
لقد قال لها جايسون انه يعرف لماذا تغار اونيس , وليس من المفروض ان تعرف السبب منه ..
ماذا كان يقصد بذلك ؟

لو كان موجوداً معها الآن لكانت طرحت عليه هذا السؤال بالذات .
لكانت سالته أيضاً عن رسالة كارول , ولماذا سافر الى باريس لرؤيتها ؟

انها مستعدة لقبول جوابه , أياً كان , من دون طرح أي سؤال .
لكن جايسون ليس هنا الآن , لقد رحل مرة اخرى , وماذا لو تركت بونو قبل عودته ؟
لقد افهمها بوضوح ان كل شئ سينتهي بينهما , انه لم يعد يريدها ,
لقد اعتاد ان يعيش من دونها , او ربما التقى امراة اخرى ؟

لابد ان ذلك صحيح , لقد تعرّف الى امراة ومن اجلها يحاول شراء منزل في كيتو ,
امراة يتزوجها بعدما يتم الطلاق منها .

اليس هو اول من ذكر كلمة الطلاق ؟

lovely sky
14-05-2007, 17:06
لقد تأكدت الآن بعدما رأت جايسون من جديد ,
وبعدما امضت برفقته بضعة ساعات , انها تحبه حباً كبيراً , وانها ملكه جسداً وروحاً ,
وإذا حدث ما يجعلها عاجزة عن ان تكون زوجته من جديد , فان الحياة لن يعود لها بالنسبة اليها اي معنى .

استيقظت ديانا وهي تشعر بجفاف في حلقها , وبصداع عنيف , نهضت من فراشها ,
واخذت حماماً , ثم ارتدت فستاناً قطنياً وتناولت فطور الصباح بشهية وتوجهت الى المستشفى .

كان الهواء ثقيلاً , لكن الطقس جميل . برك ماء تجمعت من الامطار تعكس السماء الزرقاء ,
وعلى اشرطة الكهرباء والهاتف تحط العصافير الخضراء اللون و تزقزق بفرح .

في المستشفى تعرفت الى الطبيب الذي يهتم بمعالجة والدها . انه شاب اميريكي هادئ .
قال لها:
" لن اسمح له بالذهاب الى كيتو في الوقت الحاضر , فهو في حاجة الى الراحة والهدوء , والسفر سيرهقه كلياً " .

وراح الطبيب يتأملها بنظراته السريعه ثم قال :
" هل وجودك هنا في بونو يشكل اية مشكلة ؟
اذا سارت الامور على ما يرام , فيمكن لوالدك مغادرة البلاد والعودة الى انجلترا خلال اسبوع ".
"اتفقنا يا دكتور , سأبقى هنا ".
" شكراً , هل تريدين ان نلتقي من جديد في اواخر الاسبوع ؟".
" بكل تأكيد "
هذا يسمح لها بالبقاء بعض الوقت , علّ جايسون يعود , يمكنها ان تراه وربما توصلا الى اتفاق .
" أظن انك ملقحة ضد الامراض الاساسية .... الحصبة و الكوليرا و التيفوئيد والتيتانوس و الملاريا ".
" نعم " .
اعطاها الطبيب بعض الادوية الواقيه . ونبهها ألاّ تشرب من ماء الحنفيات , وان تكافح تصبب العرق بالاغتسال مرّاتٍ عدة خلال النهار .
توجهت ديانا الى غرفة والدها و ابلغته ان عليه البقاء اسبوعاً على الأقل في بونو .
" قلت لكِ ذلك . في كل حال انهم يعالجونني ويعتنون بي جيداً ,
ان الشئ الوحيد الذي يقلقني هو انتِ . هل انتِ مرتاحة في هذا الفندق ؟".
" نعم , ان صاحبته انسانة لطيفة وهي تعرف جايسون جيداً ".
" ما هي مشاعرك تجاهه ؟ اما زلتِ تنوين الطلاق ؟".
" كلا , اكتشفت اني ما زلت احبه واني اريد ان ابقى زوجته , لن اتزوج بول .
لكن جايسون يقلقني يا ابي . يبدو شديد التصلب ".
" بصراحة يا ابنتي , انا لا استغرب موقفه .
لقد نبهتك وقلت لكِ ان العيش معه ليس سهلاً .
وبما انكِ لم تثقي به ,فقد لمستِ النقطة الحساسة لديه ,
يعني اني متاكد انه لو تنازلتِ عن كل شئ ولحقتِ به ذلك اليوم , لأخذكِ معه الى هيوستن ,
لكن الامور تغيّرت كلياً , وااتصور ان ذلك مرده الى تلك الرسالة التي بعثتِ بها اليه .
ماذا كتبتِ له بالفعل ؟".
تلعثمت ديانا وهي تقول :
" قلت له فيها انني اسامحه ".
" لقد ارتكبتِ خطأً كبيراً يا حبيبتي ".

" لم اكن اعرف ما اكتب له , لو عرفت فقط اين كان موجوداً لكنتُ أخذتٌ الطائرةولحقتُ به ,
لم اكن في حاجة الى ان اكتب تلك الرسالة التافهه .
على كل حال , انتَ الذي نصحتني بكتابتها ".
تنهد والدها وقال :
" هذا صحيح , لكنني لم اكن اعرف الى اي درجة كنت تستخفين بالوضع الذي منتِ فيه ؟
لو كانت امكِ بيننا , لكانت قدمّت اليكِ هذه النصائح اللازمة ....".

" ارجوك يا ابي , لا تتهمني , انت على حق , لم اكن ناضجة بما فيه الكفاية .
لكن الآن , اعرف ان الزواج ليس فقط ..................".

تلعثمت ديانا وعضّت على شفتيها ثم تابعت تقول :

" اخشى ان اكون قد جئت متأخرة , لديّ احساس بأن جايسون وجد امرأة اخرى , وانه لم يعد يريدني ".
أجابها كريستوفر فارلي و هو يبتسم :
" يمكنكِ ان تعرفي الحقيقة ببساطة ".
سالته ديانا بتعجب:
" كيف ؟!!".

أجابها وفي نظرته لمحة ساخرة :
" ما عليكِ إلا أن تساليه ".

خلال اليومين التاليين و برغم حرارة الطقس الملتهبة التي تسيطر على بونو , أمضت ديانا ساعات رائعة مع والدها ومجموعة الأطباء الشباب والممرضات الذين يعملون في المستشفى و يعتنون بصحة والدها ,

كانوا يعالجون في الوقت نفسه العاملين في المؤسسة النفطية وسكان المدينة .
اقيم مركز دائم للمعالجة المجانية يعمل ليل نهار , مما يتيح للهنود تلقي العلاج اللازم .

في الفندق كان الوقت يمر بهدوء , لقد توطدت العلاقات بين ديانا و جيردا شوارتز , صاحبة الفندق , وهي من أصلٍ الماني .
حذرت هذه الاخيرة ديانا من الرجال الذين يتسكعون في شوارع بونو خلال الليل ,
وفهمت ديانا لماذا اختار لها جايسون هذا الفندق بالذات .
كان يعرف تماماً ان جيردا سوف تحميها من كل الاخطار الممكنة .
وارتاحت لمجرد التفكير بأن زوجها مازال يهتم بمصيرها , مما جعلها تستنتج ان حبه لها لم يزل قائماً .

وفي أحد الأيام , وبينما كانت ديانا تستعد للتوجه الى المستشفى ,
توقفت سيارة كاديلاك سوداء اما الفندق .

قفزت جيردا من مكانها وقالت في تعجب باللغة الألمانية :
" يا الهي .... !! انه لويس غييارمو ! ".

سألتها ديانا :
" من يكون ؟".

" أغنى رجل في البلاد , اتسائل ماذا جاء يفعل هنا ؟".

فتح السائق باب السيارة التي تحلق حولها الصبيان الهنود ونزل منها رجل اسمر ,
شعره الاسود ممشط الى الوراء , يرتدي بذلة رمادية أنيقة , وتقدم نحو الفندق .
وما ان دخله حتى توجه نحو ديانا , ومن دون تردد , انحنى يقبل يدها ,

فوجئت ديانا التي كانت تنظر اليه و على وجهها علامة استفهام ..
" اسمي لويس غييارمو سيدة كلارك , اني شقيق السيدة ماريا سواريز ,
طلبت مني شقيقتي ان ازوركِ , وها أنا هنا ."

كانت ديانا تنظر اليه مفصلاً في هدوء غريب , كانت ابتسامته ساطعه تشبه ابتسامة ماريا ,
لكنها لم تكن دافئة مثلها .
كان يرمقها بنظرة ثاقبة و عيناه الرماديتان تلمعان تحت حاجبيه ,
انه في حوالي الخامسة والاربعين من عمره , جميل المنظر وجذّاب و يبدو واثقاً من نفسه تمام الثقة .
اجابته ديانا بيتحفظ :
" اسعدني التعرف اليك يا سيدي ".

" ووالدكِ , هل تحسنت صحته ؟".
" ان صحته تتحسن يوماً بعد يوم ".

" عظيم , اود ان ازوره , اذا كان ذلك ممكناً ".
" طبعاً , سيكون مسروراً على التعرف اليك , انا ذاهبة الآن الى المستشفى ".

" في هذا الحال , اسمحي لي بمرافقتكِ في سيارتي ".
بعد تردد قصير , صعدت ديانا الى السيارة , كذلك لويس غييارمو .

سالها لويس في سخرية :
" اين هو الآن , هذا الانسان المتغطرس , اعني جايسون ؟".
" لم اكن اعرف انك تعرفه ".

" رايته مرات عديدة في كيتو , عند آل سواريز .
كما جاء الى مزرعتي وامضى فيها عدة ايام , لكني لم اكن اعرف انه متزوج وزوجته بهذا الجمال الفاتن .. اني اتسائل فعلاً لماذا لم يكلمنا عنكِ أبداً ؟".

لم تكن ديانا تعرف ماذا تقول , ففضلت التزام الصمت ,
كيف يمكنها ان تشرح لهذا الرجل الغريب تصرف جايسون الفريد ؟
اكتفت بادارة وجهها والنظر من خلال النافذة بصمت ".

وصلت السيارة اما المستشفى , وتوقفت .
فتح السائق الباب الخلفي , خرج منه لويس اولاً وساعد ديانا على الخروج .
وكما كانت تتوقع فقد فرح والدها بزيارة لويس , ودارت الاحاديث حول حادث الطائرة وحول فترة النقاهة , واذا بلويس سوقل :
" اسمح لي ان اقترح شيئاً ,,
يسعدني ان اصطحب ابنتك الى زرعتي يماً أو يومين , هل تسمح لي بذلك ؟
انه افضل لها من البقاء وحيدة في هذا الفندق , وانا مثلك يا سيدي , رجل ارمل ,
وابنتي روزا تعيش معي , انها اصغر من ديانا بسنواتٍ قليلة ,
لكني اعتقد انها ستكون سعيدة بالتعرف اليها . ".

اجابه كريستوفر فارلي وهو يبتسم :
" اريد ان اؤكد لك اولاً , ان ابنتي ليست في حاجة الى اذنٍ مني , فهي حرة لان تفعل ما تريده "

اجابه لويس غييارمو :
"نعم , فهمت اذن , ما رايكِ يا سيدة كلارك ؟
هل تحبين مرافقتي اليوم فتمضين الليلة في المزرعة ؟
واذا اعجبكِ المكان يمكنكِ البقاء هناك مدة اطول ".

" اشكر لك دعوتك هذه يا سيد غييارمو , لكنني جئت الى بونو لأكون قرب والدي ,
ألا يكفي ان ازوركم اليوم واعود في المساء ؟".

" كما تريدين , لكن مزرعتي على بعد اربعين كيلونتراً من هنا , ومن الافضل لو تبقين الليلة هناك ".

ترددت ديانا , فهي تحب زيارة المزرعة والتعرف الى روزا ,
اخبرتها ماريا عنها اشياء جميلة , لكنها كانت تخاف ان ياتي جايسون في غيابها .

" لا اريدك ان تبقى هنا من اجلي , يا حبيبتي , ان حالتي تحسنت , ولا اعتقد انه سيحدث لي اي شئ في غيابك ".
" لكن , اذا عاد جايسون و لم اكن هنا ؟".
اجابها لويس :
" لماذا لا تتركين له رسالة تخبرينه اين تكونين , واطلبي منه ان يلحق بكِ , فروزا وانا يسرنا ان نراه ".

التفتت ديانا نحو والدها وقالت :
" هل انت متاكد ان كل شئ على ما يرام ؟".
" بالتاكيد يا حبيبتي . استفيدي من هذه الفرصة ........ في كل الاحوال لن تتسنى لكِ الفرصة دائماً لقضاء بعض الوقت في مزرعة حقيقية ".

قالت ديانا ل لويس :
" اتفقنا يا سيدي , سارافقك , علىّ فقط ان اذهب الى الفندق لأجلب معي بعض الاغراض , واترك رسالة لزوجي ".
" طبعاً , أنا تحت تصرفك ".
قال وهو يلتفت الى كريستوفر :
" الى اللقاء يا سيدي العزيز , وآمل ان تاتي لزيارتنا بعدما تغادر المستشفى ".

اجابه كرستوفر :
" آسف , يجب ان اعود الى لندن ".

نهض لويس غييارمو وقال لديانا مبتسماً :
" اذن , هيا بنا , هل تسمحين بان اناديكِ ديانا ؟".

نور سلامة
15-05-2007, 08:05
السلام عليكم : أنا ماعندى هذه الرواية بس أنا رح ابعتلكم اسماء كل الروايات اللى معى ولما تريدون اساعدكم انا جاهزة وهده اقل شىء اعمله للمنتدى المفضل الى ومشكورين ....

نور سلامة

الحنونه
15-05-2007, 09:08
كملــووووووووووووووووووووووووووووها


نزلو جزئيـن باليـوم احسن ^^

lovely sky
15-05-2007, 14:45
الفص الخامس ...

5 – في المزرعة

الطريق التي تؤدي الى المزرعة تتبع اتجاهاً معاكساً للتيار النهري الذي يجتاز بونو ,
انها طريق واسعة مبنية حديثاً , تتسلق التلال ثم الجبال .

بعد عدة كيلومترات , عبرت السيارة جسراً نحاسياً حديث البناء ايضاً .
وعند هذا الارتفاع اصبح النهر جدولاً .
وفي بعض الأماكن لم يكن سوى سيل ماء سريع , ينبثق منه زبد يبدو وكانه متعلق بالسماء ,
جاعلاً من حوله الصخور والنباتات المزروعة تبدو متألقة بألوان قوس قزح .

وكانت الغابة شديدة الإخضرار والاشجار متشابكة بطريقة معقدة كأنما الدخول اليها مستحيل .
" عندما كنتُ صبياً كانت هذه الطريق درباً ضيقاً , ولم يكن يعبرها سوى الخيول و البغال ,
والجسر لم يكن في الواقع سوى جسر ضيق من جزعي شجرتين وبعض التراب المطروق بينهما ,
لقد كان العبور عملية انتحارية ...."

فجأة انعطفت السيارة الى اليسار وغبرت فوق الجدول من جديد فشاهدت ديانا شلالاً ضخماً مختبئأً وراء المزروعات والاشجار ,
كان يدوي عالياً والزبد يرتفع شيئاً فشيئاً ويتبعثر بين الاغصان .

كانت الطريق تتعرج اكثر فأكثر . تبتعد احيانًا عن النهر لتقترب من جديد حتى بعد مئة متر تقريباً .

فجأة هبط الليل , وفي دقائق قليلة , غمر الظلام الغابة كلها , فاضطر السائق الى ان يشعل مصابيح السيارة , الضوء الوحيد في هذا الليل الطويل .
قلات ديانا بتعجب :
" ما سبق لي ان شاهدت هبوط الليل بهذه السرعة !!".
" اظن ان الادغال تؤثر فيكِ كثيراً ".
تذكرت ان جايسون قال لها الملاحظة نفسها , دخلت السيارة قرية صغيرة .

" غداً عندما تستيقظين ترين الجبال , ان مزرعتي كبيرة ومنزلي مبني في طرف السهل ,
ومنزل اخي انطونيو يقع على الطرف الآخر ,

نزرع قصب السكر والكاكاو و البن , ولدينا ايضاً غابة موز واسعة ,
كما ازرع الدراق والحامض فقط للهواية ,
وهكذا تشكل الحقول مجموعة من الألوان الغريبة في المنطقة ".

وفي العتمة اشعل لويس سيجاراً , اجتاحت رائحته جو السيارة .
قال لويس فجأة :
" منذ متى انت وجايسون متزوجان ؟".

فوجئت ديانا بهذا التبدل في لهجة لويس و ترددت قبل ان تجيب :
" منذ اكثر من سنتين ".

" لكن , مضى على وجود جايسون هنا اكثر من عام , واني اعجب لانكما افترقتما وانتما ما تزالان حديثي العهد في الزواج .
عادة المتزوجون الشباب يفضلون البقاء معاً في السنوات الأولى من زواجهم ,
هل كان صعباً عليكِ مرافقته الى الكوادور ؟".

فضلّت ديانا السكوت على الكذب , وبقيت صامتة وهي جالسة في العتمة قرب هذا الرجل الجذاب .
راحت تقول لنفسها ان عليها ان تكون حذرة كي لا تسقط امام سحره .
راحت تنظر من النافذة ولاحظت ان السيارة تركت الطريق العام وهي تسلك طريقا خاصه .
ومن بعيد شاهدت نوراً يلمع , تسائلت : لابد ان هذا النور ينبعث من داخل المنزل .

همس لويس قائلاً :
"لم تردي على سؤالي , واعتقد اني اعرف السبب ".
فجأة شعرت ديانا بيد لويس تلمس يدها .

ارادت ان تسحبها , لكنه تمسك بها وراح يشد عليها و يقول :
" انتِ بردانة ايتها الفتاة الصغيرة .
هل لانكِ لم تعرفي الحب منذ سنة تقريباً ؟
حرام ان تلقى امراة جميلة مثلك كل هذا الاهمال ,
لكن قولي لي , ما دور جايسون في كل هذا ؟
لابد وان ما يسري في عروق هذا الرجل المتغطرس هو الماء و ليس الدم ".

سحبت ديانا يدها وشعرت بالندم لانها قبلت دعوة شقيق ماريا ,
فهي لم تشك لحظة واحدة ان لويس غييارمو دعاها الى مزرعته لمغازلتها .

" ان يدي باردة لان سيارتك مكيفة بالهواء البارد , كان عليّ ان احضر معي كنزة ,
اما بالنسبة الى السؤال الذي طرحته علىّ حول علاقتي مع جايسون ,
عليك ان تعرف اولاً ان حياتنا لا تعنيك ,
وكي لا تحاول ان تسئ الظن بنواياي , اقول لك اننا نشكل زوجين عصريين ,
أعمل انا ايضاً في لندن , اقوم بمهنة احبها ,
وعندما ذهب جايسون الى الاكوادور , لم اكن اريد ان اتخلى عن مهنتي وهو وافق على ذلك ..
كما وافقت انا على تنقلاته العديدة ".

دخلت السيارة احدى الساحات وتوقفت .
راحت ديانا تتأمل أشجار النخيل العالية تتمايل مع هبات النسيم .

قال لويس :
" عظيم , انتِ امراة حازمة وانا احب ذلك فيكِ , وآمل ان تاتي الفرصة لاتمكن من مقارنة نفسي بكِ ".

خرجا من السيارة ودخلا المنزل حيث كانت امرأة في انتظارهما .
قال لويس :
"يا عزيزتي ديانا , أعرفكِ بالسيدة ماتريلو , انها تدير المنزل ,
ستأخذكِ الى غرفتكِ . واقترح عليكِ ان تستعدي وتوافيني الى قاعة ا لاستقبال بعد قليل ".

كان أثاث غرفة ديانا بسيطاً, ووكانت النافذة تطل على شرفة كبيرة .... اما غرفة الحمام فكانت صغيرة الحجم , لكنها مجهزة بجميع وسائل الراحة العصرية .
غسلت ديانا وجهها و بدلت ملابسها ,
ارتدت ثوباً طويلاً من ا لقطن البني اللون وفوقه كنزة صفراء .
كانت قلقة بعض الشئ لوجودها مع لويس غيارمو ,
هبطت السلم وتوجهت نحو غرفة الاسقبال .
كانت القاعة كبيرة وجدرانها مغطاة بالخيزران الاخضر الفاتح .

نهض لويس عندما دخلت ديانا الغرفة وسألها :
" ماذا تحبين ان تشربي ؟".
اخترات ديانا عصير الفاكهة الذي قدمه اليها في كأس من الكريستال الفاخر مع بعض قطع الثلج .

سالها لويس عندما رآها تتأمل احدى اللوحات :
" هل تهتمين بالفنون ؟".
" نعم . اني احب الرسم جداً , درست في معهد الفنون الجميلة في لندن .

ان هذه اللوحة رائعة جدا . من هو الرسّام ؟".
" انا ".

ابتسم لويس وهو يرى نظرة الارتياب في عيني ديانا واضاف :
" صحيح . انا من رسم هذه اللوحة , هناك شئ مشترك يجمعنا يا عزيزتي .
لقد درستُ الرسم عندما كنتُ شاباً في الولايات المتحدة الاميريكية وفي اسبانيا وهنا .
انني قبل كل شئ فنان ,
اما الزراعة فتأتي في المرتبة الثانية .
لكنني لستُ نادماً على زراعة الارض . فقد اصبحتُ بسببها غنياً .
وها أنذا , اقوم بأسفارٍ عديدة وارسم حين ارغب وعلى طريقتي الخاصة .
عندما اموت , اريد ان يتذكرني الناس اني كنت فنانً وليس مزارعاً غنياً .
هذه اللوحة التي تحبينها رسمتها عندما كنت اعيش في كيتو , العاصمة ".

عادت تحدق في اللوحة , ولاحظت ان الالوان الغالبة هي الاحمر و الاسود فقالت :
" في هذا الرسم عنف شديد ".

" هذا صحيح . ان تاريخ بلادنا و شعبنا مصنوع من العنف , لقد تعذبنا خلال عصور عديدة وما زلنا نقاسي العذاب ,
شهدت بلادنا الاعصار , الثورات البركانية , الهزات الارضية و الحروب والثورات ,
ولا تنسي ان الهنود الاينكاس غزونا , وكذلك الاسبان ".

" الهنود الاينكاس ؟؟ كنتُ اعتقد ان لا وجود لهم سوى في البيرو !".
" بالفعل لقد استقروا في البيرو واصبحت مدينة كورنكو عاصمتهم ,
لكن فيما بعد انتقلوا صوب الشمال وتغلبوا على شعب كيتو , لكنهم يحبون السلام ,
ويعيشون من الزراعة .
وقد تمركزوا على هذه الاراضي منذ آلاف السنين ,
في كل حال الهنود الاينكاس بالنسبة الينا كما كان الرومان بالنسبة الى اوروبا .
احتلوا البلاد وسيطروا على السكان وقدموا اليهم حضارتهم .
وادت سياستهم هذه الى سيطرة السلام في الاراضي المحتلة مع المحافظة على رفع مستوى الحياة عند المهزومين ".

دخلت إمرأة شابة قاعة الإستقبال . راح لويس يحدثها باللغة الاسبانية في صوتٍ حادٍ وباختصار ,
فتقدمت من المقعد حيث كانا يجلسان ..

lovely sky
15-05-2007, 15:02
شعرها اسود قاتم مرفوع بكعكة في مؤخرة رأسها ,
عيناها غامقتان وفمها الناعم يؤكد انها ابنة لويس .
كانت ترتدي تنورة طويلة كحلية اللون وقميصاً بيضاء وشترة مطرزة بالذهب .

قال لويس بالانجليزية :
" روزا , اقدم لكِ ديانا , انها لا تتكلم الاسبانية , وهذه فرصة لك لتتمرني على لغتكِ الانجليزية "

ابتسامة سريعة لمعت في عينيها , ما لبثت ان خبت حين قالت بلغة انجليزية متكلفة :
" مساء الخير ديانا . اني سعيدة بالتعرف اليكِ ".

اجابتها ديانا وهي تصافحها :
" وانا كذلك , يسرني التعرف إليكِ . اخبرتني ماريا اشياء كثيرة عنكِ " .

تناولوا العشاء في غرفة الطعام وراء طاولة مستديرة عليها شرشف ابيض مع تخريم ناعم .
والاواني الفضية كانت رائعة وهي تعود الى القرن الثامن عشر .

كان يقدم الطعام و الشراب شاب يرتدي سترة بيضاء .
وكانت وجبة العشاء مؤلفة من القريدس المنقوع بعصير الحامض كمقبلات ..
اما الوجبة الرئيسية فكانت مؤلفة من شرائح اللحم المطبوخة مع البطاطا و الجبنة .
والتحلية كانت من فاكهة الادغال الشيريمويا , وهي كناية عن فاكهة قشرتها خضراء وداخلها ابيض وطعمها يذكر بطعم الفراولة والاناناس والدراق , كلها معاً .

كان الحديث يدور حول الفن والرسم بشكل خاص . نادراً ما كانت روزا تتدخل في الحديث ,
ومرّاتٍ عديدة خلال العشاء كانت ديانا تنظر في اتجاهها ,
وكل مرة كانت تراها تحدق فيها باستمرار ,
شعرت ديانا ببعض الانزعاج امام صمت الفتاة ,
ربما لانها لا تتكلم الانجليزية بطلاقة وتشعر بصعوبة التعبير عما تريد قوله .

لكن ديانا لاحظت ان والدها لويس لا يبذل اي جهد ليجعل ابنته تشترك في الحديث ,
لو كان والدها كريستوفر لتصرف تصرفاً مغايراً ,

وادركت ديانا ان روزا ضحية كبرياء لويس .. كم هو مختلفٌ تماماً عن شقيقته ماريا , تلك المراة الكريمة الدافئة و المضيافة .

وشيئاً فشيئاً قررت ديانا الحذر من هذا الانسان الفظ .
حاولت ديانا ايجاد موضوع لتتحدث مع روزا . فقالت لها اخيراً :
" لقد اتيحت لي فرصة قضاء بعض الوفت مع عمتكِ ماريا وابنها رامون , قالت لي ماريا انكِ كنتِ تسكنين معهما عندما كان زوجي يقضي فترة النقاهه في منزلها ".

" كيف ؟".
قالتها باللغة الاسبانية . ثم اصفر وجهها والقت بنظرة يأس الى والدها , كانها تسأله ان يشرح لها ,
لكن لويس بقي جامداً من دون ان يتكلم ,,,
وراحت روزا تشبك يديها ببعضهما في توترٍ بالغ وقالت بعد جهدٍ كبير :
" اني لا افهم , من هو زوجك ؟".
وفوجئت ديانا بدورها , وابتسم لويس بسخرية وقال :
" نسيت ان الفظ اسم عائلتك عندما عرفتكِ على روزا ".

التفت صوب ابنته وكلمها في لغة اسبانية سريعة , ولم تسمع ديانا الا انه لفظ كلمتين ,,
ديانا و جايسون ..
واكفهر وجه روزا ...
القى لويس بجملة قصيرة وملّحة الى ابنته في لهجةٍ قاسية ,
مما جعلها على وشك البكاء , وفجأة , بلا تحذير , التقطت طوب العصير وقذفته في وجه والدها ,
فابتعد لويس بسرعة , ووقعت الكأس على السجادة من دون ان تصيبه ,
انما لطخته بعض النقط المتساقطة منها ,,

ومن دون قلق , امسك بمحرمة بيضاء وخاطب روزا بلهجة حاجة , فانفجرت بالبكاء ,
ووقفت فجأة وخرجت بسرعة فائقة ..

قال لويس و كأن شيئاً لم يحصل :
" ارجوكِ ان تعذري روزا على تصرفها هذا ,فهي شديدة التوتر في هذه الايام
. اني اقترح ان نعود الى غرفة الاستقبال ونتناول القهوة , ساريكِ بعض اللوحات التي حدثتكِ عنها .

حسب رأيي تظهر هذه اللوحات بدقة العنف و الوحشية الراكدة وراء الحياة الهادئة ظاهرياً في الاكوادور ".

وبرغم ما حدث كان لويس يبدو محافظاً على برودة اعصابه ,
لكن ديانا بدت قلقة , اذ عليها ان تمضي بقية السهرة وحدها برفقته ,
إلاّ انها دخلت غرفة الاستقبال متظاهرة بالهدوء .

كانت السيدة مارتريلو في انتظارهما . وراحت تعاتبه باللغة الاسبانية , وكان لويس يصغي اليها بهدوء ,
ثم راح يتكلم بدوره بلهجة قاسية جعلت ديانا تنحاز للخادمة ,
لكن سرعان ما غيّرت رأيها لان في اللحظة التالية التفتت السيدة مارتريلو نحوها و القت اليها نظرة قاسية ووجهت اليها كلمات كأنها شتائم ثم استدارت واختفت وهي تصفق الباب ورائها .

قال لويس :
" اني اسف جداً لتصرف الخادمة . ان السيدة مارتريلو تهتم بروزا منذ وفاة والدتها ,
اي منذ كانت روزا فتاة صغيرة .
لقد ربتها كأنها ابنتها , وهي تقف الى جانبها اذا هاجمها احد ".

وسألت ديانا بتعجب :
" لكنني لا ارى لماذا اعتبرتني اهاجمها , لم اكن اتحدث الا عن جايسون !؟".

ابتسم لويس واشار الى الصينية الموضوعة على الطاولة بقربها :
" ارجوكِ ان تقدمي القهوة اولاً , ثم اشرح لكِ لماذا أثار اسم زوجكِ البلبلة في قلب ابنتي الى هذه الدرجة ".

تناولت ديانا غلاية القهوة الفضية و قدمت القهوة في فناجين صغيرة من الكريستال .
واقترب لويس منها وجلس قربها على المقعد الواسع ,,
فتمنت ديانا لو انها انتبهت للامر و جلست في مقعد منفرد .

" هل يزعجكِ اذا دخنتُ سيجاراً ؟
الآن هو افضل اوقات السهرة . قهوة لذيذة الطعم وسيجار ذو رائحة عطرة ,
وامراة شابة جذابة ورائعة مثلكِ .
هل سبق وسمعتِ احداً يقول لكِ انكِ امرة جميلة يا ديانا ؟
انك تتمتعين بجمال باردتتميز به النساء الانجليزيات ".

انحنت ديانا الى الامام , وتناولت فنجان القهوة عن الطاولة المنخفضة وانتهزت هذه الفرصة للابتعاد عنه بعض الشئ , ثم اجابت تقول :
"والآن , ارجو ان تشرح لي لماذا شعرت روزا بالاضطراب حيال سماعها كلمة جايسون ".

"آه .. نعم . بالطبع .. كانت في حالة توتر غريب , اليس كذلك ؟
من زمان وانا احاول ان اعرف حقيقة حاسيسها , وتصرفها الليلة افادني أكثر مما كنت اتصور .

انها واقعة في غرام جايسون , لكنها لم تكن على علمٍ انه متزوج .
انه موقف حرج بالنسبة اليها . اليس كذلك ؟".

روزا مغرمة بجايسون !!!!!!!
شعرت ديانا باضطراب لما يمكن ان ينتج عن ذلك .
كانت على حق عندما تصورت ان جايسون لابد وان تعرف الى امرأة أخرى ؟
انه وقع هو ايضاً في غرامها ؟

لكن , هل هو فعلاً مغرم بها ؟

lovely sky
15-05-2007, 15:11
وراحت يد ديانا ترتجف وهي تضع فنجان القهوة على الطاولة بقربها .
لكنها تمكنت من الاحتفاظ بالهدوء وقالت :
"لابد وانك تمزح !!".

" أبداً , سأشرح لكِ , منذ سنتين وانا اتوقع من روزا ان تتزوج صديق طفولتها ارتورو غوميز ,
انه زواج يوافقني تماماً , كما يوافق أهل ارتورو , لانه سيؤدي الى اتحاد عائلتين غنيتين ,,
وحالياً يدرس ارتورو في الولايات المتحدة الاميريكية , لكنه سيعود قريباً ..
ونحن نرغب ان يتم هذا الزواج خلال شهر ,,
اردتُ مناقشة الوضع مع روزا , لكنها قالت لي بصراحة انها ترفض الزواج من ارتورو لانها تحب رجلاً آخر ".

عاد يحتسي قهوته وعلى شفتيه ابتسامة حزينة , ثم تابع يقول :
"سألتها مرّاتٍ عديدة , من يكون ذلك الرجل الذي تحبه , لكنني لم اتوصل الى معرفة هويته .
كان عندي بعض الشكوك , لكنني لم اكن املك اية ادلة تؤكد شكوكي ........ إلاّ اليوم ..
أي منذ ان التقيت بكِ ..........."

" اذن طلبت مني المجئ الى هنا عمداً لكي ............"
توقفت ديانا عن الكلام , غير قادرة على اكمال جملتها .

فأسرع لويس يقول وفي عينيه نظرة استهزاء :
" لاعرف الحقيقة بوجودك ؟ .. طبعاً ...
ونفذت خطتي بحذافيرها . والآن اني متأكد تماماً ان الرجل الذي تحبه هو جايسون بالذات ,
وانتِ يا ديانا , الم تشكي بشئ؟؟
الم يخبركِ جايسون بذلك ؟".

" كلا .. كل ما اعرفه ان روزا كانت تسكن عند ماريا سواريز خلال فترة النقاهة التي قضاها جايسون في منزلها ".

" نعم , وهناك بدأت القصة , وللأسف كنت في هذه الفترة مسافراً .
ومن السهل التكهن بما حصل , كان جايسون في نظر روزا البطل الذي خاطر بحياتها لينقذ رجلاً آخر كما انه اصيب بجروح بالغة من جراء مخاطرته هذه ,
وكانت حاضرة هناك ليل نهار لتنقذه بدورها .
هل يمكنكِ ان تتصوري وضعاً أكثر عاطفيةً من هذا ؟
وزيادة على ذلك , ان جايسون يختلف اختلافاً تماماً عن الرجال الذين تعرفت اليهم من قبل ,
انه قوي ورصين ومتحفظ ,
كان بالنسبة اليها عملاقاً اشقر , قوي البنية و جميل الوجه .
في اي حال , هكذا كانت تراه ,
انها ما زالت في التاسعة عشرة من عمرها , وانتِ لا تكبرينها كثيرً .
ويمكنكِ ان تتصوري ما يمكن ان يكون قد حصل بينهما .

ربما كنتِ تشعرين في الماضي امام جايسون بالاحاسيس نفسها ,
وربما أحببتِ جايسون بالطريقة نفسها ".

" اني مازلت احبه بالطريقة نفسها ".

هكذا حدّثت ديانا نفسها من دون ان تجرؤ على البوح بذلك .

وتابع يقول :
"لابد من الاعتراف بأني شعرت بخيبة امل عندما اخبرتني ماريا ان جايسون رجل متزوج .
ولا افهم لماذا لم يخبر الجميع بذلك من قبل ..
عندما تعرفت اليه في كيتو دعوته لقضاء بضعة ايام هنا في المزرعة ,
وقبِل دعوتي , لكنه لم يتمكن من البقاء مدة اطول بسبب كثرة اعماله في الك الفترة بالذات ,,
وبعد رحيله لاحظتُ ان روزا كانت حزينة , وحالمة ومنعزلة ,
وهنا بدأت الشكوك تراودني ".

وضع لويس فنجانه على الطاولة والتفت نحو ديانا الجالسة في قربه وقال :
" والآن بعدما اخبرتكِ لماذا كانت روزا مضطربة خلال العشاء , ماذا تنوين ان تفعلي ؟".

" ماذا افعل ؟ ماذا تريدني ان افعل ؟".

" ربما تريدين الطلاق ؟
وفي هذه الحال سيكون جايسون انساناً حراً ليتزوج من جديد , مما يسعد ذلك روزا ".

" لكن ليست في نيتي الطلاق . ما الذي يجعلك تفكر في ذلك ؟".

" قالت لي شقيقتي ماريا انكِ لم تري جايسون منذ اكثر من سنة .
وبرغم ما قلتِ لي في السيارة , انكما زوجان عصريان , لاحظت انه منذ وصولكِ الى الاكوادور لم تتوصلا بعد الى الاتفاق ,
وإلا لما ترككِ وحدكِ منذ وصولكِ الى بونو , ولَمَا كنتِ تبدين حزينة هكذا ,
تشبهين امرأة محرومة من الحب منذ زمنٍ بعيد ".


كان قد اقترب منها تماماً , وشعرت ديانا بيده تداعب كتفيها .
ارتجفت ثم سيطرت على شعورها وتناولت حقيبة يدها ونهضت واقفة وراحت تتثائب وتقول بصوها الناعم :
" آسفة لاني ساخيب آمالك يا سيدي ..
لكن ما تقوله الآن لا يعكس سوى رأيكَ الخاص ,
لاتنسى انكَ من جيل آخر , فكيف تريد ان تفهم زواجاً كزواجنا ؟
والآن , اذا سمحت لي ساذهب الى النوم . انني شديدة التعب ,
ولا شك ان السبب هو تبدل المناخ .
وآمل ان تكون روزا في حالة افضل غداً ..
تصبح على خير يا سيدي ".

وغادرت ديانا الغرفة قبل ان يتسنى له الوقت للوقوف لمرافقتها .

كانت متأكدة انه يود ان يبقيها معه .

صعدت السلم بخطوات كبيرة ودخلت غرفتها و اغلقت الباب وراءها واسندت جسمها الى الباب وهي تلهث ,,
بحثت عن القفل , لكن لم يكن هناك مفتاح ,
وتسائلت بعصبية , ماذا يمكنها ان تضع على الباب لتسنده به ...
لم تشك لحظة واحدة ان لويس غييارمو يمكن ان يدخل الى غرفتها من دون طرق الباب والحصول على اذن بالدخول , اذا كان هذا ما يريد .

شاهدت صندوقاً صغيراً مخصصاً لوضع الثياب القذرة المعدة للغسيل .
فالصقته بالباب , لم يكن ثقيلاً لكنه يصمد قليلاً مما يجعلها حاضرة لاي حركة مفاجئة .

جلست على حافة السرير تحاول ان تهدئ من توترها .
ليس في وسعها وهي في هذه الحال ان تخلد الى النوم ,
راحت تصغي السمع منتظرة في اي لحظة سماع اصوات خطوات تقترب .

بقيت على هذه الحال فترة طويلة , وراحت تتسائل ,, كيف تستطيع الهرب من المزرعة والعودة الى كيتو غداً .
وحوالي منتصف الليل ارهقها التعب والتوتر , فقررت ان تنام .

لكنها شعرت بانه من الصعب ان تنام بسهولة ,, وراحت تتسائل ,,
ما هي في الحقيقة مشاعر جايسون تجاه روزا ؟

هل صحيح انه وقع في غرام تلك الفتاة التي اهتمت به خلال فترة الاستجمام في منزل ماريا ؟

هذا ممكن . ذلك ان روزا تشبهها كثيراً , انها يتيمة الام مثلها , وسبق ان قرأت ديانا مقالاً يقول ان الرجل يقع دائماً في غرام النساء اللواتي من النوع نفسه .

يجب ان تعود الى بونو في اسرع ما يمكن , يجب ان تكون هناك عندما يعود جايسون من الادغال .
وهكذا يمكنها ان تطلب منه ان يختار بينها و بين روزا , ولاشك انها الطريقة الوحيدة لوضع المور في نصابها .
وبعد سلسلة من التساؤلات والكوابيس , خلدت الى نوم عميق ..

وااذا بها تسمع في نومها طرقاتٍ على الباب وصوتا يناديها ,,

انتفضت ونظرت الى الباب .
" سيدتي , سيدتي , ماذا يجري ؟ ان بابكِ لا ينفتح !!".
وتعرفت ديانا الى صوت روزا . فقفزت خارج السرير وراحت تفتح الباب ,

فدخلت روزا ترتدي بنطلوناً من الجينز الضيّق وقميصاً من القطن الأبيض وتحمل صينية في يدها .

" صباح الخير يا سيدتي , اني اجلب لكِ فطور الصباح ".
كانت تبتسم بفتور و تقول كما لو ان احداً يلقنها ما يجب ان تقول :
" اني آسفة لتصرفي الوقح ليلة امس , هل تسامحينني ؟".

" طبعاً اسامحكِ , شكراً لكِ لانكِ احضرتِ الفطور , فهذا لطف منكِ ,
لقد نمتُ طويلاً ولابد انني تاخرت . كم الساعة الآن ؟".

" العاشرة والنصف , كان جايسون ينام في هذه الغرفة عندما كان يسكن عندنا ,
وكنت اجلب له الترويقة حتى السرير احياناً "

حاولت ديانا الاّ تفكر بمشهد جايسون في الصباح عندما ينهض من النوم , بشعره المشعث و عينيه الناعستين وصدره العاري و عضلاته الظاهرة .

قالت ديانا دون اضطراب :
"وانا ايضاً احضر له فطور الصباح الى السرير احيانا ".
لو كان جايسون معها الان ,,بقربها في السرير , لما تصرفت روزا بهذه الوقاحة !!

" لقد اعتقدت انكِ عشيقة والدي الجديدة , عندما شاهدتكِ تصلين معه ,
هل انتِ حقاً عشيقته الجديدة ؟".

" كلا . ابداً . لماذا ؟ هل يصطحب عشيقاته معه الى البيت ؟".

" نعم دائماً . منذ وفاة والدتي وربما قبل ذلك ايضاً ,, هو هكذا ..
لقد طلب مني ان اعتذر منكِ لانه غير قادر على ان يقضي النهار معكِ , فهو مضطر الى الذهاب الى بونو لقضاء بعض الاعمال ..
اتحبين رؤية المنزل والمزرعة ؟
يمكننا التنزه على ظهر الحمار ".

" عظيـــــــــــــــــــــــم !!".

" حسناً سأهتم بالأمر , يجب ان نذهب قبل الظهر , فبعد ذلك يصبح الحرّشديداً وغير محتمل ".
ثم اضافت بغتةً :
" كيف تجدين حديثي باللغة الإنجليزية ؟".

" جيـــــــــــداً جـــــــــداً ".

" لقد علمني جايسون الانجليزية , سأكون بانتظاركِ بعد قليل ............"
ابتسمت روزا ثم خرجت من الغرفة وبقيت ديانا تحدّق بالباب المقفل . لاتريد إلا امراً واحداً ,, ان تمسك بشئ وتحطمه ..

لكنها تمالكت اعصابها واحتست جرعة من القهوة الساخنة وهي تقول ان روزا تتمتع بقدرة هائلة لتجعلها في غيرةٍ كبيرة .
كان يكفي ان تنطق بهذه الكلمات ................"

lovely sky
15-05-2007, 15:16
وفهمت ديانا في هذه اللحظة بالذات كم كانت سريعة العطب لكل ما يتعلق بجايسون بسبب كلمات اونيس ورسالة إمرأة مجهولة تدعى كارول ,,
وكلمات روزا الجارحة جعلتها انسانة غيورة وتعيسة ..

وفهمت ايضاً ان هذا هو الثمن الذي سوف تدفعه لانها تزوجت من رجل جذاب ..
لكن اذا كانت ترغب في المحافظة على زواجها واذا ارادت ان تمضي بقية حياتها معه فان عليها ان تتعلم ان تضط نفسها اكثر .

وانتهت بسرعة من تناول الفطور . ثم اخذت حماماً سريعاً وارتدت ثيابها ونزلت الى ساحة البيت للانضمام الى روزا التي كانت في انتظارها والشاب الذي قدم لها العشاء البارحة . ساعدهما على امتطاء حمارين صغيرين , ثم انطلقا .

لاحظت ديانا ان روزا فتاة رائعة . ترتدي قبعه من القش على راسها لحمايتها من الشمس اللاهبة .
شعرها طويل مجدل حتى خصرها .
كان الحو متقلباً ينذر بهبوب عااصفة .
لكن النزهة على ظهر الحمار كانت رائعة وكان الحيوان يعرف الطريق جيداً ,
لذا فكان من غير الضروري محاولة توجيهه .
وصلتا امام اشجار الليمون والبرتقال الحمض . وكانت الثمار تشكل بقعاً ذات الوان فاقعه على الاوراق الخضراء ..
ثم دخلتا الى قلب الادغال .
من قريب كانت المزروعات تبدو اكثر جمالا مما هي عليه من بعيد , وكانت ديانا تتعرف الى بعض النباتات , لكن كانت تجهل معظمها .
وكانت جذوع الشجر مغطاة بالنباتات المتسلقة والحشائش والعرائش .
همست ديانا قائلة :
" آمل الا نضيع الطريق "

اجابتها روزا :
" لا تخافي احمل بوصلة تقينا خطر الضياع . حتى الهنود انفسهم يمكنهم ان يضلوا الطريق احياناً . هل كل شئ على ما يرام ؟".

هزت ديانا راسها بالايجاب , فلن تقول لروزا انها تشعر بالحر يلهب عظامها وانها تتصبب عرقاً وانها تكاد تختنق من شدة العطش ,
كيف يمكن للباحثين عن البترول ان يعملوا في مثل هذه الظروف ؟
وكيف يمكن لجايسون ان يتحمل هذا الحر الشديد ؟
فليس من المستغرب انه يشعر بحاجة الى المجئ الى كيتو من وقت الى آخر للراحة والاستجمام .
وصلتا اخيراً الى مكان في الغابة حيث تجمعت بعض المنازل المبنية من خشب ذات سقوف مصنوعة من اوراق الاشجار , وتوقفتا امام احد المنازل , وقامت روزا بوضع قدميها على الارض وقلدتها ديانا بذلك .

اقترحت روزا على ديانا قائلة :
" اتريدين رؤية منزل تابع لأحد الهنود الجيفارو . وهكذا يمكنكِ ان تخبري اصدقاءك بما رأيتِ عندما تعودين الى انجلترا ؟".

وافقت ديانا وهي تلاحظ تلميحات روزا الماكرة .

في الداخل كان المنزل في منتهى النظافة , وربة المنزل امراة ذات جمال مدهش ,
ملامحها تحمل علامات نبل وتدل على انتمائها الى قبيلة اصيلة , لا خليط قبائل اخرى فيها .

وقد دعتهما ليريا طفلها النائم في مهد عصري , على غير ما كان يتوقع , ولاحظت ديانا وجود اشياء حديثة داخل المنزل , من بينها الأدوات المطبخية والطناجر النحاسية الجديدة . كما عرض عليهما صبيّ سلاح "الانبوبة " وراحت روزا تشرح لديانا كيفية استعماله .

" نغمس الرأس في السم الذي يصنعه الهنود بأنفسهم , وعندما يصيب السهم الحيوان , يحاول هذا الاخير ان يتخلص من السهم الذي ينكسر حده ويموت الحيوان على الفور . انه اختراع عجيب . اليس كذلك ؟".

بعد زيارة قصيرة للمنزل الهندي , عادتا الى التنزه في الغابة ومرة اخرى رشقتها روزا بمكر بملاحظة اخرى :
" جايسون , وانا , غالباً ما كنا نقوم بنزهات على ظهر الحمار , كانت قدما جايسون تلامسان الارض من شدة طولهما , وكنا نضحك من ذلك كثيراً ".

أخذت ديانا تشد على اسنانها مصممة على ألا تدع روزا تزعجها بهذه الملاحظات القاسية , وشعرت بأن روزا تراقبها وتتجسس عليها . ولذلك كانت مضطرة ألاّ تبدر منها أية اشارة ضعف امامها .

وفجأة قالت روزا :
" لم يقل لي جايسون انه متزوج . اخبرتني عمتي انه انسان تعيس جداً لان احدهم اساء اليه .
واعتقد ان الشخص الذي اساء اليه هو انتِ ..
انا اعزف على القيثارة .. وكنت اعزف له مراراً , فهو يحب الموسيقى , وهذا من النادر رؤيته عند من يتمتع برجولة بارزة مثله . وهو كان يعلمني اللغة الانجليزية ".

توقفت لحظة عن الكلام , ثم تابعت :
" وعندما سكن في المزرعة هنا , كنا نقوم سوية بنزهات طويلة . وكنا نمضي فترات مرحة واعتقد انه وجد السعادة برفقتي , قلت له اني احبه واريده ان يكون زوجاً لي ".

سألت ديانا و قد تشنجت يدها على اللجام :
" وماذا اجابكِ " ؟.

" لا شئ ... رحل , والآن وقد تعرفت عليكِ , فهمت السبب , لم يكن في وسعه ان يتزوجني ما دام متزوجاً منكِ .
هل جئتِ الى الاكوادور لتتفاوضي معه على الطلاق ؟".

" كلا ! ".

" لماذا اذن ؟".

أجابتها ديانا بصوتٍ ثابت :
" من اجل ان اراه و اكون معه ".

" اني لا افهم , واذا كنتِ تريدين ان تكوني مع جايسون ,
لماذا جئتِ اذن الى هنا مع والدي ؟".

" لانه دعاني لازور المزرعة واتعرف اليكِ ".
وفجأة لمحت ديانا شكلاً أخضر بين الاوراق يتحرك بسرعة و يقترب منها و وعرفت ديانا انها حيّة .
عصافير الببغاء تطايرت بسرعه , وراحت السعادين والقرود تطلق اصواتاً ثاقبة ,
ثم عاد الصمت واختفت الحية .
بدأت ديانا تتضايق من رفقة روزا , لكنها سرعان ما شعرت بالارتياح عندما لاحظت انها وصلت الى طرف الادغال , وانفتح امامها حقل من قصب السكر تحت شمس لاهبة ومن بعيد , كان المنزل يلمع تحت اضواء مترجرجة , مثل السراب .


سالتها روزا :
" هل صدّقتِ والدي "؟.

" طبعاً , ولماذ لا اصدقة ؟ في كل حال , لقد دعاني لزيارة المزرعة امام والدي , وراى والدي انها فكرة جيدة ان ازور المزرعة واتعرف الى فتاة في مثل عمري "

وراحت روزا تقهقه وتظهر اسنانها البيضاء المغروزة جيداً في فكيها .
" تمامًا ما يميز والدي انه رجل ذكي وخبيث , لكن اذا كنتِ تعتقدين ان ذلك هو السبب الوحيد الذي من اجله دعاكِ الى هنا تكونين حمقاء اكثر ما اتصور .
انه يريدك ان تكوني عشيقته الجديدة , لاني لاحظت كيف كان ينظر اليكِ مساء البارحة , عندما كان يحدثكِ عن الرسم ..........."

اجابتها ديانا في حدة :
" اذن , احب ان أُعلِمكِ انه ليس في نيتي ان اكون عشيقته , فهو في سن والدي ".

" هذا لا يهمه ابداً ".

" نعم , لكن لكن ذلك لا يهمني انا .
أووف ... انا سعيدة جدا اننا ابتعدنا عن الادغال . كنا كاننا في حمام بخار ".

" نعم الطقس حار جدا اليوم , وينبئ بعاصفة في نهاية النهار .. لماذا تغيرين الحديث .. اني لا افهم لماذا جئتِ الى هنا بينما تزعمين انكِ تريدين البقاء قرب جايسون ؟".

اجابتها ديانا بصوتٍ متوتر :
" جايسون يعمل حالياً في اماكن حديثة حيث يتم التنقيب عن النفط ولا يمكنني مرافقته الى حيث يعمل , ليس لاننا متزوجين يعني ان علينا ان نكون معاً طيلة الوقت . ومن جهة ثانية هذا لا يعني ايضاً اننا لا نريد ان نكون معاً ".

ثم عادت روزا لتقول وهي تهز كتفيها :
" لكن انا لا ا فهم لو انني وجايسون متزوجان لحاولت الاّ نفترق ابداً ......"

اجابت ديانا بلهجة حادة :
" هذا يعني انكِ لا تعرفين جايسون جيداً , يمكنكِ ان تحاولي لكن ذلك لن يغير شيئاً ..
لا احد يحبره ان يكون في اي مكان اذا لم يكن يرغب في ذلك ".

القت روزا بنظرة قاسية وحرّكت حمارها وكأنها تريد ان تسد الطريق على ديانا , قالت بلهجة انتصار :
" تقولين اني لا اعرف جايسون معرفة كافية ؟
في كل حال ان ما اعرفه هو انه سيكرهكِ عندما يعرف انكِ زرتِ المزرعة , فهو يعرف جيداً صيت والدي وسيعتقد بأنكِ أصبحتِ عشيقة لويس غييارمو .
وسيطلب منكِ الطلاق فوراً ".

أجابتها ديانا في ضجر :
" توقفي عن هذا التصرف الصبياني , لقد تعرفت الى والدكِ فقط منذ البارحة ولم امضِ هنا سوى ليلةٍ واحدة ..........."

" وستمضين غيرها من الليالي , قال لي ابي انكِ ستبقين هنا هذه الليلة ايضاً , وربما ليالي اخرى ".

" كلا ساعود الى بونو في اسرع ما يمكن ".

وسالتها روزا في لهجة ساخرة :
"وكيف ستعودين الى بونو ؟".

" سيارة والدكِ ستوصلني كما جاءت بي الى هنا ".
شعرت ديانا فجاة بحكاك في خصرها , وتذكر نصائح الطبيب :
ربما يكون ذلك مقدمة لارتفاع حرارتها , عليها ان تاخذ حماماً في الحال لئلا تصاب باي مرض خلال اقامتها في المزرعة .

وقالت روزا وهي ترسم ابتسامة شريرة :
" لا تغادري المزرعة الا اذا امر والدي بذلك ".

" ماذا تعنين بهذا ؟".

" لن تعودي الى بونو اذا لم يأمر والدي السائق جوزيه كي يوصلكِ .
وأعرف انه لن يقوم بذلك اليوم لانه قبل ذهابه هذا الصباح قال لي انكِ باقية معنا اليوم ايضاً .
وقال لجوزيه ألاّ يصطحبكِ الى بونو ,
واعتقد انه من الصعب عليكِ العودة على ظهر الحمار يا سيدتي ".

وضحكت روزا بسخرية واستدارت مع حمارها و ابتعدت .

عندما وصلت ديانا الى ساحة المنزل , كانت مرهقة جدا يتصبب العرق منها بغزارة
نزلت عن الحمار و رات سيارة الكاديلاك تدخل الساحة ,
انزلت السيدة ماتريلو بعض الاغراض بمساعدة جوزيه الذي قادها الى بونو .

دخلت ديانا تواً الى غرفة الحمام بعد ان ملأت المغطس بالماء الفاتر , فاغتسلت و جففت جسمها بعناية .

هل تكون سجينة في المزرعة ؟
ان مجرد التفكير في الامر جعلها ترتجف كأن موجة باردة اجتاحتها برغم الحر الشديد .

هي حقاً سجينة اذا صح كلام روزا ان لويس غييارمو منع السائق من ايصالها الى بونو .

لكن , عليها ان تعود الى بونو بأي ثمن وفي اسرع ما يمكن ,
حتى تكون هناك عندما يعود جايسون لتراه من جديد و تتكلم معه كيلا ينفذ تهديده .

لقد كانت عيناها متسمرتين في سقف الغرفة و هي تتساءل عن الطريقة التي تعود بها الى بونو ,

غير استخدام الحمار !!!

الحنونه
15-05-2007, 16:09
يسلمــوووو عالمجهوود المبذول
^^




ناطرين

lovely sky
15-05-2007, 17:01
مرحبا حبيبتي الحنونة
مشكورة على مرورك و متابعتك لنا
ونتمنى تقضي معنا وقت ممتع دائمـــــــــــــــــــــــــــــــاً :D


الحين بنزل الفصل السادس

هذا الفصل كتبته اختنا البدر المضاء ...
و لانها متغيبة لظروف الامتحانات تقريباً فنحن مضطرين اننا ننزل الفصل الحين لانها ما موجوده
و نشكرها جداً على مشاركتها لنا في الفريق بكتابة هذا الفصل ..

اترككم مع الفصل السادس .. كتابة " البدر المضاء " :)

lovely sky
15-05-2007, 17:28
الفصل السادس

الهروب والعاصفة ....

وفجأة وجدت الحل خطرت لها فكرة جهنمية ايقظتها من غفلتها وانتصبت وقلبها يخفق بشدة
هل هذا معقول هل تجرؤ على تنفيذ هذا المخطط

طبعا انه الحل الوحيد واذا فشلت خطتها تكون قد نجحت في جعل سكان المزرعة يعرفون الى
أي درجة تصر على العودة الى بوتو

انها غير مستعدة لتحمل فكرة ان تكون سجينة ولهذا السبب وضعت خطة لهربها نزلت من
سريرها وخلعت مئزرها وارتدت فستان من القطن

ثم مشطت شعرها ووضعت بعض المساحيق على وجهها وضعت ملابسها واغراضها في حقيبتها ثم
وضعت الحقيبة في الخزانة ربما لن ترى ملابسها مرة اخرى شعرت بلحظة ندم امام فكرة
ضياع ملابسها لكنها ادركت ان لويس غييارمو ليس لصا ولن يعاقبها لانها غادرت المنزل
سرا

حملت حقيبتها وفتحت الباب وخرجت الى الممشى ولم تلتقي احدا وهي تتوجه نحو السلم
عندما وصلت الى السلم توقفت والقت نظرة خاطفة على المدخل كان خاليا المنزل يسوده
السكون كان الوقت ليلا
وتساءلت ديانا ما إذا كان الجميع يأخذون قسطا من الراحة في
وقت القيلولة نزلت السلم وتوجهت بهدوء نحو صالة الإستقبال اذا فاجأها احدهم فيمكنها
ان تقول انها كانت تتامل لوحات السيد لويس غييارمو

وكما توقعت كانت سيارة الكاديلاك لاتزال في الساحة
وجلست في الكرسي ونظرت الى ساعتها سيصل جوزيه بعد دقائق وسيتوجه الى بوتو لإصطحاب
لويس الى المزرعة

نهضت ديانا ووصلت الى الباب وفتحته لااحد في الساحة لكن الخطر الوحيد هو ان تراها
روزا او السيدة ماتريللو من احدى النوافذ واسفاه لكن هذا لا يمنعها من القيام بهذة
المحاولة

واجتازت الساحة على رؤؤس اصابعها كان الجو رطبا وخانقا انه الهدوء الذي يسبق
العاصفة وصلت امام السيارة ووضعت يدها على مسكة الباب وفتحته من دون ضجه ودخلت في
المقعد الخلفي واغلقت الباب بهدوء ثم استعادت تنفسها وحاولت تنظيم دقات قلبها ثم
تمددت في ارض السيارة تقوقعت على نفسها وانتظرت
فجأة سمعت اصوات خطوات وكلام باللأسبانية ثم انفتح الباب من جهة السائق وجلس جوزية
امام مقود السيارة فسمعت ديانا صرير الكرسي ثم انغلق الباب وسمعت اصوات المفاتيح
اقلعت السيارة وصوت المحرك يدوي بقوة

سارت السيارة على الرمال ثم على الحصى ودخلت الطريق المؤدية الى الشارع الرئيسية
حاولت ديانا جاهدة التنفس من دون احداث أي ضجة نجحت خطتها وهي الان في طريقها الى
بونو
وبحذر واحتياط حاولت اتخاذ جلسة مريحة لكنها ظلت تشعر برجيج العجلات واهتزاز
السيارة
ومرت السيارة فوق ثقب في الطريق واضطرت ديانا لإن تعض على شفتيها كيلا تصرخ
وماإن وصلت السيارة الطريق الرئيسي حتى اسرعت وبالتالي خفت عدة الإرتجاجات وتمكنت
ديانا من الجلوس بطريقة مريحة بعض الشئ وكانت تعرف ان الطريق سيستغرق اجتيازة نصف
ساعة تقريبا
وكي تتحاشى الإصابة بتشنج توصلت الى ارخاء قدميها بعض الشئ حتى الان كل
شئ يجري حسب لخطة المرسومة

لكن بعدما تصل الى بوتو ماذاستفعل ادركت انها لم تفكر في ذلك من قبل
فلم يكن لديهاسوى فكرة ثابتة
وهي مغادرة المزرعة هل بإمكانها ان تغادر السيارة من دون ان ينتبه سائقها
انها تشك في ذلك لكن ماذا لو سمعها هل سيؤدي الى نسف خطتها ومتى خرجت من
السيارة كيف ستجد طريقها الى الفندق ؟؟

لم تكن بونو مدينة كبيرة يمكنها ان تسال احد المارة فيدلها على الطريق
وحتى لو حاول لويس غيييارمو اللحاق بها فلن يستطيع خطفها امام الناس ,,

هل هي متاكدة من ان ذلك لن يحدث على كل حال الاكوادور مثل معظم المدن الامريكية
اللاتينية بلد غريب ويعتبر الحوادث الغير مألوفة كأنها حوادث عادية فإذا اقتربت
منها سيارة تمر في الشارع وقفز منها رجل واقتادها الى داخلها فالجميع ينظر الى ماحدث
كأنه شئ عادي وتافه

وقررت في النهاية الاتترك لمخيلتها العنان كل شئ يأتي في وقته ويمكنها ان تنتظر
المشاكل حتى تقع وتحاول حلها

انعطفت لسيارة في كوع حاد وادركت دياتا ان السيارة اجتازت جسرا ولن يبقى امامها سوى
جسرين لتقترب من بونو شعرت بقشعريرة برد ذلك ان مكيف الهواء يعمل بإستمرار داخل
السيارة الفخمة

ماذاستكون ردة فعل جايسون عندما تطلعه ديانا على مغامرتها الصغيرة هذة هل سيضحك ؟
هل سيكون في بونو لتخبره قصتها هذه؟
آآآآآآآآآآه انها تأمل ذلك من كل قلبها
اراحت راسها على ركبتيها وراحت تحلم بأن تراه لدى وصولها الفندق
اذاكان هناك فلا بد انه قرأ رسالتها وسيفاجأ بعودتها بسرعة
هل سيكون سعيدا برؤيتها ,, هل يكون مستعدا للتنازل عن عنفوانه ويأخذها بين ذراعيه ويعانقها
هل سيكون مستعدا ليحبها من جديد بقدر ماهي تحبه ؟
آآه.انها تأمل ذلك من كل قلبها .

قطعت السيارة الجسر الاخير واتجهت نحو الطريق المنحدرة التي تصل بها الى بونو كانت
الكيلو مترات الباقية كأنها اطول من الدهر ....
اخيرا وصلت السيارة الى المدينة ومن مخبأها كانت ديانا تراقب سقو ف المنازل,,,
دخلت السيارة عبر الطريق الضيقة واخيرا توقفت عرفت ديانا ان السيارة وصلت امام
معمل لويس غييارمو
راح السائق يصفر لحنا لم يتوقف عن ترديده لحظة طول الطريق وقد حفظت ديانا اللحن وهي
متأكدة انها لن تنساه ابدا انتظرت لتعرف ماذا ستفعل وبعد دقائق بدت طويلة فتح
جوزيه الباب وخرج ثم اقفله وراءه وابتعد عن السيارة
رفعت ديانا رأسها قليلا ونظرت الى الخارج ورأت رجالا يخرجون من المعمل وشيئا فشيئا
تمكنت من النهوض من مخبأها وشعرت بألم حاد في قدميها فتحت الباب بسرعة من دون ان
تلتفت الى الوراء لترى ما إذا كان جوزييه شاهدها ,,,
خرجت واقفلت الباب وراءها واختلطت بالعمال والمارة
وبسرعه وصلت الى الطريق العام وعرفت انها ليست في حاجه لان تسأل احد كي يدلها الى
الطريق للوصول الى الفندق كانت فرحه جدا لنجاح خطتها وراحت تسرع الخطى غير مصدقة
انها ستصل الى الفندق ....
الغيوم الرمادية تتكدس في السماء والمدينة تغرق في العتمة والعاصفة تقترب

وفي سوق الخضار نفدت بضائع الباعة الهنود بسرعة سيارت الجيب التابعة للشركة النفطية
تتوقف امام الحانة ورجال ببذلات العمل ينزلون منها ويتدافعون داخل المقهى

عندما رأت ديانا الكنيسة القديمة عرفت انها بالقرب جدا من الفندق راحت تحث خطاها
ووصلت امام الساحة وصعدت السلالم القديمة التي تؤدي بها الى مدخل الفندق وكان على
شرفة الفندق عدد كبير من الرجال الجالسين امام طاولاتهم يحتسون الشراب المنعش في هذا
الطقس الحار احدهم تحرش بديانا واخذ يناديها بالإسبانيه وراح الجميع يقهقهون بصوت
بأعلى صوت

كانت الغرفة مظلمة عندما دخلتها ديانا اشعلت النور وشعرت لتوها ان قواها تكاد تخور
بعد هذا التوتر الذي رافقها طوال رحلة الهروب كانت ثيابها تلتصق بجسدها بسبب العرق
الذي تصبب منها وكان شعرها مبللا.
احتست كأسا من المياه المعدنيه ولاحظت في تلك
اللحظة ان الرسالة التي تركتها لجايسون اختفت
نظرت حولها وشاهدت ثياب رجل معلقة في الغرقة

لقد عاد جايسون

راح قلبها ينبض بقوة وخلعت ملابسها في محاولة لتهدئة اعصابها من شدة فرحها.بالنسبة
للحاضر فهي لاتنتظر أي تصرف حسن إذ ان المشاكل بينهما لاتزال عالقة

راحت تفتش في خزانتها عن فستان ترتديه وإذ بها تكتشف انه لم يكن لديها شئ ترتديه.كل
ملابسها بقيت في المزرعة .ولم تجد شيئا تلبسه سوى ثوب السباحة الذي وجدته في احد
الجوارير انه اللباس المناسب في الجو الحار
انفتح الباب وظهر جايسون على عتبته يرتدي قميصا ابيض وبنطلون قصيرا .
كان يحمل في يده زجاجة ماء وكأسا وابريقا مليئا بعصير الفاكهة.

اقفل الباب بضربه من قدمه ونظر اليها وقال بإستغراب :
اهلا.ماهذه المفاجأة.مالذي جعلك تعودين بسرعة؟

وضع الكأس على الطاولة وسكب فيها بعض العصير؛ثم سأل بلا مبالاة :
أتريدين؟

ماذا تشرب؟
بعض العصير المثلج

نعم اريد
قال وهو يتمدد على السرير:
ماعليكي إلا ان تسكبي لنفسك كأسا

اخذت ديانا كأسا وهي تنظر اليه من زاوية عينيها كانت كتفاة تلمعان تحت ضوء القنديل
على الطاولة قرب السرير وكان العرق يتصبب على جبينه

شعرت ديانا ان وجودها قريبة منه يحرضها.فابتعدت عنه بعض الشيء.ووقفت امام النافذة
كانت تشعر كلما اقتربت منه بجاذبية قوية من تأثير سحره الغريب

وهي لاتريد ان تجد نفسها في موقف ضعف عليها ان تسيطر على نفسها.

قاطع جايسون حبل افكارها وقال وهو يتثاءب :
لم تجيبي على سؤالي لماذاعدت من المزرعة؟

لأراك
أتريدين ان اصدقك ؟
هذه هي الحقيقة

اجابها بإستخفاف:
هل انت متأكدة من ذلك؟
لم تعرف ماتقول نظرت اليه وحها لوجه.مماجعله يقول:
اعتقد جيدا اننا نعرف هذه التمثيلية,لكن في المرة الماضية كنت انت التي لم تصدقني عندما كنت اقول الحقيقة.
والآن جاء دوري .
ماهو موقفك حيال إنسان يرفض ان يثق بك؟

خيل الليها انها تعيش كابوسا.تقدمت منه وسألت بخجل:
هل قرأت الرسالة التي تركتها لك هنا قبل ذهابي؟

اجاب ببرود:
نعم قرأتها. وفهمت انك ذهبت تمضين بضعة ايام مع لويس غييارمو .
لكني ارى الآن انك لم تصبري على إنتظار عودتي

لكني قلت لك إني سأعود.كما اخبرتك انه يدعوك للحاق بنا ,,
نظر اليها بارتياب وسكب كأسا من دون ان يرد.
آآه ياجايسون، لا اظنك تعتقد بأني...أني ذهبت معه لإنه يعجبني...هو وانا... آآآه لا!
يالافكارك الشريرة

عادت الى النافذه كانت الحشرات تتطاير في كل الإتجاهات وتحاول الدخول الى الغرفة
برغم شريط يمنعها من الدخول

عادت ديانا تقول بهدوء:
انت تعرف ان لويس لم يعني شيئا بالنسبة إلي فلم اتعرف اليه سوى البارحة
كل مأعرف انه يحب النساء ويغريهن برغم سنه كما اعرف انه يختار عشيقاته من النساء
الشابات والمتزوجات .

يتجنب اتهامه بإغراء الفتيات الشابات على ماعتقد
إذن .عليك ان تعرف لم يجذبني ولالحظة. وليس بنيتي ان اكون عشيقته.ولا عشيقة أي
انسان اخر انا لااحبه واليوم هربت من مزرعته حتى لاامضي ليله اخرى معه تحت سقف منزل
واحد.وعدت كي اراك ارجوك ان تصدق ماقول.

اجابها جايسون بنبرة ساخرة :
وماذا بعد؟

وشعرت ديانا انها واحدة من الحشرات التي تحوم حول السياج قرب النافذة فهي غير قادرة
على عبور الحاجز

نظرت نحو الساحة وكانت الكنيسة مضاءة بالشموع وكان المنظر مؤثرا للغاية ,,,
فسألتة ديانا:
امازلت لاتصدقني ؟

لماذا يجب ان اصدقك ؟انت قادرة على الكذب مثل أي امرأة اخرى تنطقين بالكلمات بسهوله.

ووراء الكلمات الكبيرة فراغ كبير

مثلا غالبا ماقلت: احبك ياجايسون
. وعندما وجدت نفسك امام امتحان حقيقي كنت غير قادرة على مجابهة الوضع انك لم تحبيني ,,,

lovely sky
15-05-2007, 17:42
لم تحبي سوى فكرة ان تكوني زوجتي ,,
كنت فخورة بزوجك امام صديقاتك
توقف عن الكلام وكأنه شعر بالإشمئزاز وشعرت ديانا بالمرارة المتصاعدة من كلماته

اشعل جايسون سيجارة فبادرته ديانا:
لم تكن تدخن....

لم اكن ادخن عندما نكون معا ...
وانت استنتجت اني لا ادخن ابدا ..انت مخطئة في ذلك
وفي امور اخرى عديدة .اه, انت تعتقدين اني ادخن لانفس عن همومي,
او لانسى شيئا ما.
في كل حال انت لست مخطئة تماما .
اني فعلا احاول ان انسى امرا ما منذ بضعة شهور لكني لاادخن لهذا السبب .

ماذا تحاول ان تنسى ؟
امرأة كنت اعرفها

سالته ديانا من دون ان تجرؤ على النظر اليه:
وتدعى كارول؟

كارول ؟من هي؟
كانت مفاجأته صادقة .فاستعادت ديانا قليلا من الامل واضافت وهي تلهو بخاتمها :
انها المرأة التي قابلتها في باريس .لقد كتبت اليك وطلبت منك الحضور
سادت فترة من الصمت .ثم قال جايسون بهدوء :
كيف عرفت بذلك؟ لم اخبرك عنها .

عرفت ديانا ان ساعة الحقيقة دقت .في هذه الليلة ستتوضح الامور بينهما .وربماتمكنا
من التوصل الى قرار يتعلق بمستقبلهما ..

في اليوم الذي سافرت فيه الى هيوستن سقطت رسالة من جيب قميصك و..
قال جايسون بهدوء :
وقرأتها؟
نعم
بقي جايسون صامتا بعض الوقت ثم قال في حدة جعلتها ترتجف :
لماذا لم تخبريني بذلك قبل رحيلي؟
لان.............
..لاني اعتقدت انك ستغضب وتتهمني بالتجسس عليك..آه ,ياجايسون ,اتوسل اليك .اني
اسفة لانني قرأت محتويات الرسالة..
لكن يكفي ما قاسيت من عذاب .ارجوك لاتدعني اسقط في العذاب من جديد ,,,

وضع جايسون رأسه بين يديه:
يا الهي عندما افكر في الوقت الذي هدرناه....
توقف واخذ نفسا عميقا ونظر الى عينيها واضاف قائلا:
إذن هذا هو السبب الذي جعلك لا تصدقيني

هزت رأسها ايجابا كانت عاجزة عن الكلام وهو ينظر اليها كانه يرغب ان يصفعها
وجعلتني اعتقد ان السبب عائد لما قالته لك اونيس لانك تثقين بها اكثر من ثقتك بي

وانت ايضا لم تكن تثق بي
من قال لك ذلك؟ غير صحيح

انت..قلت ان زواجا كزواجنا يجب ان يستند على الثقة المتبادلة.لكن لو كنت تثق بي
فعلا لكنت اخبرتني من تكون كارول؟ ولماذا ذهبت اليها في باريس؟

تنهد جايسون بعمق وقال بصوت واضح :
حسنا ...لنبدأ من جديد

حسنا
وعرفت ديانا انها امام الفرصة المنتظرة وقالت :
ايمكنك ان تقول لي من هي.... كارول؟

ابنه خالي .هي من تكساس ,انها اصغر بنات خالي بيل ,عندما كنت اعيش معه كنا دائما
معا وكارول بالنسبه الي بمثابة اختي الصغيرة .

تنهد جايسون بعمق قبل ان يتابع:
انها تدرس في جامعة السوربون في باريس لنيل شهادة الدكتوراة في اللغات.ولهذا هي
تسكن العاصمة الفرنسية تريدين ان تعرفي لماذا ذهبت اليها؟

همست ديانا بخجل وعدم ارتياح:
اذا اردت ذلك فلا مانع ..
كانت تمر بوضع حساس.حدث لها شيء ولم تكن تريد ان يعرف احد .طلبت مني ان ازورها
.لانها كانت تعتبرني الانسان الوحيد الذي يمكنها ان تثق فيه.ومااستطعت ان اخذلها
وارفض طلبها .وكنت آمل ان تكوني متفهمة .

تردد قليلا ثم اضاف في صوت خفيض:
لم اكن اعرفك جيدا

ماذا يعني ذلك ؟ هل يعتذر منها لانه لم يثق بها تماما ليخبرها عن كارول؟

او حتى لو كان يعرفها جيدا لما وثق بها كما يجب ؟لم تفهم ديانا جيدا ماذا يقصد.
لكنها قررت ان تطلب منه ان يغفر لها الغلطة التي ارتكبتها .

وانا ايضا .لم اعرفك جيدا.. والا لما تصرفت هكذا...
توقفت عن الكلام اذ اغرورقت عيناها بالدموع كل هذه الاشهر الماضية التي افسدتها
اسباب سخيفة من سوء التفاهم والكبرياء العنيد. ثم تابعت وهي تمسح دموعها:
اين كارول الآن ؟

في تكساس, عند اهلها. وحسب رسالتها الاخيرة ,فالطفل بصحة جيدة.
قالت ديانا بتعجب:
الطفل؟

نعم هذه مشكلتها .اعتقد اني الآن قادر على شرح الامر لك.كانت كارول تحب رجلا
فرنسيا. وعندما اخبرته انها حامل .تركها كان متزوجا ولم يقل لها ذلك .
عندما بعثت لي الرسالة كانت في اشد حالات اليأس ,
تريد الأنتحار ,ليس لانها كانت حامل ,انما لان الرجل الذي احبته تخلى عنها .

اغمض جايسون عينيه وراح يمسح عن وجهه العرق المتصبب فلم تقل ديانا شيئا بل كانت
تنتظر ,اذ ادركت انه بات مستعدا لاطلاعها على كل اسراره .

هل تفهمين الآن لماذا لم اكن قادرا على ان اخبرك شيئا.
كانت المسألة مسألة ثقة بيني وبينها .

وجودي معها في باريس خفف من آلامها .وساعدها في ترتيب امورها وعودتها الى
تكساس.رافقتني الى المطار .كانت قد ارتاحت وشكرتني من كل قلبها .اعتقد في تلك
اللحظة بالذات شاهدتنا اونيس معا.

شعرت ديانا بالخجل والندم في آن.فقد اعتقدت ان جايسون ذهب الى باريس لانه على علاقة
عاطفيه مع فتاة تدعى كارول..ولم تكن تعرف ان كارول هذه ابنة خاله .التي كانت في
حالة يأس ساعدها جايسون في التخلص منها .

قالت ديانا وهي مازالت تبكي:
آه لو كنت عرفت الحقيقه قبل الآن..

وراحت تقول في نفسها :لقد ارتكبنا غلطة كبيرة لاننا لم نتبادل الثقة ودمرنا حبنا
هذا الحب الفتي .الطري الذي لم يسنح الوقت ليصبح حبا قويا واكيدا ..

في الخارج هبط الظلام والغرفة مضاءة فقط بالمصباح الكهربائي الصغير الموضوع على
الطاولة قرب السرير كانت ديانا جالسة على حافة السرير لايفصلهما سوى مسافة قصيرة
يكفي ان تمد ديانا يدها لتلمس قدميه وتداعبهما
شعرت بانها ستنجرف وراء احاسيسها ورغبتها فنهضت وتوجهت الى النافذة من جديد في
الخارج الهواء يصعب تنفسه من شدة ثقله والليل الاستوائي كثيف بحيث شعرت ديانا ان
جسمها يكاد ينهار.

قالت ديانا قاطعه حبل الصمت الثقيل:
لابد ان هناك احتفالا او عيدا في مكان ما

انهم عمال التنقيب لقد وجدو ا طبقة نفطية مهمه وهم يحتفلون بهذا الاكتشاف
الاتشعر برغبة في الالتحاق بهم ؟
اجابها بحدة :
لاارى أية مناسبة لاقامة مهرجان
الم تقل ان الابحاث نجحت ؟
من دون شك
فوجئت ديانا من عدم اهتمامه بالموضوع.لقد كانت تتصور ان عمله قبل كل شيء حتى قبل
زوجته

هل هذا يعني ان عملك في الاكوادور يوشك ان ينتهي
لاعرف شيئا
اجوبته المقتضبة بدأت تثير فيها الغضب لكنها تمالكت نفسها عرفت بعد هذه التجربة ان
اغضاب جايسون لايجدي وسألت :
اين قررت ان تكون رحلتك المقبلة؟
ظنت ديانا ان جوابه قد يكشف النقاب عن حقيقة عاطفته تجاه روزا.
الآن وقد عرفت من تكون كارول ,تريد ان تعرف هذه المرأة التي يحاول ان ينساها ,ربما تكون روزا.
اجابها جايسون :
اني انوي البقاء في الاكوادور اني احب البلاد واحب اهلها وكذلك فقد ولدت هنا وتوفي
والدي هنا ايضا.
اشعر بأن جذوري في هذه الارض .
وتذكرت ديانا انها سألت جايسون ما إذا كان ينوي ايجاد عمل مستقر
فاجابها :ليس الان.لست مستعدا لذلك بعد .
لكن في يوم
يوم من الايام. ربما ,, لكن ليس هنا , ليس في انكلترا

والآن.يبدو انه مستعدا لذلك لقد قرر البقاء هنا في هذا البلد الغريب .هل من اجل شخص
معين .هل لإنه يحب روزا؟

واضاف جايسون :
سأبقى في المؤسسة ذاتها
سألته ديانا:
أهذا هوالسبب الذي جعلك تفكر في شراء بيت في كيوتو؟

من قال لك ذلك؟ ألايمكن للإنسان في هذا البلد ان يحتفظ بشيء له
جيراد.صاحبة الفندق اخبرتني بذلك .وهي تعتقد انه لهذا السبب بالذت جئت الى هنا

اجابها بضحكة وقحة :
صحيح كنت افكر في شراء منزل لكن ذلك كان منذ مدة طويلة .

كنت افكر في مشاريع وهمية ! كنت احلم أن يكون لي منزل استقر فيه مع اولادي .

ومن كنت تريد اما لأولادك .روزا غييارمو؟

انتفض جايسون في غضب وامسك ذراعها وبسرعه وضعت ذراعها الاخرى فوق عينيها تفاديا
لأية صفعة
كلا ...كلا..لاتخافي .انا لااضرب النساء حتى لو كنت تستحقين ذلك .اذن لم يتغير شيء السنة الماضية كانت كارول في باريس وهذه السنه روزا في الاكوادور .
الفارق الوحيد هو انك لست بحاجه لاونيس لتلقنك دور المرأة الغيورة

كانت عيناه الزرقاوان تطلقان بريقا غريبا .ووجهه اصفر كالرخام وبدت قطرات العرق
تتصبب على جبينه .

lovely sky
15-05-2007, 17:53
تلعثمت ديانا وهي تقول :
جايسون ..انا اسفة..انا..ما..كان يجب ان اقول ماقلته

ولكنك قلته..الآن اعرف كيف تنظرين الي انت بالذات ولا احد سواك

لا, ,,,
لا,ليس انا.انها روزا .لقد امضت النهار كله وهي تخبرني عنك .
قالت لي انه جعلتك انسانا سعيدا.
وكانت تعزف لك على القيثارة وتأخذك في نزهات على ظهر الحمار.اني..اني
اكرهها ولهذا السبب لم ابقى في المزرعة .

قطب جبينه وعض على شفتيه وعرفت ديانا انها لمست الحقيقة.

وفجأة سألها جايسون ,في نبرة شبه هادئة:
ماذا قالت ايضا؟

طلبت منك ان تتزوجها ولم تكن تعرف انك رجل متزوج .فلم تخرها بذلك ولم تخبر احدابذلك
وان لاافهم لماذا؟

انتظرت من جايسون تفسيرا على ذلك لكنه اكتفى بهز كتفيه فتابعت تقول:
عندما عرفت من انا تصورت اني جئت الى الاكوادور لاطلب منك الطلاق

اذن .كوني صادقة مرة واحدة الم تفكري في الطلاق ؟

اعترفت ديانا نادمة :
بلى والمسئول عن ذلك شخص اخر
اونيس؟
نعم .وبول.

ضحك جايسون وقال آه ,آه,لااستغرب
لماذا,لماذا تقول هذا؟,ماذا تعرف ما لااعرفه؟

استدار ونظر اليها وجها لوجه.كان يبدو كانه ينظر الى فتاة صغيرة تحتاج بعض النصائح
مثل إبنه خاله كارول .
عندما استنجدت به ليساعدها .وشعرت ديانا فجأة بانه لم يكن
يتوجه الى زوجته بالحديث بل الى شقيقته الصغيرة اجاب قائلا:
اني اعرف اشياء كثيرة عنها .انت تعرفين اني اعرفها قبل ان التقي بك.اونيس وانا
خرجنا معا ,مرتين او ثلاث مرات وحضرنا بعض الحفلات الموسيقية .لكنها لم تكن تناسبني
.
وعرفت ديانا لماذا كانت اونيس تغار منها.اونيس تحب جايسون ! ولهذا هي حاقدة لأن
جايسون تزوج ديانا..

"اما بول. فكان يفضل ان يتزوج ابنه مديرة.يعني انت
وهكذايؤمن مستقبله بمؤسسة متينه
.اي إنسان اخر كان قادرا على إدراك الأمر إلا انت ايتها الفتاة المسكينة البريئة" .
تنهد ورفع عن جبينه خصلة شعرة المتمردة واضاف:
الهذا السبب جئت؟
اما زال بول يريد ان يتزوجك ؟
وانت, هل ستتزوجين منه عندما تتخلصين مني؟

قالت ديانا بعنف:
قلت لك اني لم اكن على علم بوجودك هنا في الأكوادور
"لكن كريستوفر كان يعرف جيدا انني موجود هنا .الم تخبريه بمشاكلنا "
"اسمعني ياجايسون ,اقترح والدي ان امضي عطلتي برفقته .هل تحاول التخلص مني حتى
تتزوج من روزا ؟هي المرأة التي تحاول ان تنساها؟هل من اجلها فكرت بشراء منزل ؟"

حول جايسون نظرة عنها واتجه نحو الباب .ثم توقف وسألها :
إذا قلت لك نعم ,هذا مااريده .ماذا تفعلين ؟

وبدورها حولت نظرها عنه حتى لا يرى الحزن العميق في عينيها.
هاهي اللحظة التي كانت خائفة منها .حان الوقت لتتخذ اصعب قرار في حياتها .
كانت يداها ترتجفان وقلبها يخفقة بسرعه.
ثم راحت تنظر الى السماء المكثفة بالغيوم

سألها جايسون في صوت خفيف:
هل تحتاجين إلى كل هذا الوقت لتردي على سؤالي؟

"اني ..اني.. اوافق على الطلاق .حتى تتمكن من الزواج منها."
عم صمت متوتر والسماء تبرق والرعد يدوي

سألها جايسون:
"هكذا من دون تردد؟"
"نعم"

فقال بصوت حاد:
"انت حقا إنسانة شهمة وكريمة"
استدارت لتواجهه وجها لوجه .كان قريبا منها حتى كانت قادرة على ان تستنشق رائحة عرق
جسمه وتنفسه .
فلم يكن لديها سوى رغبة واحدة ،ان ترتمي بين ذراعيه وتضمه اليها بشدة

.لكنها تراجعت خطوة الى الوراء .
اكمل جايسون كلامه :
"مادمت سخية الليلة يمكنك ان تفعلي شيئا من اجلي "

"نعم .ماذا؟"
رجعت الى الوراء خطوة ثانية وهو يقترب منها من جديد فقالت بعصبية :
"والدي قال لي ان علينا ان نتناقش معا.وحسب رأيه انها الطريقة الوحيدة من اجل تسوية
الامور"
"والدك رجل عاقل. وانا سعيد لانه قرر ان يصطحبك معه ,لكن الكلام ليس وحدة وسيلة
التعبير "

وراح جايسون يداعب ذقنها بلطف .ثم امتدت اصابعه نحو عنقها .فشعرت ديانا بقشعريرة

تجتاز جسمها كله .احنت راسها وهمست :
"ماذا تريدني ان افعل؟"
"ماكنا نفعله عندما كنا معا .شيء انتظره منك. مادمت زوجك "

وبضغط خفيف على يدها جعلها تقترب منه لكنها وضعت يدها على صدره لتبعده عنها .
من المستحيل ان تجعله يلمسها ,بعدما طرحا موضوع الطلاق
وهمست بتصميم وعزم :
"لا,لا ,ياجايسون"
"لم لا؟مازلنا متزوجين .وما نفعله ليس ضد القانون ,انما العكس في كل حال نحن الآن
في بونو والليل عاصف..."

لا, لن تدعه ينام بقربها مادام لا يحبها .لم يفكر في شيء اخر منذ عرفته .
والليله بعدما عاد من الادغال يبحث عن شيء يلهو به وهاهي زوجته بقربه .في متناول يده.
قالت ديانا وهي تتخبط لتتخلص منه :
"لا"
لكنه ظل يشدها بين ذراعيه وحاول ان يعانقها لكنه ظلت تحاول التخلص منه .
"لا ارجوك .دعني هناك اشياء كثيرة يجب ان توضحها قبل ..آه يا جايسون ألا تفهم؟ اني
لا اقدر !لااقدر !"
اجابها بسخرية :
"صحيح ,في هذه الحالة يجب ان افكر في وسيلة لاقنعك بذلك.اليس كذلك؟

"اذا.اذا لجأت الى القوة فلن اسامحك ابدا "
وراح جايسون يهمس في اذنيها :
لكن يجب ان تعرفي .بعد كل ماحصل,لاأبالي اذاسامحتني او لم تسامحيني"
قررت ديانا الإستسلام له في البداية لتجد مناسبة للإفلات منه .ظلت تضربه على كتفيه
وتدير وجهها عن وجهه لكن دون جدوى .

ولم يسمعا صوت المطر الذي كان يقصف سقف الشرفة .كانا منجرفين في سيل حبهما ,
حتى انهما نسيا مايجري في العالم الخارجي .
وبعد هدوء العاصفة .شعرت ديانا بجوع يمزق معدتها فسألها جايسون :
"اني اسمع ضجة غريبة"

"انها معدتي .اني جائعة فلم اتناول الغداء "
"لماذا؟"
كانت ديانا تنظر اليه بعينين مليئتين بالنعاس ,كانت جلدته السمراء تلمع تحت ضوء
القنديل ,وجسمه كان يشبه جسم رجل رياضي .

وراحت ديانا تخبره عن هروبها من المزرعة.وكان هو يداعب ذراعها وفي الوقت نفسه يصغي
الى ماكانت تقوله .وبعد ان انهت قصتها قهقه جايسون وقال :
"لابد ان لويس غييارمو فقد عقله !انه يبحث عنك في كل مكان .من دون ادنى شك."
"ربما يجب ان نتصل به هاتفيا ونخبره اني هنا بالفندق واني على مايرام "

اجابها جايسون وهو يتجه نحو الباب :
"كلا, دعيه يقلق .ماحدث يجب ان يكون درسا له"

سألته ديانا خائفة :
"الى اين انت ذاهب؟"

ضحك بسخرية:
سأجلب لك شيئا تأكلينه ,لإسكات معدتك .وانا ايضا جائع.لا تخافي .
اني عائد.

فلم ينته الليل بعد........."


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

ورده قايين
16-05-2007, 21:07
7- الوجه الآخر لسيد المزرعة

اطلقت ديانا زفرة واستيقظت من دون أن تفتح عينيها مدت قدميها وشعرت بالصفاء والاسترخاء والسعادة 00 حاولت إطالة هذا الإحساس وابتسمت لنفسها عندما تذكرت سبب هذه السعادة 0
مدت يدها في اتجاه جايسون وهي مازالت مغمضة العينين 0 لكنه لم يكن قربها 0 وللحال فتحت عينيها وانتصبت واقفة 0 لقد رحل0
أصيبت بصدمة وهبطت من سريرها وراحت تفتش عن أغراض جايسون - لا شيء0 كلها اختفت 0 إذا فقد غادرها بصورة نهائية 0 وراحت تبحث في كل أنحاء الغرفة علها تجد رسالة منه لكن عبثا0 اطلقت زفرة مرة وراحت تجر قدميها حتى وصلت إلى السرير وسقطت فيه وتقوقعت تحت الدثار0
وكما قال جايسون مساء أمس لا شيء تغير كما في الماضي علاقتهما تتجدد بليله واحدة أو أكثر, ثم يليها الأختفاء المفاجئ0 ويتم كل شيء قانونيا, فهناك عقد زواج طبقا للأصول 0 وهذا يعني إن ما حلمت به بأنهما توصلا أخيرا إلى الاقتناع بضرورة إقامة زواج حقيقي, لن يتحقق0
إن رحيل جايسون المفاجئ دمر كل امنياتها وأحلامها 0 لو كان يحبها فعلا لطلب منها أن ترافقه لماذا لم يقل لها أنه مضطر إلى الذهاب غدا صباحا؟ أو على الأقل لماذا لم يترك لها رسالة يشرح فيها إين سيكون؟
لقد رحل0 وليس في ذهنها أي فكرة عن إمكان العثور عليه أو متى سيعود0 وهل هو عائد؟
إنها تحبه0 وهي متأكده أنها لن تحب رجلا غيره حتى لو تخلى عنها0
ولذلك تشعر الآن بالغيرة تنهشها0 لم تعد تغار من كارول 0 بعد أن عرفت من تكون بل هي تود أنت تتعرف إليها وعلي ولدها0
تتمنى أن يكون لها ولد من جايسون0 !
تذكر ت ديانا فجأة ردت فعل جايسون عندما لفظت اسم روزا 0 غضب 00لماذا غضب؟ هل لأنه يحب هذه الفتاة صغيرة ؟
لم تعرف حتى الآن ما إذا كان جايسون يريد الطلاق منها ليتزوج روزا 0
هذا هو جايسون0 إنسان حر0 يتحكم بنفسه تتعذر السيطرة عليه وهي تحبه هكذا لو كان إنسانا مختلفا لما احبته تخاف أن تخسره إلى الأبد0
أحست ديانا بالجوع فنهضت من سريرها وأرتدت الفستان الذي أرتدته أمس بعدما غسلته 0 إنه فستان الوحيد الذي تملكه هنا في بونو 0 فكل ما تبقى موجود في المزرعة وفي منزل ماريا في كيتو 0
وتذكرت ديانا لويس غييارمو لا شك إنه حانق خائف معا 0 كان يجب على جايسون أن يعلمه بأمر عودتها 0 لماذا رفض لابد إنه لا يحب لويس بسبب غامض 0
نزلت ديانا الطابق الأرضي والتقت وجها لوجه صاحبة الفندق0 فوجئت جيردا عندما رأتها وقالت :
- يا إلهي 0أنت هنا؟

- نعم عدت البارحة بعد الظهر0 ألم يقل لك جايسون اني عدت ؟
- لم اره 0
- لم تره صباح اليوم0
- لا 0لكن أعرف إنه سيغادر الفندق اليوم0 اذ سدد الفاتورة البارحة 0 كما دفع عنك مسبقا ليلتين إضافيتين هل هذا يناسبك ياسيدة كلارك؟
- اوه 00نعم نعم أعتقد ذلك0
لم تفهم ديانا شيئا لماذا لم يطلعها جايسون على هذه الأمور؟
وأكثر من أي وقت آخر تأكدت ديانا إنه قرر التخلي عنها إلى الأبد0
أضافت جيردا تقول :
- لكن لم أفهم 0 جاء السيد لويس غييارمو بنفسه منذ بضع دقائق ليسأل إذا كنت هنا0 قلت له أنك مازلت في المزرعة فبدا عليه الانزعاج 0 ماذا فعلتي له حتى صار في هذه الحالة0؟
- أين هو الآن؟
- في المستشفى ذهب ليبلغ والدك أنك اختفيت , وإنك لا شك ضائعة في الأدغال التي تحيط بالمزرعة 0
- آه 0لا 0
اسرعت ديانا نحو الباب فنادتها جيردا:
- إلى أين أنت ذاهبة ؟ يجب أن تخبريني ربما جاء أحد يسأل عنك ويجب أن أعرف أين سيجدك
- في المستشفى0
أسرعت قدر الإمكان لكن الطريق كان مستنقعا حقيقيا 0 وكأنت ديانا تتعثر في الماء الموحلة 0 لكنها لم تبال تريد أن تصل إلى المستشفى قبل أن يتبلغ والدها نبأ اختفاءها0

ورده قايين
16-05-2007, 21:10
أمام المستشفى شاهدت سيارة الكاديلاك وأمامها يقف جوزيه ويصفر 0 فلم يرها تدخل0
سمعت أصوات شجار باللغة الإسبانية 0 وشاهدت لويس غييارمو يتناقش مع ممرضة مختصة في قاعة الانتظار ويلوح بيديه , ولما سمع صوت ألباب التفت إلى الوراء ذهل وحملق فيها وقال:
- يا إلهي هل أنت ديانا حقا لست مصابة بشيء ما؟
- إني على ما يرام0
- أين كنت ؟ كيف وصلت إلى هنا؟ يا إلهي لم ما امضي ليلة بيضاء كهذه من قبل 0 حتى ليلة ولدت روزا 0 لقد اعتقدت أنك ضعت في الغابة0وكنت أتساءل كيف سأخبر والدك وجايسون بالأمر0
- إني آسفة يا سيدي لكني لم أقدر أن أبقى في مزرعتك بعد المعلومات التي أطلعتني عليها روزا0
- روزا ؟ ذهبت بسببها؟ لكني لا أفهم فهي خائفة جدا من أن تكوني ضعت في الأدغال0 عندما اكتشفت أنك لم تكوني في المنزل0 يجب أن تخبريني ماذا قالت لك؟
- ألقى لويس نظرة إلى الممرضة التي كانت تراقبهما بفضول0
- حاولت أن أرى والدك لكن هذه الممرضة رفضت أن تدعني أدخل0 ألظاهر أن مواعيد الزيارات لم تحن بعد 0 ما هذا النظام غير المعقول؟ لا يمكننا أن نستمر في الحديث هنا0 تعالي إلى السيارة 0
- شرط أن تعدني, ألا تخطفني0
قال في دهشة:
- أنا؟ لن اخطفك لأي سبب كان 0 يا سيدتي0 خاصة بعدما عرفتك انت إنسانة متعبة وكذلك هذه الأمور لم تعد تهمني لو كنت أصغر بعشرين سنة لكان الأمر مختلفا 0 لكن اليوم أفضل حياة هادئة 0تعالي لنخرج0
قال ديانا وهي تتبعه:
- لم أتناول بعد فطور الصباح ما رأيك لو نذهب إلى الفندق أعتقد أن لا مانع لديك0 يمكننا هناك أن نتحدث0 بينما أستعيد قواي من جديد 0 ويمكنك أن تأخذ معي فنجان القهوة0
أجابها مبديا استياءه:
- إني أعرف أماكن أفضل من تلك لتناول القهوة لكنني ارافقك عن طيبة خاطر0
وفي الفندق لم تكن زيارة سيد السكر خفية من دون أن يلاحظه أحد0 وكانت السيدة جيردا 0 صاحبة الفندق فرحة بوجوده في مقهى الفندق , وتصر على معرفة رأي زبونها في نوعية القهوة التي قدمتها إليه0 أما هو فكان غاضبا فأجابها بنبرة خاطفة:
- نعم نعم يا سيدتي إن القهوة لذيذة الطعم 0 أما الآن فأرجوك ان تتركينا 0
وما أن خرجت جيردا من غرفة الطعام حتى انحنى لويس نحو ديانا وسألها:
- والآن يا ديانا أرجوك أخبريني كل شيء لماذا تركت المزرعة؟
وكيف تمكنت من الوصول إلى بونو؟
وفضلت ديانا الا تخبره عن تصرف روزا واكتفت بأن أطلعته على تفاصيل هربها0
فكان يراقبها وهي تتكلم وكانت انفعالاته تتراوح بين المفاجئة والتمتع والانزعاج 0 وما أن انتهت من روايتها حتى قال:
:
- يا للهول لماذا خفت ان تطلبي مني اعادتك إلى بونو , يجب أن تخبريني ما كانت روزا تلمح إليه بالفعل 0 وسأعاقبها اذ كانت مذنبة 0
أجابت ديانا متعجبة :
- لا أرجوك لا تفعل ذلك0 لن أخبرك شيئا إذا كنت تنوي أن تعاقبها 0 لم تكن لطيفة معي0 لكن كانت لديها مبرراتها0 لقد شوشتها في السهره وهي لم تخرج بعد من توترها0
- إنني معجب بإرادتك يا ديانا 0 لكن إذا كنت مصره على لا تخبرينني شيئا سأضطر إلى ان اعاقب روزا0 آلا ترين إن ذلك غير عادل0 هيا قولي كل شيء0
شعرت ديانا أنه تغلب عليها بحجتة هذه 0 فراحت تخبره كل ما قالته روزا خلال النزهة0 واحمر وجهها عندما اضطرت إلى أن تشرح له ما قالته روزا من أنها اختارها لتصبح عشيقته الجديدة0 فابتسم في هزء وقال:
- إن الصوره التي ترسمينها عني ليست مديحا00 لا 0لا 0 أرجوك لا تعتذري0 إن ذلك يريحني أن أرى نفسي من خلال عينيك0
ويمكنني القول أن فكرة روزا ذكية جدا0 وذلك باستغلال سمعتي السيئة تجاه النساء لتحصل منك على ماتريده 0لكنها لم تكن تعرف مدى شجاعتك وعزمك 0
كما أنها لم تكن تعرف السبب الحقيقي الذي من آجل دعوتك للمجيء إلى المزرعة0
فسألته ديان للحال:
- وما هو السبب؟
- كنت أريد أن أصدمها حين أجعلها تتعرف إلى زوجة جايسون, زوجته الشرعيه التي لم يخبرها جايسون عنها0 وكنت آمل بذلك أن ابرهن لها أن جايسون كذب عليها0 بعدم إخبارها الحقيقة 0 في الواقع كنت أود أن أشوه صورة جايسون في عينيها0 حتى تكف عن حبه0
- لكن لا أفهم لقد شرحت لي بنفسك ماذا علي أن أفعل حتى يصبح زواج روزا من جايسون ممكنا0
أجابها وهو مقطب الحاجبين :
- متى قلت لك ذلك؟
- عندما كنا نتناول القهوة في غرفة الاستقبال0 قلت لي أنه إذا تم طلاق بيني وبين جايسون سيصبح ممكنا زواج روزا منه 0
- آه صحيح , لقد تذكرت 0 لكنك لم تفهمي ما كنت اقصد 0 كنت اريد فقط معرفة ما اذا كنت تنوين الطلاق 0 كنت اريد معرفة حقيقة عواطفك تجاه زوجك 0 وكل ما فهمت هو انك تحبينه 0 وفجأة ومن دون ان اعرف السبب خرجت وتوجهت الى غرفتك 0 قررت ان اتبعك حتى نتابع حديثنا , لكن قلت لنفسي ليس ثمة سبب للعجلة يمكننا متابعة الحديث في الغد , بعد ان اعود من بونو 0
توقف عن الحديث منتظرا منها ان تجيبه 0 لكن ديانا شعرت بحيرة تجاه موقفه غير المنتظر ,ولم تعرف ما تقوله فتابع لويس حديثه قائلا :
- لقد ارتكبت غلطة واحدة اني نسيت اعتبار غيرة فتاة شابة ذات مزاج حار0 أعني بذلك روزا 0 كانت ردة فعلها عنيفة 0 وبالتالي كانت ردة فعلك انت عنيفة ايضا 0 اني الآن اتصور ما حدث بينكما 0 مثل هرتين غاضبتين ! وانني نادم لأنني لم اكن موجودا لأرى ذلك المشهد 0 لابد انه كان مشهدا رائعا 0

ورده قايين
16-05-2007, 21:11
كانت وقاحته تثير في ديانا ثورة خافية وشعرت بعدم قدرتها على الرد عليه0 لكنها أدركت أن شرحه لا يشوبه أي خطأ, كيف اعتقدت إنه دعاها إلى المزرعة من آجل اغرائها 0؟
سألها لويس وهو يراقب عينيها الثاقبتين :
- آلا تصدقينني؟
- اود أن أصدقك لكن ذلك صعب علي0 بعد الذي جرى في السيارة0
- نعم ,بكل تأكيد00 كيف أجيبك؟ نحن الأكوادوريون شعب كريم0 وحار0 هل تتفقين معي؟
- نعم0
تابع لويس حديثه وهو يضع يده على قلبه:
- إننا نشعر بالأشياء بكل قواها0 كما أننا نظهر عواطفنا امام الآخرين0 يا ديانا 0 كنت اعرف أنك إنسانه حزينة وتعيسة 0 لقد أخبرتني شقيقتي مشاكلك مع جايسون 0 وكنت أريد أن أهون عليك الأمور واقوي عزيمتك 0 هذا كل شيء هل تصدقينني الآن؟
- إذا كان كل ما تقوله صحيحا فلا بد أنك تصورت انني إنسانه ساذجة0 بعد هذا الهروب الأحمق0
- لا 0 لم اتصورك إنسانه ساذجة0 بل ربما إنسانه متوترة لكنك لا شك نسانه حساسة ومن السهل معرفة ذلك0 قولي هل كان جايسون موجودا في الفندق لدى عودتك ؟
- نعم 0
- أود أن آراه0


- هذا مستحيل فقد رحل من جديد0
- بهذه السرعة إنه إنسان غريب الأطوار يا للأسف 0 علي أن أذهب الآن هل بإمكاني أن أفعل شيئا لك أو لوالدك؟
- لقد تركت حقيبتي في المزرعة, هل يمكنك أن تعيدها الي ؟
- بالطبع سيهتم بذلك السائق نفسه0 سيتعجب كثيرا عندما يعرف بأية طريقة عدت إلى بونو 0 إنه ليس فقط سائقي , بل مرافقي أيضا وارتكب غلطة مهنية كبيرة0 إذا نسى أن يفتش السيارة قبل الرحيل0
صرخت ديانا :
- أمل الآ تعاقبه !
- هذا رهن الظروف 0 إني ادفع له معاشا من آجل أن يؤمن لي الطمأنينة0 والأمن الشخصي0 إذا وجدت عقابة عادلا فلن أتأخر عن ذلك0 الى اللقاء يا ديانا 0
وأجابت وقد ارتاحت لقراره بالانصراف:
- إلى اللقاء يا سيدي0
لم تكن ديانا متأكدة تماما إنه أخبرها الحقيقة0 لكنها فهمت إنه صارم0 يجد لذة في تحريك الآخرين0 وقد ارتكبت روزا غلطة كبرى 0 لأنها وقعت في غرام رجل, غير الرجل الذي اختاره لها والدها0 ولذلك فلم يسامحها 0
وراحت ديانا تقارن بين والدها ولويس 0 لاحظت فرقا شاسعا بين تصرفات الرجلين0 وتبين لها أن والدها رجل متسامح لم يمنعها مرة من أن تفعل ما تريده0 وعندما قررت أن تتزوج من جايسون ساورته الشكوك لسرعة الأحداث المتتالية0 لكنه وافق على هذا الزواج وباركه 0 والآن على طريقته الخاصة 0 ومن دون أن يفرض رأيه 0 كان يفعل كل ما في وسعه للحفاظ على هذا الزواج0
عادت ديانا إلى المستشفى0 كان والدها يتمشى داخل غرفته 0 ذهابا وإيابا 0 يمرن عضلاته 0 التي أصبحت مترهلة بسبب بقاءه مدة طويلة في السرير 0 وهذا يدل على أن صحته تحسنت0 فلما رآها قال متعجبا:
- ديانا ! لم أكن أنتظر مجيئك قبل نهار الغد0
- لقد00 لقد عدت البارحة0
فضلت ألا تخبره عن هربها من المزرعة0 ربما اعتبرها عملية وقحة وسوء تصرف من جانبها تجاه صاحب المزرعة0
ثم تابعت تقول:
- إني سعيدة لرؤيتك تمشي0
أجابها مبتسما:
- إني أستعد للرحيل0 سأتعرض إلى كشف طبي آخر في كيتو 0 وسأزور طبيبي لدى عودتي إلى لندن 0 في إمكاني الذهب غدا 0 لكن لم أكن أنتظر منك أن تعودي بهذه السرعة 0 ما جرى ؟الم تعجبك إقامتك في المزرعة0؟
- كلا0 ليس هذا بالطبع كنت أريد رؤيه جايسون
0
- هل رأيته من جديد؟
- نعم 0
- حسنا 0 زارني بعد الظهر أمس0 وقد حجز لي مقعدا في الطائرة للعودة0
إني مدين له بالكثير بعد هذا الحادث0 وشكرته على كل ما فعله من اجلي 0
رمقها بنظرة وأكمل قائلا :
- كان يبدو منزعجا بسبب زيارتك لمزرعة لويس غييارمو 0 الظاهر أن لويس يحب النساء0 الهذا السبب تركت المزرعة بهذه السرعة؟
- إنه أحد الأسباب0
- أفهم 0 هل سنحت لك الفرصة للتكلم مع جايسون؟ هلهناك امرأة أخرى؟
- نعم 00لقد 00 لقد اقترحت عليه الطلاق إذا أراد إن يتزوجها 0
- وماذا كان جوابه؟
- إن ذلك كرم من جانبي و00
توقفت ديانا فجأة وتذكرت ماذا جرى بعد ذلك0
- و00 هل اقتنع بضرورة الطلاق؟
- لا أعرف, لم يقل لي شيئا0 والآن ذهب من جديد0 الا تعرف إلى أين ذهب؟
- الى كيتو على ما أعتقد0 عليه أن يقدم تقريرا حول طبقة النفط التي وجدها أخيرا0 إنه منهمك جدا في هذه الفترة0 يجب ألا تدهشي إذا بدا عليه الشرود, إذا لم تقرر شيئا بشأن الطلاق؟
- كلا 0
- ومن هي تلك المرأة اتعرفينها؟
- اني 00اعتقد انها روزا غييارمو 0
- لهذا السبب غادرت المزرعة أليس كذلك؟
- نعم سبب من ألأسباب0
- لكنك تقولين إنك تعتقدين إن تلك المرأة هي روزا غييارمو , ألست متأكده من ذلك؟

ورده قايين
16-05-2007, 21:12
- كل ما اعرفه هو أن هناك أمرأة أخرى , وان روزا مغرمة به 0
أجابها كريستوفر بهدوء:
- لا يعني أن جايسون مغرم بها0
- أعرف لكن لا آرى من تكون تلك المرأة قال لي جايسون أنه أمضى شهور عديدة يحاول نسيانها 0
- لكن لم يقل لك من تكون؟
- لا0
- في هذه الأحوال إنك لا تعرفين شيئا0 إنك تتخيلين فقط 0
تنهد وأضاف :
- يبدو أنك لم تصلي إلى نقطة عميقة في مناقشاتك معه 0
- لكن جايسون يكتفي دائما بالتلميح لا يحب أن يتكلم عن نفسه0
- نعم 0 لاحظت ذلك, قولي ألم يخطر لك أن تسألي نفسك إذا كانت المرأة التي يحاول جايسون أن ينساها منذ شهور عديدة ربما تكون أنت؟
- انا ؟
- نعم0 بالطبع أنت زوجته المرأة التي تزوجها وهو يعرفها معرفة سطحية0 والتي أساءت إليه مرتين000
قالت وهي على وشك البكاء:
- لم أكن أريد أن اؤذيه لم أكن أعرف إنه رجل حساس لهذه الدرجة0
- نعم 0 لا شك إنه يخفي انفعالاته 0 لكن ألا تعرفين يا ديانا أنك آذيت الرجل الذي تحبين والذي يحبك0
سألت ديانا في استغراب :
- جايسون يحبني ؟
- لنقل إنه كان يحبك 0 والذي يشعره تجاهك اليوم 0 شيئا آخر أني آمل أن تنجحي في الاتفاق معه0 بطريقة أو بأخرى قبل عودتنا إلى أنكلترا 0 أي بعد 4 إيام0
قالت مستغربة:
- لكني لا أعرف إذا كان سأراه حتى ذلك الوقت0 لو اراد أن يراني لكان قال لي أين ذهب 0 لو ترك لي رسالة على الأقل0

- ليس هذا ضروريا0 ربما لم يتسنى له الوقت للكتابة0 ربما لم يجد ورقة أو قلما 0 هناك أسباب عدة بسيطة0 يا حبيبتي0 وإذا واصلت التفكير هكذا بالنسبة إلى أمور تافهة 0 فلن تكون سعيدة أبدا مع رجل مثل جايسون 0 يجب أن تعتادي أن تحبيه كما هو 0 وأن تثقي به 0 إنه يعرف أنك ستصبحين في كيتو 0
بعد غد , ويعرف أيضا أننا سنعود إلى لندن بعد 4 ايام 0
شكرت ديانا والدها بحرارة للنصائح الجيدة التي قدمها لها وودعته وتوجهت فورا الى الفندق 0
ولدى وصولها فوجئت عندما علمت إن رسالة تنتظرها0 وجاء فيها إنه إذا أراد يمكنهما هي ووالدها أن يسافرا في الغد الى كيتو 0اي من بعد غد 0 وإن أماكنهما محجوزة في الطائرة 0 فرحت ديانا لهذا التغيير وعادت الى المستشفى لتطلع والدها على الخبر0
قال لها والدها:
- هذا التغيير سببه جايسون 0 بكل تأكيد0 بعد أن عرف أنك عدت من المزرعة0 فهم اني لم اعد أرغب في أن أضيع وقتي هنا في بونو 0
في الصباح الغد ودعت ديانا جيردا التي كانت منفعلة لدى رؤيتها تغادر الفندق0 وكانت المدينة الصغيرة ملبدة بالغيوم , ورذاذ المطر يتساقط باستمرار 0 والطرقات تشبه جداول صغيرة0
عندما أقلعت الطائرة عرفت ديانا أنها لن تنسى أبدا تلك المدينة الصغيرة على حافة الأدغال0 بونو 0 وستبقى في ذاكرتها الحرارة المرتفعة ونعيق الضفادع 0 والمزروعات الخضراء0 وصورة جايسون عندما كان عشيقها ذات ليلة عاصفة0
كانت الطائرة تحلق فوق وادي نهر نابو 0 ثم ترتفع لتمر فوق سلسلة من الجبال0 كان الهواء يخفي شيئا فشيئا داخل الطائرة0 وكانت ديانا ترى أمام عينيها نقاط سوداء تتراقص0 ولعدة دقائق كان من الصعب التنفس0 ثم اتجهت الطائرة نزولا صوب كيتو حتى هبطت في المطار 0
وتبين لديانا أن والدها لم يتألم أبدا خلال الطيران 0 وتوجها نحو باحة المطار الصغيرة وبدأ قلب ديانا ينبض بسرعة كثيرة0
ربما يكون جايسون هناك في انتظارها0
هذا يعني إنه مازال يحبها وان الطلاق لن يتم0
وبضحكتها الواسعة كانت ماريا سواريز في استقبالهما0 يرافقها سانشو 0 راح الجميع يتبادلون القبلات 0 وحاولت ديانا أخفاء خيبة أملها وتصنعت الأبتسام0 لكن شيئا في داخلها كان قد تحطم0 لأنها لم تجد جايسون في استقبالهما كما توقعت وكما كانت تتمنى0

ورده قايين
17-05-2007, 01:22
8- الخروج من الجحيم!


من بعيد كانت المدينة تلمع تحت أشعة الشمس وتبرز خضرة الجبال المحيطة0 وكانت قمة البركان المنتصب تشبه هرما بلوريا 0 والسيارة التي تقل ديانا تقترب من كيتو 0 وهكذا يشرف يومها الأخير في الأكوادور على الانتهاء0 إلا إذا حدث شيء غريب0 هذا ممكن في هذه البلاد الساحرة0 غدا إذا عليها أن تعود مع والدها إلى أنكلترا0
اطلقت ديانا زفرة عميقة من دون انتباه 0 فسألتها ماريا سواريز الجالسة بقربها وهي تربت على كتفها:
- هل أنت متعبة يا عزيزتي إنني لا أستغرب أن تكون فعلا متعبة0 لقد استيقظنا جميعا قبل الفجر0 لكن هذا أمر له قيمته , أليس كذلك؟ حسب رأيي أن سوق اوتافالو هي من أجمل الأسواق في البلد وأكثرها تنوعا في الألوان0
استأجرت ديانا وماريا سيارة مع سائقها للتوجه إلى اوتافالو , وهي مدينة صغيرة تقع على بعد كيلومتر شمالي كيتو 0
أجابتها ديانا:
- نعم لا شك أن رؤية هذه السوق امر ممتع0
وبالفعل كانت ديانا مسحورة بهذا السوق الهندية , لكن منذ وصولها إلى كيتو مساء أمس وهي ما تزال تشعر بالتعب بصورة مستمرة0 كانت تعرف أن انعدام حيويتها ناتج من تنقلاتها العديدة في البلاد ومن التغيرات المفاجئة في الارتفاع0
لكنها في أعماقها كانت تعرف أن السبب الحقيقي لهذا الإرهاق ليس سوى غياب جايسون 0 إنها تعرف جيدا ذلك الإحساس لقد سبق وشعرت به من قبل لكن هذه المرة كان شعورها أسوأ بكثير التعب لم يخف ولا لحظة واحدة 0 حتى إنه ازداد منذ هبوطها من الطائرة , عندما لاحظت غياب جايسون الذي كانت تتوقع أن يكون في انتظارها في مطار كيتو 0
كانت متأكدة أنها لن تراه بعد الآن 0 وازداد تأكدها من سكوت ماريا وعدم طرحها أي سؤال حول جايسون 0 كأن الجميع بمن فيهم والدها بالذات يحيكون مؤامرة صمت أو كأن شيئا يحدث سرا0
كانت ترغب في أن تسأل ماريا إذا كانت قد شهدت زوجها0 لكنها كانت تخاف أن تعلم أشياء جديدة تزيد من عذابها 0 فهي لا تريد أن تستمر في العذاب بعد الآن0
فرحت لأقتراح ماريا القيام بهذه الجولة في مدينة اوتافالو وزيارة السوق هنأك0 أتاحت لها هذه المناسبة أن تتسلى وتلهو , إذ هي في حاجة إلى ذلك أكثر من أي شيء آخر في الوقت الحاضر0
قالت ديانا اخيرا لماريا :
- لقد أحببت الألوان والحركة: السراويل البيضاء ومعاطف البونشو المختلفة الألوان0 إن النساء جميلات ومتألقات0 حتى لو كن جالسات أرضا حافيات القدمين0
- نعم أن هؤلاء الهنود ينتمون إلى قبيلة الاينكاس يملكون أراضيهم ومنازلهم 0 يزرعون الأرض بآليات خشبية0 يربون الحيوانات ويصنعون الخزف0 إنهم شعب موهوب وفريد من نوعه0
واضافت ديانا تقول :
- كما أن ضفاف البحيرة جميلة جدا وما اسم البركان ؟
- تونغوراغا 0
- اوتافالو مختلفة جدا عن بونو 0 برغم كونهما ينتميان إلى البلاد نفسها0
- هذه هي الأكوادور, بلاد صغيرة حيث الطقس يختلف من مكان الى آخرو البرد القطبي , والحر الاهب , في الأدغال0 هل كانت زيارتك لمزرعة أخي لويس موفقة؟
أجابت ديانا في اختصار خشية أن تزعج ماريا :
- نعم 0
- كيف وجدت روزا ؟ إنها فتاة رائعه أليس كذلك؟ قريبا ستتزوج ارتورو غوميز الذي يملك والد حقول الموز قرب غواياكيل 0 وسيكون زواجهما حدثا شعبيا لهذه السنة0
- أرجو أن تكون سعيدة0
- أنا متأكدة من ذلك كانت في فترة ما مغرمة بجايسون أو بالأحرى كانت تعتقد ذلك 0 اما جايسون فقد تصرف في شهامة وبرهن عن أصالته ورحل عندما عرف بذلك0
تنهدت ماريا ثم أضافت :
- في مثل سنها لا يمكن أن تكون الأمور جدية0 سوف تنسى بسهولة متى يعود ارتورو إني متأكده تماما من ذلك0

ورده قايين
17-05-2007, 01:24
القت ديانا نظرة خاطفة إلى صديقتها التي كانت تبدو كأنها قد تكلمت مع أخيها حديثا 0 وفي ذلك الوقت وصلت السيارة أمام أحد المنازل وتوقفت0
قالت ماريا مبتسمة :
- فكرت أنه يسرك أنت تتعرفي إلى صديقتي كارلوتا ديل بونتي للأسف توفي زوجها منذ شهرين وتركها مع ولدين صغيرين هل يزعج لو قمنا بزيارة خاطفة لتلك الأرملة؟
- أبدا , بالعكس0
بالنسبة إلى ديانا كل شيء جديد يكون أفضل من العودة إلى منزل سواريز وإلى المعاناة من جراء تفكيرها المستمر بجايسون 0
كان المنزل يشبه منزل ماريا لكنه أصغر : ساحة في الوسط مزروعة بأشجار النخيل وأشجار الليمون وغيرها من الحمضيات والجدران مطلية بالكلس الأبيض فيها نوافذ ضيقة عديدة0
ظهرت كارلوتا ديل بونتي على عتبة الباب امرأة جميلة في 30 من عمرها ذات عينين حزينتين 0
استقبلت ماريا بترحاب وعرفتها بابنتيها 0ريتا وريجينا 0
في قاعة الاستقبال جلست آلنساء الثلاث يرتشفن الشاي ويتذكرن اوتافالو وبونو وزواج روزا وانكلترا 0 كارلوتا تتكلم الانكليزية بصعوبة وماريا بطبيعتها المحببة ومزاجها الرفيع كانت تقوم بدور الترجمة 0
بعد ذلك خرجت النساء إلى الحديقة المليئة بالأزهار المختلفة الألوان0 كانت الفتاتان ريتا وريجينا تلعبان وتختبئان وراء الأشجار الضخمة 0والعصافير التي تحلق بين الأغصان وتزقزق 0
كانت ديانا تشعر بإحساس جميل لوجودها في الحديقة وتمنت لو إنه كان في وسعها أن تبقى هنا إلى مالا نهاية0 لكن ماريا كانت مصرة على أن تريها بقية المنزل 0
فقالت لها:
- تعالي سآخذك لأريك منزلي وما حوله 0 لكن أنت شاحبة يا عزيزتي0 هل تعانين من دوار بسبب الارتفاع0؟
- ربما لكن هذا لا يمنعني من رؤية ما تبقى من المنزل0
في الطابق الأسفل غرفة استقبال حيث تناولت الشاي , ثم غرفة الطعام ومطبخ مجهز, اما الطابق الأول فيتآلف من 4 غرف نوم وحمام وشرفات تطل على ساحة المنزل0 ودرج لولبي يصل الطابق الأرضي بالطابق الأول0
قالت ماريا :
- مسكينة كارلوتا 0 انها حزينة وتعيسة منذ وفاة زوجها 0
- كيف توفي ؟
- من جراء هزة ارضية 0
- هزة ارضية ؟
- نعم احيانا تحصل هزات ارضيه هنا 0 بعضها قوية والبعض الآخر عادية 0 زوجها يعمل لحساب الحكومة ولدى حدوث الارتجاج الأول ذهب يتفقد أهمية الأضرار 0 ولما حدث الأرتجاج الثاني تهدم البناء الذي كان فيه 0 يالفظاعة الحادث 0
فجأة اقتربت ديانا من احدى النوافذ 0 حركة في ساحة المنزل لفتت نظرها 0 شاهدت رجلا يدخل 0 كان شعره أشقر وكتفاه عريضتين ويرتدي بذلة زرقاء 0
اسرعت الفتاتان نحوه وتعلقتا بذراعيه وراحتا تقبلانه 0
هل هذا الرجل هو جايسون نفسه ؟ لايمكن ان يكون هو بالذات 0
لماذا يأتي الى هنا ؟ وكيف تعرفه هاتان الفتاتان ؟
ثم تذكرت انه اخبرها عن رغبته بشراء منزل ليستقر فيه 0 وابلغها حلمه بانجاب اولاد 0 هل كان يعني هذا المنزل بالذات لا مستحيل 0
قالت ماريا :
- - ديانا 0 تعالي 0 سننزل الى الطابق الأرضي , ويمكنك ان تتمددي على الأريكة في الدار 0
- اؤكد لك اني في تمام الصحة والعافية 0 هذا المنزل رائع حقا 0 اني اشكرك لأنك اتيت بي الى هنا لأراه 0 هل تريد كارلوتا ان تتزوج من جديد؟
- كلا 0 ليس في الوقت الحاضر 0 على الأقل 0 لم يمض على وفاة كارلو سوى شهرين 0 وما زالت تلبس ثياب الحداد 0
نزلتا الدرج وبين اصوات وضحكات الفتاتين سمعت صوت رجل يقترب 0 راح قلب ديانا ينبض بسرعة فائقة 0
قالت ماريا بفرح :
- يبدو ان جايسون هنا 0
سألتها ديانا :
- هل كنت تعرفين انه سيأتي الى هنا ؟
- قال لي انه سيحاول المجئ 0 الم تكوني على معرفة بمجيئه ؟
- كلا 0 لم يقل لي شيئا في هذا الشأن 0
قالت ماريا ضاحكة :
- الرجال يحبون ان يفاجئوا الآخرين وخاصة من يحبون 0 هذا دليل حب !
تبعت ديانا ماريا الى قاعة الأستقبال وتوقفت حيال المنظر الذي ظهر امامها , وما زال قلبها ينبض بسرعة : كان جايسون مترعا على الأرض , والفتاتان قربه تطلعانه على لعبة آلية 0 وكارلوتا جالسة عل كرسي غير بعيد , تتأملهم مبتسمة 0


ولما شاهد جايسون ديانا 0 نهض واقترب منها وخيل إليها أنه سيقبلها 0 فابتعدت قليلا إلى الوراء0 توقف عن الابتسام وقال بنبرة مرتاحة:
- مرحبا , كيف وجدت المنزل ؟
أجابت ببرود:
- جميل وناعم ماذا تفعل هنا؟
- لقد فكرت إنه المكان الأفضل لنلتقي فيه ونقرر ما سنفعل0 قطب حاجبيه وظهرت على وجهه لمحة قلقة :
- لكن لا يبدو إنك في صحة جيدة0 يجب أن تتمددي فلا بد أنك ارهقت نفسك اليوم0
جلست ديانا على الأريكة وشعرت بجايسون يرفع لها قدميها ويضعهما على الطراريح0 أغمضت عينيها وشعرت بإن كل شئ يدور حولها 0 فتحت عينيها من جديد0 لكن هذه المرة كانت الغرفة تدور 0
وبعد بضع دقائق شعرت ديانا بتحسن وحاولت النهوض ورأت جايسون يدخل الغرفة حاملا إبريق شاي وبعض الفناجين 0
- ماريا تطلب منك أن تشربي هذا ستشعرين بتحسن0
- ماهذأ الذي سأشربه ؟
- نوع من الشاي ضروري لتقويتك 0
تناولت ديانا الفنجان واحتست جرعات صغيرة من هذا السائل الذي لا رائحة له 0ثم تطلعت حولها 0 كارلوتا وماريا كانتا قد اختفتا 0
سألها جايسون وهو يمسك يديها :
- هل تشعرين بتحسن الآن؟
وبصورة غريزية قامت ديانا بحركة الى الوراء 0 ثم أجابت:
- نعم 0 شكرا0 جايسون , أين كنت ,وماذا كنت تفعل؟
أجابها جايسون بصبر غير مألوف:
- اليوم الذي غادرت فيه بونو جئت فورا إلى هنا0 والبارحة اضطررت إلى الذهاب إلى غواياكيل , ولما اعد من هناك إلى منذ ساعة تقريبا0 مررت بالمكتب قبل أن أنضم إليك هنا0
ثم اضاف بعد فترة من الصمت:
- وأنا أيضا متعب قليلا0 لكن الآن أمامي 3 أسابيع عطلة 0 نعم 3 أسابيع من دون عمل0 إني لا أصدق ذلك0
سألته ديانا:
- لماذا لم تخبرني إنك آت إلى كيتو عندما غادرت الفندق في بونو ؟
- كي اكون صريحا معك 0 قول إني نسيت أن أخبرك بذلك عندما كنا معا0 وفي الغد كنت تغطين في سبات عميق ولم أجد الشجاعة لأوقظك 0
- لكن لماذا لم تترك لي رسالة؟
أجابها بنبرة قاسية:
- هل تعاتبينني الآن؟
- آه ياجايسون , لو أنك تعرف ما يكون شعوري عندما تذهب من دون أن تترك لي كلمة , كأن ما حدث بيننا ليس له أهمية بالنسبة إليك0
أجابها بعنف مكبوت:
- اتعتقدين إنه يفرحني ان اكون مضطرا إلى الذهاب ؟
- لكن بالنسبة إلى الرجال ذلك يختلف0
فقاطعها:
- ولماذا هذا يختلف؟ ربما تعتقدين أن الرجل خال من أية عاطفة, وانا أيضا لا أحب لحظة الفراق0
الفراق00 هكذا إذا لم يجد الشجاعة في ذلك اليوم أن يعلن ذلك لها مخافة أن تتعلق به0
لكن ما دام الأمر كذلك لماذا يجعلها تتعذب بمجيئه الآن؟ ألا يكفي ما عانته من عقاب؟ لماذا جاء بها إلى هذا المنزل حيث شعرت أنه يدخله كأنه صاحب المنزل بالذات ؟
نهضت ديانا فجأة وراحت تبحث عن حقيبته يدها 0 يجب عليها مهما كلف الأمر أن تجد ماريا ومغادرة هذا المنزل بأسرع ما يمكن0 لأنها لم تعد تتحمل كل هذا العذاب0
سألها بصوت حاسم :
- إلى أين أنت ذاهبة؟
- إني ابحث عن ماريا 0
- ذهبت0

ورده قايين
17-05-2007, 01:27
- صحيح وكيف يكنني أن أعود؟
- سأوصلك إلى منزلها إذا كنت مصره على ذلك0
- في كل حال ليس لدي أي سبب لأبقى هنا0
- ولما لا؟ أعتقدت أنك احببت هذا المنزل0
- صحيح إنه منزل رائع0 لكن لا يمكنني أن أبقى هنا , إن هذا المنزل تملكه تلك المرأة00
- أية امرأة؟
- السينيورا كارلوتا ديل بونتي 0
- كلا هذا المنزل ملكي لقد اشتريته امس0
قالت ديانا وقد فوجئت :
- اشتريته ؟
أجابها بنبرة فيها بعض السخرية:
- نعم كان قراري سريعا لأني لم أكن وحدي مهتما بذلك0
- واظن أنك مع البيت ستحافظ على المرأة والأولاد0
قالت هذه العبارة بسرعة ووجدت نفسها بين ذراعي جايسون الذي كان يشد عليها بقوة0 وعندما فهمت ما يقصد0 راحت تتخبط محاولة التخلص من قبضته 0 لكنه كان يمسكها بشدة وراح يقول:
- قلت لك مرة أني لا أحب ضرب النساء لكنك اليوم تخطيت الحدود0
- لا يا جايسون0 أرجوك انا اسفه 000
لكنه ضربها لطمة قوية على مؤخرتها براحة كفة وتبعها بأخرى 0
وكانت تشد على اسنانها كي لا تجهش بالبكاء0
أفرج عنها وسقطت أرضا0 سمعت جايسون ينهض ويبتعد 0 وفجأة شعرت إنه ربما يذهب ويتركها بصورة نهائية0 فنهضت لتوها لكنه كان مازال بقربها 0 يرتشف من فنجان الشاي شعرت ديانا فجأة برغبة في الهرب من هذا المنزل0 فقط لتبرهن له أن ما فعله الآن بها لا يمكنها أن تقبله لكن في أعماقها عرفت أنها لن تقوم بهذه الخطوة 0
لقد استحقت هذه الضربة أنه على حق0 لقد تخطت الحدود ووعدت نفسها أنها لن تزعجه من الآن فصاعدا بغيرتها0 لقد أخذت درسا قاسيا الآن0
لكن كيف تستطيع إقناعه بأن غيرتها ليست سوى دليل حبها له ؟
قالت له بخجل:
- انا 00انا اسفه حقا يا جايسون 0
اجابها بعنف:
- سبق ورددت هذا الكلام0
- كل ما قلته هو إني احبك كثيراو00
قاطعها قائلا:
- لديك طرقا غريبه لتعبري عن حبك0 من بضعة أيام اتهمتني إني أريد أن أتزوج من روزا غييارمو واليوم تعتقدين إني احب كارلوتا0 ماذا تعتقدينني انني دون جوان مثل لويس غييارمو ؟
- ضع نفسك مكاني تتركني في بونو من دون أن تقول آلي إلى أين أنت ذاهب ومن دون أن أعرف إذا كنت سأراك , خاصة بعد أن طرحت عليك الطلاق لك تتمكن من الزواج من جديد0
- كان عليك أن تثق بي 0 كان عليك أن تعرفي إني سأعود إليك0
- لكن كيف ؟ لم تقدم لي اية برهان لأصدق أنك عائد0
أجابها متعجبا :
- اي برهان ؟ لكن هل نسيت تلك الليلة العاصفة التي أمضيناها في الفندق؟ ألا يكفي هذا الدليل ؟
- لكنك سألتني ماذا أفعل إذ أطلقتني للتزوج من روزا 0!
- نعم سألتك ماذا سوف تفعلين إذا00 اردت فقط أن أعرف حقيقة شعورك0 لم تجاوبيني أنت ايضا عندما سألتك ما إذا كنت تريدين الطلاق مني لكي تتزوجي بول 0 كنت تتهربين من الجواب 0 لماذا قلت لي أنك توافقين على الطلاق ؟
همست قائلة:
- لأني لأني احبك وكنت أعتقد أن ذلك ما كنت تريده وأنا أحب أن تكون سعيدا لتفعل ما تريد0
- يا لها من فكرة حمقاء ! حسن حظي اني لم اصدقك على الفور !
في كل حال عرفت في تلك الليلة العاصفة كل شيء 0 وفهمت إنك ما زلت تحبينني 0
قالت ديانا بأحمرار :
- هذا أمر غير عادل 0
- لا عدالة في الحب اني احبك واريدك أن تصبحي أما لأولادي أنت بالذات ولا أحد سواك 00لكن ما بك 00
راحت ديانا تبكي بصمت وفي الوقت نفسه كانت تبتسم في سعادة ثم قالت بصوت مرتجف :
- لم تقل لي ذلك حتى الآن 0
- لم أقل لك ماذا ؟
- انك تحبني 0
اقترب منها وداعب وجنتيها ليجفف دموعها :
- لا شك أنني لم أقل ذلك00 إنها كلمة كثيرا ما تستعمل في غير مكانها0 الكثيرون لفظوها من دون أن يقصدوا أي شيء يذكر! أما أنا فقد قدمت لك البراهين العديدة وأنت لم تلاحظي اي منها0؟
- كلا لكني مستعدة لسماعك0
- أولا لقد تزوجتك ثم كنت اعود إلى المنزل غالبا ما امكن 0 وهذا كان يأخذ مني جهدا كبيرا في المجال المهني 0 وبالنسبة إلى رجل مثلي الذي ما احب يوما امرأة سواك كان يعني أنني كنت أحبك0
- هل تعرف إني بدأت أفهمك عندما جاءت اونيس لتقول لي أنك رجل وقح000
قال في نبرة استهزاء :
- قالت كل هذا لأني خرجت معها مرة أو مرتين 0 لكن أنت صدقت كلامها0
- لكن يا جايسون لم أكن أعرف شيئا عنك 0 علاقاتنا كانت جسدية بحته 0 أرجوك حاول أن تفهمني 00 لقد توصلت الى الاعتقاد أنك تزوجتني لأنه الطريقة الوحيدة التي يمكنك أن تحصل مني على كل ما كنت تريده 0
- لا شك أنني استعجلت الأمور بالزواج 0 كنت خائفا أن تفضلي بول علي 0 كنت متأكدا من إنه عندما أضع في إصبعك محبس الزواج وعندما أحلف أمام الشهود إنني سأظل احبك مدى الحياة0 بذلك ستبقين لي حتى الموت 0
قالت له والدموع تنهمر من عينيها :
- لو لم تذهب إلى هيوستن في ذلك اليوم لكان تسنى لنا أن نتحدث عن كل هذه الأمور0
- ربما لكن ربما كنت مازلت تحت تأثير انيس على كل حال كنت مضطرا إلى الذهاب إلى هيوستن 0 بسبب عملي كنت آمل أن تهدأ الأمور وأن يجعلنا الوقت أكثر وعيا للأمور 0 وحينئذ فهمت أن السبب الذي جعلنا غير متفقين أننا لم نمضي معا الوقت الكافي لنفهم بعضنا البعض الآخر0 ومن ثم بدأت أبحث عن منزل أشتريه 0 وكنت أنوي بعدما أجد ذلك المنزل أن أكتب لك وأطلب منك اللحاق بي 0 أنت تعرفين لماذا لم أكتب لك0
- لكن عندما سألتك عن الأمر عندما كنا في بونو لم تقل لي أنك كنت تبحث عن منزل لي 0
- كنت أحاول أن أنسى ذلك 0 كما كنت أحاول أن أنساك انت 0 لو لم يحدث لي هذا الحادث الأليم 0 ولو لم أشعر بضعف 0 ربما لم تؤلمني رسالتك تلك بهذا الشكل القوي0 لقد وصلت في أكره ألأوقات0 ولهذا السبب لم أحدث ماريا او روزا عنك 0 لم أكن أرغب في أن احدث أحدا عنك 0
قالت ديانا بتواضع :
- انها غلطتي 0 كان علي ان اعرف ان رسالتي ستعذبك 0 لكن كنت دائما قلقة عليك لو كنت اعرف مكان وجودك 0 لما انتظرت ان تكتب لي 0كنت جئت من دون ان اطلب موافقتك 0 لأني كنت بحاجة ماسة لأن اكون معك 0 آه يا جايسون 0 كنت اشتاق اليك كثيرا 0
احاطها بذراعيه واسندت رأسها على كتفه العريضة وراحت تبكي 0 وكانت دموعها تتساقط على قميص جايسون0
قال لها بصوت مشجع :
- والآن انتهينا من كل هذه الأمور التافهة 0 نحن معا من جديد عندما رأيتك في كيتو يوم وصولك 0 عرفت ان كل شئ بدأ من جديد0
- ماذا ؟
- لقد وقعت في غرامك مرة ثانية 0
قالت له مازحة من خلال دموعها :
- كنت قاسيا معي 0 في ذلك اليوم 0
- لم يكن ذلك سوى ردة فعل للدفاع عن النفس 0 كنت اخاف ان تؤذينني من جديد 0 والآن قولي لي ياديانا 0 ايتها الأنسانة الرائعة0 لماذا كنت قاسية معي ؟
- لأني كنت اغار 0 فقط لا غير انه شعور من الصعب التخلص منه وخاصة اني كنت سجينته 0
قال جايسون معترفا :
- وانا كذلك 0 لقد عرفت معنى الغيرة وخاصة عندما علمت انك ذهبت الى مزرعة لويس غييارمو لتمضية بعض الوقت ومن حظه انه لم يرني والا كانت الأشياء اخذت مجرى آخر0
- كيف امكنك التصور ان رجلا في عمر والدي يمكنه ان يعجبني او يغريني؟ لاشك انك احمق !
أجابها وهو يضحك :
- وأنت امرأة حمقاء اذ تصورت إن لي عشيقة في باريس فقط لأني ذهبت من دون أن أقول لك شيئا عن هذه الرحلة0

ورده قايين
17-05-2007, 01:28
- كيف يمكن إن يجذبني رجل مثل لويس غييارمو وانا زوجتك 0
- وأنت؟ كيف تصورت أني أرغب بالزواج من روزا او كارلوتا 0 وأنا زوجك أنت فعلا امرأة غيورة 0
- ايزعجك ان تراني غيوره إلى هذا الحد؟
- كلا ليس الآن0 لأني بدأت أعرفك 0 إن ذلك يجعلك أكثر إنسانية 0 لقد اعتقدت أنك إنسانه مثالية 0 ولكن الآن وقد عرفت إنك انت أيضا تخطئين صرت أحبك أكثر0
انحنى فجأة وعانقها وشعرت ديانا بسعادة لامثيل لها وزال التوتر من داخلها0
سألها :
- هل تقبلين العيش معي هنا في كيتو ؟ هل تريدين انجاب أطفال ؟
قالت ديان مازحة :
- لقد تعذبت من اجل ان تجد لنا منزلا , ومن الصعب علي الرفض 0 في كل حال 0 اني افضل ان اكون معك 0 في أي مكان من العالم 0 بدلا من البقاء في لندن 0 من دونك , حتى لو اضطررت الى ان تصفعني وتضربني 0
- هل اوجعتك ضربتي يا حبيبتي ؟ دعيني ارى !
همست ديانا بأذنيه :
- لقد آلمتني 0 لكن في امكانك ان تعالجني 0 اذا اردت ذلك 0
- كيف ؟
- بأن تبرهن لي يا جايسون انك تحبني الآن 0
- هل تعدينني بأن تثقي بي اذا اضطررت أحيانا إلى أن تغيب عنك0 أو ان ارحل بسرعة0 أو إذا تأخرت أكثر مما كنت أتوقع0؟
- نعم إني أعدك بذلك لقد فهمت الآن كل شئ 0
- وانا كذلك فهمت اشياء كثيرة0 يجب علي إن أبذل جهدي حتى اتذكرك واترك رسالة كلما اضطررت إلى الرحيل فجأة0 وما عليك سوى أن تشتري كمية لا بأس بها من الأقلام والدفاتر الصغيرة وتضعي واحدة منها في كل غرفة و00
لكن هذه المرة كانت ديانا هي التي جذبته نحوها وعانقته مطولا ثم قالت له :
- ماريا امرآة حكيمة وعاقلة0
- لماذا؟
- لأنها قالت لي ذات يوم إن أجمل شيء في الخصام هو عندما نتصالح0 ولقد عشت هذه التجربة الآن 0 ومن دون شك أني اتفق معها على هذا0 وأنت؟
قال جايسون ضاحكا :
- بالطبع لكن من الأفضل ألا ننتظر 15 شهرا كي نتصالح0 هل توافقين على ذلك؟
- اجل 0 اني احبك يا جايسون اليوم وغدا والى الأبد 0
- هل تدركين ما تقولينه هل تلتزمين كليا وبصورة نهائية0؟
- نعم يا جايسون 0 أنت تصدقني أليس كذلك0 أرجوك قل لي أنك تصدقني0
- إني اصدقك لأني أنا أيضا سأحبك دائما0 إلى الأبد0 لقد عشنا في جحيم مدة 15 شهرا لكننا خرجنا من هذا الجحيم منتصرين0
واضافت ديانا تقول :
- نعم الآن انتهى كل شيء 0 هيا بنا نعلم أبي بالأمر ونقول له إني لن أسافر معه غدا 0
أجابها ضاحكا:
- لا داعي لذلك فقد أخبرته بعد ظهر اليوم قبل ان آتي إلى هنا 0
- هل كنت متأكدا من النتائج؟
- لم أكن متأكدا الا من شي واحد 0 إنه في وسعك ان تؤذيني قدر الإمكان ومهما كان الأمر قررت ألا أدعك تتخلين عن كونك زوجة لي 0 وهذه الفرصة لنا لن اسمح لك بها بعد الآن0 هل تفهمين جيدا حاولي الا تنسين ذلك!
عانقها جايسون من جديد وفهمت أن السعادة تغمرها من جديد ولن تفارقها مدى الحياة0


تمــــــــــــــــــــــــــــت

lovely sky
17-05-2007, 09:39
الف الف شكر حبيبتي وردة قايين ::سعادة::
الله يعطيكي الف الف عافية يا رب على المجهود الرائع هذا
مشكورة حبيبتي
اشكرك جدااااااااااااااااااااا ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

lanoo
17-05-2007, 11:05
شكرا جزيلا وردة قايين
على مجهودك الرائع والمتميز.

lovely sky
17-05-2007, 16:07
الرواية الحاصلة على المركز الرابع في التصويت لهذه المرحلة هي رواية " عاصفة الصمت "
من روايات احلام
الكاتبة : بيني جوردان

انتظرونا مع احداث الرواية ::جيد::

lovely sky
17-05-2007, 16:16
http://img145.imageshack.us/img145/3851/rgjpdtjhf1hm6.jpg

http://img512.imageshack.us/img512/6832/87dzwja2f2lf3.jpg

كانت ساسكيا من النوع الذي يحتقره اندريس لانيسر ...
ألم تعرض عليه نفسها بكل وقاحة و بطريقة مثيرة للإشمئزاز ؟
إن مبادئه تمنعه من مجرد التفكير في هكذا إمرأة,
فكيف إذا اكتشف انها تعمل موظفة لديه ؟
كانت صدمة لساسكيا معرفتها بأن مديرها الجديد هو اندريس , وهذا يعني فقدانها لوظيفتها وكل أمل لها في المستقبل ............ إلا إذا ......

فجأة لاح لاندريس شعاع من النور في نهاية النفق المظلم ,
نفق مشكلته الخالية ..... ستكون ساسكيا وسيلته إلى الحل ؟ !!!!

الحنونه
17-05-2007, 17:07
قصة لا تقولي لا روعــه ^^


يسلمـوووو لافلي سكاي , احباب الروح و وردة قايين


وكل من شارك بهالمجهود اللي تقومون بيه =>



بأنتضاااااار عاصفة الصمت

لا تتأخروون ^^

lovely sky
17-05-2007, 17:26
مرحبا حنونة
اسعدني مرورك جدا
و انا ايضاً اريد ان اشكر جدا جدا وردة قايين و احباب الروح و البدر المضاء على مساهتمهم الفعالة جدا جدا في هذا المشروع الذي حاز على اعجاب الكثيرين لسبب مهم جداً .. وهو التعاون الرائع الذي شهدته هذه الصفحات .. ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

اشكرك عزيزتي على مرورك الرائع دائماً
و اسعدني مرورك جدا جدا

وان شاء الله تقضي وقت ممتع مع احداث رواية عاصفة الصمت ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

احباب الروح
18-05-2007, 14:38
الله يـعـطـيـــج الـف عــافـيـــه

وردة قــايـيــــن ::جيد::




الله يـسـلـمـــج الـحـنــونـــة ::سعادة::

مشكـــــورة على تواصلج



lovely sky الـعـفــــوو حـبـيـبـتــــي

وكــل هــذا بـفـضـلــج ::سعادة::


..



ونـاطــريـن عـــاصـفـة الـصـمــت



:D

moulin_rouge
18-05-2007, 20:04
شكرا شكرا شكرا مليون شكرا بجد شكرا لكل واحدة اقتطعت من وقتها عشان احنا نستمتع بجد مشروع تحفة و فكرة عبقرية شكرا يا lovely sky و يا وردة قايين و يا االبدر المضاء و يا احباب الروح مجهود عظيم فعلا و مشروع رائع يا رب يستمر::جيد::

ماري-أنطوانيت
18-05-2007, 22:17
قصه روووووووووووووووووعه ومجهود اروع بكثير

وانا نفسي بجد اشترك مع المجموعه اذا ما كان في مانع :مرتبك: :مرتبك:

والله المجهود الي تبذلينه ماهو بسيط جدا بس اظن يستحق العناء وخاصه بعد كل هالردود الحلوه والتفاعلات من الاعضاء:)

lovely sky
19-05-2007, 08:54
شكرا شكرا شكرا مليون شكرا بجد شكرا لكل واحدة اقتطعت من وقتها عشان احنا نستمتع بجد مشروع تحفة و فكرة عبقرية شكرا يا lovely sky و يا وردة قايين و يا االبدر المضاء و يا احباب الروح مجهود عظيم فعلا و مشروع رائع يا رب يستمر::جيد::

العفو يا قمر
اسعدنا مرورك جدا و كلامك الرائع
و نتمنى نكون عند حسن ظنكم دائما .. وان شاء الله المشروع يستمر بكم ومن اجلكم ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::
ونتمنى لكِ قضاء وقت متتع معنا ::جيد::

lovely sky
19-05-2007, 09:00
قصه روووووووووووووووووعه ومجهود اروع بكثير

وانا نفسي بجد اشترك مع المجموعه اذا ما كان في مانع :مرتبك: :مرتبك:

والله المجهود الي تبذلينه ماهو بسيط جدا بس اظن يستحق العناء وخاصه بعد كل هالردود الحلوه والتفاعلات من الاعضاء:)


اهلين حبيبة قلبي ماري
كيفك ...
اشكرك جدا على مرورك الرائع و المميز ::جيد::
ونشكرك على تشجيعك الرائع للفريق :)
ونسعد جدا بانضمامك لنا حبيبتي
نورتي الفريق حبيبتي و اسعدتينا بانضمامك لنا
راح ارسللك التفاصيل على الخاص ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

lovely sky
19-05-2007, 18:31
اعزائي الاعضاء والزوار ...
ارجو الانتباه ..
نعتذر عن التاخير الذي حدث في تنزيل الرواية هذه المرة ...

رواية عاصفة الصمت قامت بكتابتها اختنا الرائعة و صديقتنا الغاليه dialaa ...
و بسبب ظروف عندها و عدم قدرتها على التواجد هذه الايام فسأقوم بتنزيل الرواية بمعدل فصل كل يوم من الفصول التي قامت dialaa بكتابتها مسبقاً ...
و نحن بانتاظارها لتكمل تنزيل الرواية بنفسها عندما تعود الينا ان شاء الله ...

اشكركم على متابعتكم لنا
ونتمنى لكم جميعاً قراءة ممتعه مع أحداث عاصفة الصمت .. كتابة dialaa

lovely sky
19-05-2007, 18:44
الفصل الأول :

فتاة الإغواء


إنها الخامسة إلا ربعاً

أسرعت ساسكيا عبر ردهة المكتب الذي تعمل فيه متجهة إلى باب الخروج
عندها صاحت موظفة الإستقبال قائلة " تتسللين خارجة قبل انتهاء الدوام يا لحظك !"

و عندما سمع أندريس تعليق الموظفة ، قطب جبينه ،
كان يقف عند المصعد المخصص لكبار الموظفين فلم تره ساسكيا التي كانت مسرعة ،
إلا إن أندريس رأى تلك السمراء ذات الساقين الرائعتين و الشعر البني ذي الوهج الذهبي المحمر الذي يشير إلى مزاجها الناري الحاد ،
و أنتبه فجأة إلى منحى أفكاره فالتورط مع إمرأة ... أي امرأة هو آخر ما يريده في الوقت الحالي ....

تذكر كيف أقنع جده بالتقاعد جزئيا من إدارة سلسلة الفنادق التي باتت الآن تحت إشرافه ،
لكن العجوز شن بالمقابل حملة قوية لإقناع أندريس بالزواج من إبنة أخيه ،

ففي نظر الجد من شأن زواج مماثل إن يوحد الأسرة و بالتالي يوحد ثروتها
إلا إن هذه المحاولات الخرقاء لتزويج أندريس بابنة عم أمع أثينا ما كانت لتترك في نفس أندريس سوى السخرية لولا إن أثينا كانت حريصة على هذا الزواج لقد كانت أثينا أرملة تكبره بسبع سنوات ،
كان زوجها الأول يونانيا ......
بلغ المصعد الطابق الأعلى فخرج أندريس منه لم يكن الوقت ملائماً للتفكير في شؤونه الخاصة لإن عليه السفر إلى الجزيرة التي يمتلكها جده في بحر إيجة التي ستمضي فيها الأسرة العطلة

و لكن كان عليه قبل ذلك إن يقدم تقريراً مفصلا ً عن سير العمل لجده ..............

" آسفة "
إعتذرت ساسكيا و هي تجلس على المقعد الشاغر عند المائدة المعدة لثلاثة أشخاص و قالت شارحة :
" الخوف سائد بين الموظفين بسبب وصول الرئيس الجديد غداً "
و سكتت عندما لاحظت إن صديقتها المفضلة لم تكن تصغي " ماذا حدث ؟ "
أجابت ميغن " كنت أخبر لورين عن سبب تعاستي ..
- تعاستك ؟
- إنه مارك ...
- أكملت لورين تظن ميغن إن مارك متورط مع فتاه أخرى .. في نفس الوقت "
- "هذا غير ممكن ، ميغن أنت بنفسك أخبرتني عن مدى حب مارك لك "
- حسناً هذا ما ظننته ، خصوصاً عندما قال إنه يريد إن تعقد خطبتنا .ولكن هناك مكالمات هاتفية تصله دائما وإذا أجبت إنا يقفل الخط .
حدث ذلك ثلاث مرات هذا الأسبوع ، وعندما سألته عن ذلك قال إن الرقم كان خطأ .

_ حسنا ربما كان الرقم خطأ فعلا.
لكن ميغن هزت رأسها :
"لا . هذا غير صحيح ،
لإن مارك يبقى دائما جالسا قرب الهاتف ، والليلة الماضية كان يتحدث من هاتفه الخلوي عندما دخلت ،
وما إن رآني حتى أنهى المكالمة ".

ـ ألم تسأليه عما يحدث ؟
أجابت ميغن بحزن :"سألته فقال إنها مجرد تخيلات أتخيلها "

فقالت لورين وقد لوت شفتيها بعبوس مخيف :" هكذا هم الرجال ...
لقد بذل زوجي جهده لإقناعي بإني واهمة .
وماذا فعل ؟ لقد أنتقل للعيش في البيت مع سكرتيرته طالبا مني الرحيل "

قالت ميغن وقد اغرورقت عيناها بالدموع:
" إنا ... لا يمكنني إن اصدق إنه يخونني مع أخرى ... كنت أظن إنه يحبني ..."

ـ إنا واثقة من إنه يحبك.

قالت لورين بجفاء :" حسنا ، هناك طريقة مضمونة لمعرفة الحقيقة .
لقد قرأت مقالة عن وكالة تقصدينها إن راودتك الشكوك حول صديقك .
فيرسلون له فتاة تحاول إغواءه فإن وقع في الفخ تأكد شكك و ليس أمامك إلى هذا الخيار "

قالت ميغن :
" آه لا أستطيع "

فأصرت لورين بقوة " بل عليك ذلك إن مارك يجاهد في التوفيق في دخله و مصروفه منذ باشر في عمله الخاص و أنت قد ورثت ذلك المال من عمة أبيك "

غاص قلب ساسكيا قليلاً ، هي تحب صديقتها كثيراً و لكن الفكرة لم ترقها كثيراً .
قالت ميغن:
" إنها تبدو فكرة معقولة لكنني لا أظن إن في هلفورد وكالة مماثلة " .

فقالت لورين و قد علت الإبتسامة وجهها ومن يحتاج إلى وكالة ؟
ما أنت بحاجة إليه هو صديقة جميلة للغاية لا يعرفها مارك ، و يمكنها محاولة إغرائه .. "

فقاطعتها ميغن متأملة:
" صديقة جميلة للغاية ؟ أتعنين مثل ساسكيا ؟ "

أخذت المرأتإن تتفرسإن في ساسكيا و هي تقضم قطعة من الخبز و أجابت لورين بصوت خافت:
" بالضبط . ساسكيا مناسبة لهذا الدور "
كادت ساسكيا تختنق بقطعة الخبز وهي ترى التصميم باديا على ملامح لورين وميغن فقالت :
" ماذا؟
أنت تمزحين . لا ... لا سبيل إلى ذلك ،
هذا جنون يا ميغن وأنت تعلمين ذلك . كيف تستطيعين فعل ذلك بمارك؟ "

أجابت لورين بحدة :
" وكيف يمكنها تسليمه حياتها إن لم تكن واثقة منه؟
حسنا لقد أنتهى الأمر إذن ، وما نحتاج إليه حقا إن نضع خطة"

فقالت ميغن :" الليلة سوف يخرج مارك مع أصدقائه إلى تلك الحانة التي افتتحت حديثا "

ـ لا يمكن إن أفعل ذلك ..إنه..إنه. إنه عمل غير أخلاقي .
ونظرت باعتذار إلى ميغن :
"آسفة يا ميغن ، ولكن.."

فقاطعتها لورين بحدة :" كنت أظنك سترغبين في مساعدة صديقتك ، يا ساسكيا ، لكي تحافظي على سعادتها . خصوصا بعد كل ما فعلته لأجلك ".

عضت ساسكيا على شفتيها ..
لورين محقة ، فهي تدين لميغن بالكثير ...
فمنذ ستة أشهر كانت ساسكيا تتأخر في العمل كل مساء ، وكانت جدتها مصابة بمرض خطير ،
فراحت ميغن بصفتها ممرضة ، تعتني بجدتها متخلية بذلك عن كل أوقات فراغها وبعض أجازاتها كمساعدة منها لصديقتها ساسكيا.

وقاطعت ميغن أفكار ساسكيا وقالت بهدوء:
" إنا أعلم إنك غير موافقة على هذا الأمر يا ساسكيا ولكنني يجب إن اعلم إن كنت أستطيع الوثوق بمارك "

واغرورقت عيناها بالدموع .

ـ لا بأس سأفعل ذلك .
قالت ذلك باستسلام ...

وبعد إن شكرتها ميغن قالت ساسكيا :
" عليك إن تصفي لي مارك هذا، يا ميغن لكي أتمكن من معرفته "

فقالت ميغن بحماسة وغبطة :
" آه، هذا صحيح . سيكون الأجمل والأكثر وسامة بين الحاضرين !
إنه رائع با ساسكيا ..
جذاب ، ذو شعر قاتم كثيف وفم جميل للغاية ..
ثم سيكون مرتديا قميص أزرق بلون عينيه ، فهو دوما يفعل ذلك ..
وإنا قد اشتريت له تلك القمصان"

ـ في أي وقت سيكون هناك ؟
ـ في الثامنة والنصف

ـحسنا .. إذن يجب عليك التواجد هناك حوالي التاسعة .
قالت هذا لورين وقد بان عليها الرضا .

ـ ولكن سيارتي ما زالت في الكاراج
ـ لا تهتمي بذلك . سوف أوصلك بسيارتي .
عرضت ذلك لورين بسخاء

بعد ساعتين كانت ساسكيا ترتدي تنوره سوداء وقد تملكها شيء من التوتر .
وعندما سمعت رنين جرس الباب ، نزلت من غرفتها لتفتح بنفسها لإن جدتها كانت تمضي عدة أسابيع مع شقيقتها في باث.
أتت لورين بمفردها و أخذت تتفحص ساسكيا ثم عبست و قالت بحدة :
" عليك إن ترتدي شيئاً أخر فمظهرك يبدو و كأنك ذاهبة إلى العمل و لا يشجع على التقرب منك ،
تذكري بأن على مارك إن يظنك سهلة المنال ،
كما إن عليك وضع أحمر شفاه مختلف و وضع المزيد من الكحل على عينيك ،
و إذا كنت لا تصدقي فأقرئي هذه "

وقدمت لورين لساسكيا مجلة مفتوحة . قرأت ساسكيا المقال بالرغم منها ، مقطبة الجبين ومفادها إن الوكالة مستعدة لإرسال فتياتها لإمتحإن إخلاص رجال موكلاتهن ، و هي تعدد مواصفاتهن ،

فقالت ساسكيا بحزم :
لا يمكنني القيام بأي من هذا أما بالنسبة للطقم ..
دخلت لورين الردهة و أغلقت الباب خلفها و قالت بعنف :
" عليك القيام بذلك من أجل ميغن ألا ترين ما يحدث لها ؟
الخطر الذي يكتنفها ؟ إنها مجنونة بهذا الرجل ،
لم يمض على علاقتهما الا اربعة أشهر
و ها هي تتحدث عن تسليمه ميراثها بأكمله .. و الزواج و إنجاب الأطفال ..
أتعلمين كم ورثت ميغن عن عمة أبيها ؟

هزت ساسكيا رأسها بصمت كانت تعلم مدى الدهشة و الذهول الذي تملك ميغن عندما علمت إنها وريثة عمتها الوحيدة ...

لكن اللباقة منعت ساسكيا من سؤالها عن مقدار الميراث .
====================

lovely sky
19-05-2007, 18:51
قالت لورين :
" لقد ورثت ما يقارب الثلاثة ملايين جنيه ".

عندما رأت ما بدا على وجه ساسكيا أومأت بعبوس :
" هل عرفت ما أهمية ما نقوم به لحمايتها ؟

لقد حاولت تحذيرها مراراً بإن مارك الغالي على قلبها قد لا يكون مخلصاً كما يبدو
لكنها لم تصغ لي ،
و الآن ، الحمد لله قد بدأت تراه على حقيقته لذا ،
لأجلها يا ساسكيا ، عليك القيام بما في وسعك لمساعدتها و لإثبات خيانته ...

كان بإمكان ساسكيا إن تتصور ذلك جيداً ،
و راحت تحث نفسها :
" ميغن ، ميغن العزيزة الحلوة التي ما زالت تعمل كممرضة رغم الثروة التي ورثتها .
إنها تستحق رجل يستحقها حقاً ،
فإذا لم يكن مارك هذا .. حسنا ً، ربما ، عندئذ من الأفضل لصديقتها إن تعلم ذلك من أول الطريق .

أما لورين التي ما زالت تتأمل ساسكيا ، فقالت :
" ربما إذا خلعت السترة يمكنك إن ترتدي بلوزة صيفية جذابة .. أو حتى ..

و سكتت عندما رأت ملامح ساسكيا وهي تقول " بلوزة صيفية نعم .. أما جذابة فلا

و عندما رأت النظرة في عيني لورين و سكتت .
بصراحة ، فالرجال حسب خبرة ساسكيا ليسوا بحاجة إلى رؤية جسدها في ملابس فاضحة ليتشجعوا و ينظروا إليها مرتين ..

عندما غادرا المنزل أخيراً كانت الساعة تقارب التاسعة ،
و قد زادت ساسكيا من تبرجها نزولاً عند إلحاح لورين .
شعرت ساسكيا بعدم الإرتياح لمظهرها بحيث لم تستطع النظر لمرآة الردهة .

و عندما وصلا ، أوقفت لورين السيارة أمام باب الحانة :
" ها قد وصلنا . سآتي لأخذك عند الحادية عشرة ..
و سيكون ذلك وقتاً كافياً .
تذكري ، نحن نفعل هذا لأجل ميغن "

و قبل إن تتمكن من قول شيء ، كانت لورين قد إنطلقت بسيارتها ،
و كان رجل يسير على الرصيف قد توقف عندما رأى ساسكيا و نظر إليها بإعجاب

فنظرت مشيحة له بوجهها و دخلت الحانة .

كانت لورين قد أعطتها قائمة طويلة من الإرشادات
معظم ما فيها جعل ساسكيا تصر على أسنانها ،
لا سبيل للدخول و التصرف بطريقة مغرية بما إن لورين كانت قد ألبستها تلك البلوزة .

أخذت نفساً عميقاً ثم دفعت باب الحانة .......................

lovely sky
20-05-2007, 08:28
الفصل الثاني:

رجل في الاختبار


رأى أندريس ساسكيا في اللحظة التي دخلت فيها الحإنة .
كان يجلس عند المقصف ، كان بإمكانه الذهاب إلى أي مكان أقرب من هذه الحإنة ،
ربما إلى منزله أو إلى أملاكه الجديدة
ولكنه تلقى مكالمتين غير مرغوب بهما من جده وأثينا ،
لذا قرر الذهاب إلى مكان لا يمكن لاحدهما الاتصال به ،
كما تعمد ترك هاتفه الخلوي في البيت.
تصلبت قسماته عندما تذكر أثينا ومحاولاتها التي تزداد وقاحة لإغوائه وإقناعه بالزواج منها.
كان هو في الخامسة عشرة وهي حينذاك في الثإنية والعشرين وعلى وشك الزواج ،
لذا هو يشعر نحوها بالكراهية منذ الصغر ،
وهذا ما ترك في نفسه أثرا سلبيا تجاه الجنس اللطيف .
قطب جبينه وهو يراقب ساسكيا التي وقفت عند الباب مباشرة تفحص القاعة وكانها تبحث عن شخص ما . أدارت رأسها فإنعكست الأضواء على شفتيها المصبوغتين اللامعتين .

تنفس أندريس بعمق وهو يجاهد للسيطرة على تصرفه غير المرغوب به تجاهها .
ما الذي يفعله بحق الجحيم ؟
كان غرضها واضحا جدا بحمرة الشفاه القرمزية الصارخة تلك مما جعله يضحك لا إن يفكر في ..
في ماذا؟
الرغبة..؟
وتملكته السخرية وموجة من الاشمئزاز من الذات .
لقد عرفها طبعا !إنها الفتاة التي رآها عصر اليوم في العمل ،
الفتاة التي هنأتها موظفة الاستقبال لإنسلالها من العمل مبكرة .
ونظر متجهما إلى فمها المصبوغ وعينيها المكحلتين بإفراط ،
رآها ترتدي طقما قصير التنورة ..
ولفت أنتباهه ساقاها الطويلتإن المكسوتإن بجوربين طويلين أسودين شفافين.
إنها تنورة قصيرة جدا .. جدا !

قطبت ساسكيا وهي تشعر بمدى قصر هذه التنورة التي أرغمتها لورين على ثنيها عند الخصر لتقصيرها . كانت ساسكيا مصممة على إنها ما إن تجد مارك حتى تعيد التنورة إلى طولها الأصلي .
كما إن السترة الصيفية تشعرها بعدم الارتياح ،
فأخذت ، دون وعي ، تعبث بأول الأزرار المفكوكة.

ضاقت عينا إندرس وهو يراها تفعل ذلك . من الواضح إنها بذلك تلفت الآنظار إلى صدرها ..
واكتشف إندرس إنه بدأ يصر على أسنإنه ،
والأهم من ذلك إنه لم يستطع تحويل نظراته عنها .

شعرت ساسكيا إنها مراقبة ، فالتفتت ثم جمدت مكانها عندما اشتبكت نظراتها مع نظرات أندريس القوية.
أخذ قلبها يخفق ، وجف ريقها .
كانت قد نبذت مبالغة ميغن في وصفه .. معتبره بذلك هذيإن امرأة واقعة في الحب .
رائع .. خلاب .. وسيم .. جذاب..
وهو سيكون لابسا قميصا أزرق ليتناسب كما تقول ميغن مع لون عينيه .

حسنا .. لم تستطع ساسكيا رؤية لون عينيه في الضوء الخافت من هذه المسافة التي تفصل بينهما .
لكنها أقرت بإن ميغن على حق في كل ما وصفتها به ..
وازدادت دقات قلبها .
هذا إذن حبيب ميغن ، لا بد إنه هو،
إذ لم يكن في القاعة من يشبه الأوصاف التي ذكرتها ميغن سوى هذا الرجل،
لا عجب إذن من قلقها والشك في إخلاصه لها ..
فرجل بهذه الوسامة لا بد وإن تلاحقه النساء على الدوام .

إنه يتمتع بفيض قوي من السلطة التي تقرب إلى الغطرسة .
لقد صعق ذلك ساسكيا منذ اللحظة التي نظرت فيها إليه ،
والتقت بنظراته المتفحصة والتي سرعإن ما تبعتها نظرة ازدراء واستنكار ..
كيف يجرؤ على النظر إليها بهذا الشكل ؟
وفجأة تبددت كل الشكوك التي جالت في نفسها بشإن ما وافقت على القيام به .

حسنا .. لقد أيقنت ساسكيا إن محاولات ميغن و لورين لإثبات إمكانية الوثوق به صائبة ،
فميغن فتاة ساذجة رقيقة ولا تملك الخبرة الكافية وهي بحاجة إلى رجل يقدر رقتها ويعاملها على هذا الأساس .
عليها أ ن تعترف إن ميغن لا تتمتع بتلك الجاذبية الصارخة التي يتطلع إليها رجل كمارك
ولكن ربما هذا ما أحبه فيها .. هذا إذا كان يحبها ..
وهذا ما على ساسكيا إثباته أو نفيه.

كان أندريس يراقبها بمزيج من الفضول وخيبة الأمل ، وهي تتجه إليه .
وبشموخ هادئ لم تتجاهل نظرات الإعجاب التي كان يلقيها عليها ، أثناء ذلك ، الرجال الآخرون ،
وإنما بدا عليها إنها لم تلاحظها .
كل ذلك كان مخطط له من قبل تماما كما السترة المفتوحة الأزرار ،
وكان أندريس يعرف هذا النوع فأثينا خير مثال !
ـ آه ، إنا آسفة .
==================

اعتذرت ساسكيا عندما وصلت إلى جإنب أندريس ، ثم تعثرت (بالصدفة) ووقعت عليه .
لكنها عادت فاستقامت ثم وقفت بجإنبه عند المقصف وعلى وجهها ابتسامة اعتذار ساحرة ،
بينما اقتربت منه حتى استطاع إن يشم رائحتها الناعمة العذبة التي تثير الحواس وتبرز شخصيتها ..
وكالاحمق أخذ هو يتنشق تلك الرائحة حتى كادت تسكره .. تاركا حواسه تستجيب.. لها..
أرغم أندريس نفسه على التراجع عنها خطوة إلى الخلف ،
ولكن المقصف كان مزدحما فاستحال الابتعاد عنها كثيرا .
وهكذا سألها ببرودة :" آسف .. ولكن هل أعرفك ؟"

كان يعلم إن هناك نساء يقمن بأي شيء لأجل المال .. أي شيء ..ومع أي شخص . أيا كان .

لكن ساسكيا تواجهه الآن ، وإنفرجت شفتاها المصبوغتإن بإفراط عن ابتسامة أدرك إنها مرغمة وهي تتمتم :

"آه لا..
في الواقع ، أنت لا..
لكنني أرجو إنك سوف تعرفني حالا .

أحست ساسكيا بالارتياح لخفوت الضوء وكانت تشعر باللهب المتوهج في وجهها.
لم يحدث قط إن فكرت في التقدم من رجل بهذا الشكل ،أو حتى تصورت ذلك .
ثم أنتقلت بسرعة إلى الجزء الثإني من حديثها المعد سلفا وهي تفرج شفتيها عن ابتسامة ، راجية إن تكون مغرية وتفي بالغرض .
وبينما مررت لسإنها على شفتيها بحذر صاحت في نفسها :
"رباه ، ما أسوأ مذاق حمرة الشفاه .. هذه ".
ثم سألت الرجل ببعض الدلع :
"ألن تسألني إن كنت أريد شرابا؟".

سألته هذا وهي تخفق بأهدابها آملة إن يكون هذا نوع من الإغراء،
وأضافت بصوت ناعم :
" أحب لون قميصك".
ومالت عليه مضيفة :
"إنه يماثل لون عينيك ".
ـ إن كان هذا ظنك فلا بد إنك مصابة بعمى الألوإن .. لإن عيني رماديتإن.

قال لها ذلك باقتضاب .
لقد بدأت تشعره بالغضب البالغ ،
لقد كان تحرشها السافر به يبعث في نفسه الاحتقار .
ولكن لا شيء يماثل حقارة ردة فعله السخيفة نحوها ،
أي رجل هو ؟
هل هو غلام في الثامنة عشرة ؟
يفترض به إن يكون رجلا.. رجلا ناضجا .. محنكا خبيرا وهو فوق الثلاثين ..
ومع ذلك يتجاوب مع هذه الأساليب المغرية القديمة والمثيرة للشفقة التي كانت تحاول إيقاعه فيها ..
يتجاوب معها وكأنه ..
وكأنه ماذا؟
وكان لا شيء يريد فعله في هذه اللحظة سوى ضمها إليه ليشعر بدفئها ..
وليسمعها تصرخ باسمه وليعانقها ويعانقها .

ـ اسمعي ، أنت تقترفين غلطة كبيرة .
قال لها ذلك بحدة ، مقاطعا تصوراته غير المرغوب بها عنه وعنها.

ـ آه ، لا .
احتجت على رفضه لها بلهفة ،
المفترض لها إن تذهب إلى ميغن وتعلمها إن خطيبها ما زال مخلصا لها و بإمكانها الوثوق به ،
ولكن شيئا لم تستطع تحليله رفض ذلك فقالت له:
" لا يمكنك إن تكون غلطة أبدا ، بالنسبة لأي امرأة.."

أخذ أندريس يتساءل ببلاهة عما إذا كان قد جن ،
إن فكرة عرض المرأة لنفسها عليه أمر يثير اشمئزازه ،
فكيف بإمكانه الانجذاب إلى امرأة كهذه ولو من بعيد؟
هذا مستحيل.
ـ إنا آسف ، إنك تضيعين وقتك .

وأضاف بصوت رقيق مخادع
" والوقت ، بالنسبة لامرأة مثلك ،هو من ذهب، فلم لا تذهبين للبحث عن رجل آخر .
أكثر تقبلا مني لما تعرضينه عليه ؟ ".

نظرت إليه شاحبة الوجه وهو يغادر الحانة ،
لقد نبذها .. إنه.....
وابتلعت ريقها. إنه ..
لقد اثبت إنه مخلص لميغن . ونظر .. نظر إليها وكأنها فتاة صغيرة
".

lovely sky
20-05-2007, 08:50
. مسحت حمرة الشفاه بسرعة وعبست للون الذي خلفته على يدها .

ـ أهلا بك يا جميلة , هل يمكنني إن أشتري لك شرابا ؟

هزت رأسها نافية ، متجاهلة النظرات اللاذعة التي رمق ها بها الرجال في الحانة ،
وتوجهت إلى حمام السيدات ،
في غرفة الملابس أقفلت أزرار سترتها الصوفية ،
ومسحت الحمرة وآثار التبرج والكحل
واستبدلتهما بزينتها المفضلة لديها والمؤلفة من ظل خفيف للعينين
وحمرة شفاه ناعمة بلون الكرز ،
وربطت شعرها الطويل إلى الخلف ، وجلست تنتظر موعد الرحيل .

هذه المرة بدت مختلفة وهي تشق طريقها بين الجموع ، وكانت النظرات المنصبة عليها مختلفة تماما .

شعرت بالارتياح عندما رأت إن لورين كانت في انتظارها ،
وعندما فتحت باب السيارة ودخلت ، سألتها لورين بلهفة :
" حسنا ، ماذا حصل ؟ "

فأجابت ساسكيا وهي تهز رأسها :
" لا شيء ، لقد نبذني بخشونة".

ـ ماذا؟

ـ لورين ، حذار ..
هتفت ساسكيا محذرة عندما كادت لورين تصطدم بسيارة أخرى من تأثير ما سمعته ،
وكان لورين كانت تريد إثبات نظريتها بإن مارك غير مخلص .
فقالت :
" لا بد وإنك لم تبذلي جهدك في المحاولة".
ـ أؤكد لك إني بذلت قصارى جهدي".

ـ هل أتى على ذكر ميغن ؟
.. هل أخبرك إنه على علاقة بأخرى ؟
فهزت ساسكيا رأسها :
" لا! لكنني أؤكد لك إنه أوضح عدم اهتمامه بي . لقد نظر إلي .."

وسكتت وهي تبتلع ريقها ولا تريد التفكير في نوع نظرة حبيب ميغن إليها.
ولسبب غريب لم تشأ حتى إن تتذكر نظرة الاحتقار التي رأتها في عينيه فجعلتها ترتجف ألما وغضبا .

ـ أين ميغن ؟
ـ لقد استدعوها إلى المستشفى ، لتقوم بعمل إضافي.
لقد اتصلت بي لتخبرني ،
فقلت لها إننا سنذهب إلى بيتها مباشرة ونجتمع بها هناك.

ارتسمت على شفتي ساسكيا ابتسامة باهتة .
يفترض إن تشعر بشعور أفضل الآن ،
لكن ميغن وحدها ستكون حقا مسرورة عندما تعلم إن مارك حبيبها مخلص ولم يخنها .

حبيبها مارك .. حبيب ميغن.. وشعرت ساسكيا بمرارة في فمها وثقل في صدرها.

ما الذي حدث لها ؟
هل يعقل إنها تغار من ميغن ؟
لا .. هذا غير ممكن ..
لا يمكن حدوث هذا أبدا.

ـ هل أنت واثقة إنك بذلت كل جهدك؟
ـ لقد قلت كل ما علمتني أنت قوله ، وتصرفت كما أمليت علي .

ـ ولم يبدر عنه أي نوع من التجاوب ؟
وشعرت ساسكيا إن لورين لم تصدقها ، فقالت :
" آه ، لقد أبدى تجاوبا ، وإنما ليس من النوع .. "

وسكتت ثم عادت تقول بفتور :
" لم يهتم بي ، يا لورين ، لا بد وإنه يحب ميغن حقا ".

ـ نعم ، إذا كان قد فضلها عليك ، فإنه لا بد يحبها حقا .

عندما وصلتا إلى بيت ميغن ، رأت ساسكيا سيارتها مركونة أمام البيت ،
وشعرت بالآنقباض وهي تترجل من سيارة لورين و تسير في الممر .
ميغن ومارك .. حتى إنهما متشابهإن في الاسم ،
مما يوحي بحياة زوجية وعائلية مريحة ..
ومع ذلك إن كانت قد قابلت في حياتها رجلا لا يستحق إن يكون رب أسرة فهو مارك حبيب ميغن ،
إلا إنه محاط بجو من الرجولة وهالة من الطاقة والقدرة على تبديل حياة امرأة .

أجفلت ساسكيا .
ما الذي تفكر فيه ؟
مارك هو حبيب ميغن .. صديقتها المفضلة .. التي تدين لها بصحتها وصحة جدتها .

يبدو إن ميغن رأتهما ففتحت الباب ووجهها يتهلل سرورا ،
فبادرتها ساسكيا بصوت عميق :" الأمر على ما يرام يا ميغن فمارك لم .."
فقاطعتها ميغن :
" أعرف ، أعرف ، لقد جاء ليرإني في العمل ،
وقد شرح لي كل شيء .
آه كم كنت معتوهة ..
آه يا ساسكيا كم كنت متشوقة لزيارة الجزر الكاريبية ..
وهكذا حجز مارك لهذه العطلة الرائعة ..
المكان الذي سنذهب إليه خاص بأجازات الأزواج ،
وهذا كان سبب تلك الاتصالات .
إنا آسفة لإضاعة سهرتك سدى ،
حاولت الاتصال بك ولكنك كنت قد خرجت .
ظننت إنك جئت مبكرة وقد لاحظت غياب مارك في الحإنة..

وسكتت ميغن وهي ترى تغير ملامح ساسكيا و لورين معا فسألتهما مترددة ومتعجبة :
" ماذا حدث ؟"
وكانت لورين تسأل ساسكيا :
" لكنك قلت إنك تحدثت إليه ".

فأصرت ساسكيا قائلة :
" نعم ، كان هو بالضبط كما وصفته لنا، يا ميغن.."
وسكتت عندما هزت ميغن رأسها وقالت بحزم :
" لا ، إن مارك كان معي في العمل ، لقد وصل عند الثامنة والنصف .
شعر بمدى كدري وغضبي فقال إنه كان يريدها مفاجأة "

ثم قالت بشغف وفرح ، موجهة كلامها إلى لورين :
" وقبل إن تقولي كلمة ، سيدفع مارك كل النفقات من جيبه "

اتكأت ساسكيا على الجدار بضعف ،
وراحت تفكر :
إذا لم يكن الرجل الذي صادفته هناك هو مارك ،
فمن يكون إذا ؟
وازداد شحوب وجهها .
لقد تحدثت إذن إلى رجل لا تعرفه ..
وراحت تحاول إغراء رجل غريب كليا..
رجل هو ..

وابتلعت ريقها شاعرة بالغثيإن وهي تتذكر مظهرها حينذاك ،
وتصرفاتها والأشياء التي قالتها ،
ثم طمأنت نفسها وحمدت الله لإنه كان غريبا ..
فهي لن تضطر إلى رؤيته مجددا ،
ثم سمعت ميغن تقول بقلق:
"ساسكيا ،لا يبدو إنك بخير ، ماذا حدث؟"
ـ لا شيء .
لكن لورين تكهنت بما تفكر فيه ساسكيا فسألتها بحدة :
" حسنا ،
إذا لم يكن الرجل الذي تحدثت إليه هناك هو مارك ، فمن يكون؟"

ـ نعم ، من تراه يكون ؟

الحنونه
20-05-2007, 14:37
يسلمووووو قلب

البدايه باين انها مشوووقه


وحلووووه


بلييييز يلا كملو بسرعه

lovely sky
20-05-2007, 15:18
يسلمووووو قلب

البدايه باين انها مشوووقه


وحلووووه


بلييييز يلا كملو بسرعه


مرحبا حنونة
منورة المشروع كالعادة دائما يا قمر
مشكورة حبيبتي على مرورك الرائع دائما ونسعد بمتابعتك لنا دائما
ان شاء الله التكملة قريب

مشكورة حبيبتي

%المستحيلة%
20-05-2007, 22:43
هااااااااااااااي كييفكم ..

من زمااان وانا اتاابعكم ووووووووووووووووووااي اخير اقدر اشااارك

تسسسلم انااملك الحلوه اللي ماقصرت باشبااع رغبتنا في قراءة جممممميع

روايات عبير واحلام

شكرا لفلي سكااااااااااي وردة قايين وكل من شارك في ارساء هذا المشروع

يعطيكم الف عاافيه

ولمشروكم اقف احتراما وارفع قبعتي لكم

%المستحيلة%
20-05-2007, 22:49
::

اسمحوا لي اشااركككم المجد ولو بسطور:نوم:
::
للأمانه الادبية .......منقول من ملف وورد احتفظ به

الفصل الثالث _ النار او الدمار

ذعرت ساسكيا عندما سمعت ساعة المدينة تدق الثامنة

صباحا ،لأنها قررت الذهاب الى العمل باكرا ولكن أحداث ليلة الامس كانت قد سرقت النوم من عينيها .

ان عملها يبدأعادة عند التاسعة صباحا . ولكن الأمور ليست على ما يرام في هذه الآونة الأخيرة ، خصوصا عندما تكون وظيفة المرء في خطر.

ولقد حذر رئيس القسم الذي تعمل فيه ساسكيا أن هناك اتجاها لصرف الموظفين وتخفيض الرواتب ، ونظرا

لكونها من الموظفين الجدد فان راتبها معرض للتخفيض ، وربما صرفت من العمل . مستحيل عليها حينئذ ايجاد

وظيفة اخرى في هيلفورد ، واذا عملت في لندن فان جدتها ستبقى وحدها . أسرعت ساسكيا داخل مكتب
العمل ، وسألت ايما :"أتراه وصل؟"
لم يكن بحاجة الى ذكر اسم من تعنيه ، وابتسمت لها ايما بشيء من الاستعلاء :" لقد وصل أمس في الواقع ،
وهو الآن يجري مقابلات مع الجميع ".
قالت ذلك بفخر ما لبث ان استحال الى اعجاب انثوي وهي تتنهد قائلة : " انتظري فقط الى ان تريه ، انه رائع .. رائع للغاية ".
وارتسمت على شفتي ساسكيا ابتسامة شاحبة .
ثم تابعت ايما كلامها قائلة :" لكنه مثالي ، انتبهي، ثم هو مرتبط عاطفيا وسيخطب قريبا . فقد تحدثت الى

موظفة الاستقبال في مكتبهم الرئيسي فأخبرتني ان جده يريد تزويجه بابنة عم ابيه فهي ثرية جدا و .. ".
فقاطعتها ساسكيا بحزم :" آسفة يا ايما ، ولكن يجب ان اذهب ".
فشائعات المكتب ، مثل سياسته ، لا تحب ساسكيا ان تتورط فيها ، اضف انه اذا بدأ رئيسهم الجديد باجراء

المقابلات ، فهي لا تريد ان تكتسب نقطة سوداء بسبب غيابها .
كان مكتبها في الطابق الثالث ، حيث تعمل مع خمسة موظفين آخرين ، وكان لرئيسهم مكتبه الزجاجي الخاص
لكنه حاليا خالي .

وعندما بدأت تتساءل عما تريد فعله ، انفتح الباب الخارجي ودخل رئيسها يتبعه بقية زملائها . فحياها قائلا:"


آه ، ساسكيا ، هاانت هنا اخيرا ".
ـ نعم ، أردت القدوم باكرا ..
فقاطعها غوردون جارمان رئيسها وهو يهز رأسه، قائلا بحدة :" لا مجال للشرح الآن ، الافضل ان تصعدي الى جناح المدير التنفيذي . سكرتيرة السيد لاتيمر في انتظارك ، يبدو انه يريد اجراء مقابلة مع كل شخص بمفرده ومع زملائه في القسم ، ولم يكن مسرورا تماما لغيابك ..
".
وقبل ان تنبس ساسكيا ببنت شفة ، استدار ودخل مكتبه
،تاركا اياها تتجه نحو المصعد . لم يكن من عادة غوردون ان يتكلم بهذه الحدة ، فشعرت ساسكيا بتوترها

يزداد وهي تفكر في الموقف الذي اتخذه اندريس لاتيم

ر بشأن الموظفين الجدد والذي جعل رئيسها الهادئ بطبعه يصبح بهذه الحدة .

كان جناح المدير التنفيذي منطقة غير مألوفة لساسكيا ، فالمناسبة الوحيدة التي

دخلته فيها هي عندما أجرت مقابلتها الأولى .


خرجت ساسكيا من المصعد بشيء من التردد ، ثم سارت نحو الباب الذي

يعلوه لوحة كتب عليها (المساعدة الشخصية للمدير التنفيذي ) "مادج فيلدينغ" . وعندما رأت ساسكيا المرأة الأنيقة ذات الشعر الأسود الجالسة خلف المكتب افترضت أن

المالك الجديد قد أحضر سكرتيرته معه .


أعطتها ساسكيا اسمها متوترة ، وأوضحت أنها تعمل تحت امرة غوردون جارمان
، لكن المساعدة الشخصية أزاحت هذا الايضاح جانبا وهي تنظر في قائمة امامها
، ثم قالت ببرودة دون ان ترفع رأسها عنها :" ساسكيا ؟ نعم . لقد تأخرت . السيد لاتيمر لا يحب .. أنا لست واثقة في الواقع
.." .
وسكتت ثم نظرت الى ساسكيا مقطبة الجبين ثم أضافت باستنكار :"قد لا يكون لديه الوقت لاجراء المقابلة معك الآن ".

ثم رفعت سماعة الهاتف وتحدثت بلهجة مختلفة تماما عن الصوت الذي كانت تحدث به ساسكيا .
ـ الآنسة رودجرز هنا الآن ، يا أندريس ، هل ما زلت تريد رؤيتها ؟ ثم قالت لساسكيا :" يمكنك الدخول ، الباب هناك .. "

أرغمت ساسكيا نفسها غلى الهدوء ،ثم توجهت نحو الباب ، ودقت بهدوء ثم أدارت المقبض .
عندما دخلت المكتب ، بهرت أشعة الشمس المتألقة عينيها ، فكل ما استطاعت

رؤيته هو ملامح ضبابية لشخص واقف أمام النافذة وظهره لها، ووهج الشمس يجعل من المتحيل الرؤية أكثر .


لكن أندريس استطاع رؤية ساسكيا ، ولم يدهشه أنها وصلت الى
العمل متأخرة عن زملائها ، فهو يعرف كيف أمضت سهرتها . أما ما أدهشه فعلا هو التقدير الصادق الذي قدمه رئيسها المباشر وزملاؤها معا

. فساسكيا هي اول من يقوم بالعمل الاضافي ، وأول من يمد يد العون لمن يحتاجها من زملائها .
ـ نعم ، يمكن ان يكون هذا غير عادي بالنسبة الى متخرجة جديدة .

هذا ما قاله غوردون عندما استفسر أندريس منه عن تقديره لساسكيا .

وأضاف :" لكنها ربيبة جدتها ، وربما كانت قيمها وعاداتها تشعرها بالواجب والاهتمام تجاه الآخرين ، وكما ترى من تقريري عنها ،عملها ممتاز وكذلك مؤهلاتها ".


وهي شابة جذابة الى حد مذهل وربما كانت تستغل "مزاياها" لصالحها .
بعد أن درس أندريس التقارير المتتابعة عن تفانيها و شعبيتها لدى الموظفين الآخرين

، أصبح مرغما على التسليم بأنه لو لم ير بنفسه تصرفات ساسكيا الليلة الماضية

لكان تقبل التقرير المتوهج بالحماسة ،مؤمنا بظواهر الأمور.

لقد تغيرت جذريا هذا الصباح ، فلقد عادت شابة رقيقة وموظفة أنيقة الملابس وشعرها مشدود الى الخلف بأناقة جذابة ، ووجهها خال من أي مساحيق التجميل ما عدا الخفيف منه

. وأخذ أندريس يقطب جبينه عندما شعر بجسده ، على غير عادة ، وبالحاح ، يذكره بسحر جسد ساسكيا ا

لذي اقترب منه كثيرا في الحانة ، أما هذا الجسد محتشم بطقم العمل الكحلي الذي ترتديه . أليس لديه ما يكفيه من المشاكل ؟ فقد تلقى الليلة الماضية ، بعد عودته من الحانة اتصال من أمه تخبره فيه أن جده أصبح أكثر تصميما على زواجه من أثينا ، وذلك بعد أن تأكد أن ليس لديه فتاة الآن في حياته.


فحدث أن دفعه كلامها ذاك الى القول :" وما الذي جعلك تظنين أن ليس لدي فتاة في حياتي ؟".
وساد صمت مفاجئ ، ثم عادت أمه الى ان تسأله بلهفة :" أتعني أن لديك امرأة في حياتك ؟ يا أندريس ! من هي ؟ ومتى سنتعرف عليها ؟". آه يا حبيبي ما أروع هذا ، "أوليمبيا" ! "

وسمعها تخبر أخته . حاول التخفيف من حماسة أمه وأخته ، فهو كان يتحدث بمعنى "اذا" .

ولكن أي منهما لم تكن مستعدة للاصغاء . وبعد اتصال أمه البارحة . اذا بجده يتصل به ومنذ الخامسة فجرا ليسأله متى سوف يقابل خطيبة حفيده . لقد وقع في مشكلة كبيرة

وخصوصا عندما قال جده ( ستحضرها معك الى الجزيرة طبعا ) وكلمات الجد هي أولمر .

ما الذي سوف يفعله الآن ؟ فأمامه ثمانية أيام فقط لايجاد (خطيبة) يتفق معها على ان يمثلا دور الخطيبين وعليها ان تكون ممثلة ماهرة لكي تخدع ليس جده فقط بل امه واخته أيضا .

استدار من مكانه أمام النافذة ليواجه ساسكيا ، فرأته عندها بوضوح .

ولم تجد فرصة تخفي فيها صدمتها ، أو شهقة الذعر التي أفلتت من بين شفتيها المصبوغتين بحشمة وقد شحب وجهها ثم عاد فتوهج بلون محرق .
ـ أنت !
قالت هذا بصوت مختنق وهي تتراجع نحو الباب بحركة غريزية ، وقد اكتسحت ذهنها ذكريات الليلة الماضية وتأكدت من خسرانها لوظيفتها.


انها ممثلة ممتازة بكل تأكيد . أقر أندريس بذلك وهو يرى ردة فعلها .. نظرة الفزع هذه التي أظلمت عينيها و الطريقة التي أخذت بها شفتها السفلى ترتجف رغم محاولاتها للسيطرة عليها .. آه ، نعم .. انها ممثلة درجة أولى .. ممثلة درجة أولى !
وفجأة ، لاح لأندريس شعاع من النور في نهاية النفق المظلم ، نفق مشكلته الحالية . آه ، نعم ، انه حقا شعاع من نور .


فبادرها أندريس بالقول :" هكذا اذن أنسة رودجرز " .
لقد بدأ اندريس يمزق ثقة ساسكيا بنفسها ، وهي الممزقة فعلا .

ـ لقد قرأت التقرير الذي كتبه عنك غوردون جارمان وعلي تهنئتك . يبدو أنك أقنعته بأنك في القمة من السمو ، وهذا انجاز باهر بالنسبة الى موظفة جديدة وصغيرة . خصوصا وهي تتبنى ذلك الموقف ،


هل نقول .. الموقف المطاط بالنسبة الى التقيد بالنظام الرسمي والمحافظة على أوقات الدوام .. فتترك العمل قبل زملائها في المساء ، وتصل في الصباح بعدهم ؟

ـ أترك العمل باكرا ؟

وحدقت ساسكيا اليه محاولة تمالك نفسها ، كيف علم بذلك ؟

وكأنه قرأ أفكارها ، فقال لها بنعوة كنت في الردهة حين غادرت مكتبك ، قبل الدوام بوقت غير قصير ".

%المستحيلة%
20-05-2007, 22:53
فقالت متذمرة :" لكن ذلك كان ..
".
لكنه هز رأسه قائلا ببرودة :" لا أريد أعذار ، من فضلك . قد تنفع مع غوردون جارمان لكنها ، لسوء حظك لن تنفع معي . وبعد ، لقد رأيت كيف تتصرفين خارج العمل . الا اذا ..
".

وعبس وتصلبت شفتاه وهو يتفرس فيها باحتقار ، مضيفا :" الا اذا كان هذا هو السبب ، طبعا، الذي جعله يعطيك مثل هذا التقرير الممتاز غير العادي .."


هتفت ساسكيا على الفور ناكرة :" لا، لا! أنا لا أفعل.. ذلك أبدا .. كانت الليلة الماضية غلطة . أنا .. "
ـ نعم ، كانت غلطة ، بالنسبة اليك على الأقل .أنا أعلم ان راتبك قليل نسبيا



، لكن جدي سيكون تعيسا للغاية عندما يعلم ان احدى موظفاتنا تضطر الى زيادة دخلها بطريقة تنعكس سلبيا على سمعة شركتنا .
وتابع بلطف مصطنع وابتسامة خبيثة :" كم أنت محظوظة لأنك لم تكونين تمارسين .

. حرفتك في .. أحد فنادقنا و..".
فقاطعته ثائرة :" كيف تجرؤ؟".
وتوهج وجهها احمرارا والتهبت عيناها بالكبرياء الجريحة .
فسأله مستهزئا:" كيف أجرؤ أنا؟ المفروض أن أسألك أنا كيف تجرؤين؟"

قال لها ذلك بحدة ، وقد نظر اليها نظرة تنضح غضبا واحتقارا وعاد يقول متجهما :" عدا ما يتضمنه عملك ذاك من عدم فضيلة ، ألم يخطر ببالك قط الخطر الجسدي الذي يهددك من ورائه؟


ويهدد النساء أمثالك ..".
وسكت ، ثم غير لهجته لتصبح أكثر لينا:" فهمت من رأيسك أنك حريصة على البقاء موظفة عندنا ".
ـ نعم، نعم، هذا صحيح .


ثم قالت ساسكيا بلهفة ورجاء وقد تحول كبرياؤها الى ذعر وخوف :" اسمع أرجوك ، يمكنني شرح ما حصل الليلة الماضية . أنا أعرف كيف كان مظهري البارحة ، ولكنه لم يكن ..أنا لم أكن .."
فارتبكت وصمتت وهي ترى ملامح وجه أندريس



تدل أنه غير مستعد للاستماع لها ، عدا أنه لن يصدقها . وهي لا تلومه كما انها لا تستطيع اقناعه بعفتها الا اذا جرت لورين وميغان الى مكتبه لتشهدا معها ،

وكرامتها تأبى عليها مثل هذا العمل ، هذا الى ان ميغان غير قادرة على التفكير بأي شيء سوى بمارك والرحلة الى الجزر الكاريبية

. أما لورين فتستطيع ساسكيا تخمين مقدار المتعة التي ستشعر بها ازاء الوضع الذي وضعت ساسكيا به نفسها الآن . وعندما سكتت ، قال لها بلطف :" هذا أفضل . فأنا أحتقر المرأة الكاذبة حتى أكثر مما أحتقر تلك التي .."


وجاء دوره ليسكت ، لكنها فهمت ما يعنيه . وازداد احمرار وجهها مما جعلها ترتبك أكثر وتشعر بالقلق حين قال :" لدي أمر أريد عرضه عليك"
وصدر عنها صوت مختنق يسأل بحذر :"وأي نوع من العروض؟".


جمع أصابعه باشارة مهدئة وهو ينظر اليها كما ينظر الوحش الى فريسته الذي يتلهى بتعذيبها . وقال لها بلطف:" آه ، ليس من النوع الذي ربما أنت معتادة عليه .. قرأت أن بعض العاملات الشابات طردن من الخدمة بسبب قيامهن بدور بنات الهوى ..".


فقالت محتجة :" لم أكن أقوم بعمل كهذا".
لكنه أسكتها قائلا بحدة :" هل نسيت انني كنت موجودا؟ لو علم جدي بسلوكك ذاك ، لطلب مني طردك على الفور".


قد يكون جده تخلى عن معظم سلطته لأندريس ، لكن أندريس رأى من ملامح ساسكيا أنها ما زالت تصدقه وهي تقول مبتلعة كبرياءها:" أنت لست مضطرا لأن تخبره .. أرجوك..

":
ـ نعم ، لست مضطرا لذلك ، ولكن ما أفعله يتوقف على استجابتك لما أعرضه عليك .
ـ هذا ابتزاز.
فأجاب بنعومة مصطنعة:" هذه مهنة قديمة بقدم المهنة التي كنت تزاولينها الليلة الماضية "

.
بدا الذعر يتملك ساسكيا مما جعلها تندفع قائلة بعداء :"يدهشني أن يلجأ رجل مثلك الى ابتزاز امرأة مثلي لكي يشبع رغباته ، وليس هناك ما يجعلني..".
فقاطعها وهو يلقي برأسه الى الخلف مقهقها:" أشبع رغباتي؟".

فذهلت ساسكيا ولاذت بالصمت ، ثم كرر هادئا:"أشبع رغباتي .. ومن يشبعها ، أنت؟ لا ليس هذا ما أريده منك".

فسألته وهي ترتجف:" ماذا تريد مني اذن؟".


ـ ما أريده منك هو وقتك وموافقتك على تمثيل دور خطيبتي.


ـ ماذا؟


وحملقت فيه مندهشة:" انت مجنون".فقال بحزم :"لا ، لست مجنونا، لكنني مصمم على عدم الزواج من المرأة التي يريد جدي تزويجي اياها ، والطريقة الأفضل لتجنب ذلك هي اقناعه بأنني أحب امرأة أخرى ".
ـ أتريدني أن .. أتظاهر.. بأنني .. خطيبتك؟
ألقت عليه هذا السؤال بحذر ، وعندما رأت الثبات في عينيه ، قالت مستنكرة:" لا .. لا سبيل الى ذلك .. لا سبيل على الاطلاق".

فسألها بلطف بالغ :"لا؟ اذن ،لن يكون أمامي ، مع الأسف، سوى أمر واحد وهو أن ثمة احتمال كبيرجدا ، بصرفك من العمل مع من سنصرفهم ، أرجو أن تكوني قد فهمت ما أعنيه".
فصاحت :" لا! لا يمكنك القيام بذلك ..".
ثم سكتت وهي ترى السخرية في عينيه .

وسألها:" حسنا؟ لم تعطني جوابك . هل توافقين على عرضي هذا، أم ..؟".
بدت السخرية في صوته واضحة جلية .

ابتلعت ساسكيا مرارة الهزيمة ، وحاولت أن ترفع رأسها وهي تقول له بتعاسة:"أنا موافقة".
هذا ممتاز . وحفظا للشكليات ، أقترح اختراع قصة
عن لقاء سري سابق حدث مصادفة بيننا ..

ربما عندما زرت "هلفورد" قبل استلامنا الممتلكات الجديدة ، ولأجل مفوضات الاستلام فقد أبقينا أمر علاقتنا .. حبنا سرا، ولكن الآن .. لم يعد من حاجة للسرية ، واثباتا لذلك

، وللاحتفال بحريتنا اليوم ، سأدعوك الى الغداء.
وقطب جبينه لحظة ثم تابع:" سنسافر الى جزيرة "ايجين" في نهاية الأسبوع القادم ، وهناك أشياء علينا معرفتها عن بعضنا البعض!".

فشهقت :" نسافر الى أين؟ لا .. لا يمكنني ذلك . جدتي..".
كان أندريس قد سمع من غوردون أنها تعيش مع جدتها ،فرفع حاجبا متسائلا بنعومة :"انت مخطوبة لي الآن ، يا حبيبتي، وحتما أنا الآن أهم لديك من جدتك

، ولكنني واثق من أنها ستوافق غلى سبب ابقاء حبنا سرا . اذا شئت ، أنا مستعد تماما لمرافقتك عندما تشرحين لها .. كل شيء..".
أجابت بذعر وبحزم :" لا حاجة لذلك على كل حال ،

فجدتي حاليا في "باث" ، مع أختها ، وستبقى هناك للاسابيع المقبلة . لا تستطيع فعلهذا . ثم ان جدك لا بد وان يتكهن بأننا .. لسنا .. و .. ".
ـ ولكن علينا الا نجعله يتكهن بأي من هذه الأشياء

، فأنت ممثلة ممتازة كما رأيت بنفسي . وأنا واثق أنه بامكانك اقناعه بأننا خطيبان

وأننا نحب بعضنا بعضا زز واذا انت شعرت بحاجة الى بعض العون ليقتنع ...
وصمت بعد ان التهبت عيناه ، فتراجعت ساسكيا على الفور خطوة الى الخلف

، وقد احمر وجهها ارتباكا وهي ترى الطريقة التي كان ينظر بها اليها
. ثم قال برقة :" هذا حسن جدا ، ولكن ربما ليس من الحكمة المبالغة في الخجل العذري ،فجدي ليس أحمقا،
وأشك في أنه يتوقع من رجل في مثل سني الوقوع في الغرام بعنف مع امرأة لا تماثله خبرة

. فأنا ، نصف يوناني , والعواطف الخام هي ميزة هامة في شخصية الرجل اليوناني ونفسيته".
أرادت ساسكيا أن تستدير هاربة .لقد ساء الوضع في دقيقة، وتساءلت، عما سيفعله ان علم أنها ليست "خبيرة" مثله وأن خبرتها لم تتعد عدة قبلات طاهرة ومعانقات مرتبكة


. مان عليها شكر والديها على هذا لاحتراسها في مراهقتها لان سلوكهما الطائش جعلها تخاف من ان تكرر حماقتهما .
قال أندريس باقتضاب وهو ينظر الى ساعته :" الساعة العاشرة تقريبا ،



أرى ان تعودي الى مكتبك ، وعند الواحدة سأنزل اليك و آخذك الى الغداء. كلما أسرعنا في اشاعة أمر علاقتنا كان ذلك أفضل ".
كان يتحدث ويتقدم نحوها ، وتملك الذعر ساسكيا على الفور

، وشهقت بصوت عال عندما انفتح الباب ودخلت مساعدته الشخصية في اللحظ نفسها التي كان أندريس فيها يمسك بمعصمها الهش بأصابعه القوية.



ـ آه ، يا أندريس .
هتفت بذلك مساعدته وهي تنظر باضطراب الى الطريقة التي كان رئيسها يجذب بها ساسكيا ويقربها اليه .
ـأنا آسفة لمقاطعتي ، ولكن جدك اتصل مرتين.

فأجاب بنعومة :" سأتصل بجدي لاحقا ، كما أنني لا أريد مقاطعة ولا مواعيد بين الساعة الواحدة والثانية والنصف اليوم ، فأنا سآخذ خطيبتي الى الغداء".
قال هذا والتفت الى ساسكيا يرمقها بنظرة تذوب رقة وعاطفة .


بدا فعلا كعاشق ولهان لا يكاد يملك السيطرة على رغبته بها لحظة واحدة ، حتى أوشكت هي نفسها تصدقه . ولم تستطع الا مبادلته النظر وكأنها تسمرت مغناطيسيا



. لو نظر اليها هكذا الليلة الماضية .. كفى.. حذرت نفسه
ا على الفور وقد هزتها هذه الفكرة .
ولكن اذا كان تصرفه قد صدم ساسكيا ، فقد صدم مساعدته أكثر.



أدركت ساسكيا لك عندما صدر عن المرأة صوت مختنق ثم هزت رأسها عندما سألها اندريس بلطف عما اذا كان قد حصل شيء .
ـ لا.. كنت فقط.. هكذا.. لا.. لا شيء على الاطلاق .
ـ هذا حسن . آه ، هناك شيء آخر . أريدك أن تحجزي مقعدا آخربجانبي في الطائرة المتوجهة الى أثينا الأسبوع القادم .. لأجل ساسكيا..
وأشاح بوجهه عن مساعدته وقال لساسكيا بصوت أجش :"كم أنا متشوق لأقدمك إلى أسرتي ، و خصوصاً إلى جدي و لكن أولاً .. "


و قبل أن تتكهن ساسكيا بما ينويه ، رفع يدها إلى فمه يقبل راحنها . و عندما شعرت بدفء أنفاسه على جلدها أخذت ترتجف ، وتتسارع أنفاسها . و شعرت بالدوار ، بينما تملكها مزيج من البهجة و الإثارة و الصدمة و إحساس بأنها بشكل ما ، قد خرجت من ذاتها و أصبحت شخصاً آخر



.. دخلت حياة أخرى .. حياة أكثر إثارة من حياتها بكثير .. حياة يمكن أن تؤدي بها إلى الخطر ..


و بينما كان الدوار يتملكها ، سمعت أندريس يقول بصوت أجش .. " أولاً ، يا حبيبتي ، يجب أن نبحث عن شيء جميل يزين إصبعك الخالي هذا . لن يقبل جدي أن يراك دون خاتم يفصح عن نيتي " .
سمعت ساسكيا بوضوح صوت شهقة المساعدة المصدومة . لقد إدعى أندريس أن ساسكيا ممثلة جيدة ، لكنه ، هو نفسه ، لم تكن تنقصثه الكفاءة في هذا الأمر .

%المستحيلة%
20-05-2007, 22:54
عندما إنسحبت المساعدة من المكتب بسرعة ، مغلقة الباب خلفها ، قالت ساسكيا بصوت مرتجف : " ألا تعلم أنه بحلول وقت الغداء، سيكون الخبر قد إنتشر في جميع أحاء المكتب ؟ "

فقال ناظراً إليها بشوق : " في جميع أنحاء المكتب ؟ آه يا عزيزتي ، سأكون مندهشاً للغاية و خائب للأمل أيضاً إذا لم يكن الخبر قد سافر إلى أبعد من ذلك بكثير " .


و عندما نظرت إليه مستفسرة ، قال شارحاً لها باختصار: " عندما يحين وقت الغداء ، أتوقع تماماًُ أن يكون الخبر قد وصل إلى أثينا على الأقل "
ـ إلى جدك .

فأجاب بهدوء: " و غيره أيضاً " دون أن يكشف لها عمن يكون ذلك الغير .


و فجأة ، تبادرإلى ذهنها كم هائل من الأسئلة التي أرادت توجيهها إليه .. عن أسرته بما فيها جده ، و الجزيرة التي ينوي أخذها إليها ، و عن المرأة التي يريدها جده أن يتزوجها


... كانت لديها فكرة مبهمه عن أن اليونانيين يهتمون جداً بحماية مصالح الأسرة ، و تبعاً لما تقوله إيما ، فإن إبنة أخ جده فاحشة الثراء كأندريس .


و بشكل ما ، دون أن تعرف تماما ً كيف حدث ذلك ، إكتشفت أن أندريس قد ترك يدها ، و أنها تخرج من الباب الذي فتحه لها ، لتعود إلى مكتبها

- أمستعدة أنت يا ساسكيا ؟


و شعرت ساسكي ابالإرتباك يكسو ملامحها عندما إقترب أندريس من مكتبها . كان زملائها غارقين في العمل تجنباً للنظر إليهما بشكل واضح ، لكن ساسكيا أدركت جيداًأنها محط إنتباه الجميع

، و كيف لا يكونان كذلك ؟
ثم توجه أندريس بالكلام لرئيسها :" غوردون آسف لأن ساسكيا ستتأخر في العودة من الغذاء ".


ثم سألها أندريس برقة ، بعد أن رأى علامات الدهشة و الذهول على وجه غوردون و بقية الموظفين :" ألم تطلعيهم على الخبر بعد ، يا حبيبتي ؟".

-أه .. لا .
و لم تستطع ساسكيا النظر إليه مباشرة .
و سمعت رئيسها يقول بدهشة و عدم تصديق : " ساسكيا .. لا أفهم .."

و اعترفت ساسكيا لنفسها بكأبة أنه لن يفهم و إن حاولت الشرح ، و بدا لها أنه ليس عدلاً أبداً خداع هذا الرجل الطيب ، و لكن أي خيار غير هذا أمامها ؟

و كان أندريس يقول :" لا تلم ساسكيا ،لأن المخطىء هو أنا مع الأسف . لقد ألححت عليها بأن تبقى علاقتنا سرية حتى يتم إعلان انتهاء إستلامنا الممتلكات الجديدو

. لم أشأ أن تتهم ساسكيا بأنها موزعة الولاء .. كما يجب إخبارك يا غوردون بأنها أصرت على رفض أي نوع من الحديث عن العمل الجديد ".


ثم قال لساسكيا : " و بمناسبة الحديث عن العمل ، أنا أيضاً لا أريد ذكر العمل حين نكون معاً ".
ورمقها بنظرة عاطفية جعلت وجهها يزداد توجها

و تسببت في أكثر من سهقة حسد من زميلاتها .
و عندما ابتعد عن مرمى السمع ، سألته بإستياء : " لماذا فعلت ذلك ؟ ".



- فعلت ماذا ؟
-أنت تعلم تماماً ما أعنيه ، لماذا لم يكن لقاؤنا في مكان آخر ؟
- و سراً ؟
بدا عليه السأم و نظر إليها مقطباً جبينه .كان أطول منها بكثير ، فآلمها عنقها لكثرة ما مدته لتنظر إليه . و تمنت له أنه لا يسير قريباً منها إلى هذا الحد ، لأن ذلك يشعرها بعدم الإرتيلاح و بشيء من التوتر . إلا أنه ، بشكل ما ، جعلها تشعر بأنوثتها بشكل لم تعرفه من قبل .


- ألم أخبرك من قبل أن كل قصدنا من هذا المشروع هو إظهار علاقتنا إلى العلن ؟
- ثم إبتسم متجهماً و مضيفاً :" لقد حجزت مائدة في تلك الحانة للغداء ، لقد أكلت هنالك الليلة الماضية و وجدت الطعام جيداً للغاية .. رغم أن ما حدث فيما بعد كان .. أقل جودة "

.
- و فجأة ، شعرت ساسميا أنها لم تعد تقوى على الإحتمال .
- اسمع ، ما زلت أحاول إخبارك أن الليلة الماضية كانت غلطة ، أنا ..
- أنا أوافقك تماماً على أنها غلطة .. غلطتك .. و على ذكر هذا الموضوع ،



دعيني أنبهك ، يا ساسكيا ، إذا أنت فعلت شيئاً كهذا أثناء مدة خطوبتنا .. ‘ذت أنت تظرت إلى رجل آخر ..
- و سكت و هو يراها تحملق فيه بذهول . ثم قال : " أنا نصف يوناني ، يا عزيزتي و بالنسبة إلى نسائي فأنا يوناني أكثر مني إنكليزياً .. أكثر بكثير .."



- أنا لست من نسائك .
و كان هذا فقط ما تمكنت من قوله ، فأجاب ساخراً :" طبعاً لا ، لأنك لكل رجل يدفع الثمن ، ألست كذلك في الحقيقة ؟ و لكن .. "
و سكت مرة أخرى عندما صوتها باحتجاج حاد و قد شحب وجهها ثم عاد فتوهج احمرارتً بعد فقدانها السيطرة على مشاعرها .


- ليس لديك الحق في قول مثل هذا الكلام لي .
- بل لدي كل الحق لكوني خطيبك .

قال هذا معنفاً و قبل أن تسكته مد يده ليمسح بإصبعه دموع الغضب و الإذلال عن أهدابها السفلى ، و هو يقول ساخراً :" دموع ؟ أنت يا عزيزتي أمهر في التمثيل مما كنت أظن ! "



كانا قد وصلا إلى الحانة فاضطرت ساسكيا إلى السيطرة على أعصابها عندما فتح الباب و ترافقا إلى الداخل .


قالت ساسكيا بعد أن جلسا إلى طاولة المائدة :" لا أريد أن آكل شيئاً ، أنا لست جائعة "
.
فأجابها بإقتضاب :" مستاءة؟ لا يمكنني إرغامك على الأكل ، لكنني لن أحرم نفسي من هذا الطعام الطيب ".


و عندما تناول قائمة الطعام ، أضاف ببرود :" هنالك أشياء علينا التحدث عنها ، أنا أعرف أكثر أحوالك

الشخصية من ملفك و لكن إذا كان علينا إقناع أسرتي ، و خصوصاً جدي بأننا عاشقان فهنالك أشياء أخرى علي معرفتها عنك .ز أشياء عليك معرفتها عني "

عاشقان .. و استطاعت ساسكيا بجهد إمساك نفسها عن الإرتجاف بشكل واضح ، فإذا كان عليها الإستجابة لإبتزازه ، عليها إذاً تعلم القيام باللعبة حسب شروطه و إلا فسيدمرها كلياً . و ابتسمت له بكآبة :" عاشقان .. ظننت أن الأسر اليونانية لا توافق على ذلك قبل الزواج

"
فأجاب متهكماً " ليس إلى بناتها ، و لكن بما أنك لست يونانية ، و بما أنني نصف إنكليزي ، فأنا واثق بأن جدي سيكون أكثر .. تسامحاً "


- و لكن ألا يكون متسامحاً إذا أنت تزوجت إبنة أخيه ؟
- قالت ذلك و هي لا تدري لماذا يثير فيها ذكر تلك المرأة مثل هذا الإحساس بالألم و العداء .
- أثينا ، إبنة أخبه ، أرملة و من الطبيعي أن جدي ..
و سكت ثم قال بجفاء " إن أثينا نفسها لن تقبل تدخل جدي في ناحية من نواحي حياتها إنها إمرأة بغاية القوة "


- هل قلت أنها أرملة ؟
و كانت ، لأمر ما تظنها شابة . لم يخطر ببالها قط أنها تزوجت سابقاً – نعم ، أرملة و أم لابنتين مراهقتين .
- مراهقتان !
تزوجت في الثانية و العرشرين ، وهذا منذ عشرين سنةً تقربياً


اتسعت عينا ساسكيا و هي تحسب في عقلها ، من الوتضح أن أثينا أكبر سناً من أندريس ، و لا شك أنها امرأة ضعيفة وحيدة مرغمة على الزواج مرة أخرى بينما هي ربما لا تريد ذلك .
أخذت ساسكيا تفكر في ذلك و هي شاعرة بالشفقة على أثينا .


- على كل حال ، ليس عليك الاهتمام بمسألة أثينا ، فربما لن تقابليها أبداً فهي تمضي حياتها في التجول بين أثينا و نيويورك و باريس ، و تمضي معظم وقتها مسافرة ، كما أنها تدير شركة شحن ورثتها عن أهلها .



- شركة شحن ، و سلسة فنادق . لا عجب في تلهف جد أندريس ليزوجها به ، و حيرها أن أندريس ليس مثل جده حريصاً على هذا الزواج ، خصوصاً بعد الصفقة التي عقدها للإستيلاء على سلسلة الفنادق .




و كأنه تكهن بما تفكر به ، فمال إلى الأمام و قال لها بجراءة :" أنا لا أبيع نفسي مثلك "
- أنا لم أكن أبيع نفسي
أنكرت ذلك بحدة ، ثم قطبت جبينها عندما جاء النادل حاملاً طبقي طعام تفوح منهما رائحة لذيذة .
فقالت عندما وضعهما أمامهما و أمام أندريس : " أنا لم أطلب طعاماً "


أجابها أندريس :" لا لكنني طلبته لك لا يعجبني أن أرى إحدى نسائي جلداً على عظم كالأرانب الجائعة . قد يكون مسموحاً للرجل اليوناني ضرب امرأته ، لكنه لايمكنه تخطي ذلك إلى درجة تجويعها ".
فقالت ساسكيا بنبرة تمرد " ضرب.. "


لكنها سكتت عندما رأت لمعان عينيه فأدركت أنه كان يغيظها .


- أنت يا ساسكيا ، من النساء التي يجعلن القديس ، و ليس الرجل العادي ، يحاول إخضاعهن و السيطرة عليهن ، لكنه بعد ذلك يتمنى لو أنه يمتلك القوة ليسيطرة على نفسه


.
ارتجفت ساسكيا فقد صدمت بقوله هذا . ما الذي يجعلها تحس به إلى هذا الحد ؟ و يبعث فيها مثل هذا التوتر ؟
أخذت تأكل لكي تلهي نفسها فقط و ليس لشئء آخر ، غير واعية لنظرة الإستمتاع الممزوجة بالحسرة التي رمقها بها و هي تأكل . لو لم يكن يعرفها جيداً لقال أنها غير خبيرة بالرجال الفتاه العذراء ، ذلك أن أي


حديث عن الحب يجعلها ترتجف فلا تستطيع مواجهة نظراته ، و من حسن الحظ أنه لا يعلم أن كل هذا هو مجرد تمثيل ، و إلا .. و إلا ماذا ؟ و إلا لاندفع ليرى ما إذا كانت ترتجف بهذا الشكل عندما يلمسها كما ترتجف عندما يتحدث إليها .



و لكي يتغلب على مشاعره ، أخذ يتحدث إلها بلهجة عملية : " هنالك أشياء عليك معرفتها من خلفية أسرتي لكي تقنعي جدي بأننا نحب بعضنا "


و راح يتحدث عن أسرته ، مع بعض التعليقات الحذرة عن صحة جده ، مضيفاً : " هذا لا يعتني أن صحته ضعيفه ، و لكن بما ان الأطباء نصحوه بعدم العمل كثيراً ، فقد بات أكثر عناداً و تصميماً على التدخل في حياتي فهو يقول لأمي بأنه خائف من أن يموت قبل رؤيةلأحفاده ، أي أولادي ، وإذا لم يكن هذا ابتزازاً ، لا أدري ماذا يكون "


قال ذلك بلهجة مطاطة ، فعلقت بعذوبة ساخرة : " يبدو أن الإبتزاز عيب متأصل في أسرتكم "
فرمقها بنظرة لم تأبه لها ، ثم أضاف : " و لا شك أن إقامتنا في الجزيرة ستكشف عن عيوب معينة في شخصيتنا لن نتمكن من التغاضي عنها و عندما نعود إلى انكلترا ستفسخ الخطوبة . و لكنني على الأقل ،



أكون كسبت بعضا من الوقت .. أرجو أن تكون أثينا ، حينذاك قد قررت قبول أحد المتقدمين للزواج بها الذين يتحدث عنهم جدي "
- و إذا هي لم تقبل ؟
- إذا لم تقبل ، ، علي إذاً تأجيل فسخ خطوبتنا حتى أجد طريقة أقنع بها جدي بأن إحدى شقيقاتي يمكننها إنجاب أحفاد له .
فسألته و هي مجفلة :" الا تريد أن تالزواج أبداً ؟ "


فأجاب :" حسنا ً ، فلنقل هذا ما دمت بلغت الخامسة و الثلاثين و لم أتعرف إلى المرأة التي تكون عله وودي و أنا أشك في حصول ذلك لي الآن . الحب هو من أوهام الفتيان و مبالغاتهم . أما بالنسبة لمن تجاوز الثلاثين فهو حماقة لا فائدة منها ".



و لم تستطع ساسكيا منع نفسها من إخباره :" أبي أحب أمي عندما كان في السابعة عشرة و هربا معاً "
و إغرورقت عيناها ثم قالت :" و كانت تلك غلطة .


فقد تلاشى حبهما لبعضهما البعض قبل ولادتي . فلو كان أبي أكبر سناً لشعر ، على الأقل ، ببعض المسؤولية تجاه الطفل الذي أنجبه


، لكنه كان هو نفسه ما يزال ولداً "
فسألها أندريس مقطب الجبين : " و هل تخلى عنك ؟"


- كلاهما تخلى عني ، فلولا جدتي لانتهى بي الأمر في أحد دور الأيتام .
و هنا أخذ أندريس يتظر إليها بإتزان ، أترى هذا هو السبب في تسكعها


في الحانات بحثاً عن الرجال ؟أتراها تبحث عن الحب الذي لم تجده عند أبيها ؟و ضايقة أن يرغب في البحث عن مبرر لها ليبرئها من تصرفها الذي رآه الليلة الماضية . لماذا يحاول إيجاد الأعذار لها ؟


من المؤكد أن دموعها التي ذرفتها منذ فترة لم تؤثر به
و فجأة قال بجفاء " حسناً لقد حان وقت ذهابنا

الحنونه
21-05-2007, 06:48
يسلموو الجزء هذا رووووعه



ننتضر التكملــه بفاارغ الصبر



^^

lovely sky
21-05-2007, 09:17
الفصل الرابع:

إياك أن تعترضي!


لو إن أحدً أخبر ساسكيا منذ أسبوعين إنها ستترك كل ما ألفته لتسافر إلى جزيرة يونانية تجهلها بصحبة شخص لا تعرفه يفترض إنه خطيبها ،
لو حدث ذلك لهزت ساسكيا رأسها مستنكرة و ساخرة .

و هذا ظهر فقط ما يمكن إن يفعله مزيج من غطرسة الرجل و سيطرته و عزيمته و ثقته بنفسه ،
ثم راحت ساسكيا تفكر بقلق غامض .

ففي أقل من ربع ساعة ، سيأتي أندريس في سيارته المرسيدس ليأخذها إلى أول محطة في رحلتهما إلى "أفرديت "
الجزيرة التي كان جد أندريس قد إشتراها لزوجته و أطلق عليها اسم إلهه الحب .

كان زواج جديه نتيجة حب و لكن بموافقة الأسرتين .
هذا ما قاله أندريس لها أثناء حديثه عن أسرته ، زواج حب ..
بعكس خطبتهما الزائفة ، فبمجرد كونها طرفاً في تلك الخدعة أشعرها بعدم الإرتياح ،
ولكن ليس بمثل ذلك الذي تملكها و هي تتصل بجدتها لتكذب عليها قائلة إنها مسافرة في رحلة عمل .

حاول أندريس إقناعها بأن تخبر جدتها بخطبتهما ،
لكنها رفضت ، قائلة بقنوط :
" ربما يسعدك إن تكذب على أسرتك بشأن ( علاقتنا) المزعومة ،
لكنني لا أستطيع الكذب على جدتي بشأن أمر كهذا .."
و لم تستطع متابعة الكلام .. فلم تشأ الإعتراف لأندريس إن جدتها لن تصدق على كل حال ، بأنها عهدت بنفسها و مستقبلها إلى رجل دون حب.

عندما هدأت الضجة التي أثارها خبر خطبة ساسكيا و أندريس ، في العمل ،
أخذ زملائها يعاملونها باحتراس و تحفظ ،
فهي الآن خطيبة الرئيس و بهذا لم تعد واحداً منهم .

و هكذا أمضت ساسكيا الأسبوع شاعرة بالوحدة و الخوف ،
لكن كرامتها منعتها من قول أي شيء لأي أحد ..
و افترضت إن هذا من تأثير طفولتها عندما عرف الجميع قصة والديها و كيف عهدوا بها إلى جدتها لتربيتها ،
و كل هذا جعلها تشعر بالإختلاف عن زميلاتها اللواتي لديهن جميعاً آباء و أمهات يرعونهم .

و هذا يعني إنه ما كان بإمكان أحد إن يحبها أكثر مما أحبتها جدتها ،
و هذا أول ما تعترف به ساسكيا الآن .

فقد كان منزل جدتها الذي نشأت فيه يحتوي على المحبة و الإستقرار اللذين يحويهما بيت آخر إن لم يكن أكثر .
و عادت من تفكيرها و نظرت إلى ساعتها ،
بقي أقل من خمسة دقائق لذهابها ،
و أخذ قلبها يخفق بقوة .
كانت حقيبة ملابسها جاهزة تنتظر في الردهة .
لقد صعب عليها اختيار الملابس ، إلى إن قررت أخذ خليط من ملابسها الصيفية التي اشترتها منذ ثلاثة سنوات عندما ذهبت مع ميغن في إجازة إلى البرتغال ،
بالإضافة إلى الملابس الخفيفة التي ترتديها في العمل .

لم تر أندريس منذ أخذها إلى الغداء .. فهو منشغل بوضع مناهج جديدة للعمل ،
حيث كان يواجه ،إذا صدقت الشائعات ،
مشاكل وضع الفندق المتدهورة الذي كان سائداً قبل استلامه الإدارة و الملكية .

- لقد زار كل فندق من فنادقنا . و راجع كل الطرق التي كانت تدار بها ..
خمنوا ماذا ؟
سمعت ساسكيا هذا الكلام عن أندريس و هي تقف مع مجموعة الموظفين الذين يستمعون بلهفة إلى نظام المدير الجديد ، فابتلعت ريقها بضيق ، متوقعة سماع إن أندريس قد وضع برنامجاً لطرد مجموعة كبيرة من الموظفين و ذلك لإيقاف طوفان النفقات غير الضرورية ,
ولكنها ذهلت وهي تسمع , بدلا" من ذلك :" لقد أخبر كل شخص إن وظيفته آمنه بشرط إن يرضى بالمشاريع التي سيضعها .
إنه مدير رائع ,ففي كل قسم تواجد فيه ، كان يتحدث بحيوية و نشاط ،
و يخبرهم بمدى تقديره لإنجازات هذا القسم ، و كيف إنه هو شخصياً سيتحمل المسؤولية في مجلس الإدارة إن لم يستطع تحويلها إلى مشاريع مربحة " .

كانت الأخبار عن أندريس تفيد إن لديه أسلوباً لا يجعل موظفيه الجدد يقسمون يمين الولاء و حسب ،
و إنما يرفعونه إلى السماء تبجيلاً و تعظيماً .

حسناً ، ربما لم يروا الناحية الأخرى من المزايا التي رأتها هي في أندريس .
هذا كل ما استطاعت ساسكيا التفكير فيه و هي تصغي بشيء من المرارة إلى إطراء الجميع له .

أشارت الساعة إلى العاشرة و النصف الآن ، و هو لم يأت ..
و أجفلت و هي ترى فجأة السيارة المرسيدس الفخمة تتجه نحو بيت جدتها ، في الوقت المحدد بالضبط !
و لكن طبعاً ما كان أندريس ليضيع ثانية واحدة من وقته الثمين إلا مضطراً ،
خصوصاً معها .
ريثما وصل إلى الباب الخارجي ، كانت هي قد فتحت الباب و وقفت تنتظره ،
حقيبة ملابسها بيد و مفاتيحها باليد الأخرى .

بادرها على الفور متسائلاً :" ما هذا ؟ " .
و رأت عبوسه و هو ينظر إلى حقيبة الملابس الرخيصة ،
و ثارت كرامتها على الفور فأجابته بحدة : إنها حقيبة ملابسي "

- ناوليني إياها .
- يمكنني حملها بنفسي .
فقال متجهما ً: " إنا واثق من ذلك ، و لكن .. "

فقالت متحديه :" و لكن ماذا ؟
الرجال اليونانيون لا يسمحون لنسائهم بحمل أمتعتهن و لا الإستقلال عنهم بأي شكل " .

رأت من توتر شفتيه إنه لم يعجب بما قالت ،
و لأمر غريب ، شعرت برغبة في تحديه بالرغم من قلقها من العاصفة التي رأت دلائلها تتوهج في عينيه .

فأجاب :" أرى في هذه الحالة ، إنه ربما عليك لوم أبي الإنجليزي و ليس والدتي اليونانية ،
فمدرستي الإنجليزية التي أصر والدي على إرسالي إليها ، كانت تؤمن بما يعتبر الآن الطراز القديم للسلوك الجيد لتلاميذها "

=====================

lovely sky
21-05-2007, 09:35
ثم ألقى عليها نظرة غير ودية و أضاف
"كلمة واحدة أحذرك بها ، إن جدي يميل إلى الطراز القديم في مثل هذه الأمور .
و هو لن يفهم إصرارك العصري على ما تعتبرينه سلوكاً صحيحاً ، و أثناء وجودك في الجزيرة .."

فأكملت عنه بمرارة :" علي إن أفعل ما تأمرني أنت به "

فلم يرد أندريس بأي كلمة
إذا كانت هذه عينه مما ستكون عليه الأسابيع القليلة القادمة ،
فهي لا تعرف كيف ستعيشها ،
و مع ،ذلك سيكون هنالك فائدة واحده على الأقل لعدائها الواضح لبعضهما البعض ،
وهي إن لا أحد من اللذين سيراهما معاً سيدهش عندما يقرران فسخ ( الخطوبة )

و بعد إن ركبا السيارة ، قال أندريس :
" ستقلع طائرتنا عند الساعة التاسعة من صباح الغد ، لذا عليك مغادرة الشقة باكراً "

فسألته على الفور بلهجة حذرة :" الشقة ؟ "

- نعم ، لدي شقة في لندن ، سنبيت فيها الليلة ، و عصر هذا اليوم سنقوم بالتسوق .
- التسوق..؟

- نعم ، التسوق ، أنت بحاجة إلى خاتم الخطبة ، و ..
و سكت وهو يلقي عليها نظرة شاملة ، وفاحصة و غير راضية مما جعلها توشك إن تطلب منه إيقاف السيارة حالاً .
آه ، ما أجمل إن تخبره بأنها غيرت رأيها ،
و إن لا شيء يجبرها على الخضوع لإبتزازه لها لكنها تعلم إنها لن تستطيع ذلك .

- أنت بحاجة إلى ملابس أفضل .
إذا كنت تقصد ملابس الإجازات ، فهي في حقيبتي ، و ..

فأسكتها متجهماً :" لا ـ إنا لا أعني ملابس الإجازات .
إنا رجل شديد الثراء يا ساسكيا ، لست بحاجة إلى إخبارك بذلك .
و جدي هو بليونير ، وأمي وشقيقاتي اعتدن شراء ملابسهن من أرقى دور الأزياء في العالم ،
رغم إنهن لا يعتبرن من المتأنقات فوق العادة أو المدمنات على التسوق .
و طبيعي ، بصفتك خطيبتي .."

أخذت ساسكيا نفساً عميقاً غاضباً ثم قاطعته بلهجة خطيرة :
" إذا كنت تظنني سأسمح لك بشراء ملابسي .."

- و لم لا؟ ألم تكوني مستعدة للسماح لي بشراء جسدك ؟
إنا أو أي رجل مستعد لدفع الثمن ؟

فصاحت مستنكرة و قد شهقت مذهولة من وقاحته :
" لا ، هذا غير صحيح ".

فأجاب ساخراً : حسنا ً جداً .
و لكن وفري هذه الانطباعات الخاصة لأسرتي ..
لا تنسي إنني أعلم بالضبط من تكونين ،
و فكري في الملابس التي سأشتريها لك على إنها علاوة معاش "

ثم منحها ابتسامة باهته غير رقيقة ، و قال :
" على كل حال ، علي إن أضيف إنني أريد مراجعة كل ما ترتدين شرائه ،
فالصورة التي أريد تقديمك بها إلى أسرتي بصفتك خطيبتي ، هي الأناقة و حسن الذوق ."

- ماذا تريد إن تقول ؟
إنك إذا تركتني و شأني قد أختار ملابس تناسب أكثر اللاتي ..؟

قالت ذلك بغضب لكنها سكتت ، عاجزة عن تلفظ تلك الكلمات التي تحترق في أفكارها .

و تملكها الذهول و الإرتباك عندما أجاب ببرود
" يبدو إنك غير معتادة على شراء الملابس الغالية الثمن و إنا لا أريد إطلاق العنان لك في توفير أحمق لا ضرورة منه مما يبطل الغرض من العملية كلها و بصراحة ، و خوفاً من سوء فهمك لكلامي ،
فإنا لا أريدك إن تشتري ملابس تناسب شابة ذات راتب متواضع أكثر مما تناسب خطيبة رجل ثري " .

و للمرة الأولى ، لم تستطع ساسكيا التفكير في الرد عليه .
لكنها في داخلها كانت تغلي غضباً و خزياً ،
فهي لا تستطيع منع أندريس من المضي في خطته ،
إلا إنها صممت على الإحتفاظ في ذاكرتها بكل ما ينفقه عليها حتى تتمكن في النهاية من إعادة المال إليه حتى و لو إضطرت إلى خسارة كل المبلغ الصغير الذي و فرته بعناية حتى الآن .
و عندما لم يتلق جواباً منها قال :

" لا مزيد من الإعتراض ؟
فإنا مصمم ، يا ساسكيا على بلوغ ما أريد حتى لو إقتضى الأمر إن ألبسك الأثواب و أخلعها عنك بنفسي ،
ثم إياك و الخطأ ، فعندما نصل جزيرة "أفرديت" ستصلين بصفتك خطيبتي "

عندما وصلا إلى الطريق العام ،
قررت ساسكيا إنه من الحماقة المناقشة مع أندريس في طريق السيارات المزدحم هذا ،
ومضت نصف ساعة قبل إن تدرك إن مناقشة شراء الملابس إنستها مناقشة فكرة أهم تبعث الضيق في نفسها و هي فكرة قضائها الليلة في شقته .

و لكن ما الذي تخافه في الحقيقة ؟
من المؤكد إنه لن يحاول التحرش بها ، فقد سبق و أفصح عن رأيه السلبي بها من هذه الناحية .

و كرامتها أكبر من أن تعترف له بمخاوفها و توجسها من فكرة مشاركته شقته .
سيكون الأمر مختلفاً في الجزيرة .
هنالك سيكونان مع أسرته و الموظفين الذين يديرون الفيلا الواسعة التي بناها أبوه .

لا من الحكمة عدم التفوه بأي كلمة ، و هذا أفضل من التعرض لسخريته و ازدرائه و عدم تصديقها إن هي أفصحت عن قلقها .

*******

كانت أثينا تنتظر سائق سيارة الليموزين المستأجرة ، لكي يضع أمتعتها في الصندوق و هي تضرب بقدمها على الأرض بفارغ الصبر .

ففي اللحظة التي سمعت فيها بخبر خطبة أندريس و إنه سيحضر خطيبته معه إلى جزيرة "أفرديت" لتقديمها إلى أسرته ، باشرت العمل ،
من حسن الحظ إن الخطبة ليست زواجاً ،
و هي ستسعى جهدها حتى لا تنتهي هذه الخطبة بالزواج .

كانت تعلم لماذا فعل أندريس هذا فهو يوناني حتى العظم ..
رغم إصراره على الإعلان عن دمه الإنكليزي ..
و هو ، كأي رجل يوناني ، أو أي رجل في الحقيقة ، لديه إستعداد غريزي للسيطرة ،

و إن إدعائه بحب تلك المرأة الأخرى هو ، ببساطة ،
هو ، ببساطة طريقته في إظهار تلك السيطرة ، رافضاً الزواج من أثينا ،
هذا الزواج العزيز على جده و عليها .
عندما إنطلقت بها الليموزين ـ مالت إلى الأمام و أعطت السائق عنوان الشقة الفخمة في البناية المطلة على النهر .
لم يكن لديها منزل في لندن ، فهي تفضل حياة نيويورك الإجتماعية و متاجر باريس الأنيقة .

قد يظن أندريس إنه هزمها بمناوراته في إعلان خطوبته على تلك الفتاه الإنكليزية الباردة ، دون شك .
لكنها ستنهي ذلك حالاً ، و تجعله يتأكد من إن مصلحته الحقيقية معها ،
و بعد ، كيف يمكنه مقاومتها ؟
فهي تمتلك كل ما يريده ، كما إنه يملك كل ما تريده .

من المؤسف إنه استطاع منعها من المزايدة ضده عند شراء هذه الممتلكات الجديدة .
لم تكن حيازة الفنادق نفسها تهمها بشيء ،
و لكن ذلك كان ليكون إغراءً ممتاز تدليه أمامه كطعم ،
فهي لم تستطع فهم إهتمام أندريس البالغ بالممتلكات الجديدة ؟
و لكن في شخصية أندريس أشياء كثيرة لا تفهمها ،
و كان هذا من الأمور التي جذبتها إليه ، فأثينا تتشوق دائما إلى ما ليس في يدها .

عندما كان أندريس في الخامسة عشرة ، كان طويل القامة ، عريض المنكبين ،
و من الوسامة بحيث لا يمكن وصفه .
كان يكفي حينها إن تراه أثينا لتذوب شوقاً إليه .

حاولت جاهدة إن تغويه ، لكنه استطاع المقاومة ،
و عندما قررت إنها تريده ، إذا بها تتزوج بعد شهر واحد و هي في الثانية و العشرين من عمرها .

و العروس في هذا العمر لا تعتبر صغيرة السن حسب المفاهيم اليونانية ،
و كانت أثينا أمضت وقتاً طويلاً و هي تحاول حذرة اقتناص الرجل الذي أصبح زوجها ،
وهو يكبرها بعشرة أعوام ، إلا إنه بالغ الثراء ،
و قد زاول معها لعبة القط و الفأر أكثر من سنه قبل إستسلامه لها ,
و من المؤكد إنها ما كانت لتتخلى عن هذا الزواج الذي جاهدت طويلا للحصول عليه ، لأجل رغبتها في أندريس ، وهو مجرد غلام ،
وبعد إنجابها ابنتين هما الآن في عمر الورود ، تدخل القدر ، ومات زوجها فجأة و أصبحت أرملة فاحشة الثراء ..
أرملة ثرية تطلب الحب ، وكان أندريس قد أصبح رجلاً .. و أي رجل !

عندما وقفت السيارة أمام العنوان الذي أعطته للسائق ، تفحصت صورتها في المرآة المثبتة داخل السيارة . جراح التجميل الأمريكي يستحق حقاً المبلغ الباهظ الذي دفعته له و الذي أعاد مظهرها إلى أوائل الثلاثينيات من العمر.

أما شعرها الفاحم فقد قصه و سرحه أشهر مزيني الشعر في العالم ، بينما كانت بشرتها تتألق بفعل "الكريم" الغالي الثمن الذي وضعته بإسراف ، و زينة وجهها لا تظهر أي عيب فيها و توضح إنحراف عينيها السوداويان ، في حين كانت أظافر يديها و رجليها تلمع بالطلاء الأحمر البراق .

و بدت على شفتيها ابتسامة رضى .
لا ، لا يمكن إن تنافسها خطيبة أندريس الصغيرة المملة الكئيبة ،
فتاة المكتب التي لابد إنه وقع في غرامها أثناء المفاوضات لشراء سلسلة الفنادق تلك ..
و بدت القسوة في عيني أثينا .
هذه الفتاه ستدرك حالاً أي غلطة أقترفتها في محاولتها الإستيلاء على الرجل الذي تريده أثينا ،
و يالها من غلطة فظيعة للغاية !

عندما خرجت من السيارة تبعها شذا العطر الباريسي الغالي الثمن ..
عطر مسكي ثقيل يحرك الرغبات .

كانت ابنتاها المراهقتان تشمئزان من هذا العطر ،
و طالما طلبتا منها إن تغيره ، و لكنها لم تشأ ذلك .
إنه طابعها الخاص و عنوانها كإمرأة ،
ولا شك إن خطيبة أندريس الإنكليزية تتعطر بشيء تافه و رخيص كماء اللفندر!

*********

===

lovely sky
21-05-2007, 09:37
- سأترك السيارة هنا .
هذا ما قاله أندريس لساسكيا و هي يدخل بسيارته المرسيدس إلى موقف متعدد الطوابق في وسط المدينة .
و اتسعت عينا ساسكيا عندما رأت التعرفة الملصقة على الحاجز .
لم تحلم قط في حياتها بدفع مثل هذا المبلغ كأجرة لركن السيارة ،
لكن الأغنياء كما يقال ، هم أناس مختلفون .

و يا للاختلاف الذي شعرت به عندما اصطحبها أندريس طوال العصر إلى متاجر لم تعلم قط إنها موجودة ،
و في كل متجر ، كان الجو المميز الذي يحيط به يبدو و كأنه يجذب من البائعات نوعاً من التبجيل و الإحترام يجعل ساسكيا تزم شفتيها .
و رأت الإعجاب في عيون البائعات و هن يحضرن مجموعات الملابس ليراها .. ليراها هو و ليس هي .
و كلما لاحظت ساسكيا ذلك كلما ازداد في نفسها الإحساس بالضعف و الإحباط و الإستياء .
و خرجا من أحد المتاجر الفخمة بعد إن رفضت ساسكيا بخشونة إن تجرب طقماً بني اللون ،
ثم إنفجرت صارخة في وجه أندريس :
" إنا لست دمية أو طفلة "

فقال متجهماً
" لا ؟
حسناً لكنك تقلدين الأطفال بشكل رائع ، ذلك الطقم كان .."

فقاطعته و هي تصر على أسنانها :" لا يمكن أبداً إن أدفع ثمناً لقطعة ثياب مبلغاً يفوق الألف جنيه ..
حتى و لا لثوب عرسي !"

و عندما رأت أندريس يضحك ، حملقت فيه ثائرة و متسائلة
" ما الذي يضحكك ؟"

- أنت ، يا عزيزتي ساسكيا .
هل لديك فكرة عن ثوب العرس الذي ينزل ثمنه عن الألف جنيه ؟

- لا ، ليس لدي فكرة ، لكنني أعرف إنني لن أشعر بالإرتياح أبداً و إنا أرتدي ملابس يطعم ثمنها مجموعة من الناس ،
كما إن ثوب العرس الغالي ليس ضمانا لزواج ناجح .

فقال ساخطاً :
" آه ،
وفري علي محاضراتك ,,
هل فكرت يوماً كم من الناس يبقون دون عمل إذا ارتدى كل شخص الأشكال البالية و أكياس الخيش كما تريدينهم إن يفعلوا ؟"

فقالت و كأنها تدافع عن فكرتها :
" هذا ليس عدلاً "

و رغم كل شيء كانت ساسكيا من الأنوثة بحيث تحب الملابس الجيدة و تريد إن تبدو بمظهر لائق .
و الشك إن ذلك الطقم كان سيليق بها تماماً و يظهر أنوثتها ،
كما اعترفت بينها و بين نفسها ، لكنها كانت مصممة تماماً على إعادة كل قرش ينفقه أندريس عليها .

و قالت له ثائرة :
" لا أدري لماذا تصر على هذا ؟
إنا لست بحاجة إلى أي ملابس ،
و قد سبق إن قلت لك هذا ، كما إنك لست بحاجة لتبذير نقودك بأي شكل لتؤثر علي "

فقال بحدة و غضب :
" إنني رجل أعمال يا ساسكيا ،
و هذا يعني إنني لا أبذر نقودي ، بأي شكل، سواء عليك أم على أي شيء آخر
و مهما كان السبب ، و خصوصاً للتأثير على امرأة يمكن بسهولة شراؤها بأقل من نصف ثمن ذلك الطقم "

ثم أمسك بيدها التي ارتفعت بشكل تلقائي لتصفعه و قال بلطف
" آه لا ....... إياك "

كانت قبضته قوية ، بحيث ابيضت أصابع ساسكيا .
لكن كرامتها أبت عليها القول بإنه آلمها و أبت عليها الإعتراف بخروج مشاعرها عن سيطرتها .
و عندما أخذت تترنح ،
و قد شحب وجهها من الألم و الصدمة ،
أدرك أندريس ما يحدث ، فترك معصمها و هو يشتم ،
ثم راح يدعك يدها ليعيد إليها الحياة .

- لماذا لم تخبريني بأنني أؤلمك بهذا الشكل ؟
عظامك بهشاشة العصافير .

- حتى الآن ، وهو يمسد يدها بخبرة ليعيد إليها الدم ،
لم تستطع ساسكيا السماح لنفسها بالضعف استدراراً لشفقته ،
فقالت له بحدة :
لم أشأ إن أفسد عليك متعتك ، إذ يبدو إنك كنت مستمتعاً بإيلامي "

- أجفلت حين سمعت الشتيمة التي أطلقها و هو يترك يدها عابساً و قائلاً بتصميم :
" لقد زاد هذا عن الحد . فأنت تتصرفين كالأطفال أولاً كنت بنت هوى ،
و الآن طفلة .
هنالك دور واحد أريد رؤيتك تقومين به من الآن فصاعداً ، يا ساسكيا ،
وهو الدور الذي سبق و اتفقنا عليه ، سأحذرك الآن .
إن أنت قلت أو فعلت أي شيء يجعل أسرتي تشك في مدى صدق حبنا ،
سأجعلك تندمين جداً على ذلك . هل فهمت ؟"

- نعم فهمت .

فعاد يقول محذراً :
" و إنا أعني ما أقول ، فإذا أنت هزأت بي ، لن تعملي ليس في سلسلة فنادقي و حسب يا ساسكيا ،
بل سأفعل ما يلزم لكي لا تتمكني بعد ذلك من العمل في أي مكان .
فالمحاسبة التي لا يمكن الوثوق بها ، و التي طردت من العمل بسبب تهمة السرقة ،
لن يرغب أحد بتوظيفها ، هل فهمت ؟"

فقالت بصوت منخفض و خائف و قد شحب وجهها :
" لا يمكنك إن تفعل بي هذا ".

لكنها أدركت جيداً إنه يمكنه ذلك .

شعرت الآن نحوه بكراهية بالغة .
و عندما أدخلها إلى المتجر التالي ، و رأت عيني البائعة تتسعان بإهتمام ،
فكرت بأن هذه الفتاه هي مرغوبة لديه .. بل و أكثر من مرغوبة !

و في آخر متجر دخلا إليه ، طلب خدمات صاحبة المتجر شخصياً ،
فأحضرت لهما هذه ، ببالغ الكفاءة و النشاط ، ملابس لم تر مثلها مثيلاً إلا في المجلات النسائية المصقولة اللامعة .

حاولت رفض كل ما أحضرته صاحبة المتجر ،
و لكن في كل مرة كان أندريس يعترض عليها إلا في تلك المرة الوحيدة فقد اتفقا فيها ،
حينما أحضرت صاحبة المتجر ثوب بحر قائلة عنه إنه يناسب لونها تماماً و كذلك المكان الذي ستقصده ،
و عندما رأت ساسكيا إنه فاضح جداً اتسعت عيناها غير مصدقة ..
و اتسعتا أكثر عندما استطاعت ، بحذر ، قرائه بطاقة ثمنه ،
فهتفت دون وعي :
" لا يمكنني أبدا السباحة بثوب بحر مماثل "

فبدا الذهول على صاحبة المتجر :
" تسبحين به ؟
رباه ، لا . طبعاً لا .
هذا ليس للسباحة ، ثم ، أنظري إلى هذا الوشاح الرائع الذي يتلاءم معه "
و أخرجت لها وشاحاً مستطيلاً من الحرير الهفهاف مزيناً " بالترتر " اللامع الملون

و عندما رأت الثمن المكون من أربعة أرقام ، شعرت ساسكيا بإنها تكاد تقع مغمياً عليها من الذهول ،
و لكن الإرتياح و الدهشة تملكاها عندما هز أندريس رأسه هو أيضاً ، قائلاً :
" هذا ليس نوع اللباس الذي أريد لخطيبتي إن ترتديه "

ثم أضاف بصراحة :
" إن جسم ساسكيا يجذب الأنظار دونما الحاجة إلى تزينه بملابس تلائم البغايا ".

كانت صاحبة المتجر من اللياقة بحيث لم تلح عليهما بل ذهبت و عادت بعدة أثواب سباحة .

اختارت ساسكيا أزهدها ثمناُ ، سامحة ، على الرغم منها لأندريس بإن يضيف إليه وشاحاً ملائماً .

و بينما كان يدفع الحساب و يقوم بترتيبات إرسال المشتريات إلى شقته عند النهر ،
جلست هي تشرب القهوة التي قدمت إليها في المتجر ،
ربما لإنها لم تأكل طوال النهار .
ثم أنتابها الدوار ، عندما تذكرت بإنها ستذهب مع أندريس إلى شقته ، حيث سيكونان بمفردهما .

و في طريقهما إلى شقته ، قال أندريس لساسكيا :
" هنالك مطعم ممتاز بالقرب من شقتي . سأرتب إرسال وجبة طعام إلى الشقة و .."

فقاطعته على الفور :
" لا أفضل الأكل في الخارج "

و إذا به يعبس قائلاً :
" لا أظنها فكرة حسنة ، لإن علي الخروج و لاأدري متى أعود .
و إن وجود امرأة مثلك ، تجذب الأنظار ، هذا إلى إن التعب باد عليك "

سيخرج أندريس ، و شعرت يقلقها يخف .
كانت قدماها تؤلمانها من السير طويلاً في الأسواق و هي لم تعتد ذلك ،
كما إن ذهنها كان مرهقاً من حساب المبالغ التي أنفقها أندريس أو بالأحرى هي أنفقتها لإنها مصممة على ردها لأندريس .
و كان مجرد التفكير بهذه المبالغ الضخمة جداً يشعرها بالمرض .

تبعت ساسكيا أندريس ، نحو ردهة المبنى و قد تملكها التعب و كان استعمال المصعد يحتاج إلى مفتاح خاص ، ثم تحرك بهما المصعد برفق بالغ جعل عيني ساسكيا تستديران ذهولاً عندما توقف أخيراً ،
فهي لم تشعر بصعوده .

فقال أندريس بعد أم أمسك بذراع ساسكيا :
" من هنا "

و اتجها نحو باب من الأبواب الأربعة و هو يحمل حقيبتها ،
ثم وضعها على الأرض مشيراً إلى ساسكيا بأن تتقدمه إلى ردهة أنيقة .



==========

ورده قايين
21-05-2007, 12:04
هااااااااااااااي كييفكم ..

من زمااان وانا اتاابعكم ووووووووووووووووووااي اخير اقدر اشااارك

تسسسلم انااملك الحلوه اللي ماقصرت باشبااع رغبتنا في قراءة جممممميع

روايات عبير واحلام

شكرا لفلي سكااااااااااي وردة قايين وكل من شارك في ارساء هذا المشروع

يعطيكم الف عاافيه

ولمشروكم اقف احتراما وارفع قبعتي لكم

شكرا لك عزيزتي واهلا وسهلا بيك في مشروعنا الرائع الذي لولا لفلي سكاي لما استمر بهذه الروعة
سلمت يداك والف شكر لك ولكل من ساهم في هذا المشروع00

lovely sky
21-05-2007, 12:20
شكرا لك عزيزتي واهلا وسهلا بيك في مشروعنا الرائع الذي لولا لفلي سكاي لما استمر بهذه الروعة
سلمت يداك والف شكر لك ولكل من ساهم في هذا المشروع00


اهليييين وردة قايين
منورة المشروع كله يا قمر

والله يا وردة قايين اشكرك من كل قلبي على كلامك الرائع هذا و الله هذا كله من ذوقك حبيبتي ...
والحق يقال انكِ انتِ واحباب الروح من المؤسسين لهذا المشروع
ووالله تعاونكم الرائع والدائم هو السر الاول لنجاح المشروع

ومثل ما يقولوا ايد لوحدها ما تصفق ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

فلولا التعاون الرائع بين الاعضاء لما وصل المشروع لهذه المرحلة ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

فاشكر كل من ساهم معنا حتى اليوم لانجاح هذا المشروع و تحقيق الاستفادة لاكبر عدد من محبي القراءة من الزوار والاعضاء

اشكر وردة قايين واحباب الروح و البدر المضاء و المستحيلة و dialaa و ماري انطوانيت

وكل من رغب في مشاركتنا حتى الان sara و جويريون و نور سلامة و كزانوفيا

واشكر كل اعضاء وزوار منتدى مكسات المتابعين لنا والمشجعين لسير هذا المشروع

و الى الامام دائما ان شاء الله

ودمتم بكل الخير

lovely sky

lovely sky
21-05-2007, 12:52
هااااااااااااااي كييفكم ..

من زمااان وانا اتاابعكم ووووووووووووووووووااي اخير اقدر اشااارك

تسسسلم انااملك الحلوه اللي ماقصرت باشبااع رغبتنا في قراءة جممممميع

روايات عبير واحلام

شكرا لفلي سكااااااااااي وردة قايين وكل من شارك في ارساء هذا المشروع

يعطيكم الف عاافيه

ولمشروكم اقف احتراما وارفع قبعتي لكم

اهلين حبيبتي المستحيلة
اشكرك جدا حبيبتي على كلماتك الرائعه
واسعدنا انضمامك للفريق

ونشكرك على هذا الفصل الرائع الذي شاركتينا بكتابته لنا ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

dialaa
21-05-2007, 16:46
الفصل الخامس :- رائحة الخطر

لم تصدم ساسكيا اللوحات العصرية القالية الثمن المعلقة على جدران الردهة في شقة أندريس ، وإنما رائحة المسك العطرية التي اخترقت خياشيمها وجعلتها تجفل وتشعر بالاختناق .
لم تشك في إن أندريس أنتبه إلى ذلك أيضا، فقد رأته يقف ، ثم يرفع رأسه كنمر يتشمم الجو بحثا عن فريسة .
وسمعته يتمتم بغضب بالغ :"تبا... تبا ... اللعنة".
ثم دفع بشدة بابا إنفتح على قاعة جلوس فسيحة كثيرة النوافذ ، وعاد وأمسك بذراعها بقوة ، فإنغرزت أصابعه في ذراعها الطرية وهو يهمس ،محذرا ، فوق شفتيها بينما عيناه الملتهبتان تغوصان في عينيها المصدومتين الغافلتين الناعمتين.
_ وأخيرا ،أصبحنا وحدنا . كيف أمكنك الاستمتاع بإغاظتي طوال النهار ،يا حبيبتي؟ لكنك الآن أصبحت لي ، ويمكنني إن أوقع بك العقاب الذي أريد..
شتت صوته الرقيق الخافت ،وكلماته تلك ما بقي من إدراكها ، وشعرت بأن الصدمة تمزق كيانها ، ثم عانقها ، مسكتا الاحتجاج الذي كان سيصدر عنها وكان عناقا حطم دفاعاتها وكأنه قنبلة ذرية .
همست باسمه بلهجة مفككة ، مصرة على إن يتوقف على ما يفعله ، ويفسر لها سبب ذلك ،لكن حواسها غير المعتادة على كل هذه الإثارة قاومت كل ما كان عقلها المذهول يحاول تفسيره ، فالجمود الذي أحدثته الصدمة إذابته حرارة البهجة التي أرسلتها مشاعر أندريس الجياشة في كيانها ، كما أخذت شفتاها الناعمتان ترتجفان تجاوبا مع هذه المشاعر التي لم تألفها .
ودون وعي بما تفعل ، ازدادت اقترابا منه ، واقفة على أطراف أصابعها لكي تتمكن ، من الاستمتاع ببهجة عناقه ، يداها على ذراعيه تتلمسان عضلاته القوية،، بينما قلبها يخفق برهبة لهذه الصدمة غير المألوفة ولما يتملكها من مشاعر جديدة .
كانت رائحة أندريس تغطي على شذا ذلك العطر القوي الخانق الأنثوي ، حرارته .. مشاعره.. رجولته.. فشعرت بشيء ما في داخلها لم تألفه من قبل يستجيب لذلك تماما كما كان قلبها يستجيب له ، وهي تتأرجح بين ذراعيه بإنسجام، وكأنها تحثه على شدها إليه أكثر.
شاعرة بالدوار ، فتحت عينيها اللتين أغمضتهما عندما عانقها وهي ترتجف ، فرأت شررا ينطلق كلمعان البرق من عينيه وهو يحدق إليها ، فشعرت بنفسها معلقة بين السماء و الأرض في هذا المكان الذي تشعر فيه بالخطر و الأمان في إن معاً.
ثم قال أندريس بصوت أجش :" إنك تتجاوبين معي و كأنك عذراء .."
و ازداد لمعان الشرر في عينيه ، بشكل أقوى و كأنه وجد في هذا المفهوم شيء يرضيه للغاية .
بادلته ساسكيا النظرات بوهن ، فصدرها يخفق بسرعة مخيفة ، جسدها مليء بألم مذهل غير مألوف ما هو إلا الحاجة إلى إن يضمها إليه و كان هذا التفكير يسرع بخفقان قلبها و يجعلها تتأوه محاولة الإلتصاق به.
- أنت .. أنت تريدينني..
و أحست ساسكيا باللهفة في صوته ، فازدادت التصاقاً به بشوق بالغ ، و إذا بها تجمد مكانها و هي تسمع صوت امرأة يسأل بحدة :" أندريس ؟ ألن تعرفها علي ؟".
أدركت ساسكيا على الفور ما كانت تقوم به ، و تملكها حرج بالغ و لكن عندما حاولت الهروب ، متلهفة لإخفاء اضطرابها ، أمسك أندريس بها ، مرغماً إياها على البقاء مكانها . لا ، بل أرغمها على مزيد من الإلتصاق به و هذا جعلها تميل عليه و كان .. و كان ..
و أرتجفت عندما ضمها إلى صدره بتملك ، و توهج وجهها خجلاً و ارتباكاً من هذه المرأة . و لكن يبدو إن المرأة التي كانت تنظر إليهما لا تشعر بالخجل نفسه .
و أمسكت ساسكيا أنفاسها عندما سمح لها أندريس بالإلتفاف إلى المرأة فإذا بها طويلة القامة سوداء الشعر ، لاعيب في أناقتها و تبرجها و لكن رغم دفء لونها الأسمر و شفتيها الناضجتين المصبوغتين ارتجفت ساسكيا و هي تحس ببرودتها الفطرية ، و سمعت أندريس يسأل :" كيف دخلت إلى البيت يا أثينا ؟"
- لدي مفتاح ، هل نسيت ؟
النظرة التي ألقتها أثينا على أندريس ، و الطريقة التي أبعدت بها ساسكيا عن حديثهما ، مشيحة بوجهها عنها ، جعلت ساسكيا تفكر آسفة بما سبق و ظنته من إن أثينا أرملة محطمة قد هدها الحزن لخسارة زوجها مما جعلها غير قادرة على مقاومة إرغامها على زواج ثان .
و بعد إن رأتها ساسكيا ، تأكدت إن أثينا امرأة قوية لا يمكن لأي أحد إرغامها على ما لا تريده ، إنا عيناها السوداويان فلا علاقة للحزن بهما مطلقاً .
كبحت ساسكيا شعوراً مفاجئاً بالغثيان احترق في حلقها و هي ترى نظرة الرغبة التي رمقت أثينا بها أندريس . لم تتصور ساسكيا قط إن بإمكان امرأة إن تنظر إلى رجل بمثل هذه الطريقة الصريحة .
الآن تفهمت ساسكيا سبب شعور أندريس بالحاجة إلى خطيبة مزيفة ليحمي نفسه ، أما الذي لم تستطع فهمه فهو كيف استطاع مقاومة رغبة هذه المرأة فيه ؟
كانت ذات جاذبية هوجاء ، و رغبتها بأندريس بادية بشكل واضح ، ومن المؤكد إن هذا ما يحلم به كل الرجال .. امرأة لاتشبع منهم أبداً .
و ببساطة ، افترضت ساسكيا إن برودة أثينا الغريزية موجهة لبنات جنسها فقط و ذلك لإنعدام مشاعر المحبة الأصلية فيها . ثم استنتجت إن أندريس ضمها إليه لإنه تكهن بوجود أثينا في الشقة ، فعطرها المميز كان قد ملأ أركان الشقة . و بعد أ اقتربت أثينا من أندريس سألته :" ألن تقول كم أنت مسرور لرؤيتي ؟
ثم زمت شفتيها باستياء واضح و قالت بلهجة ذات مغزى " جدك مستاء جداً من خطبتك ,, أنت تعلم ما كان يريده "
ثم التفتت إلى ساسكيا و قالت بجفاء آه ، آسفة ، لم أقصد إن أجرح مشاعرك لكنني واثقة من إن أندريس نبهك إلى مدى صعوبة قبول أسرته بك خصوصاً جده "
فصاح أندريس محذراً :" أثينا "
و تصورت ساسكيا كيف كانت ستشعر الآن لو إن خطبتهما حقيقية
- لكنها الحقيقة
تابعت أثينا كلامها بإصرار و هي تهز كتفيها ،فجذبت هذه الحركة الأنظار إلى امتلاء صدرها تحت بلوزتها القطنية الرقيقة ، و أشاحت ساسكيا بوجهها بسرعة عن أثينا و لم تجرؤ حتى على النظر إلى أندريس . فمن المؤكد أنت ما من رجل يمكنه مقاومة جمال أثينا و اكتماله .
و لكن ربما أثينا تظهر جمال صدرها لأندريس فقط . ربما أرادت بذلك تذكيره بالعلاقات التي ربطتهما يوماً ، ذلك إن لديها مفتاح شقته ، و هي حتماً تريد التوضيح لساسكيا إن ثمة علاقة حميمة جداَ بينهما
و كأنما إثباتاً لأفكار ساسكيا ، مالت أثينا فجأة إلى الأمام ، واضعةً يدها ذات الأظافر المطلية على وجه أندريس ، وهي تقف بينهما و تقول برقة :
- ألن تقبلني يا أندريس ؟ فهذه عادتك ، و إنا واثقة من إن خطيبتك تعلم إن في اليونان .. العلاقات الأسرية هامة جداً ..جداً .
فقال أندريس بإقتضاب و هو يبتعد عن أثينا إلى الخلف ممسكاً بساسكيا :" ما تعلمه ساسكيا هو إنني أحبها و أريدها إن تكون زوجتي ".
ثم أحاط أندريس ساسكيا بذراعه ، واضعاً رأسها على كتفه ، عندئذ ذكرت ساسكيا نفسها بسبب تصرفاته هذه ، و بالدور الذي يفترض بها القيام به .
فقالت أثينا عندما رأت هذه المنظر :" ما أحلى هذا "
ثم ألقت على ساسكيا نظرة كالثلج قبل إن تعود فتلتفت إلى أندريس و تقول بإخلاص مصطنع :" أكره إن ألقي ظلاً على سعادتك ،يا أندريس ، و لكن جدك مغتاظ منك حالياً . كان يحدثني عن مدى اهتمامه بالطريقة التي تتصرف فيها بالممتلكات الجديدة . و طبعاً ، إن أدرك مدى اهتمامك بأن تدمغ العمل بطابعك الخاص ، إن تثبت ذاتك .لكن امتلاكك لسلسة الفنادق هذه كانت مجازفة متهورة حقاً ، و ذلك لتصميمك على الإحتفاظ بكل الموظفين الموجودين ، إن عملك هذا لن يحقق لك أي مكسب "
ثم أضافت بسخرية و عذوبة :" و لكن لابد لي من القول إنه ، بعد إن سنحت لي الفرصة لدراسة الحالة المالية لسلسة الفنادق هذه ، فإنا مسرورة جداً لإنني سحبت اشتراكي من المزاد ،، رغم إنه كان بإمكاني ، طبعاً إحتمال خسارة مليون أو ما يقارب من المؤسف يا أندريس ، إنك لم تقبل عرضي عليك إدارة شركة الشحن خاصتي . كان ذلك سيمنحك مجالاً أوسع من مجرد العمل كغلام يرسله جده لتأدية " المشاوير" القصيرة ..".
أجفلت ساسكيا و هي تستوعب الإهانة التي وجهتها أثينا لتوها إلى أندريس ، لكنها ذهلت عندما رأت إن أندريس لم يهتز على الإطلاق لذلك ، و لكنها ما إن أدلت بملاحظة بسيطة حتى أنفجر فيها بغضب بالغ " كما تعلمين جيداً يا أثينا ، شراء سلسلة الفنادق الإنكليزية هو قرار جدي نفسه ، و إنا فقط ، وقعت على الشيك . أما عن أرباحها في المستقبل .. فقد أثبتت أبحاثي إن سوقاً ممتازاً لسلسة من الفنادق الفخمة في إنكلترا خاصة عندما يمكنها التفاخر بما تحويه من ميزات فنادق الدرجة الأولى ، و هو المستوى الذي صممت إن أجعل سلسلتنا تصل إليه . أما بالنسبة إلى التعقيدات المالية التي تنتج عن إبقاء الموظفين الحاليين .. ساسكيا هي محاسبة ، و أنا واثق من قدرتها على إخبارك بما كان ينبغي عليك معرفته بنفسك ، بصفتك سيدة أعمال ، و هو إن صرف الموظفين الفائضين و على المدى الطويل يكلفنا دفع تعويضاتهم أكثر مما يكلفنا الإحتفاظ بهم ، كما إن التقاعدات الفردية المنتظرة و الخسارة الطبيعية للموظفين سينقص عددهم تلقائياً و بشكل مؤثر في السنوات القليلة القادمة أما أولئك الذين يرغبون في البقاء فسيمنحون فرصة لإعادة توظيفهم و تأهيلهم . أما نوادي تمضية أوقات الفراغ التي ننوي إنشائها في كل فندق فهي ، وحدها ، ستعالج بشكل رئيسي كل الخمول و التباطؤ بين موظفينا ".
ثم غير أندريس مجرى الحديث قائلاً " و على كل حال ، إنا و ساسكيا سنسافر إلى أثينا غداً . لقد أمضينا اليوم نهاراً شاقاً ، و نرجو المعذرة ، لإن هذه الليلة ستكون ليلة غير عادية بالنسبة إلينا ".
و عندما أجفلت ساسكيا شدد أندريس من احتضانها محذراً و هو يكرر :" إنها ليلة غير عادية و هذا يذكرني .."
ثم مد يده إلى جيبه ، و هو ما يزال ممسكاً بساسكيا بيده الأخرى و أخرج ، و أخرج علبة مجوهرات صغيرة قائلاً لساسكيا :" لقد أحضرت خاتم الخطوبة و لابد إنه أصبح الآن بمقاس إصبعك ".
و قبل إن تقول ساسكيا شيئاً ، أعاد أندريس العلبة إلى جيبه و هو يقول برقة :" لكن سنجربه لاحقاً بعد إن نرتاح قليلاً "
و رن جرس الهاتف في الردهة ، فأنسحب أندريس ليجيب ،تاركاً ساسكيا وحدها مع أثينا التي قالت لها بحقد و هي تسير نحو الباب :" ذلك لن يدوم ، لن يتزوجك .. مقدر لنا إنا و هو ، إن نكون مع بعضنا البعض ، و هو يعرف ذلك ، كبرياؤه هي التي تجعله يحارب قدره و الأفضل لك تركه الآن فإنا أحذرك من إنني لن أتركه أبداً "
و شعرت ساسكيا بأن أثينا تعني ذلك حقاً . و للمرة الأولى شعرت بشيء من الشفقة على أندريس . أهي شفقة على هذا الرجل الذي يعاملها هي بهذا الشكل ؟ أم على الرجل الذي أساء الحكم عليها ؟ ثم عنفت نفسها متجهمة و متمتمة " لابد إنني مجنونة "

dialaa
21-05-2007, 16:47
مشكورة حبيبتي لفلي وانا بصراحة انشغلت

ولكن انا الحين راح انزل الاجزاء الباقية

ومشكورة مرة اخرى

dialaa
21-05-2007, 16:48
******
راحت ساسكيا تنظر ، متوجسة ، إلى الحقائب التي تحتوي مشترياتها الجديدة ، و هي تذهب في الشحن ، بينما الموظف في المطار يفحص جوازي سفرهما ،
و كان خاتم الخطوبة يتألق في إصبعها بعد إن ألبسها إياه أندريس في وقت متأخر من الليلة الماضية .

بدت متوترة عندما أخرجه من العلبة . و قالت بتهكم :
" غريب كيف أصبحت المجوهرات الزائفة تبدو حقيقية هذه الأيام "
، محاولة بذلك إخفاء توترها و تعاستها اللذين تملكاها و هي تضعه في إصبعها خاتماً كانت دوماً تتصور إنها لن تضعه إلا بدافع الحب .. فيبقى إلى الأبد .

أما أندريس فأجابها بسخرية تقريباً :
" أحقاً ؟ منا كنت لأعرف ذلك ."

تعليقه هذا نبهها ، فسألته بقلق :
" هذا .. ليس حقيقياً .. أليس كذلك؟".

و رأت الجواب على ملامحه قبل إن يجيب :
" إنه حقيقي!"

فابتلعت ريقها حينذاك ، عاجزة عن تحويل نظراتها عن ماسة الخاتم المتوهجة البراقة .

و عندما حاولت ساسكيا الإحتجاج بإنها لا تريد تحمل مسؤولية خاتم بهذه القيمة ، بادرها أندريس بالقول :
" بإمكان أثينا تمييز الجواهر الزائفة على الفور".

فقالت :
" إذا كان بإمكانها تمييز الجواهر الزائفة بهذه السهول ،
من المؤكد إذن ، إن بإمكانها تمييز الخطوبة الزائفة"

- أثينا تفهم بالحقائق و ليس بالعواطف.

- الحقائق

أخذت ساسكيا تفكر بهذه العبارات و هي تتذكر ذلك الحديث المختصر الذي دار بينهما
و التصرفات التي قام بها ، مثل العناق الذي أغدقة عليها الليلة الماضية ،
لم يأت أندريس على ذكر ما فعل ،
لكن ساسكيا أدركت إن تخمينها كان صحيحاُ ،
فبعد إن أنهى تلك المكالمة التليفونية مباشرة ، فتح مكيف الهواء قائلاً بتجهم :
" نحتاج إلى هواء طلق هنا "

و فيما بعد ، خرج أندريس من البيت ، بينما ساسكيا ذهبت إلى فراشها .. وحيدة ، بعد إن تناولت قليلاً من الطعام .

سألت ساسكيا أندريس و هما يصعدان إلى الطائرة :
" كم تستغرق الرحلة إلى " أفروديت " ؟".

- في هذه المناسبة ، ستستغرق وقتاً أطول من العادة .

ثم تبعا المضيفة إلى مقعديهما في الدرجة الأولى .
لاحظت ساسكيا ذلك و قد تملكها قشعريرة من الرهبة ،
فهي لم تسافر في الدرجة الأولى قط من قبل ، و لم تقم ، في الحقيقة بأي شيء يجعلها تشعر و كأنها في بيتها و هي في طبقات الجو العليا كما اعتاد الأثرياء أمثال أندريس و أسرته .

- عندما نصل أثينا ، سأضطر إلى لتركك وحدك قبل متابعة رحلتنا ،
فجدي هو الذي اتصل بي الليلة الماضية ،إنه يريد رؤيتي .

- ألن يكون في الجزيرة ؟

- ليس حالياً ، حالة قلبه تتطلب منه الخضوع لفحوصات منتظمة ..
من باب الإحتياط فقط ، و الحمد لله ، إلا إنه سيبقى في أثينا لليوم التالي أو نحو ذلك .

- حذرتني أثينا إن علاقتنا لن تدوم ، فهي تؤمن بأن قدركما إن تكونا معاً .
- فقال أندريس
" إنها تحاول إخافتك فقط "

ثم تبدلت ابتسامة أندريس إلى وجوم في وجه المضيفة التي كانت تعتني براحتهما
و إذا بساسكيا يدفعها التهور إلى جعل العطف الذي شعرت به الليلة الماضية ، يتفوق على مشاعرها الخاصة ، فالتفت إلى أندريس و قالت برقة :
" و لكن من المؤكد إنك إذا أوضحت لجدك طبيعة مشاعرك ، لتفهم الأمر، بإنه لا يمكنك الزواج بإمرأة لا تحبها .."

- جدي عنيد جداً ، كما إنه ضعيف صحياً أكثر مما يظن نفسه ،
و مما نريده جميعاً إن يظن ، فحالة قلبه ..
و تنهد :
" إنها مستقرة حالياً ، و لكن من المهم تجنب ارتفاع ضغطه ،
فإذا إنا أخبرته بأنني لا أريد الزواج بأثينا دون إحضارك بديلاً عنها ،
سيتملكه التوتر و يرتفع ضغطه على الفور .
ليس الأمر فقط هو إنني بزواجي من أثينا ، كما يتمنى ، سأضم أملاكها إلى أملاكنا ،
و لكن جدي هو أيضاً رجل يعتبر ذرية الذكور بالغة الأهمية ،
فأختي الكبرى لديها ابنتان ، و أثينا أيضاً لديها ابنتان ،
و بما إنني حفيد جدي ، الذكر الوحيد ، فهو متلهف إن أنجب صبياً ، حفيد لإبنه ".

فقالت ساسكيا :" و لكن حتى لو تزوجت أثينا ، فهذا لا يضمن إنك ستنجب أولاداً ، أو ذكوراً فقط "

و رأت المرح يلمع في عينيه :
" ساسكيا ، أنت ساذجة جداً ..جداً بالنسبة إلى امرأة بمثل خبرتك ! لا يجدر بك إن تقولي لرجل ، خصوصاً إذا كان يونانيا ، إنه قد لا يستطيع إنجاب صبي ! "

عندما حلقت الطائرة ، تشبثت ساسكيا على الفور بمقعدها ، ثم أجفلت مصدومة عندما شعرت بيد أندريس تدعك يدها ، وهو يتساءل ممازحاً :
" أتخافين من الطيران ؟
لا يجدر بك ذلك . إنه أكثر المواصلات أمانا ".

فقالت بحدة :" أعلم هذا ،. إنه فقط .. حسناً ، الطيران فقط يبدو غير طبيعي .. و إذا .."
فساعدها على الكلام ساخراً :
- إذا كان الله يريد للإنسان الطيران لخلق له أجنحة . حسناً ، لقد حاول "إيكاروس" ذلك .
ارتجفت ساسكيا و غامت عيناها و هي تقول :
" إنا أظنها دوما قصة محزنة خصوصاً بالنسبة إلى أبيه المسكين "

فهز رأسه موافقاً ، ثم سألها :
" هل أفهم من قولك هذا إنك درست الأساطير اليونانية ؟"
- حسناً ، لم أكن تلميذة بالضبط . لكن جدتي اعتادت إن تقرأ لي قصصاً عن الأساطير اليونانية عندما كنت طفلة ، و كنت دوما أحب هذه القصص .. رغم إنها غالبا ما كانت تبكيني .

ثم سكتت فجأة عندما أدركت أمرين ، الأول هو إنهما أصبحا في أعالي الجو تماماً الآن ، و الثاني أنتباهها إلى مدى ما تشعر به من سرور لإمساك أندريس يدها بيده القوية ،
مما جعل وجهها يحمر خجلاً فسحبت يدها من يده بسرعة و ذلك في الوقت الذي جاءت فيه المضيفة تعرض عليها كأسا من العصير

و عندما أعلن الطيار إنهم على وشك الهبوط ، أدهشها كيف مر الوقت بسرعة .. و كم استمتعت بالحديث مع أندريس ، كما أدهشها أكثر إن تكتشف سهولة وضع يدها في قبضة يد أندريس المطمئنة و الطائرة تهبط في المطار .
قال لها أندريس و هو يضع أمتعتها على العربة :
" يمكنني إما إن أدع سائقنا يأخذك إلى شقة الأسرة في أثينا ، حيث ترتاحين بينما أقابل جدي ، و إما إذا كنت تفضلين ، أطلب من السائق أخذك في جولة تتفرجين فيها على المدينة ".

كان أندريس يرتدي بنطلون فاتح اللون و قميصاً أبيض قصير الكمين . مما ترك تأثيراً غريباً على أحاسيس ساسكيا الأنثوية العقلانية عادة و هي ترى عضلاته تبرز عندما رفع الحقائب عن الأرض ، ثم شعرت بالدوار و هي ترى امرأة تبتسم لأندريس مغازلة ، فما كان منها إلا إن تقدمت و وقفت بجانبه و كأنه يخصها وحدها .

ما الذي يحدث لها ؟
لابد إنها الحرارة ..نعم ، هذا هو السبب .و ارتاحت عندما وجدت سبباً معقولاً لتصرفاتها غير المألوفة ،
إذا ما من سبب يجعلها تشعر بتملك أندريس .
فصباح أمس كرهته جداً و اشمأزت منه .. كانت في الواقع مرتعبة من تمثيلها دور خطيبته ..
و ما زالت كذلك ، طبعاً فالأمر لا يتعدى التمثيل .

حسنا من الطبيعي ، بعد تعرفها إلى أثينا ، إن تشعر ببعض العطف عليه . كما إنها تأثرت بالقصص التي حدثها بها أثناء الرحلة ، تلك التي سمعها من شيوخ أسرته اليونانية ، و التي كانت مزيج من الأساطير و الحكايات الشعبية . و قد سرت كونها لم تضطر للنضال مع حقائبها الثقيلة .
- ساسكيا..؟

شعرت بالذنب و هي تلاحظ إن أندريس ما زال ينتظر جوابها فأجابته
" أه أفضل رؤية بعض معالم المدينة "

- حسناً ليس لديك الكثير من الوقت لإن طيارنا سبق و سجل رحلته .

كانت ساسكيا تعرف إنهما سيرحلان إلى الجزيرة في طائرة خاصة يملكها جد أندريس ، و ما أثر عليها هو إشارة أندريس العفوية إلى الطائرة هو إنه هو ذاته ، طيار مؤهل ، إلا إنه قال لساسكيا :" لسوء الحظ كان علي التخلي عن هذه المهنة ، إذ لا يمكنني توفير الساعات التي أحتاجها للبقاء على كفاءتي و تدريبي . هذا بالإضافة إلى إن شركت التأمين كانت حذرة للغاية بالنسبة للتأمين علي ".
ثم وضع يده على كتفها مشيراً : " من هنا "

لمحت ساسكيا من طرف عينها إنعكاس صورتهما في المرآة فأجفلت فوراً ،
لماذا هي مائلة على أندريس هكذا ؟

و كأنما أعجبها ذلك ..؟ أو كأنها تستمتع بتمثيل دور الأنثى الضعيفة أمام رجولته القوية .

فابتعدت و استقامت في وقفتها.

فقال مستنكراً :" لو رأتك أثينا تفعلين هذا لابتهجت جداً ،
ثم المفروض إننا عاشقان ، يا ساسكيا ، تذكري ذلك "

- لكن أثينا ليست هنا .
- لا ، الحمد لله ، و لكننا لا ندري من قد يرانا ، إننا الآن خطيبان غارقان في الحب ..
و أنت على وشك السفر إلى بيتنا لتتعرفي إلى أسرتي ،
ألا تظنين إنه من الطبيعي أن .. ؟

- فقاطعته :
" أنا أشعر بالتوتر و الإرغام .. و القلق من إن لا تجدني أسرتك مناسبة لك ؟"

كما ثارت كرامتها لما يقترحه فأضافت :
" ثم ماذا يفترض بي إن أفعل ؟
أتشبث بك متلهفة .. خائفة من رفض أسرتك لي .. خائفة من إن أخسرك .. كل هذا لأجل .."

و سكتت وهي ترى نظرة إنعدام الصبر في عينيه ، و قال متجهماً :
" ما كنت أريد قوله هو ، ألا ترين من الطبيعي إن أحيط كتفيك بذراعي ،
و إن ترغبي أنت بمثل ذلك أيضاً ؟
إذ بصفتنا عاشقين ، فمن الطبيعي ملامسة و معانقة بعضنا دوما ، أما بالنسبة لأسرتي فإنا رجل في الخامسة و الثلاثين ، و قد تجاوزت منذ وقت طويل العمر الذي احتاج فيه إلى موافقة أحد على من أحب أو ما أفعله "
فقالت ساسكيا :
" لكنك لا .."

ثم سكتت بعد إن أدركت ما كانت على وشك قوله ، إن أندريس لا يحتاج إليها لإخباره بعدم حبه لها
فسألها أندريس :
" لكنني لا ، ماذا ؟"

إلا إن ساسكيا هزت رأسها رافضة الإجابة ، و قبل إن ينزل أندريس من سيارته الليموزين ، قال :
" إذن أنت تريدين إن تري " الأروبوليس "أولاً ؟"

و كان قد أعطى السائق الإرشادات باليونانية .
- نعم .
- أخبرت " سبيروس" بإنه عليك التواجد في المطار في الوقت المحدد لرحلتنا و هو سيعتني بك .
ثم اعتذر بلهجة رسمية قائلاً :
" أسف لإن علي تركك وحدك ".

رأت ساسكيا كيف يبدو أندريس في موطنه ، و في الوقت نفسه ، كم هو مختلف عن الرجل الذي تراه ، أولاً ، هو الآن أطول ، و بشرته رغم إن الشمس قد لوحتها ، كانت أقل سمرة ، أما عيناه فهما ، دوما تكشفان عن دمه الأوروبي .
********

dialaa
21-05-2007, 16:51
تنهدت ساسكيا و هي تدير ظهرها أخيراً إلى الأكروبوليس و تسير مبتعدة .
لقد استطاعت اقناع السائق بإنها ستكون على ما يرام وحدها ، فاستمتعت بوحدتها و هي تتفرج على الأبنية الأثرية بإعجاب رهيب .

إنما الآن حان موعد الذهاب ، و رأت الليموزين واقفة حيث توقعت لكنها لم تر السائق .

كان هنالك رجل واقفاً قرب السيارة ، كبير السن أبيض الشعر ، و قطبت جبينها وهي تلاحظ إنه يعإني من بعض الضيق ، و قد ضغط على جبينه و كانه يشعر بألم .
ألقت نظرة على الشارع ، فثبت لها إنه خال ما عدا منها و من الرجل العجوز ، فأسرعت نحوه بحركة تلقائية ، شاعرة بالقلق عليه . ثم سألته باهتمام :
" هل أنت بخير؟ "

شعرت بالإرتياح عندما أجابها بالإنجليزية
" لا شيء .. إنها حرارة الجو .. ألم بسيط ! ربما مشيت أكثر مما يجب "

بقيت ساسكيا قلقة ، فالجو حار و الرجل لايبدو على ما يرام و لا يمكنها إن تتركه أبداً و لكن لا أثر لأي شخص ممكن إن يساعدها و لم يكن لديها فكرة عن الوقت اللازم للوصول للمطار .

و قالت للرجل العجوز برقة
" الجو شديد الحرارة و سيكون متعباً لك السير في مثل هذا الطقس .
لدي سيارة .. و .. سائق ربما بإمكاننا نقلك إلى حيث تريد "

وأثناء كلامها تفحصت الشارع بقلق ،ترى أين هو السائق؟
سيغضب أندريس منها جداً إذا تأخرت على الرحلة،
ولكن لم يكن من سبيل للذهاب قبل أن تطمئن على الرجل العجوز.

- هل لديك سيارة ؟

ثم أشار إلى الليموزين :
" أهذه سيارتك "
- حسنا هي ليست لي ، إنها لـ.... لشخص أعرفه ، هل تسكن بعيداً عن هنا ؟

و إذا بالرجل العجوز يقف فجأة ممسكاً بجنبه و قد تحسن لونه ثم قال باسما :
" إنك في غاية الشهامة . لكنني إنا أيضاً لدي سيارة.. و سائق .."

ثم أضاف" إنك لطيفة جداً إذ تتعبين نفسك لهذه الدرجة لأجل رجل عجوز "

و رأت ساسكيا سيارة تقف في آخر الشارع :
" هل تلك سيارتك ؟
هل أذهب و أنادي لك السائق ؟"

فقال العجوز :
" لا أستطيع السير إليها "

و دون إن تعطيه فرصة للرفض تقدمت و قالت برقة :
" ربما ستسمح لي بالسير بجانبك حتى تصل إلى السيارة .."

فأجاب :" ربما علي السماح بذلك "
عندما وصلا شعرت ساسكيا بالإرتياح حين رأت باب السيارة ينفتح و يخرج منه السائق مسرعا ً نحوهما ، ثم يخاطب الرجل العجوز بلهجة يونانية سريعة ، ثم رأت الرجل العجوز يتحسن و استقام و راح يتحدث إلى السائق ثم قال لساسكيا مشيراً إلى السائق :
" لقد خاف علي كإمرأة عجوز "

ثم أضاف
" شكرا يا عزيزتي ، إنا مسرور جداً بلقائك .
و لكن لا يجدر بك السير وحدك في شوارع أثينا ، و أنا سوف .."

و سكت فجأة و قال لساسكيا :
" " بانيس " سيسير معك إلى سيارتك و ينتظر حتى يعود سائقك .

فقالت باحتجاج :
" لا حاجة لذلك في الواقع "

و لكن العجوز ألح عليه بحزم.

فأذعنت و سار معها السائق الذي قالت لها بعد الإبتعاد عن العجوز :
" لا حاجة بك في الواقع للقدوم معي ، و كنت أفضل أكثر لو بقيت مع مخدومك ،
فقد كان متألماً حين رأيته في الشارع "

و تملكها الإرتياح عندما رأت سائق أندريس يخرج من السيارة فقالت للسائق :
" أرأيت ؟ لا حاجة لمتابعة السير معي "

ثم قالت لسائق العجوز
".. أعرف إن هذا ليس من شأني .. و لكن ربما يجدر بمخدومك زيارة الطبيب .."

فأجابها :" لقد سبق و تلقى العناية .. لكنه ، ماذا أقول ؟
إنه لا يأخذ دوما بنصائح الآخرين .."

خفف هدوءه من قلق ساسكيا ، و أراح ضميرها من ناحية تركها للرجل العجوز .

من الواضح بإنه بين أيد آمنه الآن ، و سائقها بإنتظارها .
********

dialaa
21-05-2007, 16:54
الفصل السادس :

مشاعر حارة



ألقت ساسكيا نظرة خاطفة على أندريس ، ثم عادت تنظر من كوة الطائرة إلى بحر "ايجين" في الأسفل وهي تكبح شهقة سرور .
كان مقطبا مشغول البال عندما التقيا في المطار ، حتى إنه لم يسألها عما إذا كانت قد استمتعت بجولتها في المدينة.
أرغمها جمود ملامح أندريس على سؤاله ، من باب الأدب لا غير :
" هل حدث شيء؟ لا أراك سعيدا ".

فازداد تقطيب أندريس والتفت إليها بحدة وسألها بسخرية :
" هل تتدربين على تمثيل الخطيبة المخلصة؟
إذا كنت تتطلعين إلى مكافأة إضافية فلا تزعجي نفسك".

شعرت ساسكيا بعودة شعورها البدائي نحوه وأجابته غاضبة :
" أنا لست مثلك ، أقيم كل ما أفعله بقدر الفائدة، كنت قلقة فقط من إن اجتماعك لم يكن ناجحا مع جدك".

- أنت؟
تقلقين لأجلي؟
هناك سبب واحد أنت موجودة لأجله يا ساسكيا ، وكلانا يعرفه، أليس كذلك ؟

ماالذي كان يتوقعه؟
وثار غضبها،وكبحت الجواب الغاضب الذي كانت ستقوله،
فهو أحضرها هنا بالإبتزاز،ليستغلها لمصلحته،وقد كون عنها أسوأ فكرة و حكم على أخلاقها دون أن يمنحها فرصة الدفاع عن نفسها وشرح سبب تصرفها تلك الليلة في الحانة ومع ذلك مازال يظن نفسه أسمى خلقاً وندمت على شعورها بالعطف تجاهه في بعض الأحيان هو وأثينا ، يستحقان بعضهما البعض .

لكنها حتى وهي تفكر بغضب وإنفعال كانت تدرك إن هذا غير صحيح ،
فقد أحست أن أثينا تمتلك برودة أصيلة ونقصاً كلياً في الإهتمام بأي نوع من المشاعر،

ثم أقرت في نفسها أن أندريس ربما قال أشياء كثيرة لا تعجبها إلا أنه يمتلك مشاعر دافئة ومحمومة للغاية ..

وارتجفت حين تذكرت عناقهما أمام أثينا..
حتى وإن كان ما بينهما تمثيلا إلا إنها شعرت باتصال عميق بينهما .مازال تأثيره يسيطر عليها حتى الآن
ثم سمعت أندريس يقول :
" حسنا ، في الحقيقة .. إجتماعنا لم ينجح ".

ففتحت عينيها مندهشة بينما أندريس يتابع كلامه

"أولاً.لم يكن جدي هناك..
فقد كان لديه شيء أكثر أهمية على ما يبدو لكنه لسوء الحظ لم يكلف نفسه بشرح ذلك لي أو إرسال خبر يعلمني بعدم مجيئه لقد أنتظرته أكثر من نصف ساعة وعلى كل حال ترك تعليمات بإخباري في أي وقت حضرت بإنه غير مسرور مني حالياً"

- هل هذا بسببي ..؟
بسببنا؟

- جدي يعلم إن لا سبيل إلى تزويجي بامرأة لا أحبها .
لقد تزوج زواج حب ، وتزوجت أمي أيضا عن طريق الحب حتى إنها هددت فعلا بالفرار مع أبي إذا لم تحصل على موافقته ،
ثم اعترف جدي بمدى إعجابه بأبي وذلك بعد موته لإنه كان مستقلا وناجحا جدا .

- لا بد وإنك تفتقده .

- كنت في الخامسة عشرة عندما توفي ، وإنا بعكسك تعزيني معرفتي بمدى حبه لي .

ظنت ساسكيا إنه يتعمد الفظاظة معها ، فتصلب جسمها على الفور ،
لكنه عندما وضع يده على يدها معزيا ، أدركت إنها أساءت تسير ما قال ، وأجابت بحزم وصدق :
" الحب الذي غمرتني به جدتي كان أكثر من مجرد تعويض عن افتقادي لحب والدي".

كانت يده ما زالت تغطي يديها .. إنها يد تتجلى فيها الرجولة ،
عريضة بحيث إنها كانت كافية لتغطية يديها الاثنتين معا ،
ومن نوع الأيدي التي تمنح المرأة الثقة بأن هذا الرجل سيعتني بها وبأولادها .
ماهذا الذي تفكر فيه؟
تحركت في مقعدها بتوتر ، نازعة يدها من يده قائلة:
" هل أنت واثق من إنها فكرة جيدة؟
أعني إذا كان جدك لا يوافق على خطوبتنا ..".

سألته هذا وهي تلهث قليلاً محاولة تركيز أفكارها على حقيقة سبب وجودها بجانبه

مضت مدة طويل قبل أن يجيب،حتى أبتدت ساسكيا تظن أن سؤالها قد ضايقه،
إلا أنها أدركت أن الغضب الذي تراه على ملامحه لم يكن بسببها بل بسبب أثينا عندما قال:

- لسوء الحظ ، أثينا تجعل جدي يشعر بالغرور بافتخارها بقرابة الدم،
فأخوه الأكبر،جد أثينا مات منذ سنوات وبينما لم تسمح أثينا لأي شخص على الإطلاق خصوصاً جدي بالتدخل بطريقة إدارتها لمملكتها المالية أخذت تشجعه وتشبع غروره إلى إن أصبح حكمه عليها مغلوطا .
أمي تقول إن الحقيقة لا بد وإن تظهر ، وإن يدرك جدي حقيقة مراميها الخفية .

- ولكن لا بد وإنها تدرك إنك لا تريد الزواج منها .

فقد كان غريباً على طبيعة ساسكيا محاولة إرغام أحد على إنشاء علاقة معها مما جعل من الصعب عليها تفهم سبب تصرف أثينا بهذا الشكل
أجابها أندريس متجهما :
" آه ،إنها تدرك ذلك جيدا . لكن أثينا تعودت نيل كل ما تريده ، وحاليا هي ..".

فأكملت له :
" هي تريدك".

فقال موافقا بتثاقل :
" نعم ، وكلما أردت إخبارها بأنني لا أبادلها رغبتها هذه ، أفكر بجدي ".

ثم سكت عندما بدأت طائرتهما بالهبوط ،
و بدت على شفتيه ابتسامة صغيرة عندما رأى ملامح ساسكيا تنظر من النافذة إلى الأسفل ،
و هي تشهق غير مصدقة
" مستحيل على الطيار إن يهبط في هذه القطعة الصغيرة من الأرض "

فقال أندريس مطمئناً :
" آه ، بلى ، سيتمكن من ذلك إنه أكثر أمانا مما يبدو " .

ثم قال لها :
" أنظري هنالك".

موجههاً أنتباهها بعيدا عن قطعة الأرض تلك إلى موقع بيت أسرته الذي يخطف الأنفاس بجماله و كذلك الأراضي المحيطة به .

فقالت بتأمل :
" كل شيء أخضر "

و اتسعت عيناها و هي ترى الجزيرة البيضاوية الشكل ، و اخضرار بساتينها و نباتاتها يبرز بياض رمال الشواطئ و روعة مياه بحر " إيجة " الفيروزية اللون .

فقال أندريس :
" تحتوي الجزيرة على مياه غزيرة ، لكنها أصغر من إن تحتمل زراعة المحاصيل و تربية الماشية ،
و هذا السبب في كونها غير مسكونة ، فهي كما ترين بعيدة عن أي جزيرة أخرى ..
و هي الأبعد في بحر " إيجة"

فقالت بصوت خافت :
" إنها رائعة ، كقطرة لؤلؤ "

ضحك أندريس ، و كان في عينيه شعور جعل وجنتي ساسكيا تحمران قليلاً و هو يقول بهدوء :
- هذا ما كانت جدتي تصفها به .

عندما هبطت الطائرة على المدرج ،شهقت ساسكيا مدركة إن أندريس تعمد صرف ذهنها عن هبوط الطائرة الوشيك ، يمكنه إن يكون بالغ الرقة عندما يشاء و ساحراً و سهل التعامل معه و تساءلت بشيء من الكآبة ، ماذا سيكون رأيه فيها لو إنه لم يعرفها في مثل تلك الظروف في الحانة .

و ما لبثت إن سيطرت على أفكارها بحزم ، محذرة نفسها من إن الإستغراق في التصورات و أحلام اليقظة سيزيد الأمور سوءً .

بدت الكآبة في عيني أندريس و هو يقود ساسكيا نحو مخرج الطائرة فهنالك تناقض كبير في الطريقة التي أصبح يرى فيها إلى ساسكيا الآن و الطريقة التي رآها فيا المرة الأولى ،
و لراحة باله و اطمئنانه ، تمنى لو بقيت كما رآها للمرة الأولى ، لإن هذا الضعف الذي تجاهد لإخفائه بكل عزم و كبرياء ، قد أثر في نفسه بشكل لا يمكن إن تحدثه برودة مشاعر إمرأة كأثينا .كانت ساسكيا تملك دفئاً و إنسانية و أنوثة مما جعل رجولة أندريس تفيض و تستجيب بشكل بالغ الخطورة .

حاول أندريس متجهماً ، إن لا يدع نفسه يفكر في شعوره عندما عانقها ، فقد فعل ذلك في البداية بشكل غريزي عندما استشعر وجود أثينا في الشقة ، من خلال رائحة عطرها المخيفة الطاغية ،

أما كيف حصلت أثينا على المفتاح فهذا ما لا يعرفه .
اشتبه في إنها احتالت بشكل ما ، و أخذته من جده .
لكن العناق الذي أغدقة على ساسكيا كوسيلة لتأكيد نبذه لأثينا أرغمه ، بشكل غير متوقع و لا مألوف ، على الإعتراف .. بشيء ما زال يحاول جاهداً إنكاره .

لم يشأ على الإطلاق إن يرغب في ساسكيا ، و حتماً لم يشأ أيضاً الشعور بهذه الرغبة الدائمة في حمايتها و طمأنتها .

كان الطقس في مدينة أثينا حاراً جافاً ، إنما هنا في الجزيرة فالهواء رقيق منعش عطر و مثير للبهجة ، كما وجدته ساسكيا و هي تظلل عينيها من و هج الشمس و هي تخرج من المطار ، و نظرت بشيء من التردد إلى الشخصين الذي كانا واقفين لإستقبالهما .

قال أندريس بصوته الأجش ، وهو يناولها النظارات الشمسية :
" خذي يا حبيبتي ، لقد نسيت هذه "

مما زاد في اضطرابها و لكن ليس بقدر ذلك الإضطراب الذي شعرت به و هو يشدها إليه بذراعيه الدافئتين الثقيلتين و يهمس بشكل مسموع :
" شمسنا قاسية جداً على عينيك الجميلتين "

شعرت ساسكيا بأصابعها ترتجف و هي تأخذ منه النظارات .

لاحظت إن شعار المصمم المطبوع عليها و هذا يعني حتماً بإنها أغلى ثمناً من أي نظارات شمسية استعملتها قط .
و عندما استعادها أندريس منها و وضعها على عينيها برفق ، اكتشفت إنها تناسبها تماماً .
مال نحوها إلى الأمام و همس في أذنها بهدوء :
" تذكرت إننا لم نشتر واحدة في لندن و أدركت إنك ستكونين بحاجة إلى النظارات ".

و كانت ذراعه ما زالت حول جسمها و ذراعه الأخرى حول كتفيها و كأنه يريد احتضانها أكثر .

و أدركت ساسكيا إنهما على هذه الحال سيبدوان حميمين للغاية لمن يراهما ، و هذا السبب - دون شك – في إعطائها النظارات و احتضانها بهذا الشكل .

حسناً بإمكان الإثنين إن يلعبا بتلك اللعبة ، و دون إن تفكر في التعقيدات الناتجة عما ستفعله ، و ضعت ذراعها حول عنقه رافعة وجهها إليه و هي تجيبه متمتمة :
" شكراً، يا حبيبي ، أنت حساس للغاية "

أدركت مسرورة إنها أدهشته ، رأت ذلك في عينيه ، كما رأت شيئاً خطيراً جعلها تنزع يدها عن عنقه بسرعة ، متراجعة إلى الخلف إلا إنه لم يسمح لها بالإبتعاد كثيراً ، فقد كان ما يزال ممسكاً بيدها ، و هو يقودها نحو المرأتين المنتظرتين ، ثم قال للمرأة الأكبر :
" هذه ساسكيا خطيبتي يا 'ماما' ".

أخذت ساسكيا تنظر إليها بحذر ، مدركة إنها لو كانت هي و أندريس مخطوبين حقاً و مغرمين ببعضهما البعض ، لتملكها القلق و هي تنتظر لترى إن كان بإمكانها عقد رباط حقيقي مع والدة أندريس .

كانت الأم تشبه أثينا كثيرا رغم إنها ، طبعاً ، أكبر سناً .
لكن التشابه تلاشى عندما نظرت ساسكيا في عينيها و رأت الدفء الذي تفتقده أثينا .

كما بأن على والدة أندريس رقة و حلاوة و خجل تقريبا و أدركت ، ساسكيا بالبديهة ، إنها امرأة إذا أحبت ، تحب رجلاً واحداً و إذا فقدته ، لبست الحداد عليه للأبد .

و بادرت ساسكيا بالقول :
" يسرني التعرف إليك ، يا سيدة لاتيمر" .

و لكن والدة أندريس هزت رأسها على الفور ، مؤنبة :

" ستكونين كنتي يا ساسكيا ، و لهذا عليك رفع الكلفة معي ".

dialaa
21-05-2007, 16:56
ثم مالت إلى الأمام واضعة يدها على ذراع ساسكيا و أضافت :
" اسمي هيلينا ، أو يمكنك ، إذا شئت مناداتي (ماما) كما يفعل أندريس و ابنتاي ".

ثم نظرت إلى ابنها وقالت بحرارة :
" إنها جميلة ، يا أندريس".
فوافقها أندريس باسما :
" وحتما إنا أراها كذلك ، يا ماما ".

فأضافت الأم برقة :
" عنيت ظاهرا وباطنا ".
فأجابها أندريس بالحماسة والشعور نفسها :
" وإنا عنيت ذلك أيضا".

فحادثت ساسكيا نفسها وهي ترتجف :
" يا للسماوات .. إنه ممثل رائع حقا . فلو إنها لم تكن تعلم شعوره الحقيقي نحوها ، لكانت تلك النظرة الشغوف الحانية التي رمقها بها الآن فعلت فعلها .. من الممكن إن .. ".

ثم راحت تفكر ساخطة بأن رجلا مثله يجب إن يحاذر من منح امرأة ضعيفة نظرة كهذه . ونسيت ، للحظة ، إن أندريس ، حتى الآن ، يعتبرها أي شيء ما عدا إنها ضعيفة .

وتابع أندريس تقديم صغرى المرأتين :

" وهذه أوليمبيا أختي ".

==================


ورغم إنها سمراء كأمها ، فقد كانت أيضا ذات عينين فاتحتي اللون وابتسامة مرحة جعلت ساسكيا تشعر نحوها بالحرارة على الفور ، وقالت أوليمبيا بعطف :
" يا للسماوات ، الحر شديد هنا ، لا بد إن ساسكيا المسكينة تذوب الآن.

فقال لها أندريس :

" كان بإمكانكما انتظارنا في البيت ، وإرسال سيارة "اللاندروفر " مع السائق ".

فقالت أوليمبيا وهي تهز كتفيها رافضة :
" لا ، هذا غير ممكن ".
صدر عن الأم صوت احتجاج خفيف ، فنظرت إليها ابنتها يقلق 0وهي تقول :
" حسنا ، يجب إن يعرف ..".

فعبس أندريس وسأل مستفسرا :
" علي إن أعرف ماذا ؟".

فقالت الأم بتعاسة :" أثينا هنا ، جاءت منذ فترة وهي ..".

فعاد أندريس وسأل :
" وهي ماذا ؟".

فتابعت أمه تقول :
" قالت إن جدك قد دعاها ".

فقالت أوليمبيا غاضبة :
" إنك تعرف ما يعني هذا ، أليس كذلك يا أندريس؟
هذا يعني إنها ألحت على جدي ليطلب منها البقاء معنا ، وهذا ليس كل شيء ..".

فقالت لها أمها باستياء :
" أوليمبيا ..".

لكن أوليمبيا رفضت السكوت فتابعت :
" لقد أحضرت معها ذلك الرجل المقزز للنفس "أريستوتل" قائلة إنها تقوم بعمل هام وإنها تحتاجه فهو المحاسب ".

وأضافت اوليمبيا بالقول :
" إذا كان الأمر هاما إلى هذا الحد ، من أين وجدت الوقت للمجيء إلى هنا ؟
آه ، كم أكرهها !
هذا الصباح راحت تتكلم وتتكلم عن مدى اهتمام جدي بسير العمل وكيف سألها بإلحاح النصيحة لإنه خائف من إنك ..".

واحتجت الأم مرة أخرى :
" أوليمبيا .." وهذه المرة سكتت أوليمبيا ، ولكن لثوان قليلة فقط ، ثم إنفجرت بعدها وكأنها لم تعد تحتمل ، فقالت :" الذي لا أفهمه هو لماذا جدي مأسور بها إلى هذا الحد ، إن ما تفعله واضح، فهي فقط تريد الحصول عليك ، يا أندريس ، لإنك ترفض إن تتزوجها ".

فقالت الأم تعتذر لساسكيا :
" إنا آسفة لهذا ،فالأمر غير سار لك ، لم تتعرفي إلى أثينا بعد ،أنا أعرف ..".

فقاطعها أندريس شارحا لأمه وأخته :
" لقد تعرفت عليها ساسكيا . فأثينا استطاعت ، بطريقة ما ، الحصول على مفتاح شقتي في لندن".

فقالت أوليمبيا لساسكيا :
" إنها سيئة للغاية ، أليس كذلك ؟
إنا أسميها (العنكبوت الأرملة السوداء) ".

فقال أندريس مؤنبا بحدة :
" أوليمبيا !".
فقالت له وهي تنظر إلى أمها :
" ماما لم تخبرك بكل شيء بعد ، لقد أصرت أثينا على الاستيلاء على الغرفة التي أعدتها أمي لساسكيا ، وهي الغرفة التي بجانب جناحك ..".

فقاطعت الأم ابنتها بحزن :
" حاولت منعها ، يا أندريس ، ولكنك تعرف عنادها وقالت لي إن بإمكان ساسكيا أخذ الغرفة الكائنة آخر الممر . أنت تعرفها ، إنها الغرفة التي نستعملها عند الحاجة ، حتى إنه لا يوجد فيها سرير جيد ، عليك إن تقول شيئا يا أندريس . دعها تفهم إنه ليس بإمكانها.. ليس بإمكانها إشغال تلك الغرفة لإن ساسكيا ستستعملها ".

فقال أندريس معارضا أمه وهو يحتضن ساسكيا بشدة ويضمها إليه حتى أخفى وجهها في صدره :
" لا ، لن تستعملها . ساسكيا ستشاركني غرفتي.. وسريري..".

أحست ساسكيا بالصدمة تستولي عليهما رغم عدم استطاعتها رؤية وجهيهما .
لقد أدركت الآن سبب احتضانه لها بهذه الشدة . .
ذلك ليمنع أي شخص آخر من رؤية ما يرتسم على وجهها من تعبير خائف ، أو يسمع الاستنكار المذعور الذي حاولت إظهاره ، فاختنق في قميصه.

ليس هناك ما يجعلها تقبل شيئا كهذا ، لكن محاولاتها لقول هذا لأندريس زادت من التصاقها به وهي تحاول النظر إلى وجهه .
تجاوبه مع محاولاتها جذب أنتباهه ، جعل الوضع أسوأ ، لإنه عندما أحنى رأسه وكأنه ملهوف إلى سماع ما تريد قوله، احتكت شفتاها بذقنه.

لا بد إن امتزاج الحرارة بالصدمة هو ما أرسل تلك المشاعر تنساب في كيانها ، وجعلها تشعر بالدوار .

وبانت الصدمة على وجه أوليمبيا التي تساءلت بصوت خافت متلعثمة:
"ساسكيا ستشاركك غرفتك؟".

وشعرت ساسكيا بصدمة أوليمبيا وفكرت بأن الحرج منع أمه عن الكلام.

فقال أندريس ملاطفا أخته:
" إننا مخطوبان .. وقريبا سنتزوج..".

ثم أضاف ، بلهجة أكثر خشونة وتملكا :
" ساسكيا لي ، وأريد إن يعلم هذا كل إنسان وخصوصا أريستوتل ، لا أدري كيف بإمكان أثينا إن تحتمله ".
فقالت أوليمبيا وهي ترتعش :
" إنه كالحية ، يا ساسكيا ، بارد لزج، ذو عينين صغيرتين مخيفتين ويدين رطبتين ..".

فقال أندريس بجفاء:
" أثينا تحتمله لإنه ذو مهارة "خلاقة" في المحاسبة".

فسألته أوليمبيا بحدة :
"أتعني إنه غير نزيه !".

فقال أندريس محذرا أخته :
" أنت لم تسمعي ذلك مني".

ثم قادهن نحو سيارة "اللاندروفر" المنتظرة .

أثناء كلامهم ، كان السائق قد حمل أمتعة أندريس و ساسكيا ، وعندما أمسك بالباب ليفتحه للنساء الثلاث ، سمعت ساسكيا أندريس يسأله عن أسرته ، مصغيا باهتمام بينما أخبره السائق مزهوا عن ابنه الذي بات في الجامعة .

وقالت أوليمبيا لساسكيا :
" لم يكن جدي مسرورا أبدا عندما قال أندريس إنه يريد استعمال المال الذي تركه لنا أبونا ليساعد في دفع نفقات تعليم موظفي منزلنا ".

فاعترضت أمها قائلة :
" أوليمبيا ، أنت لا تنصفين جدك تماما بقولك هذا".
فسألتها ساسكيا :" هل فعل أندريس هذا ؟".
رافضة بعناد الاعتراف بحبه للاحسان .

هل كان يعني حقا ما قاله عن إنها ستشاركه غرفته؟
ولكن لا يمكنه فعل ذلك ، طبعا . إنها ، شخصيا ، لا تهتم بالمكان الذي تنام فيه ..
حتى ولو كانت غرفة دون سرير وغير مستعملة ، طالما تستعملها وحدها.

قال أندريس :
" لقد أمضينا يوما شاقا وأظن إن ساسكيا تريد إن ترتاح قبل العشاء ".

وتوقفت السيارة بهم في فناء مبلط تتوسطه نافورة ترسل الماء ممزوجا بالموسيقى إلى أعلى ليتناثر رذاذا على أرض الفناء . وقالت الأم :
" سأخبر الجميع بألا يزعجوك ولكن ربما تريدين يا ساسكيا إن تشربي أو تأكلي شيئا قبل ذلك ".

وقبل إن تقول ساسكيا شيئا ، أجاب أندريس عنها :" سأهتم إنا بذلك".

ثم أمسك بمرفق ساسكيا قائلا لها بصوت رقيق اشتبهت في إنه يتضمن تهديدا :

" من هنا ، يا ساسكيا ..".

=========

dialaa
21-05-2007, 16:58
الفصل السابع:-

شكوك مستحيلة

لا يمكنني النوم معك في هذه الغرفة
شعرت ساسكيا بنفسها ترتجف عندما قادها أندريس خلال ممرات معقدة .
كانت تعلم بإنه لا بد وأحس بتوترها ، لكنها استطاعت ، بشكل ما ، السيطرة على مشاعرها حتى أصبحا داخل غرفة أنيقة فسيحة فأغلق الباب خلفهما بعزم .

لكن مزاجها لا يسمح لها الآن بالإعجاب بما يحيط بها من أناقة وجمال . واستدارت لتواجه أندريس بحزم:
" هذا ليس جزء من الاتفاقية ".

فأجابها بغضب :
" الاتفاقية تقول بأن عليك تنفيذ دور خطيبتي ، وهذا يتضمن كل ما يجب فعله ليصدقوا التمثيل ".

فاحتجت ساسكيا بعنف :
" لن أنام هنا معك . إنا لا .. إنا لم .. ".

ولم تستطع النظر إلى السرير الضخم المزدوج لإن الذعر تملكها مبددا كل تعقل فيها .
لقد عانت الكثير ، وهي الآن متعبة وقد أرهقها الحر وهي خائفة جدا جدا ، وأحست بأن مشاعرها تكاد تدمرها .

أشاحت بوجهها بسرعة عندما سمعته يقول بواقعية :
" سأذهب لأستحم ، وإذا شئت نصيحتي افعلي مثلي ، فإذا شعرنا ،
نحن الاثنين ، بأننا أصبحنا أهدأ وأكثر اتزانا ، يمكننا حينذاك مناقشة الوضع بهدوء ".

الاستحمام !
ومع أندريس !
وحدقت ساسكيا إليه ذاهلة غير مصدقة .
أتراه يعتقد بإنها سوف .. إنها قادرة على .. ؟

وقال لها مطمئنا بعد إن رأى ذهولها :
" يمكنك إن تستعملي الحمام أولا ".

أولا !
إذن فهو لم يكن يعني .. فشعرت بارتياح سرعان ما تبعته ثورة غضب جعلتها تنفجر قائلة :
" لا أريد استعمال الحمام على الإطلاق .
ما أريده هو إن أكون في بيتي ، بيتي إنا ، في غرفتي وفي حمامي ، ما أريده هو التحرر من .. من هذه المهزلة السخيفة .. ما أريده .. ".

واضطرت إلى السكوت عندما كادت مشاعرها تدمرها .. لكنها لم تستطع إلا معاودة الانفجار بسيل من الكلمات الغاضبة :
" كيف جعلت أمك وأختك تظنان إنني .. إننا .. ؟".

وهزت رأسها ، عاجزة عن التعبير بالكلمات المناسبة عما تريد قوله .
لكن أندريس لم تراوده هذه الشكوك فأكمل لها كلامها :
" إننا عشيقان ؟
وماذا عليهما إن يظنا غير ذلك ؟
إنني رجل ، يا ساسكيا ، ويفترض إننا خطيبان .
وإذا كنا كذلك حقا ، أتظنينني كنت أصبر عليك لحظة ..".

فقاطعته بتهكم :
" أتريد تذوق البضاعة قبل شرائها ؟
طبعا ، رجل مثلك يفعل ذلك لكي يتأكد ..".

وأجفلت وهي ترى كيف كان ينظر إليها ، والغضب المر في عينيه ، ثم أجابها بحدة :
" هذا النوع من التعليقات نموذجي من امرأة مثلك تؤجل كل شيء ريثما يتم الاتفاق على المال .
حسنا ، دعيني أخبرك ...".

لكن ساسكيا لم تدعه ينهي كلامه ، راغبة في الدفاع عن نفسها :
" أنت الذي قلت..".

فقاطعها :" ما قلته ، عندما قاطعتني ، هو إنني لو كنت أحبك حقا ، لما استطعت حرمان نفسي ،
أو حرمانك ، من بهجة إبراز ذلك الحب بأكثر الطرق الجسدية تقاربا ...
ما كانت هناك طريقة تجعلني أتحمل ابتعادك عن نظري أو ذراعي ، وخصوصا فترة الليل بطوله !".

راحت ساسكيا ترتجف عندما أصابت كلماته وترا حساسا في داخلها .. وترا أثار الشوق في صميم أنوثتها مما جعلها على حافة البكاء دون إن تدري . وسرى الذعر في كيانها فبدد كل ذرة تعقل فيها ، وشعرت بقلبها يخفق بحدة ولهفة .

فتحت فمها لتخبر أندريس بإنها غيرت رأيها ، و إنها تريد الذهاب إلى بيتها ، و إنها غير مستعدة للبقاء هنا أكثر من ذلك ، مهما حاول ابتزازها لكن ذعرها لم يكن ناشئاً من خوفها منه فقط .. إنما ، الآن كانت نفسها هي التي تخافها ، فالمشاعر التي بدأت تحس بها و الأفكار التي أخذت تتملكها أخافتها . لم تستطع إن تدع نفسها تنجذب إليه ، فهو ليس من النوع الذي تحبه من الرجال على الإطلاق . لقد أبغضتها الطريقة التي عاملها بها ،و كيف إنه أساء الحكم عليها . لكنها لم تستطع التخلص من المشاعر الشوق التي شعرت بها نحوه عندما تحدث عن رغبته في المرأة التي يحبها .

- لا أستطيع .

و سكتت عندما رفع أندريس يده محذراً ليسكتها فسمعا طرقاً على الباب .

أنتظرت ساسكيا ، وقد جف حلقها ، بينما ذهب أندريس ليفتح الباب .
عندئذ أدخل السائق حقائبها . لم يكن سائق اللاندروفر .ز و إنما رجل آخر أصغر جثة .

راح أندريس يتحدث باليونانية و يبتسم له بحرارة ، ثم ضحك متفكهاً بينما الرجل العجوز ينظر إلى ساسكيا ، ثم يربت على كتفه بابتسامة عريضة .
و عندما رحل الرجل سألت ساسكيا أندريس :
" ماالذي كنتما تتحدثان عنه ؟ "

- كان " ستا فروس" يقول إن الوقت قد حان لكي أتزوج .
إنه لا يجدر بي تضييع الوقت لكي أنجب صبياً .

شعرت بوجهها يحمر إلى جذور شعرها ، و راحت تنظر إلى كل مكان ما عدا السرير الواسع القائم في وسط الغرفة .
رغم مكيف الهواء في الغرفة ، شعرت بالاختناق ، وعدم القدرة على التنفس ..
و إنها وقعت في الشرك و تتلهف للفرار .
فقال أندريس بلهجة عملية مقاطعاً أفكارها و هو يشيح عنها :
" أنا داخل إلى الحمام "

عندما توارى ، نظرت ساسكيا إلى الباب الذي يؤدي إلى الممر ، و تمنت لو إن لديها الشجاعة لكي تخرج و تطلب إعادتها بالطائرة على الفور إلى مدينة أثينا ، لكنها إن فعلت ذلك ستفقد وظيفتها حتماً .. سيفعل أندريس هذا بالتأكيد .

حاولت بشدة تركيز أفكارها على شيء آخر ، غير وضعها المخيف هذا .ز كرهت ما يفعله أندريس بها رغماً عنها . كما كرهته هو نفسه .. و لكن .ز هل هذا صحيح ؟
و لم تستطع الإجابة على سؤالها بصدق ، فأخذت تتفحص المنظر القائم خلف البابين الواسعين اللذين يؤديان إلى فناء مسور يحيط بحوض سباحة مغر ملحق به بحيرة مياه معدنية فوارة .

كانت واحات صغيرة من النباتات الخضراء قد شقت طريقها عبر البلاط لتحد من قسوة الشمس الساطعة بينما كانت المظلات كبيرة تخفف من تلك الأشعة و تسمح بالاستمتاع بها .بدا المشهد بأجمعه و كأنه مأخوذ عن كتيب يصف إجازة جميلة استثنائية ، إجازة من ذلك النوع الذي لا تستطيع ساسكيا النظر إليه إلا بحسرة ، لإنه بعيد جداً عن متناولها ، إنما حالياًً ، المكان الوحيد الذي كانت تريده ، هو بيتها الآمن .

لا يمكن لأندريس حقاً إن يتوقع منها مشاركته الغرفة ، فكيف بالسرير . لا يمكنها إن تفعل هذا . لا تريد .. إنها .
- الحمام خال .

و جمدت في مكانها ، كانت مستغرقة في أفكارها بحيث لم تدرك إن أندريس بات معها في الغرفة .. واقفاً خلفها مباشرة تفوح منه رائحة النظافة . ثم قال لها :
" سأذهب و أحضر إليك طعاما خفيفاً ، فالعشاء لن يجهز قبل عدة ساعات،و إذا شئت نصيحتي ، حاولي إن ترتاحي قليلاً ، فاليونانيون يتأخرون في تناول الطعام و كذلك في الذهاب إلى النوم ".

فأنفجرت قائلة بخوف :
"لكنني ظننت إننا سنحصل على غرفتين منفصلتين ، ما كنت لأقبل بالمجيء إلى هنا قط لو إنني علمت بأنني ..".

ثم شعرت به يقترب منها و يحاول لمسها ، فصاحت مستنكرة
" لا ! إياك إن تجرؤ على لمسي ".

لقد أحست بإنها لا تستطيع إحتمال لمساته .

و بغضب بالغ ، اندفعت ساسكيا نحو الباب ، لكن أندريس استطاع إن يسبقها إليه ساداً عليها الطريق حيث أمسك بها و إنغرزت أصابعه في لحمها الطري ، و قال بشدة :
" ماذا تظنين نفسك تفعلين ،بحق الجحيم ؟
ما الذي تدعين إنك تخافين منه بالضبط ؟
هذا ، امرأة مثلك ؟.."

و شهقت ساسكيا و ارتجفت من رأسها إلى أخمص قدميها عندما التفت ذراعه حولها و أطبق عليها يعانقها .
عانقها بشدة و بشعور محموم غاضب مما جعلها تشعر بالضعف .
و أخذ الدم يهدر في رأسها قد أدركت عدم قدرتها على التصرف إزاء خبرته العنيفة المتغطرسة هذه .

- كفى تمثيلاً لدور البريئة الساذجة .

سمعته ساسكيا يتمتم بذلك ، و هو يشدها إلى جسده أثناء استناده إلى الباب خلفه جاراً إياها معه ، و يده الأخرى تلف كتفيها ، و شهقت ساسكيا و قد سرى الدم حاراً في جسمها ،

و رغم غضبها شهرت بفضول إنثوي جعلها دون إدراك منها تبادله العناق إنما بخجل و تردد .

dialaa
21-05-2007, 17:01
-

أندريس ، هل أنت بالداخل ؟
إنا أثينا .. أريد إن أتحدث إليك .

جمدت ساسكيا و هي تسمع صوت أثينا من خلف الباب .

لكن أندريس لم يظهر عليه أي دليل على الإضطراب أو الإرتباك . إنما فتح الباب و ما زال ممسكاً بساسكيا يضمها إليه بقبضة لم تستطع الفكاك منها ، و قال لأثينا بخشونة :
" ليس الآن يا أثينا . إنا و ساسكيا مشغولان كما ترين :.
فقالت بحدة و غضب و هي ترمق ساسكيا بنظرة حاقدة :
" هل هي معك ؟ لماذا هي ليست في غرفتها ؟ "
فأجاب ببرودة :
" إنها في غرفتها فعلاً . غرفتي هي غرفة ساسكيا و سريري .. سريرها .. ".

فقالت أثينا بصوت خافت :
" لن يسمح لك جدك قط بالزواج بها "
لكن أندريس أغلق الباب متجاهلاً إلحاحها .

أما ساسكيا فقالت بلطف :
" دعني ، يا أندريس ".

و كانت عاجزة عن احتمال النظر إليه ، أو التفكير في استجابتها له ، و مبادلته العناق .

و نظر إليها أندريس هازئاً :
" حسناً يا ساسكيا ، هذا يكفي ، أنا أعرف إنني أردت منك تمثيل دور الخطيبة المخلصة ، و لكن هذا لا يعني الإدعاء بأنك بريئة لم تعرف قط .. "
و سكت فجأة مقطباً جبينه ، مفكراً في هذه الشكوك غير المرغوب فيها التي خطرت بباله و هو يرى وجهها الشاحب و عينيها المضطربتين حتى عندما تركها ، بقيت ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها مما جعله يقسم ، في تلك اللحظة ، على إنه عندما أخذها بين ذراعيه و عانقها . كان أول رجل يجعلها تشعر بهذا الشكل .

بقي لحظة يتأمل ما كان يفكر فيه و يشير به ، ثم ما لبث إن نبذ شكوكه هذه بحزم.
يستحيل إن تكون ساسكيا عديمة الخبرة ، لا يمكن ذلك أبداً .
كان يونانيا بما فيه الكفاية لكي يعتبر إن نعمة الطهارة هي إحدى أكبر النعم التي يمكن لإمرأة تقديمها إلى من تحب .
لكن تراثه الثقافي من والده الإنكليزي و دراسته جعلاه يسخر من أو حتى يرثي لهذه المفاهيم المهجورة . بصفته رجلاً ناضجاً ، يتقبل و يحترم حق المرأة في اختيار تصرفاتها بمشاعرها .

لكنه يعلم أيضاً إنه ، بصفته حبيباً أو زوجاً ، لديه نزعة إلى التملك تحتوي على حنين عميق و رغبة محمومة في إن يكون شريك حبيبته الوحيد ، و شوق في نفسه إلى تعليمها ما هو معنى الحب . و حالياً رأى في ردة فعل ساسكيا ما يلهب مشاعره التي كان يجاهد للسيطرة عليها .. مشاعر هي رغبة بدائية لرجل يوناني !

و قطعت ساسكيا أفكاره مكررة و هي عاجزة عن الحركة :
" إنا لن أنام في هذه الغرفة معك ,أنا .."

و راح أندريس يفكر متجهماً :
إذا كانت ساسكيا تمثل ، فهي تستحق الأوسكار .
و لكن آخر ما كان بحاجة إليه هو خطيبة يبدو عليها الرعب لكونها معه ، عليه تهدئة روعها ، وتهدئة أعصاب كل منهما .

فقال بهدوء :
" تعالي معي ".
أمسك يدها وقادها إلى أحد الأبواب المؤدية إلى خارج الغرفة.

عندما فتحه ، رأت ساسكيا الغرفة التي خلفه مؤثثة بأحدث الأجهزة التقنية . ثم سألها :
" هل تشعرين بتحسن إذا قلت لك إنني أنوي النوم هناك ؟".

فهمست و هي ترتجف :
" هناك .. و لكنه مكتب ، لا يحتوي على سرير ".

- يمكنني إحضار إحدى الكراسي الكبيرة من قرب حوض السباحة و النوم عليه .

- أتعني ..
و كانت حذرة . كارهة تصديقه أو الوثوق به . و أومأ برأسه متجهما ، متسائلاً عما يجعله يسمح لضميره بإرغامه على مثل هذا الوضع السخيف .
كان يعلم إنها لا يمكن أبداً إن تكون تلك الساذجة الخائفة البريئة التي تتظاهر بإنها عليه .

و قالت ساسكيا بتردد :
" و لكن لابد إن يلاحظ أحد إذا أنت أحضرت الكرسي تلك ".

فأجاب :
" غرفتي فقط لها باب يفتح على منطقة البحيرة هذه . إنه موقعي الخاص .
أما البحيرة العامة التي يستعملها الجميع فهي تقوم في الناحية الأخرى من الفيلا ".

بحيرته الخاصة ؟
و جاهدت كيلا يؤثر عليها ذلك . و لكن يبدو إنها لم تبذل جهداً كافياً ، و نظر أندريس إليها بفارغ الصبر :
" إنا لا أحاول التباهي بذلك ، يا ساسكيا . فإنا أكره هذا النوع من التباهي المنافي للرجولة .
قد يكون أبي مليونيراً لكنني لست كذلك ".

لم يكن هذا صحيحاً تماماً لكن شيئاً في عيني ساسكيا جعله يريد إقناعها بإنه ليس من الشبان العابثين العاطلين عن العمل ،و لا عمل له سوى الجلوس بجانب بركة السباحة طوال النهار .

ثم أضاف أندريس بلطف :
" كل ما في الأمر إنني أحب السباحة في الصباح الباكر ، عندما أكون هنا في الفيلا .
و قد كانت شقيقتاي تتذمران من إنني أوقظهما من النوم باكراً ، و لهذا أشأت هذه البركة لاستعمالي الخاص ، فالسباحة تساعد ذهني على الصفاء بقدر ما تسمح لي بالتمرين الجسدي "

كانت ساسكيا تتفهم كلامه ، فهي تشعر بالشيء نفسه بالنسبة إلى المشي ، حيث كانت تخرج للتمشي كلما تملكها القلق ، أو واجهتها مشكلة بحاجة إلى حل .

أخذ ينظر إليها و هو يتساءل عابساً ، عما يجعله يتحمل كل هذا الانزعاج في سبيل تهدئتها و طمأنتها ، و راح يفكر في ذلك الخفقان القلق الذي شعر به عندما ضمها إليه ، بإنه حتماً زائف لا سبيل إلى الظن بغير ذلك ، تماماً كتلك العينين الكبيرتين المتسعتين اللتين تراقبانه بحذر .

عضت ساسكيا شفتيها و هي تحول نظراتها عنه . و بات واضحاً إن أندريس يعني ما يقول حقاً بالنسبة إلى نومه في المكتب ، إنما حالياً لم يكن ترتيب أمر النوم في طليعة اهتماماتها بقدر ما هو اهتمامها بما كان يحدث أثناء يقظتها .. أضف إنها كانت تفكر بما شعرت به و هو يعانقها ...

هل يعقل إن تكون في أعماقها ، قد أرادته إن يضمها ؟
إذ من المستحيل حدوث ذلك من دون وعي منها ، و لكن ما هو تفسير الطريقة التي تجاوبت بها معه ؟
و ألح عليها ضميرها بالجواب ، إلا إنها سمعت أندريس يقول بجفاء :
" حسناً ، و الآن بعد إن حللنا هذه المشكلة ، لدي بعض الأعمال علي القيام بها . لم لا تأكلين شيئاً ثم ترتاحين ؟" .

فقالت :
" علي إنا أخرج أمتعتي من الحقائب ".

- إحدى الخادمات ستفعل ذلك أثناء راحتك .

و عندما رأى تعابير وجهها ، قال بلطف :
" إنهم مستخدمون عندنا يا ساسكيا .
يعملون لتحصيل معيشتهم تماماً كما نعمل ، أنت و إنا لتحصيل معيشتنا ".

ثم تركها و خرج
********

dialaa
21-05-2007, 17:02
أه آسفة لم أوقظك ، أليس كذلك؟
لكن وقت العشاء سيحين قريباً ففكرت إنك قد تريدين الاستعداد لذلك .

عندما استيقظت ساسكيا تماماً و جاهدت لكي تجلس في الفراش ، رأت إن زائرتها غير المتوقعة هي أوليمبيا .
الإبتسامة التي بدت على وجه أوليمبيا جعلت ساسكيا تشعر بالحرارة تجاهها ، ثم أضافت اوليمبيا :
" في العادة نرتدي ملابسنا هنا في الطابق السفلي و ليس في الأعلى .
لكن أثينا ستجاهد لتبدو مميزة "

فسألت ساسكيا بلهفة :
" أين ..؟"
لكنها لم تكمل سؤالها ، إذ أكملت أوليمبيا عنها .
-أين أندريس ؟ لقد اتصل جدي هاتفيا طالبا الحديث مع أمي ثم أراد التكلم مع أندريس ، وربما ما زالا يتحدثان . وعلي تنبيهك إلى إن أندريس ليس في مزاج جيد .

وعندما رأت أوليمبيا الاهتمام في عيني ساسكيا ، أسرعت تطمئنها :
" آه ، هذا ليس بسببك بل بسبب أثينا . لقد أحضرت محاسبها معها و أندريس غاضب للغاية، فهو لا يطيقه ، ولا نحن ، لكن أثينا أكدت إن جدي دعا "أريستوتل" شخصيا".

عندما توجهت أوليمبيا لتنير الغرفة ، أنزلت ساسكيا قدميها إلى الأرض ، قفد نامت بكامل ملابسها مما جعلها تشعر الآن بالقذارة و عدم النظافة ، ثم فكرت إن جلوسها إلى مائدة العشاء مع أندريس و أثينا لم يكن شيئاً تنتظره بشوق و لكن أولمبيا على حق في شيء واحد و هو إنه عليها هي أيضاً إن تبدو مميزة ،و لا شك إن أندريس بتوقع هذا منها . إذ ليس لديها عذر في عدم القيام بذلك و حقيبتها ملأى بالملابس الجدية التي اشتراها لها أندريس ،
فقالت أوليمبيا :
-ماريا أفرغت حقائبك . و قد ساعدتها إنا لقد أعجبني ذلك الثوب الأسود الذي أحضرته معك ، ملابسك رائعة . بقي أندريس يتردد إلى هنا محذراً بعدم إحداث ضجة كيلا تستيقظي . إنه يهتم كثيراً لأمرك .

ثم رمقت ساسكيا و قالت بهدوء و دفء:
" إنا و أمي مسرورتان جدا لإنه تعرف إليك . نحبه طبعاً ، لكننا أبتدأنا نخاف من إستسلامه لأثينا لأجل جدي .. و نحن نعلم إنه لن يستطيع إن يحبها أبداً ،أظنه أخبرك بما فعلته به عندما كان صغيراً ".

و دون إن تنتظر أوليمبيا جواب ساسكيا، تابعت متدفقة في الكلام :
" لا يفترض بي معرفة ذلك بالحقيقة لكن أختي ليديا أخبرتني و أقسمت علي كتم السر .
و لكن طبعاً لابأس من التحدث معك عن ذلك لإن أندريس لابد حدثك عنه . كان حين ذاك ما زال غلاماً في الخامسة عشرة ، وكانت أثينا أكبر منه بكثير و على وشك الزواج .

إنا أعرف إن فرق السن ذاك لا أهمية له بين شخصين راشدين ، لكن أندريس لم يكن راشداً بعد . كان في المدرسة .. فجاءت إليه .. أظن إن أندريس كان رائعاً في شجاعته و أخلاقه لإنه رفض التجاوب معها ..
ثم أتعلمين أيضاً ؟
رغم إدعاء أثينا إنها تحبه ، أظنها تريد معاقبته لرفضه لها .. حسناً ..
هل فهمت ما أعني ؟" .

و راحت ساسكيا تفكر كيف حاولت أثينا إن تغوي أندريس عندما كانت مجرد تلميذ في المدرسة !
و جاهدت بشدة لكبح ما أثارته هذه الوقائع من صدمة و اشمئزاز في نفسها .

صحيح إن السنوات السبع التي تفرقهما ليست بالكثيرة ، و هو ليس كبيراً إلا إنه بالنسبة إلى إمرأة في العشرينات تحاول إغواء غلام في الخامسة عشرة .. فذلك فساد دون شك ..
و سرت في جسمها قشعريرة باردة .

هل يعقل إن تدع امرأة كأثينا مجرد خطيبة زائفة ، تقف بينها و بين الرجل الذي تريد ؟

من الواضح إن أثينا متلهفة للحصول على أندريس ، و إن كانت دوافعها مغلفة بالأسرار .

كان أندريس من الرجولة بحيث يصعب تصوره في وضع الفريسة و ليس الصياد . و في رأي ساسكيا إذا كان هناك رجل يتميز بالحيوية الفائقة و الشموخ و الكبرياء ، فهو أندريس ...
إلا إنها رأت في شخصية أثينا ، شيئاً مخالفاً منفراً مثل برودة المشاعر و الجشع و التسلط ، مما جعل من الصعب على ساسكيا الإطمئنان إليها أو حتى التفكير فيها بصفتها من بنات جنسها .

dialaa
21-05-2007, 17:03
كان تصميمها على الزواج من أندريس هائلاً بحيث يرسل قشعريرة في الجسد .

قاطعت أوليمبيا أفكار ساسكيا و قالت بأسف و تأثر :
" طبعاً لولا صحت جدي لما كانت هناك مشكلة، كلنا يعلم هذا . إن جدي يحب الظن بأن أندريس، يعتمد عليه مالياً ، و لكن .. "

و سكتت و هي تهز رأسها ، ثم قالت :
" سترتدين الثوب الأسود، أليس كذلك ؟
إنا متلهفة لرؤيته عليك ، إنه يناسب لون بشرتك تماماً ، بينما لون بشرتي يبدو باهتاً إزاء الأسود .. "

و سمعتا خطوات رجل في الممر أمام باب غرفة النوم ، فقالت أوليمبيا :" إنه أندريس، و هو سيسلخ جلدي إذا ظن إنني أزعجك “

أجفلت ساسكيا عندما دخل أندريس الغرفة و أخذت تنظر إليه و هو ينقل نظراته من السرير إلى حيث كانت تقف أوليمبيا في الزاوية و قال بغضب :" أوليمبيا ، لقد قلت لك ..."

فتدخلت ساسكيا لحمايتها :
" كنت مستيقظة حين جاءت "

لقد أحبت ساسكيا أخت أندريس ، و لو كانت هي تحبه حقاً ، و تريد إن تتزوجه ، لوجدت في هذه الفتاه الدافئة العواطف صديقة وفية .
ألقت أوليمبيا بنفسها على أندريس ضاحكة و هي تحيطه بذراعيها و تخبره بإنتصار .

- أترى !
أنت مخطيء ، يا أخي الأكبر ، و عليك إن لا تكون حازماً متسلطاًً معي بهذا الشكل و إلا رفضت ساسكيا الزواج بك و الآن بعد إن تعرفت إليها ، صممت على إن تكون أختي و زوجة أخي .
كنا نتحدث عما سترتديه للعشاء .
ثم حذرتها من أثينا ستلبس ثوباً غير عادي لكي تتفوق عليها .

فقال بجفاء :
" إذا لم تذهبي إلى غرفتك لكي نستعد جميعاً ستكون أثينا أفضلنا أناقة ".

قبلت أوليمبيا جبينه ثم أسرعت إلى الباب حيث وقفت و هي تنظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شيطانية :
" لا تنسي إن تلبسي الأسود ! "

بعد إن أغلقت الباب خلفها ، قال أندريس لساسكيا :
" آسف لقد سبق و حذرتها من إزعاجك "

إذن لم ينخدع أندريس بكذبتها البيضاء ، فقالت ساسكيا الحقيقة هذه المرة :
" لا يهمني ذلك ، فإنا أحبها " .

فقال أندريس بشيء من السخط :
" ظرف أوليمبيا شيء تميل أحيانا ً إلى استغلاله ، و لكونها طفلة الأسرة ،
فهي سيدتها في الحصول على ما تريد " .

ثم نظر إلى ساعته قائلاً :
" لديك نصف ساعة تستعدين فيها ".

أخذت ساسكيا نفساً عميقاً مهدئاً فما كاشفته بها أوليمبيا أثار فيها شعوراً عميقا من العطف نحو الآخرين .

كان ذلك جزءً من طبيعتها ، إلا إن شيئاً اشتعل في أعماقها محدثاً فيها تغييراً كبيراً و دون إن تعلم كيف حدث هذا ، تحول أندريس في نظرها من طاغية يثير اشمئزازها و خوفها ،
إلى إنسان آخر يستحق منها البطولة و العون لقد أصبح الآن لديها دور هي مصممة على القيام به باذلة كل ما لديها من طاقة و إمكانية لتحقيقه .

أجابته بلهجة أرباب الأعمال :

" نصف ساعة ، في هذه الحالة أود إستعمال الحمام أولاً ".
==============

dialaa
21-05-2007, 17:05
الفصل الثامن:

حب بمليون جنيه

-والآن يا ساسكيا،كيف تظنين أنك ستتكيفين نفسك كزوجة يونانية،إذا تزوجتما أنتي و أندريس؟

سمعت ساسكيا شهقة سخط من أولمبيا للطريقة التي طرحت بها أثينا سؤالها،لكنها رفضت السماح
لنفسها بأن ترهبها هذة المرأة ،فمنذ أتخذ الجميع أماكنهم حول مائدة العشاء،أدركت ساسكيا أن أثينا مصممة على إثارة أعصابها قدر الإمكان،
وعلى كل حال،قبل أن تقول شيئاً،كان أندريس يجيب على السؤال بدلاً منها،بلهجة حاقدة
"ليس هناك كلمة"إذا"بالنسبة إلى زواجنا،يا أثينا.ساسكيا(سوف)تصبح زوجتي".

وجاء الآن دور ساسكيا لتخنق شهقة الصدمة التي شعرت بها،لكنها لم تستطع السيطرة على دافع غريزي للنظر إلى أندريس .ماالذي سيفعله إذا كان عليه في النهاية الإعتراف لأثينا بأن خطبتهما قد فُسخت؟
ثم فكرت بأن هذة مشكلته وليست مشكلتها.

لكن شعوراً غريباً ينتابها ،وهي مقتنعة به،وحين خرج أندريس من مكتبه الملحق بغرفة(نومهما)هذا المساء.توقف أمامها تماماً ، قائلاً بهدؤ
"أشك في أن أي رجل يراك الآن قد يفعل أي شيء عدا تمنيه أن تكوني له،يا ساسكيا"

لم يحدث أن ساورتها الرغبة قط في العمل على المسرح ..كان هذا بعيداً عن أمانيها..ومع ذلك
منذ تلك اللحظة شعرت وكأنها قد أنتقلت إلى شخصية جديدة . لقد أصبحت فجأة خطيبة أندريس ومثل أي امرأة عاشقة ،لم تكن فخورة بأن تكون مع حبيبها وحسب.بل تملكها شعور الأنثى بجانب حاميها ، وأصبح القلق في عينيها لأجله وبسببه .وراحت ساسكيا تفكر بما سيشعر أندريس عندما تعيّره أثينا ساخرة بالكلام الذي قاله لتوه حين تنفسخ خطوبتهما؟

ماالذي شعر به عندما أدرك لأول مرة ،وهو غلام ،غاية أثينا منه؟

-الزوجات .أنا أعشق الزوجات
قال أريستوتل هذا ضاحكاً بخلاعة وهو يميل نحو ساسكيا بشكل تمكن معه من وضع يده على ذراعها
أشاحت ساسكيا بوجهها عنه على الفور، فقد كانت تشارك أوليمبيا رأيها في محاسب أثينا . رغم أنه كان طويل القامة،جعله جذعه الثقيل يبدو قصيراً.أما شعره الأسود الكثيف فكان مخضباً بالزيت ، والبذلة البيضاء التي يرتديها فوق قميص أسود ،لم تكن في نظر ساسكيا على الأقل تحسن من شكله، بينما بدا أندريس هادئاً جذاباً مرتاحاً في بنطلون أنيق وقميص قطني أبيض .

إذا كانت بينها وبين نفسها،ظنت أن ثوبها الأسود قد يكون مميزاً نوعا ما،فسرعان ما أدركت صواب رأي أوليمبيا في أقتراحها ارتداء هذا الثوب عندما رأت ثوب أثينا.

ذلك أن ثوبها الأبيض المحكم على جسدها لم يترك للمخيلة شيء.وكانت ساسكيا سمعت أثينا تقول لأندريس معجبة بنفسها:
-لقد صُمم هذا الثوب خصيصاً لأجلي ..بالمناسبة..أرجو أن تكون قد نبهت خطيبتك أنني أحب أن أشاركك السباحة في الصباح .."

لم تستطع ساسكيا منع نفسها من إلقاء نظرة قصيرة مذهولة على أندريس فسّرتها أثينا لحسن الحظ بالغيرة لفكرة أن امرأة أخرى تسبح مع خطيبها.

وبينما كانت ساسكيا تهضم ما سمعته ، سمعت أندريس يجيب أثينا بحدة
"يمكنني تذكر فقط مناسبة واحدة حاولت أنت فيها مشاركتي السباحة الصباحية، يا أثينا،وأتذكر أيضاً أنني أخبرتك بمدى إنزعاجي لأنك أفسدت فترة صباحي الهادئة"

فقالت أثينا دون شعور بالحرج
"آه ،هل خفت من أنني قلت شيئاً لا تريد خطيبتك سماعه؟
ولكن من المؤكد ياأندريس"

ثم تمتمت بصوت أجش وهي تمد يدها لتضعها على ذراعه
"على خطيبتك أن تدرك أن رجلاً جذاباً ومفعماً بالحيوية مثلك..لابد كانت له عشيقات أخريات قبلها.."

كادت أنفاس ساسكيا تتوقف لشدة وقاحة أثينا ،وراحت تتصور ما سيكون عليه شعورها لو أن أندريس كان حقاً خطيبها. وكم كانت كلمات أثينا ستشعرها بالغيرة وعدم الأمان ،إذا ما من امرأة تريد أن يذكرها أحد بالنساء الأخريات اللاتي شاركن حبيبها عواطفه قبلها.

لكن أندريس ،كما يبدو، لم يكن منزعجاً إطلاقاً مما تكشفه أثينا، فقد أزاح ،ببساطة يدها عن ذراعه وذلك بالرجوع إلى الخلف ووضع ذراعه حول كتفي ساسكيا، وضمها إليه إلى حد أدركت ساسكيا معه أنه لابد أحس برجفتها التي لم تستطع منعها،الرجفة التي ازدادت حتى أصبحت تشجناً حين أخذت أصابعه تلامس دون وعي كتفها..قائلاً:
"ساسكيا تعلم أنها المرأة الوحيدة التي أحببت في حياتي ،المرأة التي أريد أن أمضي بقية حياتي معها"

كلما أزدادت ساسكيا إصغاء ومراقبة لأثينا،أزدادت موافقتها على رأي أوليمبيا أن الحب ليس ما يحرك أثينا،فقد كانت تنظر إلى أندريس أحياناً وكأنها تكرهه وتريد تدميره كلياً.

كان أريستوتل لا يزال يحاول جذب انتباه ساسكيا،لكنها تعمدت التظاهر بعدم الإنتباه،لقد أثار إزعاجها لدرجة أن اللمسة الواحدة منه جعلتها ترتعش اشمئزازا،وعلى كل حال،كان التهذيب يدفعها إلى الإجابة على أسئلته قدر إمكانها،رغم أن أسئلته متطفلة لا تطاق.وشعرت بالضيق حين قال ،أنه لو كان محاسباً عند أندريس لأصّر عليها توقيع اتفاقية قبل الزواج تتعهد فيها بأنه إذا انتهى الزواج ،فإن أموال أندريس ستكون في أمان.

وتملكتها الدهشة عندما أنخرط أندريس في هذا الحديث قائلاً لأريستوتل متجهماً إنه ما كان ليطلب من المرأة التي يحبها التوقيع على اتفاقية كهذه.

ثم أضاف أندريس بحزم وصوت عميق وإخلاص واضح
"المال تافه مقارنة بالحب"

فحبست ساسكيا أنفاسها قليلاً وهي تسمع كلام أندريس وهو ينظر إليها،فتذكرت فوراً ظروف"تعارفهما"ورأيه الحقيقي فيها وإذا بها فجأة تشعر بمرارة اليأس البالغ في فمها وتمنت لو تخبره بحكمه الخاطئ وبالحقيقة التي يتمناها.

كان يريحها على الأقل أن أمه وشقيقته تحبانها.أضف أن أوليمبيا أكدت لها أيضاً أن أختها الكبرى ليديا مسرورة مثلهما لحب أندريس لها وهي تتطلع بشوق إلى التعرف بها عندما تعود في أواخر الشهر من بروكسل حيث تقيم مع زوجها وأولادها.

وشعرت ساسكيا بأنه لو لم تحبها أسرة أندريس ،لكانت كرهت ذلك حقاً.

وفجأة أحست ساسكيا بأن وجهها ابتدأ يحترق.ماالذي تفكر فيه؟
أنها هنا لتمثل دور خطيبة أندريس ،فخطبتهما زائفة..تمثيلية..

كذبة أرغمها أندريس بابتزازه لها على مشاركته فيها لتساعده على التخلص من الشرك الذي تريد أثينا إيقاعه فيه.


أفصح أريستوتل لساسكيا عن رغبته في مرافقتها بجولة حول حديقة الفيلا.فهزت ساسكيا رأسها بالرفض بحركة تلقائية وشعرت من جديد بوجهها يحترق وهي ترى مراقبة أندريس لها وفي عينيه مزيج من الغضب والتحذير،فمن المؤكد أنه غير جاد في ظنه بأنها ستقبل دعوة أريستوتل .ثم سمعته فجأة يقف ويقول
"لقد أمضت ساسكيا يوماً مجهداً،وأظن أن الوقت قد حان لنتمنى لكم ليلة سعيدة"

نظرت ساسكيا حول المائدة بسرعة.كان واضحاً من التعبير الذي ارتسم على وجوه الآخرين تفسيرهم لقرار أندريس هذا.وعرفت ساسكيا أن التوهج الذي بدا على وجهها وعنقها قد أثبت لهم ظنونهم.

وعندما استدار واقفاً خلف كرسيها ليساعدها على الوقوف أخذت بالاحتجاج
"أندريس..لا أريد."
فقالت أوليمبيا ضاحكة بصوت خافت
"لا فائدة من الكلام ،يا ساسكيا أن الواضح أن أخي العزيز (يريد)!آه،لا لزوم لعبوسك في وجهي يا أخي العزيز"

وضحكت أوليمبيا مرة أخرى قبل أن تضيف قائلة بمكر"وأنا أراهن على أنك لن تنزل للسباحة عند الفجر.."
-"أوليمبيا!

صرخت بها أمها وقد أحمرت وجنتاها،بينما ألقت أثينا على ساسكيا نظرة تنفث كراهية عندما وقفت هذة الأخيرة بسرعة ثم تجمدت حين وقف أريستوتل هو أيضاً قائلاً بإصرار و بوقاحة
"أريد المطالبة بامتيازات صديق الأسرة وذلك بتقبيل العنصر الجديد في الأسرة قبلة المساء"

وقبل أن تتمكن ساسكيا من تجنبه،أمسك بها،ولكن قبل أن ينفذ ما قاله،كان أندريس يقف بينهما وهو يقول متجهماً "خطيبتي لا تُقبل سوى رجل واحد"

****

وبعد أن عادا إلى الغرفة قال أندريس
"إذا كنتِ تقبلين نصيحتي ،أبتعدي عن أريستوتل ،فسمعته سيئة جداً مع النساء .لقد أتهمته زوجته السابقة باستعمال العنف معها و.."

فاستدارت ساسكيا إليه وهي تدخل الغرفة،والغضب بادٍ على وجهها وقالت بينما هو يغلق الباب"لا يمكنك أن تعني ما أظنك تعنيه"

كيف يتصور أنه يمكنها حتى التفكير بالاهتمام برجل مثل ذلك المحاسب؟
إنها إهانة لم تكن مستعدة للسكوت عنها.فقال وقد أسأ تفسير كلامها"لا يمكنني ؟
أنتِ هنا لسبب واحد فقط يا ساسكيا. أنتِ هنا لتمثيل دور خطيبتي ،
وبالرغم من أنني أقدر لك ذلك بصفتك المرأة التي عرفتها في الحانة ،أقدر كذلك الإغراء الذي يدفعك إلى زيادة دخلك قليلاً،والقيام بالعمل الذي تحسنينه أكثر من أي شيء آخر،
كما يبدو،ذلك الإغراء الذي لابد أنه قوي ، إلا أنني أحذرك الآن من أن الاستسلام له
.وإذا فعلت،في الواقع.."








بنات راح انزلها وورد

على كل حال حبيت اشكر لفلي سكاي على اتاحة الفرصة

ووردة قابين على جهودها

وموفقين حبايبي

وقرأة ممتعة حبايبي

dialaa
21-05-2007, 21:15
أجفلت ساسكيا عندما سمعت كلام أندريس القاسي:
"إذا..(فعلت)..ماذا؟"

إنها تفضل أن تموت على أن تدع كتلة حلزونية مثل أريستوتل تقترب منها،وصار غضبها عندما فكرت أنها في غرفة الطعام شعرت بالعطف نحو أندريس وأرادت حمايته حقاً،إنما الآن،الغضب والكبرياء يعصفان بكيانها ،فقذفته بمرارة بهذا الجواب:
"إذا شئت الحقيقة ،أنا أنظر إلى أريستوتل بنفس الاشمئزاز والتقزز اللذين أنظر بهما إليك"

فأمسك بها وقد تملكه غضب يماثل غضبها وصاح بها:
"كيف تجرؤين على التحدث عني كما تتحدثين عن ذلك الحشرة"

ثم أضاف وقد أحمرت عيناه بمشاعر عنيفة رأتها ساسكيا على وشك الخروج عن السيطرة :
"ذلك الرجل حيوان ..بل أسوأ من الحيوان..السنة الماضية نجا بجلده من الوقوف بالمحكمة بتهمة جنائية ولا أفهم كيف تطيقه أثينا ،وقد قلت لها ذلك"

فقالت ساسكيا بتهكم:
"ربما تريد أن تثير غيرتك"
كانت ملاحظة جريئة مليئة بالتبجح تمنت ساسكيا على الفور لو أنها لم تقلها حين رأت كيف تحول الاحمرار في عينيه إلى لهيب من الغضب العنيف..فصاح في وجهها مجدداً:"هل هي التي تفعل هذا؟
أم أنتِ؟لقد رأيت كيف كان ينظر إليك أثناء العشاء..ويلمسك..و.."

فأجابت باحتجاج وغضب:
"أنا لست مسئولة عن ذلك"
لكنها أحست أنه لم يتأثر بكلامها، وأن شيئاً آخر كان يشعل غضبه ويغذيه ..شيئاً خفياً عنها ولكنه خارج عن احتماله..
وتابع أندريس كلامه وهو يصر على أسنانه:"ربما من عدم الشهامة والتهذيب القول ،بالنسبة إلى أنك ترينني مقززاً ومثيراً للاشمئزاز ،أن ما رأيته في عينيك اليوم لم يكن التقزز والاشمئزاز.وما سمعته في صوتك ولمسته في جسدك لم يكن التقزز ،أليس كذلك؟"

وأخذت ساسكيا ترتجف وتقول كاذبة وبحدة:
"لا أدري..لا أتذكر.."
وأدركت ساسكيا بعد لحظات،أن ما قالته هو أسوأ ما يمكن قوله، لأن أندريس أنقض عليها على الفور هامساً بوحشية :
"لا تتذكرين؟ إذن ،ربما ساعدتك على أن تتذكري.."

بدأت بالاحتجاج،لكنها سرعان ما فقدت القدرة على النطق..ليس لأن أندريس رفض الإصغاء ،ولكن لأن شفتيها رفضتا التكلم.

ثم أحاطها بذراعيه يسجنها بينهما و يسألها:
"و الآن، متى بالضبط وجدتني مثيراً للاشمئزاز ، يا ساسكيا؟ أعندما فعلت هذا.."

ثم عانقها عناقاً أثار في كيانها مشاعر ساخنة لم تكن تريدها،فقاومته ولكن شيئاً فشيئاً بدأت مقاومتها تهن وتضعف ولم تر أخيراً إلا أنها تستجيب له وتبادله العناق.ويبدو أن أندريس لم يكتف بذلك، لأنه ، حتى هذا النصر لم يكن شافياً لغضبه.

فعاد وسألها بعد لحظات معنفاً:
"ماذا؟ أما زلت لا تجيبين..؟..هذا غريب"

ثم أضاف:
"أم أنه ما كان لي أن أستغرب؟
فأنت امرأة اعتادت منح نفسها لرجل، يعرف كيف يثير مشاعرها"

راحت ساسكيا تئن مستنكرة وغاضبة وهي تحاول أن تدير وجهها عن وجهه وتتملص منه وهي تكرر :
"لا....لا.."
فرد عليها بإصرار و حزم:
"بل هذا صحيح.نعم، اعترفي بذلك..يا ساسكيا..أنت تريدينني.."

تملكتها رجفة وذهول وهي ترى الحقيقة في جانب مما يقوله،فقد كانت تريده حقاً،ولكن ليس بهذا الشكل الذي يعنيه،بل كامرأة تريد الرجل الذي تحبه،كانت تريده حبيباً لها يريحها من ضغط مشاعرها،كيف بإمكانها أن تحبه؟ولكنها أحبته فعلاً.

وراحت ساسكيا تعترف لنفسها بيأس وقنوط بأنها وقعت في غرامه في اللحظة التي وقعت عيناها عليه، لكن حينها حدثت نفسها بأنه لا يمكنها أنشاء علاقة معه وفاء لصديقتها ظناً منها أنه مارك حبيب صديقتها،وأنه لا يجدر بها أن تشعر نحوه بتلك الأحاسيس، تماماً كما عليها الآن ردع نفسها عن هذة المشاعر..رغم أن السبب الآن مختلف جداً..فلم تعد ميغان الآن حاجزاً بينها وبين حب أندريس لأنه ليس مارك حبيب ميغان ..لكن الحاجز هو أندريس نفسه و رأيه فيها.و نظرت ساسكيا إلى أندريس بضعف قائلة:
"دعني..أندريس"
لكنه رفض قائلاً:
"ليس قبل أن تعترفي بأنني محق وأنك تريدينني.أم أنك تحاولين دفعي إلى أن (أثبت)لك ذلك"

أجفلت ساسكيا وهي تشعر بمزيج من الاختناق والخوف والإثارة يتفجر بداخلها.

ترددت وهي تحاول أن تجد الإجابة المناسبة ، والمعقولة التي يمكنها إعطاءها له،لكنها ما لبثت أنها أطالت الانتظار عندما قال ساخراً:
"أنا أريدك ياساسكيا، لكنك سبق وعلمتِ هذا.أليس كذلك؟
وكيف لامرأة مثلك ألا تعرف؟
يمكنك أن تشعري به،أليس كذلك؟"

وأمسك بيدها يضعها على قلبه فمالت عليه وهي تحس بالخفقان العنيف تحت يدها،وتمنت لو كان لديها القوة للإبتعاد عنه،لكنها أدركت أنها أضعف من أن تفعل ذلك..تأوهت بخفة عندما أخذت مشاعرها تعصف بكيانها، وكان قلب أندريس يخفق بعنف جعلها تشعر به في داخلها،فمنذ ذلك المساء ،عندما أخذ أندريس ،دون وعي يلامس كتفها..كما يلامس العاشق الحقيقي حبيبته.ارتعدت بمشاعر خرساء ،لكن ذلك كان لاشيء بالنسبة لما تشعر به الآن .فعندما أغمضت عينيها استطاعت أن تراه ،كما وصفته أثينا،متكبراً مزهواً وهو يشق المياه بجسده القوي.

كان كيانها كله قد انقلب رأساً على عقب استجابة لهذه المشاعر التي يحييها في قلبها.
-"أنتِ تريدينني..أنتِ بحاجة إليّ..

كانت تشعر به ينطق بهذه الكلمات ،فلم تستطع إنكارها ..كانت مشاعرها تتجاوب بشكل جديد عليها،لا تملك دفاعات ضده.

و فجأة أصبح كل شيء آخر منسياً.كل ما كانت بحاجة إليه..ما تريده..كل ما يمكن أن تطلبه على الإطلاق،كان هنا..بين يديه.

تأوهت و ارتجفت مرات أخرى وهو يضمها إلى صدره بشوق كاد يمنعها من التفكير أو التعقل، إلا أنه لم يكن هناك مكان للتعقل في عالم المشاعر الجديد هذا ومن ثم هزها صوته الأجش:
"يا ألهي..الآن فقط أستطيع أن أفهم لماذا كل الرجال الآخرون يتساقطون ضحايا حولك..فيك شيئاً ما..سحر..شيء"

وهنا،شعر بأنها أجفلت فجأة ودفعته عنها،فسألها بدهشة:"ماذا حدث لكي؟"

لم تستطع ساسكيا احتمال النظر إليه.
فبتلك الكلمات القليلة التي تتضمن الاحتقار لها.دمر كل شيء..طمس تماماً عالمها الجديد الرائع،و أعادها محطمة إلى عالمها القديم .

شعرت بالغثيان حتى الأعماق من سلوكها هذا وحماقتها، وهتفت ساسكيا مذعورة:
"لا...لا أريد هذا"
وسمعت الغضب في صوته وهو يتركها محذراً:
"بحق الجحيم..إذا؟...إذا كانت هذة لعبة منك.."

ثم عاد فسكت.وهو يهز رأسه متمتماً وغير مصدق:
"يا ألهي، لابد أنني جننت، على كل حال، حتى أنني أخذت أفكر في..أظن هذا ما تفعله سنوات العزوبية الطويلة في الرجل ،لم أظن قط أنني سأكون من الحمق والبلاهة إلى حد.."

وصمت برهة ثم قال مطمئناً أنما متجهماً،عندما رآها مسمرة في مكانها:"
أنتِ آمنة تماماً،فأنا لن ألمسك مرة أخرى ،لا يمكنني أن.."

و سكت وهز رأسه مرة أخرى،ثم قال باقتضاب:"لدي بعض الأعمال، سأنصرف"

****
عندما استيقظت ساسكيا،كانت الغرفة غارقة بالظلام .لم تعرف في البداية ما أيقظها..ثم عادت فسمعته، أنه صوت مياه حوض السباحة.فقد كان الباب المؤدي إليه مفتوحاً، فراحت تنظر من خلاله إلى الحوض، فرأت الضوء الخافت ينير المياه ومن يسبح فيها.

لقد كان أندريس يسبح..نظرت إلى ساعتها،فإذا هي الثالثة صباحاً و أندريس يسبح دون تعب ذهاباً و إياباً في البركة. انتصبت جالسة في سريرها لتراه بشكل أفضل بينما كان يسبح بسرعة إلى آخر البركة .وعندما استدار عادت ساسكيا فاستلقت على سريرها ،إذ لم تشأ أن يراها تراقبه.

وتحت ملاءات السرير ،راحت تفكر ساسكيا..هل يفترض به أن يسبح أثناء الليل؟
وهل ذلك آمن؟
ماذا لو..؟
وفي اللحظة نفسها تقريباً،تحققت تلك المخاوف عندما لم تعد أذناها تسمع صوت سباحة أندريس.أزاحت عنها أغطية السرير بسرعة و نظرت نحو البركة بقلق، فرأت المياه جامدة هادئة.

أين أندريس؟
وتشبثت بأغطية السرير وهي تراه يصعد الدرجات خارجاً من المياه..حاولت أن تحول نظراتها المتمردة عن وسامته وقوة جسده،ولكن دون فائدة،لقد رفضت نظرتها إطاعتها،

فقد كان لمنظره اللامع تحت الضوء الخافت تأثير الصدمة على قلبها.

dialaa
21-05-2007, 21:23
شهقت حين استدارت فجأة ،فبدا أندريس وكأنه ينظر إلى داخل الغرفة مباشرة .هل تمكن من رؤيتها؟
هل أدرك أنها كانت تراقبه؟
و استلقت جامدة تماماً، داعية الله ألا يكون قد رآها تفعل ذلك..فهي لن تحتمل سخريته إذا دخل عليها..
إذا كان..

استطاعت كبت شوقها إليه..فإذا جاء إليها الآن و أمسك بها..و عانقها كما تتمنى ،فهذا لن يكون حباً بل شهوة ، وتساءلت بجدية:
""هل هذا ما تريده حقاً"
و أجابت نفسها بعجز:
"كلا طبعاً.ليس هذا ما تريده ، فما تريده هو أن يحبها أندريس كما تحبه هي"

كان مشيحاً عنها الآن، والضوء يخطط تقاطيع جسمه الرائع .إنه رجل رائع ،وسيم وقوي.أقرت بذلك صامته،هامسة بكلمة حب رقيقة.وعندما استدارت عيناها إليه،رأته مرة أخرى ينظر ناحية غرفة النوم.
وحبست ساسكيا أنفاسها وهي تدعو.. وترجو..وتنتظر..إلا أن أندريس انحنى وتناول "الروب" فارتداه ثم سار مبتعداً عنها وتساءلت متعجبة:
"ترى إلى أين ذهب؟هل عاد إلى مكتبه؟"

و بقيت ساسكيا، بعد ذهاب أندريس وقتاً طويلاً، مستلقية على السرير،خائفة من الحراك،عاجزة عن النوم،وخائفة أكثر من التفكير ماذا يحدث لها؟
كيف يمكنها أن تحب رجلاً عاملها معاملة أندريس؟
هذا الذي أبتزها وهددها ورفض أن يدعها تدافع عن نفسها؟
هذا الرجل كوّن أحط فكرة عنها.ومع ذلك، مازال يحتضنها ويعانقها،كيف يمكنها؟
وأغمضت عيناها، لم تكن تعلم الجواب ،كل ما كانت تعرفه هو أن مشاعرها وقلبها و أعماقها تصرخ..كيف يمكنها ألا تحبه؟


****

-حمام شمس؟
لم أظن قط أنني سأراك يوماً مستلقياً متكاسلاً بهذا الشكل.

بهذة الكلمات أغاظت أوليمبيا أخاها أندريس عندما نزلت من الفيلا مرتدية ثوب البحر.ثم استلقت بالقرب من ساسكيا.

فأجابها أندريس بخبث وكذب:
"لم تنم ساسكيا جيداً في الليل.إنها بحاجة إلى الراحة و لا أريدها أن تقوم بأشياء كثيرة أو تستلقي في شمسنا القوية مدة أطول مما ينبغي"

ولم يبدُ على أندريس أي خجل.
فقالت أوليمبيا لساسكيا بعطف وهي تنظر لوجهها الشاحب:
"آه،يا للمسكينة"
تملك ساسكيا شعور بالذنب ولم تقل شيئاً.أضف أنه لا يمكنها الاعتراف بأن السبب في شحوبها هذا هو تمضية معظم ساعات الليل في التفكير بهذا الرجل المستلقي بجانبها.ولحسن الحظ أن أندريس قد عزا أتساع عينيها البالغ وشحوب وجهها إلى متاعب السفر.

فقالت أوليمبيا ضاحكة بسرور:
"حسناً،هذا تحسين قد أحدثته أنتِ في نظام حياة أخي.ياساسكيا"
ثم أضافت
"ففي العادة،عندما يجيء أندريس إلى الفيلا،لا نستطيع أن نخرجه من مكتبه"

ثم سألت أوليمبيا أندريس:
"حسناً..متى قال جدي إنه سيصل؟"

وقبل أن يجيب ، تناهى إليهم صوت أثينا وهي تخرج مع محاسبها من الفيلا نحو حوض السباحة
:"لابد لي من القول إنني سأدهش حقاً إذا أتى جدك إلى الجزيرة حالياً"

هبط قلب ساسكيا قليلاً عندما رأتهما ،فقد أغرقها المحاسب بالمديح على مائدة الإفطار ،وكان واضحاً أن دافعه هو مشاعر شهوانية،مما جعلها مسرورة للهرب منه.

عندما ابتدأت أوليمبيا بالوجوم،أضافت أثينا بخبث:
"جدك ليس مسروراً منك حالياً،ياأندريس.."

فقال أندريس بجفاء:
"جدي لا يكون مسروراً من أي شخص يخالفه في رأيه ،أنه حاد الطباع ويثور بسرعة لكن لديه والحمد لله ذاكرة ضعيفة.."

كان أندريس أصر على أن تستلقي ساسكيا تحت مظلة حماية لبياض بشرتها،ولكن عندما رأت ساسكيا أثينا وهي تخلع المنديل الذي ترتديه فوق ثوب السباحة شعرت بالحسد من سمرتها الذهبية المكتسبة.

وقالت أثينا بخبث عندما رأت ساسكيا تحت المظلة:
"لابد أنك غير مرتاحة للإستلقاء في الظل،فلو كنت مكانك لكرهت مثل هذة البشرة البيضاء،لأنها دوماً تبدو.."

قاطعها أندريس بنعومة:
"بشرة ساسكيا تذكرني بنقاء المرمر"

قالت أثينا بابتسامة خبيثة:
"المرمر..آه..لكن المرمر بارد جداً"وأضافت وهي تلقي على ساسكيا نظرة تقييم:
"آه..هاأنت تعبسين ويبدو عليك التذمر"

ثم قالت لأندريس بنعومة:
"وأنا أعرف شفاء ذلك،دعني أضع على جسدك بعض الزيت،ياأندريس وأدلك.."

عندئذٍ لم تستطع ساسكيا أن تصدق نفسها حين قالت بحزم:
"سأفعل أنا هذا لك يا حبيبي"

ثم ألتفتت إلى أثينا وهي تضيف بجرأة:
"هذا من حق الخطيبة"

وتجاهلت ساسكيا النظرة العابسة التي رمقها بها أندريس،ثم نهضت من مكانها،وأخذت زجاجة الزيت التي قدمتها أوليمبيا إليها بابتسامة إستحسان،وتقدمت نحو أندريس وسكبت قليلاً من الزيت في راحتها،بحذر بالغ،ثم وبحذر أكبر مالت فوق جسد أندريس المستلقي على وجهه،متعمدة الوقوف بينه وبين أثينا التي استلقت بالقرب من أندريس.

تدلى شعر ساسكيا فوق وجهها حين ابتدأت،متوترة الأعصاب،تدهن كتفي أندريس بالزيت،شعرت بجلده دافئاً مصقولاً تحت لمساتها.توقفت عندما ابتدأت يداها ترتجفان وتتنقلان على بشرته بحب ورقة.

كان أندريس مستلقياً على بطنه مغمض العينين،لكنه فتحهما فجأة قائلاً لساسكيا:
"هذا يكفي.كنت موشكاً على الذهاب للسباحة على كل حال"

ثم نهض بعد لحظات وسار مبتعداً عنها إلى المسبح حيث غطس فيه وراح يسبح تحت المياه فترة ثم طفا على سطحها ضارباً المياه بذراعيه بقوة.

حاول أندريس التركيز على ما يفعل،وإخلاء ذهنه كما أعتاد أن يفعل أثناء السباحة،فهي طريقته المفضلة في الاسترخاء،أما الآن فهذا أخر شيء ما يشعر به،حتى دون أن يغمض عينيه استطاع تذكر شعوره بالضبط ويدا ساسكيا تتنقلان على بشرته..ملامستين..ناعمتين..حساستين.

ومن جديد انزلق تحت الماء،وأخذ يسبح محاولاً السيطرة على شوقه إليها ..لكنه يريدها..ويتشوق إليها..لم يتملكه مثل هذا الشعور نحو امرأة من قبل.ولم يكن يوماً عاجزاً عن السيطرة على نفسه جسدياً وعاطفياً.لابد أنها تعلم ما كانت تفعله به.فامرأة في مثل خبرتها ..امرأة تطوف الحانات في الليالي باحثة عن رجل..لابد أنها تعرف طبعاً ..لابد أنها..
ومع ذلك..

ومع ذلك لم يستطع منع نفسه من مقارنة ما يعرفه عنها عقلياً بالطريقة التي كانت تشعر فيها بين ذراعيه وعناقها الرقيق الحار،والمشاعر التي غامت معها عيناها..وهاهي تفاجئه لتوها برفضها لأثينا بلمسه.
لقد فاجأته وملأته بشعور حار بانتصار رجولته وكبريائه لشعورها بالتملك نحوه.إلا أنه مقتنع بأنها لا تشعر بذلك.فهي ببساطة تمثل الدور الذي أرغمها على القيام به.

وقطب جبينه لاستعمال كلمة(أرغمها)فذلك يعتبر بعيداً عن حسن الخلق،لأن أرغام شخص على القيام بشيء ما،هو ضد مبادئه،لكنه ابتدأ يشعر بالخوف من عدم إيجاد مخرج لهذا الوضع الحالي من دون تعريض صحة جده للخطر،و أعترف لنفسه بجدية أن هذا التبرير كان تفسيراً لما فعل وليس عذراً،وإذا هو يكتشف الآن أن ما فعله هو مجرد استبدال مجازفة بأخرى من المحتمل أن تكون أكثر خطورة،وعندئذ لا يجدر به لوم أحد سوى نفسه.
هل رأت ساسكيا ما يكشف عن مشاعره قبل أن يشيح بوجهه مبتعداً عنها؟لقد رأت أثينا ذلك ..أثينا..وتصلب فم أندريس.

أما أثينا فنهضت ووقفت بجانب ساسكيا قائلة باستخفاف:
"خاتمك الصغير هذا جميل جداً"

كانت وحدهما عند المسبح بعد ذهاب أندريس ،أما المحاسب فقد أرسلته أثينا للقيام ببعض الاتصالات التليفونية كما ذهبت أوليمبيا لتساعد أمها في التجهيز لوصول الجد.

وتابعت أثينا:
"لكن خاتم الخطوبة ليس ضماناً للزواج،تبدين لي فتاة عاقلة ياساسكيا.أندريس رجلاً غنياً جداً ومحنك.والرجال أمثاله يسأمون بسرعة ،ولابد أنك تعلمين هذا،كما أن حظك في الزواج من أندريس محدود جداً،وفي الحقيقة،سيصبح حظك أقل عندما يصل جد أندريس،فهو لا يريد أن يتزوجك أندريس،فهو يوناني قديم الطراز، ولديه خطط لحفيده الوحيد ولمستقبله العملي.

وسكتت أثينا وهي تنظر إلى ساسكيا متفحصة،وعلمت ساسكيا ما تفكر فيه،فأثينا أيضاً لديها خطط لمستقبل أندريس.

ثم تابعت وهي تحدق بساسكيا:
"إذا كنت تحبين أندريس حقاً،فمن المؤكد إذن أن أمره يهمك أكثر بكثير من مشاعرك،و أندريس مخلصاً جداً لجده،آه،أنا أعرف أنه لا يظهر ذلك ولكنني أقسم لك أنه كذلك. فكري في ما سيحدث له عاطفياً،ولا أقول مالياً،إذا حدث صراع بينه وبين جده،ثم أن والدة أندريس وشقيقتاه تعتمدان مالياً على الجد..فإذا نفى الجد أندريس من حياته..حينئذ سينفى أندريس من حياتهن أيضاً"

وتأوهت أثينا بشكل مسرحي عميق ثم سألت ساسكيا مصطنعة:
"إلى متى تظنينه سيستمر في الرغبة بك؟
حتى ينفيه جده من حياته؟
ويمكنني أنا افتعال ذلك ياساسكيا..وأنت تعلمين هذا..أليس كذلك؟
لأن جده يسمع كلامي،فهو يريد ضم أملاكي إلى أملاكه طبعاً هذه هي طريقة اليونانيين في حياتهم"

ثم منحت أثينا ساسكيا ابتسامة قاسية مضيفة:
"ليس من عادة اليونانيين بالنسبة لمليونير السماح لوريثه بالزواج من أجنبية مفلسة.لكن دعينا نتحدث في أمر أكثر بهجة،إذ ليس هناك سبب يمنعنا من الوصول إلى تسوية بيننا..بإمكاني أنا الانتظار إلى أن يتركك أندريس،لكني سأكون صادقة معك،أنا أقترب من السن التي يصعب عليّ فيها الإنجاب لأندريس الأبناء الذين سيرغب فيهم.ولهذا،ولتسهيل الأمر لنا،نحن الاثنتين،لدي خطة أعرضها عليك وهي دفع مبلغ مليون جنيه مقابل خروجك من حياة أندريس..نهائياً"

شعرت ساسكيا بوجهها يشحب للصدمة التي اعترتها من مفاجأة أثينا لها.ثم تمالكت نفسها و أجابت بحدة:
"لا يمكن للمال شراء الحب،وهو لا يستطيع أن يشتريني .لا مليون جنية ،ولا مئة مليون جنية ولا أي مبلغ"

و امتلأت عيناها دموعاً..فعزت ذلك إلى تأثير الصدمة..ثم أضافت:
"وإذا أراد أندريس في أي وقت إنهاء خطوبتنا فهذا من حقه ولكن.."

فقالت أثينا وقد تلونت ملامحها بالغضب والحقد:
"أنت حمقاء..أتعرفين هذا؟
أتظنين حقاً أن أندريس كان يعني ما يقول عن عدم إصراره على عقد اتفاقية لشروط ما قبل الزواج؟
ها سيطلب منه جده أن يجعلك توقعين على هذة الاتفاقية وعندما يسأم منك أندريس،ولا شك أنه سيفعل،لن تحصلي على شيء..حتى الطفل الذي قد تحملين منه سيؤخذ منك.فالرجال اليونانيين لا يتخلون عن أولادهم والأسر اليونانية لا تتخلى عن ورثتها"

لم تشأ ساسكيا أن تسمع أكثر من ذلك ،فهرولت إلى المنزل من دون أن تلتقط ثوبها،محاولة منع نفسها عن الركض وكأنها تهرب من شيء ما.

عندما وصلت إلى البيت ،كانت أوليمبيا خارجة من باب الفناء المفتوح فهتفت بقلق:
"ساسكيا..؟"
لكن ساسكيا هزت رأسها فحالتها لا تسمح لها بالحديث إلى أي شخص.لقد شعرت بإهانة كرامتها لما قالته أثينا لها ،وتملكها الغضب،كيف تجرؤ أثينا على الظن أن حبها للبيع ..وأن المال يعنيها أكثر من أندريس ،وأنها سوف..وفجأة توقفت ساسكيا..بماذا كانت تفكر؟

واستدارت ثم عادت خارجة إلا أنها التقت بأوليمبيا من جديد التي عادت لتتفقدها بعدما رأتها بذاك الاضطراب.

و أخبرت ساسكيا أوليمبيا بما دار من حديث بينها وبين أثينا ،ثم تابعت سيرها إلى الممر المؤدي إلى المنحدر الصخري.لقد كانت بحاجة إلى الانفراد بنفسها،ثم تراءت لها بوضوح سخرية ما حدث، فهي وافقت على القدوم إلى الجزيرة فقط لأن أندريس فرض عليها القيام بذلك،و لأنها لم تستطع خسارة وظيفتها،ومع ذلك،عندما توفر لها ما يمكنه أن يؤمن لها الاستقرار طوال حياتها،ليس لنفسها فقط ولكن لأجل جدتها الحبيبة أيضاً،و كذلك للهرب على الفور من وضعها غير المحتمل هذا،إذا بها ترفض ذلك المال.

أما أوليمبيا فركضت غاضبة نحو المكان الذي كانت فيه أثينا مستلقية تحت أشعة الشمس .فبعدما عرفته من حديثها مع ساسكيا لا بد من ابدأ رأيها فيها بصراحة ،إذ كيف تجرؤ على معاملة ساسكيا بهذا الشكل....محاولة رشوتها لتترك أندريس؟

أندريس!

ووقفت أوليمبيا فجأة..ربما عليها أن تخبر أخاها عما فعلته أثينا وتتركه يتصرف معها،فقد بدت ساسكيا في غاية التعاسة ،
ولا عجب في ذلك.وفكرت أوليمبيا أن أندريس لن يشكرها على سلبه حقه في مواجهة أثينا.

وهكذا استدارت على عقبيها و عادت للفيلا تبحث عن أندريس.
*****

ورده قايين
21-05-2007, 23:06
بنات راح انزلها وورد

على كل حال حبيت اشكر لفلي سكاي على اتاحة الفرصة

ووردة قابين على جهودها

وموفقين حبايبي

وقرأة ممتعة حبايبي

حمدالله على السلامة و شكرا لك على مجهودك الجبار 00وتم تحميل الرواية

lovely sky
22-05-2007, 10:23
مرحبا dialaa
الف الف حمد الله على السلامة

نورتي المشروع حبيبتي
مشكورة يا قلبي على مجهودك الرائع هذا والف الف شكر على الملف المرفق
وتم التحميل يا قمر ::جيد:: ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::

ونشكرك جدا حبيبتي على مجهودك الرائع
وان شاء الله احنا راح ننزل الفصل التاسع والعاشر والخاتمة علشان الزوار و الاعضاء اللي ما يريدوا يحملوا الملف ...سيجدوا الفصول الباقيه مكتوبه في المشروع ....

فهذه الرواية 10 فصول
و انتي الله يعطيج العافيه نزلتي لنا كتابة الى الفصل الثامن
واحنا نشكرك جدا حبيبتي
وراح ننزل 9 و 10 للاعضاء و الزوار اللي يحبوا يكملوا قراءة الرواية هنا ... :) :) :)

اشكرك dialaa جدا جدا
والله يوفقك يا رب

lovely sky
22-05-2007, 13:05
*****



الفصل التاسع:-

امرأة لرجل واحد

عند أقل من ثلث ذلك الممر الذي يدور حول الجزيرة ،
وقفت ساسكيا ثم استدارت على عقبيها .
لن تستطيع المتابعة..فحبها لأندريس..ووجودها قربه كل يوم من ناحية،و من كل النواحي الأخرى الهامة، كل ذلك كان يمزقها وهو أكثر مما تستطيع مواجهته،
إلا أن هناك فجوة بينهما لا يمكن عبورها.

و ببطء..أخذت ساسكيا تسير عائدة إلى الفيلا .
لم يكن لديها فكرة عما عليها فعله ..
هل تلقي بنفسها تحت رحمة أندريس ضارعة إليه أن يحررها من(اتفاقيتهما).

لا فائدة من أخباره بما فعلته أثينا،
فهو لن يصدقها ولديه تلك الفكرة عنها،أضف أنها لا تريده أن يلم بحبها له.
لأنه،إذا علم..عندما يعلم..وراحت تفكر بأن أندريس ليس أحمق ،
أنه رجل أعمال داهية حاد الذكاء،ولن يطول به الوقت حتى يتكهن بما حدث،
وبشعورها نحوه.
وهذا شيء لا يمكنها احتماله.

عندما وصلت ساسكيا إلى الفيلا ،توجهت رأساً إلى غرفتها التي كانت خالية لحسن الحظ.
فخلعت ثوب السباحة بسرعة ،ثم دخلت الحمام.


*****

-أندريس

همهمت أثينا باسمه بأغراء وهي تراه خارجاً من مكتب جده،فقاطعها:
"ليس الآن،يا أثينا"

لقد أمضى الساعتين الماضيتين محاولاً التآلف مع مشاعره التي لم يكن يتوقعها أو يرغب فيها على الإطلاق،

والآن ،
وقد وصل إلى قرار حاسم،أصبح متلهفاً إلى تنفيذه دون تأخير ،
خصوصاً مع أثينا.

لم يعد ثمة فائدة من أخفاء الحقيقة عن نفسه أكثر من ذلك،
أنه يحب ساسكيا .كيف؟
متى؟
وتملكه السخط عندما لم يصل إلى أجوبة لهذه الأسئلة رغم اجتهاده في التحليل.

قلبه.جسده.ومشاعره.وروحه..
كل ذلك أخذ يصر عليه مرة بعد مرة بحاجته إليها وإلى حبها.
فإذا كان تعقله الذي يكافح كل ذلك مستميتاً،يجرؤ على الجدال
فإن مشاعره ستجيب بأن حياته لن تستحق أن تُعاش.

حاول تذكير نفسه بمن تكون ساسكيا.
لكن مشاعره رفضت الإصغاء.
أنه يحبها كما هي.
رغم الخطأ في الحكم عليها..
كيف أخطأ في الحكم عليها؟
وهي تلتقط الرجال في الحانات عارضة بيع نفسها لهم ..
إن لم يكن من أجل النقود،فهو حتماً لأجل الحب الزائف الذي يعرضونه عليها.

وراح قلبه يبرر ذلك بأن ما تفعله ليس ذنبها،فقد حُرمت من حب الأب وهي طفلة.
والآن ببساطة.تحاول تعويض ذلك ثم أطمأن لفكرته بأن حبه سيعوضها عن كل ذلك.
وستنسى ماضيها كما سينساه هو،ا
لمهم هو المستقبل الذي سيجمعهما معاً..المستقبل الذي لا يعني له شيئاً من دونها.

وهكذا سرح بأفكاره،تاركاً العمل الذي يفترض به إنجازه،
و ها هو الآن في طريقه للبحث عن ساسكيا ليخبرها،ليطلب منها.
.ليتوسل إليها أذا أقتضى الأمر.

وسأل أثينا متشوقاً لأخبار ساسكيا بحبه :
"هل مازالت ساسكيا بالخارج؟"

ضاقت عينا أثينا.
كانت تعرف هذة النظرة في أعين الرجال
.وأن تراها الآن في عيني الرجل الوحيد الذي تريده،
أمر لا يطاق.
فإذا كانت لم تستطع أغراء ساسكيا بترك أندريس.
فيجب أغراء أندريس بترك ساسكيا.وأثينا تعرف بالضبط كيف تجعل هذا يحدث،
وعلى الفور تصنعت نظرة قلق:
"ألم تعلم؟
لقد ذهبت تتمشى...مع أريستوتل.
أنا أعلم أنك لا تحب قولي هذا،ياأندريس،
ولكن حسناَ،كلنا نعلم كم يحب أريستوتل النساء،
وقد أظهرت ساسكيا بوضوح أنها تتقبل ذلك...ليس أثناء وجودك طبعاً"

-أندريس

حاولت أوليمبيا إيقافه بعد ذلك بعدة دقائق لإخباره بما حدث لكنه رفض الوقوف والإصغاء قائلاً:
"ليس الآن أوليمبيا،مهما كان الأمر.."
وأسرع نحو الممر المؤدي إلى جناحه وعرفت أوليمبيا أن أخاها غاضب ،
فهزت رأسها،حسناً،ما تريد إخباره لن يخفف من مزاجه السيئ.
ولكن عليه معرفة ما حدث بين ساسكيا وأثينا.

ودخل أندريس صافقاً بالباب خلفه منادياً:"ساسكيا؟"

شحب وجه ساسكيا لرؤيته،كانت تلف نفسها بالمنشفة بعد أن استحمت.

سألها بشك:
"لماذا أستحميت؟"

فحدقت به بإرتباك:
"كنت أتمشى وكان الجو حار و..."

وتملكت أندريس غيرة تفجرت في داخله محدثة ألماً يكاد يكون مميتاً لإعتقاده بأنها كانت مع أريستوتل ومثل كل رجل عاشق لم يستطع احتمال التفكير في أن حبيبته بين ذراعي رجل آخر.فتصرف تبعاً لذلك.
أمسك بها،فأنغرزت أصابعه في لحم ذراعها الطري بشكل مؤلم،
وقال والغيرة تنهشه
"لم تستطيعي الصبر،أليس كذلك؟.
.إلى أين أخذك؟"

فاحتجت ساسكيا صارخة:
"أخذني..؟"
احتارت بين كلماته وتصرفه هذا:
"من الذي.."
لكن أندريس لم يكن يصغي وأضاف وقد سيطر عليه الغضب والغيرة :
"هل حدث ذلك هناك، في العراء
في الهواء الطلق،حيث يمكن أن يراكما كل إنسان؟

هذا ما تحبينه، يا ساسكيا..تحقرين من نفسك كليا إلى أن..ولكن،طبعا أنت تفعلين هذا.
فأنا سبق وعرفت ذلك،أليس كذلك؟
تريدين أن يعاملك الرجل بشكل سيء،أن يستعملك ثم يرميك وكأنك..
حسنا،
إذن،إذا كانت هذة هي الطريقة التي تحبينها،لنر إذن إذا كان بإمكاني الوصول إلى المستوى الذي يعجبك .
إذا كان بإمكاني منحك ما تريدينه"

فقد أندريس السيطرة على نفسه،فهو يريد وقد تملكه انفعال شديد،أن يدمغها بملكيته لها..أن يجعلها امرأته وحده ويمحو من ذاكرتها كل فكرة عن رجل آخر ..
وراحت ساسكيا تنظر إليه مندهشة و تتساءل متالمة :

"ماالذي حدث لكي يتحول أندريس من ذلك الرجل البارد المنصرف عنها الذي ألفته،
إلى هذا الرجل المتفجر بالغضب والمشاعر المحمومة الذي تواجهه الآن؟

"كانت عاطفته محمومة مدمرة، و دار رأسها.
عاطفة تتفجر من أندريس في هياج لا حد له ،
أنه يجرها بذلك إلى الخطر والإثارة.

أليس هذا ما كانت ساسكيا تريده سرا،أن يحدث؟
أن ينظر إليها أندريس نظرة رجل لم يعد يستطيع مقاومة مشاعره نحوها؟

وعندما رأت أندريس قد فقد السيطرة على نفسه ،أطلقت العنان لمشاعرها وأشواقها هي أيضا أحتضنها بشده قائلا:
"أنتِ لي....لي..ياساسكيا..و ما هو لي أريده كليا وكاملاً"

شعرت ساسكيا بقشعريرة في جسدها تجاوبا مع احتضانه لها وأخذ قلبها يخفق بعنف..
ثم همست بصوت أجش غير مألوف:
"عانقني ياأندريس"
أتراها قالت هذا حقا؟
و ازدادت عينا أندريس لمعانا وحرارة.

-آه،لك ما تريدين عزيزتي
ثم انحنى إليها يعانقها ويعانقها،ولكم شعرت بالراحة والفرحة تغمر قلبها عندما أصبحت بين ذراعيه اللتين طال شوقها إليهما.

ثم راحت تهمس بصوت رقيق و دافئ باسمه:
"أندريس...أندريس"بينما كانت تداعب شعره بأصابعها

ومن فوق كتفها ،لمح أندريس صورتهما متعانقين في المرآة ،كانت تبدو رائعة كتحفة فنية مذهلة لكنها لم تكن تمثالا أبد بل امرأة من لحم حي يتنفس،
وكان مجرد شعوره بلذة عناقهما،يمحو كل شيء ما عدا شعوره نحوها.

كان يحتضنها ويشدها إليه سعيدا،مسرورا،وأحست ساسكيا بأنها هنا،
بين ذراعي أندريس،في أجمل طريقة ممكنة،وفي غمرة ذلك نسيت ساسكيا ما كانت تريد أخبار أندريس به،ولماذا هي مضطرة للرحيل،
فهذا ماكانت تريده أن يحدث منذ البداية..منذ اللحظة التي وقعت فيها نظراتها عليه.

خففت الستائر الثقيلة التي كانت ساسكيا سحبتها على النوافذ الواسعة قبل دخولها الحمام.. من أشعة الشمس الساطعة وجعلت الغرفة تسبح في وهج ناعم هادئ.
وعندما حملها أندريس بين ذراعيه وضمها إليه،همست ساسكيا بشوق بالغ:
"أريدك،إلى أقصى حد..

وسكتت وقد غامت عيناها بمزيج من اللهفة والتردد عندما سمعت صوتها وأدركت الخطر الذي ستواجهه.لكن الأوان قد فات.فقد سمعها أندريس وأجاب بلهفة:
"قوليها مرة أخرى،ياساسكيا أخبريني"

في عالمها الخاص أصبح أندريس حجر مغناطيس الذي يجذبها إليه..محور كل شيء تتعرف إليه وكل ما أرادته في حياتها ..فقالت له بحرارة:
"أريدك....أريدك ياأندريس..أنا"

وارتجفت غير قادرة على قول المزيد و تشابكت نظراتها الرقيقة الواهنة الذاتية بنظراته العنيفة الملتهبة.
ثم قال لها بخشونة:
"وأنا أريدك ياساسكيا أكثر مما أستطيع القول"

ثم خفف من خشونة كلماته بعناق آخر أكثر حميمية حيث بدا لساسكيا من خلاله وكأن الجو حولهما أخذ ينبض بعنف مشاعرهما،
وشعرت بأنها أصبحت أسيرة له،ولكن شيئا من الخوف في هذة الهنيهات أخذ يتسلل إليها ولم تدر لماذا أخذت الدموع تنهمر من عينيها وكان جسدها قد تشنج أيضا بين ذراعيه فارتد عنها وهمس:
"لم هذة الدموع؟
ولماذا تبتعدين عني؟"

كانت الدموع تتابع جريانها،فهمست شفتاها وهي ترتجف:
"ربما لإنها المرة الأولى التي يقترب فيها رجل مني إلى هذا الحد"

فاتسعت حدقتا عينيه عندما فهم ما تقصده بقولها ..ولكن لا..
لقد كان شيء في داخله يريد رفض ما يراه واضحا أمامه.
.لا، لا يمكن أن تكون طاهرة نقية..ولكنها كذلك فكل نبض جسدها كان يوحي بهذة الحقيقة.

نظر إليها ،وكانت مازالت تبكي بدموع صامته،
ترى هل هذة الدموع بسببه؟

وتهربت أفكاره من الحقيقة....الحقيقة التي كان ذهنه يحاول فرضها عليه،
لا يمكن أن تكون عذراء هذا مستحيل!

لكن ضميره وغضبه من نفسه أخبراه بأن تفكيره صحيح ..وأنها كذلك
وأبتعد عنها شاعراً بالغثيان من نفسه فمدت يديها إليه بتردد وهي تهمس باسمه:
"أندريس"
لماذا أبتعد عنها؟

ثم قالت له ضارعة:
"ماذا حدث؟..أي شيء سيء؟

فأجاب متوترا:"وهل أنتِ بحاجة للسؤال حقا؟
أنتِ.... أنتِ عذراء"

كان الغضب في صوته يمحو بهجتها ليحل مكانها اليأس والقلق لقد أتضح لها الآن أن أندريس ثائر على نفسه لعدم بصيرته أنها عذراء،
ومع ذلك أساء الظن بها أي إساءة؟

كان مشمئزا من نفسه،وقد جرحت كرامته بسبب إساءة حكمه عليها كليا.

ثم قال لها وهو مازال متوترا:
"ما كان عليك تشجيعي منذ البداية بل كان عليك صدي وأخباري بالحقيقة"

وتساءلت ساسكيا بتعاسة:

"ترى ماالذي سيقوله لو أخبرته بأن أخر شيء كانت تريده هو منعه عنها؟

lovely sky
22-05-2007, 13:14
ثم أنفجر قائلا بعنف:
"أنتِ غير آمنة في الخروج وحدك.
أنت تعرفين هذا.أليس كذلك؟
..لكان أريستوتل.."

فصاحت ساسكيا باشمئزاز بان في صوتها وعينيها:
"أريستوتل!"
ثم ارتجفت وهي تقول له ثائرة:
"لا،أبدا..إنه مقزز للنفس و.."

-"لكنك ذهبت تتمشين معه"
-"لا..لم أفعل

فألح قائلا:
"أثينا قالت أنك ذهبت تتمشين.."

لكن ساسكيا لم تدعه يكمل:
"نعم،هذا صحيح،ولكن وحدي،كانت هناك أشياء أردت أن.."

وسكتت وهي تخفض رأسها وتنظر بعيدا عنه،
ثم قالت بجدية:
"أريد الذهاب إلى بلدي،ياأندريس لا أستطيع.."
فأدرك ما تريد قوله،كما أدرك سبب ذلك ،فهي تريد الابتعاد عنه.

فعاد وسألها:
"لماذا لم تخبريني من قبل أنك عذراء"

فراحت ساسكيا تفكر بغضب:
كيف بلغت بها الحماقة أن تظن بأنه يشعر نحوها بما تشعر هي به نحوه؟

لابد أنها كانت مجنونة...مجنونة....مجنونة بحبه!ثم سمعته يقول بهدؤ:
"ظننت ياساسكيا.."
فجاء دورها لتقاطعه:
"أعرف ماذا كنت تظن .لقد سبق وأوضحت لي جيدا ما تظنه بي، يا أندريس

ظننتني امرأة رخيصة حمقاء تلقي بنفسها عليك لأجل أموالك ،
وقد حاولت أن أشرح لك قصتي فرفضت الإصغاء إلي،
أسأت الحكم علي وصدقت عني الأسوأ،
وأظن أن كبرياؤك اليونانية ماكانت لتسمح لك بالإقرار بأنك قد تكون مخطئا"

نظر إليها أندريس مندهشا وأدرك أن غيرته أدت إلى الإساءة إليها ومعاملتها بطريقة فظة،
وتمنى لو يستطيع أن أخذها بين ذراعيه،
ليمسح آثار الدموع عن وجهها،وأن يحتضنها ويهمس في إذنها كم يحبها
وكم يريد حمايتها والاهتمام بها..
تمنى أيضا،أن تكون معبودته وتبقى معه إلى الأبد ليخبرها بشعوره الحقيقي نحوها.

ولكي يصرف ذهنه عن مشاعره،وعن رغبته بها،قال لها بخشونة:
"حسنا أشرحي لي كل شيء الآن،أنا أصغي"

مضت لحظة فكرت فيها ساسكيا بالرفض ولكن ما الفائدة؟
ستخبره الحقيقة، وبعد ذلك ستفصح عن نيتها بالرحيل ..لكنها طبعا لن تخبره السبب.

ثم وللحظة واحدة ،تمنت ساسكيا لو أن أندريس يحتضنها ويكف عن إيلامها بكلمات لا تريد سماعها،
كما تمنت أن يعانقها ليطمئن قلبها المسكين المخدوع ،مرة أخرى،بأنه يحبها كما تحبه .

ولكن لحسن الحظ بقي لديها ما يكفي من غريزة حفظ الذات لكي تمنعها من قول هذا التمني له،
ثم أخذت نفسا عميقا وبدأت تشرح قصتها مع ميغان ومارك و لورين،وسألها أندريس غاضبا:
"جعلتكِ ماذا؟"

وذلك عندما راحت تحدثه مترددة عن لورين وإصرارها على أن تجعلها تبدو أكثر إغراء للإيقاع بمارك الذي تبين فيما بعد أنه أندريس.

ودقت أوليمبيا الباب،ثم فتحته ودخلت لتخبرهما:
"جدي وصل وهو يري رؤيتكما ،أنتما الاثنين"

فتمتمت ساسكيا بخجل:
"الأفضل أن أرتدي ملابسي"
بدت أوليمبيا غافلة عن ارتباكها وهي تضيف بسرعة:

"آه،وهناك شيء أريد أن أخبرك به ياأندريس قبل رؤية جدي"
-إذا كنت تريدين طلب علاوة على(مصروفك)فأنتِ لم تختاري الوقت المناسب"

سمعت ساسكيا أندريس يقول لأخته هذا بصلابة وهو يسير معها إلى الباب،

تاركا ساسكيا تهرب نحو الحمام.
****

lovely sky
22-05-2007, 13:25
الفصل العاشر:

نهاية حلم


بعينين متألقتين حملقت ساسكيا عابسة بصورتها في المرآة في غرفة النوم ،
وبدت لها صورتها كامرأة مغلوب على أمرها.

لم تشأ أن تبدو بهذا الشكل حين تواجه جد أندريس ..
الرجل المسؤول قبل غيره عن وجودها هنا .
الرجل الذي لا يظن أنها مناسبة لحفيده..
الرجل الذي يفضل رؤية حفيده متزوجا من أثينا..
كما أنها لا تريد أيضا أن يراها أندريس بهذا الشكل.

كان أندريس قد عاد إلى الغرفة لفترة قصيرة جدا بعد مقاطعة أوليمبيا لهما،
فأستحم و ارتدى ملابسه بسرعة ثم أبلغ ساسكيا بأن جده يلح بطلب رؤيتها في أسرع وقت ممكن ،
إلا أن هناك أمور معينة بشأنها يريد هو التحدث عنها مع جده على إنفراد أولا.

وقال أندريس متجهما:
"لن يستغرق ذلك وقتا طويلا"

ثم خرج من الغرفة دون منحها أي فرصة لتخبره أنها الآن لسلامتها العقلية و الجسدية تريد الابتعاد عنه بأقصى سرعة ممكنة .

لكنه سيعود بعد قليل ليأخذها ويقدمها لجده.

وعادت تعبس لصورتها في المرآة ،وأقرت غاضبة بأنها تبدو صورة حقيقية لامرأة عاشقة محروقة من حب حبيبها.

حاولت مرة أخرى أن تخبر نفسها بما هو الوضع الحقيقي لكن قلبها بكل بساطة رفض الإصغاء وأجفلت متوترة الأعصاب عندما أنفتح باب الغرفة..

تنفس أندريس بعمق قبل أن يمد يده إلى مقبض باب غرفة النوم ثم أمسكها بحزم.

لم تكن أوليمبيا تقصد النميمة أو إثارة الخصام بل الحماية والوقاية فهي غاضبة لأجل ساسكيا ،
وهذا ما جعلها تأخذ عدة دقائق لتهدأ أعصابها بما يكفي حتى تنقل لأندريس بطريقة مفهومة الحديث الذي دار بين ساسكيا وأثينا.

-حاولت أثينا في الواقع رشوة ساسكيا لكي تتركك ووعدتها بمليون جنية إذا هي فعلت وطبعا رفضت ساسكيا لكنني لا أدري لماذا يُسمح لأثينا بفعل ما تشاء مثل هذة الإهانات والتصرفات الجارحة.يجب أن يعرف جدي بكل هذا..
وإذا كنت لا تريد إخباره..

إلا أن أندريس بقي صامتا،
فصاحت به أوليمبيا وقد حيرها عدم إظهاره أي ردة فعل:
"أندريس؟"

لكن أندريس كان يفكر في الوصول إلى حل بالنسبة إلى (الإهانات) و (التصرفات الجارحة)التي كان يوجهها إلى ساسكيا هو نفسه،
ثم علم الآن ما فعلته أثينا والنبل الذي قابلت ساسكيا به كل هذا.
.ثم راح يتساءل لماذا كان مخطئا إلى هذا الحد في حقها و مسيئا ظالما في الحكم عليها؟

صوت خافت في أعماقه حدثه بأنه يعلم الجواب،فمنذ اللحظة التي وقعت فيها نظراته عليها هناك ،
حدث شيء ما ..
تملكه إحساس حاد ..
ومشاعر حاول ،جاهدا أن كبتها لأن كبرياؤه كرهت له الوقوع في غرام امرأة بهذا المستوى و لإنه أصغى إلى كبرياؤه وليس إلى قلبه دمّر دون فطنه حبا رائعا هو أروع جزء في حياته .
إلا إذا..إلا إذا أمكن إقناع ساسكيا بمنحه فرصه أخرى.

ولكن سواء منحته فرصة أخرى ليثبت فيها حبه لها، أم لا،فهناك ما ينبغي فعله .
كان يونانيا بما يكفي ليظن أن ساسكيا يجب أن تحمل اسمه ومقابل ذلك يجب أن يمنحها حمايته ورعايته سواء قبلت هي بذلك أم لا.

كان أندريس قد أخبر جده بالضبط ماالذي سيفعله،مضيفا بصدق أن ساسكيا هي أكثر أهمية لديه من الثروة والمركز و حتى من حب واحترام جده نفسه،
و فكر في رفض السماح لجده برؤيتها ،كيلا يعرض ساسكيا إلى أي جرح في كرامتها ،

لكنه خشي من ظن جده بأنه يخفي ساسكيا عنه مخافة أن يراها غير مناسبة له...
غير مناسبة!إنها مناسبة ورائعة أكثر مما يستحق..

آخر ما قام به أندريس قبل عودته إلى غرفته هو أنه أمر أثينا بأن تغادر الجزيرة على الفور ،
محذرا إياها بقوله:
"لا تزعجي نفسك بمحاولة إقناع جدي بالسماح لك بالبقاء ،فهو لن يفعل"

دخل أندريس غرفة النوم متردداً،وهو يتصور ساسكيا واقفة تنتظره فهفا قلبه المملؤ شوقا وحبا إليها.

بدت متألقة كعروس،
لكنها في اللحظة التي رأته فيها،تبدلت أساريرها وغارت عيناها وهي تجفل بحذر.

أغمض أندريس عينيه بعجز،وقد اكتسحته موجة من الحب والشعور بالذنب.
وتشوق الآن أكثر من أي وقت مضى إلى إغلاق الباب في وجه العالم كله، ثم يأخذها بين ذراعيه ليضمها إليه إلى الأبد ،وهو يطلب منها الصفح والمغفرة ،والسماح له بتمضية بقية حياته معها ليريها مقدار حبه لها.

ولكن لديه مسؤولياته ،وقبل كل شيء عليه تنفيذ وعده لجده بأن يعرفه إلى ساسكيا.
وكان يرجو أن يتذكر العجوز وعده له بمعاملة ساسكيا برفق.

عندما أجتاز أندريس الغرفة وأمسك بيدها ،انكمشت ساسكيا مبتعدة عنه،خائفة من أن تخونها مشاعرها عالمة بأنها ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها فقط بسبب دفء يده التي كانت تمسك بيدها.

كانت تعلم أن أندريس سيدلي ببعض التعليقات المتوترة وبعض الأوامر بالنسبة إلى الدور الذي ستقوم به أمام جده ،ولكن،بدلا من ذلك ترك يدها وقال بصوت منخفض:
"أنا آسف لتعريضك لكل هذا ياساسكيا"

ودون أن تجرؤ على النظر إليه ذكرته ساسكيا بعنف قائلة:
" هذا ما أحضرتني من أجله إلى هنا"

فقد أحست بلهجة الندم تلك في صوته ،
إلا أنه لم يعقب على ما قالته،وخرجا من الغرفة بينما دخلت الخادمة الصغيرة المكلفة بتنظيف الغرفة فوقف أندريس ليقول لها شيئا باليونانية قبل أن يلحق بساسكيا إلى الممر.

كان من الطبيعي ،في مثل هذة الظروف أن يمسك أندريس بيدها مقتربا منها،حتى إذا سارا بهذا الوضع في الفناء ،يعطيان انطباعا بأنهما خطيبان عاشقان،
ولكن ما كان غير طبيعي، وغير حكيم تقريبا،هو الشعور بالدفء والأمان الذي اكتسبته من اقترابها منه بهذا الشكل وهي التي تريد الابتعاد عنه.

في محاولة لإلهاء نفسها عن تأثير أندريس عليها،نظرت إلى حيث كانت أوليمبيا وأمها واقفتين تتحدثان إلى رجل عجوز أبيض الشعر لابد أنه الجد.

عندما اتجها نحوه،أخذ يستدير إليهما رويدا،وسمعت ساسكيا أندريس يقول بلهجة رسمية:
"جدي أود أن أقدم إليك ساسكيا"

وقفت ساسكيا تصغي وعيناها مسمرتان على هذة الملامح المألوفة للرجل الذي تتعرف عليه.
أنه الرجل نفسه الذي رأته بالشارع في مدينة أثينا.
ذلك الرجل الذي بدا مريضا والذي قلقت عليه وحاولت مساعدته.

إلا أنه الآن يبدو معافى و سليما فهاهو يتقدم نحوهما،بابتسامة عريضة،ليأخذ يد ساسكيا بيديه الاثنتين ويهزها من كل قلبه كعادة حفيده ،وهو يقول ضاحكا:
"لا حاجة بك لتقديمها إلي ياأندريس لأننا سبق وتعرفنا على بعضنا البعض أنا وخطيبتك الرائعة الجمال"

رأت ساسكيا مدى متعة العجوز لرؤية الذهول على وجه أفراد أسرته،كان واضحا أنه رجل يحب الشعور بأنه مسيطر ومطلع على كل شيء..وعلى الناس..
رجل يحب التحدي وإدهاش من حوله ولكن هذة الميزة أغضبت أندريس بينما وجدتها هي على العكس،ميزة محببة.

وقال أندريس مندهشا وعابسا وهو ينقل نظراته بينهما:
"أنت و ساسكيا سبق وتعارفتما"

فأجاب الجد ببرودة وقبل أن تتمكن ساسكيا من الكلام :
"نعم في مدينة أثينا فقد كانت رقيقة جدا مع رجل عجوز وقلقة عليه للغاية أيضا"

ثم نظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شاكرا وقال:
"أخبرني سائقي بأنك عبرت له عن قلقك على صحتي"

ثم أضاف:
"وعلي الإعتراف أن المشي في ذلك الجو الحار بالإضافة إلى انتظاري عودتك من التفرج على الأكروبوليس..لم يكن مريحا،لكنني لا أظن أن ذلك كان بالقدر الذي شعر أندريس به بالانزعاج عندما جاء إلى مكتبي فاكتشف أنني ألغيت الاجتماع"

وبصوت خافت راح يضحك كالمنتصر في الحرب قائلا بشيء من المباهاة لأندريس:
"لا أظنك تعتقد حقا أنني سأسمح لحفيدي الوحيد بالزواج بامرأة لا أعرف شيئا عنها..أليس كذلك؟"

واخفت ساسكيا ابتسامة بدت على شفتيها،وقد أدركت أن هذا العجوز مازال يونانيا أصيلا،
كانت تعلم بأنه عليها الشعور بالضيق من تصرفات الجد ،
لكنها أحست بالسرور بما فعل بحيث لم يسمح لها قلبها بإظهار الخصام له.

لكن أندريس على ما يبدو،كان صعب الإرضاء فقال بخشونة وهو يرمق جده بنظرة قاسية:
"هل كنت تريد أن تمتحن ساسكيا..؟"

فقاطعه جده:
"حتما كان اختيارك جيدا ياأندريس .
إنها ساحرة..وحنونة وقليلات هن الشابات اللواتي يضيعن وقتهن على العناية برجل عجوز لا يعرفنه .
كان علي التعرف إليها بنفسي ياأندريس أنا أعرف أنك و.."

فقاطعه أندريس ببرودة:
"ما فعلته يا جدي إهانة لها"

فحدقت إليه ساسكيا ذاهلة
أندريس يدافع عنها ويحميها؟
ما هذا؟
و فجاءة تذكرت أنه يمثل دوره فقط ..دور الخطيب العاشق المدافع.

وتابع أندريس قائلا:
"ودعني أخبرك بهذا يا جدي وهو سواء وافقت على ساسكيا أم لا فهذا لا يشكل فرقا عندي،فأنا أحبها ودوما سأحبها ،و ما من تهديد أو رشوة أو مداهنة أو تملق منك قد يغبر ذلك"

ساد صمت قصير قبل أن يومئ الرجل العجوز برأسه قائلا:
"هذا حسن أنا مسرور لسماعي هذا
امرأة مثل ساسكيا تستحق أن تكون مركز اهتمام قلب زوجها وحياته"

ثم أضاف وقد اغرورقت عيناه بالدموع :
"أنها تذكرني كثيرا بإليزابيث فقد كان لديها الحنان نفسه والاهتمام بالآخرين"

وصمت قليلا ثم قطب جبينه فجأة وهو يرى خاتم ساسكيا:
"ماهذا الذي تلبسه؟
إنه لا يناسب عروساً من آل ديمتريوس.
لقد أدهشتني ياأندريس ماسة(سوليتير)تافهة؟
ستلبس خاتم زوجتي إليزابيث و.."

فقاطعه أندريس بحدة وخشونة:"لا...لاداعي لأن تلبس ساسكيا خاتم جدتي"

وأجفلت ساسكيا وراحت تفكر:
أتراه سيخبر جده الآن بأن المسألة كلها كذبة؟
أتراه لم يحتمل فكرة أن تلبس ساسكيا خاتم زواج الجدة المقدس في الأسرة؟

وتابع أندريس :
"فإذا أرادت ساسكيا خاتما آخر فهي التي ستختاره بنفسها،
حاليا أريدها أن تلبس الخاتم الذي اخترته لها بنفسي.ماسة متألقة نقية رائعة الجمال مثلها"


رأت ساسكيا والدة أندريس وشقيقته تفتحان فمهما ذهولا ،مثلها هي،إزاء هذا الكلام الشاعري الرقيق.

lovely sky
22-05-2007, 13:41
و اغرورقت عيناها بالدموع وهي تنظر إلى الماسة في أصبعها ،
كانت رائعة .
وهي دوما تراها كذلك كلما لبست الخاتم،
ولطالما تمنت أن تلبسه مع الحب.
فالعهود التي تعطى مع الخاتم هي التي تعطيه قيمة وأهمية عند المرأة العاشقة ،
وليس قيمته المادية.

لكن جد أندريس وضع جانبا هذا الموضوع وقال بمرح:
"هذا حسن جداً ،لكن ما أريد معرفته الآن هو،متى تعتزمان الزواج؟
أنا لن أعيش إلى الأبد،ياأندريس،وإذا أردتني أن أرى صبيانك .."

فقال أندريس محذرا:"جدي.."

****

بعد الغداء الاحتفالي ،عادت ساسكيا إلى غرفتها بوقار برفقة أندريس كما ينبغي للخطيب العاشق الحامي لخطيبته وخارج الغرفة،
لمس أندريس ذراعها بخفة مرغما إياها على الوقوف والنظر إليه وهو يقول بجفاء:
"أنا آسف لما حدث في مدينة أثينا"

ثم بدا على وجهه الغضب وهو يتابع:
"لا يحق لجدي أن يمتحنك.."
فقاطعته بهدؤ مدافعة عن جده:
"لو كنت أنت مكانه لفعلت الشيء نفسه بالضبط،أنه عمل طبيعي تماما.
وأنا أتذكر ما فعلته جدتي في أول مرة خرجت فيها مع شاب"

وضحكت،ثم سكتت وهي ترى أندريس يهز رأسه ويقول بخشونة:
"إنها تحميك طبعا،ولكن أما كان على جدي إدراك الخطر الذي كان يمكن أن تتعرضي له؟
ماذا لو أخطأ في توقيت(المصادفة)التي جمعتكما معا؟
كنتِ وحيدة في مدين لاتعرفينها.
لقد ألغى تعليماتي للسائق وطلب منه الإبتعاد عن الأنظار ريثما يعود هو إلى سيارته الخاصة"

فقالت بهدؤ:
"حصل ذلك في منتصف النهار يا أندريس"

إلا أن أندريس لم يقتنع بذلك،فأضافت ساسكيا:
"حسناً، على كل حال لن يحاول جدك بعد الآن أقناعك بالزواج من أثينا.
لقد نجحت خطتك وتم لك ماتريد"

قالت ذلك تسترضيه وهما يدخلان غرفة النوم،وإذا بها تقف فجأة وهي ترى في وسط الغرفة حقائب جديدة .
فسألت بصوت متردد:
"ماهذه.."
فقاطعها قائلا:
"طلبت من ماريا حزم أمتعتنا،لقد حجزنا في أول طائرة تقلع صباح غد إلى لندن"

فسألته بدهشة:
"هل سنرحل؟"

ثم أدركت حماقتها إذ كيف تظهر ذهولها لذلك،طبعا هما راحلان ،
ذلك أن أندريس لم يعد بحاجة إليها الآن،
فقد أوضح جده تماما أثناء الغداء أنه لم يعد مرغوبا بأثينا تحت سقفه،
وأجاب أندريس بخشونة:
"لم يعد لنا آي خيار آخر .سمعت ما قاله جدي والآن بعد أن أثبتت فحوصاته الطبية أنه على مايرام،فهو متلهف لإيجاد ما يشغله مثل تنظيم حفلة الزفاف.
لن يدع فرصة كهذه تفوته حيث سينفق المبالغ الباهظة على حفلة الزفاف ويجمع كل أصدقائه المقربين من رجال الأعمال تحت سقف واحد.
وأمي وأختي تشبهانه في الإسراف فهما تريدان ملابس مصممة لهما خصيصا،و ثوب زفاف لك تستغرق خياطته شهورا،وخططا لتكبير الفيلا بحيث تستوعب الأحفاد الذين علينا إنجابهما نزولا عند رغبة جدي وأمي..."

كانت ساسكيا تلتهم كل كلمة،فالصورة الخيالية التي طبعها في ذهنها رسمت في نفسها بهجة و فرحا كانت تحلم بهما،
وأصبحت هذة اللوحة أكثر إغراء مع كل كلمة ينطق بها أندريس إلا أنها كانت تعلم أن تحقيق حلمها مستحيل،
فما قامت به كان تمثيلا لدور انتهى و ستعود إلى واقعها.

و إذ بكلمات أندريس التالية تصيبها بالذهول و الصدمة:
"لكن علينا أن نتزوج فورا،إذ لا وقت لدينا"

صاحت به شاحبة الوجه:
"ماذا تقول؟
لا يمكن أن تكون جاداً في كلامك،
لا يمكننا أن نتزوج لمتابعة التمثيلية.."

فقاطعها بمرارة:
"أنا أريد أن أحميك ياساسكيا"

فقالت باستهزاء:
"ومنذ متى يُبنى الزواج على مبدأ الحماية ،فأنا لا أريد حمايتك،ولا أريدك أبدا"

وحين سمع منها شهقة ألم أظلمت عيناه ندما.وقال:
"ساسكيا..يا حبيبة قلبي ..آسف جدا لم أقصد أن أجرحك،
وإنما ليتك تدركين كم أنت غالية على قلبي"

حدقت ساسكيا إليه غير قادرة على النطق أو الحركة أو التنفس وهي تسمع كلامه المليء بالمشاعر هذا ،
هل كان يمثل؟

لابد أنه يمثل فهو لا يحبها وهي تعلم ذلك...

ورغم أنها كانت تتشوق لسماع مثل هذه الكلمات منه إلا أنها كانت تعلم بعدم صدقها
لذا شعرت بعذاب لا يطاق...

فأمسكت بالخاتم الذي يحيط بأصبعها..وحاولت نزعه بعنف .وقد غامت
عيناها غضبا..ولمعت فيهما دموع الكبرياء والألم
بينما كان أندريس ينظر إليها كما كان ينظر إليها طول وقت الغداء.

وقتها قالت له إوليمبيا بحماسه {شعرت بغضب بالغ حين عرضت إيثينيا على ساسكيا ذلك المبلغ ,
وأنا فخوره بها..إينها تحبك كثيرآ.

ظننت أنا مامن إمرأه تستحقك..يا أخي الرائع..
لكنني أعرف الأن أنني كنت مخطئه.فساسكيا تحبك بقدر
ما تستحق أنت ان تحبك إمرأه

وكما سأحب أنا ذات يوم الرجل الذي سأتزوجه.

وهمست في إذنه أمه أيضآ {أنها تناسبك تمامآ يا حبيبي}
وكذلك قال له جده متأثرآ {أنها شابه رائعة الجمالوذات قلب أكثر جمالآ.}

وحدث بعد الغداء أن ذهب الجد يغيظ قليلآ ساسكيا ممازحآ :
فألتفتت الى أندريس تلتمس الحمايه بشكل عفوي .
فجعلته هذي النظره في عينيها يتمنى لو يختطفها ويحملها إلى مكان تكون فيه له لوحده.

ويجعل تلك النظره في عينيها لطلب حمايته تتكرر مره بعد مره.

أستطاعت ساسكيا أخيرآ من نزع الخاتم من اصبعها وقدمته إلى اندريس
رافعة الرأس : قائله بجديه:
لا شئ يدفعني لزواج من رجل لا يحبني...

أغمض اندريس عينيه وأخذ يردد كلماتها ليتأكد من أنه لم يخطئ سماعها.
ثم عاد وفتح عينيه متقدمآ نحوها كان على وشك القيام بأكبر مغامره في حياته .
فأذا خسر هذه الخطوه .خسر كل شئ.

وإذا ربحها .. تنفس بعمق ثم سألها برقه { الا يعني هذا أنك لن تتزوجي إبدآ رجل لا تحبينه؟

جمدت ساسكيا في مكانها وقد شحب وجهها ثم عاد وأحمر قليلآ.
أنا .. أجل هذا ما عنيته بقولي.

وسكتت قليلآ عندما تغلب عليها الألم.. ثم عادت وكررت قولها بأحتجاج عندما اخلها بين ذراعيه.
لا أستطيع ان اتزوجك اندريس.

فقال اندريس بصوت منخفض وهو يحتضنها .. وأنا لن ادعك تذهبين يا ساسكيا .
فسألته .
لماذا؟
لتحميني من الذئاب..

لكنها تلعثمت عندما شدد من أحتضانها فهمس وهو يعانقها لأجل ذلك... لأجلك.
فقالت بدهشه وأحتجاج..

أنا؟

لكنه لم يدعها تكمل .فأحاط وجهها بيديه
ونظر في عينيها وقد بان الألم البالغ في عينيه المثقلتين بالندم
الملتهبتين بالحب والرغبه.وهو يقول ضارعآ..
أرجوك يا ساسكيا..إمنحيني فرصه أريك فيها كيف ستكون الأمور بيننا .. كيف ستكون ممتازه.
فسألت وقد بدأت تشعر بدوار.
مالذي تحاول أن تقوله؟؟
فأجاب وهو مايزال يحيط وجهها بيديه.
أحاول أن اقول بالكلمات ما سبق وقالها لك قلبي ومشاعري وروحي وجسدي .
.يا حبيبتي ومعبودتي..لابد أنك تشعرين بما اشعر به؟

رفعت بصرها بتعجب ونظرت في عينيه لترى أن كانت تجرئ ؤ على تصديق ما تسمع.
.وهي تشعر بقلبها يخفق بمزيج من البهجه والأثاره

لا يمكن لرجل تزييف نظرات بهذا الشكل الذي ينظر به اندريس إليها ...
وإذا لم يكن هذا كافيآ..فأن عناقه لها يعطيها رسالة حب واضحه منه ..
ولم تستطع منع نفسها من الأحمرار خجلآ وهي تشعر بأن كيانها يستجيب له وليس قلبها فقط..
ثم قالت له بجرأة :
ظننت أنك ترغب في....
وعندما أخذ أندريس يضحك.. سألته بإرتباك.

ماذا تراني قلت؟
فأجاب ومازال يضحك :
يا اعز حبيبه .أضحك لبراءتك وسذاجتك .
فأنتي لم تتعرفي على رجل غيري حتى..
وسكت ونظر إليها باسما .وقبلها برقه قبل أن يقول لها.
لا .. ولماذا أزعج نفسي بالشرح . فعلى كل حال
لن يكون لديك الفرصة لتتعرفي على شخص أخر
فأنا وأنت .. يا ساسكيا.. سنتزوج .. ونتشارك الحب. والفرح .
ونعطي بعضا البعض الحب طوال حياتنا
عندئذ همست ساسكيا ..ببهجة وهو يأخذها بين ذراعيه

آآه يا اندريسون..


.

lovely sky
22-05-2007, 13:48
الخاتمة


-حسناً..ربما لم يكن عرسنا حسب رغبة جدك،لكنه حتماً لن يسمح لنا بأن تكون حفلة العماد عائلية هادئة.

وضحكت ساسكيا مع أندريس وهما يشملان بنظراتهما الحشد الضخم من المدعوين الذين ملأوا جناح "المناسبات الخاصة" الذي أُكمل وأُثث حديثاً في أحد فنادق مجموعة "فلاغشيب بريتيش"

فسألها أندريس بقلق أبوي:
"همممم..هل أنت واثقة من أن روبرت على مايرام مع جدي؟"

ثم راح يركز اهتمامه على الناحية الأخرى من القاعة حيث كان جده يتباهى بحفيده البالغ الثلاثة أشهر وهو يريه لأصدقائه من أرباب الأعمال.
فقالت ساسكيا ضاحكة:
"لقد حمل جدك في زمانه أطفالاً أكثر مما حملنا،أنا و أنت"

-ربما،ولكن أيامنهم لم يكن أبننا،أظن من الأفضل أن أذهب و أستعيد روبرت من جدي،
يبدو وكأنه بدأ يتململ،كما أنه لم ينه طعامه بعد..

وقالت أوليمبيا لساسكيا وهما تنظران إلى أندريس يهرع نحو ابنه:
"بالنسبة إلى ذكر الآباء الشغوفين بأولادهم،كنت دوما أعلم أن أندريس سيكون والدا جيدا.."

ابتسمت ساسكيا لأوليمبيا وهي تنظر إلى زوجها حاملا بمهارة ابنهما الذي ولد بعد عشرة أشهر على زواجهما.وهي و أندريس يعلمان أنه الذي يبلغ فيه أبنهما عامه الأول ،سيكون لديه شقيق أو شقيقة.
وعندما أخبرت ساسكيا أندريس لأول مرة عن ذلك قبل أن تتأكد،قال لها محتجاً:
-أليس هذا مبكراً أكثر من اللازم؟

فكان أن أحمر وجهها خجلاً،
ثم ضحكت وقد تذكرت،كما كانت واثقة من أن أندريس يتذكر هو أيضاً،
أنها هي التي استلمت زمام المبادرة في أول اتصال بينهما بعد ولادة روبرت.

كان أندريس أكثر الأباء روعة،وأروع من ذلك أنه كان زوجاً و عاشقاً،وتنهدت ساسكيا و قد بدت في عينيها نظرة فهمها أندريس على الفور.

إذا كانت والدة أندريس قد دهشت عندما سلمها أندريس حفيدها فجأة،مصراً على أن هناك شيئاً عليه التحدث به مع زوجته على انفراد،فهي لم تظهر تلك الدهشة بل ذهبت لتجلس مع جدة ساسكيا التي سبق وعقدت معها صداقة متينة.

-أندريس لا..لايمكننا ذلك.

تصاعد احتجاج ساسكيا عندما قادها أندريس إلى أكثر غرف الفندق رفاهية،ثم أقفل الباب عليهما،وأجابها مداعباً:
-ولِمَ لا؟
الفندق ملكنا ونحن متزوجان..وحالياً،رغبتي بك قوية.

-همممم...أندريس.

وتأوهت عندما عانقها بقوة وراح يقبلها.

-همممم..أندريس..ماذا تريدين من أندريس؟

ولم تجب ساسكيا وإنما جذبت رأسه نحو رأسها تقبله.

الحنونه
22-05-2007, 15:53
مشكــووووووووووووواــت كلكم


وربي جهد راااااااااااااائــع



الللللللله يعطيكــم الف الف / مليــوووووووون عااااااافيه




القصص رووووووعه
كلهم جنــاااااااان والله


اختـياااااركم روعه وموفق ^^


ننتضر المجموعــه الجديده



=>

The X Detective
22-05-2007, 19:26
بداية موفقة .. ::جيد::

ومسيرة نجاح متواصل


وجهد كبير

وتعب وكد ومقاومة


شكراً لكم على هذا المشروع الرائع

وألف مبرووكـ عليكم إنتهاء من المرحلة الأولى ::سعادة::

وإن شاء الله تواصلوا هذا النجاح والتقدم

الله يعطيكم العافية .. وبالتوفيق :)

ورده قايين
22-05-2007, 19:35
والآن000
استكمالا لمشروعنا سوف يكون بين كل رواية واخري فاصل لرواية سبق عرضها وقمت بكتابتها او احدى الأخوات وستكون الرواية الأولي هي قريبا ياملاكي اتمنى لكم اجمل الأوقات مع الرواية 00

ورده قايين
22-05-2007, 19:36
قريبا ياملاكي

لا يأتي الحب على أجنحة من حرير.. بل يجئ كدفق صاخب يجتاح القلب و يأسره و في
شباك الأسر قلما يفكر المحبوب في الخلاص من قيود أقوى من الفولاذ
و عندما قامت ( لين) برحلتها الى ايرلندا..لتنفض أرهاقات العمل الطويل بين
الربوع و البحيرات و الجبال لم تكن لتصدق ان رحلتها ستتحول إلى كابوس
مرعب...و سجن حقيقي مؤلم.
فقد تصادف ان تعطلت سيارتها بقرب من مخيم للغجر..و أفلتت بمعجزة من الغجري
المتشرد القذر..لكنه طاردها في الغابة و سجنها داخل عربه قذرة ..و اجبرها على
الزواج على طريقة الغجر.. و باتت الفتاه الرقيقة الجميلة أسيرة السجن و
المعاناة و الألم لكن الحب تسلل إلى قلبها المحزون...و لم تفلح في
مقاومته..!!

ورده قايين
22-05-2007, 19:41
غابة الغجر

كانت السيارة تسير على مهل الطريق الساحلي تجلس خلف مقودها فتاة جميلة تتأمل
روعة المشهد الطبيعي هضاب خضراء تمتزج أطرافها برمال الخليج الصغير الذهبية و
تحجب قسما منها أشجار عالية مورقة.

كانت لين سلدن تنوي قضاء العطلة في ايرلندا الجنوبية برفقة صديقة لها لكن
صديقتها اعتذرت عن المجئ فقررت لين المضي في رحلتها وحدها. انتقلت من انجلترا
إلى ايرلندا بحرا وبذلك تمكنت من شحن سيارتها على الباخرة نفسها.

أمضت الفتاه إلى الأن عشرة أيام رائعة تتنقل في ارجاء ايرلندا الخضراء
الساحرة . جمال الطبيعة انساها وحدتها فلم تكن تتذكر ذلك الا عند رجوعها في
المساء إلى الفندق لتخلد إلى النوم. وبعد ان امضت لين يومها في مدينة دونيغال
استعدت للعودة على الفندق الواقع في اطراف المدينة لتتوجه في الصباح الباكر
جنوبا نحو دانليرى حيث ستستقل الباخرة بعد ايام عائدة على انجلترا.

اوقفت السيارة إلى جانب الطريف و اخرجت من حقيبتها خريطة المنطقة عيناها
تحدقان في الخريطة في حين ان فكرها شارد في امور اخرى و خاصة في عرض الزواج
الذي تلقته قبل اسبوعين من زميلها في العمل توماس انه شاب لطيف و مهذب لكنه
لا يتمتع بأية جاذبيه لا بل هو كما وصفته احدى زميلاتها بليد و مثير للضجر
وعدته لين بالتفكير جديا في الامر لانها بدات تشعر بالملل من العيش وحيدة فلا
باس بفكرة الاستقرار مع رجل طيب رقيق لبناء عائلة صالحة.

الى جانب ذلك هناك سبب اخر يجعل لين تأخذ في الاعتبار عرض الزواج و هو شعورها
بالأسف نحو توماس الذي فجع خيانة زوجته له و انفصالهما بالطلاق وجدت الفتاه
معاناة قواسم مشتركه مع ما تعرضت له حياتها العائلية تمتعت ليت بطفولة سعيدة
بين والدين محبين و في منزل وافر الامان لكن والديها انفصلا عن بعضهما و هي
لم تتجاوز بعد السبعة عشر ربيعا بعد ما وجدا ان طريق كل منهما يختلف عن طريق
الاخر و خلال ثلاث اعوام تزوجت امها من رجل امريكي و هاجرت معه الى امريكا
كما ان والدها تزوج من سيدة اقنعته بالهجرة الى استراليا و هكذا اصبحت
لين وحيدة و هي في العشرين و تعيش دون عائلة لذلك قررت ان تجد الرجل الذي
ينتشلها من عذابها و يقاسمها حياة هنيئة.

ايكون هذا الرجل توماس؟؟ سؤال لم تجد له بعد جوابا شافيا تنهدت و هي تقود
السيارة و في طريق فرعي ضيق محاط بالاشجار العالية بعد ان توغلت بضعة كيلو
مترات وصلت الى غابة كثيفة تقع في وسطها بحيرة جميلة يقوم قربها مخيم للغجر
وجود جماعات الغجر في ايرلندا امر مألوف اكثر من وجودهم في انجلترا غريب ام
هؤلاء القوم يتنقلون من مكان الى اخر لا يحبون الاستقرار كبقية البشر يبحثون
عما لا يجدون فيستمرون في التجوال.

فجاة اذ تجاوزت السيارة اولى عربات الغجر اصدر المحرك صوتا قويا ثم توقف
ترجلت لين من السيارة و التف حولها عدد من الاطفال الفضوليين ثم تقدمت منها
غجريتان فيما هي منهمكة بالنظر على المحرك تحاول عبثا معرفة سبب العطل و برز
من بين الجميع شاب اسمر اللون عارضا المساعدة رفعت لين عينيها لترى شاب طويل
مفتول العضلات اسود العينين اجعد الشعر نظراته ثاقبه ارعبتها فبلعت ريقها من
الخوف.
قالت له اخيرا:-
- تعطل محرك سيارتي.
- هل نفذ منها الوقود؟؟
اومات لين بالنفي و اجابت:
- الوقود فيها اكثر من كاف00
وجدت الفتاة نفسها تحدق لاحظت تعاليا و غطرسة في هذه الملامح يجعلانه مختلفا
عن بقية قومه فالغجر عادة اناس بسطاء متواضعون علمهم الفقر ان الخضوع هو
الوسيلة الوحيدة لكسب ارزاقهم.
- بما ان الوقود متوافر لا اعلم سبب الداء. نحن نستعمل الجياد لا السيارات
لذلك خبرتي في محركات ضعيفة جدا كل ما يمكنني فعله هو ارسال احد على المدينة
لاحضار ميكانيكيا.
هذا لطف كبير منك , لكنني سأتدبر الأمر وحدي فلا داع للأزعاج0
هز الرجل كتفيه علامة عدم الأكتراث , لكن لين كانت تدرك انه كاذب من خلال
نظراته الشغوفه و الفاحصة. و لانها لمحت شابا يتوجه على حصانه نحو المدينة
ليحضر ميكانيكيا0

شعرت بالحرج و هي واقفة بين هؤلاء الغجر0 فبدأت تتمشى حتى ابتعدت عن المخيم
في طريق موحش تحيط بجانبيه خضرة عذراء تبدو من خلالها مياه البحيرة مرآه
تنعكس على صفحتها بفرح أشعة الشمس الذهبية.

و بينما هي تتأمل شاعرية المكان و سحر وجوه الغامض سمعت وقع خطى تتقدم منها
على مهل فارتعدت علمت انه الغجري الاسمر تراءت لها اشياء كثيرة مرعبة اذ رأته
يقترب منها بكل ثقة و خانتها شجاعتها حتى كادت تصاب بالاغماء.
تحدث الشاب بنبره آمره:
- انت انجليزية اليس كذلك؟؟ ظننت في البدء انك اميركية.
توقف عن الكلام و اقترب من الفتاه عضلاته القوية يبرزها قميصه الاسود الضيق و
(( غجريته)) يدل عليها الشال الاحمر القذر الملفوف حول عنقه لو اراد فنان رسم
متشرد لوجد فيه النموذج الامثل ارتجفت لين لتراودها فكرة الفرار و لكن الغجري
لم يدع لها الفرصة لتجد منفذا تقدم منها بغته و اطبق على ذراعها دافعا اياها
الى مكان كثيف الاشجار خلال ثوان صارت بين ذراعيه القويتين.
صرخت بأعلا صوتها:
- ايها الوحش!!
لم يابه الرجل لكلماتها بل طوقها ضاحكا و كان مقاومتها تزيد لعبته اثارة و
بينما هم يهم بطرحها ارضا داس احدهم على غصن يابس فسمع صوت انكساره عاليا
التفت الرجل و هو يزمجر غضبا لتظهر فتاه غجرية جميلة يتطاير الشرر من
عينيها:-
- الم تشبع من افعالك القبيحة بعد؟؟ دع الفتاه و شانها ايها الوقح!!
ذهلت لين لاطاعة الرجل الشرير اوامر الغجرية من دون نقاش و ما كاد يحرر يدها
المليئة بالخدوش حتى اطلقت ساقيها للريح.

جلست لين تفكر في كيفية افلاتها من قبضة الغجري الاسمر و لحسن حظها وجدت
اتوبيسا اقلها على الفندق في المدينة و من هناك اتصلت هاتفيا بجراج للسيارات
فتكفل الميكانيكي باصلاح السيارة و جلبها في اليوم التالي بعد ان تبين ان
العطل كان بسيطا للغاية.

سارعت لين بعد ذلك على مغادرة المنطقة و ساهم انتقالها بين الطرقات الجميلة
على نسيان الحادثة الاليمة فاستعادت روحها المرحة و رغبتها في اكتشاف المزيد
من ايرلندا.

ورده قايين
22-05-2007, 19:42
وصلت على منطقة تدعى لاف كوريب حيث وجدت المشاهد رائعة تحبس الانفاس الجبال
المراعي الواسعة البحيرات الغابات ..كلها مناظر خلابة تسحر الالباب تمتع
العين و النفس و ترحب بانسان المدينة التعب لينفث في رحابها الهموم وصلت على
واد اخضر تبحث عن مكان تمضي فيه ليلتها ووفقت في العثور على المكان الملائم
مزرعة صغيرة يستقبل اصحابها النزلاء في جناح خاص مقابل مبلغ القليل من المال.

اوصلتها المراه صاحبه المزرعة الى غرفتها البسيطة النظيفة و اطللت لين من
النافذة لتشاهد المنظر الجميل و الجبال تكسوها الغابات الكثيفة ثم لاحظت
مدخنة بعيدة في وسط جبل اخضر.
سالت لين المراة و هي تشير الى المدخنة:-
- هذا بيت في الجبل؟؟ اظن اني رأيت مدخنة.
- نعم هذا قصر السيد دوغى.
لاحظت الفتاة تغير في نبرة المرأه التي تابعت تقول:
- السيد دوغى هو مالك كل هذه الاراضي و قد ورثها عن والده الذي كان الحاكم
الاقطاعى للمنطقة بناء فخم تحيط به حدائق رائقة.
- هل يسمح للجمهور بزيارة الحدائق؟؟
- نعم الابواب تفتح للزوار يومي الثلاثاء وو السبت.
- اود لو سمحت يا سيدتي ان احجز هذه الغرفة ليومين.
- امرك انسة سلدن بامكانك حجزها المدة التي تريدين هنالك اشياء كثيرة يمكنك
القيام بها في هذه المنطقة باستطاعتك مثلا اذا كنت تجيدين ركوب الخيل استئجار
جواد من مدرسة الفروسية و التوجه الى الغابات.
اعجبت لين بهذه الفكرة فهي لا تزال تجيد الفروسية التي تعلمتها ايام الطفولة.
انطلقت لين ظهر السبت صوب الحدائق قصر دوغي و بعد ان سلكت بسيارتها طريقا
منحدرا وصلت الى سفح التلة التي يقوم عليها القصر و بدات بالصعود نحوه الى ان
بلغت سورا كبيرا في وسطه بوابه مفتوحة يقف بجانبها حارس يرتدي ثيابا انيقة.

دخلت الى موقف مخصص لسيارات الزوار بعد ان دفعت مبلغا صغيرا يذهب الى الاعمال
الخيرية.

اخيرا وجدت لين نفسها تتجول في هذه الجنة اينما نظرت وجدت جمالا و بهاء ممرات
تظللها اشجار سخية برك ماء صغيرة تغطيها الزنابق جداول تتدحرج بين الصخور
تعلوها جسور خشبية صغيرة مكسوة بالنبات المتسلق تماثيل بديعة وسط نوافير
المياه و تشكيلات من اجمل الزهور و ازهاها توقفت لين مرارا لتقرا اسماء
الاشجار و الازهار النادرة فتحت كل مجموعة وضعت لوحة صغيرة فيها شروحات موجزة
عن النوع كما قرات على احدى اللوحات ان شرفات الجهة الجنوبية من القصر صممتها
السيدة موريل زوجة الكونت دوغى حاكم المنطقة في القرن التاسع عشر.

وصلت لين خلال تجوالها غالى حديقة مليئة باشجار الزيزفون و شجيرات اخرى
اجنبية مستوردة من القارة الأميركيه 0حديقة اقل ما يقال فيها انها فاتنه جعلت
الفتاه تنسى كل شي و تعتبر ان العالم تقلص كثيرا ليصبح هذا المكان الخلاب
الذي لا موطئ قدم فيه الحزن او لهم لم تتمكن من كتم شعور بالحسد تجاه مالكى
القصر و تمنت لو تكون مكانهم.

حان وقت العودة الى الفندق و تساءلت لين: كيف يتمكن سكان القصر من حبس انفسهم
في الداخل عندما تفتح الابواب للزوار.

فيما هي متوجهه الى البوابة الرئيسية لاحظت لين مجموعة من الزوار ملتفين حول
نافذة من نوافذ القصر تقدمت منهم يدفعها فضول الاكتشاف فسمعت الحوار الدائر
بينهم.
قالت السدة المتوسطة العمر:
- هذه اللوحة تمثل والدته.
علقت السيدة الاخرى:
- لقد كانت رائعة الجمال.
- من المؤسف انها اقدمت على هذا العمل!
- يقال ان علما اسود رفع على شرفات القصر بعد الحادث.
- و ما معنى ذلك؟؟
- معناه انها اعتبرت ميته بالنسبة لعائلتها بعد العار الذي سببته لهم.
- قيل انها ماتت بعد ذلك بوقت قصير اليس كذلك؟؟
- ماتت و هي تضع طفلها.
- و هل تعهد اهلها الطفل؟؟
- البعض يؤكد ذلك
- لكنه اصبح مالك القصر و سيد الأراضي الان رغم كل ما حدث
- السيد دوغى عثر على هذه اللوحة و امر بوضعها هنا ليعيد الاعتبار الى والدته
المنبوذة
- يا لها من قصة محزنة! كم يبلغ دوغى من العمر؟
- اعتقد انه اصبح في الثلاثين.
- هل هو متزوج؟
- لا هناك اشاعات كثيرة عن علاقة تربطه بممثلة سينمائية كبيرة لكنها اخبار
ملفقة لا تمت الى الحقيقة بصلة يقال عنه انه يؤمن بالحب من اول نظره و عندما
يجد ضالته المنشودة سيتزوج فورا
- اتمنى لو استطيع رؤيته لانه كما سمعت شاب باهر الجمال
- ما يميز غيره من الرجال هو قصته الحزينة
- ما هي القصة الحقيقية التي وقعت لامه.. انا لا اعرفها كاملة
- يقال انها هربت مع....

لم تسمع لين من القصة اكثر من ذالك لان المجموعة ابتعدت عنها باتجاه قسم اخر
من الحديقة نظرت من النافذة داخل القصر حيث علقت اللوحة المعنية فرات رسم
امراه رائعة الجمال ترتدي فستانا من الحرير الازرق و على بساطته لا يخفي
وجهها نظرات ارستقراطية واضحة في العينين الزرقاوين شفتاها الورديتان ترسمان
ابتسامة السعادة و البراءة من المحزن انها ماتت عند الولادة

خرجت لين من الحدائق و هي تفكر بهذه القصة التي لم تتمكن من معرفة كل فصولها
شعرت بفضول كبير لمعرفة الحقيقة و للتعرف الى صاحب القصر الذي انقذ لوحة
والدته لينقذ شرفها الضائع.

ورده قايين
22-05-2007, 19:46
في الصباح التالي استعدت لين للرحيل بعد ان سددت الفاتورة ووعدت بالعودة الى
المزرعة في رحلتها المقبلة الى ايرلندا توجهت الى مدرسة الفروسية حيث تركت
السيارة في موقف خاص و ترجلت لتستاجر حصانا قررت ان تقوم بنزهه صغيرة على
الحصان في ذهابها الى منطقة جديدة ووقع اختيارها على فرس قوي
- هل هذا الحصان هادئ؟؟
اجابت الفتاه المسؤولة عن الاسطبل:
- فونيلا افضل حصان عندنا و انا واثقة من انك ستفتقدينه كثيرا عندنا تنتهين
من جولتك.

حدقت الفتاة في لين جيدا و تاملت الوجه الرقيق و الشعر الاسود الطويل المعقود
بشريط ابيض كما اعجبت بالقامة الرشيقة و خصوصا بالساقين الطويلتين و الخصر
الضامر لاشك في ان لين فتاه جميلة تجذب الرجال و تدير رؤوسهم...

بعد قليل كانت الفتاه الانجليزية تمتطي جوادها في الغابة التي ارشدتها اليها
فتاه الاسطبل حيث يمكنها التجول بحرية و حيث لا خطر بان تتوه لان اللافتات
منتشره في الغابة خصيصا لارشاد المتنزهين.

كانت اشعة الشمس الساطعة تنفذ من بين اوراق الكثيفة بحياء مضفية على الجو
الداكن اشراقه من السحر وومضة من الغموض
- يا الهي! كانني بالجنة!
ضحكت لين مسرورة لأنها تتمكن من الكلام و التفكير بحرية مطلقة في هذا المكان
كان العالم اصبح ملكها لا ينازعها فيه احد.
- حسنا يا حصاني الجميل لنرتح قليلا هنا.
ربطت الحصان الى شجرة ووقفت تتأمله يلتهم العشب الطري بنهم.

اجفلت لين عندما سمعت صوتا غريبا و اخذت تحدق حولها لترى مصدر الجلبة و شعرت
بان احدا يراقبها في هذه الغابة الموحشة تلفتت فلم تسمع الا خفقة ورقة صفراء
يحملها النسيم.

فجاة سمعت صهيل حصان فاقتربت من فرسها و حلت الحبل بيدين مرتجفتين و قبل ان
تستطيع الانطلاق بالفرس و الابتعاد اقترب منها حصان يمتطيه......الغجري
الاسمر

تجمد الدم في عروقها لما رات الغجري امامها....كيف استطاع الوصول الى هنا من
مخيمه البعيد بهذه السرعة لا يعقل ان يكون جاء على حصانه لان المسافة بعيدة
الى حد يجعل مستحيلا لابد انه استعمل وسيلة اخرى ثم من أين اتى بهذا الحصان
الاصيل الذي لا يمكن ان يملكه غجري فقير؟؟

رفعت عينيها الى وجهه لاحظت اشياء لم تلحظها فيه عندما حاول الاعتداء عليها
بعد تعطل سيارتها قرب المخيم رأت الى جانب وسامته مسحة ارستقراطية نبيلة و
شيئا من اللباقة و الاستعلاء يده الممسكة باللجام بدت انعم تدل على انه لم
يقم بعمل يدوي في حياته حتى ثيابه تبدلت لم يتخل عن قميصه الاسود لكن الشال
الاحمر المتسخ اختفى لحل مكانه شال اخر نظيف السروال الممزق تغير ليصبح
سروالا انيقا...لا شك انه سرق الحصان و الثياب و لكن كيف تبدلت يداه من يدي
متشرد الى يدي ارستقراطي نبيل وقف الغجري يحدق فيها باستغراب كانه فوجئ
بوجودها.

حطم جدار الصمت و اخيرا يقوله:
- صباح الخير.
اخذت لين تحسب فرص الهرب و جسمها الرقيق يرتعش خوفا و غضبا نظرت الى الممر
القريب الذي يوصلها الى مدرسة الفروسية و بخفة لم تعهدها في نفسها من قبل
قفزت الى الحصان و السوط في يدها انطلقت بسرعة وكي تعاقب الغجري على فعلته و
لتؤخر اللحاق بها ضربته بالسوط على وجهه و ضع الرجل يده على خده الدامي و قد
ارتسم على وجهه ذهول كبير.
- تستحق اكثر من ذلك ايها الغجري المتشرد! كيف تجرؤ على التحدث الي؟؟ عد الى
قومك ولا تتحرش بالناس المتمدنين!

قالت لين كلماتها هذه وهي منطلقة على حصانها تحثه بضربات خفيفة من قدميها على
الاسرع في العدو اخذت تخترق الغابة بسرعة عمياء و خوفها يتعاظم مع اقتراب
حوافر جياده منها اذا تمكن من اللحاق بها سيقتلها و يرميها في الغابة! ازداد
هلعها لهذه الفكرة و لم تعد تدري ما تفعل لتخرج من الورطة المميته فهذا
الحصان يقترب منها اكثر فاكثر و صاح فيها الرجل:
- توقفي!
استمرت لين في العدو باسرع ما يمكنها لكنها ضلت الطريق بسبب ذعرها الشديد و
لم تجد ممر الخروج من الغابة فصارت تصرخ بأعلى صوتها:
- النجدة!! النجدة!!
دب التعب في حصانها فخفت سرعته في حين ان حصان الغجري الجبار ما انفك يدنو
منها.
- توقفي و الا اوقعتك عن الفرس.
تجاهلت الفتاه اوامره باحثه دون جدوى عن وسيلة للافلات.
- دعني و شاني! ارحل عني سابلغ رجال الشرطة.
توسلات و تهديدات لن تجدي نفعا مع هذا الرجل الشرير و اخيرا صار الغجري
بمحاذاتها فبذلت المستحيل للصمود فوق فرسها المتعبه0 مال الرجل و خطف من يدها
اللجام اجبر الفرس على التوقف ثم نزل عن حصانه و انزل لين عن حصانها شعرت
انها سجينة نظراته الغاضبة ووقفت عاجزة عن الحراك.

رفع الغجري يده الى خده الدامي يتحسس الجرح العميق الذي سببته ضربه السوط
- هل هو حصانك.
- لا استاجرته من مدرسة الفروسية.
هز الرجل راسه و كانه يعرف المدرسة ثم اخذ يحدق في الفتاة لثوان مرث ثقيلة
كأنها الدهر قبل ان يقول:
- لا خوف على الحصان انه يعرف طريق العودة الى الاسطبل
و ضرب فونيلا ضربتين خفيفتين فبدا بالعدو حتى اختفى عن نظر لين بعد قليل.
- من أين انت؟؟
- انا انجليزية و جئت الى ايرلندا لامضي اجازتي السنوية...انزل في مزرعة
قديمة من هنا.
هز الرجل راسه كانه يعرف المزرعة كذلك.
- قلت انك في اجازة فهل يعني هذا انك بمفردك؟
- تمام انا اجوب البلاد بسيارتي التي تركتها في موقف قريب من الاسطبل.
واصل الرجل طرح الاسئلة وواصلت لين دون ان تدري مدى خطأها في اعطاء معلومات
يجب ان لا تطلعه عليها و لم تعي ذلك الا عندما سمعته يقول:
- انت وحدك هنا...
و عندما سالها لما ضربته بالسوط اجابت لي وفي صوتها نبرة الازدراء:
- لأنك و جنسك حثالة المجتمع و رعاع القوم!
سرعان ما ندمت لتهورها و طيشها اذ رات في عيني الرجل عاصفة من الغضب و نية
على ارتكاب عمل شرير اقترب منها و زمجر:
- حثالة المجتمع و رعاع القوم؟ ستدفعين ثمن كلماتك غاليا.
و بسرعة حملها في قوة و رمى بها على ظهر الحصان ثم قفز خلفها و انطلق مسرعا
نحو عمق الغابة.

ورده قايين
22-05-2007, 19:48
تساءلت لين عما ينوي الغجري فعله بها و لكنها لم تفلح في تصور مصيرها يعزز
ذلك الغضب اقرب الى الجنون يسيطر على خاطفها

ازداد الحصان توغلا في الغابة و لين تكاد تصاب بالاغماء و الرجل ملتصق بها
تحس بنفسه يلفح عنقها و هو يقود الحصان بسرعة كبيرة اخذت ترتعد كورقة خريفية
و هي تسال نفسها عما فعلته لتستحق هذه النهاية السوداء اخيرا قرر الرجل
التنازل عن صمته فأعلن:
- نحن ذاهبان الى المخيم
- المخيم... اي مخيم هذا.
قهقة الغجري عاليا يتلذذ يخوفها و اجاب:
- الا تعلمين ان الغجر يعيشون في مخيمات؟
- ستندم ايها الحقير على عملك لان رجال الشرطة سوف يرمون بك في السجن!

كانت تعلم في قرار نفسها ان كلامها لا يرهب الرجل فالغجر (( محترفون)) في
الخروج على القانون ولا يهابون السلطة القانون الوحيد الذي يحترمونه هو ان
الغاية تبرر الوسيلة و ان مصلحة القبيلة يجب ان تكون الاهم بغض النظر عن أي
اعتبار واصلت لين بالرغم من ذلك تهديدها لعلها تنج في العثور على نقطة ضعف في
الغجري:
- تكون احمق اذا اعتقدت ان بامكان الافلات من قبضة العدالة الاختطاف جريمة
يعاقب عليها القانون بشدة!.

لم يعلق الرجل بشئ وظلا صامتين حتى وصلا الى المخيم حيث انتشرت عربات كثيرة
نظرت الى الوجوه التي تنظر اليها فلم تتعرف الى احد من الذين راتهم عندما
تعطلت سيارتها كما لم تجد تلك الفتاه التي انقذتها يومها من الغجري لعلها
تعيد الكرة الان.

تعالت الصيحات الترحيب للغجري:
- اهلا بك يا رادولف!
- ما هذه الغيبة الطويلة؟؟
- اخيرا عدت الينا.

نشأ لدى لين انطباع بأن الغجري لا ينتمي الى مخيم معين خصوصا ان هذا المكان
ليس المكان نفسه الذي شاهدته
تقدم من الغجري رجل كهل قال:
- رادولف ليس من عادتك...
اسكته رادولف باشارة من يده و لكن الكهل تابع:
- ما حدث لوجهك؟؟ الدماء تسيل منه بغزارة!

عندما رأت لين الجميع يلتفون حول رادولف و علامات التعجب بادية على وجوههم
سمعت بعض الكلمات الانجليزية لكن معظم الكلام باللغة الغجرية التي تجهلها
اوضح رادولف الامر لقومه بلغتهم و نظراته مليئة بالحقد تصب نارها على الفتاة
المصابة بالذهول مطبق 0
امسك الغجري بخصرها و انزلها عن الحصان فتعالت ضحكات من حولها و كان القوم
يستعدون لمرح أت ولاثارة توفرها لهم ضحية جديدة يتسلون بها..

زادت الدماء المتجمد على وجه رادولف من رهبة شكله وجعلته يبدو مجرما اكثر و
اكثر ايمكن ان تتوقع رحمة من انسان كهذا لا يهتم الا بارضاء غرائزه لا يعرف
المثل و المبادئ التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة حاوت الفتاة الا تفكر بما
ينتظرها لكن الرؤى السوداء كانت تغلف ذهنها كغمامة داكنه تمنت لو انها تموت!
فالموت ارحم من العذاب القابع وراء الساعات المقبلة...تمنت لو ان يدي رادولف
الجبارتين تلتفان حول عنقها الغض و تعصران منه اخر نقطة حيا...

انصرف رادولف الى الحديث طويل مع الرجل الكهل سمعتهما لين يتلفظان ببعض
الاسماء اولا بوريل وو غيرها و فهمت ان الكهل هو اولاف و انه و رادولف
يتحدقان عن بوريل و لكنها لا تعلم ما اذا كان بوريل اسما لامراه او لرجل حدقت
الفتاه في وجه رادولف لتجد الاضطراب و القلق الشديدين باديين عليه في حين كان
اولاف يتنهد من وقت الى اخر و يزم شفتيه بامتعاض ما هو الحديث المهم الدائر
بين الرجلين؟؟ سؤال لا يمكنها ان تجيب عليه قبل ان تفهم هؤلاء القوم.

بعد ذلك بدا القوم يوجهون الاسئلة الى رادولف فيجيب عليها باقتضاب و الاولاد
الحفاة ذو الثياب البالية يحملقون في ثيابه النظيفة و الانيقة بانبهار.

نظر رادولف الى لين فعاد الى عينية لمعان الشر و بلمح البصر حملها بين يديه
وسط ضحكات الجميع الى عربه ارشده اليها اولاف
صاحت لين في الغجر:
- هذا الرجل خطفني!! ستحاكمون جميعكم ان لم تساعدوني!

نظرت حولها تبحث عن احدهم يتعاطف معها فلم تقع الا على وجوه ضاحكة و نظرات
ساخرة لا امل اذن بان يساعدها احدهم فالجميع وحده متماسكة و الافراد يتعاونون
حتى على اعمال الشر0
ادخلها رادولف إلى العربة ثم خرج بسرعة بعد ان اغلق الباب بعنف. في هذه
العربة لن يتدخل احد لانقاذها. عليها ان تواجه وحدها الرجل الذي يبدو زعيما
او ملكا على قومه يذعنون لمشيئته بدون نقاش اغرورقت عيناها بالدموع فساعة
العقاب حلت شرعت تبحث في العربة عن وسيلة للخروج من سجنها الصغير مكان قذز
فيه اريكة و طاولة مستديرة مع بعض الكراسي العتيقة في الطرف الاخر سرير ضيق و
على الخزانة كتب قديمة ووضع مصباح زيتي يغطيه غبار سميك كأن احدا لم يشغل هذه
العربة منذ وقت طويل فالقذارة المنتشرة في ارضها و على محتوياتها لا توصف.

ورده قايين
22-05-2007, 19:52
في خلدها تدور اسئلة كثيرة من هو رادولف بالحقيقة؟؟ من هو بوريل الذي تحدث
رادولف و اولاف عنه بكثير من الجدية؟؟ لكن السؤال الاكثر اهمية و الحاحا
يبقى: ماذا سيكون مصيرها؟؟

ورده قايين
22-05-2007, 19:58
2 - امرأة في شرك

دخلت لين الى زاوية صغيرة في العربة يفترض انها مطبخ كانت فيه مغسلة قذرة و
فرن صدئ يعمل على الغاز لم تتمكن الفتاه من تحمل الرائحة التي تدعو الى
الغثيان و لما همت بالخروج سمعت اصواتا قريبة في الخارج اطلت من النافذة
الضيقة فرات رادولف و اولاف يتحدثان وحيدين بالانجليزية فربضت لين تحت
النافذة من دون ان تدع راسها يطل و اخذت تسترق السمع.

- اعرف ان الامر يقلقك يا رادولف لكنه حر في اختيار طريق حياته
- لا تقنعني انه محق في سلوك هذا الطريق!!
- اوافق معك و الدليل اني بحثت عنه كثيرا كما طلبت مني لكنه مراوغ كبير و لا
يهدا في مكان.
- اعلم ذلك يا اولاف والا لما كنت رايتني هنا فقد اخبرني ايفور انه في هذا
المخيم.
- كنت قادما هنا اذن عندما خطفت الفتاه
- بالطبع و الا لما...
- مذا تنوي ان تفعل بها يا رادولف؟؟
- ساجعلها تدفع الثمن غاليا لضربي بالسوط و لوصفها اياي بالغجري المتشرد
حثالة المجتمع.
- اعذرها يا رادولف فالناس يملكون افكارا خاطئة عن الغجر
- انا لا اعذر احدا يجرؤ على اهانتي!!
- لكنها تبدو فتاه طيبة فلا تحطم حياتها
تكلم الغجري الشاب بكل صميم و جدية:
- اسمع يا صديقي انا انوي ان انال منها التعويض المناسب عن اهانتي فاذا لم
تتمكن من تحمل ذلك لن يكون الذنب ذنبي0

ادركت لين من لهجته القاسية ان الرجل ليس مستعدا للعودة عن قراره و انه ينصاع
لغرائزه ضاربا عرض الحائط كل الاعتبارات حاول اولاف من جديد ان يثنيه عن
عزمه:
- انت تعلم ان الاختطاف جريمة خطيرة يعاقب عليها القانون بصرامة عليك ان تفكر
بوضعك الخاص يا صديقي فنحن بغنى عن المشاكل ظننت ان الايام كنت كفيلة بتهدئة
طباعك الحادة بعض الشي و بتعليمك كيف تكبح جماح اعصابك.

تساءلت لين عن الوضع الخاص الذي تكلم عنه الغجري الكهل ايعني به ان رادولف هو
(( ملك)) الغجر في كل ايرلندا؟؟ تفسير معقول قد يوضح كلمة الوضع الخاص و
الاحترام الذي اظهره هؤلاء القوم للرجل كما يوضح عدم استقراره في مخيم واحد و
تنقله المستمر من منطقة الى اخرة.
- اتعتقد اني خائف من العقاب يا اولاف.. الا تعلم اني لا احسب حساب النتائج
عندما اقرر الاقدام على خطوة انا مقتنع بها..

فهمت الفتاة من كلماته انه معتاد على هذه الاعمال و ان خبرته فيها طويلة بحيث
لا يخاف الوقوع في ايدي العدالة لكن اولاف ما يزال قلقا و لم يشارك صديقه
مرحه اذ قال بكل جدية:
- احس بنفسي مسؤولا لاني كنت اعلم منذ البدء...

قاطعه رادولف مطيبا خاطره:
- اشكر تفهمك
صمت الكهل قليلا ثم واصل محاولا اقناع صديقه الشاب:
- ولكني اسف للفتاه المسكينة
- لا داعي للاسف لانها اوصلت نفسها الى هنا بحماقتها!!!
- هي انجليزية اليس كذلك؟؟
- تماما
- اذن لابد ان يكون احدا ما قد بدا البحث عنها عائلتها ربما...
- غير ممكن يا اولاف الفتاة وحيدة هنا.
- من قال ذلك؟؟
- قالت لي بانها تمضي اجازتها في ايرلندا و تجوب البلاد وحيدة بسيارتها
- اسمع يا رادولف تبريراتك لا تقنعني بصحة عملك.
- لن اتراجع عن خطوتي ابدا!!
- ولكنك ستوقع نفسك في مشكلة كبيرة
- لا تقلق يا صديقي لن يبحث عنها احد اذ يفترض انها تركت الفندق الذي كانت
تقيم فيه و اتجهت الى منطقة جديدة
- و لكن اين السيارة التي تكلمت عنها؟؟
اخبره رادولف بكل التفاصيل و بان السيارة مفتوحة و المفاتيح ما تزال بداخلها
عندها فقط ادركت لين انها اخطات عندها صرحت للرجل بحماقة لا مثيل لها بكل ما
يسهل له اتمام جريمته
ابتعد الرجلان قليلا فلم تعد الفتاه تتمكن من سماع بقية الحديث ولكنها
استطاعت التقاط جوهره
- عليك احضار سيارتها باسرع ما يمكن يا رادولف كي لا تبدا الشكوك تحوم حول
وجودها في الموقف
- لا ارتاح لعملك يا صديقي هذا ليس من طبيعتك بل...
تلاشت الاصوات اذ ابتعدا كثيرا عن النافذة ففشلت لين من جديد في اكتشاف اللغز
الذي بدات تشعر بوجوده في حياة هذا الغجري الذي ظهر من العدم ليقلب حياتها.

ماذا سيفعل الان بالسيارة لكم كانت غبية عندما اطلعته على كل شي لو لم تفعل
لكان احدهم لاحظ بقاءها الطويل في الموقف و لابلغ الشرطة بالامر و لكن لا
يمكن ان تضيع اثار لين لمدة طويلة فمن المحتم ان يفتقدها زملاؤها عندما تنتهي
اجازتها و تقتضي عودتها الى العمل كان يفتقدها صاحب البيت عن استحقاق ايجار
شقتها الشهري سياتي من ينقذها من قبضة الغجري عاجلا ام اجلا لكن المقلق ان
هذا الرجل يملك ثقة كبيرة بنفسه تجعلها تخاف من ان يتدبر الامر بشكل محكم
ينجو فيه من أي عقاب على جريمته النكراء

أي هو الان؟؟ غيابه يريد من قلقها و توترها كم يمارس هذا الرجل لعبة الحرب
النفسية ببراعه!! اه لو يستطيع اولاف من اقناعه بالافراج عنها!! امنية بددتها
اصوات ثرثرة في الخارج باللغة الغجرية شعرت لين من دون ان تفهم شيئا انها
موجهه اليها بدا قلبها يخفق بقوة و احست بان جسمها مشلول و عقلها لا يفكر صار
كل كيانها كنصبا على اللحظات الزاحفة ببطء تحمل في كل ثانية جبالا من القلق و
الخوف متى سياتي رادولف؟؟ و ماذا سيفعل عندها؟؟ كم كانت متهورة عندما ضربته
بالسوط!! لكن الطريقة الهادئة التي حياها بها في الغابة و كانه يراها للمرة
الاولى اججت في صدرها نار الغضب كيف استطاع مواجهتها بكل هذا الهدوء بعد
الحادثة الاولى قرب المخيم؟؟ استحق الضرب و ان تكن النتيجة وجودها هنا سجينة
رجل شرير ينوي ايذائها و بين اناس لم يسمعوا بالشفقة ووخز الضمير من سينقذها
من المصير الذي اعده و يعده لها خاطفها؟؟

جن جنونها بعد تحليلها للموقف فحاولت فتح الباب ثم اخذت تدق بيديها عليه و هي
تعلم ان عملها لن يجدي نفعا لكن احساس دفعها الى هذه المحاولة الفاشلة انهارت
و سقطت على الارض تجهش بالبكاء في حين تعالت في الخارج قهقهات الغجر
المتلذذين بعذابها و معاناتها

اخذت لين تدور في الغرفة تقيسها طولا وو عرضا تجلس على كنبة تنهض لترتمي على
السرير...تسمرت السجينة في مكانها اذ سمعت وقع خطوات قريبة استقرت عيناها على
مقبض الباب تنتظر في هلع ادير المفتاح في القفل و دخل رادولف رماها نظرة عدم
اكتراث و اقفل الباب وراءه.
- حسنا يا صغيرتي وصلنا الان الى ختام المسرحية.

ابتسم هازئا و تحسس الجرح في خده ارتجفت لين عندما رات عمق الجرح الذي سببته
للرجل لانها لم تؤذ احدا في حياتها من قبل لكن وقاحة الغجري دفعتها الى
اللجوء الى العنف معه.
اصبحت لهجة رادولف امره عندما تكلم من جديد:
- تعالي الى هنا لتنفذي العقاب على وصفك بحثالة المجتمع
و صاح فيها بعنف:-
- تعالي الى هنا!!

زاد الجرح احمرارا بسبب الغضب و لم تجد لين بدا من الاذعان لمشيئته خوفا من
بطشه امسك بمعصمها و شدها اليه بقوه بالغة حتى كاد ان يحطم عظامها لم تستسلم
الفتاة له بل اخذت تقاوم بكل ما اوتيت من قوه فيما هو يقهقه عاليا ساخرا من
مقاومتها صرخت لين من الالم عندما اطبق بيده الفولاذية على شعرها و ارغمها
على رفع وجهها الى عينيه الغامضتين و بوحشية فائقة اخذ رادولف يهزها بقوه في
غضب فيما الدموع تنهمر من عينيها سيولا حتى انها عندما نظرت اليه رات الصورة
مشوشة كانها امام شبح لا امام انسان من لحم و دم و مما زادها حيرة و تعجبا
اخراجه منديلا من جيبه ليمسح دموعها بكل رقة و حنان!!
- لقد اصبحت الان اكثر وداعة و اقل اهانة و وحشية.

نظرت الى الرجل بارتباك وجه جامد كانه محفور في الصخر نظرات باردة لا تنم على
أي احساس ماذا يدور في خلده؟؟ ماذا وراء هذه الملامح الهادئة؟؟
- اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي منك كاملا؟؟ كنت انوي ان استعمل
السلاح نفسه0

ورده قايين
22-05-2007, 20:01
اشار رادولف الى السوط المرمي على الارض و تابع:
- لكن اثار الجروح تفسد جمال وجهك لذلك طرحت فكرة جلدك جانبا و استعضت عنها
بطريقة انتقامية اخرة ممتعة0

رات لين في ابتسامته سخرية لا متناهية و في عينية علامة الانتصار وفي الوقت
نفسه ادركت انه اخطات عندما اهانته و انه لم يغفر لها ذلك لقد وصف الغجر
بحثالة المجتمع و رعاع القوم و رادولف مصمم على جعلها تدفع ثمن ذلك غاليا
كرر الغجري سؤاله:
- اعندك شي تقولينه قبل ان انفذ انتقامي كاملا؟؟

وجدت الفتاة صعوبة في نطق الكلمات:
- اتريدني ان اطلب الرحمة؟؟
- مع الاسف الشديد لن يجدي استجداؤك نفعا لاني لست ذلك الشخص المتسامح
ابتعدت لين الى الوراء و نظرت من النافذة فرات اولاف يبتعد على الحصان و معه
يتلاشى املها في المساعدة... قالت لمختطفها بصوت متهدج تخنقه الدموع:
- لن تنجو بفعلتك عندما اخرج من هنا ساذهب فورا الى الشرطة
علق رادولف و هو ينظر الى وجج المجروح في المرآه:
- الحديث عن الخروج سابق لاوانه يا عزيزتي فانت جميلة جدا و لن اتركك تفلتين0
تبسم هازئا و اضاف:
- ربما لن تخرجي من هنا ابدا.
لم تتمكن لين من استيعاب هذه الفكرة و تصورت نفسها سجينة هذه العربة بقية
حياتها...
- ماذا.... ماذا تنوي ان تفعل لي؟؟
رفع حاجبيه و اجاب:
- لا تتظاهري بالبراءه و تدعي انك لا تعلمين ماذا سافعل بك!!!
علت حمرة وجه الفتاة خجلا فاوضحت:
- اعني ماذا ستفعل بعد ان تنتقم مني كما تريد؟؟
توقف ووضعت يدها على قلبها الخافق بشدة ثم اضافت بهلع:
- هل تنوي ان تقتلني؟؟
هز رادولف راسه ضاحكا:
- اقتلك؟؟ خسارة ان يموت الجمال لا لن اقتلك لاني لا اريدك جثة هامدة بل
امراة تضج بالحياة.
انساها الغضب خوفا فانفجرت:
- اسمع يا حضرة الغجري قد اكون تحت رحمتك و لكن لا تتوقع مني أي سكوت لانك لا
تستطيع امتلاك روحي!!
- سنرى يا عزيزتي فلندع ذلك للوقت
اخذ يداعب شعرها فانتفضت و انشبت اظافرها على وجسهه مسببة به نزيفا جديدا من
الجرح
و لكنها ما لبثت ان ندمت على ذلك لان الغضب اعماه فكاد يخنقها:
- ساعلمك الان كيف يعامل رعاع القوم نساءه ايتها السيدة الانجليزية المتحضرة.
توسلت اليه و هي تحاول للملمة قميصها الممزق:
- ارجوك ارحمني!! اعتذر
اكمل رادولف على ما تبقى من قميصها ووقف يحدق فيها بعيني شقي شرير
- الاعتذار لا ينفع يا حلوتي اما الدرس الذي سالقنك اياه الان فنافع جدا!!
حملها بين يديه كدمية حاولت لين ان توقظ الرافه فلم تجد الا الرغبة في
الانتقام

رادولف المنتصر في هذه المعركة المنتقم الساخط الذي سيغلب على اية محاولة
تبديها للمقاومة اخذ يضحك و هو ينظر الى البقية الباقية من ملابسها فحاولت
ستر نفسها بغطاء السرير غشاها الخزي و العار و تمنت لو ان يد الموت تمتد
لتنقذها من مرارة هذه اللحظات المشينة
- ما رايك يا حلوتي بهذا التعذيب البطئ!! اعتقد انك لم تتوقعي ذلك ابدا عندما
ضربتني بالسوط على وجهي اليس كذلك؟؟
- اكرهك اكرهك............ساقتلك يوما
- ستكرهينني اكثر يا حلوتي ستكرهين الغجري المتشرد سوف تستجدين منه الرحمة!!!

استشفت لين من صوته مرارة الى جانب الغضب كان الرجل يغار كثيرا على سمعه بني
قومه و لا يتحمل ايه اهانة توجه اليهم
- ان الوان يا حلوتي ليبدا الانتقام الممتع

اغمضت لين عينيها و بكت بمرارة مستسلمة لقدرها المحتوم

lovely sky
22-05-2007, 21:19
واااااااااااااااااااااااااااااااااااااو
مشكووووووورة وردة قايين
الرواية روووووووووووووووعة

ايش راح يصير ل لين ؟؟؟؟؟
http://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gif
http://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gifhttp://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gifhttp://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gif

انا منتظرة بفااارغ الصبر اعرف ايش راح يصير لها مسكيــــــــــــــــــنة لين

http://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gif

ورده قايين
22-05-2007, 21:23
واااااااااااااااااااااااااااااااااااااو
مشكووووووورة وردة قايين
الرواية روووووووووووووووعة

ايش راح يصير ل لين ؟؟؟؟؟
http://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gif
http://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gifhttp://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gifhttp://img513.imageshack.us/img513/6390/q8262jl2.gif

انا منتظرة بفااارغ الصبر اعرف ايش راح يصير لها مسكيــــــــــــــــــنة لين

http://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gifhttp://img523.imageshack.us/img523/4963/q8282qf8.gif

راح انزل كم جزء علشانك يالفلي سكاي وفعلا الرواية مشوقة جدا 000

ورده قايين
22-05-2007, 21:28
3- اللعب بالنار


تزايد الضجيج في الخارج و طرق احدهم الباب افاقت لين من ذهولها ولاح لها امل
جديد

و قبل ان يفتح الباب سمع الرجال في الخارج يرددون اغنية غجرية فانفجر ضاحكا
تقدمت امراتان من مدخل العربة فغرقت لين في اغطية السرير محاولة اخفاء نفسها
و الخجل يغمرها تبادل رادولف بعض الكلمات مع المراتين و رمى احد الملتفين الى
لين فستانا زاهيا توقف رادولف يفكر و ينظر الى الفستان بينما كانت الفتاة
تحاول جاهدة فهم ما يجري ماذا يخطط هؤلاء القوم؟؟؟؟

الا يكفيها شر خاطفها وحده لتتحمل الان شرور الاخرين؟؟
اخيرا نطق رادولف:
- ولم لا؟؟
سالته الفتاة و الخوف يعصر قلبها و يمحو بقية الامل الذي لمحته بعد ان سمعت
الطرق على الباب:
- ما الامر؟؟
و اردفت بنبرة شبة هستيرية:
- قل لي ما الامر!!
- القوم يطالبوني بالزواج اليس مضحكا ان فردا من حثالة المجتمع يتزوج فتاة من
نخبة المجتمع!! وجدت انهم على حق فقد ان الاوان لاتخذ لنفسي امراة.
ثم اضاف بعد ان نظر الى الفستان:
- احضرو لك فستان العرس ارتديه!
امتقع وجه لين و صاحت في غضب باكية:
- لا ! لا يمكن لاحد ان يجبرني على الزواج
امسكت بالفستان و رمته في وجه الواقفين على الباب ثم صرخت:
- ارحلوا عني و خذوا هذه القذارة معكم!
انحنى رادولف ليلتقط الفستان و باشارة واحدة من يده ابعد قومه الملتفين و
نوايا الشر في اعينهم بعد ان اهانتهم العروس العنيدة اغلق الباب بعنف و اقترب
من السرير مهددا متوعدا
- ارتدي الفستان
مررت لين لسانها على شفتيها الجافتين و شرعت في محاولة تضليل للتهرب من شرك
الزواج
- ولو انني كنت متزوجة
نظر الى يدها اليسرى ليرى ما اذا كان في اصبعها خاتم زواج
- لا اعتقد انك متزوجة ارتدي الفستان و الا اذا كنت تريدين ان افعل ذلك بنفسي

اخذ عقل الفتاة يعمل بسرعة فوجدت ان في الاذعان لمشيئته و الخروج من هذه
الغرفة فرصة للحصول على مساعدة احد و الخلاص من قبضة خاطفها فقال له وعلى
حبينها علامة الرضوخ:
- حسنا لا خيار لي الا بقبول الزواج و على أي حال يظل الزواج افضل من.....
اكمل الغجري الجملة ضاحكا:
- افضل انتقامي البشع؟؟
- هلا تفضلت بالخروج لاغير ملابسي؟؟
- و لماذا تخجلين من زوجك؟؟
- انت لم تصبح زوجي
كان عقلها ما يزال يفتش عن وسيلة للخلاص كم هي مسافة بين المخيم وو الطريق
العام؟؟
و هل يسمعها احد اذا صرخت مستغثية؟؟
نفذ صبر رادولف من الانتظار فقال:
- لقد نفذ صبري فلا داع للخجل!! انهضي من السرير و ارتدي ثوب العرس
نهض الرجل من كرسيه غاضبا فقالت باذعان و خوف:
- ارجوك عد الى كرسيك فسانفذ مشيئتك

جلس الغجري في حين انها وجدت صعوبة بالغة في التحرك هذا الرجل الخبيث الوقح
الذي سبب لها اذلالا ما بعده اذلال و على الرغم من صعوبة الموقف لمحت الفتاة
في عيني خاطفها بريقا مختلفا عن الشر و السوء رات ما يشبه بالاعجاب!!

كان الفستان طويلا و لحسن الحظ نظيفا وقفت لين اما رادولف الذي امسك بيدها و
قال:
- ما رايك ....اليس الفستان جميلا؟؟
ثم انتبه الى امر تافه بالنسبة اليه فسالها:
- على فكرة ما اسمك؟؟
وجدت لين في غرابة الموقف ما يضحك العريس يسال عن اسم عروسه قبل دقائق من
الزواج!!
- اسمي....لين
- اسم جميل لين ماذا؟؟
- لين سلدون
- تعرفين اسمي على ما اعتقد
- لست بحاجة الى ان اعرفه لاني لن اناديك على الاطلاق
- اول امر على المراه الغجرية ان تعلمه هو الطاعة العمياء لزوجها ستعتادين
على ذلك تدريجا اما الان فهيا لان القوم بانتظارنا
في الخارج نظرت لين الى الطريق فتنفست الصعداء لانه ليس بعيدا جدا عن المخيم
لربما تمكنت من الافلات او لفت انتباه احد بسيارته فياتي لانقاذها لكن رادولف
و قومه كانوا يعلمون نواياها لذلك وجدتهم يحيطون بها بشكل لا يدع مجالا لاية
محاولة للفرار

ورده قايين
22-05-2007, 21:33
بدا الرجل المختص باتمام المراسم الشكلية الخاصة بالزواج عند الغجر و التي لم
تفهم منها لين شيئا وقفت تراقب بصمت المشاهد الغريبة التي تمر امامها كانها
مجرد متفرج لا علاقة لها بما يجري هل زواجها شرعي؟؟ ولكن امر الزواج لم عد
مهما ازاء تصميمها النهائي على الفرار مهما كانت الصعاب و مهما كلفها ذلك من
تضحيات زادها تصميمها شجاعة و ايمانا بالخلاص.

صحت فجاة من شرودها على صوت زوجها الغجري رادولف:
- تعالي يا زوجتي سيصطحبنا المحتفلون الان الى عشنا الزوجي
اخذ الرجل يضحك بينما كانت لين تبكي وضعت يدها خلف ظهرها عندما حاول زوجها
وضع يدها في يده مما اثار ضحك الجميع لكن الغريب في الامر ان خوفها تحول الى
غضب بارد و تصميم على الانتقام

امسك رادولف بيدها وصفعها عليها بنعومة كانه يمازحها ثم رافقهما الجميع الى
العربة و كان البعض يرقصون و يغنون احتفالا (( بالمناسبة السعيدة)) فقد تخلى
الزعيم اخيرا عن العزوبية

افاقت لين على اشعة الشمس المتسللة من بين الستائر تداعب عينينها تدافعت
الصور في مخيلتها صور الاهانة و الاذلال تمنت لو انها لو تقاوم بشراسة و تنعت
زوجها بالغجري القذر فلربما كان عاملها شكل اقل شراسة مما فعل لقد سببت
بتصرفها الاخرق غضبه فكان عليها تحمل النتائج.

كان رادولف مصمما على اذلالها فلماذا حاولت ايقافه و هي تعلم ان ما قامت به
عقيم لا يفيد مع هذا الشخص لكن عدم استسلامها اعطاها قدرا من الثقة بالنفس
سوف يجعلها تصمد امام ما ينتظرها من صعوبات و مشاق.

جلست تنظر الى الرجل النائم الى جنبها عيناه المغمضتان كعيني طفل برئ ينام في
هناء بين احضان امه يا لتناقض وحشيته مع هذه القسمات الهادئة!! رغبت لين
بصفعه لكونه يتمكن من النوم هكذا بعد كل ما سبب لها البارحة من اذلال تحرك
الرجل اخيرا و فتح عينيه يحدق حوله كانه لا يعرف أين هو و مع من
- صباح الخير يا زوجتي العزيزة ارجو ان تكوني قد نمت جيدا
لم تنتظر لين طويلا حتى بادرته بالسؤال:
- قل لي ما سنفعل الان هل ستبقيني هنا لاعيش مع هؤلاء القوم
- و اين تريدين العيش؟؟ الزوجات يسكن عادة مع ازواجهن
- لكنني لن اجد شيئا افعله هنا
- في الوقت الحاضر تهتمين بزوجك
- ماذا تعني بالوقت الحاضر؟؟
- اعني حتى نبدا بانجاب الاولاد و الغجر ينجبونهم بكثر كما لاحظت
امقتع وجه لين و هي تحلل الفكرة الجديدة التي ان تحققت ستتعقد امور حياتها
الى الابد
- اتمنى ان لا انجب أي ولد منك
تكلم رادولف بنبرة فاجاة زوجته لما غلفها من الم و حسرة:
- ستنجبين اولادا لاني ككل الرجال ارغب بوجود وريث لي
- وريث؟؟ و ماذا تملك لتعطي وريثتك هذه العربة القذرة؟؟
- دعيني اقدم ك نصيحة غالية الثمن يا لين لا تغضبيني بعد الان والا ندمت على
ذلك حيث لا ينفع الندم و احذرك انك لم تري الاسوا بعد!!
تمتمت الزوجة البائسة:
- كان الله في عوني...
رمقها الغجري بنظرة ثاقبة و قال:
- تمام و خلافا لما تعتقدين انا امتلك الكثير لاقدمه لوريثي
- طبعا فانت تملك هذه العربة القذرة و سعمتك السيئة...
لم تتمكن لين من المتابعة اذا اخرسها الالم عندما اطبق رادولف بقبضته
الحديدية على ذراعها
- لا تعتبري مسالة فقري مسلما بها ولا تحاولي تخمين ممتلكاتي
زاد من شدة قبضته و اضاف:
- يبدو ان علي تاديبك يا امراة....
تحررت لين من قبضته و حاولت النهوض من السرير لكن رادولف كان اسرع منها فشدها
اليه بعنف و استسلمت بعد مقاومة يائسة لاصراره.......

ورده قايين
22-05-2007, 21:36
بعد حوالي ساعة جلسا الى طاولة لتناول الطعام الفطور لم يكن رادولف مهتما
بالاكل بقدر ما صب اهتمامه على مراقبة زوجته متلذذا بمعاناتها

سالها و هو يتحسس الجرح في خده
- هل ندمت على فعلتك هذه؟؟
- استحقيت الضرب و انت تعلم ذلك
- استحقيته؟؟
بدا رادولف مذهولا فتساءلت لين ما اذا كان قد نسي انه هاجمها عندما تعطلت
سيارتها قرب المخيم
- انسيت عندما حاول الغجري...
لم يدعها رادولف تكمل اذ قلب المائدة و هب من كرسيه يعميه الغضب فتراجعت لين
خائفة حتى التصقت بحائط العربة و هي تلوم لسانها الطويل الذي اثار اعصابه
تقدم منها الرجل مزمجرا:
- ستعتذرين على هذه الاهانة!! و ستعتذرين بكل تذلل وضعة
حدقت لين مشدوهة في هذا الوجة الشرير و هي لا تكاد تصدق ان كل هذا الحقد يمكن
ان يتجمع في انسان واحد لما وجدها ساكنة جذبها الغجري اليه و اخذ يهزها بقوة
كدمية صغيرة حتى كادت تصاب بالاغماء...اخيرا قال و هو يعض على اسنانه:
- انا انتظر الاعتذار!!
- لم تدع لين الفرصة تفلت من يدها فقال في هلع و ذل:
- اعتذر على ما فعلته...
توقفت فجاة تخنق صوتها الدموع المنهمرة من عينيها بغزارة الرجل كان يستحق
الضرب و الا لما فعلت لين ذلك و على الرغم من صواب موقفها فقد اجبرها على
الاعتذار صاغرة على اشياء قالتها عن اقتناع تام

ورفعت عينيها الى وجهه القاتم الى الملامح المتعالية التي تكسبه تفوقا و
مهابة من يراه يظنه احد النبلاء و لايمكن ان يشك بانه غجري شرير غجري يبدو
ارستقراطي متعجرف... امر محير فعلا
- اظهرت تعقلا في الاعتذار يا حلوتي لان ايه كلمة مهينة كانت ستكلفك شهر
نقاهة!!
حرر كتفيها و نظر الى الطاولة المقلوبة و الى الاطعمة و الصحون المتناثرة على
الارض اقشعر بدن لين تقززا من القذارة الطاغية في هذه العربة امرها رادولف
بالتقاط كل ما تناثر على الارض فلم تجد بدا من الاذعان له فيما هو جالس على
الاريكة يراقب ما تفعل
بعد قليل ابلغها رادولف انه سيغيب طوال النهار
- الى اين ستذهب؟؟
- هذا ليس من شانك كما احب ان اذكرك بالا تحاولي الفرار لان العربة ستكون
مراقبة من جميع الجهات
و نظر حوله:
- اريد ان اجد كل شي نظيفا و مرتبا عدنما اعود الا اذا احببت ان اذيقك طعم
العنف!!

كانت لين تعلم انه لا يمزح و انه على استعداد لضربها فلم تجب على تهديداته
لم يكن عملها بسيطا البته فالعربة قذرة فعلا و تحتاج الى ايام لتصبح نظيفة
بدات اولا بتنظيف الاثاث و القطع بقطعة قماش وجدتها في الدولاب القذر المرحلة
الثانية كانت تنظيف الارض و الاوساخ المتجمعة منذ سنوات على ما يبدو شكلت في
بعض المواضع تلالا صغيرة اضطرت لين لاستعمال السكين لنزعها

الا يكفيها انها تعيش مع زوج وضيع ليزيد الطينة بلة وجودها في هذا المكان
القذر؟؟ حتى رادولف اظهر بعض القرف من القذارة و كانه ليس معتادا على هذه
المشاهد

جلست لين على الاريكة تستريح وتفكر في زوجها بدا غريبا في بعض اقواله و
تصرفاته قبل كل شي في صوته نبرة رقيقة لا يملكها الا دمثو الاخلاق و المهذبون
لا يصبح قاسيا الا في ساعات الغضب 000والغجرية))...حاولت ولم تستطع تذكر
نبرته في لقائها الاول فهو لم يسالها الا عن السيارة و بعد ذلك انصرف الى
الحركة لا الى الكلام.. ثم هناك الحصان الاصيل الذي كان يمتطيه عند لقائهما
الثاني من اين يمكن لغجري فقير الحصول على مثل هذا الحصان الرائع؟؟ و الاكثر
غرابة تمكنه من الوصول الى هذه المنطقة بسرعة بينما امضت لين ساعات لبلوغها
بالسيارة!! هذا يعني انه استعمل وسيلة اسرع من الحصان بكثير

اطلقت زفرة الفشل و قررت اخيرا فتح النافذة و ما ان فعلت حتى ظهر امامها ((
حارس)) شاب لا يتجاوز العشرين من عمره
قالت له على امل ان يكون يفهم الانكليزية:
- اريد نفض هذه السجادات
- سافعل ذلك بنفسي
ابتسمت للشاب بأدب و هو يتناول منها السجادات فظهرت اسنان لم تر انصع بياضا
منها من قبل
- شكرا لك
لم تنتبة المراة الشابة لنظرات الشاب الغجري الهائمة بوجهها الجميل و لم يخطر
لها بالطبع انه لم يكف عن التفكير بها منذ ان احضرها رادولف الى المخيم
سالته عندما اعاد السجادة الاولى:
- هل كلفك رادولف بمراقبة العربة خلال غيابه؟؟
اوما بالايجاب ثم تمتم بصوت هادئ لطيف:
- اسف لقيامي بهذه المهمة
وجدت لين في موقفه فرصة ذهبية فاختارت كلماتها بدقة:
- لا عليك فانت مضطر لاطاعة اوامره اليس كذلك
- الجميع يطيعون اوامر رادولف
- هل هو ملك الغجر؟؟
- لا تطرحي علي اسئلة لا يمكنني الاجابة عليها يا سيدتي
فيما كان الشاب ينهي نفض السجادتين الباقيتين رات لين عينين تراقبان المشهد
من نافذة عربة اخرى حارس اخر ناولها الشاب السجادتين و قال:
- علي الذهاب الان ارجوك اغلقي النافذة
- لا تذهب قبل ان اعرف اسمك على الاقل
نظر الشاب حوله و تكلم بسرعة:
- ادعى كونيل علي الذهاب الان و الا عرف رادولف باني اتحدث اليك
وجدت لين في هذا الشاب نقطة ضعف اذا عرفت استغلالها قد تساعدها على الهرب
بعد قليل اقتربت من النافذة لترى اذا كان احد يراقبها
و عندما لم تجد احدا فتحتها بهدوء فاطل كونيل
- هلا احضرت لي بعض الماء يا كونيل
و ضعت المراة في صوتها كل ما لديها من نعومة و رقة و عرفت مفعولهما عندما
اعاد الشاب الدلو مليئا بالماء و ناولها اياه بيدين مرتعشتين
- شكرا جزيلا
و اضافت بعد ان تاكدت من عدم وجود متطفلين:
- ماذا يحل بك اذا تمكنت من الفرار
- سأقع في مشكلة كبيرة اذا حدث ذلك
- مع زوجي؟؟
- نعم فهو قد كلفني بحراسة العربة
- ايدفع لك شيئا مقابل ذلك؟؟
احمر وجه الشاب حرجا من اسئلتها و قال بخجل:
- في الحقيقة انا بحاجة ماسة الى المال اتريدين المزيد من الماء؟؟
- نعم سأفرغ الدلو اولا
ناولته لين الدلو و ما ان غاب حتى اخذت تفتش في الخزانة العربة عن قلم فلم
تجد شيئا
سالته و هي تناوله الدلو:
- ايمكن ان تحضر لي قلما لاكتب رسالة صغيرة
- لا...
لم تدعه لين يكمل كلامه فتوسلت:
- انا بحاجة الى المساعدة يا كونيل انت تعلم اني سجينة هنا و اريد الفرار باي
ثمن!!
هز الشاب راسه و ابتعد بسرعة بعد ان اغلق النافذة
ظلت لين قرب النافذة تراقب كونيل الجاس على مدخل احدى العربات تحاول ان تلفت
انتباهه لكنه تحاشى النظر اليها فقررت اخيرا الانسحاب كي لا يلاحظها احد و
يخبر زوجها بالامر

جلست تفكر في طريقة كفيلة بكسب الشاب الى جانبها قد يكون المال وسيلة صالحة
لذلك لكنها تركت حقيبة اليد التي تحوي مبلغا محترما في صندوق السيارة هل يقبل
كونيل بمجرد وعد باعطائه المبلغ بعد هروبها؟؟ ولكن كيف يصدقها و كيف تصل اليه
لتعطيه المال؟؟

خطة محكوم عليها بالفشل
تنهدت لين وقالت لنفسها:
- لا فائدة من كل هذا التخطيط سيسجنني هذا الشرير هنا حتى يمل مني و يشعر
بحاجة الى التغيير
كانت واثقة من ان هذا الملل لن يحل قريبا فعليها ان تتاقلم نفسيا لتتحمل
الايام الطويلة الاتية رادولف معجب بها كثيرا و هي لا تنكر انه وسيم جدا برغم
قسوته

اين ذهب؟؟ اين يغيب كل هذه الساعات؟؟ هي لا تتصور زوجها كغيره من الغجر يتنقل
من باب الى باب عارضا اصلاح مقلاه او غلاية فطبعه المتغطرس يمنع عليه ذلك

مر الوقت ببطء مزعج ولين جالسة في العربة لا تجد شيئا تفعله بعد ان انتهت من
تنظيف و حضرت العشاء لزوجها اخذت تقيس العربة عرضا و طولا كانها قطة سجينة في
قفص الى متى يمكنها ان تحمل هذه المعاناة؟؟ اعصابها المحطمة لن تساعدها على
اجتياز الامتحان الصعب يا ليتها لم تستعمل السوط في تلك اللحظة المشؤومة!!!
بلى حسنا فعلت لانه يستحق الضرب و لان أي فتاة غيرها كانت فعلت الشي نفسه مع
شخص حاول الاعتداء عليها.....

ورده قايين
22-05-2007, 21:39
لم تعد لين تحتمل الوحدة حتى انها شعرت بالارتياح عندما عاد رادولف في المساء
منهوك القوى لكن الملاحظة التي ابداها فور وصوله اعادت توترها و غضبها
- يا للنظافة !! يبدو انك قررت ان تصبحي زوجة مطيعة قرار حكيم
نظر رادولف الى وجهها ولاحظ ان عينيها باكيتان ثم قال:
- لا تحزني على حالتك لانني قد اجعلها اسوأ
صاحت فيه غير ابهه بالعواقب:
- اسوا و هل هناك اسوا من هذا؟؟
نظر اليها و على شفتيه ابتسامة ماكرة قبل ان يجيب:
- بامكاني مثلا ان اضربك يوميا
امقتع وجهها واطبقت قبضتيها غضبا ثم قالت بصوت شبه هستيري:
هذا قد يزيل رتابة العيش هنا على الأقل !
ضحك رادولف من كل قلبه فساهم في جعل وسامته تزيد امام عينيها الحزينتين 0
اتريدين ان اتمم معروفي اذا ؟
- اكرهك لابد ان انتقم منك يوما ايها ال....
قاطعها الغجري بضحكته فاكملت:
- ساقتلك اذا استطعت!!
- انا واثق انك ستسرين كثيرا لو رايتني ممدا على الارض اسبح في بحر من
الدماء00
دخل الغجري لى المطبخ ليرى ما فعلته زوجته لتغير واقع الحال هناك 0 هز رأسه
راضيا وقال :
لا بأس , وان كان بأمكانك ان تفعلي احسن من ذلك بكثير 0
ثم اردف بعد ان عاد الى الغرفة الرئيسية :
- اجلسي و اخبريني عن ظروف حياتك عن وظيفتك مثلا
- كنت اعمل في شركة و على فكرة سيبدا زملائي بالتحري عني قريبا
- ساعالج هذا الامر يا عزيزتي اما الان اخبريني عن نفسك
نظرت اليه باستغراب فلماذا يهتم لمعرفة خصوصياتها؟؟ على أي حال هدا غضبها و
شعرت بالسرور لوجود احد قربها لتتبادل معه الحديث و ان يكن هذا (( الاحد))
شخصا تكرهه حتى الموت
- اسكن في شقة صغيرة في لندن
استفسر الغجري و هو يتفحص اظافره الانيقة التي يحرص على نظافتها:
- تسكنين وحدك؟؟
كانت لين قد اخبرته ان لا اقارب لها الا ابن عم لم تر له وجها منذ ست سنوات 0

- نعم اسكن وحدي0
ارادت ان تخترع له اكاذيب لكن طبيعتها الطيبة لا تسمح لها بذلك0 وان كان
الهدف من الكذب شريفا 0 اضافة الى ذلك لا يمكنها ان تمرر شيئا على هذا الغجري
ذي العينين الماكرتين والنظرات النافذة القادرة على قرأءة افكارها- اخبرته عن
اصدقائها الذين لابد سيقلقون عليها وسيأتون لانقاذها كما قالت 0 لكن ذلك لم
يؤثر في رادولف اطلاقا بل تابع العناية بأظافره وكأنه يقوم بمهمة دقيقة
للغاية0
- انت لست مخطوبة الى احد على ما اعتقد و الا لما جئت الى هذه البلاد وحدك0
كانت فعلا حمقاء عندما اطلعته على هذه الاشياء في الغابة لكن رعبها كان شديدا
الى درجة افقدتها السيطرة على لسانها
تابع رادولف استجوابه:
- ماذا كنت تعملين في الشركة؟؟
اطلعته لين على التفاصيل و عيناها تراقبان ثيابه لقد ابدلها بثياب جديدة كما
ان شعره يبدو مغسولا اين امضى النهار ومن اين اتى بالثياب ؟؟ لربما يملك بيتا
في الغابة حيث التقته او في أي مكان اخر
- سنحضر سيارتك الى هنا يا عزيزتي فهي قد تفيدنا
- ايها اللص!! لا اشك في انك سرقت الحصان ايضا
- حذار اللعب بالنار!! الزوجة الغجرية لا تكلم زوجها بهذه الطريقة لانها
تعتبره دائما السيد المطاع
- اما انا ايها الغجري الساقط فاعتبرك وقومك اناس منحطين!!
هب رادولف من مقعده كلمح البصر وامسك شعرها مسبباا لها الما فظيعا لقد اوقعها
لسانها في ورطة جديدة كانت بغنى عنها و من حسن الحظ ان طلبه اقتصر على
الاعتذار فكان له ما اراد تمكنت بذلك من التخلص من الضرب
فلم تجد سبيلا الى حبس دموعها و ايقاف ارتعاشها
اخيرا ابتعد عنها الغجري ووقف وسط العربة صامتا ساد الجو سكوت مطبق انهاه
رادولف قبل ان يقول بصوت رقيق
- لين لماذا تدفعينني الى معاملتك هذه الطريقة؟؟
ذهلت المراة لهذا التبدل العجيب فاخذت تحدق في وجهه دون ان تفهم مراده بعد
ذلك عاد الرجل الى طبيعته نادما على ما بدر منه من رقه فامرها:
- حضري طعام العشاء!!
جلسا يتناولان العشاء بصمت قبل ان يفجر رادولف القنبلة الجديدة
- ستكتبين الى الشركة لتبلغي زملائك انك قررت الزواج....
قاطعته لين قائلة:
- اكتب!! هل تظن ان بامكانك اجباري على الكتابة هكذا بكل بساطة؟
تمالك رادولف نفسه وحذرها:
- حاولي الا تقاطعيني يا امراة ستكتبين الرسالة بدون نقاش
تناول الشوكة و تاكد من نظافتها قبل ان يستعملها ثم اضاف:
- كما ستوجهين ايضا رسائل الى جميع اصدقائك لتعلميهم بالامر
اسكتها باشارة من يده اذ حاولت التعليق
- لا تحاولي الاعتراض ستنفذين اوامري بحذافيرها
- ليس بوسعك ان تجبرني على ذلك!!

ادركت لين ان في صوتها ضعفا لانها كانت تعلم ان الطاعة هي السبيل الوحيد
لتفادي العنف وان رادولف لا يقبل اقل من الرضوخ و الاستسلام و الدليل على ذلك
انه ناولها بعض الاوراق و قلما فجلست الزوجة تكتب كما امرها زوجها و الغصة في
حلقها تكاد تخنقها
سيستغرب زملاؤها و اصدقاؤها امر الزواج لكنهم لن يجدوا سببا لعدم تصديقه و
سيكفون عن البحث عنها بعد ان انتهت خرج رادولف ليبعث بالرسائل في البريد

بعد خروجه سمعت طرقا خفيفا على النافذه نظرت لترى من الطارق ففوجئت لما رات
وجه كونيل وركضت لتفتح له

قال الشاب بصوت لاهث:
- احضرن لك القلم يا سيدتي
- لا اعرف كيف اشكرك!! عد عندما تستطيع لاسلمك الرسالة
اقفلت لين النافذة بسرعة و خبأت القلم و هي تامل ان يكون كونيل جادا مخلصا و
اخذت تصلي لئلا يكشف زوجها اللعبة

غاب رادولف ساعتين قبل ان يعود محملا حقيبتيها بعد ان جلب السيارة من الموقف
كما وعد
- افتحي الحقيبة الكبيرة
- لماذا؟؟
- لابد ان لديك ملابس جميلة
رمقها بنظرته الخبيثة و اضاف باللهجة الحادة التي تكرهها لين:
- افتحي الحقيبة!!
اطاعت لين مرغمة و شرع رادولف في غربلة ملابسها الى ان وقع اختياره على فستان
قطني احمر
- هذا ما سترتدينه الليلة
ناولها الفستان لكنها رمته في وجهه فقال ساخرا:
- اعتبر عملك دعوة لالبسك اياه بنفسي
ضحك الغجري طويلا وهو يتفرج على زوجته تحمر خجلا لكن لين لم تجد هذه المرة في
نظراته ما يخيف او ينفر بل تنامى في داخلها شعور مبهم تجاه هذا الرجل القاسي
المتلذذ بعذابها
اعد القميص فأنا لن ارتديه مهما فعلت0
- لا يازوجتي العزيزه , ستنفذين رغبتي صاغرة0
اقترب رادولف منها فشعرت بحرارة عواطفه وحاولت دون جدوى الأفلات من رغباته0

ورده قايين
22-05-2007, 21:41
آن همبسون مرة وحده ياهلا ومرحبا شرفتي موضوعنا :p

lovely sky
22-05-2007, 21:43
اهليييين آن همبسون
منورة حبيبتي ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

الامل2
23-05-2007, 00:35
الموضوع رائع و ابي اشترك معاكم و احس بالمجهود الي تبذلوه
وخاصة ان كاتبتي المفضلة و المبدعة و الرائعة وردة قايين مشتركة في هالموضوع المميز وعندي امل اني اكون مثلها ....................

lovely sky
23-05-2007, 09:50
الموضوع رائع و ابي اشترك معاكم و احس بالمجهود الي تبذلوه
وخاصة ان كاتبتي المفضلة و المبدعة و الرائعة وردة قايين مشتركة في هالموضوع المميز وعندي امل اني اكون مثلها ....................




نورتي المشروع حبيبتي الامل
ونسعد جدا بانضمامك لنا
http://img510.imageshack.us/img510/4291/b153ed144czw4.gif
والله انا معك ان وردة قايين هي كاتبتي المفضلة و المبدعه جدااااااااااااااا ايضاً ... ::جيد:: ::جيد:: ::جيد::
وانا اسعدني جدا جدا ردك و مرورك
وان شاء الله حبيبتي تكونين مثلها ان شاء الله
http://img510.imageshack.us/img510/7069/w6ww6w20050427090610201gy4.gifhttp://img510.imageshack.us/img510/7069/w6ww6w20050427090610201gy4.gif
ونورتي الفريق ::سعادة:: ::سعادة:: ::سعادة::

http://img525.imageshack.us/img525/5131/w2hk0.gif

lovely sky
23-05-2007, 10:04
بداية موفقة .. ::جيد::

ومسيرة نجاح متواصل


وجهد كبير

وتعب وكد ومقاومة


شكراً لكم على هذا المشروع الرائع

وألف مبرووكـ عليكم إنتهاء من المرحلة الأولى ::سعادة::

وإن شاء الله تواصلوا هذا النجاح والتقدم

الله يعطيكم العافية .. وبالتوفيق :)

http://img519.imageshack.us/img519/1504/i39698r98781891u35662ri5.gif

الله يبارك فيك اخونا the X detective و الله تسعدنا متابعتك للفريق ...
واشكرك جدا باسمي و باسم كل اعضاء الفريق على تشجيعك لنا ومتابعتك للمشروع
http://img513.imageshack.us/img513/1306/q82202ih1.gif
ونرجو ان نكون عند حسن ظنكم بنا دائماً

و تقبل مننا كل التقدير و الاحترام
http://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gifhttp://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gifhttp://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gifhttp://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gifhttp://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gifhttp://img412.imageshack.us/img412/5164/advertlh8.gif

lovely sky
23-05-2007, 10:22
مشكــووووووووووووواــت كلكم

وربي جهد راااااااااااااائــع

الللللللله يعطيكــم الف الف / مليــوووووووون عااااااافيه
القصص رووووووعه
كلهم جنــاااااااان والله

اختـياااااركم روعه وموفق ^^
ننتضر المجموعــه الجديده

=>



حبيبة قلبي الحنونة

والله مرورك عندنا صار مهم جدا لنا كلنا
ما شاء الله عليج و على كلامج الرائع
http://img520.imageshack.us/img520/9789/q8293ka9.gifhttp://img520.imageshack.us/img520/9789/q8293ka9.gifhttp://img520.imageshack.us/img520/9789/q8293ka9.gifhttp://img520.imageshack.us/img520/9789/q8293ka9.gifhttp://img520.imageshack.us/img520/9789/q8293ka9.gif
نشكرك جدا حبيبتي على تشجعيك الرائع لنا
و نرجو ان نحقق المزيد من التقدم بتعاونكم معنا و تشجيعكم الرائع لنا كلنا

و ان شاء الله حبيبتي المرحلة الثانية من المشروع بتبدي يوم السبت

والحين اختنا الغالية جدا و الرائعه وردة قايين تقدم لنا فاصل رائع من اختيارها عبارة عن رواية
" قريباً يا ملاكي "
وانا احب احييها مرة ثانية على اختيارها الراااااائع جدا لهذه الرواية الرائعه
http://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gifhttp://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gifhttp://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gifhttp://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gifhttp://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gifhttp://img167.imageshack.us/img167/2929/flowers2gr0.gif

واتمنى للجميع قضاء وقت ممتع معنا

http://img502.imageshack.us/img502/5562/e269effcf7qi4.gif

http://img520.imageshack.us/img520/5027/heart1ke2.gif

ورده قايين
23-05-2007, 11:43
الموضوع رائع و ابي اشترك معاكم و احس بالمجهود الي تبذلوه
وخاصة ان كاتبتي المفضلة و المبدعة و الرائعة وردة قايين مشتركة في هالموضوع المميز وعندي امل اني اكون مثلها ....................


اشكرك عزيزتي والله اخجلتيني بكلامك وان شاء الله اكون عند حسن ظن الجميع وجميع اختياراتي تعجبكم وهذه كله علشانكم وبفضل تشجيعكم لي 00نرحب بك في موضوعنا الذي نتمنى ان يكون جامعا لكل الأذواق ويلبي كافة احتياجاتكم العاطفية00

ورده قايين
23-05-2007, 13:06
4- مع ملك الغجر


في اليوم التالي خرج رادولف باكرا ليجلب لزوجته بعض الماء كي تغسل شعرها0
عندما رجع قال لها بنبرته المتعالية :
هيا اغسلي شعرك فالماء وفير 0
نهرته ونفسها تجيش بالغضب :
لا تكلمني بهذه الطريقة وكأني عبدة !
وجدت الكلمة الصحيحة 0 انت عبدتي 0
لاتعتبر نفسك سيدي ! من تكون في أي حال ؟ ربما كنت ملك الغجر لتعامل الناس
بهذه الطريقة ؟
أجاب ضاحكا :
حسنا انا ملك الغجر!
ياله من مخلوق سادي لا يترك فرصة للهزء منها0
كلامك يعني بوضوح اني مخطئه 0
مالذي يجعلك تظنين اني ملك الغجر ؟
ترددت لين في الأجابة لأنها لا تريد الأعتراف له بأنه يملك سطوة وجلالال0
- انت مختلف بعض الشئ عن باقي قومك0
- مختلف ؟
عاد الى ذاكرة لين , عندما تكلم رادولف , المشهد الذي جرحت فيه شعوره بكلمة
قالتها 0 لا شك انه يحس بالشئ نفسه الآن ولكن لماذا , ايخجل من كونه غجريا؟
- نعم مختلف 0
تحاشت لين جرح الرجل مع انها تكرهه ولكنه يبقى انسانا كغيره يجب احترام
شعوره0
- كيف يمكنك ان تقارني بيني وبين قومي وانت لم تتعرفي الى احد منهم جيدا ؟
- خلال اليومين الماضيين راقبتهم من النافذه وسمعتهم يتكلمون 0
- أتعتبرين اليومين كافيين ؟
- أشعر كأني أمضيت سنتين هنا لا يومين !
ابتسم رادولف فتساءلت لين اذا كان نسي الاهانه التي لاحظتها في صوته 0 لكنه
من النوع الذي يستطيع كتم مشاعره بسهولة 0
- ألن تسخني الماء لتغسلي شعرك ؟
- لن استطيع غسل شعري في هذه المغسلة الصغيرة0
قطب رادولف جبينه وبدا مهتما للامر0
- ماذا تقترحين اذن ؟
- هل بأمكانك ان تحضر وعاء أكبر ؟
- سأبحث عن واحد 0
لاتعلم لين ماالذي دفعها الى طرح هذا السؤال المفاجئ على زوجها :
- هل صحيح ان الغجر يهددون الناس بحلول اللعنة عليهم اذا لم يعطوهم ما
يريدون؟
لم ينزعج رادولف للسؤال خلافا لتوقعها 0
- اتؤمنين حقا بذلك؟
- لا0 لكني اعرف كثيرين يخافون من لعنة الغجر0
وفيما هي تبحث في حقيبتها عن الشامبو أوقعت شيئا على الارض 0 التقط رادولف
الكتيب وفي عينيه اهتمام كبير لم تعلم المرأة سببه0
- من اين حصلت على هذا الكتيب ؟
- من قصر السيد دوغي الذي زرته يوم التقيتك 0
تكلمت لين عن ذلك اليوم كأن دهورا مرت منذ ان تجولت في تلك الحدائق الرائعه0
لاحظت ان زوجها لم يكتف فتابعت :
- حدائق القصر تفتح للزوار في بعض الايام خلال فصل الصيف 0لابد ان مالك القصر
مليونير 0
غرقت لين في حلم أعاد اليها اللحظات السعيدة التي نعمت بها في ذلك اليوم
وقارنت بينها وبين ماهي عليه الأن , هناك الحرية المطلقة وهنا السجن الرهيب0
تنهدت المرأة وزوجها مايزال يحدق فيها بفضول0
- متى قمت بهذه الزيارة الممتعة؟
كان سؤال الغجري ملحا الى درجة كبيرة 0 اذ يبدو ان معرفة موعد الزيارة أمر
حيوي بالنسبة اليه 0 فأجابت لين وعيناها سارحتان في الحدائق الساحرة:
- يوم السبت الماضي 0
قادتها ذكرى الحدائق الى التفكير وتذكرت ان سبلها الوحيد الى الخلاص هو المال
الموجود في حقيبتها والذي ستغري به كونيل ليساعدها على الافلات من قبضة
خاطفها 0
حاول رادولف استعادة تفاصيل ذل اليوم وهو يتمتم :
- السبت الماضي000
أوضحت له لين :
- قبل ان تقوم باختطافي بيوم واحد0
هز رأسه وهو يفكر عميقا ثم سألها :
- ما رأيك بالحدائق؟
لم تفهم المرأة سبب سؤاله فاستوضحته :
- لماذا تسألني ؟ هل تعرف الحدائق لتطلب رأيي فيها؟
بدا الغجري مستمتعا بهذا الحديث فأجاب :
- نعم , زرتها عدة مرات 0
- مرة اخرى زل لسانها اذ قالت مستغربة :
- كيف سمحوا لك بالدخول ؟
وضعت لين يدها على فمها لتمنع خروج المزيد من الكلمات الجارحة 0 ورأت عيني
الغجري تلمعان سخطا 0
اقترب منها الرجل مهددا :
- اوضحي سؤالك 0 اتعنين ان مستواي الوضيع لايليق بمقام زوار تلك الحدائق ؟
حاولت المرأة ان تخرج من المأزق فقالت :
- آسفه , اعتقدت ان000
- ان ماذا ؟
مدت لين ذراعيها متوسلة ومحاولة ايقاف غضبه0
- انا حقا آسفه 0 ارجوك ان تنسي الموضوع 0
انتظرت المرأة الشابة ردا عنيفا من زوجها لكنه لم ينبس ببنت شفة0 متى ينفجر
ويعطي سجينته نصيبها من العقاب الذي تستحقه على هذه الاهانة ؟ لكن كل ما فعله
الرجل انه رمى الكتيب في الحقيبة وخرج من العربة 0
راقبت لين مشيته المتوازنة وجسمه الرشيق 0 لماذا لم تلاحظ فيه هذه الأشياء
عندما قابلته المرة الاولى ؟ لا شك ان الخطر الذي كان محدقا بها آنذاك لم
يسمح بذلك 0 فجل ما صبت اليه كان الافلات من قبضته , الأمر الذي تحقق بفضل
الفتاة الغجرية 0 من هي هذه الفتاة التي اطاعها رادولف فورا , لابد ان لها
مكانة كبيرة في حياته كي ينفذ أوامرها وهو الرجل الصلب العنيد 0 لو لم تر
المشهد بأم عينها لما صدقت ان رادولف ينصاع لأمرأة غجرية كالحمل الوديع 0
ربما كانت الغجرية تعرف سرا لو فضحته لأوقعته في ورطة كبيرة 0 لكن هذه الفكرة
مستبعدة لأنها لو صحت لما تجرأ رادولف على خذل فتاته والزواج من غيرها 0
ارادت لين ان تعرف حقيقة العلاقه بين زوجها والغجرية0 لكنها تخاف من اثارة
ذكرى اللقاء الاول كي لا يغضب رادولف وتسبب لنفسها ما لا تحمد عقباه 0 فلو
كان الرجل يرغب في التحدث عن اللقاء لكان فعل ذلك بنفسه 0 لابد انه يتناساه
لأنه يخجل فعلا من فعلته الدنيئة 0 عاد رادولف حاملا وعاء اصفر كبيرا0
- هل يكفيك هذا ؟
- بالطبع ولكن من المستغرب ان تزعج نفسك من اجلي 0
- قلت لك يالين انك لم تري الجانب الأسوأ مني بعد0 وأقول الآن انك لم تري
الجانب الحسن كذلك0
ادركت لين انه يجب عليها اكتشاف حقيقة هذا الرجل والتعرف الى شخصيته الغامضة
اكثر 0 مع ذلك هزت كتفيها بعدم اكتراث لأن رغبتها في الفرار ربما تفوق فضولها
في اكتشاف حسنات رادولف 0
غسلت شعرها في المطبخ وعندما عادت الى " غرفة الجلوس " في العربة تخلى رادولف
عن قراءة مجلة وقام يتولى مهمة تجفيف شعرها 0
شعرت لين بالدفء يغمرها لوجودها قرب زوجها الذي رمى المنشفة اخيرا وأخذ وجهها
بيديه القويتين محدقا في عينيها الزرقاوين0
ارتعشت شفتاها وكادت ان تبدأ بالبكاء وهي تتذكر زياراتها الى صالون التزيين
حيث كانت تمضى اوقاتا فرحة تتحدث الى صديقتها000لحظات بعيدة كأنها تنتمي الى
ازمنة غابرة لن ترى لين لها وجها بعد اليوم0
انتشلها صوت رادولف الرقيق من تأملاتها:
- كم انت جميلة يا لين 0
طوقها بذراعيه وطبع على وجنتها قبلة طويلة 0 لم تقاومه لين لكنها وجدت الدموع
تترقرق في عينيها 0
- ارجوك ! لم اعد اتحمل اكثر !
- عناقي ؟
- كل شئ ! الا تفهم اني لايمكن ان اعيش سجينة طيلة حياتي ؟
ابتعدت لين عنه وشعرها ينسدل بفوضى على كتفيها ودموعها ترسم خطوطا بيضاء على
وجهها الناعم 0
اضافت بتوسل آملة في ان يرق الغجري لحالها:
- دعني اذهب 0 لايمكن ان تحبسني في هذه العربة الى الأبد 0 انت تعلم ان ذلك
مستحيل 0
اطرق رادولف يفكر فظنت لين انها نجحت في اثارة مشاعره الانسانية الراقدة في
اعناق شخصيته الشريرة 0في أي حال هو قال انها لم تر الجانب الأحسن بعد0 فربما
رأت هذا الجانب الآن0 تهاوت أحلامها عندما هز الرجل رأسه وأكد:
- انت زوجتي ومكانك معي 0 تزوجتني بارادتك00
- بارادتي ! كيف تستطيع ان تقول ذلك ؟
- لماذا تظهري أي اعتراض خلال اتمام مراسيم الزواج؟
رمقها بنظرة ماكرة وأجاب على سؤاله بنفسه:
- لأنك كنت تأملين بالفرار لوجودك خارج العربة , اليس كذلك ؟
- بالطبع كنت آمل في الفرار , وهل تلومني على ذلك ؟
- وهذه الامال مازالت موجودة على ما اعتقد 0
تذكرت لين الشاب كنيل الذي أحضر لها قلما 0 كما تذكرت المال في حقيبتها وعرفت
ان عليها اخفاؤه لئلا يكتشف زوجها خطئها وتضيع جهودها ادراج الرياح 0

ورده قايين
23-05-2007, 13:12
اعترفت له بصراحه:
- انا انتظر الفرصة المناسبة للهرب 0 واعتقد ان من يكون في موقعي يفعل الشئ
نفسه 0
تنهد رادولف طويلا معترفا بصحة موقفها 0 نظرت اليه زوجته بذهول 0 هناك شئ
عجيب في هذا الرجل وفي هذه القصة كلها 0 لربما استطاع كونيل ان يساعدها على
حل اللغز المستعصي 0
اقترب رادولف منها ووضع يده على كتفها محاولا تهدئتها ومسح دموعها0
- ارجوك دعني000
ضمها الى صدره بحنان فأخذت ترتعش بقوة حتى تركها اخيرا دون ان تبدر منه اية
حركة عنيفة0 جل مافعله كان اطلاق تنهيدة محملة بالهموم0
- سرحي شعرك قبل ان ينشف0
خبير حتى في امور النساء الغجريات 0 فهؤلا لا يكترثن لأمور التجميل فيتركن
شعرهن على طبيعته فيزيد من مظهرهن بدائية ووحشية0
لاشك ان رادولف يعرف اكثر مما يتوجب عليه كغجري لايهتم لما يجري في العالم
المتحضر 0 فالغجرعادة يكونون متقوقعين على انفسهم مكتفين ذاتيا في عالمهم
الخاص 0
سرحت لين شعرها تحت نظر زوجها وتساءلت عما يدور في خلده هذه اللحظات0 ماذا
يخبئ خلف هذه الملامح الوسيمة الغامضة ؟ ما هي النوايا الحقيقية لهاتين
العينين السوداوين الامعتين ؟ أهو لمعان الذكاء او الشر ؟ ام لمعان الأثنين
معا ؟
فجأة بدأت لين تبحث في ذاكرتها عن نقطة معينة غير واضحة تماما 0 نظرت في
المرآه الى فمه وأدركت ان قبلاته صارت مختلفه عما كانت عليه في لقائهما الأول
0 كانت قبلاته مهينة بوقاحتها اما الآن فاصبحت رغم حرارتها , اكثر احساسا
وانسانية ! لماذا غابت الأمارات النبيلة عن وجهه في ذلك اللقاء 000يبقى
التفسير الوحيد لتبدل رادولف منذ ان حاول الأعتداء عليها هو انها كانت ساعتها
في حالة رعب شديد جعل رؤيتها للرجل مشوشة وزاد خيالها في تصور شره وعدائيته0
قطع صوت رادولف حبل افكارها :
- بماذا تفكرين ؟ ارى على وجهك مشكلة مزعجة 0
- تماما , مشكلة الهرب !
جزم الغجري ببرود :
- مشكلة لن تجدي لها حلا 0 ولكني ارى شيئا آخر في عينيك فما هو ؟
اتخبره لين بأنها تجده الآن مختلفا , وبالتالي تذكره بالحادثة الأولى التي لا
يحب الخوض فيها ؟ هزت كتفيها وكأن لاشئ يشغل بالها وتابعت تسريح شعرها 0
كرر رادولف سؤاله :
- ما الأمر ؟
- - وهل انا مجبرة على الأجابة ؟
- بالطبع والا لما وجهت اليك السؤال 0
نظرت اليه بتردد وقالت :
- قد لايكون جوابي صادقا 0
- انا اعرف بسهولة متى تكذبين علي 0
ربما كان صحيحا ان الغجر يملكون حاسة سادسة ويسبرون أغوار النفس البشرية كما
يدعون 0
- كنت في الحقيقة استعيد ذكرى لقائنا الاول 0
واخيرا تجرأت على ذكر ما يتعلق بالحادثة الاولى 0 وكما توقعت تجهم وجه زوجها
بسبب ذلك 0
- من الأفضل ان تنسي اللقاء الاول0
لم تفهم لماذا يعتبر زوجها حادث السيارة تافها ويركز على الحادث الثاني في
الغابة 0 ولاتفهم كذلك لماذا يغضب لذكر الحادثة الأولى مع ان لين هي الطرف
المهان والمجروح0
قررت لين ان تكمل المشوار الذي بدأته :
- ولماذا انساه ؟
- لأنني احاول ان انساه واذا تحقق ذلك تحققت مصلحتك 0
ملأتها كلماته حيرة وذهولا فقالت :
- لا اعتقد اني فهمت قصدك 0
- لنغير الموضوع يا لين !
من يسمع لهجته الآمرة يظنه سيدا يكلم خادمته مع ان الحقيقة قد تكون العكس في
معظم الأحيان 0 فالغجر هم عادة الخدام وهم الوضعاء 0
لم تأخذ لين بنصيحته واصرت على اكمال الحديث :
- تريد نسيان الحادثة لأنك تخجل من نفسك !
- اخجل من نفسي ؟
رفع حاجبيه تعجبا واضاف :
انت من يجب ان يخجل من نفسه 0
- ولكن00
- اخرسي ولا تجادلي !
خرست بالفعل واستأنفت تسريح شعرها دون ان تفهم موقف زوجها 0 قررت اخيرا صرف
النظر عن مناقشة الموضوع لأن ذلك لن يفيدها بشئ 0
- اريد ان اجفف شعري 0
- ما رأيك بالخروج الى الشمس ؟
- اتمنى ذلك0
نهض رادولف من اريكته بكسل وعلى وجهه علامات الضجر0
غريب احتفاظه بالرشاقه رغم كسله وبطالته0
اتجها الى الغابة تراقبها النساء الغجريات الفضولية , لكن رادولف تفهم الموقف
ولم يدع مجالا لاختلاط زوجته ببقية قومه0
- اشعة الشمس قليلة هنا بسبب تشابك الأغصان 0 هلا اتجهنا صوب الطريق المكشوفة
للشمس ؟
ابتسم رادولف وقال :
- لا ياعزيزتي لن نتجه صوب الطريق0
- اتخشى محاولتي الفرار ؟
- قد تقومين بمحاولة حمقاء 0
- اعترف انك مصيب لأني سأحاول الهرب 0
- انت صريحة على الأقل0
- ماذا تعني بعلى الأقل ؟
- أعني ان غطرستك وغرورك مثلا يجعلانك تحتقرين الناس000
قاطعته لين :
- اذا كنت متغطرسة فماذا تكون انت ؟
اجابها برقة كوالد يؤنب طفله المشاغب :
- انا اعاملك بالمثل ليس الا 0
مرة جديدة سامحها رادولف على كلامها القاسي فشكرت ربها لأنها تفادت غضبه0
تابعا سيرهما بصمت تستغل لين فرصة وجودها خارج العربة لتشبع رئتيها هواء نقيا
وعينيها خضرة حالمة 0 كانت من وقت الى آخر تسترق النظر الى زوجها فترى
التناقض بين ملامحه الراقية وكونه غجريا 0 مشيته تجعله يبدو نبيلا وشعره
المشعث المتراخي بفوضى يرده الى طبيعته الغجريه 0
اختار رادولف لهذه االنزهة واديا صغيرا تحفه الأشجار لا امل فيه لزوجته بأن
تلتقي احدا يساعدها على الهرب0
قال رادولف وهو ينظر الى شعرها :
- ياستطاعتنا العودة الآن0
اخذ خصلة ووضعها على خده قائلا :
- يا للضفائر الجميلة !
لم تنفع معارضه لين لحركته بل زادت من حدة عناق رادولف 0
- عليك ان تفهمي شيئا يا لين 0 كوني طيعة معي تصبح حياتك ممتعه 0
- انا لا اتصور اية متعة في العيش الى جانبك !
كانت لين تتمنى لو انه يمل منها ومن صدها فيتركها تعود الى بلادها0
عادا الى العربة فأمرها رادولف بتحضير الطعام 0 وقفت لين ترمقه بنظرة تحد وهي
تغلي من الغضب لمعاملته اياها كخادمه 0
- لا اريد توجيه الامر اليك مرتين لأنك تعرفين نتيجة ذلك يا حلوتي !
دخلت لين الى المطبخ دامعة لتحضر الطعام الذي قد تكون السرقة طريقة حصول
زوجها عليه 0
- بالله عليك يا لين ! انزعي حلة الحزن هذه عنك لئلا احولها الى حلة دائمة!
على الرغم من الغيظ الذي غلف نبرته وجدت لين في كلامه نوعا من السأم والتعب
من هذا الوضع0
لم تحضر لين الا طبقا واحدا فسألها زوجها :
- أين طعامك ؟
- لست جائعة 0
- مع ذلك ستأكلين أكراما لي 0 لأني لا احب الجلوس الى المائدة لوحدي 0
- من تظن نفسك حتى ترغمني على الأكل ؟ اشعر كأنك سيد اقطاعي يفعل باتباعه ما
يشاء !
- تخلت لين عن المجادلة في النهاية فأحضرت طبقا وجلست تأكل رغم انفها 0
- ارى ان دروسي في تعليمك الطاعة بدأت تثمر يا حلوتي !
قالت لين بمرارة :
- السلطة والسيطرة توفران لك الرضى والسرور اليس كذلك ؟
- أصبت , اذ ان كل ما يذلك يمتعني 0 وأعدك بأن هذا العقاب البطئ لن ينتهي
قريبا 0
- النهاية ؟ تكلمت عن نهاية العذاب !
- بالطبع فأنا لا انوي ان اطيل العذاب اربعين او خمسين سنة0
ارتعدت لين للفكرة وتصورت نفسها تمضي حياتها في هذه العربة0
- اتمنى ان اموت قبل ذلك بكثير 0
زال المرح والعبث من عيني رادولف وقال :
- طفلة رائعة مثلك يجب ان تتمتع بالحياة لا ان تتكلم عن الموت 0
تخلت لين عن حذرها وانفجرت غاضبة :
- لا تتكلم كالأبله فأنت تدرك ان حياتي هنا جحيم مستمر !
وافق رادولف وقال ملمحا الى شئ تجهله زوجته :
- حاليا فقط 0
- حاليا وأبدا اذا استمريت في سجني0
- فلنغير الموضوع يا لين 0 اخبريني عنك فأنا لا اعلم كم تبلغين من العمر مثلا
! تصوري ان زوجك لا يعرف عمرك0
- انا في الرابعة والعشرين, وانت ؟
- تخطيت الثلاثين ببضعة شهر 0 اخبريني المزيد عنك , اخبريني فأنا احب سماع
صوتك 0
- لا اعتقد انك تحب سماعه دائما 0
- من المؤسف انك تفسدين حلاوة صوتك احيانا بتصرفاتك الرعناء0
استرسلت لين في الحديث واستمتع رادولف بالاطلاع على تفاصيل حياتها 0
- يبدو ان توماس هذا ممل بعض الشئ 0
- كيف عرفت ذلك؟
- من خلال حديثك عنه0 نحن الغجر اذكياء ياعزيزتي !
- انا لم اقصد اظهاره مملا 0
- توماس ليس الرجل المناسب لك يا جميلتي 0
- انت مخطئ في حكمك على توماس0
- توقعت ان تنكري ذلك0 يالك من شخصية شفافة يا لين اقرأها بكل سهولة0
صبت المرأة اهتمامها على طبقها لتفادي نظراته الأسره فأكمل الغجري الكلام :
- من المؤسف ان تكوني مصابة بعقدة التفوق حتى لا اقول جنون العظمة 0 يجب ان
تتعلمي ان جميع الناس سواسية وان المجتمع الغجري ليس فاسدا لانه يختلف عن
مجتمعك 0 لايجدر بك احتقار الناس لمجرد انتمائهم 0 المجرم وحده حري بالأحتقار
والنبذ0
كان صوته مختلفا هذه المرة حتى ان لين وجدت فيه رنة موسيقية كاللهجة
الأيرلنديه 0 برغم انه يكون احيانا قاسيا فأن لهجته تختلف عن لهجة بقية الغجر
0 لم تفهم لين لماذا او لم يعد يهمها ان تفهم ما دام هدفها واضحا : الهرب 0
- لم يتهمني احد من قبل بهذه العقد التي تتحدث عنها 0
- لكنك اظهرت عقدتك تجاهي 0
تبع ذلك صمت بارد وتشنج الجو بينهما 0أحست لين بأن الغجري يكاد ينفجر غضبا
وبالفعل قال لها بفظاظة :
- اذا اخطأت بعد اليوم سأملا جسمك بقعا زرقاء !
اشاحت المرأة وجهها لئلا تواجه عينيه القادحتين شررا 0
بعد قليل خرج رادولف فعادت لين الى وحدتها المملة برغم انها لا تستسيغ صحبة
زوجها , لكن وجوده أفضل من لاشئ 0
استغلت فرصة غيابه لتخرج المال من حقيبتها وتخبئه وراء بعض المعلبات في خزانة
المطبخ 0 ثم انصرفت لكتابة رسالة قصيرة الى الشاب الغجري كونيل تعده فيها
بمكافأة مالية فورية واخرى ترسلها له بعد فرارها على عنوان يحدده لها0 قررت
لين ان تمنحه كل ما ادخرته خلال عملها فهي مستعدة للتضحية بكل شئ لقاء خروجها
من هذا النفق المظلم 0 لن يستطيع كونيل مقاومة اغراء العرض وسيتدبر طريقة
لتهريبها في اول فرصة تسنح له0
بعد الانتهاء من الكتابة جلست المرأة الشابة على طرف السرير تمضي الساعات في
التفكير بمتاعبها وتتخيل نفسها حرة طليقة الى ان غلبها النعاس اخيرا وتسلل
النوم الى عينيها0

ورده قايين
23-05-2007, 13:13
5- الحلم يموت في مهده



أفاقت لين , والظلام الدامس يلف العربة , على صوت الغجر يغنون ويرقصون حول
نار كبيرة اشعلت في وسط المخيم , ولم تستطع الا ان تستعيد ذكريات حياتها
الهادئة في انكلترا ووظيفتها المحترمة في شركة الهندسة الزراعية 0 ساهم ذلك
في زيادة توترها الى درجة خافت معها ان تفقد صوابها يوما اذا استمرت على هذه
الحال 0 ماذا سيجني رادولف من وجود امرأة مجنونه معه ؟ لو يدرك ويعلم ان
كليهما خاسران لأطلق سراحها فورا 0
فجأة سمعت طرقا خفيفا على النافذة فهبت من سريرها وأزاحت الستار بسرعة 0
- كونيل!
تكلم الشاب بصوت هامس :
-اخفضي صوتك لئلا يسمعنا احد !
لكن الأثارة والقلق جرداها من كل خوف وحذر 0
- لا تقلق 0 الكل مشغولون عني الأن 0
- هل كتبت الرسالة ؟
هرعت لين واحضرت له الورقة 0
- ارجوك انتبه ياكونيل ولا تدع احدا يراك 0
- علي الذهاب الآن 0طابت ليلتك 0
- شكرا جزيلا يا كونيل على ماتفعله من أجلي0
قال الشاب قبل ان يختفي في الظلام :
- لا اعلم ما اذا كنت قادرا على مساعدتك , لكني سأبذل جهدي 0
خافت لين من ان يكون احد شاهد كونيل يتحدث اليها خصوصا وان النار تسللت الى
العربة تضئ لونها الرمادي الحزين ببريق قرمزي 0أجالت نظرها في الخارج لترى ما
اذا كان زوجها يراقب المشهد ويستعد للأنقضاض من جديد على فريسته الضعيفه 0لكن
كل شئ كان هادئا ولم يبد أثر لأنسان حول العربة0
بعد نصف ساعة عاد رادولف الى "المنزل الزوجي" من دون ان تظهر على وجهه علامات
تفيد انه علم بما حصل 0 اضاء المصباح العتيق بعد ان رأى زوجته غير نائمة 0
- لماذا تجلسين في الظلام ؟ اتحبين ان تعذبي نفسك ؟
- ولماذا تحفل بعذابي ؟
- في الحقيقة انا لا احفل بعذابك 0
وأضاف بنبرته الخشنة :
- ماذا فعلت في غيابي ؟
- لاشئ !
توجه رادولف نحو المطبخ وسأل زوجته :
-اتريدين بعض الشاي ؟
- كلا 0
- لابد انك شربت فنجانا اذن ؟
-لا 0
سمعته لين يتنهد تعبا وهو يعد الشاي وتساءلت لماذا لم يطلب منها ان تحضره
بنفسها 0
عاد بعد قليل يحمل فنجانه فسألته باصرار:
-أين كنت طوال هذا الوقت؟
توقعت لين جوابا قاسيا يشعل مشادة جديدة 0لكنها فوجئت بزوجها يرمقها بنظرة
ناعمة مليئة بالحنان 0 هي قصدت من سؤالها اشعال غضبه لتعذبه لكنه خيب املها
بهدوئه0
جلس على كنبة يحتسي شرابه الساخن ويراقب زوجته بنظرة لا مبالية 0
- اريد ان اراك غدا بثياب جديدة0
افرغت لين دفعة واحدة كل الغضب الذي جمعته في وحدتها وقالت :
- سأرتدي ما يحلو لي 0
- لاتحاولي الظهور بمظهر المرأة الشريرة 0 سترتدين شيئا مما احضرت معك لتمضية
العطلة الممتعة 0 تاهت عيناها في حقيبتيها المقفلتين على بعض من ذكريات ,
قريبة كالوقت بعيدة كالحلم 0 كيف تضع ثيابها الانيقة في خزانة العربة القذرة
0
- ليس من المعقول ان تكون هذه العربة ملكا لرادولف فهو يبدو محبا للنظافة
والترتيب 0 ثم انه لايحتفظ فيها بثيابه او بممتلكات اخرى 0 تحفظه حول
خصوصياته يحيرها كثيرا ولكنها لا ترغب في الاطلاع على خفايا حياته لأن قواها
منصبة الان على هدف وحيد :الفرار0
قالت لزوجها بعد تردد:
- لا ارى معنى لارتدائي ثيابا جميلة وبقائي سجينة هذه الزنزانه !
- لن تبقي هنا لأننا سننتقل غدا بسيارتك الى مكان آخر 0
أحست لين ان قلبها توقف عن الخفقان لأن الآمال التي علقتها على مساعدة كونيل
انهارت بلحظة 0
- الن يرحل الباقون ؟
- لا0 نحن فقط 0
كادت لين بعفويتها تفضح كل شئ 0
- لا اريد ان اغادر المخيم 0
صعق رادولف لملاحظتها واخذ ينظر اليها دون ان يفهم 0
- وهل تستسيغين البقاء هنا الى هذا الحد ؟ مع انك لم تكفي عن التذمر من
الضجر0
عضت لين على شفتها تحاول ايجاد جواب لا يفضحها 0 واستطاعت بعد جهد ان تقول :
المكان الذي سنذهب اليه لن يكون احسن من هنا0
وانا لا انوي تمضية وقتي بالتنقل الدائم كالغجر المشردين0
لم تأبه المرأة لغضب زوجها من كلامها لأن عقلها كان مشغولا بفرصة الهرب
الضائعه 0 ظنت ان الفرج سيأتيها اخيرا على يد كونيل لكنها وجدت نفسها كالقابض
على الماء تعود الى نقطة الصفر0
برغم كل شئ حافظ الغجري على هدوئه ولم يظهر انفعاله لنعت زوجته قومه
بالمتشردين0
- لاتحاولي الاعتراض لأني مضطر لمغادرة المخيم 0
تساءلت لين عما يمكن ان يكون سبب هذا الاضطرار 0
- ولماذا تكون مضطرا للرحيل ؟
- لا ضرورة لأن تعرفي 0
- وهل سنجد عربة شاغرة في المخيم الذي سنقصده ؟
- بالطبع0 الست ملك الغجر كما قلت ياعزيزتي ؟ والرعية لن تدخر جهدا لتوفر
مكان اقامة مريحا لملكها 0
اخذت لين تجوب العربه وهي تفكر بالمخيم الجديد والعربة الجديدة القذرة ,
وبمزيد من هؤلا الناس السمر الفضوليين 0 سجن جديد وحراس جدد يرصدون تحركاتها
عندما يكون زوجها غائبا 0
وفجأة انهارت اعصابها وصرخت :
- لا استطيع تحمل المزيد ! لا استطيع البقاء سجينة 0 سيقتلني الضجر !
وأضافت وهي تحدق في رادولف :
- كيف تستطيعون تمضية أيامكم بكسل ؟ الا تملون من عدم الحراك ؟
وضع الغجري فنجانه على الطاولة ونهض من كرسيه دون ان يظهر عليه أي انفعال مما
زاد من حيرة لين التي قالت :
- هناك لغز في حياتك! هناك شئ مخبأ ! الى اين تذهب كل يوم فأنت ولا شك لا
تبقى في المخيم ؟
أزاح الغجري وجهه وكأن ملاحظاتها احرجته فاستغلت لين الفرصة وتابعت بألحاح
شديد:
- اريد ان اعرف كل شئ ! انت تذكرني باستمرار اني زوجتك ففي هذه الحال يحق لي
ان اعرف اين وكيف يمضي زوجي اوقاته ؟
لم تفهم لين سبب اصرارها وتشوقها لمعرفة المزيد عن هذا الغجري الغامض 0 ربما
كان شعورها بالفراغ سبب هذا الفضول الكبير او انها بحاجة الى شئ يشغلها
ويجعلها " تشترك" بشكل او بآخر في حياة مجتمعها الجديد0 لكن رادولف لم يشبع
فضولها اذ اكتفى بالقول :
- انت لم تعتبري نفسك زوجتي حتى الآن 0 فعندما تعتبرين اننا متساويان ستعرفين
كل شئ 0 لكن ما دمت تعتقدين انك متفوقة علي لأنني غجري فلن اطلعك على الحقيقة
0
كل شئ في هذا الرجل يزيد من اللغز غموضا : جسمه الرشيق , مشيته المتعالية ,
كبرياءوه وسطوته , ثقته المفرطة بنفسه 0 ومرة جديدة قالت لين في نفسها : لو
لم اكن اعلم انه غجري لما صدقت ابدا انه كذلك 0عندها فكرت بأولاف وبحديثه عن
وضع رادولف الخاص , فتلك الكلمة انطبعت في مخيلة لين وجعلتها تظن ان زوجها هو
ملك الغجر0 هو ليس بالطبع ملك الغجر لكنه يتميز عنهم بشئ ما000
لما نظر اليها رأت المرأة في عينيه مرارة كبيرة كأنه يطلب منها ان تتفهمه
وتساعده على تخطي مشكلة لم تستطع بعد ادراكها ومعرفة القصد منها 0
اجابت لين اخيرا على اقتراح رادولف باعتبار نفسها في مستواه:
- لن اعتبر نفسي ابدا في مستواك 0
أعوز كلماتها الثقة والتصميم لأنها لم ترد التسبب في المزيد من الأهانة لهذا
الرجل 0 ولأنها لم ترد توسيع شقة الخلاف بينهما اكثر 0وهو قادر في جميع
الاحوال على تقليص هذا الفارق " الطبقي " بينهما عندما يتشاطران بعد قليل
السرير نفسه حيث يمارس سلطاته المطلقة بدون ان تحاول المرأة المسكينة ابداء
أدنى اعتراض 0

ورده قايين
23-05-2007, 13:16
هز الغجري رأسه وقال :
- في هذه الحالة لن تعرفي عني أكثر مما تعرفين 0
" انقلب السحر على الساحر وشعرت لين انها ذليلة عاجزة امام نبرته المتغطرسة 0
فتمنت لو تستطيع ايجاد الكلمات الملائمة لترد له الاهانة لكنها فشلت 0
- الى اين سنذهب ؟ اعني اين يقع المخيم الذي تحدثت عنه ؟
اكتفى الرجل بالقول :
- في مكان بعيد جدا 0
- ولكن ماذا سنفعل بالحصان ؟ لايمكنك اصطحابه اذا كنا سنستعمل السيارة 0
كان رد رادولف هادئا وعاديا جدا :
- بما اني سرقته سأعمل على رده الى اصحابه 0
- لا ضرورة لأن تستغل كل فرصة تسنح لك لتسخر مني 0
- ولكنك افترضت اني سرقته , اليس كذلك ؟
- ولماذا لا تقول لي من اين حصلت عليه ؟ فأنت توافق معي على انك لست قادرا
ماديا على امتلاك مثل هذا الحيوان الرائع0
كل كلمة , كل حركة , كل دقيقة تمر كانت تزيد من غموض اللغز وصعوبته بالنسبة
الى المرأة 0 ما السبيل الى اكتشاف الحقيقة وازاحة الستار عن الجوانب الخفية
في حياة الغجري ؟ قد يكون الوقت كفيلا بذلك00وقد لا يكون0
استوضح رادولف زوجته :
- لم افهم تماما معنى كلامك 0
- بصراحة , اعني ان مظهرك لا يوحي بأن هذا الحصان الأصيل ملك لك 0
كانت الأهانة الجديدة أقوى من ان يتحملها الرجل 0 فعندما تكلم بدا فاقدا
تماما سيطرته على اعصابه , يعميه الحقد 0
- لابد ان يقودك لسانك يوما الى مهلك لانجاة منه 0
وجدت لين نفسها تعتذر على الفور منه وحاولت تغيير وجهة الحديث 0
- آسفة لأني اسأت التعبير 0 الن تخبرني من اين حصلت على الحصان ؟ انه حصان
أصيل ان لم اكن مخطئة0
- من اين لك هذه المعلومات عن الجياد ؟
- انا لا اعرف الشئ الكثير لكني رأيت مثله عندما كنت امارس الفروسية لبضع
سنوات خلت 0
بدل ان يجيب على تساؤلها حمل رادولف فنجانه الى المطبخ ولما عاد بدأ بخلع
ملابسه 0
- حان وقت النوم لاننا سننهض باكرا في الغد 0
سارعت لين الى تبديل ملابسها فيما زوجها منشغل بالبحث عن صحيفة أحضرها ,
والقرأءة ليست بالطبع عادة غجرية , حتى لا تضطر الى فعل ذلك امام عينيه
الفضوليتين والساعيتين الى التمتع بجمال قدها 0
انصرف رادولف بعدان وجد صحيفته الى التفتيش في حقيبة زوجته حتى وجد فستانا
قطنيا ازرق مفتوحا عند الصدر 0
- سترتدين هذا الفستان غدا لأنه يبرز جمالك بسخاء 0
نشلت المرأة الفستان من يد زوجها ورمت به على الارض رافضة فكرة فرضه ارتداء
الملابس عليها 0 ولكن رادولف لم يتسامح هذه المرة 0 بل امسك بشعرها وصفعها
على وجهها بعنف حتى كاد يرميها ارضا0 ولم يتوقف عن ضربها حتى تعب وروى غليله
منها 0 وقفت المرأة أمامه ترتعش والدموع تختلط مع الخصلات السوداء المترامية
على وجهها المتورم 0 هذه اول مرة تمد يد اليها وتعامل بمثل هذه القسوة 0 فهي
لم تتعرض في حياتها لتجربة مع جلاد كالغجري رادولف0
- التقطي الثوب!
اطاعت لين أمره ودفنت وجهها في الثوب تحوله مجرى لدموعها الغزيرة 0 ثم صرخت
بصوت مخنوق :
- لن استطيع المتابعة ! لن استطيع الصمود 000سأنتحر !
فوجئ الرجل لهذا التهديد ووقف يحدق في زوجته لحظات طويلة قبل ان يضمها بحنان
الى صدره ويقول بكل ما لديه من رقة :
- لماذا تغضبينني يا عزيزتي على استعمال العنف ؟
اضاف وهو يتحسس بيده القوية وجنتيها اللاهبتين :
- لو كنت تتصرفين بروية 00
توقف محاولا تهدئة جسمها المنتفض الما وحزنا ثم تابع :
- على المرء ان يكون حذرا عندما يتعامل مع غجري 0
تمتم عدة كلمات اخرى خيل للين ان من بينها : الجانب الأسوأ مني 000الصقت
رأسها بصدره العريض المضياف تودعه همومها واحزانها وتصغي الى دقات قلبه
المطمئنة ورتابة تنفسه العميق 0 بدأ اضطرابها يزول وهدأت بعد ان اطلقت تنهيدة
طويلة وسمعت زوجها يهمس :
-هذا افضل بكثير ياحلوتي 0 لا أريد بعد الآن ان ارى الدموع على وجهك الجميل 0
تمكنت المرأة اخيرا من رفع عينيها الرطبتين الى وجه زوجها وتمتمت بعد ان علمت
انها ترتاح كثيرا الى الوجود بين ذراعيه القويتين , وتمنت لو يبقيان هكذا الى
الأبد:
- انت مختلف 000ياليتك تظل كما كنت الآن00
أمر لا يصدق ! كيف تسر لين لوجودها في أحضان هذا الرجل الذي لا تكف ثانية عن
التفكير في كيفية الافلات من يده ؟ لماذا لم تنفر هذه المره من لمساته ؟
لماذا لم تخف من تحمل قبلاته ؟
أضافت والكلمات تسبقها :
- لماذا انت مختلف ؟
بدارادولف كأنه يقبل بهذه الحقيقة ولكنه لا يقوى على ان يصرح بالسبب لأن هناك
أمر خطير يمنعه من ذلك, لربما كان أمرا يتعلق بالماضي ويمد تأثيره على
المستقبل 0
- لا أستطيع يا عزيزتي ان اشرح لك الحقيقة 00
ابتعد عنها وزاد :
- هيا الى النوم ياحلوتي 0
وقفت لين مشدوهة وهي تشاهد زوجها يتوجه الى المطبخ ليحضر بعض الماء 0
واستغربت التبدل العميق الذي احدثه تهديدها بالأنتحار في هذا الغجري الغريب 0
لم تعد تأبه بالألم الذي سببه لها بل انحصر تفكيرها في التوصل الى كنه وكشف
حقيقته 0
عندما عاد رادولف الى الغرفة أخذ يحدق بلين واقفة بقميص نومها الأحمر ويتأمل
جمالها الصارخ من رأسها حتى اخمص قدميها , ولاحظت الزوجة الحائرة العروق في
عنقه تنبض بعصبية وصدره المغطى بشعر أسود كثيف يسرع في الصعود والهبوط 0
يا لتناسق لون عينيه مع لون بشرته ولون شعره ! ان رادولف في الحقيقة ينضح
رجولة تجعله حلم كل امرأة 000بشرط ان تنتفى منه واحدة : كونه غجريا 0
وعندما انتقلت عينا الغجري الى وجهها حيث ما زالت آثار الصفعات واضحة , ظهر
عليه الأسف والندم الشديدان على استعماله العنف , تماما كما ندمت لين على
استعمالها الطريقة نفسها في الغابة 0 اقترب منها وأخذ رأسها بكلتا يديه
محاولا الأعتذار لأنه ولا بد مدرك انه اخطأ بصفعها بينما هي لا تشاطره الشعور
ذاته , لأنها لا تزال مصرة في نفسها على انها كانت محقة في استعمال السوط
لتدرأ خطر الأعتداء عنها0 غفت لين بين ذراعيه ورأسها غارق في صدره الوسيع
تذوق للمرة الولى طعم الراحة في فترة " راحتها " القسرية هذه 0 وتحس بقلبها
خاليا من الحقد والمرارة 0 أيكون العنف جردها من مشاعرها وأضحت دمية نكرة
لاتنفعل ولا تشعر ؟ أم تكون العادة سلبتها طعم الحياة فلم تعد تهتم لما
يصيبها ؟ أم هو الأستسلام غلبها وأقنعها بأن المقاومة لن تحقق الا المزيد من
العذاب والقساوة من رادولف ؟ الشئ الوحيد الذي تدركه في هذه اللحظة هو
الأرتياح لأن كل شئ بسلام او يشبه السلام 000وذلك بفضل تفهم رادولف لوضعها
ولأكتفائه بطبع قبلة خاطفة على جبينها 0
أمضى الزوجان الشابان معظم النهار في السياره يتجهان الى حيث تجهل لين 0
تمتعا بالطقس الجميل ساهمت الشمس الدافئة بأزالة حاجز العداء بين لين وزوجها
كما سرت المرأة لوجودها بعيدة في سيارتها عن أي من مظاهر الحياة الغجرية التي
كرهتها والتي اسقط واقعها المر احلاما شاعرية بنتها لها قصص الأدباء وعمرتها
أخيلة الشعراء0
لا تستطيع المرأة الأنكليزيه المعتادة على صخب الحياة ان تحيا هكذا وبدون هدف
كنبته طفيلية تعيش على جهد غيرها 0 لابد لها من هدف واضح في حياتها تصبو اليه
وتعمل على تحقيقه0 فالطريق ان لم يفض الى مكان ليس طريقا 0 وقطار الحياة ان
لم يقصد محطة ما يصير خردة معطلة 0
هدف لين في الحياة ليس معجزا , فجل ما تريده ان يكون لها منزل هادئ تعيش فيه
بطمأنينة مع عائلة يسود وشائجها الحب ويجمع أفرادها الحنان 0 والحياة مع
رادولف في عربة قذرة انكسار لحلمها وسحق للطموح 0
كم كان كونيل مهما بالنسبة اليها وكم أحست بالخيبة لأنها ابتعدت عنه ! كان
حلما خرج من العدم ليخصب أرضا جدباء0 فاذا بيد رادولف تمتد لتخنق الحلم وهو
في المهد ولترمي بلين في مكان جديد لا تعلم ماذا ينتظرها فيه سوى مزيد من
الوحدة والملل 0 لكن ما أبقى في نفسها اثرا من امل هو تلميح رادولف الى
امكانية العودة الى المخيم نفسه في يوم قد لايكون بعيدا0
لاحظت لين 0 الغارقة في المقعد الوثير 0 ان رادولف لا يلاقي أية صعوبة في
القيادة مع ان الغجر لا يحسنون عادة قيادة السيارات مفضلين وسيلتهم القديمة
للتنقل : الحصان0

ورده قايين
23-05-2007, 13:20
انتبه رادولف ان زوجته لم تكف عن مراقبته طوال الطريق فنظر اليها وسأل :
- بماذا تفكرين ؟ اراك شاردة في امر مهم 0
- في الحقيقة كنت اراقب طريقة قيادتك فأنت سائق ماهر على ما ارى 0
- العادة كفيلة بتعليم المرء كل شئ 0
- صحيح لكني اعرف انك معتاد على ركوب الخيل خصوصا وانك قلت مرة انك تستعمل
الجياد لا السيارات 0
كانت لين تشير بكلامها الى جملة قالها رادولف عندما التقيا للمرة الأولى قرب
سيارتها المعطلة 0 حاول الغجري ان يتذكر ذلك ثم هز رأسه نافيا 0
- لابد انك واهمة فأنا لم أقل شيئا من هذا القبيل 0
- أنسيت ما قلته في لقائنا الاول ؟
- نحن لم نتبادل كلاما يذكر في لقائنا الاول 0 يبدو ان مخيلتك واسعة ياعزيزتي
!
انبأها حدسها ان رادولف يتحدث عن اللقاء الثاني عندما اختطفها على اثر ضربة
السوط 0 أثار حنقها عدم اكتراثه الدائم بالحادثة الاولى وتركيزه على الثانية
وكأن لين ارتكبت يومها جريمة لا تغتفر محت آثار فعلته البشعة0
بعد ما جرى في الامس تحول رادولف بسرعة من رجل شرس الطباع , عصبي المزاج الى
هادئ لاتثور اعصابه لمجرد سماعه كلمة كما كان يفعل في السابق 0 تذكرت المرأة
ما قاله البارحة خصوصا الجملة التي تمتمها ولم تفهم منها سوى : الجانب الاسوأ
مني00لاشك في ان لهذه الكلمات أهمية قصوى لأن الغجري كان صادقا عندما تفوه
بها كأنه يدلي باعترافات خطيرة يحاول جاهدا ابقاءها دفينة أعماقه , لاعبا دور
الرجل الشرير الساخر من القيم 000أهو مصاب بانفصام في شخصيته يتصارع فيها
الخير والشر بعنف يجعله متلونا من ساعة الى اخرى ؟ أيحاول الجانب الخير
الأنتصار على الجانب الشرير والافلات من براثن الغرائز البدائية ؟ ان هذا
الصراع ينعكس على لين بشكل دراماتيكي يجعلها رهينة مزاج زوجها المتقلب 000ما
حدث البارحة يعزز اعتقاد لين 0 فرادولف هدأ بعد ان انفجر بشدة وطغى عليه
جانبه الحسن بعد ان بدا نادما على ما فعله بها 0 حاول التكفير عن ذنبه
بملاطفتها وتطييب خاطرها وعندما أفاق في الصباح نظف الفستان الذي رمته لين
على الارض ثم احضره لها والبسها اياه بكل رقة ونعومة 0
مراع خضراء على امتداد النظر رافقتهما في تجوالهما 0 " تحرسهما " هضاب واسعة
مغطاة بأشجار خضراء عالية تهمس في اذن السماء الصافية اشعارا والحانا 0 أوقف
رادولف السيارة في مكان أخضر فسيح في منطقة تدعى كيلارني 0 وسار العروسان الى
بقعة منعزلة فيها بحيرة جميلة تقع على سفح جبل عال0
كادت الدهشة تعقد لسان لين فأخذت تجيا الطرف في هذه الجنة الرائعة تغرف من
جمالها وبراءتها فيفيض البهاء في نفسها عذوبة وصفاء0
- ما اجمل هذا المكان ! كيف تعرفت اليه ؟
أجاب رادولف :
- انا اعرف ايرلندا كلها 0
شع في عيني المرأة الشابة بريق وارتسمت على شفتيها ابتسامة وأحست بنفسها تسبح
في بحر من الأحلام 0 شعرت بالدفء يغمرها عندما طوقها رادولف بذراعيه 000ليته
يكرر كلمات الأمس بوضوح لتعرف المزيد عنه ترتاح 000
- تعالي , علينا الا نضيع المزيد من الوقت !
نظرت اليه بحيرة وقالت :
- قل على الأقل الى اين 0
- ستعرفين عندما نصل 0
- لن اعرف شيئا فأنا ضائعة 0
ضحك رادولف وقال :
- نحن في كيلارني وهذا الجبل يدعى الجبل القرمزي 0
- لم يفدني شرحك كثيرا 0
- أيهمك الى هذا الحد الاطلاع على التفاصيل الجغرافية ؟
- في الحقيقة ,لا0
عاد رادولف بسرعة الى السيارة وجلب سلة مليئة بالطعام 0 وأبلغ زوجته كالعادة
انه سرق السلة ومحتوياتها من احد المتاجر 0 لكن المرأة لم تقتنع بكلامه 0
- انت لم تسرق شيئا !
- اتحاولين تبرئة نفسك من وجودك مع زوج لص لا يعرف الا السرقة وسيلة لكسب
الرزق ؟
اصاب رادولف بسؤاله لأن لين كانت تكره فكرة كونه لصا 0
أرادته رجلا شريفا يحصل على لقمة عيشه بعرق جبينه 00ولكن لماذا تجد نفسها
مهتمة بسلوكه ؟ ما الفارق في ان يكون رادولف لصا او رجلا شريفا ما دامت ستهرب
منه يوما وتسترجع حريتها الغالية؟

lovely sky
23-05-2007, 14:59
waaaaaaaaaaaaaaaaaw

والله انا ما قادرة اوصف روعة هذي الرواية
http://img514.imageshack.us/img514/7439/eeksh5.gifhttp://img514.imageshack.us/img514/7439/eeksh5.gifhttp://img514.imageshack.us/img514/7439/eeksh5.gifhttp://img514.imageshack.us/img514/7439/eeksh5.gif

والله روعة جدا جدا
http://img522.imageshack.us/img522/8794/062802piratprvoe4.gifhttp://img522.imageshack.us/img522/8794/062802piratprvoe4.gifhttp://img522.imageshack.us/img522/8794/062802piratprvoe4.gifhttp://img522.imageshack.us/img522/8794/062802piratprvoe4.gif

مشكوووووورة جدا جدا وردة قايين
اشكرك من كل قلبي http://img514.imageshack.us/img514/1912/happyfaceloveineyessmnwex5.gif

بانتظاار التكملة بفاااااااارغ الصبر
http://img522.imageshack.us/img522/8118/q82123qt7.gifhttp://img508.imageshack.us/img508/1105/q82123ib2.gifhttp://img508.imageshack.us/img508/1105/q82123ib2.gifhttp://img508.imageshack.us/img508/1105/q82123ib2.gif

The X Detective
24-05-2007, 07:32
قصة رائعة .. بدأت بقراءتها وهي مشوقة للغاية .. ::جيد::

شكراً لكي وردة
بإنتظار التكملة .. :)

lanoo
24-05-2007, 10:41
عطيك العافية وردة قايين
على الرواية.فهي اكثر من رائعةزنتظر البقية بشوق.............ززززززز

ورده قايين
24-05-2007, 13:56
lovely sky
the X detective
lanoo

سعيده بمروركم وان شاء الله راح انزل الأجزاء الباقية

ورده قايين
24-05-2007, 13:57
6- السجن الجديد


أخذت لين تتساءل ما اذا كان ممكنا الا يكون رادولف قد سرق كل هذه الأغراض ,
فمن اين اتى بالصحون والسكاكين والملاعق خصوصا وانها من الصنف الغالي ؟ لابد
انه يتعاطي سرقة مثل هذه الأشياء لأعادة بيعها الى تاجر شريك بأسعار زهيدة 0
سألته فيما هو مشغول بتحضير الموقد :
- بماذا يمكنني مساعدتك؟
- هلا احضرت الاطباق ووضعتها على الشرشف ؟
- حسنا 0
تابعت لين وهي ترى الأطعمة المختلفة في السلة :
- من اين جلبت كل هذا ؟
جاء جوابه ساخرا كما توقعت :
- السرقة وسيلتي المفضلة لا بل الوحيدة !
تنهدت المرأة وأقرت بأن استمرارها في طرح هذه الأسئلة يعني استمرار تلقيها
مثل هذه الأجوبة 0 لكنها لم تترك كلماته تمر دون تعليق فقالت :
- توقعت ان تكون فعلت ذلك ولكن من أين سرقت هذه الأغراض ؟
عندما ضحك الغجري وبانت أسنانه الناصعة , شعرت لين بقلبها يخفق بقوة 0 وحاولت
ان تكتم اعجابها المتزايد بزوجها الوسيم 0
- أغرت في الليل على مطعم قريب من المخيم , لقد كانت مهمة غاية في السهولة !
- لا تختلق الأكاذيب 0 لا يوجد أي مطعم بالقرب من المخيم !
- انت مخطئة ياعزيزتي لانك لاتعرفين المنطقة كما اعرفها 0
برغم دقة الموضع ساد الحوار جو لطيف 0 وكان الزوجان كأي عروسين سعيدين
يتبادلان أطراف حديث عذب ومرح 0 وحرصت لين جاهدة على عدم اثارة رادولف لئلا
يعود الى مزاجه الشرس ويفسد هذا اليوم الجميل 0
سألته بصوتها الرقيق :
- هل سرقت المقلاة كذلك ؟
ابتسم رادولف وهو يشعل النار ثم اجاب :
- نعم ولكن سرقتها كانت صعبة وكادت تؤديبي الى السجن , فقد اوقعتها على قدمي
ولم اتمكن من العدو بسرعة حتى كاد رجل الشرطة يلحق بي 000لكن حيلتي كانت اقوى
واستطعت الافلات بعد ان اختبأت وراء سور عال 0
أضاف وهو يضع شرائح لحم العجل في المقلاة :
- أفعل أي شئ كي لا اعود الى السجن لأن من يجربه مرة يبذل المستحيل لئلا يعيد
الكرة 0
لم تعلق لين على كلام زوجها لأنها كانت محتارة في تصديقه او لا , بل انصرفت
الى المساعدة في اعداد الطعام 0 وعندما اكتشفت علبة مليئة بمختلف انواع
الفاكهة قالت :
- لا استطيع ان اتصور كيف جلبت كل هذا!000لا , لا تقل شيئا عن السرقة 0 لقد
توصلت الى واقعة ثابته وهي ان في تصرفاتك وطريقة عيشك اشيئا لا علاقة لها
بانتمائك الغجري 0 انت 000انت مختلف 0 تردد رادولف طويلا قبل ان يتحسس جرحه
ويتكلم :
- ولكنك قلت اني غجري متشرد , حثالة المجتمع0
مد يده السمراء القوية وأضاف :
- الا ترين سمرتي الغجرية ؟ ولماذا تهتمين بأموري ما دمت مصممة على الهرب ؟
رمقها بنظرة تحمل الف معنى ومعنى وأكمل :
- لو كنت تودين مشاطرتي الحياة لكانت الأمور بيننا مختلفة 0
لم تفهم المرأة سبب اهتمامها البالغ بأسرار حياة هذا الرجل 0
ولكنها أدركت الآن بشكل لايقبل الجدل ان رادولف يرغب ببقائها معه الى الأبد !
لماذا تعتقد ان رادولف سيسأم منها يوما ويطلق سراحها ؟ لماذا ظنت انه كغيره
من الغجر لايستقر مع امرأة واحدة بل يبحث دائما عن صبية تؤمن له دفء الحب
وحرارة العاطفة ؟ فهذا النوع من الرجال لا يرى في المرأة الا جانب المتعة
والعبث دون ان يفكر في الأمور الاخرى السامية كبناء العائلة وتربية
الاولاد000
غريب كم ان رادولف مختلف بجانب من طباعه عن عوائد الرجال من قومه !
بادر الغجري الى السؤال :
- اما زلت مصممة على الفرار ؟
أجابت المرأة بكل عزم :
- بالطبع , وماذا تتوقع مني غير ذلك ؟
أشاح رادولف بوجهه كي لاتظهر انفعالاته وصرح بصوت مرتجف بعض الشئ :
- برغم البداية السيئة يمكننا ان نعيش معا حياة جميلة 0
توقف ليستجمع افكاره ثم اضاف :
- اليوم مثلا سار كل شئ على ما يرام 0
- لا اعتقد ان يوما واحدا من التفاهم يكفي لبناء حياة مشتركة 0
- كل طريق تبدأ بالخطوة الاولى , فلنعتبر اليوم خطوة اولى ومثالا نحتذيه في
تصرفاتنا 0
لم تصدق لين ان هذا الرجل الذي يتكلم هو رادولف 00 اين التعالي والغطرسة في
صوته ؟ أين نظراته الساخرة ونبرته المتهكمة ؟
من عادة رادولف اعطاء الاوامر ورؤيتها تنفذ , لكنه الآن يطلب من زوجته العيش
معه لا بل هو يتوسل اليها !
- اسمع يا رادولف , انا لا انوي ان امضي حياتي متنقلة من مكان الى آخر لأني
احب الأستقرار 0 أضف الى ذلك اني لست مغرمة بك وتبعا لذلك يغدو طلبك غير قابل
للأستجابة 0
لم يعلق الغجري على رفضها بشئ بل غير الموضوع وانصرف الى الأكل بعد ان ملأ
طبقا لزوجته وصب لها بعض الشاي 0جلس الزوجان بعد الأكل يتأملان مياه البحيرة
الرقراقة والشمس تغمر المكان بدفئها وطنين النحل يملأ الجو بهجة وفرحا 0
ماذا يطلب الانسان أكثر من ذلك ليكون مسرورا ؟ ماذا ينشد ليشعر بالأمان
والسلام ؟ وهذا ما شعرت به لين فتداعت جدران الحقد الفاصلة بينها وبين زوجها
0 وشعرت بأن هذا الرجل قريب منها ولم يعد ذلك الشخص الشرير الذي كرهته الى حد
لايوصف 0
نظرت الى وجهه فلم تستطع انكار جماله الباهر وملامحه النبيلة المتناقضة مع
انتمائه الغجري 0 يزيده هذا التناقض غرابة وفرادة لايملكها غيره من الرجال 0
جعله ذلك أميرا في ثوب فقير , نبيلا في ملامح رجل اسمر عانى شظف العيش وخبر
مصاعب الحياة 0
لم تر لين في حياتها أحجية بهذا الغموض , وسامة متعالية في رجل فقير ينتمي
الى قوم يفتشون عن اللقمة ليسدوا رمقهم , يعيشون متشردين بلا وطن ولا هدف 0
التفت رادولف اليها فوجدت صعوبة في ازاحة نظراتها المأسوره ببريق عينيه
السوداوين 0
- متى سنصل مقصدنا ؟
- أمامنا الكثير من الأميال بعد 0
لم تقنع لين بهذا الكلام فقالت :
- هذا ليس بجواب , الا تستطيع ان تكون أكثر وضوحا ؟
تناول رادولف الفاكهة وأجاب :
- أعتقد انه علينا اجتياز حوالي الخمسين ميلا 0
ناولها تفاحة حمراء سائلا :
- اتريدين تفاحة ؟
- بكل سرور 0
- على الرحب والسعة ياعزيزتي 0 ما رأيك بمزيد من الشاي ؟
استغربت لين كل هذا الانتباه وكل هذه الرعاية من زوجها , لاسيما انها خذلته
باعلانها عن رغبتها في عدم العيش معه واصرارها على الفرار 0
- لا , شكرا 0
- فلنجمع اغراضنا أذن لنكمل الرحلة 0
تنهدت المرأة وتمتمت شاكية :
- اود لو اعرف سبب رحلتنا 0
- كوني على ثقة بأن السبب وجيه جدا 0
أخذ رادولف يجمع الاغراض في حين توجهت لين الى البحيرة لترمي ي مياهها بقية
الشاي وذكرى ساعات بديعة أمضتها في هذا المكان حيث لم تفكر مرة واحدة , خلافا
للسابق , بايجاد طريقة للفرار !
في السيارة شاركها رادولف تساؤلها عندما قال :
- ارى انك لم تحاولي الهرب اليوم !
- لم اجد فائدة في ذلك لأنك بدون شك أسرع مني في العدو , فلو حاولت شيئا
لأمسكتني بسهولة 0
- هذا صحيح ولكن مع ذلك لاحت لك عدة فرص للأفلات خصوصا عندما كنت احضر الطعام
من السيارة 0
- لقد وزنت جميع هذه الفرص ووجدتها خاسرة لأنني كنت سألقي عقابا شديدا على
فعلتي !
لاحظت لين انه انفعل لما سمع وان لم يعلق على الكلام بشئ 0
ظل رادولف صامتا حتى وصلا أخيرا الى طريق ضيق مقطوع يقوم في نهايته مخيم
للغجر 0
- سنتوقف هنا ياحلوتي 0
- أهذا هو المكان الذي نقصده ؟
- كلا 0 هذه مجرد محطة قصيرة في رحلتنا 0
أوقف السيارة قرب احدى العربات وأضاف :
- ابقي هنا فلن أغيب أكثر من بضع دقائق 0
وأخيرا وجدت لين فرصة ذهبية لتفلت من قبضة خاطفها فهزت برأسها موافقة وغرقت
في مقعدها تنتظر ابتعاد زوجها عن السيارة 0
تقدم منه بعض الرجال السمر وغرق الجميع في محادثة هامة لم تسمع لين منها شيئا
لأنها كانت بعيدة عن موضوعها0 ثم تحسست مقبض باب السيارة وأدارته على مهل ,
ونظرت الى زوجها الذي ادار نظره لها 0 بعد ذلك لمحت الرجال يرمونها , بين
لحظة وأخرى , بنظرات فضولية فتوترت أعصابها وصارت خائفة من الأقدام على خطوة
الفرار 0 شيئا فشيئا فترت همتها ورأت ان لا فائدة من المحاولة لأن الجميع في
المخيم سيكونون على أعقابها ويعيدونها سجينة 0 لذلك أعادت اقفال الباب كما
فتحته بهدؤ وفتحت زجاج النافذة لتسترق السمع 0 فأصيبت بالخيبة لأن الحديث كان
دائرا باللغة الغجرية 0 لا بد ان لما يدور بين هؤلا الرجال أهمية قصوى
بالنسبة لزوجها وبالنسبة لها 0 عندها أطل رجل عجوز انضم الى الرجال وتحدث
بالأنكليزية فتمكنت من سماع ما قال :
- انه لم يأت يارادولف 0 اتعظ ودعه وشأنه لأنك تعذب نفسك بدون جدوى 0 لقد
نصحتك مرات عدة 000قاطعه رادولف فنظر العجوز الى السيارة وأكمل كلامه بلغة
أهل قومه حتى لاتفهم لين شيئا 0
بعد قليل عاد رادولف الى السيارة غاضبا وفي الوقت نفسه عاقدا العزم على
الوصول الى هدفه السري 0
انطلق بالسيارة دون ان يكلف نفسه مشقة الالتفات الى زوجته ولم يحرك ساكنا الا
عندما انتبه الى ان السيارة تحتاج الى الوقود 0فقد استنفذت الرحلة محتويات
الخزان الذي ملأه رادولف في الليلة الماضية 0 عاد الغجري أدراجه الى المخيم
وأشار الى أحد الرجال كي يأخذ السيارة ويملأ خزانها بالوقود0
ترجلت لين وهي تتحسر على فرصة أخرى ضائعة للأفلات 0 اذ انها خططت للأقلاع
بالسيارة فيما رادولف منشغل في المحطة بتعبئة الوقود ودفع المال 0 اما الآن
فها هي معه في المخيم ويدها حبيسة يده على سبيل الاحتراز ومنعا لأية محاولة
فاشلة تبدر منها 0
عندما أخرج رادولف المحفظة من جيبه ليعطي المال للغجري لاحظت لين ان فيها
مبلغا محترما , فقالت :
يبدو ان لديك الكثير من المال 000
غابت رنة المزاح من صوت رادولف هذه المره عندما أكمل :
-000المسروق 0
كان بلا شك منشغل الفكر بما اخبره هؤلا الرجال فلم ينصرف الى المزاح والمرح
كعادته 0 من الواضح انه يتنقل من مكان الى آخر بحثا عن أحد فهذا ما استنتجته
لين بسهولة من كلام اولاف وكلام الرجل العجوز0
0

ورده قايين
24-05-2007, 14:00
ولكن هذا لا يفسر اللغز كاملا بل يطرح سؤالا جديدا : من هو الشخص الذي يبحث
عنه رادولف ؟ وهذا السؤال يستتبع أسئلة كثيرة منها : لماذا يبحث زوجها عنه
وماذا سيفعل عندما يجده 000ومن الجلي ايضا انه ليس من السهل العثور على هذا
الشخص كما انه ليس من السهل ان يستسلم رادولف ويكف عن البحث عنه0 فهو مستعد
لأن يجوب ايرلندا عرضا وطولا ليصل الى ضالته المنشودة 0 وما زاد الامر غرابة
كون رادولف يملك المال الكافي ليغطي نفقات رحلاته المكلفة000ولكن ما يبعث
الرجاء في نفس لين هو ان الفرصة المؤاتية للفرار لابد آتيه في احدى هذه
الرحلات 0لأن حراسة زوجها مهما كانت دقيقة لن تستطيع منعها من الهرب 0
كانت الشمس قد بدأت بالأفول عندما وصل الزوجان الى المخيم المقصود , وبريق
النجوم شرع ينفذ من بين آغصان الاشجار الكثيفة 0 أقيم المخيم في اطار طبيعي
خلاب في حضن سهل فسيح محاط بجبال عالية ومروي ببحيرات متناثرة هنا وهناك
تتجمع فيها مياه الشتاء المتدحرجة من القمم الشاهقة 0
كالعادة , هجم الرجال والنسوة والأطفال لملاقاة رادولف مرحبين به اشد ترحيب
بلغتهم الغجرية 0 تكلم رادولف فنظر الجميع باعجاب الى لين وهم يطلقون عبارات
الدهشة والفرح0 ففهمت المرأة انه شرح لهم انها زوجته 0 بعد ذلك توجه واياها
الى احدى العربات الخالية وكأن رادولف منتظرا هنا وأعدت العدة لاستقباله
بعد ان اصبحا في الداخل طرحت لين السؤال الذي يقلقها :
- الى متى سنبقى هنا ؟ أحس وكأني سلعة يتفرج عليها الجميع في معرض !
- سيعتادون عليك ويعتبرون وجودك طبيعيا مع الوقت 0
- ألم يفاجئهم أمر زواجك ؟
ابتسم رادولف مجيبا :
- لم يفاجئهم بل ادهشهم 0
- أيدهشهم ذلك لأنك كنت معروفا باصرارك على عدم الزواج ؟
- تماما 0
- من المؤسف انك رجعت عن مبادئك وتخليت عن اصرارك !
امتلأت نفس لين بالحزن والخيبة من جديد 0 فاليوم الممتع الذي مر أصبح جزءا من
الماضي والذكريات , وها هي الآن تعود الى الوحدة والضجر 0 أعادت اليها العربة
الجديدة دور السجينة الذي لعبته منذ اختطفها رادولف في ذلك اليوم المشؤوم
وأجبرها على ان تصبح زوجته 0 لكن ما يخفف من وطأة المرارة هو كون العربة
الجديدة في حالة أفضل بكثير من العربة السابقة , فالجديدة أحدث وأنظف 0
لاحظ رادولف حزنها فسأل بقساوة :
- ما بك الآن ؟ انا لم أر في حياتي انساا متقلب المزاج مثلك !
- وماذا عن مزاجك؟ اليس حادا وقاسيا كمزاج وحش مفترس ؟
- لم اقل ان طباعك حادة بل متقلبة فحسب , ساعة اراك فرحة وساعة حزينة !
أجال طرفه في العربه وأضاف :
- انظري حولك , الا تجدين ان العربة نظيفة ومريحة ؟ سأجلب حقيبتك من السيارة
لتضعي ثيابك في الخزانة0 أ حضر رادولف حقيبتي زوجته وحقيبة ثالثة وضع فيها
ثيابه 0 جلست لين تراقبه بانبهار يخرج ثيابا أنيقة من حقيبته لايملكها الا
الأثرياء وأصحاب الذوق الرفيع0
أدرك الغجري ان زوجته فوجئت بما يملك فقال :
- تركتك نائمة البارحة وسرقت كل هذه00
قاطعته لين بحدة غير آبهة بالنتائج :
- لاتحاول تفسير أي شئ فأنا لست مهتمة ابدا بمصدر هذه الملابس !
ابتعدت عنه ووقفت تحدق في قمم الجبال المختبئة وراء حمرةالشفق00 تمنت لو تكوت
هذه اللحظة جالسة هناك حيث الهدؤ والبعد عن الضجيج وكذب حضارة العالم 0 تجمعت
دموع الغضب في عينيها , غضب أثارة فشلها وخيبتها المرة0
- انصحك يا لين بألا تثيري أعصابي , فالنتائج معلومة0
استدارت المرأة حانقة ويداها على خصرها قائلة :
- اتهددني من جديد ؟ هيا افعل ما فعلته في الأمس !فهذا افضل ما يتوقع من
000من متشرد حقير !
توقف رادولف عن توضيب ثيابه ونظر اليها والشرر يتطاير من عينيه 0
- الن تكفي عن التحقير بي ؟ أتحاولين ارغامي على استعمال العنف معك ؟
تقدم منه وأمسك بكتفيها وقال :
- تعلمي لجم لسانك الطويل فأنا لست مستعدا لتحمل الاهانة تلو الاهانة !
هزها بعنف ولكنه لم يتماد كما فعل في الليلة الماضية بل ضبط اعصابه وسرعان ما
تركها 0 تحسست لين آثار يديه القويتين على كتفيها وتساءلت كم من الآلام
ستتحمل قبل ان تفلت من قبضته 0